مخالفة الناظر شرط الواقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
رجب 1352 هجرية - 2 نوفمبر 1933 م
المبادئ
1 - إذا لم يشترط الواقف للناظر تعيين المدرسين فلا يجوز لناظر الوقف تعيينهم أو عزلهم ويكون حق التعيين من اختصاص المحكمة.
2 - تعيين الناظرين لهذا المدرس - فى واقتعتنا هذه - تعيين صدر ممن لا يملكه، فلا يكتسب به حقا إلا إذا أجازته المحكمة المختصة.
3 - إذا كان للناظر حق التعيين والعزل بمقتضى شرط الواقف فلا يتوقف عزل المدرس على حصول جنحة منه، بل يجوز ذلك إذا كان فيه مصلحة للوقف
السؤال
من أحمد أفندى بالآتى وقف المرحوم على بك وقفا أهليا وخيريا على الوجه المبين بالحجة المحررة من محكمة المنصورة الشرعية فى 15 يونية سنة 1895 ومما ذكره بصفحة 37 من الحجة أنه جعل خمسين فدانا لأشخاص وصفهم بأنهم أفاضل فخام علماء أعلام، وقال عن بعضهم أيضا إنه من علماء السادة الشافعية بدمياط وليس من بينهم من يحمل شهادته العالمية المعروفة.
وذكر بصحيفة 38 ما لفظه (ويصرف من ريع الوقف المذكور لاثنين مدرسين أحدهما من علماء السادة الحنفية وثانيهما من علماء السادة الشافعية يقومان بتدريس علم الكلام والعلوم الشرعية الفقهية على المذهبين المشار إليهما وكتب الحديث الشريف وآلات العلوم الشرعية جميع ذلك بالمدرسة إنشاء الواقف المذكور إلى آخر ما بالحجة) ولم ينص الواقف فى كتاب وقفه على من يعين المدرسين المذكورين، فعين النظار عليه شخصا من أهل العلم وأنه لم يحمل شهادة العالمية مدرسا فى سنة 1912 وقد قام بما عهد إليه خير قيام حتى إن النظار طلبوا زيادة المرتب للمدرسين المذكورين شاهدين لهما بأنهما قائمان بعملهما أحسن قيام، والمحكمة بعد التحقق من ذلك قررت زيادة المرتب، ومضى على ذلك زمن ومن غير ان يقع من أحدهما أية مخالفة - ورد لأحدهما خطاب من الناظرين على الوقف الآن بتاريخ 16 مايو سنة 933 مرفق بهذا وهو يتضمن أن نظم التدريس تحتم أن يكون المدرس من حملة الشهادة العالمية وأن هذا المدرس غير جائز عليها فلذلك رفتناه من وظيفته ابتداء من 21 مايو سنة 933.
فهل للناظرين أن يعزلا هذا المدرس المشهود له بقيامه بعمله خير قيام والذى أقرت المحكمة وجوده وزادت مرتبه ولم يقع منه تقصير مطلقا من عهد تعيينه إلى الآن وهو يزيد عن عشرين سنة اعتمادا من الناظرين على أنه غير حائز لشهادة العالمية أو ليس لهما ذلك لأن صاحب الوظيفة لا يعزل إلا بخيانة أو تقصير
الجواب
اطعلنا على هذا السؤال ونفيد بأنه إذا كان كل من الشيخ محمود حمزة والشيخ السيد محمد الشريف اللذين جعلهما الواقف من علماء السادة الشافعية غير حامل لشهادته العالمية كان الظاهر أنه لم يقصد من كلمة (من علماء السادة الحنفية وكلمة من علماء السادة الشافعية) اللتين ذكرهما عند ذكره تعيين المدرسين خصوص الحاملين لشهادة العالمية من الفريقين بل يكون مقصوده من ذلك من يقدر من علماء السادة الحنفية والسادة الشافعية على تدريس علم الكلام والعلوم الشرعية الفقهية وسائر ما ذكره من العلوم، وإن لم يكن معه شهادة العالمية، وإن كان العرف الآن لا يطلق كلمة علماء السادة الشافعية وعلماء السادة الحنفية إلا على خصوص من يحمل شهارد العالمية من الفريقين.
هذا وأن الواقف لم يشرط فى حادثتنا أن يكون تعيين هذين المدرسين لناظر الوقف.
وقد نص الفقهاء على أن تقرير الوظائف إنما هو للقاضى لا للمتولى ما لم يشترط الواقف له ذلك، فقد سئل الخير الرملى فى تقرير الوظائف والعزل عنها أذلك للقاضى أم للمتولى الذى لم يشترط له الواقف ذلك فأجاب بما نصه تقرير الوظائف للقاضى لا للمتولى الذى لم يشترط له الواقف لأنه تصرف فى الموقوف عليهم بغير شرط الواقف وذلك لا يجوز بخلاف ما إذا شرطه الواقف له كما صرح به فى البحر أخذا من الفتاوى الصغرى والله أعلم.
وحينئذ يكون حق تعيين هذين المدرسين للمحكمة المختصة فتعيين النظار لهذا المدرس تعيين صدر ممن لا يملكه فلا يكتسب به حقا فى وظيفة التدريس حتى يقال إنه لا يجوز إخراجه إلا لخيانة أو تقصير.
نعم لو أن المحكمة المختصة أجازت هذا التعيين كان له حق فيها ولكن لم يظهر من تقرير زيادة المرتب المرافق للسؤال أنها أجازته كما يعلم ذلك من الرجوع إلى هذا التقرير الصادر من محكمة المنصورة فى 23 يناير سنة 1923 على أنه إذا كان للنظار حق التعيين والعزل بمقتضى شرط الواقف فليس عزل المدرس متوقفا على حصول جنحة منه، بل يجوز العزل أيضا إذا كان من يعين بدله أصلح منه للوظيفة كما نص الفقهاء يراجع الدر المختار ورد المختار قبيل فصل فيما يتعلق بوقف الأولاد، ويؤيد هذا ما قالوه من أن للقاضى أن يعزل ناظر الوقف المشروط له النظر إذا كان غيره خيرا وأصلح لجهة الوقف منه.
وبهذا علم الجواب عن السؤال. هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر به.
والله أعلم(6/460)
حكم الفوائد على أموال الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
صفر 1353 هجرية - 11 يونية 1934 م
المبادئ
لا يجوز لناظر الوقف أن يطلب شرعا الحكم على المستأجر بفوائد المبلغ المتأخر عليه.
ولا يحل له أخذ شىء من هذه الفوائد إذا حكم له بها
السؤال
من حافظ أفندى بالآتى ما قولكم دام فضلكم فى ناظر وقف مسلم استأجر منه شخص بعض أعيان وقفه ولوجود نزاع بين المستأجر والوقف تأخر المستأجر فى دفع الإيجار، فهل لناظر الوقف أن يطلب شرعا الحكم على المستأجر بفوائد المبلغ المتأخر عليه، وهل إذا حكم له به يحل له أخذه شرعا أم لا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه لا يجوز لناظر الوقف أن يطلب شرعا الحكم على المستأجر بفوائد المبلغ المتأخر عليه لأنه طلب لأخذ مال الغير بغير سبب مشروع فهو من أكل أموال الناس بالباطل المحرم شرعا ولا يحل له أخذ شىء من هذه الفوائد إذا حكم له بها.
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/461)
النظر على ملحقات الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذو الحجة 1353 هجرية - 25 مارس 1935 م
المبادئ
ناظر الوقف المعين من قبل القاضى الشرعى ليس له حق النظر على الأوقاف الملحقة به إلا إذا ثبت له حق النظر على الوقف بمقتضى شرط الواقف، أو يعين القاضى الشرعى ناظرا على هذه الملحقات لعدم تحقق العمل بشرط الواقف
السؤال
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من وقف تادرس عريان وأوقاف ورثته
الجواب
ونفيد بأن العبارة الواردة فى الحجة المحررة من محكمة المنيا الشرعية فى 15 رجب سنة 1289 وهى (وألحقوا ذلك وضموه إلى وقف مورثهم المعين بحجة الوقفية المبينة أعلاه وجعلوا شرطه كشرطه وحكمه كحكمه تعذرا وإمكانا أبد الآبدين إلى آخره) إنما تقتضى هى وأمثالها مما ذكر بباقى حجج أوقاف الورثة أن من يكون ناظرا على وقف تادرس عريان بمقتضى شرطه يكون ناظرا على ما ألحق به من أوقاف ورثته، ولا تقتضى أن من يكون ناظرا على هذا الوقف من قبل القاضى بما له من الولاية العامة على الأوقاف يكون ناظرا على الأوقاف الملحقة هى به فلا يكون مجرد تعيين القاضى الشرعى نظارا على وقف تادرس عريان مقتضيا لكونهم نظارا على الأوقاف الملحقة هى به.
ومن هذا يعلم أن النظار المعينين من قبل القاضى الشرعى على وقف المورث ليس لهم حق النظر على الأوقاف الملحقة هى به لمجرد تعيينهم من قبل القاضى نظارا عليه فلا يثبت لهم حق النظر على هذه الأوقاف إلا إذا ثبت أن لهم حق النظر على وقف المورث بمقتضى شرطه أو عينهم القاضى الشرعى المختص نظارا على هذه الأوقاف أيضا لعدم تحقق العمل بشرط الواقف أيضا.
هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/462)
تصرف الناظر فى الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
شوال 1354 هجرية - 23 يناير 1936 م
المبادئ
1 - التصرف فى الوقف ممن له ولاية التصرف فيه منوط بالمصلحة.
2 - تحقق إعسار المستأجر لعين الوقف يجعل رفع الدعاوى ضده ليس فى مصلحة الوقف لأن مصاريف الدعاوى تضر بجهة الوقف والأولى فى هذه الحالة ترك المطالبة بها.
3 - ترك الناظر المطالبة بهذه الأجرة والحال كذلك لا يقتضى عزله من النظارة
السؤال
من كل من نسيم خليل وشركى طياب وأنطون جبران قالوا وقف شنوده أفندى 675 فدانا وكسور كائنة بناحية كتامة الغابة مركز طنطا غربية وقد تنظر أخيرا على الوقف المذكور كل منا نحن نسيم خليل وشكرى طياب وأنطون جبران الجاولى فوضعنا أيدينا على أعيان الوقف المذكور وتبين لنا أنها مؤجرة من النظار السابقين لمدة ثلاث سنوات من سنة 1929 لغاية سنة 1931 أفرنكية إلى كل من محمد على شلبى وسيد أحمد على شلبى وقد تأخرا فى سداد بدل الإيجار عن سنتى 29 و 1930 فرفعت ضدهما دعوى أمام محكمة الأزبكية الأهلية بالمطالبة به فحكم عليهما بمبلغ 6932 جنيها و 119 مليما والمصاريف قيمة الباقى من بدل إيجار السنتين المذكورتين فلم يدفعا ذلك المبلغ فنفذنا عليهما به وعند التنفيذ تبين أن جميع ما يملكانه نزعت ملكيته بناء على أحكام لدائنين آخرين أجانب، وقد بيعت أملاكهما بمبلغ يقرب من الثلاثة آلاف جنيه أودع بخزينة محكمة الاسكندرية المختلطة - وقد وزعته المحكمة على الدائنين بنسبة ديونهم فخص جهة الوقف مبلغ 300 جنيه تقريبا.
وقد تعين على أعيان الوقف المذكور حراسا قضائيين فى سنة 1931 بسبب النزاع بين المستأجرين والنظار فتأخر المستأجران عن دفع بدل إيجار تلك السنة وقدره 4827 جنيها و 632 مليما ومبلغ 240 جنيها و 133 مليما المنصرف لحساب هذه الحراسة فرفعنا دعوى ضد المستأجرين أمام محكمة الأزبكية الأهلية ولم تزل الدعوى منظورة إلى الآن.
هذه القضية سيطول أمد التقاضى فيها لأنه لابد من تعيين خبير لفحص الحساب ومستندات الزراعة عن السنة المذكورة ولا بد من دفع أتعاب للخبير وللمحاماة ورسوم وغير ذلك لأن المستأجرين المذكورين أصبحا لا يملكان شيئا.
فهل للنظار أن يتركوا المطالبة بما ذكر حيث تحقق الإعسار.
وهل تركهم لذلك يعتبر جنحة تقتضى عزلهم من النظر نرجو الإفادة عن ذلك
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأن التصرف فى الوقف ممن له ولاية التصرف فيه منوط بالمصلحة، فإذا تحقق أن المستأجرين المذكورين معسران وكان الاستمرار فى هذه الدعوى لا يترتب عليه مصلحة راجحة لجهة الوقف بل تترتب عليه ضياع أموال أخرى على جهة الوقف لا ينتظر الحصول عليها لا فى الحال ولا فى المآل، كان فى ترك مطالبة هذين المستأجرين حينئذ بما للوقف عليهما من الحقوق مصلحة راجحة لجهة الوقف، ولا يكون ترك النظار لذلك جنحة تقتضى عزلهم من النظر على الوقف.
وأما ما قاله الفقهاء من أنه لو امتنع المتولى عن تقاضى ما على المتقبلين زمانا فإنه يأثم.
فمحله ما إذا كان فى تقاضيهم مصلحة وخير لجهة الوقف.
أما إذا كان هناك ضرر بتحميل جهة الوقف مبالغ لا ينتظر الحصول عليها ولا على حق الوقف الأصلى لا فى الحال ولا فى المآل فظاهر أنه لا إثم فى هذه الحالة ولا مؤاخذة هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(6/463)
أهلية النظر على الوقف
المفتي
حسونة النواوى.
شوال 1313 هجرية
المبادئ
إذا ثبت شرعا أن المشروط لها النظر بعد والدها الواقف ليس فيها أهلية النظر بسبب السفه فللحاكم الشرعى إقامة ناظر مؤقت لحين زوال السفه أو أيلولة النظر بعدها لمن عينه الواقف
السؤال
بافادة من قاضى محكمة مديرية أسيوط الشرعية مؤرخة فى 24 رمضان سنة 1313 نمرة 106 سايرة مضمونها أن مديرية أسيوط حولت عليه بتاريخ 22 يناير سنة 1896 نمرة 65 الأوراق المتعلقة بانتخاب ناظر لوقف المرحوم أيوب بك جمال الدين ووكيلين معه، ومن الاطلاع على صورة الإشهاد بالتغيير والتبديل المؤرخ فى 29 ربيع أول سنة 1302 علم أن هذا الواقف شرط النظر فى أوقافه لنفسه ثم من بعده لنته عائشة ثم من بعدها لذرية الواقف ذكورا وإناثا ما عدا ولده رمضان، ثم من بعدهم للأرشد فالأرشد من ذريتهم بما فيهم ولده رضمان وأ، يتولى مع من يتولى النظر على وقفه بعده اثنان وكيلان معه يعينهما الواقف، فإن لم يعينهما فللحكومة المحلية أن تعينهما بالكيفية المعينة بتلك الصورة، وشرط فيها أيضا أنه إذا انقرضت الذرية وذرية ذريتهم ولم يبق منهم أحد يصلح للنظر فللحكومة المحلية تعيين من يصلح للنظر مع الوكيلين المذكورين وقد علم أن عائشة المستحقة للنظر بعد والدها الواقف قد صار الحجر عليها لسفهها وعين قيم عليها وقد قضى ذلك بعزلها، وظهر من تلك الشروط أنه حيث قد جعل النظر لها مدة حياتها ومن بعدها لمن ذكره الواقف واشترط فى تعيين الحكومة المحلية انقراض الذرية وعدم وجود أحد منهم يصلح للنظر، ولم تنقرض الذرية الآن حتى يكون للحكومة المحلية تعيين الناظر، ولم تصلح عائشة المذكورة للنظر الآن حتى تستحقه بالشرط، وحينئذ يكون النظر على هذا الوقف فى الحالة الحاضرة منقطع الوسط، ويلزم حينئذ تنصيب ناظر من قبل القاضى الشرعى الذى يملك ذلك مؤقتا لحين انقراض الذرية أو صلاحيتهم له إلا أنه لحصول الاشتباه عند القاضى المذكور وعدم الجزم بما ذكر وقيام مفتى المديرية بالإجازة يرغب التكرم بما يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
بالاطلاع على إفادة حضرتكم المسطورة باطنه نمرة 106 وما معها من الأوراق ظهر أنه متى ثبت شرعا أن الست عائشة المشروط لها النظر بعد والدها الواقف ليس فيها الآن أهلية لذلك النظر بسبب كونها سفيهة يصير النظر على الوقف منقطع الوسط وللحاكم الشرعى حينئذ إقامة ناظر عليه إقامة مؤقتة لحين زوال سفهها أو أيلولة النظر بعدها لمن عينه الواقف والله أعلم(6/464)
حكم الحجر على الناظر
المفتي
عبد المجيد سليم.
شعبان 1356 هجرية - 13 أكتوبر 1937 م
المبادئ
إذا حكم على الناظر بالحجر للسفه فإنه ينعزل من النظر
السؤال
من الشيخ فرج الشاعر قال ما قولكم دام فضلكم فى الآتى - حجر على ناظر وقف معين بالاسم للسفه.
فهل الحجر عليه يكون موجبا لعزله من النظر أو ينعزل بالفعل لمجرد صدور قرار الحجر عليه أرجو الإفادة والله يحفظ ذاتكم الكريمة
الجواب
اطلعنا على السؤال ونفيد أنه قد جاء فى كتاب الأشباه والنظائر فى (فائدة الفسق لا يمنع أهلية الشهادة والقضاء) ما نصه (وإذا فسق لا ينعزل وإنما يستحقه بمعنى أنه يجب عزله أو يحسن عزله إلا الأب السفيه فإنه لا ولاية له فى مال ولده كما فى وصايا الخانية وقست عليه النظر فلا نظر له فى الوقف وإن كان ابن الواقف المشروط له لأن تصرفه لنفسه لا ينفذ فكيف يتصرف فى غير ملكه ولا يؤتمن على ماله ولذا لا يدفع الزكاة بنفسه ولا ينفق على نفسه كما ذكروه فى محله فكيف يؤتمن على مال الوقف) - انتهى - وهذا القياس الذى ذهب إليه صاحب الأشباه وجيه وعليه فبالحجر على الناظر للسفه من الجهة المختصة ينعزل من النظر على ما هو ناظر عليه من الأوقاف ولو كان تنظيره بشرط الواقف ولا يتوقف خروجه من النظر على إخراج المحكمة إياه من النظر.
وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر.
والله أعلم(6/465)
جهالة شرط الواقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
رمضان 1356 هجرية - 23 نوفمبر 1937 م
المبادئ
1 - عمل المسلم يحمل على الصلاح ما أمكن.
2 - إذا لم يكن للوقف كتاب يعلم منه شرط الواقف فى صرف الريع ولا توجد طريقة أخرى للعلم به ولكن علم عمل النظار فى صرفه كان هذا العمل حجة ودليلا على موافقة عملهم لشرط الواقف
السؤال
من محمد نور الدين قال ما قولكم فيمن بنى زاوية لأداء الفرائض وتحفيظ القرآن الكريم وتعليم العلم ووقفت عليها أوقاف لصرف ريعها على ما أنشئت من أجله واستمر البانى لها قائما بشئونها وإدارة وقفها إلى حين وفاته، ثم تولتها ذريته من بعده طبقة بعد طبقة منذ أكثر من مائة سنة ولا يعلم لهذه الزاوية ووقفها كتاب تعلم منه شروط الواقف، فهل استمرار الواقف على إدارتها ووقفها حتى وفاته ثم ذريته من بعده بدون منازع لهم فى هذا كاف فى أن الواقف شارطه النظر له ثم بعده لأولاد وذريتهم الخ كما أن العادة جرت بأن لا يتولى أمر هذه الزاوية ووقفها إلا من كان من ذرية المنشىء لها دون غيرهم، وهل العادة فى الوقف تجرى مجرى شرط الواقف فى وجوب الاتباع وفى هذه الحالة يمنع الغير من التعرض لذرية المنشىء لهذه الزاوية ووقفها
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه قد قال الفقهاء أن عمل المسلم يحمل على الصلاح ما أمكن وبنوا على هذا أنه إذا لم يكن للوقف كتاب ويعلم منه شرط الواقف فى صرف الريع ولا توجد طريقة أخرى للعلم به ولكن علم عمل النظار فى صرفه كان هذا العمل معتبرا حجة ويعد هذا دليلا على موافقة علمهم لشرط الواقف، ومقتضى ذلك فى حادثتنا أنه يحمل عمل الذرية من توليهم النظر وإدارة شئون الزاوية ووقفها على أن هذا مشروط من الواقف حملا لحالهم على الصلاح.
فيمنع كل من يتعرض لهم فى شئون هذه الزاوية ووقفها لما ذكرنا، وأيضا لما قاله الفقهاء من أنه لا ينزع شىء من يد أحد إلا بحق ثابت معروف، وقد قالوا إن كلمة شىء فى هذه العبارة نكرة فى سياق النفى فتعم الأموال والحقوق والاستحقاق.
هذا ما ظهر لنا وبه يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر والله أعلم(6/466)
حكم تصرف الوكيل الاستبدال
المفتي
عبد المجيد سليم.
محرم 1357 هجرية - مارس 1938 م
المبادئ
يجوز لوكيلا الناظر الذى يملك البدل والاستبدال بمقتضى قول الواقف أن يستبدل ما بملكه موكله، ويكون هذا الاستبدال صحيحا، ولو كان بنقود
السؤال
من سليمان بك محمد قال ما قولكم دام فضلكم فى وكيل وكل بمقتضى إشهاد شعرى وكالة عامة مفوضة مطلقة بقوله ورأيه وفعله فى الدعوى والطلب والمخاصمة والمرافعة فى القضايا التى ترفع من موكله وعليه قبل أى شخص كان وكيف يكون أمام المحاكم الشرعية والأهلية والمختلطة وجميع دواوين الحكومة بشأن جميع حقوق موكله أيا كانت وحيث تكون، وفى رهن ما يلزم رهنه من العقار وفى بيع ما يلزم بيعه وشراء ما يلزم شراءه وفى أداء ما على موكله واستيفاء ما له من الحقوق أيا كان نوعها وفى التخارج فى كل أو بعض الحقوق وفى الصح والإبراء والإقرار والإنكار وفى تحكيم المحكمين وفى قبض الأمانات وكل ما يشاء وما يجوز فيه التوكيل شرعا، وقبل الوكيل لنفسه ذلك قبولا شرعيا بالطريق الشرعى وصورة التوكيل وهى غي رسمية مرفقة بهذا، فإذا كان الموكل ناظر وقف له الشروط العشرة فهل لهذا الوكيل بمقتضى التوكيل المنصوص عنه أعلاه أن يستعمل حق موكله فى الشروط العشرة فيستبدل هذا الوقف باشهاد شرعى مع أنه غير منصوص فى هذا التوكيل على أن الموكل وكل وكيله فى استعمال هذه الشروط، وهل يقع الاستبدال صحيحا أم باطلا وإذا كان الوكيل قد استبدل هذه الأطيان الموقوفة بنقود ولم يشتر بهذه النقود أعيانا للوقف.
فهل يقع هذا الاستبدال صحيحا وتخرج العين الموقوفة أصلا من أعيان الوقف أرجو الإفادة أفادكم الله
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من التوكيل المشار إليه المؤرخ 23 مايو سنة 1897.
ونفيد أن هذه الوكالة من قبيل الوكالة العامة وقد نص الفقهاء على أن المفتى به أن الوكيل وكالة عامة يملك كل شىء إلا الطلاق والعتاق والهبة والوقف وسائر التبرعات، ولكن لم نجد لهم نصا صريحا فى أن الوكالة العامة تتناول مثل الاستبدال الذى يملكه الموكل بالشرط أو لا تتناوله.
والظاهر لنا فى هذه الحادثة أن الوكيل المذكور يملك البدل والاستبدال بمقتضى قول الواقفة وما يجوز فيه التوكيل شرعا لأن هذه العبارة من صيغ العموم وليس هناك من عرف ولا من سابق كلام المولكة ما يخصص هذا العموم بإخراج ما يتعلق بالوقف من الاستبدال وإذ كان الظاهر لنا أن هذا الوكيل يملك الاستبدال الذى لموكلته فمتى استبدل استبدالا تملكه موكلته بنفسها كان هذا الاستبدال صحيحا ولو بنقود سواء اشترى بهذه النقود عينا أم لا.
هذا ما ظهر لنا وبه علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر.
والله أعلم(6/467)
تنازل الناظر عن النظارة
المفتي
عبد المجيد سليم.
محرم 1361 هجرية - 4 فبراير 1942 م
المبادئ
1 - الناظر المعين على الوقف من قبل القاضى إذا تنازل ينعزل بمجرد علم القاضى وليس له أن يباشر أى عمل بعد علم المحكمة، ولا يضمن ما ضاع من الريع إذا امتنع عن التحصيل.
2 - الناظر المعين من قبل الواقف إذا تناول لا ينعزل إلا باخراج القاضى له
السؤال
من عبد الحميد موسى قال ما قولكم عمم الله النفع بكم فى شخص أقيم ناظرا على وقف من الأوقاف الأهلية ثم أراد أن يتنازل عن النظر على هذا الوقف فقدم طلبا إلى المحكمة الشرعية التى بدائرته طلب فقيه قبول تنازله عن النظر عن الوقف نظارته واستمر الطلب منظورا أمام المحكمة الشرعية عدة جلسات إلى أن فصل فيه فإقامة ناظر بدله بعد عدة شهور.
فهل يعتبر تنازلا من يوم تقديم الطلب إلى المحكمة وليس له أن يباشر أعمال الوقف من تحصيل وتأجير وتصليح وصرف وغير ذلك، أم له أن يباشر أعمال الوقف إلى أن يفصل فى طلبه، وهل إذا تأخر عن العمل قبل أن يفصل فى الطلب وضاعتب عض أموال الوقف بسبب امتناعه عن التحصيل هل يكون ملزما بما ضاع على الوقف شرعا أم لا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن المنصوص عليه شرعا أن الناظر من قبل القاضى ينعزل بمجرد علم القاضى بعزله نفسه، أما المشروط له النظر من قبل الواقف فلا ينعزل بعزله نفسه بل لابد من إخراج القاضى له من النظر على ما قاله بعض الفقهاء، هذا وإن تنازل الناظر المذكور هو من قبيل عزله نفسه من النظر وعلى ما قلنا ينعزل بمجرد علم المحكمة بهذا التنازل لأن الظاهر من السؤال أن هذا الناظر مقام من قبلها لا مشروط له النظر من قبل الواقف، وحينئذ فليس له أن يباشر أى عمل من الأعمال بعد علم المحكمة بهذا التنازل ولا يضمن ما ضاع على الوقف بسبب امتناعه عن تحصيل ريعه.
والله أعلم(6/468)
حكم وفاة أحد الناظرين
المفتي
عبد المجيد سليم.
2 من المحرم 1362 هجرية - 30 نوفمبر 1943 م
المبادئ
1 - إذا مات أحد الناظرين المشتركين لم يكن للناظر الآخر حق التصرف فى الوقف وحده إلا بإذن المحكمة.
2 - ليس لابن الناظر المتوفى حق فى النظر إلا إذا رأت المحكمة فى تعيينه مصلحة للوقف
السؤال
من الشيخ عتمان خلف قال رجل وقف عقارا وشرط لنفسه النظر مدة حياته ثم من بعده لولديه يحيث لا ينفرد أحدهما عن الآخر ثم من بعدهما يكون النظر للأرشد فالأرشد من أولادهما وذريتهما ثم توفى الواقف فآل النظر لولديه ثم توفى أحد الناظرين والناظر الثانى موجود.
فهل بوفاة أحد الناظرين زالت صفة الناظر الآخر، وفى حالة الإيجاب هل له الحق فى طلب تمكينه من النظر منفردا دون ابن الناظر المتوفى أم يحق لابن الناظر المتوفى أن يطلب تمكينه من النظر منفردا أم لا أفيدوا الجواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ولم نطلع على كتاب الوقف ولا على صورة منه.
ونفيد أنه إذا مات أحد الناظرين المشتركين لا تزول صفة الناظر الآخر التى كانت له قبل وفاة الناظر المتوفى، ولا يملك الناظر الآخر التصرف فى شئون الوقف وحده، بل لابد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية المختصة لتضم ناظرا بدل الناظر المتوفى أو لتفرد الناظر الباقى بالتصرف على حسب ما ترى المحكمة من المصلحة، وليس لابن الناظر المتوفى حق بمقتضى شرط الواقف فى النظر الآن، نعم للمحكمة أن تقيمه إذا رأت المصلحة فى ذلك.
وبهذا علم الجواب عن السؤال إذا لم يكن بكتاب الوقف ما ينافى ذلك والله أعلم(6/469)
أجر نظر على الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
ربيع الآخر 1363 هجرية - 4 أبريل 1944 م
المبادئ
إذا قبل الناظر العمل فى الوقف تطوعا ولم يشترط الواقف له أجرا، ولم يعين له القاضى أجر مثله فليس لهذا الناظر ولا لورثته حق فى احتساب أجر مثله
السؤال
من أحمد أفندى قال وقف شخص أطيانه على نفسه ثم على ذريته من بعده واشترط لنفسه النظر مدة حياته ومن بعده على من بينهم فى كتاب وقفه ولم يشترط للناظر أجرا، ولما توفى الواقف تعين نظار ولم يحتسبوا أجر نظر إلا أن أحدهم بعد أن تولى النظر بضع سنين بلا أجر عدل واحتسب الأجر بمعدل 10 من مجموع الريع من غير إذن القاضى أو قبول المستحقين وذلك عن آخر سنة عزل فيها من النظر لخيانات تعينت عليه وحكم من أجلها بعزله من النظر.
فهل هذا الناظر يستحق أجر نظر مع أنه لم يتشرط له فى كتاب الوقف أجر نظر ولم يحصل على إذن من القاضى ولا موافقة المستحقين أو لا يستحق أجر نظر إلا بشىء من ذلك، وإذا كان ذلك الناظر توفى فهل لورثته حق التمسك بطلب الأجر ووالناظر المذكور مولى بالاسم من قبل الواقف
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن هذا الناظر لا يستحق أجرا على عمله فى الوقف - أولا - لأنه يظهر من السؤال أنه قبل النظر متبرعا ومتطوعا بعمله فى الوقف فلا يستحق أجرا على العمل الماضى ولو كان منصوب القاضى - ثانيا - إن ظاهر كلام الفقهاء أن المشروط له النظر من قبل الواقف الذى لم يجعل له جعلا فى الوقف كما فى حادثتنا لا يستحق أدرا إلا إذا جعل له القاضى أجر مثل عمله فى الوقف.
قال فى البحر (وأما بيان ما له - أى الناظر - فإن كان من الواقف فله المشروط ولو كان أكثر من أجرة المثل.
قال ابن عابدين نقلا عن الخير الرملى فلو لم يشترط له الواقف شيئا لا يستحق شيئا إلا إذا جعل له القاضى أجر مثل عمله فى الوقف فيأخذه على أنه أجرة) انتهى - وبما ذكرنا يعلم أنه ليس لهذا الناظر ولا لورثته حق فى احتساب أجر عمله.
وهذا إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال.
والله أعلم(6/470)
حكم تعامل الناظر بالربا
المفتي
عبد المجيد سليم.
شعبان 1364 هجرية - 4 أغسطس 1945 م
المبادئ
سبق تعامل الشخص بالربا ليس من قبيل الفسق الذى يمنع من اقامته ناظرا على الوقف، خاصة إذا تاب ورجع عن ذلك
السؤال
من عبد السلام أفندى قال ما قولكم دام فضلكم فى سيدة تملك منزلا سكنا لها اضطرتها حالة مخصوصة وظرف مخصوص لفقرها إلى الاقتراض من أحد المرابين بأرباح معقولة الرفع دعوى للحصول على نصيبها فى أرض واسعة تعادل ثمن هذا المنزل أضعافا كثيرة، ولا سبيل لحصولها على ذلك إلا بواسطة المال وليس الديها ما تنفقه فى هذا السبيل إلا بالتعامل بالربا خصوصا وإن واضع اليد على الأرض سالفة الذكر من الأجانب ويحتاج القضاء المختلط إلى أموال كثيرة تفاديا من ضياع الأرض المذكورة لقرب مضى المدة من المغتصب والواضع اليد، وقد تحصلت على حقوقها فى تلك الأراضى من مدة خمسة عشر عاما بمقتضى أحكام، ثم بعد ذلك تابت إلى الله وأنابت وندمت على ما فعلت وعزمت على ألا تعود إلى مثل هذا التعامل فهل هذا التعامل للضرورة التى أوضحناها يمنع إقامتها ناظرة على وقف تستحق فيه بالاسكندرية وأصبح الآن شاغرا لا يوجد له ناظر يدير شئونه بوفاة الناظر خصوصا وأنها بنت بنت الواقف، وهل فى الشرع الشريف مانع يمنع من تعيينها بعد توبتها طول هذه المدة، أم يسقط الإثم بمضى الخمسة عشر عاما وكسور وبذلك تستحق التعيين ويصح لها طلب النظر على الوقف المشار إليه أفيدوا الجواب ولكم الأجر والثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن الربا محرم شرعا بنص الكتاب والسنة والإجماع وبه يصير مرتكبه فاسقا، ولكن ليس لك فسق مستوجبا لمنع الفاسق من تولى النظر أو الوصاية بل الفسق الذى يمنع من ذلك ويحرم شرعا إقامة مرتكبه ناظرا أو وصيا إنما هو الفسق المخوف معه على المال وهذا على القول الذى نختاره من أقوال الفقهاء، وليس الربا من هذا القبيل فلا يمنع ارتكاب هذه السيدة للربا من إقامتها ناظرة على أنه إذا كانت قد تابت من هذا الذنب وأنابت إلى ربها وعرف ذلك عنها لم يمنع تعاملها بالربا فيما سبق إقامتها فى النظر على رأى جميع الفقهاء.
والله تعالى أعلم(6/471)
وقف ونظارة
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
رجب 1371 هجرية - 8 أبريل 1952 م
المبادئ
إذا توفى الناظر قبل أداء ما قبضه من الغلة للمستحقين يكون ذلك دينا فى ذمته يستوفى من تركته قبل القسمة إن كانت وإلا سقط الدين ولا يجوز استيفاؤه مما يجىء من غلة للوقف
السؤال
من الست ظريفة حسن قالت توفى ناظر على وقف أهلي وفى ذمته مبالغ طائلة للمستحقين وهم ثلاثة فقط أخوه الشقيق وأخواه لأب - ثم توفى بعده بشهرين أخوه الشقيق عن أولاد ذكور وإناث وأقيم الأخوان الآخران ناظرين على الوقف فحجزا عن أولاد الأخ الشقيق ما يخصهما فى ريع الوقف وفاء للدين الذى كان على عمهما الناظر المتوفى.
فهل يجوز ذلك لهما شرعا
الجواب
إذا كان الناظر السابق قد مات قبل أن يؤدى للمستحقين استحقاقهم فى غلة الوقف كانت دينا فى ذمته فيستوفى من تركته إن كانت له تركة قبل قسمتها بين ورثته.
فإن لم تكن له تركة لا يجوز استيفاؤه من غيرها مما يجئ من غلة الوقف بعد وفاته لأنه لا استحقاق له فيه لانتقال الاستحقاق بوفاته إلى من شرطه الواقف له.
وعلى الناظرين أن يؤديا لأولاد أخى الناظر المتوفى جميع ما يخصهم من ريع الوقف بوفاة أبيهم دون أن يحجزا منه شيئا بحجة الوفاء بما لهما على الناظر المتوفى من الديون - والله تعالى أعلم(6/472)
وقف ونظر
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
جمادى الأولى 1372 هجرية - 21 يناير 1953 م
المبادئ
إذا عين الواقف للناظر شيئا فهو له كثيرا كان أو قليلا حسب شرط الواقف عمل أو لم يعمل إلا إذا كان قد شرط ذلك مقابل العمل
السؤال
من مصطفى على قال بتاريخ 18 صفر سنة 1308 أمام محكمة مركز شبرا قليوب أوقف المرحوم الحاج يونس محمد العقار المبين بالحجة المرفقة وجعل منه أربعة قراريط السدس يصرف ريعه على متولى النظارة وجعل النظارة له أيام حياته، ثم من بعده يكون النظر المذكور لسالم أخيه ثم من بعده يكون النظر لمحمد أخيه، ثم من بعده يكون النظر لعلى أخيه، ثم من بعده يكون للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف، ثم للأرشد فالأرشد من أولادهم وإن سفلوا، ثم للأرشد فالأرشد من أولاد أخواته وإن سفلوا - والمطلوب الإفتاء هل يستحق الناظر الحالى وهو الحاج على محمد ثابت الذى تولى النظارة بعد وفاة الواقف وسالم أخيه ومحمد أخيه نصيب النظارة وهو السدس ويكون ملكا له بعد قرار حل الوقف
الجواب
اطلعنا على السؤال وعلى صورة رسمية من كتاب الوقف الصادر من الواقف بتاريخ 18 صفر سنة 1308 هجرية أمام مركز شبرا - والجواب - أن قد تبين من كتاب الوقف أن الواقف شرط لمن يتولى النظر على وقفه حصة قدرها سدس ريع الوقف ولم ينص على أن ذلك فى مقابلة العمل فدل على أنه جعل ذلك استحقاقا خاصا له يمتاز به عن بقية المستحقين.
والمنصوص عليه أم ما يعينه الواقف للناظر بدون نص على أنه فى مقابلة العمل يكون استحقاقا له قليلا كان أو كثيرا لأجر نظر - ففى حاشية العلامة ابن عابدين عن البحر ما نصه (فتحرر أن الواقف إن عين له شيئا فهو له كثيرا كان أو قليلا على حسب ما شرطه عمل أو لم يعمل حيث لم يشرطه فى مقابلة العمل كما هو مفهوم من قولنا على حسب ما شرطه) وعلى ذلك يستحق الناظر الحالى وحده ريع الحصة المذكورة ويكون شأنه فى ذلك شأنه كل مستحق فى استحاقه ويتملكها طبقا لأحكام القانون رقم 180 لسنة 1952، والله تعالى أعلم(6/473)
وقف استحقاقى وأجر نظر
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
محرم 1372 هجرية - 13 سبتمبر 1953 م
المبادئ
1 - اشتراط الواقف للناظر حصة معينة من ريع الوقف نظير خدمته تعادل ما يصرف له كاستحقاق فى الوقف صحيح وتكون له حصتان فى الريع غير أنه لا يستحق الحصة المشروطة بالعمل إلا به.
2 - إذا زالت صفة الناظر تطبقا للقانون 180 سنة 1952 وما ألحق به زال استحقاقه لأجر العمل
السؤال
من فضيلة الشيخ عبد الحميد سليم قال شرط واقف للناظر على وقفه فى نظير إدارته له حصة بالعبارة الآتية - (ومنها أن يصرف من ريع ذلك للناظر على هذا الوقف نظير خدمته فى كل سنة من السنين الشمسية حصة زائدة قدر حصته المعينة له من الوقف المذكور) فهل هذه الحصة تعتبر شرعا استحقاقا للناظر إذا قام بإدارة الوقف فعلا.
وإذا كان الأمر كذلك فهل يملك الناظر من رقبة الوقف ما يوازى هذه الحصة تطبقا للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 إذا استمر ناظرا إلى وقت العمل بهذا القانون
الجواب
اطلعنا على السؤال - والجواب - أنه إذا كان شرط الواقف كما ذكر بالسؤال فهو صريح فى أنه قد شرط للناظر على وقفه حصة من ريع الوقف نظير خدمته السنوية للوقف تعادل الحصة التى تصرف له بصفته مستحقا فيه بحيث يكون له فى الريع حصتان حصة هى استحقاق وحصة هى أجر نظر نظير قيامه بشئونه استغلالا وصرفا فلا يستحقها إلا بالعمل الذى يقوم به مثله فى شئون الوقف، كما يؤخذ من عبارة العلامة ابن عابدين فى حاشيته على البحر.
وفى التنقيح فإذا زالت صفة النظر عنه تطبقا لأحكام القانون رقم 180 لسنة 1952 وما ألحق به زال استحقاقه لهذا الأجر تبعا لزوال صفته ولا يملك من رقبة الوقف ما يغله - والله تعالى أعلم(6/474)
حكم تعارض شروط الوقف
المفتي
حسن مأمون.
رجب 1375 هجرية - 1 مارس 1956 م
المبادئ
إذا شرط الواقف لاستحقاق بنتيه فى الوقف مدة حياتهما، ثم نص فى الوقف على أنه لا تستحق واحدة منهما شيئا لا فى حق السكنى ولا فى الاستغلال إلا إذا تحقق فقرها وعدم زواجها.
فيجب العمل بالشرط المتأخر، وعليه فلا استحقاق لأية واحدة منهما إذا كانت غنية أو متزوجة ولو فقيرة
السؤال
من السيد / سيد عبد العال قال إن المرحوم بدوى عابد وقف وقفا أمام محكمة أسيوط الابتدائية الشرعية بتاريخ 15 يولية سنة 1935 على نفسه ثم من بعده على زوجته رمزة أحمد الششنجى وعلى أولاده منها وهم محمد الشهير بجلال وبديعة وسنية الشهيرة بحياة للزوجة الثمن ولأولاده الباقى للذكر ضعف الأنثى وإذا توفيت زوجته المذكورة قبل الاستحقاق أو بعده رجع نصيبها إلى محمد ابن الواقف كما ينتقل له نصيب كل واحدة من بنتى الواقف المذكورتين بعد وفاتها دون أولادهما - ثم من بعد محمد هذا يكون ذلك وقفا على أولاده ذكورا وإناثا للذكر ضعف الأنثى ثم على ذريتهم ونسلهم بالإنشاء والشروط الواردة بكتاب الوقف المذكور، وقد اشترط الواقف لنفسه فى هذا الوقف شروطا منها أن استحقاق بنتيه بديعة وسنية المذكورتين مدة حياتهما فقط وليس لأحد من أولادهما وذريتهما شئ من ريع هذا الوقف ثم من بعدهما يكون نصيبها لأخيهما محمد المذكور، ثم لأولاده على الوجه السابق بيانه.
وأن من كانت من بنتيه المذكورتين غنية وقادرة على دفع أجرة المسكن سواء أكانت متزوجة أو غير متزوجة فليس لها حق السكنى فى الوقف ولا الاستغلال منه، أما إذا كانت فقيرة وغير متزوجة فيكون لها حق السكنى والاستغلال حسب الشروط المذكورة آنفا - وتبين من السؤال أن الواقف توفى سنة 1944 عن ابنه محمد الشهير بجلال وعن بنتيه بديعة وسنية الشهيرة بحياة أما زوجته رمزة المذكورة فإنها توفيت قبله.
وأن كل واحد من بنتى الواقف المذكورتين متزوجة وموسرة بما تملك.
إذ السيدة بديعة متزوجة من سنة 1930 ولا زالت على ذمة زوجها إلى الآن وزوجها موسر ويتقاضى معاشا نحو أربعين جنيها مصريا.
وهى تملك أسهما بشركة أتوبيس الصعيد يغل لها إيرادا سنويا نحو عشرين جنيها.
أما السيدة سنية فإنها متزوجة من سنة 1931 ولا زالت على ذمة زوجها إلى الآن وزوجها موسر ويملك ما يقرب من عشرة أفدنة زراعية وحديقة ويستأجر أطيانا يزرعها تزيد على خمسين فدانا.
وهى تملك ما كينتى رى تدر عليها إيرادا سنويا قدره مائة وخمسون جنيها مصريا.
مع الأحاطة بأنه لم يسبق حدوث طلاق بين واحدة من بنتى الواقف المذكورتين وبين زوجها طول مدة حياتهما الزوجية.
وطلب السائل معرفة الحكم الشرعى والقانونى فيما إذا كان بنتا الواقف المذكورتان بديعة وسنية تستحقان فى هذا الوقف مع حالتهما ويسارهما وقدرتهما المبينة أنفا أم لا
الجواب
إن شرط الواقف فى صدر الإنشاء بالنسبة لاستحقاق بنتيه بديعة وسنية فى هذا الوقف مدة حياتهما شرط مطلق غير مقيد ثم قيده بآخر شرط من شروطه فى كتاب الوقف.
فنص على أنه لا تستحق واحدة منهما شيئا لا فى حق السكنى ولا فى الاستغلال إلا إذا تحقق فقرها وعدم زواجها فإذا كانت غنية أو متزوجة ولو فقيرة فإنه لا يكون لها استحقاق فى هذا الوقف مطلقا.
فالواجب العمل بالشرط المتأخر لأنه يفسر عن غرض الواقف كما هو منصوص على ذلك فقها - وبناء على ذلك فإذا كان ما جاء بالسؤال صحيحا من أن كلا منهما متزوجة من التاريخ المذكور ولا تزال فى عصمة زوجها إلى الآن ولم تحدث الفرقة بينهما خلال هذه المدة ومن أن كلا منهما تملك ما ذكر بالسؤال فإنه لا يكون لواحدة منهما استحقاق فى هذا الوقف مطلقا.
لأن زواج كل منهما تم قبل صدور الوقف وقبل وفاة الواقف.
ونظرا لأنه استمر إلى أن توفى الواقف سنة 1944 وهو التاريخ الذى يثبت فيه الاستحقاق فقد ثبت عدم استحقاقهما بمقتضى شرط الواقف.
كما أنهما لا يستحقان فقد ثبت عدم استحقاقهما بمقتضى شرط الواقف.
كما أنهما لا يستحقان بمقتضى المادة 22 والفقرة الثانية من المادة 57 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 لأنه لم تتوفر فيهما شروط هاتين المادتين - فعلى فرض أن كل واحدة منهما لم يثبت غناها بما تملكه فإن زواجها بهذه الصفة مانع من استحقاقها، لأن الواقف كما ذكرنا شرط لاستحقاق كل منهما تحقق الفقر وعدم الزواج، فإذا كان فى الوصف الأول احتمال فقرها أو غناها بما تملكه فإن الوصف الثانى ثابت قطعا إذا كان ما ذكر فى السؤال مطابقا للحقيقة والواقع وهو وحده كاف لحرمانها من الاستحقاق.
وحينئذ فبوفاة زوجة الواقف قبله وزواج كل من بنتى الواقف المذكورتين على الوجه المذكور أو ثبوت غناها فينحصر استحقاق ريع هذا الوقف جميعه فى محمد الشهير بجلال ابن الواقف طبقا لشروطه المذكورة آنفا - وبصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات تصبح عين هذا الوقف ملكا له طبقا للمادة الثالثة منه.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ے(6/475)
نفقة المستحق وزوجته وعياله مقدمة على سائر الديون
المفتي
بكرى الصدفى.
صفر 1329 هجرية
المبادئ
لا يختص أرباب الديون الثابتة على الزوج باستحقاق فى غلة الوقف بل يعطى لهم الباقى منه بعد نفقته ونفقة زوجته وعياله
السؤال
من صالح أفندى وكيل أشغال الست فاطمة هانم فيما إذا كان شخص مدينا لأشخاص آخرين ومحجوزا على استحقاقه فى ريع وقف تحت يد ناظره، وكان لا يملك شيئا غير استحقاقه فى غلة الوقف المذكور، وكان متزوجا من زوجته ببنتين، ولعدم الصرف على زوجته وبنتيها منه قد استصدرت حكما شرعيا بنفقة المأكل والمسكن والكسوة لها ولبنتيها.
وكان ناظر الوقف بسبب الحجوزات المتوقعة تحت يده بناء على أحكام صادرة لمصلحة أربابها ضد المدين ممتنعا عن الصرف فهل يسوغ شرعا تقديم دفع الديون مها كان نوعها على النفقة المقررة للزوجة وأولادها، أم أن نفقة الزوجة مقدم شرعا على كل ما سواها حتى على النفقة المقررة للوالدة نرجو الإفادة عن ذلك كما يقتضيه المنهج الشرعى
الجواب
فى تنقيح الحامدية ما نصه (سئل) فى فقير ذى عيال وحرفة يكتسب منها وينفق منها على عياله من كسبه ويفضل منه شئ وعليه دين لجماعة يكلفونه بلا وجه شرعى إلى دفع جميع كسبه من دينهم، فهل ليس لهم ذلك بل يأخذون فاضل كسبه الجواب نعم والمسألة فى الخيرية من القضاء (سئل) المرحوم العلامة شيخ الإسلام عماد الدين أفندى العمادى عفى عنه فيما إذا كان على رجل ديون ثابتة لجماعة ولا يملك شيئا وله قدر استحقاق فى وقف أهلي.
فهل يوزع ما يفضل من قدر استحقاقه المزبور عن نفقته بين أرباب الديون المزبورة بحسب ديونهم (الجواب) نعم انتهى - وفى الخيرية ما نصه وأما مسألة التقسيط إذا طلبه الخصم وكان معتملا ويفضل عنه وعن نفقة عياله شئ يصرفه إلى دنيه حاصله أن الغريم يأخذ فضل كسبه والله أعلم.
ومن ذلك يعلم أن أرباب الديون الثابتة المذكورة فى هذا السؤال لا يختصون باستحقاق الزوج المذكور فى غلة ذلك الوقف بل يعطى لهم الباقى منه بعد نفقته ونفقة زوجته وعياله على وجه ما ذكر.
والله تعالى أعلم(6/476)
وصية بالوقف
المفتي
أحمد إبراهيم مغيث.
رمضان 1374 هجرية - 10 مايو 1955 م
المبادئ
1 - الوصية لمعين بحصة معينة بحيث يكون الموصى به غي قابل للتصرف تكون وصية بالوقف ولا تنفذ إلا بعد الموت ويصح للموصى الرجوع عنها قبل وفاته.
2 - بوفاة الموصى مصرا على وصيته تنقلب وصيته إلى وقف وتنفذ فى حدود الثلث وفيما زاد عليه يكن نفاذها فيه بإجازة الورثة.
3 - بصدور القانون 180 سنة 1952 والموقوف عليه على قيد الحياة يكون الموقوف ملكا له ويورث عنه شرعا.
4 - أيلولة الموقوف إلى جهة بر كنص الوصية بعد انقضاء ذرية الموقوف عليها لا يجعل لهذه الجهة استحقاقا فى الوقف مادام أحد من ذرية الموقوف علهيا على قيد الحياة عملا بشرط الموصى الذى تحولت وصيته إلى وقف
السؤال
بالطلب المقدم من الست اسكندرة دروس المرفق به صورة من ورقة الوصية المشار إليها به، وتبين أنه بتاريخ 28 مارس سنة 1918 أصدر أمبروس كاسيما هذه الوصية بتوزيع ثروته بعد وفاته ومنها الثلاثون فدانا المعينة بها والتى أراد أن تبقى هذه الأطيان غير قابلة لتصرف فيها كوقف وأن يسلم ريعها لابنة أخيه الكسندرة نقولا قرينة رمزى تادرس، وبعد وفاتها يسلم لأولادها وأولاد أولادها أى لذريتها إلى أن تنقرض هذه الذرية فيؤول هذا الريع إلى المستشفى اليونانى كما تبين من السؤال أن هذا الموصى توفى سنة 1918 مصرا على هذه الوصية وأنه ليس له ذرية ولا أقارب ولا ورثة سوى بنت أخيه المذكورة كما أنه لم يترك حين وفاته غير هذه الأطيان الواردة بالوصية وأن بنت أخيه الموصى إليها قد وضعت يدها على جميع هذه الأطيان من وقت وفاة الموصى إلى الآن تديرها وتستولى على ريعها لنفسها ولم ينازعها فى ذلك أحد - وطلب السائل معرفة الحكم الشرعى فى هذه الوصية النسبة للثلاثين فدانا المذكورة هل تعتبر وقفا أو وصية وما يترتب على ذلك من حقوق وآثار
الجواب
إن تصرف هذا المشهد بالنسبة للثلاثين فدانا المسئول عنها تصرف مضاف إلى ما بعد الموت، وحكمه أن يصح له الرجوع فيه قبل وفاته، لكن إن أصر عليه حتى مات كان وصية بالوقف فيثبت به الوقف بالضرورة ويكون من قبيل الوقف المعلن بالموت أو المضاف إليه وهو وصية فى المعنى فيصح له الرجوع عنه كما قدمنا، وإذا مات مصرا عليه نفذ من ثلث تركته فإن خرجت هذه الأطيان من ثلث تركته أو لم تخرج وأجازت الورثة فغلتها للموقوف عليهم وإلا فلهم غلة ما يخرج من الثلث فقط هذا فضلا عن أن الموصى قد بين غرضه فى ورقة الوصية من أنه أراد أن تبقى هذه الأطيان غير قابلة للتصرف فيها كوقف مما يؤكد هذا الحكم، إذ هذا النص كان فى اعتبار هذه الأطيان كلها وقفا لولا إضافته إلى ما بعد الموت، وحيث إن هذا الموصى قد توفى عقب صدور هذه الوصية وهو مصر عليها وليس له من الورثة سوى بنت أخيه الموصى إليها كما جاء بالسؤال فهى صاحبة الشأن فى كل تركته على أى حال - وحينئذ لا داعى للنظر فى تقدير تركته وخروج هذه الأطيان من ثلثها أولا، وفى توقف ما زاد على الثلث على إجازتها وعدمه، إذ لا يظهر أثر لهذا التفصيل والحال ما ذكر وخاصة بعد أن بقيت على قيد الحياة حتى صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات، فبصدوره صار الموقوف من هذه الأطيان سواء أكانت كلها أم بعضها مما يترتب على الإجازة وعدمها ملكا لها طبقا للمادة الثالثة منه، وليس للمستشفى اليونانى حق التعرض لها لأن نوبة استحقاق هذا المستشفى لريع هذه الأطيان لا تأتى إلا بعد انقراض ذرية الموقوف عليها، ووقت العمل بالقانون المذكور كانت هى المستحقة الوحيدة لغلته، فتكون هى صاحبة الحق فى تملك هذه الأطيان دون نظر إلى من يؤول إليه الاستحقاق بعدها - وعلى العموم فإن الثلاثين فدانا المذكورة سواء اعتبرت وقفا أو وصية أو ملكا فهى حق لبنت أخى هذا الموصى المذكورة ولا يجوز لأحد التعرض لها فيها - ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال - والله تعالى أعلم(6/477)
استحقاق فى وقف
المفتي
حسونة النواوى.
رجب 1313 هجرية
المبادئ
أولاد أولاد الواقف وذريتهم مقدمون فى الاستحقاق والنظر على أولاد العتقاء وذريتهم
السؤال
فى واقف وقف وقفة على نفسه أيام حياته، ثم من بعده على أولاده ذكورا وإناثا بالسوية، ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفا على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب السفلى على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل.
فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق مضافا لما يستحقون من ذلك، وعلى أن كل من مات منهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل المتوفى حيا باقيا لاستحق ذلك يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى انقراضهم يكون وقفا على عتقاء الواقف المذكور ذكورا وإناثا بيضا وحبوشا الذكر والأنثى فى ذلك سواء، ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفا على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم على النص والترتيب المشروحين أعلاه إلى انقراضهم يكون ذلك وقفا على جهات بر عينها - وشرط الواقف المذكور فى وقفه هذا شروطا منها أن النظر على ذلك لنفسه ايام حياته، ثم من بعده للحاج أحمد الحدينى ثم من بعده للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف المذكور ثم للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف المذكور ثم للأرشد فالأرشد من من عتقائه وذريتهم ونسلهم وعبهم على النص والترتيب المشروحين أعلاه إلى انقراضهم، يكون النظر على ذلك لأخ الواقف المذكور ثم من بعده للأرشد فالأرشد من أولاده الذكور دون الإناث طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل إلى انقراضهم، يكون النظر على ذلك لمن يكون موجودا من أقارب الواقف إلى انقراضهم، وعند أيلولة ذلك للجهات المذكورة فلمن يكون متحدثا عليها، وحيث إن مستحقى هذا الوقف الآن بنت ابن الواقف وبنت بنت ابنه.
فهل يكون المستحق للنظر على هذا الواقف الأرشد منهما بما أنهما من الذرية والمستحقين لهذا الوقف دون غيرهما.
أو يكون المستحق للنظر أولاد العتقاء الذين ليسوا مستحقين الآن.
أفيدوا الجواب
الجواب
بالاطلاع على هذا السؤال ظهر أن أولاد أولاد الواقف وذريتهم مقدمون فى استحقاق النظر على أولاد العتقاء وذريتهم، وذلك من وجهين الأول - أن الضمير فى قوله وذريتهم بعد قوله للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف ثم للأرشد فالأرشد من العتقاء راجع إلى كل من الأولاد والعتقاء فكأنه قال للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف وذريتهم ثم للأرشد فالأرشد من العتقاء وذريتهم.
وقولهم إن الضمير يرجع لأقرب مذكور محله عند عدم القرينة.
والقرينة موجودة هنا فى عدة مواضع منها أنه نص على تقديم ذرية الأولاد فى نص الاستحقاق وترتيبه.
ومنها أنه أدخل ذرية العتقاء فى النظر وذرية أخيه كذلك، حيث جعل النظر بعد أخيه المذكور للأرشد فالأرشد من أولاده الذكور دون الإناث طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل.
إذ أن قوله طبقة بعد طبقة دل على أن مراده من لفظ أولاد الذرية لا أولاد الصلب فقط، لأنه لو كان مراده أولاد الصلب فقط لكان قوله طبقة بعد طبقة لاغيا، ولا شك أن إعمال كلام الواقف أولى من إهماله وإلغائه وإعماله إنما يكون بحمل الأولاد على ما ذكرنا.
وهذا قرينة على أن عرف هذا الواقف استعمال لفظ الأولاد فى معنى الذرية وقرينة على أن ذرية أولاد الواقف مقدمون فى استحقاق النظر على العتقاء وذريتهم خصوصا وأن الضمير هنا ضمير الجمع وذلك هو الأقرب لغرض الواقف الذى تجب مراعاته، لأنه يبعد أن يكون غرضه إدخال ذرية العتقاء وذرية أخيه فى النظر وحرمان ذرية أولاده منه مع أنهم هم المستحقون الآن لريع الوقف دون العتقاء وذريتهم، الثانى - أن قوله على النص والترتيب المشروحين أعلاه يرجع للكل لأنهم نصوا على أن (على) للشرط حقيقة، وقد تقرر أ، الشرط إذا ذكر بعد جمل متعاطفة يرجع إلى الكل وهذا واضح، فتلخص من هذا كله أن ذرية أولاد الواقف مقدمون فى استحقاق النظر على ذرية العتقاء.
والله أعلم(6/478)
وقف وتقادم
المفتي
حسونة النواوى.
ذو القعدة 1313 هجرية
المبادئ
1 - يمنع الجار من فتح باب أو نوافذ على طرقه مملوكة للوقف كما يمنع من المرور فيها، ولو وضع يده عليها مدة طويلة فللناظر الحالى رفع دعواه بمنعه من ذلك وتكون دعواه مسموعة شرعا لعدم تركها المدة المانعة من سماعها بالنسبة للناظر الحالى.
2 - إذا فتح بابا أو نوافذ على الطرقة المذكورة فللناظر سدها وحيازة الطرقة لجهة الوقف ولا تخرج من يده إلا بوجه شرعى
السؤال
فى رجل كان يملك عقارا من ضمنه بيت قهوة يتوصل منه إلى طرقة يفتح فيها أبواب حواصل، وكل ذلك ملك له بمقتضى حجج شرعية، ووضع يده عليه مدة طويلة، ثم وقفه بمقتضى مكتوب وقفه الشرعى المنصوص فيه على ملكيته لكل ما ذكر والمبين فيه حدود الموقوف بما يشمل تلك الطرقة لحجج الملك الأصلية.
ففتح أحد المجاورين لذلك العقار الذى بابه من طريق آخر باب على تلك الطرقة واستعملها للمرور فى شوال سنة 1278 بغير حق فعارضه ناظر ذلك الوقف الذى هو الواقف، ولكن لم تعلم نتيجة معارضته ومسعاه، وبعد وفاة ذلك الناظر فى سنة 1292 تقريبا تولى النظر بعده آخر وتوفى أيضا فى سنة 1300 تقريبا، وبعده تولى النظر على الوقف المذكور ناظره الحالى من قبل القاضى الشرعى فى شعبان سنة 1306 وسعى فى رفع يد المغتصب فعارضه بأن حق المرور ثبت له بمضى المدة خصوصا وحجة تملكه تشهد بأن بابه يفتح على أرض الوقف المذكور ولم ينته ذلك النزاع بينهما إلى الآن، وقد ظهر أن المغتصب سعى مع رجال الحكومة بدون علم الناظر فى جعل ذلك المم المتنازع فيه من الطرق العامة دون الخاصة، وبالفعل أدخلت الطرقة المذكورة فى جدول صدر الأمر فى سنة 1887 باعتبار ما فيه من الحوارى والشوارع من المنافع العمومية وتنزع ملكيتها بالطرق القانونية فى ذلك.
ولكن لم تنزع ملكية تلك الطرقة للآن فهل والحالة هذه لا يكون للغاصب ولا لمن خلفه فى الملك بالمشترى حق فى تلك الطرقة لا بالملك ولا بالارتفاق مع مضى تلك المدة لأن مضيها ليس سببا من أسباب الملك شرعا ويكون لناظر الوقف معارضته فى فتح الباب المذكور وما أحدثه بعده من الأبواب والشبابيك ومعارضة من خلفه فى الملك بالمشترى، وتسمع منه الدعوى الشرعية بإلزامه بسد ما فتح من الأبواب والشبابيك المذكورة، ولا يكون طول تلك المدة مانعا للناظر الحالى من الدعوى حيث لم يمض عليه كل المدة المانعة من ذلك، ولا يضم لمدته مدة النظار السابقين قبله فى المنع، لأنه لم يكن للناظر الحالى صفة تمكنه من الدعوى الشرعية قبل تنظره وهل للناظر أيضا معارضة نظارة الأشغال فى جعل تلك الطرقة من المنافع العمومية - ولا يجيز على التنازل عنها لجهة الحكومة، ولا يمنع من ذلك صدور الأمر المذكور، حيث إن تلك الطرقة خاصة بجهة الوقف وليس لأحد حق اشتراك فيها ولا حق ارتفاق بها، ويكون حينئذ الغرض بأنها طريق مشترك غلطا.
وهل بغرض ثبوت حق الاشتراك أو الاتفاق فى تلك الطرقة لمن فتح الأبواب والشبابيك المذكورة يكون للناظر أيضا معارضة نظارة الأشغال ومنعها من جعلها من المنافع العمومية حيث إنها على هذا الاعتبار طريق غير نافذ ولو لم يعارض الشريك الآخر أو رغب مارغبته نظارة الأشغال أم كيف أفيدوا الجواب
الجواب
نعم لا يكون لمجاور الطرقة المذكورة ولا لمن خلفه حق ملك ولا ارتفاق ولا فتح أبواب فيها مع طول المدة المذكورة، وحينئذ فللناظر الحجالى على الوقف المذكور أن يرفع دعواه الشرعية على المجاور الواضع اليد الآن بأن تلك الطرقة من الوقف المذكور ويمنعه من فتح الأبواب والمرور فيها، وستمع منه تلك الدعوى لعدم تركه لها المدة المحددة للمنع من سماعها ومتى ثبتت دعواه المذكورة شرعا تكون الطرقة المذكورة خاصة بجهة الوقف ويمنع المجاور المذكور من المرور فيها ويلزم بسد ما فتح عليها من الأبواب، ويجب على الناظر حيازتها لجهة الوقف ولا تخرج من يده بوجه من الوجوه إلا بوجه شرعى، وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال.
والله تعالى أعلم(6/479)
وقف استحقاقى
المفتي
محمد عبده.
ربيع الأول 1341 هجرية
المبادئ
1 - وفاة الواقف بعد أن زرع فى الأرض الموقوفة ببذر من ماله ولم ينضج بعد.
يكون الزرع ملكا له ويورث عنه شرعا. 2 - يلزم الورثة بأجر مثل الأرض الوقف من وقت موت الواقف إلى يوم تسليم الأرض.
إذا انتقل جميع الوقف إلى غير ورثته بموته. 3 - انتقال بعض الوقف إلى الورثة وبعضه إلى غيرهم يلزم الورثة بأجر المثل بالنسبة لما يخص غيرهم من تاريخ الوافة إلى التخلية
السؤال
بإفادة من حضرة معاون دايرة البرنس حسين كامل مضمونها أن البرنسيس جميلة هانم كريمة اسماعيل باشا خديوى مصر كانت - توفيت فى 20 يناير سنة 1896 وكان موجودا فى الأطيان الموقوفة عليها من قبل والدتها الآيلة من بعدها لإخوتها مزروعات شتوية من أصناف القمح والفول والشعير لم يحصل إدراكها، ومن صنف البرسيم الذى أكلت منه المواشى المملوكة لها أول وجه حال حياتها والوجه الثانى والثالث بعد وفاتها، وإن قاضى أفندى مصر قرر دولتلو البرنس حسين كامل باشا أخ البرنسيس جميلة المذكورة ناظرا على الوقف المذكور ودولته وضع يده عليه وصرف المصاريف اللازمة على المزروعات المذكورة التى زرعت حال حياتها للحصول على نموها واستوائها وحصادها ومشالها وحفظها وأ، الحالط داع لمعرفة ما يقتضيه الحكم الشرعى عما يخص كلا من جهة الوقف وتركة البرنسيس المومى إليها فى ذلك وأن الأمل الإفادة عما ذكر
الجواب
بالإطلاع على إفادة حضرتكم المسطورة يمينه المؤرخة بيوم تاريخه ظهر أنه حيث ماتت البرنسيس المومى إليها قبل إدراك القمح والفول والشعير وحصاد الوجه الثانى والثالث من البرسيم وكانت زرعت ذلك حال حياتها لنفسها ببذرها المملوك لها فى الأطيان المذكورة فيكون الزرع ملكا لها يورث عنها شرعا، إنما إذا انتقل جميع الوقف بموتها لغير ورثتها فيلزم الورثة أجر مثل الأرض الوقف من حين موتها إلى وقت تخلية الأرض من الزرع المذكور، أما إذا انتقل بعضه للورثة وبعضه لغيرهم فلا يلزم الورثة من أجر مثل الأرض المذكورة إلا بقدر ما يخص غيرهم فى الوقف المرقوم، وحيث كانت المواشى المذكورة ملكا للبرنسيس المومى إليها فلا شىء فى أكلها من البرسيم المذكور.
والله أعلم(6/480)
ريع الوقف
المفتي
محمد عبده.
رجب 1314 هجرية
المبادئ
1 - إذا ضاق ريع الوقف عن الوفاء بالمبلغ الذى عينه الواقف، فللناظر أن يصرف الريع لمن يبدأ بهم بعد العمارة.
2 - عودة الريع كما كان عليه لا يقتضى الصرف لمن لم يصرف لهم عما مضى، ولكن يكون الصرف إليهم من تاريخ كفاية الريع ويكون ذلك لجميع من عينه الواقف.
3 - إذا بقى بعد ذلك شىء يصرف منه على جميع من عينه الواقف المشروط بشرطه.
4 - للناظر بعد ذلك تعيين من يرى تعيينه فى الوظائف الخالية لمن يقوم بها ولا يستحق المعين إلا من وقت مباشرته العمل.
5 - ما فضل بعد ذلك كله يكون للعتقاء عملا بشرط الواقف
السؤال
من ناظر وقف المرحوم خليل أغا بما صورته - ما قولكم دام فضلكم فى واقف وقف زاوية وتكية ومكتبتين عربى وتركى ومدرسة ووقف أماكن وأطيانا، وذكر أنه يصرف كل سنة من ريع الأماكن والأطيان المذكورة بعد العمارة مبلغ معلوم لخيرات شرطها بما فيها الوظائف المتعلقة بالزاوية والتكية والمكتبتين والمدرسة المذكورين والوظائف المتعلقة بمسجد آخر على الوجه الذى عينه، ونص على أن الفاضل بعد المبلغ المذكور من الريع المذكور يستغله لنفسه أيام حياته ثم من بعده يصرف لعتقائه بيضا وسودا وحبوشا ذكورا وإناثا بالسوية بينهم، وجعل مال وقفه المذكور لجهة بر لا تنقطع، ثم بماله من شرط الاستبدال فى هذا الوقف استبدل بعض الموقوف المذكور بنقود ليشترى بها أطانا أو عقارات تكون وقفا مكان المستبدل المذكور، ثم مات الواقف قبل شراء ذلك وضاق بسبب ذلك ريع الوقف المذكور على الوفاء بالمبلغ الذى عينه للخيرات المذكورة، ثم بعد أيلولة النظر من بعده للنظار الذين عينهم على حسب شرطه اشتروا بتلك النقود أطيانا لجهة الوقف بدلا عما استبدله الواقف، وعاد بسبب ذلك ريع الوقف كما كان، ثم فى حالة ضيق الريع كما ذكر صرف أحد النظار المذكورين ما كان موجودا حينئذ فى الريع لأرباب الوظائف الموجودين وقت ذلك ممن يبدأ بالصرف لهم بعد العمارة ولم يصرف شيئا لباقى الوظائف لعدم تعيين أحد بها وعدم وجود ريع يصرف لها، كما أنه لم يصرف شيئا لغير ذلك لعدم وجود ريع أيضا حينذاك، ولا للعتقاء لعدم بقاء شىء من الريع يصرف لهم.
فهل ما أجراه الناظر المذكور من الصرف على الوجه المسطور فى محله أم لا.
وهل من وقت أن صار الريع كافيا لجميع ماعينه الواقف بعد العمارة وفضل عن ذلك لا يصرف منه شىء عما مضى وفقط يصرف منه جميع ما عينه الواقف من المبلغ المذكور للخيرات التى شرطها، ويعين الناظر فى الوظائف الخالية من يقوم بتأديتها، ولا يأخذ من يعين ما هو مشروط له إلا من وقت تعيينه وأداء وظيفته وما فضل بعد ذلك يكون للتعقاء عملا بنص الواقف المذكور أفيدوا الجواب
الجواب
حيث ضاق ريع الوقف وصرف الناظر لمن يبدأ بهم بعد العمارة على الوجه المذكور كان الصرف فى محله ولا يصرف بعد أن عاد الريع كما كان شىء عما مضى، سواء فى ذلك الوظائف وغيرها، ومن وقت أن صار ذلك الريع كافيا لجميع ما عينه الواقف بعد العمارة وفضل عن ذلك يصرف منه جميع ما عينه الواقف على الوجه الذى شرطه، ويعين الناظر فى الوظائف الخالية من يقوم بها ولا يستحق من يعين ما هو مشروط له إلا من وقت تعيينه ومباشرته للعمل، وما فضل بعد ذلك يكون للعتقاء عملا بشرط الواقف المذكور - وهذا حيث كان الحال ما هو مسطور بالسؤال، ولا منافاة بين ما ذكر وبين ما سبق الافتاء به منا فى 25 رجب سنة 1313 رقم 25 فتاوى، لأن محله ما إذا كان ريع السنين الماضية فى يد الناظر الحالى والمصرف موجود والمستحق موجود بخلاف ما هنا.
والله تعالى أعلم(6/481)
وقف على طلبة العلم بالجامع الأحمدى
المفتي
محمد عبده.
ذو الحجة 1314 هجرية
المبادئ
1 - يثبت الخيار لطلبة العلم فى صرف المعين لهم نقدا أو قيمته جراية 2 - يجب توزيع المستحق على جميع الطلبة إذا كانوا يحصون من غير إجحاف كشرط الواقف، فإن كانوا لا يحصون صرف الريع لبعضهم ومالا يحصى مفوض إلى رأى الحاكم
السؤال
بإفادة من حضرة إبراهيم بك مضمونها أن رجلا وقف أطيانا له بناحية كفر العرب دقهلية وبعد أن وجه من صافى ريعها ماوجه لمن سماهم بكتاب وقفه قال فيه ما نصه (والباقى يوزع) كما يأتى فأما الثلث ثمانية قراريط من ذلك يقسم على أربعة وعشرين جزءا على ثمانية أجزاء تصرف على طلبة العلم الشريف بالجدامع الأحمدى من كل عام على الاستمرار برأى الناظر الأصلى على الوقف المذكور ورأى من يكون شيخا على أهل العلم بالجامع المشار إليه حسبما يؤدى إليه اجتهادهما من غير إجحاف) فهل ماذكر يحتم صرف ذلك نقدا أو يمكن صرفه جراية لأولئك الطلبة على دائر شهور العمالة بالجامع المذكور، وهل ذكر الصرف على طلبة العلم لهذا الجامع يحتم الصرف لكل طالب علم بالجامع الأحمدى بدون استثناء أو يمكن الاستثناء بمعتى تخصيص أناس من الطلبة دون الآخرين أم كيف نرجو التفضل بالجواب
الجواب
الخيار لهؤلاء الطلبة فى صرف المعين لهم نقدا أو صرف جراية بقيمته وتوزيع ذلك على جميعهم يكون على حسب ما يؤدى إليه اجتهاد ناظر الوقف وشيخ الجامع الأحمدى من غير إجحاف بناء على ما شرطه الواقف وهذا إذا كان الطلبة المذكورون يحصون، أما إن كانوا لا يحصون صرف ذلك لبعضهم، وما لا يحصى مفوض إلى رأى الحاكم كما عليه الفتوى.
والله أعلم(6/482)
وقف استحقاقى
المفتي
حسونة النواوى.
ذو القعدة 1315 هجرية
المبادئ
1 - المصادقة على استحقاق نصيب معين لازمة ويعمل بها ولو خالفت شرط الواقف مادام المتصادقون أحياء.
2 - يموت المصادق تبطل المصادقة وتنقل الحصة المصادق عليها إلى ما بعده ممن شرط الواقف، لأن إقراره حجة قاصرة على نفس المقر.
3 - يموت المصادق له لا تبطل المصادقة ولا ترجع بموتح الحصة المصادق عليها إلى المصادق لإقراره بأنها ليست له وتنتقل إلى المساكين لعدم وجود من يستحقها.
4 - بموت المصادق له عن ولد ينتقل ما يستحقه قبل المصادقة لولده.
وما كان يستحقه بالمصادقة (الزيادة) يرجع إلى المساكين
السؤال
فى شخص يدعى حسن بن عبد الله معتوق الحاج عبد الله الشامى الشهير بالمهدى - وقف حال حياته ما يملكه من الأماكن على ما يبين فيه فالنصف اثنا عشر قيراطا من ذلك على أولاده الذين كانوا موجودين حال حياته وسماهم وعلى من سيوجده الله له من الأولاد ذكورا وإناثا بالسوية بينهم، ثم من بعد كل منهم على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريتهم ثم على نسلهم ثم على عقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق مضافا لما يستحقونه من ذلك، فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم، وعلى أن من مات منهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشىء من منافعه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحق أن لو كان حيا يتداولون ذلكبينهم كذلك إلى حين انقراضهم، فإذا انقرضوا كان ذلك وفقا مصروفا ريعه على عتقاء أولاد الواقف المذكورين أعلاه ذكورا وإناثا بالسوية بينهم مع مشاركة عتقاء الواقف الآتى ذكرهم فيه، والنصف الثانى اثنا عشر قيراطا باقى الوقف المذكور يكون وقفا على عتقاء الواقف المذكور والموعود بذكرهم مع مشاركة عتفاء الواقف وعتقاء أولاده المذكورين على أولادهم ثم على أولاد أولادهم ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ثم على نسلهم ثم على عقبهم طبقة بعد طبقة على النص والترتيب المشروحين أعلاه وعلى أنه إذا انقرض عتقاء الواقف وأولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم وعتقاء أولاده وذريتهم ونسلهم وعقبهم ولم يبق منهم أحد مع وجود ذرية عتقاء الواقف أو ذرية عتقاء أولاد الواقف المذكورين أو أحد منهم يكون مستقلا بكامل الوقف المذكور، فإذا انقرضوا جميعا يكون ذلك وقفا على عتقاء عتقاء الواقف المذكورين وعتقاء عتقاء أولاده ذكورا وإناثا بالسوية بينهم، ثم وثم على النص والترتيب المشروحين أعلاه إلى انقراضهم فإذا انقرضوا يكون ذلك وقفا ملحقا بوقف معتق الواقف المذكور هو الحاج عبد الله الشامى الشهير بالمهدى حكمه كحكمه وشرطه كشرطه، وشرط الواقف المذكور شروطا بينها بكتاب وقفه لذلك المسطر من الباب العالى بمصر المؤرخ فى 8 شوال سنة 1148 وأن الواقف المذكور مات بعد ذلك وأعقب أولادا ذكورا وإناثا ومات كل منهم عن غير عقب ولم يكن لأولاده المذكورين عتقاء ولاذرية عتقاء، وانحصر ريع الوقف المذكور استحقاقا فى عتقاء الواقف المذكور السبعة هم حسن الكبير وحسن الصغير واحمد يوسف وكلفدان الأبيض الجركسى كل منهم وفرج وزينب كل منهم بالسوية ثم ماتت زينب المذكورة عن غير عقب وكذلك فرج وكلفدان المذكوران ماتا عن غير عقب، ثم مات حسن الصغير المذكور وأعقب ولده مصطفى العقاد ولم يعقب غيره، ثم مات حسن الكبير المذكور وأعقب أنثى تدعى أمونة ولم يعقب غيرها، ثم مات يوسف المذكور وأعقب ولده حموده ولم يعقب غيره، ثم مات احمد معتق الواقف المذكور وأعقب ولده اسماعيل ولم يعقب غيره، ثم مات مصطفى العقاد المذكور ابن حسن الصغير المذكور معتق الواقف المذكور وأعقب ابنة بنته ولم يعقب غيرها، ثم ماتت أمونة المذكورة بنت حسن الكبير المذكور معتق الواقف المذكور وأعقبت ولدها أحمد الشبكشى ولم تعقب غيره، ثم مات حمودة المذكور ابن يوسف المذكور معتق الواقف المذكور وأعقب ابنته زنوبة، ثم مات اسماعيل المذكور ابن احمد المذكور معتق الواقف المذكور وأعقب ولده الشيخ مصطفى الساعاتى، ثم ماتت زنوبة المذكورة بنت حمودة المذكور ابن يوسف المذكور معتق الواقف المذكور ولم تعقب أولادا، ثم صدق كل من أحمد الشبكشى وبنيه المذكورين للشيخ مصطفى الساعاتى المذكور على أنه يستحق نصف ريع الوقف المذكور وأنهما يستحقان النصف الآخر سوية بينهما وصدقهما على ذلك وصاروا يقتسمون ريع الوقف المذكور على هذا الوجه مدة، ثم توفى الشيخ مصطفى الساعاتى الذكور وأعقب ابنه حافظ الساعاتى ولم يعقب غيره فتصادق كل من أحمد الشبكشى وبنيه المذكورين مع حافظ الساعاتى المذكور على أن حافظ الساعاتى المذكور يستحق عشرة قراريط فى ريع الوقف المذكور وهما يستحقان باقين أربعة عشر قيراطا سوية بينهما وصاروا يقتسمون الريع المذكور على هذا الوجه مدة، ثم توفى أحمد الشبكشى المذكور وأعقب أولادا ثلاثة إبراهيم وأمونة وزنوبة، ثم ماتت أمونة عن أخويها المذكورين، ثم توفى حافظ الساعاتى المذكور وأعقب أولادا ثلاثة رضوان وحسن وحافظ ولم يعقب غيرهم فما هو نصيب كل واحد من هؤلاء الأحياء فى الوقف، وهل كل واحد توفى عن ولد ينتقل نصيبه إلى ولده أم لا أفيدوا الجواب
الجواب
بانحصار الوقف المذكور فى أولاد أولاد العتقاء المذكورين وهم نبيهة بنت مصطفى بن حسن الصغير معتق الواقف وأحمد الشبكشى بن أمونة بنت حسن الكبير معتق الواقف ومصطفى الساعاتى بن إسماعيل بن أحمد معتق الواقف يقسم ريع هذا الوقف سوية بينهم عملا بالشرط، وحيث صدق كل من أحمد ونبيهة المذكورين على أن مصطفى الساعاتى يستحق النصف وهما يستحقان النصف الآخر سوية بينهما وصدقهما على ذلك عمل بالمصادقة المذكورة ولو خالفت شرط الواقف ما داموا أحياء لما صرح به فى التنقيح وغيره من أن المصادقة صحيحة مادام المصادق والمصادق له حيين، فلو مات المصادق تبطل المصادقة وتنتقل الحصة المصادق عليها إلى من بعده ممن شرطه الواقف، لأن إقراره حجة قاصرة على نفسه، ولو مات المصادق له لا تبطل المصادقة بمعنى أنه لا ترجع الحصة المصادق عليها إلى المصادق لإقراره بأنها ليست له فترجع إلى المساكين لعدم من يستحقها.
وحينئذ فبموت مصطفى الساعاتى المصادق له المذكور عن ولده حافظ ينتقل إليه نصيب أبيه المذكور الذى كان يستحقه قبل هذا التصادق وهو الثلث والسدس الذى هو باقى ما صودق له عليه يرجع إلى المساكين ولا شىء منه للمصادقين المذكورين لبقاء الإقرار بالنسبة لهما فيأخذان النصف الذى كانا يأخذانه قبل موت المصادق له المذكور، وبموت أحمد الشبكشى المذكور عن أولاده إبراهيم وأمونة وزنوبة انتقل ما يستحقه بشرط الواقف وهو الثلث إليهم سوية بينهم لبطلان المصادقة بموته، وبموت أمونة المذكورة عن أخويها المذكورين انتقل نصيبها من ذلك إليهما سوية بينهما، وبموت حافظ بن مصطفى الساعاتى المذكور عن أولاده رضوان وحسن وحافظ انتقل نصيبه المذكور إليهم بالسوية، وما دامت نبيهة المصدقة المذكورة حية تعامل بتصديقها المذكور بمعنى أنها لا تأخذ سوى الربع فى هذا الريع، فإذا ماتت بطل تصديقها وانتقل نصيبها الذى تستحقه بالشرط وهو الثلث إلى من بعدها ممن شرطه الواقف، وبالجملة فان الريع المذكور قد انحصر الآن فى ولدى أحمد الشبكشى المذكور بحق الثلث سوية بينهما وفى أولاد حافظ المذكور بحق الثالث الثانى، وفى نبيهة المذكورة بحق الربع، وفى المساكين بحق نصف السدس باقى ذلك، وهذا حيث كان الحال ما ذكر بالسؤال وكان التصديق المذكور بلا مقابلة شىء.
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/483)
وقف استحقاقى
المفتي
حسونة النواوى.
ربيع الأول 1316 هجرية
المبادئ
1 - ما عين من الوقفين لصرفه فى مصالح وشعائر مسجد معين يكون بمثابة وقف واحد لاتحاد الجهة ويسوغ للناظر عليهما خلط غلتهما كلها.
2 - للناظر أن يصرف المعين المذكور فى المصالح والشعائر المذكورة، وإن لم يف بها فيكمل من الأوقاف الأخرى، وما بقى بعد ذلك يشترى به مستغل للمسجد المذكور.
3 - للناظر أن يصرف من ريع الوقف الأول فيما ذكره الواقف، مما لا يعد من المصالح والشعائر - حسب شرطه - وأن يقيم المبالغ المشروط صرفها بالعملة الرائجة وقت صرفها.
4 - خلو الوقف من ناظر يقتضى رجوع مرتبه لأصل الغلة.
5 - ما تأخر صرفه من المرتبات ووجد المستحق له صرف إليه وإلاصرف إلى الفقراء وما تأخر صرفه فى ثمن زيت وزجاج وخلافه يصرف للفقراء
السؤال
فى واقف وقف وقفا على أن يصرف من ريعه على مسجده فى كل سنة من سنى الأهلة 15360 نصفا فضة من الأنصاف العددية الديوانية فما يصرف للناظر الأصلى على الوقف 3000 وللناظر الحسبى 1000 وللمباشر 720 وللجابى 360 وللامام 720 وللخطيب 660 وللمرقى 120 ولمستقبل الدكة يوم الجمعة 120 ولمؤذنين اثنين سوية 920 وللفراش والكناس 360 وللوقاد 360 وللبواب 360 ولسواق الساقية وخادم الثور 720 ولخادم المطهرة 360 ولمزملاتى الصهريج 360 ولفقيه المكتب 360 وللعريف 180 ولخمسة أنفار فقهاء 300 سوية ولقراءة البردة 2400 ولمنشدى الواقف 480 ويصرف للتوسعة للامام 60 وللمؤذنين 80 وللفراش والوقاد بالسوية 120 ويصرف لعشرة أنفار بالمكتب نظير جرايتهم 600 وعلى أن يصرف من ريع الوقف المذكور سنويا فى ثمن زيت وقود لسائر الأيام وفى الليالى الشريفة وشهر رمضان وفى ثمن زجاج وسلاسل وأحبال وجمع اسكندرانى وحصر للمسجد وماء عذب للصهريج وفول وتبن وبرسيم لثور الساقية وفى مصرف مولد الأستاذ الواقف سنويا وفى كسوة اليتام والفقيه والعريف بالمكتب وفى آلة الساقية المذكورة وثمن طوانيس وقواديس وحلف سنويا وفى آلة الصهريج من سلب وأدلية وكيزان وغير ذلك وفى أجرة نجار الساقية حسب الواقع فى كل زمن بحسبه، ويصرف ذلك الناظر المذكور بالحظ والمصلحة، وما بقى بعد ذلك يستغله الواقف لنفسه أيام حياته ومن بعده على أولاده ذكورا وإناثا بالسوية بينهم، ثم من بعد كل منهم على أولاده وذريتهم، ثم وقف غيره وقفا على ان يصرف ريعه فى مصالح ومهمات وإقامة الشعائر الإسلامية بالمسجد المذكور، وآخران وقفا وقفا على أن يصرف ريع وقفهما على مصالح ومهمات وشعائر المسجد المذكور، وآخر وقف وقفا على أن يصرف ريعه فى مصالح المسجد المذكور وآخر وقف وقفا على أن يصرف نصف ريعه فى غقامة شعائر ومصالح ومهمات المسجد والضريح المذكورين، وآخر وقف وقفا على ان يصرف ريع ثلثه فى إقامة شعائر المسجد والضريح المذكورين وعلى صهريج ومطهرة المسجد المذكور وفى قراءة ربعة شريفة كل يوم تجاه الضريح المذكور خمسة أجزاء لكل نفر فى كل شهر 15 نصف فضة، والنظر على الأوقاف المذكورة لشخص واحد - فما يجريه الناظر - فهل تعتبر الأوقاف المذكورة جميعها كأنها وقف واحد حيث هى متحدة الجهة، ولناظر الأوقاف المرقومة صرف جميع المشروط من ريعها بنسبة ريع أصل كل وقف أو منها ما لا يعد من مصالح ومهمات وشعائر المسجد المذكور، وإذا كان كذلك، فهل يصرف ما لايعد من ريع أصله وما بقى يضم لباقى الأوقاف المتحد صرفها على ما ذكر أو منها ما هو مقدر ومعين فيخرج من ريع أصله وما بقى يضم كما ذكر، وإن كان المبلغ المقدر لم يف بالمرتبات.
هل يجوز تكميله من باقى الأوقاف المتحدة فى الصرف على الشعائر والمهمات والمصالح أم لا، وهل الأنصاف الفضة المشروط صرفها فى الوقف الأول تعتبر بحسب المتعارف فى أن كل أربعين نصفا فضة منها بقرش واحد صاغا أو بحسب قيمتها الآن، وما هى القيمة إن كانت تعتبر وحيث إن الوقاف الأول شرط النظر الحسبى على وقفه لزوج بنته مدة حياته ولم ينص على من يكون بعده ناظرا حبيا وقد شرط للناظر الحسبى مبلغا معينا فهل بموته يصرف مرتبه للفقراء أو يضم لباقى غلة الوقف المستحق للمستحقين وإذا كان تأخر صرف شىء مما شرط صرفه فى أوقات معينة وقد فاتت هل يصرف ما كان يصرف لها للفقراء أم كيف أفيدوا الجواب
الجواب
حيث كان الحال ما ذكر بالسؤال فيكون ما عين الواقف الأول صرفه من الأنصاف الفضة فى مصالح وشعائر المسجد المذكور وما وقفه بعده الواقفون المذكورون على المصالح والشعائر المذكورة بمثابة وقف واحد لاتحاد الجهة، ويسوغ للقيم على ذلك خلط غلتها كلها لما فى الأنقروية مسجد له أوقاف مختلفة لا بأس للقيم أن يخلط غلتها وإن خرب حانوت منها فلا بأس بعمارته من غلة حانوت آخر لأن الكل للمسجد سواء كان الواقف واحدا أو مختلفا لأن المعنى يجمعها انتهى - ومثله فى رد المختار وللناظر أن يصرف المعين المذكور فى المصالح والشعائر المذكورة، وإن لم يف بها هذا المعين المذكور فى المصالح والشعائر المذكورة، وإن لم يف بها هذا المعنى فيكمل من المشروط صرفه لذلك من الأوقاف الأخرى، وما بقى من ذلك يشترى به مستغل للمسجد المذكور.
لما فى المحيط البرهانى من أن الفاضل من وقف المسجد لا يصرف إلى الفقراء ولكن يشترى به مستغل للمسجد.
وفى الأشباه والأنقروية والمهدية ما يفيد ذلك، وللناظر أيضا أن يصرف من ريع الوقف الأول فيما ذكره الواقف مما لا يعد من المصالح والشعائر على حسب شرطه، وذلك كفقيه المكتب والعريف والفقهاء وقراء الأحزاب والبردة ومنشدى الواقف ونحو ذلك مما ليس من المصالح والشعائر، وأن ينظر إلى قيمة الأنصاف الفضة المذكورة فى زمن الواقف ويصرف ما يقوم مقامها من العملة الرئجة الآن كما فى فتاوى الحانوتى، وحيث إن قيمة الألف نصف فضة من الريال الأبى مدفع فى زمن الواقف كانت أحد عشر ريالا وتسع ريال باعتبار أن قيمة الريال تسعون نصفا فضة كما هو المتعارف فيصرف لمستحقى الألف نصفه فضة الأحد عشر ريالا وتسع المذكورة إن كانت رائجة وإلا يصرف له ما يقوم مقامها من العملة الرئجة الآن، وبخلو الوقف من الناظر الحسبى يرجع مرتبه لأصل الغلة كما يؤخذ من الإسعاف وما تأخر صرفه من المشروطات المذكورة فإن كان من قبيل ما هو مشروط للامام والخطيب ونحوهما ووجد المستحق لذلك بالوجه الشرعى صرف إليه وإلا صرف للفقراء، وإن كان من قبيل ما هو مشروط لثمن الزيت والزجاج والماء ونحوها فيصرف للفقراء لما فى القنية وقف مستغلا على أن يضحى عنه من غلته كذا شاة كل سنة وقفا صحيحا ولم يضح القيم عنه حتى مضت أيام النحر يتصدق به.
والله أعلم(6/484)
وقف استحقاقى
المفتي
حسونة النواوى.
رمضان 1316 هجرية
المبادئ
1 - وقف الصواوين التى تقام بالمولد صحيح مادام ذلك معروفا وجرى به التعامل على ذلك.
2 - الوقف على الصيوان يعتبر من عموم ريع الوقف ويجب اعتبار شرط الواقف فى ذلك
السؤال
رجل له صيوان ينصب بالمولد الأحمدى فى كل عام، وقد وقف هذا الرجل وقفا شرط فيه شروطا منها قوله وكذلك ما يصرف بالصيوان المنسوب للواقف المعد لإقامته فى مولد سيدى أحمد البدوى من ثمن طعام وشراب وما يلزم للواردين والمترددين لذلك الصيوان فى زمن المولد حسب المعتاد يعتبر من عموم ريع الوقف المذكور، فهل يكون وقف الصيوان صحيحا حيث تعورف وقف الصواوين، ويصرف ما شرطه الواقف بذلك الصيوان فى زمن المولد المذكور على الوجه الذى عينه أم كيف
الجواب
حيث شرط الواقف أن ما يصرف بالصيوان المنسوب له المعد لإقامة فى المولد المذكور من ثمن طعام وشراب وما يلزم للواردين والمترددين بذلك الصيوان فى زمن المولد حسب المعتاد يعتبر من عموم ريع وقفه فيجب اتباع شرطه، وإذا كان الصيوان المذكور موقوفا وتعورف وقف الصواوين وجرى فيها التعامل فيكون وقفه صحيحا.
والله أعلم(6/485)
الوقف على ثور الساقية
المفتي
حسونة النواوى.
رمضان 1316 هجرية
المبادئ
إذا شرط الواقف صرف علف لثور الساقية، فليس للناظر الامتناع عن صرفه، مادامت الساقية المذكورة تدار بالثور - كما كانت زمن الواقف
السؤال
فى واقف وقف وقفا وشرط فيه شروطا.
منها أن الناظر على هذا الوقف يدفع كل سنة ثمانية أرادب فول لناظر التكية لعلف ثور الساقية الكائنة بالتكية مادامت هذه الساقية بهذه الكيفية من ابتداء التاريخ الذى عينه، وهذه الساقية موجودة للآن بالتكية المذكورة بالكيفية التى كانت عليها زمن الواقف وجارى إدارتها بالثور والانتفاع بمائها فى التكية المذكورة والناظر على هذا الوقف ممتنع الآن من دفع المشروط المذكور لناظر التكية المذكورة متعللا بأن الساقية لم تكن الآن على الكيفية المذكورة بسبب قلة استعمال مائها، نظرا لإدخال مواسير مياه بالتكية، والحال أن الساقية المذكورة موجودة بهذه الكيفية ودائمة الإدارة بالثور وحاصل الانتفاع بمائها بالتكية.
فهل مادامت تلك الساقية موجودة ودايرة وإدارتها مستمرة بالثور بالكيفية المذكورة لا يكون لناظر الوقف المذكور الامتناع من صرف ذلك المشروط لناظر التكية المذكورة، ولا يفيده تعلله بإدخال المواسير المذكورة أم كيف
الجواب
حيث كانت الساقية المذكورة موجودة بالكيفية التى كانت عليها ومن الواقف، وجار إدارتها بالثور والانتفاع بمائها فى التكية المذكورة، فليس لناظر الوقف المذكور الامتناع من صرف ما شرطه الواقف لعلف الثور المذكور لناظر التكية المذكورة، عملا بشرط الواقف لوجوب العمل به واتباعه، ولا يمنع من ذلك إدخال المواسير المذكورة، وهذا حيث كان الحال ما هو مسطور بالسؤال.
والله أعلم(6/486)
وقف استحقاقى
المفتي
حسونة النواوى.
ذو القعدة 1316 هجرية
المبادئ
سكوت الواقف عن بيان الاستحقاق عند انقراض ذرية أولاده أو أحدهم يجعل الوقف من قبيل منقطع الوسط ويصرف نصيب من انقرض إلى الفقراء، فإذا انقرضوا جميعا يصرف كل الريع فى المصالح التى عينها الواقف
السؤال
فى أخوين مشتركين فى أماكن وقفاها، وأنشأ كل منهما وقفه لحصته على أولاده ذكورا وإناثا بالسوية، ثم من بعد كل منهم على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة العليا منهم تحجب السفلى من نفسها دون غيرها يستقل به الواحد منهم إذا انقرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم، فإن لم يعقب أحدهم ذرية كانت حصته وقفا على أولاد أخيه المذكور وذريتهم ونسلهم وعقبهم على النص والترتيب المشروحين أعلاه، يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين، يكون ذلك وقفا على أولاد عميهما، ثم من بعد كل منهم على أولاده وذريته ونسله وعقبه على النص والترتيب المشروحين أعلاه إلى حين انقراضهم أجمعين يكون ذلك وقفا مصروفا ريعه على مصالح ومهمات وإقامة شعائر زاوية ومقام وضريح سيدى محمد الشلبى الكائن مقامه وضريحه بأحد أعيان الوقف المذكور، فإن تعذر لذلك صرف ريع ذلك للفقراء والمساكين والأرامل والمنقطعين أينما كانوا وحيثما وجدوا، وقد مات كل من الواقفين عن أولاد ومات أيضا أولاد أعمام الواقفين وانقرضت ذريتهم قبل انقراض ذرية كل من الواقفين، وانقرضت أيضا ذرية أحد الواقفين، والموجود الآن الطبقة الرابعة وأولادها والخامسة وأولادها والسادسة وأولادها من ذرية الواقف الثانى.
فهل ينتقل وقف الواقف المتوفى الذى انقرضت ذريته إلى أولاد أخيه الواقف الثانى المذكور وذريتهم أولا وإذا كان ينتقل إليهم فهل يكون انتقاله على النص والترتيب المشروحين أعلاه أولا وإذا كان لا ينتقل إليهم هل يصرف على زاوية ومقام وضريح الشيخ محمد الشلبى كما ذكر أو يصرف على الفقراء والمساكين أفيدوا الجواب ولكم من الله الثواب
الجواب
حيث سكت كل من الأخوين الواقفين المذكورين عن نصيب عقبه إذا أعقب وانقرض عقبه فيكون من قبيل منقطع الوسط، وعليه فيصرف نصيب أولاد أحدهما وذريته الذين انقرضوا إلى الفقراء مادام واحد من لأأولاد الأخ الثانى وذريتهم ونسلهم وعقبهم باقيا، فإذا انقرضوا ولم يبق منهم أحد يصرف ما كان يصرف لهم وللفقراء للمصالح والمهمات وإقامة الشعائر التى نص عليها الواقف.
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/487)
وقف مطلق على أقارب الواقف
المفتي
محمد عبده.
شعبان 1373 هجرية
المبادئ
إطلاق الواقف الاستحقاق على أقاربه يدل على إرادته عدم حرمان أحد منهم إلا ما دل عليه لفظ ثم من الترتيب بين الوالد وولده
السؤال
فى رجل اسمه الحاج محمد وقف وقفه على نفسه، ثم من بعده يكون ذلك وقفا على ولد أخيه المرحوم أحمد هو الحاج سعودى، ثم من بعده يكون ذلك وقفا على كل من الحرمة جميلة بنت الحاج أحمد والحرمة سليمة بنت على سوية بينهما، ثم من بعد كل منهما على الأخرى، ثم من بعدهما على أقارب الواقف المذكور وهم عقبه ثم من بعدهم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم إلى حين انقراضهم، يكون ذلك وقفا مصروفا ريعه فى عمل مولد بمقام سيدى أحمد البدوى إلى آخر ما ذكره الواقف المذكور، وتحرر بذلك حجة شرعية من الباب العالى بمصر مؤرخة فى 4 صفر سنة 1198 ثم توفى الواقف المذكور بعد ذلك وآل وقفه لابن أخيه أحمد المذكور هو الحاج سعودى المذكور، ثم توفى الحاج سعودى المذكور وآل الوقف المذكور من بعده للحرمة جميلة والحرمة سليمة المذكورتين ثم توفيتا بالتعاقب وآل الوقف المذكور من بعدهما لعثمان ابن الواقف الذى لم يكن موجودا وقت ذلك من عصبة الواقف سواه، واستمر واضعا يده على الوقف المذكور لانحصاره فيه وقفا واستحقاق بمقتضى شرط الواقف المذكور، ثم توفى عثمان المذكور وأعقب بنتين فاطمة وخديجة، ثم توفيت فاطمة إحدى البنتين المذكورتين عن بنتيها زنوبة وصديقة، ثم توفيت صديقة عن أولادها الثلاثة هم محمد أمين نديم وموسى أمين وفطومه بنت محمد أمين من غير شريك فهل تكون الست خديجة بنت عثمان المذكور هى المستحقة للوقف المذكور بمفردها أم يشاركها الموجودون من ذرية أختها المرحومة فاطمة وهم بنتها زنوبة وأولاد بنتها الأخرى صديقة الثلاثة المذكورون، وإذا كانوا مشاركين لها فما مقدار نصيب كل منهم أفيدوا الجواب
الجواب
حيث إن الواقف جعل الوقف بعد جميلة وسليمة على أقاربه وهم عصبته، وعنون عمن يئول إليه الاستحقاق بعنوان الأقارب، فهو لم يلاحظ فى الاستحقاق إلا هذا العنوان مع قيد العصبة، ثم جعله بعد الأقارب العصبة إلى أولادهم، ولفظ من بعدهم على أولادهم يحتمل التوزيع أى أنه يكون من بعد كل منهم على ولده، ويحتمل أنه لا يكون إلى أولادهم إلا بعد انقراض جميعهم، وقد ظهرت عدم عناية الواقف بترتيب الطبقات فى قوله على أقارب الواقف من عصبته بدون ترتيب، وأيد ذلك أنه لم يذكر الطبقات ولا البطون، بل أرسل الكلام فى المستحقين إرسالا، فهذا يدل على أنه لا يريد حرمان أحد من أقرابه بعد من سماهم إلا ما دل عليه لفظ ثم من الترتيب بين الوالد والولد، فالذى ؤخذ من كلام هذا الواقف أن كل ولد يأخذ ما يستحقه والده بعد موته، وما يذكره المفتون فى وقائع أخرى صرح فيها بالطبقات أو البطون أو لم توجد فيها مثل هذه القرائن لا يعكر على ما قلنا وعلى ذلك فلا تنفرد خديجة بريع الوقف بل يشاركها الباقون على ان يأخذ الأولاد نصيب من مات من والديهم لا غير، وحينئذ يكون لخديجة النصف ولزنوبة وصديقة نصيب أمهما فاطمة وهو النصف مناصفة بينهما، وبموت صديقة ينتقل نصيبها وهو الربع لأولادها الثلاثة الذين هم محمد وموسى وفطومة سوية بينهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم(6/488)
وقف أم ملك
المفتي
محمد عبده.
شعبان 1317 هجرية
المبادئ
يجوز الحكم بثبوت أصل الوقف بناء على البينة السماعية، ويكون صحيحا نافذا أما شروط الوقف، فلا تقبل فيها البينة السماعية، ولا يصح الحكم بمقتضاها
السؤال
فيمن مات وترك عقارا وأولادا، ثم بعض الأولاد ادعى أن العقار ملك وليس بوقف، والبعض الآخر ادعى أنه وقف وترافعا بين يدى الحاكم الشرعى، وأقام مدعى الوقف بينة تشهد بين يدى الحاكم المذكور بالسماع من ثقاة بلغت حد التواتر، فقالت إنا سمعنا من الثقاة أن فلانا وقف عقاره فى حياته عفى أولاده ثم على أولاد ثم وثم، وشرط شروطا منها أن العليا تحجب السفلى ومنها كذا ومنها كذا إلى آخر الشروط، وحكم احاكم الشرعى إذ ذاك بموجب هذه الشهادة بثبوت أصل الوقف وشروطه.
فهل تثبت الشروط بالشهادة بالسماع كما يثبت بها أصل الوقف وينفذ حكم الحاكم فى الشروط كما ينفذ فى ثبوت أصل الوقف أو لا أفيدوا الجواب
الجواب
قد اطلعنا على الحكم الصادر فى هذه المسألة، فوجدنا أن الطريقة التى أديت بها الشهادة مما لا يصح معه قبولها بالتسامع على شروط الوقف، لأن الشروط إذا لم يثبت العمل بها ولم تتصل بوقت الشهادة لا يسهل العلم بها من طريق التواتر أو النقل الموثوق به، ولهذا يكون حكم القاضى بالشروط غير جار على قاعدة شرعية، فلا يكون صحيحا ولا ينفذ إلا فى أصل الوقف والله سبحانه وتعالى أعلم(6/489)
وقف وميراث ودين
المفتي
محمد عبده.
شوال 1317 هجرية
المبادئ
1 - لا يجوز بيع عين من أعيان الوقف فى دين على الواقف ولا يحكم به حاكم.
2 - كل تصرف يقع على العين الموقوفة يكون باطلا إلا ما كان بأحد الشروط العشرة.
3 - لا يتعلق حق الدائن إلا بريع الوقف فقط.
4 - لا يجوز إخراج الواقف من مسكنه الذى يسكنه فى عين من أعيان الوقف ما دام لا يوجد له غيره يسكن فيه.
5 - ما بقى من الريع بعد المصاريف يؤخذ منه أولا ما يقوم بأود الواقف بقدر الضرورة وهو ما يحفظ الحياة، فيترك له ما ينفق منه على نفسه وعياله، وما بقى بعد ذلك يأخذه الدائن إن كان وحده.
6 - إذا كان الوقف ذاته دائنا للواقف بثمن ما استبدله من أعيانه وصرفه فى شئون نفسه كان ما فضل من النفقة بين الوقف وبين الدائن حتى يستوفى كل دينه، وتكون القسمة حسب حصة الدين.
7 - يحفظ نصيب الوقف من باقى الريع فى مأمن حتى يشترى به عين للوقف بدلا عما استبدل منه.
8 - يستحق الواقف الناظر العزل مادام خائنا وللقاضى أن يعين بدلا منه
السؤال
فى امرأة مسيحية تملك عقارات ملكا صحيحا شرعيا، وقفتها على نفسها أيام حياتها تنتفع بذلك وبما شاءت منه بالسكنى والإسكان والغلة والاستغلال بسائر وجوه الانتفاعات الشرعية، ثم من بعدها على زوجها فلان، ثم من بعده على أولاد بنتها التى ماتت فى حياتها، وجعلت الواقفة لنفسها الشروط العشرة دون غيرها، وجعلت النظر لها على ذلك مدة حياتها ثم من بعدها على زوجها ثم من بعده على زوج انبتها المتوفاة المذكورة ثم إن الواقفة المذكورة استبدلت ثلث العقارات الموقوفة بنقود أخذتها وصرفتها فى شئون نفسها، ثم ثبت عليها دين لرجل قد أقام عليها قضية يطلب فيها بيع ثلثى العقار الموقوف فى دينه، فهل لا يكون له بيع العقار حيث كان وقفا صحيحا، وما الحكم فى دينه والبدل الذى صرفته الواقفة فى شئونها أفيدوا الجواب
الجواب
أما الوقف فلا يجوز بيعه فى الدين بحال من الأحوال، فليس للدائن أن يبيع شيئا من العقارات الموقوفة المذكورة ولا لحاكم أن يحكم بذلك، وكل تصرف يقع فى العين الموقوفة فهو باطل ما عدا ما كان بالشرط وهو الاستبدال المذكور، ولا يتعلق حق الدائن إلا بالريع فقط، وحيث إن من الانتفاع الذى شرطته الواقفة لنفسها حق السكنى، فليس للدائن أيضا أن يخرجها من السكنى بنفسها بل يكون حقه فيما عدا السكنى الضرورية، فقد نصوا على أنه يجب أن يترك للمدين أشياء منها سكنة.
ثم ما بقى بعد ذلك يؤخذ منه ما يقوم بأودها بقدر الضرورة وهو ما يحفظ الحياة فقط، فيترك لها لتنفق منه على نفسها، فقد نصوا على أن الدائن إنما يأخذ ما فضل عن نفقة المدين ونفقة عياله حال الاستيفاء (حامدية فى باب الحبس) وما بقى بعد ذلك يقسم بين الدائن المذكور وبين الوقف حتى يستوفى الوقف دينه فإن الواقفة مدينة له بثمن العقار الذى استبدلته وصرفته فى شئون نفسها ويحفظ نصيب الوقد من الريع إلى أن يتم ويستبدل به عقار آخر، فقد نصوا على أنه لا يجوز لدائن أن يختص بما فى يد المدين من المال متى كان هناك دائن آخر، والوقف دائن فى هذه الحالة لا محالة، وتكون القسمة على نسبة مبلغ الدينين، أما الناظرة التى تصرفت ذلك التصرف فى أعيان الوقف ببيع بعضها وصرف ثمنه على نفسها ولم تستبدل عقارا آخر بذلك الثمن فقد خانت فى تصرفها هذا واستحقت العزل، ويجب نزع الوقف من يدها وتولية ناظر آخر عليه من قبل القاضى، فقد نصوا على أن الخائن والعاجز عن حفظ الوقف يستحق العزل وينزع الوقف من تحت يده وجوبا.
والله أعلم(6/490)
دين على الواقفة
المفتي
محمد عبده.
ذو القعدة 1317 هجرية
المبادئ
1 - دين الواقفة فى ذمتها ولا يسدد إلا مت تركتها.
2 - ريع الوقف يكون للمستحقين فيه فقط حسب شرط الواقف إلا إذا اشترطت الواقفة سداد دينها منه.
3 - سداد الناظر لدين الواقفة بلا إذن من المستحقين يجعل لهم حق الرجوع عليه بما صرف بدون حق
السؤال
فى وقف انتقل ريعه بموت واقفه لمستحقيه بشرط الواقفة المذكورة لهم ذلك، وعلى الوقف ناظرة بشرط الواقفة أيضا، فادعت الناظرة أن على الواقفة ديونا سددتها من ريع الوقف.
فهل إذا لم يكن فى الوقف شرط بذلك لا يكون للناظرة أن تسدد الديون التى على الواقفة بدون إذن المستحقين، ويكون لكل منهم أن يرجع على الناظرة بما يخصه فى ريع الوقف الذى سددت به الديون المذكورة، أو ما الحكم أفيدوا الجواب
الجواب
نعم دين الواقفة المذكورة فى ذمتها خاصة ولا يسدد إلا من تركتها وأما ريع الوقف فهو لمستحقيه على حسب الشرط، فإذا لم تشترط الواقفة سداد دينها من ذلك الريع لم يجز أن يصرف منه شىء لغير المستحقين، فليس لناظرة الوقف أن تسدد منه الدين اللازم لذمة الواقفة بغير إذن المتسحقين، فإن سددت منه كان للمستحقين الرجوع عليها بما صرفته بغير حق، ولكل منهم نصيبه فيه.
والله أعلم(6/491)
بطلان حكم بالوقف
المفتي
محمد عبده.
شوال 1318 هجرية
المبادئ
صدور الحكم ببطلان إثبات الوقف، لفساد الدعوى والبينة، لا يمنع من إعادة الدعوى ثانيا، وسماعها - متى كانت مستوفية للشرائط المعتبرة شرعا
السؤال
من سعادة حسين باشا والست أسما حليم محرر على ورقة فتوى شرعية تمغة صورته مرسل لفضيلتكم الأوراق المتعلقة بالقرار الصادر فى شأن وقفية المرحوم إبراهيم باشا حليم بتاريخ 14 من ذى الحجة سنة 1314 من حضرة الأستاذ الفاضل الشيخ حسونة النواوى شيخ الجامع الأزهر سابقا لاطلاع فضيلتكم عليه، والنظر فيما إذا كان هذا القرار صريحا فى أن السبب فى بطلان حجة الوقف المذكور هو عدم صحة الأحكام المشتملة عليها تلك الحجة بالنسبة لفساد الدعوى والشهادات من جهة الشكل فقط أو أن السبب هو بطلان الوقف فى حد ذاته وتزوير الدعوى والشهادات، وعما إذا كان يمكن إعادة الدعوى لإثبات الوقف المذكور أمام المحاكم الشرعية بصورة أخرى صحيحة الشكل أو أن ذلك كان ممتنعا بمقتضى هذا القرار نأمل التكرم بإفادتنا عن ذلك أفندم.
وصورة القرار المذكور بالاطلاع على مكاتبة نظارة الحقانية رقم 18 وعلى صورة الحجة الشرعية المرفقة بها الصادرة من محكمة بور سعيد بتاريخ 4 شوال سنة 1314 رقم 30 المشمولة بختم المحكمة المذكورة وعلى باقى الأوراق المرفقة بهذه المكاتبة الواردة بهذا الطرف.
ظهر أن الأحكام التى تضمنتها تلك الصورة غير صحيحة شرعا لوجوه منها أولا أن فى كثير من الحدود المذكورة بكل من الدعوى والشهادة نقصا وخللا.
ثانيا أن توكيل المدعى عليه عن كريمة المتوفى المدعى عليها لم يتصل به علم القاضى الذى صدر منه الحكم ولم يثبت لديه بالطريق الشرعى.
ثالثا أن شهود وضع يد المدعى عليها على الأطيان والعقار لم يشهدوا عن معاينة لذلك ولم يحكم به القاضى أيضا.
رابعا أن القاضى حكم بصدور الوقف من الواقف فى حال حياته على كريمته وزوجته وعتقاه والجهات التى عينها مع أن المذكور بالدعوى والشهادة أن الواقف انشأ وقفه حال حياته على نفسه أولا ثم من بعده على من ذكر وهو خلاف المحكوم به المذكور.
خامسا أن وكيل المدعى عليها أنكر صدور الوقف على الذى ادعاه المدعى وجحده جحدا كليا فبطل الحكم لها فيما تستحقه ومتى بطل فى البعض بطل فى الباقى.
سادسا أنه حكم بالوقف قبل الحكم بالنظر مع أن اللازم شرعا هو العكس.
سابعا أنه حكم بالزوجية مع كون المدعى عليه ليس خصما فى إثباتها لأن دعوى الزوجية بعد الوفاة من قبيل دعوى الوراثة فيلزم أن تكون فى وجه خصم شرعى فى إثبات ذلك، والخصم فى إثبات دعوى الوقف على الوجه المسطور بالصورة المرقومة لا يصلح خصما لإثبات الإرث فى وجهه، لأن دعوى الوقف على وجه ما ذكر لا يتوقف إثباتها على إثبات الزوجية فضلا عن كون المتوفى غير متوطن بدائرة تلك المحكمة كما هو ظاهر من الدعوى والشهادة فالحكم من قاضيها بذلك غير نافذ شرعا
الجواب
قد اطلعت على هذا السؤال وعلى ما معه من صورة القرار، فظهر لى منه أن غاية ما يفيده أن الأشكال التى وردت عليها الدعوى والشهادات هى التى أوجبت بطلان الحكم بالوقف للأسباب المبينة بذلك القرار، وأنه كان يمكن إعادة الدعوى ثانيا بالوقف وسماعها متى كانت متسوفاة للشرائط المعتبرة شرعا، لأن القرار المذكور لا يمنع من ذلك، وليس فيه شىء يدل على تزوير الدعوى أو الشهادات.
والله أعلم(6/492)
وقف واستحقاق
المفتي
محمد عبده.
شوال 1320 هجرية
المبادئ
1 - ما شرط للقراء يعطى لفقيرهم.
2 - الضريح ينصرف إلى القبة دون المسجد
السؤال
بافادة من حضرة الشيخ إبراهيم الظواهرى شيخ الجامع الأحمدى مؤرخة فى 13 شوال سنة 1320 نمرة 2 مضمونها أنه وجد بوقفية المرحوم مصطفى باشا الجدلى أنه شرط أن يصرف من ريع وقفه كل سنة ما هو معتاد صرفه من قبل الواقف المرتب لقراء الدلائل الشريفة بضريح سيدى أحمد البدوى وهو ثلاثة آلاف قرش، ولم يكن فى زمن الواقف مجلس دلائر يقرأ بالضريح إلا المجلس المرتب من مدة مدبرة بماهيات من طرف الأوقاف، وكان يحضر به الواقف ويقرأ معهم، ثم إن بعض أهل الخير أحدث مجالس أخرى بالمسجد بمرتب من طرفه، فهل يصرف المبلغ المذكور للمجلس الأول فقط ولو زيد فيه ويحمل الضريح على نفس القبة أو على المسجد أرجو الجواب
الجواب
الذى أراه أن ما شرط الواقف صرفه لقراء الدلائل بذلك الضريح يصرف لهم إن كانوا فقراء، فإن كان فيهم من ليس بفقير لم يجز أن يصرف له شىء، ولفظ الضريح متعارف فى معنى القبة نفسها دون بقية المسجد.
والله أعلم(6/493)
حكم اسقاط الريع
المفتي
محمد عبده.
رمضان 1321 هجرية
المبادئ
1 - ريع الوقف كالإرث لا يسقط بالإسقاط فلا يجوز لمستحق الريع أن يسقط حقه منه لغيره.
2 - يجوز للمستحق أن يوكل غيره كدائن مثلا فى قبض استحقاقه من أصل دينه.
3 - ليس لناظر الوقف أن يلتزم عن جهة الوقف بدين على مستحق لأن الوقف لا ذمة له فلا يتوجه عليه ذلك الدين فلا لزوم عليه
السؤال
من مأمور أوقاف الحلمية فى مستحق فى وقف استدان ديونا وأوقع دائنوه الحجز على استحقاقه فى الوقف، وقد وجد ذا مال يقرضه ما يسد به ديونه بشرط أن يسقط له نصيبه فى الريع مدة حياته مادام مدينا حتى يستوفى دميع دينه الذى سيقرضه إياه، وبشرط أن يلتزم الناظر على جهة الوقف بصفته ناظرا بأن يسدد لذى المال الدائن جميع ما يستحقه المستحق فى فاضل ريع الوقف مادام المستحق مدينا.
فهل يصح هذا الإسقاط وإلزام الناظر جهة الوقف أفيدوا الجواب
الجواب
ليس للموقوف عليه الريع أن يسقط حقه فيه لغيره، لأنه كالإرث لا يسقط بالإسقاط، أما إذا وكل عنه غيره كالدائن مثلا فى قبضه من ناظر الوقف مادام ناظرا ومادام هو مستحقا ويكون ذلك من أصل دينه فإنه يصح، وليس للناظر أن يلتزم عن جهة الوقف بدين ذلك المستحق، لأن الوقف لا ذمة له فلا يتوجه عليه ذلك الدين فلا لزوم عليه.
والله أعلم(6/494)
حكم بيع الاستحقاق
المفتي
محمد عبده.
ذو القعدة 1322 هجرية
المبادئ
لا يجوز للمستحق المدين بيع استحقاقه لسنوات مقبلة، لأنه شبيه بالمقامرة
السؤال
من الشيخ حسن عبد القادر فى رجل عليه دين لرجل آخر، وحكم عليه بالدين، وللمدين استحقاق معلوم فى وقف، باعه ست سنوات مستقبلة بمبلغ معلوم ليفى ما ثبت عليه من الدين.
فهل لا يجوز هذا البيع أفيدوا
الجواب
صرح فى شرح الدر المختار بأن بيع البراءات التى يكتبها الديوان على العمال لا يصح بخلاف بيع حظوظ الأئمة.
قال ابن عابدين والحظوظ جمع حظ بمعنى النصيب المرتب له فى الوقف فإنه يجوز بيعه وهو مخالف لما فى الصير فية، فإن مؤلفها سئل عن بيع الحظ فأجاب لا يجوز، وصرح بأن هذا لا يخالف ما ذكره الشارح لأن المراد بحظوظ الأئمة ما كان قائما فى يد المتولى من نحو خبز أو حنطة قد استحقه الإمام، وكلام الصير فية فيما ليس بموجود انتهى.
وعلى ذلك فاستحقاق هذا المدين الذى باعه وهو استحقاقه فى السنوات الست المقبلة لا يجوز بيعه حيث كان غير موجود ثم هو أشبه ببيع الطير فى الهواء لجواز أن يموت عقب البيع فينتقل الاستحقاق إلى غيره فلا يتيسر للمشترى استيفاء عوض ما دفع من الثمن، بل هذا أشبه بالمقامرة منه بالبيع كما هو ظاهر.
والله أعلم(6/495)
تعدد الوقف يقتضى تعدد الاستحقاق
المفتي
بكرى الصدفى.
ذو الحجة 1326 هجرية
المبادئ
إشارة الواقف فى قوله من أهل هذا الوقف - وكان الوقف متعددا - ترجع فى كل حصة لأهل الاستحقاق فى خصوص تلك الحصة كما هو الظاهر المتبادر.
لا إلى أهل الاستحقاق فى عموم أوقاف تلك الحصة
السؤال
من حضرة اسكندر بك مراد فى واقف أوقف أطيانا صالحة للزراعة على نفسه، ثم من بعده يكون بعضه وقفا على كريمات كريمته ثم من بعد كل واحدة منهن يكون نصيبها وقفا على أولادها ثم على أولاد أولادها ثم على أولاد أولاد أولادها وذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل، الطبقة العيا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها، بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع، على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق مضافا لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له أخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف، ومن مات من الموقوف عليهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصلح يستحقه أن لو كان الأصل المتوفى حيا باقيا لاستحق ذلك، يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين، ومن مات من الموقوف عليهن المذكورات ولم تعقب أولادا ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا فيضم نصيبها من ذلك لأخواتها الباقيات بعدها مضافا لاستحقاقهن من ذلك وبعد انقراض الموقوف عليهن المذكورات وذريتهم ونسلهم وعقبهم يكون ذلك منضما وملحقا بما هو موقوف على أولاد الواقف الآتى ذكره فيه وحكمه كحكمه وشرطه كشرطه وباقى ذلك يكون وقفا على ما يبين فيه، فالحصة التى قدرها الربع تكون وقفا مصروفا ريعها على زوجات الواقف وعند انقراضهن تكون منضمة وملحقة بما هو موقوف على أولاد الواقف الآتى ذكره فيه أيضا وحكمه كحكمه وشرطه كشرطه والحصة التى قدرها الثلث من ذلك تكون وقفا مصروفا ريعه على إخوة الواقف لأبيه ذكورا وإناثا وقد (سماهم بأسمائهم) بالسوية بينهم مدة حياتهم ثم من بعد كل منهم يكون نصيبه من ذلك لأولاده ثم لأولاد أولاده ثم لأولاد أولاد أولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم ذكورا وإناثا بالسوية بينهم كذلك على النص والترتيب المشروحين أيضا إلى حين انقراضهم أجمعين، تكون حصة الثلث المذكورة منضمة وملحقة بما هو موقوف على أولاد الواقف الآتى ذكره فيه وحكمه كحكمه وشرطه كشرطه أيضا والحصة التى قدرها الربع والسدس باقى ذلك تكون وقفا مصروفا ريعها على أولاد الواقف ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين ثم من بعد كل منهم يكون نصيبه من ذلك وقفا مصروفا ريعه على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم للذكر مثل حظ الأنثيين كذلك على النص والترتيب المشروحين إلى حين انقراضهم تكون لجهة بر لا تنقطع.
ثم مات الواقف وانحصر الوقف بعده على من ذكروا والآن ماتت أخت الواقف الأخيرة عقيما وليس لها إخوة ولا أخوات بل ماتت عن ابن أخيها لأبيها الواقف الداخل فى هذا الوقف بنصيبه وعن أولاد أخيها الثانى لأبيها أيضا الداخلين فى هذا الوقف بنصيب والدهم وعن ابن أختها لأبويها الداخل فى هذا الوقف أيضا مشتركا فى نصيب والدته مع أولاد أخيه هؤلاء هم أهل هذا الوقف فمن منهم أقرب الطبقات للمتوفاة المذكورة الذى يستحق نصيبها من هذا الوقف دون الآخرين حسب نص الواقف المشروح أعلاه أفيدوا الجواب.
ولك الثواب
الجواب
حيث قال الواقف فى الكلام على وقف حصة الثلث المذكورة المختصة بإخوة الواقف لأبيه ذكورا وإناثا (على النص والترتيب المشروحين أعلاه) ومن النص المذكور أن من مات عقيما وليس له إخوة ولا أخوات ينتقل نصيبه لقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف وحيث ان ابن أخى المتوفاة لأبيها الواقف ليس من أهل هذا الوقف الذى هو وقف إخوة الواقف لأبيه ذكورا وإناثا بل هو من أهل وقف الربع والسدس وهو وقف مستقل لا دخل له فى وقف الإخوة يكون نصيب أخت الواقف لأبيه المتوفاة أخيرا عقيما وليس لها إخوة ولا أخوات لأقرب الطبقات لها وهم أولاد أخيها الثانى لأبيها وابن أختها لأبويها بالسوية بينهم ولا دخل لابن أخيها الواقف المذكور فيه، لا يقال ان ابن أختها لأبويها أقرب للمتوفاة المذكورة من غيره ممن ذكروا لأنا نقول إن المراد بالطبقات هنا الطبقات الاستحقاقية لا النسبية كما صرح بذلك العلماء فى مثل هذه الحادثة.
وبالجملة فإن وقف الحصص المذكورة على الوجه المبين بالسؤال وحجة الوقف هو أوقاف متعددة لا وقف واحد فالإشارة الأصلية والمنسحبة فى قوله من أهل هذا الوقف إنما ترجع فى كل حصة لأهل الاستحقاق فى خصوص تلك الحصة كما هو الظاهر المتبادر لا إلى أهل الاستحقاق فى عموم أوقاف تلك الحصص.
وما استظهر ناه يستفاد أيضا مما ذكر فى الفتاوى الخيرية من كتاب الوقف فى مثل هذه الحادثة.
والله تعالى أعلم(6/496)
وقف استحقاقى
المفتي
بكرى الصدفى.
رجب 1337 هجرية
المبادئ
1 - الوقف عند الإطلاق يحمل على الاستغلال ومن يملك الاستغلال لا يملك السكنى على ما عليه الفتوى.
2 - المطلق عند الحنفية لا يحمل على المقيد وإن كانا فى حادثة إلا أن يكونا فى حكم واحد.
3 - ليس للمشرفة مشاركة الناظر فى جميع ما يحتاج إليه الوقف من التصرفات، وأثر كونها مشرفة أنه لا يجوز تصرفه إلا بإذنها واطلاعها على ما عليه الفتوى
السؤال
من حضرة أحمد توفيق فى رجل وقف عقارا باسكندرية وهو يملكه على نفسه مدة حياته ينتفع به وبما شاء منه سكنا وإسكانا وغلة واستغلاللا وكيفما أحب واختار بسائر وجوه الانتفاعات الشرعية الوقفية ثم من بعده يكون ذلك وقفا على أولاده الموجودين على قيد الحياة وهم أحمد وفاطمة ونجيبة وعائشة ومن سيحدثه الله تعالى له من الأولاد الذين يموت عنهم ذكورا وإناثا بالفريضة الشرعية بينهم ثم على أولادهم كذلك أولاد الظهور وأولاد البطون من أولاد البطن الأول خاصة ثم على أولاد أولادهم كذلك أولاد الظهور دون أولاد البطون ثم على أولاد أولادهم أولاد الظهور دون أولاد البطون ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم كذلك أولاد الظهور دون أولاد البطون طبقة بعد طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها لا من غيرها إلى آخر ما نص عليه بكتاب الوقف المسجل بمحكمة اسكندرية الشرعية ومات بعد ذلك ولم يعقب أحدا خلاف أولاده الأربع المذكورين أعلاه وسكت عن شرط السكنى لأولاده من بعده فى أى مكان من أعيان الوقف ولم يتعرض له بالجواز أو عدمه ولكنه كان ساكنا مع ولده المتأهل وبنته البكر فى المنزل المعروف بسكنه وهو أحد أعيان الأماكن الموقوفة إلى أن توفى فيه وترك ولديه المذكورين ساكنين فيه واشترط أن يستخرج من غلة الوقف مبالغ معينة تصرف فى جهات بر وان النظر على الوقف يكون لولده المذكور وهو أكبر المستحقين الذين انحصر فيهم الوقف وهن اثنتان متأهلتان خارجا عن المنزل والأخرى البكر الغير متأهلة واشترط أن تكون إحدى المتأهلتين المذكورتين مشرفة عليه فى النظر فهل بسكوته عن شرط سكنى أولاده كلهم أو بعضهم فى المنزل الذى كان ساكنا فيه لوفاته ومسكنا معه ولديه المذكورين لهم حق البقاء فى المنزل المذكور من غير أجر لسكوت الواقف عن جواز السكن وعدمه فى كتاب وقفه ويعتبر فعله فى اسكانهم معه تقريرا لشرط سكناهم فيه من غير أجر وإعداده للسكنى حيث ان الاستحقاق منحصر فى أولاد الظهور المعلومة أنهم أولاد ولده المذكور فقط دون سواه بدليل ما اشترطه باستحقاق أولاد البطن الأول من أولاد بناته فقط والعرف المعروف فى البلد فى أمثاله أن يكون له منزل يعده لسكناه ولسكنى أولاده فيه من بعده ويكون سكوته فى ذلك هو اعتماد على العرف وعلى أن الوقف هو لأولاد الذكور الذين فى حالتنا هذه هم أولاد ولده المذكور الذين يطلق عليهم العرف أنهم أولاد الواقف وأنهم المستحقون لسكنى المنزل الذى أعده لهم الواقف قبل وفاته لأن سكوت الواقف عن الجواز وعدمه وحكم العرف يقضيان بذلك أو أن يبقوا فيه بأجر المثل أو ليس لهم ذلك أيضا ويؤجرونه للغير بأجر المثل - وهل اشتراط الواقف المذكور إشراف بنته البالغة على ولده المقام من قبله ناظرا على وقفه من بعد وفاته يتناول مشاركة المشرفة فى تحصيل الإيجار وفى مباشرة عمارة ما يحتاج إليه الوقف بنفسها أو بواسطة وكيل تقيمه عنها فى ذلك حيث انها من المخدرات اللاتى لم يتعودن الخروج من محل خدرهن ومخالطة الرجال أم لا وهل هذا الإشراف يقتضى على الناظران يشاركها فى جميع ما يتعلق بشئون الوقف بمعنى أن تباشر معه التأجير وقبض الأجر ومخالطة الرجال فى ما يحتاج الحال له أو يكتفى بأخذ قولها عن جميع ذلك أو التصديق منها على ذلك فقط وهل يكون هذا التصديق مشافهة أو مكاتبة وهل لمن توكله عنها ملاحظة الناظر ومشاركته فى جميع ذلك أم لا أفيدوا الجواب.
ولكم الثواب
الجواب
حيث كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال وقد عمم الواقف الانتفاع بالموقوف بالنسبة إليه وأطلقه فيمن عداه فليس لمن عدا الواقف من الموقوف عليهم المذكورين سوى الاستغلال وليس لهم السكنى إلا بعقد الإجارة من الناظر بأجر المثل إن رأى ذلك فقد نص الفقهاء على أن الوقف عند الإطلاق يحمل على الاستغلال وأن من يملك الاستغلال لا يمكل السكنى على ما عليه الفتوى كما حرره فى تنقيح الحامدية على خلاف ما رجحه الشر نبلالى فى رسالته ونص الأصولوين على أن المطلق عند الحنفية لا يحمل على المقيد وإن كانا فى حادثة إلا أن يكونا فى حكم واحد وليس للمشرفة المذكورة مشاركة الناظر فى تحصيل الإيجار ومباشرة العمارة وجميع ما يحتاج إليه الوقف من التصرفات فإن ذلك للناظر وأثر كونها مشرفة أنه لا يجوز تصرفه إلا باذنها وإطلاعها على ما عليه الفتوى.
هذا ما ظهر لى فى جواب هذه الحادثة.
والله تعالى أعلم(6/497)
تعذر الصرف على بعض الجهات فى الوقف
المفتي
بكرى الصدفى.
ربيع الأول 1328 هجرية
المبادئ
1 - عند تعذر الصرف على جهة من الجهات التى عينها الواقف يصرف للباقى منها بالسوية بينها، ويعطى لكل جهة ما يناسب كل فرد منها وما يوفى بغرض الواقف وهذا بالنسبة للمستقبل.
2 - بالنسبة لما تجمد فى الماضى فالجهة الباقية من وقت التعذر إلى الآن تعطى ما تستحقه، والجهة التى فات وقت الصرف إليها فى زمنت من الأزمان يكون ما يخصها منقطعا ومصرفه الفقراء.
3 - بوفاة نحو إمام المسجد قبل تحقق العذر يكون لورثته من بعده من المتجمد بعد تحقق العذر ما يخصه لغاية أيام حياته
السؤال
من حضرة عثمان بك خالد فى رجل وقف وقفه على أن يصرف ريعه على جهات معينه فى كتاب وقفه وما فضل بعد ذلك يقسم أثلاثا فالثلثان من ذلك يصرف لأحد عشر نفرا صوفيا والحادى عشر يكون شيخا لهم يجزأ ما يصرف لهم اثنى عشر جزءا فللشيخ جزءان وللصوفية العشرة عشرة أجزاء بالسوية بحيث يكون الشيخ المذكور من أهل الخير والدين والعلم بالفقه الشرعى ويعلم التصوف متأهلا للاشغال فى العلمين المذكورين وتكون إقامتهم بجامع الوقف بالخلاوى التى به وإن تعذر فعل ذلك بالجامع المذكور فعل ذلك بغيره من الأماكن المباركة كل ذلك على ما يراه الناظر ويؤدى إليه اجتهاده وشرط إقامتهم ليلا ونهارا ينقطعون إلى الله تعالى ولا يخرج أحد منهم إلا لضرورة شرعية والثلث الثالث الباقى يصرف للباقين من العتقاء ثم من بعدهم لأولادهم وأولاد أولادهم ونسلهم وعقبهم بالسوية بينهم فإن لم يكن أحدهم موجودا حين ذاك أو كان وانقرض صرف ما كان يصرف لهم فى بقية مصارف هذا الوقف فإن تعذر الصرف إلى جهة من الجهات المذكورة بكتاب وقفه صرف لباقيها وحيث قد تعذر الصرف إلى جهة من الجهات المذكورة بكتاب وفه صرف لباقيها وحيث قد تعذر الصرف الآن على الصوفية لعدم وجود من يقبل الإقامة ليلا ونهارا والانقطاع عن الدنيا ولا يخرج من محل إقامته إلا لضرورة شرعية نظير مبلغ 50 قرشا أو 60 قرشا فى الشهر لأن قيمة ما يخص كل واحد منهم من الثلثين المشروطة صرفها عليهم لا توازى أكثر من ذلك كما تعذر الصرف على العتقاء المشروط لهم الثلث الباقى لانقراضهم وانقراض نسلهم وعقبهم أجمعين ولم يبق من الجهات المعينة بكتاب الوقف إلا ناظر الوقف وجابيه ومستخدمو المسجد فهل يصرف لهم باقى الريع الذى كان مشروطا صرفه على الصوفية والعتقاء مع الريع المتجمد للوقف من السنين الماضية لتعذر الأول وانقراض الثانى أم لا وهل يصرف لهم بالسوية أو بنسبة مرتباتهم وهل إذا مات الإمام أو أحد أرباب الوظائف فى أثناء البحث عن الصوفية والعتقاء وقبل تحقق التعذر يكون لورثته الحق فى أخذ شىء من الريع المتجمد من السنين الماضية أم لا لأن مورثهم مات قبل تحقق التعذر أو أن اللازم صرف الريع الباقى من الآن مع المتجمد من السنين الماضية على الموجودين وقت تحقق التعذر أفيدوا الجواب ولكم الثواب
الجواب
إذا كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال وقد نص الواقف فى كتاب وقفه على أنه إذا تعذر الصرف لجهة من الجهات المذكورة به يصرف للباقى منها ولم يبق من تلك الجهات إلا جهات نظارة الوقف ومباشرته ومستخدمى المسجد ومصالحه فما تعذر مما ذكر يصرف إلى بقية الجهات المذكورة بالسوية بين تلك الجهات ففى الهندية من الوقف ما نصه (فإن قال لعبد الله وللمساكين نصف لعبد الله ونصف للمساكين كذا فى الحاوى) انتهى ومثله فى التنوير من الوصية ثم ننظر إلى أفراد كل جهة ويعطى لكل فرد منها ما يناسبه على حسب ما تشير إليه عبارات الواقف ويعطيه غرضه فإن غرض الوقف تجب مراعاته ويصلح مخصصا وكذا العرف ففى نشر العرف فى بناء بعض الأحكام على العرف ما نصه (وفى فتاوى العلامة قاسم التحقيق أن لفظ الواقف والموصى والحالف والناذر وكل عاقد يحمل على عادته فى خطابه ولغته التى يتكلم بها وافقت لغة العرب ولغة الشارع أولا) انتهى ونحوه فى كثير من الكتب وهذا على إطلاقه إنما هو بالنسبة للمستقب ل وأما بالنسبة لما تجمد فى السنين الماضية فينبغى أن يفصل فيه فالجهة التى هى باقية من وقت التعذر إلى الآن تعطى منه ما تستحقه وأما الجهة التى فات وقت الصرف إليها بالنسبة لزمن من الأزمات فيكون ما يخصها منقطعا ومصرفه الفقراء ففى البحر ما نصه (وقف مستغلا على أن يضحى عنه بعد موته من غلته كذا شاة كل سنة وقفا صحيحا ولم يضح القيم عنه حتى مضت أيام النحر يتصدق به) انتهى هذا وأما إذا مات نحو الإمام قبل تحقق التعذر فيكون لورثته من بعده من المتجمد بعد تحقق التعذر ما يخصه لغاية أيام حياته على ما جزم به صاحب البغية وهو أحد قولين فيما إذا مات الإمام ونحوه فى أثناء السنة ولم يستوف مرتبه من الوقف هل يسقط أو يورث عنه هذا ما ظهر لى فى جواب هذا السؤال.
والله تعالى أعلم(6/498)
وقف استحقاقى وخيرى
المفتي
بكرى الصدفى.
ربيع الأول 1322 هجرية
المبادئ
1 - الكتبة المشتغلون بأعمال المسجد وحساب أوقافه وقسم التعليم وضبط النذور لا يستحقون شيئا فى غير زمن العمارة لأنهم ليسوا من أرباب الشعائر فى هذا الوقف.
2 - كل ما كان له دخل فى تحقيق وإقامة الشعائر استحق الحصة المخصصة لذلك ومالا فلا
السؤال
من مشيخة الجامع الأحمدى بتاريخ 20 مايو سنة 1913 رقم 346 بما صورته - المرحوم خليل أغا وقف أطيانا خصص منها جزءا على مصالح ومهمات وإقامة شعائر الجامع المعمور بذكر الله تعالى المعروف بجامع سيدنا ومولانا القطب النبوى والسيد الشريف العلوى سيدى أحمد البدوى رضى الله عنه الحال ضريحه ومسجده وفى أجرة عشرة أنفار فقهاء حافظين لكتاب الله يقرءون ختمة قرآن كل ليلة خميس بالمقام الأحمدى وفيما يلزم لهم فى إحياء تلك الليلة من خبز وفحم وأجرة القهوجى وفى أجرة خفير الكتب الموقوفة من قبل الواقف المومى إليه على طلبة العلم بالجامع الأحمدى وفى أجرة خمسة أنفار يقرءون ختمة قرآن شريف بالجامع الأحمدى كل ليلة خميس على الدوام والاستمرار وفيما يلزم لهم من خبز وبن قهوة وسراج وغير ذلك من احياء تلك الليلة كل ذلك برأى الناظر الأصلى على الوقف المذكور حسبما يؤدى إليه اجتهاده من غير تبذير ولا تقتير ولا إجحاف كما جاء بكتاب وقفه وقد جرى العمل على أن يصرف ما يخص المصالح والمهمات والشعائر من ريع هذا الجزء على الأنواع الآتية الخطيب والإمام والمؤذنون وقارىء السورة والوقادون والبوابون والكناسون والسقاؤون وخدمة الدورة والساقية والمراقبون والملاحظون والكتاب والمشتغلون بأعمال المسجد وحساب أوقافه وقسم التعليم وضبط النذور ومخزنجى أثاث المسجد وأدوات شعائره ومهماته ومصالحه وخدمة القباب المعتبرون من خدمة المسجد الميقائى وللفراشون المعتبرون من ضمن الكناسين بالمسجد المرقى المعتبر بمثابه المؤذن أو المقيم - وفى سنة 1905 حصل تردد فى الصرف على صنف الملاحظين وكاتب الجامع والجندى واستصدرت فتوى باستحقاقهم أرسلت صورتها إلى الدائرة بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1905 رقم 74 (ولا بد أن تكون مرقومة بدفاتر الإفتاء) وعند تحرير كشوف التوزيع بأسماء المستحقين من أرباب الشعائر عن ريع 1912 حسب السوابق حصل خلاف فى استحقاق صنف الكتاب المشتغلين بأعمال المسجد وضبط نذوره وأوقافه وقسم التعليم وبمراجعة النصوص الشرعية فى هذه المسألة لم نهتد إلى الحقيقة بالضبط فرأينا أن نرسل إلى فضيلتكم هذه النصوص التى قدمها حضرة الأستاذ الشيخ محمد الدفتار والنصوص التى أحضرها إلينا بعض العلماء فى هذا الخصوص كى تتكرموا بالاطلاع عليها وتفيدونا بالكم الشرعى فى هذه المسألة، وأن الوقف على المصالح والمهمات والشعائر يشمل جميع الأنواع التى جرى العمل على أن يصرف لها من هذا الريع أولا وهل تشمل أنواعا أخرى غير من أجرى الصرف عليهم ممن ذكرنا وما هى تلك الأنواع أرجو الإفادة عن ذلك مع رد هذه الأوراق ولفضيلتكم الشكر
الجواب
الذى نص عليه العلماء أن الكاتب من أرباب الشعائر زمن العمارة لا كل وقت ففى تنقيح الحامدية ما نصه (سئل) فيما إذا ضاق ريع مدرسة وللمدرسة مدرس ومتول وكاتب ومعتمد وقارىء حديث وقارىء ما تيسر فكيف يوزع بينهم (الجواب) المدرس الملازم للتدريس فيها إذا كان عالما يتقيد وكانت تتعطل بغيبته إذا لازمها يدفع له المشروط له ولا يكون المدرس من أرباب الشعائر إلا إذا لازم التدريس على حكم شرط الواقف والمتولى من أرباب الشعائر والكاتب من أرباب الشعائر زمن العمارة لا كل وقت - انتهى - فتقييده الكاتب بزمن العمارة يدل على أنه لا يكون له شىء فى غير زمن العمارة لعدم الانتفاع به فى الوقف فى ذلك الوقت وعلى ذلك فهؤلاء الكتاب المشتغلون بأعمال المسجد وحساب أوقافه وقسم التعليم وضبط النذور كما ذكر لا يستحقون شيئا فى غير زمن العمارة لأنهم ليسوا من أرباب الشعائر فى ذلك الوقت ولا يشتغلون فى مصلحة الوقف وأما باقى الأنواع المذكورة فى السؤال فما كان منها له دخل فى تحقق وإقامة الشعائر استحق فى الحصة المذكورة كما يقتضيه العنوان بلفظ الشعائر وما لا يكون كذلك لا يستحق وبالجملة فالمدار على ما يقتضيه العرف هذا ما ظهر لى فى جواب هذه الحادثة والله تعالى أعلم(6/499)
وقف استحقاق
المفتي
بكرى الصدفى.
ذو الحجة 1332 هجرية
المبادئ
1 - متى كان عرف الواقف أن حملة القرآن هم من يقرءون القرآن مطلقا ولو بالنظر فى المصحف اتبع ذلك العرف ولا يجوز مخالفته
السؤال
من الشيخ بشرى عبد القادر فى واقف وقف على طائفة معلومة وهم الجبرتية المجاورون بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وشرط فى وقفه المذكور ثمانية عشر نفرا من حملة القرآن من الطائفة المذكورة يقرأ كل منهم جزءا من القرآن العظيم كل يوم ويهدون ثواب ذلك لروح الواقف وأطلق ولم يقيد القراءة بالنظر فى المصحف الشريف ولا بمن يقرأ غيبا ومضى على ذلك تعامل النظار عصرا بعد عصر يقرءون فى المصحف وبموت واحد منهم يتوظف الآخر من الطائفة المذكورة من تاريخ وقف الواقف ولا سمعنا معارضا ولم نر إلى وقتنا هذا باطلاع المسلمين والقضاة ومدير الحرم الشريف وذلك يطلع على المحاسبة يقرأ الثمانية عشر نفرا المذكورون بالنظر فى المصحف على التعامل القديم فى البلدة الشريفة كما يقرءون الختمات الموجودة فى الحرم الشريف ختمة السلطان وغيرها يقرءون بالنظر لا بالغيب وذلك هو ما كان عليه العمل زمن الواقف وعرفه وكانت القراءة بالمصاحف وبعده فى بلادنا حتى الآن فإذا جاء معترض على الطائفة المذكورة وقال المراد بحملة القرآن من يقرأ بالغيب بشرط أن يكون حافظا للقرآن كله وغرضه من ذلك حرمان طائفة الجبرتية من وقفية الواقف وإعطاؤه لآخرين فهل تسمع دعواه بعد هذه المدة الطويلة ويجوز للقاضى أن يحكم بذلك أم لا أفيدوا الجواب ولكم الأجر والثواب أفندم
الجواب
متى كان عرف الواقف فى هذه الحادثة أن حملة القرآن من يقرءون القرآن مطلقا ولو بالنظر فى المصحف اتبع ذلك ولا يجوز مخالفته والله تعالى أعلم(6/500)
وقف استحقاق
المفتي
محمد بخيت.
رجب 1333 هجرية
المبادئ
1 - الدين يتعلق بذمة من عليه الدين، مادام حيا، فإذا مات انتقل من ذمته إلى تركته إن كانت له تركة، والا فلا يلزم وارثة شىء من الدين.
فإذا مات المستحق فى الوقف مدينا عن ذرية، فلا ينتقل دينه إلى ما يئول إليهم بعد وفاته من ريع الوقف - حسب شرط الواقف.
2 - لا يجوز أخذ الدين مما آل إلى الذرية من ريع الوقف بعد وفاة مورثهم كما لا يجوز الحجز به على ذلك النصيب.
3 - للدائن أخذ دينه من تركة المتوفى إن كانت.
وله مطالبة الورثة بالسداد منها
السؤال
من عبد العزيز فخر الدين فى رجل وقف جملة من أطيانه على نفسه أيام حياته ينتفع به بالزرع والزراعة والأجرة والإجارة والغلة والاستغلال وسائر وجوه الانتفاعات الشرعية من غير منازع ولا مشارك له فى ذلك مدة حياته ثم من بعده يكون ذلك وقفا على جميع أولاده ذكورا وإناثا للذكر مثل حز الأنثيين حسب الفريضة الشرعية ثم من بعدهم يكون وقفا على أولاد الذكور منهم ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين دون أولاد الإناث ذكورا وإناثا ثم من بعدهم على أولاد أولاد الذكور منهم ذكورا وإناثا للذكر مث لحظ الأنثيين دون الإناث كما تقدم وهكذا طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره وينفصل الواحد منهم بنصيبه من الأرض المذكورة للانتفاع به بالزرع والزراعة والأجرة والإجارة إذا انفرد ويشترك فيه الإثنان فما فوقهما عند الاجتماع ومن مات من الذكور وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من الذرية العصبة ذكورا وإناثا ينتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك ينتقل نصيبه لإخوته وإخواته الأشقاء المساوين له فى الدرجة والاستحقاق - وقد انتقل الواقف إلى رحمة الله تعالى وانتقل ريع الوقف إلى أولاد الواقف وقد توفى بعد ذلك أحد أولاد الواقف الذكور عن ذرية ذكور وإناث وقد كان المتوفى مدينا قبل وفاته، فهل للدائنين أن يحجزوا على نصيب سالمتوفى فى الوقف بعد وفاته حتى يتسدد ما على المتوفى من الدين أو ليس لهم ذلك وينتقل نصيب المتوفى فى ريع الوقف إلى ذريته أفيدوا الجواب ولكم الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور ونفيد أن المنصوص عليه شرعا فى معتبرات المذهب أن الدين يتعلق بذمة من عليه الدين مادام حيا، فإذا مات انتقل من ذمته إلى تركته فإن لم يكن له تركة لا يلزم وارثه شىء من الدين فى مال ذلك الوارث الذى ليس بتركة عن ذلك المتوفى، وحينئذ بوفاة أحد أولاد الواقف المدين عن ذرية ذكورا وإناثا لا ينتقل دينه إلى ما يئول إليهم بعد وفاته من ريع الوقف المذكور حسب شرط الواقف، لأن استحقاق ذريته لما يستحقونه فى الوقف بعد وفاته إنما هو من قبل الواقف على حسب شرطه لا بطريق الميراث عن ذلك المتوفى فلا ينتقل الدين إلى ذلك النصيب، فإن الاستحقاق فى الوقف يتبع فيه شرط الواقف فينتقل ما كان يستحقه المتوفى من الموقوف عليهم إلى من يستحقه بعده حسب شرط الواقف ولو كان الذى يستحقه بعده غير وارث لذلك الميت - وحينئذ لا يجوز للدائنين والحال ما ذكر فى السؤال أن يأخذوا دينهم مما آل لذرية ذلك المتوفى المدين بعد وفاته من ريع الوقف ولا أن يحجزوا على ذلك النصيب الذى آل إليهم بعد وفاة ذلك المتوفى بمقتضى شرط الواقف وإنما للدائنين أن يأخذوا دينهم من تركة المتوفى وأن يطالبوا الورثة بسداده من تركته إن كانت له تركة تحن أيديهم والله أعلم(7/1)
اعارة عين الوقف الموقوفة للسكنى
المفتي
محمد بخيت.
صفر 1334 هجرية 20 ديسمبر 1915 م
المبادئ
لناظرة الوقف المستحقة لسكنى عين من أعيانه أن تعير هذه العين لوزارة المعارف على وجه العارية وليس لها أن تؤجرها لأحد ما
السؤال
من حضرة صاحب العزة أمين بك فى أن المرحوم إسماعيل باشا وقف بموجب حجة شرعية صادرة من محكمة إسكندرية الشرعية مؤرخة فى 16 جماد الأول سنة 1299 منزلا بالشارع الموصل لسراى رأس التين باسكندرية لصق مسجد وضريح سيدى عبد الرحمن بن هرمز رضى الله عنه على نفسه مدة حياته ينتفع به سكنا وإسكانا وغلة واستغلالا ثم من بعده يكون ذلك وقفا شرعيا على حضرة نجله السيد محمد بك راتب ومن سيحدثه الله للواقف من الأولاد ذكورا وإناثا ينتفعون به بسائر وجوه الانتفاعات الشرعية، ثم من بعدهم يكون وقفا شرعيا للاستغلال فقط على أولادهم من أولاد الظهور دون أولاد البطون بالفريضة الشرعية بينهم إلى آخر ما جاء بكتاب الوقف المذكور، ثم بماله من الشروط العشرة المعلومة شرط أنه بعد وفاته يكون لزوجته المصونة السيدة الشريفة خديجة بهية هانم كريمة المرحوم عمه السيد على باشا برهان السكنى بهذا المنزل مدة حياتها فقط لا يشاركها فى ذلك أحد إذا توفى الواقف المذكور وهى على عصمته، وإذا توفيت الست خديجة بهية المومى إليها إلى رحمة الله انقطع جميع ما شرط لها من السكن والصرف وعاد ذلك لجهة وقفه المذكور، ثم توفى الواقف المذكور وانحصر الاستحقاق والنظر أيضا فى زوجته الست خديجة بهية المذكورة - فهل يجوز للست الناظرة المذكورة أن تعير المنزل المذكور لسكنى طلاب مدرسة المعلمين التابعة لوزارة المعارف كما لها أن تؤجر ذلك المنزل لوزارة المعارف لإعماله مدرسة أو غير ذلك
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال الموضح أعلاه وعلى كتابى الوقف والتغيير المذكورين.
ونفيد أنه قال فى تنقيح الحامدية من كتاب الوقف بصحيفة 181 جزء أول مانصه من له السكنى ليس له أن يسكن غيره إلا بطريق العارية دون الإجارة لأن العارية لا توجب حقا للمستعير فإنه بمنزلة ضيف ضافه بخلاف الإجارة فإنها توجب حقا للمستأجر وهو لم يشرطه.
ومن ذلك يعلم أن للست الناظرة المذكورة فى حادثة هذا السؤال ان تعير المنزل المذكور لوزارة المعارف على وجه ما ذكر ولغيرها وليس لها أن تؤجره لأحد ما.
والله أعلم(7/2)
استبدال الجراية بالنقود
المفتي
محمد بخيت.
ربيع الأول 1334 هجرية - 1 فبراير 1916 م
المبادئ
للمستحقين الخيار فى أخذ القيمة بدل الجراية.
فإن شاءوا أخذوا بعينه كشرط الواقف وإن شاءوا أخذوا قيمته نقدا
السؤال
بافادة واردة من سكرتارية مجلس الأزهر الأعلى بتاريخ 31 يناير سنة 1916 نمرة 1255 صورتها - بتاريخ 3 أبريل سنة 1915 نظر مجلس الأزهر الأعلى فى المذكرة المرفوعة إليه من معهد دسوق بشأن الجرايات التى تصرف للطلبة واستحسان استبدالها بنقود توزع على الطلاب شهريا بعد استصدار الفتوى الشرعية بجواز ذلك، فقرر المجلس بعد الاطلاع على ملاحظات المشيخة أن تحول هذه المسألة على فضيلتكم للاطلاع على شروط الواقفين وإصدار الفتوى الشرعية فى هذا الاستبدال، ومرفق بهذا صورة ما جاء من المشيخة بمكاتبتها للرياسة نمرة 39 فى 10 يوليه سنة 1915 عن شروط وقفيتى حضرة أحمد بك الشريف والمرحوم منشاوى باشا للاطلاع والتكرم بالإفادة.
والسلام على فضيلتكم ورحمة الله
الجواب
اطلعنا على خطاب فضيلتكم الوارد لنا بتاريخ 31 يناير سنة 1916 نمرة 1255 والأوراق المرفقة معه بشأن الجرايات التى تصرف لمعهد دسوق واستحسان استبدالها بنقود توزع على الطلاب شهريا بعد استصدار فتوى شرعية بجواز ذلك.
ونفيد أنه جاء فى المادة (115) من قانون العدل والإنصاف أخذا من ورد المختار مانصه وإذا شرط للمستحقين خبزا ولحما معينا كل يوم أو شهر فأراد القيم دفع القيمة لهم نقدا فليس له ذلك إنما الخيار للمستحقين فى طلب حقهم المعين لهم ولهم طلب قيمته نقدا - والذى فى رد المختار من كتاب الوقف عند قول الدر وهى إحدى المسائل السبع التى يخالف فيها شرط الواقف نصه السادسة لو شرط للمستحقين خبزا ولحما معينا كل يوم فللقيم دفع القيمة من النقد وفى موضع آخر لهم طلب المعين وأخذ القيمة أى فالخيار لهم لا له وذكر فى الدر المنتقى أنه الراجح - ومن ذلك يعلم الجواب فى هذه الحادثة، وهو أن الخار للمستحقين إن شاءوا أخذوا الخبز بعينه كشرط الواقف، وإن شاءوا أخذوا قيمته نقدا والأوراق عائدة من طيه كما وردت(7/3)
وقف استحقاقى وخيرى
المفتي
محمد بخيت.
شوال 1335 هجرية - 12 أغسطس 1917 م
المبادئ
1 - شرط الواقف المعتبر كنص الشارع فهما ودلالة فيجب العمل به ولا تجوز مخالفته.
2 - يحمل المطلق على المقيد غذا وردا فى حكم واحد وحادثة واحدة
السؤال
من حضرة محمد بك سليمان فيما يأتى (وقف المرحوم والدى سليمان باشا أباظة وقفه المبين بالحجة الصادرة من محكمة مديرية الشرقية الشرعية بتاريخ 7 يناير سنة 1895 وجعله من بعده على من عينهم بكتاب وقفه ولم يجعلنى من بينهم حال إنشاء الوقف وشرط لنفسه الشروط العشرة بعد أن جعل الوقف من بعده على أولاده الأربعة حسن وعبد الله وعلى ومحمد الكبير وزوجاته وبناته وسماهن وعتيقه عنبر ومسجده وخصص لكل نصيبا، وجعل نصيب كل انب من ابنائه لذريته على الوجه المدون بكتاب الوقف وجعل نصيب كل زوجة أو بنت لها مدة حياتها ثم من بعدها يكون لأولاده الأربعة الذكور المذكورين إلى آخر ما عينه بكتاب الوقف، وشرط النظر من بعده لأولاده الأربعة لكل النظر على ما هو موقوف عليه، كما جعل النظر لابنه محمد الكبير على ماهو موقوف على الزوجات والكريمات ثم قال فى شأن ذلك (فإذا توفى محمد أفندى الكبير المذكور وبقيت الزوجات والبنات على قيد الحياة أو توفيت الزوجات والكريمات كان النظر على ما هو موقوف عليهن للأكبر الأرشد من أولاد الواقف الذكور الموقوف عليهم فقط) - ثم بعد ذلك أدخلنى مع إخوتى الذكور الأربعة المذكورين فيما ينحل عن زوجات وكريمات اوقف مما هو موقوف عليهن، وصدر بذلك إشهاد شرعى من المحكمة المذكورة فى 13 أبريل سنة 1897 - وقد توفى الواقف بعد ذلك ثم ابنه حسن الذى كان أكبر أولاده ثم بنته زينب ثم بنته زليخا ثم ابنه محمد الكبير وآل النظر على ما هو موقوف على الزوجات والكريمات للأكبر الأرشد من أولاد الواقف الذكور الموقوف عليهم فقط - فهل إذا كانت أنا أكبر الذكور الآن وصادقونى على أنى أرشدهم أكون مستحقا للنظر على ما هو موقوف على الزوجات والكريمات بشرط الواقف حيث لم يقيد الواقف حين شرط النظر على ذلك أولاده بالأربعة كما ذكر ذلك مرارا فى غير هذا الموضع وأنا من الموقوف عليهم بعد إدخالى أو إنما يكون النظر بالشرط للأكبر الأرشد من الباقين من أولاد الواقف الأربعة اعتمادا على لفظ (الموقوف عليهم) وحملا لهذا اللفظ على خصوص الموقوف عليهم بمقتضى كتاب الوقف أو هذا اللفط يشملنى بعد الإدخال والوصف لا يلاحظ إلا وقت تطبيق الشرط لا وقت صدور الوقف - وبالجملة أرجو افجابة عن هذا الموضوع مفصلا بعد الأطلاع على الحجتين المذكورتين حتى أعلم إن كان شرط الواقف المذكور ينطبق على بعد تحقق أنى أكبر وأرشد أخوتى الذكور الموجودين الآن الموقوف عليه أولا ولفضيلتكم الشكر
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتابى الوقف والإدخال المذكورين ونفيد أن المنصوص عليه شرعا أن شرط الواقف المعتبر كنص الشارع فى الفهم والدلالة فيجب العمل به ولا تجوز مخالفته، ونصوا أيضا على أن المطلق يحمل على المقيد بمعنى أنه يقيد المطلق بقيد المقيد إذا كانا فى حكم واحد وحادثة واحدة، وحيث إن الواقف قيد لفظ (الأولاد) عند الكلام على النظر على ما هو موقوف على كل منهم بقوله (ومنها أن النظر بعد سعادة الواقف المشار إليه يكون لأولاده الأربعة الذكور الموقوف عليهم المذكورين أعلاه لكل واحد منهم النظر على ما هو موقوف عليه الخ) - وكذلك قيد لفظ (الأولاد) أيضا عند الكلام على النظر على ما هو موقوف على عنبر عتيقه حيث قال (ومنها أن النظر على الخمسة عشر فدانا الموقوفة على عنبر أغا والمسجد المذكورين يكون لعنبر أغا أيام حياته ثم من بعده يكون النظر على الخمسة أفدنة الموقوفة على عنبر أغا المذكور لأولاد سعادة الباشا الواقف الأربعة الموقوف عليهم المذكورين فقط) وأطلق لفظ (الأولاد) عند الكلام على النظر على ما هو موقوف على كريماته وزوجاته حيث قال (ومنها أن النظر على ما هو موقوف على كريمات وزوجات سعادة الواقف المشار إليه يكون لولده محمد أفندى الكبير المذكور مادام حيا فإذا توفى محمد أفندى الكبير المذكور وبقيت الزوجات والبنات على قيد الحياة أو توفيت الزوجات والكريمات كان النظر على ما هو موقوف عليهن للأكبر الأرشد من أولاد سعادة الواقف الذكور الموقوف عليهم فقط) - وحيث إن كلام الواقف أولا فى موضوع النظر على ما هو موقوف على كل واحد من الأربعة وكلامه ثالثا فى موضوع النظر على ما هو موقوف على العتيق والمسجد وكلامه ثانيا فى موضوع النظر على ما هو موقوف على كريماته وزوجاته، وكل من الموضوع الأول والثالث يخالف الموضوع الثانى فى حادثته وحكمه، وحينئذ يبقى ما ذكره ثانيا على إطلاقه ولا يقيد بما قيد به الواقف فى كلامه الأول والثالث، فيكون قول الواقف هنا (للأكبر الأرشد من أولاد سعادة الواقف الذكور الموقوف عليهم فقط) باقيا على إطلاقه فيشمل جميع أولاد الواقف الذكور الموقوف عليهم سواء كانوا هم الأربعة المذكورين أو غيرهم - وحيث إن الواقف أدخل ولده حضرة محمد بك أباظة الصغير الموقوف عليه الوقف الخاص به المبين بكتاب الإدخال المذكور مع إخوته الذكور الموقوف عليهم بمقتضى كتاب وقفه فيما ينحل عن زوجتيه اللتين سماهما وعن كريماته اللاتى سماهن أيضا وجعل استحقاقه كاستحقاق أحد الإخوة الذين هم أولاد الأربعة الذكور المذكورون، فيكون محمد بك المذكور بمقتضى ما ذكر من ضمن أولاد الواقف الذكور الموقوف عليهم المشروط النظر للأكبر الأرشد منهم، فحينئذ متى كان هو الأكبر الأرشد من أولاد الواقف الذكور يكون مستحقا للنظر على ما هو موقوف على زوجات وكريمات الواقف المذكورات بعد وفاة محمد أفندى الكبير عملا بإطلاق قول الواقف (كان النظر على ما هو موقوف عليهن للأكبر الأرشد من أولاد سعادة الواقف الذكور الموقوف عليهم فقط)(7/4)
الوقف على أقارب الواقف استحقاقا وسكنى
المفتي
محمد بخيت.
شوال 1335 هجرية - 14 أغسطس 1917 م
المبادئ
1 - الوقف على الأقارب على حكم الميراث يشمل أقارب الأب والأم مقيدا بحكم الميراث بين ذوى الفروض والعصبات ذوى الأرحام عاما فعاما يتغير الحكم بتغير الأحوال ويقتضى تقديم العصبة على ذوى الأرحام كالإرث تماما عملا بشرط الواقف.
2 - بموت المشروط له السكنى فى أى مكان من أمكنة الوقف تصير جميع الأعيان للاستغلال ويقسم ريعها كله على جميع المستحقين
السؤال
من الشيخ مصطفى محمد أحمد الأمير فى أن المرحوم العلامة الشيخ محمد الأمير الكبير وقف وقفا كائنا بمصر بتاريخ 25 الحجة سنة 1215 وسجل ذلك بسجل الباب العالى أنشأ مولانا الواقف المشار إليه وقفه وإرصاده المومى إليه فى تاريخه أدناه على نفسه أيام حياته، ثم من بعد وفاته لله سبحانه وتعالى وانتقاله إلى دار الكرامة يكون ذلك وقفا وارصادا مصروفا ريعه على ولده فخر الأفاضل العظام عمدة العلماء الأعلام صدر المدرسين مفيد الطالبين بالإفهام شمس الدين محمد الأمير المالكى من أهل الإفادة والتدريس بالجامع الأزهر بمصر حالا دام عزه وعلى كل من كان موجودا لمولانا العلامة الواقف المذكور من الأولاد لصلبه ذكورا وإناثا بالسوية بينهم، ثم من بعد كل منهم على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم، وعلى أن كل من انتقل بالوفاة من الموقوف عليهم قبل دخوله فى هذا الوقف والارصاد المعين أعلاه واستحقاقه لشىء من منافعه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل حيا باقيا لاستحق ذلك يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين، فإذا توفى الواقف المذكور ولم يوجد له ذرية أو كانوا وانقرضوا يكون ذلك وقفا وإرصادا مصروفا ريعه فى كل عام يصرف المتحصل منه آخر العام على أقارب الواقف المذكور أعلاه على حكم ميراثهم من الواقف لو كان حيا ومات عنهم فى ذلك الوقت لا فرق بين أقارب الأب وأقارب الأم، لكن كل ذلك بحكم الميراث الشرعى بين ذوى الفروض والعصبات وذوى الرحم عاما فعاما يتغير الحكم بتغير الأحوال وهلم جرا إلى حين انقراض كامل أقارب الواقف المذكور فإن لم يوجد أقارب الواقف أو كانوا وانقرضوا كان ذلك وقفا وإرصادا مصروفا ريعه على ما يبين فيه، فالثلثان من ذلك يصرف على السادة المجاورين برواق السادة الصعايدة بالجامع الأزهر، والثلث الثالث يصرف على السادة الفشنية بالجامع الأزهر المذكور، فإن تعذر الصرف لأحدهما صرف ريع ذلك الوقف للحرمين الشريفين حرم مكة المشرفة وحرم المدينة المنورة على الحال بها أفضل الصلاة والتسليم سوية بينهما، فإن تعذر الصرف لذلك صرف ريع كامل الوقف والإرصاد المرقوم للفقراء والمساكين والأرامل والمنقطعين من المسلمين أينما كانوا وحيثما وجدوا، يجرى الحال فى ذلك كذلك وجودا وعدما تعذرا وإمكانا أبد الآبدين ودهر الداهرين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين - وشرط مولانا العلامة الشيخ محمد الكبير الواقف المشار إليه فى وقفه هذا شروطا حث عليها وأكد فى العمل بها فوجب المصير إليها منها أن يبدأ من ريع ذلك بعمارته ومرمته وصلاحية أرض الأطيان لظهور منفعتها وما فيه البقاء لعينه والدوام لمنفعته ولو صرف فى ذلك جميع غلته، وأن يدفع ما على العقار المحكر المذكور من الحكر لجهة وقف أصله على الحكم المسطور، ومنها أن مولانا العلامة الشيخ محمد الأمير الكبير الواقف المشار إليه شرط النظر على كامل وقفه وإرصاده المذكور لنفسه الزكية أيام حياته، ثم من بعده يكون النظر على ذلك بين المستحقين من أولاد الواقف المذكور وذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل على الحكم المسطور كل منهم له التكلم على ذلك لا يتصرف أحدهم فى شىء من ذلك إلا بعد اجتماعهم ومشاورتهم على ذلك واجتماع رأيهم جميعا، فإن اختلفوا فى شىء من ذلك نظر الحاكم الشرعى فى الرأى الأصوب بحقه هذا فى وجود الذرية ونسلهم وعقبهم على الحكم المسطور، وعند أيلولته لأقارب الواقف يكون النظر على ذلك لمن يكون شيخا على السادة المالكية وكبيرا عليهم بالجامع الأزهر وهلم جرا، وعند أيلولته لرواق السادة الصعايدة ورواق السادة الفشنية فلكل من يكون شيخا عليهم وهلم جرا وعند أيلولته للحرمين الشريفين فلناظرهما حين ذاك، وعند أيلولته للفقراء والمساكين فلرجل من أهل الدين والصلاح والعفة والنجاح يقرره فى ذلك حاكم المسلمين الحنفى بالديار المصرية حين ذاك لينظر فيه بتقوى الله العظيم ويجريه على حكمه المسطور على النص والتقسيم، ومنها أن الواقف المشار إليه شرط أن كل حليلة مات عنها مولانا الواقف وهى فى فراشه بملك اليمين سواء كانت أم ولد أو مسبوقا بعتقها ومن مات عنها وهى فى عصمته بعقد النكاح بعد دخوله بها فلها السكنى فى مكان لائق بها من أمكنة الوقف تختاره هى بلا أجرة ولها زيادة على ذلك استحقاق مثل واحد من الذرية لصلبه ونسلهم وعقبهم فى النظر واستحقاق المال عليها فى ذلك حكم الذرية اجتماعا وانفرادا وجدت ذرية أو لم توجد كانت هى فى مرتبتهم، كل ذلك مادامت عزبا كل منهن فإن تزوجت إحداهن أو هن معا سقط حق كل من تزوجت منهن ولها ولباقى المستحقين بهذا الوقف من الذرية ونسلهم وعقبهم، وكذلك إن ماتت إحداهن أو هن معا فيعود استحقاقهن للذرية المذكورين وهلم جرا ومنها أن يصرف من ريع ذلك فى كل شهر من شهور الأهلة من الفضة الانصاف العددية ستون نصفا فضة وذلك على ما يبين ما هو لرجلين من حملة كتاب الله تعالى يقرأن فى كل يوم ما تيسر قراءته بسكن الواقف من القرآن العظيم عشرون نصفا فضة سوية بينهما وما هو فى قراءة قرآن عظيم الشأن، وتفرقة خبز قرصة وتسبيل ماء عذب وخوص وريحان وصدقة يفرق ذلك ويسبل على تربة الواقف المذكور بعد وفاته فى ايام الجمع والأعياد على العادة فى ذلك فى كل شهر أربعون نصفا فضة باقى ذلك - ما شاء الواقف المذكور عن ولده الشيخ محمد الأمير الصغير وشقيقه الشيخ عبد الكريم، ثم مات ولد الشيخ محمد الأمير الصغير المذكور عقيما فانقرضت بموته ذرية الواقف وآل الوقف إلى شقيق الواقف الشيخ عبد الكريم المذكور، ثم مات هذا عن ولديه الشيخ محمد والشيخ أحمد فانفردا واستقلا بريع الوقف المذكور ثم مات الشيخ محمد أولا عن ولدين وهما عبد الكريم وعبد العزيز، ثم مات الشيخ أحمد عن ولدين كذلك وهما عبد السلام ومحمد، فكان هؤلاء وهم عبد الكريم وعبد العزيز ولدا الشيخ محمد وعبد السلام ومحمد ولدا الشيخ أحمد طبقة واحدة انفردوا واستقلوا بريع الوقف المذكور ثم إنهم جميعا ماتوا على الترتيب الآتى معقبين أولادا موجودين مات عبد الكريم عن ولده خليل ثم مات عبد السلام عن ولده محمد وبنتيه زينب وبهية ثم مات محمد عن ولده مصطفى وبنته رقية ثم مات عبد العزيز عن ولده عبد المجيد فهل يستحقون جميعا ذكورا وإناثا فى ريع الوقف المذكور أم الاستحقاق خاص بالذكور، وكيف تكون قسمة ريع الوقف بين المستحقين منهم - وهل منزل اغلواقف المذكور لسكنى المستحقين أم هو للاستغلال حيث إن الواقف أطلق
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور.
ونفيد أنه حيث قال الواقف فى كتاب وقفه (فإذا توفى الواقف المذكور ولم يوجد له ذرية أو كانوا وانقرضوا يكون ذلك وقفا وإرصادا مصروفا ريعه فى كل عام يصرف المتحصل منه آخر العام على أقارب الواقف المذكور أعلاه على حكم ميراثهم من الواقف لو كان حيا ومات عنهم فى ذلك الوقت لا فرق بين أقارب الأب وأقارب الأم لكن كل ذلك بحكم الميراث الشرعى بين ذوى الفروض والعصبات وذوى الرحم عاما فعاما يتغير الحكم بتغير الأحوال وهلم جرا إلى حين انقراضهم) - وحيث إن الواقف توفى عن ابنه المرحوم الشيخ محمد الأمير الصغير فقط وعن شقيقه الشيخ عبد الكريم ثم مات ابنه المذكور عقيما وآل ريع الوقف لشقيقه الشيخ عبد الكريم المذكور عملا بشرط الواقف المرقوم وبوفاته انتقل الاستحقاق لولديه محمد واحمد اللذين هما ابنا أخى الواقف عملا بالشرط المتقدم أيضا ثم بوفاة محمد عن ولديه عبد الكريم وعبد العزيز وأحمد عن ولديه عبد السلام ومحمد ينتقل الاستحقاق إليهم بالسوية لكونهم أبناء ابنى أخى الواقف إذ لو فرض أن الواقف كان حيا ومات عنهم فإنهم يرثونه بالعصوبة بالسوية بينهم، وقد جعل الاستحقاق للأقارب على حسب الاستحقاق فى الإرث - وحيث ان عبد الكريم مات عن ابنه خليل وعبد العزيز مات عن ابنه عبد المجيد وعبد السلام مات عن أولاده محمد وزينب وبهية ومحمد مات عن ولديه مصطفى ورقية - وحيث إننا لو فرضنا أن الواقف كان حيا ومات عن المذكورين لانحصر إرثه فى الذكور فى أولاد وأبناء ابنى أخى الواقف دون الإناث لأن الذكور هم العصبة والإناث من ذوى الأرحام - فعلى ذلك يكون مقتضى شرط الواقف وهو أن يكون الاستحقاق فى الوقف على حسب الاستحقاق فى الإرث أن العصبة مقدمون على ذوى الأرحام - وحيث إن خليل وعبد المجيد ومحمد ومصطفى هم عصبة الواقف لأنهم أبناء أبناء ابنى أخى الواقف الشقيق ولا شىء لزينب وبهية بنتى عبد السلام ابن احمد بن عبد الكريم شقيق الواقف ولا لرقية بنت محمد بن أحمد ابن عبد الكريم شقيق الواقف لأنهن بنات أبناء ابنى أخى الواقف فهن من ذوى الأرحام المؤخرين فى الميراث عن أصحاب الفروض والعصبة - وأما الجواب عن السؤال الثانى فحيث ماتت المشروط لها السكنى فى أى مكان من أمكنة الوقف فبموتها صارت جميع أمكنة هذا الوقف للاستغلال يقسم ريعها بين مستحقى هذا الوقف المذكورين بالسوية كشرط الواقف والله أعلم(7/5)
وقف استحقاق
المفتي
محمد بخيت.
شوال 1335 هجرية - 16 أغسطس 1917 م
المبادئ
1 - غلة الوقف ملك للمستحقين بقبض الناظر لها ولو قبل قسمتها وتكون يده عليها يد أمانة ويحبس إذا امتنع من أدائها ويضمنها بالاستهلاك أو بالهلاك بآفة سماوية بعد طلبها ومنعها.
2 - لا يملك الناظر شراء عقار بالريع للمستحقين إلا باذنهم صريحا أو دلالة ويكون ما اشتراه بالإذن ملكا لهم على الشيوع على قدر انصبائهم فى الثمن
السؤال
من إلياس يوسف فى ناظر وقف رسا عليه فى المحكمة مزاد أعيان تعلق أحد مستأجرى الوقف والثمن خصم من المطلوب للوقف - فهل الناظر يملك بيع الأعيان المذكورة بدون رأى المستحقين فى الوقف ويزع الثمن عليهم.
وما الحكم إذا كان البيع يحصل بأقل من الثمن الراسى به المزاد - فهل يضمن الناظر فى هذه الحالة الفرق.
