إن توافر هذه المداخل يؤسس لمنهج سديد في معرفة نظرة الإسلام تجاه موضوع ما، فانطلاقاً من عقيدة راسخة بكمال الإسلام وشموله لجوانب الحياة كلها ينشأ يقين جازم واعتزاز شامخ بهذا الدين لا يكون معه تميع فكري ولا هزيمة نفسية، وينضم إلى ذلك علم أصيل بالأدلة والمقاصد الشرعية والقواعد الكلية يستخرج من كنوزها ما يبين الأصل الشرعي للمصالح، ويكشف المنحى الخفي للمفاسد، ويكمل ذلك معرفة واعية بالواقع، وتركيز خاص على موضع ومسألة البحث، فتتم بذلك نظرة شاملة متوازنة تجمع بين الأصالة الشرعية والاستجابة الواقعية.
ولابد من التأكيد على أهمية الجمع بين فقه النصوص الشرعية وفقه الأحوال الواقعية حتى يمكن الإحسان والإتقان في تنزيل النصوص الشرعية على النوازل الواقعية، ومن المعلوم أن النصوص لا تتناول كل الصور والوقائع، ولكن مقاصدها وقواعدها وأصول الاستنباط منها تفي بالحاجات مهما كثرت والمستجدات مهما تنوعت.
وفي القواعد والأصول من المرونة ما يحقق المقصد، والفتاوى تتغير بتغير أحوال الأشخاص والظروف والأعراف والعادات، والأصل في الأحكام الشرعية - غير أحكام العبادات - أنها مرتبطة بالحِكم والمقاصد والغايات، وقد جاء في النصوص ما يشير إلى ذلك، وأكتفي بمثال واحد يبين تغير الفتوى بمراعاة الواقع:(5/14)
مخاطبة الناس على قدر عقولهم ومراعاة اختلاف أفهامهم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا عائشة لولا أن قومك حديث عهدهم - قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين، باب يدخل الناس وباب يخرجون" أخرجه البخاري، في كتاب: العلم، باب: مَنْ ترك بعض الأخبار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه، رقم (126) ، ومسلم (1333) ، قال ابن حجر في الفتح (1/225) : (ويستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة، ومنه ترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه، وأنّ الإمام يسوس رعيته بما فيه إصلاحهم ولو كان مفضولاً ما لم يكن محرّماً) . وروى الإمام البخاري في صحيحه، في كتاب: العلم، باب مَنْ خصَّ بالعلم قوماً دون قوم كراهية ألاَّ يفهموا، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله؟. وروى مسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" أخرجه مسلم في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع (1/11) .قال ابن حجر: (ممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي في ظاهرها الخروج على السُّلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب. وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب والله أعلم) فتح الباري (1/225) . وهذه كلمات للشاطبي أضعها أمام عين كل داعية وأهتف بها في سمعه ليعلم أنه (ليس كل ما يعلم مما هو حق يطلب نشره إن كان من علم الشريعة ومما يفيد علما بالأحكام، بل ذلك ينقسم: فمنه ما هو مطلوب النشر، وهو غالب علم الشريعة، ومنه ما لا يطلب نشره بإطلاق، أولا يطلب نشره بالنسبة إلى حال أو وقت أو شخص) الموافقات (4/189) .وأزيد الأمر وضوحاً بذكر القاعدة الضابطة الرائعة التي ذكرها الشاطبي وأرشد إليها،(5/15)
مخاطباً كل عالم وداعية حيث أوصاه أن يعرض مسألته على الشريعة فقال: (فإن صحت في ميزانها فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمن وأهله، فإن لم يؤد ذكرها إلى مفسدة، فاعرضها في ذهنك على العقول فإن قبلتها فلك أن تتكلم فيها إما على العموم إن كانت مما تتقبلها العقول على العموم، وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم، وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ فالسكوت عنها هو الجاري على المصلحة الشرعية والعقلية) الموافقات (4/191) .
ومثل ذلك مراعاة تغير الأعراف والعوائد، وما سبق إنما هو مثال له نظائر كثيرة، ولا بد من التنبيه على ضرورة عدم التعرض للإفتاء، والحديث عن النوازل دون تأهل يجمع بين العلم بالشرع والمعرفة بالواقع، ومن هنا أحذر من تمييع الدين في أصوله وأحكامه - من قبل غير المؤهلين - بحجة المعاصرة ومعايشة الواقع، كما يقع ممن يلوون أعناق النصوص ويعتسفون في فهم دلالاتها لأجل موافقة نظرية حديثة، وهذا إيجاز من القول أرجو أن يكون كافياً وواضحاً، والحمد لله رب العالمين.(5/16)
الوحدة الوطنية
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
لدي إشكال وهو عن الوحدة الوطنية ماذا تعني؟ وعند أي حدّ تقف؟
وهل لرابطة الوطن اعتبار في الشرع؟ وهل ابن البلد أولى بالوظائف من الأجانب الموجودين في البلد نفسه؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يصح أن تطلق على مفهوم (الوحدة الوطنية) حكماً عاماً مطلقاً لا يختلف باختلاف أحوالها ودلالاتها. وهذا الخطأ يقع فيه بعضنا في حكمه على بعض المصطلحات، فيطلق حكماً معيناً عاماً على مصطلحٍ ما مع أن مفهومه قد يختلف من شخص لآخر، وقد تختلف تطبيقاته من بلد لآخر.
ومنها مصطلح (الوحدة الوطنية) ، فلم يكن مستغرباً أن تتباين مواقفُ الناس منها كما تباينت في أمثالها من الانتماءات والمصطلحات.
فانتصر لها أقوامٌ وحمَلوا لواءها؛ ليجعلوا منها الرابطةَ الوحيدةَ التي يجب أن تنداحَ لها كلُّ الروابط الأخرى، وأن يُلتغى أمامها كلُّ انتماء، فلا رابطة تجمع الناس إلا رابطة الوطن.
وكل ما وراءها فلا اعتبار له؛ لسبب واحد: هو أنه خارجٌ عن حدود الوطن، فالمواطن إنما هو ابن وطنه، ومنفعته يجب أن تكون مقصورة على وطنه، لا يعنيه شيءٌ وراءه.
ونابذها قومٌ آخرون بالعداوة المطلقة، فعادَوها وعدُّوها طاغوتاً ووثناً يعبد من دون الله من غير تفصيل لاختلاف الأحوال.
فهما موقفان يقعان من الخطأ موقعاً متقارباً، إذ لا فرقَ بين موقفٍ يُحِقُ الحقَ والباطلَ جميعاً، وآخرَ يُبطل الحقَ مع الباطل؟.
والموقف الصحيح في كل مسألة يمتزج فيها المعروف والمنكر، ويجتمع فيها الحق والباطل: أن يُفصلَ الحقُ عن أعلاق الباطل حتى لا يلتبس به.(5/17)
ومسألة الوطنية مزيجٌ وأخلاطٌ من هذا وذاك: مِن الموافِقاتِ للشريعة والمخالِفات لها، والموقف الصحيح مما هذا شأنه: هو أن تُسبر مقتضياتها ودلالاتها بمسبار الشرع واحدةً بعد أخرى، فلا يُحكم على الشيء كله بخطأ بعضه، وإنما يؤخذ مسألة مسألةً لا جملةً واحدةً، فالحقّ يُحَقّ، والباطل يُبطلُ.
إنَّ الانتماء للوطن بمجرده لا محذور فيه، كما لا محذور في مجرد الانتساب للقبيلة، فقد كان صحابة رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ينتمون إلى قبائلهم ويُنسبون إلى أوطانهم، فهذا أوسيٌّ، وذاك خزرجي، وهذا أنصاري، وذاك مهاجري، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمعها منهم فلا ينكرها عليهم.
فمجرد الانتماء للتعريف وإثبات النسب ونحو ذلك ليس فيه معرَّة ولا مضرة، حتى إذا جاوزتْ ذلك واستحالت عصبيةً ورابطةً يُنتصر لها دون عصبيّة الإسلام ورابطتِه، كبحها -صلى الله عليه وسلم- ونهاهم عنها، وقال: "ما بال دعوى الجاهلية؟ ... دعوها فإنها منتنة" رواه البخاري (4905) ومسلم (2584) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
فمن المرفوض قطعاً ما يدعو إليه غُلاة الوطنية من أن يكونَ عطاءُ المواطِن واهتمامه قاصراً على وطنه، وولاؤه محدوداً بحدوده، وأن يَجعل له من قضايا وطنه شُغلاً عن كل شغل، فلا يعنيه شيء خارج حدود بلده.
لا بأس أن تكون اهتماماتُنا بقضايا وطنِنا أكثر، فالأقرب أولى من الأبعد، والأقربون أولى بالمعروف، ولكن لا يجوز أن تكون اهتماماتُنا محصورةً فيه فلا تُجاوِزُه قَيْد أُنمُلة. فأين هي إذاً وشيجةُ الدين، وأين هي حقوق المسلمين؟.
إن بعض مقتضيات الوحدة الوطنية لهو مما يقصده الإسلام ويدعو إليه؛ كالمحافظة على أمن البلاد وأرواح الناس وأموالهم وأعراضهم، وحماية ثروات الوطن ومقدراته، وكالدعوة إلى المساواة والعدل، ومدافعة الظلم ومعاقبة الظَّلمَة، وهذا كله يدخل في باب التعاون على البر والتقوى.(5/18)
أما حين تقتضي الوحدة الوطنية أن يحب المواطن أبناء وطنه كلهم على السواء بجامع الانتماء للوطن نفسه بلا اعتبار للدين فهذا لا يجوز؛ ففي هذه المحبة تمييع لعقيدة البراء، وتضيعٌ لعقيدة الولاء. إذ يقتضي ذلك أن يستوي في المحبة والولاء مسلمهم وكافرهم، بَرّهم وفاجرهم، وهذا ما لا تقرُّه الشريعة.
إننا حين نحب أحداً من أبناء وطننا فإنما نحبه لأنه مسلم، لا لأنه مواطن. وحين نكره أحداً فلأنه كافرٌ، لا لأنه من وطنٍ آخر. ولكن محبتنا لأحدٍ ما لا تدفعنا إلى أن نسكت عن أخطائه أو نعينه على ظلمه. وكرهنا لأحدٍ بسبب كفره أو انتمائه لطائفة ضالّة ـ سواء كان من وطننا أو من غيره ـ لا يحملنا على أن نعتدي عليه، أو نبخسه حقه، أو نمتنع عن نصرته إذا ظُلِم.
والوحدة الوطنية تفرض فيما تفرضه حمايةَ حقوق الأقليات والتعايش معهم، وهذا حقٌ سبق أن دعا إليه الإسلام قبل أن يعرف الناس مفهوم الوطنية والمواطنة، ولكن حمايته لحقوق الأقليات لم تكن تعني إقرارهم على السخرية بشعائر الإسلام، أو سب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو المجاهرة بما يمنع الإسلام أن يُجاهر به بين المسلمين.
الوحدة الوطنية تصبح واجباً لا مناص منه حينما يتهدد البلاد خطر خارجي متمثل في تحالف صهيوني صليبي يريد أن يهيمن عليه ليسلب ثرواته وخيراته، وليجهز على ما تبقى فيه من قيم الإسلام وشعائره.
وإنما كانت حمايته لحقوقهم تعني عصمة أنفسهم وأموالهم، وتحريم الاعتداء عليهم واضطهادهم وإيذائهم، وهو يمنحهم حق ممارسة شعائر دينهم في بيوتهم وأحيائهم بشرط ألا يؤذوا مشاعر المسلمين، أو ينالوا من الإسلام بسوء، فليس لأحد حقٌ أن يسخر بشعيرة من شعائر الإسلام، أو يسعى بنشر الكفر والبدع بين المسلمين.(5/19)
لقد عاش أهل الذمة في بلاد المسلمين قروناً طويلةً يمارسون شعائر دينهم في بيوتهم وأحيائهم، فيشربون الخمر ويأكلون لحم الخنزير، ويفعلون غير ذلك مما يستحلونه في دينهم. ولكنهم ظلوا ممنوعين أن يجاهروا بذلك بين المسلمين، أو يدعو أحداً منهم إليه.
إن الوحدة الوطنية لوطن من أوطان المسلمين لهو جزءٌ من وحدة الأمة، وما لا يدرك كله لا يترك جُلّه. فالسعي في وحدة الوطن على النحو الذي لا يقوِّض الولاء والبراء ولا يحجِّمه ليس سعياً في هدم وحدة الأمة ولا يناقضها أو يناهضها، بل هو سعيٌ في تحقيق جزءٍ من وحدة الأُمة، فهو مندوبٌ إليه من هذا الوجه.
والرابطة بين أهله وأفراد شعبه لا شك أنها رابطة ممدوحة إذا كانت منضويةً تحت رابطة الدين، وكانت تعاوناً على البر والتقوى ونصرةً للحق وأهله ومناوأةً للباطل وأهله.
والمقصود أن الوحدة الوطنية ليست باطلةً بإطلاق ولا حقاً بإطلاق، بل فيها الحق الملتبس بالباطل، وفيها المعروف المختلط بالمنكر.
أما السؤال عن ابن البلد: هل هو أولى بالوظائف من الأجانب المنتمين إلى جنسيات أخرى؟ فلابد عند الجواب أن تؤخذ المسألة في ظل ملابساتها وظروفها الحالية، فإنه قد حُدّت الحدود السياسية بين الدول، وقننت القوانين في الإقامة والاستيطان، واستُحدِثت الجنسيات، وصارت هجرة الإنسان مقيدة بشروط وضوابط وأعراف.
ومن الإشقاق أن نقول لشخص لا يجد عملاً في بلده الذي يفد إليه العمّال من البلاد الأخرى ـ أن يخرج من بلده هذا إلى بلد أخرى لعله أن يجد فيه عملاً.(5/20)
ومن المحزن حقاً أن توجد البطالة في بلدٍ يعد من أغنى البلاد الإسلامية، وأسباب الظاهرة كثيرة، لا يعنينا أن نُفيض فيها ونسهب في عدِّها وإحصائها، ولكن يعنينا أن من جملة هذه الأسباب هو إغراق البلد بالعمالة الوافدة الرخيصة، والتي لا تمانع أن تعمل بأبخس الأثمان، ولو براتبٍ زهيد لا ينهض بأعباء الحياة وتكاليف المعيشة، لأن العامل إنما جاء ليجمع لا ليقيم، ولأنه يقيس راتبه (الزهيد) بقوته الشرائية في بلده الأصلي، لا بقوته الشرائية في البلد الذي يعمل فيه.
ولا شك أن مساواة هذا العامل بابن البلد فيها مضارة به؛ لأن هذا الراتب الزهيد لا يفي بمتطلبات الحياة الضرورية والحاجية، فكيف سيحصل ابن البلد على عمل براتب يفي بمتطلبات الحياة الحاجية إذا كان التاجر يجد من يعمل لديه بأجرة أقل؟!
إن فتح المجال للوافد للعمل ليكون مساوياً للمواطن في الاستباق للفرص الوظيفية المتاحة قد يبدو مساواةً عند أول وهلة، غير أنه في حقيقة الأمر منافسة غير متكافئة بين الطرفين، والمستبق الغالب فيها هو بلا شك الوافد؛ لأنه سيقبل بالأجر الأقل الذي لا يفي بالتكاليف المعيشية لابن البلد.
إذاً المنافسة غير متكافئة الأطراف، والمتضرر منها بالتأكيد هو المواطن.
ويمكن أن يستأنس لكون المواطن أحق بوظائف بلده من الوافد بحديث معاذٍ رضي الله عنه لما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فكان مما قال له: "فإن هم أجابوك لذلك ـ أي للصلاة ـ فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم" رواه البخاري (1395) ، ومسلم (19) فيمكن أن يُستفاد من هذا الحديث أن فقراء البلد هم أولى بزكوات أغنياء بلدهم من فقراء البلاد الأخرى.(5/21)
قال ابن قدامة (المغني 2/283) : (روي عن عمر بن عبد العزيز أنه ردّ زكاة أتي بها من خراسان إلى الشام , إلى خراسان. وروي عن الحسن والنخعي أنهما كرها نقل الزكاة من بلد إلى بلد , إلا لذي قرابة. وكان أبو العالية يبعث بزكاته إلى المدينة. ولنا , قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ - رضي الله عنه -: "أخبرهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم , فترد في فقرائهم" (سبق تخريجه) . وهذا يختص بفقراء بلدهم. ولما بعث معاذ - رضي الله عنه - الصدقة من اليمن إلى عمر - رضي الله عنه - , أنكر عليه ذلك عمر- رضي الله عنه -, وقال: لم أبعثك جابياً , ولا آخذ جزية , ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد في فقرائهم. فقال معاذ - رضي الله عنه -: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحداً يأخذه مني" رواه أبو عبيد في الأموال.
وروي أيضا عن إبراهيم بن عطاء مولى عمران بن حصين - رضي الله عنه -, أن زياداً, أو بعض الأمراء , بعث عمران - رضي الله عنه - على الصدقة , فلما رجع قال: أين المال؟ قال: أللمال بعثتني؟ أخذناها من حيث كنا نأخذها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولأن المقصود إغناء الفقراء بها , فإذا أبحنا نقلها أفضى إلى بقاء فقراء ذلك البلد محتاجين) أهـ.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/22)
مشروعية البناء على قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -
المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد
مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 28/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
قرأت الفتوى حول وجود قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- داخل المسجد النبوي، ولكن التساؤل الذي يشغل ذهني دائماً -وسبق أن أرسلت رسالة بخصوصه- هل البناء الحالي على قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر مشروع، خاصة وأنه يحتوي على زخارف كثيرة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن كون البناء على قبر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- غير مشروع لا يجيز هدمه، لأن هذا الهدم سبيل إلى إعادة البناء، وهكذا دواليك، وسداً للذريعة يبقى ما كان على ما كان إلى أن يشاء الله ما يريد، مع أن هذا البناء فيه من الفوائد الشرعية ما هو معلوم عند المتأمل ولذلك نظير، فقد ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم للمصلحة التي برر -صلى الله عليه وآله وسلم- بها تركه على ما هو عليه، انظر ما رواه البخاري (1586) ، ومسلم (1333) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وهكذا كان المقام الإبراهيمي ملاصقاً بالكعبة وتركه الصحابة والخليفة الراشد على ما هو عليه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(5/23)
فصل الدين عن السياسة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 17/1/1425هـ
السؤال
هل فصل الدين عن السياسة كفر وردة، أم ماذا؟
الجواب
فصل الدين عن السياسة حرام لا يجوز، بل هو كفر وردة عن الإسلام، إذا كان القائل بهذا القول أو العامل به عارفاً بالحكم معتقداً له، فالدين يشمل أمور الحياة كلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ونحوها، كما هو يشمل الأمور الاعتقادية والعبادية سواء بسواء، قال -تعالى-: "إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران: 19] ، وقال: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران: 85] ، فمن فصل الدين عن السياسة، أو الدين عن الدولة وهو يعرف ما يقول فقد كفر بالله العظيم؛ لأنه رافض، وراد لأمر الله وحكمه، ومن رد حكم الله فقد كفر؛ حيث نصب نفسه مشرعاً مع الله مستدركاً على دينه بزيادة أو نقص، والله يقول: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" [المائدة: 30] ، ومن يفصل الدين عن السياسة أو الدين عن الدولة، أو الدين عن الحياة فهو منتقص لله ودينه، وما ارتضاه الله للمسلمين من نعمة، ومن كان له مسكة من عقل كيف يقول بهذه المقولة - فصل الدين عن السياسة- وهو ينظر في القرآن الكريم، آيات الجهاد وأحكامه تكاد تزيد على آيات الصلاة والزكاة والصيام والحج، كما أن الآيات القرآنية فضلاً عن الأحاديث النبوية التي تعنى بالشؤون الاقتصادية كطرق كسب المال وحفظه، وإنفاقه، وسائر أحكامه من حل وحرمة كالنص على التحريم القاطع للربا، قال -تعالى-: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275] ، وقوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [النساء: 29] ، والمسمى بالفائدة قد أردى الاقتصاد الرأسمالي العالمي اليوم في جميع أنحاء المعمورة فكيف يقال مع هذا أو ذاك إن الإسلام قاصر على علاقة الإنسان بربه من صلاة وصيام وصدقة، أو مما يعرف بالأحوال الشخصية فقط؟ إن الإيمان ببعض نصوص القرآن دون بعض كفر بالدين كله، "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله غافل عما تعملون" [البقرة: 85] .
وفصل الدين عن السياسة أو الحياة هو ما يطلق عليه العلمانية، والعلمانية إذا ارتبطت بالدولة وتطبيقاتها قيل لها دولة علمانية، وإذا ارتبطت بالأفراد فهي فكرة علمانية وصاحبها علماني، وقولنا إن فصل الدين عن السياسة فكرة علمانية كفرية لا يعني هذا تكفير كل من يطلق عليه علماني، حاكماً كما أو محكوماً، ولا يجوز تكفير المسلم المعين حتى تقام الحجة عليه ثم يعذر لجهل كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري (3481) ، ومسلم (2756) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت، قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً، فلما مات فُعل به ذلك، فأمر الله الأرض، فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائمٌ، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك أو مخافتك يا رب، فغفر له"، ولحديث أبي واقد الليثي-رضي الله عنه-: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عليها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون" [الأعراف: 138] ، "إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم" رواه الترمذي (2180) ، وأحمد (21393) ،فذاك الرجل الذي قال تلك المقولة لبنيه: لئن قدر الله علي ... " وهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم- بمقولتهم هذه: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط" لم يكفروا وإن كانت مقولتهم كفراً؛ وذلك لأنهم يجهلون الحكم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الاستقامة أثناء رده على الجهمية الحلولية الذين ينفون علو الله على خلقه: (..أنا لو وافقتكم كنت كافراً لأني أعلم أن قولكم كفر وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال) وأكثر المسلمين الذين يقولون بفصل الدين عن السياسة ناتج عن جهلهم، فلا يصح تكفير واحد منهم بعينه حتى يعلم بخطورة قوله أو فعله، فإن أصر بعد ذلك حكم بكفره وأقيم عليه حكم الردة عن الإسلام، أعاذنا الله منها.
والله أعلم وصلى الله على محمد.(5/24)
ما الفرق بين الحرة والأمة؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 26/5/1425هـ
السؤال
ما هو الفرق بين الحرة والأمة؟ وهل يجوز شراء العبيد؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: الحرة تختلف عن الأمة اختلافاً كبيراً في أحكام كثيرة، فالأَمة هي المرأة الرقيقة، أي: المملوكة، والرق عرفه العلماء بأنه عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، ويدخل في هذا استرقاق الأسرى والسبي من الأعداء الكفار.
أما ما جاء في الفقرة الثانية من السؤال وهو: هل يجوز شراء العبيد؟ فالجواب نعم يجوز متى ما وجدوا، والإسلام قد رغَّب وحثَّ على إعتاقهم بعد تملكهم، ولهذا كان أكابر الصحابة - رضي الله عنهم- وفضلائهم من أهل الجدة يشترون العبيد ويعتقونهم، كأبي بكر - رضي الله عنه-، وغيره، وعلى السائل إن أراد مزيداً من التفصيل عمّا ورد في سؤاله أن يرجع إلى كتب الحديث والفقه في أحكام العبيد والإماء، وأخص بالذكر الموسوعة الكويتية الفقهية جزء 23 عند كلمة (رق) من ص11 إلى ص92، أي: بما يزيد عن ثمانين صفحة. والله أعلم.(5/25)
أحكام البيعة والخلافة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 23/12/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل أحكام البيعة والخلافة توقيفية أم اجتهادية؟ وإذا كانت اجتهادية فهل يصح تحديد فترة زمنية محددة للخليفة يتم بعدها إعادة تنصيب خليفة آخر؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الناظر في تاريخ الخلفاء الراشدين الأربعة وتوليهم للخلافة يتبين له أن بيعتهم تمت برأي واجتهاد من المسلمين وخاصة ذوي الاجتهاد والمكانة منهم، ولم يقل أحد من أهل العلم أن بيعتهم بالخلافة كانت بتوقيف من الشارع غير بيعة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فمختلف فيها فمن العلماء من ذكر أنها تمت بنص وإشارة من النبي - صلى الله عليه وسلم- كقوله: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" رواه البخاري (678) ، ومسلم (420) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، وروجع أكثر من مرة ليصلي غيره فيقول: "يأبى الله ذلك والمسلمون" رواه أبو داود (4660) من حديث عبد الله بن زمعة -رضي الله عنه-وكقوله: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" رواه الترمذي (3662) ، وابن ماجة (97) من حديث حذيفة -رضي الله عنه- وذهب جمهور العلماء إلى أن بيعة أبي بكر - رضي الله عنه- خاصة تمت باختيار واجتهاد لا بنص جلي، أو خفي ويدل على ذلك خطبته - رضي الله عنه- يوم السقيفة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- وقبل دفنه حيث قال: "نحن الأمراء (قريش) وأنتم الوزراء (الأنصار) وهم (قريش) أوسط العرب وأعربهم أحساباً فبايعوا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أو أبا عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه-، فقال عمر: بل نبايعك، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس، انظر ما رواه البخاري (3668) من حديث عائشة -رضي الله عنها- ولو كانت خلافته بنص من الله أو رسوله - صلى الله عليه وسلم- لاستند إليه أولئك المبايعون، ولما احتاج أبو بكر إلى أن يقترح للخلافة عمر بن الخطاب وأبا عبيدة ابن الجراح كما يدل على أن بيعته ليست توقيفية خطبة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في آخر حياته: عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- أن عمر قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر - رضي الله عنه- وإن أترك فقد ترك من هو خير مني يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رواه البخاري (7218) ، ومسلم (1823) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، وإذا تبين لك هذا علمت أن بيعة الخلفاء الراشدين المهديين كانت اجتهادية باختيار المسلمين وليست بتوقيف من الشارع وما عداهم من الخلفاء فمن باب أولى بل تجاوز الأمر إلى أن صارت بيعة الخلفاء والسلاطين بعدهم بيعة جبرية مثَّل الرعية منها أهل الحل والعقد خوفاًَ من الفتنة وإراقة الدماء وانتهاك الأعراض، وتطبيقاً للقاعدة الشرعية ارتكاب أخف الضررين وتقديم أدنى المفسدتين دفعاً لأعلاهما، وليس في الشرع مدة زمنية محددة للخليفة يجدد له بعدها أو يبايع غيره، كما أنه لا يوجد في الشارع دليل يمنع تحديد مدة ولي الأمر، فهي من الأمور المباحة المسكوت عنها، وحقيقة البيعة للخليفة أو السلطان أنه ما دام مستقيماً على أمر الله يقيم الحق ويحكم بالعدل بين الرعية فذلك هو المطلوب، وفي العصور المتأخرة وبعد سقوط الخلافة لا يوجد خليفة يدخل تحت بيعته أو ولايته جميع المسلمين بل مملكة الإسلام أصبحت اليوم دويلات ممزقة على كل واحدة منها رئيس أو ملك، أو أمير، والله المستعان.(5/26)
العفو الملكي
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 20/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم ما يسمى بـ (العفو الملكي أو الرئاسي) الذي يبطل حكم الشريعة والقانون بعد أن يصدر في حق الجاني؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فالأحكام الصادرة على الجناة على قسمين: حدود وتعزيرات.
أما الحدود: وهي العقوبات التي نص الشارع عليها كحد السرقة، وشرب المسكر، والزنا؛ فهذه لا يجوز إبطالها، ولا إلغاؤها ما دام قد ثبت موجبها وحكم بها قاض شرعي، وتعطيلها تعطيل للشرع؛ قال تعالى: " ... فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق" [المائدة: 48] .
وأما التعزيرات: فهي عقوبات غير مقدرة على كل معصية لم يقدر لها الشارع عقوبة، وهي كثيرة جداً وتقديرها عائد لاجتهاد الإمام أو القاضي نحو عقوبة المغتاب والنمام وعاصي ولي الأمر ومهرب المحظورات والساب لغيره والمختلي بامرأة لا تحل له.
وهذه يخضع تحديد العقوبة فيها لاجتهاد القاضي ويسوغ لولي الأمر أن يصدر عفواً عنها إن رأى في ذلك مصلحة، وقد فعل بعض الصحابة - رضي الله عنهم- معاصي لم يعاقبهم عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما كانت دون الحدود، كالذي لقي امرأة فأصاب منها كل شيء غير أنه لم يجامعها، وكفعل حاطب بن أبي بلتعه إذ كاتب قريشاً بغزو النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم انظر ما رواه البخاري (3007) ، ومسلم (2494) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(5/27)
مقولة: (لا تستوفى الحدود حتى تعطى الحقوق)
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 2/2/1425هـ
السؤال
المكرم فضيلة الشيخ: ما رأيك بعبارة (لا تُستوفى الحدود حتى تُعطى الحقوق) ؟، ويحتج على ذلك إيقاف حد السرقة عام الرمادة، وهل من عدل الشريعة أن تقام الحدود ولم يُعط عمر -رضي الله عنه- الحقوق لأصحابها مع توفرها؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد:
الإسلام دين شامل متكامل بعقائده وتشريعاته وأحكامه، ويجب على المسلمين الأخذ به، والتحاكم إليه، وعدم التفريق بين أحكامه بحيث يعمل ببعضٍ ويترك بعضًا، وقد ذم الله -عز وجل- هذا المسلك، كما قال -تعالى-:"أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ" [البقرة: من الآية85] ، والحدود جزء لا يتجزأ من تشريعات الإسلام، وقد شرعت لحكم ومقاصد عظيمة، حيث يتحقق بإقامتها المحافظة على الضروريات التي جاءت الشريعة بحفظها، وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل والعرض، والمال.
والله -سبحانه وتعالى- شرع هذه الحدود، وأمر بالعدل وأداء الحقوق، ونهى عن الظلم، وأكل أموال الناس بالباطل، وهذه العبارة التي تقال: (لا تستوفى الحدود حتى تعطى الحقوق) يجاب عنها بأن الحدود لا تعطل بمثل هذه الدعوى، بل إذا حصل تقصير في استيفاء الحقوق، فتوجه الدعوة إلى أداء الحقوق، وإقامة العدل الذي أمر الله به، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ثم إن استيفاء الحقوق لا يفترض فيه المثالية، فإن المجتمعات لا تخلو من تقصير في أدائها، والغالب أن هذه العبارة تصدر من أناس مغرضين، يقصدون من ورائها إبطال الحدود وتعطيلها في المجتمعات الإسلامية، وكما قال -سبحانه وتعالى-: "وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً" [النساء: من الآية27] ، وما جاء عن عمر -رضي الله عنه- في عام الرمادة ليس من باب تعطيل حد السرقة، بل هو من باب درء الحدود بالشبهات؛ وهذه قاعدة في إقامة الحدود أنها تدفع بالشبهات، لأنه في عام الرمادة عمت المجاعة، وكثر المحاويج والمضطرون، فيصعب التمييز بين من يسرق من أجل الحاجة والضرورة، ومن يسرق وهو مستغن، ولهذا أسقط عمر - رضي الله عنه- القطع عن السارق في عام المجاعة، كما أخرج ذلك عبد الرزاق (18990) عن معمر عن يحيى بن أبي كثير قال: قال عمر -رضي الله عنهما-: "لا يقطع في عذق، ولا عام السنة"، والعذق هو: النخلة أو الغصن من النخل فيه ثمره، وعام السنة: المراد بالسنة: الجدب، والقحط، وانقطاع المطر، ويبس الأرض.
قال السعدي: " سألت أحمد عن هذا الحديث فقال: العذق النخلة، وعام سنة: المجاعة، فقلت لأحمد: تقول به؟ فقال: إي لعمري، قلت: إن سرق في مجاعة لا تقطعه؟ فقال: لا، إذا حملته الحاجة على ذلك، والناس في مجاعة وشدة. قال ابن القيم: "ومقتضى قواعد الشرع إذا كانت السنة سنة مجاعة وشدة، غلب على الناس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له إما بالثمن أو مجاناً على الخلاف في ذلك، والصحيح وجوب بذله مجاناً؛ لوجوب المواساة، وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك، والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاج". وجاء أيضاً عن عمر -رضي الله عنه- درء الحد عن غلمان حاطب بن أبي بلتعة لما علم أن سرقتهم كانت عن حاجة، وكذلك درء الحد عن الخادم الذي سرق من مال مخدومه.
فعن ابن حاطب أن غلمة لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فأتى بهم عمر -رضي الله عنه- فأقروا، فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب فجاء، فقال له: إن غلمان حاطب سرقوا ناقة رجل من مُزيَنة، وأقروا على أنفسهم، فقال عمر- رضي الله عنه-: يا كثير بن الصَّلت اذهب فاقطع أيديهم، فلما ولي بهم ردهم عمر -رضي الله عنه- ثم قال: أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم -حتى إن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه حل له- لقطعت أيديهم، وأيم الله إذ لم أفعل لأغرمنك غرامة تُوجعكَ، ثم قال: يا مزني بكم أريدت منك ناقتك؟ قال: بأربعمائة، قال عمر -رضي الله عنه-: اذهب فأعطه ثمانمائة. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (18799) ، وفي الموطأ (1321) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى عمر - رضي الله عنه- بغلام له، فقال: اقطع يده، فإنه سرق مرآة لامرأتي، فقال عمر- رضي الله عنه-: "لا قطع عليه هو خادمكم أخذ متاعكم"، والحاصل أن الشبهة إذا وجدت فإنه يدرأ بها الحد. هذا والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.(5/28)
إغلاق الأسواق عند الأذان
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 1/05/1425هـ
السؤال
سؤالي: هل يلزم إغلاق المحلات التجارية (الأسواق) في الدولة الإسلامية بعد رفع الأذان؟ وما الدليل؟ وهل إغلاق الأسواق بعد الأذان له سابقة في الدولة الإسلامية في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- أو الصحابة - رضي الله عنهم- أو التابعيين؟.
أفتونا مأجورين.
الجواب
يقول تعالى في محكم التنزيل: "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" [الجمعة: 9] ، فهذا أمر عام لا يخص الجمعة بعينها؛ لأن القاعدة بين علماء الأصول أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقد صح في البخاري (644) ، ومسلم (651) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قول النبي - صلى الله عليه وسلم- في التشديد على من يسمع النداء ولا يجيب قال: "لقد هممت أن آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأُحَرِّقَ عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء"، ثم إن ترك صلاة الجماعة والعمل أثناء الصلاة منكر لا يجوز السكوت عليه، وقد لعن الله بني إسرائيل لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون" [المائدة: 78-79] . وروى أبو داود (4336) ، والترمذي (3047) ، وابن ماجة (4006) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- في موقف أهل الإسلام فيمن لا يستقيم على دينه، قال: "كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً"، ولم يكن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والتابعون لهم بإحسان يشتغلون في الأسواق، ويمكثون في محلاتهم والصلاة ينادى بها، بل كانوا يتبادرون إلى المساجد ويهرعون إليها من حين سماع النداء؛ لما يعلمون من عظم شأن الجماعة ووجوب المبادرة إلى إجابة المنادي إلى الصلاة، كيف لا وهذا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- يقول: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها- أي عن الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق" رواه مسلم (654) ، وغيره.(5/29)
مؤتمر حقوق الإنسان
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 18/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية والحق يقال نشكر لكم جهودكم الجبارة بهذا الموقع الفذ والمتنوع والمتجدد، الحافل بكل ما يواكب التطورات في الساحة والحكم الشرعي لكل منها، فكم حاجتنا اليوم لمعرفة الأحكام الشرعية فيما يدور حولنا من أحداث ومستجدات، ومن هذا المنطلق أحببت أن أجد جواباً عن موضوع حقوق الإنسان، حيث سيعقد في الرياض يومي 18و19 شعبان مؤتمر بعنوان (حقوق الإنسان في السلم والحرب) ، ولقد تم دعوة 150 شخصية عالمية مهتمة بهذا المجال أو قريبة التخصص منه، وتم توجيه آلاف الدعوات داخل المملكة لحضور هذا المؤتمر، وسؤالي هو:
أولاً: ما حكم إقامة مثل هذا المؤتمر؟ وما حكم المشاركة فيه أو حضوره؟
ثانياً: هل في الشرع الحنيف ما يسمى حقوق إنسان؟ أي بمعنى هل حقوق المسلمين والكفرة واحدة؟
ثالثاً: إذا طلب مني المشاركة وأنا أعلم وجود الكثير من المنكرات كدعوة الكفار إلى هذا البلد للحضور، والاختلاط في مقر الحفل، وغير ذلك، هل يجوز لي المشاركة مع أني لا أستطيع تغيير أي من هذه المنكرات؟.
رابعاً وأخيراً: أرجو سرعة الرد لأن المشاركة في هذا المؤتمر تحدد خلال الأسبوع القادم ويجب أن أعرف وغيري حكم المشاركة فيه وهل نوافق أم نعتذر؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أول من دعا إلى حقوق الإنسان تعاليم الإسلام فهي التي رعت حقوق الإنسان جد الرعاية حيث عامة نداءات القرآن متوجهة إليه بأصله الإنسان أو إلى بعض أفراده بوصفه مؤمناً أو كافراً، فمن الأول قوله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ" [الحجر:26] ، وقوله: "وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ" [لقمان: من الآية14] ، وقوله: "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى" [النجم:39] ، وقوله: "أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ" [القيامة:3] ،وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً" [البقرة: من الآية168] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ" [النساء: من الآية170] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [البقرة:21] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" [الحجرات: من الآية13] ،وقوله تعالى: "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" [البقرة:45] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" [المائدة: من الآية51] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة:90] ، وقال تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ" [فصلت:26] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [التحريم:7] ، إلى غير ذلك من الآيات ولا تفاضل بين بني الإنسانية إلا بتقوى الله سبحانه، كما جاء في الحديث: " لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى" انظر مسند أحمد (23489) ، وفي حديث آخر "الناس بنو آدم، وآدم من تراب" أخرجه أحمد (8736) ، وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وحقوق الإنسان التي أمر الله برعايتها هي حقوق المسلم والكافر على السواء، وإقامة مؤتمر لعرض حقوق الإنسان في السلم والحرب وفي المملكة العربية السعودية أمر محمود يشكر الساعون بعقده والمشاركون فيه، ودعوة غير المسلمين للتحدث فيه بما لا يتعارض مع أحكام الإسلام لا شيء في ذلك، ولا يتوقع أن يشتمل على منكر ظاهر وإن وجد- وجب على القادر إنكاره بالأسلوب المناسب ومن دعي إلى المشاركة في هذا المؤتمر ونحوه تعين عليه ووجب عليه الامتثال. والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.(5/30)
هل يقام الحدُّ على الحاكم
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 26/10/1424هـ
السؤال
قرأت كتابا في الفقه الحنفي اسمه "الهداية"، وفي صفحة 545 يذكر صاحب الكتاب العبارة التالية:
"إذا وقع الملك أو الخليفة المسلم في الزنا أو جريمة أو ذنب يشبه ذلك فلن يكون حد عليه"
فهل هناك فرق بين الحاكم والمحكوم في إيقاع العقوبة وفق الشريعة المطهرة؟ صديق لي يقول: إذا كان الحاكم هو من يقيم الحدود على الناس، فمن يقيم الحد عليه هو؟ فهو الوحيد الذي يقيم الحدود.
فهل صحيح أن الحاكم لا يقام عليه حد الزنا كما ذكر الكتاب المبين أعلاه؟
إذا كان الجواب أن الحدود تقام على الحكام أرجو تقديم مثال واحد على ذلك من التاريخ الإسلامي.
وما هي مصداقية الأحكام الواردة في هذه الكتب؟ هل تعتبر أحكاماً إسلامية؟ نرجو بيان قيمة هذه الأحكام.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالأصل في الحدود أن تقام على كل أحد شريفاً كان أو وضيعاً، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"وأيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لقطعت يدها" انظر: البخاري (3475) ومسلم (1688) ، وقد جاء في صحيح مسلم أن عثمان -رضي الله عنه- أمر بجلد الوليد لما ثبت لديه أنه شرب الخمر الحديث رقم (1707) ، وجاء في الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (6/482) ما نصه:"وكان الوليد شجاعاً شاعراً جواداً، قال معصب بن الزبيري: وكان من رجال قريش وسراتهم، وقصة صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة مخرجة، وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضاً مخرجة في الصحيحين، وعزله عثمان بعد جلده عن الكوفة. انتهى.
هذا وما ذكره السائل عن بعض الحنفية من عدم إقامة الحد على الإمام الأعظم صحيح، فقد جاء في نصب الراية مع الهداية (3/524) ما نصه: (وكل شيء صنعه الإمام الذي ليس فوقه إمام فلا حد عليه إلا القصاص فإنه يؤخذ به وبالأموال؛ لأن الحدود حق لله تعالى وإقامتها إليه لا إلى غيره، ولا يمكنه أن يقيم على نفسه لأنه لا يفيد، بخلاف حقوق العباد لأنه يستوفيه ولي الحق، إما بتمكينه أو بالاستعانة بمنعة المسلمين، والقصاص والأموال منها، وأما حد القذف قالوا المغلب فيه حق الشرع، فحكمه حكم سائر الحدود التي هي حق لله تعالى) . انتهى وجاء في حاشية الروض المربع لابن قاسم (7/302) ما نصه: (وفي الدرر للحنفية أن الخليفة لا يُحد ولو لقذف، لأن الحد له وإقامته إليه دون غيره ولا يمكنه على نفسه، ويقتص منه ويؤخذ بالمال لأنهما من حقوق العباد) . انتهى.
قلت وقصة الوليد لا تعارض ما تقدم من كلام الحنفية، لأن عدم إقامة الحد على الحاكم إنما تختص بالإمام الذي ليس فوقه إمام، ومعلوم أن الوليد أمير تحت ولاية عثمان رضي الله عنه، فالإمام الأعظم هو عثمان رضي الله عنه.
هذا ولم أقف على قول لبقية فقهاء المذاهب الأخرى حول إقامة الحد على الحاكم أو عدم إقامته، وفي نظري أن ما ذكره الحنفية من التعليل لعدم إقامة الحد على الحاكم الأعلى وجيه له حقه من النظر، لكنني متوقف عن القول به أو بخلافه. أما القصاص والحقوق المالية فمحل اتفاق بين الأئمة على أن الإمام يؤخذ به ويقتص منه صاحب الحق، وقد أقاد النبي -صلى الله عليه وسلم- سواد بن غزية من نفسه حينما كان صلى الله عليه وسلم يقوم في غزوة بدر بتعديل الصفوف، وكان سواد متنصلاً من الصف فعدله الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله فأقدني، فكشف صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال: استقد، فاعتنقه سواد وقبّل بطنه. رواه عبد الرزاق (18039) (9/467) بإسناد حسن لكنه مرسل.
هذا وما ذكره السائل عن مصداقية الأحكام الواردة في هذه الكتب نقول: الكتاب المشار إليه من كتب الحنفية المعتبرة، وله قيمته العلمية بين العلماء، لكن هذا لا يعني الأخذ بكل ما جاء به أو بغيره من كتب علماء الإسلام، بل الجميع يعرض على الكتاب والسنة، فما وافقهما عمل به، وما خالف ذلك تُرك والتمس لصاحبه العذر، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.(5/31)
يعمل في الشرطة، فهل يستر على المذنب؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 9/1/1425هـ
السؤال
أنا شاب أعمل في الدوريات الأمنية في القطاع العسكري، وكثيراً ما أواجه حالات شرب للمسكر، وحالات اختلاء محرم بين شاب وفتاة، هل من باب الستر ألا أسلمهم إلى الجهات المختصة، علماً بأنه قد يُفصل المقبوض عليه من عمله بسبب ذلك، وهل أكون متسبباً في قطع رزقه؟ وما هو ضابط الستر في ذلك؟ أفيدونا -جزاكم الله خيراً-
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام وعلى من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فلأهمية السؤال أفضل التفصيل في الجواب، فأقول -وبالله التوفيق-، ومنه أستمد العون والتسديد: ما دمت أيها السائل تعمل في الدوريات الأمنية فعملك يتطلب القبض على من ذكرت في سؤالك، وليس من باب الستر ألا تسلمهم إلى الجهات المختصة؛ لأن هذا عملك فأنت مسؤول أمن نائب عن السلطان فيما وكل إليك، فلا أرى لك الستر أو العفو عما ذكرت، ولو أن كل رجل أمن أو هيئة أمر بمعروف ونهي عن منكر ستر لاختل الأمن، هذا وليُعلم أن حدود الله -تبارك وتعالى- كالزنا، والشرب، والسرقة، وغيرها من حدود الله، إنما يجوز العفو فيها، والشفاعة قبل بلوغها السلطان، وأما بعد بلوغها له فلا يجوز؛ لما رواه أبو داود (4883) ، والنسائي (883) ، وغيرهم عن صفوان بن أمية - رضي الله عنه- قال: كنت نائماً في المسجد على خميصة لي، -وفي رواية: على ردائي-، فجاء رجل فسرقه، وفي رواية: اختلسه، فأمسكت به، فجئت به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تقطع يده، فقال صفوان -رضي الله عنه- لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فهلا قبل أن تأتيني به" والحديث صحح إسناده الحاكم والذهبي، ووافقهما الألباني، انظر إرواء الغليل (ج7 ص247) .
ولما روى مالك في الموطأ عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- لقى رجلاً قد أخذ سارقاً، وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير -رضي الله عنه- ليرسله، فقال: لا حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير -رضي الله عنه- إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع" انظر الموطأ بهامش المنتقى (ج7 ص163) ، ولما رواه أحمد (5362) ، وأبو داود (3597) ، وغيرهما عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً "من حالت وشفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره"، صححه الألباني في إرواء الغليل (ج7ص349) .
أيضاً جاء في السؤال: ما هو ضابط الستر في ذلك؟ والجواب أن الستر جاءت أحاديث كثيرة في الترغيب فيه، منها ما رواه مسلم (2699) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة"، وعند أبي داود (4377) ، وأحمد (21383) أن رجلاً يقال له هزال جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخبره عن رجل رآه يزني، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا هزال: لو سترته بثوبك كان خيراً لك"، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على الترغيب في الستر، لكن يحمل الستر في هذه الأحاديث وغيرها على الحدود التي لم تبلغ السلطان أو نائبه، وأيضاً للشخص الذي لم يعرف بالفسادوالأذى، ولم يكن متلبساً بجريمته، أما من كان معروفاً بالفساد والأذى، أو كان متلبساً بجريمته، فهذا لا يُستر عليه مطلقاً. - والله أعلم- وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.(5/32)
المشاركة في الانتخابات
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 05/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم. وبعد:
انتشرت عندنا في بلاد الجزائر فتوى تحرم السياسة، وكل ما تعلق بها، ونحن على مقربة من موعد انتخاب رئيس الجمهورية، فوقع الكثير من الإخوة وخاصة الشباب في حرج، هل ننتخب أو لا ننتخب؟ نرجو الإجابة -بارك الله فيكم-. والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السياسة من الدين، بل الدين كله سياسة، بل كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" كلها سياسة من اللام إلى الهاء، فهي تنفي جميع الطواغيت من الحجر، والشجر، والأوثان، والأفكار، والمذاهب، والأشخاص، من الزعماء، والكبراء....، ومن يعتقد فصل الدين عن السياسة، أو فصل الدين عن الحياة وهو يعلم لازم قوله - فهو كافر خارج عن ملة الإسلام- فكيف لا يكون في الدين سياسة، وأعظم آيات القرآن في الجهاد في سبيل الله، أليس الجهاد ذروة سنام الإسلام وهو صميم السياسة، والذين ينكرون الدخول في الانتخابات غلب عليهم الجهل بأحكام الإسلام عامة، وبأحكام الحسبة خاصة، حيث ظنوا أن الدخول في الانتخابات التي تؤدي إلى مجالس (برلمانات) تشريعية قد تبيح ما حرم الله، وتحرم ما أحل الله، ونحن نقول إن بعض هذه المجالس تفعل هذا، ولكن المسلم إذا دخل عضواً في هذا المجلس يجب عليه أن ينكر المنكر، ويأمر بالمعروف، وإن غلبت آراء أهل الباطل عند التصويت فواجب المسلم أن يتحفظ ويمتنع عن التصويت، حينئذ ولا شيء عليه - إن شاء الله- بل هو مثاب حيث أسمع أهل الباطل كلمة الحق، وإن لم يعملوا بها، فالله يقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن عليك إلا البلاغ" [الشورى: 48] "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" [القصص: 56] ، وإذا ترك أهل الحق والصلاح الدخول في هذه الانتخابات تفرد بها أهل الباطل والفساد، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغشى مجالس قريش ويتقصد أماكن تجمعاتهم مع ما هم عليه من شرك وكفر، وفساد، وضلال، كل ذلك من أجل أن يبلغهم كلمة الحق والخير، ولو اعتزل مع صحابته، وقام يصلي ويدعو ربه، رافعاً يديه بهداية قريش لما كان بلغ رسالة الله، وقد جاء في الحديث: "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم" رواه الترمذي (2507) ، وابن ماجة (4032) ، وأحمد (5002) ، ودخول الانتخابات في هذا الظرف من أوجب الواجبات الشرعية لمحاربة الباطل، أو التقليل من شره على الأقل، فعليكم وفقكم الله بالدخول في هذه الانتخابات، حسبة لله ولتكثير سواد أهل الصلاح في هذه المجالس لإحقاق الحق وإبطال الباطل، حسب القدرة والاستطاعة؛ ليتحقق فيكم قول الله -تعالى-: "اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" [آل عمران: 102] ، وقوله -تعالى-: "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" [آل عمران: 110] . وفقكم الله وأعانكم، وسدد خطاكم، آمين.(5/33)
كيف نجعل الحكم إسلامياً في العراق
المجيب أ. د. نعمان عبد الرزاق السامرائي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 7/6/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخي الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو أن تجيبني على هذا السؤال، وجزاكم الله خيراً: أنا من أكراد العراق، وأعيش في الشمال، وأعتز بأني مسلم، وأريد للإسلام أن يكون الحاكم في العراق، وأن يكون الحكم في العراق إسلامياً، ونحن الآن -كما ترى- في موقف صعب جداً، وأنت تعرف ذلك، وضعنا متشابك جداً، لذا أرجو منك النصيحة، وأن تدلنا على أحسن طريقة لكي يعود لنا الحكم الإسلامي في العراق، وما هي نصائحكم لنا؟ أرجو أن تفيدونا. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جواباً لسؤالكم حول الحكم بالعراق وواجب المسلم، معروف أن نسبة المسلمين في العراق اليوم تصل إلى 98% بحسب المولد، بينهم أقلية دون (10) بالمائة ترى أن مصلحة العراق في متابعة الغرب، وإن كان على حساب الإسلام وما أمر به، الإنسان في الغرب اعتمد العلمانية؛ لأن النصرانية ليس فيها تشريع، أما المسلم فمتى تخلى عن التشريع فهو إيمان ببعض الكتاب وكفر بأكثره، لذا لا يسعه رفض التشريع، فإن رفضه فقد سقط في الحكم بغير ما أنزل الله، وقد يخرج من دائرة الإسلام كلياً، فما واجب الفرد المسلم اليوم وغداً في العراق؟.
هناك معركة حول دستور العراق الدائم، والذي ينبغي النص على إسلاميته، وعدم جواز أن يعارض ذلك أي تشريع، وهذه المعركة تستقطب الأكثرية المطلقة للعراقيين وهي المعركة رقم واحد.
المعركة الثانية: معركة الانتخابات العامة، وهي معركة الأمانة، فالمسلم يحمل أمانة (الاختيار) ، فعليه ألا يمنح صوته الانتخابي إلا لمن يوالي الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يفعل فقد ضيع الأمانة، والمعركة الأولى والثانية ستكون سهلة، وإن لم تخلُ من صعوبة، وتتطلب مزيداً من الوعي والتصميم، والله غالب على أمره، وبحسب الفرد المسلم أن يشارك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والأمل كبير بالفوز في المعركتين حقاً بإذنه تعالى.(5/34)
استخراج رخصة تجارية باسم الغير
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 27/2/1425هـ
السؤال
ما حكم فتح محل واستخراج رخصة تجارية باسمي لشخص آخر؟ لأنه غير مسموح له أن يفتح باسمه محلاً تجارياً؟
على سبيل المثال يسمح عندنا بفتح محل تجاري للمواطن أما الوافد فإنه على أقسام أبناء دول الخليج نشاط واحد فقط، مثلا بيع الذهب ولا يستطيع أن يفتح نشاطاً آخر, أبناء الدول العربية والمسلمة والكافرة الأخرى يمكنهم فتح استثمار، ويدفعون ضرائب ومعاملة طويلة إلخ, فإذا ساعدت أحد إخواني المسلمين بفتح محل باسمي أكون آثماً لمخالفتي ولي الأمر أم ماذا؟ -جزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
هذه الأنظمة التي يضعها ولاة الأمر والمسؤولون إنما قصدوا بها تنظيم أمور الناس، وترتيب معايشهم، وإذا كان هذا هو المقصد، وأن المصلحة مترتبة على ذلك، وأنها ليس فيها أمر بمنكر، فالواجب الطاعة؛ والله - عز وجل- يقول: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ... " الآية، [النساء:59] ، وليس المراد بقوله: "وأولي الأمر منكم" طاعتهم فيما يتعلق بأمور العبادات من الصلاة والزكاة، وإذا أمروا بالصلاة والزكاة، ونحو ذلك؛ لأن هذا داخل في طاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وحينئذ يكون قوله: "وأولي الأمر منكم" ليس له فائدة، ولا يترتب عليه فائدة.
فظهر لهذا أن المراد طاعتهم فيما يتعلق بأمور الدنيا، التي يضعونها ويرتبونها لمصالح الناس، دون أن يترتب على ذلك عمل بمنكر وفي الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم-قال: "من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني" رواه البخاري (2957) ومسلم (1835) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. وعلى هذا لا تجوز المخالفة. والله أعلم.(5/35)
قتل البهيمة إذا وطئها بشر
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 24/06/1425هـ
السؤال
بصراحة حاولت أن أسأل السؤال هذا ولكن والله استحيت، وأخيراً قلت لا حياء في الدين، سؤالي هو سمعت أحد الأشخاص يروي حكاية يقول كان هناك شاذ جنسياً يعمل الفاحشة مع قطيع من الغنم -ولا حول ولا قوة إلا بالله- نسأل الله السلامة وقبض على الشخص، وقرروا أن يستروا عليه، وأن يذهبوا إلى قطيع الغنم ويقتلونه جميعاً ويحرقونه بعد قتله، ما أدري ماذا يفعل بقطيع الغنم، هل صحيح يقتل ثم يحرق.
الجواب
أخي الفاضل: قد ورد حديث في قتل البهيمة الموطوءة وهو ما رواه أبو داود (4464) وغيره، "من أتى بهيمة فاقتلوه، واقتلوها معه".
وروي عن علي -رضي الله عنه- أنه أوتي برجل أتى بهيمة فلم يحده، وأمر بالبهيمة فذبحت وأحرقت بالنار. وقد لا يثبت هذا عن علي -رضي الله عنه-.
وأما الحديث فهو ضعيف، وكيف يحتج به وقد جاء ما يعارضه وهو أثر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- "من أتى بهيمة فلا حد عليه"، أخرجه البيهقي (8/234) وغيره، وليس المقصود فلا إثم عليه، بل هو آثم، ولكن لا حدّ عليه هذا هو المراد. ثم إن الحديث يروى من طريق ابن عباس-رضي الله عنهما-، ومذهبه -رضي الله عنه- خلاف هذا، وقد ضعف الحديث أبو داود وتوقف أحمد في حكم من أتى بهيمة ولم يثبت هذا الحديث، كما أنكره الإمام مالك، وقال ابن حجر في التلخيص: في إسناده كلام، ثم على قول من يرى قتل البهيمة الموطوءة فإنها إن كانت للفاعل وأقر على نفسه أنه فعل بها فإنها تقتل وتذهب عليه هدراً، وإن كانت لغيره لم يجز قتلها لأجل إقراره على نفسه أنه فعل بها لأنها مال غيره، فلابد من وجود البيّنة أنه فعل بها ولا يكفي إقراره.
ومذهب الجمهور أنها لا تقتل، وإذا ذكيت جاز أكلها من غير كراهة، وقيل في التعليل للأمر بقتلها لئلا يعيّر فاعلها لذكره برؤيتها، كلما رآها الناس تذكروا من فعل بها فيعيّرونه ويلمزونه، وربما يكون قد تاب وأناب.(5/36)
التقية والعمل بها
المجيب د. علي بن عمر با دحدح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 17/1/1425هـ
السؤال
ما هي التقية؟ وكيف يتم العمل بها في جماعة السنة عند الاستعداد للحرب؟ هل هي جائزة؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد:
فهذا إيجاز من القول عن التقية والخدعة وما يتصل بهما في أعمال المسلم في الأحوال المختلفة:
تعريف التقية:
لغة: من اتقيت الشيء وتَقَيته وأتَّقيه تقىً وتَقِيّة وتقاء، حذرته.
اصطلاحاً: عرفها ابن حجر بقوله: التقية: الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير (فتح الباري12/314) ، وقد ورد في معنى التقية آيات قرآنية وأحاديث نبوية فمن الآيات: قوله -تعالى-:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير" [آل عمران: 28] ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-:"إلا أن تتقوا منهم تقاة"، فالتقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضره، إنما التقية باللسان". (تفسير ابن أبي حاتم ج2/ص629) .
وقال ابن كثير:" أي إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته كما قال البخاري، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه - أنه قال:"إنا لنبشّ في وجوه أقوام، وقلوبنا تلعنهم" انظر ما رواه البخاري تعليقاً في كتاب: الأدب باب: المداراة مع الناس، وقال البخاري: قال الحسن: "التقية إلى يوم القيامة" انظر صحيح البخاري كتاب الإكراه. (ابن كثير 360-361) .(5/37)
وقال النسفي في معنى الاستثناء:" إلا أن تخافوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه، أي: إلا أن يكون للكافر عليك سلطان، فتخافه على نفسك، ومالك، وحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة وإبطال العداوة ". (تفسير النسفي 153/1) .
ومنها قوله -تعالى-: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم" [النحل: 106] .قال ابن جرير في سبب نزول هذه الآية:"أخذ المشركون عماراً فعذّبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال له كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئناً بالإيمان، قال - صلى الله عليه وسلم-:" فإن عادوا فعد ". (تفسير الطبري 181/8) .
وقال ابن كثير: "ولهذا اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي؛ إبقاء لمهجته، ويجوز له أن يأبى". (ابن كثير 1078) .(5/38)
وأما السنة: فقد روى البخاري في صحيحه (2510) ، ومسلم (1801) عن جابر- رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَه؟ ُ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ - رضي الله عنه- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَال: َ "نَعَمْ"، قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَال: َ "قُلْ"، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ - رضي الله عنه- فَقَال: َ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَة، ً وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّه، ُ قَال: َ إِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاه، ُ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْن، ِ- وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقَال: َ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْن-ِ فَقَالَ: نَعَمِ، ارْهَنُونِي قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَال: َ ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَب؟ ِ قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُم، ْ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ فَيُقَال: ُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَة، َ قَالَ سُفْيَان: ُ يَعْنِي السِّلَاح، َ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَه، ُ فَجَاءَهُ لَيْلًا، وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُه: ُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَال: َ إِنَّمَا هُوَ(5/39)
مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ- وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَت: ْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَال: َ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو، قَالَ سَمَّى بَعْضَهُم؟ ْ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْن، ِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْر، ٍ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوه، ُ وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا، وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيب، ِ فَقَال: َ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا أَيْ أَطْيَبَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَال: َ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَب، ِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ، قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَك؟ َ قَال: َ نَعَمْ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَه، ُ ثُمَّ قَال: َ أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ فَقَتَلُوه، ُ ثُمَّ أَتَوْا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ".
قال النووي: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز خِدَاع الْكُفَّار فِي الْحَرْب , وَكَيْف أَمْكَنَ الْخِدَاع إِلَّا أَنْ يَكُون فِيهِ نَقْضُ عَهْد أَوْ أَمَان فَلَا يَحِلّ , وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحَدهَا فِي الْحَرْب. (شرح النووي لصحيح مسلم 45/12) .(5/40)
قال ابن حجر:. وَفِيهِ التَّحْرِيض عَلَى أَخْذ الْحَذَر فِي الْحَرْب , وَالنَّدْب إِلَى خِدَاع الْكُفَّار , وَأنَّ مَنْ لَمْ يَتَيَقَّظ لِذَلِكَ لَمْ يَأْمَن أَنْ يَنْعَكِس الْأَمْر عَلَيْهِ, قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: الْخِدَاع فِي الْحَرْب يَقَع بِالتَّعْرِيضِ وَبِالْكَمِينِ وَنَحْو ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيث الْإِشَارَة إِلَى اِسْتِعْمَال الرَّأْي فِي الْحَرْب، بَلْ الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ آكَد مِنْ الشَّجَاعَة , وَكَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَار عَلَى مَا يُشِير إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيث, وَهُوَ كَقَوْلِهِ " الْحَجّ عَرَفَة " , قَالَ اِبْن الْمُنِير: مَعْنَى الْحَرْب خَدْعَة أَيْ الْحَرْب الْجَيِّدَة لِصَاحِبِهَا الْكَامِلَة فِي مَقْصُودهَا إِنَّمَا هِيَ الْمُخَادَعَة لَا الْمُوَاجَهَة , وَذَلِكَ لِخَطَرِ الْمُوَاجَهَة وَحُصُول الظَّفَر مَعَ الْمُخَادَعَة بِغَيْرِ خَطَر. (فتح الباري 158/6) .
وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بترجمتين، فقال: باب: الكذب في الحرب، وباب: الفتك بأهل الحرب، ونقل ابن حجر عن ابن العربي أنه قال:" الْكَذِب فِي الْحَرْب مِنْ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِز بِالنَّصّ؛ ِ رِفْقًا بِالْمُسْلِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ" ثم قال ابن حجر:" وَيُقَوِّيه مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد (12001) وَابْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث أَنَس-رضي الله عنه- فِي قِصَّة الْحَجَّاج بْن عِلَاط الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم فِي اِسْتِئْذَانه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول عَنْهُ مَا شَاءَ لِمَصْلَحَتِهِ فِي اِسْتِخْلَاص مَاله مِنْ أَهْل مَكَّة، وَأَذِنَ لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَإِخْبَاره لِأَهْلِ مَكَّة أَنَّ أَهْل خَيْبَر هَزَمُوا الْمُسْلِمِينَ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَشْهُور فِيهِ". (فتح الباري 159/6) .(5/41)
وأشار أهل العلم إلى أن الإجماع في مسألة الإكراه، قال ابن حجر:" قال ابن بطال تبعاً لابن المنذر: أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان ألا يحكم عليه بالكفر، ولا تبين منه زوجته". (فتح الباري 314/12)
ومن مجموع ذلك يمكن القول بأن التقية عند أهل السنة هي إظهار المسلم لبعض الأقوال والفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك؛ من أجل اجتناب شرهم، مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها. (انظر فقه الإيمان والعمل الصالح د. العمري 520) .
ضوابط التقية عند أهل السنة والجماعة:
الأول: ألا تكون التقية طريقاً للانفلات من ربقة التكاليف الشرعية، فلا يجوز الخروج عن حدود الشرع بحجة التقية.
ثانياً: التقية رخصة لا يلجأ إليها إلا في حال الاضطرار، والأخذ بالعزيمة أفضل. قال ابن حجر: (قال ابن بطال: أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجراً عند الله ممن اختار الرخصة، وأما غير الكفر فان أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلاً فالفعل أولى) (فتح الباري ج12/ص317) .
ثالثاً: التقية لحال الضرورة تقدر بقدرها، فإذا اضطر المسلم إلى التقية وجب عليه أن يتقي الكفار بأدنى ما يمكن مما هو خروج عن حدود الشرع، وهذا لا يتعدى اللسان في كثير من الأحوال.
رابعاً: وجوب السعي للخروج من حكم الاضطرار أو الإكراه الذي أباح للمسلم التقية.
خامساً: التقية عند أهل السنة غالباً ما تكون مع الكفار وفي حال الإكراه والاضطرار.
ومن الناحية العملية هناك عدة حالات تطبيقية في حياة المسلمين المعاصرة منها:
أ- في حروب المواجهة العسكرية التقية بالكذب عند الحاجة جائز؛ لتحقيق مصلحة المسلمين ودفع الضرر والأذى عنهم دون أن يكون فيه غدر بنقض عهد أو أمان صريح، وهو من أعمال الحروب عامة.(5/42)
ب- الأمة الإسلامية في حالة ضعف، ومن جهة أخرى هي في حالة مواجهة وحرب شعواء في المجالات العسكرية، فهناك حرب اقتصادية صناعية تحارب فيها الأمة؛ لئلا تمتلك ناصية العلم وأسرار التكنولوجيا، وتبقى عالة على أعدائها، وهناك حرب في مجال التعليم على المناهج؛ لمسخها وتفريغها من محتواها الذي يتضمن ثوابت الدين وهوية الأمة، وهكذا وكل ميدان من هذه الميادين يدخل فيه - بحسب تقدير الضرورة والحاجة - ضرب من التقية والخدعة، كأن يتم تحصيل أسرار العلوم والتكنولوجيا دون التصريح بهذا الهدف وبوسيلة لا تكشف التوجه بل بطرق وأساليب غير مباشرة وغير ظاهرة ونحو ذلك.
ج- المسلمون المستضعفون المضطهدون في بلاد ودول تحاربهم وتمنعهم من إظهار دينهم وهويتهم والقيام بأداء فرائضهم وشعائرهم كما كانت حالة المسلمين في الاتحاد السوفيتي الشيوعي سابقاً، وكما هو حال بعض المسلمين في مناطق الهند وبورما وغيرها، فهؤلاء ينطبق عليهم وضع الاضطرار الذي يقدرون فيه حاجتهم إلى خفاء ما يضر إظهاره، وإظهار ما يدفع عنه الأذى ولو كان غير حقيقي.
د- المسلمون في بلاد غير مسلمة وليسوا مضطهدين، ولكن القوانين المعمول بها في تلك البلاد تتعارض مع الأحكام الإسلامية؛ كمنع التعدد وكذلك ترتب الضرر على إظهار وإعلان بعض الأحكام الإسلامية لعدم فهم وتقبل المجتمعات لها، كما هو حال المسلمين في أوروبا ونحوها فإن لعلمائهم أن يجتهدوا في بعض ما فيه حاجة وضرورة لاتخاذ المناسب الذي يحقق المصالح ويدفع المفاسد، وإن كان عن طريق التورية والمعاريض وربما الكذب في حال الضرر الكبير والمفسدة العظيمة.
فحال المسلم في ديار الإسلام ورفع رايته وتطبيق شريعته يختلف عن المسلم في بلاد ومجتمعات وتشريعات ليست إسلامية فالأول يظهر الإسلام وشرائعه وشعائره والاعتزاز به ما قد لا يتاح مثله للثاني.(5/43)
قال ابن تيمية:" لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر؛ لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة". (اقتضاء الصراط المستقيم 176-177) .
ولا بد من التنبيه على أهمية مراعاة الضوابط المذكورة سابقاً، ومن المهم أن يكون الحرص عظيماً على التدين والإخلاص لله والورع، ثم عدم التوسع في مثل هذه المسائل بما لا تقتضيه الضرورات والحاجات الحقيقية، مع أهمية الانتباه إلى أنه ليس لكل أحد تقدير تلك الضرورات والإفتاء فيها بما يناسبها من التصرفات، وخاصة في المسائل العامة التي تتعلق بجميع أحوال المسلمين والجاليات الإسلامية في غير ديار الإسلام بل مرد ذلك إلى أهل العلم منهم للبحث في تلك المسائل بالرجوع لنصوص الشرع وقواعد وأصول الفقه ومقاصد الشريعة حتى تنضبط الأمور ويظل ارتباط المسلمين قوياً بدينهم وكتابهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم-.
والتقية مصطلح له دلالة خاصة عند الشيعة ورأيت من المناسب إيجاز القول في بيان ذلك:
التقية عند الشيعة الإمامية. (ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/979-983)
تعريفها: (هي كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضراراً في الدين أو الدنيا) .(5/44)
واستدل الشيعة على التقية بالآيات التي استدل بها أهل السنة، ولكنهم توسعوا في استخدامها وخرجوا بها من حال الضرورة إلى حال الاختيار، فهي عندهم سلوك جماعي دائم وحالة مستمرة حتى يخرج القائم وهو محمد بن الحسن العسكري من سرداب سامراء. قال ابن بابويه من أئمتهم في كتابه الاعتقادات: (والتقية واجبة، لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله -تعالى- وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة) . (ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/983) .
وتقية الشيعة مع المسلمين ولا سيما أهل السنة؛ لأنهم يرون أهل السنة أشد كفراً من اليهود والنصارى لأن منكر إمامة الاثني عشر أشد من منكر النبوة عندهم.
ويرى الشيعة أن عصر القرون المفضلة عهد تقية.
التقية عندهم ركن من أركان دينهم كالصلاة أو أعظم، حتى قال قائلهم (اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة) وجعلوا التقية (تسعة أعشار الدين) (وأن من لا تقية له لا إيمان له)
وهي عندهم مطلوبة حتى مع انتفاء ما يبررها، ففي كتبهم (عليكم بالتقية؛ فإنه ليس منا من لما يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمن جانبه؛ لتكون سجية مع من يحذره) .
سبب غلو الشيعة في أمر التقية:
1- أن الشيعة تعد بيعة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - باطلة وهم ومن بايعهم في عداد الكفار، وعليٌّ - رضي الله عنه - ممن بايعهم وصلى خلفهم وجاهد معهم وسار على نهجهم وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه فخرجوا من هذا التناقض بالقول بالتقية.
2- تبرير التناقض في مرويات الأئمة الذين زعموا لهم العصمة، فقالوا بالتقية؛ لتبرير هذا التناقض.(5/45)
3- تسهيل مهمة الكذابين على الأئمة ومحاولة التعتيم على حقيقة مذهب أهل البيت، بحيث يوهمون الأتباع أن ما ينقله واضعو مبدأ التقية عن الأئمة هو مذهبهم، وأما ما اشتهر عن الأئمة وذاع عنهم وفعلوه أمام المسلمين فلا يمثل مذهبهم، وإنما يفعلونه تقية، فيسهل على أولئك الكذابين رد أقوالهم والدس عليهم وتكذيب ما يروى عنهم من حق.
وضع مبدأ التقية لعزل الشيعة عن المسلمين، يقول أحد أئمتهم: (ما سمعتَ مني يشبه قول الناس- يعني أهل السنة- فيه التقية، وما سمعت مني لايشبه قول الناس فلا تقية فيه) . وهذا مبدأ خطير، يؤدي بالشيعة إلى جعل مخالفة المسلمين هي القاعدة، وبالتالي يوافقون الكافرين ويخالفون المسلمين.
فالتقية عند الشيعة الإمامية نفاق لا يمت إلى الإسلام بصلة، ويجب على المسلم أن يتجنبها، ويحذر من هؤلاء الشيعة، وألا يثق بما يقولونه؛ لأن الأصل عندهم هو التقية، وهم كالمنافقين الذين وصفهم الله بقوله: "يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم" [الفتح: 11] .
(ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/979-983)
والله -تعالى- أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/46)
اشتراط القرشية للإمامة العظمى
المجيب خالد بن عبد الله البشر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 16/6/1425هـ
السؤال
هل النسب القرشي أحد شروط الخلافة؟ وهل بدونها لا تصح الخلافة؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:
اختلف النسّابون في المقصود بقريش، وأصح هذه الأقوال: قول الشافعي وابن حجر وابن القيم - رحمهم الله - أن قريشاً: هو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فالقرشي من كان من ولد النضر بن كنانة، والقرشية شرط من شروط انعقاد إمامة المسلمين عند أهل السنة والجماعة، وشذّت فِرق أمثال الخوارج والمعتزلة فلم يقولوا بهذا الشرط، قال القاضي عياض - رحمه الله- اشتراط كون الإمام قرشياً مذهب العلماء كافة، وقد عدوها في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها خلاف، وكذلك من بعدهم في جميع الأمصار، ولا اعتداد بقول الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة لما فيه من مخالفة المسلمين، وتظافرت نصوص السنة الصحيحة على اشتراط القرشية في إمام المسلمين، منها: ما رواه معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن هذا الأمر - أي الخلافة - في قريش لا يعاديهم أحد إلاَّ كبّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين" أخرجه البخاري (3500) ، وما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان" أخرجه البخاري (3501) ومسلم (1820) ، وما رواه أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " الأئمة من قريش، ولهم عليكم حق، ولكم مثل ذلك، فإذا استرحموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا عاهدوا وفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" رواه أحمد (12489) ، وقال الهيثمي في الزوائد (5/193) : ورجال أحمد رجال الصحيح، وقال أبوبكر -رضي الله عنه- في قصة سقيفة بني ساعدة: "وإن هذا الأمر - أي الخلافة - في قريش ما أطاعوا الله، واستقاموا على أمره "، والحكمة في اشتراط القرشية قيل: لأفضلية قريش حسباً ونسباً، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم، وقيل: لقوتهم وعصبيتهم بين قبائل العرب، وأن العرب تسمع لقريش وتطيع، وقيل غير هذا، والله أعلم بالحكمة. واشتراط النسب القرشي في إمام المسلمين هو شرط وجوب وابتداء عند اختيار إمام المسلمين من قبل أهل الحل والعقد بعد أن يستكمل سائر شروط الإمامة. وأما إذا كان الذي تولى الإمامة تولاها بطريق الغلبة والقهر، وخُشيت الفتنة بعزله إن عُزل؛ فلا يُشترط حينئذ شرط القرشية؛ لأن المقصد الأعظم للإمامة هو إقامة الدين وسياسة الدنيا به. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.(5/47)
حكم الاستفتاء الشعبي
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 28/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود السؤال عن حكم عملية الاستفتاء الشعبي، والتي هي في الحقيقة طلب رأي الشعب في مسألة من المسائل كالاستفتاء على اختيار الحاكم، أو عزله، أو الاستفتاء على تعديل الدستور، أو الاستفتاء على أفضل أغنية، فما الحكم الشرعي في المشاركة في ذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المراد بالاستفتاء طلب الرأي والمشورة في أمر يهم الجماعة والمجتمع، وسمي استفتاءً لشبهه بالفتوى بين السائل والمفتي، والاستفتاء في الأمور المباحة من أمر الدين والدنيا جائز شرعًا، والناس منذ القدم وإلى يومنا هذا يسأل بعضهم بعضًا، ويستفتي الجاهل العالم، ويسأل من يجهل الأمر من هو أعلم به منه، وما زال الناس على هذا دون نكير؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا تحريم إلا بنص من الشارع، فإذا كان الاستفتاء على شيء محرم كالاستفتاء على إباحة الربا أو تحريمه، أو جواز الزنا والشذوذ الجنسي، أو منعه، أو تحليل الغناء أو تحريمه، ونحو ذلك، فهذا حرام لا يجوز، وهو تشريع بما لم يأذن به الله، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ... ) [الشورى:21] .
وقال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ
يُوقِنُونَ) [المائدة:50] . وإذا كان الاستفتاء على الدستور في جملته، وهو دستور وضعي لا يعتمد الشريعة في مواده وأحكامه، فيجوز الاستفتاء عليه؛ لأنه عمل بشري دنيوي، وإن كان يعتمد الشريعة في فصوله وأبوابه ومواده، فلا يجوز الاستفتاء عليه حينئذ؛ لأنه متضمن أحكامًا شرعية قطعية واجب العمل بها، ولا يجوز طرحها للاستفتاء، أما الاستفتاء لاختيار الحاكم أو بعض نوابه فيجوز ذلك؛ لأن الأمر يخص الناس، وعليهم التشاور، ومنه الاستفتاء باختيار الأفضل والأمثل، والدليل على هذا أن عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، لما توفي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بقي يشاور الناس ثلاثة أيام، وكان يشاور النساء العذارى في خدورهن، ثم أخبر أن الناس لا يعدلون بعثمان، رضي الله عنه. (منهاج السنة 6/350) ، وذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) أن عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، كان بقي ثلاثة أيام يستشير الناس في عثمان وعلي، رضي الله عنهما، حتى خلص إلى النساء المخدّرات في حجالهن، وحتى سأل الولدان في المكاتب، وحتى سأل من يرد من الركبان والأعراب إلى المدينة (البداية 6/160) . وإذا جاز الاستفتاء (التشاور) على اختيار الحاكم جاز على عزله من باب أولى. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.(5/48)
إذا أقيم الحد على الزاني البكر ثم زنى
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 9/6/1425هـ
السؤال
ما حكم الزاني الأعزب، إذا أقيم عليه الحد وزنى مرة أخرى؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
إذا زنى الأعزب بعد إقامة الحد عليه، وثبت زناه الثاني ثبوتاً شرعياً فإنه يقام عليه الحد مرة ثانية، فإن أقيم عليه الحد مرة ثانية بعد زناه الثاني فإنه يقام عليه الحد مرة ثالثة، فإن عاد بعد الثالثة، فعلى القاضي أن يحكم عليه بإقامة الحد، وله أن يزيد عليه عقوبة تعزيرية إضافية لكثرة سوابقه، وعدم ارتداعه عنها، وقد جاء في قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم: (53) في (ع/ع/ 1397هـ) ما نصه: (للقاضي أن يعزر من تكرر منه شرب الخمر ثلاثاً، وأقيم الحد عليه بعد كل مرة بما يراه من سجن وجلد، ونحوهما مع إقامة الحد الواجب) ا. هـ وإن كان نص القرار حول حد شرب الخمر إلا أنه ينسحب على حد الزنا. والله -تعالى- أعلم.(5/49)
الإمارة في الأنشطة الدعوية
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 25/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو أن تفيدوني، نحن خمسه شباب في المسجد، مقيمون على الدعوة إلى دين الله، واقترح بعض الإخوة أن نكون متوحدين في المنهج الدعوي والنشاط الذي يخدم الدعوة، وقد اقترح أن يكون هناك منا أمير أي هو المسئول عن تنظيم تلك الأمور، وقد اختاروني، ولكن أنا في ريب من تلك الفكرة وهو أن أكون أنا الأمير أو المسئول على تنظيم الأمور، وأنا أريد أن تفيدوني في هذا الأمر، مع العلم أني أعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كنتم ثلاثة فأمِّروا أحدكم". ولكن أنا أريد النصيحة، هل هناك شيء اسمه إمارة؟ وما معناها؟ وإن كانت تصح فما الأمور التي تنصحوني بها أن أفعلها؟ وجزاكم الله خيرًا. وأرجو من الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحديث المشار إليه في السؤال حديث حسن أخرجه الإمام أحمد (6647) من حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، في أثناء حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... وَلَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضِ فَلَاةٍ إِلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ....". وله شاهد من حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ". أخرجه أبو داود (2608) .
ومن حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن أبي داود (2609) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ". ومن حديث عمر بن الخطاب. رواه الحاكم (1/611) ، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وهذه الأحاديث تدل على أنه يسن للجماعة إذا كانوا في سفر، أو فلاة من الأرض أن يؤمروا أحدهم حتى تنتظم أمورهم وتستقيم أحوالهم وتجتمع كلمتهم، ولا يحصل بينهم خلاف وشقاق يؤدي إلى فساد أحوالهم وتفرقهم واختلافهم.
يقول ابن تيمية: (فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولي أحدهم، كان هذا تنبيهًا على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك....) الحسبة في الإسلام (ص: 12) .
وقد استدل العلماء بهذا الحديث وغيره على وجوب تنصيب الأئمة والحكام والولاة ليقوموا برعاية مصالح الأمة وترتيب أمورها وشؤونها، والحاكم الشرعي له البيعة والطاعة بالمعروف، ويناط به النظر في قضايا الأمة وشؤونها، وإذا احتاج مجموعة من الناس إلى الترتيب فيما بينهم والتنسيق في أمور دعوية محدودة فلا بأس بذلك بما لا يخالف ما يوجد من ترتيب وتنظيم مشروع من قبل ولاة الأمر. فعلى هذا إذا أحب مجموعة الاجتماع والتناصح والتعاون فيما بينهم فهذا من الخير، ولا بأس أن يوجد من يكون مسئولًا عن هذا الاجتماع واللقاء لكن لا تضفى عليه صفات الأمير بحيث يبايع كما يبايع ولي الأمر، إنما يكون بمثابة الرئيس ونحوه.
نسأل الله أن يجعلنا من أنصار دينه، ومن الدعاة إليه على بصيرة وعلم، ومن المتعاونين على البر والتقوى. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(5/50)
مفهوم بيعة النساء
المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 22/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل من السائغ مقارنة بيعة النساء للرسول صلى الله عليه وسلم- بانتخابات النساء في وقتنا الحاضر؟ ولماذا؟ وهل بايعنه نساء الخلفاء الراشدين؟ ولماذا؟ وما مفهوم البيعة؟ وفقكم الله ورعاكم ونفع بعلمكم عموم المسلمين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
- تطلق البيعة في اللغة العربية على: المبايعة على الطاعة. وتطلق على: الصفقة من صفقات البيع , قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ) [الفتح: 10] . وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمجاشع حينما سأله: عَلَامَ تُبَايِعُنَا؟ قال: "عَلَى الإسلامِ والجهادِ". أخرجه مسلم (1863) . وهو عبارة عن المعاقدة والمعاهدة.
- والبيعة اصطلاحًا, كما عرَّفها ابن خلدون في مقدمته: (العهد على الطاعة) . كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين, لا ينازعه في شيء من ذلك, ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره, وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدًا للعهد, فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري, وصارت البيعة تقترن بالمصافحة بالأيدي. هذا مدلولها في اللغة ومعهود الشرع, وهو المراد في الحديث في بيعة النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة, وعند الشجرة, وحيثما ورد هذا اللفظ. ومنه: بيعة الخلفاء.
- وقريب من هذا المعنى: (العهد) . وهو في اللغة: كل ما عوهد الله عليه, وكل ما بين العباد من المواثيق. والعهد: الموثق واليمين يحلف بها الرجل. تقول: علي عهد الله وميثاقه, وأخذت عليه عهد الله وميثاقه. فالبيعة نوع من العهود.
أدلة مشروعية البيعة:
- مبايعة المسلمين للرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما هي مبايعة لله تبارك وتعالى, وذلك كما في قوله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح: 10] . والمراد بالمبايعة في الآية بيعة الرضوان بالحديبية. وفي صحيح مسلم (1856) ، عن جابر، رضي الله عنه، قال: كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة, فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة. وقال: بايعناه على ألَّا نَفِرَّ, ولم نبايعه على الموت. وفي بيعة العقبة الأولى بايع المسلمون الرسول -صلى الله عليه وسلم-، على بيعة النساء قبل أن تفرض عليهم الحرب. انظر صحيح البخاري (18) وصحيح مسلم (1709) .
- أما بيعة النساء فقد بينت في قول الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم) [الممتحنة: 12] . ولما فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة جاءه نساء أهلها يبايعنه فأخذ عليهن: أن لا يشركن.. إلخ. ففي صحيح البخاري (4891) وصحيح مسلم (1866) ، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُمْتَحَنَّ بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ) إلى آخر الآية. قالت عائشة: فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة. كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أقررن بذلك من قولهن , قال لهن: "انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ". ولا والله، ما مسَّت يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امرأة قَطُّ, غير أنه بايعهن بالكلام. قالت عائشة، رضي الله عنها: والله ما أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على النساء قَطُّ إلا بما أمره الله عز وجل, وما مسَّت كفُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفَّ امرأة قط, وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: "قَدْ بَايَعْتُكُنَّ". كلامًا. (أي دون مصافحة) ، وقالت أم عطية، رضي الله عنها: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ جَمَعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ فَرَدَدْنَ السَّلَامَ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَيْكُنَّ. فَقُلْنَ: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَسُولِهِ. فَقَالَ: تُبَايِعْنَ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقْنَ وَلَا تَزْنِينَ وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ وَلَا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ وَلَا تَعْصِينَ فِي مَعْرُوفٍ. فَقُلْنَ: نَعَمْ. فَمَدَّ عُمَرُ يَدَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَابِ، وَمَدَدْنَ أَيْدِيَهُنَّ مِنْ دَاخِلٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. أخرجه أحمد (27309) وأبو داود (1139) . فبيعة رجال المسلمين للرسول -صلى الله عليه وسلم-، كانت بالمصافحة مع الكلام. أما بيعة نسائهم له -صلى الله عليه وسلم- فكانت بالكلام من غير مصافحة. قال النووي في شرح مسلم: إن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف, وبيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام. وحين تخوف عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الاختلاف بين المسلمين قال لأبي بكر، رضي الله عنه: ابْسُطْ يَدَكَ يا أبا بكر. فبسطها, فبايعه, ثم بايعه المهاجرون, ثم بايعه الأنصار" أ. هـ. ومن هذا نرى أن البيعة ليست مرادفة للانتخابات، فالمسلمون رجالاً ونساء لم ينتخبوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما آمنوا بنبوته ورسالته كما آمنوا بالله الذي أرسله، ثم أخذ عليهم العهد، فبايعوه على ذلك كما رأينا في النصوص السابقة. ولا أعلم أن النساء كنَّ يبايعن الخلفاء الراشدين بذلك المعنى، إذ لم يكن ذلك من شأنهن. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/51)
هل يستفيد المجتمع من إقامة حد الزنى؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 8/3/1425هـ
السؤال
تنتابني الحيرة بسبب أنكم تحكمون بقتل من يغتصب امرأة، على أي أساس يكون ذلك من القرآن والسنة؟ وكيف يمكن أن يستفيد المجتمع من مثل هذا الحد؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
ما ذكره السائل من الحيرة إلى آخر كلامه، ليعلم السائل أن الزنا مع الرضا وعدم الاغتصاب، إذا كان بكراً أي لم يتزوج -فإنه يستحق جلد مائة ونفي سنة، وإذا كان ثيباً - أي قد تزوج- فإن عقوبته الرجم حتى الموت؛ لما رواه مسلم (1690) وغيره، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"، أما إذا كان الزنا عن طريق الاغتصاب كما ورد في السؤال فإنه قد تقدم بالتفصيل بما يغني عن إعادته، هذا وإذا كان الثيب الزاني من غير اغتصاب يرجم حتى الموت كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ولم ينظر الشارع إلى ما ذكره السائل من قوله: كيف يمكن أن يستفيد المجتمع من مثل هذا الحد؟، نقول: إن الله حكيم في تشريعه، لا يُسأل عما يفعل. أما من كان زناه تحت الإكراه أو القتل فإنه أعظم جرماً، وفاعله يعتبر عضواً فاسداً في المجتمع يجب بتره، ويستفيد المجتمع بأن يرتدع كل من تسول له نفسه مثل هذا الفعل عن فعله قال تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [المائدة:33] .(5/52)
دار الإسلام ودار الكفر
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 15/3/1425هـ
السؤال
ما هو تعريف دار الإسلام ودار الكفر ودار الحرب؟ هل تنطبق هذه المصطلحات على عالم اليوم؟ إذا كان الجواب نعم أرجو بيان مواقع كل دار على أرض الواقع.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذه المسألة اختلف فيها العلماء، فبعضهم قسم الدور إلى دارين فقط إلى دار إسلام ودار حرب، وهم الأحناف، ومعنى هذه القسمة أن كل دار لا يحكمها الإسلام تعتبر دار حرب، ولكن أكثر العلماء من المذاهب الثلاثة قسموا الدور إلى ثلاثة، إلى دار إسلام ودار حرب، ودرا هدنة وموادعة، وصلح، فتسمى بكل هذا: دار هدنة، ودار موادعة، ودار صلح، فأكثر الدور الآن - أي ديار غير المسلمين- هي في الحقيقة من هذا النوع من دار الهدنة، بناء على الاتفاقيات الدولية التي انخرط فيها المسلمون مع غيرهم في ميثاق الأمم المتحدة فيمكن اعتبار هذه الدور في العالم الغربي والعالم الشرقي أنها من باب دار الهدنة ودار الموادعة، وبالتالي فيمكن أن تعتبر دار سلم، وليست دار إسلام، فدار الإسلام هي الدار التي يحكمها المسلمون، وبعض العلماء يقول التي تتسم بشرائع الإسلام، لكن بصفة عامة نقول إن الدار التي يكون أكثر سكانها مسلمين فهي إن شاء الله دار إسلام، أما الدار التي تحكمها قوانين غير إسلامية وسكانها ليسوا مسلمين، فهذه تعتبر في الوقت الحاضر - إلا ما شذ وندر - هي دار موادعة أو دار سلم، يطلق عليها دار سلم لوجود معاهدات دولية تمنع الاعتداء.
طبعاً على أرض الواقع هناك شيء آخر، يعني طموحات أو ميولات عدوانية لدى بعض الدول، لكن مع هذه الميولات العدوانية هي لا تعلن أنها تحارب الإسلام، ومع وجود الميولات العدوانية عند بعض الدول بالنسبة لبعض المسلمين، أو بالنسبة لبعض البلاد الإسلامية تكون هذه الدول ذات الميول العدوانية بالنسبة لها تعتبر دار حرب، ولكن بصفة عامة نقول إن ميثاق الأمم المتحدة والتداخل العالمي الحالي جعل الدور كلها يمكن أن تعتبر دار سلم، إلا ما قل وندر، كدولة بني إسرائيل ونحو ذلك التي تعلن حرباً حقيقية على بعض المسلمين.(5/53)
العمل في شركة سجائر
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 04/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل في شركة الشرقية سجائر، هل يعتبر دخلي الشهري محرماً؟ مع العلم أنه توظيف حكومي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن الشارع إذا حرم شيئاً حرم الطرق الموصلة إليه، الله -تعالى- عندما حرم الزنى حرم التبرج، وأوجب على المرأة الحجاب، وأوجب غض البصر على كل من الرجل والمرأة، وعندما حرم الربا لعن آكله، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، والكاتب والشهود لم يشتركوا في أكل الربا وإنما صاروا وسائل معاونة وميسرة لترويجه وانتشاره بين الناس، ولما حرم الخمرة لعنها من عشرة أوجه عاصرها، ومعتصرها، وبائعها، وشاريها، والمشتراة له، وآكل ثمنها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وشاريها، فالذي يسكر هو واحد، وتسعة كلهم استحقوا اللعن؛ لأنهم صاروا وسائل مساعدة في ترويج هذا الخمر، وكذلك يقال في الدخان؛ لأن الدخان مادة ضارة، وسامة، تضر بالعبد وتضر بالمال، وتضر بالدين، وتضر بالبدن، فلا يجوز السعي لنشره بين الناس، وقد جاء قوله تعالى في هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-: "ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث" [الأعراف:157] ، والدخان أحد الخبائث؛ لما اشتمل عليه من أضرار كثيرة يعرفها من يتعاطى هذه المادة، ومن لا يتعاطاها، والكفار مع كفرهم لا يسمحون ببيعها إلا وقد كتب عليها أنها ضارة بالصحة، فنقول لهذا السائل: ابحث عن مجال للعمل غير هذه الشركة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. وبالله التوفيق.(5/54)
إعطاء ولي الأمر عهد الأمان للكفار
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 07/08/1425هـ
السؤال
هل يجوز لولي الأمر إعطاء الكفار عهد الذمة، وأن يدخلوا تحت حماية المسلمين، مع أنهم قدِموا لبلادنا ونيتُهم قتلُ مسلمين آخرين؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل:
أولاً: ينبغي أن نقرر من باب النصح للمسلمين أمورًا، منها أن الأمان والعهد يجوز للإمام - أي ولي أمر المسلمين- أن يعطيه لجميع الكفار أو بعضهم؛ لأن الإمام هو المسؤول عن النظر والمصلحة، وهو نائب عن الجميع في جلب المنافع ودفع المضار، وهذا ما لا خلاف فيه، يمكن أن يراجع في هذا كتاب المغني لابن قدامة، وتفسير القرطبي، وغيرهما، والإمام هنا هو ولي أمر المسلمين، ولا يشترط أن يكون قائمًا صائمًا؛ بل يكفي أن يكون حاكمًا ببيعة أو ولاية عهد أو تغلُّب، هذا هو مذهب أهل السنة، فمثل هذا الإمام يمكن أن يعطي أمانًا، ولا حد لهذا الأمان بوقت، بل يرجع إلى اجتهاده وما يرى أنه مصلحة، هذا هو الإيضاح الأول الذي أردنا أن نوضحه.
الأمر الآخر هو: أن ولي أمر المسلمين عندما يعطي أمانًا فإنه ينبغي أن نحمله على أنه إنما أعطاه لمصلحة؛ لأن الناس محمولون على السلامة وعلى الأمانة، وليسوا محمولين على العدوان، فينبغي أن نظن بهم أنهم إنما فعلوا ذلك لمصلحة قد تخفى على الناس، قد لا تكون متاحة أو متضحة لكل الناس، فهي إما مصلحة تُجلب أو مفسدة تُدرأ، فلنحمل إذًا فِعْلَ ذلك على هذا.
الأمر الثالث: إذا افترض أن ما ذكره السائل لم يقل: يقتلون. وإنما قال: ينوون قتل مسلمين آخرين. فهذا لا يجوز لولي الأمر، لكنه في نفس الوقت لا يبيح للسائل أن يخرج على ولي الأمر، ويعلنها حربًا على المسلمين وعلى غير المسلمين، ولهذا نتساءل: ما نتيجة الأمان؟ هو منع القتل والقتال، فنصيحتنا لهذا السائل أن يشتغل فيما يعنيه، في عبادة الله سبحانه وتعالى، والسعي في أمور دينه ودنياه، وألا يُدخل نفسه أو غيره بمسلسل أو في دوامة لا تجر إلا إلى خراب الدين والدنيا، وضياع الآخرة والدنيا، هذه نصيحتنا له، ونرجو أن تكون لوجه الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) .
و"مَن رأَى مِنكم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ...." أخرجه مسلم (49) . ما معنى: لم يستطع؟ معناها: إذا كنت عندما تغير الأشياء بيدك تجر إلى ويلات فغيره بلسانك، وإذا كان - أيضًا- لسانك سيجر إلى فساد وإلى ضياع فعليك أن تغير بقلبك، بخاصة الأمور التي قد لا تطلع عليها، وأنت قلت: ينون قتل المسلمين، فمن خبَّرك بأنهم ينوون؟، فهذه أمور ننصح شبابنا، وننصح المسلمين جميعًا بأن يتريثوا فيها، وألا يركبوا رؤوسهم، وألا يظنوا فيها الظنون، وألا يُدخلوا أنفسهم في مسلسل العنف ودوامة الخراب الذي يخرب بيوت المسلمين، وقد لا يضر الكافرين كثيرًا؛ لأن المسلمين يقتل بعضهم بعضًا، ويقتلون المستأمنين الذين حرم الله قتلهم، وعصم الله دماءهم، وحرمها على المسلمين. هذه نصيحتنا. والله سبحانه وتعالى أعلم.(5/55)
الخروج على ولاة الأمر
المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 29/07/1425هـ
السؤال
الأخ الفاضل الشيخ الدكتور ناصر العقل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو الإجابة عن سؤالي هذا عاجلاً؛ لأني في حيرة من أمري، لقد خطب بنا أحد الخطباء خطبة الجمعة، وكانت عن الأحداث التي حدثت في بلادنا، وقد تناولها من زاوية جديدة، حيث ذكر الآيات والأحاديث التي تبين مصير من خرج على ولاة الأمر، وتعلمون قوة هذه الأحاديث وذكرها لموعود الله ورسوله صلى الله عليه وسلم- لمن خرج على إمامه، ثم قال: سأذكر لكم ثلاث قصص تبين لكم مصير من خرج على الإمام، وذكر قصة الحسين، رضي الله عنه، وقصة الحرة في المدينة وخروجهم على يزيد، وقصة ابن الزبير في مكة، وتعلمون يا فضيلة الشيخ أن هؤلاء من فضلاء الصحابة، رضي الله عنهم، ومن المبشرين بالجنة، ومن أهل بدر، فوقع عندي إشكال في الجمع بين هذه الأحاديث. وفقكم الله لبيان العلم لمن جهله، والسلام.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم، الذي عليه جمهور السلف ومنهم كثير من كبار الصحابة، رضي الله عنهم، ومنهم ابن عباس، رضي الله عنهما، أن الحسين بن علي، رضي الله عنهما، كان مخطئًا في اجتهاده في الخروج على ولاة الأمر في زمانه، وقد نصحه كثيرون بألا يفعل، وقد أدى خروجه إلى مأساة كانت عبرة ودرسًا للأمة إلى قيام الساعة، ونظرًا لأنه مجتهد ومتأول وغير متهم، وقد زكاه الله، وشهد له رسوله صلى الله عليه وسلم- بالجنة. انظر سنن الترمذي (3768) وسنن النسائي الكبرى (8169) . فإنا يجب أن نحفظ له حقه وقرابته، ونشهد له بما ثبت له، وإن أخطأ في اجتهاده، فلا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، فالحق في هذه المسألة مع جمهور السلف لا معه، لأن عمله هذا مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من الأمر بالصبر على جور الولاة وظلمهم، وترك الخروج عليهم. انظر صحيح البخاري (7056) وصحيح مسلم (1709) .
وكذلك الشباب الذين خرجوا على يزيد، وكان لهم ما كان في موقعة الحرة كانوا مخطئين ومخالفين لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان بعض كبار الصحابة، رضي الله عنهم، قد نهوهم عن الخروج، وحذروهم من عواقبه، فكانوا مخطئين في اجتهادهم، ولا يعني ذلك اتهام ذممهم، ولا ديانتهم، إنما الحكم على فعلهم الذي كانت عاقبته من أسوأ العواقب على الأمة عمومًا وعلى المدينة وأهلها خصوصًا، وهكذا تكون عاقبة كل من فرط بوصية الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم- إلى قيام الساعة.(5/56)
الأثر النفسي للعقوبات في الإسلام
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 7/6/1425هـ
السؤال
ما هو الأثر النفسي للعقوبات وخاصة الحدود في الإسلام؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: أن الحد عقوبة مقدرة شرعاً على معصية لتمنع من وقوع مثلها، وتكفر عن صاحبها، قال ابن القيم - رحمه الله-: (إن الله -تعالى- أوجب الحدود على مرتكبي الجرائم التي تتقاضاها الطباع، وليس عليها وازع طبيعي، والحدود عقوبات لأرباب الجرائم في الدنيا، كما جعلت عقوبتهم في الآخرة بالنار إذا لم يتوبوا ... فمن لقيه تائباً توبة نصوحاً لم يعذبه مما تاب منه، وهكذا في أحكام الدنيا إذا تاب توبة نصوحاً قبل رفعه إلى الإمام سقط عنه الحد في أصح قولي العلماء) ا. هـ، من إعلام الموقعين (3/187) ، وذكر أن في إقامتها رفع للعقاب الدنيوي قبل الأخروي، ورفع للمصائب القدرية الدنيوية، وأنها إذا عطلت استحالت إلى قدرية ربما تكون أشد من الشرعية، وتعم الخاصة والعامة، ا. هـ، من الجواب الكافي (ص205) ، وقال شيخ الإسلام - رحمه الله-: (العقوبات الشرعية كلها أدوية نافعة يصلح الله بها مرض القلوب، وهي من رحمة الله بعباده، ورأفته بهم) ا. هـ، من الفتاوى (15/290، 11/416، 28/329-330) .
وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله-: (فهي من أعظم مصالح العباد في المعاش والمعاد، بل لا تتم سياسة ملك من ملوك الأرض إلا بزواجر وعقوبات لأرباب الجرائم) ا. هـ، من حاشيته (7/300) ، إذاً ففي إقامة الحدود والعقوبات الشرعية ما يلي:
1- وقاية للمجتمع من العقاب القدري الدنيوي.
2- أمان وضمان للمجتمع وأفراده من التعدي على دمائهم أو أعراضهم أو أموالهم.
3- منع لانتشار الشر والفساد، وقمع أهل الشر والمفسدين.
4- زجر وردع عن الوقوع في المعاصي.
5- معالجة ودواء نافع، وليس لقصد التشفي والانتقام، أو العلو على الخلق.
6- تكفير وتطهير لصاحبها.
ومع هذا كله فقد احتاط الشارع في إقامتها وثبوتها أشد الاحتياط، فلا تثبت إلا بتحقق شروط معتبرة، وانتفاء موانع - ذكرها العلماء في مصنفاتهم- والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.(5/57)
قتل النفس خشية الردة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 29/06/1425هـ
السؤال
أصدر أحد العلماء فتوى خاصة بالمساجين في إحدى الدول العربية، بأنه يجوز لهم الانتحار بالسم أو غيره؛ خشية الفتنة بالردة عن دين الإسلام، وليس بسبب الألم الناتج عن التعذيب، بحجة أن الردة أشد سوءًا، ما رأيكم في هذه الفتوى؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
لا يجوز للمسلم أن يقتل نفسه لا بسم ولا بغيره، ولو خوفاً من الفتنة في الدين والردة عن الإسلام، وقد جعل الله له من هذا عوضاً ومخرجاً يدرأ عنه العذاب والحرج، وهو أن يجيبهم إلى سؤالهم من سب للدين أو سجود لغير الله وغير ذلك، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، وقد جاءت الرخصة في ذلك صريحة في كتاب الله: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان.." [النحل: 106] ، وقد نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر - رضي الله عنهما- إذ أخذه المشركون فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال له: "كيف تجد قلبك؟ فقال: مطمئناً بالإيمان، فقال: إن عادوا فعد" أخرجه البيهقي في الكبرى (8/209) .
فخشية هذا - الذي أراد قتل نفسه- من أن يرتد عن الإسلام بسبب التعذيب هي خشية متوهمة لا وجود لها ما دام أن قلبه مطمئن بالإيمان، والهروب منه هروبٌ من شيء موهومٍ لا وجود له في الواقع.
فإذا كان لا طاقة له باحتمال التعذيب فليجبهم إلى ما يريدون، حتى ولو بكلمة الكفر وسب الدين.
أما قتل النفس خشية أن يقول كلمة بالإكراه فلا يجوز البتة؛ لأنه قد تقرر أن من تلفظ بالكفر مكرهاً بالتعذيب أو مهدداً به فإنه لا يكفر بمجرد ذلك ما دام أن قلبه مطمئن بالإيمان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/58)
أصول التعامل مع الكفار
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 27/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما هي أصول التعامل مع غير المسلمين؟ وما هو فقه الجهاد؟ وأرجو توضيح مفهوم الجهاد.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد عني الإسلام بالعلاقات بين الناس وفصّل الحقوق والواجبات لكل صنف منهم حسب قربهم وبعدهم من الشخص سواء أكانوا مسلمين أو غيرهم.
فشرع منهجاً وسطاً في التعامل مع غير المسلمين يقوم على العدل والتسامح، بعيداً عن الغلو والتفريط، لقد حرّم الله ظلم الكافر، وشدّد على ذلك، وأوجب العدل والإنصاف في التعامل معه، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" [المائدة: 8] .
وعلى ذلك فلا يجوز الاعتداء عليه في نفسه، أو ماله، أو عرضه، بل يعيش آمناً، وعليه أن يلتزم بما اتفق المسلمون معه عليه ولا يخل بذلك.
وقد ضرب رسولنا - صلى الله عليه وسلم- منهجاً رائعاً في التعامل مع غير المسلمين في المجتمع المدني ووجدوا من سماحة الإسلام ويسره ما لم يجدوه في دياناتهم.
أما الجهاد فهو مشروع في كل زمان ومكان حسب قوة المسلمين وضعفهم وتسلّط أعدائهم عليهم، وهو على نوعين: جهاد الطلب، وجهاد الدفع.
وجهاد الطلب في هذه الأوقات غير مستطاع لضعف المسلمين وقوة أعدائهم، فيبقى جهاد الدفع، فكل عدو يتسلّط على ديار المسلمين ينبغي على أهله أن يدافعوا عنه بقدر ما يستطيعون، فإن كان لهم دولة تنظم شؤونهم وترعى مصالحهم فيجب عليهم أن يتركوا الأمر لها ترتب مصالح البلاد والعباد حسب إمكاناتها، ولا ينبغي التفرق والخلاف؛ لأن ذلك يضعف شوكة البلاد ويسهِّل تسلط الأعداء عليها.
وليعلم السائل أن هذه الأمور محكمة دقيقة لا يسوغ فيها اتباع الهوى أو بناء الأحكام على العواطف، فمثل هذه الأمور هي التي أوقعت كثيراً من البلاد الإسلامية في الحرج والخلاف والتناقض في التعامل مع الغير، فالزم غرز العلماء وأهل الرأي في بلدك واحذر من الاعتماد على عقلك أو عاطفتك أو الأخذ بفتوى غير المؤهلين علمياً، واعلم أن هذا الزمان زمن الفتن والسلامة لا يعدلها شيء. وفقك الله لخيري الدنيا والآخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(5/59)
الانتخابات الرئاسية
المجيب د. رحيل غرايبة
أستاذ الفقه والتشريع بجامعة الزرقاء بالأردن
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 10/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي يدور على مسألة جديدة وهي: الاستفتاء الشعبي كطريقة في اختيار الحاكم، فهل يكون الاستفتاء طريقة شرعية في اختيار الأمة حاكمها، أم أن هناك طرقًا معينة في اختيار الحاكم المسلم، وبالتالي لا يجوز مخالفتها؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أجمع علماء أهل السنة بجميع مذاهبهم، ومعهم الفرق الإسلامية الأخرى باستثناء (الشيعة الإمامية) ، أن طريقة إيجاد الإمام المسلم هي باختيار الأمة، وفي العصور الأولى كان يتم الاختيار عن طريق (أهل الحل والعقد) ، وتقوم الحجة ببيعتهم الخاصة التي يعقبها البيعة العامة من جميع الناس.
ولذلك في العصر الحاضر تكون الطريقة الشرعية عبر الانتخابات العامة الصحيحة والنزيهة التي يقوم على إجرائها الأمناء الذين تختارهم الأمة وتثق بهم. والله أعلم.(5/60)
اشتراك المرأة في النقابات
المجيب أ. د. صلاح بن محمود العادلي
أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 25/02/1426هـ
السؤال
أنا خريجة جامعية، لنا نقابة، فهل يجوز الاشتراك في النقابة بدفع مبلغ سنوي للنقابة حتى أستفيد من خدماتها؟ مع العلم أنني لا أعمل.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فمرحبا بك ـ أختنا الفاضلة ـ ونشكرك على مرورك الكريم بموقع (الإسلام اليوم) ، سائلين الله تعالى لك النفع والخير، ثم إن سؤالك يشير إلى حرص على الخير، وخوف من الوقوع في المحظور وهذه هي سيما المؤمنين والمؤمنات، فزادك الله حباً له وخوفاً منه.
أما إذا كان المتفق عليه حسب لائحة النقابة التي تنتسبين إليها أن تساوي بين مشتركيها في قبول (الرسوم) سواء منهم من يعمل في مجال تخرجه من كلية تتبعها تلك النقابة، أو لا يعمل، فلا حرج عليك ما دمتِ تؤدين حقوق النقابة المشروطة حسب اللائحة، ومن ثم فلا حرج عليك ـ أيضاً ـ فاستفيدي من خدماتها المقدمة لأعضائها المشتركين وأنت منهم.
أما إذا اشترطت النقابة عمل المشترك في مجال تخرجه ممن تتبعه تلك النقابة حتى يستفيد من خدماتها الأعضاء العاملون فقط، ففي هذه الحال لا يستوي أمام هذا الشرط العضو العامل في مجال تخرجه مع من لا يعمل حتى ولو كان يسدد قيمة الاشتراك، حتى لا يقع في شبهة أكل أموال الناس بالباطل وهو ما نهى الله تعالى عنه إذ يقول تعالى:"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [البقرة:188] . والله أعلم.(5/61)
المشاركة في الانتخابات البلدية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 03/11/1425هـ
السؤال
ما رأيكم بالمشاركة في الانتخابات البلدية حيث يرى البعض أنها وافد أجنبي ولذا لا تجوز المشاركة فيها؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فيرى بعض الناس أن الانتخابات وافد أجنبي ونظام غربي، أو أنها ستكون شكلية، مما قد يدفع هؤلاء وأولئك إلى عدم تشجيعها، فضلاً عن ممارستها أو الدخول فيها، ويبدو لي أن جميع أولئك مخطئون في ذلك، ووجه ذلك أن الانتخابات هي البوابة الرئيسية لمبدأ الشورى التي أمر الله بها بقوله:"وأمرهم شورى بينهم" والآية عامة للناس كلهم، الحاكم مع الشعب، وأفراد الشعب بعضهم مع بعض، والرئيس مع مرؤسية؛ بل المرأة مع زوجها (فإن أرادا فصالاً عن تراضٍ منهما وتشاور فلا جناح عليهما) فتأدية خدمات الناس ومصالحهم اليومية أخذاً وعطاءً دفعاً أو منعاً من أوجب الواجبات الشرعية، بل إن خدمة الحيوان وتسهيل طريقه والرأفة به مسؤولية جماعية وقربة إلى الله، قال عمر بن الخطاب (والله لو أن شاة عثرت في أرض العراق لرأيت الله مسائلني عنها يوم القيامة. لماذا لم تمهد لها الطريق يا عمر) فكيف بخدمات الناس ونظافة بيئتهم!؟ جاء في مسند الإمام أحمد عندما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المعروف قال: "لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تنحي الشيء عن طريق الناس يؤذيهم ... " يا سبحان الله! هذا في الخدمات الفردية الاختيارية، فكيف بالخدمات العامة الواجبة شرعاً كتعبيد الطرق، وإنارتها وإيصال الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وهاتف، ووسائل نقل لفك الاختناق في المدن، وعمل حدائق ومنتزهات وميادين عامة ومراقبة الأسواق في المواد الاستهلاكية وإتلاف الفاسد منها. وهذه بعض من صلاحيات مجالس البلديات سواء باشرته البلدية بنفسها، أو اشتركت ونسقَّت مع الجهات الأخرى ذات العلاقة.
وعامة أحكام الإسلام وواجباته يتدارسها الناس ويتشاورون فيها جماعة يؤدونها مجتمعين، ورأي الجماعة خير من رأي الفرد، والشاذ عند المحدثين ما خالف الجماعة، وإن كان ثقة في نفسه. ولئن كانت الانتخابات العامة تأخرت في بلادنا فإن البداءة بانتخابات مجالس البلديات هو عين الصواب؛ لأن التدرج هو سنة الحياة، ونستفيد من تجارب من سبقنا في هذا الميدان. وأعتقد أن هذه التجربة لها أثر إيجابي كبير في نفوس المواطنين عامة فضلاً عن الناخب والمرشح. وأهم ما ينبغي أن يتحلى به المرشح:
(1) الإخلاص لله سبحانه؛ لأن الحب للغير عبادة، فكيف بمباشرتها "أحب لأخيك ما تحبه لنفسك".
(2) حسن الخلق والتفاعل مع المشاريع والمناشط الحيوية التي تخدم الناس مباشرة.
(3) من الولاء للوطن وخدمة المواطنين تقديم المصالح العامة على المصالح الشخصية، والانتماءات القبلية والمذهبية والمناطقية والعرقية.
(4) لابد أن يتحلى العضو المنتخب عند النقاش بروح الفريق لا بروح الفردية والاستعلاء، وأتمنى لتفعيل هذه المجالس البلدية المنتخبة -لتعطي دليلاً ملموسًا لعموم الشعب -أن تبادر وتباشر أول أعمالها بإنشاء مجمع أو أكثر في كل مدينة ومحافظة؛ ليكون أشبه بالمركز والنادي الدائم لسكان الحي شيبا وشباباً، تمارس فيه جميع الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية والترفيهية، وينتخب أهل الحي من بينهم مجلسًا مصغرًا يقوم بإدارتهم، وتشارك الدولة في ميزانيته المالية للسنوات الثلاث الأولى على الأقل.
إن مشاركة المواطنين -والشباب منهم خاصة- في دخول انتخابات المجالس البلدية سواء كان ناخبًا أو مرشحًا أراه أمراً متعينًا عليهم لإنجاح هذه التجربة في بلادنا، ولا يجوز أن يبقوا سلبيين مع هذه الانتخابات بعد أن تولتها الدولة ودعت إليها، وسيتبع انتخابات المجالس البلدية هذه انتخابات أخرى -بإذن الله- وأمرها موكول إلى مدى نجاح هذه التجربة أو فشلها، فيجب على كل مواطن أن يسرع إلى أخذ بطاقة (ناخب) وينظر في قوائم المرشحين، فليختر منها سبعة أسماء - إن كان في المدينة أو أربعة إن كان في محافظة من المحافظات- وليكن هؤلاء الذين يختارهم أكفأ الموجودين في القائمة وأصلحهم في نظره.
إننا لمتفائلون بنجاح هذه التجربة، وما سيتبعها من انتخابات مقبلة لا تقل عنها أهمية.
وإذا رأيت من الهلال نموه ***أيقنت أن سيصير بدرًا كاملاً
والشكر لكل عامل في هذه الانتخابات كبيرًا كان أو صغيراً أو سعى لتشجيعها والعمل على إنجاحها.
والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه.(5/62)
تعذيب الأطفال
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 14/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
نحن نشارك في برنامج إذاعي، ونرغب أن نتكلم في موضوع تعذيب الأطفال حيث يكثر حدوث ذلك في إحدى الدول الأوربية، ونريد أن نسألكم فيما إذا كان في الإسلام ما يحرم تعذيب الأطفال من جميع النواحي: مثل البدنية والجنسية والعاطفية ... نرجو مساندتنا بتوجيهات إلى روابط أو تحديد العناصر الرئيسية من الكتاب والسنة لكيفية بحث هذا الموضوع.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالإسلام دين رب العالمين، أنزله الله الذي خلق الإنسان، فهو أعلم بمصالحه، وهو دين كله رحمة، وكله عدل، وكله صلاح، وأي أمر خرج عن الرحمة والعدل والصلاح إلى ضدها فليس من الإسلام، وقد جاء الإسلام بجملة ترتيبات تتعلّق بالتعذيب، فحرّم كل أنواع التعذيب الموجه للأطفال، وأمر بالتوجيه بالأسلوب الحسن، كما قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: من الآية125] .
وقالت عائشة، رضي الله عنها: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) . رواه مسلم (2228) .
وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: (خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا) . متفق عليه: البخاري (6038) ومسلم (2309) .
وكذلك جاء برعاية الطفل عاطفيًّا ونفسيًّا، ففي صحيح البخاري (2366) وصحيح مسلم (2030) عن سهل بن سعد، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ ". فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا وَاللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ.
وأما الاعتداء الجنسي فهو محرّم تحريمًا عظيمًا فلا تجوز ممارسة الجنس في الإسلام سواء بالاختيار أو الإكراه إلا مع الزوجة فقط، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون: 5- 7] .
وكما تحرم الممارسة الجنسية تحرم كل وسائلها أو ما يرغب فيها ويدعو إليها، وأما الضرب لتأديب الصغار عند الخطأ فقد شرعه الإسلام عند عدم جدوى النصح والتوجيه المتكرر بعدة شروط:
الأول: أن يكون بعد إكمال عشر سنوات، وأما من كان أصغر من عشر سنوات فإنه لا يضرب أبدًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ واضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٌ". أخرجه أبو داود (495) .
الثاني: ألا يزيد الضرب عن عشر؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلْدَاتٍ إِلَّا في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللهِ". أخرجه البخاري (6848) . فيضربه ثلاث ضربات مثلًا.
الثالث: ألا يؤدي الضرب إلى أي ضرر يتجاوز ألم الجِلدْ الخارجي، فلا يضرب ضربًا متكررًا لمكان واحد، ولا يكون قويًّا، ولا في وقت مرض المضروب، وألا يجرح الضرب.
الرابع: ألا يضرب في الوجه والرأس، ولا في الأماكن التي يخشى منها الضرر كالفرج مثلًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الوَجْهَ". رواه أبو داود (4493) . وفي رواية: "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ ". أخرجه مسلم (2612) .
الخامس: ألا يقصد بالضرب الانتقام أو التشفي، بل يكون مراده إصلاح الخطأ والتأديب.
هذه جملة مختصرة من عناصر هذا الموضوع. والله الموفق.(5/63)
الفرق بين التورية والتقية
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 10/04/1426هـ
السؤال
ما الفرق بين التورية والتقية؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
المراد بالتقية أن المسلم إذا خشي على نفسه الهلاك أو الضرر فله أن يتقي الكفار والفسقة والظلمة بما يُظهر لهم من المداراة والمصانعة، ويكون باطنه ونيته على خلاف ذلك، ومثل ذلك إذا أكره على الكفر فيتلفظ بلسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان، قال الله سبحانه وتعالى: "لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ" [آل عمران:28] ، قال ابن جرير: (إلا أن تتقوا منهم تقاة: إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل) .
وروي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال: (إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ) أخرجه البخاري معلقا في كتاب الأدب باب المداراة مع الناس، ووصله هناد في الزهد (1250) وأبو نعيم 1/222 والبيهقي في الشعب (8103) .
وقال الحسن: (التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة) أخرجه ابن أبي شيبة (33042) ، [ينظر: تفسير ابن كثير (2/27) ] .
وقال الله تبارك وتعالي: "مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ"، قال ابن كثير: (اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي إبقاء لمهجته، ويجوز له أن يأبى كما فعل بلال) . [ينظر: تفسير ابن كثير (4/228) ] .
وأما التورية فمعناها: أن يذكر لفظاً يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيوهم إرادة القريب وهو يريد البعيد، وقد جاء في الحديث: "لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا" أخرجه البخاري (2947) ، ومسلم (2769) من حديث كعب بن مالك. أي أوهم بغيرها، وقال إبراهيم عليه السلام: "يَا سَارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي" أخرجه البخاري (3358) ، ومسلم (2371) ، فإذا احتاج المسلم إلى التورية أو المعاريض ففيها مندوحة عن الكذب وعن التقية. والله أعلم.(5/64)
التأمير في الجماعات الإسلامية
المجيب د. سالم بن محمد القرني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 14/01/1426هـ
السؤال
هناك مجموعات في هذه الأيام ويكون لكل مجموعة أمير وأسئلتي هي:
1.من يكون أميرا؟.
2.هل لأمير جماعة علاقة بحديث الأمراء؟
3.كثير من الجماعات يستخدمون حديث الأمراء لتهديد متبعيهم بالعقاب في حال مخالفة أمير الجماعة.
فأرجو توضيحاً عاماً منكم، من يجب أن نطيعه: هل نطيع - بعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - أمراء الجماعات أو إمام المسجد في البلدة؟ نرجو بيان الأمر بالتفصيل.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبعد:
لا يجوز للمسلمين أن يتفرقوا في دينهم شيعاً وأحزاباً ينال بعضهم من بعض، وينتقص بعضهم بعضاً، ويستعدي بعضهم أهل السياسات على بعض، ويفسق بعضهم بعضاً، بل يجتمع الجميع على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وقد أمر الله بالاجتماع، وتوعد أهل التفرق في عدة نصوص من القرآن والسنة، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون"، إلى قوله سبحانه: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ... " الآيات [آل عمران:103-105] .
وقال تعالى: "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبههم بما كانوا يفعلون من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون" [الأنعام:160،159] .
وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" أخرجه البخاري (121) ، ومسلم (65) ، والآيات والأحاديث في ذم التفرق في الدين كثيرة.
كما أن التعصب لغير الإسلام محرم؛ لتعصب لقوم أو فئة أو ناحية أو غير ذلك، وهو يورث العداوة والتحزب المذموم مهما كانت مبررات الفاعل، فبالإسلام يجمع الله شمل المسلمين، والنعرات الوطنية أو الحزبية معول هدم وتفريق لجماعة المسلمين، فلا يتعصب إلا للحق، فإن الحق أحق أن يتبع حيثما كان، ومع من كان، كل من اتبع الكتاب والسنة قولية أو عملية، وما أجمعت عليه الأمة ولم تستهوه الظنون الكاذبة، والأهواء المضلة، والتأويلات الباطلة التي تأباها اللغة العربية التي هي لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وبها نزل القرآن الكريم، أو تردها أصول الشريعة الإسلامية، كل من كان كذلك فهو من الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة.
والواجب على المسلم أن يتبع ما جاء في القرآن والسنة قولاً وعملاً واعتقاداً، وأن يحب في الله ويبغض في الله، ويوالي في الله ويعادي في الله، وأن يحرص على أن يكون أقرب الناس إلى الحق بقدر استطاعته.
الواجب عليك التزام الحق وما يشهد له الدليل دون التحيّز لجماعة بعينها، وأولى الجماعات بالتعاون معها من حافظ على العقيدة الصحيحة التي كان عليها أئمة السلف الصالح - رضوان الله عليهم- والالتزام بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، ونبذ البدع والخرافات، وليس الحل بتكوين جماعة أخرى تدعي أنها على الصواب، فإنه بذلك يحصل التفرق أكثر، وليس الحل بمعاداة الجماعات الأخرى غير جماعتك، وتفسيق الناس أو تبديعهم أو تكفيرهم بأخطائهم.
وأقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق أحرصها على تطبيق السنة في الأقوال والأفعال، وبالجملة فكل فرقة من هؤلاء فيها خطأ وصواب، فعليك بالتعاون معها فيما عندها من الصواب، واجتناب ما وقعت فيه من الخطأ، مع التناصح والتعاون على البر والتقوى.
كل من هذه الجماعات تدخل في الفرقة الناجية إلا من أتى منهم بمكفر يخرج عن أصل الإيمان، لكن تتفاوت درجاتهم قوة وضعفاً بقدر إصابتهم للحق، وعملهم به، وخطئهم في فهم الأدلة والعمل بها، فأهداهم أسعدهم بالدليل فهماً وعملاً فاعرف وجهات نظرهم، وكن مع أتبعهم للحق، وألزمهم له، ولا تبخس الآخرين أخوتهم في الإسلام فترد عليهم ما أصابوا فيه من الحق، بل اتبع الحق حيثما كان ولو ظهر على لسان من يخالفك في بعض المسائل، فالحق رائد المؤمن وقوة الدليل من الكتاب والسنة هي الفيصل بين الحق والباطل. دعوة الناس إلى الاجتماع على الحق والتناصح والتعاون على البر والتقوى من أهم حل مشكلات التفرق بين المسلمين، وبيان أن تحقيق الوحدة الإسلامية يكون بما تحققت به في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- من العقيدة الصحيحة، والإيمان الصادق، والعمل بكتاب الله -تعالى- وبسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه، وحب المسلم لإسلامه وإيمانه.
نقرهم على ما وافق الكتاب والسنة، وننكر عليهم ما خالفوا فيه الكتاب والسنة، وندعوهم إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، محبة وتسديداً لا تعييراً ونيلاً، ولا يجوز تنصيب أحد يقوم مقام ولي أمر المسلمين، -الإمارة العامة-في تأمير أحد، وإنما ولي الأمر هو الذي يكلفه، فيختار صاحب التقوى والورع، والعبادة، ويوصيه بتقوى الله -عز وجل- فيما استرعاه فيه، فإن كان إمام المسجد عندكم هو المكلف بمتابعة أموركم فتجب طاعته في غير المعصية، وإن كان شخصاً آخر فكذلك كما ورد:
بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثاً وهم ذوو عدد، وقدم عليهم أحدثهم سناً لحفظه سورة البقرة، وقال له "اذهب، فأنت أميرهم" أخرجه الترمذي (2876) عن أبي هريرة - رضي الله عنه وصححه.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتَةٌ جاهلية" رواه البخاري (7054) ، ومسلم (1849) .
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه؛ فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية" رواه البخاري (7053) ، ومسلم (1849) .
وعن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتله جاهلية" رواه مسلم (1850) .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني" رواه البخاري (7137) ، ومسلم (1835) .
هذا وأسأل الله أن يجمع شمل المسلمين على الحق، وخاصة في هذه الظروف الحرجة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(5/65)
هل يعد من خرج على الإمام من الخوارج؟
المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 24/06/1426هـ
السؤال
هل كل من يخرج على الإمام يعتبر من الخوارج، وينطبق عليه كل ما أعد الله للخوارج من العذاب الأليم والخزي في الدنيا والآخرة؛ حيث إنهم كلاب النار؛ وإن كان من أصحاب العقائد السليمة؟ أرجو التوضيح مع ذكر الأدلة في ذلك. وجزاكم الله خيرًا. والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
كلمة: (خوارج) لها معان متعددة، فبعض علماء السلف يعدون كل من فارق الجماعة وخرج عليها، أوخرج على السلطان: خوارج. وبعضهم يحصر (الخوارج) بالفرقة المعروفة، وكل من أخذ بمنهجها وأصولها الكبرى، وأهمها:
1- التكفير بالذنوب (مرتكب الكبيرة) .
2- استحلال الدماء.
3- الخروج على الإمام والجماعة بالسيف.
4- منع الشفاعة الثابتة بالنصوص.
5- القول بخلود أهل الكبائر في النار.
6- القدح في علي -رضي الله عنه- والحَكَمَيْنِ وغيرهم، رضي الله عنهم.
فمن قال بهذه الأصول أو أكثرها فهو من فرقة الخوارج. ومن أطلق على كل من خرج على الجماعة والسلطان واستحل الدماء- بأنه من الخوارج فيستدل بمثل قوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: " مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ ". أخرجه مسلم (1848) . والله أعلم.(5/66)
الأحكام القبلية العرفية
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /العادات والتقاليد
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
يوجد في بلادنا حكم من الأحكام القبلية يسمونه الهجر، وهو عبارة عن رؤوس من الأغنام أو الأبقار، تقدم ترضية للطرف الذي اعتدي عليه، ثم له الخيار في ذبحها أو عدمه، ويحكم بذلك شيخ القبيلة أو رجل يفوضه الطرفان، فما الحكم فيه أثابكم الله وأجزل لكم المثوبة.
الجواب
الحمد لله، فقد أنزل الله كتابه على رسوله وأنزل عليه الحكمة ليحكم بين الناس بالقسط كما قال سبحانه وتعالى: "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ" [المائدة: من الآية49] وقال: "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [المائدة:50] ، ومن الأحكام الشرعية العقوبات على الذنوب وهي نوعان: عقوبات مقدرة وهي: الحدود، وعقوبات غير مقدرة وهي: التعزيرات، فيجب ألا يحكم في شيء من ذلك إلا من له نظر شرعي يبني أحكامه على نصوص الكتاب والسنة وقواعد الشريعة، وما ذكرته هو من الأحكام القبلية العرفية التي لم تبن على مذهب شرعي وإنما بنيت على العوائد، وهذه الأحكام العرفية لا يجوز الحكم بها ولا التحاكم إليها، ومن حصل منه خطأ على أخيه يوجب مآخذته فإنه يستبيحه، وإن خاصمه فيجب أن يخاصمه لدى من يحكم بينهما بالقسط والعدل، وإن تدخل أحد من الناس للإصلاح وطلب التسامح وتنازل المخطئ عليه فذلك خير لأن الله - تعالى - يقول: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" [الحجرات:10] فلا يجوز أن يكون الصلح بظلم أحد الطرفين بتحميله ما لا يجب عليه شرعاً، لكن من أراد أن يتحمل مالاً يتبرع به لإصلاح ذات البين فهذا مما يحمد عليه ويشكر عليه، كما يفعل بعض الأجواد يتبرع بمال من أجل الإصلاح بين أخوين متنازعين أو قبيلتين بينهما شقاق أو قتال كما قال - سبحانه وتعالى: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين" [الحجرات: 9] والحاصل أن ما ذكر من أن شيخ القبيلة يحكم على من أخطأ بأن يتبرع برؤوس من الأغنام أو البقر هو من الأحكام العرفية القبلية التي تدخل في حكم الطاغوت؛ لأنها لم تبن على نظر شرعي، وإنما بنيت على العادات والأعراف، فيجب الحذر من الاستسلام لهذه الأحكام، ومن ألزم بذلك أو طلب منه ذلك فعليه أن يرفض أو لا يستجيب لما طلب منه، ويطلب رفع القضية - إذا لزم الأمر - إلى جهة شرعية تحكم بالشريعة، والله أعلم.(5/67)
الفرق بين القواعد الأصولية والفقهية
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /القواعد الفقهية
التاريخ 1/2/1425هـ
السؤال
ما الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية؟ فقد سمعنا أنها تتداخل. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن القواعد الفقهية والقواعد الأصولية بينهما قدر من التشابه، وهذا القدر من التشابه هو الذي جعل بعض الناس لا يستطيع أن يميز بينهما، ووجه التشابه بينهما: أن كلا منهما عبارة عن قواعد يندرج تحتها عدد من الفروع والجزئيات، إضافةً إلى أن كلا من القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية خادمة للفقه، سواءٌ كانت خادمةً للفقه مباشرة وهي القواعد الفقهية، أو موصلةً إلى معرفة الأحكام الفقهية بطريق استنباط الأحكام وهي القواعد الأصولية.
أما الفرق بينهما؛ فقد نبه عدد من العلماء على الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية، ومن أبرز ما قيل في ذلك ما ذكره شهاب الدين القرافي -رحمه الله- (ت:684هـ) في مقدمة كتابه النافع: الفروق، حيث قال: " ... أما بعد، فإن الشريعة المحمدية زاد الله تعالى منارها شرفاً وعلوًّا، اشتملت على أصول وفروع، وأن أصولها قسمان:
أحدهما: المسمى أصول الفقه، وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح، ونحو الأمر للوجوب والنهي للتحريم، والصيغة الخاصة للعموم ونحو ذلك، وما خرج عن هذا النمط إلا كون القياس حجة وخبر الواحد وصفات المجتهدين.
والقسم الثاني: قواعد كلية فقهية، جليلة، كثيرة العدد، عظيمة المدد، مشتملة على أسرار الشرع وحِكَمِهِ، لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى، ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه، وإن اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال فبقي تفصيله لم يتحصل ". (الفروق1/5-6) .
وكذلك ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (ت:728هـ) ، حيث قرر أن القواعد الأصولية هي: الأدلة العامة، والقواعد الفقهية هي: الأحكام العامة. (مجموع الفتاوى29/167) .
ومن خلال كلام هذين الإمامين وغيرهما يمكننا إيضاح الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية في النقاط الآتية:
1- أن القواعد الأصولية- في غالبها- ناشئة عن الألفاظ العربية وما يعرض لها من نسخ وترجيح وعموم وخصوص وأمر ونهي وما إلى ذلك، مثل: قاعدة: (الجمع أولى من النسخ) ، وقاعدة: (الأمر المطلق يقتضي الوجوب) . أما القواعد الفقهية فإنها تنشأ من الأدلة الشرعية أو من استقراء الأحكام، وذلك بتتبع الأحكام الواقعة على أفعال المكلفين في الفقه، وبذلك تجتمع الفروع مع أشباهها تحت قاعدة واحدة، مثل: قاعدة: (المشقة تجلب التيسير) ، وقاعدة: (التابع تابع) .
2- أن القواعد الأصولية سابقة للجزئيات والفروع الفقهية من حيث الوجود الذهني والواقعي؛ لأن المجتهد ينطلق في استنباطه للأحكام من تلك القواعد الأصولية، أما القواعد الفقهية فهي متأخرة عن الجزئيات والفروع الفقهية؛ لأنها في الغالب عبارة عن مجموعة من القواعد والضوابط التي تجمع الأحكام المتشابهة، وما كان كذلك فإنه يكون متأخراً من حيث الوجود الذهني عن الفروع الفقهية.
3- أن القواعد الأصولية لا يفهم منها أسرار الشرع وحِكَمِهِ؛ لأنها تركز على جانب الاستنباط، وتلاحظ جوانب التعارض والترجيح، وهذه القواعد وما شابهها لا يفهم منها شيء من أسرار الشرع ومقاصده، أما القواعد الفقهية، فإنه يفهم منها ذلك، كما نبه إلى ذلك شهاب الدين القرافي، فمثلاً قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" يفهم منها أن دفع الضرر ورفعه من مقاصد الشريعة، وهكذا.
4- أن القواعد الأصولية تتعلق بالأدلة، ولذلك فإن المجتهد والفقيه هما اللذان يستعملانها في عملية استنباط الأحكام الشرعية من أدلة الكتاب والسنة، أما القواعد الفقهية فإنها تتعلق بأفعال المكلفين، ولذلك فإن استعمالها ليس مقتصراً على الفقهاء والمجتهدين؛ بل يستعملها عموم الناس.
5- أن القواعد الأصولية تدل على الحكم بواسطة؛ فمثلاً: قاعدة (النهي يقتضي التحريم) لا تفيد تحريم الزنا بمفرده، بل لا بد من إضافتها إلى الدليل كقوله تعالى: "ولا تقربوا الزنا" [الإسراء:32] . أما القواعد الفقهية فإنها تدل على الحكم مباشرة، فمثلاً: (قاعدة اليقين لا يزول بالشك) تفيد طرح أي أمرٍ مشكوك فيه من غير إضافتها إلى أمر آخر.
6- أن القواعد الأصولية أكثر اطراداً وعموماً من القواعد الفقهية، حيث ترد على القواعد الفقهية كثير من الاستثناءات. أما القواعد الأصولية فاستثناءاتها قليلة لا تكاد تذكر.
ومع هذه الفروق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية إلا أن هناك عدداً من القواعد تكون مشتركة بين الفقه وأصوله، حيث تصدق عليها صفات القواعد الأصولية وصفات القواعد الفقهية، ومن أمثلة هذا النوع من القواعد: قاعدة: (الأصل في الأشياء الإباحة) ، فهذه القاعدة لها تعلق بالفقه، ولها تعلق بأصوله، ولذلك فإن هذه القاعدة قاعدة أصولية فقهية.
وقد يكون الاشتراك في بعض القواعد بين الفقه وأصوله نابع من اختلاف النظر إلى القاعدة؛ لأن القاعدة ينظر إليها من جهتين:
الجهة الأولى: من حيث موضوعها، فإذا نظرنا إليها باعتبار أن موضوعها دليل شرعي كانت قاعدة أصولية.
الجهة الثانية: من حيث تعلقها، فإذا نظرنا إليها باعتبار أنها تتعلق بفعل المكلف، كانت قاعدة فقهية.
ويمكن تطبيق هذا الأمر على قاعدة: (سد الذرائع) ، فإذا نظرنا إلى موضوعها فإنها تكون قاعدة أصولية، ولذلك نقول: الدليل المثبت للحرام مثبت لتحريم ما أدى إليه. وإذا نظرنا إليها باعتبارها فعلاً لمكلف فإنها تكون قاعدة فقهية، ولذلك نقول: كل مباح أدى فعله إلى حرام فهو حرام.
كما يمكن تطبيق هذا الأمر على قاعدة العرف، فإذا نظرنا إلى العرف باعتبار موضوعه وهو: الإجماع العملي أو المصلحة المرسلة، كانت قاعدة العرف قاعدة أصولية، وإذا نظرنا إليه باعتبار تعلقه بفعل المكلف، وهو: القول الذي غلب في معنى معين، أو الفعل الذي غلب الإتيان به لغرض معين، كانت قاعدة العرف قاعدة فقهية.
ومما يدل على الاشتراك والتداخل بين القواعد الفقهية والأصولية: أن كثيراً من العلماء الذين ألفوا في القواعد الفقهية ذكروا في كتبهم عدداً من القواعد الأصولية، الأمر الذي يدل على وجود العلاقة القوية بينهما، ومن أشهر هذه الكتب ما يأتي:
1- الفروق، لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس القرافي (ت: 684هـ)
2- المجموع المذهب في قواعد المذهب، لأبي سعيد خليل بن كيكلدي العلائي (ت:761هـ)
3- الأشباه والنظائر، لتاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي (ت:771هـ)
4- القواعد، لأبي بكر محمد بن عبد المؤمن المعروف بتقي الدين الحصني (ت:829هـ)
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(5/68)
معنى:"العصمة" لغة وفقهاً
المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه
التاريخ 2/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو: ما معنى العصمة لغة وفقهاً؟ وما هي الشروط المطلوبة بالإنسان حتى يكون معصوما؟ ً وهل هناك أنواع من العصمة؟
الجواب
العصمة في اللغة: المنع والحفظ.
وفي الاصطلاح: هي الحفظ من الوقوع في المعصية.
والعصمة: يراد بها أن الله - عز وجل- يعصم الإنسان من الوقوع في الخطأ.
وأما الإنسان فلا يملك أن يعصم نفسه إلا بتوفيق الله، ولا يوجد إنسان بدون خطأ أي معصية، لكن درجات العصمة أعلاها للأنبياء ثم الأتقياء الذين يحافظون على فرائض الله - عز وجل-، ويتبعونها بالنوافل، وفي الحديث القدسي الذي يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم- عن ربه: "ما تقرب عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به.." البخاري (6502) ، أي أن الله - عز وجل- يحفظه في سمعه، وبصره، وجميع جوارحه. وهذا تفسير لقول الله تعالى: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الذين آمنوا وكانوا يتقون" [يونس:62-63] ، والله أعلم.(5/69)
اعتبار المصلحة المرسلة وإلغاؤها
المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه
التاريخ 04/05/1426هـ
السؤال
هل تلغى المصلحة المرسلة إذا استعملت، ثم تبين خلافها؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد: فإن المصالح المرسلة يرجع معناها إلى اعتبار المناسب، وهو لا يخلو من ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يشهد الشرع بقبوله، فلا إشكال في صحته، ولا خلاف في إعماله، وإلا كان مناقضة للشريعة، كشريعة القصاص، فإن المعنى المناسب فيه هو حفظ النفوس، وقد جاء النص الخاص باعتبار هذا المعنى، قال تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) .
القسم الثاني: ما شهد الشرع برده، فلا سبيل إلى قبوله؛ إذ المناسبة لا تقتضي الحكم لنفسها، وإنما ذلك مذهب أهل التحسين العقلي، فإذا لم يشهد الشرع باعتبار ذلك المعنى المناسب بل رده كان مردوداً باتفاق المسلمين. ومثاله: ما حكى الغزالى عن بعض أكابر العلماء أنه دخل على بعض السلاطين، فسأله عن الوقاع في نهار رمضان، فقال: عليك صيام شهرين متتابعين، فلما خرج راجعه بعض الفقهاء، وقالوا له: القادر على إعتاق الرقبة كيف يعدل به إلى الصوم، والصوم وظيفة المعسرين، وهذا الملك يملك عبيداً غير محصورين، فقال لهم: لو قلت له عليك إعتاق رقبة لاستحقر ذلك، واعتق عبيداً مراراً فلا يزجره إعتاق الرقبة، ويزجره صوم شهرين متتابعين. فهذا المعنى مناسب؛ لأن الكفارة مقصود الشرع منها الزجر، والملك لا يزجره الإعتاق ويزجره الصيام.
