تفسير قوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم)
قال تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:7] أربعة أشياء، (من نجوى ثلاثة) أي: ما من متناجين ثلاثة إلا والله معهم وهو رابعهم {وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} أدنى من ذلك كم؟ اثنان، أكثر؟ سبعة فأكثر أو ستة فأكثر {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} أي: في أي مكان كانوا، والمعية هنا ليست معية الحلول بمعنى: أن الله حالٌّ في أماكننا معنا، هذا ليس كذلك، والسلف ما فهموا هذا الفهم، ولا يمكن لإنسان يقدر الله حق قدره أن يتوهم هذا المعنى الباطل، ليس الله معنا في المكان هنا لا، فيكون معنى: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} أي: عالم بهم محيط بهم، سميع لأقوالهم بصير بأفعالهم، له السلطة عليهم، هذا معناه، وليس المعنى: أنه في الأماكن التي نحن فيها! كلا والله، من زعم ذلك فقد أساء الظن بالله أكبر إساءة نسأل الله العافية؛ لأنه يلزم على هذا الفهم الباطل الفاسد المنكر إما أن يكون الله واحداً متجزئاً بعضه هنا وبعضه هناك، وإما أن يكون متعدداً بتعدد الأمكنة؛ لأن أناساً هنا وأناساً في السوق، وأناساً في المسجد، وأناساً في الجو، وأناساً في البحر، هل الله متجزئ؟! هل الله متعدد؟! لا والله، ويلزم من ذلك ما هو أخبث: أنك إذا كنت في الحمام -في المرحاض- كان الله معك في نفس المكان.
هل أحد يقول هذا؟!! والله ما يقوله إلا إنسان ما يعرف الله عز وجل ولا يقدره حق قدره، يا سبحان الله!! كيف تتصور أن ربك العلي الأعلى يكون معك في المرحاض -نسأل الله العافية- لا يتصوره الإنسان هذا أبداً، إلا شخص متنقص لله عز وجل أعظم تنقص.
إذاً كيف نُخرِّج قوله: (إلا هو معهم) ؟ نخرج هذا: على أن المعية لا تستلزم الحلول والإحالة في المكان، العرب يقولون: ما زلنا نسير والقمر معنا.
وأين مكانه؟ في السماء، يقول: ما زلنا نسير وسهيل معنا.
وسهيل في السماء، هذا وهي مخلوقات صغيرة في جنب الله عز وجل، ومع ذلك تكون مع الإنسان وهي فوق.
إذاً الله معنا وهو فوق كل شيء، لا يخفى عليه شيء من أعمالنا، يجب أن تعتقد هذا الاعتقاد، فإن مت على العقيدة الأولى: إن الله معك في المكان، فلا أدري أتموت كافراً أم مؤمناً؛ لأن هذا تنقص لله تعالى غاية التنقص.(233/4)
تفسير قوله تعالى: (ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة)
قال تعالى: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [المجادلة:7] (ينبئهم) أي: يخبرهم بما عملوا، ويقربهم به، إن كان مؤمناً -جعلني الله وإياكم منهم- فإن الله يخلو به وحده، ويقرره في ذنوبه، ويقول: (عملت كذا وعملت كذا وعملت كذا، فيقول: نعم يا رب، فيقول الله تعالى: إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) اللهم لك الحمد، وما أكثر الذنوب التي سترها الله علينا، ما أكثر الذنوب التي عملناها وسترها الله، ولو شاء الله لكشفها وبينها وأظهرها على فلتات اللسان وصفحات الوجوه، كان بنو إسرائيل إذا أذنب الإنسان منهم ذنباً في البيت أصبح الذنب مكتوب على بابه، فضيحة وعار، وهذه الأمة -والحمد لله- شملها الله بالستر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون، قالوا: من؟ قال: المجاهر الذي يعمل الذنب سراً ثم يصبح يتحدث به على الناس) سماه مجاهراً وإن كان فعلها خفية؛ لأنه كشفه هو بنفسه، من الناس من يفعل هذا -والعياذ بالله- تبجحاً، خصوصاً الذين يسافرون في أيام الإجازات ويزنون هناك ويلوطون ويشربون الخمر يأتون إلى أصحابهم ويقولون: والله السفر أنس وفرح، فعلوا كذا، زنى بامرأة أو أكثر أو أقل، تلوطوا بكذا وكذا من الغلمان، شربوا من الخمر كذا وكذا، هؤلاء مجاهرون والعياذ بالله، نسأل الله العافية.
فالله سبحانه وتعالى يخلو بعبده المؤمن يوم القيامة ويقرره بذنوبه، ثم يقول: (سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) أما الكافر فإنه لا يحاسب هذه المحاسبة ولا ينظر الله إليه، لكن تحصى أعمالهم وتكشف وينادى على رءوس الأشهاد: {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18] ولهذا لم يقل عز وجل: ثم يعاقبهم بما عملوا، قال: (ينبئهم) والإنباء قد يكون معه عقوبة وقد لا يكون.(233/5)
تفسير قوله تعالى: (إن الله بكل شيء عليم)
قال تعالى: إن الله بل شيء عليم) اللهم ارزقنا الإيمان بهذا، واعصمنا به من الزلل.
أنت -يا أخي- إذا آمنت أن الله عليم بكل شيء حتى الذي في قلبك لا بد أن تخشى الله.
قال الله عز وجل: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} [النساء:108] فاحذر احذر احذر! أن يعلم الله منك ما يكون مغضباً لله عز جل، واعلم أن لديك رقيب، ما من إنسان إلا لديه رقيب عتيد، رقيب مراقب وعتيد حاضر {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] يكتب كلما يلفظ، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ونسألك ألا تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وأن تهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
العجيب أن بعض الطوائف انحرفت انحرافاً شديداً في مسألة المعية! بعضهم قال: إن الله معنا حال في الأمكنة! وهذا كما علمت خطير جداً، إذا مات الشخص على هذا الحال فلا ندري أمات كافراً أم مسلماً حتى وإن كان يصلي؛ لأنه تنقص الله عز وجل؟ والعجب أن هؤلاء لو قلت لهم: ادعوا الله، أين يرفعون أيديهم؟ إلى السماء، يقولون: يا الله، لا يحرفونها يميناً ولا يساراً ولا أسفل، إنما إلى السماء، فهم بفطرتهم يقرون بأن الله في السماء ولكن بأهوائهم لا يقرون بهذا، حجتهم يقولون: لو كان فوق لكان محدوداً ولكان جسماً، وما أشبه ذلك من إلهامات الشيطان، فنقول: لا.
لا يكون محدوداً، هو فوق وليس شيء يحده، فوق كل شيء، كل شيء تحته، ولا شيء يحده، يقولون: يلزم أن يكون جسماً.
نقول: إن كان يلزم من إثبات ما أثبته الله جسماً فليكن، وإذا لزم أن يكون جسماً وهو مما يستلزمه كلام الله ورسوله فليكن، ولكننا نطهر ألسنتنا أن نقول: إنه جسم أو غير جسم، مالنا حق أن نتكلم بهذا، نؤمن بما أخبر الله به عن نفسه أو أخبر به عنه رسوله، ولا نقدر جسم غير جسم عرض! ليس لنا حق؛ لأن الله تعالى بذاته يفارق كل ذات، فهو ليس من جنس المخلوقات في أي حال من الأحوال، قال الله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] .
فوصيتي لمن يسمعني: أن يثبت لله ما أثبته لنفسه، ولا يقول: كيف ولا لم؟ لأن الله أعظم مما تحيط به العقول، وأن ينفي ما نفاه الله عن نفسه، وأن يسكت عما سكت الله عنه ورسوله، هذه حقيقة الإيمان، أما الذي يحكم على الله بعقله فهذا ضال متبع لهواه، لا ينفعه إيمانه.
وعكس هذا طائفة أخرى ضالة تقول: لا تقل: إن الله فوق ولا تحت، ولا هو يمين ولا شمال، ولا متصل بالعالم ولا منفصل عن العالم، أين يذهب؟ ما في شيء! إذا وصفنا الله بهذه الأوصاف السلبية يعني: أن الله لم يكن شيئاً، ولهذا قال محمود بن سبكتكين رحمه الله وهو من أمراء الدولة العباسية العظماء، سأل أحد أئمة الكلام وهو أبو بكر ابن فورك سأله عن الله عز وجل فقال: إنه ليس فوق ولا أسفل، ولا يمين ولا شمال، ولا متصل ولا منفصل.
فقال له محمود: فرِّق لي بين العدم وبين ما تقول؟ هل صحيح أم غير صحيح؟ صحيح، إذا كان هكذا معناه معدوم، فرِّق لي بين إلهك الذي تدعيه وبين العدم؟ فبهت الذي كفر -عجز على أن يتكلم- فانظر إلى انحرافين باطلين: الأول: الانحراف الحلولي.
والثاني: الانحراف السلبي.
أما السلف والأئمة فقالوا: نؤمن بأن الله فوق كل شيء، وحاشاه أن يكون في الأسفل، ولكنه مع الخلق محيط بهم عالم سميع بصير إلخ.
اللهم اهدنا فيمن هديت، وإلى هنا ينتهي التفسير.(233/6)
الأسئلة(233/7)
صحة من حج بنفقة غيره وهو قادر أن يحج بنفسه
السؤال
إذا حج الرجل على نفقة غيره وهو قادر على أن يحج بنفقته فهل يلزمه أن يحج حجة أخرى؟
الجواب
إذا حج الإنسان بنفقة من غيره وهي الفريضة فإنها مجزئة ولا يلزمه شيء.(233/8)
حكم الأذان والإقامة في أذن الطفل وحكم التحنيك وكيفيته
السؤال
ما حكم الأذان في أذن المولود والإقامة، والتحنيك: هل هو خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام وما كيفيته؟
الجواب
على كل حال: الإقامة حديثها ضعيف، والأذان حديثه مقبول.
وأما التحنيك فإن كانت العلة أن يكون أول ما يصل إلى معدة الطفل التمر فهو مشروع لكل أحد، وإن كان مقصود التبرك بالريق فهذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وما دمنا الآن في شك: هل هي على سبيل السنة أو التبرك؟ فإننا نتركه ولا نحنكه، وإن حنكناه فلا بأس لاحتمال أن يكون كذلك.
السائل: هل يكون الأذان والإقامة في أذن واحدة؟ الشيخ: الأذان في اليمنى والإقامة في اليسرى على القول بأنها مستحبة.
كيفية التحنيك: أن الإنسان يمضغ التمرة ويخرجها من فمه ويجعلها في فم الصبي، والصبي إذا استطعم هذه يبلع الطعام.(233/9)
معرفة مذهب القدرية
السؤال
ذكرت عن الإيمان بالقدر، فهناك طائفة تسمى الطائفة القدرية فنتمنى أن نعرف ما هو مذهبهم؟
الجواب
القدرية يعني: نفاة القدر، وهذا من النسبة السلبية؛ لأن العادة أن المنسوب للشيء متصف به، ولكن هؤلاء بالعكس، هؤلاء منسوبون للقدر وليسوا يؤمنون به القدري يزعم أن الإنسان مستقل بعمله ما لله فيه تدخل، وبعضهم يغلو حتى يقول: إن الله لا يعلم من فعل العبد إلا ما وقع، هؤلاء يسمون عند أهل السنة المجوسية، فيقولون: القدرية مجوس هذه الأمة، كيف ذلك؟ القدرية يقولون: هذا الكون له خالقان: نور وظلمة، فما فيه من شر فخالقه الظلمة، وما فيه من خير فخالقه النور، فجعلوا للكائنات والحوادث خالقين، القدرية كذلك أفعال العباد وما يحدث منهم للعبد مستقل به، وما يفعله الله فهو لله، فشابهوا المجوس من هذه الناحية، فسموا مجوس هذه الأمة وفيها حديث لكنه ضعيف إلا أن أهل السنة أخذوا بهذا اللقب(233/10)
حكم إمامة الصلاة بدون إذن الإمام الراتب
السؤال
هل تجوز الصلاة على الإمام إذا تأخر قليلاً دون إذنه، وما حكم صلاة ذلك الإمام وصلاة المأمومين إذا كانوا يعلمون أن الإمام يكره ذلك؟
الجواب
إن كان قد أذن لهم وقال: إذا تأخرت لمدة عشر دقائق أو ربع ساعة فصلوا فالأمر واضح، إذا انتهت المدة يصلون، وإذا لم يأذن لهم حرم عليهم أن يصلوا، إلا إذا تأخر تأخراً كثيراً وكان الاتصال به غير ممكن فيصلون، فإن صلوا من دون إذنه فقال بعض العلماء: إن صلاتهم باطلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه) فقالوا: هذه صلاة محرمة فتكون باطلة.
وقال بعض أهل العلم: الحرام هو الفعل والصلاة صحيحة والذي أرى بالنسبة للإمام: إذا كان له أحوال توجب أن يتأخر أن يقول للمؤذن: إذا تأخرت عشر دقائق -مثلاً- فأقم الصلاة.
السائل: هل يكون المأموم آثماً إذا صلى بدون إذن الإمام؟ الشيخ: الذي صلى بدون إذنه وبدون سبب آثم، ولكن قلت لك الآن أهم من هذا: الصلاة باطلة عند كثير من العلماء يعني: يجب عليهم أن يعيدوا الصلاة.(233/11)
حكم نتف الشعر الزائد في المرأة عند الحاجب
السؤال
الشعر الزائد عند الحاجب في المرأة، هل نتفه أو حفه يدخل في النهي؟
الجواب
الحواجب لا يجوز نتفها إلا إذا كانت مشوهة؛ لأن لدينا ثلاث حالات: إما أن تكون جميلة لدقتها وعدم اتصال بعضها ببعض، هذا لا يسأل عنه أحد.
وإما أن تكون مشوهة كثيرة بمعنى: أن تأخذ من الجبهة شيئاً، كل من رآه يتقزز منها، فهذا لا بأس أن تأخذ ما فيه التشويه لكن بدون نتف، إما بالمزيلات -الأدهان- التي يدهن بها أو بالقص، هذا جائز والأول لا يسأل عنه، وإما أن تكون ما فيها تشويه لكن لم تصل إلى حد الجمال فهذا لا يجوز أن يغير.
السائل: إذا كان التشويه يُرى من قريب ولا يرى من بعيد؟ الشيخ: ما دام ما في تشويه لا يغير.
السائل: المسألة على التشويه، إذا لم يوجد تشويه يبقى على ما هو عليه؟ الشيخ: نعم.(233/12)
حكم توجيه الإمام للمأمومين الذين يزدحمون في يمين الصف أو يساره
السؤال
عندما يصطف المأمومون للصلاة تكون الجهة التي على الشمال ترجح على التي على اليمين أو العكس، هل يشرع للإمام أن يوجههم إلى تعديل الكفتين؟
الجواب
يسأل يقول: إذا كان الصف عن يمين الإمام أكثر عن يساره أو بالعكس، فهل يشرع للإمام أن يقول للزائد: تعالوا إلى هذا الناقص؟ أقول: نعم.
لأن المشروع أن يكون الإمام متوسطاً، والدليل على هذا: أنه ثبت في صحيح مسلم وغيره أن المأمومين إذا كانوا ثلاثة في أول الأمر يكون وسطهم، ثم نسخ وصار الثلاثة يكون الإمام أمامهم.
ووجه الدلالة: أنهم لا يكونون عن يمينه -يعني: الاثنين عن يمينه ولا عن يساره- بل يكون هو بينهم.
وأيضاً: هو إمام وهو مأمور بالعدل، وليس من العدل أن يكون أحد الجانبين بعيداً والآخر قريباً.
وأيضاً: لم يقل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أكمل الأيمن فالأيمن، ولو كان الأيمن أكثر مطلقاً لقال: أكملوا الأيمن فالأيمن كما قال في الصف الأول: أكملوا الأول فالأول.
وأيضاً: نظرة الناس مثلاً: لو فرضنا أن أحداً خلف الإمام والباقين كلهم على اليمين وليس عن الشمال أحد، هذا المنظر ينافي أن يكون هناك إمام حقيقة؛ لأنه متطرف.
هذه هي المسألة.(233/13)
كيفية إخراج الزكاة لمن له أقساط عند الناس
السؤال
بالنسبة للذين يقسطون السيارات، أحياناً مقسط السيارات أو بائع السيارات يقسط سيارة فيأتي أول قسط منها فما يلبث أن يمكث شهراً أو شهرين أو ثلاثة ثم يضعه في سيارة أخرى ويقسط والقسط الثالث أو الرابع يتأخر ستة أشهر أو سبعة أشهر، فوصول المال إليه غير منضبط، فهل هناك طريقة يتورع بها الشخص ويزكي زكاة تبرئ بها ذمته من غير طريقة كتابة كل دخل عليه؟
الجواب
الطريق لمن له ديون عند الناس تأتي مختلفة أو رواتب تأتي مختلفة، إذا جاء وقت الزكاة يحصي ما عنده وما في ذمم الناس ويزكيها، وتبرأ الذمة ويرتاح.
فمثلاً: إنسان زكاته في رمضان، نقول: إذا جاء رمضان احص ما عندك من النقود ثم أضف إليها الديون التي في ذمم الناس، ثم أخرج زكاة الجميع واسترح.(233/14)
حكم رد الخاطب الذي ليس له مال وهو ذو أمانة ودين
السؤال
فضيلة الشيخ! في قصة المرأة التي أتت تستشير النبي صلى الله عليه وسلم في الذين تقدموا لخطبتها فقال: أما فلان فصعلوك لا مال له.