مع العلم بأن الوقف المذكور هو وقف أهلى ومستحقو الريع الذى اشتريت به الأطيان والمنازل هم مستحقون معينون من ورثة الواقف وجلالة ملك الحجاز الناظر على الوقف الذى اشترى الأعيان لم يستشر المستحقين فى المشترى لأن المديون لا يمتلك خلاف ما بيع بالمزاد الجبرى ولم يصدر من المستحقين قبول صريح بالشراء إنما علموا به من الحسابات المقدمة لهم ولم يعارضوا فى عمل الناظر بل صدقوا على الحسابات بدون اعتراض الرجاء إفتاءنا ولفضيلتكم الشكر
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه قال فى الفقرة الأولى من المادة (401) من قانون العدل والإنصاف أخذا مما قاله فى رد المختار على الدر جزء ثالث فى باب المغنم وقسمته (غلة الوقف تصير ملكا للمستحقين بقبض الناظر ولو قبل قسمتها) - ونص بالمادة (402) من القانون المذكور أخذا من رد المختار فى الحوالة جزء رابع على أن الغلة فى يد الناظر أمانة مملوكة للمستحقين لهم مطالبته بها بعد استحقاقهم فيها ويحبس إذا امتنع من أدائها ويضمنها إذا استهلكها أو هلكت بآفة سماوية بعد الطلب) انتهى - وحينئذ لا يملك الناظر أن يشترى بشىء من الريع المملوك للمستحقين عقارا أو غيره إلا بإذنهم صريحا أودلالة فإذا اشترى بإذنهم صريحا أودلالة كان ما اشتراه الناظر ملكا للمستحقين مشتركا بينهم شركة ملك على قدر انصبائهم فى الثمن وحيث ان الناظر فى هذه الحادثة قد اشترى بريع الوقف الذى هو حق المستحقين وهم مستحقون معينون وقد علموا بذلك وصدقوا على الحساب بدون معارضة كان ذلك منهم إجازة للشراء بطريق الدلالة فتكون الأطيان والمنازل ملكا للمستحقين فى هذا الريع الذى دفع ثمنا لها مشتركة بينهم على قدر انصبائهم فى ذلك الريع شركة أملاك ولكل واحد منهم أن يبيع نصيبه فيها متى شاء ولا تكون وقفا مالم يلحقوها بالوقف فإن ألحقوها بالوقف الأول كانت وقفا منهم ملحقا بالوقف الأول - وأما ما أفتى به فى الفتاوى المهدية رقم 488 جزء ثان من أنه إذا اشترى المتولى بمال الوقف أى غلته دارا لا تلحق بالأماكن الموقوفة ويجوز بيعها فى الأصح در - فلو ألحقه بالوقف صار وقفا قولا واحدا - اهجرية فذلك مفروض فيما إذا لم تكن الغلة مستحقة ومملوكة لقوم بأعيانهم وكذا ما يوافقه مما قاله ابن عابدين بصحيفة (629) جزء ثالث طبعة أميرية سنة 1286 محمول أيضا على ما إذا كان الريع غير مستحق لأشخاص معينين محصورين يدل لذلك أن صاحب الأنقروية بصحيفة (220) جزء أول فرض هذه المسألة فى متولى المسجد ناقلا ذلك عن الذخيرة والخانية وقال بهامشها الفاضل من وقف المسجد هل يصرف إلى الفقراء قيل لا يصرف إلى الفقراء وأنه صحيح ولكن يشترى به مستغلا للمسجد كذا فى المحيط البرهانى - انتهى - وبالجملة بعد أن اتفق علماؤنا جميعا على أن غلة الوقف تصير ملكا للمستحقين بقبض الناظر لها ولو قبل قسمتها.
على أن الغلة فى يده أمانة مملوكة للمستحقين وأنه إذا مات واحد من الموقوف عليهم بعد ظهور الغلة فنصيبه لورثته لا يكون هناك موضع للشك فى أن ما أطلقه فى الدر وتبعه فى الفتاوى المهدية وأطلقه ابن عابدين أيضا يجب أن يكون محمولا على ما إذا لم يكن الريع مملوكا لأشخاص محصورين معينين - وأما إذا كان الريع مملوكا لهم فالحكم هو ما قلنا من أنه لا يجوز شراء عين بالريع المملوك لهم إلا بإذنهم ولو اشتى به عين بإذنهم ولو دلالة أو أجازوه بعد الشراء ولو دلالة كانت العين المشتراة ملكا لهم على قدر انصبائهم فى الريع ولا تكون وقفا إلا بإيقافها منهم.
والله أعلم(7/6)
وقف استحقاقى
المفتي
محمد بخيت.
ذو القعدة 1335 هجرية - 3 سبتمبر 1917 م
المبادئ
1 - إذا عين الواقف أولاده الموجودين وقت الوقف ثم رزق بأولاد فلا يستحقون شيئا فى الوقف لأنهم وإن كانوا من أولاده وقت الوفاة إلا أنهم ليسوا كذلك وقت الإنشاء
السؤال
من الشيخ محمود عليوة من طلبة العلم بالازهر الشريف فى رجل وقف أطيانا على نفسه مدة حياته وذكر فى كتاب وقفه الصادر منه فى سنة 1327 شروطا نصها (وما هو ثمانية عشر فدانا والساقيتان المذكورتان باقى ذلك يكون وقفا على أولاده الستة وهم الشيخ عبد الحليم والشيخ إبراهيم والشيخ محمد ومحمود وأحمد وعبد المجيد بالسوية بينهم مدة حياتهم ثم من بعد كل منهم فلأولاده ذكورا وإناثا للذكر منهم مثل حظ الأنثيين ثم لأولاد أولاده كذلك ثم لأولاد أولاد أولاده كذلك ثم ذريتهم ونسلهم وعقبهم كذلك طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك إلى ولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق للذكر منهم مثل حظ الأنثيين مضافا لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وعلى أن من مات منهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده أو أسفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل المتوفى حيا باقيا لاستحق ذلك فيداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين يكون جميعه وقفا مصروفا ريعه فى إقامة شعائر ومصالح ومهمات كل من مسجد سيدى عواض الخ ثم بعد تحرير هذا الوقف فى التاريخ المذكور أعلاه مات عبد المجيد المذكور أعلاه أحد الأولاد المذكورين عقيما (ثم رزق الله الواقف ولدا غيره سماه عبد الحى فى سنة 1331) بعد موت عبد المجيد المذكور فى كتاب الوقف - ثم فى سنة 1333 غير الواقف بعض شروط وقفه المذكور فى كتاب التغيير الصادر منه فى يوم 2 رجب سنة 1333 وذكر ما نصه (وأنه وقف ذلك على نفسه مدة حياته ثم من بعده على من عينه فى إشهاده المذكور وأنه شرط لأولاده عبد الحليم والشيخ إبراهيم والشيخ محمد ومحمود وأحمد وعبد المجيد من ضمن ذلك ثمانية عشر فدانا وقفهاء عليهم من بعده هم وذريتهم ونسلهم وعقبهم حسبما هو مدون فى كتاب وقفه السالف ذكره وبما له من الشروط العشرة فى وقفه المذكور من الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والاستبدال يفعل ذلك ويكرره مرارا عديدة مع شرط النظر لمن شاء متى شاء وبالنسبة لوفاة ابنه عبد المجيد المذكور قد أخرجه من وقفه هذا هو وذريته ونسله وعقبه وشرط أنه من بعده تكون الثمانية عشر فدانا المذكورة موقوفة على أولاده الموجودين الآن المذكورين ومن سيحدثه الله له من الأولاد ذكورا وإناثا بحسب الفريضة الشرعية هم وذريتهم ونسلهم وعقبهم حسب النص والترتيب المشروحين باشهاده السالف ذكره) ولم ينص الواقف على دخول هذا الولد الذى رزقه الله به فى سنة 1331 فى كتاب التغيير الصادر منه فى سنة 1333 كما نص على إخوته فى كتابى الوقف والتغيير ولم يكن حادثا بعد التغيير - فهل الولد المسمى عبد الحى الذى لم يكن موجودا وقت إنشاء الوقف ووجد قبل التغيير ولم يذكر ولم يكن ممن حدث بعده يكون خارجا بقول الواقف فى كتاب التغيير على أولاده الموجودين الآن المذكورين وان لفظ (المذكورين) - شرط من الواقف وشرط الواقف كنص الشارع أم داخلا بقوله أولاده الموجودين الآن وكان هذا الولد من الموجودين الآن ولم يذكر ولا التفات إلى قول الواقف (المذكورين) بل يكون لغوا أفيدوا الجواب ولكم الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتابى الوقف والتغيير المذكورين ونفيد انه حيث قال الواقف فى كتاب التغيير المذكور (وشرط أنه من بعده تكون الثمانية عشر فدانا المذكورة موقوفة على أولاده الموجودين الآن المذكورين الخ) فيكون هذا الولد المسمى بعبد الحى المرزوق للواقف فى سنة 1331 خارجا ولا استحقاق له فى الوقف المذكور لأنه وإن كان من أولاد الواقف الموجودين الآن لكنه ليس من الأولاد الموجودين المذكورين أى فى كتاب الوقف وكتاب التغيير لأنه ليس واحدا منهم فيكون خارجا بقيد المذكورين ولا استحقاق إلا بالنص من الواقف على ذلك ولم يوجد فى هذه الحادثة نص من الواقف على استحقاق عبد الحى المذكور فى وقفه.
والله أعلم(7/7)
وقف استحقاقى وخيرى
المفتي
محمد بخيت.
ذو القعدة 1335 هجرية - 5 سبتمبر 1917 م
المبادئ
1 - على الناظر أن يقسم المبلغ الموقوف على فقراء المسلمين الذين اختارهم، وأن يخير كلا منهم فيما يخصه بين أن يأخذه نقدا أو يشترى له به كساء.
2 - متى رضى المستحقون بأخذ قيمة المبلغ المخصص لشراء الخبز الموقوف عليهم نقدا أجابهم الناظر إلى ذلك.
3 - من يمر على منزل الواقف من أهل البلاد القريبة من منزله ويطلبون الإحسان لا يدخلون فى مسمى (السيارة والمارة وأبناء السبيل) فلا يستحقون معهم فى هذا المبلغ الموقوف عليهم ولو كانوا فقراء وذوى حاجة
السؤال
من الشيخ عبد الرزاق القاضى فى أن المرحوم أحمد منشاوى باشا وقف أعيانا يملكها على نفسه ثم من بعده على وجوه عينها بكتاب وقفه الصادر منه بتاريخ 10 شوال سنة 1322 بمحكمة طنطا الشرعية ومن تلك الوجوه أولا جعل من ريع وقفه ستمائة جنيه مصرى تصرف قبيل العيدين الفطر والأضحى من كل عام إلى كسوة ألف يتيم ومسكين وبائس فقير من المسلمين - فهل الواجب على الناظر أن يشترى تلك الكسا من المال المخصص المذكور ثم يوزعها على الأيتام والمساكين والفقراء البائسين أو له أن يوزعها عليهم نقدا إذا الواقف لم يشترط على الناظر شراء تلك الكسا ثم توزيعها (ثانيا) إن الواقف المذكور شرط فى كتاب وقفه المرقوم أن يصرف من ريع وقفه فى كل عام ألف وخمسمائة جنيه مصرى إلى تكية الواقف فى ثمن طعام وإدام وشراب وفواكه وملبوس ومفروش وغطاء وآلات أكل وشرب وطبخ وغير ذلك مما لا غنى عنه ويحتاج إليه من بالتكية وإلى السيارة والمارة وأبناء السبيل من المسلمين والذين يأتون من البلاد القابصية لأداء فريضة الحج الشريف ولا يستطيعون السفر من مصر إلى الحجاز إلى آخر ما نص وشرح بكتاب الوقف المرقوم - فهل يدخل فى السيارة أو المارة أو أبناء السبيل من يمر على سراى الواقف من أهل البلاد القريبة من سرايه وينزلون إليها فى طلب الإحسان مع تحقيق فقرهم وحاجتهم (ثالثا) إن الواقف المذكور شرط فى كتاب وقفه المسطور أن يصرف من ريعه فى كل عام مائتان وخمسون جنيها مصريا ويشترى منه كل يوم خمسون أقة خبز قرصة وتفرق على حضرات علماء ثغر دمياط وعلى مجاوريه إلى آخر ما نص وشرح بكتاب الوقف المسطور - فهل إذا تعذر إيجاد الخبز فى كل يوم حسب شرط الواقف لعدم وجود مخابز بدمياط وطلب أولئك العلماء والطلبة المبالغ المخصصة لشراء خبزهم نقودا يستعينون بها أجابهم الناظر إلى طلبهم أولا وإذا كان بالبلد مخبز ولكن الخبز شديد الغلاء وفى أخذهم للنقود رفق بهم فهل يجابون إذا طلبوا حقهم نقودا أو لا أفيدوا الجواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور ونفيد أنه نص بالمادة (115) من قانون العدل والإنصاف أخذا من رد المختار أنه إذا شرط للمستحقين خبزا ولحما معينا كل يوم أو شهر وأراد القيم دفع القيمة لهم نقدا فليس له ذلك إنما الخيار للمستحقين فى طلب حقهم المعين عينا ولهم طلب قيمته نقدا ومن ذلك يعلم الجواب عن السؤال الأول والثالث فى هذه الحادثة وهو أنه حيث جعل الواقف من ريع وقفه ستمائة جنيه مصرى تصرف قبيل العيدين الفطر والأضحى من كل عام إلى كسوة الف يتيم ومسكين وبائس فقير من المسلمين فالناظر يقسم مبلغ الستمائة جنيه المذكورة على ألف يتيم ومسكين وبائس فقير من المسلمين الذين يختارهم الناظر فما يخص كلا منهم خيره الناظر عند إعطائه بين أن يأخذ ما يخصه فى ذلك المبلغ نقدا وبين أن يشترى له به كسوة فإن رضى بأخذ ما يخصه فى ذلك المبلغ نقدا كان للناظر أن يدفع إليه ما يخصه نقدا - وكذلك الحكم فى السؤال الثالث متى رضى المستحقون وهم علماء ومجاورو ثغر دمياط بأخذ قيمة المبلغ المخصص لشراء خبز القرصة الموقوف عليهم نقدا أجابهم الناظر لذلك حيث كانت مصلحتهم فى ذلك - وأما الجواب عن السؤال الثانى فنقول إن من يمر على سراى الواقف من أهل البلاد القريبة من سرايه وينزلون إليها فى طلب الإحسان مع تحقيق فقرهم وحاجتهم لا يدخلون فى السيارة والمارة وأبناء السبيل فلا يستحقون معهم فى المبلغ المخصص لهم لأن ابن السبيل هو المسافر الذى له مال ولكن ليس معه والسيارة والمارة هم الذين شأنهم السير والمرور على الدوام فى البلاد على سبيل الارتزاق وأما من يمر بسراى الواقف من أهل البلاد القريبة منها وينزلون إليها لطلب الإحسان مع تحقيق فقرهم وحاجتهم فهم وإن كانوا فقراء لكنهم لا يعدون فى العرف من السيارة والمارة الموقوف عليهم ولو كان غرض الواقف دخول هؤلاء فى وقفه لقال على فقراء البلاد القريبة من سرايه فعدوله عن ذلك إلى الوقف على السيارة والمارة وأبناء السبيل قرينة ظاهرة على أنه يريد من يعدون من السيارة والمارة عرفا ويريد من أبناء السبيل المعنى المعروف وهو ما ذكر.
والله أعلم(7/8)
وقف استحقاق
المفتي
محمد بخيت.
ذو القعدة 1335 هجرية - 11 سبتمبر 1917 م
المبادئ
1 - من وقف على الأصلح فالأصلح من أقاربه كان المراد بالصلاح أو بالصالح من كان مستورا ولم يكن مهتوكا ولا صاحب ريبة مستقيم الطريقة سليم الناحية كامن الأذى قليل الشر ليس معاقرا للنبيذ ولا ينادم عليه الرجال ولا قذافا للمحصنات ولا معروفا بالكذب - ومثله العفاف والخير والفضل - ومن كان أمره على خلاف ذلك فليس من أهل الصلاح ولا العفاف.
2 - إذا وجد عدد من أهل الصلاح من قرابة الواقف ممن اتصفوا بالصلاح كما ذكر آنفا وليس بيدهم شىء يدفع عنهم الحاجة من ملك أو غيره كما وجد مثلهم ولكن بيدهم شىء قليل.
يعطى لمن ليس بيدهم شىء مثل ما بيد الآخرين حتى يتساوى الفريقان ثم يقسم الباقى على الطرفين بالسوية
السؤال
من الشيخ عبد الرزاق القاضى فى أن المرحوم أحمد منشاوى باشا وقف أعيانا يملكها على نفسه ايام حياته ثم من بعده على وجوه عينها بكتاب وقفه الصادر منه بمحكمة طنطا الشرعية بتاريخ 10 شوال سنة 1322 وقد نص فى كتاب وقفه المرقوم على أن يصرف من ريعه كل عام ألف جنيه مصرى للأصلح فالأصلح من ذوى القربى لسعادة الباشا الواقف المشار إليه ويقدم الأحوج فالأحوج ماداموا مستقيمى الأحوال فإذا وجد بعد الواقف عدد من ذوى قرباه من المستحقين ذوى الحاجة الذين ليس بيدهم شىء يدفع عنهم الحاجة من ملك أو غيره ووجد عدد آخر من ذوى قرباه المستقيمى الأحوال المحتاجين ولكن بيدهم شىء قليل من الملك كالأطيان ولكن غلته لوقسمت على هذا المالك ومن تلزمه نفقته وهم من ذوى القربى أيضا لما كان ما يخص الواحد سادا لحاجته - فهل والحالة هذه يكون الفريق الثانى وهم ذوو الحاجة من قرابة الواقف الذين بأيديهم شىء قليل محرومين من الوقف لا يتناولون منه شيئا أصلا بحجة أن الأولين أحوج منهم ومقدمون عليهم أو يكون فى هذه الحالة للناظر أن يخص الفريق الأول بنصيب أكبر والفريق الثانى بنصيب إذا جمع مع ريع ما بيده كان مساويا لما أصاب الواحد من الفريق الأول أفيدوا الجواب ولكم الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور ونفيد أنه نص فى رد المختار نقلا عن افسعاف بصحيفة 682 جزء ثالث طبعة أميرية سنة 1286 على أن الصالح من كان متسورا ولم يكن مهتوكا ولا صاحب ريبة وكان مستقيم الطريق سليم الناحية كامن الأذى قليل الشر ليس بمعاقر للنبيذ ولا ينادم عليه الرجال ولا قذافا للمحصنات ولا معروفا بالكذب فهذا هو الصلاح عندنا ومثله العفاف والخير والفضل ومن كان أمره على خلاف ما ذكر فليس من أهل الصلاح ولا العفاف - وقال فى رد المختار نقلا عن الإسعاف أيضا بصحيفة 682 من الجزء المذكور ما نصه قال الحسن فى رجل أوصى بثلثه للأحوج فالأحوج من قرابته وكان فيهم من يملك مائة درهم مثلا ومن يملك أقل يعطى ذو الأقل إلى أن يصير معه مائة درهم مثلا ثم يقسم الباقى بينهم جميعا بالسوية قال الخصاف والوقف عندى بمنزلة الوصية إسعاف - ومن ذلك يعلم أنه إذا وجد عدد من ذوى قرابة الواقف ممن اتصفوا بالصلاح على وجه ما ذكر وليس بيدهم شىء يدفع عنهم الحاجة من ملك أو غيره ووجد عدد آخر من ذوى قرابته ممن اتصف بالصلاح أيضا ولكن بيدهم شىء قليل فحينئذ يعطى من لم يكن بيده شىء وهو الفريق الأول من الألف جنيه المذكورة مقدار الشىء القليل الذى بيد الفريق الثانى حتى يتساوى الفريقان وبعد أن يتساويا فى ذلك يقسم الباقى من الألف جنيه على الفريقين بالسوية بينهم.
والله أعلم(7/9)
وقف استحقاقى
المفتي
محمد بخيت.
صفر 1336 هجرية - 5 ديسمبر 1917 م
المبادئ
من مات من الموقوف عليهم قبل الواقف وقبل استحقاقه فى الوقف عن ذرية فلا يستحق واحد منهم شيئا لعدم استحقاق أصلهم قبل وفاته عملا بشرط الواقف
السؤال
من حسن خليفة فى رجل اسمه الحاج قاسم ابن أبى العلا وقف بمحكمة أبى تيج بتاريخ 5 أكتوبر سنة 1902 جملة أطيان وأنشأ وقفه المذكور كما هو فى كتاب وقفه على نفسه مدة حياته ثم من بعده على زوجته وسيلة بنت محمود وبناته لصلبه منها وهن هانم وعائشة وآمنة ومن سيحدثه الله له من الذرية ذكورا وإناثا حسب الفريضة الشرعية للذكر من أولاده مثل حظ الأنثيين وعلى أولادهم وأولاد أولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم نسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون فرع غيرها بمعنى أن كل أصل يحجب فرع نفسه دون فرع غيره على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه فى الوقف وقام ولده أو ولد ولده مقامه واستحق ما كان يستحقه أصله أن لو كان حيا إلى آخر ما جاء فى كتاب وقفه المرفق بهذا وقبل وفاة الواقف ماتت بنته آمنه عن ولدها سيد إبراهيم الشهير بشاكر ثم ماتت الواقف بعد وفاتها فهل يكون لابن الست آمنة شىء فى الوقف أم لا يكون نطلب الجواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور ونفيد أنه لا شىء الآن لسيد إبراهيم الشهير بشاكر بن آمنة بنت الواقف المتوفاة فى حياة الواقف من ريع هذا الوقف لأن آمنة المذكورة ماتت قبل الاستحقاق فليس لها نصيب بالفعل والمراد بالنصيب فى قول الواقف (على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه فى الوقف الخ) هو النصيب بالفعل لا بالقوة على ما هو الراجح كما صرح بذلك فى صحيفة 154 جزء أول من تنقيح الحامدية والواقف لم يشترط قيام فرع من مات قبل الاستحقاق مقامه فى الاستحقاق ولا استحقاق إلا بالشرط وبناء على ذلك لا استحقاق الآن لسيد إبراهيم بن آمنة بنت الواقف المتوفاة فى حياة الواقف لا بطريق الانتقال عن أمه لما قلنا من أنه لا نصيب لها بالفعل حتى ينتقل بموتها إليه ولا بطريق الأصالة من قبل الواقف لعدم انقراض طبقة أولاد الواقف الذين هم طبقة عليا وهى تحجب الطبقة السفلى عن استحقاقها بنفسها عملا بقول الواقف نسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل ولعدم اشتراط الواقف قيام فرع من مات قبل الاستحقاق مقامه فى الاستحقاق كما قلنا.
والله أعلم(7/10)
وقف استحقاقى وسكنى
المفتي
محمد بخيت.
رجب 1336 هجرية - 25 ابريل 1918 م
المبادئ
1 - إذا شرط الواقف السكنى فى المكان الموقوف - لمن يكون ناظرا على الوقف، من الموقوف عليهم - فلا يجب على الناظر أن يسكن فيها، بل له أن يسكن فى غيرها، ولكن لا يجوز له على كلا الحالين أن يستغلها.
2 - إذا قام الناظر بتنفيذ شرط الواقف وإجراء ما كان معتادا حال حياة الواقف - حسب شرطه - فإنه يستحق ما جعله الواقف فى نظير قيامه بذلك من ثلث غلة هذا الوقف، زيادة عن استحقاقه.
3 - يستحق الناظر عشر ريع الوقف الأول الفاضل بعد مصروفاته، زيادة عما يستحقه مع مستحقى الوقف - حسب شرط الواقف - وإن لم يقدره القاضى.
4 - للناظر على الوقف الثانى أن يأخذ قدر أجر مثله إذا عمل ولو بواسطة وكيله، ولو لم يشترط له الواقف شيئا، ولم يعين له القاضى أجرا، إذا كان المعهود أنه لا يعمل إلا بأجر.
وله أن يأخذ كامل العشر قبل احتساب المصاريف إن كان ذلك قدر أجر مثله
السؤال
من الشيخ عثمان أفندى عن دولة ماهوش عزيزة هانم بما صورته فى واقف هو المرحوم السيد أبو بكر راتب باشا أنشأ وقفه الصادر من محكمة مصر الشرعية فى 29 الحجة سنة 1288 على نفسه ثم من بعده على على من عينهم بكتاب وقفه المرقوم وقد شرط سعادة الواقف المشار إليه فى وقفه هذا شروطا منها أنه جعل المكان المعبر عنه بالسراى المذكورة فى وقفه هذا على من يكون ناظرا على الوقف المذكور من الموقوف عليهم من كل طبقة مستحقة لذلك حيث قال هناك ما نصه.
ومنها أن تكون السكنى بالمكان المعبر عنه بالسراى المذكورة لمن يكون ناظرا على الوقف المذكور من الموقوف عليهم من كل طبقة مستحقة لذلك على النص والترتيب المشروحين أعلاه إلى حين انقراضهم أجمعين ثم أنشأ سعادة الواقف المذكور وقفا آخر جعله على نفسه ثم من بعده على من عينهم بكتاب وقفه المرقوم الصادر فى 2 رجب سنة 1290 من محكمة اسكندرية الشرعية وقد شرط الواقف فىب هذا الوقف شروطا منها أن الناظر على هذا الوقف والمتكلم عليه من ذرية سعادة الواقف يقوم بفتح بيت سعادة الواقف بعد وفاته وهو البيت المعبر عنه بالسراى فى كتاب وقفه السابق ويجرى ما كان معتادا إجراؤه فيه حال حياة الواقف من تلقى الواردين إليه والمترددين عليه ومؤانستهم وإكرامهم كل بما يليق به ويكون للناظر فى نظير قيامه بذلك ثلث غلة هذا الوقف زيادة عن داستحقاقه الخ ما نص وشرح بكتاب الوقف الثانى المذكور.
وقد توفى الواقف المذكور إلى رحمة الله تعالى وآل استحقاق فاضل ريع وقفيه إلى السيد إبراهيم بك راتب الناظر الآن والسيد إسماعيل بك راتب والسيد داود بك راتب والسيد توفيق بك والست بهية هانم راتب والسيد أبو بكر راتب والسيد على بك راتب والسيد عمر بك راتب أولاد المرحوم السيد محمد راتب باشا ابن المرحوم السيد إسماعيل راتب باشا ابن المرحوم السيد أبى بكر راتب باشا سعادة الواقف المذكور وإلى الأميرة ما هوش عزيزة هانم والأميرة أمينة بهروز كريمتى المرحومة الأميرة فاطمة دولت هانم كريمة المرحومة أمينة هانم كريمة المرحومة السيد أبى بكر راتب باشا سعادة الواقف المذكور وقد تعين فى النظر على هذين الوقفين السيد إبراهيم بك راتب المذكور أولا بمقتضى إعلام شرعى وقد سكن السيد إبراهيم راتب الناظر المذكور فى منزل الواقف المعبر عنه بالسراى فى كتاب وقفه الأول المتقدم بيان الشرط الوارد فى شأنه، وكان له مسكن آخر بالقاهرة إلى أن أبعد الناظر المذكور فى أول فبراير سنة 1915 عن القطر المصرى بقوة قاهرة ولم يزل متاعه وأثاثه وخدمة وعمال دائرته ومتاع حرمه سمو الأميرة ماهوش عزيزة هانم بالمنزل المذكور، وقبل أن يبتعد عن القطر المصرى أقام حرمه الأميرة ماهوش عزيزة هانم المشار إليها وكيلة عنه فى أعماله الخاصة وإدارة ما تحت يده من الأوقاف الذى هو ناظر عليها فى كل ما يتعلق بها وهى قائمة بذلك وجارية عليها جميع الخيرات المشروطة بكتابى الوقفين المرقومين وقد ضم قاضى مصر وزارة الأوقاف إلى السيد إبراهيم بك راتب المذكور لحين حضوره، فهل السكنى بالسراى المذكورة واجبة على الناظر ويستحق المشروط له مادام قائما بتنفيذ شرط الواقف من أعمال الواجبات اللازمة للمترددين والواردين بالسراى المومى إليه طبق شرطه وإن لم يكن هذا الناظر شاغلا لها بالسكنى، لأن الواقف لم يحتم على النظار السكن بل أدار أمرها على التخيير كما هو صريح الشرط المتقدم الذى منه ما نصه ومنها أن تكون السكنى بالمكان المعبر عنه بالسراى المذكورة لمن يكون ناظرا الخ، وعلى فرض تحتم السكن بها على الناظر فهل يعتبر كونه ساكنا بها نظرا لوجود متاعه وأثاثه فيها وإقامة حرمه بها عملا بما نصوا عليه من أنه لو حلف لا يسكن دار فلان يعتبر ساكنا فيها ما بقى له فيها وتد لاسيما وأن الواقف المذكور كان فى أدوار حياته متقلبا فى وظائف عديدة ما بين الوجهين القبلى والبحرى، وفى جهة كريد حينما ضمت للحكومة المصرية وفى جمرك اسكندرية وفى مأمورية التحرير العمومى بالجيزة وفى مأمورية الاستانة مع والده المرحوم الخديوى عباس باشا الأول إلى غير ذلك كما يعلم من الكشف المحرر من دفتر محاسبة الخزينة لسعادة الواقف المذكور رقم 3 وذلك مما يستأنس به فى اعتبار غرض الواقف من هذا الشرط وأنه ليس المراد وجوب السكنى فعلا على النظار بل المدار فى ذلك على فتح البيت وإكرام الواردين والمترددين به كما كان ذلك حال حياة الواقف، وهل الوكيل عن السيد إبراهيم بك الناظر يقوم ذلك الوكيل مقامه فى تنفيذ شرط الواقف مع ضم نظارة الأوقاف إلى الناظر المذكور، وهل ثلث الغلة المشروط له فى وقفه الثانى يخرج من عموم ريع الوقف قبل إخراج المصاريف اللازمة للوقف وإدارة شئونه أو بعد إخراجها، وهل إذا لم يقم الناظر بتنفيذ شرط الواقف يعود الثلث المذكور للمستحقين ويوزع عليهم وهل يستحق الناظر العشر المشروط له فى كتاب وقفه الأول زيادة عن استحقاقه فيه،إن لم يقرر هذا العشر القاضى، وهل يستحق العشر أيضا فى وقفه الثانى إذا عمل ولو بواسطة وكيله ولو لم يشترط الواقف له شيئا فيه أم كيف الحال أفيدوا الجواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتابى الوقفين المذكورين.
ونفيد أنه حيث شرط الواقف السكنى بالمكان المعبر عنه بالسراى لمن يكون ناظرا على الوقف من الموقوف عليهم على وجه ما ذكر بالسؤال وبكتاب الوقف المؤرخ 29 ذى الحجة سنة 1278 السكنى غير واجبة على الناظر فى هذه السراى بل له أن يسكن فيها وأن يسكن فى غيرها ولكن لا يجوز له على كلا الحالين أن يستغلها لأأن الموقوف على السكن لا يجوز استغلاله، وحينئذ مادام الناظر قائما بتنفيذ شرط الواقف من فتح بيت الواقف بعد وفاته ولإجراء ما كان معتادا إجراؤه فيه حال حياة الواقف من تلقى الواردين إليه والمترددين عليه ومؤانستهم لكل بما يليق به على حسب ما شرطه الواقف بكتاب وقفه المؤرخ 2 رجب سنة 1290 سواء قام بكل ماذكر بنفسه أو بمن ينوب عنه استحق ما جعله الواقف فى نظير قيامه بذلك من ثلث غلة هذا الوقف زيادة عن استحقاقه، ويستحق ذلك كسائر المستحقين فيما فضل من ريع الوقف صافيا بعد مصاريف العمارة الضرورية والمؤن وأداء العشر أو الخراج المضروب على العقار عملا بالمادة (374) من قانون العدل والإنصاف أخذا من رد المختار والهندية وتنقيح الحامدية ويؤخذ جميع المصاريف العامة التى ترجع لشئون الوقف أولا ويقسم الصافى على جميع المستحقين الذين منهم مستحق الثلث المذكور زيادة عن استحقاقه، وأما العشر الذى شرطه الواقف للناظر فى كتاب وقفه الأول حيث قال فيه (ومنها أن حضرة الواقف المشار إليه شرط لمن يكون ناظرا على الوقف المذكور عشر ريعه الفاضل بعد مصروفاته زيادة عما يستحقه مع المستحقين للوقف المذكور إن وجد من يشاركه فى ذلك الاستحقاق) - فالناظر يستحق ذلك العشر من ريع الوقف الفاضل بعد مصروفاته زيادة عما يستحقه مع مستحقى الوقف كما صرح الواقف نفسه بذلك فى شرطه المذكور وإن لم يقدره القاضى، لأن الواقف له أن يجعل للناظر أجر المثل وأكثر من أجر المثل وأما القاضى فلا يجوز له أن يجعل للناظر أكثر من أجر المثل كما صرح بذلك بالمادة (169) من قانون العدل والإنصاف أخذا من تنقيح الحامدية والإسعاف وكذا بالمادة (179) منه أخذا من تنقيح الحامدية ورد المختار والهندية والاسعاف.
وأما استحقاق الناظر العشر فى وقفه المبين بكتاب وقفه الثانى المؤرخ فى 2 رجب 1290 إذا عمل ولو بواسطة وكيله ولو لم يشرتط له الواقف ذلك فنقول قال فى الفتاوى الحامدية بصحيفة (207) جزء أول طبعة أميرية سنة 1300 نقلا عن البحر مانصه وأما بيان ماله فإن كان من الواقف فله المشروط ولو كان أكثر من أجر المثل وإن كان منصوب القاضى فله أجر مثله واختلفوا هل يستحقه بلا تعيين القاضى ونقل فى القنية أولا أن القاضى لو نصب قيما مطلقا ولم يعين له أجرا فسعى فيه سنة فلا شىء له وثانيا أن القيم يستحق أجر مثل سعيه سواء شرط له القاضى أو أهل المحلة أجرا أولا، لأنه لا يقبل القومة ظاهرا إلا بأجر والمعهود كالمشروط.
ووفق الخير الرملى فى حواشيه بحمل الأول على ما إذا لم يكن معهودا اانتهى.
وقال فى قانون العدل والإنصاف بمادة (170) أخذا من الإسعاف لا يكلف المتولى من العمل بنفسه إلا مثل ما يفعله أمثاله فى العادة من عمارة الوقف واستغلاله ورفع غلاته وبيعها وصرف ما اجتمع منها فى وجوه الوقف إلى آخر ما بها، وصرح به فى المادة (163) أخذا من رد المختار أنه يجوز للناظر أن يوكل من يقوم بما كان إليه من أمر الوقف ويجعل له من جعله شيئا وقد صرح أيضا فى الفتاوى الحامدية بصحيفة (208) جزء أول من الطبعة المذكورة بأنه متى كان العشر من كامل غلة الوقف هو قدر أجر مثله ولم يجعل له الواقف شيئا له أخذه من كامل الغلة قبل حساب المصاريف ومن ذلك يعلم أن للناظر على الوقف المذكور أن يأخذ قدر أجر مثله فى وقفه الثانى إذا عمل ولو بواسطة وكيله ولو لم يشرط له الواقف شيئا فى نظير النظر ولم يعين له القاضى أجرا إذا كان المعهود أنه لا يعمل إلا بأجر وله أن يأخذ كامل العشر قبل احتساب المصاريف إن كان ذلك قدر أجر مثله وبالجملة فالذى يأخذه هو قدر أجر مثله سواء كان هو العشر من كامل الغلة قبل احتساب المصاريف أو أقل من ذلك وليس له أن يأخذ أكثر من العشر من كامل الغلة وأما إذا لم يقم الناظر بفتح بيت سعادة الواقف بعد وفاته ويجرى به ما كان معتادا إجراؤه فيه حال حياته من تلقى الواردين إليه والمترددين عليه ومؤانستهم وإكرامهم لكل بما يليق به لا بنفسه ولا بمن ينوب عنه فإن كان عدم قيامه بما ذكر لمانع منعه من القيام بذلك ولم يكن بتقصيره كأن لم يوجد أحد يرد إلى بيت الواقف ولا يتردد عليه مثلا استحق الثلث المذكور عملا فى ذلك بما قضت به المادة (261) من قانون العدل والإنصاف أخذا من الدر المختار ورد المختار عليه.
وأما إذا كان عدم قيامه بما ذكر وعلى كل حال فلا يعود الثلث المذكور لأحد من المستحقين لعدم النص من الواقف على ذلك ولا استحقاق إلا بالشرط.
والله أعلم.
ے(7/11)
وقف استحقاقى وخيرى
المفتي
محمد بخيت.
رجب 1336 هجرية - 19 أبريل 1918 م
المبادئ
1 - إذا توفى الواقف - دون أن يعقب ذرية - تكون الحصة وهى الثلث الموقوفة على من سيحدث للواقف من الذرية وقفا منضما إلى حصة السدس المعينة للخيرات وغيرها.
ويصير الوقف المحال فى حكمه وشرطه كالمحال عليه، فيصرف لكل جهة عينها الواقف فى السدس نظيرها من الثلث.
2 - يلزم الناظر أن يبنى من حصة الثلث سبيلا ومكتبا على الوجه الذى شرطه الواقف فى حصة السدس، وأن يصرف من تلك الحصة عليهما مثل ما عينه الواقف من حصة السدس.
3 - لناظر الوقف قطع أشجار الوقف متى تلفت وصارت غير مثمرة وكان فى وجودها ضرر بمصلحة الوقف
السؤال
من الشيخ خيرت راضى عن ناظر الوقف بما صورته أن المرحوم الحاج مصطفى برتو باشا عتيق المرحوم الحاج عباس باشا والى مصر كان.
وقف الأطيان المبينة بكتاب وقفه المحرر بتاريخ سابع عشر من ذى القعدة سنة 1298 هجرية ومسجدل بسجل المحكمة الشرعية بمكة المكرمة بالانشاء والشروط الواردة به مع ما يتبع ذلك من النباء والمساكن والأشجار والنخيل وكامل أصناف المفروشات على اختلاف أنواعها التى من بينها أنه جعل وقفه بعد وفاته وقفا على ما يبين فيه - وهو أن الحصة التى قدرها السدس أربعة قراريط من ذلك تكون وقفا يصرف من ريعها المبالغ والخيرات المعينة بكتاب الوقف للجهات الموضحة به، ومن بين ذلك بناء مكتب علو السبيل الموضح بكتاب الوقف لتعليم عشرين نفرا من أطفال المسلمين قراءة القرآن العظيم والخط والتوحيد به وفى أجرة شخصين لتعليمهم ذلك، وأن يصرف للشخصين المذكورين فى نظير تعليمهما الأطفال المذكورين ما هو مشروط أعلاه بالمكتب المذكور سوية بينهما مائتان وخمسون قرشا صاغا شهريا، وأن الحصة التى قدرها الثلث تكون وقفا على من سيحدثه الله للواقف من الأولاد ذكورا وإناثا بالسوية بينهم، ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم إلى حين انقراضهم ويكون الثلث المرقوم وقفا منضما للأربعة قراريط المعينة للخيرات وغيرها المنوه عنها قبل حكمه كحكمها وشرطه كشرطها فى الحال والمآل والتعذر والإمكان أبد الآبدين إلى آخر ما هو موضح بكتاب الوقف المرقوم، وقد توفى الواقف بدون أن يحدث له ذرية ولا نسل وأصبحت الحصة التى كانت مخصصة من الواقف لمن يحدث له ذرية ولا نسل وأصبحت الحصة التى كانت مخصصة من الواقف لمن يحدث له من الذرية وقدرها الثلث وقفا منضما إلى الأربعة قراريط المعينة للخيرات وغيرها فامرجو الإفادة.
أولا عما إذا كان من الواجب على ناظر الوقف أن يصرف من ثلث الوقف الذى كان مخصصا لمن يحدث للواقف من الذرية وقدره ثمانية قراريط فى الجهات والخيرات التى أوجب الواقف الصرف من حصة السدس عليها حيث إنه ألحق الثلث بالسدس وجعل حكمه كحكمه وشرطه كشرطه، وقد شرط فى حصة السدس أن يصرف من ريعها المبالغ والخيرات التى أوضحها بكتاب وقفه المرقوم أو أن حصة الثلث تضم إلى حصة السدس ولا يصرف من المجموع إلا المبالغ والخيرات التى نص على صرفها أولا فى حصة السدس، ولا يجب على الناظر أن يحدث الصرف على جهات مماثلة لجهات مصرف السدس حيث أصبح كل من السدس والثلث وقفا واحدا يصرف منه فى خصوص السبيل والجهات التى نص عليها الواقف فى حصة السدس، ولا يلزم الناظر بأن يعدد تلك الجهات ثانيا هل لناظر الوقف أن يقطع الأشجار التى زرعها نظار الوقف السابقون متى ثبت له ذلك وكانت غير مثمرة وكبرت وكان وجودها مضرا بمصلحة الوقف ويزرع بدلا عنها مع ملاحظة أن الواقف قد شرط أن ما فضل بعد صرف الخيرات المعينة من ريع السدس فى كل سنة يحفظه الناظر تحت يده وفى ثلاثة سنين يشترى عقارا أو أطيانا ويضمه لهذا الوقف ويكون حكمه كحكمه وشرطه كشرطه الخ ما نص عليه.
نرجو الجواب ولفضيلتكم الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور.
ونفيد أنه حيث جعل الواقف الحصة التى قدرها السدس أربعة قراريط من الأعيان الموقوفة وقفا يصرف من ريعها الخيرات بكتاب وقفه المذكور وما فضل بعد ذلك من ريع هذه الحصة فى كل سنة يحفظه الناظر على هذا الوقف تحت يده، وفى كل ثلاثة سنين يشترى به عقارا وأطيانا ويضمه لهذا الوقف ويكون حكمه كحكمة وشرطه كشرطه ومصرفه كمصرفه فى الحال والمآل الخ وجعل الحصة التى قدرها الثلث ثمانية قراريط وقفا على من سيحدثه الله للواقف من الأولاد ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم بالكيفية المبينة بكتاب الوقف إلى حين انقراضهم، يكون الثلث المرقوم وقفا منضما للأربعة قراريط المعينة للخيرات وغيرها المنوه عنها بكتاب الوقف حكمه كحكمها وشرطه كشرطها فى الحال والمآل والتعذر والإمكان الخ.
وحيث علم من السؤال أن الواقف توفى بدون أن يعقب ذرية وبذلك تكون الحصة وهى الثلث الموقوفة على من سيحدث للواقف من الذرية وقفا منضما إلى الأربعة قراريط المعينة للخيرات وغيرها حكمه كحكمها وشرطه كشرطها الخ.
وحيث إن مقتضى القواعد الشرعية أن الحكم والشرط فى عبارات الواقفين فى مثل هذه المواضع ترجع إلى بيان الأنصباء وكيفية استحقاقها لمستحقيها فيكون المراد من قول الواقف هنا حكمه كحكمها وشرطه كشرطها هو أن يصير الوقف المحال فى حكمه وشرطه كالمحال عليه فى حكمه وشرطه، فيستحق كل مستحق فى المحال مثل ما كان يستحقه فى المحال عليه بالشروط المذكورة فى المحال عليه، فكل جهة كانت تستحق قدرا فى المحال عليه بشرط تستحق مثله فى المحال بذلك الشرط بمقتضى إلحاق المحال بالمحال عليه فى حكمه وشرطه، بمعنى أن كل جهة كانت تأخذ مقدارا معينا من حصة السدس بشرط أن تأخذ مثله من حصة الثلث بذلك الشرط، فيصرف لكل جهة عينها فى السدس نظيرها من الثلث، وكذلك يلزم الناظر أن يبنى من حصة الثلث سبيلا ومكتبا على الوجه الذى شرطه الواقف فى حصة السدس، وأن يجعله معدا لتعليم عشرين نفرا من أطفال المسلمين قراءة القرآن العظيم والخط والتوحيد، وأن يصرف من تلك الحصة على المكتب والسبيل اللذين بناهما من حصة الثلث مثل ماعينه الواقف من حصة السدس، سواء بسواء حتى كأن الواقف وقف حصة الثلث وقفا مستقلا، وجعل جهات الاستحقاق هى عين الجهات التى وقف عليها حصة السدس، وأن يصرف على تلك الجهات التى وقف عليها الثلث مثل ما يصرف عليها من حصة السدس - وللناظر قطع أشجار الوقف متى تلفت وصارت غير مثمرة وكان وجودها مضرا بمصلحة الوقف كما أفتى بذلك فى الفتاوى المهدية بصحيفة (667) جزء أول حيث قال ما نصه يسوغ للناظر قلع تلك الأشجار وبيعها والحال ماذكر ففى فتح القدير وسئل أبو القاسم العقاد عن شجرة وقف يبس بعضها وبقى بعضها فقال ما يبس منها فسبيله سبيل غلتها وما بقى فمتروك على حالها - وفى البزازية وقال الفضلى وبيع الأشجار الموقوفة مع الأرض لا يجوز قبل القلع كبيع الأرض، وقال أيضا أو تكن مثمرة يجوز بيعها قبل القلع لأنه غلتها والمثمرة لا تباع إلا بعد القلع كبناء الأرض.
بحر من كتاب الوقف - وحيث علم أن غير المثمرة هى غلة الأرض فيجوز قلعها وزرع بدلها لأنه من قبيل استغلال الأرض وللناظر ذلك.
والله أعلم(7/12)
وقف استحقاقى ودين
المفتي
محمد بخيت.
جمادى الآخر 1337 هجرية - 4 مارس 1919 م
المبادئ
إذا اتفق الواقف مع دائنه على تقسيط الدين بفوائد قدرها 7 على أن ببدأ من ريع الوقف بسداد هذه الأقساط مع الفوائد، فالوالجب على الناظر تنفيذ ذلك بالنسبة لأصل الدين فقط.
أما اشتراط سداد الفوائد التى هى ربا فهو لاغ، لأنه معصية واشتراطه باطل.
فلا يؤخذ من ريع الوقف
السؤال
من الشيخ محمد القماح الحاضر عنه الشيخ محمود أبو دقيقة فى تقديم السؤال بما صورته - وهو بتاريخ الخامس من شهر أغسطس سنة 1906 ست وتسعمائة وألف أمام محكمة مصر الشرعية وقفت الحاجة خضرة أم على بنت على ابن الحاج محمد بمقتضى إشهاد بالتاريخ المذكور ومسجل فى 14 أغسطس من السنة المذكورة رقم 1577 إشهادات كامل بناء وأرض أربعة منازل وما بأسفلها من الحوانيت المذكور حدودها ومسطحاتها بذلك الإشهاد على نفسها ثم على بنتها الست سيدة بنت الحاج أحمد فائق ثم من بعدها على أولادها وذريتهم ونسلهم بالكيفية الموضحة بكتاب وقفها السالف الذكر ينتفعون بتلك الأعيان الموقوفة بسائر وجوه الانتفاعات الشرعية، ثم بعد انقراض بنتها سيدة المذكورة وذريتها ونسلها يكون وقفا على ولدى شفيقة الواقفة المرحومة هنمه وهما أبو السعود وشقيقته زينب ولدى على منصور بن منصور بالسوية بينهما، ثم من بعد كل منهما فعلى ولده وذريته ونسله إلى اقنراضهم أجمعين يكون وقفا على مصالح الحرمين الشريفين المكى والمدنى، فإن تعذر الصرف لأحدهما فللآخر وإن تعذر لهما معا فللفقراء والمساكين من المسلمين أينما كانوا، وشرطت فى وقفها هذا أن يبدأ بعمارته وما فيه البقاء المنفته، وأن يصرف فى كل سنة من سنى الأهلة ثلاثون جنيها مصريا أو ما يقوم مقامها بحسب كل زمان فى خيرات عينتها بكتاب وقفها، وأن يكون النظر لها مدة حياتها ثم لابنتها الست سيدة المذكورة ثم من بعدها فلزوجها أحمد محمد المقاول ثم من بعده للأرشد من أولاد الست سيدة المذكورة وأولادهم وذريتهم ونسلهم طبقة بعد طبقة إلى انقراضهم فيكون لمن يقرره قاضى المسلمين الشرعى بمصر الموجود وقت ذاك، وأن لها الشروط العشرة التى هى الادخال والإخراج وما عطف عليهما كلما شاءت، وأن لها أن تكررها المرة بعد المرة والكرة بعد الكرة، وليس لأحد من بعدها فعل شىء من ذلك، ثم إن الست خضرة الواقفة المذكورة كانت مدينة لمن تدعى نظيرة بنت إبراهيم بعدة مبالغ بلغ مجموعها 3500 جنيه ثلاثة آلاف وخمسماية جنيه مصرى فجاءت فى الثالث من نوفمبر سنة 1911وحررت عقدا بينها وبين الست نظيمة المذكورة من سبعة أوجه يتضمن مجموعها أن مبلغ الدين المذكور وفوائده وقدرها سبعة فى الماية تدفع على أقساط كل سنة مائتى جنيه مصرى وعلى أن يبدأ من ريع الأعيان الموقوفة بسداد أقساطه التى يستحق أولها فى 15 نوفمبر سنة 1912 - وعلى أنه عند التأخر عن سداد أى قسط فى ميعاده يكون للدائنة المذكورة ولورثتها حق استغلال جميع الريع واحتسابه من أصل مطلوبها إلا ما يلزم دفعه لجهة العوائد أو للترميمات اللازمة لصيانة الأعيان ووضع اليد على جميعها، وعلى أن من تعرض لها فى ذلك من النظار يكون معزولا وغاية ما للناظر معها حق المحاسبة على الإيراد المنصرف وتقديم الارشاد بما فيه حفظ الأعيان ومصلحتها، وأبطلت ما ينافى هذا مما جاء بكتاب وقفها مدة العمل بهذا الاتفاق، وقد توفيت الست الواقفة بعد أن نفذت هذا العقد وجرى العمل به إلى هذه السنة، وفيه حصل خلف فى صحة ما جاء بهذا العقد شرعا (لهذا) تشرفت بعرض هذا على فضيلتكم ملتمسا بيان الحكم الشرعى فيما جاء به ولكم الأجر والثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف وعقد الاتفاق المذكورين ونفيد أنه متى ثبت ما جاء بعقد الاتفاق المذكور بالطريق الشرعى وجب العمل بموجبه كما يؤخذ ذلك مما نص عليه فى ترتيب فتاوى الشيخ زين وقارىء الهداية للعلامة طرفجى زاده - ولكن الذى يؤخذ من ريع الوقف على حسب شرط الواقفة إنما هو أصل الدين، وأما اشتراط سداد الفوائد التى هى ربا فهو لاغ لأنه معصية واشتراطه باطل فلا يؤخذ من ريع الوقف كما يؤخذ مما صرحوا به فى كتب المذهب من أن شرط الواقف متى كان بمعصية يكون لاغيا.
والله أعلم(7/13)
وقف استحقاقى
المفتي
محمد بخيت.
صفر 1338 هجرية - 30 أكتوبر 1919 م
المبادئ
1 - الوقف على النفس صحيح عند الحنفية مطلقا وعند الشافعية بالحيلة.
2 - يكون ريع الوقف للواقف مدة حياته، ومن بعده يكون لأولاده وقرابته وعصبته بالسوية بشرط أن يكون الاستحقاق للأقارب والعصبة لمن يستحق الإرث فيه، ثم من بعدهم يكون لأولاد أولاده عملا بشرط الواقف.
3 - يراعى ترتيب الطبقات عملا بشرط الواقف.
4 - إذا خالف الناظر شرط الواقف وحرم بعض المستحقين، فيرى الحنفية أن المحروم بالخيار إن شاء رجع على الناظر أو على من قبض من المستحقين، وعند الشافعية يلزمه ضمان ما خالف فيه ولا بد من رده إلى الحاكم ليرده إلى مال الوقف.
5 - إذا لم يعين الواقف للناظر شيئا وعين القاضى له أجر مثله فإنه يستحقه إذا عمل فى الوقف.
وإذا لم يعين القاضى له شيئا فإن كان المعهود إنه لا يعمل إلا بأجرة فله أجر المثل، وإلا فلا شىء له.
6 - وقف المعمور وغيره صحيح، وعلى الناظر البدء من غلة الوقف بعمارة غير المعمور
السؤال
بخطاب باسم عبد الرحمن السقاف مؤرخ 13 ذو القعدة سنة 1337 ومعه كتاب الوقف المؤرخ فى 12 رجب سنة 1312 بما صورته، ما قول سيدنا العالم العلامة والمفتى الفهامة أيد الله به الإسلام وأنار به الظلام وأبقاه نفعا للخاص والعام فى الوقف المبعوثة صيغته فى الرقعة التى هى صحبة هذا السؤال هل هو صحيح أو يتطرق إليه الإبطال وإذا قلتم بصحته فما تقولون فى تقسيم ريعه على الموقوف عليهم فقد اشتبه علينا تقسيمه، وما تقولون فى نصيب كل من مات من الموقوف عليهم يكون لمن، وإذا استبد الناظر فى التقسيم على غير شرط الواقف هل يمنعه الحاكم ويلزمه أن يعوض من نقص عليه شىء من حقه بسبب تقسيمه وإذا لم يعين الواقف للناظر أجرا على تعبه فى النظارة هل يستحق شيئا أم لا.
وإذا قلتم نعم فهل يكون تقديره إليه أى الناظر أو إلى الحاكم، وهل للناظر أن يؤجر العين الموقوفة بدون شرط الواقف أم لا.
وإذا قلتم له أن يؤجر فهل يتقيد بمدة أم مطلقا - أفتونا وأوضحوا لنا الإشكال على مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه.
ولكم الأجر العظيم من الكبير المتعال.
(بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه أجمعين - أما بعد فلما كان الوقف من أعظم المبرات الخيرية وفيه إيصال الأعمال الخيرية بعد الوفاة بالأعمال الخيرية فى حال الحياة وهو الصدقة الجارية المستمرة بعد الوفاة بالأعمال الخيرية فى حال الحياة وهو الصدقة الجارية المستمرة بعد الموت إلى يوم القيامة المعنية فى قوله عله الصلاة والسلام إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
رغب فى هذه الغاية الجسيمة والمبرة العائدة النفع العظيمة السيد محمد بن أحمد بن عبد الرحمن السقاف الموقع بأدناه فقال وهو بحالة صحته ووفوفور عقله وحوزه جميع شروط عروض التبرعات الخيرية وقفت وحبست ما هو فى ملكى وتحت سطوتى بموجب حجة بيدى مؤرخة 14 جمادى الأولى سنة 1295 وما بعدها متوجة بصحيح مولانا مهاراج أبو بكر سلطان جوهر ابن المرحوم مولانا إبراهيم وما يتعلق بالحجة المذكورة من توابع لها وذلك البستان الذى أنشأته فى أرض كوكب بأشجاره وجميع ما فى الأرض المذكورة من مساكن وغيرها بموجب التحديد والتعين بالحجج المذكورة ما هو باسمى خاص وسهمى من المشترك على الموجود من أولاد أبى السيد أحمد بن عبد الرحمن بن علوى السقاف المتصف بالصفات المذكورة وقفا صحيحا شرعا لا يباع ولا يرهن ولا يوهب بل يبقى تحت يد الموقوف عليه يستغله ويقوم بشأنه فى جميع ما يلزم من غير معارض له ولا منازع ثم من بعدى على أولادى ومن يستحق الإرث من أقاربى وعصبتى من غير حاجب لهم ثم على أولاد أولادى وهكذا إلى انقراض النسل المذكور جميعا وخلو الأرض منهم ثم من بعدهم وقفا على طلبة العلم الشريف فى أرض الحرميين الشريفين وحضر موت ومن يوجد من العرب متصفا بصفات الفقر وطلبة العلم فى سنغافورة وكوكب، وحاصل غلة الوقف المذكور بعد موت الموقوف عليه الأول تقسم ثلاثة أقسام على ما هو مشروط بأدناه، وهذا الشرط المذكور فى قسمة الغلة ملحوظة ومراد للواقف تلفظ به مع نطقه بالوقفية المذكورة، وقد شرط الواقف المذكور شروطا ألزم العمل بها.
منها أن تكون النظارة على الوقف المذكور أولا لنفسى مدة حياتى ثم من بعدى للسيد عمر بن محمد بن عمر السقاف والسيد عبد القادر بن عبد الرحمن بن على السقاف ثم من بعدهم الأرشد فالأرشد من الموقوف عليهم.
وثانيا أنه أول ما يبدأ من غلة الوقف المذكور بعمارته وجميع ما يكون به نموه وعدم انقطاع غلته.
وثالثا بعد موت الموقوف عليه الأول تكون غلة الوقف مثلثة.
ثلث منها يصرف على موجب ما هو مصرح فى وصيتى المتأخرة التاريخ عما قبلها من الوصايا والثلثان الباقيان من الغلة المذكورة تقسم على الموقوف عليهم بحسب حكم الشريعة المطهرة للذكر مثل حظ الأنثيين حسبما فى وصيتى المنوه عنها.
وقد أبرمت هذا الوقف مع شروطه إبراما يلزم العمل بمقتضاه فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سبيع عليم وقد أذنت لمن سيضع شهادته بأدناه وكفى بالله شهيدا.
جرى وحرر فى بندر سنغافورة يوم الأثنين المبارك لعله الرابع عشر من شهر رجب سنة 1312 هجرية الموافق 20 من ديسمبر سنة 1895 م.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته التمس من مكارم أخلاق مولاى إرشادى إلى ما يجب عمله فى المسألتين الآتيتين على مذهب الإمام الشافعى رضى الله عنه جعلكم الله نورا يستضاء به وموردا عذبا يغترف منه (المسألة الأولى) ما قولكم دام فضلكم فى شخص وقف على أقاربه أشياء وله ثلاثة أجداد ينتسب إليهم إلا أن اشتهار انتسابه إلى احدهم أشهر من انتسابه إلى الآخر فاشتهار انتسابه إلى جده القريب المسمى علوى قليل وإلى جده الوسط المسمى عبد الله كثير وإلى البعيد المسمى طه أكثر، فإذا قيل فى نسبته إلى علوى هو من آل علوى عرفه الخواص فقط وإذا قيل هو من آل عبد الله عرفه الخواص وبعض العوام، وإذا قيل هو من آل طه عرفه الجميع وحصل التشاجر والتخاصم بين أولاد الأجداد الثلاثة المذكورين، فزعم أولاد علوى الاختصاص بالوقف لاجتماعهم مع الواقف فى الجد المذكور الأقرب وإن لم يكن مشهورا ولاستحقاقهم الإرث فى الواقف فى الجد المذكور الأقرب وإن لم يكن مشهورا ولاستحقاقهم الإرث فى الواقف حيث لم يكن أقرب منهم، وزعم أولاد عبد الله استحقاقهم المشاركة لأولاد علوى لاشتهار نسبة الواقف إلى عبد الله أكثر من نسبته إلى علوى، وقال أولاد طه بل كلنا مشتركون لكون نسبة الواقف إلى طه أشهر وأكثر - فما الحكم فى ذلك والحال ما ذكر، وهل قول الواقف وقفت على أقاربى أو قرابتى يعم قرابته من جهة أبيه وأمه أو يخص قرابته من أبيه فقط، وكثيرا ما يوجد من قبائل السادة ذكورا وإناثا من يتصلون بالأجداد الثلاثة المذكورين من جهة الأمهات فقط فهل يدخلون فى قرابة الواقف أم لا (المسألة الثانية) فى صيغة الوقف هذه الآتى ذكرها وهو أن الواقف قال (وقفت وحبست ما هو فى ملكى وتحت سطوتى بموجب حجة بيدى مؤرخة 14 من جماد الأول سنة 1295 وما بعدها متوجة بصحيح مولانا مهاراج أبو بكر سلطان جوهر ابن المرحوم مولانا إبراهيم وما يتعلق بالحجة المذكورة من توابع لها، وذلك البستان الذى أنشأته فى أرض كوكب بأشجاره وجميع ما فى الأرض المذكورة من مساكن وغيرها بموجب التحديد والتعيين بالحجج المذكورة هذا نص الواقف الخ - والأرض المذكورة منها ما هو معمور كالبستان المذكور، ومنها ما هو مؤجر على من يعمره ليستغله مدة معلومة بأجرة معلومة، ومنها ما هو باق بلا عمارة حصل الاختلاف والتنازع فقال قائل لا يصح الوقف إلا فى المعمور فقط وقال آخر يصح فى المعمور والمؤجر دون الذى لم يعمر، وقال الآخرون يصح الوقف فى الجميع بقرينة التعليق بالتحديد والتعين بالحجج الخ - فما تقولون فى ذلك والحال ما ذكر، أفتونا مأجورين ولكم الأجر العظيم من الكبير المتعال والسلام
الجواب
اطلعنا على الخطاب المؤرخ 15 شوال سنة 1337 وعلى صورة كتاب الوقف المرفقة به المحررة فى سنغافورة فى 14 رجب سنة 1312 هجرية وعلى الخطاب المؤرخ 13 القعدة سنة 1337 ونفيد عن الأسئلة المدونة بالخطاب الأول - وهى ستة فنقول أولا عن السؤال الأول إن الواقف المذكور جعل وقفه المذكور بكتاب وقفه على الموجود من أولاد أبيه السيد أحمد ابن عبد الرحمن بن علوى السقاف المتصف بصفاته المذكورة يستغله ويقوم بشأنه فى جميع ما يلزمه من غير معارض ولا منازع ثم قال بعد ذلك (ثم من بعدى على أولادى) وهذا يقتضى أنه أراد بقوله أولا (وقفا على الموجود من أولاد أبى نفسه) وهذه الطريقة من حيل الوقف على النفس على مذهب الشافعية.
واعتمد المتأخرون منهم صحته حيث ذكر الولد ووصفه بوصف اختص به، فالوقف صحيح على مذهب الشافعية.
واعتمد المتأخرون منهم صحته حيث ذكر الولد ووصفه بوصف اختص به، فالوقف صحيح على مذهب الشافعية بناء على هذه الحيلة - وأما على المختار عندنا معاشر الحنفية فالوقف على النفس صحيح مطلقا من غير احتياج إلى حيلة أصلا ففى رد المختار مانصه (أنه أى الوقف على النفس) المختار للفتوى ترغيبا للناس فى الوقف وتكثيرا للخير انتهى.
ثانيا عن السؤال الثانى أن قول الواقف (على الموجود من أولاد أبى يستغله ويقوم بشأنه ثم من بعدى على أولادى ومن يستحق الإرث من أقاربى وعصبتى من غير حاجب لهم ثم على أولاد أولادى وهكذا إلى انقراض النسل المذكور ثم من بعدهم يكون وقفا على طلبة العلم الخ) يقتضى أن جميع صافى غلة هذا الوقف تكون للواقف مجة حياته ثم من بعده يكون لأولاده ومن يستحق الإرث من أقاربه وعصبته من غير حاجب لهم بالسوية بينهم والمراد باستحقاق القريب هنا أن يكون ممن يستحق الإرث من أقارب الواقف وعصبته ثم من بعدهم يكون لأولاد أولاد الواقف بالسوية بينهم وحيث عبر الواقف (بثم) المفيدة للترتيب وقوله (وهكذا إلى انقراض النسل) يكون وقفه مرتبا فيقتضى الترتيب بين الطبقات، فالطبقة الأولى نفس الواقف، والطبقة الثانية أولاد الواقف ومن يستحق الإرث من أقاربه وعصبته من غير حاجب لهم، والطبقة الثالثة أولاد أولاد الواقف، والطبقة الرابعة أولاد أولاد أولاد الواقف وهكذا - وبناء على ذلك لا يستحق أحد من طبقة سفلى مادام يوجد واحد من طبقة عليا - ولكن حيث قال الواقف بعد ذلك (وثالثا بعد موت الموقوف عليه الأول تكون غلة الوقف مثلثة ثلث منها يصرف على موجب ما هو مصرح به فى وصيتى المتأخرة التاريخ عما قبلها من الوصايا والثلثان الباقيان من الغلة المذكورة تقسم على الموقوف عليهم بحسب حكم الشريعة المطهرة للذكر مثل حظ الانثيين حسبما فى وصيتى المنوه عنها) فيتبع شرطه هذا ولا تجوز مخالفته لأنه شرط متأخر ناسخ لما قبله أو مخصص له والمآل واحد فيجب على الناظر أن يصرف الثلثين بعد موت عليه الأول إلى الموجود من الطبقة الأولى على حسب شرطه للذكر مثل حظ الأنثيين ولا يعطى أحدا من الثانية مادام يوجد فى الأولى ولو واحدا ولا يعطى من الثلثين أحدا من الثالثة إذا انقرضت الأولى مادام أحد من الثانية باقيا وهذا لاخلاف فيه بين الشافعية والحنفية - ثالثا - عن السؤال الثالث - أنه حيث رتب الواقف بين الطبقات كما علمت ولم ينص على نصيب من يموت فى أى طبقة فإن نصيب من يموت من أى طبقة يرجع لأهل طبقته عملا بالترتيب المذكور إلى أن تنقرض طبقته فإذا انقرضت انتقل الوقف إلى الطبقة التى تليها يستقل الواحد منهم بالوقف إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فأكثر عند الاجتماع من غير خلاف بين الحنفية والشافعية فى ذلك - رابعا - عن السؤال الرابع - أن الناظر إذا خالف شرط الواقف وصرف لبعض المستحقين وحرم البعض تقصدا فقد ذكر بالمادة (387) من قانون العدل والإنصاف أخذا من تنقيح الحامدية أن المحروم بالخيار إن شاء رجع على الناظر أو على من قبض من المستحقين هذا عندنا معاشر الحنفية.
وعند السادة الشافعية إن خالف الناظر شرط الواقف وجب على الحاكم منعه ويلزمه ضمان ماخالف فيه أو استبد به ولا يبرأ برده إلى الوقف بنفسه بل لابد من رده إلى الحاكم ليرده إلى مال الوقف، فالخلاف إذن بين الحنفية والشافعية أن الناظر إذا استبد فى الوقف يبرأ برد ما استبد فيه إلى مستحقه ولا يلزمه رده إلى الحاكم ليرده إلى مستحقه وعند الشافعية يلزمه - خامسا - عن السؤال الخامس إذا لم يعين الواقف للناظر شيئا وعين القاضى له أجرة مثله فإنه يستحقه إذا عمل فى الوقف وإن لم يعين القاضى له شيئا فإن كان المعهود فيه أنه لا يعمل إلا بأجرة فله أجر المثل وإلا فلا شىء له كما يؤخذ من المادة (177) - من قانون العدل والإنصاف أذا من تنقيح الحامدية ورد المختار والهندية والإسعاف وهذا عندنا معاشر الحنفية - وعند السادة الشافعية إذا لم يعين الواقف للناظر شيئا فلا يجوز له أخذ شىء لأنه عمل مجانا فله أن يعمل هكذا أو يترك النظر أو يرفع الأمر إلى الحاكم ليقرر له ما يستحقه - سادسا - عن السؤال السادس لناظر الوقف ولاية إجارة مستغلاته الموقوفة للاستغلال كما أنه له ولاية الزرع والزراعة والسكن والإسكان على حسب شرط الواقف من جعله الموقوف للغلة أو الاستغلال أو السكن أو الإسكان ويراعى شرط الواقف فى إجارة وقفه فإذا عين الواقف مدة الاجارة اتبع شرطه وليس للمتولى مخالفته وإذا كان لا يرغب فى استئجار الوقف المدة التى عينها الواقف وكان إجارتها أكثر من تلك المدة أنفع للوقف وأهله يرفع المتولى الأمر إلى القاضى ليؤجرها المدة التى يراها أصلح للوقف، وإذا عين الواقف المدة واشترط أن لا تؤجر أكثر منها إلا إذا كان أنفع للوقف، وإذا عين الواقف المدة واشترط أن لا تؤجر أكثر منها إلا إذا كان أنفع للوقف وأهله فللقيم أن يؤجرها المدة التى يراها خيرا للوقف وأهله بدون إذن القاضى وإذا أهمل الواقف تعيين مدة الإجارة فى الوقفية تؤجر الدار والحانوت سنة والأرض ثلاث سنين إلا إذا كانت المصلحة تقتضى الزيادة فى إجارة الدار والحانوت أو النقص فى إجارة الأرض، وفى حالة الزيادة عن السنة فى الدور واحوانيت وعن الثلاث سنوات فى الأراضى الزراعية لا بد فى ذلك من إذن القاضى كما يؤخذ ذلك كله من المواد (271، 272، 273، 274، 275 - 276 - 211) من قانون العدل والإنصاف، وهذا عندنا معاشر الحنفية - وعند السادة الشافعية إذا لم يبين الواقف مدة الإجارة فللناظر اتباع العرف المطر دكسنة أو ثلاث وهذا عند الاختيار - وأما الجواب عن المسألتين المشتمل عليهما الخطاب الثانى المؤرخ 13 ذو القعدة سنة 1337 فنقول أولا عن السؤال الأول - قال فى الإسعاف لو قال أرضى هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا على قرابتى أو قال على أرحامى أو أنسابى أو ذى نسب منى فإذا انقرضوا فهى على المساكين جاز الوقف وتصرف غلته إلى قرابته الموجودين يوم الوقف وإلى من يحدث من قرابته أبدا ولا يدخل فيه أبواه ولا أولاده لصلبه وتدخل فيه النافلة وإن سفلت والأجداد والجدات من قبل الآباء والأمهات وإن علوا ويدخل فيه المحارم وغيرهم من أولاد الإناث وإن بعدوا وهذا عندهما وعند أبى حنيفة تعتبر أبى حنفية وأبى يوسف فلا يدخلان وعند محمد هما منها فيدخلان وفى الزيلعى ويدخل فيه الجد والجدة وولد الولد فى ظاهر الرواية وعن أبى حنيفة وأبى يوسف أنهم لا يدخلون.
وفى رد المختار بصحيفة (673) جزء خامس طبعة أميرية سنة 1286 مانصه (وقول الإمام هو الصحيح كما فى تصحيح القدورى والدر المنتقى انتهى) هذا عندنا معاشر الحنفية وعند السادة الشافعية المراد بالقرابة والرحم فيما إذا وقف شخص أو أوصى لأقاربه أو رحمه أو أقارب أو رحم غيره كل قريب من جهة الأب والأم والعبرة فيه بأقرب جد ينسب إليه ذلك الشخص أو أمه وتعد أولاد الجد قبيلة إذا علمت ذلك فعد منها أب الواقف وأبا أمه إلى أن تنتهى إلى أقرب جد تعد أولاده قبيلة واحدة لجميع ذرية هذين الجدين أعلاهم وذكرهم وغنيهم وأضدادهم من تلك القبيلة وغيرها كأولاد للبنات أقارب الواقف وأحامه تجب التسوية بينهم واستيعابهم وإن شق الاستيعاب ولا يدخل ورثة الواقف فيما إذا وقف على أقارب نفسه أو رحمه فإن تعذر حصرهم أو كان الموقوف قليلا لا يقع موقعا جاز الاقتصار على البعض ولو على ثلاثة منهم ويلزم حينئذ تقديم الأحوج فالأحوج فإن استووا قدم الأقرب فالأقرب ويدخل فى الوقف المذكور من كان موجودا وقت الوقف ومن حدث بعده إلى الأبد ومن مات من المستحقين رجعت حصته لبقية الأرحام جميعهم لا لخصوص ورثة الميت - ولكن هذا فيما إذا وقف شخص أو أوصى لأقاربه أو رحمه وأطلق وهذا غير موجود فى صورة الوقف المرفقة مع السؤال بل الموجود فيها أن الواقف جعل وقفه من بعده على أولاده ومن يستحق الإرث من أقاربه وعصبته من غير حاجب لهم فقد جعل الوقف بعده مشتركا بين أولاده وبين من يستحق الإرث من أقاربه وعصبته من غير حاجب لهم ولم يقف على مطلق الأقارب ولا على الأقرب فالأقرب بل جعل المدار على استحقاق الميراث من غير حجب فيتبع شرطه كما قلنا فى الجواب عن السؤال الثانى من الخطاب الأول.
ثانيا عن السؤال الثانى - الوقف صحيح مطلقا فى المعمور وغير المعمور وليس الوقف خاصا بالمعمور بل كما يجوز وقف المعمور يجوز وقف غير المعمور وعلى الناظر بمقتضى قول الواقف (وثانيا إن أول ما يبدأ من غلة الوقف المذكور بعمارته وجميع ما يكون به نموه وعدم انقطاع غلته) أن يبدأ بعمارة ماليس معمورا حتى يعود صالحا للاستغلال معمورا ولو فرض وأن الواقف لم يشترط ذلك فالواجب على الناظر البدء بما ذكر أيضا وهذا عندنا وعند الشافعية كذلك الوقف صحيح فى جميع ما وقف ويجب الانتفاع بحسب ما يليق بأرضه وبنائه وما عزوناه للسادة الشافعية فى هذه الفتوى جميعه مأخوذ مما أفتى به حضرة العلامة الأستاذ الشيخ محمد الحلبى من كبار علماء الشافعية بالأزهر ومن طيه صورة ما أجاب به حضرته والله أعلم(7/14)
وقف استحقاقى وخيرى
المفتي
محمد إسماعيل البرديسى.
ذو القعدة 1338 هجرية - 3 أغسطس 1920 م
المبادئ
1 - ما شرطته الواقفة من الصرف من ريع الوقف على ما يلزم لها وقت وفاتها من كفن وأجرة قراءة وختمات وعتقات ومشال صحيح شرعا على فتوى المتأخرين.
2 - ما شرط للمأتم من مؤن وغير ذلك فما يصرف منه فى الطعام لغير النائحات جائز شرعا مع مراعاة ما يصرف على أمثالها
السؤال
من مصطفى محمد فى أن الست محبوبة كريمة المرحوم محمد أفندى صادق وقفت أطيانا قدرها س ط ف 20 2 9 بزمام ناحية محيم مبينة بكتاب الوقف الصادر من محكمة طنطا الشرعية بتاريخ 25 صفر سنة 1322 المسجل بنمرة 68 شطب جزء 25 أول وشرطت فى وقفها الشرط الآتى (ومنها أن يصرف من ريع الوقف المذكور ما يلزم للست الواقفة المذكورة يوم وفاتها فى ثمن كفن وأجرة قراءة وختمات وعتقات ومشال وما يلزم للمأتم من مؤن وغير ذلك أسوة أمثالها ولو استغرق ذلك جميع ريع الوقف المذكور مدة ثلاث سنوات) ثم ماتت الواقفة المذكورة بتاريخ 8 سبتمبر سنة 1917 الموافق 21 القعدة سنة 1335 ودفنت بمحل إقامتها بطنطا، فهل لو صرف الناظر من ريع الوقف ما يلزم لواقفة يوم وفاتها من ثمن كفن وأجرة قراءة وختمات وعتقات ومشال وما يلزم للمأتم من مون وغير ذلك زيادة عما يلزم لأمثالها يكون فعله هذا جائزا ولازما على جهة الوقف تمسكا بقول الواقف (ولو استغرق ذلك جميع ريع الوقف المذكور مدة ثلاث سنوات) أو لا يكون فعله هذا جائزا ولازما على جهة الوقف بالنسبة لما زاد على أمثالها عملا بقول الواقفة (وغير ذلك أسوة أمثالها) وفضلا عن ذلك يراعى بأن ريع هذا الوقف فى الثلاث سنوات يفوق عن أربعمائة جنيه أفيدوا الجواب ولكم الثواب
الجواب
اطلعنا على السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور.
ونفيد أن ما شرطته الواقفة المذكورة فى أنه يصرف من ريع وقفها المذكور ما يلزم لها يوم وفاتها من ثمن كفن وأجرة قراءة وختمات وعتقات ومشال صحيح شرعا بناء على فتوى المتأخرين من جواز أخذ الأجرة على الطاعات لتساهل الناس وتكاسلهم فى الأمور الخيرية، كما أفتى بذلك صاحب الفتاوى المهدية بصحيفة 155 جزء سابع - وحيث إن الواقفة لم تقدر مبلغا لذلك بل جعلت ما يصرف فى ذلك إنما هو بحسب أسوة أمثالها ولو استغرق ذلك جميع ريع الوقف مدة ثلاث سنوات، فالمعول عليه هو ما يصرف على أمثالها فى ذلك قل أو كثر بشرط أن لا يتجاوز ما يصرف ريع الوقف مدة ثلاث سنوات سواء كان أقل من ريع الوقف مدة ثلاث سنوات أو مساويا له.
وأما ما شرطته فيما يلزم للمأتم من مؤن وغير ذلك فما يصرف منه فى الطعام لغير النائحات فهو جائز أيضا مع مراعاة أن ما يصرف فى ذلك يكون على حسب ما يصرف على أمثالها فى ذلك والله أعلم(7/15)
وقف استحقاقى وخيرى
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
محرم 1340 هجرية - 18 سبتمبر 1921 م
المبادئ
1 - المراد بالديون فى عبارة الواقف هى الديون المأخوذة بفائدة يتأخر بسببها معاش المستدين الذى هو من أرباب البيوت المفتوحة لا فرق بين أن يكون الدين مسجلا أم لا.
لوطنى كان أم لأجنبى.
2 - المراد والمرجح فيما يفهم من قول الواقف (أرباب البيوت المفتوحة) البيوت التى يأوى إليها الضيوف ويتردد عليها الزائرون والمسافرون ويكون لأربابها من حسن الخلق وتلقى الغريب بالبشر مما يسهل على الناس قصد هذه البيوت دون خوف الرد أو إلحاق مهانة الطرد لهم
السؤال
من الشيخ عبد الرازق القاضى فى أن المرحوم أحمد منشاوى باشا ابن المرحوم الشيخ أحمد المنشاوى وقف كامل الأطيان البالغ س ط ف مقدارها 14 13 934 الكائن بعدة نواحى بمديرية الغربية بالانشاء والشروط المبينة بكتاب وقفه المحرر من محكمة مديرية الغربية الشرعية بطنطا بتاريخ 7 محرم ستة 1313 رقم 180 سجل، وقد شرط لنفسه فى وقفه المذكور الشروط العشرة الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال لمن شاء متى شاء يفعل ذلك المرة بعد المرة والكرة بعد الكرة مدة حياته، وليس لأحد من بعده فعل شىء من ذلك، وبما لسعادة الواقف المشار إليه من حق العمل بالشروط العشرة المذكورة قد زاد فى وقفه المذكور شروطا حث عليها وأكد العمل بها مقتضى حجة التغير الصادرة من الواقف المشار إليه بتاريخ 26 شوال سنة 1314 نمرة 55 مسجل من محكمة السنطة الشرعية بما نصه (ومنها أن يخرج من ريع جميع الأطيان باعتبار كل فدان منها نصف جنيه سنويا يحفظ أمانة بمعرفة الناظر وباقى المستحقين إلى آخر كل سنة، ويكون ذلك المبلغ لمن يتأخر معاشه بأسباب ديون ارتكبه ابالفوايد وعسر عليه سدادها وترتب على ذلك تأخير معاشه، ويكون من أرباب البيوت المفتوحة الكائنة بدائرة البلاد التى يكون لسعادة الواقف المشار إليه فيها أطيان يعطى لهم من ذلك بمقتضى السند اللازم عليهم بصفة قرض شرعى بدون فوايد تقدر عليهم ما يفى ما عليهم من الديون شرطا يكونون من الناس المستقيمى الأحوال المشهود لهم بالصلاح والاستقامة بعد أن يعمل عن ذلك مجلس عرفى مركب ممن له النظر على الوقف المذكور ومن الناس الطيبين المعول عليهم المشهود فيهم بفصل الحق، ثم ينظرون فى مسائل أرباب التأخير ممن ذكروا ويعطى لكل منهم ما يكفيه عن أخذه ديونا بالفوايد مرة أخرى على سبيل القرض الشرعى بالتأمين اللازم بدون فوايد ويقسط عليه ذلك بحسب حالته التى يقدر أن يقوم بسداد ذلك بدون حصول مشقة أو ارتكاب ديون بالفوايد على شرط أن لا يعود لارتكاب ديون على نفسه بالفوايد بعد ذلك، فإن عاد إلى ذلك يطالب بما أخذه ويحرم من الإعطاء مرة أخرى حتى يرجع عن ذلك وتستقيم أحواله ثم إذا تبقى من النقود المذكورة شىء عد استيفاء أرباب البيوت من البلاد التى ذكرت فيعطى لإناس غيرهم ممن يكونون كائنين ببلاد أخرى بشرط الاستقامة كما مر الذكر عن ذلك) وقد توفى الواقف المشار إليه ولم يحصل منه تغيير لهذا الشرط المذكور - فهل الديون التى تكون بكمبيالات منصوص عليها بفوايد أو الديون المثبوتة للبنوك أو للتجار سواء كانوا وطنيين أو أجانب جميع ذلك يدخل فى الديون التى تدفع عن الطالب أو المراد الديون فقط التى تكون مسجلة على أملاك الطالب ويخشى من تأخير سدادها ضياع العين وقفل البيت - وهل المراد بالبيوت المفتوحة الواردة بشرط الواقف المذكور البيوت المعروفة من قديم الزمان بأنها من البيوت المشهورة المفتوحة أو المراد البيوت المفتوحة ولو كانت حديثة العهد فى ذلك، وهل يدخل تحت عنوان أرباب البيوت المفتوحة الواردة بشرط الواقف المذكور بعض مستخدمى الحكومة الذين جمعوا ثروة واشتروا بها أطيانا وعقارات وتسبب عن ذلك مديونيتهم أفيدوا الجواب ولكم الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف المذكور.
ونفيد أن الذى تدل عليه عبارة الواقف المراد بالديون الديون المأخوذة بفوائد يتأخر بسببها معاش المستدين الذى هو من أرباب البيوت المفتوحة لا فرق فى ذلك بين أن يكون دينه هذا مسجلا أو غير مسجل لوطنى أو أجنبى، وإنما المدار على ثبوته ليتحقق الدين الذى جعله الواقف مناطا لإعطائه من الريع المعد لذلك والمرجع فى فهم المراد من قوله أرباب البيوت المفتوحة العرف والمتعارف فى قطرنا هذا أن المراد من البيوت المفتوحة البيوت التى تأوى إليها الضيوف ويتردد عليها الزائرون والمسافرون ويكون لابابها من الوجاهة وحسن الخلق وتلقى الغريب بالبشر ما يسهل على الناس قصد هذه البيوت دون أن يخافوا الرد أو تلحقهم مهانة الطرد.
والله أعلم(7/16)
وقف استحقاقى وخيرى
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
صفر 1340 هجرية - 25 أكتوبر 1921 م
المبادئ
1 - تعذر الصرف على الجهات الخيرية التى يعنها الواقف يجعل الوقف منقطعا ويكون مصرفه للفقراء.
2 - ليس لناظر الوقف جمع وظائف الجباه فى شخص واحد لأن الواقف اشترط عددا معينا فيتبع شرطه، وله أن يدفع لكل منهم أجر مثله إذا كان المشروط لهم لا يكفى لواحد منهم، وله أن يزيد فى أجرة المباشر إلى بلوغه أجرة مثله
السؤال
من إسماعيل أفندى بما صورته - المرحوم محى الدين الزينى عبد القادر الرزمكى وقف بمقتضى كتاب وقفه المحرر من محكمة مصر الشرعية المؤرخ 10 صفر سنة 941 هجرية أطيانا بجملة نواحى مبينة بصدر كتاب الوقف المذكور وعقارات بمدينة القاهرة مبينة به كذلك، ومن زمن بعيد ضاعت جميع الأطيان حيث لا يعلم السبب فى ضياع معظمها وبعضها استبدل بفوايض الالتزام من زمن المغفور له الحاج محمد على باشا والى مصر كان قدرها 58 جنيها وثلثماية واثنان وسبعون مليما فى السنة وأنشأ الواقف وقفه على أن يقسم أثلاثا فالثلث الأول للعارف بالله الشيخ عبد الوهاب الشعرانى ومن بعده على ذريته على الوجه المشروح بكتاب الوقف المذكور والثلث الثانى جعل مصرفه فى ترميم وعمارة وإصلاح أعيان هذا الوقف ولو صرف فى ذلك غلة هذا الثلث، والثلث الثالث وهو موضع البحث جعله وقفا يصرفه الناظر على ما يبين فيه فما يصرفه فى كلفة السماط للمجاورين وأرباب الشعائر للزاوية المذكورة غداء وعشاء على العادة فى ذلك ما هو ثمن قمح يومى ربع أردب بالكيل المصرى يطحن ويجعل خبز قرصة يصرف الناظر ثمنه من ريع هذا الثلث بحسب السعر الواقع فى كل زمن ويصرف فى أجرة مغربل القمح المذكور فى كل شهر عشرة أنصاف وفى أجرة طحن ذلك وعجنه وحريقه فى كل يوم ستة أنصاف وفى ثمن خضار يرسم المطبخ فى كل يوم نصف واحد وفى ثمن حطب وآلة الوقود لطبخ طعام السماط فى كل يوم ثلاثة أنصاف وفى ثمن سيرج ودهن للطعام المذكور كل يوم نصفان وفى ثمن فول وزيت حار يتغذى به المجاورون بالزاوية المذكورة وأرز وبسلة وعدس وحمص وبصل ومصلح كل 7 يوم خمسة أنصاف وفى ثمن جبن قايات يخزن فى كل سنة يرسم السماط المذكور ستمائة نصف وفى ثمن عسل وسمن وغير ذلك يرسم السماط فى فى كل سنة ستمائة نصف ويصرف فى كل سنة فى المواسم عيد الأضحى وعاشوراء فما هو لعيد الأضحى ثم عجلين جاموس وأرز وغير ذلك ثلاثمائة نصف وما لعاشوراء فى ثمن عسل وأرز وغير ذلك مائة وخمسون نصفا كل ذلك بما يراه الناظر ويؤدى إليه اجتهاده ومما يعرفه الناظر فى جوامك أرباب الوظائف من الثلث المذكور ما هو للامام فى كل شهر عشرة أنصاف وما هو للخطيب فى كل شهر ستة أنصاف وما هو للشيخ عبد الرازق فى وظيفة الترقية فى كل شهر ثلاثة أنصاف وما هو للشيخ أبى بكر المتجرجى وأخيه الشيخ على السرسى فى الست نوب الأذان بالمدرسة المذكورة بالسوية بينهما فى كل شهر اثنا عشر نصفا وللشيخ محمد الترساوى فى وظيفة قراءته فى المصحف على الكرسى بالمدرسة المذكورة قبل الصبح وبعد العصر فى شهر نصفان وللشيخ عبد اسلام فى وظيفة البوابة فى كل شهر ثلاثة أنصاف وللشيخ ناصر الدين والشيخ أحمد سوية بينهما فى وظيفة تفرقة المياه من الصهاريج الثلاثة المذكورة كفاية الزاوية والمجاورين ومنزل الناظر والمزملة فى كل شهر أربعة أنصاف ويصرف فى كل سنة فى ثمن سلب وأدلية وقرب شعارى وبخور وتنظيف الصهاريج مائة نصف وللشيخ إسماعيل المطوعى فى وظيفة ملو الميضاه والحنفيات وحيضان المراحيض بالزاوية المذكورة فى كل شهر خمسة أنصاف وللشيخ شهاب الدين أحمد المنشاوى فى وظيفة الفراشة وكنس المدرسة على العادة فى كل شهر ثلاثة أنصاف وللشيخ محمد السبكى فى وظيفة بأديب الأطفال وتعليمهم القرآن بالمكتب المذكور فى كل شهر نصفان وللشيخ يحى فى وظيفة مباشرة الوقف المذكور عشرة أنصاف وللشيخ أحمد والشيخ عبد المحسن والشيخ ناصر الدين فى وظيفة الجباية بالسوية بينهم فى كل شهر عشرون نصفا ويصرف لرجل يجعل نقيبا لخدمة سماطهم يتولى ذلك غداء وعشاء فى كل شهر عشرة أنصاف ويصرف لرجل يحلق رؤوس المجاورين ويختن أطفالهم ويقصد ويحجم المرضى منهم فى كل شهر عشرة أنصاف ويصرف لقراءات الأسباع بالمدرسة المذكورة ففى وقت الصبح الشيخ عبد السلام والشيخ ناصر الدين والشيخ شهاب الدين والشيخ على السنجرجى والشيخ أحمد عبد الرازق وفى وقت الظهر الشيخ عبد السلام المذكور والشيخ عبد الرحمن والشيخ ناصر الدين والشيخ عبد المحسن والشيخ عبد الرزاق وفى وقت العصر الشيخ عبد الرحمن وعبد الرزاق وشهاب الدين والشيخ سلامه والشيخ محمد وبعد المغرب الشيخ عبد الرحمن وعلى السرسى والشيخ على البكبانى والشيخ محمد السبكى لكل واحد منهم فى كل شهر خمسة أنصاف وللشيخ عبد الرحمن فى وظيفة الوقادة فى كل شهر عشرة أنصاف كل ذلك بما يراه الناظر ويؤدى إليه اجتهاده - وأن الواقف المذكور جعل لكل من مرض مرضا شديدا من المجاورين الذين لم يتزوجوا وقاطنين بالزاوية المذكورة وخيف التنجيس منه يحمل إلى المكتب ويمكث فيه مدة تمريضه وأن يكون الأطفال الذين يقرءون بالمكتب فى هذه الحالة بالمدرسة يقرءون إلى أن يخلو المكتب من المريض فيرجعون إليه وأن من مات من المجاورين لا يملك ما يجهزه فيجهز من ريع هذا الثلث المذكور فى ثمن كفن ومؤن تجهيز ومواراته أسوة أمثاله وأن الواقف جعل الشونة الكائنة بخط الحسينية بحدودها وقفا على دفن الأموات من المجاورين وأرباب المرتبات بالزاوية المذكورة وأولادهم ونسائهم وعلى أولاد الواقف وخدمه وعتقائه وذرية أولاد أخيه القاضى سعد الدين وعبيدهم وذريتهم ويصرف فى ثمن سيرج للزاوية المذكورة خمسة عشر رطلا بعشرين نصفا فى كل شهر وفى شهر رمضان مائة وخمسة وعشرون رطلا بمائة وست وستين نصفا ويصرف فى ثمن حصر سمار فى كل سنة أربعمائة وخمسين ذراعا بخمسمائة نصفا ويصرف فى ثمن فتايل فى كل شهر نصفا ويصرف فى ثمن قناديل وقرايات فى شهر رمضان مائة قنديل وخمسين قراية بخمسة وعشرين نصفا ويصرف فى أجرة قنواته وثمن قصر مل إلى حصى المجرة وتنظيفها على العادة فى ذلك خمسين نصفا ويصرف فى كل شهر ثمن سلب وأدلية إلى المطهرة خمسة أنصاف ويصرف فى ثمن شمع سكندرى فى شهر رمضان ثلاثين نصفا ويصرف فى ثمن حبال وتوابيت خشب إلى المنارة وباب الزاوية فى كل سنة عشرة أنصاف ويصرف الناظر إلى أرباب الوظايف توسعة فى شهر رمضان ما هو للامام ثمانية أنصاف وللخطيب خمسة أنصاف وللمؤذنين الثلاثة لكل واحد منهم أربعة أنصاف وللوقاد خمسة أنصاف وللملا بالمطهرة ثلاثة أنصاف وللبواب والكناس أربعة أنصاف فان عجز ريع الثلث المذكور عن الوفاء بالمصاريف المذكورة يصرف الناظر على ذلك بحسب المحاصصة بالوجه الشرعى بما يراه الناظر فى ذلك ويؤدى إليه اجتهاده على حسب كثرتهم وقلتهم يجرى الحال فى ذلك كذلك وجودا وعدما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وشرط الواقف المذكور فى وقفه هذا شروطا حث عليها وأكد العمل بها فوجب المصير إليها منها أنه ليس للمجاورين ولا أرباب الوظائف أن يقيموا بالزاوية المذكورة والأكل من السماط إلا بإذن الناظر وللناظر إخراج من رأى فى إخراجه مصلحة وليس للمجاورين بالزاوية المذكورة عدد مخصوص إنما هو بحسب ما يراه الناظر ويؤدى إليه اجتهاده - وواضح فى هذا البيان أنه كان بالزاوية المذكورة خلوات للمجاورين، وقد اندرست معالم ذلك وجدد بناء مسجد الأستاذ الشعرانى على الصفة التى هو بها الآن وقد انقطع منه المجاورون من زمن يزيد على المائة سنة على ما هو مشهور - فهل بانقطاع المجاورين عن هذه الزاوية وانعدام الأمكنة التى كانت لهم بها تكون هذه المصارف منقطعة مصرفها الفقراء هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل لناظر الوقف أن يأتى بمجاورين منقطعين لطلب العلم فى المعاهد المختصة ويؤدون مجالس الذكر والعبادة المقررة فى كتاب الوقف نظير أن يعطى لهم الناظر بدل أكلهم من السماط نقودا ويقوم ذلك مقام السماط ويعتبر شرط الواقف منفذا - ومن جهة ثالثة واضح بكتاب والقف وظائف ثلاثة لثلاثة جباه ولم مليم ق عشرون نصفا يعدل ذلك 4/9 44 فوق أكلهم من السماط وهى لا تفى بشىء من أجر مثل واحد منهم، فهل يجوز للناظر أن يجمع الوظائف الثلاثة فى شخص واحد ويدفع له أجر مثله بما فيه بدل أكلهم من السماط من ريع هذا الوقف أم لا يجوز له ذلك ومن جهة رابعة إذا وجدت وظائف مستغنى عنها مثل وظيفتى تفرقة المياه من الصهاريج كفاية الزاوية والمجاورين المستغنى عنها بسبب إدخال المياه من القومبانية بالمسجد - ومثل وظيفة الخطيب التى يشغلها الإمام فوق وظيفة الإمام ويشغل أيضا وظيفة قارىئ سبع - ومثل وظيفة رجل يحلق رؤوس المجاورين ويختن أطفالهم هى غير موجودة بسبب تعذر إقامة المجاورين بالزاوية وغير ذلك، وكانت وظيفة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها مثل وظيفة مباشر الوقف، وواضح أن المباشر من شأنه ضبط إيرادات ومصارف الوقف وأداء الأعمال الكتابية اللازمة له وهى كثيرة جدا وقد جعل له مليم ق الواقف أجرا قدره عشرة أنصاف فى الشهر يعدلها 2/9 22 فوق أكله من السماط، فهل يجوز للناظر أن يدفع ما يخص الوظائف المستغنى عنها مع بدل أكل أربابها من السماط لوظيفة المباشر حتى يتم له أجر مثله نرجو الإجابة بما يتبع فيما توضح أعلاه
الجواب
قد علم من الاطلاع على كتاب الوقف المذكور أن المجاورين بالزاوية المذكورة هم المنقطعون للاشتغال بالعلم والقرآن والعبادة والمواظبون على حضور مجلس الذكر التى عينها الواقف، حيث قال (إن كل من تخلف عن حضور المجالس المذكورة من أرباب الوظائف والمجاورين وتكرر ذلك منه ثلاث مرات يكون ممنوعا مخرجا من وظيفته) - وحيث علم من السؤال انعدام الأمكنة التى كانت مخصصة للمجاورين المتصفين بالصفات المذكورة بالزاوية المذكورة من زمن بعيد - وحيث إن طلبة العلم بالمعاهد الدينية الإسلامية مع ما هو مقرر عليهم من الفنون الكثيرة والدروس العديدة طبقا لقانونهم المعاملين به يتعذر عليهم القيام بما هم بصدده مع الانقطاع للعبادة وقراءة القرآن وحضور مجالس الذكر التى عينها الواقف ماداموا طلبة بها فيكون ما خص المجاورين المذكورين من السماط الذى جعله الواقف للمجاورين وأرباب الشعائر بزاوية سيدى عبد الوهاب الشعرانى منقطعا مصرفه الفقراء إلا إذا زال التعذر بوجود مجاورين متصفين بالصفات التى ذكرها الواقف وإن لم يكونوا من طلبة المعاهد الدينية الإسلامية ووجدت الأمكنة الخاصة بهم بالزاوية المذكورة فيعود الصرف إليهم ولا يكون منقطعا وكذا الحكم فيما يصرف فى وظيفة نقيب لخدمة سماط المجاورين المذكورين وفيما يصرف لرجل يحلق رؤوسهم ويختن أطفالهم ويفصد ويحجم المرضى منهم فإنه يكون منقطعا أيضا مصرفه الفقراء، وليس للناظر على هذا الوقف أن يجمع وظائف الجباة الثلاثة فى شخص واحد لأن الواقف شرط عددا معينا فيتبع شرطه وللناظر أن يدفع لكل منهم قدر أجرة مثله حيث كان المشروط لهم لا يفى لواحد منهم كما ذكر بالسؤال وكذلك له أن يزيد فى مرتب وظيفة المباشر إلى أن يبلغ أجر مثله عملا فى ذلك بقول الواقف (كل ذلك بما يراه الناظر ويؤدى إليه اجتهاده والله أعلم(7/17)
وقف استحقاقى
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
جمادى الآخرة 1340 هجرية - 12 فبراير 1922 م
المبادئ
اشتراط الواقفين أن يلزم كل منهم بسداد خمسمائة قرش إيجاب الفدان عن كل سنة يقتضى أولا أن لا ينقص أجر الفدان فى السنة عن خمسة جنيهات، وثانيا أن لا تنقص أجرة الأعيان الموقوفة عن أجر المثل، وعلى ذلك تكون محاسبة النظار باعتبار الاجارة الحالية
السؤال
بخطاب رئيس مجلس مديرية القليوبية رقم 6 فبراير سنة 1922 نمرة 1820 بما صورته - موقوف من مخيمر بك هندى وأخيه عبد العزيز بك والشيخ محمد إبراهيم خمسة أفدنة على مدرسة أسنيت الأولية التى يديرها المجلس بحسب ما هو موضح بحجة الوقف المرفقة بهذا، وقد جاء ضمن الحجة إلزامية الواقفين بدفع 5 جنيه سنويا للفدان الواحد بصفة إيجار وقد حصل عجز فى هذه الأطيان بسبب أكل البحر ولم يبق بعد ذلك س ط ف من الوقف غير 6 20 2 مؤجر بمعرفة نظار الوقف لبعض الأهالى بواقع الفدان الواحد 10 جنيه سنويا، ولما طالبناهم بدفع الريع بحسب القيمة المؤجرة بها الأرض تمسكوا بما ذكر بالوقفية من دفع خمسة جنيهات فقط سنويا عن كل فدان من القدر الباقى بعد أكل البحر فنرجو افتاءنا عما إذا كان للمجلس الحق فى محاسبة النظار على حساب خمسة جنيهات للفدان سنويا أو محاسبتهم على مقتضى المبلغ المؤجر به الوقف وتفضلوا بقبول احترامنا
الجواب
ورد لنا خطاب عزتكم المؤرخ 6 فبراير سنة 1922 رقم 1820 ومعه صورة كتاب الوقف الصادر من حضرة مخيمر بك هندى وآخرين وبالاطلاع على هذه الصورة وجد بها مانصه (يصرف ريع الأطيان المذكورة على الكتاب المذكور لما يلزم له من العمارة والترميم وأجرة المعلمين وأدوات الكتابة وغير ذلك مما يلزم له مادام باقيا على أصله الخ) - وهذا صريح فى أن الواقف جعل جميع ريع الأطيان الموقوفة بعد تقديم ما يجب تقديمه من الأموال الأميرية والعمارات الضرورية وقفا على الكتاب المذكور وما يلزم له من العمارة والترميم وأجرة المعلمين وأدوات الكتابة وغير ذلك على الوجه الذى ذكره الواقف فى كتاب وقفه - وأما ما شرطه الواقفون المذكورون بعد ذلك فى قولهم (ومنها أن يكون كل من الواقفين المذكورين ملزوما بسداد إيجار كل فدان من الأطيان الموقوفة المذكورة خمسماية قرض شاغ ديوانى مصرى فى كل سنة الخ) فهو أولا التزام منهم بأن لا ينقص أجر الفدان فى السنة عن خمسة جنيهات وليس ملزما للوقف بشىء كما هو ظاهر - وثانيا ينبغى أن لا تنقص أجرة الأعيان الموقوفة عن أجر المثل فى جميع الأحوال بحيث لو اشترط واقف مثل هذا الشرط لم يكن معتبرا لأنه مناف لمصلحة الوقف والموقوف عليهم وبناء على ذلك تكون محاسبة هؤلاء النظار باعتبار الإجارة الحالية وللاحاظة تحرر هذا والأوراق عائدة من طيه كما وردت.
والله أعلم(7/18)
وقف استحقاقى والزيادة فيه
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
محرم 1343 هجرية - 24 أغسطس 1924 م
المبادئ
1 - الزيادة فى الاستحقاق من قبل الواقف غير معتبرة شرعا إلا إذا كان قد اشترط لنفسه الشروط العشرة.
2 - الزيادة بورقة عرفية من إيراد الأملاك الموقوفة لا تكون وصية
السؤال
من الشيخ محمد رجب الحاضر عن الشيخ عبد الحميد شرف الدين فى أن الخواجة يعقوب ابن ميخائيل شاهين وقف جملة أعيان بموجب حجة شرعية من محكمة بيروت الشرعية مسجلة فى غرة رمضان سنة 1275 حسب الإنشاء والشروط المدونة بها وأن من ضمن ما جاء بها أنه شرط أن يصرف من ريع وقفه بعد وفاته لكل واحدة من بنتيه كترينة وزنوبية ومن يحدث له من البنات جزء من أربعة وعشرين جزءا من كل سنة مدة حياتهن ثم من بعد كل منهن يصرف مرتبها لأولادها ذكورا وإناثا بطنا واحدا فإذا انقرض البطن الأول من ذرية بناته عاد ما كان لهن على من يوصيه من أولاده الذكور على النص والترتيب المشروحين فى حجة وقفه ثم فى سنة 1289 هجرية حرر الواقف المذكور ورقة عرفية لم تصدر على يد حاكم شرعى قال فيها ما نصه محرر بالوقفية المحررة بمحكمة بيروت فى غرة رمضان سنة 1275 أن يكون من إيراد أملاكنا المبينة بالوقفية المذكورة إلى حرمتنا وردة قيراط وإلى بناتنا كتورة قيراط ولزنوبية قيراط وبموجب هذه الحروف قد ضمت لكل واحدة منهن قيراطين وصار إلى حرمتنا ثلاثة قراريط وإلى بنتنا كتورة مثلها ثلاثة قراريط وإلى بنتنا زنوبية ثلاثة قراريط ثم توفى الواقف ولم يحدث له بنات سوى بنتيه كاترينة (كتورة) وزنوبية ثم توفيت زوجته الست وردة ثم توفيت كل بنت من بنتيه المذكورتين عن أولاد فهل القيراطان اللذان زادهما الواقف فى الورقة العرفية لكل واحدة من زوجته وبنتيه بقوله ما نصه (قد ضمت لكل واحدة منهن قيراطين وصار إلى حرمتنا ثلاثة قراريط وإلى بنتنا كتورة مثلها ثلاثة قراريط وإلى بنتنا زنوبية ثلاثة قراريط يكونان وقفا مثل القيراط حكمهما كحكمه أو وصية أو لغوا وهل إذا كان وقفا أو وصية ينتقلان بعد وفاة كل واحدة من بنتيه المذكورتين إلى البطن الأول من أولادها كالقيراط أو لا ينتقلان
الجواب
بل يرجعان إلى غلة الوقف ولا يكون حكمهما كحكم القيراط هذا مع العلم بأن الواقف المذكور لم يشترط فى كتاب وقفه لنفسه ولا لغيره الشروط العشرة المعلومة(7/19)
وقف استحقاقى وخيرى
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
ربيع الأول 1344 هجرية - 15 نوفمبر 1925 م
المبادئ
1 - لا يجوز إنفاق مال البدل فى عمارة الوقف إلا بإذن القاضى وللضرورة وبشرط أن يحصل من الريع مثل ما أنفق ويشترى بها عين بدل ما استبدل ولا تكون هذه العين ملكا للموقوف عليهم ولا إرثا عنهم.
2 - بموافقة الناظر الحسبى الناظر الأصلى على تصرفاته تكون مسئوليته عما يقع من تلك التصرفات مخالفا للشرع أو لشرط الواقف قائمة
السؤال
من مصطفى أفندى بما صورته - وقف المرحوم إسماعيل أفندى راغب وقفا بموجب كتاب وقف صادر من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 22 الحجة سنة 1307 هجرية وشرط الواقف المذكور فى وقفه هذا شروطا حث عليها وأكد العمل بها فوجب المصير إليها منها أن الناظر على ذلك والمتولى عليه يبدأ من ريع ذلك باصلاح الأطيان المذكورة وعمارة ترميم ما بها من المبانى وما فيه البقاء لعين ذلك والدوام لمنفعته ولو صرف فى ذلك جميع غلته ومنها أن يدفع ما على ذلك من الأموال لجهة الميرى حسب المربوط ومنها أن يصرف من ريع ذلك بعد وفاة الواقف المذكورة فى كل سنة من سنى الأهلة مبلغا قدره خمسة آلاف قرش صاغ أو ما يقوم مقام ذلك من النقود على ما يبين فيه فما يصرف فى مصالح ومهمات وإقامة الشعائر الإسلامية بزاوية الواقف المذكور المعروفة بانشائه وتجديده الكائنة بناحية كفر إسماعيل أفندى المذكور فى كل سنة مبلغ قدره ستماية قرش من ذلك ويكون صرف ذلك بمعرفة من يكون ناظرا على هذا الوقف وما يصرف فى وجوه خيرات وصدقات وقراءة قرآن عظيم الشأن وتفرقة خبز قرصة وسبيل ماء عذب ورمى خوص وريحان على تربة الواقف المذكور التى سيدفن بها فى أيام الجمع والأعياد على العادة فى ذلك وفى عمل ست عشرة ختمة شريفة فى كل سنة بمنزل الواقف المذكور المرقوم أو بمنزل سكن الست كلفدان المذكورة إحداها فى ليلة العاشوراء وهى ليلة العاشر من شهر محرم والثانية فى ليلة مولده صلى الله عليه وسلم وهى ليلة الثانى عشر من شهر ربيع الأول الأنور والثالثة فى ليلة معراجه الشريف وهى ليلة السابع والعشرين من شهر رجب والرابعة فى ليلة النصف من شهر شعبان وعشرة منها فى ليالى شهر رمضان المعظم والخامسة عشرة فى ليلة عيد الفطر والسادسة عشرة فى ليلة عيد الأضحى وفيما يلزم لقراءة الست عشرة ختمة من المأكل والمشرب والوقوف وغير ذلك مبلغ قدره الفا قرش ويكون صرف ذلك فى الخيرات المشروحة أعلاه بحسب ما تراه الست كلفدان المذكورة ويؤدى إليه اجتهادها حينئذاك ثم من بعد وفاتها بتولى صرف ذلك من يكون ناظرا على ذلك وما يصرف للست كلفدان وحسن أفندى حسنى المذكورين نظير تعاطيهما شئون الوقف المذكور وإذارة أموره وقبض ريعه وتقسيمه على مستحقيه فى كل سنة مبلغ ألفان وأربعمائة قرش باقى ذلك بالسوية بينهما ثم من بعد أحدهما فللآخر منهما ثم من بعدهما فلمن يكون ناظرا على هذا الوقف زيادة عما يستحقه فيه ومنها أن كل من استدان من الموقوف عليهم المذكورين بدين ولم يسدده لدائنيه وترتب على ذلك عزم الدائن أو من ينوب عنه على توقيع الحجز على أعيان الوقف المذكور يكون المديون من أهل هذا الوقف مخرجا ومبعدا ومطرودا ومحروما من استحقاقه فى هذا الوقف ولا حق له فيه بوجه من الوجوه مطلقا من قبل العزم على توقيع الحجز على هذا الوقف بخمسة عشر يوما ويكون نصيب المخرج من هذا الوقف بسبب ذلك مضافا لباقى هذا الوقف وملحقا به ويصرف له منه نفقته الشرعية إن كان محتاجا لها بمعرفة الناظر على هذا الوقف فإن لم يكن محتاجا لها فلا يصرف له من نصيبه شىء ما دام مديونا فإن سدد دينه لأربابه ولم يتبق عليه شىء منه يعود مستحقا فى هذا الوقف ويصرف إليه نصيبه كما كان أولا.
ومنها أن النظر على هذا الوقف والولاية عليه من تاريخه لنفس الواقف المذكور مدة حياته ثم من بعده لابنه حسن أفندى حسنى المذكور ثم من بعده لابنه إبراهيم أفندى رشدى المذكور ثم من بعده لابنه محمد أفندى توفيق المذكور ثم من بعده يكون النظر على ذلك للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف المذكور ثم للأرشد فالأرشد من أولادهم وذريتهم ونسلهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل بحسب ترتيب طبقاتهم من كل طبقة مستحقة لذلك على النص والترتيب المشروحين بهذه الحجة إلى حين انقراضهم أجمعين يكون النظر على ذلك لمن يكون ناظرا على الحرمين الشريفين المشار إليهما حينذاك ثم لمن يلى وظيفته وهلم جرا وعند أيلولة ذلك للفقراء والمساكين من المسلمين فلمن يقرره فى ذلك حاكم المسلمين الشرعى بمصر حينذاك.
ومنها أن الواقف المذكور جعل زوجته الست كلفدان المذكورة من بعد وفاته ناظرة حسبية على كل من يكون ناظرا أصليا على هذا الوقف بحيث انه لا يتولى فعل شىء من أمور الوقف المذكور إلا باطلاعها ومباشرتها وإذنها له بفعل وإجراء ذلك مدة حياتها وجميع ما ذكر مدون بصورة كتاب الوقف الرسمى من السطر الثانى عشر بالصفحة الثامنة إلى نهايتها ومن السطر الأول بالصفحة التاسعة إلى السطر الثانى والعشرين منها.
وقد توفى الواقف المذكور وتولى النظر الأصلى ابنه حسن أفندى حصنى وتولت النظر الحسبى زوجة الواقف الست كلفدان كشرط الواقف السالف ذكره ثم توفى الناظر الأصلى حسن أفندى حسنى المذكور وتولى النظر ابن الواقف محمد أفندى توفيق لأن أخاه إبراهيم أفندى رشدى المشروط له النظر بعد حسن أفندى حسنى توفى قبل والده إسماعيل أفندى راغب الواقف المذكور ثم توفى محمد أفندى توفيق فى شهر نوفمبر سنة 1915 وتولى النظر بعده وزارة الأوقاف من أوائل سنة 1911 بقرار محكمة مصر الشرعية لعدم صلاحية أحد من أولاد الواقف للنظر على الوقف فى ذاك الوقت.
وفى 28 فبراير سنة 1924 قررت محكمة مصر الشرعية العليا تنظر عبد القادر أفندى راغب ابن الواقف وابن الست كلفدان الناظرة الحسبية الحالية وهو الناظر الموجود حالا وأثناء تنظر حسن أفندى حسنى المذكور احتاجت الحكومة المصرية لجزء من أطيان الوقف بجهة كفر إسماعيل الوقف التابع لناحية دهمشا مركز بلبيس بمديرية الشرقية وقدره خمسة أفدنة وعشرة قراريط وستة عشر سهما لمرور مصرف سندنهور لأجل المنافع العمومية وقد استبدل حضرة قاضى أفندى محكمة الزقازيق الشرعية فى 18 يولية سنة 1899 هذه الأطيان فى نظير مبلغ 185 جنيها مائة وخمسة وثامانين جنيها مصريا وأذن حضرته حسن أفندى حسنى ناظر الوقف المذكور بحضور الست كلفدان الناظرة الحسبية الذكورة فى قبض المبلغ المذكور من خزينة مديرية الشرقية لمشترى عقار أو أطيان به لجهة الوقف المذكور بمعرفته وبمعرفتها (أى بمعرفة الناظر والناظرة) بما فيه الحظ والمصلحة لجهة الوقف وقبل حسن أفندى حسنى من حضرة القاضى هذا الإذن بحضور الست كلفدان المذكورة قبولا شرعيا واعترف حسن أفندى حسنى بقبض البدل المذكور من خزينة المديرية بحضور الست كلفدان المذكورة وثبت ذلك بحضور من ذكر بعد أن رضيت وأقرت الست كلفدان المذكورة على ذلك كله وثابت ذلك فى سجل مبايعات محكمة الشرقية الشرعية المحفوظة بدفتر خانة المحكمة ص 101 مسلسلة حصر وهى مسجلة فى يوم الخميس 27 يوليه سنة 1899 الموافق 19 ربيع أول سنة 1317 رقم 217 مسلسلة ونمرة 58 صحيفة بعد أن قبض حسن أفندى حسنى الناظر مبلغ 185 جنيها قيمة الاستبدال بحضور الناظرة الحسبية الست كلفدان المذكورة ورضائها كما تقدم اتفق الاثنان على عمل عزبة وساقية بهذا المبلغ بزراعة الوقف بكفر إسماعيل أفندى بزمام دهمشا بمركز بلبيس بمديرية الشرقية لضرورة ذلك فى ذلك الوقت وهذا الاتفاق حصل بينهما كتابة برضائهما ورضاء المستحقين فى الوقف وعدم معارضة أحد من المستحقين لهما فى ذلك (ولكن كان هذا الاتفاق بدون إذن القاضى الشرعى) واتفقا أيضا على خصم هذا المبلغ من استحقاق المستحقين تدريجيا وبعد خصمه وتمام تحصيله يشتريان به عينا تضم لجهة الوقف وفعلا تم إنشاء العزبة والساقية بالزراعة المذكورة وفى سنة 1900 توفى حسن أفندى حسنى الناظر المذكور قبل أن يحصل هو والناظرة الحسبية الست كلفدان هذا المبلغ من المستحقين حسب الأنفاق المنوه عنه ثم تولى النظر محمد أفندى توفيق (وهو محمد بك توفيق لكونه أخذ رتبة البكوية) فوضع محمد بك توفيق الناظر المذكور والست كلفدان الناظرة الحسبية المذكورة أيديهما على أوراق ودفاتر الوقف وضمنها الاتفاق الذى حصل بشأن تحصيل مبلغ المائة وخمسة وثمانين جنيها وأخذا يديران أمور الوقف وشئونه كشرط الواقف المبين بهذا الاستفتاء وفعلا قد حصلا المبلغ من نفسيهما بصفتهما مستحقين فى الوقف ومن باقى المستحقين وضمنهم أولاد حسن أفندى حسنى الناظر الأول كل مستحق بمقدار ما يخصه فى هذا المبلغ وتم التحصيل فى سنة 1904 بمعرفة الناظر والناظرة المذكورين وبقى المبلغ فى ذمة محمد بك توفيق الناظر المشرفة عليه الناظرة الحسبية المشتركة معه فى إدارة شئون الوقف ولم يشتر به عينا لجهة الوقف وقصرت الناظرة الحسبية مع ما لها من السلطة عليه فى تكليفه بشراء عين به من سنة 1904 إلى 16 يونية سنة 1915.
وفى 17 يونيه سنة 1915 أنذرت أنا بصفتى متسحقا فى الوقف الناظرة الحسبية الست كلفدان انذارا رسميا عن يد محضر من محكمة الخليفة الجزئية الأهلية ذكرتها فيه (لئلا تكون ناسية) بأن الناظر حجز مبلغ 185 جنيها من استحقاق المستحقين حال تنظره وهو قيمة الأطيان التى بيعت للحكومة من أعيان الوقف لاستعمالها فى المنافع العمومية ولم يشتر بهذا المبلغ عينا يضمها لأعيان الوقف بدل المباعة ولما لهذه المسألة من الأهمية طلبت منها فى هذا الانذار أن تشترك مع الناظر فى مشترى عين بهذا المبلغ وإن لم يتيسر وجود عين الآن بالمبلغ المذكور فيجب وضعه فى خزينة محكمة مصر الشرعية الكبرى وإيداعه فيها باسم الناظر واسم الناظرة المذكورين على ذمة مشترى العين ويسعيان معا فى البحث عن عين مناسبة لمشتراها ووصل هذا الإنذار الرسمى إلى الست كلفدان الناظرة الحسبية وصار فى علمها عدم شراء الناظر عينا بالمبلغ ولكنها لم تهتم ولم تقم بشئون وظيفتها المخولة لها بكتاب الوقف المشار إليها آنفا فأهملت وقصرت ولم تكلف الناظر بشراء العين إلى أن توفى محمد بك توفيق الناظر فى شهر نوفمبر سنة 1915 المذكور أى بعد نحو خمسة أشهر من تاريخ إنذارى للناظرة الحسبية الست كلفدان.
ولما توفى الناظر محمد بك توفيق وضعت الست كلفدان الناظرة الحسبية يديها على دفاتر وأوراق ومستندات وكمبيالات ونقود الوقف وثابت ذلك بمذكرة رسمية بدفتر أحوال قسم السيدة بمصر بنمرة 37 فى 23 نوفمبر سنة 1915 ونظرا لعدم صلاحية أحد من المستحقين للنظر على الوقف قررت محكمة مصر الشرعية تنظر وزارة الأوقاف عليه واستلمت الوزارة أعيان الوقف بعد مشاغبات كبيرة من الناظرة الحسبية الست كلفدان التى لم تسلم للوزارة دفاتى واوراق ومستندات وكمبيالات ونقود الوقف وباقية عندها للآن واستمرت وزارة الأوقاف فى إدارة شئون الوقف مع الناظرة الحسبية لغاية 28 فبراير سنة 1924 وهو اليوم الذى قررت فيه المحكمة العليا الشرعية تنظر ابنها عبد القادر على الوقف وقد استلمه من الوزارة وهو الناظر الحالى مع والدته الست كلفدان الناظرة الحسبية المذكورة وبعد أن تولى عبد القادر أفندى راغب النظر مع والدته أرادا أن ينتقما من ورثة حسن أفندى حسنى الناظر الأول فطلب عبد القادر أفندى راغب المذكور من ورثة حسن أفندى حسنى دفع مبلغ 185 جنيها ثمن الأطيان المباعة للمنافع العمومية بناء عليه.
ما قولكم دام فضلكم يا فضيلة المفتى فيما يأتى. هل الست كلفدان الناظرة الحسبية مع ما لها من الإشراف والسلطة الكافية المبينة بكتاب الوقف والمذكورة بهذا الاستفتاء ومع حصول إنذارها رسميا بوضع مبلغ 185 جنيها بخزينة محكمة مصر الشرعية لشراء عين به تضم لجهة الوقف مسئولة الآن عن هذا المبلغ وعن تصرفات حسن أفندى حسنى الناظر الأول ومحمد بك توفيق الناظر الثانى أم لا وعن نتيجة تصرفاتهما أم لا أرجو من فضيلتكم الإجابة عن هذا السؤال بما يطابق نصوص الشرع الشريف مع الاحاطة بأن الوقائع والحوادث التى ذكرتها بهذا الاستفتاء هى تحت مسئوليتى وملزم شخصيا باثباتها أمام جهة الاختصاص إذا لزم ذلك.
والذى أطلبه الآن هو إفتائى شرعا عما بينته بهذا الطلب وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
الجواب
بالاطلاع على هذا السؤال وجد أنه يتضمن الاستفتاء عن كون الست كلفدان الناظرة الحسبية مسئولة عن تصرفات الناظر الأصلى على هذا الوقف بالكيفية المفصلة بسؤاله بشأن مبلغ البدل البالغ قدره 185 جنيها الذى قبضه الناظر الأصلى بحضورها وانفاقه فى بناء عزبة وساقية زراعة الوقف برأيهما لضرورة ذلك فى ذلك الوقت إلى آخر ما ذكره - ومن حيث ان إنفاق مال البدل فى عمارة الوقف لا يجوز إلا بإذن القاضى للضرورة بشرط أن يحصل من الريع مثل ما أنفق ويشترى به عين بدل ما استبدل كما نص على ذلك صاحب الفتاوى المهدية بصحيفة (525) من الجزء الثانى نقلا عن فتاوى اللطفى ونصه (وقد تصرف أى دراهم البدل فى عمارة الوقف الضرورية بإذن قاض يملك ذلك ويستوفى من غلة الوقف بعد العمارة ليشترى بها ما يكون وقفا كالأول ولا تكون ملكا للموقوف عليهم ولا إرثا) - وحيث ان الناظرة الحسبية وافقت الناظر الأصلى على تصرفاته المنسوبة إليه فتكون مسئولة عما يقع من تلك التصرفات مخالفا للشرع أو لشرط الواقف - وحيث إنه يظهر أن الناظرة الحسبية هنا هى أيضا ناظرة أصلية لقول الواقف (وما يصرف للست كلفدان وحسن أفندى حسنى نظير تعاطيهما شئون الوقف المذكور وإدارة أموره وقبض ريعه وقسمته على مستحقيه فى كل سنة الخ) فإن هذا يدل على أنها شريكة فى النظر الأصلى مع الناظر الآخر الذى عينه الواقف ولا يمنع من ذلك التعبير عنها بالناظرة الحسبية فى موطن آخر من كتاب الوقف لأن المدار على المعانى لا على الألفاظ.
بناء على ذلك تكون المسئولية فى هذا التصرف بغير إذن القاضى وفى هذا المبلغ واقعة عليهما معا وتقديرها موكول إلى القضاء بعد تحقق صحة الوقائع هذا ما ظهر لنا والله أعلم(7/20)
وقف استحقاقى
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
شعبان 1344 هجرية - 7 مارس 1926 م
المبادئ
اشتراط الواقف أن من يتزوج من المستحقين بغير مسلمة يحرم من الاستحقاق فى الوقف ومن النظر عليه، ولا يعودان له وإن طلقها وإن أسلمت، يشمل ذلك من تزوج منهم فى الماضى ومن يتزوج فى المستقبل.
وعلى ذلك فلا استحقاق لمن تزوج بغير مسلمة - فى هذا الوقف ولا فى النظر عليه - عملا بشرط الواقف
السؤال
من محمد على بما صورته - بتاريخ 20 من ذى الحجة سنة 1326 و14 يناير سنة 1909 أمام محكمة الجيزة الشرعية وقفت الست بهية هانم س ط ف 8 19 430 بقطور مركز طنطا غربية على نفسها فى حياتها ومن بعدها على أولادها على نحو ما ذكر بكتاب الوقف المقدم مع هذا واشترطت أنه لا يستحق فى وقفها هذا من أولادها أو ذريتها إلا من كان مسلما وجعلت النظر على هذا الوقف لنفسها فى حياتها ومن بعدها للأكبر فالأكبر من أولادها الذكور ونسلهم هكذا كما هو موضح بكتاب الوقف على أن يكون من أبوين مسلمين ثم جعلت لنفسها الشروط العشرة تكررها متى شاءت وبتاريخ 27 شوال سنة 1327 - 10 نوفمبر 1909 أمام محكمة الجيزة الشرعية أيضا وبما للست المذكورة من الشروط التى احتفظت بها فى كتاب الوقف آنف الذكر أخرجت نفسها من 21 قيراطا من بعض وقفها المذكور وجعلته وقفا على زوجها أحمد عزت باشا العابد وغيره ومن بعده على أولاده على الترتيب المذكور فى كتاب الوقف واشترطت فى الاستحقاق أن يكون المستحق مسلما واشترطت أن من يتزوج من المستحقين بغير مسلمة يحرم من الاستحقاق فى هذا الوقف ومن النظر عليه ولا يعودان له وإن طلقها وإن أسلمت وجعلت لزوجها من بعدها الشروط العرة وتكرارها وبتاريخ 5 صفر سنة 1329 - 4 فبراير سنة 1911 أمام محكمة الجيزة الشرعية أيضا غيرت الست بهية هانم النظر على وقفها وجعلته من الآن لدولة زوجها ثم من بعده الأرشد فالأرشد الأكبر من أولاده وألغت ما يخالف ذلك فى كتاب وقفها السابق ذكره وجلعت العمل والمعول فى النظر على وقفها المذكور من تاريخه على ما نص عليه بهذا الاشهاد - وتوفيت الواقفة وآل النظر من بعدها لزوجها أحمد باشا عزت العابد.
وبتاريخ 25 صفر سنة 1340 (27 أكتوبر سنة 1921) أمام محكمة الجمالية وبما لأحمد باشا عزت الناظر من الشروط العشرة أخرج الناظر المذكور ممن أخرج مطلقته الست نبراس هانم وابنته لمعة هانم وضم نصيبهما إلى باقى المستحقين من أولاده وذريته وعقبه عدا المخرجين وألغى وأبطل كل ما يخالف ذلك مما هو مدون بكتابى الوقف والتغيير سالفى الذكر وجعل العمل على ما هو مدون بهذا التغيير ولا ينافيه وذكر فى آخر الإشهاد أن المستحق من أولاده من بعده هم ثلاثة ذكور وهم محمد على بك وعبد الرحمن بك ورفيق وبنت واحدة هى سنية هانم أما عبد الرحمن بك ولده المشار إليه أعلاه فقد كان قبل كتاب الوقف الأول متزوجا بكتابية (غير مسلمة) فالمطلوب معرفة هل يكون عبد الرحمن بك ابن الواقفة وأولاده محرومين من الاستحقاق وأهلية النظر فى وقفها كشرط إشهاد 27 شوال سنة 1327 بسبب زواج عبد الرحمن بك السابق بغير مسلمة أو لا ينصرف هذا الشرط إلا على المستقبل لوروده بصفة المضارع فى كتاب والقف المذكور أم يعتبر ذلك الإشهاد منسوخا باشهاد 5 صفر سنة 1329 السابق ذكره وما حكم ورود اسم عبد الرحمن فى المستحقين فى إشهاد 25 صفر سنة 1340 الصادر من والده وطيه كتب الوقف الربعة للاطلاع عليها مع العلم بأنه لم ترفع خصومة للمحاكم المصرية بصدد هذا الخلاف نرجو الجواب ولكم الأجر والثواب
الجواب
من حيث ان الواقفة شرطت فى كتاب تغيرها الصادر فى تاريخ 27 شوال سنة 1327 (أن من يتزوج من المستقين بغير مسلمة يحرم من الاستحقاق فى هذا الوقف ومن النظر عليه ولا يعودان له وإن طلقها وإن أسلمت) - وحيث ان هذا الشرط عام يشمل من تزوج منهم فى الماضى بغير مسلمة ومن يتزوج منهم فى المستقبل بذلك وحيث انه لم يصدر من الواقفة ما يخالف هذا الرط فلا استحقاق حينئذ لعبد الرحمن بك ابن الواقفة الذى تزوج بغير مسلمة فى هذا الوقف ولا فى النظر عليه عملا بشرط الواقفة المذكورة وإتيان زوج الواقفة بعبد الرحمن بك المذكور فى الإشهاد الصادر منه فى 25 صفر سنة 1340 مع من ذكرهم فيه لايدل على استحقاقه فى الوقف ولا فى النظر عليه وإنما هو لبيان الموقوف عليهم لا لإلغاء ما شرطته والله أعلم(7/21)
وقف استحقاقى
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الأولى 1347 هجرية - 6 نوفمبر 1928 م
المبادئ
متى كانت العزبة موجودة وقت صدور الوقف، فإنها تكون وقفا تبعا للأرض الموقوفة، ولا تكون ملكا، وتدخل فى حدود القسم التابعة له بعد التخصيص
السؤال
من مصطفى محمد فى أن المرحوم والدى محمد أفندى سليمان وقف أطيانه البالغ قدرها ستة وستون فدانا وثمانية عشر قيراطا من فدان الكائنة بناحية الحصوة مركز كفر صقر مديرية الشرقية بمقتضى حجة شرعية صادرة من محكمة كفر سقر الشرعية بتاريخ 24 جماد الثانى سنة 1317 وأنشأ وقفه هذا على نفسه مدة حياته ثم من بعده على أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين وتلك الأطيان الموقوفة المذكورة يوجد بها بناء عزبة لم ينص عليها الواقف فى كتاب وقفه وبما للواقف المذكور من الشوط العشرة فى كتاب وقفه غير وبدل بأن أنشأ وقفه المذكور على نفسه مدة حياته بمقتضى حجة شرعية صادرة من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 15 ذو العقدة سنة 1323 ثم من بعده يكون لكل من أولاده حصة مبينة بحجة التغيير المذكورة ولم ينص أيضا فى حجة التغيير على بناء العزبة غير أن بنيان العزبة المذكورة وقع فى حصة س ط ف مصطفى أفندى محمد ابن الواقف المذكور البالغ قدرها 8 7 31 وهى مفروزة ومحدودة بحدود خاصة مع العلم بأن بناء العزبة المذكورة كان موجودا وقت إشهاد الوقف الأول المحرر عنه الحجة الشرعية المؤرخة 20 أكتوبر سنة 1899 - ثم مات الواقف وهو مصر على وقفه المذكور وانحصر ريع الوقف فى أولاده الموقوف عليهم (والمسئول عنه ما يأتى) هل بناء العزبة يكون وقفا تابعا لعموم الموقوف الأصلى أو يكون تابعا لحصة مصطفى أفندى محمد التى وقعت العزبة فى داخل حدودها أو تكون ملكا يورث لعموم الورثة أفيدوا بالجواب ولكم الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى حجة التغيير المذكورة - ونفيد بأنه حيث كانت العزبة المذكورة موجودة وقت صدرو الوقف فإنها تكون وقفا تبعا للأرض الموقوفة ولا تكون ملكا - وبما أنها داخلة ضمن حدود القسم الذى جعله الواقف مختصا بابنه مصطفى محمد سليمان بما له من الشروط فتكون تابعة لهذا القسم خاصة لأن تخصيص الواقف مالكل من الموقوف عليهم بمنزلة القسمة بين الموقوف عليهم.
وقد قال فى الفتاوى الأنقروية ما نصه (قوم اقتسموا ضيعة فأصاب بعضهم بستان وكرم وبيوت وكتبوا فى القسمة بكل حق هو له أو لم يكتبوا فله ما فيها من الشجر والبناء ولا يدخل فيها الزرع والثمر) .
وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال والله أعلم(7/22)
وقف استحقاقى
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الأولى 1347 هجرية - 6 نوفمبر 1928 م
المبادئ
لا يكلف الناظر شرعا إلا بما يقوم به مثله عرفا، فإذا كان مثله يقوم بتحصيل الأجر فلا يحتسبه إلا مما جعله الواقف له، وإن كان مثله لا يقوم بتحصيل الأجر فله أن يستأجر من يقوم بذلك بأجر مثله ويحتسب هذا الأجر من عموم ريع الوقف، على أنه استئجار عاجل بقدر عمله
السؤال
من أحمد أفندى فى رجل أوقف أعيانا مبينة فى كتاب وقفه وشرط جعلا للناظر الذى تعين على الوقف المذكور قدره الماية خمسة من ريعه فى نظير قيامه بأعمال النظارة المذكورة وذلك حسب الوارد فى كتاب وقفه.
فهل يجوز للناظر بعد هذا النص أن يصرف مصاريف أجر تحصيل وإضافتها على حساب المستحقين أو لا يجوز له ذلك اكتفاء بالجعل المقدر له فى الكتاب (كتاب الوقف) فنرجو من فضيلتكم الجواب ولكم الأجر والثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف - ونفيد بأن الناظر شرعا لا يكلف إلا بما يقوم به مثله عرفا كما يؤخذ من الخصاف فى كتابه وعلى هذا فإذا كان هذا الناظر لا يقوم مثله بتحصيل الأجر فله أن يستأجر من يقوم بذلك بأجر مثله، ويحتسب ذلك من عموم ريع الوقف لا على أنه وظيفة مقررة إذ ليس له إنشاء وظيفة إلا إذا خول له من قبل الواقف، بل هذا من باب استئجار عامل بقدر عمله، وأما إذا كان مثله يقوم بتحصيل الأجر فهو داخل ضمن العمل الذى جعل له الواقف جعلا عليه فلا يحتسبه إلا مما جعله الواقف له وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال والله أعلم(7/23)
الوقف والاستحقاق لمدين بدين مستغرق
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذو القعدة 1348 هجرية - 15 أبريل 1930 م
المبادئ
للمستحق المدين بدين يستغرق استحقاقه الحق فى أخذ ما يقوم بنفقته ونفقة من تلزم نفقته من نصيبه فى ريع الوقف
السؤال
من محسن آصف بما يأتى وقف واقف أعيانا بموجب حجة رسمية وأنشأ وقفه على نفسه ثم من بعده على أولاده وأولاد أولاده وذريتهم ونسلهم إلى آخر ما جاء بالإنشاء، وقد آل الوقف الآن إلى أحفاده، ولم يشترط ما يمنع المستحق من الاستدانة، ولم يشترط جزءا لمن يستدين، فاستدان أحكد المستحقين وهو أحد أولاد الواقف بضمانة ابنه الذى هو حفيد اواقف ولم يسدد جميع الدين المبلغ المطلوب حجز على جميع استحقاقه فى الوقف بمقتضى الحكم الذى صدر بإلزامه بما بقى من الدين، وبما أن المحكوم عليه (حفيد الواقف له إذ أنه مازال يدرس إلى الآن، وأ، هـ عائل لوالدته وجدته اللتين لم يكن لهما من ينفق عليهما سواه، فهل من كانت هذه حالته يستحق المطالبة بنفقة تكفيه من استحقاقه فى الوقف المذكور أم لا مع العلم بأن المستدين المذكور لم يكن محجورا عليه لدين أو سفه.
فقط محجوز على استحقاقه فى الوقف
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأن للمديون المستغرق بالدين الحق فى ما يقوم بنفقته ونفقة من تجب له النفقة عليه من ماله ولو كان محجورا عليه بسبب ادين، وعلى هذا فللشخص المذكور الحق فى أخذ ما يقوم بنفقته من نصيبه من ريع الوقف المذكور.
وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال. والله أعلم(7/24)
أعطاء المستحق الفقير فوق نصيبه
المفتي
عبد المجيد سليم.
رجب 1349 هجرية - 27 نوفمبر 1930 م
المبادئ
للناظر إعاطاء المستحق الفقير جزءا من نصيب الفقراء بطريق لا بطريق الاستحقاق
السؤال
من يوسف دادور بما يأتى فى سنة 1914 توفى عمى نصرى دادور وترك منزلا موقوفا نصفه على فقراء النصارى الأرمن الكاثوليك بمصر وثمانية قراريط على زوجته الست مروم وقيراطين على مقدم هذا والقرياطين الباقيين على الست روزة دادور شقيتى.
وحيث إن القيراطين حصتى لا تقوم بمصاريفى الآن وأنا متزوج وعندى أولادد، ولا يوجد عندى شىء مطلقا، وليس عندى شغل من مدة سنتين تقريبا حتى أصبحت فقير الحال، كما يتضح لفضيلتكم من الشهادة الصادرة من بطركخانة الأرمن الكاثوليك بمصر، وحيث إنى من الطائفة المذكورة وابن أخ الواقف المتوفى وأنا أحق من غيرى فى إيراد نصف المنزل الموقوف على الفقراء، فأرجو إعطائى فتوى باستحقاقى إيراد 12 قيراطا قيمة نصيب الفقراء الأغراب لأنى أحق منهم وابن أخى الواقف
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من كتاب الوقف الصدار من محكمة مصر الشرعية فى 9 يناير سنة 1905 ونفيد بأنه لا يجب على الناظر إعطاء ابن أخى الواقف شيئا من ريع الاثنى عشر قيراطا، وإنما يجوز له أن يعطيه منه لا بطريق الاستحقاق بل بطريق الأفضلية وذلك إذا كان فقيرا، وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال والله أعلم(7/25)
استحقاق فى وقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الأولى 1351 هجرية - 10 سبتمبر 1932 م
المبادئ
اشتراط الواقف مبلغا معينا لوالدته ما دامت خالية من الأزواج يكون المبلغ المذكور مستحقا لها مطلقا فى حياة الواقف وبعد موته مادامت خالية من الأزواج
السؤال
من محمد السيد بما يأتى وقف أحمد أفندى صبحى وذكر فى كتاب وقفه أن يصرف من ريع وقفه جنيهان مصريات لوالدته الست نجيبة بنت أحمد الأسمر مادامت خالية من الأزواج والواقف ما زال موجودا على قيد الحياة، والمطلوب الاستفهام عن هذا المرتب المستحق لوالدته إذا كانت تستحقه من يوم صدور الوقف أو لا تستحقه إلا بعد وفاة الواقف
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى حجة الوقف الصادرة من محكمة اسكندرية الشرعية فى 26 فبراير سنة 1921 من الواقف المذكور ونفيد بأن والدة الواقف تستحق المبلغ الذى شرط لها فى حال حياته كما تستحقه بعد وفاته مادامت خالية من الأزواج، وذلك لأن الواقف لم يقيد استحقاقها لهذا المبلغ بحالة الوفاة فيكون لها هذا الاستحقاق مطلقا سواء أكان الواقف حيا أم ميتا هذا ما ظهر لنا والله سبحانه وتعالى أعلم(7/26)
اسقاط الاستحقاق والنظر وجعله للغير
المفتي
عبد المجيد سليم.
رجب 1315 هجرية - 3 نوفمبر 1932 م
المبادئ
1 - إسقاط المستحق لاستحقاقه فى الوقف وللنظارة عليه وجعله للغير غير صحيح عند الحنفية مادام الواقف لم يشترط ذلك لهذا المستحق.
2 - إشهاد المستحق على إسقاط استحقاقه وجعل النظر لغيره وحكم الحاكم به غير نافذ، لأن الحكم النافذ شرعا فى حقوق العباد ما كان بعد دعوى وخصومة شرعيتين
السؤال
من الشيخ محمد العبد بالآتى صدر من المرحوم الأمير مصطفى أوده باشا وقف لم يعثر على حجته وقد جاءت كريمته الست صالحة التى انحصر الوقف فيها نظرا واستحقاقا وأدخلت وأسقطت حقها فى النظر والاستحقاق لكل من عبد الباقى وحسن ولدى خليل بن إسماعيل الشهير بجميعى ومن بعدهما ثم لأولاد أولادهما الخ بمقتضى حجة إسقاط وفراغ صادرة من محكمة الاسكندرية الشرعية، وحكم بموجب هذه الحجة المؤرخة 22 محرم سنة 1191 الثابت هذا بالحجة المحررة من محكمة مصر الشرعية بتاريخين ثانيهما غرة ربيع الأول سنة 1196 وقد مات كل من المدخلين عن أولادهم وأنه موجود ذريتهم الآن - فهل هذا الإسقاط والفراغ معتبر شرعا حيث جهل شرط الواقف وإنشاؤه ويكون هذا العمل الذى اتصل به حكم القضاء نافذ المفعول للآن، ويعتبر هذا من بنت الواقف أن لها شرط الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان.
أم يكون غير معتبر شرعا ولا حق للموجودين الآن
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى حجة الإسقاط الصادرة من محكمة اسكندرية الشرعية المؤرخة 22 محرم سنة 1191 ولم نطلع على باقى الحجج، وقد جاء بهذه الحجة (أن الحرمة صالحة أشهدت على نفسها أنها أسقطت ووهبت استحقاقها فى وقف والدها المعين جميعه بمكتوب وقفه المرقوم المعلوم لها شرعا لربيبيها كل من المكرم الأمثل عبد الباقى وشقيقه حسن ولدى المرحوم الحاج خليل ابن المرحوم اسماعيل جميعى) إلى أن قالت (ثم من بعدهما على ذريتهما ونسلهم وعقبهما بالفريضة الشرعية) إلى أن جاء فيها (وجعلت النظر على الوقف وعلى المسجد لهما مدة حياتهما ثم من بعدهما للأرشد فالأرشد من ذريتهما ونسلهما) ثم جاء بها فتاوى من بعض علماء المالكية والشافعية والحنفية بصحة هذا الإسقاط ثم جاء بها مانصه (ولما قرىء السؤال والجواب بين يدى مولانا أفندى المومى إليه حكم بصحة إسقاط النظر والاستحقاق للمكرم عبد الباقى) والمراد من السؤال السؤال الذى رفع للعلماء الذين أفتوا، كما أن المراد من الجواب هو جوابهم - ونفيد بأنه لا صحة شرعا عند علماء الحنفية لما جاء فى هذه الحجة، فإن حاصله جعل المستحقة مالها من حق الاستحاق والنظر لغيرها وهذا غير صحيح عند علماء الحنفية، كما يعلم ذلك من الرجوع إلى فصل فى مسائل شتى من كتاب الإقرار من الجزء الثانى من تكملة ابن عابدين.
وحكم القاضى المذكور ليس من الأحكام النافذة شرعا إذ الحكم النافذ شرعا فى حقوق العباد هو ما كان بعد دعوى وخصومة شرعيتين، كما يعلم ذلك من الرجوع إلى الدر المختار فى كتاب القضاء وفى مسائل شتى فى آخره وهذا الحكم ليس كذلك كما يعلم من الرجوع إلى الحجة والخلاصة أن ما جاء بهذه الحجة لا يعول عليه شرعا عند فقهاء الحنفية نعم لو كان الواقف قد شرط لها حق الإدخال والإخراج وجعل لها حق جعل النظر للغير لكان ما صنعته صحيحا لما لها حينئذ من ولاية جعل ذلك من قبل الواقف، ولكن الحجة خلو من ذلك، بل المستفاد منها أنها جعلت حق النظر وحق الاستحقاق للغير لزعمها أن لها حق هذا الجعل بمجرد كون الاستحقاق والنظر لها، وقد علمت أن مجرد هذا لا يكسبها حق جعل النظر والاستحقاق للغير.
هذا ما ظهر لنا والله سبحانه وتعالى أعلم(7/27)
حكم مصاريف الزواج وثمن الجهاز من الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذو الحجة 1315 هجرية - 13 أبريل 1933 م
المبادئ
يؤخذ مما يتبقى من ريع الوقف من سنوات سابقة أو مستقبلة مصاريف زواج أولاد الواقف وثمن الجهاز ولهم الحق فى مطالبة الناظر بذلك.
إذا كان فى يده شىء من هذا الريع
السؤال
من الشيخ على هانى بالآتى وقف الخواجه إلياس بشاى وقفه المعين فى سنة 1896 بحجة من محكمة أسيوط الشرعية فى 4 فبراير سنة 1896 وشرط أن يصرف لأولاده الذكور فقط على طريقة الإنشاء الواردة فى كتاب الوقف.
وإذا أراد أحد أولاد الواقف أو إحدى بناته لصلبه أو بنات أولاده الذكور التزوج فكل ما يلزم لهم من المصاريف والجهاز ومهر زوجات الذكور يؤخذ مما يتبقى بعد ذلك من ريع الوقف، وإذا نقص ريع الوقف فى سنة من السنين عن مقدار الأنصباء والمصاريف فينقص من مصاريف كل واحد من الموقوف عليهم بحسب ما نقص من الريع، وتوفى الواقف مصرا على وقفه، وبعد ذلك خطبت إحدى بنات الواقف فى سنة 929 وعند حلول موعد الزواج طلبت من الناظر أن يعطيها ما يلزمها لجهازها أسوة بأخواتها بحسب درجة أمثالهن فلم يدفع لها الناظر شيئا واضطرت لعدم استطاعتها تأخير الزواج لعام مقبل أن تستدين لزواجها ما يلزم لمصاريفها وجهازها حتى تتحصل على ما شرطه الواقف لها من ريع الوقف لتسدد ما عليها وقد مضى ثلاث سنين تقريبا على الزواج ولم يدفع لها الناظر شيئا، ثم عزل لأمور نسبت إليه وجاء بعده ناظر آخر ولم يدفع أيضا للسيدة مقدار مصاريف جهازها حسب درجة أمثالها وقدره 1500 جنيه أسوة ببنات الواقف الأخريات اللاتى توجن قبلها.
والسؤال. 1 - هل للبنت المذكورة حق مطالبة الناظر الجديد بمصاريف زواجها وجهازها من فائض ريع أى سنة بعد صرف ما شرط الواقف صرفه.
2 - وهل إذا لم يكف فائض الريع فى سنة تكمل من فائض ريع السنة التالية، وهكذا حتى تستوفى حقها
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى ما جاء بحجة الوقف من أنه إذا اراد أحد أولاد الواقف الذكور أو إحدى بناته لصلبه أو بنات أولاده الذكور التزوج فكل ما يلزم له من المصاريف والجهاز ومهر زوجات الذكور يؤخذ مما يبقى بعد ذلك من ريع الوقف.
ونفيد بأن إطلاق هذا الشرط يقضى باستحقاق بنت الواقف المذكورة لكل ما يلزم لها من المصاريف والجهاز على حسب أمثالها مما يبقى من ريع الوقف بعد المصاريف التى شرط صرفها الواقف، سواء أكان هذا الباقى قد بقى من ريع السنين السابقة على الزواج أم من ريع السنة التى كان فيها الزواج أو من ريع السنين المستقبلة، فإذا بقى مالا يفى بحقها أخذته واستوفت الباقى مما يبقى فى السنين المستقبلة بعد المصاريف المذكورة فيها هذا ما يدل عليه إطلاق الواقف فى العبارة بل يدل عليه أيضا غرضه من اشتراط هذا الشرط.
هذا واستحقاق البنت المذكورة لما ذكر على الوجه المذكور لا يقتضى مطالبتها الناظر إلا إذا كان فى يده شىء من الريع الذى يستحق فيه وهو ما يبقى بعد صرف المصاريف المذكورة كما بينا ذلك فى فتوانا الصادرة فى هذا الوقف بتاريخ 12 مارس سنة 933 هذا ما ظهر لنا والله سبحانه وتعالى أعلم(7/28)
حكم الحجز بالنفقة على ريع الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الآخرة 1352 هجرية - 21 - سبتمبر 1933 م
المبادئ
المستحق فى الوقف إذا حجز على استحقاقه بنفقة زوجته وأولاده المقضى بها لا يحرم من استحقاقه
السؤال
من محمد سيد بالآتى بتاريخ 30 أغسطس سنة 1910 وقف المرحوم الحاج محمد عزيز الهندى جملة أعيان، وشرط فى كتاب وقفه شروطا منها (ومنها أن كل مستحق فى هذا الوقف سلك طريقا غير حميد فى سيرته وأخلاقه أو استدان وحجز على استحقاقه فى هذا الوقف بسبب ذلك أو تنازل لأحد عن استحقاقه فيه يكون محروما من الاستحقاق فى هذا الوقف ويصرف لمن يكون مستحقا له بعده لو مات، فإذا عاد إلى الطريق الحميد وحسنت سيرته وأخلاقه وزال عنه الدين بأى وجه كان فالناظر يصرف له استحقاقه كما كان قبل حرمانه من وقت عودته إلى الاستقامة وزوال الدين عنه، ولا حق للمحروم فى استرداد ما ضاع عليه من وقت الحرمان، وكلما اعوج سيره أو استدان حرم، وكلما استقام أو زال عنه الدين عاد له الاستحقاق) .
فهل لو حكم على أحد المستحقين بنفقة شهرية لزوجته وأولاده وحجز على استحقاقه فى هذا الوقف ينطبق عليه شرط الواقف السابق أم لا، وهل يحرم من الاستحقاق فى الوقف بمجرد الحجز بالنفقة أم لا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى الشرط امذكور به من الصورة غير الرسمية الموافقة له من كتاب الوقف المذكور.
ونفيد بأن من حكم عليه بنفقة لزوجته وأولاده وحجز على استحقاقه بهذه النفقة لا ينطبق عليه الشرط المذكور ولا يحرم من الاستحقاق لمجرد الحجز بالنفقة لأن هذا اليس باستدانة هذا ما ظهر لنا.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/29)
الاستحقاق فى الوقف ليس تركة
المفتي
عبد المجيد سليم.
شعبان 1353 هجرية - 13 نوفمبر 1934 م
المبادئ
الولد غير ملزم بسداد الديون التى على والده من ريع الوقف الذى انتقل إليه بوفاة والده لأن الريع ليس تركة إلا إذا كان كافلا له
السؤال
من جاد على بالآتى رجل مستحق فى وقف ولم يكن له أملاك سوى استحقاقه فى الوقف المذكور، وأنه توفى عن ولده فقط ولم يكن له وارث سواه، وترك جملة ديون عليه لأشخصا، فهل يلزم الولد بدفع ما على والده من الديون من الاستحقاق الذى آل له بعد وفاة والده من الوقف المذكور أم لا وأن المتوفى توفى وكان مستوفيا لجميع استحقاقه فى الوقف لغاية يوم الوفاة
الجواب
رلا يلزم الولد المذكور بسداد الديون التى على والده من ريع الوقف الذى انتقل إليه بوفاة والده حسب شرط الواقف، لأن هذا الريع ليس تركة عنه حتى تسدد منه هذه الديون، بل هو حق آل لولده لا بطريق الإرث عنه فلا يلزم بسداد هذه الديون أو شىء منها، فيلزم حينئذ بما كفل به من ماله وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال والله أعلم(7/30)
وقف استحقاقى
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذو القعدة 1355 هجرية - 16 يناير 1937 م
المبادئ
1 - قول الواقف (ما عسى أن يتزايد لها من أولاد) نقل للاستحقاق فى الوقف إلى أولاد زوجته الموقوف عليها من بعدها، سواء كانوا من الواقف أو من زوج آخر اعتبار بعموم هذا اللفظ أو بإطلاقه، إذ لم يرد فى شرط الواقف ما يخصصه أو يقيده.
2 - المستحق بعد الموقوف عليها هو ابنها من الزواج الآخر، لا إخوتها
السؤال
من على أفندى قال تزوج السيد أبو شملة أحمد ولد الطاهر بالسيدة عريبى بنت العربى باشا ابن والى وحبس ووقف جميع ما يملكه من العقار الكائن بمزارع عرش أولاد الأكرد وغيرها مما يتبعه من كافة المنافع والمرافق والحقوق وكذا جميع ما يعتبر منقولا على اختلاف أنواعه على زوجته المذكورة عريبى بنت والى، وعلى ما عسى أن يتزايد لها من أولاد وأولادهم وأولاد أولادهم وأعقابهم وأعقاب أعقابهم ما تناسلوا وامتد فروعهم فى الإسلام فإذا انقرضوا على آخرهم ولم يوجد لها عقب رجع ذلك إلى أقرب الناس - بالمحبس عليها يوم الرجع ثم على أعقابهم وأعقاب أعقابهم ما تناسلوا.
وإذا انقرض العقب أو الذرية رجع ذلك حبسا على زاوية الوالى الصالح سيدى عبده الكائنة بعرش أولاد الأكرد.
وقد احتفظ الواقف بغلة الموقوف لنفسه مدة حياته.
ثم توفى الواقف المذكور السيد أبو شملة أحمد دون أن يعقب من زوجته المذكورة العريبى بنت الوالى، وانتقلت الأعيان الموقوفة بجميع مشتملاتها وغلاتها إلى الزوجة، ثم اقترنت الزوجة بزوج آخر هو السيد غلام الله ورزقت منه بغلام ذكر اسمه الشيخ وتوفيت على أثر ذلك، فتقدم شقيق المتوفاة العريبى محمد قائد بلدة شهرت وأخوه وإخوته وادعوا أنهم أصبحوا هم المستحقين لريع الوقف المذكور، لأن الواقف السيد أبو شملة عندما نص على أنه حبس ما يملك على زوجته وعلى ما عسى أن يتزايد لها من الأولاد كان يقصد بالطبع الأولاد الذين ترزق بهم زوجته منه لا من زوج أجنبى بعد وفاته - وإذن، فإن الولد الذى رزقت به الموقوف عليها من هذا الزوج الأجنبى يعتبر كأن لم يكن، وتعتبر الموقوف عليها كأنها توفيت دون عقب، وقد نص فى الوقف على أنه إذا توفيت الموقوف عليها دون عقب فإن الموقوف يرجع إلى أقرب الناس إليها، وهؤلاء هم إخوتها الأشقاء، وقد عارض زوج المتوفاة السيد غلام الله فى ذلك وادعى أن الموقوف بمشتملاته قد أصبح حقا لولده من المتوفاة طبقا لنص الوقف فهل يئول الوقف المذكور استحقاق إلى ولد الزوجة المذكورة المسمى الشيخ بعد وفاتها أم إلى إخوتها المذكورين.
أفتونا بالجواب ولفضيلتكم الأجر والثواب، ومرفق بهذا صورة الإشهاد الشرعى للوقف
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من إنشاء الواقف المشار إليه الصادر منه لدى المحكمة فى السابع عشر من شهر صفر الخير سنة أربعين وثلثمائة وألف الموافق السابع عشر من شهر أكتوبر سنة إحدى وعشرين وتسعمائة وألف.
ونفيد بأن الظاهر لنا أنه لا استحقاق لإخوة زوجة الواقف المذكورة مع وجود ولدها المذكور وذلك لأن قول الواقف (ما عسى أن يتزايد لها من أولاد) إما من قبيل العام الذى هو حجة قطعية فى إقراره مالم يوجد مخصص صالح للتخصيص يخصصه أو من قبيل المطلق الذى يبقى على إطلاقه مالم يوجد ما يقيده وليس فى كلامه ما يخصصه إن كان من قبيل العام، ولا ما يقيده إن كان من قبيل المطلق، كما أنه ليس فى عبارة هذا الواقف ما يدل على أن غرضه عدم استحقاق من ترزق به هذه الزوجة من غيره حتى يعتبر هذا الغرض مخصصا.
وقول الفقهاء إن غرض الواقف يصلح مخصصا للعام محله ما إذا كان لفظه يساعد على تعرف هذا الغرض ألا يرى أنهم رجحوا أن لفظ الاستحقاق والمشاركة يحملان على ما بالفعل لأنه المتبادر فيكون حقيقة فيه والحقيقة لا تنصرف عن مدلولها لمجرد غرض لم يساعده اللفظ.
وإذا كانت عبارة هذا الواقف باقية على عمومها أو على إطلاقها كان قوله فيما بعد فإذا انقرضوا على آخرهم ولم يوجد لها عقب رجع ذلك إلى أقرب الناس بالمحبس عليها يوم الرجع باقيا على عمومه فلا يكون لإخوتها استحقاق قبل انقراض ذريتها وعدم وجود عقب لها أصلا ويؤيد ما قلناه أن الظاهر من عبارة هذا الواقف من جعل الوقف إلى أقرب الناس إلى زوجته عند انقراض ذريتها وعدم وجود عقب لها دون أن يجعله فى هذه الحالة غلى أقرب الناس إليه أن الحامل له على هذا هو ما بينه وبين زوجته من المودة والعلاقة، وإذا كان الحامل له هو المودة والعلاقة التى بينهما فليس ببعيد أن يكون غرضه الوقف على أولادها ولو من غيره باعتبار أنهم أولادها إرضاء لها وتوثيقا لما بينهما من العلاقة لا من حيث إنهم أولاد الأجنبى على أنه لو فرض أن مراد الواقف من عبارة (ما عسى أن يتزايد لها من أولاد) خصوص أولادها من الواقف لم يكن هذا الوقف مع عدم وجود أولاد لها من الواقف لإخوتها بل يكون لأقرب الناس إليها وأقرب الناس إليها هو ولدها فقد جاء فى الخصاف (أنه لو قال الواقف على أقرب الناس منى أو قال إلى فالولد هو أقرب الناس إليه) - نعم لو قال الواقف على أقرب قرابة إلى لم يدخل ولده فى الوقف لأنه لا يصدق عليه كلمة قرابة وبعيد أن يكون المراد من أقرب الناس إليها وهو عام قطعى الدلالة أيضا خصوص من ليس من ذريتها من غير الواقف، لأنه ليس فى عبارة الواقف ما يساعد على أنه أراد ذلك، والخلاصة أن الذى ظهر لنا أن المستحق الوحيد الآن لفاضل ريع هذا الوقف هو ابن الزوجة المذكورة وأنه لا استحقاق لأحد من إخوتها.
هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/31)
التنازل عن الاستحقاق فى الوقف وبيعه
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذو القعدة 1356 هجرية - 22 يناير 1938 م
المبادئ
1 - لا يجوز شرعا للمستحق فى الوقف التنازل عنه لغيره بمعنى جعل غيره مستحقا فى الوقف بدلا عنه.
2 - لا يجوز بيع الاستحقاق للغير لأنه معدوم وبيع المعدوم غير جائز شرعا.
3 - لدائن المستحق فى الوقف الحجز على نصيب مدينه المستحق له استيفاء لدينه
السؤال
من محمد محمد قال وقفت السيدات زليخا عيسوى جازية ورفقة وبدرهان محجوب جازية وفقهن المبين الحدود والمعالم بكتاب وقفهن الصادر بمحكمة كفر الزيات الشرعية بتاريخ 16 يوينه سنة 1904 وقد جعلن ريع هذا الوقف على النحو الآتى فما وقفته الست زليخا جعلته على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها على ولدى ابنها محمد وفا جازية وهما محجوب ومحمد وما وقفته السيدتان رفقة وبدرهان جعلتاه على ولدى أخيهما محمد وفا جازية وهما محجوب ومحمد المذكوران ثم على أولادهما وأولاد أولادهما الخ، وشرطت الواقفات شروطا منها أنه إذا أراد أحد الموقوف عليهم إدخال نصيبه من هذا الموقوف لديوان عموم الأوقاف المصرية أو لفرع من فروعه أو أراد بيع ريع نصيبه أو نزوله عنه لأحد من الأوربيين الأجانب أو غيرهم فلا يجاب لذلك، وإن فعل ذلك أو شيئا منه يكون لاغيا ما فعله غير معمول به هذا هو شرط الواقفات والمرجو إفتانا عن الآتى أولا هل للمستحق أن يتنازل أو يبيع استحقاقه فى هذا لأحد مطلقا وإذا فعل فما الحكم الشرعى فى هذا.
ثانيا إذا كان شرط الواقفات يقضى ببطلان تنازل المستحق أو بيع ريع نصيبه لأحد من الأوربيين الأجانب أو خلافهم فهل يحمى هذا الشرط المستحق من الحجز على ريع نصيبه إذا استدان وأراد الدائن الحجز على استحقاقه بمعنى أنه لا يجوز للدائن أن يحجز على استحقاق وفاء لدينه
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من كتاب الوقف المشار إليه به.
ونفيد أنه لا يجوز شرعا للمستحق (ولو لم يشرط الواقف) أن يتنازل عن استحقاقه فى الوقف بمعنى أنه لا يصح له أن يجعل غيره مستحقا لما هو مستحق له، كما أن بيع المستحق استحقاقه غير جائز لأنه معدوم وبيع المعدوم غير جائز، ومع أن التنازل عن الاستحقاق بالمعنى الذى ذكرنا وبيع الاستحقاق غير جائزين شرعا فإن لدائن المستحق أن يحجز على استحقاق المستحق المدين استيفاء لدينه لأن الواقفات المذكورات لم يرتبن على تنازل المستحق عن استحقاقه فى الوقف وحينئذ فإذا تنازل عن استحقاقه أو باع ريع نصيبه فاستحقاقه باق على حاله فلدائنه أن يحجز بالطرق المعتادة على نصيبه استيفاء لدينه، وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به.
والله أعلم(7/32)
الاقرار بالاستحقاق فى الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذو القعدة 1358 هجرية - 3 يناير 1940 م
المبادئ
1 - نص الفقهاء على أن اقرار المستحق باستحقاق غيره لما يستحقه فى الوقف أو لجزء منه يعمل به فى حق المقر ولو خالف كتاب الوقف، ما لم يوجد دليل أقوى من الاقرار يدل على كذب المقر فى اقراره.
2 - لا يعتبر الاتفاق العرفى بين المستحقين إقرارا بما وقع عليه الاتفاق، والعبرة فى استحقاق المستحقين بما ورد فى كتاب الوقف
السؤال
من محمد داود قال ما قولكم أدام الله النفع بكم فى واقف وقف وقفه واشترط نص عليها فى وقفيته المسجلة فى سجل المحكمة الشرعية المصان عن شائنة التزوير وبعد وفاته قام البعض من أولاد أحفاده ممن يستحق ومن لا يستحق فى غلة الوقف المذكور وحرروا اتفاقا أمضاه البعض ولم يمضه الآخرون قالوا فيه (بتاريخه قد جرى الاتفاق بيننا نحن نسل المرحوم الشيخ فلان أن تقسم غلة وقفه الذى فى الوقفية الأولى مفصلا ومجملا فى الوقفية الثانية على أربعة وثلاثين سهما كما هو موضح بالمفردات أعلاه لورثة فلان اثنا عشر سهما ولورثة فلان تسعة أسهم ولورثة فلان أحد عشر سهما ولورثة فلان سهمان على أن من مات من الذكر وله ولد أو أسفل فنصيبه لولده ومن مات من الذكور عن غير ولد ولا أسفل أو من الإناث مطلقا فنصيبه لأصل الغلة واللبيان صار إعطاء هذا الشرح تحريرا) وحيث أراد المتولى أن يداوم على تقسيم غلة الوقف المذكور حسبما ذكر فى الورقة المذكورة أقيمت من بعض المستحقين فى المحكمة الشرعية دعوى ضد المتولى يطالب فيها باستحقاقه توفيقا لشرط الواقف، وأن المتولى أصر على إنكاره لكتاب الوقف وأدعى بأنه يقسم غلة الوقف حسب الاتفاق الجارى بين المرتزقة من القديم كما جرى عليه المتولون السابقون فحكمت المحكمة بأن كتاب الوقف المبرز فى القضية والمؤرخ 19 من ذى الحجة سنة 205 وسجل فى الصفحة 147 من سجلاتها رقم 225 هو كتاب الواقف المشار إليه وهو موافق لما فى سجله المصان عن شائبة التصنع والتزوير وهو من البينات التى يعمل بمضمونها بلا بينة (وقالت) حيث لا يجوز العمل بما يخالف شرط الواقف الثابت أصله فى دواوين القضاة واتباع المتولى قسمة ريع الوقف بناء على اتفاق جرى عليه هو ومن قبله غير جائز شرعا كما نصت عليه الكتب الفقهية المعتبرة وحكمت بتقسيم الغلة حسب شرط الواقف وتصدق هذا الحكم فى محكمة الاستئناف بعد أن قالت المحكمة المشار إليها فى قرارها الاستئنافى المتضمن رداستئناف المذكور وردا على ما جاء فى لائحته الاستئنافية بشأن إدعائه التصادق بناء على الاتفاق المزعوم المذكور أما دعوى التصادق فإن المستأنف لم يأت به أثناء التداعى بدعوى صحيحة بل كل ما قاله فى جلسات مختلفة لا يخرج فى معناه عن أن ريع الوقف يقسم من القديم حسب الاتفاق الجارى بين المرتزقة وحسبما جرى عليه المتولون السابقون على ما هو مبين فى دفتر المحاسبة مع أن دفتر المحاسبة هذا الموجود بين أوراق الدعوى إنما يشتمل على إحصاء واردات ونفقات الوقف وتوزيع الصافى على المستحقين وكل ذلك لا يجعل الدعوى بالتصادق صحيحة وبعد ذلك أقام ابن شقيقة المتولى المذكور وأحد الذين لا يستحقون فى الوقف توفيقا لشرط الواقف والحكم المشار إليه قضية لدى المحكمة المشار إليها يدعى فيها بأنه يستحق فى هذا الوقف بالتصادق مستندا فى دعواه إلى الورقة المزعومة المذكورة أعلاه وإلى دفتر محاسبة المتولى السابق والحالى والمذيل بعبارة بعد ذكر الواردات والمصارف (توزع الصافى حسب الاتفاق الجارى) مع اعترافه بشرط الواقف المبين بكتاب وقفه المذكور فهل والحالة هذه 1 - هل يجوز سماع الدعوى من أحد أولاد أحفاد الواقف كما جاء فى هذا الادعاء مع اعترافه بكتاب الواقف استنادا على هذه الورقة التى وقعت من بعض المستحقين وغيرهم غير عالمين بشرط الواقف وكيفية توزيع غلة الوقف بموجبها توفيقا لأحكام الشرع خصوصا بعد أن خاصم المتولى بشأن توزيع الغلة وذكره الاتفاق على تقسيمها ورد المحكمة هذا الادعاء كما جاء فى الحكم المذكور والمربوط صورة مصدقة عنه.
2 - هل تعتبر مثل هذه الورقة التى هى عبارة عن اتفاق على تقسيم الغلة تصادقا شرعيا كما نصت عليه كتب الفقه المعتبرة شرعا خصوصا وبعد أن قالت المحكمة لا يجوز العمل بما يخالف شرط الواقف الثابت أصله فى دواوين القضاة فاتباع المتولى قسمة ريع الوقف بناء على اتفاق جرى عليه هو ومن قبله غير جائز شرعا كما نصت عليه الكتب الفقهية المعتبرة شرعا.
3 - هل مثل هذا الاتفاق فى حالة إمضائه من كل أو من بعض ذرية الواقف يمكن الرجوع عنه حيث يعد أسقاطا لحق المستحق فى الوقف والحق لا يسقط بالاسقاط ويترتب على ذلك العمل بموجب شروط الواقف الذى فسرته المحكمة الشرعية توفيقا للحكم الشرعى.
4 - هل يعد هذا تصادقا من بعض المستحقين لبعضهم ولغيرهم ممن هو غير مستحق عن بعض الاستحقاق وهل فيه مع وجود كتاب الوقف وانكشاف أحكام شروطه بموجب حكم المحكمة فى ذلك مع العلم بأن المستحقين حينما وقعوا على الاتفاق المذكور كانوا لا يعلمون كيفية قسمة غلة الوقف لابهام فى شرط الواقف ويجهل كل منهم مقدار استحقاقه حسب شرط الواقف أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعى فى كل ذلك تفصيلا وتنويرا لأفكارنا بنور علمكم الواسع
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى الأوراق المشار إليها به ونفيد أن الفقهاء قد نصوا على أن إقرار المستحق باستحقاق غيره لما يستحقه فى الوقف أو لجزء منه يعمل به فى حق المقر ولو خالف كتاب الوقف وعلى أنه يحمل هذا على أنه كان للواقف شرط التغيير فى المصارف وأنه غير على النحو الذى جاء بالإقرار ولكن محل ذلك مالم يوجد دليل أقوى من الإقرار يدل على كذب المقر فى إقراره كما يؤخذ مما قاله البيرى على الأشباه فى هذه المسألة ونقله عنه ابن عابدين فى رد المختار وتنقيح الحامدية ونقله صاحب تكملة رد المختار.
وموضع النظر الآن أنه هل يعتبر هذا الاتفاق إقرارا ممن أمضى عليه من المستحقين فيعمل به وإن خالف كتاب الوقف أم لا يعتبر إقرارا ويكون المعمول عليه هو كتاب الوقف.
والظاهر لنا أن هذا الاتفاق على الوجه الوارد بالورقة المرافقة للسؤال والمذكور نصه به لا يعتبر عرفا إقرارا بما وقع عليه الاتفاق وعلى ذلك فالظاهر لنا الاعتماد فى هذه الحادثة فى استحقاق المستحقين على ما جاء بكتاب الوقف وما يفيده ولا يعتمد على هذا الاتفاق لاسيما إذا صح ما جاء بالسؤال من أن من وقعوا على الاتفاق من المستحقين وغيرهم كانوا غير عالمين بشرط الواقف أو صح كونهم غير عالمين بكيفية توزيع غلة الواقف لإبهام فى شرط الواقف.
الخ. هذا ما ظهر لنا وبه يعلم الجواب عما طلب منا الإجابة عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/33)
حكم استحقاق الحمل المستكن
المفتي
عبد المجيد سليم.
صفر 1359 هجرية - 7 أبريل 1940 م
المبادئ
الحمل المستكن يستحق فى غلة الوقف من وقت تيقن وجوده فى بطن أمه من قبل ولادته بأقل من ستة أشهر هلالية
السؤال
من على غالب قال أوقف رجل أعيانا له وجعل نصف إيرادها للخيرات والنصف الآخر لأشخاص سماهم فى حجة الوقف ثم قال ومن بعد هؤلاء الأشخاص يكون وقفا على ذريتهم وعقبهم ونسلهم وبعد انقراضهم يكون وقفا على الجامع الصغير بقنا ولم يتعرض لا للطبقات ولا لأولاد الظهور ولا لأولاد البطون، وقد رفعت بذلك دعوى أمام المحكمة الشرعية وحكم فيها نهائيا بأن ريع نصف الوقف الأهلى بعد انقراض الأشخاص المذكورة أسماؤهم بحجة الوقف يقسم على جميع ذريتهم أولاد الظهور وأولاد البطون سواء، وهذه الأعيان تؤجر للغير ويكتب فى عقود التأجير أن الدفع يكون فى 15 فبراير و 15 مارس، 15 أبريل من كل سنة حتى يتمكن ناظر الوقف من توقيع الحجز التحفظى على المحصول قبل ضمه، وأحد المستحقين كان حملا مستكنا فى هذه الأشهر وولد فى 4 أغسطس سنة 1939، فهل هذا المولود يستحق فى غلة سنة 1939 كلها أو يستحق فى بعضها ولا يستحق فى البعض الآخر وهل ينظر إلى الايراد بأعتبار تاريخ تحصيله فعلا أو باعتبار تاريخ الدفع المذكور فى عقود الإيجار.
فأرجو من فضيلتكم أن تتفضلوا بافتائى عما هو مطلوب مع العلم بأن المولود المذكور أبوه على قيد الحياة لغاية الآن وأمه فى عصمة أبيه ولم تطلق منه إلى الآن مطلقا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن النصوص الفقهية تقضى بأن هذا الولد الذى كان حملا يستحق فى غلة سنة 1939 م من وقت تيقن وجوده فى بطن أمه وإذا كان الحال كما ذكر بالسؤال فيستحق فى غلة سنة 1939 من قبل ولادته بأقل من ستة أشهر هلالية سواء أكان تحصيل الأجرة فى المواعييد أم بعدها وهذا على رأى هلال الذى اخترناه للفتوى من أن المستحق فى الوقف يستحق فيما وجب من الغلة وهو حى بدون نظر إلى حلول القسط أو عدمه خلافا لما جاء فى الفتح من اعتبار حلول القسط كخروج الغلة، وقد بينا هذا بيانا كافيا فى فتاوى أخرى فى غير هذه الحادثة وبهذا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر.
والله أعلم(7/34)
قبض المستحق أكثر من استحقاقه فى الوقف (
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
26 أكتوبر 1944
المبادئ
1 - إذا قسم الناظر ريع الوقف بين المستحقين وأعطى أحدهم أكثر من نصيبه، ثم مات هذا المستحق فلا تنقض القسمة استحسانا، ولا تسترد الزيادة بعد قبضها، لشبهها بالصلة التى لا تسترد.
2 - إعطاء الناظر أحد المستحقين فى الوقف قبل قسمة الريع مبلغا على أنه استحقاقه، فظهر أنه أزيد من استحقاقه، فليس لهذا المستحق إلا ما وجب له من الغلة إلى حين وفاته، وما أخذ زائدا على ذلك يرجع به فى تركته ليأخذه صاحب الحق من الموقوف عليهم
السؤال
من الأستاذ الشيخ عبد القادر خالد قال أوقف المغفور له المرحوم محمد باشا سلطان وقفه الصادر منه بمحكمة المنيا الشرعية فى أول رجب سنة 1302 الذى وقف بمقتضاه الأطيان والعقارات المبينة به.
وقد جعل وقفه المذكور مقسما إلى أقسام ثلاثة.
القسم الثانى منه جعله وقفا مصروفا ريعه على كريماته وحرمه ومستولديه وأخواته وربيبته وابن أخيه وأقاربه وخدمه وعتقائه الآتى ذكرهم فيه حسبما يتبين يصرف لكل واحدة من المصونات الست حسيبه والست هدى والست لوزه كريمات سعادة الواقف ريع 400 فدان ويصرف لحرمه فخر المخدرات س ط ف الست حسبية كريمة المرحوم على أغا ريع 2 0 200 ويصرف لمستولدته جلبياظ بنت عبد الله الأبيض ريع 150 فدانا ويصرف لكل واحدة من فخر المخدرات الست إقبال بنت عبد الله والدة حضرة عمر بن مستولدة سعادة باشا المشار غليه والمصونات الست آمنة والست مصرية والست ضيا أخوات سعادة الباشا المشار إليه والست اسما ربيبته ريع 100 فدان ويصرف لحضرة يوسف بك نجل المرحوم غبراهيم أفندى أخو سعادة الواقف ريع 250 فدانا ويصرف للست فاطمة كريمة المرحوم عثمان بان فتح الباب ريع 40 فدانا وبعد أن بين الواقف ما يصرف لكل واحد من أتباعه الذين بينهم بالاسم وبين القدر الموقوف عليه قال بعد هذا وذلك مدة حياتهم ثم من بعد وفاة كل منهم فعلى أولاده ماعدا المستولدتين الست جلبياظ والست إقبال المذكورتين فإن استحقاقهما بعدهما يكون لأولاد سعادة الباشا الموكل المشار إليه سواء كانوا منهما أو من غيرهما مضافا لما يستحقونه للذكر مثل حظ الأنثيين ثم على أولاد أولادهم ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم فإذا انقرض أحد من الموقوف عليهم المذكورين ولم يعقب أولادا ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا فيضاف ما كان موقوفا عليه إلى أولاد سعادة الموكل المشار إليه مضافا لما يستحقونه للذكر مثل حظ الأنثيين بحيث ان الموقوف عليهم ما عدا الكريمات لا يستحقون شيئا من عموم الوقف المذكور سوى الموقوف عليهم ومن بعدهم لذريتهم وبعد انقراضهم يكون لذرية سعادة الموكل المشار إليه للذكر مثل حظ الأنثيين، وقد توفى الواقف المذكور واستحق بناته الثلاث المذكورات السيدات حسيبه ولوزه وهدى ما هو موقوف على كل واحدة منهن.
كما آل إليهن أجزاء ممن انقرضت ذريتهم ممن أشركهم الواقف معهن فى هذا النصيب.
وقد توفيت بنته المرحومة الست لوزه عن ولدين هما الدكتور فؤاد بك سلطان والمرحوم محمود إبراهيم خليفة وسيدتين وأولاد ابن توفى فى حياتها هو المرحوم محمد بك إبراهيم خليفه.
كما توفى بعدها بنتاها وابنها المرحوم محمود إبراهيم خليفة وقد كان المرحوم محمود بك إبراهيم فى حياته قد أخذ أكثر من نصيبه من إدارة الوقف المذكور وتوفى وذمته مشغولة بهذا الدين الذى ترتب فى ذمته بحكم أنه أخذ أكثر من نصيبه.
فهل بوفاته يكون هذا النصيب مسئولا عن شىء من دين هذا المستحق المتوفى أم يكون المسئول هو تركته المملوكة له فقط دون استحقاقه فىب هذا الوقف الذى انقطعت صلته به بمجرد وفاته
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال المتضمن أن المرحوم محمود بك إبراهيم خليفة مستحق فى الوقف وأنه قد أخذ فى حياته أزيد من نصيبه فى إدارة الوقف المذكور ثم مات فهذه الزيادة هل تتحملها تركته المملوكة له فقط أم تتحملها حصته التى كان يستحقها وآلت بوفاته إلى من ليس فى الاستحقاق والظاهر من قوله فى السؤال (وقد كان المرحوم محمود بك إبراهيم خليفة فى حياته قد أخذ أكثر من نصيبه فى إدارة الوقف) أن المتوفى المذكور مستحق فى الوقف وأن الناظر قد أعطاه من ريع الوقف أكثر من نصيبه فإن كان الناظر قد قسم الريع بيني المستحقين ثم مات المذكور بعد أن أخذ أكثر من نصيبه فيه لحين وفاته.