لكن هذا المعنى مصادم للنص الذي جاء بترتيب الكفارة، كما في حديث الأعرابي الذي واقع أهله في نهار رمضان، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - (اعتق رقبة ... ) ،فبدأ بها أولاً، وهذا الملك قادر على إعتاق الرقبة، والرقاب موجودة، فتلزمه.
فهذا المعنى وإن قلنا إنه مناسب إلا أن مناسبته مدركة بالعقل البشري الذي لا يستقل بتحسين الفعل وتقبيحه، بل لا بد من ردِّ الأمور إلى بارئها، فما حسَّنه فهو الحسن، وإن قصرت العقول عن إدراك حسنه، وما قبَّحه فهو القبيح، وإن رأت بعض العقول تحسينه. ويدخل في المعنى المناسب الذي جاء الشرع برده: ما يظنه بعض الناس من مصالح في التعامل بالربا والفوائد البنكية تعود على المتعاملين بالنفع، فمثل هذه المصالح المظنونة مصادمة للأدلة التي تنهى عن التعامل بالربا.
القسم الثالث: ما سكتت عنه الشواهد الخاصة، فلم تشهد باعتباره ولا بإلغائه، لكن يوجد لذلك المعنى جنس اعتبره الشارع في الجملة بغير دليل معين، وهذا هو الاستدلال المرسل المسمى بالمصالح المرسلة، ومن أمثلتها: جمع الصحابة القرآن؛ فإن الصحابة قد اتفقوا على جمع المصحف، وليس ثم نص على جمعه وكتبه أيضاً، بل قد قال بعضهم: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ فروي عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: أرسل إلي أبو بكر - رضي الله عنه - بعد مقتل أهل اليمامة، وإذا عنده عمر - رضي الله عنه - قال أبو بكر: إن عمر أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن يوم اليمامة، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن كلها؛ فيذهب قرآن كثير وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قال: فقلت له كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي - هو - والله - خير، فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري له، ورأيت فيه الذي رأى عمر، قال زيد: فقال لي أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتتبع القرآن فاجمعه.
قال زيد: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي من ذلك، فقلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم يزل يراجعنى في ذلك أبو بكر حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدورهما؛ فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والعسب واللخاف ومن صدور الرجال.
فهذا عمل لم ينقل فيه خلاف عن أحد من الصحابة، ولم يرد نص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بما صنعوا من ذلك، ولكنهم رأوه مصلحة تناسب تصرفات الشرع قطعاً، فإن ذلك راجع إلى حفظ الشريعة، والأمر بحفظها معلوم، وإلى منع الذريعة للاختلاف في أصلها الذي هو القرآن، وقد علم النهي عن الاختلاف في ذلك بما لا مزيد عليه.
وإذا استقام هذا الأصل؛ فاحمل عليه كتب العلم من السنن وغيرها إذا خيف عليها الاندراس زيادة على ما جاء في الأحاديث من الأمر بكتب العلم.
وبعد هذا -يا أخي الفاضل- فإن ما يراه الإنسان مصلحة في أمر، ثم يتبين له المصلحة في غيره لا عبرة به، بل المعتبر ما يراه الشارع مصلحة وما لا يراه، والعقل البشري قد يدرك ذلك، وقد يخفى عليه، فاتهم عقلك تجتنب الزلل بإذن الله تعالى، والله أعلم.(5/70)
التسمية بمسجد الرسول
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه
التاريخ 24/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز تسمية مسجد جديد بـ (مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -) ؟
الجواب
الحمد لله، لا يجوز أن يسمى مسجد في أي بقاع الأرض مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم، فمسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو مسجده الذي في المدينة، الذي خصه الله بفضيلة مضاعفة الصلاة فيه، وشرع السفر للصلاة فيه، فهو مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند المسلمين، فلا يجوز أن يشبه به غيره، كما لا يجوز أن يسمى المسجد الحرام إلا المسجد الحرام الذي في مكة. والله أعلم.(5/71)
أصول المذاهب المشهورة
المجيب
أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه
التاريخ 11/4/1424هـ
السؤال
سؤالي عن المذاهب، ما هي أصول المذاهب المشهورة؟ أعني السلفية والحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، والظاهرية، أرجو منكم إعطائي فكرة عنهم ولو كانت بسيطة، وعن أبرز علماء هذه المذاهب وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
أولاً: المذاهب الفقهية المشهورة: الحنفية والمالكية، والشافعية، والحنبلية، هذه المذاهب الأربعة انتشرت في بلاد المسلمين، فمذهب الحنفية؛ نسبة للإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت ت 150هـ، ومن أصحابه محمد بن الحسن وأبو يوسف، وأبرز علمائه الدبوسي السرخسي، والنسفي والكمال بن الهمام.
ومذهب المالكية؛ نسبة للإمام مالك بن أنس المتوفى سنة 179هـ، ومن أصحابه عبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن وهب، وأبرز علمائه ابن عبد البر والباجي والقرطبي والمازري وابن العربي والقاضي عياض وابن رشد، ومذهب الشافعية نسبة للإمام محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204هـ، ومن أصحابه إسماعيل بن يحي المزني، ويوسف بن يحي البويطي، وأبرز علمائه الشيرازي والجويني والغزالي والنووي والسبكي والبيهقي، والسيوطي.
ومذهب الحنابلة؛ نسبة إلى الإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة 240هـ ومن أصحابه ابنه عبد الله وصالح وأبو إسحاق الحربي، وأبو بكر الخلال، وأبرز علمائه الخرقي وأبو يعلي وابن قدامة وابن عبد الهادي والمرداوي.
ومن الكتب النافعة، في معرفة تاريخ المذاهب الفقهية مقدمة تاريخ ابن خلدون، والفكر السامي للحجوي وهو عمدة المتأخرين في تاريخ التشريع.
ثانياً: مذهب الظاهرية؛ نسبة إلى الأخذ بظاهر نصوص الكتاب والسنة، وصاحبه هو داود الظاهري المتوفى سنة 202هـ، وأبرز علمائه ابن حزم الأندلسي، وذكر ابن خلدون "أن المذهب الظاهري درس بدروس أئمته وإنكار الجمهور على منتحله، ولم يبق إلا في الكتب، وربما يعكف متكلفو انتحاله عليها لأخذ فقههم منها فلا يظفرون بطائل.
ثالثاً: السلف (وليس السلفية) ، هم أصحاب الحديث والأثر وأهل السنة والجماعة، وهم ليسوا مذهباً؛ بل السلف طريقة ومنهج، فيمكن أن نقسم الناس كما ورد في الحديث إلى قسمين:
(1) السلف وأتباعهم.
(2) المخالفون لهم، وأعني بذلك حديث الفرقة الناجية: "وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة"، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي" رواه الترمذي (2641) ، وغيره من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-، وهذه الفرقة (أعني السلف) أصلها هوالتمسك بالوحي وبما عليه الصحابة - رضي الله عنهم-، ونبذ جميع البدع الحادثة بعدهم، وأبرز علمائها الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام كأبي حنيفة ومالك، والشافعي، وأحمد، أما تسمية هذه الطريقة بالسلفية أو السلفيون فإنها اصطلاح متأخر، لم يعرف عند الأئمة المتقدمين؛ بل الاسم الشائع هو (السلف) أو (أهل الحديث) أو (أهل السنة والجماعة) ، ومن الكتب النافعة في بيان طريقة السلف الإبانة الكبرى والصغرى لابن بطة، وأصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، وشرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي، وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، والله أعلم.(5/72)
الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه
التاريخ 16/4/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيراً على هذه الجهود المباركة إن شاء الله تعالى، سؤالي: ما هو الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه؟ وأيهم أعلم بدين الله؟ وبالتالي أحق بالفتوى، مع ذكر آراء كبار العلماء والكتب التي يمكنني العودة إليها للاطلاع أكثر، وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه كالتالي:
أما الأصولي: فهو منسوب إلى علم أصول الفقه، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم أصول الفقه يُراد به: مجموعة القواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، أو: القواعد التي يستعملها الفقيه في استنباط الأحكام من أدلتها.
وأما الفقيه: فهو منسوب إلى علم الفقه، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم الفقه يُراد به: مجموعة الأحكام الشرعية العملية المستفادة من أدلتها التفصيلية.
وأما المحدث: فهو منسوب إلى علم الحديث، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم الحديث يُراد به: معرفة أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وأحواله من جهة السند والمتن، وما يعرض لكلٍ منهما، وكذلك ما يُلحق بذلك من الآثار الواردة عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ثانياً: لا يمكن أن نطلق القول بأن أحد هؤلاء أعلم بدين الله من غيره؛ فيكون أحق بالفتوى من غيره؛ لأن أحدهم قد يكون متقناً لفنّه جاهلاً بغيره من العلوم التي لا بد من توفرها فيمن يفتي الناس فيما يحتاجون إليه من أمور دينهم، وبالتالي فإنه قد يفتي بغير علمٍ؛ لأن علوم الشريعة مترابطة ويكمل بعضها بعضاً، ولا يمكن للإنسان أن يحيط بالشريعة إلا إذا كان مطلعاً على علومها المختلفة، وهذا الأمر لا يتحقق فيمن تخصص في علم واحد. ولأجل هذا الأمر ذكر أهل العلم عدداً من الشروط التي يجب توفرها فيمن يفتي الناس ويبين لهم أحكام دينهم، وهذه الشروط على وجه الاختصار:
(1) الإسلام. (2) البلوغ.
(3) العقل. (4) العدالة.
وهذه الأربعة شروط لقبول فتواه والعمل بها، وهي مجمع على اشتراطها لذلك.
(5) الاجتهاد.
وقد ذكر العلماء للمجتهد عدة شروطٍ، منها ما هو محل وفاق، ومنها ما هو محل خلاف، وأهم هذه الشروط إجمالاً:
(1) العلم بآيات الأحكام من القرآن الكريم.
(2) العلم بأحاديث الأحكام من السنة الشريفة.
(3) العلم باللغة العربية.
(4) العلم بأصول الفقه.
(5) العلم بمسائل الإجماع حتى لا يخالفها.
ومن خلال هذه الشروط نلاحظ أن أهل العلم لم يجعلوا منصب الإفتاء مقتصراً على من أحاط بفنٍ من فنون الشريعة - كفن الأصول أو الحديث أو التفسير مثلاً -، وإنما اشترطوا في حق المفتي أن يكون عالماً بجميع العلوم التي لها أثر في معرفة أحكام الشريعة واستنباطها.
ثالثاً: هذه المسألة تطرق إليها أهل العلم وتحدثوا عنها في مواقف عديدة، ونبهوا على خطر هذا المنصب، وحذروا من التصدر للفتيا لمن لم يكن أهلاً لها. ومن أراد الاطلاع على كلام أهل العلم في ذلك، فعليه بالكتب التي تناولت هذه المسألة وما يتعلق بها، ومن أهم هذه الكتب ما يأتي:
(1) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان.
(2) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح.
(3) كتاب الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي.
(4) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم.
(5) كتب أصول الفقه، فهي تتطرق لهذه المسألة في كتاب الاجتهاد، وذلك فيما يتعلق بشروط المجتهد، ومن هذه الكتب: كتاب الواضح في أصول الفقه، لابن عقيل؛ حيث أشار إلى هذه المسألة عندما تكلم عن صفة المفتي، ونقل عن الإمام أحمد أنه يرى تقديم صاحب الحديث على صاحب الرأي في الفتيا (1/282) .
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(5/73)
كتاب الطهارة(5/74)
الوضوء بالماء المشمَّس
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الأحكام المتعلقة بالمياه
التاريخ 04/05/1427هـ
السؤال
هل تجوز الطهارة بالماء المشمس؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد:
فتجوز الطهارة بالماء المشمس (وهو المسخن بالشمس) بلا خلاف عند أهل العلم فيما أعلمه، ولكن ذكر بعضهم الكراهة فقط مع صحة الطهارة، ومستند الكراهة أمران: أحدهما: ما جاء في بعض الآثار من كراهته، ولكن لم يثبت في ذلك أثر صحيح البتة.
والأمر الآخر: قال بعضهم: إنه يورث البرص، وهذه العلة يرجع فيها إلى الطب، فإن أثبت الطب ذلك، أو أن له أثراً على الجلد أو غيره، لتأثير أشعة الشمس -مثلاً- في الماء، فالقول بالكراهة قول قوي، بل قد يقال بالمنع إذا ترتب عليه ضرر، ولكن إذا لم يثبت من طريق الطب شيء من ذلك، فالطهارة به جائزة من غير كراهة، ولا أعلم -حتى هذه الساعة عن أهل الطب- إشكالاً فيه.(5/75)
هل يجزئ الغسل عن الوضوء؟
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 24/7/1422
السؤال
هل الغسل بعد المجهود أو العمل يجزئ عن الوضوء إذا أحضرت النية أم يجب عليّ إسباغ الوضوء؟
الجواب
إذا نويت الوضوء، ورتبت بين أعضائه، وكملت غسل ما يغسل، ومنه المضمضة والاستنشاق، ومسح ما يمسح على الصفة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث الوضوء، ومن أجمعها حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه دعا بوضوء، فتوضأ، فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين، لا يحدّث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه ". قال ابن شهاب: (وكان علماؤنا يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة) . أخرجه البخاري (159) ومسلم (226) واللفظ له.
إذا حصل ذلك فقد أجزأك وضوؤك، ولم يضرك كونه وقع أثناء غُسلك غير الواجب.(5/76)
النوم الذي ينقض الوضوء
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 4/7/1422
السؤال
: هل نوم (السِّنة) ينقض الوضوء؟
الجواب
النائم إن كان مستغرقاً لا يدري ما حوله فإن وضوءه ينتقض. وأمّا إذا كان النوم خفيفاً، والمرء جالس غير متكئ، على أيّ نوع من أنواع الجلوس فلا ينقض الوضوء. لما ورد أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم (يعني من النعاس) ، ثم يصلون ولا يتوضؤون. أخرجه أبو داود (200) بسند صحيح.(5/77)
إذا انتقض وضوء الإمام
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 15/5/1422
السؤال
إذا انتقض وضوء الإمام ماذا يفعل؟
الجواب
إذا بطلت طهارة الإمام في الصلاة بطلت صلاته؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) . وأما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) رواه البخاري. ولأن عمر -رضي الله عنه- لما طُعن استخلف عبد الرحمن بن عوف.
والأفضل للإمام أن يستخلف كما فعل عمر، فإن لم يفعل استخلف المأموم، أو صلوا فرادى.(5/78)
المضمضة والاستنشاق في الغسل
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 21/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
ما حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارة من الحدث الأكبر والحدث الأصغر، فإن غسل الوجه واجب في الطهارتين، وهما من الوجه، وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وبه قال جمع من العلماء- رحمهم الله- وروي عن الإمام أحمد أن الاستنشاق واجب دون المضمضة، وقيل: المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل دون الوضوء. وقيل: لا يجبان في الطهارتين، بل هما مسنونان. وهذا مذهب الإمامين مالك والشافعي- رحمها الله. والله أعلم.(5/79)
الوضوء من لمس أعضاء الحيوانات
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 20/3/1424هـ
السؤال
طبيب بيطري يتعامل مع الحيوانات (الكلاب، والقطط، والسباع) ، أحياناً يكشف على أعضائها التناسلية، فما الذي يلزمه فعله وقت الصلاة؟ هل يجب عليه الوضوء لكل صلاة، وإذا أدخل يده في فم الكلب وأصابه من لعابه هل يلزمه الغسل؟ أفتونا مأجورين بإذنه تعالى.
الجواب
لا يجب عليه الوضوء، لأنها ليست من البشر، والإجابة على الشق الثاني من السؤال: إذا أدخل يده في فم كلب، وأصابه من لعابه فعليه أن يغسل يديه غسلاً كاملاً سبعاً، ويستعمل التراب مع ذلك لإزالة آثار لعاب الكلب، ولا يجب عليه الغُسل.(5/80)
وضوء المصاب بالشلل الرباعي
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 2/1/1424هـ
السؤال
شخص مصاب بشلل رباعي لا يستطيع الحركة والحمد لله على كل حال، علماً بأنه لا يتحكم في البول والغائط، فكيف يتوضأ للصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
حكم هذا الرجل حكم من به سلس بول، فالواجب عليه عند دخول الوقت أن يغسل فرجه وما لوثه من بدن وملابس ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يصلي ما شاء من فروض ونوافل فإذا دخل وقت الأخرى يفعل مثل فعله الأول، إلا إذا لم يخرج منه شيء فهو على طهارته الأولى.(5/81)
لمس الفرج هل ينقض الوضوء؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 5/11/1422
السؤال
هل لمس الفرج أو الذكر يُنقِضُ الوضوء؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..وبعد:
فالأقرب من قولي العلماء: أن لمس الفرج أو الذكر لا ينقض الوضوء لحديث طلق بن علي -رضي الله عنه-:" سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيتوضأ أحدنا إذا مسّ ذكره، فقال -صلى الله عليه وسلم-: إنما هو بضعة منك ... " رواه الإمام أحمد (16286) واللفظ له وأبو داود (182) والترمذي (85) والنسائي (165) وابن ماجه (483) وغيرهم؛ ولوروده عن حذيفة وابن مسعود -رضي الله عنهما-.
ولكن يستحب لمن مسّ ذكره أن يتوضأ، لحديث بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ " رواه أحمد (27295) واللفظ له وأبو داود (181) والترمذي (82) والنسائي (163) وابن ماجه (479) .(5/82)
مسّ عورة الطفل هل ينقض الوضوء؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 20/9/1422
السؤال
هل مس عورة الطفل ينقض الوضوء؟
الجواب
من العلماء من قال بأنه يجب الوضوء من مس عورته، ومنهم من قال: لا وضوء من ذلك.
وقد قال به الزهري، والأوزاعي، وهو رواية عن أحمد. وقد روي أنه - صلى الله عليه وسلم- قَبَّلَ زُبَيْبَة الحسن، وفي رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - مس زبيبة الحسن ولم يتوضأ. ذكر ذلك ابن قدامة في المغني (1/180) وإنني أختار هذا القول أعني عدم نقض الوضوء من مس عورة الطفل.(5/83)
هل الدم ينقض الوضوء؟
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 11/7/1423هـ
السؤال
خروج الدم من جسم الإنسان بكثرة أو بقلة، هل ينقض الوضوء؟ أي: هل يعد من نواقض الوضوء؟ وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب:
سـ/ الدم الخارج من الإنسان هل هو نجس؟ وهل هو ناقض للوضوء؟
جـ/ الدم الخارج من الإنسان إن كان من السبيلين القُبُل أو الدبر، فهو نجس وناقض للوضوء قل أم كثر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر النساء بغسل دم الحيض مطلقاً، انظر البخاري (228) ومسلم (291) وهذا دليل على نجاسته، وأنه لا يُعفى عن يسيره وهو كذلك، فهو نجس لا يُعفى عن يسيره وناقض للوضوء قليله وكثيره.
وأما الدم الخارج من بقية البدن من الأنف أو من السن أو من جرح أو ما أشبه ذلك، فإنه لا ينقض الوضوء قل أو كثر، هذا هو القول الراجح أنه لا ينقض الوضوء شيء خارج من غير السبيلين من البدن، سواء من الأنف أو من السن أو من غيره، وسواء كان قليلاً أو كثيراً؛ لأنه لا دليل على انتقاض الوضوء به، والأصل بقاء الطهارة حتى يقوم دليل على انتقاضها، وأما نجاسته، فالمشهور عند أهل العلم أنه نجس وأنه يجب غسله إلا أنه يُعفى عن يسيره؛ لمشقة التحرز منه، والله أعلم.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- (11/200) ] .(5/84)
هل مس النجاسة ينقض الوضوء؟
المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 24/6/1423
السؤال
هل مس النجاسات كالمني من الإنسان، أو براز الحيوانات الطائفة كالقطط إذا سقط على سجادة المنزل وجفَّ وكان برجل المتوضئ بقايا ماء الوضوء فداس على النجاسة فهل ذلك يبطل الوضوء؟ أرجو إفادتنا بدليل إذا تكرمتم.
الجواب
أولاً: مني الإنسان طاهر وليس بنجس.
ثانياً: مس النجاسة يوجب غسلها عند إرادة الصلاة ونحوها، ولكنه لا ينقض الوضوء؛ لأن الوضوء لا ينتقض إلا بدليل ولا دليل على أن لمس النجاسة ينقض الوضوء.(5/85)
نقض الوضوء بأكل لحم الإبل؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 26/6/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فماذا يفعل الإنسان إذا تذكر أنه أكل لحم إبل بعد خروجه من الصلاة وخروجه أيضاً من المسجد؟ هل يعيد صلاته أم ماذا؟
الجواب
الأحوط أن يعيد الصلاة، قال في (المغني) :"أكل لحم الإبل ينقض الوضوء على كل حال، وبهذا قال جابر بن سمرة، ومحمد بن إسحاق، وأبو خيثمة، ويحيى بن يحيى، وابن المنذر، وهو أحد قولي الشافعي".
قال الخطابي:"ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث، والدليل ما روى البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لحوم الإبل، فقال:"توضؤوا منها"، وسئل عن لحوم الغنم، فقال:"لا تتوضأ منها" رواه أبو داود (184) ، وروى جابر بن سمرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله، أخرجه مسلم (360) .(5/86)
كيفية المضمضة والاستنشاق في الوضوء
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 17/10/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قرأت في أحد المواقع أنه في الوضوء يجب المضمضة والاستنشاق بثلاث غرف فقط وأنه لا يجوز الفصل بين المضمضة والاستنشاق، بناء على ذلك هل كان وضوئي صحيحاً أم لا؟ إن كان لا، فهل علي إعادة كل صلوات هذه السنين؟ أرجو توضيح صفة الوضوء بشكل مفصل مع التركيز على كيفية المضمضة والاستنشاق، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
المضمضة والاستنشاق واجبان ضمن غسل الوجه، والواجب مرة مرة، والاثنتان أفضل منها، والثلاث أفضل من الاثنتين، ولك أن تتمضمض ثلاثاً، وتستنشق ثلاثاً بغرفة واحدة، ولك أن تتمضمض وتستنشق مرة مرة بغرفة واحدة، ولك أن تتمضمض بغرفة وتستنشق بغرفة وخلاصة ذلك: أن المجزئ أن تتمضمض وتستنشق مرة واحدة، والكامل ثلاثاً ثلاثاً، ولك أن تجمعها بغرفة واحدة، وبثلاث غرفات، أو ست غرفات.(5/87)
زيادة ثلاث غسلات للوضوء
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 23/11/1423هـ
السؤال
هل الزيادة على الثلاث مرات في الوضوء في حالة الشك، وليس على صفة مستمرة يبطل الوضوء؟ ومن ثم تكون الصلاة باطلة.
الجواب
الزيادة على الثلاث مرات في الوضوء إساءة ومجاوزة للحد المشروع، كما في حديث عمرو بن شعيب: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً.. الحديث، ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم". رواه أبو داود (135) والبيهقي (1/79) وغيرهما.
لكن هذه الزيادة لا تبطل الوضوء ولا الصلاة، أما من شك هل غسل اثنتين أو ثلاثاً، فبنى على الأقل وزاد غسلة على أنها الثالثة فقد فعل المشروع في حقه وحصل السنة.(5/88)
هل مس الزوجة ينقض وضوؤها؟
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 4/2/1423
السؤال
هل ينتقض وضوء المرأة إذا مس زوجها فرجها بيده؟
الجواب
لا تنتقض طهارة المرأة بمجرد مس زوجها لفرجها، وإنما الذي يتوضأ هو الزوج؛ لأنه الذي وقع منه المسّ، والحديث الذي جاء بالأمر بالوضوء من مس الفرج يتناول الشخص الذي وقع منه المسّ دون الممسوس، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" من مس ذكره فليتوضأ" رواه أبو داود (181) والترمذي (82) والنسائي (447) وابن ماجة (479) وأحمد في المسند (27293) وغيرهم، وصححه الترمذي وابن حبان، وفي لفظ "من مس فرجه فليتوضأ" وهذا الحكم يتناول فرج غيره أيضاً من باب أوْلى كما نبه عليه الفقهاء.(5/89)
هل القبلة تنقض الوضوء
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 2/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا كنت متوضئة وقبلني زوجي هل يبطل وضوئي ووضوؤه؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
القبلة لا تنقض الوضوء إلا إذا وقع بسببها ما يبطل به الوضوء كالمذي مثلاً، فيستأنف طهارة جديدة لحديث عائشة - رضي الله عنها- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قبّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ"، انظر: الترمذي (86) ، وابن ماجة (502) وصححه الألباني، والله أعلم.(5/90)
إفرازات المرأة، هل تنقض الوضوء؟
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 1/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنني أضطرّ للوضوء عند كل صلاة؛ لنزول سائل أبيض، فهل هذا السائل ينقض وضوئي؟ أم هو أمر عادي وشائع بين النساء؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
هذا السائل الأبيض إن كان يخرج من مخرج البول فهو سائل نجس؛ لأن له حكم البول، وعلى هذا فإنه ينقض الوضوء، ويوجب غسل ما تنجس به.
وإن كان يخرج من المهبل - مخرج الولد- وهو الظاهر المعلوم من النساء - فهو سائل طاهر كالمني، على الراجح من قولي أهل العلم، وعلى هذا فإنه لا ينجس المحل ولا الثياب. وهل ينقض الوضوء؟ فيه خلاف بين أهل العلم، والذي اختاره الإمام ابن حزم، ورجَّحه سماحة الشيخ ابن عثيمين في آخر حياته - رحم الله الجميع -: أنه لاينقض الوضوء؛ وذلك لأن هذا الشيء مما تبتلى به النساء قديماً، ومع هذا لم يرد دليل من الشارع يدل على أنه من نواقض الوضوء. والله - تعالى - أعلم.(5/91)
المجزئ في مسح الإذن في الوضوء
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 22/11/1424هـ
السؤال
ما حكم صلاة من مسح رأسه ثم مسح الأذنين مسحاً، ولم يدخل السبابة إلى داخل الأذن، وإنما اكتفى بمسحه مسحاً ظاهرياً؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجب مسح ظاهر الأذنين، وكذلك أيضاً يجب مسح الصماخين؛ لثبوت ذلك في سنة النبي - عليه الصلاة والسلام -، انظر: مثلاً ما رواه الترمذي (36) والنسائي (102) وابن ماجة (439) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، فمن توضأ ولم يمسح داخل صماخي أذنيه فإنه لم يصح وضوؤه.
والأذنان ثبت مسحهما في السنة والقرآن، ففي القرآن يقول - عز وجل -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ" [المائدة:6] ، والأذنان من الرأس، والسنة ثابتة في ذلك، والذين وصفوا وضوء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يقرب من اثنين وعشرين صحابياً - رضي الله عنهم - لم يذكر أحد منهم أنه أخل بمسح الأذنين.(5/92)
الوضوء عند الشافعية
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 5/5/1424هـ
السؤال
كيفية الوضوء حسب المذهب الشافعي؟
ملاحظة: مع تفسير مفصل لآراء الشافعية، والحنابلة، والمالكية، وغيرهم؟
الجواب
ليت السائل الكريم استفسر عن صفة وضوء نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن هذا هو ما تعبدنا الله تعالى به، ولكن لعل السؤال جاء من باب التفقه والعلم بالشيء، والجواب عليه على النحو الآتي:
لابد أولاً من تحرير محل النزاع، وذلك أن الفقهاء اتفقوا على أن فروض الوضوء أربعة، وهي - كما نص عليها القرآن الكريم -:
(1) غسل الوجه مرة واحدة.
(2) غسل اليدين إلى المرفقين مرة واحدة.
(3) مسح الرأس مرة واحدة.
(4) غسل الرجلين إلى الكعبين مرة واحدة.
فهذه الفروض محل اتفاق بين المذاهب الأربعة، ثم اختلفوا فيما عدا ذلك:
فذهب الحنفية: إلى عدم فرضية غير هذه الأربعة، وذهبوا إلى سنية بعض الأعمال، وهي:
(1) النية (نية رفع الحدث، أو نية الطهارة) فهي عندهم سنة لا فرض.
(2) المضمضة والاستنشاق، وتقديم المضمضة على الاستنشاق.
(3) الترتيب بين أفعال الوضوء.
(4) الموالاة بينها.
(5) الاستيعاب في مسح الرأس؛ فعندهم أن الفرض هو مسح ربع الرأس وقيل في مذهبهم: إن الفرض مسح ما قدره ثلاثة أصابع ويكون الباقي سنة.
(6) مسح الأذنين: انظر بدائع الصانع (1/3 - 23) .
وذهب المالكية: إلى زيادة بعض الفروض، وهي:
(1) النية.
(2) الدلك، وذلك بإمرار اليد على أعضاء الوضوء بعد صب الماء.
(3) الموالاة بين أفعال الوضوء.
وعلى هذا، فتكون فروض الوضوء عندهم سبعة.
وذهبوا إلى سنية بعض الأفعال، ومنها:
(1) المضمضة والاستنشاق.
(2) مسح الأذنين.
(3) الترتيب بين أفعال الوضوء انظر شرح مختصر خليل للخرشي (1/120 - 135) .
وذهب الشافعية: إلى زيادة بعض الفروض، وهي:
(1) النية
(2) الترتيب بين أفعال الوضوء.(5/93)
وعلى هذا، ففروض الوضوء عندهم ستة، وذهبوا إلى سنية بعض الأفعال، ومنها:
(1) المضمضة والاستنشاق.
(2) الاستيعاب في مسح الرأس، فعندهم أن الفرض هو مسح ما يطلق عليه اسم المسح، ولو بعض شعره، ويكون الباقي سنة.
(3) مسح الأذنين.
(4) الموالاة بين أفعال الوضوء، انظر روضة الطالبين (1/47 - 64) .
وذهب الحنابلة: إلى زيادة بعض الفروض، وهي:
(1) النية (وهي عندهم شرط) .
(2) المضمضة والاستنشاق (مع الوجه) .
(3) الترتيب بين أفعال الوضوء.
(4) الموالاة بينها.
(5) مسح الأذنين (مع الرأس) .
وعلى هذا ففروض الوضوء عندهم ستة واعتبروا النية شرطاً من شروط الطهارة، وهي كالفرض في وجوب الإتيان بها، واعتبروا مسح الأذنين من الرأس، فلم يزد بهما عدد الفروض، والمضمضة والاستنشاق عن غسل الوجه.
انظر كشاف القناع (1/187 - 253) .
وأصح هذه المذاهب، مذهب الحنابلة؛ حيث جاءت السنة الصحيحة بما يدل على اشتراط النية للوضوء، ووجوب المضمضة والاستنشاق عند غسل الوجه، ووجوب مسح الأذنين مع الرأس، ووجوب الترتيب، والموالاة بين أفعال الوضوء، كما دل على ذلك حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (الثابت في الصحيحين) وحديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه - (الثابت في الصحيح أيضاً) وحديث عبد الله بن عمرو (الثابت في مسند أحمد وسنن أبي داود وابن ماجة والنسائي) وغيرها، والله تعالى أعلم.(5/94)
مس عورة الصغير هل ينقض الوضوء
المجيب سليمان بن عبد الله الماجد
القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 23/9/1424هـ
السؤال
هل ينقض مس ذكر وفرج الطفل الصغير وضوء أمه
الجواب
الحمد لله وحده أما بعد:
فإن أصح قولي العلماء في مس فرج الكبير ذكراً أو أنثى أنه لا ينقض الوضوء؛ كما هو قول جمع من الصحابة كعلي وعمار وحذيفة وابن مسعود- رضي الله عنهم- وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد.
وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث بسرة بنت صفوان - رضي الله عنها-: "من مس ذكره فليتوضأ" رواه الترمذي (82) ، والنسائي (163) ، وأبو داود (181) ،
وابن ماجة (479) وهو حديث صحيح لكنه محمول على الاستحباب، والدليل على صرفه من الوجوب إلى الاستحباب هو قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث طلق بن علي- رضي الله عنه- الصحيح أيضاً أنه قال عن مس الذكر هل ينقض الوضوء فقال:"وهل هو إلا بضعة منك"رواه الترمذي (85) ، وأبو داود (182) ، والنسائي (165) ، وابن ماجة (483) والقاعدة الأصولية تقتضي أن يُصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب.
فعليه ومن باب الأولى ألاّ ينتقض الوضوء بمس فرج الصغير.
ولكن إن كان الصغير قد طعم، أو كان أنثى طعم أو لم يطعم فيجب أن تُغسل اليد من أثر نجاسته، حتى يزول العين والأثر. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.(5/95)
الاقتصار على صفة الوضوء في القرآن
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 8/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يكفي الإنسان أن يتوضأ بالكيفية التي ذكرها القرآن فقط "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ... " الآية، دونما الرجوع للكيفية التفصيلية التي وردت في الأحاديث الشريفة؟
فهل يجزئ الإنسان الوضوء بهذه الصورة؟ وجزيتم خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السنة تبين القرآن وتوضحه، وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع، وهي وحي من الله تعالى، كما قال الله - سبحانه وتعالى: "إن هو إلا وحيٌ يوحى" [النجم: 4] فإذا كان كذلك فلابد من العمل بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد يحتاج إلى السنة في توضيح وتبيين ما أجمل في القرآن، وقد يكون هناك واجبات أو شرائط أو أركان في السنة لم ترد في القرآن، وإذا كان كذلك فإنه يجب على المؤمن أن يتوضأ بما دل القرآن أو السنة على وجوبه، فإذا نظرنا إلى ما ورد في القرآن تضمن غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق، ويدخلان في غسل الوجه، وكذلك غسل اليدين مع المرفقين، وكذلك أيضاً مسح الرأس وغسل الرجلين مع الكعبين وكذلك أيضاً فيه الترتيب، ولكن تبقى الموالاة قد دلت عليها السنة.(5/96)
نواقض الوضوء
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 30/1/1424هـ
السؤال
سؤالي عن نواقض الوضوء كاملة دون استثناء، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
سئل فضيلة الشيخ: محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال مرفوقاً بالإجابة:
سـ/ ما نواقض الوضوء؟
جـ/ نواقض الوضوء مما حصل فيه خلاف بين أهل العلم، لكن نذكر ما يكون ناقضاً بمقتضى الدليل:
الأول: الخارج من السبيلين، أي الخارج من القُبُل أو الدبر، فكل ما خرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء، سواء كان بولاً أم غائطاً، أم مذياً، أم منياً، أم ريحاً، فكل شيء يخرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء ولا تسأل عنه، لكن إذا كان منياً وخرج بشهوة، فمن المعلوم أنه يوجب الغسل، وإذا كان مذياً فإنه يوجب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء أيضاً.
الثاني: النوم إذا كان كثيراً بحيث لا يشعر النائم لو أحدث، فأما إذا كان النوم يسيراً يشعر النائم بنفسه لو أحدث فإنه لا ينقض الوضوء، ولا فرق في ذلك أن يكون نائماً مضطجعاً أو قاعداً معتمداً أو قاعداً غير معتمد، فالمهم حالة حضور القلب، فإذا كان بحيث لو أحدث لأحس بنفسه فإن وضوءه لا ينتقض، وإن كان في حال لو أحدث لم يحس بنفسه، فإنه يجب عليه الوضوء، وذلك لأن النوم نفسه ليس بناقض وإنما هو مظنة الحدث، فإذا كان الحدث منتفياً لكون الإنسان يشعر به لو حصل منه، فإنه لا ينتقض الوضوء، والدليل على أن النوم نفسه ليس بناقض، أن يسيره لا ينقض الوضوء، ولو كان ناقضاً لنقض يسيره وكثيره كما ينقض البول يسيره وكثيره.(5/97)
الثالث: أكل لحم الجزور، فإذا أكل الإنسان من لحم الجزور، الناقة أو الجمل، فإنه ينتقض وضوؤه سواء كان نيئاً أو مطبوخاً، لأنه ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر بن سمرة، أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال:"إن شئت". فقال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال:"نعم" مسلم (360) ، فكونه -صلى الله عليه وسلم- يجعل الوضوء من لحم الغنم راجعاً إلى مشيئة الإنسان، دليل على أن الوضوء من لحم الإبل ليس براجع إلى مشيئة الإنسان، وأنه لا بد منه، وعلى هذا فيجب الوضوء من لحم الإبل إذا أكله الإنسان نيئاً أو مطبوخاً، ولا فرق بين اللحم الأحمر واللحم غير الأحمر، فينقض الوضوء أكل الكرش والأمعاء والكبد والقلب والشحم وغير ذلك، وجميع أجزاء البعير ناقض للوضوء، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يُفصل وهو يعلم أن الناس يأكلون من هذا ومن هذا، ولو كان الحكم يختلف لكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبينه للناس حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، ثم إننا لا نعلم في الشريعة الإسلامية حيواناً يختلف حكمه بالنسبة لأجزائه، فالحيوان إما حلال أو حرام، وإما موجب للوضوء أو غير موجب، وأما أن يكون بعضه له حكم وبعضه له حكم فهذا لا يُعرف في الشريعة الإسلامية، وإن كان معروفاً في شريعة اليهود كما قال الله تعالى:"وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ" [الأنعام: 146] ، ولهذا أجمع العلماء على أن شحم الخنزير محرم، مع أن الله تعالى لم يذكر في القرآن إلا اللحم، فقال تعالى:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به" [المائدة: 3] ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أن شحم الخنزير محرم، وعلى هذا فنقول: اللحم المذكور في الحديث بالنسبة للإبل يدخل فيه الشحم والأمعاء والكرش وغيرها.
[مجموع فتاوى ابن عثيمين -رحمه الله- (11/195-197) ] .(5/98)
الوضوء بماء البحر
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 15/9/1423هـ
السؤال
هل يجوز الوضوء بماء البحر؟
الجواب
يجوز الوضوء بماء البحر، وذلك لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين سأله رجل: إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"هو الطهور ماؤه الحل ميتته" رواه الترمذي (69) والحاكم (1/356) وغيرهما.(5/99)
هل الزيت يحجز الماء عن البشرة؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 22/9/1423هـ
السؤال
هل وضع الزيت -مثل زيت الزيتون- على شعر الرأس يمنع وصول الماء عند الوضوء؟
الجواب
لا يمنع، وإنما الذي يمنع هو الشيء الذي يجمد ويتراكم على البشرة.(5/100)
المجزئ من مسح الشعر الطويل
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 27/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم مسح الرأس عند الوضوء إذا كان الشعر مجدلاً، أو مظفراً؟
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجب مسح جميع الرأس، ومنه الأذنان، في الوضوء، لأنه فرض من فروض الوضوء؛ لقوله - تعالى:" وامسحوا برؤوسكم " [المائدة:6] ؛ ولأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مسح برأسه في الوضوء، فأقبل بيديه وأدبر، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (186) ، ومسلم (235) ، من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم- رضي الله عنه - في صفة الوضوء، وفي لفظ: بدأ بمقدَّم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه. أخرجه البخاري برقم (185) ، ومسلم برقم (235) ، وفي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنه صلى الله عليه وسلم مسح برأسه، وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنية. أخرجه أبو داود (135) ، وقد صححه ابن خزيمة (174) ، والباء في هذه النصوص تفيد الاستيعاب، ومن قال إنها للتبعيض فقد أخطأ؛ لأن الباء في لغة العرب لاتأتي للتبعيض أبداً، هذا أولاً.
ثأنياً: أنه لا يجب مسح ما استرسل من الرأس؛ لأن الرأس مأخوذ من الترأس وهو العلو، وما نزل عن حد الشعر، فليس بمترأسٍ، وعليه فما استرسل من الشعر سواء كان مضفراً أم لا يجب مسحه.
ثالثاً: أنه لا يستحب أن يأخذ ماءً جديداً للأذنين ليمسحهما به، بعد مسحه للرأس، لعدم ثبوت ذلك عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولأن جميع من وصف وضوءه -صلى الله عليه وسلم - لم يذكروا أنه أخذ ماءً جديداً للأذنين، والله أعلم.(5/101)
مسح القدمين في الوضوء
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 14/2/1425هـ
السؤال
بماذا نرد على من يقول بوجوب المسح فقط على الرأس والقدمين دون غسلهما عند الوضوء مستندين في ذلك على آية الوضوء التي تذكر المسح على الرجلين والرأس؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
مسح الرأس في الوضوء هو المشروع لقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" [المائدة:6] فجاء التصريح في الآية بوجوب مسح الرأس في الوضوء، ولم يذكر مع المغسولات كالوجه واليدين.
وأما القدمان فعامة أهل السنة من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين ومن جاء بعدهم على وجوب غسلهما، ولا يجزئ مسحهما استدلالاً بالآية السابقة على القراءة المشهورة وهي قراءة نافع وابن عامر والكسائي ويعقوب وحفص بفتح اللام في قوله تعالى: "وأرجلَكم" فتكون معطوفة على الوجوه والأيدي في قوله تعالى: "فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ" [المائدة: من الآية6] وأدخل الممسوح - وهو الرأس- بين المغسولات لإرادة الترتيب، واستدلوا أيضاً بما جاء في السنة من أحاديث كثيرة فيها الأمر بغسل القدمين في الوضوء.
وذهب الشيعة إلى القول بوجوب مسح القدمين في الوضوء دون غسلهما واحتجوا بالآية السابقة في قراءة من قرأ قوله تعالى: " ... وأرجلِكم" بكسر اللام وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة، فتكون عندهم معطوفة على مسح الرأس.(5/102)
وهذا القول شاذ لا يعتد به، لمخالفته السنة وما عليه السلف، وقد أجاب الفقهاء عن قراءة الجر بأن ذلك محمول على مجاورة اللفظ لا على موافقة الحكم، كما قال الله تعالى: "عذاب يوم أليم" [هود:26] فالأليم صفة العذاب، ولكنه أخذ إعراب اليوم، للمجاورة، وهذا سائغ في لغة العرب كما في قولهم: (جحر ضب خرب) فالخرب نعت للجحر وأخذ إعراب الضب للمجاورة.
أو أن تكون الآية على هذه القراءة محمولة على مسح القدمين إذا كان عليهما الخفان، فتكون دليلاً على مشروعية المسح على الخفين، وقد بينت السنة حكم غسل القدمين في الوضوء بياناً صريحاً، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغسل قدميه في الوضوء ويأمر به ولم يذكر عنه أنه مسح قط، وجاء في الصحيحين: البخاري (60) ومسلم (241) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال: تخلف عنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة - صلاة العصر- ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثاً"، وروى مسلم (243) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "ارجع فأحسن وضوءك" فرجع ثم صلى، ولو كان يجوز الاكتفاء بمسح القدمين لما توعد على تركه.(5/103)
أحاديث مسح الرأس
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 19/1/1425هـ
السؤال
ما هي الأحاديث الصحيحة الواردة في كيفية مسح الرأس عند الوضوء؟ وما هي أقوال الأئمة الأربعة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإنَّ أصح حديث وأوضحه في كيفية مسح الرأس عند الوضوء، هو حديث عبد الله بن زيد بن عاصم - رضي الله عنه- الوارد، في صفة الوضوء، وفيه: "ومسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- برأسه، فأقبل بيديه وأدبر" وفي لفظ: "بدأ بمقدم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه" متفق عليهما كما في صحيح البخاري (185-186) ، وصحيح مسلم (235) .
وأما أقوال الأئمة الأربعة في هذه المسألة، فهي على النحو الآتي:
أولاً: أجمع العلماء على أن مسح الرأس في الجملة فرض من فرائض الوضوء، كما صرح به ابن قدامة في الشرح الكبير (1/344) .
ثانياً: وأجمعوا أيضاً على أن من عمَّ رأسه بالمسح فقد أدى ما عليه، سواء بدأ بمقدم رأسه أو بوسطه، أو بمؤخره، كما صرح به ابن عبد البر في الاستذكار (1/130) .
ثالثاً: وذهب جمهور العلماء إلى استحباب مسح الرأس على الصفة الواردة في حديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-.
رابعاً: ثم اختلف العلماء، هل يجب استيعاب الرأس بالمسح أم لا؟ على قولين:
الأول: أنه يجب استيعاب الرأس بالمسح، وهو المشهور من مذهب المالكية، وهو المذهب عند الحنابلة، كما في الكافي لابن عبد البر (1/169) ، والشرح الكبير مع الإنصاف (1/348) .
الثاني: أنه لا يجب استيعاب الرأس بالمسح، وقد اختلف أصحاب هذا المذهب إلى الأقوال الآتية:
الأول: أن الواجب مسح مقدار الناصية، وهو الربع، وهذا هو مذهب الحنفية، ورواية عند الحنابلة - بدون تحديدها بالربع- كما في الهداية مع فتح القدير (1/15) ، والإنصاف (1/348) .(5/104)
الثاني: أن الواجب مسح ما ينطلق عليه اسم المسح، لو بعض شعرة، أو قدره من البشرة يعني بشرة الرأس - وهذا هو المذهب عند الشافعية، كما في روضة الطالبين (1/53) .
الثالث: أن الواجب مسح أكثر الرأس، وهذا القول رواية عن أحمد - رحمه الله- كما في الإنصاف (1/348) .
الرابع: أن الواجب مسح ثلاث شعرات، وهو وجه شاذ عند الشافعية كما في روضة الطالبين (1/53) ، والله -تعالى- أعلم.(5/105)
مسح الوجه في الوضوء
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 18/12/1424هـ
السؤال
ما حكم غسل الوجه في الوضوء، مع أن ذلك يؤدي إلى حدوث تقشبات وجفاف له؟ وهل هذا عذر يسمح لصاحبه المسح على الوجه؟
الجواب
إذا كان الماء يضر بالوجه، أو يحدث له حساسية، أو يؤخر شفاءه، وقرر ذلك طبيب ثقة مسلم فإنه يجوز لك الاكتفاء بالمسح؛ لعموم أدلة رفع الحرج في الشريعة الإسلامية كقوله - تعالى -: " وما جعل عليكم في الدين من حرج " [الحج: 78] والله أعلم.(5/106)
هل ينقض الوضوء لمس الطبيب للمرأة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 11/1/1425هـ
السؤال
أنا طبيب أقوم بفحص المرضى إناثاً وذكورا، فهل يتوجب علي الوضوء بعد ملامسة كل امرأة لأداء الصلاة المفروضة في حال عدم وجود نواقض الوضوء المعروفة؟ أي هل ينتقض وضوئي بملامسة النساء؟ علماً أنني أقوم بفحص العديد من النساء يومياً.
الجواب
لمس المرأة بشهوة ينقض الوضوء سواء كان طبيباً أو غير طبيب، لكني أنصح السائل بأن لا يمس المرأة، وأن لا ينظر منها إلا ما تدعو إليه الحاجة، لتبيين العلة، ويكتفي به وينظر إليه من دون التلذذ، ولا يمس إلا ما يتطلب الأمر منه مسه، ولا يكون في هذا شيء من الشهوة، فإن وقع منه شيء من الشهوة فإنه ينقض الوضوء على قول كثير من أهل العلم. وأنصح الطبيب أن يكتفي بالكشف على الرجال وأن يكون للنساء طبيبة تعالجهن، ونحن في هذا الزمن قد توفر كثير من الأطباء والطبيبات، فكل يكتفي بعلاج نوعه، فالرجال يراجعون الأطباء، والنساء يراجعن الطبيبات. والله يتولى الصالحين.(5/107)
هل يُشرع الوضوء من كلام السوء؟
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 8/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أرجو إفادتي حسب المذهب الحنفي، إذا شتم شخص آخر أو تكلم عليه بسوء أو آذاه بعد الوضوء؛ هل ينتقض وضوؤه نتيجة لهذه الأقوال أو الأفعال السيئة؟ وما هي الأقوال التي تفسد الوضوء والتي لا تفسده؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السب والشتم لا ينقض الوضوء في مذهب أكثر العلماء ومنهم الإمام أبو حنيفة، ولا يفسد شيء من الأقوال الوضوء إلا الردة عن الإسلام ـ عياذاً بالله ـ عند بعض العلماء كأحمد - رحمه الله -
وأبو حنيفة لا يراها ناقضاً من نواقض الوضوء، وأما القهقهة داخل الصلاة ذات الركوع والسجود خلافاً للقهقهة في الصلاة على الميت؛ فإنها تبطل الوضوء عند الحنفية - رحمهم الله- والصحيح قول الجمهور أنها لا تبطله لضعف الحديث الوارد فيها.(5/108)
حد غسل الوجه في الوضوء
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 23/7/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
عند غسل الوجه في الوضوء هل يجب غسل المفصل الذي يربط بين الفك العلوي والسفلي، أم هو سنة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
غسل الوجه هو فرض من فروض الوضوء بالإجماع؛ لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ... " [المائدة: 6] ، وضابط الوجه هو: ما تحصل به المواجهة وهو من الأذن إلى الأذن عرضاً، ومن بداية الشعر إلى ما انحدر من اللحيين طولاً، ويدخل أيضاً في حد الوجه الفم والأنف، فيجب غسلهما، ويعبر الفقهاء عن ذلك بالمضمضة والاستنشاق، وقد دل على ذلك أن الله - عز وجل- أمر بغسل الوجه وأطلق؛ وفسر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بفعله وتعليمه، فمضمض واستنشق في كل مرة توضأ فيها، ولم ينقل عنه الإخلال بذلك مع اقتصاره على أقل ما يجزئ حينما توضأ مرة مرة، وكذلك لحديث لقيط بن صبرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا توضأت فمضمض" رواه أبو داود (144) وإسناده جيد؛ كما قال الحافظ ابن رجب، ولعل المقصود يحصل بذلك. والله أعلم.(5/109)
لا يغسل رجليه في الوضوء لعلة، فهل يتيمم؟
المجيب عبد الله بن سعد الكليب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 14/7/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
هل يجوز لي أن أتوضأ وضوءًا كاملاً، ولكن بدون أن يصل الماء إلى القدمين؟ وذلك بسبب أنني أعاني من وجود الفطريات بين أصابعي، وقد نصحني الطبيب في السابق بعدم وصول الماء إلى القدمين. بارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله، والصلاة والسلام على رسوله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فيجوز لك أن تغسل جميع أعضاء الوضوء عدا الرجلين، ولكن يجب أن تتيمم لهما، وهذا على أصح قولي أهل العلم، لعموم قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ] التغابن: من الآية16 [. ولما أخرجه أبو داود (336) وغيره -بسند فيه ضعف- عن جابر، رضي الله عنه، قال: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً، وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ. فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: "قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا! فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ " الحديث. فجمع بين التيمم والغسل، كما أن العجز عن بعض الشرط لا يسقط جميعه. والله أعلم.(5/110)
تخليل اللحية في الوضوء
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 08/07/1426هـ
السؤال
ما حكم تخليل اللحية؟ هل يجوز الاكتفاء بغسل ظاهرها؟ وهل يبطل الوضوء إن لم أخللها؟ وما هو حد التخليل؟
الجواب
اللحية إما أن تكون خفيفة لا تستر البشرة، فهذه يجب غسلها وما تحتها؛ لأنه بظهوره يكون داخلاً في حكم الوجه، وإما أن تكون اللحية كثيفة وهي التي تستر ما تحتها من البشرة، فهذه يجب غسل ظاهرها وما استرسل منها؛ لأن اللحية وإن طالت تحصل بها المواجهة فهي داخلة في حد الوجه.
والتخليل له صفتان، الأولى: أن يأخذ كفاً من ماء ويجعله تحتها حتى تتخلل به.
الثانية: أن يأخذ كفا من الماء ويخللها بأصابعه كالمشط.
وفي الجملة فإن التخليل سنة، فلا يبطل الوضوء بتركه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخلل لحيته في الوضوء. رواه الترمذي (31) والحاكم (542) وغيرهما، من حديث عثمان، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعله ولم يكن يواظب عليه، كما ذكر ذلك ابن القيم في زاد المعاد (1/197) ، وعليه فيجعله مرة ويتركه أخرى.(5/111)
هل يجزئ المسح على الشعر المنمَّش في الوضوء؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الوضوء
التاريخ 10/06/1426هـ
السؤال
حصل بيننا خلاف في حكم وضع الميش، هل يمنع وصول الماء للشعر أم لا؟ فنرجو بيان الحكم الشرعي في ذلك، كما أرجو توضيح حدود زينة المرأة لزوجها؛ لأننا سمعنا أن المتزوجة يجوز لها أن تتنمص وتلبس الباروكة إذا كانت تعاني من مشكلات في الشعر، وجزاك الله خيراً.
الجواب
الأرجح هو جواز وضع الميش ما لم يكن فيه تشبه بالكافرات؛ لأن الأصل في زينة المرأة هو الحل والإباحة، ولا دليل على التحريم، قال تعالى: " قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" [الأعراف: 32] .
أما القول بأنه يمنع وصول الماء، فالجواب عليه من وجهين:
الأول: ثبت لدي -من خلال سؤال أهل الاختصاص- أنه لا يمنع وصول الماء، وأنه لا يختلف في هذا الأمر عن سائر أصباغ الشعر.
الثاني: لو فرضنا جدلاً بأنه يمنع وصول الماء إلى الشعر، فإن شعر الرأس يجوز المسح فيه على العمامة والخمار، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لبَّد شعره بالعسل وهو محرم، فدل مجموع ذلك على أن الأمر فيه سعة -ولله الحمد-.
أما تزين المرأة لزوجها فضابطه الابتعاد عما حرَّم الله، كالنمص والوشم وتفليج الأسنان والتشبه بالكفار ووصل الشعر بالباروكة أو غيرها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/112)
هل يجزئ الغسل عن الوضوء؟
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 24/7/1422
السؤال
هل الغسل بعد المجهود أو العمل يجزئ عن الوضوء إذا أحضرت النية أم يجب عليّ إسباغ الوضوء؟
الجواب
إذا نويت الوضوء، ورتبت بين أعضائه، وكملت غسل ما يغسل، ومنه المضمضة والاستنشاق، ومسح ما يمسح على الصفة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث الوضوء، ومن أجمعها حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه دعا بوضوء، فتوضأ، فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين، لا يحدّث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه ". قال ابن شهاب: (وكان علماؤنا يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة) . أخرجه البخاري (159) ومسلم (226) واللفظ له.
إذا حصل ذلك فقد أجزأك وضوؤك، ولم يضرك كونه وقع أثناء غُسلك غير الواجب.(5/113)
كيفية الغسل من الحيض
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 24/7/1422
السؤال
ما كيفية الغسل والتطهر من الحيض؟ وما الدعاء، أو ماذا يجب على أن أفعل أو أقول؟
الجواب
ليس عليها شيء واجب من الدعاء، وإنما تسمي عند البدء إذا كانت في مكان طاهر، وإذا كانت في دورة المياه التي فيها قضاء الحاجة، فإنها تقدم رجلها اليسرى عند الدخول وتسمي، ثم تغتسل الاغتسال الكامل؛ فتبدأ بغسل أثر النجاسة من فرجها وما حوله، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة، ثم تفيض الماء على رأسها حتى تروي بشرتها بالماء وتنقض شعرها، ثم تفيض الماء على سائر جسدها ثلاث مرات، فهذا هو الغسل الكامل. فقد أخرج مسلم في صحيحه (332) عن عائشة أن أسماء سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غسل المحيض فقال: ((تأخذ إحداكنّ ماءها وسدرتها فتطهّر، وتحسن الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصبّ عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسّكة فتطهّر بها)) فقالت أسماء: وكيف تطهّر بها؟ فقال: ((سبحان الله! تطهّرين بها)) فقالت عائشة (كأنها تخفي ذلك) تتبّعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة فقال: ((تأخذ ماءً فتطهّر فتحسن الطهور، أو تبلغ الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء)) فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار! لم يكن يمنعهنّ الحياء أن يتفقهن في الدين.
هذا هو الغسل الكامل، أما الغسل المجزئ فهو غسل البدن كاملاً بالماء مرة واحدة. والله أعلم.(5/114)
الخارج أثناء المداعبة الزوجية
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 13/7/1422
السؤال
يخرج مني أثناء مداعبة زوجتي قبل الجماع سائل لزج، ماحكم هذا الماء؟ هل يوجب الغسل؟ وإذا قبلت زوجتي بشهوة، وأنزلت فهل أغتسل؟
الجواب
السائل الذي يخرج عند ثوران الشهوة إن كان رقيقاً يسيل من غير دفق كهيئة اللعاب، فهذا هو المذي، ولا يوجب غسلاً، وإنما يغسل الرجل ما أصابه منه، ويغسل ذكره وخصيتيه بالماء، ويتوضأ وضوءه للصلاة؛ لحديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كنت رجلاً مذّاءً وكنت أستحيي أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله فقال: ((يغسل ذكره، ويتوضأ)) أخرجه البخاري (269) ومسلم (303) . وعند أحمد (1009) وأبي داود (208) ((ليغسل ذكره وأنثييه)) وأُعلّت هذه الرواية بالإرسال، لكن رواها أبو عوانة بإسناد قال الحافظ: لا مطعن فيه.
أماّ ما يخرج غليظاً دفقاً بلذة يعقبه فتور، فهو المني، وخروجه يوجب الاغتسال سواءً كان خروجه بجماع، أو مباشرة، أو احتلام، أو نحو ذلك، إذا خرج على هذه الصفة، والله أعلم.(5/115)
خروج المني أثناء قضاء الحاجة
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 22/7/1422
السؤال
احيانا عند القيام بقضاء الحاجة يخرج من الذكر سائل منوي أعزكم الله فهل يجب الاغتسال منه؟
الجواب
مثل هذا لا يوجب غسلا وإنما يوجبه ما خرج دفقا بلذة اللهم إلا أن يكون هذا الشخص نائما فيجب عليه الاغتسال إذا رأى المني في ثيابه ولو لم يذكر احتلاما.(5/116)
معنى الاحتلام
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 15/12/1422
السؤال
ما معنى الاحتلام؟ وكيف يكون؟
الجواب
الاحتلام أن يرى الرجل في حال نومه كأنه يجامع امرأة ما، فإذا أنزل المني في هذه الحال فيجب عليه الاغتسال، وإذا لم ينزل فلا اغتسال عليه لقوله - صلى الله عليه وسلم-: " إنما الماء من الماء " رواه مسلم (343) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه-.(5/117)
انتقال المني يوجب الغسل ولو لم يخرج
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 10/9/1424هـ
السؤال
الذي أعرفه أن نزول المني دفقاً وبشهوة موجب للغسل،
وبحكم تخصصي في جراحة المسالك تتردد علي أسئلة بخصوص ممارسة العادة السرية، وهي في حالة ممارستها والإحساس بانتقال المني والعمل على عدم خروجه سواءً بالقبض على القضيب، أو عمل أي حركه تعيق خروجه مع قضاء الشهوة، فهل هي موجبة للغسل؟
الجواب
نقول: إذا انتقل المني من محله بحيث أحس بالنشوة التي يعقبها الفتور فقد وجب الغسل ولو لم يخرج المني، فإذا أمنى الإنسان أو حصل منه إنزال فإن هذا موجب للغسل، وأنصح هذا الطبيب بأن ينصح المرتادين إليه على عدم ممارستها، ويحث على البديل الشرعي وهو الزواج، قال -تعالى-: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"، والذي يستعمل العادة السرية ابتغى وراء ذلك وأراد قضاء شهوته في غير محل قضاء الشهوة، نسأل الله الهداية والتوفيق.(5/118)
تركت الاغتسال من الجنابة جهلاً
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 25/2/1423
السؤال
أسأل عن امرأة كانت تصلي وعليها الجنابة دون أن تغتسل جهلاً منها بالحكم، وذلك أكثر من 3سنوات.
الجواب
إذا كان الواقع -كما ذكرت السائلة- فإنه لا يجب عليها قضاء الصلوات خلال الثلاث سنوات التي تصلي فيها بدون غسل الجنابة؛ لأنه يشترط للتكليف العلم، ولذلك لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المستحاضة التي تركت الصلاة جهلاً أن تعيد تلك الصلاة؛ لأنها كانت تعتقد عدم وجوب الصلاة عليها، انظر ما رواه البخاري (327) ومسلم (334) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
وكذلك لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمر وعماراًً -رضي الله عنهما- أن يعيد واحد منهما الصلاة لما أجنبا ولا ماء معهما، فلم يصل عمر -رضي الله عنه- وصلى عمار -رضي الله عنه- بالتمرغ. انظر ما رواه البخاري (338) ومسلم (368) من حديث عبد الرحمن بن أبزى.
لكن على هذه المرأة أن تتقي الله وتطلب العلم الواجب عليها، حتى تؤدي فرائض الإسلام على علم ونور، والله أعلم.(5/119)
الفرق بين غسل الجنابة والنظافة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
هل هناك فرق بين الغسل للجنابة والغسل للنظافة في إجزائهما عن الوضوء من عدمه؟ وهل يشترط في الغسل للنظافة الوضوء؟ مع الأخذ في الاعتبار النية. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الغسل للجنابة رفع حدث وهو الحدث الأكبر، والوضوء -أيضاً- رفع للحدث الأصغر، وأما الغسل للنظافة فهذا ليس رفعاً للحدث، فحينئذ فلو أن إنساناً اغتسل غسلاً غير واجب ليس غسل جنابة وإنما غسل نظافة أو غسل جمعة ونوى به رفع الحدث الأصغر من الوضوء، فإنه لا يجزئه لأن الغسل ليس فيه رفع حدث فالله تعالى يقول:"وإن كنتم جنباً فاطهروا ... "، ويدخل الوضوء مع غسل الجنابة في رفع الحدث فيدخل الحدث الأصغر ضمن الحدث الأكبر في إزالة ورفع ما تستباح به الصلاة، وأما إذا كان الغسل للنظافة فإنه حينئذ ليس فيه رفع حدث فلا يجزئ عن الوضوء، وإنما لا بد أن يتوضأ وضوء بفروضه وترتيب أعضائه، والله أعلم.(5/120)
كيفية الغسل من الجنابة
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 13/3/1424هـ
السؤال
ما كيفية الغسل من الجنابة؟
الجواب
سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والإجابة:
سـ/ امرأة تسأل عن كيفية الغسل من الحيض ومن الجنابة بواسطة وسائل الغسل الحديثة، كالدش والصنبور وغيرها.
جـ/ المرأة تستنجي من حيضها ونفاسها، ويستنجي الرجل الجنب والمرأة الجنب، ويغسل كل منهما ما حول الفرج من آثار الدم أو غيره، ثم يتوضأ كل منهما وضوءه للصلاة: الحائض، والنفساء، والجنب، يتوضأ وضوء الصلاة، ثم بعد ذلك يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات، ثم على بدنه على الشق الأيمن، ثم الأيسر، ثم يكمل الغسل، هذه هي السنة، وهذا هو الأفضل.
وإن صب الماء على بدنه مرة واحدة كفى، وأجزأ ذلك في الغسل من الجنابة والحيض والنفاس.
ويستحب للمرأة في غسل الحيض والنفاس أن تغتسل بماء وسدر، هذا هو الأفضل.
أما الجنب فلا يحتاج للسدر، والماء يكفي، سواء كان اغتساله من الصنبور أو من الدش، أو بالغرف من الحوض، أو من إناء، أو غير ذلك، كله جائز والحمد لله.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (11/186) ] .(5/121)
نزع العدسات عند الاغتسال
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 14/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجب علي نزع العدسات اللاصقة من العين عند الاغتسال من الجنابة أو الحيض؟
الجواب
لا يجب على المرأة إذا كانت تلبس العدسات أن تنزعها عند الاغتسال من الجنابة أو الحيض، لأن غسل داخل العينين غير واجب، الواجب هو غسل العينين فقط.(5/122)
لعن الملائكة للجنب
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 24/2/1424هـ
السؤال
سمعت أن المرأة أو الرجل إذا كان عليهما جنابة فخرجا من المنزل للضرورة أو غيرها قبل أن يغتسلا تلعنهما الملائكة حتى يرجعا إلى المنزل ما مدى صحة ذلك؟
الجواب
أنا لم أسمع ما قلت، فيجوز للرجل - والحمد لله - وكذلك للمرأة أن يخرجا من منزلهما للضرورة أو لغير ضرورة قبل الاغتسال.
روى البخاري (283) ، ومسلم (371) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أنه لقيه النبي - صلى الله عليه وسلم- في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسل فذهب فاغتسل، فتفقده النبي - صلى الله عليه وسلم- فلما جاءه قال: "أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سبحان الله إن المؤمن لا ينجس".(5/123)
هل الوطء في الدبر يوجب الغسل
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 23/12/1423هـ
السؤال
إذا جامع الزوج زوجته وأدخل حشفة ذكره في دبرها بقصد أو بغير قصد فماذا يجب عليه؟ وما هي الأشياء الموجبة للغسل؟ وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
الجواب
إذا أدخل المكلف الحشفة في فرج أصلي وجب عليه الغسل سواء كان الفرج قبلاً أو دبراً وسواء حصل الإنزال أو لم يحصل وعلى هذا يجب الغسل على من أدخل حشفة ذكره في دبر امرأته سواء كان بقصد أو بغير قصد إلا أنه يأثم إذا كان عن قصد ويتوب إلى الله عز وجل لأنه موضع محرم لا يجوز للزوج الاستمتاع به.
وموجبات الغسل:
(1) إنزال المني دفقاً بلذة سواء كانت في اليقظة أو في النوم.
(2) الإيلاج في الفرج سواء حصل إنزال أو لم يحصل، وسواء كان الحشفة أو أكثر من ذلك.
(3) انقطاع دم الحيض أو النفاس موجب للغسل أيضاً، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.(5/124)
تأخير الصلاة للجنب
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 12/11/1423هـ
السؤال
أنا أعمل من الساعة 11 مساء إلى 7 صباحاً ويحصل لي أن أنام ولكن عندما أستيقظ من النوم أجد أني احتلمت ولكن لا أستطيع أن أصلي الفجر لأني على جنابة ولا أقدر أن أخرج من العمل لأني وحدي في الموقع وأضطر أن أؤخر صلاة الفجر حتى أخرج من بعد الساعة 7 صباحاً لكي أصل إلى البيت وأغتسل ثم أصلي هل عملي فيه شيء؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد،
فأقول وبالله التوفيق والسداد: أخي السائل لا بد وأن تبذل كل وسعك في أن تجد مكاناً تغتسل فيه إذ الموقع الذي أنت فيه لا بد وأن يكون فيه حمام فابذل وسعك لأن تغتسل فيه وإذا تعذر عليك ذلك فالحكم أنك تتيمم بقصد الطهارة من الجنابة وتصلي صلاة الصبح في وقتها وإذا رجعت إلى بيتك تغتسل من الجنابة وتصلي بقية الصلوات الخمس وغيرها من النوافل وغيرها. هذا والله أعلم بالصواب.(5/125)
الجماع حيث لا يمكن الغسل
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 12/10/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
السؤال: ما حكم من جامع زوجته في رحلة بدوية في يوم بارد ولم يغتسل مع وجود الماء خوفاً من ضرر البرد بل اكتفى بالتيمم مع علمه مسبقاً بعدم وجود مكان آمن للاغتسال فهل فعله هذا صحيح؟ وهل كان الأجدر به عدم الجماع لعلمه بعدم وجود مكان آمن من البرد للاغتسال؟ وهل كان يجب عليه الاغتسال مع وجود إمكانية لتسخين الماء، لكن تسخين الماء لا يمنع إمكانية حصول الضرر؟ أثابكم الله.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن دين الإسلام يسر، ومن يسره وترخيصه أن أباح لمن خشي على نفسه الهلاك باستعمال الماء أن يتيمم صعيداً طيباً و"ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج" [المائدة: 6] ، سواء في ذلك الوضوء والغسل لا فرق.
ولكن إذا كان يستطيع أن يسخن الماء بلا مشقة شديدة ولا كلفة باهظة، فيجب عليه ذلك، ولا يجوز له التيمم، والبرد اليسير المحتمل لا بد منه، ولا تكاد تنفك عنه الحياة بحال في الشتاء، فمثل هذا البرد اليسير المحتمل لا يبيح التيمم.
أما قولك: إنه لا يجد مكاناً يأمن فيه من البرد عند الاغتسال ففيه نظر ظاهر، إذ لو كان الأمر كذلك، فكيف تأتّى له مكان آمن من البرد جامع فيه زوجته!!.
وأما سؤالك عن حكم الجماع لمن يعلم أنه لا يستطيع الاغتسال بسبب البرد الشديد ولا يجد ما يسخن به الماء، فالأظهر في ذلك الجواز؛ لأن جماعه ذلك من أحل الحلال، وإنما لا تستباح الرخص بالمعاصي على قول من قال بذلك.
وهذا قد استباح رخصة الله التيمم بأمر مشروع، بل عسى أن يكون له أجر على إتيان شهوته لما فيه من إعفاف نفسه وأهله، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"وفي بضع أحدكم صدقة" مسلم (1006) .(5/126)
هل يجب عليَّ الغُسل؟
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 01/04/1427هـ
السؤال
أنا فتاة كنت أمارس العادة السرية، وتاب الله علي -ولله الحمد- مشكلتي هي أنني أصبحت سريعة الاستثارة ولأتفه سبب، لكن دون أن ينزل مني شيء، فلا أدري هل كوني لا ينزل مني شيء معناه أن وضوئي لا ينتقض الوضوء، مع العلم أنني أحتلم أحياناً دون أن ينزل مني شيء، ولكني أعلم أنني احتلمت فأغتسل، فربما تكون طبيعة جسمي هكذا لا يفرز بسرعة.
لذا فإني لا أدري ما الحكم هل ينتقض وضوئي، وتبطل صلاتي دون نزول شيء، أم لا؟ مع العلم أن ذلك يتكرر معي كثيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد سررت بتوبتك وأسأل الله تعالى أن تكون مقبولة عنده، أما ما ذكرت من سرعة الاستثارة فليس -غالباً- واقعاً حقيقياً، وإنما تسلط على ذهنك وبدنك الشعور الغريب المذكور، وغاية ما تحتاجين إليه أن تصرفي ذهنك عن الخيال الذي يثيرك، كما أن عليك المحافظة على الاستعاذة المستمرة، وشغل عقلك، وبدنك في أمور أخرى من الأعمال الدعوية المناسبة لك، وأعمال المنزل، والقراءة في المجلات النافعة والهادفة.
ولا حاجة إلى الاغتسال والوضوء ما دمت لم تخرج منك إفرازات عند الاستثارة، فالوضوء لا ينتقض إلا بخروج المذي، والغُسل لا يجب بعد الاحتلام إلا برؤية المني، كما في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- لما سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: "نعم إذا رأت الماء". صحيح البخاري (282) ، وصحيح مسلم (313) .
وعدم شعورك بخروج شيء عند الاستثارة دليل على أنها أمر نفسي أكثر من كونه جسديا، وعلاجه الإعراض كما ذكرت، وفقك الله وأعانك.(5/127)
تعليم الاغتسال
المجيب محمد محمد سالم عبد الودود
عضو اللجنة العلمية بالموقع
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 07/08/1426هـ
السؤال
قرأت حديثاً عن أبي بكر بن حفص، قال: سمعت أبا سلمة يقول: دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة -رضي الله عنها- فسألها أخوها عن غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعت بإناء نحوا من صاع، فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب.
أرجو من فضيلتكم تخريج الحديث وشرحه، وتوضيح هل كان الاغتسال في نفس الغرفة؟ وهل كانت أم المؤمنين -رضي الله عنها- بملابسها عند الاغتسال؟ فقد وقع في نفسي شيء عند قراءتي لهذا الحديث، فلجأت إليكم -بعد الله- لإيضاح اللبس في نفسي، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أخي الكريم: هذا الأثر متفق على صحته؛ فقد أخرجه البخاري في صحيحه (248) ، ومسلم (320)
ولكي تفهم هذا الأثر لا بد أن تقف على النقاط التالية:
(1) إن هدف عائشة -رضي الله عنها- من هذا التصرف هو حسم الجدل في الكمية التي يمكن الاغتسال بها، فكأن هذا الجيل الصاعد من أبناء الصحابة كانوا يستبعدون جداً أن يغتسل الشخص بحوالي صاع فقط من الماء، وأنا أعتقد أنك الآن لن تصدق إذا قلت لك: إن الشخص يمكنه أن يغتسل بليترين ونصف من الماء.
وهو أمر أرادت أمنا عائشة -رضي الله عنها- أن تبين أنه ممكن بأسلوب أقرب ما يكون إلى التحدي؛ فكأنها تقول: هاتوا صاعاً من الماء، وسترون أنه يكفي للاغتسال.
ولهذا تجد أن البخاري جاء بهذا الأثر تحت عنوان: "باب الغسل بالصاع ونحوه".
(2) إن الأثر صريح في كونها جعلت بينها وبينهما حجاباً؛ ففي لفظ البخاري: "وبيننا وبينها حجاب" وفي لفظ مسلم: "وبيننا وبينها ستر".(5/128)
ولا غرابة في اغتسالها في الغرفة نفسها، فالمعروف أنهم كانوا في ذلك الوقت يغتسلون داخل البيوت، ويتخذون لذلك آلة تسمى (المخضب) تكون من النحاس غالباً، يجلس الشخص فيها يرخي ستارة من حوله ويغتسل. وفي هذه الحالة لا حرج من وجود غيره معه في نفس الغرفة، ويشهد لهذا ما في الحديث المشهور من دخول أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يغتسل وفاطمة بنته -رضي الله عنها- تستره بثوب صحيح البخاري (280) ، صحيح مسلم (336) .
(3) لقد أرادت عائشة -رضي الله عنها- أن تعلم هذين الولدين الاغتسال خطوة خطوة بشكل أقرب ما يكون إلى المشاهدة، وإن كانا لا يريانها لأنها -طبعاً- بينها وبينهما حجاب (ستارة) ، وقد ورد في بعض روايات هذه القصة التي لا تخلو من ضعف أنها كانت تختبرهما بعد كل خطوة بأن تسألهما عن الخطوة الموالية وتصحح معلوماتهما.
وتعتبر هذه الطريقة رائدة في إيصال المعلومات إلى الأولاد كما أنها سهلة التطبيق الآن؛ فبالإمكان أن أستدعي أحد الأولاد، وأجعله يقف خلف الباب وأسأله عند كل خطوة ما هي الخطوة التي عليَّ أن أقوم بها الآن؛ فأضمن بذلك سلامة فهمه وتصوره للعملية ومقدرته على التطبيق.
(4) لقد جاء التصريح في هذا الأثر أن أحد صاحبي هذه القصة أخو عائشة -رضي الله عنها- من الرضاعة، وقد ورد في بعض الروايات أنه من بني أبي القعيس، وهم محارم لها من الرضاعة كما هو مشهور. صحيح البخاري (4518) .
وأما الثاني وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- فإن عائشة -رضي الله عنها- خالته من الرضاعة؛ أرضعته أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. [انظر: التمهيد لابن عبد البر 7/61، وسير أعلام النبلاء 4/288] وقد يكون في وقت هذه القصة صغيراً دون البلوغ؛ لأنه ولد سنة بضع وعشرين للهجرة، ولأن أمه من الرضاعة -أم كلثوم- لم تولد إلا بعد وفاة والدها -رضي الله عنه وأرضاه- كما هو مشهور.
وبعد.. فأرجو أن تكون هذه الإيضاحات مزيلة لما يقع في النفس، موضحة لما حدث من لبس. والله سبحانه وتعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وزوجاته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.(5/129)
التيمم من أجل البرد
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/التيمم
التاريخ 8/12/1422
السؤال
ما الحكم إذا كان الرجل عليه جنابة ولم يستطع الغسل لأن الجو بارد، وهو سريع الإصابة بالبرد ولا بد من خروجه من المنزل في هذا الجو؟ هل يؤخر الصلاة إلى الظهر؟ أم يتوضأ ويصلي؟ أم يتيمم؟
الجواب
ما دام الرجل في المنزل، وليس مسافراً في البريَّة، فيجب عليه أن يغتسل، ويتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع الضرر وذلك بتسخين الماء مثلاً، وإذا كان في البريّة ولا يتمكن من تسخين الماء، ويخشى من فوات الوقت، ويتوقع الضرر لأنه شبه محقق فيتيمم ويصلي، وإذا تمكن من الاغتسال فيبادر، أما أن يؤخر الصلاة إلى الظهر فلا يجوز ذلك بحال من الأحوال، ما دام العقل موجوداً. وقد احتلم عمرو بن العاص - رضي الله عنه - وهو قائد سرية للجهاد في سبيل الله، وكان قد أصابه جرح، فخشي إن اغتسل تضرر، فتيمم - رضي الله عنه - وصلى بأصحابه صلاة الفجر بالتيمم، فعلم بذلك أصحابه فأخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب، فقال: يا رسول ذكرت قول الله - جل وعلا-:" ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً " فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقل شيئاً. انظر ما رواه أبو داود (334) وأحمد (17812) . أي أنه - عليه الصلاة والسلام- أقره بهذا الفعل، وأما من كان في البيت فلا يجوز له أن يؤخر الصلاة، ولا يجوز له أن يتيمم وهو في البيت وبإمكانه تسخين الماء وتدفئة جسمه بالملابس الواقية والله الموفق.(5/130)
أحكام التيمم
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/التيمم
التاريخ 24/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
أرجو منكم إفادتي عن معنى التيمم، سننه وفرائضه ومبطلاته ومعناه في اللغة وفي الشرع وشروطه وأسبابه، ولكم مني وافر الاحترام، وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
التيمم لغة: القصد. وشرعاً: قصد الصعيد الطيب لمسح الوجه والكفين بنية رفع الحدث، أو استباحة الصلاة..
فأما أسبابه أو الأعذار المبيحة له، فهي اثنان: الأول: عدم وجود الماء الكافي للوضوء أو للغسل. والثاني: عدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده، إما لمرض أو برودة ماء يخشى باستعماله حدوث مرض أو تأخر شفاء ... ، ونحو ذلك.
وأما شروطه فله شرطان خاصان به، وهما: أولاً: طلب الماء حتى يغلب على ظنه عدم وجوده، وثانياً: أن يكون التيمم بصعيد طاهر. وله شروط أخرى مشتركة بينه وبين الوضوء، وهي: أولاً: الإسلام. وثانياً: العقل. وثالثاً: التمييز. ورابعاً: انقطاع موجب (يعني: توقف خروج الناقض للطهارة) . وخامساً: الفراغ من استنجاء أو استجمار واجب. وسادساً: النية على خلاف بين أهل العلم هل هي شرط، أو فرض؟) .
وأما فرائضه، فهي أربعة، اثنان متفق عليهما، وهما: مسح الوجه، ومسح الكفين بالصعيد. واثنان مختلف فيهما: وهما الترتيب والموالاة.
وأما سننه: فهي التسمية في أوله كالوضوء والترتيب والموالاة -على الخلاف المشار إليه فيهما-.(5/131)
وأما مبطلاته أو نواقضه فله ناقضان خاصان به، وهما: أولاً: العثور على الماء الكافي للطهارة. ثانياً: القدرة على الطهارة بالماء بعد زوال العجز أو المشقة في استعماله. فإن تحقق أحد الناقضين قبل الشروع في الصلاة بطل التيمم، وإن تحقق بعد خروج الوقت لم يبطل، وذلك بالإجماع في المسألتين، كما حكاه ابن المنذر في كتابه (الإجماع 34) وإن تحقق أحدهما في أثناء الصلاة، أو بعد الفراغ منها قبل خروج الوقت فعلى الخلاف فيهما.
وللتيمم نواقض أخرى مشتركة وهي كل ما ينقض الوضوء أو الغسل، ومنه الخارج من أحد السبيلين، وزوال العقل، والنوم المستغرق.
هذا ما ظهر بعد الاستقراء، علماً بأن فقهاء المذاهب يختلفون في تكييف بعض ما ذكر -أعلاه- من حيث هو سبب أو شرط أو فرض أو سنة؟ والله تعالى أعلم.(5/132)
التيمم مع قلة الماء
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
كتاب الطهارة/التيمم
التاريخ 08/03/1426هـ
السؤال
نعاني من انقطاع المياه في المنطقة التي أسكن بها، وأحيانا لا يوجد ما يكفي إلا للاستعمال العادي من شرب وأكل، ولا يكفي للاغتسال معها، فهل هذا من مبيحات التيمم؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن الله قد شرع التيمم رحمة بعباده برفع للمشقة عنهم، قال تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم" الآية ... [الحج: 78] ، وقد جاء شرع التيمم مقيداً بأحوال:
أولها: عدم وجود الماء، وهذا صريح الآية الكريمة: "فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيبا" [المائدة:6] ، ثانياً: خوف الضرر باستعمال الماء لمرض ونحوه؛ لحديث: "لا ضرر ولا ضرار". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) .
ثالثاً: كون الماء قليلاً لا يكفي إلا للحاجات أو الضروريات كالأكل والشرب، ونحو لك؛ لأن بقاء النفس المسلمة من أعظم مقاصد الشارع الحكيم.
ففي هذه الحالات الثلاث يجوز العدول إلى التيمم، سواء كان ذلك في الطهارة الصغرى (الوضوء) ، أو في الطهارة الكبرى (الغسل من الجنابة) .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.(5/133)
تيمم المرأة خشية التكشف عند الأجانب
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة
كتاب الطهارة/التيمم
التاريخ 20/10/1426هـ
السؤال
في بعض الأحيان نكون في أماكن عامة مكتظة بالناس، حيث يصعب على المرأة أن تتخذ مكانا خالياً، وتكشف عن ذراعيها ورأسها لتتوضأ حين تدركها الصلاة, فهل يجوز لها أن تتيمم؟ أم أن هناك طريقة شرعية يمكن لها أن تتوضأ بها دون الكشف عن عورتها؟ وهل يجوز المسح على الخمار؟ وهل يجوز للمرأة أن تصلي أمام رجال أجانب؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالمرأة كلها عورة، لا يجوز لها أن تكشف شيئا من عورتها أمام الرجال الأجانب، وإذا اضطرت المرأة إلى الخروج من بيتها فينبغي أن تحتاط بالوضوء، وإن احتاجت إلى الوضوء في الأماكن العامة، ولم يتيسر مكان خاص فعليها أن تستتر بساتر، ولو بامرأة أخرى، أو بأحد محارمها، ونحو ذلك، ولا يجوز لها أن تتيمم وهي تجد الماء وتقدر عليه، ويجوز للمرأة أن تمسح على خمارها إذا احتاجت إلى ذلك قياساً على العمامة، والأولى أن تمسح على بعض الشعر، وتكمل على الخمار، كما أن من الأولى أن تكون قد لبسته على طهارة. والله أعلم.(5/134)
هل ينتقض الوضوء بخلع الجوارب؟
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة
التاريخ 18/10/1422
السؤال
إذا توضأ الإنسان ومسح على الخفين وأثناء مدة المسح خلع خفيه قبل صلاة العصر مثلاً فهل يصلي وتصح صلاته أم أن وضوءه ينتقض بخلع الخفين؟
الجواب
القول الراجح من أقوال أهل العلم الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم أن الوضوء لا ينتقض بخلع الخف، فإذا خلع خفه وهو على طهارة وقد مسحه فإن وضوءه لا ينتقض وذلك لأن الرجل إذا مسح على الخف فقد تمت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي، فإذا خلعه فإن هذه الطهارة الثابتة بمقتضى الدليل الشرعي لا يمكن نقضها إلا بدليل شرعي، ولا دليل على أن خلع الممسوح من الخفاف أو الجوارب ينقض الوضوء، وعلى هذا فيكون وضوءه باقياً ولكن لو أعاد الخف بعد ذلك وأراد أن يمسح عليه في المستقبل فلا، على ما أعلمه من كلام أهل العلم.
[مجموع فتاوى ورسائل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين، المجلد الحادي عشر، ص 179](5/135)
أحكام المسح على الجوارب
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة
التاريخ 14/10/1422
السؤال
ما هي الشروط الثابتة الصحيحة للمسح على الخفين أو الجوربين (الشراب) مع الأدلة على ذلك؟ ومتى تبتدئ مدة المسح، وهل ينتقض الوضوء بانتهاء مدة المسح؟
الجواب
يشترط للمسح على الخفين أربعة شروط:
الشرط الأول: أن يكون لابساً لهما على طهارة ودليل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمغيرة بن شعبة: " دعهما فإنني أدخلتهما طاهرتين ".
الشرط الثاني: أن يكون الخفان أو الجوارب طاهرة فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها، ودليل ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذىً أو قذراً، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسة ولأن النجس إذا مسح عليه بالماء تلوث الماسح بالنجاسة فلا يصح أن يكون مطهراً.
والشرط الثالث: أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل ودليل ذلك حديث صفوان بن عسَّال - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم، فيشترط أن يكون المسح في الحدث الأصغر ولا يجوز المسح في الحدث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه.
الشرط الرابع: أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، يعني في المسح على الخفين - أخرجه مسلم.(5/136)
وهذه المدة تبتدئ من أول مرة مسح بعد الحدث وتنتهي بأربع وعشرين ساعة بالنسبة للمقيم واثنتين وسبعين ساعة بالنسبة للمسافر، فإذا قدَّرنا أن شخصاً تطهر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء وبقي على طهارته حتى صلى العشاء من ليلة الأربعاء ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء ومسح في الساعة الخامسة بالتوقيت الزوالي فإن ابتداء المدة يكون من الساعة الخامسة من صباح يوم الأربعاء إلى الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، فلو قدّر أنه مسح يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة فإن له أن يصلي الفجر، أي فجر يوم الخميس بهذا المسح ويصلي ما شاء أيضاً ما دام على طهارته لأن الوضوء لا ينتقض إذا تمت المدة على القول الراجح من أقوال أهل العلم وذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يوقت الطهارة وإنما وقت المسح فإذا تمت المدة فلا مسح ولكنه إذا كان على طهارة فطهارته باقية لأن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يرتفع إلا بدليل شرعي ولا دليل على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح ولأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يتبين زواله فهذه الشروط التي تشترط للمسح على الخفين وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر.
[مجموع فتاوى ورسائل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين، المجلد الحادي عشر ص 159](5/137)
صفة المسح على الجوارب
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة
التاريخ 29/10/1425هـ
السؤال
السؤال: ما كيفية المسح على الخفين؟ وهل يجوز المسح عليهما مع بعض في نفس الوقت، أم اليمنى ثم اليسرى؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
أجاب الشيخ / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن سؤال مشابه لسؤالك، نسوق لك السؤال وجوابه:
السؤال ما كيفية المسح على الخفين؟
فأجاب بقوله: كيفية المسح أن يمر يده من أطراف أصابع الرجل إلى ساقه فقط، يعني أن الذي يُمسح هو أعلى الخف، فيمّر يده من عند أصابع الرجل إلى الساق فقط، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس اللحظة، كما تُمسح الأذنان؛ لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -: " فمسح عليهما" رواه البخاري (206) ، ومسلم (274) ولم يقل بدأ باليمنى، بل قال:" مسح عليهما " فظاهر السنة هو هذا. نعم لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى، وكثير من الناس يمسح بكلتا يديه على اليمنى وكلتا يديه على اليسرى، وهذا لا أصل له فيما أعلم، وإنما العلماء يقولون: يمسح باليد اليمنى على اليمنى، واليد اليسرى على اليسرى، وعلى أي صفة مسح أعلى الخف فإنه يجزئ، لكن كلامنا هذا في الأفضل.
المرجع: [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين (177:11) ] .
السؤال: رأينا أشخاصاً يمسحون من أسفل وأعلى فما حكم مسح هؤلاء وما حكم صلاتهم؟
الجواب:(5/138)
صلاتهم صحيحة ووضوءهم صحيح لكن يُنبهون على أن المسح من الأسفل ليس من السنة، ففي السنن من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يمسح ظاهر خفيه، وهذا يدل على أن المشروع مسح الأعلى فقط.
[مجموع فتاوى ورسائل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين، المجلد الحادي عشر، ص 177](5/139)
شروط المسح على الخفين
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة
التاريخ 19/11/1422
السؤال
كثير من العلماء يفتون بجواز المسح على الجوربين، وسؤالي هو: ما هي صحة ما اشترطه العلماء من أنهما يجب أن يكونا منعَّلين أو مجلدين، وهل يشترط إمكان تتابع المشي فيهما وما معنى ذلك؟ فهل جواربنا في هذا الزمان لا يمكن المشي فيها؛ لأنها سوف تتلف إذا سرت بها في الطريق ونحوه، أم أنها يمكن المشي فيها لأننا نمشي فيها في البيت والمسجد ونحو ذلك؟ فما هي صحة هذه الشروط - خاصة تتابع المشي فيها - (الرجاء ذكر الدليل والضوابط ما أمكن) - وهل تتوافر هذه الشروط في جواربنا أم لا؟!
وهل يجب أن يكونا ثخينين وما هو حد الثخانة؟
وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب
سئل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن سؤالين عن المسح على الجوارب وشروطه، نذكر لك فيما يلي نصهما مع الإجابة عنهما:
أولاً:
سئل: عما اشترطه بعض العلماء من كون الجورب والخف ساترين لمحل الفرض.(5/140)
فأجاب بقوله: هذا الشرط ليس بصحيح؛ لأنه لا دليل عليه، فإن اسم الخف أو الجورب ما دام باقياً فإنه يجوز المسح عليه، لأن السنة جاءت بالمسح على الخف على وجه مطلق، وما أطلقه الشارع فإنه ليس لأحد أن يقيَّده إلا إذا كان لديه نص من الشارع أو إجماع أو قياس صحيح، وبناءً على ذلك فإنه يجوز المسح على الخف المخرق، ويجوز المسح على الخف الخفيف، لأن كثيراً من الصحابة كانوا فقراء، وغالب الفقراء لا تخلو خفافهم من خروق، فإذا كان هذا غالباً أو كثيراً في قوم في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم ينبه عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - دلَّ ذلك على أنه ليس بشرط، ولأنه ليس المقصود من الخف ستر البشرة، وإنما المقصود من الخف أن يكون مدفئاً للرجل، ونافعاً لها، وإنما أجيز المسح على الخف، لأن نزعه يشق، وهذا لا فرق فيه بين الجورب الخفيف والجورب الثقيل، ولا بين الجورب المخرق والجورب السليم، والمهم أنه ما دام اسم الخف باقياً، فإن المسح عليه جائز لما سبق من الدليل.
ثانياً:
سئل الشيخ - حفظه الله تعالى - عما ذهب إليه بعض العلماء من جواز المسح على كل ما لبس على الرجل.(5/141)
فأجاب بقوله: هذا القول الذي أشار إليه السائل، وهو جواز المسح على كل ما لبس على الرجل هو القول الصحيح، وذلك أن النصوص الواردة في المسح على الخفين كانت مطلقة غير مقيَّدة بشروط، وما ورد عن الشارع مطلقاً فإنه لا يجوز إلحاق شروط به، لأن إلحاق الشروط به تضييق لما وسعه الله - عز وجل - ورسوله، والأصل بقاء المطلق على إطلاقه، والعام على عمومه، حتى يرد دليل على التقييد أو التخصيص، وقد حكى بعض أصحاب الشافعي عن عمر وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - جواز المسح على الجورب الرقيق، وهذا يعضد القول بجواز المسح على الجوارب الخفيفة الرقيقة وعلى الجوارب المخرَّقة، وكذلك على القول الراجح المسح على اللفافة، بل أن جواز المسح على اللفافة أولى لمشقة حَلِّها ولفِّها، وهذا هو الذي يتمشى مع قوله - عز وجل - حين ذكر آية الطهارة في الوضوء والغسل والتيمم، قال: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) [المائدة: 6] .
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ /محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - المجلد 11 ص (165) .(5/142)
المسح على الجورب الخفيف
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة
التاريخ 8/12/1422
السؤال
هل يجوز المسح على الجوارب الخاصة بالنساء والتي تصف البشرة؟
الجواب
السؤال: وسُئل فضيلة الشيخ / عن حكم المسح على الجورب المخرق والخفيف.
الجواب: القول الراجح أنه يجوز المسح على الجورب المخرق والجورب الخفيف الذي تُرى من ورائه البشرة؛ لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه أن يكون ساتراً؛ فإن الرَّجل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المُكَّلف والتسهيل عليه، بحيث لا نُلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء, بل نقول: يكفيك أن تمسح عليه، هذه هي العلة التي من أجلها شُرع المسح على الخفين، وهذه العلة - كما ترى - يستوي فيها الخف أو الجورب المخرق والسليم والخفيف والثقيل.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن عثيمين - رحمه الله -، ج 11ص (167) ](5/143)
خلع أحد الخفين بعد المسح
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة
التاريخ 17/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يبطل المسح على الخفين بعد خلع أحدهما للحاجة أو التبرد ونحوه؟
الجواب
إذا خلع الخف أو الجورب بعد أن مسح عليه فلا تبطل طهارته على القول الصحيح، لكن يبطل مسحه دون طهارته، فإذا أرجعها مرة أخرى وانتقض وضوؤه، فلا بد أن يخلع الخف ويغسل رجليه، والمهم أن نعلم أنه لا بد أن يلبس الخف على طهارة غسل فيها الرجل على ما علمنا من كلام أهل العلم، ولأن هذا الرجل لما مسح على الخف تمت طهارته بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا ينتقض إلا بدليل شرعي، وعلى هذا فلا ينتقض وضؤوه إذا خلع خفيه بل يبقى على طهارته إلى وجود ناقض من نواقض الوضوء المعروفة، ولكن لو أعاد الخف بعد ذلك وأراد أن يمسح عليه في المستقبل فلا، على ما أعلمه من كلام أهل العلم.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (11/179) ] .(5/144)
هل الدم نجس؟
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 13/7/1422
السؤال
ما القول الراجح في حكم الدم، هل هو طاهر أم نجس؟
الجواب
فأجاب -رحمه الله - بقوله:
هذه المسألة فيها تفصيل:
أولاً: الدم الخارج من حيوان نجس، نجس قليله وكثيره، ومثاله: الدم الخارج من الخنزير أو الكلب، فهذا نجس قليله وكثيره بدون تفصيل، سواء خرج منه حياً أم ميتاً.
ثانياً: الدم الخارج من حيوان طاهر في الحياة، نجس بعد الموت فهذا إذا كان في حال الحياة فهو نجس، لكن يعفى عن يسيره. مثال ذلك: الغنم والإبل فهي طاهرة في الحياة، نجسة بعد الموت، والدليل على نجاستها بعد الموت، قوله تعالى: " قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طعام يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس ".
ثالثاً: الدم الخارج من حيوان طاهر في الحياة وبعد الموت، وهذا طاهر، إلا أنه يستثنى منه عند عامة العلماء دم الآدمي، فإن دم الآدمي دم خارج من طاهر في الحياة وبعد الموت، ومع ذلك فإنه عند جمهور العلماء نجس، لكنه يعفى عن يسيره.
رابعاً: الدم الخارج من السبيلين: القبل أو الدبر، فهذا نجس ولا يعفى عن يسيره؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سألته النساء عن دم الحيض يصيب الثوب أمر بغسله بدون تفصيل.
وليعلم أن الدم الخارج من الإنسان من غير السبيلين لا ينقض الوضوء، لا قليله ولا كثيره كدم الرعاف، ودم الجرح، بل نقول: كلّ خارج من غير السبيلين من بدن الإنسان، فإنه لا ينقض الوضوء، مثل: الدم، وماء الجروح، وغيرها. (فتاوى ابن عثيمين 11/198) .(5/145)
فضلات الحشرات.. هل هي نجسة؟
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 28/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فكم يسعدني أن أتواصل معكم عبر بابكم هذا، والذي أستفيد منه دائماً، ويقدم لي كل جديد، ويفتح أمامي آفاقا، واسعةً من العلم، جزاكم الله عنا كل خير.
سؤالي هو عن بعض المخلفات التي يكون لها أثر من بعض الحشرات، كالناموس مثلاً، فأنا أجد دائماً فوق الأسطح والزجاج نقطاً لونها كالتراب تكون مرشوشة عليها، وهي من الناموس، وأحياناً اكتشفنا أنه يوجد فأر من مخلفاته التي كانت موجودة على الأرض والسجاد، فكيف لي إزالتها والتأكد من نظافة المكان؟ وكيف لي غسله؟ وهل تعتبر تلك المخلفات نجسة وعلي غسلها بالماء وتطهيرها؟ وإلا، فما حكمها؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولاً: أحمد الله لك الذي وفقك إلى الحرص على تعلم أمور دينك، وأسأله -سبحانه- أن يوفقك إلى الحرص على ما ينفعك في دينك ودنياك.
ثانياً: الأمور الواردة في السؤال لا تعد من النجاسات؛ وذلك لأنها من الأمور التي يشق التحرز منها، فعند أصحاب السنن عن أبي قتادة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الهرة: "إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم" رواه الترمذي (92) والنسائي (68) وأبو داود (75) ، وابن ماجدة (367) .
وكذلك كل ما يشق التحرز عنه من فضلات الحيوانات مأكولة اللحم، والحيوانات التي يباح للإنسان اقتناؤها (يستثنى من ذلك الكلب عند جواز اقتنائه) ، وما شابه ذلك من الحشرات والقوارض (كالفئران) التي توجد في البيوت، كل هذه الأمور لا تعد نجسة، وأما استقذار هذه الأمور والقيام بتنظيفها فهذا راجع إليك، وبالطريقة التي يراها الشخص مناسبة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(5/146)
تطهر من به سلس بول
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 8/11/1424هـ
السؤال
أنا مصاب بضعف وارتخاء في عضلات المثانة، وإذا تبولت -أكرمكم الله- تظهر قطرات بعد البول، ولا يطهر الذكر إلا بعد (15) دقيقة تقريباً فأنا أضع حائلاً بينه وبين ملابسي، وإذا انقطعت القطرات أتوضأ وأصلي، ولكن في كثير من المرات أصحو وأنا محتقن وإقامة الصلاة قريبة جداً فماذا أفعل؟ هل أصلي مع الجماعة وأنا محتقن من البول؟ أو أتبول وأنتظر حتى يطهر الذكر وأصلي في البيت وتضيع علي الجماعة؟ مع العلم أني -والحمد لله- حريص جداً على صلاة الجماعة، أفتوني مأجورين، وماذا أفعل في الصلوات التي صليتها وأنا محتقن؟
الجواب
إذا كان بإمكانك أيها الأخ التطهر من البول قبل خروج الوقت فإنه يجب عليك ذلك، وعليك بالمبادرة إلى الطهارة حتى تتمكن من إدراك الجماعة، وذلك بعد انقطاع أثر البول عنك تماماً، فإن لم تتمكن من إدراك الجماعة لهذا العذر فلا حرج عليك -إن شاء الله-.(5/147)
تطهير الفراش من آثار الوقاع
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 30/1/1424هـ
السؤال
بعد أن أجامع زوجتي قد يصيب الفراش بعض الإفرازات سواء مني أو من زوجتي، فهل تركها حتى تجف يزيل نجاستها؟ أم يجب إزالتها بالماء حتى يصير الفراش طاهراً؟
الجواب
هذه الإفرازات إن كانت منياً فهي طاهرة سواء كانت منك أو من زوجتك، وإن كانت مذياً أو غيره وليست منياً فهي نجسة ولا يطهر الفراش بجفافها، ولا يلزم تطهير الفراش منها؛ لأن الفراش معرض دائماً لها ولأمثالها، وليس محلاً للصلاة عليه.(5/148)
نجاسة لعاب الكلب
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 21/2/1424هـ
السؤال
سؤالي عن لعاب الكلب في حالة إصابة ثوبي شيء منه هل تصح الصلاة به؟ وإن كان ذلك هل يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب كما هو الحكم في الإناء أم يغسل بالماء بشكل عادي؟ وهل إذا لامس لعاب الكلب يدي يجب أن أتوضأ إذا أردت الصلاة أم لا؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب
فأولاً: أنصح أخي السائل بعدم اقتناء الكلاب إلا لمسوغ شرعي؛ لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية، أو صيد أو زرع، انتقص من أجره كل يوم قيراط" أخرجه مسلم (1574) وغيره، والحديث مخرج نحوه في البخاري (2322) ، والقيراط كما ثبت في الحديث أصغره مثل جبل أحد، قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم (3/186) :"وقد اتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلب لغير حاجة مثل أن يقتني كلباً إعجاباً بصورته، أو للمفاخرة به، فهذا حرام بلا خلاف، وأما الحاجة التي يجوز الاقتناء لها فقد ورد هذا الحديث بالترخيص لأحد ثلاثة أشياء، وهي: الزرع والماشية والصيد" أ. هـ.
وأما بالنسبة للعاب الكلب إذا أصاب ثوباً أو عضواً من أعضاء البدن، فإنه ينجسه، وعلى هذا فيجب غسله -الثوب أو البدن- سبع مرات أولاهن بالتراب، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم في ولوغ الكلب في الإناء، وعليه فيمر التراب مع الماء في الغسلة الأولى على المحل المتنجس ثم يكمل الغسلات الباقية، قال النووي في شرح صحيح مسلم (3/186) :"ولو ولغ -أي الكلب- في ماء قليل أو طعام، فأصاب ذلك الماء أو الطعام ثوباً أو بدناً آخر وجب غسله سبعاً إحداهن بالتراب"أ. هـ.(5/149)
والراجح من قولي أهل العلم أن غير التراب كالصابون ونحوه لا يقوم مقام التراب، وذلك للنص عليه في أحاديث الولوغ، وأيضاً لأنه ثبت في الطب الحديث أن النجاسة الناتجة عن ولوغ الكلب لا يزيلها غير التراب، والله تعالى أعلم.(5/150)
هل هذه المحاليل الطبية نجسة؟
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 29/3/1423
السؤال
أنا طبيب في قسم جراحة المسالك البولية، وطبيعة عملنا يتطلب عمل مناظير للمثانة باستخدام حقن سائل يتم من خلاله رؤية المثانة، مع العلم أننا نستخدم ما يعادل ثلاث لترات من هذا المحلول في الساعة، والمعلوم طبياً أن كمية البول التي تفرزها الكليتان في الساعة حوالي ستين مليمترا، وسؤالي: أنه يصيب ثيابنا وحتى ملابسنا الداخلية الكثير من هذا المحلول بعد اختلاطه بالبول، فهل يجب تغيير هذه الملابس قبل أداء الفريضة أم أنه إذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث؟
الجواب
الراجح في هذه المسألة أن السوائل والمحاليل حكمها حكم الماء في التنجس وعدمه، والراجح أن النجاسة لا تؤثر في الماء إلا إذا ظهر أثرها في لونه، أو طعمه، أو ريحه قَلَّ هذا الماء أو كثر، وإلى هذا القول أشار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في (الفتاوى 21/508) :" ومن تدبر الأصول المنصوصة المجمع عليها، والمعاني الشرعية المعتبرة في الأحكام الشرعية تبين له أن هذا هو أصوب الأقوال، فإن نجاسة الماء أو المائعات بدون التغير بعيد عن ظواهر النصوص والأقيسة" وبناء على ما سبق فإن هذا المحلول الذي يختلط بالبول ينظر فيه فإن كان متغيراً بالبول في لونه، أو طعمه، أو رائحته فهو نجس وإلا فليس بنجس، وإن أمكن التنزه عنه فهو أولى، والله أعلم.(5/151)
سلس المذي
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 16/7/1423هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: أفيدكم أنني شاب أبلغ من العمر 26 عاماً، تزوجت منذ أربعة أشهر أعاني من مشكلة كانت عندي قبل الزواج واستمرت بعده، وهي: خروج المذي مني بكثرة وهذا يزعجني ويجعلني أجلس في الحمام مدة تزيد عن نصف ساعة، وأحياناً أعيد الوضوء أكثر من مرة، ومرات أضطر لإعادة الصلاة ظناً مني بأنه قد خرج مني المذي، فما حكم عملي هذا؟ علماً أنني أغسل ذكري بالماء فإذا مسسته وجدت فيه لزوجة، فهل يكفي غسل الذكر أم يجب التأكد من عدم وجود اللزوجة؟
الجواب
أنت رجل مذّاء، والمعنى كثير المذي، فلا حاجة لك في أن تجلس في الحمام هذا الوقت، بل حكمك حكم من به سلس بول، وإن كان المذي لا ينقطع دائماً، فإذا دخل وقت الصلاة فاغسل ذكرك وما لوثه ثم توضأ للصلاة وصل من النوافل ما شئت إلى خروج الوقت، وقد روى البخاري (269) واللفظ له، ومسلم (303) من حديث علي أنه كان رجلاً مذّاء، قال: فأمرت رجلاً أن يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته فسأله، فقال: توضأ واغسل ذكرك"، وإن كان المذي ينقطع في وقت دون وقت فتحرّ الوقت الذي ينقطع فيه ثم اغسل فرجك وتوضأ للصلاة، والذي أخشى أن الذي بك وسواس لا سلس فإن كان ذلك فلا تلتفت إليه، وفي الجملة عليك بالحذر من كل مثير للشهوة كالتفكير، ومقدمات الجماع وغيرها مع زوجتك في أوقات الصلوات.(5/152)
النجس الخارج من غير السبيلين
المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار
خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 29/8/1424هـ
السؤال
بالنسبة إلى نواقض الوضوء:
1- الخارج من السبيلين.
2- والخارج الفاحش النجس من الجسد. ما معنى الخارج الفاحش النجس من الجسم؟.
الجواب
ينتقض الوضوء بخروج أي شيء من السبيلين (القبل والدبر) ، سواء أكان هذا الخارج بولاً أم غائطاً أم دماً أو كان غير ذلك.
وقد يخرج شيء من جسم الإنسان من غير السبيلين، كخروج الدم من الأنف أو الفم أو الجرح، وكخروج الريق والنخامة والعرق والقيح، (فهذا هو الخارج من الجسم من غير السبيلين) .
وهذا الخارج من جسم الإنسان قد يكون طاهراً مثل العرق واللعاب والمخاط، وقد يكون نجساً مثل الدم (فهذا هو الخارج النجس من الجسم) .
وهذا الخارج النجس (الدم) مثلاً قد يكون قليلاً وقد يكون كثيراً، والكثير يسمى فاحشاً.
إذن معنى العبارة (كُلَّ ما خرج من جسم الإنسان من غير السبيلين وكان هذا الخارج نجساً (مثل الدم) وكان فاحشاً أي: كثيراً.
الحكم: الخارج النجس الكثير من جسم الإنسان من غير السبيلين ينقض الوضوء عند بعض أهل العلم -رحمهم الله جميعاً_.
لكن يرى آخرون من أهل العلم -رحمهم الله- أنه لا ينقض الوضوء، وهذا هو الأقرب إلى الصواب، والله أعلم.(5/153)
كيف يتطهر من لا يتحكم في الخارج منه؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 15/11/1424هـ
السؤال
أجريت لي عملية جراحية في منطقة الدبر، ومن حينها أصبحت ألاحظ عدم تمكني الكامل في التحكم في البراز، بل إنني ألاحظ أحياناً بعض البراز في الملابس الداخلية بعد الصلاة، فما الحكم في تلك الصلوات وما العمل في المستقبل؟
الجواب
ما دمت لا تستطيع التحكم في ذلك فلا بأس عليك، وإنما عليك أن تستنجي بغسل مكان الخارج وتزيل أثر النجاسة، وتتخذ شيئاً يمنع انتشار النجاسة الخارجة من الدبر، وتتوضأ بعد دخول وقت تلك الصلاة، وتنوي بوضوئك استباحة الصلاة، وتصلي بهذا الوضوء الفرض والنوافل ما دمت في الوقت، فإذا خرج وقت هذه الصلاة فعليك أن تتوضأ لوقت الصلاة الثانية.(5/154)
متى يُغسل بول المولود؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 27/12/1422
السؤال
إلى أي مدة زمنية يعتبر بول المولود الذكر غير مستوجب الغسل من أجل الطهارة منه؟
الجواب
هذا ليس فيه تحديد للمدَّة الزمنية، وإنما هو بأكله الطعام من عدمه، إذا كان غذاؤه اللبن فقط فإن بوله يرش رشاً ويكفي، وأمَّا إذا كان يأكل الطعام ويشرب اللبن فإن بوله يغسل كبول غيره، فلا يتقيد بزمن، وإنما هو بأكله الطعام، متى ما أكل الطعام مع اللبن يغسل. لِما أخرجه البخاري (223) مسلم في صحيحه (287) عن أمِّ قيس بنت محصن -رضي الله عنها- أنها أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابن لها لم يأكل الطعام، فوضعته في حجره، فبال، قال: فلم يزد على أن نضح بالماء.(5/155)
حكم الإفرازات المهبلية
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 16/1/1423
السؤال
أنا امرأة حامل، وأعاني من مشكلة كثرة الإفرازات المهبلية، وكلما أردت الصلاة أشعر بخروج شيء - أحياناً يكون إحساسي خاطئاً - فهل يجب علي إعادة الصلاة؟ أحياناً أكون قد انتهيت وبعدها أجد شيئاً في الملابس، فهل تعد نجاسة أم لا؟ وهل يمكن الاكتفاء بمسحها بالماء من الملابس أم تغييرها، وخاصة إن كنت خارج المنزل؟ -مثلاً- في رمضان صليت التراويح في المسجد، وعندما عدت للبيت وجدت الإفرازات في ملابسي، فهل كان علي إعادة الصلاة؟ لشكي قمت بإعادة العشاء فقط، وهل يجب الوضوء لكل صلاة أم يمكن الجمع بوضوء واحد لصلاتين، وخاصة إن كنت خارج المنزل؟
الجواب
الرطوبة التي تخرج من فرج المرأة (الإفرازات المهبلية) محل خلاف بين الفقهاء، والأقرب للصواب - إن شاء الله - أنها طاهرة بنفسها وغير ناقضة للوضوء، وعلى هذا تزول جميع الإشكالات التي في السؤال.(5/156)
يخرج منه قطرات من البول بعد استنجائه
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 19/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت قد أرسلت إليكم سؤالاً بخصوص أني أشعر بوجود بعض قطرات البول بعد التبول، وقد تفضلتم وأرسلتم لي الجواب بعنوان (سلس البول) ، فجزاكم الله خيراً. ولكنى لا أعتقد أني أعاني من سلس البول، فالذي يحدث أني أجد قطرات بول تخرج من الذكر وتخرج بصعوبة، وتظل مدة طويلة، وأظل أضغط على عنق الذكر حتى تخرج، والمشكلة هي طول المدة، مما يجعلني أعاني كثيراً، وخصوصا عندما أكون خارج المنزل وأتخلف عن صلاة الجماعة، ولا أشعر بالاطمئنان في الصلاة مما أصابني بالوساوس. دلوني على الحل الأمثل لتلك المشكلة؛ حتى أصلي وأنا مطمئن. وجزاكم الله كل خير.
الجواب(5/157)
إذا كانت تخرج من الإنسان قطرات بعد تبوله فإن عليه أن يجتهد في قضاء حاجته قبل دخول الوقت، ويضع حائلاً على مخرج البول؛ كمنديل ونحوه، بحيث يكون عنده من الوقت ما يكفي، ويكون هذا الخارج في هذا الحائل، فإذا جاء وقت الصلاة يكون قد انقطع هذا الخارج فيستنجي ويتوضأ ويصلي صلاة معتادة، وأما ما ذكره من أنه يكثر من الضغط على الذكر ونحوه فإن هذا من الناحية الطبية ليس سليماً، لأنه يسبب التهابات، ويسبب خلطاً في مجاري الخارج من الذكر، ويسبب له أمراضاً. وليس هذا هو العلاج الشرعي له، وإنما العلاج أن يحاول - كما قلنا في أول الكلام - أن يقضي حاجته في وقت مبكر، أو يضع حائلاً على مخرج البول، وما يخرج منه أثناء هذه المدة يكون في هذا الحائل، وعليه ألا يشتغل في الوساوس، لأن كثرة التركيز على هذا الأمر يسبب للإنسان شيئاً من الوساوس، وقد ذكر في سؤاله أنه يعاني شيئاً من ذلك، حتى إن الجماعة تفوته، وفي أثناء الصلاة لا يطمئن، وعليه أن يعرض نفسه على طبيب المسالك لعله يجد له دواء، والله أعلم.(5/158)
تنجس بصاق اللاعن
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 20/6/1424هـ
السؤال
امرأة بصق عليها ابن ابنها الصغير وكان عمره ست سنوات، فخلعت ملابسها عندما أرادت الصلاة لأنها تعتبرها نجسة؛ لأن الطفل كان يلعن ويشتم، وهي تقول إنهم يذكرون أن الذي يشتم ويلعن ينجس فمه أربعين يوماً، فإذا تنجس فمه فبصاقه نجس، فما حكم فعلها؟ وهل ما ذكرته من تنجس فم من يلعن له أصل أم أنه غير صحيح؟
الجواب
ما فعلته السائلة من خلع الثياب بسبب بصاق الطفل عليها مخالف للشرع، لأن بصاقه طاهر، وخلع الملابس لا يكون إلا من النجاسة، وما ذكرته في سؤالها من أن فمه يتنجس لكونه يسب ويلعن لا أصل له في الشرع، فالأعيان لا تتنجس إلا بملاقاة النجاسة، وليس السب واللعن بنجس، والله أعلم.(5/159)
علم بنجاسة ثوبه أثناء الصلاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 12/1/1425هـ
السؤال
عندما كنت أصلي صلاة العصر تذكرت أني توضأت وغسلت ذكري ولم أغسل المذي الذي في ثوبي, ما حكم صلاتي؟ وهل هي صحيحة أم لا؟ وماذا يجب علي إن لم تكن صحيحة؟ وشكراً لكم.
الجواب
إن كنت تذكرت وأنت تصلي فيجب عليك أن تتخلص من النجاسة بخلع ما هي فيه مع الاستمرار في صلاتك، فإن لم تستطع فتنصرف من صلاتك وتتخلص من النجاسة وتبدأ صلاتك من أولها، وإن كنت لم تتذكر النجاسة إلا بعدما أكملت الصلاة فصلاتك صحيحة، والحمد لله.(5/160)
إفرازات المرأة أثناء المداعبة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 29/8/1424هـ
السؤال
هل السائل الذي يخرج مني أثناء مداعبة زوجي لي نجس؟ وهل يوجب الغسل (وهو سائل مائي اللون لزج قليلاً) ؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
هذا السائل الذي يخرج عند المداعبة هو المذي، وهو سائل نجس، ولكنه لا يوجب الغسل، بل يوجب غسل الفرج ثم الوضوء، كما يدل عليه حديث علي -رضي الله عنه-، فإنه قال:"كنت رجلاً مذاءً، فكنت أستحي أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال:"يغسل ذكره ويتوضأ" أخرجه البخاري (132) ، ومسلم (303) ، واللفظ له، وفي لفظ آخر لمسلم:"توضأ وانضح فرجك"، وأما المني الذي يوجب الغسل، فإنه يخرج عند الجماع أو الاحتلام أو الاستمناء، وهو ماء رقيق أصفر، كما جاء ذلك في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (311) عن أنس -رضي الله عنه-:"أن أم سلمة حدثت أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل" فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: واستحييت من ذلك، قالت: وهل يكون هذا؟ فقال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-:"نعم، فمن أين يكون الشبه! إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه" والله تعالى أعلم.(5/161)
إفرازات المرأة المهبلية
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 12/2/1424هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجة وحامل في الشهر السادس وأعاني من كثرة السوائل التي تخرج من الفرج، والمشكلة هي أنني أعاني منها عندما أصلي فقد أشعر بها في أثناء الصلاة فأقطعها وأعيد الصلاة مرة أخرى وهكذا ثانية وثالثة حتى أتأكد من عدم نزولها مما يشق عليَّ من كثرة الإعادة، وأحياناً أشعر بها أثناء الوضوء فأعيد الوضوء وأحياناً لا أشعر بها نهائياً، ولكن عندما أذهب إلى الحمام بعد الصلاة مباشرة أجدها، فهل تعد ناقضة للوضوء أم لا؟ وهل يجب عليَّ إعادة الصلوات التي أجد بعدها هذه السوائل؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
هذه السوائل المشار إليها تخرج من المهبل مخرج الولد وهي طاهرة لا توجب غسل المحل ولا الثياب، ولا تنقض الوضوء أيضاً؛ لأنه لم يرد في نصوص الشارع -فيما أعلم- ما يدل على نجاسة هذا الخارج، أو على أنه ناقض، لا سيما وأن هذا الأمر مما يبتلى به عامة النساء -سواء في عصرنا هذا أو في عصر النبوة- فلو كان نجساً أو ناقضاً لبينه الشارع، وأيضاً فإن هذا الخارج ليس من فضلات الطعام والشراب -كالبول- وإنما إفراز طبيعي يخرج من الرحم، ولذا فإنه يكثر مع الحمل ولا سيما في الشهور الأخيرة منه، وهذا ما أفتى به سماحة الشيخ: محمد بن عثيمين في آخر حياته وقبله الإمام ابن حزم، والله تعالى أعلم.(5/162)
وجود بول دائماً في الملابس
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 24/2/1424هـ
السؤال
أجد في ملابسي الداخلية أربع أو خمس نقاط من البول على الدوام، فأغسلها تارة وأنساها أخرى، هل يعتبر هذا من سلس البول؟ ماذا يجب علي فعله؟ هل أغسله دائماً أم أتركه؟ أم ماذا أفعل؟ ما حكم صلاتي السابقة فيه؟
الجواب
أخشى أن الذي بك وسواس فإن كان كذلك وجب عليك أن تغسل ذكرك بعد البول ثم تتوضأ وضوءك للصلاة، وينبغي أن ترش شيئاً من الماء على سراويلك؛ حتى لا يداخلك الشك كما ثبت ذلك في السنة، فإن تيقنت أنه بول وليس بك وسواس فالواجب عليك عند دخول الوقت أن تغسل فرجك وما لوثه من بدن وملابس ثم تتوضأ وضوءك للصلاة، ثم تصلي ما شئت من فروض ونوافل، فإذا دخل وقت الأخرى تفعل مثل فعلك الأول إلا إذا لم يخرج منك شيء فأنت على طهارتك الأولى، وأما صلاتك في ثوب فيه نقاط بول وتركتها نسياناً أو جهلاً فصلاتك صحيحة والحالة هذه لعموم قوله تعالى:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" [البقرة: 286] .(5/163)
تطهير بول الطفل
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 24/5/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
يوجد سجادة صلاة بالمنزل، قد يصيبها نجاسة بول طفل، هل يلزم غسلها للصلاة عليها؟ أم يمكن وضعها في الشمس والهواء فتصبح جافة؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هناك مسألتان:
المسألة الأولى: بول الطفل نجس؛ وذلك لعموم الأحاديث الواردة في نجاسة بول الآدمي، وهذه الأحاديث تعم بول الصغير والكبير.
المسألة الثانية: أن الشرع ورد بالتخفيف في غسل نجاسة بول الطفل الذي لم يأكل الطعام، فيكفي فيه النضح، أي: مجرد إمرار الماء على الجزء الذي أصابه البول من غير حاجة إلى عصر، هذا إذا كان الطفل في السؤال لم يأكل الطعام بعد، أما إذا كان يأكل الطعام، أي: ينظر للطعام بشهوة ورغبة، فيجب أن يغسل مثل ما يغسل سائر بول الآدمي، لا بد من غمر المكان بالماء، ويحتاج إلى عصر.
والنجاسة تزول بغير الماء، وهذا هو الراجح من أقوال العلم، فأي شيء زالت به النجاسة فإنها تزول؛ فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا انتفت النجاسة انتفى الحكم بالقول بأنها نجسة، وبناء على ذلك فالنجاسة تزال بغير الماء كالريح، والشمس، وغير ذلك. والله أعلم.(5/164)
تطهير دم الحيض بالريق
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
الشيعة يقولون: إنه ورد في صحيح البخاري المجلد الأول الكتاب السادس رقم:
(312) عن عائشة- رضي الله عنها- لم يكن لإحدانا أكثر من ثوب واحد، وكان الحيض يأتينا ونحن نرتديه، وعندما يجف الدم من الحيض على الثوب كنا نمسح الدم بريقنا ونحته بأظفارنا. فهل هذا صحيح؟ إذن لماذا قال الشيخ سلمان باستخدام الماء؟ أرى هذا البيان غريباً؛ لأنني لم أسمع أن الريق يطهّر.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فلقد ثبت في صحيح البخاري (312) عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: "ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها، فقصعته بظفرها، أي: فركته به"، وقولها - رضي الله عنها-: "قالت بريقها" أي: بلَّته به، وهذا الحديث الصحيح حجة لمن قال إنه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر- ومنه الريق- كما أشار إليه الحافظ بن حجر في الفتح (1/331) ، وهذا هو مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف - رحمهما الله- كما في الهداية مع فتح القدير (1/169-170) ، وهو رواية عن أحمد - رحمه الله- كما في الإنصاف (2/298) ، ورجَّحه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (21/475) ، حيث قال: (فالراجح في هذه المسألة: أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان، زال حكمها، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها) ا. هـ.
هذا هو الراجح في هذه المسألة، ومن قال بقول الجمهور، وهو أن النجاسة لا تزول بغير الماء، فالأمر واسع بحمد الله. والله -تعالى- أعلم.(5/165)
ما حكم هذه الرطوبة؟
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 18/03/1426هـ
السؤال
حضرة الشيوخ الأكارم: السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة في العشرين من عمري، أقع في حالة معينة من الإثارة الجنسية، فيخرج من جسمي سائل لا يخرج إلا في حالين: إما عند قيامي بمثل هذا الأمر، وإما عند تفكيري أفكاراً جنسية، فهل خروج مثل هذا السائل يوجب الغسل، أي هل أكون جنباً حين يخرج؟ وهل هو نجس؟. أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فالذي يظهر أن هذا السائل الذي يخرج منك هو المذي، وهو الذي يخرج غالباً عند استدعاء الشهوة، أو عند مقدمات الإثارة الجنسية، وهو سائل مائي اللون، وهو بخلاف المني الذي يخرج من المرأة عند الاحتلام أو الجماع، فإنه ماء رقيق أصفر، كما جاء ذلك في حديث أنس عند مسلم (311) حين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة: " ... إن ماء الرجل - يعني: المني- غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه".
والمذي - أيتها الأخت الكريمة- سائل نجس، يجب غسل الملابس منه، وهو يوجب غسل الفرج والوضوء، كما دل على ذلك حديث علي -رضي الله عنه- عند مسلم (303) ، وفيه أن المقداد بن الأسود -رضي الله عنه- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عمَّا يوجبه خروج المذي، فقال عليه الصلاة والسلام: "توضأ وانضح فرجك".
وعليه فمن خرج منه هذا السائل فإنه لا يكون جنباً، وإنما يكون محدثاً حدثاً أصغر، كما دل عليه هذا الحديث.(5/166)
بقي أن أقول أختي الكريمة: إنه يجب عليك أن تشغلي نفسك بالخير -أو على الأقل بالمباح- عن كل ما يثير الشهوة أو يؤججها، فالنفس - كما قيل- إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر، وكلما كثر وقت الفراغ، كلما كثر عليك ورود الأفكار الحالمة والتخيلات الجنسية المثيرة، وحينئذ تتحرك عندك الشهوة، وتهيج الغريزة، وتقعين في المحظور باللجوء إلى ما يخففها من الوسائل المحرمة، والتي هي في الحقيقة تثير الشهوة وتهيجها.
وأوصيك - أختي الكريمة- بمصاحبة النساء الصالحات اللاتي يذكرنك بالله - عز وجل- وبالدار الآخرة، واللاتي ممن تطابق أفعالهن أقوالهن، وسرائرهن علانيتهن، واحرصي - أيضاً- على الزواج المبكر متى ما تقدم لك زوج صالح في مظهره ومخبره، في دينه وخلقه؛ حتى يكون عوناً لك على ما يرضي الله -تعالى-، وحتى تشعري بطعم السعادة على حقيقتها. والله -تعالى- أسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.(5/167)
التنجس بملاقاة النجاسة
المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 02/08/1426هـ
السؤال
هل يتنجَّس الشخص عندما يجلس أو ينام أو يمشي على مكان قد أصابته نجاسة، خصوصاً إذا كان جسم هذا الشخص مبلولاً أو ملابسه مبلولة؟ وإذا حضر عندي ضيف وجلس على الكنب، أو مشى على السجادة التي بال عليها الطفل -سابقاً- فهل يجب علي أن أخبره أن لا يجلس في ذلك المكان حتى لا يتنجَّس؟ وهل أكون آثمة لو لم أخبره؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أولاً: الأصل في الأشياء الطهارة ما لم تثبت نجاستها.
ثانياً: النجاسة اليابسة لا تنتقل إلى ثياب من لاقاها، أما إذا كانت رطبة فإن رؤي أثر الرطوبة في ثياب من جلس عليها فهي نجسة وإلا فلا. فإن شك الإنسان في انتقالها إليه فالأصل هو الطهارة، وهو أصل متيقن لا ينتقل عنه إلا بيقين أو غلبة ظن، ولعل من أقوى ما يدفع الوسواس حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة -وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب؟ - فقال النبي صلى الله عليه وسلم-: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" أخرجه أبو داود (66) ، والترمذي (66) ، والنسائي (326) . وصححه الإمام أحمد ويحيى بن معين وابن حزم وابن تيمية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(5/168)
نجاسة المذي
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/إزالة النجاسة
التاريخ 01/11/1426هـ
السؤال
إذا وصل المذي الملابس وجفَّ فيها، هل يجوز الصلاة بتلك الملابس؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نجاسة المذي نجاسة مخففة، فيكفي فيه نضح الثوب، أي مكاثرته بالماء، فإن صلى بثوب فيه نجاسة ناسياً فلا شيء عليه.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/169)
كيفية الغسل من الحيض
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الغسل
التاريخ 24/7/1422
السؤال
ما كيفية الغسل والتطهر من الحيض؟ وما الدعاء، أو ماذا يجب على أن أفعل أو أقول؟
الجواب
ليس عليها شيء واجب من الدعاء، وإنما تسمي عند البدء إذا كانت في مكان طاهر، وإذا كانت في دورة المياه التي فيها قضاء الحاجة، فإنها تقدم رجلها اليسرى عند الدخول وتسمي، ثم تغتسل الاغتسال الكامل؛ فتبدأ بغسل أثر النجاسة من فرجها وما حوله، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة، ثم تفيض الماء على رأسها حتى تروي بشرتها بالماء وتنقض شعرها، ثم تفيض الماء على سائر جسدها ثلاث مرات، فهذا هو الغسل الكامل. فقد أخرج مسلم في صحيحه (332) عن عائشة أن أسماء سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غسل المحيض فقال: ((تأخذ إحداكنّ ماءها وسدرتها فتطهّر، وتحسن الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصبّ عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسّكة فتطهّر بها)) فقالت أسماء: وكيف تطهّر بها؟ فقال: ((سبحان الله! تطهّرين بها)) فقالت عائشة (كأنها تخفي ذلك) تتبّعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة فقال: ((تأخذ ماءً فتطهّر فتحسن الطهور، أو تبلغ الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء)) فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار! لم يكن يمنعهنّ الحياء أن يتفقهن في الدين.
هذا هو الغسل الكامل، أما الغسل المجزئ فهو غسل البدن كاملاً بالماء مرة واحدة. والله أعلم.(5/170)
الولادة القيصرية هل لها نفاس
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 27/6/1422
السؤال
سمعت بأن المرأة التي تلد بالقيصرية ليس لها نفاس على الرغم من نزول الدم بنفس صفة التي تلد ولادة طبيعية، فهل هذا صحيح؟
الجواب
هذا ليس بصحيح لأن النفاس هو الدم الخارج من المرأة مع الولادة، أو بعدها، أو قبلها بيسير. أما إذا استخرج الجنين بأي طريقة ولم يحصل مع المرأة دم فلا نفاس عليها.(5/171)
متى تبدأ أحكام النفاس؟
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 9/4/1422
السؤال
قريبة لي كانت حاملاً وفي عصر يوم 29 من رمضان نزل معها دم خفيف جداً وفي ليلة 30 بدأت علامات الولادة كألم الظهر ونحوه ثم في صبيحة يوم 30 خرج منها ماء الولادة، ثم ولدت ليلة العيد ... علماً أنها صلت يوم 29 كاملاً أما يوم 30 فصلت الفجر فقط.. وقد صامت اليومين معاً..
ما حكم صلاة هذين اليومين من حيث الوجوب والأجزاء والقضاء؟
الجواب
المدار في ذلك على وجود الطلق، فمتى بدأ الطلق أخذت حكم النفساء، وعلى هذا فإن كان هذا الدم الخفيف غير مقرون بطلق وانقطع بعد ذلك فصيامها صحيح في اليوم التاسع والعشرين وكذلك صلاتها؛ وإن كان مقترناً بآلام الولادة فصومها غير صحيح، وأما اليوم الثلاثين فعليها قضاؤه لأنه مقرون بالطلق وهو بداية النفاس.(5/172)
رأت الحيض بعد قضاء العمرة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 27/11/1424هـ
السؤال
سؤالي عن عمرة أتيت بها منذ سنة، وفعلت جميع متطلباتها، ولكن بعد عودتي إلى السكن وجدت دم الدورة، علماً بأنني كنت متأكدة بأنني طاهرة عندما بدأت العمرة، ولست متأكدة متى نزلت الدورة؟ هل هي خلال عمرتي أو بعد الانتهاء من المناسك أفتونا مأجورين. جزاكم الله خيراً.
الجواب
ما دمت متأكدة بأنك بدأت الطواف طاهرة فلا تلتفتي إلى الشك، ويجوز أن ما رأيت حصل بعد الطواف، واعلمي أن السعي لا يشترط له طهارة، فلو طافت المرأة طاهرة ثم جاءها الحيض قبل السعي فإنها تسعى، ولا شيء عليها، فعمرتك صحيحة -إن شاء الله-.(5/173)
إعادة المرأة للصيام دون الصلاة
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 25/10/1425هـ
السؤال
لماذا المرأة تعيد صيامها ولا تعيد صلاتها؟ علمًا أن الصلاة عمود الدين. ما أصل كلمة (آمين) في الصلاة؟ وما معناها؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
1-فإن المرأة إذا حاضت ثم طهرت لزمها قضاء الصوم ولا يلزمها قضاء الصلاة، والأصل أن على المسلم التسليم والإيمان بحكم الله وحكمته، ويكفيه ذلك كما قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: من الآية36] . ولما سئلت عائشة، رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ كان جوابها: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ. أخرجه مسلم (335) .
لكن قد يكون من الحكمة في ذلك أن في قضاء الصلاة مشقة على المرأة، وقد تطول أيام الحيض عند بعض النساء، وكذلك أيام النفاس، ودين الإسلام ولله الحمد جاء برفع الحرج، وأما الصيام فليس في قضائه مشقة كقضاء الصلاة. والله تعالى أعلم وأحكم.(5/174)
2- وأما كلمة (آمين) فهي كلمة تقال في إثر الدعاء، قال الفارس: (هي جملة مركبة من فعل واسم، معناها: اللهم استجب لي. قال: ودليل ذلك أن موسى عليه السلام- لما دعا على فرعون وأتباعه فقال: (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ) [يونس: 88] . قال هارون عليه السلام: آمين. فطبّق الجملة بالجملة) ا. هـ. وتلاحظ أيها الأخ أن بداية الآية: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً ... ) . وختمت بقوله تعالى: (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) . مع أن الدعاء من موسى لكن أمَّن هارون- عليهما السلام- على دعائه. والله تعالى أعلم.(5/175)
نزول دم بسبب اللولب
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 11/3/1424هـ
السؤال
استعمل أحد وسائل تنظيم النسل وهي (اللولب) ، ويستمر الحيض عندي سبعة أيام، وبعد الطهر يستمر نزول الدم خمسة أيام بكميات بسيطة جداً؛ فما حكم الصلاة والجماع في هذه الفترة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا كان هذا اللولب معروفاً بأنه يحدث الحيض فيطيل مدته، فتعتبر تلك الأيام الزائدة حيضاً تترك لها المرأة الصلاة والصيام، ولا يحل فيها الوطء، وإن كان ما ينزل بعد الطهر، وبعد انقطاع الحيض من أثر اللولب فقط، فلا يعتبر حيضاً وتجب فيه الصلاة، ويجوز فيه الوطء.(5/176)
الدم بعد تركيب اللولب
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 8/11/1423هـ
السؤال
ما حكم الدم الذي ينزل على النساء بعد تركيب اللولب وهل يأخذ حكم دم الحيض أو النفاس.
الجواب
هذا الدم لا يأخذ حكم الحيض والنفاس، لأن الدماء التي تعرض للمرأة كثيرة، فلا تترك الصلاة ولا الصيام إلا لدم الحيض والنفاس الصريحين، أما إذا شكت في هذا فالأصل وجوب الصلاة ووجوب الصيام لا تتركها إلا لدم حيض أو نفاس.(5/177)
الدم بعد انقطاع الدورة
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 11/9/1423هـ
السؤال
امرأة تأتيها الدورة الشهرية وتستمر حتى اليوم السابع، حيث ينقطع دم الحيض فتغتسل وتتطهر، وفي إحدى المرات انقطع عنها دم الحيض واغتسلت وجامعها زوجها في الليلة الثامنة واغتسلت من الجماع، وفي الصباح وجدت أنه خرج منها دم بكمية قليلة جداً.
السؤال: هل هذا الدم دم حيض؟ وهل يأثم زوجها على جماعه لها؟ وهل عليهما كفارة؟
الجواب
نزول الدم بعد الاغتسال لا يخلو إما أن يكون صفرة أوكدرة كأن يكون دماً بُنياً فهذا لا اعتبار به؛ لما ثبت عن أم عطية -رضي الله عنها- أنها قالت:"كنا لا نعد الصُفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً" رواه البخاري (326) ، فمثل هذا الدم لا يمنع الصلاة والصوم وسائر العبادات، كما لا يمنع الزوج من الجماع بسببه، وحكمه حكم البول يجب به الوضوء وإزالة ما أصاب من البدن والثوب، وأما إن كان دماً صريحاً فإنه يعد من الحيض وعلى المرأة أن تعيد الغسل بعد انقطاعه.
والذي يظهر لي في الصورة المسؤول عنها أنها أقرب إلى الأول لا سيما إن كانت بعد الطهر، وللطهر علامة بارزة تعرفها النساء تُسمى القصة البيضاء، وهي سائل أبيض يدفعه الرحم في آخر العادة، ويوجد عند أكثر النساء وقد لا يوجد عند بعضهن.
ولا إثم -إن شاء الله تعالى- عليها ولا على زوجها في الجماع الذي حصل على كل حال، فإنه إن كان الخارج كدرة أو صفرة فليس بحيض، وعليه فالجماع ليس في المحيض، وإن كان دماً فهما لم يقصدا ذلك؛ لأنها تعرف عادتها وقد انتهت بحسب معرفتها، ولا كفارة كذلك عليهما، والله -تعالى- أعلم.(5/178)
عرق الحائض
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 19/5/1423
السؤال
هل الملابس التي يصيبها العرق الخارج من الإنسان وقت الحيض أو الجنابة تعد نجسة ولا تصح الصلاة بها؟
الجواب
بل هي طاهرة وتصح الصلاة فيها ما لم يصبها دم الحيض، أو نجاسة أخرى، فإن أصابتها نجاسة تُغسل ويُصلى بها.(5/179)
حكم قراءة القرآن للحائض
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 7/11/1422
السؤال
إن دورتي الشهرية تبدأ عادة بمخاط بنَّي اللون، ثم بعد يومين أرى الدم الأحمر، فما حكم هذين اليومين من صلاة وصيام؟ هل أصوم وأصلي وأقرأ القرآن؟ أم تعد من أيام الدورة؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وبعد: فإن ما ترينه من مخاط بني اللون بداية دورتك الشهرية تتبع عادتك، فهو حيض لا تصومي ولا تصلي فيه؛ لأنها من أيام الدورة الشهرية، أما قراءة القرآن فمحل خلاف بين أهل العلم في جوازها للحائض، والراجح عندي جوازها - عند الحاجة - إذا كانت من غير مس للمصحف، أي من الحفظ أو تمس المصحف من وراء حائل، والله أعلم.(5/180)
استخدام الحبوب التي تمنع الدورة الشهرية
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 13/9/1424هـ
السؤال
السؤال: زوجتي تريد الحج ويصادف ذلك وقت الدورة الشهرية، فهل يجوز لها استخدام الحبوب التي تمنع الدورة لتحج؟ علماً أنها لم تستطع الحج في العام الماضي بسبب الدورة، وبارك الله فيكم.
الجواب
نعم يجوز لها استخدام الحبوب التي تمنع الدورة إذا لم يكن عليها ضرر صحي في ذلك.
مع العلم أن الدورة لا تمنع من الحج، فالحائض تؤدي المناسك كلها غير ألا تطوف بالبيت حتى تطهر. والله أعلم.(5/181)
استمرار دم النفاس بعد الأربعين
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 1/12/1422
السؤال
أنا متزوجة، وأنجبت طفلاً، وأتممت أربعين يوماً، وهي مدة النفاس، لكن بعد تمامي للأربعين يوم لم تظهر عندي علامة الطهارة، حيث يخرج مني مادة دم داكن، ثم بعد ذلك مادة صفراء. أرجو التوضيح لمعرفة الطهارة الصحيحة بالنسبة للنفساء، حيث إني الآن لا أصلي، وزوجي لا يباشرني؟
الجواب
هذا الدم الذي بعد الأربعين لا يخلو من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون الدم الذي جاء بعد الأربعين في وقت عادتها (الحيض) فحينئذٍ تجلس له فلا تصلي ولا تصوم؛ لأنه دم حيض.
الحالة الثانية: ألا يكون في وقت عادتها، والدم على وتيرة واحدة أي: لم يتغير بل هو على طبيعته ورائحته التي كان عليها في الأربعين، فهذا دم نفاس على الصحيح.