فهل يجوز رد خاطب مع أمانته ودينه ولكن لا مال له؟
الجواب
الحديث الذي أشرت إليه فاطمة بنت قيس تقدم لخطبتها ثلاثة: معاوية، وأبو جهم، وأسامة بن زيد فجاءت تستشير النبي صلى الله عليه وسلم تقول: هؤلاء تقدموا، فأشار عليها، والمستشار مؤتمن، يجب أن يبين العيوب ويبين المناطق، قال لها: (أما معاوية فصعلوك لا مال له) هذا الذي ليس له مال صار خليفة المسلمين وقائدهم (وأما أبو جهم فضراب للنساء) يكثر ضرب النساء.
(فانكحي أسامة، قالت: فنكحت أسامة فاغتبطت به) وهذا دليل على أن للمرأة أن ترد الخاطب إذا كان فقيراً، ولكن الأفضل إذا كان ذا خلق ودين أن تتزوج به، وهذا كما هو في الرجال هو في النساء أيضاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) .(233/15)
الضابط في هجر العاصي
السؤال
ما ضابط هجر العاصي الذي لم تظهر معصيته علانية للناس إذا كان في هجره مصلحة؟
الجواب
الضابط: أن هجر العاصي إن كان فيه مصلحة بحيث يرجع العاصي عن معصيته فليهجر، وأما إذا لم يكن فيه مصلحة فهجره حرام؛ لأن العاصي مسلم ولو فعل ما فعل من الكبائر إلا الكفر إذا كفر هذا معلوم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان ويعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) فلا تهجره، ولأن بعض العصاة إذا هجرته زاد في معصيته، وكرهك أيضاً، ولم يقبل منك أي نصيحة، أما لو كان هجره ينفع، كما لو كان أحد الأبناء أو أحد الإخوة وهو يقدرك وإذا هجرته ارتدع، فهنا اهجره حتى يرتدع، فإن أخلف الظن -بمعنى: أنك هجرته ولكنه لم يرتدع- فعد وسلم عليه ولا تنس النصيحة.(233/16)
حكم الجهر بالأذكار بعد الصلاة المفروضة
السؤال
ما حكم الجهر بالأذكار بعد الصلاة المفروضة؟
الجواب
الجهر بذلك سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجهر بذلك وكذلك الصحابة، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) لكن لو كان إلى جنبك رجلٌ يقضي الصلاة، فهنا لا تجهر؛ لأنك لو جهرت شوشت عليه وأفسدت عليه صلاته.
السائل: الجهر بعد الفجر والمغرب؟ الشيخ: بعد الفجر والمغرب وبعد الظهر والعصر والعشاء كل الصلوات.
السائل: بعد الفجر والمغرب يقال عشر مرات: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) هل هذه خاصة بالمغرب والفجر؟ الجواب: بعد المغرب والفجر يقال عشر مرات: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) عشر مرات، وما سواها فثلاث مرات.(233/17)
نصاب الزكاة بالريال السعودي
السؤال
فضيلة الشيخ! كم يساوي الدرهم بالريال السعودي الآن؟ وكم نصاب الزكاة بالريال السعودي؟
الجواب
يقولون: إن الدراهم مائتين ريال تساوي ستة وخمسين ريالاً، أي: وزنها ستة وخمسين ريالاً، هذا هو.
مائتين درهم إسلامي زنتها ستة وخمسين ريال عربي سعودي فضة.
فعلى هذا: يكون النصاب ستة وخمسين ريالاً، وهذا يختلف من وقت لآخر، قد تكون الفضة غالية فيبلغ مثلاً أربعمائة ريال ورق، وقد تكون رخيصة فينزل، المهم أنك تعتبر النصاب بالفضة وهي ستة وخمسون ريالاً.(233/18)
حكم تزويج المرأة من غير خطبة ولا مهر
السؤال
ما الحكم إذا أراد الأب تزويج ابنته من شخص بدون خطبة وبدون مهر؟ الشيخ: كيف بدون خطبة؟ يعني: هو يخطب الرجال؟ السائل: لا.
الرجل لم يخطب ابنة الأب؟ الشيخ: يعني: إنسان خطب بنتاً من أبيها السائل: بدون خطبة وبدون مهر، هو طلب منه أن يزوجه ابنته الشيخ: كذا هبة -هدية يعني-؟ السائل: نعم.
الشيخ: لا يجوز؛ لأن الله تعالى قال: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب:50] يعني: خاصة {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50] .
ولا يحل لأي إنسان أب أو أخ أو عم أن يزوج المرأة بدون إذنها، سواءً كانت بكراً أم ثيباً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الأيم حتى تستأمر، قالوا: وكيف إذنها؟ -أي: البكر- قال: أن تسكت) وما يفعله بعض الناس -والعياذ بالله- من الظلم الغاشم من تزويج بناتهم بمن لا يرضينه لكن لأنه ابن عم أو ما أشبه ذلك، فهذا حرام عليه، والنكاح غير صحيح، وهذا الرجل لا يحل له أن يجامعها، إن جامعها فهو بمنزلة الزنا -والعياذ بالله- لا تحل له، ليست امرأته حتى تأذن وإن كان ليس مثل الزنا بمعنى: أنه يقام عليه حد الزنا؛ لأنه فيه شبهة، هو يعتقد أن هذا صحيح، فهذه شبهة تمنع الحد.(233/19)
معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (من تعزى بعزاء الجاهلية) ومدى صحته
السؤال
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تعزى بعزاء الجاهلية عضوه بهني أبيه ولا تكنوا) ما معنى هذا الحديث؟ وهل هو صحيح، علماً أن الألباني قال: رواه الترمذي وأحمد؟
الجواب
هو صحيح، ومعنى: (تعزى بعزاء الجاهلية) أي: افتخر بالحسب والنسب؛ لأن التعزية بمعنى التقوية، وقوله: (عضوه بهني أبيه ولا تكنوا) أي: ذكر أبيه، أي: قولوا له: عض ذكر أبيك وإن شاء أن يقوله باسمه المعروف عند العوام، وهذا مثل قول أبي بكر رضي الله عنه في صلح الحديبية قال له: [امصص بضر اللات] (البضر) الفرج، وهي كلمة تقبيح وتهجين.(233/20)
معنى قوله عليه الصلاة والسلام للصحابي: (استفت قلبك)
السؤال
في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (استفت قلبك) هل هذا الحديث يفعله كل الناس؟
الجواب
لا.
هذا لا يفعله كل الناس، إنما يفعله من كانوا على الفطر السليمة، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (استفت قلبك) ليس لكل أحد؛ لأن الفاسق لو استفتى قلبه ماذا يكون؟ السائل: يتبع هواه ويفسق الشيخ: يفتيه قلبه بأن هذا حسن، هذه المعصية حسنة، لكن المراد: من كان سليم الفطرة.
أو يقال: إن الرسول علم من هذا الرجل أنه على الفطرة وقال: (استفت قلبك) يخاطبه وحده.(233/21)
حكم صلاة أربع ركعات بتسليمة واحدة
السؤال
قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً) إذا كانت صفة الصلاة أربع ركعات بتسليم واحد؟
الجواب
أولاً بارك الله فيك: هذا الحديث فيه مقال عند الحفاظ، بعضهم طعن فيه وقال: لا يصح.
والثاني على تقدير صحته: فلا بد من ركعتين وركعتين، لحديث: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) وعلى هذا نقول: كل حديث أطلق فيه أربع ركعات مثلاً فالمراد أربع ركعات بتسليمتين.(233/22)
كيفية الصلاة لمن لا يستطيع أن يصلي مستلقياً
السؤال
فضيلة الشيخ! يصلي المسلم قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى أحد جنبيه، فإن لم يستطع فيسترخي على ظهره، فإن لم يستطع فكيف يصلي؟
الجواب
بعض العلماء يقول: يصلي بعينه، يؤشر بعينه في الركوع بأن يغمض قليلاً، وفي السجود أكثر.
وبعضهم قال: لا.
هذا ما ورد إلا في حديث ضعيف فلا عبرة به، ويصلي بقلبه -أي: ينوي تكبيرة الإحرام- فيقول: الله أكبر، ويقرأ ثم ينوي الركوع فيكبر ويقول: سبحان رب العظيم، ثم ينوي الرفع ويقول: سمع الله لمن حمده؛ لقول الله تبارك وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] .(233/23)
حكم أخذ المال على الشفاعة
السؤال
فضيلة الشيخ! ما حكم الشفاعة للغير بتسجيله في وظيفة وأخذ مبلغ مالي على ذلك؟
الجواب
الشفاعة للإنسان أن يكون في وظيفة لأخذ مال هذا لا يجوز؛ لأننا نعلم أن هذا الذي أخذ المال سوف يرشي المسئولين؛ لأنا نسمع عنه أنه يأخذ عشرة آلاف أو عشرين ألفاً أو ما أشبه ذلك فيرشي المسئولين، والرشوة معروف أنها محرمة بل من كبائر الذنوب.
السائل: أتعاب يا شيخ.
الشيخ: أتعاب عشرة آلاف؟! يأخذ تكسي بريالين إلى الدائرة، لو قومت أتعابه لا تساوي خمسمائة ريال.
السائل: هو لا يرشي المسئولين لكن له جاه عند المسئولين الشيخ: إذا كان له جاه لا يجوز؛ لأن الجاه أمر معنوي ما خسر شيئاً.(233/24)
حكم ترك سجدة السهو في ركعة فائتة
السؤال
فضيلة الشيخ! من ترك سجدة سهو في ركعة فائتة فما حكمها؟ الشيخ: يعني: في صلاة فائتة؟ السائل: في صلاته.
الشيخ: بعض العلماء يفصل يقول: إن ترك سجود السهو الواجب قبل السلام فصلاته باطلة إذا تعمد، وأما إذا كان بعد السلام فلا، وعللوا كلامهم: بأنه إذا كان سجود السهو في نفس الصلاة فهو واجب فيها، وإذا كان بعد السلام فهو واجب لها.
وبعض العلماء يقول: سواءً بعد السلام أو قبل السلام إذا تركه متعمداً فصلاته باطلة؛ لأنه عصى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: (فليسجد) .
ولا أظن مسلماً يتعمد ترك سجود السهو وهو سجدتان متعمداً ويعلم أن الرسول أمر بها أبداً.
فإما أن يكون جاهلاً وإما أن يكون ناسياً.(233/25)
حكم إقامة المسابقات التي فيها خسارة
السؤال
فضيلة الشيخ! ما حكم عمل مسابقة أسئلة على شريط أو كتيب في المدرسة -مثلاً- ثم أعرض هذه المسابقة بشرط شراء هذا الشريط أو الكتيب بسعر رمزي قد يكون قيمة هذا الشريط أو أقل الشيخ: كيف هذا؟ السائل: شريط معين محاضرة -مثلاً- أفرغها ثم أضع أسئلة على هذه المحاضرة مكتوبة في عشر صفحات مثلاً، ثم أطرح هذه المسابقة مجاناً لكن بشرط: شراء هذا الشريط بسعر التكلفة أو أقل الشيخ: من الذي يشتريه؟ السائل: المتسابقون.
الشيخ: الذين يدخلون المسابقة.
السائل: نعم يا شيخ.
الشيخ: هل يضمن النجاح؟ السائل: قد ينجح وقد لا ينجح.
الشيخ: طيب إذا لم ينجح هل يعطى قيمة الشريط؟ السائل: لا.
الشيخ: لا يجوز هذا السائل: لكنه سيستفيد من هذا الشريط يا شيخ الشيخ: هو على كل حال يمكن لولا المسابقة ما اشتراه أبداً، أو اشتراه بنصف الثمن، وعلى هذا فيقال: من حاز السبَق فهو له، ومن لم يحز رد عليه ثمن الشريط ونأخذ الشريط منه، وإن شاء بقيت قيمته.(233/26)
حكم امرأة جامعها زوجها في صيام القضاء
السؤال
إذا كان على المرأة قضاء من رمضان فصامته بعد انتهاء رمضان وحصل جماع من زوجها هل يكون عليه كفارة مغلظة، أم الحرمة خاصة في رمضان؟
الجواب
يقول: هذه المرأة تصوم قضاء رمضان فجامعها زوجها إذا كان بغير اختيار منها بل أكرهها فلا شيء عليها وصيامها تام، وإذا كان برغبة منها فهي آثمة وعليها أن تقضي هذا اليوم وليس عليها كفارة؛ لأن الكفارة خاصة في نهار رمضان لمن وجب عليه الصوم، وأما من لم يجب حتى لو كان صائماً في رمضان فليس عليه كفارة، مثال ذلك: رجل ذهب بأهله إلى مكة في أيام رمضان وصام وفي أثناء النهار أراد أن يأتي أهله فنقول: نعم.
لك أن تأتي أهلك ولا شيء عليك إلا قضاء اليوم؛ وذلك لأن المسافر لا يجب عليه الصوم.
انتبه إلى هذه النقطة! لا يستفتيك معتمر في مكة جامع أهله في رمضان فتقول: عليك كفارة.
السائل: يا شيخ! الكفارة خاصة في رمضان؟ الشيخ: الكفارة لا تجب إلا إذا كان الجماع في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم.(233/27)
جواز جمع الصلاة لمن يشق عليه أن يصلي كل فرض في وقته
السؤال
فضيلة الشيخ! هل يجوز لامرأة مقعدة أن تجمع الصلاة عند الذهاب إلى الزيارة أو إلى البر، حيث أن تكرار الوضوء يكلف عليها، ولا تستطيع أن تبقى على وضوء واحد؟
الجواب
يجوز للمرأة أو غير المرأة إذا كان يشق عليها أن تصلي كل صلاة في وقتها، أن تجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، ويجوز أن تؤخر الظهر إلى العصر وتتوضأ لهما، فإذا غابت الشمس قدمت العشاء إلى المغرب بالوضوء الأول، فيكون هذا الوضوء يكفيها لأربع صلوات.(233/28)
كيفية الحصول على قيراطين في حضور الجنازة
السؤال
هل يلزم لحضور أجر الجنازة كاملاً الذي هو القيراط أن يخرج من دار بيته أو دار بيت المتوفى ثم يصلي عليه ثم يخرج معه إلى المقبرة؟
الجواب
إذا ذهب إلى بيت الميت وشاركهم في تشييعه إلى المسجد ثم إلى المقبرة حصل على قيراطين، وإن شهد الصلاة فقط فقيراط واحد.(233/29)
حكم شراء سيارة بالتقسيط بثمن أرفع من قيمتها
السؤال
فضيلة الشيخ! ما حكم التدين وأخذ سيارة من البنك الأهلي بالتقسيط، مع العلم أنه لا يملكها، ويدفع قيمتها ويشتريها من الشركة ويعطيهم بتقسيط عالٍ بأقساط ميسرة؛ وذلك لأنه في أشد الحاجة إلى التقسيط فهل تطبق عليها حكم الربا؟
الجواب
نعم.
هذا التقسيط حرام، مثلاً: يأتي الإنسان إلى البنك أو غير البنك يقول: أنا أحتاج إلى سيارة صفتها كذا وكذا فيقول: اذهب إلى المعرض واختر السيارة التي تريد، ثم يأتي ويقول: أريد السيارة الفلانية، فيذهب التاجر أو البنك إلى المعرض ويقول: بع عليَّ هذه السيارة فيشتريها منه نقداً بخمسين ألفاً، ثم يبيعها على الأول الذي طلبها يبيعها مقسطة بستين ألفاً، هذا حرام ولا يحل، وهو حيلة واضحة على الربا؛ لأن هذا البنك الذي اشتراها له ثم باعها عليه كأنما أقرضه قيمتها بزيادة وهذا حرام، العقد هنا صوري، ولولا أن هذا طلب السيارة ما اشتراها البنك، فلذلك يجب الحذر من هذا، وإن كان بعض الناس يفتي بذلك لكنه لم يتأمل المسألة، ولو تأملها لوجدها خديعة واضحة، وهي أخبث من خديعة اليهود الذين لما حرم الله عليهم الشحم أذابوه فصار ودكاً ثم باعوه وأكلوا ثمنه، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتلهم الله عز وجل، وهذه الحيلة التي ذكرت أقرب إلى الحرام من الحيلة التي فعلها اليهود.
فعلى المؤمن أن يتقي الله عز وجل، وإذا قال: أنا ما وجدت أحداً، يقول: الحمد لله عليك ثيابك ولك مسكنك سواءً بأجرة أو بملك، وهذا كافٍ ليس لك من الدنيا إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت، لو تبقى لا تأكل إلا مرة في اليوم ولا تشتري السيارة على هذا الوجه.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء؛ وإلى جلسة قادمة إن شاء الله تعالى.(233/30)
لقاء الباب المفتوح [234]
تحدث الشيخ رحمه الله في هذا اللقاء عن تفسير آيات من سورة المجادلة، وقد بين من خلالها النهي عن التناجي بالإثم والعدوان؛ لما فيه من أذى للمؤمنين، واجتناب ما وقع فيه اليهود من عدم الانصياع لأمر الله في هذا.