فالقياس أن تنقض القسمة ويكون له ماوجب من الغلة إلى وقت موته وما يجب منها بعد ذلك يكون لمن يستحقه حسب شرط الواقف فيرجع بالزيادة فى تركته.
والاستحسان ألا تنقض القسمة لشبهها بالصلة وهى لا تسترد بعد قبضها فلا يسترد مما قبضه شىء.
أما إذا لم يكن ناظر الوقف قد قسم الريع بين المستحقين وإنما أعطى هذا المتوفى مبلغا على أنه استحقاقه فظهر أنه أزيد من استحقاقه فالحكم فى بهذه الحالة أنه لا يستحق إلا ما وجب من الغلة إلى حين وفاته وما أخذه من الزيادة على ذلك يرجع به فى تركته ليأخذه صاحب الحق من المستحقين، وقد جاء فى الباب الثانى من كتاب الوقف من تنقيح الحامدية ما نصه (سئل فيما إذا قبض ناظر الوقف أجرة عقار الوقف معجلة عن سنة كذا واقتسمها الموقوف عليهم ثم مات أحدهم قبل انتهاء الأجل، فهل يجوز ولا تنقض القسمة.
الجواب. نعم لا تنقض استحسانا، وفى الظهيرية وغيرها من الكتب فإن عجلت الأجرة واتقسمها الموقوف عليهم ثم مات أحدهم القياس أن تنقض القسمة ويكون للذى مات حصة من الأجرة بقدر ما عاش ولكنا نستحسن ولا تنقض القسمة وكذا على هذا لو شرط تعجيل الأجرة - انتهى - ومثله فى خزانة المفتين بيرى على الأشباه من الوقف ولو مات بعض الموقوف عليهم قبل انتهاء مدة الإجارة يكون ما وجب من الغلة إلى أن مات لورثته وما يجب منها بعد موته لجهات الوقف وهكذا الحكم لو كانت الأجرة معجلة ولم تقسم بينهم وبعد القسمة كذلك فى القياس.
وقال هلال غير انى أستحسن إذا قسم المعجل بين قوم ثم مات بعضهم قبل انتهاء الأجل أنى لا أرد القسمة وأجيز ذلك إسعاف من باب إجارة الوقف) انتهت عبارة تنقيح الحامدية ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.
والله أعلم(7/35)
وقف استحقاقى وللسكنى
المفتي
علام نصار.
صفر 1370 هجرية 30 نوفمبر 1950 م
المبادئ
1 - اشتراط الواقف السكنى لأشخاص معينين فى منزل الوقف الغرض منه أن يكون معدا للسكنى.
2 - متى زالت الحاجة إلى الكسنى بالانقراض أو بالحرمان يستغل المنزل المذكور ويكون ريعه مستحقا لجميع المستحقين فى الوقف وليس خاصا بمن أوقف عليه السكنى
السؤال
من الست صفية بركات جاء فى كتاب وقف المرحوم حسن بك بركات بخصوص منزل موقوف الآتى نصه - وأما القطعة وما عليها من بناء المنزل المحدود ذلك أولا فيكون ذلك وقفا من بعد الواقف المذكور هذا لسكنى إبراهيم أفندى بركات ابن الواقف المذكور والذكور من أولاد الظهور من ذرية ابراهيم أفندى بركات المذكور والست درية هانم زوجة الواقف المذكور مادامت تستحق فى هذا الوقف ولكل من كانت خالية من الأزواج من بنات حسن أفندى بركات الواقف المذكور والموقوف عليهن وبنات ابنه إبراهيم أفندى بركات المذكور.
فإذا انقرض المشروط لهم السكنى بالمنزل المذكور من الموقوف عليهم من ذرية الواقف.
وتوفيت زوجته المذكورة أو خرجت عن الاستحقاق فى هذا الوقف تكون قطعة الأرض وما عليها من بناء المنزل المحدد ذلك أولا المذكور وقفا منضما وملحقا بوقف الأطيان الموقوفة المذكورة ويكون حكمه كحكمه وشرطه كشرطه على الوجه المسطور.
فنرجو من فضيلتكم أن تجيبونا على الآتى أخذ ابراهيم أفندى بركات ابن الواقف والناظر السابق للوقف إذنا من المحكمة الشرعية فى سنة 1927 بتأجير الفائض من منزل الوقف وقد أذنت له المحكمة ثم عزل إبراهيم أفندى بركات من النظارة على أعيان الوقف بحكم من المحكمة الشرعية العليا فى 6 فبراير سنة 1937 للاهمال الفاحش فى إدارة هذا الوقف وعدم مراعاة مصلحته ومصلحة مستحقيه ما ينفى عنه الثقة.
وتنظرت السيدة صفية هانم بركات مع أختها فاطمة هانم بركات بحكم من المحكمة الشرعية فى 9 مارس سنة 1937.
ثم توفيت السيدة فاطمة هانم بركات وانفردت السيدة صفية هانم بركات بالنظارة على أعيان الوقف بحكم من المحكمة الشرعية العليا بتاريخ 25 سبتمبر سنة 1943 ولا تزال ناظرة للآن، وأخذت تضم ريع الجزء المستأجر من الفائض من المنزل وهو يقدر بسبعة وخمسين جنيها مصريا سنويا تقريبا الآن لباقى ريع الوقف وتوزعه على المستقين فى الوقف جميعا - فهل هذا الإجراء صحيح أم أن غلة المنزل توزع فقط على من لهم حق السكنى
الجواب
اطلعنا على السؤال وعلى صورة رسمية من كتاب الوقف وعلى صورة رسمية من قرار هيئة تصرفات محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية لاصادر بتاريخ 23 مايو سنة 1927 فى المادة رقم 429 لسنة 26/1927 والجو اب أن الذى يدل عليه شرط الواقف وغرضه منه.
هو أن المنزل المشار إليه يكون معدا لسكنى زوجة الواقف وابنه إبراهيم افندى وسكنى الذكور من ذرية إبراهيم افندى وسكنى الخاليات من الأزواج من بنات الواقف وبنات ابنه ابراهيم افندى وأنه متى زالت حاجتهم إلى السكنى بالانقارض أو الحرمان يكون ريع المنزل ملحقا بريع الأطيان الموقوفة ويوزع على سائر الموقوف عليهم من ذرية الواقف - وغرض الواقف من ذلك ظاهر جلى - وهو أن يوفر لهذا الفريق من المستحقين راحتهم بالكسنى فى هذا المنزر وألا يوزع ريعه على جميع المستحقين لريع الأطيان إلا بعد استيفاء حق السكنى فيه لهذا الفريق الذى اختصه بحق السكنى، وما دام قد تبين أن زوجة الواقف خرجت عن الاستحقاق وأن من ستحقون السكنى أصبحوا من القلة بحيث لا يحتاجون فى السكنى إلا لبعض المنزل كما يدل عليه قرار محكمة مصر المذكور الذى أذنت فيه للناظر السابق بتأجير واستغلال الجزء الفائض عن حاجة المشروط لهم السكنى من هذا المنزل - فإن ريع هذا الجزء الذى يزيد على حاجة المستحقين للسكنى والذى أذنت المحكمة باستغلاله يوزع بين جميع المستحقين لريع الأطيان ولا يختص به الفريق المستحق للسكنى فى المنزل لأن الذى خصهم به الواقف هو أن يسكنوا فى المنزل وأن تقدم سكناهم على استغلاله وهم مستوفون لهذا الحق فعلا بمقدار حاجتهم فما زاد على ذلك يكون لريعه حكم ريع الأطيان ويوزع على جميع المستحقين فى الوقف تمشيا مع غرض الواقف المقصود من شرطه كما تقدم والله أعلم(7/36)
وقف استحقاقى
المفتي
علام نصار.
ربيع الثانى 1370 هجرية - 14 يناير 1951 م
المبادئ
1 - وفاة الواقف بعد القانون رقم 48 لسنة 1946 وكان له حق الرجوع فى وقفه تجعل الوقف نافذا فى ثلث الموقوف وغيره طبقا للمادتين 23، 57 من القانون المذكور.
2 - للواقف أن يجعل لفرع من توفى قبله من أولاده استحقاقا فى الوقف بقدر ما كان يجب لأصله لو كان موجودا عند وفاة الواقف ولو تجاوز ثلث ماله طبقا للمادة 29 من القانون 48 سنة 1946 ويسقط الحق فى ذلك بترك صاحبه المطالبة به خلال سنتين شمسيتين من تاريخ وفاة الواقف، واستقر الوقف على شرط الواقف.
3 - إذا كان الوقف على فرع من توفى من أولاد الواقف قبله يقارن الموقوف علىب هذا الفرع بنصيبه بطريق الوصية الواجبة.
فإن كان الموقوف عليه أقل أكمل له طبقا لقانون الوصية من الملك أو النقود بقدر ما يفى بحقه فى الوصية الواجبة - وإن كان ما أوقف عليه مساويا أو أكثر فلا استحقاق له بالوصية الواجبة
السؤال
من محمد علوان قال فى سنة 1950 توفى المرحوم والدى الحاج علوان محمد مرزوق عن زوجته وعن ابنه محمود الطالب وأولاد ابنه أحمد المتوفى قبله وهم أربعة ذكور وبنت واحدة وعن أولاد ابنه محمد المتوفى قبله أيضا وهم أربعة ذكور وبنت واحدة أيضا وعن ابن بنته زينب المتوفاة قبله وهو السيد فقط - هذا وبتاريخ سنة 1944 وقف المتوفى المذكور أطيانا زراعية قدرها س ط ف ط ف 10 15 15 على نفسه مدة حياته ثم من بعده يكون من ذلك 7 2 ط ف س ط ف للزوجة، 2 3 لأولاد ابنه أحمد، 10 6 10 لولديه محمد ومحمود (مع العلم أن محمد كان موجودا وقت الوقف وقد توفى بعد ذلك قبل الواقف عن أولاده المذكورين) وأن السيد ابن زينب بنت المتوفى لم يجعل له الواقف شيئا فى الوقف المذكور - وترك الميت بعد هذا ملكا قدره 4 أفدنه وعقارات ومنقولات تساوى 2550 جنيها تقريبا - فنلتمس من فضيلتكم بيان نصيب كل من المذكورين ومن يستحق ومن لا يستحق، وهل يعتبر نصيب المستحق فى الوقف نصيبا فى التركة بغير عوض ويكون ضمن أصحاب الوصية الواجبة أم لا
الجواب
اطلعنا على السؤال وعلى صورة رسمية من إشهاد الوقف التى تبين من مراجعتها ومن وفاة الواقف سنة 1950 أن له حق الرجوع فى وقفه فينفذ منه بمقتضى المادتين 23، 75 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 مايوازى ثلث ماله من الموقوف وغير الموقوف ويكون لذوى الحقوق الواجبة وهم زوجته وابنه نصيب فيما زاد على الثلث يوازى نصيبهم الشرعى فيه بمقتضى المادة 24 منه، وهذا مع ملاحظة أن للواقف أن يجعل لفرع من توفى من أولاده فى حياته استحقاقا فى الوقف بقدر ما كان يجب لأصله لو كان موجودا عند وفاة الواقف ولو تجاوز ثلث ماله بمقتضى المادة 29 من هذا القانون، وأنه إذا لم يطالب من له حق فى الوقف بمقتضى ما ذكر خلال سنتين شمسيتين من تاريخ وفاة الواقف استقر الوقف على ما شرط الواقف فما يستقر عليه الاستحقاق فى هذا الوقف لأولاد الابنين على أى حال الصحفة رقم 4373 مما ذكر يقارن بنصيبه فى الوصية الواجبة فى الملك والنقود، فإن كان مساويا له أو أكثر لم يكن له وصية واجبة، وإن كان أقل كمل له نصيبه من الملك والنقود، بقدر ما ينفى بحقه فى الوصية الواجبة، وبما أن ابن البنت ليس موقوفا عليه فله نصيبه فى الوصية الواجبة فى الملك والنقود فقط، فبوفاة الواقف بعد صدور قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 المعمول به ابتداء من أول أغسطس سنة 1946 عن زوجته وابنه وعن أولاد ابن له أربعة ذكور وأنثى وأولاد ابنه الآخر له أربعة ذكور وأنثى وعن ابن بينته يفرض لفرع كل من أولاده المتوفيين قبله وصية واجبة فى تركته بمثل ما كان يأخذه أصله لو كان موجودا وقت وفاة أبيه بشرط ألا يزيد مجموع ذلك كله على الثلث طبقا للمادة 76 من القانون المذكور، ولما كان ذلك أكثر من الثلث يرد إلى الثلث فتقسم تركة المتوفى إلى ستين سهما لأولاد أولاده منها عشرون سهما وصية واجبة تقسم بين أصولهم للذكر ضعف الأنثى فيخص فرع كل ابن ثمانية أسهم تقسم بينهم للذكر ضعف الأنثى، ويخص ابن البنت أربعة أسهم والباقى وهو أربعون سهما تقسم بين الورثة لزوجته منها الثمن وهو خمسة أسهم فرضا لوجود الفرع الوارث والباقى لابنه تعصيبا، فمن استقر نصيبه فى الوقف على ما يوازى نصيبه فى الوصية الواجبة أو يزيد لم يكن له حق فى الوصية الواجبة وإن نقص نصيبه فى الوقف عن نصيبه فى الوصية الواجب يكمل له بما يفى بها، وهذا ظاهر فى أولاد الابنين أما ابن البنت فله نصيبه المذكور فى الوصية الواجبة فى الملك والنقود فقط، وهذا إذا لم يكن للمتوفى وارث آخر ولم يكن أوصى لأولاد أولاده بشىء ولا أعطاهم شيئا بغير عوض عن طريق تصرف آخر، والله تعالى أعلم(7/37)
وقف استحقاقى
المفتي
علام نصار.
رمضان 1370 هجرية - 26 يونية 1951 م
المبادئ
وفاة الواقف بعد القانون 48 لسنة 1946 لا تجعل لأولاد الاخوة حقا فى ريع الوقف ما داموا من غير الموقوف عليهم، لأن الحق لا يجب إلا بنص الواقف أو بقوة القانون والواقف لم يدخلهم والقانون فى المادة 24 منه لم يوجب حقا للمحروم ولا الزوجين أو الذرية أو الوالدين الوارثين وقت الوافاة
السؤال
من نصر الله أفندى قال أوقفت السيدة منجدة يوسف جرجس أمام محكمة الجيزة الشرعية بتاريخ 28 صفر سنة 1360 هجرية الموافق 26 مارس سنة 1914 الأعيان المبينة بكتاب وقفها المذكور وأنشأته على نفسها مدة حياتها تنتفع بذلك بسائر وجوه الانتفاعات الوقفية الشرعية سكنا وإسكانا وغلة واستغلالا ثم من بعدها يكون ذلك وقفا على كل من غبريال سلامه وميخائيل أفندى فرج وزكى فرج وعبد الله عوض الله الثلاثة الأول أولاد أخيها والأخير ابن ابن أختها مدة حياتهم بالسوية بينهم لكل واحد منهم الربع ثم من بعد كل يكون ما هو موقوف عليه وقفا على أولاده ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل والطبقة العليا منه تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع، على أن من مات من الموقوف عليهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده أو من كان أسفل من ذلك مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان حيات، فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق مضافا لما كانوا يستحقونه من قبل، فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات عاد نصيبه إلى أصل الغلة وصرف للمستحقين فى الوقف وقت ذلك، ومن مات منهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقهم فى شىء من ريعه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده أو من كان أسفل من ذلك مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان حيا، ويشاركه فى ذلك من كان فى درجة أصله يتداولون ذلك بينهم إلى حين انقراضهم أجمعين للذكر منهم مثل الأنثى فى جميع الطبقات - ومنها أنها شرطت لنفسها دون غيرها الشروط العشرة المعلومة فى كتب الفقه ثم بتاريخ 25/11 سنة 1950 توفيت الواقفة المذكورة عقيما - وليس لها زوج ولا ذرية - عن الموقوف عليهم وهم غبريال سلامه وميخائيل فرج وزكى فرج وعبد الله عوض الله وعن أولاد أخيها الثلاث وهم نجيب ونصر الله وبشرى أولاد المرحوم موسى أفندى يوسف وهم غير موقوف عليهم - فهل أولاد أخيها موسى الغير موقوف عليهم لهم استحقاق فى هذا الوقف (وهم من ضمن ورثاها الشرعيين ومساوين لأولاد أخويها الموقوف عليهم فى الدرجة) وهل يشاركون الموقوف عليهم أولا طبقا لقانون الوقف
الجواب
اطلعنا على السؤال ولم نطلع على كتاب الوقف - فإذا صح ما جاء بالسؤال من أن الواقفة أنشأت وقفها على نفسها ثم على من عينتهم بكتابها من أولاد إخوتها دون أولاد أخيها الآخر الوارثين لها وقت وفاتها وأنها توفيت بعد صدور قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وبذلك كان لها حق الرجوع فى وقفها - فالجواب - أنه ليس لغير الموقوف عليهم من أولاد الإخوة حق فى ريع الوقف، لأن هذا الحق لا يجب إلا بنص من الواقف أو بقوة القانون على الوجه الوارد فى المادة الرابعة والعشرين من القانون المذكور والواقفة لم تدخلهم فى وقفها، كما أن المادة المذكورة لمم توجب حقا لمن حرمه الواقف إلا للزوجين والذرية والوالدين الوارثين وقت وفاة الواقف فى حدود خاصة، فلا يتناول نصها أولاد الإخوة فلا يكون لهم شىء فى ريع هذا الوقف المستفتى عنه وبالله التوفيق(7/38)
وقف خيرى واستحقاقى
المفتي
علام نصار.
ربيع الثانى 1371 هجرية - 10 يناير 1952 م
المبادئ
1 - بوفاة الواقف بعد القانون 48 سنة 1946 وكان له حق الرجوع فيه فما أوقف على مسجد لا يجوز الرجوع فيه أما ما أوقف على الذرية فيجوز الرجوع فيه بشرط ألا يكون إدخاله لواحد منهم نظير عوض مالى ولا ضمانا لحقوق ثابتة قبل الواقف طبقا للمادة 1 من القانون 48 لسنة 1946.
2 - ما لا يجوز الرجوع فيه لا يحتسب من ماله الذى تركه ولا يدخل فى تقدير الثلث الذى للمالك حق التصرف فيه طبقا للمادة 23 من القانون المذكور.
3 - ما له الرجوع فيه يعتبر من ماله وفيه حق واجب لذريته طبقا للمواد 24، 56، 57 من القانون 48 سنة 1946
السؤال
من حضرة البكباشى محمد محمد قال توفى والدى الحاج محمد السيد يوم 11 نوفمبر سنة 1949 وقد ترك وقفه بتاريخ 5 يناير سنة 1943 جاء فيه - أنشأ الواقف وقفه هذا على نفسه مدة حياته ينتفع به وبما شاء منه بجميع أوجه الانتفاعات الشرعية س ط ف غلة واستغلالا ثم من بعده يكون وقفا مصروفا ريعه كالآتى 4 2 40 على ولديه السيد أفندى محمد السيد طه، محمد أفندى محمد السيد طه مناصفة بينهما على المشاع مدة حياتهما، فإذا توفى أحدهما أو هما حال حياة الواقف قام والده أو ولد ولده أو ذريتهم مقامه فى الاستحقاق، فإن مات أحدهما ولم يكن له ولد أو ولد ولد أو ذرية كان نصيبه لأخيه أو لذريته من بعده حسب الآتى وهذا القدر عبارة عن (وحددت القطع وقفا) عليهما مدة حياتهما ينتفعان به وبما شاء منه جميع أوجه الانتفاعات الشرعية غلة واستغلال ثم من بعد كل واحد منهم يكون نصيبه لأولاده ثم أولاد أولاده ثم أولاد أولاد أولاده ثم لذريتهم وعقبهم ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره، ويستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أنه إذا توفى أحدهما ولم يكن له ذرية يرجع إلى نصيب أخيه أو ذريته، وهكذا يتداولون فيما بينهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل إلى انقراضهم أجمعين، فإذا انقرضت ذريتهم جميعا يكون وقفا مصروفا ريعه كالآتى ربع ريع على الفقراء والمساكين بمدينة المحلة الكبرى والربع الثانى على معهد المتولى بالمحلة طلبة ومدرسين حسب ما يراه ناظره إذ ذاك والربع الثالث على جمعية تحفيظ القرآن بالمحلة والربع الرابع على الحرمين الشريفين على صاحبهما أفضل الصلاة وأتم السلام، وإذا تعذر الصرف على إحدى هذه الجهات الأربعة يعود للباقى منها وإذا تعذر الصرف عليها جميعا يصرف على الفقراء والمساكين على س ط ف أن يقدم أقارب الواقف وفقراء المحلة الكبرى ومنه 8 - 6 س ط ف وقفا مصروفا ريعه على كريمة الواقف الست بسيمة ومنه 8 20 6 وقفا مصروفا س ط ف ريعه على كريمة الواقف الست عائشة محمد طه ومنه 8 20 5 وقفا س ط ف مصروفا ريعه على كريمته الست نزيهة محمد طه ومنه 8 20 5 وقفا مصروفا ريعه على كريمته الست روحية وقفا مصروفا عليهن من بعده مدة حياتهن تنتفع به كل واحدة منهن بوقفها بسائر أوجه الانتفاعات الشرعية غلة واستغلالا، ثم من بعد كل منهن يكون ريع نصيبها لأولادها ثم لأولاد أولادها ثم لأولاد أولاد أولادها وذريتهم ونسلهم وعقبهم ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع - وإذا توفيت إحداهن قبل استحقاقها فى الوقف قام ولدها أو ولد ولدها أو أسفل منه مقامها فى الاستحقاق واستحق ما كانت تستحقه لو كانت حية، فإذا لم تترك ذرية يرجع نصيبها إلى أخويها السيد ومحمد الموقوف عليهما أولاد إذا كانا موجودين مناصفة بينهما أو إلى ذريتهما كذلك وصار حكمه حكم الموقوف عليهما، فإذا انقرضت ذريتهن جميعا وذرية أخويهن المذكورين كان ريعه مصروفا على الجهات الخيرية المنصوص عليها فى الموقوف عليهما الأول والثانى السيد ومحمد - ثم بعد ذلك توفيت نزيهة محمد طه بنت الواقف فى سنة 1943 عن ابنها بهجت ثم توفى السيد ابن الواقف سنة 1946 فى 16 فبراير سنة 1946 عن ثلاث ذكور وثلاث إناث، ثم توفى الواقف بتاريخ 14 نوفمبر سنة 1946 وأصبح الموجود الآن من المستحقين محمد وبسيمة وعائشة وروحية أولاد الواقف الأحياء، وبهجت ابن الست نزيهة بنت الواقف المتوفاة قبل وفاته، وأولاد المرحوم السيد ابن الواقف المتوفى قبله وهم ثلاث ذكور وثلاث إناث - فكيف يوزع ريع هذا الوقف من تاريخ وفاة الواقف على المستحقين المذكورين طبقا لأحكام الشريعة السمحة علما بأن الواقف أوقف وقفا خيريا مقداره عشرون فدانا فى حياته على مسجد أسسه فى المحلة الكبرى
الجواب
اطلعنا على السؤال وعلى صورة رسمية من كتاب الوقف - والجواب - أنه بوفاة الواقف فى سنة 1949 بعد العمل بقانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وقد وقف جزءا من ماله على المسجد ووقف الباقى على نفسه ثم على ذريته فما وقفه على المسجد لا يجوز له الرجوع فيه وما وقفه على نفسه ثم على ذريته إذا لم يكن إدخاله لواحد منهم نظير عوض مالى ولا ضمانا لحقوق ثابتة قبل الواقف يكون له الرجوع فيه طبقا للمادة 11 من القانون المذكور، ثم ما ليس له الرجوع فيه لا يحتسب من ماله الذى تركه ولا يدخل فى تقدير الثلث الذى للمالك حق التصرف فيه بمقتضى المادة 23 من هذا القانون، أما ما له حق الرجوع فيه وهو ما وقفه على نفسه وذريته على الوجه المذكور فيعتبر من ماله وفيه حق واجب لذريته بمقتضى المواد رقم 24، 56، 57 من القانون المذكور، فإذا لم يكن للواقف وقف آخر له حق الرجوع فيه وكانت أطيانه متساويةالقيمة ينفذ وقفه على ما شرط - ذلك لأن ما وقفه على كل ابن أو بنت فى حادثتنا أكثر مما يستحقه كل منهما حقا واجبا فيما زاد على ثلث الوقف، ومتى استوفى كل من الأولاد حقه الواجب كان للواقف حرية التصرف فيما زاد على ذلك، وبما أن شروط الواقف فى توزيع الريع لا تتنافى مع نصوص القانون المذكور فيستحق كل منهم صافى ريع ما وقف عليه جميعه وينتقل فى ذريته بعد ذلك كما شرط الواقف، لا فرق فى ذلك بين من كان منهم حيا وقت وفاة الواقف أو ميتا لأن للواقف أن يجعل استحقاق المتوفى فى حياته من ذريته لفرعه طبقا للمادة رقم 29 من القانون المذكور والله ولى التوفيق.
ے(7/39)
استدانة على وقف
المفتي
حسونة النواوى.
شوال 1315 هجرية
المبادئ
الاستدانة على الوقف إذا لم يكن منها بدلا تكون إلا بإذن القاضى
السؤال
فى واقف وقف وقفه على نفسه أيام حياته ثم من بعده على من عينه بكتاب وقفه ثم على جهة بر لا تنقطع، وشرط فيه لنفسه الشروط العشرة ولم يشترط لنفسه الاستدانة على هذا الوقف، والآن احتاج الوقف المذكور للاستدانة ويريد الواقف وهو الناظر عليه الاستدانة على وقفه المذكور وهو فى يده.
فهل والحالة هذه له أن يستدين بغير إذن القاضى أو لابد من إذنه أفيدوا الجواب
الجواب
الاستدانة على الوقف إذا لم يكن منها بد لا تجوز إلا بأمر القاضى وهذا حيث كان الحال ما ذكر بالسؤال والله أعلم.
والمسألة مذكورة فى رد المختار فى الوقف بالجزء الثالث ص 419 وبالفتاوى الحامدية فى الوقف ص 205 وبالأنقروية فى الجزء الأول ص 226(7/40)
حكم الاستدانة على الوقف
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
محرم 1345 هجرية
المبادئ
لا يجوز لناظر الوقف الاستدانة عليه إلا بإذن القاضى، وإلا فلا تكون جهة الوقف ملزمة به
السؤال
من حسن عبد الرازق بما صورته فى أنه يوجد منزل لجهة وقف الست نوروذ هانم بحارة الحمزية قسم الدرب الأحمر بمصر متخرب، ومحتاج للعمارة والمرمة الضروريتين ومصلحة التنظيم قررت هدم واجهته الغربية، وهدمت فعلا ولا ريع لهذا الوقف يعمر منه المنزل المذكور، ولم يطلب أحد استئجاره مدة مستقبلة بأجرة معجلة تصرف فى تعميره، ولهذا طلب ناظر الوقف إذ ذاك من فضيلة قاضى محكمة مصر الشرعية صدور الإذن له باستدانة مبلغ مائة وخمسين جنيها وثلاثمائة واثنين وعشرين مليما اللازم لعمارة ومرمة هذا المنزل، وبتاريخ 13 أكتوبر سنة 1917 م صدر الإذن من فضيلة قاضى المحكمة المذكورة باستدانة الناظر لهذا المبلغ لصرفه فى عمارة ومرمة المنزل المذكور، وبمقتضى هذا الإذن استدان الناظر على جهة الوقف المذكور مبلغ المائة والخمسين جنيها والثلاثمائة والاثنين والعشرين مليما فهل له أن يستدين مرة أخرى مبلغا مساويا للمبلغ المأذون له السابق استدانته مع أن إذن الاستدانة قاصر على مبلغ المائة والخمسين جنيها والثلاثمائة والاثنين والعشرين مليما فقط، وإذا كان الناظر استدان مرة أخرى لجهة هذا الوقف هل لا يكون الوقف ملزما بمبلغ الاستدانة الثانى حيث لم يؤذن به من جهة القاضى أفيدوا الجواب ولفضيلتكم الأجر والثواب
الجواب
أذن القاضى لناظر الوقف بالاستدانة عليه قاصر على الاستدانة الأولى وليس له أن يستدين بعد ذلك مرة أخرى إلا بأذن منه، وإذا استدان بدون إذن فلا تكون جهة الوقف ملزمة به.
والله أعلم(7/41)
وقف استحقاقى لمعين مدة حياته
المفتي
حسن مأمون.
ذو الحجة 1379 هجرية - 31 مايو 1960 م
المبادئ
1 - حق السكنى والمرتب المعين من الواقف لزوجته مدة حياتها يقتضى فرز حصة من أعيان الوقف تفى غلتها الوفاء بها بصدور القانون 180 لسنة 1952 وتعتبر هذه الحصة المفرزة ملكا لها من تاريخ العمل بهذا القانون.
2 - بوفاة زوجة الواقف بعد القانون 180 لسنة 1952 دون أن تستطيع فرز حصة لها من أعيان الوقف ينتقل الحق فى هذا الطلب إلى ورثتها شرعا وقانونا، كما أن لهم المطالبة بالمرتب وبما يقابل حق السكنى من الريع حتى تفرز لهم حصة تفى غلتها الوفاء بها
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / محمد أحمد المتضمن أن رجلا وقف أملاكه سنة 1946 واشترط فيه شروطا منها أنه جعل لزوجته حق السكنى فى أحد المنازل الموقوفة طول حياتها، كما قرر لها راتبا شهريا يصرف لها طول حياتها، وكانت تستولى على ذلك إلى أن توفيت فى شهر فبراير سنة 1960 مع الإحاطة بأن المرتب وحق السكنى مشروطا لها مدة حياتها فقط وطلب السائل بيان الحكم الشرعى والقانونى فيما إذا كان لورثة هذه المتوفاة الحق فى المطالبة بفزر نصيب لهم من أعيان الوقف نظير ما كان مقررا لها من حق السكنى والمرتب أولا وهل لهم المطالب بهذا القدر حتى يفرز لهم نصيب أو لا
الجواب
بصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يجب أن تفرز حصة من أعيان الوقف تضمن غلتها الوفاء لزوجة الواقف بمقابل حق السكنى والمرتب المشروطين لها من زوجها الواقف وتصير هذه الحصة ملكا لها من يوم 14 سبتمبر لسنة 1952 وهو ابتداء تاريخ العمل بالقانون المذكور طبقا لأحكامه، وبوفاتها سنة 1960 بعد هذا التاريخ يصير ما بعادل السكنى والمرتب من أعيان هذا الوقف تركة عنها يرثها ورثتها الشرعيون كباقى تركتها طبقا لأحكام قانون المواريث وحيث إن هذه السيدة لم تستطع فرز هذه الحصة قبل وفاتها فلورثتها هذا الحق شرعا وقانونا، ولهم كذلك المطالبة بالمرتب وما يقابل حق السكنى من ريع أعيانه حتى تفرز لهم حصته.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله أعلم(7/42)
انفاق الناظر على عمارة الوقف من ماله الخاص
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الآخرة 1350 هجرية - 25 أكتوبر 1931 م
المبادئ
1 - ما دفعه الناظر من ماله الخاص لعمارة الوقف إن كان لا على نية الرجوع فليس له الرجوع مطلقا لا ديانة ولا قضاء لأنه يكون متبرعا.
2 - إن كان ما دفعه على نية الرجوع كان له الرجوع ديانة مطلقا أشهد على ذلك أم لا.
وليس له الرجوع قضاء إلا إذا أشهد. فإذا أشهد كان له الرجوع قضاء بدون توقف على إذن من القاضى فى الصرف على العمارة ليرجع.
3 - فى الأحوال التى يكون له الرجوع فيها يكون له الحق فى أخذ جميع الغلة حتى يستوفى حقه قبل الصرف على المستحقين والخيرات
السؤال
من محمد شعبان بالآتى وقفت المرحومة الست ممتاز زنديل الجركسية الجنس معتوقة المرحومة الست بنبا قادن والدة جنتمكان المرحوم الحاج عباس باشا الأول والى مصر كان - وقفت جميع الحصة التى قدرها النصف اثنا عشر قيراطا على الشيوع فى كامل أرض وبناء المنزل والثلاثة حوانيت أسفله اكائن ذلك بمصر بقسم الخليفة بموجب حجة من محكمة مصر الشرعية فى 18 ربيع أول سنة 1309 وبمالها من الشروط العشرة غيرت فى وقفها المذكور بموجب حجة من محكمة مصر الشرعية فى 6 القعدة سنة 1316 وشرطت الوقفة شروطا منها أن الناظر على ذلك والمتولى عليه يبدأ من ريعه بعمارته ومرمته وما فيه البقاء لعينه والدوام لمنفعته ولو صرف فى ذلك جميع غلته، وأن الواقفة قد اتفقت مع أحد المقاولين قبل وفاتها على تنكيس وتصليح المنزل المذكور فى نظير مبلغ وذلك بعد إنذار مصلحة التنظيم لها بهدم المنزل المذكور إن لم تعمل فيه الاصلاحات اللازمة، وفعلا قام المقاول ورفع جدران المنزل المذكور وصلبه على أعمدة خشب وفى أثناء ذلك توفيت الواقفة المذكورة ولم تدفع للمقاول شيئا مما اتفق عليه وبقى المنزل المذكور على حاله، وأن المقاول أبى العمل وإتمامه إلا بعد قبض ما اتفق عليه فخوفا على المنزل من بقائه على حالته وعدم إتيانه بريع يعود على المستحقين والخيرات التى شرطتها الواقفة قام الناظر الذى تولى بعدها على هذا الوقف ودفع المبلغ المتفق عليه للمقاول وتممت العمارة اللازمة.
فهل المال الذى دفع من مال الناظر لماقول على العمارة تلزم به جهة الوقف ويقدم على المستحقين والخيرات أم كيف الحال
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن المأخوذ من كلام الفقهاء أن الناظر إذا أنفق من مال نفسه على عمارة الوقف فلا يخلو الحال إما أن يكون قد أنفق ليرجع فى غلته أم لا، فإذا أنفق على العمارة ولم ينو الرجوع فى غلته فليس له الرجوع مطلقا لا ديانة ولا قضاء، لأنه حينئذ يكون متطوعا بما أنفق.
أما إذا أنفق ليرجع فى الغلة فله الرجوع ديانة، أعنى أنه يحل له فيما بينه وبين الله أن يرجع بما أنفقه فى العمارة قبل الصرف على جهة الوقف وأما إذا ادعى ذلك فلا يقبل منه، بل لابد من أن يكون قد أشهد أنه أنفق ليرجع ولا يحتاج إلى إذن من القاضى بالإنفاق على العمارة، لأن الإنفاق من ماله ليس من الاستدانة المحتاجة إلى الإذن على ما ذهب إليه الفقهاء نعم قد فهم ابن عابدين من عبارة بعض الفقهاء أنه ليس له الرجوع إلا إذا كان قد أنفق وفى يده شىء من غلة الوقف أما إذا لم يكن فى يده شىء من ذلك فليس له الرجوع ولكن العمل على أن له الرجوع على الوجه الذى ذكرنا مطلقا، سواء أنفق وفى يده شىء من غلة الوقف أم لا.
يراجع تقرير المرحوم الشيخ الرافعى على ما كتبه ابن عابدين فى رد المختار ويراجع أيضا تنقيح الحامدية.
ثم رأيت ابن عابدين أجاب بأن له الرجوع على سؤال جاء به أن الناظر ليس بيده مال حاصل من ريع الوقف يراجع رسائل ابن عابدين صفحة 179 وما بعدها من الجزء الثانى فإذا كان الناظر المذكور دفع المال الذى دفعه للمقاول لا على نية الرجوع فليس له الرجوع مطلقا لا ديانة ولا قضاء، لأنه متبرع بما دفعه حينئذ، وإن كان دفعه على نية الرجوع كان له الرجوع ديانة مطلقا سواء أشهد أم لا وليس له الرجوع قضاء إلا إذا كان قد أشهد حين الدفع أنه دفع ليرجع، فإذا أشهد كان له الرجوع قضاء بلا توقف على إذن من القاضى فى الصرف على العمارة ليرجع، وفى الأحوال التى له الرجوع فيها يكون له الحق فى أخذ جميع الغلة حتى يستوفى حقه قبل الصرف على المستحقين والخيرات.
هذا والله أعلم(7/43)
احداث حوانيت بأرض الوقف
المفتي
محمد عبده.
ذو القعدة 1318 هجرية
المبادئ
1 - يجوز لناظر الوقف إحداث حوانيت بأرض المدرسة للصرف من ريعها على مرمتها وعمارتها متى كان فى ذلك مصلحة للوقف.
2 - تكون هذه الحوانيت وقفا ولو كان بناؤها من مال الناظر لأنه بذلك يكون متبرعا بها لجهة الوقف
السؤال
من عبد الحميد حمدى بحلب بر الشام فى مدرسة موقوفة آلت إلى الخراب، وليس لها أوقاف مطلقا.
فهل للمتولى أن يحدث دكاكين من ماله على بعض أرض المدرسة على أنها للمدرسة لأجل تعميرها وإقامة الشعائر الدينية فيها من ريع تلك الدكاكين
الجواب
صرحوا بأنه إذا بنى خانا واحتاج إلى المرمة.
روى عن محمد رحمه الله تعالى أنه يعزل منها ناحية بيت أو بيتين فتؤاجر وينفق من غلتها عليها كما فى النوادر، وقالوا فى غير موضع إن المتولى لو بنى فى أرض الوقف من مال نفسه وذكر أنه للوقف كان وقفا.
وفى الكازرونى نقلا عن الحانوتى أنه يجوز تغيير صفة عين الوقف للمصحلة، ومما ذكر يعلم أنه يسوغ لمتولى المدرسة المذكور إحداث هذه الدكاكين على بعض أرضها لمرمتها وتعميرها وإقامة شعائرها كما يفهم من عبارة النوادر.
فإن كان فيها ما كان معروفا فى اصطلاحهم وهو المكان يبنى لينزل فيه أبناء السبيل فليس للاستغلال فقد جوز تحويل ما لم يكن للاستغلال إلى الاستغلال لمصحة الوقف، وتكون تلك الدكاكين وقفا للمدرسة حيث يقول المتولى إنه يحدثها من ماله لها ولا يضر تغيير بعض عين أرض المدرسة بذلك نظرا للمصحة كما قاله الكازرونى متى كان الباقى من أرضها يكفى للغض المقوصد للواقف منها.
والله أعلم(7/44)
الاذن بالبناء على أرض الوقف
المفتي
محمد عبده.
ذو القعدة 1320 هجرية
المبادئ
إذن ناظر الوقف الذى أطلق له الواقف التصرف طبقا للمصلحة لشخص بالنباء على ارض الوقف يكون معه هذا البناء وقفا، وللبانى حق الرجوع بنفقته فى غلته ولا شىء على الناظر فى هذا
السؤال
من الشيخ محمد خيالى فى ناظر وقف أطلق له الواقف التصرف طبق المصحلة ولم يقيده باستئذان من القاضى وبين أعيان الوقف قطعة أرض فضاء منذ مائة وخمسين سنة لا يستفيد منها الوقف شيئا فرأى الناظر أن من المصحة أن يبنى بناء ذا غلة عليها، ولكنه لاحظ أن بناءها من مال الوقف يضر بالمستحقين والشعائر فاتفق مع آخر أن يبنيها له ويستغل قيمة البناء منها بدون مساس بمال الوقف فبناها وأدخلها ضمن أعيان الوقف وأتت بغلة لا تقل عن المائتين والخمسين جنيها سنويا.
فهل عمل هذا الناظر لا يتوقف على شىء ويطمئن البانى على قيمة البناء خصوصا وأنها لا تزيد عن استغلاله ثلاثة أعوام أفيدوا الجواب
الجواب
صرح فى الأنقروية بأنه إذا لم يكن متوليا وبنى بإذن المتولى فهو وقف.
وعليه فما بناه ذلك الرجل باتفاق الناظر معه يكون وقفا لأن الاتفاق معه إذن له بالنباء بالضرورة فيكون البناء وقفا وللبانى حق الرجوع بنفقته من غلته ولا شىء على الناظر فى تصرفه هذا لأن الواقف قد أطلق له التصرف بما فيه المصلحة ولم يقيده.
والله أعلم(7/45)
انشاء وابور للطحين على أرض الوقف
المفتي
محمد عبده.
صفر 1322 هجرية
المبادئ
1 - الدار التى بناها الناظر فى أرض الوقف لتركيب وابور للطحين عليها هى ملك للوقف متى كان بناؤها من مال الوقف أو من مال نفسه للوقف.
2 - لو اشترى مع صديق وابورا للطحين.
جزءا لنفسه وجزءا للوقف من مال الوقف والثالث للصديق لم يجز الشراء إلا بإذن القاضى ويقع شراء الجزئين له ويضمن ما دفعه من الثمن لغلة الوقف.
3 - لا يعتبر تركيب الوابور فى أرض الوقف حجة على إلحاقه بالوقف.
4 - للناظر الجديد تكليفهم بقلعه إن كان لا يضر بالأرض، فإن أضر تملكه بأقل القيمتين مقلوعا وغير مقلوع بدفعه من غلة الوقف
السؤال
من حسن يونس فى رجل وقف وقفا وجعل النظر لبنته ولسوء تصرفها حجر عليها، وأقام القاضى ناظرا مؤقتا لإدارة الوقف، ورأى هذا الناظر أن مال الوقف زائد عن مصروفاته، وأنه توفر لديه منه نحو الألف ومائتى جنيه فاشترك مع صديق له فى شراء وابور للطحين للصديق فيه عشرة قراريط وللناظر أربعة وللوقف نفسه العشرة الباقية بشرط أن يبنى فى أرض الوقف المعدة لزراعة الأشجار لقربها من سكن البلدة دارا لتركيب الوابور، وأن الصديق يدفع للوقف عن هذه الدار أجرة شهرية قدرها 6 جنيهات مصرية وبعد أن تركب الوابور واشتغل نحو الواحد وعشرين شهرا وأنتج ربحا مفيدا للشركاء، وكان فى أثنائها كل من الشركاء واضعا يده ومنتفعا بنصيبه فى الوابور والإيجار يدفع للوقف حسب الاتفاق، وكل ذلك ثابت فى دفاتر الوقف طرأ على الناظر عذر فباع حصته الخصوصية التى هى الأربعة قراريط لزيد من الناس، ثم عزل وعين مكانه ناظر آخر.
فهل يسوغ للناظر الجديد أن يصادر الصديق ويصادر بكرا فى الصحة التى اشتراها من المالك لها بحجة أن الوابور تركب فى أرض الوقف فأصبح ملحقا به أفيدوا الجواب
الجواب
أما الدار التى بناها الناظر لتركيب الوابور فى أرض الوقف فهى للوقف متى كان بناؤها من مال الوقف أو من مال نفسه للوقف لما فى الأنقروية المتولى بنى فى عرصة الوقف لو بنى من مال الوقف فهو للوقف وكذا لو من مال نفسه لكن للوقف.
وأما العشرة قراريط التى اشتراها فى ذلك الوابور للوقف فإنه لا يجوز شراؤه لها إلا بإذن القاضى لما صرحوا به من أنه إنما يجوز الشراء بإذن القاضى لأنه لا يستفاد الشراء من مجرد تفويض القوامة إليه كما فى البحر نقلا عن القنية.
وقد ذكروه فيما لو اشترى المتولى بغلة الوقف دارا للوقف فبالأولى فيما لو اشترى مثل هذا النصيب فيقع حينئذ ذلك الشراء الناظر ويضمن ما دفعه من الثمن لغلة الوقف لما قالوه من أن القيم يضمن مال الوقف بالاستهلاك، وحيث وقع ذلك الشراء له ساغ له أن يتصرف فيما اشتراه فتصرفه بالبيع فى الحصة التى اشتراها لنفسه يسوغ بالأولى ولا وجه للناظر الجديد فى أن يصادر الصديق ويصادر بكرا فى الحصة التى اشتراها من الناظر المالك لها، ولا يعتبر تركيب الوابور فى أرض الوقف حجة على إلحاقه بالوقف لأن بعضه ملك الناظر الذى اشترى وقلنا بأنه يضمن ما دفعه من الثمن لغلة الوقف وباقية للصديق وبكر المذكورين.
نعم للناظر الجديد أن يكلفهم بقلعه من أرض الوقف إن كان قلعه لا يضر بالأرض، فإن كان يضر بها يتملكه ذلك الناظر الجديد للوقف بأقل القيمتين مقلوعا وغير مقلوع يدفعه من غلة الوقف.
والله أعلم(7/46)
وقف استحقاق وبناء الواقف عليه
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
ذو القعدة 1329 هجرية - 27 يوليو 1921 م
المبادئ
ما أحدثه الوقف من أدوار بالمنزل الموقوف من ماله وأطلق ولم يبين أن ما بناه لجهة الوقف يكون ملكا له ويجرى فيه التوارث بعد وفاته
السؤال
من جرجس أفندى بما صورته وقف واقف منزلا مركبا من بدروم ودورين علويين على نفسه مدة حياته ثم على زوجته من بعده ثم على أولادهما من بعدهما وجعل لنفسه ولزوجته الحق فى الإخراج والإدخال وقية الروط العشرة وحرر الحجة بذلك وبعد أن مضى على تحريرها نحو الخمس سنوات جدد دورا ثالثا فى المنزل المذكور من ماله الخاص ولم يحلقه الوقف ثم مات وحلت الزوجة محل زوجها ولم يكتف باستغلال الريع فقط بل بما لها من حق الإدخال والإخراج خصت أولادها الإناث وأولادهن بعدهن إلى الانقراض بريع المنزل الموقوف بما فيه الدور المجدد دون أولادها بعدهن إلى الانقراض بريع المجدد يعتبر موقوفا بدون نص من الواقف ويلحق بالمنزل بالمذكور أو يعتبر ملكا يمكن لجميع الورثة أن تتنفع به ريعا وبيعا ووقفا وخلافه
الجواب
من حيث إنا لم نطلع على كتاب الوقف فإن كانت الوقفية المدونة فى السؤال صحيحة فالحكم الشرعى أن ما أحدثه الواقف من الدور الثالث إن كان من ماله وأطلق ولم يبين أنه بناه لجهة الوقف يكون ملكا له يجرى فيه التوارث بعد وفاته.
والله أعلم(7/47)
بيع البناء على أرض الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
رجب 1357 هجرية - 24 سبتمبر 1938 م
المبادئ
ما بناه الواقف بعد صدور الوقف إن كان من ماله كان ملكا له.
إلا إذا وجد ما يدل على أنه بناه للوقف فيكون وقفا، وبيعه ذلك صحيح فى كلتا الحالتين متى كان قد اشترط لنفسه الشروط العشرة
السؤال
من عبد القادر فتحى قال أوقف الواقف منزلا يشتمل على دور أرضى ودور أول علوى وذلك على بنائه الخمس بمقتضى الوقفية المنسوخ صورتها ضمن الأوراق المرفقة وبعد مدة أوجد من ماله الخاص بناء دور ثالث فوق الأعيان الموقوفة آنفا وباع هذا الدور المستجد إلى بناته الخمس أيضا بثمن قبضه منهن وذلك بمقتضى عقد البيع المنسوخ أيضا صورته ضمن الأوارق المرفقة فهل يعتبر هذا الدور المستجد والذى تصرف فيهب البيع إلى بناته المذكورات ملحقا للوقف المذكور ويدخل ضمن شروط الوقف أم يعتبر ملكا خاصا لبناته يتصرفن فيه تصرف الملاك فى أملاكهم أفتونا أفادكم الله
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من كتاب الوقف الصادر من هاشم حسن رفاعى أمام محكمة الاسكندرية الشرعية فى 26 يولية سنة 1903 ونفيد أنه إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال من أن الدور الثالث الذى بناه الواقف بعد صدور الوقف منه قد بناه من ماله كان ملكا له إذا لم يوجد منه ما يدل على أنه بناه لجهة الوقف، أما إذا وجد منه ما يدل على أنه بناه للوقف كان وقفا والبيع صحيح فى كلتا الحالتين - أعنى حالتى كونه وقفا وكونه ملكا، أما على أنه ملك فظاهر وأما على أنه وقف فلأنه قد شرط لنفسه الشروط العشرة التى منه البدل والاستبدال فله ولاية البيع وهذا إذا كان ما جاء بصورة إشهاد الوقف غير الرسمية المرافقة للسؤال صحيحا من أنه جعل لنفسه الشروط العشرة وكان البيع بغير غين على الوقف وكانت المشتريات بالغات كما هو ظاهر من الصورة غير الرسمية من عقد البيع المرافقة للأوارق وفى هذه الحالة يكون الثمن وقفا فإذا تصرف فيه بنفسه كان ضامنا لجهة الوقف فيؤخذ منه إذا كان حيا أو من تركته إلى كان ميتا، وبهذا علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر والله أعلم(7/48)
غصب أرض وبناء مسجد عليها
المفتي
حسن مأمون.
جمادى الآخرة 1378 هجرية - 28 ديسمبر 1958 م
المبادئ
1 - يشترط فى جواز الوقف أن تكون العين المراد وقفها مملوكة للواقف وقت الوقف.
2 - إذا كانت الملكية قد آلت إلى الوقف بعقد فاسد مصحوب بقبض العين صح الوقف.
3 - وقف الغاصب ما غصبه غير صحيح وينقض ما بناه على الأرض المغصوبة ولو كان البناء مسجدا
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / عبده صالح اليمانى المقيد برقم 2583 سنة 1958 المتضمن أنه يمنى من رعايا المملكة المتوكلة اليمنية ويمتلك قطعة أرض بناء ويجاوره رجل ثرى طلب منه شراء قطعة الأرض بالثمن ليضيفها إلى منزله فلم يقبل بيعها لأنها أولا له ولأولاده ثم رحل إلى المملكة العربية السعودية لاكتساب قوته وقوت أولاده فاغتصب هذا الثرى قطعة الأرض من أولاده وأقام عليها مسجد أو طلب السائل إفادة عن الحكم الشرعى فى هذا الموضوع وهل من حقه إزالة مبانى المسجد من قطعة الأرض المملوكة له
الجواب
إنه يشترط شرعا لجواز الوقف أن تكون العين المراد وقفها مملوكة ملكا باتا للواقف وقت الوقف ولو بعقد فاسد مع قبضه، فلا يصح الوقف فيما لو وقف الغاصب المغصوب وينقض الوقف ولو بنى مسجدا، وعلى ذلك فغصب الثرى لأرض السائل وبناء مسجد عليها غير جائز شرعا، وللسائل المالك أن ينقض المسجد إذا أراد، وبهذا علم الجواب عن السؤال.
والله أعلم(7/49)
تصرف الواقف فى الموقوف بعد القانون 180 لسنة 1952
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
ربيع الثانى 1373 هجرية - 14 ديسمبر 1953 م
المبادئ
1 - ما شرطته الواقفة للخيرات يجوز لها الرجوع فيه كباقى أعيان الوقف طبقا للمادة 11 من القانون 48 سنة 1946.
2 - بصدور القانون 180 سنة 1952 يصبح جميع الموقوف ملكا للواقفة طبقا للمادة 3 منه ويجوز بيعه قانونا وقضاء، أما فيه بينها وبين الله تعالى فإن ما شرطته للخيرات لازم لزوم النذر المطلق
السؤال
من الأستاذ / محفوظ شبل قال أولا وقفت الست منجدة بنت المرحوم الشيخ أحمد محمد أطيانا قدرها 6 أفدنة 14 قيراطا و 6 أسهم وذلك بتاريخ 29 من شهر شوال سنة 1358 هجرية الموافق 5 ديسمبر سنة 1939 بمقتضى إشهاد رسمى أمام محكمة تلا الشرعية مرفق من طيه - وقد اشترطت النظر عليه من يومه لابن أخيها الدكتور زكى أحمد جمعه.
ثانيا قد جعلت لهذا الناظر بالشرط ان يحتجز فى كل سنة من الآن - (وهو وقت الإشهاد) مبلغا حسب ما يتراءى له للصرف منه على أوجه البر مادامت الواقفة على قيد الحياة - ثالثا بعد صدور قرار إلغاء الوقف تصرفت الواقفة فيه بالبيع فى كل أعيانه الموقوفة لحضرة الناظر المذكور وقبضت الثمن وسجل عقد البيع للمقدار المباع جميعه وقدره 6 ستة أفدنة و 14 اربعة عشر قيراطا و 6 أسهم وذلك بتاريخ 17 أكتوبر سنة 1952 أمام محكمة شبين الكوم الكلية.
ولم تشأ البائعة أن تحتفظ بشئ مقابل الصرف منه على الوقف الخيرى كما لم تقم بتنفيذ ما اشترطته له فى حياتها - وقد توفيت الواقفة.
أولا - والبائعة ثانيا بعد تسجيل عقد البيع منها للمشترى الناظر المذكور - والمطلوب التكرم بالفتوى للعمل بما يجب اتباعه منها - هل بيع الوقف منها يعتبر إنهاء للوقف الخيرى وأصبح متلاشيا ضمن عقد البيع.
وإذا كان عقد البيع لا ينتظمه فما الواجب على الناظر الآن ابتاعه تنفيذا لشرطها وقت الوقف.
وهل هذا التصرف منها يمس حق المشترى فى عقد الشراء بالنسبة للوقف الخيرى الذى لم تعين له حصة
الجواب
اطلعنا على السؤال وعلى صورة رسمية من كتاب الوقف الصدر من الست منجدة أحمد محمد جمعه أمام محكمة تلا الجزئية الشرعية بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1939 وتبين أنها وقفت أعيان الوقف على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها على ابن أخيها إلى آخر ما جاء بالإنشاء.
وأنها شرطت النظر له على وقفها من وقت إنشائه وشرطت أن يحتجز من الريع كل سنة من تاريخ صدور هذا الوقف مبلغا حسب ما يراه الناظر للصرف منه فى أوجه البر ما دامت الواقفة على قيد الحياة، وبعد وفاتها يصرف ذلك الجزء فى الخيرات التى عينتها.
كما تبين من السؤال أنها قد باعت أعيان هذا الوقف جميعها بعد العمل بالقانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات وسجل عقد البيع رسميا ولم تحتفظ بشئ من أعيان الوقف للصرف على الخيرات.
كما أنها لم تصرف هى ولا الناظر شيئا من الريع للخيرات مدة حياتها إلى أن توفيت - والمطلوب معرفة حكم هذا البيع بالنسبة لما شرطته الواقفة للخيرات - والجواب - أن ما شرطته الواقفة للخيرات مما يجوز لها الرجوع فيه كباقى الوقف طبقا للمادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وبصدور القانون رقم 180 المذكور أصبح جميع الموقوف ملكا لها طبقا للمادة الثالثة منه ويجوز لها بيعه جميعه من الناحية القانونية والقضائية.
أما فيما بينها وبين الله تعالى فإن ما شرطت صرفه للخيرات لازم لزوم النذر المطلق.
والله تعالى أعلم(7/50)
وقف خيرى وبيعه بعد تخربه
المفتي
حسن مأمون.
ذو الحجة 1376 هجرية - 16 يولية 1957 م
المبادئ
1 - إخراج الرجل قطعة من أرضه وعزلها عن أملاكه وجعل ريعها لمن يقوم بخدمة مسجد معين يعتبر ذلك وقفا على المسجد المعين ولو لم يحرر حجة إيقاف بذلك مادام قد سلمها لمتولى شئون هذا المسجد واستولى على ريعها وصرفها فى مصرفه.
2 - يبدأ من غلة الوقف بالتعمير الضرورى ولو استغرق ذلك جميع الغلة إن كانت، فإن لم تكن هناك غلة أو كانت ولكن لا تكفى استدان المتولى للعمارة بأمر القاضى.
3 - لا يجوز فى الفقه الحنفى بيع أعيان الوقف العامرة لعمارة باقيها المتخرب.
4 - إذا تخرب الوقف جميعه وكان غير مسجد وخرج عن دائرة الانتفاع به جاز للناظر - باذن القاضى - بيعه وشراء عين بدله تغل ريعا يضمن راتبا مستمرا للمستحقين، فإن لم يمكن شراء عين بدله ذات ريع بطل الوقف وصف الثمن إلى ورثة الواقف إن كانوا وإلا صار إلى الفقراء.
5 - إذا تخرب المسجد وموقوفاته يبقى مسجدا أبدا إلى يوم القيامة، فإن خيف على أنقاضه من الضياع بيعت بإذن القاضى مع جميع لوازمه وصرف ثمن ذلك فى عمارة ومصالح أقرب مسجد إليه وتبقى العرصة مسجدا.
6 - عمارة المسجد إذا تخرب تجب فى بيت مال السلمين - عند ابن الحاجب.
7 - يجوز عند الحنابلة بيع بعض الموقوف لإصلاح باقيه إذا اتحد الواقف والجهة الموقوف عليها وقد أخذ بذلك فى الفقرة الأخيرة من المادة 55 من القانون 47 سنة 1946
السؤال
من السيد / عبد الحفيظ عبد الخالق بالطلب المتضمن أن جده الأعلى الحاج عبد الخالق توفى من نحو مائة سنة وقبل وفاته أخرج نصف فدان أرضا زراعية لمن يقوم بخدمة مسجد سيدى مخلوف بلقانة وأن الإشراف على المسجد وعلى هذه الأرض آل إلى الطالب أخيرا بعد وفاة المتولى السابق وأن إيراد هذه الأرض 12 جنيها سنويا.
وأن المسجد قد أوقفت فيه الشعائر بسبب تهدم دورة مياهه من أكثر من خمس سنوات وأنه ليس فى حاجة إلى خدم الأن والمصلحة فى بيع هذه القطعة وصرف ثمنها فى عمارة المسجد - وأن وزارة الصحة أحجمت عن مساعدة أهل البلد فى عمارة المسجد رغم استعدادهم لدفع مبالغ مائة جنيه مساعدة - وسأل هل يجوز شرعا بيع هذه القطعة وصرف ثمنها فى تعمير المسجد أو لا
الجواب
إن إخراج جد السائل هذه القطعة المسئول عنها وعزلها عن أملاكه وجعل ريعها لمن يقوم بخدمة مسجد سيدى مخلوف بلقانه يعتبر ذك منه وقفا لها على هذا المسجد وإن لم يحرر بذلك حجة إيقاف شرعية مادام أن المتولى لشئون المسجد قد تسلمها واستولى على ريعها وصرفه فى مصرفه الذى عينه جد السائل من تاريخ إخراجها إلى الآن - جاء فى الفتاوى الهندية جزء 52 ص 359 (لو قال جعلت حجرتى هذه لدهن سراج المسجد ولم يزد على ذلك قال الفقيه أبو جعفر تصير الحجرة وقفا على المسجد إذا سلمها إلى المتولى وعليه الفتوى كذا من فتاوى قاضيخان - ومثل دهن سراج المسجد فى ذلك جميع مصالح المسجد فان الوقف على عمارة المسجد ومرمته ومصالحه اللازمة له والإنفاق فيما يحتاجه حتى بقى صالحا لأداء الغرض المقصود منه كدفع أجور الأئمة والمؤذنين والخدم والحصر والبسط ومياه الوضوء من أعمال البر الخالدة.
والوقف فى هذه الأغراض كلها أو بعضها وقف على نفس المسجد لأن المعنى يجمعها كلها - قال صاحب الهندية والأصح ما قاله الإمام ظهير الدين أن الوقف على عمارة المسجد وعلى مصالح المسجد سواء كذا فى الفتح) وقد جاء النص على ذلك لك من ابن عابدين وفى الاسعاف صفحة (14) وقف أرضه على المسجد الفلانى فالصحيح اتفاق الصاحبين على الجواز لأن الوقف على المسجد بمنزلة جعل الأرض مسجدا أو الزيادة فيه.
إذا تقرر ذلك وكانت هذه القطعة وقفا على المسجد وأن هذا المسجد قد تخرب دورة مياهه ولم يمكن إصلاحه من مدة تزيد عن خمس سنوات وأن الناس فى حاجة ماسة إلى إصلاحه لإقامة الشعائر وليس لديهم من الوسائل المادية ما يستطيعون بها إصلاحه حتى يعود إلى حالته الأولى إلا ببيع هذه القطعة وصرف ثمنها فى هذا الغرض كما قال السائل فى استفتائه فهل يجوز ذلك شرعا المنصوص عليه أنه إذا كان التعمير ضروريا ولم توجد غلة ولا أموال متوفرة للوقف ولم يمكن إجارته إلى من يدفع الأجرة معجلة لتصرف فى عمارته فان المتولى على الوقف يستدين بأمر القاضى ما يصرفه فى عمارته ثم يوفى الدين من غلته بعد العمارة، ولا صح له أن يصرف شيئا من الغلة إلى مستحق ما قبل وفاة الدين لأنه كالعمارة فيقدم على الصرف إلى المستحقين وأرباب الشعائر وغيرهم ولو خالف المتولى ذلك كان ضامنا - قال ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار تعليقا على قول صاحب الدر يبدأ بعد العمارة بما هو أقرب إليها الخ نقلا عن الحاوى المقدسى (والذى يبدأ من ارتفاع الوقف أى غلته عمارته شرط الواقف أولا ثم ما هو أقرب إلى العمارة وأعم لمصلحة كالإمام للمسجد والمدرس للمدرسة ثم السراج والبسط كذلك إلى آخر المصالح هذا إذا لم يكن معينا.
فإن كان الوقف معينا على شئ يصرف إليه بعد عمارة البناء إلى أن قال ثم لا يخفى أن تعبير الحاوى بثم يفيد تقديم العمارة على الجميع كما هو إطلاق المتون فيصرف إليهم الفاضل عنها - ثم قال فيقدم أولا العمارة الضرورية ثم الأهم فالأهم من المصالح والشعائر بقدر ما يقوم به الحال فان فضل شئ يعطى لبقية المستحقين غذ لا شك أن مراد الواقف انتظام حال مسجده لا مجرد انتفاع أهل الوقف وإن لزم تعطليه - وانتهى بقوله والحاصل مما تقدم وتحرر أنه يبدأ بالتعمير الضرورى حتى لو استغرق جميع الغلة صرفت كلها إليه ولا يعطى أحد ولو إماما أو مأذونا فلو فضل عن التعمير شئ يعطى ما كان أقرب إليه مما كان فى قطعة ضرر بين.
هذا إذا كان للوقف غلة يمكن تعميره منها فان لم تكن له غلة أو كانت ولكن لا تكفى عمارته استدان المتولى لها بأمر القاضى.
قال صاحب الدر لا تجوز الاستدانة على الوقف إلا إذا احتيج إليها لمصلحة الوقف كتعمير وشراء بذور فيجوز بشرطين - الأول إذن القاضى.
الثانى أن لا يتيسر إجارة العين والصرف من إجارتها.
وجاء فى حاشية رد المحتار تعليقا على ذلك أطلق الإجارة فشمل الطويلة منها ولو بعقود فلو وجد ذلك لا يستدين إفادة البيرى وما سلف من أن المفتى به بطلان الإجارة الطويلة فذاك عند عدم الضرورة - وقال نقلا عن الدر المنتقى فى كلام المصنف إشارة إلى أن الخان لو احتاج إلى المرمة أجر بيتا أو بيتين وأنفق عليه.
وفى رواية يؤذن للناص بالنزول سنة ويؤجر سنة أخرى ويرم من أجرته.
وقال الناطفى القياس فى المسجد أن يجوز إجارة سطحه لمرمته محيط.
وفى البر جندى والظاهر أن حكم عمارة المسجد والحوض والبئر وأمثالها حكم الوقف على الفقراء..
وفى الهندية إن لم يأمر الواقف بالاستدانة تكلموا فيه والأصح أنه إن لم يكن له بد منه يرفع الأمر إلى القاضى حتى يأمر بالاستدانة كذا قال الفقيه رحمه الله تعالى ثم يرجع فى الغلة كذا فى المضمرات.
ما سبق من النصوص يظهر أن العمارة الضرورية التى لابد منها لإعادة الموقوف إلى الحالة التى كان عليها حتى يؤدى الغرض المقصود منه مقدمة على جميع المستحقين وأرباب الشعائر وللمتولى أن يصرف غلة الوقف على جميع المستحقين وأرباب الشعائر وللمتولى أن يصرف غلة الوقف فى سبيلها وإن لم يأخذ المستحقون شيئا منها فإذا لم يكن للوقف غلة متوفرة أجره ولو لمدة طويلة لمن يرغب فيه بأجرة معجلة وعمر بها.
فإن لم يجد من يرغب فى التأجير على هذا الوجه استدان على الوقف بإذن القاضى ما يعمره به ثم يؤدى الدين من غلته المستقبلة حتى يخلص عينه من الدين ومنع رواتب المستحقين لعمارته لأن سداد الدين مقدم على الدفع إلى المستحقين كالعمارة سواء بسواء.
ولم يرد نص عن فقهاء الحنفية يجيز بيع أعيان الوقف العامرة (كقطعة الأرض المسئول عنها) فى عمارة باقيها المخربة كالمسجد المسئول عنه.
نعم انهم ذكروا أنه إذا تخرب الوقف جميعه وخرج عن دائرة الانتفاع به جاز لمتوليه باذن القاضى إليه وشراء عين غيره تكون ذات ريع يضمن راتبا مستمرا للمستحقين.
فإن لم يمكن شراء عين أخرى كذلك بطل الوقف وصرف الثمن إلى ورثة الواقف إن وجدوا وإلا إلى الفقراء - وهذا فى وقف غير المسجد - أما فى وقف المسجد فالصحيح المفتى به الذى اختاره أكثر المتأخرين للفتوى أن المسجد وموقوفاته تبقى مسجدا أبدا إلى يوم القيامة.
فلو تخرب وانصرف الناس عنه إلى مسجد آخر غيره وخيف على أنقاضه الضياع جاز بإذن القاضى بيع أنقاضه وجميع لوازمه وصرف ثمنها فى عمارة ومصالح أقرب مسجد إليه.
وتبقى العرصة بعد ذلك مسجدا لأن أداء الصلاة فيها ممكن مع ذلك - وليس المسجد المسئول عنه كذلك لأن ريع القطعة الموقوفة عليه فى السنين الماضية من تاريخ تخربه إلى الآن مضافا إليها أجرتها فى أعوام قادمة وذلك متيسر بأجرة معجلة مع مبلغ المائة جنيه المتبرع بها من البلدة المذكورة مما يمكن إصلاح المسجد بمجموعة دون حاجة إلى بيع هذه القطعة - على أن الواجب كما ذكر صاحب أنفع الوسائل أن يعمر مثل هذا المسجد من بيت مال المسلمين - هذا قد نقل المرحوم الشيخ عشوب فى كتاب الوقف صفحة 154 أن المرحوم الشيخ أحمد إبراهيم بك وكيل كلية الحقوق ذكر فى بحثه المنشور بالعدد السابع من مجلة القانون والاقتصاد عن المنتهى وشرحه أن الإمام أحمد رضى الله عنه يقول بجواز بيع بعض الموقوف لإصلاح باقيه إذا اتحد الواقف والجهة الموقوف عليها.
فان كان الموقوف علينين على جهة واحدة من واقف واحد فتابع إحداهما لإصلاح الأخرى ز وكذلك إذا كان الموقوف عينا واحدا بيع بعضها لإصلاح باقيها.
فان تعدد الواقف أو اختلفت الجهة لم يجز البيع وهو قول حق لو أخذ به حل مشاكل كثيرة وأمكن بناء عليه بيع القطعة المسئول عنها وصرف ثمنها فى عمارة هذا المسجد حتى يعود إلى حالته الأولى فى أقرب وقت دون انتظار ما يجود به المتصدقون وقد لا يستجيبون.
ورأى الحنابلة المذكورة هو ما أخذت به الفقرة الأخير من المادة 55 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946.
فإذا أراد المتولى على هذا الوقف أن يبيع من نصف الفدان الموقوف على المسجد شيئا منه أو أن يبيعه كله فليعرض الأمر على المحكمة المختصة لتصدر قرارها بما تراه صالحا للمسجد الموقوف عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/51)
وقف استحقاقى على المعاتيق وتفسير شرط
المفتي
حسن مأمون.
جمادى الأولى 1376 هجرية - 10 ديسمبر 1956 م
المبادئ
1 - إذا ذكر الواقف جملة متعاطفات ثم أعقبها بصفة صالحة للجميع فإن الصفة ترجع إلى المعطوف الأخير فقط عند الحنفية - ويرى الإمام هلال وصاحب الإسعاف - أنها ترجع إلى الجميع وهذا مقتضى مذهب الشافعية مادامت الصفة مجردة.
2 - إذا كانت الصفة مقترنة بنص أو قرينة يدل أحدهما على العموم فلا خلاف فى الأخذ بما يرجحه النص أو القرينة.
3 - قول الواقفة (كل منهم، كل منهن) يفيد الإحاطة على سبيل الإفراد فى خصوص اللون فقط ولا أثر له فى الاستحقاق ما دامت الواقفة قد عينت كل مستحق باسمه
السؤال
من السيد / محمود سليمان قال إنه ورد بكتاب الوقف الصادر من المرحوم الست نازلى هانم كريمة المرحوم سليمان باشا الفرنساوى أمام مصر القديمة الابتدائية الشرعية بتاريخ 20 أبريل سنة 1907 العبارة الآتية وهى (والحصة التى قدرها عشرة قراريط ونصف قيراط من ذلك تكون وقفا على معاتيق الست الواقفة المذكورة السبعة وهم جلزار وحسن هال ويلدز وجلناس وشهريت وبريكة الجركسية الجنس كل منهن وخالد أغا الحبشى بالتسوية بينهم جميعا مدة حياتهم، والحصة التى قدرها عشرة قراريط باقى ذلك تكون وقفا على مريم حرة الأصل بنت محمد خاطر وعلى معاتيق الست الواقفة المذكورة التسعة وهم مفيدة ولبيبة ومبروكة وفرحات وفتنة وفرج الأسود كل منهم وواصفة وبلاب وعنبر الحبشى كل منهم بالتسوية بينهم جميعا مدة حياتهم وأنه ورد أيضا بكتاب الوقف الصادر أيضا من الواقفة المذكورة أمام المحكمة المذكورة بتاريخ 9 يناير سنة 1908 العبارة الآتية وهى (ومنها أن يكون لعتيقات الست الواقفة المذكورة وهن مجبوبة واجلزار وحسن هال ويلدز وجلناس وشهريت وبريكة البيضا كل منهن ومفيدة ولبيبة ومبروكة وفتنة وفرحات الشروط كل منهن وتابعتها مريم حرة الأصل الخ) وطلب السائل بيان ما جاء فى شرطى الواقفة المذكورين بخصوص لون مفيدة معتوقة الواقفة وإحدى الموقوف عليهم فى الوقفين - المشار إليهما بمقتضى هذين الشرطين ت هل يستفاد من عبارة هذين الشرطين ان مفيدة المذكورة سوداء اللون أو أنها بياض وما هو المقصد من عبارتى (كل منهم) الواردة فى الشرط الأول (وكل منهن) الواردة بالشرط الثانى هل تنصرف إلى النصيب أو إلى اللون
الجواب
إن مقتضى أصول مذهب الحنفية أن الواقف إذا ذكر جملة متعاطفات ثم أعقبها بصفة صالحة للجميع كما فى هذه الحادثة فإن هذه الصفة ترجع للأخير من هذه المتعاطفات فقط ولا ترجع إلى غيره من المعطوف عليهم لكن نص الإمام هلال من فقهاء الحنفية أن هذه الصفة ترجع إلى جميع المتعاطفات، ومثل ذلك جاء فى الإسعاف.
وهذا الرأى الأخير هو مقتضى مذهب الشافعية إلا أن هذا الاختلاف لا يكون له أثر على ما يؤخذ من القواعد العامة لمذهب الحنفية إلا إذا كانت الصفة مردة غير مقترنة بنص أو قرينة يدل أحدهما على عموم الوصف لجميع المتعاطفات، أما إذا وج نص أو قرينة رجح ذلك فإن هذا الاختلاف لا يظهر له أثر مطلقا، ففى حادثة السؤال قد وجد فى كلا الشرطين نص يدل على عموم هذه الصفة لجميع المتعاطفات التى قبلها وهو قول الواقفة فى الشرط الأول (كل منهم) بعد ذكر لفظ الأسود وقولها فى الشط الثانى (كل منهن) بعد ذكر لفظ السوداء فقولها فى الشرط الأول (الأسود وكل منهم) وقولها فى الشرط الثانى السوداء كل منهن فيكون كل منهما جملة مستأنفة معناه أن كلا من المعاطفات موصوف بالسواد، فكأنها قالت لا يستحق أحد من هذه المتعاطفات إلا إذا كان موصوفا بوصف السواد، والسبب فى أن الواقفة ذكرت هذه العبارة فى الشرط الأول بصيغة التذكير وفى الشرط الثانى بصيغة التأنيث هو أنه قد وجد بين المتعاطفات فى الشرط الأول ذكر هو (فرج) فقلبت التذكير إلى التأنيث، أما فى الشرط الثانى فلم يوجد بين المتعاطفات ذكر فذكرت العبارة بصيغة التأنيث، ومن كل هذا يتضح أن مفيدة المسئول عنها والموقوف عليها بمقتضى الشرطين المذكورين سوداء اللون بصفة قاطعة دون خلاف أو نزاع وأن عبارة (كل منهم) و (كل منهن) تفيد الإحاطة على سبيل الإفراد فى خصوص اللون ولا علاقة لها ببيان النصيب إذ النصيب بينته الواقفة بعد ذلك، ومما تجب مراعاته أن هذا الوصف ليس له أثر فى استحقاق مفيدة المذكورة بعد أن عينتها الواقفة باسمها ما دام لا يوجد لها معتوقة أخرى موقوف عليها تسمى بهذا الإسم، فإذا وجد لها معتوقة أخرى بهذا الإسم فإن الوصف فى هذه الحالة يكون له اثر فى تعيين المستحقة منهما.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(7/52)
وقف استحقاقى وتفسير شرط الواقف بالقرائن
المفتي
حسن مأمون.
رجب 1376 هجرية - 19 فبراير 1957 م
المبادئ
1 - الوقف على النفس ثم على الزوجة ومن بعدهما على أولادهما ذكورا وإناثا الخ يشمل أولاد الواقف من غيرها كما يشمل أولاد زوجته من غيره ما يشمل أولاد كل منهما من الآخر ما لم يوجد نص أو قرينة فى كتاب الوقف يوضح غرض الواقف ويقيد إطلاقه.
2 - قول الواقف (على أن من مات من ذرية الواقف المذكور) الخ وقوله (فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات انتقل نصيبه لمن يوجد من ذرية الواقف) واشتراط النظر بعده وبعد زوجته للأرشد فالأرشد من ذريته.
كل هذه قرائن على أن غرض الواقف هو حصر استحقاق وقفه بعد الخيرات والسكنى فى ذريته هو خاصة سواء كان مرزوقا بهم من زوجته الموقوف عليها أو من غيرها.
3 - غرض الواقف يصح مخصصا متى قامت القرينة القاطعة عليه.
4 - حرمان الواقف أولاد البطون من ذريته حرمانا أبديا لا يعقل معه قصد إعطاء أولاد زوجته من غيره لمنافاة ذلك لغرض الواقف وقصده.
5 - بصدور القانون 180 سنة 1052 يعتبر نصيب كل مستحق ملكا خالصا له طبقا للمادة 3 منه.
6 - تفرز للخيرات حصة تفى غلتها الوفاء بها بعد صدور القانون 180 سنة 1952 طبقا للمادة 2 منه
السؤال
من السيد / محمد عزمى.
قال إن المرحوم سليمان طاهر ابن الحاج حسين أغا أوقف وقفا وأطلعن على صورة غيرة رسمية من كتاب الوقف الصادر من المرحوم سليمان طاهر ابن الحاج حسين أغا مصيلى بتاريخ غرة المحرم سنة 1281 هجرية وتبين أنه أوقف العين المبينة بكتاب وقفه المذكور وأنشأه على نفسه ثم من بعده على زوجته الست عبيدة بنت على أبو سعد القونى ثم من بعدها على أولادهما ذكورا وإناثا حسب الفريضة الشرعية ثم على أولادهم وأولاد أولادهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الذكور والإناث من أولاد الظهور دون أولاد البطون ثم من بعدهم على من يوجد من عتقاء الواقف أو عتقاء ذريته كذلك إلى أن قال على أن من مات من ذرية الواقف المذكور وترك ولدا أو ولد ولد من أولاد الظهور انتقل نصيبه إليه فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه لإخوته وأخواته فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات انتقل نصيبه لمن يوجد من ذرية الواقف أو عتقائه أو عتقاء عتقائه على النص والترتيب المذكورين ن وشرط النظر من بعده هو وزوجته للأرشد فالأرشد من ذريته ونسلهم وعقبهم، وشرط أن يصرف من ريع هذا الوقف بعضه فى وجوه بر عينها، وأنه إذا كان أحد من أخوات الواقف خاليا من أزواج واحتاج للسكنى يكون له حق السكنى فى المنزل المذكور مادام خاليا إلى آخر ما جاء بكتاب الأول - وتبين من السؤال أن الست عبيدة زوجة الواقف الموقوف عليها المذكورة توفيت قبله ثم توفى الواقف بعدها قبل سنة 1900 دون أن يغير فى هذا الوقف وترك أولاده أحمد من زوجته غير زوجته عبيدة المذكورة ومحمد وحسيبة وفطومة وعبد الله من زوجته عبيدة الموقوف عليها، ثم توفى هؤلاء الأولاد جميعا بعد وفاة الواقف ووفاة زوجته وقبل سنة 1940 وترك كل منهم ذرية - وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى مدلول قول هذا الواقف (ثم من بعدهما على أولادهما ذكورا وإناثا) هل يشمل أولاد الواقف من غيرها وأولاد زوجته المذكورة من غيره وأولاد كل منهما من الآخر أو أن هذا اللفظ لا يشمل إلا بعض هؤلاء الأولاد دون البعض الآخر
الجواب
إن الأصل فى قول الواقف (ثم من بعدهما على أولادهما ذكورا وإناثا) عند الإطلاق يشمل أولاده من غير زوجته عبيدة الموقوف عليها المذكورة ويشمل أيضا أولاد هذه الزوجة من غيره كما يشمل أولاد كل منهما من الآخر ولك ما لم يوجد فى كتاب الوقف نص أو قرينة يفصح أحدهما عن غرض الواقف ويقيد إطلاق لفظ (أولادهما) وفى هذه الحادثة قد وجدت فى كتاب الوقف قرائن متعددة تقطع بأن غرض الواقف من لفظ (أولادهما) هو أولاده وذريته خاصة سواء أكان مرزوقا بهم من زوجته عبيدة الموقوف عليها أم من زوجة أخرى، ومن هذه القرائن - إن لم تكن نصا صريحا - قول الواقف بعد ذكر هذا اللفظ فى الشروط الاستثنائية (على أن من مات من ذرية الواقف المذكور الخ) وقوله (فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات انتقل نصيبه لمن يوجد من ذرية الواقف) ومنها أنه شرط النظر بعده وبعد زوجته للأرشد فالأرشد من ذريته فهذه الشروط إن لم نعتبرها نصا صريحا مقيدا لإطلاق لفظ (أولادهما) .
فإنها تعتبر على الأقل قرائن تدل على أن غرض الواقف هو حصر استحقاق وقفه هذا بعدما شرطه للخيرات وحق سكنى لمن يحتاج لذلك من أخواته فى ذريته هو خاصة المرزوق بهم من زوجته المذكورة ومن غيرها لأن لفظ (ذريته) مضاف للواقف أو للضمير العائد عليه فيشمل جميع أولاده وذريته دون قيد أو شرط، والمنصوص عليه فقها أو غرض الواقف يصلح مخصصا إذا قامت القرينة على ذلك، وقد وجدت هذه القرائن التى تكاد تكون نصا فى ذرية الواقف خاصة وهذا هو ما يتفق مع إرادة الواقفين ويتمشى مع أغراضهم.
أما أولاد زوجة الواقف المذكورة من غيره فلا يشملهم لفظ (أولادهما) للقرائن المذكورة، ولأنه ليس من المعقول أن يحرم الواقف أولاد البطون من ذريته من الاستحقاق فى هذا الوقف حرمانا أبديا ثم يقصد إعطاء أولاد زوجته من غيره المر الذى تظهر منافاته جليا لغرض هذا الواقف وقصده، وهذا كله على اعتبار أن هذه الشروط كلها قرائن فقط وهو أقل الاحتمالين، فإذا اعتبرناها نصا صريحا وهى متأخرة عن لفظ (أولادهما) كان العمل بالمتأخر من الشروط إذا تعذر العمل بها كما ظهور منصوص على ذلك فقها وهنا العمل بها متعذر، لأنه لا يعقل كما قلنا أن يرحم الواقف أولاد البطون من ذريته ويعطى أولاد هذه الزوجة من غيره - وبناء على كل ما ذكر يكون أحمد ابن الواقف المرزوق به من زوجة غير زوجته عبيدة الموقوف عليها مستحقا هو وذريته من أولاد الظهور فى هذا الوقف، وحيث إن هذا الوقف فيما عدا ما شرطه الواقف للخيرات وحق السكنى لمن يتحقق فيها شرطه من أخواته مرتب الطبقات بين الموقوف عليهم من أولاد الظهور ولم ينص فيه الواقف على جعله بمنزلة أوقاف متعددة، ومنصوص فيه على التفاضل بين الذكر والأنثى فى طبقة الأولاد الأولى بعد الواقف وزوجته ولم ينص عليه ولا على التسوية فيما عداها من الطبقات - فبوفاة أولاد الواقف الخمسة أحمد ومحمد وعبد الله وحسيبة وفطومة قبل سنة 1940 وهم أفراد الطبقة الأولى من أولاده تنقض القسمة من تاريخ وفاة آخر واحد منهم وتستأنف قسمة جديدة بين أفراد الطبقة التالية لطبقتهم من أولاد الظهور ذكورا وإناثا وهم الموجودون حينذاك من أولاد أحمد ومحمد وعبد الله فقط، ويقسم بينهم فاضل ريع هذا الوقف بالسوية بين الذكر والأنثى، وذلك لأن هذا الوقف مرتب الطبقات فتنقض فيه القسمة بانقراض هذه الطبقة، ولم ينص الواقف على التفاضل ولا على التسوية فيما عدا الطبقة الأولى، فتكون القسمة بالسوية كما هو منصوص عليه ذلك فقها، أما أولاد كل من حسيبة فطومة فإنهم لا يستحقون شيئا بعد وفاتها لأنهم أولاد بطن نص الواقف على حرمانهم كما ذكرنا.
وبصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يصير نصيب كل من كان موجودا فى يوم 14 سبتمبر سنة 1952 وهو ابتداء تاريخ العمل بهذا القانون من أولاد أحمد ومحمد وعبد الله ذكرا كان أو أنثى ملكا له من هذا التاريخ طبقا للمادة الثالثة منه - أما استحقاق الخيرات التى عينها الواقف فإنها تفرز لها حصة تضمن غلتها الوفاء بها طبقا للمادة الثانية من هذا القانون - ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم(7/53)
وقف استحقاقى وتفسير شرط الواقف
المفتي
حسن مأمون.
جمادى الثانية 1377 هجرية - 26 ديسمبر 1957 م
المبادئ
1 - نص الواقف على التفاضل فى الطبقة الأولى من أولاده وعدم نصه عليه ولا على التسوية فى باقى الطبقات يقتضى أن تكون القسمة التفاضل فى الطبقة الأولى فقط.
2 - قول الواقف بعد ذلك فى آخر إنشائه وشروطه (يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين) يقتضى أن تكون القسمة بالتفاضل أيضا فى باقى الطبقات، لأن هذا القول منه قرينة على عدم اعتباره ساكتا عن بين كيفية القسمة فيما عدا الطبقة الأولى
السؤال
من السيد خليل رأفت المتضمن أن المرحوم أحمد باشا وقف الأعيان المبينة بكتاب وقفه الصادر منه أمام محكمة الجيزة الشرعية بتاريخ 14 ربيع الثانى سنة 1279 وأنشأه على نفسه ثم من بعده على أولاده ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين الموجودين ومن سيحدثه الله له من الأولاد وعلى زوجته الست شمس نور البيضاء والست إيرد كمان البيضاء بنت عبده على أن يكون نصيب لك زوجة من الزوجتين مثل نصيب بنت من بنات سعادة الواقف المذكور، ثم من بعد كل منهم فعلى أولاد الواقف ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم من بعد كل منهم فعلى أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم وقفا مرتب الطبقات، ومشروط فيه أن من مات منهم عن فرع انتقل نصيبه إلى فرعه، فإن لم يكن له فرع انتقل نصيبه لإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق، فإن لم يكن له أخوة ولا إخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم، ومن مات من الموقوف عليهم قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشئ منه عن فرع قام فرعه مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان يستحقه أصله أن لو كان الأصل حيا باقيا يتداولون ذلك بينهم كلك إلى حين انقراضهم أجمعين، واشترط شروطا منها أن الثمانية والخمسين فدانا نصف قيراط من فدان الكائنة بناحية جروان تكون وقفا على محمود رفعت ثم من بعده فعلى أولاد وأولاد أولاده ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين على النص والترتيب المشروحين أعلاه، ومنها أن الخمسين فدانا وثمن فدان وثلثى قيراط على إبراهيم رأفت وزوجته كلفدان.
من ذلك خمسة وثلاثون فدانا وثمن فدان وثلثا قيراط لإبراهيم رأفت والباقى وهو خمسة عشر فدانا تكون لزوجته المذكورة، ثم من بعد كل منهما فعلى أولاده وأولاد أولاده على الأصل والترتيب المشروحين فى ذرية سعادة الواقف المشار إليه، وبمقتضى حجة صادرة من هذا الواقف فى سنة 1302 هجرية ذكر فيها نصيب إبراهيم رأفت وزوجته وكذلك نصيب محمود رفعت بنفس الألفاظ والعبارات والشروط الواردة بكتاب وقفه الأصلى الصادر فى سنة 1297 هجرية ثم بمقتضى إشهاد تغيير آخر صادر من الواقف المذكور فى سنة 1314 هجرية أخرج فيه محمود رفعت المذكور وذريته من الثمانية والخمسين فدانا ونصف قيراط بناحية جروان المبينة بكتابى الوقف والتغيير السابقين المذكورين أولا وثانيا وهذه الأطيان هى التى كان الواقف قد جعلها بعد وفاته وقفا على محمود رفعت ثم من بعده فعلى أولاده وأولاد أولاده ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين على النص والترتيب المشروحين بكتابى الوقف والتغيير المذكورين أولا وثانيا، وجعل هذه الأطيان وقفا من بعده على إبراهيم رأفت وزوجته كلفدان بحيث يكون لإبراهيم رأفت منها أربعون فدانا ونصف قيراط ولزوجته كلفدان عشرة أفدنة وللست كناريا ثمانية أفدنة، وجعل أطيانا أخرى فى جهة غير جروان على زوجة المرحوم محمود رفعت هى الست خديجة هانم وولدى بنته هما محمد وزينب القاصرين، وقال الواقف بخصوصهم فى إشهاد التغيير الصادر منه فى سنة 1314 هجرية ثم من بعد كل من الست خديجة هانم ومحمد وزينب القاصرين المذكورين يكون نصيبه من ذلك لأولاده وذريته على النص والترتيب المشروحين بكتابى الوقف والتغيير المذكورين أولا وثانيا - ولم نطلق على كتاب الوقف وإشهادى التغيير المذكورة وطلب السيد السائل بيان الحكم الشرعى فيما يأتى - أولا هل بمقتضى شروط الواقف فى كتاب وقفه تكون القسمة بين الذكور والإناث بالتفاضل بينهما فى الطبقة الأولى فقط أو أن هذا التفاضل يكون فى جميع الطبقات ثانيا ذكر الواقف بالنسبة لإبراهيم رأفت وزوجته كلفدان قوله ثم من بعد كل منهما فعلى أولاده وأولاد أولاد أولاده على النص والترتيب المشروحين فى ذرية سعادة الواقف المشار غليه.
فهل يكون الاستحقاق بالنسبة لذرية إبراهيم رأفت وزوجته كفلدان مطابقا كل التطابق للشرط الخاصة بذرية الواقف.
ثالثا: توفيت الست كلفدان فى سنة 1907 وآل استحقاقها لابنها حسن رأفت وبنتها تفيدة وقسم نصيبها بينهما بالتفاضل، واستمر الحال على ذلك إلى أن توفيت تفيدة سنة 1952 دون معارضة وكذلك توفى إبراهيم رأفت فى سنة 1954 عن ولديه حسن وتفيده وآل الموقوف عليه إليهما منقسما بينهما بالتفاضل أيضا، واستمر الحال على ذلك إلى أن توفيت تفيدة بالتاريخ المذكور دون معارضة، فهل يجوز لأحد من ورثة تفيده بعد هذا الزمن الطويل وبعد حل الوقف على غير الخيرات أن ينازع فى استحقاق تفيدة رابعا هل لورثة الست تفيدة فى دعوا أنه لا تفاضل بينها وبين شقيقها حسن رأفت وأن استحقاقهما فى وقف رشيد باشا المذكور كان يجب أن يكون متساويا بينهما على أساس أن التفاضل لا يكون إلا بالنسبة للطبقة الأولى وهل يعتبر كل من حسن رأفت وتفيدة طبقة أولى بالنسبة للموقوف إليه والديهما إبراهيم رأفت وزوجته كلفدان
الجواب
عن السؤال الأول إن هذا الواقف وإن نص على التفاضل فى طبقة أولاده الأولى ولم ينص عليه ولا على التسوية فى غيرها من باقى الطبقات ومقتضى ذلك أن تكون القسمة فى الطبقة الأولى من أولاد الواقف بالتفاضل بين الذكر والأنثى وتكون بالسوية فى باقى الطبقات إلا أن الواقف قال فى آخر إنشائه وشروطه - يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم أجمعين - ومعنى هذه العبارة أن الموقوف عليهم فى جميع طبقات هذا الوقف يتداولون الموقوف ويستحقونه كالتداول المبين قبل ذلك وما بينه الواقف قبل ذلك هو قسمة الريع بالتفاضل بين الذكر والأنثى - وحينئذ يقسم فاضل ريع هذا الوقف بين أولاد الواقف وذريته للذكر ضعف الأنثى فى جميع الطبقات لا فى الطبقة الأولى وحدها، لأن هذه العبارة تعتبر قرينة قائمة على أن الواقف لا يعتبر ساكنتا عن بيان كيفية القسمة فيمن عدا الطبقة الأولى فهى مظهرة لغرضه فى تفضيل الذكر على الأنثى من ذريته فى جميع الطبقات وما جاء فى تنقيح الحامدية من أن الأصل فى باب الواقف القسمة بالسوية إلا إذا اشترط التفاضل ولم يشترطه فيما عدا الأولاد فلا يعدل عن الأصل ولم تقم قرينة تدل على خلاف الأصل حتى يسوى بين المتقاضيين لأن عبارة الواقف المذكورة هى القرينة الدالة على خلاف الأصل فلا خلاف بين ما ذكرناه وبين ما جاء بالتنقيح - عن السؤال الثانى هذه الشروط المذكورة فى أولاد وذرية الواقف هى التى تطبق على ذرية إبراهيم رأفت وزوجته كلفدان ومنها التفاضل بين الذكر والأنثى فى جميع طبقات ذريتهما عملا بقول الواقف ثم من بعد كل منهما فعلى أولاده وأولاد أولاده عن السؤال الثالث وإذ تبين هذا تكون القسمة بالتفاضل بين حسين رأفت وشقيقته تفيدة أى للذكر منهما ضعف الأنثى مما آل إليهما مما هو موقوف على والديهما إبراهيم رأفت وكلفدان - عن السؤال الرابع وبناء على ما ذكر فلا يصح لأحد من ورثة تفيدة الادعاء بأن ما آل إلى تفيدة وشقيقها حسين رأفت يقسم بينهما بالتساوى وإنما يقسم بينهما بالتفاضل طبقا لما ذكرنا ويعتبران طبقة ثانية بالنسبة للموقوف على والديهما.
ومن هذا يعلم الجواب عن الأسئلة والله أعلم(7/54)
وقف استحقاقى وتفسير شرط الواقف
المفتي
حسن مأمون.
شعبان 1377 هجرية - 25 فبراير 1958 م
المبادئ
1 - بوفاة بنت الواقفة سنة 1950 بعد الاستحقاق عن أخ وأولاد أخ ينتقل استحقاقها إلى أخيها خاصة عملا بقول الواقف.
2 - نص الواقفة على قيام فرع من مات قبل الاستحقاق مقام أصله لا يجعل لأولاد الأخ استحقاقا عن أبيهم مع الأخ لسبق قولها (إن نصيب العقيم لمن يوجد من إخوته وأخواته) وهذا شرط مقيد بالوجود على قيد الحياة وقت وفاة العقيم
السؤال
اطلعنا على السؤال المقدم من السيد / محمد محمود وعلى صورة رسمية من كتاب الوقف الصادر من المرحومة سيدة أحمد عيد سالم أمام محكمة الجمالية الشرعية بتاريخ 7 فبراير سنة 1924 وتبين أنها أنشأت وقفها هذا على نفسها ثم من بعدها فعلى أولادها وهم محمود وسيد المرزوقان لها من مطلقها محمد منطاوى أحمد وفهيمة المرزقة بها من مطلقها عثمان الشرقاوى حسن بالسوية بينهم للذكر مثل الأنثى ثم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم وهكذا وقفا مرتب الطبقات بالسوية بين الذكر والأنثى فى جميع الطبقات ومشروط فيه هذا أن من مات منهم بعد الاستحقاق عن فرع انتقل نصيبه إلى فرعه فإن مات عقيما انتقل ما يستحقه فى هذا الوقف لمن يوجد له من إخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق للذكر مثل الأنثى، فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات رجع نصيبه لأهل الوقف وصرف مصرفه، وإن من مات منهم قبل الاستحقاق عن فرع قام فرعه مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه بحيث يشارك من فى درجة أصله فى لك ما كان يشاركهم فيه أصله لو كان حيا إلى حين انقراضهم أجمعين، وتبين من السؤال أن الواقفة المذكورة توفيت سنة 1926 فآل ريع هذا الوقف إلى أولادها الثلاثة المذكورين بالسوية بينهم ثم توفى ابنها سيد سنة 1928 عن أولاده ثلاثة ذكور وأنثيين فانتقل استحقاقه وهو ثلث ريع هذا الوقف إليهم بالسوية بينهم.
ثم توفيت بنتها فهيمة سنة 1950 عقيما عن أخيها محمود وأولاد أخيها سيد المذكورين.
ثم توفى ابنها محمود سنة 1956 عن زوجته وأولاده ذكرا وأربع إناث فقط.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى والقانونى فيمن يؤول إيه نصيب فهيمة المتوفاة عقيما.
هل يستحقه أخوها محمود فقط أو يشاركه فيه أولاد أخيها سيد.
وما مصير نصيب محمود بعد إلغاء الوقف على غير الخيرات
الجواب
إنه بوفاة فهيمة بنت الواقفة بعد الاستحقاق سنة 1950 عقيما عن أخيها محمود وأولاد أخيها سيد ينتقل نصيبها إلى أخيها محمود الخاصة، عملا بقول الواقفة (فإن لم يكن له أحد من هؤلاء بأن مات عقيما انتقل ما يستحقه من هذا الوقف لمن يوجد من إخوته وأخواته المشاركين فه فى الدرجة والاستحقاق الخ) ولا يشاركه فى هذا النصيب أولاد أخيها سيد وإن نصت الواقفة على قيام فرع من مات قبل الاستحقاق مقام أصله ن لأنها ذكرت فى هذا الشرط أن نصيب العقيم لمن يوجد من إخوته وأخواته فهو شرط مقيد بالوجود على قيد الحياة وقت وفاة العقيم وسيد لم يكن موجودا وقت وفاتها لوفاته قبلها فيكون نصيبها لأخيها محمود الموجود وقت وفاتها، وعلى ذلك يكون لمحمود من ريع هذا الوقف ثلثاه وثلثه الباقى لأولاد أخيه سيد.
وبصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يصبح نصيب كل واحد من المذكورين حسب التوزيع المذكور ملكا له من يوم 14 سبتمبر سنة 1952 وهو ابتداء تاريخ العمل بهذا القانون طبقا للمادة الثالثة منه - ثم بوفاة محمود ابن الواقفة سنة 1956 بعد هذا التاريخ وبعد أن صار استحقاقه وهو ثلث ريع هذا الوقف ملكا له يعتبر هذا الاستحقاق تركة عنه يرثه ورثته الشرعيون طبقا لأحكام قانون المواريث كباقى تركته، وحيث إنه ترك زوجة وأولادا ذكرا وأربع إناث يكون لزوجته ثمن تركته ومنها هذا الاستحقاق فرضا لوجود الفرع الوارث ولأولاده السبعة الأثمان الباقية للذكر ضعف الأنثى تعصيبا.
وهذا إذا لم يكن له وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة والله سبحانه وتعالى أعلم(7/55)
تفسير شرط الواقف
المفتي
أحمد هريدى.
محرم 1385 هجرية - 25 مايو 1965 م
المبادئ
1 - قول الواقف (على أنه إن توفى أحد الموقوف عليهما قبل الاستحقاق أو بعده ولم يترك ورثة يكون نصيبه لأخيه الموجود على قيد الحياة من الموقوف عليهما) يقتضى أن يؤول الاستحقاق بوفاة أحدهما إلى أخيه الموقوف عليه فقط دون غيره.
2 - لا يدخل الإخوة لأم فى الاستحقاق بناء على أنهم من ورثة من مات لأنهم غير موقوف عليهم
السؤال
اطلعنا على الطلب المقدم من الأستاذ عبد الرؤوف قبطان المحامى بالاستئناف العالى بكفر الشيخ المقيد برقم 324 سنة 1965 وعلى الصورة العرفية من كتاب الوقف والبيان المرافقين.
وقد تضمن كتاب الوقف أن المرحومة ست العز كريمة المرحوم يوسف العبد ابن على وقفت ما هو معين بكتاب وقفها الصادر منها أمام محكمة كفر الشيخ الشرعية بتاريخ 14 رمضان سنة 1327 هجرية 12 يونية سنة 1919 م وقد جعلته على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها يكون ذلك وقفا مصروفا ريعه على أخويها لبيها محمد الشامى يوسف العبد وعلى المغازى يوسف العبد مناصفة بينهما مدة حياتهما ولم يترك ورثة يكون نصيبه لأخيه الموجود من الموقوف عليهما ومن بعد كل منهما يكون نصيبه لأولاده وأولاد أولاده وذريته ونسله وعقبه بترتيب الطبقات على الوجه الوارد بالإنشاء والشروط المدونة بكتاب الوقف، وجعلت آخره جهة بر لا تنقطع.
وتضمن الطلب والبيان أن الواقفة توفيت بتاريخ 16/3/1937 كما توفى أخوها لأبيها على المغازى يوسف العبد عقيما عن غير عقب وذرية بتاريخ 1/12/1942 عن أخيه لأبيه محمد الشامى يوسف العبد الموقوف عليه الآخر وعن أخوة لأم ذكورا وإناثا.
وطلب السائل بيان ما إذا كان نصيب على المغازى يوسف العبد فى الوقف المذكور يؤول إلى أخيه لأبيه محمد الشامى يوسف العبد الموقوف عليه الآخر أم يؤول إليه وإلى إخوته لأمه (الذكور والإناث)
الجواب
ظاهر من كتاب الوقف أن الواقفة قد نصت على أيلولة الوقف من بعدها لأخويها لأبيها محمد الشامى يوسف العبد وعلى المغازى يوسف العبد مناصفة بينهما مدة حياتهما ماداما على قيد الحياة، كما نصت على أنه إن توفى أحدهما قبل الاستحقاق أو بعد الاستحقاق ولم يترك ورثة يكون نصيبه لأخيه الموجود على قيد الحياة من الموقوف عليهما وهذا النص يقضى بأن يكون نصيب على المغزى المذكور بعد موته لأخيه لأبيه محمد الشامى يوسف العبد المذكور الموجود على قيد الحياة دون إخوته لأمه.
وقول الواقفة ولم يترك ورثة لا يدخل الإخوة لأم بإعتبارهم ورثة للمتوفى لأن المقصود بكلمة ورثة الواردة فى الإنشاء إنما هم الورثة الموقوف عليهم المستحقون فى الوقف دون غيرهم والأخوة لأم ليسوا من أهل هذا الوقف ولا من الموقوف عليهم.
وعلى ذلك فيؤول نصيب على مغازى يوسف العبد المتوفى عن غير عقب إلى أخيه لأبيه محمد الشامى يوسف العبد الموجود على قيد الحياة وقت وفاته وحده دون إخوته لأمه طبقا لنص الواقفة المذكور آنفا.
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله أعلم(7/56)
تفسير شرط الواقف
المفتي
محمد خاطر.
ربيع الأول 1391 هجرية - 24 مايو 1971 م
المبادئ
1 - ترتيب الطبقات فى الوقف إنما يكن بأحد أمور كأن يقول الواقف (الأقرب فالأقرب) أو يعطف البطون على بعضها بلفظ ثم أو ما يدل عليه كأن يقول (بطنا ثم بطنا أو بطنا بعد بطن) الخ.
2 - حكم الوقف مرتب الطبقات فقها تنقض القسمة فيه بانقراض كل طبقة ويقسم الريع على عدد رؤوس الطبقة التالية الخ - أما قانونا فلا تنقض القسمة فيه بذلك بل يستمر ما آل للفرع متنقلا فى فروعه إلا إذا أدى عدم نقض القسمة إلى حرمان أحد من الموقوف عليهم كنص المادة 32 من القانون 48 سنة 1946
السؤال
بالطلب المقدم من الشيخ بكر بن عبد الله كمال - من الحجاز - بلدة الطائف محلة قوق - المقيد برقم 250 سنة 1970 المتضمن أن واقفا شرط فى وقفه ما لفظه (أولا على نفسه ثم على أولاده ثم على أولاد أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين على أولاد الظهور دون أولاد البطون ومن مات منهم عن ولد أو لود ولد فيكون نصيبه لولده أو ولد ولده إن سفل، ومن فليس له ولد يرجع نصيبه إلى أصل الغلة) ومات الواقف عن أولاد ثم مات بعض أولاده عن أولاد إلى أن مات آخر الطبقة الأولى عن أولاد وهكذا إلى أن مات آخر الطبقة الثانية - وطلب السائل الإفادة عما إذا كان هذا الوقف مرتبا وتقض القسمة بانقراض الطبقة الثانية أو أنه غير مرتب ولا تنقض القسمة فيه بانقراض الطبقة الثانية لأن ثم لم تذكر ثلاث مرات ولم يذكر الواقف البطون الثلاثة
الجواب
جاء فى الجزء الثالث ص 677 من كتاب رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين) فى فصل ما يتعلق بوقف الأولاد ما يأتى (ولو قال على ولدى وولد ولدى وولد ولد ولدى عم نسله وصرف إلى أولاده ما تناسلوا لا للفقراء ما بقى منهم واحد وإن سفل ويستوى الأقرب والأبعد أى يشترك جميع البطون فى الغلة - لعدم ما يدل على الترتيب وعلله الخصاف بأنه لما سمى ثلاثة أبطن صاروا بمنزلة الفخذ وتكون الغلة لهم ما تناسلوا - إلا ان يذكر ما يدل على الترتيب بأن يقول الأقرب فالأقرب أو يقول على ولدى ثم على ولد ولدى أو يقول بطنا بعد بطن فحينئذ يبدأ بما بدأ به الواقف كما لو قال ابتداء على أولادى بلفظ الجمع أو على ولدى وأولاد أولادى) .
ويؤخذ من هذا النص أن الوقف المرتب إنما يكون بأحد أمور أن يقول الأقرب فالأقرب أو يعطف البطون بثم أو يقول بطنا بعد بطن وفى الوقف موضع السؤال وقف على أولاده ثم على أولاد أولاده بلفظ الجمع ورتب بين البطون بثم فيكون وقفا مرتب الطبقات على النحو الوارد بشرطه.
وحكم الوقف المرتب أن تنقض فيه القسمة بانقراض أهل الطبقة وذلك بموت آخر فرد من أفراد هذه الطبقة ويقسم الريع على عدد رؤوس أهل الطبقة التالية وهكذا فى كل طبقة وهذا هو الجواب، عن السؤال وقفا لمذهب الإمام أبى حنيفة، هذا وقد نص فى المادة 32 من قانون الوقف 48 سنة 1946 المعمول به فى الجمهورية العربية المتحدة ابتداء من 17 يونيو سنة 1946 على أنه (إذا كان الوقف على الذرية مرتب الطبقات لا يحجب أصل فرع غيره، ومن مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه ولا تنقض قسمة ريعه الوقف بانقراض أى طبقة ويستمر ما آل للفرع متنقلا فى فروعه على الوجه المبين فى الفقرة السابقة إلا إذا أدى عدم نقضها إلى حرمان أحد من الموقوف عليهم) كما نصت المادة 57 من القانون المذكور على أنه (لا تطبق أحكام الفقرة الثانية من المادة 32 المذكورة فى الأحوال التى نقضت فيها قسمة الريع قبل العمل بهذا القانون) .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله أعلم(7/57)
ثمار الوقف الاستحقاقى وما يعتبر منها تركه من عدمه
المفتي
حسن مأمون.
شوال 1375 هجرية - 3 يونية 1956 م
المبادئ
1 - ما زرعته المستحقة فى الأرض الموقوفة على ذمتها ومن مالها الخاص تكون ثماره ملكا لها ويورث عنها شرعا.
2 - انتقال الاستحقاق إلى بنتها فقط بعد وفاتها يوجب على باقى الورثة غيرها أجر مثل ما يخصهم بالميراث فيما نتج من الأرض المنزرعة من وقت وفاة صاحبة الاستحقاق إلى وقت جمع المحصول وإخلاء الأرض من الزراعة ويكون هذا الأجر استحقاق لبنتها فى الوقف.
3 - ما صرف على الزراعة من مصاريف فى المدة يضمن كل واحد من الورثة ما يخصه فى ذلك مضافا إلى أجر مثل الأرض.
4 - ما بقى من الأرض غير المنزرعة يكون ريعها مستحقا لأمها (أصلها) مدة حياتها فإذا لم تستوفه قبل وفاتها يكون تركة عنها شرعا، أما ما قابل المدة بعد وفاتها فيكون استحقاق لبنتها فقط ولا شىء لباقى الورثة فيه لأنه استحقاق لريع وقف فى هذه الحالة
السؤال
من الأستاذ الشيخ عبد القادر خالد المحامى قال إنه بتاريخ 19 يونية 1902 وقفت المرحومة السيدة فاطمة هانم كريمة المرحوم محمد باشا فاضل الأعيان المبينة بكتاب وقفها الصادر منها أمام محكمة مصر الشرعية بالتاريخ المذكور.
ثم توفيت الواقفة المكورة فآل إلى كريمتها السيدة خديجة رستم فاضل ريع مائتين وخمسة وأربعين فدانا من أعيان هذا الوقف طبقا لإنشاء وشروط الواقفة واستولت السيدة خديجة المذكورة على هذا القدر جميعه.
ثم توفيت السيدة خديجة بتاريخ 7 أغسطس سنة 1951 وكان جزء من هذه الأطيان الموقوفة منزرعا قطنا على ذمتها وصرف على زراعتها من مالها الخاص، وقد جمع محصول هذا القطن وبيع بمبلغ أحد عشر ألفا من الجنيهات وذلك بعد وفاتها - وأنه طبقا لشروط الواقفة انتقل استحقاق ريع هذه الأطيان من بعدها إلى بنتها السيدة فاطمة مرتضى فقط - أما تركتها إرثا فقد انحصرت فى بنتها المذكورة وفى أبناء أخويها المتوفين قبلها إسماعيل فاضل وعمر فاضل وهم حسين وعزيز ولدى عمر فاضل - وأحمد وجميل وعثمان أبناء إسماعيل فاضل فقط.
وطلب السيد السائل معرفة الحكم الشرعى فيما يعتبر تركة يقسم بين ورثة السيدة خديجة المذكورة طبقا لأحكام قانون المواريث وما يعتبر استحقاق فى الوقف المذكور لبنتها باعتبارها المستحقة الوحيدة لهذه الأطيان جميعها بعد وفاة والدتها ساء فى ذلك ما كان منزرعا قطنا على ذمتها وما لم يكن كذلك
الجواب
إنه ظاهر من السؤال أنه لا نزاع فى أصل استحقاق السيدة فاطمة مرتضى لجميع ما كانت تستحقه والدتها السيدة خديجة رستم فى هذا الوقف.
وإنما لنزاع فيما يعتبر تركة عن السيدة خديجة المذكورة من ريع الأطيان التى كانت تستحقها سواء فى ذلك ما كان منزرعا على ذمتها وما لم يكن كذلك، ولبيان حكم موضوع الاستفتاء.
نقول إن ما تقضيه نصوص الفقهاء فى كتبهم ورجحوه وأفتى به المرحوم الشيخ المهدى فى فتاواه وتابعه غيره من المفتين هو أن المقدار الذى زرعته السيدة خديجة رستم المذكورة على ذمتها من هذه الأطيان المستحقة لها من الوقف المشار إليه وصرفت عليها من مالها تكون هذه الزراعة ملكا خالصا لها وتورث جميعها عنها وعند وفاتها لأنه ثمار ملكها.
ومادام استحقاق ريع هذه الأطيان قد انتقل إلى كريمتها فاطمة خاصة بعد وفاتها كما جاء بالسؤال فيجب على باقى الورثة وهم أبناء أخوى الست خديجة الخمسة لجهة الوقف أجر مثل ما يخصهم ميراثا من الأرض المنزرعة من وقت وفاة الست خديجة رستم وهو 7 أغسطس سنة 1951 إلى حين جمع المحصول وتحلية الأرض من الزراعة وتستحق هذا القدر بنتها فاطمة باعتباره استحقاق فى الوقف وهى المستحقة الوحيدة له.
وحينئذ يقسم مبلغ الأحد عشر ألف جنيه بين ورثتها طبقا لأحكام قانون المواريث فتستحق فاطمة ببنتها نصفها وهو خمسة آلاف ونصف فرضا ويستحق أبناء أخويها الخمسة الباقى وهو خمسة آلاف ونصف بالسوية بينهم تعصيبا.
ويجب على أبناء الأخوين أجر مثل نصف الأرض المنزرعة قطنا من يوم 7 أغسطس سنة 1951 وهو تاريخ وفاة الست خديجة إلى وقت تخلية الأرض من الزراعة ويعتبر هذا الأجر استحقاق لريع الوقف يعطى بنتها المذكورة المستحقة الوحيدة بعدها.
وبعدها أن تجرى المحاسبة على ما عسى أن يكون صرف على القطن من مصاريف فى تلك المدة ويضمن كل واحد من الورثة ما يخصه فى ذلك مضافا لأجر مثل الأرض.
أما باقى الأرض غير المنزرعة فإن السيدة خديجة تستحق من ريعها ما ابل المدة التى كانت موجودة فيها على قيد الحياة إلى وفاتها، فما أصاب هذه المدة ولم تستوفه قبل وفاتها يعتبر تركة عنها يقسم بين ورثتها المذكورين طبقا لما ذكرناه، وأما ما قابل المدة بعد وفاتها فيعتبر استحقاقا لبنتها لا يشاركها فيه أحد من باقى الورثة لأنه استحقاق لريع وقف.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال ما ذكر به والله سبحانه وتعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم تقديم للمرحلة الخامسة من الفتاوى الإسلامية الصادرة عن دار الافتاء المصرية فى أحكام المواريث بقلم صاحب الفضيلة الامام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الحمد لله الذى قدر فهدى، ذى الطول والانعام، والشكر لله الأكرم، الذى علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله، خاتم النبيين الذى أرسله الله بالهدى والدين الحق، شريعة ظاهرة بينة عادلة شاملة، احتواها كتاب الله، وفصلتها سنة رسول الله.
ولقد محت هذه الشريعة ظلما وظلمات سيطرت على الإنسانية، واضاءت حياة الانسان وأسعدت خاتمته بالعدل والعدالة، فما تركت من أمور هذه الحياة أمرا إلا ونظمته، طلبا لاستقرار بنى الانسان وحجبا لأسباب الشقاق، والشقاق عن المجتمع، ليعيش متساندا متعاونا على البر والتقوى، يعرف أن ما جمع من مال إنما مآله الى غيره، الذى قد يحسن تدبيره فتنمو به الحياة، وقد يسىء الوارث حيازته فيذهب هباء ويصير نقمة بعد أن جمعه المورث وعدده وربما ظن أن ماله أخلده، ولأهمية المال وارثه تواردت على الإنسانية نظم وشرائع للميراث، وما تزال تختلف فى ذلك أمم الأرض.
لكن شريعة الله الإسلام قد قالت كلمتها فى ذلك، فجاء القرآن عادلا، لأنه حكم الله الذى خلق فسوى، قرر للتوريث نظاما، صان به نظام الملكية الفردية - عقارا أو منقولا - بل وكل ما كان مثمرا يعود على مالكه بالنماء والارتقاء، وأقر الإسلام انتقال الملكية إلى الورثة بمجرد موت المورث، دون توقف على قضاء أو تراض ووزعت هذه الشريعة التركة بين مستحقيها توزيعا عادلا، بريا من الحيف والشطط، بعد أن بينت الحقوق صحفة رقم 5027 المتعلقة بها، ورتبتها فى القضاء أو الاقتضاء ولم تغفل بيان أسباب الأرث وشروط التوريث وموانعه وحظ كل وارث من التركة، ومن يرث ومن يحرم أو يحجب من الأرث، وكيفية قسمة التركة بين الورثة بالعدل، مقدرة للنساء حظوظا حرمن منها فى شرائع سابقة، ولم يترك التشريع الأسلامى شيئا مما يقتضيه استقرار الأمر فى انتقال ملكية التركة من يد المورث إلى ورثته وذوى الحقوق عليه، إلا حدده قطعا لأسباب المغالبة والمخاصمة بين الناس فى شأن الأموال الموروثة.
ولما كان للأموال أثرها البارز فى هذه الحياة وفى استقرار الصلات بين الناس لاسيما فى الحفاظ على دوام المودة بين ذوى القربى، وعلاقات أفراد الأسرة فيما يتوارثون حث الإسلام على تعلم وتعليم قواعد الميراث وأحكامه التى فصلت فى القرآن والسنة.
وفى هذا روى ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض.
وعلموها الناس، فاتى امرؤ مقبوض والعلم مرفوع، ويوشك أن يختلف اثنان فى الفريضة فلا يجدان أحدا يخبرهما.
(أخرجه أحمد والنسائى والدارقطنى، ومثله عند ابن ماجه وللحاكم فى المستدرك عن أبى هريرة) وروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قوله تعلموا الفرائض فإنها من دينكم.
ولقد برز من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضى الله عنهم فى علم الفرائض كثيرون كان من أشهرهم زيد بن ثابت وعلى بن أبى طالب وعبد الله بن مسعود.
وتوارث الفقهاء هذا العلم فيما ورثوا عن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما دون الفقه الإسلامى ونشأت مذاهبه كانت أحكام المواريث من أهم أبوابه وأدق مباحثه وأفرده كثير من الفقهاء بالتأليف بل جعلوه علما مستقلا سموه علم الفرائض، وعلم الميراث.
والخلاف بين فقهاء المسلمين فى التوريث والانصباء محصور فى مسائل قليلة، لأن أحكام الميراث فى الأغلب قد قطع فيها القرآن بالقول الفصل، كالرد على أحد الزوجين، وما يتعلق بأرث الحمل من أبيه وغيره.
ولقد ظل القضاء والفتوى فى مصر يجريان فى منازعات الأرث على العمل بأرجح الأقوال فى فقه مذهب الأمام أبى حنيفة رضى الله عنه زمنا غير قصير أعمالا لنصوص قوانين ولوائح المحاكم الشرعية التى كان آخرها المادة 280 من لائحة ترتيب هذه المحاكم الصادرة بالقانون رقم 78 لسنة 1931 وستجد فى الفتاوى التى تنشر عن سجلات دار ألإفتاء المصرية فى هذه المرحلة الخامسة، الكثير من أحكام الميراث منثورة فى صور ووقائع عديدة متنوعة، وستطلعنا هذه المرحلة على نمط تتفاوت عباراته، ولا تتغاير أحكامه، ملتزمة - فيما اختلفت فيه - مذهب أبى حنيفة.
وانى لأدعو الله سبحانه أن يثيب السادة الذين بذلوا ويبذلون الجهد الوفير فى أختيار الفتاوى المنشورة وتأصيل مبادئها وأرساء قواعدها لافادة الدارسين، ونفع السائلين أولئك العاملين - بدار الأفتاء المصرية - رجال المكتب الفتى للمفتى السادة المستشارين ورؤساء المحاكم والقضاة وأعوانهم من الباحثين والادارين فقد أخرجوا للناس علما موروثا طويت صحفه، ذلك لتنشر وتذكر.
فلهم كل الشكر وحسن الذكر حيث تابعوا ويتابعون العمل حتى صدرت هذه الفتاوى كتابا مقروءا.
ولاسرة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف كل التقدير لما تبذل فى نشر هذا التراث الفقهى على الناس، يتفقهون به فى دينهم.
وستتلو هذه المرحلة مرحلة أخرى لفتاوى الميراث. اللهم تقبل هذا العمل خالصا لوجهك وخدمة لدينك الإسلام من كل من شارك فيه وأعان على نشره وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
شيخ الأزهر (جاد الحق على جاد الحق)(7/58)
دعوى الوقف
المفتي
حسونة النواوى.
جمادى الآخرة 1313 هجرية
المبادئ
1 - يشترط لصحة دعوى الوقف بيان اسم الواقف والموقوف بيانا شرعيا.
2 - يشترط فى دفع الدعوى أن يكون صحيحا
السؤال
بإفادة من مفتى محافظة الحدود المؤرخة فى 13 ربيع الثانى سنة 1313 بدون نمرة مضمونها أنه رفع إليه صورة محضر صادر على يد حضرة قاضى محافظة الحدود ونائبه ولاشتباه الأمر عليهما فيه رفعت صورته إليه ولكونه اشتبه فيه أيضا يرغب الاطلاع عليه والإفادة.
ومضمون الصورة المذكورة صدور الدعوى بعد التعريف الشرعى فى وكيل المرأة آمنة بنت على كلاب بن محمد من أهالى الجزيرة بأبى الريش هو خليل بن محمد بن يوسف الوكالة الشفاهية بالمجلس المقبولة به فى إثبات الوقف الآتى ذكره فيه المدعى به على جابر بن عرفات بن ناصر من أهالى أسوان الحاضر من المدعى وموكلته المذكورين بأن جميع حديقة النخيل التى موضعها بالجزيرة بناحية أبى الريش وذكر حدودها أوقفها المالك لها المرحوم الشيخ على كلاب بن محمد المذكور حال حياته وصحته على نفسه مدة حياته وبعد وفاته على أن يشتغلها بأفضل وجوه الاستغلال وبعد عمارتها يصرف الفاضل من غلتها على نفسه مدة حياته، ثم بعد وفاته على بناته لصلبه آمنة الموكلة المذكورة وحليمة وظريفة وفاطمة وحنيفة وعلى أولادهم ونسلم إذا توفوا وهكذا ما تعاقبوا بالسوية ومن مات منهم من غير ذرية يرجع استحقاقه إلى أخواته الأشقاء وغير الأشقاء حتى إذا أبادهم الموت عن آخرهم يكون وقفا للحرمين الشريفين، وأن الواقف المذكور جعل النظارة على ذلك لنفسه مدة حياته، ثم بعد وفاته إلى بنته آمنة الموكلة المذكورة ثم بعد وفاتها إلى الأرشد فالأرشد من الذرية ما تعاقبوا، ثم بعد انقراضهم تكون إلى القاضى الشرعى بأسوان وقفها وهى فى يده إلى أن توفى وانتقلت النظارة إلى بنته آمنة الموكلة المذكورة بعد وفاته، وأن هذه الموكلة قبلت هذه النظارة حال حياته وبعد وفاته وقبضت هذه الحديقة بعد وفاته عن بناته لصلبه المذكورات ولا وارث له سواهن، وأن جميع ما بين وقفيته فيه فى يد هذه الموكلة وأن هذا المدعى عليه يعارضها فى ستة قراريط من هذه الحديقة فواجب عليه ترك التعرض لهذه الموكلة لتراعى شرط الواقف وطالبه بذلك وسأل مسألته وسماعة هذه الدعوى وكل شفاها بالمجلس فى الخصومة مع آمنة المذكورة يوسف ابن محمد كباش بن سليمان من أسوان الوكالة المقبولة بالمجلس فأجاب يوسف المذكور بوكالته المذكورة بأن دعوى آمنة المذكورة وقف الحديقة المذكورة بالدعوى لا أصل لها وإنما تلك الحديقة المذكورة تملك فيها فاطمة أخت آمنة الموكلة المذكورة بنت على كلاب خمسة أسهم من ثمانية أسهم شائعة غير مقسومة تتناول التمر سنويا مع أخواتها بما فيهم آمنة هذه الحاضرة من مدة ثلاث وثلاثين سنة لا معارض لها.
وأن جابر الموكل هذا اشترى ملكا لها بحضور الموكلة خليل المذكور الزاعمة بأنها ناظرة وأن موكله متصرف فى تلك الحصة من مدة ثلاث سنوات تكون مدة تصرف البائعة وموكله ستا وثلاثين سنة باطلاع ومشاهدة موكلة خليل المذكور فدعواها الآن غير مسموعة وواجب عليها الكف عنها وطالبه بذلك وسأل مسألته.
وإفادة المفتى المذكور كانت محررة لحضرة مفتى نظارة الحقانية الشيخ محمد البنا وأحيلت على هذا الطرف
الجواب
صار الاطلاع على صورة المرافعة الصادرة من محكمة الحدود بتاريخ 25 محرم سنة 1313 المشمولة بختم تلك المحكمة.
فظهر أن كلا من الدعوى والدفع على الوجه المسطور بها غير صحيح شرعا لعدم استيفاء الدعوى والدفع المذكورين شرائط الصحة الشرعية فلو صدرت الدعوى من مدعى الوقف مستوفية لشرائط الصحة من بيان الواقف والموقوف البيان الشرعى وكان ذلك فى وجه الخصم الشرعى تسمع دعواه ويسأل عنها الخصم.
فإذا ادعى دفعا صحيحا يسمع أيضا ويكلف إثباته بالوجه الشرعى.
والله أعلم(7/59)
دعوى الوقف
المفتي
حسونة النواوى.
ذو القعدة 1313 هجرية
المبادئ
1 - إذا كان الواقف يملك منفعة الأرض الزراعية فقط ثم استصدر أمرا من الجناب العالى بالموافقة على وقفها فوقفها هو ثم حصل نزاع فى الوقف فلابد من توجيه الخصومة إلى الجناب العالى باعتبار أن له ولاية التحدث عن بيت المال.
2 - إذا أدخل بيت المال فى الدعوى سمعت ويحكم فيها طبقا للأصول الشرعية
السؤال
بإفادة من حضرة قاضى محكمة مديرية الغربية الشرعية مؤرخة فى 5 ذو القعدة سنة 1313 نمرة 275 مضمونها أن صورة المرافعة طيه صدرت من وكيل بعض ورثة المرحوم الشيخ محمد النهراوى على بعض الورثة وأنه حصل عنده اشتباه فى هذه الدعوى خصوصا فى من يكون خصما فى إثبات الإذن بوقف الأطيان الخراجية المذكورة بها نظرا لكون المدعى عليهم ليسوا خصوما فى ذلك على ما يراه ولغياب مفتى المديرية بالأجازة يرغب الاطلاع على الصورة المذكورة والإفادة ومضمون الصورة المذكورة صدور الدعوى بعد التعريف اللازم من محمد عبد القادر الكاتب من أهالى مصر ابن عبد القادر المازنى بن جوهرى على الشيخ محمود النهراوى المجاور بالجامع الأحمدى بطنطا والقاطن بها ابن الشيخ محمد النهراوى بن محمد واست زينب بنت محمد المنجد بن محمد فى وجه وكيلهما محمد البتانونى من أهل العلم والمقيم بطنطا ابن على بن خليل بأن المرحوم الشيخ محمد النهراوى بن محمد بن عويس حال حياته كان يملك منفعة ستة عشر فدانا وثمن فدان وثمن قيراط من فدان أطيانا خراجية كائنة بناحية طنطا بحيضان قطعا متعددة وذكر كل قطعة بحدودها وكان يملك أيضا جميع المنزل الكائن بدرب الملاح بطنطا وحدده من جهاته الأربع وأن الشيخ محمد النهراوى المذكور أراد وقف الأطيان والمنزل المذكورين فالتمس من الجناب العالى والى مصر حالا التصريف له بوقف الأطيان الخراجية المذكورة فأجاب طلبه وأصدر أمره الكريم بالتصريح له بالوقف المذكور بتاريخ 13 يونيه سنة 1893 نمرة 37، وعلى ذلك تحرر من نظارة المالية لمديرية الغربية فى 19 يونيه المذكور بإبلاغ ذلك الأمر للشيخ محمد النهراوى المذكور، ثم تحرر من مديري الغربية لقاضى هذه المحكمة إذ ذاك فى 2 يوليه سنة 1896 نمرة 294 بإجراء ما يلزم لوقف الأطيان المذكورة وبعد ذلك أشهد على نفسه الشيخ محمد النهراوى المذكور طائعا وهو فى حال صحته وسلامة عقله أنه وقف الأطيان المحددة المذكورة وهو يملكها وقفا شرعيا ووقف أيضا المنزل المذكر وهو يملكه وقفا شرعيا أنشأه على نفسه ثم من بعده على الوجه الذى ذكره المدعى، وشرط فى وقفه هذا شروطا منها، أن النظر على ذلك للواقف المذكور،ثم من بعده للأرشد فالأرشد من أولاده الذكور ثم وثم إلى آخر ما ذكره المدعى، وأن الواقف المذكور أشهد على نفسه بذلك قبل توجهه للأقطار الحجازية ثم توجه إليها وتوفى بها وهو متوطن بمدينة طنطا المذكورة وآل ريع الأطيان والعقار المذكورين لمن ذكرهم المدعى وآل النظر على ذلك الشيخ محمد النهراوى ابن الواقف المذكور لأرشديته عن اخوته طبق شرط الواقف وأن محمودا هذا المدعى عليه قبض من ريع الأطيان الموقوفة المحدودة المذكورة عشرة جنيهات وعينها موصوفة وباق ذلك بيده إلى الآن.
وأنه معارض للشيخ محمد النهراوى المذكور فى الوقف المذكور من والده المذكور وفى استحقاقه للنظر عليه وممتنع عن تسليم العشرة جنيهات المذكورة للشيخ محمد النهراوى المذكور بغير حق وأن زينب زوجة الواقف المدعى ليها المذكورة واضعة يدها على المنزل الموقوف المذكور وممتنعة عن رفع يدها عنه ومعارضة للشيخ محمد النهراوى المذكور فى ذلك الوقف من والده المذكور وفى استحقاقه للنظر عليه كشرط الواقف بغير حق وأنها وكلت عنها محمد البتانونى هذا بمالها وعليها من الدعاوى والمخاصمات والمطالبات بشأن الأطيان والعقار المذكورين مع الشيخ محمد النهراوى المذكور أو مع من ينوب عنه أو مع أى شخص كان وأن محمد النهراوى المذكور وكل هذا المدعى فيما له وعليه من الدعاوى والمخاصمات والمطالبات المتعلقة بالاطيان والعقار الموقوف من قبل والده المرحوم الشيخ محمد النهراوى الواقف المذكور وبقبض ماله ولاية قبضه شرعا ممن ذلك بيده وفى جهته وعليه وأنه يطالب الشيخ محمود النهراوى المدعى عليه هذا والست زينب الزوجة المذكورة فى وجه وكيلها الشيخ محمد البتانونى هذا المذكور بدفع معارضتهما لموكله المذكور فى الوقف المذكور على الوجه المسطور بهذه الدعوى.
وفى استحقاقه للنظر على ذلك حسب شرط الواقف ويطالب الست زينب المذكورة المدعى عليها فى وجه وكيلها هذا المذكور برفع يدها عن المنزل الموقوف المذكور وتسليم ذلك ليسلم لموكله المذكور ليحوزه لجهة الوقف المذكور ويسأل سؤال الشيخ محمود هذا المدعى عليه والشيخ محمد البتانونى الوكيل هذا المذكور عن ذلك ثم حصر الموكلان المذكوران وصدق كل منهما على توكيله لوكيله المذكور الوكالة المرقومة على الوجه المسطور وكان ضبط ذلك فى يوم 12 شبعان سنة 1313 - 27 يناير سنة 1896
الجواب
يعلم الجواب لحضرتكم عن هذه الحادثة مما هو منصوص بالفتاوى المهدية بالجزء الثانى من آخر كتاب الوقف نمرة 830 صحيفة جوابا عن مسألة تداعى الشيخ إبراهيم محمد الفخرانى من ناحية أبيار.
وطيه صورة المرافعة(7/60)
دعوى استحقاق فى وقف
المفتي
حسونة النواوى.
محرم 1314 هجرية
المبادئ
إذا لم يستطع المدعى احضار البينة الشرعية التى تشهد له طبق دعواه كان الحكم بمنع دعواه صحيحا شرعا
السؤال
بإفادة من نظارة الحقانية مؤرخة فى 19 محرم سنة 1314 نمرة 30 مضمونها أنه لتضرر مبروكة السودانية من القضية المختصة باستحقاقها فى وقف برنجى قادن حرم إبراهيم باشا المنظورة بمحكمة مصر الكبرى الشرعية كتب لسماحتلو قاضيها بطلب معرفة تفصيل هذه القضية وإن كان حكم فيها يبعث بصورة الحكم ووردت إفادتها رقم 18 يونيه سنة 1896 نمرة 190.
ومعها صورة إعلام شرعى واضحا فيه ما تم فى هذه المادة وأورى سماحته أنه بعد تحريره حضر بالمحكمة المتداعيان وأحضر إبراهيم أفندى أمين الوكيل عن مبروكة المذكورة شهودا ولم تصادت شهادتهم وأبقى الأمر فى ذلك على ما تدون بالإعلام المرقوم وحيث مقتضى النظر فى صورة ذلك الإعلام فهى مرسلة لهذا الطرف مع باقى الوراق بأمل النظر فيها وإفادة النظارة بما يرى وطيه سبع ورقات ومضمون صورة الإعلام المذكورة أنه بعد التعريف الشرعى ادعى إبراهيم أفندى أمين العراقى الساكن بشارع السبع والضبع بقسم باب الشرعية بمصر بن محمد بن حسن بوكالته عن مبروكة السودانية الحاضرة معه بالمجلس الوكالة الشرعية المقبولة الثابتة بالمجلس على مولانا الخديوى الأعظم عباس حلمى باشا فى وجه السيد محمد الدنف بن عبد الهادى بن محمد الوكيل عن سعادة محمد فيضى باشا مدير ديوان عموم الأوقاف بمصر حالا ابن على بن حسن الوكيل الشرعى والمأذون بتوكيل الغير متى شاء من قبل مولانا العظم عباس حلمى باشا المشار إليه وهو الناظر الشرعى بموجب تقرير نظره الشرعى من قبل سماحتلو قاضى مصر المومى إليه على الوقف الآتى ذكره الوكالتين والإذن الشرعيين المقبولين والثابتين شرعا وعلى الست كلكزال الصغيرة والست فلكو المعتوقتين المستحقتين فى الوقف المذكور فى وجه وكيلها أحمد السقارى الساكن بشارع العباسية بقسم الوايلى بمصر ابن محمد بن على الوكالة الشرعية المقبولة الثابتة شرعا فيما يتعلق بهما فيما يأتى بأن موكلته مبروكة المذكورة عتيقة حوا عتيقة الست خديجة برنجى قادن المذكورة اعتقتها فى حال حياتها وهى تملكها عتقا منجزا وذلك بعد أن توضح بالدعوى أن خديجة المذكورة وقفت وقفا من ضمنه قطعة طين محدودة تحديدا صحيحا وأن من الموقوف عليهم حوا المذكورة وأن من مات منهم انتقل نصيبه من ذلك لعتقائه على الوجه المبين بانشاء الواقفة وأن الواقفة ماتت عمن ماتت عنهم من أهل الوقف بما فيهم حوا المذكورة وذكر المدعى أن حوا المذكورة ماتت وأعقبت.
معتوقتها التى أعتقها على الوجه المسطور مبروكة الموكلة المذكورة وآل نصيبها الذى بينه من بعدها من فاضل ريع الوقف المذكور لمعتوقتها مبروكة المذكورة وأن مولانا الخديوى ووكيله محمد فيضى باشا والسيد محمد عبد الهادى الدنف والست فلكو وكلكزال الصغيرة ووكيلهما أحمد السقارى المذكورين معارضون لمبروكة الموكلة المذكورة فى عتقها من قبل معتقتها حوا المذكورة العتق المذكور وفى استحقاقها لنصيب معتقها المذكور من فاضل الريع المذكور بعد وفاتها بغير وجه شرعى وطالبهم برفع معارضتهم وطالب محمد فيضى باشا فى وجه وكيله السيد محمد عبد الهادى الدنف المذكورين برفع يده عن نصيب حوا المرقومة من ريع الوقف القائم بيد سعادته الذى ذكر بالدعوى وتسليمه له ليحوزه لموكلته مبروكة المذكورة بالاستحقاق عن معتقتها حوا المذكورة فى الوقف المذكور وسأل جواب السيد محمد عبد الهادى الدنف وأحمد السقارى المذكورين عن ذلك وبسؤالهما أجابا إجابة مفادها أنهما أنكرا ما ادعى به ابراهيم أمين المذكور من أن موكلته مبروكة المذكورة عتيقة لحوا المذكورة ومستحقة فى ريع وقف خديجة المذكورة وحجدا ذلك حجدا كليا فكلف إبراهيم أمين المذكور الوكيل عن مبروكة المذكورة بحضورها بإحضار بينة تشهد طبق دعواه المذكورة فأحضر شهودا من مصر شهدوا شهادة لم تطابق الدعوى وعرفت مبروكة المذكورة أنها لا بينة لها بمصر وأن بينتها غائبة بآبا الوقف التى بينها وبين مصر مسافة القصر وزيادة وبعد أن طلبت مبروكة المذكورة تحليف كلكزال وفلكو الحاضرتين المذكورتين اليمين الشرعية اللازمة عليهما فى ذلك عدلت عن طلب تحليفهما اليمين المذكور فعند ذلك حكم قاضى مصر وعضوا المجلس الشرعى بالمحكمة المذكورة لسمو أفندينا عباس حلمى باشا خديوى مصر حالا بحضور السيد محمد عبد الهادى الدنف هذا وللست كلكزال والست فلكو هاتين الحاضرتين موكلتى أحمد السقارى هذا الحاضر معهما على مبروكة هذه الحاضرة مع وكيلها إبراهيم أمين هذا الحاضر معها بمنع مبروكة ووكيلها هذين من دعواهما استحقاق مبروكة هذه لنصيب حوا السودانية معتوقة الست خديجة هانم برنجى قادن معتوقة وحرم الحاج إبراهيم باشا والى مصر كان المذكورة فى وقف الست خديجة المذكورة ما دامت مبروكة ووكيلها إبراهيم أمين هذان لم يحضرا البينة الشرعية التى تشهد لهما طبق دعواهما وتحرر بذلك إعلام شرعى مؤرخ فى 15 رمضان سنة 1313
الجواب
بالاطلاع على إفادة سعادتكم المسطورة يمينه رقم 30 وعلى صورة الاعلام الشرعى الصادر من محكمة مصر الكبرى الشرعية بتاريخ 15 رمضان سنة 1313 المشمولة بختم المحكمة المذكورة، وعلى باقى الأوراق المتعلقة بذلك ظهر أن ما تضمنته الصورة المذكورة من الحكم على مبروكة مع وكيلها إبراهيم أفندى أمين بمنعهما من دعواهما استحقاق مبروكة المذكورة لنصيب حوا السودانية معتوقة خديجة هانم برنجى قادن معتوقة وحرم الحاج إبراهيم باشا والى مصر كان فى وقف خديجة المذكورة مادامت مبروكة ووكيلها المذكوران لم يحضرا البينة الشرعية التى تشهد لهما طبق دعواهما على الوجه المسطور بتلك الصورة موافق شرعا وأن ذلك لا يمنعهما من إحضار البينة الشرعية التى تشهد لهما طبق دعواهما المذكورة والله أعلم(7/61)
دعوى وقف
المفتي
حسونة النواوى.
ذى الحجة 1314 هجرية
المبادئ
1- لا تصح الدعوى والشهادة إذا كان فى كل منهما نقص أو خلل فى الحدود.
2- إذا لم يثبت لدى القاضى بالطريق الشرعى علم بتوكيل الخصم فحكم فى الدعوى كان حكمه غير صحيح.
3- لا يجوز الحكم فى الدعوى إذا لم يشهد شهود وضع اليد معاينة العقار موضوع الدعوى.
4- لا يجوز الحكم بصدور وقف من الواقف فى حال حياته على ورثته لمخالفة ذلك لدعوى الذى جاء بها أنه أنشأ وقفه حال حياته على نفسه أولا.
5- الحكم بالزوجية على مدعى عليه ليس خصما فى إثباتها غير صحيح
السؤال
بإفادة من نظارة الحقانية مؤرخة فى 4 الحجة سنة 1314 رقم 18 مضمونها أن الست أسما كريمة المرحوم إبراهيم باشا حليم والست برهان دل هانم وتونجة هانم قدمن للنظارة عريضة بالطعن فى القرار الذى أصدره المجلس الشرعى بمحكمة مصر الكبرى الشرعية بعدم صحة الحكم الصادر من محكمة بور سعيد الشرعية بالوقف المنسوب للباشا المومى إليه وبناء على ذلك مرسل مع هذا أوراق لقضية وقدرها عدد 13 بما فيه العريضة المذكورة وصورة الحكم وقرار المجلس المذكور وإفادة محكمة بورسعيد الرقيم 15 مايو الحاضر نمرة 41 الواردة معها أوراق القضية للنظر والإفادة بما يرى
الجواب
بالاطلاع على مكاتبة نظارة الحقانية نمرة 18 وعلى صورة الحجة الشرعية المرفوقة معها الصادرة بمحكمة بورسعيد الشرعية بتاريخ 4 شوال سنة 1314 نمرة 30 المشمولة بختم المحكمة المذكورة وعلى باقى الوراق المرفوقة مع هذه المكاتبة الواردة لهذا الطرف ظهر أن الأحكام التى تضمنتها تلك الصورة غير صحيحة شرعا لوجوه.
منها. أولا أن فى كثير من الحدود المذكورة بكل من الدعوى والشهادة نقصا وخللا - ثانيا أن توكيل المدعى عليه عن كريمة المتوفى المدعى وعليها لم يتصل به علم القاضى الذى صدر منه الحكم ولم يثبت لديه بالطريق الشرعى.
ثالثا - أن شهود وضع يد المدعى عليها على الأطيان والعقار لم يشهدوا عن معاينة لذلك ولم يحكم به القاضى أيضا - رابعا أن القاضى حكم بصدور الوقف من الواقف فى حال حياته على كريمته وزوجتيه وعتقائه والجهات التى عينها مع أن المذكور بالدعوى والشهادة أن الواقف أنشأ وقفه حال حياته على نفسه أو ثم من بعده على من ذكر وهو خلاف المحكوم به المذكور.
خامسا أن وكيل المدعى عليها أنكر صدور الوقف على الوجه الذى ادعاه المدعى وجحده جحدا كليا فبطل الحكم لها فيما تستحقه ومتى بطل فى البعض بطل فى الباقى - سادسا أنه حكم بالوقف قبل الحكم بالنظر مع أن اللازم شرعا هو العكس - سابعا أنه حكم بالزوجية مع كون المدعى عليه ليس خصما فى إثباتها لأن عدوى الزوجية بعد الوفاة من قبيل دعوى الوراثة فيلزم أن تكون فى وجه خصم شرعى فى إثبات ذلك، والخصم فى إثبات دعوى الوقف على الوجه المسطور بالصورة المرقومة لا يصلح خصما لإثبات الإرث فى وجهه، لأن دعوى الوقف على وجه ما ذكر لا يتوقف إثباتها على إثبات الزوجية، فضلا عن كون المتوفى غير متوطن بدائرة تلك المحكمة كما هو ظاهر من الدعوى والشهادة فالحكم من قاضيها بذلك غير نافذ شرعا.
والله أعلم(7/62)
عدم سماع دعوى الاستحقاق لمضى المدة
المفتي
محمد عبده.
جمادى الآخرة 1320
المبادئ
1 - لا تسمع دعوى الاستحقاق فى الوقف بعد مضى خمس عشرة سنة بدون عذر شرعى.
2 - سكوت وكيل المستحق طوال تلك المدة مع عدم العذر فى عدم إقامتها مانع من سماع الدعوى أيضا
السؤال
من حضرة حمودة بك عبده فى رجل له حق فى وقف وغاب عن البلد مدة وهو يعلم بحقه فى ذلك الوقف وله وكيل شرعى عام فيما له وعليه وفيما يملكه من الخصومة.
وبعد عودته من الغيبة رفع الدعوى على ناظر الوقف يطالبه فيها بحقه فدفع دعواه بأنه كان حاضرا بوكيله ولم يطالب حتى مضت مدة خمس عشرة سنة وحيئنذ فلا تسمع منه الدعوى فى ريع الوقف.
فهل لو تعلل الناظر بأن وكيل المدعى قائم مقامه ولم يطالب بحقه إلى أن مضت المدة يسمع منه أن الوكيل كالأصيل فى ذلك أو أنه كان متمكنا من المخاصمة وهو غائب بواسطة التوكيل فسكوته عنها تلك المدة يمنع من سماع الدعوى
الجواب
قالوا إن دعوى الاستحقاق فى الوقف لا تسمع بعد مضى خمس عشرة سنة إذا سكت المستحق عنها بدون عذر شرعى وحيث غاب ذلك عن وكيل يملك قبض استحقاقه والمطالبة به والخصومة فيه وسكت عن الدعوى ولم يطالب بذلك الاستحقاق حتى مضت تلك المدة مع بقائه وكيلا وعدم العذر فى عدم إقامتها فلا تسمع حينئذ تلك الدعوى، على أنه لو فرض أنه لم يترك وكيلا وكان يمكنه التوكيل فى الخصومة وغيرها وفى إقامة الدعوى وسكت تلك المدة منع سماع دعواه فى الريع.
والله أعلم(7/63)
سماع الدعوى فى الوقف
المفتي
محمد عبده.
شعبان 1321 هجرية
المبادئ
1 - يرى بعض الفقهاء أن دعوى الوقف المتعلقة بعينه تسمع ابدا، ولا يمنع من سماعها مرور الزمن مهما طال.
2 - المعمول به قضاء الآن عدم سماع الدعوى بعد مضى ثلاث وثلاثين سنة، إلا إذا وجد مانع من الموانع المعتبرة يمنع من اقامة الدعوى.
3 - إذا استحال العلم بما يقع من الموقوف عليهم إلا بالاطلاع على حجة الوقف اعتبر ذلك من الأعذار التى تقبل فى سماع الدعوى
السؤال
بإفادة من أوقاف خديوية فى 25 أكتوبر سنة 1903 نمرة 503 مضمونها ان إبراهيم باشا والى مصر كان وقف حال حياته منزلا بمصر على معتقه على أغا كتخداى وعلى أولاده بعده وعلى من يموت عنهما من الزوجات ثم على أولادهم ونسلهم إلى انقراضهم يكون ذلك ملحقا بوقف الواقف نفسه وقف القصر العالى الذى هو فى إدارة الأوقاف الخديوية الآن ومن التحريات التى اتخذت بشأن هذا المنزل ظهر أنه بعد موت الموقوف عليه آل إلى زوجته عايشة وهى باعته إلى أحمد افندى داود بحجة من محكمة مصر بتاريخ 9 ربيع الأول سنة 1271 بوضع اليد المدة الطويلة ثم مات المشترى وأصبح المنزل فى يد ورثته ولبطلان هذا التصرف الذى مضى عليه فوق الأربعين سنة بحث فى الطريق الشرعى الموصل للغوه ورد المنزل إلى وقفه فأعطيت فتوى من مستشار شرعى المصلحة بجواز رفع الدعوى لبطلان هذا البيع، لأن المنع من دعوى الوقف بعد ثلاث وثلاثين سنة مبنى على التمكن من الدعوى وتركها مع ذلك وليس كذلك فى هذه الحادثة وعلى ذلك كلف مندوب شرعى المصلحة السير فى الموضوع فرد الأوراق برغبة استفتاء فضيلتكم بما يجب العمل به من أقوال العلماء فى هذه الحادثة وعليه نقدم لحضرتكم الأوراق لمراجعتها والإفادة بما يرى
الجواب
أما رأى فى هذه المسألة فهو يتفق مع رأى القائلين بأن الوقف تسمع الدعوى المتعلقة بعينه أبدا لا يمنع من سماعها بمرور الزمان مهما طال ولكن المحاكم الآن ممنوعة من السماع بعد مضى ثلاث وثلاثين سنة إلا أن يكون مانع يمنع من الدعوى وقد عدوا الموانع وهى أن يكون المدعى غائبا أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولى أو المدعى عليه أميرا جائرا يخاف منه ولا شئ من ذلك فى حادثتنا، وصرحوا بأنه لا عبرة بمجرد ذكر المنزل فى كتاب الوقف مع عدم التصرف بذلك كما فى الخانية وعلى هذا لا سبيل إلى إقامة الدعوى عند هذه المحاكم الممنوعة من السماع بأمر الحاكم هذه الحادثة ولو شئت لقلت ان تغير النظر يجدد المدة من حين علم الناظر الجديد إذا كان ممن يئول إليهم هذا الوقف بعد انقراض الموقوف عليهم أولا لأنه لا سبل له إلى العلم بما يقع من الموقوف عليهم الأولين إلا بوصول الحق إليه مع حججه ومنها حجة الوقف وتحسب استحالة العلم عادة إلا بالاطلاع على حجة الوقف من الأعذار التى تقبل فى سماع الدعوى وليس هذا العذر بأخف من تلك الأعذار التى ذكروها خصوصا وبائع العين فى تلك الحادثة هى المستحقة نفسها فأنى لغيرها أن يعلم بذلك البيع حتى يقيم الدعوى من تلك المدة الماضية فإذا شاءت المحكمة أن تأخذ بهذا الرأى وافقت الشريعة ولم تخطئ الحق وعملت على ما يخلص به كثير من الأوقاف الضائعة.
والله أعلم(7/64)
دعوى الاستحقاق فى غلة الوقف
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
شعبان 1341 هجرية - 20 يناير 1928 م
المبادئ
لا تسمع دعوى الاستحقاق من غلة الوقف بعد مضى خمس عشرة سنة إذا سكت المستحق عنها وهو فى البلدة ولم يمنعه مانع شرعى
السؤال
من عبد الرحمن أحمد فى وقف قديم فى يد نظاره يتناوبون النظر عليه وصرفه فى مصارفه مدة مئات من السنين لا ينازعهم فيه منازع والآن قام رجل وادعى الاستحقاق فى هذا الوقف مع أنه مقيم ببلدة الوقف وعمره لا ينقص عن أربعين سنة لم يكن معتوها لم يمنعه مانع شرعى من المطالبة بالاستحقاق وكان أبوه أجداده من قبل بالبلدة أيضا ولم يدع أحد منهم الاستحقاق فى هذا الوقف.
فهل يصح أن تسمع دعواه بعد هذه المدة الطويلة مع عدم عذر شرعى يمنعه من دعوى الاستحقاق فى هذا لوجود النهى السلطانى عن سماعها بعد هذه المدة أفيدونا مأجورين
الجواب
لا تسمع دعوى الاستحقاق من غلة الوقف بعد مضى خمس عشرة سنة إذا سكت المستحق عنها وهو فى البلدة ولم يمنعه مانع شرعى لوجود النهى السلطان عن سماعها بعد هذه المدة كذا يؤخذ من تنقيح الحامدية بصحيفة 193 جزء أول طبعة أميرية سنة 1300 هجرية.
وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال. والله أعلم(7/65)
مخاصمة نظار الوقف فى الاستحقاق
المفتي
عبد المجيد سليم.
شعبان 1351 هجرية - 19 ديسمبر 1932 م
المبادئ
1 - الخصم شرعا فى إثبات الاستحقاق فى الوقف إنما هو ناظر الوقف.
فإن تعدد النظار كان الخصم هم جميعا أو واحد منهم ويكون الحكم على أحدهم حكما عليهم جميعا كما يكون حكما على جميع المستحقين.
2 - من حكم له بالاستحقاق فى وجه الناظرتين المأذونتين بالانفراد لا يلزمه رفع دعوى على الناظرة المضموم إليها بإثبات استحقاقه، بل يعتبر حكما عليها وعلى جميع المستحقين، وله مطالبتها بما يستحقه قبلها
السؤال
من حسين أفندى بالآتى شخص مستحق فى وقف امتنعت الناظرة عليه من دفع استحقاقه فيه فرفع عليها دعوى بالمحكمة الأهلية طلب فيها إعطاءه إستحقاقه فرفضت دعواه حتى يثبت استحقاقه فى الوقف المذكور بحكم شرعى ثم رفع عليها دعوى من المستحقين لخيانات - بالمحكمة الشرعية طالبين عزلها من النظر فحكمت المحكمة الشرعية بضم ثقة إليها ينفرد فى العمل فيه وعين اثنتين من المستحقين ناظرتين منضمتين إليه واذنتا بالتصرف فيه دونها، وقد تحصل المستحق الذى رفضت دعواه من المحكمة الأهلية على حكم شرعى بناء على دعوى رفعت منه فى مواجهة الناظرتين الثقة ثم بناء على الحكم المذكور رفع دعوى على الناظرة الأولى المنضم إليها الناظرتين الثقة يطالبها باستحقاقه فى المدة التى كانت مستقلة بالنظر فيها قبل تعيين الناظرتين فامتنعت من إعطائه استحاقه متعللة بأن الحكم الشرعى الصادر باستحقاقه فى الوقف المذكور لم يكن فى مواجهتها بل فى مواجهة الناظرتين الثقة فهل يلزم رفع دعوى فى مواجهتها أم يكون الحكم الصادر فى مواجهة الناظرتين المنفردتين ساريا عليها وعلى جميع المستحقين وتلزم بدفع استحقاقه مما تحت يدها عن المدة التى قبل تعيين (الثقة) حيث إن جميع الإيراد فى المدة السابقة تحت يدها الآن
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى الحكم المرافق له الصادر من محكمة مصر الابتدائية الشرعية فى 10 جمادى الأولى سنة 1348 الموافق 13 أكتوبر سنة 1929 فى القضية رقم 216 - 928 - 929 ونفيد بأن الخصم شرعا فى إثبات الاستحقاق فى الوقف إنما هو ناظر الوقف فإن كان على الوقف نظار متعددون كان الخصم هؤلاء النظار أو أحدهم وكان الحكم على أحدهم حكما عليهم جميعا كما أن الحكم على الناظر حكم على جميع المستحقين.
فقد جاء فى رد المحتار عن التتار خانيه ما نصه وقف أرضه على قرابته فادعى رجل أنه منهم والواقف حى فهو خصم وإلا فالقيم ولو متعددا.
وإن ادعى على واحد جاز ولا يشترط اجتماعهم (النظار) ولا يكون خصما وارث الميت ولا أحد أرباب الوقف.
- ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال وهو أن من حكم له بالاستحقاق فى وجه الناظرتين المأذونتين بالانفراد لا يلزمه أن يرفع دعوى على الناظرة المضموم إليها بإثبات استحقاقه بعد الحكم المذكور الذى يعتبر حكما عليها وعلى جميع المستحقين فله مطالبتها بما يستحقه قبلها من غلة الوقف التى تناولتها قبل الضم.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/66)
حكم انفراد أحد الناظرين بالخصومة والتنفيذ
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذو القعدة 1351 هجرية - 21 مارس 1933 م
المبادئ
1 - المر المفوض إلى اثنين لا يملكه أحدهما بانفراده إلا فى الخصومة بمعنى التكلم أمام القاضى وليس لأحدهما الاستبداد بالخصومة بمعنى الاستقلال برأيه فيها.
2 - ليس لأحد الناظرين حق الانفراد بالخصومة وتنفيذ الأحكام إذا امتنع شريكه عن الاشتراك معه ويجب فى هذه الحالة رفع الأمر إلى القضاء المختص للنظر فيما فيه مصلحة للوقف.
3 - ليس لأحد النظار مطالبة النظار السابقين بما فى ذمتهم من مال للوقف والمستحقين بطريق التقاضى إلا على الوجه السابق.
4 - ليس لأحد الناظرين قبض حقوق ما فى ذمة النظار السابقين بل لابد من اجتماعهما فى القبض
السؤال
من محمد عبد اللطيف بالآتى هل لناظر الوقف حق الانفراد بالخصومة وتنفذ الأحكام إذا كان شريكه ممتنعا عن الاشتراك معه وهل له أن يطالب النظار السابقين والأسبقين بما فى ذمتهم من مال لجهة الوقف والمستحقين
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأن من القواعد المقررة أن المر المفوض إلى اثنين لا يملكه أحدهما بانفراده فليس لأحد الوصيين ولا لأحد ناظرى الوقف أن ينفرد بالتصرف كما ليس لأحد الوكيلين أن ينفرد بالتصرف أيضا وقد استثنى من هذه القاعدة مسائل منها الخصومة فإنه ينفرد بها أحد الناظرين كما ينفرد أحد الوصيين أو أحد الوكيلين بها لكن على معنى انفراده بالتكلم أمام القاضى لا بمعنى أن يستبد بالخصومة ويستقل برأيه فيها.
فقد جاء فى حاضية الشلبى على الزيلعى صحيفة 275 من الجزء الرابع نقلا عن الكافى ما نصه وقال زفر لا يصح الانفراد (انفراد أحد الوكيلين) فى الخصومة أيضا لأنه يحتاج فيها إلى الرأى ورأى الاثنين لا يكون كرأى الواحد فرضاه برأيهما لا يكون رضا برأى أحدهما كما فى البيع والشراء.
ولنا أن المعهود بين الناس هو الانفراد بالتكلم صيانة لمجلس القضاء عن الشغب وتحريا للصواب إذ الإنسان يبتلى بالغلط من كثرة اللغط وفى الاجتماع إخلال بالاستماع لوما كلهما بالخصومة مع علمه بعدم اجتماعهما صار راضيا بخصومة أحدهما ولكن على وجه لا يفوت فائدة توكيلهما وذا بأن يتناوبا الأمر برأيهما وإنما ينفرد أحدهما بالتكلم.
وقال صاحب الهداية فى تعليل انفراد أحد الوكيلين بالخصومة ان الاجتماع فيها متعذر للإفضاء إلى الشغب فى مجلس القضاء والرأى يحتاج إليه سابقا لتقويم الخصومة.
فعلم من هذا أن الخصومة التى لأحد الوكيلين أو الوصيين أو الناظرين الانفراد بها إنما هى مجرد التكلم أمام القاضى وأنه لابد فى الخصومة من اتفاق رأى الوكيلين أو الناظرين أو الوصيين عليها ومن أجل ذلك قال صاحب الحامدية فى واقعة رفعت فيها الدعوى على أحد الناظرين وحكم فيها فى وجهه بأن هذا القضاء غر صحيح لوجوه منها كون الدعوى بوجه أحد الناظرين بدون حضرة الآخر ولا رأيه وقد صرح فى الجوهرة باشتراط رأى الآخر ولم يوجد.
ومن هذا يتبين الجواب عن السؤال المذكور وأنه ليس لناظر الوقف حق الانفراد بالخصومة وتنفيذ الأحكام إذا كان شريكه ممتنعا عن الاشتراك معه ويجب فى هذه الحالة أن يرفع الأمر للمحكمة المختصة فيما فيه مصلحة الوقف أما بإذن أحد الناظرين بالانفراد بالخصومة بدون توقف على رأى الآخر أو بطريق آخر تراه محققا لمصلحة الوقف.
ويعلم مما قلنا أنه ليس لأحد الناظرين أن يطالب النظار السابقين والأسبقين بما فى ذمتهم من مال للوقف والمستحقين بطريق التقاضى أمام المحاكم إلا على الوجه الذى قلناه.
كما أنه ليس لأحدهما قبض حقوق ما فى ذمة النظار السابقين وحده بل لابد من اجتماعهما فى القبض نعم لأحدهما مجرد الطلب لا بطريق التقاضى لأن هذا مما استثنى من القاعدة سالفة الذكر لكن عند القبض لابد من اجتماعهما.
وبهذا ظهر الجواب عما جاء فى السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/67)
زمن سماع دعوى الاستحقاق فى الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الآخرة 1354 هجرية - 26 سبتمبر 1935 م
المبادئ
1 - تسمع دعوى الاستحقاق فى الوقف بعد ست وثلاثين سنة بإذن خاص إذا كان المدعى غائبا أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولى أو كان المدعى عليه أميرا جائرا يخاف منه.
2 - جهل المرء بحقه الذى ثبت له بتصرف ينفرد به غيره كالواقف يكون عذرا من العذار المسوغة لسماع الدعوى بالنسبة لمرور الزمان.
3 - ترك الدعوى ثلاثا وثلاثين سنة مع عدم قيام المانع من رفعها مانع من سماعها لأن ترك الدعوى مع التمكن من رفعها يدل على عدم الحق ظاهرا
السؤال
من قاضى طرابلس الشيخ محمد أمين عز الدين من طرابلس الشام بالآتى زيد الذى لم يكن يعلم أنه مستحق فى وقف ولما علم تقدم إلى المحكمة بالدعوى على المتولى فأجاب هذا المدعى عليه طالبا رد الدعوى لمرور الزمن لأن الدعوى بعد مضى خمس عشرة سنة بدون عذر غير مسموعة فأجاب المدعى بأنه لم يكن يعلم أن له استحقاقا وقد نصت المجلة أن مرور الزمان يبتدئ من صلاحية الادعاء كما أن الفقهاء صرحوا فى كتب المذهب أن مرور الزمن معتبر مع التمكن من الادعاء وقد نصوا بأن من ترك دعواه مع التمكن تلك المدة لا يسمع منه الادعاء من بعد.
فأجاب المدعى عليه بأن الجهل ليس عذرا وأن أبا السعود أفتى بذلك كما نقله عنه العلامة على حيدر أفندى فى شرح المجلة.
فأجاب المدعى بما فى الحامدية فى سؤال عن متولى وقف استمرت توليته سبعا وعشرين سنة يوزع من غلته أجرة حصة من بستان قام الآن يدعى ملكيته لنفسه ولإخوته أجاب لا تسمع دعواه وتسمع دعوى إخوته لخفاء ذلك عليهم من حيث انهم لم يكونوا نظارا على الوقف.
وبما فى الحامدية أيضا عن أبى السعود.
نفسه أن من ترك دعواه خمسين سنة تسمع دعواه الإرث إذا كان العذر قويا ولا فرق بين الاستحقاق وبين الإرث.
وقد نص الفقهاء بأن الجهل فى محل الخفاء عذر فى باب التناقض.
ومتى ثبت لحالة أنها من الأعذار الشرعية فتكون عذرا شرعيا حيثما وجدت وأن أبا السعود انفرد بعده الجهل غير عذر فى باب مرور الزمان على أنه أفتى بالإرث بخلاف ذلك.
فهل يعتبر المتمكن الوارد ذكره فى نصوص الفقهاء متناولا للجهل بالمدعى به فى محل الخفاء مع تعليلهم بأن ترك الدعوى تلك المدة يدل على سقوط الحق ظاهرا.
وهل تدل كلمة الترك فى كلامهم على عدم الادعاء مع العلم أم بعذر زيد المدعى بجهله الاستحقاق
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأننا وقفنا على ما قاله أبو السعود من نسخته فى المكتبة الملكية باللغة التركية وقد ترجم عبارته من هو موثوق به ونصها بعد الترجمة.
مسألة وقف رجل مقدارا معينا من النقود على أولاد زيد وعمرو لتلاوة القرآن ثم توفى بعد الوقف ولم يعلم الأولاد ما حبس عليهم إلا بعد مضى عشرين سنة ورفعوا الأمر إلى القضاء.
فهل تسمع دعواهم أم لا. الجواب تسمع بإذن خاص لأن الجهل ليس عذرا ظاهرا.
أبو السعود. ولعل مأخذ ما قاله أبو السعود فى هذه الفتوى ما قاله المتأخرون من أهل الفتوى من أنه لا تسمع الدعوى بعد ست وثلاثين سنة إلا أن يكون المدعى غائبا.
أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولى أو المدعى ليه أميرا جائرا يخاف منه كما جاء فى الحامدية نقلا عن جامع الفتاوى عن الفتاوى العنابية فإن ظاهر هذا القول أن الأعذار محصورة فى أربعة الأمور المذكورة ومن أجل ذلك قال ابن عابدين فى تنقيح الحامدية تلخيصا لما ذكره من النقول ما نصه والحاصل من هذه النقول أن الدعوى بعد مضى ثلاثين سنة أو بعد ثلاث وثلاثين لا تسمع إذا كان الترك بلا عذر من الأعذار المارة.
فقوله لا تسمع إذا كان الترك بلا عذر من الأعذار فى الأمور المذكورة.
ولكن الظاهر. أن الفقهاء لم يقصدوا حصر الأعذار فيها بدليل أنهم زادوا غيرها كغيبة المدعى عليه على ما أفتى به الخير الرملى بل قصدوا هذه الأعذار وما فى معناها مما لا يتمكن المدعى معه من الدعوى ولا شك أن جهل المرء بحقه الذى ثبت له بتصرف ينفرد به غيره كالواقف فى مسالتنا لا يتمكن معه من الدعوى فهو عذر من العذار المسوغة لسماع الدعوى فى باب مرور الزمان ويدل على هذا أن الأصوليين فسموا الجهل إلى أنواع وجعلوا منه نوعا يصلح عذرا وهو ما خفى فيه الدليل ومن هذا النوع على ما جاء فى التحرير وشرحه جهل الوكيل بالعزل والمأذون بحجر المولى عليه فهذا عذر فى حقهما لخفاء الدليل لاستقلال الموكل بالعزل والمولى بالحجر ولزوم الضرر عليهما على تقدير ثبوتهما بدون علمهما ومنه أيضا جهل المولى بجناية العبد جناية خطأ اعتبروه عذرا للمولى فى عدم تعين لزوم الفداء إذا أخرجه عن ملكه قبل علمه لها ف يكون المولى ببيع العبد قبل علمه بجنايته مختارا للفداء لخفاء الدليل فى حقه لاستقلال العبد بالجناية ومنه جهل الأمة المزوجة إذا جهلت عتق المولى فلم تفسخ النكاح هو عذر فلا يسقط خيارها بالترك مع جهلها وقد علل ذلك بأن المولى يستقل بالعتق ولا يمكنها الوقوف عليه قبل الإخبار.
ملخصا من التحرير وشرحه تراجع صفحة 327 وما بعدها من الجزء الثالث.
وقد جاء فى حاشية الحموى على الأشباه ما نصه وقد ذكر الأصوليون فى بحث الإكراه على شرب الخمر أن دليل انكاش الحرمة إذا كان خفيا يعذر بالجهل وذلك كما إذا أكره على شرب الخمر بالقتل فصبر على القتل ولم يعلم حرمة ذلك يعذر بالجهل.
ومنه يعلم أن الجهل عذر فى دار الإسلام إذا كان دليل الحرمة خفيا فليحفظ انتهت عبارة الحموى وإذ كان يعذر المرء بالجهل إذا كان دليل الحكم الشرعى خفيا مع كمال ولاية الشارع فلأن يعذر بجهل تصرف يستبد به غيه من العباد أولى ز وقد نص الفقهاء على أن التناقض فى موضع الخفاء معفو عنه وما ذاك منهم إلا لاعتبارهم الجهل عذرا فى موضع الخفاء فمن ذلك أن المرأة إذا اختلفت مع زوجها على مهرها ونفقة عدتها ثم أقامت بعد ذلك بينة أن الزوج طلقها ثلاثا قبل الخلع تقبل بينتها وإن صارت متناقضة فى دعوى الطلقات الثلاث بالإقدام على الخلع وإنما كان كذلك لأن الزوج ينفرد بالإيقاع ولا يتوقف ذلك على علم المرأة وكان طريقه طريق الخفاء فجعل التناقض فيه عفوا يرجع كتاب القسمة من تنقيح الحامدية وما هذا إلا لنهم اعتبروا جهل المرأة بالطلاق الثلاث عذرا لكون الزوج ينفرد بالإيقاع ولا يتوقف ذلك على علم المرأة كذلك ما قالوه من العفو عن التناقض فيما إذا اشترى دارا لابنه الصغير من نفسه وأشهد على ذلك وكبر الابن ولم يعلم بما صنع الأب ثم أن الأب باع تلك الدار من رجل وسلمها غليه فاستأجر الابن الدار من المشترى ثم علم بما صنع الأب فادعى الدار على المشترى سمعت دعواه على الصحيح لأن هذا وإن كان تناقضا إلا أنه معفو عنه لأن طريقه طريق الخفاء وما هذا إلا لأن الأب يستقل بالشراء للصغير ومن الصغير لنفسه.
وكذا إذا قاسم الورثة الموصى له بالمال ثم ادعوا رجوع الموصى فإن دعواهم هذه تسمع لانفراد الموصى بالرجوع وقد عللوا العقد عن التناقض فى الطلاق والحرية بأنه ينفرد بهما الزوج والمولى.
ومن اطلع على ما ذكرنا يتبين له أن الجهل فى حادثتنا من النوع الذى قال الأصوليون أنه يصلح عذرا - والخلاصة أن الذى يظهر لنا أن الجهل فى حادثتنا عذر من الأعذار التى تسوغ سماع الدعوى فى باب مرور الزمان وإن لم نجده صريحا فى كلامهم وكيف لا يعتبر عذرا وهو لا يكون معه المرء متمكنا من الدعوى.
وقد نقلوا عن المبسوط ما نصه ترك الدعوى ثلاثا وثلاثين سنة ولم يقم مانع من الدعوى لا تسمع دعواه لأن ترك الدعوى مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهرا.
فهل يقول قائل ان الجاهل بالحق الثابت له بتصرف ينفرد به غيره متمكن من دعواه حتى يكون تركه للدعوى مع هذا التمكن دالا على عدم الحق ظاهرا هذا.
وما استظهرناه هو المعقول الذى تشهد به الفطرة السليمة وتقضى به أصول الدين الحنيف.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/68)
دعوى حق ارتفاق على أرض الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
رمضان 1354 هجرية - 17 نوفمبر 1935 م
المبادئ
1 - دعوى حق الإرتفاق قديما على أرض الوقف تسمع ولا يمنع من ذلك عدم ذكر هذا الحق فى كتاب الوقف ولا بمجرد سكوت المدعى مدة ثلاث سنوات من تاريخ منعه.
2 - الحق القديم هو الذى لا يوجد من يعرف أوله - المادة 166 من مجلة الأحكام العدلية.
3 - تنازل المدعى وجهة قول المدعى والبينة بينة جهة الوقف، أما إذا أرخا فالعبرة بالتاريخ السابق وكانت البينة بينة صاحب التاريخ الأسبق
السؤال
من الأستاذ على الحلوانى المحامى قال ما قولكم دام فضلكم فيما يأتى.
أوقفت سمو الأمير نعمت مختار على نفسها أطيانا كائنة ببردين شرقية وقد وضحت فى كتاب الوقف حدود ومعالم الأطيان الموقوفة ولم تذكر أن للغير أى حق من حقوق الإرتفاق على الأطيان الموقوفة بأى صفة من الصفات فهل يجوز للغير الجار (مع عدم اعتراضه على كتاب الوقف) أن يرفع دعوى يدعى فيها أنه يملك حق ارتفاق على مراوى الأطيان الموقوفة وأن يدعى أن هذا الحق ملكه بوضع اليد المدة الطويلة والغرض من هذا السؤال أن المدعو عبد الغفار بك أباظه يملك أطيانا مجاورة للأطيان الموقوفة باسم سمو الأميرة نعمت مختار والمذكور رفع دعوى أمام المحاكم الأهلية طلب فيها ثبوت ملكيته لحق ارتفاق على مراوى الأطيان الموقوفة وزعم أنه كان يتمتع بالرى من مراوى الأطيان الموقوفة المدة الطويلة وأن سموها منعته من الاستمرار بالانتفاع بالرى وبدل أن يرفع دعوى إعادة وضع اليد رفع دعوى ملكية بعد تاريخ المنع المزعوم ادعى بعد مضى ثلاث سنوات من المنع المزعوم فى دعوى الملكية التى لم ترفع إلا بعد الثلاث سنوات أنه يملك حق ارتفاق الرى على مراوى الوقف بمضى المدة الطويلة وطلب أن تحكم له المحكمة بالحق المذكر على أساس أنه يملك ذلك الحق بوضع اليد المدة الطويلة.
فهو المدعى فى دعوى الملكية وسنده وضع اليد المدة الطويلة.
والمطلوب معرفة الحكم الشرعى فى هذه الحالة.
هل يجوز له فى دعوى الملكية أن يستند على القول بأنه اكتسب الحق بمضى المدة الطويلة ضد الوقف مع العلم بأنه لم يرفع دعوى إعادة وضع يد أو دعوى بالكف عن الاغتصاب وحماية اليد.
فالمرجو الإفادة بالحكم الشرعى فى لك ولكم الأجر والثواب
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده.
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه اذا ادعى المدعى أن الحق لذى يدعيه قديم فنصوص الفقهاء تقضى بسماع هذه الدعوى.
ولا يمنع من ذلك عدم ذكر هذا الحق فى كتاب الوقف ولا مجرد سكوت المدعى مدة ثلاث سنوات من تاريخ منعه.
لأن مجرد هذا السكوت لا ينطبق عليه ما ذكره الفقهاء من أن سكوت الجار عند التصرف مانع من سماع دعواه الملكية إذ لم يوجد هنا تصرف من جهة الوقف (يراجع أول الجزء الثانى من كتاب الحامدية ومسائل شتى من آخر كتاب الدر المختار) .
هذا والقديم على ما جاء فى العمادية هو الذى لا يحتفظ أقرانه وراء هذا الوقف كيف كان وبعبارة أوضح هو الذى لا يوجد من يعرف أوله كما جاء فى المادة ست وستين بعد المائة من مجلة الأحكام العدلية.
فإذا تنازع المدعى وجهة الوقف فى أن مرور الماء إلى أرضه فى مساقى الوقف (ومراويه) قديم أو حادث ولم يؤرخا تاريخا بأن ادعى المدعى أنه قديم بدون ذكر تاريخ وادعت جهة الوقف أنه حادث بدون ذكر تاريخ كذلك كان القول قول المدعى والبينة بينة جهة الوقف.
فإذا أقامت جهة الوقف بينة على ما تدعيه من الحدوث كان لها الحق فى منعه وإلا أبقى الحال على ما هو عليه لما سبق من أن القول قول مدعى القدم.
أما إذا أرخ كل منهما تاريخا وكان تاريخ مدعى القدم أسبق من تاريخ مدعى الحدوث كانت البينة حينئذ بينة من يدعى التاريخ الأسبق وقد فصل القول فى ذلك صاحب الفتاوى الحامدية فى كتاب الشرب من الجزء الثانى وفى مواطن أخرى فليراجع.
وبهذا علم الجواب على السؤال هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر به.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/69)
حكم تدخل الوصى فى دعوى ابطال الوقف
المفتي
عبد المجيد سليم.
محرم 1362 هجرية - 19 ديسمبر 1943 م
المبادئ
جرى العمل بالمحاكم الشرعية على أن الخصومة فى دعوى إبطال الوقف تكون لناظر الوقف أو لمن تأذن له المحكمة المختصة، وعليه فلا يملك الوصيان عن القاصر المستحق فى الوقف - ولا أحدهما - الخصومة عن الوقف إلا بإذن المحكمة
السؤال
من الأستاذ عزيز خانكى بك قال أقام المجلس الحسبى وصيين على قاصر.
هذا القاصر يستحق فى وقف جده.
علم أحد الوصيين بوجود دعوى شرعية مرفوعة على مسخر هو غير ناظر الوقف.
لأن ناظر الوقف غائب فى أوروبا. مطلوب فيها إبطال الوقف.
وإذا ما حكم بابطال الوقف ضاع على القاصر ريع عظيم.
فهل يجوز لهذا الوصى أن ينفرد بطلب دخوله خصما ثالثا فى الدعوى الشرعية ليثبت صورتها ويطلب رفضها درءا لخطر ضياع الوقف وضياع حق الصغير أما انفراد هذا الوصى بالمدافعة عن جهة الوقف وبالتالى عن حق القاصر فسببه أن الوصى الآخر موجود هو أيضا فى أوروبا ولا يستطيع الاشتراك مع الوصى الموجود فى مصر.
أرجو الإفادة ولفضيلتكم الشكر
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأن الخصومة فى هذه الدعوى انما هى لناظر الوقف أو لمن تأذنه المحكمة المختصة عن جهة الوقف.
وهذا ما عليه العمل الآن فى المحاكم الشرعية اعتمادا على ما رجحه بعض فقهاء الحنفية.
فلا يملك الوصيان عن القاصر المستحق فى الوقف ولا أحدهما الخصومة عن الوقف إلا بإذن من المحكمة المختصة.
فعلى الوصى الحاضر أن يعرض الأمر على محكمة التصرفات المختصة طالبا إذنه بالخصومة عن جهة الوقف رعاية لمصلحة الوقف وصيانة لحق القاصر الذى هو وصى عليه.