الحالة الثالثة: ألا يكون الدم الذي بعد الأربعين في وقت عادتها، ولم يكن على طبيعته قبل أن تتم الأربعين، فهذا دم فساد، أي: استحاضة ونزيف وليس بدم نفاس، فتغتسل وتصوم وتصلي، ولزوجها أن يباشرها، عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت:" كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدة أربعين يوماً "رواه أحمد (26561) وأبو داود (312) والترمذي (139) والحاكم (640-141) ، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال النووي: "حديث حسن"، وقال الخطابي:" أثنى البخاري على هذا الحديث"، لكن اشترط بعض العلماء تغير الدم -كما سبق-، وحملوا الحديث على أن الأربعين هي الغالب من أحوال النساء، وعليه فيكون الأمر بالتفصيل السابق، والله - تعالى - أعلم.(5/182)
أسقطت قبل تخلق الجنين فهل تعد نفساء؟
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 22/12/1422
السؤال
بعد حمل زوجتي بتسعة أسابيع مات الجنين في بطنها، وعملت لها عملية تنظيف لإزالة الجنين وآثار الحمل. فهل تعتبر نفساء في هذه الحالة؟ وهل النفاس مربوط بكمية الدم قليلة كانت أو كثيرة؟ وكم عليها أن تنتظر لتصلي؟ وهل هناك أحكام متعلقة بهذا السقط؟ علماً بأن المستشفى لم يسلمونا هذا السقط.
الجواب
لا تعتبر زوجتك نفساء، والدم دم فساد، تتوضأ وتتحفظ وتصلي وتصوم إن شاءت. والسقط في هذه الحال ليس له حكم الأموات لأنه لم تنفخ فيه الروح، ولا تثبت أحكام النفاس بكثرة الدم وقلته ولكن بكون الإسقاط وقع بعدما تبين فيه خلق إنسان، فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان فليس دمها دم نفاس، بل هو نزيف يكون حكمها فيه حكم المستحاضة، وأقل مدة يتبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء الحمل، وغالبها تسعون يوماً والله أعلم.(5/183)
دم الإجهاض
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 23/11/1423هـ
السؤال
امرأة أجهضت في الشهر الثاني، هل يعتبر الدم النازل عليها بسبب الإجهاض دم نفاس أم دم استحاضة؟ وماذا يترتب في الحالتين؟ أرجو التفصيل في المسألة وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أن المرأة المسقطة لا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إذا أسقطت ما تبين فيه خلق إنسان ولو خفياً فإن الدم النازل يعتبر دم نفاس يترتب عليه ترك الصلاة والصيام، بل لا يصح منها ذلك، وتقضي الصيام إذا طهرت.
الحالة الثانية: إذا أسقطت ما لم يتبين فيه خلق إنسان فالدم الذي يصاحبه لا يعتبر دم نفاس، بل هو دم عارض سببه الإسقاط لا يترتب عليه ترك الصلاة والصيام، بل على المسقطة أن تستثفر أي تتحفظ وتتوضأ وتصلي وتصوم كالطاهرات تماماً.
هذا وما ذكرته السائلة من أن الإسقاط كان في الشهر الثاني يدل على أن الجنين لم يتبين فيه خلق إنسان، لا سيما إن كان في أوائل الشهر الثاني، فتكون من الحالة الثانية والتي تقدمت آنفاً والله أعلم.(5/184)
الدم الخارج بعد عملية التنظيف
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 18/2/1423
السؤال
زوجتي لديها مرض يدعى (الحمل العنقودي) وهو مرض ناتج عن تكون أكياس في الرحم ينتج عنها نفس أعراض الحمل الحقيقي، ويحتاج لعملية تنظيف، وسؤالي هو: هل الدم الذي يخرج بعد عملية التنظيف يعد دم نفاس مانع من الصلاة؟
الجواب
الدم الذي يخرج من المرأة بعد عملية التنظيف ليس له حكم النفاس، وهو نجس، فلا تترك له المرأة الصلاة، وإنما يجب عليها قبل الصلاة وبعد دخول الوقت غسل أثر النجاسة، واتخاذ ما يمنع نزول الدم، وتصلي ولو خرج منها دم.(5/185)
الكدرة والصفرة قبل الطهر وبعده
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 19/7/1424هـ
السؤال
فتاة كانت دورتها الشهرية ستة أيام منذ بلوغها، وبعد عدة سنوات كانت تستمر الكدرة طويلاً وزادت عن عشرة أيام، وكانت تغتسل عند رؤية القصة البيضاء، وأحياناً كان يتبعها بيوم دم أو كدرة, لكنها لم تكن ترى القصة البيضاء دائماً، فكانت تظل ستة أيام ثم تغتسل وتصلي حتى لو لم تر القصة البيضاء، وذلك مع استمرار الكدرة والدم إلى ما بعد ذلك، فما الحكم؟
الجواب
الكدرة والصفرة المتصلة بدم الحيض تعد حيضاً، أما بعد الطهر فلا تعد حيضاً؛ لقوله أم عطية الأنصارية -رضي الله عنها-: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً" رواه البخاري (326) وأبو داود (307) .
ولا يجوز للمرأة أن تترك الصلاة لأي دم تراه، وإنما تترك الصلاة لدم الحيض أو النفاس فقط، وما عداه من الدماء فتتخذ وقاية تمنع نزول الدم وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي الفرض والنفل ولو نزل منها دم أثناء الصلاة.(5/186)
متى يعتبر دم الإسقاط نفاساً
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 26/2/1424هـ
السؤال
هل على المرأة التي تسقط حملها في الشهر الثالث صلاة أم تعتبر في حكم النفساء؟ وإن كان عليها صلاة كيف تقضي من لم تصل باعتبار أنها نفساء؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إن سقط منها ما تبين فيه خلق إنسان فلها حكم النفاس، وإن كان دماً فقط أو لم يتبين فيه خلق إنسان فليس لها حكم النفاس، بل يجب أن تصلي وتتخذ وقاية تمنع نزول الدم وتصلي، وإذا شق عليها صلاة كل فريضة في وقتها فلها أن تجمع المغرب والعشاء في وقت أحدهما، وتجمع الظهر والعصر في وقت أحدهما، والغالب أنه إذا سقط بعد ثمانين يوماً يكون قد تبين فيه خلق إنسان.(5/187)
اضطراب الدورة لحبوب الحمل
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 16/8/1424هـ
السؤال
امرأة تستخدم حبوباً لتنظيم الحمل، فكان أن اضطربت بها الدورة، فأصبحت تأتيها في الشهر أكثر من مرة، وخلال أوقات متعددة، مما يضيع عليها عدداً من الصلوات، فكيف تصنع؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
ما تيقنت أنه حيض ما لم يتجاوز أكثر الحيض وهو خمسة عشرة يوماً فهو حيض، وما لم تتيقنه أنه حيض فلا تجلسه، لأن الأصل وجوب الصلاة عليها ما لم تتيقن ما يسقطها، والذي هو الحيض أو النفاس، وعليها أن تعلم أنه تنتاب المرأة دماء كثيرة، ولا تسقط الصلاة عنها إلا لدم الحيض ودم النفاس فقط. والله أعلم.(5/188)
دم الإسقاط حيض أم استحاضة؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 4/6/1424هـ
السؤال
ما حكم من وضعت جنينها في الشهر الثاني؟ هل تصلي أم تأخذ حكم النفساء؟ علما أن الدم مازال يخرج بين الحين والآخر، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يثبت للجنين الأحكام المتعلقة بالنفساء إلا إذا تبين فيه خلق إنسان، فإذا وضعت المرأة ما تبين فيه خلق إنسان فإنها تأخذ أحكام النفساء، والمقصود بتبين خلق الإنسان تبين اليد، أو الرجل، أو الوجه، أو ما أشبه ذلك، فإذا لم يتبين فيه خلق الإنسان فإنها لا تأخذ أحكام النفساء، ويكون الدم الخارج منها هو دم حيض إذا كان على صفة دم الحيض.(5/189)
الدم الذي يسبق نزول الدورة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 5/8/1424هـ
السؤال
زوجتي تسأل عن حكم اليومين الأولين من موعد الدورة الشهرية لها، والتي لا يظهر فيها الدم على هيئة نقط، بل لا يظهر أثر إلا إذا مسحت الفرج، هل هذين اليومين من الدورة أم لا؟ وإذا لم يكونا من أيام الدورة فما حكم الصلوات التي تركتها في هذين اليومين؟.
الجواب
أما بالنسبة للدورة إذا نزلت على المرأة، فلا يشترط أن يكون الدم السائل كثيراً، بل يثبت لها حكم الحائض من لحظة نزول هذا الدم، وإن كان يسيراً جداً، وإن كان على شكل نقط، فما دام الدم قد نزل منها فإنها تأخذ حكم الحائض.(5/190)
صامت وهي حائض ظانّة أنها قد طهرت
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 9/8/1424هـ
السؤال
اكتشفت بعد زيارتي لطبيبة ثقة ومؤمنة وملتزمة أنني كنت أغتسل قبل الانتهاء من حيضتي أي بعد خمسة أيام فقط، علماً بأن حيضتي ثمانية أيام كما وضحت لي الطبيبة، فماذا أفعل في صيام أشهر رمضان السابقة؟ بما أني كنت أغتسل ولا تزال الحيضة قائمة؟ أفيدوني بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله، وبعد: عليك أن تسألي عالماً عن ذلك بعد الاستشارة الطبية السابقة، فقد تعتبر الطبيبة شيئاً من الدماء من الحيض وهو ليس كذلك شرعاً، وإن كان الغالب أن قول الطبيبة يكون معتبراً في مثل ذلك، وأنت لم تذكري صفات الدم الزائد حتى أبين لك هل هو حيض أو لا.
ثم إذا ثبت أنك كنت تغتسلين قبل انتهاء الدورة الشهرية، فإن كان ذلك بجهل منك وعدم علم بالحكم الشرعي، ولم تسمعي مطلقاً عن هذا الحكم الشرعي فالذي يظهر لي عدم وجوب قضاء شيء من الصيام السابق لكونك معذورة بالجهل، ولذلك لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المستحاضة التي تركت الصلاة جهلاً بالإعادة فيما رواه البخاري (327) من حديث عائشة - رضي الله عنها- ولا أمر عدي بن حاتم - رضي الله عنه - أن يعيد صيامه، لما وضع عقالاً أبيض وأسود كان ينظر فيهما ويأكل ما لم يستبينا، وقد كان مخطئاً في ذلك، لأن المقصود بالخيط الأبيض والأسود سواد الليل وبياض النهار، فهو كان يأكل بعد طلوع الفجر جهلاً، ومع ذلك لم يأمره - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة فيما رواه البخاري (1916) ، ومسلم (1090) فلهذه النصوص وغيرها أرى أنه لا يجب عليك الإعادة لجهلك، والله أعلم.(5/191)
النزيف بعد الدورة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 2/8/1424هـ
السؤال
نزيف جاء بعد الدورة بأسبوعين فقط، واستمر خمسة أشهر ما بين شديد ووسط وبسيط، وقد يتوقف ساعات أو يوماً ثم يعود، مع العلم أن الدورة عندي تتأخر ثلاثة أشهر أو أقل أو أكثر، ولم أترك الصلاة من بداية النزيف؛ لأنه جاء بعد الدورة بأسبوعين، فهل فعلي هذا صحيح؟
وما حكم الجماع؟ وإذا كان لا يجوز فهل يجوز في أثناء توقف النزيف ليوم أو ساعات؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
فعلك هذا صحيح، فلا تتركي الصلاة إلا لدم الحيض الصريح ودم النفاس، وما عداهما فيجب على المرأة أن تصلي، ولا ينبغي وطء المستحاضة إلا عند الضرورة، أما في حالة توقف النزيف فيجوز الجماع وإن كان الزمن يسيراً، والله أعلم.(5/192)
من مسائل الحيض
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 22/5/1424هـ
السؤال
زوجتي تختل لديها الدورة الشهرية، فتكون فترة الحيض من خمسة أيام إلى ثمانية أيام، ويكون في اليوم الأخير حمرة بعض الشيء، وأحياناً صفرة. فالسؤال هو:
(1) متى يكون وقت انقطاع الحيض؟ وهل المدة التي ذكرتها طبيعية؟
(2) وإذا انقطع الحيض عنها قرب صلاة المغرب، هل عليها أن تصلي العصر أولاً؟
(3) وإذا كان الدم دم استحاضة، فهل عليها أداء الفرائض أم تركها
الجواب
01 دورة المرأة هي التي تعتادها في العادة، ويتكرر معها، ودم الدورة معروف له صفات تعرفها النساء من حيث اللون، ومن حيث الرائحة، ومن حيث الثخونة، هذا من ناحية، والناحية الثانية: إنه إذا تكرر عليها هذا الدم ثمانية أيام ثلاث مرات، فإن هذا يعتبر دورتها، ولو أنه نقص في بعض الأحيان عن هذا، فإذا رأت فيه النقاء التام يعد طهراً إذا كانت مثلاً عادتها ثمانية أيام، وبعض الأيام صارت خمسة، فإذا أنها رأت في اليوم الخامس نقاء تاماً ليس فيه كدرة ولا صفرة، فإنه يعد طهراً، أما إذا كان الدم معها ما بين الخامس إلى الثامن فيه كدرة أو حمرة أو صفرة، فإنه يعد من الحيض.
02 إذا انقطعت عنها الدورة قبل غروب الشمس، فإنها تصلي الظهر والعصر، تصلي العصر وما يجمع إليها وهي الظهر، وإذا جاءتها الدورة قبل طلوع الفجر، فإن عليها أن تصلي المغرب والعشاء، أي: العشاء، وما يجمع إليها وهي المغرب.
03 إذا كان حقيقة الأمر أنه دم استحاضة، فهذه ليس لها أن تنقطع عن الصلاة، ولا عن الصيام؛ لأن دم الاستحاضة دم فساد وليس دم عادة، فحينئذٍ يكون عليها بعد دخول الوقت أن تستنجي وتتوضأ وتتحفظ، وتصلي ما شاءت من فرائض ونوافل إلى أن يأتي وقت الفريضة الثانية، ثم بعد ذلك تتوضأ مثلما عملت في الأولى.(5/193)
زيادة أيام الدورة الشهرية على المعتاد
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 18/8/1424هـ
السؤال
تستمر فترة الدورة الشهرية معي إلى عشرة أيام في بعض الأوقات، وسمعت أنه يتوجَّب علي الصلاة في حين مرور عشرة أيام ولم تنته الدورة، فهل هذا صحيح؟.
الجواب
أقل مدة الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، فإذا استمر مدة عشرة أيام أو أكثر ما لم يتجاوز أكثر الحيض على وتيرة واحدة، وشكل واحد فهو حيض تجلسيها ولا شيء عليك، وأما إذا اختلف فانظري إن رأيت صفرة أو كدرة بعد طهر فتعتبر هذه طهارة وعليك الصلاة فيها، وإن زادت أيام الحيض من شهر إلى شهر، واستمرت هذه الزيادة مثلاً فعليك أن تجلسيها ولا تصلي، وإذا شككت في الأمر فالأصل وجوب الصلاة، فلا تسقط عنك إلا بيقين الحيض والنفاس.(5/194)
نزيف أم نفاس؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 24/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
امرأة تسأل وتقول قبل ما يقارب 20 سنة كان لدي طفلان وكنت أخاف من الحمل وقد مارست بعض المحاولات لكي يسقط الحمل إذا كان هناك حمل، كأن أترك أبنائي يقفزون على بطني وكان ذلك في شهر رمضان، ولا أتذكر بالضبط بل أعتقد أنه قد نزل علي بعض الدم ولا أعلم مقدار الأيام فهل هي الدورة؟ مع أنها تخالفها في الأيام والكم، وأنا عندما أُرضِع لا تأتيني الدورة فما الحكم هل أقضي أم ماذا أفعل؟ مع أنني لا أتذكر بالضبط ولجهلنا في ذلك الوقت لم نعر الأمر اهتماماً أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالجواب أنه ما دام الحمل مشكوكاً فيه ثم إنه على فرض وجوده فهو بلا شك في مراحله الأولى فلا يكون الدم النازل عليه دم نفاس إلا بوضع أو بإسقاط ما فيه خلق إنسان ولم يكن كذلك، ثم أيضاً هذا الدم ليس دم حيض؛ لأنك ذكرت أنه يخالف دم العادة في الأيام والكمية، فاتضح أن الغالب على هذا الدم أنه دم صفرة أو كدرة وهو زمن الطهارة طهر، فإذا كنت في الأعوام الماضية لما أصابك هذا الدم قد صمت فأرى أن صومك إن شاء الله صحيح ولا قضاء عليك وعليك طرد الشك عنك، والله أعلم.(5/195)
نزول الدم من المرأة بسبب الفحص
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 11/7/1424هـ
السؤال
أنا أخضع لعلاج بالإبر في العضل لعملية تنشيط المبايض، والآن أنا في شهر رمضان وأخضع بعد كل خمس إبر إلى فحص داخلي، ولقد نزل الدم أثناء الفحص هل هذا يفطر أم لا؟.
الجواب
الدماء التي تعرض للمرأة كثيرة، ولا يفسد صيامها إلا دم الحيض الصريح ودم النفاس فقط.(5/196)
الحيض بعد الخمسين
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 19/11/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..فضيلة الشيخ أريد إفتاءنا في قضية المرأة التي بعد سن الخمسين ويأتيها دم فهي في إشكال من أمرها..هل يعتبر دم حيض أم دم استحاضة؟.. ونريد التفصيل شاكرين، حيث أن كثيرا من نسائنا يتركن الصوم والصلاة إذا جاءتهم هذه الدورة ... فبعضهن تغيب عنها 3شهور أو أكثر أو أقل وإن قلت إنها ليست بحيض قالت إن صغيرات السن تتلخبط عندهن الدورة فهذه في حكمها، وأحيانا يصل عمر المرأة إلى 56 أو أكثر وتقول إنه منتظم معها هذا الدم مع العلم أننا قرأنا فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله يقول إن الدم بعد سن الخمسين يعتبر استحاضة ولا تترك المرأة الصلاة ولا الصوم من أجله ولم يذكر ما إذا كان منتظما أو غير منتظم أو تغير لونه أو لم يتغير..أفيدونا جزاكم الله خيرا لأن ذلك يترتب عليه ترك الصوم والصلاة وذلك أمر خطير..
الجواب
الصحيح من أقوال أهل العلم رحمهم الله أنه لا تحديد لآخر سن تحيض فيه المرأة لا بالخمسين ولا بغيرها إنما الضابط أن المرأة متى رأت الدم المعروف عند النساء أنه حيض بأوصافه المعروفة فهو حيض ولو كان ذلك بعد سن الخمسين لعدم وجود دليل شرعي على التحديد والله تعالى يقول:" ويسألونك عن المحيض قل هو أذى" [البقرة:222] ، فإذا وجد هذا الأذى - دم الحيض- فله حكم الحيض، والله أعلم.(5/197)
مصابة بنزيف فهل تصلي؟
المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 29/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا على تقدير الأطباء حامل، ولكن لم يتبين شيء في الأشعة غير كيس حمل فقط، ليس بداخله أي شيء مع وجود نزيف مستمر يومياً، سؤالي: هل تصح الصلاة خلال مدة النزيف المذكورة؟ هل يجوز لي أن أجهض الحمل؟ مع العلم أني ربما أتضرر نظراً لولادتيَّ السابقتين للولدين القيصريتين، وأخاف على نفسي من هذا الحمل، وهل صحيح أنه يجوز إجهاض الحمل الذي ليس فيه روح قبل أربعين يوما؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
كيف يكون تقدير الأطباء أن الموجود غير الذي يظهر في الأشعة؛ لأن الطبيب يبني على تحاليل مخبرية وأشعة، وعلى كل، فالمرجع في تقدير الموجود، واعتباره حملاً من عدمه هو قول ثقات الطبيبات المبني على التشخيص، فإن اعتبرنه حملاً فإن الدم الموجود لا يعتبر حيضاً ولا يأخذ حكم الحيض، بل هو دم فساد تصلي معه المرأة بعد أن تغسل الدم، وتمنع وصوله بوسائل معروفة، وحكمها حكم المستحاضة من حيث جواز الجمع إن شق عليها الأمر، وأما إذا لم يعتبر حملاً فحينئذ يجب أن يعرض على لجنة حتى تقرر إزالة الكيس؛ لأنه يكون سبباً فيما يحصل، وأما الدم فإن كان ثم تمييز بأن كان بعضه يخالف الآخر فتعتبر ما حمل صفات دم الحيض حيضاً، وما لم يكن كذلك دم فساد لا يمنع الصلاة، وإن لم يكن تمييز فتعود إلى عادتها السابقة، فتجلس أيام عادتها ثم تعتبر ما زاد استحاضة.
وأما الجزء الثاني من السؤال: فإن كان الخوف مبنياً على دوافع طبية معتبرة يقررها ثقات الأطباء، وتتوفر ضوابط الضرورة أو الحاجة فيمكن إجهاض ما لم يمر عليه مائة وعشرون يوماً، وليس مجرد الوهم الحاصل من المرأة، أو الرغبة الشخصية مسوغاً لذلك.(5/198)
وأما الجزء الثالث: فما ذكرته السائلة هو قول الجماعة من العلماء، ومنهم الحنابلة والحنفية، والشافعية في المشهور من المذاهب، لكنه قول مبني على ما هو معروف في زمنهم من أن التخلق لا يتم إلا بعد مرور تسعين يوماً، وقد أثبت الطب والكشوفات، وتصوير الأجنة، وهو الموافق لما في بعض الأحاديث من أن التخلق الدقيق يتم قبل ذلك في الأربعين، وعليه فيكون الأصل هو تحريم التعرض له إلا لضرورة. والله أعلم.(5/199)
الكدرة قبل الطهر
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 19/10/1425هـ
السؤال
أنا فتاة عادتي الشهرية تكون في الغالب 12-15 يوماً، وأحياناً إذا انقطع نزول الدم يأتي بعده كدرة أو صفرة، ولكن في بعض الأحيان تأتي كدرة مع بياض في اليوم الثاني عشر، ولست أدري هل أتطهر، أم أنتظر حتى اليوم الخامس عشر؟. ولكم مني جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الكدرة والصفرة المتصلة بالدم الصريح تابعة للحيض، كما بين ذلك العلماء، ولذا لا تغتسلي إلا إذا انقطعت تماماً، ورأيت بعدها سائلاً أبيض، وهو القصة البيضاء، ماء أبيض يدفعه الرحم دلالة على نقائه من دم الحيض، ثم إن عادت الكدرة والصفرة فلا تعتبر شيئاً، لقول أم عطية - رضي الله عنها-: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً"، وقالت عائشة - رضي الله عنها- لبعض النساء لما أرسلن لها بالدرجة - أي القطنة- فيها شيء من الصفرة: "لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء".
وقد يكون طهر بعض النساء جفاف تام لا يخالطه أي أثر من صفرة أو كدرة، فهو طهرها إن كان في زمنها المعتاد.
أما إن انقطع الدم ورأيت الطهر المذكور، ثم عادت الكدرة على الوجه الذي ذكرتِ فاغتسلي وصلِّي، فالعبرة برؤية الطهر الصحيح؛ لأن من أنواع الكدرة -كما ذكر العلماء- (ماء مشوب بحمرة) ، ولذا يعتبر السائل الذي مع الحمرة طهراً. بارك الله فيك.(5/200)
اضطربت دورتها بعد تركيب اللولب
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 29/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة وقد ركَّبت لولب، وثاني يوم من تركيبه نزل علي دم استمر أسبوعًا، ثم اختفى لمدة أسبوع، ثم عاد، لكن قليل جدًّا، وظل لمدة أيام، ثم اختفى لمدة شهر ونصف، ثم عاد الدم مرة أخرى منذ حوالي عشرين يومًا، ولم ينقطع حتى الآن، فهل هذا الدم دم دورة أم ماذا؟ علمًا بأني قبل تركيب اللولب لم تنزل الدورة منذ الولادة إلا بعد اللولب، فهل اللولب غير مناسب لي؟ علمًا بأن الدكتورة قالت لي بعد الكشف علي بالسونار بأن اللولب مناسب لي. وهل أستطيع أن أصلي وهذا الدم موجود؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما دام أن حيضك غير منتظم ولم ينضبط لك فإنك تعودين إلى التمييز، بمعنى أنك تنظرين إلى الدم الخارج منك، فما وجدتيه بلون الحيض أو رائحته المعتادة فهو حيض تتركين الصلاة والصيام عند مجيئه، وإذا ذهب عنه هذا الوصف فتعتبرينه دم فساد، فتصلين بعد أن تتطهري وتصومين ولا يؤثر في الصوم ولا الصلاة؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش، رضي الله عنها: "إذَا كانَ دَمُ الحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَن الصَّلَاةِ". رواه أبو داود (304) والنسائي (362) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/194) . أما مناسبة هذا اللولب وعدم مناسبته، أو إزالته أو عدمها فيستشار في هذا الطبيبة أو الطبيب المختص والمباشر لهذا الموضوع. والله أعلم.(5/201)
تعاني من اضطراب الدورة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 18/10/1425هـ
السؤال
أعاني من عدم انتظام الدورة الشهرية، وفي الحقيقة لم أسع في طلب العلاج؛ نظرًا لظروفي المادية، ولأن الكشف الطبي محرج بالنسبة لفتاه لم تتزوج، سؤالي هو: هل أنا مذنبة في تركي للصلاة لفترات طويلة؟ حيث إن أيام الدورة بدأت تزيد علي، وآخر دورة كانت شهرًا كاملاً. فما حكم تركي للصلاة لمدة تزيد على 15 يومًا؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا يجوز لكِ ترك الصلاة إلا فيما تيقنتِ أنه حيض، واعلمي أن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يومًا، ولكِ عرض نفسكِ على طبيبة مسلمة، فإن لم تجدي فعلى طبيبة كافرة، وإن ميزتِ دم الحيض عن غيره فاعملي بتمييزك، واعلمي أن دم الحيض، كما قال العلماء: أسود ثخين منتن، وغيره أحمر رقيق. والله أعلم.(5/202)
علامة بداية النفاس
المجيب أ. د. صالح بن غانم السدلان
أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 15/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
متى تسقط الصلاة عن المرأة النفساء، فعندما كنت في المستشفى للولادة قمت بصلاة الفجر والظهر، وبعد ذلك قامت الطبيبة بتفجير ماء الجنين، وشعرت بألم حاد، فلم أستطع صلاة العصر ولا المغرب ولا العشاء، مع العلم أنني وضعت الجنين في الساعة 11 ليلاً. فهل علي قضاء تلك الصلوات؟ لأني كنت في وضع لا أستطيع معه الحركة، ولا النهوض من السرير. فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما دام أنك دخلت في الكُرب وما يسمونه بالمياه، فإن النفاس قد بدأ، وليس عليك صلاة، والصلاة ساقطة عنك.
أما الآلام التي تسبق هذا الشيء ويسمونها بالكرب، والكرب عبارة عن ألم، ثم يخرج دفعة من المياه التي في الرحم استعداداً لخروج الجنين، فهذا يعتبر من النفاس، أما ما قبلها من الآلام والدماء وغير ذلك، فلا تعد نفاساً؛ لأن النفاس لم يبدأ بعد.(5/203)
الكدرة وقت الحيض
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 18/02/1426هـ
السؤال
امرأة تستخدم اللولب لمنع الحمل، ويأتيها كدرة بدون دم في وقت الدورة، وتستمر أربعة أيام، وهي ليست مستمرة، بل متقطعة وقليلة جدا، فهل تجب عليها الصلاة والصيام، أم أن هذا أمر لا يعتد به؟ احترت في أمري، أرجو مساعدتي، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما ينزل من الكدرة أو الصفرة وقت الدورة المعتادة، فهو ملحق بالحيض فتترك المرأة لأجله الصلاة والصوم، وتقضي الصوم دون الصلاة، وما تراه في غير وقت عادتها لا تعتبره شيئاً، بل تصوم وتُصلي، ومما يدل على أن الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض، ما رواه البخاري معلقًا في كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره، ووصله مالك في الموطأ (130) : عن عائشة -رضي الله عنها- أن النساء كن يبعثن لها بالدِّرَجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيض، فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصَّة البيضاء. وصححه النووي في المجموع (2/416) .
ففي هذا الأثر اعتبرت عائشة - رضي الله عنها- الصفرة في زمن العادة حيضاً. والله أعلم.(5/204)
هل هذه استحاضة؟
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 06/02/1426هـ
السؤال
أعاني من اضطراب في الدورة الشهرية، وتستمر لمدة تزيد عن 20 يوماً في الشهر، وذلك بسبب وجود أكياس بالمبيض، فهل أستمر في أداء الصلاة رغم نزول الدم باستمرار؟ علمًا بأنني أتناول العلاج منذ شهرين. بارك الله فيكم أفيدوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده، وبعد:
الأخت السائلة الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
الحالة التي تعانين منها تسمى الاستحاضة، وهي تختلف عن الحيض، لذا ينبغي التفريق بينهما، وللتفريق بين الحيض والاستحاضة يجب معرفة مدة الحيض، فإذا كنت تميزين صفة الدم، فإن كان أسود ثخيناً، فهو حيض، وإن كان أحمر أو أصفر، فهو استحاضة، فإذا عرفت هذه الصفات فاعملي بها، فهذا مذهب الجمهور (الشافعية والحنابلة والمالكية) ، أما إذا كنت غير مميزة لصفة الدم فترجعين إلى (العادة) التي كانت عندك قبل إصابتك بهذا المرض - شفاك الله- فإذا كانت العادة مثلاً عندك ستة أيام فتكون الستة حيض والبقية استحاضة، يبدأ اعتبار المدة بنفس التاريخ الذي كانت تأتيك فيه العادة، كأن يكون أول يوم في الشهر.
أما إذا كنت غير مميزة لصفة الدم وغير ذاكرة لعادتك فينبغي أن تبيني ما تذكريه عنها من مدة أو ابتداء أو انتهاء.
أما أحكام الاستحاضة فهي:
1- الاستحاضة حدث، فلا يمنع شيئاً مما يمنعه الحيض من صلاة وصوم، ولو نفلاً، فيجوز للمستحاضة الصلاة والصوم وقراءة القرآن، ودخول المسجد والاعتكاف.(5/205)
2- طهارة المستحاضة: يجب المستحاضة الاغتسال بعد انتهاء مدة الحيض، وبعد ذلك عليها أن تتوضأ لوقت كل صلاة، بعد أن تغسل فرجها وتحشوه بالقطن وتعصبه، وتصلي، وحتى لو خرج الدم بعد ذلك فإن صلاتها صحيحة؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت أبي حبيش - رضي الله عنها- حين استحيضت: "اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة، ثم صلي وإن قطر الدم على الحصير" أخرجه أحمد (25681) ، وابن ماجه (624) . هذا والله أعلم بالصواب.(5/206)
مدة النفاس المعتبرة
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 11/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
ولدت زوجتي قبل شهر، وتوفي الولد، ثم التزقت مشيمة زوجتي في رحمها ولم يستطع الأطباء فصلهما، وبسبب ذلك قد يطول النزف لمدة حول 6 أشهر، فمتى يعتبر النفاس منتهيًا؟ سمعت أن الفقهاء يقولون بأنه يمتد من 40 - 60 يومًا، أرجو بيان الحكم في هذا، وكيف نميز إذا اختلط النزف بالحيض؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن النفاس له مدة معلومة، فبعض العلماء قال: حده أربعون يومًا، وما زاد فهو استحاضة يأخذ أحكام الاستحاضة بأن تتوضأ المرأة لكل صلاة وتصلي وتصوم. ولعل هذا القول أقرب إلى الصواب، فأما تمييز دم النفاس والحيض من دم النزيف فيكون باللون والرائحة والغلظ، فدم الحيض أسود غليظ منتن، ودم النزيف كسائر الدماء المعتادة، ويمكن الاستعانة في ذلك بالكشف الطبي. والله تعالى أعلم.(5/207)
حبوب منع الحمل واضطراب الدورة
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 22/03/1426هـ
السؤال
منذ ثلاثة أسابيع بدأت تناول (حبات مانعة للحمل) جديدة، وعادة لا تأتي دورتي الشهرية إلا بعد تناول هذه الحبات لمدة 21 يوماً، وتتوقف لمدة يومين أو ثلاثة أيام، لكن الذي حصل هو أن دورتي جاءت بعد 15 يوماً فقط من بدء تناول الحبات، يعني قبل أسبوع من إكمال تناول الحبات وموعدها المعتاد، حينئذ اعتبرت هذا سيلان الدم كحيض عادي، وتوقفت عن أداء الصلاة منذ 10 أيام، ولن يأتي حيضي الصحيح (إن صحت التسمية) إلا في نهاية هذا الأسبوع، من فضلكم أفتوني؛ لأنني قلقة عندما أفكِّر أنه قد أتوقف عن الصلاة لمدة 15 يوماً.
الجواب
أختي السائلة - وفقها الله-: من خلال سؤال الطبيبات المختصات بمشاكل النساء وحبوب منع الحمل، فإن ما ينزل بعد فترة يسيرة من تناولها -كأسبوع أو أقل- لا يعتبر حيضاً، بل هو دم فاسد، وما ينزل بعد ما يقارب عشرين يوماً فأكثر يكون حيضاً، وما يتردد بين المدتين يُعمل فيه بالتمييز، فتميزين هل هو دم حيض أو استحاضة؟
فإن كان أسود نتن الرائحة، غليظاً، فهو حيض، وإن كان لونه يميل إلى الحمرة، ورقيقاً ولا رائحة له، فهو دم استحاضة (دم فاسد) تصلين وتصومين، ومن خلال كلامك كأن صفات الحيض لم تأت إلا مع نهاية الأسبوع، فعليه: تتركين الصلاة وجوباً في هذه الأيام، أما الأيام الماضية فتقضين صلواتها بعد الطهر، وأنت معذورة - إن شاء الله-؛ لاجتهادك، وعليك العمل بالتمييز بين الصفات في مثل هذا الحال.
وفقك الله وأعانك.(5/208)
اضطراب الدورة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس
التاريخ 26/07/1426هـ
السؤال
كنت أستخدم حبوب منع الحمل، وبعد تركها لم تنتظم مدة الدورة كالسابق، فبعد الطهر في اليوم نفسه يظهر دم ثم ينقطع لمدة أسبوعين، ثم تظهر نقط حمراء، ثم تظهر في الأيام التالية نقط بلون بني، مع العلم أن الدورة مع الحبوب كانت تستمر لمدة 7 أيام. أفيدوني جزاكم الله خيرًا، هل أصلي أو لا؟ وهل يأتيني زوجي أو لا؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأصل وجوب الصلاة على المرأة، فلا تتركها إلا لدم الحيض ودم النفاس فقط، والمعول في ذلك على حديث أم عطية رضي الله عنها: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً". رواه البخاري (326) ، وأبو داود (307) . فدل بمنطوقه أن الصفرة والكدرة بعد الطهر تعتبر طهراً، وأن الصفرة والكدرة قبل الطهر يعني في زمن الحيض تعتبر حيضاً ودم الحيض تعرفه النساء أسود ثخين منتن، وسائر الدماء تختلف عنه؛ لأنه يكون أحمر رقيقاً ليس ذا رائحة.(5/209)
شرط الطهارة في السعي
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 15/5/1422
السؤال
حججت هذا العام مع زوجتي والحمد لله. وفي أثناء السعي وفي الشوط السادس شعرت زوجتي بخروج قليل من البول أثناء السعي، وقلت: إن السعي لا يحتاج إلى وضوء، فتابعنا السعي حتى النهاية. هل هذا العمل صحيح؟
وإن كان غير صحيح فماذا علينا؟
الجواب
نعم، سعيها صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- قال لعائشة لما حاضت: ((افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) . فدلّ على أن للحائض السعي حال الحيض، مع ما هي عليه من التباس بالحدثين، وبالنجاسة في البدن والثوب، والله تعالى أعلم.(5/210)
الصغار ومس المصحف
المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان
رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 29/4/1422
السؤال
سائل يسأل عن حكم مس المصحف للصبيان الصغار بقصد التعليم والتحفيظ؟
الجواب
المسألة فيها خلاف في مس المصحف، والصحيح أنه لا يجوز مسه إلا من طاهر لحديث أبي عمر بن حزم وفيه (ولا يمس المصحف إلى طاهر) قال ابن عبد البر شهرة هذا الحديث تغني عن سنده. أما الصبيان إذا كان لقصد التعلم ينبغي أن يدربوا على احترام المصحف والظاهر أنه لا بأس إذا كان للضرورة.(5/211)
هل يوجب هذا الدم ترك الصلاة؟
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 30/05/1427هـ
السؤال
لقد أجريت لي عملية جراحية داخل الرحم قبل شهرين تقريباً وقد حدث لي نزيف على أثر العملية لمدة خمسة أيام، ولم أصلِّ في هذه الفترة. هل يجب أن أقضي الصلاة في هذه الفترة؟ وما هي الكيفية؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أسأل الله أن يعافيكم وكل مسلم، أما عن جواب سؤالك: فإن كان هذا النزيف ليس دم حيض ولا نفاس، وإنما هو من جراء العملية ـ وهذا هو الظاهر من السؤال ـ فإنه يجب عليك الصلاة في هذه الفترة، ويجب عليك الوضوء لكل صلاة مع التحفظ من الدم؛ لأن خروج الدم من السبيل ناقض للوضوء، وعلى ذلك يجب عليك قضاء جميع الصلوات التي تركتها في تلك الفترة فوراً حسب استطاعتك، فإن استطعت أن تسرديها جمعياً فافعلي.
وأما فإن كان الدم دم حيض أو دم نفاس بحيث تكون العملية لإخراج جنين تبين فيه خلق إنسان فإنه لا يجب عليك قضاء تلك الصلوات.(5/212)
قراءة القرآن من غير وضوء
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 21/10/1422
السؤال
ما حكم من قرأ القرآن وهو ليس على وضوء؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فقراءة القرآن عن ظهر قلب (يعني من الحفظ) جائزة لمن عليه حدث أصغر، أما إن كانت من المصحف فتجوز من وراء حائل أي يضع دون المصحف حائلاً، لحديث: " لا يمس المصحف إلا طاهر " أخرجه الدارقطني في السنن (1/121) ، والبيهقي في السنن الكبرى (1/88) ، والطبراني في الكبير (13217) أما إن كان الحدث حدثًا أكبر أي: جنابة فإنه لا تجوز قراءة القرآن ولو عن ظهر قلب ولا مس المصحف -والله أعلم-.(5/213)
لا ترى أثراً بعد الاحتلام
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 29/10/1422
السؤال
بعد الاحتلام أستيقظ ولا أرى أي أثر للسائل مباشرة بعد الاستيقاظ، فالذي يحصل أنه لا يظهر أي أثر لذلك إلا إفرازات مهبلية طبيعية، لكن بعد التبوُّل يظهر السائل اللزج، هل يجب علي الغسل؟.
الجواب
المحتلم إذا استيقظ وقد رأى في حلمه ما يوجب إنزال المني، ثم لم ير شيئاً من المني على آثار ملابسه فالغسل غير واجب عليه، لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجد بللاً، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا غسل عليه، فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: والنساء يا رسول الله؟ فقال: النساء شقائق الرجال" رواه أبو داود (236) ، والترمذي (883) .وكذلك جاء في الصحيحين البخاري (830) ، ومسلم (383) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "نعم إذا رأت الماء" فعلق النبي -صلى الله عليه وسلم- وجوب الاغتسال برؤية الماء، ومفهوم الحديث أن المرأة إذا لم تر الماء فلا غسل عليها، وبناء على ذلك إذا رأت ما يوجب إنزال المني في الحلم، ثم لم تر آثار المني على الثياب فلا غسل عليها.
وإذا خرج المني فيما بعد أثناء البول فهذا الخروج لا يترتب عليه حكم، ويكون كسائر النجاسات؛ لأن المني الذي يوجب الغسل هو الذي يخرج دفقاً بلذة لما جاء في السنن: "إذا فضخت" ومعنى الفضخ هو خروجه بغلبة، ولا يكون كذلك إلا إذا كان بشهوة.(5/214)
الاغتسال بالشامبوهات
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 12/6/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز استعمال الشامبوهات لغسل الشعر والبدن؟ علماً أن هذه الشامبوهات تحتوي على نسبة من الكحول في تركيبتها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الكحول مادة مسكرة أو مخدرة، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن نجاسة الخمر نجاسة حسية، ويلحق الكحول بها في ذلك، واستدلوا بقوله -تعالى-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة:90]
وقالوا: الرجس هو النجس.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن طهارة الخمر طهارة حسية -والكحول مثلها في ذلك -مع بقاء نجاستها المعنوية؛ لأن الرجس المقصود في الآية السابقة: هو الرجس العملي المقتضي للتحريم، وليس الرجس العيني الذاتي المقتضي للنجاسة. وقالوا: من المعلوم أن الميسر والأنصاب والأزلام الواردة في الآية ليست نجسة نجاسة حسية، فإذا كانت نجاستها معنوية وليست حسية فالخمر كذلك؛ لأنه من عمل الشيطان، وقد قرن بهذه الثلاثة، ولأن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يوجد الدليل على النجاسة، ولادليل هنا، وكذلك قالوا بأنه لما نزل تحريم الخمر أراقها المسلمون في الأسواق، ولو كانت نجسة ما جازت إراقتها في الأسواق؛ لأن تلويث الأسواق بالنجاسات محرم لا يجوز، وهذا القول هو الأرجح -إن شاء الله-.
وعلى هذا فالكحول ليست نجسة العين، وإن كانت خبيثة من الناحية المعنوية، بمعنى أنها لو وجدت على ثوب الإنسان أو بدنه فلا يجب عليه التنزه عنها كما يتنزه عن المواد النجسة، وبالتالي فما اشتمل على الكحول كالشامبو والعطورات فلا بأس باستعماله، والله أعلم.(5/215)
الجنب إذا تيمم ثم وجد الماء
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 6/10/1424هـ
السؤال
شخص أصابته جنابة في برية فتيمم لصلاة الفجر، ثم لما جاء وقت صلاة الظهر وجد الماء، ولم ينقض تيممه بحدث أكبر، فهل عليه أن يغتسل أو يتوضأ؟.
الجواب
بل يجب عليه أن يغتسل، سواء انتقض وضوؤه السابق أو لم ينتقض، لأنه وجد الماء لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير" رواه الترمذي (124) ، وقال: حديث حسن صحيح، وكذا رواه أبو داود (332) ، والنسائي (322) ، وأحمد (21304) ، واللفظ للترمذي، ولحديث المزادتين انظر ما رواه البخاري (344) ، ومسلم (682) عن عمران بن حصين - رضي الله عنه-.(5/216)
قراءة الجنب ورده اليومي
المجيب د. محمد بن صالح الفوزان
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 18/12/1422
السؤال
هل يجوز قراءة ورد النوم إذا كان الإنسان جنباً؟ وهل يمكن أن يقرأ الورد أول ما يستلقي للنوم قبل جماع زوجته؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأفضل للإنسان أن يقرأ الورد وهو على طهارة، ويجوز قراءة الورد وذكر الله ولو كان على غير طهارة إلا أنه إذا كان عليه جنابة لا يجوز أن يقرأ شيئاً من القرآن، فإذا كان في الورد آيات لا يجوز أن يقرأها ويقرأ الورد حين يستلقي في فراشه ولو كان على غير طهارة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/217)
نجاسة شعر الكلب
المجيب سلمان بن عبد الله المهيني
القاضي بوزارة العدل
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 3/8/1423هـ
السؤال
قريباً من الحي الذي نسكن فيه ثلاثة كلاب غير مؤذية، ونريد أن نقوم بإطعامها من حين لآخر، فهل مس الكلب ينجس الثوب أو البدن؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن مس الكلب ووقوع يد لامسه عليه لا يؤدي إلى النجاسة، حيث إن الصحيح من كلام أهل العلم أن شعر الكلب طاهر، ولم يأت دليل على أنه نجس، كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رخص في اقتناء الكلب للصيد والحرث والماشية، ولم يأمر أصحابه -رضي الله عنهم - أن يغسلوا أيديهم منه، أما ماولغ فيه الكلب من الأواني فيجب غسله سبع مرات وتعفيره الثامنة بالتراب كما ورد ذلك في السنة انظر: مسلم (280) ، والله أعلم.(5/218)
خروج بقايا الجماع من المرأة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 23/11/1423هـ
السؤال
ما هو حكم المني الخارج من فرج المرأة؟ بعد الجماع وبعد الاغتسال من الجنابة بساعات (هل ينقض الوضوء) ؟
الجواب
نعم ينقض الوضوء فقط ولا يوجب الغسل مرة أخرى.(5/219)
غازات البطن المستمرة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 1/3/1423
السؤال
أعاني من الغازات في بطني وتؤذيني في صلاتي، حيث إنني أعيد الوضوء عشر مرات، مع العلم أنني أخذت دواءً ولم ينفع، ماذا أفعل فقد تعبت نفسيتي وبدأت الوساوس في صلاتي؟
الجواب
إذا كانت هذه الغازات تسبب لكِ خروج الريح كثيراً بدون تحكم فيها، فلها حكم سلس البول، والمصاب بهذا يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وينوي بوضوئه هذا استباحة الصلاة، ويصلي بهذا الوضوء الفرض والنوافل، ولو خرج منه ريح في هذه الأثناء، فإذا انتهى الوقت توضأ لدخول وقت الصلاة الأخرى، وإذا توضأ لصلاة الضحى مثلاً، فلا يكفيه ذلك لصلاة الظهر إلا إن كان لم يخرج منه شيء ولم ينتقض وضوؤه.(5/220)
السواك في الأماكن العامة
المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 16/3/1424هـ
السؤال
هل استخدام السواك في الأماكن العامة يخالف الآداب؟ حيث إن بعض الناس يتقزز من رؤية من يستاك، ويقول إن السواك يجب ألا يكون أمام الناس، كيف نرد على مثل هذا؟ وما الصواب الذي يجب على المسلم فعله في هذه القضية؟
الجواب
السواك مشروع للمسلم في كل وقت وأي مكان، ولا بأس من فعله أمام الناس، وقد ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في نصوص كثيرة منها: حديث أبي موسى - رضي الله عنه- قال: "أقبلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يستاك، فكلاهما سأل فقال: يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس قال: قلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل، فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت، فقال:"لن" أو "لا نستعمل على عملنا مَنْ أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن" ثم اتَّبَعَه معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال: انزل، وإذا رجل عنده موثقٌُ، قال ما هذا؟ قال: كان يهودياً فأسلم ثم تهوَّدَ، قال اجلس، قال: لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات، فأمر به فقتل، ثم تذاكرا قيام الليل، فقال أحدهما: أما أنا فأقوم، وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي" أخرجه البخاري (6923) .(5/221)
وعن أبي موسى عبد الله بن قيس - رضي الله عنه- قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم- فوجدته يستن بسواك بيده يقول: "أع أع"، والسواك في فيه كأنه يتهوع" أخرجه البخاري (244) ، ومسلم (254) ، فالأصل جواز استعمال السواك أمام الناس إلا إذا كان في استعماله إزعاج معنوي لهم، فاستعماله أمامهم يكون مقبولاً في كثير من الأحوال، وقد لا يكون كذلك في أحوال أخرى، كما في الحلق العلمية أو الاجتماعات الرسمية، ونحو ذلك، فيحسن حينئذ مراعاة مشاعرهم، وعدم استعماله أمامهم، وبالله التوفيق.(5/222)
فقد الماء والتراب فهل تسقط عنه الطهارة؟
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 24/09/1425هـ
السؤال
في بعض الأحيان تنقطع علينا المياه على ظهر السفينة فلا يكون هنالك ماء ولا نستطيع أن نسحب من ماء البحر لعطل جهاز السحب- مثلاً- فما الوضع في هذه الحالة؟ حيث لا يوجد ماء للوضوء ولا تراب للتيمم، مع العلم أن النزول إلى الماء صعب جدًّا فلا يستطيع أحد النزول، إما لارتفاع السفينة وإما لخطورة ذلك؟
الجواب
إذا كان الإنسان في مكان لا يوجد فيه ماء ولا تراب ولا أي شيء من أجزاء الأرض كالرمل والحصى فإنه تسقط عنه الطهارة لعدم مقدرته على ما يتطهر به، ويصلي حسب حاله، لكن يجب قبل ذلك أن يبذل ما في وسعه للحصول على الماء أو التراب، وأنصحكم بهذه المناسبة أن تأخذوا معكم شيئًا من التراب حتى تتطهروا به عند العجز عن الماء. والله أعلم.(5/223)
غسل الكعبة
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 18/07/1426هـ
السؤال
هل هناك أصل أو دليل لغسل الكعبة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
أمر الله -تبارك وتعالى- بتطهير البيت، ويدخل في تطهير البيت أن يطهر من الأوثان والرجس والرفث وقول الزور والأذى والأوساخ، بحيث يكون البيت طيباً نظيفاً طاهراً، قال سبحانه وتعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [البقرة: 125] ، وقال عز وجل: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أن لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [الحج: 26] .
وورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح أخرج الأصنام من الكعبة المشرفة وطهرها من آثار المشركين وأرجاسهم وغسل الكعبة، فأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (36919) ، والفاكهي في أخبار مكة (5/221) من طريق عبيد الله بن موسى: حدثنا موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلالاً فرقي على ظهر الكعبة فأذن بالصلاة، وقام المسلمون فتجرروا في الأزر وأخذوا الدلاء وارتجزوا على زمزم فغسلوا الكعبة ظهرها وباطنها فلم يدعوا أثرا من آثار المشركين إلا محوه وغسلوه.
وجعل الفاسي هذا الحديث أصلاً في غسل الكعبة وتطهيرها في الجملة [شفاء الغرام (1/212) ] .(5/224)
وأخرج الطيالسي في مسنده (623) قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران: قال حدثني عمير مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة ورأى صوراً قال: فدعا بدلو من ماء، فأتيته به فجعل يمحوها ويقول: "قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون".
وأخرج الأزرقي (1/257) بسنده عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت: طيبوا البيت فإن ذلك من تطهيره.
وعن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- كان يجمر الكعبة كل يوم برطل من مجمر، ويجمر الكعبة كل يوم جمعة برطلين من مجمر.
وعلى هذا فتعاهد البيت بالغسل والتطهير والتطييب أمر مشروع، ولا يتحدد بزمن معين، والله أعلم.(5/225)
علة النهي عن غمس اليد في الإناء بعد الاستيقاظ
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 24/08/1426هـ
السؤال
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً". فهل هذا النهي للتنجيس أم للاستقذار؟ بمعنى إذا استيقظ أحد كان بجانبك، وأراد مصافحتك فهل يده طاهرة أم نجسة؟ بارك الله فيكم، ونفعنا بعلمكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا موضع خلاف بين أهل العلم -رحمهم الله- في علة النهي عن غمس القائم من نوم الليل ليده حتى يغسلها ثلاثاً، فذهب الإمام أحمد -رحمه الله- إلى أن الأمر تعبدي، أي أن علته ليست معقولة المعنى، وقال الشافعي -رحمه الله- إن العلة هي ما يخشى من تنجس اليد؛ لأنهم في الحجاز يستعملون الاستجمار وبلادهم حارة، فقد يعرق الإنسان، وأثناء النوم قد تمس يده شيئاً من الأذى، والرأي الثالث ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أن العلة هي ما يخشى من ملابسة الشيطان ليد النائم، واستدل على هذا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات؛ فإن الشيطان يبيت على خياشيمه". أخرجه البخاري (2295) ومسلم (238) ، وهذا القول هو الصواب، وعلى هذا فلا تكون العلة هي النجاسة، ومن ثم فلا بأس أن تصافح إنساناً استيقظ من نومه.(5/226)
هل ملامسة الكلب تنجِّس؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 12/11/1424هـ
السؤال
نظراً لأننا نعيش في الغرب، وتنتشر تربية الكلاب - أعزكم الله-، وتنتشر أيضا في وسائل المواصلات العامة، فالرجاء إفادتنا عن الحكم الفقهي لهذا الحيوان، هل كله نجس؟ وهل لمس الكلب للثوب يوجب إعادة الوضوء، أم غسل الثوب بالكامل؟
الجواب
بالنسبة للكلب فهو حيوان نجس، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم، وقد اختلفوا، هل النجاسة شاملة لجميع الكلب؟ أم أنها خاصة لأشياء منه؟ والراجح من أقوال أهل العلم أن النجاسة تتعلق بريق الكلب، بما يشربه هذا الكلب، وكذلك عذرته وبوله، وبالنسبة للجلد فلا يعد نجساً، فلو حصل لامس الثوب جلد الكلب، فإنه لا يؤمر بغسله سبع مرات، أما لو خرج شيءٌ من ريق الكلب على الثوب، أو بال على الثوب، فالواجب أن يغسل سبع مرات، ويعفر الثامنة بالتراب.(5/227)
أصاب السجاد لعاب الكلاب ولا يعرف مكانه تحديدًا
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 18/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: نحن نعمل في قطاع متعلق بأحد كبار المسؤولين، وقبل قدومه تأتي فرقة من الحرس وتفتش المكان مستعينة بعدد من الكلاب، وهي تمر جثمًا على سجاد، وقد يقع على الفرش أو الأثاث من لعاب هذه الكلاب، وأحيانًا نضطر للعمل على هذه الفرش أو الأثاث لإصلاح خلل ما، أو تركيب شيء ما، بعد ذهاب هذه الكلاب مباشرة أو ربما في اليوم التالي أو بعد ذلك، حسب ظروف واحتياج العمل.. والسؤال جزاكم الله كل خير: ماذا يجب علينا وخاصة أنه تمر علينا عدة صلوات أحيانًا ونحن في العمل؟ وإذا لم نعمل في اليوم الذي تأتي فيه الكلاب فلا شك أننا سنعمل في الأيام القادمة، وبالتالي نجهل المكان الذي أصابه لعاب الكلاب. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(5/228)
فهناك قاعدة فقهية مسلَّمة وهي: إذا شك الإنسان في طهارة شيء ونجاسته بنى على اليقين، فإذا كان يعلم يقينًا أن ثوبه طاهر ثم طرأ شك هل أصابه نجاسة بنى على اليقين وهو الطهارة، واطَّرح الشك ولم يبال به، وإن كان يتيقن نجاسة الثوب مثلاً وشك هل غسله وطهَّره فإنه يرجع إلى اليقين وهو النجاسة هنا ويعتبر الثوب نجسًا، ولا يلتفت إلى الشك الطارئ، وهكذا في الطهارة من الحدث إذا علم يقينًا أنه على وضوء ثم شك هل أحدث ونقض وضوءه أو لا بنى على اليقين وهو الطهارة، وإذا كان يعلم نفسه محدثًا ثم شك هل توضأ فيبني على يقينه وهو أنه على حدث، وبناءً على ذلك فيظهر من سؤال السائل أن هؤلاء الإخوة يعلمون يقينًا أن أبدانهم وثيابهم طاهرة ثم بورود هذه الكلاب يحصل لديهم شك، هل أصاب اللعاب شيئًا من الفرش ثم هل أصاب شيئًا من ثيابهم أو لا؟ فيعودون حينئذ إلى الأصل المتيقن وهو أن ثيابهم طاهرة ولا يلتفتون إلى الشك، هذا من وجه، ووجه آخر يزيدهم اطمئنانًا، وهو أنهم أحيانًا لا يعلمون ولا يلابسون هذه الفرش إلا بعد مدة، بحيث يكون اللعاب الذي أصابها إن كان قد جفّ ويبس، والنجاسة اليابسة إذا أصابت ثوبًا أو بدنًا يابسًا مثلها فإنها لا تنجسه. والله تعالى أعلم.(5/229)
هل لفرشاة الأسنان فضيلة السواك؟!
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 18/05/1427هـ
السؤال
هل الأجر سواء إذا استخدمنا فرشاة ومعجون أسنان أو مسواكاً؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
السواك يقصد به ما ينظف الأسنان، بأي عود أو ما يقوم مقامه، مما يتم به التنظيف، ولا يختص ذلك بعود بعينه، سواء من الأراك أو غيره، ولكن نبه العلماء إلى أن العود المستاك به ينبغي ألا يتفتت، أو يكون خشناً يجرح اللثة، أو يورث رائحة غير مقبولة.
وعلى هذا، ففرشاة الأسنان إذا احتسب المسلم اتباع السنة بتنظيف أسنانه بها، فهي داخلة -إن شاء الله- فيما ورد في السواك من فضائل، وهي كثيرة؛ كما في الحديث: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" أخرجه أحمد (62) والنسائي (5) وابن ماجة (289) .
ولكن إنما يميل كثير من المسلمين إلى السواك الذي هو عود الأراك -وهو أفضل ما يستاك به من الأعواد- لكونه سهل الحمل، ويمكن تطبيق السنة به في مواضع قد لا يمكن فيها استعمال الفرشاة، وذلك عند الصلاة مثلاً، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" متفق عليه من حديث أبي هريرة. البخاري (887) ومسلم (252) .
وكذلك في مواضع أخرى، كحال الوضوء في غير المنزل، والذي هو من المواضع المستحبة، وكذلك عند القيام من النوم، حين لا تتيسر فرشاة الأسنان، وغير ذلك.
والحاصل أن الفرشاة تحقق المقصود من السواك، ولكن بصورة جزئية ما دامت غير ممكنة الاستعمال في كل وقت. والله أعلم.(5/230)
هل يجزئ الغسل عن الوضوء
المجيب سالم بن ناصر الراكان
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الطهارة/مسائل متفرقة
التاريخ 11/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم
هل هناك حديث صحيح يؤيد جوابكم أن الغسل يغني عن الوضوء حتى إن لم نقم بالوضوء؟ فالمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا الوضوء قبل أن نغتسل من الجنابة أو الحيض. فكيف يكون الغسل مغنيًا عن الوضوء؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إجزاء الغسل عن الوضوء هو قول أكثر أهل العلم، مستدلين على ذلك بما يلي:
1- قوله تعالى: (وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء: من الآية43] . ظاهره الاكتفاء بالغسل وحده من غير اشتراط وضوء ولا غيره.
2- ما رواه البيهقي 1/177 عن جابر، رضي الله عنه، أن أناسًا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم- فسألوه عن غسل الجنابة وقالوا: إنا بأرض باردةٍ. فقال: "إنَّما يَكفي أحدَكم أنْ يَحْفِنَ على رأسِهِ ثلاثَ حَفناتٍ". وفي لفظ قال: "أمَّا أنا فأُفرِغُ على رأسي ثلاثًا". أخرجه البخاري (254) مسلم (327) . وظاهرهما الاجتزاء بذلك دون الوضوء.
3- ومن المعقول أن الغسل والوضوء عبادتان من جنس واحد فدخلت الصغرى في الكبرى.
ولكن يشترط لذلك أمران: وهما النية، والمضمضة والاستنشاق، علمًا بأن السنة في الغسل أن يبدأ فيه بالوضوء. والله أعلم.(5/231)
كتاب الصلاة(5/232)
لا يصلي، فهل أحج عنه؟
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة
التاريخ 9/4/1422
السؤال
أنا مقيم بالمملكة وزوجتي لها أب بلغ من العمر ثمانين عاماً، وهو لا يصلي، وقد نصحته وزوجتي كثيراً فلم يستجب، ووالد زوجتي الآن مريض ولا يستطيع الحركة، فهل يجوز أن تحج زوجتي عنه هذا العام علماً بأنه مازال لا يصلي وأصبح غير قادر على الحركة؟
الجواب
إذا كان والد الزوجة تاركاً للصلاة جحداً لوجوبها فهذا كافر بإجماع أهل العلم. ومثله ما لو تركها تهاوناً وكسلاً في قول المحققين من أهل العلم، وما دام الحال كما ذكرت من إصرار على عدم الصلاة، فلا يجوز للزوجة أن تحج عنه. إلا أن عليها وعليك مناصحته وبيان قدر الصلاة وحكم تاركها، وأخذه بالرفق واللين، لعله أن يتوب ويؤديها، وحينها ومع عجزه عليه أن ينيب من يحج عنه.(5/233)
صلاة شارب الخمر
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة
التاريخ 24/10/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أثابكم الله وأعانكم على الخير، سؤالي يا شيخنا الفاضل عن الرجل إذا سافر وقد شرب الخمر وجاءت الصلاة فهل يصلي؟ ونحن نعلم أنه لا تصح الصلاة لمن شرب الخمر! لكن القصد أنه إن عمل المحرم وفاتته الصلاة بسببه فهل هو مثل من ترك الصلاة إثماً؟ وإذا أعادها إذا رجع بلا مبادرة بسبب التقصير أو النسيان أو غيره وتكرر منه ذلك فما حكمه وجزاكم الله عنا وعن الإسلام كل خير.
الجواب
وعليكم والسلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فعليك أخي أن تؤكد على هذا الشارب للخمر ترك شربها، والتوبة إلى الله من هذه الكبيرة، أما صلاة شارب الخمر فهي على حالين:
الحالة الأولى: أن تذهب بعقله حتى لا يعلم ما يقول، فهذا لا تصح منه الصلاة حتى يصحو ويرجع إليه عقله.
الحالة الثانية: أن يشرب الخمر؛ لكن لا تذهب بعقله، بحيث يعلم ما يقول، ولا يسكر، فهنا صلاته صحيحة، ولكن لابد قبل أن يصلي أن يغسل فمه ويديه من النجاسة، لأن الخمر نجس عند جماهير أهل العلم.
لكن لابد أن يعلم أن هناك فرقاً بين صحة الصلاة في الدنيا وقبولها عند الله في الآخرة.
فشارب الخمر صلاته صحيحة في الدنيا، لكنها غير مقبولة عند الله حتى يتوب، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوماً فإن تاب، تاب الله عليه فإن عاد فشربها لم تقبل له صلاة أربعين يوماً فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد فشربها كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال قيل: وما طينة الخبال؟ قال عصارة أهل النار أو عرق أهل النار" مسلم (2002) . والله سبحانه وتعالى أعلم.(5/234)
حج وهو مضيع للصلاة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة
التاريخ 05/04/1425هـ
السؤال
رجل كان تاركاً للصلاة بالكلية، ولا يصوم من رمضان إلا قليلاً، ثم أراد الحج مع أمه ليكون محرماً لها ويؤدي فريضته، فقبيل الحج بدأ يصلي، ولكنه عند طواف الإفاضة نوى قطع حجته بسبب الزحام، ولكنه أكمل الطواف والسعي وباقي مناسك الحج مع أمه لكيلا تعلم بحاله، وبعد عودته إلى المخيم في اليوم الحادي عشر رجع إلى ترك الصلاة، ولا يدري بالكلية أو بعض الصلوات، وشك هل كان طاهراً في طواف الوداع أم لا؟ وشك كذلك في الجمرات، هل رماها كلها أم لا؟ علماً أنه لما عاد إلى بلده داوم على الصلاة مدة قصيرة، ثم عاد كما كان، وقبل سنتين منّ الله عليه بالتوبة، وقد حفظ تسعة أجزاء من القرآن، ولا يزال مستمراً في حفظه، وفي حضور الدروس العلمية.
-ما حكم حجه؟
الجواب(5/235)
من ترك الصلاة بالكلية يستتاب، فإن تاب ورجع إلى الصلاة وإلا قتل بإجماع أهل العلم من السلف والخلف بلا منازع، ولكن اختلفوا هل يقتل كفراً أي لردته، أو يقتل حداً؟ ذهب الإمامان مالك، وأبو حنيفة، والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه أنه يقتل مرتداً فلا يرث ولا يورث، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين استناداً إلى نصوص كثيرة منها قوله –تعالى-: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:217] ، وقوله –تعالى-: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون:5] ، فإذا كان هذا العذاب الشديد قد توعد الله به من انشغل عن الصلاة فلم يصلها إلا بعد خروج وقتها، فعذاب من تركها بالكلية أشد وأعظم، وبمثل قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إن بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه مسلم (82) من حديث جابر – رضي الله عنه -، وذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد في الرواية الأخرى، والصحيحة عنه إلى أن من ترك الصلاة تهاوناً أو كسلاً يقتل حداً لا كفراً، ومعنى ذلك: أنه مسلم له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، واستدلوا لهذا القول بأدلة أيضاً من القرآن والسنة، كقوله –تعالى-: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء:48] ، فهذا نص على أن كل الذنوب ومنها ترك الصلاة يغفره الله إذا شاء ما عدا الشرك، فإن من مات عليه لا يغفر الله له فهو خالد مخلد في النار، وبمثل قوله –تعالى- حكاية عن قول الحواريين: "إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين" [المائدة:112] ، وجه الاستدلال: أن الشك في قدرة الله كفر بدليل قوله: "اتقوا الله إن كنتم مؤمنين"، ومع هذا لم يكفر الحواريون بقولهم هذا، واستدلوا من السنة بحديث رواه البخاري (7506) ومسلم (2756) من(5/236)
حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وفيه: قصة الرجل الذي أوصى بنيه إذا مات أن يحرقوه ويذروه ويرموا رماده في البحر، وقال: "والله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من خلقه فبعثه الله، وقال له: ما الذي حملك على ذلك، قال: مخافتك يا رب قال الله: أدخلوا عبدي الجنة"، ووجه الاستدلال: أن الرجل شك في قدرة الله، والشك في ذلك كفر بلا نزاع بين أهل العلم قاطبة، وهو أعظم من ترك الصلاة ومع هذا غفر الله، وأيضاً لم ينقل في التاريخ الإسلامي كله إلى يومنا هذا أن أحداً قتل مرتداً لتركه الصلاة علاوة على ما يترتب على هذا القول –مع كثر من يترك الصلاة- طلاق زوجته، وأن أولاده أولاد غير شرعيين ... إلخ.
والذي يظهر لي -والله أعلم- القول بعدم تكفير تارك الصلاة كسلاً أو تهاوناً، مع وجوب قتله حداً إن لم يتب ويقيم الصلاة.
وبعد تحرير هذه المسألة ينبني عليها القول في حكم الردة في إبطال الأعمال، مثل رجل حج حجة الإسلام ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام، فهل حجته الأولى قبل ردته تكفيه أو يلزمه أن يحج من جديد؟
اختلف العلماء فيه على قولين: الأول: أن الردة تبطل الأعمال التي قبلها، واستدلوا بقوله: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فقد حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:217] ، فعلق بطلان العمل على مجرد الردة، وبقوله –تعالى-: "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن في الآخرة من الخاسرين" [الزمر:65] ، إذا كان في خطاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- وحاشاه عن ذلك بأبي هو وأمي، فما بالك بمن دونه، وعلى هذا القول يلزم السائل أن يحج مرة أخرى عن حجته الأولى؛ لأنها بطلت بالردة وهي تركه للصلاة بالكلية.(5/237)
والقول الثاني في المسألة: أن الردة لا تبطل العمل السابق لها ولا يلزم إعادته أخذاً من القيد في توبة "فيمت وهو كافر" فقيد بطلان العمل بالموت على الكفر لا غير، واستدلوا من السنة بحديث حكم بن حزام - رضي الله عنه -: أنه قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت أشياء كنت أتحنث (أتعبد) بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة وصلة رحم، فهل فيها من أجرٍ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أسلمت على ما أسلفت من خير" رواه البخاري (1436) ، ومسلم (123) . فالأعمال الحسنة التي عملت في الجاهلية تكتب لأصحابها بعد إسلامهم كما في الحديث الآخر: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا"رواه البخاري (4689) ومسلم (2378) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وعلى هذا القول لا يلزم السائل أن يعيد حجه مرة أخرى، بل تكفيه حجته الأولى، والذي يظهر لي -والله أعلم- رجحان هذا القول؛ لقوة أدلته، ولأن عدم الإلزام بإعادة الأعمال هو المتفق مع أدلة يسر الشريعة وسماحتها "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
وخلاصة الجواب: أن حج السائل صحيح، ولا يؤثر عليه تردده في قطعه نتيجة الزحام ولا شكه في الطهارة في طواف الوداع أو عدد رميه الجمار.(5/238)
ترك أداء الصلاة أسبوعاً
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة
التاريخ 22/4/1424هـ
السؤال
شاب سافر إلى الخارج مع مجموعة من الشباب لمدة أسبوع، وللأسف خلال تلك الفترة لم يكن مؤدياً للصلاة، بسبب اللهو والعبث، وعدم الاكتراث، وبعد رجوعه أصبح يحافظ على الصلاة، فهل له قضاء ما فاته أم ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
نرى أن عليه أن يكثر من النوافل والطاعات، والعبادات والتطوعات، ولعل ذلك يكفيه، وذلك لأن الراجح أن من تعمد ترك الصلاة بدون عذر فإنه لا يقضيها، ولكن من توبته أن يكثر من نوافل العبادات من الصلوات؛ كأن يتقدم إلى المسجد ويصلي قبل الظهر، وبعدها وقبل العصر، وقبل المغرب وبعدها، وقبل العشاء وبعدها، ويصلي في الليل ما تيسر، ويصلي في الضحى ليكون ذلك مكفراً لما فعل.(5/239)
ينام عن صلاة الظهر والعصر
المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة
التاريخ 20/12/1424هـ
السؤال
أنا موظف في شركة، أعمل كمهندس لأنظمة الاتصالات فيها، ويغلب على عملي الدوام الليلي، وذلك حسب الوقت الذي تحدده لنا الشركة، أخرج من بيتي الساعة العاشرة ليلاً، وأرجع له ما يقارب الساعة العاشرة صباحاً، إنني لن أستطيع أن أستمر من غير نوم حتى صلاة الظهر، وفي نفس الوقت لن أستطيع الاستيقاظ لصلاة الظهر إذا نمت، بل وحتى العصر وخصوصاً أنني لم أنم طوال الليل، وأيضاً عملي قد يتطلب مني أحياناً السفر لمدة خمس أو ست ساعات لأداء عمل في مكان خارج المدن. السؤال هو: هل يجوز لي أن أصلي ما فاتني من الصلوات حينما أستيقظ؟ علماً أنه يوجد من يوقظني لكنني لا أستطيع أن أكمل أكثر من أربع ساعات من غير نوم، وخصوصاً إذا كان هذا العمل الليلي بشكل يومي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً يجب عليك أن تؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها جماعة في المسجد. وما ذكر في السؤال ليس عذراً في ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، والواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن لا يجعل برنامجه الوظيفي أو التجاري معارضاً لقيامه بعمود الإسلام وهو الصلاة، قال
الله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً " [النساء:103] ، وإذا فاتت الصلاة بعذر وجب قضاؤها فوراً من حين تذكرها، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول: "وأقم الصلاة لذكرى" [طه:14] أخرجه البخاري (597) ومسلم (684) واللفظ لمسلم. وبالله التوفيق.(5/240)
الدعاء بعدم الإنجاب
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة
التاريخ 25/12/1423هـ
السؤال
رجل لا يصلي ولكنه يعمل الخير ويتمناه لنفسه ويتمنى من ربه الهداية بالإلحاح يقول: دعوت رب العالمين بأن يحرمني من الإنجاب وذلك لعدة أسباب مثل (ظلم هؤلاء الأبناء وعدم استطاعة تربيتهم تربية صالحة؛ لأني لست أهلاً لذلك، والسبب الآخر الخوف من النسل والأمراض المنتشرة في هذا الزمان كالعيوب الخلقية والاجتماعية كالجمال والشكل، مع العلم بأن هذا الرجل من بيت لا يشتهر بالجمال بعكس بيوت أقاربه الذين يشتهرون بالجمال الفائق وهم من المقدرين للجمال) السؤال: هل دعوته على نفسه تحتمل الإجابة من رب العالمين؟ مع العلم بأنه بعد زواجه بسنتين لم يرزق بالحمل، وأجرى تحاليل وأثبتت بأن معه ضعفاً شديداً ويحتاج إلى علاج تقوية للحيوانات المنوية، والعلاج يحتاج إلى وقت طويل من الزمن.
الجواب
الحمد لله وبعد، هذا الرجل الذي لا يصلي لا ينفعه ما يعمله من الخير ما لم يبادر إلى التوبة، ويعجل إلى أداء الصلاة مع الندم الشديد لما حصل منه من تفريط، وتارك الصلاة كافر على الصحيح من قولي أهل العلم في هذه المسألة؛ لقوله -عليه السلام-:" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه أبو داود وغيره من حديث بريدة - رضي الله عنه - وعند مسلم من حديث جابر " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" فاحرص -هداك الله - على الصلاة فإنها عمود الإسلام وقرة عيون الموحدين، ولا حظ في الإسلام لمن تركها.
ولا يكفي - وفقك الله لكل خير - أن تتمنى الهداية دون أن تبذل وسعك لنيلها، فالدين ليس بالأماني، قال الله -تعالى-:"لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ" الآية، [النساء:123] .(5/241)
وقال الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبسِ
وأما دعاؤك على نفسك بعدم الإنجاب للأسباب المذكورة فهذا سوء ظن بالله -تعالى-، وضعف في التوكل، عليك بصدق التوبة من ذلك وسؤال الرب -تعالى- العفو والمغفرة، ولعل ما أصابك عقوبة من الله فاحرص على تجنب أسباب غضبه وفتح صفحة جديدة تملؤها بكل خير.(5/242)
ترك الصلاة مدة طويلة فماذا عليه؟
المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة
التاريخ 04/04/1427هـ
السؤال
اسمحوا لي أن أعرض عليكم مشكلة عندي:
الحاصل أنّني منذ برهة من الزمن تركت الصلاة وكان ذلك على أثر لطمة تلقّتها عيني. وحيث إنني لم أعد أستطيع السجود تركت الصلاة بالكلّيّة، ثمّ بعد ذلك استأنفتها، إلاّ أنّني الآن لا أجد تلك الحرارة الإيمانيّة التي كنت أعيشها من قبل، وهذا يثبّط عزمي. فهل أنا المسؤول عن هذه الحالة أم أنّ الذي سبق أن ضربني في عيني هو المسؤول؟
ثمّ إنّي ساكنت امرأة علي غير عقد شرعيّ. وهذه المرأة أسلمت في أثناء ذلك فعلّمتها الدين شيئا فشيئا. الآن أودّ أن أستأنف صلاتي وأعلّم "زوجتي" إيّاها إلّم أكن أنا أصلّي. فهل بهذا يكون الحال أحسن أم أنه يزداد سوءا؟ طبعا أودّ أن أتزوّج في أقرب وقت ممكن. وبالمناسبة فإنّ أبوي صديقتي ليسا بمسلمين، فهل يلزم أن يكون أبوها وليًّا في عقد زواجنا أم لا؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فحالة ضعف الإيمان وعدم الشعور بحلاوته هي نتيجة متوقعة لما وقع منك من ترك للصلاة إذ إن ترك الصلاة من الذنوب العظيمة. والذنوب لها آثار وتبعات وخيمة؛ قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" [الشورى:30] فمن صلى وسجد فله الجنة ومن ترك الصلاة أو السجود فله النار ففي صحيح مسلم (81) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار".(5/243)
والحمد لله الذي ردك إليه فأديت الصلاة، والواجب عليك الآن الصدق في هذه التوبة بعدم العودة لما بدر منك من ترك الصلاة. والندم على ذلك والعزم على عدم العودة لهذا الذنب، مع الإكثار من النوافل والأذكار والاستغفار، وبإذن الله ستعود لك لذة الطاعة وحلاوة الإيمان، وما عليك إلا الصبر فهذا آدم حاله بعد التوبة من المعصية أحسن من حاله قبلها قال تعالى: "وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى" [طه:121-122] .
ولا دخل للذي ضربك على عينك في هذا؛ لأنه لا يجوز لك أن تترك الصلاة ولو لم تستطع السجود بل تصلي على حسب حالك، ولو إيماء للسجود، قال تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" [التغابن:16] وقال صلى الله عليه وسلم: "وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم" أخرجه البخاري (7288) ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.(5/244)
وأما ما ذكرت في الشق الثاني من السؤال فالواجب عليك هو أن لا تختلط بهذه المرأة ولا تساكنها وأنت بعد لم تعقد عليها عقد النكاح إذ إن الخلوة بالمرأة الأجنبية -فضلاً عن مسها أو تقبيلها أو الزنا - من المحرمات المعلومة وهي الوسيلة الواضحة للوقوع في الزنا والفواحش وهي من خطوات الشيطان التي يغري بها حتى يقع الإنسان في الفاحشة العظيمة قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [النور:21] . وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" أخرجه أحمد (3/446) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما وأخرجه الترمذي (2165) وصححه من حديث عمر -رضي الله عنه-.
وكون المرأة أسلمت بعد معرفتك بها وقد علّمتها الدين شيئا فشيئا، فهذا من فضل الله عليها أن هداها للإسلام، وإذا أردت الزواج بها فلك ذلك ولابد لصحة النكاح معها من ولي لها وهو أبوها إذا كان مسلماً وإن لم يكن مسلماً كما ذكرت فأحد عصبتها من المسلمين بدءًا بجدها ثم إخوتها الأشقاء أو لأب ثم أعمامها وأبناء عمها هذا إن كان أحد منهم مسلماً وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" أخرجه أحمد (18878،18697) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجة (1881) وابن حبان (1243) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- وقد صححه غير واحد من أهل العلم وأخذ به جمهور العلماء.(5/245)
فإن لم يوجد لها ولي ممن ذكر أو وجدوا وهم على الكفر فوليها من له نوع سلطان لديكم كمدير المركز الإسلامي وإمام الجامع ومسؤول السفارة ونحوهم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، بارك الله فيك وأتم عليك نعمته وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.(5/246)
أداء الصلاة تحت تأثير المخدر
المجيب د. عبد العزيز بن محمد الداود
عضو الإفتاء
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه
التاريخ 22/8/1422
السؤال
أدت امرأة صلاة الفجر وهي لا زالت تحت تأثير المخدر بعد إجراء العملية، فكانت تغفو أثناء الصلاة ثم تفيق، فما حكم صلاتها والحال هذه؟
الجواب
صلاتك والحال هذه لا تصح، وعليك قضاؤها، لأن من شروط صحة الصلاة سلامة العقل.(5/247)
صلاة الصبي بين العادة والتكليف
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/صلاة الصبي والمجنون والمغمى عليه
التاريخ 4/2/1423
السؤال
هل الصلاة في المسجد واجبة على الولد الذي بلغ العاشرة من عمره حتى ولو لم يبلغ بعد؟ أرجو التفصيل في الإجابة مع ذكر بعض أقوال العلماء في ذلك. هل يأثم والد هذا الطفل إذا لم يحضره معه إلى المسجد، حيث يعتذر كثير من الآباء بالمدرسة أو البرد أو غير ذلك من الأعذار؟ وما الفرق بين سن البلوغ وسن التكليف؟
الجواب
قال العلماء: إن صلاة الجماعة واجبة على الرجال، وخرج بذلك النساء وكذلك الصبيان غير البالغين فلا تجب عليهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاثة -وذكر منهم- الصبي حتى يشب"، رواه أبو داود (4401) والترمذي (1423) وابن ماجة (2042) ، وفي بعض الروايات: "حتى يحتلم".
لكن يشرع أمر الصبي بالصلاة إذا أتم سبع سنين ليعتادها، وضربه عليها لعشر؛ لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين" رواه أحمد (6756) وأبو داود (495) والحاكم (734) .
فعلى الوالد أمر ولده المميز بالصلاة والطهارة، واصطحابه معه إلى المسجد للصلاة جماعة والصبر على ذلك، وهذا من تمام الرعاية والقيام بالمسؤولية التي حملها، قال -تعالى-: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" [طه:132] .
وسن البلوغ هو سن التكليف، فإذا بلغ الإنسان وهو عاقل فإن التكاليف الشرعية تجري عليه.(5/248)
استخدام التسجيل في الأذان؟
المجيب خليل بن سليمان المديفر
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 10/8/1422
السؤال
هل يجوز استخدام التسجيل في الأذان، وذلك بوضع مكبر الصوت عند الراديو الذي يذيع الأذان مسجلاً؟ هل هذا يكفي عن الأذان في المسجد أم لا؟ أفتونا بارك الله فيكم.
الجواب
لا يجوز؛ لأن الأذان عبادة، والعبادة لابد أن تصدر من صاحب عبادة، فالأذان تعبّد فلابد أن يصدر عن مؤذن، وليس مجرد إعلان بالناقوس كما عند اليهود، فألفاظ الأذان لابد أن تصدر عن شخص تصح منه العبادة.(5/249)
مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 14/6/1424هـ
السؤال
الأذان الأول في صلاة الجمعة الذي استقر في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، بعض المساجد لا تؤديه رجوعاً إلى الأصل الذي كان في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والخليفتين من بعده أبي بكر، وعمر، وشطر من خلافة عثمان -رضي الله عنهم-، ويقولون إن العلة التي من أجلها أذن على الزوراء لم تعد موجودة، وهي إعلام الناس بقرب دخول وقت الجمعة، فوسائل الإعلام أصبحت منتشرة في الإذاعات ومكبرات الصوت، وأن الحكم يدور مع العلة وجوداً أو عدماً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالأظهر بقاء مشروعية الأذان الأول للجمعة، وأنه سنة ينبغي المداومة عليها؛ وذلك لأن العمل بهذه السنة ثابت من عصر الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه- وإلى عصرنا الحاضر، الذي توفرت فيه وسائل الإعلام بكل أنواعها، ومع هذا فلا زال العمل جار بهذه السنة الراشدة، كما في الحرم المكي، والمدني، والمسجد الأقصى، وسائر جوامع المسلمين إلا من شذَّ، وقد صرح باستمرار العمل بهذه السنة الإمام الزهري فيما نقله عن السائب بن يزيد أنه قال: (إن الآذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما-، فلما كان في خلافة عثمان - رضي الله عنه- وكثروا، أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، يعني الأول، فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك) ، أخرجه البخاري في صحيحه (1/310) .
فهذه السنة ثابتة بأمرين:(5/250)
الأول: بأمر عثمان -رضي الله عنه-، وهو خليفة راشد، أمرنا باتباع سنته بمقتضى الحديث الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"، الحديث. رواه الترمذي (2676) ، وأبو داود (4607) ، وابن ماجة (42) عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه-.
الثاني: جريان العمل بهذه السنة في الصدر الأول وحتى عصرنا الحاضر، وهو كالإجماع السكوتي على القول بأنه حجة، وأيضاً فإن العلة من هذا الأمر لا زالت موجودة، فإن الناس يتنبهون للاستعداد لهذه الصلاة بهذا الأذان الأول، وأما وسائل الإعلام فإنها لا تفي بالحاجة لأمور منها:
أولاً: أنها تنقل في بعض البلاد الأذان الثاني مع خطبة الجمعة، دون الأذان الأول، فلا يتحقق المقصود.
الثاني: وفي بلاد أخرى كالمملكة العربية السعودية، ينقل الأذان الأول للحرم المكي والمدني دون غيرهما، مع قرب الأذان الأول للثاني بما لا يحقق الحاجة المعتبرة، وهذا أيضاً لا يفي بحاجة المدن الأخرى البعيدة عن الحرمين، لأجل فارق التوقيت.
الثالث: أن وسائل الإعلام لا تتوفر لكل أحد، وهذا بخلاف الأذان فإنه يسمعه كل من قرب، وهو من تجب عليه صلاة الجمعة.
ولذا فإنه يبقي الأذان الأول للجمعة مسنوناً، كما يسن الأذان الأول للفجر، من أجل تنبيه القائم وإيقاظ النائم، والله تعالى أعلم.(5/251)
الأذان بجهاز التسجيل
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 8/6/1423هـ
السؤال
نحن نعمل بدائرة حكومية عبارة عن ثلاثة مبان مستقلة عن بعضها، والمبنى عبارة عن عدة أدوار لا يوجد بها مسجد، إنما مصليات في كل مبنى ويبث إلى جميع مكاتبها المتفرقة جهاز إعلان جماعي، ويسمع الأذان من خلاله بواسطة جهاز تسجيل.
هل استخدام هذه الطريقة جائز؟ وإلا ما الأفضل وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأذان إنما شرع للإعلام بدخول الوقت، والسنة فيه أن يكون حياً مباشراً لا تسجيلاً، والمشروع أن يقوم أحد منكم بمهمة الأذان، فأطول الناس أعناقاً يوم القيامة المؤذنون، كما رواه مسلم (387) من حديث معاوية.(5/252)
التغني في الأذان
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 8/5/1423
السؤال
ما هو التغني في الأذان؟ وما حكمه؟ والسلام عليكم.
الجواب
التغني بالشيء هو: تحسين الصوت به بحيث، يخرج الحروف من مخارجها مع تحسين الصوت بها، وذلك لأن حكم حسن الصوت بالشيء أشد وقعاً في النفس وأدعى للاستجابة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- حين أخبره عبد الله بن زيد بما رآه في منامه من صيغة الأذان قال:"ألقه على بلال فإنه أندى صوتاً منك" ورواية ابن ماجة:" ... رواه ابن ماجة (706) وغيره من حديث عبد الله بن زيد، لكن ينبغي التنبيه ألا يخرج المؤذن بالأذان إلى التطريب به وزيادة المدود فيه حتى يخرجه عن صيغته وإلا لم يكن أذاناً ويُؤزر فيه فلا يُؤجر.(5/253)
أجر من يردد وراء المؤذن
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 22/12/1422
السؤال
هل من يردد وراء المؤذن له نفس ثوابه، الذي هو ثواب كل من يصلي في المسجد؟
الجواب
هذه المسألة ورد فيها حديث يبين أنه يستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول، قال -عليه الصلاة والسلام-: " إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله قال: لا إله إلا الله، من قلبه دخل الجنة " رواه مسلم (385) عن عمر -رضي الله عنه- أي: من تابع المؤذن في أقواله في الأذان دخل الجنة، هذا هو ثواب من يتابع المؤذن، وليس كما ذكر السائل في سؤاله.(5/254)
صفات المؤذن
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 25/12/1422
السؤال
ما الصفات التي ينبغي أن تتوافر في المؤذن؟
الجواب
المؤذن يرفع الأذان، ويعلي كلمة التوحيد، وينادي للصلاة التي هي ركن من أركان الإسلام، وهذا يحتم عليه شروطاً ذكرها العلماء، وهي:
أن يكون مسلماً مؤتمناً على الوقت والأذان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:" ... والمؤذن مؤتمن ... " رواه الترمذي (207) وأبو داود (517) وأحمد (7169) ، وأن يكون عالماً بالمواقيت، ويكفي من ذلك معرفة الساعة، وأوقات دخول الصلاة، عالماً بألفاظ الأذان المشروعة، قادراً على أدائها، قادراً على رفع الأذان، ولا يشترط علو الصوت حال وجود مكبر الصوت، ويستحب أن يكون حسن الصوت، كما يستحب أن يكون قادراً على القراءة حال غياب الإمام، وألا يأخذ أجراً مقابل الأذان؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " ... واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً " رواه أبو داود (531) والترمذي (209) والنسائي (673) وابن ماجه (714) وأحمد (16270) واللفظ لأبي داود، وقد اشترط بعض العلماء ذلك استناداً إلى الحديث الشريف، والمتفق عليه أن يكون مبتغياً بذلك وجه الله، أما إذا أخذ نظير تفرغه فقد أجازه أكثر المتأخرين، وليبشر المؤذنون فهم أطول الناس أعناقاً يوم القيامة كما ثبت في صحيح مسلم (387) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في البخاري (609) أنه لا يسمع المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، وثبت في السنن (النسائي (645) وأبو داود (515) وابن ماجه (724)) وصححه الألباني أن المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس.(5/255)
حكم الإقامة للمنفرد
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 11/8/1424هـ
السؤال
هل الجهر بالإقامة في الصلوات المفروضة للمنفرد واجبة أم مستحبة؟ أي إذا صليت العشاء في البيت لوحدي هل يجب علي الجهر بالإقامة؟
الجواب
الإقامة للمنفرد سنة وليست واجبة، وسواء جهر بها أو أسر.(5/256)
الأذان الأول يوم الجمعة
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 7/7/1423هـ
السؤال
ما حكم الأذان الأول يوم الجمعة؟ نرجو التوضيح؛ لأن هناك من قال بأنه بدعة وقد صدقه أهل قرية فتركوا الأذان الأول يوم الجمعة.
الجواب
سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب:
سـ/لاحظتُ في بلدكم المملكة العربية السعودية أنه يوجد أذانان للجمعة وهذا غير صحيح، إذ إنه كان إذا صعد الإمام المنبر أُذن بين يديه أذان واحد وجميع كتب السنة تؤيد ذلك.
جـ/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فالأمر كما قال السائل كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذان واحد مع الإقامة، كان إذا دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- للخطبة والصلاة أذن المؤذن ثم خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- الخطبتين ثم يُقام للصلاة.
هذا هو الأمر المعلوم والذي جاءت به السنة كما قال السائل وهو أمر معروف عند أهل العلم والإيمان، ثم إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- في المدينة فرأى أن يُزاد الأذان الثالث انظر: البخاري (912) ، ويقال له: الأذان الأول لأجل تنبيه الناس على أن اليوم يوم جمعة حتى يستعدوا ويبادروا إلى الصلاة قبل الأذان المعتاد المعروف بعد الزوال، وتابعه بهذا الصحابة الموجودون في عهده، وكان في عهده علي -رضي الله عنه- وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تبعاً لما فعله الخليفة الراشد -رضي الله عنه- وتابعه عليه الخليفة الراشد الرابع علي -رضي الله عنه- وهكذا بقية الصحابة.(5/257)
فالمقصود أن هذا حدث في خلافة عثمان وبعده واستمر عليه غالب المسلمين في الأمصار والأعصار إلى يومنا هذا، وذلك أخذاً بهذه السنة التي فعلها عثمان -رضي الله عنه- لاجتهادٍ وقع له ونصيحة للمسلمين ولا حرج في ذلك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ" الترمذي (2676) ، وأبو داود (4607) ، وابن ماجة (42) ، وأحمد (17142) ، وهو من الخلفاء الراشدين -رضي الله عنه- والمصلحة ظاهرة في ذلك فلذلك أخذ بها أهل السنة والجماعة ولم يروا بهذا بأساً لكونه من سنة الخلفاء الراشدين عثمان وعلي ومن حضر من الصحابة ذلك الوقت -رضي الله عنهم جميعاً-.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (12/347-349) ] .(5/258)
الإقامة: صفتها وحكمها
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 21/3/1425هـ
السؤال
هل الإقامة واجبة في الصلاة؟ وهل تقطع الصلاة إذا ذكر المصلي أنه لم يقم؟ وهل تجوز الإقامة بصيغة الأذان؟ مع الدليل.
الجواب
الأذان والإقامة فرضا كفاية، إذا قام به جماعة في بلد سقط الإثم عن الباقين، لحديث: "إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم" رواه البخاري (628) ومسلم (674) عن مالك بن الحويرث - رضي الله عنه -، وأما في حق غيرهم فسنة، وعلى ذلك إذا ذكرها المصلي فإنه لا يقطع صلاته؛ لأن الفرض لا يقطع للنافلة، أما الإقامة بصيغة الأذان فلا بأس بها، لحديث أبي محذورة - رضي الله عنه -: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة ... الحديث رواه أحمد (26708) وأبو داود (502) والترمذي (192) والنسائي (630) وابن ماجة (709) وأصله في مسلم (379) .(5/259)
الخروج من المسجد بعد الأذان
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 21/1/1424هـ
السؤال
سؤال عن أثر أبي هريرة - رضي الله عنه - عندما رأى من خرج من المسجد بعد الصلاة، "فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم"، فهل يعذر من خرج من المسجد ليصلي في مسجد آخر، فإني رأيت من يخرج زاعما ذلك، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أبو هريرة - رضي الله عنه - قاله لمن خرج من المسجد بعد الأذان وقبل الصلاة، ولا يتناول هذا من خرج لعذر كمن كان إماماً في مسجد آخر، أو ليصلي في المسجد الآخر، أو ليتوضأ، أو لعذر، أو علم أن خروجه لا يؤثر على إمام المسجد أو من فيه، علماً بأن السؤال قال: عندما رأى من خرج من المسجد بعد الصلاة، وليس هذا هو، وإنما من خرج من المسجد بعد الأذان وقبل الصلاة، والله أعلم.(5/260)
إجابة الصلاة خير من النوم
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 25/12/1423هـ
السؤال
بحكم كثرة المساجد بجوار المنزل فإنني أجد صعوبة في الترديد مع أحدها عند الأذان، ماذا أفعل؟ وهل الترديد يجزي إذا كان من التلفاز؟ ماذا نقول عند قول الإمام الصلاة خير من النوم؟
الجواب
إذا كثرت المساجد فلا بأس أن تردد مع أقربها إليك، وأما الترديد مع جهاز الراديو أو التلفاز فلا بأس إذا كان حياً على الهواء ولم يكن تسجيلاً.
والمشروع في قول المؤذن (الصلاة خير من النوم) ترديد ما قاله المؤذن؛ لعموم حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:"إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" متفق عليه البخاري (611) مسلم (383) .(5/261)
أمر الإمام بتسوية الصفوف وإغلاق الجوالات
المجيب د. سليمان بن صالح الغيث
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 28/4/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: رعاكم الله:
هل في قول الإمام بعد أمره بتسوية الصفوف والاعتدال: أقفلوا الأجهزة - يعني أجهزة الجوالات- بأس مع كونه يكرر ذلك؟.
الجواب
ليس في قول الإمام ما ذكر بعد أمره بتسوية الصفوف والاعتدال بأس، إذ لا يخفى ما في ذلك من المصلحة الظاهرة لصلاة المصلين معه، ومعلوم الأثر الذي يحدث في صلاة المصلين بذلك المسجد في حالة تم اتصال على أحد الجوالات غير المغلقة، أو الموضوعة على نظام غير صامت من الإزعاج، والإخلال بخشوع الصلاة وسكينتها، بل إن البعض - هدانا الله وإياهم- ربما جعل نغمة الجوال على نغمات موسيقية وهي محرمة خارج المسجد، فكيف بالمسجد، بل وأثناء أداء الصلاة، فأهيب بجميع المسلمين الانتباه لهذا، والتناصح فيما بينهم على إزالة ذلك، أما ما ذكر في السؤال من كون الإمام يكرر ذلك فالجواب أن له أن يكرر حسب تكرر ذلك الأمر في جماعة مسجد، فإذا انقطع هذا الأمر وأصبح جميع جماعة ذلك المسجد وهم محصورون ملتزمون بإغلاق جوالاتهم قبيل دخول المسجد أو وضعه على الصامت، فأنا واثق بأن الإمام من نفسه لن يحتاج إلى إيراد مثل هذه العبارة، وهذا ما نؤمله في أن يرتقي الوعي لدى جميع المصلين فيحرصوا على صلاتهم. مما يخل بها، كما أنصح بوضع لافتات عند باب المسجد تنبه على إغلاق الجوال عند دخول المسجد.(5/262)
الأذان الموحد
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 25/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخنا الفاضل:
نحن في مسجدنا عندنا الأذان على السنة النبوية، فلا نقبل بالأذان الموحَّد، والحمد لله، وهذا حالنا منذ زمن طويل، إلا أن هناك فئة من الناس تعترض على هيئة الأذان (لا تقبل بأذان المؤذن المسؤول في المسجد) ، وتطالب باستخدام الأذان الموحد الذي هو عن طريق الراديو، فما رأي فضيلتكم؟ هل نوافق على طلبهم باستخدام الأذان الموحَّد؟ أم نبقى كما نحن عليه اقتداء بأهل السنة النبوية والسلف الصالح؟ وهل يدخل حكم الأذان الموحَّد في فقه الواقع؟ أو ما يسمونه بعموم البلوى؟.
الجواب
عليكم أن تتبعوا السنة، فالأذان هو على كل أهل مسجد، وليس أبداً أن تستمع إلى الراديو فهذا لا أصل له، فعليكم أن تتبعوا السنة وتلزموها وتؤذنوا لأنفسكم فهو سنة عليكم أنتم، ولا تقبل النيابة في هذا.
والأذان الموحَّد لا يدخل في شيء، ولا حاجة تدعو إليه، فالأصل أن كل مسجد يرفع الأذان اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا أمر لا يختلف فيه، ولم يقل بغيره أحد من أهل العلم.(5/263)
الوقت المشروع بين الأذان والإقامة
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 22/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل هناك مدة محددة للوقت بين الأذان والإقامة؟ لأن إمامنا يطيل وألاحظ تأفف الكثير من المصلين من ذلك. والسلام عليكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنه لا يوجد في أدلة الشريعة - حسب علمي- ما يدل على تحديد مقدار وقت الانتظار بين الآذان والإقامة بحيث لا يجوز القصور عنه أو الزيادة عليه، وإنما يستحب أن تكون الإقامة بعد الأذان بوقت يكفي لاستعداد الناس للصلاة، وذلك لأن الأذان إنما هو إعلام بدخول الوقت، ولا يتحقق المقصود من الأذان، إلا بانتظار وقت يكفي لاستعداد وحضور من أعلموا بدخول الوقت، وإذا نظرنا في سنة خير الخلق عليه الصلاة والسلام نجد أن الأمر فيه سعة من حيث وقت الانتظار بين الأذان والإقامة، والأمر الذي استمر عليه النبي عليه الصلاة والسلام هو الانتظار القليل بين الأذان والإقامة، كما جاء في حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- الذي رواه أحمد (21285) ، والترمذي (195) ، وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: "اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته"،(5/264)
ويتضح من سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن المقصود من الانتظار هو تمكين المسلمين من ترك أعمالهم وقضاء حوائجهم، ومن ثم حضورهم إلى المسجد، ولذلك فإن المندوب تأخير الصلاة قليلاً عند تأخر المصلين في الحضور إلى المسجد، وتقديمها عند حضورهم إلى المسجد، ويدل على هذا ما رواه البخاري (565) من حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما- أنه سأل جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "....والعشاء: إذا كثر الناس عجَّل، وإذا قلوا أخّر"، ونظراً لكثرة المساجد اليوم، وعدم اختصاصها بمن هو ساكن حولها، فإن الأفضل أن يجعل بين الأذان والإقامة وقتاً محدداً يكون معروفاً عند الناس- كما هو معمول به في بلادنا اليوم- بحيث يلتزم به الأئمة والمأمومون، ومع هذا التحديد لا يحصل الخلاف.
ومما تحسن الإشارة إليه أنه ينبغي مراعاة حال الناس عند كل صلاة، فصلاة الفجر يكون الانتظار فيها أطول من غيره، ليتمكن الناس من الاستيقاظ من النوم والاستعداد للصلاة، وهكذا كل صلاة بحسب ما يناسب حال المسلمين فيها، كما ينبغي مراعاة أماكن وجود المساجد، فالمساجد الموجودة في الأسواق أو القريبة منها يكون الانتظار فيهاً قليلاً، لئلا يتضرر أصحاب الأسواق بطول الانتظار، وهذا بخلاف المساجد الموجودة في الأحياء السكنية فلا ضرر عليهم من الانتظار المتعارف عليه. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(5/265)
أذان الجنب
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 21/2/1424هـ
السؤال
أنا مؤذن مسجد وأحيانا أنام على جنابة فأقوم من النوم وقد بقي على الآذان دقيقة أو دقيقتان فهل يجوز لي أن أؤذن وأنا على جنابة.... أفتوني مأجورين
الجواب
عليك المبادرة بالأذان عند أول الوقت لإعلام الناس ليحضروا إلى المسجد، ولو أذنت وأنت على جنابة أو غير متوضئ فلا بأس، ثم بعد الأذان تذهب وتغتسل ولا شيء عليك - إن شاء الله - والأذان يصح من الجنب ومن المحدث حدثاً أصغر والحمد لله.(5/266)
"من أذن فهو يقيم"
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 7/1/1424هـ
السؤال
هل هناك حديث يدل على أن من أذن فهو يقيم؟ وما رأيكم في أيهما أولى في المسجد أن يقيم الذي أذن للصلاة أو المؤذن الرسمي للمسجد إذا حضر؟ نفع الله بكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فهذا الحديث "من أذن فهو يقيم" روي من طريقين، كلاهما ضعيف، الأول: ما أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (12/435) من طريق سعيد بن راشد السماك عن عطاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:" ... إنما يقيم من أذن" وسنده ضعيف؛ لأنه من طريق سعيد بن راشد، وهو ضعيف، كما قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (2/3) وغيره.
الطريق الثاني: ما أخرجه أحمد في مسنده (4/169) وأبو داود في سننه (514) والترمذي في سننه (199) وابن ماجة في سننه (717) كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد أنعم الأفريقي عن زياد بن نعيم عن زياد بن الحارث الصدائي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:" ... ومن أذن فهو يقيم" وسنده ضعيف؛ لأنه من طريق عبد الرحمن الإفريقي وهو ضعيف كما في التقريب صـ (400) رقم (3862) ولذا قال أبو عيسى الترمذي في سننه (199) :"وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الأفريقي، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره" ثم قال الترمذي:"والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم"أ. هـ.
وقد حكى الحازمي في كتابه (الاعتبار) ، كما نقله عنه صاحب تحفة الأحوذي (1/509) اتفاق أهل العلم على جواز أن يؤذن الرجل ويقيم غيره، وأن الخلاف إنما هو في الأولوية.(5/267)
وعلى هذا فالذي يترجح -والله أعلم- أن الأولى بالإقامة هو من أذن، وهذا ما عليه العمل وهو قول الأكثر، كما قاله الترمذي -آنفاً- وهذا فيما إذا كان المؤذن متطوعاً، لا سيما إذا كانت إقامة الغير سبباً في ضغينة أو إثارة فرقة.
أما إذا كان المؤذن راتباً (رسمياً) فهو الأولى بها، لأنه وُضع من قبل الإمام للتأذين والإقامة، فإذا فات أحدهما بقي حقه في الآخر، والله تعالى هو الموفق والهادي.(5/268)
الأذان والإقامة للنساء
المجيب أحمد بن محمد الرزين
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 18/1/1425هـ
السؤال
وجدت فتوى لابن باز -رحمه الله- في كتاب (تحفة الإخوان) في عدم وجوب الأذان والإقامة للنساء بعكس ما وجدته في (تمام المنة في التعليق على فقه السنة) للشيخ الألباني -رحمه الله- حيث أورد أدلة توجب على المرأة ذلك وهي أدلة صحيحة على حسب رأي أهل الحديث. فما التوفيق بين فتوى ابن باز والألباني -رحمهما الله- وأيهما على حق؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
فأشكر للسائلة ثقتها بهذا الموقع المبارك، وأحب أن تكون الإجابة على ما ذكر من إشكال فيما يلي:
أولاً: أما وجوب الأذان والإقامة على النساء فلا أعلم خلافاً أنهما غير واجبين، وإنما الخلاف في الجواز والاستحباب، والخطب في ذلك يسير بحمد الله.
ثانياً: أنه ليس ينكر الخلاف فيما لم يسبقه إجماع، وشأن المسلم اتباع ما اقتضاه الدليل بغض النظر عن القائل، وينبغي أن يعلم أن رد القول لا يعني القدح في القائل، فرحم الله الشيخين وجزاهما عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
ثالثاً: وأشير أيضاً إلى أن واقع الأمر ليس كما ذكر في السؤال إذ ما أورده الشيخ الألباني -رحمه الله- في المسألة، على فرض صحة الاحتجاج به رواية ودراية غاية ما يدل عليه الجواز لا الوجوب.
رابعاً: ما ذكر من أدلة على فرض صحتها في المسألة لا تعدوا أن تكون قول صحابي أو فعله، وفي الاحتجاج بذلك خلاف مشهور، والجمهور على عدم اعتباره حجة، بل إن أقوال الصحابة-رضي الله عنهم- إذا تعارضت- كما هو واقع المسألة- فلا حجة فيها إجماعاً.(5/269)
خامساً: الذي أراه بناء على ما سبق هو ما رآه سماحة شيخنا ابن باز من كونهما- أي الأذان والإقامة- لا يشرعان للنساء، إذ لم يرد في ذلك سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأصل في العبادات التوقيف، وأيضاً فإن الأصل أن الأذان والإقامة إنما شرعا من أجل مصلحة الصلاة جماعة، والجماعة لا تجب إلا على الرجال.(5/270)
هل للفجر أذان واحد أم اثنان؟
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 7/07/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم.
كلفني أحد الأصدقاء بأن أسألكم عن أذان الفجر، هل للفجر أذان واحد أم اثنان؟ وما حكم من يؤذن أذانًا واحدًا، إن ثبت أن الصحيح أن للفجر أذانين؟..وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: أنه ليس لصلاة الفجر إلا أذان واحد على الصحيح، هذا أولاً.
ثانيًا: أنه يشترط أن يكون هذا الأذان بعد طلوع الفجر، فإن أذن قبله فلا يصح على الصحيح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ". أخرجه البخاري (628) ومسلم (674) . فإن قيل: ما المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا أَذَّنْتَ الأَوَّلَ مِنَ الصُّبْحِ فَقُلْ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ"؟ أخرجه أحمد (15376) وأبو داود (500) والنسائي (647) ، فالجواب: أن المراد به الأذان الذي ذكرناه، الذي يكون بعد طلوع الفجر؛ لأن الإقامة أذان ثانٍ؛ لكونها إعلامًا أيضًا كالأذان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ". أخرجه البخاري (624) ومسلم (838) . أي الأذان والإقامة، وفي صحيح البخاري (913) : زاد عثمان الأذان الثالث في صلاة الجمعة. يعني بالإضافة إلى الأذان السابق والإقامة، فسميت أذانًا، وهذا ثالثًا.(5/271)
فإن قيل: الأذان الذي يكون في آخر الليل، أليس هو الأذان الأول للفجر بدليل حديث ابن عمر قال: إنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ". أخرجه البخاري (1919) ومسلم (1092) ، فالجواب: أن أذان بلال إنما هو ليوقظ النائم ويرجع القائم، كما جاء ذلك في رواية الجماعة: "لِيَرْجِعَ قائِمَكُمْ ويُوقِظَ نائِمَكُمْ". أخرجه البخاري (7247) ومسلم (1093) . إذًا فليس أذانًا لصلاة الفجر، وهذا رابعًا.
فإن قيل: أليس المراد بقول: "الصلاةُ خيرٌ من النومِ". صلاة التهجد؟ لأنه لا مفاضلة بين صلاة الفريضة والنوم، وعليه، فلا تقال في الأذان الذي بعد طلوع الفجر، وإنما تقال في الأذان الذي يكون آخر الليل قبل طلوع الفجر. فالجواب: أن الخيرية قد قيلت في أوجب الواجبات وفي بعض الواجبات، كما في قوله تعالى: (} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ
عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ) ] الصف: 10-11 [. وقوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ) . وعليه فقول: "الصلاةُ خيرٌ من النومِ". سنة في أذان الفجر الذي يكون بعد طلوع الفجر، ولو قيلت في الأذان الذي يكون آخر الليل لقلنا: إن هذا غير مشروع. وهذا خامسًا. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.(5/272)
الترنم والتطويل في الأذان
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
ما حكم ترنيم وتطويل الصوت في الأذان؟ الذي نعرفه أنه يستحب أن يكون صوت المؤذن عالياً وجميلاً، لكن أحد الإخوة ذكر واقعة حصلت مع ابن عمر - رضي الله عنهما- حين قال له أحد المؤذنين "إني أحبك في الله" فرد عليه ابن عمر- رضي الله عنهما-: "إني أكرهك في الله". فسأله المؤذن عن سبب ذلك فأجابه ابن عمر - رضي الله عنه- أن السبب أن الرجل كان يغالي في أذانه ويأخذ الأجرة عليه، فهل يكره الترنم والتطويل في الأذان كما نسمع من الحرم المكي وغيره من المساجد؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإنه لا ريب أنه يستحب للمؤذن أن يرفع صوته بالأذان لا سيما عند عدم وجود مكبِّر للصوت، وأن يهتم بتحسين صوته بالآذان وتجميله؛ للحديث الوارد في سنن أبي داود (499) ، وابن ماجة (706) عن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: " ... فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به؛ فإنه أندى صوتاً منك ... "، وفي رواية الترمذي (185) : فإنه أندى وأمدّ صوتاً منك، ثم قال الترمذي
(1/359) : حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه- حديث حسن صحيح ا. هـ.(5/273)
وحكى عنه الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/198) ، أنه قال: "لا نعرف لعبد الله بن زيد شيئاً يصح إلا حديث الأذان، ثم قال الحافظ: وكذا قال البخاري، ا. هـ، وقد فسر الحافظ ابن حجر في الفتح (2/87) ، هذا الحديث، فإنه أندى صوتاً منك، فقال: أي: أقعد في المد، والإطالة، والإسماع؛ ليعم الصوت، ويطول أمد التأذين، فيكثر الجمع، ويفوت على الشيطان مقصوده من إلهاء الآدمي عن إقامة الصلاة في الجماعة، ا. هـ، وقال الشوكاني في النَّيْل (2/20) ، أي: أحسن صوتاً منك، ا. هـ، وقد ذكر هذين القولين الإمام ابن الأثير في النهاية (5/36) ، فقال: أي: أرفع وأعلى، وقيل: أحسن وأعذب، وقيل: أبعد ... ا. هـ.
فأما زيادة التلحين والتطريب فقد كرهها بعض أهل العلم، بل ذهب بعضهم إلى التحريم إذا أدى التلحين والترنم إلى تغيير مقتضيات الحروف، بحيث يتغير المعنى، كمدِّ همزة (أكبر) بحيث تصير استفهاماً، أو مدِّ باء (أكبر) بحيث يصير جمع (كبر) وهو طبل له وجه واحد، وهكذا ... وإلى هذا ذهب العز بن عبد السلام، كما حكى عنه الهيثمي في المنهج القويم
(1/154) ، واستدلوا بمجموعة من أدلة الآثار والمعنى، ومنها الأثر الذي ورد عن الضحاك بن قيس، وعن ابن عمر – رضي الله عنهما- كما أشار إليه السائل وقد وردا بإسنادين ضعيفين:
فالأول أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (1853) ، عن معمر عن قتادة عن الضحاك ابن قيس: أن رجلاً قال: إني لأحبك في الله، قال له: ولكني أبغضك في الله، قال: لم؟ قال: إنك تبغي في آذانك، وتأخذ الأجر على كتاب الله" وسنده ضعيف؛ لأنه من طريق قتادة، وهو مدلس، ولم يصرح بالتحديث فيكون منقطعاً، وأيضاً فإنه لم يدرك الضحاك إلا وعمره ثلاث سنين أو أربع، حيث إن قتادة ولد سنة (61هـ) ، وتوفي الضحاك بن قيس سنة: (65) ، وهذا شاهد آخر على الانقطاع.
وأما الطريق الثاني: فأخرجه أيضاً عبد الرزاق في مصنفه (1/481) ، وابن عدي في الكامل(5/274)
(7/192) ، كلاهما من طريق يحيى البكاء أنه قال: "رأيت ابن عمر - رضي الله عنهما- يسعى بين الصفا والمروة، ومعه ناس، فجاءه رجل طويل اللحية، فقال: يا أبا عبد الرحمن: إني لأحبك في الله، فقال ابن عمر -رضي الله عنهما- لكني أبغضك في الله، فكأن أصحاب ابن عمر - رضي الله عنهما- لاموه وكلموه، فقال: إنه يبغي في أذانه، ويأخذ عنه أجراً"، ثم قال ابن عدي: "ويحيى البكاء هذا، ليس بذاك المعروف، وليس له كثير رواية" ا. هـ، وقال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (7645) ، ضعيف ا. هـ.
ومع هذا، فإنه لا ينبغي للمؤذن أن يبالغ في التلحين والتمطيط والمدّ، بحيث يمل السامع من متابعة الأذان، وربما خرج به عن معناه إلى معنى آخر، فوقع في المحظور. وقد أخرج البخاري معلقاً بصيغة الجزم في كتاب: الأذان، باب: رفع الصوت بالنداء عن عمر بن عبد العزيز أنه قال لمؤذنه: أذن أذانا سمحاً وإلا فاعتزلنا.
قال ابن حجر في الفتح (2/116) : (والظاهر أنه خاف عليه من التطريب الخروج عن الخشوع، لا أنه نهاه عن رفع الصوت) ، والله -تعالى- أعلم.(5/275)
رفع السبابة عند تشهد المؤذن في الأذان
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 27/05/1426هـ
السؤال
هل يجوز رفع إصبع السبابة من اليد اليمنى عندما نسمع المؤذن يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله؟ "، أم أن ذلك بدعة؟، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
لا أعلم دليلاً يدل على مشروعية رفع السبابة عند سماع المؤذن يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله "، والذي ورد هو رفع السبابة في التشهد، ففي حديث ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي التَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى، عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ. أخرجه مسلم (580) ، هذا والله أعلم.(5/276)
هل إجابة الدعاء بعد الأذان خاصة بمن في المسجد؟!
المجيب د. تركي بن فهد الغميز
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 02/11/1426هـ
السؤال
قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة". هل هذا لمن يكون في المسجد خاصة، أم لمن يسمع الأذان؟ وكذلك حديث: "بين كل أذانين صلاة". وقال في الثالثة: "لمن شاء" فهل يكون أيضاً خاصاً بمن في المسجد، وخاصة نحن نساء، فهل يكون لنا من ذلك الفضل؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن حديث: "لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة" قد أخرجه أحمد (12221) ، وأبو داود (521) ، والترمذي (212) ، وغيرهم، وفي إسناده مقال، ولكن له أكثر من طريق، وقد صححه بعض الأئمة كابن خزيمة (425) ، ومنهم من يذكره موقوفاً، وله غير هذا اللفظ. وأما الحديث الثاني فهو متفق عليه [صحيح البخاري (1624) وصحيح مسلم (838) ] .
وبالنسبة لما ذكر في السؤال فالأصل في هذا العموم لمن في المسجد وغيره، وللرجل والمرأة، فيسن لها أن تصلي ركعتين بين كل أذان وإقامة، كما يسن لها جميع السنن الواردة عند الأذان، ومنها الدعاء بعده، وهو واقع فيما بين الأذان والإقامة، والله أعلم.(5/277)
آداب الأذان والإقامة
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 06/08/1426هـ
السؤال
أرجو أن تخبروني بالتفصيل عن كيفية رفع الأذان، وإقامة الصلاة، والحركات التي ينبغي عملها في الأذان والإقامة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
الأذان: هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، والإقامة: هي الإعلام بالقيام للصلاة بذكر مخصوص، ويشرعان للصلوات الخمس دون غيرها للرجال دون النساء، وهما من فروض الكفايات إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين، لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، ويشترط لصحتهما: الإسلام والعقل والذكورية، وأن يكون الأذان في وقت الصلاة، ولا يصح قبل دخول وقتها، غير الأذان الأول للفجر والجمعة، فيجوز قبل الوقت، وأن تكون الإقامة عند إرادة القيام للصلاة، وأن يكون كل من الأذان والإقامة مرتباً متوالياً، كما وردت بذلك السنة، وينبغي أن يكون المؤذن صيتاً أميناً عالماً بالأوقات. ويستحب في المؤذن ما يأتي:
- أن يكون بالغاً عاقلاً، ويصح أذان الصبي المميز.
- أن يكون متطهراً من الحدث الأصغر والأكبر.
- أن يؤذن قائماً مستقبلاً القبلة.
- أن يجعل أصبعيه في أذنيه، وأن يدير وجهه عن يمينه إذا قال: "حي على الصلاة"، وعن يساره إذا قال: "حي على الفلاح".
- أن يترسل في الأذان، أي يتمهل، ويحدر الإقامة، أي يسرع فيها.
- أن يرفع صوته بالنداء، وإن كان منفرداً في صحراء.
وللأذان كيفيات وردت في السنة، منها:(5/278)
- أولاً: تربيع التكبير الأول، وتثنية باقي جمل الأذان بلا ترجيع ما عدا كلمة التوحيد، فيكون عدد كلماته خمس عشرة كلمة، لحديث عبد الله بن زيد –رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى، قَال: َ فَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ، أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ، أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ. أخرجه أحمد (15880) ، وأبو داود (431) والترمذي (174) ، وقال: حسن صحيح.
- ثانياً: تربيع التكبير، وترجيع كل من الشهادتين، بمعنى أن يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، يخفض بهما صوته، ثم يعيدهما مع الصوت؛ لحديث أبي محذورة –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّمَهُ الأذان تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً أخرجه الترمذي (177) ، وقال: حديث حسن صحيح.(5/279)
هذا ويشرع للمؤذن التثويب، وهو أن يقول في أذان الصبح –بعد الحيعلتين-: "الصلاة خير من النوم"، قال أبو محذورة –رضي الله عنه- يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الأذَانِ، فعلمه، وقال: "فَإِنْ كَانَ صَلاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ" أخرجه أبو داود (422) .
والإقامة ورد لها كيفيات منها:
- أولاً: أن تكون الإقامة إحدى عشرة كلمة، وذلك بتثنية التكبير الأول والأخير، و"قد قامت الصلاة" وإفراد سائر كلماتها، لحديث عبد الله بن زيد –رضي الله عنه- المتقدم: "وَتَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصلاة: َ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، وهذه إقامة بلال –رضي الله عنه- لحديث أنس – رضي الله عنه -: "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة" أخرجه البخاري (603) ، ومسلم (378) .(5/280)
- ثانياً: تربيع التكبير مع تثنية جميع كلماتها، ما عدا الكلمة الأخيرة، لحديث أبي مَحْذُورَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّمَهُ الأذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالإقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً.... وَالإِقَامَةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللَّهُ".
والكيفية الأولى للأذان والإقامة هي التي كان بلال -رضي الله عنه- ينادي بها بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- حضراً وسفراً حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم، والكيفية الثانية للأذان والإقامة هي ما يعرف بأذان وإقامة أبي محذورة -رضي الله عنه- حيث علَّمه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد استحب الإمام أحمد -رحمه الله- وغيره الأخذ بأذان بلال -رضي الله عنه- وإقامته، وتجويز أذان وإقامة أبي محذورة -رضي الله عنه- إذا عمل بهذا في مكان وهذا في مكان، والله أعلم.(5/281)
حكم الأذان والإقامة
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/الأذان والإقامة
التاريخ 24/03/1427هـ
السؤال
ما هي مكانة الإقامة في الصلاة، وما الحكمة منها؟ وهل إذا تركتها متعمداً أكون آثما؟
وأيهما أولى الأذان أو الإقامة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالأذان والإقامة من فروض الكفاية في حق الرجال، وليست كذلك في حق النساء، فالأذان إعلام بدخول وقت الصلاة، ويكون بصوت مرتفع، وعلى مكان عالٍ من المسجد إلا إذا وجد مكبر الصوت.
والإقامة إيذان بإقامة الصلاة وكل من الأذان والإقامة يُشعر بعظمة الله -تبارك وتعالى- وأنه أكبر من كل كبير، وأنه المستحق لهذه العبادة، وفي النطق بالشهادتين مع التكرار دعوة لترسيخ العبادة في النفوس واستقرارها في القلوب، و (حيَّ على الصلاة) و (حيَّ على الفلاح) كذلك دعوة إلى أداء هذه الشعيرة التي هي أعظم ركن في الإسلام بعد الشهادتين، و (حيَّ على الفلاح) دعوة أيضاً لما يحقق الفوز والظفر، والحصول على المطلوب من خيري الدنيا والآخرة.
وفي ختام الأذان والإقامة تكرار التكبير وكلمة التوحيد؛ حتى يشعر الإنسان بضرورة الصدق في الإيمان والإخلاص في العمل، والتوجه إلى الله بالعقل والقلب للتأمل والتفكر والتدبر لما يقرأ في الصلاة من القرآن، كما في هذا دعوة للمصلي أن يفرغ قلبه وجميع مشاعره للتوجه إلى الله -تبارك وتعالى- والإعراض عن كل ما سواه، فيؤدي المسلم صلاته بخشوع وخضوع وحضور قلب، وتفكر وتدبر وتصور لعظمة الله تبارك وتعالى.
وأداء الصلاة على هذه الكيفية وبهذه المعاني يجعلها صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
وإذا تعمد المسلمون ترك الأذان أو الإقامة أثموا؛ لأنهما من فروض الكفاية. والله أعلم.(5/282)
الصلاة في مسجد بني بمالٍ حرام
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/أحكام المساجد
التاريخ 03/05/1427هـ
السؤال
هل تجوز الصلاة في مسجد بني بمال المخدرات؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم تجوز الصلاة؛ لأن المراد بعمارة المساجد في مثل قوله تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" [التوبة:18] . المراد بالعمارة العمارة الحقيقية بالصلاة والذكر والدعاء ولهذا ذكرت البيوت في قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" [النور:36-38] . أما البناء الحسي المادي إذا كان المال فيه حراماً فلا أجر لصاحبه، لما جاء في الحديث: "أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" صحيح مسلم (1015) . فيؤجر المستفيد دون الدافع في هذا، وقد عاب الله على المشركين عمارتهم للمسجد الحرام، وأمر المؤمنين أن يصلوا فيه فقال: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [التوبة:19] .
وفق الله الجميع إلى كل خير.(5/283)
تحويل الكنيسة إلى مسجد!
المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/أحكام المساجد
التاريخ 23/05/1427هـ
السؤال
هل يجوز تحويل الكنيسة أو البيعة إلى مسجد؟ وإذا كان الجواب بنعم؛ فكيف نجيب عن قوله تعالى: "لا تقم فيه أبدا"؟
الجواب
قوله تعالى: "لا تقم فيه أبداً" [التوبة:108] نزلت في مسجد بناه المنافقون بقصد المضارّة، وصرف الناس عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء، وليكون موئلاً للكائدين والمحاربين لله ورسوله، مع أنه في الظاهر كان مسجداً وليس كنيسة ولا بيعة.
أما الكنيسة والبيعة إذا تعطلت من أهلها، وكانت تحت ولاية المسلمين، أو أذن أهلها بملك المسلمين لها، فيجوز تحويلها إلى مسجد خالص، وتطهيرها من كل مظاهر الشرك وشعارات الكفر. علماً بأن المسألة خلافية لكن هذا هو الراجح. والله أعلم.(5/284)
صلاة الأخرس
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/العقل والبلوغ
التاريخ 08/04/1427هـ
السؤال
ما حكم صلاة الأخرس؟ وهل هو مكلف؟
الجواب
الصلاة واجبة في حق كل مسلم مكلف بالغ عاقل، ولا تسقط عنه إلا لعذر من الأعذار الشرعية التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل" رواه أبو داود (4403) ، فإذا كان الأخرس مسلماً بالغاً عاقلاً سليماً من هذه الأعذار وجبت في حقه الصلاة لقوله تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" [النساء:103] ، ويصلي حسب استطاعته لقوله تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" [البقرة:286] ، وقوله تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" التغابن:16] .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(5/285)
صلاة المرأة في ثوب واحد
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة
التاريخ 27/3/1423
السؤال
هل يجوز للمرأة الصلاة بثوب واحد فقط من غير أي شيء داخلي، (الثوب الواحد أي: شرشف الصلاة) ؟
الجواب
يجوز للمرأة أن تصلي في ثوب واحد إذا كان ساتراً لجميع بدنها في الصلاة ما عدا الوجه إذا لم يكن عندها رجال أجانب، وذلك أن المرأة المسلمة كلها عورة في الصلاة إلا الوجه إذا لم يكن عندها رجال أجانب، فإن كان عندها رجال أجانب وجب عليها أن تستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه.
فإذا كان هذا الثوب الواحد يستر جميع البدن ولا يخشى منه الانكشاف فالصلاة فيه صحيحة والحمد لله، وإذا كان يخشى منه الانكشاف فلا يجوز لما يترتب عليه من خشية انكشاف العورة.(5/286)
الصلاة في الثوب الشفَّاف
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة
التاريخ 17/7/1424هـ
السؤال
ما حكم الصلاة في الثوب الشفَّاف، وعلى الإنسان سروال قصير، ويبدو من وراء الثوب شيء من الفخذ؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
من شروط الصلاة ستر العورة، وضابط ستر العورة أن تسترها بشيء لا يصف لون البشرة من سواد أو بياض، فإذا كان الثوب لا يستر لون البشرة فقد انتقض شرط من شروط الصلاة، فلا تصح هذه الصلاة.(5/287)
صلاة المرأة بالبنطلون
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة
التاريخ 28/2/1425هـ
السؤال
أنا طالبة في الجامعة ولا أرتدي الجلباب، وأرتدي ما يستر شعري والبنطلون، وللعلم أنه ليس بضيق، (والبلوزة) من الصوف الثقيل وليست ضيقة، ومقدار طولها إلى الركبتين، المهم هو أني أود أن أصلي الظهر والعصر في المصلى الموجود في الجامعة، ما الحكم في صلاتي أمام ربي بهذا اللباس؟. ولله الحمد في الأولى والآخرة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن من شروط صحة الصلاة ستر العورة، بحيث أن المرأة تستر جميع بدنها بملابس واسعة وسميكة ليست شفافة ولا ضيقة، وتكون ساترة لجميع البدن ما عدا الوجه إذا لم تكن في حضرة رجال أجانب، فإذا صلت بأي لباس ساتر لا يرى شيء من عورتها، ولا يكون ضيقاً، ولا يكون شفافاً، فصلاتها إن شاء الله صحيحة. وبالله التوفيق.(5/288)
الصلاة في البنطلون
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة
التاريخ 16/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل الصلاة في -البنطلون- والشراب جائزة للمرأة أم لا؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الصلاة في -البنطلون- صحيحة إذا لم يكن عند المرأة رجال أجانب.
وكلما كان اللباس ساتراً ولا يبين تقاطيع جسم المرأة فهو أفضل، علماً أن -البنطلون- لا يستر جميع جسم المرأة، بل يظهر شيئاً من محاسنها، وقد يحسن القبيح ولا يستر جميع الجسم؛ لأن كل المرأة الحرة عورة في الصلاة، إلا الوجه إذا لم يكن عندها رجال أجانب، فإذا كان عندها رجال أجانب وجب عليها أن تستر الوجه وجميع البدن، والصلاة هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، والواجب على المسلم والمسلمة الاعتناء بها والمحافظة عليها، وعلى ما يلزم لها من طهارة وستر وطمأنينة وخشوع وإقبال على الله -تعالى-، وشراب اليدين وشراب الرجلين من تمام الستر المأمور به شرعاً.(5/289)
تغطية المرأة لقدميها في الصلاة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة
التاريخ 13/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل يجب على المرأة تغطية قدميها في الصلاة؟ وما هو الدليل على ذلك؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم يجب على المرأة أن تغطي قدميها في الصلاة، والدليل ما روته أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نعم، إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها" رواه أبو داود (640) ، وقال: وقفه جماعة على أم سلمة - رضي الله عنها-، وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: (فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبراً"، فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن، قال: "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه" رواه الترمذي (1731) وقال: حديث حسن صحيح. والله أعلم.(5/290)
وقت صلاة المغرب والفجر
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 23/11/1422
السؤال
متى يبدأ وقت صلاة المغرب ومتى ينتهي، ومتى يبدأ وقت صلاة الفجر ومتى ينتهي؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
يبدأ وقت صلاة المغرب بغروب قرص الشمس، وينتهي بمغيب الشفق الأحمر، وهو الحُمْرة التي تكون جهة المغرب، ووقت صلاة الفجر يبدأ من طلوع الفجر الثاني (وهو البياض الممتد في الأفق جهة المشرق) ، وينتهي بطلوع الشمس، وأنصح السائل أن يقرأ فيما كتبه أهل العلم في هذا الموضوع، وأن يكوّن عنده ثقافة كافية في أوقات الصلوات كلها.(5/291)
وقت الفجر
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 25/12/1424هـ
السؤال
قامت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لبلدنا بنشر وتوزيع مرجع سنوي خاص بأوقات الصلاة، وعند النظر في وقت صلاة الصبح نجد أنفسنا إذا صلينا في الوقت الذي حُدِّد ضمن المرجع، فإننا نصلي بليل لم يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، كما بينه ربنا - سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم، وكما ذكره صاحب الفتح أنه آخر ظلمة الليل وأول النهار وبينهما حمرة.
إذاً سماحة الشيخ، هل نصلي مع الإمام نافلة ولا ننصرف عند إقامة الصلاة، حتى لا تقع فتنة، ثم نصلي في بيوتنا الفريضة بعد الانصراف، أم نصلي وراء الإمام الفريضة، ويتحمل هو وزر ذلك؟، أفيدونا فإنا في حيرة من أمرنا، وقد كثر الجدال والنزاع حول ذلك.
الجواب
اعلم أيها السائل الكريم أن قوله -تعالى-:"حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" [البقرة:187] لم ترد في شأن الصلاة، وإنما فيمن يتناول سحوره، وشكَّ في طلوع الفجر.
وأما صلاة الفجر فإن السنة أن تفعل بغلس، فقد روى البخاري (578) ، ومسلم (645) عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحدٌ من الغلس، أي: ما يعرفن هن نساء أم رجال.
وعن أبي برزة الأسلمي: -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه، ويقرأ فيهما ما بين الستين إلى المائة، أي: من الآيات ... الحديث رواه البخاري (541) ، ومسلم (647) ، وهذا يعني أنه كان يقرأ ما يقرب من نصف الجزء، وذلك يقتضي أن صلاته- صلى الله عليه وسلم- تكون في أكثر من نصف ساعة.(5/292)
فإذا صلى الصبح بغلس، وقام في صلاته بهذا الجزء من الوقت الذي لا يمكن الإنسان من رؤية الشخص أهو رجل أو امرأة، وإنما يستطيع معرفة من كان جليسه أو قريباً منه.
فلا يستعجل هذا السائل بالحكم على أن أهل بلده يصلون قبل الوقت، سيما إذا كانوا يصلون بغلس، وقد يكون الشك ناشئاً عن خطأ في فهم قوله -سبحانه وتعالى-:"حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" [البقرة: 187] .
وحسن الظن بالمسؤولين في مراعاة الأوقات هو المطلوب. نسأله -سبحانه وتعالى- التوفيق والسداد.(5/293)
تأخير الصلاة إلى آخر وقتها
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 4/1/1423
السؤال
نسأل نحن القائمين على المسجد في مدينة براتيسلافا بسلوفاكيا، هل يجوز من باب التيسير أن نؤخر صلاة الظهر إلى قبل أذان العصر بـ خمس وثلاثين دقيقة مثلاً، وكذلك المغرب إلى قبل أذان العشاء؟ وذلك ليتمكن أكبر عدد من المصلين من أداء الفريضتين في جماعة، وخاصة أن هذا هو المسجد الوحيد في المدينة، ومعظم المصلين تبعد أماكن سكنهم أو عملهم عن المسجد. وإذا حضروا إلى صلاة فرض ما صعب عليهم الانتظار للفريضة التي تليها أو الانصراف والحضور مرة ثانية.
في أشهر الصيف يتأخر موعد أذان العشاء إلى ما بعد الحادية عشرة، وفي هذا الوقت تتوقف معظم وسائل المواصلات ويصعب على المصلين العودة إلى ديارهم، وبعضهم لا يستطيع السهر لهذا الوقت بسبب ارتباطه بموعد العمل المبكر، وكذلك الاستيقاظ لصلاة الفجر قبل موعد الشروق الذي يصل إلى 4:30 في أشهر الصيف، فهل يجوز أن نجمع جمع تقديم العشاء مع المغرب الذي يصل موعد أذانه إلى ما بعد التاسعة مساءً في تلك الأشهر؟
ملحوظة: ليس للمسجد إمام راتب.
الجواب
الأفضل في الصلوات هو أداؤها في أول الوقت، ويستثنى من ذلك: صلاة الظهر عند شدة الحر، فإن الأفضل هو الإبراد بها، وصلاة العشاء فإنه يستحب تأخيرها إذا لم يكن هناك مشقة. هذا هو الأفضل، لكن يجوز أداء الصلاة في أول الوقت أو في آخره أو فيما بينهما، مع مراعاة أحوال جماعة المسجد واتفاقهم على الوقت الذي تقام فيه الصلاة من غير مشقة أو فرقة.
فيجوز لكم أن تؤخروا صلاة الظهر إلى آخر وقتها وقبل دخول وقت العصر، وتؤخروا المغرب إلى آخر وقتها قبل غياب الشفق الأحمر.(5/294)
أما تقديمكم صلاة العشاء وجمعها مع المغرب في الصيف فإنه لا يجوز؛ لأن صلاة العشاء لم يدخل وقتها بعد، والصلاة قبل دخول الوقت باطلة إلا من عذر شرعي كالسفر أو المرض أو المطر، قال -تعالى-: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء:103] وما ذكر لا يعد عذراً شرعياً يسوّغ تقديم صلاة العشاء عن وقتها المحدد شرعاً.
مع ملاحظة أن من كان بيته بعيداً عن المسجد حيث لا يسمع النداء للصلاة فإنه لا يجب عليه الحضور إلى المسجد.(5/295)
صلى قبل الأذان فهل تجزئه؟
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 28/4/1424هـ
السؤال
فضيلة المفتي: أقمت إحدى الصلوات المكتوبة قبل الأذان بخمس دقائق ظناً مني بدخول وقت الصلاة، وبعد الانتهاء من الصلاة أذن الأذان ولم أعد الصلاة، فهل تكتب الصلاة أم علي قضاؤها؟ علماً بأنها كانت صلاة جماعة.
الجواب
إذا كان هذا المؤذن يؤذن بدخول الوقت فإن صلاتكم غير صحيحة، لأن من شروط الصلاة دخول الوقت، فلا تصح الصلاة إلا بوقتها، فعليكم أن تعيدوا هذه الصلاة.
وأما إذا كان المؤذن قد تأخر في الأذان والوقت قد دخل قبل ذلك فصلاتكم صحيحة، لأن العبرة ليست بالأذان، وإنما الأذان هو الإعلام بدخول الوقت، فلو أنه حصل تقصير من المؤذن فتأخر في الأذان، فصلوا هم قبل الأذان فصلاتهم صحيحة ما دام أنهم صلوا بعد دخول الوقت.(5/296)
هل القول بتأخير الأذان مذهب صحيح؟
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 21/11/1425هـ
السؤال
عندنا في الهند نؤخر أذان الفجر حتى آخر الوقت، أظنه مذهب أبو حنيفة، فنأكل حتى نسمع الأذان، ولكن الأذان متأخر ويكون قد دخل الوقت، يعني الأذان متأخر عن دخول الوقت تقريباً بنصف ساعة، بينما أهل الحديث وهم قليل يؤذنون في أول الوقت. هل القول بتأخير الأذان مذهب صحيح؟ وللعلم أننا في السعودية نطبق ما نفعله في الهند وهو تأخير السحور حتى الإقامة تقريباً هنا.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:(5/297)
فقد أجمع أهل العلم بأن وقت صلاة الفجر يدخل بطلوع الفجر الثاني، ويسمى الفجر الصادق؛ لأنه بيَّن وجه الصبح ووضَّحه، وعلامته بياض ينتشر في الأفق عرضاً، وقد حكى هذا الإجماع ابن قدامة في المغني (9/22) ، وغيرُه. وبناء عليه، فإنه لا يشرع تأخير الأذان للفجر؛ لأن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت، فيستحب المبادرة به، ولذا كان مؤذن النبي -صلى الله عليه وسلم- يبادر بالأذان للفجر فور دخول الوقت، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري (617، 1919) ومسلم (1092) ، عن ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهم- قالا: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكثوم"، وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت) ، وكما يدل هذا الحديث على أن الأذان يكون بعد طلوع الفجر أو الصبح، فإنه يدل أيضاً على أن الصائم يجب عليه أن ينتهي عن الأكل والشرب بعد الأذان بدخول الوقت، وهو نص صريح في هذا، وعلى هذا عامة أهل العلم، وحكي إجماعاً، وحكى ابن قدامة في المغني (4/425) قولاً شاذاً في المسألة، وهو أن الفجر الذي يوجب الإمساك هو الذي يملأ البيوت والطرق، ثم حكى عن ابن عبد البر - رحمه الله- أنه علَّق على حديث ابن أم مكتوم- رضي الله عنه- بقوله: (فيه دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح، وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر، وهذا إجماع لم يخالف فيه إلا الأعمش وحده، فشذ ولم يعرِّج أحدٌ على قوله، والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا قول جماعة علماء المسلمين) ا. هـ.
وعلى هذا، فإن الصائم إذا لم يمسك عن الطعام والشراب إلا بعد طلوع الفجر بنصف ساعة أو أقل أو أكثر، فإن صيامه باطل ولو أخرَّ الأذان.
وما أشار إليه السائل من مذهب أبي حنيفة، فهو في تأخير صلاة الفجر إلى الإسفار، لا في تأخير السحور إلى ذلك الوقت. والله -تعالى- أعلم.(5/298)
هل صلاة الفجر قبل وقتها في المسجد الحرام
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 20/10/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو منكم التفضل علي ببيان الوجه الشرعي في هذه المسألة، فقد نشر أحد الناس رسالة أسماها (تنبيه الأنام ببطلان صلاة الفجر في المسجد الحرام) ، فقد زعم هذا الشخص أن صلاة الفجر في الحرم المكي الشريف باطلة؛ لأنهم يصلون الصلاة قبل دخول وقتها، فما رأيكم في هذا الأمر؟ وما هو قولكم لمثل هذا الشخص وغيره في التشكيك في التقويم الحالي؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، لا شك أن هذا القول قول باطل، وعار عما يسنده من الصحة، وقد وكل أمر تحديد مواقيت الصلاة إلى لجنة ذات اختصاص في علم الشرع وفي علم الفلك، وقد حرصت وتحرص هذه اللجنة على العناية بذلك، والأخذ بالدقة في تحديد المواقيت، والحمد لله هذه اللجنة قامت بواجبها، وهي مسؤولة عن ذلك، وهذا القول من قبيل الغلو في الدين، ورسولنا - صلى الله عليه وسلم- قال: "إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" رواه النسائي (3057) ، وابن ماجة (3029) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ومن باب الوسواس، ومن باب التنطع، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "هلك المتنطعون" رواه مسلم (2670) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
فينبغي لنا ألا نلتفت إلى مثل هذه الآراء المبنية على التخرصات والبعد عن الحقائق، وعدم الثقة في جهات لها اختصاص متعين ومتميز فيما يتعلق بالعلم الشرعي، والعلم الفلكي، وعلينا أن ننبذ مثل هذا القول وألا نلتفت إليه، وهذا تشكيك في غير محله، وليس لديهم على ذلك برهان، وتقويم أم القرى مبني على تحديد دقيق فيما يتعلق بالمشاهدة، وفيما يتعلق بالحساب الفلكي الذي هو الآن محل اعتبار ومحل عناية وضبط فيما يتعلق في هذا الموضوع. والله أعلم.(5/299)
أيهما أقدِّم الدرس أم الصلاة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 07/05/1426هـ
السؤال
هنا في الجزء الشمالي من الأرض تقترب أوقات الصلاة فيما بينها في فصل الشتاء.
على سبيل المثال يكون الظهر الساعة 5ر12، والعصر الساعة 50ر13، والمغرب 22ر16. ومع استمرار الفصل يتعين علي القيام بجميع الصلوات باستثناء صلاة العشاء وأنا في المدرسة، وهذا يسبِّب لي مشكلة لعدم وجود فراغ كل ساعة بين الدروس، حيث أعيش في بلد غير مسلم.