ثم بين حكم السلام على أهل الكتاب وكيفية الرد عليهم، وفي آخرها التذكير بيوم القيامة، وحرص الشيطان على أذية المسلمين وإيقاعهم في الإثم.(234/1)
تفسير آيات من سورة المجادلة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الرابع والثلاثون بعد المائتين، من اللقاءات التي تعرف بلقاء الباب المفتوح، التي تتم كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو التاسع والعشرون من شهر محرم عام (1421هـ) .(234/2)
تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى)
نبتدئ هذا اللقاء كالعادة بتفسير ما يسر الله عز وجل، وقد انتهينا فيما سبق إلى قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [المجادلة:8] (نهوا) أي: نهاهم الله عز وجل أو الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (عن النجوى) أي: عن التناجي فيما بينهم والكلام السر الذي يريدون به إرغام المؤمنين، حيث يظن المؤمن إذا مر بهم وجعلوا يتناجون أنهم يتناجون في أمر يكيدون له به، فنهوا عن ذلك {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} [المجادلة:8] تجدهم يتناجون فيما بينهم، فيما يأثمون به أي: يكسبون به عقوبة في الآخرة، والعدوان هو: الاعتداء على المؤمنين بإحداث الهم والغم لهم، (ومعصية الرسول) أي: أنهم يتواصون فيما بينهم أن يعصوا الرسول صلى الله عليه وعلى آله سلم.(234/3)
تفسير قوله تعالى: (وإذا جاءوك حيوك)
قال تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} [المجادلة:8] أي: إذا مروا بك أو أتوا إليك وأنت في مجلس حيوك بما لم يحيك به الله، وذلك بقولهم: السام عليك -يعني: الموت- ولكنهم لا يفصحون بها جيداً، فيظن السامع أنهم يقولون: السلام عليكم.
ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا سلم علينا أهل الكتاب أو غير أهل الكتاب ممن نظن أنهم يقولون السام عليكم أن نقول: وعليك.
إن كان دعا بالسلام فعليه، وإن كان دعا بالسام فعليه، وهذا غاية العدل، لكن إذا سلم عليك اليهودي أو النصراني أو غيره بقوله: السلام عليك واضحة فلك أن تقول: وعليك السلام.
لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] ولأن النبي صلى الله عليه وعلى سلم قال: (إن أهل الكتاب إذا سلموا يقولون: السام عليكم فقولوا: وعليكم) وهذا يدل على أنهم لو قالوا السلام لقلنا وعليكم السلام.
{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} [المجادلة:8] أي: يحدث شخص منهم نفسه أو المعنى يقولون فيما بينهم {لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [المجادلة:8] أي: هلاَّ يعذبنا الله بما نقول لو كان ما نقول خطأً، كأنهم يتحدون الله عز وجل ويقولون: لو ارتكبنا خطأ لعذبنا الله، قال الله تعالى: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} [المجادلة:8] أي: كافيتهم {يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [المجادلة:8] وهذا وعيد شديد لهؤلاء الذين نجوا من عذاب الدنيا، أن لهم عذاب الآخرة.(234/4)
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان)
ثم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المجادلة:9] لما ذكر الله عن حال اليهود أنهم يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول نهى المؤمنين أن يكونوا مثلهم، فقال: {فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} وضد ذلك: {وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (بالبر) أي: فعل الخير، (والتقوى) اجتناب الشر.
أي: ليناجِ بعضكم بعضاً بما فيه الخير، إما براً يأمرون به، وإما محرماً يأمرون بتقواه واجتنابه {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} اتقوا الله تعالى يعني: أطيعوا الله، لأن التقوى هي: اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ لأنه لا شيء يقي من عذاب الله إلا هذا.
قوله تعالى: {الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي: تجمعون إليه يوم القيامة فإن الله تبارك وتعالى يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد متساو، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر نحن في الدنيا لسنا على أرض متساوية، بل على أرض تشبه الكرة ولذلك لا ينفذ البصر إلى ما وراء المنحنى: منحنى الكرة ولا يسمع الداعي، لكن في الآخرة يقول الله عز وجل: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ} [الانشقاق:3] يعني: تمد مداً واحداً ليس فيها جبال ولا انحناء ولا مساكن، ولهذا يسمعهم الداعي لأنه لا يوجد شيء يرد الصوت، وينفذهم البصر: يرى أقصاهم كما يرى أدناهم فيحشر الخلائق كلهم على هذه الأرض المسطوحة، لا جبال ولا أنهار ولا شعاب ولا غيرها.
وفي قوله: وقوله: {الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} منه إثبات المعاد وهو اليوم الآخر، والإيمان به أحد أركان الإيمان الستة.
وأركان الإيمان هي: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، فمن أنكر البعث فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة، بل من شك فيه فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة، فلينقذ نفسه قبل الموت، وليوطنها على الإيمان باليوم الآخر، فنحن نحشر إلى الله ونبعث يوم القيامة ونجازى بأعمالنا إن خيراً فخير وإن شراً فشر.(234/5)
تفسير قوله تعالى: (إنما النجوى من الشيطان)
ثم قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ} [المجادلة:10] أي: من أوامره، أي: هو الذي يأمركم بالإثم والعدوان ومعصية الرسول لماذا؟ {لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة:10] أي: يلحقهم الحزن في نفوسهم، ولكن هل هذا يضرهم؟
الجواب
لا يضرهم، ولهذا قال: {وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [المجادلة:10] كل الأسباب يبطلها الله عز وجل إذا شاء، وإذا شاء نفذ قدره فيها، فهؤلاء الذين يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ليحزنوا الذين آمنوا لن يضر المؤمنين نجواهم إلا بإذن الله، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يتناجى اثنان دون الثالث -أي: إذا كانوا ثلاثة لا يتسامع اثنان من دون الثالث- من أجل أن ذلك يحزنه) ومثله إذا كانوا ثلاثة واثنان منهم يعرفون لغة غير عربية والثالث لا يعرف هذه اللغة فلا يجوز أن يتحدث بعضهم إلى بعض باللغة التي لا يعرفها الثالث لأن ذلك يحزنه، وهذا من عمل الشيطان، نسأل الله العافية.
قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة:10] أي: يجب على كل مؤمن أن يتوكل على الله عز وجل، وإذا توكل على الله فهو حسبه لن يضره أحد.
اللهم نسألك التوكل عليك وصدق الإيمان بك إنك على كل شيء قدير.(234/6)
الأسئلة(234/7)
معنى قول الترمذي: (حديث حسن صحيح)
السؤال
أشكل عليَّ قول الترمذي في سننه: هذا حديث حسن صحيح ما معناه؟
الجواب
المعنى عند العلماء: أنه يحتمل أن المعنى حسن صحيح أي: جامع بين الحسن والصحة، بأن يكون له طريقان: أحدهما حسن والثاني صحيح، وعلى هذا الاحتمال يكون قول المحدث: حسنٌ صحيح أقوى من قوله: صحيح.
والثاني: أن يكون المعنى حسن أو صحيح يعني أن الحافظ تردد هل الطريق تصل إلى الصحة أو إلى درجة الحسن، وعلى هذا يكون قوله: حسن صحيح أضعف من قوله: صحيح.(234/8)
الأصل في اللحوم
السؤال
الأصل في اللحوم هو الحل أو التحريم؟
الجواب
الأصل في اللحوم التحريم لا في الحيوان، الأصل في الحيوان الحل والأصل في اللحوم التحريم حتى نعلم أو يغلب على ظننا أنها مباحة.
يعني: لو شككنا في هذا الحيوان هل هو حلال أو حرام؟ فهو حلال فنذكيه ونأكله، لكن لو شككنا في هذا اللحم هل هو مذكى أو ميتة؟ فالأصل التحريم، حتى يغلب على ظننا أنه حلال، ومن ذلك: إذا جاء هذا اللحم ممن تحل ذبيحته فهو حلال، وليس علينا أن نسأل كيف ذبح، ولا أن نسأل هل سمى الله عليه أم لا، ليس علينا هذا بل وليس لنا ذلك أيضاً؛ لأن السؤال عن هذا من باب التعمق في الدين، ولهذا لما جاء أناس يستفتون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقولون: (إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ قال: سموا أنتم وكلوا) لم يقل اسألوهم قال: (سموا أنتم وكلوا.
قالت عائشة راوية الحديث رضي الله عنها: وكانوا حديثي عهد بكفر) وحديث العهد بالكفر قد يخفى عليه وجوب التسمية عند الذبح.
على كل حال: إذا جاءك اللحم ممن تحل ذبيحته، والذي تحل ذبيحته هو ثلاثة أصناف من الناس: المسلم واليهودي والنصراني، لا تسأل ولهذا لو جاءنا الآن ذبيحة في أسواقنا هل نسأل من ذبحها؟ لا, لا نسأل، وهل نسأل هل الذابح يصلي أو لا؟ لا نسأل، وهل نسأل أذكر اسم الله عليه أم لا؟ لا نسأل، وهل نسأل أنهر الدم على وجه الشرعي أو لا؟ لا نسأل، السؤال يعتبر من باب التعمق، ولو قلنا بوجوب السؤال لقلنا: باقي أسئلة: نسأل هل الذبيحة ملكاً للذابح أو لا؟ فإذا قالوا: ملكاً، قلنا: بأي وجهاً ملكها؟ هل اشتراها أو استوهبها أو سرقها؟ ثم نسأل بعد ذلك الأول كيف ملكها؟ ثم تتسلسل، لكن الحمد لله، الله وسع وقطع دابر هذا التساؤل بألا نسأل.
كان اليهود يهدون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام اللحم ويأكل دون أن يسأل، وكان يدعوه اليهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة لا يسأل عن هذه الإهالة كيف ذبحت، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأما ما يتناقله بعض الناس من اللحوم الواردة إلى أسواقنا بأنها لم تذبح على طريقة شرعية، فهذا خطأ وهذا وسواس، ولا ينبغي أن يروج هذا بين الناس، فيبقى المؤمن يأكل الأكل من اللحم ويشك في حلِّه، دعوا الناس، ثم الذي يرد إلى بلادنا والحمد لله مزكى من قبل لجان هناك عند المذابح التي في البلاد الأخرى تذبح على حسب الطريقة الشرعية.(234/9)
حكم تقليد الصلاة
السؤال
فضيلة الشيخ! شخص قلد الصلاة سواء صلاة الميت أو صلاة الاستسقاء أو الصلاة المفروضة، مثلاً: قوم جالسون في مجلس وشخص كبر -مثلاً- كأنه يصلي صلاة الميت وقرأ الفاتحة الشيخ: تعليماً أم ماذا؟ السائل: لا لشيء، هل يعتبر هذا من الاستهزاء بالصلاة؟ الشيخ: ليس من الاستهزاء إلا إذا كان قصد الاستهزاء؛ لأن هذا قد يكون مراده التعليم، وإذا انتفى مراد التعليم بقي هل هو استهزاء أو لا؟ نقول: الأصل عدم الاستهزاء، لكن مع ذلك ينهى عن ذلك أشد النهي، ولهذا ننهى عما يفعله بعض الناس بالتمثيليات من قيام، ويأتي آخر ويتحدث إليه وهو يصلي أو ما أشبه ذلك فهذا ننهى عنه نهياً مطلقاً مشدداً.
السائل: لكن لا يخرج من الملة؟ الشيخ: لا، الإخراج من الملة صعب وليس بالهين.(234/10)
حكم التسول في المساجد
السؤال
لو وجدت شخصاً يتسول في المسجد يسأل الناس مالاً وأنا لا أعرف هل هو غني أم لا هل أعطيه أو لا أعطيه؟
الجواب
أولاً -بارك الله فيك- حسب علمي أن الدولة مانعة من هذا منعاً باتاً؛ لأن هؤلاء قد يكون بعضهم كاذباً، وإذا لم يكن كاذباً شوش على الذين يقضون الصلاة، ثم إن المساجد بنيت للصلاة والذكر وقراءة القرآن وما بنيت للسؤال، فيقال لهذا الرجل: اخرج عند الباب واسأل.
السائل: هل أعطيه يا شيخ؟! الشيخ: أنت تعطيه أو لا تعطيه، هذا الذي يغلب على ظنك، لكن أصلاً السؤال في المسجد من الناحية النظامية ممنوع، ومن الناحية الشرعية قد يقول قائل: إنه لا يجوز، وإن كان يوجد حديث في أبي داود: (أن رجلاً سأل الناس في المسجد وأقره النبي صلى الله عليه وسلم) .
لكن هذا قد يكون لضرورة، والضرورة لها أحكام.(234/11)
حكم إعطاء المؤذن من ينوب عنه شيئاً مقابل الأذان
السؤال
أنا مؤذن وأحياناً أوكل غيري بالأذان فهل أعطي الموكل نصيب الوقت الذي قام فيه بالأذان عني؟
الجواب
أولاً: لماذا توكل وأنت مؤذن موكول إليك الأذان؟ السائل: للضرورة.
الشيخ: إن كانت ضرورة فلا بأس، لكن الضرورة يوم أو يومان مثلاً في الشهر ولا تعطه شيئاً ما جرت العادة بذلك، نعم لو قال لك: أريد شيئاً فأعطه شيئاً، مع أنه لا ينبغي له أن يقول: أريد شيئاً؛ لأن هذه عبادة.(234/12)
لباس المرأة عند المحارم
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تلبس ثوباً ذا كمٍ قصير عند محارمها؟
الجواب
المرأة مأمورة باللباس الساتر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لباس نساء الصحابة في البيوت القمص وستر ما بين الكف والكعب.
هذه هي ثياب نساء الصحابة، كل الجسد يستر، وهذا لا شك أنه أكمل في الإيمان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء من الإيمان) وإذا فتح للنساء باب التوسع في اللباس أصبح لا ضابط له، وصارت المرأة تلبس ما شاءت، لكن لو أنها مثلاً امرأة تعمل في البيت وكشفت الذراع لأجل العمل أو الساق لأجل العمل فلا بأس مع كون الثوب ساتراً من أصله.(234/13)
حكم اعتزال الناس بحجة ازدياد الإيمان
السؤال
بعض طلاب العلم يحس أنه إذا اعتزل الناس أنه يزداد إيمانه ويترقى في درجات الصلاح، وأنه إذا خالط الناس يضعف إيمانه، فيشكل عليه، هل يخالطهم مع ضعف الإيمان، أو يعتزلهم مع ازدياد الإيمان وارتفاع درجات الصلاح؟
الجواب
هذا يسأل يقول: إن بعض الناس إذا اعتزل الناس قوي إيمانه ورغبته في الخير، وإذا خالطهم غفل ولها، فأيهما أفضل؟ نقول: إن كان هذا الرجل معه علمٌ ينفع به الناس ويرشدهم فاختلاطه بالناس أولى، (فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم) أما إذا كان رجلاً عادياً لكن انعزاله عن الناس أخشع له وأقوم لعبادته فليفعل، لكن لا ينعزل عن أهله؛ لأنه مسئول عن أهله (الرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته) .
السائل: لو كان يا شيخ! عنده علم هل يدعو؟ الشيخ: لو كان عنده علم يجب عليه أن يبذل العلم، ويجب عليه ألا ينفر، سبحان الله! الإنسان ليس عاقل! ابذل العلم وانشر العلم ولا تنفر.(234/14)
حكم من أسلم في نهار رمضان
السؤال
فضيلة الشيخ! الكافر إذا أسلم في نهار رمضان فهل يؤمر بقضاء هذا اليوم أو لا يؤمر؟
الجواب
إذا أسلم الكافر في أثناء النهار في رمضان وجب عليه الإمساك ولا يجب عليه القضاء؛ لأنه في أول النهار غير مأمور بالصوم، فيجب عليه الإمساك ولا يلزمه القضاء؛ لأنه في الأول ليس أهلاً للوجوب.(234/15)
حكم إعطاء الكأس الذي يكون في المسابقات
السؤال
فضيلة الشيخ! بعض المدارس يفعلون مسابقات، وهذه المسابقات الجائزة عليها كأس فما حكم الكأس؟ الشيخ: كأس ماذا؟ السائل: كأس حديد يا شيخ! الشيخ: هل الكأس هذا زجاج أو طين؟ السائل: لا، يا شيخ! حديد بعض الأحيان يكون ذهبياً، لكن المدارس يكون الكأس فيها حديداً.
الشيخ: لا بأس بذلك، ولكن لماذا لا يكون شيئاً ينتفع به؛ لأن هذا الكأس يمكن أن يكون كأس النايلون أحسن منه، لماذا لا يكون شيئاً نافعاً إما ساعة وإما قلماً أو كتاباً هذا أفضل.
السائل: يا شيخ هذا الكأس يعطى للفصل كله، فهم يعطون كل طالب جائزة عينية إما شريطاً أو كتاباً، ثم للفصل كله كأساً من أجل أن يوضع في الفصل.
الشيخ: أنا أقول: أصل هذا الكأس الظاهر أنه مأخوذ من غير المسلمين، هذا الذي أفهمه أنا، أن الكأس الذي تقوله أنت ليس هو كأساً يشرب به.
السائل: هو لا يستخدم -يا شيخ- للأكل ولا للشرب ولا لشيء.
الشيخ: لا يستخدم ولا يصلح؟ السائل: فقط زينة.
الشيخ: زينة، بدل هذا نأتي بشيء غير هذا الكأس هذا الذي أرى.
السائل: هل هو جائز يا شيخ؟! الشيخ: لا أقول ما يجوز، التحريم صعب، لكن أرى أن يعطى شيئاً ينفع.(234/16)
حكم ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال
هل ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الله ورسوله؟
الجواب
وهل يمكن لأحد أن يترك الصلاة على النبي؟! أليس سيصلي؟! السائل: أي يتركها في خارج الصلاة.
الشيخ: لا يلزم ذلك، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير الصلاة ليست بواجبة، حتى في الصلاة فيها خلاف بين العلماء: بعضهم يقول ركن، وبعضهم يقول واجب، وبعضهم يقول سنة، لكن لا أظن أحداً يحب الله ورسوله يدع الصلاة على النبي، أبداً.