فإذا أذنته ملك بهذا الإذن الخصومة عن جهة الوقف وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم(7/70)
الوقف ومصاريف دعوى استرداد أعيانه
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
ذو القعدة 1366 هجرية - 29 سبتمبر 1947 م
المبادئ
1 - التزام أحد المستحقين بمصاريف دعاوى استرداد حيازة بعض أعيان الوقف المغصوبة دون الرجوع على جهة الوقف بشىء من قبيل التبرع غير الملزم وله أن يعدل عنه فى أى وقت شاء.
2 - تعيين المستحق الملتزم بمصاريف الدعاوى ناظرا على الوقف منفردا فعدل عن التزامه كان له احتساب ما ينفقه بعد عدوله فى ريع الوقف وليس له لا رجوع بما أنفق قبل ذلك
السؤال
من الأستاذ الشيخ على والأستاذ محمد أحمد قالا تستحق فى وقف رأى أن بعض أعيانه قد اغتصبت وأنه قد مضى على اغتصابها زمن أوشك أن يصل إلى المدة المانعة من سماع دعوى استردادها وأن الناظر على هذا الوقف لم يقم برفع هذه الدعوى على الرغم من مضى هذا الزمن ووضوح الحق فيها ووفرة الريع عنده لهذا سارع هذا المستحق إلى أن طلب من هيئة تصرفات محكمة القاهرة الشرعية إذنه بالخصومة عن هذا الوقف لرد ما اغتصب من أعيانه ولما رآه فى مسلك الناظر على هذا الوقف أثناء نظر هذا الطلب من رغبته فى التأجيل وإصراره على التسويف بشتى المعاذير اضطر أن يلتزم بتحمل جميع ما يتطلبه استرداد هذه الأعيان من الرسوم والمصاريف والنفقات وما قد يحكم به على الوقف من التعويض بسبب هذه الخصومة من ماله الخاص دون رجوع على الوقف سواء حكم له أم عليه كل ذلك ليقطع على الناظر سبل إجابته إلى ما تكرر منه من طلب التأجيل حتى لا تمضى المدة المانعة من سماع دعوى استرداد هذه الأعيان وعلى هذا صدر قرار الهيئة بإذنه بالخصومة عن هذا الوقف أمام جميع المحاكم الشرعية بشأن استرداد ما يكون قد غصب من أعيانه على أن يكون ذلك بمصارف من ماله الخاص وعلى أن يؤدى منه كذلك ما يحكم به على الوقف من تعويض وخفه دون أن يرجع على الوقف بشىء.
وبعد صدور هذا القرار بمدة تنازل ناظر الوقف عن نظره فأقيم هذا المستحق مع مستحق آخر ناظرين على هذا الوقف بالاشتراك بحيث لا ينفرد أحدهما عن الآخر وبعد مضى مدة أخرى تنازل المستحق الآخر عن النظر طالبا إفراد صاحبه المستحق الأول الذى سبق إذنه بالخصومة فى النظر على هذا الوقف لما فى ذلك من مصلحة للوقف ومستحقيه ووافقه المستحقون فى الوقف على ذلك فأجيبوا إلى طلبهم وأفرد المستحق الذى كان قد أذن بالخصومة فى النظر على هذا الوقف يستقل بادارة جميع شئونه حسب ما شرطه الواقف وما تقضى به المصلحة والنظر.
فهل ترون فضيلتكم أن التزام هذا الناظر الذى صدر منه عند طلبه الإذن بالخصومة وهو التزامه بدفع المصارف والرسوم من ماله متبرعا بها مؤقت بمدة بقائه مأذونا بالخصومة حتى إذا انتهت تلك المدة انتهى ذلك الالتزام وإن كان غير ملزم بالمضى فيه شرعا وهل ترون فضيلتكم أنه باقامته ناظرا منفردا على هذا الوقف ومطالبا بالعمل لمصلحته ومسئولا عن تقصيره فى شئونه يكون جميع ما ينفقه بعد إقامته على هذا الوجه فى سبيل استرداد ما غصب من أعيان هذا الوقف مستحقا فى ريعه وواجبا فيه يؤخذ منه قبل الاستحقاق فيه لا فرق فى ذلك بين رسوم قضائية وأجور محامين وأتعاب خبراء وليس للمستحقين أن يعارضوه فى ذلك بحجة أنه قد التزم فيما مضى بأن يكون كل ذلك من ماله الخاص
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
والجواب أن التزام محمد أحمد جلال بك أن ينفق من ماله الخاص ما يلزم لاسترداد ما اغتصب من أعيان الوقف المذكور بدون رجوع عليه بشىء من ذلك من قبيل التبرع غير الملزم فله أن يعدل عنه فى أى وقت شاء فإذا عدل عنه بعد ان تقرر افراده بالنظر كان له أن يحتسب فى ريع الوقف ما ينفقه بعد ذلك العدول فى استرداد المغصوب وليس له الرجوع على جهة الوقف بما أنفقه قبل ذلك.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال. والله أعلم.
ے(7/71)
وقف الذمى بين الصحة والبطلان
المفتي
عبد المجيد سليم.
ربيع الأول 1361 هجرية - 2 أبريل 1942 م
المبادئ
1 - وقف الذمى مشروط بأن يكون على قربة عندنا وعندهم معا حتى يكون صحيحا.
2 - الوقف منه على ما هو قربة عندنا فقط كالواقف على الحرمين الشريفين - أو على ما هو قربة عندهم فقط كالوقف على القسس والرهبان والمبشرين صحيح بالنسبة لأصله وغير صحيح بالنسبة للموقوف عليهم ويجعل مصرفه لما عدا ذلك من الفقراء والمساكين والأيتام.
3 - الوقف على فقراء كنيسة معينة جائز ويصرف الريع إليهم، وما يجرى على الوقف فى ذلك يجرى على الوصية.
4 - الوقف على المدرسة الإنجيلية جائز ويصرف الريع على مصالحها نظرا لإعدادها لدراسة مختلف العلوم والأشغال اليدوية والمنزلية التى تدرس بمدارس الحكومة
السؤال
من أحمد أفندى قال بتاريخ 12 مايو سنة 1910 لدى محكمة نجع حمادى الشرعية.
صدر وقف من داود بك تكلا وزوجته - الست سيدة بنت فلسطين لمقدار 1009 أفدنة وكسور بالجهات المبينة بتلك الحجة بما يتبع تلك الأطيان من البناء والغراص وغيرهما.
وأنشآ الوقف المذكور على نفسهما مدة حياتهما ينتفع كل منهما بما هو فى حيازته بكل وجوه الانتفاعات الشرعية الوقفية - ثم من بعد وفاة أحدهما يصرف ريع وقفهما بتمامه على من يبقى منهما مدة حياته ولا حق فيه لذريته إلا بعد وفاتهما معا ثم من بعدهما يكون وقفا على الأوجه التى ستشرح فيه - ما هوالربع شائعا فى جميع الأطيان وما بها من نخيل وأشجار وعيون سواق وقفا على الجهات الستة الآتى بيانها وهى 1 - الكنيسة الإنجيلية الشيخية ببهجورة مادامت تابعة لكنيسة الشيخية المتحدة العمومية.
2 - سنورس النيل للكنيسة السيخية المصرية.
3 - المتقاعدون عن العمل من خدام الكلمة بالكنيسة الشيخية المصرية قسوسا ومبشرين بشرط أن يكون تقاعدهم بسبب عاهة أو مرض لا يمكنهم من العمل التبشيرى.
4 - التبشير بالإنجيل فى الديار المصرية والأقطار السودانية بشرط ان يكون التبشير بواسطة سنورس النيل بالكنيسة الشيخية المصرية.
5 - جمعية توزيع الكتب المقدسة التابعة للكنيسة الإنجيلية الشيخية.
6 - العجزة وذوى العاهات والأرامل والأيتام والقصر من الأقباط المسيحيين ببهجورة، بروتستانت وأرثوذكس، ويشترط فى كل من هؤلاء أن يكون عديم الكسب ويصرف ريع هذه الحصة على الجهات الستة المذكورة بالمساواة بينها على الوجه المشروح بها، وباقى الموقوف يكون وقفا على حسب ما هو مبين بالحجة، وشرطا شروطا منها أنهما اشترطا لأنفسهما الشروط العشرة وهى الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال لمن يشاءان متى شاءا وأن يشترطا الشروط المذكورة أو ما يشاءان متى شاءا وأن يجعلا النظر لمن يشاءان متى شاءا، يفعلان ذلك ويكرر انه مرارا عديدة كلما بدا لهما فعله شرعا، وليس لأحد من بعدهما فعل شىء من ذلك بدون أن يشترطا له ذلك، وتحررت بذلك حجة شرعية فى 26 سبتمبر سنة 1910 من المحكمة المذكورة.
وبتاريخ 8 أكتوبر سنة 1931 لدى محكمة اسكندرية الشرعية أشهدت على نفسها الست سيدة فلسطين الواقفة الثانية المذكورة بأنها بتاريخ 26 سبتمبر 1910 أوقفت هى وزوجها داود بك تكلا أطيانا قدرها 1009 أفدنة وكسور بمحكمة نجع حمادى الشرعية.
من ذلك 15 سهما، 23 قيراطا، 633 فدانا شيوعا فى الأطيان المذكورة وقفا من داود بك تكلا والباقى وقدره 10 أسهم، 375 فدانا وقفا للست سيدة فلسطين المذكورة، وجعلاه وقفا على أنفسهما مدة حياتهما ثم من بعد أحدهما يكون جميع الموقوف وقفا على الآخر منهما ومن بعد وفاتهما يكون الربع شائعا فى الأطيان المذكورة جميعها الموقوفة منهما وقدره 252 فدانا وربع فدان تقريبا، من ذلك 93 فدانا وثلاثة أرباع الفدان تقريبا قيمة الربع من أيطان الست المذكورة وباقى الربع من يان زوجها داود بك تكلا المذكور يكون وقفا على الجهات الستة المبينة بكتاب الوقف المذكور (وهى الجهات التى أشرنا إليها قبل) .
وقد أشهدت على نفسها الست سيدة فلسطين المذكورة (بما لها من الشروط العشرة وتكرارها فى الوقف المذكور) بأنها أخرجت من الآن الجهات الستة المذكورة أعلاها مما هو موقوف عليها فى وقفها وقدره 93 فدانا وثلاثة أرباع الفدان تقريبا وجعلته وقفا على مدرسة البنين والبنات التى أنشأها الواقفان المذكوران بناحية بهجورة على الصفة الواضحة بهذه الحجة.
فما هو الحكم الشرعى فى الوقف على الجهات الستة المذكورة بكتاب الوقف الأول، وهل الوقف عليها يعتبر وقفا صحيحا شرعيا أو أن الوقف عليها وقع غير صحيح.
خصوصا وليس فى كتاب الوقف ما يدل على جعل مآله لجهة بر لا تنقطع.
وإذا لم يصح الوقف على هذه الجهات كلها أو بعضها فما حكم الموقوف على من لم يصح الوقف عليه من بينها أرجو التفضل بالجواب ولكم حسن الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف الصادر من محكمة نجع حمادى الشرعية فى 12 مايو سنة 1910 والمحرر بتاريخ 26 سبتمبر سنة 1910 وعلى كتاب وقف المدرسة الصادر أيضا من محكمة نجع حمادى الشرعية بتاريخ 19 مايو سنة 1910 وعلى كتاب التغيير الصادر من الزوجة بمحكمة الاسكندرية الشرعية فى 8 أكتوبر سنة 1931 وقد جاء بكتاب الوقف الأول ما نصه (أشهد الشاهدان المذكوران على أنفسهما حضرة الأمثل داود بك تكلا والست قرينته سيدة الشهادة الشرعية بأنهما وقفا وحبسا وسبلا وخلدا وتصدقا لله سبحانه وتعالى بجميع الأطيان) إلخ وجاء به فى الشروط (ومنها أن مآل هذا الوقف عند انقطاع سبله إلى الفقراء والمساكين من الأقباط المسيحيين أعضاء الكنيسة الإنجيلية الشيخية المصرية والفقرءا والمساكين من الأقباط المسيحيين) الخ - ونفيد أنه قد جاء فى فتوى لنا سابقة صادرة بتاريخ أول فبراير سنة 1936 فى حادثة أخرى ما نصه (أن وقف الذمى على ما هو قربة شرط فيه أن تكون هذه القربة قربة عندنا وعندهم، كوقفه على فقراء ملته أو على فقراء ملة أخرى.
فإن التصدق على الفقراء مطلقا قربة عندنا وعندهم.
أما إذا وقف على ما هو قربة عندنا فقط كالوقف على الحرمين الشريفين أو على ما هو قربة عندهم فقط كالوقف على الرهبان والقسيسين أو المبشرين فهذا الوقف غير صحيح، بمعنى عدم صحة جعل هذه الجهة مصرفا لهذا الوقف، وعلى هذا لا يصح جعل القسيسين والمبشرين المذكورين مصرفا فلا يصح الصرف إليهم شرعا بل يصرف إلى من عداهم من الفقراء والمساكين والأيتام.
فقد جاء فى كتاب الخصاف بصفحة 337 ما نصه (قلت وكذلك إن قال على الرهبان والقسيسين قال هذا باطل قلت فإن خص فقال الرهبان والقسيسين الذين فى بيعه كذا وكذا قال هذا باطل قلت وكذلك إن قال على القوام الذين فى بيعة كذا وكذا قال هذا باطل كله باطل.
قلت فما تقول إن قال جعلت أرضى هذه صدقة موقوفة تجرى غلتها على فقراء بيعة كذا وكذا.
قال هذا جائز من قبل أنه إنما قصد فى هذا إلى الصدقة.
ألا ترى انه لو وقف وقفا على فقراء النصارى أنى أجيز ذلك.
وكذلك لو عم ولم يخص فقال تجرى غلة صدقتى هذه على الفقراء قال هذا جائز، قلت فما تقول إن جعل الذمى أرضا صدقة موقوفة فقال تنفق غلتها على بيعة كذا وكذا فإن خربت هذه البيعة كانت غلة هذه الصدقة بعد النفقة عليها فى الفقراء والمساكين قال يجوز وتكون فى الفقراء والمساكين ولا ينفق على البيعة من ذلك شىء، قلت فما الذى يجوز لأهل البيعة من ذلك قال ما كان عند المسلمين قربة إلى الله تعالى وما كان عند أهل الذمة قربة فاجتمع فيه الأمران من المسلمين ومنهم أنفذته وأمضيته.
وما كان عند أهل الذمة قربة وليس هو بقربة عند المسلمين لم يجز، وكذا ما كان عند المسلمين قربة ولم يكن عند أهل الذمة قربة لم يجز ذلك إلا ما ذكرنا مما خص به قوما بأعيانهم) .
وعلى هذا أفتى صاحب تنقيح الحامدية كما يعلم من الرجوع إليها فى أول كتاب الوقف.
هذا ولا يفوتنا أن نقول إنه قد ظهر لنا أن اشتراط كون القربة قربة عندنا وعندهم فى صحة الوقف عليها يتفق مع ما قاله الصاحبان فى وصية الذمى على ما هو قربة من اشتراط كون هذه القربة قربة عندنا وعندهم، أما على مذهب الإمام من الاكتفاء كبونها قربة عندهم سواء كانت قربة عندنا أيضا أم لا.
فلا يتفق هذا الاشتراط معه، والسبب فى الأخذ بمذهب الصاحبين فى الوقف أن الصاحبين هما اللذان يقولان بلزوم الوقف فكان الاشتراط مبنيا على مذهبهما) انتهى ما قلناه.
وعلى هذا يكون الوقف على الجهات الأولى والثانية والرابعة والخامسة غير صحيح بمعنى عدم صحة جعل هذه الجهات مصرفا للوقف، ويصرف حينئذ ما لكل منها بالنسبة لوقف الزوج للفقراء والمساكين أخذا من قوله فى أول كتاب الوقف.
وقف وحبس وسبل وخلد وتصدق لله سبحانه وتعالى، وإنما لم نخص فقراء ومساكين الأقباط بالصرف لأن الظاهر أن تخصيص ذلك إنما يكون عند انقطاع سبل الوقف جميعها وهى لم تنقطع إلى الآن - على أنه وإن كان يصح الصرف إلى الفقراء والمساكين عامة فإنه يجوز تخصيص فقراء ومساكين الأقباط بالصرف عليها، أما الوقف على الجهتين الثالثة والسادسة فصحيح، لأن المتبادر من المتقاعدين المذكورين فى الوجه الثالث الفقراء منهم، كما أن المتبادر من اليتامى والعجزة فى الوجه السادس الفقراء منهم أيضا، فيصرف لكل منهما ما جعل لها لأنها قربة عندنا وعندهم هذا كله بالنسبة لوقف الزوج، وأما بالنسبة لوقف الزوجة التى حصل منها التغيير المذكور فيصرف ما كانت قد جعلته من وقفها للجهات الست المذكورة لمصالح المدرسة طبقا لما جاء بإشهاد التغيير، لأن الظاهر أن المدرسة تصلح أن تكون مصرفا نظرا لإعدادها لدراسة مختلف العلوم والأشغال اليدوية والمنزلية التى تدرس فى مدارس وزارة المعارف العمومية.
وبهذا علم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/72)
وقف استحقاقى من ذمى على ذمى أسلم
المفتي
حسن مأمون.
محرم 1375 هجرية - 13 سبتمبر 1955 م
المبادئ
1 - إسلام المسيحى الموقوف عليه من واقف مسيحى غير مانع من استحقاقه فى الوقف ولو كان الموقوف عليه من ورثته.
2 - اختلاف الدين لا تأثير له فى الاستحقاق فى الوقف ما دام الواقف لم يشترط ذلك.
3 - بوفاة من أسلم قبل القانون 180 لسنة 1952 ينتقل استحقاقه إلى أولاده بالسوية بين الذكر والأنثى عملا بشرط الواقف، وبصدور القانون 180 لسنة 1952 يصبح نصيب كل فرد ملكا له
السؤال
من السيد / عبد الحميد عثمان.
بما يتضمنه الجو اب
الجواب
اطلعنا على السؤال المقدم من السيد / عبد الحميد عثمان المقيد برقم 673 فى 14/5/1955 م وعلى صورة رسمية من كتاب الوقف الصدر من الست ظريفة مرجان متياس أمام محكمة مصر الكبرى الشرعية بتاريخ 14 مارس سنة 1900 وتبين منه أنها جعلت وقفها هذا حصصا والحصة الأولى وقدرها ستة قراريط وثلثا قيراط من كامل وقفها المذكور تكون وقفا على ابنها متى يوسف جرجس الأهوانى ثم من بعده فعلى أولاده ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ثم على أولاد أولاده كذلك وقفا مرتب الطبقات ومشروط فيه أن من مات منهم قبل دخوله فى هذا الوقف أو بعده انتقل نصيبه إلى فرعه فإن لم يمكن له فرع فلإخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق إلى آخر ما جاء بإنشاء هذه الحصة، وتبين من السؤال أن متى المذكور قد توفى بعد أن استحق هذه الحصة عن أبنائه الثلاثة وهم عزيز، شفيق، فوزى وقد اعتنق ابنه فوزى الإسلام وظل مسلما إلى أن توفى فى أغسطس سنة 1952 م عن أولاده - وطلب السائل معرفة الحكم الشرعى فى استحقاق فوزى المذكور بعد أن أسلم، وهل إسلامه مانع من الاستحقاق فى هذا الوقف، وهل بوفاته ينتقل هذا الاستحقاق لأولاده أولا وهل يصير ملكا لهم بمقتضى القانون رقم 180 سنة 1952 م والجو اب إن إسلام المسيحى الموقوف عليه من واقف مسيحى غير مانع من استحقاقه فيه ولو كان الذى أسلم من ورثة هذا الواقف، لأن اختلاف الدين لا تأثير له فى الاستحقاق فى الوقف ما دام لم يشترط الواقف ذلك فقد جاء فى فتاوى تنقيح الحامدية سئل فيما إذا أنشأ ذمى وقفه على نفسه ثم من بعده على أولاده وذريته الخ ومات وانحصر ريعه فى جماعة من ذريته ثم أسلم أحد منهم فهل يستمر نصيبه فى ريع الوقف مستحقا له ولا يحرمه وشرط الواقف النظر للأرشد صحيح يتولاه أرشدهم من الذرية دون غيره (الجواب نعم) وعلى ذلك فيستحق فوزى الذى أسلم ثلث الحصة الموقوفة على أبيه متى المسيحى، ثم بوفاة فوزى الذكور فى أغسطس سنة 1952 م بعد الاستحقاق عن أولاده ينتقل نصيبه وهو ثلث الحصة المذكورة إليهم بالسوية بين الذكر والأنثى وذلك كله عملا بقول الواقفة، فالحصة التى قدرها ستة قراريط وثلثا قيراط تكون وقفا على ابنها متى أفندى يوسف بن يوسف جرجس الهوانى ينتفع بها مدة حياته، ثم من بعده يكون ذلك وقفا على على أولاده ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ثم على أولادهم كذلك الخ - وبصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 م الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يصبح نصيب كل واحد من أولاد فوزى المشار إليهم ملكا له يتصرف فيه تصرف الملاك منفعة وعينا طبقا للمادة الثالثة من هذا القانون، وبهذا علم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/73)
وقف المسيحى على فقراء النصارى
المفتي
حسن مأمون.
صفر 1375 هجرية - 18 سبتمبر 1955 م
المبادئ
1 - الوقف الصادر من غير المسلم على جهات بر غير إسلامية يكون النظر عليه لمن تعينه المحكمة الشرعية إلا إذا كان النظر مشروطا للواقف نفسه.
2 - لا يعزل الناظر على وقف غير المسلم بصدور قوانين الوقف مادام تعيينه غير مخالف لأحكامها
السؤال
من الأستاذ أبو العز عريبى قال بما تضمنه الجو اب
الجواب
اطلعنا على السؤال وعلى صورتين رسميتين من كتابى الوقف والتغيير المشار إليهما - وتبين أن الواقف وهو جريس جبرائيل عبد السيد المسيحى وقف الأعيان المبينة بكتاب وقفه وقفا خيريا على فقراء النصارى الأقباط الكاثوليك أينما كانوا وحينما وجدوا أبد الآبدين ودهر الداهرين - وتبين من السؤال أنه بتاريخ 4 يولية سنة 1936 صدر قرار من هيئة تصرفات محكمة الاسكندرية الشرعية فى المادة رقم 197 صدر قرار من هيئة تصرفات محكمة الإسكندرية الشرعية فى المادة رقم 197 سنة 35/1936 بإقامة يحيى فؤاد جريس ناظرا على هذا الوقف لإدارة شئونه.
وذلك بعد وفاة الواقف ومن كان ناظرا على هذا الوقف، وأن يحيى فؤاد جريس لازال على قيد الحياة إلى الآن وواضعا يده على أعيان الوقف ويدير شئونه بصفته ناظرا ولم ينازعه أحد فى هذا ولم يصدر قرار بعزله من النظر.
وطلب السائل معرفة ما إذا كانت صفة النظر تبقى له بعد صدور القانون رقم 547 لسنة 1953 الخاص بشأن على الأوقاف الخيرية وأن نظارته انتهت بحكم هذا القانون ويحتاج إلى رفع الأمر إلى المحكمة المختصة لتعيين ناظر على هذا الوقف.
وهل يجوز له بهذه الصفة أن يطلب استبدال أعيان هذا الوقف بما فيه فائدة أفضل لجهة الوقف والموقوف عليهم أولا والجو اب عن السؤال الأول - إن المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 الخاص بشأن النظر على الأوقاف الخيرية ومن القانونين المعدلين له وهما رقم 547 لسنة 1953 ورقم 296 لسنة 1954 نصت على أنه (إذا كان الوقف على جهة بر كان النظر عليه بحكم هذا القانون لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه) وقد استثنى من نص هذه المادة الأوقاف الصادرة من غير المسلمين على جهات غير إسلامية بأن يكون النظر على هذه الأوقاف لمن تعينه المحكمة الشرعية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه.
وقد جاء هذا الاستثناء فى المادة الثالثة من القانون الأول وعدلت بالمادة الثانية من القانون الثانى التى استقر رأى المشرع عليها.
نصها (ومع ذلك إذا كان الواقف غير مسلم والمصرف غير جهة إسلامية كان النظر لمن تعينه المحكمة الشرعية ما لم يشترط الواقف لنفسه) فغرض المشرع من هذه المادة استثناء الأوقاف المذكورة بها من عموم المادة السابقة مع بيان الطريقة التى يعين بها ناظر مثل هذه الأوقاف عند خلوها من النظر وقت صدور هذه القوانين أو عند انتهاء نظارة من كان ناظرا عليها ولم يقصد عزل الناظر عليها وقت صدورها إذا كان تولية النظر غير مخالف لأحكام هذه القوانين.
وبما ان هذا الواقف غير مسلم والمصرف جهة غيره إسلامية.
وأن يحيى فؤاد جريس الناظر على هذا الوقف قد عينته المحكمة الشرعية المختصة سنة 1936 وتعيينه مطابق لشرط المادة المذكورة ولا يوجد فى هذه القوانين كما ذكر ولا فى غيرها ما يقتضى عزله فيبقى فى النظر على هذا الوقف إلى أن يجد ما يقتضى عزله من المحكمة الشرعية المختصة.
عن السؤال الثانى إنه يجوز لهذا الناظر أن يمثل جهة الوقف ويطلب من المحكمة الشرعية المختصة استبدال أعيان هذا الوقف طبقا للمادة 13 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 والمحكمة تفصل بما تراه صالحا لجهة الوقف والموقوف عليهم.
وبهذا علم الجواب عن السؤال بشقيه حيث كان الحال كان ذكر به.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/74)
وقف المعدوم
المفتي
أحمد هريدى.
رمضان 1382 هجرية - 4 فبراير 1963 م
المبادئ
1 - من شروط صحة الوقف أن تكون العين المراد وقفها ملكا للواقف وقت الوقف.
2 - وقف الأرض التى أكلها النهر قبل وقفها باطل لخروجها عن ملك الواقفة وقت وقفها.
3 - التعويض المقدر من الحومة عما أكله النهر قبل الوقف يكون تعويضا عن أرض مملوكة ويدخل ضمن تركة الواقفة ويورث ضمن ما يورث عنها شرعا
السؤال
اطلعنا على الطلب المقدم من السيد / محمد محمود وعلى كتاب الوقف المرافق له - وتضمن كتاب الوقف أن المرحومة عيوشة أحمد جابر وقفت بالإشهاد الصدر منها بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية بتاريخ 19 أبريل سنة 1928 الأطيان الزراعية البالغ قدرها 140 فدانا و 5 قراريط و 18 سهما الكائنة بناحيتى آبو عزيز ونزلة عمر مركز بنى مزار المبنية الحدود والمعالم وطريق الملكية بالإشهاد المذكور، وانشأت الواقفة المذكورة وقفها على نفسها مدة حياتا ثم من بعدها على بنتها زهرة ثم من بعدها على زينب حسين كامل بنت بنتها زهرة ثم على أولاد زينب المذكورة ذكورا وإناثا بالسوية بينهم إلى آخر ما جاء بالإنشاء، وشرطت الواقعة شروطا منها أن يصرف من ريع الوقف بعد وفاتها ريع ستة عشر فدانا على جهات خيرية عينتها وتضمن الطلب أن الواقفة حين وقفت هذا الوقف فى 19 أبريل سنة 1928 لم يكن فى الطبيعة من هذا القدر الموقوف سوى 81 فدانا و19 قيراطا و 5 أسهم كما هو ثابت من المكلفة الصادرة من محافظة المنيا عن هذه الأطيان عن سنة 1927 أى قبل صدور الوقف ذاته.
والباقى من الموقوف كان قد استغرق بأكل النهر المجاور للأطيان قبل الوقف وطلب السائل الإفادة عن الآتى ز هل يكون الوقف صحيحا إذا ورد على عين معروفة وغير موجودة فى الطبيعة عند صدور الوقف.
وإذا لم تكن موجودة بفعل أكل النهر وعوضت الحكومة عنها مالا نقديا.
فهل يكون هذا المال (حق التعويض) مما يورث عن الواقفة لورثتها أم يتبع الوقف وبالتالى يستحق لمن آل إليه الاستحقاق فى الوقف
الجواب
المنصوص عليه فقها أنه يشترط لجواز الوقف أن تكون العين المراد وقفها مملوكة ملكا باتا للواقف وقت الوقف - وجاء فى الدر المختار ص 555 جزء ثالث (وشرطه شرط سائر التبرعات وعلق عليه ابن عابدين فى رد المحتار بقوله (أفاد أن الواقف لابد أن يكون مالكا له وقت الوقف ملكا باتا ولو بسبب فاسد الخ) وجاء فى الفتاوى الهندية جزء 2 ص 353 وما بعدها عند ذكر شرائط الوقف (ومنها الملك وقت الوقف حتى لو غصب أرضا فوقفها ثم اشتراها من مالكها ودفع الثمن إليه أو صالح على مال دفعه إليه لا يكون وقفا - كذا فى البحر الرائق ثم قال ويتفرع على اشتراط الملك أنه لا يجوز وقف الإقطاعات إلا إذا كانت الأرض مواتا أو كانت ملكا للإمام فأقطعها الإمام رجلا.
وأنه لا يجوز وقف الحوز للإمام لأنه ليس بمالك لها) وبما أن الطالب يقرر أن الواقفة حين وقفت وقفها المذكور الصادر فى سنة 1928 والبالغ قدره 140 فدانا لم يكن فى الطبيعة من هذا القدر الموقوف سوى 81 فدانا كما هو ثابت من المكلفة الصادرة من محافظة المنيا فى سنة 1927 عن هذه الأطيان.
أى قبل صدور الوقف من الواقفة. وأن ما زاد على ال- 81 فدانا مما وقفته قد ذهب واستغرق فى أكل النهر، وبما أن ما يذهب فى أكل البحر يخرج عن ملك مالكه.
وبما ان الواقفة قد ضمنت وقفها قدرا مما أكله البحر فيكون وقفها لهذا القدر غير صحيح ويقع الوقف فيه باطلا لنه قد ورد على ارض غير مملوكة للواقفة ملكا باتا حين الوقف.
ومن شروط صحة الوقف كما سبق بيانه ملكية العين الموقوفة وقت الوقف.
وبالتالى يكون التعويض الذى قررته الحكومة لما أكله النهر قبل الوقف تعويضا عن أرض مملوكة ويكون ضمن تركة الواقفة وأملاكها التى تورث عنها ويستحقها ورثتها الشرعيون لا مستحقو الوقف ومما ذكر يعلم الجواب إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال والله أعلم(7/75)
شراء الكتب الموقوفة وبيعها
المفتي
عبد المجيد سليم.
ربيع الأول 1338 هجرية - 14 أغسطس 1929 م
المبادئ
1 - الخط ليس بحجة إلا فى أحوال مخصوصة.
2 - لو كان على باب الدار لوح مضروب ينطق بالوقف لا يجوز للقاضى أن يقضى بالوقف ما لم تشهد الشهود.
3 - قول ذى اليد بملكيته لما فى يده معتبر شرعا ما لم تقم حجة شرعية على خلاف ذلك.
4 - شراء الكتب ممن هى فى يده جائز شرعا ولا حرمة فيه إذا لم تقم حجة شرعية على أنها وقف والتصرف فيها بأى ضرب من ضروب التصرف جائز والتنزه عن ذلك أفضل
السؤال
من الشيخ عبيد إخوان صاحب المكتبة العربية فى دمشق بما صورته وبعد فنحن بائعو كتب وربما عرض علينا كتب موقوفة وهى على أنواع منها ما كتب عليه وقف فقط ومنها ما كتب عليه وقف لله تعالى ومنها ما كتب عليه وقف على طلبة العلم أو على فئة مخصوصة منهم ومنها ما كتب عليه وقف لله تعالى على أولاد فلان وذريته وقد يكون هذا الرجل معروفا وقد يكون غير معروف ومنها ما كتب عليه وقف على الجهة الفلانية من مسجد أو مكتبة أو نحوهما وقد تكون هذه الجهة معروفة وقد تكون مجهولة فهل يجوز لنا أن نشترى هذه الأنواع أو نبيعها أو نشترى شيئا منها ونبيعه ثم قد نشترى طائفة كبيرة من الكتب صفقة واحدة على أنها غير موقوفة فيظهر لنا بعد حين أن بعضها موقوف فهل يجوز لنا بيع ما كان كذلك نرجو من فضيلتكم بيان حكم الله تعالى فى هاته البيوع لكنون على بصيرة فيما نأتى وما ندع والله لا يضيع أجر المحسنين
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال - ونفيد أولا أن فقهاء الحنفية جروا على أن الخط ليس بحجة إلا فى أحوال مخصوصة ليس ما فى السؤال منها ومن أجل ذلك قالوا إن كتاب الوقف الذى ليس له أصل محفوظ فى دواوين القضاة ليس بحجة.
قال فى تنقيح الحامدية نقلا عن الخانية ما نصه (رجل فى يده ضيعة فجاء رجل وادعى أنها وقف وأحضر صكا فيه خطوط العدول والقضاة الماضية وطلب من القاضى القضاء بهذا الصك قالوا ليس للقاضى أن يقضى بذلك الصك لأن القاضى إنما يقضى بالحجة والحجة هى البينة أو الإقرار وأما الصك فلا يصلح حجة لأن الخط يشبه الخط وكذا لو كان على باب الدار لوح مضروب ينطق بالوقف لا يجوز للقاضى أن يقضى بالوقف ما لم تشهد الشهود) .
وثانيا - أنه قد جاء فى المبسوط ما نصه (ولو اشترى طعاما أو جارية أو ملك ذلك بهبة أو ميراث أو صدقة أو وصية فجاء مسلم ثقة فشهد أن هذا لفلان الفلانى غصبه منه البائع أو الواهب أو الميت فأحب إلى أن يتنزه عن أكله وشربه والوضوء منه ووطء الجارية لأن خبر الواحد يمكن ريبة فى قلبه والتنزه عن مواضع الربية أولى وإن لم يتنزه كان فى سعة من ذلك لأن المخبر هنا لم يخبر بحرمة العين إنما أخبر أن من تملكه من جهته لم يكن مالكا وهو مكذب فى هذا الخبر شرعا فإن الشرع جعل صاحب اليد مالكا باعتبار يده ولهذا لو نازعه فيه غيره كان القول قوله وعلى هذا أيضا لو أذن له ذو اليد فى تناول طعامه وشرابه فأخبره ثقة أن هذا الطعام والشراب فى يده غصب من فلان وذو اليد يكذبه وهو متهم غير ثقة فإن تنزه عن تناوله كان أولى وإن لم يتنزه كان فى سعة وفى الماء إذا لم يجد وضوءا غيره توضأ به ولم يتيمم لأن الشرع جعل الوقل قول ذى اليد فيما فى يده) .
ثم جاء به بعد كلام ما نصه (ولو أن رجلا مسملا شهد عنده رجل أن هذه الجارية التى هى فى يد فلان وهى مقرة له بالرق أمة لفلان غصبها والذى فى يده يجحد ذلك وهو غير مأمون على ما ذكر فأحب إلى أن لا يشتريها، وإن اشتراها ووطئها فهو فى سعة من ذلك لأن المخبر مكذب فيما أخبر به شرعا والقول قول ذى اليد أنها مملوكة له فله أن يعتمد الدليل اشرعى فيشتريها وإن احتاط فلم يشترها كان أولى له لأنه متمكن من تحصيل مقصوده بغيرها، وابن مسعود رضى الله عنه كان يقول فى مثله كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الحرام، ولو أخبره أنها حرة الأصل أو أنها كانت أمة لهذا الذى فى يده فأعتقها وهو مسلم ثقة فهذا والأول سواء كما بيننا أن المخبر مكذب شرعا وأن تصادقهما على أنها مملوكة لذى اليد حجة شرعا فى إثبات الملك له فللمشترى أن يعتمد الحجة الشرعية والتنزه أفضل) .
ومن هذه يعلم أن للشخص أن يعتمد على قول ذى اليد أن ما فى يده مملوك له لأن الشرع جعل صاحب اليد مالكا باعتبار يده واعتبر يده دليلا شرعيا على الملك فما لم تقم حجة شرعية على أن الأمر بخلاف ما ذكر صاحب اليد فللمرء أن يعتمد قوله ويشترى منه ما فى يده والأفضل له أن يتنزه فلا يشترى - ومن ههنا تبين أن شراء هذه الكتب ممن هى فى يده جائز شرعا ولا حرمة فيه إذا لم تقم حجة شرعية على أنها وقف، لما علم سابقا من أن مجرد الخطط ليس بحجة عند الحنفية وتبين أيضا أنه يجوزله التصرف فيها بأى ضرب من ضروب التصرف ولكن إذا تنزه المرء عن هذا كله كان أولى.
وأفضل اجتنابا لما فيه الريبة وقد قال عليه الصلاة والسلام (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) أما إذا قامت حجة شرعية على أنها وقف فلا يجوز التصرف فيها بأى ضرب من التصرفات السابقة بل يجب ردها لجهة وقفها هذا والله سبحانه وتعالى أعلم(7/76)
شراء دواليب لحفظ كتب موقوفة من ريع ما هو موقوف عليها
المفتي
عبد المجيد سليم.
رجب 1351 هجرية - 9 نوفمبر 1932 م
المبادئ
يجوز شراء دواليب لحفظ الكتب الموقوفة من ريع ما هو موقوف ولو لم يكن ذلك مشروطا بعبارة الواقف لأنه مشروط اقتضاء
السؤال
من المعاهد الدينية بالآتى مشروط فى وقف المرحوم عمر باشا لطفى صرف ريع قيراط من اصل 24 قيراطا من الموقوف فى ثمن كتب تشترى وتوضع بكتبخانة الجامع الأزهر لانتفاع المدرسين والمجاورين بالتدريس بها والمراجعة فيها وإصلاح ما يرى إصلاحه منها بحسب ما يراه شيخ الجامع الزهر فنرسل مع هذا شرط الواقف المذكور.
رجاء التفضل بإفادتنا هل إذا دعت الضرورة إلى شراء دواليب لحفظ الكتب المذكورة يجوز أخذ المال اللازم لذلك من ريع الوقف الموضح
الجواب
اطلعنا على خطاب فضيلتكم المؤرخ 29 أكتوبر سنة 1932 رقم 1142 وعلى عبارة الواقف الواردة بملخص وقفيته المرافق لهذا الخطاب التى نصها (وريع قيراط من أصل أربعة وعشرين قيراطا يصرف ريعه فى ثمن كتب شرعية دينية إسلامية وآلية من الجارى التدريس بها أو المراجعة فيها بالجامع الأزهر توقف الكتب المذكورة وتوضع بكتبخانة الجامع الأزهر لانتفاع المدرسين والمجاورين بالجامع الأزهر بالتدريس بها والمراجعة فيها وإصلاح ما يرى إصلاحه من الكتب المذكورة وتكملة ما ينقص منها حسب المعتاد بحسب ما يراه حضرة شيخ الجامع الأزهر) ونفيد - بأنه إذا دعت الضرورة إلى شراء دواليب لحفظ الكتب المذكورة يجوز شراؤها من ريع القيراط المذكور لأن هذا وإن لم يكن مشروطا بدلالة العبارة فهو مشروط اقتضاء لأن بقاء هذه الكتب الموقوفة على وجه الدوام فى مثلها لا يكون إلا بما يحفظها ويصونها، فهل مثل ما قاله الفقهاء من أن الواقف إذا لم يشرط عمارة العين الموقوفة صراحة فهى مشروطة اقتضاء هذا ما ظهر لنا.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/77)
حكم أثاث وأدوات المنزل الموقوف
المفتي
عبد المجيد سليم.
ربيع الأول 1359 هجرية - 7 أبريل 1940 م
المبادئ
أثاث المنزل ومفروشاته تكون ملكا للواقف ولا تدخل شرعا فى وقف المنزل إلا إذا ذكر ذلك صراحة أو وجدت قرينة دالة على أنه يريد تمليك المنفعة
السؤال
من أحمد عامر ورد فى كتاب الوقف والتغيير الصادر من المرحوم إبراهيم باشا مراد بتاريخ 20 أبريل سنة 1919 بمحكمة بلبيس الشرعية النص الآتى (ويتبع كل منزل منهما جميع ما به من الأثاث والمفروشات والموبيليات وأدوات السفر وخلافها وتكون ملكا للموقوف عليه المنزل) فهل يعتبر هذا النص دليلا كافيا وحده على وقف ما بالمنزلين من الأثاث والمفروشات وما معها مما ورد ذكره سابقا ويكون ما ورد بالعبارة (وتكون ملكا للموقوف عليه المنزلين مقصودا منه بيان جهة الاستسحقاق ويكون المقصود بالملكية المنفعة والانتفاع بهذه الأشياء أم لا يعتبر ذلك وقف ما ذكر
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى كتاب الوقف الصادر فى 4 أغسطس سنة 1906 وقد جاء به بعد وقف الأطيان ما نصه (وجميع أرض وبناء المنزل وما يتبعه من السلاملك والاصطبل والعربخانة إلخ) وجاء به أيضا (المشتمل المنزل المذكور على بدروم وثلاثة أدوار علوية والمشتمل السلاملك المذكور على بدروم ودور علوه وما يتبع ذلك من المنافع والمرافق والحقوق إلخ) كما اطلعنا على صورة غير رسمية من إشهاد التغيير الصادر من محكمة الجيزة الشرعية فى 17 فبراير سنة 1927 لا فى 20 أبريل سنة 1919 بمحكمة بلبيس الشرعية كما جاء بالسؤال أو هذا تاريخ لإشهاد آخر غير الإشهاد الذى وردت به العبارة المذكورة بالسؤال.
ونفيد أن هذه العبارة لا تدل على أن الواقف يريد وقف الأثاث والمفروشات والموبيليات وأدوات السفرة وخلافها ولا تدل أيضا على سابقة وقفها تبعا لوقف المنزلين بل قوله وتكون ملكا صريح فى عدم وقفها ولا قرينة على أنه يريد تمليك المنفعة، ويؤيد هذا أن الموثق لم يأخذ رسما إلا على ما سبق وقفه من أرض وبناء المنزلين، إذ اعتمد فى ذلك على عوائد فتبين أن المنقولات المذكورة فى العبارة سالفة الذكر لا تزال ملكا إذ لا تدخل شرعا فى وقف المنزل إلا بالذكر ولم يوجد فى كتاب الوقف ولا فى إشهاد التغيير ذلك لوقفها.
هذا ما ظهر لنا والله أعلم(7/78)
أوقاف الملوك والأمراء
المفتي
محمد بخيت.
ذو الحجة 13365 هجرية - 11 سبتمبر 1918 م
المبادئ
أوقاف الملوك والأمراء وغيرهم صحيحية متى استجمعت شروطها المعتبرة شرعا وتراعى شروط واقفيها ولا تجوز مخالفتها متى علمت تلك الشروط
السؤال
من حضرة قاضى محكمة خليل الرحمن الشرعية سؤالا مرفقا بجواب من حضرته مؤرخ 25 شعبان سنة 1336 نمرة 59 وصورة السؤال فى جملة من القرى والمزارع والدكاكين وغيرها بأراضى فلسطين من أعمال القدس الشريف وخليل الرحمن ويافا وغزة ونابلس وجهات أخرى اشتراها جماعة من أهل الخير والصلاح من ملوك وأمراء وغيرهم بمالهم الخاص بهم من وكيل بيت المال شراء حصحيا شرعيا، وبعد تملكهم لها بالوجه الشرعى أوقفوها وهم يملكونها علىمصالح حرم سيدنا خليل الرحمن على إقامة شعائر الدين فيه من أئمة وخطباء ومدرسين ومؤذنين وتربداريه وفراشين وبوابين ومكنسين وغيرهم، وعلى السماط الذى يعمل للفقراء القاطنين بمدينة الخليل والواردين لزيارة هذا النبى الكريم وعلى فقراء أهالى مدينة الخليل أيضا، وإذا تعذر الصرف للجهات المذكورة والعياذ بالله تعالى يصرف على فقراء بيت المقدس بحسب ما يراه الناظر وإذا تعذر الصرف لفقراء بيت المقدس والعياذ بالله يصرف لفقراء المسلمين أينما وجدوا، وإذا زال التعذر يعود صرفها للجهات المذكورة حسب الترتيب المذكور، وأن هذا الأوقاف محررة بصكوك شرعية مأمونة ومحفوظة من شبهة التزوير والتضييع حيث إنها موضوعة من قديم الزمان للآن فى حرم السيد الخليل بصندوق الوقف تحت نظارة مدير الأوقاف ومجلسه وعليها تواقيع من جملة مشاهير القضاة وجارى التناول لبعض من واردات الأوقاف المذكورة وفقا لبعض شروط الواقفين والقسم الأعظم منها كانت دولة الترك تأخذها تغلبا وتصرفها على خلاف شرط الواقف والآن زال هذا التغلب.
فهل والحالة هذه يجب صرف جميع واردات الأوقاف المذكورة على مصالح الحرم المشار إليه وعلى شعائره والسماط والفقراء الموجودين بمدينة خليل الرحمن لعدم التعذر وفقا لشروط الواقفين أم لا أفيدوا الجواب ولكم الثواب من الملك الوهاب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال - ونفيد أنه قال فى شرح الدر المختار بهامش رد المحتار بصحيفة 399 جزء ثالث طبعة أميرية سنة 1286 ما نصه (وفى النهر عن الواقعات لو أراد السلطان شراءها لنفسه يأمر غيره ببيعها ثم يشتريها منه لنفسه وإذا لم تعرف الحال فى الشراء من بيت المال فالأصل الصحة وبه عرف صحة وقف المشتراة فى بيت المال وأن شروط الواقفين صحيحة) .
قال فى حاشية رد المحتار عليه بالصحيفة المذكورة وحاصلة أن من اشترى أرضا مما صار لبيت المال فقد ملكها وإن لم يعرف حال الشراء حملا له على الصحة وحيث ملكها بالشراء صح وقفه لها وتراعى شروط وقفه، قال فى التحفة المرضية سواء كان سلطانا أو أميرا أو غيرهما وما ذكره الجلال السيوطى من أنه لا تراعى شروطه إن كان سلطانا أو أميرا وأنه يستحق ريعه من يستحق فى بيت المال من غير مباشرة للواظائف لمحمول على ما إذا وصلت للواقف بإقطاع السلطان إياه من بيت المال.
وحاصله أن ما ذكره السيوطى لا يخالف ما قلنا لانه محمول على ما إذا لم يعرف شراء الواقف لها من بيت المال بل وصلت إليه بإقطاع السلطان لها، أى بأن جعل له خراجها مع بقاء عينها لبيت المال فلم يصح وقفه لها ولا تلزم شروطه بخلاف ما إذا ملكها ثم وقفها كما قلنا.
ملخصا من رد المحتار - لكن ما ذكره فى أنها إذا وصلت إليه بإقطاع السلطان لم يصح وقفه لها ولا تلزم شروطه مبنى على أن الإقطاع عبارة عن تمليك الخراج من بقاء رقبة الأرض لبيت المال كما يصرح بذلك قوله بأن جعل له خراجها مع بقاء عينها لبيت المال، أما على ما ذكره فى رد المحتار أيضا من باب العشر والخراج بعد نقله عبارة الإمام أبى يوسف فى كتاب الخراج من قوله فهذا يدل على أن للإمام أن يعطى الأرض من بيت المال على وجه التمليك لرقبتها.
كما يعطى المال حيث رأى المصلحة إذ لا فرق بين الأرض والمال فى الدفع للمستحق.
فلا شك فى صحة وقفه أى المقطع له وقفا حقيقيا وحينئذ فتراعى شروطه ولا سبيل إلى نقضه، وما ذكره بعضهم من عدم صحة وقف المقطع له فالمراد بالمقطع له من جعل له خراجها دون رقبتها، والمراد بعدم صحة الوقف أنه لا يكون وقفا حقيقيا وإن كان إرصاجا صحيحا على مصارف بيت المال كما أفاد ذلك فى رد المحتار أيضا جوابا عن كلام العلامة قاسم فى رسالته حيث أفتى بصحة الوقف من بيت المال على مصالح مسجد وأفتى بأن سلطانا آخر لا يملك إبطاله إلى آخر ما قاله فى الفتاوى المهدية بصحيفة 646 وما بعدها جزء ثان من أن التحقيق أيضا صحة الوقف من بيت المال ولو على معينين إذا جعل مآله إلى الفقراء وغيرهم من مصارف بيت المال نظرا للمآل، كما أفاده العلامة ابن نجيم ونقله صاحب الرسالة المسماة عطية الرحمن فى صحة إرصاد الجوامك والأطيان، ونقلها فى الفتاوى المهدية بتمامها - فتلخص أن الأراضى إما أن تكون مملوكة الرقبة كالموات التى أحييت بإذن ولى الأمر أو اشتريت من بيت المال أو اقتطعت وقبتها للمصلحة فى ذلك أولا تكون مملوكة الرقبة كالأراضى التى آلت لبيت المال، فإذا كانت الأراضى مملوكة الرقبة يصح وقفها ويكون وقفا حقيقيا إذا استجمع شرائطه المعتبرة شرعا وحينئذ تراعى شروط واقفها - وإذا كانت الأرض غير مملوكة الرقبة بأن آلت لبيت المال فإيقافها لا يخلو الخال فيه إما أن تكون من قبل ولى الأمر على مصارف بيت المال كالمجاهدين والعمال والعلماء والمفتين والقضاة والأرامل والفقراء والمساجد، أو على معينين مع جعل المآل لمن ذكروا من جهات مصارف بيت المال المذكورة - وإما أن يكون الإيقاف لتلك الأرض بإذن ولى الأمر من قبل من أقطع له ولى الأمر خراجها مع بقاء رقبتها لبيت المال ممن يكون من مصارف بيت المال على من ذكروا، وعلى كل حال من حالتى وقف الأرض الغير مملوكة الرقبة فالوقف صحيح لا على أنه وقف حقيقى بل على أنه إرصاد لا يجوز نقضه ولا إخراجه عن مستحقيه الذين هم من مصارف بيت المال حيث كانت لمصلحة من مصالح عامة المسلمين ولو باعتبار المآل بأن كان على معين وجعل مآله لمصرف من مصالح بيت المال المذكورة إلا أنه لكونه ليس وقفا حقيقيا لا تراعى شروطه، والمراد عن عدم مراعاة شروطه أن للإمام أو نائبه أن يزيد فى شروطه وينقص ونحو ذلك وليس المراد أن يصرفها عن الجهة المعينة بأن يقطع وظائف العلماء ويصرفها إلى غيرهم كما يستفاد كل ذلك مما نقلناه عن رد المحتار والفتاوى المهدية وما نقله فى الرسالة المسماة عطية الرحمن المار ذكرها - ومن ذلك يعلم أن القرى والمزارع والدكاكين وغيرها بأراضى فلسطين من أعمال القدس وخليل الرحمن ويافا وغزة ونابلس وجهات أخرى متى كان واقفوها سواء كانوا من الملوك أو أمراء أو غيرهم اشتروها بمالهم الخاص بهم بالطريق الشرعى ووقفوها وهم يملكونها وقفا صحيحا شرعيا على حرم سيدنا خليل الرحمن وعلى إقامة شعائر الدين إلى آخر ما هو مذكور بالسؤال كانت هذه الوقاف أوقافا حقيقية تراعى شروط واقفيها ويجب صرف جميع واردات الأوقاف المذكورة على موافقة شروط واقفيها، ولا تجوز مخالفة شروط واقفيها متى علمت تلك الشروط لأن شركط الواقف المعتبر كنص الشارع فى الفهم والدلالة ووجوب العمل به كما صرح بذلك فى الدر المختار ولد المحتار وغيرهما من كتب المذهب المعتبرة.
والله أعلم(7/79)
الزيادة والنقص حق للامام أو نائبه
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
شوال 1344 هجرية - 10 مايو 1926 م
المبادئ
الغلال التى ترسل إلى فقراء مكة والمدينة لا مانع من إرسال قيمتها نقدا لأنها إرصادات من بيت المال ولا تجب مراعاة شروط واقفيها، بل للإمام أو نائبه أن يغير فيها بالزيادة والنقص بشرط ألا تخرج عن الجهة التى عينت لها
السؤال
بخطاب وزارة الداخلية تاريخ 5 مايو سنة 1926 نمرة 73 - 1 بما صورته.
مدرج بميزانية قافلة المحمل الشريف سنة 1926 وسنة 1927 مبلغ 40470 جنيها على ذمة ثمن ومصاريف نقل 20235 إردبا من القمح لفقراء مكة والمدينة المنورة وهذا المبلغ يدرج فى كل سنة بحسب الثمن الشمترى به فى السنة التى قبلها وهذا المقرر مرتب لأهالى الجهتين المذكورتين بصفة صدقات ويرجع تاريخ تقريرها إلى ساكنى الجنان السلطان سليم خان والسلطان سليمان خان حسب المدون بالفرمانات الشهانية الصادرة إلى المغفور له محمد على باشا والى مصر - وحيث إن حضرة صاحب الجلالة ملك الحجاز قد اقترح الآن على الحكومة المصرية أفضلية إرسال قيمة المرتب المقرر لهذه الغلال نقدا لا صنفا، وبما أن أساس الأوامر الصادرة هى أن نرسل هذه الغلال صنفا لا نقدا فبناء عليه نرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتنا عما إذا كان يصح استبدال هذه الغلال بنقود أم لا هذا مع الإحاطة بأن الوزارة لا يوجد لديها ما يمنع من الموافقة على إجابة هذا الطلبة
الجواب
علم ما جاء بخطاب سعادتكم بتاريخ 5 مايو سنة 1926 نمرة 73 إدارة بخصوص مرتب قمح الحجاز المقرر لفقراء مكة المكرمة والمدينة المنورة من عهد ساكنى الجنان السلطان سليم خان والسلطان وسليمان خان المتضمن ذلك الخطاب أن حضرة صاحب الجلالة ملك الحجاز قد اقترح الآن على الحكومة المصرية أفضلية إرسال قيمة المرتب المقرر لهذه الغلال نقدا لا صنفا ويراد الإفادة منا عما إذا كان يصح استبدال هذه الغلال بنقود أم لا - والذى يظهر أن هذه الصدقات إنما هى إرصادات من بيت المال أرصدها المغفور لهما السلطان سليم خان والسلطان سليمان خان لمصحلة من مصالح المسلمين حسبما رأياها - والحكم الشرعى فى مثل هذه الإرصادات أنه لا يجب مراعاة شروط واقفيها بل للإمام أو نائبه أن يغير فيها بالزيادة والنقص ونحوهما من الإبدال كما هنا بشرط أن لا يخرجها التغيير عن الجهة التى عينت لها فى الإرساد - إذا تمهد هذا علم أنه لا مانع شرعا من الأخذ بما اقترحه حضرة صاحب الجلالة ملك الحجاز حسبما ورد فى خطاب سعادتكم.
والله أعلم(7/80)
ولاية الواقف
المفتي
بكرى الصدفى.
ربيع الأول 1331 هجرية
المبادئ
1 - التغيير فى الاستحقاق غير صحيح من الواقف إلا إذا كان قد شرط ذلك لنفسه.
2 - التغيير فى النظر صحيح من الواقف ولو لم يشترط ذلك لنفسه لأن التولية من الواقف خارجة عن سائر شروط الوقف
السؤال
من مراد بك غالب فى رجل وزوجة يملكان أطيانا وعقارا وللزوجة فيها أكثر مما للزوج ثم وقفها على أنفسهما ينتفعان بهما سوية بسائر وجوه انتفاعات الوقف الشرعية، وشرطا أن يكون النظر عليها لهما سوية ماداما حيين، وأن يكون لهما شرطا الابدال والاستبدال بالاتحاد معا، ثم من بعد موت أحدهما ينفرد الآخر بالنظر، وخالية من باقى الشروط العشرة وصدر بذلك حجة شرعية من محكمة مصر الكبرى بتاريم 17 الحجة سنة 1319 نمرة 311 سجل إشهادات المقدمة مع هذا لفضيلتكم للاطلاع عليها، ثم فى أواخر شهر فبراير سنة 1912 كتب عقد عرفى بينهما ومسجل بالمحكمة المختلطة مقتضاه أن كلا منهما يختص بما وقفه نظرا واستحقاقا - فهل هذا العقد العرفى يعتبر بمثابة إشهاد شرعى ويلغى ما نص عنه فى الوقفية المتقدم ذكرها من حيثية الاستحقاق والنظر أم عن النظر فقط نرجو الإفادة
الجواب
فى رد المختار ما نصه ان التولية من الواقف خارجة عن حكم سائر الشرائط، لأن له فيها التغيير والتبديل كلما بدا له من غير شرط فى عقدة الوقف على قول أبى يوسف، وأما باقى الشرائط فلا بد من ذكرها فى أصل الوقف انتهى - ومنه يعلم أن التغيير فى الاستحقاق فى حادثة السؤال بدون نص عليه فى عقدة الوقف لا يصح، وأما التغير فى النظر فلا مانع منه شرعا والحال ما ذكر.
والله تعالى أعلم(7/81)
ولاية الواقف على وقفه
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
صفر 1368 هجرية - 16 ديسمبر 1948 م
المبادئ
1 - للواقف الولاية على وقفه ما دام حيا وأهلا للتصرف سواء شرطها لنفسه أم لغيره أم سكن عنها.
2 - للواقف التصرف فى وقفه بنفسه فى أى شأن من شئونه ولو مع توليته غيره فى النظر عليه فى إشهاد الوقف.
3 - الناظر من قبل الواقف وكيل عنه فى حياته وله عزله كلما بدا له ذلك وإن لم يكن قد شرط لنفسه العزل
السؤال
من الأستاذ عباس بك الجمل المحامى الشرعى - وقدمه وكيله حسن أفندى حافظ بمقتضى كتاب الوقف الصادر من محكمة مصر الابتدائية الشرعية بتاريخ 19 ربيع الثانى سنة 1334 هجرية و 23 فبراير سنة 1916 وقف المرحوم أحمد بك كامل يكن - قيراطا واحدا على الشيوع فى 24 ط ينقسم إليها وجعل النظر من وقت إنشاء هذا الوقف لحرمه ثم من بعده فللارشد فالأرشد من أولاده وذريته طبقة بعد طبقة وحرم نفسه من الشروط العشرة ثم اقتسم الواقف مع سائر الورثة وأفرز الحصة الموقوفة منه وصارت بذلك وقفا مفرزا محدودا لا شيوع فيه وسجل تاريخ عقد هذه القسمة فى 8 أكتوبر سنة 1925 وتوفى الواقف بعد ذلك وقد رفع النزاع فى هذه القسمة مع بعض ورثة الشركاء الذين انقسم معهم وقفه أمام المحكمة الوطنية فدفع بعضهم بأن الواقف لم يكن هو الناظر على وقفه وقت القسمة وكان قد حرم نفسه من الشروط العشرة فلا يملك أن يتولى قسمة الوقف الذى وقفه شائعا فى ملك سائر الورثة المذكورين، وتريد المحكمة الوطنية المرفوع أمامها النزاع أن تتحقق من صحة تولى الواقف المذكور قسمة الوقف الشائع من ملك آخرين إذا كان قد جعل النظر لغيره وحرم نفسه من الشروط العشرة.
فنستفتى فضيلتكم فى ذلك.
أليس للواقف المرحوم أحمد كامل يكن أن يتولى قسمة وقفه الشائع فى ملك قابل للقسمة مع الملاك الآخرين طبقا للنصوص الشرعية، وإن كان قد جعل النظر لغيره قبل القسمة وحرم نفسه من الشروط العشرة أو أنه ليس له ذلك
الجواب
ان للواقف الولاية على وقفه مادام حيا وأهلا للتصرف سواء شرطها لنفسه أو شرطها لغيره أو سكت عنها على رأى الإمام أبى يوسف المفتى به فله أن يتصرف بنفسه فى أى شأن من شئونه ولو مع توليته غيره فى النظر عليه من حيث إنشائه، لأن المولى من قبله وكيل عنه فى حياته وللموكل أن يتصرف بنفسه فيما وكل فيه غيره.
ففى أنفع الوسائل عن هلال قال (أرأيت إذا قال أرضى صدقة موقوفة على أن ولايتها إلى فلان ابن فلان.
قال. الوقف جائز والولاية لفلان.
قلت فللواقف أن يليها بنفسه دون فلان الذى شرط له الولاية قال نعم قلت فله إخراج الذى شرط له الولاية من ولاية هذه الصدقة قال نعم له إخراجه وإنما هو بمنزلة الوكيل فله إخراجه كلما بدا له) .
وعن الذخيرة (وإن لم يكن شرط الواقف أن له عزل القيم وإخراجه فعلى قول أبى يوسف ذلك) - انتهى - ومن هذا يعلم أن القسمة التى تولاها الواقف المذكور بين جهة وقفه والورثة جائزة ماضية وإن شرط النظر لغيره من وقت إنشاء وقفه ولا تأثير لحرمان نفسه من الشروط العشرة المعروفة، لأنه لا صلة لها بالولاية على الوقف كما نصوا عليه.
والله أعلم(7/82)
ولاية عقد النكاح تجوز للأم إذا لم يوجد عاصب
المفتي
محمد عبده.
شوال 1318 هجرية
المبادئ
1 - الولى فى النكاح هو البالغ العاقل الوارث ولو فاسقا ما لم يكن متهتكا أو سيىء الاختيار فسقا أو مجانة.
2 - يجوز ولاية الأم فى تزويج البنت القاصرة إذا لم يوجد عاصب
السؤال
بنات قاصرات مشمولات بوصاية أمهن فهل لها ولاية عقد زواج إحداهن متى شاءت مع وجود أخ عاصب فقط لهن ذى سمعة أو تكون الولاية أو للقاضى أو نائبة
الجواب
صرحوا بأن الولى فى النكاح هو البالغ العاقل الوارث ولو فاسقا على المذهب ما لم يكن متهتكا أو سيىء الاختيار فسقا أو مجانة قال فى الفتح وما فى البزازية من أن الأب أو الجد إذا كان فاسقا فللقاضى أن يزوج من الكفء غير معروف فى المذهب وفى القهستانى نقلا عن الكرمانى لو عرف سوء اختيار الب فسقا أو مجانة لم يجز عند الإمام وهو الصحيح، وحلموا كلام البزازى على كلام الكرمانى بأن يراد بالفاسق سيىء الاختيار وحملوا المذهب على ما إذا كان الفاسق غير سيىء الاختيار ولا متهتكا.
فأما شيىء الاختيار فتزويجه من غير كفء أو ينقص مهر باطل إجماعا.
وأما الفاسق المتهتك غير سىء الاختيار إذا زوج من غير كفء أو بنقص مهر فلا ينفذ تزويجه.
كذا قال علماؤنا ومنه يعلم أنه متى كان سوء سمعة الأخ العاصب المذكور فى السؤال بتهتكه أو سوء اختياره فسقا أو مجانة لا يجوز له أن يزوج واحدة من أخواته البنات المذكورات.
وحيث إن الولى فى النكاح العصبة على ترتيب الإرث.
فإن لم يوجد عصبة فالولاية للأم وليس لهذا الأخ العاصب التزويج كما ذكر، ولم يوجد غيره من العصبة المقدم على الأم فيكون للأم ولاية تزويج بنتها القاصرة من كفء بمهر المثل والله أعلم(7/83)
استدانة القيم
المفتي
محمد عبده.
شوال 1218 هجرية
المبادئ
القيم كالوصى لا يجوز له الاستدانة إلا بأمر القاضى
السؤال
رجل أصابه شلل فى جمسه ولسانه منعه من التصرف فى ماله وحجر عليه بسبب ذلك وأقيم عليه قيم فهل يجوز لهذا القيم أن يستدين على المحجور عليه بدون إذن الحاكم
الجواب
صرح علماؤنا أن المحجور عليه كالصغير، وأن القيم كالوصى.
وقالوا إذا أراد الوصى الاستدانة على اصغير جاز له ذلك إن كان القاضى أمره به وإلا فالمختار أن يرفع الأمر إلى القاضى فيأمره به وهذا هو الأحوط.
وعلى ذلك فليس للقيم فى حادثتنا أن يستدين على المحجور عليه بدون أمر القاضى والله أعلم(7/84)
بطلان النكاح لقيام ذى الرحم به من غير كفء مع وجود العصبة
المفتي
محمد عبده.
رمضان 1321 هجرية
المبادئ
الولاية فى النكاح للعصبة من الرجال.
فإذا قام بالزواج ذو الرحم من غير كفء مع وجود العصبة كان النكاح باطلا
السؤال
أولا بنت لها ثلاثة أعمام موجودون ببلدها، وثلاثة أخوال أيضا قام أحد أخوالها بتزويجها لشخص غير كفء.
فهل يصح ذلك ثانيا شخص متزوج كان يقيم بزوجته فى منزل أبيه ثم حلف بالطلاق ألا يعاشر أباه وخرج هو وزوجته من منزل أبيه.
وأقام بزوجته فى منزل آخر فى معيشة مستقلة ولكنه اشتغل بالزراعة فى أرض أبيه فهل يعتبر ذلك من قبيل المعاشرة
الجواب
فى هذه الحادثة تكون ولاية النكاح لهؤلاء الأعمام الأشقاء لأنهم عصبة بالنفس.
فلا ولاية للخال مع وجودهم لأنه من ذوى الأرحام.
وقد قالوا إن الولاية فى النكاح على ترتيب الإرث والحجب.
فيقدم العصبة على ذوى الأرحام. فإذن يكون النكاح الذى تولاه الخال هنا من غير الكفء باطلا شرعا لا تترتب عليه أحكام النكاح.
فليست تلك الصغيرة زوجة لذلك الشخص أما الاشتغال بالزرع فلا يعتبر معاشرة فلا تقع به اليمين وتبقى اليمين منعقدة فإن عاد الابن إلى المعاشرة وقع عليه ذلك الطلاق والله أعلم(7/85)
لا ولاية للعاصب فى التزويج بعد البلوغ
المفتي
محمد عبده.
شوال 1322 هجرية
المبادئ
لا ولاية للأخ فى زواج أخته البالغة من العمر خمس عشرة سنة بدون إذنها ورضاها ولا ينفذ النكاح لانقطاع ولايته ببلوغها
السؤال
بنت بكر لا أب لها ولا جد ولها إخوة غير أشقاء.
وتبلغ هى من العمر خمس عشرة سنة.
زوجها أخوها لأبيها برجل ينتمى إليه بغير إذنها ورضاها وادعى عدم بلوغها وأجرى المأذون عقد زواجها بالولاية لا بالوكالة.
فهل ينفذ هذا النكاح مع بلوغها السن المذكور وعدم رضاها
الجواب
ببلوغها هذا السن تعتبر بالغة.
وحيث كانت كذلك وقد زوجها أخوها بغير إذنها ورضاها فلا ينفذ النكاح لانقطاع ولايته ببلوغها لو كانت له الولاية ولا أثر لدعواه عدم بلوغها والحال ما ذكر والله أعلم(7/86)
لا يكون العم وليا طبيعيا
المفتي
محمد عبده.
ربيع الأول 1323 هجرية
المبادئ
1 - لا ولاية للعم فى مال الصغير إلا إذا كان وصيا.
2 - للوصى على الصغير الولاية فى حفظه والقيام بحوائجة ومصالحه
السؤال
شخص عين وصيا شرعيا على قاصرا أراد أخذ حقوقه ممن هى عنده ليحفظها هو لديه فعارضه عم القاصر وقال له أنا ولى القاصر وأنا أولى بحفظ حقوق القاصر عندى.
فهل لذلك العم شأن فى حفظ حقوق القاصر مع وجود الوصى شرعا
الجواب
ولاية مال الصغير فى هذه الحادثة لذلك الوصى.
فهو الذى له ولاية حفظه والقيام بحوائج الصغير ومصالحه دون ذلك العم، لأنه لا ولاية له فى المال إلا إن كان وصيا وهو ليس بوصى فليس له حفظ مال ذلك الصغير ولا أخذه ممن هو تحت يده ولا شأن له فى حوائجه ومصالحه مع وجود وصية المذكور والله أعلم(7/87)
التصرف قبل الحجر نافذ
المفتي
بكرى الصدفى.
ذى الحجة 1323 هجرية
المبادئ
التصرف بالبيع بثمن المثل فى حالة الصحة وسلامة العقل واستيفاء شروط الصحة وقبض الثمن نافذ شرعا.
ولا أثر لحدوث الحجر عليه بعد ذلك
السؤال
شخص باع ما يملكه من عقار بثمن معين دفع أمام مأمور العقود وبعد ثلاثة أشهر قرر المجلس الحسبى الحجر على هذا الشخص للسفه فهل هذا البيع يعد نافذا أم يوقف ويجوز الطعن فيه من القيم
الجواب
صرح العلماء بأن المفتى به قول الإمامين الجليلين أبى يوسف ومحمد أنه يحجر على الحر البالغ العاقل بسبب السفه وسوء التصرف فى المال.
لكن لا ينحجر إلا بحجر القاضى عند أبى يوسف.
وقال محمد فساده فى ماله يحجره وإصلاحه فيه يطلقه. والثمرة فيما باعه قبل حجر القاضى يجوز عند الأول لا الثانى.
وظاهر كلامهم ترجيح قول أبى يوسف كذا فى تنقيح الحامدية ومنه يعلم أنه متى كان الأمر كما ذكر فى هذا السؤال وقد باع الرجل المذكور ما يملكه من العقار لزوجته بثمن المثل فى حال صحته وسلامة عقله بيعا مستوفيا شرائط الصحة وقبض الثمن كان ذلك البيع نافذا شرعا على قول أبى يوسف الراجح.
ولا يمنع من ذلك الحجر عليه الذى صدر بعد صدور ذلك البيع بالمدة المذكورة على وجه ما ذكر والله تعالى أعلم(7/88)
ولاية على معتوه
المفتي
بكرى الصدفى.
رمضان 1324 هجرية
المبادئ
1 - للقاضى نزع مال المعتوه من يد وليه المبذر ووضعه تحت يد وصى أمين عدل.
2 - ضمان ما اتلفه من مال المعتوه وصرفه فى شئون نفسه تكون عليه مال م يكن محتاجا لذلك.
3 - بيع مال المعتوه بواسطة وليه مع عدم الحاجة غلىذ لك غير جائز شرعا.
4 - إذا كان والد المعتوه مستحقا للحجر عليه بسبب إسرافه وتبذيره لا تثبت له الولاية على مال المعتوه
السؤال
من محمد أفندى خال المعتوه فى رجل معتوه له أولاد صغار وله أب غنى وللمعتوه المذكور ملك تلقاه من غير أبيه المذكور فأقام المجلس الحسبى بجهتهم أباه المذكور قيما عليه وسلمه ممتلكاته ليحفظها ويترف فيها بما فيه الحظ والمصلحة لابنه المعتوه واستولى الأب المذكور على ممتلكات ابنه المذكور وصار يتصرف فيها بالرهن والبيع وخلافهما مع عدم حاجة المعتوه وأولاده المذكورين لذلك ولاحظ ولا مصلحة لهم فى ذلك وصار يصرف الثمن وبدل الرهن فى شئون نفسه مع التبذير فى ممتلكات ابنه بقصد تبديد ممتلكات ابنه المذكور سفها وتبذيرا منه فيها.
فهل تصرف الأب فى ممتلكات المذكور بالرهن وغيره على هذا الوجه بهذا القصد يكون لاغيا لا ينفذ على المعتوه ويكون للقاضى ان يقيم على المعتوه قيما أمينا وينزع مال المعتوه من يد ابيه المذكور ويضعه تحتىيد الابن المذكور ويضمن اباه ما أتلفه وصرفه فى شئون نفسه مع عدم احتياجه لذلك أو ما الحكم أفيدوا الجواب
الجواب
نعم للقاضى ان ينزع مال المعتوه من يد أبيه السفيه المبذر المذكور ويضعه تحت يد وصى أمين عدل ويضمن أباه ما أتلفه وصرفه فى شئون نفسه من مال ابنه المذكور مع عدم احتياجه لذلك.
وأما بيع الأب المذكور مال ابنه المعتوه مع عدم الحاجة لذلك وعدم الحظ والمصلحة لجهة المعتوه فلا يجوزشرعا.
ففى الدر المختار من باب الوصى (ولو باع الأب والجد مال الصغير من الأجنبى بمثل قيمته جاز إن لم يكن فاسد الرأى، ولو فاسده.
فإن باع عقاره لم يجز إلا إذا باعه بضعف القيمة.
وفى االمنقول روايتان. والفتوى على عدم الجواز انتهى مع زيادة من رد المحتار وفى رد المحتار ايضا (وإن كان الأب فاسدا لم لم يجز بيعه العقار فله نقضه بعد بلوغه هو المختار إلا إذا باعه بضعف القيمة وكذا المنقول لا يجوز يعه فى رواية إلا بضعف القيمة وبها يفتى إنتهى ملخصا) وأما رهن الأب المسرف المبذر المذكور مال ابنه المعتوه المذكور فجوابه يعلم مما ذكره قاضى خان فى فتاواه من باب الوصى ونصه (صغير ورث مالا وله أب مسرف مبذر يستحق الحجر على قول من يجوز الحجر لا تثبت الولاية فى للأب انتهى) .
وعليه فحيث لم تثبت له الولاية فى مال ابنه فى هذه الحالة لم يجز رهنه.
والمعتوه كالصغير كما صرحوا به. ولا يعارض ذلك مافى التنوير من أن للأب أن يرهن بدين عليه عن الطفلة والوصى كذلك لإمكان حمله على الأب المصلح.
هذا وقد أطلق أبو يوسف وزفر على ما روى عنهما القول بأن الأب الوصى لا يملكان ذلك وهو القياس.
وفى الخانية أيضا مانصه (وذكر شمس الأئمة السرخسى رحمه الله تعالى أن الأب والوصى يضمانان مالية الرهن وسوى بين الوالد والوصى انتهى) فإلى هنا تلخص أن تصرفات والد المعتوه المذكور الضارة التى لاحظ ولا مصلحة فيها لجهة المعتوه على الوجه الذى تضمنه هذا السؤال غير جائزة شرعا.
وللقاضى أن يضمن الأب المذكور ما أتلفه من مال ابنه المذكور وصرفه فى شئون نفسه مع عدم احتياجه لذلك وأن ينصب وصيا يسلم مال المعتوه المذكور بعد نزعه من يد أبيه المذكور.
هذا ما تيسر وظهر لى فى جواب هذا السؤال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال(7/89)
تصرفات الولاة
المفتي
بكرى الصدفى.
ربيع أول 1325 هجرية
المبادئ
1 - لولى الأمران أن يرتب من بيت المال ما شاء لمن شاء من مصارف بيت المال الذين منهم ذرارى (المراد بالزرارى فى كتب الشرع الزوجات والأولاد) المراء والولاة والحكام وله أن يزيد وينقص حسبما يرى من المصلحة الشرعية.
2 - للامام أن يعطى الأرض من بيت المال على وجه التمليك لرقبتها كما يعطى المال متى رآى مصلحة فى ذلك وله الرأى فى التسوية أو التفضيل من غير ميل إلى هوى.
3 - من مصارف بيت المال عمال الحكومة وذراريهم وعيالهم.
4 - أمر السلطان بصرف مبلغ من المقرر منه لشخص لم يولد لشخص آخر ثم وجد الأول فلا حق له فى لارجوع بما صرفه الثانى من مرتب صدر به أمر من السلطان
السؤال
بإفادة واردة من نظارة الخاصة الخديوية بتاريخ 22 ربيع أول سنة 1325 هجرية 5 مايو سنة 1907 بما صورته مقرر سنويا بالحكومة المصرية مبلغ لسمو الجناب العالى الخديوى خاصة ومبلغ آخر للعائلة الخديوية على أن لسموه الحق فى توزيعه على العائلة الخديوية كيفما شاء.
وبما لسموه من هذا الحق وزع المبلغ المقرر للعائلة الخديوية على أعضائها حسبما اقتضته إرادته السنية ومن ذلك أنه خصص باسم مقام ولاية العهد مبلغ سبعة آلاف وسبعمائة جنيه مصريا سنويا وساتقر الأمر على هذا الحال ولما رأى سموه أنه لم يكن مرزقا بولد يكون ولى عهد يصرف إليه هذا البملغ المخصص باسم مقام ولاية الهد وقد تجمد من هذا المبلغ تسعة عشر ألفا وتسعمائة واحد وخمسون جنيها مصريا وكسور وأصدر سموه أمرا عاليا لنظارة المالية فى 16 شوال سنة 1312 الموافق 11 أبريل سنة 1895 نمرة 6 بقيد مبلغ السبعة آلاف وسبعمائة جنيها باسم صاحبة الدولة والعصمة الحرم الخديوى المصون إقبال هانم أفندى وصرف بملغ التسعة عشر ألفا وتسعمائة واحد وخمسون جنيها وكسور الذى تجمع من ذلك المرتب لغاية شهر مارس سنة 1895 باسم دولتها واستمر صرف مبلغ السبعة آلاف والسبعمائة جنيه المذكورة سنويا على الوجه المشروع إلى أن يمن الله على سموه بولد يكون ولى العهد.
ولما اشرق نور طلعة ولى العهد المير محمد عبد المنعم حفظه الله المرزوق لسموه من دولتها أصدر سموه أمرا عاليا بصرف ذلك المرتب باسم دولة الأمير ولى العهد من وقت وجوده جرى صرف هذا المبلغ باسم دولته إلى أن بلغ خمسة عشر الفا جنيه مصرى سنويا وهو المستمر صرفه إلى الآن فهل ما صرف من قبل لصاحبة الدولة والعصمة الحرم الخديوى المصون من متجمد ومرتب المبلغ الذى كان أصل وضعه باسم قمام ولاية العهد نافذ بالنسبة لصرفه لدولتها وليس للأمير ولى العهد حق الرجوع به على دولتها شرعا أم للأمير حق الرجوع باعتبار أنه ولى العهد والمبلغ مرتب باسم مقام ولاية العهد
الجواب
نعم للجناب العالى الخديوى المعظم الذى هو نائب السلطان فى الديار المصرية أن يتب من بين مال لاسملمين ما شاء لمن شاء من مصارف بيت المال الذين منه ذرارى الأمراء والولاة والحكام وقد فسرت الذرارى فى كتب الشرع بالزوجات والأولاد وله أن يزيد وينقص من ذلك على حسب ما يى من المصلحة الشرعية كما صرح بذلك علماؤنا فى كتب المذهب.
ففى التنوير وشحره (ترك السلطان أو نائبه الخراج لرب الأرض جاز لو مصرفا) انتهى ملخصا وفى رد المحتار بعد كلام ما نصه (فهذا يدل على أن للإمام أن يعطى الأرض من بيت المال على وجه التمليك لرقبتها كما يعطى المال حيث رأى المصحلة إذ لا فرق بين الأرض والمال فى الدفع للمستحق) انتهى المراد منه.
وفيه أيضا ما نصه وفى البحر أيضا عن المحيط والرأى إلى الإمام من تفضيل وتسوية من غير أن يميل من ذلك إلى هوى.
وفيه عن العتيبة. وللإمام الخيار فى المنع والإعطاء فى الحكم انتهى - قلت ومثله فى كتاب الخراج لأبى يوسف الذى خاطب به هارون الرشيد حيث قال فأما الزيادة على أرزاق القضاة والعمال والولاة والنقصان مما يجرى عليهم فذلك إليك.
من رأيت أن تزيده من الولاة والقاضة فى رزقهم فزده ومن رأيت أن تحط رزقه حططت.
انتهت عبارة رد المحتار. وفى كتاب لاخراج المذكور أيضا.
أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فرض لكل واحدة من زوجات النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اثنى عشر ألف درهم فى السنة كذا فرض لابن نفيسة عبد الله رضى الله تعالى عنه ثلاثة آلاف درهم فى السنة وكذا فرض لكثير من الصحابة وذراريهم ما ما يناسب كلا منهم على حسب ما رأى من المصلحة.
وفى بعض الفتاوى ما ملخصه وفى البحر (وتعطى المقاتلة كفايتهم وكفاية عيالهم وكذا العلماء يعطون من الخراج أرزاقهم وأرزاق عيالهم والإرصادات والمرتبات من الجوامق والأطيان والجرايات لاشك فى صحتها وجوازها حيث كان المرسل والمرتب السلطان أو نائبه بإذن السلطان أو إذن النائب لأن النائب كالسلطان فى الإذن فيجوز للوزير ونائبه أن يرصد ويرتب جوامق وطينا ونحو ذلك لما فيه من المصلحة حيث كان من أرصده عليهم من مصارف بيت المال فوى مصارف عمال الحكومة وذراريهم وعيالهم فيصدروا الأمر العالى بشىء من ذلك يتبع.
ولا يصح القول بإلغاء منطوق الموار الشريفة التى تصدر مرحمة للرعية وإيصالا لمعاش من انتسوبا لذى الدولة العلية مع موافقة أمره الكريم لما أجاب به علماء المذاهب الأربعة فلا سبيل إلى نقضه مع أن علماءنا صرحوا بأن أمر المير إذا صادف فضلا مجتهدا فيه نفذ فيجب اتباعه ولا يجوز العدول عنه) انتهى ما فى بعض الفتاوى.
فتلخص من هذا كله أن ما صدر به أمر ولى النعم فى حادثة السؤال على الوجه المسطور فيه نافذ شرعا ز وليس للأمير ولى العهد حفظه الله تعالى الحق فى الرجوع شرعا على دولة والدته بشىء من ذلك المرتب الذى صدر الأمر الكريم بصرفه إليها قبل ولادته لا فرق فى ذلك بين المتجمد المذكور وغيره والله تعالى أعلم(7/90)
حجر للسفه والغفلة والدين المستغرق
المفتي
بكرى الصدفى.
محرم 1326 هجرية
المبادئ
1 - يحجر على الحر بالسفه وبالعقائد وبالدين المستغرق لماله وبه يفتى صيانة لماله.
2 - يشترط فى الحجر للدين المستغرق أن يقضى القاضى بإفلاسه فقط أولا.
ثم يحجر عليه. 3 - يختص الدين المستغرق بالمال الموجود عند الحكم بإفلاسه فقط ولا يثبت الحجر إلا بقضاء القاضى
السؤال
من أحمد إبراهيم فى رجل له أطيان أهملها وتركها بدون زراعة ولا إيجا مدة سنتين مع كونها من الأطيان الجيدة التى تأتى بريع وبهذه الواسطة زادت ديونه وتضاعفت فوائدها وصارت الأطيان المذكرة مرهونة بسبب ذلك الدين للبنك العقارى وعليه أيضا ديون لشخص آخر يهودى يسمى فيتاكوريل وصار من المحقق أن لا يمضى زمن قليل إلا وتذهب هذه الأطيان المذكورة فى الدين وفائده وهذا ناشىء من غفلة ذلك الرجل وسوء تصرفه وله أولاد فى حاجة شديدة إلى ريع الأطيان المذكورة.
فلو ترك الرجل مطلق التصرف بدون حجر لترتب على ذلك ضرر أولاده حيث إنه يذهب ما فى يده من الأطيان بسبب الديون المذكورة.
فهل والحالة هذه يجوز شرعا الحجر لعى هذا الرجل مع اتصافه بالغفلة وسوء التصرف وارتكابه للديون المذكورة بسبب الغفلة والدين وسوء التصرف أم كيف الحال نرجو من فضيلتكم الجواب ولكم الثواب
الجواب
يحجر على الحر بالسفه الذى هو سوء التصرف بالغفلة التى هى عدم الاهتداء إلى التصرفات النافعة المفيدة وبالدين المستغرق لماله.
وذلك على مذهب الإمامين الجليلين أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وهو المفتى به.
فكل واحد من هذه المور الثلاثة كاف فى الحجر عليه على لاوجه الشرعى.
ففى التنوير وشرحه فى كتاب الحجر (وعندهما يحجر على الحر بالسفه والغفلة والدين وبه يفتى صيانة لماله انتهى ملخصا مع زيادة فى رد المحتار) وفى رد المحتار أيضا ما نصه قال فى الدر المنتقى ويشترط لصحة الحجر عندهما (أى الحجر لأجل الدين) القضاء بالإفلاس ثم الحجر بناء عليه ولا يشترط ذلك فى الحجر بالسفه مع كونه يعم جميع الأموال.
وأما الحجر بالدين فيخص المال الموجود حتى ينفذ تصرفه فى مال حدث بعده بالكسب انتهى - وفى الهندية (ثم لا خلاف عندهما أن الحجر بسبب الدين لا يثبت إلا بقضاء القاضى واختلفا فى الحجر بسبب الفساد والسفه.
قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إنه لا يثبت إلا بقضاء القاضى أيضا وعند محمد رحمه الله تعالى يثبت بنفس السفه ولا يتوقف على القضاء.
كذا فى المحيط انتهى) وفيا أيضا.
(فالحجر بسبب الدين أن يركب الرجل ديون تستغرق أمواله أو تزيد على أمواله فطلب الغراماء من القاضى أن يحجر عليه حتى لا يهب ماله ولا يتصدق به ولا يقر به ولا صدقته بعد ذلك انتهى) .
ومن ذلك يعلم جواب هذا السؤال والله أعلم(7/91)
ولاية الأب
المفتي
بكرى الصدفى.
محرم 1327 هجرية
المبادئ
لا يجوز تنصيب الوصى مع وجود الولى الطبيعى ما لم يقم به مانع شرعى
السؤال
رجل له أولاد قصر وراثوا من أخيهم لأمهم ميراثا وأمهم موجودة.
فهل لا يحتاج لنصب وصى على القصر المذكورين مع وجود أبيهم الولى فى مالهم ويكون له بولايته المذكورة أن يقبض أمالهم وحقوقهم قبل من كانت ويخاصم فى ذلك خصوصا وأنه لم يظهر عليه ما يخل بالولاية ولا يحتاج لنصب وصى والحالة هذه أو ما الحكم
الجواب
فى رد المحتار فى باب الوصى ما نصه - الولاية فى مال لاصغير للأب ثم وصيه ثم وصى وصيه ولو بعد.
فلو مات الأب ولم يوص فالولاية لأب الأب ثم وصيه ثم وصى وصيه.
فإن لم يكن فللقاضى ومنصوبه انتهى - ومنه يعلم.
أنه لا حاجة لنصب وصى فى حادثة السؤال مع وجود أبيهم الأمين المذكورين ويخاصهم لهم وعليهم بما فيه الحظ والمصلحة لجهتهم ويتصرف فى جميع شئونهم بالطريق الشرعى.
والله تعالى أعلم(7/92)
لوصى الصغير محاسبة القيم على الولى
المفتي
بكرى الصدفى.
ربيع الأول 1331 هجرية
المبادئ
1 - لوصى الصغير محاسبة من عين قيما على الولى المحجور عليه للسفه على حقوق القاصر الشرعية وعلى المبالغ التى تسلمها بصفته وليا قبل توقيع الحجر عليه.
2 - إذا كان للولى مال فنفقته من ماله ولا يجوز له أن يأكل من مال ولده إلا عند الحاجة فقط.
3 - ليس له أن ينفق على الصغير بزيادة يكذبه الظاهر فيها
السؤال
من محمد بك فى رجل وقف وقفا من بعد حياته على أولاده للذكر منهم مثل حظ الأنثيين وشرط فيه أن كل من تداين من مستحقى هذا الوقف بدين سواء كان دينه للحكومه أو لغيرها ولو كان دينه قبل ما يستحق المدين المذكور فى هذا الوقف فمتى طلب مداينه رهن أو حجز ما يستحقه المدين المذكور من ريع الوقف المرقوم فيكون المدين المذكور محروما ومخرجا من هذا الوقف ولا يكون له حق فيه لا باستحقاق ولا بنظر من قبل وضع الحجر على استحقاقه من هذا الوقف بخمسة عشر يوما ويكون نصيبه من الوقف لأولاده وذريته ونسله وعقبه ذكورا وإناثا للذكر منهم مثل حظ الأنثين وقد تداين بعض أولاد الواقف وترتب على هذا الحجز على استحقاقه فى وقف والده وبناء على ما شرطه الواقف قد حرم من الوقف وانتقل نصيبه فيه لأولاده للذكر منهم مثل حظ الأنثيين وأن المدين المحروم له ولد قاصر عن درجة البلوغ الشرعى وعندما انتقل نصيبه فى الوقف إليه كان يأخذه أبوه بطريق ولايته عليه وهو يزيد كثيرا عن نفقته فكان يصرف جزاء منه فى حاجات ولده القاصر والباقى على نفسه حالة كونه مستحقا فى وقف آخر عن والده لم يحرم منه ويوازى استحقاقه أكثر من أربعة أمثال نصيب ولده القاصر الذى انتقل إليه وللسبب الذى حرم من أجله من الاستحقاق فى وقف والده وهو السفه قد وقع الحجز من دائنين على نصيب ولده القاصر فى الوقف بناء على معاملات وعقود عملت بين ذاك الولد السفيه بصفته وليا على ابنه القاصر وبين من تعامل معهم فهل لمن تعين وصيا على القاصر من المجلس الحسبى أن يحاسب والد القاصر فى شخص القيم الذى تعين من قبل المجلس الحسبى أيضا بعد أن أوقع الحجر عليه لسفهه على المبالغ التى أخذها محجوره من مال ولده القاصر بصفته وليا قبل توقيع الحجر عليه مع كونه سفيها وهل مع استحقاق والد القاصر فى الوقف الآخر للنصيب المذكور الذى يزيد كثيرا على حاجاته يصح له أن يأكل من مال ولده القاصر ارتكانا على أن يصيبه حجز عليه من دائنين تعاقد وتعامل معهم لا بطريق الحاجة بل بطريق السفه والتبذير.
وهل للوصى على القاصر أن يرجع على الأب فى شخص القيم عليه بما زاد عن حاجات الولد فى المدة التى كان يتولى الإنفاق عليه أبوه فيها وإذا اختلف القيم والوصى فى قيمة ما صرف على القاصر من ماله كأن يقول قيم الأب إنه كان يصرف عليه فى كل شهر سبعين جنيها مثلا ووصى الولد يقول إن حاجات الولد لا تزيد عن عشرين مثلا فما الحكم فى ذلك
الجواب
نعم.
لوصى الصغير أن يحاسب القيم المذكور على حقوق القاصر الشرعية.
ولا يجوز للأب أن يأكل من مال ولده إلا عند الحاجة فقط وليس لهذا الأب المبذر أن يصرف على الصغير بأزيد مما يكذبه الظاهر فيه.
وصرحوا بأن الأب المفسد حكمه حكم الوصى.
وقالوا فى الوصى يقبل قوله فى الإنفاق على الصغير فيما لم يكذبه الظاهر.
وفى تنقيح الحامدية ما نصه (سئل) فيما إذا كانت امرأة وصيا شرعية على أولادها الأيتام ولهم مال تحت يدها فادعت الأم أنها أنفقت عليهم فى مدة كذا مبلغا معلوما من الدراهم من مالهم والظاهر يكذبها فى ذلك.
فهل والحالة هذه لا يقبل قولها فى ذلك (الجواب) حيث كان الظاهر يكذبها فى ذلك.
فلا يقبل قولها فيه وإن أقامت بينة على ذلك كما فى تلخيص الخلاطى انتهى المراد منه.
والله تعالى أعلم(7/93)
لا قوامة لغير المسلم على المسلم
المفتي
محمد بخيت.
جمادى الآخرة 1333 هجرية
المبادئ
اعتناق المحجور عليه الإسلام يزيل صفة القيمة المسيحية عليه ويمنعها من التصرف فى ماله
السؤال
اعتنق شخص الدين الإسلامى بمقتضى إعلام شرعى فى 9/8/1910 ومات مسلما تاركا مبلغا من المال بأحد البنوك وكان قد حجر عليه فى أيام حياته بمعرفة البطركخانة وتعينت زوجته المسيحية قيمة عليه وقد استصدر المتوفى قبل وفاته قرارا من المجلس الحسبى برفع الحجر عنه بتاريخ 28/6/1911.
وباستعلام وزارة المالية عن رصيد المتوفى أفاد البنك بأن زوجته استلمت الرصيد بصفتها قيمة عليه بعد اعتناق المتوفى الدين الإسلامى بيومين أى فى 11/8/1910.
وقد طلبت وزارة المالية الإفادة فيما إذا كان اعتناق المتوفى الدين الإسلامى أزال صفة القيمة من يوم إسلامه أو أنها لا تزول إلا من تاريخ صدور قرار المجلس الحسبى برفع الحجر عنه علما بأن المتوفى قد نبه على البنك بعدم صرف أى مبلغ لزوجته فى 10/ 1910
الجواب
باعتناق المتوفى المذكور الدين الإسلامى زالت صفة القيمة المذكورة من يوم إسلامه ولا يكون لها التصرف فى ماله بعد ذلك.
والله تعالى أعلم(7/94)
ولاية
المفتي
محمد بخيت.
جمادى الأولى 1335 هجرية 26 من فبراير 1917 م
المبادئ
1 - إذا بلغ الولد مجنونا تستمر ولاية والده عليه نفسا ومالا، فإن كان قد بلغ عاقلا ثم جن عادت ولاية والده عليه.
2 - لا يملك الوالد إقراض مال ولده المحجور عليه ولا اقتراضه ولا هبته ولا شيئا منه ولو بعوض.
3 - ما أنفقه الوالد فى زواج ولدى المحجور عليه أو فى جهاز بنته يكون من ماله هو ولا يحتسب منه شىء من مال المحجور، فإن كان ما أنفقه من مال المحجور فإنه يضمنه إذا كان حيا ويؤخذ من تركته إذا مات إلا إذا كان ذلك بإذن المحكمة الحسبية المختصة
السؤال
أب قيم على ابنه البالغ المجنون المحجور عليه صرف مبلغا فى زواج ابنى المحجور عليه البالغ من مال المحجور عليه ثم مات القيم المذكور وأقيم قيم آخر غير الأب وتصرف هذا القيم أيضا بأن صرف فى جهاز ابنة محجوره القاصرة مبلغا من مال المحجور عليه بدون استئذان المجلس الحسبى فهل ما صرفه القيم الأول والقيم الثانى من مال المحجور عليه فى زواج وجهاز أبنائه يحتسب من مال المحجور عليه أو على القيم مع الإحاطة بأن المحجور عليه كان بالغا عاقلا رشيدا وجن بعد أن رزق بالأولاد
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن مقتضى المادة (421) من قانون الأحوال الشخصية أنه إذا بلغ الولد معتوها أو مجنونا تستمر ولاية أبيه عليه فى النفس وفى المال.
وإذا بلغ عاقلا ثم عته أو جن عادت عليه ولاية أبيه.
ومتقضى المادة (428) من القانون المذكور أنه لا يملك الأب إقراض مال ولده الصغير ولا اقتراضه ولا هبة شىء منه ولو بعوض ومن ذلك يعلم أن ما صرفه القيم الأول فى زواج ابن ابنه المحجور عليه لا يحتسب من مال محجوره.
لأنه لا يملك التبرع بمال محجوره بل يحسب من ماله خاصة ويكون ضامنا له إذا دفعه من مال محجوره فيؤخذ منه إذا كان حيا ومن تركته إذا مات، وكذلك ما صرفه القيم الثانى فى جهاز بنت محجوره يحتسب عليه لا من مال محجوره لأنه أيضا تبرع وهو لا يملك التبرع كما قلنا(7/95)
ولاية على صغير
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
ذى القعدة 1339 هجرية 24 من يوليه 1924 م
المبادئ
1 - الحكم على الأب بالأشغال الشاقة المؤبدة وسجنه لا يسلبه حق الولاية على ابنه الصغير نفسا ومالا.
2 - ليس للجد لأب ولاية على الصغير ما دام الأب حيا عاقلا حائزا لأهلية التصرف
السؤال
بخطاب محافظة مصر رقم 18 يوليو سنة 1921 1520 بما صورته نحيط علم فضيلتكم أنه يوجد بأمانات المحافظة مبلغ 60 جنيها معلى باسم من يدعى معروف السيد على القاصر على درجة البلوغ والمبلغ المذكور قيمة ما خصه من المبالغ المكتتب بها من ذوى البر والإحسان لمنكوبى حادث روض الفرج وهو من منكوبى هذا الحادث لوفاة والدته به، ومن المباحث التى أجرتها المحافظة تبين أن للقاصر المذكور والدا محكوما عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة ولهذا الوالد والد أى جد للقاصر موجود على قيد الحياة غير أن والد القاصر طلب عدم تسليم المبلغ لجده لهذه الأسباب نرجو التكرم بإفتائنا شرعا عمن يصرف له المبلغ وعما إذا كان الجد يعتبر هو الولى الشرعى للقاصر ويصرف له للإنفاق منه عليه أو لاستخدامه فى مصلحة تعود عليه بالحظ والمنفعة.
واقبلوا فائق الاحترام
الجواب
ورد لنا خطاب المحافظة رقم 18 يوليو سنة 1921 - 1520 ونفيد أن الحكم على الأب بالأشغال الشاقة المؤبدة وسجنه لا يسلبه حق الولاية على ابنه الصغير فى نفسه وماله وليس لجد الصغير ذلك الحق مادام الأب حيا عاقلا حائزا لأهلية التصرف.
وقد نص فقهاؤنا على أن الولاية فى مال الصغير للأب ثم وصيه ثم وصيى وصيه ولو بعد،فلوا مات الأب ولم يوص فالولاية لأبى الأب ثم وصيه ثم وصيى وصيه.
فإن لم يكن فللقاضى ومنصوبه ومتى تقرر هذا علم أن صرف المبلغ المبين بالإفادة إنما يكون لوالد الصغير أو من يوكله عنه فى ذلك.
وهذا ما نراه موافقا للنصوص الشرعية. والخطاب.
المذكور عائد من طيه. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(7/96)
رجوع الولى عن تنازله عن الولاية جائز
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
صفر 1342 هجرية 23 سبتمبر 1923 م
المبادئ
للأب حق الرجوع عن تنازله عن ولاية ابنه القاصر
السؤال
تنازل والد عن ولايته الطبيعية على أولاده إلى زوجته أم أولاده المذكورين واستمر فى معاشرتها.
ثم ماتت الزوجة فأراد الوالد الرجوع إلى حقه الطبيعى فى ولايته على الأولاد القاصرين وإلغاء التنازل الذى صدر منه ولكن أم الزوجة جدة الأولاد تمسكت بهذا التنازل فهل يجوز شرعا الرجوع فى هذا التنازل واستمرار الوالد المذكور فى ولايته على أولاده
الجواب
قال صاحب الأشباه والنظائر فى قاعدة الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة بعد كلام ما نصه وظاهر كلام المشايخ رحمهم الله أن لها مراتب الأولى ولاية الأب والجد وهى وصف ذاتى لهما.
ونقل ابن السبكى الإجماع على أنهما لو عزلا أنفسهما لا ينعزلا انتهى.
ومنه يعلم جواب ما هو مسئول عنه والله أعلم(7/97)
الولاية للجد عند عدم الايصاء
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
شعبان 1343 هجرية 5 من مارس 1925 م
المبادئ
بوفاة الأب دون إيصاء تكون الولاية إلى جد الصغير أب أبيه متى كان عدلا أمينا حسن التصرف
السؤال
إن ابن المرحوم سليمان أفندى يستحق فى تركة والده مبلغا فهل هذا المبلغ يودع تحت يد عمه شقيق والده أو يودع تحت يد جده والد والده بصفته وليا شرعيا أو يسلم لوالدته مع العلم بأن جميع من ذكروا حسنو السير والسيرة والأخلاق الحميدة بأكل الأوصاف المعتبرة شرعا مع العلم بأن القاصر المذكور لم يعين عليه وصى مطلقا لا أمه ولا غيرها والأب المتوفى لم يوص أفيدونا بالجواب
الجواب
نص الفقهاء على أن الولاية فى مال الصغير إلى الأب ثم وصيه ثم وصى وصيه ثم إلى الجد أب الأب.
ومن ذلك يعلم أنه حيث مات الأب فى حادثة السؤال ولم يوص تكون الولاية إلى جد الصغير أب أبيه متى كان عدلا أمينا حسن التصرف والله أعلم(7/98)
ولاية المخاصمة فى المال
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
ذى القعدة 1343 هجرية 24 من مايو 1925 م
المبادئ
للأب ولاية المخاصمة عن ابنه الصغير الذى لم يصر رشيدا ولم يكن مأذونا فى التجارة فى ماله ولم يكن الوالد غائبا وتوفرت فيه شروط الولاية
السؤال
ولد صغير لم يبلغ سن الرشد له مال وليس مأذونا فى تجارة أو غيرها ووالده موجود وقد رفعت على الطفل قضايا فى ماله هل لوليه أن يخاصم عنه أم لا أفتونا فى ذلك
الجواب
متى كان الولد الصغير غير رشيد ولم يكن مأذونا فى تجارة أو غيرها ولم يكن والده غائبا وكان الوالد المذكور عدلا أمينا أهلا للولاية الشرعية لم يخرجه عنها شىء قادرا على المخاطر بنفسه أو بوكيله كانت له ولاية المخاصمة عن ابنه فى ماله والله أعلم(7/99)
تصرفات الولى
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
رجب 1345 هجرية 20 من يناير 1927 م
المبادئ
سفاهة الأب وتبذيره بحيث يخاف منه على ضياع مال ولده الصغير موجب لنزع الولاية من يد، وللقاضى نصب وصى للتصرف فى مال الصغير
السؤال
من حافظ بك فيما إذا كان أبو القاصر مبذرا متلفا مال ولده غير أمين على حفظه هل يجوز له التصرف فى مال ولده القاصر من بيع ورهن وغير ذلك والحال ما ذكر أم كيف الحال أفيدوا الجواب ولكم الثواب
الجواب
المنصوص عليه شرعا أنه إذا كان الأب سفيها مبذرا يخاف على ضياع مال ابنه الصغير منه لا يكون له ولاية فى ماله وينزع من يده، وللقاضى الذى يملك نصب الأوصياء نصب وصى للتصرف فى مال الصغير والله أعلم(7/100)
ولاية على قاصر مسيحية أسلمت
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذى الحجة 1353 هجرية 12 من مارس 1935 م
المبادئ
الولاية على البنت القاصر قانونا على مالها تكون للمجلس الحسبى المختص ثم لمن يعينه وصيا عليها
السؤال
فتاة كانت مسيحية وأسلمت فى السابعة عشر من عمرها ثم تزوجت بعد إسلامها من رجل مسلم كانت الولاية الشرعية الطبيعية عليها لأبيها ثم لأمها أو أخيها ولكن هؤلاء الثلاثة مازالوا على غير دين الإسلام وليس لها مسلم أقرب إليها من زوجها الحالى.
وحيث أن النظام الشرعى المعمول به الآن فى مصر يحظر على أمثالها حق التصرف فيما يكون لها من الأموال أو غيرها قبل بلوغ سن الواحد والعشرين.
فلمن تكون الولاية الشرعية على الفتاة المذكورة
الجواب
نفيد بأن الولاية الشرعية على البنت المذكورة فى مالها للمجلس الحسبى المختص ثم لمن يعينه وصيا عليها.
وهذا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(7/101)
ولاية العاصب على البكر والثيب
المفتي
عبد المجيد سليم.
صفر 1359 هجرية 6 من ابريل 1940 م
المبادئ
1 - للولى حق ضم ابنته البكر مطلقا سواء خيف عليها الفساد أم لا متى كانت حديثة السن وليس لها الانفراد بالسكنى ولا السكن حيث شاءت فى هذه الحالة.
2 - إذا طعنت فى السن واجتمع لها رأى وعقل فلها السكنى فى مكان لا يخاف عليها فيه وليس لأحد أوليائها حق ضمها إليه.
3 - المراد بطعنها فى السن هو دخولها فى سن نزول حداثتها وشبقها والمراد باجتماع الرأى والعقل كونها بحيث لا تكون محلا ولا مظنة للانخداع.
4 - يكفى سؤال القاضى ممن يثق به ويطمئن إليه عن كون الثيب مأمونة أو غير مأمونة فإن أخبر بأنها غير مأمونة على نفسها ضمها إلى وليها وإن أخبر بأمانتها على نفسها كان لها الانفراد بالسكنى حيث لا خوف عليها وما يجرى فى الثيب يجرى فى البكر المسنة
السؤال
من فضيلة قاضى حمص قال ادعت البنت البكر أنها بلغت السادسة عشر من عمرها وهى بذلك أصبحت رشيدة وملكت أمر اختيار إقامتها وقد اختارت الإقامة عند جدها لأمها الأمين دون والدها الذى يقول إنه صاحب الولاية عليها وإنها مجبرة على الإقامة فى بيته دون سواه وإنه الأمين القادر على حفظها.
وجاء فى التنوير متنا وشرحا (إذا بلغت الجارية مبلغ النساء إن بكرا ضمها الأب إلى نفسه إلا إذا دخلت فى السن) أى بلغت أشدها واجتمع لها رأى فتسكن حيث أحبت حيث لا خوف عليها وإن ثيبا لا يضمها إلا إذا لم تكن مأمونة على نفسها.
فللأب ضمها وللجد ولاية الضم لا لغيرهما.
ومثله فى تكملة فتح القدير وشرح الكنز أما فى الفتاوى المهدية فقال إن بكرا ضمها الأب إلى نفسه إلا إذا طعنت فى السن واجتمع لها رأى فتسكن حيث أحبت حيث لا خوف عليها إلا إذا لم تكن مأمونة على نفسها فللأب والجد ولاية الضم) فادعى وكيل الأب أن المراد من كلمة طعنت فى السن هو بلوغ الفتاة سن الشيخوخة والهرم مستندا فى تعريف لفظ طعنت ودخلت إلى ما فى كتابى قطر المحيط للبستانى وكنز الحفاظ فى تهذيب الألفاظ لأبى يوسف يعقوب بن السكيت.
وقال وكيل النبت إن المراد بكلمة طعنت فى السن ودخلت فى السن هما انتقالها من دور المراهقة إلى دور البلوغ والرشد مستندا إلى الاصطلاح الفقهى فى ذلك بداعى أنه لا يعتمد على التعريف الوارد فى كنز الحفاظ.
وعليه فقد تقرر الاستفتاء من مقامكم عما يأتى: 1 - هل لها حق الاختيار فى الإقامة إذا بلغت رشيدة أم لا.
2 - ما هو المراد شرعا من كلمة طعنت فى السن ودخلت فى السن هل هو ما ذهب إليه وكيل الأب أم وكيل البنت.
وإذا كان الأول فما هو حد الطعن فى السن وما هو النص الشرعى عليه.
أم يعتمد على تعريفه فى كتب اللغة فقط.
وإذا كان الثانى فما هو السند الشرعى.
3 - متى تكون الفتاة مأمونة على نفسها وهل يجب أن يثبت ذلك بالوجه الشرعى أم مجرد فتوتها يكون باعثا على الحكم بأنها غير مأمونة وهل يكون هذا من قبيل الحكم بالظن أم لا وما هو النص الشرعى فيه.
4 - ما هى الشرائط التى يجب أن تتوفر فى البكر البالغة لتملك حق اختيارها
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أنه جاء فى صفحة 212 وما بعدها من الجزء الخامس من مبسوط السرخسى ما نصه ثم الغلام إذا بلغ رشيدا فله أن ينفرد بالسكن وليس للأب أن يضمه إلى نفسه إلا أن يكون مفسدا مخوفا عليه فحينئذ له أن يضمه إلى نفسه اعتبارا لنفسه بماله فإنه بعد ما بلغ رشيدا لا يبقى للأب يد فى ماله فكذلك فى نفسه وإذا بلغ مبذرا كان للأب ولاية حفظ ماله فكذلك له أن يضمه إلى نفسه إما لدفع الفتنة أو لدفع العار عن نفسه فإنه يعير بفساد ولده.
فأما الجارية إذا بلغت بكرا فللأب أن يضمها إلى نفسه بعد البلوغ لأنها لم تختبر الرجال فتكون سريعة الانخداع فأما إذا كانت ثيبا فلها أن تنفرد بالسكنى لأنها قد اختبرت الرجال وعرفت كيدهم.
فليس للأب أن يضمها إلى نفسه بعد البلوغ لأن ولايته قد زالت بالبلوغ وإنما بقى حق الضم فى البكر لأنها عرضة للفتنة وللانخداع وذلك غير موجود فى حق الثيب.
والأصل فيه ماروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس للولى مع الثيب أمر وقال صلى الله عليه وسلم الثيب أحق بنفسها من وليها يعنى فى التفرد فى السكنى ولكن هذا إذا كانت مأمونة على نفسها وذكر فى كتاب الطلاق أن الثيب إذا كانت مخوفة على نفسها لا يوثق بها فللأب أن يضمها إلى نفسه لبقاء الخوف.
وقد بينا أن ولاية الضم فى البكر لكونها مخوفا عليها فإذا وجد ذلك فى حق الثيب كان له أن يضمها إلى نفسه.
وأما البكر فإن لم يكن لها أب ولا جد وكان لها أخ أو عم فله أن يضمها إليه أيضا لأنه مشفق عليها فيقوم بحفظها وإن كانت لا تبلغ شفقته شفقة الأب بمنزلة ولاية التزويج يثبت للعم والأخ بعد الأب والجد فإن كان أخوها أو عمها مفسدا مخوفا لم يخل بينه وبينها لأن ضمها إليه لدفع الفتنة.
فإذا كان سببا للفتنة لم يكن له حق ضمها إليه بل يجعل هو كالمعدوم فتكون ولاية النظر بعد ذلك إلى القاضى ينظر امرأة من المسلمين ثقة فيضعها عندها.
وكما يثبت للقاضى ولاية النظر فى مالها عند عجزها عن ذلك فكذلك فى حق نفسها.
فإن كانت البكر قد دخلت فى السن فاجتمع لها رأيها وعقلها وأخوها أو عمها مخوف عليها فلها أن تنزل حيث شاءت فى مكان لا يخاف عليها لأن الضم كان لخوف الفتنة بسبب الانخداع وفرط الشبق وقد زال ذلك حين دخلت فى السن واجتمع لها رأيها وعقلها انتهت عبارة المبسوط.
وجاء فى شرح الزيلعى ما نصه وأما الجارية إذا كانت بكرا فلأبيها أن يضمها إلى نفسه بعد البلوغ لأنها لم تختبر الرجال ولم تعرف حيلهم فيخاف عليها الخداع منهم.
وأما لثيب فإن كانت مأمونة لا يخاف عليها الفتن فليس له أن يضمها إلى نفسه لأنها اختبرت الرجال وعرفت كيدهم فأمن عليها من الخداع وقد زالت ولايته بالبلوغ فلا حاجة إلى ضمه وإن كانت مخوفا عليها فله أن يضمها إليه لما ذكرنا فى حق الغلام.
والجد بمنزل الأب فيه.
وإن لم يكن لها أب ولا جد وكان لها أخ أو عم فله أن يضمها إليه إذا لم يكن مفسدا.
أما إذا كان مفسدا فلا يمكن من ذلك.
وكذلك الحكم فى كل عصبة ذى رحم محرم منها، وكذلك البكر إذا طعنت فى السن فإن كان لها عقل ورأى ويؤمن عليها من الفساد فليس لغير الأب والجد أن يضمها إليه.
وإن خيف عليها ذلك فللأخ والعم ونحوهما من العصبات أن يضمها إليه إذا لم يكن مفسدا.
وإن لم يكن لها أب ولا جد ولا غيرهما من العصبة أو كان لها عصبة مفسد فللقاضى أن ينظر فى حالها.
فإن كانت مأمونة خلاها تنفرد بالسكنى سواء كانت بكرا أو ثيبا.
وإلا وضعها عند امرأة أمينة ثقة تقدر على الحفظ لأنه جعل ناظرا للمسلمين.
وظاهر ما ذكر أن للأب أو الجد عند عدم الأب ولاية ضم البكر مطلقا سواء أكانت حديثة السن أم طاعنة فيها وسواء أكانت مأمونة على نفسها أم غير مأمونة وأن غير الأب والجد له حق ضم البكر إلى نفسه إذا كانت حديثة السن فإن طعنت فيها واجتمع لها رأيها وعقلها فليس له ولاية ضمها ولها أن تسكن حيث أحبت فى مكان لا يخاف عليها فيه.
وكلام غير شمس الأئمة السرخسى والزيلعى من الفقهاء الذين اطلعنا على أقوالهم أنه لا فرق بين الأب والجد وغيرهما فى أن البنت البكر إذا طعنت فى السن واجتمع لها رأيها وعقلها ليس لأحد من الأولياء مطلقا أن يمنعها من السكنى حيث شاءت فى مكان يؤمن عليها فيه.
فقد جاء فى المحيط ما نصه فأما الجارية إذا بلغت فإن كانت ثيبا فليس للأولياء حتى الضم إلى أنفسهم ولها أن تنزل حيث شاءت إلا أن يخاف عليها الفساد فحينئذ للأولياء حق الضم إلى أنفسهم.
وإن كانت بكرا فللأولياء حق الضم إلى أنفسهم وإن كان لا يخاف عليها الفساد إذا كانت حديثة السن.
فأما إذا دخلت فى السن فاجتمع لها رأيها وعقلها فليس للأولياء حق الضم ولها أن تنزل حيث أحبت حيث لا يتخوف عليها.
ومثل ذلك فى البحر والدر المختار وغيرهما.
ويمكن حمل كلام المبسوط على ما جاء فى هذه اكتب من عدم الفرق بين الأب والجد وغيرهما بمعونة تعليله حق ضم الأولياء للبكر.
كما يمكن حمل قول الزيلعى فليس لغير الأب والجد على أنه لا مفهوم له وبذلك تلتئم عبارات الفقهاء.
وخلاصة ذلك أن للولى من الأب أو الجد عند عدم الأب أو غيرهما عند عدمهما حق ضم البكر مطلقا خيف عليها الفساد أم متى كانت حديثة السن وأنها ليس لها أن تنفرد بالسكنى ولا أن تسكن حيث شاءت فى هذه الحالة.
وأنها إذا دخلت فى السن واجتمع لها رأيها وعقلها فلها أن تسكن فى مكان لا يخاف عليها فيه وليس لأحد من الأولياء فى هذه الحالة حق الضم.
وظاهر من كلامهم أن المراد بالسن التى دخلتها أو طعنت فيها هى السن التى يزول بها حداثتها والتى يزول بها فرط شبقها وأن المراد باجتماع رأيها وعقلها أن تكون من العقل والرأى بحيث لا تكون مظنة الانخداع فتزول بذلك العلتان فى وجوب الضم للولى وهما فرط الشبق ومظنة الانخداع.
هذا والظاهر مما جاء فى ابن عابدين نفلا عن الرحمتى ونصه عبارة الوجيز مختصر المحيط إلا إذا كانت مسنة ولها رأى، وفى كفاية المتحفظ وفقه اللغة من رأى البياض فهو أشيب وأشمط ثم شيخ فإذا ارتفع عن ذلك فهو مسن أنه يريد تفسير كلمة مسنة الواردة فى عبارة الوجيز بما جاء فى الفقه وهو من ارتفع عن السن التى يكون بها المرء شيخا.
ويؤيد هذا أن الفقهاء ليس لهم اصطلاح خاص فى ذلك فيحمل كلامهم على المعنى اللغوى.
وجاء فى الفتاوى الولوالجيه إذا بلغ الصغير زالت ولاية الأب عنه.
لا حق للأب فيه إذا كان مأمونا عليه وإن كان مخوفا عليه له أن يضمه إلى نفسه لما ذكرنا وكذلك البنت البالغة.
وإن اختلف الأب والبنت البالغة يسأل عن حالها فإن كانت كما يقول ضمها إلى نفسه.
أما البكر فلأبيها أن يضمها إلى نفسه لأنها سريعة الانخداع.
وظاهر من هذا أنه إذا تنازعت البنت الثيب مع أبيها فى أنها مأمونة على نفسها أو غير مأمونة أنه يكفى فى ذلك أن يسأل القاضى من يثق بهم ويطمئن إليهم ممن يعرفونها ويقفون على شئونها عن حالها.
فإن أخبره من يثق بهم أنها غير مأمونة على نفسها حكم القاضى بضمها إلى الأب وإن أخبره من ذكروا أنها مأمونة على نفسها كان لها أن تنفرد بالسكنى حيث لا يتخوف عليها.
والظاهر أن هذا يجرى أيضا فى البكر المسنة إذا اختلفت مع أبيها فى ذلك فيكفى أن يسأل القاضى من يثق بهم من جيرانها والواقفين على أحوالها وشئونها، ولا شك أن العمل بالظن واجب فى المسائل العملية التى لا يتيسر للقاضى القطع فيها.
ومما تقدم جميعه يعلم أولا أنه لا شبهة فى أن البنت البكر التى بلغت السادسة عشرة حديثة السن وغير مسنة فلوالدها حق ضمها وإن لم يخف عليها الفساد، ثانيا أن معنى طعنت فى السن هو ما جاء فى معنى مسنة فى رد المحتار عن الرحمتى نقلا عن بعض كتب الفقه، ثالثا أن كونها مأمونة على نفسها يكفى فى تبيينه للقاضى وثبوته عنده سؤاله من الواقفين على حالها.
كما يعلم الإجابة على باقى المسئول عنه. هذا ما ظهر لنا.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/102)
وضع الصغيرة لدى ثقة عند الخوف عليها من أهلها
المفتي
عبد المجيد سليم.
ربيع أول 1359 هجرية 23 ابريل 1940 م
المبادئ
توضع الصغيرة لدى ثقة متى أمن على نفسها وعرضها ودينها إلى أن يبت فى أمر تحقيق مصلحتها
السؤال
تزوج رجل بامرأة فى بلد ما وقام بالعمل مع شريك له فى بيع المأكولات ثم هرب مع ابنة شريكه وكان سنها يتراوح بين 14، 16 سنة وعند ضبطهما اعترف الزوج بأنه اتفق مع البنت على الزواج وهربا معا وأنه اعتدى على عفافها واعترفت الفتاة بذلك ومن تقرير الطبيب وجد أن بكارتها قد أزيلت برضاها حيث لم يوجد بجسدها أية علامات تدل على العنف أو المقاومة وقد رفض أبوها وأهلها تزويجها وأرادوا أخذها ولكن خوفا على حياة الفتاة من القتل دفعا للعار على عوائدهم فهل يجوز تسليمها لأبيها مع عدم الأمان على سلامتها أولا، وهل يمكن وضعها عند امرأة مسلمة ثقة أمينة عليها أو توضع لدى الجمعية الخيرية تحت رعاية الحكومة
الجواب
اطلعنا على كتابكم رقم 2377 المؤرخ 22/4/1940 ونفيد أننا نرى أن ترسل البنت المذكورة ووالدها ومع البنت من الجند من يحفظها إلى فضيلة القاضى الشرعى الذى له الولاية فى هذا الموضوع فضيلة قاضى محكمة ببا الشرعية لتقييد قضية مستعجلة طبقا للمادة رقم 45 من قانون المحاكم الشرعية رقم 78 لسنة 1913 والنظر فى الموضوع وعمل ما فيه المصلحة والخير لهذه البنت بتزويجها من الرجل الذى اتفقت معه على الزواج إن لم يكن هناك مانع شرعى ولا قانونى من ذلك وإن لم يرض أهلها.
فإذا لم يتيسر هذا أو كان تزويجها منه لا يدفع ضرر أهلها عنها قرر وضعها إما عند امرأة مسلمة ثقة لا يخشى من وجودها عندها ضرر عليها لا فى نفسها ولا فى عرضها وإما عند الجمعية المشار إليها بكتابكم إذا كان فى وجودها عند هذه الجمعية مصلحة لها ولا ضرر عليها فى نفسها ولا فى عرضها ولا فى دينها، وتوضع عند الثقة أو الجمعية إلى أن يفصل فى موضوع حق ضمها إلى الولى إما بالحكم للولى بضمها إليه إن ثبتت قدرته على حفظها وأمانته عليها وعدم خشية ضرر عليها من وجودها عنده وإما برفض دعواه إن لم يثبت ذلك وتقرير بقائها عند الثقة أو الجمعية.
وهذا إذا لم ير فضيلته بعد بحث الموضوع طريقا أصلح للبنت من ذلك ويبلغ فضيلته ما جاء بكتابكم(7/103)
لا ضمان على الأب أو الجد اذا ماتا مجهلين مال القصر
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
رجب 1365 هجرية 15 من يونيه 1946 م
المبادئ
1 - لا ضمن الأب أو الجد إذا مات مجهلا مال الصغير على القول الصحيح.
2 - ما يعرف من تركته أنه من مال الابن فهو للابن وما لم يعرف حاله لا يضمنه الأب
السؤال
توفى رجل بالأقطار الحجازية وكان وليا طبيعيا على أولاد ابنه المتوفى قبله.
وكان لهؤلاء الأولاد حصة فى منزلين وفى سيارة.
تدر شهريا هذه الجهات 15 جنيه. وكان على والدهم دين بمبلغ 700 جنيه سددها الجد وكان ينفق على هؤلاء الأولاد وقد مات بالأقطار الحجازية مجهلا فلا يدرى إذا كان لهؤلاء الأولاد بعد تسديد الديون والمصاريف شىء باق فى ذمة الجد أم لا مع ملاحظة أن حصة هؤلاء الأولاد فى المنزلين وفى السيارة موجودة
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأنس المنصوص عليه شرعا فى الأب إذا مات مجهلا مال صغيره أنه لا يضمن على القول الأصح فما يوجد من تركته مما هو معروف أنه من مال الابن فهو للابن وما لم يوجد منها ولم يعرف حاله لا يضمنه الأب.
كما نصوا فى الجد إذا مات مجهلا مال ابن ابنه الصغير أنه لا يضمن فصار حكم الأب والجد فى هذه الحالة واحدا وهو عدم الضمان بالتجهيل.
ومن هذا يعلم أن هذا الجد المذكور حاله فى السؤال لا يضمن شيئا لأولاد ابنه من ريع المنزلين والسيارة حيث مات مجهلا.
وبهذا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر به والله تعالى أعلم(7/104)
وصاية المسيحى على مسلمة مع وجود أبيها
المفتي
حسن مأمون.
جمادى الثانية 1375 هجرية - 16 يناير 1956 م
المبادئ
1- لا يجوز ولاية المسيحى على المسلم نفسا أو مال.
2- لا وصاية مع الولاية الطبيعية إلا إذا عين الولى وصيا مختار على ابنته المسلمة وبشرط اتحاد الدين بين الوصى والموصى عليه
السؤال
بالطلب المقيد والمتضمن بيان الحكم الشرعى والقانونى فى جواز إقامة الشخص المسيحى وصيا على بنت مسلمة بلغت عشر سنوات من عمرها مع وجود أبيها المسلم الأمين العاقل العدل الذى تتوفر فيه كل الشروط الشرعية فى الولاية والوصاية
الجواب
أولا إن الولاية على هذه البنت المسلمة التى تبلغ سن الرشد وهو واحد وعشرون سنة تثبيت لأبيها المسلم ثبوتا طبيعيا وجبريا مادام قد توفرت فيه الأهلية اللازمة لمباشرة هذا الحق، ولا يجوز له أن يتنحى عن هذه الولاية إلا بإذن المحكمة المختصة طبقا للمادتين الأولى والثانية من القانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال المعدل لأحكام قانون المحاكم الحسبية رقم 99 لسنة 1947 - لكن يجوز لهذا الأب طبقا للمادة 28 من هذا القانون أن يقيم وصيا مختارا لبنته المذكورة تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها فى المادة 27 من القانون المذكور التى منها اتحاد الدين.
ثانيا إن المنصوص عليه فقها أنه لا تجوز ولاية المسيحى على المسلم سواء أكانت هذه الولاية على النفس أو على المال - وقد نص فى الفقرة الأخيرة من المادة 27 المذكورة، أنه يجب على كل حال أن يكون الوصى من طائفة القاصر فإن لم يكن فمن أهل مذهبه وإلا فمن أهل دينه.
وهذا يدل على أن اتحاد الدين واجب بين الوصى والقاصر.
ومن هذا يتبين أن هذا الشخص المسيحى لا يجوز بأى حال تعيينه وصيا على البنت المسلمة المذكورة إذا وجد واحد من السببين المذكورين، ويتحقق كليهما يكون عد الجواز من باب أولى.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/105)
تسليم أموال القصر للأولياء
المفتي
حسن مأمون.
محرم 1379 هجرية -28 يوليو 1959 م
المبادئ
1- للولى أبا كان أو جدا تسلم أموال القاصر دون تقديم شهادة بعدم سلب الولاية.
2- لا يجوز للوصى تسلم أموال القاصر إلا إذا قدم قرارا من المحكمة الحسبية بتعيينه وصيا
السؤال
طلبت حكمدارية بوليس القاهرة بكتابها رقم 11729.
المتضمن أنه قد أنشئت بحكمدارية بوليس القاهرة مؤسسة اجتماعية لصولات وصف عساكر بوليس مدينة القاهرة، ونص فى قانونها على أنه فى حالة وفاة العضو يصرف لورثته مبلغ أربعين جنيها بصفة إعانة، وكثيرا ما يتقدم الولى الشرعى بطلب صرف نصيب القصر إليه طبقا للقانون.
والمطلوب به معرفة الحكم الشرعى والقانونى فيما إذا كان يجوز للمؤسسة تسليم نصيب القصر للولى الشرعى دون حاجة إلى تقديم شهادة بعدم سلب الولاية منه أو لابد من الحصول على هذه الشهادة قبل تسليم نصيب القصر إليه
الجواب
إن الولى الشرعى - وهو الأب أو الجد أبو الأب عند وفاة الأب - يجوز أن يسلم له نصيب القصر الذين فى ولايته دون حاجة إلى تقديم شهادة بعدم سلب الولاية، لأن الأصل فى الشخص الأهلية والبراءة ما لم يقم دليل ينافيها - ولأنه لم ينص فى قانون المحاكم الحسبية رقم 99 لسنة 1947 ولا فى القانون رقم 119 سنة 1952 المعدل لهذا القانون على لزوم تقديم هذه الشهادة أما إذا كان الطالب وصيا على القصر الذين يطالب بنصيبهم.
وهو غير الأب والجد المذكورين فإنه لابد من تقديم قرار من المحكم الحسبية بتعيينه وصيا على هؤلاء القصر.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/106)
ولاية الجد ومدى حقه فى التصرف فى مال القاصر
المفتي
أحمد هريدى.
29 مارس 1967م
المبادئ
1- ولاية الجد الصحيح إنما تأتى إذا لم يكن الأب قبل وفاته قد اختار وصيا على مال القصر.
2- الواجب عليه القيام بأعبائها، ولا يجوز تنحيه عنها إلا بإذن.
3- عدم جواز تصرفه فى مال القاصر إلا بإذن من المحكم، وعليه إيداع قائمة بالمحكمة الحسبية بأموال القاصر فى مدى شهرين من بداية الولاية، أو من أيلولة المال إلى الصغير
السؤال
إن رجلا توفى عن أولاده القصر الذين شملوا بولاية جدهم لأبيهم الطبيعية بعد وفاته.
وطلب السائل بيان ما إذا كان يحق للجد بوصفه وليا طبيعيا على هؤلاء القصر القبض والاستلام والتصالح عما يستحقه هؤلاء القصر من تعويض لهم لدى إحدى الشركات نيابة عنهم دون الحصول على إذن بذلك من النيابة الحسبية، أم يجب عليه الحصول على إذن منها بذلك
الجواب
تنص المادة الأولى.
من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال.
- أن الولاية للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصيا مختار على مال القاصر.
وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن من المحكم.
فإذا توافرت للجد الأهلية اللازمة لمباشرة هذا الحق فيما يتعلق بماله هو ولم يكن الأب قد اختار وصيا على مال القاصر، كان للجد القيام على رعاية أموال القاصر وله إردارتها وولاية التصرف فيها مع مراعاة الأحكام المقررة فى القانون المذكور كما تقضى المادتان الثانية والثالثة من القانون المذكور.
وقد نصت المادة 15 من هذا القانون على أنه لا يجوز للجد بغير إذن المحكمة التصرف فى مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها - كما نصت المادة 16 منه على على الولى أن يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو ما يؤول إليه، وأن يودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التى يقع بدائرتها موطنه فى مدى شهرين من بداية الولاية أو من أيلولة هذا المال إلى الصغير وطبقا لما ذكر يجوز للجد قبض واستلام المبالغ المستحقة للقاصر بدون إذن المحكمة على أن يحرر عنها قائمة بما آل للقاصر من مال يودعها فلم كتاب المحكمة فى المواعيد التى حددتها المادة المذكورة، ولا يجوز له التصرف فى المال ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها إلا بعد الحصول على إذن من المحكمة الحسبية لا من النيابة.
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/107)
قضايا المحجور عليه
المفتي
أحمد هريدى.
8 أغسطس 1968م
المبادئ
1- رفع المحجور عليه قضايا على الغير بنفسه غير جائز.
2- على القيم عليه رفع هذه القضايا، فإن رفض رفعها أو تأخر فى ذلك إضرارا به يجب على أى إنسان أن يرفع الأمر إلى النيابة المختصة لتتولى محاسبته، أو لتستبدل به غيره إذا ثبت لها عدم صلاحيته
السؤال
بالطلب المتضمن أن م ع قد تقرر توقيع الحجر عليه بجلسه 17-12-1940 وعينت والدته قيما عليه مع الإذن لها بصرف ما يستحقه من معاش بوزارة المالية للإنفاق فى شئونه أى يجعل المعاش نفقته.
وأرفق السائل بطلبه صورة طبق الأصل تحت مسئوليته من مجلس حسبى مصر فى القضية 802 سنة 1939 الخاصة بمادة منع بشأن الحجر عليه بجلسة 17/12/1940، وبالاطلاع عليه تبين أن الطبيب الشرعى فحص حالة الطالب بتاريخ 12/8/1940 وقرر أن حالته العقلية غير عادية وأن بعقله عاهة مظهر السكوت، وعدم الإجابة على ما يوجه إليه من أسئلة ولعل حالته هذه هى نوع من الضعف العقلى المتقطع الذى يظهر أحيانا ويختفى أحيانا، وعلى ذلك لا يمكنه إدارة شئونه بنفسه، وانتهى المجلس إلى القرار الآتى نصه (قرر المجلس توقيع الحجر على م.
ع وتعيين والدته قيما عليه وعليها تقديم محضر الجرد ومخابرة وزارة المالية بذلك وصرف المستحق له للقيمة المذكورة للإنفاق فى شئونه) .
ويطلب السائل بيان الرأى فيما يأتى: 1- هل لهذا المحجور عليه الحق فى رفع قضايا بنفسه أمام القضاء مثل رقع دعوى ضم ابنته لبلوغها أقصى سن الحضانة، لأن والدتها مطلقته قد تزوجت بأجنبى.
2- هل يجوز لهذا المحجور عليه أيضا رفع دعاوى إخلاء ضد أحد المستأجرين أمام دائرة الإيجارات بسبب التأجير من الباطن، لأن للمحجور عليه عقارا، وعقود الإيجار محررة باسمه، وهو الذى يقوم باستلام الإيجار شهريا بنفسه من المستأجرين.
3- وعلى فرض أنه لا يحق للمحجور عليه رفع هذه الدعاوى بل الواجب أن يتولى رفع هذه القضايا القيم عليه - فما هو الطريق السليم الذى يسلكه المحجور عليه للحصول على حقوقه على فرض أن القيم رفض رفع هذه الدعاوى أو تأخر فى رفعها للإضرار بالمحجور عليه
الجواب
ثابت من تقرير الطبيب الشرعى المدون فى قرار الحجر المرافق أن المحجور عليه بعد فحصه تبين أن بعقله عاهة، وأن حالته العقلية غير عادية وأن حالته هذه من نوع الضعف العقلى المتقطع الذى يظهر أحيانا ويختفى أحيانا، وعلى ذلك لا يمكنه إدارة شئونه بنفسه، ومن ثم صدر القرار بالحجر عليه وتعيين والدته قيما عليه، ورفع القضايا لا يكون إلا من إنسان كامل الأهلية، والمحجور عليه بعد تقرير الطبيب الشرعى عنه ليس كذلك.
ومن هذا يتبين أن المحجور عليه المنوه عنه بالسؤال لا يجوز له شرعا ولا قانونا أن يرفع القضايا المشار إليها بنفسه، بل الذى رفه هذه القضايا هو القيم بنفسه دون غيره، وعلى فرض أن القيم رفض رفع هذه القضايا أو تأخر فى رفعها إضرارا بالمحجور عليه، ففى هذه الحالة يجب على من يهمه الأمر أو أى إنسان حسبه لله تعالى أن يرفع الأمر إلى النيابة المختصة بالولاية على المال لتتولى محاسبة هذا القيم على إهمال، أو تستبدل غيره به إذا ثبت لها عدم صلاحيته ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/108)
ايداع الأب نقودا بأسماء أبنائه القصر
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
3 محرم 1401 هجرية - 10 نوفمبر 1980 م
المبادئ
1 - تتم الهبة شرعا بالإيجاب والقبول الذين صدرا من الأب بوصفه واهبا ووليا على الموهوب له.
2 - تصح الهبة ولو اقترنت بشرط باطل ويلغو الشرط دون العقد.
3 - إيداع المورث نقودا بأسماء أولاده القصر متى تم فى وقت صحته وليس فى مرض موته خرجت مخرج الهبة.
وتتأكد ملكية هؤلاء القصر بموت الواهب مصرا على هبته.
4 - هذه المبالغ ليست من التركة وإنما هى ملك لمن أودعت بأسمائهم كل حسبما جاء بدفتره، ومع مراعاة شروط القانون المدنى فى صحة الهبة وانعقادها
السؤال
بالطلب المقدم من المواطنة خ.
ع وقد جاء به أن والدها توفى بتاريخ 16/5/1980 عنها وعن ثلاثة أبناء، وكان قد افتتح لكل ابن من الثلاثة دفتر توفير بالبريد، وأودع فى هذه الدفاتر مبالغ، وكان أبناؤه الثلاثة قصرا وهو الولى عليهم، واشترط وقت الإيداع ألا تصرف هذه المبالغ إلا بموافقته، وتوفى وتلك المبالغ على حالها بالدفاتر المذكور.
وتسأل أولا هل تكون المبالغ المودعة بدفاتر التوفير لجميع ورثة والدها يقتسمونها للذكر ضعف الأنثى.
ثانيا أو تكون تلك المبالغ من حق من أودعت بأسمائهم
الجواب
إنه تحصل من السؤال أن المورث قد أودع مبالغ نقدية متفاوتة القدر فى دفاتر توفير بريدية بأسماء أبنائه الثلاثة، وقد كانوا وقت الإيداع قصرا، وقد اشترط المودع ألا تصرف المبالغ أو شىء منها إلا بموافقته وأنه توفى والمبالغ مودعة بالدفاتر المحررة بأسماء أبنائه الثلاثة.
فإذا كان هذا هو الواقع.
فقد نص الفقهاء على أنه لو وهب والد لولده الصغير مالا ملك الابن الهبة بمجرد قول الولد وهبت هذا المال لابنى فلان، أو كان الموهوب مقبوضا فى يد الأب بوصفه وليا على الصغير.
وتتم الهبة شرعا بالإيجاب والقبول اللذين صدرا من الأب بوصفه واهبا ووليا على الموهوب لهم، كما نصوا على أن الهبة تصح ولو اقترنت بشرط باطل ويلغى الشرط دون العقد.
لما كان ذلك فإذا كان إيداع المورث لهذه النقود بأسماء أبنائه قد تم فى وقت صحته، وليس فى مرض موته، خرجت مخرج الهبة حيث تمت بالإيجاب من الواهب بإيداعه تلك المبالغ فى دفاتر التوفير وبالقبول منه بوصفه وليا على ابنائه القصر، وكان صندوق التوفير نائبا أيضا، والمال أمانة لديه للمودع لهم، ووقع شرط عدم الصرف إلا بإذن الواهب المورث باطلا لمنافاته لمقتضى عقد الهبة.
ولما كان من موانع الرجوع فى الهبة أن تكون بين الأرقام ذوى الأرحام، فإن الرجوع فى هذه الهبة كان ممتنعا فى الواهب المورث بوصفه والد الموهوب لهم، وفوق هذا تأكدت ملكية هؤلاء لتلك المبالغ بموت الواهب مصرا على هبته.
وإذ كان ذلك لم تكن تلك المبالغ من تركة المورث والد السائلة وإنما هى ملك خالص لمن أودعت بأسمائهم، كل حسبما جاء بدفتره، وهذا بمراعاة شروط القانون المدنى فى صحة الهبة وانعقادها باعتبار أن العقد تحكمه نصوص هذا القانون.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/109)
ولاية القاضى المسلم ولاية عامة فيما نيط به
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
18 جمادى الآخرة 1401 هجرية - 23 أبريل 1981 م
المبادئ
1 - قسم فقهاء الإسلام الأرض المعمورة إلى دار إسلام.
وتضم البلاد التى يسود فيها الإسلام.
ودار حرب. وتضم البلاد التى لم يدخل أهلها فى الإسلام دينا وإن لم يحاربوا المسلمين.
2 - قال الفقهاء إن مناط سيادة الشريعة الإسلامية على الأشخاص هو الدين وليست الجنسية.
وإن الشريعة الإسلامية شريعة إقليمية يخضع لها كافة الأشخاص فى دار الإسلام مهما كانت ديانتهم أو جنسيتهم إلا فى العبادات.
3 - لا أثر لاختلاف البلاد فى اختلاف الأحكام وإن تعددت المذاهب الفقهية الاجتهادية التى يتبعونها.
4 - متى كان قاضى محكمة إدارة الشارقة الشرعية وهى من دار الإسلام منوطا به من ولى الأمر فى دولته الفصل فى قضايا الطلاق للضرر فى نطاق أحكام الشريعة الإسلامية امتدت ولايته القضائية إلى كافة المقيمين فى دائرة اختصاصه، ومنهم المصريون، وفقا لقوانينه وما حدده له ولى الأمر فى قرار تعيينه.
5 - ليس فى القانون المصرى ما يمنع المصريين المقيمين فى خارج جمهورية مصرة العربية من التقاضى أمام محاكم غيرة مصرية.
6 - الذى يتعين المصير إليه فى مسائل الأحوال الشخصية من وجهة نظر فقه الإسلام ونصوص القانون، هو جواز التحاكم للمصريين المقيمين خارج الجمهورية أمام القاضى الذى يقيمون فى ولايته ما دام مسلما صاحب ولاية فيما تنازعوا فيه.
وأن يطبق هذا القاضى ما أشارت به قواعد الإسناد فى القانون المصرى.
7 - حكم التطليق للضرر الصادر من محكمة الشارقة الشرعية، إذا كان قد صدر من قاض صاحب ولاية يكون حجة فيما قضى به من التطليق.
وعلى كل قاض مسلم تنفيذه.
لأنه قضى بما لا يخالف القرآن أو السنة أو الإجماع.
8 - متى كان الحكم الصادر من محكمة أجنبية بشأن حالة الأشخاص بصفة نهائية، ومن جهة ذات ولاية بإصداره حسب قانونها، وبحسب قواعد الاختصاص فى القانون الدولى، وليس فيه ما يخالف النظام العام فى مصر فإنه يكتسب الحجية.
9 - زواج المطلقة بهذا الحكم بوصفه السابق وأنه انتهائى أو صار نهائيا وبعد انتهاء عدتها بآخر يقع صحيحا شرعا متى استوفى باقى شروطه وأركانه
السؤال
بالطلب المقيد وقد جاء به أن حكما صدر من محكمة إمارة الشارقة الشرعية بتطليق زوجة مصرية من زوجها المصرى للضرر، وقد كان الزوجان يقيمان فى هذه الإمارة وقت الترافع إلى تلك المحكمة، وقد صدر الحكم حضوريا بعد سماع الدعوى واقوال وأدلة طرفيها.
وقد تزوجت هذه المطلقة بعد انتهاء فترة العدة بزوج مسلم آخر.
والسؤال (أ) ما مدى ولاية القاضى المسلم فى دولة أخرى مسلمة على المصريين المسلمين المقيمين فى دائرة ولايته، وقد طبق على الدعوى الحكم الشرعى (ب) ما مدى حجية الحكم الصادر بالتطليق من محكمة الشارقة فى فقه الإسلام وفى النظام القانونى فى مصر (ج) ثم هل يعتبر الزواج الذى تم بين هذه المطلقة والزوج الآخر بعد انتهاء عدتها من الأول صحيحا شرعا
الجواب
قال الله سبحانه {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} البقرة 143، وقال {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} آل عمران 110، وقال {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون} الأنبياء 92، وقال {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} المؤمنون 52، بهذه الآيات الكريمة وغيرها فى القرآن وبهدى وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المسلون أمة واحدة مستظلين براية الإسلام برآء من عصبيات الجنسية والإقليمية التى اتخذها عرف الناس أساسا للجماعات فقد جعلهم الإسلام أمة واحدة مهما تباعدت أقطارهم ومواقعهم على أرض الله الواسعة الأرجاء.
ومن هنا كان تقسيم فقهاء الإسلام، الأرض المعمورة إلى جار الإسلام، وتضم البلاد التى يسود فيها الإسلام، ودار الحرب، وتضم البلاد التى لم يدخل أهلها فى الإسلام دينا، وإن لم يحاربوا المسلمين.
وقال الفقهاء إن مناط سيادة الشريعة الإسلامية على الأشخاص هو الإسلام أى الدين، وليس التبعية السياسية لدولة، أى الجنسية، وإن الشريعة الإسلامية شريعة إقليمية يخضع لها كافة الأشخاص فى دار الإسلام، مهما كانت ديانتهم أو جنسيتهم، وإن أجازت - فى قول بعض الفقهاء - لغير المسلمين التحاكم لشرائعهم الدينية فى حدود ضيقة (أمرنا بتركهم وما يدينون) .
ومن أجل هذا كانت بلاد المسلمين أو دار الإسلام تكون وحدة دينية تربطها رابطة الدين وتسود فيها شريعة الإسلام، مهما تعددت الحكومات فى مختلف أقطارها، وكان توارث المسلمين وإن اختلفت جنسياتهم السياسية أمرا لا جدال فيه.
ذلك لأن الشريعة الإسلامية قامت على أصل واحد، وهو وجوب الانقياد لها على كل مسلم فى أى محل، وإلى أى بلد ارتحل.
فإذا نزل المسلم ببلد إسلامى جرت عليه أحكام هذه الشريعة الغراء فى ذلك البلد، وصار له من الحق ما لأهله.
وعليه من الواجب ما على أهله، لا يميزه عنهم مميز، ولا أثر لاختلاف البلاد فى اختلاف الأحكام، وإن تعددت المذاهب الفقهية الاجتهادية التى يتبعونها، فقد يسود فى بعض الأقطار فقه مذهب أبى حنيفة، وفى بعض آخر مذهب مالك، وبعض ثالث مذهب الشافعى، وبعض رابع مذهب أحمد بن حنبل، وبعض خامس المذهب الزيدى، أو الشيعى الجعفرى، لكن هذا لا أثر له فى الحق للشخص أو عليه، إذ متى قضى له أو عليه، فله ما قضى له به، وعليه أداء ما قضى عليه به على أى مذهب كان، متى كان القاضى صاحب ولاية مروعة صادرة من ولى الأمر فى الجهة التى يقضى فيها، فقد اتفق فقهاء المذاهب جميعا على أن حكم القاضى فى أمر مجتهد فيه يرفع الخلاف.
كما أن فقه الإسلام فى كافة اجتهاداته لا يربط الأحكام بالأوطان والإقليمية إلا فى العبادات كقصر الصلاة للمسافر وجواز الفطر فى رمضان، مثلا، والحج ومناسكه فى مواطن محددة بأرض الحجاز، وفى القضاء واختصاص المحاكم بما يسمى الآن - الاختصاص المحلى - تحدث الفقهاء فى تعيين الجهة التى يكون لقاضيها الاختصاص بالدعوى اختصاصا مكانيا، بمعنى هل ترفع فى محل المدعى أو فى محل المدعى عليه غير أن الخلاف فى شىء من هذا لا يغير فى حق الخصوم ولا يوهن منه.
فالشريعة واحدة، والحقوق واحدة، يستوى فى ذلك الجميع فى أى مكان كانوا من البلاد الإسلامية وأمام القاضى المسلم.
ومن هنا كان موطن المسلم فى بلاد الإسلام، هو المحل الذى نوى الإقامة فيه واتخذ فى جنباته طريق كسبه وعيشه، واستقر فيه مع أهله، إن كان ذا أهل دون نظر إلى محل مولده ونشأته، ولا إلى عادات وأعراف البلد الذى رحل عنه فى الأحكام والمعاملات فهو رعية الحاكم (القاضى) الذى يقيم تحت ولايته دون سواه من سائر الحكام، مادام مستقرا وقاطنا فى بلد إسلامى يعتبر من دار الإسلام.
لما كان ذلك كانت ولاية القاضى المسلم فى أى دولة مسلمة ممتدة إلى كل المقيمين فيها من المسلمين ولو اختلفت جنسيتهم السياسية، متى كان هذا القاضى معينا ذا ولاية مستمدة من ولى الأمر فى دولته ومنوطا به الحكم بين الناس فى نوع الدعوى التى قضى فيها ابتاعا للقاعدة المستقرة فى فقه الإسلام القضاء يتخصص بالزمان والمكان والحادثة.
ومن ثم فإذا كان قاضى محكمة إمارة الشارقة الشرعية، وهى من دار الإسلام منوطا به من ولى الأمر فى دولته الفصل فى قضايا الطلاق للضرر فى نطاق أحكام الشريعة الإسلامية، امتدت ولايته القضائية إلى كافة المقيمين فى دائرة اختصاصه وفقا لقوانينه وما حدده له ولى الأمر فى قرار تعيينه قاضيا من حيث المكان والزمان الواقعة المطروحة أمامه للقضاء، وبالتالى تمتد ولايته القضائية فيما أنيط به إلى المصريين المقيمين فى دائرته القضائية فى حدود اختصاصه النوعى.
هذا وليس فى القانون المصرى ما يمنع المصريين المقيمين فى خارج جمهورية مصر العربية من التقاضى أمام محكمة غير مصرية، وإن كان هذا القانون قد أجاز للمدعى مقاضاة المدعى عليه المصرى المقيم فى الخارج أمام المحكمة المصرية، ولا تلازم بين هذا وذاك.
والذى يتعين المصير إليه فى مسائل الأحوال الشخصية من وجهة نظر فقه الإسلام ونصوص القانون - هو جواز التحاكم للمصريين المقيمين خارج الجمهورية أمام القاضى الذى يقيمون فى ولايته، مادام قاضيا مسلما صاحب ولاية قضائية فيما تنازعوا فيه، وأن يطبق هذا القاضى ما أشارت به قواعد الإسناد فى القانون المصرى.
ولقد تعرض الفقهاء المسلمون لحجية الأحكام القضائية ولما كان القضاء - فى مسائل الأحوال الشخصية - فى مصر يجرى وفقا لقواعد الإسناد التى حوتها المادة 280 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية ونصها تصدر الأحكام طبقا للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، ما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة، فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقا لتلك القواعد.
يأتى النظر فى مدى حجية حكم محكمة إمارة الشارقة الشرعية المسئول عنه فى نطاق فقه المذهب الحنفى المعمول به فى مصر، ومدى حجيته باعتباره حكما أجنبيا فى نظر النظام القانونى القضائى الحالى فى مصر أيضا.
أما عن الشق الأول فإن فقه المذهب الحنفى يقرر (كتاب الدر المختار وحاشية رد المحتار لابن عابدين ج - 4 كتاب القضاء ص 503 حتى ص 521 فقه حنفى وكتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم فى كتاب القضاء والشهادات والدعوى فى عدة مواضع من هذا الكتاب) أنه إذا رفع حكم قاض إلى آخر نفذه، أى وجب تنفيذه والعمل بمقتضاه، وأضاف فقهاء المذهب أن الحكم من حيث حجيته ثلاثة أقسام الأول يرد بكل حال (أى لا يعمل به ولا يكتسب الحجية) وهو ما خالف نصا صريحا فى القرآن الكريم أو السنة أو خالف الإجماع.
الثانى يكتسب الحجية وينفذ بكل حال، وهو الحكم فى محل الاجتهاد بأن يكون الخلاف بين فقهاء المذاهب فى المسألة أو سبب القضاء، كما إذا قضى لامرأة بشهادة زوجها وشهادة آخر.
الثالث اختلفت فى حجيته، وهو الحكم المجتهد فيه، أى الذى لا يخالف الدليل الشرعى من الكتاب أو السنة أو الإجماع.
ومن هذا يظهر أن الفقه - وهو القانون الموضوعى فى أغلب مسائل الأحوال الشخصية فى مصر - يقر للحكم الذى يصدر من القاضى المسلم فى حدود ولايته بالحجية، بمعنى عدم جوز التعرض له، فالحجية فى لغة الفقهاء الإسلاميين، تشمل الحجية وقوة المر المقتضى المصطلح عليهما فى النظام المعاصر، وذلك ما لم يخالف الحكم نصا صريحا فى القرآن أو السنة أو يخالف الإجماع.
ومن ثم فإذا كان حكم التطليق للضرر الصادر من محكمة الشارقة الشرعية، وقد صدر من قاض صاحب ولاية يكون حجة فيما قضى به من التطليق، وعلى كل قاض مسلم تنفيذه، لأنه قضى بما لا يخالف القرآن أو السنة أو الإجماع.
ذلك لأن مرد حكم التطليق للضرر هو فقه مذهب الإمام مالك رضى الله عنه، وله أدلته المستمدة من الكتاب والسنة، وقد أخذ به فى مصر فى القانون الرقيم 25 لسنة 9129 وما زال العمل به للآن.
فقضاء ذلك الحكم بالتطليق لثبوت إضرار الزوج لزوجته بالإيذاء على النحو الموضح بمدوناته يقع فى نطاق المعمول به تشريعا وقضاء فى مصر بذلك القانون، وهو بعد حجة بمعنى أنه يجب تنفيذه وعدم التعرض له وفاقا لنصوص فقه المذهب الحنفى.
وأما الشق الآخر وهو ندى حجية حكم محكمة الشارقة الشريعة فى النظام القانونى الحالى باعتباره حكما أجنبيا، فإن من القواعد المستقرة التى جرى عليها القضاء المصرى أنه متى كان الحكم الصادر من محكمة أجنبية بشأن حالة الأشخاص بصفة نهائية، ومن جهة ذات ولاية بإصداره حسب قانونها، وبحسب قواعد الاختصاص فى القانون الدولى الخاص، وليس فيه ما يخالف النظام العام فى مصر فإنه يكتسب الحجية.
وإذا كانت قواعد القانون الدولى الخاص قد اقتضت تدخل الجنسية فى تحديد حالة الأشخاص، وجرى التقنين المدنى (رقم 131 لسنة 1984) المصرى، على تطبيق قانون الجنسية فى هذه الحال ومنها الطلاق أو التطليق حيث جاءت المادة 2 - 13 بما يلى (أما الطلاق فيسرى عليه قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج وقت الطلاق، ويسرى على التطليق والانفصال قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج وقت الدعوى) .
وجرى نص المادة 14 من هذا القانون بما يلى (فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين مصريا وقت انعقاد الزواج يسرى القانون المصرى وحده فيما عدا شرط الأهلية للزواج) فهذه النصوص القانونية المصرية تقضى بسريان القانون المصرى وحده فى الطلاق أو التطليق متى كان أحد طرفى علاقة الزوجية مصريا.
فإذا كان حكم التطليق الصادر من محكمة الشارقة الشرعية قد طبق ما يقضى به فقه الإمام مالك من جواز تطليق الزوجة - بناء على طلبها فى دعوى قضائية - على زوجها بسبب إضراره بها ن لأن فقه هذا المذهب هو المعمول به هناك كما هو معروف، يكون قد طبق أيضا قانون الأحوال الشخصية فى مصر وهو القانون الزوجين بوصفهما يحملان الجنسية المصرية، ولا يشترط فى هذه الحالة للاحتجاج بهذا الحكم فى مصر أن يحوى بيان ما يعتبر به حكما فى نطاق التنظيم القانونى المصرى لأن بيان الحكم فى مفهوم أحكام القانون الدولى الخاص يكون لقانون القاضى الذى أصدر الحكم، إذ هو وحده الذى يحدد هذا البيان بما يجعله مستوفيا الشكل الصحيح، وإن خالف فى هذا البيان ما هو متواضع عليه فى مصر من تبويب لماهية الحكم بالفصل بين أسبابه ومنطوقه.
وإذ كان البين مما تقدم أن قاعدة القضاء العامة فى شريعة الإسلام تقضى بخضوع المسلم فى خصوماته للقاضى المسلم الذى يلجأ إليه ويكون هو داخلا فى ولايته القضائية، كان تداعى طرفى الحكم المسئول عنه ومثولهما أمام قاضى محكمة إمارة الشارقة الشرعية فى موضوعه كان هذا التجاء إلى قاض ذى ولاية عليهما، بغض النظر عن تبعيتهما فى الجنسية السياسية لدولة أخرى غير دولة هذا القاضى.
على أنه وقد طبقت محكمة الشارقة الشرعية على الدعوى فقه الإمام مالك وإجازته التطليق للضرر وهو ما يقضى به القانون المصرى الرقيم 25 لسنة 1929 المستمدة أحكامه فى الطلاق للضرر من مذهب الإمام مالك يكون هذا الحكم فى حدود هذه القواعد ملزما ونافذا متى كان صادرا من قاض ذى ولاية فى موضوعه، إذ الممنوع فى نطاق أحكام فقهاء المذاهب جميعا، أن يصدر الحكم من قاض غير مسلم أو ليس صاحب ولاية فى موضوع النزاع الذى قضى فيه، والظاهر من الحكم المعروض صورته غير الرسمية أن قاضيه مسلم وأنه ذو ولاية فى موضوعه، إذ لا يتصدى قاض لغير ما فى ولايته عادة.
ومن ثم يعتبر حجة فيما قضى به إذا كان قد صدر انتهائيا أو صار نهائيا وفقا لقانون المحكمة التى أصدرته، ويمتنع التعرض لما قضى فيه قضاء قاطعا.
أما عن صحة زواج هذه المطلقة بزوج آخر بمقتضى هذا التطليق فإذا ثبت أن حكم التطليق قدر صدر من قاض مسلم ذى ولاية قانونية مختص، وأنه انتهائى أو صار نهائيا، كل ذلك حسب قانون قاضيه كان الحكم - بهذه القيود - منهيا شرعا وقانونا لعلاقة الزوجية بين طرفيه، وإذا ثبت أن هذه المطلقة قد تزوجت بالآخر بعد انقضاء عدتها من هذا الطلاق بأحد السباب الشرعية لانقضاء العدة.
وهى وضع الحمل إن كان وقت الحكم حاملا، أما إن كانت حائلا فبرؤيتها دم الحيض ثلاث مرات كوامل تبدأ منذ صار الحكم نهائيا وتصدق إذا أقرت بحدوث ذلك، وكانت المدة من بداية العدة لا تقل عن ستين يوما على المفتى به فى فقه المذهب الحنفى، وإن لم تكن من ذوات الحيض فعدتها ثلاثة أشهر، وذلك كله فى نطاق أحكام القانون الواجب التطبيق فى مصر، وهو أرجح الأقوال فى فقه المذهب الحنفى على ما تقضى به المادة السادسة من القانون رقم 462 سنة 1955 والمادة 280 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
إذا كان ذلك ك وقع زواجها بالآخر - متى استوفى باقى أركانه وشروطه - صحيحا شرعا.
والله سبحانه أعلم(7/110)
ولاية على مفقود
المفتي
حسونة النواوى.
ذى القعدة 1313 هجرية
المبادئ
1 - غياب الوصى المختار غيبة منقطعة بلا وكيل يقتضى تعيين غيره وتسليم مال القاصر إليه.
2 - فقد القاصر وغيابه غيبة منقطعة لا يمنع من ذلك للمصلحة
السؤال
بإفادة من مديرية الفيوم سنة 1313 هجرية مضمونها أن سيدة أقيمت وصية شرعية على بنتها القاصرة من مطلقها بتاريخ سنة 1321.
وقبل تسليمها نصيب بنتها القاصرة المذكورة فى تركة والدها المذكور لضبطها بمعرفة بيت المال قد تغيبت مع هذه القاصرة.
وبالتحرى عن جهة غيابهما فلم يعلم مستقرهما. وباستفتاء مفتى المديرية فيما يجريه بيت المال فى نصيب هذه القاصرة أفتى بما نصه (المنصوص إذا غاب الوصى المختار غيبة منقطعة بلا وكيل عنه مع تصريحهم بأن المفقود الذى لا يعلم مكانه ولا موته ولا حياته غيبة منقطعة حكما.
وقد صرحوا بأن وصى القاضى كوصى الميت، إلا فى ثمان ليست هذه منها، فبناء على ذلك فالقاضى فى هذه الحالة ينصب وصيا فى نصيبها وعليها، ويسلمه إليه ليتصرف لها ويخاصم فيما يتعلق بها، وإن كان وقع الاختلاف فى جواز نصب القاضى وصيا مع غيبة الأيتام لما فى ذلك من المصلحة) .
وحيث إن نائب محكمة المديرية أجاب بالاشتباه فى هذه الفتوى عند تلاوتها بمجلس حسبى المديرية لكونها مذكورا بها أنه يقام وصى على القاصرة المذكورة وفى نصيبها ليتصرف الوصى المذكور لها، ويخاصم فيما يتعلق بها، مع أن القاصرة المذكورة ووصيها مفقودان لغيابهما غيبة منقطعة ولا تعلم حياتهما من مماتهما وقال إنه هل يقام وصى على القاصرة المفقودة مع فقد وصيها أيضا ليتصرف لها كما ذكر بهذه الفتوى، أو يقام قيم لحفظ مالها فقط بمعرفة القاضى الشرعى.
ولذا رأى مجلس حسبى المديرية لزوم الاستفتاء من فضيلتكم عن ذلك.
فالأمل إصدار الفتوى عما ذكر
الجواب
بالاطلاع على الإفادة المتضمنة لما أفتى به حضرة مفتى أفندى المديرية فى شأن الحادثة التى وردت بخصوصها هذه الإفادة، ظهر أن ما أفتى به حضرة المفتى المومى إليه موافق شرعا فيعمل بمقتضاه.
ے(7/111)
وصى مختار
المفتي
حسونة النواوى.
صفر 1314 هجرية
المبادئ
1 - مجرد اتهام القاصر للوصى بشىء غير موجب لعزله.
2 - عزل الوصى نفسه أو تنازله عن الوصاية صحيح شرعا ويعتبر إخراجا له من الوصاية
السؤال
بإفادة من نظارة الحقانية فى صفر سنة 1314 مضمونها أنه لصدور حكم من محكمة مديرية الغربية بعزل القصبى الحسينى من وصايته على أولاد وتركة أحمد يوسف، وحصول الطعن من المعزول المذكور فى ذلك تحول النظر فيه على المجلس الشرعى بمحكمة مصر، وقرر بأن الحكم بعزل القصبى المذكور على الوجه المسطور بالصورة المذكورة غير صحيح، لعدم توفر ما يقتضيه شرعا.
ولما بلغ هذا القرار لمحكمة المديرية المذكورة وطلب التأشير بمضمونه على الإعلام وسجله فقاضى المديرية أرسل للحقانية مكاتبة بأن الحكم بعزل الوصى المذكور مبنى على مذهب أبى يوسف المفتى به، من أن القاصر إذا اتهم الوصى يعزله، وعلى ما صرح به فى كثير من كتب المذهب، من أن الوصى إن عزل نفسه لدى الحاكم ينعزل وحينئذ يكون ما ذكر بالقرار المذكور من عدم توفر ما يقتضى العزل محل نظر، ورغب إحالة هذه المسألة على هذا الطرف للنظر فيها وفصلها شرعا، ولذا ها هى الأوراق المختصة بها مرسلة طيه بأمل الإفادة عما يقتضيه الوجه الشرعى.
ومضمون صورة الإعلام المذكورة أنه لدى قاضى المديرية المذكورة بالمجلس الحسبى المنعقد بديوان المديرية، حضر بالمجلس الرجل المكلف القصبى الحسينى من أهالى ناحية نبروه ابن الحسينى ابن إبراهيم وأنهى لدى القاضى المذكور أنه تنازل عن وصايته على تركة المرحوم أحمد يوسف قبودان من نبروه المذكورة إعلام شرعى من محكمة مركز بيلا الشرعية فى 12 القعدة سنة 1310 لعجزه عن القيام بها وعدم قدرته عليها، وبعد أن تحقق لدى القاضى المذكور عجزه عن القيام على الوصاية المذكورة، وسوء تصرفه فى تلك التركة، واتهامه بشهادة شاهدين وتحقق معرفة القصبى الحسينى المذكور عينا واسما ونسبا، وأنه هو الحاضر بالمجلس بشهادة الشاهدين المذكورين عزله من وصايته المذكورة ومنعه من التصرف فيها منعا كليا، وقبل منه ذلك لنفسه قبولا شرعيا بحضورهما وامتثل المنع المذكور بالمجلس المشار إليه بعد أن تقرر بالمجلس الحسبى المذكور عزل الوصى المذكور
الجواب
بالاطلاع على إفادة سعادتكم المسطورة، وعلى صورة الإعلام الشرعى الصادر من محكمة مديرية الغربية المؤرخ بتاريخين ثانيهما 12 شعبان سنة 1313 المشمولة بختم المحكمة المذكورة، وعلى ما قرره بشأنها المجلس العلمى بمحكمة مصر الكبرى الشرعية بتاريخ غاية القعدة سنة 1313، وعلى باقى الأوراق المتعلقة بذلك.
ظهر أن عزل حضرة قاضى محكمة المديرية المذكورة للقصبى الحسينى عن وصايته على تركة أحمد يوسف قبودان وعلى القصر من أولاده بعد تنازله لديه عن الوصاية المذكورة على الوجه المسطور بتلك الصورة يعد إخراجا للوصى المذكور عن الوصاية المرقومة وهو صحيح شرعا وطيه الأوراق، والله تعالى أعلم(7/112)
وصية اختيارية
المفتي
محمد عبده.
ربيع الثانى 1317 هجرية
المبادئ
ليس لوصى الأم إلا تنفيذ الوصية فى ثلث المال
السؤال
امرأة ماتت عن زوجها وأولادها الأربع ذكورا وإناثا من زوجها المذكور، وأوصت بثلث مالها ليصرف فى الخيرات والمبرات على روحها وأقامت شقيقتها وصيا مختارا من قبلها على صرف ذلك الثلث فى الخيرات وعلى أولادها القصر بموجب إعلام شرعى.
فهل إقامة الوصى المذكور على أولادها جائز مع وجود أبيهم المذكور
الجواب
ليس لوصى الأم إلا تنفيذ الوصية فى ثلث المال، وصرف ما أوصت به فى طرق الخيرات والمبرات التى عينتها، وله أن يبيع من تركتها ما يفى بذلك فقط.
وما بقى بعد ذلك للأولاد الصغار. فالأب أولى بالقيام عليه لحفظه وتنميته بالطرق المشروعة، لأن الحق فى صرف ما عينه الموصى للخيرات التى عينها من حق الموصى نفسه فيقوم وصيه مقامه.
أما ما بقى من التركة للأولاد الصغار فهو ملكهم، وحق الولاية على أموالهم هى لآبائهم ماداموا موجودين، حتى لو كانت الأم نفسها حية فلا يسلب هذا الحق من الأب بمجرد وصيتها لغيره.
وهذا ما لم يكن الأب سىء الاختيار أو مبذرا، فإن كان كذلك أقام القاضى وصيا من قبله لحفظ مال الصغار، والله أعلم(7/113)
عزل الوصى المختار
المفتي
محمد عبده.
رمضان 1317 هجرية
المبادئ
لا ينعزل الوصى المختار بعزل القاضى مادام قادرا وأمينا
السؤال
رجل وصى آخر فى حياته على تركته، وعلى بنتيه القاصرتين بالاشتراك مع شخص آخر من بعده، ووصاه أيضا على تركة أخيه وعلى أولاده القاصرين، لأن أخاه جعله فى حياته وصيا مختارا على تركته وأولاده من بعده، وبعد وفاة الموصى مصرا على الوصاية المذكورة صادقت أرملته على الوصاية هى وابن عم زوجها، ووضع الوصى يده على التركة وأدار شئونها 4 سنين يحاسب من بلغ سن الرشد، ثم عزلته البطركخانة من الوصاية فى غيبته بدون إجراء تحقيق معه، وبدون حصول ما يخل بالوصاية واستندت فى عزله إلى أن الشرع الإسلامى يحتم عدم قبول شهادة شهود الإقرار بالوصاية حتى يحلفوا اليمين الشرعى، وإنهم لم يحلفوا حين التصادق على الوصاية.
فهل يجوز عزل الوصى المختار بدون خيانة تثبت عليه شرعا أمام القاضى
الجواب
من المقرر شرعا أن الوصى المختار من الميت إذا كان قادرا على القيام بشئون القصر وحفظ التركة لا يعزله القاضى.
ولو عزله لا ينعزل، إلا إذا ثبتت خيانته فيجب عزله.
وعلى ذلك فعزل الوصى المذكور فى السؤال غير صحيح شرعا.
ولا عبرة بالاستناد فى عزله إلى أن شهود الإقرار بالوصاية لم يحلفوا اليمين حين التصادق عليها، لأن الشاهد لا يحلف عندنا، والله أعلم(7/114)
وصية لوارث
المفتي
محمد عبده.
صفر 1317 هجرية
المبادئ
1 - لا وصية لوارث إلا بإجازة باقى الورثة.
2 - الوصية بالخيرات وقف
السؤال
رجل مات عن والدته وزوجته وأولاده البلغ والقصر، وقبل وفاته بمدة قليلة أوصى لزوجته بجميع منقولات منزله التى تخصه.
ولأولاده القصر بمبلغ ألف جنيه.
و200 جنيه لتجهيزه وكفنه والخرجة والمأتم والقراءة والصدقة وأعمال خيرية للفقراء والمساكين والصدقة و 100 جنيه للأعمال الخيرية التى تعمل كل عام من إيرادات ما يتركه من الأطيان وخلافه، ولم يجز أولاد المتوفى إلا الوصية التى تصرف فى التجهيز والخرجة وخلافه من الأعمال الخيرية، والتى تصرف سنويا فى الخيرات.
أما الوصية بالمنقولات للزوجة والألف جنيه المذكورة فلم يجيزوها.
فهل تكون الوصية فيهما غير نافذة
الجواب
أما الوصية بمبلغ ألف جنيه للقصر من أولاد الموصى وبمنقولات المنزل لزوجته فلا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة، لأنها وصية لوارث والوصية لوارث لا نفاذ لها إلا بإجازة بقية الوارثين، وأما باقى المبلغ المخصص للخيرات فمبلغ المائتى جنيه تنفذا الوصية فيه، لينفق منه مؤن التجهيز والتكفين الشرعيين، وباقيه يصرف فى وجوه الخيرات والصدقات.
ومبلغ المائة جنيه التى أوصى الموصى أن تصرف فى كل سنة من ريع الأطيان وغيرها من أملاكه فى الخيرات تكون بمنزلة وقف فى صيغة الوصية، يجب أن يخصص لها من ثلث التركة ما يفى ريعه بها، بحيث لا يجوز التصرف فيه بوجه من وجوه التصرف الخاص بالملك من بيع ورهن وهبة ونحو ذلك، ويصرف.
هذا المبلغ فى سبل الخيرات والصدقات، والله أعلم(7/115)
دعوى الوصية
المفتي
محمد عبده.
ربيع أول 1318 هجرية
المبادئ
لا تثبت دعوى الوصية إلا بعد إثباتها شرعا
السؤال
رجل أوصى حال حياته بطوعه واختياره بأن يصرف ثلث ما يوجد مخلفا عنه بعد موته فى وجوه خيرات عينها، وجعل زوجته وصيا على ذلك وتحرر بذلك إعلام شرعى، وبقى بعد ذلك على قيد الحياة عشرين سنة ثم مات عن زوجته الوصية وعن باقى ورثته، وادعت الزوجة لدى قاض شرعى على بعض الورثة بالوصية والإيصاء المذكورين، وموت الموصى مصرا على ذلك، ولم تثبت دعواها، فهل لا يكون لها التصرف فى الثلث بل يتوقف ذلك على الإثبات الشرعى
الجواب
حيث إن هذه الزوجة قد ادعت الوصية ولم تثبت دعواها بالوجه الشرعى، فليس لها حق التصرف على حسب الوصية إلا بعد لإثباتها شرعا، والله أعلم(7/116)
وصاية ونظارة
المفتي
محمد عبده.
5 ربيع آخر 1318 هجرية
المبادئ
ليس للناظر الحسبى (المشرف) استيفاء أموال القاصر أو حفظها لديه مع وجود الوصى
السؤال
رجل أقام حال حياته وصحته ابنه وصيا مختارا شرعيا على تركته بعد وفاته وعلى أولاده القصر، وقبل منه ابنه البالغ المذكور هذه الوصاية لنفسه وجعل شخصا آخر ناظرا حسبيا على هذا الوصى بحيث لا يتصرف الوصى إلا بمشاورة ومشاركة الناظر الحسبى.
وتحرر بذلك إعلام شرعى.
ثم مات الوصى مصرا على تلك الوصاية، ولم يزل الوصى قابلا لها بعد وفاة والده الموصى المذكور، وقد أراد الوصى حفظ ما يخص القصر من تركة أبيهم بطريق وصايته المختارة، فعارضه الناظر الحسبى وأراد الاستيلاء على حقوق القصر من التركة، فهل إذا كان الوصى أمينا وقادرا على حفظها من الضياع يكون له ذلك بوصايته المختارة، وليس للناظر الحسبى الاستيلاء على حقوقهم المذكورة مادام هذا الوصى بتلك الصفة.
ويمنع هذا الناظر من تلك المعارضة
الجواب
المصرح به فى كتب المذهب أن الناظر الحسبى ليس بوصى، فلا يكون المال عنده.
وإنما كون عند الوصى، لأنه هو الذى له إمساك المال وحفظه وبذلك يعلم أن الحق فى حفظ حقوق هؤلاء القصر لوصيهم المذكور ولاحق للناظر الحسبى فى معارضته فى ذلك، والله أعلم(7/117)
للوصى الانفاق على الصغير بدون اذن
المفتي
محمد عبده.
جمادى الأولى 1318 هجرية
المبادئ
للوصى أن ينفق على القاصر بلا تقدير من الحاكم بحسب حاله ويقبل قوله بيمينه فى قدر الإنفاق، حيث كان نفقة المثل فى مدة تحتمله ولا يكذبه الظاهر
السؤال
رجل كان وصيا مختارا على أخويه القاصرين، أنفق عليهما من مالهما فى شئونهما الشرعية نفقة المثل بدون أن يقرر المجلس الحسبي ولا القاضى الشرعى شيئا لنفقتهما.
وأحدهما يطالبه بعد بلوغه ورشده بما أنفقه عليه وليس لدى الوصى مستندات كتابية عليه.
فهل لا يلزم بإثباته وهو مصدق بيمينه شرعا فيما أنفقه عليه من ماله على حسب حاله ولم يكذبه الظاهر
الجواب
صرح علماؤنا بأنه ينبغى للوصى أن لا يضيق على الصغير فى النفقة بل ويوسع عليه بلا إسراف.
وذلك يتفاوت بقلة المال وكترته، فينظر إلى ماله وينفق بحسب حاله.
وصرحوا بأنه إذا أنفق على اليتيم من ماله بلا تقدير من الحاكم كان له ذلك ويصدق بيمينه.
وصرحوا بأنه يقبل قوله بيمينه فى قدر الإنفاق، حيث كان نفقة المثل فى مدة تحتمله ولا يكذبه الظاهر وعلى ذلك فما أنفقه هذا الوصى نفقة المثل على أحد القاصرين المذكورين من ماله على حسب حاله بدون ذلك التقدير فى مدة تحتمله ولا يكذبه الظاهر يصدق فيه بيمينه، ولا يكلف إثباته، والله أعلم(7/118)
انفراد أحد الوصيين بالتصرف
المفتي
محمد عبده.
رجب 1318 هجرية
المبادئ
يجوز انفراد أحد الوصيين بالتصرف ولو كان إيصاؤه إلى كل منهما متعاقبا
السؤال
أقام رجل وصيا مختارا على بعض أولاده حال حياته، ثم أقام وصيا مختارا أيضا بعد وفاته على جميع أولاده القصر وبعد وفاته كل من الوصيين وصايته على الانفراد بسند شرعى، وللموصى دين على شخص مقيم بالجهة التى بها أحد هذين الوصيين الذى هو وصى على جميع القصر ويريد هذا الوصى أن يأخذ هذا الدين حفظا لحق القصر، ولو تأخر عن أخذه ربما يضيع هذا الدين.
فهل للوصى على جميع الأولاد أن ينفرد بقبض الدين المذكور ويحفظه للقصر، وعلى المدين أن يسلم ذلك الدين له بانفراده
الجواب
صرح علماؤنا بانفراد أحد الوصيين بالتصرف لو كان إيصاؤه إلى كل منهما متعاقبا على قول أبى يوسف.
قال أبو الليث وهو الأصح وبه نأخذ.
وعليه جرى فى الإسعاف حيث قال لو أوصى إلى رجلين يجوز انفرادهما بالتصرف عند أبى يوسف.
وعلى ذلك يجوز لهذا الوصى أن ينفرد بقبض الدين المذكور بلا رأى الآخر.
لاسيما إذا خاف عليه الضياع لو تأخر عن أخذه، على أنه فى مثل هذه الصورة لا مجال للاختلاف فى الانفراد، لأنه متى خيف على الدين الضياع فلا شك فى جواز الانفراد بقبضه بلا خلاف، وعلى المدين المذكور دفعه لذلك الوصى بانفراده حفظا لحق هؤلاء القصر حيث كان موروثا لهم، والله أعلم(7/119)
وصى لم يحصل ديون التركة على الغير
المفتي
محمد عبده.
شوال 1318 هجرية
المبادئ
1 - لا يضمن الوصى ما هلك من ديون للمورث على الغير.
2 - يقبل قوله فى مقدار ما أنفقه على القصر مع يمينه بشرط أن تكون نفقة المثل فى مدة تحتمل ذلك، ولا يكذبه الظاهر فيه.
3 - يجبر الوصى على الحساب عند البلوغ وطلب ذلك، لكن لا يجبر على بيان مصارف كل جزئية لو امتنع عن ذلك متى كان معروفا بالأمانة.
4 - ليس للصغير إذا بلغ مطالبته بحصته فيما هلك من الديون التى على الغير
السؤال
من حسن سيد بمصر، فى رجل مات وله ديون على أشخاص بعضها بسندات مضى عليها لحين وفاته نحو الخمس عشرة سنة، وبعضها نحو الخمسين سنة، وبعضها لم يعلم صاحبه أصلا.