فعلى سبيل المثال صلاة الظهر الساعة 15ر12 والدرس يبدأ الساعة.. 12. يمكنني أن أصلي الظهر في وقته، لكنني سأتأخر 15 دقيقة عن الدرس، وهذا في النهاية سيسبب لي مشاكل.
وإذا أخَّرت صلاة الظهر حتى نهاية الدرس سأخرج قبل 5 دقائق من صلاة العصر. وفي الشهر القادم لن أتمكن من فعل ذلك؛ لأن الظهر سيحل بعد أن يبدأ الدرس، ويحل العصر بعد نهاية الدرس. ماذا أفعل؟ هل يجوز أن أجمع بين الصلاتين؟ وهل يجوز أن أصلي الظهر قبل وقتها بخمس دقائق؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يجوز تقديم الصلاة على وقتها مطلقاً، لا بعذر ولا بغير عذر، اللهم إلا إذا كانت الصلاة يصح أن تُجمع مع ما قبلها؛ كالعصر تجمع جمع تقديم مع صلاة الظهر، وهذا لا يجوز إلا للمعذور العذر الشرعي، وكذا العشاء تجمع جمع تقديم مع المغرب، وهذا لا يجوز إلا للمعذور عذراً شرعياً.
هذا بالنسبة للتقديم، أما التأخير؛ ففيه تفصيل:(5/300)
إذا كانت الصلاة مما لا تجمع مع ما بعدها، وهي: الفجر والعصر والعشاء، فإنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها مطلقاً، ما دام معه عقله، (بخلاف النائم والمغمى عليه) ، فلا يجوز للمريض ولا للمسافر ولا للمشغول بعملٍ ما -سواء كان عملاً أمنياً أو طبياً- أن يؤخر هذه الصلوات الثلاث عن وقتها (الفجر والعصر والعشاء) ، بل يصليها على حسب حاله، قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب.
والحارس إذا خشي خروج وقت الصلاة ومنع من أدائها على هيئتها الكاملة وجب عليه أن يصليها حسب استطاعته ولو بالإيماء، وذلك مراعاة لحرمة الوقت.
ولذلك شرع الله صلاة الخوف على هيئتها المعروفة التي فيها إخلال ببعض شروطها وأركانها الواجبة، ولم يرخص أن يصليها المسلمون بعد زوال الخوف ليقيموها على هيئتها التامة.
ومن كان مسافراً في طائرة أو قطار، ثم حضر وقت صلاة الفجر أو العصر أو العشاء، وخشي أن يخرج وقتها لو أخر أداءها إلى وقت الوصول، فإنه يجب عليه أن يصليها في وقتها حسب استطاعته، في كرسيه، ويؤمئ للركوع والسجود، ويسقط عنه شرط استقبال القبلة، بل يصلي حيثما توجّهتْ راحلته (طائرة كانت أو قطاراً) .
وهذا بخلاف صلاة الظهر والمغرب؛ لأنه يرخص للمسافر أن يؤخرهما فيجمعها مع ما بعدهما، فيصلي الظهر مع العصر جمع تأخير، وكذا المغرب مع العشاء.
وما أكثر الذين يخطئون في هذه المسألة، فيظنون أن تعذّر أداء الصلاة على هيئتها الشرعية التامة يبيح لهم تأخيرها عن وقتها، وإنما أُتوا من جهلهم بكون الوقت آكد فرائض الصلاة، كما قرَّر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.
فمن مراعاة الشرع لفريضة الوقت أسقط عن المصلي وجوب تحصيل الشروط الأخرى للصلاة (كستر العورة وإزالة النجاسة) إذا كان لا يحصلها إلا بعد خروج الوقت.
قال ابن تيمية: "ومن ظن أن الصلاة بعد خروج الوقت بالماء خير من الصلاة في الوقت بالتيمم فهو ضال جاهل" اهـ. (مجموع الفتاوى 22/35) .(5/301)
وقال: "وأما تأخير الصلاة ـ يعني الصلاة التي لا تجمع مع ما بعدها، وهي الظهر والمغرب ـ لغير الجهاد، كصناعة أو زراعة أو صيد أو عمل من الأعمال ونحو ذلك فلا يجوزه أحد من العلماء , بل قد قال تعالى: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون: 4-5] قال طائفة من السلف هم الذين يؤخرونها عن وقتها". (مجموع الفتاوى 22/28-29)
ثم قال: "فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة ولا غير ذلك, بل يصلي في الوقت بحسب حاله, فإن كان محدثاً وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى.
وكذلك الجنب يتيمم ويصلي إذا عدم الماء، أو خاف الضرر باستعماله لمرض أو لبرد. وكذلك العريان يصلي في الوقت عرياناً, ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه. وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يقدر أن يزيلها فيصلي في الوقت بحسب حاله. وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت, كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن حصين – رضي الله عنه-:"صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب" فالمريض -باتفاق العلماء- يصلي في الوقت قاعداً أو على جنب, إذا كان القيام يزيد في مرضه, ولا يصلي بعد خروج الوقت قائماً.
وهذا كله لأن فعل الصلاة في وقتها فرض, والوقت أوكد فرائض الصلاة, كما أن صيام شهر رمضان واجب في وقته , ليس لأحد أن يؤخره عن وقته" أهـ.
وأما ما سألت عنه، فاعلم أنه يجب عليك أن تتقي الله ما استطعت، فيجب عليك أن تؤدي صلاة الظهر في وقتها، ولا تؤخرها عنه إذا كنت تستطيع أن تستأذن من الأستاذ وتخرج من قاعة الدراسة لتؤديها في أي مكان، فإن الله قد جعل الأرض كلها لأمة محمد –صلى الله عليه وسلم- مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصلها حيثما أدركته، باستثناء المواطن التي نهى الشرع عن الصلاة فيها.(5/302)
وكونك تلاقي بعض الحرج من أستاذك بسبب تكرار خروجك كل يوم لأداء الصلاة، فهذا لا يسوغ أن يكون عذراً في تأخيرها عن وقتها، وينبغي أن تشرح له ظروف خروجك عسى أن يعذرك.
فإن لم تستطع فلك أن تجمع بين الظهر والعصر جمعاً صورياً، بمعنى أن تؤخر الظهر إلى آخر وقتها، ثم بعدها ببضع دقائق تصلي العصر في أول وقتها؛ لأنه لا يوجد وقت فاصل بين آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، بل متى ما خرج وقت الظهر فقد دخل وقت العصر مباشرةً.
فإن تعذر هذا أيضاً، ولم تستطع تغيير وقت المحاضرة، وترتب على تكرار خروجك من القاعة كل يوم لأداء صلاة الظهر رسوبٌ في المادة أو حرمان منها، واعتذرت للأستاذ فلم يعذرك، فلك في هذه الحال أن تجمع الظهر مع العصر جمع تأخير، وعسى أن تكون معذوراً في هذا، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/303)
اختلاف التقاويم في تحديد مواقيت الصلاة؟
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
فأنا أقيم في مدينة سويسرية بالقرب من الحدود الفرنسية، وهناك لجنة فرنسية قامت بإعداد مواقيت الصلاة الخاصة بالمدن الفرنسية، بالإضافة إلى المدينة التي أقيم فيها، وكنا سألنا عمن قام بإعداد هذا التقويم، فقال لنا الثقات: إن من أعده هم أناس متخصصون في هذا العلم، بالإضافة إلى العلم الشرعي، إلا أن ما أعدوه يختلف كثيرا عما هو موجود في المساجد في سويسرا خصوصا في صلاة الفجر، كما أنه يختلف أيضا عما هو منشور في صفحات الإنترنت، وأقصد التقويم المعد لكل دول العالم، فبأي التقويمات آخذ؟ وأيهما أتبع؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أولا: لا شك أنه يجب على الإنسان أن يحتاط لدينه، وأن يحتاط لوقت صلاته؛ لأن من شروط الصلاة دخول الوقت، وحينما يكون لدينا مثل هذا سواء أكان ذلك في سويسرا، أو في فرنسا، أو في ألمانيا، أوفي إنجلترا، أو في أي بلد من البلدان التي هي الغالب عليها الكفر، فإذا كان فيها وجود نشاط من إخواننا المسلمين ومن جمعيات ذات اختصاص ومحل اعتبار وتقدير واحترام فيجب إيثار ما يقوم به هؤلاء الإخوة على ما وضع أخيراً، وهو محل شك في مخالفته بما عليه غالب الإخوان في هذه البلدان هذا جانب، الجانب الآخر إذا كان السائل يرى أو يثق في هذه البيانات أو هذه المواقيت، ولكنه يجد أنها مخالفة لما عليه التوقيتات الأكثر شيوعاً وانتشاراً فليعرضها على العلماء المعتبرين في بلاده، ولعلهم يدلونه على الصحيح منها.(5/304)
كيف كان الناس يعرفون منتصف الليل؟
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
من المعروف أن أوقات الصلوات تعرف من خلال حركة الشمس، وكما هو معروف بأن للعشاء وقتاً اختيارياً وضرورياً، فالاختياري يبدأ من غياب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، والضروري من منتصف الليل إلى طلوع الفجر على الرأي الذي يرى ذلك.
والسؤال هو: كيف كان يُعّرفُ منتصف الليل؟ لمعرفة انتهاء الوقت الاختياري ودخول وقت الضرورة لصلاة العشاء؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
ففي الزمن الماضي كان يعرف منتصف الليل ببعض القرائن أو الأدلة الكونية، والتي تدل على انتصاف الليل دلالة ظنية، فيبنى على هذا الظن الغالب بأن الليل قد انتصف، والأحكام في شريعتنا الإسلامية مبنية على اليقين، وعلى غلبة الظن، وهذا من التيسير على المكلفين، ولذا كان تحديد نصف الليل في ذلك الزمن مبنياً على التقدير والظن، والذي ربما زاد فيه التقدير عن نصف الليل قليلاً أو زاد منه قليلاً؛ لرفع الحرج عن ذلك، كما أشارت إليه الآيات الكريمات في سورة المزمل "قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقصه منه قليلاً أو زد عليه ... " قال البغوي في تفسير هذه الآيات كما في معالم التنزيل (8/249) ما نصه:" ... وكان النبي -صلى الله عليه وسلم-وأصحابه يقومون على هذه المقادير، وكان الرجل لا يدري متى ثلث الليل، ومتى نصف الليل، ومتى الثلثان، فكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة ألا يحفظ القدر الواجب، واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم، فرحمهم الله - تعالى - وخفف عنهم ... " أ. هـ. وفي آخر السورة قال - تعالى -:" ... والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم" قال البغوي تعليقاً على هذه الآية (8/257) : (لن تطيقوا معرفة ذلك..) أ. هـ حكى هذا عن الحسن البصري وعن مقاتل -رحمهما الله تعالى-.(5/305)
ومن تلك الأدلة الكونية الدالة على انتصاف الليل مغيب الشفق الأبيض، كما نقل ذلك ابن الجوزي في زاد المسير (9/65) عن ابن قتيبة حيث قال: (فأما الشفق، فقال ابن قتيبة: هما شفقان: الأحمر والأبيض؛ فالأحمر من لدن غروب الشمس إلى وقت صلاة العشاء ثم يغيب، ويبقى الشفق الأبيض إلى نصف الليل ... ) أ. هـ، وغالباً ما يستدل الأولون بمغيب نجم أو بظهوره على الأوقات الليلية، ومن ذلك الاستدلال على الأوقات بمنازل القمر في بعض الليالي، كما يشير إلى ذلك حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال:"أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة صلاة العشاء الآخرة، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصليها لسقوط القمر لثالثة" أخرجه أبو داود (419) والترمذي (165) وسنده صحيح كما قاله ابن الملقن في تحفة المحتاج (1/252-253) ، والله - تعالى - أعلم.(5/306)
تأخير المرأة للصلاة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
أنا امرأة، وبالتالي لا تجب علي صلاة الجماعة، وعلى ذلك لا يجب علي المبادرة للصلاة - كما أفهم- فور الأذان، بمعنى: أنا أسأل عن أوقات الصلاة، هل يجوز لي تأخير الصلاة إلى قبيل انتهاء الوقت بقليل، أم هو للضرورة فقط؟ وما هي أوقات الصلاة التي يجوز لي تأخير الصلاة فيها، فنحن مثلاً لا نعرف في هذا العصر متى يصير (ظل الشيء مثله) ، وما إلى ذلك، فكيف نعرفها بالساعات؟ هل مثلا لو لم أصل العصر إلا الساعة اثنين يعتبر تأخيراً، أم هو مما يدخل في وقت الصلاة المشروع؟ آمل إعطاءنا تحديداً عصرياً بالساعات التي توافق طريقة الحساب قديماً بالظل لمعرفة الوقت -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: الصلوات تنقسم إلى قسمين من ناحية الوقت: صلاة ليس لها إلا وقت واحد، وهذا الوقت هو وقت جواز، من أوله إلى آخره، يجوز أن تُؤدى الصلاة في أي جزء منه دون كراهة لذلك، وهذا مثل صلاة المغرب، وصلاة الظهر، وصلاة الفجر.(5/307)
القسم الثاني: صلاة لها وقتان، وقت جواز ووقت ضرورة، مثل: صلاة العصر، وصلاة العشاء، ولا يجوز أن تأخر إلى وقت الضرورة، إلا لضرورة تدعو إلى ذلك، ووقت الجواز بالنسبة لصلاة العصر إلى اصفرار الشمس، ووقت الجواز بالنسبة لصلاة العشاء إلى منتصف الليل، ووقت الجواز يجوز أن تصلي المرأة في أي وقت منه، إلا أن الأفضل هو المبادرة إلى فعل الصلاة في أول وقتها؛ لأنه جاء في الصحيحين البخاري (7534) ، ومسلم (85) من حديث عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أفضل؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "الصلاة لوقتها"، وفي رواية لابن خزيمة في صحيحه (327) : "الصلاة في أول وقتها"، وفي سنن أبي داود (426) ، والترمذي (170) عن أم فروة-رضي الله عنها- قالت: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة في أول وقتها"،وكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- المبادرة إلى فعل الصلاة في أول وقتها.
وبالنسبة للعلامات التي حددها الشارع لدخول أوقات الصلوات هي علامات معروفة كصلاة المغرب العلامة هي غروب الشمس، وصلاة العشاء هو مغيب الشفق الأحمر، وهذه العلامات صارت الآن مجهولة عند كثير من الناس، وحل محلها التقاويم، وصار الناس الآن يعتمدون على التقاويم.
فصلاة الفجر الآن من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى أن يخرج وقتها. والله أعلم.(5/308)
الأوقات التي تحرم فيها الصلاة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 15/04/1426هـ
السؤال
ما الأوقات التي تحرم فيها الصلاة؟ وإذا نام شخص عن صلاة الفجر وانتبه في وقت طلوع الشمس، هل يؤدي الصلاة بمجرد أن يصحو من النوم؟ أم ينتظر حتى تكون الشمس في وضع معين؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأوقات التي تحرم فيها الصلاة هي على النحو التالي:
الوقت الأول: بعد الفراغ من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس.
الوقت الثاني: من طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح.
الوقت الثالث: قبل زوال الشمس، أي قبل الأذان لصلاة الظهر بوقت قصير جدًّا.
الوقت الرابع: بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.
الوقت الخامس: إذا شرعت الشمس في الغروب حتى تغرب.
وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة، منها ما في الصحيحين، من حديث أبي هريرة وأبي سعيد -رضي الله عنهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاةِ بعدَ العصرِ حتى تغرُبَ الشَّمسُ، وعن الصلاةِ بعدَ الفجرِ حتى تطلُعَ الشَّمسُ. صحيح البخاري (584، 586) وصحيح مسلم (825 , 827) .
وفي صحيح مسلم (831) عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قال: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ.(5/309)
فقد دلت هذه الأحاديث على الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، وهذا هو الأصل، لكن ورد مستثنيات لهذا الأصل، ومنها الفريضة، فإذا نام عنها العبد أو نسيها، ثم استيقظ أو تذكر وجب عليه أن يصليها على الفور، وإن كان الوقت وقتَ نهي؛ لما جاء في صحيح البخاري (597) ، وصحيح مسلم (684) ، عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ".(5/310)
وقت دخول صلاة الفجر
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 21/04/1425هـ
السؤال
أرجو توضيح توقيت الفجر الصحيح.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد حكى ابن قدامة في المغني (2/29) إجماع أهل العلم بأن وقت الفجر يدخل بطلوع الفجر الثاني، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الفجر الصادق؛ لأنه صدقك عن الصبح، وبيَّنه لك، هذا بالنسبة لوقت الدخول.
وأما بالنسبة لوقت الخروج، فيخرج وقت صلاة الفجر (الصبح) بطلوع الشمس، والدليل على هذين الوقتين، حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ... ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس" رواه مسلم في صحيحه (173) ، وفي صحيحي البخاري (579) ومسلم (608) ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ... " الحديث، وفي صحيح مسلم (614) عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه-، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يردَّ عليه شيئاً، يعني: ليحصل له البيان بالفعل، وأمر بلالاً، فأقام الفجر حين انشق - يعني طلع- الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضاً، ثم أخر الفجر من الغد، حتى انصرف منها، والقائل يقول: طلعت الشمس أو كادت ... فدعا السائل، فقال: الوقت فيما بين هذين"، وفي الحديث بطوله بيان لبقية الأوقات، هذا هو وقت صلاة الفجر ابتداءً وانتهاءً.(5/311)
أما وقت الأفضلية، فيسن أن تُصلى الفجر بغَلَس، يعني: في أول وقتها، قبل زوال الظُلْمة، ويدل لهذا حديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي –صلى الله عليه وسلم- صلاة الفجر، متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس" متفق عليه في صحيحي البخاري (578) ، ومسلم (645) ، وهذا القول -وهو استحباب المبادرة بصلاة الفجر في أول الوقت- هو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، كما حكاه عنهم في المغني (2/44) ، ثم قال: (ابن عبد البر: صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وعن أبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم- أنهم كانوا يغلِّسون، ومحالٌ أن يتركوا الأفضل، ويأتوا الدون؛ وهم النهاية في إتيان الفضائل) ا. هـ.
وذهب أبو حنيفة إلى أن الإسفار بها أفضل، مستدلاً بحديث رافع بن خديج – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "أصبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم لأجوركم"، وفي لفظ: "فإنه أعظم للأجر" أخرجه أحمد (4/140) ، وأبو داود (424) ، وابن ماجة (672) ، والترمذي (154) ، لكن بلفظ: (أسفروا بالفجر) ، وهو حديث صحيح، كما صرح به ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2512) ، وابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (22/97) ، ثم أجاب عنه بجوابين: أحدهما: أنه أراد الإسفار، بالخروج منها، أي: أطيلوا القراءة حتى تخرجوا منها مسفرين.
والوجه الثاني: أنه أراد أن يتبين الفجر ويظهر، فلا يصلي مع غلبة الظن؛ فإن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد التبين إلا يوم مزدلفة، فإنه قدمها- ذلك اليوم على عادته-، ويدل على الجواب الأول الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية: حديث أبي برزة الأسلمي –رضي الله عنه-قال: (وكان رسول الله –صلى لله عليه وسلم- ينفتل من صلاة الغداة، يعني: الفجر حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ بالستين إلى المائة) أخرجه البخاري
(547) ، ومسلم (647) .(5/312)
وبهذا يتضح رجحان قول الجمهور، وهو استحباب المبادرة بصلاة الفجر في أول وقتها. والله تعالى أعلم.(5/313)
لا يستطيع الاغتسال فهل يؤخر الصلاة عن وقتها؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 11/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
في بعض ليالي الشتاء عندما أستيقظ لصلاة الفجر أجد نفسي قد احتلمت في أثناء نومي، فأؤخر صلاة الفجر حتى تطلع الشمس؛ لأني أخاف من أن أصاب بنزلة برد، فأنا سريع المرض خصوصًا في فصل الشتاء. فهل هذا جائز، وماذا علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز لك ذلك، ولا يحل للمسلم تأخير الصلاة عن وقتها، ووقت صلاة الفجر يبدأ بطلوع الفجر وينتهي بطلوع الشمس، والله جل وعلا، يقول: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) [النساء:103] . أي: مفروضًا في الأوقات، وإنما عليك أن تسخن الماء وتغتسل وتصلي في الوقت، فإن كنت في البرية وليس لديك ما تسخن به الماء فتيمم إذا خفت على نفسك وصلّ الصلاة لوقتها، فإذا أمكنك الاغتسال فاغتسل بعد هذا إذا طلعت الشمس وتحسّن الجو، وأما داخل البلد فلا يسوغ لك التساهل في هذا، وعليك الاهتمام بصلاتك؛ فهي عمود الإسلام، وأهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة، وإذا أردت أن تعرف قدرك عند الله فانظر إلى قدر الصلاة عندك، فإن كانت في المكانة اللائقة بها فاعرف بأن لك عند الله قدرًا، وإن كنت لا تهتم بصلاتك فاعرف أنه لا قدر لك عند الله حينئذ, وعليك المبادرة بالتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله جل وعلا، والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها. والله أعلم.(5/314)
آخر وقت صلاة الظهر
المجيب عبد الله بن علي الريمي
ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 16/04/1426هـ
السؤال
بعض الناس يحتارون في وقت انتهاء صلاة الظهر، أو يجهلون ذلك، وذلك بسبب وجود توقيتين لصلاة العصر، الأول حسب توقيت الجمهور، والثاني حسب توقيت الأحناف. هناك من يرى أنه على التوقيت الحنفي وقت صلاة الظهر يستمر حتى وقت صلاة العصر، فيصلون الظهر حتى ذلك الوقت، وإن كان وقت صلاة العصر على توقيت الجمهور قد بدأ. أرجو توضيح آخر وقت لصلاة الظهر حسب توقيت كل من مذهب الجمهور ومذهب الحنفية لأول صلاة العصر. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين, أما بعد فقبل الجواب هناك تنبيهان مهمان:
التنبيه الأول: الواجب على جميع الخلق اتباع ما جاء في كتاب الله، وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا يقدموا بين يدي الله ورسوله قول قائل مهما كانت منزلته قال تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر: 7] ، وقال سبحانه: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [النور: 63] ، وقال سبحانه: "َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" [النساء: 59] ، وقال تعالى: "َمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ " [الشورى: 10] ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن -النبي صلى الله عليه وسلم- قال: " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله" صحيح البخاري (7137) ، وصحيح مسلم (1835) .(5/315)
وفي صحيح البخاري (7280) عنه رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى". قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى"
وهؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة بعد نبيها إذا بلغهم شيء عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عملوا به وتركوا قول غيره كائنا من كان، فقد بلغ علياً -رضي الله عنه- أن عثمان -رضي الله عنه- ينهى عن متعة الحج، أهلَّ علي -رضي الله عنه- بالحج والعمرة جميعا، وقال: ما كنت لأدع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لقول أحد. أخرجه البخاري (1563) ، ومسلم (1223) .
ولما احتج بعض الناس على ابن عباس -رضي الله عنهما- في متعة الحج، بقول أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في تعيين إفراد الحج، قال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء!! أقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقولون: قال أبو بكر وعمر
فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة فكيف بحال من خالفهما لقول من دونهما، أو لمجرد رأيه واجتهاده!.
ولما نازع بعض الناس عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال: إن عمر يقول كذا وكذا؟ قال له عبد الله: هل نحن مأمورون باتباع عمر أو باتباع السنة؟
وعلى هذا سار من بعدهم من سلف هذه الأمة، إذا بلغهم الدليل عملوا به وتركوا ما سواه. فقد أخرج البيهقي في المدخل (234) عن عامر بن يساف قال: سمعت الأوزاعي -رحمه الله- يقول: إذا بلغك عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فإياك يا عامر أن تقول بغيره، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مبلغاً عن الله تعالى.
وهكذا جميع الأئمة من الفقهاء يوصون جميع أتباعهم باتباع ما دل عليه الكتاب والسنة:
قال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) ، وأشار إلى قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(5/316)
وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين) .
وقال الشافعي رحمه الله (متى رويت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً صحيحاً فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب) ،
وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولاً وجاء الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخلافه، فاضربوا بقولي الحائط)
وقال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي، وخذ من حيث أخذنا) ،
وقال أيضا رحمه الله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذهبون إلى رأي سفيان، والله –سبحانه- يقول: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"، ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام، أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك) . فمن أحب هؤلاء الأئمة فليعمل بهذه الوصية العظيمة.
التنبيه الثاني: إن اتباع الدليل والعمل به لا يقتضي عدم الاستفادة من فهم العلماء لما تدل عليه النصوص، فإن الأدلة من الكتاب والسنة تستلزم فهماً لألفاظها، وتوفيقاً بين مدلولاتها، واختياراً لمناسبات القول بها، وزعم التفرد من الشخص الواحد بالفهم، واستنباط الأحكام من الدليل بغير اعتبار لما قاله العلماء في المسألة يفضي إلى الأقوال الشاذة المخالفة للصواب.
قال ابن جرير الطبري -رحمه الله تعالى-: "لا تقل بقول ليس لك فيه إمام"، ومثله نقل عن الإمام أحمد -رحمه الله-،(5/317)
فالواجب على طالب العلم أن يتخير من أقوال العلماء القول المعتمد على الدليل الصحيح المعتمد على الفهم السليم، المبني على قواعد الاستنباط التي عمل بها علماء سلف هذه الأمة ,فإن عجز طالب العلم عن العمل بهذا كفاه أن يستفتي من وثق بعدالته وعلمه، وعرف عمله بالمنهج الصحيح الذي عليه العلماء من اتباع الدليل والعمل به،
أمَّا جواب السائل: عن قول الجمهور والحنفية عن آخر وقت الظهر، وأول وقت العصر فكما يلي:
في المسألة قولان:
القول الأول: أن آخر وقت الظهر إذا صار طول ظل الشيء كمثله (كأن تنصب عصا في الشمس، فإن تساوى ظل العصا مع طولها فهذا آخر وقت الظهر، وهذا قول المالكية والشافعية والحنابلة، وهو قول عند الحنفية قال به الأئمة محمد بن الحسن وأبو يوسف , وزفر, والطحاوي, ونقل الحصكفي عن غرر الأذكار: هو المأخوذ به, وفي البرهان هو الأظهر لبيان جبريل (يعني حديث جابر أن جبريل -عليه السلام- صلى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الوقت) ، أخرجه أحمد (3081) ، وأبو داود (393) ، والترمذي (149) ، وفي الفيض: وعليه عمل الناس اليوم وبه يفتى. أهـ.
انظر رد المحتار على الدر المختار (240/1) وكذلك انظر زبدة الأحكام (ص 59) .
القول الثاني: أن آخر وقت الظهر إذا صار طول ظل الشيء مثليه (الضعف) ، وهو المروي عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى - هو المذهب عند الحنفية. انظر المرجع السابق.
أما أول وقت صلاة العصر فهو إذا خرج وقت صلاة الظهر على القولين السابقين، وذلك عند الجميع.
تنبيه: بما أن الشمس متحركة في الدنيا باستمرار فإن لحظة تساوي الشيء مع ظله لا تزيد عن جزء من الثانية، فعليه بمجرد خروج وقت الظهر يدخل وقت العصر، وهذا ما يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر " صحيح مسلم (612) .(5/318)
فقوله ما لم يحضر العصر يدل على أنه بخروج وقت الظهر يدخل وقت العصر مباشرة.
وقول الجمهور هو القول الصحيح الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة، وهو قول عدد من أئمة الحنفية كما تقدم بيانه ,ومن الأدلة الصحيحة الواضحة على مواقيت الصلاة حديث
عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفّر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس". فيجب على الجميع العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الخلاصة:
1- يجب اتباع الدليل من الكتاب والسنة، وترك قول من خالف ذلك مهما كانت منزلته.
2- يجب الاستفادة من كلام العلماء الثقات في فهم الأدلة من الكتاب والسنة، وعدم التفرد في استنباط الأحكام من الأدلة.
3- يجب على طالب العلم أن يختار من كلام العلماء القول المعتمد على الدليل الصحيح والفهم السليم المبني على قواعد الاستنباط التي عمل بها علماء سلف هذه الأمة.
4- من عجز عن الاختيار من أقوال العلماء وجب عليه اتباع قول من يثق بعدالته وعلمه واتباعه للدليل على المنهج الصحيح، وهذا يعرف بالشهرة والاستفاضة.
5-للعلماء قولان في آخر وقت الظهر:
القول الأول: آخر وقت الظهر إذا تساوى ظل الشيء مع طوله بعد فيء الزوال، وهذا قول المالكية والشافعية والحنابلة , وهو قول محمد بن الحسن، وأبي يوسف، وزفر، والطحاوي وغيرهم من الحنفية.
القول الثاني: آخر وقت الظهر إذا صار ظل الشيء ضعف طوله بعد فيء الزوال, وهو قول أبي حنيفة -رحمه الله- وهو المذهب عند الحنفية.
أما أول وقت صلاة العصر فهو إذا خرج وقت صلاة الظهر على القولين السابقين، وذلك عند الجميع.(5/319)
تنبيه: بما أن الشمس متحركة في الدنيا باستمرار فإن لحظة تساوي الشيء مع ظله لا تزيد عن جزء من الثانية، فعليه بمجرد خروج وقت الظهر يدخل وقت العصر.
والصحيح من القولين هو قول الجمهور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر".(5/320)
يمنعوننا من الصلاة في وقتها
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت
التاريخ 27/06/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
في بلدي من الصعب جداً أداء الصلاة في وقتها، لأن الحكومة لا تسمح بذلك.
فما الذي ينبغي فعله؟
الجواب
أداء الصلاة في وقتها شرط لصحتها، لقوله تعالى" إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" [النساء: 103] . وفي حديث جبريل لما صلى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في اليومين قال: "الوقت ما بين هذين الوقتين" أخرجه أحمد (11249) ، وأخرج مسلم (614) نحوه.
فيجب على المسلم أداء الصلاة في وقتها، وعليه أن يتقي الله ويسلك كل ما يستطيعه في سبيل ذلك، فإن تعذر عليه ذلك أو لحقه ضرر فإنه يؤخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها، فيصليها ثم يصلي العصر في أول وقتها، وهذا لا يحتاج منه إلى وقت كثير، وعلى المسلم أن ينافح عن تعاليم دينه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لا سيما في بلدكم -أخي السائل- الذي يكثر فيه المسلمون، ولهم حقوقهم التي كفلها دستور البلد.(5/321)
الانحراف عن القبلة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة
التاريخ 22/6/1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
ما ضوابط الانحراف اليسير عن اتجاه القبلة الذي لا يبطل الصلاة؟ وما الجهات التي ينبغي التوجه إليها في الصلاة؟ وما معنى الحديث:"ما بين المشرق والمغرب قبلة"؟ وهل معنى ذلك أنه إذا كانت قبلتي في اتجاه المشرق مثلاً فهل يمكن أن أتجه في صلاتي إلى الجنوب الشرقي أم إلى الشمال الشرقي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
قبلة من في الحرم عين الكعبة، وقبلة من في خارجه جهتها، والواجب على المسلم تحري القبلة حين يريد الصلاة، وأما ضوابط الانحراف اليسير الذي لا يبطل القبلة فهو ألا يخرج بانحرافه إلى جهة أخرى غير جهة القبلة، أما معنى حديث:"ما بين المشرق والمغرب قبلة" الترمذي (342) وابن ماجة (1011) مالك (1/189) فهذا لمن هم في شمال مكة أو جنوبها، فإن جهة القبلة لأهل المدينة الجنوب وعليه فتصح قبلتهم ما داموا متوجهين إلى الجنوب ولا يضر في ذلك الانحراف اليسير الذي لا يخرج عن جهة القبلة.
أما قولك: وهل معنى ذلك أنه إذا كانت قبلتي في اتجاه المشرق فهل يمكن أن أتجه في صلاتي إلى الجنوب الشرقي أم إلى الشمال الشرقي؟ فالجواب: أني قدمت في الجواب أن الواجب على المسلم تحري القبلة حين إرادة الصلاة، ولكن لو اجتهد المسلم في تحري القبلة وكانت قبلته في اتجاه المشرق ثم بعد انتهاء الصلاة عرف أنه صلى منحرفاً عن القبلة باتجاه الشرق الجنوبي أو باتجاه الشرق الشمالي فإن صلاته صحيحة ما دام لم ينحرف عن جهة القبلة إلى جهة أخرى كجهة الشمال أو الجنوب مثلاً.(5/322)
الصلاة إلى غير القبلة جهلاً
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة
التاريخ 1/11/1423هـ
السؤال
أتت لزيارتي والدتي ولم تكن تعرف القبلة وكانت تصلي ما يقرب من 90 درجة عن القبلة الصحيحة، وعندما عرفنا ذلك قمنا بإرشادها للقبلة الصحيحة، ما حكم صلواتها السابقة؟ وهل عليها الإعادة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
الواجب على المسلم إن نزل مكاناً أن يسأل أهل ذلك المكان عن القبلة قبل أن يشرع في الصلاة؛ لأن قبلة الحضر والبنيان لا يصح فيها الاجتهاد لأنها معروفة لدى الناس المقيمين في ذلك المكان، لذا يلزم إعادة الصلوات التي صلتها إلى غير جهة القبلة وينبغي أن تؤديها بالترتيب إلى أن تكمل جميع الصلوات التي صليتها إلى غير القبلة، والله أعلم بالصواب.(5/323)
لماذا يتوجه المسلمون إلى الكعبة في صلاتهم؟
المجيب د. علي بن عمر با دحدح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة
التاريخ 5/1/1425هـ
السؤال
شيخنا الفاضل: حين أرى المسلمين يتوجهون في صلاتهم إلى الكعبة وحين أراهم يسجدون أمامها بإتجاهها - طبعاً - يخطر ببالي كأنهم يعبدون الكعبة أو الحجر الأسود ولو بصورة غير مباشرة، فما تقولون
الجواب
البداية في تحديد مفهوم العبادة؛ لأن العبادة تشتمل على معنى الخضوع والذل والانقياد والطاعة، فالعبد عندما يكون عابداً لشيء ما، ينبغي أن يخضع ويذل له، ويقف بين يديه ضعيفاً ذليلاً، لا يملك من أمره شيئاً، ثم يكون بعد ذلك طائعاً لهذا المعبود منقاداً له، فأمره مستجاب ونهيه كذلك، بمعنى أنه يفعل ما يأمره به، ويترك ما ينهاه عنه.
من خلال هذا المفهوم الموجز للعبادة نستطيع بسهولة أن ندرك أن المسلمين لا يعبدون الكعبة ولا الحجر الأسود، فهم لا يخضعون لها ولا يذلون، وإنما يقدرون ويحترمون، وهم لا يتلقون شيئاً من الأوامر أو النواهي من الكعبة والحجر الأسود؛ لأنهما لا يضران ولا ينفعان، ولا يصدر عنهما شيء يمكن أن يكون فيه توجيه أو إرشاد، ولذلك فالمسلمون لا يعبدون الحجر الأسود ولا الكعبة، بل إن اعتقادهم يدل على مخالفة ذلك ومناقضته وقد ورد في الحديث الصحيح: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يطوف بالبيت ويقبل الحجر الأسود ويخاطبه قائلاً: "إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك ما قبلتك أبداً" البخاري (1097) ومسلم (1270) وهذا في حقيقته تفسير لذلك الفعل، فالتقبيل والتبجيل والتقدير لهذا الحجر إنما هو لتحقيق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، والاعتقاد الجازم أنه (أي الحجر) لا يضر ولا ينفع، وأنه ليس له أدنى صورة ولا شبه ولا شيء من التعلق بالعبادة بحال من الأحوال.(5/324)
وثمة أمر آخر وهو أن الإنسان بطبيعته وفطرته يحتاج إلى تمثيل المعاني في صور محسوسة، فعلى سبيل المثال عندما يحب المرء إنسانا فتلك مشاعر قلبية وحقائق معنوية، غالباً ما يسعى المرء بفطرته إلى التعبير عنها في صور مادية ليست مغرقة في المادية، لكنها تشير إلى الرمزية الدالة على هذه المعاني، فقد يكتب له رسالة يذكر له فيها بعض مشاعره، أو ينظم له قصيدة يثني عليه فيها، أو يهديه هدية ذات مغزى؛ قد لا تكون ثمينة في قيمتها لكنها جليلة في معناها ودلالتها.
وهكذا حال طبيعة الإنسان أن يجسد سائر المعاني والمشاعر في صورة حسية، والله -جل وعلا- عالم بالإنسان، ألم يقل: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14] ، وقد جعل تعظيم العبد لله -عز وجل- وإعلانه لخضوعه له واستكانته لأمره؛ جعله -سبحانه وتعالى- في صورة محسوسة؛ لكي تكون دلالتها الرمزية تحقق معنى العبودية، وتشبع العاطفة والميل الإنساني إلى التعبير عن هذه المعاني في صور حسية، ومن عظمة ذلك ومزيته أن الله -عز وجل- جعله؛ وجعل هذه الرمزية في كمال لا يمكن أن يكون إلا في التشريع الرباني.
الكعبة والبيت الحرام وغيرها إنما هي معان وصور حسية رمزية لحقائق معنوية، فالعبادة والخضوع لله وتعظيم القلب لله، فالقلب ممتلئ بالخوف من الله والتوكل عليه وحسن الظن به والثقة به والإنابة إليه، ولكن ذلك يترجم في ذكر يذكر به الله، أو تلاوة تتلى لله، أو صورة يكون فيها ركوع وسجود لله، وجعلت الكعبة في العبادة -وبالذات في الصلاة- مركزا للتعظيم والتوقير والإجلال لا لذاتها وإنما لعبادة الله، وجعلت واحدة في مكان واحد؛ لتعطي أيضاً مع معنى التعبد معنى الدلالة على منهج الوحدانية لله -عز وجل-.(5/325)
فلذلك وباختصار شديد ليست العبادة للكعبة، ولا للحجر الأسود، وإنما لله -عز وجل-، فكل الخضوع والذل وكل الاستجابة والطاعة لله سبحانه وتعالى، ومن رحمته وحكمته أن جعل بعض معاني هذه العبودية تتجلى في صور حسية، ليتوافق ذلك مع طبيعة وفطرة الإنسان في تعبيره، وتعلقه بالمعاني والأحاسيس والمشاعر كما ذكرنا في مثال الحب، ... والله أعلم.(5/326)
قبلة الأنبياء
المجيب د. سالم بن محمد القرني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة
التاريخ 14/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
يقال إن الكعبة هي القبلة الحق، أرجو توضيح سبب عدم صلاة الأنبياء مثل عيسى ويعقوب وسليمان -عليهم السلام- تجاه القبلة (حسب علمي) ، وكيف يمكن أن يكون الأنبياء وأناس آخرون صلوا تجاه القبلة قبل أن تبنى بواسطة نبي الله إبراهيم-عليه الصلاة والسلام-؟ وهل كان لهم قبلة أخرى مختلفة؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
كانت القبلة قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى بيت المقدس، وكذلك بعد بعثته حتى نزل الأمر بالتحول إلى الكعبة - المسجد الحرام- في قوله -سبجانه-: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره" [البقرة:144] ، وكانت الكعبة قبل تحول القبلة إليها مطافاً يحج إليها الناس، ولا أعلم قبلة غيرهما، فمن تبع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- ومحمد - صلى الله عليه وسلم-، في الصلاة إلى بيت المقدس فهو مؤمن مسلم، مستسلم لأمر الله عابد لله، عامل بأمره، أما بعد تحول القبلة فلا بد من الصلاة إلى المسجد الحرام، حتى يكون مؤمناً مسلماً مستسلماً لأمر ربه، عاملاً به؛ لأن الإسلام في ذلك ناسخ لما قبله والله الموفق.(5/327)
صلى إلى غير القبلة جهلاً فهل يعيد؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة
التاريخ 20/12/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
صليت صلاة العشاء في مكان وصلت إليه في المساء، ولكن بعد الانتهاء من أداء الصلاة جاء رجل وأبلغني بأن اتجاه القبلة بالاتجاه المعاكس تمامًا، فهل أعيد صلاتي؟ أم أكتفي بها؟ أرجو إجابتي جزاكم الله خير الجزاء. وصلى الله على محمد.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان هذا المكان في البرية وقد اتقيت الله ما استطعت بأن اجتهدت وصليت، فصلاتك صحيحة، وليس عليك إعادة؛ لقول الله جل وعلا: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] . وإن كان هناك من تسأله عن القبلة ولم تسأل وصليت لغير القبلة تظنها القبلة فصلاتك غير صحيحة؛ لأنك قصرت ولم تسأل، فعليك إعادة هذه الصلاة. والله أعلم.(5/328)
قلب نية الصلاة من نفل معين إلى مطلق
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/النية
التاريخ 19/8/1424هـ
السؤال
هل يجوز نقل النية من معين إلى مطلق، كالفجر لسنة مطلقة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
إنه لا يخلو إما أن يكون المعين فرضاً، أو نفلاً:
فإن كان فرضاً، فإنه يجوز أن يقلب نيته من فرض إلى نفل إذا كان ثمة مسوغ شرعي؛ كما إذا شرع في صلاة فريضة منفرداً، فحضرت جماعة، فحول صلاته نفلاً، ليصلي فرضه في جماعة، فهذا جائز، بل استحبه بعض أهل العلم، وهذا كله مقيد بما إذا بقي للفريضة وقت يتسع أداؤها فيه قبل خروجه.
فأما إذا لم يكن في قلب النية غرض مقصود، فإنه يكره حينئذ، بل ذهب بعض أهل العلم إلى التحريم استدلالاً بالآية الكريمة: "ولا تبطلوا أعمالكم" [محمد: 33] وهذا الاستدلال محل نظر.
وأما إن كان المعين نفلاً كراتبة ظهر مثلاً - فإنه يجوز قلب النية إلى نفل مطلق؛ لأنه إذا زالت نية التعيين في النفل المعين، فإنه تبقى نية النفل، فتصح الصلاة لذلك لصحة النية، والله أعلم.(5/329)
الصلاة بثياب عليها صور
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 13/1/1423
السؤال
هل تجوز الصلاة بثياب عليها صورة؟ مثل صورة عصفور، وإن غطيت بلباس الصلاة نفسه، أي أن الصورة لا تظهر في حال الصلاة.
الجواب
لا تجوز الصلاة بثياب عليها صورة ذات روح كالعصفور والغزال والآدمي وغير ذلك من ذوات الأرواح، أما ما ليس فيه روح كالشجر والأواني وكل ما لا روح فيه فلا بأس به إلا إن أشغل المصلي فيكون مكروهاً أيضاً.
وإذا غطى الصورة بلباس الصلاة نفسه فيكون مكروهاً.
ولو أنه صلى بثوب فيه صورة ذات روح كالعصفور فإن الصلاة صحيحة، إلا أنه فعل محرماً، فيكون آثماً مع صحة الصلاة، والله أعلم.(5/330)
أدخن الحشيش فهل تنفعني الصلاة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 17/12/1424هـ
السؤال
شيخي الفاضل: مشكلتي يا شيخي أني مدمن على المخدرات (الحشيش) ، علماً أني أقيم الصلاة، أريد أن أستشير فضيلتكم: هل يجوز لي أن أدخن الحشيش وأصلي، وذلك بعد الفراغ من صلاة العشاء؟.شكراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الصلاة هي آكد فروض الإسلام بعد الشهادتين، ولا تسقط بحال، إلا على فاقد العقل من البالغين، وإذا كان الشيطان قد ظفر منك إدمانك على الحشيش فلا يظفرن منك بالأخرى التي هي أعظم وأخطر: من ترك الصلاة أو التكاسل عنها أو تأخيرها عن وقتها.
صل الصلاة لوقتها، ولا تقربها وأنت سكران، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ" [النساء: من الآية43] .
إن إدمانك على المخدرات لا يعفيك من واجب التوبة منها، ولو بالتدرج، فالعزيمة الصادقة والهمة العالية لا يقف دونها إلا أمر الله إذا جاء وقدرُ الله إذا نفذ، ولو كان الإقلاع من عادة التدخين أو شرب الخمر أو الحشيش أمراً مستحيلاً لكان الله قد كلَّفنا ما لا يطاق وأمرنا بما لا يستطاع، لو كان ذلك مستحيلاً لما أمر الله به، ولكنه قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" [المائدة:90-91] .(5/331)
إن مقولة: (لا أستطيع فكاكاً من التدخين أو شرب الخمر أو تعاطي المخدرات) دعوى كاذبة زائفة إنما يقولها ويصدقها الضعاف الكسالى.
فاتق الله، وعد إلى رشدك، واعزم على الإقلاع من هذا الذنب العظيم، ولو بالتدرج شيئاً فشيئاً، واستعن بالله ثم بمشورة المختصين والأطباء، وكما يستطيع الناس بإذن الله أن يستشفوا ويشفوا من أمراض جسدية، فإنك مستطيع إن شاء الله أن تقلع من هذا الإدمان لو أخذت بالأسباب.(5/332)
تأخير الصلاة بسبب مشقة الاغتسال!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 06/09/1426هـ
السؤال
في شهر رمضان الماضي، تأخرت أنا وزوجي عن الاغتسال من الجنابة، حتى دخل وقت الظهر؛ وذلك لعدة أسباب، منها أننا نقيم في بلد شديد البرودة، ولم تكن لدينا وسيلة لتدفئة الماء البارد، ولكن كان بإمكاننا الاغتسال في بيت والد زوجي، ولكننا تأخرنا عن الذهاب إلى هناك، إلى أن دخل علينا وقت الظهر، ثم بعد ذلك اغتسلنا، سؤالي هو: هل صيامنا مقبول، أم غير مقبول في ذلك اليوم؟ وإذا كان غير مقبول فهل علينا كفارة، وما هي؟ أفيدوني وفقك الله جل وعلا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فصيامكما صحيح -إن شاء الله-، فليس من شروط صحة الصيام الطهارة من الجنابة ولا من الحدث الأصغر، لكن أراكما وقعتما في كبيرة لم تشعرا بها، وهي تأخير صلاة الفجر عن وقتها عمداً؛ لأن الجماع وقع منكما قبل دخول وقت الفجر، ثم دخل عليكما وأنتما على جنابة، فكان الواجب عليكما الاغتسال حتى تؤديا الصلاة في وقتها، فإذا لم تستطيعا الاغتسال؛ لشدة البرد وعدم وجود ما تسخنان به الماء، فالواجب حينئذ التيمم، ثم أداء صلاة الفجر في وقتها، ولا يكلِّف الله نفساً إلى وسعها، وعدم الطهارة ليست عذراً في تأخير الصلاة عن وقتها مطلقاً، والواجب أداء الصلاة في وقتها ولو من غير تطهر بالماء، فما أوجب الله التيمم عند فقد الماء إلا مراعاة لوقت الصلاة. والله أعلم.(5/333)
الصلاة في مكان فيه صلبان
المجيب عبد الله بن علي الريمي
ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 19/05/1426هـ
السؤال
نحن طلبة مسلمون في إحدى الجامعات الغربية، خصَّصت لنا الجامعة حجرة صغيرة دائمة خاصة بالصلاة، لأن تلك الحجرة لا تسع كل الطلبة المسلمين عند أداء صلاة الجمعة، فإننا نقوم بحجز إحدى الصالات بالجامعة لأداء صلاة الجمعة فيها، هذه الصالة التي نحجزها في الأصل مخصصة لأي برامج دينية داخل الجامعة لمختلف الديانات، كما يوجد بها صور وصليب. وفي سائر الأيام تستخدم كمكان للأكل.
سؤالي: هل تجوز صلاة الجمعة في مثل تلك الصالات؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، أما بعد: فإن الأصل صحة الصلاة في كل مكان حتى يرد دليل يمنع من الصلاة في ذلك المكان، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا "متفق عليه, قال ابن المنذر -رحمه الله- في (الأوسط ج2/ص194) : " الصلاة في الكنائس جائزة لدخولها في جملة قوله: " جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، ويكره الدخول لموضع فيه صور من الكنائس وغيرها، وممن رخَّص في الصلاة في البِيَع ابن عباس وأبو موسى والحسن والشعبي وعمر بن عبد العزيز والنخعي، ورخَّص الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز أن يصلى في كنائس اليهود والنصارى. أ. هـ.
والكنائس لا تخلو عادة من الصلبان، وجاء في مجموع الفتاوى (ج22/ص162)
هل الصلاة فى البِيَع والكنائس جائزة مع وجود الصور أم لا؟ وهل يقال: إنها بيوت الله أم لا؟ فأجاب: ليست بيوت الله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار.(5/334)
وأما الصلاة فيها ففيها ثلاثة أقوال للعلماء: في مذهب أحمد وغيره المنع مطلقًا، وهو قول مالك، والإذن مطلقًا وهو قول بعض أصحاب أحمد، والثالث - وهو الصحيح المأثور عن عمر بن الخطاب وغيره، وهو منصوص عن أحمد وغيره- أنه إن كان فيها صور لم يُصلِّ فيها؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة؛ ولأن النبي لم يدخل الكعبة حتى محى ما فيها من الصور، وكذلك قال عمر - رضي الله عنه- إنا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها. أ. هـ.
وهذا في حال السعة والاختيار, أما عند الحاجة فقد قال الإمام البخاري رحمه الله: باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله (يعني قصد بصلاته وجه الله) . وذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- احتمال أن الإمام البخاري مراده التفرقة بين من قدر على إزالة ما بينه وبين القبلة من هذه الأمور، وبين من لا يقدر، فلا يكره في حق العاجز عن الإزالة.
وقال الإمام البخاري رحمه الله: باب الصلاة في البيعة , (وهي معبد النصارى) . وذكر فيها أثر ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يكره أن يصلي في الكنيسة إذا كان فيها تماثيل، فإن كان فيها تماثيل خرج فصلى في المطر. وذكر ابن حجر -رحمه الله- أن الكراهية إنما هي حال الاختيار.
إليك فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (رقم 1874) نص السؤال:
قد خصص لنا إحدى صالات التوزيع في المبنى الذي نعمل فيه، نصلي فيها جماعة وقت وجودنا بالعمل، ومنذ مدة وضع في الجدار الأمامي اتجاه القبلة عدد من الصور الكبيرة، وتحرجنا كثيرًا من وجود هذه الصور أمامنا في الصلاة، فما رأيكم في نصب الصور في المكان المخصص لصلاة المسلمين منذ زمن، وهل نستمر في الصلاة مع وجودها؟.
نص الفتوى:
الحمد لله:(5/335)
الصلاة صحيحة، ولا حرج عليهم -إن شاء الله- في ذلك إذا كانوا مضطرين للصلاة في المكان المذكور لعدم وجود مسجد قريب منهم، ولكن يجب عليهم أن يبذلوا وسعهم مع المسؤولين لإزالة الصور من هذا المكان، أو إعطائهم مكانا آخر ليس فيه صور؛ لأن الصلاة في المكان الذي فيه الصورة أمام المصلين فيه تشبه بعباد الأصنام، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة دالة على النهي عن التشبه بأعداء الله، والأمر بمخالفتهم، مع العلم بأن تعليق الصور ذوات الأرواح في الجدران أمر لا يجوز، بل هو من أسباب الغلو والشرك، ولا سيما إذا كانت من صور المعظمين. ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
عضو: عبد الله بن قعود عضو: عبد الله بن غديان
نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
تنبيه مهم: جاء في الفتاوى (ج27/ص14) : وأما زيارة معابد الكفار وكنائس النصارى فمنهي عنها، فمن زار مكانا من هذه الأمكنة معتقدًا أن زيارته مستحبة، والعبادة فيه أفضل من العبادة فى بيته فهو ضال خارج عن شريعة الإسلام، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وأما إذا دخلها الإنسان لحاجة وعرضت له الصلاة فيها فللعلماء فيها ثلاثة أقوال (كما تقدم) .
الخلاصة:
1-إن كان يصعب عليكم الصلاة في غير هذه الصالة من المراكز الإسلامية أو غيرها، أو كان في صلاتكم في هذه الصالة تكثير لجمع المصلي، ن أو تشجيع لمن قد يتكاسل عن الصلاة ,فصلاتكم فيها صحيحة، ولا حرج عليكم. فقد جاءت الشريعة برفع الحرج.
2-عليكم أن تجتهدوا في الحصول على مصلى خالٍ من المحظورات داخل الجامعة أو خارجها، وتسعوا لنيل حقوقكم الشخصية في هذا البلد. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(5/336)
تغطية الرأس في الصلاة
المجيب محمد محمد سالم عبد الودود
عضو اللجنة العلمية بالموقع
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 26/06/1426هـ
السؤال
هل يجب على الرجل أن يغطي الرأس بطاقية ونحوها عندما يصلي؟ أرجو توضيح الجواب بدليل من الكتاب والسنة.
الجواب
تغطية الرأس أثناء الصلاة ليست واجبة؛ إذ لم يرد ما يوجبها، وقد ثبت في الحديث -من عدة طرق- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء" صحيح مسلم (516) . ولو كانت تغطية الرأس على الرجال واجبة لأمر بها.
كما ثبت في الحديث أيضاً عن عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما- ربيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي في ثوب واحد مشتملاً به، في بيت أم سلمة، واضعاً طرفيه على عاتقيه" صحيح مسلم (517) .
فاجتمع من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره ما يدل على عدم وجوب تغطية الرجل لرأسه في الصلاة.
لكن هذا لا ينفي فضل تغطية الرأس في الصلاة، خاصة في الجماعة، وبالأخص بالنسبة للإمام.(5/337)
تأخير صلاة الظهر
المجيب إبراهيم بن مهنا المهنا
مدير قسم التوعية الإسلامية بجهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني بجدة
كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 01/07/1426هـ
السؤال
ورد حديث في صحيح البخاري عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَال: َ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ"، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ" ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ" حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ".
وفي فتوى للشيخ ابن باز -رحمه الله- ذكر أن وقت العصر يبدأ عندما يصبح ظل كل شيء مثله".
ألا يكون هناك تعارض بين الفتوى والحديث، فالحديث يذكر أن يكون ظل التلول مثلها ثم ينادى لأذان الظهر؟ أرجو بيان الجواب الصحيح في هذه المسألة.
الجواب
لا تعارض بين الفتوى والحديث لأن فتوى الشيخ -رحمه الله - تذكر بداية وقت العصر، أما حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- فالظاهر أنه أخر وقت الظهر إلى أن قرب من وقت العصر؛ لأنه أراد أن يجمع بينهما، ويشهد لذلك أنه كان على سفر كما جاء في أول الحديث، فيكون بذلك جمعًا بين الحديث والفتوى، أو أن المساواة المذكورة تحتمل أن الظل ظهر بجانب التل فساواه في الظهور لا بالمقدار، وهذا كله ما بينه ابن حجر في فتح الباري، حيث قال -رحمه الله تعالى -: (وأما ما وقع عِند المصنف في الأذان عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة بلفظ " حتى ساوى الظل التلول " فظاهره يقتضي أنه أخرها إلى أن صار ظل كل شيءٍ مثله , ويحتمل أن يراد بهذه المساواة ظهور الظل بجنب التل بعد أن لم يكن ظاهرا، فساواه في الظهور لا في المقدار , أو يقال: قد كان ذلك في السفر فلعله أخر الظهر حتى يجمعها مع العصر) .(5/338)
الصلاة في مسجد بني بمالٍ حرام
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/أحكام المساجد
التاريخ 03/05/1427هـ
السؤال
هل تجوز الصلاة في مسجد بني بمال المخدرات؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم تجوز الصلاة؛ لأن المراد بعمارة المساجد في مثل قوله تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" [التوبة:18] . المراد بالعمارة العمارة الحقيقية بالصلاة والذكر والدعاء ولهذا ذكرت البيوت في قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" [النور:36-38] . أما البناء الحسي المادي إذا كان المال فيه حراماً فلا أجر لصاحبه، لما جاء في الحديث: "أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" صحيح مسلم (1015) . فيؤجر المستفيد دون الدافع في هذا، وقد عاب الله على المشركين عمارتهم للمسجد الحرام، وأمر المؤمنين أن يصلوا فيه فقال: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [التوبة:19] .
وفق الله الجميع إلى كل خير.(5/339)
تحويل الكنيسة إلى مسجد!
المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/أحكام المساجد
التاريخ 23/05/1427هـ
السؤال
هل يجوز تحويل الكنيسة أو البيعة إلى مسجد؟ وإذا كان الجواب بنعم؛ فكيف نجيب عن قوله تعالى: "لا تقم فيه أبدا"؟
الجواب
قوله تعالى: "لا تقم فيه أبداً" [التوبة:108] نزلت في مسجد بناه المنافقون بقصد المضارّة، وصرف الناس عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء، وليكون موئلاً للكائدين والمحاربين لله ورسوله، مع أنه في الظاهر كان مسجداً وليس كنيسة ولا بيعة.
أما الكنيسة والبيعة إذا تعطلت من أهلها، وكانت تحت ولاية المسلمين، أو أذن أهلها بملك المسلمين لها، فيجوز تحويلها إلى مسجد خالص، وتطهيرها من كل مظاهر الشرك وشعارات الكفر. علماً بأن المسألة خلافية لكن هذا هو الراجح. والله أعلم.(5/340)
تذكَّرَ فوات ركن من صلاة فريضة
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/أركان الصلاة وواجباتها
التاريخ 25/8/1424هـ
السؤال
إذا فاتني ركن في صلاة الظهر، ثم في وقت العشاء تذكرت أنني قد نسيت ركناً فهل علي إعادة صلاة الظهر والعصر والمغرب؟ مراعاة للترتيب في الصلاة، ثم كيف يكون علي قضاء الصلاة الفائتة في سن الصغر؟.
الجواب
إن كان الركن الفائت هو تكبيرة الإحرام فإن الصلاة لم تنعقد أصلاً، ويجب إعادتها كاملةً على كل حال، وإن كان التشهد الأخير أو التسليم أتى به المصلي إن تذكره بعد الصلاة مباشرةً، وإن كان الركن الفائت غير ما سبق فإنه لا يخلو من الأحوال الآتية:
(1) أن يتذكر المصلي هذا الركن الفائت وهو ما زال في مكان ذلك الركن، كأن ينسى المصلي قراءة الفاتحة في صلاة الظهر من الركعة الأولى قبل أن يركع، فهنا يجب عليه الإتيان بهذا الركن، فيقرأ الفاتحة ثم يكمل صلاته ولا شيء عليه.
(2) أن يتذكر المصلي الركن الفائت بعد أن انتقل إلى ركعةٍ أخرى، فهنا تكون الركعة التي نسي فيها الركن ملغاة، وتقوم الركعة التي بعدها مكانها، فمثلاً: من نسي قراءة الفاتحة في الركعة الثانية من صلاة الظهر، ولم يتذكر إلا بعد أن شرع في الركعة الثالثة، فهنا تكون الركعة الثانية ملغاة، وتقوم الثالثة مكان الثانية ثم يكمل الصلاة.
(3) أن يتذكر المصلي الركن الفائت بعد الصلاة مباشرة وقبل أن ينتقض وضوؤه، وهنا يجب عليه الإتيان بركعة كاملة عوضاً عن الركعة التي فاته ركن من أركانها.
(4) أن يتذكر المصلي الركن الفائت بعد الصلاة بوقت طويل -كما في السؤال -أو بعد(5/341)
أن انتقض وضوؤه، وهنا يجب عليه إعادة الصلاة كاملة؛ لطول الفصل بين الصلاة والركعة التي نسي ركناً من أركانها، والصلاة لا بد أن تكون متصلةً حقيقةً أو حكماً، وهنا لم تتصل لا حقيقةً ولا حكماً، فوجب عليه أن يعيدها كاملةً؛ لتكون متصلةً، ولا يلزم إعادة الصلوات التي تلي الظهر، وإنما يلزم إعادة الظهر فقط.
أما ما يتعلق بقضاء الصلوات الفائتة في سن الصغر، فإن كان ذلك قبل البلوغ فلا يلزم قضاؤها، وإن كان بعد البلوغ وكان الإنسان لا يصلي أبداً ثم تاب فإنه لا يلزمه شيء كذلك؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، وإن كان الفائت بعض الصلوات فإن الإنسان يجتهد في معرفتها، ثم يقوم بقضائها مرتبةً حسب الاستطاعة.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(5/342)
نسي كلمة من الفاتحة في الصلاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/أركان الصلاة وواجباتها
التاريخ 7/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد معرفة الحكم فيما إذا شك الإنسان في أثناء قراءته للفاتحة أو أي سورة أخرى في أثناء الصلاة أنه نسي كلمة هل عليه أن يسجد سجود السهو؟ وبالمثل إذا شك في عدد المرات التي قال فيها سبحان ربي الأعلى هل عليه سجود السهو؟
الجواب
أما الفاتحة فقراءتها ركن من أركان الصلاة، فإذا شك الإمام أو المنفرد بقراءة الفاتحة أو جزء منها فيجب أن يقرأها، فإن كان شكه في قراءة الركعة الأولى، والحال أنه في الركعة الثانية سقطت الركعة الأولى التي شك فيها وقامت الركعة التي تليها مقامها وسجد للسهو، وإن كان الشك في غير الفاتحة فليس عليه شيء ولا يسجد للسهو، وإن كان الشك من المأموم فلا شيء عليه، والإمام يتحمل ذلك عنه.(5/343)
ترك الأركان في الركعة الفائتة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/أركان الصلاة وواجباتها
التاريخ 07/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رجل أدرك الإمام بعد رفعه من الركوع للركعة الأولى، فمعلوم أنه يلزمه الإتيان بركعة بعد تسليم الإمام، لكن سؤالي ما حكم تعمد ترك أقوال أو أفعال ما بعد رفع الإمام من الركوع للركعة الأولى، إلى أن يقوم للركعة الثانية على المأموم الذي فاته ركوع الركعة الأولى؟ بمعنى آخر ما حكم أقوال وأفعال من أدرك الإمام بعد رفعه من الركوع حتى الركعة التي تليها على المأموم، فيما لو ترك شيئًا منها عمدًا أو سهواً؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا دخل المأموم مع الإمام وجبت عليه واجبات الصلاة وأركانها، فما يكون بعد الركوع واجب، فإنه واجب سواء أدرك الركوع مع الإمام، أو لم يدرك الركوع معه، وما يتعلق بالواجبات من التسميع والتحميد، وكذلك الأركان من الرفع والطمأنينة، ... إلخ، نقول بأن هذا كله واجب عليه أن يأتي به، وإن لم يكن قد أدرك الركوع؛ لأنه قد دخل مع الإمام في الصلاة، فوجبت عليه واجباتها، فلو ترك شيئاً منها عمداً يكون حكمه حكم من ترك واجباً وركناً متعمداً فتبطل صلاته. والله أعلم.(5/344)
هل الجهر بالتأمين واجب؟!
المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 08/05/1427هـ
السؤال
أنا على المذهب الحنفي فأقول: آمين. بعد قراءة الفاتحة بصوت منخفض، بعض الأخوة
يقولون: إن عليَّ أن أقولها بصوت مرتفع، وأن ذلك كان حكم أبي حنيفة. فما هو الصواب في هذه المسألة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والآه وبعد:
فإن الجهر بالتأمين بعد الفاتحة من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء-رحمهم الله تعالى- قديماً وحديثاً؛ ولذا ينبغي أن لا يثرَّب على المخالف فيها، وإن كان قول القائلين بسنية الجهر أحظ بالدليل من القول الآخر؛ قال ابن رجب -رحمه الله تعالى- (واختلفوا في الجهر بها على ثلاثة أقوال: أحدها: يجهر بها الإمام ومن خلفه، وهو قول عطاء، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابن أبي شيبة، وعامة أهل الحديث. واستدل بعضهم بقوله: "إذا أمن الإمام فأمنوا". فدل على سماعهم لتأمينه، وروي عن عطاء، قال: أدركت مائتين من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- إذا قال الإمام: "وَلا الضَّالِّينَ" سمعت لهم ضجة بـ"آمين" خرجه حرب. والثاني: يخفيها الإمام ومن خلفه، وهو قول الحسن، والنخعي، والثوري، ومالك، وأبي حنيفة وأصحابه. اهـ فتح الباري (5/259) .(5/345)
وقال الألباني -وهو من أئمة أهل الحديث رحمه الله تعالى- في كتابه "تمام المنة" (1/178) : ثم خرجت أثر ابن الزبير المذكور- (قلت: يعني ما روي عن عطاء -رحمه الله تعالى- أنه قال: (أمّن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد للجة) - وبينت صحته عنه تحت الحديث (952) في (الضعيفة) ، وأتبعته بأثر آخر صحيح أيضا عن أبي هريرة أنه كان يجهر بـ"آمين" وراء الإمام ويمد بها صوته، فملت ثمة إلى اتباعهما في ذلك, ثم رأيت الإمام أحمد قال به فيما رواه ابنه عبد الله عنه في مسائله اهـ وفق الله الجميع للصواب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.(5/346)
اللحن في قراءة الفاتحة!
المجيب د. ناصر بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود
التاريخ 14/05/1427هـ
السؤال
بعض أئمة المساجد عند قراءة الفاتحة يقرؤون الآية: (اهدنا الصراط المستقيم) بفتح حرف الصاد في كلمة الصراط وليس بكسره، فهل هذا صحيح؟
الجواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فالصحيح في قراءة لفظ: "الصراط"؛ أن يقرأ بكسر الصاد، وأما فتحها على ما ذكر السائل، فهو لحن في القراءة، وخطأ فيها، إلا أنه لحن لا يحيل المعنى، أي لا يغيره، ولا يؤثر عليه، فلا تبطل الصلاة به، لكن من تعمده فهو آثم، كما نص على ذلك الفقهاء، كالنووي في المجموع.
وعلى المصلي أن يجتهد في إقامة قراءته، ولا سيما الفاتحة فهي ركن الصلاة، ولا تصح إلا بها، ويتأكد الأمر في حق من يؤم الناس ويتقدمهم للصلاة، فإن صلاتهم بصلاته، ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسلم (673) وغيره من حيث أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- أنه قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... " الحديث، فيجب أن يكون المتقدم للإمامة بالناس مقيماً للقراءة.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(5/347)
حكم رفع اليدين في تكبيرة الإحرام
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التكبير والاستفتاح
التاريخ 9/9/1422
السؤال
هل يجب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام؟ وإذا نسيها هل عليه شيء؟
الجواب
لا يجب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام، وإنما يستحب، وإذا نسيت الرفع فليس عليك شيء - والحمد لله -.(5/348)
تكبيرة الانتقال متى تكون؟
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التكبير والاستفتاح
التاريخ 19/10/1425هـ
السؤال
صليت مع إمام لا يكبر تكبيرة الانتقال حتى يتم ساجدًا، ثم إذا سجد كبَّر لسجوده، فقلت له: إن هذا الفعل خطأ، فهل هذا صحيح؟ وهل أعيد صلاتي؟
الجواب
لا شك أن هذا العمل مخالف لظاهر السنة؛ لأن هذه التكبيرات تعرف عند أهل العلم بتكبيرات الانتقال، ومعنى ذلك أنها انتقال من حال القيام إلى حال السجود، وكونه لا يكبر إلا إذا سجد فهذاخلاف السنة، كما في حديث أبي هريرة وابن عمر، رضي الله عنهما، وهما في البخاري (735-795) ومسلم (390 -392) . وأما صلاتك فهي صحيحة، ولا أرى عليك الإعادة.(5/349)
نسي الجهر بتكبيرة الإحرام وهو إمام!
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التكبير والاستفتاح
التاريخ 29/11/1424هـ
السؤال
ما العمل إذا نسي الإمام الجهر بتكبيرة الإحرام؟ هل يجب عليه إعادتها جهرا أم لا؟ علماً أن الصفوف الخلفية لم يعلموا بتكبيره وكذلك كثير من الصفوف المتقدمة. وبارك الله فيكم.
الجواب
يستحب للإمام أن يجهر بالتكبير بحيث يسمع المأمومين؛ فإنهم لا يجوز لهم التكبير إلا بعد تكبيره، فإن لم يمكنه إسماعهم جهر بعض المأمومين؛ ليسمعهم أو ليسمع من لا يسمع الإمام؛ لما روى جابر - رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر -رضي الله عنه- خلفه فإذا كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كبر أبو بكر - رضي الله عنه- ليسمعنا" مسلم (413) ، وإذا فات عليه وكبَّر سراً فيحسن أن يجهر بشيء من القراءة؛ ليشعرهم أنه دخل في الصلاة فيكبروا معه أو يكِّبر من خلفه من المأمومين ليسمع من لم يسمع.(5/350)
رفع اليدين عند التكبير للسجود
المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التكبير والاستفتاح
التاريخ 05/11/1426هـ
السؤال
لماذا لا نرفع أيدينا أثناء السجود، مع أن ذلك ثابت في أحاديث صحيحة؟
منها حديث عن النضر بن كثير أنه صلى بجانب عبد الله بن طاوس في مسجد الخيف، فكان إذا رفع من السجدة الأولى رفع يديه تلقاء وجهه، قال النضر: فأنكرت أنا ذلك، وقيل له: تصنع شيئا لم نر أحدا يصنعه؟! فقال عبد الله بن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه. وقال عبد الله بن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه.
وقال أيوب: رأيت نافعاً وطاووساً يرفعان أيديهما بين السجدتين.
وروى يزيد بن هارون عن الأشعث أن الحسن وابن سيرين كانا يرفعان أيديهما بين السجدتين.
وروى ابن علية أنه رأى أيوب يرفع يديه بين السجدتين.
الجواب
الحمد لله على إفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، أما بعد:
فأقول وبالله التوفيق:
حديث النضر بن كثير السعدي ليس صحيحاً، تفرّد به النضر بن كثير، وفيه ضعف. ولذلك استنكر حديثه هذا جماعةٌ من أهل العلم، كالبخاري (التاريخ الكبير (8/91) ، والضعفاء الصغير له، رقم (374) ، والتاريخ الأوسط، رقم (1244) .
والعقيلي في الضعفاء (4/292) ، وابن حبان في المجروحين (3/49) . وابن عدي في الكامل (7/27) .
وأما حكم الرفع في هذا الموطن، فقد ذهب إليه بعض أهل العلم، وهو قول في مذهب الإمام أحمد والشافعي ومالك.
ولا بأس إذا فعل ذلك قليلاً، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبّر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ... وكان لا يفعل ذلك في السجود [حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود] . أخرجه البخاري (735، 736، 738، 739) ومسلم (390) . والله أعلم.
والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.(5/351)
هل البسملة آية من الفاتحة
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة
التاريخ 10/8/1422
السؤال
هل البسملة آية من آيات سورة الفاتحة، وهل تجب قراءتها في كل ركعة من الصلاة؟
الجواب
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية هذه المسألة في الفتاوى (22/276 - 279، 406 - 408) .
وخلاصة ما ذكره - رحمه الله - أن العلماء اختلفوا في ذلك على أقوال:
الأول: أنها ليست آية من القرآن إلا في سورة النمل، وأن ذكرها في أول السور على سبيل التبرك.
الثاني: قال طائفة منهم الشافعي: إنها آية من كل سورة، ولهم على ذلك أدلة منها أن الصحابة لم يكتبوها في المصحف مع تجريدهم للمصحف عما ليس من القرآن إلا وهي من السورة.
الثالث: قال أكثر فقهاء الحديث كأحمد ومحققي أصحاب أبي حنيفة: إنها من القرآن للعلم بأنهم لم يكتبوا فيه ما ليس بقرآن، لكن لا يقتضي ذلك أنها من السورة، فقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" نزلت عليّ آنفاً سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر ... ".
وثبت في الصحيح أن أول ما جاء الملك بالوحي قال:" اقرأ باسم ربك الذي خلق ... الآيات " فهذا أول ما نزل، ولم ينزل قبل ذلك بسم الله الرحمن الرحيم، وثبت في السنن أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:" سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك "وهي ثلاثون آية بدون البسملة.
فمجموع هذه الأدلة يدل لهذا القول وهو أن البسملة آية في أول كل سورة وليست من السورة، وهو أوسط الأقوال وأعدلها.
وأما تلاوتها في الصلاة فإن طائفة لا تقرأها سراً ولا جهراً كمالك والأوزاعي، وطائفة تقرأها جهراً كأصحاب ابن جريج والشافعي، والطائفة الثالثة المتوسطة: جماهير فقهاء الحديث يقرؤونها سراً.(5/352)
ولكن ينبغي مراعاة تأليف القلوب بفعل الأمر الذي لا تنكره قلوب الناس ولا تنفر منه؛ لأن مصلحة تأليف القلوب في الدين أعظم من مصلحة فعل بعض المستحبات. انتهى ملخصاً، وارجع إلى كلامه في موضعه فإنك واجد ثمة مزيد فائدة.(5/353)
قراءة الضاد ظاءً في الفاتحة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 29/03/1426هـ
السؤال
شيخنا الجليل: أرجو أن توضح لنا هل أن نطق الضاد (ض) ظاء (ظ) في الآية الأخيرة من الفاتحة لجهلي باللغة أو غيره مبطل للصلاة؟ وهل تجوز صلاة من يفرِّق بين نطق الحرفين وراء من لا يعلم ذلك، أو وراء من لا يريد أن يتعلم أو يقر بجهله؟. شكراً وثبّت الله أجركم.
الجواب
العلماء - رحمهم الله- عفوا عن ذلك ما دام أن الإنسان لا يفرق بين مخرج الحرفين لتقارب مخرجهما، لكن إذا كان الإنسان إماماً فالأحسن له أن يتعلَّم، فإذا كان الإنسان يجهل فإن هذا معفو عنه، وخصوصاً فيما يتعلّق بعامة الناس، وعلى هذا إذا صلى إنسان يعرف مخرج الحرفين ويفرق بينهما، خلف إمام لا يعرف ذلك فإن هذا جائز ولا بأس به؛ فالعلماء - رحمهم الله - سهلوا إذا كان الإنسان يجهل التفريق بين مخارج الحروف وصححوا صلاته.(5/354)
قراءة المفصل في الصلاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 1/6/1424هـ
السؤال
سؤالي هو: ما المقصود بقراءة سور المفصل أثناء الصلاة؟ ومتى تكون؟ وجزاكم الله خيراً، وبارك في علمكم.
الجواب
المفصل هو الحزب الأخير من القرآن، وأول المفصل سورة ق، وآخره سورة الناس، وقد روى أبو داود (1393) ، وابن ماجة (1345) عن أوس بن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في وفد ثقيف ... قال أوسٌ -رضي الله عنه- سألت أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورضي عنهم كيف يحزبون القرآن؟ يعني: كانوا يجزئون القرآن على أيام الأسبوع، بحيث يقرأ المصلي في كل ليلة حزباً، فقال الصحابة - رضي الله عنهم-: "ثلاثٌ، وخمسٌ، وسبعٌ، وتسعٌ، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده، قوله: (ثلاث) ، يعني ثلاث السور من أول القرآن: البقرة، وآل عمران، والنساء، هذا حزب، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة حزب، والحزب الثالث يبدأ بسورة يونس وهكذا.(5/355)
التنكيس بين السور في الصلاة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 14/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي: أميت في جماعة صلاة مغرب وقرأت بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة الهمزة، وفي الركعة الثانية التكاثر، فبعد الصلاة قام أحد الأشخاص وأنكر فعلي هذا بصوت فيه استفزاز وتشويش في المسجد، ويعرف عنه عدم العلم، والذي أعرفه أن هذا ليس منكراً أو مخالفاً ولا يبطل الصلاة، أرجو إفتائي مأجورين فتوى شافية كافية، حتى أعرضها على المصلين الذين أصبح لديهم شك في قول المنكر. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد..
فالأفضل أن يقرأ الإمام وغيره (القرآن على ترتيب المصحف) ، لأنه الغالب من هديه - صلى الله عليه وسلم- فقد كان يقرأ في صلاة الجمعة مثلاً - الأعلى في الأولى- والغاشية في الثانية، وقرأ فيها أيضاً الجمعة في الأولى، والمنافقون في الثانية، وقد كان يقرأ في راتبة الفجر "قولوا آمنا بالله ... " في الأولى، وهي من البقرة. وقل يا أهل (الكتاب) في الثانية وهي من آل عمران، وقد كان يقرأ في صلاة الفجر في الأولى السجدة، وفي الثانية الإنسان، وهكذا هذا هو الأفضل بحيث يراعي ترتيب السور. ولو خالف الإمام هذا الترتيب فقرأ مثلاً في الأولى آيات من آل عمران وفي الثانية آيات من البقرة، أو قرأ في الأولى مثلاً: الهمزة، وفي الثانية التكاثر فإنه لا حرج في ذلك، وقد صرح بجوازه جماعة من أهل العلم، ومنهم الإمام النووي في التبيان في آداب حملة القرآن ص99، واستدل على ذلك ببعض الآثار الواردة عن السلف والدالة على جواز مخالفة الترتيب، وأيضا لعدم الدليل من الشارع على المنع، فيبقى على أصل الجواز.(5/356)
وبناء عليه فمخالفة الترتيب لا تبطل الصلاة، ولا يسوغ الإنكار بهذه الصورة غير اللائقة، لا سيما في المسجد الذي بُني لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن، لا للتشفي كما هو ظاهر من حال المنكر ونحو ذلك، وأنبه إلى أن النصيحة ينبغي أن تكون بأدب وتلطف وبانفراد لا سيما في أمرٍ يتعلق بمندوب لا بواجب، والله تعالى أعلم.(5/357)
الخطأ في التلاوة هل يبطل الصلاة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 13/7/1424هـ
السؤال
أحياناً وأنا أصلي اتوقَّف في قراءة القرآن عند بعض الكلمات لا أدري كيف أقرؤها هل بالضم أم بالفتح، فهل أتوقَّف أم أقرؤها كما أعتقد؟ وهل تبطل صلاة المرء إذا أخطأ في قراءة كلمة من القرآن أو نسي حرفاً أو حركةً؟
وإذا كان علي أن أتوقف عند النسيان هل أتوقف وأنا في نصف الآية والمعنى لم يكتمل.
شكراً لكم وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد..
بالنسبة للقراءة في الصلاة، فإنك إذا نسيت كلمة من آية، أو حرفاًً، أو أشكل عليك حركة، هل هي فتحة أو ضمة، مثلاً فإنه حينئذ يلزمك التوقُّف عن القراءة ولو كنت في نصف الآية، وتجاوز ما أخطأت فيه أو نسيته إلى ما تحفظه. وإذا وقع خطأ في القراءة فإنه لا يبطل الصلاة مطلقاًُ إذا كان في غير الفاتحة، وإن كان الخطأ في قراءة الفاتحة، فإنه يبطل الصلاة إذا كان لحناً جلياً يعني إذا كان الخطأ يغير المعنى، ولا يبطلها إذا لم يكن جلياً، ومثال اللحن الجلي: كسر الكاف في قوله تعالى "إياك" [الفاتحة:5] ومثال الخفي، الذي لا يغير المعنى، فتح الباء في قوله تعالى: "رب العالمين" [الفاتحة: 2] ، والله أعلم.(5/358)
الخطأ في القراءة أثناء الصلاة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 26/11/1423هـ
السؤال
كنت أصلي صلاة الظهر، وبعد أن قرأت سورة الفاتحة قرأت آيات من سورة الأنعام، وبعد أن رفعت من الركوع أدركت أنني أخطأت في آية فهل أعيد الصلاة؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن الخطأ في قراءة آية أو آيات بعد سورة الفاتحة -كما في ظنك هنا في قراءة آية من سورة الأنعام- لا يُبطل الصلاة، وذلك لأن القراءة بعد سورة الفاتحة لا تجب أصلاً، بل هي سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيجوز للمصلي تركها وإن كان خلاف السنة، ولذا فوقوع الخطأ فيها لا يضر بالصلاة، والله -تعالى- أعلم.(5/359)
قراءة المأموم الفاتحة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 15/9/1424هـ
السؤال
بعض الأئمة يفتون في الصلاة أي صلاة الجماعة في الظهر والعصر ويقولون: إن المأموم لا يقرأ بسورة الفاتحة، وفي المذاهب الأربعة يوجد خلاف، فهل يوجد نص لقراءة الفاتحة؟
الجواب
في قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الفريضة، ثلاثة أقوال للعلماء- رحمهم الله تعالى -: منهم من قال: تجب القراءة على المأموم، أي: يجب عليه أن يقرأ الفاتحة، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية؛ لما ورد في صحيح مسلم (395) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج، غير تمام " قال: فقلت: يا أبا هريرة إني أكون أحياناً وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها يا فارسي في نفسك (الخطاب لأبي السائب، لأنه يخاطب أبا هريرة - رضي الله عنه -) فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله - عز وجل - قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: اقرؤوا، يقول العبد: الحمد لله رب العالمين، يقول الله - عز وجل-: حمدني عبدي، يقول: الرحمن الرحيم، يقول الله- عز وجل - أثنى عليّ عبدي، يقول العبد: مالك يوم الدين، يقول الله - عز وجل - مجَّدني عبدي، يقول العبد: إياك نعبد وإياك نستعين، يقول الله: هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، يقول العبد: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، يقول الله: فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل.
القول الثاني: أن الإمام يتحمَّل قراءة الفاتحة عن المأموم ما دام خلف الإمام، سواء كانت الصلاة سريّة أو جهرية.(5/360)
القول الثالث: التفصيل والتفريق بين الجهرية والسريّة، قالوا: إذا كان المأموم يسمع قراءة الإمام، ويؤمن عليها فالإمام يتحمل عنه قراءة الفاتحة، وإذا كان المأموم لا يسمع قراءة الإمام ولا يؤمن عليها لكون الصلاة سرية فعليه أن يقرأ.
إذاً فالأقوال ثلاثة: وجوب القراءة، سرية كانت الصلاة أو جهرية، عدم الوجوب سرية كانت أو جهرية؛ لأن الإمام يتحملها، التفصيل بين السرية والجهرية، فتجب القراءة على المأموم في السرية ولا تجب في الجهرية.(5/361)
جهر المنفرد في الصلاة الجهرية
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 4/7/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الصلاة الجهرية (المغرب والعشاء) إذا كنت أصليها لوحدي، هل أصلي الركعتين الأوليين جهراً أم سراً؟ والله ولي التوفيق.
الجواب
إذا جهرت بالقراءة في الركعتين الأوليين من صلاة المغرب والعشاء فحسن، والجهر ليس بواجب، والصلاة صحيحة مع الإسرار.(5/362)
حكم القراءة من المصحف في صلاة الفريضة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 5/1/1425هـ
السؤال
ما حكم قراءة سورة طويلة، مثل: السجدة في صلاة الفجر من المصحف وليس غيباً، علماً أنني لا أحفظها غيباً، وأود أن أطيل في الصلاة؟
الجواب
الأولى للإنسان أن يقرأ من حفظه، وأن يجتهد في حفظ القرآن؛ لأجل أن يقرأ قراءة طويلة، ولو أنه اجتهد في حفظ القرآن، وسخَّر جزءاً من وقته ولو كان يسيراً في كل يوم لوجد أنه بعد مدة حفظ شيئاً كثيراً، ولو أنه كان يحفظ في اليوم سطرين أو ثلاثة فسيجدها بعد سنة كثيرة هذا من ناحية، أما من ناحية قراءتها من المصحف في صلاة الفريضة - كالفجر - فهو جائز في الجملة، وإن كان بعض أهل العلم كرهه خوفاً من العبث الكثير، وخوفاً من الاشتغال بالنظر عن التدبر والتأمل، ولكن الذي عليه الكثير من أهل العلم أنه لا بأس به وجائز - إن شاء الله -.(5/363)
قراءة المأموم للفاتحة في الجهرية
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 6/10/1424هـ
السؤال
سمعت من أحد الإخوة أن قراءة سورة الفاتحة في الصلاة واجبة على الفرد، وبالنسبة للجماعة فهي واجبة على الإمام، حيث إذا انتهى الإمام من قراءتها يقرأها المأموم، وما إن يشرع الإمام بقراءة ما تيسر من القرآن يجب أن يسكت المأموم، ولو لم ينته من قراءة الفاتحة فماصحة ذلك؟.
الجواب
إن قراءة سورة الفاتحة واجبة على المنفرد في صلاته، وهذا رأي الجمهور من العلماء.
أما بالنسبة لصلاة الجماعة فإن قراءة سورة الفاتحة واجبة على الإمام والمأموم في الصلاة التي قراءتها سرية.
إنما الخلاف في الصلاة التي قراءتها جهرية، فهي واجبة في حق الإمام، أما المأموم ففي قراءته للفاتحة أقوال متعددة هي:
أولاً: ذهب الحنيفة إلى القول بعدم القراءة للمأموم إذ إن قراءة الإمام له قراءة.
ثانياً: ذهب الشافعية إلى القول بالقراءة للمأموم مع جهر الإمام بالقراءة.
ثالثاً: قال فريق من العلماء ومنهم الحنابلة: يستحب سكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة سكوتاً بقدر قراءة المأموم للفاتحة، وقال بعضهم: يستحب للمأموم القراءة في سكتات الإمام، والله أعلم.(5/364)
السنة فيما يقرأ الإمام في الصلاة الجهرية
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 9/1/1423
السؤال
يصلي بنا إمام معين في جميع صلواتنا الجهرية، وله مدة يقرأ القرآن بترتيب، أي يبدأ الصلاة التالية من حيث انتهى في السابقة، وحين سئل عن ذلك قال إنه يحب أن يسمع المصلين القرآن كاملاً، كما أنها طريقة جيدة له في مراجعة القرآن. فهل ذلك العمل صحيح؟ أم أنه خاطئ؟ وما الدليل على هذا أو ذاك؟ وهذا يقودنا لسؤال آخر: هل يصح العمل إن كان في ظاهره الصلاح ولكنه لم يرد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وإن صح ذلك فما شروط القيام به؟
الجواب
السنَّةُ أن يقرأ الإمام بما كان يقرأ به - صلى الله عليه وسلم- في صلاته، وقد حفظت لنا كتبُ السنن والآثار تفاصيل ذلك، فليُرجع إليها، وخير الهدي هديه - صلى الله عليه وسلم -، والإمام كما هو قدوة للناس في الائتمام به، فهو قدوة لهم في صلاته وما يأتي فيها وما يذر، والسنة إن لم يحيها الدعاة - ومنهم الأئمة- فما أحراها أن تضيع وتُنسى؛ لأن الناس يتأسون بهم ويصدرون عنهم.(5/365)
على أنه ينبغي أن يفهم أن المسألة لا تعدو أن تكون سُنة، من أخذ بها فبها ونعمت وذلك أفضل، ومن لم يأخذ بها فلا إثم عليه، فضلاً أن يوصم ببدعة، والأمر في هذا واسع- وإن كان خلاف الأولى- فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أذن في ذلك إذناً مطلقاً، كما في حديث المسيء صلاته " ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" رواه البخاري (757) ومسلم (397) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ويدل لذلك أيضاً مطلق قوله - تعالى -:" فاقرؤوا ما تيسر منه" [المزمل:20] . وعلى هذا فعمل الإمام ليس ببدعة؛ لأن له أصلاً في الشرع (كما تقدم) ، ولأنه - أيضاً- لم يأخذ بطريقة ختم القرآن في الفريضة لأنها أفضل، بل لأجل أن يراجع حفظه. وأرى أن تقترحوا عليه - إن كان ولا بد فاعلاً- أن يراوح بين الأمرين، فيقرأ في بعض أيام الأسبوع بما كان -صلى الله عليه وسلم- يقرأ به، وفي بعضها الآخر يأخذ بطريقته، ولعل في هذا ما يحقق رغبته، والله أعلم.(5/366)
الجهر بالتأمين!
المجيب د. توفيق بن علي الشريف
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بتبوك
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 28/05/1427هـ
السؤال
أنا على المذهب الحنفي، فأقول: "آمين" بعد قراءة الفاتحة بصوت منخفض. وبعض الإخوة يقولون: إن عليّ أن أقولها بصوت مرتفع، وأن ذلك كان حكم أبي حنيفة. فما هو الصواب في هذه المسألة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاختلف أهل العلم في مسألة الجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية، بعد أنه اتفقوا انه لا يجهر بها في الصلاة السرية؛ فقال الكوفيون وبعض المدنيين لا يجهر بها.
وقال الشافعي، وأصحابه، وأبو ثور، وأحمد، وأهل الحديث: يجهر بها.
وكان أحمد بن حنبل يغلظ على من كره الجهر بها. وذكر قول ابن جريج: قال لي عطاء: كنت أسمع الأئمة يقولون: "آمين". ومن خلفهم: "آمين". حتى إن للمسجد للجة. سنن البيهقي (2/59) .
وهذه المسألة تعتبر من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، ولا ينكر فيها على من عمل بأحد القولين، ولا يشدد عليه فيها؛ لأن كلا الأمرين قد وردت فيه آثار.
والله تعالى أعلم.(5/367)
القراءة في الفريضة من ورقة
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 28/6/1424هـ
السؤال
لدي سؤال يا فضيلة الشيخ:
بجانبنا مسجد وإمامه طالب، وعندما تأتي الاختبارات لا يجد من يوكل إليه أمر الإمامة إلا أنا، حيث يظهر عليّ الالتزام، وأجيد قراءة القرآن، إلا أني لا أحفظ منه إلا قليلاً، وإذا حفظت ثم قمت إماماً فإنني من شدة ارتباكي أخطئ كثيراً، ولا يوجد في المسجد بديل أفضل، لأنه مسجد بجانب السوق، وأغلب المصلين من العمال، فهل يجوز أن أقرأ القرآن من ورقة صغيرة نظراً لا غيباً؟ وما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
ننصحك بأن تراجع السور التي تحفظها، ولو من السور الوسطى، فتقرأ في الفجر من جزء تبارك وتحرص على حفظه، وفي العشاء من جزء عم، وفي المغرب قصار السور من سورة الضحى وما بعدها، أما قراءة المصحف أو في ورقة، فإنها تشغل المصلي وتشغل نظره ويده، فاحرص ما دام أنك تجيد قراءة القرآن أن تحفظ سوراً ثلاثاً أو أربعاً من جزء تبارك مع جزء عم، ويغنيك ذلك - إن شاء الله - حيث إنك مستعار ولست رسمياً.(5/368)
المستحب قراءته في صلاة المغرب
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 2/1/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: أود معرفة سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في القراءة في صلاة المغرب أهو التقصير أم التطويل؟ المعلوم أنه قرأ هذا وهذا، ولكن ما هو الذي كان يداوم عليه النبي -صلى الله علية وسلم- مع الأدلة؟. وجزاكم الله خير الجزاء يا شيخ.
الجواب
الذي كان يداوم عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة المغرب هو عدم الإطالة، والذي كان يداوم عليه هو القراءة من قصار السور، لأنه جاء في سنن النسائي (982) ، عن سليمان بن يسار قال: "كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقرأ في المغرب بقصار المفصل، ثم يقول إذا فرغ: إني لأشبهكم صلاة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-"، وهذا هو الدائم من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد ورد أيضاً أنه كان يقرأ أحياناً بسور طوال، فقد جاء في صحيح البخاري (764) من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم-: "قرأ في المغرب بالأعراف"، لكن هذا لم يقع إلا مرة واحدة، وكذلك جاء في الصحيحين البخاري (763) ومسلم (462) من حديث أم الفضل - رضي الله عنها- أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بـ "والمرسلات عرفا"، وكذلك جاء في الصحيحين البخاري (4023) ومسلم (463) من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في المغرب: بـ "الطور" لكن هذا الأمر يحمل على أنه كان قليلاً من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- والكثير أنه كان يقرأ من قصار المفصل.(5/369)
لا يحفظ من القرآن إلا القليل، ويرغب إطالة الصلاة!
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 5/10/1424هـ
السؤال
كيف تكون قراءة القرآن في صلاة التطوع؟ أنا لا أحفظ الكثير من السور، فهل يجوز أن أخلط بين الآيات مثل أن أقرأ العشر آيات الأولى من سورة البقرة، ثم آية الكرسي في نفس الركعة من صلاة التهجد، أو أقرأ من سورة الفجر وحتى سورة الناس، باستثناء سورة العلق، التي لا أحفظها وذلك في نفس الركعة. وجزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا كنت لا تحفظ إلا القليل من كتاب الله تعالى، فإنه يشرع لك أن تقرأ من المصحف، كما فعل ذكوان مولى عائشة -رضي الله عنها- حيث كان يصلي بها في رمضان من المصحف. ذكره البخاري (كتاب الأذان/ باب إمامة العبد والمولى) تعليقاً بصيغة الجزم، وأما القراءة من سورة الفجر وحتى سورة الناس باستثناء سورة العلق، فهذا أمر جائز لا حرج فيه، وأما قفز بعض الآيات في السورة الواحدة كما ذكرت في سورة البقرة، فهو فعل لا ينبغي تأدباً مع كلام الله، وإن كان جائزاً في الأصل، والله تعالى أعلم.(5/370)
أجهزة الصدى في الصلاة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 1/05/1425هـ
السؤال
ما حكم استخدام الصدى أثناء الصلاة؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن الشارع الحكيم قد ندب إلى تحسين الصوت بالقراءة، ومن ذلك قول نبينا - صلى الله عليه وسلم-: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن، يجهر به" أخرجه مسلم في صحيحه (1/545، رقم 792) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- والأحاديث في هذا كثيرة.
ولذا فإن جهاز الصدى (تردد الصوت) ، إذا ضبط على وضع يحسِّن الصوت بدون تردد زائد يؤثر في الفهم أو يشوش على السامع، فإنه لا بأس به، ويمكن أن يستدل لهذا بحديث الترجيع الوارد في صحيح البخاري (4/1830، رقم 4555) ، عن معاوية بن قرة عن
عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه- قال: "قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة سورة الفتح، فرجع فيها، قال معاوية - يعني: ابن قرة- لو شئت أن أحكي لكم قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم- لفعلت" قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/92) : الترجيع: هو تقارب ضروب الحركات في القراءة، وأصله الترديد، وترجيع الصوت ترديد في الحلق، وقد فسره بقوله: أاأ بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة، ثم همزة أخرى، ثم قالوا: يحتمل أمرين: أحدهما: أن ذلك حدث من هز الناقة، والآخر: أنه أشبع المد في موضعه، والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل.." اهـ.(5/371)
فهذا الحديث المشار إليه وما قاله الحافظ ابن حجر يمكن أن يستأنس به في هذا الباب، وقد علق أبوبكر بن العربي على حديث عبد الله بن مغفل بقوله في أحكام القرآن (4/4) : واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع، وكرهه مالك، وهو جائز لقول أبي موسى -رضي الله عنه- للنبي عليه الصلاة والسلام" لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً" رواه البيهقي في السنن الكبرى (4371) ، وأصله في الصحيحين البخاري (5048) ، ومسلم (793) يريد: لجعلته لك أنواعاً حساناً وهو التلحين.. وقد سمعت تاج القراء ابن لفته بجامع عمرو يقرأ "ومن الليل فتهجد به نافلة لك" [الإسراء: 79] ، فكأني ما سمعت الآية قط، وسمعت ابن الرفاء وكان من القراء العظام يقرأ، وأنا حاضر بالقرافة (كهيعص) فكأني ما سمعتها قط.. والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن، وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر، وأقرب إلى لين القلوب، وذهاب القسوة منها ... " اهـ.
أما إن كان جهاز الصدى على وضع زائد في التردد بحيث ربما يشوش على المصلي، ويفوت عليه الخشوع، وربما ظن السامع زيادة بعض الحروف في الكلمة الواحدة، فهو حينئذ مناقض لمقصود الشارع من تحسين الصوت، فأقل أحواله الكراهة، بل ذهب بعض المعاصرين إلى تحريم استعماله حينئذ، ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى والرسائل له (15/160) ، وهو قول قوي. والله تعالى أعلم.(5/372)
الجهر بالبسملة واختلاف القراءات
المجيب د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري
المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 29/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
ظهر عندنا رأي في الآونة الأخيرة، يقول: إن قراءة البسلمة مرتبطة بالقراءة التي يقرأ بها الشخص، فإن كان يقرأ بحفص وجب عليه اتباع القراءة، فهل يمكن ذلك لي؟ علما أنه يؤكد على الفصل بين الفقهاء وأهل القراءات في هذا الأمر خاصة، فهل يجوز ذلك؟ وهل خفي هذا الأمر على الفقهاء القدماء؟ أفيدونا أثابكم الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ما دمت تعرف الخلاف في قراءة البسملة، فأقول إن مسألة قراءة البسملة في الفاتحة في الصلاة من المسائل الاجتهادية التي يسوغ الخلاف فيها ولله الحمد، وليست مسألة قطعية كما ظنه بعض المتفقهة. والخلاف فيها من عهد الصحابة -رضي الله عنهم- ومنهم الفقهاء والقراء- رضي الله عنهم-. والفقهاء المتأخرون كالأئمة الأربعة تبع للصحابة-رضي الله عنهم- في ذلك. والذين يقولون بوجوب قراءة البسملة لديهم دليل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والذين يذهبون إلى عدم الوجوب لديهم دليل من فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-. ولذلك رجَّح بعض العلماء أن الأفضل هو الجهر بالبسملة أحياناً لكي يعلم أن الأمر فيه سعة، وأن ذلك لا شيء فيه.
والرأي الذي يذهب إلى وجوب اتباع القارئ الذي تقرأ له كحفص أو شعبة أو غيرهما صحيح حال القراءة، فلا يجوز لك أن تقرأ بحرف لم يقرأ به القارئ الذي تقرأ له، فمثلاً لا يجوز لك أن تقرأ بقراءة حفص:"ملك يوم الدين"؛ لأن هذه ليست روايته. ولكن أمر البسملة يختلف هنا في الفاتحة، لسبق الخلاف كما ذكرت لك. ولا يجوز الخلط بين القراءات إلا على وجه التعليم، وأما في القراءة عامة، أو عند عامة الناس فلا يجوز؛ لئلا يشوش ذلك على الناس.(5/373)
قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 16/10/1424هـ
السؤال
في صلاة الجماعة الجهرية يعطى الإمام فرصة بعد قراءة الفاتحة لكي يقرأها المأمومون، والبعض الآخر يقرأ الصورة فوراً، مما لا يسمح للمأموم بقراءتها، لذلك أقرؤها معه بقلبي، فما حكم ذلك؟ وما نصيحتكم؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
بعض الفقهاء - رحمهم الله- لا يستحسن من الإمام أن يعطي المأموم فرصة لقراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية، وبعضهم يستحسن ذلك، فالأولون قالوا: لم يرد في الصلاة سكوت، وإنما هو الذكر، أو القراءة أو الاستماع للقراءة، وعلى هذا فلا حرج على الإمام إن ترك فرصة أو لم يترك فرصة، ويستحب للمأموم أن يحرص على قراءة الفاتحة خلف الإمام ما أمكنه ذلك، لأن العلماء - رحمهم الله- قالوا في قراءة الفاتحة للمأموم خلف الإمام ثلاثة أقوال: بعضهم رأى أنها واجبة، وبعضهم رأى أنها ليست بواجبة على المأموم، وبعضهم فصَّل فقال: إن كانت الصلاة جهرية كالمغرب والعشاء والفجر فلا يقرأ المأموم بل يستمع، ويكفيه لأنه يؤمن على قراءة الإمام، وإن كانت الصلاة سرية كصلاة الظهر والعصر، فيقرأ المأموم لأنه لا يسمع قراءة الإمام.(5/374)
لماذا يُجهر بالتأمين ولا يجهر بالبسملة في الفاتحة؟!
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 25/04/1425هـ
السؤال
لماذا لا ننطق"بسم الله الرحمن الرحيم" في سورة الفاتحة في الصلاة، وهي آية رقم (1) في القرآن، وننطق آمين وهي غير موجودة في الفاتحة؟.
الجواب(5/375)
بالنسبة لـ "بسم الله الرحمن الرحيم" لا ينطق بها جهراً، وإنما ينطق بها سراً، و"بسم الله الرحمن الرحيم" هي آية من القرآن وليست آية من كل سورة باستثناء سورة النمل: "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم" [النمل:30] ، فالإجماع منعقد على أن البسملة بعض آية من سورة النمل، أما ما عدا سورة النمل فهي آية للفصل بين السور، وليست آية من كل سورة لما رواه الخمسة الترمذي (2891) ، والنسائي في الكبرى (11612) ، وأبو داود (1400) ، وابن ماجة (3786) ، وأحمد (7975) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- "سورة من القرآن ثلاثون آية تشهد لصاحبها حتى يغفر له، تبارك الذي بيده الملك"، وعدد آيات الملك ثلاثون آية بدون البسملة، وكذلك ما جاء في صحيح مسلم (395) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال الله عز وجل: حمدني عبدي....إلى آخر الحديث"، ولو كانت البسملة من الفاتحة لذكرت، وكذلك جاء في صحيح مسلم (400) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنزلت علي آنفاً سورة فقرأ: إنا أعطيناك الكوثر" ولم يذكر البسملة، فالراجح من أقوال أهل العلم أن البسملة ليست آية من كل سورة، وإنما هي آية للفصل بين السور يبدأ بها قبل قراءة هذه السورة، وعلى هذا؛ فالبسملة يؤتى بها عند بداية قراءة الفاتحة؛ لأنه يؤتى بها عند بداية كل سورة، وكذلك في الصلاة قبل الفاتحة يأتي بالاستعاذة لعموم قوله تعالى: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" [النحل:98] ، يعني: إذا أردت قراءة القرآن.(5/376)
وبالنسبة لـ (آمين) ، لأن النصوص وردت بها، فقد جاء في الصحيحين البخاري (780) ، ومسلم (410) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أمَّن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" ومعنى آمين أي استجب، وهي طابع الدعاء، فكان من المناسب بعد أن سأل المؤمن ربه الهداية للصراط المستقيم أن يؤمن على ذلك، وكذلك وردت من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ففي سنن أبي داود (932) من حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه-قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من قراءة الفاتحة قال: آمين، وفيه أي أبي داود (937) أيضاً أن بلالاً - رضي الله عنه- قال للنبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا تفتني بآمين" فقد تواردت عليها السنة القولية والفعلية.(5/377)
القراءة خلف الإمام
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 05/04/1425هـ
السؤال
ما صحة حديث "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة"؟ نرجو إلقاء الضوء على طرق الحديث وكلام أهل العلم عليه بالتفصيل. وجزاكم الله خيراً.
الجواب(5/378)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وبعد: هذا الحديث أخرجه أحمد (14684) قال: حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا حسن بن صالح، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم - وهذا إسناد منقطع. حسن بن صالح لم يسمعه من أبي الزبير بينهما جابر بن يزيد الجعفي، وهو ضعيف. وأخرجه ابن ماجة (850) ، والدارقطني (1/331) ، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (344، 395) ، وابن عدي (2/542) من طرق عن الحسن بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قال ابن عدي: وهذا معروف بجابر الجعفي عن أبي الزبير يرويه عنه الحسن بن صالح...." وأخرجه مالك (1/84) ومن طريقه البيهقي (2/160) عن وهب بن كيسان، عن جابر - رضي الله عنه - موقوفاً. قال البيهقي: هذا هو الصحيح عن جابر - رضي الله عنه - من قوله غير مرفوع.... وقد يشبه أن يكون مذهب جابر في ذلك ترك القراءة خلف الإمام فيما يجهر فيه بالقراءة دون ما لا يجهر فيه" وأخرجه أبو حنيفة في مسنده (ص: 307) ، ومن طريقه محمد بن الحسن في موطئه (ص: 117) ، والطحاوي (1 / 217) ، والدارقطني (1 / 331، 324) ، والبيهقي في السنن (2 / 159) ، وفي القراءة خلف الإمام (334، 335) عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن جابر - رضي الله عنه -. قال البيهقي: هكذا رواه جماعة عن أبي حنيفة موصولاً، ورواه عبد الله بن المبارك مرسلاً دون ذكر جابر - رضي الله عنه - وهو المحفوظ " قال الدارقطني في حديث عبد الله بن شداد عن جابر- رضي الله عنه -: " وروي هذا الحديث سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل وأبو خالد الدالاني وأبو الأحوص وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وغيرهم عن موسى ابن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الصواب". وورد الحديث عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -(5/379)
أوردها البيهقي في كتابه القراءة خلف الأمام (ص: 147) ، وأعلها كلها، وأعلها أيضاً الحافظ في التلخيص (1/232) قال الحافظ: " حديث " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " مشهور من حديث جابر - رضي الله عنه -، وله طرق عن جماعة من الصحابة- رضي الله عنهم-، وكلها معلولة " ويتلخص مما تقدم أن الحديث لا يصح مرفوعاً والله أعلم. ينظر: العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (1 / 430 - 431) ، تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق (2/845 - 849) ، إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام لـ / اللكنوي (ص: 199 - 207) هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(5/380)
تعمُّد الجهر في صلاة الظهر
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 29/03/1426هـ
السؤال
هل تجوز صلاة من صلى صلاة الظهر جهراً؟ مع علمه بذلك، ومعه آخرون قد أخبرهم -وهو الإمام- أنه سوف يصلي بهم (جهراً) !.
الجواب
نعم، تصح صلاته؛ لأن الجهر في الصلاة الجهرية - كالمغرب، والعشاء، والفجر-، والإسرار في الصلاة السرية - كالظهر والعصر- سنةٌ، فإن أسرّ في الجهرية، أو جهر في السرية صحت صلاته.(5/381)
قراءة الترجمة في الصلاة
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة
التاريخ 6/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
شخص مسلم غير عربي يرغب أن يؤدي صلاة التهجد، وهو يقرأ من المصحف، وفي نفس الوقت يقرأ ترجمة معنى الآية حتى يتم فهم المعنى، هل هذا الفعل جائز؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الصلاة عبادة توقيفية لها أفعالها وأقوالها الموقوفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، وعلى هذا لا يزيد، أما كونه يقرأ ترجمة معاني الآيات فهذا لا يجوز، بل عليه أن يقتصر على قراءة الآيات والأذكار الواردة في الصلاة فقط، ويقرأ ترجمة معاني الآيات بين الصلوات، أو يقرؤها قبل الصلاة أو نحو ذلك.(5/382)
ضم الكعبين عند السجود
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود
التاريخ 26/03/1427هـ
السؤال
سمعتُ أنّ من السنة للمصلي أن يضم كعبيه إلى بعضهما عند الركوع وعند الهبوط إلى السجود، وسمعتُ أن هذا موقف ابن عابدين في حاشيته. فهل هذا من السنة؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة السلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فإن ابن عابدين قد أشار إلى ما ذكره السائل في حاشيته (1/493-497) . ولم أقف على دليل بخصوص ضم الكعبين أو تفريجهما عند الركوع والهبوط للسجود، لكن جاء الدليل بالضم في السجود، وفي نظري أنه ينسحب على الركوع والهبوط للسجود، فقد روى ابن خزيمة في صحيحه (654) ، والحاكم في مستدركه (864) ، والبيهقي في سننه (2/116) ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "فقدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان معي على فراشي، فوجدته ساجداً راصاً عقبيه مستقبلاً بأطراف أصابعه القبلة" قال محمد الأعظمي محقق صحيح ابن خزيمة: (إسناده صحيح) .
وإلى استحباب ذلك ذهب الحنابلة في قول لهم، وأشار إليه الحنفية كما تقدم مستدلين بالحديث المتقدم، بينما ذهب الشافعية والحنابلة في قول آخر إلى أنه لا يستحب ذلك، بل يستحب أن يجافي بين قدميه في السجود، مستدلين بما رواه البيهقي وأبو داود عن أبي حميد في وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وإذا سجد فرج بين فخذيه" قالوا والتفريج بين الفخذين يستدعي التفريج بين القدمين، ونوقش بعدم التسليم، إذ يمكن للمصلي أن يفرج بين فخذيه، وأن يضم قدميه، ولا مشقة في ذلك.
هذا وأرى أن الأمر في هذا أوسع، فله أن يضم كعبيه وله أن يفرج بينهما، إذ قد يكون هذا من باب التنوع المشروع، كما في دعاء الاستفتاح وغيره. والله أعلم.(5/383)
رفع اليدين عند الرفع من السجود
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود
التاريخ 16/04/1427هـ
السؤال
روى الإمام النسائي عن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- أنه رأى النبي صلى الله
عليه وسلم رفع يديه في صلاته، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
وزاد في رواية: وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك.
الحديث صححه النووي في آثار السنة، وفيه رفع اليدين حتى في السجود، وهناك حديث آخر عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه كان يرفع يديه بين السجدتين، وقد صححه الإمام النووي أيضا. وأعرف أن هناك أحاديث أخرى تثبت عدم رفع اليدين عند السجود. ولكن من المعلوم حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يرفع يديه في الصلاة إلا في تكبيرة الإحرام، لكن العلماء قالوا بسنية الرفع عند الركوع والرفع من الركوع في كل صلاة، بحجة أن المثبت مقدم على المنفي.
وعلى هذا الأساس فلماذا لا نقول بسنية رفع أيدينا عند السجود والرفع منه في كل صلاة على أساس أن المثبت في الحديث الصحيح يقدم على المنفي؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في أربعة مواطن:
إذا كبر للإحرام، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا قام من التشهد الأول.(5/384)
ففي الصحيحين [البخاري (738) ومسلم (390) ] من حديث ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ.
وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (739) أنه كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِن الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فهذه المواطن الأربعة ثبت فيها رفع اليدين في الصلاة، وقوله في حديث ابن عمر –رضي الله عنهما-: "وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ". يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه إذا خر للسجود، ولا حين الرفع من السجود، ولا بين السجدتين.
ويؤخذ مما تقدم أنه لا ترفع الأيدي في الصلاة في غير هذه المواطن الأربعة، ولم يُخرج في الصحيحين حديث يدل على رفع الأيدي في السجود، ولا في الرفع منه، وهذا قول جمهور العلماء، وقد نص عليه الشافعي وأحمد، وسئل أحمد: أليس يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله؟ فقال: هذه الأحاديث أقوى وأكثر. [ينظر: فتح الباري لابن رجب (4/323) ] .(5/385)
وذهب بعض العلماء إلى استحباب رفع اليدين إذا قام من السجود، واستدلوا ببعض الأحاديث والآثار الواردة في ذلك، قال الحافظ ابن حجر: "وأصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود ما رواه النسائي من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث، أنه رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من ركوعه، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من سجوده حتى يحاذي بهما فروع أذنيه ... وفي الباب عن جماعة من الصحابة لا يخلو شيء منها عن مقال. [فتح الباري (2/223) ] .
ويحتمل أن ما جاء في بعض الروايات من رفع اليدين في كل خفض ورفع المراد به التكبير واشتبه على الراوي، قال الحافظ ابن القيم –رحمه الله-: "ثم كان – صلى الله عليه وسلم– يكبر ويخر ساجداً، ولا يرفع يديه، وقد روي عنه أنه كان يرفعهما أيضاً، وصححه بعض الحفاظ كأبي محمد بن حزم –رحمه الله– وهو وهم، فلا يصح ذلك عنه البتة، والذي غره أن الراوي غلط من قوله: "كان يُكبر في خفض ورفع" إلى قوله: "كان يرفع يديه عند كل خفض ورفع" [زاد المعاد (1/222) ] .(5/386)
ومال بعض العلماء إلى حمل ما ورد من رفع اليدين عند السجود والرفع منه على غير الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم، بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم ربما فعله في بعض الأحيان، لكن الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم في الصلاة أنه لا يرفع في غير المواطن الأربعة المتقدمة، قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "على تقدير أن يكون ذكر الرفع محفوظا، ولم يكن قد اشتبه بذكر التكبير بالرفع -بأن مالك بن الحويرث ووائل بن حجر لم يكونا من أهل المدينة وإنما كانا قد قدما إليها مرة أو مرتين، فلعلهما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذَلِكَ مرة، وقد عارض ذَلِكَ نفيُ ابن عمر، مع شدة ملازمته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وشدة حرصه على حفظ أفعاله واقتدائه به فيها، فهذا يدل على أن أكثر أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ترك الرفع فيما عدا المواضع الثلاثة والقيام من الركعتين، وقد روي في الرفع عند السجود وغيره أحاديثُ معلولة.... "ثم ذكر هذه الأحاديث وبين عللها [فتح الباري لابن رجب (4/326) ] .
وسبق أن أجبت عن سؤال مشابه لما ذكره السائل حول مذاهب العلماء في رفع اليدين في الصلاة. (مواطن رفع اليدين في الصلاة)(5/387)
توجيه الساجد أصابع قدميه إلى القبلة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود
التاريخ 23/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
هل يشترط في الصلاة من ناحية وضع أصابع القدم في وضع السجود أن تكون في اتجاه القبلة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم هل هناك نص من السنة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؟ وشكراً.
الجواب
السجود يكون على سبعة أعظم، هي: القدمان، والركبتان، واليدان، والجبهة مع الأنف، فلابد أن تكون هذه الأعضاء السبعة على الأرض أثناء السجود، ولو رفع منها واحداً لم يصح سجوده، أما كون الأصابع في اتجاه القبلة فهذا سنة في حال الجلوس عندما ينصب رجله اليمنى في التشهد الأول، حيث يفترش اليسرى وينصب اليمنى ويكون اتجاه الأصابع إلى القبلة فهو سنة في هذه الحال، وبعض أهل العلم، يرى أنه أيضاً في السجود كذلك، وعلى كل فهو ليس بشرط، والله أعلم.(5/388)
حكم رفع أحد الأعضاء السبعة في السجود
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود
التاريخ 5/1/1425هـ
السؤال
كنت في صلاة مع جماعة، وأثناء السجود دق جرس الجوال فرفعت يدي من الأرض وأغلقت الجهاز، هل يؤثر ذلك على صلاتي حيث إني رفعت يدي وقت السجود؟
الجواب
رفع أحد أعضاء السجود أثناء السجود لا يبطل السجود في أقرب قولي الفقهاء، وإن كان ينبغي ويتأكد على المصلي ألا يرفع عضواً من أعضاء السجود أثناء السجود احتياطاً وخروجاً من الخلاف، والله أعلم.(5/389)
السجود على حائل
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود
التاريخ 7/11/1424هـ
السؤال
هل صحيح أن المرأة عندما تصلي في المسجد لا يجوز لها أن تضع جزءاً من خمارها على الأرض لتسجد عليه حتى لا يلمس الوجه الأرض خوفاً من انتقال العدوى وما شابه ذلك؟.
الجواب
يجوز لها أن تضع شيئاًً تسجد عليه كطرف الخمار أو الثوب وغيرهما، ولعل الأولى لها والأفضل أن تباشر بوجهها ما تسجد عليه وتتوكل على الله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا عدوى ولا طيرة" رواه البخاري (5753) ومسلم (2225) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.(5/390)
مذهب الإمام مالك في رفع اليدين عند الرفع من الركوع
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود
التاريخ 24/08/1426هـ
السؤال
ذكر الشيخ الألباني في كتابه "صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رفع اليدين متواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في رفع اليدين بعد القيام من الركوع، وهو مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وأغلب علماء الحديث والفقه، وكان الإمام مالك يفعل ذلك حتى توفي، كما نقل ذلك ابن عساكر.
ولكن حسب علمي فإن كتاب المدونة هو كتاب فقه على مذهب الإمام مالك، وفيه ذكر ابن القاسم أن رأي الإمام في رفع اليدين كان عملاً ضعيفاً.
رأي مالك التصحيحي يأتي مباشرة من أشهر تابعيه.
لكن الشيخ الألباني استند على كلام ابن عساكر، وهذا يعني تدوينه بعد 300 سنة من وفاة الإمام مالك، الذي توفي عام 179 هجري تقريباً، بينما الإمام ابن عساكر ولد عام 499 هجري، فهل يكون نقل ابن عساكر هو الصحيح، أو نقل ابن القاسم تلميذ الإمام مالك؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأنصح السائل بتوخي الدقة عند نسبة قول ما إلى قائله، ثم أجيب عما ذكره من وجهين:
الأول: أن ما حكاه المحدث الألباني -رحمه الله- عن الأئمة الثلاثة وغيرهم، وهو القول باستحباب رفع اليدين عند الاعتدال من الركوع، وليس بعد القيام من الركوع كما ذكره السائل.(5/391)
الثاني: أن ما حكاه الألباني عن الإمام مالك -رحمهما الله- هو إحدى الروايتين عنه، وقد حكاها عنه (كما في التمهيد 9/213) ابن وهب، والوليد بن مسلم، وسعيد بن أبي مريم، وأشهب، وأبو مصعب، وأنه كان يرفع يديه على حديث ابن عمر -رضي الله عنه- إلى أن مات، هذا ما حكاه عنهم الإمام ابن عبد البر -رحمه الله- ثم قال: "وبهذا قال الأوزاعي، وسفيان بن عيينة، والشافعي، وجماعة أهل الحديث، وهو قول أحمد بن حنبل، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وابن المبارك، وأبي جعفر محمد بن جرير الطبري" أ. هـ.
وعنه رواية ثانية، رواها ابن القاسم (كما في المدونة 1/68) وتعلق بها أكثر المالكية، كما قاله ابن عبد البر في التمهيد (9/212) وهي: "أنه لا يستحب رفع اليدين إلا في تكبيرة الإحرام".
ولا ريب أن أسعد الروايتين بالدليل هي الرواية الأولى التي نقلها عنه عامة أصحابه، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع. متفق عليه [البخاري (735) ومسلم (390) ] . والله تعالى أعلم.(5/392)
اللحن في قراءة الفاتحة!
المجيب د. ناصر بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود
التاريخ 14/05/1427هـ
السؤال
بعض أئمة المساجد عند قراءة الفاتحة يقرؤون الآية: (اهدنا الصراط المستقيم) بفتح حرف الصاد في كلمة الصراط وليس بكسره، فهل هذا صحيح؟
الجواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فالصحيح في قراءة لفظ: "الصراط"؛ أن يقرأ بكسر الصاد، وأما فتحها على ما ذكر السائل، فهو لحن في القراءة، وخطأ فيها، إلا أنه لحن لا يحيل المعنى، أي لا يغيره، ولا يؤثر عليه، فلا تبطل الصلاة به، لكن من تعمده فهو آثم، كما نص على ذلك الفقهاء، كالنووي في المجموع.
وعلى المصلي أن يجتهد في إقامة قراءته، ولا سيما الفاتحة فهي ركن الصلاة، ولا تصح إلا بها، ويتأكد الأمر في حق من يؤم الناس ويتقدمهم للصلاة، فإن صلاتهم بصلاته، ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسلم (673) وغيره من حيث أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- أنه قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... " الحديث، فيجب أن يكون المتقدم للإمامة بالناس مقيماً للقراءة.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(5/393)
هل السنة أن يباعد المصلي بين قدميه أم يقارب بينهما
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الطمأنينة
التاريخ 25/04/1425هـ
السؤال
ما هو الوقوف الذي يعبر عن الخشوع والاحترام؟ هل يستطيع المصلي أن يقف أمام أمير أو مسئول مباعداَ بين قدميه؟ أليس الله سبحانه أحق بالاحترام والإجلال بأن نحسن الوقوف بين يديه بخشوع وإجلال بأن تقارب بين الأقدام وتضع يدك موضع إذلال واحترام وتنظر لموضع سجودك؟ أيضاً كيف تسد الفراغات في الصلاة والأرجل متباعدة، هناك طريق للشيطان.
الجواب
لا أدري في سؤالك أنت تسأل أم تجيب؟ وعلى كل حال فالمؤمن يقف في صلاته وقفته المعتادة من غير مباعدة بين رجليه ولا ملاصقة بينهما، فلم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم- هذا ولا ذاك، فدل على أن المشروع هو الوقوف المعتاد.
ثم إن المباعدة بين الأقدام يلزم منها اتساع الفرج بين المصلين، وفي الجملة فإن المشروع في حق الجماعة التراص في الصف كما صح من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: "تراصوا ولا تدعوا فرجات للشيطان" رواه أبو داود (666) ، والنسائي (814) وغيرهما، واللفظ لأبي داود، والحديث صححه الألباني وغيره.
وليس المراد بالتراص التزاحم، ولكن أن لا يكون هناك فرجات للشيطان حتى لا يشوش على المصلين وكان عليه الصلاة والسلام يسوي الصفوف بيده يمسح المناكب والصدور من طرف الصف إلى طرفه كما روى ذلك ابن مسعود - رضي الله عنه- في صحيح مسلم (436) .
والتراص في الصف هو من كمال الصلاة، وأما تسوية الصف بحيث لا يتقدم أحد على أحد؛ فهذا واجب توعد الشارع على مخالفته.
والمعتبر في التسوية المحاذاة بالمناكب في أعلى البدن والأكعب في أسفل البدن، فإن تقدم أحد على أحد حصل الوعيد المذكور في حديث النعمان بن بشير- رضي الله عنهما-: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" رواه الشيخان البخاري (717) ،ومسلم (436) ، والله أعلم.(5/394)
أحوال وضع اليدين في الصلاة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة
التاريخ 8/12/1422
السؤال
ما صور وضعية اليدين في الصلاة أم لها مكان معين وهو الصدر؟
الجواب
الإنسان الذي يصلي ليديه أحوال، في حال القيام - سواء قبل الركوع أو بعد الركوع- يضع يمينه على شماله على صدره، وإذا كان راكعاً فإنه يضع يديه على ركبتيه، وإذا كان ساجداً فإنه يضع يديه على الأرض حذو منكبيه، وإذا كان جالساً فإنه يقبض خنصره وبنصر اليد اليمنى ويحلق بالإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة من اليمنى، ويفرش يده اليسرى على فخذه الأيسر، ويضع يده اليمنى على فخذه الأيمن بالصورة التي بيناها، هذه أحوال اليدين في الصلاة.(5/395)
جلسة الاستراحة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة
التاريخ 11/6/1425هـ
السؤال
ما حكم جلسة الاستراحة؟
الجواب
الأحاديث التي جاءت في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يذكر فيها جلسة الاستراحة، انظر مثلاً: مسلم (392) ، وقد جاءت أحاديث صحيحة تبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس جلسة الاستراحة، انظر: البخاري (677) ، وكان هذا في آخر الأمر، وجمع العلماء -رحمهم الله- بين هذه الأحاديث بأن جلسة الاستراحة سنة لمن احتاج إليها بنحو كبر، أو مرض، أو طول قيام، ولا تسن للإنسان الذي لا يحتاجها في الصلاة المعتادة، وعلى هذا فالإنسان الذي يشق عليه القيام من الجلوس إلى الاعتدال قائماً باتصال يسن في حقه أن يجلس جلسة الاستراحة، وكذلك الإنسان الذي يعاني من آلام في قدميه، أو في قيامه في صلاة الليل وهو يطيل القيام، فإنه بعد أن ينهض من السجود يجلس جلسة الاستراحة ثم يقوم، هذا ما يظهر لي في هذه المسألة، والله أعلم.(5/396)
السدل في الصلاة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة
التاريخ 18/9/1423هـ
السؤال
هل أسدل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة؟
الجواب
السنة للمصلي عند وقوفه أن يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، حيث صّح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، وأمّا السدل فمكروه، وقد ورد في (سنن الترمذي) (378) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -نهى عن السدل في الصلاة، وعللّ بعض العلماء النهي بأن السدل من فعل اليهود في عباداتهم، وقد ذكر ابن عبد البر - رحمه الله - أن الآثار لم تختلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في وضع اليمنى على اليسرى، قال: ولا أعلم عن أحد من الصحابة - رضوان الله عليهم - في ذلك خلافاً إلاّ شيء رُوي عن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد رُوي عنه خلافه، وعلى وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر، قلت: وأمّا السدل فهو رواية عن مالك في كتاب المدونة، والذي روي عنه في (الموطأ) نقل الآثار الثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة. (الموطأ الحديثان (384،385) .(5/397)
السدل في الصلاة عند المالكية
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة
التاريخ 6/3/1425هـ
السؤال
ما هو الدليل عند المالكية بالسدل عوضاً عن القبض في الصلاة من السنة الشريفة التي تؤكد الفعل؟ مع التفضل بذكر الأحاديث الشريفة التي تؤكد ذلك.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب: أن الإمام مالك - رحمه الله- أكثر الروايات عنه بالقبض، فقد جاء في المنتقى شرح موطأ مالك للباجى (ج 1/281) ، وقد اختلف الرواة عن مالك في وضع اليمنى على اليسرى، فروى أشهب عن مالك أنه قال: لا بأس بذلك في النافلة والفريضة، وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه استحسنه وروى العراقيون عن أصحابنا عن مالك في ذلك روايتين إحداهما الاستحسان، والثانية المنع، وروى ابن القاسم عن مالك لا بأس بذلك، وكرهه في الفريضة.(5/398)
أما السؤال عن دليل من يرى السدل فقد جاء في فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد بن عبد البر (4/564) ، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه- قال: من أخلاق النبيين وضع اليمنى على الشمال في الصلاة) أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 342) ، قال أبو عمر: لم تختلف الآثار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم- في ذلك خلافاً إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد روى عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه، وذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وضع اليمين على الشمال من السنة"، وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر) انتهى، وقال ابن هبيرة في الإفصاح (1/124) ، (وأجمعوا على أنه يسن وضع اليمين على الشمال في الصلاة، إلا في إحدى الروايتين عن مالك فإنه قال: (لا يسن بل هو مباح، والأخرى عنه هو مسنون كمذهب الجماعة) ، انتهى، هذا ومما تقدم يتبين أن القول الراجح بل الصحيح هو سنية وضع اليمين على الشمال في الصلاة، ودليله حديث وائل بن حجر -رضي الله عنه-، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبض بيمينه على شماله، روه أبو داود (723) والنسائي (887) وغيرهما، وصححه الألباني في صفة الصلاة (ص88) . والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.(5/399)
وضع اليد على الصدر بعد الرفع من الركوع
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة
التاريخ 24/10/1425هـ
السؤال
ما آراء أئمة الإسلام الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل) بخصوص وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع؟ أريد آراء هؤلاء الأئمة بالتحديد.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا
محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
1- مذهب الإمام أبي حنيفة: المنصوص عند الحنفية أن مذهبهم هو إرسال اليدين. قال في الفتاوى الهندية: ويرسل اتفاقًا في قومة الركوع؛ إذ الذكر سنة الانتقال لا القومة. (1/73) .
2- مذهب الإمام مالك: المذهب عند المالكية، كما رواه ابن القاسم عن مالك قال: وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة. وكان يكرهه، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه. المدونة (1/169-170) . وقال ابن رشد: وأما استحباباتها- يعني الصلاة- فثمان عشرة ……ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وقد كرهه مالك في المدونة، ومعنى كراهيته أن يُعدَّ من واجبات الصلاة. المقدمات الممهدات (1/164) .
3- مذهب الإمام الشافعي: المذهب عند الشافعية إرسال اليدين. قال ابن حجر الهيثمي: إن المعتمد أنه يرسلهما ولا يجعلهما تحت صدره. وقال: وظاهر كلامهم هنا بل صريحه أنه لا يجعلهما تحت صدره. الفتاوى الفقهية الكبرى (1/150) .
وما سبق ذكره عن المالكية والشافعية عام، فيشمل جميع أحوال القيام في الصلاة، سواءٌ كان القيام قبل الركوع أم بعده.(5/400)
4- مذهب الإمام أحمد: أن المصلي مخير بين وضع يمينه على شماله أو إرسالهما إلى أسفل؛ لأنه لم يرد في السنة ما هو صريح في هذا. قال المرداوي: قال أحمد: إذا رفع رأسه من الركوع إن شاء أرسل يديه وإن شاء وضع يمينه على شماله. الإنصاف (2/64) . وقال ابن مفلح: المنصوص عن أحمد: إن شاء أرسلهما، وإن شاء وضع يمينه على شماله. المبدع (1/451) . وبعد ذكر مذاهب الأئمة الأربعة- رحمهم الله- في هذه المسألة حسب ما صرحوا به، أو ذكره أصحابهم، أحب أن أذكر الخلاف في المسألة بصورة مختصرة، فأقول: اختلف أهل العلم- رحمهم الله- في حكم قبض اليدين أو إرسالهما في الصلاة بعد الركوع؛ فمنهم من رأى أن السنة وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام بعد الركوع؛ لعموم حديث سهل بن سعد الساعدي، رضي الله عنه، أنه قال: كانَ النَّاسُ يُؤمَرون أن يضَعَ الرجلُ اليدَ اليمنى على ذراعِه اليسرى في الصلاةِ. رواه البخاري (740) . وقالوا: إن عموم قوله: في الصلاة. يشمل القيام قبل الركوع وبعد الركوع، ولذلك فإن هذا الأمر يشرع في القيام بعد الركوع كما يشرع قبله؛ لأن كلاًّ منهما قيام في الصلاة، فيضع المصلي يده اليمنى على اليسرى في القيام قبل الركوع وبعده. وقالوا: إن اليدين في الصلاة حال الركوع تكونان على الركبتين، وفي حال السجود تكونان على الأرض، وفي حال الجلوس تكونان على الفخذين، وفي حال القيام تكونان على الصّدر، وهذا موضعهما في القيام قبل الركوع أو بعده. ومن أهل العلم من رأى عدم مشروعية وضع اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع، واحتجوا بعدم ورود نص خاص في هذا الموضع، وأن عموم القيام لا يشمله؛ لأنه اعتدال وليس بقيام، وعليه فإن المصلي يرسل يديه. وقال بعضهم: إن المصلي مخير بين الأمرين، إن شاء قبض يديه، وإن شاء أرسلهما؛ لعدم ورود دليل خاص في المسألة، كما هو مذهب الإمام أحمد- رحمه الله. والقول الأول هو الرّاجح؛ لقوة أدلته. وعلى كلٍّ فإنّ(5/401)
الصلاة تصح بقبض اليدين وبإرسالهما، وبكلٍّ قال طائفةٌ من أهل العلم ممن يُقتدى بهم. ولا ينبغي أن يفضي الخلاف في هذه المسألة إلى التنازع والاختلاف والافتراق؛ لأن هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم قديمًا وحديثًا، ومن المقرر عند أهل العلم أن المسائل التي يسوغ فيها الخلاف لا ينكر فيها أحدٌ على أحد؛ لأن كلاًّ من الفرقين المختلفين قد تمسك بأدلة معتبرة. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(5/402)
الكلام بعد التسليمة الأولى
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام
التاريخ 30/10/1422
السؤال
ما حكم الكلام بعد التسليمة الأولى في صلاة الفرض، أو في صلاة النافلة علماً بأنه كان ناسياً؟
الجواب
إذا سلم المصلي التسليمة الأولى صحّت صلاته، وقد نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على صحة من اقتصر على واحدة.(5/403)
صفة رفع الإصبع في التشهد
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام
التاريخ 27/12/1422
السؤال
ما صفة رفع الإصبع في التشهد مع ذكر الدليل؟
الجواب
صفة وضع اليد في التشهد أن يقبض الخنصر وهو الإصبع الأصغر، والبنصر وهو الذي يليه، ويحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة، والدليل حديث وائل بن حُجْر -رضي الله عنه- فقد ذكر فيه هذه الصفة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انظر مارواه مسلم (401) والنسائي (1263-1264) وأبو داود (726-957) ، والله أعلم.(5/404)
صيغ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد
المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام
التاريخ 23/1/1423
السؤال
ورد في التشهد الأول كلام لبعض العلماء اختلاف في عبارة (السلام عليك أيها النبي) حيث قيل إن ذلك كان في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- أما بعد موته فنقول السلام على النبي، فأيهما أصح؟
الجواب
لا شك أن ألفاظ التشهد توقيفيّة، ليست اجتهادية. هذا هو الصحيح. كما ثبت من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في صحيح البخاري رقم (6265) ، وصحيح مسلم (1/32 رقم 402) ، ومن حديث ابن العباس -رضي الله عنهما- (في صحيح مسلم رقم 403) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم التشهّد كما يعلمهم السورة من القرآن.
ولذلك كان يقول الأسود بن يزيد وهو من جلّة التابعين من أصحاب ابن مسعود -رضي الله عنه-: (كان عبد الله (يعني ابن مسعود) يعلمنا التشهد في الصلاة، فيأخذ علينا الألف والواو) . أخرجه البزار في مسنده رقم (1629) ، بإسناد صحيح.
ومع ذلك فقد ثبتت صيغ متعددة للتشهد في الصلاة، وهي صيغ مع اختلافها إلا أنها متقاربة المقاطع والألفاظ. أشهرها ما رواه ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-، وما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وتوجيه هذا الاختلاف أن يقال: إنها جميعاً مما علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، أو سمعهم يدعون به أو عرضوه عليه فأقرهم عليه، وأنه لا يصح التشهد بغير هذه الألفاظ التي علّمها أو أقرّها -صلى الله عليه وسلم-.(5/405)
بعد هذا نقول: إنه قد صح عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهّد، كفّي بين كفّيه، كما يعلمني السورة من القرآن، قال: (التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) . وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام على النبي.
أخرجه الإمام أحمد -واللفظ له- رقم: (3935) ، والبخاري رقم: (6265) ، ومسلم -مختصراً- (1/302 رقم 402) ، وغيرهم.
وظاهر هذا اللفظ أن الصحابة كانوا يذكرون التشهد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظ: (السلام عليك أيها النبي) ، على هيئة الخطاب. وأنهم بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- تركوا ذلك إلى أسلوب الغيبة: (السلام على النبي) ولا يمكن أن يكون هذا التفريق منهم إلا بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم به، خاصة من مثل ابن مسعود -رضي الله عنه- في علمه، وفي تشدده في أمر التشهد (كما سبق عنه) .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/366) : (قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية عند أبي عوانة وحده: إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب في السلام بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- غير واجب، فيقال: السلام على النبي قلت: قد صح بلا ريب، وقد وجدت له متابعاً قوياً، قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني عطاء: أن الصحابة كانوا يقولون والنبي -صلى الله عليه وسلم- حيّ: السلام عليك أيها النبي، فلما مات قالوا: السلام على النبي. وهذا إسناد صحيح) .
فظاهر هذين الخبرين أن ترك أسلوب الخطاب بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي كان عليه عمل الصحابة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولولا ما يأتي مما يدل على استمرار بعضهم على أسلوب الخطاب، بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- لكان هذا إجماعاً أو كالإجماع على ترك أسلوب الخطاب.(5/406)
لكن ما ثبت (من وجوه) من تعليم بعض الصحابة التشهّد بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأسلوب الخطاب، يدل على مشروعية ذلك وصحته، وعلى عدم وقوع الإجماع على تركه، وأجلّ ما ثبت من ذلك: ما أخرجه الإمام مالك في الموطأ رقم: (240) من طريق عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه سمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو على المنبر، يعلّم الناس التشهد، ويقول: قولوا: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات والصلوات لله. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وبناء على ذلك: فإن كلا اللفظين صحيح مشروع بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-
ويبقى أن أسلوب الغيبة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أولى أن يعلّمه الناس في التشهد، لقوة دليله، ولكونه مما تفهمه عقول العامة، ولا يوهم الجهال مشروعية دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة مع غربة التوحيد وأهله في كثير من أقطار الأرض، والله أعلم.(5/407)
أصل التشهد
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام
التاريخ 9/10/1424هـ
السؤال
التحيات هو لقاء بين الله - عز وجل - وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حادثة الإسراء والمعراج، عندما دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "التحيات لله والصلوات والطيبات رد الله - عز وجل - السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وكان يحضر المشهد الملائكة وقالوا اشهدوا أن لا إله إلا الله.
فهل هذه المعلومة صحيحة؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد:(5/408)
هذه المعلومة لا أصل لها - فيما أعلم - ثم كيف ينسب إلى الله عز وجل أنه قال: السلام علينا..... الخ والله هو السلام وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة - رضي الله عنهم - أن يقولوا: السلام على الله؛ كما في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه قال: كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام على الله، السلام على فلان. فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - ذات يوم -: " إن الله هو السلام. فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قالها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم يتخير من المسألة ما شاء " وفي رواية: قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن. وذكر مثله. أخرجه البخاري (831) ، ومسلم (402) واللفظ لمسلم. وجاء في حديث أنس - رضي الله عنه -، قال: قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقرئ خديجة السلام، يعني فأخبرها. فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته. أخرجه النسائي في الكبرى (8358) .قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل " وعليه السلام " كما وقع لبعض الصحابة - رضي الله عنهم حيث كانوا يقولون في التشهد " السلام على الله " فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفت خديجة رضي الله عنها لصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه سلم من جميع العيوب والنقائص لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله. فهذه الألفاظ المذكورة في السؤال هي التي علَّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقولوها إذا جلسوا للتشهد ... ومعنى(5/409)
التحيات: جمع تحية أي أنواع التعظيم لله سبحانه....والصلوات: أي جميع الصلوات من الفرائض والنوافل وسائر العبادات لله سبحانه. والطيبات: أي الطيبات من الكلمات والأفعال والصفات لله وحده فهو طيب لا يقبل إلا طيباً، قال تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ... " [فاطر:10] .(5/410)
متى ترفع السبابة في التشهد؟
المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام
التاريخ 29/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم
أنا مقتنع أن أقوى الأقوال أن نرفع الأصبع في التشهد بدون تحريكه. وسؤالي هو متى نبدأ برفع الأصبع؟ هل نرفعه منذ بداية التشهد أم عندما نقول أشهد أن لا إله إلا الله؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فأقول وبالله التوفيق:
الذي يظهر من النصوص أن المصلّي إذا جلس للتشهد فإنه من حين بدايته به يبدأ أيضاً بالإشارة بأصبعه دون تحريك، أي أنه يشير بالسبابة إلى القبلة، من حين قوله: "التحيات لله"، ويبقى مشيراً بها إلى أن تنتهي جلسة تشهده بالقيام إذا كان التشهد الأول، أو بالتسليم إذا كان التشهد الأخير. وإن رفع أصبعه عند شهادة: "أن لا إله إلا الله" فهو قول وجيه؛ لأنه أولى مواطن الإشارة، حيث إن الإشارة بالأصبع يقصد بها التوحيد والإخلاص، كما جاء ذلك عن غير واحد من السلف، كما في مصنف ابن أبي شيبة (2/484-486) ، والسنن الكبرى للبيهقي (2/130-133) ، وتخصيص شهادة أن لا إله إلا الله بالإشارة أو التحريك بالرفع هو مذهب الشافعي، كما في المجموع للنووي (2/454-455) ، ورواية عن أحمد، كما في الإنصاف (3/535) ، وقريب منه مذهب الحنفية، حيث ذكروا أنه يرفع السبابة عند النفي ويضعها عند الإثبات، كما في حاشية ابن عابدين (1/509) . ولو فعل هذا مرة - أعني الإشارة دون تحريك- وهذا مرة (أعني الإشارة مع رفع الأصبع عند شهادة أن لا إله إلا الله) لكان هذا أحوط في إصابة السنة.
والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.(5/411)
هل تصح هذه الصيغة للتشهد في الصلاة؟
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام
التاريخ 25/05/1426هـ
السؤال
ما حكم من يقول في التشهد: اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وآل سيدنا محمد، هل صحيح أن هذا يبطل الصلاة؟.
الجواب
قول الإنسان في التشهد: (صلِّ على سيدنا) ....إلخ، هذا خلاف السنة، والواجب على المسلم التقيد بالألفاظ النبوية في الأذكار خاصة.
وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - سيدنا، لا شك فيه، بل هو سيد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم -، ولكن لسنا أعلم من النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي علّمهم التشهد، كما كان يعلمهم السورة من القرآن، فكيف نستدرك نحن على اللفظ النبوي؟!
فإن قلت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله تواضعاً، فلماذا لم يفعله أصحابه - رضي الله عنهم - الذين ما اكتحلت أعينهم بخير ولا أشرف ولا أعلم سيادة منه؟! ولماذا لم يفعله التابعون؟
وأحيلك على مليء، وهو الشيخ الألباني -رحمه الله- في كتابه القيم (صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -) فقد أطال البحث في هذه المسألة، ونقل نقولاً نفيسة فيه: ص (172-175) .
أما كونه يبطل الصلاة، فلا، والله أعلم.(5/412)
ما يقطع الصلاة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /سترة المصلي وحكم المرور بين يديه
التاريخ 25/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
ما هي الأمور الشرعية التي توجب قطع الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
صح من حديث أبي ذر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا قام أحدكم يصلي، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود" أخرجه مسلم (510) ، ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "يقطع الصلاة المرأة، والحمار، والكلب." أخرجه مسلم (511) ، إذا مرت بين الإنسان وسترته، أو بين يديه إذا لم يكن له سترة فهذه الأشياء هي التي تقطع الصلاة، أما إذا مرت من وراء سترة، أو مرت من وراء محل السجود فهذه لا تقطع الصلاة.(5/413)
المرور من وراء يدي المصلي
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /سترة المصلي وحكم المرور بين يديه
التاريخ 12/04/1425هـ
السؤال
ما هي المسافة التي يمكن فيها المرور بين يدي المصلي؟ أم أنه لا يجوز المرور مطلقاً؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
هذا لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون المصلي قد اتخذ سترة فلا يجوز المرور بين المصلي وبين سترته وإنما يمر من وراء السترة.
الحالة الثانية: ألا يتخذ سترة فإنه يمر من وراء محل السجود، وقد قدره بعض العلماء بثلاثة أذرع من قدم المصلي.(5/414)
الفروق بين الرجل والمرأة في الصلاة!
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 12/04/1427هـ
السؤال
هل صحيح أن هناك طريقة معينة للإناث دون الرجال في الصلاة؟ مثال ذلك الوقوف أثناء القراءة برجلين متقاربين للنساء والرجال مفتوحتين كثيرًا، وضع اليدين على الصدر للبنات، للرجال وضع اليدين أثناء قراءة الفاتحة على الخصر، وهكذا؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا من حبك لمعرفة أحكام الدين كثر الله من أمثالك، ووفقك للثبات، نعم هناك فوارق، وكل ما هناك من فوارق فإنما هي للستر الذي تؤمر به المرأة، فالرجل يباعد مرفقيه عن جنبيه، ويرفع بطنه عن فخذيه في الركوع والسجود، أما المرأة فتلصق ذراعيها ببطنها، وفخذيها ببطنها، والرجل يجهر في موضع الجهر؛ في الصبح، والمغرب، والعشاء، والمرأة إن كان هناك رجال أجانب لا ترفع صوتها، وإذا أخطأ الإمام في الصلاة فالرجل يسبح، والمرأة تضرب يدًا على يد، وعورة الرجل ما بين سرته وركبته، والمرأة لا تكشف إلا وجهها ويديها في الصلاة -إن لم يكن هناك أجانب-، وما عدا ذلك فهما سواء. والله أعلم.(5/415)
رد المصلي للسلام
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 13/7/1424هـ
السؤال
هل يرد المصلي السلام، سواءً في الفرض أو النفل؟ وكيف؟.
الجواب
المصلي مشغول بصلاته ومطلوب منه الخشوع فيها، لقوله تعالى: "وقوموا لله قانتين" [البقرة: 238] فهو ممنوع من الكلام مع الناس، لكن إذا سلَّم عليه أحد فإنه يرد عليه بالإشارة لا بالنطق، كأن يشير بيده بدون تلفظ، والله أعلم.(5/416)
قطع الصلاة لعدم الخشوع
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 28/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعلم أن قطع الصلاة لا يجوز؛ وخاصة صلاة الفريضة؛ إلا في حالات الضرورة القصوى، لكن إذا شعر المصلي أنه لم يخشع في صلاته ولم يع ما يقول في معظمها، فما حكم قطع الصلاة في هذه الحالة وإعادتها؟ أحياناً أقوم بقطع صلاتي وإعادتها لعلمي أنه ليس للمصلي شيء من صلاته إلا ما وعى منها، وأن بعض الصلوات ترفع إلى الله ثم تلف في خرقة وترد إليه؛ لعدم قبولها (هذا حسب ما قرأت وسمعت) ، سأكون شاكرة لكم إذا أجبتم على السؤال في أسرع وقت، جزاكم الله خيراً ووفقكم لما يحبه ويرضاه، وجميع المسلمين.
الجواب
الحكم أن هذا لا يجوز لك، وهو عمل محرم، لأن الله تعالى يقول: "ولا تبطلوا أعمالكم" [محمد: 33] ، والإنسان إذا شرع في فريضة فليس له قطعها إلا لسبب شرعي، وما ذكرته هذه الأخت من وجود الوساوس وشرود الذهن ونحو ذلك، فهذا لا يؤثر على صحة الصلاة، لكنه ينقص من أجرها، وما ذكرته أن الصلاة من الإنسان الغافل تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها، ثم تقول له ضيعك الله كما ضيعتني صحيح، وعلى الإنسان أن يدفع هذه الغفلة بالاشتغال بما يقوله في صلاته ويستحضر عظمة ربه جل وعلا، ويدفع عنه وساوس الشيطان وصوارفه، وهو في كل انتقال يقول: الله أكبر، أي أكبر من كل مشاغل الدنيا، وكل ما يعرف، ولكن ليس له أن يقطع الصلاة ثم يبدأ ثانية، فإن هذا عمل لا يجوز، لأنه إبطال للعمل، وإذا كان الإنسان يدافع الشيطان في صلاته فهو على أجر وعلى خير إن شاء الله.(5/417)
شرود الذهن عند قراءة القرآن
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 24/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر تسعة وعشرين عاماً ولم يسبق لي الزواج، عندما أقرأ القرآن الكريم، أقرأ ولكن بدون وعي ولا تمعن، أقرأ وأنا سارح الفكر، ماذا علي أن أفعل؟ ويحصل معي هذا في الصلاة أيضاً ماذا علي فعله مأجورين؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وطاب يومك بكل خير ... اعلم -حفظك الله - أنك مأجور بقراءتك القرآن على كل حال، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنَّ لقارئ القرآن بكل حرف حسنة كما رواه الترمذي (2910) .
بيد أنَّ الأجر سيكون مضاعفاً لو جاهدت نفسك في الجمع بين التلاوة والتدبر والعمل بما تقرأ، ومما يعينك على ذلك ما يلي:
(1) التفكر بعظمة الخالق جلّ جلاله، وأنَّ ما تقرؤه هو كلامه سبحانه الذي تكلم به حقيقة، فهو أجلّ الكلام وأبلغ الكلام، وأحكم الكلام، وأعذب الكلام.
(2) يجدر بك أن تستعين ببعض كتب التفسير الميسرة لتقرب إليك معاني الكتاب العزيز، وتوضح لك ما عسر عليك فهمه، إذ إنَّ إدراك المعاني والمقاصد القرآنية خير وسيلة لتدبر القرآن، والاستمتاع بقراءته، والوقوف على درره وكنوزه.
ومن خير التفاسير التي تناسبك، أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري، أو مختصر تفسير ابن كثير لمحمد بن نسيب الرفاعي.
(3) من المفضل جداً أن تنضم إلى إحدى حلق تعليم القرآن وتحفيظه، فهناك ستعيش - إن شاء الله جواً قرآنياً مفعماً ومليئاً بالروحانيات، والذي سيكون له أكبر الأثر على طراوة قلبك ولينه ومن ثم استعداده للفهم والاستيعاب والخشوع.
(4) احرص على التخلص من مشاغلك قبل الشروع بالقراءة، فلا أحبذ لك القراءة وأنت بحضرة طعام مثلاً أو حال غلبة النعاس.(5/418)
(5) من الخير لك أن تقرأ في سير بعض السلف وتطالع بعضاً من أخبارهم مع كتاب الله، وحرصهم على تدبره، وسكب العبرات لدى مطالعته.
(6) يحسن بك أن تنتقي أوقاتاً مناسبة للقراءة بعيداً عن إزعاج الآخرين، خاصة بالليل أو عقب صلاة الفجر والعصر، فالقرآن بدأ نزوله بليل قال -تعالى-:"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ"الآية، [الدخان:3]
(7) اقرأ بصوت مرتفع شيئاً ما، وحاول ترتيله وتحسين تلاوته فلجمال الصوت وعذوبة القراءة أثر عجيب في تفاعل القارئ ونشاطه.
(8) استمع لتلاوة القراء المجودين، واجعل أشرطة التسجيل دوماً برفقتك ... في السيارة ... المنزل ... والمكتب.
(9) احرص على المبادرة إلى التوبة من جميع الذنوب لتنتفع بالقراءة وسائر الأعمال الصالحة، ذلك أنَّ المصرين على ذنوبهم محجوبون عن نيل بركة القرآن.
وختاماً لا تنس فضل الزواج وأثره في استقرارك النفسي والعاطفي، وكونه أحد الأسباب الرئيسة للعفة والاستقامة والثبات وفقك الله وحفظك أينما كنت.(5/419)
الصلاة بالنعال
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 18/12/1422
السؤال
من المعلوم أن الأصل عدم خلع النعلين في الصلاة، ولكن سؤالي هو: هل تجوز الصلاة بهما على الرغم من كونهما قاسيتين بحيث لا يمكن ثني أصابع القدمين عند السجود (أي ملامسة بطون الأصابع للأرض) أم يجب خلعهما لكون الأحذية في وقتنا تختلف عنها في القديم؟
الجواب
من المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بمخالفة اليهود، وأَذِنَ في الصلاة بالنعال في قوله: " خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم" رواه أبو داود (652) من حديث أوس - رضي الله عنه- والإذن بالشيء إذن بلوازمه وتوابعه التي لا بد منها، وعلى هذا فلا يلزم المصلي أن يلامس الأرض بأصابعه، بل يكفي وضع أطراف النعلين على الأرض مع ثني الأصابع جهة القبلة ما أمكن (أي أن النعلين تقومان مقام القدمين في جميع هيئات الصلاة) - والله - تعالى - أعلم.(5/420)
كيف أخشع في الصلاة؟
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 25/1/1423
السؤال
كيف أخشع في الصلاة؟ وما هي أركان الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً على الإجابة.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
الأخ الكريم: نشكر لك اهتمامك بفريضة الصلاة وحرصك على الخشوع فيها، - فو الله - لو خشع المسلمون في صلاتهم لتغيرت أحوالهم، وطابت أيامهم، وهابهم عدوهم، ولقلت المنكرات في بلادهم، وغادرت الفحشاء ديارهم ... قال الله - تعالى -: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"، وقال: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" [المؤمنون:1-2] ، والفلاح المذكور في الآية فلاح شامل في كل منحى، وكل شأن ومضمار. اعلم أخي الكريم أن مما يعين على الخشوع ما يلي:
(1) إسباغ الوضوء، فقد أوصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وكل من سأله عن الصلاة وما يتعلق بها، فقد أوصى به المسيء صلاته كما في حديث أبي هريرة المتفق عليه (البخاري (6251) ، ومسلم (397)) ، وكما أوصى به لقيط بن صبرة - رضي الله عنه - كما رواه عنه أهل السنة (أبو داود (142) ، والترمذي (788) ، والنسائي (87) ، وابن ماجة (407)) بسند صحيح.
(2) تفريغ القلب من الشواغل الدنيوية والحاجات البدنية، فإن كان بحضرة طعام يشتهيه تناول منه ما يكفيه، وإن كان بحاجة إلى الخلاء بدأ به، وفي هذا أحاديث معلومة في الصحاح وغيرها، كحديث ابن عمر (البخاري (673) ، ومسلم (559)) ، وعائشة (مسلم 560) ، وأنس (البخاري (672) ، ومسلم (557)) - رضي الله عنهم - تؤكد ما نقول.
(3) استحضار هيبة الموقف بين يدي الله - تعالى -، وتذكر اطلاعه -سبحانه - علينا ومراقبته لنا، وأنه من غير اللائق التشاغل عن الصلاة وإقبال الرب علينا بتوافه الأمور وكثرة الشرود.(5/421)
(4) القراءة في كتب السيرة عن أخبار السلف وقصصهم مع الصلاة وطلبهم الخشوع بأي ثمن.
(5) اليقين التام بأنه ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها وتدبر، فلا يحرم نفسه أجوراً كالجبال تتحقق في خمس دقائق أو أقل لو تخلص من البيع والشراء، والمجيء والذهاب بعد إحرامه بالتكبير.
وأما ما سألت عنه بخصوص أركان الصلاة، فهي كما يلي:
1. القيام مع القدرة.
2. تكبيرة الإحرام.
3. قراءة الفاتحة.
4. الركوع.
5. الاعتدال من الركوع.
6. السجود على الأعضاء السبعة.
7. الاعتدال منه.
8. الجلوس بين السجدتين.
9. الطمأنينة في جميع الأركان.
10. التشهد الأخير.
11. الجلوس له.
12. الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير.
13. الترتيب بين أركان الصلاة.
14. التسليم.
وفق الله الجميع، لما يحب ويرضى، والسلام.(5/422)
تغيير المكان لأداء النافلة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 6/2/1425هـ
السؤال
هل هناك دليل وارد على تغيير المكان لأداء السنة الراتبة بعد الصلاة؟.
الجواب
نعم، في صلاة الجمعة ورد ذلك صريحاً؛ ففي صحيح مسلم (883) من حديث معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى لله عليه وسلم- قال: "إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج"، وكما يقول شيخ الإسلام - رحمه الله- من وصل النافلة بصلاة الجمعة، فهذا ركوب لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فالسنة أن يغير المكان بعد الفراغ لصلاة الجمعة.
أما في صلاة النافلة فقد جاءت أحاديث بسنية تغيير المكان، لكنها ضعيفة، وقد أورد البخاري حديثاً معلقاً في صحيحه،: ولا يثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقد أنكر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- على من وصل الراتبة بالفريضة، وقال له: "اجلس؛ فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلواتهم فصلٌ، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم- بصره فقال: "أصاب الله بك يا ابن الخطاب" والحديث رواه أبو داود في كتاب: الصلاة برقم (1007) إلا أنه قد جاء في مصنف ابن أبي شيبة (6027) عن علي -رضي الله عنه- بسند حسن أنه قال: "من السنة أن يفصل الرجل بين الراتبة والفريضة"، أو كما جاء عنه. والله أعلم.(5/423)
ختم القرآن في الفروض الجهرية
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 14/05/1426هـ
السؤال
أنا إمام مسجد، وأتبع ختمة كاملة في الصلوات الجهرية، وأختم كل أربعة أشهر، وعند الختم أقنت بدعاء الختم دون إطالة، ويكون ذلك في صلاة الفجر، فما حكم عملي هذا؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
أولاً: ما يتعلَّق بقراءة القران كاملاً في الصلوات الجهرية من حيث الجواز يظهر أنه جائز ولا بأس به، لكن لا يداوم عليه الإمام؛ لأنه إذا داوم عليه فإنه سيترك السنن الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل قراءة سورة (ألم السجدة) ، و (هل أتى على الإنسان) فجر يوم الجمعة، أو القراءة بالطور والواقعة ونحوها من السور مما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومثل قراءة المرسلات في المغرب، والطور والأعراف في صلاة المغرب، ومثل القراءة بأواسط المفصل في صلاة العشاء والعصر، وكذلك أيضاً القراءة في الظهر أحيانا بأواسط المفصل، وأحياناً بطواله، فأنا أنصح الأخ السائل أن يداوم على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويختم القرآن بحيث يقرأ في بعض الأحيان من أول القرآن -إن كانت لديه قدرة- ويقطع ويعاود إلى سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يعاود مرة أخرى للمواصلة من حيث توقَّف، حتى يختم.(5/424)
وأما بالنسبة لما يتعلَّق بدعاء الختم، وكونه يكون في صلاة الفجر إلى آخره، فنقول: هذا أمر محدَث ليس عليه هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا هدي الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- وفي حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". صحيح البخاري (2697) ، وصحيح مسلم (1718) . وفي رواية عند مسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وكذلك القنوت في صلاة الفجر إنما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوازل فقط، وأما القنوت لدعاء ختم القرآن إلى آخره فهذا لم يرد عنه عليه الصلاة والسلام.(5/425)
لبس الرجل للعباءة أثناء الصلاة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
هل يجوز في الصلاة للرجل أن يلبس عباءة دون أن يدخل يديه بها، مغطياً بذلك جسمه كله؟.
الجواب
لا بد إذا سجد أن يسجد على الأرض، فلابد أن تخرج يداه لأجل أن تصل إلى الأرض ويسجد؛ لأن الإنسان مطالب بالسجود على سبعة أعظم: القدمين والركبتين واليدين والجبهة مع الأنف، فإذا كان لا يستطيع أن يضع يديه على الأرض، فقد يكون فاته جزء من أعضاء سجوده، أما إذا كان يضعها ويلف بها جسمه وعند السجود يضع يديه على الأرض فلا بأس بهذا.(5/426)
مواطن رفع اليدين في الصلاة
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 07/06/1426هـ
السؤال
رواية الطحاوي وابن أبي شيبة، عن الأسود أنه قال: رأيت عمر بن الخطاب يرفع يديه في التكبيرة الأولى ثم لا يعود إلى ذلك. هل هذا الحديث صحيح؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
فالأثر المشار إليه في السؤال أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2454) ، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن حسن بن عياش، عن عبد الملك بن أبجر، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: صليت مع عمر، فلم يرفع يديه في شيء من صلاته إلا حين افتتح الصلاة.
قال عبد الملك ورأيت الشعبي وإبراهيم وأبا إسحاق لا يرفعون أيديهم إلا حين يفتتحون الصلاة.
وهذا الأثر إسناده صحيح، وهو يدل على أن عمر -رضي الله عنه- كان لا يرفع يديه إلا عند تكبيرة الإحرام، ولكن دلت أحاديث أخرى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وآثار عن الصحابة على مشروعية رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، ومن ذلك حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ. أخرجه البخاري (735) ومسلم (390) .(5/427)
فالحديث يدل على مشروعية رفع اليدين في حال افتتاح الصلاة، وإذا كبَّر للركوع وعند الرفع من الركوع، فهذه ثلاثة مواطن، وهناك موطن رابع وهو الرفع إذا قام من الركعتين بعد التشهد، ففي صحيح البخاري (739) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَال: َ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ.
فهذه المواطن الأربعة ثبت فيها رفع اليدين في الصلاة، وأما ما عداها فلم يثبت فيها رفع اليدين، ولحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- شواهد كثيرة ذكر البخاري في جزء رفع اليدين أنه رواه سبعة عشر رجلاً من الصحابة، وذكر الحافظ العراقي أنه تتبع من رواه فبلغوا خمسين رجلاً.
ورفع اليدين في هذه المواطن من الأمور المستحبة المندوب إليها، وليست من الأمور الواجبة، قال الإمام النووي: "أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، واختلفوا فيما سواها، فقال الشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم: يستحب رفعهما أيضا عند الركوع وعند الرفع منه، وهو رواية عن مالك، وللشافعي قول أنه يستحب رفعهما في موضع آخر رابع، وهو إذا قام من التشهد الأول وهذا القول هو الصواب، فقد صحَّ فيه حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يفعله رواه البخاري، وصحَّ أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي، رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة: لا يستحب في غير تكبيرة الإحرام، وهو أشهر الروايات عن مالك وأجمعوا على أنه لا يجب شيء من الرفع ... " شرح النووي على مسلم (4/95) .(5/428)
ومن الآثار الواردة عن الصحابة - رضي الله عنهم - الدالة على مشروعية رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2430) بإسناد صحيح عن عطاء بن أبي رباح قال: رأيت أبا سعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير -رضي الله عنهم- يرفعون أيديهم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع، وعند الرفع منه.
وأخرج عبد الرزاق (2525) بإسناد صحيح عن الحسن بن موسى، قال: سمعت طاووساً وهو يسأل عن رفع اليدين في الصلاة، فقال: رأيت عبد الله وعبد الله وعبد الله، يرفعون أيديهم في الصلاة، لعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير.
والله أعلم.(5/429)
حركة الأصبع في التشهد
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 27/2/1425هـ
السؤال
هناك آراء مختلفة بخصوص رفع الإصبع للتشهد أثناء قراءة التحيات، كيف ومتى يكون الرفع ومتى ينزل الإصبع؟ هل يجب أن نضع أيدينا مبسوطة أو كيف يكون وضعها بعد رفع الإصبع؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقبل أن أجيب عن هذه المسألة ينبغي أن نعرف أمرين مهمين:
أحدهما: أن هذه المسألة من مسائل الفروع التي لا يجوز أبداً أن تكون سبباً للخلاف بين المصلين.
الثاني: أن رفع الأصبع في الصلاة سنة من سنن الصلاة الفعلية فمن فعلها حسب ما ورد كان له أجر ومن تركها فلا حرج عليه.
وقد تضمن السؤال عن ثلاثة أشياء:
الأول: كيف نرفع الأصبع في التشهد؟ والثاني: متى نرفعها؟ والثالث: كيف يكون وضع اليد؟
والجواب: أما عن كيفية وضع اليد فقد اتفق الفقهاء على وضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى ووضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى، وبعض الفقهاء يقول يجعل أطراف أصابع يديه اليمنى واليسرى على ركبتيه، وعلى كل هذا دلت الأحاديث الصحيحة.
أما عن كيفية رفع الأصبع فقد جاء في ذلك عدة أحاديث؛ ولأجل ذلك اختلف الفقهاء في الصفة المستحبة منها:
فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المصلي يقبض أصابعه كلها ما عدا السبابة فيشير بها.
واستدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبابة" رواه مسلم (580) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وفي رواية أخرى لمسلم (580) : "وقبض أصابعه كلها، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام ".(5/430)
ومعنى قوله في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: "وعقد ثلاثة وخمسين" يقبض أصبعه الخنصر والبنصر ويضع إبهامه على أصبعه الوسطى فتكون كالحلقة وهذا ما دل عليه حديث وائل بن حجر قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبض اثنين من أصابعه وحلق حلقة وأشار بالسبابة يدعو بها" رواه أبو داود (957) والنسائي (889) وابن ماجه (867) وأحمد (18397) وكذا حديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في الصلاة وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه السبابة ووضع إبهامه على أصبعه الوسطى" رواه مسلم (579) . وإذا وضع المصلي أصبعه الإبهام على أصبعه الوسطى فإنها تكون كالحلقة وذهب الحنفية إلى أن المصلي يبسط أصابعه كلها على فخذه ولا يرفع منها شيئاً إلا السبابة. واستدلوا بحديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - المتقدم وفيه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في الصلاة وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ... " الحديث.
ولعل الصواب هو جواز العمل بكلا الصفتين الواردتين وهما:
1- قبض الأصابع كلها ويشير بأصبعه السبابة.
2- بسط الأصابع كلها ويشير السبابة.
أما متى يرفع المصلي أصبعه فقد اختلف الفقهاء في ذلك أيضاً:
فذهب الحنفية إلى أن المصلي لا يرفع السبابة إلا عند قول (لا إله إلا الله) .
وقال الشافعية: يرفع أصبعه عند قول: (إلا الله) .
وذهب المالكية والمتأخرين من الحنفية إلى أن المصلي يشير بأصبعه السبابة في كل التشهد.
وقال الحنابلة: يشير بأصبعه السبابة عند ذكر لفظ الجلالة (الله) .(5/431)
ولعل الصواب في هذا قول المالكية وهو أن المصلي يشير بأصبعه السبابة في كل التشهد وذلك لما دل عليه أحاديث ابن عمر وابن الزبير ووائل بن حجر - رضي الله عنهم- المتقدم ذكرها من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشير بأصبعه السبابة إذا قعد في التشهد.
والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(5/432)
الاعتماد على الأرض عند النهوض في الصلاة
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة
التاريخ 02/05/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
ذكر صاحب المغني (2/214) ما نصه: "ليس من السنة للذي يريد أن ينهض للركعة التالية في الصلاة أن يستند على الأرض، إلا إذا كان عاجزاً عن النهوض مباشرة بسبب كبر السن"، هل تصح مثل هذه الرواية؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
اختلف أهل العلم فيما إذا أراد المصلي القيام من الركعة الأولى إلى الركعة الثانية ونحوها، هل يستند على الأرض بيديه أو لا يفعل ذلك بل يرفع يديه قبل ركبتيه؟ اختلفوا في ذلك على قولين، هما:
القول الأول: إن المشروع في حق المصلي أن يعتمد بيديه على الأرض، وهو قول مالك والشافعي، وقد استدل أصحاب هذا القول بحديث مالك بن الحويرث-رضي الله عنه- في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومحل الشاهد منه قوله:"وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام لما رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعداً، ثم اعتمد على الأرض" رواها النسائي (1153) ؛ ولأن ذلك أعون للمصلي.
القول الثاني: إن المشروع في حق المصلي ألاّ يعتمد على الأرض بيديه، بل يرفع يديه قبل ركبتيه، وهو قول الحنابلة، وقد استدل أصحاب هذا القول بعدد من الأدلة، منها:
(1) حديث وائل بن حجر-رضي الله عنه-، ومحل الشاهد منه"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه" رواه النسائي (1089) والترمذي (268) ، وفي لفظ آخر للحديث:"وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه"عند أبي داود في سننه (838) .(5/433)
(2) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن
يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة " رواه أبو داود (992) .
(3) قال علي -رضي الله عنه-:"إن من السنة في الصلاة المكتوبة، إذا نهض الرجل في
الركعتين الأوليين، ألا يعتمد بيديه على الأرض، إلا أن يكون شيخاً كبيراً لا يستطيع " رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3998) ، وهذا القول هو الراجح؛ لموافقته للأحاديث المروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم -.
أما ما خالفها كحديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- الذي استدل به أصحاب القول الأول فهو محمول على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما فعله من أجل الحاجة إليه؛ لكبره وضعفه، والبحث هنا ليس في الوجوب أو عدمه، وإنما هو في الأفضل والأحسن، ولذلك فإن من اعتمد على يديه أو رفعهما قبل ركبتيه فلا حرج عليه. والله الموفق، -وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين-.(5/434)
الصلاة في النعال.. ومقتضى الأمر
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/سنن الصلاة
التاريخ 3/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال: لم خلعتم؟ قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا, قال: فإن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثاً, فإذا أتى أحدكم المسجد فليقلب نعليه، فإن رأى خبثاً فليمسحه في الأرض ثم ليصل فيهما".
وفي سنن أبي داود عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم, ولا خفافهم".
مما سبق يتضح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أمرنا بمخالفتهم في خلعهم الخفاف والنعال عند الصلاة، وقد زعموا أنهم يأتمون بموسى -عليه السلام- حيث قيل له وقت المناجاة "فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى" [طه:12] ، فنهينا عن التشبه بهم، وأمرنا أن نصلي في خفافنا ونعالنا، وإن كان بهما أذى مسحناهما بالأرض، لما روى أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا وطئ أحدكم الأذى بنعليه فإن التراب لهما طهور" وفي لفظ قال:"إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب".
الأسئلة:(5/435)
(1) نعلم أن الأفعال في اللغة ثلاثة منها الأمر، ونعلم أن فعل الأمر من الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعني الوجوب، وهذا ما ورد في الأحاديث الخاصة بإطلاق اللحية، حيث أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإطلاقها، ولفعل الأمر الذي في الحديث أصبح إطلاقها واجباً، فهل فعل الأمر الذي في الحديث والذي يأمرنا بمخالفة اليهود والصلاة في النعال والخفاف معناه الوجوب؟ وإذا كان كذلك فهل نأثم لعدم اتباع الأمر؟ وإذا لم يكن هناك ذنب فهل بالقياس لا يكون هناك ذنب لمن لا يطلق اللحية؟ مع العلم أن الأمر موجود في كلا الحديثين.
(2) هل يفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عكس ما يأمرنا به حسب الحاجة أو حسب الظرف؟ حيث إنه -صلى الله عليه وسلم- صلى بالنعال كما ورد في السنن لأبي داود وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي حافياً ومنتعلاً، وأيضا في سنن أبي داود والنسائي عن عبد الله بن السائب قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره. فهل قياساً على ذلك يمكن لنا نحن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن نتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أي فعل أمرنا به حسب المتاح؟ أم أن فعل الأمر أساساً ليس قرينة كافية لحالة الوجوب، حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنفسه لم يفعل ما أمرنا به؟ أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
تحدث العلماء عن الأمر ومسائله المختلفة، ومن ذلك الصيغ التي تدل على الأمر، حيث ذكروا عدداً من الصيغ التي يفهم منها الأمر، وقسموها إلى صيغٍ صريحة، وصيغ غير صريحة، فالصريحة:
(1) فعل الأمر (افعل) ، كقوله تعالى:" فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ... " الآية [الحج:78] .
(2) الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر (ليفعل) ، كقوله تعالى:"فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ... " الآية [النساء: 74] .(5/436)
(3) المصدر النائب عن فعله، كقوله تعالى:"فضرب الرقاب ... "الآية [محمد: 4] .
4) اسم فعل الأمر، كقوله تعالى:" عليكم أنفسكم ... "الآية [المائدة: 105] .
أما الصيغ غير الصريحة فهي كثيرة، ومنها:
(1) ورود الأمر بصيغة الخبر، كقوله تعالى:" كتب عليكم الصيام ... "الآية [البقرة:183] .
(2) ما جاء مدحه أو مدح فاعله، كقوله تعالى:" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ... "الآية [العكنبوت: 45] . وغير ذلك.
وعموماً كل صيغة فهم منها الأمر فهي دالة عليه، سواءٌ أكانت من الصيغ السابقة، أم من غيرها، ولكن إذا أتى أي أمر في القرآن الكريم أو في سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهل يحمل على الوجوب، أو لا؟ هذه المسألة يعبر عنها العلماء بقولهم: مقتضى الأمر، والراجح من كلام أهل العلم في ذلك أن مقتضى الأمر المطلق هو الوجوب، فإذا أتى أمر في كتاب الله أو في سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- فإنا نحمله على الوجوب، ويلزمنا امتثاله.
هذا هو الحكم العام في مقتضى الأمر، ولكن قد تأتي قرائن أو أدلة تصرف الأمر عن مقتضاه الأصلي، فحينئذٍ لا نحمله على الوجوب، وإنما نحمله على ما تقتضيه تلك القرينة أو على ما يدل عليه ذلك الدليل.
ومن الأمثلة التي أفاد الأمر فيها الوجوب لعدم وجود قرائن تصرفه عنه: النصوص الآمرة بالصلاة والزكاة والحج وصوم رمضان وحج البيت ونحو ذلك، فكل هذه الأوامر تحمل على مقتضاها الأصلي وهو الوجوب؛ لعدم وجود ما يصرفها عنه.
ومن الأمثلة التي لم يفد الأمر فيها الوجوب؛ لوجود قرائن أو أدلة تصرفه عن مقتضاه الأصلي:(5/437)
قوله تعالى:"وأشهدوا إذا تبايعتم"، قال العلماء: إن الإشهاد على البيع غير واجب، بل هو مندوب إليه، حيث حملوا الأمر في الآية على الاستحباب، والذي صرف الأمر هنا عن الوجوب هو: أنه ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- باع واشترى ولم يُشهد على ذلك، وكذلك فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتبايعون ولم يكن يأمرهم بالإشهاد على ذلك، ونحو ذلك.
أما ما يتعلق بحكم ترك اللحية، فقد ورد فيه عدد من الأحاديث التي أمر فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتركها وتوفيرها وإعفائها، ولم يوجد أدلة أخرى أو قرائن تصرف هذا الأمر عن الوجوب، ولذلك فإنه يجب إعفاء اللحية وتوفيرها؛ امتثالاً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أما مسألة الصلاة في النعال، فقد كان من سنته -عليه الصلاة والسلام- الصلاة فيها، وقد سُئل أنس -رضي الله عنه-:"أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه، فقال: نعم" متفق عليه.
وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالصلاة في النعال في عدد من الأحاديث، ومنها:
(1) عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا جاء
أحدكم المسجد، فلينظر: فإن رأى في نعليه أذىً أو قذراً فليمسحه، وليصل فيهما" رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة.
(2) عن شداد بن أوس -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم" رواه أبو داود.
وحمل العلماء هذه الأوامر على الاستحباب، ولم يحملوها على الوجوب، والذي صرف(5/438)
الأمر في هذه الأحاديث عن الوجوب إلى الاستحباب أنه قد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بغير نعال، كما ثبت أنه خير الناس في ذلك، ويدل لهذا ما رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى:" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في نعليه، فصلى الناس في نعالهم، فخلع، فخلعوا، فلما صلى قال:" من شاء أن يصلي في نعليه فليصل، ومن شاء أن يخلع فليخلع". قال الشوكاني بعد أن ذكر عدداً من الأحاديث المتعلقة بالصلاة في النعال: ويجمع بين أحاديث الباب بجعل الأحاديث التي خيّر فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناسَ صارفةً للأحاديث التي أمر فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة في النعال.
وبهذا يتضح أن الصلاة في النعال سنة من السنن، فعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في وقت وتركها في وقت آخر، ولهذا فإنه يسن للمسلم أن يفعل هذه السنة إذا تيسر الأمر، كما لو كان في مسجد غير مفروش، أو كان في الصحراء، أما إذا كان في المساجد المفروشة فالأفضل ترك الصلاة في النعال؛ حفاظاً على نظافة المسجد، إلا إذا كان الإنسان متأكداً من نظافة نعليه تماماً.
أما قولك: إنه ليس كل ما أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- يمكن العمل به إذا كان لا يتوافق مع مقتضيات العصر، فهذا غير صحيح إطلاقاً؛ لأن الأساس في تطبيق الأحكام هو الأدلة والنصوص الشرعية، ومقتضيات العصر يؤخذ بها في نطاق ما تدل عليه النصوص الشرعية، أما إذا عارضت النصوص فلا يلتفت إليها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(5/439)
الافتراش في الصلاة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/سنن الصلاة
التاريخ 12/1/1424هـ
السؤال
الافتراش في الصلاة بعد التشهد الأخير هل هو خاص بالصلاة الرباعية فقط أم جميع الصلوات؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أولاً لا بد من بيان معنى الافتراش حتى لا يحصل خلط في فهم الجواب فأقول: الافتراش كما عرفه ابن قدامة في المغني (2/205) هو: أن يثني رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى ويخرجها من تحته ويجعل بطون أصابعه -يعني: اليمنى- على الأرض معتمداً عليها؛ لتكون أطراف أصابعها إلى القبلة.
وهذا الافتراش قد اختلف في محله أهل العلم، والراجح -والله أعلم- أنه يسن في التشهد الأول من الصلاة الثلاثية والرباعية، وكذا في تشهد الصلاة الثنائية، كما يدل لذلك حديث أبي حميد -رضي الله عنه- الوارد في صحيح البخاري برقم (828) حيث قال -واصفاً صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته".
وأما التورك -وهو الذي يظهر من مراد السائل- فإنه يكون في التشهد الأخير من الصلاة الثلاثية والرباعية كما يشير إليه الحديث السابق وأحاديث أخرى ليس هذا موضع بسطها، والمراد بالتورك كما فسره البهوتي في (الروض المربع مع الحاشية 2/81-82) بما نصه:"يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ويخرجهما عن يمينه، ويجعل أليتيه على الأرض" أ. هـ. والله تعالى أعلم.(5/440)
كف الثوب في الصلاة
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة
التاريخ 15/6/1423هـ
السؤال
من الشباب من يكف سرواله عند الصلاة حتى يكون فوق الكعبين، مع العلم أن الرسول نهى عن كف الثوب عند الصلاة، فما حكم هذا الفعل؟ وهل تقبل صلاة المسبل سرواله؟
الجواب
لا شك أن الإسبال منهي عنه مطلقاً سواءً كان في الصلاة أو في غيرها، وسواءً كان للإزار، أو القميص، أو السراويل، وقد ورد الوعيد الشديد في الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإسبال، انظر: مسلم (106) أما الكف الذي ذكره السائل فهو مكروه عند أهل العلم كراهة تنزيه ولا علاقة له بصحة الصلاة وعدم صحتها، فالصلاة صحيحة إذا توافرت أركانها، وشروطها، وواجباتها، والذي يظهر أن الكف المذكور يريد به الفاعل كون السروال فوق الكعب لتصح الصلاة وليس لهذا أصل، فالإسبال معصية ليس لها علاقة بالصلاة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(5/441)
الاستسقاء في بلاد الكفر
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة
التاريخ 8/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ ... أصاب البلاد هذه السنة جدب وجفاف وقد أعلنت الحكومة حالة الجفاف هذا العام. فضيلة الشيخ ما حكم صلاة الاستسقاء في بلاد الكفر؟؟ لا سيما وأن أحد المساجد لبى دعوة الحكومة في طلب الاستسقاء الجماعي مع أصحاب الديانات الأخرى كالنصرانية والبوذية واليهودية وغيرها، مما أدى إلى حدوث نزاع بين المسلمين حول حل ذلك من عدمه. فما حكم الاستسقاء في بلاد الكفر؟ وإن كان الجواب بالجواز فما حكم المشاركة مع أصحاب الديانات الأخرى في تأدية هذه الشعيرة؟ آمل الإجابة بسرعة ليفض النزاع. شكر الله سعيكم.
الجواب(5/442)
صلاة الاستسقاء سنة ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أجدبت الأرض وحل الجفاف وقلت المياه أو تأخر المطر عن وقت نزوله، والسنة أن تصلى جماعة وإن قل العدد واحد يخطب واثنان يستمعان، وأجاز الإمام مالك بن أنس وأحمد بن حنبل أن يخرج أهل الذمة مع المسلمين في الاستسقاء ليؤمنوا على الدعاء ولا يجوز منعهم إذا طلبوا الخروج مع المسلمين (لأنهم يطلبون كما يقول بن قدامة في المغنى - أرزاقهم من ربهم سبحانه ولا يبعد أن يجيبهم الله لأن الله ضمن أرزاقهم كما ضمن أرزاق المؤمنين) قال تعالى: "وفي السماء رزقكم وما توعدون" [الذاريات:22] وقال "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين" [هود:6] وأجاز الإمام أبو حنيفة والشافعي أن يخرج أهل الذمة مع المسلمين في صلاة الاستسقاء على أن يكون هؤلاء في مكان وأولئك في مكان فلا يجتمع المسلمون والكفار في مصلى واحد. هذا كله إذا كان للمسلين دولة تحكمهم بالإسلام وأهل الذمة من الرعية، أما إذا كان المسلمون أقلية تحكمهم دولة كافرة ودعت هذه الحكومة المسلمين أن يصلوا صلاة الاستسقاء فتجوز طاعتها في ذلك لأنها أمرت بمعروف في الشرع وكل من أمرنا بمعروف أو دعانا إليه وجبت طاعته مسلماً كان أو كافر، قال تعالى: "ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة من الحياة الدنيا" [النساء:94] وفي الحديث الصحيح "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" البخاري (2955) ، ومسلم (1839) وهو عام في كل أنواع الطاعات والمعاصي ولكل بشر لأنهم مخلوقون لله وحده فتجب طاعتهم لأمره إذا أمروا به.(5/443)
والكفار من أهل الكتاب أو غيرهم يدعون ربهم بل يخلصون له الدعاء عند الشدائد ويجيبهم الله سبحانه كما قال تعالى عن المشركين: "فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون" [العنكبوت:65] ويقول سبحانه عن نفسه "أمن يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " [النمل:62] فالاضطرار وحصول السوء من الأمراض والأسقام والمجاعات والجفاف ليس خاصاً بالكفار وحدهم ولا بالمسلمين دون غيرهم فالكل يطلب كشف الشدائد ورفع الأضرار في حين الرخاء أو الشدة والمسلمون هم الذين يوحدون الله في الدعاء في الرخاء والشدة معاً.
وبعد هذا كله فيجوز لكم أن تصلوا صلاة الاستسقاء ولو أن الداعي لكم حكومة كافرة أو يشارككم أهل الديانات الأخرى، والله أعلم.(5/444)
الإشارة في الصلاة لتسوية الصف
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة
التاريخ 20/11/1424هـ
السؤال
هل يجوز تحريك شيء، أو الإشارة لمن يقف قربي في أثناء الصلاة الجماعية لكي يستوي في الصف؟ أرجو بيان ذلك مع الدليل عليه؟.
الجواب
الأصل في الحركات في الصلاة إذا كانت قليلة - يسيرة - أنها مكروهة لغير حاجة، فإن كان هناك حاجة زالت الكراهة، لأنه جاء في سنن أبي داود (943) من حديث أنس - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-" كان يشير في الصلاة".
وكذلك جاء في سنن أبي داود (922) والترمذي (601) والنسائي (1206) من حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي فجئت فاستفتحت الباب فمشى ففتح لي"، وفيه أن الباب كان في القبلة، فإذا كانت الحركة في الصلاة لغير حاجة فهي مكروهة، لما فيها من الإخلال بالخشوع في الصلاة، فإذا كان ثمَّة حاجة زالت هذه الكراهة وعلى هذا دلت الأحاديث.(5/445)
هل تسقط صلاة الجماعة بأكل الثوم؟
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة
التاريخ 28/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
بعض الإخوة نقول لهم: لماذا لا تحضرون صلاة الجماعة؟ فيقولون: إنهم أكلوا ثوماً أو بصلاً، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مصلانا"، ويبدو أن هؤلاء الإخوة يحبون الثوم والبصل كثيراً، مما يؤدي إلى تغيبهم الكثير عن صلاة الجماعة، فهل هذا التصرف شرعي؟ وهل (لا) هنا للنهي، أم أن هذا التركيب يُقصَد به شيء آخر، كقوله عليه الصلاة والسلام: "من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا"، وهل حجتهم مقبولة؟ مع وجود ما يذهب رائحة الثوم أو البصل. وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن أكل الثوم والبصل والكراث وجميع ما فيه رائحة من البقول والخضروات جائز لا حرج فيه، وقد جاءت النصوص في منع من أكل الثوم والبصل والكراث من غشيان مساجد المسلمين؛ لما في ذلك من إيذاء للملائكة والمصلين، منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في غزوة خيبر: "من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا" رواه البخاري (853) ، ومسلم (561) ، ومن حديث أنس -رضي الله عنه-: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا أو لا يصلِّينّ معنا" رواه البخاري (856) ، ومسلم (562) ، ومن حديث جابر -رضي الله عنه-:"من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا - أو قال: فليعتزل مسجدنا - وليقعد في بيته" رواه البخاري (855) ، ومسلم (564) .(5/446)
فهذه الأحاديث -وما شابهها- فيها النهي لمن أكل شيئاً من ذلك أن يقرب مساجد المسلمين، إن أكل منها ما يورث رائحة، فإن أكل شيئاً يسيراً لا يؤثر في رائحة الفم فلا يمنع من حضور جماعة المسلمين.
وأكل الثوم أو البصل عذر يبيح لصاحبه ترك الصلاة جماعة في المسجد، مثله مثل حضور الطعام عند إقامة الصلاة، ولكن لا يجوز اتخاذ ذلك ذريعة للتخلف عن الجماعة، فمن فعل ذلك تحايلاً أثم، وعلى المسلم أن يتحرى الأوقات التي يأكل فيها الثوم والبصل؛ حتى لا يتعارض ذلك مع وقت ذهابه للمسجد، أو يستعمل المواد المزيلة لرائحة الثوم، كالغسل بمعجون الأسنان. والله أعلم.(5/447)
صلاة مَنْ يدافع الريح في بطنه!
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة
التاريخ 08/04/1427هـ
السؤال
هل يمكن لي أن أصلي إذا حصرت الغازات في بطني؟ لأني أتوضأ صباحا وأخرج إلى الجامعة، والوضوء في الجامعة صعب قليلاً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فلا تصل إلا في حالة الاطمئنان والسكون ما أمكن، وحاول أيها المصلي أن تنجز أو تصرف كل ما يشغلك من الصوارف والملاهي كجوع وعطش وخوف تمكن إزالته كخوف على طفل أو مال ترعاه، فإذا أنهيت هذه الشواغل وأبعدت هذه الصوارف فأقبل على الصلاة، فإن القلب إذا توجه إلى الله في هذه الحالة يكون فيه الخشوع وتدبر القراءة والذكر.
وهذا الخلوص وتجمع القلب في التوجه له أهم ما يكون في الصلاة التي من شأنها أنها تكفر الذنوب التي بينها وبين الصلاة التي سبقتها، وتفتح لها أبواب الله سبحانه من الرحمة والفضل.
وحبس الريح في البطن ومدافعة البول والغائط من الشواغل التي تصرف القلب عن الخشوع وتدبر القرآن، فإذا زاحمك ما ينقض الوضوء كهذه التي سألت عنها أو غيرها فلا تنازع نفسك بإمساكها، فإن ذلك يضر بصحتك كما يضر بصلاتك التي هي مفتاح الرحمة ومفتاح الفضل، وتذكر ما في ضمن هذين (الرحمة والفضل) من تفاصيل الخير والبركة يجعلك لا تبالي بأي صعوبة في تحقيق هذه الصلاة ذات الرحمة والفضل.(5/448)
إذا انتقض وضوء الإمام
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 15/5/1422
السؤال
إذا انتقض وضوء الإمام ماذا يفعل؟
الجواب
إذا بطلت طهارة الإمام في الصلاة بطلت صلاته؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) . وأما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) رواه البخاري. ولأن عمر -رضي الله عنه- لما طُعن استخلف عبد الرحمن بن عوف.
والأفضل للإمام أن يستخلف كما فعل عمر، فإن لم يفعل استخلف المأموم، أو صلوا فرادى.(5/449)
انتقاض طهارة الإمام في الصلاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 19/11/1424هـ
السؤال
إذا أحدث إمام فيما يلي من الحالات فماذا عليه في كل حالة؟
(1) إذا أحدث بعد شروعه في الصلاة، مثلاً في الركعة الثانية؟
(2) إذا تذكَّر أنه محدث في الركعة الثانية مثلاً؟
(3) إذا تذكَّر أنه محدث بعد الفراغ من الصلاة، وتوجهه للمأمومين ماذا عليه؟ وماذا عليهم؟
الجواب
إذا أحدث بعد شروعه في الصلاة مثلاً في الركعة الثانية يخرج ويستأنف المأمومون صلاتهم، وإذا تذكَّر أنه محدث في الركعة الثانية مثلاً يخرج ويستأنف المأمومون صلاتهم كذلك.
وإذا تذكَّر أنه محدث بعد الفراغ من الصلاة وتوجهِه للمأمومين، فعليه أن يتوضأ ويستأنف الصلاة وحده، وأما المأمومون فصلاتهم صحيحة.(5/450)
إنتقاض طهارة الإمام
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 18/12/1423هـ
السؤال
أنا شاب حافظ لكتاب الله وأتقدم للإمامة بالناس في بعض الأحيان، وقد حصل لي في مرة من المرات أن تقدمت بمجموعة من الناس وفجأة أحسست بخروج بسيط للمذي، ففكرت في قطع الصلاة لكني تذكرت أن الذين خلفي قد لا يفهموا التصرف في هذه الحالة حيث إن معظمهم من العوام والغير متعلمين، وكان أن أكملت الصلاة، ويعلم الله أني كلما تذكرت ذلك اليوم أصابني الخوف من الله على فعلي هذا، فماذا يجب علي في هذه الحالة؟ وهل صلاتهم صحيحة؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، أما صلاة المأمومين فالراجح ومذهب جمهور أهل العلم خلافاً للحنابلة على أن صلاتهم صحيحة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطؤوا فلكم وعليهم" البخاري (694) ولقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كما رواه البيهقي بسند لا بأس به، أنه قال:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين" والإمام يتحمل أخطاءه، وأما المأمومون فإن صلاتهم صحيحة وقد روى ابن المنذر في الأوسط وعبد الرزاق أن عمر -رضي الله عنه- صلى بالناس يوماً في السفر حتى إذا بلغ الجرف -وهو موقع خارج المدينة- أحس بللاً في ملابسه فنظر فإذا هي أثر مني -هذا ساعة الفجر- فاغتسل وأعاد الصلاة ولم يأمر من خلفه بأن يعيدوا" وهذا هو الراجح، والله أعلم.(5/451)
أما الإمام فإنه إذا أحس بخروج شيء فإن الإحساس لا بد أن يتقين منه ولا يجوز للإنسان أن يخرج من الصلاة إلا مع العلم اليقيني أو الذي يغلب على الظن الأكيد، فإذا أحس بذلك الخروج أو إذا خرج فإنه يخرج ويجب عليه أن يقطع صلاته، وأما المأمومون فهم بالخيار، إما أن يقدموا إماماً يؤمهم وهذا أقرب كما تقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- في المرض الذي مات فيه بعد أبي بكر، وهذا يدل على تغيير الإمام إلى إمام آخر، وإن شاءوا أن يصلي كل إنسان على حده فهم بالخيار، وإن كان الحنابلة يقوون القول الثاني والراجح هو جواز الأمرين، ولو تقدم إمام منهم لم يكن بعيداً، لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما تقدم في مرضه الذي مات فيه، هذا هو الراجح، وقد ذكر الحنفية أن الإنسان إذا صلى متعمداً على غير طهارة أنه يكفر، وإن كان هذا الكلام ليس بجيد، لكن يدل على أن هذه كبيرة من كبائر الذنوب وأن الإنسان يحرم عليه أن يفعل هذا، وأما الإنسان لأجل جهله وعدم علمه فنسأل الله أن يغفر له زلله وخطأه، ويسارع في التوبة والاستغفار ولا حرج عليه في ذلك إن شاء الله للجهل وعدم العلم، والله أعلم.(5/452)
مرور المرأة أمام المصلي
المجيب د. محمد بن سليمان الفوزان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 2/11/1422
السؤال
هل مرور المرأة أمام المصلين يبطل صلاتهم؟ وهل وجود السترة تمنع البطلان وما قدر ارتفاعها؟
الجواب
مرور المرأة أمام المأمومين لا تبطل صلاتهم؛ لأن الإمام سترة لمن خلفه وأما مرورها ما بين الإمام أو المنفرد وسترته فإن فيه خلافاً والجمهور على أنها لا تبطل ووجود الساتر يمنع بطلان الصلاة ويكفي في ذلك العود ونحوه، مما يكون ارتفاعه بمقدار ثلثي ذراع، وعند بعضهم يكفي في ذلك وضع الخط. والله أعلم.(5/453)
صلى وعليه جنابة
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 28/2/1424هـ
السؤال
كيف أعمل إذا كنت أصلي صلوات وأنا جنب؟ ولا أدري ما الحكم في ذلك؟ ولا أستطيع أن أحصر هذه الصلوات، فماذا علي أن أعمل؟ علماً بأني كنت جاهلاً للحكم، وهذا الأمر مر عليه سنوات وأثابكم الله.
الجواب
إذا كنت تصلي الصلوات وأنت على جنابة جهلاً لعدم علمك بوجوب الغسل فعليك أن تتوب من ترك طلب العلم الواجب، وهو تعلم ما لابد منه للقيام بالعبادات الواجبة. ولا يجب عليك قضاء الصلوات السابقة؛ لأن الأحكام الشريعة لا تلزم إلا بعد العلم.(5/454)
الصلاة خلف الجنب
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 20/6/1424هـ
السؤال
أعرف أن هناك إماماً يؤم الناس في المسجد وهو على جنابة، فيا شيخ هل الصلاة من ورائه جائزة، وما حكم من صلى وراءه؟ هل صلاته جائزة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا صلى الإمام وهو محدث فصلاته باطلة بالإجماع، وأما بالنسبة لصلاة المأمومين فنقول بأن صلاة المأمومين صحيحة؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم" رواه البخاري (694) وعمر وعثمان - رضي الله عنهما - كل منهما صلى بالناس وهو جنب فأعاد ولم يأمر الناس بالإعادة، إلا المأموم الذي علم حدثه فإنه لا يجوز له أن يأتم به، ولو ائتم به وهو يعلم حدثه ويعلم الحكم أنه لا يجوز أن يأتم به فصلاته باطلة.(5/455)
صلى وهو جنب ناسياً، فهل يعيدها؟
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 2/8/1424هـ
السؤال
ما حكم من صلى صلاتين المغرب والعشاء وهو جنب، ولم يكن يعلم وقت أداء الصلاة أنه كذلك؟ هل يعيد الصلاة؟ أم أنها صحيحة وذلك لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما نزل عليه جبريل وهو يصلي، وأخبره بأن في قدمه نجاسة فما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن أزالها وقام بإكمال صلاته دون إعادتها؟ وإن وجبت إعادة الصلاة، فما هو المستفاد من فعل النبي - عليه الصلاة والسلام -؟
الجواب
من صلى جنباً جاهلاً أو ناسياً حدثه فصلاته باطلة، وعليه الاغتسال وإعادة الصلاة، بخلاف من صلى وعليه نجاسة جاهلاً بها فصلاته صحيحة، والفرق بينهما أن الأول من باب فعل المأمور، والمأمورات يجب الإتيان بها قدر المستطاع، والسهو عنها لا يخرج به المسلمون من العهدة، كما لو سهى عن صلاة مفروضة فإنه يسقط عنه الإثم ولا تسقط عنه الفريضة، فلذلك لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لُمعَةٌ قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الوضوء والصلاة" رواه أبو داود (175) ، وحديث أنس - رضي الله عنه -: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك" رواه البخاري (597) ، ومسلم (684) ، وأما الثاني وهو إزالة النجاسة فهو من باب التروك التي يطلب من المرء أن يتخلى عنها، فإن فعلها ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شيء لقوله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" [البقرة:286] ، وحيث رفع الله المؤاخذة عنه لم يبق شيء يطالب به وللحديث الذي استدل به، السائل أيضاً.(5/456)
المبطل من الحركات في الصلاة
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 24/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
سمعت أن الذي يتحرك في الصلاة ثلاث حركات اختيارية لا يجوز له أن يتحرك حركة رابعة، وإلا بطلت صلاته، وعليه الإعادة.
وقرأت في الحديث الصحيح: أن من يتثاءب في الصلاة؛ عليه أن يغطي فمه بيده.
فماذا يفعل من يصلي وتحرك ثلاث حركات ثم تثاءب، هل يتحرك حركة رابعة ليغطي فمه بيده؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالحركة الكثيرة المتوالية تبطل الصلاة في أصح قولي العلماء، أما الحركة غير المتوالية فلا تبطل الصلاة، لكنها علامة على عدم الخشوع والطمأنينة في الصلاة، وقد روي عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه" أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول -كما في فيض القدير (5/319) ، وتحديد العدد بثلاث لا دليل عليه.
وإذا تثاءبت في الصلاة فضع يدك على فمك، واكظم ما استطعت، ولا تجعل للشيطان حظاً منك، واعلم أن التعوذ من الشيطان بعد التثاؤب غير مشروع، فالرسول-صلى الله عليه وسلم-لم يأمر بذلك، ولو كان خيراً لدلّنا عليه، وهو الذي أمر بوضع اليد على الفم. انظر سنن الترمذي (2746) ، وابن ماجه (968) ، وأخبر أن التثاؤب من الشيطان. انظر صحيح البخاري (3289) ، ومسلم (2994) ، لكن لم يأمر بالتعوذ منه في هذه الحالة، والخير كل الخير في اتباع هدية-صلى الله عليه وسلم- وفقنا الله لسلوك هدي خاتم النبين وقدوة الخلق أجمعين، وصلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.(5/457)
الصلاة خلف من يلحن في القراءة
المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 11/10/1426هـ
السؤال
هل الصلاة خلف إمام يلحن في قراءته تبطل صلاة المأموم؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالواجب ألا يُعين في إمامة المساجد إلا من يُحسن القراءة من غير لحن، فإن كان الإمام يلحن في القرآن، وكان لحنه لا يحيل المعنى فلا حرج في الصلاة خلفه، وأما إن كان يلحن لحناً يحيل المعنى فإنه يجب تنبيهه والفتح عليه، فإن أعاد القراءة مستقيمة -فالحمد لله- وإلا لم تجز الصلاة خلفه، ووجب على الجهة المسئولة عزله. واللحن المحيل للمعنى مثل أن يقرأ: "أنعمت عليهم" بكسر التاء أو ضمها.
ولا يجوز للمصلين التساهل بالصلاة خلف من لا يحسن القراءة؛ لكونه يلحن لحناً يحيل المعنى، بل المتعين في حقهم تقديم من يحسن القراءة من غير لحن مطلقاً، لا سيما مع كثرة المعتنين بكتاب الله تعالى قراءة وحفظاً في هذا الزمان. والله أعلم.(5/458)
دليل منع الضحك في الصلاة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 18/06/1425هـ
السؤال
ما هو الدليل على منع الضحك بصوت مرتفع في الصلاة؟ وهل التبسم يبطلها؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالمصلي ممنوع من الكلام أثناء الصلاة، وهذا الأمر قد أجمع عليه أهل العلم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث معاوية بن الحكم السلمي-رضي الله عنه- الذي أخرجه الإمام مسلم (537) : "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن"، فالأقوال التي تقال في الصلاة حصرها النبي - صلى الله عليه وسلم- في التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن، فلا يجوز أن تتكلم في الصلاة بما هو من كلام الناس، وإذا ضحك المصلي في الصلاة بطلت صلاته؛ لأن هذا ينافي الخشوع، والحال التي ينبغي أن يكون عليها المصلي، بل قد يكون فيه شيء من الاستهزاء بهذه العبادة التي هو فيها، وبناء على ما تقدم فلا يجوز للمصلي أن يضحك في الصلاة، فإذا ضحك في الصلاة بطلت صلاته. أما التبسم فلا يأخذ هذا الحكم؛ لأنه ليس بضحك. والله أعلم.(5/459)
صلى بالناس ناسياً أنه جُنُب
المجيب سليمان بن صالح الراشد
مدير أعمال لجنة الشؤون الإسلامية بالشورى
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 12/10/1426هـ
السؤال
ما حكم من صلى وهو جُنُب، علماً أنه صلى يوماً إماماً؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيجب على من صلى وهو جنب أن يعيد الصلاة التي صلاها على هذه الحال، أما
من صلى خلفه فليس عليه شيء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/460)
سجد الإمام للسهو بعد السلام فما يصنع المسبوق؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/سجود السهو
التاريخ 10/8/1422
السؤال
رجل مسبوق بالصلاة، وصار على الإمام سجود سهو بعد السلام، فماذا يصنع هذا المسبوق إذا سلم الإمام سلامه الأول قبل السجود؟ هل يسلم معه متابعة للإمام ويسجد معه للسهو؟ وإذا سلم سلامه الثاني بعد سجود السهو قام وأتى بما فاته من الصلاة، أم أنه لا يسلم معه وينفصل عن إمامة من حين سلامه الأول، وهل السلام الأول هو الذي تنقضي به الصلاة، أم السلام الثاني؟
الجواب
على هذا المصلي إذا سلم الإمام السلام الأول، وكان يظن أن الإمام سيسجد للسهو فله أن ينتظر ولا يسلم، فإذا سجد الإمام سجد معه، وإن كان بعد ما سلم الإمام التسليم الأول قام، ثم رأى أن الإمام يريد السجود عن السهو فلا يرجع للسجود مع الإمام، وإنما يكمل صلاته، فإذا انتهى من صلاته سجد هو للسهو الذي فات عليه، لكون الإمام جعله بعد السلام، ولا يسوغ له أن يسلم مع الإمام لأجل أن يسجد معه السجود الثاني؛ لأن السلام انصراف من الصلاة، وهو لم يتمّ صلاته بعد.(5/461)
إذا نسي الإمام التشهد الأول في الصلاة؟
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/سجود السهو
التاريخ 29/4/1422
السؤال
صليت العشاء إماماً فلم اجلس للتشهد الأول ولم ينبهني أحد من المأمومين وبعد خروجي من المسجد غلب على ظني أنني تركت التشهد الأول، ثم سمعت اثنان يتكلمان يقولان: إن الإمام لم يجلس للتشهد الأول. بعدها أيقنت أنني لم اجلس للتشهد.
فما حكم ذلك لي وللمأمومين؟
الجواب
من ترك التشهد الأول في الصلاة سهواً وجب عليه أن يسجد للسهو سجدتين قبل السلام، فإن لم يسجد للسهو نسياناً أو جهلاً بالحكم ثم ذكر ذلك أو عَلِمَهُ بعد السلام من الصلاة سجد سجدتين إن كان قريباً، وإلا أعاد الصلاة، هذا أظهر الأقوال في المسألة، لأن التشهد الأول واجب في أظهر قولي العلماء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نسي التشهد الأول فسجد للسهو قبل السلام، وهذا مُخرَّج في الصحيحين من حديث عبد الله بن بحينة، ولولا أنه واجب ما جبره بالسجود، فدل ذلك على أن السجود بدل من التشهد، والبدل له حكم المبدل منه, فلا بد من الإتيان به.
وأما من صلى معك فلا تُكَلَّف إخبارهم بهذا الحكم، بل الواجب على كل واحدٍ منهم أن يسأل عن أمور دينه، وفقك الله.(5/462)
صلى الظهر ركعتين سهواً
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/سجود السهو
التاريخ 1/11/1423هـ
السؤال
لو أن شخصاً صلى صلاة الظهر ثم سلم بعد التشهد سهواً في الركعة الثانية، فما هو الحكم في هذه الحالة؟
الجواب
عليه أن يقوم ويكمل صلاته ثم يسجد للسهو، والأفضل في مثل هذه الحال أن يكون سجوده للسهو بعد السلام، فإن سجد قبل السلام صح.(5/463)
مواضع سجود السهو
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الصلاة/سجود السهو
التاريخ 3/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
متى يشرع سجود السهو؟
الجواب
سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب:
سـ/ ما أسباب سجود السهو؟
جـ/ سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة:
(1) الزيادة.
(2) والنقص.
(3) والشك.
فالزيادة: مثل أن يزيد الإنسان ركوعاً، أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً.
والنقص: مثل أن ينقص الإنسان ركناً، أو ينقص واجباً من واجبات الصلاة.
والشك: أن يتردد، كم صلى ثلاثاً، أم أربعاً مثلاً.
أما الزيادة فإن الإنسان إذا زاد الصلاة ركوعاً أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً متعمداً بطلت صلاته؛ لأنه إذا زاد فقد أتى بالصلاة على غير الوجه الذي أمره به الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" مسلم (1718) .
أما إذا زاد ذلك ناسياً فإن صلاته لا تبطل، ولكنه يسجد للسهو بعد السلام، ودليل ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حين سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- من الركعتين في إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر فلما ذكّروه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بما بقي من صلاته، ثم سلم ثم سجد سجدتين بعدما سلم، انظر البخاري (482) ، ومسلم (573) وحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الظهر خمساً فلما انصرف قيل له: أزيد في الصلاة؟ قال:"وما ذاك؟ " قالوا: صليت خمساً، فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين البخاري (404) ، ومسلم (572) .
أما النقص: فإن نقص الإنسان ركناً من أركان الصلاة فلا يخلو:(5/464)
إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده.
وإما ألا يذكره إلا حين يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلاً عن التي ترك ركناً منها فيأتي بدلها بركعة، وفي هاتين الحالتين يسجد بعد السلام، مثال ذلك: رجل قام حين سجد السجدة الأولى من الركعة الأولى ولم يجلس ولم يسجد السجدة الثانية، ولما شرع في القراءة ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين، فحينئذ يرجع ويجلس بين السجدتين، ثم يسجد، ثم يقوم فيأتي بما بقي من صلاته، ويسجد السهو بعد السلام.
ومثال لمن لم يذكره إلا بعد وصوله إلى محله من الركعة الثانية: أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى ولم يسجد السجدة الثانية ولم يجلس بين السجدتين، ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين في الركعة الثانية، ففي هذه الحالة تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى، ويزيد ركعة في صلاته، ويسلم ثم يسجد للسهو.
أما نقص الواجب: فإذا نقص واجباً وانتقل من موضعه إلى الموضع الذي يليه مثل: أن ينسى قول:"سبحان ربي الأعلى" ولم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود، فهذا قد ترك واجباً من واجبات الصلاة سهواً فيمضي في صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ترك التشهد الأول مضى في صلاته ولم يرجع وسجد للسهو قبل السلام انظر البخاري (1224) ، ومسلم (570) .
أما الشك فإن الشك وهو: التردد بين الزيادة والنقص، مثل: أن يتردد هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فلا يخلو من حالين:
إما أن يترجح عنده أحد الطرفين الزيادة أو النقص، فيبني على ما ترجح عنده ويتم عليه ويسجد للسهو بعد السلام، وإما ألا يترجح عنده أحد الأمرين فيبني على اليقين وهو الأقل ويتم عليه، ويسجد للسهو قبل السلام مثال ذلك: رجل يصلي الظهر ثم شك هل هو في الركعة الثالثة أو الرابعة، وترجح عنده أنها الثالثة فيأتي بركعة، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو.(5/465)
ومثال ما استوى فيه الأمران: رجل يصلي الظهر فشك هل هذه الركعة الثالثة، أو الرابعة، ولم يترجح عنده أنها الثالثة، أو الرابعة فيبني على اليقين وهو الأقل، ويجعلها الثالثة ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم.
وبهذا تبين أن سجود السهو يكون قبل السلام فيما إذا ترك واجباً من الواجبات، أو إذا شك في عدد الركعات ولم يترجح عنده أحد الطرفين.
وأنه يكون بعد السلام فيما إذا زاد في صلاته، أو شك وترجح عنده أحد الطرفين.
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- الجزء (14/14-17) ] .(5/466)
نسيان سنة في الصلاة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/سجود السهو
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
ما حكم نسيان أي سنة في الصلاة؟ وهل القراءة في الصلاة الجهرية وراء الإمام ضرورية؟ وما حكم مسك الريح قبل وبعد وأثناء الصلاة؟ والسلام عليكم.
الجواب
سنن الصلاة لا تبطل الصلاة بتركها سهواً أو عمداً، ولكن إذا ترك مسنوناً من مسنونات الصلاة نسياناً، وكان من عزمه أن يأتي به سن له السجود؛ لأنه قول مشروع فيجبره بسجود السهو، أما لو ترك السنة عمداً فلا يشرع له السجود لعدم وجود السبب وهو السهو.(5/467)
من أحكام سجود السهو
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/سجود السهو
التاريخ 06/11/1425هـ
السؤال
ما طريقة الأحناف في سجود السهو؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الواجب على من يسأل عن أحكام دينه أن يسأل عنها وفق ما جاء في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم; فإذا تبين له الحكم مما جاء في الأدلة الشرعية فعليه الأخذ به والعمل بمقتضاه، ولا يحسن بالمسلم أن يسأل عن حكم الشيء على مذهب فلانٍ أو فلانٍ؛ لأن أهل العلم جميعًا إنما يعملون بالكتاب والسنة وينطلقون منهما. وعلى كلٍّ فإن لسجود السهو أحكامًا جاءت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم; وبيَّنها أهل العلم، وأهمها:
أولًا: أسباب سجود السهو ثلاثة، هي: الزيادة في الصلاة سهوًا، كزيادة ركعة أو سجدة، والنقص منها سهوًا، كنقص ركعة أو سجدة، والشك فيها، فإذا حصل سببٌ من هذه الأسباب شُرِعَ للمصلي أن يسجد سجدتين للسهو.
ثانيًا: يجوز سجود السهو قبل السلام وبعده؛ لورود الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم; بذلك، والأمر فيه واسع، لكن قال بعض أهل العلم: إن الأفضل أن يكون السجود قبل السلام، إلا في موضعين، هما:
الموضع الأول: إذا سلم قبل تمام الصلاة، كأن يسلم بعد الركعة الثانية من صلاة الظهر سهوًا، فإنه يكمل صلاته، ثم يسلم، ثم يسجد بعد السلام؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم; حينما سلم من الركعة الثانية في صلاة الظهر أو العصر، ثم أكمل صلاته، ثم سلم، ثم سجد سجدتين للسهو. متفق عليه: البخاري (714) ومسلم (573) .(5/468)
الموضع الثاني: إذا شك في صلاته فلم يدرِ كم صلى ثلاثًا أم أربعًا في الرباعية، أو اثنتين أم ثلاثًا في المغرب، أو واحدةً أو اثنتين في الفجر، فإذا شك في ذلك وغلب على ظنه أحد الأمرين فإنه يعمل به، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين للسهو؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ". رواه البخاري (401) .
ثالثًا: إذا كان الإنسان في صلاة جماعةٍ فإن الإمام يتحمَّل عن المأموين سهوهم، فإذا سجد الإمام للسهو سجد المأمومون معه، وإن لم يسجد لم يسجدوا ولو حصل من أحدهم سهو؛ لأن الإمام يتحمل هذا الأمر عن المأمومين، لكن لو كان المصلي مسبوقًا وحصل منه السهو مع إمامه أو فيما انفرد به بعد سلام إمامه فإنه يسجد للسهو؛ لأنه حينئذٍ بمثابة المنفرد.
رابعًا: الدعاء في سجود السهو كالدعاء في سجود الصلاة.
ما سبق ذكره هو أهم أحكام سجود السهو، ومن أراد الاستزادة من ذلك فعليه بكتب أحاديث الأحكام أو كتب الفقه، وذلك في باب سجود السهو من كتاب الصلاة.
والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(5/469)
متابعة الإمام إذا قام للخامسة
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
كتاب الصلاة/سجود السهو
التاريخ 13/04/1426هـ
السؤال
صلينا العشاء جماعة، فقام الإمام إلى الخامسة سهواً، ونبهناه إلا أنه أصر على القيام، فتابعناه في صلاته حتى أنهى الركعة الخامسة، وسجد للسهو، وسلم وسلمنا معه، فهل الصلاة صحيحة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يجوز لكم متابعة الإمام إذا قام إلى خامسة في رباعية، أو إلى رابعة في صلاة المغرب، أو إلى ثالثة في صلاة الفجر، وإذا فعلتم ذلك متعمدين عالمين بهذا الحكم فصلاتكم غير صحيحة، أما إن كنتم جاهلين أو غير متأكدين فصلاتكم صحيحة بلا إشكال؛ لأن القاعدة: أن من فعل محظوراً في عبادة جاهلاً أو مكرهاً أو ناسياً فعبادته صحيحة ولا إثم عليه، ولا كفارة؛ للأدلة المعلومة في عدم مؤاخذة الجاهل والناسي والمكره. والله أعلم.(5/470)
رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة
المجيب محمد بن عبد العزيز العامر
القاضي بمحكمة جدة
كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة
التاريخ 7/4/1422
السؤال
السؤال: ما حكم رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة؟
الجواب
جاء في الصحيح عن ابن عباس (رضي الله عنهما) ما يدل على أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من الصلاة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم كانوا يعرفون انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، لكن ذهب الجمهور إلى أن هذا الفعل منسوخ ولم يتبين لنا ناسخ صريح لذلك، ولذا فالذي نراه أن الجهر بالذكر بعد الصلاة مشروع لصحة الدليل عليه والله أعلم.(5/471)
رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة
التاريخ 2/5/1422
السؤال
ما حكم رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة؟
الجواب
رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة لا أصل له، ولم ينقل عن أحد من الصحابة وإنما المشروع بعد الفريضة الذكر من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وإذا رأيت من يفعل ذلك فعليك بمناصحته بلطف ورفق فإن الرفق ما كان في شئ إلا زانه.(5/472)
الدعاء عقب الصلوات المفروضة
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة
التاريخ 27/5/1424هـ
السؤال
نذهب لزيارة بعض الأصدقاء وعندما يأتي وقت الصلاة كصلاة المغرب مثلاً نصلي جماعة (في البيت) ,لبعد المساجد (في غير الجمعة) والحمد لله, وعندما تنتهي الصلاة يسلم الإمام على الرجال، ويقول لهم تقبل الله منكم، ويقولون له مثل ذلك, ثم يبدأ بالدعاء ويختم قائلاً إلى روح والدينا وأرواح أموات المسلمين جميعاً، وإلى روح نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الفاتحة، ويبدأ الجميع بقراءة الفاتحة في سره. هل يجوز ذلك أم هو حرام؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
السؤال فيه عدة جزئيات، أهمها حكم الصلاة التي تقام جماعة في البيوت، وهذه لا حرج فيها، وهي جائزة إن شاء الله تعالى، خاصة في حق من يعيشون في بلاد لا يدين أهلها بالإسلام، والمساجد فيها قليلة، وإن كان الأفضل في حق الرجال أن يحرصوا على أدائها في المساجد، لما في ذلك من الفوائد العظيمة التي تتحقق من التقاء المسلمين مع بعضهم البعض.
وأما الشق الثاني: وهو ما يقوم به المصلون بعد فراغهم من صلاتهم، فهذا قد ورد فيه من الأحاديث ما بين فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الصلاة، فكل ما نقل من الأوراد والهيئات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مشروع فعله وقوله، والمسلم محكوم في باب العبادات بضابطين اثنين هما: الإخلاص والمتابعة، أي إخلاص العمل لله تعالى، وإيقاع العمل وفق ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فإذا اختل الشرط الأول كان العمل غير مقبول، وإذا اختل الشرط الثاني كان أمراً محدثاً في الدين، وهو مردود على صاحبه.
ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن صحابته من بعده أنهم كانوا يخصون أدبار الصلوات بالأذكار والأدعية الجماعية، والخير كل الخير في اتباعهم، والله أعلم.(5/473)
استقبال الإمام القبلة بعد السلام
المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة
التاريخ 5/5/1424هـ
السؤال
لدينا إمام غير راتب في المسجد من الإخوة العرب، بعد أن ينتهي من الصلاة يستدير جهة المأمومين يسبح ويهلل، ثم بعد حوالي أربع دقائق يستدير مرة أخرى جهة القبلة ـ وهو لا يزال في المحراب ـ ليدعو بصوت غير مسموع وبدون رفع يديه ـ وهو مداوم على هذا التصرف ـ هل تصرفه له أثر في السنة الشريفة. أم أنه نوع من البدعة، وجزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد ورد عن أبي أمامة - رضي الله عنه- قال: قيل" يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أي الدعاء أسمع قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات" رواه الترمذي (3499) وغيره، كما ورد فعل ذلك عن الصحابة - رضي الله عنهم -.
وما يفعله هذا الإمام غير الراتب لا يدخل تحت البدعة حتى ولو داوم عليه، لأن هذا ما وردت به السنة.
لكن متى كان هذا الفاعل رجلاً مرموقاً بين الناس وهو محل للاقتداء، وكان يفعل ذلك أمام الناس وبحضرتهم وعلى صورة مستمرة خشي أن يظن بعض الجهال والعوام أن ذلك من الأمور الواجبة بعد الصلاة وأنه لا يسع المصلي تركه.
فمن هذه الجهة وسداً لذريعة الاعتقاد الخاطئ ودرءاً للبس يحسن لهذا الفاعل أن يترك الدعاء أحياناً، وهذا من باب الفقه في الدين، والاحتياط في بيان هذه الشريعة.
ولهذا الباب أعني سد الذرائع أصل في فعل السلف، فقد كان بعض الصحابة - رضي الله عنهم - يترك الأضحية مع قدرته عليها خشية أن يظن الناس أنها واجبة.
أما الدعاء جماعة؛ بحيث إن الإمام يدعو ويؤمن المأمومون على دعائه، يداومون على ذلك، فهذا الفعل بدعة قطعاً.(5/474)
والدليل على بدعيته أن ذلك لم ينقل فعله عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه - رضي الله عنهم -، وكذا لم ينقل فعله عن الصحابة - رضي الله عنهم.
اللهم إلا إن فعل ذلك على سبيل التعليم أو لعارض، لكن دون مداومة، مع أمن ذريعة أن يعتقد بعض الناس مشروعيته أو سنته بعد كل صلاة، والحاصل: أن الدعاء مشروع بل مسنون في أدبار الصلوات المكتوبات، وهو من مواطن إجابة الدعاء، لكن هل يدعو قبل التسليم من الصلاة أو بعد الانصراف من الصلاة فقد اختلف أهل العلم في معنى (دبر الصلاة) هل هو آخر الصلاة قبل التسليم منها، أو هو بعد الانصراف من الصلاة؛ لأن دبر الشيء يحتمل في اللغة كلا المعنيين، والأمر في هذا واسع، لكن من أراد أن يدعو بعد الانصراف من الصلاة كان الأولى في حقه أن يؤخر دعاءه حتى يفرغ من الإتيان بالأذكار التي تقال بعد الصلاة، والله الموفق.(5/475)
التحول من إمام إلى آخر
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/صلاة المسبوق
التاريخ 13/7/1425هـ
السؤال
هل يجوز تغيير النية داخل الصلاة؟ بمعنى أن رجلاً اتخذ إماماً وكان هذا الإمام مسبوقاً في الصلاة، فلم يستجب هذا الإمام للمأموم، فقام المأموم بتغيير هذا الإمام بمسبوق آخر. أفيدونا. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بالنسبة للمسبوق إذا أتى للمسجد ينتظر حتى يجد بعض المسبوقين من أمثاله ممن يريدون قضاء هذه الصلاة فيصلي معهم، ولم يرد أن الشخص يدخل مع شخص مسبوق قد أدرك جزءاً من الصلاة فيتخذه إماماً له، ولذا فالأولى له الانتظار حتى يدخل بعض الناس من أمثاله فيصلي معهم جماعة، ولا يفعل هذا الفعل، وهو تنبيه بعض المسبوقين حتى يكون إماماً له، وبالنسبة للمسبوق لو أراد أن يحول النية من نية الانفراد إلى نية الإمامة فهذا جائز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- في ليلة من الليالي كان يصلي وحده، ثم أتى بعد ذلك ابن عباس - رضي الله عنهما- وصلى معه فأتم النبي - صلى الله عليه وسلم- به الصلاة، والحديث مخرج في الصحيحين. البخاري (883) ، ومسلم (763) .(5/476)
الصلاة خلف من لا يحسن القراءة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 15/5/1422
السؤال
ما حكم من صلّى خلف إمامٍ لا يُحسن قراءة الفاتحة، بمعنى أنه يرفع المنصوب، وينصب المرفوع، أي لا يُحسن المعاملة في علامات البناء والإعراب، ولقد سمعت أنّ الإمام إذا أخطأ في هذه، فإن صلاة المأموم غير صحيحة، والله أعلم. ومع الأسف نجد من يتولى الإمامة من هذه الشريحة الجاهلة.
الجواب
إذا لَحَن الإمام في الفاتحة لحناً يحيل المعنى، فلا تصح صلاته، ولا من خلفه.
وإذا كان لحنه لا يحيل المعنى فالصلاة صحيحة - إن شاء الله -.
ومثال اللحن الذي يحيل المعنى، رفع التاء من قوله تعالى: ((صراط الذين أنعمت عليهم)) . واللحن الذي لا يحيل المعنى، رفع الباء من قوله تعالى: ((الحمد لله رب العالمين)) . والله أعلم.(5/477)
إذا انتقض وضوء الإمام
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة
التاريخ 15/5/1422
السؤال
إذا انتقض وضوء الإمام ماذا يفعل؟
الجواب
إذا بطلت طهارة الإمام في الصلاة بطلت صلاته؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) . وأما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) رواه البخاري. ولأن عمر -رضي الله عنه- لما طُعن استخلف عبد الرحمن بن عوف.
والأفضل للإمام أن يستخلف كما فعل عمر، فإن لم يفعل استخلف المأموم، أو صلوا فرادى.(5/478)
متابعة الإمام بسماعه أم برؤيته؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 22/7/1422
السؤال
هل متابعة المأموم لإمامه يكون على التكبير، أم على فعل الإمام؟
الجواب
الذي يظهر أنّ في المسألة تفصيلاًَ يقتضيه حال المأموم ومكانه من الإمام.
1- فإن كان المأموم بمكان يرى فيه الإمام، فمتابعته له تكون بعد تحقُّق الأمرين جميعاً: التكبير والفعل؛ لأن بعض الأئمة يشرع في الانتقال إلى الركن ثم يكبِّر، وبعضهم يقدِّم التكبير ثم يشرع في الانتقال. وقد أخرج البخاري عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده، لم يحْنِ أحدٌ ِمنَّا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداًَ، ثم نقع سجوداً بعده. وفي سنن أبي داود: عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما جُعل الإمام ليؤتمّ به، فإذا كبّر فكبّروا، ولا تكبّروا حتى يكبّر وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع)) .
2- وإن كان المأموم بعيداً عن الإمام بحيث لا يراه، فهذا لا تكون متابعته له إلا على تكبيرهِ؛ لاستحالة متابعته على الفعل، وما شرع للإمام رفع الصوت بالتكبير إلا لتحقيق الائتمام به.(5/479)
هل يجوز للمقعد أن يؤم المصلين؟!
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 22/2/1425هـ
السؤال
أنا معاق لا أقدر على القيام، هل تجوز لي إمامة المصلين؟ وكيف تصلي زوجتي معي جالسة أم قائمة؟ ولكم الشكر.
الجواب
إذا كنت لا تقدر على القيام فلا تجوز لك إمامة القادرين على القيام لا في المسجد ولا مع زوجتك، قال في المغني: (ولا يؤم القاعد من يقدر على القيام إلا بشرطين: أحدهما: أن يكون إمام الحي نص عليه أحمد.
الثاني: أن يكون مرضه يرجى زواله؛ لأن إمامة من لا يرجى زوال علته يفضي إلى ترك القيام على الدوام) .(5/480)
الصلاة خلف الأشعري
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 4/12/1424هـ
السؤال
يا شيخنا الفاضل: هل يجوز لي الصلاة خلف شيخ يصرح بعقيدته الأشعرية، ويجيز التوسل بالرسول -عليه الصلاة والسلام- ويستدل بحديث الأعمى، وأيضا يقول: كيف تجعلون الحياة سبباً في إجابة الدعاء؟ .أفيدونا -جزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فأقول ومن الله أستمد العون والتوفيق:(5/481)
حديث توسل الأعمى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- واسشفاعه به أن يرد الله -تعالى- بصره رواه الترمذي (3578) ، وابن ماجة (1385) وغيرهما عن عثمان بن حنيف - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-،ومن الناس من يقول: إن هذا يقتضي جواز التوسل به - صلى الله عليه وسلم- حياً وميتاً، ويحتج به من يتوسل بذاته بعد موته وفي مغيبه، وهذا الحديث في صحته نظر، وقد بين بعض المحققين من أهل العلم أنه على تقدير صحته فليس فيه دليل على التوسل بذات النبي - صلى الله عليه وسلم- بل فيه التوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم- ربه أن يرد إلى هذا الأعمى بصره، والمسألة كما ترى خلافية، والراجح فيها عدم جواز التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم-، وأما الشيخ الذي ذكرته في سؤالك فأرى لك أن تناقشه مناقشة علمية هادئة مبناها على المناصحة وتحري إصابة الحق في هذه المسألة أو غيرها من المسائل إن كانت لديك القدرة على ذلك، وأما الصلاة خلفه فقد ذكر العلماء أنه ليس من شرط الإئتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه فيقول: ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف مستور الحال، ولو صلى مبتدع يدعو إلى بدعته، أو فاسق ظاهر الفسق وهو الإمام الراتب الذي لا يمكنه الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة والعيدين والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك، فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف. ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند أكثر العلماء، والصحيح أنه يصليها، ولا يعيدها، فإن الصحابة - رضي الله عنهم- كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون، كما كان عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- يصلي خلف الحجاج بن يوسف، وكذلك أنس - رضي الله عنه-، وكان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط.(5/482)
وفي الصحيح أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه- لما حصِر صلى بالناس شخص فسأل سائل عثمان- رضي الله عنه-: "إنك إمام عامة، وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة، فقال: يا ابن أخي، إن الصلاة من أحسن ما يفعل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإذا أسأؤوا فاجتب إساءتهم"خرجه البخاري في صحيحه بشرحه الفتح كتاب الأذان/ باب إمامة المفتون والمبتدع حديث رقم (695- ج-2/188) . والفاسق والمبتدع صلاته في نفسها صحيحه، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب.
ومن ذلك أن من أظهر بدعة وفجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين فإنه يستحق التعزير حتى يتوب فإن أمكن هجره حتى يتوب كان حسناً، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك في إنكار المنكر حتى يتوب، أو يعزل، أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان في ذلك مصلحة شرعية، ولم تفت المأموم جمعة ولا جماعة. وأما إذا أدى ذلك إلى أن تفوته الجمعة، فهنا لا يترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف للصحابة - رضي الله عنهم-، وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور ليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية فهنا لا تترك الصلاة خلفه، بل الصلاة خلفه أفضل، فإذا أمكن الإنسان ألا يقدم مظهراً للمنكر في الإمامة وجب عليه ذلك، لكن إذا ولاه غيره ولم يمكنه صرفه عن الإمامة أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا أعظم ضرراً أعظم من ضرر ما أظهر من المنكر فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان فتفويت الجمع والجماعات أعظم فساداً من الاقتداء فيهما بالإمام الفاجر، لا سيما إذا كان التخلف عنها لا يدفع فجورا، ً فيبقى تعطيل المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة.(5/483)
وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر فهذا أولى من فعلها خلف الفاجر، فتأمل هذا -يا أخي- وتدبره؛ فإن الحاجة ماسة إلى فهمه، وانظر بسط القول في هذا في شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (2/529-534) ، وانظر في التوسل مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (3/286-287) ، ومنهاج السنة النبوية (1/66) ، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية فتاوى العقيدة المجلد (1/349-354) . والله الموفق، وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(5/484)
الائتمام بمن لم ينو الإمامة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 3/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل من الممكن أن أصلي خلف زوجي بعد أن بدأ الصلاة بدون أن يكون عنده علم بأني سأصلي خلفه، يعني: ليس عنده نية الجماعة؟
الجواب
نعم لكِ ذلك، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام يصلي ثم قام ابن عباس -رضي الله عنهما- فوقف عن يسار النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده فأداره عن يمينه، وصلى ابن عباس مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلك أن تصلي مع زوجك، وإن لم يكن نوى الإمامة.(5/485)
إمامة المرأة للنساء
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 3/11/1423هـ
السؤال
جعل البعض من العلماء الذكورة شرطاً للإمامة، ومنعوا بذلك إمامة المرأة للنساء مع أن السيدة عائشة قد أمت النساء كما ورد في بعض الكتب، فما رأيكم وما هو الأرجح والأفضل في هذا الخصوص وما شروطه؟
الجواب
الحمد لله وبعد فإن إمامة المرأة للنساء في الصلاة الفريضة أو النافلة مشروعة على الصحيح من أقوال أهل العلم ولا كراهة فيها، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة لما ثبت في سنن أبي داود (591) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها، ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها -، كما أشير في السؤال - أنها أمت نساءً في الفريضة أخرجه البيهقي (3/131) وغيره وصحح إسناده النووي، وجاء ذلك أيضاً عن أم سلمة وغيرها، نفس المرجع.
فإذا تيسر للنساء أن يصلين جماعة كالتراويح فهذا حسن بشرط أن يقتصر الأمر على النساء فلا يطلع عليهم من الرجال الأجانب أحد أو يسمع صوتهن، وتكون من تؤمهن وسطهن لما جاء عن عائشة - رضي الله عنها، والله أعلم.(5/486)
متابعة إمام يترك بعض السنن
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 24/8/1423هـ
السؤال
هل تجب متابعة الإمام إذا لم يقبض ولم يجلس جلسة الاستراحة؟
الجواب
هذه المسألة محل تفصيل، ويتضح هذا ببيان المراد بمتابعة المأموم للإمام، فأقول: المراد بالمتابعة: ألا يسبق المأموم الإمام بفعل من أفعال الصلاة الظاهرة -كما صرح به الإمام النووي في شرح صحيح مسلم-، وألا يتخلف عنه بفعل من الأفعال، سواء في تكبيرة الإحرام، أو في تكبيرات الانتقال، أو في القيام، أو في الركوع، أو في السجود، أو في التسليم من الصلاة.
وعلى هذا، فالواجب متابعة الإمام في ذلك الفعل -بحيث يقوم إذا قام، ويسجد إذا سجد، و ... ويؤدي ذلك في زمنه-، بحيث يقوم بالفعل عقب فعل الإمام بلا تأخر.
وأما هيئة الفعل أو صفته، كالقبض أو السدل حال القيام، والتورك أو الافتراش حال الجلوس، ونحو ذلك من الهيئات، فلا تجب فيها متابعة الإمام، وإنما يفعل المصلي ما يسن له في ذلك الحال، ويدل على ما تقدم حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الثابت في الصحيحين البخاري (722) واللفظ له، ومسلم (414) عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون" وعلى هذا فلا تشرع متابعة الإمام في ترك القبض، بل المشروع قبض اليد اليمنى على اليسرى ووضعهما على الصدر، كما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في حديث وائل بن حجر -رضي الله عنه- الذي رواه ابن خزيمة في صحيحه (1/242 -243) .
هذا بالنسبة لمسألة القبض المذكورة في الشطر الأول من السؤال.(5/487)
وأما بالنسبة لجلسة الاستراحة، فعلى القول بأنها سنة مطلقاً -للمحتاج وغيره- فإن المشروع متابعة الإمام؛ لأن المتابعة واجبة والجلسة سنة، فتقدم المتابعة لهذا السبب، كما أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى 22/451-452) .
بل إن الواجب قد يترك لأجل متابعة الإمام، كما إذا سها الإمام فقام ولم يجلس للتشهد الأول فإن المأموم يلزمه متابعة الإمام ولو ترك الواجب، بل وقد يترك المأموم الركن من أجل متابعة الإمام كما يدل لذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين" والحديث في الصحيحين، سبق تخريجه.
وقد يقال إن هذه الجلسة يسيرة لا يحصل بها تخلف عن الإمام، والجواب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" ... وإذا ركعوا فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا ... " سبق تخريجه فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب دون مهلة، وهذا يدل على أن المشروع في حق المأموم ألا يتأخر عن الإمام ولو يسيراً، وهذا هو حقيقة الائتمام، كما قرر ذلك فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- في (الشرح الممتع 3/192-193) ، والله -تعالى- أعلم.(5/488)
صلاة المرأة مع زوجها
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 28/10/1422
السؤال
كيف يصلي الرجل بزوجته؟
الجواب
إذا صلى الإنسان بامرأة، يعني: الإمام رجل والمأموم امرأة، وهما اثنان فإن المرأة تكون خلف الرجل لا تكون على يمينه، وإنما تكون وراءه، وهم بهذا يعدون جماعة. والله أعلم.(5/489)
مدخن وأصلي بزملائي، فما الحكم؟
المجيب د. سليمان بن قاسم العيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 18/10/1422
السؤال
أنا في عملي أقوم بإمامة زملائي في الصلاة، الحمد لله أنا أحفظ سوراً من القرآن وليس عليّ ملحوظات إلا أنني أدخن وثوبي طويل، فهل يجوز أن أصبح إماماً لهم؟ ولا يوجد أحد من الزملاء المصلين معي أحفظ مني وأحرص على وقت الصلاة، فأنا أذهب إلى المصلى مبكراً وزملائي في معظم الأحيان يتأخرون.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أخي السائل، أنت مأجور - إن شاء الله- على صلاتك بزملائك في العمل لما ذكرت من حالك أنك أكثرهم حفظاً للقرآن؛ لأن الأحق بإمامة القوم أقرؤهم لكتاب الله - سبحانه وتعالى -.
وأما ما ذكرته من التدخين وإطالة الثوب فلا شك أنك مرتكب معصية في هذه الأمور، فيجب عليك البعد عنها والتوبة إلى الله - سبحانه وتعالى - منها، فالدخان من الخبائث التي حرمها الله - سبحانه وتعالى - على عباده، كما أن إطالة الثوب من الذنوب العظيمة التي جاء فيها التهديد والوعيد، كما في صحيح مسلم (106) عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلاّ منَّة، والمنفِّق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره " والله أعلم.(5/490)
صلاة العشاء خلف من يصلي المغرب
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 23/10/1422
السؤال
توقفت لأداء صلاة المغرب في إحدى المحطات وأنا مسافر بين القصيم والرياض وعند الانتهاء من صلاة المغرب قمت أنا ومجموعة معي والتحقنا بجماعة أخرى ظنا منا أنهم يصلون العشاء جمع تقديم ولكن تبين لنا بعد التشهد الأول أنهم يصلون المغرب حيث أن الإمام قام للركعة الثالثة فوجدت الناس على ثلاث حالات: فمنهم من سلم وانصرف، ومنهم من قام مع الإمام ثم جاء بركعة رابعة ثم سلم، ومنهم من جلس ينتظر الإمام في التشهد الأول حتى أتم الإمام الركعة الثالثة ثم سلم معه.
السؤال: أي الحالات الثلاث هي التي وافقت السنة؟
الجواب
الحمد لله: ما ذكره السائل هي مسألة: إمامة من يصلي فرضاً بمن يصلي فرضاً غيره وهي من المسائل الخلافية عند الفقهاء:
فالجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة يرون عدم صحة إئتمام من يصلي فرضاً خلف من يصلي فرضاً آخر، لاختلاف النية بينهما.
ويرى الشافعية، وشيخ الإسلام، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين -رحمهم الله-: صحة تلك الصلاة: لعموم الأدلة، وبناء على أنه لا يضر اختلاف نية الإمام عن نية المأموم إذ لا دليل عليه من الشرع.
وعلى هذا: فإنكم صليتم العشاء خلف من يصلي المغرب وقلنا بصحة هذه الصلاة فماذا تفعلون؟ أقرب الأجوبة عندي أنكم تتمون صلاة العشاء بركعة رابعة، ولو حصل العكس وصليتم المغرب خلف من يصلي العشاء أربعاً فإنه لا بد لكم من التوقف عند الركعة الثالثة في التشهد وانتظار الإمام حتى يأتي بالرابعة ثم يسلم ثم تسلمون بعده ليقع سلامكم (الذي هو ركن في الصلاة) بعد سلام الإمام فتحصل لكم المتابعة المطلوبة شرعاً، والله تعالى أعلم.(5/491)
ينظر كتاب: مجموع فتاوى الشيخ / عبد العزيز بن باز (1/481) والشرح الممتع للشيخ / محمد بن عثيمين (4/364) .(5/492)
أصلي بالأطفال فهل أجهر بالقراءة؟
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 20/9/1422
السؤال
إذا صليت بأطفال لم يبلغوا الحلم صلاة جهرية فهل أقرأ جهراً أم لا؟ علماً أن الأطفال تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات إلى سبع، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
المشروع لك الجهر بالقراءة؛ لأنه سنة في حق الإمام، ومثله المنفرد، وإن كان في الأطفال من أتم السابعة فأنتم جماعة؛ لأن أقل الجماعة اثنان. وبالله التوفيق.(5/493)
ضحك الإمام في خطبة الجمعة
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 10/6/1423هـ
السؤال
ما حكم ضحك الإمام أثناء خطبة الجمعة؟ وما الحكم إذا أضحك الحضور؟ وهل هذا يبطل جمعتهم؟ وهل هناك خلاف في المذاهب الأربعة في حكم ذلك؟
حيث إن هذا يحدث في مسجدنا أثناء خطبة الجمعة، وبما أن المصلين من مختلف الجنسيات والمذاهب لم أستطع أن أنكر ذلك؛ لعدم معرفتي إذا كان هناك خلاف أم لا في هذه المسألة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
إذا ضحك الإمام مرة دون قهقهة أو رفع صوت لمناسبة، كما فعل علي -عليه السلام- حين ركب دابته ودعا بالدعاء المعروف حين اعتلاء الدابة، وقال: إنه -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك انظر: الترمذي (3446) وأبو داود (2602) ، فلا شيء فيه -إن شاء الله تعالى-، وأما لغير ذلك فلا ينبغي ولا يجوز، وإذا كان الإمام يفعل ذلك دائماً فهذا ينصح؛ لأن خطبة الجمعة تذكير ووعظ وتعليم وإرشاد، وفعل الضحك ينافي ذلك، فإن استمر فليبحث عن مسجد آخر.
وأما إن كان يضحك ويُضحك الناس معه، كأن يأتي في خطبته من الكلام ما يثير الضحك، فهذا لا يصلى خلفه -إن وجدت جماعة أخرى-، فإن هذا لم يعرف رسالة الخطبة ولا جلال هذا المقام، فهذا ينصح ويبين له المقصود من الخطبة، فإن استقام وإلا يصلى خلفه اضطراراً، سيما في تلك الديار التي يتعذر فيها وجود الجمعة، وأما صلاته فصحيحة، والله أعلم.(5/494)
إمامة الفاسق
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 5/5/1423
السؤال
أنا طالب في أمريكا وأذهب إلى المسجد باستمرار, ولكن إمام ذلك المسجد -وهو الوحيد في المدينة- عليه الكثير من الملاحظات كالكذب وهو أيضاً يسب الشيخ الألباني، وقد قالوا له ما رأيك في الألباني؟ فقال: أعوذ بالله. وقد سب أيضاً بعض العلماء المعاصرين في خطب الجمعة. وإن قراءته للقرآن فيها الكثير من الأخطاء. وهو أيضاً ليس حافظاً للقرآن وإنما بعض السور القصيرة التي دائماً يرددها ولا يبذل قليل الجهد ليحفظ غيرها. فهل لي أن أصلي في بيتي؟
الجواب
لا يجوز تولية الفاسق إمامة الصلاة، فإن أمّ الناس صحت الصلاة خلفه على القول الراجح، وإن كان الأولى والأفضل والأحوط هو الصلاة خلف الإمام العدل إذا تيسر ذلك.
وأما خطأ الإمام في القراءة فإن كان لا يُغير المعنى فلا حرج في الصلاة خلفه، وإن كان يُغير المعنى فلا يصلى خلفه ولا يجوز له أن يتقدم للصلاة بالناس لا سيما اللحن في الفاتحة؛ لأن قراءتها ركن في الصلاة.
ولا يشترط في الإمام أن يكون حافظاً للقرآن كاملاً، لكن عليه الاجتهاد في حفظ وتجويد ما تيسر من القرآن الكريم أو حفظه كله.
وليس للأخ السائل أن يصلي في بيته؛ لأن صلاة الجماعة واجبة على من يسمع النداء من الرجال إلا من كان له عذر من مرض أو خوف.
وينبغي على المأمومين مناصحة الإمام فيما يرونه من معاصٍ، مع الاجتهاد والتحري في تولية الإمامة لأهل العلم المعروفين بالعدالة والاستقامة؛ فإن الإمامة في الصلاة أمانة عظيمة وهي من الإمامة في الدين، وبالله التوفيق.(5/495)
دخول ثالث: يتقدم الإمام أم يتأخر المأموم؟!
المجيب د. سعود بن محمد البشر
عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 19/5/1425هـ
السؤال
عندما أصلي مع الإمام ويأتي شخص ثالث، فهل السنة أن أتأخر عن الإمام أو أن يتقدم الإمام؟ وما رأيكم؟ أنا أسمع الآذان، ولكني أصلي جماعة مع إخوتي في البيت؛ لأن المسجد بعيد، مسافة 350م، فهل علي إثم؟ وماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
كلاهما جائز حسب الأسهل والأرفق، إن تأخر المأموم وصففت معه فحسن، وإن تقدم الإمام خطوات فلا بأس.
ثم إن مسافة 350م قريبة جداً، وتعدون من جيران المسجد فلا يجوز أن تتركوا الجماعة وتصلوا في البيت.(5/496)
إمامة المفضول
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 23/5/1424هـ
السؤال
نحاول إقامة مركز إسلامي في مدينة صغيرة في أمريكا، ويوجد عندنا مسلمون من مناطق شتى، وأحياناً يقوم شخص لا يتقن العربية تماماً بإمامة المصلين، ولا تخرج حروف القرآن من فمه بصورة صحيحة، ولا يتَّبع قواعد التجويد، ومن بيننا من لا يتقن قواعد التجويد، لكنهم يخجلون من التقدم للإمامة، فهل يجوز أن يؤم شخص الصلاة، بينما من المصلين من هو أقدر منه على قراءة القرآن؟ وهل يكون الشخص الآخر مخطئاً لعدم تقدمه للإمامة؟.
الجواب
إذا كان اللحن في الفاتحة فينظر فإن أدغم فيها ما لم يدغم بأن قال: الحمد للرب العالمين، أو أبدل حرفاً بحرف، فقال: الحمد لله لب العالمين، باللام، أو لحن بالفاتحة لحناً يحيل المعنى بأن قال" إياكِ، بكسر الكاف فإمامته لا تصح إلا بمثله، وإن كان لحنه في الفاتحة لا يحيل المعنى بأن فتح كلمة نستعين مثلاً، فهذا تصح إمامته مع الكراهة، وإن كان لحنه في غير الفاتحة فهذا تصح إمامته مع الكراهة، وعلى هذا فيتعين على من يحسن الفاتحة أن يؤم الناس إذا كانت إمامة الإمام لا تصح كما تقدم، فإن كانت إمامة الإمام تصح مع الكراهة فقد خالف هؤلاء الجماعة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" رواه مسلم (673) من حديث أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- وأخشى أن يدخلوا تحت قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال" ذكره الإمام أحمد في الرسالة السنية ضمن مجموعة الحديث النجدية (457) انظر المغنى لابن قدامة (3/16) ، وموسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة (1237) .(5/497)
الأولى بالإمامة
المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان
عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 1/11/1424هـ
السؤال
أريد أن أعرف شروط الإمامة في الصلاة، بمعنى من الأولى بأن يكون الإمام عند الاختلاف بين المصلين؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الأولى بالإمامة الأجود قراءة لكتاب الله تعالى، وهو الذي يجيد قراءة القرآن: بأن يعرف مخارج الحروف، ولا يلحن فيها، ويطبق قواعد القراءة من غير تكلف ولا تنطع، ويكون مع ذلك يعرف فقه صلاته وما يلزم فيها؛ كشروطها وأركانها وواجباتها ومبطلاتها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" مسلم (673) .
وما ورد بمعناه من الأحاديث الصحيحة، مما يدل على أنه يقدم في الإمامة الأجود قراءة للقرآن الكريم، الذي يعلم فقه الصلاة؛ لأن الأقرأ في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون أفقه.
فإذا استووا في القراءة، فيقدم الأفقه (أي: الأكثر فقهاً) ؛ لجمعه بين ميزتين: القراءة والفقه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة" مسلم (673) ، أي: أفقههم في دين الله، ولأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر من احتياجه إلى القراءة؛ لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور، وما يقع فيها من الحوادث غير محصور.
فإذا استووا في الفقه والقراءة؛ قدم الأقدم هجرة، والهجرة: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام.
فإذا استووا في القراءة والفقه والهجرة قدم الأكبر سناً، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وليؤمكم أكبركم"، متفق عليه البخاري (628) ومسلم (674) ؛ لأن كبر السن في الإسلام فضيلة، ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء.(5/498)
والدليل على هذا الترتيب الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سنَّا" (سبق تخريجه) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفضيلة بالعلم بالكتاب والسنة، فإن استووا في العلم، قدم بالسبق إلى العمل الصالح، وقدم السابق باختياره إلى العمل الصالح (وهو المهاجر) على من سبق بخلق الله وهو كبر السن) انتهى.
هناك اعتبارات يقدم أصحابها في الإمامة على من حضر، ولو كان أفضل منه، وهي:
أولاً: إمام المسجد الراتب، إذا كان أهلاً للإمامة لم يجز أن يتقدم عليه غيره، ولو كان أفضل منه، إلا بإذنه.
ثانياً: صاحب البيت، إذا كان يصلح للإمامة لم يجز أن يتقدم عليه أحد في الإمامة، إلا بإذنه.
ثالثاً: السلطان، وهو: الإمام الأعظم أو نائبه، فلا يتقدم عليه أحد في الإمامة، إلا بإذنه، إذا كان يصلح للإمامة.
والدليل على تقديم أصحاب هذه الاعتبارات على غيرهم: ما رواه أبو داود (582) من قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه ... إلا بإذنه"، وفي صحيح مسلم (673) : "لا يؤمن الرجل الرجل في أهله ولا في سلطانه ... إلا بإذنه".
وسلطانه: محل ولايته أو ما يملكه.
قال الخطابي: (معناه: أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة أو العلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة) ، وإذا كان إمام المسجد قد ولاه السلطان أو نائبه أو اتفق على تقديمه أهل المسجد، فهو أحق؛ لأنها ولاية خاصة، ولأن التقدم عليه يسيء الظن به، وينفر عنه.(5/499)
الصلاة خلف الرافضي
المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 18/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا الآن في الخارج للدراسة ويوجد معنا بعض الرافضة فما حكم الصلاة خلفهم، لا سيما أن كل واحد يصلي لوحده خلال ساعات العمل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الصلاة خلف الرافضة الاثني عشرية الذين يلتزمون في مذهبهم أصولاً كفرية كسب جميع الصحابة -رضي الله عنهم- أو تكفيرهم أو اعتقادهم تحريف القرآن أو نقصه فهؤلاء لا تصح الصلاة خلفهم بحال، ولا مصافتهم مأمومين إذا عرف هذا عنهم، سواء صرحوا به أو عرف عنهم الانتساب لأصول تلك الفرقة، ولم يثبت عنهم رجوعهم إلى السنة، وهذا عليه عامة السلف وأئمة السنة، يقول الإمام سفيان بن عيينة -رحمه الله-: (لا تصلوا خلف الرافضي ولا خلف الجهمي ولا خلف القدري..) ، وسئل الإمام أحمد -رحمه الله- عن الذي يشتم معاوية -رضي الله عنه-: أيصلى خلفه؟ قال: (لا يصلى خلفه ولا كرامة) . وقال البخاري -رحمه الله-: (ما أبالي أصليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى) ، ومثله عن الشافعي -رحمه الله تعالى- وغيرهم من الأئمة قديماً وحديثاً.
والذي أراه لك بذل النصيحة لهم ودعوتهم ومحاولة التأثير عليهم، وذلك ممكن كما هو مجرب لكثرة الجهل فيهم والتقليد المجرد عن الدليل.
فاستعن بالله واعتصم به وحده، وكن مؤثراً لا متأثراً، فإن ضعفت أو عجزت فالسلامة لا يعدلها شيء، والله الموفق.(5/500)
إمام يسمع الأغاني ويأتي بعض الكبائر
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 3/8/1424هـ
السؤال
أنا أعمل في كلية الشرطة، ونصلي وراء إمام يسمع الأغاني وعنده بعض الكبائر، وأنا خائف إذا اشتكيته أن يفصلوني من العمل لمحبة الضباط له فماذا أفعل؟.
الجواب
أما بالنسبة للصلاة خلفه فهي جائزة، والصلاة صحيحة، لأن الذي عليه أهل السنة والجماعة جواز الصلاة خلف كل بر وفاجر، ما دام أنه لم يقع في مكفر من المكفرات، ولكن مع هذا حاول مرة بعد أخرى مناصحة هذا الإمام، والمسؤولين كذلك، بالأسلوب المناسب، ولا تمل، لعل الله تعالى أن يجعل هدايته على يديك، وإن كان بالقرب منكم إمام آخر أحسن حالاً منه فصل معه إن أمكن، نسأل الله تعالى أن يهدي المسلمين، والله تعالى أعلم.(5/501)
إمامة المسافر للمقيم والعكس
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 12/8/1424هـ
السؤال
ما حكم إمامة المسافر للمقيم والعكس؟
الجواب
الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يضر اختلاف نية الإمام عن نية المأموم، واختلاف نية المأموم عن نية الإمام، فيجوز أن يصلي المأموم خلف الإمام مع اختلاف النية، فيصلي المأموم نفلاً خلف من يصلي فرضاً، والعكس، وكذلك المسافر خلف المقيم، والعكس، لأنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع صلى بالناس وخلفه مقيمون، وكذلك معاذ بن جبل - رضي الله عنه - كان يصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - الفريضة، فيرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فتكون له نافلة ولقومه فريضة، فالراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يضر اختلاف النيات بين الإمام والمأموم.(5/502)
لا أستيقظ لصلاة الفجر
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 11/4/1424هـ
السؤال
أنا إمام مسجد، أنام عن صلاة الفجر ولا أصليها في الشهر إلا مرة أو مرتين في وقتها، أما في باقي الأيام فأصليها متى ما استيقظت من نومي الساعة التاسعة صباحاً، وأحياناً لا أستيقظ إلا بعد الظهر، فأشعر بالذنب الشديد وأتوب إلى الله، ولكني أعود لفعلي ذلك، ماذا أفعل؟ هل أستمر في إمامتي للمسلمين وأنا على ذلك، أم أترك إمامة المسجد، وأجتهد في الرجوع إلى الله والتوبة النصوح؟ أفيدونا أثابكم الله.
الجواب(5/503)
أولاً: يجب على السائل وغيره أن يعلم أن صلاة الفجر شأنها عظيم، وأن من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، كما روى مسلم (657) من حديث جندب بن عبد الله - رضي الله عنه-، وأن التهاون في التخلف عن صلاة الفجر مع الجماعة من صفات المنافقين، فهي أثقل الصلاة على المنافقين، والصلاة عموماً يجب أن تؤدى في أوقاتها، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها، لقوله تعالى: "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً" [النساء: من الآية103] ، فلا يجوز للإنسان أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، وإنما الواجب عليه أن يتعبد لله على ما شرع الله، وأهم العبادات هي أداء الصلوات، وما ذكر أنه يصليها متى استيقظ في التاسعة أو بعد الظهر؛ فهذا إهمال عظيم، وتهاون كبير بالركن الثاني من أركان الإسلام، ويخشى على هذا من العقاب؛ لأن ذنبه كبير، ووزره عظيم، وأما ما ذكره السائل من أنه هو الإمام للمسجد، فلا يحق له أن يتقدم ويصلي بالناس وهذه حاله، لأن حال مثل هذا الإنسان أقلها الفسق، والإمام يجب أن يكون عدلاً، ولا يصلح أن يكون فاسقاً، وعليه أن يرجع إلى الله ويتوب إليه، ويجتهد في إصلاح نفسه لأنه لا يدري متى يفاجئه الأجل وهو على هذه الحال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - هم بتحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة، وترك ذلك الشيء لما فيها من النساء والذرية، كما رواه البخاري (2420) ، ومسلم (651) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. وروى مسلم (653) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: "فأجب"وفي رواية: "لا أجد لك رخصة" عند أبي داود (552) ، وابن ماجة (792) ، فعلى هذا الإنسان أن يتقي الله(5/504)
ويستحيي من الله، والله - جل وعلا - يمهل ولا يهمل، وإذا أخذ الظالم أخذه أخذ عزير مقتدر، ولا شك أن إهماله للصلاة بهذه الصورة من الظلم العظيم، فنسأل الله - جل وعلا - له الصلاح والهداية والإعانة، وصلى الله على نبينا وآله وصحبه وسلم.(5/505)
الصلاة خلف المبتدع
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 5/1/1424هـ
السؤال
رجل مسلم مستحل ببدعةٍ عقدية غير مكفرة، هل تجوز إمامته في الصلاة أم تكره أم فيها قولان؟
الجواب
الحمد لله، ينبغي للمسلم أن يختار الإمام الذي يصلي خلفه، فلا يصلي خلف مبتدع وهو يقدر على أن يصلي خلف الإمام العدل، أما إذا لم يقدر على أن يصلي في جماعة إلا مع ذلك المبتدع لكونه في بلد ليس فيها إلا مثل هذا المبتدع، أو فيها بعض أهل السنة، ولكنه لا يستطيع الوصول إليهم فلا يدع الجمعة ولا الجماعة لكون الإمام فاسقاً أو مبتدعاً ما دام أنه مسلم؛ فإن حضور الجمعة والجماعات مصلحتها أعظم من مصلحة ترك الصلاة خلف مثل هؤلاء، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يصلون خلف الأمراء الظلمة كما صلى ابن عمر -رضي الله عنهما- خلف الحجاج، وما زال أهل العلم يصلون خلف الأئمة، فلا يعطلون شعائر الإسلام بفجور الإمام أو بدعته.(5/506)
الائتمام بمن لا يميز بين الزاي والذال ...
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
هل تجوز الصلاة خلف إمام غير مجود، ولا يميز في النطق بين الزاي والذال، وبين الغين والقاف، والسين والثاء، وله خطاء في التشكيل.
الجواب
إذا كان الإمام يلحن (يخطئ) في الفاتحة لحنًا يحيل المعنى فلا يصلى خلفه، ويجب تنبيهه والفتح عليه، فإن استقامت قراءته فالحمد لله، وإلا لم تجز الصلاة خلفه.
أما إذا كان اللحن لا يحيل المعنى لم يقدح في الصلاة خلفه ووجب مع ذلك تعلمه وتعليمه.
وبهذا أفتى سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-.(5/507)
الصلاة خلف المبتدعة
المجيب خالد بن عبد العزيز السيف
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 12/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
علماء الديوبندية في مدينتنا يجيزون التوسيط في الدعاء. بمثل التوسط بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم (أو أي رجل صالح متوفى) لكي يدعو الله لهم. وكذلك يجيزون الدعاء عند قبور الصالحين، وللعلم فإن هذه الطائفة تتولى أمور كل المساجد في منطقتنا، ومساجد السلفية ومن لا يتوسلون بعيدة جدا عنا ولا يمكنني الذهاب إليها دائما. فهل يجوز الصلاة خلف من هم على هذه العقيدة؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الأصل في مذهب السلف رحمهم الله الحرص على الصلاة خلف الإمام المتبع للسنة، وكراهة الصلاة خلف المبتدع مع إمكان الصلاة خلف الإمام المتبع للسنة، وقد بوب البخاري في صحيحة في كتاب الأذان باباً قال فيه: (باب إمامة المفتون والمبتدع. وقال الحسن: صل وعليه بدعته) ، وأورد حديثاً عن عبيد الله بن عدي بن خيار أنه دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو محصور فقال: إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى، ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم. صحيح البخاري (695) . وكان الإمام أحمد يقول: إن كان لا علم لديه فأرجو ألا يكون به بأس.(5/508)
وهذا لا يعني أن يتحقق المأموم من عقيدة إمامه وأن يمتحنه بمعتقده، بل يصلي خلف مستور الحال وهذا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين، كما ذكره الإمام ابن تيمية رحمه الله، وأما ما ورد عن أهل السنة من عدم الصلاة خلف المبتدع فإنما هو محمول على الزجر من بدعته وقد فسر ذلك ابن تيمية فقال: (والتحقيق أن الصلاة خلفهم ـ أي المبتدعة ـ لا ينهى عنها لبطلان صلاتهم في نفسها، لكن لأنهم إذا أظهروا المنكر استحقوا أن يهجروا وأن لا يقدموا في الصلاة على المسلمين، ومن هذا الباب ترك عيادتهم وتشييع جنائزهم، كل هذا من بابا الهجر المشروع في إنكار المنكر للنهي عنه. وإذا عرف أن هذا من باب العقوبات الشرعية علم أنه يختلف باختلاف الأحوال من قلة البدعة وكثرتها وظهور السنة وخفائها، وأن المشروع قد يكون هو التأليف تارة والهجران تارة) ، وعلى هذا فالمسلمون في بلاد الغرب من أحوج الناس إلى التأليف وجمع الكلمة وتوحد الجهود في هذا العصر الذي يُنظر فيه إلى المسلمين نظرة شك وارتياب، والصلاة والحالة هذه كما ذكر السائل من أكثر ما يوحد المسلمين ويؤلف بينهم ومن أحسن ما يفعل الناس وعلى هذا تجوز الصلاة خلف من ذكرهم السائل والله أعلم.(5/509)
كيف يؤم الرجل زوجته؟
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 11/7/1424هـ
السؤال
كيف يصلي الرجل بزوجته؟
الجواب
إذا صلى الإنسان بامرأة، يعني: إمام رجل ومأموم امرأة، وهما اثنان فإن المرأة تكون خلف الرجل لا تكون على يمينه، وإنما تكون وراءه، وهم بهذا يعدون جماعة. والله أعلم.(5/510)
إمام للخطبة وإمام للصلاة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 23/06/1425هـ
السؤال
إخواني المفتون: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أما بعد.
فإني أصلي الجمعة في أحد مساجد العاصمة عمان في الأردن، وقد وجدت أن خطيب الجمعة بعد أن ينتهي من خطبته ينزل ويدعو أحد الحاضرين للإمامة بدلاً عنه، مع أنه بصحة ممتازة ويعرف قراءة القرآن، أي لا حرج عليه من أداء الصلاة إماماً، فهل يجوز له أن يدع غيره يصلي إماماً كونه هو الخطيب؟ والمشكلة أيضاً أن من يدعوه للإمامة هو صوفي مبتدع. أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
السنة فيمن تولى الخطبة أن يتولى الصلاة، فإن صلى بالناس الجمعة غير الخطيب فلا بأس، لكنه خلاف الأولى إلا أن يكون لعذر.(5/511)
الصلاة خلف الأئمة الموالين للأنظمة الكافرة
المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 27/10/1424هـ
السؤال
هل يدخل في حكم الموالاة الأئمة التابعون للأنظمة الكافرة؟ وهل تجوز الصلاة وراءهم؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً: الحكم على الأنظمة بالكفر مطلقاً فيه مجازفة وتسرع، فلا يحكم بالكفر على قول، أو فعل أو نظام إلا العلماء الراسخون بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع.
ثانياً: إذا تبين للعلماء أن نظاماً كفر بالبينات، فلا يعني ذلك جواز تكفير الأشخاص بأعيانهم من الحكام وأتباعهم إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع من قبل العلماء الراسخين، فليس كل من حكم بغير ما أنزل الله يكفَّر، وإن كان الحكم كفراً.
ثالثاً: إن حكم العلماء على حاكم أو شخص بالكفر، فلا يعني ذلك تكفير من يعمل في ولاياته من وزراء وموظفين وجنود ونحوهم.
ففي عهود السلف الصالح ابتليت الأمة بحكام الباطنية وهم من أكفر الخلق بإجماع العلماء، ومع ذلك لم يكفر السلف من كانوا تحت ولاياتهم ما لم يكونوا على مذهبهم.
وعليه فإن أئمة المساجد ومن يؤمون المصلين من المسلمين يُصلى خلفهم، ولا يجوز ترك الصلاة خلف أي مسلم إلا إذا ارتكب هو بنفسه ما يفسد صلاته "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الإسراء:15] .(6/1)
الأولى بالإمامة
المجيب د. محمد بن صالح الفوزان
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 07/08/1425هـ
السؤال
من أولى بالإمامة: الذي يحفظ أكثر من القرآن لكنه يخطئ في الأحكام؟ أم الذي يقرأ أفضل ولا يخطئ في أحكام التجويد وصوته أفضل؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
الأولى بالإمامة الأقرأ العالم بفقه الصلاة، وعند جمهور العلماء الأقرأ الأحسن في القراءة، وعند بعض العلماء أن الأقرأ هو الأكثر حفظاً للقرآن، والذي يخطئ في الأحكام إذا كانت هذه الأحكام تخل بمعاني القرآن فلا شك أن القارئ الجيد -ولو كان أقل حفظاً- أولى منه، أما إذا كانت هذه الأحكام تعود لحسن الصوت فيكون الأكثر حفظاً للقرآن أولى، إلا إذا تميز عليه الأقرأ بالعلم بفقه الصلاة فهو أولى منه. والله أعلم.(6/2)
إمامنا يلحن في القراءة!
المجيب أ. د. عبد الحي الفرماوي
أستاذ التفسير والحديث بكلية أصول الدين - جامعة الأزهر
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 05/10/1425هـ
السؤال
نحن جماعة، قمنا ببناء مسجد والدعوة فيه إلى الله على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى فهم السلف الصالح، رضوان الله عليهم أجمعين، ثم قامت الأوقاف بضم المسجد إليها وعينت إمامًا لا يحسن قراءة القرآن، وأحيانًا يقع في اللحن الواضح الجلي، فقام بعض الإخوة بإقامة جماعة ثانية بعد صلاة الإمام مباشرة بحجة أن إمامته غصب، وأنه أمَّ قومًا وهم له كارهون، وأنه لا يحسن القراءة، وأن من خلفه أفضل منه قراءة، فهل هذا العمل يجوز؟ وهل يجوز لي أن أصلي معهم وأترك الجماعة الأولى؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(6/3)
هذه مسألة تتطلب فطنة وحكمة، وفنًّا في التعامل مع الوضع الجديد الطارئ على مسجدكم؛ كأن تقوم أنت وإخوانك بحسن معاملة (الإمام الجديد) ، وعدم التكبر عليه، وعدم إظهار أخطائه في التلاوة أمام الناس، بل مناصحته بالمعروف، وإسداء الخير إليه وإكرامه، مع التعاون معه في إنشاء حلقة لتعليم تجويد وأحكام تلاوة القرآن الكريم لتصحيح التلاوة، أما عن حكم الصلاة خلفه فقد سئل الإمام ابن تيمية- رحمه الله- عن رجلٍ إمامِ بلدٍ وليس هو من أهل العدالة، وفي البلد رجل آخر يكره الصلاة خلفه، فهل تصح صلاته خلفه أم لا؟ وإذا لم يصل خلفه، وترك الصلاة مع الجماعة، هل يأثم بذلك؟ والذي يكره الصلاة خلفه، يعتقد أنه لا يصحح الفاتحة، وفي البلد من هو أصح منه، وأفقه؟ فأجاب- رحمه الله: الحمد لله، أما كونه لا يصحح الفاتحة، فهذا بعيد جدًّا، فإن عامة الخلق من العامة والخاصة يقرؤون الفاتحة قراءة تجزئ بها الصلاة، فإن اللحن الخفي، واللحن الذي لا يحيل المعنى لا يبطل الصلاة، وفي الفاتحة قراءات كثيرة قد قرئ بها. فلو قرأ (عليهِمْ) : (عليهُمُ) . أو قرأ: (الصراط) ، و (السراط) ، أو قرأ: (ربُّ العالمين) أو (ربَّ العالمين) أو قرأ بالكسر، ونحو ذلك، لكانت قراءات قد قرئ بها، وتصح الصلاة خلف من قرأ بها، ولو قرأ: (ربَ العالمين) بالفتح، فذلك لا يبطل الصلاة، وإن كان إمامًا راتبًا، وفي البلد من هو أقرأ منه، صلى خلفه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرجلَ في سُلْطانِهِ ". أخرجه مسلم (673) . وإن كان متظاهرًا بالفسق، وليس هناك من يقيم الجماعة غيره صلى خلفه- أيضًا- ولم يترك الجماعة، وإن تركها فهو مخالف للكتاب والسنة، ولما كان عليه السلف. والله أعلم.(6/4)
حكم إمامة المرأة للرجال
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 07/02/1426هـ
السؤال
وردتنا عدة استفتاءات تتسائل عن حكم إمامة المرأة للرجال في صلاة الجمعة وسائر الفروض وبإحالة السؤال إلى أحد المفتين أجاب بالإجابة التالية:
الجواب
ذهب عامة أهل العلم إلى عدم جواز إمامة المرأة بالرجال، ولم يخالف في هذا إلا المزني وأبو ثور والطبري، فأجازها في التراويح بخاصة إذا لم يحضر من يحفظ القرآن، وجواز إمامتها في التراويح رواية عن الإمام أحمد إذا كانت عجوزاً قارئة وكان الرجال أميين ذوي رحم لها.
قال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار 1/577: "ولا يصح اقتداء رجل بامرأة، أي في الصلاة".
وقال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته المشهورة (المطبوع مع شرحه الفواكه الدواني) 1/205: "ولا تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجالا ولا نساء".
وقال المواق المالكي في التاج والإكليل 2/412: "قال المازري: لا تصح إمامة المرأة عندنا وليعد صلاته من صلى وراءها وإن خرج الوقت".
وقال الشافعي في الأم 1/191: "وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة ; لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء، ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا".(6/5)
قال النووي الشافعي في المجموع 4/151: "اتفق أصحابنا على أنه لا تجوز صلاة رجل بالغ ولا صبي خلف امرأة، وسواء في منع إمامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح , وسائر النوافل , هذا مذهبنا , ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف- رحمهم الله- وحكاه البيهقي عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين, وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وسفيان وأحمد وداود وقال أبو ثور والمزني وابن جرير: تصح صلاة الرجال وراءها , حكاه عنهم القاضي أبو الطيب والعبدري".
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف2/263: "ولا تصح إمامة المرأة للرجل هذا المذهب مطلقا, وعنه تصح في التراويح ولا يجوز في غير التراويح، فعلى هذه الرواية, قيل: يصح إن كانت قارئة وهم أميون , وقيل: إن كانت أقرأ من الرجال , وقيل: إن كانت أقرأ وذا رحم, وقيل: إن كانت ذا رحم أو عجوز. واختار القاضي يصح إن كانت عجوزا ".
وقال ابن حزم في المحلى 2/167: "ولا يجوز أن تؤم المرأة الرجل ولا الرجال, وهذا ما لا خلاف فيه , وأيضا فإن النص قد جاء بأن المرأة تقطع صلاة الرجل إذا فاتت أمامه، مع حكمه عليه السلام بأن تكون وراء الرجل في الصلاة ولا بد, وأن الإمام يقف أمام المأمومين ولا بد".
ولم ينقل عن أحد من أهل العلم جواز إمامتها في صلاة الجمعة حتى الذين جوّزوا إمامتها في الفرائض الخمس.
وحجة من جوّز إمامتها في الفريضة - غير الجمعة- حديث أم ورقة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود (592) .
وأجيب عن هذا الدليل بجوابين:
الأول: ضعف الحديث، فقد قال عنه الباجي في المنتقى شرح الموطأ: "هذا الحديث مما لا ينبغي أن يعول عليه". وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 2/56: "في إسناده عبد الرحمن بن خلاد، وفيه جهالة".(6/6)
الثاني: أن المقصود بأهل دارها النساء منهم دون الرجال، قال ابن قدامة في المغني 2/16: "وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم (نساء) أهل دارها , كذلك رواه الدارقطني. وهذه زيادة يجب قبولها , ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه ; لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض , بدليل أنه جعل لها مؤذنا , والأذان إنما يشرع في الفرائض، ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة , لكان خاصا بها , بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة , فتختص بالإمامة لاختصاصها بالأذان والإقامة".
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.(6/7)
إمامة من يلحن في القراءة
المجيب أحمد بن محمد الرزين
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 09/04/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: يصلي بنا المؤذن إذا غاب الإمام، ولديه أخطاء لا تحصى في التجويد، ويصلي خلفه من هو أفضل منه في القراءة، وحينما حدثت الإمام قال لي: من صحت صلاته بنفسه صحت صلاته بغيره، وتعذّر بأن الذين هم أفضل من المؤذن غير موجودين دائماً، هذا صحيح، ولكن عندما يكونون موجودين فالأفضل أن يصلوا هم، أليس كذلك؟ وجزى الله خيراً كل من سعى في الإجابة على هذا الطلب.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد، إذا كان الإشكال في صلاة المؤذن أنه لا يحسن التجويد، ولكنه لا يَلْحَن في القراءة لحناً يغير المعنى فصلاته صحيحة، وإمامته جائزة.
وأما إذا كان اللحن يغير المعنى فصلاته صحيحة لنفسه فقط، ولا تجوز إمامته، والمراد بالَّلحْن: الخطأ في القراءة، أو في إعراب الكلمة، كأن يقول: صراط الذين انعمتُ (بالضم) ، والصحيح أنعمتَ، بفتح التاء. وأما إذا كان الإشكال في الإمام فتبلغ عنه الجهة المختصة. والله أعلم.(6/8)
هل تصح الصلاة خلف هذا الإمام؟
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 01/06/1427هـ
السؤال
يوجد مسجد مشكوك في مصدر المال الذي بني منه، وأيضا إمام المسجد يصلي على أموات قطعوا الصلاة وبعضهم من أتباع الشاذلية، ولهذا أصبحت أنا وأصدقائي نجتمع في بيت أحدنا، ونصلي الفروض وصلاة الجمعة جماعة فيه، وقطعنا الذهاب إلى هذا المسجد. فهل يجوز لنا الصلاة في هذا المسجد وخلف هذا الإمام؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمن شعائر الإسلام صلاة الجمعة والجماعات وصلاة العيد. فيجب على المسلم أن يحافظ على هذه الشرائع العظيمة التي هي من أعظم شرائع الإسلام ومعالمه.
ومن مذهب أهل السنة والجماعة إقامة الجمع والأعياد مع الأئمة، وإن كانوا فجاراً أو مبتدعين ما لم يعلم كفرهم، وإذا تيسرت إقامتها مع الأئمة الأبرار العدول، فذلك خير وأفضل. أما تعطيلها بسبب فسوق الإمام، فهو خلاف منهج أهل السنة والجماعة.
وأنت لم تذكر عن حال الإمام شيئاً، وإنما أشكل عليك أنه يصلي على أموات معروفين بترك الصلاة، أو من أهل البدع أصحاب الطرق الصوفية وهذا لا يمنع من الصلاة خلفه. فلعله يجهل حال أولئك الأموات، أو لا يمكنه ترك الصلاة عليهم. وعلى هذا فلا يجوز لكم أن تعطلوا صلاة الجمعة أو الجماعة من أجل ما ذكرتم. ومن علم حال الميت، وأنه ممن لا تجوز الصلاة عليه، فليترك ذلك بنفسه. فصلاتكم الجمعة والجماعة في بيت أحدكم خطأ، والجمعة لا تقام في البيوت. وكذلك الشك في المال الذي بني به المسجد لا يمنع من الصلاة فيه. وأنتم مأجورون -إن شاء الله- على حسن نيتكم، وقد أحسنتم وأصبتم بالسؤال عن تصرفكم هذا نسأل الله أن يثبتنا وإياكم، وأن يمن على الجميع بمعرفة الحق واتباعه. إنه تعالى سميع الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(6/9)
هل ندخل مع الإمام أم ننتظر لإقامة جماعة أخرى
المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام
التاريخ 23/04/1427هـ
السؤال
دخلت المسجد أنا وشخصان، والإمام في التشهد الأخير، فجلست مع الإمام، وبعد أن سلم أكملت صلاتي، أما الشخصان اللذان دخلا معي المسجد، فلم يدخلا في الصلاة مع الإمام، وإنما وقفا حتى انتهى الإمام من الصلاة، ثم صليا جماعة!
أريد أن أعرف أي الطريقتين هي الصحيحة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالمشروع لمن دخل والإمام في الصلاة أن يدخل معه على أي حال وجده، ولو كان في التشهد الأخير، لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" متفق عليه، البخاري (2636) ، ومسلم (602) .
لكن المسبوق لا يدرك فضل الجماعة، إلا بإدراك ركعة فأكثر، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" أخرجه البخاري (580) ، ومسلم (607) ، إلا أن من حبسه عذر شرعي من مرض أو غيره عن صلاة الجماعة فأجره كامل؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً" أخرجه البخاري (2996) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بسبب العذر: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم". قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: "وهم بالمدينة، حبسهم العذر". وفي لفظ "إلا شركوكم في الأجر" متفق عليه، البخاري (4423) ، ومسلم (1911) . ولو صلى من دخلوا المسجد والإمام في التشهد الأخير وحدهم بعد تسليم الإمام فلا حرج عليهم، وبالله التوفيق.(6/10)
صلاة الرجل والمرأة جماعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 6/5/1422
السؤال
ما الحكم في صلاة الرجل والمرأة جماعة؟
الجواب
الجواب: يجب على الرجل أن يصلى مع الجماعة في المسجد، ولا يجوز له التخلف عن صلاة الجماعة. وإن تخلف لعذر، أو فاتته الجماعة فواتاً مع الحرص، فيحسن أن يصلى بأهله، ليدرك فضيلة الجماعة. وإذا صلى الرجل بزوجته، أو بامرأة من محارمه فتكون خلفه والله اعلم.(6/11)
صلاة الرجل مع أهله جماعة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 2/7/1424هـ
السؤال
هل يجوز أن أصلي بزوجتي صلاة فرض؟ وإذا كان هل يكتب لي أجر الجماعة؟.
الجواب
يجوز للإنسان أن يصلي صلاة الفرض بأهله، والنبي - عليه الصلاة والسلام- صلى ومعه أنس واليتيم والعجوز من خلفهم، وصلى بابن عباس، وأيضاً بابن مسعود، وصلى بجابر، لكنه لا ينال أجر الجماعة، لأن أجر الجماعة مقيد بإمامة الإمام الراتب في المسجد، إذا كان حوله مساجد لكن ينال أجر الاجتماع، والجماعة واجبة عليه، ولا يكتفي بأن يصلي في بيته، لكن إذا كان في مكان ليس حوله جماعة وليس حوله مساجد، أو أن المساجد بعيدة عنه ويلحقه مشقة في الذهاب إليها فهذا يكتب له أجر الجماعة إن شاء الله، والله أعلم.(6/12)
المسجد قريب ... ويصلون في المدرسة!
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 27/11/1424هـ
السؤال
ما حكم الصلاة في المدرسة؟ لاسيما وأن المسجد قريب ومجاور، والخروج له يسبب إرباكاً للمدرسة، وهل يجوز للمدرس أن يخرج للصلاة فيه ويترك طلابه بحجة القرب أو سماع النداء؟
الجواب
ما دام في المدرسة مصلى معد للصلاة وفتح بوابة المدرسة سيؤدي إلى إرباك المدرسة وهروب بعض الطلاب، وتأخر بعضهم في المسجد بحجة الذكر أو غيره، كما أن ما في المدرسة من المدرسين والطلبة يعتبرون جماعة كبيرة وقد يؤدي دخولهم المسجد إلى انتظارهم خارج المسجد لامتلائه وعلى ذلك فالصلاة في المدرسة جائزة في هذه الحالة.(6/13)
الانفصال عن الإمام
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 16/12/1423هـ
السؤال
فضيلة الشيخ حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
صليت مأموماً في جماعة غير الجماعة الأولى، وكان الإمام سريعاً وبعد ركعة صليناها معه ولم نستطع متابعته قمت وتنحيت أنا ومن كان يصلي معي فصليت بهم إماماً وأكملنا ما بقي من صلاتنا، فهل صلاتنا صحيحة أنا ومن معي، أم ماذا نفعل؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
صلاتكم صحيحة - إن شاء الله - ما دام انفصالكم عنه لهذا السبب الذي ذكرته.(6/14)
إمامة المتنفل بالمفترض
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 4/11/1424هـ
السؤال
صليت صلاة الظهر في المسجد، وبعد ذلك ذهبت إلى مقر العمل فوجدت بعض الزملاء فأرادوا أن أصلي بهم فرض الظهر، فهل يجوز لي أن أصلي بهم لتكون لي نافلة أربع ركعات؟
الجواب
يجوز لك هذا الفعل على الصحيح من قولي العلماء في صحة إمامة المتنفل بالمفترض، ويدل لذلك دلالة صريحة حديث معاذ -رضي الله عنه- في الصحيحين البخاري (700) ومسلم (465) ، فإنه كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة العشاء، ثم يذهب ويصلي تلك الصلاة بقومه، وفي بعض ألفاظ الحديث: "هي له تطوّع"، والله أعلم.(6/15)
أقيمتْ صلاة المغرب ولم يصلِّ العصر
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 29/8/1424هـ
السؤال
رجل فاتته صلاة العصر، فجاء إلى المسجد فوجد صلاة المغرب قد أقيمت فماذا يفعل؟.
الجواب
يشرع له أن يدخل مع الجماعة في صلاة المغرب، وينوي هو صلاة العصر الفائتة ويتابع الإمام، فإذا سلَّم الإمام فإنه يقوم ويأتي بالركعة الرابعة، ولا يضره اختلاف نيته عن نية الإمام على القول الراجح، ثم يصلي المغرب منفرداً أو في جماعة إذا تيسَّر له ذلك؛ لوجوب الترتيب بين الصلوات. والله أعلم.(6/16)
متابعة الإمام في قنوت الفجر
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 20/2/1425هـ
السؤال
إمام مسجدنا شافعي المذهب فهو يقنت في صلاة الصبح، فما حكم القنوت في صلاة الصبح؟ وماذا أفعل؟ هل أقنت أم ألتزم الصمت حتى يركع؟ وبارك الله فيكم.
الجواب
القنوت في صلاة الصبح محل اجتهاد بين أهل العلم المجتهدين فمنهم من رآه مشروعاً مطلقاً ولهم أدلة قوية يمكن مراجعتها في كتب الشافعية، ومنهم من رأى أنه إنما يشرع في حالات خاصة وهي النوازل الحادثة بالمسلمين ولهم أدلة قوية ظاهرة.