إذاً: ليس ترك الصلاة على النبي صلى عليه وسلم، في خارج الصلاة من أذية الله ورسوله.(234/17)
حكم جلسة الاستراحة في الصلاة
السؤال
فضيلة الشيخ، جلسة الاستراحة هل هي سنة دائمة، أم هي مشروعة للكبير أو للحاجة؟ الشيخ: وما هي الجلسة؟ السائل: أن يجلس قبل أن يقوم للثانية وأن يجلس قبل أن يقوم للرابعة الشيخ: في الصلاة؟ السائل: إي نعم، جلسة الاستراحة في الصلاة.
الشيخ: الصحيح أن فيها تفصيلاً: من احتاج إليها فليجلس اتباعاً للسنة وإراحة للبدن، ومن لم يحتج إليها فلا يجلس، هذا هو التفصيل الذي تجتمع به الأدلة.
ثم إذا كان المأموم خلف إمامٍ لا يرى الجلسة فلا يجلس المأموم، لأنه في جلوسه يكون مخالفاً للإمام حيث جلس في محل قيام الإمام، وإذا كان مع إمام يرى الجلسة والمأموم لا يراها فليجلس تبعاً لإمامه، فالمأموم تابع، فإن جلس إمامه جلس وإن لم يجلس لا يجلس على كل حال.
السائل: وإذا كان محتاجاً كمرض؟ الشيخ: لا بأس أن يجلس فهذا لحاجة.
السائل: ولو كان الإمام ما يجلس؟ الشيخ: هذه حاجة، لكن كما قلت: الأولى ألا يتخلف إلا للضرورة.(234/18)
حكم من نسي دعاء الاستفتاح في الصلاة
السؤال
ذات يوم صليت صلاة المغرب وفاتتني ركعة والركعة الثانية نسيت دعاء الاستفتاح ويوم قمت إلى الثالثة تذكرت فقلتها، فهل علي سجود سهو؟
الجواب
لا، أولاً بارك الله فيك دعاء الاستفتاح في صلاة المغرب وغيرها ليس بواجب إنما هو سنة، وإذا فات فات، يعني: لو شرعت في الفاتحة أول ركعة قبل أن تستفتح فلا تعد وتستفتح، لأن هذا سنة فات محلها، فهمت أم لا؟ السائل نفسه: أعد.
الشيخ: أقول: الاستفتاح سنة ليس بواجب، فإذا نسيتها حتى شرعت في القراءة سقط ولا حاجة أن تعيد ولا أن تقوم، وكذلك لو لم تذكر إلا في الركعة الثالثة لا تقوله.(234/19)
حكم السلام على من لا يرد السلام
السؤال
فضيلة الشيخ! ما حكم السلام على شخص لا يرد السلام مع العلم أنه مسلم؟
الجواب
سلِّم على من عرفت ومن لم تعرف، وعلى من يرد ومن لا يرد، إذا سلمت ولم يرد نلت الأجر ونال هو الوزر، لكن لا تسلِّم سلاماً خفياً؛ لأن بعض الناس يسلم سلاماً خفياً لا يسمع، سلِّم سلاماً يسمعه المسلَّم عليه، وإذا قدر أنه لا يسمع أشر بيدك مع السلام.
يظن بعض الناس الجهال أن الرجل إذا كان معروفاً بعدم الرد فلا تسلم عليه فتوقعه في الإثم، وهذا خطأ، الحديث: (ألق السلام على من عرفت ومن لم تعرف) وإذا لم يرد باء بالإثم، أنا فاعل سبب الخير لي وله، وإذا ترك الخير فعليه.(234/20)
حكم إنزال الشماغ في الصلاة
السؤال
ما حكم إنزال الشماغ في الصلاة في الركوع والسجود؟ الشيخ: ليس فيه شيء، لكن إذا سجدت وهو مسترخ لا تكفه أما لو كففته من الأصل ووضعته على رأسك أو جعلته خلف ظهرك فلا بأس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، وألا أكف شعراً ولا ثوباً) يعني: حال السجود ليس مطلقاً، فمثلاً: إذا كان الشماغ أو الغترة كما قلت لي الآن أنه مسدول لا تكفه عند السجود ودعه يسجد، أما إذا كان من الأصل أنت وضعته على الظهر فلا حرج، أو وضعته على الرأس فلا حرج، لأن النهي أن يكفه الإنسان عند السجود، وكذلك الكم، لو كان الإنسان من الأصل يعمل في حرثه أو في أي شيء وقد كف ثوبه فلا حرج، لكن إذا أردت تسجد لا تكف الكم من أجل السجود.(234/21)
حكم من صلى في مسجد ثم أدرك الصلاة في مسجد آخر
السؤال
إذا صليت الفريضة في المسجد -مثلاً- صلاة العشاء ثم خرجت لمسجد آخر فوجدتهم يصلون وكانوا في الركعة الثالثة هل أشرع معهم، وإذا انتهت الصلاة هل أقضي ما عليَّ أو لا؟
الجواب
هذا يسأل يقول: إذا صليت في مسجدي ثم أتيت مسجداً آخر وهم يصلون صلاة العشاء ودخلت معهم في الثالثة فهل إذا سلم الإمام أسلم لأني صليت ركعتين، أو أتم فأصلي كما صلى الإمام أربعاً؟ الجواب: ينظر في هذا، إن كان الإنسان أتى للمسجد الثاني لحاجة ربما تفوته لو أتم الصلاة، فلينوِ ركعتين من أول ويسلم مع الإمام، مثاله: إنسان جاء يصلي على جنازة في مسجد آخر وقد فاتته ركعتان من صلاة العصر فهل نقول: ادخل معهم في الركعتين الباقيتين ثم اقض الركعتين الفائتتين، أو نقول: سلم؟ في أي الحالين يدرك صلاة الجنازة إذا سلم، أو إذا قرأ؟ إذا سلم، إذاً نقول: سلم، لكن من أول انو أنك داخل على أنك ستصلي ركعتين فقط.(234/22)
حكم تسمية نوع من المناديل بـ (أجنحة الملائكة)
السؤال
هناك ما يسمى عند النسوة سفط المناديل في أجنحة الملائكة فما حكم هذه التسمية؟ الشيخ: ما سفط المناديل على الملابس؟ السائل: المناديل عادية.
الشيخ: سفط المناديل على الملابس؟ السائل: تسفط سفطة معينة وتسمى بأجنحة الملائكة.
الشيخ: الملائكة!! أعوذ بالله.
الشيخ: النساء يخلين على الملائكة، لكنا ما سمعنا بهذا هل سمعتم بهذا؟ مداخلة: نعم، وهي مناديل حقيقية.
الشيخ: يقول مناديل حقيقية.
السائل: شكل المنديل يسفط بشكل معين فيسمى بأجنحة الملائكة.
الشيخ: هذه التسمية لا تجوز، أما الفعل فينظر بعد إذا كان هذا الفعل موروثاً عن نساء الكفار فلا يجوز، لأنه: (من تشبه بقوم فهو منهم) وإن كان عادة اخترعها بعض الناس من أهل الإسلام فلا بأس بها في الأصل.(234/23)
حكم من صلى المغرب خلف رجل يصلي العشاء
السؤال
كنت مسافراً فوجدت شخصاً -أكرمك الله- في دورة المياه واتفقت معه، وقلت له: صليت المغرب والعشاء؟ قال: لا، ونحن بين المغرب والعشاء، فلما دخلنا المسجد وجدنا شخصاً يصلي ولم نعلم ماذا يصلي، دخلنا معه لأننا نريد صلاة المغرب فكان يصلي العشاء -يصليها أربعاً- فصلينا معه من أول ركعة، فلم نجلس في الثالثة، أو أني جلست لكن شككت عندما قام الذي بجانبي الذي دخل معي، حيث قام مع الإمام للرابعة، شككت أن الإمام يصلي المغرب، فشككت أني أنا ساهي ولم انتبه ولم أعلم أن المفروض أن أجلس في الثالثة، المهم صلينا معه أربعاً، فلما انتهيت من الصلاة، سألت الذي بجانبي الذي دخل معي، فقال: إنه صلى أربعاً، قال: ما الحكم؟ اجتهدنا فأعدنا صلاة المغرب ثلاثاً ثم صلينا بعدها العشاء اثنتين فما الحكم أثابك الله؟
الجواب
هذا لا بأس به، يعني: ما صنعتم فهو صحيح، لكن لو أنكم نويتم المغرب، فإذا قام إلى الرابعة اجلسوا واقرءوا التشهد وسلموا، ثم ادخلوا معه فيما بقي من صلاة العشاء وأتموا، هذه طريق المسألة، لكن أنتم أعدتم جزاكم الله خيراً على خير.(234/24)
حكم زيادة لفظة الشكر في قول المصلي: (ربنا ولك الحمد)
السؤال
فضيلة الشيخ حفظك الله قول: ربنا ولك الحمد والشكر.
زيادة والشكر هل هي واردة أم لا؟
الجواب
لا.
لم ترد، قول المصلي إذا قال: سمع الله لمن حمده يقول: ربنا ولك الحمد ولا يزيد، وما يزيده بعض العوام فهو عن جهل، قول ما جرى على لسانه الحمد لله والشكر لله لكن الأفضل اتباع النص.
السائل: وهل يقال أنها بدعة؟ الشيخ: لا.
هو ما قصد أنه يبتدع، هذا إما أن يكون جارياً على لسانه، أو أنه من باب محبة الذكر، لكن يقال له: الأفضل الاقتصار على ما جاء به النص.(234/25)
حكم الإيداع في البنوك التي يتم فيها خصم من المال المودع عندهم
السؤال
بعض البنوك إذا أودعت مبلغاً من المال أقل من خمسة آلاف ريال يخصمون شهرياً عشرة ريالات من هذا المبلغ فما حكم الإيداع على هذه الطريقة؟ الشيخ: يعني أودعت في البنك أربعة آلاف.
السائل: أربعة آلاف -مثلاً- إذا أتى بعد شهر وسحبت المبلغ نقص منة عشرة.
الشيخ: لماذا؟ السائل: يخصمونها يقولون: لا يقل الرصيد عن الخمسة الآلاف من باب رفع أرصدة المودعين.
الشيخ: العشرة ريالات عوض عن ماذا؟ السائل: لا أدري يا شيخ.
الشيخ: كيف لا تدري عليك أن تدري، أرى أنهم أخذوها بغير حق؛ لأنه إذا كان هذا الذي أودعهم انتفع بكونها مأمونة هم انتفعوا أيضاً باستعمالها؛ لأنه حقيقة الأمر أنه يقرضهم إياها، أليس إذا دخل صندوق البنك فالبنك يتصرف فيها كما شاء؟ السائل: نعم.
الشيخ: إذاً: هذا قرض، فكيف يأخذ على القرض فائدة، وقد جاء في الحديث: (كل قرض جر منفعة فهو ربا) فأخذ البنك هذه العشرة ظلم وربا ولا تحل له.
السائل: إذاً ما يجوز الإيداع على هذه الصورة يا شيخ؟ الشيخ: على هذه الصورة لا، لأنك ستكون قد أوكلت الربا، والرسول صلى الله عليه وسلم: (لعن آكل الربا وموكل الربا) .
السائل: لكن يا شيخ الخمسة قد تقل مع الأيام.
الشيخ: ستقل إذا سحبت منها، ليس فيها شيء إذا صاروا لا يأخذون منها شيئاً.
السائل: لا يأخذون.
الشيخ: أنت تقول أربعة فأقل؟ السائل: خمسة فأقل.
الشيخ: الخمسة ما يأخذون؟ السائل: نعم.
الشيخ: ليس فيها شيء.
السائل: لكن مع الأيام الرصيد سيقل.
الشيخ: نعم سيقل لكنهم راضون، وصاحب البنك راضٍ أليس كذلك؟ السائل: نعم.
الشيخ: انتهى.
السائل: إذاً: يجوز إذا كان أكثر من خمسة؟ الشيخ: المهم أنه يجوز إذا لم يأخذوا منك شيئاً، ولا يجوز إذا أخذوا منك شيئاً، ثانياً: على القول بالجواز لا يودع البنك إلا عند الحاجة، لأن البنك سوف يستعملها فلا تودع عنده إلا لحاجة.(234/26)
حكم صبغ الشعر بالسواد
السؤال
أريد جواباً شافياً كافياً عن حكم صبغ الشعر باللون الأسود وبالكتم لأن الكتم يشبه اللون الأسود جزاكم الله خيراً؟
الجواب
الجواب الشافي الكافي إن شاء الله: أنه لا يجوز صبغ الشيب بالسواد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جنبوه السواد) وهذا في صحيح مسلم، وورد الوعيد على ذلك في السنن: (أنه يكون في آخر الزمان أقوام يصبغون بالسواد كخوافت الطير لا يدخلون الجنة أو قال: لا يجدون ريحها) وهذا يقتضي أن يكون من الكبائر.
أما الكتك فالكتنم يخلط مع الحناء حتى يكون اللون بنياً بين السواد والصفرة، وليس الكتم وحده؛ لأن الكتم وحده لونه أسود لكن الكتم مع الحناء يخلط ويصبغ به.(234/27)
حكم اقتناء صور الحيوانات والطيور
السؤال
فضيلة الشيخ! ما حكم اقتناء الصور التي على شكل قط أو حصان أو طيور ووضعها في السيارة، أو زوايا المنزل، أو ليلعب بها الأطفال؟
الجواب
هذا لا يجوز وهو محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر: (أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) وهذا الخبر المراد به التحريم، فلا يحل لأحد أن يضع صورة مجسمة في منزله، سواءً كانت الصورة صورة فيل أو أسد أو بعير أو غير ذلك.(234/28)
حكم مصافحة الكافر
السؤال
ما حكم مصافحة الكافر إذا كان هو المبتدئ بالمصافحة؟
الجواب
إذا مد الكافر يده للمصافحة فصافحه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن ابتدائهم، أن نبدأهم بالسلام، أما إذا بدءونا هم أو صافحونا يجب أن نصافحهم، لكن لا نمد أيدينا إليهم للمصافحة نحن، لكن الكافر إن سلم فرد عليه، وإن صافح تمد يدك إليه، وإن لم يسلم لا تسلم عليه، وإن لم يصافح لا تصافحه، إليك هذه الآية الكريمة بارك الله فيك: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86] لم يقل: إذا حيا بعضكم بعضاً (إذا حييتم) فأي شخص يحيينا ولو هو أكفر عباد الله فإننا نرد عليه مثل تحيته أو أكثر، لكن الأولى في غير المسلمين ألا ترد عليه أحسن، رد عليه مثل تحيته؛ لأنك إذا رددت عليه أحسن زدته خيراً وفرح به.(234/29)
حكم دعاء صفة من صفات الله سبحانه وتعالى
السؤال
ما حكم أن يدعو الإنسان صفة من صفات الله سبحانه وتعالى مع بيان وجه ذلك الحكم؟ الشيخ: هل الصفة تفعل؟ السائل: لا، لا تفعل.
الشيخ: إذا دعوت من لا يفعل هل يجوز؟ السائل: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز ولهذا قال شيخ الإسلام: دعاء الصفة كفر بالاتفاق.
هكذا قال في كتاب الاستغاثة، ولأنك إذا دعوت الصفة جعلتها مستقلة، تجلب إليك الخير وتدفع عنك الشر، وهذا يعني أنك جعلتها إلهاً مع الله.
السائل: هل من ذلك قول العامة: يا وجه الله.
أو ما إلى ذلك؟ الشيخ: لا، يا وجه الله يريد الله عز وجل، كقوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن:27] أي: الرب عز وجل.
السائل: وهل يترتب على ذلك محظور؟ الشيخ: ما هو؟ السائل نفسه: أنه قد يشتبه عليه أنها تكون من دعاء الصفة.
الشيخ: لا، هذا بعيد، لكن لو أراد بقوله: يا وجه الله! أن يستشفع بالله على هذا الرجل، أي: يجعل الله شافعاً، فهذا حرام، لأن الله تعالى أجل وأعظم من أن يكون شافعاً، فهو يشفع عنده ولكنه لا يستشفع به.(234/30)
حكم تقدم المأموم إلى سترة بعد سلام الإمام
السؤال
أحياناً المأموم تفوته ركعة أو ركعتان، فعندما يسلم الإمام يجد السترة بعيدة عنه بمقدار خطوتين أو ثلاثاً فهل يجوز له أن يتقدم إلى السترة؟
الجواب
الذي يظهر لي من صنيع الصحابة رضي الله عنهم، أن المسبوق لا يتخذ سترة، وأنه يقضي بلا سترة.(234/31)
حكم الاستثناء في الدعاء للغير
السؤال
ما حكم الاستثناء في الدعاء للغير؟ الشيخ: مثاله؟ السائل: مثاله: غفر الله لك إن شاء الله، أو وفقك الله إن شاء الله.
الشيخ: أو تقول: اللهم اغفر لي إن شاء الله.
السائل: وهل من ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمريض: (طهور إن شاء الله) ؟ الشيخ: أما قول الداعي: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، فهذا محرم، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأما قوله: إن شاء الله فهو أقل رتبة لكن لا ينبغي، وأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا بأس طهور إن شاء الله) فهذا من باب الرجاء؛ وذلك لأن المريض قد يكون مرضه طهوراً له وقد لا يكون، فلو كان هذا المريض لم يصبر، وقلبه مملوء من التسخط على الله عز وجل لم يكن طهوراً، فيكون إن شاء الله من باب الرجاء، يعني: أسأل الله أن يكون طهوراً لك إذا صبرت واحتسبت الأجر.
السائل: يعني الدعاء للغير إذا كان فيه إن شاء الله.
الشيخ: غفر الله لك إن شاء الله؟ السائل: إي نعم.