وفى حال حياته أقام وصيا مختارا على أولاده القصر، وبعد وفاته قبض هذا الوصى ما تيسر له قبضه من بعض الأشخاص المذكورين، وتعذر عليه أخذ الباقى بسبب مضى المدة الطويلة على تلك السندات، فضلا عن عدم معرفة أربابها.
فهل لا يضمن هذا الوصى لما بقى من الديون، وإذا بلغ أحد القصر لا يكون له حق فى مطالبته بما يخصه فيما هلك من تلك الديون، وإذا أنفق الوصى على القاصر من ماله نفقة المثل فى مدة تحتمله ولا يكذبه الظاهر فيها يقبل قوله فيما أنفقه بيمينه، ولا يجبر على البيان والتفصيل.
افيدوا الجواب
الجواب
من المقرر شرعا أن الوصى لا يضمن ما هلك من الديون، وأنه يقبل قوله بيمينه فى قدر الإنفاق حيث كان نفقة المثل فى مدة تحتمله ولا يكذبه الظاهر، وأنه إذا كبر الصغار وطلبوا أن يحاسبوا وصيهم كان للقاضى ولهم مطالبته بالحساب، لكن لا يجبر على بيان المصرف وجزئياته جزئية جزئية لو امتنع إن عرف بالأمانة.
ومما ذكر يعلم أن الوصى فى حادثنا لا يضمن ما هلك من تلك الديون، وليس للصغير إذا بلغ أن يطالبه بما يخصه فى ذلك الذى هلك، ويقبل قوله بيمينه فيما أنفقه عليه نفقة المثل فى مدة تحتمله ولا يكذبه الظاهر ولا يجبر على بيانه وتفصيله لو امتنع حيث كان معروفا بالأمانة، والله تعالى أعلم(7/120)
الوصية للأقارب والوقف عليهم
المفتي
محمد عبده.
صفر 1320 هجرية
المبادئ
1 - المعتبر فى الوصية للأقارب والوقف عليهم المحرمية والرحم ويكونان للأقرب فالأقرب عند أبى حنيفة.
2 - تعتبر المحرمية فقط عند الصاحبين وسويا فى ذلك بين الأقرب والأبعد.
3 - اتفاقهم على أن لفظ الأقارب يكون للاثنين فصاعدا إلا إذا ذكر معه شرط الأقرب فالأقرب فإن الجمع عند ذكر الشرط يكون غير معتبر اتفاقا، لأن كلمة الأقرب اسم فرد يدخل فيه المحرم وغيره لكن يقدم الأقرب بصريح الشرط.
4 - المراد بالأقرب فى الوصية والوقف من هو أشد صلة بالموقوف عليه من سواه وأشد الإخوة صلة به هو الأخ الشقيق قطعا
السؤال
من الشيخ حسين على فى رجل وقف عقاره وعقار زوجته بتوكيله عنها على نفس زوجته ثم على بنتها ثم على أولادها ثم على أولاد بنتها إلى انقراضهم يكون وفقا على كل من أولاده من غير زوجته المذكورة وعلى كل من أقارب زوجته موكلته المذكورة الأقرب فالأقرب ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ثم على أولادهم إلى حين انقراضهم ثم على عتقاء أولاده وعتقاء أقارب زوجته الأقرب فالأقرب ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ثم على أولادهم غلى انقراضهم وشرط على أن من مات قبل دخوله فى الوقف وترك ولدا أو ولد ولد قام أبيه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه لو كان الأصل حيا باقيا يتداولون ذلك إلى حين انقراضهم وكان للزوجة أبوان وللزوج الواقف ولدان من غير زوجته المذكورة ومات كل من أبوى الزوجة وابنى الزوج قبل الدخول فى الوقف وترك أولادا ذكورا وإناثا ثم ماتت الزوجة الموقوف عليها عن بنت ثم ماتت البنت عقيما والموجود حين موتها أولاد ابنى الزوج الواقف ذكورا وإناثا وإخوة الزوجة ذكورا وإناثا أشقاء ولأب فما كيفية قسمة ريع الوقف على أولاد الابنين والإخوة والأخوات الأشقاء ولأب وإذا كان الشقيق واحدا يختص بنصف الريع ولا يشاركه فيه الإخوة والأخوات لأب عملا بقول الواقف الأقرب فالأقرب أو ما الحكم.
أفيدوا الجواب
الجواب
اعتبر الإمام فى الوصية للأقارب والوقف عليهم الأقرب فالأقرب واعتبر فيهم المحرمية مع الرحم.
وخالفه صاحباه فيهما واكتفيا فيهم واكتفيا فيهم بالرحم بلا محرمية وسويا بين الأقرب والأبعد منهم، واتفقوا على أن لفظ الأقارب ونحون يكون للاثنين فصاعدا إلا إذا ذكر معه الأقرب فالأقرب فإنه لا يعتبر الجمع اتفاقا لأن الأقرب اسم فرد يدخل فيه المحرم وغيره لكن يقدم الأقرب لصريح الشرط، والأقرب فى حادثتنا هو الأخ الشقيق لأن الأقرب أفعل تفضيل ومعناه الأقوى فى القرابة ولا شك فى أن الأقوى قرابة هو الشقيق فينفرد بالنصف.
ولا ينافى ذلك ما ذكره فى الفرائض من الفرق بين درجة القرابة وقوة القرابة، وأنه قد يراد من الأقرب ذو الدرجة القربى كالأخ مع ابن الأخ مثلا لأن ذلك اصطلاح خاص لا ينظر إليه فيما مرجعه العرف والاستعمال العام.
فالمراد بالأقرب هنا وفيما يماثل ما نحن فيه من هو أشد صلة بالموقوف عليه من سواه، وأشد الإخوة صلة به الأخ الشقيق قطعا فهو الذى يستحق مقاسمة أولاد الابنين وحده، والله تعالى أعلم(7/121)
تشمل الوصاية الحمل المستكن
المفتي
بكرى الصدفى.
محرم 1324 هجرية
المبادئ
1 - وصى الميت لا يقبل التخصيص.
2 - العبرة فى أمر الإيصاء بتناوله لحالة الموت لا لحالة الإيصاء.
3 - إذا أوصى إلى رجل بتفريق ثلث ماله فى وجوه الخير مثلا صار وصيا عاما على جميع التركة وجميع الأولاد الموجودين وقت الإيصاء ومن حدثوا بعد ذلك والحمل الذى انفصل فى حياة الموصى
السؤال
رجل أقام رجلا آخر وصيا مختارا على أولاده القصر وابنه الكبير المعتوه وعلى الحمل المستكن فى رحم إحدى زوجاته وعلى تنفيذ وصيته الشرعية وعلى تركته وحرر بذلك إشهادا شرعيا ثم أنجب أولادا بعد تحرير الإشهاد المذكور.
ثم توفى مصرا على ذلك وقبل الوصى الوصاية فى حياة الموصى وبعد وفاته.
فهل يكون الوصى المذكور بعد وفاة الموصى وصيا عاما حتى بالنسبة للحمل الذى انفصل
الجواب
وصى الميت لا يقبل التخصيص كما صرح به العلماء، وصرحوا أيضا بأن العبرة فى أمر الإيصاء وتناوله لحالة الموت لا لحالة الإيصاء.
وقال العلامة ابن عابدين فى رد المختار ما نصه ومما يجب التنبيه له أنه إذا أوصى إلى رجل بتفريق ثلث ماله فى وجوه الخير مثلا صار وصيا عاما على أولاده وتركته، وإن أوصى فى ذلك إلى غيره على قول أبى حنيفة المفتى به فلا ينفذ تصرف أحدهما بانفراده.
والناس عنها فى زماننا غافلون وهى واقعة الفتوى - انتهى ومن هذا يعلم أن الوصى المذكور فى حادثة السؤال والحال ما ذكر يكون وصيا عاما على جميع التركة وجميع الأولاد الذين كانوا موجودين وقت الإيصاء ومن حدثوا بعد ذلك والحمل الذى انفصل فى حياة الموصى.
وفى فتاوى تنقيح الحامدية من باب الوصى ما هو صريح أو كالصريح فى ذلك، والله تعالى أعلم(7/122)
وصى الوصى المختار
المفتي
بكرى الصدفى.
ربيع الثانى 1325 هجرية
المبادئ
وصى الوصى المختار يكون وصيا أيضا على قصر المتوفى الأول وعلى تركته
السؤال
توفى رجل وترك قصرا وأقام أخاهم الأكبر وصيا مختارا عليهم واستمر هذا الأخ مدة ثم توفى وترك لنفسه قصرا أيضا وأقام لهم وصيا مختارا قبل وفاته وقد باشر الوصى مصلحة جميع القصر فهل يكون هذا الوصى المختار وصيا فى التركتين ويسأل عنهما أم لا وهل القصر الأول يدخلون تحت وصايته شرعا
الجواب
فى التنوير وشرحه ووصى الوصى سواء أوصى إليه فى ماله أو مال موصيه وصى فى التركتين انتهى - وفى رد المختار، وإن قال فى تركتى فعن أبى حنيفة روايتان، ظاهر الرواية عنه أنه يكون وصيا فيهما، لأن تركة موصيه تركته كما صرح به فى الاختيار - انتهى - ومن ذلك يعلم أن وصى الوصى فى هذه الحادثة يكون وصيا أيضا على تركة الميت الأول وعلى القصر من أولاده حيث كان الحال على ماذكر فى السؤال، والله سبحانه وتعالى أعلم(7/123)
وصية لصغيرين بلغ وأحدهما سفيها
المفتي
بكرى الصدفى.
رمضان 1325 هجرية
المبادئ
1 - لا تستمر ولاية والد الصغير عليه بعد بلوغه عاقلا سفيها.
2 - لا يكون محجورا عليه إلا بحجر القاضى وإقامة وليه قيما شرعيا عليه بالطريق الشرعى.
3 - لا تنفذ تصرفاته بعد الحجر عليه وتنفذ تصرفاته السابقة عليه
السؤال
فى صبيين أوصى لهما جدهما لأبيهما بثلث جميع تركته بعد موته وقد قبل وليهما (والدهما) الوصية حال حياة الموصى، وبعد وفاة الموصى حكم لهما بالوصية واستلمها والدهما.
ولما بلغ أحد الصبيين بلغ سفيها فهل تستمر عليه ولاية أبيه أم لا وهل تنفذ تصرفاته حتى بعد بلوغه الثمانى عشرة سنة ولو أقام المجلس الحسبى والده قيما عليه.
وكيف الحال
الجواب
مذهب الإمام أبى يوسف الذى هو الراجح على ما هو ظاهر كلام العلماء أن الصغير إذا بلغ سفيها مبذرا لابد فى عدم صحة تصرفاته من حجر القاضى عليه.
فقبل الحجر تنفذ تصرفاته. وقال الإمام محمد سفهه كاف فى الحجر عليه بدون احتياج إلى حجر قاض.
وعليه فإذا بلغ سفيها وتصرف لا تكون تصرفاته نافذة.
ففى الخانية من كتاب الحجر ما نصه وإن بلغ اليتيم سفيها غير رشيد.
فقبل أن يحجر القاضى عليه لا يكون محجورا فى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى حتى ننفذ تصرفاته وعند محمد رحمه الله تعالى يكون محجورا من غير حجر، وأبو يوسف رحمه الله تعالى جعل الحجر بسبب السفه كالحجر بسبب الدين.
ومحمد رحمه الله تعالى جعل الحجر بسبب السفه كالحجر بسبب الصبا والجنون وذلك يكون بغير قضاء، فيكون محجورا إلا أن يؤذن له انتهى - وفى تنقيح الحامدية بعد كلام ما نصه ومثله فى الجوهرة حيث قال ثم اختلفا فيما بينهما، قال أبو يوسف لا حجر عليه إلا بحجر الحاكم ولا ينفك حتى يطلقه، وقال محمد فساده فى ماله يحجره وإصلاحه فيه يطلقه، والثمرة فيما باعه قبل حجر القاضى يجوز عند الأول لا الثانى.
وظاهر كلامهم ترجيح قول أبى يوسف انتهى - وفى التنوير من كتاب الحجر وعندهما يحجر على الحر بالسفه وبه يفتى.
وعلى قولهما المفتى به فيكون فى أحكامه كصغير إلا فى نكاح وطلاق وعتاق واستيلاد وتدبير ووجوب زكاة وحج وعبادات وزوال ولاية أبيه أو جده يعنى عدم ولايتهما عليه بخلاف الصغير فإن ولايتهما عليه ثابتة، وفى صحة إقراره بالعقوبات وفى الإنفاق وفى صحة وصاياه بالقرب من الثلث فهو كبالغ.
فإن بلغ غير رشيد لم يسلم إليه وإن لم يكن رشيدا وقال لا يدفع حتى يؤنس رشده انتهى مع زيادة من الشرح ورد المختار.
ومن ذلك يعلم أنه لا تستمر ولاية أب الصغير المذكور عليه بعد بلوغه عاقلا سفيها وأنه يصير محجورا بحجر القاضى الشرعى وإقامة والده قيما شرعيا عليه بالطريق المرعى المتبع فى مثل ذلك فلا تنفذ تصرفاته بعده، والله سبحانه وتعالى أعلم(7/124)
وصية بمثل نصيب ابن
المفتي
بكرى الصدفى.
شوال 1325 هجرية
المبادئ
1 - الأصل أنه متى أوصى بمثل نصيب بعض الورثة يزاد مثل هذا النصيب على سهام الورثة.
2 - وجه التقسيم تصحح الفريضة أولا ثم يزاد على السهام مثل نصيب من ذكره على مخرج الفريضة ثم يستخرج حظ الوصية أولا ثم توزع باقى السهام على الورثة
السؤال
فى شخص أوصى لأولاد ابنه الذى توفى فى حياته بمثل نصيب ابن من أبنائه ثم مات مصرا على هذه الوصية وترك زوجة وأبناء خمسة وبنات ثلاثا فهل تأخذ الزوجة الثمن كاملا أو كيف تقسم تركة المتوفى المذكور بين ورثته والموصى لهم
الجواب
فى الدر عن المجتبى ما نصه والأصل أنه متى أوصى بمثل نصيب بعض الورثة يزاد مثله على سهام الورثة انتهى - حتى لو كان له ابن وبنت وأوصى بمثل نصيب البنت فله الربع.
والوجه فى ذلك أن تصحح الفريضة أولا ثم يزاد مثل نصيب من ذكره على مخرج الفريضة.
فلو ترك أما وابنا وأوصى بمثل نصيب بنت فالفريضة من سبعة عشر سهما للموصى له خمسة وللابن عشرة وللأم سهمان، لأن أصلها من ستة للابن خمسة فللبنت اثنان ونصف فيزاد على أصل الفريضة ويضعف للكسر فبلغت سبعة عشر، للموصى له خمسة، بقى اثنا عشرة يعطى للأم سدسها اثنان والباقى للابن.
لأن الإرث بعد الوصية. ولو ترك امرأة وابنا وأوصى بنصيب ابن آخر لو كان وأجازت الورثة الوصية فالفريضة من خمسة عشر للموصى له سبعة أسهم وللمرأة سهم وللابن سبعة أسهم، والوجه ما سبق من أن تصحح الفريضة أولا لولا الوصية فتقول لولا الوصية لكانت الفريضة من ثمانية للمرأة الثمن سهم وللابن سبعة أسهم فإذا أوصى بنصيب ابن آخر لو كان يزاد على الفريضة نصيب ابن لو كان سبعة فيصير خمسة عشر وإنما شرطت إجازة الورثة الوصية ههنا لأنها حصنت بأكثر من الثلث.
وإذا أوصى بمثل نصيب ابنه كان الجواب كذلك كذا فى رد المختار والفتاوى الهندية وعلى نحو ذلك يقال فى جواب هذا السؤال والحال ماذكر فيه فتقسم هذه التركة من مائة وثمانية عشر سهما للموصى لهم أربعة عشر سهما وللزوجة ثمن الباقى وهو ثلاثة عشر سهما ولكل ابن من الأبناء الخمسة أربعة عشر ولكل بنت من البنات الثلاث سبعة فذلك هو المقدار المذكور.
والوجه فيه أن تصحح الفريضة أولا لولا الوصية، فتقول أصل الفريضة من ثمانية للزوجة واحد يبقى سبعة يخص كل ابن من الأبناء الخمسة منها واحد وجزء من ثلاثة عشر جزءا من واحد ثم يضعف للكسر فيبلغ مائة وثمانية عشر لأنك إذا ضعفت تسعة إلى ثلاثة عشر ضعفا تبلغ مائة وسبعة عشر وإذا ضعفت الجزء المذكور إلى ثلاثة عشر يبلغ واحدا فيضم إلى المائة والسبعة عشر يبلغ مائة وثمانية عشر فيقسم على جهة الوصية والورثة كما ذكر.
هذا ما ظهر فى قسمة هذه التركة، والله تعالى أعلم(7/125)
محاسبة الوصى المختار أو المعين
المفتي
بكرى الصدفى.
ربيع أول 1330 هجرية
المبادئ
1 - لا يجبر الوصى المختار أو المعين على المحاسبة عما أنفقه مادام إنفاقه موافقا للشرع متى كان أمينا وقائما بأداء الأمانة.
2 - الابن مصدق فيما أمن فيه بيمينه.
3 - للحاكم الشرعى محاسبة الوصى فإن امتنع عن ذلك لا يجبره عليه
السؤال
هل يجوز لورثة الموصى محاسبة الوصى على ما صرفه فيما أوصى به أو أن الوصى صادق أمين لا تجب محاسبته.
وما هى الجهة المختصة بتكليف الوصى بالمحاسبة.
هل هى السلطة الشرعية أم الأهلية
الجواب
لا يجبر الوصى المذكور والحال ما ذكر على المحاسبة فيما صرفه مما أوصى به فى مصارفه للشرع من الثلث المذكور متى كان أمينا قام بأداء الأمانة.
فقد نص العلماء على أن الأمين مصدق فيما هو أمين فيه بيمينه.
هذا وفى أدب الأوصياء ما نصه وفى محاضر رشيد الدين مات عن ابن كبير وأولاد صغار والكبير وصيهم من الميت أو القاضى فأنفق على الصغار فى صغرهم فللحاكم (أى الشرعى) أن يحاسب الوصى، فلو امتنع الوصى عن إعطاء الحساب لا يجبره على الحساب لأنه أمين من جهة الميت أو القاضى والأمين مصدق فيما هو.
أمين فيه بيمينه، والله تعالى أعلم(7/126)
وصية
المفتي
بكرى الصدفى.
جمادى الأولى 1332 هجرية
المبادئ
1 - كلام الوصى فى وصيته يحمل على عادته فى خطابه ولغته التى يتكلم بها.
2 - الديون لا تدخل فى الوصية
السؤال
رجل أوصى حال حياته لأولاد المتوفى حال حياته بثمن ما يملكه من نقود وعقارات وأطيان.
ثم بعد وفاته اشتملت تركته على ديون له وأطيان بعضها نخيل كثيرة ومنقولات متنوعة.
فهل لا تدخل الديون فى الوصية.
ولا يستحق الموصى لهم ثمنها. وهل تدخل النخيل وتتبع الأطيان أم تقتصر على ما ذكره الموصى من نقود وأطيان وعقارات
الجواب
لا تدخل الديون والحال ما ذكر فى النقود الموصى بثمنها فى عبارة الموصى المذكور، لأن كلام الموصى والواقف والحالف والناذر وكل عاقد يحمل على عادته فى خطابه ولغته التى يتكلم بها وافقت لغة العرب ولغة الشرع أم لا.
وأما النخيل فتدخل فى الأطيان الموصى بها تبعا لها، والله تعالى أعلم(7/127)
وصية اختيارية
المفتي
محمد بخيت.
ربيع ثان 1335 هجرية 14 يناير 1917 م
المبادئ
1 - المنصوص عليه شرعا أن الوصية تخرج من التركة بعد قضاء الدين وأنها مقدمة على الميراث.
2 - إذا دفع الورثة دين الميت وما أوصى به للموصى له كان لهم أخذ جميع التركة بعد ذلك.
3 - إذا كانت الوصية بمبلغ معين وكان فى التركة نقود نفذت منها الوصية وإلا كان للوصى أن يبيع من منقولات التركة أو عقاراتها وينفذ الوصية من ثمن ما بيع.
4 - للوصى أخذ مبلغ الوصية دفعة واحدة
السؤال
أوصى رجل بمبلغ من المال يصرف بعد وفاته من ثلث مخلفاته التى يتركها وبعد ما عيه من الديون على أن يكون منه مبلغ يصرف فيما يلزم لتجهيزه وتكفينه ومواراته أسوة بأمثاله وعمل مأتم وإسقاط صلاة له ومنه مبلغ يصرف على أخ الموصى فى مدة ثمان سنوات من يوم وفاته ليستعين به على معاشه وباقى المبلغ يصرف فى وجوه خيرات وصدقات وبر بمعرفة الوصية المختارة وهى زوجته معتوقته الوصية على أولاده القصر وعلى تركته على أن تضع يدها على كامل ما هو مخلف عنه بعد وفاته جميع تركته من عقار وأطيان ومنقولات بحيث لا يمكن لأحد من ورثته أن يتصرف فى شىء مما تركه إلا بعد تنفيذ الوصية.
فهل للوصية منع الرثة من تأجير حصتهم وهل لها أخذ مبلغ الوصية دفعة واحدة أو تدريجا ثلث الريع.
وهل هلا أن تأخذ أكثر من ثلث الريع وهل يفسر قصد الموصى بجواز حرمان أولاده من كل الريع لأجل الخيرات وهل للوصية أن تضع يدها على حصة غير القاصر
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن المصرح به أن الوصية بعد قضاء الدين مقدمة على الميراث وأن الورثة إنما يأخذون التركة لأنفسهم إذا دفعوا الدين أو الوصية من مالهم وأن الوصية فى مثل هذا السؤال هى وصية مرسلة لأنها بنقود معينة.
وبناء على ذلك إن كان فى التركة نقود تفى بالمبلغ الموصى به نفذت الوصية منها، وإن لم يكن فيها نقود وكان فيها منقولات أخر تباع المنقولات وتنفذ الوصية من ثمنها، وإن لم يكن هناك منقولات أيضا كان للوصى أن يبيع من عقارات التركة بمقدار المبلغ المذكور على ما عليه المعول فى المذهب وإن أراد الورثة تنفيذ الوصية المذكورة من مالهم كان لهم ذلك ولو اختلفوا فللوصى تنفيذ الوصية على وجه ما ذكر ولا يلتفت إلى قولهم ومن ذلك يعلم أن للوصى أن يأخذ مبلغ الوصية دفعة واحدة سواء كان ذلك من مال الورثة إن شاءوا استخلاص التركة وتنفيذ الوصية المذكورة من مالهم أو من التركة على وجه ما ذكر.
وعلى ذلك يكون للورثة أن يأخذوا نصيبهم فى العقار إن كان فى التركة نقود تفى بالوصية المذكورة أو منقولات يفى ثمنها بذلك أو نفذوا الوصية من مالهم واستخلصوا التركة(7/128)
رجوع الموصى عن الوصية
المفتي
محمد بخيت.
رجب 1335 هجرية 15مايو 1917 م
المبادئ
1 - جواز رجوع الموصى عن الوصية ولو حرم ذلك على نفسه بكتاب الوصية لأن تمامها إنما يكون بالموت.
2 - الإيجاب المقرر يجوز إبطاله فى المعاوضات المالية ففى التبرعات أولى ولو لم يصادف إيجابه قبولا لأن القبول يتوقف على الموت ولا موت فكانت الوصية إيجابا مقررا غير مقترون بالقبول وإذا كان كذلك جاز الرجوع عنه.
3 - يقترن الإيجاب بالقبول بعد الموت إذا قبل الموصى له الوصية.
4 - حرمان الموصى نفسه من الرجوع فى كتاب الوصية من باب التزام مالا يلزم شرعا ولا عبرة به
السؤال
رجل أوصى بإنفاق قيمة الثلث من تراثه فى وجوه عينها وأقام ولده منفذا لوصيته بعد وفاته وصدر بها إشهاد شرعى من محكمة طرابلس الغرب الشرعية مؤرخ 23 القعدة 1331 هجرية الموفق 23 أكتوبر سنة 1913 م وقد حرم على نفسه الرجوع عن هذه الوصية تحريما تاما.
ثم بعد ذلك استبدل هذه الوصية بأخرى صدر بها إشهاد شرعى من محكمة الاسكندرية الشرعية بتاريخ 3 ذو القعدة سنة 1333 هجرية الموافق 13 سبتمبر 1915 م وقد ألغى بهذه الوصية الأخيرة وصيته الأولى المذكورة بتاتا فهل الشرع الشريف يجيز لهذا الرجل إجراء هذا الاستبدال مع تحريم ذلك على نفسه التحريم التام
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى ورقتى الوصية والرجوع عنها.
ونفيد أن الرجوع عن الوصية المذكورة من الموصى على حسب الإشهاد المحرر من محكمة الاسكندرية الشرعية بتاريخ 3 القعدة سنة 1333 هجرية صحيح شرعا ولا يمنع من ذلك تحريمه على نفسه الرجوع عن الوصية الصادر بها إشهاد من محكمة طرابلس الغرب، وذلك لأن تمام الوصية إنما يكون بموت الموصى، ولأن القبول بتوقف على الموت، والإيجاب المفرد يجوز إبطاله فى المعاوضات كالبيع ففى التبرع أولى، ولاشك أن الصادر من الموصى مادام حيا هو إيجاب مفرد، أى غير مقترن بالقبول، وإنما يقترن بالقبول بعد الموت إذا قبل الموصى له، فيكون للموصى الرجوع ولو شرط أن لا يرجع.
لأن الشرط لغو والتزام لما لا يلزم شرعا. كما يؤخذ ذلك من الدر المختار، وما نقله فى رد المختار عليه عن العناية بصحيفة 646 طبعة أميرية المؤرخة فى أواخر ربيع الآخر سنة 1286(7/129)
وصى مختار
المفتي
محمد بخيت.
ربيع أول 1338 هجرية 12 ديسمبر 1919 م
المبادئ
للوصى أن يبيع كل التركة متى كانت مستغرقة بالديون، لا فرق بين نصيب القاصر والبالغ سدادا للدين.
وإن كانت غير مستغرقة بالدين كان له أن يبيع منها بقدر الدين إجماعا، بلا فرق فى ذلك بين نصيب البالغ والقاصر، ولا يبيع أزيد من الدين على قولهما المفتى به
السؤال
بما صورته ما الذى تقضى به نصوص الشريعة الإسلامية فيما إذا أقام رجل ابنيه وصيين بالاشتراك بوصية مسجلة بمحكمة فاقوس قال فى هذه الوصية ما نصه.
يقبض الوصيان المذكوران ويحصران كامل مخلفاته وأمواله وحقوقه ويتوليان تكفينه وتجهيزه ومواراته فى رمسه من أصل ماله أسوة أمثاله وتسديد ما عساه أن يكون على الموصى المشار إليه من الديون وتحصيل ما يكون له قبل الغير، وتقسيم ما يبقى بعد التجهيز من مخلفاته وأمواله وحقوقه بين ورثته الشرعيين بالطريق الشرعى، ويبقيان ما يخص أولاده القصر من ذلك تحت يدهما وينظران فى أحوال القصر المذكورين بجملتها ومتعلقاتهم بأسرها ويقبضان أموالهم وحقوقهم قبل من كانت وحيث تكون ويخصمان عنهم فى كل مالهم وعليهم أمام جميع المحاكم شرعية كانت أو أهلية أو مختلطة وكافة دواوين الحكومة ويتصرفان لهم وعليهم بما فيه الحظ والمصلحة لهم ويفعلان كل ما يسوغ للأوصياء الشرعيين المختارين فعله شرعا أيضا شرعيا صحيحا.
إلخ. ثم فى يوم الاثنين 26 محرم 1333 هجرية الموافق 14 ديسمبر سنة 1914 م أمام قاضى محكمة ههيا الشرعية عزل أحد الوصيين وأبقى الثانى وصيا بدون شريكه، وقال بعد حصر الوصية فى أحدهما مانصه (على من يوجد من ورثته قاصرا من بعد انتقاله للدار الباقية وإن حضرة نجله المذكور يقبض جميع ما يترك عنه من عقار ومنقول وأطيان وغير ذلك قل أو جل، وأن يفعل وينفذ جميع ما هو منصوص عنه بالوصاية السابقة من غير شريك له فى ذلك ولا معارض، وشرط أن لا يكون لأحد من ورثته البلغ حق طلب شىء من تركته ولا وضع يده على شىء منها، وأن لا تقسم ولا تفرز إلا بعد سداد ما يكون عليها من الديون وأن ما تبقى منها بعد السداد يقسم بين الورثة بالفريضة الشرعية يجرى الحال فيما ذكر كله بمعرفة نجله حسين بك الذى حصر الوصاية فيه وعليه فى ذلك بتقوى الله إلخ.
فهل هذا الشرط يبيح للوصى المختار على التركة أن يبيع حق القاصر والبالغ سدادا فى الدين ولا يلتفت لمعارضة البلغ الراشدين الحاضرين، ولو عارض البالغ الرشيد الحاضر فى ذلك بقوله إن هذا النصر غير جائز شرعا على البلغ الراشدين الحاضرين فيكون لكل بالغ رشيد حاضر من أولاد المتوفى أن يستولى بنفسه على نصيبه فى التركة ويقوم بسداد ما يخصه من الدين، أو أن يشارك كل بالغ رشيد حاضر الوصى المختار بالتصرف بالبيع وسداد الديون بحيث يكون الوصى المختار عن نفسه وعن أولاد المتوفى القصر فقط وكل بالغ رشيد حاضر عن نفسه مع أن التركة مستغرقة بالدين
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى إشهادى الوصايتين المذكورين ونفيد أن صاحب الفتاوى المهدية قال بصحيفتى 59، 60 ما نصه (للوصى بيع كل العروض تنفيذا لوصية بالثلث وإن لم يرض به الورثة، وليس له بيع ما سوى ثلث العقار بدون رضاهم..
من أدب الأوصياء وإن كان على الميت دين إن كان محيطا بالتركة أجمعوا أنه يبيع كل التركة وإن لم يكن مستغرقا يبيع بقدر الدين بالإجماع وفى مازاد على الدين يبيع أيضا عنه الإمام وعندهما لا يبيع.
المقصود منه. وقال فى متن التنوير وشرحه بصحيفة 695 جزء خامس طبعة أميرية سنة 1286 هجرية.
ما نصه (وجاز بيعه أى الوصى على الكبير الغائب فى غير العقار إلا لدين أو خوف هلاكه.
وفى رد المختار عليه فى هذا الوضع ما نصه بيان المسألة.
أنه إذا لم يكن على الميت دين ولا وصية فإن كان الورثة كبارا حضورا لا يبيع شيئا ولو غيبا له بيع العروض فقط، وإن كانوا كلهم صغارا يبيع العروض والعقار، وإن كان البعض صغارا والبعض كبارا فكذلك عنده.
وعندهما يبيع نصيب الصغار ولو من العقار دون الكبار إلا إذا كانوا غيبا فيبيع العروض وقولهما القياس.
وبه نأخذ. وإن كان على الميت دين أو أوصى بدراهم ولا دراهم فى التركة والورثة كبار حضور فعنده يبيع جميع التركة.
وعندهما لا يجوز إلا بيع حصة الدين.
ملخصا من غاية البيان. وقال بعد ذلك أيضا وفى العناية قيد بالغيبة لأنهم إذا كانوا حضورا ليس للوصى التصرف فى التركة أصلا إلا إذا كان على الميت دين أو أوصى بوصية ولم تقض الورثة الديون ولم ينفذوا الوصية من مالهم، فإنه يبيع التركة كلها إن كان الدين محيطا وبمقدار الدين إن لم يحط.
وله بيع مازاد على الدين أيضا عند أبى حنيفة خلافا لهما. وينفذ الوصية بمقدار الثلث.
ولو باع لتنفيذها شيئا من التركة جاز بمقدارها بالإجماع.
وفى الزيادات الخلاف المذكور فى الدين.
قال فى أدب الأوصياء وبقولهما يفتى كذا فى الحافظية والغنية وسائل الكتب.
ومثل فى البزازية. ومن ذلك يعلم أن للوصى المذكور بالسؤال متى كانت التركة مستغرقة بالديون أن يبيع كل التركة لا فرق بين نصيب القاصر والبالغ سدادا للدين، وإن كانت غير مستغرقة بالدين كان له أن يبيع منها بقدر الدين إجماعا، بلا فرق فى ذلك بين نصيب البالغ والقاصر.
ولا يبيع أزيد من الدين على قولهما المفتى به، والله أعلم(7/130)
وصية بلفظ الهبة
المفتي
محمد بخيت.
جماد آخر 1338 هجرية 26 فبراير 1920 م
المبادئ
1 - الهبة المضافة إلى ما بعد الموت تبرع مضاف إلى ما بعد الموت وهو معنى الوصية.
2 - متى مات الموصى وكانت الأطيان المرهونة فى ملكه وقت موته كانت منفعتها ملكا للموصى له إن خرجت من ثلث التركة.
وإن لم تخرج نفذت الوصية فى مقدار الثلث فقط
السؤال
من محمد على فى رجل يدعى محمد أفندى كتب عقدا لمن يدعى سليمان عزب وهذا نصه (فى يوم الجمعة الموافق 25 ربيع سنة 1317) .
قد وهب وتبرعت من بعد حياة عينى بمنفعة فدانين أطيان سواد من أطيانى العشورية الكائنة بناحية ميت كنانة قليوبية إلى سليمان عزب تابعنا ابن المرحوم عزب وذلك برضا منى وإيهاب منى إليه حتى بعد حياة عينى، يكون له حق الانتفاع بمنفعة هذين الفدانين المذكورين بدون منازع من الورثة جميعا.
وقد تحرر هذا منى للمعاملة بموجبه وقت اللزوم.
هل هذا يعتبر هبة أو وصية وما الحكم الشرعى فى كل منهما
الجواب
اطلعنا على هذه السؤال، وعلى العقد المرفق به، ونفيد.
أن هذا العقد وإن كان بلفظ الهبة لكنه فى المعنى وصية، لأنه أضاف التمليك إلى ما بعد موته، حيث جعل الموهوب هو منفعة الفدانين المذكورين بعد حياة عينه فحينئذ متى مات الموصى وكانت الأطيان المذكورة فى ملكه وقت موته كانت منفعتها ملكا لسليمان عزب الموصى له المذكور إن خرجت من ثلث التركة، وإن لم تخرج نفذت الوصية فى مقدار الثلث فقط.
وهذا كله لأن العبرة للمعانى لا للألفاظ، لأن الهبة المضافة إلى ما بعد الموت تبرع مضاف غلى ما بعد الموت وهو معنى الوصية(7/131)
وصية المرتد حال اسلامه
المفتي
محمد إسماعيل البرديسى.
ربيع أول 1339 هجرية 2 ديسمبر 1920 م
المبادئ
وصية المرتد حال إسلامه باطلة مطلقا لا فرق فى ذلك بين ما هو قربة أو غير قربة
السؤال
من أحمد أفندى فى رجل يدعى حنا بانوب كان نصرانيا وأسلم وسمى نفسه محمد توفيق وفى حالة إسلامه أوصى لابنه المدعو بانوب حنا القاصر وقت عمل الوصية بمقتضى ورقة عرفية بتاريخ 7 أكتوبر سنة 1908 إفرنكية وثبت تاريخها بمحكمة مصر المختلط 13 أكتوبر سنة 1908 وهذا ما جاء بالوصية (أنا الموقع على هذا حنا أيوب بانوب جرجس من قلوصنا مركز سمالوط مديرية المنيا قد أوصيت وأنا بحالة الصحة والكمال لابنى بانوب حنا بانوب مقدار الربع بعد الثمن فى الأطيان المكلفة على اسمى الكائنة بنواحى قلوصنا وجواده، وفى النخيل الكائن بهاتين الجهتين، وفى وابورات الطحين ذو الثلاثة حجارة الكائنين بقلوصنا ومطاى وفى المنازل المملوكة، لى وفى كل ما يستجد من أطيان وأملاك أو منقولات فى أى جهة كانت أملكها بحيث أنه لا يملك منها بانوب ابنى المذكور شيئا إلا بعد عمر طويل من عمرى، أى بعد انتهاء أجلى فى هذه الحياة التى لابد لى عنها.
وهذه تحررت باختيارى ورضاى، مع ما تقدم فإن الموصى المذكور ارتد غلى النصرانية بالثانى قبل وفاته بسنة وثلاثة شهور فى 4 مايو سنة 1917 ببطركخانة الأقباط الأرثوذكس بالمنيا بمقتضى قرار من المجلس الملى.
فهل والحالة هذه تكون هذه الوصية صحيحة ونافذة أم تكون باطلة بمجرد ارتداده.
أفيدوا الجواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة الوصية المذكورة.
ونفيد أنه قال فى الهندية بصحيفة 254 جزء 2 ما نصه (وأما ما أوصى به (أى المرتد) فى حال إسلامه فالمذكور فى ظاهر الرواية من المبسوط وغيره أنها تبطل مطلقا من غير فرق بين ما هو قربة أو غير قربة ومن غير ذكر خلاف.
كذا فى فتح القدير. ومثل ذلك فى رد المختار بصحيفة 466 جزء ثالث طبعة أميرية سنة 1286.
وقال فى رد المختار أيضا بصحيفة 463 من الجزء المذكور ما ملخصه (ولا توقف فى بطلان إيجاره واستئجاره ووصيته وإيصائه) من ذلك يعلم أنه متى كان الحال كما ذكر فى السؤال تكون الوصية المذكورة باطلة شرعا بردته، والله تعالى أعلم(7/132)
مقاسمة الوصى الصغير فى مال مشترك بينهما
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
رجب 1314 هجرية 11/3/1923 م
المبادئ
1 - يملك الأب لا الجد قسمة مال مشترك بينه وبين الصغير بخلاف الوصى.
2 - لا تجوز قسمة مال مشترك بين الوصى والصغير إلا إذا كان للصغير فيه نفع ظاهر عند الإمام.
وقال محمد بعدم الجواز مطلقا
السؤال
فى وصى على قاصر من قبل القاضى له عقار مشترك بينه وبين القاصر هل يجوز شرعا أن يقسم ذلك العقار بينه وبين القاصر.
أم كيف الحال ولكم الأجر والثواب
الجواب
قال فى شرح الدر المختار فى آخر باب الوصى ما نصه (يملك الأب لا الجد قسمة مال مشترك بينه وبين الصغير بخلاف الوصى) .
وكتب محشيه العلامة ابن عابدين على قوله (بخلاف الوصى) ما نصه (فإنه لا يجوز قسمته مالا مشتركا بينه وبين الصغير إلا إذا كان للصغير فيه نفع ظاهر عند الإمام.
وقال محمد لا يجوز مطلقا.
ذخيرة. ونقل صاحب كتاب جامع أحكام الصغار عبارة الذخيرة بقوله ما نصه (وفى الذخيرة قاسم الوصى مالا مشتركا بينه وبين الصغير لم يجز إلا إذا كان الصغير فيها نفع ظاهر.
وهذا عند الإمام. وقال محمد لا تجوز وإن كان للصغير فيها منفعة ظاهرة) .
ومن ذلك يعلم الجواب، والله أعلم(7/133)
تصح الوصية من المسلم للذمى وبالعكس
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
جماد أول 1342 هجرية 22 ديسمبر 1923 م
المبادئ
1 - الوصية من المسلم للذمى وبالعكس صحيحة شرعا.
2 - ولا تصح للحربى المقيم فى دار الحرب
السؤال
إن المدام وازيل جبريل لرو الفرنساوية الجنس والتابعة للحكومة الفرنساوية تدعى أن المرحوم محمد بك مراد نجل المرحوم مراد بك محمد فى حال حياته قد أوصى لها بوصيتين وهو بباريس عاصمة فرنسا (نص الأولى) أعطى وأوصى إلى المدام وازيل جبريل لرو معاشا سنويا ومدى حياتها قدره أربعة آلاف فرنك مضمونا بتسجيل عقار على أملاكى الكائنة بالقطر المصرى وهذه الوصية قد عملت وليس عليها رسوم ولا رسوم تركات تحريرا بباريس فى 9 ديسمبر سنة 1915 محمد مراد رعية مصرى مولود بالإسكندرية سنة 1886 ومقيم بمصر بشارع معمل البارود.
(نص الثانية) أعطى وأوصى إلى المدام وازيل جبريل لرو مبلغ خمسة وعشرين ألف فرنك وعلاوة على ذلك معاشا سنويا ومدى الحياة قدره ستة آلاف فرنك تكون مضمونة بتسجيل عقارى على أملاكى الكائنة بالقطر المصرى وهذه الوصية قد عملت وليس عليها رسوم ولا مصاريف تركات تحريرا بباريس فى 2 فبراير سنة 1917 محمد مراد وبما أننا نحن ورثة المرحوم محمد بك مراد المذكور ننكر الوصيتين المذكورتين ولكننا على فرض أنهما صحيحتان وأن المرحوم محمد بك مراد وقع عليهما.
نرجو إفادتنا بما يقتضيه المنهج الشرعى من جهة صحة الوصيتين المذكورتين أو عدم صحتهما مستندا فى ذلك على النصوص الشرعية، مع العلم بأن الموصى لها المذكورة فرنسية الجنس حربية ليست بذمية ومقيمة بدار الحرب
الجواب
الحكم الشرعى أنه تصح الوصية من المسلم للذمى والعكس ولا للحربى المقيم بدار الحرب قال فى متن التنوير وشرحه الدر ما نصه (ومن المسلم للذمى وبالعكس لا حربى فى داره) ، والله أعلم(7/134)
وصية اختيارية
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
ذى الحجة 1342 هجرية 28 يوليو 1924 م
المبادئ
1 - الوصية بمثل نصيب ابن صحيحة وبنصيب ابن غير جائزة شرعا.
2 - الأصل أنه متى أوصى بمثل نصيب بعض الورثة يزاد مثله على سهام الورثة
السؤال
رجل توفى عن ورثته الشرعيين.
عن زوجته آمنة أبو طالب حسين وعن ولدين محمد.
وشكر. وعن بنت اسمها منى. وفى حال حياته أوصى لعثمان وأحمد وهنومة أولاد بنته فاطمة المتوفاة حال حياته المرزوقة بهم من زوجها حسن ابن أبى المليح بمثل نصيب بنت له.
ومات وليس له وارث ولا موصى له غير من ذكر. وترك لهم تركة يريدون تقسيمها بينهم حسب ما يقتضيه الشرع الشريف فما نصيب كل منهم فى تركته.
هذا، والمتوفى قال فى وصيته لأولاد بنته المذكورين إن ما جعله لهم يقسم بينهم للذكر ضعف الأنثى
الجواب
قال فى متن التنوير وشرحه (وبمثل نصيب ابنه صحت.
وبنصيب ابنه لا وله فى الصورة الأولى ثلث إن أوصى مع ابنين ونصف مع ابن واحد إن جاز.
ومثلهم البنات والأصل أنه متى أوصى بمثل نصيب بعض الورثة يزاد مثله على سهام الورثة) وحيث كانت حادثة السؤال أن المتوفى المذكور توفى عن ورثته وهم زوجته وابناه وبنته وقد أوصى لأولاد بنته الثلاثة المذكورين بمثل نصيب بنت ومات مصرا على وصيته.
فالوصية حينئذ من ثمانية وعشرين سهما وخمس سهم للموصى لهم وهم أولاد بنته أربعة أسهم وخمس سهم تقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين حسبما جاء فى وصيته.
وللزوجة ثلاثة أسهم ولكل واحد من الابنين ثمانية أسهم وخمسا سهم.
وللبنت الموجودة أربعة أسهم وخمس سهم وذلك أن نصحح الفريضة أولا لولا الوصية فنقول لولا الوصية لكانت من أربعة وعشرين سهما للزوجة منها الثمن ثلاثة أسهم والباقى وهو أحد وعشرون سهما للابنين والبنت فيكون لكل واحد من الابنين ثمانية أسهم وخمسا سهم وللبنت أربعة أسهم وخمس سهم ثم يزاد على أصل الفريضة وهو الأربعة والعشرون سهما مثل نصيب البنت وهو أربعة أسهم وخمس سهم فصارت ثمانية وعشرين سهما وخمسا.
فيعطى أولا للموصى لهم أربعة أسهم وخمس سهم للذكر مثل حظ الانثيين.
لأن الوصية مقدمة على الميراث فبقى أربعة وعشرون سهما، يعطى مهنا للزوجة الثمن ثلاثة أسهم والباقى وهو واحد من الابنين ثمانية أسهم وخمسا سهم وللبنت أربعة أسهم وخمس سهم كما يؤخذ ذلك من الفتاوى الهندية بصحيفة 99 من الجزء الثالث، والله أعلم(7/135)
وصية بورقة عرفية
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
محرم 1343 هجرية 10 أغسطس 1924 م
المبادئ
1 - إنكار الوصية وصدورها عن الموصى 13/4/1919 مانع من سماع الدعوى عند إنكارها.
2 - الإقرار بالوصية وأن الموصى توفى مصرا عليها يعامل المقر بإقراره.
3 - يبدأ من التركة بتجهيز الميت ودفنه وعمل الختمات والباقى بعد ذلك يكون للموصى له.
4 - الموصى له بأزيد من الثلث مقدم على بيت المال
السؤال
من مصلحة الأملاك الأميرية بما صورته الأمل التكرم بالتنبيه بالإفادة عما ترونه فضيلتكم فى الورقة طيه المنسوب صدروها من المرحومة سيدة بنت إبراهيم أغا خليل المتوفاة عن الحكومة.
ومقال بوجود ورثة لها. ولم يبت فى أمر هذا القول للآن
الجواب
مطلوب بإفادة سعادتكم رقم 23 يولية سنة 1924 نمرة 1349 أخذ رأينا فى الورقة المرافقة لها المنسوب صدورها إلى المرحومة الست سيدة بنت إبراهيم أغا خليل.
ومن حيث إن مضمون هذه الورقة وصية.
والورقة نفسها مؤرخة فى 13 أبريل سنة 1919، وحيث إن الرأى فى هذه الورقة يتوقف على ما تراه المصلحة فيها من جهة إنكارها أو الإقرار بها.
فإن كانت المصلحة منكرة لهذه الوصية وصدروها من المتوفاة فإن المحاكم الشرعية تكون ممنوعة من سماع الدعوى بها عملا بالفقرة الثانية من المادة مائة من لائحة المحاكم الشرعية نمرة 31 سنة 1910 المتوجه بالأمر العالى وهذا نصها وأما الحوادث الواقعة من سنة 1911 ألف وتسعمائة وإحدى عشر الإفرنكية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصى أو المعتق أو المورث إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك تدل على ما ذكر وواضح أن هذه الورقة ليست كذلك وإن كانت المصلحة مقرة بهذه الوصية وأن الموصية ماتت مصرة على وصيتها فإنها تعامل بإقرارها.
فيبدأ من تركة المتوفاة بتكفينها وتجهيزها وأعمال الختمات المذكورة.
وما بقى بعد ذلك يكون للست عزيزة بنت الشيخ على إبراهيم الشماع الموصى لها.
وذلك بأن الموصى له بأزيد من الثلث مقدم على بيت المال.
هذا ما رأيناه فى هذه الورقة ولزمت الإفادة به.
والأوراق عائدة من طيه كما وردت.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(7/136)
وصاية
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
جمادى الأولى 1343 هجرية 17 ديسمبر 1924 م
المبادئ
متى حجر على السفيه فلا يرفع الحجر عنه إلا بحكم قاض مختص على المذهب الراجح
السؤال
بلغ صغير سن الرشد غير رشيد وثبت تبذيره وإسرافه.
وصدر حكم من المجلس الحسبى باستمرار الوصاية عليه ولم يرفعها عنه إلى الآن.
فهل تنتهى هذه الوصاية من نفسها ببلوغ القاصر الخامسة والعشرين أم يجب أن يثبت رشده وصلاحيته لاستلام أملاكه
الجواب
فى تنقيح الحامدية بصحيفة 146 جزء ثان طبعة أميرية سنة 1300 ما نصه (سئل فى صغيرة يتيمة بلغت غير رشيدة سفيهة مبذرة وثبت ذلك عليها بالبينة الشرعية لدى قاض شرعى.
فهل يحجر عليها ولا يسلم مالها إليها حتى تبلغ خمسا وعشرين سنة (الجواب) حيث بلغت غير رشيدة لا يسلم إليها مالها حتى تبلغ خمسا وعشرين سنة عند الإمام رحمه الله تعالى، لأن المنع كان لرجاء التأديب.
فإذا بلغت ذلك السن ولم تتأدب انقطع عنها الرجاء غالبا فلا معنى للحجر بعده.
وعندهما لا يدفع إليها المال ما لم يؤنس منها الرشد.
فحينئذ يدفع إليها مالها لأنهما يريان الحجر على الحر بالسفه.
قال فى التنوير وشرحه وعندهما يحجر على الحر بالسفه والغفلة.
وبه أى بقولهما يفتى صيانة لماله إلى أن قال ناقلا عن الجوهرة مانصه ثم اختلفا فيما بينهما.
قال أبو يوسف لا حجر عليه إلا بحجر الحاكم ولا ينفك حتى يطلقه.
وقال محمد فساده فى ماله يحجره وإصلاحه فيه يطلقه والثمرة فيما باعه قبل حجر القاضى يجوز عند الأول لا الثانى.
وظاهر كلامهم ترجيح قول أبى يوسف.
ومن ذلك يعلم أنه حيث ثبت تبذير ذلك الشخص الذى بلغ غير رشيد وإسرافه وحكم به قاض مختص فلا يرتفع الحجر عنه إلا بحكم قاض مختص على المذهب الراجح وهو مذهب أبى يوسف، والله تعالى أعلم(7/137)
وصية
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
رمضان 1343 هجرية 14 ابريل 1925 م
المبادئ
لا يدخل فى الوصية ما يختص بشراء الدواء وعيادات الطبيب فإنها من حاجات الموصية فى الحياة.
كذلك لا يدخل فيها ما يختص بأجرة إعلان وفاته بالجرائد والشكر على التعزية وثمن السجائر للرجل والنساء
السؤال
بخطاب مصلحة الأملاك الأميرية.
توفيت المرحومة كسمديل هانم أرملة المرحوم إسماعيل باشا عبد الخالق عن الحكومة ويقال بأنها معتوقة حضرة صاحبة السمو الأميرة تفيده هانم كريمة المغفور له إسماعيل باشا خديوى مصر الأسبق.
وما تخلف عن هذه المتوفاة عبارة عن منقولات منزلية ومصاغ ونقدية قيمتها جميعا خلاف متجمد استحقاق 570 مليم و 173 جنية لها فى وقف من قبلها عبارة عن س 20 - ط 19 - ف 8 مقدر لها ثمنا 582 مليم و1765 جنيه ولم يعلم قيمة هذا الاستحقاق الآن.
وعند حصر التركة 528 1765 ولم يعلم قيمة هذا الاستحقاق الآن.
وعند حصر التركة أورى حضرة صاحب الدولة عبد الخالق باشا ثروت أنها قبل وفاتها ومرضها سلمت إليه مبلغ مائة جنيه مقابل القيام بما يلزم لها من التجهيز وأعمال الصدقات والخيرات على روحها حسب المعتاد فى مثل هذه الأحوال وقد قدم الكشف المرفق طيه ببيان مقدار ما صرفه فى الوجوه المحكى عنها ونرجو التكرم بالإفادة عما ترون فضيلتكم نحوه من جهة صحة الأخذ بهذه المفردات من الوجهة الشرعية من عدمه
الجواب
علم ما جاء بإفادة جنابكم رقم 20 أبريل سنة 1925 107 بخصوص تركة المرحومة كسمديل هانم وبالاطلاع على الكشف المرافق لها وجد أن التصرفات المدونة به وتنفيذ وصيتها على الوجه المبين فى مفرداته لا تخرج عما أوصت به، وذلك لأن ما اشتمل عليه الكشف لم يخرج عن التجهيز والتكفين والدفن ومقدماتها وحتمياتها والخيرات والصدقات المعتادة لأمثالها ولم يشذ عن ذلك سوى ما يختص بشراء الدواء وعيادات الطبيب فإنها من حاجاتها فى الحياة وليس داخلة فيما أوصت به، وسوى ما يختص بأجرة إعلان وفاتها بالجرائد، وما يختص بإشارات الشكر التلغرافية على التعزية، وما يختص بثمن السجائر مطلقا للرجال والنساء فإنها خارجة أيضا عما أوصت به.
وحينئذ فيصح الأخذ شرعا بما اشتمل عليه الكشف من الوجهة الشرعية إلا فيما استثنى والأوراق عائدة من طيه كما وردت(7/138)
وصية
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
جماد آخر 1345 هجرية 15 ديسمبر 1926 م
المبادئ
1 - الوصية لوارث لا تقع صحيحة.
2 - لا تنفذ الوصية للأجانب فى الزيادة على ثلث التركة إلا إذا أجازها الورثة بعد موت الموصى ويقسم الثلث على الموصى لهم عدا الزوجة.
3 - الموصى لها توفيت فى حياة الموصى على فرض حياتها بعده يرد ما خصها إلى ورثة الموصى
السؤال
فى أن مصطفى بك ناظر قلم دعاوى مديرية أسيوط فى حال حياته ونفاذ تصرفاته الشرعية أوصى وصية مختارة من قبله مسجلة بمحكمة مديرية أسيوط الشرعية فى 20 ذى القعدة سنة 1290 صورتها كالآتى إن مصطفى أفندى ناظر قلم دعاوى مديرية أسيوط حالا ابن المرحوم أحمد مصطفى سرمد قد أنهى لمديرية أسيوط أنه استخار الله العظيم وأوصى لمستولدته التى أنجز عتقها وتزوجها بعقد نكاح فاطمة البيضاء بنت عبد الله الأبيض المدعوة بدلبار ولمعتوقة أخيها أحمد بجميع منزله الكائن بدرب سعادة بالمحروسة بعد سداد باقى دين الرهن لمرتهنه وبجميع ما يوجد عند موته من فراش ونحاس يقتسمان ذلك مناصفة لكل منهما النصف، وأوصى لهما أيضا بثلثى أطيانه البرية البالغ قدرها مائة وواحد وعشرون فدانا وربع من فدان ونصف قيراط لكل واحدة منهما فيها الثلث الكائن بعضها بناحية منيا القمح وبعضها بناحية ملامس وبعضها بناحية (كفر شاش أمواته) وبناحية ميت يزيد بجهة بحرى وبثلثى ما هو قائم بها من الأبنية والسواقى والأشجار والمواشى وكامل آلات الزراعة لكل واحدة منهما الثلث.
كذلك أوصى لهما أيضا بثلثى المنزل الكائن بناحية منيا القمح وأوصى بالثلث الثالث فى الأطيان المذكورة والبناء والسواقى والأشجار والمواشى وكامل آلات الزراعة وثلث المنزل الكائن بناحية مينا القمح لصهرته الست فلك ناس بنت عبد الله الأبيض ولعتقائه وخدمه المستمرين على خدمته لوقت موته يستحقون فيها الثلث المذكور يتقاسمونه فيما بينهم بعد انقضاء أجله وسداد ما عليه من الديون ومنها دين رهن المنزل الكائن بالمحروسة بدرب سعادة المتقدم ذكره.
وأقام صهرته فلك ناس المذكورة وصية مختارة من قبله على تنفيذ وصاياه وسداد ديونه.
وطلب تسطير ذلك بسجل المديرية إتباعا لأمره الكريم فأجيب لذلك بأمر سعادة مدير أسيوط حالا.
وأشهد على نفسه بذلك طائعا راغبا ورغب تسطيره فى هذا طبقا للواقع ويراجع عند الحاجة فأجيب لذلك وسطر هذا ناطقا بصورة الحال ويرجع إليه فى المآل وقد توفى جميع الخدم والست فلك ناس بنت عبد الله الأبيض المذكورة بالوصية المعينة لتنفيذ وصاياه فى حال حياة الموصى ثم توفى الموصى وهو مصر على وصيته هذه بتاريخ 25 ربيعي الثانى سنة 1301 هجرية ولم يرجع عنها إلى موته وكان الموجود عند موته زوجته فاطمة البيضاء الشهيرة بدلبار هانم التى كانت حاملا وقتها وعتقائه وهم أحمد المعتوق المذكور بالوصية ومحمد العبد بن عبد الله وبلال سليم زعفران بنت عبد الله زوجة بلال سليم المذكور.
وبعد وفاة الموصى وضعت زوجته فاطمة البيضاء فى شهر شعبان سنة 1301 هجرية بنتا سميت وحيدة بنت مصطفى بك سرمد وتوفيت فى شوال سنة 1305 هجرية والزوجة لم تجز الوصية إليها فصارت الوصية باطلة لأنها وصية لوارث.
وأمام أوصى به لغير الزوجة فهى وصية لأجنبى فيجوز بالثلث من غير أجازة الورثة.
والغرض الاستفهام عن كيفية تقسيم ثلث التركة الذى صحت فيه الوصية على جميع الموصى لهم عدا الزوجة.
فهل يقسم بالتساوى وبنسبة أنصبائهم أفيدونا بالجواب ولكم الثواب
الجواب
من حيث إن الوصية للزوجة المذكورة لم تقع صحيحة لأنها وصية لوارث ولم يجزها أحد من الورثة من أهل التبرع بعد موت الموصى وحيث إن الموصى لهم عدا الزوجة أجانب عن الموصى فلا تنفذ الوصية لهم إلا فى ثلث التركة فقط.
لأن الوصية بما زاد على الثلث للأجنبى لا تنفذ إلا إذا أجازها الورثة بعد موت الموصى وهم من أهل التبرع ولم يوجد ذلك، وحيث إن الست فلك ناس إحدى الموصى لهم توفيت فى حياة الموصى فلا يكون الثلث الذى نفذت فيه الوصية للموصى لهم عدا الزوجة والست فلك ناس.
وبناء على ذلك يقسم ثلث التركة على الموصى لهم عدا الزوجة بنسبة أنصبائهم، وما خص فلك ناس المتوفاه فى حياة الموصى على فرض حياتها بعده يرد إلى ورثة الموصى.
والله أعلم(7/139)
تنفيذ الحكم النهائى لبعض الورثة يكون على قدر حصته فقط
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الأولى 1347 هجرية 12 نوفمبر 1928 م
المبادئ
1 - إستصدار الموصى له حكما نهائيا بالنسبة لبعض الورثة من المحكمة المختصة بصحة ونفاذ الوصية ينفذ على من صار الحكم نهائيا بالنسبه له من الورثة بقدر ما يخصه على فرض أن الحكم صار نهائيا بالنسبة للباقين.
2 - صيرورة الحكم نهائيا بالنسبة لبعض الورثة بمثابة إقرار منه بالوصية بالنسبة له
السؤال
من الشيخ عبد الرحمن عبد الله فى أن رجلا يدعى على خطاب عبد الله أوصى بتاريخ 20/10/1920 لبنتى ابنه المرحوم على على عبد الله وهما سكينة وبهية بنصيب فى تركته يساوى ثلاثة أرباع نصيب ولد من الذكور من أولاده بعد إخراج الثمن إستحقاق الزوجات فى جميع ما يورث عنه من أطيان وعقار وقد توفى الموصى المذكور عن أطيان قدرها س 20- ط 7 - ق 54 وعن عقار تبلغ مساحته ألف ومائتى ذراع وانحصر ميراثه فى زوجتيه وصيفة عبد العال سالم وفانى عمر الغمراوى وعن أولاده عبد العزيز وعبد الرحمن ومحمود وبناته سعدية وبهية ونبيهة وعنبره وأصبح ما تستحقه بنتا إبنه الموصى لهما المذكورتين بموجب الوصية وبمقتضى الحكم الصادر من محكمة طنطا الكلية بتاريخ 31 مايو سنة 1927 المقيد تحت رقم 633 سنة 1924 ومرفق طى هذا لاطلاع فضيلتكم عليه هو س 15 ط 4 ف 6 ومائة وعشرين ذراعا من العقار.
وبما أن قلم المحضرين ألزمنى بإحضار فتوى شرعية بما يجب أخذه من كل وارث ذكرا وأنثى حتى يتسنى له القيام بتنفيذ الحكم المذكور آنفا حيث إن الحكم أصبح نهائيا بالنسبة لبعض الورثة فقط وأصبح غير نهائى للبعض الآخر نظرا لاستئنافهم لكى يمكنه تنفيذ هذا الحكم على من لم يستأنفه وإعطاء البنتين الموصى لهما ما أصبح نهائيا لهما فى الستة أفدنة وأربعة قراريط والخمسة عشر سهما والماية وعشرين ذراعا فى العقار حسب نص الحكم المذكور أرجو أن يتكرم مولاى بإصدار الفتوى بمقدار ما يجب على كل وارث ذكر وأنثى بتسليمه من القدر الموصى به للبنتين المذكورين نظرا لأن الورثة واضعوا أيديهم على جميع ما تركه المورث بما فيه القدر الموصى به.
أفيدوا أدامكم الله قائمين لنصرة الدين وأهله
الجواب
نص الفقهاء على أنه إذا أقر بعض الورثة بوصية أن يلزم المقر بمقدار ما يخص حصته فقط على فرض إقرار الباقين وعلى هذا فمن صار الحكم نهائيا بالنسبة إليه من الورثة يعتبر كمقر بالوصية.
فيؤخذ للموصى لهما من نصيبه بقدر ما يخصه على فرض أن الحكم صار نهائيا بالنسبة لباقى الورثة.
وعلى هذا المبدأ يعرف مقدار ما ينفذ به على الورثة الذين أصبح الحكم نهائيا بالنسبة إليهم.
وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال، والله تعالى أعلم(7/140)
الوصية بكل المال لغير المسلم جائزة
المفتي
عبد المجيد سليم.
محرم 1353 هجرية 2 مايو 1934 م
المبادئ
1 - وصية المسلم لزوجته المسيحية بجميع ماله صحيحة ونافذة شرعا.
2 - الموصى له بجميع المال مقدم على بيت المال
السؤال
وصية عرفية صادرة من زوج مسلم مصرى الجنس مكتوبة بخط يده لزوجته المسيحية الفرنساوية يقول فيها (أقرر وأنا بكامل صحتى وسلامة عقلى أعطى وأوصى لزوجتى فلانة الفرنساوية جميع ما أملك) مع ملاحظة أنه ليس للزوج وارث شرعى خلاف بيت المال وأن إقامة الزوجة بمصر مع زوجها استمرت إلى أن توفى.
فهل هذه الوصية صحيحة ونافذة
الجواب
نفيد بأن فقهاء الحنفية نصوا على صحة وصية المسلم لغير المسلم ما لم يكن حربيا فى دار الحرب، وعلى أن الموصى له بجميع المال مقدم على بيت المال.
وعلى هذا فوصية الزوج المسلم لزوجته المسيحية المذكورة بجميع ماله صحيحة ونافذة شرعا، والله أعلم(7/141)
زواج الوصية لا يبطل وصايتها
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذى الحجة 1353 هجرية 12 مارس 1935 م
المبادئ
مجرد زواج الوصية لا يخرجها من الوصاية ما دامت معينة من المجلس الحسبى إلا إذا شرط فى قرار تعيينها أنها تعين ما دامت غير متزوجة وفى هذه الحالة تنتهى الوصاية بالزواج إعمالا للشرط وللمجلس تعيين غيرها
السؤال
إمرأة توفى عنها زوجها وترك لها ابنة وولدا لم يتجاوز سنهما الخامسة وتسلمت حقوقهما فى الميراث الشرعى.
وأصبحت وصية على ولديها من قبل المجلس الحسبى.
والآن ترغب فى الزواج.
فهل إذا تم زواجها تتعداها الوصاية ولمن تتعداها إذا كان للأولاد أم لأم يبلغ سنها الخامسة والأربعين تقريبا ولكنها ضريرة ولا يوجد غير عمهما الشقيق، وليس لهما عمة ولا أم لأب.
فنرجو الإفادة عمن يؤول إليه وصاية الأولاد إذا تم زواج والدتهما
الجواب
نفيد بأن مجرد زواج أم الولدين المقامة وصيا من قبل المجلس الحسبى عليهما لا يخرجها من الوصاية.
نعم. إذا كانت قد أقيمت من قبل المجلس الحسبى وصيا على ولديها مادامت غير متزوجة تنتهى وصايتها بتزوجها وكان للمجلس الحسبى أن يعين من يراه أصلح للوصاية من أقارب الولدين أو غيرهم.
أما إذا كان قد عينها وصيا من غير شرط عدم تزوجها فلا تخرج من الوصاية بالتزوج كما قلنا.
إلا إذا رأى المجلس إخراجها فى هذه الحالة لمصلحة القصر.
وبهذا علم الجواب عن السؤال، والله تعالى أعلم(7/142)
وصية بمنافع لجهة الخيرات
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الأولى 1358 هجرية 10 يوليو 1939 م
المبادئ
1 - الوصية بثلث المال على جهات بر تكون وفقا بعد الوفاة عند البعض، وتكون وصية مؤيدة بالمنافع عند البعض على الجهات المذكورة وسوءا أكانت وقفا أو وصية فإنها تكون كالوقف فى التأييد واللزوم.
2 - إذا تخربت العين الموصى بها مؤبدا.
بيعت بواسطة المحكمة الشرعية المختصة ويشترى بثمنها عينا أخرى تقوم مقامها.
3 - لا يجوز بيعها بواسطة بعض ورثتها ولو كانوا فقراء معدمين والأفضل إعطاء الريع إليهم إذا كانوا فقراء للأقرب منهم
السؤال
إمرأة أوصت قبل وفاتها بثلث ما تملكه فى منزل أن يصرف ريع هذا الثلث فى وجوه خيرات عينتها فى وصيتها كما يصرف من الريع يوم وفاتها جميع المبالغ التى تلزم للجنازة والكفن وإسقاط الصلاة وقد عينت وصيا مختارا لتنفيذ هذه الوصية مدة حياته وله أن يختار من بعده من يشاء للقيام بذلك.
هذا وقد تخرب المنزل المذكور وأصبح لا يأتى بأى إيراد وقد توفى الوصى المختار بعد وفاة الموصية موجودون وهم فقراء معدمون فهل يجوز لهم بيع الحصة المذكورة للإنفاق منها على أنفسهم نظرا لشدة احتياجهم، وإذا كان ذلك غير جائز فما طريق التصرف فى تلك الحصة وقد أصبحت خرابا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن ظاهر ما قاله صاحب فتح القدير وصاحب أنفع الوسائل وابن عابدين فى رد المختار أن ريع المنزل المذكور بهذه الوصية يكون وقفا بعد وفاة الموصية.
ولكن قد جاء فى موطن آخر من رد المختار ما يفيد أنه يكون من قبيل الوصية بالمنافع المؤيدة اللازمة.
وسواء قلنا إن هذه الحصة تكون وقفا حقيقة أم قلنا إنها وصية مؤبدة لازمة وأنها كالوقف فى التأييد واللزوم.
فولاية بيعها إذا كان هناك مسوغ للبيع إنما هى للمحكمة الشرعية المختصة لتشترى بثمنها ما يقوم مقامها.
ولا يصح مطلقا لأولاد ابن الموصية بيع هذه الحصة للإنفاق منها على أنفسهم وإن كانوا فقراء معدمين.
نعم الأفضل صرف ريع العين التى تشترى بثمن هذه الحصة إليهم إذا كانوا فقراء ولم يكن للموصية من الفقراء من هو أقرب إليها منهم.
هذا ما ظهر لنا وبه يعلم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر ولم يكن فى الوصية ما ينافى ذلك، والله أعلم(7/143)
بطلان الوصية بموت الموصى له قبل الموصى
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
جمادى الأولى 1365 هجرية 3 أبريل 1946 م
المبادئ
1 - الوصية لأولاد ابن المتوفى وزوجته بنصيب ولد ذكر معين من أبنائه فإن كان هذا الولد المعين موجودا بطلت الوصية وإلا فهى صحيحة.
2 - الوصية بمثل نصيب ابنه جائزة سواء أكان له ابن موجود أم لم يكن.
3 - الوصية لأولاد الابن وزوجته بنصيب مورثهم تكون صحيحة.
4 - إذا عين الموصى الموصى لهم بأسمائهم فمات بعضهم قبل الموصى بطلت الوصية بالنسبة لمن مات منهم وعاد الموصى به لمن مات منهم إلى ملك الموصى ولا يكون مستحقا لبقية الموصى لهم الأحياء وتكون الوصية صحيحة بالنسبة لمن لم يمت منهم
السؤال
أوصى سالم أفندى شعبان لأولاد ابنه شعبان سالم وهم محمد وحفيظه وعطيات وزوجة ابنه شعبان وهى مبروكة لهم بنصيب ولد ذكر أو بنصيب مورثهم المذكور أن لو كان حيا بالفريضة الشرعية بينهم للزوجة الثمن ولأولاده الثلاثة المذكورين الباقى للذكر مثل حظ الأنثيين فيما يكون مخلفا موروثا عنه عند وفاته من عقار وأطيان فيكون النصيب المذكور ملكا لهم بعد وفاته على الوجه المشروح ثم مات من الموصى لهم مبروكة زوجة ابنه شعبان وعطيات بنته قبل وفاة الموصى وقد توفى الموصى عن ابنه وبنتيه وزوجته وعن أولاد ابنه شعبان وهما محمد وحفيظة فقط.
فهل محمد وحفيظة يستحقان جميع الموصى به وهو نصيب ولد ذكر من أولاد الموصى أى ما كان يأخذه أبوهم أن لو كان حيا.
أى يأخذان الموصى به لأمهما وأختهما أم لا.
وذكر بالوصية أنه أوصى أيضا لكل من أخيه حسين شعبان وحسين على شعبان بحصة قدرها الثمن ثلاثة قراريط من أصل أربعة وعشرين قيراطا مشاعا فى المنزل الكائن بشبراخيت وهو بعض ممتلكات الموصى وقد توفيا فى حياة الموصى
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة من إشهاد الوصية الصادر أمام محكمة دمنهور الشرعية فى 7 مايو سنة 192تحت رقم 2 متتابعة وسجل رقم 107 ونفيد أن هذه الوصية قد اشتملت على أمرين (أولهما) الوصية لكل من حسين شعبان وحسين على شعبان بحصة قدرها الثمن ثلاثة قراريط من المنزل الكائن بشبراخيت وقد توفيا قبل وفاة الموصى وبذلك بطلت الوصية لهما، لأن الوصية تمليك مضاف لما بعد الموت وذلك (وثانيهما) الوصية لأولاد ابن الموصى وقد جاء فيها ما نصه أوصى لأولاد ابنه المرحوم شعبان سالم وهم محمد وحفيظة وعطيات وزوجة ولده المذكور مبروكة بنصيب ولد ذكر من أولاده أو بنصيب مورثهم المذكور أن لو كان حيا بالفريضة الشرعية بينهم.
للزوجة المذكورة الثمن ولأولاده الثلاثة المذكورين الباقى للذكر مثل حظ الأنثيين فيما يكون مخلفا وموروثا عنه عند وفاته والمنصوص عليه شرعا أنه إذا أوصى بنصيب ابنه وهو موجود بطلت وصيته، وإن لم يكن له ابن صحت، وإن أوصى بمثل نصيب ابنه جاز، سواء أكان له ابن أم لم يكن لأن الأول وصية بمال الغير لأن نصيب الابن ما يصيبه بعد الموت ينص الكتاب، والوصية بمال الغير لا تجوز.
والثانى وصية بمثل نصيب الابن ومثل الشىء غيره وإن كان يتقدر بقدره.
وقال زفر جازت الأولى كالثانية نظرا إلى حال الوصية، فإن المال كله له فى ذلك الحال لكونه حيا بعد وللمالك أن يتصرف فى ملكه كيف شاء (راجع شرح العناية على الهداية وشرح الدر وحاشيته ابن عابدين فى باب الوصية بثلث المال) والمفهوم من هذه العبارة أن قوله أو بنصيب مورثهم المذكور أن لو كان حيا معطوف عطف تفسير على قوله بنصيب ولد ذكر من أولاده فيكون مراده أن يوصى للمذكورين بمثل نصيب ولد من أولاده وهو نصيب ابنه شعبان المتوفى قبله فتكون الوصية صحيحة على رأى جمهور الحنفية ولا شبهة فى صحتها على كل حال على رأى الإمام زفر رحمه الله.
وحيث إنه قد توفى من ورثة شعبان المذكورين قبل وفاة الموصى كل من زوجته مبروكة وبنته عطيات فتبطل الوصية فى حقهما، ويبقى الموصى به لهما على ملك الموصى فلا يستحقه باقى الموصى لهم، لأن الموصى وإن أوصى لأولاد ابنه إلا أنه عين الموصى لهم بأسمائهم أما محمد وحفيظة الموجودان من أولاد شعبان وقت وفاة الموصى فتبقى الوصية صحيحة فى حقهما.
وقد جاء فى الدر المختار ما نصه (والأصل أنه متى أوصى بمثل نصيب بعض الورثة يزاد مثله على سهام الورثة) .
ومقتضى ذلك أن تبين سهام الموجودين من ورثة الموصى ثم يزاد عليها نصيب ولد ذكر ثم يستخرج من جميع السهام نصيب ورثة شعبان الموصى لهم ثم يستخرج من نصيبهم المذكور نصيب المتوفين، ويضاف إلى سهام ورثة الموصى وهم زوجته وابنه وبنتاه.
وبيان ذلك أن تجعل المسألة من 24 أربعة وعشرين سهما فيخص الولد الذكر من أولاد الموصى 5ر10 عشرة أسهم ونصف سهم تضاف إلى أصل المسألة المذكور، فيصير المجموع الذى تنقسم إليه التركة 5ر34 أربعة وثلاثين سهما ونصف سهم.
لجميع ورثة شعبان الموصى لهم 5ر10 عشرة أسهم ونصف سهم والباقى يقسم على ورثة الموصى بالفريضة الشرعية.
وما خص ورثة شعبان الموصى لهم يقسم بينهم بالفريضة الشرعية كما ذكره الموصى، فيخص زوجة شعبان الثمن 5/16 1 سهم وخمسة على ستة عشر من السهم، ويخص بنته عطيات 19 /64 2 سهمان وتسعة عشر على أربعة وستين من السهم، ومجموع نصيبهما وهو 39/64 3 يضاف إلى سهام ورثة الموصى فتصير جميع سهامهم فى التركة 39/64 27 سبعة وعشرين سهما وتسعة وثلاثين على أربعة وستين من السهم تقسم بينهم بالفريضة الشرعية للزوجة الثمن فرضا ولأولاده الباقى تعصيا للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقى من الموصى به يقسم على محمد وحفيظة الموجودين وقت وفات الموصى.
فيخص محمد 19/32 4 أربعة أسهم وتسعة عشر على اثنين وثلاثين من السهم ويخص حفيظة 19/64 2 سهمان وتسعة عشر على أربعة وستين من السهم.
وهذا إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال، والله تعالى أعلم(7/144)
وصية بمنافع
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
شعبان 1367 هجرية 12 يونيه 1928 م
المبادئ
1 - الوصية بعدم جواز ميراثه وقسمة أطيانه إلا بعد مضى خمس عشرة سنة من وفاته وأن يكون ريعها محبوسا على من عينهم من ذريته هى وصية بمنافع أطيانه لبعض ورثته مدة معينة فإن لم يجزها جميع الورثة بعد وفاته الحادثة قبل صدر القانون 71 سنة 1946 الخاص بالوصية بطلت وتقسم تركته بعد سداد ديونه بين ورثته حسب الفريضة الشرعية.
2 - لا عبرة بإجازة بعض الورثة للوصية فى حياة الموصى.
ولمن أجازها فى حياته الرجوع عن ذلك بعد وفاته.
3 - الوصية بعدم بيع الوارث ما ورثه لأى شخص غريب باطلة ولكل وارث بيع نصيبه إلى من يشاء.
4 - الوصية بعدم سداد ما عليه من ديون فى مدة الوصية بالمنفعة باطلة وتسدد ديونه أولا.
5 - الدين مقدم على الوصية والميراث شرعا
السؤال
من معاذ حامد بما يتضمن أن والده الحاج حامد محمد أوصى بورقة عرفية فى 20 أكتوبر سنة 1945.
أولا بأنه لا يجوز فى أطيانهالبالغ قدرها س 16 ط 10 ف 6 قسمة ولا ميراث إلا بعد خمس عشرة سنة من وفاته وأنه يحبس ريعها على أولاده القصر ووالدتهم وبنته سكينة الأرملة وبناته المتزوجات بوصل رحمهن فى الأعياد والمواسم وكل مناسبة تستحق صلة الرحم ومن احتاجت منهن تساعد بقدر الاستطاعة.
ثانيا أنه لا يجوز بعد مضى هذه المدة أن يبيع الوارث ما ورثه لأى شخص غريب بل يبيعه لأحد الورثة بالثمن المناسب ثالثا أن زوجته فاطمة على عبد الحميد الداخلة ضمن الموصى لهم لا يعطى لها شىء من مؤخر صداقها البالغ قدره 60 جنيها وثمن عفشها البالغ قدره ستين جنيها مادامت الأطيان محبوسة على الأولاد القصر فى مدة الخمسة عشر عاما، وإن هذه الوصية أجازها بعض الورثة فى حال حياة الموصى ولم يجزها أحد منهم بعد وف4اته وأنها لم تسجل بل ذكرت بمحضر حصر التركة وأنه توفى فى 15 ديسمبر سنة 1945 وابنه الأكبر توفى بعده فى العاشر من أبريل سنة 1946 عن زوجته وأولاده القصر فهل يستحقون فى هذه الوصية أولا فى مدة الخمس عشرة سنة
الجواب
أن ما جاء أولا فى هذه الوصية المنسوبة إلى الموصى وصية بمنفعة أطيانه لبعض ورثته مدة معينة ولم يجزها الورثة جميعا بعد وفاته الواقعة قبل صدور قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 فتبطل، ويقسم ما تركه المتوفى بعد سداد ما عليه من ديون ومنه دين زوجته المذكورة على ورثته بالفريضة الشرعية ومنهم ابنه الأكبر المتوفى عده.
ولكل وارث أن يبيع ما يريد بيعه من إرثه لمن يشاء قريبا أو غريبا.
ولا عبرة بإجازة بعض الورثة فى حياة الموصى بل لمن أجازها فى الحياة أن لا يجيزها بعد الوفاة.
ففى الأنقروية (ولو أوصى لوارثه ولأجنبى صحت فى حق الأجنبى وتتوقف فى حق الوارث على إجازة الورثة إن أجازوا جاز وإن لم يجيزوا بطل.
ولا تعتبر إجازتهم فى حياة الموصى متى كان لهم الرجوع بعد ذلك) - انتهى -.
وما ذكره الموصى ثانيا وثالثا وصية باطلة لأن للوارث شرعا أن يبيع ملكه الذى ورثه لمن يشاء، ولأن الدين مقدم على الوصية شرعا، فلا يملك الموصى تغيير المشروع.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال، والله تعالى أعلم(7/145)
تحكير وقف والزيادة فيه
المفتي
محمد عبده.
شعبان 1317هـ
المبادئ
1 - دفع المستأجر لجهة الحكر مبلغا كبيرا مقدما من الإيجار وقبضه له مانع من طلب الزيادة مستقبلا مادامت الأجرة الواردة بالعقد كانت أجرة المثل وقت تحريره.
2 - تعجيل مبلغ كبير من الأجرة له مدخل فى قيمة الأجرة وقد عمله صاحبه حذرا من طلب الزيادة مستقبلا.
3 - ليس للناظر طلب الزيادة ولو فرض أن أجر المثل قد زاد فى ذاته
السؤال
رجل اشترى من ناظر وقف أنقاض بناء آيل للسقوط لا نفع فيه لجهة الوقف، وأنقاضا مطروحة على أرض الوقف بمبلغ دفعه للناظر ليصرفه فيما هو أنفع لجهة الوقف، ثم استأجر هذا المشترى تلك الأرض التى بها الأنقاض القائمة والمطروحة من ذلك الناظر مدة بأجرة قدرها عن كل سنة سبعمائة قرش على أن يدفع هذا المستأجر مقدما للناظر المذكور مائة ألف قرش يحسب فى كل سنة خمسمائة قرش ويدفع فى نهاية كل سنة مائتى قرش وقبض الناظر المؤجر مقدما من ذلك المستأجر مبلغ المائة ألف قرش المذكورة وآجره على ذلك وأذنه بالعمارة والبناء والإنشاء والتجديد والتعلى بذلك، على أن كل شىء بناه وعمره وأنشأه وجدده بذلك متى شاء كيفما يحب ويختار يكون له ملكا طلقا وخلوا وانتفاعا مستحق البقاء على الدوام والاستمرار، وأن يكون له حق القرار فى ذلك نظير الأجرة المذكورة وقبل ذلك منه لنفسه قبولا شرعيا، وبمقتضى ذلك أنشأ هذا المستأجر وعمر وبنى بالأرض المذكورة وصار له حق القرار فى ذلك، ثم مات بعد ذلك.
ونظرا لما طرأ على هذا البناء من الخلل الذى أوجب عمارته قام ورثة المستأجر المذكور يريدون عمارته وإعادته كما كان، فعارضهم المتولى الآن على هذا الوقف بطلب زيادة الأجر على ما استأجر به مورثهم من الناظر سلفه مدعيا زيادة أجر الأرض المذكورة على ما استأجر به المورث من الناظر الأول.
فهل لا يكون له معارضتهم بزيادة الأجرة أثناء المدة التى وقع فيها عقد الإيجار عليها.
حيث كانت أجرة المثل وقت العقد خصوصا وقد عجل المستأجر معظمها، ودفع فى نهاية كل سنة مضت منها مائتى قرش، واستمر على ذلك إلى أن مات ورثته من بعده كذلك، ودفعوا فى نهاية كل سنة بعد موت مورثهم مبلغ المائتى قرش المذكورة أفيدوا الجواب
الجواب
إن طريقة هذا العقد هى بعينها طريقة التحكير وإعطاء حق القرار لمدة طويلة.
ومقتضى الشرط فى أداء الأجرة إن الإجارة لمايتى سنة فإنه شرط أني دفع فى كل سنة مائتى قرش ويحسب مما عجل خمسمائة وقد اعتبرت الأجرة أجرة المثل، ومن المعلوم أن تعجيل مبلغ مائة ألف قرش ينتفع بها الوقف حيث عقد الإيجار له مدخل فى قيمة الأجرة.
وإنما عجله المعجل حذرا من الزيادة فى مستقبل المدة لو زاد أجر المثل.
وقد اعتبر ذلك عند العقد مصلحة للوقف ورضى به المتعاقدان.
فمتى صح هذا الاعتبار وصحت الإجارة لأجله ولزمت وقد بنى المستأجر وعمر لم يكن للناظر الحالى أن يطلب زيادة الأجر، ولو فرض أن أجر المثل زاد فى ذاته.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/146)
تحكير الوقف
المفتي
محمد عبده.
ذى القعدة 1317 هجرية
المبادئ
1 - تعطل الانتفاع بالأرض الموقوفة مبيح لتحكيرها بأجر المثل.
2 - الاحتكار عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض الموقوفة مقررة للبناء والتعلى أو للفراش ونحوهما.
3 - ما يبنيه المحتكر يكون ملكا له مادام بإذن القاضى أو الناظر.
4 - لا حق لمن يعين ناظرا على الوقف بعد ذلك فى معارضة المحتكر فى ذلك
السؤال
من محمد أفندى فى أماكن موقوفة كانت قائمة على أرض وقف وتخربت بمرور الزمان، وصارت عديمة المنفعة ولا غلة ولا ريع لوقفها لكى يمكن أن تعمر منه كلها أو بعضها، فناظرة الوقف التى هى إحدى مستحقيه أعطت إلى رجل بالإيجار إلى طول الزمان النصف فى أرض الأماكن المذكورة وعينت عليه دفع الإيجار سنويا بقيمة معينة هى أجر المثل، واستلمت منه قيمة أجرة أربعين مقدمات، وبعات له النصف فيما وجد من الأنقاض على أرض الأماكن المذكورة، وأذنته بالنباء والتعلى على أن كل ما بناه وجدده يكون ملكا طلقا له مع حق القرار له فى ذلك، وبناء على ذلك بنى هذا الرجل أماكن على الأرض المذكورة وصارت ذات غلة وريع، ثم تولت ناظرة أخرى على الوقف تعارض فى ذلك بأن شرط الواقف لا يقتضى التأجير أزيد من سنة.
فهل ما ذكر يعد تحكيرا ولناظرة الوقف ولاية هذا العمل بنفسها بدون إذن القاضى حيث إن حكم التحكير غير التأجير.
وما بناه هذا الرجل بمقتضى ذلك الإذن يكون ملكا له مع حق القرار يتصرف فيه بأنواع التصرفات مادام قائمة بأجر المثل ولا حق لهذه الناظرة الحالية فى تلك المعارضة
الجواب
صرحوا بأنه إذا تعطل الانتفاع بالأرض الموقوفة جاز تحكيرها بأجر المثل، وأن الاحتكار عقد إيجارة يقصد به استبقاء الأرض الموقوفة مقررة للبناء والتعلى أو للفراش أو لأحدهما، وأن البناء الذى يبنيه المحتكر بإذن القاضى أو الناظر فى الأرض المحتكرة يكون ملكا له وبه يثبت له حق القرار، وعليه أجر المثل المقرر على الأرض.
والطريقة التى جرت عليها الناظرة فى حادثة السؤال هى بعينها طريقة التحكير وإعطاء حق القرار لمدة طويلة بدلالة الإذن منها بالبناء والتعلى على الطريقة المعروفة فى الاحتكار فما بناه هذا الرجل بإذن الناظرة صار حقه وملكه يتصرف فيه بالبيع ونحوه من التصرفات الجائزة، وبه ثبت له حق القرار وعليه أجر المثل مادام ذلك البناء.
ولا حق للناظرة الحالية فى المعارضة فى ذلك بناء على شرط الواقف المذكور، لأن ما جرت عليه الناظرة الأولى هو بعينه طريقة التحكير كما قلنا.
والله أعلم(7/147)
الزيادة فى عقد التحكير
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
محرم 1368 هجرية - 22 نوفمبر 1948 م
المبادئ
1 - عقد التحكير يكسب ملك البناء حق القرار فى الأرض المحكرة بشرط دفع أجر مثلها خالية من البناء.
2 - المعتبر فى زيادة التحكير هو زيادة أجر مثل الأرض المحكرة فى ذاتها، وليس زيادة قيمتها فقط، وإن كان يلزم من زيادة الأجر زيادة القيمة، ومن زيادة القيمة زيادة الأجر غالبا
السؤال
من الأستاذ عطية الجناينى قال المرحوم محمد عثمان الشربتلى له وقف يشتمل على قطعة أرض فضاء حكرها إلى إبراهيم السيد حمادة فى سنة 1900 فأقام عليها إبراهيم السيد مبانى واكتسب حق القرار فيها بأجر المثل، والاستحكار صحيح حسب شرط الواقف.
والآن يطلب الناظر على الوقف زيادة أجرة الأرض المحتكرة بنسبة ريادة قيمة ثمن الأرض، والمستحكر لا يقبل زيادتها إلا بمقدار أجرة المثل بغض النظر عن زيادة ثمن الأرض.
والطرفان اتفقا على أن يقبلا حكم الشريعة فى ذلك طبقا لمذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة.
فهل يتبع فى زيادة قيمة ثمن الأرض خالية وقد تزيد الأجرة حينئذ عن أجر المثل، أو يتبع أجر المثل حتى ولو زاد ثمن الأرض.
وإذا كان الحكم أن تزاد الأجرة بنسبة زيادة ثمن الأرض فى الأحوال العادية الطبيعية، فهل زيادة ثمنها فى الأحوال غير الطبيعية الحاصلة فى هذه الأيام يقتضى زيادة قيمة الحكر مع أن القيمة الإيجارية لأمثالها لم تزد ما نلتمس الفتوى فيه
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال (والجواب) أن عقد التحكير قد أكسب مالك البناء حق البناء والقرار فى الأرض الموقوفة المحكرة.
ولكن ذلك مشروط بأن يدفع لجهة الوقف أجر مثل الأرض خالية من البناء رعاية لمصلحة الوقف بجانب رعاية مصلحة المحتكر، ولأنه لا يجوز إجارة الوقف بأقل من أجر المثل وقد نصوا على أن زيادة أجر المثل للأرض المحتكرة عما كانت عليه وقت إنشاء عقد التحكير زيادة فاحشة إذا كانت بسبب زيادة أجرة الأرض فى نفسها لا بسبب العمارة والبناء تلزم المحتكر.
فالمعتبر فى زيادة التحكير هو زيادة أجر مثل الأرض فى ذاتها لا مجرد زيادة قمتها بدون زيادة الأجر وإن كان يلزم غالبا من زيادة القيمة زيادة الأجر ومن ارتفاع الأجر ارتفاع القيمة.
ومن ذلك يعلم الجواب عن السؤال.
والله تعالى أعلم(7/148)
طاعة الوالدين مقدمة على التطوع للجهاد
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
ذى الحجة 1367 هجرية 5 أكتوبر 1948 م
المبادئ
يحرم على الولد الخروج إلى الجهاد بغير إذن والديه لأن طاعتهما فرض عين والتطوع للجهاد فرض كفاية
السؤال
من أحمد فؤاد قال أنا طالب بالسنة الثانية بكلية الهندسة بجامعة فاروق من أسرة (بالاسكندرية) مكونة من الوالد والوالدة وثلاث أخوات (بنات) وأخى الكبير وأنا أصغرهم 19 سنة وقد سافر أخى الكبير إلى سويسرا فى العام الماضى وسيبقى بها خمس سنوات تقريبا وأنا أريد أن أتطوع للجهاد فى سبيل نصرة عرب فلسطين ولكن أسرتى تمانع فى ذلك ولا ترغب فيه ولا تريد أن أتطوع للجهاد الذى فرضه الله على كل مسلم قادر على حمل السلاح.
فتجدنى بين نارين فإما أن أفر من أسرتى للالتحاق بالمجاهدين كما يفعل البعض وإما أن أطيع والدى وأقبع فى دارى قانعا من الجهاد بالكلام فما حكم الشريعة
الجواب
والجواب كما فى شرح الدر المختار وحاشيته وغيرهما أن طاعة الوالدين فرض عين ولا يصح ترك فرض العين للتوصل إلى فرض الكفاية فيحرم على الولد الخروج إلى الجهاد بغير إذنهما إذا كان فرض كفاية ويجوز لهما منعه إذا وجدا من ذلك مشقة شديدة قال القسطلانى والجمهور على حرمة الجهاد إذا منع الوالدان أو أحدهما منه بشرط إسلامهما لأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية إذا لم يتعين - ملخصا -.
قال عليه اللاسم للعباس بن مرداس لما أراد الجهاد إلزم أمك فإن الجنة تحت رجل امك.
وفى صحيح البخارى عن ابن مسعود قلت يا رسول الله أى الأعمال أفضل.
قال الصلاة لوقتها قلت ثم أى قال بر الوالدين.
قلت ثم أى قال الجهاد فى سبيل الله ولو استزدت لزادنى.
فقدم بر الوالدين وطاعتهما على الجهاد وفيه عن عبد الله بن عمرو ابن العاس.
جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم يستأذن فى الجهاد فقال أخى والداك قال نعم.
قال ففيهما فجاهد. ولا يحل سفر فيه خطر أو أحدهما من الخروج للجهاد وهو فرض كفاية وجبت طاعتهما وحرمت مخالفتهما على أنه قد روى فى الصحيح عن زيد بن خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جهز غازيا فى سبيل الله فقد غزا والتجهيز بمعنى تهيئة أسباب سفر الغازى للجهاد تارة يكون بالمال وتارة بالإعانة المجردة عن بذل المال.
والأولى أفضل ولمن يقوم بذلك مثل أجر الغازى بنفسه وإن لم يغز حقيقة لأن الغازى لا يمكنه القيام بالغزو إلا بعد أن تهيأ له هذه الأسباب الضرورية فصار من يهيؤها له كأنه باشر الغزو بنفسه.
ومن هذا يعرف الجواب عن السؤال والله أعلم(7/149)
عدم جواز نقل المسجد أو تحويله
المفتي
بكرى الصدفى.
رجب 1331 هجرية
المبادئ
1 - لا يجوز نقل المسجد ولا تحويله أصلا.
2 - لو خرب ما حوله واستغنى عنه يبقى مسجدا عند الإمام وأبى يوسف أبدا، وإلى قيام الساعة وعليه الفتوى
السؤال
هل يجوز نقل مسجد من مكان لآخر
الجواب
الذى يقتضيه الحكم الشرعى فى ذلك.
أن المسجد متى تحقق كونه مسجدا على حسب الأصول الشرعية لا يجوز نقله ولا تحويله أصلا على ما هو المفتى به وهو مذهب الإمام وأبى يوسف رضى الله تعالى عنهما.
ففى التنوير وشرحه ما نصه ولو خرب ما حوله واستغنى عنه يبقى مسجدا عند الإمام والثانى أبدا إلى قيام الساعة وبه يفتى انتهى - فكل عمل وجد فى هذه الحادثة مخالفا لذلك فهو مخالف للمفتى به فلا يعول عليه.
والله تعالى أعلم(7/150)
بناء المساجد وبيع أوراق اليانصيب
المفتي
محمد بخيت.
رجب 1335 - 23 من أبريل 1917 م
المبادئ
1 - الأموال التى تجمع بقصد التصدق بها على الفقراء تكون أمانة فى يد من قبضها وتبقى على ملك أربابها إلى أن تصرف فى ذات الغرض الذى جمعت من أجله ولا يجوز صرفها لغير الفقراء.
2 - لا يجوز بناء معبد بها كما لا يجوز استغلال المساجد شرعا لأنها بنيت للعبادة فقط.
3 - المال الذى يجمع من بيع اليانصيب مال قمار ويحرم تملكه شرعا ويجب رده إلى أربابه مادام موجودا بيد القابض له
السؤال
1 - هل يجوز بناء المساجد أو غيرها بالأموال التى جمعت لتوزع صدقة على الفقراء لسد حاحاتهم وكان قد جمعها جماعة ولم تزل بأيديهم.
2 - هل يجوز بناء معبد بهذه الأموال ليصر إيراده على الفقراء.
3 - هل الأموال التى تجمع من أثمان أوراق اليانصيب حلال لمن أصدر هذه الأوارق أم لا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أما عن السؤال الول. فالأموال التى جمعت من أصحابها بقصد التصدق بها على الفقراء لسد حاجاتهم تبقى على ملك أربابها تحت يد من قبضها أمانة إلى أن يصرفها فى الوجه الذى جمعت له وهو التصدق بها على الفقراء، فإذا تصدق بها على الوجه المشروح أصبح كل فقير أخذ منها شيئا مالكا لما أخذه وحينئذ لا يجوز أن تصرف لغير الفقراء فى هذه الحال - وأما عن السؤال الثانى فهذه الأموال التى جمعت بقصد التصدق بها على الفقراء كما ذكر لا يجوز شرعا بناء معبد بها فضلا عن أن استغلال المعبد مطلقا غير جائز شرعا، ويجب منعه بتاتا لأن المعابد إنما بنيت للعبادة - وأما عن السؤال الثالث.
فإن ما يعرف باليانصيب قمار محرم شرعا فكل مال يجمع بهذه الطريقة يملكه جامعه ملكا محرما وخبيثا ويجب رده لأربابه مادام موجودا بيد من قبضه(7/151)
خدمة النساء للاضرحة
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
ربيع الأول 1343 هجرية - 18 من أكتوبر 1924 م
المبادئ
يجوز قيام المرأة بخدمة الضريح والأولى عدم إقامتها خادمة للضريح توقيعا من الوقوع فى حرام أو مكروه
السؤال
صدر قرار من المجلس الصوفى سنة 1923 بتعين حرمة خادمة لضريح سيجى محمد خليفة بمديرية القليوبية.
وقد تعرض لها الشيخ إبراهيم بكر السكراتى وأبى أن يسلمها مفتاح الضريح بحجة أنه من نسل صاحب الضريح الذى لا يجوز شرعا قيام امرأة بخدمته.
فهل يجوز شرعا قيام امرأة بخدمة الضريح أم لا
الجواب
نفيد أن الشريح الذى قرر المجلس الصوفى الحرمة المذكورة خادمة له لم يخرج عن كونه قبرا من قبور المسملين التى رخص فى زيارتها النبى صلى الله عليه وسلم بعد نهيه عنها بقوله (كنت نهيتكم عن زيارة القبول ألا فزوروها) ويستوى فى خدمتها الرجال والنساء من حيث حفظها وفراشتها وتنظيفها إلا أن خدمة الرجال لها أليق فى العادات وأبعد فى نظر الشريعة الغراء من مثار الشبهات الناشئة من المحادثة والمخالطة فى هذه المزارات.
ومن نظر فى قول فقهائها إنه يكره أذان المرأة وإقامتها للصلاة وجهرها بقراءة القرآن فى الصلاة الجهرية وقولهم إنها تعتكف فى بينها لا فى المسجد وإن الأفضل تباعدها عن البيت فى الطواف وإن الخلوة بالأجنبية حرام والكلام معها مكروه إلى غير ذلك من الأحكام الخاصة بالنساء، جزم بأن الأولى عدم إقامتها خادمخة للضريح المذكور توقيا من الوقوع فى حرام أو مكروه شرعا.
والله تعالى أعلم(7/152)
التغيير فى بناء المسجد جائز للضرورة
المفتي
عبد المجيد سليم.
شوالل 1347 هجرية - 20 من مارس 1929 م
المبادئ
التغيير فى بناء المسجد بعد هدمه جائز للضرورة
السؤال
مسجد لا يعلم من بناه ولا يعلم أهو مبنى فى ملك رجل معين أو بناه أهل المحلة فيما يسمى خراج البلد وقد هدمه أهل المحلة لبنائه أحكم - اقتضى تغيير نظام بنائه، لأنه لو أعيد على ما كان عليه منعت من ذلك مصلحة الصحة.
فهل يباح تغيير معالمه الأولى حتى لو اقتضى ذلك أخذ شىء من المسجد وجعله ميضأة ومراحيض مع العلم بأن لا مندوحة عند إرادة جعله مسجدا منتفعا به إلا ذلك
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأن بعض الفقهاء أجاز تأجير قطعة من المسجد إذا احتاج للعمارة الضرورية وليس هناك ما يعمر به.
وبعضهم منع ذلك. وقد اختار الخير الرملى فى فتاواه القول الأول.
وعلى هذا إذا لم يمكن بناء المسجد المذكور على حالته الأولى ولا الانتفاع به إلا بتنفيذ ما رأته مصلحة الصحة جاز بناؤه بالصفة التى اشارت بها هذه المصلحة.
لأن ضرورة الانتفاع به تقضى بذلك قياسا على ما اختاره الخير الرملى من جواز تأجير قطعة من المسجد عند الضرورة.
ويؤيد ذلك القاعدة المشهورة إذا اجتمعت ضرورات قدم أخفها.
هذا ما ظهر لنا والله سبحانه وتعالى أعلم(7/153)
الدفن فى المسجد غير جائز
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الأولى 1359 هجرية - 22 من يونيه 1940 م
المبادئ
1 - لا يجوز دفن الموتى فى المساجد.
2 - إذا دفن الميت فى المسجد نبش عند الإمام أحمد
السؤال
كتبت وزارة الأوقاف ما يأتى - يوجد بوسط مسجد عز الدين أيبك قبران ورد ذكرهما فى الخطط التوفيقية وتقام الشعائر أمامهما وخلفهما.
وقد طلب رئيس هذا المسجد إلى محافظة مصر دفنه فى أحد هذين القبرين لأن جدة الذى جدد بناء المسجد مدفون بأحدهما.
فنرجو التفضل ببيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
اطلعنا على كتاب الوزارة رقم 2723 المؤرخ 21 - 3 - 1940 المطلوب به بيان الحكم الشرعى فيما طلبه رئيس خدم مسجد عز الدين أيبك من دفنه فى أحد القبرين اللذين بهذا المسجد.
ونفيد أنه قد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لا يجوز أن يدفن فى المسجد ميت لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره.
فإن المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر.
وقال فى فتوى أخرى إنه لا يجوز دفن ميت فى مسجد فإن كان المسجد قبل الدفن غير إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا الخ وذلك لأن فى الدفن فى المسجد إخراجا لجزء من المسجد عما جعل له من صلاة المكتوبات وتوابعها من النفل والذكر وتدريس العلم وذلك غير جائز شرعا.
ولأن اتخاذ قبر فى المسجد على هذا الوجه الوارد فى السؤال يؤدى إلى الصلاة إلى هذا القبر أو عنده.
وقد وردت أحاديث كثيرة دالة على حظر ذلك قال شيخ الإسلام إبن تيمية.
فى كتابه انقضاء الصراط المستقيم صفحة 158 ما نصه إن النصوص عن النبى صلى الله عليه وسلم تواترت بالنهى عن الصلاة عند القبور مطلقا واتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها.
ومن الأحاديث ما رواه مسلم عن أبى مرثد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها.
وقال ابن القيم نص الإمام أحمد وغيره على أنه إذا دفن الميت فى المسجد نبش وقال - أى ابن تيمية - لا يجتمع فى دين الإسلام مسجد وقبر بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق إلى آخر ما قال فى كتابه زاد المعاد.
وقال الإمام النووى فى شرح المهذب صفحة 316 ما نصه اتفقت نصوص الشافعى والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره لعموم الأحاديث.
قال الشافعى والأصحاب - وتكره الصلاة إلى القبور سواء كان الميت صالحا أو غيره قال الحافظ أبو موسى قال الإمام الزعفرانى رحمه الله.
ولا يصلى إلى قبر ولا عنده تبركا به ولا إعظاما له للأحاديث وقد نص الحنفية على كراهة صلاة الجنازة فى المسجد لقوله عليه الصلاة والسلام من صلى على جنازة فى المسجد فلا أجر له وعلل صاحب الهداية.
هذه الكراهة بعلتين إحداهما أن المسجد بنى لأداء المكتوبات يعنى وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم.
وإذا كانت صلاة الجنازة فى المسجد مكروهة للعلة المذكورة كراهة تحريم كما هو إحدى الروايتين وهى التى اختارها العلامة قاسم وغيره كان الدفن فى المسجد أولى بالحظر لأن الدفن فى المسجد فيه إخراج الجزء المدفون فيه عما جعل له المسجد من صلاة المكتوبات وتوابعها.
وهذا مما لا شك فى عدم جوازه شرعا. وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر(7/154)
البناء فوق أو تحت المسجد لمصالحه جائز
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
صفر 1369 هجرية - 5 من ديسمبر 1949 م
المبادئ
1 - يجب أن يكون المسجد خالصا لله سبحانه وتعالى.
2 - البناء فوق المسجد أو تحته للانتفاع به لا يصير به مسجدا إلا إذا كان ذلك لمصالح المسجد.
3 - لا بأس بالأخذ بقول الصاحبين بجواز أن يكون علوه أو سفله للانتفاع إذا دعت الضرورة لذلك
السؤال
طلب سعادة مفتش تخطيط المدينة بمصلحة التظيم بوزارة الأشغال
الجواب
اطلعنا على السؤال الوراد بكتاب عزتكم رقم 21512 المؤرخ 16 - 11 - 1949 المرافق بهذا.
وإجابة عليه نفيد أن المسجد يجب أن يكون خالصا لله تعالى لقوله عز وجل {وأن المساجد لله} الجن 18، فأضافها إليه تعالى مع أن كل شىء له ليدل بذلك على وجوب أن تكون خالصة له.
ومن هذا كان ظاهر الرواية عند الحنفية أنه لو بنى فوق المسجد أو تحته بناء لينفتع به لم يصر بهذا مسجدا وله أن يبيعه ويورث عنه، أما لو كان البناء لمصالح المسجد فإنه يجوز ويصير مسجدا كما فى الدر المختار وحاشيته والفتاوى الهندية وغيرها هذا قبل أن يصير مسجدا.
أما بعده فلا يمكن أحد من البناء عليه مطلقا. ونقل ابن عابدين عن البحر مانصه (وحاصله أن شرط كونه مسجدا أن يكون سفله وعلوه مسجدا لينقطع حق العبد عنه لقوله تعالى {وأن المساجد لله} الجن 18، بخلاف ما إذا كان السرداب والعلو موقوفا لصالح المسجد فهو كسرداب بين المقدس هذا هو ظاهر الرواية - انتهى - ونقل عن الصاحبين أنه يجوز أن يكون سفل المسجد أو علوه ملكا بكل حال ينتفع به الباقى أو يخصص لمصالح المسجد إذا اقضت الضرورة ذلك كما فى البلاد التى تضيق منازلها بسكانها.
وعلى هذا إذا كانت هناك ضرورة تدعو إلى المشروع المسئول عنه فلا بأس بالأخذ بقول الصاحبين فى الرواية المذكورة عنهما لأنها تتفق مع قواعد المذهب كقاعدة الضرورات تبيح المحظورات، وقاعدة المشقة تجلب التيسير وغيرهما وهذا مقرر فى قول الله عز وجل {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} الحج 78، والله تعالى أعلم.
(ملحوظة لم يذكر بالسجل نص خطاب المسائل)(7/155)
تحف المسجد وما به من قناديل أثرية وقف أم ملك
المفتي
علام نصار.
جمادى الأولى 1370 هجرية - 12 فبراير 1951 م
المبادئ
1- متى وجد بالمسجد ما يخصه، ولم يوجد له مالك معين يكون الموجود به وقفا.
2- وجود مالك معين له وإثباته أنه إنما أتى به لمنفعة مؤقتة فقط، يكون ذلك الشئ ملكا تاما له عند محمد، ويكون وقفا عند أبى يوسف بمجرد وضعه فى المسجد.
3- نقل ناظر الوقف أو متولى المسجد نجفة المسجد أو قناديله إلى منزله يكون غصبا، وتتجه عليه دعوى رد المغصوب إلى جهة الوقف
السؤال
عن حكم الفقه الإسلامى فيما إذا كان بأحد المساجد نجفة أثرية ثمينة تقدر قيمتها بآلاف الجنيهات خاف عليها ناظر المسجد من التلق أو السرقة إذا بقيت به فنقلها من المسجد إلى منزله، ثم توفى الناظر المذكور والنجفة فى منزله تحت يد زوجته وأولاده، فهل يسرى على هذه النجفة النص العام فيما يتعلق بالمنقول وتصبح ملكا لواضع اليد عليها بحجة أنها لم تذكر بكتاب وقف المسجد المذكور وأن دعوى الوقف لا تسمع عند إنكاره إلا إذا وجد به إشهاد أو أن وقف المسجد وجميع المنقولات التى توجد به لها حكم خاص واعتبارها وقفا لا يتوقف على صدور الإشهاد وإنما يتوقف على إنشاء المسجد وإذن الناس بالصلاة فيه فمتى تحقق هذا صار وقفا ولو لم يصدر به إشهاد ويدخل فى وقفيته تبعا كل ما يتصل بأداء العبادة فى ذلك المسجد من مفروشات ومصابيح وقناديل وما إلى ذلك مما هو لازم لأداء العبادة فى المساجد، فمتى ثبت أن تلك النجفة كانت بالمسجد ونقلها الناظر إلى منزله ثبتت ملكية المسجد لها وإن لم يرد ذكرها بكتاب الوقف هذا ما أرجو إفادتى عن حكم الفقه الإسلامى فيه مع ملاحظة أن هذه النجفة كانت موجودة بالمسجد من قديم قبل تولية الناظر المتوفى وليس له ملك فيها
الجواب
اطلعنا على السؤال - والجواب - أنه قد صرح فيه بأن للمسجد كتاب وقف وأن النجفة كانت بالمسجد ولم يرد ذكرها بكتاب الوقف وأن النزاع بشأنها فى أنها وقف أولا وأن المادة رقم 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية القاضية بعدم سماع دعوى الوقف إلا إذا وجد إشهاد به ممن يملكه على يد حاكم شرعى بالقطر المصرى تتناولها أولا، والبحث فى ذلك يقتضى النظر فى موضعين أحدهما أن النجفة بوجودها بالمجد تكون وقفا أولا وثانيهما أن المادة المذكورة تتناول مثلها أولا - فعن الأول تقضى النصوص الشرعية بأن هذه النجفة تكون بوجودها بالمسجد وقفا فإنه متى وجد بالمسجد قنديل أو حصير أو نحوها مما يخصص لمصالح المسجد ولم يوجد مالك معين يثبت أنه أتى بها لمنفعة مؤقتة تكون وقفا سواء أفرضنا أن شخصا اشتراها للمسجد أم أنها وجدت فيه ولم يعلم مشتريها، يدل على الأول ما جاء فى الفتاوى الخانية ج 3 ص 293 (رجل بسط من ماله حصيرا فى المسجد ووقع الاستغناء عنه فإن ذلك يكون له إن كان حيا ولوارثه إن كان ميتا وإن بلى ذلك كان له أن يبيعه ويشترى بثمنه حصيرا آخر وكذا لو اشترى حشيشا (الحشيش الكلأ اليابس) أو قنديلا للمسجد فوقع الاستغناء عنه كان له ذلك إن كان حيا ولوارثه إن كان ميتا وعند أبى وعند أبى يوسف رحمه الله تعالى يباع ويصرف ثمنه فى حوائج المسجد، وإن استغنى عنه يحول إلى مسجد آخر والفتوى على قول محمد رحمه الله تعالى) وذكر فى الإسعاف هذا الفرع ص 7 بلفظ (ولو بسط من ماله حصيرا فى المسجد فخرب المسجد الخ) وقال بعد ذكر الحكم على الخلاف السابق (وهذا الاختلاف بناء على الاختلاف فى المسجد عينه إذا استغنى عنه لخراب ما حوله) يشير بذلك إلى الخلاف بين الإمامين محمد وأبى يوسف فيما إذا تخرب المسجد ولم يوجد ما يعمر به أو استغنى الناس عنه.
فقال محمد إنه يعود إلى ملك الواقف إن كان حيا وإلى ورثته إن كان ميتا، وإذا لم يعلم البانى ولا ورثته جاز بيعه وصرف ثمنه إلى مسجد آخر.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى هو مسجد أبدا إلى قيام الساعة ولا يعود بالاستغناء عنه إليه ولا إلى ورثته ويحول نقضه وما فيه من حصير أو قنديل إلى مسجد آخر وعليه أكثر المشايخ ورجحه ابن الهمام كما رجح قول محمد غيره.
فمن هذا يرى أن الصاحبين متفقان على أن المنقول المشترى للمسجد وقف وإنما الخلاف بينهما فيما إذا تخرب المسجد واستغنى عنه، وهذا الحكم يتفق مع ما ذكره الفقهاء فى بناء الناظر وغرسه فى أرض الوقف فإنهم قالوا إنه يكون للوقف ما لم يكن ذلك من ماله، ويشهد وقت البناء والغرس أنه يبنى ويغرس لنفسه.
فالقنديل فى حادثتنا وقف ولو كان من شراء أحد النظار إذ لا يوجد فى السؤال ما يدل على إشهاده أنه له، ويدل على الثانى وهو أن السراج أو القنديل إذا وجد بالمسجد ولا يعلم شراء أحد له يكون وقفا - ما جاء بالفتاوى الخانية أيضا ونصه (وديباج الكعبة إذا صار خلقا يبيعه السلطان ويستعين به فى أمر الكعبة لأن الولاية فيه للسلطان لا لغيره) ومثله فى الإسعاف.
فهذا آية أنه صار خالصا لله تعالى بوجوده على الكعبة فيتصرف فيه من له الولاية العامة عند انعدام الولاية الخاصة تصرفه فيما يتبع المسجد إذا استغنى عنه.
إذا تقرر هذا كانت النجفة بوجودها فى المسجد وقفا سواء أعلم مشتريها أو لا، فلا مساغ للنزاع بين الخصمين فى ذلك.
والذى يمكن أن يكون موضع نزاع بينهما هو أنها كانت بالمسجد ونقلت منه أولا، فإذا كان أحد الخصمين يدعى أنها كانت بالمسجد ونقلت منه واستولى عليها ورثة الناظر السابق كانت دعواه هذه دعوى غصب يطلب فيها رد المغصوب، لأن الناظر ليس له أن ينقل السراج من المسجد إلى بيته ولو بدعوى المحافظة عليه.
اللهم إلا أن يأذنه القاضى فان فعل ذلك كان غاصبا أى له حكم الغصب.
ففى الفتاوى الخانية ما نصه (متولى المسجد ليس له أن يحمل سراج المسجد إلى بيته) ومثله فى البحر عن الإسعاف عن الثانى تحقق فى البحث الأول أن السراج وقف بوجوده فى المسجد على أى الوضعين السابقين، وأن الدعوى دعوى رد المغصوب فالمدعى فيها إن عينا كانت بالمسجد بلا تعرض لكونها وقفا أو عدمه، والمطلوب فيها رد هذه العين إلى مكانها فى المسجد.
فبعد هذا لا مجال للبحث فى أن المادة 137 المذكورة تتناولها أولا إذ هى خاصة بدعوى أن العين وقف وبغير ذلك مما جاء بها ولا تتناول النجفة فى حادثة الفتوى.
ومما مر وضح الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به.
والله تعالى أعلم(7/156)
نزع ملكية مسجد
المفتي
حسن مأمون.
ربيع الأول 1375 هجرية - 23 أكتوبر 1955م
المبادئ
1- بمجرد الإذن بالصلاة فى المسجد يكون وقفا، كما أن ما ألحق به من دكاكين وخلافه للصرف من ريعها يكون وقفا كذلك، ولا يشترط فى ذلك إشهاد شرعى بالوقف أو حكم حاكم به.
2- يخالف المسجد جميع سائر الأوقاف فى ذلك إذ يشترط فيها أن تكون بإشهاد شرعى الخ.
3- بنزع ملكية المسجد يباع نقضه وتوابعه بإذن القاضى ويصرف ثمنها إلى بعض المساجد الأخرى
السؤال
من السيد/.
قال إن جده المرحوم بنى مسجدا وأقيمت فيه الشعائر الدينية من مائة سنة تقريبا، وفى هذا العام نزعت وزارة البلديات أرض وبناء هذا المسجد للمنافع العامة، وكذلكما ألحق به من دكاكين بناها الواقف للإنفاق عليه من إيرادها وكانت ضمن بنائه وقدرت لذلك ثمنا أودعته خزانتها، ولم يكن الواقف قد حرر حجة بوقف المسجد وما ألحق به من الدكاكين.
وطلب السائل بصفته من ضمن ورثة الواقف بيان الحكم بالنسبة للمبلغ المودع خزانة الحكومة كتعويض لأرض وبناء المسجد وملحقاته - هل للورثة الحق فى صرف هذا المبلغ والتصرف فيه على أساس أنه تركة تورث عن مورثهم أم ليس لهم الحق فى ذلك
الجواب
نفيد بأنه لا حق للورثة شرعا فى صرف ما أودع ثمنا للأرض وبناء هذا المسجد، لأن ذلك فرع كونه ملكا لمورثهم الذى بناه ولا شك أنه مات وهو ليس على ملكه (ولا يشترط فى ذلك صدور إشهاد أو حكم قاض بوقفه) لأن المسجد يخالف سائر الأوقاف فى خروجه عن ملك الواقف بالصلاة فيه وإن لم يحكم به حاكم كما فى الدر وغيره من كتب الفقه، ومثل ذلك ما ألحق به من الدكاكين التى بناها الواقف.
وقال السائل إنها ضمن بنائه للإنفاق عليه من غلتها - فقد نص شرعا على أن مابنى تحت المسجد من سرداب أو بنى فوقه من علو لصالح المسجد صار مسجدا كما فى الشرنبلالية - والحكم أنه يباع نقض هذا المسجد وما ألحق به من الدكاكين بإذن القاضى ويصرف ثمنها إلى بعض المساجد.
كما جزم بذلك صاحب الإسعاف، واختاره شمس الأئمة الحلوانى.
فقد نقل عنه فى الذخيرة أنه سئل عن مسجد خرب ولا يحتاج إليه لتفرق الناس عنه وهل للقاضى أن يصرف أوقافه إلى مسجد آخر فقال نعم - ومثله فى البحر عن القنية.
وهذا إذا كان الحال كما جاء بالسؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/157)
ركعتا تحية المسجد يوم الجمعة
المفتي
حسن مأمون.
شعبان 1376 هجرية - 17 مارس 1957 م
المبادئ
1- بجلوس الإمام على المنبر يحرم ابتداء التنقل على الحاضرين بالمسجد بإجماع الحنفية والشافعية والمالكية.
2- القادمون إلى المسجد بعد جلوس الإمام على المنبر.
يحرم عليهم ابتداء صلاة التطوع ولو كانت تحية المسجد كالجالسين بالمسجد عند الحنفية والمالكية.
3- للقادم صلاة ركعتين خفيفتين تحية للمسجد عند الشافعية.
4- من شرع فى صلاة النافلة قبل خروج الإمام وقبل صعوده على المنبر أتمها
السؤال
من السيد/.
قال إن مصلحة السكة الحديد أنشأت زاوية للصلاة، وأن خطيب هذا المسجد منع المصلين يوم الجمعة من صلاة سنة الجمعة القبلية مستدلا بأحاديث رواها السائل محتجا بأن الإمام إذا صعد على المنبر يحرم على المصلين القيام للصلاة وهو يصعد على المنبر قبل الأذان وأن إمام مسجد آخر بالبلدة المذكورة قال إن سنة الجمعة سنة مؤكدة ولا يصح لأحد أن يتركها، واحتج بأحاديث رواها السائل أيضا عنه.
وطلب بيان الحكم الشرعى فى هذه المسألة عن الحنفية والشافعية والمالكية، ليكون الناس على بينة من أمور دينهم
الجواب
إن المذهب الحنفى كما جاء فى الفتح والبحر وغيرهما من كتب المذهب أن الإمام إذا خرج يوم الجمعة ترك الناس الصلاة والكلام حتى يفرغ من خطبته عند أبى حنيفة رحمه الله.
وقال صاحباه لا بأس بالكلام إذا خرج الإمام قبل أن يخطب، وإذا نزل قبل أن يكبر، لأن الكراهة للإخلال بفرض الاستماع ولا استماع هنا، بخلاف الصلاة لأنها قد تمتد.
استدل الإمام أبو حنيفة رحمه الله بقوله عليه السلام (إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام) من غير فصل ولأن الكلام قد يمتد طبعا فأشبه الصلاة وقال صاحب الفتح تعليقا على ذلك (وأخرج ابن أبى شيبة فى مصنفه عن على وابن عباس وابن عمر رضى الله عنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام.
والحاصل أن قول الصحابى حجة فيجب تقليده عندنا إذا لم ينفه شئ آخر من السنة ولو تجرد المعنى المذكور عنه، وهو أن الكلام يمتد طبعا أى يمتد فى النفس فيخل بالاستماع أو أن الطبع يفضى بالمتكلم إلى المد فيلزم ذلك، والصلاة أيضا قد تستلزم المعنى الأول فتخل به) ثم قال بعد ذلك (وأخرج الستة عن أبى هريرة رضى الله عنه - عنه صلى الله عليه وسلم قال (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغوت) وهذا يفيد بطريق الدلالة منع الصلاة وتحية المسجد، لأن المنع من الأمر بالمعروف وهو أعلى من السنة وتحية المسجد فمنعه منهما أولى الخ) .
وجاء فى البحر شارح الكنز بعد أن روى أثر ابن أبى شيبة السابق - فالحاصل أن الإمام إذا كان فى خلوة فالقاطع انفصاله عنها وظهوره للناس وإلا فقيامه للصعود، وأطلق فى الصلاة لتشمل السنة وتحية المسجد.
ويدل عليه حديث (إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت) فإنه يفيد بطريق الدلالة منعهما بالأولى، لأن المنع من الأمر بالمعروف وهو أعلى من السنة وتحية المسجد.
وما فى صحيح مسلم من أن قوله عليه السلام (إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما) فمحمول على ما قبل تحريم الكلام فيها دفعا للمعارضة.
وجوابهم بحمله على ما إذا أمسك عن الخطبة حتى يفرغ من صلاته - كما أجابوا به فى واقعة سليك الغطفانى - فغير مناسب لمذهب الإمام لما علمت أنه يمنع الصلاة بمجرد خروجه قبل الخطبة إلى أن يفرغ من الصلاة.
هذا هو مذهب الحنفية.
وأما مذهب الشافعية كما جاء فى حواشى تحفة المحتاج شرح المنهاج تعليقا على قول المنهاج فى باب الجمعة (ويسن صلاة ركعتين) الخ (وكره تحريما بالإحماع تنقل أحد من الحاضرين بعد صعود الخطيب على المنبر وجلوسه عليه وإن لم يسمع الخطبة بالكلية لإعراضه عنه بالكلية، ويستثنى التحية لداخل المسجد والخطيب على المنبر فيسن له فعلها ويخففها وجوبا - هذا إن صلى سنة الجمعة وإلا صلاها مخففة وحصلت التحية، ولا يزيد على ركعتين بكل حال.
فإن لم تحصل تحية كأن كان فى غير مسجد لم يصل شيئا - أما الداخل فى آخر الخطبة، فإن غلب على ظنه أنه إن صلاها فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية أى ندبا بل يقف حتى تقام الصلاة، ولا يقعد لئلا يجلس فى المسجد قبل التحية، ولو صلاها فى هذه الحالة استحب للإمام أن يزيد فى كلام الخطبة بقدر ما يكملها) .
سواء فى ذلك سنة الجمعة وغيرها كفاءته حيث لم تزد على ركعتين.
وأما مذهب المالكية كما جاء فى مواهب الجليل لشرح مختصر سيدى خليل الجزء الثانى فى باب صلاة الجمعة (أن الخطيب إذا خرج على الناس من دار الخطابة أو من باب المسجد فإنه يحرم ابتداء الصلاة حينئذ ولو لمن دخل المسجد حينئذ، واحترز بقوله ابتداء ممن خرج عليه الخطيب وهو فى الصلاة فإنه يتمها.
ثم نقل الاتفاق على أنه إذا جلس الإمام على المنبر فإن النفل حينئذ يحرم على الجالس، وأما فيما بين جلوسه على المنبر وخروجه على الناس فقد ذكر فيه مذهبين عند المالكية الأول المنع وهو مذهب المدونة الكبرى.
والثانى الجواز. ثم قال بعد ذلك والقياس ما فى الكتاب لما جاء من أن خروجه يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام) .
والخلاصة مما تقدم من النصوص فى المذاهب المذكورة الثلاثة أن الحنفية والشافعية والمالكية أجمعوا على أنه بجلوس الإمام على المنبر يحرم ابتداء التنفل على الحاضرين بالمسجد - أما القادمون إلى المسجد بعد جلوس الإمام على المنبر فإنه عند الحنفية والملكية يحرم عليهم أيضا ابتداء صلاة التطوع ولو كانت تحية المسجد كالجالسين بالمسجد.
أما الشافعية فقد أباحوا للقادم أن يصلى ركعتين خفيفتين تحية المسجد إن كان صلى سنة الجمعة خارجه، وإن لم يكن صلاها صلى ركعتين.
وهذا إذا كان الإمام فى أول الخطبة، أما إذا كان فى آخرها وظن الداخل حينئذ أنه لو أداها فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام فغنه لا يصلى التحية ندبا، بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يجلس فى المسجد قبل التحية، ولو صلاها فى هذه الحالة مع ذلك استحب للإمام أن يزيد فى كلام الخطبة بقدر ما يكمل الداخل صلاة تحية المسجد.
وأما من شرع فى صلاة النافلة قبل خروج الإمام وقبل صعوده على المنبر فإن الصحيح فى مذهب الحنفية أنه لا يقطع صلاته بل يتمها.
ويظهر مما تقدم أن المسالة التى اختلفت فيها آراء الإمامين بالمسجدين محل خلاف.
فمن منع ابتداء النفل على الجالسين بالمسجد والداخلين إليه بعد صعود الإمام كان مقتديا بمذهب الإمامين أبى حنيفة ومالك، ومن قصر المنع على الحاضرين والإمام على المنبر كان مقتديا بالشافعى.
والله تعالى أعلم(7/158)
تحويل الكنيسة إلى مسجد
المفتي
حسن مأمون.
1376 هجرية - 1 يونية 1957 م
المبادئ
يجوز تحويل الكنيسة إلى مسجد إذا كانت معطلة ولا ينتفع بها فيما أنشئت من أجله بسبب عدم وجود مصلين بها
السؤال
من السيد رئيس هيئة إدارة الجيش - الشئون الشخصية العسكرية قال - إن معسكر الجلاء رغم كبره وكثرة عدد الأفراد العسكريين المقيمين به يفتقر إلى مسجد تقام فيه الشعائر الدينية.
وإنه يوجد بهذا المعسكر ثلاث كنائس ولا تستغل منها إلا كنيسة واحدة حاليا.
ومن المرغوب فيه تحويل إحدى هذه الكنائس إلى مسجد. والمطلوب هو بيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
إن يظهر لنا من الاطلاع على كتاب السيد/ رئيس هيئة القيادة الشرقية المذكور أن الكنائس الثلاث أنشئت لتأدية أغراضها وقت إنشائها ثم تغيرت الحالة بعد إتمام لجلاء فلم يستعمل منها حاليا سوى كنيسة واحدة، والمفهوم من هذا أن الكنيستين الباقيتين معطلتان ولا ينتفع بهما أحد، ولا ينتظر أن تدعو الحاجة إلى وجودهما مستقبلا أو استعمالها فى أغراض العبادة لأهلهما وأمرهما يدور بين بقائها بدون نفع إلى أن تتخربا بمضى الزمن أو الانتفاع بهما فى أغراض دينية أخرى تدعو إليهما حاجة المعسكر ونحن نميل إلى أن الانتفاع بهما خير من بقائهما معطلتين ويمكن الانتفاع بهما فى أغراض تحقق مصلحة عامة، وذلك كتحويلهما أو إحداهما إلى مسجد لكثرة عدد المسلمين المقيمين بالمعسكر.
ولهذا نرى أنه لا يوجد مانع شرعى يمنع من تحويل إحدى الكنائس بالمعسكر إلى جامع للاعتبارات التى أشرنا إليها - والله سبحانه وتعالى أعلم(7/159)
تعمير المسجد أو بناؤه من مال الزكاة
المفتي
حسن مأمون.
محرم 1378 هجرية - 3 أغسطس 1958 م
المبادئ
إخراج المزكى مال زكاته فى بناء مسجد ببلدة لا يوجد بها مسجد أو يوجد ولكنه يضيق بالمصلين فيه، مسقط للفرض عنه بشرط اقتصاره فى ذلك على القدر الضرورى لإعداد المسجد للعبادة بلا مغالاة
السؤال
من السيد/.
بالطلب المتضمن أنه وفق إلى إقامة مسجد بمبالغ جمعها وأن هذا المسجد متعطل الآن، لأن دورة المياه ناقصة وليس به فرش وأن لديه من الزكاة مبلغ خمسين جنيها ولدى ابنه عشر جنيهات ولدى أقربائه عشر جنيهات، وأن أهل البلد ممتنعون عن المساعدة فى إتمامه.
فهل يجوز له شرعا أن يصرف أموال الزكاة فى إتمام دورة المياه بهذا المسجد وفرشه أو تعطى الزكاة لمستحقيها
الجواب
إنه سبق لنا فى فتوى مماثلة سجلت برقم 294 سجل 74 متنوع أن رجحنا الأخذ بالرأى القائل بدخول القرب عامة ومنها بناء المساجد وإعدادها لأداء العبادة بها فى صنف سبيل الله من آية الصداقات فى قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله} التوبة 60، وخاصة إذا كان أهل البلدة فى حاجة إلى مسجد يقيمون فيه الصلاة المكتوبة والجمع والأعياد لعدم وجود مسجد ببلدهم.
وهذا الرأى نقله القفال فى تفسيره كما نقله المغنى لابن قدامة عن أنس والحسن وارتضاه صاحب كتاب الروض النضير، وعلى ذلك لو أخرج المزكى زكاته الواجبة فى بناء مسجد ببلده التى لا يوجد بها مساجد أو يضيق ما بها عن استيعاب المصلين سقط عنه الفرض على شريطة أن يقتصر فى ذلك على القدر الضرورى لإعداد المسجد للعبادة بدون مغالاة.
والله أعلم(7/160)
بيع المساجد وفوائد البنوك
المفتي
حسن مأمون.
ذو القعدة 1379 هجرية - 24 مايو 1960 م
المبادئ
1- المساجد التى يحتاج إليها المسلمون لإقامة الشعائر الدينية فيها لا يجوز بيعها مهما أدت الضرورة إلى ذلك.
2- إذا تخرب المسجد وليس له ما يعمر به واستغنى الناس عنه لبناء آخر.
أو لم يتخرب واستغنى الناس عنه لخراب قريتهم. اختلف الشيخان محمد وأبو يوسف فى حكمه.
قال محمد يعود إلى ملك الواقف إن كان حيا وإلى ورثته إن كان ميتا.
فإن لم يعلما جاز بيعه. وصرف ثمنه فى مسجد آخر. ومثل المسجد جميع لوازمه.
وقال أبو يوسف هو مسجد أبدا إلى قيام الساعة ولا يعود.
كما لا يجوز نقل أنقاضه ولوازمه إلى مسجد آخر، وفى رواية عنه أنه لا يعود إلى المالك لكن يحول نقضه ومافيه من لوازم إلى مسجد آخر أو يباع ذلك بإذن القاضى ويصرف ثمنه فى أقرب مسجد إليه.
3- الفائدة التى تعطى على الأموال التى تودع فى البنوك ربا محرم لا يجوز شرعا أخذها.
4- زواج الرجل ممن زنى بها أثناء الحمل جائز ويثبت النسب إن جاءت بالولد لستة أشهر من تاريخ العقد فإن كان أقل من ذلك لم يثبت إلا إذا ادعاه ولم يقل إنه من الزنا
السؤال
من السيد/.
بالطلب المتضمن أولا - هل يجوز بيع المساجد إذا اضطرت حكومة المسلمين إلى ذلك طبقا لقوانينها مع شرح كيفية الاعتراض.
ثانيا - ما حكم الفائدة على الأموال التى تودع فى البنوك ثالثا - هل المسيحيون واليهود الموجودون الآن من أهل الكتاب رابعا - رجل زنى بامرأة وحملت منه ثم تزوجها قبل الولادة.
ما حكم هذا الولد فى المذاهب.
وطلب بيان الحكم الشرعى فى هذا الاستفتاء
الجواب
عن السؤال الأول - إن المساجد التى يحتاج إليها المسلمون لإقامة الشعائر الدينية فيها لا يجوز بيعها مهما أدت الضرورة إلى ذلك، لأنها تعتبر وفقا.
وبيع الوقف باطل. لكن إذا تخرب المسجد وليس له ما يعمر به استغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر أو لم يتخرب ولكن تفرق الناس من حوله واستغنوا عنه لخراب قريتهم، فقد اختلف الشيخان محمد وأبو يوسف صاحبا أبى حنيفة فى حكمه.
فقال محمد إنه يعود إلى ملك الواقف إن كان حيا وإلى ورثته إن كان ميتا.
لأنه عينه لقربة مخصوصة فإذا انقطعت رجع إلى المالك.
وإذا لم يعلم صاحبه ولا ورثته جاز بيعه وصرف ثمنه فى مسجد آخر، ومثل المسجد جميع لوازمه.
وقال أبو يوسف هو مسجد أبدا إلى قيام الساعة ولا يعود بالاستغناء، والساقط لا يعود، ولا يجوز نقل أنقاضه ولوازمه إلى مسجد آخر.
وأكثر المشايخ على قول أبى يوسف ورجحه ابن الهمام فى الفتح.
وروى عن أبى يوسف أيضا أنه لا يعود إلى المالك لكن يحول نقضه وما فيه من لوازم إلى مسجد آخر أو يباع ذلك بإذن القاضى ويصرف ثمنه فى أقرب مسجد إليه.
وقد جزم بهذه الرواية صاحب الإسعاف وأفتى بها كثير من المتأخرين لأن ترك الأنقاض وخلافها بدون صرفها إلى مسجد آخر مما يؤدى إلى ضياعها إذا طال الزمان.
وذكر بعضهم أن قول أبى حنيفة كقول محمد وبعضهم ذكره كقول أبى يوسف.
عن السؤال الثانى الفائدة التى تعطى على الأموال التى تودع فى البنوك حرام وهى نوع من أنواع الربا لا يجوز شرعا أخذها - عن السؤال الثالث إن المسيحيين واليهود الموجودين الآن يعتبرون من أهل الكتاب ماداموا متمسكين بدينهم وطقوسه ولهم مالنا وعليهم ما علينا.
عن السؤال الرابع يجوز النكاح ويثبت نسب الولد منه إن ولدته بعد عقد النكاح بستة أشهر فلو ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت عقد النكاح لا يثبت نسبه منه إلا إذا ادعاه وأقر بأنه ولده، بشرط أن لا يقول أنه من الزنا، لأنه إذا صرح بأنه من الزنا لا يثبت نسبه منه فى جميع المذاهب ومن هذا يعلم الجواب عن الأسئلة والله أعلم.
ے(7/161)
ما يبدأ به المسلم عند دخوله المسجد
المفتي
محمد خاطر.
ذو القعدة 1391 هجرية - 26 ديسمبر 1971م
المبادئ
يسن لداخل المسجد إذا كان فيه قوم جالسون ثلاث تحيات مترتبة أن يقول عند دخوله.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم يصلى ركعتين تحية للمسجد، ثم يسلم على القوم
السؤال
بالطلب المتضمن بيان ما هو المسنون لداخل المسجد، وهل يبدأ بصلاة تحية المسجد ثم يسلم على الحاضرين فيه بعد أداء التحية أم يبدأ أولا بالسلام على الحاضرين ثم يؤدى تحية المسجد بعد السلام
الجواب
جاء فى فقه الحنفية أنه يسن تحية المسجد بركعتين يصليهما فى غير وقت مكروه قبل الجلوس.
لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين) قالوا والمراد غير المسجد الحرام فإن تحية المسجد الحرام تكون بالطواف كما قالوا وأداء الفرض ينوب عنها، وكذا كل صلاة أداها عند الدخول بلا نية التحية.
وجاء فى كتاب زاد المعاد فى هدى خير العباد للأمام الجليل الحافظ أبى عبد الله محمد بن أبى بكر الشهير بابن القيم الجوزية بالجزء الثانى بالصحيفة رقم 65 ما نصه (ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدئ بركعتين تحية المسجد، ثم يجئ فيسلم على القوم فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله، فإن تلك حق الله تعالى والسلام على الخلق هو حق لهم، وحق الله فى مثل هذا أحق بالتقديم بخلاف الحقوق المالية فإن فيها نزعا معروفا، والفرق بينهما حاجة الآدمى وعدم اتساع الحق المالى لأداء الحقين بخلاف السلام - وكانت عادة القوم معه هكذا - يدخل أحدهم المسجد فيصلى ركعتين ثم يجئ فيسلم على النبى صلى الله عليه وسلم.
ولهذا جاء فى حديث رفاعة بن رافع أن (النبى صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس فى المسجد يوما.
قال رفاعة ونحن معه إذ جاءه رجل كالبدوى فصلى فأخف صلاته، ثم انصرف فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم صلاته ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه صلى الله عليه وسلم إلى ما بعد الصلاة - وعلى هذا فيسن لداخل المسجد إذا كان فيه قوم جالسون ثلاث تحيات مترتبة - أن يقول عند دخوله - بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ثم يصلى ركعتين تحية المسجد، ثم يسلم على القوم) من هذا كله يتبين فى المسألة موضوع الاستفتاء أنه يسن لداخل المسجد إذا كان فيه قوم جالسون ثلاث تحيات مترتبة أن يقول عند دخوله بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم يصلى ركعتين تحية المسجد، ثم يسلم على القوم.
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(7/162)
الاعتداء على المسجد الحرام
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
محرم 1400 هجرية - 26 نوفمبر 1979 م
المبادئ
1 - الأحاديث الشريفة دالة على حرمة المسجد الحرام، وحرمة القتال فيه، وحرمة مكة تبعا له.
2 - الفئة الباغية على حرم الله أيا كانت جنسيتها يجب قتالها.
3 - حماية المسجد الحرام واجب كل المسلمين، ويأثمون إن هم وقفوا متفرجين أو مترقبين
السؤال
عن الأنباء المؤسفة التى أذيعت صباح الأربعاء مطلع العام الهجرى الجديد 1400 هجرية وتناقلتها الصحافة عن اقتحام عدد من المسلحين المسجد الحرام بمكة عند صلاة فجر الثلاثاء، واحتجازهم عددا من المسلمين الموجودين بالحرم للصلاة، وأنهم ر وعُوا المصلين والطائفين وأفزعوهم عن الصلاة فى حرم الله الآمن
الجواب
إنه لأمر محزن حقا أن يحدث الاقتحام لحرم الله وللبلد الذى جعله الله آمنا.
ففى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم (إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فيها فقولوا له إن الله تعالى قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن فى ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس) وروى الطبرانى فى الأوسط بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الله حرم هذا البيت يوم خلق السموات والأرض وصاغه يوم صاغ الشمس والقمر وما حياله من السماء حرام وأنه لا يحل لأحد بعدى وإنما أحل لى ساعة من نهار ثم عاد كما كان) .
وروى ابن ماجه بسنده قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها فإذا ضيعوا ذلك هلكوا) وروى الطبرانى والبيهقى فى الشعب عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ستة لعنتهم - وكل نبى مجاب الدعوة - الزائد فى كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والتارك لسنتى، والمستحل من عترتى ما حرم الله، والمستحل لحرم الله) .
والأحاديث الشريفة فى هذا كثيرة كلها دالة على حرمة المسجد الحرام وحرمة القتال فيه وحرمة مكة تبعا له، وذلك كله جاء بيانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ورد فى القرآن الكريم من آيات عديدة تقضى بتحريم المسجد الحرام وجعله حرما آمنا للعاكف فيه والباد.
وبناء على ذلك فإن هذه الفئة الباغية على حرم الله أيا كانت جنسيتها، يجب أن تنال جزاء بغيها وعدوانها، فقد ارتكبت كبيرة الكبائر ودنست حرم الله الآمن، وروعت المصلين والطائفين والعاكفين، فوجب قتالها والقضاء عليها.
وإن مفتى جمهورية مصر العربية ليدعو كافة المسئولين المسلمين إلى الوقوف ضد هذه الفئة، ويدعو المسئولين فى مصر خاصة أن يواجهوا هذا البغى والعدوان على حرم الله بالحسم والقوة شأن مصر فى كل ما يهم المسلمين ترتفع دائما بمسئوليتها فوق الواقع.
وهذا هو ما يقضى به القرآن الكريم فى قوله تعالى {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز} الحج 40، قاتلوا هذه الفئة يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف سدور قوم مؤمنين، فإنها ممن جاء فى شأنها حكم الله فى قوله {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها} البقرة 114، إن حماية المسجد الحرام واجب كل المسلمين، وهم جميعا آثمون إن وقفوا متفرجين أو مترقبين، بل على المسئولين أيا كان موقعهم أن يمدوا يد العون والمشورة لمواجهة هذا التعدى على قبلة المسلمين.
والله المستعان فاستعينوا بالله واصبروا {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} النحل 128(7/163)
نزع الملكية لاقامة المساجد جائز لأولى الأمر
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1400 هجرية - 21 فبراير 1980 م
المبادئ
1 - الصلاة فى مسجد بنى على أرض منزوعة الملكية صحيحة، أما إذا كانت الأرض مغصوبة فتحرم الصلاة فيه وينقص بناؤه، إلا إذا أقر المالك المسجدية
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل يمتلك قطعة من الأرض، وقد قام أعضاء الاتحاد الاشتراكى بالاستيلاء عليها عنوة، وفى غيبة منه وأقاموا عليها مبانى ومن ضمن هذه المبانى زاوية للصلاة.
وطلب السائل الإفادة عن حكم الإسلام فى الصلاة التى تقام فى هذه الزاوية، وهل هى مقبولة من عدمه
الجواب
إنه إذا كان الاستيلاء على قطعة الأرض المسئول عنها قد تم بطريق نزع الملكية من الجهات ذات السلطة القانونية فى هذا لإقامة مرافق عامة عليها تلزم لمصالح المسلمين كالمسجد يكون الانتفاع بتلك المرافق مشروعا.
وتصبح الصلاة فى المسجد المقام على مثل هذه الأرض جائزة ومقبولة إن شاء الله.
ذلك لأن لولى لأمر تقديرا للمصلحة العامة إقامة المساجد ولو اقتضى ذلك نزع ملكية مالكها دون رضاه، وقد حدث هذا فى الصدر الأول للاسلام حيث أضيفت بعض المساكن المجاورة للمسجد النبوى إلى المسجد توسعة له بعد فدع قيمتها لما لكها.
وهذا ما يجب فى هذه الواقعة إن كانت على هذا المثال أما إذا كانت الأرض التى أقيم عليها هذا المسجد قد اغتصبت بمعنى أنه لم يصدر قرار من السلطة صاحبة الاختصاص بالاستيلاء عليها، وإنما أخذت بالرغم من مالكها، فإن المكان يصبح مسجدا بقول مالكه الذى أقامه جعلته مسجدا.
إذ لابد من الملكية الصحيحة لمكان المسجد وقت إقامته واتخاذه مسجدا.
ولقد نص الفقهاء على أنه لا يصح ولا ينعقد وقف الغاصب الأرض أو العقار الذى اغتصبه واتخذه مسجدا لانتفاء الملكية، وأنه لو استحق مكان المسجد المغصوب بأن اعتدى شخص على أرض وأقام عليها مسجدا ثم استحقت للغير نقضت المسجدية.
وقد نقل الإمام النووى فى المجموع شرح المهذب ص 164 بالجزء الثالث أن الصلاة فى الأرض المغصوبة حرام بالإجماع، وأن اختلاف الفقهاء إنما هو فى صحتها والثواب عليها، ونص ابن قدامة الحنبلى فى المغنى ج - 1 ص 726 على هذا الإجماع أيضا.
لما كان ذلك فإنه لإضفاء صفة المسجدية على مكان اتخذ مسجدا يتحتم أن يكون مملوكا لمن أقامه مسجدا.
أما إذا لم يكن ملكا له بأن كان قد اغتصبه حرمت الصلاة فيه ونقضت المسجديه، وللمالك الشرعى للمكان سواء أكان أرضا أو عقارا حيازته والتصرف فيه فى نطاق القانون وإذ كان ما تقدم ففى واقعة السؤال إذا ثبت أن هذا المسجد قد أقيم على أرض مملوكة لغير من أقامه واتخذه مسجدا ومازالت مغتصبة بمعنى أن مالكها الشرعى لم يقر قيام المسجد عليها، ولم يصدر من السلطة صاحبة الاختصاص فى الدولة قرار بنزع ملكيتها واتخاذها مسجدا يكون للمالك الحقيقى بالطرق القانونية إزالته، إذ ليست لهذا المكان حرمة المساجد فى الإسلام.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/164)
تبرع غير المسلم ومساهمته فى بناء المسجد جائز شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ذو الحجة 1400 هجرية - 12 أكتوبر 1980 م
المبادئ
يجوز للمسلمين المتواجدين فى أية جهة من العالم أن يتلقوا أى تبرعات لبناء المسجد، سواء من الحكومة أو من الأفراد دون نظر إلى ديانتهم لأن المساجد لله خالق الناس جميعا
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل وعددا من المسلمين يقيمون فى منطقة من مناطق نيوجرسى الأمريكية وهم يريدون إقامة مسجد يؤدون فيه شعائر دينهم.
فهل يجوز لهم شرعا أن يطلبوا من الكونجرس الأمريكى أن يعطى لهم مالا يقيمون به هذا المسجد، وهل إذا وافق الكونجرس على إعطائهم المال اللازم لإقامة المسجد، يجوز لهم إقامته بهذا المال وأداء الصلاة فيه
الجواب
إن البر والإحسان إلى الناس فى الإسلام والتعاون بينهم فى الطاعات وإقامة المصالح العامة كل ذلك جائز بين أهل الأديان المختلفة، لأنها جميعا قد أمرت بالتراحم والتواصل والتعاون على البر، وقد ضرب الإسلام المثل الأعلى بالبر بغير المسلمين، فقد روى ابن أبى شيبه (مصنف ابن أبى شيبة ج - 4 ص 4) عن جابر بن زيد أنه سئل عن الصدقة فيمن توضع.
فقال فى أهل ملتكم من المسلمين وأهل ذمتهم، وقال (وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فى أهل الذمة من الصدقة والخمس) .
ولقد أباح الله سبحانه فى القرآن الكريم تناول طعام أهل الكتاب وتزوج نسائهم فى قوله تعالى {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان} المائدة 5، توجهنا الآية الكريمة إلى حل التعامل مع أهل الكتاب (اليهود والنصارى) وتبادل المنافع معهم وإباحة طعامهم ضيافة وشراء والتزوج من نسائهم.
هذا وليست مساهمة غير المسلمين فى إقامة المساجد بالمال بأعلى شأنا من هذه المباحات فى التعامل بنص القرآن الكريم مع غير المسلمين.
ثم إن (كتاب الأموال لأبى عبيد ص 46) عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه وهو من خلفاء المسلمين العلماء العاملين كتب إلى عامله على البصرة كتابا ومما جاء فيه (وانظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه وضعفت قوته وخلت عنه المكاسب، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه) - ومعناه اجعل لمن هذا حاله راتبا دوريا ولا تدعه حتى يطلب بنفسه.
وبهذا الأساس قال فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد بن حنبل رحمهم الله بجواز الهبة والوصية من غير المسلم للمسلم.
باعتبارها من عقود التبرعات والصلات التى تجوز بين أهل الأديان مادامت لغير معصية.
ولقد نص الفقه الشافعى (حواشى تحفة المحتاج شرح المنهاج ص 5، وحاشية البحيرمى أيضا على منهج الطلاب ج - 3 ص 268، وحاشية البحيرمى أيضا على شرح الخطيب ج - 3 ص 293) صراحة على جواز وصية غير المسلم ببناء مسجد للمسلمين، ولما كانت الوصية من عقود التبرعات، وكانت جائزة من غير المسلم ببناء مسجد للمسلمين، كان التبرع من غير المسلم فورا ببناء المسجد أو المساهمة فى بنائه جائزا.
لما كان ذلك كان جائزا شرعا للمسلمين المتواجدين فى ولاية نيوجرسى الأمريكية أو أية جهة من العالم أن يتلقوا أى تبرعات لبناء المسجد سواء من الحكومة أو من الأفراد دون نظر إلى ديانتهم لأن المساجد لله خالق الناس جميعا.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/165)
جواز هدم المسجد الآيل للسقوط واعادة بنائه
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
جمادى الأولى 1401 هجرية - 1 أبريل 1981 م
المبادئ
1 - إذا كان للمسجد أرض فضاء تابعة له جاز إقامة عمارة عليها.
وتستغل لمصلحة المسجد وفقراء المسلمين بإذن من القاضى كما يجوز هدم المسجد المتخرب اعتبارا وبيع أنقاضه وإدخال ثمنها فى بنائه الجديد
السؤال
بكتاب السيد رئيس هيئة التولية على الأوقاف الإسلامية بمدينة حيفا المحرر فى 20 ربيع الآخر سنة 1401 هجرية - 24 فبراير سنة 1981 المقيد برقم 74 لسنة 1981 وقد جاء به لدينا مسجد قديم جدا فى مدينة حيفا اسمه - الجامع الكبير - وأصل هذا الجامع فى سابق العهود كنيسة مسيحية، وبعد الفتح الإسلامى وسكنى المسلمين المدينة، حولوا تلك الكنيسة إلى مسجد وأن الساحات الخارجية هذا المسجد تبلغ أربعة أضعاف مساحة حرم الصلاة نفسه، وأن هذه الساحات غير مستعملة، وقد كان يستعملها المسلمون للصلاة فى الأعياد أيام الانتداب البريطانى ويم كان المسلمون أغلبية السكان.
وأن مبنى هذا المسجد آيل للسقوط، وخطر على حياة المصلين والمارة ومن المتعذر ترميمه نظرا لقدم وتلف مبناه، وأنه بعيد عن التجمع الإسلامى ولا يؤمه اليوم إلا ما ندر، حيث يوجد لدينا مسجد آخر، لا يبعد عن المسجد القديم أكثر من مائة وخمسين مترا، وأنه مسجد ممتاز وعلى آخر طراز فى الترتيب والنظافة والفرش والملحقات، ويؤمه المسلمون يوميا وفيه تؤدى صلاة الجمعة والجماعة والأعياد وكافة فرائض المسلمين واحتفالاتهم الدينية، وبجانبه مكاتب الوقف والمحكمة الشرعية بالمدينة.
ويعتبر المركز الإسلامى الوحيد من نوعه فى البلاد.
والسؤال هل يجوز شرعا هدم هذا المسجد القديم، وبناء مسجد حديث على قسم من الأرض التابعة له وأرضه الحالية، واستغلال باقى الأرض لبناء عمارة متعددة الطوابق، ينتفع من تأجيرها بما يعود بالخط والمنفعة على الوقف والمسلمين هذا مع العلم بأن المجسد القديم الحالى موجود فى منطقة تجارية وبين عمارات شامخة متعددة الطوابق، مما يتعذر رؤيته من بعيد من بين هذه المبانى
الجواب
إن الله سبحانه قال فى القرآن الكريم {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} التوبة 18، وقال تعالى {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز} الحج 40، وقال جل ثناؤه {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} الجن 18، ولقد نص الفقهاء على جواز بناء المسجد فى أى موضع كان، كنيسة أو نحوها، للأحاديث الصحيحة فى ذلك - منها حديث عثمان بن أبى العاص (رواه ابن ماجة وأبو داود - مختصر سنن أبى داود ص 256 ج - 1) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد أهل الطائف حيث كانت طواغيتهم.
ولأهمية المساجد فى الإسلام عنى الفقهاء ببيان أحكامها وتعميرهما وحثوا على المحافظة عليها، وجرت أوقاف السلف الصالح من المسلمين للإنفاق عليها، حتى لا يسعى الخراب إليها وتندثر وتتعطل الشعائر، وفى سبيل المحافظة على المساجد والقيام على عمارتها نص الفقه الشافعى على أنه (اعلام المساجد فى أحكام المساجد للزركشى الشافعى ص 345 طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية) إذا تعطل المسجد بتفرق الناس عن البلد أو خرابها أو بخراب المسجد، فلا يعود مملوكا خلافا لمحمد بن الحسن ولا يجوز بيعه بحال ولا التصرف فيه.
وقد جرى الفقه المالكى (التاج والأكليل على مختصر خليل ج - 6 ص 41 وما بعدها) على مثل هذا، غير أنه أجاز فى المسجد إذا تخرب وخيف على أنقاضه من الفساد ولم ترج عمارته، لا بأس ببيعها أعين بثمنها فى مسجد فى مسجد آخر.
أجاز فقه الإمام أحمد (المغنى لابن قدامة ج - 6 ص 237 مع الشرح الكبير على متن المقنع) بيع المسجد إذا صار غير صالح للغاية المقصود منه، كأن ضاق على أهله، ولم يمكن توسيعه حتى يسعهم، أو خربت الناحية التى فيها المسجد وصار غير مفيد، ويصرف ثمنه فى إنشاء مسجد آخر يحتاج إليه فى مكانه.
وفى الفقه الحنفى أن المسجد إذا خرب ولم يكن له ما يعمر به، وقد استغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر، أو خرب ما حوله واستغنى عنه يبقى مسجدا أبدا إلى قيام الساعة عنه أبى حنيفة وأبى يوسف، ويعود إلى ملك البانى عند محمد ونصوا على أنه إذا أراد أهل محلة نقض المسجد وبناءه أحكم من الأول، إن كان من يريد إعادة البناء من أهل المحلة كان لهم ذلك وإلا لم يجز.
كما نصوا على أنه لقيم المسجد أن يؤجر فناءه للتجار لصالح المسجد، وتصر الأجرة على مصالح المسجد وللفقراء من المسلمين، وذلك بإذن من القاضى (كتاب الهداية وفتح القدير ج - 5 ص 56، والفتاوى الخانية ج - 3 الصفحات 293 و 311 و 314 و 315 و 329، والبحر الرائق لابن نجيم ج - 5 فى أحكام المسجد ص 248 - 256، وحاشية رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار ج - 3 ص 572 وما بعدها فى كتاب الوقف) وقد تحدث الفقهاء عن حرم المسجد أى الأرض التى حوله التابعة له، وسموها رحاب المسجد أو أفنيته الخارجة عنه، فأعطاها بعضهم حكم مسجد آخر، وأتبعها آخرون لذات المسجد الذى تحيط به، وعرفها بعضهم بأنها ما كان محجرا على المسجد ومضافا إليه (البحر الرائق لابن نجيم الحنفى فى الموضع السابق وأعلام المساجد بأحكام المساجد للزركشى الشافعى ص 346 ط.
المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة سنة 1385 هجرية) لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن المسجد المسئول عنه قديم منذ دخل الإسلام مدينة حيفا، وأنه آيل للسقوط، وخطر على حياة المصلين والمارة ويتعذر ترميمه.
إذا كان هذا واقعا اعتبر هذا المسجد متخربا، وجاز هدم بنائه وبيع أنقاضه وإدخال ثمنها فى بنائه الجديد نزولا على أقوال فقهاء المذهب الحنفى وبعض فقهاء المذهب المالكى والمذهب الشافعى ومذهب أحمد بن حنبل، وإعادة بنائه فى ذات مكانه، إذ لا تزول صفة المسجدية عن أرض المسجد بتخربه فى قول فقهاء المذاهب جميعها على نحو ما سبقت الإشارة إليه، وإذا كانت الساحة المحيطة بالمسجد، وهى ما عبر عنه فقهاء الإسلام بحريم المسجد أو بفنائه، ولم تكن تلك الساحة معدة للصلاة، جاز إدخال بعضها فى المسجد المزمع إقامته حتى يتسع لصلاة جمع من المسلمين فى الجمع والأعياد.
وجاز كذلك إقامة بناء عمارة متعددة الطوابق، تستغل لصالح الوقف والمسجد وفقراء المسلمين، وهذا أخذا بما نص عليه فقهاء المذهب الحنفى من جواز إجازة فناء المسجد للتجار وإنفاق هذه الأجرة على مصالح المسجد وفقراء المسلمين.
وهذا مع وجوب مراعاة ألا تؤجر هذه العمارة بعد بنائها أو يؤجر جزء منها للاستعمال فى أمور محرمة شرعا، صيانة لحرمة المسجد وأوقافه من مجاورة المحرم أو الإنفاق على مصالحه وعلى جهة الوقف والفقراء من مال حرام.
هذا ويجب على هيئة التولية على الأوقاف الإسلامية لمدينة حيفا عرض هذا الأمر على المحكمة الشرعية للنظر فى تطبيق الأحكام التى انتهت إليها هذه الفتوى إذا كانت لها الصلاحية فى أمور الأوقاف، وإلا كان للهيئة النظر فى تطبيقها.
حتى يكون الجميع فى نطاق قول الله سبحانه {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} التوبة 18، والله سبحانه وتعالى أعلم(7/166)
المسجد القديم المبنى باللبن يأخذ حكم المتخرب
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
23 ذو القعدة 1401 هجرية - 26 سبتمبر 1981 م
المبادئ
1 - المسجد القديم الذى لا يتناسب مع مكانة بيوت الله ولا مع ارتقاء فن العمارة وازدهاره، يأخذ حكم المسجد المتخرب الآيل للسقوط.
2 - يجوز هدم هذا المسجد وبيع أنقاضه للاستعانة بثمنها فى إقامة المسجد الجديد، بل إنه إذا احتيج إلى بيع أرض المسجد القديم لإتمام المسجد الجديد جاز ذلك، وهذا إذا لم يمكن تجديد ذات المسجد فى مكانه
السؤال
بالطلب المتضمن أن والد السائل قد بنى مسجدا بالطوب اللبن من مدة طويلة، وهذا المسجد مسقوف بالخشب وأن السائل يقوم الآن ببناء مسجد بالطوب الحرارى وله دورة مياه وأنه فى احتياج لسقف المسجد القديم لمساعدته على إتمام بناء المسجد الجديد.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هدم المسجد القديم والاستعانة بخشب سقفه وأنقاضه فى بناء المسجد الجديد - وهل يجوز ذلك شرعا أم لا
الجواب
فى القرآن الكريم قول الله سبحانه وتعالى 1 - {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} التوبة 18، وقوله تعالى 2 - {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز} الحج 40، وقوله جل ثناؤه 3 - {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} الجن 18، ولأهمية المساجد فى الإسلام عنى الفقهاء ببيان أحكامها وتعميرها وحثوا على المحافظة عليها، وجرت أوقاف السلف الصالح من المسلمين للإنفاق عليها حتى لا يسعى الخراب إليها وتندثر فتتعطل الشعائر وفى سبيل المحافظة على المساجد والقيام على عمارتها نص (أعلام المساجد فى أحكام المساجد للزركشى الشافعى ص 345 ط.
المجلس الأعلى للشئون الإسلامية) الفقه الشافعى على أنه (إذا تعطل المسجد بتفرق الناس عن البلد وخرابها أو بخراب المسجد فلا يعود مملوكا خلافا لمحمد بن الحسن ولا يجوز بيعه بحال ولا التصرف فيه) .
وقد جرى الفقه المالكى (التاج والكليل على مختصر خليل ج - 6 ص 41 وما بعدها) على مثل هذا.
غير أنه أجاز فى المسجد إذا تخرب وخيف على أنقاضه من الفساد ولم ترج عمارته لا بأس ببيعها وأعين بثمنها فى مسجد آخر.
وأجاز فقه الإمام أحمد (المغنى لابن قدامة ج - 6 ص 237 مع الشرح الكبير على متن المقنع) بيعه المسجد إذا صار غير صالح للغاية المقصودة منه، كان ضاق على أهله ولم يمكن توسيعه حتى يسعهم، أو خربت الناحية التى فيها المسجد وصار غير مفيد، ويصرف ثمنه فى مسجد آخر يحتاج إليه فى مكانه.
وفى الفقه الحنفى أن المسجد إذا خرب ولم يكن له ما يعمر به، وقد استغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر، وخرب ما حوله واستغنى عنه يبقى مسجدا أبدا إلى قيام الساعة عند أبى حنيفة وأبى يوسف، ويعود إلى ملك البانى عند محمد - ونصوا على أنه إذا أراد أهل محلة نقض المسجد أى هدمه وبناءه أحكم من الأول، إن كان من يريد إعادة البناء من أهل المحلة كان لهم ذلك وإلا لم يجز.
لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن المسجد المسئول عنه قديم وأن بقاءه على حاله التى بنى عليها لا يتناسب مع مكانة بيوت الله ولا مع ارتقاء فن العمارة وازدهاره، ومن ثم يأخذ هذا المسجد حكم المسجد المتخرب الآيل للسقوط، ويجوز عدمه وبيع أنقاضه للاستعانة بثمنها فى إقامة المسجد الجديد، وذلك ابتاعا لأقوال فقهاء المذهب الحنفى وبعض فقهاء المذهب المالكى والمذهب الشافعى ومذهب أحمد بن حنبل.
بل إنه إذا احتيج إلى بيع أرض المسجد القديم لإتمام المسجد الجديد جاز ذلك أيضا اتباعا لقول الإمام محمد بن الحسن من أصحاب الإمام أبى حنيفة فى تخرب المسجد.
وهذا إذا لم يمكن تجديد ذات المسجد فى مكانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/167)
كفالة
المفتي
محمد عبده.
صفر 1320 هجرية
المبادئ
الكفالة بنفقة الزوجة جائزة شرعا مادامت الزوجية
السؤال
رجل تزوج بامرأة وقد ضمن لها أبوه نفقتها وكفلها له بالكتابة لها بذلك، وقد دخل بها الزوج ثم امتنع من الإنفاق عليها لفقره.
فهل يكون ذلك الأب ملزما بتلك النفقة معاملة له بكفالته وضمانته
الجواب
المصرح به فى كتب المذهب.
أنه لو كفل لها رجل بالنفقة أبدا مادامت الزوجية جاز، بناء على أن صحة الكفالة بها مستثناة من شرط كون المكفول به دينا صحيحا.
وقالوا إن ذلك كقوله لامرأة الغير كفلت لك بالنفقة أبدا فإنه تلزمه النفقة أبدا ما دامت فى نكاحه.
كما فى رد المحتار وغيره. ومن هذا يتبين أن ذلك الأب تلزمه نفقة زوجة ابنه المذكورة مادامت الزوجية فإن، مثل هذه الكفالة لا يراد بها إلا التأبيد والله أعلم(7/168)
كفالة مؤقتة
المفتي
بكرى الصدفى.
ذى الحجة 1329 هجرية
المبادئ
1 - تأقيت الكفالة بوقت معلوم أو مجهول وكانت الجهالة يسيرة غير مانع من صحة الكفالة.
2 - إذا كانت الجهالة فاحشة فإنها تبطل الكفالة حيث يبطل الأجل ويلزم تسليم النفس فورا
السؤال
تعهد شخص على أن يصرف على زوجة ابنه مادام تلميذا بالمدرسة ومراده ما دامت مدة الدراسة باقية.
والآن مضت مدة التلمذة المعلومة عرفا لأن سنة خمسة وعشرون عاما وخرج الولد من المدرسة.
فهل بخروجه من المدرسة للزوجة أن تطالب والده بالنفقة المتعهد بها أم لا
الجواب
فى رد المحتار من مبحث تأجيل الكفالة إلى أجل مجهول ما نصه.
وإن كان (أى الأجل) مجهولا جهالة غير متفاحشة مثل إلى الحصاد أو الدياس أو المهرجان أو العطاء أو صوم النصارى جازت الكفالة والتأجيل وكذلك الحوالة، ومثله إلى أن يقدم المكفول به من سفره - انتهى - وفى شرح الدر فى بيان صيغ الكفالة ما نصه - وكذا قول الرجل لامرأة الغير كفلت لك بالنفقة أبدا ما دامت الزوجية - خانبه فليحفظ انتهى - وكتب محتسبه فى رد المحتار ما نصه - ولو قال لها ما دمت فى نكاحه فنفقتك على فإن مات أحدهما أو زال النكاح لا تبقى النفقة انتهى - وفى التبيين ما نصه ويجوز تأجيلها (أى الكفالة) إلى أجل معلوم، والجهالة اليسيرة فيها محتملة كالتأجيل إلى القطاف وقدوم الحاج، ولا يجوز إلى هبوب الريح أو نزول المطر فإن أجله إليه بطل الأجل ولزمه تسليم النفس حالا انتهى إذا علمت ذلك فاعلم أن التعهد المذكور من باب الكفالة إلى أجل معلوم عرفا أو مجهول جهالة يسيرة.
فإذا خرج الولد البالغ المذكور من المدرسة لمضى مدة التلمذة فلا يطالب أبوه بنفقة زوجته.
هذا ما ظهر لى فى جواب هذا السؤال والحال ما ذكر به والله تعالى أعلم(7/169)
ضمان الآمر
المفتي
محمد بخيت.
28 ابريل 1919م
المبادئ
إذا أمر البالغ العاقل صبيا بفعل شىء ففعله فلحقه غرم كان لولى الصبى الرجوع على الآمر لأن ضمان ذلك على الآمر
السؤال
أمر زيد العاقل الراشد عمروا المراهق بركوب الفرس المربوطة لبكر بدون إذنه لإخراج الدواب من الحاورس المزروع فركب الفرس المذكورة وماتت قبل الوصول للمحل الذى كانت فيه مربوطة.
هل الضمان على الآمر أم على المأمور المراهق
الجواب
نفيد أنه قال فى كتاب جامع أحكام الصغار بهامش جامع الفصولين بصحيفة 156 جزء أول ما نصه (وفى جنايات فتاوى قاضيخان قبيل فصل إتلاف الجنين ولو أمر صبيا بشىء فلحقه غرم كان لولى الصبى أن يرجع على الآمر.
وبمراجعة فتاوى قاضيخان من ذلك الموضع وجد كذلك بالجزء الثالث منها بهامش صحيفة 446 من الفتاوى الهندية جزء ثالث.
ومن ذلك يعلم أن عمروا المراهق متى كان قاصرا عن درجة البلوغ وأمره زيد العاقل البالغ بركوب فرس بكر بغير إذنه لإخراج الدواب على وجه ما جاء بالسؤال كان عمرو القاصر مأمورا من قبل زيد البالغ بغصب فرس بكر، وقد هلكت الفرس قبل ردها لمالكها بكر فيجب الضمان على زيد الآمر عملا بالنص المذكور ولو استوفى بكر ضمان الفرس من مال عمرو المراهق كان لولى عمرو أن يرجع على زيد الآمر بما ذكر والله تعالى أعلم(7/170)
كفالة الأخرس
المفتي
عبد المجيد سليم.
رمضان 1355 هجرية
المبادئ
الإشارة المعهودة معتبرة شرعا إذا كان الشخص من الصم البكم أصلا وهى كالنطق باللسان فى الأحكام، أما إذا كان الصمم والبكم طارئا فعلى القول المفتى به تكون الإشارة معتبرة شرعا إن كانت الإشارة معهودة وامتد الصمم والبكم به إلى وفاته
السؤال
ما حكم الشريعة الإسلامية فى امرأة أمية من أوساط الفلاحين بالغة تميز بالإشارة ما تفهمه من ظواهر الأمور العادية وهى صماء بكماء وقعت على صك يتضمن دينا جسيما على أمها بأنها ضامنة لها على وجه التضامن وذكر فى صك الدين أن هذه المرأة أفهمها زوجها بالإشارة موضوع العقد - فهل تصح كفالتها شرعا وهل يمكن أن يصح عقد الكفالة بالتضامن بالإشارات
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه قد جاء فى الأشباه عند الكلام على أحكام الإشارة ما نصه الإشارة من الأخرس معتبرة وقائمة مقام العبارة فى كل شىء من بيع وإجارة وهبة ورهن ونكاح وطلاق وعتاق وإبراء وإقرار وقصاص إلا فى الحدود ولو حد قذف ثم جاء فيه بعد كلام لا حاجة لذكره ما نصه ولا بد فى إشارة الأخرس من أن تكون معهودة، وإلا لا تعتبر، وفى فتح القدير من الطلاق ولا يخفى أن المراد من الإشارة التى يقع بها طلاقه - الإشارة المقرونة بتصويب منه.
لأن العادة منه ذلك فكان بيانا لما أجمله الأخرس.
وأما إشارة غير الأخرس فإن كان معتقل اللسان ففيه اختلاف.
والفتوى على أنه إن دامت العقلة إلى الموت يجوز إقراره بالإشارة والإشهاد عليه.
ومنهم من قدر الامتداد بسنة وهو ضعيف، وإن لم يكن معتقل اللسان لم تعتبر إشارته مطلقا انتهت عبارة الأشباه.
وجاء فى الزيلعى من مسائل شتى فى آخر الكتاب ما نصه وإذا كان إيماء الأخرس وكتابته كالبيان وهو النطق باللسان تلزمه الأحكام بالإشارة والكتابة، حتى يجوز نكاحه وطلاقه وعتاقه وبيعه وشراؤه إلى غير ذلك من الأحكام انتهى - ومن هذا يعلم أن المرأة المذكورة إذا كان ما بها من الصمم والبكم أصليا وكفلت عن أمها بالإشارة المعهودة التى يتبين مرادها كانت كفالتها معتبرة شرعا أما إذا كان ما بها من الصمم والبكم طارئا، فعلى القول المفتى به تكون كفالتها معتبرة شرعا إن كانت إشارتها معهودة وامتد الصمم والبكم بها إلى وفاتها، وإلا فلا تكون كفالتها معتبرة شرعا.
هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(7/171)
التلفيق فى العبادة
المفتي
محمد بخيت.
ربيع الأول 1338 هجرية 26 نوفمبر 1919م
المبادئ
1- يجوز التلفيق بأن يؤخذ برأى فى مذهب مجتهد وبآخر فى مذهب مجتهد آخر متى لم يكن هذا التلفيق خارقا للإجماع.
2- إذا كان التلفيق خارقا للإجماع ولا يكمن لمجتهد آخر على فرض وجوده أن يقول به فالتلفيق باطل بالإجماع
السؤال
من عبد الحفيظ إبراهيم فى حاشية العلامة السفطى المالكى على الشرح المسمى بالجواهر الزكية على ألفاظ العشماوية للشيخ أحمد بن تركى المالكى فى باب فرائض الوضوء ما نصه (واعلم أنهم ذكروا للتقليد شروطا) إلى أن حال (الثالث أنه لا يلفق فى العبادة أما إن لفق كأن ترك المالكى الدلك مقلدا لمذهب الشافعى ولا يبسمل مقلدا لمذهب مالك فلا يجوز لأن الصلاة حينئذ يمنعها مالك لفقد الدلك) ثم قال بعد ذلك (وما ذكروه من اشتراط عدم التلفيق رده سيدى محمد الصغير وقال المعتمد أنه لا يشترط ذلك وحينئذ فيجوز مسح بعض الرأس على مذهب الشافعى وفعل الصلاة على مذهب المالكية) وكذا الصورة المتقدمة ونحوها وهو سعة ودين الله يسر.
فهل لو اغتسل غسلا واجبا أو توضأ وضوءا واجبا من ماء قليل مستعمل فى رفع حدث مقلدا لمذهب مالك وترك الدلك مقلدا لمذهب الشافعى يكون غسله أو وضوؤه صحيحا مثل الصورتين المتقدمتين أولا.
أو هناك فرق وهل يجوز التلفيق فى قضية واحدة بين مذهبين فى غسل واجب أو وضوء واجب أم لا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن العلماء قد اختلفوا فى التلفيق وهو ما إذا قلد الشافعى مثلا فى عدم فرضية للأعضاء المغسولة فى الوضوء أو الغسل، وقلد مالكا مثلا فى عدم نقض الوضوء باللمس بلا شهوة وصل فإن صلاته باطلة فى المذهبين.
أما عند مالك فلترك الدلك فى الوضوء وأما عند الشافعى فلنقض الوضوء باللمس مطلقا.
ففريق ذهب إلى صحة التقليد مطلقا ولو فى مثل هذه الصورة الملفقة من مذهبين على الوجه المذكور وإلى ذلك ذهب الكمال بن الهمام فى التحرير، حيث صرح بجواز التقليد مطلقا، وقال وقيده متأخر بأن لا يترتب عليه ما يمنعانه، قال شارحه ابن أمير حاج وقيده - أى جواز تقليد غير مقلده - متأخر، وهو العلامة القرافى بأن لا يترتب عليه - أى تقليد الغير - ما يمنعانه بإيقاع على وجه يحكم ببطلانه المجتهدان معا لمخالفة الأول فيما قله فيه غيره، والثانى فى شىء مما توقف عليه صحة ذلك العمل عنده.
وأيد ذلك الشيخ عبد العظيم محمد المكى فى رسالته فى التقليد حيث قال ما نصه (قد استفاض عند فضلاء العصر منع التلفيق فى التقليد، وذلك بأن يعمل مثلا فى بعض أعمال الطهارة والصلاة أو أحدهما بمذهب إمام، وفى البعض بمذهب إمام آخر، ولم أجد على امتناع ذلك برهانا بل قد أشار إلى منعه المحقق فى التحرير وأنه لم يدر ما يمنع منه.
ونقل منع التلفيق عن بعض المتأخرين.
قال شارح تحريره العلامة ابن أمير حاج وهو أى القائل بالمنع العلامة القرافى انتهى قلت والقرافى رجل من فضلاء الأصوليين من المالكية ولا علينا أن لا نأخذ بقوله.
، وقد صرح الأصوليين من المالكية ولا علينا أن لا نأخذ بقوله.
وقد صرح الأصوليون بأن المجتهدين إذا اختلفوا على قولين لا ثالث لهما جاز الاجتهاد باحداث قول ثالث إن كان مفصلا وقال أيضا فى رسالته المذكورة كما لو حصل التلفيق بالاجتهاد وحكمنا بالصحة فكذلك إذا حصل التلفيق بالتقليد حكمنا بالصحة لأن الاجتهاد أصل فى العمل والتقليد فرع لأن التكليف فى الأصل إنما هو بالاجتهاد عند عدم النص.
فإذا عجز عن الاجتهاد نزل إلى التقليد، ففى كل موضع قلنا بالصحة مع الاجتهاد، نقول بها مع التقليد عند العجز عنه من غير زيادة أمر آخر، وما زاد على ذلك فهو قول مخترع لا يقوم له دليل مرض ولا تنهض به حجة، وما يزعمه من منع من التلفيق من أن كلا من المجتهدين اللذين قلدهما مثلا يقول ببطلان صلاته الملفقة مثلا لو سئل عنها بانفراده، فمغالطة مدفوعة بما إجماله إنه إنما يقول له باطلة إن كنت أخذت فى ذلك الأمر الذى حكمت أنا ببطلانها من أجله بمذهبى وأما إن كنت قلدت فيه غيرى فلا أحكم ببطلانها حينئذ فى حقك إذا كنت متمسكا بقول مجتهد، وكذلك يقول له الآخر فى الأمر الآخر فبطل قولهم فى إطلاق منع التلفيق أن كلا من المجتهدين حاكم ببطلان صلاته مثلا بل يقيد الحكم من كل مجتهد منهما ببطلانها بما إذا كان متمسكا فيها بمذهبه فيما يرى ذلك المجتهد بطلانها فعله أو تركه لا إن قلد غيره فيه فافهم، فيه تندفع تلك المغالطة التى حكم فيها من حكم بمنع التلفيق بسببه.
فإن قلت لا، بل المجتهد يطلق القول ببطلانها على أريه فنقول لا يضر هذا الابطال بمن قلد مجتهدا غيره فى ذلك الأمر الذى أبطلها بسببه فسلمت له صلاته بتقليده فى كل أمر من أمورها مجتهدا يرى صحة ذلك الأمر.
فصار حكم المجتهد المبطل لها معروفا عنه بتقليده من يرى الصحة بذلك الأمر.