ولكن الذي أنصحك به هو متابعة إمامك والتأمين على دعائه وعدم مخالفته؛ لأن لفعله دليلاً من النقل وسابقاً من الأئمة، والموافقة في مثل ذلك متعينة، وليس للمأموم مخالفة الإمام فيما هو مسرح للاجتهاد والنظر، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الإمام:" وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون" رواه مسلم (411 - 417) من حديث أنس وأبي هريرة - رضي الله عنهما - فإذا كان ركن من أركان الصلاة وهو القيام يترك لتحقيق متابعة الإمام فيكف بما هو مثل سؤالك هذا وفقك الله وبارك فيك.(6/17)
إطفاء مصابيح المسجد أثناء الصلاة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 17/9/1424هـ
السؤال
بالأمس ومع بداية صلاة القيام (التهجد) في مسجد الحي طلب بعض المصلين من الإمام إطفاء أنوار المسجد؛ لأنه أدعى للخشوع؛ بينما طلب البعض إبقاءها مفتوحة؛ لأن إغلاقها فيه مظنة لبعض الطرق الصوفية؛ ولأن الناس اعتادوا على أن تكون الأنوار مفتوحة، ولأن الأمر ليس فيه أصل للإباحة أو الكراهة. نرجو من فضيلتكم التعليق خروجاً من الفتنة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأرى -خروجاً عن الفتنة- أن يُترك الحال على الأصل، وهو أن تكون المصابيح مضاءة، ولكن لو اتفقت رغبة جماعة المسجد كلهم على إطفائها فالأمر واسع ولا بأس بذلك إذا لم تترتب عليه مفسدة أو مضرة ببعض المصلين.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/18)
مرض إمامهم فصلوا في بيوتهم
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 7/6/1424هـ
السؤال
لدينا مسجد في الحارة، وكان هناك إمام فمرض هذا الإمام، فصار أصحاب هذا الحي لا يصلون في هذا المسجد، ويصلون في بيوتهم، وأعلم أن بعضهم يؤخر الصلاة حتى يذهب وقتها من غير عذر شرعي، فأريد فتوى تبين أن من يصلي في بيته من غير عذر أن صلاته لا تقبل، وأن عليه إثم، وأن من أخر الصلاة متعمداً بغير عذر فإنه منافق ويمكن أن يدخل في الكفر، فأريد أن أعلق هذه الفتوى في المسجد وجزاكم الله خيراً؟
الجواب(6/19)
الشرع من رب الخلق لا من الخلق، وهو أعلم بما يصلحهم، وإذا قضى الله ورسوله - عليه السلام - أمراً فما كان لأحد أن يبتغي غير ما قضى به الله ورسوله - عليه السلام - فقولك: أريد فتوى تصف من فعل كذا بالكفر، ومن فعل كذا بالنفاق، هذا قول لا يجوز "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" [النساء: 82] وعلى هذا نقول لك إن صلاة الجماعة ليست مربوطة بشخص معين حتى تتعطل بمرض الإمام أو سفره، والواجب عليكم إقامة الجماعة وليؤمكم أقرؤكم لكتاب الله، وأما الصلاة في البيت مع وجود المسجد وإقامة الجماعة فلا تجوز والحالة هذه، والمصلي في بيته آثم بفعله وعاص لله، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطبٍ فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤمَّ الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرِّق عليهم بيوتهم ... " الحديث رواه الشيخان البخاري (644) ومسلم (651) ، وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر" رواه أبو داود وابن ماجة وغيرهم، بل إن صلاة الجماعة تجب حتى في حال السفر والحرب، قال تعالى: "وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً" [النساء:102] ، وأما من أخر الصلاة حتى خرج وقتها فهذا مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، فتجب عليه المبادرة بالتوبة والاستغفار، واحترام أوقات الفرائض وإلا كان على خطر من دينه.(6/20)
موافقة الإمام في الصلاة
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 15/8/1424هـ
السؤال
أرى بعض الإخوان في المسجد يدخلون في الركوع والسجود مع الأمام وأحيانا قبله، بمعنى عندما يترك الإمام يديه من على صدره دخولاً في الركوع تجد بعض الإخوان يتركون يديهم قبل أن يكبر الإمام للدخول في الركوع ... وبما أن مسجدنا في مكان العمل صغير فقد رأيت - ووالله ليس تسلُّطاً على عباد الله أو مراقبتهم - ولكن رأيت بعضهم يقوم من السجود على صوت حركة ثوب الإمام (وحصل لي هذا عندما تأخرت مرة عن الصلاة، فعندما أتيت كان المصلون في وضع السجود، وكان هناك أحد الإخوان خلف الأمام مباشرة، فبمجرد أن تحرك الإمام وقبل أن يكبر.. رأيت الأخ الذي خلفه رفع معه) أتمنى منكم مأجورين الرد؛ حتى أستطيع أن أعلِّق هذا الكلام في المسجد حتى يتنبه له الإخوان.. ولكم جزيل الشكر.
الجواب
ثبت في صحيح البخاري (689) ومسلم (411) من حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعُل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ... "؛ ولهذا قال العلماء: المشروع للمأموم متابعة الإمام، فيكون ركوعه بعد ركوع الإمام، وهكذا في باقي أحوال الصلاة ولا يوافقه، فإن الموافقة (المقارنة) للإمام مكروهة.
أما مسابقة الإمام فحرام للنهي عنها، كما ثبت في صحيح مسلم (426) من حديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً: "أيها الناس إنى إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ... " وأخرج البخاري (991) ومسلم (427) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار".
وعلى كل من رأى أحداً يسابق الإمام أو يوافقه أن ينبهه، وكذلك على أئمة المساجد التنبيه إلى الخطأ في ذلك، وأن السنة هي متابعة الإمام؛ قياماً بواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالله التوفيق.(6/21)
ائتم بشخص ثم انفصل عنه لسرعته
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيراً على ما تبذلونه من جهد، سؤالي هو: سألني أحد الزملاء عما يلي، يقول: دخلت المسجد في صلاة العصر ووجدت أن جماعة المسجد قد أتموا الصلاة، ووجدت شخصا منفرداً يصلي فدخلت معه، ولكنه كان سريعاً جداً ولم أستطع أن أركع معه، لأنه ركع ورفع وسجد وأنا واقف لم أستطع اللحاق به، فأبدلت نيتي وصليت منفرداً، فهل صلاتي صحيحة، وربما أن ذلك الشخص لا يعلم جواز ذلك، أما لجهل أو لغيره..وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أحسنت فعلاً حين نويت الانفراد، لأن من لا يطئمن في ركوعه وسجوده لا تصح صلاته في نفسه فضلاً عن إمامته؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة المسيء صلاته، حيث أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة ثلاثاً رواه البخاري (757) ، ومسلم
(397) ، وغيرهما.(6/22)
صلاة الجماعة في غير المسجد
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 05/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
السؤال: إذا كان هناك مجموعة أكثر من اثنين، والمسجد بعيد عنهم، وحانت الصلاة، فهل يجوز لهم أن يصلوا فرادى؟ أم يجب عليهم أن يصلوا جماعة؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
صلاة الجماعة واجبة على الرجال الأصحاء، على الصحيح من أقوال أهل العلم، والأدلة على ذلك كثيرة، ومنها:
(1) قوله تعالى: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك" [النساء:102] ، ووجه الاستدلال بالآية: أن الله سبحانه وتعالى أمرهم بالصلاة في الجماعة، ثم أعاد هذا الأمرسبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله: "ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك"وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف.
(2) قوله تعالى: "واركعوا مع الراكعين" [البقرة:43] قال الكاساني: أمر الله -سبحانه وتعالى - بالركوع مع الراكعين، وذلك يكون في حال المشاركة في الركوع، فكان أمراً بإقامة الصلاة بالجماعة، ومطلق الأمر لوجوب العمل (بدائع الصنائع1/155) .(6/23)
(3) وفي الصحيحين - البخاري (7224) ، ومسلم (651) - عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقا سمينا أو مِرْمَاتَين حسنتين لشهد العشاء ".(6/24)
قال ابن المنذر -رحمه الله -: (وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة؛ إذ غير جائز أن يحرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تخلف عن ندب وعما ليس بفرض) (الأوسط 4/134) . وإذا ثبت وجوب صلاة الجماعة، وأنها واجبة على الأعيان، فالواجب فعلها في المسجد إذا كان الإنسان يسمع النداء إلا من كان معذوراً بمرض أو خوف؛ لما ثبت في حديث ابن أم مكتوم - رضي الله عنه- وهو رجل أعمى- أنه قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: "فأجب" أخرجه مسلم في صحيحه (635) ، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " أخرجه ابن ماجة (793) ، والدارقطني في سننه (1350) ، والحاكم في المستدرك (855) بإسناد صحيح، قيل لابن عباس - رضي الله عنهما- ما هو العذر؟ قال: "خوف أو مرض". والمقصود بسماع النداء: سماعه بالصوت المعتاد بدون مكبرٍ عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السمع، مع مراعاة أن المؤذنين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم - كانوا يؤذنون على مكان مرتفع، كسطح المسجد ونحوه، وكانت أبنية المنازل قابلة لنفاذ الصوت وانتشاره، مما يمكن وصول صوت المؤذن إلى مسافة ليست بالقصيرة. وإذا كان الإنسان لا يسمع النداء لبعد بيته عن المسجد، فإنه يجوز له أن يصلي في بيته، فإن كان واحداً صلى بمفرده، وإن كان مع غيره - كحال السائل - فالواجب عليهم أن يصلوا جماعة؛ لما سبق ذكره من الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة في المسجد، ولكن لما كانوا بعيدين عن المسجد أبيح لهم ترك الصلاة في المسجد؛ لأنهم معذورون في ذلك، ولكنهم غير معذورين في ترك الجماعة فيبقى وجوبها عليهم. وإذا أقيمت الصلاة فإن من كان(6/25)
حاضراً معهم ولم يصل بعد فإنه يصلي معهم؛ طلباً لأجر الجماعة، فإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين أو بخمسٍ وعشرين درجة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم.(6/26)
أتابع الإمام أم أكمل التشهد؟
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 26/05/1426هـ
السؤال
إذا قام الإمام إلى الركعة الثالثة، ولم أفرغ من التشهد بعدُ فهل أقوم معه؟ أم أظل جالساً حتى انتهي من التشهد، ثم أقوم للثالثة?
الجواب
يجب عليك ألّا تتأخر في قولك للتشهد، فإذا فعلت ذلك، وقام الإمام إلى الركعة الثالثة، فأكمل التشهد بسرعة، ثم الحق به، هذا أولاً.
ثانياً: إذا كان الإمام يسرع سرعة مخلَّة، ولا يمكن متابعته إلا بترك بعض الواجبات أو الأركان فلا تدخل معه، وصلِّ مع إمام غيره، لكن ناصحه قبل أن تفعل ذلك، والله أعلم.(6/27)
صلاة المرأة الجمعة في الحرم
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 15/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن نعلم أن صلاة الجمعة لا تجب على النساء ولكن في الحرم المكي نرى النساء يصلين الجمعة وعند خروجهن من المسجد ترى الزحام الشديد مع الرجال في هذه الصلاة فهل عليها إثم إن لم تصل الجمعة في الحرم وهي تسكن بالقرب من الحرم وتصلي جميع الفروض فيه.
الجواب
صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من صلاتها في المسجد سواء كان المسجد الحرام أو غيره وسواء كانت في صلاة يوم الجمعة أو في غيرها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وببيوتهن خير لهن" البخاري (900) ، ومسلم (442) من غير زيادة "وبيوتهن خير لهن" وهي مخرجة في غيرهما.(6/28)
هل صلاة المرأة في الجماعة تفضل على صلاتها منفردة؟
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 5/11/1424هـ
السؤال
هل تفضل صلاة المرأة في جماعة من النساء في بيتها عن صلاة كل واحدة منهن منفردة -كما عند الرجال- بسبع وعشرين درجة؟ وإذا كانت أفضل، فما الأفضل للمرأة الصلاة جماعة في المسجد أم جماعة في المنزل؟ نرجو التكرم في توضيح الأفضلية وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الظاهر والله أعلم أن مسألة صلاة الجماعة وأفضليتها إنما هي في حق الرجال دون النساء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"تفضل صلاة الرجل جماعة على صلاة أحدكم وحده بسبع وعشرين درجة" فقال الرجل ولم يقل المرأة، رواه البخاري (477) ومسلم (649) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ومن القياس أن الأصل للمرأة صلاتها منفردة، وهل يجوز أن تصلي جماعة مع النساء اختلف العلماء، وإن كان الصواب جواز ذلك، كما روي عن أم سلمة وعائشة -رضي الله عنهما-. انظر البيهقي (3/131) .
أما أيهما أفضل للمرأة: الصلاة جماعة في المسجد أم في المنزل؟ هذه مسألة خلافية والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن" البخاري (900) ومسلم (442) غير لفظ:"وبيوتهن خير لهن" وهي مخرجة في غيرهما.
وقد روى أبو داود (570) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لامرأة:"صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها خير من صلاتها في بيتها"، فهذا يدل على أنه كلما كانت المرأة أبعد عن الرجال وألصق ببيتها وأخلى بربها فإن ذلك أعظم قربة وأولى.(6/29)
التأمين عند قراءة الفاتحة في جماعة لا يؤمنون
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 9/10/1424هـ
السؤال
أشكر الإخوة القائمين على الموقع، وأشد من أزرهم إلى مزيد من التقدُّم والنجاح في العمل الإعلامي الإسلامي.
(1) أصلي في مساجد أغلب أهلها من المذهب الحنفي، وهم لا يؤمِّنون بعد قراءة سورة الفاتحة، فهل لي إلا أن أؤمن أو أؤمن لوحدي، وقد يكون هناك نوعاً من النشاز، حيث إنني الوحيد الذي أؤمِّن في المسجد.
(2) في نفس موضوع الصلاة حيث إن المساجد التي أصلي فيها يقومون بعد انتهاء الصلاة برفع أيديهم بالدعاء، فهل أشارك معهم في الدعاء أم لا، وقد يترتب على عدم مشاركتي معهم كثير من الاستفسارات والأسئلة عن عدم مشاركتي لهم بالدعاء، وأنا لا أتقن اللغة المحلية، فماذا عساني أن أفعل؟ أفتونا مأجورين بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب(6/30)
(1) السنة في الصلاة بعد الفراغ من قراءة الفاتحة أن يؤمِّن الإمام والمأموم؛ لما جاء في الصحيحين البخاري (780) ، ومسلم (410) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه"، وثبت في سنن أبي داود (932) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من قراءة الفاتحة قال: آمين، ورفع بها صوته، ولذا فالمستحب هو التأمين في حق الإمام والمأموم، وهذا الأمر ليس على سبيل الوجوب وإنما هو على سبيل الاستحباب، والأمر المستحب يجوز أن يترك لمصلحة راجحة كتأليف قلوب الناس، بل قد يكون هذا الأمر أفضل، فإذا كان يترتب على رفع الصوت بالتأمين تنفير قلوب هؤلاء الناس فالأفضل هو عدم التأمين، وهذه قاعدة في جميع المستحبات يستحب أن يترك هذا الأمر المشروع إذا كان في تركه مصلحة راجحة، كتأليف قلوب الناس، وعلى هذا يؤمن فيما بينه وبين نفسه.
(2) رفع اليدين بالدعاء بعد الانتهاء من الصلاة وأن يشترك الإمام والمأموم في الدعاء هذه من جملة البدع الحادثة التي لم ترد لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة ولا عن السلف الصالح، وبناء على ذلك فلا يجوز للشخص أن يفعل ذلك بعد الفراغ من الصلاة، وإيراد بعض الأسئلة عليه فيه مصلحة حتى تعرف السنة وما يجوز أن يطبق جميع الناس، ويبين على الأمر المبتدع، فعدم مشاركة هذا الشخص لهم في هذا العمل المبتدع فيه مصلحة من جهتين: الجهة الأولى مصلحة له، والجهة الثانية مصلحة لعموم الناس؛ لأن هذا سيكون مدعاة لتساؤل هؤلاء الناس عن السبب الحامل له على عدم مشاركته لهم في هذا الأمر، وحينئذ يبين لهم الحق والسنة في ذلك.(6/31)
هل فضيلة صلاة الجماعة تشمل النساء
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 18/5/1425هـ
السؤال
ورد في الحديث قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى لله أربعين يوماً في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتبت له برآتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق"،
هذا بالنسبة للرجل وصلاته في المسجد، ولكن ماذا عن المرأة؟ كيف بإمكانها تحقيق ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
هذا للرجال؛ لأنهم المأمورون بالجماعة، وأما النساء فلهن مجالات واسعة لتحصيل الأجر، ومنها ما تشارك فيه الرجل، وهو كثير، ومنها ما تختص به كقوله - صلى الله عليه وسلم-:"أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة"، رواه الترمذي (1161) وقال: حديث حسن، وما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك: هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصبروا أُجروا، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعتراف بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعله" رواه البزار - كما في مجمع الزائد (4/305) هكذا مختصراً، والطبراني (10702) في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، وعلى الجميع أن يتنافسوا في طاعة الله - جل وعلا- فيما يستوي فيه الرجال والنساء، وفيما يختص به الرجال أو يختص به النساء.(6/32)
زاد الإمام خامسة، فهل نتابعه؟
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 30/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
صلينا العصر خلف الإمام، ولكنه في الركعة الرابعة قام وصلى ركعة خامسة، فقام أحد المصلين بتنبيهه للأمر، ولكنه واصل، وأثناء ذلك قام بعض المصلين مع الإمام، والبعض الآخر جلس ولم يقم، فقال أحد المصلين: اتبعوا الإمام، فقام البعض، وبقى البعض جالساً، ثم أتى الإمام بسجدة سهو قبل التسليم ثم سلم معه المصلون الذين لم يقوموا، مع العلم بأن بعض المصلين سلموا قبل الإمام، والبعض خرج من الصلاة، وعندما انتهت الصلاة سئل الإمام: لماذا أتيت بركعة خامسة؟ قال لهم: بأني نسيت قراءة الفاتحة في الركعة الثانية، وهنا قال البعض بأن الصلاة صحيحة للذين لم يقوموا مع الإمام، وباطلة للذين قاموا معه، وعندما سئل الذي قال اتبعوا الإمام: لماذا قلت ذلك؟ رد عليهم: بأنه يجب متابعة الإمام في جميع الحالات، من تكبيرة الإحرام، وحتى السلام، وذلك بناءً على الحديث الشريف الذي يأمر بذلك، الرجاء الرد سريعاً على رسالتنا هذه؛ وذلك لأهمية الأمر، ولاختلاف وجهات الرأي فيه. والسلام عليكم، وجزاكم الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(6/33)
فإن صلاة الذين لم يتبعوا الإمام وجلسوا وانتظروه صحيحة، وكذلك من سلم وفارقه؛ لأنه في هذه الحالة يعتقد أن صلاة إمامه باطلة، وأما من تبعه، فإن كان ساهياً، أو جاهلاً بالحكم فهو معذور بذلك، وصلاته أيضاً صحيحة، وأما إذا كان عالماً بأنه قام إلى خامسة، وأن ذلك يبطل الصلاة فصلاته باطلة، وأما الإمام ففعله سليم؛ لأنه أخل بقراءة الفاتحة، وعلى ذلك فإن الإمام إذا قام إلى خامسة مثلاً، فإنه لا يجوز للمأموم متابعته بل يجلس ويسلم، إلا إذا كان يخشى أن إمامه قام إلى الزائدة؛ لأنه أخلّ بركن كقراءة الفاتحة مثلاً في إحدى الركعات، فإنه يجلس وينتظر ولا يسلم؛ حتى يسلم إمامه، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" رواه البخاري (378) ، ومسلم (411) من حديث أنس - رضي الله عنه-، فإنه مقيَّد بما إذا كانت صلاته على وفق المشروع، أما إذا زاد خامسة في رباعية أو ثالثة في الفجر، ونحو ذلك، فلا يجوز متابعته؛ لأن ذلك خلاف المشروع. وبالله التوفيق.(6/34)
تذكَّر أنه غير متوضئ وهو إمام
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 21/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
صليت بمجموعة من الشباب, وفي أثناء الركعة الثالثة تذكرت أني لم أتوضأ, خجلت من قطع الصلاة، وأيضًا انتابتني وساوس، هل لم أتوضأ فعلاً أم أني توضأت؟ أكملت الصلاة وتفرق الجماعة، وبعد دقائق أعدت الصلاة منفردًا بعد ما توضأت، فما أدري ما الحكم في ذلك، وما الواجب عليَّ فعله؟ وأطلب منكم أن تدعو لي بأن يغفر الله لي زلتي.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذه المسألة تحتاج تفصيلاً، وبيانها:
1- كان يجب عليك أن تستخلف منهم واحدًا للإمامة وتخرج للوضوء.
2- إن كنت شاكًّا في الطهارة وجب عليك الرجوع إلى اليقين، فإن كنت متيقنًا قبل الصلاة أنك على طهارة وشككت في الحدث فالطهارة صحيحة؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، أما إذا كنت متيقنًا أنك على غير طهارة قبل الصلاة فصلاتك لا تصح؛ لأن الحدث متيقن والطهارة مشكوك فيها.
3- إذا كان الحدث متيقن والطهارة مشكوك فيها فصلاتك باطلة، وصلاة المأمومين صحيحة إذا لم يعلموا بذلك. والله الموفق.(6/35)
إمامنا يطيل الصلاة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 14/08/1425هـ
السؤال
إمامنا يطيل الصلاة، وحينما طالبناه بالتخفيف احتج بأن الأصل الإطالة، مما أدى بالبعض ترك الصلاة في مسجدنا. أفيدونا قبل حدوث الفتنة إن لم تكن قد حدثت بالفعل.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(6/36)
فلا أستطيع الحكم على هذا الإمام بأنه يطيل الصلاة حتى أعلم قدر قراءته، وقد يكون تطويله قريبًا من التخفيف المأمور به، وتقدير الناس في أمر الإطالة يتفاوت، والحجة في ذلك هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهديه، والرد إليه عند النزاع في هذا، وقد صح عنه: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّف؛ ْ فَإِنَّ فِي النَّاسِ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ". أخرجه البخاري (703) ومسلم (467) ، وليس من التخفيف المشروع نقر الصلاة وعدم الطمأنينة في أركانها، فهذا إخلال وليس بتخفيف، وإنما التخفيف ألا يطيل على المأمومين إطالة تشق عليهم، وقد كان معاذ، رضي الله عنه، يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العشاء، ثم يرجع إلى قومه بأقصى المدينة فيصلي بهم العشاء، فكان يطيل الصلاة، وكانوا أصحاب زرع ونواضح، يسقون بها الزرع والنخل، فشكوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ! ". وأمره أن يقرأ بـ "سبح اسم ربك الأعلى"، "والشمس وضحاها"، وما قاربها من السور. انظر صحيح البخاري (705) وصحيح مسلم (465) . وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بأوسطها، وفي الفجر بطوال المفصل. أخرجه أحمد (7991) والنسائي (982) . وربما قرأ في المغرب أحيانًا بالطور- أخرجه البخاري (765) ومسلم (463) - والمرسلات. أخرجه البخاري (763) ومسلم (462) . والمقصود أن الإنسان إذا صلى لنفسه فله أن يطيل ما شاء، وإذا صلى بالناس فليخفف؛ حتى لا يرهق الضعيف، ولا يعطل الناس عن حوائجهم فيفتنهم، والأولى به أن يحمله حب السنة أن يعين الناس على أداء الصلاة جماعةً، وأن يحببها إليهم بالتخفيف الذي لا يكون معه إخلال. والله أعلم.(6/37)
التأخر عن متابعة الإمام لإتمام الفاتحة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 18/08/1425هـ
السؤال
في صلاة الجماعة يركع الإمام قبل أن أتم قراءة الفاتحة في الركعة الثالثة أو الرابعة، وربما رفع من الركوع وأنا لم أُنْهِ بعدُ قراءتي؛ وذلك لصعوبة التنفس، فهل تعتبر صلاتي صحيحة إذا تأخرت كثيرًا عن متابعة الإمام؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجب على المأموم متابعة الإمام، ولا يجوز التخلف عنه، فإذا ركع الإمام فاركع معه، وإن لم تكمل قراءة الفاتحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما جُعِل الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ". الحديث… أخرجه البخاري (378) ومسلم (411) . والله أعلم.(6/38)
صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 30/06/1425هـ
السؤال
إذا دخل مسبوق إلى المسجد، ولم يصل العشاء، وأدرك الإمام يصلي التراويح هل يصلي مع الإمام، ويتم الركعتين أم يصلي فرداً؟.
الجواب
إذا دخل المسبوق إلى المسجد ولم يصلَّ العشاء، وأدرك الإمام يصلي التراويح، فله أن يصلَّي مع الإمام بنيَّة أداء الفريضة، فإذا سلم الإمام، فليقم وليكمل صلاته أربع ركعات، على أحد قولي العلماء بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، كما كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - يفعل، حيث كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الفريضة ثم يذهب إلى قومه فيصلّي بهم تلك الصلاة (صلاة العشاء) فهي له نافلة ولهم فريضة. انظر ما رواه البخاري (700) ، ومسلم (465) من حديث جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-.(6/39)
لا يسمع النداء فهل تجب عليه الجماعة
المجيب عبد الله بن علي الريمي
ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 24/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
شخص يحتاج ركوب القطار لمدة 25 دقيقة للوصول إلى أقرب مسجد، فهل يجب عليه الذهاب للجمعة، والصلوات المفروضة الأخرى؟ وهل يجب على الرجل الذهاب إلى المسجد للصلاة، إذا كان يسكن قرب المسجد لكن لا يُسْمَعُ الأذانُ؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين أما بعد: أما الرجل الذي يبعد مسافة 25 دقيقة بالقطار عن أقرب مسجد فلا يجب عليه حضور الصلوات الخمس المفروضة في هذا المسجد، ولكن عليه الحرص على أداء الصلاة في جماعة مع غيره من المسلمين في منطقته إن وجد، كجيرانه أو أهله ولو مع شخص واحد إن كان ذلك متيسراً، وإلا صلى منفرداً، ولا إثم عليه.
أما صلاة الجمعة فعليه بذل الجهد والحرص أن يحضرها مع المسلمين، وقد توفرت المواصلات المريحة في هذا الزمن، ولربما أن الإنسان يذهب لحضور مناسبات دنيوية رياضية أو اقتصادية أو ترفيهية من منطقة إلى أخرى، تستغرق منه أكثر من 25دقيقة، فعند القدرة والأمن وعدم المشقة غير المعتادة، فينبغي عليه أن يحضر صلاة الجمعة مع المسلمين؛ لما فيها من الخير الكثير.
أما الرجل الذي لا يسمع الأذان هل يجب عليه الذهاب للصلاة: فإن كان عدم سماعه للأذان هو البعد عن المسجد، فالعلماء يقولون: إنه لا يجب عليه حضور الجماعة في المسجد، ولكن عليه أن يحرص على أداء الصلاة جماعة ولو مع بعض أهله، هذا وليعلم أن مشي الإنسان من بيته إلى المسجد أو ركوبه إليه فيه أجر عظيم، فكل خطوة يخطوها إلى المسجد تكتب له بها حسنة، وتكفر عنه بها سيئة، ويرفعه الله بها درجة ذاهباً وراجعاً، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم. انظر صحيح البخاري (477) ، ومسلم (649) و (665) ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(6/40)
صلاة المصاب بالجذام في المسجد
المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني
رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر
كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة
التاريخ 26/10/1426هـ
السؤال
رجل مصاب بمرض الجذام -أعاذنا الله وإياكم منه- وهذا الرجل يحرص على أداء الصلاة في الجماعة، ويصافح الناس بعد الصلاة بشكل متكرر، والمصلون يستحون من صده وعتابه. أرشدونا ماذا نفعل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فنسأل الله -تعالى- شفاء عاجلاً غير آجل لهذا الرجل المجذوم، ولنا ولكم المعافاة من جهد البلاء وعضال الداء.
ثم كون هذا الرجل بما فيه من مرض حريص على الصلاة في جماعة المسجد دليل خير، وربما كانت مصافحته لأهل المسجد تعطيه دافعاً نفسياً على أنه إنسان طبيعي كغيره ممن عافاهم الله، لكن ليس كل الناس يستريح لذلك، فحرصاً على ألا يصدمه أحد بكلمة حادة أو مثل ذلك، فعلى إمام المسجد أن يبين للناس -في حضور هذا الرجل- أنه ليس من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- مصافحة المصلين دبر الصلوات، وأظنه مدخل مقبول لامتناع الرجل عن مصافحة الناس بعد الصلاة.
وهناك أحاديث وردت في موضوع "الجذام" هي كالتالي:
1- صحيح البخاري، معلقا، في كتاب الطب، باب الجذام، من طريق سعيد بن ميناء، قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صَفَر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد".
2- صحيح مسلم (2231) ، عن عمرو بن الشَّريد عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: " إنا قد بايعناك فارجع". والحديث عند النسائي أيضًا (4182) .(6/41)
3- سنن أبي داود (3925) من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة، وقال: "كل ثقة بالله وتوكلا عليه ". والحديث عند الترمذي كذلك (1817) ، وابن ماجة (3542) .
فذهب جماعة من العلماء إلى أن أحاديث الفرار من المجذوم منسوخة بأحاديث نفي العدوى، والذي عليه أكثر أهل العلم أنه لا نسخ، وأن الواجب إما الجمع أو الترجيح، وبكل أخذ طائفة من العلماء، والذي يترجح لي أن الجمع ممكن وهو بأحد وجهين:
الأول: أن يقال: إن المراد بنفي العدوى نفي الاعتقاد الجاهلي من أن المرض يعدي وينتقل بنفسه من غير إرادة الله تعالى وتقديره, أما أمره بالفرار من المجذوم ونحوه فهو بيان منه صلى الله عليه وسلم أن العدوى من أسباب انتقال الأمراض, ففي أمره بالفرار إثبات للأسباب، وفي نفيه للعدوى أنها لا تستقل بالتأثير.
الثاني: أن يقال: إن نفيه للعدوى نفي لها بالكلية وإنها غير مؤثرة، إذ كثيراً ما يخالط المريض ولا يصاب المخالط بشيء، وأما أمره بالفرار من المجذوم فهو لئلا يقع المخالط في ذلك المرض تقديراً من الله تعالى، فيظن عدم مطابقة خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- للواقع في نفيه للعدوى، فيفضي به ذلك إلى إثبات ما نفاه الله ورسوله.
وعلى كل حال فالواجب على المؤمن أن يعتقد أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حق لا تعارض في شيء منه إذا ثبت عنه، وما كان من تعارض قد يظنه الناظر في قوله صلى الله عليه وسلم فإنما هو في الفهم والذهن، والأحاديث وحي كما قال تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إن هوَ إلا وَحيٌ يوحَىَ" [النجم: 3-4] .
ذكرت لك ما ذكرت زيادة في الفائدة، وأرجو أن تعود إلى ما قلناه في أول الفتوى، والله أعلم.(6/42)
أداء الصلاة تحت تأثير المخدر
المجيب د. عبد العزيز بن محمد الداود
عضو الإفتاء
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه
التاريخ 22/8/1422
السؤال
أدت امرأة صلاة الفجر وهي لا زالت تحت تأثير المخدر بعد إجراء العملية، فكانت تغفو أثناء الصلاة ثم تفيق، فما حكم صلاتها والحال هذه؟
الجواب
صلاتك والحال هذه لا تصح، وعليك قضاؤها، لأن من شروط صحة الصلاة سلامة العقل.(6/43)
صفة صلاة المريض
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه
التاريخ 20/11/1424هـ
السؤال
أخ لكم أجرى عملية في ركبته بمنطقة تبعد عن بلده سبعمئة كم، هل له أن يجمع الصلاة ويقصر وهو على سرير المستشفى؟ علماً أنه يشق عليه الوضوء والسجود، حيث يصلي واقفاً، وإذا أراد السجود جلس وانحنى بقدر ما يستطيع، هل يجزئه ذلك؟ وهل له أن يصلي في بيته مع أنه يسمع النداء، حيث يتعبه المشي والركوب؟.
الجواب
الأخ السائل اجتمع في حقه رخصتان: رخصة السفر، ورخصة المرض، فيجوز له قصر الصلاة الرباعية ما دام مسافراً، بل ذلك هو المشروع في حقه، ويجوز له الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء في وقت أحدهما إذا احتاج إلى ذلك لعذر السفر أو المرض، وإن كان الأولى عدم الجمع، لكن إن كان يلحقه بترك الجمع مشقة فله الجمع، ففي صحيح مسلم (705) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهم-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر"، وفي رواية: "من غير خوف ولا سفر".
قال أهل العلم: (ولا عذر بعد ذلك إلا المرض) ، ولأن حاجة المريض آكد من حاجة الممطور.
وكما يجوز للمريض الجمع إذا احتاج إليه، فكذلك يجوز له ترك القيام أو الانحناء في الركوع والسجود إن عجز عنه، فيصلي على حسب حاله، والقادر على القيام دون السجود -كما في السؤال- يجلس ويحني ظهره ورقبته ويقترب من الأرض ما أمكنه قال الله -تعالى-: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] .
أما عن ترك الجماعة لأجل المرض، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما مرض تخلف عن المسجد، وقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس"، متفق عليه البخاري (664) ومسلم (418) .
فمن كان مريضاً أو يخاف من زيادة المرض، أو تأخر الشفاء فهو معذور في ترك الجماعة: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286] ، والله أعلم.(6/44)
المرض المعدي هل يسقط صلاة الجماعة؟
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه
التاريخ 2/1/1423
السؤال
رجل مصاب بمرض معدي (مثل العنقز أو الحصبة) هل تجب عليه الصلاة في المسجد مع الجماعة؟
الجواب
من الأعذار المسقطة للجماعة والجمعة هي المرض إذا كان هذا المرض يتأخر برؤه أو كان يزداد، ومن ذلك أيضاً إذا كان من المعدي الذي يتعدى ضرره إلى الآخرين، فهذا الإنسان معذور بهذا العذر فلا تجب عليه صلاة الجماعة باعتبار المرض وباعتبار العدوى، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى من أكل ثوماً أو بصلاً أن يأتي للمسجد؛ لئلا يؤذي الناس برائحته انظر مارواه البخاري (855) ومسلم0564) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، وهذا -فيما يظهر- أشد ضرراً ممن يأكل شيئاً له رائحة كريهة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(6/45)
الصلاة على الكرسي لمن عجز عن القيام
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه
التاريخ 24/1/1424هـ
السؤال
رجل لا يستطيع أن يسجد، هل يجوزله أن يصلي على الكرسي- لا على الأرض- فينحني على الكرسي للركوع والسجود؟ أم لا بد له من الانحناء على الأرض؟ أم كيف يصلي الصلاة الصحيحة؟ أفيدونا أفادكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
من استطاع القيام والركوع وجب عليه فعلهما فيصلي قائما، ً ثم يركع من قيام، ثم يجلس على كرسيه للسجود، حيث لم يستطع السجود فيومئ به حيث عجز عن السجود، لحديث عمران -رضي الله عنه- حين سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صلاته من بواسير به فقال:"صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعدا، ً فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه البخاري (1117) وغيره.(6/46)
تصلي النوافل جالسة
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه
التاريخ 14/5/1424هـ
السؤال
أعاني من خشونة في الركبتين، وأتعب من الوقوف، والحمد لله أصلي الصلوات المفروضة قائمة، أما النوافل، والشفع، والوتر كثيراً ما أصليها جالسة، أفيدونى أثابكم الله، هل لابد من صلاتهما قائمة؟.
الجواب
الحكم بالنسبة للقيام في الصلاة يختلف من حيث كون الصلاة فريضةً أو نافلةً، أما صلاة الفريضة فإن القيام (الوقوف) ركن من أركانها، لا تصح الصلاة إلا به، وذلك عند القدرة عليه؛ لقوله عليه -الصلاة والسلام- لعمران بن الحصين -رضي الله عنه-: "صلّ قائماً " رواه البخاري (1117) ولذلك فإن القادر على القيام إذا صلى جالساً في الفريضة فصلاته غير صحيحة. ولكن عند العجز عن القيام فإن الإنسان يجوز له أن يصلي قاعداً؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن الحصين -رضي الله عنه- في الحديث السابق: "فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب"رواه البخاري (1117) ، ولأنه غير قادر على القيام، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] وقال ابن قدامه: " أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً "، وثبت عن أنس -رضي الله عنه- أنه قال: "سقط رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عن فرسَ فخدش أو فجُحش شقه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى قاعداً، فصلينا قعوداً متفق عليه عند البخاري (1114) ومسلم (411) .
أما في صلاة النافلة والتطوع فإن القيام ليس بركن، وإنما الأفضل أن يصلي الإنسان قائماً، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من صلى قائماً فهو أفضل"(6/47)
رواه البخاري (1116) من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه-. وإن صلى جالساً فلا شيء عليه، وقد ثبت في صحيح مسلم (732) عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: " إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يمت حتى كان كثيرٌ من صلاته وهو جالس"، وقال ابن قدامه:" لا نعلم خلافاً في إباحة التطوع جالساً".
والإنسان إذا صلى التطوع جالساً وهو عاجزٌ عن القيام فإن أجره تام؛ لأنه معذور في ترك القيام، أما إذا ترك القيام وهو قادر عليه فإن أجره يكون على النصف من أجر القائم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم" رواه البخاري (1116) ، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة" رواه مسلم (735) من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-.
ومما سبق يتبين أنه يجوز لكِ أن تصلي الشفع والوتر وغيرهما من النوافل قاعدةً، والله أعلم -وصلى الله وسلم- على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(6/48)
صلاة مريض الروماتيزم
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه
التاريخ 14/4/1424هـ
السؤال
ما حكم الصلاة على الكرسي للذين يعانون من مرض الروماتيزم؟ وما هي الصفة الأفضل لهم؟ بحيث إنهم لا يقصرون في أركانها.
الجواب
من قدر على فعل ركن من أركان الصلاة من قيام أو ركوع أو سجود وغيرها وجب عليه الإتيان به، فلا تتم صلاته إلا به، ويقابل ذلك من عجز عن ركن انتقل إلى بدله، فمن عجز عن الصلاة قائماً صلى قاعداً، وإن لم يستطع فعلى جنبه، ومن استطاع الركوع لزمه فعله، فإن لم يستطع أومأ إيماء، وهكذا لعموم قوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، وحديث عمران: "صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه البخاري (1117) وأصحاب السنن، ومن قدر على أداء بعض الأركان دون بعض لزمه أن يأتي بما قدر عليه وانتقل إلى بدل ما لا يقدر على أدائه، والله أعلم.(6/49)
كيف يجلس من يصلي قاعداً؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه
التاريخ 24/06/1425هـ
السؤال
أرى كثيراً من الحوامل يصلين جالسات لكن بأوضاع مختلفة، هل هناك طريقة محددة للصلاة والحامل جالسة؟ وما هو الدليل على جوابكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
الواجب على المسلم والمسلمة أن يصليا الفرض في حالة قيام، ولا تصح صلاتهما في حال الجلوس مع القدرة على القيام، أمّا النفل فللمرء أن يصلي جالساً، وإن كان قادراً على القيام، وأجره على النصف من صلاة القائم إذا كان قادراً على القيام ولم يقم، ثم إذا لم يستطع القيام فيصلي متربعاً إن قدر، وإلا على أي صفة قدر عليها لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً ... " رواه البخاري (1117) ويقول جلَّ وعلا في كتابه العزيز "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ويقول جل وعلا: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] . والله أعلم.(6/50)
حكم الترخص برخص السفر إذا وصل المسافر إلى بلده
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 10/8/1422
السؤال
إنني أسافر أحياناً وبرجوعي من السفر وقرب وصولي إلى البيت تكون قد وجبت صلاة الظهر، وأنا أكون متعباً أحياناً أو غير متعب. هل يحق لي أن أصلي الظهر مع العصر قصراً وجمعاً ثم أنام أم لا، وإذا صادفت أحياناً أكون قد جمعت بين صلاتين ثم وصلت البيت قبل وجوب الصلاة الثانية فما حكم ذلك؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يجوز الترخص برخص السفر - من جمع أو قصر - بعد وصول المسافر إلى بلده سواء كان متعباً أو لا. أما إذا جمع وقصر وهو مسافر ثم وصل قبل دخول وقت الصلاة الثانية فلا حرج عليه وبرئت ذمته من الصلوات التي أداها فلا يعيدها والله أعلم.(6/51)
الجمع والقصر في الصلاة للمسافر؟
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 29/4/1422
السؤال
هل يمكنني أن أصلي صلاة الجمع والقصر إحدى الصلاتين مع الإمام والأخرى منفرداً، مثلاً أن أصلي صلاة المغرب مع الإمام في المسجد ثم أتبعها بركعتين بنية صلاة العشاء وذلك في السفر؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين: نعم يمكنك أن تجمع بين الصلاتين، وتصلي الأولى مع الإمام المقيم جماعة ثم تصلي الثانية ركعتين بحكم أنك مسافر ليسوغ لك الجمع والقصر، ولكن إذا تهيأ لك أن تصلّي الأخرى مع جماعة أخرى من رفقتك أو غيرهم فذلك أفضل، كما روى أبو داوود والنسائي عن أبي كعب - رضى الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى) .
وإذا كنتم في السفر جماعة فإنها تجب عليكم الصلاة جماعة والأذان لها لقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وأصحابه - رضي الله عنهم - (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) .
والأدلة على وجوب صلاة الجماعة وفضلها من الكتاب والسنة كثيرة معلومة، فالواجب على المسلم العناية بها والمحافظة عليها سفراً وحضراً طاعة لله واحتساباً لثوابه.
والله الموفق،.(6/52)
اقتداء المسافر بالمقيم
المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان
رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 29/4/1422
السؤال
ما حكم اقتداء المسافر بالمقيم في الصلاة؟
الجواب
اختلف الفقهاء في اتمام المسافر بمقيم، هل يلزم المسافر الاتمام، أو لا، على أقوال، أوجزها في أربعة، وهي كالتالي:
القول الأول: أنه يجب على المسافر أن يتم إذا صلى خلف مقيم، سواء أدرك جميع الصلاة أو بعضها وهذا القول لجمهور العلماء من الأئمة الأربعة، وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وجماعة من التابعين وبه قال الثوري والأوزاعي وأبو ثور، وغيرهم، بل حكى الشافعي في الأم إجماع العلماء على ذلك.
واستدلوا على ذلك:
1- عموم قوله صلى الله عليه وسلم (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه) متفق عليه.
قالوا ومفارقة إمامه اختلاف عليه، فلم يجز مع إمكان متابعته.
2-ما أخرجه مسلم والنسائي والطيالسي وأحمد وابن خزيمة من طرق عن قتادة عن موسى بن سلمة قال قلت لابن عباس: كيف أصلي بمكة إذا لم أصلي في جماعة؟ قال ركعتين، سنة أبي القاسم. قالوا: فمفهومه أنه إذا صلى مع جماعة يتمون فيتم مثلهم، والسنة تتصرف إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
3-ولأن هذا فعل من تقدم من الصحابة ابن عباس وكذا ابن مسعود كما في مصنف ابن أبى شيبة وكذا ابن عمر كما في الموطأ عن نافع أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته.
قالوا هذا فعل أو فتوى من سمينا من الصحابة ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفاً، فكان كالإجماع.
4-ولأن هذه الصلاة مردودة من أربع إلى ركعتين فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة.
القول الثاني: قال طاووس والشعبي وتميم بن جذلم في المسافر يدرك من صلاة المقيم ركعتين تجزيان(6/53)
القول الثالث: وقال إسحاق له أن يقصر مطلقاً لأنها صلاة يجوز فعلها ركعتين فلم تزد بالإتمام.
القول الرابع: وقال ابن حزم: يجب على المسافر أن يقصر ولوائتم بمقيم -،ونقله عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم عن أبيه. واستدل على ذلك:
1-بأن واجب المسافر ركعتان في كل حال منفردا أوإماماً أو مأموما كما جاء في النصوص.
2-ولأن المقيم خلف المسافر يتم، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في التقصير، فكذلك المسافر خلف المقيم يقصر، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في الاتهام وكل أحد يصلي لنفسه، وإمامة كل واحد منهما للأخر جائزة، ولافرق. وقال: فالواجب على المسافر جملة القصر والمقيم جملة يتم ولا يراعي أحد منهما إماماً.
والذي يظهر ترجيح القول الأول قول الجمهور والأئمة الأربعة، لأنه قول ثلاثة من الصحابة ابن عباس وابن مسعود ولا مخالف لهم من الصحابة وقد ذهب بعض الفقها والأصوليون إلى أن قول أو فعل الصحابي في مسألة لا نص صريح فيها أنه حجة، وقد رجحه ابن القيم ونسبه إلى جمهور الأئمة ومال إليه ابن تيمية في الفتاوى. وأما قول ابن عباس (تلك سنة أبى القاسم) فليست صريحة في الرفع، وفي مثل هذه الصيغة اختلاف بين العلماء، ولو كانت مثل هذه الصيغة تفيد الرفع فما يمنع الصحابة من رفع الحديث إلى النبي ـصلى الله غليه وسلم ـ مباشرة فهو أقوى في الاستدلال، فلعل مرادهم الاستنباط من عموم النصوص أو مرادهم أن هذا هو الذي عليه العمل، أو غير ذلك من الاحتمالات.
وعلى كل حال فقوله ((تلك سنة آبي القاسم ـصلى الله عليه وسلم)) تضفي على القول الأول قوة، وتقدمه على غيره من الأقوال.
وفي القول الثاني وجاهة ـوان كان دون سابقه ـ لعدم صورة المخالفة في إقتداء المسافر بالمقيم.(6/54)
واضعفها الرابع قول إبن حزم في إيجاب القصر ـ وقياسه مع منعه القياس ذلك على إتمام المقيم خلف المسافر ولاينظر إلى حال إمامه - وفي مخالفته لأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم ما يدل على بعده - وقد تعقبه الشيخ الألباني (رحمه الله) بما يغني عن التفصيل في تعقبه - والله أعلم.
وبناء على ما تقدم فلا ينوي المسافر- على رأي الجمهور - الانفصال عن الإمام المقيم إذا صلى ركعتين. وأما على رأي إسحاق فله ذلك - وأبن حزم يوجب أن ينوي الانفصال. والله أعلم(6/55)
صلاة المسافر العشاء مع من يصلي المغرب
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 7/4/1422
السؤال
إذا كنت مسافراً وقد صليت المغرب فكيف أصلي العشاء مع جماعة يصلون المغرب، هل أسلم بعد الركعة الثانية قبل الإمام، أم أنتظر الإمام حتى يجلس للتشهد الأخير وأسلم معه؟
الجواب
إذا صلى المسافر رباعيةي خلف من يصلي ثلاثية فهو بالخيار إن شاء قصر وصلى ركعتين فإن شاء سلم بعد الركعتين، لأن انفراده لعذر تمام صلاته، وإن شاء انتظر الإمام فسلم معه. وإن شاء أتم الصلاة فيأتي بركعة بعد سلام إمامه، وهذا أحوط، وبالله التوفيق.(6/56)
هل تجب عليهم الجمعة؟
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 6/4/1422
السؤال
يوجد لدينا في منطقة الربع الخالي مركز حدود قريب من منطقة أعمال أرامكو في الشيبة، وهم يؤدون الصلاة جماعة وعددهم يزيد عن خمسين رجلاً ولكنهم لا يصلون الجمعة بحجة أنهم غير مستقرين، علماً أنهم يقيمون في المركز لمدة تزيد عن ثلاثة شهور حتى يتمكنوا من التغيير بمجموعة أخرى. علماً أنه يذهب من الخمسين عشرة عملهم في الحراسة والباقي يذهب إلى صلاة الجمعة في سكن أرامكو الذي يبعد عنهم 40 كيلو متراً. هل يجوز لهم إقامة الجمعة في هذا المركز؟
الجواب
الجمعة غير واجبة عليهم، لأنهم في حكم المسافرين حيث أن هذا المكان ليس موطناً لهم، والجمعة لا تجب على المسافر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل الجمعة في سفر من أسفاره، فإن فعلوا وصلوا الجمعة في مكانهم فلا بأس، ولا يشترط أن يبلغ العدد أربعين على القول الراجح والله أعلم.(6/57)
تخلف المسافر عن صلاة الجماعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 23/12/1424هـ
السؤال
رجل سافر وعند مروره بإحدى المدن مكث فيها يوماً أو يومين. فهل يأثم هذا الرجل بترك صلاة الجماعة مدة بقائه في المدينة والصلاة في شقته جمعاً وقصراً بحجة السفر؟ الرجاء بيان أقوال العلماء بالتفصيل أو إحالتي لمصادر هذه الأقوال.
الجواب
لا يجوز للمسلم أن يتخلف عن صلاة الجماعة؛ لما يترتب على ذلك من تعريض المسلم نفسه للعقوبة الشديدة، فقد همَّ - صلى الله عليه وسلم - بتحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة بالنار، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيُحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذّن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ فأحرق عليهم بيوتهم" متفق عليه عند البخاري (644) ، ومسلم (651) واللفظ للبخاري، وقد قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: " من سره أن يلقى الله - تعالى - غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " رواه مسلم (654) .(6/58)
وقد استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ أعمى في أن يصلي في بيته، حيث أتى هذا الأعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخَّص له فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلما ولى دعاه، فقال له: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: " فأجب " رواه مسلم (653) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعن عبد الله بن أمَّ مكتوم المؤذن - رضي الله عنه - أنه قال: " يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تسمع حيّ على الصلاة حيَّ على الفلاح" قال: نعم، قال: "فحيَّ هلا" ولم يرخص له رواه النسائي (851) ، وأبو داود (552) ، وابن ماجة (552) بإسناد حسن، ومعنى حيّّ هلا: تعال، فهذه الأحاديث تحذر المسلم من أن يتخلف عن صلاة الجماعة، وما دام أنه مقيم في المدينة أو في غيرها فلا يسوغ له أن يتخلف ولو أنه في حكم المسافر، والله أعلم.(6/59)
جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 24/9/1422
السؤال
سافرت إلى سوريا يوم الأربعاء إلى الجمعة، في يوم الجمعة صليت الجمعة ركعتين في البيت، وجمعت معها العصر ركعتين، هل فعلي هذا صحيح؟ وإذا كان خطأ، فما الواجب عليّ؟
الجواب
صلاتك وجمعك صحيح ما دمت نويت قصر صلاة الظهر، وجمعت معها صلاة العصر، إلا أن صلاتك في المسجد أفضل لك، فإذا صليت مع الإمام الجمعة فلا تجمع معها العصر.(6/60)
قصر الصلاة لسائقي الحافلات
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 23/10/1424هـ
السؤال
إذا كان شخص يعمل سائق باص من بلد إلى بلد دون انقطاع، فهل عليه القصر طول العام؟ علماً أن المسافة التي يقطعها مسافة مسافر، وهو يوم عند أولاده ويوم خارج المدينة.
الجواب
المشروع للمسافر قصر الصلوات الرباعية في حال السفر، أما إذا رجع إلى محل إقامته فتنقطع أحكام السفر، ويجب عليه إتمام الصلاة، وبناء على ذلك فإنه يشرع للسائل القصر إذا سافر خارج مدينته، ويتم في وقت إقامته عند أولاده.(6/61)
جمع الصلاة والتيمم في النزهة البرية
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 12/11/1424هـ
السؤال
نحن شباب إذا خرجنا في نزهة إلى البر يكون هناك نزاع حول قصر الصلاة وجمعها، وحول الوضوء أم التيمم؟ علماً أن المسافة تزيد على مائة كيلو، ونكون في أيام برد ويمكن الحصول على الماء لكن بغير سهولة، والأرضية ليست ترابية بل رملية، السؤال: ما العمل في مثل هذه الأوضاع؟
الجواب
مسافة المائة كيلو مسافة قصر يجوز فيها الأخذ برخص السفر، كقصر الصلاة والفطر في رمضان (والجمع بين الصلاتين لمن جدّ به السير) .
وأما التيمم فشرط جوازه عدم الماء، أو عدم القدرة على استعماله، ويجوز التيمم بالرمل على الصحيح؛ لعموم قوله -تعالى-:"فتيمموا صعيداً طيباً" [النساء:43] ، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه -رضي الله عنهم- يحملون معهم التراب مع مرورهم بمناطق رملية.(6/62)
قصر الصلاة لسائقي الحافلات
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 23/10/1424هـ
السؤال
إذا كان شخص يعمل سائق باص من بلد إلى بلد دون انقطاع، فهل عليه القصر طول العام؟ علماً أن المسافة التي يقطعها مسافة مسافر، وهو يوم عند أولاده ويوم خارج المدينة.
الجواب
المشروع للمسافر قصر الصلوات الرباعية في حال السفر، أما إذا رجع إلى محل إقامته فتنقطع أحكام السفر، ويجب عليه إتمام الصلاة، وبناء على ذلك فإنه يشرع للسائل القصر إذا سافر خارج مدينته، ويتم في وقت إقامته عند أولاده.(6/63)
صلاة المسافر قبل دخول الوقت
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 14/9/1424هـ
السؤال
صليت الظهر في المسجد في مدينة الرياض، وفي الثانية ظهراً خرجت للمطار، ووقت صعود الطائرة الساعة الثالثة إلا ربعاً، والإقلاع قبل أذان العصر والوصول بعد ساعة ونصف أو أكثر، فهل يجوز لي أن أصلي العصر قصراً قبل صعود الطائرة؟ علماً أن وقت العصر لم يدخل، وهل هذا من باب الجمع؟
الجواب
ليس لك أن تصلي العصر قبل دخول وقتها، على الحال التي وصفت؛ لأن تقديم الصلاة قبل وقتها لا يجوز، إلا في الجمع، ومنه جمع التقديم، ويشترط له كون الصلاة مما تجمع إلى ما قبلها، وكون الجمع متصلاً في وقت واحد، لا يحصل الفصل فيه بين أداء الصلاتين مدة تطول -عرفاًَ-، وصلاتك العصر الساعة الثانية ظهراً بعد أن صليت الظهر قريباً من الساعة الثانية عشرة والنصف لا يتحقق فيه معنى الجمع، لا عرفاً؛ لطول الفصل بينهما، ولا شرعاًُ؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان جمعه متوالياً، بلا فصل طويل، ولم ينقل عنه -فيما أعلم- الجمع على نحو ما يسأل عنه السائل، والجمع رخصة، والرخصة لا يتجاوز بها الوارد عنه -صلى الله عليه وسلم-.
وعلى هذا فتلزمك صلاة العصر، بعد دخول وقتها، فإن خشيت خروجه قبل مغادرتك الطائرة إلى بلد سفرك لزمتك الصلاة فيها، على حسب القدرة والإمكان، ويسقط عنك من الشروط والأركان والواجبات ما لا تتمكن من الإتيان به في الطائرة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن حصين -رضي الله عنه-: "صل قائماً؛ فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" البخاري (1117) . ومراعاة أداء الصلاة في وقتها أهم من مراعاة غيره من الشروط والأركان والواجبات، باتفاق أهل العلم. وحينئذ فالسنة لك أن تقصر الصلاة التي فيها قصر؛ لأنك مسافر، والقصر صلاة المسافر.(6/64)
وإن لم تخش خروج الوقت فعليك أن تؤخر الصلاة إلى حين وصولك مطار البلد الذي أنت مسافر إليه؛ لتؤدي الصلاة بكمالها وخشوعها وطمأنينتها. ولك أن تقصر إن كان البلد غير بلدك، أو كنت لا تنوي البقاء فيه مدة تعتبر فيها -عرفاً مقيماً-.(6/65)
هل يجب عليّ قصر الصلاة؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 29/12/1422
السؤال
أعمل في شركة نفط في الصحراء، وبمعدل أسبوعين في العمل وأسبوعين عطلة، وأذهب عن طريق الطائرة، وتبعد المنطقة التي أعمل بها عن محل إقامتي حوالي (550) كيلو متراً وأغلب عملي في مكتب، والمنطقة التي أعمل بها توجد بها كافة سبل الراحة من مسجد ومسكن ومأكل ونقل، ونادراً أخرج إلى خارج المكتب وذلك لزيارة آبار النفط، بعض الآبار تبعد (150) كيلو متراً عن مقر المكتب والسكن، وبعضها لا يتعدى الكيلو متر الواحد، ما رأي فضيلتكم في وجوب القصر من عدمه، وهل يؤاخذ الله في من لم يقصر وهو في حال الرخصة؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فالجواب أن القول الراجح أن القصر في السفر سنة وليس بواجب، وبناء عليه فلو أتممت الصلاة في السفر لصحت لكنه خلاف السنة ولا إثم عليك - إن شاء الله - هذا وما ذكرت من وجود مسجد في المنطقة التي تسافر إليها وتعمل فيها والتي هي ليست محل إقامتك نقول لك: الواجب أن تصلي في المسجد جماعة لأن الجماعة واجبة حضراً وسفراً، وإذا صليت مع الإمام المقيم فإنه يجب عليك إتمام الصلاة مع إمامك؛ لأن هذا هو السنة وإذا صليت وحدك فالسنة لك قصر الصلاة بدون جمع، والله أعلم.(6/66)
القصر بين الموطن ومكان الوظيفة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 11/4/1424هـ
السؤال
أنا موظف في مدينة تبعد عن سكني الأصلي حوالي 200 كم، ولا أذهب إلى مدينتي إلا يوم الأربعاء ثم أعود يوم الجمعة، فهل يجوز لي قصر الصلاة الرباعية؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من حال السائل يظهر أنه مسافر، وإذا كان كذلك فإنه يجوز له أن يقصر الرباعية، لكن إذا كان المسافر داخل البلد فالأصل أنه يصلي الجماعة مع الناس؛ لحديث ابن عباس وأبي موسى - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر"، رواه بن ماجة (793) ، وابن حبان في صحيحه (2064) ، والحاكم في المستدرك (928) ، وغيرهم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-وقال علي - رضي الله عنه -: "لا صلاة لجار مسجد إلا في المسجد"، رواه البيهقي في السنن الكبرى (3/57) وغيره ولم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ترك الجماعة لا في الحضر ولا في السفر، لكن لو فاتتك الصلاة فلك أن تصلي هذه الرباعية التي فاتتك ركعتين، وإذا كنت داخل البلد فإنه يجب عليك أن تصلي مع الناس، وإذا صليت مع الناس فإنك إذا ائتممت بمقيم فإنه يلزمك أن تتم صلاتك؛ تصلي أربعاً إذا أدركت من الصلاة ركعة تامة.(6/67)
موافقة الجمعة ليوم من أيام الحج
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 27/07/1425هـ
السؤال
في مناسك الحج، هل على الحجاج صلاة الجمعة في منى يوم التروية، إذا كان يوم الثامن من ذي الحجة يوم الجمعة؟ - وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
المسافر لا تجب عليه صلاة الجمعة، وإذا كان في الحج فلا تجب عليه صلاة الجمعة؛ لأنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وافق يوم الجمعة في يوم عرفة، ولم يصلِّ الجمعة في ذلك اليوم، وإنما صلاها ظهراً؛ بدليل أنه جمع العصر مع الظهر، وكذلك قدّم الصلاة على الخطبة، فهذا دليل على أن الحاج لا يصلي صلاة الجمعة إذا وافقت الجمعة يوماً من أيام الحج. والله أعلم.(6/68)
نوى الإقامة أسبوعين، فهل يقصر؟
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 13/7/1425هـ
السؤال
سافرت إلى دولة شرقية هذا الصيف، وأقمت بها أسبوعين، وخلال مدة إقامتي كنت أجمع وأقصر الصلاة، علماً بأني سافرت خلال الأسبوعين إلى أكثر من منطقة، وعند عودتي إلى بلدي شككت في الأمر، فسألت أحد الإخوة فأمرني بإعادة الصلاة. سؤالي: هل فعلي هذا جائز؟ وهل أعيد الصلاة مع مشقة ذلك؟ علماً أنه يصعب صلاة كل فرض في وقته؛ لعدم توفر المكان المناسب.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
الإنسان إذا كان يريد أن يبقى في مكان أكثر من أربعة أيام؛ بمعنى أنه يبقى في بلد معين -كمدينة أو قرية- مدة تزيد عن الأربعة أيام فإن حكمه حكم المقيم، لا يترخص بشيء من رخص السفر لا القصر ولا الجمع ولا المسح أكثر من يوم وليلة، وأما إذا كان يتنقل يوم في البلد الفلاني ويوم آخر ينتقل إلى القرية الفلانية، وبعد ثلاثة أيام ينتقل إلى مكان ثالث، ولو كان اسم الدولة واحد لكنه يتنقل في قراها فإن هذا يعتبر مسافراً، وله الترخص برخص السفر كلها، فيقال لهذا السائل إن كنت قررت الإقامة في مدينة واحدة أكثر من أربعة أيام فإنك قد أخطأت، وعليك أن تعيد الصلوات، وأما إذا كنت لا تدري متى ترتحل من هذه البلدة إلى البلدة الثانية أو من هذه القرية إلى القرية الثانية لا تدري هل تجلس فيها يوماً أو أسبوعاً، وجلست فيها مدة طويلة حتى لو كانت أشهراً وأنت في كل يوم لا تدري هل تبقى أو تغادر فهذا حكمه حكم المسافر، وله القصر والجمع والفطر في رمضان، والمسح ثلاثة أيام. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/69)
رخص السفر في النزهة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 30/6/1424هـ
السؤال
شباب ذهبوا للنزهة في البر بمسافة تقدر بأكثر من 70كيلو متر، ونيتهم الجلوس والنوم لأكثر من يوم، ما حكم جمعهم وقصرهم للصلاة؟ وهل يجوز التيمم عند صلاة الفجر لشدة برودة الجو والماء في البر؟
الجواب
لكم الجمع والقصر كما هو اختيار شيخ الإسلام أحمد بن تيمية -رحمه الله-.
أما بالنسبة للتيمم فلا بأس به لشدة البرد إذا كان فيه مشقة شديدة، وكذلك إذا كان الإنسان يخشى أن يتضرر فله أن يتيمم أيضاً، أما إن كانت المشقة محتملة، فإنه لا يجوز له أن يتيمم بل عليه أن يتوضأ.(6/70)
تحديد مدة السفر
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 3/2/1424هـ
السؤال
سمعت فتوى عن تحديد مدة السفر للمسافر بأقل من أربعة أيام؛ للعمل بأحكام المسافر، ولكن أريد معرفة ما هو المستند لتحديد المدة بأربعة أيام؟ أرجو التوضيح، وفقكم الله لكل خير.
الجواب
هذه الفتوى التي سمعتها هي مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية والحنابلة في رواية عن الإمام أحمد، ولهذا القول أدلة، منها: حديث العلاء بن الحضرمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً" متفق عليه البخاري (3933) ، ومسلم (1352) ، ووجه الدلالة منه: أنه رخص للمهاجر أن يقيم في مكة ثلاثة أيام -دون زيادة- لأن هذه المدة لا تخرجه عن حكم المسافر.
ومما استدلوا به: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة للحج في اليوم الرابع من ذي الحجة- كما ثبت ذلك في صحيح البخاري من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- (صحيح البخاري مع الفتح 3/422) - ثم خرج منها إلى منى في ضحى اليوم الثامن من ذي الحجة، كما يشير إليه الحديث الوارد في صحيح البخاري مع الفتح (3/507) عن أنس -رضي الله عنه- قالوا: فمجموع إقامته أقل من أربعة أيام، وكان عازماً على إقامتها، وقد كان يقصر الصلاة في هذه المدة، فلا يشرع القصر في أكثر منها إبقاء على الأصل وهو الإتمام، والله تعالى أعلم.(6/71)
القصر عند الاقتراب من البلد
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 26/6/1424هـ
السؤال
كنت مسافراً مع بعض الإخوة، وعند رجوعنا إلى البلد دخل وقت الصلاة، فهل يجوز لنا القصر؟
ملاحظة: المسافة بين البيت ومكان الصلاة في حدود 20 كيلو.
الجواب
إن كنتم دخلتم البلد فلا يجوز لكم القصر، وإن كنتم لا تزالون في البر ولم تدخلوا البلد فيجوز لكم القصر، ولو قربتم من البلد ما دمتم لم تدخلوها.(6/72)
الترخص في السفر المحرم
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 10/9/1424هـ
السؤال
حارت بي الكلمات ولا أقول إلا: جزاكم الله الجنة، ومن الجنة فردوسها.
سؤالي: هل يجوز في السفر الحرام الجمع والقصر؟ أرجو إجابتي وإرجاعي لمرجع معين
الجواب
الحمد لله وحده. وبعد:
هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم: فذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن سفر المعصية لا يجوز فيه الترخص بالجمع والقصر، وذهب أبو حنيفة - رحمه الله- إلى جواز الترخص في سفر المعصية بالجمع والقصر وغير ذلك، وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (24/108-109) وصححه، وهو الراجح دليلاً؛ لأن الشارع الحكيم شرع الترخص في جنس السفر، ولم يخص سفراً دون سفر، كما في قوله تعالى: "فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر" [البقرة: 184] ، ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه خص سفراً دون سفر مع علمه - صلى الله عليه وسلم- بأن السفر يكون حراماً وحلالاً، ولو بين ذلك لنقلته الأمة، وحيث لم ينقل ما يخالف ذلك، فإن الرخصة تكون مشروعة في كل ما يسمى سفراً. والله تعالى أعلم.(6/73)
الجمع والقصر للمقيم في بلد بقصد العلاج
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 5/8/1424هـ
السؤال
(1) نحن مجموعة من المسلمين في جمهورية التشيك أتينا للعلاج، أرجو منك إعطاءنا فتوى في حكم الجمع والقصر في الصلاة، وأيضاً في حكم صلاة الجمعة وشروطها، وهل تجوز لنا إقامتها؟
(2) يوجد شخص مريض فهل يجوز له الصلاة بوضوء واحد؟ مثل أن يتوضأ لصلاة الصبح والأوقات التالية يقوم بالتيمم؛ لأنه لا يتمكن من الوضوء أو لا يتذكر هل هو على وضوء أو لا؛ لأن عنده نسيان فهل يكفيه التيمم؟ أم لابد له من الوضوء؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إذا كنتم مقيمين في جمهورية التشيك للعلاج فلكم أحكام المسافرين حتى لو طالت إقامتكم للعلاج، وعليه فإن المشروع في حقكم قصر الصلاة، وأما الجمع فإنه أيضاً جائز لكم، لكن ينبغي ألا تجمعوا إلا لحاجة. وأما صلاة الجمعة فإنها لا تشرع للمسافر؛ لأن المشروع له أن يصلي يوم الجمعة ظهراً ولو صلاها جمعة وجبت عليه الإعادة، إلا أن يكون في المدينة مسلمون مستوطنون يقيمون صلاة الجمعة، فهنا يلزمه أن يصلي معهم الجمعة.
(2) المريض الذي يشق عليه الصلاة خمس مرات فإنه يجوز له أن يجمع بين العصر والظهر ثم بجمع بين المغرب والعشاء. وأما التيمم فإنه لا يجوز إلا لمن لا يجد الماء أو يجده لكنه يتضرر باستعماله.(6/74)
جمع العصر مع الظهر ثم أدرك العصر في بلده
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 13/11/1424هـ
السؤال
صليت الظهر والعصر جمعاً وقصراً، وذلك بسبب سفري، ولما عدت إلى محل إقامتي أدركت وقت العصر، فهل صلاة العصر التي صليتها في السفر تسقط الفرض؟ أم يجب أن أعيد الصلاة؛ لأني أدركت وقتها في مكان الإقامة؟ أفيدوننا ... جزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا صلى المسافر الصلاة قبل دخول البلد ولو بمسافة قريبة فإن صلاته مجزئة، وعلى هذا لو جمع الظهر والعصر ثم دخل البلد قبل أن يدخل وقت العصر فصلاته مجزئة؛ لأنه مخاطب بصلاة العصر في حال سفره فأداها، والقاعدة أن ما ترتب على المأذون غير مضمون.(6/75)
قصر المسافر الصلاة عند أهله
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 23/2/1425هـ
السؤال
إذا سافر الرجل مسافة 100 كم من المدينة (أ) إلى المدينة (ب) وله بيت في كل من المدينتين وقد نوى أن يقيم في المدينة (ب) أقل من أربعة أيام فهل تسقط عنه صلاة الجمعة ويقصر الصلاة ويجمعها وهو في المدينة (ب) ؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الذي يظهر من أقوال أهل العلم أن من كانت هذه حالته فإنه يتم، بحيث تنقطع عنه أحكام السفر بمجرد وصوله إلى البلد الآخر الذي له فيه بيت، إلا أن يكون مجرد مار به: بأن سلم على أهله ومضى أو استراح عندهم فترة قصيرة كما يستريح المسافر أثناء طريقه، وهذا قول الحنابلة، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن مر في طريقه على بلد فيه أهل أو مال، قال أحمد في موضع يتم، وقال في موضع يتم إلا أن يكون مارا وهذا قول ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال الزهري إذا مر بمزرعة له أتم) . ثم استدل على ذلك بالآتي:
1) ما ورد عن عثمان رضي الله عنه أنه صلى بمنى أربع ركعات فأنكر الناس عليه، فقال يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم " رواه الإمام أحمد في المسند (445) .
2) قول ابن عباس رضي الله عنهما:" إذا قدمت على أهل لك أو مال فصل صلاة المقيم" أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/155) وعبد الرزاق في مصنفه (2/524) وابن ابي شيبة في مصنفه (2/211) .
3) ولأنه مقيم ببلد فيه أهله فأشبه البلد الذي سافر منه. والله أعلم.(6/76)
(صلاها في جمع تقديم ثم أدركه وقتها عند الوصول)
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 11/6/1425هـ
السؤال
عند السفر بالطائرة إلى أمريكا كيف تكون أوقات الصلاة، حيث إننا نصلي في أوروبا الظهر والعصر جمع تقديم، وعند السفر بالطائرة نصل أمريكا ويكون الوقت ما زال وقت صلاة الظهر، فهل نصلي مرة ثانية صلاة الظهر والعصر؟ وفي العودة من أمريكا نصلي المغرب والعشاء جمع تقديم قبل الركوب في الطائرة، وعند السفر عند الساعة الثانية صباحًا يظهر الفجر فكيف نصلي؟ وكذلك لا يسمح لنا بالصلاة واقفين في الطائرة لدواعٍ أمنية، فهل يصح صلاة الفرض في الكرسي في الطائرة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:(6/77)
فإن المسافر إذا أدى فرضه، ثم سافر بالطائرة فأدرك هذا الفرض في البلد الذي سافر إليه، فإنه لا يجب عليه أن يعيد صلاة ذلك الفرض، بل ولا يشرع له أن يعيده، إلا إذا صلاه بنية النافلة، وذلك لأنه قد أدى ما عليه على الصفة المشروعة، فسقط عنه الواجب، وبرئت ذمته، ولهذا كان من القواعد الشرعية أن (من فعل العبادة كما أمر فلا إعادة عليه) ، وهذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (21/633) فقال: "فإن الصواب ما عليه جمهور المسلمين: أن من فعل العبادة كما أمر، بحسب وسعه، فلا إعادة عليه، كما قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"، ولم يعرف قط أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر العبد أن يصلي الصلاة مرتين، لكن يأمر بالإعادة من لم يفعل ما أمر به. ولهذا لم يأمر عمر وعماراً بإعادة الصلاة لما كانا جنبين، فعمر لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة؛ ظناً أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء، وكذلك الذين أكلوا من الصحابة حتى تبين لهم الحبال السود من البيض لم يأمرهم بالإعادة، وكذلك الذين صلوا إلى غير الكعبة قبل أن يبلغهم الخبر الناسخ لم يأمرهم بالإعادة، وكان بعضهم بالحبشة، وبعضهم بمكة، وبعضهم بغيرها، بل بعض من كان بالمدينة صلوا بعض الصلاة إلى الكعبة، وبعضها إلى الصخرة ولم يأمرهم بالإعادة، ونظائرها متعددة"أ. هـ. أما قول السائل: وعند السفر الساعة الثانية صباحاً يظهر الفجر، فهنا بطلوع الفجر -في اليوم التالي- دخل وقت الفجر، فتجب الصلاة حينئذ، ولو كان ذلك في الساعة الثانية، لأن هذه العبادات مرتبطة بأسبابها، فمتى تحقق السبب -وهو هنا طلوع الفجر- وجبت العبادة.(6/78)
أما بالنسبة للقيام في الصلاة فهو ركن من أركانها مع القدرة عليه، فإذا لم يسمح للراكب بالصلاة واقفاً، فله أن يصلي جالساً إذا كان لا يصل إلى البلد القادم عليه إلا بعد خروج وقت الصلاة، سواء كان وقت هذه الصلاة أو ما يجمع إليها، فمثلاً لو كان وقت المغرب يخرج وهو في الطائرة، ولكنه يقدم في وقت العشاء، فإنه لا يجوز له أن يصلي المغرب جالساً في الطائرة، مع علمه بوصوله إلى ذلك البلد في وقت العشاء، وعليه فيؤخر المغرب ويصليها مع العشاء وهكذا، والله -تعالى- أعلم.(6/79)
هل يقصر المسافر إذا صلى خلف مقيم؟
المجيب محمد محمد سالم عبد الودود
عضو اللجنة العلمية بالموقع
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 20/06/1426هـ
السؤال
إذا صلى المسافر خلف إمام مقيم، وقد فاته ركعتان من الظهر أو العصر، فهل يتم الصلاة أم يقصرها؟.
الجواب
إذا دخل المسافر في الصلاة مؤتماً بمقيم، فلا يخلو حاله من أحد احتمالين:-
أ- أن يدرك ركعة أو أكثر فيجب عليه الإتمام تبعاً للإمام؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه" أخرجه البخاري (722) ، ومسلم (414) .
ب- إذا لم يدرك ركعة فإنه يبقى على سنته التي هي القصر على الصحيح؛ لأنه لم تنسحب عليه المأمومية، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة". أخرجه البخاري (580) ، ومسلم (607) .(6/80)
الصلاة في الطائرة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الصلاة في الطائرة وغيرها
التاريخ 9/7/1423هـ
السؤال
أنوي السفر بالطائرة -إن شاء الله-، وسوف تدركني صلاة الفجر وأنا في الجو، فهل أصلي صلاة الفجر في الطائرة؟ وكيف؟
الجواب
نعم تصلي في الطائرة، إن استطعت قائماً وإلا جالساً على الكرسي، وإن استطعت الركوع والسجود وإلا تومئ إيماءً، ولا يجوز لك تأخير الصلاة إلى نزول الطائرة إذا كانت الشمس تطلع قبل نزولها، أما إذا كانت تنزل الطائرة قبل طلوع الشمس فالوقت حينئذٍ باقٍ ولا حرج عليك.(6/81)
تأخير الصلاة لراكب الطائرة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الصلاة في الطائرة وغيرها
التاريخ 30/4/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: أسافر أحياناً بالطائرة فيدخل وقت الصلاة بعد إقلاعها، ولا أجد مكاناً مناسباً في الطائرة أستطيع أن أصلي فيه الصلاة على هيئة الشرعية الواجبة من القيام والركوع والسجود، وأنا أعلم أن الطائرة لن تهبط إلا بعد خروج وقت الصلاة، فهل يجب علي أن أصلي الصلاة في وقتها في الطائرة ولو جالساً، أم يجوز لي أن أؤخرها حتى أنزل في المطار فأؤديها على صفتها الكاملة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن أداء الصلاة في وقتها هو آكد فرائض الصلاة، فلا يجوز لأحد أن يؤخر الصلاة عن وقتها لتحصيل شرط آخر من شروطها، فلا يجوز تأخيرها لجنابة، ولا لحدث، ولا لنجاسة ثوب، ولا لعدم القدرة على أدائها قياماً.
وعلى هذا فيجب على من أدركته الصلاة وهو في الطائرة وخشي أن يخرج وقتها لو أخرها حتى تهبط ـ عليه أن يصليها في وقتها على حسب استطاعته (فاتقوا الله ما استطعتم) ، فيصليها قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً حيثما توجهت به الطائرة، ولا يجوز له أن يؤخرها عن وقتها لأجل أنه لا يستطيع أن يؤديها على صفتها الكاملة.
ويستثنى من ذلك صلاة الظهر والمغرب؛ لأنه يرخص للمسافر أن يؤخرهما فيجمعها مع ما بعدهما، فيصلي الظهر مع العصر جمع تأخير، وكذا المغرب مع العشاء.
كثير من الناس يخطئون في هذه المسألة، فيظنون أن تعذّر أداء الصلاة على هيئتها الكاملة الواجبة يبيح لهم تأخيرها إلى حين الاستطاعة ولو بعد خروج الوقت، وإنما أُتوا من جهلهم بكون الوقت آكد من فرائض الصلاة، كما قرَّر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.(6/82)
فمن شدّة مراعاة الشرع لفريضة الوقت أسقط عن المصلي تحصيل شروط الصلاة الأخرى (كستر العورة وإزالة النجاسة) إذا كان لا يحصلها إلا بعد خروج الوقت.
قال ابن تيمية (مجموع الفتاوى 22/35) : "ومن ظن أن الصلاة بعد خروج الوقت بالماء خير من الصلاة في الوقت بالتيمم فهو ضال جاهل" أهـ.
وقال (مجموع الفتاوى 22/28-29) : "وأما تأخير الصلاة لغير الجهاد كصناعة أو زراعة أو صيد أو عمل من الأعمال ونحو ذلك فلا يجوِّزه أحد من العلماء , بل قد قال تعالى: "فويل للمصلين" "الذين هم عن صلاتهم ساهون" قال طائفة من السلف هم الذين يؤخرونها عن وقتها".
ثم قال: "فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة ولا غير ذلك, بل يصلي في الوقت بحسب حاله, فإن كان محدثا وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى. وكذلك الجنب يتيمم ويصلي إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله لمرض أو لبرد. وكذلك العريان يصلي في الوقت عريانا, ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه. وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يقدر أن يزيلها فيصلي في الوقت بحسب حاله. وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: "صل قائما , فإن لم تستطع فقاعدا , فإن لم تستطع فعلى جنب" فالمريض -باتفاق العلماء- يصلي في الوقت قاعدا أو على جنب, إذا كان القيام يزيد في مرضه, ولا يصلي بعد خروج الوقت قائما. وهذا كله لأن أداء الصلاة في وقتها فرض, والوقت أوكد فرائض الصلاة, كما أن صيام شهر رمضان واجب في وقته , ليس لأحد أن يؤخره عن وقته" أهـ
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/83)
الصلاة في القطار
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الصلاة في الطائرة وغيرها
التاريخ 10/11/1423هـ
السؤال
يدخل علي وقت الصلاة وأنا في (الترام) وهو وسيلة مواصلات مثل القطار في أوروبا وليس هناك مساجد قريبة حيث لا يوجد إلا مسجد واحد في منطقة بعيدة وخشية مني أن يخرج الوقت فأني اصلي جالسا على المقعد و (الترام) يتحرك يمينا وشمالا في غير اتجاه القبلة. فهل صلاتي صحيحة؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فتجوز صلاة الفريضة للراكب في القطار أو الطائرة أو السفينة أو غيرها من المركوبات، إذا أمكن المصلي أن يأتي بجميع أركان الصلاة وواجباتها وشروطها، فإن لم يتمكن من الإتيان بفرائض الصلاة فإنه لا يصلي حتى ينزل إلا إذا خشي خروج الوقت، فإنه يصلي حسب حاله، قال بعض أهل العلم: إلا إذا كانت الصلاة تجمع إلى ما بعدها فإنه يؤخر الصلاة إلى وقت الأخرى.
وعلى هذا فإنه يجب على مصلي المكتوبة راكباً لعذر ما يقدر عليه من الشروط والأركان والواجبات وما لا يقدر عليه لا يكلف به، ومن ذلك استقبال القبلة والقيام فإنها واجبة مع القدرة، وتسقط عند العجز وعدم القدرة لقوله سبحانه "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] ولقوله جل وعلا "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] .
والذي أنصح به الأخ السائل: أن يحاول أن يكون وقت ركوب الحافلة في غير وقت الصلاة ما أمكن بحيث يصلي قبل الركوب أو يتمكن من الصلاة بعد النزول فإن لم يمكن ذلك فهو معذور. والله أعلم.(6/84)
كيف أصلي في الطائرة؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الصلاة في الطائرة وغيرها
التاريخ 04/04/1425هـ
السؤال
الذي يسافر من بلده إلى بلد آخر، ولا يعرف أوقات الصلاة وهو في الطائرة، هل يصلي حسب البلد التي غادر منها؟ أو التي سيذهب إليها؟ أم يصلي حسب الشمس؟
وهل يجوز أن أصلي في مقعدي وأنا لا أستطيع تحديد اتجاه القبلة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: عن السؤال الأول أن المصلي في الطائرة يصلي إذا دخل وقت الصلاة بصرف النظر عن وقت البلد التي سافر منها أو إليها، فمثلاً إذا غربت الشمس عليه وهو في الطائرة فقد دخل وقت المغرب وهكذا.
أما السؤال الثاني: فجوابه أنه إن كان هناك مُصَلّى في الطائرة، فيصلي فيه، وإن لم يكن فيها مصلى فيصلي في مقعده إلى اتجاه مكة المكرمة، إن كان يعرف ذلك، وإلا فيسأل عن اتجاهها، هذا ويعرف ذلك من اتجاه البلد المسافر إليها، والله أعلم.(6/85)
تقديم صلاة العصر مع الظهر للضرورة من دون عذر
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 10/8/1422
السؤال
ما حكم تقديم صلاة العصر مع الظهر في الحضر لعذر يخشى معه خروج وقت العصر أما عن العذر فهو اختبار دراسي أسبوعي يستغرق أربع ساعات لا يسمح خلاله بمغادرة قاعة الامتحان؟
الجواب
صلاة العصر كغيرها تجب في وقتها الذي أبانه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمرو من مصير ظل كل شيء مثله إلى قرب غروب الشمس - الاصفرار - فإذا ترتب على أدائك الامتحان تأخير صلاة العصر عن أول الوقت فلا حرج عليك فلك أن تصليها في وسط الوقت أو آخره أما إذا خشيت غروب الشمس وتركك الامتحان فيه مضرة عليك أو يفوت عليه مصلحة في دينك أو دنياك فلا حرج من جمع العصر مع الظهر في وقت الأول فإن الجمع إنما شرع للحاجة. زادك الله رعاية لحدوده، وعملاً بحقوقه.(6/86)
الجمع والقصر في الصلاة للمسافر؟
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر
التاريخ 29/4/1422
السؤال
هل يمكنني أن أصلي صلاة الجمع والقصر إحدى الصلاتين مع الإمام والأخرى منفرداً، مثلاً أن أصلي صلاة المغرب مع الإمام في المسجد ثم أتبعها بركعتين بنية صلاة العشاء وذلك في السفر؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين: نعم يمكنك أن تجمع بين الصلاتين، وتصلي الأولى مع الإمام المقيم جماعة ثم تصلي الثانية ركعتين بحكم أنك مسافر ليسوغ لك الجمع والقصر، ولكن إذا تهيأ لك أن تصلّي الأخرى مع جماعة أخرى من رفقتك أو غيرهم فذلك أفضل، كما روى أبو داوود والنسائي عن أبي كعب - رضى الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى) .
وإذا كنتم في السفر جماعة فإنها تجب عليكم الصلاة جماعة والأذان لها لقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وأصحابه - رضي الله عنهم - (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) .
والأدلة على وجوب صلاة الجماعة وفضلها من الكتاب والسنة كثيرة معلومة، فالواجب على المسلم العناية بها والمحافظة عليها سفراً وحضراً طاعة لله واحتساباً لثوابه.
والله الموفق،.(6/87)
هل تشترط النية للجمع؟
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 06/04/1426هـ
السؤال
هل تجب النية لجمع صلاتين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالراجح من قولي أهل العلم أن النية لا تجب للجمع بين الصلاتين، وأنه إذا صلى جمعاً ولم ينو الجمع، فإن صلاته صحيحة، وهذا هو قول جمهور أهل العلم، وممن رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية، [في مجموع الفتاوى (24/16) ] ، والله تعالى أعلم.(6/88)
متى يكون الجمع والقصر؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 14/11/1422
السؤال
كيف تكون صلاة الجمع والقصر؟
الجواب
صلاة القصر إذا سافرت مسافة قصر ولم تنو الإقامة في مكان ما أكثر من أربعة أيام فتقصر الرباعية إلى ركعتين، والجمع يحسن ألا تجمع إلا إذا جد بك السير إذا كنت سائراً، أما إذا كنت نازلاً في سفرك في مكان ما فيمر عليك وقت الظهر والعصر معاً وأنت نازل فالأحسن أن تصلي الظهر في وقتها قصراً، والعصر في وقتها قصراً ركعتين، واعلم أنه لا تلازم بين الجمع والقصر، وقد يسوغ الجمع ولا يسوغ القصر كالمريض في بلده، فيسوغ له أن يجمع ولا يقصر، وقد يسوغ القصر ولا ينبغي الجمع، كالنازل في مكان ما في سفره وسيمر عليه الوقتان وهو نازل، الظهر والعصر مثلاً أو المغرب والعشاء فالأولى له أن يصلي المغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، ويصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، فلا تلازم بين الجمع والقصر، أحياناً له أن يجمع ولا يقصر، وأحياناً له أن يقصر ولا يجمع، وأحياناً يجوز له الجمع والقصر معاً إذا كان مسافراً وهو سائر في طريقه فيجمع ويقصر.(6/89)
الجمع بين الصلاتين في المدرسة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 27/1/1423
السؤال
نحن طلاب ندرس في بريطانيا من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة الخامسة مساءً يتخلل هذه المدة صلاة الظهر وصلاة العصر، ولكن ليس لدينا سوى ساعة واحدة (من الواحدة إلى الثانية) مما يجعلنا نصلي الظهر والعصر جمعاً، خاصة بعض الأوقات التي يكون الوقت فيها قصيراً جداً بين الظهر والعصر والمغرب، فما رأي أهل العلم في ذلك؟
الجواب
يجب على المسلم أن يصلي كل فريضة من الصلوات الخمس في وقتها الذي شرعه الله، قال -تعالى-: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا"، (النساء 103) .
والنبي -صلى الله عليه وسلم- وقّت الصلوات، وجعل لكل صلاة وقتاً محدداً، فتقديم الصلاة عن وقتها أو تأخيرها عنه بغير عذر شرعي لا يجوز.
ولما صلى جبريل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في أول الوقت ثم في آخر الوقت، قال:" يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين". (سنن أبي داود ج1صـ107) ، الترمذي (1/278) ، بسند صحيح.
ولذا فإنه يجب عليكم أداء كل صلاة في وقتها إلا إذا كنتم ممن يشملكم رخص السفر، فإذا قصرتم الصلاة جاز لكم الجمع.
ولكم أن تؤخروا صلاة الظهر إلى آخر وقتها، وتقدموا العصر في أول وقتها، ولعل ذلك يتسنى لكم بالتنسيق مع القائمين على الدراسة، ويكون هذا الوقت الذي يشمل آخر الظهر وأول العصر هو وقت راحتكم.
يسر الله لكم أموركم، وحفظ عليكم دينكم، وزادكم حرصاً وتوفيقاً.(6/90)
الجمع في البرد والضباب
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 2/1/1424هـ
السؤال
نحن في منطقتنا في الجنوب وخاصة هذه الأيام أيام الشتاء يكون البرد قارساً مع وجود الضباب الذي يؤدي إلى عدم الرؤية إلا قليلاً والخروج إلى المسجد للصلاة فيه شئ من العناء ولذلك يعمد بعض الناس في المساجد إلى صلاة المغرب والعشاء في وقت صلاة المغرب لأجل الأجواء الباردة التي نعاني منها في فصل الشتاء علماً أنه لا يوجد مطر وإنما هو البرد والضباب الكثيف فنريد منكم الفتيا في ذلك وجزاكم الله خيراً.
الجواب
شدة البرد بدون ريح ولا مطر لا يجوز معها الجمع لأن البرد يمكن أن يتقى بكثرة الملابس الواقية، ثم قد يكون طيلة أيام الشتاء أي أنه معتاد لكن إذا كان الضباب يأتي أحياناً بشكل غير معتاد بحيث يكون الخروج مع وجوده قد يؤدي إلى خطورة بسبب عدم الرؤية لا سيما في السيارات فهنا يجوز الجمع لوجود المشقة الظاهرة أما إذا كان الضباب لا يسبب إلا البرد فقط فهذا لا يجوز معه الجمع كما سبق. والله أعلم.(6/91)
جمع الصلاة بسبب الحنا
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 16/1/1425هـ
السؤال
هل يجوز للمرأة إذا وضعت الحناء على يديها ورجليها أن تجمع الصلاة حتى تصبغ الحناء ولا يضيع تعبها سدى؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تجمع الصلاة من أجل وضع الحنا، وإنما تضع الحنا في الأوقات التي بين الصلاتين، ولها أن تختار الأوقات الواسعة، مثل ما بعد صلاة العشاء وصلاة الفجر، وما بعد صلاة الفجر وصلاة الظهر.(6/92)
الجمع في الحضر
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 22/6/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أريد من فضيلتكم أن تزودوني بالأوقات التي يصح فيها الجمع بين الصلوات - سواء أكانت الظهر والعصر أم المغرب والعشاء - في حالة المطر الشديد أو الخفيف أو البرد أو الخوف، مع العلم أننا مقيمون في البلد، مع التوضيح عن رواية ابن عباس -رضي الله عنهما- هل هي ضعيفة أم صحيحة؟ وإن وجد أكثر من رواية فما هي الرواية التي نأخذ بها؟ مع العلم أن هذا الموضوع أصبح عند بعض الناس مثار جدل، وما هو إجماع العلماء على هذا الموضوع؟
الجواب
يجوز الجمع بين الوقتين في أول الوقت وفي آخره، كما يجوز في وسط الوقتين، ولذا فقد يقع الجمع في آخر وقت الأولى ... ، هذا جائز لأن الأصل في هذه المسألة أن الوقت عند الحاجة مشترك، والتقديم والتأخير والتوسط بحسب الحاجة والمصلحة، أما أسباب جواز الجمع فقد ذكر أهل العلم لجواز الجمع عدداً من الأسباب؛ منها: السفر والمطر والمرض والخوف وغيرها، ويدل لذلك أحاديث كثيرة؛ منها: ما ذكره السائل من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو ثابت في صحيح مسلم (705) "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوفٍ ولا سفرٍ" وفي رواية: "في غير خوف ولا مطر" عند مسلم (705) وقد حمله جماعة على جواز الجمع للمرض والمشقة في الحضر دون السفر.(6/93)
الجمع من غير سفر ولا مطر
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: سمعت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- جمع الصلاة بلا سفر،
ولا مرض، ولا مطر، فهل هذا القول صحيح؟ وإن كان صحيحاً: فهل يجوز لنا أن نجمع الصلاة إذا كان سيصعب علينا أداء الصلاة الأخرى، في وقتها، مثلاً لظروف العمل، أو الدراسة؟.
الجواب(6/94)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.. فالجواب أن الحديث الذي ذكره السائل، حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه (705) وقدا أجاب عنه العلماء بعدة أجوبة، أرجحها في نظري: أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- إنما فعل ذلك للحاجة وابن عباس - رضي الله عنهما- فعل ذلك ولم يكن في سفر، ولا في مطر، وهو راوي الحديث المذكور عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فاستدل بما رواه على فعله، لكن ابن عباس - رضي الله عنهما- جمع لأنه كان في أمر مهم من أمور المسلمين، يخطبهم فيما يحتاجون إلى معرفته، ورأى أنه إن قطعه ونزل، فاتت مصلحته، فكان ذلك عنده من الحاجات التي يجوز الجمع فيها، وبناءً على هذا فيجوز الجمع، إذا كان في تركه حرج، فقد رفعه الله تعالى عن هذه الأمة، كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أما ما ذكره السائل، في سؤاله بقوله: فهل يجوز لنا الجمع لظروف العمل والدراسة؟ فنقول لا يجوز ذلك، لأن وقت العمل مستمر وكذا الدراسة، والجمع والحالة هذه مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- المحافظة على أوقات الصلاة، والرسول - صلى الله عليه وسلم- إنما جمع كما في الحديث السابق للحاجة، ولم يستمر على ذلك وليست الدراسة أو العمل من الحاجة، بل كل منهما مستمر، لكن لو أن الإنسان في بعض الأحيان كان متعباً جداً وكان في ترك الجمع حرج، فإنه يجوز له ذلك، لكن بشرط، أن لا يكون بصفة مستمرة أو عادة يستمر عليها، والله أعلم.(6/95)
الجمع بين الصلوات اعتذاراً بالنوم
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
مَنْ يجمع بين أكثر من صلاتين في اليوم لأنه نائم، هل يجوز له ذلك أم لا؟ لأننا دائماً نسمع (رفعت الأقلام عن النائم) .
الجواب
لا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها، بل يجب عليه أن يحافظ عليها، وإذا غلبه النوم نادراً ولم يكن هناك تفريط منه فالواجب عليه بعد الاستيقاظ مباشرة أن يأتي بالصلاة التي فاتت عليه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك"، ويحرم على المسلم أن يتعمَّد النوم قرب وقت الصلاة ليفوِّت الصلاة عن وقتها؛ لأن الله - جلَّ وعلا - يقول: "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً" [النساء: من الآية103] ، ولا يجوز للمسلم إذا فاتته صلاة أن يؤخرها إلى مقابل وقتها من اليوم الثاني، لأن هذا يفعله بعض الناس جهلاً، وإنما عليه المبادرة بأدائها متى ما استيقظ أو ذكر.(6/96)
صلاّها بجمع تقديم ثم وصل قبل دخول وقتها
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 01/05/1426هـ
السؤال
قدمت من المدينة متجهاً نحو جدة، وقد أدركتني صلاة الظهر قبل مدينة جدة بخمسين كيلو تقريباً، فصليت الظهر والعصر جمعاً وقصراً، مع علمي أني سأدرك العصر في جدة بلد إقامتي، وفعلاً وصلت جدة قبل صلاة العصر بنحو ساعتين، ولتعبي من السفر نمت عند وصولي، ولم أستيقظ إلا قبيل المغرب، هل صلاة العصر التي صليتها مع الظهر مجزئة؟ أم يلزمني إعادة الصلاة؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
صلاتك مجزئة؛ لأنك أديتها في وقت يجوز لك الجمع، حيث كنت فيه مسافراً، والإنسان المسافر يجوز له الجمع، فإذا كنت قد جمعت الظهر والعصر في وقت الظهر جمع تقديم، ووصلت إلى بلدك قبل دخول وقت العصر فإن صلاتك الأولى صحيحة، ولا يلزمك إعادتها، لكن الأولى والأفضل لمثل هذه الحال، -وخاصة أن بعض الناس عادته يومياً مثل هذه الحالة- ألا يفوِّت الإنسان على نفسه صلاة العصر في المساجد مع الجماعة لفضيلتها وعظيم أجرها، والله يتولى الصالحين.(6/97)
جمع مشتركتي الوقت
المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 16/8/1424هـ
السؤال
روى ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤدي كل صلاة في وقتها إلا في مزدلفة وعرفة، فقد روى النسائي في المجلد الثاني (ص:44) في السنن وقال إن رجاله رجال الصحيح، الحديث عن جمع الصلوات، فهل يعني هذا عند نهاية وقت المغرب وبداية وقت العشاء، فيكون الجمع عندما تكون أوقات الصلاة مقتربة من بعضها؟
الجواب
هذا الحديث المشار إليه في السؤال، قد أخرجه النسائي في سننه برقم (3010) ، والكبرى برقم (3991) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصلاة لوقتها، إلا بجمع - يعني بمزدلفة - وعرفات) .
وهذا الحديث قد أخرجه النسائي بلفظ آخر، كما في سننه الصغرى برقم (608) والكبرى برقم (1591) ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين صلاتين إلا بجمع، وصلى الصبح يؤمئذ قبل وقتها) وهذا اللفظ هو الأقرب لما في صحيح البخاري (1598) وصحيح مسلم (رقم 1289) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه قال (ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة إلا لميقاتها، إلا صلاتين: المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها) .(6/98)
وقد احتج بالروايات المتقدمة الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وأبو حنيفة، وصاحباه، فقالوا: لا يجوز الجمع إلا في عرفة ومزدلفة، وحملوا الروايات الأخرى الدالة على مشروعية الجمع على الجمع الصوري الذي أشار إليه السائل، وهو تأخير الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، وتقديم الصلاة الأخرى إلى أول وقتها، وهذا القول ضعيف من جهة الدليل؛ وذلك لورود النصوص الثابتة، والصريحة، والدالة على مشروعية الجمع في السفر الجمع الحقيقي لا الصوري - وذلك بأداء إحدى الصلاتين في وقت الأخرى، ومن تلك النصوص:
1. ما رواه أنس - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل، صلى الظهر ثم ركب) متفق عليه (صحيح البخاري رقم 112، وصحيح مسلم رقم 704) .
2. ما رواه البخاري في صحيحه (1091) من طريق سالم، ومسلم في صحيحه (703) من طريق نافع، أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا جدَّ به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق، ويقول: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء) .
هذه بعض الأحاديث الصحيحة الدالة بوضوح على مشروعية الجمع، وأما حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - فقد أجاب عنه جمهور أهل العلم بعدة أجوبة، منها:
أن ابن مسعود - رضي الله عنه - قد حدث بما رأى وحفظ، ومن حفظ - كأنس وابن عمر - رضي الله عنهما - حجة على من لم يحفظ، والله أعلم.(6/99)
الجمع بين الصلاتين لظروف العمل
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 24/04/1425هـ
السؤال
أنا أعمل في شركة كمبيوتر في فلسطين لدى شركة إسرائيلية، والحمد لله أنا مواظب على الصلاة, ولكن دائماً أبحث عن مكان لأصلي فيه، أحياناً لا يتسنى لي ذلك؛ لصعوبة الأمر، ومن حيث العمل، فهنالك صعوبة هي إيجاد عمل آخر؛ لكوننا عرب في هذه الدولة، ومن المعروف أن اليوم من يقيم شعائر الله في الأرض فهو إرهابي، فهل يجوز لي الجمع والقصر في الصلاة؟ علماً أن مكان عملي يبعد حوالي 40 كلم. والسلام عليكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
قبل أن أجيب عن سؤال الجمع والقصر بين الصلاتين انبهك الى أن العمل في دولة إسرائيل لا يجوز؛ لأنها دولة حربية محتلَّة، وعملك فيها لا يخلو من الإعانة على الإثم والعدوان، فاتق الله، واعمل عملاً ينفع إخوانك المسلمين في بلادهم، ولا تكن عوناً للكافر المحتل على إخوانك المستضعفين.(6/100)
وأما الصلاة فلا يُشترط لها مكانٌ مخصوص، بحيث لا تصح في غيره، بل أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الأرض جعلت له مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصلها حيث أدركته"انظر ما رواه البخاري (335) ، ومسلم (521) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها مطلقاً، إلا إذا كانت تجمع مع ما بعدها، كالظهر تجمع مع العصر جمع تأخير، والمغرب تجمع مع العشاء جمع تأخير، ولكن هذه الرخصة لا تجوز إلا عند الحاجة، وكونك لا تجد مكاناً مناسباً للصلاة ليس بعذر يبيح جمع الصلاة؛ لأن الشرع قد رخّص لك أن تصلي حيثما أدركتك الصلاة، والأصل أن الأرض كلها طاهرة، ولا يحكم على شيء منها بنجاسة إلا ما علمت نجاسته يقيناً؛ كالحمام ونحوه، وما عدا ذلك فيجوز الصلاة فيه، ولو بلا سجاد، وأما المسافة التي ذكرتها فليست مسافة قصر، ولا تعد مسافراً حتى يباح لك القصر والجمع.
بارك الله فيك، وأعانك على إطابة مطعمك، وصلى الله على نبينا محمد.(6/101)
الجمع بين الصلاتين للفشل الكلوي
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 28/09/1426هـ
السؤال
أنا مصاب بفشل كلوي، والغسيل الكلوي يدوم أربع ساعات، فهل يجوز لي أن أجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء لانشغالي بالغسيل؟ وهل يجوز لي أن أقصر الصلاة؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلك في هذه الحالة الجمع تقديماً أو تأخيراً حسب دخولك للغسيل؛ فإن كان دخولك بعد دخول وقت صلاة الظهر فاجمع تقديماً بلا قصر إذا كنت في بلدك، وإذا كنت مسافراً فلك الجمع والقصر، وإذا كان دخولك قبل دخول وقت صلاة الظهر فأخر الظهر واجمعها مع العصر، ولا يجوز تأخيرهما إلى ما بعد الغروب، والله أعلم.(6/102)
نية الجمع بين الصلاتين
المجيب أحمد بن حسن المعلم
رئيس مجلس علماء أهل السنة بحضرموت
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 05/11/1426هـ
السؤال
هل يجب على الإمام أن ينوي الجمع في الصلاة لعذر بعد الانتهاء من الصلاة الأولى؟ وهل يجب أن يخبر المأمومين بنية الجمع قبل الصلاة، أم نية الإمام تكفي؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الجمع بين الصلاتين عمل تجب له النية عند جميع العلماء، ولكن العلماء اختلفوا في وقتها، فمن العلماء من شرط أن تكون عند الدخول في الصلاة الأولى، ومنهم من اشترط أن يكون أثناء الصلاة الأولى قبل التحلل منها، ومنهم من لم يشترط ذلك، بل لو أتم الصلاة الأولى ثم نوى الجمع جاز ذلك، وهذا القول قواه الإمام النووي في "شرح المهذب".
قال الشيخ إبراهيم البجيري: (وهناك قول آخر بأنها تكفي بعد التحلل من الأولى وقبل التحرم بالثانية، وقواه في شرح المهذب وفيه فسحة) وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وأما هل يجب على الإمام أن يخبر المأمومين بنية الجمع؟ فنعم, فلا بد من إخبارهم بذلك، لكن لا يضر لو لم يخبرهم إلا بعد التحلل من الأولى، والله تعالى أعلم.(6/103)
جمع العشاءين في البلاد الاسكندنافية
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 02/08/1426هـ
السؤال
لدينا مشكلة نعاني منها في البلاد الاسكندنافية في فصل الصيف، وهي وقت صلاة العشاء، حيث إننا في البلاد الاسكندنافية عندنا مواقيت للصلوات تم تحديدها مسبقاً للمسلمين، تشير إلى أوقات الصلوات، لكن في الصيف يتأخر وقت العشاء في هذه المواقيت، وهذا يسِّبب مشكلة كبيرة، فمثلاً: صلاة المغرب: (21:50) وصلاة العشاء (1:00) صباحاً، وكل مسجد يطبق ذلك على طريقته! في بعض المساجد يقومون بجمع المغرب مع العشاء. وفي البعض الآخر يصلون العشاء، بعد المغرب بساعة ونصف، وبعضهم ينتظرون هذا التوقيت (يعني 1:00) صباحاً، فهل من بيان حول ما هو أحسن؟ بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فنحن نعرف أن مسألة الشفق في شمال أوروبا مشكلة؛ لأن الشفق في بعض الأحيان لا يغيب، والأمر في هذا واسع -إن شاء الله-، وتتلخص سعته في بعض النقاط، منها:
(1) للمسلمين هناك أن يصلوا العشاء مع المغرب.
(2) كما لهم أن يدعوا فرصة بين المغرب وبين الفجر ليصلوا فيها العشاء، وهذا أولى.(6/104)
(3) وإذا كانت المشقة قائمة فإنه يجوز لهم الجمع؛ لأن الجمع للحاضر أجازه جمع من العلماء، فأجازه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- للمرضع إذا كان يشق عليها أن تصلي كل صلاة بمفردها، وأجازه جماعة من العلماء مثل ابن سيرين، وهو أحد قولي أشهب، وهو كذلك قول ابن حبيب من المالكية، كل هؤلاء أجازوا الجمع من غير عذر، وكذلك يقول العلامة ابن عرفة من علماء المذهب المالكي في القرن الثامن، يقول: كان بعض أشياخنا يجمع إذا أراد أن يدخل الحمام، والأصل في ذلك الحديث الصحيح الذي في صحيح مسلم (705) وغيره وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غير خوف ولا سفر، وفي لفظ: في غير خوف ولا مطر، وقد قيل لابن عباس لم فعل ذلك؟ فقال: كي لا يحرج أمته.
فهذا أصل في جواز الجمع، فالمهم أن لا يكون الجمع عادة، أما إذا جمع الناس لمثل هذه المشقات والضرورات، خاصة أولئك الذين لهم أعمال في الصباح، فهذا إن شاء الله جائز ولا شيء فيه على من فعله، لكن بشرط أن لا يكون عادة، بمعنى أنه من وقت لآخر يصلون هذه الصلوات في أوقاتها. والله أعلم.(6/105)
يجمع لأجل الدراسة
المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 24/03/1427هـ
السؤال
أحاول أن أحافظ على صلاتي لكني لم أستطع, فأنسى الصلاة في أغلب الأوقات, لكن الأمر ليس بيدي, فهل إن قضيتها واستغفرت ربي يكفي؟ وفي مدرستي يستمر دوامي إلى ما بعد صلاة العصر، فأعلم أن صلاة الظهر سوف تفوتني, لكني حين أرجع إلى منزلي أجمع الظهر مع العصر بدل قضائه، فهل ما أفعله صحيح؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والآه، وبعد:
فقبل الإجابة عن السؤال أود أن أذكر بأن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وشعيرة من شعائره العظام، ولعظيم منزلتها لم تفرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في الأرض كسائر العبادات، بل عرج به إلى السماء السابعة، وهناك فرضت عليه، ولها من الآثار العظيمة على المسلم في الدنيا والآخرة ما لا يتسع المجال لذكره.
فعن عبادة -رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "خمس صلوات افترضهن الله على عباده من أحسن وضوءهن وصلاتهن لوقتهن فأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له عند الله عهد أن يغفر له -وفي رواية: أن يدخله الجنة- ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه" أخرجه أحمد (21635) ، (21646) وغيره، وهو صحيح.
وإذا ما تذكر المسلم ذلك حمله -بإذن الله تعالى- على الاهتمام بها، والمحافظة عليها في أوقاتها، واستجماع شروطها وأركانها وواجباتها وسننها.
وفي ما يتعلق بسؤال الأخت: هل يكفيها قضاء الصلاة التي نسيتها مع الاستغفار؟
فالجواب: نعم يكفي ذلك؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها". وفي رواية: "لا كفارة لها إلا ذلك" صحيح البخاري (597) ، وصحيح مسلم (684) .(6/106)
أما سؤالها عن حكم تأخير صلاة الظهر بسبب الانشغال في المدرسة، ومن ثم جمعها مع العصر.
فالجواب: إنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بأي حال من الأحوال، ومن فعل ذلك فقد ارتكب إثماً عظيماً، إلا لمن نوى جمع الظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء في حال يجوز فيها الجمع، وليس من الأحوال التي يجوز فيها الجمع الانشغال في المدرسة إذ يمكنها أداء الصلاة داخل المدرسة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصل" رواه البخاري (335) ، ومسلم (521) .
لكن ينبغي أن تتفطن هذه الأخت وغيرها إلى أن وقت صلاة الظهر طويل، إذ يمتد من زوال الشمس إلى دخول وقت العصر، ولها أن تؤخر الصلاة إلى آخر الوقت ما لم يدخل وقت العصر، ولا حرج في ذلك، غير أن أول الوقت هو الأفضل. وفق الله الجميع للصواب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.(6/107)
الجمع بين الصلاتين بسبب الدراسة
المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين
التاريخ 16/05/1427هـ
السؤال
هل يجوز لي جمع الصلاة (الظهر والعصر-المغرب والعشاء) ؟ خاصة أني في بعض الأحيان أكون خارج المنزل، ولا يتوفر مكان أصلي فيه، أو أكون في محاضرة، مع العلم أني أدرس في الغرب.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، وبعد:
فلا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، إلا لمن نوى جمع الظهر مع العصر، أو المغرب مع العشاء، في حال يجوز فيها الجمع؛ قال تعالى: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون:4-5] قالت طائفة من السلف: هم الذين يؤخرونها عن وقتها.
بل يتعين عليه أن يؤديها في وقتها، بحسب حاله، وفي حدود استطاعته؛ فإن كان محدثا وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى، وكذلك العريان يصلي في الوقت عريانا، ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه، وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا
يقدر أن يزيلها فيصلي في الوقت، بحسب حاله، وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين-رضي الله تعالى عنه-: "صل قائما، فان لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب" أخرجه البخاري (1117) ، وغيره.
وكل هذا مما اتفق عليه العلماء؛ لأن الوقت أوكد فرائض الصلاة.(6/108)
غير أن شريعتنا السمحة التي جاءت برفع الحرج، قد ورد فيها ما يسوّغ الجمع عند الحاجة في الحضر ومن غير مطر أو سفر، ما لم يتخذ ذلك عادة؛ فقد أخرج مسلم (705) ، وغيره عن عبد الله بن شقيق-رحمه الله تعالى- قال: "خطبنا ابن عباس-رضي الله تعالى عنهما - يوماً بعد العصر، حتى غربت الشمس وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة. قال: فجاءه رجل من بني تميم، لا يفتر ولا ينثني: الصلاة الصلاة. فقال ابن عباس: أتعلمني بالسنة لا أم لك؟! ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته، فصدق مقالته.
وعند مسلم أيضا (705) من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته. وانظر صحيح البخاري (562،543) . قال النووي-رحمه الله تعالى-: (وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: أراد ألا يحرج أمته، فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم) ، شرح النووي على مسلم (ج 3- ص 1) .(6/109)
بسبب البرد أصلي في السيارة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 21/5/1424هـ
السؤال
هل يجوز أداء صلاة الفريضة جالساً في السيارة لظروف الثلوج والبرد، ولعدم وجود مكان مناسب للصلاة؟ علماً أن وقت الصلاة متقارب جداً عندنا في فصل الشتاء، بحيث إذا لم أصل في السيارة صلاة الظهر والعصر بحكم عملي كسائق سيارة أجرة يدخل علي وقت صلاة المغرب، رغم أنني أجمع بعض الأحيان بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم أو جمع تأخير إذا وجدت مكاناً مناسباً، أما صلاة الصبح فبعض الأحيان أصليها داخل السيارة جالساً قبل أن تطلع الشمس، أجيبوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلقد أعجبني منك أخي المغترب حرصك هذا على أداء الصلاة في وقتها والتحرج من تأخيرها عنه، ثم استفتاؤك عما يشكل عليك من أمور دينك، فثبتنا الله وإياك على طاعته وأعاننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
اعلم -أخي- أن الأصل هو وجوب أداء الصلاة على هيئتها التي أمر الشرع بها في وقتها الواجب، وليس للصلاة مكان مخصوص لا تصح في غيره، بل جعلت الأرض لنا مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان" كما ثبت من حديث جابر عند البخاري (335) ومسلم (521) ، اللهم إلا ما نُهي أن يُصلى فيه كالمقبرة والحمام، وكل مكان نجس أو فيه تماثيل.(6/110)
فإذا أدركتك الصلاة فعليك الاجتهاد في البحث عن مكان مناسب دافئ لتصلي فيه، فإن لم تجد إلا مكاناً تُعرض نفسك فيه للبرد الشديد، فصل في سيارتك جالساً، ولكن عليك أن تُيمِّم سيارتك جهة القبلة، ولا يجوز لك أن تؤخر الصلاة عن وقتها لأجل أن تصليها على الصفة الواجبة كما يفعل بعض الجهال، فإن مراعاة وقت الصلاة أولى من كل شرط آخر، ولذا شرع التيمم لعادم الماء، وإن كان متيقناً وجوده بعد خروج الوقت، وشرعت صلاة الخوف عند لقاء العدو على صفة خاصة مراعاة لشرط الوقت.
وكذا من لا يجد إلا ثوباً نجساً يجب عليه أن يصلي فيه إذا خشي خروج الوقت، حتى ولو تيقن أنه سيجد غيره بعد خروج الوقت.
وأما الصلاة التي تُجمع مع غيرها، كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، فيُشرع لكم عند شدة البرد ونزول الثلوج أن تجمعوا بينها جمع تقديم أو تأخير؛ تحصيلاً لفضيلة الجماعة، ولهذا شاهد من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (543) ومسلم (705) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/111)
رائحتي كريهة فهل أترك الجماعة؟
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 22/3/1423
السؤال
أنا شاب لدي مرض مزمن في جيوبي الأنفية والحنجرة، وهذا المرض يبعث رائحة كريهة من الفم أو الأنف عند الزفير، أقوم حالياً بمعالجة هذا المرض، ولكن يحتاج العلاج إلى مدة طويلة قد تستمر إلى عدة شهور، مشكلتي تكمن أن المصلين يتضايقون من رائحتي بشكل كبير، وهذا يسبب الآتي:
-أمضي معظم صلاتي في التفكير في هذه المشكلة، وأحاول جاهداً عدم مضايقة المصلين بكتم نفسي تارة أو التلثم تارة أخرى، وهذا يفقدني الخشوع في الصلاة.
-لا أفتح فمي عند القراءة، ويتم ذلك سراً بدون فتح الشفتين.
سؤالي هو: هل أقوم بالصلاة مفرداً وأترك الجماعة؟ وهل في تركي الجماعة في هذه الحالة يفقدني أجرها، وهل قراءتي بعدم فتح الشفتين صحيحه؟ ما الحل؟
الجواب
1-عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا"، وزاد في رواية: "وليقعد في بيته" (متفق عليه) البخاري (855) ومسلم (564) .
2-عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا، ولا يؤذينا بريح الثوم" أخرجه مسلم (563) .
أخي السائل إن علة النهي عن قربان المساجد هي الرائحة الكريهة التي تؤذي المسلمين، ولما كانت حالتك شبيهة بما جاء في الحديث فيلزم من هذا عدم حضورك إلى المسجد دفعاً للأذى عن المصلين، لذا قال بعض العلماء يلحق بالثوم من به بخر في فيه، أو به جرح له رائحة، وقد استدل العلماء بالحديث على عدم وجوب الجماعة، إذ قال ابن دقيق العيد -رضي الله عنه-: "ومن لوازمه ترك صلاة الجماعة في أكلها، أي: الثوم، ويقاس عليه كل ما له رائحة كريهة تؤذي الآخرين.(6/112)
أخي السائل: يلزمك العلاج السريع والجدي لهذه الحالة التي أصبت فيها للتخلص من هذه الرائحة، وعند الشفاء منها يجب عليك حضور صلاة الجماعة، أما صلاتك في حالة المرض فتكون مفرداً، وأسأل الله -عز وجل- أن يثيبك على نيتك وعلى حرصك على صلاة الجماعة، أما قراءة القرآن في الصلاة من غير تحريك الشفتين فلا تكون قراءة صحيحة مجزئة، هذا وأسأل الله -تعالى- لك الشفاء، وأن يذهب عنك هذا البأس والأذى، وألاّ يحرمك أجره وثوابه، والله أعلم بالصواب.(6/113)
هل يسوغ لنا الجمع؟
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 20/03/1427هـ
السؤال
أنا طالب في إحدى دول الغرب، وأحيانا نذهب للنزهة في مدينة تبعد 15 كيلو عن مدينتنا، وتدركنا الصلاة ونحن هناك، وقد انقسم الزملاء فريقين, فريق رأى جمع الصلوات، وفريق صلى في وقتها، لكن صلى جالسًا على الكرسي، وكلاهما حجته عدم وجود مكان آمن، وعدم وجود مسجد. فما هي الطريقة الصحيحة للصلاة في هذا الوضع؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الصلاة شأنها عظيم، فقد ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم وعظّم شأنها، وأمر بالمحافظة عليها وأدائها في الجماعة، فقال الله تعالى: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" [البقرة:238] ، وقال تعالى: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" [البقرة:43] ، لذلك يجب عليكم أداؤها في وقتها الذي شرع لها، وأنتم على حالتكم التي ذكرتها تجب في حقكم الصلاة، إما في مسجد قريب منكم، أو في المكان الذي تجلسون فيه، إما على الأرض أو على الفرش التي تجلسون عليها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أتى الصلاة فلم يجد ما يصلي عليه وجد الأرض مسجدا وطهورا" أخرجه البيهقي (1/212) ، وبعضه في الصحيحين.(6/114)
ومن جمع الصلاة بدون الأعذار التي تبيح القصر والجمع فعليه الإعادة، ومن صلى جالساً وهو قادر على القيام فصلاته غير صحيحة؛ حيث إن القيام ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، فعليكم إعادة هذه الصلوات التي صليتموها، وأوصيكم بالحرص على أداء الصلاة في وقتها، والحرص على تعلم أمور دينكم حتى تقوموا بعبادة الله على بصيرة وعلم، وفقكم الله للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(6/115)
مدة السفر المعتبرة شرعاً
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 12/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أسأل فضيلتكم في قضية، وهي: أنني من سكان مدينة جدة، ولكني أدرس بالخارج، فهل أعتبر مسافراً في البلد التي أدرس فيها بحيث يجوز لي أن أجمع الصلاة؟ مع العلم أني أمكث في هذا البلد أغلب أيام العام، ولا أزور مدينة جدة إلا لعدة أسابيع لا تتعدى الشهر، وما مدة صحة استدلال بعضهم بأن أحد الصحابة -رضوان الله عليهم- كان يجمع طوال فترة مكوثه بعيداً عن أهله؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يجوز لك الجمع ولا القصر ما دمت مقيماً للدراسة، فإذا عزمت على الإقامة في البلد أكثر من أربعة أيام فلا تجمع ولا تقصر، وإن كانت إقامتك أربعة أيام فأقل أو أنك لا تدري كم تقيم وفي كل يوم تقول غداً نسافر -إن شاء الله- ثم لا تسافر فلك القصر حينئذ، والأولى ألا تجمع إلا إذا جد بك السير، أما إذا كنت نازلاً في المكان خلال الوقتين كأن تكون نازلاً في الفندق، أو الاستراحة، أو في بيت ما لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحج في أيام منى يقصر ولا يجمع -عليه الصلاة والسلام- لأنه نازل.(6/116)
القصر لطالبي اللجوء
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 3/9/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ نحن مجموعة شباب نعيش في ملجأ اختلفنا في أداء الصلاة هل نصليها قصراً أم نتمها رباعية؟ مع العلم أن كل من في هذا الملجأ ينتظر الرد على طلبه للإقامة في هذا البلد، والانتظار يطول من بضعة أشهر إلى أكثر من سنة، أفتونا مأجورين.
الجواب
بسم الله والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فمثل هؤلاء الذين لا يدرون متى يخرجون أو أنهم يقيمون إقامة طويلة أو يستوطنون أمرهم متردد، هؤلاء لهم القصر، ويدل لهذا أن ابن عمر - رضي الله عنهما - صلى في أذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، وكذلك ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - سئل: إنا نطيل المقام، فهل نقصر؟ فقال: نعم، ولو وقفت عشر سنوات، وكذلك ورد عن عبد الرحمن بن سمرة وأنس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.(6/117)
الصلاة وسلس الريح
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 17/2/1424هـ
السؤال
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
السؤال: أعاني من كثرة خروج الريح أثناء الوضوء وأثناء الصلاة مما يجعلني أعيد الوضوء أكثر من مرة، ما حكم مدافعة خروج الريح أثناء الصلاة؟ وهل يبطلها؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا كانت هذه المعاناة معك باستمرار فلا بأس عليك، وإنما يجب عليك الوضوء بعد دخول الوقت وتنوي بوضوئك هذا استباحة الصلاة، ثم تصلي بهذا الوضوء الفرض والنوافل، وتمس المصحف، وتطوف بالبيت إذا كنت في مكة، ولو خرج منك ريح فإذا خرج الوقت الذي توضأت له فتتوضأ للوقت الجديد ويسمى من هذه صفته من حدثه دائم، وتصح الصلاة مع مدافعة الريح.(6/118)
المدة التي يجوز فيها القصر والجمع
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 28/10/1424هـ
السؤال
ما هي المدة المسموح بها للقصر والجمع بالنسبة للمسافر؟
الجواب
جمهور أهل العلم على أن للمسافر القصر والجمع إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأقل، فإن كان قد عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام يجب عليه الإتمام وأداء كل صلاة في وقتها. أما المسافر الذي لم يجمع النية على الإقامة بل ينتظر انتهاء حاجة له لا يدري متى تنتهي فإن له الترخّص برخص السفر، والله أعلم.(6/119)
الجمع والقصر أثناء التدريب
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 27/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو الإجابة بالتفصيل عن هذه الأسئلة:
لدينا تدريبات عسكرية خارج المدينة بحوالي50 كم، تبدأ الساعة السابعة، وتنتهي الساعة الثانية والنصف، وأحياناً الثالثة والنصف، وسؤالي هو: هل يجوز جمع وقصر الصلاة؟ أثناء التدريبات تأتي عواصف رملية شديدة تحجب الرؤيا، فهل يجوز قصر الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مسافة خمسين كيلو متراً لا تعتبر سفراً يتيح قصر الصلاة وجمعها عند كثير من العلماء، والأولى ألا يجمع ولا يقصر إلا فيما لا يشك فيه؛ لأهمية الصلاة ووجوب أدائها؛ كما أمر الله - تبارك وتعالى-، ثم إن كثيراً من التدريبات العسكرية وغيرها تكون خارج المدن وقريبة منها، ولا ينبغي للمرء أن يتعلل بكونها خارج المدينة بأن يقصر أو يتلمس التخفيف مع الإخلال بما أوجبه الله؛ بل عليه أن يهتم بصلاته التي هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين. والله أعلم.(6/120)
قضاء الصلاة للمغمى عليه
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 16/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
سؤالي لفضيلتكم هو أني حصل لي حادث، وكان ذلك في شهر رمضان الماضي وأدخلت على إثره العناية المركزة، وكنت وقتها فاقداً للوعي، واستمر فقدان الوعي يومان تقريباً، ويومان بعدها كان الوعي يأتي ويذهب، ولم أستطع الصلاة؛ بسبب فقدان الوعي، وبسبب وجود أنبوب في مخرج البول. سؤالي: هل أقضي جميع الصلوات أم لا؟ وكيف يكون قضاؤها؟. أثابكم الله.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
إذا كانت مدة الإغماء قليلة -مثل ثلاثة أيام أو أقل- فعلى المسلم قضاء صلوات هذه الأيام؛ لأنها مدة قليلة، شبهها بعض أهل العلم بالنوم، ولأن هذا قد روي عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أما إذا زادت المدة عن ذلك، فإن المغمى عليه في هذه الحالة يشبه حال المجنون الذي رفع عنه القلم، وممن ذهب إلى وجوب القضاء سماحة شيخنا ابن باز -رحمه الله- ولا شك أن هذا القول هو الأحوط، أما كيفية القضاء فإنه يصلي صلوات كل يوم مرتبة، يبدأ بالفجر وينتهي بالعشاء، ويصلي حسب استطاعته، ولا مشقة على نفسه. والله أعلم.(6/121)
يمنعوننا من الصلاة فهل تسقط عنّا؟!
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة
التاريخ 01/04/1427هـ
السؤال
في ظل الظروف الراهنة في بلدنا التي تحكمها الأغلبية العَلمانية الموالين للنهج الفكري الغربي نعيش حالة من الغربة حتى لا نستطيع إجابة المؤذن للصلاة. فهل نحن آثمون؟ ولو صلينا الجمعة لكان عقابنا السجن أو ما شابهه! ما الحل في هذه الظروف؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه مصيبة كبرى، أن يوجد في بلد إسلامي من يمنع المسلمين من أداء صلاتهم في المساجد، وأنصح الأخ وغيره من المسلمين المقيمين في هذه البلدة أن يفاوضوا هؤلاء الحكام ليقنعوهم بضرورة السماح للناس بصلاة الجماعة، إذ إن الغرب نفسه يدعو إلى حرية التدين وحرية التفكير، فلا يجوز بحال من الأحوال أن يبقى المسلم في هذا الوضع، إذا لم يستطع إقناعهم بالوسائل السلمية فليحاول أن ينتقل إلى مكان آخر تقام فيه صلاة الجماعه، ذلك هو الواجب عليه، وإذا لم يستطع الانتقال، ولا التفاهم مع هؤلاء بالوسائل السلمية فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وليصل في بيته (بعد دخول الوقت، وليجعل له جماعة من أهل بيته أو زواره) ، وكذلك يصلي الجمعة أربعا في بيته وذلك مقدار وسعه وطاقته، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". أخرجه البخاري (7288) ، ومسلم (1337) .(6/122)
صلاة الجمعة في المصليات الصغيرة
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 8/8/1422
السؤال
يوجد عندنا أماكن صغيرة للصلاة تسمى المصليات، وهي منتشرة في بلدنا، ولكن هل تجوز فيها صلاة الجمعة إذا كان يوجد مسجد جامع قريب من المنطقة؟ وإذا لم يوجد مسجد قريب، فما حكم صلاة الجمعة فيها؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
من أعظم مقاصد صلاة الجمعة اجتماع المسلمين فيها، ولهذا لا يجوز تعددها في البلد الواحد إلاّ إذا كانت هناك حاجة؛ كازدحام المسجد، وعدم كفايته للمصلين، أو تباعد المنازل كثيراً مما يرتب المشقة على المصلين ونحو ذلك، فإنه يجوز حينئذٍ تعدد الجمع بقدر الحاجة، وإذا وجدت الحاجة، فإنه لا يشترط لأداء الجمعة مكان مخصوص فتصلى في المساجد الكبيرة، والمصليات وغيرها من الأماكن الطاهرة المباحة، لقوله - عليه السلام -: ".. جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " رواه البخاري (335) ، ومسلم (521) .(6/123)
أفضلية ميامن الصفوف
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 8/8 1422
السؤال
هل ورد حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين فضل يمين الصف في الصلاة عن يساره؟
الجواب
خرج الإمام مسلم (رقم 709) ؛ وأبو داوود (رقم 615) ، والنسائي (رقم 822) ، وابن ماجة (رقم 1006) ، وابن خزيمة في صحيحه (رقم 1563 - 1565) ، من حديث البراء بن عازب، قال: "كُنّا إذا صًلّينا خلفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه، يُقبل علينا بوجهه ".
وقد بّوب عليه ابن خزيمة بقوله: "استحباب قيام المأموم في ميمنة الصفّ" وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف (1/341) من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عَمرو، قال: "خير المسجد المقام، ثم ميامن المسجد".
وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة (رقم 1027) ، من هذا الوجه، بلفظ " خير المسجد خلف المقام، وعن يمين الإمام".
وإسناده صحيح، إذا كان عطاء بن أبي رباح سمع من عبد الله بن عَمرو، وظاهر تصحيح ابن خزيمة وابن حبّان والحاكم لعطاء عن عبد الله بن عَمرو أنه قد سمع منه.
وهذان الحديثان وإن كان ظاهرهما الوقف، لكنهما مثالان صحيحان للموقوف الذي له حكم الرفع:
أمّا الأول: لأنه فعلٌ بمحضر النبي صلى الله عليه وسلم وأقرّهم عليه.
وأمّا الثاني: فلأنه فضيلةٌ لا تُقال بالاجتهاد، ولا يظهر أنها من الإسرائيليّات. لذلك فهما كافيان لبيان فضيلة ميامن الصفوف على مياسرها.
وهناك حديث آخر لكنه ضعيف، وهو حديث عائشة مرفوعاً: "إن الله وملائكته يُصَلون على الذين يُصَلّون على ميامن الصفوف". أنظره في تمام المنّة للألباني (288) والله أعلم.(6/124)
الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة
المجيب د. عبد العزيز بن محمد الحميدي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 10/8/1422
السؤال
ما حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتعوذ وقول لا حول ولا قوة إلا بالله في الخطبة.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
الصلاة على رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أمرها عظيم وفضلها كبير، وهي من فضائل الأعمال المقربة إلى الله تعالى.
وتكون واجبة في بعض الحالات ومستحبة في حالات أخرى.
أما حالات وجوبها.
1. ففي نهاية كل صلاة في التشهد الأخير يجب الصلاة والسلام على رسول الله بالصيغة الإبراهيمية التي علمها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ثم بعد ذلك يدعو المصلي بما شاء.
2. عند ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام فإذا ذكر وجب على المستمعين الصلاة والسلام عليه، لما دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -:"رغم أنف امرئ ذكرت عنده ثم لم يصلّ عليّ ".
ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:" البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصلّ عليّ ".
3. وكذلك في خطبة الجمعة والعيدين على الصحيح من أقوال العلماء وأنها ركن في الخطبة، أما الاستحباب ففي كل وقت، ويتأكد ذلك يوم الجمعة وليلة الجمعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن من خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا فيه من الصلاة عليّ فإن من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً "
ومن أراد المزيد في الموضوع فعليه بكتاب " جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام " للإمام ابن قيّم الجوزية - رحمه الله - أما التعوذ وقول لا حول ولا قوة إلا بالله فلا أعلم أنه واجب في الخطبة، ولكن التعوذ يكون عند الغضب وعند تلاوة القرآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة فينبغي قولها دائماً، وخصوصاً عند قول المؤذن حي على الصلاة وحي على الفلاح. والله أعلم.(6/125)
الصلاة أثناء خطبة الجمعة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 15/5/1422
السؤال
من صلى يوم الجمعة ركعتين ثم دخل الإمام. هل يقطعها؟ أم لا؟
الجواب
يظهر لي والله أعلم: أنك إذا صليت ركعة بسجدتيها أتممت صلاتك خفيفة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) متفق عليه.
أما إذا شرع الخطيب في الخطبة قبل إتمام ركعة بسجدتيها فإنك تقطع صلاتك؛ لوجوب استماع الخطبة.(6/126)
رفع اليدين للتأمين في الخطبة
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 29/4/1422
السؤال
حكم رفع اليدين في التأمين على دعاء الإمام في خطبة الجمعة، أي رفع اليدين للمأموم بالتأمين لأنَّ المشاهد أنَّ كثيراً من الأخوة المصلِّين حينما يدعو خطيب الجمعة في آخر الخطبة لا يرفعون أيديهم، فهل في هذا نصٌّ بارك الله فيكم؟
الجواب
رفع اليدين عند الدعاءِ من أسباب الإجابة، ولكنَّه يُشرع مطلقاً ومقيَّداً، فُيشرع مطلقاً في الدعاء المطلق، ويُشرع مقيَّداً في ما ورد له دليل من أنواع الدعاء المقيَّد، ومعنى ذلك أنَّه لا يُشرع رفع اليدين في كل دعاءٍ مقيَّد كالدعاءِ في آخر الصَّلاة قبل السَّلام أو بعد السَّلام، إذ لم يرد في السنَّة ما يدلُّ على ذلك، وإنَّما يُشرع رفع اليدين فيما دلَّت السنَّة على مشروعيِّة ذلك فيه كالدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية، وعلى الصفا والمروة وفي الاستسقاء وغير ذلك ممادلَّت السنَّة على رفع اليدين فيه، وعلى هذا فلا يُشرع للمأمومين أن يرفعوا أيديهم عند دعاء الخطيب على المنبر يوم الجمعة.
وقد أخرج مسلم رحمه الله عن عمارة بن رؤيبة أنَّه رأى بشر بن مروان رافعاً يديه على المنبر فقال: قبَّح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ما يزيد على أن يقول بيده هكذا: وأشار بأصبعه المسبِّحة. قال النووي: فيه أنَّ السنَّة ألا يرفع اليد في الخطبة.
والله أعلم(6/127)
تقديم صلاة الجمعة جائز إذا دعت الحاجة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 29/4/1422
السؤال
مشكلتنا في صلاة الجمعة, تزداد الساعة الصيفية هنا في أوروبا ويقع لنا إشكال في صلاة الجمعة , تصبح الخطبة مع الساعة الواحدة والنصف , وهذا وقت الدخول إلى العمل , وأصدقك القول أن جميع الأخوة رواد المسجد من العمال وتأخرهم عن مواعيد الدخول إلى الشغل دائماً يشكل لنا مشاكل مع أرباب العمل إن لله وإن إليه راجعون. وقد أراد الأخوة تقديم صلاة الجمعة عن موعدها بساعة إسنادا إلى بعض الفتاوى من أهل العلم وهذا سبب لنا أخذ ورد ومشاكل بين مسجدين كل أصبح يبدع الأخر فالرجاء منك شيخنا الفاضل أن تفتينا في هذه الحادثة التي قد تعصف أن تكون سببا في فتنة لا قدر الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... وبعد:(6/128)
روى أبو هريرة رضي الله عنة أن النبي صلى الله علية وسلم قال:" من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه , ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر". رواه البخاري ومسلم، فدل الحديث دخول الإمام بعد الخامسة، وهذا قبل الزوال إذ الزوال لا يكون إلا بعد تمام السادسة إذ اليوم ثنتا عشر ساعة كما في الحديث وإلى ما دل عليه الحديث ذهب إلية جمع من أهل العلم كالخرقي من أصحاب الإمام أحمد فذهب جواز فعل الجمعة قبل الزوال في الساعة السادسة، ويؤيد هذا القول جميع الأدلة التي استدل بها من جوز فعل الجمعة بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، إذ ماثبت من أدلتهم لا يدل صراحة ما ذهبوا إليه، وإنما يدل على جواز فعل الجمعة قبل الزوال بزمن يسير، وعلى هذا يجوز للأخوة المقيمين في مدينة " فاريزي " قرب سويسرا تقديم صلاة الجمعة قبل الزوال بساعة، لما سلف، ولما في ذلك من رفع الحرج عنهم، وقد قال سبحانه:" فأتقوى الله ما استطعتم ". ولما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ". وبالله التوفيق.(6/129)
هل تجب عليهم الجمعة؟
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 6/4/1422
السؤال
يوجد لدينا في منطقة الربع الخالي مركز حدود قريب من منطقة أعمال أرامكو في الشيبة، وهم يؤدون الصلاة جماعة وعددهم يزيد عن خمسين رجلاً ولكنهم لا يصلون الجمعة بحجة أنهم غير مستقرين، علماً أنهم يقيمون في المركز لمدة تزيد عن ثلاثة شهور حتى يتمكنوا من التغيير بمجموعة أخرى. علماً أنه يذهب من الخمسين عشرة عملهم في الحراسة والباقي يذهب إلى صلاة الجمعة في سكن أرامكو الذي يبعد عنهم 40 كيلو متراً. هل يجوز لهم إقامة الجمعة في هذا المركز؟
الجواب
الجمعة غير واجبة عليهم، لأنهم في حكم المسافرين حيث أن هذا المكان ليس موطناً لهم، والجمعة لا تجب على المسافر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل الجمعة في سفر من أسفاره، فإن فعلوا وصلوا الجمعة في مكانهم فلا بأس، ولا يشترط أن يبلغ العدد أربعين على القول الراجح والله أعلم.(6/130)
أحكام الجمعة للمرأة
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 28/4/1424هـ
السؤال
سؤالي يتعلق بأحكام الجمعة بالنسبة للمرأة، هل كلام النساء أثناء خطبة الجمعة يبطل صلاتهن؟ سألتني إحدى الأخوات أن أسألك هذا السؤال، لأنها مدرسة في إحدى المدارس الإسلامية في كندا، وتقوم بالإشراف على طالبات المرحلة الابتدائية، وتضطر في بعض الأحيان أن تشير لبعض الطالبات بالسكوت, أو أن تكلمهن للضرورة، ولقد تحرجت هذه الأخت وتخشى ألا تقبل صلاتها، وتسأل أيضاً للنساء اللاتي عندهن أطفال ويذهبهن إلي صلاة الجمعة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا حضرت المرأة الجمعة، فحكمها كحكم الرجل، لا يجوز لها أن تتكلم أثناء الخطبة؛ لما في الصحيحين البخاري (934) ، ومسلم (851) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت"، وغيره من الأحاديث، أما قوله - صلى الله عليه وسلم- عمن يتكلم في الخطبة: "ومن تكلم فلا جمعة له" رواه أبوداود (1051) ، وأحمد (719) من حديث علي - رضي الله عنه- بإسنادٍ ضعيف، وإن صح فإنه يدل على تحريم الكلام كما سبق، لكن لا يدل على بطلان الصلاة، فإن أهل العلم أجمعوا أنها تجزئه، لكن يحرم فضل الجماعة، أو لا يكون له أجر من أنصت.(6/131)
ترك الجمعة لأن الإمام مطعون في عقيدته
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 12/8/1424هـ
السؤال
هل يجوز ترك صلاة الجمعة بحجة عدم وجود إمام يتحاشى نواقض الإسلام العشرة وصلاتها في البيت؟ وما الأفضل في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيراً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.
قال - صلى الله عليه وسلم-: لخالد بن الوليد -رضي الله عنه- لما استأذنه في قتل الذي أنكر القسمة وقال: كم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال - صلى الله عليه وسلم-:"إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ... " الحديث رواه البخاري (4351) ، ومسلم (1064) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه-، فكل من لم يعلم حاله ولم يظهر منه ما يمنع الائتمام به فصلاة المأموم صحيحة؛ لأن ظاهر المسلمين الإسلام والسلامة.
وأما هذا القول وهو الحكم بعدم وجود إمام لم ينتقض إيمانه، فهذا قول مبتدع، فإن الأصل في المسلمين الاستقامة والإيمان، ويكفي في كون الرجل مسلماً مجرد الإقرار الظاهر، فإنه بهذا الإقرار يصلى خلفه ويجرى عليه أحكام الإسلام من المناكحة والوراثة والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "فإذا قالوها- أي قالوا: لا إله إلا الله -عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها" رواه البخاري (25) ، ومسلم (22) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-.(6/132)
فكيف يجوز أن يأتي هؤلاء يقولون: هؤلاء ما حققوا معنى لا إله إلا الله مع أنه لم يظهر منهم ما يخالف مقتضاها، والمرء إن لم يعصمه الله سبحانه، وإلا فإن مسالك الشياطين في الإضلال تفتح له، والشيطان له كيد وغواية، فيأتي إلى الشخص من حيث الباب الذي يهواه ويشغله، فإن كان من أصحاب العبادة والاحتياط والتنزه جاء بمثل هذه الطامات ليحرمه صلاة الجمعة، أو يحرمه من مشاركة المسلمين في أول صيامهم أو أول عيدهم أو موقفهم بعرفات.