الشيخ: لا تقل هذا، الشيء المعلوم منفعته لا تقل فيه: إن شاء الله، لأن الله لا يفعله إلا بمشيئة، فإذا قيدته بالمشيئة فكأن هذا يوحي أنك مستغنٍ عن ربك عز وجل.(234/32)
لقاء الباب المفتوح [235]
لقد أمر الله عباده إذا قيل لهم: تفسحوا في المجالس أن يفسحوا، وجعل لذلك جزاءً عظيماً وهو أن يوسع لهم الأمور التي تستعصي عليهم في شئون دينهم ودنياهم، وأيضاً أمرهم أن إذا قيل لهم: انشزوا أن ينشزوا، والنشز معناه: القيام، وأخبر عز وجل أنه يرفع الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات، وأطلق الدرجات؛ لأنها على حسب الإيمان والانتفاع بالعلم.(235/1)
تفسير آية من سورة المجادلة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الخامس والثلاثون بعد المائتين من اللقاءات المعروفة بلقاء الباب المفتوح، والتي تتم كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو السابع من شهر صفر عام (1421هـ) .
نبتدئ هذا اللقاء بما يفتح الله به علينا من تفسير آيات من كلام الله تبارك وتعالى، وليعلم أن القرآن كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة وألقاه إلى جبريل، ثم نزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوعاه وحفظه، وكان يعاجل جبريل القراءة شوقاً للقرآن وحرصاً عليه، فقال الله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة:16-18] يعني: إذا قرأه جبريل فاتبع قرآنه {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:19] .
والقرآن خير الكلام في أخباره وأحكامه وآثاره وتأثيره، ولهذا أحث كل إنسان على حفظ القرآن وتدبر معانيه والعمل به؛ لأن الله تعالى رفع به هذه الأمة لما كانت تجاهد بالقرآن وللقرآن رفعها الله، ولما تولت وأعرضت حصل لها من الذل ما تعلمونه الآن، ولو عادت إلى القرآن والسنة كما كان عليه الأسلاف لعادت إليها عزتها وكرامتها.
أحث إخواني على تعلم القرآن وتفسيره، وليأخذ التفسير من طريقين: الأول: العلماء المأمونين في علمهم، المأمونين في ثقتهم وعقيدتهم.
الثاني: كتب التفسير، ولكن يجب أن تبتعد عن التفاسير التي تشتمل على تحريف القرآن في صفات الله تعالى وأسمائه فلنحذر منها.(235/2)
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم)
نعود إلى موضوع كلامنا حيث انتهينا إلى قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} [المجادلة:11] (تفسحوا) أي: اجعلوا فسحة وتوسعوا، وقوله: {إِذَا قِيلَ لَكُمْ} يشمل ما إذا قاله الداخل أو قاله من يدير المجلس، ولهذا تجد أن الفعل (قيل) ولم يذكر القائل ليشمل هذا وهذا، فمثلاً: إذا كان المجلس له مديراً يجلِّس الناس وقال لبعضهم: توسعوا لفلان يجلس فليتوسعوا، أو أن رجلاً دخل والمجلس مكتظ بالجالسين فقال: توسعوا فليتوسعوا، وما هو جزاء المتوسعين؟ جزاؤهم مثل عملهم: (يفسح الله لكم) يوسع لكم الأمور التي تستعصي عليكم في أمور دينكم ودنياكم، وهذا ثواب عظيم بعمل يسير، وكانوا عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجلسون، فيأتي إلى المجلس أناس من كبار الصحابة، من أهل بدر أو غيرهم، فيقفون؛ لأنهم لا يجدون مكاناً فربما يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للقوم: تفسحوا، وربما يقول هؤلاء الواقفون: تفسحوا، فأمر الله تعالى من وجه إليه الأمر بالتفسح أن يفسح وبين توابعه.(235/3)
تفسير قوله تعالى: (وإذا قيل انشزوا فانشزوا)
قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجادلة:11] وهذه أشد من الأولى، يعني: إذا قيل: قوموا عن هذا المكان قوموا، لكن هذا لا يكون إلا ممن يدير المجلس؛ لأن له إمرة وسلطة، أما الداخل فلا، لا يحل له أن يقيم أحداً من مكانه ويجلس فيه لنهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك، لكن لو رأى من يدير الجلسة أن يقيم فلاناً ليجلس فلان، فلا حرج ولكن لا يفعل هذا إلا لمصلحة راجحة؛ لئلا يقع في قلب الذي قيل له: (انشز) شيء وربما يغضب ويغادر المجلس.
الخلاصة الآن: في هذه الآية دليل على أن الإنسان إذا قيل له: تفسح فليفسح، وأن ثوابه أن الله يفسح له في دينه ودنياه وفي قبره.
(إذا قيل انشزوا) يعني: قوموا فليقوموا، ولكن هذا إنما يكون من الذي يدير الجلسة كصاحب البيت -مثلاً- أو من ينوب منابه، وقد قال الله عز وجل: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور:28] .(235/4)
تفسير قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
ثم قال عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11] أي: أخبر الله عز وجل أنه يرفع أهل العلم (الذين أوتوا العلم) أي: أعطوا العلم، والمراد بذلك العلم الشرعي، كعلم الكتاب والسنة وما يساندهما {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} وأطلق الدرجات؛ لأنها على حسب الإيمان والعلم والانتفاع بالعلم، فمن كان إيمانه أقوى كان رفعه أعلى، ومن كان علمه أوسع وأكثر انتشاراً ونفعاً للمسلمين كان رفعه أعلى؛ لأن الجزاء من جنس العمل.
وفي هذه الآية: حث على تحقيق الإيمان وعلى طلب العلم؛ لأن الله يرفع أهل العلم، وفي هذا يقول الشاعر:
العلم يرفع بيتاً لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف
عليك بالعلم قال بعضهم: (من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أراد الدنيا والآخرة فعليه بالعلم) .(235/5)
تفسير قوله تعالى: (والله بما تعملون خبير)
قال تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة:11] أي: عليم بكل ما نعمل سواءٌ في السر أو في العلانية، وسواءٌ في الأقوال أو في الأفعال، وسواءٌ في أعمال القلوب أو في أعمال الجوارح، كلما نعمل فالله عليم به لو سألكم سائل: من الذي خلقكم؟ الله، من الذي جعل لكم السمع والأبصار والأفئدة؟ الله، إذا كان هو الله عز وجل فلابد أن يعلم بما نعمل، ولهذا قال: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]
الجواب
بلى.
الخالق لابد أن يعلم مخلوقه، وفي هذا دليل على تحذير الإنسان أن يعمل بما يسخط الله، لا تعمل بما يسخط الله لا بالقول ولا بالفعل ولا بالاعتقاد؛ لأن الله عليم به، احذر كما قال عز وجل: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران:28] .
نسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح.
الله! الله! يا إخوان! بتدبر القرآن وتفهم معانيه والتقرب إلى الله تعالى به والعمل بما فيه، فهو والله سعادتكم في الدنيا والآخرة.(235/6)
الأسئلة(235/7)
حكم تأخير الصلاة بعذر الجامعة
السؤال
عندنا في الجامعة محاضرة من الساعة الثالثة إلى الساعة الخامسة، ولا يسمح لنا الدكتور نخرج نصلي العصر، هل صلاتنا بعد الساعة الخامسة جائزة؟ الشيخ: والله! ما أدري في أي منطقة هذه؟ السائل: بـ الرياض.
الشيخ: الساعة الخامسة الوقت باقٍ.
السائل: ولكن يختلف في الشتاء عن الصيف.
الشيخ: المهم أنه ما دام الوقت باقياً فلا حرج.
السائل: يعني: الوقت هو الاصفرار.
الشيخ: الاصفرار، إذا اصفرت الشمس خرج وقت العصر إلا للضرورة.(235/8)
أخذ العلم من الأشرطة والكتب
السؤال
إذا كان طالب العلم لا يقدر على حضور مجلس الشيخ -الحلقة- وأخذ يطلب العلم عن طريق الأشرطة هل هذه تكون كقول القائل: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه.
إذا كان يطلب عن طريق الأشرطة؟
الجواب
هذا يقول: أنه إذا كان لا يستطيع أن يحضر الدرس وتلقى العلم من الأشرطة فهل هذا يقوم مقام الحضور، أو أنه يقال فيه ما يقال في أخذ العلم من الكتب: وأن من أخذ علمه من كتابه فخطأه أكثر من صوابه؟ الجواب: هي ثلاث درجات: الدرجة الأولى وهي أعلاها: أن يأخذ من أفواه الشيوخ ويحضر المجالس، وهذه أعلاها بلا شك؛ لأن الإنسان يتأثر بنبرات القول وانفعال المدرس، ويفهم حسب ذلك.
الدرجة الثانية: الأشرطة، الأشرطة تفوته المشاهدة لكنه يسمع الصوت كما هو، وهذا أقل من المشاهدة، لكن فيه خير كثير.
الثالث: الكتاب، وهذا نافع بلا شك.
فهذه ثلاثة طرق، كان في الأول ليس هناك إلا طريقان وهما: المجالسة أو الكتاب، أما الآن والحمد لله صار هذا الوسط.
وأما قول من قال: إن من كان علمه من كتابه فخطأه أكثر من صوابه.
فهذا غير صحيح، يعني: معناه ليس عاماً؛ لأنه يوجد أناس قرءوا العلم بالكتب وحصلوا خيراً كثيراً، لكن القراءة في الكتب تحتاج إلى وقت أكثر وتحتاج -أيضاً- إلى فهم؛ لأن الطالب المبتدئ قد يفهم العبارة على خلاف المقصود به فيضل.(235/9)
حكم زيادة كلمة: (ونستهديه) في خطبة الحاجة وكيفية تحديد الساعة الأولى والثانية من الجمعة
السؤال
فضيلة الشيخ! ما رأي الشرع في نظركم بزيادة: (ونستهديه) في خطبة الجمعة وغيرها، وهل هناك ساعة تقريبية لتحديد الساعة الأولى والثانية.
؟
الجواب
أقول -بارك الله فيك- الألفاظ الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا ينبغي أن يزاد في جوفها شيء، كلمة (نستهديه) لم ترد في الحديث، كلمة (نتوب إليه) لم ترد، تقول: (الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا) أما إذا انتهى الوارد فلا حرج أن تزيد ما ترى أنه مناسب؛ لأن هناك فرقاً بين أن تكون الزيادة في جوف الوارد وأن تكون بعده.
أما بالنسبة لساعة الجمعة فاقسم ما بين طلوع الشمس إلى مجيء الإمام خمسة أقسام شتاءً أو صيفاً، القسم الأول الساعة الأولى، الثاني الساعة الثانية وهكذا، ولهذا تختلف الساعات طولاً وقصراً بحسب طول النهار وقصره.(235/10)
حكم الصلاة بدون أذان
السؤال
هل تجوز الصلاة بدون أذان؟
الجواب
الإنسان الذي في البلد يسمع المؤذنين يكفي أذانهم، لكن الذي في البر لنفرض أن قوماً في نزهة، إذا صلوا بدون أذان فالصلاة صحيحة، لكنهم آثمون بعدم الأذان؛ لأن الأذان فرض كفاية، فيجب عليهم أن يؤذنوا فإن تركوه أثموا، أما الصلاة فإنها صحيحة.(235/11)
الواجب على المسافر إذا دخل المسجد فوجدهم يصلون العشاء وهو لم يصل المغرب
السؤال
رجل دخل المسجد وهو على سفر أو في حضر فلظرف ما أدرك صلاة المغرب هل يصلي العشاء أولاً، أم يبدأ بالمغرب؟ الشيخ: الناس يصلون العشاء؟ السائل: نعم.
الشيخ: وهو لم يصل المغرب؟ السائل: وهو لم يصل المغرب.
الشيخ: نقول: يدخل معهم بنية المغرب، الرجل دخل المسجد ولم يصل المغرب ووجد الناس يصلون العشاء، نقول: ادخل معهم بنية المغرب ولا حرج؛ لأن اختلاف نية الإمام والمأموم لا يضر.
بقي إن دخلت في الركعة الثانية سلم مع الإمام؛ لأنك صليت ثلاثاً، في الثالثة إذا سلمت ائت بركعة، في الأولى إذا قام الإمام إلى الرابعة فاجلس وتشهد وسلم، ثم ادخل معه فيما بقي من صلاة العشاء.(235/12)
كيفية صفوف الصبيان لمن صلى بهم
السؤال
فضيلة الشيخ! إذا صليت أنا مع مجموعة صبيان فهل أتقدمهم أو أجعلهم عن يميني؟
الجواب
إذا كان الذي معك صبيان لم يبلغوا فاجعلهم من ورائك؛ لأنهم اثنان فأكثر صف، اجعلهم وراءك إلا إذا خشيت أن يلعبوا فاجعلهم عن يمينك وعن يسارك.
وفي قولك: أو أجعلهم عن يميني.
ما يشعر بأنك ترى أن المأمومين إذا لم يكن لهم صف من الخلف يكونون عن يمين الإمام، وهذا غلط، السنة أن يكونوا عن يمينه ويساره؛ لأن المسلمين في أول الأمر كان الثلاثة يكون أحدهم عن يمين الإمام والثاني عن يساره والإمام وسطه، ثم نسخ هذا بأن يكون الإمام مع الاثنين أمامهم، وأما تفضيل اليمين على اليسار مطلقاً فهو فهمٌ خاطئ، غير صواب؛ لأنه لو كان الأيمن من الصف هو الأفضل مطلقاً لقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتموا الأيمن فالأيمن كما قال في الصف الأول: (أتموا الأول فالأول) وعلى هذا فنقول: إذا تساوى يسار الإمام ويمين الإمام فالأيمن أفضل، أما إذا كان بينهما فرق فالأيسر الداني من الإمام أفضل، ثم إنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (وسطوا الإمام) ثم إنه ليس من المنظر الذي ينِمُّ عن العدل أن يكون الناس كلهم على يمين الإمام والإمام آخر واحد من يسار المأمومين هذا ليس بعدل.
الخلاصة: أن كثيراً من الناس اليوم ولا سيما الذين يريدون الخير تجده يصف في أبعد ما يكون من اليمين ويترك اليسار القريب، وهذا فهم خاطئ، بدليل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل أكملوا الأيمن فالأيمن، وهذا أمر معروف.
الدليل الثاني: أنه لما كان الثلاثة يكونون صفاً واحداً صار الإمام وسطهم، ولو كان الأيمن أفضل مطلقاً لكان المأمومان عن يمينه.(235/13)
معنى كلمة (ليبرالي وعلماني) وحكم إطلاقهما على من يتفاخر بهذه التسمية
السؤال
هل يجوز إطلاق لفظ علماني أو لبرالي على من يتفاخر بهذه التسمية ويقول: أنه علماني ولبرالي، ويعارض علناً تطبيق الشريعة.
الشيخ: من هو اللبرالي؟ السائل: الذي يدعو إلى الحرية المطلقة بدون قيود.
الشيخ: الواجب على ولاة الأمور أن مثل هؤلاء القوم يحاكمون ويحكم عليهم بما يقتضي الشرع؛ لأن الذي يدعو إلى التحرر مطلقاً من كل قيد ولو كان دينياً هذا كافر، وما معنى أن نقول: أنت حر، صل أو لا تصل، صم أو لا تصم، زك أو لا تزكِ؟ معناه: أنه أنكر فريضة من فرائض الإسلام، بل فرائض الإسلام كلها، وأباح الزنا واللواط والخمر، فكيف يكون هذا مسلم؟!! هذا مرتد كافر، يحاكم فإن رجع إلى دين الإسلام وكف شره عن المسلمين وإلا فالسيف.
أما العلمانيون فليس عندي تصور فيهم، وإن كان عندك تصور فصفه لنا ونفتي بما نرى أنه واجب؟ السائل: هم الذين يرون فصل الدين عن الدولة.
الشيخ: هؤلاء أهون من الأولين؛ لأن هؤلاء أخطر، والدولة إذا لم تعمل بالدين فهي خاسرة، وسبحان الله العظيم كل آيات القرآن وأحاديث السنة كلها تدل على أن الإسلام هو الدولة، بمعنى: أنه يجب على الدولة أن تطبق الإسلام في نفسها وقوانينها وفي شعبها.
وعلى كل حال: أنا أوصي إخواني المؤمنين حقاً أن يثبتوا أمام هذه التيارات؛ لأن الكفار الآن بما أعطاهم الله تعالى من قوة الصناعة والسيطرة على الناس صاروا يريدون أن يخرجوا المسلمين من دينهم بألفاظ تشبه الحق وليست بحق، كالعولمة مثلاً، العولمة معناها: أن الناس أحرار كلهم سواء، سوق عواصم الكفر وسوق عواصم الإسلام على حد سواء، بع ما شئت واشترِ ما شئت ولك الحرية في كل شيء، ولهذا يجب على المسلمين -على الحكام أولاً ثم على الشعوب ثانياً- أن يحاربوا العولمة، وألا يتلقوها بسهولة؛ لأنها في النهاية تؤدي إلى أن يكون اليهود والنصارى والمجوس والملحدون والمسلمون والمنافقون كلهم سواء، عولمة عالمية، فالواجب علينا نحن أن نرفض هذا الفكر.
والحمد لله الحكام ربما إذا وجدوا الضغط من الشعب استجابوا له، حتى في الحكام الذين لا يبالون بتطبيق الشريعة، أما الحكام الذين يهتمون بتطبيق الشريعة وينادون لذلك في كل مناسبة فهؤلاء نرجو أن يكون الدواء في أجوافهم، لا يحتاجون إلى دواء من الخارج.