وبذلك ينصرف عنه حكم كل من المجتهدين ببطلانها. وقال أيضا إذا قلد المكلف أبا حنيفة رضى الله عنه فى أن المس غير ناقض، وقلد الشافعى رضى الله عنه فى الاكتفاء بمسح بعض قليل من الرأس لا يبلغ الربع أو ثلاثة قراريط وصلى جازت صلاته.
وأن ما قيل من عدم جوازها بناء على أن أبا حنيفة يرى عدم صحتها لعدم مسح القدر المفروض عنده، والشافعى يرى عدم صحتها لوجود المس فهى غير جائزة عندهما، فهو مغالطة وإطلاق فى محل التقييد بل الحكم ببطلانها عند كل منهما بما إذا كان آخرا فى ذلك الأمر الذى حكم من حكم ببطلانها بسببه بمذهب المبطل، كما تقدم بيانه قريبا إلى أن قال وكذلك مسألة النكاح فإنه لا يصح بعبارة النساء عند الشافعى ويصح عنده الحكم على الغائب، وعندنا الحكم بالعكس فى المسألتين فإذا حكم بصحته بعد وقوعه بعبارة النساء وبصحة الحكم على الغائب فقد لفق وقد حكموا بصحة هذا الحكم الملفق من مذهبين.
ونقل العلامة الطرسوسى عن منية المفتى جواز الواقعة المركبة من مذهبين وقال وقد نص فيها على الجواز وصورة ما ذكره.
قال لو قضى بشهادة الفساق على غائب أو بشهادة رجل وامرأتين فى النكاح على غائب فإنه ينفذ، وإن كان من يجوز القضاء على الغائب يقول ليس للفاسق شهادة ولا للنساء فى باب النكاح شهادة هذه عبارة المنية فقد جعل الحكم وإن كان مركبا من مذهبين جائزا.
وذهب فريق آخر إلى عدم جواز التقليد فى صورة التلفيق المذكورة وأيده العلامة قاسم فى ديباجة تصحيح القدورى حيث قال ما نصه.
لا يصح التقليد فى شىء مركب باجتهادين مختلفين بالإجماع، كما إذا توضأ ومسح بعض الرأس ثم صلى بنجاسة الكلب قال فى كتاب توقيف الحكام على غوامض الأحكام بطلت بالإجماع.
وانتصر له العلامة الشرنبلانى فى رسالته المسماة بالعقد الفريد فى بيان الراجح من الخلاف فى التقليد.
وأقول إن القائل بصحة التقليد مع التلفيق يقول بصحة الصلاة الملفقة من مذهبين، والقائل بعدم جواز التقليد مع التلفيق يقول ببطلانها حيث بطلت فى المذهبين.
فالأول يدعى صحة الصلاة الملفقة مثلا والثانى يدعى بطلانها وكل يطالب بالدليل، فليس أحدهما مثبتا والآخر نافيا، وعلى ذلك نقول بما لا شبهة فيه إن العلماء قد أجمعوا على صحة تقليد العامى للمجتهد الذى توفرت فيه شروط الاجتهاد.
ولم يقيدوا ذلك بعد التلفيق فالأصل بمقتضى هذا الإطلاق هو الصحة، وإطلاقهم حجة بلا شبهة.
فمن ادعى البطلان وأن ذلك مقيد بعدم التلفيق فعليه البرهان.
وأيضا قول من قال إن من خالف كل واحد من المجتهدين اللذين قلدهما فى شىء واحد يستلزم وجود حقيقة لا يقول بها كل من المجتهدين، وذلك لأن كل واحد من المجتهدين لا يجد فى صورة التلفيق جميع ما شرطه فى صحتها، بل يجد بعضها دون بعض غير مسلم، لأنا نقول إذا خالف المقلد مذهب أحد المجتهدين فى جميع ما شرطه ووافق مذهب مجتهد آخر حكمنا بصحة صلاته.
ومما لا شك فيه أن المخالفة فى بعض الشروط فى صورة التلفيق أهون من المخالفة فى الجميع، فلزم الحكم بالصحة فى الأهون بالطريقة الأولى.
ولذلك قال السيد بادشاه بعد ذكر ما تقدم ومن يدعى وجود فارق أو دليل على بطلان صورة التلفيق فعليه البرهان.
فإن قيل لا نسلم كون المخالفة فى البعض أهون من المخالفة فى الكل، لأن المخالف فى الكل متبع مجتهدا واحدا فى جميع ما يتوقف عليه صحة العمل، وما هنا لم يتبع واحدا.
قلت هذا إنما يتم إذا كان معك دليل من نص أو إجماع أو قياس قوى يدل على أن العمل إذا كان له شروط يجب على المقلد اتباع مجتهد واحد فى جميع ما يتوقف عليه ذلك فأت به إن كنت من الصادقين.
وأما ما قاله الشرنبلالى ردا على السيد بادشاه من أن السيد رحمه الله يدعى التلفيق وغيره ينفيه والثانى لا يحتاج إلى دليل لأنه يهدم دليل المدعى حتى يقيم البرهان الجلى، ولابد من وجوده فالمطلوب إثبات دليل لجواز التلفيق ولم نجده فى كلام السيد، فغير مسلم، لما قدمناه من الإجمالى على صحة تقليد العامى للمجتهد مطلقا ولأن مسألة التقليد مع التلفيق مبنية على مسألة الاجتهاد بإحداث قول ثالث بعد انحصار الخلاف فى مسألة فى قولين.
ففى كل موضع جاز الاجتهاد وإحداث قول ثالث جاز التقليد مع التلفيق.
والصحيح جواز الاجتهاد وإحداث قول ثالث مفصل بين القولين بأن يأخذ بقول أحد المجتهدين فى حادثة وبقول الآخر فى حادثة أخرى إذا لم يخرق إحداث هذا القول الثالث إجماع من قبله ومما لا شك فيه أن من قلد الشافعى فى مسح بعض الرأس وقلد مالكا فى عدم نقض الوضوء باللمس بلا شهوة غاية ما لزم من هذا التلفيق أن هذين المجتهدين لا يقولان بصحة هذه الصلاة مثلا.
أما ملك فيقول بعدم صحة هذه الصلاة لعدم مسح جميع الرأس.
وأما الشافعى فيقول بعدم صحة هذه الصلاة لوجود المس.
ولكن لا يلزم من عدم قولهما بذلك بفرض تسليم عدم القول بصحتها من مجتهد آخر لجواز أن يوجد مجتهد توفرت فيه شروط الاجتهاد يقول بعدم نقض المس وبالاكتفاء بمسح البعض كأبى حنيفة مثلا.
فلا تلفيق بين مذهبين، وإنما قلد المقلد مجتهدا آخر يقول بصحة هذه الصلاة المركبة من مذهبى مالك والشافعى، فدعوى بطلان التلفيق مطلقا بالاجماع غير مسلم.
وإنما يبطل التلفيق إذا كان العمل الملفق باطلا باجماع المذاهب وهذا غير موجود فى الصور التى يصور بها التلفيق، وأما عدم قول اثنين من المجتهدين بصحتها فلا يقتضى الإجماع على بطلانها حتى يقال إن التلفيق مطلقا باطل بالإجماع على أنك قد علمت أن القول بأن كلا من المجتهدين يقول ببطلانها غير مسلم، فإن مالكا مثلا يقول إنما أقول ببطلان الصلاة إذا مسح بعض الرأس فقط إذا لم يقلد الشافعى أو أبا حنيفة وأما إذا قلد واحدا منهما فى ذلك فإنى أقول بصحتها بناء على قولى بصحة التقليد، وكذلك الشافعى أيضا يقول إنما أقول بعدم صحة الصلاة مع اللمس إذا لم يقلد غير فيها وأما إذا قلد غيرى ففيها فانى لا أقول ببطاتها على مذهب ذلك الغير.
وبالجملة كما يجوز أن يوجد مجتهد يرى باجتهاده الاكتفاء بسمح البعض ولو قليلا ويرى عدم نقض الوضوء باللمس، يجوز أيضا للمقلد أن يقلد الشافعى فى مسح بعض الرأس ولو قليلا ولا يقلده فيما عدا ذلك من الشروط ويقلد مالكا فى عدم نقض الوضوء باللمس بلا شهوة فقط ولا يقلده فيما عدا ذلك كما قدمناه مفصلا عن السيد عبد العظيم المكى.
وقال فى مسلم الثبوت وشرحه فواتح الرحموت فى مبحث الإجماع بصحيفة 235 جزء ثان.
إذا اختلف ولم يتجاوز أهل العصر عن قولين فى مسألة لم يجز إحداث قول ثالث عند الأكثر، وجاز الإحداث عند طائفة مطلقا ومختار الآمدى والرازى إن رفع الثالث ما اتفقا عليه فممنوع إحداثه نحو مقاسمة الجد الصحيح للأخ كما عن أمير المؤمنين على وزيد بن ثابت، وحجبه أى حجب الجد الأخ عن الميراث كما عن خليفة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم أبى بكر الصديق وأمير المؤمنين عمر وابن الزبير عباس فقد اتفق الكل على أن للجد ميراثا وإنما اختلفوا فى القدر، فالحرمان وسلب الميراث عن الجد رأسا خلاف الإجماع فلم يجز إحداثه، وإلا أى وإن لم يرفع ما اتفقا عليه فى المسألة فلا يمنع من الإحداث للثالث كالتفصيل فى الفسخ بالعيوب البرص والجذام والجنون فى أيهما كان والجب والعنة فى الزوج والرتق والقرن فى الزوجة فقيل لا توجب الفسخ أصلا، وقيل نعم توجب الفسخ فى الكل.
فالتفصيل لم يقل به أحد ولكن لا يرفع شيئا مما اتفقوا عليه بل فى البعض بقول البعض وفى الآخر بقول الآخر، فيجوز إحداثه، وفى التيسير عن بعض الشروح أن الأقوال الثلاثة مشهورة عن الصحابة.
مع حذف وزيادة للايضاح به، وفيهما من مسألة لا يرجع المقلد عما عمل به قال بصحيفة (406) من الجزء المذكور ويستخرج منه أى مما ذكر أنه لا يجب الاستمرار على مذهب جواز اتباعه رخص المذاهب ولا يمنع منه مانع شرعى، إذ للانسان أن يسلك الأخف عليه إذا له إليه سبيل بأن لم يظهر من الشرع المنع وبأن لم يكن المختار كما قدمه وكان عليه وعلى آله وأصحابه والسلام يحب ما خف عليهم.
وما لابن عبد البر أنه لا يجوز للعامى تتبع الرخص، فأجيب عنه بمنع هذا الإجماع إذ فى تفسيق الرخص عن الإمام أحمد روايتان ولعل رواية التفسيق إنما هى فيما إذا قصد التلهى فقط لا غير.
وما أورد أنه يلزم على تقدير جواز الأخذ بكل مذهب احتمال الوقوع فى خلاف المجمع عليه إذ ربما يكون المجوع عمل به مما لم يقل به أحد فيكون باطلا.
كمن تزوج بلا صداق اتباعا لقول الإمامين أبى حنيفة والشافعى رحمهما الله تعالى وبلا شهود اتباعا لقول الإمام ملك وبلا ولى على قول إمامنا أبى حنيفة فهذا باطل اتفاقا.
أما عندنا فلانتفاء الشهود، وأما عند غيرنا فلانتفاء الولى.
فأقول مندفع لعدم اتحاد المسألة، وقد مر أن الإجماع على نفى القول الثالث إنما يكون إذا اتحدت المسألة حقيقة أو حكما فتدبر، ولأنه لو تم لزم استفتاء مفت بعينه وإلا احتمل الوقوع فيما ذكر.
ومن هذا يعلم أن مسألة التلفيق مبنية على مسألة إحداث قول ثالث إذا انحصر خلاف المجتهدين فى عصر فى قولين.
ففى كل موضع يمتنع فيه إحداث القول الثالث.
بأن يكون القول الثالث مخالفا للاجماع يمتنع فيه التلفيق أيضا إذا خالفت الصورة الملفقة إجماعا، وأما إذا وافق بعضها قول مجتهد وخالفه بعض آخر وافق فيه مجتهد آخر كالصورة المذكورة.
فالتلفيق غير ممتنع ومن ذلك يعلم أن دعوى الإجماع على منع التلفيق مطلقا دعوى لم يقم عليها دليل بل قام الدليل على بطلانها، وأن ما قاله العلامة الأمير من أن المعتمد أنه لا يشترط عدم التلفيق.
وحينئذ يجوز مسح بعض الرأس على مذهب الشافعى وفعل الصلاة على مذهب المالكية.
وكذا الصورة المتقدمة ونحوها وهو سعة ودين الله يسر.
- قول صحيح وهو الذى تقتضيه النصوص الشرعية أصولا وفروعا.
كما أنه يعلم أنه لو اغتسل غسلا واجبا وتوضأ وضوءا واجبا من ماء قليل يستعمل فى رفع حدث مقلدا لمذهب مالك وترك الدلك مقلدا لمذهب الشافعى يكون غسله أو وضوؤه صحيحا مثل الصورتين المذكورتين فى السؤال ومثل غيرهما من الصور التى لا يضر فيها التلفيق بين مذهبين أو مذاهب متعددة متى لم يكن هذا التلفيق خارقا للاجماع.
وأما إذا كان التلفيق خارقا للاجماع بأن كانت الحقيقة المركبة يقول ببطلانها جميع المجتهدين ولا يمكن لمجتهد آخر على فرض وجوده أن يقول بها كحرمان الجد من الميراث بالكلية فالتلفيق باطل بالاجماع.
كما أن إحداث قول بحرمان الجد بالكلية باطل بالإجماع(7/172)
حكم التقليد
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
جمادى الآخرة 1373 هجرية 8 فبراير 1954 م
المبادئ
1 - التقليد واجب على غير المجتهد المطلق ولا يجب عليه التزام مذهب معين.
2 - مذهب العامى فتوى مفتيه المعروف بالعلم والعدالة.
3 - يجوز تتبع رخص المذهب فى المسائل المتعددة.
4 - التلفيق بمعنى العمل فى كل حادثة بمذهب جائز شرعا.
5 - ليس للمقلد الرجوع بعد العمل بقول أحد المجتهدين فى حادثة إلى قول مجتهد آخر فيها
السؤال
من السيد / ع ب أبيروت - لبنان بسؤال هذا نصه هل يجوز للانسان التقليد أو التلفيق من مذاهب الأئمة الأربعة واو لغير ضرورة قبل العمل أو بعده فى المعاملات أو فى العبادات كالصلاة أو التيمم أو الوضوء أو الغسل لمن توضأ وضوءا واجبا أو اغتسل غسلا واجبا من ماء قليل مستعمل فى رفع حدث مقلدا لمذهب الإمام الشافعى وترك النية مقلدا لمذهب الإمام أبى حنيفة فهل يكون وضوؤه أو غسله صحيحا أم لا
الجواب
اطلعنا على السؤال ونقول - من رحمة الله تعالى بعباده أن أرسل خاتم رسله محمدا صلى الله عليه وسلم بشريعة هى خاتمة الشرائع عامة وافية كفيلة بما يحتاج إليه البشر فى كل زمان، دستورها الأول القرآن الكريم، والثانى السنن الصحيحة، ومنهما يتولد أصلان آخران - هما إجماع المجتهدين على الحكم الشرعى والقياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص وهو باب فسيح يسد حاجة الأمة فيما يجد من الحوادث والشئون على تعاقب الدهور واختلاف الأحوال والعصور، عنى علماء الأصول بتحرير قواعده وضوابطه التى يتوصل بها إلى استنباط الأحكام من هذه الأصول - والأحكام العملية وهى التى يبحث عنها فى الفقه منها ما لا يحتاج إلى نظر واجتهاد وهو ما ثبت بالدليل القطعى واستفاض العلم به حتى أصبح معلوما من الدين بالضرورة كأركان الإسلام الخمسة وتحريم الكبائر.
ومنها ما هو محل نظر واجتهاد وهذا النوع متشعب الأطراف، وهو الذى جرى فى حلبته فقهاء الإسلام واختلفت فيه أنظارهم واتسع به نطاق الفقه الإسلامى، والذى قام بعبئه هم المجتهدون الذين توافرت لهم وسائل الاجتهاد.
أما من عداهم من عامة المسلمين الذين لم تتوافر لهم وسائل النظر فى الأدلة والاجتهاد فى استنباط الأحكام فهم المقلدون الذين يجب عليهم الأخذ بمذاهب المجتهدين، إذ كل من جهل حكما ولم يكن فى استطاعته الاجتهاد وجب عليه أن يسأل عنه العلماء به لقوله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} الأنبياء 7، وإلا لتعذر العمل عليه وكان تكليفه به مع عدم القدرة على استنباطه تكليفا بما ليس فى الوسع فكان من رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهؤلاء الرجوع إلى العلماء ولم يلزمهم النظر والاجتهاد لعدم تمكنهم منهما وعدم توافر وسائلهما لديهم.
التقليد فالتقليد مشروع فى الأحكام العملية وهو كما قال الآمدى (العمل بقوله الغير من غير حجة ملزمة) وقد ذهب جمهور الأصولين إلى أن العامى وهو الذى ليس له أهلية الاجتهاد فى الأحكام وإن كان محصلا لبعض العلوم يجب عليه اتباع قول المجتهدين والأخذ بفتواه للآية السالفة، وهى عامة لكل المخاطبين الذين لم تتوافر لهم وسائل العلم بالأحكام، ولأن العامة فى زمن الصحابة والتابعين كانوا يستفتون المجتهدين منهم ويتبعونهم فيما بينوه لهم من الأحكام وكان المجتهدون يبادرون إلى إفتائهم والكشف لهم عما جهلوا ولم ينكروا عليهم استفتاءهم إياهم فكان ذلك إجماعا على مشروعية التقليد فى الفروع.
غير أن العامى فى الاستفتاء مقيد باستفتاء من عرف بالعلم والعدالة وأهلية النظر فيما يستفتى فيه فلا يجوز له أن يستفتى من لم يعرف بالعلم والعدالة احتياطا فى أمر الدين - (لا يجب التزام مذهب مجتهد معين) - إذا تقرر هذا فهل يجب على العامى التمذهب بمذهب مجتهد معين والتزام جميع عزائمه ورخصه بحيث لا يجوز له الخروج عنه - الحق الذى ذهب إليه جمهور العلماء أنه لا يجب عليه ذلك بل له أن يعمل فى مسألة بقول أبى حنيفة مثلا، وفى أخرى بقول مجتهد آخر للقطع بأن المستفتين فى كل عصر من زمن الصحابة ومن بعدهم كانوا يستفتون مرة واحدا ومرة غيره غير ملتزمين مفتيا واحدا، وعلى ذلك لوالتزم مذهبا معينا كمذهب أبى حنيفة أو الشافعى لا يلزمه تقليده فى كل مسألة، وقد اختار ذلك الآمدى وابن الحاجب والكمال فى تحريره والرافعى وغيره لأن التزامه غير ملزم، إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب رجل معين من الأئمة فيقلده فى دينه يأخذ كل ما يأتى ويذر غيره، وقال ابن أمير حاج فى شرحه على التحرير (ثم فى أصول ابن مفلح - وذكر بعض أصحابنا (يعنى الحنابلة) والمالكية والشافعية.
هل يلزمه التمذهب بمذهب والأخذ برخصة وعزائمه.
فيه وجهان أشهر هما لا - كجمهور العلماء فيتخير. ونقل عن بعض الحنابلة أنه قال وفى لزوم الأخذ برخصة وعزائمه طاعة غير النبى صلى الله عليه وسلم فى كل أمره ونهيه وهو خلاف الإجماع وتوقف فى جوازه، وقال أيضا إن خالفه فى زيادة علم أو تقوى فقد أحسن ولم يقدح فى عدالته بلا نزاع بل يجب فى هذه الحال وأنه نص أحمد، وكذا قال القدورى الحنفى ما اظنه أقوى عليه تقليده فيه - - انتهى - - ثم قال ابن أمير حاج بعد نقل هذا (وقد انطوت القرون الفاضلة على عدم القول بذلك - بل لا يصح للعامى مذهب ولو تمذهب به لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال وبصر بالمذاهب على حسبه أو لمن قرأ كتابا فى فروع ذلك المذهب وعرف فتاوى إمامه وأقواله.
وأما من لم يتأهل لذلك البتة بل قال أنا حنفى أو شافعى أو غير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول، كما لو قال أنا فقيه أو نحوى أو كاتب لم يصر كذلك بمجرد قوله يوضحه أن قائله يزعم أنه متبع لذلك الإمام سالك طريقه فى العلم والمعرفة والاستدلال، فأما مع جهله وبعده جدا عن سيرة الإمام وعلمه بطريقه فكيف يصح ل الانتساب إليه إلا بالدعوى المجردة والقول الفارغ من المعنى) انتهى - ولذلك اشتهر قولهم العامى لا مذهب له، ففى البحر فى باب قضاء الفوائت (وان كان عاميا ليس له مذهب معين فمذهبه فتوى مفتيه وإن لم يستفت أحدا وصادف الصحة على مذهب مجتهد أجزأه) - انتهى - - ومما تقدم يعلم انه لا يجب تقليد مجتهد معين، وأن التلفيق بمعنى العمل بقول مجتهد فى مسألة وبقول آخر فى أخرى لضرورة ولغيرها فى العبادات والمعاملات جائز تخفيفا ورحمة بالأمة.
الرجوع عن التقليد وليس للعامى إذا قلد مجتهدا فى مسألة واتصل عمله بها الرجوع عنها وتقليد غيره فيها.
لأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا لما فيه من إبطال عين فعله وهو غير جائز.
لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضى لا ينقض أما قبل العمل كما إذا استفتى مجتهدا وعرف حكم المسألة منه ثم استفتى آخر فيها وعرف الحكم منه فله أن يعمل بقول أى واحد منهما.
نص على ذلك الآمدى وابن الهمام فى التحرير وصاحب جمع الجوامع ومسلم الثبوت وغيرهم من علماء الأصول.
جواز تتبع الرخص وينبنى على جواز التلفيق فى التقليد بالمعنى المتقدم أولا.
جواز اتباعه رخص المذاهب فى المسائل المختلفة كما ذهب إليه الجمهور، فيعمل بأمرين متضادين فى حادثتين لا تعلق لواحدة منهما بالأخرى.
كما إذا توضأ مراعيا الشرائط على مذهب الشافعى ثم فى وضوء آخر راعى الشرائط على مذهب أبى حنيفة، لأن للمكلف أن يسلك الأخف عليه إذا كان له إليه سبيل بأن لم يكن قد عمل بقول مجتهد آخر فى ذات المسألة التى يريد التقليد فيها لما علمت من أنه ليس للمقلد الرجوع بعد العمل بقول أحد المجتهدين فى حادثة إلى قول مجتهد آخر فيها.
قال فى التحرير فى شرحه (ويتخرج منه أى من كونه لم يلتزم مذهبا معينا جواز اتباعه رخص المذاهب أى أخذه من كل منها ما هو الأهون فيما يقع من المسائل) ومثله فى مسلم الثبوت أما ما نقل عن ابن عبد البر من أنه لا يجوز للعامى تتبع الرخص إجماعا فليس على إطلاقه.
إذ قد روى عن الإمام أحمد فى هذا روايتان، وحمل القاضى أبو يعلى الرواية التى تقول بفسق متتبع رخص المذاهب على غير متأول ولا مقلد - فالقصد التيسير على الناس فمن توضأ على مذهب أبى حنيفة له أن يصلى بهذا الوضوء على مذهب الشافعى وبالعكس.
فالتلفيق على هذا الوجه جائز لعدم اتحاد المسألة التى لفق فيها، ولأنه لا يلزم المقلد استفتاء مفت معين على ما أسلفنا بيانه.
ومن هذا يعلم أن تتبع رخص المذاهب بأن يأخذ المقلد بقول المذاهب فى المسائل المتعددة جائز.
أما إذا اتحدت المسألة حقيقة أو حكما فلا يجوز كما حققه الكمال فى التحرير وصاحب مسلم الثبوت فى باب الإجماع.
لأنه لا يترتب على الأخذ برخص المذاهب فى المسائل المتعددة وهو التلفيق بالمعنى المتقدم خرق الإجماع فى مسألة متفق عليها، وقد اختار ذلك الآمدى والرازى - وعلى ذلك فالتلفيق بتتبع الرخص جائز فى الصورة التى ذكرها السائل.
فإن الماء القليل المستعمل مطهر عند مالك فإذا أخذ المقلد بهذا الحكم مقلدا مذهب مالك أجزأه ثم يقلد مذهب أبى حنيفة فى عدم لزوم الدلك والنية فى الوضوء والغسل يكون وضوؤه أو غسله صحيحا.
لأنه لم يتتبع الرخص فى مسألة واحدة بل فى مسائل إذ الحكم على طهورية الماء منفصل عن الحكم على صحة الوضوء أو الغسل مع ترك الدلك والنية.
والخلاصة أن التقليد واجب على غير المجتهد لمطلق لضرورة العمل وأنه لايجب على المقلد التزام مذهب معين، وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدا غير إمامه، وأن مذهب العامى فتوى مفتيه المعروف بالعلم والعدالة وأن التلفيق بمعنى العمل فى كل حادثة بمذهب جائز.
ويتخرج على جوازه جواز تتبع رخص المذاهب فى المسائل المتعددة - كالوضوء على مذهب الشافعى ثم الصلاة به بعد اللمس على مذهب أبى حنيفة.
أما التلفيق بمعنى تتبع الرخص فى مسألة واحدة فغير جائز.
فلا يصح الوضوء إذا ترك الترتيب فى غسل الأعضاء ومسح أقل من ربع الرأس على ما سبق تحقيقه، وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل فى حادثة واحدة باطل فإذا عقد زواجه وفق شروط مذهب أبى حنيفة بأن تولت الزوجة البالغة العقد بنفسها مثلا وعاشرها زوجها معاشرة الأزواج ثم طلقها ثلاث تطليقات فليس له أن يقلد مذهب الشافعى الذى يرى أن النكاح لا ينعقد بعبارة النساء بل لابد من الولى - لأن هذا تلفيق للتقليد فى مسألة واحدة وهو باطل اتفاقا، ولا بد لهذه الزوجة لكى تحل لمطلقها أن تتزوج بغيره زواجا صحيحا ويدخل بها حقيقة ويطلقها وتنقضى عدتها ومما تقدم علم الحكم فى هذه المسائل.
والله أعلم(7/173)
التلفيق للتقليد فى مسألة واحدة باطل
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
جمادى الثانية 1373 هجرية - 10 فبراير 1954 م
المبادئ
1 - الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاق.
2 - ليس للمقلد إبطال عين ما فعله بتقليد إمام آخر.
3 - بوقوع الطلقة الثالثة تبين الزوجة من زوجها بينونة كبرى فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
وقول أحد الشافعية بحلها له لبطلان العقد الأول لعدم مباشرة الولى له قول باطل
السؤال
طلق رجل زوجته ثلاث مرات فى أوقات متفرقة إثر نزاع بينه وبينها فى كل مرة وراجعها فى المرتين السابقتين - فما حكم الله فى هذه المرة وما رأى فضيلتكم فى قول أحد الشافعية إن العقد الأول باطل لأنه لم يتوله الولى الشرعى فيحل الموضوع على أساس عقد ومهر جديدين
الجواب
إنه بوقوع الطلقة الثالثة تبين هذه الزوجة من زوجها بينونة كبرى فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويدخل بها حقيقة ويطلقها وتنقضى عدتها.
وقول بعض الشافعية بعد وقوع الطلاق إن العقد الأول كان باطلا لعدم مباشرة الولى له قول باطل.
لأنه قد انعقد صحيحا على مذهب أبى حنيفة وترتبت عليه آثاره. والمنصوص عليه فى كتب الأصول أن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا.
ففى كتاب الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ص 318 جزء رابع (إذا اتبع العامى بعض المجتهدين فى حكم حادثة من الحوادث وعمل بقوله فيها اتفقوا على أنه ليس له الرجوع عنه فى ذلك الحكم بعد ذلك إلى غيره) وفى مسلم الثبوت ص 405 جزء ثان (لا يرجع المقلد عما عمل به اتفاقا) وفى جمع الجوامع وشرح الجلال المحلى عليه ص 256 جزء ثان (وإذا عمل العامى بقول مجتهد فى حادثة فليس له الرجوع عنه إلى غيره فى مثلها، لأنه قد التزم القول بالعمل به، بخلاف ما إذا لم يعمل به، وقيل يلزمه العمل بمجرد الإفتاء فليس له الرجوع إلى غيره فيه، وقيل يلزمه العمل به بالشروع فى العمل بخلاف ما إذا لم يشرع الخ) وفى الدر المختار ص 69 جزء أول (الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا) وعلق على ذلك العلامة ابن عابدين فى حاشيته رد المختار بقوله (صرح بذلك المحقق ابن الهمام فى تحريره، ومثله فى أصول الآمدى وابن الحاجب وجمع الجوامع) ثم قال (فتحصل مما ذكرناه أنه ليس على الإنسان التزام مذهب معين، وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدا غير إمامه مستجمعا شروطه، ويعمل بأمرين متضادين فى حادثتين لا تعلق لواحدة منهما بالأخرى، وليس له إبطال عين ما فعله بتقليد إمام آخر لأن امضاء الفعل كإمضاء القاضى لا ينقض) وفى الدروحاشيته جزء ثان ص 745 (حتى لو كان بلا ولى بل بعبارة المرأة أو بلفظ هبة أو بحضرة فاسقين ثم طلقها ثلاثا وأراد حلها بلا زوج يرفع الأمر لشافعى فيقضى به وببطلان النكاح أى فى القائم والآتى لافى المنقضى - بزازيه -) وعلق ابن عابدين على قوله (فيقضى) بقوله (فإن قضاءه ببطلان النكاح الأول سبب لحلها بلا زوج وإنما ذكر القضاء لتصير الحادثة الخلافية كالمجمع عليها) فالتلفيق للتقليد فى مسألة واحدة ممتنع قطعا.
وقد نص على ذلك أيضا العلامة ابن حجر فى كتابه التحفة فى باب النكاح بلا ولى ص 240 جزء سابع وهو من علماء الشافعية المعتد بأقوالهم حيث جاء به (أنه لو ادعى بعد الثلاث عدم التقليد لم يقبل منه لأنه يريد بذلك رفع التحليل الذى لزمه باعتبار ظاهر فعله، وأيضا ففعل المكلف يصان عن الإلغاء لاسيما إن وقع منه ما يصرح بالاعتداد به كالتطليق ثلاثا) .
وفى التحفة أيضا (فمن نكح مختلفا فيه فإن قلد القائل بصحته أو حكم بها من يراها ثم طلق ثلاثا تعين التحليل وليس له تقليد من يرى بطلانه لأنه تلفيق للتقليد فى مسألة واحدة وهو ممتنع قطعا) .
ومن هذا يعلم أن الإفتاء بأن عقد زواج هذين الزوجين وقع باطلا غير صحيح، ولا يوافق مذهبا من المذاهب المعتبرة، وعلى هؤلاء الذين يتعرضون للفتوى فى مثل هذه الموضوعات الخطيرة المتصلة اتصالا وثيقا بالأعراض والأنساب بغير علم بفقه المذاهب أن يكفوا عن الإفتاء فيها حتى لا يقعوا فى الإثم.
والله اعلم(7/174)
وقف الموقوف باطل
المفتي
علام نصار.
رجب 1370 هجرية - 14 أبريل 1951 م
المبادئ
1- وقف العين الموقوفة باطل شرعا، لأن من شروط صحة الوقف كون المراد وقفه مملوكا للواقف ملكا تاما وقت الوقف.
2- بناء الغير على الأرض الموقوفة من مال نفسه لنفسه بلا إذن من المتولى يكون به معتديا، ويجب رفع بنائه بشرط عدم إضراره بالأرض.
3- لناظر الوقف تملك البناء لجهة الوقف إذا رأى مصلحة فى ذلك ويكون الراء بالأقل من قيمته منزوعا ومستحقا للنزع.
4- رفع البناء إن ضر بالأرض لا يملك البانى رفعه، ويؤمر بالانتظار حتى ينهدم، ولا يمنع ذلك من تأجير الأرض والبناء معا، وتقسيم الأجرة بينهما قسمة مناسبة
السؤال
من السيد ج م من بيروت قال أولا هل يصح وقف الأرض التى سبق وقفها، مع العلم بأن الوقف السابق وقف خيرى والوقف اللاحق وقف أهلى، كما أن الواقف الثانى أجنبى عن الوقف الأول، وليس له ذكر فيه ولا شرط ثانيا إذا بنى الواقف الثانى على الأرض السابق وقفها فهل يكون البناء له، أو للوقف الأول أو للوقف الثانى وما حكم ذلك ثالثا إذا كانت الأرض الموقوفة فى سوريا وصدق وقفها سنة 1325 هجرية وكان فيها ما يصح الوقف به، وحجز الوقف بارادة سنية لأسباب سياسية ثم زالت تلك الأسباب فحكمت محكمة التفتيش بالاستانة باعادة الوقف إلى الناظر بدون بحث فى موضوعه، هل هو صحيح أم لا - فهل هذا الحكم يكون حكما بصحة الوقف وبلزومه لو كان باطلا أصلا
الجواب
أولا - من شروط صحة الوقف أن يكون الموقوف مملوكا للواقف وقت الوقف ملكا تاما، كما نص عليه العلامة ابن عابدين فى حاشيته رد المختار على الدر المختار.
ونص عليه غيره فى معتبرات كتب المذهب فوقف الأرض التى سبق للغير وقفها باطل شرعا.
لأن الموقوف غير مملوك للواقف وقت الوقف. ثانيا - إن الأجنبى إذا بنى فى أرض الوقف من مال نفسه لنفسه بدون إذن المتولى فالبناء له، ويكون متعديا فى وضعه فيجب رفعه إن لم يضر بالأرض، وللمتولى أن يشترى البناء للوقف إن رأى المصلحة فى ذلك بالأقل من قيمته منزوعا ومستحقا للنزع متى رضى البانى بذلك وظهر أن قيمته مستحقا للنزع أقل من قيمته منزوعا بمقدار ما يصرف فى نزعه، وإن أضر رفع البناء بالأرض أمر البانى بالانتظار حتى ينهدم ولا يملك رفعه لأنه هو المضيع لماله بالتعدى، ولا يكون ذلك مانعا من تأجير الأرض والبناء، وتقسم الأجرة قسمة تناسبية بين الأرض خالية من البناء وبين البناء بحسب قيمته مستحقا للنزع، فما أصاب الأرض فهو للوقف وما أصاب البناء فهو للبانى، وللمتولى فى هذه الحالة أيضا أن يتملك البناء للوقف جبرا عن صاحبه بأقل القيمتين منزوعا ومستحقا للنزع - وهذا ما يمكن الإجابة به عن الاستفتاء والله تعالى أعلم(7/175)
خوض معركة الانتخابات للمرأة غير جائز
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
4 مايو 1952 م
المبادئ
1- رفع الإسلام من شأن المرأة فكون شخصيتها وقرر حريتها وفرض عليها طلب العلم والمعرفة.
2- لا يجوز للمرأة خوض غمار الانتخابات حماية لأنوثتها الطاهرة من العبث والعدوان، والبعد من مظاهر الريب وبواعث الافتتان
السؤال
وردت إلينا أسئلة عديدة عن حكم انتخاب المرأة لعضوية مجلس النواب أو الشيوخ فى الشريعة الإسلامية.
إذا قامت ضجة من جانب بعض النساء للمطالبة بتعديل قانون الانتخاب الذى حرمت نصوصه انتخابهن بحيث يكون لهن الحق فى الانتخابات
الجواب
بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله.
عنى الإسلام أتم عناية بإعداد المرأة الصالحة للمساهمة مع الرجل فى بناء المجتمع على أساس من الدين والفضيلة والخلق القويم.
وفى حدود الخصائص الطبيعية لكل من الجنسين، فرفع شأنها وكون شخصيتها وقرر حريتها وفرض عليها كالرجل طلب العلم والمعرفة، ثم ناط بها من شئون الحياة ما تهيؤها لها طبيعة الأنوثة وما تحسنه حتى إذا نهضت بأعبائها كانت زوجة صالحة وأما مربية وربة منزل مدبرة، وكانت دعامة قوية فى بناء الأسرة والمجتمع - وكان من رعاية الإسلام لها حق الرعاية أن أحاط عزتها وكرامتها بسياج منيع من تعاليمه الحكيمة، وحمى أنوثتها الطاهرة من العبث والعدوان، وباعد بينها وبين مظان الريب وبواعث الافتتان فحرم على الرجل الأجنبى الخلوة بها والنظرة العارمة إليها، وحرم عليها أن تبدى زينتها إلا ما ظهر منها، وأن تخالط الرجال فى مجامعهم، وأن تتشبه بهم فيما هو من خواص شئونهم، وأعفاها من وجوب صلاة الجمعة والعيدين مع ما عرف عن الشارع من شديد الحرص على اجتماع المسلمين وتواصلهم وأعفاها فى الحج من التجرد للإحرام، ومنعها الإسلام من الأذان العام وإمامة الرجال للصلاة، والإمامة العامة للمسلمين، وولاية القضاء بين الناس، وأثم من يوليها بل حكم ببطلان قضائها على ما ذهب إليه جمهور الأئمة، ومنع المرأة من ولاية الحروب وقيادة الجيوش، ولم يبح لها من معونة الجيش إلا ما يتفق وحرمة أنوثتها.
كل ذلك لخيرها وصونها وسد ذرائع الفتنة عنها والافتتان بها حذرا من أن يحيق المجتمع ما يفضى إلى انحلاله وانهيار بنائه والله أعلم بما للطبائع البشرية من سلطان ودوافع وبما للنفوس من ميول ونوازع والناس يعلمون والحوادث تصدق.
ولقد بلغ من أمر الحيطة للمرأة أن أمر الله تعالى نساء نبيه ت صلى الله عليه وسلم بالحجاب وهن أمهات المؤمنين حرمة واحتراما، وأن النبى صلى الله عليه وسلم - لم تمس يده (وهو المعصوم) أيدى النساء اللاتى بايعنه، وأن المرأة لم تول ولاية من الولايات الإسلامية فى عهده ولا فى عهد الخلفاء الراشدين ولا فى عهود من بعدهم من الملوك والأمراء ولا حضرت مجالس تشاوره - صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من المهاجرين والأنصار.
ذلك شأن المرأة فى الإسلام ومبلغ تحصينها بالوسائل الواقية فهل تريد المرأة الآن أن تخترق آخر الأسوار، وتقتحم على الرجال قاعة البرلمان فتزاحم فى الانتخابات والدعاية والجلسات واللجان والحفلات والتردد على الوزارات والسفر إلى المؤتمرات والجذب والدفاع، وما إلى ذلك مما هو أكبر إثما وأعظم خطرا من ولاية القضاء بين خصمين وقد حرمت عليها.
واتفق أئمة المسلمين على تأثيم من يوليها تاركة زوجها وأطفالها وبيتها وديعة فى يد من لا يرحم إن ذلك لا يرضاه أحد ولا يقره الإسلام.
بل ولا الأكثرية الساحقة من النساء. اللهم إلا من يدفعه تملق المرأة أو الخوف من غضبتها إلى مخالفة الضمير والدين ومجاراة الأهواء، ولا حسبان فى ميزان الحق لهؤلاء - على المسلمين عامة أن يتعرفوا حكم الإسلام فيما يعتزمون الإقدام عليه من عمل فهو مقطع الحق وفصل الخطاب، ولا خفاء فى أن دخول المرأة فى معمعة الانتخابات والنيابة غير جائز لما بيناه.
وإننا ننتظر من السيدات الفضليات أن يعملن بجد وصدق لرفعة شأن المرأة من النواحى الدينية والأخلاقية والاجتماعية والعلمية الصحيحة فى حدود طبيعة الأنوثة والتعاليم الإسلامية قبل أن يحرصن على خوض غمار الانتخاب والنيابة، وأن نسمع منهن صيحة مدوية للدعوة إلى وجوب تمسك النساء عامة بأهداب الدين والفضيلة فى الأزياء والمظاهر والاجتماعات النسائية وغير ذلك مما هو كمال وجمال للمرأة المهذبة الفاضلة.
ولهن منا جميعا إذا فعلن ذلك خالص الشكر وعظيم الإجلال.
ذلك خير لهن والله يوفقهن لما فيه الخير والصلاح(7/176)
حكم شرب النبيذ والتداوى به
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
صفر 1372 هجرية - 15 نوفمبر 1952 م
المبادئ
1- النبيذ المسكر نوع من الخمر، فيحرم شربه على الصحيح والمريض.
2- بعض الأئمة قد رخص للمريض فى التداوى بالمحرم إذا ثبت أنه دواؤه بقول طبيب أمين حاذق تقديرا للضرورة.
3- لا يجوز التداوى بالمحرم إذا أشار بذلك من لا علم له بالطب لفقد شرط الرخصة
السؤال
مرض رجل مرضا شديدا وتردد على كثير من الأطباء، وكان علاجه فى كل مرة علاجا وقتيا ثم يعوده مرضه كما كان، وقد أشار عليه بعض إخوانه أن يتعاطى فنجانا من النبيت (النبيذ) فتعاطاه ثم أسف كثيرا لحرمته فهل يجوز له تعاطيه شرعا
الجواب
إن النبيذ المسكر نوع من الخمر.
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) رواه مسلم (وكل شراب أسكر فهو حرام) متفق عليه ز فيحم شربه على الصحيح والمريض إلا أن بعض الأئمة قد رخص للمريض فى التداوى بالمحرم إذا ثبت أنه دواؤه بقول طبيب أمين حاذق تقديرا للضرورة والأمر هنا على خلاف ذلك لأن الأطباء كما يفهم من السؤال لم يعالجوا به هذا المريض ولو أنه تعين دواء له لعالجوه به - وإنما أشار به عليه من لا علم له بالطب والعلاج فلا يجوز له التداوى به بمجرد هذا القول لفقد شرط الرخصة المذكورة وفيما أحل الله تعالى من الأدوية متسع عظيم.
والله أعلم(7/177)
حرق جثث موتى المسلمين غير جائز شرعا
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
ذو القعدة 1372 هجرية 29 يولية 1953 م
المبادئ
عدم جواز إحراق جثث موتى المسلمين ولو أوصوا بذلك
السؤال
من السيد المحترم مدير عام قسم التشريع لوزارة الشئون البلدية والقروية بالكتاب رقم 467 سرى الخاص ببيان حكم الشريعة فى إحراق جثث الموتى من المسلمين فى حالة الأوبئة وفى حالة الوصية بذلك
الجواب
إنه لا خلاف بين المسلمين فى أن للإنسان حرمة وكرامة حيا وميتا كما يشير إليه قوله تعالى {ولقد كرمنا بنى آدم} الإسراء 70، ومن كرامته بعد موته دفنه فى اللحد أو القبر بالكيفية المسنونة التى بينها النبى صلى الله عليه وسلم فيما ورد عنه من السنن الصحيحة ودرج عليها أصحابه والتابعون وسائر المسلمين إلى الآن - فلا يجوز بحال إحراق جثث موتى المسلمين، ولو أوصى إنسان بذلك فوصيته باطلة لا نفاذ لها.
ولم يعرف الإحراق للجثث إلا فى تقاليد المجوس، وقد أمرنا بمخالفتهم فيما يصنعون مما لا يوافق شريعتنا الغراء والله تعالى أعلم(7/178)
الاستمتاع الخارجى بأجنبية
المفتي
حسن مأمون.
ذو الحجة 1374 هجرية - 10 أغسطس 1955 م
المبادئ
1- الاستمتاع ولو خارجيا بالأجنبية حرام قطعا، ولا يجوز لمسلم الالتجاء إليه مهما كانت الدواعى والبواعث، ولا يعتبر المرض عذرا مبيحا لذلك.
2- حكمه أنه لا يقل وزرا عن وزر الزنا مادام بأجنبية عنه
السؤال
من م.
م بالقاهرة قال إنه مريض بمرض صدرى، ويخشى أن يتزوج فتعلم زوجته بعد مدة بمرضه فتطلق منه بحكم القانون، كما يخشى أن ينجب أطفالا يرثون منه هذا المرض.
فهل إذا اصطحب فتاة للاستمتاع الخارجى يكون وزر ذلك كوزر الزنا أم يقبل على الزواج رغم مرضه
الجواب
اطلعنا على الاستفتاء المتضمن أن السائل كان مريضا بمرض السل منذ ست سنوات ثم برىء منه، ويخشى أن يتزوج فتعلم زوجته بعد مدة بمرضه فتطلق منه بحكم القانون، كما يخشى أن ينجب أطفالا يرثون منه هذا المرض ويريد أن يعرف حكم الشريعة فى اصطحابه فتاة يقضى معها أوقاتا للترفيه أى للاستمتاع الخارجى.
وهل يكون وزر ذلك معادلا لوزر الزنا كما يريد رأينا فى إقباله على الزواج بالرغم من الأضرار التى أشار إليها والجواب.
إننا مع شعورنا بحرج مركز السائل فإننا لا نوافقه مطلقا على أن يصطحب فتاة أجنبية عنه ويقضى معها لذته على الطريقة التى لا ينجب منها أطفالا، لأن معاشرة الأجنبية والاختلاط بها وتقبيلها وضمها، وكذلك الاستمتاع الخارجة الذى أشار إليه كل ذلك حرام قطعا.
ولا يجوز لمسلم متمسك بدينه أن يلجأ إليه مهما كانت الدواعى والبواعث.
ولا يعتبر المرض عذرا يبيح ارتكاب ما حرمه الله الذى لا يقل إثما عن وزر الزنا فإن اللمس بشهوة وكذلك التقبيل والاستمتاع الخارجى حرام كالزنا ونشر على السائل وقد شفى من مرضه بأن يعرض نفسه على الطبيب المختص، فإن أشار عليه بالزواج تزوج، وإن أشار عليه بالامتناع عن الزواج صرف نفسه عن شهور النساء وكبح جماع شهواته.
وطريق ذلك أن لا يكثر من التفكير فى ذلك، وأن يبتعد عن المثيرات، وأن يشغل نفسه بدون إرهاق.
وفى القراءة والتسلية بجميع وسائل التسلية الغير محرمة وبذلك تتصرف نفسه عن النساء ويحفظ على نفسه دينه وصحته.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/179)
التحلى بالذهب والفضة للرجال والنساء
المفتي
حسن مأمون.
محرم 1375 هجرية - 8 سبتمبر 1955 م
المبادئ
1- التحلى بالذهب حرام على الرجال دون النساء إلا لضرورة، أما استعماله كآنية فهو محرم على الجميع.
2- المعدن المموه بالذهب لا يدخل فى التحريم حيث لا يمكن استخلاصه منه.
3- يكره استعمال الفضة للرجال عند الحنفية وجمهور الشافعية إلا الخاتم وما تقضى به الضرورة، وهى مباحة للنساء إلا فى الأوانى فإنها محرمة عليهن بالنص.
ويرى بعض الشافعية جواز استعمالها للرجال بشرط عدم التشبه بالنساء.
4- ما عدا ذلك من المعادن باق على أصل الحل.
غير أن الحنفية يرون كراهة اتخاذ الخاتم من المعادن غير الفضة فإن اتخاذه منها مباح عندهم بشرط ألا يتم وزنة مثقالا
السؤال
هل يجوز للرجال أو للنساء لبس الخاتم أو السوار أو السلسلة أو الساعة أو غيرها من الذهب أو من الفضة أو من النحاس أو من الحديد أو من غيرها أم لا
الجواب
إن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه العزيز {قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق} الأعراف 32، فالأصل إباحة التزين بكل ما خلق الله للإنسان فى هذه الدنيا.
وقد جاءت السنة مخصصة لهذا العموم فحرمت على الرجال لبس الذهب أو استعماله إلا فيما قضت الضرورة باستعماله منه.
لحديث على رضى الله عنه قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله فى يمينه وذهبا فجعله فى شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتى) رواه أبو داود بإسناد حسن.
وزاد ابن ماجه (حل لإناثهم) ولحديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتى وأحل لإناثهم) رواه الترمذى، وغير ذلك من الأحاديث التى وردت فى هذا الباب، ومنها حديث البراء بن عازب قال (نهانا النبى صلى الله عليه وسلم عن سبع - عن خاتم الذهب أو قال حلقة الذهب) رواه البخارى.
وإلى ذلك ذهب جمهور الفقهاء فإنهم حرموا لبس الذهب واستعماله على الرجال دون النساء عملا بهذه النصوص، ولم يستثنوا من هذا العموم بالنسبة للرجال إلا ما تقضى الضرورة باستعمالهم له مثل الأنف لمن قطع أنفه، لما روى أن عر فجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبى صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب رواه أبو داود.
وشد السن بالذهب لمن دعت حاجته إليه لما رواه الأثرم عن أبى حمزة وموسى بن طلحة وأبى رافع وإسماعيل ابن زيد بن ثابت أنهم شدوا أسنانهم بالذهب.
وقال أحمد روى أنه كان فى سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب وقال إنه كان لعمر سيف فيه سبائك من ذهب من حديث ابن أمية عن نافع وروى الترمذى أن النبى - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعلى سيفه ذهب وفضة.
وغير ذلك من الآثار التى ورد فيها حل استعمال الذهب للرجال إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
وإلى ذلك ذهب الحنفية فقد جاء فى الجزء الخامس من تنوير الأبصار وشرحه فى باب الحظر والإباحة ما ملخصه ولا يتحلى الرجل بذهب وفضة إلا بخاتم ومنطقة وحيلة سيف من الفضة إذا لم يرد به التزين.
ويتخذ أنفا من الذهب ويشد السن به عند محمد وهو رواية عند أبى يوسف.
وذهب الشافعية إلى مثل ذلك قال النووى فى المجموع (يجوز لمن قطع أنفه اتخاذ أنف من ذهب وإن أمكن اتخاذه من الفضة، وفى معنى الأنف السن والأنملة فيجوز اتخاذهما ذهبا بلا خلاف) ثم قال إن اضطر إلى الذهب جاز استعماله باتفاق فى المذهب، فيباح له الأنف والسن من الذهب، وإلى ذلك ذهب المالكية والحنابلة، فالذهب حرام على الرجال فيما عدا ما تقضى الضرورة باستعماله منه.
ولا يدخل فى الذهب المحرم ماموه بالذهب، لأنه لا يمكن استخلاصه منه، ولا يطلق عليه اسم ذهب.
وكذلك يكره استعمال الفضة للرجال دون النساء إلا الخاتم.
فقد جوز الأئمة الأربعة اتخاذه من الفضة للرجال.
لما روى أنه صلى الله عليه وسلم كان له خاتم من فضة وكان فى يده الكريمة حتى توفى صلى الله عليه وسلم.
ثم فى يد أبى بكر رضى الله عنه إلى أن توفى ثم فى يد عمر رضى الله عنه إلى أن توفى ثم فى يد عثمان رضى الله عنه إلى أن وقع من يده فى البئر فأنفق مالا عظيما فى طلبه فلم يجده، وإلا ما تقضى الضرورة باستعماله منها.
وقد ذكرنا ما جاء فى تنوير الأبصار من قوله (لا يتحلى الرجل بذهب ولا فضة إلا بخاتم ومنطقة وحلية سيف من الفضة إذا لم يرد به التزين) وإلى ذلك ذهب جمهور الشافعية.
قال الرافعى فى الشرح الوجيز (يجوز للرجل التختم بالفضة لما روى أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من فضة وحل له لبس ما سوى الخاتم من حلى الفضة كالسوار والدملج والطوق لفظ الكتاب يفيد المنع حيث قال ولا يحل للرجال إلا التختم به وبه قال الجمهور.
وقال أبو سعيد المتولى إذا جاز التختم بالفضة فلا فرق بين الأصابع وسائر الأعضاء كحلى الذهب فى حق النساء فيجوز له لبس الدملج فى العضد والطوق فى العنق والسوار فى اليد وغير هذا.
وبهذا أجاب المصنف فى الفتاوى وقال لم يثبت فى الفضة إلا تحريم الأوانى وتحريم الحلى على وجه يتضمن التشبه بالنساء.
وكره الحنفية التختم بغير الفضة.
قال فى الدر المختار (ولا يتختم إلا بالفضة لحصول الاستغناء بها فيكره بغيرها كحديد وصفر ورصاص وجاء فى حاشية رد المختار على الدر روى صاحب السنن بإسناده إلى عبد الله بن بريرة عن أبيه أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من شبه (نحاس) فقال مالى أجد فيك ريح الأصنام فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال ما لى أجد عليك حلية أهل النار فطرحه، فقال يا رسول الله أى شىء أتخذه فقال اتخذه من ورق (فضة) ولا تنمه مثقالا ويخلص من ذلك: 1- الذهب حرام على الرجال دون النساء عند جمهور الفقهاء عدا ما استثنى منه للضرورة فإنه مباح للرجال وعدا الأوانى فإنها حرام على النساء أيضا.
2- الفضة مكروه استعماله للرجال عند الحنفية وجمهور الشافعية إلا التختم فإنه يجوز التختم بالفضة بغير كراهة وإلا ما تقضى به الضرورة ويحرم على النساء اتخاذ الأوانى من الفضة بالنص، وذهب بعض الشافعية إلى جواز استعمال الفضة للرجال بدون كراهة بشرط أن يكون استعمالهم لها على وجه لا يتضمن التشبه بالنساء.
3- ما عدا الذهب والفضة من حديد ونحاس وخلافهما باق على الأصل وهو الإباحة، ولم يخالف فى ذلك إلا الحنفية الذين كرهوا التختم بشىء من المعادن المذكورة.
وبهذا علم الجواب عن السؤال. والله أعلم(7/180)
حرق السقط حرام
المفتي
حسن مأمون.
8 نوفمبر 1955 م
المبادئ
السقط الذى تضعه المرأة ولو بطريق الإجهاض سواء استبان خلقه أم لا - يغسل ويلف فى خرقة ويدفن.
ولا يجوز حرقه شرعا
السؤال
من السيد / م ش أ - قال إنه شاهد أن الأطفال الذين يولدون عن طريق الإجهاض بالمستشفيات يحرقون فى أفران إلى أن ينتهى أثرهم من الآدمية.
فهل هذا جائز شرعا أم لا
الجواب
بأن المنصوص عليه شرعا أن السقط الذى تضعه المرأة ولو بطريق الإجهاض سواء استبان خلقه أو لم يستبن يغسل على المختار من مذهب الحنفية ويلف فى خرقة ويدفن.
أما حرق السقط فحرام وغير جائز شرعا ومناف للدين.
وبهذا علم الجواب عن السؤال. والله أعلم(7/181)
تعليق الحيوان قبل ذبحه مكروه شرعا
المفتي
حسن مأمون.
15 ديسمبر 1955 م
المبادئ
1- يستحب للذابح ألا يفعل بالمذبوح كل ما فيه زيادة إيلامه قبل ذبحه فإن فعل ذلك كان فعله مكروها ولكن لا تأثير له فى حل أكل لحم المذبوح.
2- متى استوفى الذبح شروطه المعروفة كان لحم المذبوح حلالا ولا كراهة فيه
السؤال
من السيد / مدير عام الصحة لبلدية القاهرة.
بكتابه رقم 20875 - 29/7 المؤرخ 11 ديسمبر سنة 1955 عن الحكم الشرعى فيما إذا كان من الجائز شرعا تعليق الحيوان قبل عملية الذبح من عدمه
الجواب
إن فقهاء الحنفية نصوا على أنه يستحب لذابح الحيوان ألا يفعل به كل ما فيه زيادة إيلام لا يحتاج إليه فى الذكاة فإن فعل شيئا من ذلك كان مكروها - فقد روى عن حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم قوله إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذ ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته وهذه الكراهة لا توجب تحريم لحم الذبيحة ولا كراهته، وإنما هى متعلقة بفعل الشخص نفسه وهو زيادة إيلام الحيوان فقط.
وبناء على ذلك فإذا كان تعليق الحيوان المسئول عنه لا يترتب عليه زيادة إيلام الحيوان أو تعذيبه فإنه لا شىء فيه أما إذا ترتب عليه شىء من ذلك فإنه يكون مخالفا لما هو مندوب إليه شرعا وفيه الكراهة لارتكاب نفس الفعل أما لحم المذبوح فإنه مادام قد استوفى شروط الذكاة المعروفة فإنه يكون حلالا ويؤكل لحمه بلا كراهة.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/182)
قتل الرجل نفسه أو أمره غيره بذلك
المفتي
حسن مأمون.
رجب 1375 هجرية - 13 فبراير 1956 م
المبادئ
1- من قتل نفسه بحديدة عذب به فى نار جهنم.
2- من خنق نفسه يخنقها فى النار، ومن طعن نفسه يطعنها فى النار.
3- قتل الشخص نفسه لألا سبب من الأسباب أو تحت أى ظرف من الظروف مهما كان خطره والنتائج المترتبة عليه محظور فى الشريعة الإسلامية.
4- إكراه الشخص على قتل آخر بقتل المكره نفسه إن لم يفعل لا يبيح له ذلك وإن قتله المكره كان آثما.
5- لا يحل للرجل قتل نفسه تخلصا مما هو فيه من تعذيب شديد واضطهاد.
6- الوقوع فى الأسر غير مبيح لمن وقع فيه أن يقتل نفسه، بل الواجب عليه الصبر على التعذيب وأن يكتم سره ولا يبيح به للعدو.
7- لا حرج على الأسير إذا أدلى للعدو بأقوال غير صحيحة تضليلا له وكفا عن تعذيبه
السؤال
من السيد / م ح م قال إنه قد يتعرض بعض قادة الجيش المصرى للوقوع فى الأسر نظرا لقربهم من العدو، وبدهى أن يكون هذا القائد بحكم مهمته لديه كثير من المعلومات العسكرية البالغة السرية.
وبوقوعه فى الأسر يتعرض لاستجواب عنيف من أعوان العدو، وتستخدم معه جميع وسائل التعذيب والتأثير مما يترتب عليه حتما الإفضاء ببعض هذه الأسرار، وفى ذلك أكبر الضرر والغدر بجيشنا وبلادنا ومستقبلهما.
وطلب السيد السائل معرفة حكم الشريعة الإسلامية فيما يأتى هل يجوز لهذا القائد الذى وقع فى الأسر إذا توفرت له هذه الظروف القهرية أن يتخلص من هذا المأزق الخطير بقتل نفسه بنفسه أو يأمر أحدا غيره كأركان حرب مثلا أن يقتله مادام ذلك رغبة منه فى المحافظة على أسرار الدولة وحرصا على سلامة جيوشها المرابطة فى الميدان وهل يعتبر هذا القتل استشهاد فى سبيل الله يستحق عليه أجر المجاهدين وإذا كانت الشريعة الإسلامية لا تبيح ذلك فما هو الحل الذى يتفق مع قواعد الشريعة الإسلامية ولا يتعارض مع سلامة الوطن فى مثل هذه الأحوال الخطيرة
الجواب
إن قتل النفس عمدا من أكبر الكبائر وأشدها عقوبة عند الله وجناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره فى الإثم والعقوبة، لأن نفسه ليست ملكا له وإنما هى ملك لله سبحانه وتعالى.
وقد ورد فى كتاب الله الكريم آيات كثيرة فى مواضع متعددة تحرم قتل النفس وتفرض أشد العقوبة على فاعله.
من ذلك ما جاء فى سورة النساء قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} النساء 29، وقوله {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا} النساء 92، وقوله {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} النساء 93، وفى سورة الأنعام {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون} الأنعام 151، وفى سورة الإسراء قوله تعالى {ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا} الإسراء 33، وغير ذلك من الآيات.
كما وردت بذلك الصحاح من الحديث.
فقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال ومن قتل نفسه بحديدة عذب به فى نار جهنم) وفى حديث جندب عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (كان برجل جراح قتل نفسه.
فقال الله عز وجل بدرنى عبدى بنفسه فحرمت عليه الجنة) وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال النبى صلى الله عليه وسلم (الذى يخنق نفسه يخنقها فى النار والذى يطعنها يطعنها فى النار) وغير ذلك كثير من الأحاديث والآثار الصحيحة الدالة على تحريم قتل النفس ولشناعة قتل النفس وبشاعته ولشدة النكير على فاعله لم يرد فى الشريعة الإسلامية ما يبيحه أو يخفف عقوبته لأى سبب من الأسباب، ولا لأى ظرف من الظروف مهما كان خطره ومهما كانت النتائج المترتبة عليه حتى نص الفقهاء على أن الإنسان إذا أكره بقتل نفسه على قتل نفس شخص أخر فقتله فهو آثم وهذه سيرة السلف فى تعذيبهم واضطهادهم للتخلي عن الإسلام والنطق بكلمة الكفر وفى حروبهم وتعرض بعضهم لما لاتطيقه النفس البشرية لم نسمع ولم نر أن أحدا منهم أقدم علي قتل نفسه للتخلص مما هو فيه من تعذيب شديد واضطهاد.
وقد سئل الإمام ابن تيمية عن رجل له مملوك هرب ثم رجع فلما رجع أخذ سكينة وقتل نفسه فهل يأثم سيدة وهل يجوز علية الصلاة فأجاب إنه لم يكن له أن يقتل نفسه وإن كان سيده قد ظلمة واعتدى بأى وسيلة بل كان عليه إذا لم يمكنه رفع الظلم عن نفسه أن يصبر إلى أن يفرج الله إلى آخر ما جاء بهذه الفتوى.
ومن هذا كله يتبين أن الإنسان لا يجوز له بحال من الأحوال مهما كانت الظروف والدواعى أن يقتل نفسه.
ومن ذلك ما جاء بحادثة هذا السؤال.
فإنه إذا وقع أحد من المحاربين فى الأسر، فإنه لا يجوز له أن يقتل نفسه، والواجب عليه شرعا أن يصبر على التعذيب ويكتم سره ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، ويكون فى ذلك المثوبة الكبرى له لإرضائه لربه ورسوله ودينه ووطنه، ولا حرج عليه شرعا أن يدلى للعدو بأقوال غير صحيحة تضليلا له وللكف عن تعذيبه، لأن الكذب فى الحروب مباح شرعا كما وردت بذلك الآثار وأقوال الفقهاء.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(7/183)
التشاؤم بالأرقام وغيرها
المفتي
حسن مأمون.
رجب 1375 هجرية - 26 فبراير 1956 م
المبادئ
1- التشاؤم سوء ظن بالله سبحانه وتعالى بغير سبب محقق، وربما يقع للمتشائم المكروه الذى اعتقده بعينه عقوبة له.
2- التشاؤم بالأرقام والأيام وغيرها منهى عنه شرعا، لأن الأمور تجرى بأسبابها وبقدرة الله سبحانه وتعالى، ولا ارتباط بين هذه الأشياء وبين ما يناله الإنسان من خير أو شر
السؤال
من السيد / ع أأ قال: أولا - هل يجوز للإنسان أن يصدق أو يعتقد أو يتشاءم أو يتوهم أن يصيبه مرض أو موت أو غيره من الأعداء، أو من السنين أو من الشهور أو من الأيام أو من الأوقات، أو من دخول بيت أو من لبس ثوب أو من غيره أم لا ثانيا - ما هى أسماء وأصحاب الكتب الشرعية الدينية الإسلامية الصحيحة المعتمدة النافعة المفيدة السهلة التى يجوز اقتناؤها، والعمل بها فى العقائد والعبادات والمعاملات وغيرها
الجواب
عن السؤال الأول كان التطير والتشاؤم فى الجاهلية فجاء الإسلام يرفع ذلك.
ففى الحديث (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) وفيه (لا عدوى ولا طيرة ويعجبنى الفأل الحسن) وفيه أيضا (من تكهن أو رده عن سفر طير فليس منا) ونحو ذلك من الأحاديث.
وذلك إذا اعتقد أن شيئا مما تشاءم منه من عدد أو وقت أو طير أو غيره موجب لما ظنه ولم يضف التدبير إلى الله سبحانه وتعالى، فأما إذا علم أن الله هو المدبر ولكنه أشفق من الشر، لأن التجارب قضت بأن يوما من الأيام أو وقتا من الأوقات يرد فيه مكروه، فإن وطن نفسه على ذلك أساء، وإن سأل الله الخير واستعاذ به من الشر ومضى متوكلا ولم يتشاءم لم يضره ما وجد فى نفسه من ذلك وإلا فيؤاخذ به، لأن التشاؤم سوء ظن بالله سبحانه وتعالى بغير سبب محقق - وربما وقع به ذلك المكروه الذى اعتقده بعينه عقوبة له على اعتقاده الفاسد، ولا تنافى بين ما ذكر وبين ما رواه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه.
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال الشؤم فى المرأة والدار والفرس وفى رواية عنه أيضا قال ذكروا الشؤم عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم إن كان الشؤم فى شىء ففى الدار والمرأة والفرس لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه يشير بهذا إلى تخصيص الشؤم بمن تحصل منه العداوة والفتنة، لا كما يفهم بعض الناس من التشاؤم بهذه الأشياء، أو أن لها تأثيرا وهى ما لا يقول به أحد من العلماء، ويؤيد هذا مارواه الطبرانى إن من شقاء المرء فى الدنيا سوء الدار والمرأة والدابة - سوء الدار ضيق ساحتها وخبث جيرانها.
وسوء الدابة منعها ظهرها وسوء طبعها، وسوء المرأة عقم رحمها سوء خلقها.
ومما سبق بيانه يعلم أن التشاؤم بالأرقام والأيام وغيرها منهى عنه شرعا، لأن الأمور تجرى بأسبابها وبقدرة الله ولا ارتباط لهذه الأشياء بخير يناله الإنسان أو شر يصيبه.
وأما السؤال الثانى فقد سبق إجابة السائل عليه بالفتوى المسجلة بالدار برقم 235 سجل 63 متنوع بتاريخ 5 من ذى القعدة سنة 1369 الموافق 19/8/1950 وقد جاء بها (أن الكتب الدينية النافة المعتمدة فى الإسلام لا يحصيها العد.
وسنذكر منها ما يسهل تناوله والانتفاع به فى العبادات والمعاملات والعقائد.
الحديث (ا) الترغيب والترهيب للحافظ عبد العظيم المنذرى.
(ب) سبل السلام شرح نيل المرام للإمام الصنعانى.
(ج) نيل الأوطار للإمام الشوكانى.
التفسير (ا) تفسير القرآن الكريم للإمام أبى السعود.
(ب) تفسير القرآن الكريم للإمام النيسابورى.. الفقه - فقه حنفى (ا) مراقى الفلاح شرح نور الإيضاح للشرنبلالى.
(ب) الاختيار شرح تعليل المحتار للإمام عبد الله محمود مودود الموصلى فقه شافعى حاشية البجيرمى على شرح الخطيب للشيخ سليمان البجيرمى.
فقه مالكى أقرب المسالك إلى فقه الإمام مالك للقطب الدردير.
فقه حنبلى الإقناع للإمام أبى النجا شرف الدين الحجاوى العقائد (ا) شرح الخريدة للقطب الدردير (ب) رسالة التوحيد للإمام الشيخ محمد عبده ونزيد على ما جاء بها الحديث شرح مختصر الزبيدى للشيخ الشرقاوى.
التفسير (ا) الجامع لأحكام القرآن لأبى عبد الله محمد القرطبى.
(ب) تفسير القرآن للإمام محمد عبده.
فقه حنفى بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبى بكر الكاسانى فقه شافعى المجموع شرح المهذب للإمام أبى زكريا محيى الدين النووى.
فقه حنبلى المغنى والشرح الكبير لابن قدامة.
الفقه على المذاهب الأربعة للشيخ عبد الرحمن الجزيرى الذى طبعته وزارة الأوقاف.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/184)
الحكم بالقوانين الوضعية المتفقة مع الشريعة الإسلامية
المفتي
حسن مأمون.
ربيع الثانى 1376 هجرية - 29 فبراير 1976 م
المبادئ
1- ليس للقاضى الذى نصبه السلطان للحاكم بين الناس طبقا للشريعة الإسلامية الامتناع عن تطبيق القوانين الوضعية بحجة أنه لا يحكم إلا بالشريعة الإسلامية ولا يعترف بالقوانين الوضعية.
2- عليه أن يحضر الجلسات وينظر القضايا التى يناط إليه نظرها مدنية كانت أم جنائية، ويحكم فيما لا يرى أن حكمها الوضعى مخالف للشريعة الإسلامية.
كرد الوديعة والقرض وأداء الدين ونحو ذلك.
ويكون مؤاخذا بالامتناع. 3- لا يكون مؤاخذا إذا امتنع عن تطبيق القانون الوضعى فى الأمور الواضحة مخالفتها للشريعة الإسلامية، كالحكم بالفائدة للدين ونحو ذلك.
4- لا يسقط دين الذمى الذى صار حربيا بلحوقه بدار الحرب مادام لم يظهر على الدار أو يؤسر.
5- له حق المطالبة بدينه ويجب تسليم الدين إليه، أو بعث من يأخذه.
6- يجوز لولى الأمر منع قضاته من سماع الدعوى من الذمى أو وكيله تطبيقا لقاعدة القضاء يتخصص بالزمان والمكان والخصومة مادام الذمى بدار الحرب
السؤال
بكتاب السيد الفاضل الأستاذ م أالنائب العام بطرابلس والذى يعرض فيه مسألتين: الأولى مستشار امتنع عن حضور الجلسات المدنية والجنائية طالبا أن يقتصر عمله على القضايا الشرعية وعددها فى محكمة استئناف طرابلس أربع قضايا.
علما بأن زملاءه الثلاثة من المشايخ يباشرون العمل فى دوائر الجنايات وفى الدوائر المدنية.
وحجته أنه لا يحكم إلا بالشريعة الإسلامية، ولا يعترف بالقوانين الوضعية (المدنى والعقوبات والمرافعات والتجارى) ولا يريد أن يطبقها أو يحكم على مقتضاها، وهى قوانين تشابه القوانين المصرية تماما.
فما هى الرأى الشرعى فى شأن هذا المستشار الممتنع عن أداء واجبه مع قبض مرتبه بانتظام.
وهل يؤيده الشرع فى ذلك مع إيراد المراجع الفقهية فى هذه المسألة الثانية أقرض شخص إسرائيلى امرأة ليبية دينا بعقد رسمى رهنت فيه المدينة منزلا، نزع الدائن ملكية المنزل ولم يوف الدين، لأن البيع كان بالمزاد الجبرى وبثمن بخس، وقد أردف الدائن ذلك بدعوى نزع ملكية لمنزل آخر، وأصدر توكيلا لولده لمباشرة الإجراءات، وأما هو فقد نزح إلى إسرائيل ومقيم بها حتى الآن.
والمطلوب الإفادة من الناحية الشرعية عما إذا كان يجوز لمراب مقيم بدار الحرب أن يقاضى مسلما فى دار الإسلام، وهل يجوز للإسرائيلى المتوطن فى إسرائيل أن يرفع دعوى بحق له أمام المحاكم الليبية، وهل تنقطع علاقة الإسرائيلى بليبيا إذا ما انتقل إلى دار الحرب، أم من حقه أن يعين وكيلا عنه لمباشرة حقوقه فى ليبيا للإجابة على السؤالين
الجواب
نبدأ بسرد النصوص الواردة ونستخلص منها الحكم فنقول وبالله التوفيق عن المسألة الأولى جاء فى البحر الرائق شرح كنز الدقائق ج- 6 ص 254 فى أول باب القضاء نقلا عن البدائع (وفى البدائع الحكم بين الناس بالحق وهو الثابت عند الله تعالى من حكم الحادثة إما قطعا بأن كان عليه دليل قطعى وهو النص المفسر من الكتاب أو السنة المتواترة أو المشهورة أو الإجماع وإما ظاهرا بأن أقام عليه دليلا ظاهرا يوجب علم غالب الرأى وأكثر الظن، وهو ظاهر الكتاب والسنة ولو خبر واحد والقياس وذلك فى المسائل الاجتهادية التى اختلف فيها الفقهاء أو التى لا رواية فيها عن السلف فلو قضى بما قام الدليل القطعى على خلافه لم يجز، لأنه قضى بالباطل قطعا، وكذا لو قضى فى موضع الاختلاف بما هو خارج عن أقاويل الفقهاء لم يجز، لأن الحق لم يعدوهم، ولذا لوقضى بالاجتهاد فيما فيه نص ظاهر بخلافه لم يجز، لأن القياس فى مقابلة النص باطل ولو ظاهرا) والقضاء يتخصص بزمان ومكان وخصومة.
قال صاحب الدر المختار ج- 4 ص 530 فروع (القضاء مظهر لا مثبت ويتخصص بزمان ومكان وخصومة وعلق عليه ابن عابدين صاحب رد المختار فى الجزء المذكور بقوله عزاه فى الأشباه إلى الخلاصة وقال فى الفتح من أول كتاب القضاء الولاية تقبل التقييد والتعليق بالشرط كقوله إذا وصلت إلى بلدة كذا فأنت قاضيها أو إذا وصلت مكة فأنت أمير الموسم والإضافة كجعلتك قاضيا فى رأس الشهر والاستثناء منها كجعلتك قاضيا إلا فى قضية فلان ولا تنظر كذا.
وقال صاحب الدر تتمة لكلامه السابق حتى لو أمر السلطان بعدم سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة فسمعها لم ينفذ.
ونقل عن الفتاوى الحامدية فتاوى من المذاهب الأربعة بعدم سماعها بعد النهى المذكور.
وطاعة الإمام واجبة فيما يوافق الشرع. قال صاحب الدر المختار أمر السلطان إنما ينفذ إذا وافق الشرع وإلا فلا.
أشباه من القاعدة الخامسة وفوائد شتى. وقد أجاب صاحب تنقيح الحامدية فى السؤال على ما إذا حكم القاضى بخلاف الشرع بقوله إذا حكم الحاكم بخلاف الشرع الشريف وأعطى بذلك حجة لا ينفذ الحكم المذكور ولا يعمل بالحجة والحالة هذه.
قال الله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} المائدة 45، وقال عليه الصلاة والسلام قاض فى الجنة وقاضيان فى النار أى قاض عرف الحق وحكم به فهو فى الجنة وقاضى عرف الحق وحكم بخلافة فهو فى النار.
وكذا قاضى قضى على جهل.
على أن للسلطان أن يعزل القاضى بريبة أو بغير ريبة.
نقل ذلك صاحب البحر عن الخلاصة والبزازية. ومما سبق يتبين أن القاضى الذى ينصبه السلطان للحاكم بين الناس طبقا للشريعة الإسلامية ثم يطلب منه الحكم فى الجلسات المدنية والجنائية طبقا للقانون الوضعى لا يكون محقا فى امتناعه عن حضور تلك الجلسات بحجة أنه لا يحكم إلا بالشريعة الإسلامية ولا يعترف بالقوانين الوضعية.
وذلك لأن القوانين الوضعية لا تخالف فى جملتها الشريعة الإسلامية، بل منها ما يوافق الشريعة الإسلامية ومنها ما يخالفها، وليس للقاضى أن يمتنع عن تطبيق القوانين الوضعية لأنها قوانين وضعية ولو كانت أحكامها مستمدة من الشريعة الإسلامية، بل عليه أن يحضر الجلسات وينظر فى القضايا التى يناط إليه نظرها مدنية كانت أم جنائية، ويحكم فيما يعرض عليها منها طبقا للقوانين الوضعية فى الأمور التى لا يرى أن حكمها الوضعى مخالف للشريعة الإسلامية، كالحكم برد الوديعة والقرض وأداء الدين، وكالحكم بقتل القاتل العامد ونحو ذلك ويكون مؤاخذا بالامتناع، ولا يكون مؤاخذا إذا امتنع عن تطبيق القانون الوضعى فى الأمور الواضحة مخالفتها للشريعة الإسلامية، كالحكم بالفائدة للدين وهى ربا محرم، ونحو ذلك من الأمور التى اتفق الفقهاء على عدم حلها.
عن المسألة الثانية فى الهداية فى باب المستأمن ولو أن حربيا دخل دارنا بأمان ثم عاد إلى دار الحرب وترك وديعة عند مسلم أو ذمى أو دينا فى ذمتهم فقد صار دمه مباحا بالعود لأنه أبطل أمانه، وما فى دار الإسلام من ماله على خطر فإن أسر أو ظهر على الدار فقتل سقطت ديونه وصارت الوديعة فيئا أما الوديعة فلأنها فى يده تقديرا، لأن يد المودع كيده فيصير فيئا تبعا لنفسه، وأما الدين فلأن إثبات اليد عليه بواسطة المطالبة وقد سقطت ويد من عليه أسبق إليه من يد العامة فيختص به فيسقط وإن قتل ولم يظهر على الدار فالقرض والوديعة لورثته.
وكذا إذا مات لأن نفسه لم تصر مغنومة فكذلك ماله، وهذا لأن حكم الأمان باق فى ماله فيرد عليه أو على ورثته من بعده.
وقال صاحب البحر فإن رجع المستأمن إلى دار الحرب حل دمه وجاز قتله، لأنه أبطل أمانة بالعود إليها، وظاهرة أنه لا فرق بين كونه قبل الحكم بكونه ذميا أو بعده لأن الذمى إذا لحق بدار الحرب صار حربا علينا فيعرى عقد الذمة عن الفائدة وهو دفع شر الحراب.
وقال تعليقا على قول صاحب الكنز (فإن أسر أو طهر عليه سقط دينه وصارت وديعته فيئا، وإن قتل ولم يظهر أو مات فقرضه ووديعته لورثته) بيان لحكم أمواله المتروكة فى دار الإسلام إذا رجع إلى دار الحرب فإن أمانه بطل فى حق نفسه فقط، وأما فى حق أمواله التى فى دارنا فباق.
ولهذا يرد عليه ماله وعلى ورثته من بعده.
وفى السراج لو بعث من يأخذ الوديعة والقرض وجب التسليم إليه.
وحاصل المسألة خمسة أوجه ففى ثلاثة يسقط دينه وتصير وديعته غنيمة - الأول أن يظهروا على الدار ويأخذوه - الثانى أن يظهروا ويقتلوه - الثالث أن يأخذوه مسبيا غير ظهور، وإنما صارت وديعته غنيمة لأنها فى يده تقديرا، لأن يد المودع كيده فيصير فيئا تبعا لنفه وإنما سقط الدين لأن إثبات اليد عليه بواسطة المطالبة وقد سقطت ويد من عليه أسبق إليه من يد العامة فتختص به فيسقط، وفى وجهين يبقى ماله على حاله فيأخذه إن كان حيا أو ورثته إن مات.
الأول أن يظهروا على الدار فيهرب، الثانى أن يقتلوه ولم يظهروا على الدار أو يموت لأن نفسه لم تصر مغنومة فكذلك ماله.
ومما سبق يتبين أن الذمى الذى صار حربيا بلحاقه بدار الحرب لا يسقط دينه مادام أنه لم يظهر على الدار ولم يؤسر، وله حق المطالبة بدينه، ويجب تسليم الدين إليه أو بعث من يأخذه - على أنه يجوز لولى الأمر أن يمنع قضاته من سماع الدعوى من الذمى أو وكيله مادام الذمى بدار الحرب لما سبق بيانه فى المسألة الأولى من أن القضاء يتخصص بالزمان والمكان والخصومة.
والله أعلم وهو الهادى إلى الصراط المستقيم(7/185)
أملاك غير المسلمين فى بلاد المسلمين ليست فيئا أو غنيمة
المفتي
حسن مأمون.
10 ذوالقعدة 1376 هجرية - 9 يونية 1957 م
المبادئ
1- الأملاك المتروكة من غير المسلمين عند هجرتهم من بلاد الإسلام ليست فيئا أو غنيمة، وخاصة إذا أعقب ذلك معاهدة بين الدولتين (المهاجرين منها والمهاجرين إليها) تضمنت الاعتراف بها لهم وتعيين أوصياء لحفظها.
2- تبقى هذه الأملاك على ملك أصحابها، وتستغل لمصلحتهم ويحفظ ريعها لهم.
3- استيلاء شخص على قطعة أرض منها دون إذن من الولى وبناؤها مسجدا يكون ذلك غصبا، وكل تصرف له عليها يقع باطلا، ولا يعتبر المسجد مسجدا، ولصاحب الأرض وولى الأمر نقض بنائه
السؤال
بكتاب السيد - أح أالقائم بأعمال سفارة الباكستان بالقاهرة المؤرخ 16/5/1957 المقيد برقم 1308 سنة 1957 والذى يطلب فيه بيان الحكم الشرعى فيما يأتى: أولا على أثر تقسيم شبه القارة الهندية هاجر ملايين من الناس من باكستان غلى الهند تاركين أملاكا لهم فى باكستان، وقد أبرمت معاهدات بين الحكومتين اعترفتا فيها بملكية المهاجرين لأملاكهم التى تركوها وعين أوصياء للمحافظة عليها.
فهل يصح اعتبار الأملاك المتروكة فى الباكستان من غير المسلمين غنيمة أو فيئا، أم تعتبر أمانة.
ثانيا وإذا احتل زيد قطعة من هذه الأملاك التى تركها غير المسلمين فى باكستان دون أن يدفع لها ثمنا أو يحصل على إذن من أى إنسان وشيد عليها مبنى مؤقتا للصلاة لم يوقفه، فهل يعتبر هذا المصلى مسجدا له ما للمساجد الأخرى من الحقوق والمزايا فى نظر الشريعة الإسلامية.
ثالثا متى يعتبر المبنى مسجدا، وما هى الشروط التى يجب توافرها لاعتباره مسجدا، أو إذا احتل رجل اسمه بكر جزءا من أرض ليست ملكه وشيد عليها مبنى للصلاة دون أن يدفع ثمنا لهذه الأرض، أو يحصل على إذن شرعى لامتلاكها، أو لبناء مصلى عليها.
فهل يصح هذا المبنى مسجدا.
وهل يصح وقفه
الجواب
عن السؤال الأول غير المسلمين الذين كانوا مقيمين فى الباكستان قبل تقسيم شبه القارة الهندية، ثم هاجروا إلى الهند بعد قسمتها إلى دولتى الهند والباكستان - تاركين فى الباكستان أملاكا لهم اعترفت حكومتا الهند وباكستان بمقتضى المعاهدات التى أبرمت بينهما بملكيتهم لهذه الأملاك، وبتعيين أوصياء للمحافظة عليها - هذه الأملاك لا يجوز اعتبارها شرعا غنيمة أو فيئا، وذلك لأن الغنيمة هى المال المأخوذ من غير المسلمين بالقهر والغلبة والحرب قائمة بين المسلمين وغير المسلمين - والفىء المال الذى يؤخذ من غير المسلمين مقابل الكف عن قتالهم وبناء على طلبهم كالخراج والجزية - وواضح أن الأملاك المسئول عنها لا ينطبق عليها شرعا تعريف الغنيمة أو الفىء، فلا يجوز اعتبارها من أحدهما، وتبقى هذه الأملاك على ملك أصحابها، وتستغل أيضا لمصلحتهم، وذلك طبقا للأحكام الفقهية التى تطبق على أهل الذمة وعلى المستأمنين فى دار الإسلام ومنها: 1- احترام ملكيتهم لما فى أيديهم من مال ما لم ينقضوا العهد أو يحاربوا جماعة المسلمين.
2- بقاء عصمة أموالهم الموجودة فى دار الإسلام بعد مغادرتهم لها وحفظها لهم حتى يعودوا.
3- عدم جواز الاعتداء عليها أو انتهاك حرمتها أو تملكها ويحفظها لهم ولى أمر المسلمين حتى يعودوا ويستغلها لمصلحتهم، ويحفظ ريعها لهم وهذا كله واضح فى حالة ما إذا لم تكن حكومة الباكستان قد أبرمت معاهدة مع حكومة الهند تضمن بها بقاء ملكية المهاجرين لأموالهم وبالطبع هذه المعاهدة قد أكدت الأحكام الشرعية التى أشرنا إليها،ولذلك يجب اعتبار هذه الأملاك أى أملاك المهاجرين غير المسلمين الموجودة فى الباكستان على ذمة أصحابها، واستغلالها لمصلحتهم وبقائها أمانة هى وريعها - هذا عن السؤال الأول.
أما عن السؤال الثانى فإن الظاهر أن زيدا احتل قطعة أرض مملوكة لمهاجر غير مسلم ولم يدفع لها ثمنا، ولم يحصل على إذن من ولى أمر الدولة الإسلامية، أو أى شخص له شأن فى إعطاء هذا الإذن، وحكم هذا التصرف منه شرعا أنه اغتصاب لأرض مملوكة للغير ملكا صحيحا للأوجه التى بيناها فى الإجابة عن السؤال الأول.
وعليه يكون كل تصرف منه فى هذه الأرض بدون إذن صاحبها تصرفا باطلا، فلا يصح له أن ينشىء عليها مبنى مؤقتا للصلاة فيه سواء وقفه أو لم يوقفه.
ونظرا لأنه يفهم من السؤال أنه شيد المبنى على الأرض المغصوبة مؤقتا للصلاة فيه بصفة مؤقتة فإن هذا المبنى أيضا لا يعتبر مسجدا لإقامته فى أرض مغصوبة ولعدم وقفه شرعا، ولصاحب الأرض أن ينقض المصلى، وكذلك لولى الأمر الذى يرعى هذه الأملاك أن ينقضها.
أما عن السؤال الثالث فإن المبنى يعتبر مسجدا شرعا إذا أقامه البانى فى أرض مملوكة له، وأذن بالصلاة فيه وصلى الناس فيه فعلا.
أو أقامه فى أرض للغير بإذنه وصلى الناس فيه - وتطبيقا لهذه الشروط لا يكون المبنى الذى شيده بكر فى أرض غيره من غير أن يدفع ثمنها أو يحصل على إذن صاحبها، أو من يتولى إدارتها نيابة عنه فى امتلاكها ولم يحصل أيضا على إذن شرعى ببناء المصلى عليها مسجدا، أى لا يكون هذا المصلى مسجدا شرعا، لعدم توفر الشروط التى اشترطها الفقهاء فى اعتبار المبنى مسجدا وبيتا من بيوت الله، وإذا أراد وقفه بعد بنائه يمنع منه حتى تتوفر فيه هذه الشروط.
والله أعلم(7/186)
شراب البيرة والتجارة فيه
المفتي
حسن مأمون.
ذى الحجة 1376 هجرية - 20 يولية 1957 م
المبادئ
لا يجوز شرعا الاتجار فى البيرة لعدم تقومها عند المسلمين كالخمر ولو كانت متقومة عند غيرهم
السؤال
من السيد /.
بطلبه المتضمن برقم 1348 سنة 1957 قال إنه تاجر بقالة افرنجى وحلويات، وأن معظم الجمهور يطلب منه شراء البيرة، وسأل هل يجوز الاتجار فى هذا الصنف أولا
الجواب
إن الآثار عن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاءت بتحريم كل مسكر - فقد روى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام) رواه الجماعة إلا البخارى وابن ماجه.
وفى رواية مسلم (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) وعنه أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال (ما أسكر كثيرة فقليله حرام) رواه أحمد وابن ماجه والدارقطنى وصححه.
فهذه الآثار تدل على أن كل شراب أسكر فهو خمر، وأن ما أسكر كثيره فقليله حرام.
فالبيرة المسئول عنها من شأنها أن تسكر متعاطيها فتكون محرمة، القليل منها والكثير سواء لأنها تعد خمرا شرعا.
لعموم قوله عليه السلام (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام) وعلى ذلك لا يجوز شرعا للمسلمين الاتجار فيها، لأنها غير متقومة عندهم، فلا ينعقد بيعها بينهم، لعدم توفر شرط من شروط البيع وهو تقوم المبيع وهى وإن كانت متقومة ومالا عند غير المسلمين فهى ليست كذلك عند المسلمين، فلا يجوز لهم التعامل أو الاتجار فيها.
والله أعلم(7/187)
تحديد النسل خشية الفقر
المفتي
حسن مأمون.
ذو القعدة هجرية - 14 يونية 1958 م
المبادئ
1- منع النسل أو تحديده يتنافى مع مقاصد النكاح، ولا يباح شرعا إلا للضرورة وعند وجود عذر يقتضيه، كالخوف على حياة الأم إن هى حملت.
2- خوف الفقر وكثرة الأولاد وتزايد السكان ليست من الأعذار المبيحة لمنع النسل أو تحديده
السؤال
بالطلب المقدم من السيد الأستاذ - ن م أرئيس جمعية النهضة الإسلامية للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والذى يطلب فيه الإفادة عن حكم الشريعة الإسلامية فى تحديد النسل خشية الفقر بصفة عامة، أو لتزايد السكان وقلة الموارد الغذائية
الجواب
إن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية إيجاد النسل وبقاء النوع الإنسانى وحفظه، ولذلك شرع الزواج للتناسل وتحصين الزوجين من الوقوع فى الحرام، وحث الرسول صلوات الله وسلامه عليه على اختيار الزوجات المنجبات للأولاد.
فقد روى الإمام أحمد عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول (تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) وروى أبو داود والنسائى عن معقل بن يسار قال جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال (أنى أصبت امرأة ذات حسب وجمال وأنها لا تلد فأتزوجها قال لا، ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم) كما شرع ما يحفظ النسل من تحريم الزنا والإجهاض، ومنع النسل أو تحديده من الأعمال التى تنافى مقاصد النكاح.
ولهذا لا تبيحه الشريعة إلا عند الضرورة وعند وجود عذر يقتضيه كالخوف على حياة الأم ونحوه، وليس من الأعذار وجود عذر يقتضيه كالخوف على حياة الأم ونحوه، وليس من الأعذار خوف الفقر وكثرة الأولاد أو تزايد السكان، لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بالرزق لكل كائن حى.
حيث قال فى كتابه الكريم {وفى السماء رزقكم وما توعدون.
فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} الذاريات 22، 23، وقال سبحانه وتعالى {وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين} هود 6، وقال سبحانه وتعالى {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم} الإسراء 31، ومن علم أن مال الله غاد ورائح، وأن مع العسر يسرا، وأن الغنى قد يصبح فقيرا معدوما والفقير المعدم قد يصبح غنيا وافر الغنى، لم يشك أن الغنى والفقر من العوارض التى تتبدل.
وبهذا علم الجواب عن السؤال وأن تحديد النسل خوف الفقر غير جائز.
وفى الحديث - استكثروا من أولادكم فإنكم لا تدرون بمن ترزقون - وهذا لا ينافى أن هناك ضرورات خاصة بالمرأة تجيز منع الحمل كما ذكرنا، ولكل حالة حكمها الخاص.
والله أعلم(7/188)
التصرف الضار ببعض الورثة
المفتي
حسن مأمون.
16 يولية 1958 م
المبادئ
1- ترك تفضيل بعض الورثة على الآخر واجب.
2- يجب على كل شخص أن يترك ملكه ميراثا عند بعد وفاته طبقا لقسمة الشارع الحكيم، إبقاء على صلة القربى، ومنعا من إثارة العداوة والبغضاء بين أفراد الأسرة، وهذا يؤدى غلى قطيعة الرحم وهو حرام وما أفضى إلى الحرام حرام.
3- إيثار البعض ببعض التركة إيذاء للآخرين وإيحاش لهم.
4- البيع لأحد الورثة صوريا قصد حرمان الآخرين والتهرب مما فى ذمته من حقوق غير جائز شرعا
السؤال
من السيد /.
بطلبه المتضمن أنه فى الخمسين من عمره وله ثلاث بنات سنهن على التوالى 19، 5، 3، ويملك منزلا مكونا من طابق واحد يسكن فيه هو وزوجته وبناته، وله أخت شقيقة لها عليه حق كما أن له أبناء أبناء عم وأقارب آخرين وكلهم موسرون ويريد أن يكتب المنزل باسم زوجته لتتنازل عنه بدورها لبناته بعد وفاته ولا يحق لها التصرف إلا بعد أن تبلغ البنات القاصرات سن الرشد، ويكتب لأخته الشقيقة نصيبها فى الميراث كدين عليه بعد وفاته تأخذه نقودا حتى لا يتجزأ المنزل.
وطلب السائل الإفادة عن حكم هذا التصرف شرعا وهل فيه إجحاف بحق أقاربه
الجواب
إن أحكام الشريعة الإسلامية تقضى بترك تفضل بعض الورثة عن البعض الآخر، وأن يترك كل شخص ملكه يورث عنه بعد وفاته طبقا لقسمة الشارع الحكيم الذى قسم التركات بعد وفاة المالك قسمة عادلة وحذر من تفضيل بعضهم على بعض إبقاء على صلة القربى ومنعا من إثارة العداوة والبغضاء بين أفراد السرة الواحدة، ولأن إيثار بعض الورثة فيه إيذاء البعض وإيحاشهم، وأنه يؤدى إلى قطع الرحم وهو حرام، وما أفضى إلى الحرام حرام، ولذلك قال كثير من الفقهاء بأنه لا تصح الوصية للوارث.
لما روى عن أبى قلابة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله تبارك وتعالى أعطى كل ذى حق حقه فلا وصية لوارث) وقد قال بعض الفقهاء إنه تصح الوصية للوارث وبرأيهم أخذت المادة 37 من قانون الوصية رقم 71 سنة 1946 وأجازت الوصية بالثلث للوارث وغيره،وتنفذ فيه من غير إجازة الورثة.
كما نصت المادة 31 من قانون الوصية المذكور على صحة الوصية بقسمة أعيان التركة على ورثة الموصى بحيث يعين لكل وارث أو لبعض الورثة قدر نصيبه وتكون لازمة بوفاة الموصى، فإن زادت قيمة ما عين لأحدهم عن استحقاقه فى التركة كانت الزيادة وصية.
فإذا أراد السائل أن يكون تصرفه جائزا أوصى لمن يرغب من ورثته بثلث المنزل أو أوصى بجميع تركته لورثته على الوجه المبين فى المادة 13 المذكورة وورثته الآن هم زوجته وبناته الثلاث وأخته الشقيقة.
أما رغبته فى الخروج عن جميع المنزل وهو جميع ملكه لزوجته بطريق البيع الصورى كما هو الظاهر من السؤال بغية حرمان الورثة من الميراث، والتهرب مما فى ذمته من حق لأخته فذلك غير جائز شرعا.
والله أعلم(7/189)
أكل لحم الضب
المفتي
حسن مأمون.
صفر 1378 هجرية - 13 سبتمبر 1958 م
المبادئ
1- لا يحل عند الحنفية أكل لحم الضب وغيره من كل ماله ناب أو مخلب من سبع أو طير،كما لا يحل عندهم أكل الحشرات.
وما روى من أكل لحم الضب محمول على أن ذلك كان في ابتداء الإسلام قبل نزول القرآن بشأنه،ولأن القاعدة أنة إذا اجتمع الحاضر والمبيح وتعارضا يرجع الحاظر.
2- ما استطابه العرب فهو حلال،وما استخبثوه فهو حرام بالنصر.
3- مذهب الأئمة الثلاثة حل أكل لحم الضب
السؤال
بالطلب المتضمن عن بيان حكم أكل لحم الضب هل حرام أو حلال بموجب السنة المحمدية
الجواب
إن المنصوص عليه شرعا فى مذهب الحنفية كما جاء فى التنوير وشارحه الدر المختار أنه لا يحل ذو ناب يصيد بنابه أو مخلب يصيد بمخلبه من سبع أو طير ولا الحشرات والضبع والثعلب لآن لهما نابا والضب وما روى من أكله محمول على ابتداء الإسلام قبل نزول قوله تعالى {ويحرم عليهم الخبائث} الأعراف 157، وقال ابن عابدين فى حاشيته رد المختار والدليل عليه أنه صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل كل ذى ناب من السباع وكل ذى مخلب من الطير - رواه مسلم وأبو داود وجماعة.
والسر فيه أن طبيعة هذه الأشياء مذمومة شرعا، فيخشى أن يتولد من لحمها شىء من طباعها فيحرم إكراما لبنى آدم، كما أنه يحل ما أحل إكراما لهم، وفى الكفاية والمؤثر فى الحرمة الإيذاء، وهو طورا يكون بالناب وتارة يكون بالمخلب أو الخبث، وهو قد يكون خلقة كما فى الحشرات والهوام.
ثم قال بعد ذلك تعليقا على قول الدر والخبث ما تستخبثه الطباع السليمة أجمع العلماء على أن المستخبثات حرام بالنص وهو قوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث وما استطابه العرب حلال لقوله تعالى {ويحل لهم الطيبات} (1) وما استخبثه العرب فهو حرام بالنص.
والذين يعتبر استطابتهم أهل الحجاز من أهل الأمصار، لأن الكتاب نزل عليهم وخوطبوا به، ولم يعتبر أهل البوادى لأنهم للضرورة والمجاعة يأكلون ما يجدون.
وذكر صاحب مجمع الأنهر الضب من المحرم أكله.
وعلل الحرمة بقوله لأنه من السباع خلافا للأئمة الثلاثة. وقال صاحب درر المنتقى حرمته لأنه من الخبائث.
هذا هو مذهب الحنفية.
وأما الأئمة الثلاثة فقد ذهبوا إلى حل أكله مستدلين بأحاديث رويت عن النبى صلى الله عليه وسلم كحديث ابن عمر رضى الله عنهما قال (إن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب فقال لم يكن من طعام قومى فأجد نفسى تعافه فلا أحلله ولا أحرمه) وحديث ابن عباس رضى الله عنهما قال أكل الضب على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى الآكلين أبو بكر رضى الله عنه -وقد أجاب عنها صاحب العناية وغيره من الحنفية بأن الأصل أن الحاظر والمبيح إذا تعارضا يرجح الحاضر على أن المبيح فى هذا الأمر مؤول بما قبل التحريم والله أعلم(7/190)
نقل عيون الموتى إلى الأحياء
المفتي
حسن مأمون.
شوال 1378 هجرية - 14 أبريل 1959 م
المبادئ
1 - إخراج عين الميت كإخراج عين الحى يعتبر اعتداء، وهو غير جائز شرعا، إلا إذا دعت إليه ضرورة، وبشرط أن تكون المصلحة فيها أعظم من الضرر الذى يصيب الميت.
2 - أخذ عين الميت لترقيع قرنية عين المكفوف الحى فيه مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت، ويجوز ذلك شرعا.
3 - التعدى المنهى عنه إنما يكون إذا كان لغير مصلحة راجحة أو لغير حاجة ماسة.
4 - عند استصدار قانون بإباحة ذلك يجب النص فيه على الإباحة فى حالة الضرورة، أو الحاجة الماسة لذلك فقط، وبشرط ألا يتعدى ذلك الأموات الذين لا أهل لهم.
أما من له أهل فيكون ذلك مشروطا بإذنهم فإن أذنوا بذلك جاز وإلا فلا
السؤال
بالطلب الوارد من جمعية النور والأمل المطلوب به بيان حكم الشريعة الإسلامية فى الاستيلاء على عيون الموتى عقب وفاتهم وحفظها فى بنك يسمى بنك العيون أسوة بحفظ الدم من الأحياء فى بنك الدم - هل هو حرام أم حلال وذلك لاستخدام هذه العيون فى ترقيع القرنية لمن تخرقت قرنياتهم حديثا، أسوة بما يفعله الأطباء الآن ليعيدوا البصر إلى المكفوفين، وبيان ما إذا كان الدين يمنع من صدور قانون يقضى بالاستيلاء على عيون الموتى، لاستعمالها فى تطبيب عيون الأحياء
الجواب
إننا بحثنا هذا الموضوع ووجدنا أن الإنسان الحر بعد موته تجب المحافظة عليه، ودفنه وتكريمه وعدم ابتذاله.
فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهى عن كسر عظم الميت لأنه ككسره حيا - ومعنى هذا الحديث أن للميت حرمة كحرمته حيا، فلا يتعدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك، وإخراج عين الميت كإخراج عين الحى يعتبر اعتداء عليه غير جائز شرعا، إلا إذا دعت إليه ضرورة تكون المصلحة فيها أعظم من الضرر الذى يصيب الميت، وذلك لأن قواعد الدين الإسلامى مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشد من هذا الضرر، فإذا كان أخذ عين الميت لترقيع قرنية عين المكفوف الحى يحقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت جاز ذلك شرعا، لأن الضرر الذى يلحق بالحى المضطر لهذا العلاج أشد من الضرر الذى يلحق الميت الذى تؤخذ عينه بعد وفاته، وليس فى هذا ابتذال للميت ولا اعتداء على حرمته المنهى عنه شرعا.
لأن النهى إنما يكون إذا كان التعدى لغير مصلحة راجحة أو لغير حاجة ماسة، وقد ذهبنا غلى جواز ذلك فى تشريح جثث الموتى ممن لا أهل لهم قبل دفنهم فى مقابر الصدقة، لتحقيق مصلحة عامة راجحة للناس، إحياء لنفوسهم أو علاجا لأمراضهم، أو لمعرفة أسباب الحوادث الجنائية التى تقع عليهم مستندين فى ذلك إلى ما سبق أن أوضحناه.
وإلى أن القواعد الأصولية تقضى بإيجاب ما يتوقف عليه أداء الواجب.
فإذا أوجب الشارع شيئا تضمن ذلك إيجاب ما يتوقف عليه ذلك الشىء - وعلى ذلك وتطبيقا لما ذهبنا إليه فى الإفتاء بجواز تشريح الجثث للموتى الذين لا أهل لهم - نقول إن الاستيلاء على عين الميت عقب وفاته لتحقيق مصلحة للحى الذى حرم نعمة البصر، وحفظها فى بنك يسمى بنك العيون لاستعمالها فى ترقيع قرنية المكفوفين الأحياء الذين حرموا نعمة النظر ليس فيه اعتداء على حرمة الميت، وهو جائز شرعا، لأن الضرورة دعت إليه، ولأن الضرورة شرعا تقدر بقدرها - نرى قصرها فى هذا الاستفتاء على أخذ عين الميت الذى لا أهل له قبل دفنه، لاستخدامها فى الغرض المنوه عنه سابقا وبذلك تتحقق مصلحة للأحياء المكفوفين أعظم بكثير من الضرر الذى يصيب الميت الذى أخذت عينه، وليس فيه امتهان لكرامته أو ابتذال له.
أما صدور قانون يقضى بالاستيلاء على عيون الموتى، فإننا نرى الاحتياط فيه بحيث يقتصر فيه على الحاجة الماسة فقط، وأن لا يتعدى الأموات الذين ليس لهم أهل، وأما الأموات الذين لهم فإن أمر الاستيلاء على عيون موتاهم يكون بيدهم وبإذنهم وحدهم، فإن أذنوا جاز ذلك، وإلا فلا يجوز بدون إذنهم.
وبهذا علم الجواب عن هذا الاستفتاء.
والله أعلم(7/191)
شرب البيرة
المفتي
حسن مأمون.
ربيع الآخر 1379 هجرية - 7 أكتوبر 1959 م
المبادئ
1 - كل شراب أسكر فهو خمر، وما أسكر كثيره فقليله حرام.
2 - البيرة مسكرة، فتكون محرمة شرعا بالنص
السؤال
من السيد /.
بطلبه قال إنه لاحظ أن شراب البيرة لا يؤثر على شاربها إذا أخذ منها كمية معقولة، لأنها بعكس غيرها من المشروبات الروحية.
نسبة تركيز الكحول بها بسيطة جدا، وتقل عن نسبتها فى الكينا البسليرى.
وسأل هل احتساء قليل من البيرة بالدرجة التى لا تسكر حلال أم حرام
الجواب
إن الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءت بتحريم كل مسكر.
فقد روى عن ابن عمر رضى الله عنهما - أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام) وفى رواية مسلم (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) وعنه أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال (ما أسكر كثيره فقليله حرام) رواه أحمد وابن ماجه والدارقطنى وصححه فهذه الآثار تدل على أن كل شراب أسكر فهو خمر، وأن ما أسكر كثيره فقليله حرام.
والبيرة باعتراف السائل شراب من الشربة المسكرة فتكون محرمة.
القليل منها والكثير سواء، لأنها تعتبر خمرا شرعا.
لعموم قوله عليه السلام (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام) والله أعلم(7/192)
شرب التمباك والدخان بالمسجد
المفتي
حسن مأمون.
جمادى الأولى 1379 هجرية - 10 نوفمبر 1959 م
المبادئ
1 - لا يجوز شرب الدخان بالمسجد شرعا إلحاقا بالنهى الوارد فى الثوم.
2 - يكره شرب الدخان أثناء قراءة القرآن
السؤال
بالطلب المتضمن الاستفتاء عن شرب التمباك وتدخينه فى المساجد التى هى مخصصة للعبادة والصلوات وتعليم القرآن الكريم وتعلمه وسماعه.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يجوز ذلك شرعا أم لا
الجواب
إنه لا يجوز ذلك شرعا لكراهة رائحته.
والدليل على ذلك ما رواه البخارى فى صحيحه فى (باب ما جاء فى أكل الثوم النىء والبصل والكرات) عن عمر بن الخطاب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى غزوة خيبر (من أكل من هذه الشجرة - يعنى الثوم - فلا يقربن مسجدنا) وفى رواية فلا يقربن المساجد.
وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أكل من هذه الشجرة - يريد الثوم - فلا يغشانا فى مساجدنا) وقال عبد الملك بن جريج ما يعنى إلا نتنه - أى رائحته الكريهة - ويلحق به كل ما له رائحة كريهة ومنها الدخان - وفى الدر وحاشيته قبيل كتاب الصيد عن الطحاوى ما نصه (ويؤخذ من إلحاق الدخان بالثوم والبصل كراهته تحريما فى المسجد للنهى الوارد فى الثوم والبصل وهو ملحق بهما) والظاهر كراهة تعاطيه حال القراءة - أى قراءة القرآن - لما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب الله تعالى.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.
والله أعلم(7/193)
استبدال الهدى والأضحية بالنقود غير جائز شرعا
المفتي
حسن مأمون.
جمادى الأولى 1379 هجرية - 23 نوفمبر 1959 م
المبادئ
1 - قربة الهدى والأضحية لا تقوم إلا بذبح الحيوان وإراقة دمه كما أرادها الشارع.
2 - لا يجوز استبدالها بالنقود مطلقا إقامة للتصدق بالثمن مقامها.
3 - القصد من هذه الشعيرة هو التقرب وليس التصدق.
4 - تكدس اللحوم وكثرتها وتعفنها يمكن علاجه بغير الاستبدال النقدى
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل شاهد بالحجاز أنه يُذْبح فى أيام النحر (بمنى) ما يقرب من المليون من الذبائح التى تقدم على أنها هدى أو أضحية، أو على أنها كفارة لمخالفة من المخالفات الدينية حسب القواعد الفقهية الشرعية.
والواقع أن هذه الذبائح لا تحقق الغرض الشرعى، لأن الفقير فى هذا اليوم يكون متخما من كثرة الذبائح ويترتب على ذلك أن كثيرا من هذه الذبائح يطرح فى الطرقات حيث يقيم حجاج بيت الله الحرام، ولشدة الحر تتعفن بسرعة، وتكون سببا فى انتشار الميكروبات، مما يؤدى إلى الضرر المحقق الذى لا تسمح به قواعد الشريعة الإسلامية.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يجوز استبدال النقد بالهدى والأضحية، لأنه أنفع للفقراء وأبعد عن عن الضرر والأذى أولا
الجواب
إن آيات القرآن الكريم الواردة فى سورة البقرة والمائدة والحج التى تضمنت النص على الهدى، والأحاديث الصحيحة الواردة فى الأضحية تقرر أن إراقة الدم نوع من أنواع القرب إلى الله سبحانه وتعالى وأنها شعيرة من شعائر الإسلام تذكر المسلمين بحادث النداء الذى حصل لسيدنا إبراهيم الخليل وابنه عليهما الصلاة والسلام، وتنبه النفوس المؤمنة إلى مبدأ التضحية فى سبيل الله وطاعته بأعز شىء لديها، والشعيرة هى العلاقة الواضحة الظاهرة التى اعتبرها الإسلام مظهرا من مظاهره العامة، وهى لا تتحقق إلا بعمل ظاهر يراه الناس فى مناسبات خاصة.
ولا شك أن لله سبحانه وتعالى أن يتعبدنا بما يشاء بما ندرك حكمته وبما لا ندركها، كاختلاف الصلوات مثلا فى عدد ركعاتها وكيفياتها وتحديد أوقاتها واختلاف مقادير الزكاة وغير ذلك.
فيجب علينا ابتاع أمر الله الحكيم سواء أفهمنا معنى حكمته فى تشريعه أو لم نفهمها.
وأننا لو أبحنا لأنفسنا التفكير والتغيير فى مثل هذه الأحكام لانفتح باب الشر على مصراعيه ولا يقف ضرره عند حد الهدى والأضحى، بل لتعدى إلى كل تشريع شرعه رب العالمين وخالقهم العالم بأحوالهم وما يناسبهم.
ومن هذا يتضح أن هذه القربة لا تقوم إلا بذبح الحيوان وإراقة دمه كما أرادها الشارع، وأنه لا يجوز مطلقا للمسلمين أن يفكروا فى استبدالها بالنقود وإقامة التصدق بثمنها مقامها، إذ ليس القصد هو التصدق، وإنما القصد هو التقرب إلى الله بإراقة الدم.
أما على فرض تكدس اللحوم فى هذه الأيام وكثرتها وزيادتها فإن هذا أمر يمكن علاجه فلو تضافر المسلمون وعملوا على استخدام الآلات الحديثة لحفظ هذه اللحوم وادخارها طيبة، ثم توزع على الفقراء والمساكين فى جميع الأقطار الإسلامية إن ضاق عنها القطر الحجازى لكان هذا أحسن علاج، وأدعى إلى الطمأنينة، وأحفظ للأموال، وكان كذلك متمشيا مع روح الشريعة الإسلامية السمحة.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال. والله أعلم.
ے(7/194)
حرص الشريعة الإسلامية على شرف المرأة ورفع مكانتها
المفتي
حسن مأمون.
شوال 1379 هجرية - 5 أبريل 1960 م
المبادئ
1 - تحرم الشريعة الإسلامية الخلوة بين المرأة وأجنبى عنها، وإظهار مفاتنها ومحاسنها أمامه.
2 - على المرأة أن تغض بصرها وتكف عن النظر إلى ما يحرم النظر إليه، وأن تحتفظ فرجها عما لا يحل لها من الزنا وتوابعه.
3 - لا يجوز للمرأة إبداء مواضع الزينة الخفية منها لكل أحد إلا ما استثنى فى الآية الكريمة.
4 - الدخول على المرأة المتزوجة منزل الزوجية أثناء غياب زوجها عنه غير جائز شرعا، إلا إذا كان الداخل معه رجل أو رجلان.
5 - دعوة الزوجة رجلا أجنبيا عنها للغداء معها بمفردها فى منزل الزوجية أثناء غياب زوجها تكون به مخطئة شرعا، ولزوجها منعها من ذلك
السؤال
بالطلب المتضمن أن زوجة مسلمة على عصمة زوجها المسلم تقابلت مع رجل أجنبى عنها لا قرابة له بها إطلاق وليس برحم محرم لها، ويقال إنه متزوج إحدى قريباتها، وهذا الرجل يقيم ببلدة أخرى، وأرادت استضافته فى مسكنها الخاص فى غيبة زوجها وبدون إذنه، وإعداد مأدبة غداء خاصة به وحده، وليس فى المسكن رجل يستقبله بل أرادت الزوجة أن تصاحبه بنفسها - عقب مقابلته لها - فى مسكنها وأن تشترك معه ووالدتها المقيمة معها فى تناول طعام الغداء.
وذلك كله فى غيبة زوجها وبدون إذن منه، وأن تبقى جالسة مع هذا الضيف على المائدة وهى غير محجبة، وهو أجنبى ليس رحما محرما لها كما تقدم.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يباح للزوجة المذكورة هذا العمل أو لا يباح
الجواب
إن الشريعة الإسلامية اهتمت بشرف المرأة المسلمة أيما اهتمام، وحرصت كل الحرص على المحافظة على عرضها، ورفع كيانها عن المهانة والابتذال وتعرضها لما يشين سمعتها ويهدم كرامتها، وذلك دفعا للفتنة ومقالة السوء - فحرمت عليها الاختلاء بأجنبى غير محرم لها، والاختلاط به مادام لم يوجد معهما محرم لها، كما حرمت عليها أن تبدى له زينتها، وأن تظهر مفاتنها ومحاسنها أمامه.
لأنه لا يجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
فالعينان تزنيان والنظر سهم مسموم من سهام إبليس.
قال الله تعالى فى كتابه الكريم {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} النور 31، وقال تعالى {إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا} الأحزاب 32، وقال تعالى {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} الأحزاب 53، وقال تعالى {يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} الأحزاب 59، وجاء فى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو قال الحمو الموت) والحمو هو أحد أقارب الزوج، أو أقارب الزوجة من غير المحارم - وروى مسلم أيضا - أن نفرا دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق وهى تحته يومئذ، فرآهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لم أر إلا خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد برأها من ذلك.
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال (لا يدخلن رجل بعد يومى هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان) والمغيبة هى التى غاب زوجها عن المنزل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبته يوم حجة الوداع (ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن فى المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا.
ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فراشكم من تكرهون ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون.
وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن فى كسوتهن وطعامهن) هذا وحديث الإفك الذى اتهمت فيه السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها بمجرد انفرادها برجل غير ذى رحم لها، وتأخرهما عن القافلة ليس ببعيد عن الأذهان، وزوجها خير البشرية حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لم ير نفى التهمة عنها التى شاعت فى جزيرة العرب، حتى أنه لم يذكر اسمها على لسانه طول مدة هذه المحنة، وكان حين يسأل عنها وهى مريضة فى بيت أبيها أبى بكر الصديق يقول كيف حال تيكم، حتى أنزل الله الوحى ببراءتها.
فالمحافظة على عفاف المرأة المسلمة وعرضها وشرفها من الأمور التى حرصت الشريعة الإسلامية على صيانتها.
الأمر الذى يتجلى واضحا من النصوص المذكورة وغيرها فى هذا الباب كثير ومن هذا كله يتعين أن السيدة المسئول عن أمرها مخطئة كل الخطأ فى تصرفها المذكور، ولا يباح لها هذا العمل شرعا.
ولزوجها الحق فى أن يمنعها من هذا التصرف.
ومنه يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/195)
الزار أمر منكر وبدعة سيئة
المفتي
أحمد هريدى.
محرم 1381 هجرية - 24 يونية 1961 م
المبادئ
1 - الزار نوع من دجل المشعوذين إيهام ضعاف العقول والإيمان بتخليص المريض من مس الجن.
وهو بطريقته المعروفة أمر منكر وبدعة سيئة لا يقرها الدين.
2 - يزداد نكرا إذا اشتملت حفلاته على شرب الخمور وغير ذلك من الأمور غير المشروعة
السؤال
من السيد /.
بطلبه المتضمن أن بجوار منزله جارة تعمل كوديا (أى معلمة زار) تقيم حفلات للزار فى منزلها تقرع فيها الطبول بصورة مقلقة وفى أوقات غير مناسبة، ويختلط فى هذه الحفلات الرجال بالنساء، ويشربون جميعا الخمور، وتستمر الحفلات على هذه الصورة ثلاثة أيام من كل أسبوع، وفى ذلك إقلاق لراحة السكان وتعطيل للطلبة عن استذكار دروسهم.
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى هذا الموضوع
الجواب
الزار نوعه من دجل المشعوذين الذين يوحون إلى ضعاف العقول والإيمان بأن المريض أصابه مس من الجن، وأن لأولئك الدجالين القدرة على علاجه وتخليصه من آثار هذا المس بطرقهم الخاصة، ومنها إقامة الحفلات الساخرة المشتملة على الاختلاط بين الرجال والنساء بصورة مستهجنة والإتيان بحركات وأقوال غير مفهومة.
والزار بطريقته المعروفة أمر منكر وبدعة سيئة لا يقرها الدين، ويزداد نكرا إذا اشتملت حفلاته على شرب الخمور وغير ذلك من الأمور غير المشروعة التى أشار إليها السائل - وأما ذكرها السائل فهو أمر لا تقره الشريعة، ويستطيع من لحقه شىء من هذه الأضرار أن يلجأ إلى الجهات المختصة لمنع هذه الأضرار عنه.
وبهذا علم الجواب عن السؤال.
والله تعالى أعلم(7/196)
اسكان الزوجة أقاربها فى مسكن الزوجية غير جائز
المفتي
أحمد هريدى.
جمادى الأولى 1382 هجرية - 21 اكتوبر 1962 م
المبادئ
1 - الزوجة الغنية التى تساعد زوجها فى المعيشة لا يجوز لها شرعا أن تسكن فى منزل الزوجية أحدا من أقاربها بغير رضا زوجها.
2 - إنفاقها على أقاربها إن كان من مالها فليس للزوج منعها منه.
وإن كان من ماله فلا يجوز لها ذلك شرعا
السؤال
من السيد /.
بطلبه والذى يطلب فيه بيان الحكم الشرعى فى الآتى: 1 - هل يعطى الشارع الحكيم للزوجة الغنية عن زوجها - التى تساعده فى المعيشة - حق عدم اطاعة الزوج، وأن تتصرف فى المنزل كما تشاء بسبب هذه المساعدة فى المعيشة.
2 - هل يجوز للزوجة أن تقيم فى منزل الزوجية بعض أقاربها وتنفق عليهم بسعة، مخالفة بذلك إرادة الزوج الذى لا يرغب فى وجود أحد معه فى منزل الزوجية، لأن هذا يضايقه ويجعله فاقد الحرية مع زوجته، مع ملاحظة أن من تقيمهم أغنياء ولكنهم يستغلونها
الجواب
تقضى النصوص الشرعية بأن لكل من الزوجين قبل الآخر حقوقا تجب مراعاتها، والقيام بها، لتدوم رابطة الزوجية ولا تنفصم عراها، وتؤتى ثمراتها التى يريدها الشرع وتتطلبها طبيعة الحياة الزوجية.
فمن حق الزوج على زوجته أن تطيعه فيما هو من شئون الزوجيه مما ليس فيه معصية لله تعالى، أما شئونها الخاصة بها كأن يمنعها من التصرف فى مالها أو يأمرها بأن تتصرف فيه على وجه خاص فلا تجب عليها طاعته فيه، لأنه ليس له ولاية على مالها ومن حقه عليها أن تحفظ بيته وماله وأن تحسن عشرته، ومن حقه عليها أيضا أن يمنعها من الخروج من بيته إلا لحاجة يقضى بها العرف ولزيارة أبويها ومحارمها، وأن يمنعها من إدخال أحد فى بيته والمكث فيه غير أبويها وأولادها ومحارمها، فليس له منعها من إدخالهم، ولكن له منعهم من المكث فى البيت، ومن حق الزوجة على زوجها أن يراعى العدل والإحسان فى معاملتها وأن ينفق عليها ولو كانت غنية، وأن يسكنها فى بيت خال عن أهله، لأنها تتضرر من مشاركة غيرها فيه وتتقيد حريتها إلا أن تختار ذلك، لأنها بهذا الاختيار تكون قد رضيت بانتقاص حقها.
وكما يجب أن يكون المسكن خاليا عن أهله يجب أيضا أن يكون خاليا عن أهلها ولو ولدها من غيره، لما ذكر من التضرر وتقييد الحرية، وللزوج منع أهلها من السكنى معه فى بيته، وطبقا لهذه النصوص لا يجوز شرعا للزوجة أن تخرج عن طاعة زوجها، وأن تتصرف فى المنزل بما تشاء مما لا يرضى عنه الزوج متخذة من مساعدته فى المعيشة ذريعة لذلك، كما لا يجوز لها شرعا أن تسكن فى منزل الزوجية أحدا من أقاربها أيا كانت درجة قرابتهم بغير رضا الزوج وأما إنفاقها على أقاربها فإن كان الإنفاق عليهم من مالها الخاص فليس للزوج منعها منه لأنها حرة فى التصرف فى مالها، وإن كان الإنفاق عليهم من مال الزوج فإنه لا يجوز لها ذلك شرعا.
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله أعلم(7/197)
اتيان الزوجة فى غير المواضع المشروع حرام
المفتي
أحمد هريدى.
10 مايو 1964 م
المبادئ
1 - يحرم على الرجل إتيان زوجته فى الموضع غير المشروع، وهذا منكر وحرام، ولكنه لا يوجب تحريمها شرعا.
2 - يجب على الزوج الإقلاع عن هذه العادة المرذولة، كما يجب على الزوجة عصاينه إذا طلب ذلك منها، ولها ألا تمكنه من نفسها فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
3 - إصرار الزوج على هذا المنكر، وامتناع الزوجة عنه حتى استحالت العشرة بينهما، يجيز للزوجة طلب التطليق منه للضرر أمام القضاء
السؤال
بالطلب المتضمن فيمن يأتى امرأته من الخلف وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
إن إتيان الرجل زوجته فى دبرها أمر منكر وحرام شرعا.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
فقد روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ملعون من أتى امرأته فى دبرها) رواه أحمد وأبو داود.
وفى لفظ (لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته فى دبرها) رواه أحمد وابن ماجه.
وعن خزيمة بن ثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم (نهى أن يأتى الرجل امرأته فى دبرها) رواه أحمد وابن ماجه.
وعن أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى الذى يأتى امرأته فى دبرها (اللوطية الصغرى) رواه أحمد.
إلا أن إتيان الرجل زوجته فى دبرها لا يوجب تحريمها شرعا.
ويجب على الزوج أن يقلع عن هذه العادة المرذولة، كما يجب على الزوجة أن تعصيه إذا طلب منها ذلك، ولا تمكنه من نفسها ليفعل بها هذا الأمر المنكر إذ لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق فإذا أصر الزوج على هذا الطلب واستحالت العشرة بسبب امتناع الزوجة عن مجاراته.
كان للزوجة أن ترفع أمرها للقضاء ليفرق بينهما بسبب هذا الضرر الذى فيه امتهان لكرامتها.
وبهذا عليم الجواب عما جاء بالسؤال والله أعلم(7/198)
قطع أصابع اليد الزائدة
المفتي
أحمد هريدى.
22 مايو 1968م
المبادئ
1 - لا يجوز للمرأة تغيير شىء من خلقتها بزيادة أو نقص قصد الحسن لا لزوج ولا لغيره.
2 - إذا كان هناك عضو زائد أو طويل فى الجسم يحصل منه ضرر أو أذى يجوز بتره شرعا، ويستوى فى هذا الحكم الرجل والمرأة، كما يستوى فيه كون الضرر ماديا أو معنويا، بأن ينظر الناس إليه شذرا بسببه، أو يضيق هو من ذلك.
3 - إذا كان للمرأة أسنان طوال فأرادت تقطيع أطرافها للحسن لا يجوز لها ذلك
السؤال
من السيد /.
قال إنه رزق بتاريخ 12/6/1967 بمولود له فى يده اليمنى واليسرى ورجله اليمنى ستة أصابع فى كل منها.
وطلب السائل إفادته عن حكم بتر الأصابع الزائدة فى كل من يديه ورجله
الجواب
فى صحيح البخارى عن علقمة قال لعن عبد الله بن عمر الواشمات والمتنمصات والمتفلجات (المتفلجة هى التى تبرد ما بين أسنانها للحسن) للحسن المغيرات خلق الله.
فقالت أم يعقوب.
ما هذا. قال عبد الله ومالى لا ألعن من لعن رسول الله وفى كتاب الله.
قالت والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته قال والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر 7، وفى نيل الأوطار عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النامصة (النامصة ناتفة الشعر من الوجه) والواشرة (الوشر أن تحدد المرأة أسنانها وترققها) والواصلة (الواصلة هى التى تصل شعر امرأة بشعر امرأة أخرى) والواشمة (الواشمة وشم يده غرزها بابرة ثم ذر عليها الكحل) إلا من داء روى الشوكانى هذا الحديث فى نيل الأوطار.
قال الإمام ابن حجر فى فتح البارى شارحا لحديث البخارى قال الطبرى ما ملخصه لا يجوز للمرأة تغيير شىء من خلقتها التى خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماس الحسن لا للزوج ولا لغيره، كمن تكون لها سن زائدة فتقلعها أو طويلة فتقطع منها، ومن يكون شعرها قصيرا أو حقيرا فتطوله أو تغزره بشعر غيرها.
فكل ذلك داخل فى النهى، وهو من تغيير خلق الله. قال ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذية كمن يكون لها سن زائدة أو طويلة تعيقها فى الأكل أو إصبع زائدة تؤلمها أو تؤذيها فيجوز ذلك والرجل فى هذا الأخير كالمرأة.
وقال الإمام الشوكانى فى نيل الأوطار.
ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو إذا كان القصد التحسين لا لداء ولا علة فإنه ليس بمحرم.
قال أبو جعفر الطبرى فى هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز تغيير شىء مما خلق الله المرأة عليه بزيادة أو نقص التماسا للتحسين لزوج أو غيره، كما لو كان لها سن زائدة أو عضو زائد فلا يجوز لها قطعه ولا نزعه، لأنه من تغيير خلق الله ن وهكذا لو كان لها أسنان طوال فأرادت تقطيع أطرافها وهكذا.
قال القاضى عياض وزاد إلا أن تكون هذه الزوائد مؤلمة وتتضرر بها فلا بأس بنزعها.
وقد نص فقهاء الحنفية على أنه لو قطع شخص إصبعا زائدة لشخص لا يقتص منه وفيها حكومة عدل.
وعللوا ذلك بأنه إنما وجبت فيها حكومة العدل تشريفا للآدمى لأنها جزء منه، ولكن لا منفعة فيها ولا زينة.
ويؤخذ من ذلك أن الإصبع الزائدة إذا تسبب بقاؤها فى ضرر مادى بأن كانت تؤلمه أو تعوقه عن بعض الأعمال ولو مستقبلا أو ضرر معنوى بأن كان يتحرج من بقائها وينظر إليه الناس بتعجب أو ازدراء فإنه يجوز له أن يقطعها منعا للضرر.
وبناء على ما ذكر يجوز لمن كان له إصبع زائدة أن يزيلها إذا كانت هناك ضرورة لذلك، بأن كانت تؤلمه أو تعوقه عن العمل أو تسبب له حرجا أو ضيقا.
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال. والله أعلم(7/199)
تسييد الرسول صلى الله عليه وسلم فى الأذان
المفتي
أحمد هريدى.
10 نوفمبر 1978 م
المبادئ
1 - تسييد الرسول صلى الله عليه وسلم فى الأذان والإقامة غير جائز عند الأئمة الثلاثة مالك وأحمد وأبى حنيفة، لورود النص خلوا من ذلك.
2 - يرى الشافعية جوازه فيهما تأدبا
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل يعمل مؤذنا وأنه كان يقول فى أذانه (وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله) فمنعه من ذلك عالمان بالبلدة وقالا له) إن ترك السيادة فى الأذان اتباع والسيادة فيه ابتداع والاتباع خير من الابتداع) ولكن عالما آخر من أهالى البلدة قال له (إن السيادة جائزة فى مذهب الإمام الشافعى) وأكثر أهل البلدة طلبوا منه أن يسيد الرسول فى الأذان.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
الثابت فى كتب الفقه وما جاءت به الأحاديث النبوية الصحيحة أن الأذان الذى علمه جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم جاء فيه (وأشهد أن محمدا رسول الله) جاء بهذا النص خاليا من لفظ السيادة.
وذهب إلى هذا الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل.
ورأى الشافعية أنه تجوز السيادة فى الأذان، لأن التأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم عند ذكره أولى من اتباع السنة (امتثال الأمر) عندهم.
ومن ذلك يتبين أنه لا تجوز السيادة فى الأذان أو الإقامة عند الأئمة الثلاثة وهو ما نرى الإفتاء به.
ويجوز فى مذهب الشافعية تسييد الرسول صلى الله عليه وسلم فى الأذان والإقامة.
ولا محل لإثارة خلافات وتعصبات قد تؤدى إلى فتنة بين الناس لا يعلم نتائجها إلا الله.
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/200)
حكم الاجهاض
المفتي
أحمد هريدى.
26 أغسطس 1968 م
المبادئ
1 - اتفق فقهاء المسلمين على أنه لا يجوز إسقاط الحمل بعد أن تنفخ فيه الروح وتدب فيه الحياة.
2 - يعتبر الإسقاط فى هذه الحالة جناية على حى، وجريمة يعاقب مرتكبها دنيويا وأخرويا.
3 - إذا كان فى بقاء الحمل إلى وقت الوضع خطر على حياة الأم بتقرير الأطباء المختصين ذوى الكفاية والأمانة، فإنه يباح إسقاطه، بل يجب إذا تعين ذلك لإنقاذ حياة الأم.
4 - اختلف الفقهاء فى حكم إسقاطه قبل نفخ الروح.
وظاهر أقوال الحنفية ترجيح القول بعدم جواز الإسقاط إلا لعذر
السؤال
طلبت جريدة الشباب العربى بالاتحاد الاشتراكى العربى بكتابها رقم 2150 المؤرخ 1/8/1968 المقيد برقم 552/1968 المتضمن أنها تلقت رسالة من المبعوث - نصر الله إيمانى - بألمانيا الغربية يستفسر فيها عن الإجهاض فى نظر الأديان
الجواب
نفيد بأن الفقهاء المسلمين اتفقوا على أنه لا يجوز إسقاط الحمل بعد أن تنفخ فيه الروح وتدب فيه الحياة العادية الكاملة بعد مائة وعشرين يوما من تاريخ حصول الحمل كما قالوا.
ويعتبر إسقاط الحمل فى هذه الحالة جناية على حى وجريمة يعاقب مرتكبها بالعقوبة الدنيوية والأخروية غير أنه إذا كان فى بقاء هذا الحمل واستمراره إلى وقت الوضع خطر على حياة الأم بتقرير الأطباء المختصين ذوى الكفاية والأمانة فإنه يباح إسقاطه، بل يجب ذلك إذا تعيين طريقا للإنقاذ من الخطر، أى لإنقاذ حياة أمه من الخطر.
أما قبل نفخ الروح فيه فقد اختلف الفقهاء فى حكم إسقاطه.
وظاهر أقوال فقهاء الحنفية ترجيح القول بعدم جواز الإسقاط إلا لعذر، كأن ينقطع لبن المرأة بعد ظهور الحمل ولها ولد رضيع ولا يقدر أبوه على استئجار مرضعة ترضعه ويخاف أن يموت الولد.
فيجوز فى هذه الحالة وفى أمثالها إسقاط الحمل. ويقول الإمام الغزالى فى هذا الصدد فى كتاب إحياء علوم الدين إن إسقاط الحمل جناية على موجود حاصل وله مراتب.
وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة فى الرحم ويختلط بماء المرأة، وتستعد لقبول الحياة وإفساد ذلك جناية، فإن صارت النطفة علقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخت فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت تفاحشا.
وينتهى التفاحش فى الجناية بعد الانفصال حيا. ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/201)
شراب البوظة
المفتي
محمد خاطر.
شعبان 1394 هجرية - 9 سبتمبر 1974 م
المبادئ
البوظة وما شابهها من المسكرات حرام، وإن اتخذ الناس لها اسما غير اسم الخمر
السؤال
طلبت محافظة الغربية - مكتب السكرتير العام المساعد - بكتابها رقم 1248 المؤرخ 30/6/1974 المتضمن أن وحدة الاتحاد الاشتراكى العربى لشياخة صندفا بمدينة المحلة الكبرى - قدمت مذكرة إلى السيد الأمين العام للاتحاد الاشتراكى العربى ببندر المحلة الكبرى يطلب فيها تغيير نشاط محلات بيع البوظة الموجودة بالمنطقة، وأن هذه المحلات تقع وسط منطقة تضم أربعة مساجد وأربع مدارس.
وطلبت المحافظة بيان حكم الشرع فى هذا النوع من المشروبات (البوظة) المصنوع من القمح.
وهل هذا النوع من المشروب حرام شربه شرعا أو حلال
الجواب
نفيد ك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه النعمان بن بشير (إن من الحنطة خمرا ومن الشعير خمرا ومن الزبيب خمر اومن التمر خمرا ومن العسل خمرا) رواه أحمد وأصحاب السنة إلا النسائى وزاد أحمد وأبو داود (وأنا أنهى عن كل مسكر) ومناط التحريم فى مثل هذه المشروبات هو الإسكار وعدمه، فإذا كانت مسكرة أو مفترة كانت من الأشياء التى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تناولها، وكان حكمها حكم الخمر فى التحريم، ويحرم قليلها كما يحرم كثيرها، لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه (نهى عن كل مسكر ومفتر) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر وكل مسكر حرام رواه الجماعة إلا البخارى وابن ماجه وفى رواية (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) فالبوظة وما شابهها من المسكرات حرام، وإن اتخذ الناس لها إسما غير اسم الخمر.
لقوله صلى الله عليه وسلم (ليستحلن طائفة من أمتى الخمر باسم يسمونها إياه) رواه أحمد وابن ماجه.
هذا والقليل فى التحريم كالكثير سواء.
لقوله صلوات الله وسلامه عليه. (ما أسكر كثيره فقليله حرام) .
وعن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام) والفرق مكيال يسع ستة عشر رطلا فيبين مما ذكر أن البوظة حرام، لأنها مسكرة وكل مسكر خمر كما ذكرنا وقد صح عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أعلم بخطابه كما ذكر ابن القيم فى زاد المعاد أنهم قالوا إن الخمر ما خامر العقل.
وهذا إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/202)
الجماع فى النفاس
المفتي
أحمد هريدى.
5 يولية 1972 م
المبادئ
1 - مجامعة الرجل امرأته وهى نفساء محرم شرعا.
2 - جمهور الفقهاء على أنه يستغفر الله ولا شىء عليه من الصدقة أو غيرها
السؤال
من السيد /.
بطلبه المتضمن أنه كان يرقد بالمستشفى لإجراء عملية جراحية فى خصيته، ولما خرج منها وذهب إلى منزله وكانت زوجته قد وضعت ولم تزل نفساء، ولم يمض على وضعها أكثر من واحد وعشرين يوما.
وتبعا لرغبته الجامحة فقد جامع امرأته وهى ما تزال فى مدة النفاس.
وبعد أن أفاق وجد أنه وقع فى المحرم.
وبدأ ضميره يؤنبه لإتيانه هذه الفعلة الشنعاء.
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى
الجواب
يحرم على الرجل أن يجامع امرأته النفساء فى الفرج وما دونه، لأن دم النفاس أذى يجب اعتزال النكاح فى مدته.
فإذا جامع الرجل امرأته وهى نفساء فى مدة النفاس فإنه يكون آثما.
وجمهور الفقهاء على أنه يستغفر الله ولا شىء عليه من الصدقة أو غيرها.
ومن ثم فعلى السائل أن يتوب إلى الله ويستغفره ويندم على ارتكابه هذا الفعل المحرم، ثم لا يعود إلى فعله أبدا والله غفور رحيم يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/203)
حكم أكل لحم الخيل والحمر الأهلية
المفتي
أحمد هريدى.
21 أبريل 1976 م
المبادئ
1 - الراجح عند أبى حنيفة أنه يحل أكل لحم الخيل مع الكراهة التنزيهية.
2 - يرى الصاحبان أبو يوسف ومحمد الشافعية والحنابلة ورواية عند المالكية الإباحة.
3 - يرى بعض المالكية الكراهة والبعض الآخر الحرمة.
4 - الحمار الأهلى غير مأكول اللحم عند الحنفية والشافعية والحنابلة وللمالكية قولان أحدهما لا يؤكل وهو الراجح والثانى يؤكل مع الكراهة
السؤال
بالطلب المتضمن أنه قد نشأ بين السائل وأحد زملائه حوار حول ظاهرة دينية، تتلخص فى هذا السؤال هل أكل لحم الخيل والحمير حلال أو حرام.
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى هذا
الجواب
يحل أكل لحم الخيل مع الكراهة التنزيهية عند الإمام أبى حنيفة فى ظاهر الرواية وهو الراجح عند الحنفية.
وقال الصاحبان أبو يوسف ومحمد بإباحة لحم الخيل.
وكذلك قال الشافعية والحنابلة ورواية عن المالكية، كما قال بعض المالكية بالكراهه بعضهم بالحرمة.
فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن فى لحوم الخيل وعن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما قالت نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه ونحن فى المدينة متفق عليهما.
أما الحمار الأهلى فغير مأكول اللحم عند الحنفية والشافعية والحنابلة، وللمالكية قولان.
أحدهما أنه لا يؤكل وهو الراجح عندهم، والثانى أنه يؤكل مع الكراهة.
فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مناديا فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فانها رجس.
فأكفئت القدور وهى تفور باللحم.
أخرجه البخارى ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/204)
شرب الكينا الحديدية
المفتي
محمد خاطر.
جمادى الأولى 1396 هجرية - 4 مايو 1976 م
المبادئ
شراب الكينا الحديدية بمختلف أسمائه من الأشربة المحرمة شرعا
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل كان قد مرض ثم شفى من مرضه، إلا أن مرضه سبب له بعد شفائه منه نقصا فى جسمه جعله لا يستطيع مباشرة حقوق زوجته من الناحية الجنسية وقد نصحه صديق له بأن يتناول مشروب الكينا الحديدية فتناوله بكميات قليلة يوميا، وكان نتيجة لهذا أن استطاع مباشرة حقوق الزوجية مع امرأته وتحسنت صحته، ثم أدى فريضة الحج وبعد أن أداها امتنع عن شرب هذا المشروب، لأن أحد العلماء أفتاه بأنه حرام فرجع له عجزه الجنسى.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى شرب الكينا الحديدية
الجواب
ثبت من التقرير المؤرخ 18/4/1976 م الذى أرسلته إلينا الإدارة العامة للمعامل المركزية بوزارة الصحة بعد تحليلها لمشروب الكينا بمختلف أسمائه التجارية الواردة بالتقرير أن هذا المشروب يحتوى على مادة الكحول الموجودة فى الخمر المحرمة شرعا بنسبة تتراوح ما بين 25، 35.
2 - وبناء على هذا يكون شراب الكينا المتداول بمختلف أسمائه التجارية قد اشتمل على الكحول الموجود بالخمر المسكرة المحرمة شرعا بالنسب السابق ذكرها والمنصوص عليه شرعا أن ما أسكر كثيرة فقليله حرام أسكر أو لم يسكر.
وفى الحادثة موضوع السؤال يكون شراب الكينا الحديدية المسئول عنها من الأشربة المحرمة شرعا ويحرم تناولها.
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/205)
المخدرات محرمة شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1399 هجرية - 4 مارس 1979 م
المبادئ
1 - أجمع فقهاء المذاهب الإسلامية على تحريم إنتاج المخدرات زوراعتها وتجارتها وترويجها وتعاطيها طبيعية أو مخلقة وعلى تجريم من يقدم على ذلك.
2 - لا ثواب ولا مثوبة لما ينفق من ربحها.
3 - الكسب الحرام مردود على صاحبه يعذب به فى الآخرة وساءت مصيرا.
4 - لا يحل التداوى بالمحرمات إلا عند تعينها دواء وعدم وجود مباح سواها وبقدر الضرورة حتى يزول هذا الإدمان وبإشراف الأطباء المتقنين لمهنتهم.
5 - المجالس التى تعد لتعاطى المخدرات مجالس فسق وإثم والجلوس فيها محرم على كل ذى مروءة.
6 - على الكافة إرشاد الشرطة المختصة لمكافحة تجارة هذه السموم القاتلة والقضاء على أوكارها.
7 - هذا الإرشاد هو ما سماه الرسول الأكرم بالنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم
السؤال
بكتاب الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية بالقاهرة المحرر فى 5/2/1979 المطلوب به بيان الحكمم الشرعى فى المسائل الآتية: 1 - تعاطى المخدرات.
2 - إنتاج المخدرات وزراعتها وتهريبها والاتجار فيها والتعامل فيها على أى وجه كان.
3 - من يؤدى الصلاة وهو تحت تأثير المخدر.
4 - الربح الناتج عن التعامل فى المواد المخدرة.
5 - التصدق بالأموال الناتجة عن التعامل فى المواد المخدرة.
6 - تعاطى المخدرات للعلاج.
7 - التواجد فى مكان معد لتعاطى المخدرات وكان يجرى فيها تعاطيها
الجواب
إن الشريعة الإسلامية جائت رحمة للناس، اتجهت فى أحكامها إلى إقامة مجتمع فاضل تسوده المحبة والمودة والعدالة والمثل العليا فى الأخلاق والتعامل بين أفراد المجتمع، ومن أجل هذا كانت غايتها الأولى تهذ1يب الفرد وتربيته ليكون مصدر خير للجماعة، فشرعت العبادات سعيا إلى تحقيق هذه الغاية وإلى توثيق العلاقات الاجتماعية، كل ذلك لصالح الأمة وخير المجموع.
والمصلحة التى ابتغاها الإسلام وتضافرت عليها نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تهدف إلى المحافظة على أمور خمسة يسميها فقهاء الشريعة الإسلامية الضرورات الخمس وهى الدين والنفس والمال والعقل والنسل.
إذ الدين خاصة من خواص الإنسان، ولابد أن يسلم الدين من كل اعتداء، ومن أجل هذا نهى الإسلام عن أن يفتن الناس فى دينهم، واعتبر الفتنة فى الدين أشد من القتل.
قال الله سبحانه {والفتنة أشد من القتل} البقرة 191، ومن أجل المحافظة على التدين وحماية الدين فى نفس الإنسان وتحصينها شرعت العبادات كلها، والمحافظة على النفس تقضى حمايتها من كل اعتداء بالقتل أو بتر الأطفال أو الجروح الجسمية، والحفاظ عليها من إهدار كرامتها بالامتهان كالقذف وغير هذا مما يمس كرامة الإنسان وصون ذاته عما يودى بها من المهلكات سواء من قبل ذات الفرد كتعريض نفسه للدمار بالمهلكات المادة والمعنوية أو من قبل الغير التعدى، والمحافظة كذلك على العقل من الضرورات التى حرص الإسلام على تأكيدها فى تشريعه، وحفظ العقل من أن تناله آفة تجعل فاقده مصدر شر وأذى للناس وعبئا على المجتمع، ومن أجل هذا حرم الإسلام وعاقب من يشرب الخمور وغيرها مما يتلف العقل ويخرج الإنسان على إنسانيته.
وكما قال الإمام الغزالى (المستصفى للغزالى ج - 1 ص 288) (إن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الحق وصلاح الخلق فى تحصيل مقاصدهم لكنا نعنى بالمصحلة المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة وهو أن يحفظ على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة وهو أن يحفظ عليهم دينهم وأنفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول الخمسة فهو مفسدة ودفعها مصلحة) .
ولقد حرص الإسلام على حماية نفس الإنسان وقدمها على أداء الصلاة المكتوبة فى وقتها، بل وعلى صوم يوم رمضان، ومن أمثلة هذا ما أورده العز بن عبد السلام تقرير التقديم واجب على واجب لتفاوت المصلحة فيهما قوله (قواعد الأحكام على مصالح الآنام ج - 2 ص 63) (تقديم إنقاذ الغرقى على أداء الصوات ثابت، لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل، والجمع بين المصلحتين ممكن، بأن ينقذ الغريق ثم يقضى، ومعلوم أن ما فاته من أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك، وكذلك لو رأى فى رمضان غريقا لا يمكن تخليصه إلا بالفطر فإنه يفطر وينقذه، وهذا أيضا من باب الجمع بين المصالح، لأن فى النفوس حقا لله وحقا لصاحب النفس، فقدم ذلك على أداء الصوم دون أصله أى دون أصل الصيام لأنه يمكن القضاء.
وإذا كان من الضروريات التى حرص الإسلام على المحافظة عليها حفظ النفس وحفظ العقل، فإنه فى سبيل هذا حرم الموبقات والمهلكات المذهبات للعقل والمفسدات له، فإن أحدا من النسا لا يشك فى أن سعادة الإنسان رهينة بحفظ عقله، لأن العقل كالروح من الجسد، به يعرف الخير من الشر والضار من النافع، وبه رفع الله الإنسان ففضله وكرمه على كثير من خلقه وجعله بن مسئولا عن عمله، ولما كان العقل بهذه المثابة فقد حرم الله كل ما يوبقه إو يذهبه حرمة قطعية، ومن أجل هذا حرم تعاطى ما يودى بالنفس وابعلقل من مطعوم أو مشروب، ومن هذا القبيل ما جاء فى شأن أم الموبقات والخبائث الخمر فقد ثبتت حرمتها بالكتاب والسنة والإجماع، ففى القرآن الكريم قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون.
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} المائدة 90، 91، أفادت هاتان الآيتان أن الخمر سنو للشرك بالله، وأنها رجس والرجس لم يستعمل فى القرآن إلا عنوانا على ما اشتد قبحه وأنها من عمل الشيطان - وهذا كناية عن بلوغها غاية القبح ونهاية الشر.
وأمرنا باجتنابها بمعنى البعد عنها، بحيث لا يقربها المسلم فضلا عن أن يلمسها أو يتصل بها بل فضلا عن أن يتناولها، وسجلت الآية الأخيرة آثار الخمر السيئة فى علاقة الناس بعضهم مع بعض، إذ يؤدى إلى قطع الصلات وإلى انتهاك الحرمات وسفك الدماء، وبعد هذا الضرر الاجتماعى والضرر الروحى إذ تنقطع بها صلة الإنسان بربه، وتنزع من نفسه تذكر عظمة الله عن طريق مراقبته بالصلاة الخاشعة، مما يورث قسوة فى القلب ودنسا فى النفس، وجرت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك مبينة هذا التحريم، ومن هذا قوله (أخرجه مسلم - من شرح سبل السلام على متن بلوغ المرام 47 ج - 4) (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) .
تعاطى المخدرات ومدلول لفظ الخمر فى اللغة العربية والشريعة الإسلامية كل ما خامر العمل وحجبه.
كما قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى الحديث المتفق عليه (المرجع السابق) ، دون نظر إلى المادة التى تتخذ منها إذ الأحاديث الشريفة الصحيحة الواردة فى الخمر ناطقة بهذا المعنى (ج - 8 ص 172 نيل الأوطار الشوكانى) (كل مسكر حرام) وهكذا فهم أصحاب الرسول رضوان الله عليهم، وقال عمر هذه المقالة المبينة للمقصود بهذا اللفظ فى محضر كبار الصحابة دون نكير من أحد منهم، ومن ثم فإن الإسلام حين حرم الخمر وقرر عقوبة شاربها لم ينظر إلى أنها سائل يشرب من مادة معينة، وإنما نظر إلى الأثر الذى تحدثه فيمن شربها من زوال العقل الذى يؤدى إلى إفساد إنسانية الشارب وسلبه منحة التكريم التى كرمه الله بها، بل ويفسد ما بين الشارب ومجتمعه من صلات المحبة والصفاء، وقد كشف العلم الحديث عن أضرار جسمية أخرى يحدثها شرب هذه المفسدات، حيث يقضى على حيوية أعضاء هامة فى الجسم كالمعدة والكبد.
هذا عدا الأضرار الاقتصادية التى تذهب بالأموال سفها وتبذيرا فيما يضر ولا ينفع.
هذا فوق امتهان من يشرب الخمر بذهاب الحشمة والوقار واحترام الأهل والأصدقاء، هذه الأضرار الجسمية والأدبية والاقتصادية التى ظهرت للخمر وعرفها الناس هى مناط تحريمها.
وإذا كانت الشريعة إنما أقامت تحريمها للخمر على دفع المضار وحفظ المصالح فإنها تحرم كل مادة من شأنها أن تحدث هذه الأضرار أو أشد، سواء كانت مشروبا سائلا أو جامدا مأكولا أو مسحوقا أو مشموما.
ومن هنا لزم ثبوت حكم تحريم الخمر لكل مادة ظهرت أو تظهر تعمل عملها، يدل لذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من حديث ابن عمر الذى رواه الجماعة إلا البخارى وابن ماجة من كتاب نيل الأوطار للامام الشوكانى ص 172 ج - 8) (كل مسكر حرام) إذ لم يقصد الرسول بهذا إلا أن يقرر الحكم الشرعى وهو أن كل ما يفعل بالإنسان فعل الخمر يأخذ حكمها فى التحريم والتجريم.
وإذا كانت المخدرات كالحشيش والأفيون والكوكايين وغيرها من المواد الطبيعية المخدرة، وكذلك المواد المخلقة المخدرة تحدث آثار الخمر فى الجسم والعقل بل أشد، فإنها تكون محرمة بحرفية النصوص المحرمة للخمر وبروحها وبمعناها، والتى استمدت منها القاعدة الشريعة التى تعتبر من أهم القواعد التشريعية فى الإسلام، وهى دفع المضار وسد ذرائع الفساد.
ومع هذا فقد أخرج الإمام أحمد فى مسنده وأبو داود فى سننه (سنن أبى داود ص 130 ج - 2) عن أم سلمة رضى الله عنها قالت (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر) والمفتر كما قال العلماء كل ما يورث الفتور والخور فى أعضاء الجسم ن وقد نقل اعلماء إجماع فقهاء المذاهب على حرمة تعاطى الحشيش وأمثاله من المخدرات الطبيعية والمخلقة، لنها جميعا تودى بالعقل وتفسده وتضر بالجسم والمال، وتحط من قدر متعاطيها فى المجتمع قال ابن تيمية رحمه الله فى بيان حكم الخمر والمخدرات (فتاوى ابن تيمية ج - 4 ص 257 وكتاب السياسة الشرعية له ص 131) (والأحاديث فى هذا الباب كثيرة ومستفيضة جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أوتيه من جوامع الكلم كل ما غطى العقل وأسكر ولم يفرق بين نوع ونوع ولا تأثير لكونه مأكولا أو مشروبا على أن الخمر قد يصطبغ بها (أى يؤتدم) وهذه الحشيشة قد تداف (أى تذاب) فى الماء وتشرب وكل ذلك حرام، وةإنما لم يتكلم المتقمون فى خصوصها لأنه إنما حدث أكلها من قريب فى أواخر المائة السادسة أو قريبا من ذلك، كما أنه قد حدثت أشربة مسكرة بعد النبى صلى الله عليه وسلم وكلها داخلة فى الكلم الجوامع من الكتاب والسنة) وإذا كان ما أسكر كثيره فقليله حرام، كذلك فإنه يحرم مطلقا بإجماع فقهاء المذاهب الإسلامية ما يفتر ويخدر من الأشياء الضارة بالعقل أو غيره من أعضاء الجسد، وهذا التحريم شامل كل أنواع المخدرات مادام تأثيراها على هذا الوجه القليل منها والكثير.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى وجوب حد متعاطى المخدرات كشارب الخمر تماما، لأنها تفعل فعلها بل وأكثر منها، بل قال ابن تيمية (فتاوى ابن تيمية ص 257 المجلد الرابع) (إن فيها (المخدرات) من المفاسد ما ليس فى الخمر، فهى أولى بالتحريم، ومن استحلها وزعم أنها حلال فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتدا، لا يصلى عليه ولا يدفن فى مقابر المسلمين) .
وتخلص مما تقدم أن المخدرات بكافة أنواعها وأسمائها طبيعة أو مخلقة مسكرة، وأن كل مسكر من أى مادة حرام، وهذا الحكم مستفاد نصا من القرآن الكريم ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبما تقدم بيانه وبذلك يحرم تعاطيها بأى وجه من ومجوه التعاطى من أكل أو شرب أو شم أو حقن لأنها مفسدة، ودرء المفاسد من المقاصد الضروروية للشريعة حماية للعقل والنفس، ولأن الشرع الإسلامى اعتنى بالمنهيات.
وفى هذا يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه (الأشباه والنظار لابن نجيم المصرى الحنفى فى القاعدة الخامسة) (إذا أمرتكم بشىء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه) وفى حديث آخر يقول (الأشباه والنظار لابن نجيم المصرى الحنفى فى القاعدة الخامسة) (لترك ذرة مما نهى الله عنه أفضل من عبادة الثقلين) ومن هنا قال الفقهاء إن يجوز ترك الواجب دفعا للمشقة، ولا تسامع فى الإقدام على المنهيات خصوصا الكبائر إلا عند الاضطرار على ما يأتى بيانه.
إنتاج المخدرات وزراعتها وتهريبها والاتجار فيها والتعامل فيها على أى وجه كان ثبت مما تقدم أن المخدرات بكافة أنواعها وأسمائها محرمة قطعا بدخولهاد فى اسم الخمر والمسكر.
فهل إنتاجها بكافة وسائله والاتجار فيها وتهريبها والتعامل فيها كذلك يكون محرما يتضح حكم هذا إذا علمنا أن الشريعة الإسلامية إذا حرمت شيئا على المسلم حرمت عليه فعل الوسائل المفضية إليه، وهذه القاعدة مستفادة من نصوص القرآن الكريم والسنة والنبوية الشريفة، ففى القرآن تحريم الميتة والدم والخمر والخنزير، وفى بيع هذه المحرمات يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه فيما رواه الجماعة عن جابر رضى الله عنه (نيل الأوطار للشوكانى ج - 5 ص 141 وسبل السلام للصنعانى ج - 2 ص 316) (إن الله حرم بيع الخمر والميته والخنزير والأصنام) وحين حرم الله الزنا حرم دواعيه من النظر واللمس والخلوة بالمرأة الأجنبية فى مكان خاص لأن كل هذا وسيلة إلى الوقوع فى المحرم، وهو المخالطة غير المشروعة وفى آيات سورة النور الخاصة بالاستئذان قبل دخول بيوت الغير، والمر للرجال وللنساء بغض البصر عن النظر لغير المحارم، وإخفاء زينة النساء وستر أجسدهن، كل ذلك بعدا بالمسلمين عن الوقوع فيما لا يحل وحماية لحرمة المنازل والمساكن.
ومن هنا تكون تلك النصوص دليلا صحيحا مستقيما على أن تحريم الإسلام لأمر تحريم لجميع وسائله.
ومع هذا فقد أفصح الرسول عن هذا الحكم فى الحديث الذى رواه أبو داود فى سننه كما رواه غيره عن ابن عباس رضى الله عنه (إن من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمرا فقد يقحم فى النار) وقوله صلى الله عليه وسلم المروى عن أربعة من أصحابه منهم ابن عمر (رواه أبو داود فى سننه ج - 2 ص 128 فى كتاب الأشربة وابن ماجة فى سننه) (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه) صريح كذلك فى تحريم كل وسيلة مفضية إلى شرب الخمر.
ومن هنا تكون كل الوسائل المؤدية إلى ترويج المخدرات محرمة سواء كانت زراعة أو إنتاجا أو تهريبا أو اتجارا.
فالتعامل فيها على أى وجه مندرج قطعا فى المحرمات باعتباره وسيلة إلى المحرم، بل إن الحديثين الشريفين سالفى الذكر نصان قاطعان فى تحريم هذه الوسائل المؤدية إلى إشاعة هذا المنكر بين الناس، باعتبار أن اسم الخمر بالمعنى السالف (ما خامر العقل كما فسرها سيدنا عمر بن الخطاب) شامل للمخدرات بكافة أسمائها وأنواعها، ولأن فى هذه الوسائل إعانة على المعصية، والله سبحانه نهى عن التعاون فى المعاصى كقاعدة عامة فى قوله سبحانه {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة 2، وفى إنتاج المخدرات والاتجار فيها وتهريبها وزراعة أشجارها إعانة على تعاطيها، والرضا بالمعاصى معصية محرمة شرعا قطعا، سيما وأن هذه الوسائل مؤداها ومقصودها تهيئة هذه السموم المخدرة للتداول والانتشار بين الناس، فهى حرام حرمة ذات المخدرات، لأن الأمور بمقاصدها.
من يؤدى الصلاة وهو تحت تأثير المخدر وصف ابن تيمية المخدرات وأثرها فى متعاطيها فقال (السياسة الشرعية لابن تيمية ص 128 فى حد الشرب) (وهى أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج حتى يصير فى الرجل تخنث ودياثة الديوث الذى لا يغار على أهله وغير ذلك من الفساد) ولامراء فى أن المخدرات تورث الفتور والخدر فى الأطراف.
وقد قال (ص 232 ج - 4 فى باب الأشربة والمخدرات) ابن حجر المكى فى فتاويه فى شرح حديث أم سلمة السالف (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر) فيه دليل على تحريم الحشيشس بخصوصه، فإنها تسكر وتخدر وتفتر، ولذلك يكثر النوم لمتعاطيها، ومن أجل تأثير المخدرات وإصابتها عقل متعاطيها بالفتور والخدر فإنه لا يحسن المحافظة على وصوئه، فتنفلت بطنه دون أن يدرى أو يتذكر، ولهذا أجمع فقهاء المذاهب على أن من نواقض الوضوء أن يغيب عقل المتوضىء بجنون أو صرع إو إغماء، وبتعاطى ما يستتبع غيبة العقل من خمر أو حشيش أو أفيون أو غير هذا من المخدرات المغيبات، ومتى كان الشخص مخدرا بتعاطى أى نوع من المخدرات غاب عقله وانعدم تحكمه وسيطرته على أعضاء جسمه وفقد ذاركته، فلم يعد يدرى شيئا وانتقض وضوؤه وبطلت صلاته وهو بهذه الحال، ولا فرق فى هذا بين خدر وسكر بخمر سائل أو شموم أو مأكول ذإن كل ذلك خمر ومسكر، ولقد أمر الله سبحانه المسلمين بألا يقربوا الصلاة حال سكرهم فقال {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} النساء 43، وهذا غاية النهى عن قربان الصلاة فى حال السكر حتى يزول أثره وهو دليل قاطع على بطلان صلاة السركان بمسكر أو بمقتر، لأنه فى كل أحوال انتقض وضوؤه وانتقص عقله، أو زال بعد إذ فترت أطرافه وتراخت أعضاؤه، واختلط على السكران أو المتعاطى للمخدر ما يقول وما يقرأ من القرآن الكريم.
ولذا قال الله فى نهيه عن الصلاة حال السكر (حتى تعلموا ما تقولون) أى رزوال حال السكر والفتور والخدر.
الربح الناتج عن التعامل فى المواد المخدرة من الأصول الرعية فى تحريم بعض الأموال قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} النساء 29، أى لا يحل لأحدكم أخذ وتناول مال غيره بوجه باطل، كما لا يحل كسب المال من طريق باطل أى محرم.
وأخذ المال أو كسبه بالباطل على وجهين الأول أخذه على وجه غير مشروع كالسرقة والغصب والخيانة، والآخر أخذه وكسبه بطرق حضرها الشرع كالقمار أو العقود المحرمة كما فى الربا، وبيع ما حرم الله الانتفاع به كالميتة والدم والخمر المتناولة للمخدرات بوصفها العنوانى على ما سلف بيانه فإن هذا كله حرام.
وترتيبا على هذا يكون الرحب والكسب من أى عمل محرم حرام.
وبهذا جاءت الأحاديث الكثيرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، منها قوله (إن الله حرم الخمر وثمنها وحرم الميت وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه) .
(رواه أبو داود فى سننه فى باب الأشربة ج - 2) وفى هذا أيضا قال العلامة ابن القيم (زاد المعاد لابن القيم ج - 4 ص 474) (قال جمهور الفقهاء إذا بيع العنب لمن يعصره خمرا حرم أكل ثمنه، بخلاف ما إذا بيع يأكله، وكذلك السلاح إذا بيع لمن يقاتل به مسلما حرم أكل ثمنه، وإذا بيع لمن يغزو فى سبيل الله فثمنه من الطيبات) وإذا كانت الأعيان التى يحل الانتفاع بها إذا بيعت لمن يستعملها فى معصية الله.
رأى جمهور الفقهاء - وهو الحق - تخريم ثمنها، بدلالة ما ذكرنا من الأدلة وغيرها، وعليه كان ثمن العين التى لا يحل الانتفاع بها كالمخدرات حراما من باب أولى.
وبهذه النصوص نقطع بأن الاتجار فى المخدرات محرم وبيعها محرم وثمنها حرام وربحها حرام، لا يحل للمسلم تناوله، يدل لذلك قطعا أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما نزلت آية تحريم الخمر {إنما الخمر والميسر} المائدة 90، أمر أصحابه بإراقة ما عندهم من خمور ومنعهم من بيعها حتى لغير المسلمين بل إن أحد أصحابه قال إن عندى خمرا لأيتام فقال له صلى الله عليه وسلم بيع أقرها فلو جاز بيعها أو حل الانتفاع بثمنها لأجاز لهذا الصحابى بيع الخمر التى يملكها الأيتام لإنفاق ثمنها عليهم.
التصدق الأموال الناتجة عن التعامل فى المواد المخدرة فى القرآن الكريم قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} البقرة 267، وفى الحديث الشريف الذى رواه مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، إن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلمين فقال {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} المؤمنون 51، وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} البقرة 172، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى المساء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذاى بالحرام فأنى يستجبا له) وفى الحديث الذى رواه الإمام أحمد فى مسنده عن ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (والذى نفسى بيده لا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده فى النار، إن الله لا يمحو السيىء بالسيىء، ولكن يمحو السيىء بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث) وفى الحديث المروى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كسب مالا حرامات فتصدق به لم يكن له أجره، وكان أجره (يعنى إثمه وعقوبته) عليه وفى حديث آخر أنه قال (من أصاب مالا من مأثم فوصل بقه رحمه أو تصدق به أو أنفقه فى سبيل الله جمع ذلك جمعا ثم قذف به فى نار جهنم) والحديث الذى رواه الطبرانى فى الأوسط عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا خرج الحاج حاجة بنفقة طيبة ووضع رجله فى الغرز (ركاب فى الجلد) فنادى لبيك اللهم لبيك نادى مناد من السماء لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة (أى المال الحرام) فوضع رجله فى الغرز، فنادى لبيك، ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام وحجك مأزور غير مبرور) .
فهذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة قاطعة فى أنه لقبول الأعمال الصالحة عند الله من صدقة وحج وعمره وبناء المساجد وغير بهذا من أنواع القربات لابد وأن يكون ما ينفق فيها حلالا خالصا لا شبهة فيه، وإذ كانت الأدلة المتقدمة قد أثبتت أن ثمن المحرمات وكسوبها حرام فلا يحل أكلها ولا التصدق بها ولا الحج منها ولا إنفاقها فى أى نوع من أنواع البر، لأنه الله طيب لا يقبل إلا الطيب، بمعنى أن منفق المال الحرام فى أى وجه من وجوه البر لا ثواب له فيما أنفق، لأن الثواب جزاء القبول عند الله، والقبول مشروط بأن يكون المال طيبا كما جاء فى تلك النصوص.
تعاطى المخدرات للعلاج الإسلام حرم مطعومات ومشروبات صونا لنفس الإنسان وعقله ورفع هذا التحريم فى حالة الضرورة فقال (1) {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} البقرة 173، وقال {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم} الأنعام 145، وقال {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} الأنعام 119، ولقد استنبط الفقهاء من هذه الآيات ومن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الضرورات تبيح المحظورات، ومن ثم أجازوا أكل الميتة عند المخمصة وإساغة اللقمة بالخمر والتلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه عليها قال تعالى {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} النحل 106، وقالوا أيضا إن الضرورة تقدر بقدرها وما جاز لعذر بطل بزواله والضرر لا يزال بضرر.
وقد اختلف الفقهاء فى جواز التداوى بالمحرم، والصحيح من آرائهم هو ما يلتقى مع قول الله فى الآيات البينات السالفات، بملاحظة أن إباحة المحرم للضرورة مقصورة على القدر الذى يزول به الضرر وتعود به الصحة ويتم به العلاج، وللتثبت من توافر هذه الضوابط اشترط الفقهاء الذين اباحوا التداوى بالمرحم شرطين.
أحدهما أن يتعين التداوى بالمحرم بمعرفة طبيب مسلم خبير بمهنة الطب معروف بالصدق والأمانة والتدين، والآخر ألا يوجد دواء من غير المحرم ليكون، وألا يتجاوز به قدر الضرورة.
وقد أفتى ابن حجر المكى الشفاعى (نقل هذا ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار ج - 5 ص 456 فى آخر كتاب الحظر والاباحة) حين سئل عمن ابتلى يأكل الأفيون والحشيش ونحوهما وصار حاله بحيث إذا لم يتناوله هلك.
أفتى بأنه إذا علم أنه يهلك فطعا حل له بل وجب لاضطراره لإبقاء روحه كالميتة للمضطر، ويجب عليه التدرج فى تقليل الكمية التى يتناولها شيئا فشيئا حتى يزول اعتياده وهذا - كما تقدم - إذا ثبت بقول الأطباء الثقات دينا ومهنة أن معتاد تعاطى المخدرات يهلك بترك تعاطيها فجأة وكلية.
وترتيبا على هذا فإذا ثبت أن ضررا ماحقا محققا وقوعه بتعاطى المخدرات سواء كانت طبيعية أو مخلقة إذا انقطع فجأة عن تعاطيها جاز مداواته بإشراف طبيب ثقة متدين حتى يتخلص من اعتياده عليها كما أشار العلامة ابن حجر فى فتواه المشار إليها، لأن ذلك ضرورة ولا إثم فى الضرورات متى روعيت شروطها المنوه بها، إعمالا لنصوص القرآن الكريم فى آيات الاضطرار سالفة الإشارة.
هذا وإنه مع التقدم العلمى فى كيمياء الدواء لم تعد حاجة ملحة للتداوى بالمواد المخدرة المحرمة شرعا لوجود البديل الكيمائى المباح.
التواجد فى مكان عد لتعاطى المخدرات وكان يجرى فيه تعاطيها كرم الله الإنسان ونأى به عن مواطن الريب والمهانة، وامتدح عباده الذين تجنبوا مجالس اللهو واللغو فقال سبحانه {والذين هم عن اللغو معرضون} المؤمنون 3، وقال {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما} الفرقان 72، وقال {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه} القصص 55، وفى الحديث عن الرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه (استماع الملاهى معصية والجلوس عليها فسق (وروى أبو داود فى سننه عن ابن عمر رضى الله عنه قوله (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر) والمستفاد من هذه النصوص أنه يحرم مجالسة مقترفى المعاصى أيا كان نوعها، لأن فى مجالستهم إهدار لحرمات الله، ولأن من يجلس مع العصاة الذين يرتكبون المنكرات يتخلق بأخلاقهم السيئة، ويعتاد ما يفعلون من مآثم كشرب المسكرات والمخدرات كما يجرى على لسانه ما يتناقلونه من ساقط القول، ومن أجل البعد بالمسلم عن الدنايا وعن ارتكاب الخطايا كان إرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين فى اختيار المجالس والجليس فى قوله (من كتاب الترغيب والترهيب ص 49 و 50 ج - 4) (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يحذيك يعنى يعطيك) وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكيير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة) رواه البخارى ومسلم.
فالجليس الصالح يهديك ويرشدك ويدلك على الخير وترى منه المحامد والمحاسن وكله منافع وثمرات.
أما الجليس الشرير فقد شبهه الرسول صلوات الله وسلامه عليه بنافخ الكير يضر ويؤذى ويعدى بالأخلاق الرديئة ويجلب السيرة المذمومة، وهو باعث الفساد والإضلال ومحرك كل فتنة وموقد نار العداوة والخصام.
وفى هذا الحديث الشريف دعوة إلى مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم، وفيه النهى عن مجالسة أهل الشر والبدع والفجر الذين يجاهرون بارتكاب المنكرات وشرب المسكرات والمخدرات، لأن القرين ينسب إلى قرينه وجليسه ويرتفع به وينحدر وتهبط كرامته بدناءة.
من يجالسهم، ولقد تحدث القرآن الكريم عن قرناء السوء وحذر منهم ومن مجالستهم وأخبر أنهم سوء وندامة فى الدنيا والآخرة قال تعالى {ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا} النساء 38، وإذا كان الجليس يقتدى ويهتدى بجليسه وبمجلسه فإن فى جلوس الإنسان النقى البعيد عن المآثم والشبهات فى مجالس الإفك والشرب وتعاطى المخدرات يؤذيه ويرديه فى الدنيا بالمهانة وانتزاع المهابة عند عارفيه من أقارب وأصدقاء، لأن المخدرات كما نقل العلامة ابن حجر المكى (ج - 4 ص 234) فى فتاواه الكبرى فيها مضار دينية ودنيوية، فهى تورث الفكرة وتعرض البدن لحدوث الأمراض وتورث النسيان وتصدع الرأس وتورث موت الفجاءة واختلال العقل وفساده والسل والاستسقاء وفساد الفكر وإفشاء السر وذهاب الحياء وكثرة المراء وانعدام المروءة وكشف العورة وعدم الغيرة وإتلاف الكسب ومجالسة إبليس وترك الصلاة والوقوع فى المحرمات واحتراق الدم وصفرة الأسنان وثقب الكبد وغشاء العين والكسل والفشل وتعيد العزيز ذليلا والصحيح عليلا إن أكل لا يشبع وإن أعطى لا يقنع.
ومن هنا كان على الإنسان أن ينأى عن مجالس الشرب المحرم خمرا سائلا أو مخدرات مطعومة أو مشروبة أو مشمومة، فإنها مجالس الفسق والفساد وإضاعة الصحة والمال، وعاقبتها الندم فى الدنيا والآخر قال تعالى {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين} الزخرف 36، بل إن مصاحبة هؤلاء المارقين على الدين الذين يتعاطون هذه المهلكات إثم كبير لأن الله قد غضب عليهم وعلى مجالسهم وفى هذا يقول سبحانه {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم} الممتحنة 13، وفى مصاحبة هؤلاء ومجالستهم معاداة المولى سبحانه وتحد لأوامره، فقد نهى عن مودة العصاة {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} المجادلة 22، وهؤلاء قد استغرقوا فى مجالسهم المحرمة المليئة بالآثام، فالجلوس معهم مشاركة فيما يرتكبون، ومودة معهم مع أنهم غير جديرين بهذه المودة لعصيانهم أوامر الله ورسوله واستباحتهم ما حرم الله ورسوله، أولئك حزب الشيطان من جلس معهم فقد رضى بمنكرهم وأقر فعلهم، والمؤمن الحق مأمور بإزالة الباطل متى استطاع وبالوسيلة المشروعة، فإن لم يستطع فعليه بالابتعاد عن مجالس المنكرات ففى الحديث الشريف فى صحيح مسلم عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال (التغريب والترهيب للمنذرى ج - 3 ص 223) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) .
ففى الحديث النبوى دعوة إلى مكافحة المنكرات ومنها هذه السموم (المخدرات) بعد أن بان ضررها وشاع سوء آثارها وكانت عاقبة أمرها خسرا للإنسان وللمال بل وفى المآل، فمن كان له سلطة إزالة هذه المخذرات والقضاء على أوكارها وتجارها كان لزاما عليه بتكليف من الله ورسوله أن يجد ويجتهد فى مطاردة هذه الآفة، ومن لم يكن من أصحاب السلطة فإن عليه واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فيبين للناس آثارها المدمرة لنفس الإنسان وماله، ومن الأمر بالمعروف إبلاغ السلطات بأوكار تجارها ومتعاطيها، فالتستر فى الجريمة إثم وجريمة فى حق الأمة وإشاعة للفحشاء فيها، وجميع الأفراد مطالبون بالمر بالمعروف وبالإرشاد عن مرتكبى هذه المنكرات ومروجى المخدرات، إذا هى النصيحة التى أمر بها الرسول صلوات الله وسلامه عليه فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن تميم الدارى (الترغيب والترهيب للمنذرى ج - 3 ص 228) (الدين النصيحة قاله له ثلاثا قال قلنا لمن يا رسول الله.
قال الله ولروسوله ولأئمة المسملين وعامتهم) وفى الحديث (المرجع السابق ص 229) الذى رواه النسائى عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إن القوم إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بعقاب) .
والنصيحة لأئمة المسلمين أى للحكام بالإرشاد ومعاونتهم على منع المنكرات والآثام، لأنهم القادورن على تغييرها بالقوة، فلا تأخذها رحمة فى دين الله، إذ التستر على هذه الآثار إعانة لمروجيها على الاستمرار فى هذه المهمة الخبيثة.
وبعد فقد أوضحنا فيما تقدم إجماع فقهاء المذاهب الإسلامية على تحريم إنتاج المخدرات وزراعتها وتجارتها وترويجها وتعاطيها طبيعية أومخلقة، وعلى تجريم أى إنسان يقدم على شىء من ذلك بنصوص صريحة فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأنه لا ثواب ولا مثوبة لما ينفق من ربحها فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
أما الكسب الحرام فإنه مردود على صاحبه، ويعذب به الآخرة وساءت موصيرا.
وبينا حكم مداواة المدنين بإشراف الأطباء المتقينين لمهنتهم وبقدر الضرورة حتى يزول هذا الإدمان، وأنه لا يحل التداوى بالمحرمات إلا عند تعينها دزاء وعدم وجود دواء مباح سواها، كما أوضحنا أن المجالس التى تعد لتعاطى هذه المخدرات مجالس فسق إثم، الجلوس فيها محرم على كل ذى مروءة يحافظ على سمعته وكرامته بين الناس وعند الله، وأن على الكافة إرشاد الشرطة المختصة لمكافحة تجارة هذه السموم القاتلة، والقضاء على أوكارها وأن هذا الإرشاد هو ما سماه الرسول الأكرم بالنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وبعد فإن الله الذى حرم هذه الموبقات المخدرات المهلكات للأنفس والأموال حرم أم الخبائث (الخمر) وقد آن لنا أن نخشع لذكر الله تعالى وما أنزل فى قرآنه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم قال سبحانه {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة 90، آن لنا أن تجعل هذا الحكم نافذا فى مجتمعنا حماية لأولادنا ونسائنا أولا وأخيرا طاعة لربنا، وفق الله الجميع للتمسك بدينه والعمل بشريعته وهو حسبنا ونعم الوكيل {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} الأنفال 24، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب(7/206)
رسم الانسان عاريا موديل
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1399 هجرية - 24 مارس 1979 م
المبادئ
1 - لا يحل شرعا تجريد الأنثى من ثيابها ولا تجريد الذكر مما يستر ما بين سرته وركبته إلا لضرورة وليس من الضرورة ما يسمى (الموديل العارى) للذكر والأنثى.
2 - للرسام أن يلجأ إلى الطبيعة ففيها من الجمال ما لا يقارن به بدن الإنسان عاريا
السؤال
من اتحاد طلاب كلية الفنون الجميلة بالاسكندرية جامعة حلوان بكتابه المؤرخ 4/2/1979 الافادة عن الحكم الشرعى فى الموديل العارى الذى تستخدمه كليات الفنون الجميلة، وهو رسم أو عمل تمثال للشخص العارى - سواء كان ذلك الموديل رجلا متخليا أو امرإة متخلية عن كل ما يستر العورة أو نصف عارى - بحجة دراسة للنسب الإنسانية أو الإحساس ببروزاته، وهل يباح اتخاذ هذا الموديل الإنسانى العارى لهذا الغرض أو يحرم
الجواب
إن الله سبحانه كرم الإنسان بنوعيه الذكر والأنثى وصانه عن التبذل والمهانة فقال سبحانه فى سورة الأعراف {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف 31، وفى سورة الأحزاب {يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} الأحزاب 59، وفى سورة النور {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.