وعلى كل فإن هذا القول مخالف لما في الكتاب والسنة، ومخالف لجماعة المسلمين، نسأل الله سبحانه أن يبصرنا بالحق، ويرزقنا اتباعه، ويعرفنا الباطل ويرزقنا اجتنابه، فإنه سبحانه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم-.(6/133)
سقوط الجمعة لعدم الإمام العام
المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 12/6/1424هـ
السؤال
ذهبت فئة من شباب الهجرة والتكفير، إلى قولهم: إن صلاة الجمعة تسقط في هذا العصر؛ لأنه ليس هناك إمام لإقامة الجمعة أخذاً بقول أبي حنيفة، ما الحكم في مثل هؤلاء الشباب؟
الجواب
إقامة صلاة الجمعة والجماعة ليس من شرطها إمام عام، وإنما يكفي فيها أن توجد جماعة وإمام للصلاة، ولا يوجد دليل شرعي يشترط وجود إمام عام، ولهذا فإن المسلمين في جميع البلاد الإسلامية التي توجد فيها أقليات مسلمة لا زالوا يقيمون الجمعة والجماعة، مع أن كثيراً منهم أحناف؛ كالهند والصين والجمهوريات الإسلامية، والأحناف اشترطوا لوجوبها وجود السلطان، أما صحتها فليس من شرطها الإمام، بل جميع المذاهب تقول بصحتها حتى الأحناف، وما يزعمه هؤلاء الشباب يخالف مقاصد الإسلام من الحرص على إظهار الشعائر الإسلامية وتقوية روابط المجتمع، من خلال الاجتماع والجماعة، ولا ينبغي الإصغاء إلى مثل هذه الأقوال المرجوحة، والتي لها ظروفها التي قيلت فيها. والله أعلم.(6/134)
تعدد مساجد الجمعة في القرية
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 7/2/1424هـ
السؤال
نحن نعيش في قرية في الريف ولا نصلي الجمعة في مسجد القرية، حيث إننا نصليها في مسجد صغير، والسبب هو أننا نبعد عن مسجد القرية مسافة نصف ساعة سيراً على الأقدام، فهل تصح صلاة الجمعة في هذا المسجد الصغير؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلّ على عبدك ونبيك محمد وعلى آله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا المسجد إن كان يسع جماعة، تصح معهم الجمعة، أو من بين الجماعة من لا يستطيع الوصول إلى مسجد القرية لضعف أو عجز أو غيره من الأعذار فإنه تصح صلاتهم في هذا المسجد الصغير، وأما إن كان العدد قليلاً، وفيهم نشاط على المشي فإن هذه المسافة ليست عذراً في إقامة جمعة ثانية، فلابد من السعي إذن إلى مسجد القرية والله أعلم.(6/135)
كيف يصلي من فاتته صلاة الجمعة؟
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 28/10/1422
السؤال
هل يجوز أن نصلي ركعتين إذ لم ندرك صلاة الجمعة؟
الجواب
سئل الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن سؤال مشابه لسؤالك، نذكر لك فيما يلي نصَّ السؤال والإجابة:
السؤال: إذا لم أصل الجمعة مع الجماعة في المسجد هل أصليها في البيت ركعتين بنية الجمعة أم أصلي أربع ركعات بنية الظهر؟
الجواب: من لم يحضر صلاة الجماعة مع المسلمين لعذر شرعي من مرض أو غيره أو لأسباب أخرى صلى ظهراً، وهكذا المرأة تصلي ظهراً، وهكذا المسافر وسكان البادية يصلون ظهراً كما دلت على ذلك السنة وهو قول عامة أهل العلم ولا عبرة بمن شذ عنهم، وهكذا من تركها عمداً يتوب إلى الله - سبحانه - ويصليها ظهراً.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، الجزء 12 ص 332] .(6/136)
التخلف عن خطبة الجمعة عمداً
المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 26/7/1424هـ
السؤال
هناك عادة منتشرة عند المسلمين وهي ترك الخطبتين والجلوس في ساحة المسجد، وعدم القيام إلا لصلاة الركعتين فقط، ما حكم الإسلام في هذا؟.
الجواب
فقد أمر الله تعالى المسلمين بالسعي والمبادرة إلى المسجد وحرَّم البيع بعد النداء الثاني، فقال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [الجمعة:9] ثم قال:"وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" [الجمعة:11] .
والنداء الثاني: يكون بعد دخول الخطيب وجلوسه على المنبر.
وتحريم البيع والأمر بالمبادرة إلى الصلاة والاهتمام بما يجب لها كل ذلك من حرص الشارع الحكيم على سماع المكلف الخطبة، فلا يجوز التأخر عن الذهاب بعد سماع النداء الذي يسبق الخطبة للآية الكريمة.
فإذا كان المسلم في ساحة المسجد المتصلة به يتحدث مع غيره ولا ينصت مع سماع الخطيب، فقد حضر الجمعة، وليس له أجر الجمعة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" ... ومن مس الحصى فقد لغا" رواه مسلم (857) وأحمد (9484) وغيرهما، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وقال:"إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت" متفق عليه عند البخاري (934) ومسلم (851) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، كل ذلك حرصاً على سماع الذكر.
ومعنى:"ومن لغا فلا جمعة له" أي: لا جمعة كاملة له مع إجزاء فرض الوقت عنه.(6/137)
بل إن المصلي -حاضر الخطبة- لا يشرع له تشميت العاطس ولا رد السلام؛ لأنه كلام، والكلام منهي عنه وقت كلام الخطيب، واستثني من الكلام كلام الخطيب مع المستمع أو كلام المستمع للخطيب خاصة؛ لما ورد في كلامه -صلى الله عليه وسلم- مع سليك الغطفاني لما جلس ولم يصل تحية المسجد كما جاء في البخاري (930) ، ومسلم (875) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، وكلام الأعرابي مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يطلب الدعاء إلى الله لما تأخر المطر كما في البخاري (933) ، ومسلم (897) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
ويأثم بعدم إنصاته لمخالفته أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإنصات والسكوت وقت الخطبة، وصلاته صحيحة مجزئة عن الجمعة.
بل قد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في التبكير إلى الصلاة والدنو من الإمام وحسن الإنصات وعدم الانشغال، وعلَّق على ذلك الأجر العظيم فقال -صلى الله عليه وسلم-:"من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام" وفي لفظ:"من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا" رواهما مسلم (857) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
أما إذا كان لم يصل إلى المسجد، ولا زال في الطريق، فلا يجب الإنصات حتى يحضر المسجد.(6/138)
هل الاستيطان شرط لصلاة الجمعة؟
المجيب د. محمد بن صالح الفوزان
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 25/12/1424هـ
السؤال
السؤال: هل الاستيطان شرط لصلاة الجمعة أم لا؟
أرجو توضيح المسألة بالأدلة؛ لأنها تشكل علينا في المخيمات الإسلامية البعيدة عن البلد ولا تصل إلى مسافة القصر هل نصلي جمعة أم ظهراً؟ مع أن العدد كبير، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الاستيطان شرط لوجوب صلاة الجمعة عند جمهور العلماء، بدليل أن البدو الذين كانوا حول المدينة لم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإقامة الجمعة، ولو صلى أناس غير مستوطنين الجمعة ففي صحة جمعتهم خلاف بين العلماء، لذا فالأحوط لهم عدم إقامة صلاة الجمعة، وإنما حكمهم حسب الأحوال الآتية:
إذا كانوا متصلين ببلد تقام فيه الجمعة، أو سمعوا النداء لها، لزمهم الذهاب لأداء صلاة الجمعة.
إذا كانوا بعيدين عن البلد ولا يسمعون النداء والمسافة دون القصر صلوا ظهراً أربعاً.
وإذا كانت المسافة مسافة قصر، صلوا الظهر ركعتين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(6/139)
هل تجوز خطبة الجمعة بغير اللغة العربية؟
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 10/9/1422
السؤال
هل تجوز خطبة الجمعة بغير اللغة العربية سواء الاكتفاء بالإنجليزية أو خلطها بالعربية، علماً أنني رافض لمزاولة الخطابة بهذه الصفة خشية أن يكون ذلك خلاف الصحيح.. وقد اقترحت على الإخوة هنا أن أخطبهم بالعربية ثم نترجم بعد الصلاة، وبعضهم يخطب بالعربية ويترجم أثناء الاستراحة بين الخطبتين؟ فما جواز ذلك من عدمه.
الجواب
اللغة العربية هي لغة القرآن، ولغة أهل الجنة، وحسبك بها شرفاً أنها لغة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والمقصود من الخطبة تذكير المصلين ووعظهم، فإن كانوا جميعاً أو أكثرهم عرباً فإنها تكون بالعربية، وإذا كان أكثرهم من غير العرب، فإن الخطبة تكون باللغة التي يفهمها الحاضرون، مع الحرص على أن يكون الحمد لله والشهادتان باللغة العربية مع قراءة ما تيسر من القرآن، ولو آية، وفي هذا حثٌ للمسلمين من غير العرب على تعلم العربية، وفيه إظهار لشرفها وقدرها بينهم، وعندما يخطب الإمام بالعربية ويوجد بعض المصلين من غير العرب فلا بأس من ترجمة الخطبة لهم بغير العربية، ويختار ما هو الأنسب والأوفق في وقت الترجمة، أثناء الخطبة بحيث يتكلم الخطيب قليلاً ثم يترجم هو أو يترجم غيره كلامه، ثم يخطب قليلاً وهكذا، أو بين الخطبتين أو بعد نهاية الخطبة وقبل الصلاة.(6/140)
طلب التبرعات أثناء الخطبة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 16/1/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: جرت العادة عندنا بالمسجد أنه إذا كان يوم الجمعة، وكان الإمام يخطب قام مسؤولو المسجد بإمرار صندوق خاص بالتبرعات، بحيث يناوله كل مصل لمن هو بجانبه وهكذا، ويكون هذا غالباً أثناء خطبة الإمام، فهل يكون مثل هذا الفعل داخلاً في معنى اللغو المنهي عنه حال خطبة الإمام؟ وكيف يصنع المصلي إذا وصله الصندوق في مثل ذلك الوقت إذا كان قولكم بالمنع؟ وفقكم الله، وسدد على الخير خطاكم.
الجواب
هذا الفعل لا يجوز؛ لأن فيه اشغالاً للحاضرين عن سماع وتدبر الخطبة، وذلك أن الإنصات واجب على الجميع، فالواجب منع مثل ذلك، ولا يكفي امتناع بعض المصلين دون بعض.(6/141)
العدد لإقامة الجمعة
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 17/5/1423
السؤال
جواز إقامة صلاة الجمعة بأقل من أربعين شخص في القرية، وعلى أي مذهب، وإذا تعذر وجود الأربعين، هل نترك الصلاة أم نقيمها بالعدد الموجود؟ المذهب الشافعي، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب:
سـ/ ما هو أقل عدد في شرط إقامة صلاة الجمعة وإقامة الخطبة؟
جـ/ في هذه المسألة خلاف كثير بين أهل العلم، وأصح ما قيل في ذلك: ثلاثة الإمام واثنان معه، فإذا وجد في قرية ثلاثة رجال فأكثر مكلفون أحرار مستوطنون أقاموا الجمعة ولم يصلوا ظهراً؛ لأن الأدلة الدالة على شرعية صلاة الجمعة وفرضيتها تعمهم.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (166) ] .(6/142)
قراءة القرآن أثناء الخطبة إذا كانت بغير العربية
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 6/12/1422
السؤال
نحن نقيم في بلد غير عربي، ونصلي الجمعة في أحد المصليات، ولكن الخطبة بلغة أعجمية ولا نفهم منها شيئاً، فهل يجوز أن نقرأ القرآن في بعض الغرف المحيطة بالمصلى حتى يحين موعد الإقامة؟ وهل يحق لنا التأخر عن دخول المصلى؛ لقضاء بعض المصالح حتى يقترب موعد الإقامة؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أنه ينبغي لكم التقدم لصلاة الجمعة، والجلوس مع المصلين؛ ليحصل لكم ثواب التبكير إليها، وما دمتم لا تفهمون الخطبة، لكونها بغير العربية فلا مانع من قراءتكم للقرآن بصوت منخفض؛ لئلا تشغلوا من بجانبكم ممن يسمع الخطبة، والله أعلم.(6/143)
التأخر في حضور الجمعة حتى شروع الخطيب في الخطبة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 4/11/1424هـ
السؤال
هل حضور خطبة الجمعة منذ بدايتها يعد واجباً لتمام صلاة الجمعة، أم حضور جزء من الخطبة يكفي لتمام صلاة الجمعة؟ وما حكم الشرع فمن حضر لصلاة الجمعة بعد شروع الخطيب في خطبة الجمعة، سواء خلال الخطبة الأولى أو الثانية بدون عذر شرعي؟
الجواب
يستحب للمسلم أن يبادر إلى صلاة الجمعة، فقد جاء في الحديث الصحيح: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" أخرجه البخاري (881) ، ومسلم (850) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والمستحب للمسلم أن يبادر إلى صلاة الجمعة، وإذا لم يأتِ إلا في أثناء الخطبة أو في آخرها، أو لم يحضر إلا بعد إقامة الصلاة، أو بعد فوات ركعة من الجمعة، فجمعته صحيحة، ومن أدرك مع الإمام ركعة فقد أدرك الجمعة.(6/144)
ترك الجمعة من أجل الدراسة
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 26/8/1424هـ
السؤال
أنا طبيب مبتعث للتخصص الدقيق في طب الأطفال في كندا، ويكون هناك تعارض لدي في يوم الجمعة بين وقت صلاة الجمعة ومحاضرة علمية تلقى في نفس مجال تخصصي، بحيث يفوت علي الكثير من الفائدة في غيابي عن هذه المحاضرات، وهذا التعارض يكون في فصل الشتاء فقط، وفي عدة أسابيع منه، حيث إن هذه المحاضرات ليست أسبوعية، وقد حاولت كثيراً مع مدير البرنامج تغيير موعد المحاضرات ولكن دون فائدة، فهل يجوز لي حضور هذه المحاضرات وعدم حضور صلاة الجمعة؟
الجواب
إن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم حر مقيم، ويجب أداؤها جماعة.
قال الله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" [الجمعة:9] .
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض". رواه أبو داود (1067) .
وقد أجمعت الأمة على وجوبها.
فأداء الجمعة مقدَّم على سواها من أمور الدنيا، وطلب العلم من ذلك، خاصة إذا ما اجتهد الطالب في سبل تعويض ما فاته، عن طريق تسجيل المحاضرات (صوتياً أو كتابة) أو تغيير موعد المحاضرات بالانضمام إلى مجموعة أخرى لا يتعارض وقتها مع وقت صلاة الجمعة إن أمكن ذلك.
ولذلك فأحث السائل على عدم التهاون في دينه لحساب دنياه، فالفرائض مقدَّمة على ما سواها من أمور الدنيا من غير الضرورات، والله أعلم.(6/145)
صلاة الجمعة في البرية
المجيب د. سعود بن محمد البشر
عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 24/5/1423
السؤال
خرجنا مجوعة من الشباب إلى البر يوم الجمعة، وهذا المكان يبعد عن البلد ستين كم، فاجتهد واحد منا فقام بنا خطيباً وصلى بنا الجمعة، فهل اجتهاده صحيح؟
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا تصح الجمعة منهم في مثل هذه الحال، وعليهم أن يعيدوها ظهراً؛ لأن المسافة إن كانت مسافة قصر على ما يراه بعض أهل العلم فهم مسافرون ولا جمعة للمسافرين وحدهم.
وإن كانت أقل من مسافة قصر فلا تنعقد في مكان بعيد عن البنيان.(6/146)
إقامة الجمعة في المصليات
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 26/10/1424هـ
السؤال
أنا طالب علم متخرج من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، دعاني بعض الإخوة لإلقاء خطبة الجمعة في مصلى مخصص لهم في إحدى الشركات، علماً أن الدخول لهذه الشركة محظور أمام الناس لأسباب أمنية، والمسجد يبعد نحو من 10-15 دقيقة مشياً، ولست متأكداً إذا كانت الشركة تمنع موظفيها من الذهاب إلى المسجد أم لا. عدد المصلين يتراوح، بين 10 في الصيف إلى 35 في الشتاء، وحتى لو رفضت إلقاء خطبة الجمعة عندهم فهم سيستمرون في صلاة الجمعة في هذا المصلى.
الجواب
الأصل إذا كان هناك مسجد للجمعة أن يذهبوا إليه، وألا يصلوا في هذا المكان إذا كان مسجد الجمعة على مقربة منهم على رمية حجر، فلا يجوز لهم أن يصلوا إلا إذا كانت هناك ظروف كالظروف التي أشار إليها السائل، وهي أن تكون الشركة تعتمد نظاماً خاصاً تمنع هؤلاء العمال من الذهاب إلى المسجد، فإذا كان هناك منع أو حظر فيمكن أن يصلوا في مكانهم هذا، ونعتمد بعض الأقوال كقول الأحناف بجواز الجمعة في مسجدين أو ثلاثة، أما إذا لم يكن هناك حظر فلا أرى ذلك، أرى أن يذهبوا إلى المسجد الجامع، وأن يصلوا فيه الجمعة، وهذا مذهب جمهور العلماء رحمهم الله، تعدد الجماعات لغير ضيق مسجد ولغير بعد أمر غير مشروع.(6/147)
صلاة الجمعة قبل الزوال
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 1/11/1424هـ
السؤال
أرجو منكم توضيح حكم صلاة الجمعة قبل الزوال، وذلك من أجل عدم توفر الوقت عند الزوال لظروف العمل، وبارك الله فيكم.
الجواب
وقت صلاة الجمعة يبدأ من زوال الشمس، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي، وهو القول الراجح؛ لحديث أنس -رضي الله عنه-:"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس" رواه البخاري (904) ، وحديث سلمة بن الأكوع قال:" كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس" رواه مسلم (860) ، وعليه فلا يجوز أداؤها قبل الزوال.(6/148)
الطواف بالكعبة أثناء خطبة الجمعة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 22/11/1424هـ
السؤال
هل يجوز للإنسان أن يطوف حول الكعبة والإمام يخطب في صلاة الجمعة؟.
الجواب
الواجب على المسلم إذا صعد الإمام المنبر أن يستمع إلى ما يقوله الخطيب، وأن يكف عن الحركة، ولو كانت هذه الحركة عبادة؛ كقراءة قرآن، والصلاة والطواف، لعموم حديث علي -رضي الله عنه-:"ومن قال صه، فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له" رواه أبو داود (1051) وأحمد (719) واللفظ له، ما لم تكن الحركة تحية في المسجد للداخل للمسجد والإمام يخطب، كما دلت على ذلك الأخبار.(6/149)
إقامة صلاة الجمعة في غيرالمسجد وبأقل من أربعين رجلاً
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 16/9/1424هـ
السؤال
نحن مجموعة من الموظفين والطلبة السعوديين، نعمل في أمريكا، وفى يوم الجمعة لا يستطيع الطلبة الصلاة في المسجد، لبعد المسافة، فهي تستغرق ساعة بالسيارة، فلا يستطيعون الذهاب لصلاة الجمعة لارتباطهم بالدراسة، حيث لا يسمح لهم بترك المدرسة إلا لمدة محدودة، ولا يسمح لهم بالذهاب إلى المسجد، سؤالي فضيلة الشيخ: هل نستطيع أن نقيم صلاة الجمعة في إحدى الغرف بالعمل؟ (نستخدم الغرفة لصلاة الظهر أيام الأسبوع) ، حتى لو لم نكن إلا خمسة أشخاص، وهل شرط الجمعة اكتمال أربعين رجلاً؟ أم لا؟ أفتونا مأجورين.
الجواب(6/150)
ما سعى عبد في خير إلا وسهل الله له طريقه، ويسر سبيله ولو بعد حين، وما ذكرتم يمكن التغلب عليه بالعمل الدؤوب والشفاعة الحسنة، وكثرة الإلحاح لتفرغ المدرسة وقتاً تتمكنون فيه من صلاة الجمعة مع إخوانكم المسلمين مقابل ساعة دراسية تضاف إلى جدولكم في وقت آخر، وأما بشأن موضوعكم فلا أدري هل هذا البعد الذي ذكرت بالسيارة، هل لأن الجامعة في بلد آخر غير البلد الذي أنتم فيه؟ أم أن المسجد بعيد من الموقع الذي أنتم فيه في داخل البلد؟ فإن كان المسجد أو أنتم خارج البلد فلا تلزمكم الجمعة، إذا كان بينكم وبين الموقع أكثر من ثلاثة أميال، وعليكم إقامتها جماعة، وإن كان المسجد في داخل البلدة التي أنتم فيها فتلزمكم إقامتها مع جماعة المسلمين ولو كان بينكم وبين المسجد أكثر من ثلاثة أميال، وحيث إنكم في بلد غير مسلم فلا أرى مانعاً من إقامة الجمعة في مقركم الذي أنتم فيه، وأما العدد فيكفي فيه ثلاثة؛ خطيب ومستمعان؛ لعموم حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-: "ما من ثلاثة في قرية لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان"، رواه أحمد (21710) ، والنسائي (847) ، وأبو داود (547) من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-، وبالله التوفيق.(6/151)
الخطبة بالعامية
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 28/2/1424هـ
السؤال
ما الحكم إذا خطب الخطيب باللهجة العامية؟
الجواب
إذا كان المصلون أو أغلبهم لا يفهمون العربية الفصحى أو يخفى عليهم كثير من معاني ألفاظها ودلالاتها، وكان وعظهم بالعامية أقوى تأثيراً فيهم وأبلغ، فلا بأس أن يخطب الخطيب فيهم باللهجة العامية الدارجة؛ لأن المقصود هو بالوعظ والتذكير، فإذا حصل المقصود بالعامية جازت الخطبة.
ولأنه إذا جاز للخطيب أن يخطب بغير العربية فيمن لا يفهمونها، كانت الخطبة بالعامية التي هي أقرب للعربية أولى بالجواز.
على أن الأولى للخطباء ألا يتوسعوا في ذلك فيأخذوا بالأسهل ويتركوا الأجزل والأبلغ فإن الأصل أن يخطب الخطيب باللغة العربية، فلا ينبغي أن يتركها إلى العامية إلا إذا رأى أن أكثر المصلين لا يفهمونها ولا ينتفعون بخطابها كما هو الشأن في كثير من القرى والبادية.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/152)
افتتاح الخطبة بالبسملة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 25/8/1424هـ
السؤال
هل يجوز استفتاح الخطبة بالبسملة؟ أي (قبل أن يقول إن الحمد لله، يقول بسم الله الرحمن الرحيم) ، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لم يرد ذلك، والأفضل الاقتصار على ما ورد، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبدأ الخطبة: بالحمد لله.(6/153)
ترك الجمعة خوفاً من السارس
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 5/4/1424هـ
السؤال
نحن طلبة ندرس بالصين بمدينة بكين، ونظراً لوجود مرض السارس فقد قامت الحكومة الصينية بغلق المساجد، وذلك لمنع التجمعات، وعدم الإصابة بالعدوى، فهل يجوز ترك صلاة الجمعة لهذا العذر، مع العلم أن هناك مساجد في بعض سفارات الدول الإسلامية تقام فيها صلاة الجمعة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فمن خشي انتقال عدوى المرض المذكور إليه بحضوره للجمعة أو الجماعة، أو كان الاحتمال حاصلاً لمن حضر إليها؛ فإنه معذور بتركه الصلاة مع الجماعة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا" متفق عليه عند البخاري (5452) ، ومسلم (564) من حديث جابر - رضي الله عنه-، ومعلوم أن المرض المعدي أشد إضراراً من رائحة الثوم والبصل.
ولذا ذكر الفقهاء من أسباب سقوط وجوب الجمعة والجماعة، من خاف ضرراً يلحق بدنه أو يصيبه.
وعلى كل، فإن خشية انتقال المرض عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، ولو كانت الصلاة تقام فعلاً جماعة في بعض الأماكن، والله أعلم.(6/154)
وقت الانتشار المأمور به بعد صلاة الجمعة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 21/9/1424هـ
السؤال
قال تعالى في محكم تنزيله - نسأل الله أن يجعله حجة لنا ولا يجعله حجة علينا -، في سورة الجمعة: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ"، هل يكون الانتشار بعد تسليمة الإمام مباشرة، أم بعد أدائي للباقيات الصالحات؟ أرجو الشرح والتوضيح. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً: الآية التي قبلها: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [الجمعة:9] ، ذكرها الله تعالى ليبين فيها أنه إذا دخل وقت صلاة الجمعة، ونودي لها فإن البيع يحرم، وأي عقد من عقود البيع بعد دخول وقت الصلاة ممن تجب عليه صلاة الجمعة يعتبر عقداً باطلاً، ثم ذكر الله - جل وعلا - أن من كان عنده شغل وحاجة للبيع فإنه بعد الصلاة يعود ويبيع ويشتري، وليس الأمر في الانتشار في الأرض بعد الصلاة واجباً، وإنما هو لمن كان له شغل وله حاجة، فإنه بعد الأذان يتوقف ويأتي يصلي، فإذا انتهى من الصلاة يعود إلى عمله وبيعه وشرائه، وأما من لا بيع له ولا شراء أو أراد أن يبقى في المسجد وينتظر ونحو ذلك فلا شيء عليه.
وقوله: هل هو بعد سلام الإمام مباشرة، أو بعد أداء الباقيات الصالحات؟ الإنسان يسن له بعد صلاة الجمعة أن يصلي السنة بعدها وهي ركعتان أو أربع، أو ست، فإذا أداها الإنسان فهذا من زيادة الخير، وإذا كان حريصاً على دنياه وأسرع بعد سلام الإمام فلا يلحقه إثم، لكن تفوته الفضيلة ونسأل الله - جل وعلا - أن يشغلنا بطاعة ربنا.(6/155)
محاورة المأموم للإمام أثناء الخطبة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 3/8/1424هـ
السؤال
هل يجوز لمستمع خطبة الجمعة أن يتكلم مع الإمام في موضوع الخطبة، كأن يراجعه في مسألة أو ليصحح له آية؟.
الجواب
حديث المستمع للخطبة مع الخطيب وارد إذا دعت له الحاجة، كما في حديث أنس - رضي الله عنه - قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة إذ قام رجلٌ فقال: يا رسول الله هلك الكُرَاع، وهلك الشاء، فادع الله أن يسقينا فمد يديه ودعا رواه البخاري (932) ، ومسلم (897) ، ومثل ذلك إذا أخطأ الخطيب في قراءة آية، أو كان ثمَّة أمر يستدعي تكليم الخطيب ساعة قيامه على المنبر، غير أن هذا لا يتخذ عادة ويفتح الباب، بحيث تكون الخطبة محادثة لا خطبة.(6/156)
خطبة الجمعة بغير العربية
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 19/6/1424هـ
السؤال
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفي وبعد: السلام عليكم ورحمة الله، نحن بفرنسا أغلبية المصلين - خاصة الشباب منهم - لا يفهمون العربية، فهل يجوز للإمام أن يشرح بعض عناصر خطبة الجمعة باللغة الفرنسية؟ ويترجم بعض الأفكار لتعميم الفائدة. وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا بأس إذا كان الحاضرون لا يفهمون العربية أن تؤدى خطبة الجمعة بلغتهم، ويدل لهذا قول الله - عز وجل - "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ" [إبراهيم: من الآية4] ، ولا تحصل الفائدة إلا بهذا.(6/157)
تأخير الجمعة للمصاب بالسلس
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 18/8/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أريد أن أسأل فضيلتكم عن حكم التأخر في الذهاب إلى صلاة الجمعة حتى انتظار الأذان ثم الوضوء بعده لمن كان يعاني سلس البول, مما يؤدي إلى عدم استماع الخطبة كاملة وإنما القليل منها، فهل يجوز الوضوء قبل الأذان ثم الذهاب للمسجد، وأنتم تعلمون أحكام الوضوء لمن يعاني من السلس؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بالنسبة للمصاب بسلس البول يتطهر بعد دخول الوقت ثم لا يضره ما خرج منه بعد حصول هذه الطهارة، فهو لا يبكر لا لصلاة الجمعة ولا لغيرها من الصلوات، إذا كان مصاباً بهذا الداء، وعليه أن يتعاطى الأسباب المشروعة لعلاج هذا الداء، لأنه ما من داء إلا أنزل الله - عز وجل - له شفاء، فعلى هذا هو على نيته، جاء في الحديث: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامداً إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا كتب الله - عز وجل - له مثل أجر من صلاها وحضرها "ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" رواه النسائي
(855) ، وأبو داود (564) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فعلى هذا يكون معذوراً في هذا التأخر.(6/158)
يتأخر في إتيان الجمعة لألم في ظهره
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 16/9/1424هـ
السؤال
شخص يتأخر عن صلاة الجمعة؛ لأن ظهره يؤلمه من كثرة الجلوس هل في هذا مخالفه؟
الجواب
إذا كان لا يستطيع لمرضه فهو معذور، وإن كان قادراً ولكنه يتأخر في الحضور بحيث لا يحضر إلا عند الخطبة أو عند الصلاة فإنه ينبغي أن يحرص على التبكير، وعلى المسلم أن يتقي الله ما استطاع، وعليه أن يعلم أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يتخلف عن صلاة الجمعة، ولا يبادر في الحضور مبكراً ويشق على نفسه، وإذا أتى متأخراً وهو محب للتقدم وحريص عليه، ولكن تأخر في المجيء من أجل مرضه، فالله - جل وعلا - يكتب له أجر المتقدمين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً". أخرجه البخاري (2996) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-.(6/159)
إعادة الإمام صلاة الجمعة للنساء!
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 1/9/1424هـ
السؤال
خطب بنا الإمام ثم صلى، وبعد انتهاء الصلاة أتى لعلمي أن النساء لم يتمكن من سماع الخطبة والصلاة؛ وذلك لوجود خلل في سماعات المسجد ... عُرِض على النساء أن يصلين الجمعة ظهراً، لكن النساء ألحَّن على الخطيب أن ينزل لهن ويلقي الخطبة ويصلي بهن لأنهن يردن جمعة.. وتم لهن ما أردن.. ما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالواجب على أولئك النسوة أن يقضين تلك الصلاة ظهراً، يعني: أربع ركعات - وأما صلاتهن (ثانياً) مع الخطيب فإنها تقع نافلة. ولا تصح جمعة، لوجوه، منها:
1. أن الجمعة لا يشرع ولا يصح إعادتها في المسجد الواحد، لعدم الدليل على مشروعية ذلك، وأمور العبادات مبنية على الحظر، فلا تشرع عبادة إلا بدليل، بل النص الشرعي قد دل على أن المأموم إذا لم يدرك ركعة مع الإمام فإنه تفوته الصلاة، كما في سنن النسائي (1/274) بسند ضعيف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: "من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته" وهو في الصحيحين، صحيح البخاري برقم (555) ، وصحيح مسلم برقم (607) ، بلفظ: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) ، وقد علق الترمذي في سننه (2/402) على هذا الحديث، فقال:
(والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، قالوا: من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى، ومن أدركهم جلوساً صلى أربعاً ... ) أ. هـ.
هذا فيمن أدرك أقل من ركعة، فكيف بمن لم يدرك الصلاة مع الإمام ولو لعذر؟(6/160)
بل قد كره كثير من أهل العلم ومنهم الحسن البصري وأبو قلابة ومالك وأبو حنيفة كما قاله ابن قدامة في المغنى (2/98) كرهوا قضاء الصلاة جماعة ظهراً في المسجد الذي فاتتهم فيه الجمعة، قالوا: لأن زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخل من معذورين، ومع ذلك لم ينقل أن أحداً صلاها جماعة في المسجد بعد فوات الجمعة.
2. ومن الوجوه الدالة على عدم وقوع تلك الصلاة جمعة للنساء أن الصلاة التي أعيدت مع ذلك الخطيب لم تنعقد بالعدد المعتبر من الرجال ممن تنعقد بهم الجمعة، والنساء لوحدهن لا تنعقد بهن الجمعة، على خلاف بين الفقهاء في العدد المعتبر حضوره من الرجال، هل تنعقد الجمعة باثنين من الرجال - دون الإمام - أو ثلاثة، أم لا تنعقد إلا بأربعين ... وهؤلاء النسوة كما هو ظاهر من السؤال قد انفردن بالصلاة مع الإمام، وهذا لا يصح بل هن قد ائتممن بمتنفل؛ لأنه قد أدَّى فرضه أولاً، ولذا تجب المبادرة بقضاء تلك الصلاة ظهراً، والله تعالى أعلم.(6/161)
لماذا لا يبكر الإمام إلى الجمعة اسوةً بالمأمومين؟
المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 25/8/1424هـ
السؤال
لي سؤال يندرج تحته سؤالان:
(1) كثيراً ما أرى في يوم الجمعة أن الإمام لا يأتي إلا في وقت الخطبة ولا يبكر للصلاة، فهل هذا الفعل صحيح أم لا؟ وما هو الصحيح؟
(2) هل السنة حال الخطبة أن يكون المستمع متجهاً للقبلة أم يكون متجهاً للإمام؟
الجواب
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عن حكم حضور الخطيب مبكراً للمسجد وجلوسه فيه إلى وقت الخطبة؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما الإمام فالمشروع في حقه إذا دخل أن يسلم أول ما يدخل على من حول الباب، ثم يصعد المنبر ويتوجه إلى الناس ويسلم عليهم عامة، ثم يجلس إلى فراغ الأذان، ثم يقوم فيخطب الخطبة الأولى، ثم يجلس، ثم يخطب الخطبة الثانية، ثم ينزل فيصلي بالناس، هذا هو المشروع للإمام في يوم الجمعة، ولا ينبغي للإمام أن يتقدم إلى المسجد قبل حلول وقت الخطبة والصلاة، كما يفعله بعض الناس المحبين للخير الذين يرغبون في السبق إلى الطاعات، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يفعل هذا، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يتقدم إلى المسجد في يوم الجمعة ينتظر الخطبة والصلاة، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -. فالذي ينبغي للإنسان أن يكون متحرياً لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه خير الهدي.
وسئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: عن حكم الالتفات بالرأس للنظر إلى الخطيب في الجمعة؟(6/162)
فأجاب فضيلته بقوله: الالتفات بالرأس لا بأس به، يعني أن ينظر الإنسان إلى الخطيب حال الخطبة هذا لا بأس به، بل هذا طيب، لأنه يشد انتباه الإنسان أكثر، وقد روي عن الصحابة - رضي الله عنهم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم، كان إذا خطب استقبلوه بوجوههم. انظر ما رواه ابن ماجة (1136) من حديث ثابت الأنصاري -رضي الله عنه-.(6/163)
إصلاح مكبر الصوت أثناء الخطبة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 6/7/1424هـ
السؤال
احيانا يتعطّل مكبر الصوت أثناء الخطبة فاضطر لإصلاحه، فهل ذلك من نواقض الجمعة، أعني الحركة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
ما دام العمل لمصلحة إيصال صوت الخطيب للمستمعين فلا بأس ولا يؤثر، كما لو سبَّح بسهو الإمام، أو وصل الصف أثناء الصلاة.(6/164)
التحلق قبل صلاة الجمعة
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 17/07/1426هـ
السؤال
ما حكم الدرس قبل صلاة الجمعة أي التحلق؟ وما حكم قول بعض الأئمة: إني مضطر لفعل ذلك مخافة من الإقالة وتعويضه بإمام مبتدع؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد ورد النهي عن التحلق يوم الجمعة في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه ضالة، وأن ينشد فيه شعرٌ، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة. رواه أبو داود (1079) والترمذي (322) وحسنه، والنسائي (714) .
وقد ذكر العلماء أن علة النهي في الحديث هي الانشغال بالكلام عن الصلاة وذكر الله تعالى، وكذلك التضييق على المصلين في المسجد، لأن الأصل أن يجلس الناس صفوفا متراصة ينتظرون خروج الإمام، فإذا تحلقوا خالفوا ذلك، قاله الخطابي في المعالم، وابن العربي في العارضة وغيرهم.
وأكثر أهل العلم على كراهة ذلك ولم يصلوا به إلى درجة التحريم، خاصة وأن المنهيات المذكورة مع التحلق كلها مما وقع الخلاف في جوازها، كنشدان الضالة في المسجد وإنشاد الشعر فيه وكذلك البيع والشراء.
ولكن إذا دعت الحاجة إلى مثل هذه الدروس، وظهرت مصلحة من ذلك وتحققت الفائدة من ورائها فلا حرج -إن شاء الله- من إقامتها مع تنبيه الناس إلى أن ذلك لا صلة له بالجمعة؛ حتى لا يعتقدوا أنها من سنن يوم الجمعة أو مستحباتها، ولا بأس أن يفعل الإنسان ذلك مرة ويتركه أخرى؛ حتى لا يلتبس الأمر على الناس.(6/165)
صلاة المرأة الجمعة في غير الحرم
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 5/6/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل تصلي المرأة صلاة الجمعة مع الرجال في غير الحرم؟ لرؤيتي قدوم النساء إلى مسجد الجمعة في إحدى الدول لمفردهن لحضور الصلاة.
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
نعم، لكن لا تختلط بالرجال، فتكون صفوف الرجال أولاً، ثم صفوف النساء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" مسلم (440) ، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن" البخاري (900) ومسلم (442) بدون "وبيوتهن ... "، لكنها عند أبي داود (567) ،(6/166)
ما تدرك به الجمعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 28/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متى تدرك صلاة الجمعة؟
الجواب
تدرك صلاة الجمعة بإدراك ركعة، فمن فاتته الخطبة فأدرك ركعة من الجمعة أتمها جمعة، أما إذا لم يدرك الركعة كاملة بل جاء بعد رفع الإمام رأسه من الركوع في الركعة الثانية فإن عليه أن يصليها ظهراً أربع ركعات.(6/167)
إقامة الجمعة في مسجد آخر من غير حاجة
المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 27/08/1426هـ
السؤال
عندنا ثلاثة مساجد في القرية، بين كل مسجد وآخر أقل من نصف كيلو متر، وتقام الجمعة في مسجد واحد، ولكن ظهر شخص أقام الجمعة في أحد المسجدين الآخرين بحجة الأجر لصاحب المسجد الذي بناه، لكونه أخاً له، مع أن عدد المصلين لا يتجاوز الخمسين في القرية كلها ويكفيهم المسجد الأول.
السؤال: هل تجوز إقامة جمعة في المسجد المذكور، مع العلم أن بيت الشخص المذكور بجانب المسجد القديم الذي تقام فيه الجمعة من قبل، ولكنه يذهب للمسجد الثاني الذي هو أبعد عن بيته، فهل يجوز له ذلك العمل؟ وبماذا تنصحونه؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد:
حول إقامة الجمعة في مسجد آخر في القرية مع أن المسجد الأول كاف:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (12/351) : اعلم -وفقك الله- أن الذي عليه جمهور أهل العلم تحريم تعدد الجمعة في قرية واحدة إلا من حاجة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يقيم في مدينته مدة حياته سوى جمعة واحدة، وهكذا في عهد خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم أجمعين- وهكذا في سائر الأمصار الإسلامية في صدر الإسلام؛ وما ذاك إلا أن الجماعة مرغب فيها من جهة الشرع المطهر، لما في اجتماع المسلمين في مكان واحد حال إقامة الجمعة والعيد من التعاون على البر والتقوى وإقامة شعائر الإسلام، ولما في ذلك أيضاً من الائتلاف بينهم والمودة والتعارف والتفقه في الإسلام، وتأسي بعضهم ببعض في فعل الخير، ولما في ذلك أيضاً من زيادة الفضل والأجر بكثرة الجماعة وإغاظة أعداء الإسلام من المنافقين وغيرهم باتحاد الكلمة وعدم الفرقة.(6/168)
وقد وردت النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة في الحث على الاجتماع والائتلاف والتحذير من الفرقة والاختلاف، فمن ذلك قول الله عز وجل: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" [آل عمران: 103] ، وقوله تعالى: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات" [ال عمران: 105] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط لكم ثلاثاً؛ يرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم".
ومما تقدم يتضح لكم أن الواجب هو اجتماع أهل المدينة أو القرية على جمعة واحدة، كما يجتمعون في صلاة عيد واحدة حيث أمكن ذلك دون مشقة؛ للأدلة المتقدمة والأسباب السالفة والمصلحة الكبرى في الاجتماع.
وأما إن دعت الحاجة الشديدة إلى إقامة جمعتين أو أكثر في البلد أو الحارة الكبيرة فلا بأس بذلك في أصح قولي العلماء..أ. هـ.
وما دام الأمر على نحو ما ذكر في السؤال من تقارب القرية، وأن المسجد الأول كافٍ دون وجود مشقة على المصلين فلا تجوز إقامة جمعة ثانية في القرية، وعلى الشخص الآخر الذي أقام جمعة ثانية أن يعود مع إخوانه ويقيم الجمعة معهم، ولا يُعد حرصه على وصول الأجر لأخيه مسوغاً لإقامة جمعة ثانية؛ لأن مصلحة اجتماع المسلمين أعظم من مصلحة وصول الثواب إلى أخيه، ويمكنه أن يوصل إلى أخيه ما شاء من أعمال البر المشروعة كالدعاء له والصدقة عنه، دون الحاجة إلى تفريق المسلمين وحرمانهم من المنافع العظيمة المتقدمة الحاصلة بالاجتماع للصلاة، أسأل الله -تعالى- أن يرزق عباده الفقه في الدين، وأن يجمع كلمتهم على الحق والهدى إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(6/169)
هل عليهم جمعة؟
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 30/1/1425هـ
السؤال
نحن أقل من 12 رجلاً، نعيش في الصحراء عند حقل بترول، وليس منا من يسكن في المنطقة، هل علينا جمعة؟.
الجواب
الحمد لله:
إذا كنتم بجوار قرية تسمعون نداء الجمعة الذي يؤذن به في تلك القرية في الأحوال العادية، فإن الجمعة تلزمكم؛ لعموم قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ... " الآية، [الجمعة:9] .
وأما إذا لم تكونوا بجوار قرية يؤذن فيها للجمعة، فلا يخلو حالكم من أمرين:
الأمر الأول: أن تكونوا مستوطنين في هذا المكان لا ترحلون عنه صيفاً ولا شتاءً، ففي هذه الحال يلزمكم صلاة الجمعة؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الجمعة على المستوطنين، ومنها: ما رواه مسلم (865) عن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهم- أنهما سمعا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين"، ولا عبرة بمادة البناء الذي تعيشون فيه، سواء أكانت خياماً أو غيرها، وإنما العبرة بالاستيطان.(6/170)
الأمر الثاني: أن تكونوا غير مستوطنين في هذا المكان فلا جمعة عليكم؛ لأن الأعراب الذين كانوا حول المدينة لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرهم بالجمعة، ولو أمرهم لنقل ذلك إلينا، وكذلك المسافر لا جمعة عليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصلي الجمعة في أسفاره، وقد صادف يوم عرفة في حجة الوداع يوم الجمعة ومع ذلك صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ظهراً، انظر ما رواه البخاري (4606) ، ومسلم (3017 - 1218) من حديث عمر وجابر - رضي الله عنهما - وإنما تلزم المسافر والأعرابي المتنقل الجمعة بغيره، أي إذا أقيمت الجمعة في بلد وسمع النداء فإنه يلزمه إجابة النداء.
وأما لو كان بعضكم مستوطناً ثلاثة فأكثر أصالة، فإنها تلزم البقية تبعاً لهم.
وأما العدد الذي تلزم به الجمعة فهو ثلاثة رجال فأكثر إذا كانوا مستوطنين، وأما باقي الأعداد التي ذكرها جمع من العلماء في تحديد عدد الذين تلزمهم الجمعة فلم يقم عليها دليل صريح صحيح، وإذا كانت الجمعة تلزمكم ولم يكن أحد منكم يستطيع إعداد خطبة فهناك خطب مجموعة في كتب، وهناك أيضاً بعض المواقع الموثوقة مخصصة للخطب يمكنكم الرجوع إليها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(6/171)
هل يترك صلاة الجمعة لأجل الامتحان
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 16/1/1425هـ
السؤال
أنا شاب محافظ على الصلاة، ومع أن دراستي في الغرب فيها نوع من المشقة بسبب أن يوم الجمعة يعتبر يوماً عادياً عندهم وليس فيه عطلة للذهاب إلى صلاة الجمعة، لكنني طوال فترة دراستي كنت أجد طريقة للمحافظة على صلاة الجمعة وتأجيل الدراسة.
وأواجه مشكلة كبرى الآن حيث في الشهر القادم لدينا اختبار نهائي، وهو اختبار مصيري يحدد مستقبل الدارس، وسوف يكون في وقت صلاة الجمعة، فماذا أفعل؟ هل يجوز لي الذهاب للاختبار وترك صلاة الجمعة في هذه الحالة الهامة؟ وبخلاف ذلك سأفقد كل ما اجتهدت له طوال سنوات الدراسة الطويلة لا محالة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(6/172)
ما ذكره السائل الدارس في بلاد الغرب من أن اختباره النهائي تقرر أن يكون في وقت صلاة الجمعة، وأنه إن ذهب لصلاة الجمعة فاته الاختبار، وضاع عليه كل مجهوده طوال سنوات الدراسة، فهل يعذر في ترك صلاة الجمعة مع الجماعة؟ والجواب أن الفقهاء -رحمهم الله- ذكروا الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة، ومن ذلك ما جاء في كشاف القناع ج1 (ص495) ، وما بعدها ما نصه: (ويعذر بترك الجمعة والجماعة خائف من ضياع ماله ... أو خائف تلفه كخبز في تنور وطبيخ على نار ونحوه ... ، أو خائف من ضرر في ماله، أو معيشة يحتاجها) ، إلى أن قال: (أو خاف فوات رفقة مسافرة سفراً مباحاً منشئاً للسفر أو مستديماً له؛ لأن عليه في ذلك ضرراً.." إلخ، قلت وبناءً على ما تقدم فإني أرى والعلم عند الله -تعالى- أن ما ذكره السائل يبيح له ترك الجمعة مع الجماعة ويصليها ظهراً، إذ ليس ما ذكره السائل بأقل شأناً من خوف الخبَّاز على خبزه في التنور، أو الطبيخ على النار، أو خوف فوات الرفقة لمن أراد سفراً والتي جعلها الفقهاء أعذاراً مبيحة لترك الجمعة والجماعة، هذا هو رأيي في هذه المسألة. والله أعلم.(6/173)
ترك الجمعة لأجل الصلاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 23/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
سؤالي يتمثل في صلاة الجمعة، نحن مجموعه من الشباب نعيش في إحدى الدول الأوربية، وكما تعلمون أن هنا العطلة الأسبوعية يوم السبت والأحد، فهل يعتبر العمل عذراً شرعياً للتخلف عن صلاة الجمعة؟ أي لنصليها ظهراً فما هو الحل؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
العمل لا يعتبر عذراً للتخلف عن صلاة الجمعة، والواجب على المسلم إظهار شعائر دينه، وإذا لم يستطع إظهار شعائر دينه فلا يجوز له الإقامة في البلد، وأما العذر بعدم وجود المسجد الذي يجمع فيه فوارد، فإن وجد وأمكن الوصول إليه وجب حضور الجمعة. والله أعلم.(6/174)
هل يذهب ثواب الجمعة بدخول الإمام؟!
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 17/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
بعض الناس يقولون: إن أجر وثواب الجمعة يفوت القادم بعد صعود الإمام. إذا كان ذلك صحيحاً، فهل يكون كمن تخلَّف عن الجمعة، وبالتالي لا داعي للذهاب إلى الصلاة بعد صعود الإمام؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أخي السائل بارك الله فيك: أحب -قبل الإجابة على سؤالك- أن أبين لك، ولكل من قرأ هذه الإجابة أهمية هذه الشعيرة الإسلامية العظيمة، وذلك من خلال النصوص الآتية:
أولاً: النصوص الدالة على وجوب هذه الشعيرة:
1) قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون" [الجمعة: 9] .
2) عن أبي هريرة وابن عمر -رضي الله عنهم- أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين" أخرجه مسلم (865) ، باب التغليظ في ترك الجمعة.
3) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم" أخرجه مسلم (652) ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل الجماعة.
4) عن طارق بن شهاب مرفوعاً: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أوامرأة، أو صبي أو مريض" رواه أبو داود (1067) ، وصححه الألباني في الإرواء (3/54) المكتب الإسلامي.(6/175)
5) عن أبي الجعد الضمري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه" أخرجه النسائي (1369) ، وأبو داود (1052) باب التشديد في ترك الجمعة، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.
ثانياً: النصوص المرغبة لصلاة الجمعة والتبكير إليها:
1) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغى" أخرجه مسلم (758) .
2) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر، ومثل المهجر [والمهجر: أي المبكر إلى الجمعة] كمثل الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة" أخرجه البخاري (929) ، ومسلم (850) .
3) عن أوس بن أوس -رضي الله عنه- سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" أخرجه أحمد (16173) ، وأبو داود (345) ، والنسائي (1087) ، والترمذي (496) ، وحسنه، وصححه الشيخ مشهور حسن سلمان، انظر القول المبين في أخطاء المصلين، وانظر لتخريجه في تحقيق الروض المربع (ج3/400) دار الوطن.
4) عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر، ثم أدهن أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له، ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" أخرجه البخاري (910) باب الدهن للجمعة.
ونعود للإجابة عن سؤالك:(6/176)
في الواقع أني لم أقف على دليل يدل على أن أجر وثواب الجمعة يفوت القادم بعد صعود الإمام، ولم أقف أيضاً على من نص بذلك من أهل العلم المعتبرين، ولعلهم فهموا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي أوردناه في النصوص المرغبة لصلاة الجمعة والتبكير إليها، والذي فيه أن الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، ألا ثواب للداخل بعد دخول الإمام مطلقاً، وفي هذا نظر؛ لأنه لا يلزم من فوات هذا الثواب عليه فوات ثواب صلاة الجمعة والاستماع لخطبتها مطلقاً، بدليل أن من يدخل للمسجد والإمام يخطب تصح صلاته جمعة، وسقط عنه الوجوب، ولا يطالب بأن يصليها ظهراً، لما أخرجه البخاري (1166) ومسلم (875) أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين".
ووجه الإشهاد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر فقط بأن يصلي ركعتين، ولم يقل إن صلاته باطلة، وعليه أن يصليها ظهراً، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. بل إن صلاة الجمعة تدرك بإدراك ركعة واحدة منها، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة" أخرجه البخاري (607) ومسلم (580) .
فالخلاصة -أخي السائل- أن من دخل والإمام يخطب أو الإمام يصلي الجمعة ولو لم يدرك من الصلاة إلا ركعة أو أقل ليس كمن تخلف عن هذه الشعيرة مطلقاً، فهذا الأخير آثم، أما الأول فلا إثم عليه، وإن كان ثوابه ناقصاً. والله تعالى أعلم.(6/177)
خطيبان لصلاة الجمعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 22/07/1426هـ
السؤال
هل يجوز لخطيب الجمعة أن يتنازل عن الخطبة الثانية لغير سبب، سوى أن يكون الخطيب الثاني أحفظ للقرآن، وليصلي الخطيب الثاني بالناس؟.
الجواب
الأولى أن يتولَّى الخطبتين واحد، فإن تولى الخطبة الأولى واحد، وتولى الخطبة الثانية آخر غيره فيجوز ذلك، فقد جوَّز هذا بعض العلماء -رحمهم الله- وقالوا بأنهما بمثابة الأذان والإقامة، وكذلك الأولى أن يتولَّى الصلاة من يتولَّى الخطبتين، فإن تولَّى الصلاة غير من تولَّى الخطبتين فالصلاة صحيحة -إن شاء الله-.(6/178)
مبالغة المأمومين في الجهر بالصلاة على النبي في خطبة الجمعة
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 19/10/1426هـ
السؤال
عندنا شيخ خطيب عندما يخطب للجمعة، ويذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- يقوم بعض الأشخاص بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بصوت مرتفع أي مسموع، فيقول: (صلِّ على النبي بقلبك، ولا ترفع صوتك؛ لأن أجر جمعتك سيذهب) ، وفي بعض المرات عنَّف شخصاً؛ لأنه صلى على النبي عدة مرات، وبعد صلاة الجمعة تم التحدث مع الشيخ بأن أسلوبه كان عنيفاً مع الشخص, فقال: هل حدث مثل هذا في عهد الصحابة؟! وحتى في آخر الخطبة عندما يقول الدعاء، يقول: لا ترفع يديك، وقل آمين بقلبك ولا ترفع صوتك.
أفيدونا بالدليل الواضح جزاكم الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. وبعد:
فيشرع لمستمع الخطبة أن يؤمِّن على دعاء الخطيب بلا رفع صوت، ومن ذلك: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، أما المبالغة برفع الصوت بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند قراءة الخطيب: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) ، أو رفع الصوت في أثناء الخطبة باسم الله -تعالى- أو نحو ذلك من الذكْر فأمر غير مشروع ولا أصل له، بل هو مخالف لمقصود الشرع من وجوه:
الوجه الأول: أن في ذلك رفعاً للصوت بالدعاء، وهذا خلاف المشروع، قال الله تعالى: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين" [الأعراف:55] ، قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-: (الاعتداء في الدعاء على وجوه منها: الجهر الكثير والصياح) . وقال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: (قال ابن جريج: يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء، ويؤمر بالتضرع والاستكانة) .(6/179)
وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنه معكم سميع قريب" أخرجه البخاري (2992) ، ومسلم (2704) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (قال الطبري: فيه كراهية رفع الصوت بالدعاء والذكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ورفع الصوت قدام الخطيب مكروه أو محرم اتفاقا، ولا يرفع المؤذن ولا غيره صوته بصلاة ولا غيرها) .
ويلحظ أن هذا الذي نبه عليه الشيخ لا يزال معمولا به في بعض البلدان، من رفع الصوت بالصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو بالذكر حال الخطبة أو بين الخطبتين.
وقال ابن مفلح -رحمه الله-: "يكره رفع الصوت بالدعاء مطلقا، قال المروزي: سمعت أبا عبد الله يقول: ينبغي أن يسرَّ دعاءه؛ لقوله تعالى: "وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً" [الإسراء:110] قال: هذا الدعاء.
الوجه الثاني: أن في ذلك رفعاً للصوت في المسجد، وحق المساجد أن تحترم، ولذلك
قال الإمام مالك - رحمه الله - بكراهة رفع الصوت في المسجد مطلقاً.
الوجه الثالث: أن في ذلك تشويشاً على المستمعين إلى الخطبة, والمشروع هو الإنصات لمن يستمع لخطبتي الجمعة.(6/180)
الوجه الرابع: أن هذا أمر محدث لا أصل له، فيدخل في حد البدعة التي هي: كل أمر محدث في الدين، فلم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه -رضي الله عنهم-من بعده، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإحداث في الدين، فقال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". متفق عليه، صحيح البخاري (2697) ، وصحيح مسلم (1718) . وقال: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة" رواه أبو داود (4607) ، والترمذي (2676) ، وابن ماجه (42) وغيرهم.
وأما ما ذكره السائل من التعنيف الحاصل من الخطيب على فاعل ذلك: فأرجو من الخطيب مراعاة حال الناس وخصوصا في بلاد الغربة من الجهل والبعد عن مصادر العلم، فتكون دعوته بالحسنى واللين، قال الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) [النحل:125] ، وقال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيِّئة ادفع بالتي هي
أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم وما يلقاها إلاّ الذين صبروا وما يلقاها إلاّ ذو حظ عظيم) [فصلت: 34-35] ، وقال تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إنّ الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً) [الإسراء:53] .
وأما رفع اليدين في الخطبة والتأمين على دعاء الخطيب: فالمشروع التأمين على دعاء الخطيب، لكن لا يكون بصوت جماعي وصوت مرتفع، وإنما بشكل منفرد، وبصوت منخفض، لأن التأمين جهراً ينافي كمال الاستماع إلى الخطبة.(6/181)
وأما رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة فإنما يشرع في دعاء الاستسقاء فقط، فقد روى البخاري من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- في قصة الأعرابي الذي طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب يوم الجمعة أن يستسقي، قال: «فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون» . وقد ترجم عليه البخاري: باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء، انظر صحيح البخاري (1029) ، وصحيح مسلم (897) ، وفتح الباري (2/516-517) . فإذا دعا الإمام بالاستسقاء أي قال: "اللهم اسقنا، اللهم أغثنا"، فهنا ترفع الأيدي يرفعها الخطيب والمستمعون، وفي غير ذلك لا ترفع الأيدي لا للإمام ولا للمأمومين، ولهذا جاء في صحيح مسلم (874) عن عمارة بن رؤيبة -رضي الله عنه- أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال: «قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه السبابة» .(6/182)
عملي يحول بيني وبين صلاة الجمعة
المجيب مصطفى محمد الأزهري
داعية وباحث إسلامي بوزارة الأوقاف المصرية
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 23/08/1426هـ
السؤال
أنا مسلم مقيم في بلاد الغرب، والمسلمون هناك أقلية، ومن الصعب الحصول على عمل، وقد قضيتُ أربع سنوات بدون عمل، وقد بذلتُ جهدي للحصول على أي عمل؛ لكي لا أبقى مشرداً، والآن حصلتُ على عمل، والمشكلة فيه عدم تمكني من أداء صلاة الجمعة فأصليها ظهراً، فهل أستمر في هذا العمل أم لا؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فصلاة الجمعة مفروضة بالكتاب والسنة والإجماع، ولا تسقط إلا عن أربعة ذكروا في حديث رواه أبو داود (1067) : "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض".
وكذلك المسافر ما دام مسافراً، ولا يجوز ترك صلاة الجمعة للعمل، إلا إذا كان يترتب على ترك العمل مفسدة كبيرة، مثل أعمال الأمن وحراسة الحدود ومثل ذلك؛ وتجب عليهم صلاة الظهر جماعة إن قدروا على ذلك، أو فرادى إن تعذر عليهم، وإلا ففي التهاون في الجمعة خطر شديد على قلب المسلم ودينه؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لينتهين أقوام عن ودعهم - أي تركهم - الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين" رواه مسلم (865) ، فهي الفريضة التي نادى الله تعالى المؤمنين بها بقوله: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون" [الجمعة:9] . وعموماً أنت أدرى بحالك وأعلم بطاقتك، فحاول أن تدرك الجمعة في وقتها ما استطعت، فهي زادك في مواطن الفتنة، قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] .(6/183)
وإن استطعت أن تبحث عن عمل يمكنك من أداء صلاة الجمعة فخير لدينك وصلاح لدنياك، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب". وكن على يقين من قوله الله تعالى: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" [هود:6] ؛ فإن حاولت وتعذر عليك الأمر فحاول -كما ذكرنا- أن تصلي الظهر جماعة، "ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم".. والله يعينك على طاعته ورضاه.(6/184)
مقاطعة الخطيب إذا أخطأ
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 22/04/1427هـ
السؤال
السلام عليكم، سؤالي:
هل تجوز مقاطعة خطيب الجمعة إذا أخطأ؟
إذ من الملاحظ أن بعض الخطباء يغفل عن معلومة، أو فتوى، أو حتى أمر بسيط في موضوع خطبته فيكون ذلك مثار جدلٍ وخلافٍ بين المصلين، لاختلاف التأويلات، أفيدونا عن ذلك؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: تجوز مخاطبة خطيب الجمعة للمصلحة العامة، حيث ورد أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائماً، وقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا. فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه ثم قال: "اللهم أغثنا؛ اللهم أغثنا، اللهم أغثنا". قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سَلْع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم وأمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس ستا" رواه البخاري (1014) ، ومسلم (897) .
ثانياً: تجوز مخاطبة الخطيب لإصلاح أمر معين كالميكرفون، أو تنبيهه إلى عبث الأطفال ليسكتهم، وروي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه كان يخطب ذات مرة، وتكلم في صداق المرأة، فأراد تحديده، فقامت امرأة، وقالت: يعطينا الله وتمنعنا يا عمر، تقصد قول الله تعالى: "وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا" [النساء:20] .(6/185)
ولا يجوز ذلك من جاهل حتى لا يحصل التشويش على الخطيب والمصلين، والأولى لمن أراد إيضاح خطأ سمعه من الخطيب، أن ينتظر بعد انتهاء الخطبة والصلاة، ثم يجلس مع الخطيب ويناقشه فيما سمعه، فإن كان الخطأ صحيحاً أوضح الخطيب ذلك في الجمعة التي بعدها، وإن كان الخطأ من المستمع، تم تدارك ذلك، ولم يحصل تشويش أو تلبيس على المصلين، والقاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) .
وفقنا الله وإياك للعلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(6/186)
صلاة العيد للمتخلفين عنها
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 2/12/1423هـ
السؤال
إذا تأخر جماعة عن صلاة العيد فكيف يؤدون الصلاة جماعة أم فرادى؟ وما الحكم لمن أمَّ الجماعة المتخلفة وصلى بهم ركعتي العيد أثناء الخطبة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل كما يلي:
إذا تأخر جماعة أو فرد عن صلاة العيد وجاءوا والإمام يخطب فإنهم يستمعون إلى الخطبة ولا يشتغلون بغير ذلك.
ثم مسألة قضاء صلاة العيد فيها خلاف بين أهل العلم وأقرب الأقوال أنها لا تقضى؛ أي لا يسن قضاء صلاة العيد لمن فاتته لأنها صلاة شرعت على صورة وصفة معينة على وجه الاجتماع ولأنه لم ينقل أنها قضيت في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ثم على فرض أنها تقضى فإن الصلاة فقط هي التي تقضى دون الخطبة سواء كان القضاء فرادى أو جماعة، والله أعلم.(6/187)
حكم صلاة العيد
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 01/10/1425هـ
السؤال
هل يجوز للمسلم أن يتخلف عن صلاة العيد بدون عذر، وهل يجوز منع المرأة من أدائها مع الناس؟
الجواب
صلاة العيد فرض كفاية عند كثير من أهل العلم، ويجوز التخلف من بعض الأفراد عنها، لكن حضوره لها ومشاركته لإخوانه المسلمين سنة مؤكدة لا ينبغي تركها إلا لعذر شرعي، وذهب بعض أهل العلم إلى أن صلاة العيد فرض عين كصلاة الجمعة، فلا يجوز لأي مكلف من الرجال الأحرار المستوطنين أن يتخلف عنها، وهذا القول أظهر في الأدلة وأقرب إلى الصواب، ويسن للنساء حضورها مع العناية بالحجاب والتستر وعدم التطيب؛ لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية - رضي الله عنها - أنها قالت: " أمرنا أن نُخرج في العيدين العواتق والحيَّض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين وتعتزل الحيَّض المصلى ". وفي بعض ألفاظه: فقالت إحداهن: يا رسول الله لا تجد إحدانا جلباباً تخرج فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: " لتلبسها أختها من جلبابها ".
ولا شك أن هذا يدل على تأكيد خروج النساء لصلاة العيدين ليشهدن الخير ودعوة المسلمين.
(مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-) .(6/188)
حكم تحية المسجد قبل صلاة العيد
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 27/9/1423هـ
السؤال
ما حكم أداء تحية المسجد عند الحضور لأداء صلاة العيد؟
الجواب
صلاة العيدين إذا صُليت في المسجد، فإن المشروع لمن أتى إليها إن يصلي تحية المسجد ولو في وقت النهي؛ لكونها من ذوات الأسباب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:" إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين".
أما إذا صليت في المصلى المُعد لصلاة العيدين فإن المشروع عدم الصلاة قبل صلاة العيد؛ لأنه ليس له حكم المساجد من كل الوجوه؛ ولأنه لا سُنة لصلاة العيد قبلها ولا بعدها.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-)(6/189)
التهنئة بالعيد
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 01/10/1425هـ
السؤال
يقول الناس في تهنئة بعضهم بعضاً يوم العيد: تقبل الله منا ومنكم الأعمال الصالحة. أليس من الأفضل أن يدعو الإنسان بتقبل جميع الأعمال، وهل هناك دعاء مشروع في مثل هذه المناسبة؟
الجواب
لا حرج أن يقول المسلم لأخيه في يوم العيد أو غيره تقبل الله منا ومنك أعمالنا الصالحة، ولا أعلم في هذا شيئاً منصوصاً، وإنما يدعو المؤمن لأخيه بالدعوات الطيبة لأدلة كثيرة وردت في ذلك. والله الموفق.
(مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-)(6/190)
التكبير الجماعي قبل صلاة العيد
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 27/9/1423هـ
السؤال
كيف نؤدي التكبير يوم العيد؛ حيث نلاحظ أنه يؤدى بطريقة جماعية وسمعنا من ينكر ذلك.
الجواب
الأصل في التكبير في ليلة العيد، وقبل صلاة العيد في الفطر من رمضان، وفي عشر ذي الحجة، وأيام التشريق أنه مشروع في هذه الأوقات العظيمة وفيه فضل كثير؛ لقوله تعالى في التكبير في عيد الفطر: " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " وقوله تعالى في عشر ذي الحجة وأيام التشريق:" ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " الآية، وقوله عز وجل: " واذكروا الله في أيام معدودات " الآية.
ومن جملة الذكر المشروع في هذه الأيام المعلومات والمعدودات التكبير المطلق والمقيد، كما دلت على ذلك السنة المطهرة وعمل السلف، وصفة التكبير المشروع: أن كل مسلم يكبر لنفسه منفرداً ويرفع صوته به حتى يسمعه الناس فيقتدوا به ويذكرهم به. أما التكبير الجماعي المبتدع فهو أن يرفع جماعة - اثنان فأكثر - الصوت بالتكبير جميعاً يبدؤونه جميعاً ويُنْهونه جميعاً بصوت واحد وبصفة خاصة.
وهذا العمل لا أصل له ولا دليل عليه، فهو بدعة في صفة التكبير ما أنزل الله بها من سلطان، فمن أنكر التكبير بهذه الصفة فهو محق؛ وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أي مردود غير مشروع، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ".(6/191)
والتكبير الجماعي محدث فهو بدعة، وعمل الناس إذا خالف الشرع المطهر وجب منعه وإنكاره؛ لأن العبادات توقيفية لا يشرع فيها إلا ما دل عليه الكتاب والسنة، أما أقوال الناس وآراؤهم فلا حجة فيها إذا خالفت الأدلة الشرعية، وهكذا المصالح المرسلة لا تثبت بها العبادات، وإنما تثبت العبادة بنص من الكتاب أو السنة أو إجماع قطعي.
والمشروع أن يكبر المسلم على الصفة المشروعة الثابتة بالأدلة الشرعية وهي التكبير فرادى.
وقد أنكر التكبير الجماعي ومنع منه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية - رحمه الله - وأصدر في ذلك فتوى، وصدر مني في منعه أكثر من فتوى، وصدر في منعه - أيضاً - فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.(6/192)
وألّف فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري - رحمه الله - رسالة قيمة في إنكاره والمنع منه، وهي مطبوعة ومتداولة وفيها من الأدلة على منع التكبير الجماعي ما يكفي ويشفي - والحمد لله - وأما الإحتجاج بفعل عمر - رضي الله عنه - والناس في مِنَى بحيث كان يكبر في قبته فيكبر الناس بتكبيره حتى ترتج منى بالتكبير فلا حجة فيه؛ لأن عمله - رضي الله عنه - وعمل الناس في منى ليس من التكبير الجماعي، وإنما هو من التكبير المشروع؛ لأنه - رضي الله عنه - يرفع صوته بالتكبير عملاً بالسنة وتذكيراً للناس بها فيكبرون، كلٌ يكبر على حاله، وليس في ذلك اتفاق بنيهم وبين عمر -رضي الله عنه - على أن يرفعوا التكبير بصوت واحد من أوله إلى آخره كما يفعل أصحاب التكبير الجماعي الآن، وهكذا جميع ما يروى عن السلف الصالح - رحمهم الله - في التكبير كله على الطريقة الشرعية، ومن زعم خلاف ذلك فعليه الدليل، وهكذا النداء لصلاة العيد، أو التراويح، أو القيام، أو الوتر كله بدعة لا أصل له، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي صلاة العيد بغير أذان ولا إقامةُ، ولم يقل أحد من أهل العلم فيما نعلم أن هناك نداء بألفاظ أخرى، وعلى من زعم ذلك إقامةُ الدليل، والأصل عدمه، فلا يجوز أن يُشرَّع أحد عبادة قولية أو فعلية إلا بدليل من الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة أو إجماع أهل العلم - كما تقدم- لعموم الأدلة الشرعية الناهية عن البدع والمحذرة منها، ومنها قول الله سبحانه: " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " ومنها الحديثان السابقان في أول هذه الكلمة، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وسلم -:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته.(6/193)
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الجمعة: " أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " خرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة.
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا جميعاً من دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من كل ما يخالف شرعه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
(مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-)(6/194)
النداء لصلاة العيد
المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 29/9/1422
السؤال
ما هو الرأي في استعمال الميكرفون قبل صلاة عيد الفطر وعيد الأضحى لدعوة المسلمين إلى الحضور، وإفهامهم أنها صلاة واجبة؟
الجواب
من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا ينادى لصلاة عيد الفطر ولا لصلاة عيد الأضحى قبلها، من أجل أن يحضروا إلى المصلى ولا من أجل إفهامهم حكم الصلاة، ولا ينبغي فعل ذلك لا بالميكرفون ولا بغيره؛ لأن وقتهما معلوم - والحمد لله-، وقد قال الله - تعالى-: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر " وينبغي لأولي الأمر من الحكام والعلماء أن يبينوا للمسلمين حكم هذه الصلاة قبل يوم العيد، وأن يبينوا لهم كيفيتها وما ينبغي لهم فيها، فيما قبلها وما بعدها؛ حتى يتأهبوا للحضور إلى المصلى في وقتها، ويؤدوها على وجهها الشرعي.
(فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)(6/195)
التكبيرات في صلاة العيد
المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 29/9/1423هـ
السؤال
لماذا يسن لنا اثنتا عشرة تكبيرة في صلاة العيدين قبل قراءة الفاتحة، وما فائدة ذلك، وما معناه دون الصلوات الخمس المفروضة؟
الجواب
الأصل في العبادات التوقيف، وأن نتعبد بما أمرنا به الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، سواء عرفنا الحكمة في ذلك أم لا؟ وخاصة كيفيات الصلاة والصوم والحج، فليس للعقل فيها مجال، ومن ذلك ما شرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا من التكبير ست تكبيرات أو سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام وقبل قراءة الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة العيدين، وخمس تكبيرات قبل قراءة الفاتحة في الركعة الثانية من صلاة العيدين دون الصلوات المفروضة. فعلينا أن نؤمن بتشريع الله - تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ونستسلم له، ونسمع ونطيع؛ لأن الأصل في ذلك التعبد لا التعليل، وليس للعبد أن يدخل فيما هو من شؤون الله واختصاصه من العبادات وأنواعها، وكيفياتها، ولا أن يسأل: لِمَ شرع الله كذا وترك كذا؟ وما فائدة هذا الذي شرعه؟ بل عليه أن يعرف ما شرع الله ورسوله ويعمل به، فإن ظهرت له الحكمة فالحمد لله، وإلا استسلم لحكم الله وأطاع وأيقن أنه لم يشرع إلا لحكمة ومصلحة للعباد، لأنه - سبحانه - حكيم عليم في أقواله وأفعاله، وشرعه وقدره، قال - تعالى-: " إن ربك حكيم عليم " ومما يدل على ما ذكرنا: قوله - سبحانه -: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " الآية، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: " صلوا كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري في صحيحه، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: " خذوا عني مناسككم ".
(فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)(6/196)
ما يقال بين التكبيرات في صلاة العيد
المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 29/9/1423هـ
السؤال
ماذا يجب على المأموم والإمام أن يقرأ ما بين السبع التكبيرات، من الركعة الأولى في صلاة العيدين، وكذلك في الخمس تكبيرات من الركعة الثانية، هل يقول ما بين التكبيرات أثناء سكتات الإمام: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أم ماذا، أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً.
الجواب
يشرع في صلاة العيدين أن يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات الأولى يفتتح بها الصلاة، ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويشرع له أن يحمد الله ويسبحه ويكبره ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بين كل تكبيرتين. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الجزء الثامن ص 301](6/197)
شعائر العيد
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 01/10/1425هـ
السؤال
ما الأعمال التي يراعي المسلم أداءها في يوم العيد؟
الجواب
الحمد لله على توفيقه وإنعامه، وصلواته وسلامه وبركاته على نبيه محمد وآله وأصحابه، ثم هذه طائفة من شعائر يوم العيد وسننه وآدابه، مذكورة على وجه الاختصار.
1.التكبير في العيد:
والأصل في ذلك قوله - عز وجل -: " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " ويكبِّر المسلمون ربهم في هذا العيد تعظيماً وشكراً لله الذي هداهم للدين، وبلّغهم هذا الشهر، وأكمل لهم العدة، ووفقهم لأداء ما كتب عليهم من صوم، ويبدأ من غروب الشمس من يوم الثلاثين من رمضان أو رؤية هلال شوال، قال ابن عباس: "حقّ على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم"، ويكبر المسلمون ليلة العيد، وإذا غدوا إلى المصلى كبروا، وإذا جلسوا كبروا إلى أن يخرج الإمام، فمنذ ثبوت العيد وإلى خروج الإمام لصلاة العيد ووقت الناس معمور بالتكبير؛ تعظيماً لله وشكراً.
وينبّه - هنا - إلى أن أداء التكبير يكون من كلٍّ على حسب حاله، فيذكر الله - عز وجل - من غير التزام بأحدٍ يكبّر معه، وأما التكبير الجماعي فمُحْدَث، ولم يكن من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا من هدي الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وصفة التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، أو نحو ذلك.
2.الأكل يوم الفطر قبل الخروج إلى الصلاة:(6/198)
لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يغدو قبل الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن أفراداً، ويأكلهن وِتْراً، قال أنس: "ما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أقل من ذلك أو أكثر وتراً".
وفي الأكل قبل الخروج إظهار لشعار هذا اليوم وهو الفطر، ومبادرة إلى امتثال أمر الله -تعالى - بوجوب الفطر في هذا اليوم عقب وجوب الصوم في شهر رمضان، ومن لم يحصل له الفطر على تمرات أفطر ولو على الماء ليحصل له شبه من الاتباع.
3.التجمل للعيدين:
وذلك بلبس الثياب الجميلة الحسنة التي تدل على الحفاوة بهذا العيد والفرح به، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عمر، قال: " أخذ عمر جبة من استبرق تباع في السوق، فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ابتعْ هذه تجملْ بها للعيد وللوفود"، وبوّب عليه الإمام البخاري بقوله: باب في العيدين والتجمل فيه، وذلك مأخوذ من تقريره - صلى الله عليه وسلم - لمقولة عمر هذه، وأن عمر - رضي الله عنه - كان يعلم من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك في العيدين، وقد صح عن ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين.
4.الذهاب لصلاة العيد:
وصلاة العيد من أعظم شعائره، قال - صلى الله عليه وسلم -: " إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي " قال العلماء: وهو دال على أنه لا ينبغي الاشتغال في يوم العيد بغير التأهب للصلاة والخروج إليها، ومن لازِمِهِ ألا يُفْعلَ قبلها شيء غيرهاَ، فاقتضى ذلك التبكير إليها، وأن الصلاة في ذلك اليوم هي الأمر المهم، وما سواها من أعمال البرِّ فبطريق التبع، فيذهب إلى صلاة العيد مبكراً ويشتغل بالتكبير في ذهابه وحال انتظاره الصلاة، وإذا ذهب من طريق رجع من طريق آخر، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق.
5.حكم صلاة العيد:(6/199)
تتابع فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره بشهود صلاة العيد وأمر بذلك من ليس من شأنه الخروج، كالعواتق، وذوات الخدور (وهن الفتيات في أول سن بلوغهن) وكذلك الحيَّض ولَسْن من أهل الصلاة، وكل ذلك لعظم شأن هذه الصلاة، وقد اختلف العلماء في حكمها، فذهب بعضهم إلى أنها: سنة مؤكدة، وبعضهم إلى أنها: فرض كفاية، وذهب فريق من أهل العلم إلى أنها: واجبة على الأعيان كالجمعة، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة - رحمه الله- واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ: "وهذا القول أظهر في الأدلة وأقرب إلى الصواب ".
6.شهود النساء والصبيان صلاة العيد:
قالت أم عطية - رضي الله عنها - أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج في الفطر والأضحى، العواتق، والحيّض، وذوات الخدور، وأما الحيّض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، ولما قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: " إحدانا ليس لها جلباب؟ قال: لِتُلبْسِْها أختها من جلبابها"؛ وكل ذلك لتأكيد شهود النساء هذا المجْمَع العظيم حتى من لم يكن منهنَّ من أهل الصلاة.
وكذا يخرج الصبيان مع أهلهم قال ابن عباس - رضي الله عنهما - خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب، وبوّب عليه البخاري فقال "باب خروج الصبيان إلى المصلّى ".
وفي حشد المسلمين رجالاً ونساء وصبياناً في مصليات العيد تعظيم لهذه الشعيرة، وإظهار
لهذه المناسبة، واحتفال شرعي عظيم بهذااليوم المبارك.
7.تحية المسجد في مصلى العيد:
إذا أقيمت صلاة العيد في المصلى، أي في الصحراء خارج البلد فإنه لا يصلى قبلها، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج يوم الفطر فصلّى ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها، قال ابن العربي: التنفُّل في المصلى لو فُعِل لنُقِل، ومن اقتدى فقد اهتدى.(6/200)
أما إذا أقيمت صلاة العيد في المساجد فإن تحية المسجد تصلى - حينئذٍ - ولو كان وقتَ نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فيصلي من حضر قبل جلوسه ركعتي تحية المسجد.
8.صفة صلاة العيد:
تقام صلاة العيد بدون أذان ولا إقامة ولا نداء لها، وهي ركعتان، يكبر في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمساً، وهذه التكبيرات الزوائد سنة، وليست بواجب، وإن زاد في بعضها أو نقص صح ذلك؛ لاختلاف المروي في ذلك عن الصحابة فدل على أن الأمر في ذلك واسع. ويرفع يديه مع كل تكبيرة؛ لورود هذا عن الصحابة - رضي الله عنهم - ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه. يقرأ في الأولى بـ (سبح) ، وفي الثانية بـ (الغاشية) ؛ لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه مسلم (878) ، وثبت عنه أنه كان يقرأ في الأولى بـ (ق) ، وفي الثانية بـ (اقتربت الساعة وانشق القمر) أخرجه مسلم (891) ، ووقتها كصلاة الضحى، وصلاة الضحى تكون من ارتفاع الشمس قَيْد رمح، أي بعد طلوع الشمس بنحو ربع ساعة تقريباً.
والسنة التبكير بها في أول النهار لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي "، ولحديث عبد لله بن بسر -رضي الله عنه- حينما أنكر إبطاء الإمام وقال: إن كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- قد فرغنا ساعتنا هذه، وذلك وقت ابتداء صلاة الضحى.
9.إظهار الفرح والسرور واللهو المباح:
ودليله حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: " دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان بدفين بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، وجاء أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا".(6/201)
قال الحافظ في (الفتح) : "وفيه مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم به بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة، وأن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين".ا. هـ.
وفي يوم العيد لعب الحبشة بالحراب والدرق بالمسجد، ورقصوا بها، قالت عائشة: - رضى الله عنها - " سمعت لغطاً وصوت صبيان، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإذا حبشة تزفن، أي: ترقص والصبيان حولها فقال: يا عائشة تعالي فانظري، قالت: فأقامني وراءه، خدي على خده وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة".
10.التهنئة بالعيد:
ومن الحفاوة بالعيد تبادل التهنئة به، فإنه يشرع تهنئة المسلم بالنعمة الحادثة والعيد كذلك، وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك، والأمر في عبارات التهنئة واسع، فلو قال: عيد مبارك، أو تقبل الله طاعتكم وصيامكم، ونحو ذلك فكلها حسنة.
فبارك الله لكم عيدكم يا أهل الإسلام، وأتمّه على المسلمين بالقبول والمغفرة والرضوان، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه.(6/202)
عدد التكبيرات في صلاة العيد
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 5/8/1424هـ
السؤال
نحن هنا في مدينة تامبا في ولاية فلوريدا الأمريكية. نصلي صلاة العيد في المساجد والمصليات، وسوف نصلي صلاة عيد الأضحى -إن شاء الله- في مصلى كبير في مجموعة واحدة. المشكلة هنا أن إمام الصلاة صلى العيد مرتين قبل ذلك، يقوم بعمل أربع تكبيرات في الركعة الأولى بعد الفاتحة ثم ثلاث تكبيرات بعد الفاتحة في الركعة الثانية. وعندما سألناه مستنكرين عن دليله في تلك التكبيرات وعددها وتوقيتها أجاب بأنها وردت في سنن أبي داود، وعند سؤال أحد الدعاة السلفيين قال إن الحديث غير صحيح. وعند مواجهته بذلك قال بأنه جرت على ذلك العادة في باكستان، وهذا هو المرجع. المشكلة أنه بإصراره هذا يبعد المسلمين، وقد يذهبون إلى مصلى بعيد لمدة ساعة لأنهم لم يسمعوا أبداً بهذه التكبيرات الغريبة. والسؤال هنا هل هناك دليل صحيح معتبر على ثبوت عدد التكبيرات ومحلها قبل الفاتحة أو بعدها؟ وهل هناك من أقوال الصحابة أو التابعين أو أئمة المذاهب من أفتى بغير ذلك، نرجو التوضيح بالتفصيل؟ ثم ما هو موقفنا هل نصلي وراءه ونستغفر لمخالفتنا للهدي النبوي أم أن التكبيرات سنة، ولا شيء علينا، علماً بأن الإمام ممن يستجيب للحق بالأدلة؟
الجواب
الحمد لله وبعد: فإنني أشكر الأخ السائل كثيراً على سؤاله الذي ينم على حرص كبير على جمع الكلمة والتألم من كل ما يؤثر على وحدة المسلمين، خاصة في تلك البلاد الكافرة التي يرقب أهلها تصرفات المسلمين بعين النقد.(6/203)
ونظراً لرغبة أخي السائل بالتفصيل فإني ألبي رغبته لعلمي بأهمية الحال، راجياً من الله - تعالى - التوفيق والصواب فأقول: أما الصفة التي يفعلها الأخ إمام المسجد - حسب ما ذكرت - لم أجد لها أصلاً في السنة ولا في كلام الفقهاء، والظاهر أنه فهم الحديث الوارد في ذلك خطأ - كما سيتبين بعد قليل - والظاهر لي أيضاً أن الأخ الذي يصلي هذه الصلاة ممن يتمذهب بمذهب أبي حنيفة - رحمه الله - كما يبدو من إحالته إلى فعل أهل بلده في باكستان، وذلك لأن أتباع أبي حنيفة - رحمه الله - يذكرون في كتبهم صفة لصلاة العيد فيها قرب من هذه الصفة التي يفعلها أخونا المصلي، إلا أني لم أجد في كتبهم التي تيسر لي الوقوف عليها ما يشير إلى هذه الصفة التي يفعلها هذا الأخ.
وإليك - أخي الكريم - صفة صلاة العيد منقولة من بعض كتبهم الكبار التي عليها المعول عند أتباع مذهب أبي حنيفة - رحمهم الله - حتى تتبين صفة صلاة العيد عندهم وسبب أخذهم بها وعذرهم في ذلك، ثم أعقب ذلك بكلام يوضح حال الحديث الذي استدلوا به، وذلك على النحو التالي:
أولاً: قال صاحب كتاب " العناية شرح الهداية" 2/75 (ويصلي الإمام بالناس ركعتين يكبر في الأولى للافتتاح وثلاثاً بعدها، ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويكبر تكبيرة يركع بها ثم يبتدئ في الركعة الثانية بالقراءة ثم يكبر ثلاثاً بعدها، ويكبر رابعة يركع بها، وهذا قول ابن مسعود وهو قولنا ".(6/204)
قال السرخسي في المبسوط 2/39 وما بعدها معللاً أخذه بمذهب ابن مسعود: " وإنما أخذنا بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - لأن ذلك شيء اتفقت عليه جماعة من الصحابة منهم: أبو مسعود البدري وأبو موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان - رضي الله عنهم- فإن الوليد بن عقبة أتاهم فقال: هذا العيد فكيف تأمرونني أن أفعل فقالوا لابن مسعود علمه فعلمه بهذه الصفة ووافقوه على ذلك وفي الحديث:" أن النبي كبر في صلاة العيد أربعاً ثم قال: أربع كأربع الجنائز فلا يشتبه عليكم وأشار بأصابعه وحبس إبهامه " ففيه قول وعمل وإشارة واستدلال وتأكيد " أهـ. وينظر بدائع الصنائع 1/277 للكاساني، وفتح القدير 2/75 لابن الهمام ورد المحتار على الدر المختار 2/172 ونصب الراية في تخريج أحاديث الهداية 2/214-216 للزيلعي. وهذا القول الذي ذهب إليه أبو حنيفة - رحمه الله - مروي عن بعض السلف كابن مسعود - وعنه أخذت هذه الصفة كما ذكر السرخسي - وأبي موسى وحذيفة والحسن البصري وابن سيرين والثوري، كما ذكره ابن قدامة في " المغني " 3/270 [ط. دار هجر] وابن عبد البر في " الاستذكار" 7/52.
وأثر ابن مسعود الذي استدلوا به واعتمدوا عليه أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه" 3/293رقم (5687.5686.5685) وابن أبي شيبة 2/494رقم (5698.5697.5696)
وغيرهم من طرق عن الأسود بن يزيد، أن ابن مسعود كان يكبر في العيدين تسعاً تسعاً، أربعاً قبل القراءة، ثم كبر فركع وفي الثانية يقرأ فإذا فرغ كبر أربعاً، ثم ركع، وهذا لفظ الأثر رقم (5686) عند عبد الرزاق.
قال الحافظ ابن عبد البر في " الاستذكار " 7/52: " ومذهب الكوفيين ثابت عن ابن مسعود أهـ. إذا علم هذا فعلى الأخ الكريم (إمام المسجد) أن يلتزم بصفة التكبير الثابتة عن ابن مسعود أو غيره من الصحابة - رضي الله عنهم - ولا يجوز أن يأتي بصفة ليس عليها دليل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أثر عن صحابي فينبه الأخ برفق إلى ذلك.(6/205)
ثانياً: الحديث الذي ذكره أخونا الإمام رواه أبو داود 1/682 ح (1153) والإمام أحمد 33/509 ح (19734) [طبعة مؤسسة الرسالة الجديدة] من طريق عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال: أخبرني أبو عائشة (جليس لأبي هريرة) أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنائز فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم، فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم، وقال أبو عائشة: وأنا حاضر سعيد بن العاص. وهذا حديث فيه عدة علل:
الأولى: أن في سنده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فيه كلام كثير للأئمة وخلاصة حاله كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " (3820) " صدوق يخطئ " ويضاف هنا أن الإمام محمد بن صالح البغدادي قال عنه: " أنكروا عليه أحاديث، يرويها عن أبيه، عن مكحول مسندة " كما في تهذيب الكمال 17/16 والمعنى: أن الأئمة أنكروا عليه رفع أحاديث إلى النبي- صلى الله عليه وسلم، والصواب فيها الوقف. وأنت ترى أن هذا الحديث من روايته عن أبيه عن مكحول، ولهذا روي هذا الحديث موقوفاً - كما ستأتي الإشارة إليه - ولهذا قال الإمام البيهقي - رحمه الله - في السنن الكبرى 3/290: " قد خولف راوي هذا الحديث في موضعين: أحدهما: في رفعه والآخر: في جواب أبي موسى، والمشهور في هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم إلى ابن مسعود فأفتاه ابن مسعود بذلك ولم يسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي " ثم ذكر البيهقي ما يوضح كلامه.
الثانية: أن في سنده أيضاً: أبو عائشة (جليس أبي هريرة) وهو مجهول لا تعرف حاله، قاله ابن حزم، وابن القطان، والذهبي، كما في بيان الوهم 5/44 والميزان 4/543.(6/206)
الثالثة: أنه اختلف فيه على مكحول، فمرة يقول: أخبرني أبو عائشة ومرة يقول: عن رسول حذيفة وأبي موسى، ومرة قال: حدثني مَنْ أرسله سعيد بن العاص، كما بين ذلك الإمام الطحاوي في كتابه: شرح مشكل الآثار 4/346-349، وفي الحديث اختلاف كبير أكثر من هذا، أكتفي منه بما ذكر للإشارة إلى ضعف الحديث المرفوع، وأن المحفوظ فيه من قول ابن مسعود كما قال البيهقي. وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله - كلمة عامة في أحاديث التكبير في صلاة العيد: " ليس يروى في التكبير في العيدين حديث صحيح مرفوع " كما في " العلل المتناهية" لا بن الجوزي 1/471 و " التلخيص الحبير" لابن حجر 2/85. وقال أبو عمر ابن عبد البر في " التمهيد " 16/39:" وأما الصحابة - رضي الله عنهم - فإنهم اختلفوا في التكبير في العيدين اختلافاً كبيراً، وكذلك اختلاف التابعين في ذلك " أهـ. وقد نص غير واحد - كابن قدامة في المغني 3/271 - أن الإمام أحمد يذهب في تكبيرات العيد إلى ما نقل عن بعض الصحابة مما صح عنده، كأثر أي هريرة الذي أخرجه الإمام مالك في " الموطأ" [التمهيد 16/37] عن نافع قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة"، وقد اختار هذه الصفة أيضاً مالك والشافعي وإليه ذهب ابن عبد البر - رحمهم الله جميعاً -.وقد ذكر البيهقي 3/291 في " السنن الكبرى " أن عمل المسلمين على هذه الصفة - ومراده بلا ريب - أكثرهم.
وخلاصة القول - أيها الأخ الكريم: " أن حديث ابن مسعود لا يثبت مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو موقوف عليه - وأن التكبيرات في صلاة العيد روي فيها عدة صفات عن الصحابة - رضي الله عنهم -.(6/207)
ثالثاً: إذا تقرر هذا - أيها المحب - وعلمت أن مستند هؤلاء القوم في هذه الصفة فعل أحد علماء الصحابة وفقهائهم الكبار - وهو ابن مسعود - رضي الله عنه - وتبعه على ذلك بعض السلف - رحمهم الله تعالى - وأنعم بهم من قدوة، وعلمت أن التكبيرات قد اختلف فيها السلف كثيراً، فلا يسوغ حينئذٍ أن نجعل من هذه المسألة مسألة نساوم عليها في الاجتماع والتفرق، ونترك الصلاة معه، والأمر لا يعدو أن يكون سنة، والاختلاف فيها سائغ بل يسعنا ما وسع السلف - رضي الله عنهم - وكون الشخص يرى أن وصفه من الصفات أرجح وأقرب إلى الصواب، فله ذلك ولا حرج عليه ما دام ذلك مبنياً على الأدلة والآثار، إلا أن هذا لا يعني أن تكون هذه المسألة سبباً في النزاع والشقاق، ولله در الحافظ أبي عمر ابن عبد البر في " الاستذكار" 7/54 حيث يقول- بعد أن ساق عدة صفات لتكبيرات العيد منقولة عن الصحابة - رضي الله عنهم -.(6/208)
" والذي أقول في هذا الباب أنه كالاختلاف في الأذان، وأنه كله مباح لا حرج في شيء منه وكلَّ - أي كل واحد من هؤلاء الصحابة - أخذه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخذوا الوضوء واحدة واثنتين وثلاثاً والقراءات في الصلوات وعدد ركعات قيام الليل، الاختلاف عنه في ذلك اختلاف إباحة وتوسعة" أهـ. كلامه - رحمه الله- وهو في غاية النفاسة. والمسلم اللبيب يدرك أن اجتماع الصف، ووحدة كلمة المسلمين من المقاصد العظيمة، والواجبات الكبيرة في الشرع، يقول - سبحانه وتعالى -:" شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، كبر على المشركين ما تدعوهم إليه.. الآية. وليس من الحكمة ولا من الشرع في شيء أن يقدم المسنون على الواجب، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما في " مجموع الفتاوى " 22/407 " لما تكلَّم عن مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة: " ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات؛ لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا، كما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب، وكما أنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متماً وقال: الخلاف شر " أهـ، وقال في موضع آخر 22/437: " ويسوغ أيضاً أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة؛ خوفاً من التنفير عما يصلح ... " ثم ذكر المثالين السابقين في هدم الكعبة، وقصة ابن مسعود. فأوصي الإخوة جميعاً أن يتعاهدوا هذا الأصل، وأن يسدوا باب التفرق، وأن لا يدعوا فرصة للفرقة التي قد تقع أسبابها أحياناً من بعض الغيورين، والمعظمين للسنة، بحجة الاتباع مع أن الحرص على جمع الكلمة، ودفع أسباب الخلاف - ما أمكن ذلك - من أعظم آثار الاتباع، بل هذا من أصول الدين ومخالفة دين المشركين، وأوصي أحبتي الكرام بوصية الله - تعالى - حيث يقول: "(6/209)
واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ". كما أوصي إخواني أن تكون صدورهم متسعة لما اتسعت له صدور الأئمة من قبل في المسائل التي جرى فيها الخلاف، ولا شك عند الجميع أن الأئمة من سلف هذه الأمة أعلم منا بالسنة، وأكثر تعظيماً لها، وأشد رغبة في اتباعها.
كما أهيب بضرورة الرجوع إلى أهل العلم إذ أشكل عليكم شيء خاصة وأنكم في بلاد يرصد فيها الكفار كل ما يصدر عنكم، وما أعظم حماس لم يضبط بزمام العلم الشرعي!! وقد أحسنتم كل الإحسان إذ عرضتم هذه الحال لمعرفة ما ينبغي حيال مثل هذه الأمور التي قد يتهاون البعض بها، مع أن آثارها قد تكون وخيمة.
أسأل الله - تعالى - أن يكون هذا الجواب صواباً، وأن يحقق الغرض منه، وأن يجمع كلمة المسلمين جميعاً في كل مكان على الحق، وأن يرزقنا الفقه في دينه والبصيرة فيه، أقول ما قلت إن صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمني، وأستغفر الله وأتوب إليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.(6/210)
إذا صادف يوم العيد جمعة
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 29/09/1424هـ
السؤال
هل يشترط لصلاة العيد عددٌ معين كصلاة الجمعة -مثلا-، وما الحكم لو صادف العيد يوم الجمعة؟ بالنسبة لصلاة الجمعة فقد سمعت أن صلاة الجمعة لا تجب على المؤموين بعكس الإمام، فكيف تجب على الإمام لوحده؟ وكيف يقيمها بمفرده؟
الجواب
صلاة العيد وصلاة الجمعة من الشعائر العظيمة للمسلمين، وكلتاهما واجبة الجمعة فرض عين، والعيد فرض كفاية عند الأكثر، وفرض عين عند بعضهم، واختلف العلماء في العدد المشترط لهما، وأصح الأقوال أن أقل عدد تقام به الجمعة والعيد ثلاثة فأكثر، أما اشتراط الأربعين فليس له دليل صحيح يعتمد عليه. ومن شرطهما الاستيطان، أما أهل البادية والمسافرون فليس عليهم جمعة ولا صلاة عيد، ولهذا لما حج الرسول -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع صادف الجمعة يوم عرفة ولم يصلِ جمعة ولم يصلِ عيد يوم النحر؛ فدل ذلك على أن المسافرين ليس عليهم عيد ولا جمعة، وهكذا سكان البادية، وإذا وافق العيد يوم الجمعة جاز لمن حضر العيد أن يصلي جمعة وأن يصلي ظهراً؛ لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في هذا، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه رخص في الجمعة لمن حضر العيد وقال:" اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شهد العيد فلا جمعة عليه". ولكن لا يدع صلاة الظهر، والأفضل أن يصلي مع الناس جمعة، فإن لم يصلِ الجمعة صلى ظهراً. أما الإمام فيصلِ لمن حضر الجمعة إذا كانوا ثلاثةً فأكثر منهم الإمام، فإن لمن يحضر معه إلا واحد صليا ظهراً.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء الثالث عشر ص (12) ](6/211)
قضاء الفائت في صلاة العيد
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 22/11/1424هـ
السؤال
ذهبت لصلاة العيد متأخراً والإمام في الجلوس للتشهد، فهل أقضي ما فاتني؟ وإن قضيت فهل أكبِّر سبعاً ثم خمساً أم ماذا؟
الجواب
إذا أدرك الإنسان التشهد في صلاة العيد فإنه يقضيها على صفتها، أي يكبر في الأولى ست زوائد وفي الثانية خمس زوائد.(6/212)
خروج المرأة لصلاة العيد
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 25/9/1423هـ
السؤال
هل يجوز للمرأة الخروج لصلاة عيد الفطر؟
الجواب
نعم، يشرع الخروج للعيدين ويتأكد للنساء، ففي الصحيحين عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها، حتى نخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته.
وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج الأبكار والعواتق وذات الخدور والحيض في العيدين، فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قالت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال "لتلبسها أختها من جلبابها".
لكن تتجنب الطيب والزينة الفاتنة، وتخرج تفلة بعيدة عن الاختلاط بالرجال.
[فتاوى الصيام (948) ] .(6/213)
صلاة العيد في البيت
المجيب د. سعود بن محمد البشر
عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 6/9/1424هـ
السؤال
هل يجوز صلاة العيد في البيت؟ وما حكم ذلك؟
الجواب
لا تصلى صلاة العيد في البيت؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بإخراج النساء والعواتق وربات الخدور لصلاة العيد، انظر: البخاري (324) ، ومسلم (890) ، ولم يقل وبيوتهن خير لهن كما قال بالنسبة للصلوات الخمس فإنه صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن" أحمد (5468) ، وأبو داود (567) ، فصلاة المرأة في بيتها وهو خير لها من صلاتها في المسجد إلا العيد فلا تصلي في بيتها بل تخرج إلى المصلى إذا كانت تستطيع أو لا تصلي علماً أن صلاة العيد فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين.(6/214)
صيغ التكبير في العيد
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 27/12/1425هـ
السؤال
هناك صيغ متعددة لتكبيرات العيد المقيدة، أرجو توضيحا، وأيهما أصحها؟ وهل صحيح أن ابن عباس-رضي الله عنهما- كان يكبِّر في السوق والناس تكبِّر على تكبيره؟ وجزاكم الله خيراً. وهل هناك مراجع يمكن الرجوع إليها في هذا الشأن؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ذكر الشاشي في حلية العلماء اختلاف الفقهاء، فقال: ج: 2 (ص: 263) ، (والسنة عند الشافعية أن يكبِّر ثلاثاً نسقاً) ، وقال مالك: (إن شاء كبَّر ثلاثاً، وإن شاء كبَّر مرتين) ، وقال أبو حنيفة وأحمد: (يكبِّر مرتين) ، وفي المهذب للشيرازي الشافعي (ج: 1ص: 121) : (التكبير سنة في العيدين؛ لما روى نافع عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج في العيدين مع الفضل بن العباس، وعبد الله بن العباس وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، وأسامة بن زيد، وزيد بن حارثة، وأيمن بن أم أيمن - رضي الله عنهم- رافعاً صوته بالتهليل والتكبير، فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى) ا. هـ، وقال ابن تيمية في فتاواه ج: 24ص: 220: (أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة - رضي الله عنهم- والأئمة: أن يكبِّر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة، ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة.(6/215)
وصفة التكبير: المنقول عند أكثر الصحابة - رضي الله عنهم- قد روي مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، وإن قال: الله أكبر ثلاثاً جاز، ومن الفقهاء من يكبِّر ثلاثاً فقط، ومنهم من يكبِّر ثلاثاً ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) ا. هـ. قلت: وإن زاد بعد الثلاث: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، والله أكبر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال ذلك على الصفا) ا. هـ انظر المهذب (1/121) . وفي سنن البيهقي الكبرى (3/312) أن عمر وابنه - رضي الله عنهما- كانا يكبران في السوق، وليس ابن عباس - رضي الله عنهما-، وعن عمر - رضي الله عنه- أنه كان يكبِّر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبِّرون، فيسمعه أهل السوق فيكبِّرون حتى ترتج منى تكبيرا واحداً، ويذكر عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه كان يكبِّر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً. ا. هـ. والحمد لله رب العالمين، والله أعلم.(6/216)
القول: بأنّ خطبة العيد واحدة
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 1/9/1424هـ
السؤال
هل قال أحد من العلماء المتقدمين: إن خطبة العيد واحدة. مع ذكر المرجع؟
الجواب
لا أعلم أحداً قال بذلك من الأئمة، بل الذي رأيته هو إطباق أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم على أنها كخطبتي الجمعة من جهة العدد، وبينهما فروق تطلب في مظانها، ويمكنك أن تراجع (المغني 3/276) .(6/217)
التكبير قبل العيد
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة العيدين
التاريخ 02/05/1425هـ
السؤال
أحد الإخوة يقول: إن صيغة التكبير قبل العيد هي الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، (ثلاث مرات) ثم الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وأن أي شيء بعد ذلك ليس من السنة. هل قوله صحيح؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(6/218)
أما السؤال عن صيغة التكبير: فالأمر في صيغتها واسع، لا كما حجّر الأخ المذكور ـ هداه الله ـ فلو قال الصيغة المذكورة في السؤال، أو الله أكبر ـ مرتين ـ ثم الله أكبر ـ مرتين ـ ولله الحمد فهذا صحيح؛ فإن كلا الصيغتين رويتا عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال ابن حجر: في فتح الباري (2/462) : (وأما صيغة التكبير، فأصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان -رضي الله عنه- قال: "كبروا الله: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً) ، ونقل عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، أخرجه جعفر الفريابي في كتاب "العيدين" من طريق يزيد بن أبي زياد عنهم، وهو قول الشافعي، وزاد: ولله الحمد، وقيل: يكبر ثلاثاً، ويزيد لا إله إلا الله وحده لا شريك له الخ، وقيل: يكبر ثنتين بعدهما: لا إله الا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، جاء ذلك عن عمر رضي الله عنه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه نحوه، وبه قال أحمد وإسحاق، أما إنكاره وحجره التكبير بصيغة واحدة، فغير صحيح لما تقدم؛ ولأن هذه الصيغ لم يثبت فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما العمدة فيها على ما ورد من آثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-، ومن ادعى أن في ذلك شيئاً ثابتاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعليه الدليل، نعم قد ورد في هذا الباب شيء مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكنه ضعيف لا يثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- ولو رجع صاحبك إلى المصنف لابن أبي شيبة (1/488-490) ،وسنن البيهقي (3/315 -316) لرأى عظيم السعة في هذا الباب، وأن ما ورد عن السلف في هذا الباب واسع جداً، والله -تعالى- أعلم.(6/219)
كيفية قضاء صلاة الكسوف
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/صلاة الكسوف
التاريخ 23/04/1427هـ
السؤال
لما كسفت الشمس لحقت الإمام بعد الركوع الثالث من الصلاة وأكملت الركعة الثانية كصفة صلاة الفريضة، جهلاً مني بصفة صلاة الكسوف ولم أعلم صفتها إلا بعد انتهائي من الصلاة، أفتوني مشكورين؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمما هو معلوم أهمية صلاة الكسوف وأنهما (الكسوف للشمس، والخسوف للقمر) من الآيات التي يخوف الله بها عباده، وأنه يشرع للإنسان إذا حصل كسوف أن يبادر إلى الصلاة مع الجماعة، وإذا لم يتيسر له ذلك يصليها منفرداً، والنبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس خرج يجر رداءه مسرعاً، وأمر مناديه أن ينادي بـ (الصلاة جامعة) وصلى بالناس ركعتين، كل ركعة فيها ركوعان، وسجدتان. صحيح البخاري (1040) وصحيح مسلم (911) .
والركوع الأول في الركعة الأولى، والركوع الأول في الركعة الثانية، هو الركن وأما الركوع الثاني في الركعة الأولى والركوع الثاني في الركعة الثانية الذي هو الرابع فهما من سنن الصلاة.
وعلى هذا فهذا السائل يبدو أنه فاته الركوع الأول في الركعتين، وهو حينئذ أدرك الركوع الرابع والذي هو الركوع الثاني في الركعة الثانية وهو سنة، وتعتبر الصلاة قد فاتته كمن أدرك الإمام في صلاة الفريضة مثلاً بعد رفع الإمام من الركوع في آخر ركعة، وحينئذ فكونه أتى بركعة واحدة بعد سلام الإمام لا يعني أنه أتى بصلاة الكسوف، وإنما تحسب له سنة، وإذا أداها وقد فات وقتها فإنها لا تقضى، ولكن كان الواجب عليه في مثل هذه الحالة بعد سلام الإمام أن يأتي بركعتين.
هذا إذا كان لا يريد أن يعيد هيئة الصلاة كما هي، وإلا كان الأولى له أن يأتي بعد سلام الإمام بركعتين كل ركعة فيها ركوعان، يعني أربع ركوعات، وأربع سجدات، هذا هو العمل السليم في قضاء هذه الصلاة، وبالله التوفيق.(6/220)
يصلي خمس ركعات بين التراويح والقيام
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 23/11/1425هـ
السؤال
إمام مسجدنا يصلي في العشر الأواخر من رمضان ركعتين في التراويح وثلاث في صلاة القيام؛ استناداً لحديث عائشة -رضي الله عنها-. ما رأيكم في هذا العمل؟.
الجواب
الحمد لله.
حديث عائشة - رضي الله عنها- تقول فيه ما جاء في صحيح البخاري (1147) ، ومسلم (738) : "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، فقالت عائشة - رضي الله عنها-: (فقلت: يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟) ، فقال: "يا عائشة: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي"، هذا هو حديث عائشة - رضي الله عنها- كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يصلي ثماني ركعات بتؤده، وخشوع، وقد أمره الله -تعالى- أن يقوم نصف الليل، فهو يقومه بثماني ركعات، حتى تورمت قدماه، فإذا كان الإمام يصلي ركعتين يطيل فيهما القراءة والركوع والسجود، كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم-، فهذا شيء طيب، والتراويح قيام ليل فليس فيها شيء محدّد، فما عمله الإنسان فهو فيه مأجور، وكلما كان العمل أكثر، كان أكثر أجراً، والناس الآن يصلون ثماني ركعات بساعة أو نصف ساعة، هم مأجورون قدر الساعة أو قدر نصف الساعة، لكن ليست هذه صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما الثلاث التي كان يصليها النبي -صلى الله عليه وسلم- فهي بعد الثمان. والله أعلم.(6/221)
قيام ليلةٍ في جماعة مرةً واحدة
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 19/10/1424هـ
السؤال
عملت دعوة لقيام ليل جماعي، ليلة واحدة فقط لا غيرها، وهي ليلة إجازة مناسبة، فأخبرني أحد الإخوة أن هذا يعتبر تخصيصا فيدخل في دائرة البدعة، فرددت عليه أن هذا لا يعتبر تخصيصا لأنني لم أقم بعمله في ليلة معينة أسبوعيا، بل هي مرة واحدة فقط، قد تحدث مرة في كل أسبوع، أو مرة كل شهر، من غير تحديد يوم من أيام الأسبوع بذاته، فهل كلامي صحيح؟
الجواب
الحمد لله، وبعد..
فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه البخاري (2697) ومسلم (1718) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها- وفي رواية لمسلم:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وإذا نظرنا إلى صلاة النافلة جماعة كقيام الليل فإن ذلك في غير رمضان لم يكن معتاداً من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا من الصحابة - رضي الله عنهم- ولكن فعله أحياناً كما لو صلى رفقة سفر جماعة ليلةً من الليالي أو صلى الرجل مع زوجته أحياناً ونحو ذلك فهذا لا بأس به، وله أصل في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل، ثم جاء ابن عباس - رضي الله عنهما - فصلى معه، متفق عليه البخاري (183) ومسلم (763) ، وكما في مسلم (3014) في قصة جابر وجبار - رضي الله عنهما- حيث صليا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- والظاهر أن صلاته كانت نافلة، وأما تخصيص يوم أو ليلة لهذا العمل سواء كان محدداً أو كان ليلة في كل أسبوع من غير تحديد، أوكل شهر، فهذا فيما يظهر لي قد يدخل في الابتداع، ولا سيما باقترانه بدعوة الآخرين إلى البيت مثلاً لصلاة جماعية.(6/222)
أحكام صلاة الليل
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 17/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هناك يا فضيلة الشيخ أسئلة كثيرة تتعلق بالفقه الإسلامي لم أجد إلى الآن لها جواباً شافياً، فبالرغم من اطلاعي على بعض كتب الفقه، وحضور بعض الدروس والدورات العلمية إلا أنني ما زلت أشكو من قصور فهمي تجاهها، وحيرتي حولها.
وهذه المسائل -يا شيخنا- كثيرة، لكن أذكر منها في هذا السؤال شيئاًَ واحداً، ثم إذا يسر الله أتبعه بغيره، وسؤالي أو إشكالي هو: حول صلاة الليل أو الوتر أو التهجد أو التراويح أيضاً، فوالله يا شيخ إلى الآن لا أعرف كيف أفرق بين هذه الصلوات، وهل هي عبادة واحدة تحت مسميات مختلفة؟ أم أنها عبادات مستقلة؟ فأنا عندما أريد أن أوتر في كل ليلة، أسأل نفسي هل صلاتي هذه هي التي عناها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"صلاة الليل مثنى مثنى"؟ أم أنها هي الصلاة التي وصفتها عائشة -رضي الله عنها- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقولها:"ماكان يزيد رسول الله على 11 ركعة ... "؟ وهل التراويح هي نفسها الوتر؟ وهل التهجد هو الوتر أيضاً؟ وأين موقع الوتر في هاتين الصلاتين كيفية وزمنا؟ وهل صلاة التراويح لها وقت ابتداء وانتهاء؟ أم أنها بمجرد دخول الليل؟ ثم إنني -يا شيخ- أعلم أن الوتر قد يكون بركعة واحدة، فهل في هذا دليل ثابت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ أفتوني في أمري مأجورين، وجزاكم الله خيراً.
الجواب(6/223)
كل ما ذكرت داخل في جنس صلاة الليل، لكن بعض الفقهاء يفرق بين التهجد والتراويح وإحياء الليل، فيقول التهجد هو صلاة الليل بعد النوم في أي ليلة، والتراويح هي صلاة الليل في رمضان خاصة، وأما إحياء الليل فهو القيام فيه بالصلاة وغيرها من الذكر وقراءة القرآن، أما صلاة الوتر فهي صلاة تختم بها صلاة الليل، وقد قيل إنها جزء من صلاة الليل أو التهجد، وقيل بل الوتر غير التهجد، والظاهر أن الوتر صلاة مستقلة، لذلك يذكر الفقهاء سنية كونه في آخر النوافل التي تصلى بالليل لحديث:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" البخاري (998) ، ومسلم (751) ، وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات، ويجوز الإيتار بركعة واحدة، لحديث:"صلاة الليل مثنى مثنى فإن خفتم الصبح فأوتروا بواحدة" البخاري (472) ، ومسلم (749) ، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم.(6/224)
ختم القرآن في رمضان
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة
التاريخ 2/9/1422هـ
السؤال
هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جبرائيل -عليه السلام- للنبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان أفضلية ختم القرآن؟
الجواب
نعم يستفاد منها المدارسة، وأنه يستحب للمؤمن أن يدارس القرآن من يفيده وينفعه؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- دارس جبرائيل للاستفادة؛ لأن جبرائيل هو الذي يأتي من عند الله -جل وعلا- وهو السفير بين الله والرسل، فجبرائيل لا بد أن يفيد النبي -صلى الله عليه وسلم- أشياء من جهة الله -عز وجل-، من جهة إقامة حروف القرآن، ومن جهة معانيه التي أرادها الله، فإذا دارس الإنسان من يعينه على فهم القرآن، ومن يعينه على إقامة ألفاظه، فهذا مطلوب كما دارس النبي -صلى الله عليه وسلم- جبرائيل، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولكن جبرائيل هو الرسول الذي أتى من عند الله فيبلغ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما أمره الله به من جهة القرآن، ومن جهة ألفاظه، ومن جهة معانيه، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية، لا أن جبرائيل أفضل منه -عليه الصلاة والسلام-، بل هو أفضل البشر وأفضل من الملائكة -عليه الصلاة والسلام-، لكن المدارسة فيها خير كثير للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللأمة؛ لأنها مدارسة لما يأتي به من عند الله، وليستفيد مما يأتي به من عند الله -عز وجل-.
وفيه فائدة أخرى، وهي: أن المدارسة في الليل أفضل من النهار؛ لأن هذه المدارسة كانت في الليل، ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضوره والاستفادة أكثر من المدارسة نهاراً.(6/225)
وفيه أيضاً من الفوائد: شرعية المدارسة، وأنها عمل صالح حتى ولو في غير رمضان؛ لأن فيه فائدة لكل منهما، ولو كانوا أكثر من اثنين فلا بأس أن يستفيد كل منهم من أخيه، ويشجعه على القراءة، وينشطه فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط له، مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل عليهم، كل ذلك فيه خير كثير.
ويمكن أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من الإمام على الجماعة في رمضان نوع من هذه المدارسة؛ لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن، ولهذا كان الإمام أحمد -رحمه الله -يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن، وهذا من جنس عمل السلف في محبة سماع القرآن كله، ولكن ليس هذا موجباً لأن يعجل ولا يتأنى في قراءته، ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة، بل تحري هذه الأمور أولى من مراعاة الختمة.
مجموع فتاوى الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، الجزء الخامس عشر، ص (324) فتوى رقم (114) .(6/226)
صفة صلاة الليل
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 15/3/1423
السؤال
ما صفة صلاة الليل على وجه الإجمال؟ وما أقلها؟ وهل الصلاة بثلاث ركعات بتسليمتين مجزئة لمن يصليها؟ ومتى يبدأ الثلث الأخير من الليل ومتى ينتهي؟ (أتمنى معرفة توقيته بالساعة في المنطقة الوسطى) . وجزاكم الله خيراً.
الجواب
صلاة الليل هي ما يصلى ما بين العشاء والفجر، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:" صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة" البخاري (472) ومسلم (749) أي أن الإنسان يصلي ما تيسَّر له ركعتين ركعتين يعني يصلي ركعتين ثم يسلِّم ثم يقوم ويصلي ركعتين ويسلِّم وهكذا.
إن شاء أن يطيل القراءة ويقلِّل الركعات، وإن شاء أن يقصّر القراءة ويكثر من الركعات فهذا راجع إليه حسب نشاطه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يزيد على إحدى عشرة ركعة، ولكنه -أحياناً- يقرأ في الركعة الواحدة بالبقرة وآل عمران والنساء.
فالإنسان إذا انتهى أو أوشك على الانتهاء يختمها بركعة واحدة توتر له ما صلى في ليلته.
وصلاة الليل أقلها ركعة واحدة، ولو أن إنساناً أوتر بركعة واحدة فإن هذا صحيح، وقد روي عن عدد من الصحابة منهم: أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-، وعائشة -رضي الله عنها- وغيرهم.
وإن أوتر بثلاث ركعات بتسليمتين فإن هذا هو أدنى الكمال، والأفضل للإنسان أن يزيد عن ذلك بحيث يصلي إحدى عشرة ركعة، أو تسعاً، أو سبعاً، أو خمساً بحسب نشاطه وقدرته.(6/227)
أمَّا سؤاله عن الثلث الأخير من الليل متى يبدأ ومتى ينتهي فإن هذا يختلف من وقت لآخر، فليل الصيف غير ليل الشتاء، وأنت تقسم ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر إلى ثلاثة أقسام، والثلث الأخير منها في ليلتك التي تريد أن تصلي فيها تعرف قدره هل هو ثلاث ساعات أو ثلاث ساعات ونصف أو أربع ساعات؟ بحسب اختلاف طول الليل وقصره.(6/228)
هل التفكر من قيام الليل؟
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 12/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما هي حقيقة قيام الليل؟ وهل صحيح القول بأن المسلم مادام مستيقظا ولو على فراشه فهو في قيام إذا كان يتفكر في مخلوقات الله؟
الجواب
حقيقة قيام الليل أن تقوم لله مؤدياً لصلاة الليل؛ وهي إحدى عشرة ركعة أو ما تستطيع منها.
أما التفكر في مخلوقات الله، والتسبيح، أو قراءة القرآن فلا شك أنه عبادة يؤجر عليها المسلم، لكنها لا تسمى قياماً، ولذلك يقول الله تعالى في صفات المؤمنين: "كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون" [الذاريات: 17-18] ولو كان الاستغفار قياماً لم يخصه بالذكر، وقال أيضاً: "والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً" [الفرقان: 64] ، وقال أيضاً: "أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ... " [الزمر: 9] ، والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه.(6/229)
وقت قيام الليل
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 24/10/1423هـ
السؤال
في أي وقت يفضل قيام الليل؟ وكيف لي أن أقسمه باعتبار أن أذان العشاء في حوالي الساعة 7:13 وأذان الفجر حوالي الساعة 4:30 تقريباً؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
نقسم الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر على ثلاثة والقسم الأخير من هذا هو ثلث الليل الآخر، لأنه يختلف من وقت إلى وقت، وإنما هو من قسمة مجموع الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر على ثلاثة، والثلث الأخير هو ثلث الليل الآخر.(6/230)
آخر وقت قيام الليل
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 7/9/1424هـ
السؤال
قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء، سؤالي: متى ينتهي؟ لأني أصحو فجأة على الأذان، فهل لي أن أوتر بركعة؟ أي أن صلاة الليل تنتهي عند الإقامة لصلاة الفجر.
جزاكم الله كل خير أرجو الإجابة الوافية الشافية.
الجواب
نقول: ينتهي بطلوع الفجر، فإذا طلع الفجر؛ يعني دخل وقت صلاة الفجر بحيث إن المؤذن يؤذن، فإنه ينتهي وقت صلاة الليل، وحينئذ يقضيها الإنسان بعد طلوع الشمس وارتفاعها، أي عند انتهاء وقت النهي، يقضيها ضحى، ويصليها شفعاً لا وتراً، إذا كان عادته أن يصلي في الليل ثلاثاً فليصلها في الضحى أربعاً، وإذا كان عادته أن يصليها في الليل إحدى عشرة ركعة، فليصلها في الضحى اثنتي عشرة ركعة.(6/231)
عدد ركعات التهجد
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 12/8/1424هـ
السؤال
نحن مجموعة من الشباب تابعين لحلقة تحفيظ القرآن الكريم، نصلي صلاة التراويح مع الإمام ثمان ركعات، ثم نؤخر الوتر إلى الثلث الأخير من الليل، حيث نقوم بصلاة التهجد ثمان ركعات، وفي بعض الأحيان نزيد في الركعات من باب الاستزادة من الطاعات في هذا الشهر الفضيل، مع اعتقادنا أن السنة هي صلاة ثمان ركعات فهل علينا من حرج شرعي في فعلنا؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الأولى أن تقوموا مع الإمام الذي صليتم معه في أول الليل حتى ينصرف؛ ليكتب لكم قيام ليلة، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" أحمد (21419) ، الترمذي (806) ، النسائي (1364) ، أبو داود (1375) ، ابن ماجة (1327) ، وإذا انصرفتم قبل الشفع والوتر لم يحصل لكم هذا الفضل العظيم.
وإذا أردتم القيام للصلاة في آخر الليل فلا إشكال في ذلك، ولكن من دون وتر؛ لأنكم أوترتم مع الإمام في أول الليل، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا وتران في ليلة" صحيح الجامع للألباني (7567) ، وإذا أردتم أن يكون وتركم في آخر الليل؛ لأنه أرجى للإجابة، فصلوا الوتر مع الإمام في أول الليل ثم إذا سلم اشفعوا الوتر فأتوا بركعة؛ لئلا يجتمع وتران في ليلة، أما مسألة عدد الركعات فالسنة الاقتصار على إحدى عشرة ركعة لمن أطال القيام، والركوع والسجود، أما من لم يطل ذلك فلا حرج في زيادة الركعات ما شاء، والأمر في ذلك واسع والحمد لله، والله أعلم.(6/232)
أتهجد في بيتي أم في المسجد
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 1/9/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيهما أفضل للشخص في صلاة التهجد الصلاة في المسجد أم في منزله؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالأفضل أن تصليها مع المسلمين في المسجد لأمرين:
أولاً: إحياءً لسنة التراويح.
ثانياً: تحصيلاً لفضيلة الجماعة، ولأن من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.
ولكن إن كان الإمام يُسرع في صلاته بحيث لا يتأتى للمأموم الخشوع والطمأنينة، فلْيُصليها مع إمام آخر، فإن لم يجد صلاها في بيته.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/233)
قيام الإمام للثالثة في التراويح سهواً
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 1/9/1424هـ
السؤال
في صلاة القيام في شهر رمضان الكريم سها الإمام وقام إلى الركعة الثالثة مع تذكير من خلفه له. ولكنه سلم ثم قام وصلى ركعة واحدة فقط وسجد سجدتي السهو. ثم حدث في مسجد آخر نفس المشكلة ولكن الإمام في هذه الحالة لم يذكره أحد فقام وصلى ركعتين ثم سجد سجدتي السهو ما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا كبر الإمام ناوياً الصلاة ركعتين للتراويح مثلاً فإنه إذا زاد ركعة ثالثة ناسياً عليه أن يرجع إلى التشهد إذا تذكر أثناء الثالثة أنه زادها وإن لم يتذكر حتى جلس فإنه يتشهد ويسجد للسهو بعد السلام باعتبار أنه زاد ركعة هذا هو الصحيح ويدل على صحته عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" أخرجه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر - رضي الله عنه -.(6/234)
قراءة الإخلاص بين ركعات التراويح
المجيب محمد بن سعود الخميس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 6/11/1424هـ
السؤال
ما حكم قراءة سورة الإخلاص عقب كل ركعتين من صلاة التراويح؟.
الجواب
هذا العمل لا أصل له، بل هو من البدع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله، ولم يأمر به أصحابه - رضي الله عنهم-، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. والله أعلم.(6/235)
الخشوع في قيام الليل
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 29/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يشترط في قيام الليل، أو هل من علامة قبوله أن يخشع الإنسان ويتفكر لدرجة البكاء؟ لأنني أحياناً كثيرة لا تدمع عيني.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يشترط في قيام الليل ما ذكرت، وليس علامة على القبول من عدمه، وإنما على المصلي مطلقاً -فرضاً أو نفلاً في الليل أو النهار- أن يخشع ويتدبر ما يقرأ، ويتفكر في الآيات، ويحضر قلبه ما استطاع؛ فذلك من تمام الصلاة. والله أعلم.(6/236)
تغيير عدد ركعات التراويح
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 10/09/1425هـ
السؤال
الحمد لله.
ما قول أهل العلم الأجلاء في وجود مساجد في أرضنا كانت تصلي التراويح عشرين ركعة، وتم تعيين أئمة جدد فأصروا على الصلاة ثماني ركعات فقط، بينما المصلين يطالبون ببقاء العشرين مما أدى إلى اختلاف. فما الحكم الشرعي؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما ينبغي لهم أن يختلفوا في هذا، فالأمر فيه سعة، ولله الحمد، فإن صلوا عشرين ركعة وأوتروا بثلاث فحسن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدَكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدةً تُوتِرُ لَه مَا قَدْ صَلَّى". متفق عليه: البخاري (991) ومسلم (749) . ولأن عمر، رضي الله عنه، والصحابة، رضي الله عنهم، صلوها بعض الأحيان عشرين ركعة سوى الوتر، وهم أعلم الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن اقتصروا على ثماني ركعات وأوتروا بثلاث وحسنوهن وطولوهن ليكون المجموع إحدى عشرة ركعة، فقد قالت عائشة، رضي الله عنها: (مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا) . فَقَالَتْ عَائِشَةُ: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟) . فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي". متفق عليه: البخاري (1147) ومسلم (738) .(6/237)
هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح
التاريخ 16/09/1426هـ
السؤال
أرجو منكم أن تذكروا لي هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل بشيء من الإسهاب. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
فكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- إطالة الصلاة بالليل، وتطويل القراءة، وكان يداوم على قيام الليل في رمضان وغيره، وقد جاء في أحاديث كثيرة وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل، منها ما يأتي:
عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي رَمَضَانَ؟، قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا.... أخرجه البخاري (1147) ، ومسلم (738) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَن تَطَوُّعِهِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْن. أخرجه مسلم (730) .(6/238)
وعنها -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ. أخرجه البخاري (1119) ، ومسلم (731) .
وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ "، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ "، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى "، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. أخرجه مسلم (772) .
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ، قَالَ: قِيلَ وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ أخرجه مسلم (773) .(6/239)
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ -رضي الله عنها- فَبَقَيْتُ كَيْفَ يُصَلِّي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَقَامَ فَبَالَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الْقِرْبَةِ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ صَبَّ فِي الْجَفْنَةِ أَوْ الْقَصْعَةِ فَأَكَبَّهُ بِيَدِهِ عَلَيْهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا حَسَنًا بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَتَكَامَلَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكُنَّا نَعْرِفُهُ إِذَا نَامَ بِنَفْخِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى، فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ -أَوْ فِي سُجُودِهِ-: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا، أَوْ قَالَ: وَاجْعَلْنِي نُورًا". أخرجه البخاري (117) ، ومسلم (763) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَهَجَّدَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ وَبِكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. أخرجه البخاري (7442) ، ومسلم (769) .(6/240)
وعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". أخرجه مسلم (486) .
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: "وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك". وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي"، وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ"، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"، ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ" أخرجه مسلم (771) .(6/241)
هذه بعض الأحاديث التي وصفت قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل، وما كان يقوله في ركوعه وسجوده، وقد صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان وصلى بصلاته أناسٌ من أصحابه، ثم ترك الصلاة بهم خشية أن تفرض عليهم، فعن أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَقَالَ" "إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ". ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنْ الشَّهْرِ وَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ، وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلَاحَ قُلْتُ لَهُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ. أخرجه الترمذي (806) ، وقال: حديث حسن صحيح.
وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: "قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ". وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ". أخرجه البخاري (1129) ، ومسلم (761) . هذا، والله أعلم.(6/242)
صلاة الوتر بعد طلوع الشمس
المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان
رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 29/4/1422
السؤال
سائل يسأل عن صلاة الوتر بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح في وقت صلاة الضحى؟
الجواب
لا يصليها ركعة أو ثلاث وتراً، بل ركعتين أو أربع مثنى مثنى. والله أعلم(6/243)
تخصيص أهل السنة في العراق بالدعاء
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 1/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يدعو بعض أئمة المساجد بقولهم اللهم احفظ إخواننا المسلمين من أهل السنة في العراق، ويعترض البعض بقوله لا داعي للتحديد فالخطب أجل وأعظم، والدعاء ينبغي أن يكون عاماً بلا تحديد، أرجو بيان الأولى والأفضل في الدعاء لهم، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يستريب مسلم، بل كل منصف أن الحرب القائمة في العراق اليوم حرب ظالمة بكل الأعراف والمقاييس الشرعية والشعبية والدولية التي تحتكم لها دول العالم اليوم، إذ هي -كما لا يخفى على السائل- حرب تجاوزت كل القوانين والأنظمة التي وضعتها الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا.
والذي يهمنا نحن وجهة النظر الشرعية التي تنطلق من نصوص الكتاب والسنة، والتي تحرم الظلم بجميع صوره وألوانه.
ويكفي الظلم مقتاً وقبحاً أن الرب عز وجل حرمه على نفسه قليله وكثيره، كما في الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه (2577) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا".
ولما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذاً إلى اليمن - كما في الصحيحين البخاري (1458) ومسلم (19) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال له:"وإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم"، وذلك خشية أن يحمله العزم على تنفيذ الوصية النبوية على مثل هذا الفعل، الذي أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أنه ظلم.(6/244)
ولما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة -من العدو- مقتولة في بعض المغازي -كما في صحيح ابن حبان (4791) - قال:"ما كانت هذه لتقاتل"، فإذا كانت هذه ينهى عن قتلها وهي من العدو الكافر؛ لكونها ليست من أهل القتال، فما ظنك بمن كانت حاله كحال إخواننا في العراق ممن يشملهم اسم الإسلام؟!
وفي صحيح ابن حبان (4373) من حديث عبد الرحمن بن عوف أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"شهدت مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه"، وهو حلف تعاقدوا على ألا يعين ظالم مظلوماً بمكة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرح البخاري (4/553) ح (2292) أنه وقع في بعض طرقه المرسلة:"ولو دعيت به اليوم لأجبت".
فأنت ترى أن هذا كله يؤكد عظم منزلة المظلوم في الجاهلية، فضلاً عن الإسلام الذي حرم ظلم البهائم، بل هذا محرم في شرع من قبلنا -ولو كانت على الحيوانات- ففي الصحيحين البخاري (2365) ومسلم (2242) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".
وأنت ترى -يا محب- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر من أسباب دخولها النار إلا هذا السبب، وهو ظلمها لتلك الهرة، فما ظنك بمن يطال ظلمه وعدوانه وبغيه بغير حق بني آدم الذين كرم الله حقهم، فضلاً عن المسلمين الذين ابتلوا بنظام بعثي ظالم، وعدو باغٍ غاشم؟!.
إذا تقرر هذا، فإني لا أرى أن يخصص أهل السنة بالذات بالدعاء، بل يدعى لعموم المسلمين فلهم علينا حق النصرة -مهما حصل منهم من تقصير أو بعد عن السنة- فإنهم ما داموا مسلمين فعقد النصرة بيننا وبينهم باقٍ، ولئن عجزنا عن نصرتهم بأنفسنا، أو بأموالنا فهل نبخل عليهم بدعائنا؟!.(6/245)
القنوت في الفجر
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 15/6/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ.. نحن في مسجد إمامه زيدي، ويقنت في صلاة الفجر كل يوم بآيات من القرآن، فهل يشرع التأمين لأنه دعاء؟ أم لا يؤمن؟ وهل ترفع الأيدي أم لا؟ وعندهم القنوت من غير القرآن مبطل للصلاة فلا يقنت في النوازل، فهل إذا أتينا جماعة ثانية نقنت؟ أم أن القنوت خاص بالجماعة الأولى؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
اختلف أهل العلم في حكم القنوت في صلاة الفجر بصفةٍ دائمة، وذهب كثير من أهل العلم إلى عدم مشروعية ذلك، وهو الحق؛ لعدم الدليل على ذلك، وإنما دل الدليل على مشروعية القنوت في النوازل التي تنزل بالمسلمين؛ لما ثبت في صحيح مسلم (677) من حديث أنس -رضي الله عنه-:"أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قنت شهراً يدعو على أحياء من أحياء من العرب ثم تركه " وهو عند البخاري (4089) دون قوله: "ثم تركه". ولما رواه الترمذي (402) وابن ماجة (1241) عن أبي مالك الأشجعي أنه قال لأبيه: "إنك قد صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي هاهنا بالكوفة نحواً من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: أي بني محدث"، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.
ومما يدل على أن القنوت في غير الوتر مختصٌ بالنوازل التي تنزل بالمسلمين ما رواه سعيد بن منصور كما في المغني (2/586) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -كان لا يقنت في صلاة الفجر إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم". وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (619-620) من حديث أبي هريرة وأنس -رضي الله عنهما-، ولم يذكر فيه "صلاة الفجر".(6/246)
ولكن الإنسان إذا صلى خلف إمام يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر بصفة دائمة، فإنه يتابعه في الصلاة والقنوت، ويؤمِّن على دعائه، وإن كان المصلي لا يرى مشروعية هذا الأمر؛ لأن مصلحة اجتماع الناس والتفاف بعضهم ببعض خير من التفرق من أجل أمرٍ مختلف فيه، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى قريبٍ من هذا المعنى، حيث قال: (ولهذا ينبغي للمأموم أن يتبع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد، فإذا قنت قنت معه، وإن ترك القنوت لم يقنت، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم - قال:"إنما جُعل الإمام ليؤتم به" رواه البخاري (378) ، ومسلم (411) من حديث أنس – رضي الله عنه -، وقال: " لا تختلفوا على أئمتكم" انظر ما رواه البخاري (722) ، ومسلم (414) من حديث أنس – رضي الله عنه -، وثبت عنه في الصحيح أنه قال:" يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم " رواه البخاري (694) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - …فإذا قنت لم يكن للمأموم أن يسابقه، فلا بد من متابعته، ولهذا كان عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قد أنكر على عثمان –رضي الله عنه- التربيع بمنى، ثم إنه صلى خلفه أربعاً، فقيل له في ذلك، فقال: الخلاف شر. وكذلك أنس بن مالك – رضي الله عنه- لما سأله رجل عن وقت الرمي، فأخبره، ثم قال: افعل كما يفعل إمامك، والله أعلم) ا. هـ
ولهذا فإن المشروع في حقكم متابعة الإمام في القنوت، وفي التأمين، ورفع الأيدي أثناء الدعاء. هذا الأمر فيما إذا صليتم مع هذا الإمام الذي يقنت في الفجر بصفةٍ دائمةٍ، أما إذا صليتم لوحدكم فلا تقنتوا؛ لأنكم ترون عدم مشروعية هذا القنوت، إلا إذا نزلت بالمسلمين نازلة فيكون القنوت حينئذٍ مشروعاً كما سبق بيانه.(6/247)
أما قولك: إنهم لا يقنتون إلا من القرآن، فهذا لا أساس له؛ لأن العلماء الذين يرون مشروعية القنوت في صلاة الفجر بصفة دائمة لم يقيدوا الدعاء فيه بالقرآن، والثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه دعا بغير القرآن، وكذلك ما ثبت عن أصحابه من بعده، وإنما المشروع الدعاء بما يحقق المقصود، سواءٌ أكان من القرآن أم من السنة، ثم إن الخلاف بين العلماء لم يكن في الدعاء من القرآن أو من غيره، وإنما كان الخلاف بينهم في مشروعية القنوت في الفجر بصفة دائمة.
أما كون القنوت مختصاً بالجماعة الأولى أو الثانية، فإن العلماء مختلفون في مسألة لها تعلق بما سألت عنه، وهي: مسألة: من يقنت في النوازل؟ فمنهم من قال الإمام (الحاكم) ، ومنهم من قال: أو نائبه، ومنهم من قال: بإذن الإمام، ومنهم من قال: إمام كل جماعة، وغير ذلك، فإذا أجزنا لإمام كل جماعة أن يقنت فلا فرق بين الجماعة الأولى والثانية.
والله أعلم، -وصلى الله -على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(6/248)
إذن ولي الأمر بقنوت النوازل
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 28/2/1424
السؤال
ونحن نرى ما يجري في العراق الآن من مآسي فهل يشرع لنا القنوت؟ وهل يشترط الإذن من ولي الأمر بدعاء القنوت؟ وهل هناك ضابط للدعاء في قنوت النوازل؟
الجواب
نقتطف لك جزءاً من بحث للشيخ: د. سعود بن عبد الله الفنيسان جواباً على سؤالك:
الدعاء مخ العبادة وهو أقوى سلاح يوجهه المسلم إلى العدو مباشرة دون خسائر مادية أو بشرية، وأفضل ما يكون في صلب الصلاة وما شرع القنوت في النوازل إلا من أجل الدعاء حيث العباد يناجون ربهم، فالقنوت جزء من الصلاة كتلاوة القرآن والتسبيح في الركوع والسجود فلا فرق بين هذا وذاك فكلا الحالين سنة ثابتة واجبة الاتباع فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يمنع الناس من الصلاة جماعة يناجون فيها ربهم عندما تنزل بهم نازلة أو تحل قريباً من دارهم، كما لا يجوز لأحد أن يزيد أو ينقص في أركان وواجبات الصلاة قال تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، وقال:"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" فلا يجوز أن يمنع المظلوم أن يدعو على ظالمه؛ لحديث:"اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب"، كما لا يجوز لأحد أن يمنع المسلم أن يدعو لإخوانه المسلمين المستضعفين والمضطهدين في كل مكان من الأرض لما جاء في الحديث "إذا دعا المسلم لأخيه لظهر الغيب قال الملك ولك مثل ذلك".
هل القنوت في النوازل من المصالح المرسلة؟
المصلحة المرسلة قاعدة من قواعد الأصول التبعية في الشرعية تأتي بعد الأصول الأربعة (الكتاب والسنة والإجماع والقياس) .(6/249)
ومعنى كونها تبعية، أي: أنها ليست أصلاً بنفسها بل تابعة لأحد هذه الأصول الأربعة، ومعنى كونها مرسلة أي مطلقة خالية من الدليل الخاص على موضع النزاع أو البحث إذ لو كان عليه دليل لألحق بالكتاب إن كان الدليل آية أو بالسنة إن كان الدليل حديثاً أو أثراً، والقنوت في النازلة -محل النزاع- ورد فيه دليل خاص بعينه، كالحديثين المشار إليهما أعلاه، فلا يدخل حينئذ قنوت النازلة تحت المصلحة المرسلة بحال، ومثال المصلحة المرسلة التي يجوز للحاكم التدخل فيها بالأمر أو المنع: كصيد الطيور وبيع السلاح في زمن معين لا على الإطلاق لأن صيد الطيور وبيع السلاح هو في الأصل مباح بأدلة الإباحة الشرعية العامة وهذه الإباحة غير محددة بزمن أو حال أو هيئة فمتى رأى ولي الأمر في المنع أو الجواز مصلحة راجحة للأمة جاز له الأمر أو المنع من ذلك ووجب على الناس الالتزام والاتباع.