وأنت أفدتنا الآن، اللبرالي نحن دائماً نسمع اللبرالي، فإذاً: معناها: التفسخ من الدين!(235/14)
ترك سد الفرجة إذا كان سيؤدي إلى فوات ركعة بسبب مساحة المسجد الكبيرة
السؤال
إذا دخلت المسجد وكان ذا مساحة كبيرة فإما أن أذهب إلى أن أسد فرجة في آخر المسجد فتفوتني الركعة وربما تفوتني الجماعة، أو أصلي في صف آخر غير مكتمل؟
الجواب
إذا كانت الركعة هذه الأخيرة فلا بأس أن تصلي في الثاني مع فرجة في الأول، وأما إذا كانت غير الأخيرة فأكمل الأول فالأول، دليل هذا: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) إذا ضممناه إلى قوله: (أتموا الأول فالأول) صار المعنى: أن الإنسان متى كان يدرك الصلاة فليكمل الأول فالأول.(235/15)
التدرج في الدعوة إلى الله
السؤال
إذا كان الإنسان ممن يسافر إلى الخارج لدعوة المسلمين وغير المسلمين، في بعض الدول الإسلامية قد لا يعرفون الحجاب بشكله فهل يصح أن يبدأ معهم بالتدرج مثلاً يبدأ بتغطية الرأس، ثم إذا تمكنوا من تغطية الرأس وتعودوا على هذا الأمر ينتقل بهم إلى تغطية الوجه وهكذا، أم أنه يبدأ معهم بالحجاب الشرعي مباشرة؟
الجواب
الذي نرى: أنه إذا قدم إلى بلد لا يعرفون الحجاب إلا ما ستر الرأس والشعر والجسم ويرون أن كشف الوجه والكفين لا بأس به فلا يجابههم من الأول، بل يأت إليهم شيئاً فشيئاً كما كان في الدعوة في أول الإسلام شيئاً فشيئاً، فهؤلاء حجاب الوجه عندهم غريب، وربما لا يقبلون أبداً، ويحذر بعض سفهائهم من التلقي عن هذا الداعية، والإنسان الحكيم من يدرأ أكبر الشر بما هو أصغره.(235/16)
حكم كتابة الأسماء التي فيها لفظ الجلالة على الأكياس التي يوضع فيها أشياء نجسة
السؤال
فضيلة الشيخ! بعض الأكياس يوضع فيها اسم عبد العزيز أو عبد الله على نفس الكيس، ثم بعد إفراغ ما فيها يوضع فيها بعض الأسمدة من البهائم وغيرها ما حكم ذلك؟ الشيخ: أسمدة نجسة أم طاهرة؟ السائل: بعضها نجسة.
الشيخ: لا.
نجسة لا يجوز، لأن هذا امتهان لاسم الله عز وجل، أما إذا كانت طاهرة فلا بأس، لكن الأولى للتجار ألا يكتبوا أسماء يكون فيها لفظ الجلالة أو اسم من أسماء الله عز وجل، بل يذكرون فلاناً وينسبونه إلى قبيلته، وإذا كان اسمه فيه لفظ الجلالة أو اسم من أسماء الله فليكتب القبيلة أو الحمولة التي ينتسب لها؛ لأنه ربما إذا أخذوا ما فيها رموها في الأرض فتمتهن.(235/17)
حكم تسمية المنهج السلفي بالمنهج التلفي
السؤال
ما حكم من يسمي المنهج السلفي بالمنهج التلفي والعياذ بالله؟
الجواب
حكمه أنه هو التالف، وأنت لا تستغرب -يا أخي- أن يلقب أهل الخير بألقاب السوء، ألم تعلم أن الأنبياء وصفوا بأنهم سحرة ومجانين؟!! قل نعم أو لا؟ السائل: نعم.
الشيخ: نعم؟! الصواب: بلى.
قال الله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات:52] هل ضر الأنبياء هذا اللقب؟ الجواب: لا.
العاقبة لهم والحمد لله، لا تستغرب أن يلقب أهلُ السوء أهلَ الخير بألقاب السوء، ألم تعلم أن الذين ينكرون صفات الله عز وجل يصفون المثبتين لها بأنهم مجسمة وبأنهم حشوية بأنهم نوابت؟ فلا يضر، نعم.
لو فرض أن السلفي صار عنده مخالفة للسلف في منهجه فهنا نقول: هذا تالف ولكن لا ننسبه للمذهب؛ لأنه يوجد من إخواننا الذين هم على مذهب السلف بل الذين يريدون مذهب السلف يوجد منهم من يخالف السلف في تصرفاتهم، ويسيئون إلى الإسلام وإلى أهل الإسلام أكثر مما يحسنون إليه، وربما أن هذا القائل ربما رأى شخصاً نابياً في تصرفه ومنهجه من السلفيين فقال: إن السلف هو التلف.
ما ندري في الواقع، لكن إن أراد السلف حقيقة فنقول: أنت التالف وليس مذهب السلف.(235/18)
حكم الكلام في الصلاة
السؤال
فضيلة الشيخ! ما حكم قول المأموم عندما يسمع قراءة الإمام: ما شاء الله تبارك الرحمن، خشية أن يصيبه بعين -خلال الصلاة- يعني: ربما تكون قراءته مميزة أو كذا.
الشيخ: يقولها قبل أن يدخل معه.
السائل: أحياناً تحدث عفوية.
الشيخ: العفوي هذا شيء ما يلام عليه الإنسان، العفوي ما يلام عليه الإنسان ولا يؤخذ به حتى لو تكلم، لو أن إنساناً سقط عليه وهو يصلي حجر فقال: أح، عفواً.
بدون قصد فلا شيء عليه.
لكن على كل حال: الأحسن إذا كان الإنسان يخاف أن تصيب عينه أحداً لإعجابه به أن يقول: تبارك الله عليك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للرجل الذي أصاب أخاه بعين: (هلا بركت عليه) أما ما شاء الله لا قوة إلا بالله فهذه يقولها: من أعجبه ملكه، كما قال صاحب الجنة لصاحبه قال: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف:39] وفي الأثر: [من رأى ما يعجبه في ماله فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يصبه في ماله أذىً] أو كلمة نحوها.(235/19)
حكم بيع العملة القديمة بأكثر من قيمتها
السؤال
ما حكم بعض الأشخاص وضعوا عملة قديمة على شكل مزاد، ونقود المزاد إلى دعم الإخوان الذين في الشيشان؟ الشيخ: يعني: عنده عملة قديمة يريد بيعها بأكثر من قيمتها؟ السائل: نعم.
الشيخ: ليس فيه بأس؛ لأن العملة القديمة أصبحت غير نقد السائل: لكنها مستعملة.
الشيخ: فإذا كان مثلاً عنده من فئة الريال الأولى الحمراء أو من فئة خمسة أو عشرة التي بطل التعامل بها وأراد أن يبيع ذات العشرة بمائة فلا حرج؛ لأنها صارت سلعة لها قيمة، الآن النقود السابقة يشترونها بأكثر من قيمتها، لكنها أصبحت سلعة ليست بنقد، فلا حرج.
السائل: تستعمل.
الشيخ: أبداً ما تستعمل، الحكومة ما ترضى باستعمالها أبداً.
السائل: دولار.
الشيخ: الدولار تغير عن قبل؟ السائل: الآن يستعمل يا شيخ؟ الشيخ: الدولار بارك الله فيك نقد ما أُبطل ما زال يمشي، وقيمته ترتفع وتنخفض حسب قوة الدولة الأخرى؛ لأنه كلما ضعفت الدولة ضعفت نقودها، لكنك قلت كلمة الشيشان ما أدري ما ارتباط الشيشان بهذا؟ السائل: فلوس المزاد هذه للشيشان.
الشيخ: الأرباح للشيشان؟ السائل: نعم.
الشيخ: وله شريك أم ليس له شريك؟ السائل: لا.
الشيخ: هو مستقل بماله؟ السائل: نعم.
الشيخ: ما في بأس لو يجعل كل ماله للشيشان جزاه الله خيراً.(235/20)
قراءة التفاسير التي ليست على مذهب السلف في الأسماء والصفات إذا كان فيها فوائد لغوية
السؤال
ذكرتم أن نبتعد عن التفاسير التي فيها تحريف لأسماء الله وصفاته، لكن أحياناً يكون في هذه التفاسير فوائد لغوية لا يوجد في غيرها من كتب التفسير؟ الشيخ: لا بأس إذا كان هذا التفسير ليس على مذهب السلف في الأسماء والصفات لكن فيه فوائد لغوية لا توجد في غيره، فلا حرج أن يقرأ فيه بشرط: أن يكون عنده علم، وأما العامي لا، لو كان فيه فوائد لغوية لا يقرأ؛ لأن الحفاظ على العقيدة أولى من الحفاظ على اللسان.(235/21)
حكم الصلاة على النبي في حالة النسيان
السؤال
فضيلة الشيخ! يحصل بين كثير من الناس أنه إذا نسي أحدهم قال: اللهم صل على محمد.
علماً بأنه يقصد به الذكر فهل هذا جائز؟ وإذا قلت له: الذكر ذكر الله يقول لك: مأخوذ عن طيب الذكر؟
الجواب
أو إذا رأى شيئاً قال: اللهم صل على محمد أما الأول فلا أعلم له أصلاً ولا علاقة للصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تذكره، اللهم إلا أن يقول: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر أن من جعل صلاته للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه يكفى همه.
لكن أخذها من هذا الحديث بعيد، فالأولى إذا نسي شيئاً أن يذكر الله.(235/22)
حكم لبس البنطال الذي لا يتعدى الركبة
السؤال
ما حكم من يلبس البنطال الذي لم يتعد الركبة؟ الشيخ: هو رجل أو امرأة؟ السائل: رجل.
الشيخ: هل غيره يلبسه، يعني هل هو في قوم يلبسون البناطيل؟ إن كان كذلك فلا بأس، إذا صار يغطي إلى الركبة، وأما إذا كان في أناس لا يلبسونه فإنه لا يلبسه؛ لأنه إذا لبسه صار لباس شهرة، ولباس الشهرة منهي عنه، واترك البناطيل يا ولدي! لباسك هذا القميص أستر وأرفق بك، البنطلون يقيدك، إن سجدت أتعبك، وإن جلست أتعبك، ثم ما الفائدة منه؟ نعم.
يمكن الذي عندهم شغل مكاين أو ما أشبه ذلك يحتاجون إلى أن تكون ثيابهم منظمة إلى أجسادهم فهؤلاء قد يعذرون، أما بقية الشعب فسبحان الله! أن ندع لباسنا الذي هو أقرب إلى الحركة بسهولة وهو لباس آبائنا وأجدادنا إلى لباس جديد!! مشكلة هذه!! واعلم أن للتقليد -أي: تقليد غير المسلمين- تأثيراً على القلب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) قال العلماء: لأنه إذا تشبه بهم في الظاهر ألف أخلاقهم وأزياءهم ثم أحبهم قلبه، ثم تشبه بهم في العقيدة -والعياذ بالله- ولهذا قال: (فهو منهم) لا نقول: فهو منهم فيما تشبه به، نقول: هو منهم فيما تشبه به ويخشى أن تنتقل هذه الجرثومة إلى العقيدة.(235/23)
حكم إطلاق لفظ المتأسلم على المسلم
السؤال
هل يجوز إطلاق لفظ المتأسلم على المسلم وكذلك على الدعاة على وجه الخصوص؟
الجواب
انظر! يا أخي! يبدو لي من سؤالك هذا والأول أن هذه موجودة في بلادكم.
السائل: كثيرة يا شيخ! الشيخ: نحن عندنا ما هي موجودة، عندنا مسلم وليس عندنا متأسلم، ولكن لا تتعجب، لا تتعجب، لا تتعجب، ألم يكن المنافقون يقولون للمؤمنين إذا أنفقوا كثيراً قالوا: هذا مراءٍ.
وإذا أنفقوا يسيراً قالوا: إن الله غني عن صدقتك.
ويتهمون المسلمين بالنفاق وغير ذلك، لا تتعجب، العدو عدو يريد أن ينفر الناس بأي وسيلة، ولا يجوز أن نتهم المسلمين ونقول: متأسلم يعني: أنهم مسلمون بالظاهر فقط، هذا حرام.(235/24)
علاج من أصيب بالوسوسة في الوضوء
السؤال
امرأة مصابة بالوسوسة في الوضوء فما العلاج لمثل هذا وقد أتعبها قليلاً؟ الشيخ: والله! يا أخي! أقول: الشيطان يحرص على إغواء بني آدم إما في العبادة وإما في العقيدة، والدواء شيئان: أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، والثاني: أن يعرض عن هذا ولا يلتفت إليه، فمثلاً: إذا دخل ليتوضأ وتوضأ غسل وجهه ويديه ومسح رأسه وغسل رجليه، يكفي ولا يعيده، حتى لو قال الشيطان: إنك ما أكملت العضو.
لا يلتفت لهذا، لو قال الشيطان: لم تتمضمض ولم تستنثر.
لا يلتفت لهذا، كذلك في الصلاة، دخل الصلاة وفي أثناء القراءة شك هل كبر للإحرام أم لا؟ لا يلتفت لهذا يستمر، شك هل سجد سجودين أو سجدة واحدة؟ لا يلتفت لهذا، فالموسوس لا حكم لوسواسه، حتى الإنسان لو طلق زوجته وهو موسوس لم يقع الطلاق.
الشيطان يأتي للإنسان حتى في العقيدة يقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ من خلق الله؟ فليقل: الله أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
ويعرض.
ثم إنه وإن تحمل المشقة في الصبر على الإعراض عن هذا الشيء ففي النهاية سيزول عنه، نسأل الله تعالى أن يعافي من ابتلي بهذا وأن يعافينا مما ابتلاه به.(235/25)
موضع منبر النبي عليه الصلاة والسلام
السؤال
فضيلة الشيخ! بالنسبة لموضوع منبر النبي صلى الله عليه وسلم هل كان في موضعه الآن، في زاوية مسجده صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أم كان متوسطاً كما هي المنابر الآن؟ الشيخ: لا.
الظاهر أنه في مكانه الآن ما تغير، وهذا يحتاج إلى الرجوع إلى تاريخ المدينة.
السائل: يعني الآن حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) يشمل جميع المسجد؟ الشيخ: لا.
يشمل ما بين البيت والمنبر.
السائل: لأن منبره في الزاوية بالنسبة للروضة.
الشيخ: المنبر قريب من بيته ولا يشمل المسجد كله.
السائل: أعني مسجده في زمنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الشيخ: نعم.
يشمل ما بين بيته ومنبره.(235/26)
حكم من ترك صيام رمضان جاهلاً
السؤال
فضيلة الشيخ! هذا الشاب بلغ عشرين عاماً ولم يصم إلا هذا العام، وقد بلغ سن البلوغ وعمره اثنا عشر عاماً، وكان يسكن البادية، ويعم عندهم الجهل، فماذا يفعل؟
الجواب
لا شيء عليه، ولكن يحسن الصيام من جديد، وما دام في الأول لا يدري أنه واجب وهو بعيد أنه لا يدري، أو يدري أنه واجب ولكن تركه تهاوناً، أما الأول فلا يقضي؛ لأنه معذور بالجهل، وأما الثاني فلا يقضي؛ لأنه لا يقبل منه إلا القضاء، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وخذ هذه القاعدة: كل عبادة مؤقتة بوقت إذا أخرها الإنسان عن وقتها بدون عذر شرعي وفعلها لم تقبل منه لو فعلها ألف مرة، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله: لو أن الإنسان ترك الحج مع استطاعته لكن تهاون حتى مات فإنه لا يحج عنه، قال: لأنه لو حج عنه لا يبرئ ذمته.
إذ أن الرجل لا يريد إبراء ذمته من أصله وإلا لحج، وهذا القول قوي، وإليه أميل، وقال أيضاً حتى في الزكاة: لو أن الإنسان كان بخيلاً لا يؤدي الزكاة فلما مات قال ورثته: سنؤدي الزكاة عنه، فإن ذلك لا يقبل منهم، وسوف يكوى بها جنبه وجبينه وظهره يوم القيامة حتى لو أداها أهله.
ابن القيم يقول: لا تؤدي زكاته أصلاً؛ لأنه لما مات صار المال لمن؟ للورثة، فلا تؤدى عنه الزكاة.
لكني أرى أن الأحوط: أن تخرج الزكاة عنه لتعلق حق الفقراء بها، فتهاونه بها لا يسقط حق الفقراء، فتخرج زكاة للفقراء ولكنها لا تبرئ ذمتهم، يعاقب عليها، كيف تمضي السنوات لا يؤدي الزكاة وإذا مات نحن نؤديها عنه؟ ما يمكن هذا، كلامه رحمه الله قوي قوي جداً جداً، والنفس تميل إليه.(235/27)
حكم مجادلة العلمانيين وغيرهم في مناظرات علنية
السؤال
هل يجوز لطلبة العلم المتمكنين من العلم الشرعي مناظرة أهل الأهواء كالعلمانيين وغيرهم في مناظرات علنية دحضاً لشبهاتهم ورداً على افتراءاتهم على الدين الإسلامي؟ الشيخ: تقول: هل يجوز؟ السائل: نعم.