وقل للمؤمنات يغضض من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهم أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} النور 30، 31، وقد جرت السنة الشريفة مبينة أنه لا يحل للرجل المسلم أن يتجرد من ثيابه حتى تظهر عورته وهى ما بين السرة والركبة من جسده، وا، هـ لا يحل للأنثى متى بلغت شرعا بالمحيض أو السن أن تتجرد من ثيابها إلا أمام زوجها، بل إنه لا يحل لمحارمها كالأب والابن والأخ أن يطلع على ما بين سرتها وركبتها، وإنما هذا لزوجها فقط على ما تدل عليه صراحة بهذه الآيات الكريمة.
وما رواه أبو داود عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إله وجهه وكفيه ومن أجل هذا أجمع جمهور الفقهاء على أن جميع بدن الأنثى لا يحل كشفه ونظر الغير إليه فيما عدا الوجه والكفين.
ووقع الخلاف فى القدمين، هل هما مما لا يحل كشفه أو مما يجوز.
فذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أن جميع بدن الأنثى لا يحل لها كشفه لغير من ذكروا فى الآية الأخيرة، ذلك حكم الله أنزله فى كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن ثم وابتاعا لأمر الله لا يحل للأنثى أن تتجرد من ثيابها كليا أو جزئيا، ولا يحل للذكر أن يتجرد من ثيابه حتى تبدو سوءته ما بين سرته وركبته إلا لضرورة كالعلاج بمعرفة طبيب مثلا، أما فى غير ضورة فى يحل شىء من هذا.
وليس من الضرورات هذا الموديل العارى للأنثى والذكر، إذ لا ضرورة فيه، واللرسام أن يلجأ إلى رسم الأزهار والأشجار وغيرها مما أباح الله لعباده، وفيها من الجمال ما لا يقارن به بدن الإنسان عاريا، بل إن الله قد امتن على آدم وحواء بستر جسديهما حيث خلقها، وحذرهما من الأكل من الشجرة وعابتهما على مخالفته وأكلهما منها حتى بدت سوآتهما.
ولعل فى لفظ السوءة ما يشعر بقبح النظر إلى ما أوجب الله ستره عن الأنظار.
لما كان ذلك فإنه لا يحل شرعا تجريد الأنثى من ثيابها ولا تجريد الذكر مما يستر ما بين سرته وركبته إلا لضرورة العلاج والتداوى فقط.
وإنه لحق على أولياء المور ونحن نبنى بدلنا على الخلق القويم فى نطاق العلم والإيمان أن نرقى الذوق ونبرز عظمة خلق الله فيما أباحه الله لا فيما حرمه، وليذكر الجميع قول رسول الله صلى اله عليه وسلم فيما رواه النسائى وابن حبان فى الصحيح عن أنس أنه قال (إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) .
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/207)
خطف الأطفال والاناث محرم شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
جمادى الآخرة 1399 هجرية - 14 مايو 1979 م
المبادئ
1 - من مقاصد التشريع الإسلامى ما سماه الفقهاء بالضروريات الخمس حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل.
وقد شرعت العقوبات لحفظها.
2 - العقوبات فى الحدود مقدرة بالشرع أما عقوبات التعازير فمتروكة للامام وقد تصل إلى القتل سياسة متى رأى الإمام ذلك
السؤال
بالكتاب المؤرخ 14/4/1979 عما إذا كان أحكام الشريعة لإسلامية تجيز فرض عقوبة الإعدام على جرائم خطف الأطفال وخطف الإناث للاعتداء على عرضهن
الجواب
إن من مقاصد التشريع الإسلامى ما سماه الفقهاء بالضروريات الخمس وقد جرت عبارتهم بأنها حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ النسل وحفظ المال وحفظ العقل - وقالوا إنه بالاستقراء وجد أن هذه الضروريات الخمس مراعاة فى كل ملة.
وفى سبيل حفظ هذه الضروريات شرعت العقوبات وهى كما جاءت فى استنباط الفقهاء من مصادر الشريعة تتنوع إلى ما يأتى: أولا - الحدود والحد هو العقوبة المقدرة بنص الشارع، وهى حق الله تعالى لا تقبل العفو عنها - والمقصود من عقوبات الحدود المصلحة العامة للمجتمع.
ثانيا - جرائم الجناية على النفس وما دون النفس وما يتبعها من الدية والأرش.
ثالثا - جرائم العازير وهى التى جرت الشريعة على عدم تحديد عقوبة كل جريمة منها مكتفية بتقرير أنواع من العقوبات لهذه الجرائم، وقد تبلغ أقصى عقوبة الحدود وهى القتل.
فمعيار العقوبة فى جرائم العزيز مرن غير ثابت عكس الحدود فإنها ثابته.
وإذا كانت الجرائم المسئول عنها لا تدخل فى نطاق الحدود بمعناها الشرعى، كما لا تندرج تحت عقوبات الاعتداء على النفس ومادون النفس فهل تدخل فى نطاق التعزير وإذا انطوت تحت هذا العنوان فما عقوبتها التى يشير إليها فقه الشريعة من المناسب قبل الإجابة على هذا النظر فى أقوال فقهاء المذاهب فى أمثال هذه الجرائم.
يقرر فقهاء الحنفية عقوبة القتل سياسة فى الجرائم التى تمس أمن المجتمع وتهدد مصالح النسا، سيما إذا وقعت من معتاد الإجرام فقالوا إن السارق إذا تكرر منه فعل السرقة قتل سياسة - والجاسوس الذى ينقل أسرار الدولة للأعداء يقتل سياسة، وذلك لسعيه بالفساد فى الأرض.
جاء فى شرح فتح القدير للكمال بن الهمام ص 275 ج - 4 تعليقا على عبارة صاحب الهداية (لأنه صار ساعيا فى الأرض بالفساد) وكل من كان كذلك فيدفع شره بالقتل.
فجعلوا كل جرم ترتب عليه الإضرار بأمن الناس وأمانهم على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم إفساد فى الأرض، فإذا لم يصادفه عقوبة حد مقرر جاز عقابه بالقتل سياسة وتعزيرا، لأن فى مثل هذه العقوبة الحازمة ردعا للغير وزجرا عن سلوك هذا الطريق - (الهداية وفتح القدير ج - 4 ص 274 و 275 والدر المختار - وحاشية رد المحتار لابن عابدين ج - 3 ص 203 و 204 فى كتاب الحدود فى باب التعزيز ص 244 وما بعدها ومجمع الأنهر ج - 1 ص 617 فى فصل التعزير وص 639 فى آخر باب قطع الطريق.
واتفق فقهاء المالكية على أن أقل عقوبة التعزيز غير مقدرة - واختلفوا فى أقصاها، والمشهور عن مالك أنه يجيز التعزير بما فوق الحد، وأن هذه العقوبة بحسب الجناية والجانى والمجنى عليه - وأجاز المالكية قتل الجاسوس المسلم إذا كان يتجسس للعدو، وقتل المفسدين فى الأرض كالقدرية وأشباههم (الفروق للقرافى ج - 4 ص 177 - 183 وتهذيب الفروق على هامشه ص 204 - 209 وتبصرة الحكام لابن فرحون ج - 2 ص 302 على هامش فتاوى عليش) .
وذهب بعض فقهاء الشافعية إلى جواز قتل صاحب البدعة المخالف للكتاب والسنة، والقتل فى الواط للفاعل والمفعول به قتلا بالسيف - كما قالوا إن قطع الكريق كما يكون فى الصحراء أو الخلاء يكون فى المصر، وأنه إذا الإمام بقوم يخيفون الطريق ولم يأخذوا مالا ولا قتلوا نفسا عزرهم وجوبا، وأشاف الشافعية فى أحكام الصيال أن ضمان الولاة دفع كل صائل على نفس أو طرف أو منفعة أو بضع (عرض) أو مال ومقتضى دفع الصائل قتله.
(المهذب للشيرازى ج - 2 ص 286 وتحفة المحتاج وحواشيها فى التعزيز ودفع الصائل ج - 9 والحكام السلطانية للماوردى ص ص212 و 213) وفى كتاب قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام الشافعى ج - 2 ص 83 الدفع وهو أنواع.
أحدها القتل والقطع والجرح لدفع ضرر الصيال على الأرواح والأبضاع والأموال - إلى أن قال الخامس إتلاف لدفع المعصية كقتال الظلمة دفعا لظلمهم وعصيانهم، وكذلك تخريب ديارهم وقطع أشجارهم وقتل جوابهم إذا لم يكمن دفعهم إلا بذلك.
ويستفاد من عبارة العز بن عبد السلام أن الإتلاف أى القتل لدفع المعصية من حق ولى الأمر، لأن قتال الظلمة يقتضى قتلهم.
وذهب بعض فقهاء المذهب الحنبلى إلى جواز التعزير بقتل الجاسوس وقتل المبتدع فى الدين، وكل من لم يندفع فساده إلا بالقتل ومن تكرر منه الفساد ولم تردعه الحدود - وقالوا إن قطع الطريق كما يكون فى الصحراء يكون فى المصر لتناول الآية يعمومها كل محارب، ولأن ذلك إذا وجد فى المصر كان أعظم خوفا وأكثر ضررا فكان بذلك أولى وأضافوا أن المفسد فى الإرض كالصائل إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل وقد جاء فى كتبا السياسة الشرعية لابن تيمية ص 135 فى التعزير ما ملخصه أنه قد حكى عن مالك وغيره أن من الجرائم ما يبلغ به القتل ووافقه بعض أصحاب أحمد، وكذلك أبو حنيفة يعزر بالقتل فيما تكرر من الجرائم إذا كان جنسه يوجب القتل، كما يقتل من تكرر منه التولط أو اغتيال النفوس لأخذ المال ونحو ذلك.
وفى رسالة الحسبة لابن تيمية ص 58 فى فصل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (ومن لم يندفع فساده فى الأرض إلا بالقتل قتل.
مثل المفرق لجماعة المسلمين والداعى إلى البدع فى الدين قال تعالى {من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} المائدة 32، وجاء فى المحلى لابن حزم فى المسألة رقم 2305 ص 401 ج - 11 فى التعزير أن الناس اختلفوا فى مقداره، وأن مالكا وأبا يوسف فى أحد أقواله وأبا ثور والطحاوى من الحنفية قالوا إن للإمام أنيبلغ بالتعزير ما يراه وأن يجاوز به الحدود بالغا ما بلغ.
وقال ابن جرير الطبرى فى تفسيره ج - 6 ص 136 بعد بيان الأقوال فى تفسير آية {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} وأولى هذه الأقوال عندى بالصواب قول من قال المحارب لله ورسوله من حارب فى سابلة المسلمين وذمتهم والمغير عليهم فى أمصارهم وقراهم حرابة وأما قوله {ويسعون فى الأرض فسادا} فإنه يعنى ويعملون فى أرض الله بالمعاصى من إخافة سبل عباده المؤمنين به، أو سبل ذمتهم وقطع طرقهم وأخذ أموالهم ظلما وعدوانا والتوثب على حرمهم فجورا وفسوقا.
ونخلص من هذا العرض إلى أن القتل تعزيرا يجيزه فقهاء مذهب أبى حنيفة سياسة، وأنه مشروع فى الجرائم التى لا يمكن فيها دفع شر الجانى سيما إذا كان معتادا.
وأيضا الجرائم التى تعتبر إفسادا للمجتمع وتكرر من المقترف لها الإفساد، وقد وافق على هذا الرأى من الحنابلة ابن عقيل وابن تيمية وابن القيم.
ومبدأ القتل تعزيزا مسلم به فى الفقه المالكى، كما جاء فى قتل الجاسوس والمفسد فى الأرض، وجرى بذلك قول بعض الشافعية سيما فى أحكام دفع الصائل.
ولعل فى قول عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه تحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون من فجور، ما يشير إلى ضرورة الأخذ بقول جمهور فقهاء المذاهب على نحو ما سبق بيانه من جواز القتل تعزيزا سياسة سيما هؤلاء المجرمين الذين يثبت احترافهم للقتل والسطو على الناس فى الشوارع والسيارات والقطارات بل وفى المنازل، وهؤلاء الذين يخطفون الأطفال والإناث متى ثبت عليهم هذا الجرم يجوز عقابهم بالقتل، باعتبارهم خطرا على الجتمع ولا يرجى صلاحهم، وباعتبار أن فعلهم مناف لمقاصد الشريعة التى تدعو لحفظ النفس والدين والعرض، وفى أقوال ابن جرير الطبرى سالفة الذكر فى تفسير آية الحرابة تأييد واضح لأقوال الفقهاء الذين أجازوا عقوبة القتل تعزيزا وسياسة.
هذا ولما كانت الجرائم المسئول عنها تمس أمن المجتمع وسلامته إذ فيها ما يهز الأمن، وفيها ترويع الأطفال والنساء والاعتداء على الأعراض التى صانها الإسلام، بل إنه حرم مجرد النظر إلى النساء الأجنبيات.
وفيها إشاعة الفوضى والاضطراب فى البلاد، وإضاعة الثقة فى قدرة الحكام على ضمان الأمن العام، فإن المجرمين الذين اعتادوا الإجرام ولا يرجى منهم التوبة، والإقلاع عن القتل والخطف والرقة والزنا، كل هؤلاء يجوز أن تشرع لهم عقوبة القتل سياسة، على أن توضع اضوابط الكفيلبة بالتطبيق العادل حماية للإنسان الذى حرم الله قتله إلا بحق، فلا يؤخذ فى مثل هذه العقوبة بالظنة والشبهة، بحيث يكون ملحوظا فى التشريع الحيطة فى الإثبات سيما إذا لم يتم القبض على الجانى متلبسا بجرمه.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/208)
تمثيل شخصيات الأنبياء محرم شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
شوال 1400 هجرية - 17 أغسطس 1980 م
المبادئ
1 - القصص القرآن على تنوعه يهدف لبيان غرض دينى موضوعى وتكراره فى أكثر من موضع تأكيد لذلك.
2 - قصص الأنبياء فى القرآن الكريم جاءت تصحيحا لمفاهيم خاطئة.
3 - الأنبياء والرسل أعز وأكرم من أن يمثلهم إنسان أو يتمثل بهم شيطان.
4 - عصمة الله لأنبيائه ورسله من أن يتمثل بهم شيطان مانعة من أن يمثل شخصياتهم إنسان ويمتد ذلك إلى أصولهم وفروعهم وزوجاتهم وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال
هل يجوز شرعا تشخيص نبى من الأنبياء أو زوجه أو ولده أو والده أو والدته
الجواب
تعغقيبا على ما نشر بجريدة الأهرام يوم الجمعة 20 رمضان 1400 هجرية فى خصوص المسلسل التليفزيونى محمد رسول الله، إن القصص القرآنى على تنوعه ليس مجرد معجز فى أسلوبه وصياغته، وإنما هو مضمون موضوعى مقيد بغرض دينى يهدف إلى إبانته وتحقيقه وإقراره، فالقصة تتكرر فى غير موضع وتصاغ فى عبارات متغايرة، ولى كل مرة تدعو دعوة مباشرة لشىء، وفى ذات الوقت لا تنفك عن إعجاز القرآن، ومع هذا وذاك تبتعد عن الخيال، وكيف يحتويها أو يحوطها خيال والقرآن كلمة الله.
ومن بين قصص القرآن كانت قصص الأنبياء عليهم السلام جاءت تصحيحا لمفاهيم خاطئة امتلآت بها كتب الديانات السابقة المحرفة، كما جاءت مبينة لما كان لهم من شرائع درست بنبذ أهلها إياها، وتحدث القرآن الكريم عن أنبياء الله ورسله باعتبارهم المصطفين الأخيار من بنى الإنسان، ومع هذا فهم بشر يمشون فى الأسواق ويأكلون الطعام ويجرى عليهم الموت.
اختارهم الله لما علمه فيهم سلفا من نقاء وفضل، فهم أفل بشر على الإطلاق وإن تفاوتوا فى الفضل فيما بينهم قال تعالى {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} الإسراء 55، وهم بهذه المنزلة أعز من أن يمثلهم أو يتمثل بهم إنسان أو حتى شيطان، فقد عصمهم الله واعتصموا به فلم يزلوا لأن لهم عصمة تصونهم وتقودهم بعديا عن الخطايا الكبار والصغار قبل الرسالة وبعدها.
يدلنا على هذه الحصانة - كما نسميها فى تعبيراتنا العصرية - الحديث الشريف الذى رواه أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من رآنى فى المنام فقد رأنى، فإن الشيطان لا يتمثل بى) وفى رواية أبى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسمل يقول (من رآنى فى المنام فسيرانى فى اليقظة ولكأنما رآنى فى اليقظة ولا يتمثل الشيطان بى) .
متفق على صحته. وهذا واضح الدلالة فى أن الشيطان لا يظهر فى صورة النبى صلى الله عليه وسلم عيانا أو مناما صونا من الله لرسله وعصمة لسيرتهم، بعد أن عصم ذواتهم ونفوسهم.
وإذا كان هذا الحديث الشريف يقودنا إلى أن الله قد عصم خاتم الرسل عليه والصلاة والسلام من أن يتقمص صورته شيطان، فإن فقه هذا المعنى أنه يحرم على أى إنسان أن يتقمص شخصيته ويقوم بدوره.
وإذا كان هذا هو الحكم والفقه فى جانب الرسول الخاتم، فإنه أيضا الحكم بالنسبة لمن سبق من الرسل، لأن القرآن الكريم جعلهم فى مرتبة واحدة من حيث التكريم والعصمة، فإذا امتنعوا بعصمة من الله أن يتمثلهم الشيطان امتدت هذه العصمة إلى بنى الإنسان، فلا يجوز لهم أن يمثلوا شخصيات الرسل، إذ لا يوجد الإنسان الذى ابيضت صفحته وظهرت سريرته ونقاه الله من الخطايا والدنايا كما عصم أنبياءه ورسله ويستدل على ذلك من قول الله سبحانه {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله} البقرة 285، وإذا كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب كما قال القرآن {لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثا يفترى} يوسف 111، فإن القصة لا تستفاد منها العبرة آخذة بالنفوس إلا إذا كانت من الإنسان الذى اصطفاه الله واختاره لإبلاغ الرسالة وإنقاذ أمته، وكيف تتأتى الاستفادة من تمثيل إنسان لشخص نبى ومن قبل مثل شخص عربيد مقامر سكير رفيق حانات وأخ للدعارة والداعرات، ومن بعد يمثل كل أولئك أو كثير منهم إنه جميل جدا أن نتجه إلى القصص الدينى القرآن نعرضه بطرق العصر ولغته ومواده ونقربه إلى إذهان أولادنا بدلا من القصص المستورد الذى يحرض على التحلل والانحلال.
نعم إن هذا أمر محمود، لكن لابد فيه من الالتزام بآداب الإسلام ونصوص القرآن ولنصور الوقائع كما حكاها القرآن واقعا لا خيال فيه ولنحجب شخص النبى الذى نعرض قصصه مع قومه، فلا يتمثله أحد، وإنما نسمع صوت من يردد إبلاغه الرسالة ومحاجته لقومه وإبانته لمعجزته كما أوردها القرآن الكريم.
وإذا كان هذا أمرا لازما بمقتضى فقه ذلك الحديث الشريف فإن ما بدا فى مسلسل محمد رسول الله من إظهار شخص المتحدث باسم رسول الله موسى عليه السلام وقت النطق بما يردده من أقوال هذا النبى، هذا الذى حدث يكون منافيا لالتزامنا نحن المسلمين نحو الأنبياء من التكريم والتوقير والارتفاع عن الغض من مكانتهم التى صانها الله.
كما أن النبى هارون وأم موسى وأخته وزوجه يأخذون هذا الحكم فلا يجوز أن يتقمص أشخاصهم أحد من الممثلين، بل نسمع الأقوال المنسوبة إليهم نطقا، لأن الله سبحانه كرم أم موسى بقوله {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه} القصص 7، وأيا ما كان معنى هذا الوحى وطيقه فهو وحى من الله إلى من اصطفاها أما لنبيه ترتفع به عن مستوى الغير فلا تتمثلها امرأة - مع الاحترام لأشخاص من قاموا بهذا التمثيل - وهذه أخته وهذه زوجه لكل منهما مكانتها وموضعهاالذى رفعها الله إليه فى قرآنه، ثم هذا النبى هارون شريك موسى فى الرسالة قالى تعالى {اشدد به أزرى.
وأشركه فى أمرى} طه 31 - 32، وإن فقه كل ذلك يجعل لأولئك مكانا علينا بالتبع لهذا النبى إن لم يكن لذواتهم التى كرمها الله وشرفها بالوحى.
ولعلنا نسترشد فى هذا المعنى بقول الرسول صلى الله عليه وسلم فى حق نفسه ونشأته ونسبه (أنا خيار من خيار) وهذا الحكم - كما سبق - يمتد إلى غيره ممن سبقه من الأنبياء.
من أجل ذلك - يجب أن ينقى هذا المسلسل وغيره من المناظر المصورة التى يمثل الأنبياء فيها بأشخاص ظاهرين، أو يمثل فيها أصولهم كالأم أو زوجاتهم وأولادهم، بل إن هذا الحظر يمتد إلى الأصحاب الذين عاصروا الرسالة وأسهموا فى إبلاغها، لأن القدوة من بعد النبى فى هؤلاء الأصحاب ومن ثم كان لزاما صونهم عن التمثيل والتشخيص، ويكفى أن نسمع أقوالهم مرددة من خلال الأصوات التالية لها.
وإنى لأهيب بالمسئولين عن الإذاعة والتليفزيون أن يبادروا إلى تصحيح ما وقع من تجاوز فى هذا المسلسل وغيره، إن كان ما ألمحت إليه (الأهرام) فيما نشرت صحيحا.
وأهيب بالمسئولين عن الثقافة فى المسارح أن يعيدوا النظر فيما لديهم من قصص مستقاة من القرآن أو السيرة النبوية الشريفة، وأن يرفعوا منها كل ما كان فيه تشخيص لأحد الأنبياء أو زوجه أو ولده ووالده ووالدته أو أحد أصحابه، فإنه إذا كانت المصلحة فى تقريب هذه القصص تمثيلا وتصويرا للناس إلا أن المفسدة فى تجسيد النبى أو أحد هؤلاء الأقربين إليه عظيمة والخطر منها أفدح، ولاشك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما تقضى قواعد الشريعة الغراء.
وأهيب بمن بيدهم الرقابة على هذه المصنفات أن يتابعوا مراحل إعدادها وإخراجها، وأن يقولوا للناس ما انتهوا إليه من رأى فيها فإنهم إن سكتوا عما فيها من تجاوزات كانوا مقرين لها وهم فى هذا آثمون مخالفين للحديث الشريف (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان) .
إن شريعة الإسلام هى قانوننا بمقتضى نصوص القرآن والسنة وتنظيما بمقتضى المادة الثانية من دستورنا.
ومن أجل هذا أهيب المختصين فى مجمع البحوث أن يتخذوا الإجراءات القانونية فى حال ثبوت مخالفة النصوص المعتمدة للقصص القرآنية، أو المستمدة من السيرة النبوية لوقف إذاعتها أو إخراجها تمثيلا أو تصويرا.
والله الهادى إلى سواء السبيل وهو ولى التوفيق(7/209)
مشروب الكينا بأنواعها واسمائها داخل فى نطاق الخمر
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
رمضان 1401 هجرية - 28 يولية 1981 م
المبادئ
1 - العبرة فى المحرمات ليست بالأسماء، وإنما بالمسميات.
2 - مشروب الكينا يعتبر من الخمور ومن المشروبات الكحولية وليست من الأدوية بتقرير أهل الخبرة وبنص القانون.
3 - الكينا باعتبارها مادة كحولية مسكرة.
داخلة فى نطاق الخمر ومحرمة بنص القرآن والسنة وبإجماع المسلمين.
لا يدفع عنها وصف التحريم تسميتها بغير اسمها
السؤال
بكتاب المجلس الشعبى المحلى لحى وسط القاهرة المؤرخ 6 مايو سنة 1981 الذى جاء به أن المجلس أصدر بجلسته المعقودة فى 30 ديسمبر سنة 1980 قراره بعدم منح تراخيص بيع الخمور والمشروبات الروحية والمحال العامة المصرح لها ببيع الخمور وشربها، مع إلغاء جميع التراخيص السابق إصدارها بجميع أقسام حى وسط القاهرة، وذلك اعتبارا من أول يناير سنة 1981.
وانتهى الكتاب إلى السؤال التالى هل مشروب الكينا بأنواعها وأسمائها المختلفة تدخل فى إطار الخمور والمحرمات أم لا
الجواب
إن الله سبحانه وتعالى حرم الخمر قطعا وأمر باجتنابها باعتبارها رجس نجسا فى قوله جل شأنه {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة 90، ولما كانت العبرة فى المحرمات ليس بالأسماء، وإنما الاعتبار للمسميات، وهل تدخل فى نطاق مواصفات التحريم الذى حكم الله به أم لا ولما كانت العلة فى تحريم الخمر الإسكار، وكانت الخمر - كما فسرها عمر بن الخطاب (نيل الأوطار للشوكانى ج - 8 ص 176) رضى الله عنه - ما خامر العقل، وكان كل ما ينطبق عليه وصف الخمر وعلة تحريمه يسرى عليه حكمها الثابت قطعا وهو التحريم فى هذه الآية الكريمة وفى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين.
ولما كانت دار الإفتاء سبق أن أصدرت عدة فتاوى فى شأن حكم مشروب (الكينا) بمختلف أسمائه التجارية.
منها الفتوى الصادرة بتاريخ 21 جمادى الأولى سنة 1396 هجرية 20 مايو سنة 1976 م التى جاء فيها (رقم 445 م / 108 س) أنه ثبت من التقرير المؤرخ 18/4/1976 الذى أرسلته إلينا الإدارة العامة للمعامل المركزية بوزارة الصحة بعد تحليلها لمشروب الكينا بمختلف أسمائة التجارية الواردة بالتقرير أن هذا المشروب يحتوى على مادة الكحول الموجودة فى الخمر المحرمة شرعا بنسبة تتراوح ما بين 25، 35.
2 ولما كان كتاب الإدارة العامة لقطاع الصيدلة بوزارة الصحة المحرر فى 27 يونيه سنة 1981 الرقيم 1252 الوارد لدار الإفتاء ردا على كتابها رقم 328 المؤرخ 2 يونيه سنة 1981 فى شأن مشروب الكينا ونسبة مادة الكحول فيه قد جاء به أن الكينا تعتبر من الخمور وتنظمها المواصفات القياسية رقم 189 لسنة 1962 بشأن المشروبات الكحولية الصادرة من وزارة الصناعة.
كما أنه قد صدر القانون رقم 63 لسنة 1976 باعتبار الكينا من المشروبات الكحولية، وبأنها لا تعتبر من الأدوية.
لما كان ذلك وكان تقرير أهل الخبرة قد انتهى إلى أن مشروب الكينا يعتبر من الخمور ومن المشروبات الكحولية فقد اعتبرها القانون من هذا القبيل أيضا ومن ثم صارت بهذا كله من الخمور دون اشتباه.
ولما كانت (نيل الأوطار للشوكانى ج - 8 ص 179 - 180) الأحاديث الشريفة قد وردت وفيرة مقررة مؤكدة أن ما أسكر كثيره فقليله حرام.
وفى شأن بيع الخمور بوصفها العنوانى العام جاء الحديث الشريف (رواه أبو داود - المنتخب من السنة المجلد التاسع ص 138 المجلس الأعلى للشئون الإسلامية) (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه) وإذ كان مشروب الكينا بكافة أنواعه وأسمائه داخلا فى نطاق الخمر بمقتضى تلك التقارير، وبنص القانون وأنه ليس من الأدوية كانت الكينا باعتبارها مادة كحولية مسكرة محرمة بنص آيات القرآن الكريم وبالسنة الشريفة وبإجماع المسلمين.
لا يرفع عنها وصف التحريم تسميتها بغير اسمها.
هذا وإن هذا القرار الذى أصدره المجلس الشعبى لحى وسط القاهرة فى شأن الخمور حسبما جاء بكتابه المرقوم ليرضى عنه الله ورسوله وصالح المؤمنين.
لأنه تنفيذ لأوامر الله، ودفع لإثم ومنع لكبيرة من الكبائر، نرجو الله أن يوفق أولى المر فى اتخاذ مثل هذا القرار وتنفليذه على كافة المستويات طاعة لله ورسوله {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} النور 52، والله سبحانه وتعالى أعلم(7/210)
عورة المرأة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
16 أغسطس 1981 م
المبادئ
1 - كل مالا يجوز للمرأة إبداؤه من جسدها عورة، يجب سترها ويحرم كشفها.
2 - المقصود بكلمة (ما ظهر منها) فى قوله تعالى {وقل للمؤمنات} إلخ الآية.
ما جرت العادة بإظهاره، وكان الأصل فيه الظهور بالنسبة للرجال، ومثل الرجل فى هذا الحكم المرأة غير المسلمة.
3 - عورة المراة بالنسبة للأصناف الاثنى عشر المذكورين فى سورة النور الآية 31 - تتحدد فيما عدا مواضع الزينة الباطنة من مثال الأذن والعنق والشعر والصدر والذراعين والساقين التى أبيح إبداؤها لهم، أما ما عدا ذلك، فلا يجوز إبداؤه مطلقا إلا للزوج.
4 - مواتب ذوى الأرحام تختلف بحسب ما فى نفوس البشر، فكشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ابن زوجها، وما يبدى للأب لا يجوز إبداؤه لابن الزوج.
5 - زوج الأخت لم يرد ضمن هذه الأصناف الاثنى عشر ومن ثم كان أجنبيا عن أخت زوجته، لا يحل له كما لا يحل لها أن تبدى أمامه إلا الزينة الظاهرة التى هى الوجه والكفان.
6 - لا فرق بين دخول الأخ على زوجة أخيه، وبين دخول الرجل على أخت زوجته فى كون كل منهما أجنبى عن الآخر
السؤال
بكتاب المركز الإسلامى - كولونيا - ألمانيا الاتحادية المحرر فى 8 رجب 1401 هجرية 12 مايو 1981 م المقيد برقم 189 سنة 1981 وقد جاء به المفهوم لدينا أن زوج الأخت ليس من المحارم الذين ذكرهم الله فى سورة النور، وقد أجازت سورة النور فى القرآن الكريم أن تضع المرأة حجابها أمام عبدها، كما أجازت وضع الحجاب عند تحرير العبد أو مكاتبته.
فهل يجوز - بالنسبة لزوج الأخت.
أن تظهر عليه أخت زوجته دون حجاب، طالما أن أختها زوجته على قيد الحياة بحكم حرمتها عليه.
ثم تتحجب أمامه عند موت أختها، باعتبار أنها أصبحت حلا له
الجواب
قال الله سبحانه {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} النور 31، فى هذه الآية الكريمة بيان ما يجوز للمرأة إبداؤه من زينتها وما لا يجوز ومن يحل لها أن تبدى بعض الزينة أمامهم من الرجال، ولقد جاءت كلمة (ولا يبدين زينتهن) مرتين فى هذه الآية الأولى بقوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وقد اختلف العلماء فى تحديد المقصود بكلمة (ما ظهر منها) وقدره، هل يكون معناه ما ظهر بحكم الضرورة من غير قصد، أو يكون ما جرت العادة بإطهاره وكان الأصل فقيه الظهور، وقد أثر واشتهر عن أكثر السلف من فقهاء الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين.
الرأى الثانى، فلقد اشتهر عن ابن عباس وعن أنس أنهما قالا فى تفسير (ما ظهر منها) الكحل والخاتم.
وإباحة إبراز هذين يلزم منها إظهار موضعيهما، وهما الوجه والكفان.
وهذا ما أميل للأخذ به، لأن إظهار (بهذا قال المفسرون الطبرى والقرطبى والزمخشرى والرازى والشوكانى فى فتح القدير وغيرهم فى تفسير هذه الآية) الوجه والكفين ضرورة للتعامل وقضاء المصالح، ولأن فى سترهما حرجا للمرأة التى قد تخرج لكسب قوتها أو تعول أولادها كما أشار إلى هذا الفخر (ص 205 و 206 ج - 23) الرازى فى تفسيره.
وقوله سبحانه فى الآية للمرة الثانية {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} هذا القول حث للنساء ونهى للمؤمنات عن كشف الزينة الخفية من أجسادهن، كزينة الأذن والشعر والعنق والصدر والساق أمام الأجنبى من الرجال، حيث رخص الله لها فى إبداء الوجه والكفين فقط، كما فى افتتاح الآية (إلا ما ظهر منها) .
وقد استثنت الآية من حظر إبداء الخفية اثنى عشر صنفا من الناس هم: 1 - بعولتهن أى أزواجهن، فللزوج أن يرى من زوجته ما يشاء وكذلك المرأة.
وفى الحديث (أخرجه الامام أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحاكم والبيهقى - البيان والتعريف بأسباب وردود الحديث ج - 1 ص 99) (احفظ عورتك إلا من زوجتك) .
2 - آباؤهن ويدخل فيهم الأجداد لأب أو لأم، والأعمام والأخوال، إذ الصنفان الخيران بمنزلة الآباء عرفا وفى الحديث (رواه مسلم) (عم الرجل صنو أبيه) .
3 - آباء أزواجهن فقد صار لهم حكم الآباء بالنسبة لهن، حيث وقع التحريم بقوله تعالى {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} النساء 23.
4 - أبناؤهن ومثلهم فروع هؤلاء الأبناء وذريتهم ذكروا وإناثا.
5 - أبناء أزواجهن لضرورة الاختلاط الحاصل فى العشرة والمنزل ولأنها صارت بمثابة الأم فهى محرمة على هؤلاء الأبناء بقوله تعالى {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف} النساء 22.
6 - إخوانهن سواء أكانوا أشقاء أو من الأب أو من الأم.
7 - بنو إخوانهن للتحريم الواقع مؤبدا بين الرجل وعمته.
8 - بنو أخواتهن لأن حرمة الخالة على الرجل أبدية أيضا بنص آية التحريم فى القرآن.
9 - نساؤهن أى النساء المتصلات بهن نسبا أو دينات، أما المرأة غير المسلمة فلا يجوز لها أن ترى من زينة المرأة المسلمية ما خفى، بل يجوز أن ترى ما أبيح للرجل الأجنبى رؤيته على أصح الأقوال.
10 - ما ملكت أيمانهن أى عبيدهن وجواريهن، لأن الإسلام ضم هؤلاء إلى الأسرة فصاروا كأعضائها ن وقد خص بعض الأئمة هذا بالإناث دون الذكور من المملوكين (تفسير القرطبى ج - 12 ص 233 و 234 و 237 وفيه تفصيل) .
11 - التابعون غير أولى الإربة من الرجال وهم الأتباع والأجراء الذين لا شهوة لهم فى النساء لسبب بدنى أو عقلى، فلابد من توافر هذين الوصفين، التبعية للبيت الذى يدخلون على نسائه، وفقدان الشهوة الجنسية، وكما قال القرطبى من لا فهم له ولا همة بنتبه بها إلى النساء.
12 - الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء وهم الصغار الذين لم تثر فى أنفسهم الشهوة الجنسية، فإذا ما لوحظ ظهورها عليهم حرم على المرأة إبداء زينتها الخفية أمامهم وإن كانوا دون البلوغ.
لما كان ذلك كان كل ما لا يجوز للمرأة إبداؤه من جسدها عورة يجب سترها ويحرم كشفها.
وكانت عورتها بالنسبة للرجال الأجانب عنها وغير المسلمات من النساء على الأصح جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وكانت عورتها بالنسبة للأصناف الاثنى عشر المذكورين فى آية سورة النور (الآية 31) تتحدد فيما عدا مواضع الزينة الباطنة من مثال الأذن والعنق والشعر والصدر والذراعين والساقين التى أبيح إبداؤها لهؤلاء الأصناف، أما ما وراء ذلك مثل الظهر والبطن والفخذين وما بينهما وما وراءهما فلا يجوز إبداؤه لامرأة أو لرجل إلا للزوج.
كما يدل على هذا حديث (سبق تخريجه وانظر البيان والتعريف بأسباب ورود الحديث الشريف ابن حمزة الدمشقى ج - 1 ص 99) بهز بن حكيم عن جده قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتى منها وما نذر قال احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قيل إذا كان القوم بعضهم فى بعض قال إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها.
قيل إذا كان أحدنا خاليا قال الله أحق أن يستحيا منه من الناس.
هذا وقد قال القرطبى (ج - 12 ص 232) لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنى بذوى المحارم وسوى بينهم فى إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما فى نفوس البشر، فلا مرية ان كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ابن زوجها، وتختلف مراتب ما يبدى لهم، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لابن الزوج.
وفى موضع آخر (المرجع السابق ص 237) قال والله تعالى قد حرم المراة على الإطلاق لنظر أو لذة، ثم استثنى اللذة للأزواج وملك اليمين، ثم استثنى الزينة لاثنى عشر شخصا، العبد منهم، وقدط تأول بعضهم الآية فى شأن الأصناف الأخيرة فقال إن التقدير أو ما ملكت أيمانهن من غير أولى الإربة أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال.
وإذ كان ذلك وكان زوج الخت لم يرد ذمن هذه الأصناف الاثنى عشر - كان أجنبيا من أخت زوجته، لا يحل له كما لا يحل لها أن تبدى أمامه إلا الزينة الظاهرة التى هى الوجه والكفان.
ويبين هذا ويؤكده أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من خلوة المرأة بأحمائها فقال (إياكم والدخول على النساء فقال رجل ومن الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو قال الحمو - الموت) (متفق عليه) قال النووى (فتح البارى بشرح البخارى ج - 9 ص 271 و 272 فى باب النكاح) الحمو أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم وإنما المراد غير المحارم كابن العم، لأنه يحل لها تزوجه لو لم تكن متزوجة وجرت العادة بالتساهل فيه، ليخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبى.
فهذا الحديث الشريف يحذر - سدا للذرائع - من الدخول على النساء والخلوة بهن، إلا فى الحدود التى أباحها الله سبحانه وبينها فى القرآن الكريم (من الآيات 22 و 23 من سورة النساء) وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولا فرق بين دخول الأخ على زوجة أخيه، وبين دخول الرجل على أخت زوجته، فهو أجنبى عنها فى كلا الحالين، والمحرم على زوج الأخت هو الجمع بين المرأة وأختها قال تعالى {وأن تجمعوا بين الأختين} النساء 23، فالتحريم للجمع لا لأصل الزواج، بدليل أنها تحل له إذا ما فارق زوجته بموت أو طلاق.
هذا ولا قياس فى الحل والتحريم، لأن الحكم فيه من الله لا سيما بعد أن دلت الآية الكريمة فى سورة النور وآيات المحرمات فى سورة النساء على أن الرجل أجنبى من أخت زوجته، بمعنى أنه غير محرم لها، وأن التحريم إنما فى الجمع بينها وبين أختها (زوجته) .
واتقاء الشبهات لون من التربية الإسلامية التى جاءنا بها رسول الإسلام، حيث قرر هذا المبدأ فى قوله عليه الصلاة والسلام (رواه الشيخان عن النعمان بن بشير، وهذا اللفظ من رواية الترمذى) الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور متشابهات لا يدرى كثير من الناس أمن الحلال هى أم من الحرام فمن تركها استبراء لدينه وعرضه فقد سمل، ومن واقع شيئا منها يوشك أن يواقع الحرام، كما أن من يرعى حول الحمى (الحمى مكان محدود يحجزه السطان لترعى فيه ماشيته وحدها ويمنع غيرها من دخوله) ، أوشك أن يواقعه إلا وان لكل ملك حمى الا وان حمى الله محارمه.
وبهذا البيان المستمد من نصوص القرآن والسنة، لا يحل للرجل أن يطلع من أخت زوجته على أكثر من الوجه والكفين، كما يحرم عليها تمكينه مما وراء هذا من جسدها كما ترحم عليهما الخلوة، ولا قياس فى هذا الموضع، إذ لا قياس ثمت فى الحلال والحرام.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/211)
كهربة الحيوان قبل ذبحه
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
محرم 1399 هجرية - 18 ديسمبر 1978 م
المبادئ
1 - تقضى نصوص فقه الشريعة الإسلامية أنه إذا اجتمع فى الذبيحة سبب محرم وآخر مبيح تكون محرمة.
2 - إذا كانت كهربة الحيوان أو تخديره قبل ذبحه بقصد إضعاف مقاومته ولا تؤدى إلى موته جاز استخدامها.
3 - إن أدت تلك الصدمة أو غيرها من طرق التخدير إلى موته فلا يحل استخدامها قبل الذبح، كما لا يحل الحيوان المذبوح بهذه الطريقة
السؤال
بالطلب المقدم من السيد الدكتور (م.
ع / باكستانى) المتضمن أن الدول الغربية تتبع طريقة معينة لذبح الحيوانات، وذلك باستعمال الصدمة الكهربائية أو غيرها من طرق التخدير التى تخفف من آلام الحيوان دون أن تميته.
ويطلب السائل الإفادة عن حكم أكل الذبائح بعد استعمال إحجدى طرق التخدير المشار إليها
الجواب
قال الله تعالى فى سورة المائدة {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم} المائدة 3، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحكم شفرته وليرح ذبيحته) قال العلماء إحسان الذبح فى البهائم الرفق بها، فلا يصرعها بعنف ولا يجرها من موقع إلى آخر وإحداد آلة الذبخ، ثم إراحة الذبيحة وتركها إلى أن تسكن وتبرد.
هذه أوامر الله فى الذبائح، وفيما أحله وحرمه، فإذا كانت الصدمة الكهربائية للحيوان أو غيرها من طرق التخدير تساعد على التمكين من ذبحه بإضعاف مقاومته وقت الذبح، وإذا كانت هذه الصدمة لا تؤثر فى حياته بمعنى أنه لو ترك بعدها دون ذبح عاد إلى حياته الطبيعية جاز استعمال الصدمة الكهربائية أو غيرها من طرق التخدير بهذا المفهوم قبل الذبح وحلت الذبيحة بهذه الطريقة.
أما إذا كانت الصدمة الكهربائية أو تخدير الحيوان بأى طريق آخر تؤثر فى حياته بحيث لو ترك بعدها دون ذبح فقد حياته فإن الذبح وقتئذ يكون قد ورد على ميتة فلا يحل أكلها فى الإسلام لاحتمال موت الحيوان بالصدمة الكهربائية أو التخدير قبل الذبح، إذ تقضى نصوص فقه الشريعة الإسلامية أنه إذا اجتمع فى الذبيحة سبب محرم وآخر مبيح تكون محرمة، كما إذا رمى شخص طائرا فجرحه فسقط فى الماء فانتشله الصائد ميتا فإنه لا يحل أكله لاحتمال موته غرقا لا بجرح الصيد، ومثله واقعة السؤال.
فإذا تأكد السائل أن الصدمة الكهربائية اللحيوان قبل ذبحه لا تؤدى إلى موته بحيث لو ترك دون ذبح عاد إلى حياته الطبيعية.
جاز استخدامها لإضعاف مقاومته حال ذبحه فقط، وإن كانت تلك الصدمة أو غيرها من طرق التخدير تميت الحيوان، فلا يحل استخدامها قبل الذبح، كما لا يحل الحيوان المذبوح بهذه الطريقة.
ومما تقدم يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/212)
تحريم اتيان الرجل زوجته فى غير الموضع الشروع
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
جمادى الأولى 1399 هجرية - 31 مارس 1979 م
المبادئ
1 - إيتان الرجل زوجته فى دبرها أمر منكر وحرام شرعا، وليس لهذا الفعل تأثير على عقد الزواج إلا بتضررها منه.
2 - لا يملك الزوج على زوجته إلا معاشرتها بما أحل الله.
3 - على الزوجة ألا تمكنه من ارتكاب هذه المعصية والفعل المحرم معها، وتصانعه وترغبه فيما هو مشروع
السؤال
بالطلب المتضمن أن زوجا يسىء معاملة زوجته رغم أنها مطيعة له، وقد أنجب منها بنتا ويريد أن يجامعها فى دبرها، وقد فعل ذلك معها وجامعها فى دبرها مرة واحدة كرها بالرغم منها، فتركت له البيت وذهبت إلى أهلها لأنه مصمم على هذا العمل.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا العمل.
وهل تحل له زوجته بعد ذلك
الجواب
إن إتيان الرجل زوجته فى دبرها أمر منكر وحرام شرعا.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
فقد روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ملعون من أتى امرأته فى دبرها وراه أحمد وأبو داود.
وملعون (مطرود من رحمة الله) .
وفى لفظ لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته فى دبرها رواه أحمد وابن ماجه.
ولا ينظر الله إليه (يعرض الله عنه ولا يقبله) وعن خزيمة ابن ثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم (نهى أن يأتى الرجل امرأته فى دبرها) رواه أحمد وابن ماجه.
ونهى (طلب الامتناع عن إتيان الشىء المنهى عنه) ومقتضى هذه النصوص تحريم إتيان الزوج زوجته فى دبرها قطعا.
غير أن هذا الفعل المحرم لا تأثير له على عقد الزواج بينهما.
وعلى هذا الزوج أن يقلع عن هذه المعصية، ويتوب إلى الله تعالى من فعل قوم لوط، ويأوى إلى المحل الذى شرعه الله سبحانه، وليعلم أنه لا يملك على زوجته إلا معاشرتها بما أحل الله، وأن هذا الفعل إذا ثبت قضاء موجب لتطليقها عليه، وعلى هذه الزوجة أن تصانع زوجها وتنصحه وترغبه فيما هو مشروع ولا، تمكنه من ارتكاب هذه المعصية والفعل المحرم معها.
إذ لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
وبهذا علم جواب السؤال والله يهدى إلى الحق وإلى صراط مستقيم وهو سبحانه أعلم(7/213)
حكم تفاوت وزن الدنانير والدراهم فى ربوية التعامل بها
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
25 حمادى الآخرة 1399 هجرية - 22 مايو 1979 م
المبادئ
1 - التعامل بدنانير الروم ودراهم الفرس متعارف عليه عند العرب قبل الإسلام.
2 - أقر الرسول صلى الله عليه وسلم أهل مكة على هذا التعامل.
3 - استقر تعامل المسلمين بالذهب والفضة بشرط المثلية، وتكون الزيادة بها ربا وذلك منذ صدور الإسلام.
4 - عند مابدلة الذهب بالذهب والفضة بالفضة يتحتم التساوى فى الوزن دون العدد لعلة الثمنية
السؤال
بالطلب المقدم من الأستاذ الدكتور - مدير البحوث والدراسات دائرة الشئون القانونية بالأمانة العامة للأمم المتحدة المقيد برقم 18 سنة 1979 المتضمن الاستفسار عن مدى تأثير تفاوت وزن الدنانير والدراهم فى العصور الإسلامية المتفاوتة فى ربوية التعامل بها قروضا كانت أم أثمان مبيعات أم غير ذلك، فإذا اقترض عمرو 1000 دينار مثلا من زيد فقد يقابلها فى زمن الوفاء بها عند حلول الأجل المتفق عليه 1100 دينار، بافتراض أن الدنانير المقترضة كان الواحد فيها يزن مثقالا كاملا، حالة أنه عند الوفاء كانت الدنانير المتداولة تنقص عن وزن المثقال والسؤال هو هل المائة دينار التى تقاضاها زيد الدائن فى المثال السابق تعتبر من قبيل الربا المحرم أم لا وإذا كان الجواب بالإيجاب فكيف أقر الفقهاء أسلوب حساب الدين بالوزن لا بالعدد، ولم ينكره أحد منهم وجرى به عرف الأمة عالمها وعاميها بلا خلاف طوال قرون عديدة
الجواب
إن الدينار والدهم الإسلاميين قد اختلف العلماء فى تحديد قدرهما وقد تعرض لبحث تطورهما من العلمءا والأقدمين أبو عبيد فى كتابه الأموال، والبلاذرى فى كتابه فتوح البلدان، والخطابى فى معالم السنن.
والماوردى فى الحكام السلطانية، والنوى فى المجموع شرح المهذب فى كتاب الببيوع، والمقريزى فى كتاب النقود القديمة الإسلامية، ثم على باشا مبارك فى الجزء 2 من كتاب الخطط التوفيقية والدكتور عبد الرحمن فهمى فى كتابه صنجح السكة فى الإسلام ودائرة المعارف الإسلامية المترجمة ج - 9 فى مادتى درهم ودينار، ورسالة تحرير الدرهم والمثقال للأب أنستاس الكرملى وغير هذا من كتب الفقه والتاريخ.
وقد تعارف العرف قبل الإسلام التعامل بالدنانير حيث كانت ترد إليهم من من بلاد الروم وبالدراهم التى رد كذلك من بلاد الفرس، وكانت الدراهم الواردة تختلف حجما ووزنا، وكان أهل مكة يتعاملون فيها وزنا لا عدا كأنها سبائك غير مضروبة، وقد أقر الرسول صلى الله عليه وسلم أهل مكة على هذا التعامل وقال (الميزان ميزان أهل مكة والميكال مكيال أهل المدينة) نظرا لآن هؤلاء كانوا أهل زراعة وأولئك كانوا تجارا، وقد استقر تعامل المسلمين بالذهب والفضة باعتبارهما ثمنا للتبادل كغيرهم من الأمم، ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديث مشهور قاعدة هامة هى التماثل فى التعامل بهذين المعدنين وغيرهما من الأصناف الستة - ونص على أن الزيادة ربا - ففى لفظ الحديث الذى رواه مسلم فى صحيحه عن طريق عبادة بن الصامت رضى الله عنه (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضل بالفضة والتمر بالتمر والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو استزاد فقد أربى) .
وقد اتفق الفقهاء على أن العبرة بالتساوى والمماثلة فى حال تبادل هذه الأنواع بمثلها من جنسها وزنا أو كيلا - وقال فقهاء الحنفية والحنابلة ان المعيار الشرعى الموجب للمماثلة هو القدر والجنس وإن اختلف فقهاء المذهبين فى القدر الذى يتحرز فيه عن الربا.
وقال فقهاء الشافعية ان الذهب والفضة يحرم فيهما الربا لعلة واحدة هى أنها من جنس الأثمان - ومن أجل هذا حرموا الزيادة فى الوزن كذلك فيهما دون غيرهما من الموزونات، وفقهاء المالكية قالوا إن علة تحريم الزيادة فى الذهب والفضة النقدية، فأوجبوا التساوى فى القدر حين التساوى الأربعة أنه عند مبادلة الذهب بالذهب والفضة بالفضة يتحتم التساوى فى القدر أى الوزن دون نظر إلى عدد الوزن لعلة الثمنية أى أن هذين المعدنين قد وضعا لقياس قيمة الأموال، وترتيبا على هذا ففى واقعة السؤال إذا اقترض عمرو 1000 دينار من زيد وعند الوفاء فى الأجل المضروب بينهما كان سداد القرض بعدد 1100 دينار فإن هذا العدد مساو وزنا للعدد الأول 1000 دينار فى هذا التعامل وصار أسلوب حساب الديون وسدادها بالوزن لا بالعدد، وعلى ذلك فإن المائة دينار التى تقاضاها الدائن فى المثال لا تعتبر ربا إذ ليست زائدة عن وزن الدين الذى اقترضه المدين، فهو وإن كان قد قبض 1000 دينار عدا لكنها مفترضة الوزن الملنضبط.
وعلى المدين أن يوفى الدين الذى قبضه وزنا لا عدا - لأن المعيار الشرعى على حد تعبير الفقهاء - هو اتحاد القدر والجنس فمن زاد أو استزاد فقد أربى - وفى المثال لا زيادة فى القدر وزنا والجنس متحد لأن البدلين من الذهب، أما إذا افترضنا أن ال- 100 دينار تزيد وزنا عن 1000 دينار فإن الزيادة أنئذ تكون ربا.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/214)
حكم دفن جثث موتى المسلمين مع المسيحيين
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
رجب 1399 هجرية - 28 مايو 1979 م
المبادئ
1 - لا يجوز شرعا دفن جثث موتى المسلمين مع جثث موتى المسيحيين إلا إذا اختلط الحال فإنهم يدفنون فى مقابر المسلمين للتغليب.
2 - لا يجوز شرعا دفن أكثر من ميت فى قبر واحد إلا للضرورة
السؤال
بالطلب المتضمن سؤال الطالب عن الحكم الشرعى فى دفن جثث الموتى المسيحيين فى قبر واحد مع الموتى المسلمين
الجواب
المنصوص عليه شرعا أنه لا يجوز دفن جثة الميت المسلم فى مقابر المسيحيين.
كما لا يجوز دفن جثة الميت المسيحى فى مقابر المسلمين، هذا إذا تعينت جثة الميت المسلم من جثة الميت المسيحى، إما إذا اختلطت جثث الموتى المسلمين على المسيحين ولم تعرف جثة الميت المسلم من جثة الميت المسيحى.
فإنهم يدفنون جميعا فى مقابر المسلمين تغليبا لجانب المسلمين على المسيحين.
كما أنه لا يجوز شرعا دفن أكثر من ميت فى قبر واحد إلا للضرورة.
وعلى ذلك ففى حادثة السؤال لا يجوز دفن جثث الموتى المسيحيين فى قبر واحد مع موتى المسلمين إلا إذا اختلطت جثث الموتى من المسلمين والمسيحيين ولم تعرف جثة الميت المسلم من الميت المسيحى، وكانت هناك ضرورة تدعو إلى ذلك.
ومما ذكر يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال(7/215)
هجر الزوجة مدة طويلة محرم شرعا بشرط تضررها
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
رجب 1399 هجرية - 28 مايو 1979 م
المبادئ
1 - هجر الزوج زوجته لمدة طويلة حرام شرعا إذا تضررت من بعده عنها.
2 - يجب عليه نقلها إليه أو الحضور الإقامة معها وألا يغيب، عنها أكثر من سنة وفاء بحقها الشرعى عليه كزوجة.
3 - زكاة الفطر لا تسقط بفوات وقتها وتصير دينا فى الذمة واجب الأداء.
4 - عدد الركعات الثلاث بعد صلاة العشاء - الحنفية يرونها كلها واجبا وتؤدى بتسليمة واحدة.
ويرى الأئمة الثلاثة أن الوتر بعد أداء صلاة العشاء وسنتها.
وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة
السؤال
بالطلب المقدم من / م ع أالمصرى المقيم بالسعودية المتضمن أن السائل مقيم بالسعودية مدة عامين تقريبا لم يحضر فيها إلى القاهرة - وأن زوجته فى القاهرة وهو يريد أن يعرف حكم الشرع فى غيبته عنها هذه المدة، وهل هذا الغياب حرام أم حلال - كما أنه لم يؤد زكاة الفطر عن هذين العامين لأنه كان يفكر أن والده سيخرج عنه الزكاة فى مصر، وهو يريد أن يعرف حكم الشرع فى هذا، وماذا يجب عليه أن يفعله - كما أنه يريد أن يعرف حكم الشرع فى الثلاث ركعات التى تؤدى بعد صلاة العشاء وركعتى سنتها - وهل الركعات الثلاث وتركلها أو فيهن شفع وفيهن وتر - كما أن السائل يحفظ سورا صغيرة من القرآن الكريم - فهل إذا صلى وحده وقرأ سورة قصيرة - هل تكون الصلاة صحيحة أم باطلة - كما أنه يقرأ فى الثلاث ركعات سورا قصيرة من القرآن فهل هذا يجوز أم لا وطلب السائل بيان حكم الشرع فى هذه الموضوعات
الجواب
المقرر شرعا أنه لا يجوز للزوج هجر زوجته - ومن أجل هذا أجاز فقهاء مذهب الإمام مالك وفقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل للزوجة التى يهجرها زوجها طلب التطليق للضرر، وأخذ القانون المصرى بذلك فجعل للزوجة التى يغيب عنها زوجها ويقيم فى بلد آخر غير محل إقامتها سنة فأكثر دون عذر مقبول أن تطلب من القاضى الطلاق إذا تضررت من بعده عنها ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.
لما كان ذلك.
فإذا كانت زوجة السائل متضررة من بعده عنها فإنه يحرم عليه شرعا هجره لها هذه المدة الطويلة.
ويجب عليه أن ينقلها إلى محل إقامته أو أن يحضر للإقامة معها، ولا يطيل غيبته عنها أكثر من سنة وفاء بحقها الشرعى عليه كزوجة - هذا فوق مالها من النفقة الشرعية مدة غيبته عنها إذا لم يكن قد أنفق عليها أو وكل أحدا بالإنفاق عليها.
أما زكاة الفطر فإنه يجب عليه شرعا أن يخرجها عن العامين الماضيين عن نفسه وعمن تجب عليه نفقته، ولا تسقط بفوات وقتها وإنما تصير دينا فى ذمته وعليه أداؤها.
أما عن الركعات الثلاث بعد صلاة العشاء وسنتها فإن فقهاء المذهب الحنفى يرون أنها كلها واجب، وتؤدى بتسليمة واحدة كهيئة صلاة المغرب ويقرأ المصلى فى كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة ثم القنوت (الدعاء) فى آخر ركعة قبل الركوع - ويرى فقهاء مذاهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد بن حنبل أن الوتر بعد أداء صلاة العشاء وسنتها - سنة، وأقله ركعة واحدة.
وأثكره إحدى عشرة ركعة، وللسائل ابتاع أى من هذين الرأيين.
هذا وللسائل أيضا أن يلى بالسور التى يحفظها من القرآن الكريم فإن صلاته بما يحفظه صحيحة شرعا متى استوفت باقى شروطها - ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/216)
أكل لحم الآدمى
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
صفر 1400 هجرية 16 يناير 1980 م
المبادئ
1 - أكل لحم الآدمى معصوم الدم أو مباحه بعد قتله محرم شرعا ولو عند الضرورة.
2 - أكل لحم الآدمى الميت محرم شرعا إلا عند الضرورة على خلاف فى ذلك بين الفقهاء وبشروط معينة.
3 - طعام أهل الكتاب غير الذبائح حلال ولا شىء فيه.
أما ذبائحهم فما تأكد أنه ذكر عليها اسم غير الله لا يحل أكله.
وعند عدم العلم بذلك فيحل أكله لحديث (سم وكل)
السؤال
بالطلب المقدم من أ.
ع المتضمن أن السائل يطلب بيان حكم الشرع فى الأمرين الآتيين: 1 - سمع السائل من بعض العلماء أن لحم الإنسان مباح أكله عند الضرورة.
فهل هذا صحيح وما هى هذه الضرورة. 2 - ما هو الرأى فى طعام أهل الكتاب مع العلم بأن الذبح عندهم غير شرعى
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده.
عن السؤال الأول اتفق الفقهاء جميعا على عدم جواز قتل الآدمى الحى وأكله عند الضرورة حتى ولو كان مباح الدم كالحربى والمستأمل والزانى المحصن، لأن تكريم الله سبحانه وتعالى لبنى آدم متعلق بالإنسانية ذاتها فتشمل معصوم الدم وغيره، أما أكل لحم الآدمى الميت.
فاختلف فيه الفقهاء. فقال الحنفية على ما جاء فى الدر المختار للحصكفى وحاشية رد المحتار لابن عابدين فى الجزء الخامس إن لحم الإنسان لا يباح فى حال الاضطرار ولو كان ميتا لكرامته المقررة فى قوله تعالى {ولقد كرمنا بنى آدم} الإسراء 70، وبهذا أيضا قال الظاهرية.
وقال المالكية.
إنه لا يجوز أن يأكل المضطر لحم آدمى إذا كان ميتا. وأجاز الفقه الشافعى والزيدى أن يأكل المضطر لحم إنسان ميت بشروط منها ألا يجد غيره، وفى الفقه الحنبلى أن لحم الإنسان الميت لا يباح أكله عند الضرورة وهناك قول آخر بالإباحة بالإباحة ورحجه ابن قدامة فى المغنى.
والذى نختاره للإفتاء هو قول الحنفية والظاهرية وبعض فقهاء المالكية والحنابلة القائلين بعدم جواز أكل لحم الآدمى الميت عند الضرورة لكرامته.
والضرورة هى دفع الهلاك وحفظ الحياة.
وعن السؤال الثانى طعام أهل الكتاب إن كان لا يحتاج إلى زكاة أى ذبح فلا خلاف بين العلماء فى حل أكله.
أما ذبائح أهل الكتاب وهم النصارى واليهود فقد قال الشوكانى فى تفسيره لآية {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} المائدة 5، قال الطعام اسم لما يؤكل ومنه الذبائح.
وذهب أكثر العلماء إلى تخصيصه هنا بالذبائح وفى هذه الآية دليل على أن جميع طعام أهل الكتاب من غير فرق بين اللحم وغيره حلال للمسلمين وإن كانوا لا يذكرون على ذبائحهم اسم الله وتكون هذه الآية مخصصة لقوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} الأنعام 121، وظاهر هذا أن ذبائح أهل الكتاب حلال وإن ذكر اليهودى اسم عزير على ذبيحته وذكر النصرانى على ذبيحته اسم المسيح.
وإليه ذهب ابن الدرداء وعبادة بن الصامت وابن عباس والزهرى وربيعة والشعبى ومكحول.
وقال على وعائشة وابن عمر إذا سمعت الكتابى يسمى غير الله فلا تأكل - وهذا هو قول طاووس والحسن وتمسكوا بقوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} ويدل عليه أيضا قوله تعالى {وما أهل لغير الله به} المائدة 3، وقال مالك إنه يكره ولا يحرم.
ثم قال وهذا الخلاف ينصب على ما إذا علمنا أن أهل الكتاب ذكروا اسم غير الله على ذبائحهم، أما مع عدم العلم فقد حكى الطبرى وابن كثير الإجماع على حلها لهذه الآية - ولما ورد فى السنن من أكله صلى الله عليه وسلم من الشاة المصلية التى أهدتها إليه اليهودية.
وهو فى الصحيح وغير ذلك. وعلى هذا فطعام أهل الكتاب غير الذبائح حلال ولا شىء فيه - أما ذبائحهم فما تأكد أنه ذكر عليها اسم غير الله لا يحل أكله، وعند عدم العلم بذلك فيحل أكله لحديث سم وكل والله سبحانه وتعالى أعلم(7/217)
القرض بفائدة حرام شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1400 هجرية - 25 فبراير 1980 م
المبادئ
1 - الربا بقسميه ربا النسيئة وربا الزيادة محرم شرعا بنص القرآن والسنة وبإجماع المسلمين.
2 - الاقتراض من المؤسسات التى تملكها الدولة والاستدانة من البنوك مقابل فائدة محددة مقدما 3 يعتبر قرضا بفائدة.
وكل قرض بفائدة محددة مقدما حرام.
ويدخل فى ربا الزيادة. 3 - الاقتراض بالفائدة لتشييد بناء لاستغلاله بالتأجير أو التمليك للغير كسب مشوب بالربا الذى يحرم على المسلم التعامل به
السؤال
بالطلب المتضمن ما يلى أن الدولة اعتمدت مبلغ مائتين وخمسين مليونا من الجنيهات لأعمال الإسكان والبناء بواقع 3 براحة ثلاث سنوات وتحصل المبلغ على ثلاثين عاما.
ويقول السائل. هل يمكن أن أقترض مبلغا من هذا المال لإقامة مسكن على قطعة أرض أملكها لينتفع بها مسلك ليس له مسكن فى شقة من هذه على أن يسدد هذا المال بالشروط والضمانات التى تراها الدولة
الجواب
يقول الله تعالى فى سورة آل عمران {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة} آل عمران 130، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح.
مثلا بمثل يدا بيد. فمن زاد أو استزاد فقد أربى. الآخذ والمعطى فيه سوا) رواه أحمد والبحارى وأجمع المسلمون على تحريم الربا.
ويظهر من هذا أن الربا بقسميه ربا النسيئة، وربا الزيادة محرم شرعا بنص القرآن والسنة وبإجماع المسلمين، ولما كان الاقتراض من مؤسسات التى تملكها الدولة والاستدانة من البنوك مقابل فائدة محددة مقدما مثل 3 يعتبر قرضا بفائدة وكل قرض بفائدة محددة مقدما حرام.
ومن ثم تدخل الفوائد المحددة مقدمات فى ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى النصوص الشرعية.
لما كان ذلك فإن اقتراض السائل من الأموال المذكورة فى السؤال بالفائدة المحددة 3 يكون محرما شرعا، لأنه تعامل بالربا دون ضرورة أو حاجة ذاتية للسائل، لأن الظاهر من سؤاله أنه يريد الاقتراض بالفائدة لتشييد بناء لاستغلاله بالتأجير أو التمليك للغير فيكون كسبه على هذا الوجه مشوبا بالربا الذى يحرم على المسلم التعامل به ويجب عليه أن يتحرى الكسب الحلال ويبتعد عن كل ما فيه شبهة الحرام امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/218)
التعويض عن اخلاء الأرض الزراعية غير جائز شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
شعبان 1400 هجرية - 3 يولية 1980 م
المبادئ
1 - إيداع الأموال فى البنوك مقابل شهادات الاستثمار بفائدة محددة مقدما بواقع 10 يعتبر من باب القرض بفائدة.
وكل قرض بهذا الوصف محرم شرعا.
ومن ثم تدخل هذه الفائدة فى ربا الزيادة المحرم شرعا. 2 - لا يحل للمسلم الانتفاع بالمال الحرام.
وإذا حصل عليه يتخلص منه بالصدقة.
3 - أخذ المستأجر نصف الأرض المؤجرة إليه فى نظير إخلائها ليتمكن المالك من بيعها أمر محرم شرعا.
لأن عقد الإجارة لا يستتبع مليكة العين المؤجرة.
ويصبح هذا إن تم من أكل أموال الناس بالباطل المنهى عنه
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل يملك قطعة أرض مؤجرة للغير ويرغب فى بيعها، والمستأجر يطلب منه نصف المساحة ليعطيه الباقى ليبيعه.
ويريد شراء شهادات استثمار بثمن القطعة المباعة بفائدة 10 ليساعده على مواجهة أعباء المعيشة.
ويطلب الإفادة عن نسبة ال- 10 هل هى حرام وهل أخذ المستأجر نصف المساحة حلال أم حرام وبيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
قال الله تعالى فى كتابه الكريم {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} البقرة 275، 276، وروى الإمام مسلم عن حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا هذه النصوص وغيرها من القرآن والسنة تدل صراحة على تحريم الربا بنوعيه ربا النسيئة وربا الزيادة، وقد أجمع المسلمون على ذلك ولما كان إبداع الأموال فى البنوك مقابل شهادات الاستثمار بفائدة محددة مقدما بواقع 10 يعتبر من باب القرض بفائدة، وكل قرض بهذا الوصف محرم، ومن ثم تدخل هذه الفائدة فى ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى النصوص الشرعية المشار إليها وإجماع المسلمين.
فلا يحل للمسلم أن ينتفع بالمال المرحم، وإذا حصل عليه يتخلص منه بالصدقة، إذ على المسلم أن يتحرى الربح الحلال ويبتعد عن الكسب الحرام أو ما فيه شبهة الحرام.
ابتاعا للحديث الشريف دع ما يريبك إلى ما لا يريبك هذا وأخذ المستأجر نصف الأرض المؤجرة إليه فى نظير إخلائها ليتمكن المالك من بيعها أمر محرم شرعا.
لأن عقد الإجارة لا يستتبع ملكية العين المؤجرة ويصبح هذا إن تم من باب أكل أموال الناس بالباطل المنهى عنه بقول الله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} النساء 29، ويكون إثمه على المستأجر إن لم يرض المالك رضاء خالصا بهذا التصرف والله سبحانه وتعالى أعلم(7/219)
الفوائد وتعليق الصور فى المنازل
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
رمضان 1400 هجرية - 6 أغسطس 1980 م
المبادئ
1 - الفوائد هى من قبيل الربا المحرم شرعا لا يباح الانتفاع بها.
2 - طريق التخلص من الكسب المحرم هو التصدق به على الفقراء أو أى جهة خيرية.
3 - تعليق الصور فى المنازل لا بأس به متى خلت عن مظنة التعظيم والعبادة أو التحريض على الفسق والفجور وارتكاب المحرمات
السؤال
بالطلب المتضمن أولا كان للسائلة مبلغ من المال وضعته فى البنك بفائدة وقد صرفت قيمة هذه الفائدة وهى معها، وتطلب الإفادة عن كيفية التصرف يها بعد أن عرفت أنها تعتبر ربا محرم.
ثانيا تطلب الإفادة عن الصور التى تعلق بحوائط المنازل بقصد الزينة.
هل هى حلال أم حرام وهل تمنع دخول الملائكة المنازل وبيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
عن السؤال الأول يقول الله تعالى فى كتابه الكريم {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} البقرة 275، 276، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر.
والشعير بالشعير.
والتمر بالتمر. والملح بالملح، مثلا بثمل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطى فيه) رواه أحمد والبخارى.
ويظهر من هذا أن الربا بقسميه ربا النسيئة وربا الزيادة محرم شرعا بهذه النصوص من القرآن والسنة وبإجماع المسلمين.
لما كان ذلك فلا يباح للسائلة الانتفاع بهذه الفائدة، لأنها من قبيل ربا الزيادة المحرم شرعا.
وطريق التخلق من الكسب المحرم هو التصدق به على الفقراء أو أى جهة خيرية.
وعلى كل مسلم ومسلمة أن يتحرى الكسب الحلال ويبتعد عن كل ما فيه شبهة الحرام، امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) .
عن السؤال الثانى ك اختلف الفقهاء فى حكم الرسم الضوئى بين التحريم والكراهة، والذى تدل عليه الأحاديث النبوية الشريفة التى رواها البخارى وغيره من أصحاب السنن وترددت فى كتب الفقه، أن التصوير الضوئى للإنسان والحيوان المعروف الآن والرسم كذلك لا بأس به، إذا خلت الصور والرسوم من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة وخلت كلذلك عن دوافع تحريك غريزة الجنس وإشاعة الفحشاء والتحريض على ارتكاب المحرمات.
ومن هذا يعلم أن تعليق الصور فى المنازل لا بأس به متى خلت عن مظنة التعظيم والعبادة، ولم تكن من الصور أو الرسوم التى تحرض على الفسق والفجور وارتكاب المحرمات.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/220)
كتابة شىء من القرآن بقصد الشفاء غير جائز شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
صفر 1401 هجرية - 20 ديسمبر 1980 هجرية
المبادئ
1 - كتابة بعض آيات القرآن الكريم أو سورة وتعليقها فى أعناق الأولاد، أو حملها بقصد الشفاء غير جائز شرعا.
2 - ليس لمسلم أن يستحل أجر كتابة آية أو سورة للاستشفاء بها على أى وجه من الوجوه.
لاتفاق العلماء على عدم جواز الإجارة على ذلك شرعا
السؤال
بالطلب وفيه أن السائل من حملة القرآن الكريم.
ويطلب منه بعض المصلين أن يكتب له آية من كتاب الله تعالى تبركا بها، أو يكون عنده مريض فيكتب له آية من القرآن مثل آية الكرسى أو المعوذتين أو الفاتحة.
وقد اعترض عليه بعض الناس على أساس أن هذا لا يجوز، علما بأن النبى صلى الله عليه وسلم قال (خذ من القرآن ما شئت لما شئت) فهل يجوز هذا لا يجوز، علما بأن النبى صلى الله عليه وسلم قال (خذ من القرآن ما شئت لما شئت) فهل يجوز هذا العمل أم لا يجوز
الجواب
إن القرآن وحى إلهى نزل به الروح الأمين على قلب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ليكون للعاملين نذيرا وبشيرا، جاء بالعقيدة والشريعة فيه نبأ السابقين، من قال به صدق، ومن اهتدى به فققد هدى إلى صراط مستقيم.
وقد اختلف العلماء فى جواز كتابة بعض آيات القرآن الكريم أو سورة وتعليقها فى أعناق الأولاد أو حملها، أو بعبارة أخرى فى جواز تعليق التمائم من القرآن وأسماء الله تعالى وصفاته.
فقالت طائفة بجوازه ونسبوا هذا إلى عمرو بن العاص وأبى جعفر الباقر ورواية عن الإمام أحمد.
وطائفة أخرى قالت بعدم جواز تعليق التمائم للحديث الذى رواه أحمد عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) والتميمة ما يعلق فى أعناق الأولاد من خرازات وعظام وغيرها لدفع العين.
وقد جزم كثير من العلماء بقول الطائفة الأخيرة احتاجاها بهذا الحديث وما فى معناه، لأن النص عام ولا مخصص لعمومه وسدا للذريعة حتى لا يعلق فى أعناق الصغار ما يجعلهم يكبرون وهم يعتقدون أن شفاءهم أو حفظهم بهذا المكتوب ولم يكن من عند الله {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم} يونس 107، وقد سئل ابن ابى يزيد المالكى عن أجر من يكتب ورقة فيها نحو اسم الله وما اشبه ذلك مع قرآن، وهل يجوز كتابة هذا فقال لم يأت هذا فى القرآن ولا فى الأحاديث الصحاح فلا يجوز، السنة الثابتة عن النبى صلى الله عليه وسلم أحب إلينا أن يدعى بالقرآن وبأسماء الله وصفاته (الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيثمى المكى ص 88) وهذا هو ما يشير إليه القرآن الكريم فى آيات الدعاء وفيما حكاه عن الأنبياء والصالحين من الالتجاء إلى الله سبحانه من دعاء واستغاثه.
لما كان ذلك كان العمل المسئول عنه غير جائز، لأن فيه إساءة استعمال لآيات القرآن الكريم، ولا ينبغى لمسلم أن يتخذ القرآن تميمة يعلقها فقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم التمائم بوجه عام، بل ودعا على من يستعملها بعدم التمام.
أى قضاء حاجته من شفاء وغيره، وليس لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ورسله أن يستعمل القرآن فى غير ما أنزل له وليس لمسلم أن يستحل أجر كتابة آية أو سورة للاستشفاء بها على أى وجه من الوجوه.
إذ قد اتفق الفقهاء على أن هذا العمل بهذا القصد لا يجوز الإجازة عليه شرعا ولا يحل التكسب به.
أما الحديث الوارد فى السؤال (خذ من القرآن ما شئت لما شئت) فإنه غير صحيح، إذ لم يرد فى أى كتاب من كتب السنة، ويصدق على من يقول به ويتحدث عنه ويعمل به قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخارى ومسلم والنسائى عن أنس قال (إنه ليمنعنى أن أحدثكم حديثا كثيرا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال من تعمد على كذا فليتبوأ مقعده من النار) كتاب عمدة القارى شرح صحيح البخارى ج - 2 ص 152 والله سبحانه وتعالى أعلم.
ے(7/221)
يحرم العربون عند عدم اتمام الصفقة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1410 هجرية - 17 فبريرا 1981 م
المبادئ
العربون الذى دفعه المشترى إلى البائع ولم تتم الصفقة مرحم على البائع ويتعين عليه رده إلى المشترى إن كان على قيد الحياة أو إلى ورثته إن كان قد توفى.
وإلا تصدق به فى المصالح العامة للمسلمين
السؤال
بالطلب المقيد وقد جاء به ما خلاصته تعاقد أحد الأشخاص مع مالك لأرض، على شراء قطعة أرض من ملكه للمبانى ت ودفع عربونا ت مبلغا من النقود أثناء التوقيع على عقد الوعد بالبيع.
ونص فى العقد على دفع باقى الثمن على اقساط ثلاثة يحل أولها فى آخر شهر يناير شنة 1980 والثانى فى آخر فبراير سنة 1980 والثالث فى آخر مارس سنة 1980، واتفقا على أن يطبق على مبلغ العربون قواعد القانون، إذا لم يقم المشترى بستديد الأقساط فى مواعيدها.
ولما لم يف المشترى بالأقساط.
أنذره البائع بفسخ الوعد بالبيع فحضر وتسلم القسط الأول الذى كان قد سدده المشترى، ورأى الحاضرون أنه غير محق لى استرداد العربون لإخلاله بشروط العقد وقد انصرف المشترى معترفا بخطئه.
والسؤال ما هو حكم الإسلام فى العربون وهل هو من حق البائع شرعا وهل له أن يتبرع به فى وجه من وجوه البر مثلا إذا لم يكن من حقه
الجواب
روى مالك فى الموطأ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون) .
ورواه أيضا أحمد والنسائى وأبو داود، ورواه الدار قطنى، ورواه البيهقى موصولا وقد فسر الإمام مالك العربون قال ذلك فيما نعلم أن يشترى الرجل العبد أو يكترى الدابة ثم يقول أعطيك دينارا، على أنى إن تركت السلعة أن الكراء فما أعطيتك لك.
وهذا الحديث قد ورد من طرق يقوى بعضها بعضا، وهو يدل على تحريم البيع مع العربون، لما فيه من الشرط الفاسد والغرر وأكل أموال الناس بالباطل، وقد نص على بطلان البيع مع العربون على تحريمه فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى.
وروى عن الإمام أحمد إجازته.
قال الشوكانى فى بيان علة تحريم العربون، إن البيع مع العربون اشتمل على رشطين فاسدين.
أحدهما شرط كون ما دفعه إليه يكون مجانا بلا مقابل إن لم يتم العقد.
والشرط الآخر الرد على البائع إذا لم يقع منه الرضا بالبيع، وأضاف الشوكانى أنه إذا دار الأمر بين الحظر والإباحة ترجح الحظر (نيل الأوطار ج - 5 ص 153 والروضة الندية شرح الدرر البهية ج - 2 ص 98 والمجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى ج - 9 ص 334 و 335) لما كان ذلك ففى واقعة السؤال يكون استيلاء البائع على العربون غير جائز شرعا لنهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون.
وإذ كان ذلك فما طريق التصرف فى مبلغ العربون الذى ظهر أنه من المحرمات ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المسلم إذا أخذ مالا حراما، كان عليه أن يصرفه إلى مالكه إن كان معروفا لديه وعلى قيد الحياة، أو إلى وارثه إن كان قد مات، وإن كان غائبا كان عليه انتظار حضوره وغيصاله إليه مع زوائده ومنافعه، أما إذ كان هذا المال الحرام، لمالك غير معين، ووقع اليأس من التعرف على ذاته، ولا يدرى أمات عن وارث أم لا كان على جائز هذا المال الحرام فى هذه الحال التصدق به، كإنفاقه فى بناء المساجد والقناطر والمستشفيات، وذهب بعض الفقهاء إلى عدم جواز التصدق بالمال الحرام، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وقد استدل جمهرة الفقهاء على ما قوالوا من التصدق بالمال الحرام، إذا لم يوجد مالكه أو وارثه بخبر الشاة المصلية (الدر المختار وحاشية رد المحتار لابن عابدين ج - 3 ص 498، 499 فى كتاب اللقطة - واحياء علوم الدين للغزالى فى كتاب الحلال والحرام.
خرج العرقى الحديث عن أحمد بسند جيد فى هامشه) التى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتصدق بها بعد أن قدمت إليه، فكلمته بأنها حرام، إذ قال صلى الله عليه وسلم (أطعموها الأسارى) .
ولما قامر أبو بكر (المرجع السابق وتخريج العراقى بهامشه) رضى الله عنه المشركين بعد نزول قول الله سبحانه {الم.
غلبت الروم} الروم 1 - 2، وكان هذا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحقق الله صدقه، وجاء أبو بكر بما قامر المشركين به.
قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا سحت فتصدق به) وكان قد نزل تحريم القمار بعد إذن الرسول عليه والصلاة والسلام لأبى بكر فى المخاطرة مع الكفار.
وكذلك أثر عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه اشترى جارية، فلم يظفر بمالكها ليعطيه ثمنها، فطلبه كثيرا فلم يظفر به، فتصدق بثمنها وقال اللهم هذا عنه إن رضى وإلا فالأجر لى.
واستدلوا أيضا بالقياس (المرجع السابق وتخريج العراقى بهامشه) فقالوا إن هذا المال مردد بين أن يضيع وبين أن يصرف إلى خير، إذ وقع اليأس من مالكه، وبالضرورة يعلم أن صرفه إلى خير أولى به من رميه، لأن رميه لا يأتى بفائدة، أما إعطاؤه للفقير أو لجهة خيرية ففيه الفائدة بالانتفاع به، وفيه انتفاع مالكه بالأجر، ولو كان بغير اختياره، كما يدل على هذا الخبر الصحيح (أن للزارع والغارس أجرا فى كل ما يصيبه الناس والطيور من ثماره وزرعه) ولا شك أن ما يأكل الطير من الزرع بغير اختيار الزارع وقد أثبت له الرسول صلى الله عليه وسلم الآجر.
وقد رد الإمام الغزالى على القائلين بعدم جواز التصدق بالمال الحرام بقوله أما قول القائل لا نتصدق إلا بالطيب، فذلك إذا طلبنا الأجر لأنفسنا، ونحن الآن نطلب الخلاص من المظلمة لا الأجر، وترددنا بين التضييع وبين التصدق، ورجحنا التصدق على التضييع.
وقول القائل لا نرضى لغيرنا ما لا نرضاه لأنفسنا، فهو كذلك ولكنه علينا حرام لاستغنائنا عنه، وللفير حلال، إذ أحله دليل الشرع، وإذا اقتضت المصلحة التحليل وجب التحليل (إحياء علوم الدين فى الموضع السابق فى النظر الثانى فى المصرف ص 882 إلى 890 ج - 5 طبعة لجنة نشر الثقافة الإسلامية بالقاهرة 1356 هجرية) لما كان ذلك ففى واقعة السؤال يكون مبلغ العربون الذى دفعه المشترى إلى البائع ولم تتم الصفقة محرما على البائع، ويتعين عليه رده إلى المشترى إذا كان معروفا لديه وعلى قيد الحياة، وإلى ورثته إن كان قد توفى، فإن لم يعلم بذاته ولا بورثته، فعلى البائع التصدق بمبلغ العربون فى المصالح العامة للمسلمين كبناء المساجد أو المستشفيات، لأن عليه التخلص مما حازه من مال محرم، ولا يحل له الانتفاع به لنفسه، لأن كل مسلم مسئول عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه.
كما جاء فى الحديث الشريف (صحيح الترمذى ج - 9 ص 252) والله سبحانه وتعالى أعلم(7/222)
المراهنات من قبيل القمار المحرم شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1401 هجرية - 19 فبراير 1981 م
المبادئ
1 - اتفقت كلمة المسلمين على أن الميسر وكل قمار محرم شرعا بالقرآن الكريم.
إلا ما أباحه الشرع فيما دل الدليل على الإذن به.
2 - الرهان والقمار فوق أنهما من المحرمات باعتبارهما من أفراد الميسر.
محرمان كذلك باعتبارهما من نوعيات أكل أموال الناس بالباطل.
3 - قوله تعالى {فرهان مقبوضة} الآية من الرهن بمعنى احتباس العين وثيقة بالحق ليستوفى من ثمنها وليست من باب الرهان.
4 - المراهنات حسبما تجرى فى عصرنا.
ليست لغرض مشروع ولا بالشروط التى نص عليها الشارع فى الأحاديث الشريفة، وهى بذلك داخلة بواقعها وشروطها فى أنواع القمار المحرم شرعا
السؤال
بالطلب المقيد وقد جاء به - هل الرهان والمقامرة، والرهان على الخيول المتسابقة، يتفق مع مبادىء الشريعة الإسلامية أم لا
الجواب
قال الله تعالى {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون} البقرة 188 وقال سبحانه {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما.
ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا} النساء 29، 30 وقال {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون.
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} المائدة 90، 91، قال أهل الفقه بلغة العرب.
إن اسم الميسر فى أصل اللغة إنما هو للتجزئة، وكل ما جزأته فقد يسرته، ويقال للجازر الياسر، لأنه يجرىء الجزور، والميسر الجزور نفسه إذا تجزأ، وكانوا ينحرون جزروا ويجعلونه أقساما يتقامرون عليها بالقداح على عادة لهم.
وقالوا إن اشتقاق لفظ الميسر من اليسر بمعنى السهولة - لأنه أخذ الرجل مال غيره بيسر وسهوله من غير كد ولا تعب، أو من اليسار لأنه سلب يساره، والذى يؤخذ من هذا أن اشتقاق لفظ (الميسر) إما من يسر إذا وجب، أو من اليسر بمعنى السهولة، لأنه كسب بلا مشقة، أو من اليسار وهو الغنى، لأنه سبب للربح، أو من اليسر بمعنى التجزئة والاقتسام.
قال أهل اللغة كل شىء فيه قمار فهو من الميسر، ويقال قامر الرجل مقامرة وقمارا، راهنه، وهو التقامر والقمار والمقامرة، وتقامروا.
لعبوا القمار ويقال فى اللغة الرهان والمراهنة المخاطرة، وقد راهنه وهم يتراهنون، وراهنت فلانا على كذا مراهنة، خاطرته، والمراهنة والرهان المسابقة على الخيل وغير ذلك.
أما الرهن فهو ما وضع عند الإنسان مما ينوب مناب ما أخذ منه.
(لسان العرب لابن منظور فى مادتى قمر ورهن، وأحكام القرآن للجصاص ج - 1 ص 388 وتفسير المنار ج - 2 ص 324) وقد اتفقت كلمة فقهاء المسلمين على أن الميسر وكل قمار محرم بالآية الكريمة (الآية 90 من سورة المائدة) المرقومة أخيرا إلا ما أباحه الشرع على ما سيأتى بيانه وإنما كان تحريم الميسر والقمار بعمومه لما فيه من المضار النفسية، إذ يعمل على إفساد التربية بتعويد النفس الكسل، والقعود عن طلب الرزق والسعى فى سبيله انتظارا لقدومه باسباب موهومة، وإضعاف القوة العقلية.
بترك الأعمال المفيدة فى طرق الكسب الطبيعية.
وإهمال المقامرين للزراعة والصناعة والتجارة التى هى أركان العمران.
ولما فيه من المضار المالية، إذ يؤدى الميسر والقمار إلى تخريب البيوت والإفجأة بالتحول من الغنى إلى الفقر.
والحوادث الكثيرة فى المجتمع شاهدة على ذلك.
ولقد نقل (أحكام القرآن للجصاص ج - 2 ص 566) المفسرون عن ابن عباس وقتادة ومعاوية بن صالح وعطاء وطاووس ومجاهد أن (الميسر) القمار.
وأن كل ما كان من باب القمار فهو ميسر بهذه الآية.
ولقد سئل (أحكام القرآن للجصاص ج - 1 ص 288) الإمام على بن أبى طالب عن رجل قال لرجل إن أكلت كذا وكذا بيضة فلك كذا وكذا، فقال على كرم الله وجهه هذا قمار ولم يجزه.
ويحرم الميسر والقمار كذلك باعتبارهما أكلا لأموال الناس بالباطل.
المنهى عنه فى القرآن (الآية 188 من سورة البقرة و 29 من سورة النساء) ذلك لأن أكل الأموال بالباطل كما عبر القرآن يتأتى فى صورتين إحداهما أخذ المال بطريق محضور وبرضاء صاحبه كالربا والقمار، والصورة الأخرى أخذ المال بغير رضاء صاحبه وعلى وجه القسر والظلم والخفية، كالغصب والسرقة والخيانة.
وشهادة الزور واليمين الكاذبة ونحو هذا مما حرم الله سبحانه.
فالمراد من النهى عن أكل أموال الناس بالباطل.
ما يعم الأخذ والاستيلاء وغيرهما عن طريق غير مشروع، وعبر القرآن بالأكل، لأنه أهم أغراض الانتفاع بالمال، وبين فى الآية الأولى إحدى وسائل الكسب الحلال، وهى التجارة القائمة عن تراض بين المتعاملين.
ويلحق بالتجارة كل أسباب التملك التى أباحها الشارع، كالإرث والهبة والصدقة وتملك المنافع بالإجارة والإعارة، والمراد بكلمة (الباطل) فى هاتين الآيتين - والله أعلم - ما كان بدون ماقبلة شىء حقيقى، حيث حرمت الشريعة أخذ المال بدون مقابل حقيقى يعتد به ورضاء من يؤخذ منه، وكذلك إنفاقه فى غير وجه حقيقى نافع.
ويدخل فى هذا التعدى على الناس بأخذ المنفعة بدون مقابل أو إنقاص الأجر المسمى، أو أجر المثل والغش والاحتيال والتدليس والقمار والمراهنات.
لما كان ذلك كان الرهان والقمار فوق أنهما من المحرمات باعتبارهما من أفراد الميسر محرمين كذلك، باعتبارهما من نوعيات أكل أموال الناس بالباطل، أى بلا مقابل حقيقى.
أما قوله تعالى فى سورة البقرة بعد آية المداينة {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذى اؤتمن أمانته وليتق الله ربه} البقرة 283، أما هذه فليست من هذا الباب، إذ الرهان فى هذه الآية (الجامع لحكام القرآن للقرطبى ج - 2 ص 408 - 410) من الرهن.
بمعنى احتباس العين وثيقة بالحق، ليستوفى الحق من ثمنها أو من ثمن منافعها عند تعذر أخذها من الغريم.
ومما تقدم يتقرر أن كل ما كان من تعامل على سبيل المخاطرة، بين شخصين أو أشخاص، بحيث يغنم بعضهم فى تقدير، ويغرم من ماله على تقدير آخر.
قمار. ثم هل الرهان على الخيول المتسابقة من القمار المحرم الذى يستفاد مما سلف - وحسبما جاء فى كتب المفسرين والفقهاء - أن الرهان والقمار من الميسر المحرم إلا ما استثناه الشارع وأجازه لدوافع مشروعة.
فالرهان بمال، إنما يكون مشروعا، فيما دل الدليل على الإذن به كالتسابق بالخيل والإبل والرمى والأقدام وفى العلوم، وقد شرع هذا وأجيز للحاجة إليه لتعلم الفروسية وإعداد الخيل للحرب، وللخبرة والمهارة فى الرمى وللتفقه فى الدين وغيره من العلوم النافعة للإنسام فى حياته.
والسند فى إجازة التسابق فى هذا حديث (نيل الأوطار للشوكانى ج - 8 ص 77 وما بعدها فى أبواب السبق والرمى) أبى هريرة رضى الله عنه الذى رواه الخمسة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا سبق إلا من خف أو نصل أو حافر) ولم يذكر فيه ابن ماجه.
(أو نصل) أى فى الخيل والإبل والسلاح. وحديث (المرجع السابق) ابن عمر (أن النبى صلى الله عليه وسلم سبق بالخيل وراهن) وفى لفظ (سبق بين الخيل وأعطى السابق) رواهما أحمد - وحديث (المرجع السابق) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فهو قمار) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
هذه الأحاديث وغيرها مما ورد فى هذا الباب.
استدل بها الفقهاء على جواز السباق على جعل (جائزة) (أحكام القرآن للجصاص ج - 1 ص 388 والفتوى رقم 321 سجل 46) فى الأحوال الآتية الأولى أن يكون الجعل أو الجائزة مقررة من غير المتسابقين كالإمام (ولى الأمر) وذلك بلا خلاف من أحد - وإن كانت الجائزة أو الجعل من أحد المتسابقين جاز ذلك عند جمهور الفقهاء.
الثانية إذا كان السباق بين اثنين، وكانت الجائزة مدفوعة من أحدهما دون الآخر، بأن يقول أحدهما إن سبق فرسك فرسى فلك منى مبلغ كذا جائزة، وإن سبق فرسى فرسك فلا شىء لى عليك.
الثالثة أن تكون الجائزة من كل من المتسابقين.
ويدخلان بينهما ثالثا ويقولان للثالث إن سبقتنا فالمال لك، وإن سبقناك فلا شىء لنا عليك، مع بقاء الشرط الذى شرطاه بينهما، وهو أيهما سبق كان له على صاحبه جعل (جائزة) باق على حاله، فإن غلبهما الثالث أخذ المالين.
وإن غلباه فلا شىء لهما عليه. ويأخذ أيهما غلب المشروط له من صاحبه وأما إذا كان المال المشروط جائزة من كل منهما ولم يدخلا هذا الثالث فهو من القمار المحرم.
وقد حكى عن الإمام مالك أنه لا يجيز أن يكون العوض (الجائزة) من غير الإمام (ولى الأمر) .
وفيما تجز المسابقة فيه خلاف بين الفقهاء لكن الشوكانى (المرجع السابق وسبل السلام للصنعانى ص 104 ج - 4) قد نقل عن القرطبى قوله لا خلاف فى جواز المسابقة على الخيل وغيرها من الدواب وعلى الأقدام، وكذا الرمى بالسهام واستعمال الأسلحة، لما فى ذلك من التدريب على الجرى.
وإذ كان ذلك وكان الرهان على الخيول المتسابقة.
إنما تؤدى جوائزه من حصيلة تذاكر المراهنات، وكان إقدام حائزى هذه التذاكر على شرائها.
إنما هو للمراهنة والكسب بهذا الطريق فقط، وليس إقدامهم على الاشتراك فيها تبرعا، لإنماء روح الفروسية المشروعة، كما أن هذه المسابقات لا تجرى لتدريب الخيول المتسابقة على فنون الفروسية التى تستعمل فى حفظ أمن البلاد داخليا وخارجيا، وإنما أعدت تلك الخيول لهذه المراهنات.
لما كان ذلك كان إجراء هذه المسابقة محرما، وكانت هذه المراهنات حسبما تجرى فى عصرنا ليست لغرض مشروع، ولا بالشروط التى نص عليها الشارع فى الأحاديث الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وسم، وكان كل ذلك داخلا - بواقعه وشروطه - فى أنواع القمار المحرم شرعا.
لأنه من قبيل الميسر الذى سماه الله سبحانه فى الآية الكريمة (رجس من عمل الشيطان) المائدة 90، وقد امتد هذا الحكم ليشمل كل تعامل يدخل تحت هذا الاسم، بالاعتبارات المشروحة التى أهمها المخاطرة والحصول على مال بدون مقابل حقيقى.
ويؤكد هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (نيل الوطار للشوكانى ج - 8 ص 80 و 81) قال (الخيل ثلاثة فرس يربطه الرجل فى سبيل الله، فثمنه أجر وركوبه أجر، وعاريته أجر وعلفه أجر، وفرس يغالق (المغالقة المراهنة كما فى القاموس) فيه الرجل ويراهن، فثمنه وزر (الوزر الذهب والاثم) وعلفه وزر وركوبه وزر، وفرس (بمعنى طلب انتاجها بالولادة) للبطنة.
فعسى أن يكون سدادا من الفقر إن شاء الله) .
وإذا كان الحفاظ على المال وإنفاقه فى الوجوه المشروعة من الضروريات فى الإسلام، كانت المقامرة به فى الرهان والقمار أيا كانت صورهما من الأمور المحرمة قطعا، فقد عنى الإسلام بتوجيه المسلمين إلى كسب المال بالطرق المباحة الحلال، وإلى إنفاقه كذلك فيما يفيد الإنسان، وكانت حكمة بالغة تلك التى أشار إليها النص القرآن الكريم {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} المائدة 91، هذه الحكمة تجريم لهذا العمل لما يترتب عليه من المفاسد والمآسى التى تقضى إلى إضاعة المال وتخريب البيوت العامرة، وكم دفع القمار محترفيه إلى ارتكاب صنوف الجرائم كالسرقة والاختلاس بل والانتحار.
والامراء فى أن الرهان على الخيول المتسابقة يحمل هذا الشر والمستطير، وان كل ما جاء عن طريقه يسار موقوت لا خير فيه ولا دوام له، كما أفاد الحديث الشريف والأخير حيث نص صراحة على تحريم اتخاذ الخيول للمراهنات.
وبعد.
فإن الله سائل كل إنسان عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه.
كما أخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه ابن مسعود رضى الله عنه قال (لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عم عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم) (صحيح الترمذى ج - 9 ص 252) والله سبحانه وتعالى أعلم(7/223)
تعاطى المخدرات بالحقن محرم شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
22 يونية 1981 م
المبادئ
1 - كل شراب من شأنه الإسكار بتعاطيه يكون خمرا محرما بالقرآن الكريم والسنة الشريفة ولو كان عن طريق الحقن.
2 - يجوز للضرورة التداوى بالمحرم إذا تعين دواء بقول طبيب حاذم مسلم أمين
السؤال
بالطلب المقدم من السيد المتضمن أن له زميلة بالعمل متزوجة من رجل يعيش مع والديه، ووالدته مريضة من مدة طويلة وتعطى حقنا مخدرة باستمرار مثل (الفاكافين - مورفين) وهى تتعاطى هذه الحقن بناء على كشف أطباء مسلمين ومسيحيين أجمعوا على ضرورة إعطائها هذه الحقن باستمرار.
ويطلب الإفادة هل هذا حلال أم حرام وبيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
الذى تدل عليه النصوص الشرعية أن كل شراب من شأنه الإسكار عند تعاطيه يكون خمرا محرما بقوله تعالى {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة 90، وقوله عليه الصلاة والسلام (ما أسكر كثيره فقليله حرام) رواه أحمد وابن ماجه والدار قطنى.
فيحرم لذلك شربها أو تعاطيها عن طريق الحقن للصحيح والمريض، غير أن بعض الأئمة قد رخص للمريض فى التداوى بالمحرم إذا تعين دواؤه به بقول طبيب أمين حاذق مسلم تقديرا للضرورة.
لأن المريض إذا توقف شفاؤه على تعاطى الخمر ولو لم يتعاطاها لهلك يحل له شرعا أن يشربها لهذه الضرورة دفعا للضرر عن نفسه عملا بقوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} البقرة 195، وهذا إذا تعنيت دواء لشفائه ولم يوجد دواء آخر يدفع عنه التهلكة غيرها، لأن حرمة تناولها ساقطة فى حالة الاستشفاء، كحل الخمر والميتة للعطشان والجائع عند الضرورة.
وقد تقدم العلم والطب فى هذا العصر، وتوجد بدائل كثيرة من الأدوية التى لا تحتوى على المحرم، أو احتوته ولكن تحول بالصناعة، فتكون الضرورة غير موجودة، وإن وجدت تقدر بقدرها.
لما كان ذلك فإذا كان الدواء المخدر الذى تتعاطاه السيدة المسئول عنها لا بديل له من الأدوية التى تخلو من المخدرات أو المحرمات عموما، جاز لها أن تتناوله مادام قد نصح الطبيب المسلم الموثوق بدينه وعلمه بنفعه لها وانعدم بديله.
فقد قال سبحانه فى ختام آية المحرمات {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} ، والله سبحانه وتعالى أعلم(7/224)
الاحتفال بوفاء النيل ليس من الدين فى شىء
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
شوال 1401 هجرية - 12 أغسطس 1981 م
المبادئ
1 - وأد البنات عادة جاهلية لدفع العار وخشية الفقر وقد أبطلها الإسلام.
2 - العودة إلى الاحتفا بزفاف عروس النيل ارتداد إلى الجاهلية عمياء، لا تفريق فيها بين الحلال والحرام
السؤال
نشرت جريدة الأهرام بتاريخ 6/8/1981 فى باب المرأة تحت عنوان لأول مرة منذ آلاف السنين (مسابقة لاختيار ملكة جمال النيل، وعودة احتفالات بوفاء النيل بعد توقفها 12 عاما) ما خلاصته إن قدماء المصريين كانوا يقومون باختيار أجمل فتاة عذراء فى مصر، ويلبسونها أفخر الثياب ويزينوها بأغلى الحلى، ثم يسيرون بها فى موكب بحرى كبير فى النيل، ويلقونها لى الماء ليتزوجها النيل الخالد غرضاء له وشكرا على فيضانه، وعندما جاء العرب استبدلوا العروسة البشرية بتمثال لعروس النيل، وفى هذا العام يتخذ الاحتفال مظهرا أكثر حيوية، ويفتح المجال أمام الفتيات من سن 15 إلى 25 للاشتراك فى مسابقة ملكة جمال النيل أمام لجنة التحكيم التى ستنعقد لاختيارها، وأن العروس الفائزة بلقب ملكة جمال النيل ستنطلق يوم 24 أغسطس الجارى من أمام الميرديان فى موكب داخل مركب فرعونى، ثم مركب بها 400 أربعمائة موعو من مختلف الهيئات الدبلوماسية، ومن ورائهم 50 خمسون مركبا شراعيا.
حيث يسير هذا الموكب من فندق الميرديان إلى كوبرى قصر النيل، حيث يتوقف الموكب وتبدأ المراسم المتبعة فى ذلك، ويلقى محافظ القاهرة الوثيقة، وتطلق الصواريخ وتفقز العروس فى النيل.
وقيد الموضوع برقم 275 سنة 1981
الجواب
وردا على ما نشر فقد أصدر صاحب الفضيلة مفتى جمهورية مصر العربية الشيخ جاد الحق على جاد الحق.
بيانا فى مقال نشرته جريدة الأهرام بتاريخ 9 شوال 1401 هجرية الموافق 9/8/1981 نقدا لهذا الاتجاه تحت عنوان (أوقفوا اليوم فورا هذا العبث باسم وفاء النيل) ونصه الآتى كان للأمم الغابرة عادات يرونها وحسب معتقداتهم من لوازمهم، ولقد جرت بعض قبائل العرب فى الجاهلية على وأد البنات، إما للفقر أو خشية عارهن إذا انحرفت بهن الحياة أو انحرفن بها، وجاء الإسلام وقال لهم القرآن {وإذا الموءودة سئلت.
بأى ذنب قتلت} التكوير 8، 9، فخشعت قلوبهم لما نزل من الحق، وراتفع القرآن بحواء وأبان مكانتها.
أما وزوجا وبنتا وأختا، وكشف عن واقعها فى الحياة، فلها ذمتها ولها حركة حياتها فى نطاق النظام العام الإسلامى ولم يكن العرب وحدهم هم وأدة البنات، بل شاركهم فى ذلك المصريون القدماء، فقد روى التاريخ أن المصريين كانوا يحتفلون بيوم وفاء النيل فى شهر توت أو مسرى كل عام، وقد كان هذا الحفل ينتهى بإلقاء عروس فى النيل - اى والله عروس فتاة من بنى الإنسان يلقون بها فى النهر وقت فيضانه، فى أمواجه الهادرة فى غرينه وطميه، عقيدة منهم أن النهر يرضى عنهم إذا زوجوه تلك العروس، فيفيض دائما ولا يغيض ولما دخلت مصر فى الإسلام، وارتفع فى سمائها نداؤه ودعاؤه، وعلمت أن الله وحده هو واحب النيل إلى مصر، وهو سبحانه الذى فجر هذا النهر، حتى فاضت جنباته عيونا من الأرض وأنهارا من السماء، أوقف حاكم مصر المسلم وأد البنات فيها، وأجرى فيها حكم الله، وتلا عليهم قوله {وإذا الموءودة سئلت.
بأى ذنب قتلت} التكوير 8، 9، وأعلمهم بأن الله سبحانه هو صاحب هذه النعمة، نعمة هذا النهر الجارى بإذه وأمره حتى شق الفيافى والقفار، واجتاز بلادا وحدودا ليروى كنانة الله فى أرشه، مصر، ويهبها الحياة، واستبدل عروسهم التى يئدونها فى النيل، بكلمة الله ألقاها فى مياهه التى فاضت، وقال أيها النيل إن كنت تجرى باسم الله ومن الله مجريك، وإن كنت لا تجرى إلا بهذه العروس فلا تجر، لأن الله مرسل الرياح ومجرى السحاب قال جل شأنه {وهو الذى مد الأرض وجعل فيها رواسى وأنهارا} الرعد 3، وقال أيضا {والله الذى أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت} فاطر 9، فهل يجوزب عد أن مضى على وأد هذه العادة المصرية الجاهلية قرابة أربعة عشر قرنا من الزمان أن نعود إليها ونخالف حكم الله، فقد طالعت قبل أيام خبرا يتحدث عن النية إلى إقامة مسابقة لاختيار ملكة جمال النيل، وعودة الاحتفالات بوفاء النيل بعد توقفها 12 عاما، يا هول هذا الخبر وما حواه من استغراض لأجساد فتياتنا من سن 15 إلى 25، أعود إلى سوق النخاسة والرقيق الأبيض وهذا المهرجان يدعو إلى حفل زفاف عروس النيل الذى تشهده الدولة رسميا وتنظمه، بل وتدعو إليه الهيئات الدبلوماسية فى مصر، مصر الإسلام، مصر الأزهر، مصر التى وضعها العالم رائدة وقائدة للعرب والمسلمين، ترتد إلى جاهلية عمياء، ولا تفرق فيها بين الحلال والحرام.
أى وثيقة هذه التى يلقيها المسئول الكبير فى النيل مع العروس التى اشترط أن تجيد السباحة وأن تلتقطها فرق الإنقاذ، أى خدس، وأى إهانة للأنثى التى كرمها الله وحرم وأدها، بل وحرم لمسها لغير محارمها أو زوجها.
أى وثيقة تلك وماذا تحوى هل تحوى جريان النيل باسم الله وبلوغ مياه الفيضان القدر المقرر لتحصيل الضرائب إظهارا للعدل فى الرعية وشكرا لنعماء الله أو تحوى تزويج هذه العروس للنيل والعودة إلى وثيقة محاها الإسلام {ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب} البقرة 211، إلى المسئولين عن تنظيم هذا المهرجان أسوق الحديث.
وإن مصر لا تروج فيها هذه المهرجانات، ولا ينبغى أن تقام فيها - أيها المسئولون جميعا أوجه الرجاء والنداء.
أوقفوا هذه المهازل. إنا ندعو المسئولين جميعا بالتدخل لوقف هذه المهرجانات الفاسد.
والله يهدى إلى الحق وغلى صراط مستقيم.
هذا وقد نشرت جريدة الأهرام بعددها الصادر بتاريخ 10/8/1981 فى باب أخبار الصباح ما يلى عزيز قاسم مدير عام الميرديان بالقاهرة ألغى مسابقة وفاء النيل.
كما نشرت جريدة الجمهورية بعددها الصادر بتاريخ 10/8/1981 ما يلى الميرديان يلغى المسابقة ويعتذر ل - 70 فتاة(7/225)
كسب مصفف شعر المرأة حرام
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
صفر 1402 هجرية - 13 ديسمبر 1981 م
المبادئ
1 - لا يحل لغير الزوج ومحارم المرأة النظر إلى ما عدا الوجه والكفين ولامس شىء من جسدها.
2 - تصفيف الرجل شعر امرأة أجنبية عنه محرم شرعا وكسبه منه يكون حراما
السؤال
بالطلب المتضمن أن ابن السائل يعمل مصففا لشعر السيدات، وأشار فى سؤاله إلى أن هذا العمل هو مورد ابنه وليس له مصدر رزق آخر، ويسأل عن حكم ذلك شرعا
الجواب
يقول الله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.
وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا آية المؤمنون لعلكم تلفحون} النور 30، 31، هذا أمر من الله تعالى للرجال والنساء على السواء بأن يغضوا أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح الله لهم النظر إليه، لأن النظر داعية إلى فساد القلب وذريعة للوقوع فى المحرمات.
وقد روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها مخافتى أبدلته إيمانا يجد حلاوته فى قلبه) .
(تفسير ابن كثير ج - 3 ص 282) وروى البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، وزنا الأذنين الاستماع، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين الخطى، والنفس تمنى وتشتهى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.
(المصدر السابق) وقد أوضحت الآية الأخيرة أن على المرأة أن تستر جسدها من قمة رأسها إلى القدمين، وفقط يباح لها كشف وجهها وكفيها حسبما جاء فى حديث السيدة أسماء.
عن خالد بن دريك عن عائشة أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فاعرض عنها.
وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه (نيل الأوطار ج - 6 ص 114 باب ان المرأة عورة إلا وجهها وكفيها) رواه أبو داود.
ومن ثم فلا يحل لغير الزوج ومحارم المرأة النظر إلى ما عدا الوجه والكفين من جسدها.
ولما كانت هذه النصوص من القرآن والسنة قد أوجبت على المرأة ستر جسدها من قمة رأسها إلى قدميها، وحرمت النظر إليها من غير زوجها ومحارمها الذين بينهم الله فى هذه الآية الأخيرة، كان مس شىء من جسدها محرما، لأنه أكثر إثارة للغرائز من النظر.
ولما كان الرجل الذى يقوم بتصفيف الشعر لغير زوجة له أو لغير محرم منه إنما يمس جزءا من جسدها وجب ستره، وحرم الله النظر إليه وبالتالى حرم مسه، كان هذا العمل محرما على الرجال، وكل عمل محرم يكون كسبه محرما، مع أن تحرى الكسب الحلال من الواجبات التى أمر الله سبحانه وتعالى بها فى القرآن الكريم، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} البقرة 172، وروى أن سعدا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله تعالى أن يجعله مجاب الدعوة.
فقال له (أطب طعمتك تستجب دعوتك) (احياء علوم الدين ج - 5 ص 22 كتاب الحلال والحرام) والله سبحانه وتعالى أعلم(7/226)
حكم الإسلام فيما يهدى إلى الحكام
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
صفر 1402 - 14 ديسمبر 1981 م
المبادئ
1 - إذا قبل أحد عمال الدولة هدية يأتى يوم القيامة حالمها.
2 - لا ثراء على حساب الوطن والمواطنين.
3 - يحرص الإسلام على نظافة يد حكامه، ويرى أن كل عائد يعود على الموظف بسبب عمله غلولا وسرقه، يحمل وزرها فى الدنيا ولآخرة ما دام خارجا عن راتبه
السؤال
بيان من دار الإفتاء عن حكم الإسلام فى الهدايا للحكام المقيد برقم 422 سنة 1981
الجواب
ونصه الآتى طالعت التحقيق الذى أثارته (مايو) فى عددها الصادر يوم الاثنين 7 ديسمبر سنة 1981 فى الهدايا التى تقدم للموظفين بالحكومة بمناسبة امتناع السيد الفريق / محمد عبد الحليم أبو غزالة - وزير الدفاع والإنتاج الحربى عن قبول هدية عرضت على سيادته من إحدى الهيئات.
وقد افتتح هذا التحقيق بأنه لا يوجد نص فى الدستور يقضى بألا يتلقى موظف حكومى أو مسئول سياسى هدايا مهما تفاوتت قيمتها.
سواء كانت هدايا رمزية مثل الأقلام والمفكرات أو غير ذلك، أو كانت هدايا باهظة الثمن مثل السيارات وتذاكر السفر المجانية، وأن هناك نصا فى قانون العقوبات يجرم الرشوة، وأورد التحقيق نماذج مما يجرى فى قوانين بلاد مختلفة من الشرق ومن الغرب بين الإباحة والتجريم.
وإذا كان دستور مصر قد خلا من النص الذى يبيح للموظف بالدولة أيا كانت درجة وظيفته وموقعه قبول الهدايا، سواء من الأفراد أو الهيئات وطنية أو أجنبية أو يمنع ذلك ويجرمه، فإنه قد نص فى المادة الثانية منه على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادىء الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع.
وتنفيذا لهذا النص ينبغى الرجوع إلى مصادر الشريعة الإسلامية عندما يعوزنا النص القانون الصريح فى الإباحة أو التحريم، وذلك ما يجب حتى لا نضل السبيل إلى الطريق المستقيم الذى نرجو أن يكون هدفنا فيما نبتغى من الطهارة والابتعاد عن الريب والشكوك.
ولعلنا لسنا فى حاجة إلى التنبيه إلى أن القوانين الحالية قد اعتدت بمبادىء الشريعة الإسلامية فى التطبيق كما جاء فى المادة الأولى من التقنين المدنى، وإن جاء حكمها فى غير الموضع الواجب.
وعندما نطالع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نراه قد قطع وأبان الحكم جليا لا شبهة فيه، ولا يحتمل التأويل فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم وأبو داود عن أبى حميد الساعدة رضى الله عنه، ونقله المنذرى فى كتابه الترغيب والترهيب.
قال استعمل النبى صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد (اسم قبيلة باليمن) يقال له ابن اللتبية على الصدقة (أى يجمع الزكاة ممن وجبت عليهم) فلما قدم قال هذا لكم، وهذا أهدى إلى.
قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإنى أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولانى الله فيأتى فيقول هذا لكم، وهذا هدية أهديت لى، أفلا جلس فى بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا.
والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقى الله يحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدا منكم لقى الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر (أى تصيح) ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول اللهم هل بلغت هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى أمر الدستور بتنليذه، يقول واضحا صريحا للموظف فى الدولة أيا كان موقعه، إن الهدايا لا تقدم إليك إلا لأنك فى هذا الموقع من الخفير إلى الوزير، وإلا فاجلس فى بيتك دون وظيفة فى الحكومة فانظر أيهدى إليك وقطع بتحريم قبول هذه الهدايا معلنا أن من قبل الهدية بوصفه من عمال الدولة واصطفاها لنفسه، يأتى يوم القيامة وقد حمل ما أهدى إليه باعتباره استغلالا لموقعه.
إن ما فعله السيد الوزير قدوة لصالحة، ونحن فى حاجة إلى هذه القدوة حتى يقتدى بها كل العاملين فى وظائف الدولة أيا كان قدر تلك الوظائف وموقعها، وحتى يعمل الموظف ويؤدى واجباته باعتبارها واجبا عليه، وليست منه أو منحة يتفضل بها على أصحاب المصالح والحقوق التى وضعته الدولة أمينا عليها، وأن تحريم قبول الهدايا لشخص الموظف ولحسابه الخاص يجعله مؤديا لواجباته بالذمة والصدق، لا يتهاون فى تنفيذ صفقة من الصفقات بشروطها ومواصفاتها، ولا يثرى على حساب مصلحة الوطن والمواطنين، بل ولا يغالى فى تنفيذ ما عهد إليه تنفيذه من أمور الدولة، وما أكثرها، إن الإسلام قد حرص فى أحكامه على نقاء عمال الدولة الذين يباشرون مصالح الوطن والمواطنين، واحتسب كل فائدة أو عائد أيا كان وصفه يعود عليهم بسبب وظائفهم غلولا وسرقات، يحمل وزرها فى الدنيا وعقابا وتشهيرا به على الملأ فى الآخرة، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
لسنا بحاجة لنقل التشريع من هنا أو هناك، فلدينا شرع ينطق بالحق ويرشد إلى الاستقامة قال تعالى {إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} الإسراء 9(7/227)
الأشياء المخدرة فى جوهرها حرام شرعا
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الأول 1402 هجرية - 2 يناير 1982 م
المبادئ
1 - جمهور فقهاء المذاهب الإسلامية متفق على حرمة الحشيش ونحوه.
2 - جرائم تعاطى المخدرات داخلة فى باب التعازير الشرعية.
3 - للسلطة المنوط بها التشريع على هذه الجرائم هو نصاب الحقوق.
4 - نصاب الشهادة على هذه الجرائم هو نصاب الحقوق.
5 - الشروط الواجب توافرها فى الشاهد واحدة، سواء كانت الشهادة فى جرائم الحدود والقصاص أو فى جرائم التعازير
السؤال
بالطلب المطلوب به رأى الشريعة الإسلامية فيما إذا كان الجواهر المخدرة تأخذ حكم الحدود أو التعازير وما نصاب الشهادة والشروط والواجب توافرها فى الشاهد بالنسبة لهذا الموضوع
الجواب
إن الجواهر المخدرة (الحشيش وأمثاله) يحرم تناولها باعتبارها تفتر وتخدر، وتضر بالعقل وغيره من أعضاء الجسد الإنسانى، فحرمتها ليست لذاتها وإنما لأثارها وضررها.
وقد اتفق جمهور فقهاء المذاهب الإسلامية على حرمة الحشيش ونحوه، والأصل فى هذا التحريم ما رواه أحمد فى مسنده وأبو داود فى سننه بسند صحيح عن أم سلمة رضى الله عنها قالت (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر) وذلك لثبوت ضرر كل ذلك فى البدن والعقل، كما اتفق الجمهور على أن من أكل شيئا من هذه المواد أو استعمله لغير التداوى النافع طبيا لا يحد حد شرب الخمر، وإنما يعزر متعاطيها بالعقاب الزاجر المذاب إلى حد الشدة المطربة، وجب توقيع حد الخمر على من تعاطاه بهذه الصفة كشارب الخمر، كما ذهب ابن تيمية وتبعه ابن القيم من فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى إقامة الحد على متعاطى هذه المخدرات كشارب الخمر، باعتبار أنها أشد خبثا وضررا من الخمر، واستحسن الشيعة الإمامية القول بإلحاق المخدرات بالمسكرات فى وجوب الحد ثمانين جلدة، وأفتى بعض فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة بالحد أيضا.
ومما تقدم يتضح أن هذا الخلاف قد ثار فيما إذا كانت المخدرات تعتبر بذاتها خمرا يقام الحد على متعاطيها مطلقا، أم أنها تعتبر من قبيل الخمر علة، باعتبار أنها تثبط العقل وتورث الضرر به وبالجسد، شأنها فى ذلك شأن الخمر أو أشد.
ولما كانت الحدود مسماة من الشارع والعقوبات عليها مقدرة كذلك وإما بنص فى القرآن الكريم، أو بقول أو فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم، كان إيثار القول بدخول تعاطى المخدرات فى التعازير هو الأولى والأحوط فى العقوبة، باعتبار أن الخمر تطلق عادة على الأشربة المسكرة، وإذا دخل تعاطى المخدرات ضمن المنكرات التى يعاقب عليها بالتعزير كان للسلطة المنوط بها التشريع تقنين ما تراه من عقوبات على الاتجار فيها أو تعاطيها تعزيزا، ومن العقوبات المشروعة عقوبة الجلد باعتبارها أجدى فى الردع الزجر.
أما عن نصاب الشهادة والشروط الواجب توافرها فى الشاهد على جريمة تعاطى المخدرات، فإن جرائم التعازير تثبت بما تثبت به الحقوق، أى بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، وبالشهادة على الشهادة وبالقرائن القاطعة، ولا تثبت بالشهرة السائدة أو بالشائعات، ولا تقبل شهادة رجل واحد ولا أى عدد من النسوة منفردات دون رجل معهن فى إثبات هذه الجرائم.
أما عن الشروط الواجب توافرها فى الشاهد فواحدة، سواء كانت الشهادة فى جرائم الحدود والقصاص، أو فى جرائم التعازير.
وهى بإجمال الذكورة فى الحدود، بنعمنى أنه لا تقبل فيها إلا شهادة الرجال، وبعد هذا يشترط أن يكون الشاهد أو الشاهدة - فيما تجوز فيه شهادة النساء - بالغا، عاقلا، قادرا على حفظ وفهم ما وقع بصره عليه أو سمعه مما يشهد به، مأمونا على ما يقوله، لا تلحقه غفلة أو نسيان، وأن يكون ناطقا متكلما، فلا تقبل شهادة الآخرس فى قول فقهاء المذهب الحنفى ومذهب أحمد وقول فى فقه الإمام الشافعى، وتقبل الإشارة المفهومة من الأخرس وتعتبر شهادة فى فقه الإمام مالك وقول فى مذهب الإمام الشافعى والزيدية، واختلف الفقهاء كذلك فيما تجوز فيه شهادة الأعمى، وإن اتفقت كلمتهم على عدم قبول شهادته فيما يفتقر إلى الرؤية والمعانية.
ويشترط فى الشاهد العدالة باتفاق وإن اختلف الفقهاء فى مداها وضوابطها بتفصيلات أوضحها الفقهاء فى كتبهم، وإن كان الإمام أبو حنيفة وفقهاء المذهب الظاهرى يرون أن العدالة مفترضة فى الشاهد حتى يثبت جرحه بمعنى أنه إذا لم يوجه إلى الشاهد طعن يمس عدالته قبلت شهادته.
ويشترط فى الشاهد الإسلام باتفاق، ثم اختلف الفقهاء فى قبول شهادة غير مالمسلم على مثله أو على المسلم فى السفر وغيره، وعند الضرورة وعدمها، ويشترط ألا يقوم بالشاهد مانع من موانع قبول شهادته، وهذه الموانع هى القرابة على خلاف فى مداها ودرجة القرابة المانعة والعداوة، إذ أن جمهور الفقهاء لا يقبلون شهادة العدو على عدوه إذا كانت العداوة بين الشاهد والمشهود عليه فى أمر من أمور الدنيا، أما العداوة فى أمور الدين بسبب اختلافهما دينا أو الفسق فلا يمنع من قبول الشهادة.
وهنا تفصيلات للفقهاء واستدلالات يرجع إليها فى مواقعها.
والتهمة مانع من موانع قبول شهادة الشاهد، وهى أن يكون بين الشاهد والمشهود له ما يبعث على الظنب المحاباة فى الشهادة، أو أن يكون للشاهد مصلحة تعود عليه من أداء الشهادة، ولم يتفق الفقهاء أو يحصروا المواضع التى ترد فيها الشهادة للتهمة، وقد جرى فقه الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد والزيدية على رد الشهادة للتهمة، واختلفوا فى التطبيق على النحو المبين فى كتب فقه هذه المذاهب، أما الظاهرية فقد جروا على قاعدتهم فى قبول الشهادة مادام الشاهد عدلا.
لما كان ذلك واتباعا لرأى جمهور الفقهاء كانت جرائم تعاطى المخدرات أو حيازتها داخلة فى باب التعازير الشرعية، وكان للسلطة المنوط بها التشريع تحديد العقوبة التى تراها رادعة، وكان نصاب الشهادة على هذه الجرائم هو نصاب الحقوق، أى ثتبت بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين وكانت الشروط الواجب توافرها فى الشاهد بوجه عام هى ما تقدم بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/228)
حكم الاستمناء
المفتي
محمد بخيت.
جمادى الثانية 1335 هجرية - 3 ابريل 1917 م
المبادئ
1 - الاستمناء بالكف حرام ويعزر فاعله شرعا.
2 - لا يحل الاستمتاع بغير الزوجة والأمة
السؤال
إن عادة الاستمناء باليد قد فشت فى القطر المصرى بين الشبان، فقام بعض الأطباء ينهونهم عنها ويبينون أخطارها العظيمة لكى يرتدع كل عنها وقد قال بعض الناس إنها من ضروب الزنا أى أنها محرمة.
وقام فريق آخر يناقشهم فى ذلك بدعوى أن الله سبحانه وتعالى إنما حرم الزنا منعا لاختلاط النسل ومن ذلك ينشأ ضرر المجموع.
ولما كانت عادة الاستمناء تضر بصاحبها جسمانيا إلا أنما لا تحدث نسلا فلا تكون إذن من الزنا.
فنرجو حل هذه المشكلة
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أنه قال فى شرح الدر ما نصه (فى الجوهرة الاستمناء حرام وفيه التعزير) .
كما أنه صرح فى رد المحتار على الدر المختار بأنه لو أدخل ذكره فى حائط ونحوه حتى أمنى أو استمنى بكفه بحائل يمنع الحرارة يأثم أيضا.
وقد استدل الزيلعى على عدم حل الاستمناء بالكف بقوله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون.
إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} المؤمنون 5 - 7، وقال فلم يبح الاستمتاع إلا بهما أى الزوجة والأمة.
فأفاد عدم حل الاستمتاع أى قضاء الشهوة بغيرهما.
وقد استدل صاحب الدر على ذلك بحديث (ناكح اليد ملعون) ومن ذلك يعلم أن الاستمناء بالكف على وجه ما جاء بالسؤال حرام يعزر فاعله شرعا(7/229)
الصور الفوتوغرافية
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
ذى القعدة 1339 هجرية 24 يوليو 1921 م
المبادئ
1 - تصوير ذى الروح حرام كبرت الصور أو صغرت، فى ثوب كانت أو على بساط أو درهم أو دينار، على حائط كانت أو غيرها.
2 - اقتناء الصورة الكبيرة التى تبدو للناظر بدون تأمل وهى كاملة الأعضاء التى لا تعيش بدونها مكروه تحريما إذا كانت لذى روح
السؤال
بإفادة واردة من وزارة الحقانية بتاريخ 21 يوليو سنة 1921 صورتها.
نرسل لفضيلتكم صورة من كتاب وزارة الداخلية 2-27 بشأن شكوى بعض الحجاج المسافرين إلى الأقطار الحجازية من إلزامهم بتقديم صورهم الفوتوغرافية.
والمرجو بعد الاطلاع عليه التكرم بالإفادة عن رأيكم فى الموضوع.
وصورة كتاب وزارة الداخلية. رفع بعض الحجاج المسافرين إلى الأقطار الحجازية شكوى يتضررون فيها من الزامهم بتقديم صورهم الفوتوغرافية لتلصق على جوازات السفر ويقولون إن ذلك محرم شرعا.
وبما أن القوانين المعمول بها الآن تقضى بوضع الصور الفوتوغرافية على الجوازات.
نرجو التكرم بإفادتنا عما إذا كان الشرع يحرم الأمر كى نخابر فخامة نائب جلالة الملك لمخابرة الجهة المختصة فى الحجاز لإعفاء الحجاج فى المستقبل من ضع صورهم على الجوازات وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
الجواب
علم ما جاء بإفادة الوزارة رقم 21 يوليو سنة 1921 نمرة 4245 وبصورة كتاب وزارة الداخلية المرافق لها المطلوب به بيان الحكم الشرعى بشأن الصور الفوتوغرافية المنوه عنها ذلك الكتاب.
والذى تلخص من كلام الفقهاء أن تصوير ذى الروح حرام سواء كانت الصورة كبيرة أو صغيره فى ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو حائط أو غيرها.
لما ورد فيه من الوعيد الذى اشتملت عليه الأحاديث النبوية ومنها ما جاء فى الصحيحين (إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) وذلك لما فيه من مضاهاه خلق الله تعالى وأما اقتناء الصورة فقد بين حكمه شيخنا العلامة الشيخ محمد العباسى المهدى مفتى الديار المصرية سابقا فى جواب تضمنته وفتاواه المطبوعة بصحيفة 299 والتى تليها جزء خامس حيث قال مانصه (صرح علماؤنا بأن اقتناء صورة ذى الروح الكبيرة التى تبدو للناظر بدون تأمل وهى كاملة الأعضاء التى لا تعيش بدونها مكروه تحريما) ومنه يعلم أن الصورة الفوتوغرافية إن كانت لذى روح وكانت كبيرة كاملة الأعضاء بحيث تبدو للناظر من غير تأمل كان اتخاذها مكروها تحريما، وإن كانت صغيرة لا تبين تفاصيل أعضائها إلا بإمعان النظر وتدقيقه، أو كانت كبيرة نقص من أعضائها مالا يعيش صاحبها إلا به لم يكره اقتناؤها.
وهذا ما لزمت الإفادة به.
والأوراق عائدة من طيه كما وردت. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام(7/230)
مواضع استعمال الدف والطبول والمزمار
المفتي
عبد المجيد سليم.
ربيع الأول 1348 هجرية 12 أغسطس 1929 م
المبادئ
الضرب على الدف وضرب الطبول والمزمار لا يجوز شرعا.
بل ذلك حرام عند فقهاء الحنفية.
واستثنوا من ذلك الدف بلا جلاجل فى ليلة العرس وطبل الغزاة والحجاج والقافلة
السؤال
هل من الجائز شرعا النقر على الدفوف وضرب الطبول والمزمار أثناء الصلوات فى الجوامع
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأنه لا يجوز شرعا عند فقهاء الحنفية الضرب على الدف وسائر آلات اللهو إلا ما استثنوه من الدف بلا جلاجل فى ليلة العرس وطبل الغزاة والحجاج والقافلة على ما جاء بكتاب الطريقة المحمدية وقال الزيلعى عند قول المصنف (ومن دعى إلى وليمة وثمة لعب وغناء يقعد ويأكل) ومانصه (ودلت المسألة على أن الملاهى كلها حرام حتى التغنى بضرب القضيب.
ومن هنا يعلم أن النقر على الدف وضرب الطبول والمزمار مما لا يجوز شرعا عند فقهاء الحنفية بل ذلك كله حرام عندهم، وهو أشد حرمة إذا كان فى الحالة المذكورة بالسؤال.
ويظهر أن من أجاز الضرب على آلات اللهو من الفقهاء لا يجيزه فى هذه الحالة لما يترتب عليه من الضرر البين والمفسدة الظاهرة، فكيف يقول بجوازه مع ترتب هذا عليه - هذا كله إذا كان الأمر كما ذكر بالسؤال والله أعلم(7/231)
الدين بفائدة محرم شرعا
المفتي
عبد المجيد سليم.
شعبان 1348 هجرية - 27 يناير 1930 م
المبادئ
1 - شراء المورث لبعض ورثته عقارا بثمن مقسط بفائدة معينة على أقساط معينة، ثم إيداعه لبعض ورثته المذكورين مبلغا بأحد البنوك بفائدة معينة، ثم مات فالعقد الأول فاسد شرعا، ويجب إزالة المفسد شرعا خروجا من معصية الربا بقضاء الدين المقسط من الأموال المودعة بأحد البنوك.
2 - يحرم شرعا استثمار المال المودع بفائدة معينة بأحد البنوك مادام الاستثمار المذكور بطريق الربا المحرم شرعا
السؤال
رجل توفى وكان قد اشترى فى حياته لبنتى ابنه المتوفى قبله عشرين فدانا وعليها سبعمائة جنيه دين، أمن على هذه الأطيان بفوائد سبعة فى المائة مقسطة إلى أربع عشرة سنة وظهر بعد وفاة جدهما أنه أودع لهما فى بنك آخر مبلغ ألفى جنيه بفوائد المائة أربعة ونصف وقد تعين عمهما وصيا عليهما.
فهل بموت الجد تحل الأقساط المؤجلة ويدفع الدين كله من الألفى جنيه المودعة على ذمتهما فى البنك تفاديا من الربا المحرم شرعا، أم يبقى الدين المقسط على حالة فى مواعيده مع فوائده كما يبقى المبلغ المودع فى البنك باسمهما على حاله بفوائده أيضا
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأنه متى كان الدين المذكور على القاصرتين فإنه يجب شرعا قضاؤه من الألفى جنيه خروجا من معصية الربا الذى هو من العقود الفاسدة التى يجب فسخها شرعا، ويحرم التمادى والإصرار عليها، كما يحرم استثمار ما للقاصرتين من المال بطريق الربا المحرم.
هذا والله تعالى أعلم(7/232)
القمار والرهان محرم شرعا
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذى الحجة 1357 هجرية 23 ابريل 1939 م
المبادئ
1 - كل عقد معلق على خطر الحدوث من عدمه غير جائز شرعا.
2 - القمار محرم شرعا بشتى صوره ومنه الرهان إذا كان بين طرفين وسباق الخيل
السؤال
من وكيل وزارة الداخلية أن اللجنة الفرعية بلجنة الحقانية بمجلس النواب المشكلة لدراسة مشروع قانون ألعاب القمار ترغب معرفة إن كانت هناك نصوص شرعية تبيح الرهان، كالرهان على سباق الخيل مثلا وغيره من أنواع الرهان المنصوص عليها بالقانون رقم 10 لسنة 1922 كما ترى أيضا الاطلاع على نص فتوى المرحوم الشيخ محمد عبده بخصوص يانصيب الجمعيات والملاجىء الخيرية إن كانت.
فأرجو التكرم بالتنبيه بموافاتى بصفة عاجلة بما تطلبه اللجنة المشار إليها
الجواب
اطلعنا على كتاب الوزارة رقم 47 - 14 - 7 الوارد إلينا فى 17 يناير سنة 1939 ونفيد أن القمار حرام بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون.
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} المائدة 90، 91، فقد قال ابن عباس وقتادة ومعاوية بن صالح وعطاء وطاوس ومجاهد.
الميسر القمار فكل ما كان قمارا فهو ميسر محرم بالآية الكريمة إلا مارخص فيه بدليل آخر كما سيأتى ومحرم أيضا بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما.
ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا} النساء 29، 30، وبقوله تعالى {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون} البقرة 188، وذلك لأن أكل المال بالباطل على وجهين أحدهما أخذ المال بغير رضا صاحبه بل على وجه الظلم والسرقة والخيانة والغصب وما جرى ذلك.
والآخر أخذه برضا صاحبه من جهة محظورة نحو القمار والربا، وقد أجمع المسلمون على حرمة القمار.
هذا ولا نعلم خلافا فى أن ماكان على سبيل المخاطرة بين شخصين بحيث يغنم كل ما كان فيه تعليق المال على الخطر فهو من قمار.
وذهب الحنفية إلى أن كل ما كان فيه تعليق المال على الخطر فهو من القمار أخذا مما روى أن رجلا قال لرجل إن أكلت كذا وكذا بيضة فلك كذا وكذا فارتفعا إلى على رضى الله عنه فقال هذا قمار ولم يحزه، ومن أجل ذلك أبطل الحنفية عقود التمليكات المعلقة على الأخطار من الهبات والصدقات وعقود البياعات، فإذا قال وهبتك هذا المال إذا خرج عمرو كانت هذه الهبة باطلة غير مقيدة للملك بالقبض، ومثل ذلك إذا قال له بعتك ذهبوا إلى أن كل تمليك معلق على الحظر فهو باطل غير مقيد للملك كما يؤخذ من كلام الجصاص فى كتابه - أحكام القرآن - عند الكلام على قوله تعالى {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} البقرة 219، وعند الكلام على قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} قال الجصاص وهو إمام الحنفية فى عصره ولا خلاف فى حظر القمار إلا ما رخص فيه من الرهان فى السبق فى الدواب والإبل والنضال وساق بعض الأدلة من السنة على ذلك.
وحاصل ما قاله الحنفية فى هذا الموضوع أن الرهان بمال إنما يجوز فيما دل الدليل على الإذن به من المسابقة بالخيل والإبل والرمى والإقدام والفقه.
وحكمة مشروعية هذا الإذن أن الحاجة ماسة إلى تعلم الفروسية وإعداد الخيل والخبرة بالرمى والتفقه لتقوية الدين وإعلاء كلمة الله والمسابقة فى هذه الأشياء وسيلة إلى ذلك وقالوا إن المسابقة فيما ذكر إنما تجوز بجعل فى الصور الثلاث الآتية - الأولى أن يكون المال المعين للسابق من غير المتسابقين بأن يكون من ولى الأمر سواء أكان من ماله الخاص أم من بيت المال - أو من أجنبى متبرع وهو المسمى الآن بالجوائز.
الثانية أن يكون المال من أحد المتسابقين دون الآخر بأن يتسابق اثنان ويقول أحدهما لصاحبه إن سبق فرسك فرسى مثلا كان لك كذا منى، وإن بسق فرسى فرسك فلا شىء لى عليك.
الثالثة أن يكون المال من كل من المتسابقين ويدخلا ثالثا بينهما ويقولا للثالث إن سبقتنا فالمال لك وإن سبقناك فلا شىء لنا عليك - والشرط الذى شرطاه بينهما وهو أيهما سبق كان له الجعل على صاحبه - باق على حاله - فإن غلبهما الثالث أخذ المالين وإن غلباه فلا شىء لهما عليه ويأخذ أيهما غلب المشروط له من صاحبه.
أما إذا كان المال مشروطا من كل منهما ولم يدخلا هذا الثالث فهو من القمار المحرم.
هذا خلاصة مذهب الحنفية، وقد أجاز بعض العلماء من غير الحنفية أن يكون الجعل من كل منهما بدون إدخال الثالث بينهما كما يعلم من صفحة 313 من الجزء الثالث من كتاب أعلام الموقعين.
ولكن المعروف عن الأئمة الأربعة عدم حل هذه الصورة.
وما قلناه هو الجائز شرعا على النحو الذى بينا.
ومنه يعلم أن الرهان المعروف الآن سواء كان رهانا على سباق الخيل أم غيره من أنواع الرهان من القمار المحرم شرعا الذى ليس هناك نصوص تبيحه،بل قد دلت النصوص التى ذكرناها على حرمته وإنما حرم الشارع الميسر الشامل لأنواع الرهان الموجودة الآن لما يترتب عليه من المفاسد العظيمة التى نشاهدها كل يوم.
فقد أفضى إلى ضياع أموال كثيرة من المتراهنين وخراب بيوت لأسر كريمة، كما حمل الكثير من المقامرين على ارتكاب شتى الجرائم من السرقة والاختلاس بل والانتحار أيضا فالمطلع على ذلك وغيره مما أدى ويؤدى إليه القمار يزداد إيمانا بأن من رحمة الله وفضله وباهر حكمته أن حرمه على عبادة كما حرم عليهم كثيرا من الأشياء لما يترتب عليها من المفاسد والمضار هذا ولا نعلم أن للمرحوم الشيخ محمد عبده فتوى بخصوص يا نصيب الجمعيات والملاجىء الخيرية(7/233)
فوائد السندات محرمة
المفتي
عبد المجيد سليم.
ربيع الأول 1362 هجرية - 4 ابريل 1943 م
المبادئ
فوائد السندات حرام لأنها من الربا
السؤال
ورث شخص عن والده بعض سندات قرض القطن التى تدفع عنها الحكومة فوائد فهل هذه الفوائد تعتبر من أنواع الربا التى حرمها المولى عز وجل فى كتابه الحكيم
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن هذه الفوائد من الربا الذى حرمه الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز.
وبهذا علم الجواب عن السؤال.
والله تعالى أعلم(7/234)
التصدق بالفوائد المحرمة غير جائز
المفتي
عبد المجيد سليم.
جمادى الأولى 1362 هجرية - 20 مايو 1943 م
المبادئ
1 - أخذ الفوائد على الأموال المودعة فى البنوك حرام لأنه من قبيل أخذ الربا.
2 - التصدق بفوائد الأموال المودعة بالبنوك لا يقبلها الله تعالى ويأثم صاحبها
السؤال
لى مبلغ من النقود أودعته فى بنك بدون فائدة لأنى أعتقد أن الفائدة حرام مهما كانت قليلة وأعلم أن الله تعالى يمحق الربا.
وقد من الله على بحب التصدق على الفقراء والمساكين. وقد أشار على بعض الناس بأنى آخذ الفائدة من البنك وأتصدق بها كلها على الفقراء ولا حرمة فى ذلك.
فأرجو التكرم بإفتائى عما إذا كان أخذ الفائدة من البنك لمحض التصدق بها فيه إثم وحرمة أم لا.
وهل وضعها فى جيبى أو فى ببتى إلى أن يتم توزيعها على الفقراء فيه إثم وحرمة أم لا.
أرجو الإفادة
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن أخذ فوائد على الأموال المودعة بالبنوك من قبيل أخذ الربا المحرم شرعا، ولا يبيح أخذه قصد التصدق به لإطلاق الآيات والأحاديث على تحريم الربا.
ولا نعلم خلافا بين علماء المسلمين فى أن الربا محرم شرعا على وجه كان، هذا ولا يقبل الله تعالى هذه الصدقة بل يأثم صاحبها كما تدل على ذلك أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد جاء فى كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب مانصه (وأما الصدقة بالمال الحرام فغير مقبولة.
كما فى صحيح مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم.
لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول وفى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ما تصدق عبد بصدقة من مال طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه إلى آخر الحديث.
وفى مسند الإمام احمد رحمه الله عن ابن مسعود رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يكتسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك فيه ولا يتصدق به فيتقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار.
إن الله لا يمحو السيىء بالسيىء ولكن يمحو السيىء بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث ويروى من حديث رواح عن ابن حجيرة عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ما كسب مالا حراما فتصدق به لم يكن له فيه وكان إصره (إثمه وعقوبته) عليه.
أخرجه ابن حيان فى صحيحه ورواه بعضهم موقوفا على أبى هريرة وفى مراسيل القاسم ابن مخيمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أصاب مالا من مأثم فوصل به رحمه وتصدق به (لعلها أو تصدق به) أو أنفقه فى سبيل الله جمع ذلك جميعا ثم قذف به فى نار جهنم) وروى عن أبى الدرداء ويزيد بن ميسرة أنهما جعلا مثل من أصاب مالا من غير حله فتصدق به مثل من أخذ مال يتيم وكسا به أرملة وسئل ابن عباس رضى الله عنهما عمن كان على عمل فكان يظلم ويأخذ الحرام ثم تاب فهو يحج ويعتق، ويتصدق منه فقال إن الخبيث لا يكفر الخبيث وكذا قال ابن مسعود رضى الله عنه إن الخبيث لا يكفر الخبيث ولكن الطيب يكفر الخبيث.
وقال الحسن أيها المتصدق على المسكين ترحمه.
ارحم من قد ظلمت. وبما ذكرنا يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/235)
حكم الرقص
المفتي
عبد المجيد سليم.
رمضان 1362 هجرية
المبادئ
1 - الرقص الإفرنجى الذى يرقص فيه الرجل والمرأة محرم شرعا.
2 - الرجل الذى يرقص مع أجنبية، والمرأة التى ترقص مع أجنبى وكذلك الرجل الذى يرقص مع امرأته على مرأى من الناس كل هؤلاء آثمون بارتكابهم لهذا الفعل، مستحقون لما أعده الله للفاسقين الظالمين لأنفسهم من العقوبة فى الدنيا والآخرة.
3 - من رضى بذلك سواء أكان حاضرا وقت ارتكابه أم غائبا فهو آثم لأن الرضا بالمعصية معصية
السؤال
من الأستاذ محمد نزيه قال هل الرقص الإفرنجى الذى يشترك فيه الرجل والمرأة يخالف الدين الإسلامى، وما حكم الشرع الشريف فى المرأة التى ترقص مع أجنبى عنها، وفى الرجل الذى يرقص مع أجنبية عنه.
وما حكم الدين الإسلامى فى الرجل الذى يرقص مع امرأته على مرأى من الناس
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد أنه لا يشتبه مسلم فى دار الإسلام فى أن الرقص الإفرنجى المعروف الذى يشترك فيه الرجل والمرأة محرم شرعا معلومة حرمته من الدين بالضرورة والبداهة، وأن كلا من المرأة التى ترقص مع أجنبى عنها والرجل الذى يرقص مع أجنبية عنه آثم بارتكابه لهذا الفعل ومستحق لما أعده الله للفاسقين الظالمين لأنفسهم المجترئين على ربهم فى العقوبة فى الدنيا والآخرة.
كما أن الرجل الذى يرقص مع امرأته على مرأى من الناس مرتكب لهذا الأثم ولهذه المعصية وفاسق بذلك ظالم لنفسه مجترىء على ربه مستحق للعقوبة المذكورة.
وهذه قضايا معلومة بداهة من الدين لا تحتاج إلى إقامة برهان عليها ومن يرضى بها سواء أكان حاضرا وقت ارتكابها أم لم يكن حاضرا آثم كذلك.
لأن الرضا بالمعصية معصية كما أن الرضا بالكفر كفر.
ومن قدر على تغيير هذا المنكر وإزالته ولم يغيره فهو آثم.
وقد حرم الله سبحانه وتعالى ما هو أقل من ذلك فسادا وأقل منه فحشا وقبحا فكيف لا يحرم هذه المنكرات ولاينهى عنها.
والعقل الراجح والفطرة السليمة التى لم تفسد بالشهوات ولا باتباع الهوى يستقبحان هذا الفعل الشنيع وينفران منه ومن مرتكبه سواء أكان ذلك مع أجنبية أم مع غير أجنبية.
وقد جاء فى السنة أن المرأة إذا خرجت من بيتها متعطرة فهى زانية.
فكيف بامرأة تخرج متعطرة متجملة متبرجة تختلط بأجنبى عنها هذا الاختلاط أو تعمل هذا مع زوجها على مرأى من الناس ويرضى لها زوجها أن يروها وهى تتحرك معه هذه الحركات المثيرة لقوى الشر فى النفوس.
لا شك أن هذا من الدياثة التى لا يدخل صاحبها الجنة وفى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله سبحانه لما خلق الجنة قال وعزتى وجلالى لا يدخلك بخيل ولا كذاب ولا ديوث.
وقد فسر الديوث بأنه من لا غيرة له. هذا وقد ذكر العلامة ابن القيم فى كتابه الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية فصلا بين فيه أنه يجب على أولى الأمر أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء فى الأسواق ومجامع الرجال.
وذكر فيه أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر.
ومن أعظم أسباب نزول العقوبة العامة.
كما أنه من أسباب فساد الأمور العامة والخاصة وسبب لكثرة الفواحش والزنا - انتهى.
هذا وقد ذكرنا ما يكفى فى هذا الموضوع والمقام لا يتسع لأكثر من ذلك.
والله أسأل أن يوفقنا وسائر المسلمين إلى ما يجبه ويرضاه وإلى الاعتصام بجبله إنه سميع مجيب(7/236)
الاعانة فى عمل الريا محرمة شرعا
المفتي
عبد المجيد سليم.
رمضان 1363 هجرية - 16 سبتمبر 1944 م
المبادئ
مباشرة الأعمال التى تتعلق بالربا من كتابة وغيرها إعانة على ارتكاب المحرم.
وكل ما كان كذلك فهو محرم شرعا
السؤال
شخص يعمل كاتبا ببنك التسليف الزراعى.
فهل عليه حرمة فى هذا، أو الدين يحرم عليه الاشتغال، علما بأنه محتاج إليه فى معيشته وأن جميع أعمال البنك تقوم على الفوائد والربا وذلك مما حرمه الشرع
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد أن الربا محرم شرعا بنص الكتاب والسنة وبإجماع المسلمين.
ومباشرة الأعمال التى تتعلق بالربا من كتابة وغيرها إعانة على ارتكاب المحرم، وكل ما كان كذلك فهو محرم شرعا.
وروى مسلم عن جابر رضى الله عنه والبخارى من حديث أبى جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه.
واللعن دليل على إثم من ذكر فى الحديث الشريف.
وبهذا علم الجواب عن السؤال.
والله تعالى أعلم(7/237)
استثمار المال فى المصارف من قبيل الربا المحرم
المفتي
عبد المجيد سليم.
ربيع الأول 1364 هجرية - 12 مارس 1945 م
المبادئ
1 - استثمار المال فى المصارف من الربا المحرم شرعا.
2 - استثمار مال اليتامى فى المصارف من الربا كذلك
السؤال
من عمر ب.
من عمان شرق الأردن قال تأسست فى مدينة عمان جمعية باسم (جمعية الثقافة الإسلامية) غايتها إنشاء جامعة لتدريس العلوم العربية والشرعية، وقد جمعت مبلغا من المال أودعته فى أحد البنوك المحلية ولما لم يتيسر لها البدء فى العمل حتى الآن وكانت أموالها معطلة بلا فائدة وكان من الممكن الحصول على فائدة من المصرف الموجودة به الأموال بحيث ينمو هذا المال إلى أن يتيسر إنفاقه فى سبيله لذلك رأت الجمعية أن تسترشد رأى سماحتكم مستعملة عما إذا كان يجوز لها تنمية المال المذكور بالصورة المذكورة أسوة بأموال الأيتام التى تنمو بمعرفة الموظف المخصوص لدى المحكمة الشرعية
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأن استثمار المال بالصورة المذكورة غير جائز لأنه من قبيل الربا المحرم شرعا كما لا يجوز استثمار أموال اليتامى بالطريق المذكورة.
هذا وأن فيما شرعه الله تعالى من الطرق لاستثمار المال لمتسعا لاستثمار هذا المال كدفعه لمن يستعمله بطريق المضاربة الجائزة شرعا أو شراء ما يستغل من الأعيان إلى أن يحين الوقت لاستعماله فيما جمع من أجله فيباع حينئذ وبهذا علم الجواب.
والله أعلم(7/238)
لعب الكوتشينة
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
جمادى الثانية 1365 هجرية 28 مايو 1946 م
المبادئ
1 - لعب الكوتشينة بالنقود من الميسر المحرم شرعا.
2 - ما يقال من أنه لا بد من استرواح النفس وقت الفراغ من العمل لا وزن له لأنه فيما أحله الله من الألعاب الرياضية وغيرها مما ينفع الجسم والنفس مما يجعل استرواح النفس بلعب الكوتشينة ولا وزن له بجواره
السؤال
من حرم فؤاد حسن قالت أود أن أستفتى فى أمر يهمنى ويهم المجتمع المصرى وهو هل لعب الورق الكوتشينة النقود محرم مثل الكونكان.
إنى أعتقد أنه ميسر محرم، ولكنهم يقولون إنه مادام اللعب بين أفراد العائلة وفى المنزل محرما ولا يسمى ميسرا.
أفيدونا بالحكم الشرعى
الجواب
اطلعنا على الخطاب الذى أرسل بشأن بيان الحكم الشرعى فى لعب ورق الكوتشينة بالنقود وسرنى منك الحرص على معروفة حكام الله فيما يعمله الناس التماسا للنجاة من الآخرة.
ونفيد بأن، ذلك المسير القول بغير ذلك قول فى الدين بغير علم أو التماسا لأعذار لا يقيم الشارع ميزانا.
وإذا كان لا بد للنفس من استرواح فى وقت الفراغ من العمل ففيما أحله الله من العمل متسع فسيح، وكم من الأعمال الرياضية من نفع الجسم والنفس مالا يقام بهذه الألعاب وزن بجلنبه.
والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم(7/239)
وجوب ترك المصافحة أثناء تفشى الوباء فى البلاد
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
ذى الحجة 1366 هجرية - 28 أكتوبر 1947 م
المبادئ
1 - يجب ترك المصافحة بالأيدى عند اللقاء وعقب التسليم من الصلاة عند تفشى الوباء.
أن دفع الضرر ودرء الخطر عن الأنفس واجب. 2- يجب التبليغ فورا عمن أصيب بهذا المرض فهو من أكبر الواجبات الشرعية، والتقصير فيه من كبائر الذنوب
السؤال
ما حكم الشرع فى ترك المصافحة باليد أثناء تفشى وباء الكوليرا فى البلاد
الجواب
سألنى كثير من الناس بمناسبة تفشى وباء الهيضة (الكوليرا) فى البلاد عن الحكم الشرعى فى ترك المصافحة باليد عند اللقاء - فأجبتهم بأن دفع الضرر ودرء الخطر عن الأنفس واجب لقوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} البقرة 195، وكل ما كان وسيلة إلى ذلك فهو واجب شرعا ومن ذلك ترك المصافحة بالأيدى عند اللقاء وعقب التسليم من الصلاة كما يفعل كثير من المصلين، فقد تكون اليد ملوثة وقد تنقل العدوى وينتشر الوباء بواسطتها، فمن الواجب شرعا اتقاء ذلك بترك المصافحة صيانة للأرواح وأخذا بأحد أسباب السلامة والنجاة.
ومن ذلك التبليغ فورا عمن أصيبوا بهذا المرض فهو من أكبر الواجبات الشرعية، والتقصير فيه من كبائر الذنوب، والمقصر فيه مع التمكن منه أشبه بالمتسبب فى قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن ذلك التداوى والعلاج واتباع ما يشير به الأطباء للوقاية والعلاج وإهمال ذلك إثم كبير.
نسأل الله العفو والعافية والسلامة(7/240)
عدم التعرض لشخصية الرسول وآله وخلفائه فى أفلام السينما
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
رجب 1369 هجرية - 7 مايو 1950 م
المبادئ
عدم التعرض لشخص الرسول ولا لأحد من آله الطاهرين وخلفائه الراشدين لأى موقف عند إخراج الفيلم واجب
السؤال
ما هو الحكم الشرعى فى موضوع الفيلم السينمائى المقتبس من كتاب (الوعد الحق)
الجواب
اطلعنا على ملخص موضوع الفيلم السينمائى الذى اقتبستموه من كتاب (الوعد الحق) والذى اعتزمتم إخراجه دون تعرض لأى موقف للرسول الأكرم صلوات الله عليه ولا لأى أحد من آله الطاهرين وخلفائه الراشدين بحيث لا يظهر فيه صورة أو يسمع فيه صوت لأى واحد من هؤلاء البررة والأكرمين فلم أجد بعد هذا البيان ما يمنع من إخراج هذا الفيلم من الوجهة الشرعية بل فى إخراجه نشر لدعوة الحق وإيقاظ للتسمك به فى وقت أحوج ما يكون الناس فيه إلى ذلك.
وقد قرأت فى هذه الفترة كتاب (الوعد الحق) للدكتور طه حسين بك، والحق أنه آية فى الإبداع والتصوير والأسلوب والتعبير.
وأسأل الله تعالى أن يوفق مؤلفه العلامة لإخراج أمثاله تبيانا للحق وهداية للناس.
فسر على بركة الله مأجورا فيما تعمل إن شاء الله(7/241)
لبس البرانيط وذبيحة الكتابى، وصلاة الشافعى خلف الحنفى
المفتي
محمد عبده.
شعبان 1321 هجرية
المبادئ
1 - لبس البرانيط إذا لم يقصد به فاعله الخروج من الإسلام والدخول فى دين غيره فلا يعد مكفرا.
وإذا كان لدفع شمس أو دفع مكروه أو تيسير مصلحة فلا كراهة فيه.
2 - المدار فى ذبيحة أهل الكتاب بأى طريقة أن يأكل منها يعد الذبح رؤساء دينهم فإذا كان ذلك يساغ للمسلم الأكل منها.
3 - لاريب فى صحة صلاة الشافعى خلف الحنفى مادامت صلاة الحنفى صحيحة على مذهبه
السؤال
أولا يوجد أفراد فى بلاد الترنسفال تلبس البرانيط لقضاء مصالحهم وعودة الفوائد عليهم هل يجوز ذلك.
ثانيا إن ذبحهم مخالف لأنهم يضربون البقر بالبلط وبعد ذلك يذبحون بغير تسمية.
والغنم يذبحونها من غير تسمية هل يجوز ذلك ثالثا إن الشافعية يصلون خلف الحنفية بدون تسمية ويصلون خلفهم العيدين، ومن المعلوم أن هناك خلافا بين الشافعية والحنفية فى فرضية التسمية وفى تكبيرات العيدين.
فهل تجوز صلاة كل خلف الآخر
الجواب
أما لبس البرنيطة إذا لم يقصد فاعله الخروج من الإسلام والدخول فى دين غيره فلا يعد مكفرا.
وإذا كان اللبس لحاجة من حجب شمس أو دفع مكروه أو تيسير مصلحة لم يكره كذلك لزوال معنى التشبه بالمرة.
وأما الذبائح فالذى أراه أن يأخذ المسلمون فى تلك الأطراف بنص كتاب الله تعالى فى قوله {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} المائدة 5، وأن يعولوا على ما قاله الإمام الجليل أبو بكرى العربى المالكى من أن المدار على أن يكون ما يذبح مأكول أهل الكتاب قسيسهم وعامتهم ويعد طعاما لهم كافة.
فمتى كانت العادة عندهم إزهاق روح الحيوان بأى طريقة كانت وكان يأكل منه بعد الذبح رؤساء دينهم ساغ للمسلم أكله لأنه يقال له طعام أهل الكتاب ولقد كان النصارى فى زمن النبى عليه الصلاة والسلام على مثل حالهم اليوم، خصوصا ونصارى الترنسفال من أشد النصارى تعصبا فى دينهم وتمسكهم بكتبهم الدينية، فكل ما يكون من الذبيحة يعد طعام أهل الكتاب متى كان الذبح جاريا على عادتهم المسلمة عند رؤساء دينهم ومجىء الآية الكريمة {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} بعد آية تحريم الميتة وما أهل لغير الله به بمنزلة دفع ما يتوهم من تحريم طعام أهل الكتاب، لأنهم يعتقدون بألوهية عيسى وكانوا كذلك كافة فى عهده عليه الصلاة والسلام إلا من أسلم منهم.
ولفظ أهل الكتاب مطلق لا يصح أن يحمل على هذا القليل النادر.
فإذن تكون الآية كالصريحة فى حل طعامهم مطلقا، متى كانوا يعتقدونه حلا فى دينهم دفعا للحرج فى معاشرتهم ومعاملتهم.
وأما صلاة الشافعى خلف الحنفى فلا ريب عندى فى صحتها، مادامت صلاة الحنفى صحيحة على مذهبة.
فإن دين الإسلام واحد. وعلى الشافعى المأمون أن يعرف أن أمامه مسلم صحيح الصلاة بدون تعصب منه لإمامه.
ومن طلب غير ذلك فقد عد الإسلام أديانا لا دينا واحدا، وهو مما لا يسوغ لعاقل أن يرمى إليه بين مسلمين قليلى العدد فى أرض كل أهلها من غير المسلمين.
والله أعلم(7/242)
استعمال لبن نستله
المفتي
محمد إسماعيل البرديسى.
ذى القعدة 1338 هجرية 24 يوليه 1920 م
المبادئ
يجوز استعمال هذا اللبن شرعا كغذاء للأطفال مادام مغذيا لهم ومانعا من الأمراض عنهم إذا شهد بذلك جمع غفير من الأطباء
السؤال
من إسحق صروف فى أن شركة نستلة الإنكليزية السويسرية التى تصنع لبن نستله المركز المتجمد والخالى من الميكروبات والمؤسسة منذ خمسين سنة والتى ألبانها وطعامها منتشرة فى جميع ممالك العالم نسأل فى أنه هل يوجد مانع شرعى من استعمال ألبانها وطعامها فى القطر المصرى وقد شهد جمهور من مشاهير الأطباء بأن لبن وطعام نستله يغذيان الأطفال ويسمنانهم ويقويانهم ويمنعان الأمراض عنهم.
فهل فضيلتكم توصون باستعمالها وقد قدمت لفضيلتكم كتبها الناطقة بصدق أقوالها وهل اطلعتم فضيلتكم على الشهادات والمداليات التى نالتها وهذا اللبن هو لبن البقر ومضاف عليه شىء من قصب السكر فقط
الجواب
حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال.
فاستعمال هذا اللبن جائز شرعا ولا مانع من استعماله.
والله أعلم(7/243)
الجمعية الخيرية وبناء فندق
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
رجب 1345 هجرية - 26 يناير 1927 م
المبادئ
يجوز للجمعية الخيرية الإسلامية بناء قطعة الأرض التى تملكها فندقا على الطراز الحديث، وتأجيره بالطريق الشرعى لاستغلاله فى المقاصد الإسلامية
السؤال
بالخطاب الوارد من بيروت رقم 13 يناير سنة 1927 صورته السلام عليكم وبعد.
فإن جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية فى بيروت التى أخذت على عاتقها تعليم وتربية أولاد الفقراء من المسلمين تربية إسلامية صحيحة حذرا من دخولهم فى المدارس المسيحية وتفسيد عقيدتهم تملك قطعة أرض وقد طلب منها أن تنشىء فى الأرض المذكورة فندق (أوفال) عل الطراز الحديث لاستثماره كما هو جار فى فنادق القطر المصرى الكونتانتال (الشيبار) مينا هوس بالاس أو فال على أن يصرف ريع الفندق المذكور على المشروع المتقدم الذكر.
فما قولكم دام فضلكم. هل من تأجير الفندق محذور شرعى تكرموا بالإفادة
الجواب
متى كانت قطعة الأرض المذكورة ملكا للجمعية الخيرية الإسلامية المرقومة فيجوز لملاكها يناؤها فندقا على الطراز الحديث وتأجيره بالطريق الشرعى.
والله أعلم(7/244)
حشو الأسنان بالذهب جائز
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
محرم 1366 هجرية - 18 نوفمبر 1946 م
المبادئ
1 - حشو الأسنان وشدها وغطاؤها بالأسلاك من الذهب والفضة جائز.
وغيرها من البلاتين والمعادن لم يرد فيها ما يمنع جوازها.
2 - لا يجب غسل ما تحت هذه الأشياء فى الوضوء أو الغسل منعا للحرج
السؤال
هل يجوز حشو الأسنان المسوسة بأى شىء أو تركيب غطاء لها بمعدن من المعادن كالذهب والفضة والبلاتين.
وما حكم المضمضة فى الوضوء والاغتسال مع عدم وصول الماء تحت سن ذهب أو فضة أو بلاتين من الفم
الجواب
إن المضمضة كما عرفها العلامة الشوكانى فى نيل الأوطار (هى أن يجعل الماء فى فمه ثم يديره ثم (يمجه) وقال النووى وأقلها أن يجعل الماء فى فمه، ولا يشترط إدارته على المشهور عند الجمهور وعرفها العلامة الشرنبلالى من الحنفية بأنها استيعاب الماء جميع الفم.
وقال محشيه الطهطاوى - والإدارة والمج ليسا بشرط - فلو شرب الماء غبا أجزأه ولو مصا لا يجزئه - والأفضل أن يمجه، لأنه ماء مستعمل - والسنة المبالغة فيها لغير الصائم.
وقد اختلف الفقهاء فى حكمها فى الوضوء والغسل فذهب أحمد وإسحاق وأبو عبيدة وأبو ثور وأبو بكر بن المنذر إلى وجوبها فيهما وبه قال ابن أبى ليلى وحماد بن سليمان لحديث أبى هريرة رضى الله عنه (أمر رسول الله بالمضمضة والاستنشاق) وذهب مالك والشافعى والأوزاعى قيه الشام والليث بن سعد فقيه مصر والحسن البصرى والزهرى وربيعة وقتادة ويحيى بن سعيد وابن جرير إلى عدم وجوبها فيهما.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثورى وزيد بن على إلى أنها فرض فى غسل الجنابة، وسنة فى الوضوء.
ورجع العلامة الشوكانى القول بالوجوب فيهما.
فعلى القول بعد وجوبها يصح الوضوء أو الغسل بدونها وهو ظاهر.
وعلى القول بوجوبها لا يصح ما وجبت فيه من وضوء أو غسل إلا بها.
ويلزم أن يصل الماء إلى الأسنان والأضراس فى الفم حتى يتحقق استيعاب الماء جميع الفم.
فإن كانت الأسنان والأضراس بحالتها الطبيعية فالأمر ظاهر.
وإن كان فيها تجويف يبقى فيه شىء من الطعام. ففى فتح القدير فى فصل الغسل (ولو كان سنه مجوفا أو بين أسنانه طعام أو دون رطب أى فى أنفه يجزئه لأن الماء ليطف يصل إلى كل موضع غالبا كذا فى التجنيس وذكر الصدر الشهيد فى موضع آخر، وإذا كانت فى أسنانه تجويف يبقى فيها الطعام لا يجزئه ما لم يخرجه ويجرى عليها الماء.
وفى فتاوى الفضلى والفقيه أبى الليث خلاف هذا، فالاحتياط أن يفعل - والدرن اليابس فى الأنف كالخبز الممضوغ والعجين يمنع) .
وفى الفتاوى الهندية (والعجين فى الظفر يمنع تمام الغسل، والوسخ والدرن لا يمنع والقروى والمدنى سواء والتراب والطين فى الظفر لا يمنع.
والصراع والصباغ ما فى ظفرهما يمنع تمام الغسل وقيل.
كل ذلك يجزئهم للحرج والضرورة ومواضع الضرورة مستثناة من قواعد الشرع كذا فى الظهيرية) انتهى ويعلم من ذلك أن هناك خلافا فى صحة الغسل مع وجود بعض الطعام فى تجويف الأسنان والأضراس وأن الاحتياط فى إخراجه وإيصال الماء فى التجويف، وهذا ظاهر فى المواد الغريبة التى تبقى فى تجاويف الأسنان ويمكن إخراجها بالمضمضة أو معها، أما حشو الأسنان والأضراس بما يسد فجواتها فى الصناعة أو تغطيتها بمعدن كالذهب أو الفضة أو البلاتين أو نحوها أو شد بعضها إلى بعض بالأسلاك المعدنية بحيث أصبح الحشو والغطاء كأنه جزء من الأصل متصل به اتصالا ثابتا مستقرا وكذلك السلك المشدود به.
فالظاهر من القواعد العامة أنه لا يجب فى الوضوء والغسل إزالتها بل يجرى عليها الماء بحالتها الراهنة ولا يجب غسل ما تحت الحشو والغطاء أو الأسلاك لما فى ذلك من بالغ الحرج والمشقة وهما مندفعان فى التشريع قال تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} البقرة 185، وقال تعالى {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} الحج 78، وأى حرج أشد من إلزام المتوضىء والمغتسل إزالة ذلك وهو لم يلجأ إليه إلا للضرورة الصحية ودفعا لألم شديد.
وقد أباحوا للمرأة فى الغسل دفعا للحرج أن لا ينقض ضفائرها إذا بلغ الماء أصول الشعر وأن لا تبل ذوائبها ولم يوجبوا غسل داخل العينين، وقالوا إن مواضع الضرورة مستثناة من قوله تعالى {فاطهروا} (راجع العناية والفتح فى باب الغسل) فلا يجب إيصال الماء لما تحت الحشو أو الغطاء أو السلك على القول بوجوب المضمضة فى الوضوء والغسل أو فى الثانى فقط - أما استعمال الذهب والفضة والبلاتين ونحو ذلك فى حشو الأسنان والأضراس أو غطائها فجائز للضرورة، فقد ثبت أن عرفجة بن سعد الكنانى أصيب أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من فضة فأنتن فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يتخذ أنفا من ذهب.
وأن كثيرا من الأئمة قد شد أسنانه بالذهب مثل موسى بن طلحة وأبى رافع وثابت التبانى وإسماعيل بن زيد بن ثابت والمغيرة بن عبد الله ورخص فيه الحسن البصرى والزهرى والنخعى وأئمة الحنفية، وفى التتارخانية (إذا جدع أنفه أو أذنه أو سقط سنة فأراد أن يتخذ سنا أخرى، فعند الإمام يتخذ ذلك من الفضة فقط، وعند محمد من الذهب أيضا) انتهى - فقد أبيح من الذهب والفضة ما دعت الضرورة إليه بل روى العلامة ابن قدامة عن أصحاب الإمام أحمد إباحة يسير الذهب ويقاس الذهب على الفضة، وأنه يباح من الفضة للرجل الخاتم وحلية السيف والمنطقة ومثلها الخوذة والحمائل وما أشبهها للحاجة.
وفى البخارى أن قدح النبى صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب منه سلسلة من فضة، وإنه أباح من الذهب للرجل ما دعت إليه الضرورة كالأنف فى حق من قطع أنفه وربط الأسنان التى يخشى سقوطها ورخص الإمام أحمد فى حلية السيف انتهى بتصرف، وفى فتح القدير والزيلعى ما يفيد الترخيص فى استعمال قليل الذهب والفضة إذا كان تابعا لغيره فأجازوا الشرب فى الإناء المفضض والركوب على السرج المفضض والجلوس على الكرسى المفضض والسرير المفضض إذا كان يتقى موضع الفضة فى الاستعمال، وكره ذلك أبو يوسف، وعلى هذا الخلاف الإناء المضبب بالذهب والفضة والكرسى المضبب بهما، وكذلك إذا جعل ذلك فى السيف والمشحذ وضلفة المرآة أو جعل المصحف مذهبا أو مفضضا أو كتب على الثوب بذهب أو فضة انتهى ملخصا فالحشو والغطاء والسلك من الذهب أو الفضة جائز سواء أخذنا بما روى عن الإمام أحمد من إجازة اليسير منهما أو على مذهب الإمام محمد من الحنفية - أو أخذنا بجهة الضرورة المبيحة لاستعمالهما والبلاتين ونحوه من المعادن غير الذهب والفضة لم يرد فيها ما يمنع جواز استعمالها.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.
والله تعالى أعلم(7/245)
حكم تجارة الدخان والكسب الناتج منها
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
محرم 1367 هجرية - 8 ديسمبر 1947 م
المبادئ
1 - الدخان مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة.
2 - التجارة فى الدخان مباحة على الراجح والربح الناتج منها حلال طيب
السؤال
شخص قال أرجو الإفادة عن حكم الله فى تجارة الدخان وعما يتبع ذلك من الكسب الناتج عن هذه التجارة.
حيث إن الحاجة ماسة جدا إلى معرفة ذلك
الجواب
الحمد لله وحده.
والصلاة والسلام على من لا نبى بعده. اطلعنا على هذا السؤال المؤرخ فى الثانى من شهر ديسمبر سنة 1947 والمتضمن الاستفتاء عن حكم الشريعة الغراء فى تجاره الدخان والكسب الناتج منها ونقول اعلم أن حكم تعاطى الدخان حكم اجتهادى.
وقد اختلفت فيه آراء الفقهاء والحق عندنا. كما فى رد المحتار أنه الإباحة، وقد أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة.
كما نقله العلامة الأجهورى المالكى فى رسالته.
وقال العلامة عبد الغنى النابلسى فى رسالته التى ألفها فى حله.
إنه لم يقم دليل شرعى على حرمته أو كراهته. ولم يثبت إسكاره أو تفتيره أو أضراره بعامة الشاربين حتى يكون حراما أو مكروها تحريما فيدخل فى قاعدة الأصل ى الأشياء الإباحة.
بل قد ثبت خلاف ذلك وفى الأشباه عند الكلام على قاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة أو التوقف.
أن أثر ذلك يظهر فيما أشكل أمره ومنه الدخان. وفى رد المحتار أن فى إدخاله تحت هذه القاعدة إشارة إلى عدم تسليم إسكاره وتفتيره وإضراره كما قيل وإلى أن حكمه دائر بين الإباحة والتوقف، والمختار الأول لأن الراجح عند جمهور الحنفية والشافعية كما فى التحرير أن الأصل الإباحة إلا أنه كما قال العلامة الطحطاوى يكره تعاطيه كراهة التحريم لعارض، ككونه فى المسجد للنهى الوارد فى الثوم والبصل وهو ملحق بهما وكونه حال القراءة لما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب الله تعالى انتهى موضحا وأشار بالنهى المذكور إلى ما فى صحيح البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى غزوة خيبر من أكل من هذه الشجرة يعنى الثوم فلا يقربن مسجدنا.
وعن جابر بن عبد الله أن البنى صلى الله عليه وسلم قال من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا وليقعد فى بيته.
والعلة فى النهى كراهة الرائحة وإيذاء المسلمين بها فى المساجد.
ولا شك أن للدخان أيضا رائحة مستكرهة عند من لا ستعمله فيكره تعاطيه فى المسجد للعلة المذكورة كما يكره لأجلها غشيان المساجد لمن أكل الثوم والبصل ونحوهما من المأكولات ذات الرائحة الكريهة التى تبدو بالتنفس والجشاء ما دامت فى المعدة.
ويكره تعاطيه أثناء القراءة لكل من التالى والسامع لتحقق العلة المذكورة فيهما.
والكراهة لعارض لا تنافى حكم الإباحة فى عامة الأحوال وقول العمادى بكراهة استعمال الدخان محمول كما ذكره أبو السعود على الكراهة التنزيهية وقول الغزى الشافعى بحرمته قد ضعفه الشافعية أنفسهم ومذهبهم أنه مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة، ومن ذلك يعلم أن الاتجار فيه اتجار فى مباح على الراجح وأن الربح الناتج عنه حلال طيب.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/246)
حكم شرب الدخان
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
30 مارس 1949 م
المبادئ
حكم تعاطى الدخان الإباحة، إلا لعارض يوجب تحريمه أو كراهته التحريمية لضرره الشديد بالنفس، أو بالمال أو بهما معا، أو تعاطيه فى المسجد، أو فى أثناء سماع القرآن.
لما فيه من المنافاة لتعظيم كلام الله تعالى ولا فرق فى ذلك بين أن يكون القارئ قريبا أو بعيدا
السؤال
من الأستاذ الشيخ السعدى محمد وآخرين قالوا ما حكم شرب الدخان عموما وما حكم شرب الدخان حين تلاوة القرآن الكريم والشارب بعيد عن القارىء بضعة أمتار ولكنه فى مجلسه يسمع القرآن بوضوح
الجواب
اطلعنا على السؤال عن حكم شرب الدخان وخاصة حين تلاوة القرآن الكريم وسماعه.
والجواب قد سبق أن أصدرنا فتوى فى 25 المحرم سنة 1367 الموافق 8 - 12 - 1947 فى حكم تجاره الدخان والكسب الناتج منها ونصها اطلعنا على السؤال المتضمن الاستفتاء عن حكم الشريعة الغراء فى تجارة الدخان والكسب الناتج منها ونقول اعلم أن حكم تعاطى الدخان حكم اجتهادى، وقد اختلفت فيه آراء الفقهاء، والحق عندنا كما فى رد المحتار أنه الإباحة.
وقد أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة كما نقله العلامة الأجهورى المالكى فى رسالته.
وقال العلامة عبد الغنى النابلسى فى رسالته التى ألفها فى حله أنه لم يقم دليل شرعى على حرمته أو كراهته ولم يثبت إسكاره أو تفتيره أو إضراره بعامة الشاربين حتى يكون حراما أو مكروها تحريما، فيدخل فى قاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة، بل قد ثبت خلاف ذلك، وفى الأشباه عند الكلام على قاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة أو التوقف أن أثر ذلك يظهر فيما أشكل أمره ومنه الدخان.
وفى رد المحتار أن فى إدخاله تحت هذه القاعدة إشارة إلى عدم تسليم إسكاره وتفتيره وإضراره كما قيل، وإلى أن حكمه دائر بين الإباحة والتوقف.
والمختار الأول. لأن الراجح عند جمهور الحنفية والشافعية كما فى التحرير أن الأصل الإباحة.
إلا أنه كما قال العلامة الطحطاوى يكره تعاطيه كراهة التحريم لعارضى ككونه فى المسجد للنهى الوارد فى الثوم والبصل.
وهو ملحق بهما، وكونه حال القراءة لما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب الله تعالى انتهى موضحا.
وأشار بالنهى المذكور إلى ما فى صحيح البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى غزوة خيبر من أكل من هذه الشجرة يعنى الثوم فلا يقرين مسجدنا، وعن جابر بن عبد الله أن النبى صلى الله عليه وسلم قال من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا وليقعد فى بيته.
والعلة فى النهى كراهة الرائحة وإيذاء المسلمين بها فى المساجد.
ولا شك أن للدخان أيضا رائحة مستكرهة عند من لا يشربه فيكره تعاطيه فى المسجد للعلة المذكورة كما يكره لأجلها غشيان المساجد لمن أكل الثوم والبصل ونحوهما من المأكولات ذات الرائحة الكريهة التى تبدو بالتنفس والجشاء مادامت فى المعدة، ويكره تعاطيه أثناء القراءة لكل من التالى والسامع لتحقق العلة المذكورة فيهما، والكراهة لعارض لاتنافى حكم الإباحة فى عامة الأحوال، وقول العمادى بكراهة استعمال الدخان محمول كما ذكره أبو السعود على الكراهة التنزيهية.