وتحديد النازلة ليس موكولاً لأحد بعينه ولا أعلم أحداً من العلماء خصصها بولي الأمر حيث النازلة كارثة وضرر عام يلحق بالأمة يحسه الناس كلهم ولا تختلف على وقوعه أو وصفه أنظار الناس ولو كان موكولاً لولي الأمر أو آحاد الناس لارتبط بهؤلاء تشريع الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها وهذا معلوم بطلانه لكل ذي عينين.(6/250)
ويجب أن يعلم أنه ليس من السنة في دعاء القنوت أن يخرج عن سبب النازلة فيدعى على عموم الكفار بالموت والهلاك، والنازلة التي نزلت بالمسلمين هي الظلم والاعتداء عليهم بتدمير بلادهم وأخذ أموالهم وانتهاك حرماتهم، فالعلة في الدعاء على الكفار في النوازل هي تجدد الاعتداء والظلم على المسلمين، أما تكذيب الكفار لما جاء به الأنبياء وعداوتهم للمسلمين فهي ملازمة للكفر دوماً وأبداً، منذ كفر إبليس بربه وأهبطه من السماء إلى الأرض إلى قيام الساعة فوصف اليهود والنصارى بالكفر وصف كاشف لا ينتج الحكم وهو الدعاء عليهم بالهلاك، أما الظلم والاعتداء فهو الوصف المؤسس المنتج للحكم المذكور (القنوت) ، وسنة الله أن الكفار أكثر عدداً من المسلمين قال تعالى:"وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"، وحديث:"يا آدم أخرج بعث النار فيخرج من كل مئة تسعة وتسعون"، وما ورد من آثار في الدعاء على الكفار من أهل الكتاب فيراد بهم المحاربون منهم للمسلمين، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا أبطأ عليه خبر جيوش المسلمين قنت فكان مما قاله ذات مرة:"اللهم ألعن كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك ويقاتلون أوليائك" فوصفهم بالكفر والتكذيب ليس جديداً وكونهم يقاتلون أولياء الله في عهده -رضي الله عنه- هي العلة المسببة للدعاء عليهم باللعنة والهلاك، ومن لم يقاتلنا لا ندعو عليه بل ندعو له بالهداية وهذا معنى قول الله "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] ، فإن القرآن يفسر بعضه بعضاً، ومعنى ذلك أن من سالمنا سالمناه، ومن اعتدى علينا قاتلناه، أما منع ولي الأمر الناس من القنوت أصلاً فلا يجوز له ولا تلزم طاعته فيه، لأن القنوت في النازلة سنة نبوية ثابتة بدليلها الخاص وهي عبادة محضة فلا تدخل
تحت نظر ولي الأمر، فهي كتحية المسجد تتعين إذا حصل موجبها وهو الدخول، وسيأتي لهذا مزيد بيان قريباً.(6/251)
حكم صلاة الوتر
المجيب د. محمد بن صالح الفوزان
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 20/12/1422
السؤال
إذا تركت الوتر هل آثم؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الوتر سنة مؤكدة عند جماهير أهل العلم، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم- يدعه حضراً ولا سفراً، وروي عن الإمام أحمد أنه قال: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الوتر، والقول الأول أرجح أنه سنة مؤكدة ينبغي للمسلم أن يحافظ عليه، ومن ترك الوتر أحياناً فقد فوّت على نفسه هذا الثواب ولا يأثم بذلك، ومن تركه دائماً فإنه يخشى عليه أن تشمله مقولة الإمام أحمد أنه رجل سوء، والله أعلم.(6/252)
القنوت في صلاة الجمعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 13/3/1423
السؤال
ما حكم دعاء القنوت في صلاة الجمعة؟
الجواب
إذا دعت الحاجة فالجمعة كغيرها من الصلوات يجوز فيها القنوت.(6/253)
تكرير الفاتحة في الوتر
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 9/7/1423هـ
السؤال
إذا كرر الإمام قراءة سورة الفاتحة في صلاة الوتر في التراويح نسياناً، فهل تصح صلاته؟ وهل هناك فرق إذا كان متعمداً؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
إذا كرر الإمام قراءة سورة الفاتحة في صلاة الوتر - أو في غيرها- نسياناً فصلاته صحيحة، وكذا الحكم إذا كررها متعمداً، هذا بالنسبة للإجزاء، أو الحكم الوضعي للمسألة، وأما الحكم التكليفي، فالتكرار نسياناً لا حرج فيه؛ للآية الكريمة:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" فقال الله -تعالى-:"قد فعلت" كما ثبت في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (126) .
وإن كان عمداً، ففيه تفصيل:
فإن كان على سبيل التعبد بالتكرار، فأخشى أن يكون قد أتى محرماً؛ لأنه حينئذ يكون بدعة -إضافية- حيث لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فعل ذلك، والأصل في العبادات الحظر، كما قرر ذلك أهل العلم في باب القواعد الفقهية.(6/254)
ولهذه العلة -وهي عدم النقل- قال بعض الفقهاء:"ويكره تكرار الفاتحة" وإن كان لا على سبيل التعبد، ولكن لفوات وصف مستحب فالظاهر جواز ذلك، مثل: أن يكررها لتوهم خلل في المرة الأولى، كما صرح بذلك الشيخ عبد الرحمن بن قاسم -رحمه الله- في (حاشية الروض المربع 2/101) أو أن يكررها؛ لأنه نسي فقرأها سراً في حال يشرع فيها الجهر، كما يقع لبعض الأئمة -أحياناً- فلا بأس أن يعيدها من الأول استدراكاً لما فات من مشروعية الجهر، وكذلك الحكم لو قرأها في غير استحضار وأراد أن يكررها ليحضر قلبه في القراءة التالية، فإن هذا تكرار لشيء مقصود شرعاً وهو حضور القلب، لكن إن خشي أن ينفتح عليه باب الوسواس فلا يكرر لئلا يقع في المكروه، ويشدد فيشدد الله عليه، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-:"هلك المتنطعون" أخرجه مسلم في صحيحه (2670) ، وأحيل السائل الكريم على كلام نحو هذا لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- في (الشرح الممتع 3/331-332) ، والله -تعالى- أعلم.(6/255)
القنوت في النوازل
المجيب د. علي بن بخيت الزهراني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 17/1/1424هـ
السؤال
هل يجوز الدعاء في القنوت على مطلق النصارى أم نحدد النصارى الظالمين، أو المحاربين، أو الحاقدين، أو غير ذلك؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين، وبعد:
يجوز الدعاء على مطلق النصارى؛ لقوله -تعالى-:"لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ... ".
قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) بعد هذه الآية (6/187) :"فيه مسألة واحدة: وهي جواز لعن الكافرين ... ".
وقد جاء في الكتاب العزيز: لعن الكافرين والمشركين والدعاء عليهم ...
والذي يستحب هو الدعاء على الكافرين المعتدين والظالمين والمحاربين في القنوت عند النوازل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى 8/335) :"والدعاء على جنس الظالمين الكفار مشروع مأمور به، وشرع القنوت والدعاء للمؤمنين، والدعاء على الكافرين".
وقال في موضع آخر (21/154) :"وأما الدعاء على أهل الكتاب ... فهذا منقول عن عمر بن الخطاب أنه كان يدعو به في المكتوبة، وهو موافق لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... ".
وقال في موضع آخر (22/271) :"وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة، وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين، ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسناً".
وقال في موضع آخر (22/373) :"وكذلك المأثور عن الصحابة مثل: عمر، وعلي، وغيرهما -رضي الله عنهم- هو: القنوت العارض قنوت النوازل، ودعاء عمر فيه، وهو قوله:"اللهم عذب كفرة أهل الكتاب ... إلخ، يقتضي أنه دعا به عند قتاله للنصارى".(6/256)
وكل هذه النصوص التي أوردناها تبين أن المستحب هو الدعاء على النصارى المحاربين والظالمين والحاقدين الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر، ويعتدون على المؤمنين في أعراضهم وأموالهم ودمائهم وحرماتهم، أو يناصرون غيرهم من الكافرين في ظلم المؤمنين والاعتداء عليهم.
وأما النصارى الذين لم يظلموا المسلمين أو يحاربوهم أو يناصروا عليهم عدوهم إذا ترك المسلم الدعاء عليهم كان ذلك حسناً، خصوصاً إذا كان ذلك في مقام الدعوة تأليفاً لقلوبهم، وطمعاً في إسلامهم، وعلى هذا يحمل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه (رقم 2599، كتاب: البر والصلة) عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين طلب منه الدعاء على المشركين:"إني لم أبعث لعاناً ولكني بعثت رحمة".
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.(6/257)
متى ينتهي القنوت؟
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 8/6/1424هـ
السؤال
أنا إمام مسجد، وأقنت في الصلاة، وبعض الجماعة يقولون إن الحرب انتهت ولا داعي للقنوت الآن، وإلى متى يستمر الدعاء بالقنوت في الصلوات لإخواننا المسلمين في العراق وفي فلسطين؟ خاصة وأنه تم الانتهاء من الحرب والقصف، ولم يعد الحال بإخواننا في العراق كما كان، فهل نستمر في القنوت بالجماعة؟ ومتى نتوقف؟.
الجواب
الحمد لله وبعد:
لا صحة لمزاعم انتهاء الحرب، فالعدو جاثم على صدور المسلمين، والمحنة قائمة، ومقامعة الغزاة ومجاهدتهم أمر واقع، وإن تجاهلتها وسائل الإعلام الموجهة.
فعليك بالقنوت حتى ترتفع النازلة، وتنجلي الغمة بإذن الله تعالى.(6/258)
الاستمرار في قنوت النازلة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 16/3/1424هـ
السؤال
هل لقنوت النوازل زمن معين ينتهي بانتهائه؟ أم أنه يستمر إلى أن تزول النازلة، وسؤال يتعلق بما نعيشه الآن في العراق هل نستمر في القنوت أم لا؟
والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب(6/259)
القنوت في النوازل سنة ثابتة، وليس لها زمن معين تنتهي عنده غير ارتفاع النازلة نفسها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي داود (1443) عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - قال: "قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- شهراً متتابعاً في الظهر والعصر، والمغرب، والعشاء، وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رِعْلٍ وذكوان وعُصَّية ويؤمِّن من خلفه"، ووصف قنوته - صلى الله عليه وسلم - بشهر متتابعة أيامه وفي كل الصلوات الجهرية والسرية - يدل على استمرارية القنوت، وكون القنوت الوارد في السنة لمدة شهر لا يعني الاقتصار على الشهر فقط، بل إنه بعد مضي هذا ارتفعت النازلة فأسلمت هذه الأحياء من العرب (رعل، وذكوان، وعصية) فانتهي الغرض من القنوت عليهم، ولو لم يسلموا في هذا الوقت لاستمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في القنوت (أما القنوت للنازلة التي حلت بالعراق فينبغي الاستمرار في القنوت وعدم قطعه، لأن النازلة التي من أجلها شرع القنوت -نصرة لإخواننا العراقيين- لا تزال باقية ما بقي الأمريكان وحلفاؤهم يعيثون فيها الفساد، وينشرون الكفر والفواحش، بل لو قيل إن مشروعية القنوت لم تبدأ إلاّ الآن لكان لذلك وجهاً؛ لأن احتلال الكافر واستعماره لبلاد المسلمين أعظم نازلة تلحق بهم، وإذا ضم إلى ذلك ما تخطط له أمريكا وما تنوي فعله في البلاد المجاورة للعراق مما صرحت به ونشر في وسائل الإعلام - لتعين استمرار القنوت وعدم التوقف عنه، فالواجب أن يستمر المسلمون في القنوت حتى يكشف ما بهم، وترفع عنهم هذه النازلة، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف "صلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم" رواه البخاري (1041) ، ومسلم (911) ، من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه-. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.(6/260)
رفع اليدين في القنوت
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 17/7/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: الإمام في صلاة الفجر يدَّعي جواز رفع اليدين، فما صحة ذلك؟ وشكراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم يجوز رفع اليدين، وأصل القنوت في صلاة الفجر - كما ذهب إليه الإمام الشافعي والإمام مالك - رحمهما الله - الصواب عدمه، وكما قال: أبو حنيفة وأحمد - رحمهما الله -، الصواب أنه لا يقنت إلا في النوازل، لكن الإمام مالك والإمام الشافعي يريان القنوت مطلقاً في صلاة الفجر، لحديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" رواه الدارقطني في سننه (2/39) ، والبيهقي في السنن الكبرى (2/201) ، وقد أجاب عنه ابن القيم: بأن المراد بالقنوت هنا طول القراءة، ولكن لو أن الإمام قنت فإنك تتابعه، كما سئل الإمام أحمد - رحمه الله - أنه إذا قنت في الفجر هل يتابع؟ فأجاب الإمام أحمد بالمتابعة.(6/261)
دعاء ختم القرآن في الصلاة
المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 29/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ الكريم: ما حكم دعاء الإمام في صلاة التراويح لختم القرآن، أو للوتر، بعد قراءة سورة الناس مباشرةً، وقبل الركوع؟ وهل ورد ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما الدليل؟ وما التفصيل في ذلك - إذا لم يكن وارداً عنه صلى الله عليه وسلم - في الصلاة في الحرمين الشريفين، خلف الإمام الذي يدعو في الصلاة بعيد قراءة سورة الناس في ختم القرآن أو سورة الإخلاص في دعاء الوتر، وقبل الركوع؟! ..ونرجو من سماحتكم الإفصاح في الإيضاح....حفظ الله، للإسلام والمسلمين، علمكم ونفع به.
الجواب
دعاء الختم في الصلاة لم يصح فيه حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما الدعاء في الوتر من رمضان فقد أجازه بعض العلماء وكرهه آخرون.
واختلف في مكان الدعاء، فمنهم من رآه قبل الركوع ومنهم من جعله بعده، ومنهم من جعله في النصف الأخير من رمضان، ومنهم من جعله طوال العام، والأمر فيه سعة ما دام أن ذلك ورد عن السلف، ولا ينبغي أن يجعل قضية ينتج عنها اختلاف وبغي وعدوان، فمن شارك في الدعاء فلا حرج ومن لم يشارك فلا حرج، ولكل سلف من علماء الأمة والله الموفق.(6/262)
متابعة من يصلي الوتر كصلاة المغرب
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 25/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن مسلمون والحمد لله نقطن اسكوتلاندا، ونصلي هذه الأيام المباركة صلاة التراويح خلف الإمام في المسجد الكبير، وكما لا يخفاكم فإن معظم المسلمين هنا من باكستان أو الهند ومنهم إمام المسجد وهم أحناف المذهب وقد كنا نصلي خلفه بلا ريبة عشرون ركعة ثم يوتر بثلاث ركعات يجلس فيهن للتشهد بعد ركعتين، أي يجعلها كصلاة المغرب حتى قال قائل قبل أيام: إن هذه مخالفة شرعية حيث نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التشبه بصلاة المغرب وأصبح يخرج قبل الوتر ليوتر وحده في البيت، أو ليعود ليلاً لصلاة التهجد، وقد أخبرته بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ولكن للأسف لم نتفق. والله الموفق.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالأولى أن يتابع مع الإمام حتى ينصرف من وتره، ولو صلى الوتر كهيئة المغرب، وذلك لثلاثة أمور:
أولاً: مراعاة للاجتماع وعدم الاختلاف، فإن الخلاف شر.
ثانياً: أن الحديث الوارد في النهي عن ذلك يحتمل التضعيف، وهذا يفيد بأن المسألة محل اجتهاد ونظر، فلا ينبغي التثريب فيه على المخالف، ولا الخروج عن الجماعة والشذوذ عنهم بمثل هذا العذر.
ثالثاً: إدراكاً لفضيلة قيام ليلة تامة بالصلاة مع الإمام حتى ينصرف، ومن انصرف قبل الوتر لا يشمله هذا الحديث بلا شك.(6/263)
الصلاة خلف من لا يجهر بالوتر
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 20/3/1424هـ
السؤال
سؤالي: ما هو حكم الصلاة خلف إمام لا يجهر بالدعاء في صلاة الوتر؛ بل يكون الدعاء سراً بين قراءة سورة (الكافرون) وركعة الوتر؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
الجواب: أن ما فعله إمامكم من عدم الجهر بالدعاء خلاف الأولى، بل خلاف المشروع، فالمشروع أن يجهر بالدعاء ويؤمن من خلفه على دعائه أما إذا دعا سراً فكيف يفعل المأمومون؟ هل يدعو كل واحد لنفسه أم يسكت؟ المهم أن تبينوا له أن فعله خلاف المشروع، والصلاة صحيحة ولو لم يجهر بالدعاء لأن الجهر سنة، لكن ما فعله خلاف الأولى، والله أعلم.(6/264)
الدعاء بعد الصلاة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 27/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم وحمة الله وبركاته.
إمام مسجد يتعرض للأذى (إن ترك الدعاء بعد الصلاة والقنوت في صلاة الفجر على الدوام) من المجتمع بالسب، ومن الجهات المختصة بالمساجد للمساءلة، وهو في حيرة من أمره بعد أن علم أن الدعاء بعد الصلاة بدعة، فإن ترك الإمامة تقدم لها من ليس أهلاً لها، فبماذا تنصحونه مأجورين؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدعاء بعد الصلاة جماعة بدعة، حيث لم يرد عن رسول الله، ولا أحد من صحابة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أخرجه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) .
وملازمة القنوت في صلاة الفجر لا ينبغي، وإنما يقنت حينا ويترك أحياناً، وهذا قول بعض الفقهاء.
وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقنت في صلاة الفجر وسائر الأوقات شهراً يدعو على أقوام بأعيانهم، ثم ترك. انظر صحيح البخاري (4090) ، ومسلم (677) .
والأولى لك عدم المداومة على القنوت، ولو تركته بالكلية جاز لك. وأما ما تعيش فيه من المضايقات بين أفراد المجتمع والجهات المختصة بالمساجد، فأمر يخصك، وأنت الذي تقدر الحال. أما كونك إذا تركت الإمامة سيأتيها من ليس لها أهل، فلا يجوز لك حينئذ تركها؛ لأنك معين على الباطل. وفقنا الله وإياك إلى كل خير.
واحذروا من الفرقة فهي أحد مداخل الشيطان لإضعاف العبادة وخلخلة بناء المجتمع. وفقكم الله لهداه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(6/265)
حكم دعاء القنوت ورفع اليدين فيه
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 11/11/1424هـ
السؤال
هل يلزم قراءة دعاء القنوت؟ هل نكبر قبل القنوت؟ هل يجب رفع اليدين في دعاء القنوت؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. وبعد:
فاعلم أنه إذا قيل لك: لم يرد في دليل من قرآن، أو سنة، أو فعل صحابي فهذا دليل، وإذا قيل لك: هذا أمر لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع وجود المقتضى وعدم المانع فهذا دليل، إذا علمت ذلك، فالسؤال الأول: هل يلزم قراءة دعاء القنوت؟ الجواب: لا يلزم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر به، فلا يوجد منه -صلى الله عليه وسلم- أمر بذلك وثبت من فعله - صلى الله عليه وسلم- فعل القنوت تارة وتركه كثيراً.
السؤال الثاني: لا تكبير قبل القنوت، فإنه لم يفعله - صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة -رضي الله عنهم- بعده، ومن فعله من الفقهاء لأنه يرى أن القنوت، قبل الركوع والانتقال من القراءة إلى القنوت انتقال من حال إلى حال كالانتقال من الركوع إلى الاعتدال، ومن الاعتدال إلى السجود وفي كل من هذه الانتقالات تكبير، فاستحسنوا أن يكون قبل القنوت تكبير، وهؤلاء لم يفعلوا الأصح في موضع القنوت، فإنه يكون بعد الركوع ويجوز بعد الركوع ويجوز قبل الركوع، وليس لهم دليل إلا القياس والاستحسان، ولم يفعله - صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة - رضي الله عنهم-
السؤال الثالث: لا يجب رفع اليدين في حق الإمام، ولو فعله فهو سنة، لفعله - صلى الله عليه وسلم-، وهل يسن رفعها في حق المأموم؛ لأنه مؤمِّن، والمؤمن كالداعي أو لا يسن في حق المأموم لأنه تابع. والله أعلم.(6/266)
الوتر بعد التراويح
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 19/5/1425هـ
السؤال
أرجو الإجابة عن هذا السؤال حتى لا تحدث فتنة بين الإخوة هنا:
السؤال عن طريقة صلاة الوتر بعد التراويح، معظم الناس من البلاد العربية يصلونه ركعتين ثم ركعة واحدة وفي الركعة الثالثة بعد قراءة السورة يكبرون ويقرأ الإمام القنوت بصوت مرتفع والمصلين يأمنون. وبعد القنوت يركعون. أما طريقة الأحناف فإنهم يصلون الثلاث ركعات معاً، وفي الركعة الثالثة قبل الركوع يكبر الإمام وكل شخص يقرأ القنوت في سره ثم يكبر الإمام ويركع وهكذا. وكل فئة تدعي أن الفئة الأخرى مخطئة والبعض يقول بصواب كلا الفئتين. والمشكلة كذلك أنه لدينا جماعة واحدة بعد التراويح لصلاة الوتر فمن نتبع من الأئمة؟ أرجو توضيح المسألة بالأدلة وبإسهاب لمنع حدوث فتنة بين الإخوة. جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى الوتر على وجوهٍ متعددة، وقد صلَّى ركعة واحدة، وثلاث ركعات، وخمس ركعات، وسبع ركعات، وتسع ركعات، وقد صلَّى الثلاث على صفتين: إما أن يسردها سرداً بتشهد واحد، أو أنه يسلِّم من ركعتين، ثم يصلي واحدة ويسلِّم منها، ولم يكن يصليها كالمغرب - بتشهدين وسلام- بل قد نهى عن ذلك، فقال: "لا توتروا بثلاث تشبهوا المغرب" رواه الحاكم (1 / 304) والبيهقي في السنن الكبرى (3 /31) وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 301) : إسناده على شرط الشيخين) .(6/267)
والأمر في عدد ركعات الوتر واسع، فمن صلى ركعة أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع ركعات فصلاته صحيحة وقد وافق السنة، وقد روى أبو داود (1422) ، والنسائي (1710) من حديث أبي أيوب الأنصاري-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:" الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل"، ولا إنكار في مثل هذه المسألة؛ لأن الأمر فيها واسع ولم يحدد بعدد معين.
أما دعاء القنوت فهو مسنون في الوتر في سائر السنة، ويكون بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وهو: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت" رواه أبو داود (1425) ، والنسائي (1745) والترمذي (464) وقال: هذا حديث حسن. ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب من خيري الدنيا والآخرة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.(6/268)
والقنوت جائز بعد الركوع (ومعناه: أن المصلي إذا انتهى من قراءة السورة يكبر راكعاً، ثم إذا قام شرع في دعاء القنوت، ثم يسجد بعد ذلك) ، وقبل الركوع (ومعناه: أن المصلي إذا فرغ من قراءة السورة يبدأ بدعاء القنوت مباشرة من دون تكبير، ثم يكبر بعد ذلك ويركع ويكمل بقية صلاته) ، أما بعد الركوع فلما روى مسلم (675-677) من حديث أبي هريرة وأنس –رضي الله عنهما- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع، وأما قبل الركوع فلما روى النسائي (1699) ، وابن ماجة (1182) ، وغيرهما من حديث أُبي بن كعب-رضي الله عنه- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع، والقنوت بعد الركوع أفضل؛ لأن الأحاديث الواردة في القنوت بعد الركوع أصح، ولأن عمل النبي صلى الله عليه وسلم عليه أكثر، وكذلك كان الخلفاء الراشدون من بعده.
ويشرع رفع الأيدي في دعاء القنوت؛ لأن ذلك وارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قنوته في الفرائض عند النوازل، وكذلك صح عن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- رفع اليدين في قنوت الوتر، وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتباعهم-رضي الله عنهم-.
ومما سبق يتبين أن الأمر فيما يتعلق بالوتر وعدد ركعاته وموضع الدعاء فيه واسع، وليس للإنسان أن ينكر على غيره في ذلك؛ لأن الوتر له صفات متعددة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن عمل بأيٍ منها فقد اقتدى بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.(6/269)
وكذلك الأمر في مسألة الجهر بالقنوت أو الإسرار به، حيث اختلف أهل العلم هل المشروع في دعاء القنوت الجهر أو الإسرار؟ فالمختار عند الحنفية، والمالكية أن الإسرار في القنوت هو المشروع؛ لأنه دعاء، والمسنون في الدعاء الإخفاء؛ لقوله تعالى: "ادعو ربكم تضرعاً وخفية" [الأنعام: 63] ، والشافعية والحنابلة يرون أن الجهر في القنوت هو المشروع؛ لفعله عليه الصلاة والسلام. ومن فعل أياً من الصفتين فقد أصاب السنة، قال ابن قيم الجوزية-رحمه الله-: والإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف أنه صلى الله عليه وسلم جهر وأسرَّ، وقنت وترك.
وعموماً فإن الواجب على المسلم الحرص على جمع الكلمة ووحدة الصف وعدم الاختلاف، ولا سيما إذا كان الأمر فيه سعة كما في مسألة القنوت، ولذلك فإن الإنسان إذا صلى مع إمام أو مع جماعة فإن الواجب عليه أن يتابعهم وألّا يخالفهم، وإن كانوا يصلون على صفةٍ يرى أن خلافها أفضل، وذلك من أجل جمع الكلمة ووحدة الصف، فمثلاً: إذا كان المصلي يرى أن القنوت بعد الركوع أفضل وصلى مع إمام يقنت قبل الركوع فإن الواجب عليه متابعة الإمام، وهكذا في مسألة عدد الركعات، والجهر بالقنوت أو الإسرار به وما إلى ذلك من المسائل التي ليس فيها تحديد معين كما سبق بيانه.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى أله وصحبه أجمعين.(6/270)
هل لركعتي المغرب البعدية مزية فضل؟
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت
التاريخ 16/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هناك صلاة بركعتين بعد صلاة المغرب تعادل قيام الليل، ما السور التي تقرأ فيها؟ أنا أقرأ بسورة الفلق والناس، هل هذا صحيح؟ ولكم الشكر سلفًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن صلاة ركعتين بعد صلاة المغرب من السنن الرواتب التي جاءت السنة بالحث عليها، كما روي من حديث عائشة، رضي الله عنها، مرفوعًا: " مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ؛ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ". أخرجه الترمذي (414) وابن ماجه (1140) والنسائي (1794) . وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ؛ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ". أخرجه الترمذي (415) والنسائي (1803) وأصله في صحيح مسلم (728)(6/271)
أما كون الركعتين بعد المغرب تعدلان قيام الليل فليس في السنة الصحيحة ما يدل على ذلك، ويسن أن يُقرأ في الركعتين بعد المغرب بسورة (قل يا أيها الكافرون) وفي الركعة الثانية: (قل هو الله أحد) . لحديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أنه قال: مَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) . أخرجه الترمذي (431) وابن ماجة (1166) . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(6/272)
صلاة النافلة
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 3/8/1422
السؤال
أنا إنسان محافظ على الصلاة (الفرائض) لكني أقصر كثيراً في أداء النوافل، بل بصدق لا أصليها، والسبب عدم علمي بكيفية صلاتها مثل السنن الرواتب، كم عددها؟ وما هي أوقاتها؟ والشفع والوتر كم عددها؟ ومتى يكون وقت صلاتها؟
وأرجو أن تفتيني في ذلك حسب ما قام النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرجو عدم التأخر في الإجابة.
الجواب
سؤالك دليل على رغبتك في الخير زادك الله من توفيقه.
السنن الرواتب لها فضل عظيم ينبغي للمسلم أن يحرص على اكتسابه؛ لأنها سبب لتكميل النقص الحاصل في صلاة الفريضة يوم أن يحاسب العبد على صلاته يوم القيامة، كما ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمّها كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمّها قال الله عزّ وجلّ: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوّع فتكملون به فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حساب ذلك)) أخرجه الإمام أحمد (16949) . ولأنها مع غيرها من النوافل سبب يجلب محبة الله كما جاء في الحديث القدسي فيما يرويه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه أنه قال " ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ... " الحديث أخرجه البخاري (6502) .(6/273)
وقد وردت أحاديث كثيرة في بيان أعداد صلوات النافلة المرتبة، وهي التي شرعت في ديننا قبل الصلوات المفروضة أو بعدها، وآكد ما في هذه الأعداد أنها عشر ركعات كما ثبت في الحديث الصحيح المتفق عليه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "حفظت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدهما وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح " البخاري (937) ومسلم (729) . وكونها في البيت أفضل إلا إذا خشي التهاون فيها وتركها فإنه يصليها في المسجد.
ومن السنن الراتبة التي ينبغي الحرص عليها الوتر بعد صلاة العشاء لحث النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها بقوله وفعله، وأقلها ثلاث ركعات يصلي ركعتين ويسلم منهما ثم يصلي الثالثة ويتشهد ويسلم، ويسن القنوت فيها بعد الرفع من الركوع في الثالثة، والقنوت هنا الدعاء، ولكنه ليس بواجب وإن زاد في وتره عن ثلاث فهو أفضل وأرجى عند الله، لكن يصلي ركعتين ركعتين ويختم بركعة، والوتر والركعتان قبل الفجر أكثر النوافل تأكداً لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما تركهما في حضر ولا سفر.(6/274)
تأخير سنة العشاء لمنتصف الليل
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 10/8/1422
السؤال
هل يجوز لي أن أؤخر سنة العشاء إلى بعد منتصف الليل علماً بأني أصلي الفرض في مقر عملي ثم قبيل صلى الفجر بساعة أو ساعتين اصلي سنة العشاء ثم أختم بالوتر؟
الجواب
الأكمل في حقك أن تصليها قبل نصف الليل فإن هذا هو وقت العشاء المختار الذي جاء تحديده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان ما بعد منتصف الليل إلى قبيل طلوع الفجر وقتاً تصح فيه صلاة العشاء لمن احتاج لذلك.(6/275)
صلاة النافلة في السيارة للمقيم
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 18/9/1422
السؤال
أنا إمام، ومنزلي بعيد عن المسجد، وأحياناً أتأخر عن صلاة سنّة الفجر، فهل يجوز أن أصليها في السيارة أثناء الطريق؟ فقد سمعت أن بعض أهل العلم أجاز ذلك.
الجواب
هذا الأخ إمام مسجد، ويفترض أن يكون طالب علم، وأن يراجع المسائل الفقهية؛ لأن من يصلون معه سيسألونه عن الأحكام وأمور العبادات، فلا بد أن يعدّ نفسه ويراجع الأحكام والمسائل الفقهية.
وليعلم أن الصلاة على الراحلة إنما هي للمسافر، فله أن يصلي النافلة على راحلته، وليست للمقيم.
وهذا السائل مقيم في بلده، وأنصحه أن يستيقظ مبكراً، وأن يصلي السنّة في بيته قبل التوجه للمسجد، وعادة أن الجماعة ينتظرون إمامهم.
وأما صلاته في السيارة فليس له ذلك، بل هو للمسافر.(6/276)
النافلة قبل صلاة الجمعة وبعدها
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 8/4/1423
السؤال
من المعلوم لدي أنه ليس للجمعة سنة قبلية، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بالصلاة بعدها أربع ركعات فقط، فكيف تتحقق نوافل الظهر وهي ست ركعات؟ أو بمعنى آخر كيف آتي باثنتي عشرة ركعة يوم الجمعة؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
أصوب الأقوال في سنة الجمعة الراتبة أنها أربع ركعات بعدها إن صلاها في المسجد، وإن صلاها في بيته فركعتان، ولا راتبة قبلها، وإنما يتنفل بما شاء: ركعتان، أو أربع، أو ست، ويقرأ القرآن، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويدعو لعله يوافق ساعة الإجابة ومن كان حريصاً على الطاعة فلن يقل مجموع ما يتنفل به عن ثنتي عشرة ركعة يوم الجمعة، والله -تعالى- أعلم.(6/277)
سنة الفجر
المجيب د. سعود بن محمد البشر
عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 10/5/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما سنن سنة الفجر؟ وهل يسن تخفيفها؟ وما هي السور التي يسن القراءة فيها؟
الجواب
سنة الفجر تصلى خفيفة؛ لقول عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان يخففها حتى أقول هل قرأ بأم القرآن؟ انظر: البخاري (1165) ومسلم (724) .
والسنة أن تقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بـ"قل يا أيها الكافرون"، و"قل هو الله أحد" في الثانية، انظر: مسلم (726) أو بالآية من سورة البقرة "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم ... " إلى قوله:"ونحن له مسلمون" في الأولى، وفي الركعة الثانية "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ... " إلى قوله:"ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأن مسلمون" انظر: مسلم (727) .(6/278)
صلاة ثنتي عشرة ركعة في اليوم
المجيب بكر بخاري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 10/10/1423هـ
السؤال
يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من صلى لله اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتاً في الجنة"، هل كل يوم لمفرده أم أن الفضل لمن حافظ عليها طيلة حياته؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا الحديث روي بعدة ألفاظ منها ما أخرجه مسلم في صحيحه (728) في كتاب صلاة المسافرين وقصرها من طريق النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة، أو إلا بُني له بيت في الجنة".
قالت أم حبيبة:" فما برحت أصليهن بعد" وقال عمرو:" ما برحت أصليهن بعد" وقال النعمان مثل ذلك.
وبيان هذه الركعات جاء عند الترمذي (414) كما في الرواية المذكورة في السؤال، ولفظ مسلم -رحمه الله- صريح في أن المقصود المواظبة عليها، والروايات يفسر بعضها بعضاً، والله -تعالى- أعلم.(6/279)
عدد التسليم في السنة القبلية للظهر
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 20/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل الركعات الأربع السنة قبل صلاة الظهر تصلى أربع ركعات في تسليمة واحدة أم في تسليمتين؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب
الأفضل أن تصليها بتسليمتين، وإن صليتها بتسليمة واحدة صحَّ.(6/280)
ترك النوافل من غير عذر فهل يقضيها؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 29/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا فرط الشخص في النوافل بدون عذر ثم ندم هل يقضيها؟ مثلا فرط في صلاة الليل بدون عذر وندم هل يقضيها في الضحى؟ إذا كان الجواب بأنه لابد لجواز قضاء النوافل من وجود العذر، هل إذا ضبط الشخص المنبه قبل آذان الفجر بوقت معين ليقوم ويصلي، واستيقظ ولكنه غلب عليه النوم فعجز أن يقوم يعتبر عذراً له؟
الجواب
بالنسبة للنوافل يعني الرواتب إذا فاته شيء منها فإن له القضاء، وكذلك الوتر، لأنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فاتته راتبة الفجر قضاها؛ كما في صحيح مسلم
(680) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وكذلك جاء في سنن الترمذي (423) وابن ماجة (1155) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس"، وكذلك جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى راتبة الظهر بعد العصر؛ كما في الصحيحين البخاري (1233) ، ومسلم (834) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - وكذلك جاء عند أبي داود (1431) ، والترمذي (465) ، وابن ماجة (1188) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -: "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره"، فالرواتب وكذلك الوتر إذا فاته شيء منه سنَّ له القضاء، وبالنسبة للوتر إذا قضي في النهار فإنه يقضى شفعاً لا وتراً، فإذا كان يصلي من الليل سبع ركعات فإنه يقضيها في النهار ثمان ركعات، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى الوتر من النهار وصلاه ثنتي عشرة ركعة كما في مسلم (746) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.(6/281)
ركعتا الوضوء
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 18/7/1424هـ
السؤال
في السابق كنت أصلي سنة الوضوء وهي ركعتان بعد الوضوء كما تعلمون، وإذا حضرت الصلاة وأنا لم أصلها صليتها بعد الصلاة أو بعد سنتها مثل صلاة المغرب والعشاء، فأخبرني بعضهم إن هذا لا يجوز؛ لأن ركعتي الوضوء تُصلى عندما الوضوء لغير الصلاة أو قبلها. فأي الفعلين هو الصحيح؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بالنسبة لركعتي الوضوء فهما صلاة من ذوات الأسباب تفعل عند وجود السبب وهو الوضوء، فإذا وجد السبب شرع له أن يصلي ركعتين، وإذا مضى وقت فإنها تسقط لأن ذوات الأسباب كتحية المسجد وغيرها تفوت بفوات الوقت إذا مضى وقت طويل، وبالنسبة لها فهي تشرع عند كل وضوء سواء توضأ لفريضة أو لغيرها.(6/282)
الزيادة في ركعات الوتر سهواً
المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 25/1/1425هـ
السؤال
أصلي الوتر بنية ركعة واحدة وأنسى وأقوم للركعة الثانية ثم أغير نيتي وأجعلها ثلاث ركعات وأكمل الوتر على ثلاثة، هل يصح هذا العمل، أم هل عليّ أن أسجد للسهو؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
من صلى الوتر بنية ركعة واحدة ثم نسي فقام للركعة الثانية، فلما تذكر بعد قيامه أنه قد زاد في الصلاة ما لم يكن في نيته، فلأهل العلم في تغيير نيته هنا قولان:
لأول: أنه إذا أراد أن يُغير نيته بأن يُصلي الوتر ثلاثاً فعليه أن يجلس أولاً، ويعتبر ما أتى به حال نسيانه لاغياً؛ لأنها زيادة لم ينوها، ثم يقوم بأداء الركعتين بعد النية الجديدة، ثم إذا أتم ركعاته الثلاث سجد للسهو.
الثاني: أنه إذا غير نيته بعد قيامه ساهياً فإنه يتم صلاته ولا شيء عليه.
والقول الأول أكثر تمشياً مع ما يقرره الفقهاء من أحكام النية، والله أعلم بالصواب. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.(6/283)
السنن الرواتب
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 8/6/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
ما عدد ركعات السنة قبل وبعد كل صلاة، وهل يختلف من مذهب لآخر، مثلاً الحنبلي والشافعي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رغَّب في أداء السنن الرواتب في أكثر من حديث، ورتب على أدائها الأجر العظيم، واختلف أهل العلم في عدد هذه السنن الرواتب بناءً على اختلاف بعض الروايات الواردة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فمن أهل العلم من قال بأن السنن الرواتب عشر ركعات، كما هو مذهب الشافعية والحنابلة، أخذاً بحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر , وركعتين بعد الظهر , وركعتين بعد المغرب , وركعتين بعد العشاء , وركعتين قبل الفجر، رواه الترمذي (433) ، وأصله في البخاري (937) ، ومسلم (729) ، وحديث عبد الله بن شقيق قال: (سألت عائشة-رضي الله عنها- عن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كان يصلي قبل الظهر ركعتين, وبعدها ركعتين, وبعد المغرب ثنتين, وبعد العشاء ركعتين , وقبل الفجر ثنتين. رواه الترمذي (436) وصححه.(6/284)
ومن أهل العلم من قال بأن السنن الرواتب ثنتا عشرة ركعة، كما هو مذهب الحنفية، أخذاً بحديث أم حبيبة بنت أبي سفيان- رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة، إلا بنى الله له بيتاً في الجنة" رواه مسلم (728) ، ورواه الترمذي (415) وغيره بزيادة: "أربعا قبل الظهر, وركعتين بعدها, وركعتين بعد المغرب, وركعتين بعد العشاء, وركعتين قبل صلاة الفجر"، وحديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة, أربع ركعات قبل الظهر, وركعتين بعدها, وركعتين بعد المغرب, وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر" رواه الترمذي (414) ، والنسائي (1794) ، وابن ماجة (1140) .وبناءً على هذه الأحاديث فإن الإنسان إذا صلى عشر ركعات أو ثنتي عشرة ركعة في كل يوم فقد أحسن وأصاب السنة، ولذلك فإنه يشرع للإنسان أن يصلي قبل الفجر ركعتين، وقبل الظهر ركعتين أو أربع ركعات-يسلم من كل ركعتين- وبعد الظهر ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين. هذا ما يتعلق بالسنن الرواتب، أما التطوع المطلق فبابه واسع، ولا يحدد بعدد معين، بل للإنسان أن يصلي ما شاء من عدد ويسلم من كل ركعتين، في أي وقت شاء، ما لم يكن وقت نهي، فلا يجوز أداء النفل المطلق فيه. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(6/285)
السنن الرواتب ليوم الجمعة
المجيب د. بندر بن نافع العبدلي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب
التاريخ 17/11/1425هـ
السؤال
كم عدد السنن المؤكدة التي نصليها يوم الجمعة؟ فمن المعلوم أن الحديث ينص على 12 ركعة، فكيف يكون ذلك يوم الجمعة؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(6/286)
صلاة الجمعة ليس لها راتبة قبلها، لكن لها راتبة بعدها، وهي أربع ركعات؛ لما ثبت في صحيح مسلم (881) عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا صَلَّى أحدُكم الجُمُعةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا". وفي الصحيحين عن ابن عمر، رضي الله عنهما: كَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ. البخاري (937) ومسلم (882) . وقد جمع بعض أهل العلم بين الحديثين بأنه إن صلى في المسجد صلى أربعًا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله. وقال آخرون: بل يصلي ست ركعات، جمعًا بين الحديثين، وهو رواية عن الإمام أحمد، وذهب إليه بعض السلف كسفيان الثوري وعطاء ومجاهد، وقال آخرون: بل يصلي بعد الجمعة أربع ركعات مطلقًا، سواء صلى في المسجد أو في البيت؛ لأن هذا صريح القول من النبي صلى الله عليه وسلم، وصلاته ركعتين من فعله، وفعله لا يعارض قوله؛ لأنه يخرَّج على عدة احتمالات، وعندي أن هذا القول أصح، أن راتبة الجمعة البعدية أربع ركعات مطلقًا؛ فإذا صلى الإنسان الجمعة فإنه يصلي بعدها أربع ركعات سفرًا أو حضرًا، وسواء صلاها في المسجد أو في البيت، وحينئذ فيكون يوم الجمعة مستثنى من عموم حديث: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ". أخرجه مسلم (728) . والله أعلم.(6/287)
الصلاة أثناء خطبة الجمعة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/صلاة الجمعة
التاريخ 15/5/1422
السؤال
من صلى يوم الجمعة ركعتين ثم دخل الإمام. هل يقطعها؟ أم لا؟
الجواب
يظهر لي والله أعلم: أنك إذا صليت ركعة بسجدتيها أتممت صلاتك خفيفة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) متفق عليه.
أما إذا شرع الخطيب في الخطبة قبل إتمام ركعة بسجدتيها فإنك تقطع صلاتك؛ لوجوب استماع الخطبة.(6/288)
الضابط في تحيّة المسجد
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/تحية المسجد
التاريخ 15/5/1422
السؤال
ما الضابط في تحية المسجد؟ مثلاً إذا خرجت من المسجد بنية العودة كالوضوء أو أخذ شيءٍ من السيارة ثم رجعت إلى المسجد هل أصلي تحية المسجد أو لا؟ وهل إذا خرجت بنية ألا أرجع، ثم رجعت بعد وقت قصير لحاجة، إما درس أو محاضرة، هل أصلي أو لا؟
الجواب
الأولى أن المسلم كلما دخل المسجد صلي تحية المسجد ركعتين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) .
وقد قال بعض العلماء -رحمهم الله -: إن من يكثر التردد إلى المسجد لا يلزمه أن يصلي التحية؛ لكثرة تردده.
ولا شك أن المواظبة عليها أفضل؛ للحديث السابق ذكره.(6/289)
تحية المسجد أم متابعة المؤذن يوم الجمعة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/تحية المسجد
التاريخ 3/3/1423
السؤال
إذا دخلت المسجد لصلاة الجمعة والمؤذن يؤذن، هل أصلي تحية المسجد؟ أم أردد وراء المؤذن؟ أم أجلس حتى ينتهي المؤذن ثم أصلي؟
الجواب
نقول لا، إذا دخلت والمؤذن يؤذن فإنك إذا كان هذا هو الأذان الثاني الذي تعقبه الخطبة فإنك حينئذ تصلي تحية المسجد، لأن متابعة المؤذن سنة والإنصات لخطبة الجمعة واجب، وكونك تفوت على نفسك سنة أولى من أن تفوت عليها واجباً، وأما الجلوس فلا يحق لك أن تجلس حتى تصلي ركعتين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى رجلاً دخل المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، ثم جلس ذلك الرجل فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- أصليت؟ قال: لا، قال:" قم فصلّ الركعتين"، رواه البخاري (930) ومسلم (875) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: دخلت المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس بين ظهراني الناس، قال: فجلست، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟ " قال فقلت: يا رسول الله رأيتك جالساً والناس جلوس قال:" فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين" رواه البخاري (444) ومسلم (714) .(6/290)
صلاة الأوابين
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى
التاريخ 27/6/1422
السؤال
سمعت في حديث تلفزيوني عن صلاة الأوابين أنها ست ركعات بعد صلاة المغرب. فما هي صلاة الأوابين؟ وهل ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعله لها، وكيفيتها؟
الجواب
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) أخرجه مسلم (748) . وهذا الحديث يستدل به أهل العلم على استحباب صلاة الضحى في آخر وقتها حين ترمض الفصال، أي: حين يظهر أثر حرارة الشمس على الأرض، مما يجعل الفصال، وهي أولاد الإبل والبقر تتأذى من حرارة الرمضاء، فهو كناية عن تأخير صلاة الضحى إلى ذلك الوقت.
ووقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى أن يقوم قائم الظهيرة، وتتوسط الشمس في كبد السماء قبل الزوال، ولكن المستحب تأخيرها عن أول الضحى، إذن المراد بصلاة الأوابين، هي: صلاة الضحى في ذلك الوقت، وأقلها ركعتان ومن زاد فهو خير.(6/291)
صلاة الإشراق
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى
التاريخ 5/7/1422
السؤال
هل هناك صلاة تسمى بصلاة الإشراق؟ وإذا كانت موجودة، فما الفرق بينها وبين صلاة الضحى؟
الجواب
لايعرف في الشرع صلاة مستقلة تسمى صلاة الإشراق، وإنما ورد تسمية صلاة الضحى بصلاة الإشراق فيما أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 24/406 رقم الحديث 986) ، عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (كنت أمر بهذه الآية فما أدري ماهي، قوله: ((إنا سخرنا الجبال معه يسبّحن بالعشي والإشراق)) ، حتى حدّثتني أم هاني بنت أبي طالب، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها فدعا بوضوء في جفنة، كأني أنظر إلى أثر العجين فيها، فتوضأ -صلى الله عليه وسلم-، ثم صلى الضحى، ثم قال: ((يا أم هاني، هذه صلاة الإشراق)) . قال في (مجمع الزوائد 2/241) : وفيه حجّاج بن نصير، ضعّفه ابن المديني وجماعة.
والصحيح أن ذلك -أي تسمية الضحى بالإشراق- محفوظ من قول ابن عباس -رضي الله عنه-، فقد أخرج ابن جرير في تفسيره (جامع البيان 12/137) عند تفسير قوله تعالى: ((يسبحن بالعشي والإشراق)) ، والحاكم في (المستدرك 4/59) ، عن عبد الله بن الحارث، أن ابن عباس كان لايصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هاني، فقلت لها: أخبريه بما أخبرتني به، فقالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي فصلّى ثمان ركعات، وذلك من الضحى، قيامهن وركوعهن وسجودهن وجلوسهن سواء، قريب بعضهن من بعض، فخرج ابن عباس، وهو يقول: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما عرفت صلاة الضحى إلا الساعة (يسبحن بالعشي والإشراق) ، ثم قال ابن عباس -رضي الله عنه-: (هذه صلاة الإشراق) . قال ابن حجر في كتابه (الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف، والمطبوع بذيل الكشاف 4/75: (هذا موقوف، وهو أصح) .
فالحاصل أن صلاة الإشراق هي الضحى، والله أعلم.(6/292)
وقت صلاة الضحى
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى
التاريخ 25/12/1422
السؤال
ما أفضل وقت لصلاة الضحى؟ ومتى تكون صلاة الأوابين؟ أرجو توضيح ذلك بالمدة قبل أذان الظهر.
الجواب
أفضل وقت هو وقت اشتداد حرارة الشمس قبل أن تقف الشمس في وسط السماء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:" صلاة الأوابين حين ترمض الفصال " رواه مسلم في صحيحه (848) ، علماً أن وقت صلاة الضحى يبتدئ من بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح، أي بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً، إلى أن تقف الشمس في وسط السماء، فإذا وقفت الشمس قبيل الزوال فهذا وقت نهي، فإذا زالت الشمس دخل وقت صلاة الظهر.(6/293)
صلاة الضحى جماعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى
التاريخ 19/10/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ حفظكم الله ورعاكم سؤالي هو: ما حكم صلاة الإشراق أو الضحى جماعة؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب
لا بأس بهذا إذا لم يتخذ عادة باستمرار، فمن النوافل ما تشرع له الجماعة كالاستسقاء والكسوف والعيدين، ومنها ما لا تشرع له الجماعة كالرواتب وصلاة الضحى، وإذا صليت جماعة صحت ما لم يستمر عليها، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى النفل جماعة في بيت من دعاه للصلاة في بيته نفلاً انظر: البخاري (380) ، ومسلم (658) .(6/294)
ما يقرأ في صلاة الضحى؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى
التاريخ 18/02/1426هـ
السؤال
ما السور المسنون قراءتها في صلاة الضحى؟ وما فضائل هذه الصلاة؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
صلاة الضحى وردت فيها أحاديث تبين عظيم الأجر، وكبير الثواب المترتب عليها، ومن ذلك حديث زيد بن أرقم، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال عنها: "صَلَاةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمضُ الفِصَالُ". أخرجه مسلم (748) .
وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله. أخرجه مسلم (719) .
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم، بعض أصحابه كأبي هريرة وأبي الدرداء وأبي ذر -رضي الله عنهم-، بركعتي الضحى. صحيح البخاري (1178) ، وصحيح مسلم (721، 722) ، وسنن النسائي (2404) .
ولا أعلم أنه قد وردت سور معينة تقرأ في صلاة الضحى، فعلى هذا لا تخصص بسور معينة، وإنما يقرأ المصلي ما تيسر له.(6/295)
صلاة الاستخارة بعد صلاة الفجر
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الاستخارة
التاريخ 7/7/1422
السؤال
ما حكم أداء صلاة الاستخارة بعد صلاة الفجر مباشرة؟ وهل هناك وقت مفضل لأدائها؟ وهل نصلي الاستخارة ثم ننام، كما هو شائع، أم لا؟
الجواب
إذا كان هناك حاجة ملحة وعاجلة فلا حرج في أدائها بعد صلاة الفجر؛ لأنها تكون من الصلوات ذات الأسباب.
وإن لم يكن هناك حاجة ملحة فإنها تؤخر إلى ما بعد طلوع الشمس، وأما النوم بعد صلاة الاستخارة فلا أصل له، ولا دليل عليه.(6/296)
صلاة الاستخارة
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الاستخارة
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
كيف تتم صلاة الاستخارة، وفي أي وقت يفضل أن أصلي فيه هذه الصلاة، وبعد أي ركعة أقوم بالدعاء، وهل يجوز أن أدعو، أو أستخير بأمرين أو ثلاثة في تينك الركعتين نفسهما، أم لكل أمر صلاته ودعاؤه؟.
الجواب
صلاة الاستخارة متى تيسرت، إلا أنها تكون ركعتين من غير الفريضة، وتكون في وقت ليس بوقت نهي، فإذا أراد الإنسان أن يستخير في أمر إما بيع أو شراء أو زواج أو طلاق، أو نحو ذلك من الأمور المستقبلة فيصلي ركعتين، وبعدما يسلم من الركعتين يرفع يديه ويدعو، ويجوز أن يستخير في موضع واحد لأمرين أو لثلاثة، ولا يلزم أن يصلي لكل أمر صلاة ويدعو لها دعاء، وإذا لم ينشرح صدره لشيء فإن له أن يصلي ركعتين أخريين، أو يعيد صلاة الاستخارة مرة أخرى، ولو ثلاث مرات أو أربع؛ حتى يرى ما ينشرح له صدره.(6/297)
الاشتراط في الاستخارة
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الاستخارة
التاريخ 19/1/1424هـ
السؤال
السؤال عن صلاة الاستخارة:
هل تصح الاستخارة على تعليق شرط، مثلاً هل يجوز أن تقول إنني سأفعل كذا وتنتظر حصول أمر ما، فإذا حصل الأمر تفعل ما عزمت عليه، أي أنك تنتظر ردة فعل شخص أو حدوث شيء حتى تنفذ هذا الشيء، لا أعرف كيف أشرح، لكن أن تتوكل على الله في معرفة الخير لك، لكن تعلق ذلك بحدوث شيء كان تستخير على أمر ثم تقول إذا حدث كذا فمعناه أن الله يسر لي الأمر.
الجواب
تعليق فعل الشيء أو عدمه على حدوث شيء آخر أو عدمه بعد الاستخارة ليس بصحيح ولا أصل له، بل السنة تدل على أن الإنسان يقدم على العمل بعد الاستخارة لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الاستخارة: "إذا هم أحدكم بالأمر" رواه البخاري
(1162) ، وهذا مبني على أمر يخطئ فيه كثير من الناس وهو أنه يظن أن الاستخارة تكون حال التردد في الإقدام أو عدمه، والصواب أن الاستخارة لا تكون حال التردد بل على الإنسان أن يتأمل في حاله ويستشير من يثق بعلمه ودينه وحكمته ثم بعد هذا يجزم ويعزم على أحد الأمرين الذين يتردد فيهما ثم يستخير ويمضي فيما اختاره وستكون فيه الخيرة إن شاء الله إذا صدق مع الله.(6/298)
متى تشرع الاستخارة؟
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الاستخارة
التاريخ 1/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
شيخي الفاضل: أود أن أسألك عن الاستخارة: هل في كل الأشياء في الحياة، مثلا أعمل استخارة لأجل أن أذهب للحج هذا العام؟ أو مثلاً واحدة مسافرة لأختها المريضة في دولة أخرى، هل تصلي وتدعو دعاء الاستخارة؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام وحرمة الله وبركاته.
نعم، كل أمر يهم الإنسان ينبغي أن يصلي ركعتين من غير الفريضة، وبعد السلام يدعو بالدعاء الوارد في الاستخارة: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه- خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري- أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به" صحيح البخاري (1162) .
والإنسان يعمل ما ينشرح صدره إليه فإن صرف عن ذلك، فإنه يكون في حال رضا؛ لأنه دعا الله -تعالى- وطلب أن يختار له الخير سواء كان سفراً، أو كان زيارة لمريض، أو زواجاً أو حجاً، أو عمرة، أو شراء شيء، أو نحو ذلك. والله ولي التوفيق.(6/299)
صلاة الاستغفار
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة التسابيح والحاجة
التاريخ 30/3/1424هـ
السؤال
سؤالي يتعلق "بصلاة الاستغفار":فقد تحدث الكثير من العلماء جزاهم الله خيراً عن أن هذه الصلاة بدعة ولا أصل لها! وأن ما ورد من الأحاديث فيها هي أحاديثٌ ضعيفة! ولكن من خلال تصفحي لـ "صحيح سنن ابن ماجة" للعلامة الشيخ / محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- أورد في الباب 190 "باب ما جاء في صلاة الاستغفار" حديثين أحدهما لأبي رافع والآخر لابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكلا الحديثين يخبر عن هذه الصلاة وصفتها والترغيب فيها، ثم أورد الألباني أن كلا الحديثين "صحيح"! فأردت الاستفسار منكم عن كيفية توافق هذا الكلام وحكم هذه الصلاة في الدين؟! وإذا كانت "بدعة" فكيف يتم التوفيق بين بدعيتها وصحة حديثي سنن ابن ماجة -رحمه الله-؟! ولكم جزيل الشكر على ما تقدمون للدين من جهد وبذل.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:(6/300)
الحديثان اللذان أشار إليهما السائل يتعلقان بصلاة التسبيح، وقد بوب ابن ماجة لهذين الحديثين بقوله:"باب ما جاء في صلاة التسبيح"، ولم أطلع على أحدٍ من أهل العلم أطلق عليها صلاة الاستغفار، كما ذكر السائل. وعلى كل حال، فإن صلاة التسبيح قد وردت في عدد من الأحاديث، ومنها ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعباس -رضي الله عنه-: يا عباس يا عمّاه ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل لك عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته عشر خصالٍ، أن تصلي أربع ركعاتٍ، تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعةٍ قلتَ وأنت قائم: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقول وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تُفعل في أربع ركعاتٍ، إن استطعت أن تصلِّيها في كل يومٍ مرةً فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرةً، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرةً، فإن لم تفعل ففي عمرك مرةً " رواه ابن ماجة بهذا اللفظ (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث:1387) ، وأبو داود (كتاب: الصلاة، باب: صلاة التسبيح، رقم الحديث: 1297) ، وروى الترمذي نحو هذا الحديث من رواية أبي رافع (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث: 482) ، وابن ماجة (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث:1386) . وقال أبو عيسى الترمذي: روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة التسبيح غير حديث. قال: "ولا يصح منه كبير شيء". أما حكم هذه الصلاة، فقد اختلف فيه(6/301)
أهل العلم، فمنهم من قال بمشروعيتها، وأنه يستحب للإنسان القيام بأدائها طلباً لثوابها الوارد في حديث ابن عباس وأبي رافع ونحوهما، ومنهم من قال: بعدم مشروعيتها، وأنه لا يجوز فعلها. والسبب في اختلافهم في حكمها: الاختلاف في صحة الأحاديث الواردة في فضلها، فمن رأى أن هذه الأحاديث صحيحة أو حسنة، احتج بها وقال بمشروعية هذه الصلاة، ومن رأى أن هذه الأحاديث ضعيفة أو شاذة، لم يحتج بها وقال بعدم مشروعية هذه الصلاة. ومن خلال هذا الكلام يتبين أنه لا إشكال في المسألة؛ لأن من صحح أحاديثها قال بمشروعيتها، ومن لم يصححها قال بعدم مشروعيتها. وفيما يأتي أذكر عدداً من النقول عن أهل العلم فيما يتعلق بحكم هذه الصلاة:
(1) قال ابن عابدين: قوله: (وأربع صلاة التسبيح) يفعلها في كل وقت لا كراهة فيه، أو في كل يوم أو ليلة مرة، وإلا ففي كل أسبوع أو جمعة أو شهر أو العمر، وحديثها حسن لكثرة طرقه) حاشية ابن عابدين (2/27) .
(2) وذكر الخطاب أن صلاة التسبيح من النوافل أو الفضائل، وكلاهما مستحب الفعل عند المالكية. مواهب الجليل (1/381) .
(3) وقال النووي: "قال القاضي حسين وصاحبا التهذيب والتتمة ……: يستحب صلاة التسبيح للحديث الوارد فيها، وفي هذا الاستحباب نظر؛ لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف، فينبغي ألا يفعل بغير حديث، وليس حديثها بثابت، وقد قال العقيلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وكذا ذكر أبو بكر بن العربي وآخرون، أنه ليس فيه حديث صحيح ولا حسن والله أعلم" المجموع شرح المهذب (3/547-548) .(6/302)
(4) وقال ابن قدامة: (فأما صلاة التسبيح، فإن أحمد قال: ما يعجبني، قيل له: لم؟ قال: ليس فيها شيء يصح، ونفض يده كالمنكر) المغني (1/437-438) . ولكن الذي ينبغي أن يقال في هذه المسألة: إنه لا إنكار على من فعلها؛ لأنها من المسائل المختلف فيها، ومن فعلها فقد تمسك بأحاديث مرويةٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى صحتها أو يقلد من يرى صحتها. ثم إن بعض أهل العلم يحتج بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، ولذلك قال ابن قدامة: "وإن فعلها إنسان فلا بأس؛ فإن النوافل والفضائل لا يشترط صحة الحديث فيها". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(6/303)
سجود التلاوة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/سجود التلاوة وسجود الشكر
التاريخ 3/5/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهل يوجد بديل عن سجدة التلاوة؟ لقد سمعت من بعض الناس أنه يقول بعد التلاوة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فهل هذا صحيح أم خطأ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
سجود التلاوة سنة مؤكدة، وليس بواجب سواء كان المرء في الصلاة أو خارجها فإن سجد فحسن وإن لم يسجد فلا باس عليه، ولا أعرف أن له بديلاً، وإنما يقول فيه ما يقول في سجود الصلاة، فيقول: سبحان ربي الأعلى مرة أو أكثر، ثم إن دعا بشيء مما ورد فحسن.
ومما ورد في ذلك ما أخرجه أبو داود (1414) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في سجود القرآن بالليل يقول في السجدة مراراً سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته".(6/304)
السجود عند قراءة آية سجدة
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/سجود التلاوة وسجود الشكر
التاريخ 12/10/1423هـ
السؤال
ما الواجب القيام به عند قراءة الآية الأخيرة من سورة الأعراف؟ وهل لا بد من الطهارة؟ وكيف الحال بمن كانت ليست على طهارة وهي تقرأ هذه الآية؟
الجواب
الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله، وبعد:
قراءة آية السجدة من سورة الأعراف أو غيرها يستحب للقارئة أن تسجد عندها سجود التلاوة، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يشترط لهذه السجدة طهارة وهو ما نصره ابن تيمية -رحمه الله- (الفتاوى الكبرى 23/165) وما بعدها.(6/305)
جمع الراتبة والوتر في سلام واحد
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة
التاريخ 30/3/1424هـ
السؤال
ما حكم جعل السنة الراتبة والوتر بسلام واحد؟
الجواب
السنة الراتبة لا يجوز للإنسان أن يشركها مع الوتر؛ بل إنها سنة مستقلة -صلاة مستقلة-، والوتر صلاة مستقلة، فلا يجعل الراتبة مع الوتر؛ بل يصلي الراتبة مستقلة ثم يسلم، ثم يصلي الوتر مستقلاً، ثم يسلم.(6/306)
الانتقال من النافلة إلى المكتوبة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة
التاريخ 15/8/1423هـ
السؤال
"إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"، لو أني أصلي نافلة وأقيمت الصلاة، فهل أخرج من النافلة بدون تكميلها؟ وهل أسلم أم لا؟ وشكراً.
الجواب
إذا أدركت من صلاة النافلة ركعة فالأفضل لك إتمام النافلة خفيفة ثم اللحاق بإمام الراتبة، وإن لم تدرك من النافلة ركعة، وإنما كبرت للإحرام ثم أقيمت الصلاة فلتخرج من الصلاة بنية قطعها؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" رواه مسلم (710) وغيره.
وأما السلام فإنما يشرع للخروج من الصلاة بعد الإتيان بكامل فروضها وواجباتها، فلا تكفي فيه نية انتهائها، فإن نوى الخروج قبل ذلك أجزأته نية القطع والشروع فيما نوى.(6/307)
هل ورد في صلاة النافلة في البيت هذا الفضل؟
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة
التاريخ 12/01/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد التحية.
هل صحيح أن صلاة النافلة في البيت أفضل منها في المسجد بـ 70 مرة، وما الدليل على ذلك؟. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله.
جاء في صحيح البخاري (432) ، وصحيح مسلم (777) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا"، وفي صحيح مسلم (778) أيضاً: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيباً من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً". فالنبي -صلى الله عليه وسلم- جعل من صلاة الإنسان في بيته خيراً، وهو غير محدد بـ 70ولا أكثر، والخير كل الخير في اتباعه صلى الله عليه وسلم، والسبب في أن يصلي الإنسان في بيته دون المسجد، هو أن تعمر البيوت بالصلاة فيها، ويتعلم الأولاد والأهل الصلاة من والدهم، ويتذكرون الصلاة إذا غفلوا عنها، ولا تفوتهم. والله أعلم.(6/308)
إذا تطوَّع بصلاة المغرب فهل يصليها ثلاثاً؟!
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة
التاريخ 10/10/1426هـ
السؤال
صليت المغرب في الطريق ثم أدركتها عندما وصلت لمقصدي، فصليت معهم المغرب على أنها نافلة، ولم أدرك إلا ركعة واحدة، فقمت وأكملت ركعتين، فهل عملي هذا صحيح؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا العمل صحيح ولا بأس به، فإذا جئت والناس يصلون المغرب وقد صليت فصل معهم وتكون لك نافلة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي ذر -رضي الله عنه- الذي أخرجه مسلم (648) : "إذا أقيمت وأنت في المسجد فصل". وأيضاً حديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما انتهى من الصلاة وجد رجلين لم يصليا فدعاهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ ". فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة". أخرجه الترمذي (219) ، والنسائي (858) .
وكونك صليت ركعتين فهذا جائز ولا بأس به، ولو أن الإنسان صلى مع الإمام ثلاث ركعات فأيضاً هذا جائز ولا بأس به؛ لأنه صلى صلاة وأوتر تبعاً للإمام؛ والقاعدة في ذلك أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.(6/309)
الخطبة قبل صلاة العيد
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة
التاريخ 29/10/1425هـ
السؤال
علماء الحنفية يجعلون الخطبة قبل صلاة العيد، هل فعلهم صحيح؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السنة أن تكون الخطبة بعد صلاة العيد، وإن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. متفق عليه: البخاري (963) ومسلم (888) . وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما- مثله. رواه البخاري (962) ومسلم (884) . قال في المغني: (إن خطبة العيدين بعد الصلاة لا نعلم فيه خلافًا بين المسلمين إلا عن بني أمية) . وروى طارق بن شهاب قال: قدَّم مروان الخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: خالفت السنة، كانت الخطبة بعد الصلاة. فقال مروان: تُرك ذاك يا أبا فلان. فقام أبو سعيد فقال: أما هذا المتكلم فقد قضى ما عليه. وساق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن رأَى مِنكم مُنْكَرًا فَلْيُنْكِرْ بِيَدِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُنكرْهُ بِلِسَانِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ، وذلك أَضْعَفُ الإِيمانِ". رواه أبو داود الطيالسي (2196) عن شعبة عن قيس عن طارق، ورواه مسلم في صحيحه (49) ، ولفظه: "فَلْيُغَيِّرْهُ". وعلى هذا فمن خطب قبل الصلاة كمن لم يخطب؛ لأن الخطبة وقعت في غير محلها، علمًا أن الخطبة في صلاة العيدين سنة لا يجب حضورها ولا استماعها. والله أعلم.(6/310)
الصلاة على صاحب الكبيرة!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ كتاب الجنائز/حكم صلاة الجنازة وصفتها
التاريخ 22/05/1427هـ
السؤال
هل من السنة عدم الصلاة على المتوفى إذا كان امرأة لا ترتدى الحجاب وتترك الصلاة أحياناً؟
الجواب
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالأصل أن من مات مسلماً موحداً، فغسله، وتكفينه، فالصلاة عليه، ودفنه، فرض كفاية على المسلمين، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، حتى ولو كان مدمن خمرٍ، أو عاقاً لوالديه، أو امرأة متبرجة، أو حتى زانية، أو قاتلَ نفسٍ معصومة.
لكن على ولي الأمر وإمام المسلمين الأكبر ومحل القدوة فيهم ألا يصلي على من وقع في شيء من الموبقات من أبناء المسلمين، ولم يتب منها ردعاً لغيره وزجراً، كما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة على المدين الذي لم يترك لدَيْنه وفاء وقال: "صلوا على صاحبكم". صحيح البخاري (2291) ، وصحيح مسلم (1619) . لكن يصلي عليه غيره. والله أعلم.(6/311)
هل تشرع التعزية للنساء؟
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/ كتاب الجنائز/التعزية
التاريخ 23/05/1427هـ
السؤال
سمعت أنه لا عزاء على النساء، وكثير من معارفنا من النساء لا يأتين للعزاء، حتى ولو كان الميت من أقرب الأقارب لهن.. فأرجو بيان الدليل -إن وجد-، وإن كان هذا القول غير صحيح فأرجو تزويدي بالأدلة الشرعية كي أبين الحق لمن يقول بالقول المتقدم؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فعزاء المسلم للمسلم مشروع سواء أكان المعزي رجلاً أم امرأة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عزّى آل جعفر، وذهب إلى آل أبي سلمة، وعزى الرجل الذي كان له ابن يحبه حباً، عظيماً فتوفي فحزن عليه حزناً عظيماً، وغيرها من الأحاديث والآثار التي تدل على مشروعية التعزية في الجملة. انظر سنن أحمد (1659) ، وصحيح البخاري (1284) ، وصحيح مسلم (920) ، وسنن النسائي (2088) .
وإنما الخلاف في حكم الاجتماع من أجل العزاء، فهل يجوز أن يجتمع المعزون عند أهل الميت، سواء أكان المعزون رجالاً أم نساء؟
بعض أهل العلم منع من الاجتماع عند أهل الميت وعده من النياحة، وقال بكراهة الجلوس للعزاء الشافعية، وعدوه من البدع، والحنابلة في المشهور عنهم، واستدلوا بأثر جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة. رواه أحمد (6905) ، وابن ماجه (1612) . والأثر صححه النووي والشوكاني والألباني رحمهم الله.
وبعض أهل العلم من الحنفية (وإن كان بعضهم يقول: إن الجلوس للرجال لا النساء) والمالكية، ورواية عن الإمام أحمد رخصوا في ذلك.
واستدل القائلون بالجواز بما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه قتل زيد بن حارثة، وجعفر، وابن رواحة، جلس يعرف فيه الحزن ... صحيح البخاري (1299) ، صحيح مسلم (935) .(6/312)
واستدلوا أيضاً بما في الصحيحين عن عائشة أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها، أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت، ثم صنع ثريد، فصبت التلبينة عليها، ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "التلبينة مجمة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن" صحيح البخاري (5417) ، وصحيح مسلم (2216) . ففي حديث عائشة أن النساء كن يجتمعن عند أهل الميت.
وقالوا أيضاً: التعزية مستحبة، والجلوس وسيلة للتعزية، والوسائل لها أحكام المقاصد؛ لأنه يصعب -خاصة في المدن- أن يعزي الشخص أهل الميت إذا لم يجلسوا في مكان معروف.
وأما أثر جرير بن عبد الله الذي استدل به من منع من الجلوس فقد ضعفه الإمام أحمد، وذكر أنه لا يرى لهذا الحديث أصلاً- كما في سؤالات أبي داود.
وعلى فرض صحته فالممنوع هو الاجتماع مع صناعة الطعام لما فيه من التباهي وغيره من المحاذير، أما إن كانوا يجتمعون ويصنع الطعام غيرهم فليس فيه محظور.
وحتى على القول بالجواز، لا يجوز أن يصاحب ذلك بعض الأمور المحدثة، كالاجتماع لقراءة القرآن، أو تحديد هيئة أو أوقات معينة لقراءة القرآن، أو إسراف في المآدب، كما لا يجوز أن يصاحب ذلك نياحة، أوشق للجيوب، أولطم للخدود، أو سخط واعتراض على القدر، بل المطلوب من المعزين الدعاء للميت، ومواساة أهل الميت وتسليتهم لا تهييجهم.
كما أن المشروع صناعة الطعام لأهل الميت؛ لأن عندهم ما يشغلهم لا أن يصنعوا هم الطعام للناس ويجمعونهم لذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم. أخرجه أبو داود (3132) ، والترمذي (998) ، وابن ماجه (1610) .
وعلى ذلك فالمسألة اجتهادية خلافية -وإن كان الأقوى الجواز- ولا إنكار في مسائل الاجتهاد.
والله أعلم وصلى وسلم على نبينا محمد.(6/313)
رفع الصوت بقراءة القرآن
المجيب محمد بن عبد العزيز العامر
القاضي بمحكمة جدة
القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة
التاريخ 7/4/1422
السؤال
ما حكم رفع الصوت بقراءة القرآن؟
الجواب
إن كان الإنسان خالياً فلا بأس (إن شاء الله تعالى) ، وإن كان هذا في المسجد، والناس يصلون فلا ينبغي مثل هذا لما فيه من التشويش على غيره، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه أحمد وأبو داوود من حديث أبي سعيد الخدري، قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له، فكشف الستر، وقال: ألا كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة".
وروى مالك في الموطأ عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس، وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".(6/314)
الكلام في الصلاة سهواً
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
تكلمت أثناء الصلاة عندما أخطأت في آية وكنت الإمام، ولم أشعر إلا وأنا أقول (أنا آسف) ناسياً أنني في صلاة، وأكملت صلاتي بعد ذلك والإخوة في المسجد، لكن أحدهم قال إن الصلاة باطلة لك، صحيحة للمأمومين، فذهبت إلى مكتبتي وقرأت في كتاب المحلى لابن حزم أن الكلام سهوا في الصلاة لا يبطلها، أفيدوني لأبين الحكم الصحيح، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
من تكلَّم ناسياً في الصلاة، أو جاهلاً، أو مكرهاً، فإنه لا شيء عليه، وصلاته صحيحة، ويدل لهذا حديث معاوية بن الحكم -رضي الله عنه- في صحيح مسلم (537) : لما تكلَّم في الصلاة لم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم- بإعادة الصلاة، وإنما قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" والله أعلم.(6/315)
مزاح المصلي للطفل
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 25/7/1424هـ
السؤال
لدي طفلة تبلغ من العمر 4 أعوام، وطفل يبلغ عامين، في بعض الأحيان وأنا أصلي في البيت، يلعبون بجواري، وأحياناً يحاولون أن يجلسوا على ظهري في وضع السجود، أو على رجلي في وضع التشهد، أو أن أحملهم وأداعبهم أثناء الصلاة، وقد يتعرض أحدهم إلى خطر (مكان الكهرباء مثلا) وأنا أصلي، فهل مداعبة الأطفال أو كف الأذى عنهم، أو الإشارة لهم بشيء أثناء الصلاة حرام؟ مع العلم أنني بالطبع أفقد التركيز والخشوع في صلاتي، وإنني أؤديها كمجرد فرض دون خشوع في معظم الأحيان، حتى ولو أن الأطفال ليسوا معي، فإني أجاهد نفسي لكي أتمعن في صلاتي، ولكن في أغلب الأحيان يغلب علي السهو، فهل تقبل صلاتي على هذا النحو؟ مع العلم أنني لا أترك فرضاً، وأصلي بعض النوافل؟ وشكرا. ً
الجواب(6/316)
إذا كان هذا الأمر من دون اختيار لك، وخشيت عليهم لو تركتيهم أن يزيد تشويشهم عليك في الصلاة فلا بأس، أما إذا كان يمكن دفعهم ومنعهم فإن هذا المتعين، والنبي – صلى الله عليه وسلم- حمل أمامة بنت بنته خوفاً عليها من أن يصدر منها تشويش يؤذي النبي – صلى الله عليه وسلم- ويؤذي جميع المصلين، انظر ما رواه البخاري (516) ، ومسلم (543) ، حديث أبي قتادة – رضي الله عنه - وليس هذا دليلاً على أن الإنسان إذا دخل في الصلاة يبدأ اللعب مع أطفاله، قد جاء في سؤالك أنك تداعبين أطفالك أثناء الصلاة، ومن أركان الصلاة الطمأنينة والمداعبة عبث، والعبث يبطل الصلاة، فيجب عليك وعلى غيرك أن تتقوا الله وتؤدوا الصلاة تامة بأركانها وشروطها، وواجباتها، وأن يبعد الإنسان عنه ما يشغله عن الخشوع، لأن الخشوع هو لب الصلاة، والله – تعالى- يقول: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" [المؤمنون:1-2] ، ويقول – جل وعلا-: "ألم يأن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق" [الحديد:16] ، فيجب على الإنسان أن يزيل عنه المشاغل الحسية والمعنوية، ولهذا نهى النبي – صلى الله عليه وسلم- الإنسان إذا كان بحضرة طعام أو يدافع الأخبثين أن يصلي، وأمره أن يتخلص من هذه قبل الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان"رواه مسلم (560) من حديث – عائشة – رضي الله عنها -، وهذه الأخت السائلة تقول: إنها تداعب الأطفال في أثناء الصلاة، فمداعبتهم هذا عبث وتعمد، وكثرة العبث تبطل الصلاة، فعلى هذه السائلة وغيرها أن ينتبهوا لهذه المسألة، وقالت: إنها تفقد بالطبع التركيز والخشوع في صلاتها التي تؤديها، كمجرد فرض، دون خشوع في معظم الأحيان، هذا دليل على أنها جعلت الصلاة مجرد حركات لا روح فيها، وهذا تلاعب وإهمال وعدم مبالاة في حق الصلاة، وقالت أيضاً: حتى لو أن الأطفال ليسوا معي فإني أجاهد نفسي لكي أتمعن في صلاتي، ولكن(6/317)
في أغلب الأحيان يغلب علي السهو فهل تقبل الصلاة على هذا النحو؟.(6/318)
فنقول: كما نبهنا في البداية عليها أن تجتهد في إصلاح نفسها، والصلاة فيها شغل في ذاتها، فليس فيها فراغ، ليس فيها أوقات يكون الإنسان فيها معذوراً أن يعمل ما شاء، فإن الإنسان من حين أن يكبَّر تكبيرة الإحرام فإنه مشتغل بأذكار وأعمال حتى ينتهي من صلاته بالسلام، والنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن في الصلاة لشغلاً" رواه البخاري (1216) ، ومسلم (538) من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- يعني: أن الصلاة جوهرها كله مشغل للإنسان، فهي تشتمل على تكبير وتلاوة، وركوع ودعاء، واستغفار، وغير ذلك، فليس فيه مجال للإنسان أن يفسح لنفسه أن يذهب يميناً وشمالاً ويسرح في أفكاره وغيرها، وإنما عليه أن يتأمل ما يقرأ، ويتأمل حال ركوعه وحال سجوده، وما يقول فيهما، وحال قراءته وفي تشهده، كل ذلك يكون مشتملاً لما يتلو، وهذا الشغل مدعاة أن ينصرف عن الخواطر التي تخطر له وتؤذيه في الصلاة، والنبي – صلى الله عليه وسلم- أخبر: "أن الرجل لينصرف، أي من الصلاة – وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها" رواه أبو داود (796) من حديث عمار بن ياسر – رضي الله عنهما -، ويكتب لك من صلاتك بقدر ما فيها من الخشوع، ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت، وإن أجزأت عن الفريضة، لكن من حيث ترتب الثواب عليها لا يحصل الإنسان إلا قدر الوقت الذي كان فيها خاشعاً، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تجزئ صلاةٌ لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود" رواه الترمذي (265) والنسائي (1027) ، وأبو داود (855) وابن ماجة (870) ، من حديث أبي مسعود البدري – رضي الله عنه – وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "من صلى الصلاة لوقتها، وأسبغ لها وضوءها، وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرةٌ، تقول: حفظك الله كما حفظتني، ومن صلى الصلاة لغير وقتها فلم يسبغ لها وضوءها، ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا(6/319)
سجودها خرجت وهي سوداء مظلمةٌ تقول: ضيعك الله كما ضيعتني حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق، ثم ضُرِب بها وجهه" رواه الطبراني في الأوسط (3095) من حديث أنس - رضي الله عنه -، فعلى الإنسان أن ينتبه للصلاة، لأنها الركن الثاني من أركان الإسلام، ولا يستخف بها كما جاء في سؤال السائلة، ونسأل الله الهداية للجميع.(6/320)
مضاعفة الصلوات في المسجد الحرام
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 4/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ورد في الحديث أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مئة ألف صلاة فيما سواه، فكنت أغتنم كل زيارة للمسجد الحرام فأكثر فيه من النوافل، وقد أخبرني أحدهم مؤخراً أن الحديث يتكلم عن الصلوات المكتوبات دون النوافل، فهل هذا صحيح؟
الجواب
الوارد في الحديث مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام، والمراد بها مكة كلها -إن شاء الله-، ولم يخصص الفريضة دون النافلة، والصلاة في سائر مكة مضاعفة -إن شاء الله-، كما قرر ذلك كثير من العلماء سواء كان الصلاة في المسجد الحرام نفسه الذي حول الكعبة أو بعيداً عنه في حدود الحرم إلا أن صلاة الفريضة في المسجد الحرام نفسه أفضل من غيره لوجود مزايا لا تحصل بغيره.(6/321)
قطع صلاة الفرض
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 4/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو الإجابة على:
(1) هل يجوز قطع صلاة الفرض؟ ومتى لا يجوز ومتى يجوز؟
(2) وهل يجوز الانحراف في الصلاة إن علمنا شبه يقين أن القبلة في اتجاه معين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
قطع صلاة الفريضة وإبطالها لا يجوز إلا للضرورة أو يأتي بما هو الأفضل مثل صلاة الجماعة.
وإذا علم الإنسان وهو في الصلاة أن القبلة في اتجاه معين فإنه يتجه إليه وجوباً.(6/322)
متى أقضي الصلاة الفائتة؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 16/10/1422
السؤال
السؤال: هل يصح لي عندما يفوتني فرض أن أصليه في وقت نفس الفرض في اليوم التالي؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
لا يصح هذا، بل يجب عليك المبادرة بالقضاء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" من نام عن صلاة، أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلاَّ ذلك" وتلى قوله تعالى:" وأقم الصلاة لذكري" [طه:14] والحديث رواه البخاري (597) ومسلم (684) والله أعلم.(6/323)
حسر الرأس في الصلاة
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 19/9/1422
السؤال
هل تصح صلاتي إذا لم ألبس كوفية، أو شماغاً، أو عمامة، أو شيئاً من هذا القبيل؟ وما دليل ذلك من السنة إذا كان لا بد من وضعها؟
الجواب
تصح صلاة الرجل وهو حاسر الرأس إماماً كان أو منفرداً؛ لأنه لم يثبت الأمر بتغطية الرأس بعمامة أو غيرها في الصلاة. وستر الرأس بلباس البلد المعتاد أفضل؛ فإنه من أخذ الزينة المأمور بها في الصلاة في قوله - تعالى - "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" [الأعراف:31] .، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يلبس العمامة انظر مارواه مسلم (1359) ، والله أعلم.(6/324)
المسح على الجورب الفوقاني
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
ما حكم من لبس جوربين ومسح على الأعلى، هل يجوز له خلعه والصلاة بالذي يلي الجسم، وماذا لو مسح على الأسفل ولبس فوقه آخر؟ نريد التفصيل.
الجواب
فإن الإنسان إذا لبس جوربين ومسح على الأعلى منهما ثم خلعه بعد أن مسح عليه بعض الوقت فإنه على الراجح باق على طهارته تجوز له الصلاة، ولا ينتقض الوضوء حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء المعروفة، وعليه فلا تبطل الطهارة بمجرد خلع الجورب أو الخف إذا كان الإنسان طاهرًا وقت خلعه له.
وإذا لبس الإنسان خفًّا على خف بعد أن مسح على الخف الأسفل فإنه يجوز له- على الراجح أيضًا- المسح على الأعلى إذا كان ملبوسًا على طهارة، ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "دَعْهُمَا فَإِني أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ". متفق عليه: صحيح البخاري (206) وصحيح مسلم (274) ، من حديث المغيرة بن شعبة، رضي الله عنه، وهذا يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين؛ لكن ينبغي أن يعلم أن المدة تحتسب من حين المسح على الأول لا من حين المسح على الثاني. والله اعلم.(6/325)
السجود خارج الصلاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 14/9/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، علمنا من الحديث الشريف استحباب الدعاء عند السجود، فهل يجوز أن ندعو ونحن سجود خارج الصلاة؟ وهل يعتبر هذا من البدع؟.
الجواب
لا يشرع السجود خارج الصلاة إلا فيما ورد، كسجود التلاوة وسجود الشكر.(6/326)
هل أقطع صلاتي إذا نادتني أمي؟
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 6/12/1422
السؤال
ما حكم قطع الصلاة إذا سمع المرء أمه تناديه؟ وهل هناك اختلاف في الحكم بين الصلاة النافلة والفرض؟
الجواب
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله، فالجواب على هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل إليك بيانه:
أولاً: إن كانت الصلاة فريضة، فلا يخلو نداء الأم عن حالتين:
أولاهما: أن يكون نداؤها ضرورياً لا يمكن تأجيله كإنقاذها من حريق، أو غرق، أو عدو، أو سبع، فهنا لا بأس أن يفعل ما في وسعه لإنقاذها، ثم يعود إلى صلاته، قال أحمد: "إذ رأى صبيين يتخوف أن يلقي أحدهما صاحبه في البئر، فإنه يذهب إليهما فيخلصهما ويعود إلى صلاته" (انظر: الشرح الكبير 3/614، طبعة التركي والحلو) ، وقال صاحب الشرح:" فإن خاف على نفسه من الحريق ونحوه في الصلاة ففر منه بنى على صلاته وأتمها صلاة خائف". (انظر: الشرح الكبير 3/615) .(6/327)
ثانيهما: أن يكون نداؤها غير ضروري يمكن تأجيله، فهنا يلزم إتمام الصلاة ويحرم قطعها أو كثرة العمل في أثنائها كثرة فاحشة، سيما لغير حاجة؛ لأن الصلاة حق لله – عز وجل -، وحقه مقدم على حق الوالدين لما في البخاري (7534) ومسلم (85) من حديث ابن مسعود – رضي الله عنهما- "سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، فما تركت أن أستزيده إلا إرعاءً عليه"، وهذا لفظ مسلم، وقد ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم- فتح الباب لعائشة – رضي الله عنها – وهو يصلي انظر ما رواه الترمذي (601) وأبو داود (922) والنسائي (1206) ، وفي البخاري (516) ومسلم (543) من حديث أبي قتادة – رضي الله عنه – كان – عليه السلام- يؤم الناس وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود حملها.
ولا يشرع في جميع الأحوال الكلام في الصلاة؛ لأنه يبطلها إذا كان من غير جنسها، ومن جهة ثانية فلو أمكنه تخفيف الصلاة من غير إخلال بأركانها وواجباتها ليتسنى له إجابة أمه فحسن، إذ قد صحَّ عنه -عليه الصلاة والسلام- قوله:" إني لأقوم إلى الصلاة، وأنا أريد أن أطَوِّلَ فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه ". رواه البخاري (707) من حديث أبي قتادة –رضي الله عنه-.(6/328)
ثانياً: إن كانت الصلاة نافلة، وغلب على ظنه أن أمه ستعذره إذا علمت أنه في صلاة، وليس في إجابتها دفع ضرورة قائمة فالأولى إتمام الصلاة خفيفة، فالمبادرة إلى إجابة النداء مع الاعتذار بلباقة وأدب، وإنما قلت: يتم الصلاة خفيفة ولا يقطعها فراراً من مغبة مخالفة قوله -تعالى-: " ولا تبطلوا أعمالكم " [محمد:33] ، فقد منع بعض أهل العلم قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة للآية المذكورة، وأما إذا غلب على ظنه أن أمه لن تعذره إن تأخر عن إجابتها فلا بأس أن يقطع صلاته؛ لأن حق الأم مقدم على نوافل العبادات وطاعتها في المعروف حتم لازم، والله أعلم.(6/329)
تأخير الصلاة لإكمال الدرس
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 6/12/1424هـ
السؤال
مجموعة في حلقة دراسية أو دورة في أي علم كان، ما حكم تأخيرهم الصلاة ليصلوا معاً بعد انتهاء الدرس، وهل يختلف الحكم إن كان المسجد مجاوراً أو لا؟ علماً أنهم لا يؤخرونها عن وقتها، ولكن حرصاً على الوقت واجتماع المجموعة وعدم تفرقهم.
الجواب
فيه تفصيل: فإن كان بالقرب منهم مسجد يسمعون منه النداء فيجب عليهم قطع الدروس مهما كانت، والتوجه إلى المسجد وأداء الصلاة جماعة، والدروس يجب أن تكون عوناً على ذكر الله وعلى الصلاة لا ذريعة لترك الواجبات.
وإن كانوا في مكان بعيد عن المساجد فلا حرج عليهم -إن شاء الله- في تأخير الصلاة إلى انتهاء الدرس، ويصلون جماعة قبل خروج وقت الصلاة، والمبادرة أولى، وبالله التوفيق.(6/330)
بناء المنبر والمحراب
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 23/2/1423
السؤال
ما حكم بناء المنابر والمحاريب في غير مساجد الجمع؟
الجواب
المشروع في الخطبة أن تكون على المنبر؛ لفعله -عليه الصلاة والسلام-، ولأنه أبلغ في الإعلام والوعظ، وقد ذكر الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: أن اتخاذ المنبر سنة مجمع عليها (ج6ص152) .
أما بناء المحاريب، فإليك نص فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم (5614) : س: المحراب في المسجد، هل كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
ج: لم يزل المسلمون يعملون المحاريب في المساجد في القرون المفضلة وما بعدها؛ لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين، ومن ذلك بيان القبلة وإيضاح أن المكان مسجد، وبالله التوفيق.(6/331)
ظهور أفعى أمام المصلي
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 23/11/1423هـ
السؤال
أريد أن أعرف ما الحكم الشرعي إذا كان المسلم يصلي وأثناء صلاته ظهرت أمامه أفعى فماذا يتوجب عليه فعله؟ هل يقتلها ويكمل صلاته أم يرفع صوته حتى يسمعه غيره ويتولى قتلها أم يتركها وشأنها؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل الأسودين في الصلاة العقرب والحية" رواه الخمسة النسائي (3/10) وأبو داود (921) وابن ماجة (1245) وصححه الترمذي (390) ورواه ابن حبان (2351) والحاكم
(1/256) وصححه.
فهذا الحديث يدل على أنه يشرع للإنسان قتل الحية أو العقرب وما في معناهما من الحيوانات المؤذية في صلاته، وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على أنه لا يكره للمصلي ذلك وأنه يتم صلاته.
قال بعضهم:"ولو كثر الفعل لأن الحال حال ضرورة"، والله تعالى أعلم.(6/332)
أثر بقاء الشعر على صحة الصلاة
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 28/2/1424هـ
السؤال
هل تجوز الصلاة والصيام إذا لم يزل شعر الجسم أكثر من أربعين يوماً؟
الجواب
الصلاة هيئة متكاملة ذات أركان وواجبات وشروط؛ فإذا اكتملت هذه الأركان وتلك الشروط والواجبات فهي صلاة شرعية صحيحة؛ وليس إزالة الشعر من أركانها ولا شروطها ولا واجباتها، وإنما ذلك من الفطرة والنظافة، فلا علاقة له بصحة الصلاة وعدم صحتها، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.(6/333)
لماذا الظهر أربع والجمعة ركعتان
المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض
أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 5/11/1422هـ
السؤال
لماذا لا نصلي صلاة الظهر يوم الجمعة ونصلي بدلاً منها ركعتين في المسجد فقط؟ ما الدليل النقلي من القرآن والسنة على تأكيد ذلك؟ وهل كان ذلك موجوداً أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وبعد:
أخي السائل: العبادات في الإسلام توقيفية -أي مأخوذة من القرآن والسنة- والأصل في الاتباع لا الابتداع، وهي لا تخضع للاجتهاد أو الرؤية الشخصية، قال تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه ومن نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر:7] وفي الحديث:"صلوا كما رأيتموني أصلي" البخاري (631) .
ومن خصوصيات الإسلام دون غيره من الأديان أن الصلوات بأسمائها وكيفيتها ومواقيتها وردت نظرياً وعملياً عن الرسول -عليه السلام-، وأما صلاة الجمعة ركعتين دون أربع فقد ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة" [الجمعة:9] تسمية لصلاة الجمعة باسم يومها، وحرم الإسلام البيع والشراء ليساعد على الاجتماع لها، "فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" [الجمعة: 9] ومن لازمها أداء الخطبة من قيام "وتركوك قائماً" [الجمعة: 11] ، وفي السنة كثير من الأحاديث التي نصت على وجوبها وآدابها وشروط صحتها وآداب الحضور والاستماع بما لا يتسع المجال لذكره، وقد أجمع العلماء على وجوبها على كل مسلم بالغ عاقل ذكر حر مقيم قادر على الأداء (غير مريض) .
وقد أداها الرسول بعد الهجرة بخطبتين بعدهما ركعتان وظل على أدائها حتى لاقى ربه، فوجب الاتباع وترك الابتداع.(6/334)
إعتادت النوم عن صلاة العشاء، فهل تقضيها؟
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 23/8/1424هـ
السؤال
كنت في بعض الأحيان أؤخر صلاة العشاء ثم أنام عنها، ولكني لم أكن أقصد أن لا أصليها، وبقيت على ذلك لمدة من الزمن، ولكن الآن إيماني قد قوي وأنا نادمة على ذلك كثيراً، فهل أقضي؟.
الجواب
الصحيح أنها لا يلزمها، وإنما عليها أن تكثر من النوافل، ولكن إذا كانت صلوات معدودة (صلاة العشاء) ، فاستيقظت فإنها تقضيها ولو في الضحى، "من نسي صلاةً أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" رواه البخاري (597) ، ومسلم (684) ، واللفظ له من حديث أنس -رضي الله عنه- أما إذا كثرت هذه الصلوات فلعلها أن تسقط، وتكثر من النوافل.(6/335)
الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر!
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 16/2/1425هـ
السؤال
هل تعد بدعةً أقامة صلاة الظهر مع الجمعة؟ وهل يمكن اعتبارها كما يذكر البعض أنها مسألة اجتهادية؟ أرجو منكم توضيح ذلك. أيدكم الله.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى شرع لعباده الشرائع فأحكم ما شرع، وبين لهم الدين وأتمه وأكمله، ولم يجعله محتاجاً إلى من يزيد فيه شيئاً لم يشرعه الله أو رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ومما شرعه الله لعباده وأوجبه عليهم: صلاة الجمعة، وهي من آكد الصلوات وأهمها، فمن أداها أجزأته وكفته عن صلاة الظهر، والصحيح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجمعة صلاة مستقلة عن صلاة الظهر وليست بدلاً عنها، وعلى كلا القولين لا يشرع ولا يجوز الجمع بينهما؛ لأنه لم يأت دليل يدل على صحة ومشروعية الجمع بينهما، وإذا كان الجمع بينهما غير جائز؛ فإنه يجب الإنكار على من يفعل هذا الأمر بالحكمة وبالتي هي أحسن حتى ينتهي عن هذا الأمر المنكر؛ لأنه من الابتداع في الدين، والابتداع في الدين اتهام له بالنقص والخلل، كما أنه من باب الإحداث في شرع الله بما لم يأذن به، وقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه عند البخاري (2697) ومسلم (1718) من حديث عائشة - رضي الله عنها-.(6/336)
ومما سبق يتبين أن الجمع بين صلاتي الجمعة والظهر من البدع والمحدثات، وهو فعل لم يكن عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه - رضي الله عنهم-، والواجب الإنكار على من فعله، كما أن هذه المسألة ليست من المسائل الاجتهادية؛ لأن المسألة إنما تكون من المسائل الاجتهادية إذا كانت الأدلة فيها متكافئة أو متعارضة وكل فريق من المتخالفين يستدل بطرف منها، وليس الأمر كذلك في هذه المسألة؛ لعدم وجود ما يدل على مشروعية هذا الفعل ولو كان دليلاً ضعيفاً. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(6/337)
اجتماع العيد والجمعة
المجيب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 27/9/1423هـ
السؤال
تنازع رجلان في العيد إذا وافق الجمعة، فقال أحدهما: يجب أن يصلى العيد، ولا تصلى الجمعة؛ وقال الآخر بل تصلى، فما الصواب في ذلك؟
الجواب
الحمد لله، إذا اجتمعت الجمعة والعيد في يوم واحد فللعلماء في ذلك ثلاثة أقول:
أحدها: أنه تجب الجمعة على من شهد العيد، كما تجب سائر الجمع للعمومات الدالة على وجوب الجمعة، وهو قول الإمام مالك وغيره.
والثاني: تسقط عن أهل البر، مثل أهل العوالي والشواذ؛ لأن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أرخص لهم في ترك الجمعة لما صلى بهم العيد، وهو قول الشافعي.
والقول الثالث: وهو الصحيح أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد، وهذا هو المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه: كعمر، وعثمان، وابن مسعود، وابن عباس، وابن الزبير وغيرهم - رضي الله عنهم -. ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف.
وأصحاب القولين المتقدمين لم يبلغهم ما في ذلك من السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -لما اجتمع في يومه عيدان فصلى العيد ثم رخص في الجمعة، وفي لفظ أنه قال: "أيها الناس! إنكم قد أصبتم خيراً، فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد، فإنا مجمعون"، وهذا الحديث روي في السنن من وجهين: أنه صلى العيد ثم خير الناس في شهود الجمعة: وفي السنن حديث ثالث في ذلك أن ابن الزبير - رضي الله عنهما - كان على عهده عيدان فجمعهما أول النهار ثم لم يصل إلا العصر وذكر أن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - فعل ذلك، وذكر ذلك لابن عباس - رضي الله عنهما - فقال: قد أصاب السنة.(6/338)
وأيضاً فإنه إذا شهد العيد حصل مقصود الاجتماع، ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة، فتكون الظهر في وقتها، والعيد يحصل مقصود الجمعة، وفي إيجابها على الناس تضييق عليهم، وتكدير لمقصود عيدهم، وما سن لهم من السرور فيه، والانبساط.
فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالإبطال، ولأن يوم الجمعة عيد، ويوم الفطر والنحر عيد، ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد إدخال إحداهما في الأخرى، كما يدخل الوضوء في الغسل، وأحد الغسلين في الآخر، والله أعلم.
[مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (24/210-213) ] بتصرف.(6/339)
الالتفات إلى المسبوقين بعد الصلاة!
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 13/2/1425هـ
السؤال
أريد فتوى في ظاهرة انتشرت في المساجد، ألا وهي: ظاهرة الالتفات بعد قضاء الصلاة حتى أن بعض المصلين -هداهم الله- إذا رأيته بعد الصلاة كأنه مسؤول عن المصلين يلتفت يميناً وشمالاً وهكذا، يعدهم عدا، فما تعليق فضيلتكم على هذه الظاهرة؟ حفظكم الله ورعاكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالمشروع للمصلي إذا فرغ من صلاته أن يشتغل بذكر الله تعالى الوارد في السنة، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: "ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بالتكبير"، أخرجه مسلم في صحيحه رقم: (583) ، ومن آداب الذكر حينئذ ألا يكثر من الالتفات؛ ليكون أخشع لقلبه؛ ولئلا يشغل غيره بكثرة الالتفات.
ومع هذا فالالتفات بعد الصلاة جائز كما لا يخفى، ولذا لا ينبغي التعنيف على من فعل ذلك؛ لأنه ربما التفت أحدهم ليتأكد من شهود ابنه أو أخيه للجماعة في المسجد، ومع هذا الاحتمال أو غيره، فإنه ينبغي أن نحسن الظن بإخواننا، وأن نشتغل بعيوب أنفسنا. والله المستعان.(6/340)
التطوع في مكان الفريضة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 04/08/1425هـ
السؤال
عند أداء السنة الراتبة بعد الفريضة ألاحظ أن بعض المصلين يغير مكانه الذي صلى فيه الفريضة ليصلي السنة الراتبة، فلماذا؟ وما هو الحكم؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(6/341)
جاء في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ في مَكَانِهِ". ذكره البخاري معلقًا قبل رقم (850) ، وفي إسناده ضعف، وقد أخرجه أبو داود (1006) وابن ماجه (1427) بلفظ: "أَيَعْجِزُ أحدُكم إذا صلَّى أنْ يتقدَّمَ أو يتأَخَّرَ أو عَن يمينِه أو عن شِمالِهِ؟ ". وأخرج أبو داود (616) وابن ماجه (1428) عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُصلِّي الإِمَامُ في مَقَامِهِ الذي صلَّى فيه المَكْتُوبَةَ حتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ". كما جاء النهي صريًحا في ذلك، في صلاة الجمعة، ففي صحيح مسلم (883) ، من حديث معاوية، رضي الله عنه، أنه قال للسائب بن أخت نمر: إذا صلَّيتَ الجُمُعةَ فلا، حتى تَكَلَّمَ أوْ تَخْرُجَ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرنا بذلك؛ ألَّا نُوصِلَ حتى نتكلَّمَ أوْ نَخْرُجَ. والعلة في ذلك حتى لا يلحق بالفرض ما ليس منه، وقيل بالنسبة للنافلة من أجل تكثير شهود البقاع له يوم القيامة، لأنه جاء في سنن الترمذي (2429) ، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) [الزلزلة:4] . قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا؛ أَنْ تَقُولَ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا". قَالَ: "فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا". والله أعلم.(6/342)
علامة السجود في الجبهة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 03/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
سؤالي عن علامة السجود التي تظهر على الجبهة.
سمعت أن الإمام مالكاً كان يضع شيئاً ليِّناً على الأرض ليسجد فوقه؛ حتى لا يحدث له علامة على جبهته من السجود، فيرونه الناس عابداً تقياً، فإذا كان هذا الفعل صحيحاً، أيكون بدعة في الدين؟ أنا أكره أن يكون لي مثل هذه العلامة؛ بسبب ما يعلق به الناس علي، مثل قولهم "ما شاء الله رجل تقي ... الخ". فهل يجوز لي السجود بلطف؛ حتى لا تتكون مثل هذه العلامة؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الفاضل: وجود هذه العلامة لا تدل - بالضرورة - على التقوى، ولا على كثرة العبادة، وعدمها لا يدل على قلة العبادة أو ضعف التقوى، ولا ينبغي للمرء أن يتكلف إظهار هذه الآثار، فالتطلع لها والتسبب بأسبابها المُظهرة لها ذريعة إلى الرياء والسمعة. وإخفاء العمل، والعبادة وآثارها أولى وأعظم أجراً؛ لكن مع ذلك لا يجوز أن نرمي من تظهر فيه هذه الآثار بتهمة المراءاة والسمعة، والتظاهر بآثار العبادة طلباً لمديح الناس، فكما يجب على المرء أن يتقي الرياء فعليه أيضاً أن يمسك لسانه عن الاستطالة في أعراض المسلمين، واتهامهم بما ليس فيهم. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/343)
الصلاة في بيت به صور
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الصلاة/مسائل متفرقة
التاريخ 16/05/1427هـ
السؤال
هل تصح الصلاة في بيت فيه صور ودمى؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد:
فالصور والدمى لا يجوز وضعها في البيت، ولا سيما تعليقها، إلا أن تكون الصورة مهانة، لما ثبت في الصحيحين البخاري (3322) ومسلم (2106) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة"، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى ستراً على بابه فيه صورة هتكه (أي شقه) بعنف وغضب، انظر: البخاري (5954) ومسلم (2106) .
فينبغي في الأصل إخراج الصور، إلا ما دعت إليه الضرورة، فإن احتجت إلى الصلاة في المكان الذي فيه الصور، فعليك أن تجتنب استقبالها، وعلى كل الأحوال فالصلاة -إن شاء الله- صحيحة.(6/344)
كتاب الزكاة(6/345)
زكاة مال الأطفال
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
كتاب الزكاة/ شروط وجوب الزكاة/شروط الوجوب
التاريخ 4/12/1422
السؤال
لأطفالي حسابات مصرفية أكبرهم عمره تسع سنوات، هل يتم استخراج زكاة المال من حساباتهم إذا حال عليها الحول؟ وهل يتم استخرج زكاة على الذهب الخاص ببناتي الصغار؟
الجواب
إذا بلغت هذه الأموال النصاب، وحال عليها الحول فتجب فيها الزكاة ولو كانت لأطفال لم يبلغوا بعد؛ لأن الزكاة لا يشترط فيها التكليف إذ هي حق للفقراء.
وكذلك تجب الزكاة في الذهب الخاص بالبنات الصغار، والله أعلم.(6/346)
مصلحة الزكاة والدخل جهة شرعية
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
كتاب الزكاة/ شروط وجوب الزكاة/شروط الوجوب
التاريخ 10/7/1424هـ
السؤال
مصلحة الزكاة والدخل تأخذ مني زكاة سنوية على محلي، مع العلم بأن الإيراد الشهري الذي أستلمه من المحل أنفقه ولا يبقى شيء منه، أرجو المساعدة.
الجواب
من شروط وجوب الزكاة على المالك للمال أن تمضي سنة هجرية كاملة على المال بعد ملكيته، واكتمال بقية الشروط فيه، أما المال الذي يحصل عليه الشخص ثم يستخدمه مباشرة، فلا يجب عليه فيه الزكاة، وكذا المال الذي يستخدمه قبل اكتمال الحول عليه هذا الحكم إذا كان الذي يقوم بإخراجه هو المالك، أما إذا كان الذي يقوم بتحصيله جهة أخرى، وهذا هو الأصل لقوله تعالى: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" [التوبة:103] وهي مصلحة الزكاة والدخل في المملكة العربية السعودية، فإن الأموال الظاهرة وهي الأنعام والزروع والثمار - من السهل معرفتها وتقديرها، أما الأموال الباطنة - وهي النقود وبعض عروض التجارة من الأموال التي يمكن إخفاؤها - فإنه من الصعب الاعتماد على قول التاجر في هذا الزمن الذي كثير فيه ادعاء قلة المال ومحاولة التهرب من دفع الزكاة أو التقليل من مبلغها، ونظراً لذلك فإن مصلحة الزكاة والدخل تقوم بتقدير البضاعة الموجودة عند التاجر بواسطة بعض المختصين في المصلحة وأخذ الزكاة على هذا التقدير.
وعلى ذلك فإن على الأخ السائل أن يقوم ببيان هذا الأمر للمختصين في التقدير، وأن القيمة المقدرة للبضاعة أكثر من حجم التجارة التي يملكها، والله أعلم.(6/347)
زكاة الدين والبضائع التي لم تسدد قيمتها
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الزكاة/ شروط وجوب الزكاة/زكاة من له أو عليه دين عند غيره
التاريخ 13/8/1423هـ
السؤال
لدي مؤسسة تجارية للبيع بالجملة، وقد تم على تأسيسها عام كامل، وبحوزتي في مستودع المؤسسة بضاعة تقدر قيمتها بمليون ريال تقريباً، ولكن بعض هذه البضائع لم تسدد قيمتها، مما جعل المؤسسة مدينة بمبلغ (300) ألف ريال تقريباً، كما أن المؤسسة دائنة لبعض عملائها بمبلغ (380) ألف ريال، هي قيمة بضائع لم تسدد قيمتها.
السؤال: هل أزكي عن قيمة جميع ما بمستودعي من البضائع أم أخصم منها ما لم تسدد قيمته؟ علماً أن البضائع حالياً في مستودعي وتحت تصرفي.
وهل أزكي عن المبالغ التي لدى الناس؟ علماً أنها قيمة بضائع هي في حوزتهم وتحت تصرفهم حالياً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الجواب: أنك تخصم من قيمة البضائع التي لديك ما عليك من قيمتها، والذي لم يُسدد بعد، وتزكي الباقي فقط، أما المبالغ التي لك عند الناس فما كان منها عند مليء يدفع عند الطلب فهذا تزكيه مع مالك الذي بين يديك؛ لأنه بمنزلة ما بين يديك.
أما ما كان على معسر (غير مليء) أو على مماطل وإن كان غنياً فهذا لا تزكيه في الحال، بل تزكيه إذا قبضته لسنة واحدة فقط على القول الراجح من أقوال العلماء، والله أعلم.(6/348)
له ديون مقسطة فكيف يزكيها؟
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الزكاة/ شروط وجوب الزكاة/زكاة من له أو عليه دين عند غيره
التاريخ 05/11/1426هـ
السؤال
شخص كان مساهماً في شركة، والآن قام بسحب اشتراكه، وبعد التصفية بلغ رصيده حوالي 40ألف دينار، ولكن لن يأخذ هذه الأموال دفعة واحدة، بل سيأخذها كل شهر 100دينار فقط، وذلك لظروف الشركة، فكيف سيخرج زكاة الأربعين ألف دينار؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا تجب الزكاة إلا فيما قبض إذا حال عليه الحول، وعلى هذا فإذا قبض مائة دينار يزكيها إذا حال عليها الحول، وهكذا في المائة الأخرى. وإن شاء جعل له شهراً من السنة كشهر رمضان مثلاً، يخرج فيه زكاة كل ما اجتمع لديه، ولو لم يحل عليه الحول ما دام يبلغ نصاباً، (وهو قيمة خمسةٍ وثمانين جراماً من الذهب) ، فيكون قد أخرج الزكاة الواجبة وما زاد يكون نافلة له.
وبعض العلماء -كالحنفية- يجعلون المال المستفاد تابعاً للنصاب المملوك قبله بأي سبيل كانت الاستفادة، مثلاً لو كان عند الإنسان عشرة آلاف في محرم، ثم في رجب استفاد خمسين ألفاً إرثاً أو مكافأة، فإنه يخرج زكاة الستين ألفاً في محرم.
والجمهور يقولون إن كان المال المستفاد نابعاً من النصاب المملوك كان تابعاً له في الحول، مثل ربح التجارة ونتاج الماشية.
وإن كان بسبب مستقل عنه فله حول خاص. وهذا هو الأرجح. والله تعالى أعلم.(6/349)
صرف الزكاة على مدارس تحفيظ القرآن الخيرية
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 29/4/1422
السؤال
هناك دار نسائية خيرية لتحفيظ القرآن الكريم ستقام قريباً بإذن الله تعالى، وهذه الدار كغيرها من المشاريع الخيرية تحتاج إلى نفقات كثيرة، كتأمين رواتب للمعلمات، وأثاث مكتبي، وحافلات لنقل المعلمات والطالبات. . إلخ، فهل يجوز يا فضيلة الشيخ أن يصرف على هذه الدار من الزكاة؟
الجواب
لا يجوز الصرف لها من الزكاة إلا رواتب المعلمات الفقيرات إذا كان أزواجهن لا ينفقون عليهن، وليس لهن أولياء من ذوي اليسار يقدرون على الإنفاق عليهن، فتُصرف لهن الرواتب لحاجة كل منهن إلى النفقة الضرورية، فأما الأثاث المكتبي والحافلات فيلتمس لها من غير الزكاة كالتبرعات وغلال الأوقاف والصدقات العامة، والله أعلم.(6/350)
دفع الزكاة لمعلم القرآن
المجيب..........
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 22/7/1422
السؤال
هل يجوز صرف رواتب المعلمين بجمعيات تحفيظ القرآن الكريم الزكاة إذا كانوا فقراء مقابل عملهم في الجمعية؟
الجواب
لا يجوز الصرف من الزكاة في النفقة على المدارس الإسلامية إلا إذا كانت تدفع للفقراء من المدرسين والطلاب من أجل فقرهم.
أنظر فتاوى اللجنة الدائمة 10ص 14(6/351)
صرف الزكاة للمراكز الإسلامية
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 23/12/1424هـ
السؤال
أنا طالب أعيش في بلد غربي وخلال شهر رمضان قام المركز الإسلامي في المدينة بحملة تبرعات لمواجهة مصاريف المسجد والمدرسة الإسلامية وفي خلال حملة التبرعات أشار المسؤولين على هذه الحملة أن بعض العلماء أفتوا بجواز أن تصرف زكاة أموالك على المسجد والمدرسة الإسلامية وبناء على ذلك تعهدت للمسؤولين بدفع مبلغ معين جزء منه زكاة والجزء المتبقي صدقة، فهل يصح أن أصرف زكاة مالي على المسجد والمدرسة الإسلامية، وفي حالة أن وجدت مسلمين في حاجة ماسة للزكاة فهل يجوز أن أصرف زكاتي والصدقة التي تعهدت بها للمسجد لهؤلاء المسلمين.
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: صرف الزكاة على المسجد والمدرسة الإسلامية كما تذكر هي محل اختلاف بين الفقهاء ويرجع الخلاف في ذلك إلى الخلاف في تحديد مفهوم " سبيل الله " الوارد في قول الله -تعالى-: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" [التوبة: 60] هل يقتصر على المجاهدين الغزاة في سبيل الله أو هو عام يدخل فيه كل أوجه البر والخير، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى الأول وهو اقتصار دفع الزكاة على الجهاد في سبيل الله لدلالة الحصر في الآية.(6/352)
وذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى جواز دفع الزكاة في طرق الخير والمرافق العامة من بناء المساجد وصيانتها وبناء المدارس وما إلى ذلك ورأوا أنها تدخل في عموم قوله - تعالى -: " وفي سبيل الله " وهو ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي" التابع لرابطة العالم الإسلامي بالأكثرية واختيار الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
وعلى أية حال فإذا كنت اتبعت في التزامك بصرف الزكاة على المسجد والمدرسة فتوى من يوثق به من أهل العلم من أمثال من ذكرنا فإن ذلك يبرئ ذمتك - إن شاء الله تعالى - ويكون دفعك لها على هذا النحو واقعاً موقعاً صحيحاً
وأما الصدقة التي التزمت بها فالأوْلى أن تدفعها حتى تفي بوعدك، وإذا وجدت مسلمين في حاجة ماسة فيمكنك حينئذٍ أن تتصدق عليهم بصدقة أخرى أو تتسبب لهم بمن يعطيهم من ماله سواء كانت زكاة أو صدقة.(6/353)
هل للمدين حق في الزكاة؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
أنا موظفة وأعيش مع أخت لي غير موظفة لوحدنا، راتبي لا يكفي سوى أجرة المنزل، ويبقى القليل، مما اضطرني إلى الدين، تراكمت عليَّ الديون التي لا أستطيع سدادها، فهل يجوز لي طلب مال من أحد المحسنين لسداد ديوني؟.
الجواب
إذا كنت غير قادرة على سداد الدين فلك حق في الزكاة، فأنت من الغارمين الذين سماهم الله -جل وعلا- في أهل الصدقات في قوله -تعالى-:"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل".
والغارمون نوعان: غارم لإصلاح ذات البين، وغارم استدان لنفسه في شيء مباح أو محرم وتاب منه مع الفقر.(6/354)
صرف الزكاة للمساجد والمدارس الإسلامية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 2/1/1423
السؤال
أنا طالب أعيش في إحدى الولايات الأمريكية، وخلال شهر رمضان قام المركز الإسلامي في المدينة بحملة تبرعات؛ لمواجهة مصاريف المسجد والمدرسة الإسلامية، وخلال حملة التبرعات أشار المسؤولون على هذه الحملة أن بعض العلماء أفتوا بجواز أن تصرف زكاة أموالك على المسجد والمدرسة الإسلامية، وبناءً على ذلك تعهدت للمسؤولين بدفع مبلغ معين، جزء منه زكاة والجزء المتبقي صدقة، فهل يصح أن أصرف زكاة مالي على المسجد والمدرسة الإسلامية؟ وإذا وجدت مسلمين في حاجة ماسة للزكاة، فهل يجوز أن أصرف زكاتي والصدقة التي تعهدت بها للمسجد لهؤلاء المسلمين؟
الجواب
نعم يجوز تصرُّفك في صرف زكاة مالك على المسجد والمدرسة الإسلامية، وقد أفتى به بعض العلماء في هذا العصر كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وشيخه محمد ابن إبراهيم آل الشيخ - عليهما رحمة الله -،والشيخ يوسف القرضاوي وغيرهم كثير، بجواز صرف الزكاة في عموم مجالات الدعوة إلى الله، في إنشاء المراكز، وطبع الكتب وتعليم الناس العقيدة والأحكام، مفسرين معنى " وفي سبيل الله " من مصارف الزكاة الثمانية، خلافاً لجمهور أهل العلم الذين يفسرون (في سبيل الله) بالجهاد فقط، والحقيقة أن الجهاد في سبيل الله أعم من أن يكون بالقتال في المعركة بالسيف أو ما يقوم مقامه، بل الجهاد بالكلمة المكتوبة، أو المسموعة، أو بالمال هو كالجهاد بالسنان؛ لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عند أحمد (12246) وأبي داود (2504) " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " وإذا جازت الزكاة فالصدقة من باب أولى جوازها.(6/355)
من هو المسكين؟
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 26/8/1424هـ
السؤال
من هم المساكين؟ وهل الذي يملك سفينة يطلق عليه مسكين، كما في قوله -تعالى- في سوره الكهف: "أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ".
الجواب
المساكين جمع مسكين، والمسكين اختلف العلماء في تعريفه على أقوال، ومن أشهرها أنه الذي يملك قوت يومه ولكن لا يكفيه، وذكر بعضهم أن المسكين والفقير بمعنى واحد، وهذا له حظ من النظر لو ورد لفظ المسكين في سياق ما منفرداً عن الفقير، أما لو اجتمع لفظ المسكين والفقير فلا بد من التفريق بينهما في المعنى، كما في قوله -تعالى-: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها" [التوبة: 60]
فبناءً عليه يكون الفقير أكثر حاجةً من المسكين، وحدّه بعضهم بأنه الذي لا يجد قوت يومه.
وهذه تعريفات تقريبية مبنية على غالب الحال، وإلا فإن المسكين والفقير قد تمر بهما أوقات وأيام يجدون حاجة يومهم، بل حاجة أيام عدة.
بقي أن نعرف أن نبينا -عليه السلام- ذكر ملامح مهمة في تحديد المسكين وتعريفه، فقد أخرج الشيخان البخاري (1479) ، ومسلم (1039) ، وغيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس، فترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان". قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئاً".(6/356)
وأما قول السائل: هل الذي يملك سفينة يطلق عليه مسكين؟ فنعم، وآية سورة الكهف دليل واضح لما ذكرت، فقد يملك المسكين سفينة، أو سيارة، أو منزلاً ولا يخرجه ذلك عن نطاق المسكنة، إذ المدار في هذه المسألة على الحاجة والعوز، فمتى قصرت مكتسباته ومداخيله المادية عن حاجته الضرورية فهو مسكين، والله أعلم.(6/357)
إعطاء الفقير من الزكاة للحج
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 24/8/1424هـ
السؤال
هل يجوز أن يعطى الفقير من بيت مال الزكاة لأداء فريضة الحج؟.
الجواب
فريضة الحج لا تجب على الفقير إذا كان لا يجد ما يحج به وحينئذ فحجه غير واجب، والزكاة إنما تعطى للمستحقين لها، فإذا أعطي الفقير مالاً لفقره فإن الفقير يتصرف فيه بما يشاء وإن أراد أن يحج به وحج فحجه صحيح، لكن لا يجب أن يعطى لأجل أن يؤدي الفريضة؛ لأن الفريضة ليست واجبة عليه ما دام أنه فقير، أما لو أعطي مالاً بسبب فقره فأنفقه بالحج فلا شيء عليه.(6/358)
دفع الزكاة لمراكز تأهيل العاطلين
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 16/7/1424هـ
السؤال
كثر في هذا الوقت العاطلون عن العمل، والبطالة قد تكون سبباً للفساد، بسبب وجود الفراغ الكبير لدى الشاب والشابة، فما حكم دفع الزكاة لمن يقوم بتدريب العاطلين عن العمل؛ لكي يتهيأ الشاب للخوض في المجال العملي التطبيقي الذي يحتاجه المجتمع، بدلاً عن الأمور النظرية التي درسها من قبل؟
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع، علماً أن هذه المسألة تمس حاجة الشباب خاصة.
الجواب
حدَّد الله مصارف الزكاة في ثمانية أصناف وليس منها ما ذكرت، ويمكن حل ما ذكرت بقيام التعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص وأهل التبرع، وهذا نوع من التكافل الاجتماعي الذي يؤيده الشرع ويحث عليه.(6/359)
الزكاة للفقير الذي يملك كتباً كثيرة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 25/7/1424هـ
السؤال
هل يعطى من يملك كتباً كثيرة تبلغ في مجموعها نصاب الزكاة بل وتزيد إذا كان فقيراً؟ وهل يفرق في الحكم بين من كان محتاجاً لهذه الكتب للقراءة والتدريس كطالب العلم، وبين من لا يحتاج إليها كالعامي وكبير السن مثلاً؟.
الجواب
إذا كان فقيراً فيعطى من الزكاة، وإن كان عنده كتب كثيرة ما دامت لم تكن للتجارة.(6/360)
إعطاء الزكاة للسائق والخادمة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 23/12/1423هـ
السؤال
هل يجوز لي أن أعطي زكاة مالي للخادمة والسائق الذين في منزلي لحاجتهما؟ وهل يجوز أن أبقي جزءاً من زكاة مالي إلى العيد لكي أعطي بعض أطفال العائلة الفقراء لإدخال الفرح في نفوسهم في يوم العيد؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فيجوز لك أن تعطي زكاة مالك للخادمة والسائق بشرط أن يكونا مسلمين يصليان الصلوات الخمس وأن يكونا من أهل الزكاة الذين حصرها الله فيهم، بأن يكونا فقيرين أو مسكينين أو غارمين لا يستطيعان وفاء دينهما.
أما تأخير الزكاة فلا يجوز، بل يجب أداؤها على الفور، أما تأخيرها أياماً يسيرة لأجل ما ذكرته من قصد جميل فأرجو ألا بأس به، لكن الأحوط أن تخرجها وتميزها من مالك، وتحفظها عندك لتكون أمانة عندك حتى يوم العيد، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/361)
نفقات القائمين على الصدقات
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 4/7/1423هـ
السؤال
العاملون في مجال الجمعيات الخيرية والمؤسسات يقومون بجهود جبارة في جمع الصدقات والزكوات ويسافرون المسافات بين البلدان كما لا يخفى على فضيلتكم، وما يحتاجه العمل من نفقات إعلامية لتسويق هذه المشاريع الخيرية، وقد قمنا بتأسيس جمعية خيرية، ولكنا نريد فتوى أهل العلم فيما يحل أخذه من هذه الصدقات لتسويق هذه المشاريع وغيرها من الصرفيات المعروفة لديكم، واقترح بعض أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية نسبة (12%) من الدخل، ومنها الصدقات والزكوات لتسيير المصروفات الإدارية.
وسؤالنا: هل يجوز هذا؟ وهل هذه النسبة معقولة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
حدد الله مصارف الزكاة في كتابه الكريم بقوله: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة:60] ، فقد رتب الله أهل الزكاة حسب أحوالهم المالية وقدرتهم على التكسب، فبدأ بـ (الفقراء) وهم المعوزون الذين كسر فقار ظهورهم الفقر والحاجة، وختم بـ (ابن السبيل) وهو المسافر البعيد عن وطنه - الذي فيه ماله وأهله ومعارفه - وقد انقطعت به الأسباب، ثم الأصناف الأربعة الأولى صُدّرت بحرف (اللام) المفيد للتمليك أي: أنهم يملكون ما يعطونه من الزكاة ولو زاد عن حاجتهم لا يردون الزائد، بخلاف الأربعة الآخرين فإنهم يردون ما زاد عن حاجتهم مما أعطوا وهذا سر التعبير بحرف (الفاء) المفيدة للظرفية في هؤلاء.(6/362)
فإن الأصناف الأربعة الأولى حاجتهم إلى المال أشد من غيرهم، وصفة الغنى - لو وجد - فهي طارئة عليهم فإن اغتنوا يوماً أو يومين افتقروا شهرين أو سنتين عكس الأربعة الآخرين فإن الغالب على حالهم - هو الغنى والقدرة على التكسب، فهم إن افتقروا يوماً أو يومين اغتنوا شهراً أو شهرين - (وفي الدية عند القتل) فهي تدفعها عصبة القاتل عنه أحياناً، والمفتقر بسبب (غرمه) وإصلاحه بماله بين الناس الغالب أنه لا يقدم على هذا إلا وهو مليء أو قادر، أما (في سبيل) وهو جهاد الكافر بالسيف ونحوه، والمرابطة في الثغور أو الحج الفريضة كما فسر به جمهور أهل العلم، ولكن الراجح تعميم (في سبيل) فيشمل الدعوة إلى الله بنشر العقيدة، وتعاليم الإسلام بكل الوسائل الممكنة بإنشاء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن وكفالة الأيتام والأرامل والضعفاء، وإنشاء المراكز والمساجد والهيئات والمجامع والمؤسسات الخيرية والدعوية، كل ذلك يدخل في مفهوم (في سبيل الله) وقد فسره بهذا بعض الصحابة والتابعين والفقهاء وهو الصواب - إن شاء الله -، وأما (ابن السبيل) فالأصل فيه الغنى، ولكن لانقطاع الطريق وعدم وجود المؤونة التي توصله إلى بلده وأهله أعطي من الزكاة لهذا الغرض الطارئ فقط.(6/363)
وإذا تبين معنى الآية نقول لكم: إن عملكم الخيري بإنشاء هذه الجمعية وقيامكم بتسويق العمل الدعوي ونشره فإن أخذ المصاريف السفرية والإدارية الضرورية التي يتطلبها نشر العمل الخيري جائز شرعاً، وهو داخل في صنفين من مصارف الزكاة هما (العاملون عليها) و (في سبيل الله) وينبغي أن يقتصر عند الأخذ من موارد الزكاة على الحد الأدنى للمصاريف السفرية والإدارية، ولو أخذتم هذه المصاريف من صدقة التطوع لكان أولى وأحوط، أما تحديد النسبة التي تؤخذ من موارد الجمعية لغرض التسويق والمصاريف الإدارية فأهل الدار أعرف بها من غيرهم (والحكم على الشيء فرع عن تصوره) وتصوركم لها أكثر من سواكم، ونؤكد مرة أخرى: عليكم بالاقتصاد في المصاريف السفرية والإدارية والاقتصار على الضروري منها فقط، وفقكم الله وأعانكم وأجزل لنا ولكم المثوبة.(6/364)
صرف الزكاة للعيادات الطبية الخيرية
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 19/11/1423هـ
السؤال
هل يجوز صرف الزكاة أو جزء منها على شراء أدوية طبية وأجهزة ومعدات طبية، ومصاريف مقر العيادات الخيرية مثل: الإيجار وغيره، وذلك لصرفها على الفقراء والأيتام والمساكين والأرامل بواسطة عيادات طبية خيرية تقوم بالكشف وصرف العلاج المجاني للمرضى والفقراء؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فأقول وبالله التوفيق والسداد: قال الله تعالى:"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" [التوبة: 60] .
وجه الاستدلال من الآية بقوله تعالى:"وفي سبيل الله"، في سبيل الله يمكن أن يدخل فيه أمور كثيرة من أعمال البر والإحسان ومنها العناية بالمستشفيات والعيادات الطبية المجانية لذا أقول وبالله التوفيق يجوز أن تصرف بعض أموال الزكاة على العيادات الطبية الخيرية المجانية وعلى شراء الأدوية وتوزيعها مجاناً على المرضى من الفقراء والمساكين والمحتاجين لأن هذه الأمور مما يدخل في معنى في سبيل الله بالمعنى العام الشامل لهذا اللفظ، وهذا ما قال به فريق من العلماء ممن يعتد برأيهم، والله أعلم بالصواب.(6/365)
هل تصرف الزكاة في حفر الآبار في مناطق الجفاف؟
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 23/9/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. هل حفر الآبار في مناطق الجفاف من مصارف الزكاة؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
بين الله تعالى مصارف الزكاة في قوله: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة:60] .
واختلف الفقهاء في سهم " في سبيل الله"، هل يقتصر على الغزاة والمجاهدين أو يعم كل وجوه البر والإحسان من بناء المساجد والمستشفيات والمدارس وطباعة الكتب النافعة وما إلى ذلك، فذهب جمهور الفقهاء إلى قصر هذا السهم على الغزاة في سيبل الله، وذهب بعض العلماء إلى جعل هذا السهم عاماً في كل وجوه البر، لأن سبيل الله أعم من أن يقصر على القتال وحده، وقد اختار هذا الرأي عدد من علماء العصر المحققين ومنهم سماحة الشيح عبد العزيز بن باز رحمه الله، وبناء على هذا الرأي فيكون حفر الآبار في مناطق الجفاف الذي سأل عنه السائل من مصارف الزكاة.(6/366)
هل أستحق الزكاة
المجيب عبد الله بن علي الريمي
ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 20/10/1426هـ
السؤال
أنا إنسان أعمل براتب ضئيل، وأمتلك منزلاً صغيراً، فهل يجوز دفع الزكاة لي؟ علماً أن دافع الزكاة هي أختي.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الله قد فرض الزكاة لثمانية أصناف، منهم الفقراء والمساكين, وهذا حكم معلق بوصف، فكل من اتصف به دخل فيه، فكل من لا يستطيع توفير أساسيات المعيشة من مسكن ومطعم وملبس وعلاج مرض وكتب علم ونحوها -مما يضيق عيش المرء بدونه لنفسه ومن يعول- يكون مستحقاً للزكاة، فإن كان راتبك لا يكفي لذلك فيجوز لك أن تأخذ الزكاة من أختك؛ لأن نفقتك غير واجبة عليها، وليحذر الإنسان من أخذ ما لا يستحق من هذه الأموال؛ فإنها وبال عليه في الدنيا والآخرة, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(6/367)
جمع الزكاة لسداد دين الميت
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 6/2/1425هـ
السؤال
توفي والدنا منذ خمس سنوات، وترك لنا محلاً تجارياً وبعض العقار، وبيتاً نسكنه، بِيْعَت جميع الأراضي لتسديد الدين، والآن مضى على وفاة والدي خمس سنوات ولم يسدد من الدين إلا الربع، مع العلم أننا مقتصدون بنسبة (80%) عما كنا عليه قبل وفاة والدي، هذا بالإضافة إلى أني استدنت أنا أيضاً مبلغاً وقدره: (250,000) ؛ وذلك للزواج وشراء سيارة، وبدأت مشروعاً بعد زواجي وأنا طالب في الجامعة؛ حتى أوفر مصاريف لي ولزوجتي، وللأسف لم أوفق في المشروع، وخسرت فيه، مع العلم أني أعمل خارج مؤسستنا حالياً؛ لتخفيف المصاريف.
س1: هل يجوز أن يسدد باقي دين والدي من الزكاة؟ وهل يجوز أن نطلبها من الناس؟
ٍ2: هل يجوز سداد ديني من الصدقة أو الزكاة؟ والدتي طريحة الفراش منذ ثلاثة أشهر أو أكثر وأحد أهم الأسباب التفكير في الدين) . أفتونا، وجزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالأصل أن دين الميت لا يقضى من الزكاة، بل يقضى من تركة الميت على القول الراجح، وهو قول الجمهور؛ لأن الزكاة تمليك، والميت لا يملك؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قُدِّم إليه ميت ليصلي عليه قال: "هل عليه دين؟ " فإن قيل نعم، تأخر، ولم يصل عليه، وإلا صلى عليه انظر ما رواه البخاري (2291) من حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -.
ولما فتح الله عليه، وكثر المال كان - صلى الله عليه وسلم- يقضي ديون الموتى من بيت المال، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "أنا أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله - عز وجل- فأيكم ما ترك ديناً أو ضيعةً فادعوني، فأنا وليه" رواه البخاري (2398) ومسلم (1619) واللفظ له من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.(6/368)
وعلى هذا، فإن وفت فالحمد لله، وإلا ذهب الدين على صاحبه، وليس له مطالبة الورثة بسداد الدين؛ لأن الدين إنما كان على مورثهم، وأما هم فلم تُشغل ذممهم بشيء من الدين، ما لم يبق من تركته شيء، فإنه يجب عليهم أن يؤدوه إلى الدائن؛ لأن حقه قد تعلق به.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء، فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته" رواه البخاري (2297) وغيره، واللفظ له، ووجه الاستدلال أنه - صلى الله عليه وسلم- جعل ما يتركه الميت من الأموال لورثته "ومن ترك مالاً فلورثته"، ولم يجعل وفاء ما وجب عليه من دين لا وفاء له لم يجعله على ورثته" فمن مات وعليه دين، ولم يترك وفاءً فعلينا قضاؤه".
ويظهر من سؤالك أن الدين أكثر من التركة، ولذا يجب عليكم أن تبيعوا كل التركة لسداد الدين؛ لأنها قد تعلق بها حق الدائن، فهو أحق الناس بها، وأولى بها منكم، إلا إذا رضي أن تبقى لكم ويستوفي هو حقه من ريعها.
فإن فضل من الدين شيءٌ عجزت عن وفائه التركة، فليس عليكم أن تؤدوه من أموالكم؛ لأن الدين - كما قلت سابقاً- متعلق بذمة ميتكم فقط، ولا يلحق ذممكم منها شيء البتة، بل يُؤدى ما بقي من الدين من صدقات بيت مال المسلمين؛ لدلالة الحديث السابق.
أما إذا رغبتم أن تستبقوا بعض ما تركه لكم ميتكم من مؤسسة لقطع غيار السيارات وفيلا تسكنونها، أو غيرها من مال التركة، فإنه يجب عليكم أن تؤدوا مثل ثمنها- كما هو تقديره في السوق- للدائن؛ لأن الدائن أحق بها منكم.
وليس عليكم أن تشقوا على أنفسكم، فتتكلفوا سداد الدين من خالص أموالكم التي هي من غير التركة؛ إذ ليس له الحق أن يطالبكم بشيء هو أصلاً ليس متعلقاً بذمتكم.(6/369)
وما غرمتموه (بالاستدانة) زائداً عن مقدرا ما استبقيتموه من التركة من أجل قضاء دين ميتكم فإنه يُبيح لكم أن تأخذوا من الزكاة قدر ما يقضي ديونكم، لأنكم غارمون، ولكن بشرط أن تكونوا عاجزين عن سدادها.
أما إذا كنتم قد قضيتم بعض دين ميتكم من بعض أموالكم من غير أن يضطركم إلى الاستدانة، فلا يحق لكم أن تستوفوها من الزكاة
وأما ما تسأل عنه من سداد دينك من الزكاة ففيه تفصيل:
إن كان راتبك يفي بحاجاتك وحاجات عيالك، وسداد ما وجب عليك سداده في السنة، فلا يجوز لك أخذ الزكاة.
أما إذا كان راتبك لا يفي بحاجاتك وحاجات عيالك وسداد ما وجب عليك سداده في العام، فأنت من أهل الزكاة، فخذها ولا حرج؛ حتى تقضي دينك.
فرج الله همكم، ونفس كربكم، وقضى دينكم والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(6/370)
دفع الزكاة لآل البيت
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 08/05/1425هـ
السؤال
هل يجوز صرف زكاة مالي للفقراء من أعمامي وأخوالي؟ مع العلم أننا جميعاً ننتسب لآل البيت؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
لا يجوز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس" أخرجه مسلم (1072) من حديث عبد المطلب بن ربيعة-رضي الله عنه-، فلا يحل لك أن تدفع زكاة مالك لأخوالك، أو أعمامك، وهم من آل البيت، وإنما تدفعها للفقراء من غيرهم. وبالله التوفيق.(6/371)
دفع الزكاة ليتيم في حجره
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 1/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
شيخي الفاضل: أرجو إفادتي بالآتي: أكفل طفلاً يتيماً في بيتي، فهل يجوز صرف زكاة مالي عليه أم لا؟ -ولكم جزيل الشكر-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كان ممن لا تجب عليك نفقتهم فيحل لك دفع زكاتك له، لحاجته إليها نفقة عليه، لا لادخارها، وأما من تجب نفقته عليك حال فقره، سواء كان من ذريتك من ولدك أو ولد بنيك، أو ولد بناتك، أو من ترثه من أقاربك، فلا يحل لك أن تدفع زكاتك إليه.(6/372)
صرف الزكاة للانتخابات العراقية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 10/09/1426هـ
السؤال
إن أهل السنة في العراق يمرون بظروف سيئة للغاية، جراء تسلط الكفرة وأعوانهم الموالين لهم والمستقوين بهم، وبعد مشاورات بين المطلعين على أوضاع العراق الحالية، والذين يعايشونها ويلامسون ما يجري في هذا البلد المسلم، توصل أهل السنة إلى أنه يجب المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك من باب تخفيف الشر عن أهل السنة.
والسؤال هو: هل يجوز استخدام أموال الزكاة لدعم مرشحي أهل السنة في الانتخابات؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
(وفي سبيل الله) هو المصرف السابع من مصارف الزكاة الثمانية في آية [التوبة:60] "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم".
وقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في معنى (سبيل الله) في الآية على قولين:
القول الأول: وهو مذهب جمهور الفقهاء ممن لا يحصون في الماضي والحاضر، يخصونه بالجهاد بمعناه الخاص، وهو غزو الكفار، وما يحتاج إليه الغزاة من سلاح وعتاد ونفقة، ويلحق به بعضهم الحج، فتنفق فيه الزكاة كالغزو.(6/373)
القول الثاني: تعميم معنى (سبيل الله) ، فيشمل كل وجوه البر والخير، وقال بهذا القول من الصحابة أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- ومن التابعين الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وقال به الكاساني من الحنفية، وابن عبد الحكم، وابن جزي من المالكية، والقفال، والرازي من الشافعية، ومن الفقهاء المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ويوسف القرضاوي، وعبد الكريم زيدان، وأبو بكر الجزائري، وبحث هذا الموضوع في المجمع العلمي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي في الدورة (الثامنة) المنعقدة في جمادى الأولى عام (1405هـ) برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وأجاز بالأكثرية (جواز صرف الزكاة للدعوة إلى الله، وما يعين عليها ويدخل في أعمالها) .
والذي يظهر رجحان القول الثاني؛ لعموم لفظ (سبيل الله) في نصوص الكتاب والسنة، كقوله تعالى: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم". [البقرة:261] ، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "جاهدوا المشركين بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم" أخرجه أبو داود (2504) والنسائي (3096) . فالجهاد أعم من القتال بالأنفس.
ثم إن الإنفاق من الزكاة على الدعوة إلى الله أولى من الإنفاق على من يريد الحج؛ لأن من لم يجد الزاد والراحلة للحج غير مستطيع له، فلا يجب عليه، ثم إن نفع الحج قاصر على صاحبه فقط، ونفع الدعوة متعدٍ إلى الغير، وعام للمسلمين.
ومن أراد التوسع في أدلة القولين فليراجع كتابنا (مصرف "في سبيل الله" بين الخصوص والعموم) .(6/374)
وبناءً على هذا فإني أرى جواز دفع الزكاة لإخواننا أهل السنة في العراق للمشاركة في الانتخابات البرلمانية ودعم المرشحين منهم؛ وذلك إذا كان في دخولهم الانتخابات مصلحة راجحة، وتقليل للشر، ودفع ومدافعة لمخالفيهم من الكفار وحلفائهم الذين يسوقون لمشروع المحتل.
وإنني لأهيب بإخواني المسلمين المبادرة إلى ذلك؛ نصرة للحق ومنعاً للباطل وأداءً للواجب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وصحابته أجمعين.(6/375)
صرف رواتب الموظفين في الجمعيات الخيرية من الزكاة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية
التاريخ 12/08/1425هـ
السؤال
س1 هل يجوز للقائمين على إدارة الجمعيات الخيرية صرف رواتب الموظفين من أموال الصدقات أو الزكاة؟
س2 وهل يجوز صرف مكافأة مالية من أموال الصدقات أو الزكاة لأعضاء مجلس الإدارة، نظير تفرغهم لإدارة الجمعية؟
س3 هل يجوز تأثيث وترميم بناء الجمعية من أموال الصدقات، علماً أن المتبرعين لم ينووا أنها للترميم، بل وضعها بالصندوق المخصص للتبرعات؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
1- فلا مانع من صرف رواتب الموظفين بالجمعيات الخيرية من أموال الصدقات التي يتبرع بها لهم، متى كان الموظفون يقومون بعمل لا بد منه، وكانت رواتبهم بمقدار أجرة المثل.
2- وأما صرف مكافأة من أموال الصدقات لأعضاء مجلس الإدارة، فمع أن الأصل أن من احتاجت الجمعيات لعمله ولم يتبرع به فلها أن تعطيه مقابل عمله ما دامت محتاجة لذلك، لكني لا أرى إعطاء مجلس الإدارة شيئاً؛ لأنهم هم الذين يقدرون مدى الحاجة للعمل، ولا يسوغ للإنسان أن يقدر لصالحه لوجود التهمة في حقه، كما أن التبرعات إنما يدفعها المحسنون ثقة بهذا المجلس فأخذه شيئاً لنفسه ينافي مقتضى هذه الثقة التي يفهم منها المتبرعون احتساب مجلس الإدارة في عملهم.
3- تأثيث مباني الجمعيات الخيرية وترميمها من أموال الصدقات لا مانع منه إذا كانت الحاجة قائمة لذلك، سواء تبرع بها المحسن للترميم، أو تبرع بها تبرعاً عاماً، أما لو تبرع لجهة معينة فلا يسوغ صرف المبلغ لغيرها.(6/376)
وقاعدة الجمعيات الخيرية وأشباهها من المؤسسات أنها وكيلة عن المتبرعين تضع أموالهم في مصارفها إذا شرطوها، وإذا لم يشرطوا مصرفاً معيناً فإنها كناظر الوقف والوصي وولي اليتيم، ونحوهم، يتصرفون بمقتضى المصلحة، فلا يدفعون مبلغاً إلا لداع أو لحاجة، وإلا صرفت في مصارفها المعلومة.
وجميع ما سبق في الصدقات، أما الزكاة فلا يجوز صرفها في أي واحد من الأمور الثلاثة المذكورة في السؤال؛ لأن الله -تعالى- حدّد مصارفها، وليس ما ذُكِر منها. والله الموفق.(6/377)