الشيخ: أنا أقول يجب، يجب على المتمكنين أن يجادلوا هؤلاء، لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] وإذا تبين الحق ولم يرجع إليه هؤلاء فعلى ولي الأمر أن يلزمهم بذلك، أو يعزرهم تعزيراً يردعهم عن الدعوة الباطلة؛ لأنه لا يمكن أن نجعل الناس وشياطينهم أحراراً يقولون ما شاءوا، ما دام لنا قدرة والحمد لله وسيطرة وسلطان، فيجب أن نردع هؤلاء حتى لا يعيثون في الأرض فساداً، وإذا كان الحرابة في أخذ الأموال من الناس حكمها معروف: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة:33] إذا كان هذا في أخذ أموال الناس والاعتداء على حياتهم فكيف بمن يسلب الناس دينهم، ويحرمهم الدنيا والآخرة؟!! لأن الكافر خاسر في الدنيا والآخرة كيف ذلك؟ في الدنيا كل يوم يمضي لن يعود إليه أليس كذلك؟ وما الذي استفاد؟ ما الذي استفاد من هذا اليوم الذي مضى؟ لم يستفد شيئاً، حتى وإن بلغ المتعة أعلى المتعة الجسدية فإنه لم يستفد، واليوم التالي والتالي إلى أن يموت كذلك خسران.
في الآخرة خاسر أم غير خاسر؟ خاسر: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر:15] هؤلاء الذين يدعون الناس إلى الكفر والإلحاد معناه: يريدون من الناس أن يخسروا الدنيا والآخرة، أيهما أعظم فساداً، هؤلاء أم الذين يأخذون المال، أو يقتلون الناس؟ الأول أشد وأعظم، ولذلك نحن نحذر من الاستعمار الفكري والخلقي والمنهجي الذي يبثه أعداء المسلمين اليوم في القنوات الفضائية وفي الإنترنت وما أشبه ذلك.
هم الآن لا يستطيعون أن يغزونا بالسلاح إذا كنا على هذا الوضع والحمد لله لكن يغزوننا بالأفكار والأخلاق والشبهات، أما لو كانت دولة ضعيفة غزوها بالسلاح أليس كذلك؟ نعم.
وانظر الحوادث الآن في الشيشان وغيرها، ولهذا يجب علينا أن نفكر في الأمر تفكيراً جدياً، على الأقل أن نتحصن ونحصن أنفسنا من هذه الوافدات علينا.
اللهم احفظ علينا ديننا وثبتنا عليه إلى الممات، وقوِ ولاة أمورنا على أعدائنا، وسلطهم عليهم تسليطاً يردعهم عن الشر والفساد.
وانتهى الوقت، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وفقكم الله وأعاننا وإياكم.(235/28)
لقاء الباب المفتوح [236]
تكلم الشيخ في هذا اللقاء عن تفسير الآية الثانية عشرة والثالثة عشرة من سورة المجادلة، فبين وجوب تقديم الصدقة عند مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، ثم بين أن هذا الأمر قد نسخ بالآية التي تلي الآية الأولى، وتكلم عن النسخ، وذكر بعض الأمثلة لنسخ القرآن بالقرآن، وبين سبب تقديم الصدقة، وهو جود الإنداء للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم فتح باب الأسئلة.(236/1)
تفسير آيات من سورة المجادلة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء السادس والثلاثون بعد المائتين من اللقاءات التي يعبر عنها بلقاء الباب المفتوح، التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الرابع عشر من شهر صفر، عام (1421هـ) وسيكون هذا هو ختام هذا الفصل إلا أن يحدد بعد إن شاء الله تعالى؛ نظراً لأن الطلاب مشغولون بالامتحانات، ونخشى أن يبقى الإنسان نادماً على عدم الحضور، وإذا حضر ربما يفوته بعض الأشياء؛ لذلك سنؤجل -إن شاء الله- بعد هذا اليوم حتى يتبين فيما بعد.(236/2)
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول)
نبتدئ هذا اللقاء بقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة:12] ، نداء المؤمنين من عند الله شرف لهم بلا شك، وتصدير الخطاب بالنداء يدل على أهمية ما يخاطب به، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [إذا سمعت الله يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)) فأرعها سمعك، فإما خيراً تؤمر به، وإما شراً تنهى عنه] .
يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} (ناجيتم) أي: أردتم مناجاة الرسول، والمناجاة: هي الكلام السر بين المتناجيين، والرسول هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان الصحابة رضي الله عنهم لمحبتهم الاجتماع برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتحدث إليه سراً، كانوا يكثرون على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويكثرون التردد عليه، ولا يخفى ما في هذا من الإزعاج، ولهذا أمر الله تبارك وتعالى الذين يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضيوفاً أمرهم أنهم إذا انتهوا لا يبقون؛ لأن ذلك يؤذي النبي فيستحي النبي، كذلك هذه المناجاة إذا كثرت لا شك أنها تؤذي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأراد الله تعالى أن يمتحنهم فأمرهم أن يقدموا بين يدي مناجاته -أي: قبلها وأمامها- صدقة، ولم يحدد، فيتصدق بالرغيف وبالتمرة وبالدرهم وبالدينار وبالثوب وغيرها، والصدقة تحتاج إلى مال وتحتاج إلى عمل وتحتاج إلى بحث عن فقير، فليست بالأمر الهين، فسوف تقل المناجاة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان الإنسان لا يناجيه إلا إذا قدم صدقة، وهذا هو الواقع، فإن المناجاة قلَّت.
قوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} (ذلك خير لكم) في الدين؛ لأنه يدل على رغبتكم التامة لمناجاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأطهر لأن الصدقة تطهر الإنسان من الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار) .
قوله: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} أي: إن لم تجدوا مالاً تتصدقون به {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: فقد غفر لكم ورحمكم فناجوا الرسول بدون تقديم صدقة، وهذه هي القاعدة العامة الشاملة في هذه الشريعة المبنية على اليسر والسهولة؛ وهو أنه (لا واجب مع العجز، ولا محرم مع الضرورة) بمعنى: أن الإنسان إذا عجز عن الواجب سقط عنه، وإذا اضطر إلى المحرم حل له، بشرط أن يضطر إليه بألا يجد سواه مما يدفعه إلى الضرورة، وأن يكون تناول هذا المحرم رافعاً لضرورته.(236/3)
تفسير قوله تعالى: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات)
ثم قال عز وجل: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجادلة:13] (أأشفقتم) أي: أخفتم من المشقة إذا قدمتم بين يدي نجواكم صدقات؟ وهذا هو الواقع، أنه شق على الصحابة، وأنتم تعلمون أن الصحابة غالبهم فقير يشق عليه ذلك، فقال الله عز وجل: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [المجادلة:13] المعنى: فقد أسقطنا عنكم الوجوب، (فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم) بإسقاط هذا الواجب (فأقيموا الصلاة) أي: لا تضيعوا ما أوجب الله عليكم من الأمور الأخرى من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله.
{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة:13] أي: عليم بكل ما نعمل من خير وشر، وسنلاقيه إن شاء الله تعالى فيحكم بيننا بما تقتضي حكمته ورحمته.
وفي هذه الآية كما رأيتم نسخ، فما هو الناسخ وما هو المنسوخ؟ الناسخ هذه الآية الأخيرة، والمنسوخ الآية التي قبلها، فقد أوجب الله الصدقة ثم أسقطها، وهذا نسخ من الوجوب إلى الجواز، والله تبارك وتعالى ينسخ ما شاء كما قال: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:106] .
من الأشياء المنسوخة: استقبال القبلة كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما قدم المدينة يستقبل بيت المقدس، ثم نسخ ذلك إلى وجوب استقبال القبلة أول بيت وضع للناس.
ومن المنسوخ: أنه أول ما وجب الصيام كان الإنسان مخيراً بين أن يصوم أو يفطر، يقال للإنسان: إن شئت فصُم، وإن شئت فأطعم عن كل يوم مسكيناً، ثم نسخ ذلك إلى وجوب الصيام عيناً.
ومما نسخ أيضاً: أن الواجب على المسلمين الجهاد في سبيل الله ألا يفروا من عشرة أمثالهم، بمعنى: أنه إذا كانوا مائة فإنهم لا يفرون من الألف، وإذا كانوا مائتين لا يفرون من الألفين، فقال الله عز وجل: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:66] .
والنسخ لا يعني أن الله سبحانه وتعالى لم يعلم المصلحة ثم بدا له، الناسخ تابع لحال العباد، فقد يكون الأصلح لهم إيجاب هذا الشيء في وقت ونسخه في وقت آخر؛ لأن الأحكام تابعة للمصالح، والمصالح تختلف في كل زمان ومكان وأمة، ولهذا تجدون أن التوحيد وجب من أول الرسالة، والصلاة تأخر إيجابها عشر سنوات بعد البعثة، والزكاة تأخرت إلى الهجرة، والصيام كذلك إلى الهجرة، والحج إلى السنة التاسعة، كل ذلك صار تبعاً لما تقتضيه المصلحة والتدرج في التشريع الإسلامي.(236/4)
الأسئلة(236/5)
من نسي ركعة من صلاته هل يعيد الصلاة أم الركعة؟
السؤال
دخلت أنا وشخص وقت صلاة الظهر، فكنا داخلين والإمام قد بدأ في الركعة الثالثة، فعندما انتهى قمنا كي نكمل الركعتين، فأكملت الركعتين وهو لم يكمل إلا الركعة الثالثة ثم جلس، وعندما سلمت كنت أريد أن أعلمه أنه نقصت عليه ركعة، فإذا به يدخل مع الإمام في صلاة الجنازة، فعند الانتهاء من صلاة الجنازة أخبرته أنه فاته ركعة ما صلاها، ففي هذه الحالة هل يعيد الصلاة أم يعيد الركعة فقط؟ الشيخ: السؤال يقول: إن رجلاً دخل مع الإمام في أثناء صلاة الظهر وقد فاته ركعتان، ولما سلم الإمام قدمت جنازة، وهذا الرجل صلى بعد سلام الإمام ركعة وخاف أن تفوته الجنازة، فتراجع بقية صلاته ودخل في صلاة الجنازة ثم أراد أن يقضي ركعة واحدة السائل: كان ناسياً.
الشيخ: نعم.
ما قلت كان ناسياً
الجواب
هذا الرجل لما صلى ركعة بعد سلام الإمام نسي فسلم ودخل مع الإمام في صلاة الجنازة ثم أتم صلاته بعد صلاة الجنازة، فنقول: هذا لا تصح صلاته لوجود الفاصل بين أجزاء الصلاة، والواجب عليه أنه لما ذكر أتم صلاته وإن فاتته صلاة الجنازة؛ لأن صلاته فريضة فرض عين، وصلاة الجنازة فرض كفاية، وقد قام بها من يكفي.(236/6)
حكم العقيقة بعد الكبر، وما هو مقدارها؟
السؤال
إذا لم يعق عن الإنسان وهو صغير فهل تشرع له وهو كبير؟ وما هو حد العقيقة؟
الجواب
يسأل عن رجل لم يعق عنه في عهد الصغر فهل يعق عنه بعد الكبر؟ فالجواب: إن كان أبوه فقيراً وقت مشروعية العقيقة فلا شيء عليه، ولو اغتنى فيما بعد، كما أن الرجل إذا كان فقيراً لا زكاة عليه ولو اغتنى فيما بعد، فتسقط العقيقة لعدم القدرة عليها، وأما إذا كان غنياً لكنه يقول كل يوم: اليوم أعق عنه، فهذا يعق ولو كبر الولد.
أما الوقت الأفضل فيها فهي اليوم السابع ثم الرابع عشر ثم الحادي والعشرين، ثم بعد ذلك لا تعتبر الأسابيع، وهي للذكر اثنتان، وإن اقتصر على واحدة أجزأ، وللأنثى واحدة والأفضل ألا يزيد؛ لأنه إذا فتحت باب الزيادة صار الناس يتباهون في هذا وربما تصل إلى عشرات، فيقال: اقتصر على السنة، فإذا قال: لي أصحاب، لي أقارب، لي جيران، قلنا: وليكن، إن كفت الواحدة للأنثى أو الاثنتان للذكر فهذا المطلوب، وإن لم تكفِ فاشترِ دجاجاً أو لحماً ولا تذبح سوى ما جاءت به السنة، أما العق عن نفسه ففيها خلاف، والأقرب أنه لا يعق؛ لأن هذا مما يناط بالأب.(236/7)
المقصود بعدم التفريق بين اثنين يوم الجمعة
السؤال
فضيلة الشيخ! ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في فضل الذهاب إلى صلاة الجمعة ألا يفرق بين اثنين، ما المقصود -يا شيخ- بهذا التفريق؟
الجواب
من الآداب الشرعية التي جاءت بها الشريعة: أن الإنسان لا يفرق بين اثنين، بمعنى: أنه لا يجد اثنين في الصف فيفرق بينهما ويجلس؛ لأن في هذا امتهاناً لهما، وتضييقاً عليهما، أما لو وجد فرجة بين اثنين فلا بأس أن يدخل فيها، لأن هذين الاثنين هما اللذان فرطا في هذه الفرجة.(236/8)
حكم أكل البصل قبل الصلاة
السؤال
يا شيخ، مجموعة شباب في البر أرادوا أن يأكلوا مع الغداء البصل قبيل الصلاة، فهل يصح لهم؟
الجواب
أكل البصل جائز في البر وفي البلد.
السائل: قبيل الصلاة؟ الجواب: حتى قبيل الصلاة، ما دام أنه لا يريد أن يتخلف عن الجماعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إنه حلال، وليس لي أن أحرم ما أحل الله.
ولم يقل: إلا عند الصلاة، كما قال الله عز وجل قبل أن تحرم الخمر: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43] ، فلا حرج أن يأكلوا قبل أن تقام الصلاة، وما داموا كلهم اشتركوا في هذه الرائحة فلا حرج.
السائل: والملائكة؟ الجواب: الملائكة إنما تكون في المساجد، والحديث: (فلا يقربن مساجدنا) .(236/9)
كفارة القتل الخطأ
السؤال
جئت ليلاً الساعة الثامنة والنصف قبل أذان العشاء على السيارة، وكان هناك هندي على سيكل والأسفلت غير منور، ولم أنتبه له في الطريق، قدر الله صدمته ولم أره، والسيكل أيضاً غير منور لا قدام ولا وراء، وقدر الله توفي وصار عليَّ خطأ (30%) تقرير المرور، والشيخ حملني دية كاملة وصيام شهرين، فما هو الحكم وجزاك الله خيراً؟
الجواب
بارك الله فيك ليس لنا الحق أن نفتي بخلاف ما قضى به القاضي، وإذا كان لديك اعتراض فلك الحق أن تعترض في خلال خمسة عشرة يوماً بأن تطلب رفعها إلى التمييز.
السائل: اعترضنا وطلبنا من التمييز وجاءت مؤيدة.
الشيخ: مؤيدة؟ السائل: نعم.
الشيخ: أجل انتهت ما بعد هذا شيء.
السائل: هل يوجد لديكم إعتاق رقبة، فقد أخبرنا بأنه يوجد عندكم عناوين هنا؟ الشيخ: لا والله! يا أخي! لا يوجد لا عندي ولا عند غيري، وقد قال لنا بعض الناس: إن هؤلاء الذين يدعون أنهم سبوا نساءً في الحرب بعضهم وليس كلهم كذبة، يأتي بابنه أو بنته ويقول: هذا عبدي اشتره، فيشتريه بعشرة آلاف، ثم يقول: اعتقه، فيعتقه ويأخذ العشرة الآلاف ويرجع بابنه، فليس هناك عبد ولا شيء.
السائل: هل الأفضل إعتاق رقبة؟ الجواب: ليس هو بالأفضل، هو الواجب قبل الصيام، لكن أين الرقبة المؤكدة؟ السائل: قالوا: عندكم عناوين لأناس.
الشيخ: لا أبداً، أنا أعرف أناساً كانوا بالأول يفعلون هذا الشيء، ثم تبين لهم أن المسألة فيها لعب وتركوه، لكن الحمد لله قد يكون هذه الأيام فيها مشقة عليك وسط الحر وطول النهار فلا بأس أن تؤخر إلى الشتاء.(236/10)
عيادة المريض إلى المستشفى مع وجود الفتن
السؤال
فضيلة الشيخ! هل أترك زيارة المريض في المستشفى إذا كان هناك فتن، وخاصة أن هذا المريض سيخرج بعد أيام؟ الشيخ: ما هي الفتن؟ السائل: نساء كاسيات عاريات.
الجواب
أرأيت لو احتجت إلى البقول وهي في السوق والسوق ملآن من النساء والفتن، أتبقى في بيتك وتقول: لن أشتري حاجة البيت لأني إذا خرجت وجدت الشر؟ السائل: لا، يا شيخ! الشيخ: هذا مثله.
السائل: هذا سيخرج يا شيخ! الشيخ: أنت لا تدري متى يخرج.
السائل: هي ولادة يا شيخ! إذا كانت امرأة والدة بعد يومين أو ثلاثة تخرج.
الجواب: انظر إذا كان ليس هناك حق بين، بمعنى: أنها ليست أختك ولا عمتك ولا خالتك ولا أمك هذه أمرها واسع، أما إذا كانت من القريبات لك فعدم زيارتها، بل الصواب: عدم عيادة المريض، يقال: عيادة، وهو قال: زيارة، وهذا غلط، ولا ينبغي أن نشدد على أنفسنا، الآن الطائرة فيها منكرات، فهل أقول: ما أذهب بالطائرة لأن فيها منكراً؟ لا يا أخي! اذهب وخفف من المنكر ما استطعت، وغض البصر.(236/11)
حكم حضور المجالس التي يكون فيها منكرات
السؤال
فضيلة الشيخ! يدعى الإنسان إلى المجالس وغالب مجالس الناس يكون فيها غيبة، فهل يجب على الإنسان أن يحضر؟ وإذا كان لا يستطيع أن ينكر هل يجب عليه أن يحضر لهذا؟ الشيخ: تعني إلى وليمة يحضر؟ السائل: لا، إلى مجالس عادية.
الجواب
أولاً: بارك الله فيك ينبغي للإنسان أن يكون مباركاً بقدر الاستطاعة، فليحضر المجالس، وإذا رأى منكراً نصح، فإن اهتدى أهل المجلس -وهذا هو الغالب- وإلا قام وتركهم؛ لأن كون الإنسان ييأس ويقول: لو ذهبت ما نفعت، هذا فيه نظر، بل الذي أرى أن يذهب ثم إذا رأى المنكر أنكره، وإذا لم ينتهِ الحاضرون قام وتركهم، هذا هو الصواب.(236/12)
كيف يصلي المغرب من أتى والناس يصلون العشاء؟
السؤال
فضيلة الشيخ! إذا كان الشخص مسافراً وأتى وقت صلاة العشاء وهو لم يصل المغرب، فأراد أن يصلي المغرب مع الجماعة الذين يصلون العشاء بنية المغرب، ماذا يفعل في هذه الحالة؟
الجواب
إذا قام الإمام إلى الرابعة وهو قد دخل معهم في أول ركعة فإنه يجلس ويتشهد ويسلم ثم يلحق الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، ويتم أربعاً، إذا أدرك ركعة، والغالب أنه يدرك لأنه يأتي بالتشهد ويعجل فيه وبالتعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ثم يدخل مع الإمام ويدرك الركوع، أما إذا لم يدرك الركوع فقد فاته الأجر.(236/13)
حكم الدم المسفوح
السؤال
فضيلة الشيخ! ما حكم الدم المسفوح إذا أصاب الثوب؟ وهل هناك فرق بين كثيره وقليله؟
الجواب
الدم المسفوح نجس، لقول الله تبارك وتعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ} أي المذكور ((رِجْسٌ)) [الأنعام:145] أي: نجس.
قال أهل العلم: ويعفى عن يسيره؛ وذلك لمشقة التحرز منه، لأنه قلَّ أن يقوم إنسان بذبح بهيمة ولا يناله منها، فعفوا عن يسيره رحمهم الله، ولكن ما هو اليسير؟ هل اليسير ما استيسره الإنسان بنفسه، أو ما استيسره عامة الناس؟ ما استيسره عامة الناس، لأننا لو جعلنا كل إنسان وما يرى في نفسه لكان صاحب الوسواس يرى اليسير كثيراً، والمتهاون يرى الكثير يسيراً، فلذلك نقول: العبرة بأوساط الناس، وأما تقديره بربع درهم أو ما أشبه ذلك فلا حظ له من النظر؛ لأن هذه التقديرات لابد أن يكون فيها دليل.
السائل: ما رأيك بالدم الذي يبقى بعد موت الشاة؟ الجواب: الدم الذي يبقى بعد موت الشاة ولو كان كثيراً طاهر، ولذلك لو أن الإنسان بعد أن ماتت الذبيحة ووصل إلى قلبها أخذ القلب وشرب الدم الذي فيه كان ذلك جائزاً لأنه طاهر.(236/14)
الاهتمام بأمر التوحيد في الدعوة إلى الله
السؤال
قال بعضهم: إذا بدأ الإنسان في الدعوة في قوم كثُر فيهم الشرك والطواف بالقبور والاستغاثة والاستعانة بغير الله يبدأ الإنسان بتوحيد الربوبية ولا يتكلم عن توحيد الألوهية؛ لأن توحيد الألوهية سيفرق الناس من حوله، فهل هذا القول صحيح؟
الجواب
يجب على الإنسان أن ينظر في الأمر ويصبر حال القوي، وهم إذا دعوا أو إذا بين لهم توحيد الربوبية فلابد أن الإنسان يستغرب ويقول مثلاً: هذا الرب الذي خلق كل شيء لا يجوز أن نسوي به غيره ممن لا يخلق شيئاً، كما قال عز وجل: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الأعراف:191] ، لأني أخشى إن استمر في تقرير توحيد الربوبية أن يعجز فيما بعد عن تقرير توحيد الألوهية، فليهتم بهذا وكما كانت الرسل عليهم الصلاة والسلام إذا دعوا قومهم يقولون: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36] .(236/15)
حكم وضوء من شرب مرق لحم الإبل
السؤال
مرق لحم الإبل هل ينقض الوضوء أم لا؟
الجواب
مرق لحم الإبل لا ينقض الوضوء على القول الراجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (توضئوا من لحوم الإبل) ، ولأنه لما أمر العرنيين أن يذهبوا إلى إبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها لم يأمرهم بالوضوء مع أنهم يشربون لبنها، فالذي ينقض هو اللحم سواءٌ كان لحماً أحمر أو شحماً أو أمعاءً أو كرشاً أو كبداً أو رئة أو قلباً، كل ما كان يؤكل من البعير فإنه ينقض الوضوء.(236/16)
قضاء الوتر في النهار
السؤال
فضيلة الشيخ! هناك بعض الناس يقضون الوتر بالنهار، وبعضهم يصلونه قبل صلاة الصبح بثلاث ركعات، فما هي كيفية قضاء الوتر؟
الجواب
هذا غلط، الوتر إذا طلع الفجر انتهى وقته، ويقضيه الإنسان في النهار، فإذا كان يوتر بثلاث في العادة فليقضه أربعاً، وإذا كان يوتر بخمس فليقضه ستاً، وإذا كان يوتر بإحدى عشرة فليقضه باثنتي عشرة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا غلبه وجع أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة.
السائل: بتشهد واحد أم يفرق التشهد؟ الشيخ: بتشهد واحد، ولا يجوز بتشهدين؛ لأنه لو جعله بتشهدين أشبه صلاة المغرب، وقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الوتر بما يشبه صلاة المغرب.(236/17)
حكم قراءة القرآن للحائض
السؤال
هل تقرأ الحائض القرآن؟
الجواب
الحائض لا تقرأ القرآن إلا لحاجة أو مصلحة، فالحاجة مثل أن تخاف من نسيانه، أو تكون معلمة تقرأ القرآن على الطالبات، أو تكون متعلمة تسمع للمدرسة ما حفظت من القرآن، هذه حاجة، فإذا كان هناك حاجة فلا بأس، أو امرأة تخاف أن تنسى القرآن فلا بأس أن تقرأ القرآن، وما عدا ذلك فالأفضل ألا تقرأ، ومن المصلحة والحاجة الأوراد مثل آية الكرسي، وسورة الإخلاص، وسورة الفلق، وسورة الناس، فتقرؤها.(236/18)
حكم قطع الصلاة إذا أقيمت الفريضة
السؤال
إذا دخل الشخص في السنة الراتبة وتحية المسجد وأقيمت الصلاة، فهل يكمل الصلاة أم يقطعها؟
الجواب
إذا أقيمت الصلاة والإنسان في صلاة سواء تحية المسجد أو الراتبة، فإن كان في الركعة الثانية أتمها خفيفة، وإن كان في الركعة الأولى قطعها، وربما يستأنس لهذا التفصيل بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) فهذا الرجل أدرك ركعة كاملة قبل أن تقام الصلاة، فيكون له الحق في أن يكمل صلاته لكن تكون خفيفة، وأما إذا أقيمت الصلاة ولو أنت في السجدة الثانية من الركعة الأولى فاقطعها بدون سلام، انو القطع وقم مع الناس.(236/19)
كفارة اليمين على شيء لم يملك
السؤال
حلف شخص على شيء لا يملكه فما حكمه؟ الشيخ: مثل ماذا؟ السائل: مثل أن يحلف عبد الله على أن يعطي خالداً مالاً عند ناصر، أن يأخذ عبد الله المال من ناصر.
الشيخ: يعني قال عبد الله: واللهِ! لتأخذنَّ المال من فلان ولكنه لم يأخذه.
السائل: نعم.
كأن يقول: إذا فعلت يا عبد الله! هذا الشيء فإنك تأخذ المال من ناصر.
الشيخ: أجرة؟ السائل: شيء حلف عليه ليس أجرة.
الشيخ: ما تصورت هذا جيداً.
السائل: الآن خالد ليس عنده مال فحلف على أن يأخذ عبد الله المال من خالد.
الشيخ: هم ثلاثة ولا اثنين؟ السائل: هم ثلاثة، والشخص الذي حلف حلف على عبد الله أن يأخذ المال من خالد، فما الحكم هنا؟ الشيخ: أخذه أم لم يأخذه؟ السائل: ما أخذه.
الجواب
عليه كفارة يمين، على الحالف كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.(236/20)
حكم إسبال الثياب والرد على من يجيزه
السؤال
بعض الناس يستدل في الإسبال إذا كان غير خيلاء بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ أبي بكر: (إنك لست ممن يفعله خيلاء) ، كيف نرد عليه؟
الجواب
نرد عليه بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ما أسفل من الكعبين ففي النار) ، وقال: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) ، وأبو بكر رضي الله عنه يقول: (يا رسول الله! إن أحد شقي إزاري يسترخي عليَّ إلا أن أتعاهده) يستخري عليَّ، ما هو بقصد، ومع ذلك هو يتعاهده، فقال: (إنك لست ممن يصنع ذلك خيلاء) ، فنقول للرجل: إذا كانت حالك كحال أبي بكر لم تتعمد أن يكون الثوب نازلاً عن الكعب وإنما يسترخي عليك وترفعه، وإذا شهد لك الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنك لا تصنع هذا خيلاء، فعلى العين والرأس، لكن أنى له ذلك، وهذا وأمثاله ممن يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، يأتون بالمتشابه ويتركون المحكم، كالذي يقول: إذا قيل له: يا فلان، هذا البيع والشراء الذي أنت تستعمله لا يجوز، اسأل العلماء، فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101] الآية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا يسألون عن أشياء لم تحرم فتحرم من أجل مسألتهم، أو لم توجب فتوجب من أجل مسألتهم، فهذا هو الذي وردت به الآية، أما الآن فيجب على كل إنسان ذكر له أن هذا واجب أو أن هذا محرم أن يسأل ويستثبت، وفي هذه الحال لا يعذر بالجهل، فلو أنه -مثلاً- فيما بعد فرط في واجب أو فعل محرماً وقد نبه ولكنه تهاون، فهذا لا يعذر بجهله؛ وذلك لتفريطه في عدم السؤال.(236/21)
حكم بيع تذاكر السفر بالتقسيط مع الزيادة
السؤال
يا شيخنا! جزاك الله الجنة ورفع منزلتك في الدنيا والآخرة.
الشيخ: وإياكم ومن سمع.
السائل: الآن في الصيف تعرض مكاتب الخطوط للسفريات تذاكر بالتقسيط، تأخذ هذه المكاتب أو المقاعد تحجزها من الخطوط العامة وتزيد عليها مبالغ ثم تقسطها على من أراد أن يسافر، وهذا يكثر جداً في الصيف، فنريد الحق في ذلك جزاك الله خيراً؟
الجواب
الحق -إن شاء الله- أنه ما فيها شيء، لكن أقول: أصل السفر إلى البلاد الأوروبية أو البلاد الغير أوروبية لكنها كلها خلاعة وفساد، الخمر في الأسواق يباع علناً، والنساء يتبرجن ويعرضن أنفسهن ليس بالقول ولكن بالفعل وما أشبه ذلك، أرى ألا يسافر أحد لهذا؛ لأنه سيخسر وقتاً، وسيخسر مالاً، وسيخسر ديناً، وسيخسر خلقاً، فهذا لا يحل له أن يسافر على هذا الوضع أصلاً، ثم يجب أن نعلم أن هذه المكاتب منها ما هو خبيث يسهل على السفهاء الأمر ويقول: نعطيك تذكرة مؤجلة لإغرائه على السفر، فينبغي لنا أن نقف ضد هذا الرأي، وإلا فإنه لا بأس أن الإنسان يؤجر شخصاً بمائة إن كان نقداً، وبمائتين إن كان مؤجلاً، ما فيه شيء، لكن أصل الغرض غرضٌ سيئ.
السائل: هل يجوز السفر؟ الشيخ: لا، أنا قلت: أصل السفر ما يجوز.
السائل: أجرة الراكب كيف يزيد عليها مبلغاً من المال؟ الجواب: ما فيه شيء، أنا جعلت المبلغ لأني أجلت الثمن الأجرة، مثلما لو قلت: هذا البيت أؤجره بألف ريال في السنة لمن أعطاني إياها نقداً، وبألف ومائتين لمن أعطاها بالتقسيط.(236/22)
متى يثبت النفاس؟
السؤال
إذا سقط الجنين قبل تمام أربعة أشهر فهل تعتبر المرأة نفساء؟
الجواب
قال العلماء: يثبت النفاس إذا تبين في الجنين خلق الإنسان، ويتبين خلق الإنسان من ثمانين يوماً فما فوق، لقول الله تعالى: {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج:5] المضغة تبدأ من ثمانين يوماً، فمن ثمانين يوماً فما فوق يمكن أن يخلَّق، فمتى خُلِّق وتميزت رجلاه ويداه ورقبته ورأسه صار الدم دم نفاس، وما قبل ذلك الدم فهو دم فساد لا يمنع من صلاة ولا صيام ولا زوج.(236/23)
حكم استعمال مال الغير بدون إذنه
السؤال
ما حكم التصرف في المال الذي أوصى به شخص أن يسلمه إلى أحد، فتصرف هذا الشخص دون إرادته، كأن كان -مثلاً- في بقالة ولم يجد عنده مالاً ووجد هذا المال الذي وكِّل به لكي يسلمه فتصرف فيه، علماً بأنه سيرده؟
الجواب
هذا يسأل ويقول: إنسان أعطي دراهم ليسلمها لشخص وقبل أن يصادف الشخص احتاج للدراهم، فهل يجوز أن يستعملها في حاجته؟ فالجواب: لا يجوز، وكان عليه لما أعطاه الدراهم أن يقول: أنا أخشى أني أحتاجها؛ حتى يأذن له بالتصرف فيها، وأما بدون إذن فلا يجوز.
السائل: ولو وثق من نفسه أنه سيسلمها؟ الجواب: ولو وثق، لا يمكن أن يثق الإنسان من دفع درهم واحد، فقد يموت الإنسان بغتة ويبقى الدين في ذمته والورثة ينكرون هذا.
السائل: عند الحاجة؟ الجواب: أبداً، ولو عند الحاجة لو أكل الميتة ولا يأخذه.
السائل: لكنه تصرف به، فما عليه؟ الجواب: الآن عليه أن يسترخص من صاحبه، فإذا أجازه فلا حرج.(236/24)
الفرح المنهي عنه
السؤال
ما هو الفرح الذي نهى عنه الشرع؟
الجواب
الفرح بالمعاصي، هذا هو الذي نهى عنه الشرع.
السائل: ودون المعصية يفرح كما شاء؟ الجواب: بشرط ألا يحمله الفرح على البطر والكبرياء وما أشبه ذلك، فيحرم من هذه الجهة.(236/25)
حكم جلوس الخطيب في المسجد قبل وقت الخطبة
السؤال
إمام الجمعة ليس له مكان ليحضِّر الخطبة إلا في المسجد في يوم الجمعة، يذهب إلى المسجد وله في زاوية أو مكان مناسب يذاكر فيه وأخيراً يخطب، هل في هذا بأس؟
الجواب
لا بأس به إن دعت الحاجة إليه.
وأنت قلت: ليس له مكان، أين بيته؟ السائل: بيته ما يمكنه أن يذاكر.
الشيخ: أين المساجد الأخرى؟ السائل: المساجد الأخرى موجودة.
الشيخ: إذاً يذهب إلى أحد المساجد.
السائل: تعني مسجداً آخر؟ الشيخ: مسجد آخر، ويهيئ فيه الخطبة ثم يأتي إلى مسجده الذي يريد أن يخطب فيه في وقته.(236/26)
حكم رفع اليدين حذو المنكبين عند القيام إلى الفائتة
السؤال
إذا قمت إلى فائتة من الصلاة، فهل أرفع يدي كالرفع لتكبيرة الإحرام؟
الجواب
إذا قام المسبوق بعد سلام إمامه فلم أعلم في ذلك سنة، لكن بناءً على أن القيام من التشهد الأول ترفع فيه الأيدي فهذا مثله.(236/27)
حكم الصلاة في المسجد المبني على قبر
السؤال
مسجد بني على قبر والمصلي لا يعلم أن فيه قبراً، أو يعلم ويجهل الحكم، فما حكم صلاته، سواءً كانت كثيرة أو قليلة؟
الجواب
إذا كان لا يعلم أن فيه قبراً فلا شيء عليه، لقوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] .
السائل: وإن كان يعلم أن فيه قبراً لكنه يجهل الحكم؟ الجواب: كذلك لو كان يعلم أن فيه قبراً ويجهل الحكم لا شيء عليه؛ لأن هذا فَعَلَ محرماً جاهلاً، وفعل المحرم إذا كان عن جهل لا يؤثر.
السائل: هل إذا كان المسجد مبنياً على قبر، أو قبر أدخل المسجد على حد سواء؟ الجواب: لا، إذا بني المسجد على قبر وجب هدمه، ولا تصح الصلاة فيه، وإذا دفن أحدٌ في المسجد لم يجب هدم المسجد وإنما يجب نبش القبر ودفنه مع الناس، ثم الصلاة في هذا المسجد صحيحة، لكن لا يجعل القبر بينه وبين القبلة.(236/28)
حكم الوضوء من مس المرأة بشهوة
السؤال
من مسَّ امرأته بشهوة هل يجب عليه الوضوء؟
الجواب
لا يجب الوضوء ولكنه سنة، الوضوء سنة من مس المرأة بشهوة وليس بواجب.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، نسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح.(236/29)