وقول الغزى الشافعى بحرمته قد ضعفه الشافعية أنفسهم ن ومذهبهم أنه مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة.
ومن ذلك يعلم أن الاتجار فيه اتجار فى مباح على الراجح، وأن الربح الناتج عنه حلال طيب.
والله أعلم ومنها يعلم حكم تعاطيه، وأن الأصل فيه الإباحة إلا لعارض يوجب تحريمه أو كراهته التحريمية لصرره الشديد بالنفس أو بالمال أو بهما، أو تعاطيه فى المسجد، أو فى أثناء سماع القرآن، لما فيه من المنافاة لتعظيم الله تعالى والقرآن الكريم كلامه.
ولا فرق فى ذلك بين أن يكون القارىء قريبا أو بعيدا، وكذلك فى حال تلاوته.
ومن الواجب وخاصة على العلماء إرشاد العامة إلى الكف عن شرب الدخان أثناء تلاوة القرآن أو سماعه من القارئ أو من المذياع، وإلى ضرورة التأدب بآداب الإسلام وتوقير كتاب الله كما كان عليه السلف الصالح.
والله تعالى أعلم(7/247)
لبس الذهب والحرير والبنطلون والبرنيطة والسلسلة
المفتي
علام نصار.
ذو القعدة 1369 هجرية - 19 أغسطس 1950 م
المبادئ
1 - لباس الرجل أو المرأة من الأمور العادية التى تخضع للعرف والزمان والمكان.
ولتحقق المصلحة أو الضرر فى استعمالها. فهى على أصل الإباحة ما لم يكن ممنوعا بالنص، أو يقترن به معنى يقصد الشرع إلى التخلى عنه أو يقترن به محرم شرعا.
2 - لبس البرنيطة أو البيريه للرجال أو النساء بقصد مجاراة العادة أو لمصلحة البدن، كاتقاء وهج الشمس أو لدفع ضرر يكون ذلك حسنا.
أما المعطف والبنطلون والبيجامة فقد أصبحت ملابس قومية وليس فى لبسها على الرجال أو النساء من حرج ما لم يقارنها ما يحرم شرعا أما لبس النظارة أو السلسلة أو الخاتم أو السوار أو غيرها من الذهب فحرام على الرجال لما فيه من التشبه بالنساء، ولمنافاتها لصفة الرجولة وتباح للمرأة.
3 - التشاؤم بالأرقام أو الأيام أو غيرها نهى الشرع عنه، لأن الأمور تجرى بأسبابها وبقدر الله
السؤال
من السيد / ع.
أببيروت المتضمن طلب الفتيا عن حكم الشريعة الإسلامية فى لبس الرجال أو النساء للبرنيطة أو البيريه أو الطربوش أو المعطف أو السترة أو البنطلون أو البيجامة أو غيرها.
ثم عن حكم لبس الرجال أو النساء للنظارة أو الخاتم أو السوار أو السلسلة أو غيرها من الذهب أو الفضة ثم عن حكم التشاؤم، وتوهم المرء أن يصيبه ضرر أو موت من الأعداء أو السنين، أو دخول بيت أو لبس ثوب أو غير ذلك - ثم أسماء الكتب الدينية الإسلامية الصحيحة المعتمدة المفيدة السهلة التى يجوز اقتناؤها.
والعمل بها فى العقائد والعبادات والمعاملات
الجواب
إن لباس الرجل أو المرأة من الأمور العادية التى تخضع لمتعارف كل أمة أو أسرة ولزمانها ومكانها، ولتحقق المصلحة أو الضرر فى استعمالها، وليست مما يتعبد به حتى يتقيد لابسها بنوع أو زى منها، فهى على أصل الإباحة، بل إن جميع العاديات مما لا ضرر فيه بالدين ولا بالبدن وكان مما يخفف مشقة أو يجلب منفعة فهو مستحسن، ولا مانع منهما لم يكن ممنوعا بالنص، أو يقترن به معنى يقصد الشرع إلى التخلى عنه، أو يقترن به محرم شرعا.
فإذا نص الشرع على التحريم كان محرما كلبس واستعمال الحرير والذهب للرجال لغير حاجة ونحو ذلك، فإذا مست الحاجة إليهما كاستعمال الحرير واتخاذ السن من الذهب لضرورة صحية ومصلحة بدنية كان ذلك مباحا شرعا، فإن دين الله يسر - قال الله تعالى {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} الحج 78، وإذا اقترن باللبس من أى نوع كان ما يحرم شرعا كأن يلبس نوعا من اللباس إعجابا وخيلاء.
أو تلبس المرأة لباسا يظهر عورتها أو يلبس زيا يقصد بلبسه التشبه بزى الكفار كان ذلك غير جائز شرعا، لا لدات الملبس ولكن لما قارنه من المعانى الممنوعة.
وقد يكون ذلك محرما، وقد يكون مكروها.
يقدر ذلك بقدر ما قارنه من تلك المعانى وعلى ذلك.
1- فلبس البرنيطة أو البيريه للرجال أو النساء لمن لا يقصد بلبسهما سوى مجاراة العادة فى قومه، أو يقصد به مصلحة لبدنه كاتقاء وهج الشمس أو غير ذلك من المقاصد المحمودة لا بأس به، بل عند قصده الحسن لتحقيق مصلحة أو دفع ضرر يكون ذلك حسنا.
أما المعطف والبنطلون والبيجامة والسترة والطربوش، فقد أصبحت ملابس قومية وليس فى لبسها على الرجال أو النساء من حرج، مالم يقارنها ما يحرم شرعا على الأساس السابق بيانه.
2 - أما لبس النظارة أو السلسلة أو الخاتم أو السوار أو غيرها من الذهب فحرام على الرجال، لما فيه من التشبه بالنساء، ولمنافاتها لصفة الرجولة والإسراف بلا موجب يعتد به.
ويباح استعمالها للمرأة كما يباح لها أن تتخذ هذه الحلية وغيرها من الفضة - ويباح للرجل أن يتختم بالفضة.
3 - أما التشاؤم بالأرقام أو الأيام أو غيرها، فإن الشرع قد نهى عنه لأن الأمور تجرى بأسبابها وبقدر الله، ولا ارتباط لهذه الأشياء بخير يناله الإنسان أو شر يصيبه.
4 - أما الكتب الدينية النافعة المعتمدة فى الإسلام فلا يحصيها العد وسنذكر منها ما يسهل تناوله والانتفاع به فى العبادات والمعاملات والعقائد.
الحديث (أ) الترغيب والترهيب للحافظ عبد العظيم المنذرى.
(ب) سبل السلام شرح نيل المرام للإمام الصنعانى.
(ج) نيل الأوطار للإمام الشوكانى.
التفسير (أ) تفسير القرآن الكريم للإمام أبى السعود (ب) تفسير القرآن الكريم للإمام النيسابورى الفقه فقه حنفى (أ) مراقى الفلاح شرح نور الإيضاح للشرنبلالى (ب) الاختيار شرح تعليل المختار للإمام عبد الله محمود مودود الموصلى.
فقه شافعى (أ) حاشية البجيرمى على شرح الخطيب الشيخ سليمان البجيرمى.
فقه مالكى أقرب المسالك إلى فقه الإمام مالك للقطب الدردير.
فقه حنبلى الإقناع للإمام أبى النجا شرف الدين الحجاوى.
العقائد (أ) شرح الخريدة للقطب الدردير.
(ب) رسالة التوحيد للإمام الشيخ محمد عبده.
هذا.
وما توفيقى إلى بالله. عليه توكلت وإليه أنيب.
والله أعلم(7/248)
وقف جميع المال على النفس ثم على الخيرات جائز
المفتي
علام نصار.
رجب 1370 هجرية - 25 أبريل 1951 م
المبادئ
1 - يجوز وقف جميع المال على نفس الواقف مدة حياته، ثم من بعد ذلك يكون وقفا على الخيرات.
2 - ينفذ ذلك فى حياته، أما بعد وفاته فيكون نافذا أيضا إلا إذا كان له عند الوفاة زوجة، أو أحد من الذرية أو أحد من ذرية والديه ممن يكون له استحقاق واجب، طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون 48 سنة 1946 وللمادة 24 منه.
3 - إذا كان هناك أحد من هؤلاء وقت وفاته يبطل الوقف فى نصيب من يكون موجودا منهم إذا طالب بذلك فى الميعاد المنصوص عليه فى المادة 30 من القانون المذكور، ويكون صحيحا ونافذا للخيرات فيما عدا ذلك.
4 - يجوز للواقف الرجوع عن وقفه كله أو بعضه مادام حيا
السؤال
هل يجوز لسيدة أن توقف الآن جميع أموالها للخيرات، على أن يكون الصرف للخيرات بعد وفاتها، أما قبل الوفاة فتصرف ريع الوقف جميعه على نفسها بلا قيد ولا شرط، وهل يجوز لها حق الرجوع فى هذا الوقف والتغيير فى مصارفه أم لا
الجواب
إنه يجوز لهذه السيدة أن تقف جميع أموالها على نفسها مدة حياتها، ثم من بعدها على جهات الخير، ويكون نافذا بعد وفاتها إذا لم يكن لها وقت وفاتها زوج، ولا أحد من ذويها ولا من والديها ممن لهم استحقاق واجب، طبقا للفقرة الأخيرة من المادة رقم 23 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وللمادة رقم 24 منه.
فإذا كان لها وقت وفاتها أحد من هؤلاء فإن الوقف يبطل فى نصيب من يكون موجودا منهم إذا طالب بذلك فى الميعاد القانونى طبقا للمادة 30 من القانون المذكور، ويكون صحيحا ونافذا للخيرات فيما عدا ذلك.
كما أنه يجوز لها فى حياتها الرجوع فى هذا الوقف كله أو بعضه، والتغيير فى مصارفه وشروطه طبقا للمادة 11 من قانون الوقف.
وبالله التوفيق(7/249)
لباس الرجل والمرأة فى الإسلام
المفتي
علام نصار.
ذو القعدة 1370 هجرية - 22 أغسطس 1951 م
المبادئ
1 - لباس الرجل أو المرأة أمر عادى باق على أصل الإباحة، ما لم يكن ممنوعا بالنص أو يقترن به معنى يقصد الشرع إلى التخلى عنه.
2 - التماس الرجل خاتما أو سوارا من حديد أو نحاس منهى عنه فى الإسلام.
3 - السلسلة والنظارة والساعة من نحاس أو حديد ليست من باب الحلية، فهى على أصل الإباحة ما لم يقارن لبسها ما يحرم أو يكره شرعا.
4 - التماس الرجل خاتما من ورق (فضة) وكان دون المثقال جائز شرعا
السؤال
من الشيخ ع أأ ببيروت عن حكم تحلى الرجل والمرأة بلبس الخاتم والسوار والسلسلة والساعة والنظارة من الحديد أو النحاس
الجواب
اطلعنا على الأسئلة المقدمة من الشيخ ع أأ ببيروت بشارع البسطة الفوقا والتى سبق أن أجبنا عليها عدا سؤاله عن حكم تحلى الرجل والمرأة بلبس الخاتم والسوار والسلسلة والساعة والنظارة من الحديد أو النحاس - والجواب - أن التحلى بهذه الأشياء كما أشرنا فى فتوى سابقة لنا إلى حضرة السائل من الأمور العادية التى تخضع للعرف، ولتحقق المصلحة أو الضرر فى استعمالها وليست مما يتعبد به، وأن جميع العاديات مما لا ضرر فيه بالدين ولا بالبدن وكان مما يجلب مصلحة أو يدفع ضررا فهو مستحسن، ولا مانع منه مالم يكن ممنوعا بالنص، أو يقترن به معنى يقصد الشرع إلى التخلى عنه - وعلى هذا الأساس يختلف الحكم فى لبس الرجل أو المرأة خاتما أو سلسلة أو سوارا أو ساعة أو نظارة من الحديد أو النحاس، فإن الخاتم يلبس للتحلى.
وقد ورد فيه ما أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان من رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من شبه (نحاس أصفر) فقال مالى أجد منكم ريح الأصنام فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال مالى أرى عليك حلية أهل النار فطرحه، فقال يا رسول الله من أى شىء اتخذه قال اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالا) فهذا يفيد المنع من التختم بالحديد أو النحاس.
وقد أخذ به الحنفية - فصرح بعضهم بحرمته، كما جاء فى الدر المختار وصرح بعضهم بكراهته كما جاء فى الاختيار وغيره.
وأما ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم لبس خاتما من حديد وأنه قال للرجل الذى أراد التزوج بواهبة نفسها له صلى الله عليه وسلم (التمس ولو خاتما من حديد) فيحملونه على أن ذلك كان قبل النهى عنه، وقال بعض شراح الحديث إن التماس الخاتم لا يلزم منه استعماله ن بل يحتمل أنه أراد وجوه لتنتفع المرأة بقيمته، فهذا حكم الخاتم للنص عليه - أما ما عداه فما يعتبر منه حلية من فضيلة الخاتم كالسوار يأخذ حكمه، لأن الممنوع حلية أهل النار التى تمس جلودهم، والسوار فى ذلك أولى من الخاتم، أما السلسلة والنظارة والساعة من النحاس أو الحديد فليست من باب الحلية، وإنما تستعمل لما فيها من المصلحة، فهى على أصل الإباحة مالم يقارن لبسها ما يحرم أو يكره شرعا كما يعلم من الأساس الذى قدمناه.
والله أعلم(7/250)
وقف خيرى
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
ذو القعدة 1372 هجرية - 22 يولية 1953 م
المبادئ
1 - تعطيا السبيل الموقوف والموقوف عليه، لعدم الحاجة إليه، بحيث لا تكون فائدة هناك من إعادته، يقتضى ضم ما عين له لباقى ريع الوقف.
2 - كتاب الوقف إذا عطل من مدة بعيدة، وحلت محله مدرسة ابتدائية لا تدرس فيها المواد التى عينها الواقف، فإنها لا تستحق شيئا مما هو موقوف على الكتاب، مادامت المدرسة بنظامها الذى لا يحقق شيئا من غرض الواقفة.
3 - يعمل بشرط الواقف الصحيح، إلا فيما تقضى الضرورة بالعدول عنه، فيعدل عنه فى أدنى الحدود.
4 - يحقق غرض الواقف ما أمكن ذلك
السؤال
اطلعنا على السؤال المقدم من الصاغ ع أأ المشرف العام لمكتب الخدمات الاجتماعية بوزارة الحربية - المطلوب به بيان كيفية صرف ريع وقف المغفور لها بنباقادن - الصادر منها أمام محكمة الباب العالى بتاريخ 28 من ذى الحجة سنة 1285 كما اطلعنا على كتاب الوقف المذكور، وتبين منه أن الواقفة قد وقفت جميع كامل السبيل الكبير وما يعلوه وما يلاحقه من الأبنية والمنافع والحقوق والمزملتين الكبرى والصغرى، وما يعلو ذلك من المكتب المعد لقراءة وتعليم الأطفال المسلمين على العادة فى ذلك، الكائن كل ذلك بشارع الصليبة الطولونية، وخصصت من ريع الوقف ما يلزم للإنفاق عليهما، ودوام النفع بهما، وشرطت بالنسبة للمكتب وما هو تابع له ومنسوب إليه أن يكون معدا من تاريخه لتعليم القرآن العظيم به وحفظه وتلاوته به، ولتعليم الكتابة العربية والتركية والفارسية، وتعلم علم النحو والصرف والحساب وما يماثل ذلك - واللغة التركية والعربية والفارسية على العادة فى ذلك، ونصت فى كتاب الوقف على أن ما فضل بعد ذلك من ريع الوقف بحفظ تحت يد الناظر لجهة الوقف المذكور لما تدعو الضرورة غليه من عمارة وغيرها فإن تعذر الصرف لشىء مما عين صرفه يضم المتعذر صرفه لباقى ريع الوقف المذكور، ويكون حكمه كحكمه وشرطه كشرطه فى الحال والمآل والتعذر والإمكان، وإن تعذر الصرف لذلك كله صرف ريع الوقف المذكور فى إقامة شعائر ومصالح ومهمات الحرمين الشريفين بالسوية بينهما، كما تبين من الطلب المقدم أن السبيل عطل من مدة طويلة، وأن المكتب أصبح مدرسة ابتدائية باسم مدرسة بنبا قادن تابعة لوزارة المعارف، ونظام التعليم فيها هو نظام المدارس الابتدائية
الجواب
إن تعطيل السبيل المذكور من زمن بعيد إنما كان لعدم الحاجة إلى السقاية منه بعد أن امتد العمران إلى جهة الصليبة، ووجدت المياه فى المنازل وفى كل مكان بها وبالقاهرة بأسرها، وهو أمر لامناص منه الآن ولا فائدة ترجى من إعادته كما كان.
ويعتبر ذلك فى العرف تعذرا يوجب ضم ما عين له لباقى ريع الوقف كما شرطت الواقفة، أما المكتب الموصوف بكتاب الوقف فقد عطل أيضا بلا مبرر من زمن بعيد، والمدرسة الابتدائية التى تحمل اسم الواقفة وحلت محله لا تمت إليه، ولا إلى غرض الواقفة من إنشائه بسبب من حيث العلوم التى تدرس ليها والغاية التى ينتهى تلاميذها إليها، فليس فيها تعليم القرآن الكريم وحفظه وتلاوته كما تريده الواقفة، إذ المفهوم من ذلك عرفا وفى الزمن الذى أنشىء فيه الوقف تعلم القرآن كله وحفظه كله كما هو المتبع إذ ذاك فى سائر الكتاتيب القائمة بمهمة تحفيظ القرآن للتلاميذ، وتخريج كثير منهم من حملة القرآن وقرائه وليس فيها تعليم لكتابة اللغة التركية والفارسية، وليست قاصرة على أبناء المسلمين كما شرطت الواقفة، ولا على العدد المنصوص عليه فى الحجة وكل ما لهذه المدرسة من صلة بالواقفة أنها تحمل اسمها فقط، ثم هى لا تخرج إلا حملة الشهادة الابتدائية المعروفة، وغرض الواقفة من إنشاء هذا المكتب وإدرار النفقة على تلاميذه ومدرسيه هو تخريج طائفة من قراء الكتاب الكريم وحفظته ملمة ببعض مبادىء العلوم الأولية، وفى ذلك نشر للقرآن وإكثار من حفاظه وتثقيف إسلامى لطائفة أبناء المسلمين.
وإذا كانت مسافة الخلف بين المدرسة والمكتب الموصوف كما بينا فهى لا تستحق شيئا من ريع هذا الوقف ما دامت بنظامها الحاضر، وكان من الممكن الميسور ألا يعطل هذا المكتب وأن تنفذ شروط الواقفة فى الحدود الممكنة التى تلائم التطور الحديث، وأن يؤدى رسالته كما رغبت الواقفة مع التجاوز عن بعض الشروط، بل من المصلحة الظاهرة فى الوقت الذى تضاءل فيه تعليم القرآن وتجويده كله وتعلم تلاميذه الخط العربى ومبادىء الحساب وما لابد منه من المواد، على أن يكون القصد الأولى إلى حفظ كتاب الله وترتيله، وما عدا ذلك فى المرتبة الثانية من الاعتبار، فيسد هذا المكتب فراغا ويدرأ حاجة ويحقق بقدر الإمكان رغبة الواقفة، ويصرف عليه من ريع الوقف ما يفى بحاجته ويلحق به من التلاميذ أكبر عدد ممكن ويصرف لهم ما يشجعهم على مواصلة الدراسة فيه من كساوى أو بدلها ومكافآت للمجدين وإعانات للفقراء منهم وكتب وأدوات، ويوضع له منهاج خاص لعله يكون منهاجا نموذجيا يشجع أهل الخير والدين على إنشاء أمثاله، وتسند إدارته إلى ناظر من العلماء يجيد القرآن، وله دراية بالنظم المدرسية وإداراتها، وينتقى له المعلمون الأكفاء، ويسمى باسمها ويتبع وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على الوقف إذا رغبت ذلك، أو مشيخة الأزهر، أو من ترى الوزارة أن يقام ناظرا بدلها على هذا الوقف الخيرى، وفى ذلك خير كثير، وكل هذا يستدعى أن يعرض الأمر على هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية المختصة لإقراره، والإذن بمخالفة بعض شروط الواقفة التى قضى تطور الزمن واختلاف العصر بالتجاوز عنها أو تحويرها على النحو الملائم لعصرنا الحاضر دون إسراف وشطط فى المخالفة والتغيير، والأصل الفقهى أن يعمل بما صح من شروط الواقفين إلا فيما تقضى الضرورة بالعدول عنه، فيعدل عنه فى أدنى الحدود ويحقق غرض الواقف بقدر الإمكان، وبالجملة يلزم تحقيق غرض الواقفة فى هذا المكتب بتعليم طائفة من أبناء المسلمين ما يسعدهم فى دينهم ودنياهم ويثقفهم ثقافة إسلامية تقيهم شرور أنفسهم، ونزعات مجتمعهم وتصون أخلاقهم من الانحلال والوهن، وتوجههم توجيها صالحا لما فيه الخير والفلاح ولعله من المقيد فى ذلك أن يستعان فى إعادة هذا المكتب ونظامه بالقانون الذى وضع لمدرسة عثمان ماهر باشا فى عهد نظارة المغفور له الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخ الجامع الأزهر بصفته ناظرا على وقفها، فإنه نظام واف دقيق، وقد أدت المدرسة فى ظله رسالة إسلامية خير أداء وكان فيها للمعاهد الدينية مدد صالح، وسيكون لهذا المكتب إذا أنشىء على غرارها أو على نحو قريب منها هذا الأثر المحمود - وحيث أمكن تنفيذ رغبة الواقفة على هذا النحو فلا يسوغ العدول عنه بحال، طبقا للقواعد الشرعية وعلى ناظر الوقف أن يطبق شرط الواقفة فيما يتعلق بحفظ ما لا بد من حفظه للعمارة والتجديد فى المكتب اتباعا للحكم الفقهى وشرط الواقفة، وللمادة 54 من القانون رقم 48 لسنة 1946 م الخاص بأحكام الوقف، وإذا فضل بعد ذلك كله شىء من الريع تطبق فيه المادة 19 من القانون المذكور - ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.
والله أعلم(7/251)
وقف خيرى واستحقاقى
المفتي
حسنين محمد مخلوف.
ذو القعدة 1372 هجرية - 30 يولية 1953 م
المبادئ
1 - الصهريج الموقوف وما أوقف عليه وقف خيرى، ولو لم يصرح الواقف بذلك، لجريان العرف على ذلك.
2 - وقف المنزل على الذرية وقف استحقاقى.
3 - الموقف على المنزل والصهريج بصرف ريعه مناصفة بينهما.
4 - تهدم الصهريج بعد وفاة الواقف واستغناء الناس عنه يبقى وقفا إلى الأبد عند الإمام أبى يوسف وعليه الفتوى، ويعود إلى ملك الواقف إن كان حيا ولورثته بعد وفاته عند الإمام محمد.
5 - ما يخص الصهريج فى الوقف يصرف إلى أقرب جهة بر عند أبى يوسف قبل العمل بالقانون 48 سنة 1946، أما بعده فيصرف إلى من يكون محتاجا من ذرية الواقف ووالديه بقدر الكفاية حتى صدور القانون 247 لسنة 1953 بشأن تعديل المصارف الخيرية.
وذلك بإذن المحكمة.
6 - يجوز بإذن المحكمة استبدال أرض الصهريج بما هو أنفع للخيرات
السؤال
اطلعنا على السؤال المقدم من السيد م أأ وعلى صورة من كتاب الوصية الصادر من مجلس دمياط الشرعى فى الثامن من شهر صفر سنة 1282 وتبين منها أن الحاج م س أأشهد على نفسه انه جعل ابنه السيد /س ناظرا على كامل وقفه السابق على تاريخه باقراره فى المجلس، وهو الثلاث ملاليح الكائنة بظاهر ثغر دمياط والمعدة لحبس الماء الملح حتى ينعقد ملحا المصروف ريعها جميعه على ملء الصهريج المعد لخزن الماء العذب بدمياط، وعلى عمارته ومرمته وعلى عمارة المنزل المعروف بسكن الوقف بالثغر، والموقوف على سكنى ذريته وعقبه ذكورا وإناثا ما دامت الإناث فى حاجة إلى السكنى، فإذا انقرضت الذرية كان ريع الوقف مصروفا للخيرات وتبين من السؤال أن هذا الوقف ليس له حجة وأن الصهريج قد اندثر واستغنى عنه، وأن المنزل قد هدم منذ نيف وعشرين عاما وبيعت أنقاضه - ثم استبدلت أرضه ولا يزال مال البدل موجودا بخزانة المحكمة الشرعية، وكان من بعد وفاة الواقف إلى الهدم مشغولا بسكنى أولاده وأولاد أولاده الذكور فقط، وآخر من سكنه من الذرية الطبقة الثانية ويوجد الآن على قيد الحياة أفراد من الطبقات الثالثة والرابعة والخامسة.
وقد ترك الواقف أربعة ذكور وأنثر وتوفى من الذكور اثنان عقيمان والباقى عن ذرية والمطلوب معرفة هل هذا الوقف بجميع أعيانه وقف خيرى أو لا - ولمن يصرف ريع الملاحات ومال البدل المذكور
الجواب
إن الصهريج وما وقف على ملئه وعمارته ومرمته وقف خيرى صحيح وإن لم يصرح فى الإشهاد بجهة البر الدائمة التى يصرف إليها ريعه مالا إذ قد جرى العرف على أن من وقف وقفا كهذا يريد تأبيده كما فى الوقف على المسجد المعين - وأما المنزل فلا شبهة فى أنه وقف أهلى، وإقرار الواقف فى حجته بأن الملاليح المذكورة وقف عليه وعلى الصهريج إقرار معتبر شرعا، فتكون هذه الملاليح المذكورة وقف عليه وعلى الصهريج إقرار معتبر شرعا، فتكون هذه الملاليح موقوفة عليهما بالسوية، وبتهدم الصهريج واستغناء الناس عنه بعد موت الواقف يبقى مكانه وقفا إلى الأبد على قول أبى يوسف الذى اخترناه للفتوى فى هذه الحادثة، وهو أولى من قول محمد بعودته غلى ملك الواقف إن كان حيا وورثته إن كان ميتا، لتعذر معرفة الورثة وقت الانهدام، ومعرفة ذرياتهم بعد مضى الوقت الطويل على وفاتهم.
وبناء على ذلك يصرف ما وقف على الصهريج إلى أقرب جهة بر إليه عند أبى يوسف كالمساجد أو المستشفيات أو نحوها.
ولكن بعد صدور القانون رقم 48 لسنة 1946 تطبق عليه المادة 19 منه التى تقضى بصرفه بإذن المحكمة على من يكون محتاجا من ذرية الواقف ووالديه بقدر كفايته، ثم إلى المحتاج من أقاربه كذلك، ثم إلى الأولى من جهات البر حتى صدور القانون رقم 247 لسنة 1953 بتعديل المصارف الخيرية الذى نشر بالوقائع المصرية بتاريخ 21 مايو سنة 1953، ومن حين العمل به تطبق أحكامه ن ويجوز بإذن المحكمة استبدال أرض هذا الصهريج بما هو أنفع للخيرات - أما المنزل وما وقف عليه فإنه وقف أهلى على ذرية الواقف الأحياء يوم إلغاء الوقف الأهلى - بمقتضى القانون رقم 180 لسنة 1952 فيصبح ملكا لجميع الموجودين من الذرية من سائر الطبقات بالسوية بينهم عدا الإناث اللاتى ليست لهن حاجة إلى السكنى فيه وقت صدور هذا القانون - ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/252)
الولادة بواسطة الطبيب
المفتي
حسن مأمون.
ربيع الأول 1377 هجرية - 16 أكتوبر 1957 م
المبادئ
1 - الأصل شرعا أن بدن المرأة كله عورة، عدا الوجه والكفين والقدمين، وأنه يحرم على الأجنبى النظر منها ما عدا ذلك إلا لضرورة كالطبيب، ولا يتجاوز ذلك قدر الضرورة.
2 - تعتبر حالة الولادة من حالات الضرورة التى يجوز للطبيب أن يباشرها بنفسه
السؤال
امرأة قالت ما هو حكم الولادة بواسطة الطبيب حتى لو كانت الحالة طبيعية.
وهل يحل كشف العورة لطبيب أعزب، وربما كانت أخلاقه سيئة
الجواب
المنصوص عليه شرعا أن بدن المرأة الأجنبية كله عورة عدا وجهها وكفيها وقدميها، وأنه يحرم على الأجنبى عنها النظر إلى ما عدا ذلك إلا عند الضرورة، كالطبيب والخاتن للغلام والقابلة والحاقن، ولا يتجاوز هؤلاء قدر الضرورة، وفى التبيين وينبغى للطبيب أن يعلم امرأة إذا كان المريض امرأة إن أمكن، لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف، وإن لم يمكن فإذا لم يكن بد من نظر الرجل الأجنبى إلى عورة الأجنبية عنه فليستر كل عضو منها سوى موضع المرض، ثم لينظر ويغض بصره عن غير ذلك الموضع ما استطاع، تحرزا عن النظر بقدر الإمكان، وكذلك تفعل المرأة عند النظر إلى الفرج عند الولادة وتعرف البكارة، لأن ما يثبت للضرورة يقدر بقدرها.
والأصل فى ذلك قوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} النور 30، وقوله تعالى {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} النور 31، أى يسترنها من الانكشاف كيلا ينظر إليها الغير.
وقال عليه السلام ملعون من نظر إلى سوءة أخيه فأما فى حالة الضرورة فإن الضرورات تبيح المحظورات فأبيح للضرورة شرب الخمر وأكل الميتة، وهذا لأن أحوال الضرورات مستثناة.
قال تعالى {وما جعل عليكم فى الدين من حرج} الحج 78، وقال تعالى {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} البقرة 286، وهذا هو حكم الشريعة فى النظر إلى عورة الأجنبية ولما كانت حالة الولادة من الحالات الدقيقة التى تستدعى مهارة الطبيب الحاذق إنقاذا لحياة الحامل، وحياة الجنين فى هذه العملية.
كما أنه لا يعلم قبل مجىء المخاض إن كانت هذه الولادة ستكون سهلة، أو عسيرة يخشى منها على حياة الحامل، واحتياطا للمحافظة على حياة الحامل ونجاح عملية الولادة تستثنى حالة الولادة من هذا الحكم العام، وتعتبر من حالات الضرورة التى يجوز للطبيب أن يباشرها بنفسه على أية حال كانت الولادة.
والله أعلم(7/253)
العدل بين الأولاد
المفتي
حسن مأمون.
ذو القعدة 1377 هجرية - 2 يونية 1958 م
المبادئ
1 - المساواة بين الأولاد واجبة إن قصد بتفضيل أحدهم الإضرار بالآخرين.
2 - تجوز المفاضلة بينهم فى العطية إن كان لها سبب يقتضيها، كاحتياج أحد الأولاد لزمانة أو للزوم دين
السؤال
بالطلب م المتضمن أن رجلا أنفق على ولده الأكبر أكثر من 300 جنيه حتى حصل على البكالوريوس من الجامعة، كما أنفق فى زواج بنته الكبرى 200 جنيه وفى زواج بينه الثانية 250 جنيها وله بعد ذلك ولد فى السنة الأولى بمدرسة التجارة الثانوية وبنت فى ابتدائى عمرها 11 سنة.
ويرغب فى أن يكتب للولد الطالب ما يسوى مائة جنيه حتى يضمن إتمام تعليمه، وللبنت الصغيرة مثله لتستعين بها على الزواج فى المستقبل.
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
إن النصوص الشرعية تقضى بوجوب التسوية بين الأولاد إن قصد بالتفضيل الإضرار، ويجواز التفاضل إن كان له سبب كاحتياج الولد لزمانته ودينه ونحوهما.
وعلى ذلك فيجوز للسائل شرعا بدون كراهة أن يعطى لولديه الصغيرين ما يريد إعطاءه لهما بأى طريق كبيع وهبة ووصية ولا يكون بذلك مفضلا لهما بقصد الإضرار بأولاده الآخرين.
بل على العكس ظاهر من استفهامه أنه يريد المساواة بينهم.
وقد أجاز قانون الوصية رقم 71/1946 م الوصية للوارث بالثلث، وينفذ فيه بدون إجازة الورثة.
وبهذا علم الجواب عن السؤال.
والله أعلم(7/254)
المسح على الخفين وجمع الصلاة جمع تأخير
المفتي
محمد خاطر.
ربيع الآخر 1395 هجرية - 20 أبريل 1975 م
المبادئ
1 - المقرر فقها أن المسح لا يجوز شرعا إلا على الخف المصنوع من الجلد أو ما أخذ حكمه بشروطه.
2 - يجوز شرعا للمسافر الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير عند جمهور الفقهاء فى المسافة التى تقصر فيها الصلاة (81 كيلو) إلا قليلا ولا يجوز ذلك عند الحنفية
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل يعمل فى طنطا ويقيم فى القاهرة ويسافر يوميا من القاهرة إلى طنطا ثم يعود من طنطا إلى القاهرة.
وأنه فى فصل الشتاء يصل إلى منزله فى القاهرة بعد العصر.
وأنه لذلك حريص على أن يؤدى صلاة الظهر فى مكتبه بطنطا.
وطلب السائل لذلك بيان الحكم الشرعى فى الأمرين التاليين: 1 - هل يجوز له التوضؤ مع المسح على الجورب إذا كان طاهرا وارتداه على وضوء.
وهل يجوز لزوجته وبنته الوضوء مع المسح على الجورب الطويل اللتان تلبسانه تحت البنطلون الطويل أم لا.
2 - هل يجوز للسائل أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير عند عودته من عمله إلى منزله لأنه أحيانا ينشغل عن أداء صلاة الظهر فى موعدها بسبب عمله فى الشركة التى يعمل بها والتفاهم مع عملائها
الجواب
1 - عن السؤال الأول المقرر فقها أن المسح لا يجوز شرعا إلا على الخف المصنوع من الجلد أو ما أخذ حكمه وهو أن يكون ثخينا يمنع وصول الماء إلى ما تحته.
وأن يثبت على القدمين بنفسه من غير رباط - وألا يكون شفافا يرى ما تحته من القدمين أو من ساتر آخر فوقهما - إذا تحققت فى الجورب هذه الشروط وشروط أخرى مبسوطة فى كتب الفقه وأهمها أن يمكن المشى فيه ت جاز المسح عليه شرعا وإلا فلا.
وفى حادثة السؤال لا يجوز شرعا للسائل ولا لزوجته وبنته أن يمسحوا على الجورب لأن الظاهر من السؤال أن الجورب المسئول عن المسح عليه هو الجورب المعتاد لبسه عرفا وهذا الجورب لا تتحقق فيه الشروط التى ذكرناها.
والتى بدونها لا يجوز المسح عليه شرعا. 2 - عن السؤال الثانى اتفق الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد على أنه يجوز الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير للمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة وحدد الأئمة الثلاثة المذكورون مسافة القصر بأنه المسافة التى تبلغ نحو (81 كيلو) إلا قليلا.
أما الحنفية فقد حددوها بالأيام فقالوا إنها مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشى الأقدام والسير المذكور هو السير الوسط.
كما قال الحنفية أيضا إن الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا لا يجوز شرعا إلا فى عرفة والمزدلفة للحاج فقط.
وفى حادثة السؤال.
المسافة بين القاهرة وطنطا - تزيد عن مسافة القصر التى حددها الأئمة الثلاثة - وعلى ذلك فيجوز للسائل شرعا أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير عند الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد.
ولا يجوز له شرعا الجمع بينهما عند الحنفية. وهذا إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/255)
نقل الدم من انسان إلى آخر
المفتي
حسن مأمون.
ذو الحجة 1378 هجرية - 9 يونية 1959 م
المبادئ
توقف شفاء المريض أو الجريح أو إنقاذ حياته أو سلامة عضو من أعضائه على نقل دم له من آخر، بأن لا يوجد من المباح ما يقوم مقامه فى شفائه وإنقاذ حياته، يقتضى جواز نقل ذلك الدم إليه للضرورة، وكذلك الحكم عند الحنفية إذا توقف ذلك على تعجيل الشفاء
السؤال
بالطلب المتضمن عن حكم الشرع فيما يتعلق بنقل الدم من إنسان إلى إنسان آخر
الجواب
إنه إذا توقف شفاء المريض أو الجريح وإنقاذ حياته أو سلامة عضو من أعضائه على نقل الدم إليه من شخص آخر، وذلك بأن لا يوجد من المباح ما يقوم مقامه فى شفائه وإنقاذ حياته، جاز نقل الدم إليه، لأن الضرورة تقضى بنقل الدم لإنقاذ حياة المريض، أو سلامة عضو من أعضائه.
لقوله تعالى فى آخر آية {إنما حرم عليكم الميتة والدم} {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} البقرة 173، أما إذا لم يتوقف أصل الشفاء، فإن ذلك جائز أيضا عند بعض الحنفية نرى الأخذ به.
وبهذا علم الجواب عن السؤال.
والله أعلم(7/256)
حكم التصوير
المفتي
أحمد هريدى.
5 ديسمبر 1963 م
المبادئ
1 - لا بأس باتخاذ الصورة التى لا ظل لها، وكذا الصورة المرقومة فى ثوب، ويلحق بها الصورة التى ترسم على الحائط أو الورق قياسا على جواز تصوير ما لا روح فيه، كالنبات والأشجار ومناظر الطبيعة.
2 - يجوز التصوير الشمسى للإنسان أو الحيوان إذا كان لأغراض علمية مفيدة، تعود على المجتمع بالنفع، مع خلوها من مظاهر التعظيم
السؤال
بالطلب المتضمن أنه توجد مخطوطات مصورة فى العصور الإسلامية - كالكتب الطبية - ففيها تصوير الحشائش فى كتاب (الأدوية المفردة) وتصوير بعض الحيوانات فى كتاب (بيطرنامة) ورسوم العقاقير النباتية والأعشاب الدوائية فى كتاب، (الأفربازين والمفردات الطبية (ورسم يبين طبقات العين وتشريحها فى كتاب (العين) وكذا الخرائط والمصورات الجغرافية فى كتاب (صور الأقاليم السبعة) وهو أول مصور جغرافي فى الإسلام.
وصور الأرض وأشكالها وطبيعتها واستدارتها وأطوالها فى كتاب (نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق) للشريف الإدريسى، وكتاب (المسالك والممالك) لابن حوقل فهو يشتمل على عدة صور.
وأمثالها من المراجع الإسلامية، وكلها تمثل ذخيرة علمية وحضارة إسلامية تسامى أعظم الحضارات والثقافات العلمية.
ويعتبر نشرها من أعظم الواجبات لنشر حضارة الإسلام وثقافته، والتعريف بما كان له من فضل على الإنسان، ويريد الطالب نشر نماذج من هذه الكتب فى مؤلفه عنها المسمى (تصوير وتحلية الكتب العربية فى الإسلام) وطلب السائل الإفادة عن حكم الشريعة الإسلامية فى نقل ونشر هذه النماذج الموضحة بالرسوم والصور، كما هى فى أصولها المخطوطة
الجواب
ورد فى التصوير أحاديث كثيرة، منها ما رواه البخارى عن أبى زرعة قال دخلت مع أبى هريرة دارا بالمدينة فرأى فى أعلاها مصورا يصور فقال سمعت رسول الله ت صلى الله عليه وسلم - يقول (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقى فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة) قال فى فتح البارى شرح صحيح البخارى قال ابن بطال فهم أبو هريرة أن التصوير يتناول ما له ظل وما ليس له ظل، فلهذا أنكر ما ينقش فى الحيطان قلت هو ظاهر من عموم اللفظ.
ويحتمل أن يقصر على ماله ظل من جهة قوله كخلقى فإن خلقه الذى اخترعه ليس صورة فى حائط بل هو خلق تام.
ومنها ما رواه البخارى عن عائشة رضى الله عنها قالت (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام (القرام ستر فيه رقن ونقش وقيل هو ثوب من صوف ملون) لى على سهوة (السهوة بيت صغير ضمن الدار) لى فيها تماثيل.
فلما رآه رسول الله ت صلى الله عليه وسلم - هتكه (هتكه نزعه) وقال أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله.
قالت فجعلناه وسادة أو وسادتين) ، قال فى فتح البارى واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ الصور إذا كانت لا ظل لها ن وهى مع ذلك مما يوطأ ويداس أو يمتهن بالاستعمال كالمخاد والوسائد.
ومنها ما رواه البخارى عن زيد بن خالد عن أبى طلحة قال إن رسول الله ت صلى الله عليه وسلم - قال (إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة إلا رقما فى ثوب) قال فى فتح البارى قال ابن العربى حاصل ما فى اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرم بالإجماع.
وإن كانت رقما فأربعة أقوال الأول يجوز مطلقا على ظاهر قوله فى حديث البارى إلا رقما فى ثوب.
الثانى المنع مطلقا حتى الرقم الثالث إن كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل حرم، وإن قطعت الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز.
قال وهذا هو الأصح. الرابع إن كان مما يمتهن جاز، وإن كان معلقا لم يجز.
وقال صاحب الهداية ولا يكره تمثال غير ذى روح، لأنه لا يعبد.
وعلله صاحب العناية بما روى عن ابن عباس أنه نهى مصورا عن التصوير، فقال كيف أصنع وهو كسبى قال إن لم يكن بد فعليك بتمثال الأشجار.
والذى تختاره أنه لا بأس باتخاذ الصورة التى لا ظل لها، وكذلك الصورة إذا كانت رقما فى ثوب ويلحق بها الصور التى ترسم على حائط أو نحوه أو على الورق قياسا على تصوير ورسم مالا روح له كالنبات والأشجار ومناظر الطبيعة.
وبناء على ذلك يكون الرسم والتصوير الشمسى المعروف الآن للإنسان والحيوان وأجزائهما - إذا كان لأغراض علمية مفيدة تنفع المجتمع وتعود عليه بالفائدة مع خلوها من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة حكمه حكم تصوير النبات والأشجار ومناظر الطبيعة وغيرها مما لا حياة فيه - وهو الجواز شرعا.
ومما يذكر يعلم الجواب عن السؤال. والله أعلم(7/257)
اقتناء الكلاب فى المنازل
المفتي
أحمد هريدى.
26 أكتوبر 1968 م
المبادئ
1 - اقتناء الكلاب جائز للضرورة، كما إذا كان للصيد أو الحراسة وغيرهما وفيما عدا الضرورة فإنه غير جائز شرعا.
2 - شعر الكلب طاهر، ولمس المتوضىء له لا ينقض وضوءه.
3 - لعاب الكلب نجس عند الحنفية، وفى رواية عن الإمام أحمد
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل نشأ من صغره محبا لكلاب واقتنائها، لما عرف عنها من الوفاء والإخلاف لصاحبها، وأنه من المحافظين على الدين، وأنه يقوم بأداء الفرائض وأنه مواظب على الصلاة، وأن الكثيرين من أقاربه يلومونه على تربية الكلاب لنجاستها وأن هذا قد دعاه إلى الاطلاع على كثير من كتب الدين، وأنه لم يستطع الوصول إلى نتيجة حاسمة فى مدى نجاسة الكلب.
ويذكر السائل أنه اطلع فى جريدة الأهرام منذ أكثر من عشرين عاما على فتوى من دار الإفتاء ردا على أسئلة كانت موجهة من بعض المسلمين فى أندونيسيا عن الكلاب وأنه يذكر أن الفتوى ذكرت أن الكلب حكمه حكم أى حيوان آخر وأنه ليس يجسا حتى لعابه.
ويطلب السائل الإفادة عما يأتى: 1 - هل اقتناء الكلب فى المنزل محرم مع العلم بأنه ينبه أهل الدار إلى الغرباء.
2 - هل جسم الكلب نجس ينقض الوضوء وإذا كان نجسا فما هى الأعضاء النجسة التى تنقض ملامستها الوضوء (الأنف واللعاب مثلا)
الجواب
عن السؤال الأول المقرر شرعا أن اقتناء الكلاب مباح شرعا فى حالة الضرورة، كاقتناء الكلاب للصيد أو الحراسة وما شاكلهما، أما اقتناء الكلاب فى غير حالات الضرورة فلا يجوز شرعا.
عن السؤال الثانى حكى شيخ الإسلام ابن تيمية الخلاف بين الفقهاء فى طهارة الكلب ونجاسته فقال إنهم تنازعوا فيه على ثلاثة أقوال.
الأول أنه طاهر حتى ريقه وهو مذهب المالكية. الثانى أنه نجس حتى شعره وهو مذهب الشافعى، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد بن حنبل الثالث أن شعره طاهر وريقه نجس وهو مذهب الحنفية والرواية الثانية عن الإمام أحمد بن حنبل.
ثم قال وهذا أصح الأقوال. فإذا أصاب البدن أو الثوب رطوبة شعره لم يتنجس بذلك - وإذا ولغ فى الماء أريق وغسل الإناء.
ومن هذا يتبين أن اقتناء الكلب بالمنزل مباح شرعا إذا استدعت الضرورة ذلك، كما إذا كان الاقتناء للحراسة أو للصيد أو ما شاكلهما.
أما اقتناء الكلب لغير ضرورة تقتضى ذلك فغير جائز شرعا.
وأن شعر الكلب طاهر وملامسة الإنسان المتوضىء لشعر الكلب لا ينقض الوضوء.
أما لعاب الكلب فهو نجس فإذا أصاب الإنسان شىء من لعاب الكلب فإنه يتنجس.
وهذا هو مذهب الحنفية، والرواية الثانية عن الإمام أحمد، وهو الذى نختاره للفتوى.
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ے(7/258)
الدعاية بتعيين هدايا لمن يشترى أكثر دون مقابل مشروعة
المفتي
أحمد هريدى.
11 نوفمبر 1968 م
المبادئ
1- الدعاية للمحلات التجارية بتقديم هدايا عينية لمن يشترى أكثر دون أدنى زيادة فى أثمان سلعها مقابل هذه الهدايا جائزة شرعا.
2- أوراق اليانصيب حرام لأنها نوع من أنواع القمار.
3- العب بالأزلام والنرد والشطرنج نظير مال يأخذه الغالب والرهان على مال، كل ذلك حرام شرعا
السؤال
بالطلب المقدم من السيد م أح من رعايا المملكة الليبية والمقيم بها قال إنه يملك شركة لتوريد مسحوق صابون (تايد) للغسيل فى المملكة الليبية، وقد اعتادت هذه الشركة أن تطرح فى الأسواق كل بضعة أشهر إنتاجا من هذا الصابون يحمل وسيلة جدية للدعاية والترويج، تتيح للمستهلك فرصة الاشتراك فى جزء من أرباح الشركة بحصوله على عائد من تلك الأرباح فى صور مختلفة، تارة تكون نقودا داخل علب الصابون، وتارة تكون هدايا تمنح لمن يقدم أعدادا مختلفة من أغطية علب الصابون - مثل السيارات والثلاجات الكهربائية والتليفزيونات والراديوهات وغير ذلك من أنواع الهدايا المختلفة، كل ذلك دون أن تحمل المستهل أية زيادة فى ثمن علبة الصابون الذى تباع به فى الأسواق المختلفة - بل تتحمل الشركة كافة تكاليف هذه الهدايا على أساس أن ذلك نوع من أنواع الدعاية والمنافسة المشروعة فى المجال التجارى معترف به فى كافة الأسواق العالمية - وأضافت الشركة أخيرا وسيلة جديدة للدعاية تتيح لعدد أكبر من المستهلكين فرصة الاشتراك فى قدر أكبر من أرباح الشركة على نفس المنهج السابق فطبعت صورا عديدة من الهدايا التى قررت توزيعها ووضع ثلث صورة الهدية داخل علبة من علب الصابون، والثلث الثانى فى علبة أخرى وهكذا - وإذا ما تمكن مستهلك من تجمع أجزاء الصورة كاملة تقدم للحصول على الهدية المعينة بالصورة مجانا من أحد مراكز التوزيع المنتشرة فى المملكة الليبية - ولاقت هذه الدعاية الجديدة رواجا عظيما أتاحت لكثير من المستهلكين فرص الحصول على عديد من الهدايا، وبالتالى الاشتراك فى قدر من الأرباح - وتقوم الشركة بهذا كله تحن إشراف المسئولين بوزارة الداخلية الليبية - ولقد كان لذلك أثر سىء لدى شركات الصابون الأخرى المنافسة نتيجة لرواج التوزيع، واتساع نطاقه، وإقبال أكثر المستهلكين على إنتاج الشركة فشنت تلك الشركات هجوما على تلك الدعاية بدعوى أنها حرام شرعا لأنها نوع من أنواع المقامرة، وطلب السائل حكم الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامى فى مشروعية هذه الدعاية التى تقوم بها الشركة على الوجه السابق بيانه
الجواب
فى المختار القمار المقامرة.
وتقامروا لعبوا القمار.. والميسر قمار العرب بالأزلام، وفى تفسير الألوسى كان للعرب أقداح تسمى الأزلام والأقلام وهى عشرة ت سبعة منها لكل منها نصيب محدد معروف لأولها سهم ولثانيها سهمان ولثالثها ثلاثة أسهم وهكذا إلى السابع له سبة أسهم.
والثلاثة الباقية غفل لا نصيب لواحد منها، وكانوا يذبحون الجزور ويقسمون لحومها أقساما.
ويضعون الأزلام فى خريطة توضع على يد عدل منهم يجلجلها ويخلطها ببعضها ثم يدخل يده فيخرج باسم رجل منهم قدحا وباسم آخر قدحا وهكذا، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب المرسوم به ذلك القدح.
ومن خرج له قدح مما لا نصيب له لم يأخذ شيئا وغرم ثمن الجزور كله مع حرمانه.
وكانوا يدفعون هذه الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها، وكانوا يفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه.
وكان ذلك يحمل فى كثير على أكل أموال الناس بالباطل ودفع المقامرين إلى السرقة وتلف النفس وإضاعة العيال وارتكاب الأمور القبيحة والرذائل الشنيعة وإثارة العداوة والبغضاء بينهم.
فحرمه الله تحريما قاطعا بقوله تعالى {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون.
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة.
فهل أنتم منتهون} المائدة 90، 91، وفى حكم ذلك المقامرة بلعب النرد والشطرنج وجميع أنواع القمار وجميع أنواع المخاطرة والرهان وعن ابن سبرين كل شىء فيه خطر فهو من الميسر.
وفى تفسير الجصاص. أحكام القرآن الميسر القمار.
قال ابن عباس المخاطرة قمار. وأن أهل الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة.
وقد كان ذلك مباحا إلى أن ورد تحريمه، ولا خلاف بين أهل العلم فى تحريم القمار.
فإذا نظرنا إلى قمار العرب بالأزلام وإلى لعب النرد والشطرنج نظير مال يعطيه المغلوب للغالب وإلى الرهان وإلى كل صور المخاطرة - نجد فيها تعليق أخذ المال على حصول شىء غير موجود بالفعل، وهو على خطر الوجود قد يوجد وقد لا يوجد، وفيه أكل أموال الناس بغير حق ولا مسوغ شرعى، ويؤدى إلى المفاسد والشرور التى أشرنا غليها فيما نقلناه من تفسير الألوسى، ومن ثم حرمه الله تعالى ونهى عنه نهيا قاطعا - والصورة التى تعملها الشركة على سبيل الدعاية ليست قمارا وليس فيها معنى القمار وإنما هى تخصيص أنواع وألوان من الهدايا النقدية أو العينية لمن يشترون منجاتها وتضمن بذلك كثرة التوزيع واتساع نطاقه إلى حد يعود عليها بالنفع والكسب الوفير.
والمشترون لمنتجات الشركة لا يدفعون شيئا مطلقا نظير هذه الهدايا أو فى مقابلها، وإنما يدفعون فقط ثمن الصابون الذى يشترونه والذى توزعه الشركة بالسعر المحدد له والسائد فى الأسواق العامة، ولدى سائر الشركات دون زيادة قليلة أو كثيرة.
وبذلك يتمحض ما يحصلون عليه من أموال نقدية أو عينية هدايا من قبل الشركة، وبذلك أيضا يبعد صنيع الشركة عن اليانصيب الذى تقوم به بعض الجمعيات بطبع أوراق ذات أرقام معينة تبيعها للجمهور بثمن معين، وتخصص مبالغ مالية للأوراق ذات الأرقام كذا وكذا.
وبعد تمام التوزيع وبيع الأوراق تعلن عن أرقام الأوراق التى خصصت لها المبالغ، ويتقدم حاملو هذه الأوراق ومن وقعت فى أيديهم لأخذ المبالغ المخصصة لها كل بحسب ما خصص لورقته ورقمه.
هذا اليانصيب حرام وغير جائز شرعا لأنه من أنواع القمار وصوره، إذ تحصل فيه الجمعية على رأس المال جميعه من الجمهور مشترى الأوراق وتخصص جزءا مما تحصل عليه لبعض الأوراق، ويحصل صاحب الورقة الرابحة على المبلغ بالثمن الذى دفعه فى الورقة وهو زهيد لا يساوى شيئا بالنسبة لما حصل عليه فهى مخاطرة وقمار - يدفع قروشا على أمل أن يحصل على مئات الجنيهات.
وقد يحصل ذلك وقد لا يحصل. فهو يأخذ مال الغير بدون مقابل ومن غير سبب مشروع وبطريق المخاطرة.
أما عمل الشركة موضوع الاستفتاء فلا يدفع الجمهور شيئا مطلقا نظير ما عليه من الهدايا - وإنما يدفع فقط ثمن الصابون الذى يشتريه، وإذا حصل على هدية فهو يحصل عليها بدون مقابل تشجيعا له على شراء منتجات الشركة.
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/259)
سلخ جلد الميت لعلاج حروق الأحياء
المفتي
محمد خاطر.
ذو الحجة 1392 هجرية - 3 فبراير 1973 م
المبادئ
1- للميت حرمة كحرمته حيا، فلا يتعدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك.
2- قواعد الدين الإسلامى مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشد من هذا الضرر.
3- أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء، إن حقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت جاز ذلك شرعا.
4- قصر ذلك على الموتى الذين لا أهل لهم، أما من لهم أهل فلا بد من الإذن.
5 - يحتاط عند إصدار قانون بذلك، بحيث يقتصر فيه على الحاجة الماسة فقط، وألا يتعدى الأموات الذين ليس لهم أهل
السؤال
طلبت وزارة الصحة المركزية - مكتب الوزير - المستشار القانونى بكتابها رقم 216 المؤرخ 18/10/1972- بيان رأى الدين فى الاستعانة بالطبقات السطحية من جلد المتوفين فى ظرف ثمانى عشرة ساعة بعد الوفاة لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء، حتى يتسنى للسيد الدكتور مدير معهد الحروق بوزارة الصحة فى حالة جوازه شرعا استصدار قانون
الجواب
بأنه بعد بحث هذا الموضوع من جوانبه جميعها - وجدنا أن هناك قاعدة يحرص عليها الدين كل الحرص، ويحوطها بسياج متين من رعايته - هذه القاعدة هى أن للميت حرمة تجب المحافظة عليها ويجب أن يكرم الميت وألا يبتذل، لأنه قد ورد عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه النهى عن كسر عظم الميت لأنه ككسره حيا - ومن هذا يتضح لنا أن للميت حرمة كحرمته حيا، فلا يتعدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك وعلى هذا فيكون إخراج الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم فيه اعتداء عليهم غير جائز شرعا، إلا إذا دعت إليه ضرورة تكون المصلحة فيها أعظم من الضرر الذى يصيب الميت.
وذلك لأن قواعد الدين الإسلامى مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشد من هذا الضرر.
فإذا كان أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء يحقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت جاز ذلك شرعا، لأن الضرر الذى يلحق بالحى المضطر لهذا العلاج أشد من الضرر الذى يلحق الميت الذى تؤخذ الطبقات السطحية من جلده وليس فى هذا ابتذال للميت ولا اعتداء على حرمته المنهى عنه شرعا، لأن النهى إنما يكون إذا كان التعدى لغير مصلحة راجحة، أو غير حاجة ماسة وتطبيقا لذلك نقول إن أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسيمة والعميقة للأحياء جائز شرعا إذا دعت غليه الضرورة على نحو ما ذكرنا، وكان يحقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت.
ونرى قصر هذا الجواز على الموتى الذين لا أهل لهم وليس فى هذا اعتداء على حرمة الميت، لأن الضرورة دعت إليه والضرورات تبيح المحظورات.
ولأن الضرورة شرعا تقدر بقدرها، فقد رأينا لذلك قصر الجواز على الموتى الذين لا أهل لهم.
وبهذا تتحقق مصلحة للأحياء الذين أصابتهم حروق جسيمة أو عميقة أعظم بكثير من الضرر الذى يصيب الميت الذى تؤخذ طبقات جلده السطحية وليس فيه امتهان لكرامته أو ابتذال له.
أما صدور قانون بذلك - فإننا نرى الاحتياط فيه بحيث يقتصر فيه على الحاجة الماسة فقط، وألا يتعدى الأموات الذين ليس لهم أهل - أما الأموات الذين لهم أهل فإن أمر أخذ الطبقات السطحية من جلدهم يكون بيدهم وبإذنهم وحدهم، فإذا أذنوا جاز ذلك، وإلا فلا يجوز بدون إذنهم.
وبهذا يعلم الجواب عما جاء بالاستفتاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/260)
حكم رضاع الكبش من أنثى الحمار
المفتي
أحمد هريدى.
7 مارس 1976 م
المبادئ
رضاع الكبش من أنثى الحمار لا أثر له فى تحريمه، وبذا يحل بيعه وأكل لحمه
السؤال
بالطلب المتضمن أن كبشا رضع من أنثى حمار كانا يعيشان معا فى حظيرة واحدة مع بعض الأغنام والمواشى.
وقد تأكد لدى السائل هذا الموضوع - وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يحل أكل لحم الكبش أو لا
الجواب
إن رضاع الكبش من لبن أنثى الحمار لا يوجب تحريم الكبش.
وبالتالى لا يحرم بيعه - جاء فى حاشية ابن عابدين على الدر المختار ص 333 الجزء الخامس (وكره لحم الأتان أى الحمارة الأهلية ولبن الجلالة التى تأكل العذرة، كما حل أكل جدى غذى بلبن خنزير لأن لحمه لا يتغير.
وما غذى به يصير مستهلكا لا يبقى له أثر) وطبقا لما ذكر يكون رضاع الكبش من أنثى الحمار لا أثر له فى تحريمه.
وبذا يحل بيعه وأكل لحمه. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/261)
اقامة المتاحف وعرض التماثيل
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
جمادى الآخرة 1400 هجرية - 11 مايو 1980 م
المبادئ
1- القرآن الكريم ذم عبادة الأوثان وردد قصص الأقوام الوثنيين السابقين ومواقف الأنبياء معهم.
2 - التصوير الضوئى المعروف الآن للانسان والحيوان والرسم لا بأس بهما متى كان ذلك لأغراض علمية مفيدة للناس، وخلت الصور والرسوم من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم وإثارة الغرائز لارتكاب الفواحش والمحرمات.
3 - تحريم النحت والحفر الذى يكون تمثالا كاملا لإنسان أو حيوان.
4 - آثار الأمم السابقة وسيلة لدراسة تاريخهم علميا وسياسيا وحربيا، وأخذ النافع من هذا التاريخ.
وهذا يقتضى جواز إقامة المتاحف.
5 - اعتبار الآثار سجلا تاريخيا يلزم المحافظة عليه.
لأنه من الضرورات العلمية.
6 - جواز استعمال لعب الصغار ولو على هيئة تماثيل لتعليم الأطفال وتسليتهم، ودليل ذلك.
7 - حرمة وضع التماثيل فى المساجد أو حولها، وحرمة الصلاة فى المتاحف.
8 - يحرم الإسلام عرض الجثث الانسانية للموتى لما فيه من امتهان الإنسان الذى كرمه الله سبحانه
السؤال
بكتاب السيد المهندس مركز المنيا برقم 117 فى 13/2/1979 المقيد برقم 76 لسنة 1979.
وفيه أنه قد وردت شكاوى من بعض المواطنين معترضين على إنشاء متحف للآثار على أساس أن هذا مناف لتعاليم وروح الإسلام وأنه لهذا يستبين الرأى الإسلامى فيما يلى: 1 - هل يحرم الدين الإسلامى إقامة المتاحف عموما.
2 - إذا لم يكن هذا محرما.
فما هى الأشياء التى يحرم عرضها فى المتاحف.
3 - يقال إن الإسلام حرم عرض التماثيل والصور المجسمة عموما سواء فى المتاحف أو غيرها من الأماكن فما رأى الدين فى ذلك خصوصا عرض التماثيل الفرعونية
الجواب
إن القرآن الكريم نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمة وثنية تصنع أصنامها وتضعها حول الكعبة المشرفة فكانوا يصورون ويعبدون ولقد ذم الرسول عليه الصلاة والسلام الصور وصنعها فى كثير من أحاديثه لعلة التشبيه بخلق الله ولعبادتها من دونه، ومن قبله جاهد الأنبياء عليهم السلام عبادة الأوثان واتخاذها آلهة تعبد من دون الله أو تقربا إلا الله {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} الزمر 3، ولقد ردد القرآن الكريم قصة إبراهيم عليه السلام مع الوثنيين فى كثير من صوره ليلفت الناس إلى إخلاص العبادة والعبودية لله رب العالمين وساق القرآن كثيرا من المحاجة التى جرت والمحاورات بالمنطق والاستدلال العلمى فيما بين الأنبياء وأقوامهم فى شأن عبادة غير الله فى العديد من السور.
إباحة التصوير والخلاف فيه ومن هنا كان اختلاف فقهاء الإسلام فى حكم التصوير المجسم التماثيل الكامل أو الناقص، وحكم الرسم بين التحريم والكراهة.
إباحة التصوير الضوئى والرسم الذى تدل عليه الأحاديث النبوية الشريعة التى وراها البخارى وغيره من أصحاب السنن وترددت فى كتب الفقهاء أن التصوير الضوئى للإنسان والحيوان المعروف الآن والرسم وكذلك لا بأس به متى كان لأغراض علمية مفيدة للناس، إذا خلت الصور والرسوم من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة، وخلت كذلك من دوافع تحريم غريزة الجنس وإشاعة الفحشاء والتحريض على ارتكاب المحرمات.
تحريم النحت والحفر المكون لتمثال كامل لإنسان أو حيوان النحت والحفر الذى يتكون منه تمثال كامل لإنسان أو حيوان فإنه محرم.
لما رواه البخارى ومسلم عن مسروق قال دخلنا مع عبد الله بيتا فيه تماثيل فقال لتمثال منها تمثال من هذا قالوا تمثال مريم قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون وفى رواية الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم فهذا النص صريح فى أن نفس صنع التماثيل معصية، وإنما كان ذلك سدا لذريعة عبادة التماثيل واتخاذها وسيلة للتقرب إلى الله كما كانت محاجة بعض الأمم السابقة حسبما حكى القرآن الكريم.
الآثار وسيلة لدراسة التاريخ وإذ كان ذلك وكانت الأمم الموغلة فى القدم كالمصريين القدماء والفرس والرومان، وغير أولئك وهؤلاء ممن ملئوا جنبات الأرض صناعة وعمران قد لجئوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيا وسياسيا وحربيا نقوشا ورسوما ونحتا على الحجارة، وكانت دراسة تاريخ أولئك السابقين والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون أمرا يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدم العلمى والحضارى النافع، وكان القرآن الكريم فى كثيرة من آياته قد لفت نظر الناس إلى السير فى الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار والانتفاع بتلك الآثار، وكانت الدراسة الجادة لهذا التاريخ لا تكتمل إلا بالاحتفاظ بآثارهم وجمعها واستقرائها.
إذا منها تعرف لغتهم وعاداتهم ومعارفهم فى الطب والحرب والزراعة والتجارة والصناعة، وما قصة حجر رشيد الذى كان العثور عليه وفك رموزه وطلائمه فاتحة التعرف علميا على التاريخ القديم لمصر، وما قصة هذا الحجر وقيمته التاريخية والعلمية بخافية على أحد.
والقرآن الكريم حث على دراسة تاريخ الأمم وتبين الآيات فى هذا الموضع إذ كان كل ذلك.
كان حتما الحفاظ على الآثار والاحتفاظ بها سجلا وتاريخا دراسيا، لأن دراسة التاريخ والاعتبار بالسابقين وحوادثهم للأخذ منها بما يوافق قواعد الإسلام والابتعاد عما ينهى عنه، من مأمورات الإسلام الصريحة الواردة فى القرآن الكريم فى آيات كثيرة.
منها قوله تعالى {أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور} الحج 46، وقوله تعالى {قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير} العنكبوت 20، وقوله سبحانه {أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} الروم 9، وقوله تعالى {أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شىء فى السموات ولا فى الأرض إنه كان عليما قديرا} فاطر 44، إقامة المتاحف ضرورة لما كان التحفظ على هذه الآثار هو الوسيلة الوحيدة لهذه الدراسة أصبح حفظها وتهيئتها للدارسين أمرا جائز إن لم يكن من الواجبات باعتبار أن هذه الوسيلة للفحص والدرس ضرورة من الضروروات.
وقاعدة الضرورة مقررة فى القرآن الكريم فى قوله تعالى {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} الأنعام 119، وغير هذا من الآيات.
ولعل مما نسترشد به فى تقرير هذه الضرورة الدراسية والأخذ بها ما نقله أبو عبد الله محمد ابن أحمد النصارى القرطبى فى كتابه الجامع لأحكام القرآن عند تفسيره قول الله تعالى فى سورة سبأ {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} سبأ 13، من استثناء لعب البنات المجسمة من تحريم صنع التماثيل.
فقد قال فى المسألة الثامنة ما نصه وقد استثنى من هذا لعب البنات لما ثبت (عن عاشئة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم تزوجها وهى بنت سبع سنين، وزفت إليه وهى بنت تسع ولعبها معها ومات عنها وهى بنت ثمان عشرة سنة) وعنها أيضا قالت (كنت ألعب بالبنات عند النبى صلى الله عليه وسلم وكان لى صواحب يلعبن معى) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينفمعن منه أى يتخفاء منه فيسر بهن أى يرسلهن ويبعثهن إلى ليلعبن معى.
أخرجهما مسلم. قال العللماء وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات حتى يتدربن على تربية أولادهن.
ثم إنه لا بقاء لذلك، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له.
فرخص فى ذلك. وتخريجا على هذا كان الاحتفاظ بالآثار سواء كانت تماثيل أو رسوا أو نقوشا فى متحف للدراسات التاريخية ضرورة من الضرورات الدراسية والتعليمية لا يحرمها الإسلام لأنها لا تنافيه، بل إنها تخدم غرضا علميا وعقائديا إيمانيا حث عليه القرآن فكان ذلك جائزا إن لم يصل إلى مرتبة الواجب، بملاحظة أن الدراسات التاريخية مستمرة لا تتوقف.
حرمة وضع التماثيل فى المساجد أو حولها وحرمة الصلاة فى المتاحف هذا ويجب الالتفات إلى ضرورة البعد بهذه التماثيل وكافة الآثار عن المساجد إذ يحرم جمعها ووضعها فيها أو حولها أو قريبا منها، كما تحرم الصلاة فى الأماكن التى تحتويها (المتاحف) حتى لا تشتبه الأمور وتؤول إلى عبادتها وتصير بتقادم الزمان وضعف العقائد آلهة تعبد، ويسجد لها من دون الله الذى نعوذ به من كل سوء فى الدنيا والدين.
وبعد فإنه مما سلف يستبين الجواب واضحا على الأسئلة المطروحة.
بما موجزه أولا لا يحرم الإسلام إقامة المتاحف بوجه عام، لأن ما يحفظ بها من آثار وسيلة لدراسة تاريخ الأمم السابقة.
ثانيا لا يحرم الإسلام عرض أى شىء من الآثار ما دام حفظها وعضها بهدف الدراسة، ويحرم عرض الجثث الإنسانية للموتى لما فيه من امتهان الإنسان الذى كرمه الله سبحانه.
ثالثا وبناء على ما سلف لا يحرم الإسلام عرض التماثيل والصور المجسمة بالمتاحف للتاريخ والدراسة ويحرم عرضها على وجه التعظيم، كما يحرم صنعها لهذا الغرض.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/262)
حكم سماع الموسيقى
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
رمضان 1400 هجرية - 12 أغسطس 1980 م
المبادئ
1 - الضرب بالدف وغيره من الآلات مباح باتفاق فى أمور معينة.
2 - سماع الموسيقى وحضور بمجالسها وتعلمها أيا كانت آلاتها من المباحات ما لم تكن محركة للغرائز باعثة على الهوى والغواية والغزل والمجون مقترنة بالخمر والرقص والفسق والفجور، أو اتخذت وسيلة للمرحمات أو أوقعت فى المنكرات أو ألهت عن الواجبات
السؤال
بالكتاب الوارد من مجلة منبر الإسلام المقيد برقم 217 لنسة 1980 باستطلاع الحكم الشرعى فى الموسقى منفردة معزولة عن أى لون من ألوان الفنون التى تصاحبها عادة بعد أن أثير هذا فى الندوة التى عقدها المجلس فى هذا الشأن واختلف الندويون بين مرحم ومبيح
الجواب
نقل ابن القيسرانى فى كتابه السماع (س 31 وص 63 وهو طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1390 هجرية - 1970 م تحقيق الأستاذ أبو الوفا المراغى) قول الإمام الشافعى الأصل قرآن وسنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح الإسناد فيه فهو سنة والإجماع أكبر من خبر المنفرد والحديث على ظاهره، وإذا احتمل الحديث معانى فما أشبه منها ظاهرة أولاها به، فإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسنادا أولادها وليس المنقطع بشىء ما عدا منقطع ابن المسيب وفى هذا الكتاب أيضا (س 31 وص 63 وهو طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1390 هجرية - 1970 م تحقيق الأستاذ أبو الوفا المراغى) وأما القول فى استماع القضيب والأوتار ويقال له التغيير.
ويقال له الطقطقة أيضا فلا فرق بينه وبين الأوتار إذ لم نجد فى إباحته وتحريمه أثرا لا صحيحا ولا سقيما، وإنما استباح المتقدمون استماعه لأنه ما لم يرد الشرع بتحريمه فكان أصله الإباحة.
وأما الأوتار فالقول فيها كالقول فى القضيب، لم يرد الشرع بتحريمها ولا بتحليلها، وكل ما أوردوه فى التحريم فغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صار هذا مذهبا لأهل المدينة، لا خلاف بينهم فى إباحة استماعه، وكذلك أهل الظاهر بنوا الأمر فيه على مسألة الحظر والإباحة.
وأما القول (المرجع السباق ص 71 وما بعدها) فى المزامير والملاهى فقد وردت الأحاديث الصحيحة بجواز استماعها، كما يدل على الإباحة قول الله عز وجل {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين} الجمعة 11، وبيان هذا من الأثر ما أخرجه مسلم فى باب الجمعة عن جابر بن سمرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفى صلاة) وعن جابر بن عبد الله (أنه كان يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام، فأنفتل الناس إلهيا حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا فأنزلت هذه الآية) وأخرج الطبرى هذا الحديث عن جابر وفيه (أنهم كانوا إذا نكحوا تضرب لهم الجوارى بالمزامير فيشتد الناس إليهم ويدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما) .
فهذا عتاب الله عز وجل بهذه الآية.
ثم قال ابن القيسرانى (من 72 من المرجع السابق) والله عز وجل عطف اللهو على التجارة وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه وبالإجماع تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه فى الجاهلية، لأنه غير محتمل أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم حرمه ثم يمر به على باب المسجد يوم الجمعة، ثم يعاتب الله عز وجل من ترك رسوله صلى الله عليه وسلم قائما، وخرج ينظر إليه ويستمع ن ولم ينزل فى تحريمه آية، ولا سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله، ويزيد ذلك بيانا ووضوحا ما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها زفت امرأة من الأنصار إلى رجل من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما كان معكن من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو) وهذا الحديث أورده البخارى (شرح عمدة القارىء على صحيح البخارى 146/20 هامش المرجع السابق) فى صحيحه فى كتاب النكاح.
وقد عقد الغزالى فى كتاب إحياء علوم الدين (ص 1150 ج - 6 لجنة نشر الثقافة الإسلامية 1356 هجرية) الكتاب الثامن فى السماع وفى خصوص آلات الموسيقى قال إن الآلة إذا كانت من شعار أهل الشرب أو الخنين وهى المزامير والأوتار وطبل الكوبة فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة كالدف وإن كان فيه الجلاجل وكالطبل والشاهين والضرب بالقضيب وسائل الآلات ونقل القرطبى فى الجامع الأحكام القرآن (ج - 14 ص 54) قول القشيرى ضرب بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة فهم أبو بكر بالزجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح) فكن يضربن ويقلن نحن بنات النجار حبذا محمد من جار ثم قال القرطبى وقد قيل إن الطبل فى النكاح كالدف والكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن رفث (أحكام القرآن لابن العربى ج - 3 ص 1494) ونقل الشوكانى فى نيل الأوطار (ج - 8 ص 104 و 105) فى باب ما جاء فى آلة اللهو أقوال المحرمين والمبيحين وأشار إلى أدلة كل من الفريقين، ثم عقب على حديث (كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة ملاعبة الرجل أهله وتأديبه فرسه ورميه عن قوسه) بقول الغزالى قلنا قوله صلى الله عليه وسلم فهو باطل لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة ثم قال الشوكانى وهو جواب صحيح لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح، وساق أدلة أخرى فى هذا الصدد من بينها حديث (ج - 8 ص 106 المرجع السابق) من نذرت أن تضرب بالدف بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ورده الله سالما من إحدى الغزوات وقد أذن لها عليه صلوات الله وسلامه بالوفاء بالنذر والضرب بالدف، فالإذن منه يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية فى مثل ذلك الموطن، وأشار الشوكانى إلى رسالة له عنوانها إبطال دعوى الاجماع على تحريم مطلق السماع.
وفى المحلى (ج - 9 ص 60) لابن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى) فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شىء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها.
وفعوده على باب داره متفرجا.
وعقد البخارى فى صحيحه (ج - 9 ص 171 فى آخر كتاب الاستئذان.
المطبعة الأميرية سنة 1305 هجرية على هامشه صحيح مسلم) بابا بعنوان كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله.
وعقب فى الرشاد السارى على هذا العنوان بقوله ولو كان مأذونا فيه، كمن اشتغل بصلاة نافلة أو تلاوة أو ذكر أو تفكر فى معانى القرآن حتى خرج وقت المفروضة عمدا.
وفى الفقه الحنفى جاء فى كتاب البدائع (ج - 6 ص 269) للكاسانى فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل وأما الذى يضرب شيئا فى الملاهى فإنه ينظر إن لم يكن مستشنعا كالقضيب والدف ونحوه لا بأس به ولا تسقط عدالته وإن كان مستشنعا كالعود ونحون سقطت عدالته، لأنه لا يحل بوجه من الوجوه.
وفى مجمع الأنهر (ج - 2 ص 198) فى ذات الموضع أو يلعب بالطنبور لكونه من اللهو، والمراد بالطنبور كل لهو يكنون شنيعا بين الناس احترازا عما لم يكن شنيعا كضرب القضيب فإنه لا يمنع قبولها، إلا أن يتفاحش بأن يرقصوا به فيدخل فى حد الكبائر.
وجاء مثل هذا فى كتاب الدر (ج - 4 ص 398) المختار للحصكفى وحاشية رد المحتار لابن عابدين وفى المغنى لابن قدامه (ج - 10 ص 240 و 242) الملاهى على ثلاثة أضرب محرم وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها، فمن أدام استماعها ردت شهادته.
وضرب مباح وهو الدف فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال (أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف) أخرجه مسلم، وذكر أصحابنا وأصحاب الشافعى أنه مكروه فى غير النكاح وهو مكروه للرجال على كل حال.
وأما الضرب بالقضيب فمكروه إذا انضم إليه محرم أو مكروه كالتصفيق والغناء والرقص، وإن خلا عن ذلك كله لم يكره، لأنه ليس بآلة طرب ولا يطرب ولا يسمع منفردا بخلاف الملاهى، ومذهب الشافعى فى هذا الفصل كمذهبنا.
وفى لسان العرب اللهو ما لهوت به ولعبت به وشغلك من هوى وطرب ونحوهما، والملاهى آلات اللهو.
وفيه القصب كل نبات ذى أنابيب، والقاصب الزامر، والقصاب الزمار.
وفى المصباح المنير وأصل اللهو الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة، وألهانى الشىء شغلنى، وفى فتوى للإمام الأكبر (ص 375 - 385 فتاوى الشيخ شلتوت طبعة 1379 هجرية - 1959 م الادارة الثقافية بالأزهر) المرحوم الشيخ محمود شلتوت فى تعلم الموسيقى وسماعها ك ان الله خلق الإنسان بغريزة يميل بها إلى المستلذات والطيبات التى يجدها لها أثرا فى نفسه، به يهدأ وبه يرتاح وبه ينسشط وتسكن جوارحه، فتراه ينشرح بالمناظر الجميلة كالخضرة المنسقة والماء الصافى والوجه الحسن الروائح الزكية، وأن الشرائع لا تقضى على الغرائز بل تنظمها، والتوسط فى الإسلام أصل عظيم أشار إليه القرآن الكريم فى كثير من الجزئيات، منها قوله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} الأعراف 31، وبهذا كانت شريعة الإسلام موجهة الإنسان فى مقتضيات الغريزة إلى الحد الوسط، فلم تترك لا نتزاع الغريزة فى حب المناظر الطيبة ولا المسموعات المستلذة وإنما جائت بتهذيبها وتعديلها إلى مالا ضرر فيه ولا شر.
وأضاف الإمام الأكبر فى هذه الفتوى أنه قرأ فى الموضوع لأحد فقهاء القرن الحادى عشر المعروفين فيه بالورع والتقوى رسالة هى (إيضاح الدلالات فى سماع الآلات) للشيخ عبد الغنى النابلسى الحنفى قرر فيها أن الأحاديث التى استند بها القائلون بالتحريم على فرض صحتها مقيدة بذكر الملاهى وبذكر الخمر والقينات والفوسق والفجور ولا يكاد حديث يخلو من ذلك، وعليه كان الحكم عنده فى سماع الأصوات والآت المطربة أنه إذا اقترن بشىء من المحرمات أو اتخذ وسيلة للمحرمات أو أوقع فى المحرمات كان حرامات، وأنه إذا سلم من كل ذلك كان مباحا فى حضوره وسماعه وتعلمه.
وقد نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم عن كثير من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء أنهم كانوا يسمعون ويحضرون مجالس السماع البريئة من المجون والمحرم، وذهب إلى مثل هذا كثير من الفقهاء وانتهت الفتوى إلى أن سماع الآلات ذات النغمات أو الأصوات لا يمكن أن يحرم باعتباره صوت آلة وإنما يحرم إذا استعين به على محرم أو اتخذ وسيلة إلى محرم أو ألهى عن واجب ونخلص من هذه النقول من كتب فقه المذاهب وأحكام القرآن واللغة إلى أن الضرب بالدف وغيره من الآلات مباح باتفاق على الحداء وفى تحريض الجند على القتال وفى العرس وفى العيد وقدوم الغائب وللتنشيط على الأعمال الهامة، وأن الاختلاف الذى ثار بين الفقهاء وجرى فى كتبهم كان فى حل أو عدم حل الاشتغال بالموسيقى سماعا وحضورا وتعلما إذا صاحبها محرم كشرب الخمر أو غناء ماجن أو غزل أو كانت الموسيقى مما يحرك الغزئز ويبعث على الهوى والفسوق كتلك التى تستثير فى سامعها الرقص والخلاعة وتلك التى تستعمل فى المنكرات المحرمات كالزار وأمثاله أو فوتت واجبا.
وهذا ظاهر مما قاله (انظر الهوامش السابقة) فقهاء المذهب الحنفى من أن الضرب غير المستشنع لا بأس به ولا يسقط العدالة وفسروا المستشنع بأن يرقصوا به فيدخل فى حد الكبائر.
وظاهر أيضا مما قال به ابن (انظر الهوامش السابقة) العربى المالكى فى أحكام القرآن من أن الطبل فى النكاح كالدف - وكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن رفثا.
ومن جملة ما قال به ابن قدامة فى المغنى (انظر الهوامش السابقة) نقلا لمذهب الإمامين الشافعى وأحمد فى هذا الموطن يتضح أنه لا يخالف أو يختلف مع ما قال به الفقه الحنفى والمالكى وأورده من قيود.
ثم إن ما جاء فى عبارات الفقهاء (انظر الهوامش السابقة) من إجازة الضرب ببعض الآلات دون بعض يبدون أن المنع فى بعضها إنما هو للآلات التى تدفع سامعها لفحش القول أو الرقص وليس لذات الآلات، كما يدل على هذا قول فقهاء (انظر الهوامش السابقة) الحنفية الذى سبق نقله، ومال قال به الفقه الحنبلى والشافعى (انظر الهوامش السابقة) من انضمام المرحم أو المكروه كالتصفيق والرقص هو المحرم، وما قال به ابن العربى المالكى ولم يكن معه رفث.
لما كان ذلك وكانت القضية قد واجهها الفقه على هذا الوجه وتصدى لتحقيق النصوص فيها صاحب كتاب السماع (انظر الهوامش السابقة) وهو محمد بن طاهر ابن على بن أحمد بن أبى الحسن الشيبانى أبو الفضل المقدسى المعروف بابن القيسرانى من رجال الحديث وقال إنه لا فرق بين استماع القضيب وبين الأوتار إذ لم نجد فى إباحته وتحريمه أثرا لا صحيحا ولا سقيما، وإنما استباح المتقدمون اسماعه لأنه لم يرد الشرع بتحريمه فكان أصله الإباحة كما تصدى لذلك الشيخ عبد الغنى النابلسى الحنفى فى رسالته (انظر الهوامش السابقة) المنوه بها آنفا التى قرر فيها أن الأحاديث التى استدل بها القائلون بالتحريم على فرض صحتها مقيدة بذكر الملاهى وبذكر الخمر والقينات والفسوق والفجور ولا يكاد حديث يخلو من ذلك.
وهذا أيضا قول ابن حزم (انظر الهوامش السابقة) إن الأمر مرتبط بالنية.
فمن نوى ترويح نفسه وتنشيطها للطاعة فهو مطيع محسن، ومن لم ينو لا طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها وقعوده على باب داره متفرجا.
وأيضا قول الغزالى (انظر الهوامش السابقة) فيما نقله الشوكانى فى تفسير الحديث الشريف (كل هلو يلهو به المؤمن فهو باطل) لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة، ومالا فائدة فيه من قسم المباح.
كما قال الشوكانى. لما كان ذلك كان القول بالتحريم على وجه الإطلاق خاليا من السند الصحيح قال تعالى {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} النحل 116، والقول بأن تحريم سماع الموسيقى وتعلمها وحضورها من باب سد الذرائع أو من باب أو درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ليس مقبولا لأن الموسيقى وإن كان قد يصاحبها الخمر والرقص وغير هذا من المنكرات إلا أن هذا ليس الشأن فيها دائما، ومن ثم صار مثلها مثل الجلوس على الطريق.
ففى الحديث الشريف (شرح السنة للبغوى 3338/12) الذى أخرجه مسلم فى صحيحه عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إياكم والجلوس بالطرقات فقالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها.
فقال فإذا أبينهم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه.
قالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
ومن هذا نأخذ أن من المباحات ما يحرم إذا اقترن به محرم، وعندئذ تكون الحرمة طارئة، بمعنى أنها ليست حكما أصليا.
لما كان ذلك.
كان الوقوف عند الوسط (الموافقات للشاطبى ج - 4 ص 258 وما بعدها طبع المكتبة التجارية تحقيق المرحوم الشيخ عبد الله دراز) من الأقوال هو الأولى بالاتباع.
ومن ثم نميل إلى أن سماع الموسيقى وحضور مجالسها وتعلمها أيا كانت آلاتها من المباحات ما لم تكن محركة للغرائز باعثة على الهوى والغواية والغزل والمجون مقترنة بالخمر والرقص والفسوق والفجور، أو اتخذت وسيلة للمحرمات أو أوقعت فى المنكرات أو ألهت عن الوجبات، كما جاء فى تبويب (ارشاد السارى ج - 2 ص 171 على هامشه صحيح مسلم) البخارى فإنها فى هذه الحالات تكون حراما كالجلوس على الطريق دون حفظ حقوقه التى بينها ذلك الحديث الشريف لأن الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله (أعلام الموقعين لابن القيم ج - 1 ص 32) قال جل شأنه {قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون.
قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} الأعراف 32، 33، قال ابن العربى (أحكام القرآن ج - 2 ص 782) من معانى (زينة الله) جمال الدنيا فى ثيابها وحسن النظرة فى ملابسها وملذاتها قال تعالى {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} الأعراف 157، قال الشوكانى (نيل الأوطار ج - 8 ص 105) الطيبات فى الآية تشمل كل طيب، والطيب يطلق بإزا المستلذ، وهو الكثر المتبادر إلى الفهم عند التجرد عن القرائن ويطلق بإزاء الظاهر والحلال وصيغة العموم كلية تتناول كل فرد من أفراد العام، فتدخل أفراد المعانى الثلاثة كلها ولو قصرنا العام على بعض أفراده لكان قصره على المتبادر وهو الظاهر.
وقد صرح ابن عبد السلام فى دلائل الأحكام أن المراد فى الآية بالطيبات المستلذات.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/263)
الزى الجامعى وهل يجوز الحضور بالجلباب
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الأول 1401 هجرية - 14 يناير 1981 م
المبادئ
1 - الالتزام بلبس الثياب وستر البدن للرجال والنساء أمر شرعى واجب الامثتال لثبوته بالقرآن والسنة.
2 - هيئة الثيات وطريقة إحاطتها بالجسد وتفاصليها ترك الشارع بيانها باعتبارها أمورا دنيوية لتعرف بالضرورات والتجارب والعادات.
3 - أمر الناس موكول إلى أولياء الأمور فيهم كل فى موقعه ولأولى الأمر على الناس الطاعة فيما لا معصية فيه، وهذا يتناول المسائل المباحة التى لم يرد فيها نص صريح.
4 - هيئة الزى وما يلبسه الطلاب والطالبات من المباحات التى تخضع للعرف والعادة، ولا دخل للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة فى تحديد رسمها وهيئتها.
5 - على الجامعة أن تلزم الطالبات بارتداء الزى السابغ الساتر لجميع الجسد دون الوجه والكفين، ودون أن يشف أو يحدد تفاصيل الجسد.
والطلاب بالزى الذى استقر العرف على ارتدائه فى الجامعات أو تراه مناسبا.
6 - لا يجوز للطلاب الخروج على تنظيمات الجامعة فيما تفرضه من زى فى النطاق المشروع
السؤال
بكتاب اتحاد كلية الفنون الجميلة بالاسكندرية الوارد بدون رقم وبلا تاريخ، والمقيد برقم 350 سنة 1980 بالسؤال التالى ما هو الزى الذى يجب أن تلزم به الجامعة الطلاب الطالبات وهل يجوز أن يحضر الطلاب بالجامعة بالجلباب فى فصول الدراسة
الجواب
قال الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} الأعراف 31، وقال سبحانه {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} النور 31، وقال سبحانه {يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} الأحزاب 59، وجه الله سبحانه وتعالى فى الآية الأولى الخطاب عاما شاملا إلى بنى آدم ليشمل الرجال والنساء والمسلمين وغير المسلمين.
آمرا إياهم بالزينة أى بلبس الثياب للستر والزينة عند اجتماع يلتقى فيه بنو آدم، سواء كان ذلك فى المسجد أى مسجد، أو ناد أو مدرسة أو جامعة، وبهذا تكون هذه الآية الكريمة قد قررت أصلا من أصول الاصلاحات الدينية والمدنية، يدل لهذا ما ذكره المفسرون فى أسباب نزولها من أن العرب كانوا يطوفون حول البيت متجردين من الثياب، رجالا ونساء على حد سواء وهذا الأمر قد كان سائدا فى كثير من أمم الأرض، بل إنه مازال إلى اليوم فى بعض البلاد الأفريقية والآسيوية التى لم يدخلها الإسلام.
ولم تحدد هذه الآية نوع الثياب ولا هيئتها (الموديل) لأن الإسلام يشرع أصولا صالحة لكل زمان ومكان، فالأمر العام أن يأخذ الإنسان زينته عند كل اجتماع مع الغير حسب وسعه وقدرته وفى نطاق عرف زمنه وعادات قومه، وما اصطلح عليه الناس من هيئة للزى ورسمه وحب الزينة وتهيئة الثياب أمر مشروع فى الإسلام، ارتفع بهذه الآية إلى مرتبة الواجبات المفروضات، لأن الزينة بهذا المعنى من أسباب العمران، وفيها إظهار استعداد الإنسان لمعرفة سنن الله وآياته، والانتفاع بما خلق من نعم امتن بها على عباده، كما استنكر قول من يقولون بتحريم الطيبات من اللبس والطعام وسائر الطيبات، نجد كل هذا واضحا فى قوله سبحانه {قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون} الأعراف 32، وقوله تعالى {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين.
والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} النحل 80، 81، كل ذلك دون إسراف أو اتخاذه وسيلة التكبر والاستعلاء على الناس ففى القرآن الكريم الكثير من أوامر الله الناهية عن الإسراف والتبذير والتكبر على الناس والتعالى عليهم، وإنما إظهارا لنعمة الله وشكرا له فقد روى أبو داود عن أبى الأحوص عن أبيه قال (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثوب دون (يغنى غير لائق) فقال ألك مال قال نعم.
قال من أى المال قال قد آتانى الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق.
قال فإذا آتاك الله فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته) وفى هذا الباب أحاديث كثيرة أخرجها الترمذى وأبو داود وغيرهما.
ثم اختص الله النساء بالآيات الأخرى (31 سورة النور و 59 سورة الأحزاب) ففى آية سورة النور كان أمر الله للنساء المسلمات بألا يبدين زينتهن للناظرين، ثم استثنى فيها بعض الناظرين وما يجوز للمسلمة إظهاره من الزينة لغير هؤلاء.
قال العلماء إن ظاهر الزينة هو الثياب والوجه والكفان، يباح للمرأة المسلمة أن تبدى هذا لكل من دخل علهيا من الناس، ويؤكد هذا المعنى ما رواه أبو داود عن عائشة رضى الله عنها قالت (إن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق (تظهر ما تحتها من جسدها) فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها يا أسماء إن المرأة إذا بلغت الحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه) .
وذهب بعض العلماء إلى أن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك (كتاب الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ج - 12 ص 218 وما بعدها) وفى آية سورة الأحزاب أمر صريح واضح لكافة بنات ونساء المؤمنين بأن يسترن أجسادهن بارخاء الجلاليب عليهن حتى لا يبين ولا يظهر من أجسادهن إلا ما قضت ضرورة التعامل بإظهاره وهو الوجه والكفان على ما تقدم بيانه.
والجلاليب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار وروى عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء.
وقال أبو بكر (أحكام القرآن لأبى بكر بن العربى ج - 2 ص 1586) بن العربى فى تفسيره اختلف الناس فى تفسير الجلباب على ألفاظ متقاربة عمادها أنه الثوب الذى يستر البدن.
وبهذا المعنى كانت هذه الآية آمرة لجميع بنات ونساء المسلمين بستر أجسادهن، وإذا ضمت إليها آية سورة النور كان هذا الستر من قمة الرأس إلى أخمص القدمين فيما عدا الوجه والكفين وفى رأى بعض الفقهاء والقدمين، وعلى ألا تصف الملابس الجسد أو تبدى تفاصيلة، وقد بينت السنة الشريفة أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيانه للنساء ألا يبدين أجسادهن لغير أزواجهن ومن جاءوا بعدهم فى آية سورة النور.
(كتاب الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ج - 14 ص 243 وما بعدها) لما كان ذلك كان الالتزام بلبس الثياب وستر البدن للرجال والنساء أمرا شرعيا واجب الامتثال لأنه ثابت بالقرآن والسنة.
أما هيئة هذه الثياب وطريقة إحاطتها بالجسد وتفاصيلها، فإن الشرع أمرا شرعيا واجب الامتثال لأنه ثابت بالقرآن والسنة.
ومن أجل هذا لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم لباس خاص لا يتعداه إلى غيره، وقد نقلت كتب السنة أنه كان يلبس الضيق من الثياب والواسع منها، وكذلك الصحابة والتابعون ولم يرد عن النبى عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من أصحابه أو التابعين صفة أو هيئة خاصة للثياب سواء للرجال أو للنساء.
وإذ كان ذلك وكانت حاجة الناس إلى من يقودهم ويسوس أمورهم ويقوم بصالحهم، وكان أمر الناس موكولا إلى أولياء الأمور فيهم كل فى موقعه الذى يتولى الأمر فيه.
كان لأولى الأمر على الناس الطاعة فيما لا معصية فيه.
ووجوب إقامة أولى الأمر، قد استنبطه فقهاء المسلمين من نصوص القرآن الكريم ومن السنة الشريفة، فقد فهموه من قول الله سبحانه {وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة} البقرة 30 ولزوم طاعتهم فهموه من قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} النساء 59، قال كثير من العلماء إن أولى الأمر فى هذه الآية هم الأمراء والولاة والعلماء، وفى هذا قال ابن تيمية (ان المراد بأولى الأمر، أصحاب الأمر وذووه وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام.
كما قال (أولو الأمر صنفان الأمراء والعلماء) .
(تفسير الألوسى ج - 5 ص 66 والسياسة الشرعية لابن تيمية ص 162 طبعة سنة 1961 م دار الجهاد) فحاجة المجتمع ماسة إلى ضرورة إقامة ولى يرجع إليه فى تنظيم شئون الناس، وجمهور الفقهاء على أن إقامة الحكام وولاة الأمر من فروض الدين، قال ابن تيمية (إن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين، ولا قيام للدين إلا بها فإن بنى آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، ولا بدلهم عند اجتماعهم من رأس، حتى قال النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود (إذا خرج ثلاثة فى سفر، فليؤمروا عليهم أحدهم) لأن الله أوجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل) .
وهذا أمر يكاد يكون متفقا عليه بين الأمة الإسلامية جميعا.
(الفصل فى الملل والنحل لابن حزم ج - 4 ص 87) وإذا كانت إقامة أولياء الأمور من الواجبات التى لا تستقيم الحياة والنظام إلا بها كانت ظاعتهم واجبة شرعا فيما لا معصية فيه، امتثالا لأمر الله فى تلك الآية الكريمة، وتحقيقا لمعنى الولاية، حتى لا تتفرق كلمة المسلمين، وضمانا لانتظام أمور الدولة.
ففى الحديث الشريف (لا طاعة لبشر فى معصية الله) . أخرجه ابن أبى شيبة عن على رضى الله عنه.
لهذا قال العلماء إنه يشترط لطاعة ولى الأمر، ألا يكون أمره بمعصية متيقنة، وهذا يتناول المسائل المباحة التى لم يرد فيها نص صريح وكانت بهذا موضع الاجتهاد، فالامتثال فى المباح أمرا أو نهيا لا يترتب عليه معصية، فتجب طاعة ولى المر إذا أمر بفعل المباح أو بتركه.
وقد سبق لعمر بن الخطاب رضى الله عنه أن تعرض لتحريم المباح فى بعض الصور، فإن أكل اللحوم المشروعة مباح بنص القرآن الكريم {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم} المائدة 1، {كلوا من طيبات ما رزقناكم} البقرة 172، جاءت هذه الإباحة من غير تقييد ببعض الأيام دون بعض، ودرحج المسلمون على ذلك منذ عهد النبوة، ولما كانت خلافة عمر رأى أن يمنع الناس من أكل اللحم يومين متواليين أسبوعيا، فكان يأتى مجزرة الزبير ابن العوام بالبقيع ولم يكن بالمدينة غيرها فإذا رأى رجلا اشترى لحما يومين متتابعين ضربه بالدرة وقال (ألا طويت بطنك يومين) .
(عمر بن الخطاب لأبى الفرج الجوزى ص 68) وهذا اجتهاد من الخليفة الثانى أداه إلى حظر تناول اللحم يومين متتاليين حتى يكون هناك مجال لتداوله بين الناس، وقد كان اللحم مباحا طوال جميع الأيام على ما يقتضيه نص القرآن الكريم.
ومنع عمر كبار الصحابة من التزوج بالكتابيات، وقال أنا لا أحرمه ولكنى أخشى الإعراض عن الزواجب المسلمات، وفرق بين كل من طلحة وحذيفة زوجتيهما الكتابيتين، فاالزواج بالكتابية مباح عند من فعله من الصحابة بنص القرآن الكريم، ولأن النهى عن نكاح المشركات لا يشمل الكتابيات، ومع ذلك اجتهد عمر وهو ولى أمر المسلمين ورأى المصلحة فى منعه وإن كان لا يحرمه، والتزم بأمره صحابيان من أهل الاجتهاد (الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ج - 3 ص 68) ولقد ابتنى على هذا ما قال به الفقهاء من سلطة ولى الأمر فى تغيير المباح إلى الوجوب أو التحريم، بما لا يختلف مع أصول الشريعة أو يناقضها وأن عليه أن يتحرى مصلحة الناس فى نطاق أحكام الشرع، وما جرى به العرف والعادة الصحيحان.
وإذ كان تحديد هيئة الزى أو الثياب من المور التى لم يرد فيها نص فى القرآن والسنة، بل لم تعرض نصوصها لهذا التحديد، لأنه من الأمور التى تختلف فيها الأحكام، باختلاف العصور والأعراف، كان هذا من الأمور المنوطة بولى الأمر، وكان تحديد للناس جميعا أو لفئة معينة جائزا، ولقد جرت عادة المسلمين وعرفهم، بل وعرف وعادة الناس جميعا على تحديد زى لرجال الجيش والشرطة وتحريمه على غيرهم، إذ المقوصد بهذا أى يندس فى مزاولة المهام المنوطة بهم من ليس منهم، وليكونوا معروفين لعامة الناس وخاصتهم، لأن الشريعة - كما قال ابن القيم (أعلام الموقعين ج - 3 ص 14 - 22) - مبناها وأساسها على الحكم والمصالح، فهى عدل كلها ورحمة ومصالح وحكم.
وإذ كانت هيئة الزى وما يلبسه الطلاب والطالبات من المباحات التى تخضع للعرف والعادة، ولا دخل للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة فى تحديد رسمها وهيئتها.
كان لأولى الأمر، فى الجامعات والمدارس بمقتضى ما تقدم من القواعد الشرعية - أن يلزموا الطلبة والطالبات بالزى الذى يرونه مناسبا، بحيث لا يكشف عورة ولا ينبىء عنها، ويمتنع على هؤلاء مخالفة ما يراه أولياء الأمر فى الجامعة أو المدرسة، باعتباره أمرا تنظيميا من صاحب الاختصاص المنوط به رعاية المصلحة شرعا، وباعتبار أن ما يأمرون به لم يمنعه نص شرعى، بل أوجب القرآن طاعة أولى الأمر مادام ما يأمرون به لا يدخل فى دائرة المعاصى، بمعنى أنهم لم يأمروا بفعل ما حرم الله، ولم ينهوا عن فعل ما ألزم الله به الناس، وما عدا هذا فيجوز أن يضع له ولى الأمر من الأنظمة ما يرى فيه مصلحة للناس ولكيان الحكم، اتباعا لما فعل عمر بن الخطاب فى المثالين سالفى الذكر مع أن كلا منهما مباح بنص القرآن.
لما كان ذلك ففى واقعة السؤال يكون على الجامعة أن تلزم الطالبات بارتداء الزى السابغ السائر لجميع الجسد من الرأس إلى القدم فيما عدا الوجه والكفين دون أن يشف عما تحته أو يحدد تفاصيل الجسد، وأن تلزم الطلاب بالزى الذى استقر العرف فى المجتمع على ارتدائه فى الجامعات أو الزى الذى تراه مناسبا، ولا يجوز للطلاب الخروج على تنظيمات الجامعة فيما تفرضه من زى فى النطاق المشروع، فإذا كانت الجلابية ليست زى الجامعات عرفا، فلاى يجوز للطلاب ارتداؤها داخل الجامعة وكان عليها أن تلزمهم بذلك، باعتبار أن القائمين على الأمر فيها هم من أولياء الأمور فى نطاقهم يعملون للمصلحة المنوطة بهم، ماداموا لم يأمورا بمعصية امتثالا للقرآن الكريم، ولحديث الرسول عليه الصلاة والسلام، ففى الصحيحين أن النبى بالغ فى الترغيب فى طاعة الأمراء فقال (من أطاعنى فقد أطاع الله ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى) وروى البخارى عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اسمعوا وأطيعوا وان استعمل عليكم عبد حبشى كأن رأسه زبيبة ما اقام فيكم كتاب الله) .
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/264)
اطلاق اللحى
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
شعبان 1401 هجرية - 21 يونيه 1981 م
المبادئ
1 - إطلاق اللحى من سنن الإسلام التى ينبغى المحافظة عليها.
2 - إتلاف شعر اللحية بحيث لا ينبت بعده جناية توجب المساءلة بالدية على خلاف فى مقدارها.
3 - إطلاق الأفراد المجندين اللحى اتباع لسنة الإسلام، فلا يؤاخذون على ذلك فى ذاته، ولا ينبغى إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها
السؤال
بالكتاب 60/81 المؤرخ 16/66/1981 المقيد برقم 194 سنة 1981 وبه طلب بيان الرأى عن إطلاق الأفراد المجندين اللحى، حيث إن قسم القضاء العسكرى قد طلب الإفتاء بخصوص ذلك الموضوع، لوجود حالات لديها
الجواب
إن البخارى روى فى صحيحه عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (خالفوا المشكرين، ووفروا اللحى، واحفو والشوراب) وفى صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (احفوا الشوارب واعفوا اللحى) وفى صحيح مسلم أيضا عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم (البراجم مفاصل الأصابع من ظهر الكف (بتصرف مختار الصحاح)) ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء.
قال بعض الرواة وتسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة) .
قال الإمام النووى فى شرحه حديث (احفوا الشوارب واعفوا اللحى) أنه وردت روايات خمس فى تلك اللحية، وكلها على اختلاف فى ألفاظها تدل على تركها على حالها، وقد ذهب كثير من العلماء إلى منع الحلق والاستئصال بين فقهاء المسلمين فى أن إطلاق اللحى من سنن الإسلام فيما عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق الذى روته عائشة (عشر من الفطرة) .
ومما يشير إلى أن ترك اللحية وإطلاقها أمر تقره أحكام الإسلام وسننه ما أشار إليه فقه (تحفة المحتاج بشرح المنهاج وحواشيها ج - 9 ص 178 فى باب التعزير) الإمام الشافعى من أنه (يجوز التعزيز بحلق الرأس لا اللحية) وظاهر هذا حرمة حلقه على رأى أكثر المتأخرين.
ونقل ابن قدامة الحنبىل فى المغنى (ص 433 ج - 8 مطبعة الامام فى باب التعزير) أن الدية تجب فى شعر اللحية عند أحمد وأبى حنيفة والثورى، وقال الشافعى ومالك فيه حكومة عدل.
وهذا يشير أيضا إلى أن الفقهاء قد اعتبروا التعدى بإتلاف شعر اللحية حتى لا ينبت جناية من الجنايات التى تستوجب المساءلة، إما بالدية الكاملة كما قال الأئمة أبو حنيفة وأحمد والثورى، أو دية يقدرها الخبراء كما قال الإمامان مالك والشافعى.
ولا شك أن هذا الاعتبار من هؤلاء الأئمة يؤكد أن اللحى وإطلاقها أمر مرغوب فيه فى الإسلام وأنه من سننه التى ينبغى المحاظفة عليها.
لما كان ذلك كان إطلاق الأفراد المجندين اللحى ابتاعا لسنة الإسلام فلا يؤاخذون على ذلك فى ذاته، ولا ينبغى إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها - إذ (لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق) وهم تبعون لسنة عملية جرى بها الإسلام.
ولما كانوا فى إطلاقهم اللحى مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يؤثموا أو يعاقبوا، بل إن من الصالح العام ترغيب الأفراد المجندين وغيرهم فى الالتزام بأحكام الدين، فرائضه وسننه، لما فى هذا من حفز همتهم، ودفعهم لتحمل المشاق، والالتزم عن طيب نفس حيث يعملون بإيمان وإخلاص.
وتبعا لهذا لا يعتبر امتناع الأفراد الذين أطلقوا اللحى عن إزالتها رافضين عمدا لأوامر عسكرية، لأنه - بافتراض وجود هذه الأوامر - فإنها - فيما يبدون ت لا تتصل من قريب أو بعيد بمهمة الأفراد، أو تقلل من جهدهم، وإنما قد تكسبهم سمات وخشونة الرجال، وهذا ما تتطلبه المهام المنوطة بهم.
ولا يقال إن مخالفة المشركين تقتضى - لأن - حلق اللحى، لأن كثيرين من غير المسلمين فى الجيوش وفى خارجها يطلقون اللحى، لأنه شتان بين من يطلقها عبادة اتباعا لسنة الإسلام وبين من يطلقها للمجرد التجمل، وإضفاء سمات الرجولة على نفسه، فالأول منقاد لعبادة يثاب عليها، إن شاء الله تعالى، والآخر يرتديها كالثوب الذى يرتديه ثم يزدريه بعد أن تنتهى مهمته.
ولقد عاب الله الناهين عن طاعته وتوعدهم {أرأيت الذى ينهى.
عبدا إذا صلى. أرأيت إن كان على الهدى. أو أمر بالتقوى.
أرأيت إن كذب وتولى. ألم يعلم بأن الله يرى} العلق 9 - 14، والله سبحانه وتعالى أعلم(7/265)
الغاء الوقف الأهلى وسنده
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
شعبان 1400 هجرية - 29 يونيه 1980 م
المبادئ
1 - وقف المسجد صحيح نافذ لازم شرعا، متى توفرت شروطه.
2 - وقف غير المسجد عند جمهور الفقهاء صحيح على خلاف فى لزومه وفيما يجوز وقفه وما لا يجوز.
3 - عدم لزوم الوقف وجواز الرجوع عنه مذهب أبى حنيفة ويرى باقى الأئمة لزومه من وقت حصوله على خلاف فى ذلك.
4 - الوقف يتم الإرادة المنفردة، ولا يكون إلا مؤبدا، وأجاز البعض تأقيته.
5 - الوقف فى مرض الموت ولو لكل أملاكه صحيح بإجازة الورثة وإلا كان كالوصية صحيح فى الثلث باطل فيما عداه.
6 - تصرف ولى الأمر بالمصلحة فيما بتعلق بالأمور العامة وصدور قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات من هذا القبيل
السؤال
من السيد /.
بجامعة الملايو - ماليزيا بالكتاب المحرر فى 9 من شهر جمادى الآخرة سنة 1400 هجرية 24 من أبريل سنة 1980 المقيد لدينا برقم 175 سنة 1980 وقد جاء به أن السائل قال إنه قد استولى ولا يزال يستولى على فكرى وهمى من حين لآخر سؤال ولم أجد له جوابا شافيا مقنعا وأتوقع الرد على هذا لما فى الرد من مصلحة تهم المسلمين، وبالأخص مسلمى ماليزيا،.
وسؤال كالآتى بعد الاطلاع على المادة الأولى من قانون الوقف (الوقف الأهلى) رقم 180 لسنة 1952، حيث تنص على أنه (لا يجوز الوقف على غير الخيرات) مما يبدون لى أن هذه المادة تشير إلى إلغاء الوقف الأهلى إن صح تصورى.
فهل يعتبر هذا إلغاء مشروعا لدى الشرع، فإذا كان كذلك فما وجهة نظر الفقهاء فى ذلك استنادا إلى الحجج المعتبرة لديهم والله يوفقكم مع رجائى التفضل فى الرد عليه
الجواب
إن الأصل فى جواز الوقف وشرعيته هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضى الله عنه حينما شاوره فى أرض له بخيبر، حبس أصلها وسبل الثمرة) ، وقد اختلف أفهام الأئمة وفقهاء المذاهب المعتبرة فى معنى هذا الأثر ومداه تبعا لاختلاف ما وصل إلى كل منهم من الروايات لهذا الحديث، وما روى من آثار أخرى عن وقوف لبعض الصحابة رضى الله عنهم.
وتبعا كذلك لاختلاف مداركهم لمدلول تلك الآثار، ولقد أدى هذا إلى اختلافهم فى خصائص الوقف وحقيقته اختلافا بينا واسع المدى، ولعل فقهاء المذاهب الإسلامية لم يتخلفوا على عقد من العقود الشرعية اختلافهم فى الوقف.
ونوجز عناصر كل ذلك فيما يلى اتفاق واختلاف اتفقت كلمة الفقهاء على أن وقف المسجد صحيح نافذ لازم متى توافرت الشروط، ولا يعرف - فيما طالعنا من كتب الفقه التى بأيدينا أن أحدا منهم خالف فى أصل صحة وقف المسجد ولزومه بشروطه وإن تفاوتوا فى بعض الأحكام التفصيلية.
أما وقف غير المسجد فقد تشعبت فيه أقوالهم، فمنهم من قال ببطلانه وهذا مروى عن على بن ابى طالب وعبد الله بن عباس وابن مسعود من فقهاء الصحابة، وبه قال شريح من فقهاء التابعين ومروى أيضا عن الإمام أبى حنيفة وعن أبى جعفر الطبرى، فقط روى عن ابن مسعود قول لا حبس إلا فى سلاح أو كراع، وروى ابن أبى شيبة موقوفا عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قوله لا حبس عن فرائض الله إلا ما كان من سلاح أو كراع، وروى الطحاوى فى شرح معانى الآثار أن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أنزلت سورة النساء وأنزل فيها الفرائض نهى عن الحبس وآثار أخرى رواها الطحاوى وابن حزم.
(معانى الآثار ج - 2 ص 649 والمحلى لابن حزم ج - 9 ص 175 وفتح القدير للكمال بن الهمام الحنفى المصرى ج - 5 ص 42) .
وذهب جمهور الفقهاء وأئمة الأمصار إلى جواز وقف غير المسجد وصحته على خلاف بينهم فى لزومه، وفيما يجوز وقفه وما لا يجوز، وحججهم فى هذا مشروحة ومستفيضة فى مواضعها من كتب الفقه.
ومما سلف يتضح أن ما ذهب إليه بعض فقهاء الصحابة والتابعين قول له أدلته، ويصح الاستناد إليه والأخذ به متى دعت إلى ذلك مصلحة الأمة وخيرها، وإن خالف ما عليه جمهور الفقهاء.
أما عدم لزوم الوقف وجواز الرجوع عنه فهو قول افمام أبى حنيفة نفسه فى اصح الروايتين عنه وقول زفر بن الهذيل (المبسوط للسرخسى ج - 12 ص 37 والفتاوى الخانية ج - 3 ص 285 وشرح معانى الآثار للطحاوى ج - 9 ص 175) .
أما لزوم الوقف الصحيح الناجز من وقت حصوله، لا يباع ولا يرهن ولا يوهب ولا يورث ولا ينقض فهو قول باقى الفقهاء على اختلاف بينهم فى لزوم الوقف وعدم لزومه.
ولقد اختلف الفقهاء كذلك فى عقد الوقف، فقالت طائفة إنه يتم بالإرادة المنفردة، ولا يتوقف انعقاده وصحته وثبوت الاستحقاق للموقوف عليه إلى القبول، وطائفة ثانية تقول إن الأصل فى العقود أنها رباط بين متعاقدين وهذا يقتضى اشتراط القبول، والوقف من العقود فلابد فيه من القبول، هذا بينما ذهبت طائفة ثالثة إلى أن الوقف لابد أن يظهر فيه معنى القرية، فى حيز أن طائفة رابعة لا تشترط ذلك.
ثم من قال من الفقهاء إن الوقف عند غير لازم وللواقف فسخه.
قال أيضا إن الزوم وعدمه تابع لمشيئة الواقف، ولا يجبر على إنفاذه لو أراد الفسخ، وأن لوارثته كذلك هذه المشيئة والاختيار.
ومن قالوا بلزوم الوقف متى انعقد صحيحا اختلفوا، فمنهم من جعله لازما بالنسبة للعقد وللشروط وللموقوف ومن وقف عليه، وتبعا لهذا منعوا الواقف من اشتراط الحق فى الاستبدال أو التغيير فى المصارف والشروط، لأن فى هذا منافاة لمقتضى العقد وهو اللزوم، ومنهم من أجاز للواقف اشتراط كل ذلك ورتب عدم لزوم الوقف فيما يشترط فيه التغيير.
ثم جرى الخلاف أيضا فى أبدية الوقف أو عدمها فمنهم من قال إن الوقف لا يكون إلا مؤبدا، ومنهم من أجازه مؤبدا ومؤقتا.
كما وقع الاختلاف فى ملكية الموقوف، وهل يخرج بالوقف عن ملك الواقف لا إلى مالك، أو يبقى فى ملكه، أو يخرج إلى ملك الموقوف عليه وإن كان جهة عامة.
ولقد ترتب على هذا الاختلاف أن تنوعت تعاريف الفقهاء للوقف فراعى كل منهم حقيقة الوقف وخصائصه التى انتهى إليها اجتهاده.
وفى تأبيد الوقف وتأقيته كانت أقوال الفقهاء متنوعة حيث ذهب الإمامان أبو حنيفة ومحمد بن الحسن رحمهما الله تعالى إلى أن التأبيد من شروط صحة الوقف وأن توقيته مبطل له، وأن التأبيد قد يكون صراحة فى القعد، أو يجعل مآل الاستحقاق فيه أخيرا إلى جهة بر لا تنقطع غالبا كالمساكين ومصالح المساجد.
ونقل عن الإمام أبى يوسف رحمه الله تعالى قولان أحدهما أنه لا يشترط التأبيد لصحة الوقف، وأنه بعد انقطاع الجهة الموقوف عليها يرجع ألوقف إلى ملك الواقف أو لورثته، جاء هذا القول فى أوائل كتاب الوقف فى المبسوط للسرخسى ج - 12، وجاء فى أجناس الناطفى فروع دالة على هذا القول وقال الناطفى إن عليه الفتوى، وفى فتح القدير وإذا عرف عن أبى يوسف جواز عوده إلى الورثة فقد يقول فى وقف عشرين سنة بالجواز، لأنه لا فرق أصلا.
أما القول الآخر عن أبى يوسف فهو أنا التأبيد شرط لصحة الوقف، لكنه لا يشترط النص عليه ولا جعله لجهة لا تنقطع، لأن لفظ الوقف والصدقة منبىء عن التأبيد.
أما وقف المساجد فلا بد فيه من التأبيد لأن التوقيت ينافيه، ولأن المسجدية جهة لا تنقطع، فمتى وجد من الواقف ما يدل عليهما حصل التأبيد.
(فتح القدير للكمال بن الهمام على شرح الهداية ج - 5 ص 64 وما بعدها والإسعاف ص 71 وما بعدها) .
وذهب الفقه المالكى إلى أن التأبيد فى الوقف ليس شرطا لصحته فيصح مؤبدا، ومؤقتا، إذا لم يتأبد الوقف رجع بعد انقطاع جهته ملكا لمالكه أو لورثته، وإذا تأبد لا يباع ولا يوهب ولا يورث.
(حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج - 4 ص 100 إلى ص 105 طبع دار الطباعة سنة 1287 هجرية) .
ولفقهاء المالكية تفصيلات فيمن يستحق الوقف المؤبد بعد انقطاع مصرفه.
وقد جاء فى إجارات المدونة انه لا بأس بأن يكرى أرضه على أن تتخذ مسجدا عشر سنين فإذا انقضت كان النقض لمن بناه.
(منح الجليل شرح مختصر خليل ج- 4 ص 36 أوائل الوقف) وهذا واضح فى أن المسجد يصح أن يكون وقفه مؤقتا كسائر الوقاف، وأظهر الأقوال فى فقه الإمام الشافعى أن الوقف لا يكون إلا مؤبدا.
(التحفة ج - 2 ص 322) . وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل لا يصح الوقف مؤقتا (الفروع لابن مفلح ج - 2 ص 867) .
وفى المغنى لابن قدامة (ج - 6 ص 214) المطبوع مع الشرح الكبير أن الوقف المنقطع، وهو ما لا يعلم انتهاؤه، فالوقف مع ذكر ما ينقطع به يصح، وبه قال مالك وأبو يوسف والشافعى فى أحد قوليه، وقال محمد ابن الحسن لا يصح وهو القول الثانى للشافعى.
وفى الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية (ج - 4 ص 101) ان مأخذ الوقف المنقطع هو أن الوقف هل يسح توقيته بغاية مجهولة أو غير مجهولة فعلى قول من قال لا يزال وقفا لا يصح توقيته، وعلى قول من قال يعود ملكا يصح توقيته، فإن غلب جانب التحريم فالتحريم لا يتوقف، وإن غلب جانب التمليك فتوقيته جميعه قريب من توقيته على بعض البطون، كما لو قال وقفت على زيد سنة ثم على عمر سنة ثم على بكر سنة.
وذهب فقه الإمامية إلى صحة الوقف الؤقت لمدة صراحة، والمؤقت ضمنا بذكر مصرف ينقطع، وقالوا بانتهاء الوقف بانتهاء المدة وانقطاع المصرف (جواهر الكلام ص 638) .
مسلك القانون المصرى فى التأبيد والتأقيت وسنده لهذا الاختلاف فى تأبيد الوقف وتوقيته أخذ القانون المصرى رقم 48 لسنة 1948 بمذهب الحنفية فى المجسد فلابد من تأبيده، وكذلك الموقوف على المسجد حيث لا يجوز الرجوع ولا التغيير فيه، وعدل القانون عن هذا المذهب فيما عداه إلى الأخذ بقول القائلين بجواز تأبيد الوقف الخيرى وتوقيته تيسيرا على الناس فى فعل الخير.
وقد أخذ فى جواز تأقيته بالمدة وبذكر مصرف ينقطع مع التصريح بعودته ملكا بعد الانتهاء بمذهب المالكية.
وهو أيضا مذهب الإمامية وأحد قولين فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل وإحدى روايتين عن الإمام أبى يوسف فيما إذا ذكر الواقف جهة تنقطع، وما اقتضاه التوقيت فى المدة على ما ستظهره الكمال بن الهمام فى فتح القدير، واعتبر الوقف مؤبدا إذا أطلق عن التأبيد والتوقيت أخذا بالرواية الأخرى عن أبى يوسف.
كما أخذ هذا القانون بوجوب توقيت الوقف على ما عدا وجوه الخير، ومبنى هذا القول بجواز توقيت الوقف، والقول بعدم جوازه أصلا.
فمن وقت الوقف من تلقاء نفسه بمدة معينة لا تجاوز 60 ستين سنة جاز وقفه، ومن وقته بطبقة أو بطبقتين جاز أيضا أخذا بقول القائلين بجواز توقيت الوقف، وإن تجازو ذلك صح وقفه على الطبقتين، وفى المدة المذكورة فقط، وبطل فيما عدا ذلك أخذا فى الجائز بقول المجيز، وفى الباطل بقول من قال بعدم جواز الوقف أصلا.. وتصحيح الوقف فى بعضه وإبطاله فى بعض آخر بمعنى إعطاء كل أمر منهما حكما لم يعط للآخر، لا مانع منه فقهاء وإن كان العقد واحدا، إذ لو وقف فى عقد واحد ما يجوز وقفه وما لا يجوز صح الوقف فيما يجوز وقفه وبطل فيما لا يجوز وقفه، ولو وقف المريض مرض الموت كل أملاكه ورد الورثة وقفه صح وقفه فى الثلث وبطل فيما زاد عليه.
بهذه الأحكام جرى نص المادة الخامسة من هذا القانون إذا جاء بها وقف المسجد لا يكون إلا مؤبدا، ويجوز أن يكون الوقف على ما عداه من الخيرات مؤقتا أو مؤبدا وإذا أطلق كان مؤبدا، أما الوقف على غير الخيرات فلا يكون إلا مؤقتا ولا يجوز على أكثر من طبقتين.
تصرف ولى الأمر فى التشريع وغيره ومناطه شرعا من القواعد الشرعية ان تصرف الإمام (ولى أمر المسلمين) منوط بالمصلحة، نص على ذلك الإمام الشافعى إذ قال (منزلة الإمام من الرعية منزلة الولى من اليتيم) .
وأصل هذه القاعدة ما أخرجه سعيد بن منصور فى سننه عن البراء ابن عازب قال قال عمر رضى الله عنه (إنى أنزلت نفسى من مال الله بمنزلة والى اليتيم، إن احتجت أخذت منه، فإذا أيسرت رددته، فإن استغنيت استعففت) .
وهذه القاعدة واردة بعنوان القاعدة الخامسة فى كتابى الأشباه والنظائر لابن نجيم المصرى الحنفى وللسيوطى الشافعى.
وقد أسندها ابن نجيم إلى الإمام أبى يوسف أيضا، وساق واقعات عن الخليفتين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، ثم قيد القاعدة بأن فعل الإمام إذا كان مبنيا على المصلحة فيما يتعلق بالأمور العامة لم ينفذ أمره شرعا إلا إذا وافقه، فإن خالفه لم ينفذ وأورد أمثلة لهذا القيد.
إلغاء الوقف الأهلى فى مصر وهل يجيزه الشرع تقدم أن فقهاء المذاهب قد اختلفوا فى تأبيد الوقف وتأقيته، بل إن منهم من قال إن الوقف باطل أصلا وغير جائز، وفى نطاق هذا وما سبق تفصيله صدر القانون المصرى رقم 180 لسنة 1952 ونصت مادته الأولى على أنه لا يجوز الوقف على غير الخيرات.
ونصت مادته الثانية على إنهاء كل وقف لا يكون مصرفه فى الحال خالصا لجهة من جهات البر.
وجاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إن نظام الوقف نشأ لتشجيع التصدق على الفقراء من طريق حبس الملك على وجه التأبيد بيد أن تطور الأوضاع الاقتصادية فى عالم اليوم كشف عن مسافة الخلف بين آثار نظام الوقف وبين ما تتطلبه الأوضاع الاقتصدارية من حرية تداول المال وما جد فى ثناياها من معانى البر، ولذلك أضحى نظام الوقف أداة لحبس المال عن التداول، وعقبة فى سبيل تطور الحياة الاقتصادية على نحو جعل الفقراء فى طليعة ضحايا هذا النظام، ذلك أن نصيبهم من خيرات الوقف تضاءل حتى أصبح عديم الجدوى، فضلا عن أن حبس الأموال حال دون استثمارها على وجه يفسح مجال العمل والكسب الكريم لهؤلاء الفقراء، وهذه هى أرفع صور البر وأبلغها فى معنى التقرب إلى الله وبصدور تشريع الإصلاح الزراعى للحد من الملكية الزراعية صار من الضرورة التنسيق بين نظام الوقف وبين أغراض للإصلاح، وكانت مناسبة موفقة لإعادة النظر فى هذا النظام على الأقل فيما يتصل بحبس الملك على غير الخيرات، وقد قصد من مشروع القانون إلى إلغاء نظان الوقف على غير الخيرات حتى يتسنى تطبيق أحكام تشريع الإصلاح الزراعى على الأراضى الزراعية الموقوفة التى يتمتع فيها المستحقون بحكم الواقع بمركز لا يختلف فى جوهره عن مركز الملاك فى الوقت الحاضر - وحتى يتسنى إطلاق طائفة جسيمة من الأموال من عقالها لتصبح عنصرا من عناصر التداول.
وهذا الذى أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية بيان للمصلحة العامة التى استهدفها هذا القانون من إنهاء الوقف على غير الخيرات (الوقت الأهلى) .
ولما كان تقدير المصلحة منوطا بولى المر المسلم - كما سبق بيانه وتأصيله - كان ما انتهى إليه القانون واقعا فى نطاق الشرع، إذا قد تقدم أن من الفقهاء من قال بعدم لزوم الوقف بل وببطلانه وعدم جوازه أصلا.
وأخذا بفقه هؤلاء كان لولى الأمر فى مصر إصدار هذا القانون باعتباره مقلدا، له أن يختار من أقوال الفقهاء ما يراه مناسبا لمصالح الناس وله أن يأخذ حكما من مذهب فى مسألة وحكما فى مسألة أخرى من مذهب آخر على ما حرره علماء أصول الفقه فى أحكام التقليد والتلفيق والتخريج.
وكما سلف القول كان جائزا تصحيح بعض الوقف وإبطال بعضه الآخر.
فحين استبقى القانون الوقف على الخيرات اتبع قول القائلين بلزوم الوقف عليها، وحين أنهى الوقف على غير الخيرات (الأهلى) اتبع قول القائلين بعدم جواز الوقف أصلا وبطلانه، وذلك تلفيق فى التشريع تجيزه أقوال الفقهاء وعلماء أصول الفقه.
ولا شك أن المصلحة التى تغياها هذا القانون واضحة ظاهرة لأن تطور الأنظمة الاقتصادية اقتضى إطلاق الأموال المحبوسة عن التداول حرصا على تعميرها، وزيادة غلاتها وخبراتها حين تؤول ملكا خاصا لمن استحقها، ومن ثم تكون هذه المصلحة شرعية جاءت فى إطار القواع المتقدمة، وأقوال الفقهاء المختلفة فى شأن الوقف المشار إليها.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/266)
التداوى بالخمر
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1399 هجرية - 12 مارس 1979 م
المبادئ
الخمر حرام ويجوز التداوى بالمحرم عند الضرورة بشروط معينة
السؤال
بالطلب المتضمن بيان رأى الدين فيما إذا كانت الخمر هى العلاج الوحيد بدون بديل لشفاء مريض مسلم.
والحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
إن الخمر رجس محرم قطعا بقول الله تعالى فى سورة المائدة {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة 90، وقد أبان النبى صلى الله عليه وسلم فى أحاديث كثيرة تحريم الخمر أيا كانت المادة التى أخذت منها.
ومن هذه الأحاديث (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) رواه الإمام مسلم فى صحيحه.
وقوله (ما أسكر كثيره فقليله حرام) رواه الإمام أحمد وابن ماجه والدار قطنى.
وقد اختلف فقهاء المذاهب فى إباحة التداوى بالمحرم ومنه الخمر.
فمنع التداوى بالمحرم فقهاء مذهبى الإمام مالك وأحمد بن حنبل، وأجاز التداوى به فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة فى القول المختار وفقهاء المذهب الشافعى فى أحد الأقوال وذلك بشرطين أحدهما أن يتعين التداوى بالمحرم بمعرفة طبيب مسلم خبير بمهنة الطب معروف بالصدق والأمانة والتدين.
والشرط الآخر ألا يوجد دواء من غير المحرم ليكون التداوى بالمحرم متعينا، ولا يكون القصد من تناوله التحايل لتعاطى المحرم، وألا يتجاوز به قدر الضرورة.
هذا وأساس هذه الإباحة الضرورة، لأن صون نفس الإنسان عن الهلاك من الضرورات الخمس التى هى مقاصد الإحكام فى الإسلام.
وقد استدل الفقهاء الذين أجازوا التداوى بالمحرم عند الضرورة بالشروط السابقة بآيات القرآن الكريم التى أباحت المحرمات عند الضرورة، ومنها قوله تعالى فى سورة البقرة {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} البقرة 173، ولما كانت إباحة التداوى بالمحرم حسبما تقدم فى قول فقهاء المذهب الحنفى، وقول فى مذهب الإمام الشافعى للضرورة، وكانت الضرورة تقدر بقدرها، فإنه ينبغى ألا يتمادى المريض المسلم فى تعاطى المحرم استغلالا لحال الضرورة.
فإن الله سبحانه يعلم السر وأخفى. وعلى المسلم الحريص على دينه أن يتحرى الصدق، وأن يبتعد عن الشبهات استبراء للدين، وألا يسوغ لنفسه رخصة أباحها الله دون حاجة وضرورة، وأن يجد ويجتهد فى طلب مشورة أكثر من طبيب مسلم قبل الإقدام على التداوى بالمحرم.
هذا وإنه مع التقدم العلمى فى كيمياء الدواء لم تعد حاجة ملحة لاستعمال الخمر فى التداوى لوجود البديل المباح.
ومما تقدم يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/267)
تفضيل الابن البار بالمال وحرمان العاق منه
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1400 هجرية - 18 فبراير 1980 م
المبادئ
1 - تفضيل بعض الأولاد ببعض من المال دون بعض مكروه ويجوز ذلك مادام هناك سبب يدعو إليه.
2 - عقوق الولد لأمه وتعديه عليها يبيح تفضيل غيره عليه فى العطية
السؤال
بالطلب المتضمن أن للسائلة ابنين أنفقت على تربيتهما وتعليمهما حتى كبرا، والتحق كل منهما بوظيفة يتكسب منها، وقد زوجت أحدهما وهيأت له أسباب الراحة بالسكن فى شقة ملائمة على حسابها، ولكن هذا الابن الذى تزوج وأنجب أولادا بدأ يعاملها بقسوة، بل ويعتدى عليها بالضرب والشتم والسب العلنى فهو عاق لدرجة أنها لا تطيق رؤيته.
أما الولد الآخر فهو بار بها يعطف عليها ويحترمها ويقدرها ويعترف بفضلها، ويبذل قصارى جهده للعمل على إرضائها، وأن السائلة إزاء ذلك تريد أن تتصرف فى مالها بحيث لا ينال هذا الولد العاق شيئا منه.
وأن تعطى ذلك المال السائلة كما تقول فى مالها لأى إنسان آخر دونهما، أو أن الولد البار قبل التصرف لنفسه.
هل يكون فى تصرفها هذا شىء تحاسب عليه أم ماذا
الجواب
عن النعمان بن بشير قال قال النبى صلى الله عليه وسلم (اعدلوا بين أبنائكم.
اعدلوا بين أبنائكم. اعدلوا بين أبنائكم) رواه أحمد وأبو داود والنسائى.
وروى مسلم وأبو داود وأحمد عن جابر قال (قالت امرأة بشير انحل ابنى علاما (أى اعطه عبدا) وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابنة فلان (أى زوجته وسماها) سألتنى أن أنحل ابنها غلامى.
فقال له إخوة قال نعم.
قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته. قال لا. قال فليس يصلح هذا، وإنى لا أشهد إلا على حق) ورواه أبو داود من حديث النعمان بن بشير.
قال فيه (لا تشهدنى على جور. إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم) .
هذا وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على كراهية التفاضل أو التفضيل أو إفراد بعض الأولاد ببعض المال أو كله.
ثم اختلفوا هل يحرم ذلك التخصيص أو التفضيل بينهم فيرى أبو حنيفة والشافعى أن ذلك لا يحرم وقال الإمام مالك إنه يجوز إعطاء الرجل بعض ماله لبعض ولده دون بعض.
وقال الإمام أحمد بن حنبل إن التفاضل بين الأولاد أو تفضيل بعضهم على بعض أو تخصيصه لا يجوز، ومن فعل ذلك فقد أساء.
والذى نختاره للفتوى ما قال به الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعى بشرط أن يكون هناك سبب يدعو إلى تخصيص بعض الأولاد بشىء من المال دون بعض.
وقد قال بهذا أيضا فقهاء الحنبالة، كما جاء فى كتاب المغنى لابن قدامة فى باب الهبة إذا قال فإنه خص بعضهم لمعنى بقتضى تخصيصه لحاجة أو زمانة (أى مرض طويل مزمن) أو عمى أو كثرة عائلته أو استغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل فذلك جائز وكذا لو صرف غطيته ومنعها عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصيه الله فله ذلك، ولا شك أن عقوق الابن وتعديه على أمه بالضرب والشتم والسب من أكبر الفوسق والآثام لأن الله أمر بالبر بالوالدين، وجعل برهما قرين عبادته فقال {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} النساء 36، وغير هذا من الآيات والأحاديث الوفيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الشأن.
ومنها حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يا رسول الله من أحق بحسن صحابتى قال أمك.
قال ثم من قال أمك. قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك) رواه البخارى.
وإذا كان ذلك كان للسائلة أن تصرف مالها غلى البار من أولادها إثم عليها فى ذلك، وإن كان الأولى من هذا أن تعفو وتصفح وتدعو لولدها العاق بالهداية والتوفيق وتترك المال على ذمتها، فإن الآجال بيد الله {وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت} لقمان 34، وفى العفو عن الإساءة الكثير من الآيات الكريمة منها قوله تعالى {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} الشورى 40، وفى الحديث الشريف (أحسن إلى من أساء إليك) .
وبهذا علم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/268)
الصيد الواقع فى الماء
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر 1400 هجرية - 23 فبراير 1980 م
المبادئ
1 - الصيد حلال شرعا ما لم يكن لمجرد اللهو أو تعذيب الحيوان أو كان فيه ضرر بالناس.
2 - إذا وقع الصيد فى الماء فأخرج ميتا لا يحل أكله
السؤال
بالطلب المتضمن أنه يوجد لدى أهالى الصحراء الغربية موسم لصيد الطيور فى شهرى أغسطس وسبتمبر من كل عام، والصيادون يكونون بجوار البحر الأبيض المتوسط، فأحيانا يضربون الطيور بالبندقية فتقع فى البحر وينزل أحدهم لإخراجها منه وأحيانا يجدونها لا تزال بها حياة فيذبحونها فيكون أكلها حلالا، وأحيانا يجدونها ميتة وليس بها حياة.
وقد اختلفت الآراء فى ذلك فبعض العلماء يقول إن أكلها حلال.
والبعض يحرم أكلها بعد إخراجها من البحر ميتة. وطلب السائل الإفادة عن حكم الدين فيما أخرج من البحر ميتا
الجواب
إن الصيد من الحلال الطيب الذى أباح الله أكله والانتفاع به ن وهو مباح إذا لم يترتب عليه إضرار للناس بإتلاف مزارعهم، أو إزعاجهم فى منازلهم أو كان الغرض منه مجرد اللهو أو اللعب أو القمار وتعذيب الحيوان.
وإلا فيحرم، وقد ثبت حل الصيد وأكله بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى فى سورة المائدة {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه} المائدة 4، وقوله تعالى أيضا {وإذا حللتم فاصطادوا} المائدة 2، وأما السنة فما رواه البخارى ومسلم أنا أبا ثعلبة قال (قلت يا رسول الله أنا بأرض صيد أصيد بقوسى وبكلبى الذى ليس بمعلم وبكلبى المعلم فما يصلح لى فقال الرسول ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل) وروى مسلم عن عدى بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه.
فإذا وجدته ميتا فكل، إلا أن تجده قد وقع فى الماء فمات.
فإن لا تدرى الماء قتله أو سهمك) ولو رمى صيدا فوقع فى الماء أو على سطح أو جبل ثم تردى منه على الأرض فمات حرم.
لقوله تعالى فى سورة المائدة {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية} المائدة 3، إلخ الآية.
ولهذا أجمع فقهاء المسلمين على أن الصيد إن وجد فى الماء ميتا أو تردى من فوق سطح أو جبل ميتا لا يحل أكله، لجواز أن يكون موته اختناقا بالماء أو قتل مترديا من السطح أو الجبل، فيدخل فى هذه المحرمات المنصوص عليها فى هذه الآية الكريمة.
لما كان ذلك فإن الصيد الذى وقع فى الماء لا يحل أكله أو الانتفاع به إذا خرج ميتا فاقدا كل مظاهر الحياة، وكذلك ما تردى من فوق جبل أو سطح فمات قبل إرداكه.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/269)
نزول المريض على رأى الأطباء
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
شعبان 1400 هجرية - 9 يونيه 1980 م
المبادئ
1 - على المريض النزول على رأى الأطباء لأن من الضرورات فى الإسلام المحافظة على النفس من التلف.
2 - إذا تيسر وجود الطبيب المسلم للعلاج كان أولى، وإلا جاز ذلك للطبيب غير المسلم للضرورة.
3 - على المريضة أن تطلقع أولياء أمرها على رأى الأطباء ليكونوا على علم ودراية بسبب زوال غشاء البكارة، وأنه ضرورة علاج للمحافظة على صحتها.
ولهم أن ياشروا معها كل ذلك. 4 - الدم الأسود الذى ينزل من رحم المرأة قبل ميعاد الدولة الشهرية بأسبوع أو خمسة أيام هو من ألوان دم الحيض حسبما قرر الفقهاء، وعليها أن تعتبر ذلك مبدأ الدورة الشهرية مادام يسيل تلقائيا إلى الخارج.
5 - تحرم عليها الصلاة كما يحرم عليها الصوم إلى انقطاعه كعادتها أو إلى مدة أقصاها عشرة أيام.
6 - تقضى الصوم إن كان فى شهر رمضان ولا تقضى الصلاة
السؤال
بالطلب المقدم من الآنسة ف س بأمريكا المتضمن أنها طالبة بإحدى الجامعات بأمريكا، وتبلغ من العمر ثلاثين عاما ولم يسبق لها الزواج، وأنها دخلت إحدى المستشفيات للعلاج من روم فى رجلها اليمنى، وعند الكشف عليها وجد الأطباء أن لديها أوراما غير معروفة داخل الرحم المر الذى يتطلب إدخال آلة لأخذ عينات من هذه الأورام وتحليلها، وهذا يعنى إجراء فحص داخلى مما يتسبب عنه إزالة غشاء البكارة، ولما امتنعت عن إتمام هذا الإجراء أخرجوها من المستشفى على أن تعود إليها فى أقرب وقت لإجراء هذه الفحوص قبل أن يستفحل الأمر، وأشاروا عليها بإحضار أحد الأطباء المسلمين ليقف على أن هذا الفحص لازم للعلاج.
ثم انتهت إلى السؤال عن هل إجراء مثل هذه العملية من الناحية الدينية جائز أو يعتبر زنا وإذا جاز لها إجراء تلك العملية فما هى الخطوات التى تتبعها ليعرف الأهل ما حدث وما حكم الصلاة فى حالة نزول نزيف أسود قبل ميعاد الدورة الشهرية بأسبوع أو خمسة أيام وما حكم الصوم أيضا فى رمضان فى حالة نزول هذه المادة السوداء التى تشبه القهوة وليس دم حيض
الجواب
إنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تداوى وأمر بالتداوى.
فقد روى عن أسامة بن شريك قال (جاء أعرابى فقال يا رسول الله أنتداوى قال نعم فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله) رواه أحمد.
وفى لفظ (قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى قال نعم عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحدا، قالوا يارسول الله وما هو قال الهرم) رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذى وصححه.
لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن الأطباء الذين تولوا فحص السائلة قد قرروا لزوم أخذ جزء من الأورام الداخلية بالرحم لتحليلها لمعرفة، نوعها وتشخيص المرض إن كان تحديد طرق العلاج، كان على السائلة النزول عند رأيهم، لأن من الضرورات فى الإسلام المحافظة على النفس من التلف.
ففى القرآن الكريم قوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} البقرة 195، وقوله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} النساء 29، ولا شك أن إهمال العلاج من باب إهلاك النفس الإنسانية ومؤد إلى قتلها، وهو مرحم ومنهى عنه شرعا بهذه النصوص.
وإذا تيسر وجود الطبيب الملم كان أولى، وإلا جاز ذلك للطبيب غير المسلم للضرورة، أو أخذا بمذهب الإمام مالك رحمه الله الذى يجيز العمل برأى الطبيب غير المسلم الثقة.
ومن ثم فعلى السائلة المبادرة إلى إجراء هذا الفحص حماية لنفسها عن الهلال امتثالا، لأمر الله بالمحافظة على النفس فى القرآن الكريم، وترخيص الرسول صلى الله عليه وسلم فى التداوى بل وأمره به.
وعليها أيضا أن تطلع أولياء أمرها على رأى الأطباء، ليكونوا على علم ودراية بسبب زوال غشاء البكارة، وأنه ضرورة علاج للمحافظة على صحتها، وعليهم أن يباشروا معها كل ذلك.
أما عن الدم الأسود المشبه للقهوة الذى ينزل من رحم السائلة قبل ميعاد الدورة الشهرية بأسبوع أو خمسة أيام، فإن الدم الأسود من ألوان دم الحيض حسبما قرر الفقهاء.
وتبعا لذلك عليها أن تعتبر هذا مبدأ الدورة الشهرية مادام يسيل تلقائيا إلى الخارج، وعندئذ تحرم عليها الصلاة كما يحرم الصوم إلى حين انقطاع الدم كعادتها، أو إلى مدة أقصاها عشرة أيام، ويجب عليها أن تقضى الصوم إن كان فى شهر رمضان ولا تقضى الصلاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/270)
جراحة تحويل الرجل إلى امرأة وبالعكس جائزة للضرورة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
شعبان 1401 هجرية - 27 يونية 1981 م
المبادئ
إجراء عملية جراحية بتحويل الرجل إلى امرأة أو العكس جائز متى كان المقصود منها إبراز عضو خلقى مطمور ولا يجوز ذلك لمجرد الرغبة فى التغيير فحسب
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / أس أ - من ماليزيا المتضمن أن مركز البحث الإسلامى فى ماليزيا طلب منه بيان حكم الشريعة الإسلامية فى إجراء عمليات جراحية يتحول بها الرجل إلى امرأة وما أشبه ذلك.
وبيان ما إذا كان يوجد من النصوص الشرعية والفقهية ما يؤيد ذلك وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع حتى يتسنى له أن يرسله إلى حكومة ماليزيا
الجواب
عن أسامة بن شريك قال (جاء أعرابى فقال يا رسول الله أنتداوى.
قال نعم فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله) - رواه أحمد وفى لفظ (قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى.
قال نعم. عباد الله تداووا.
فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحدا.
قالوا يا رسول الله وما هو. قال الهرم) . رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذى وصححه (منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 8 ص 200) وعن جابر قال (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه) رواه أحمد ومسلم.
(المرجع السابق ص 204) وفى حديث عرفجه الذى قطع أنفه يوم الطلاب قال (أصيب أنفى يوم الكلاب فى الجاهلية فاتخذت أنفا من ورق (فضة) فأنتن على، فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ أنفا من ذهب) (صحيح الترمذى بشرح ابن العربى المالكى ج - 7 ص 269 و 270 طبعة أولى المطبعة البهية المصرية بالأزهر سنة 1350 هجرية - 1931 م) - قال ابن العربى فى شرحه لهذا الخبر إنه استثناء من تحريم الذهب بإجازة الانتفاع به عند الحاجة على طريق التداوى.
وعن عروة بن الزبير أن زينب بنت أبى سلمة أخبرته أن أم سلمة أخبرتها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان عندها وفى البيت مخنث (بفتح النون وكسرها) وهو المؤنث من الرجال وإن لم تعرف منه الفاحشة، وفإن كان ذلك فيه خلقه فلا لوم عليه، وعليه أن يتكلف إزالة ذلك وإن كان بقصد منه فهو المذموم (صحيح البخارى بشرح ارشاد السارى للقسطلانى ج - 7 ص 1460 طبعة سادسة المطبعة الأميرية ببولاق 1305 هجرية مع شرح النووى على صحيح مسلم فى باب اخراد المتشبهين بالنساء من البويت) وفى فتح البارى بشرح صحيح البخارى (ج - 9 ص 273 طبعة حسنة 1348 هجرية المطبعة البهية المصرية بالأزهر) لابن حجر العسقلانى فى باب المتشبهين بالنساء (أما ذم التبشبيه بالكلام والمشى فمختص ممن تعمد ذلك وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإنما يؤمر بتركه والإدمان على ذلك بالتدريح، فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم، ولا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به، وأخذ هذا واضح من لفظ المتشبهين، وأما إطلاق من أطلق - كالنووى - وأن الخنث الخلقى لا يتجه عليه اللوم فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترك التثنى والكسر فى المشى والكلام بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك، وإلا متى كان ترك ذلك ممكنا ولو بالتدريج فتركه بغير عذر لحقه اللوم.
واستدل لذلك الطبرى بكونه صلى الله عليه وسلم لم يمنع المخنث من الدخول على النساء حتى سمع منه التدقيق فى وصف المرأة، كما فى ثالث أحاديث الباب الذى يليه، فمنعه حينئذ.
فدل على أنه لاذم على ما كان من أصل الخلقة.
لما كان ذلك كان من فقه هذه الأحاديث الشريفة وغيرها من الأحاديث الواردة فى التداوى إجازة إجراء جراحة يتحول بها الرجل إلى امرأة، أو المرأة إلى رجل متى انتهى رأى الطبيب الثقة إلى وجود الدواعى الخلقية فى ذات الجسد بعلامات الأنوثة المطمورة، أو علامات الرجولة المغمورة، باعتبار هذه الجراحة مظهرة للأعضاء المطمورة أو المغمورة تداويا من علة جسدية - لا تزول إلا بهذه الجراحة، كما جاء فى حديث قطع عرق من أبى بن كعب وكيه بالنار حسبما تقدم.
ومما يزكى هذا النظر ما أشار إليه القسطلانى والعسقلانى فى شرحيهما على النحو السابق حيث قالا ما مؤداه إن على المخنث أن يتكلف إزالة مظاهر الأنوثة، ولعل ما قال به صاحب فتح البارى (بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك) واضح الدلالة على أن التكلف الذى يؤمر به المخنث قد يكون بالمعاجلة والجراحة علاج، بل لعله أنجح علاج.
ولا تجوز هذه الجراحة لمجرد الرغبة فى التغيير دون دواع جسدية صريحة غالبة، وإلا دخل فى حكم الحديث (منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 6 ص 192) الشريف الذى رواه البخارى عن أنس قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم، فأخرج النبى صلى الله عليه وسلم فلانا وأخرد عمر فلانا) رواه أحمد والبخارى.
وإذا كان ذلك جاز إجراء الحراحة لإبراز ما استتر من أعضاء الذكورة أو الأنوثة، بل إنه يصير واجبا باعتباره علاجا متى نصح بذلك الطبيب الثقة.
ولا يجوز مثل هذا الأمر لمجرد الرغبة فى تغيير نوع الإنسان من امرأة إلى رجل أو من رجل إلى امرأة.
وسبحان الذى خلق فسوى والذى قدر فهدى.
والله سبحانه وتعالى أعلم(7/271)
حكم ماء الزنا
المفتي
بكرى الصدفى.
جمادى الأولى 1325 هجرية
المبادئ
1 - ماء الزنا لا اعتبار له شرعا فلا يثبت به نسب.
2 - الإقرار بنسب ولد مع ذكر أنه من الزنا لا يعتد به ولا يثبت النسب.
3 - إذا ادعى نسب هذا الولد غليه من ذلك فلا يقبل ذلك منه لقطع نسبه منه شرعا قبل ذلك
السؤال
فى رجل مسلم وجد عنده امرأة نصرانية وعاشرها دون يعقد عليها وأنجب منها بنين وبنات ثم توفى هذا الرجل المسلم وترك ما يخصه فى وقف وقدره ثمانية أفدنة فهل هؤلاء الأولاد يكون لهم استحقاق فى ذلك الوقف المذكور بعد وفاة ذلك الرجل المسلم
الجواب
صرح العلماء بأن ماء الزنا لا اعتبار له فلا يثبت به النسب.
فإذا قال الشخص المذكور إن الأولاد المذكورين أولادى من الزنا لا يثبت نسبهم منه ولا يجوز له أن يدعيهم لأن الشرع قطع نسبهم منه فلا يحل له استلحاقهم به فلا يكون لهم شىء فى ريع الوقف المذكور فى هذه الحادثة حيث كان الأمر كما ذكر فى السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(7/272)
الحرام لا يحرم الحلال
المفتي
محمد بخيت.
رمضان 1336 هجرية - 20 من يونية 1918 م
المبادئ
الزنا بامرأة لا يحرم أختها
السؤال
شخص متزوج بامرأة وزنى بأختها.
فهل تحرم عليه امرأته
الجواب
نفيد أنه لا تحرم امرأة الرجل المذكور عليه بزناه بأختها.
بل الواجب على ذلك الرجل أن يستغفر الله تعالى ويتوب بأن يندم على ما وقع منه ويعزم على أن لا يعود إليه(7/273)
تحريم بالزنا
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
صفر 1345 هجرية - 10 من اغسطس 1926 م
المبادئ
1 - إذا زنى رجل بامرأة ثم تزوج بانتها ودخل بها ثم زنى بأمها حرمتا عليه.
2 - التكفير عن هذا الذنب يكون بالتوبة والندم والعزم على عدم العودة لمثل ذلك
السؤال
زنى شاب بامرأة ثم تزوج بابنتها وبعد دخوله بها زنى بأمها.
فهل تبقى هذه الزوجة على ذمته شرعا وكيف يكفر عن هذا الذنب
الجواب
علم ما جاء بخطابكم المؤرخ 6 اغسطس سنة 1926 الذى يتضمن أن شابا زنى بإمرأة ثم تزوج بابنتها وبعد دخوله بها زنى بأمها وتستفهمون عن بقاء هذه الزوجة على ذمته شرعا بعد ذلك وعن كيفية مايلزم للتكفير عن هذا الذنب.
وجوابنا عن ذلك أن كلا من المرأتين البنت وأمها حرمت على هذا الشاب حرمة مؤبدة.
أما الأم فلوطئه بنتها وأما البنت فلوطئه لأمها قبل العقد وبعده.
ومنه يعلم أن هذه البنت لم تكن زوجة له فى حالة من الحالات. وأما التكفير عن ذلك الذنب فيكون بالتوبة والندم والعزم على عدم العود لمثل ذلك ومع هذا فهو لا يفيد حل نكاحه لواحدة منهما(7/274)
ولد الزنا لا يثبت نسبه
المفتي
علام نصار.
ربيع الثانى 1370 هجرية - 28 يناير 1951 م
المبادئ
1- قبول الإقرار بالنسب مبنى على احتمال تخلق الولد من نكاح أو وطء بشبهة.
2- الزنا لا يصلح سببا لثبوت النسب ولو ادعاه الزانى.
3- إقرار الرجل بالنسب وقيد الولود باسمه بواسطته لا يعتد به بعد إقراره بأنه من زنا
السؤال
بكتاب نيابة الأزبكية رقم 7511 المؤرخ 19 يوليه سنة 1950 المرفق به المذكرة الخاصة بالجناية رقم 1671 سنة 1949 جنايات الأزبكية المتضمن أن امرأة مسلمة غير متزوجة اتصلت بشخص مسيحى متزوج وعاشرها فحملت، وفى يوم 13 يونية سنة 1948 وضعت مولودة ثم التجأت المرأة إلى شخص مقيم فى منزلها طالبة منه قيد الطفلة فى دفتر قيد المواليد، فقبل وقام بالتبليغ وقرر أنه والد المولودة، وبسؤال المرأة قررت أنها حملت بالطفلة من الشخص المسيحى، وبسؤال المسيحى أقر باتصاله بالمرأة وأنها حملت أثناء المعاشرة لها.
ومن الجائز أن تكون هذه المولودة نتيجة تلك المعاشرة، وبسؤال الشخص الذى قيدها قرر أن المرأة هى التى طلبت منه تبنى هذه المولودة فقبل وقام بقيدها بدفتر المواليد، وذكر أن هذه المولودة ليست ابنته وأنه لا يعرف والدها الحقيقى.
وطلب الإفادة عما يأتى: 1- حكم هذه المولودة شرعا.
2- هل للشخص الذى قيدها أن يستحق مثل هذه المولودة فيثبت فى دفتر المواليد أنه والدها، أم أن مثل هذه المولودة تعتبر مقطوعة النسب فلا تستلحق وما قيمة الإقرار فى دفتر المواليد شرعا
الجواب
نفيد أن المنصوص عليه شرعا أن الإقرار بالولد إنما يصح شرعا ويثبت به النسب إذا كان الولد مجهول النسب ويولد مثله لمثل المقر ويصدق المقر فى ذلك إن كان من أهل التعبير عن نفسه.
وأن الزنا لا يصلح سببا لثبوت النسب.
وأنه إذا صرح به لا يثبت النسب ولو ادعاه الزانى - ومعنى هذا أن قبول الإقرار بالنسب فيما ذكر مبنى على احتمال تخلق الولد من نكاح أو وطء بشبهة - أما إذا تمخض الزنا سببا فلا يثبت به النسب - وعلى ذلك فالجواب عن السؤال الأول أن هذه المولودة لا يثبت نسبها من المسيحى، لأن وطأه لأمها محض زنا، كما روته مذكرة النيابة على لسانها، والزنا لا يثبت به نسب لاسيما من مسيحى وعن الثانى أن استلحاق الشخص الذى قيد هذه المولودة لنفسه غير مقبول شرعا، ولا يثبت به نسب البنت منه لتصريح أمها بأنها من الزنا، وتصريحه هو بأنها ليست بنته، وإنما أراد إنقاذ أمها من عثرتها وظهور أمرها بأن يتبنى البنت وإن لم تكن له - فالمصرح به أولا وآخرا أن البنت ليست من هذا الشخص، وبمثله لا يثبت النسب شرعا - لما سبق تقريره فى النصوص الشرعية.
والجواب عن السؤال الثالث أنه لا قيمة لإقراره بنسبة البنت إليه وقيدها باسمه فى دفتر المواليد للأسباب السابق ذكرها.
والله أعلم(7/275)
وطء الأم
المفتي
حسن مأمون.
ذو القعدة 1374 هجرية - 23 يونية 1955م
المبادئ
زنا الرجل بأمه أو بإحدى محارمه كبيرة شنعاء.
وهى أفظع فى الإثم وأبلغ فى العقاب، ويجب الإقلاع عنها والندم على ارتكابها، والتوبة عنها، وليس الانتحار تكفيرا لها، بل هى جريمة أخرى يعاق عليه شرعا
السؤال
من السيد/.
عن بيان الحكم الشرعى فيمن غره الشيطان فزين له مواقعة أمه فواقعها.
فهل إذا تاب واستغفر الله من هذه السيئة يغفر الله له، أم ينتحر
الجواب
إن زنا الرجل المكلف العاقل المختار بأجنبية من أفحش الكبائر التى نهى الله ورسوله عن ارتكابها، وتوعد المقترفين لها بالعذاب الشديد.
قال تعالى {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا} الإسراء 32، وزنا الرجل بإحدى محارمه كبيرة شنعاء، أفظع فى الإثم وأبلغ فى العقاب وإنه كبيرة يقلع عنها المسلم، ويندم على ارتكابها، ويتوب عنها مع عدم العودة إليها مرة ثانية، ويرجى أن تقبل توبته منها - فأمره إلى الله سبحانه وتعالى وليس الإقدام على الانتحار وقتل النفس سبيلا إلى تكفير هذا الذنب الكبير.
إنما هو جريمة أخرى نهى الله عنها، وتوعد مقترفها بالعقاب الشديد فلا تقدم على قتل نفسك، وتب إلى ربك مما اقترفت من الزنا، ودوام على الطاعات وعلى الاستغفار، وأمرك إلى الله.
والله أعلم(7/276)
الإكراه على الزنا
المفتي
حسن مأمون.
ذو القعدة 1376 هجرية - 26 يونية 1957م
المبادئ
1- إكراه الرجل على الزنا ولو بملجئ لا يرخص له به، لأن فيه قتل النفس حكما، وهى ولد الزنا بضياعه، ولا يستباح ذلك ولو لضرورة ما كالقتل.
2- إكراه المرأة على الزنا يملجئ يرخص لها به، لأن نسب الولد لا ينقطع عنها، بل ينسب إلى الأم، لم يكن الزنا فيه فى معنى القتل من جانبها.
3- يسقط الحد عنها بزناها مكرهة.
ولا يسقط عن الرجل بذلك لأنه لما لم يكن الملجئ رخصة له لم يكن غيره شبهة تدرأ الحد.
4- لا يحل للمرأة المكرهة على الزنا بملجئ أو بغيره قتل نفسها لتنجو من عار الزنا
السؤال
بالطلب المتضمن أن امرأة مسلمة وقعت أسيرة فى يد عدو أراد اغتصابها، وحاولت الدفاع عن نفسها وشرفها فعجزت ويئست فانتحرت حتى لا تمكنه من نفسها - فهل تعتبر شهيدة، أو منتحرة وعليها عقوبة الانتحار
الجواب
جاء فى الدر شارح التنوير وحاشيته رد المحتار ولو أكره على الزنا بملجئ لا يرخص له، لأن فيه قتل النفس وهى ولد الزنا بضياعه، لأنه هلك حكما، لعدم من يربيه، فلا يستباح بضرورة ما كالقتل.
وفى جانب المرأة يرخص لها الزنا بالإكراه الملجئ لا بغيره، لأن نسب الولد لا ينقطع بل ينسب إلى الأم، فلم يكن الزنا فى معنى القتل من جانبها، بخلاف الرجل لكن يسقط الحد فى زناها لا زناه.
لأنه لما لم يكن الملجئ رخصة له لم يكن غير الملجئ شبهة له وجاء فى در التنقى شرح مجمع الأنهر - والحاصل أن الزنا لا يرخص للرجال بحال، لتضمنه قتل النفس.
وأما فى حقها فيرخص بالملجئ ثبوت نسبه منها، فلم يكن زناها فى معنى القتل إلا بغير الملجئ لكنه يسقط الحد عنها للشبهة لا عنه، لأنه لما لم يرخص له الملجئ لم يكن غير الملجئ شبهة له - ومما سبق يتضح أن المنصوص عليه شرعا، أن المرأة إذا أكرهت على الزنا بمجلئ كقتلها إن لم تطاوع المكره رخص لها فى الزنا ولا حد عليها.
وإذا أكرهت بغير الملجئ سقط الحد عنها أيضا عند المطاوعة - لوجود الشبهة ولكن لا يرخص لها فى الزنا - وفى كلتا الحالتين لا يحل لها أن تقتل نفسها لتنجو من عار الزنا لأن قتل نفسها جريمة شنيعة، لا يقبل الله صاحبها ولا يرضى عنه، وهى فى هذه الحالة لا تقل إثما عمن قتل نفسا حرم الله قتلها بغير حق.
قال الله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} النساء 29، وقال عليه الصلاة السلام فيما روى عن سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه (من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده ينوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم فسمه فى يده يتحساه فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو مترد فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) وعن جابر رضى الله عنه أن رجلا قتل نفسه بمشاقص (المشقص سهم فيه نصل عريض) فلم يصل عليه النبى صلى الله عليه وسلم - رواه الجماعة إلا البخارى.
والله أعلم(7/277)
لا قنوط من رحمة الله
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
20 ذو الحجة 1401 هجرية - 18 أكتوبر 1981 م
المبادئ
1 - على من ارتكب ذنبا ألا يقنط من رحمة الله، وأن يرجع إليه بالتوبة، ويكثر من الاستغفار وقراءة القرآن والصلاة والصدقات.
لما ورد أن هذه الأمور تمحو الخطايا. 2 - الواقع فى الذنب لا يتحدث به، وإلا كان من المجاهرين بالذهب الذين لا يقبل الله لهم توبة
السؤال
بالطلب المقدم من السيد /.
المتضمن أنه عصى الله مع بنت أخ زوجته المتزوجة وندم على ما فعل، ويسأل هل لو تاب إلى الله يقبل الله توبته وما كفارة خطئه
الجواب
قال الله تعالى {قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} الزمر 53، وقال تعالى {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين.
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} آل عمران 133 - 135، وفى الصحيحين عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله أى الذنب أعظم قال أن تجعل الله ندا وهو خلقك قلت ثم أى قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك.
قلت ثم أى قال أن تزنى بحليلة جارك فأنزل الله تعالى تصديق ذلك قوله تعالى {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما.
يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا - إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} الفرقان 68 - 70، وفى صحيح البخارى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أيها الناس توبوا إلى ربكم فوالذى نفسى بيده إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة.
ومن هنا كان على من ارتكب ذنبا أن يرجع إلى الله بالتوبة ويكثر من الاستغفار وقراءة القرآن والصلاة والصدقات وعمل الحسنات، فقد ورد أن هذه الأمور تمحو الخطايا حيث روى عم عمرو (رواه الطبرانى وغيره البيان والتصريف ج - 1 ص 130) بن العاص رضى الله عنه قال أراد معاذ بن جبل سفرا فقال أوصنى يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم إذا أسأت فأحسن.
وروى (زاد المسلم ج - 1 ص 12) عدى بن حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (اتقوا النار ولو بشق تمرة) رواه البخارى ومسلم.
وعن (رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح) معاذ بن جبل رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار) ... وعن أبى هريرة (رواه مالك ومسلم - الدين الخالص ج - 2) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) ... وقال صلى الله عليه وسلم (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) .
(أخرجه الامام أحمد فى الزهو - البيان والتصريف ج - 1 ص 65) فبادر أيها المسلم بالتوبة إلى الله مما اقترفت من إثم كبير، توبة خالصة نادما على ما فرطت فى جنب الله، ولا تتحدث بهذه المعصية وإلا كنت من المجاهرين بها وقد سترها الله عليك، ولا يقبل الله توبة مجاهر بالذنب لأنه قدوة سيئة، وأكثر من الصدقات والإحسان إلى الفقراء واليتامى والمساكين رغبة فى مغفرة من الله ورضوان، فإنه سبحانه وعد التائبين المتصدقين بالقبول وهو سبحانه القائل {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} النساء 110، والله سبحانه وتعالى أعلم(7/278)
القضاء فى الغيبة
المفتي
حسونة النواوى.
رمضان 1313 هجرية
المبادئ
1 - إذا كان المدعى عليه فى المصر واختفى أو تعنت أو كان ذا سلطان لا يجب الخصم إلى حضور مجلس القضاء يعذر إليه بالحضور قبل الحكم عند محمد وأبى يوسف.
2 - إذا غاب المدعى عليه بعد إعلانه يقضى عليه بلا إعذار لأنه أرفق بالناس.
3 - لا تعارض بين ذلك وبين ما جاء فى لائحة المحاكم الشرعية من وجوب العمل بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة لأن قول أبى يوسف المأخوذ به هنا هو المعول عليه والمعتمد فيما يتعلق بالقضاء
السؤال
بإفادة من حضرة قاضى محكمة مصر الكبرى الشرعية مؤرخة 19 رمضان سنة 1313 منظور بالمجلس الشرعى بمحكمة هذا الطرف قضايا متنازع فيها بعض أشخاص بعضها فى مواريث وبعضها فى حقوق أخرى والمدعى عليه فى كل منها منكر لما ادعى عليه وفى بعضها أقام المدعى بينه شهدت له بما ادعاه بحضور وفى وجه خصمه المدعى عليه وقبل الحكم فيها غاب المدعى عليه عن المجلس وامتنع عن الحضور إليه مع وجوده فى مصر وطلبه مرارا تعنتا منه بقصد الإضرار بخصمه ولم يمكن إحضاره بأى طريقة من الطرق.
والمدعى متردد على المحكمة متضررا من عدم حضور خصم ويطلب الحكم له فى دعواه وحيث إن أبا يوسف رحمه الله يرى فى مثل ذلك أن يقضى على المدعى عليه فى غيبته كما هو مصرح به فى جملة نصوص معتبرة فى المذهب منها ما فى الخانية من كتاب الدعوى والبينات.
إذا غاب المدعى عليه بعد ما سمع القاضى عليه البينة أو غاب الوكيل بالخصومة بعد قبول البينة قبل التعديل أو مات الوكيل ثم عدلت تلك البينة لا يقضى بتلك البينة.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقضى.
وقال شمس الأئمة الحلوانى رحمه الله تعالى وهذا أرفق بالناس.
وما فى الانقروية من مسائل شتى القضا ما نصه قال عن أبى حنيفة إذا اختفى المشهود عليه لا يقضى عليه حتى يحضر وقال محمد يعذر ثلاثة أيام ينادى على بابه فإن ظهر وإلا قضى عليه وإن غاب عن المصر لا يقضى عليه وقال أبو يوسف فى الأمالى يقضى عليه من قضاء خزانة الأكمل نقلا عن العيون قال هشام قلت لمحمد ما تقول فى رجل له حق على ذى سلطان فلا يجيبه إلى القاضى فأخبرنى أن أبا يوسف كان يعمل بالإعذار وهو قول أهل البصرة وبه نأخذ والإعذار أن يبعث إلى بابه من يناديه أياما إن القاضى يدعوك إلى مجلس الحكم فإن أجابه وإلا جعل القاضى وكيلا عنه ولا يأخذ أبو حنيفة بالإعذار وفى فصل القضا على الغايب من الانقروية أيضا والذى توجه عليه الحكم ثم اختفى لا يقضى عليه عند أبى حنيفة وقال محمد ينادى على بابه ثلاثة أيام فإن خرج وإلا قضى عليه وإن لم يختف لكنه غاب لا يقضى وكتب بهامشها نقلا عن البزازية فى نوع من المعاملة فى الفصل الثانى وإن لم يتوار ولكنه لا يقضى عليه لعجز القاضى عن الإعذار وهذا أوفق للقياس وقال الثانى يقضى وهو أرفق بالناس وبالهامش أيضا فى فصل القضا على الغايب قال وفى دعوى التتمة وذكر فى آخر الباب الثانى والثلاثين فى آداب القاضى إذا ثبت له على غيره مال إما بإقرار أو بينة قامت عليه بحضرته ثم غاب المطلوب عن خصمه وامتنع من الحضور معه فالقاضى على قول أبى يوسف ينصب عنه وكيلا ويحكم عليه بالمال إن سأل الخصم ذاك وما نقل فى الهندية فى الباب الحادى والثلاثين فى القضا على الغائب أن المذكور عن أبى يوسف فى عامة الكتب أنه كان يقول أولا إن القاضى لا يقضى فى فصل البينة حتى يحضر الغايب وفى فصل الإقرار يقضى حتى ابتلى بالقضا وقال يقضى فيهما جميعا واستحسن ذلك حفظا لأموال الناس وصيانة لحقوقهم كذا فى الذخيرة.
وحيث مما توضح يعلم أن المشهود عليه إذا كان فى المصر واختفى أو تعنت أو كان ذا سلطان لا يجيب خصمه على القاضى.
محمد وأبو يوسف يقولان بالإعذار وأما إذا غاب عن المصر.
محمد مع أبى حنيفة يقولان لا يقضى عليه لعجز القاضى عن الإعذار وأبو يوسف لأنه أرفق بالناس فضلا عن أن قول أبى يوسف هو المعول عليه والمعتمد فيما يتعلق بالقضا وعلى حسب ما نص بالبند العاشر فى لائحة إجراءات المحاكم الشرعية يجب العمل بأرجح الأقوال فى مذهب الإمام الأعظم وقد رؤى مكاتبة فضيلتكم للنظر فى ذلك والإفادة بما يتراءى ليجرى العمل على موجبه
الجواب
الذى نراه فى أمثال المسائل المذكورة بهذه الإفادة هو العمل يقول أبى يوسف لأنهم نصوا على أن الفتوى على قوله فيما يتعلق بالقضا لزيادة تجربته والله أعلم،والتعليل المذكور مذكور فى شرح الدر المختار من كتاب القضا نقلا عن البزازية.
قبيل فصل فى الحبس(7/279)
لا تبطل الشهادة اذا حصل التعريف بغير اشارة
المفتي
حسونة النواوى.
محرم 1314 هجرية
المبادئ
لا تلزم الإشارة من الشهود إلى المدعى عليه اذا تم تعريفه بغيرها
السؤال
بإفادة من قاضى مديرية الدقهلية مؤرخة 17 محرم سنة 1314 مضمونها أنه لحصول الاشتباه عنده فى صحة الإعلام الشرعى الصادر من محكمة مركز فارسكور الشرعية بثبوت وص4اية من يدعى على منتصر الوصاية المختارة على أولاد أخيه بدر منتصر القصر قد حول النظر فيه على مفتى المديرية فأفاده بما يفيد اشتباه فى صحته أيضا ولذا يؤمل الإطلاع عليه والإفادة بما يزيل هذا الاشتباه ومضمون الإعلام المذكور صدور الدعوى الشرعية بعد التعريف الشرعى بمحكمة فارسكور المذكورة من على منتصر بدر على يوسف حليمة بن عبد الرازق بأن عليه وبذمته للحاج بدر منتصر عمدة الناحية المذكورة ابن بدر منتصر ستة وتسعين قرشا فضة جيدة مضروبة ضرب مصر رايج ومستعمل كل قرش منها بأربعين نصفا فضة صاغا ميريا وذلك عن قرض شرعى كان اقترضه المدعى عليه من الحاج بدر منتصر المذكور حال حياته وأقرضه ذلك من ماله الخاص به شرعا وقبضه منه واستهلكه فى شئون نفسه وصار مثله دينا لازما وحقا واجبا بذمته له إلى الآن وأن الحاج بدر منتصر المذكور توفى إلى رحمة الله قبل تاريخه ببندر الزقازيق شرقية ودفن بها وانحصر إرثه الشرعى فى أمه وزوجته وبنته فرحة البالغة وأولاده القصر الخمسة وهم عبد الحليم وبدر وعبد الهادى وصديقة وأحمد وأنه لا وارث للمتوفى المذكور سواهم وأن من جملة ما خلفه وتركه الحاج بدر المذكور ويورث عنه شرعا مبلغ القرض المذكور الذى بذمة هذا المدعى عليه المذكور وأن المدعى عليه ممتنع من أداء ذلك المبلغ للورثة المذكورين وأن الحاج بدر منتصر المتوفى المذكور سنة 1303 وهو فى حال صحته ونفوذ تصرفاته وجواز أمره وطواعيته واختياره أقام هذا المدعى وصيا مختارا من قبله على القصر المذكورين وأنه قبل الوصاية المذكورة لنفسه حال حياته وبعد وفاته ومات مصرا على الوصاية المذكورة وطالب هذا المدعى عليه بنصيب محاجيره الخمسة القصر المذكورين وقدره سبعة وأربعون قرشا وعشرون فضة من مثل مبلغ القرض المرقوم ليحوزه لهم إرثا من والدهم المذكور للذكر مثل حظ الأنثيين وسأل سؤاله عن ذلك وبسؤاله عن ذلك أجاب معترفا بترتب المبلغ المذكور بذمته للحاج بدر منتصر المذكور وأنه باق بذمته له إلى الآن وأنكر ماعدا ذلك فكلف هذا المدعى إثبات ما ادعاه وأنكره هذا المدعى عليه فأحضر شاهدين شهد كل منهما على انفراده فى غيبة الآخر بعد استشهاده عقب الدعوى والجواب المذكورين بوفاة المتوفى المذكور وانحصار إرثه فى ورثته المذكورين وبوصايته لأخيه هذا المدعى الوصاية المختارة على أولاده الخمسة القصر المذكورين وقبولها منه لنفسه حال حياته وبعد وفاته وموته مصرا عليها على الوجه المطابق للدعوى.
ولما لم يبد هذا المدعى عليه طعنا ولا جرحا فى الشاهدين المذكورين ولا فى شهادتهما زكيا وعدلا سرا ثم علنا بشهادة شاهدين فعند ذلك حكم قاضى محكمة المركز المذكور لهذا المدعى على هذا المدعى عليه بثبوت الوصاية المختارة المذكورة على القصر الخمسة المذكورين من قبل والدهم المذكور وبوفاة المتوفى المذكور وانحصار إرثه فى ورثته المذكورين لا وارث له سواهم وأمر هذا المدعى عليه بأداء سبعة وأربعين قرشا وأربعة وعشرين فضة لهذا المدعى مثل نصيب محاجيره فى مبلغ القرض المذكور ليحوزه لهم إرثا من والدهم المذكور فامتثل لذلك حكما وأمرا وامتثالا شرعيا بالطريق الشرعى.
وتوضح بفتوى مفتى المديرية المذكورة المحررة منه لقاضيها أن وجه اشتباهه عدم الإشارة فى الشهادة من الشهود للمدعى عليه الحاضر مع أنها لازمة كما فى التنوير وشرحه (وهى أن على حاضر يحتاج الشاهد إلى الإشارة إلى الضمين) وأن المدعى قال فى الدعوى وصار مثله دينا لازما بذمته له مع أن المستقر فى الذمة هو الدين لا مثله
الجواب
بالاطلاع على الإعلام الشرعى الصادر من محكمة مركز فارسكور الشرعية المؤرخ بتاريخين ثانيهما 26 شعبان سنة 1312 المنوه عنه بهذه الإفادة ظهر أنه صحيح شرعا ولا وجه للاشتباه فيه(7/280)
وفاة ووراثة بالزوجية
المفتي
حسونة النواوى.
ربيع ثان 1314 هجرية
المبادئ
1 - الشهادة بالزيادة على الدعوى تكون مخالفة لها ويكون ذلك مانعا من قبولها.
2 - لا تقبل دعوى الطلاق على ميت لأن شرط الدعوى بذلك أن يكون حاضرا
السؤال
بافادة من نايب مديرية الجيزة المؤرخة فى 8 ربيع آخر سنة 1314 مضمونها أنه مرسل طيه المرافعة المختصة الشيخ أحمد السقارى الوكيل عن عديلة عوض الله بزوجية ووراثة موكلته المذكورة للمرحوم الحاج أحمد صوان والد المدعى عليه للاطلاع والإفادة عن الحكم الشرعى فى ذلك مع الإفادة أيضا عما إذا كان مدعى الطلاق المذكور عجز عن إثباته هل يكلف مدعى الوفاة والوراثة والزوجية ببينة تشهد له طبق دعواه المذكورة أم لا وذلك لاشتباه مفتى المديرية وصورة الملخص المذكور (دعوى الشيخ أحمد السقارى الوكيل عن السيد أفندى شعراوى الوكيل عن الست عديلة عوض الله على عثمان أفندى صوان ابن المرحوم الحاج أحمد صوان الثابت من التوكيلين المذكورين شفاها لدينا بالمجلس بوفاة ووراثة ورثة المرحوم الحاج أحمد صوان المذكور الذى من ضمنهم زوجته الست عديلة المذكورة وبزوجبتها ووراثتها له وسؤال المدعى عليه المذكور وإجابته بإنكار زوجية ووراثة الست عديلة المذكورة لوالده المرحوم وادعائه هو والوكيل عنه فى ذلك الشيخ على ناصر الثابت توكيله لدينا شفاها بالمجلس أيضا بأن الست عديلة المذكورة بعد أن تزوجها الحاج أحمد رضوان المذكور وعاشرها معاشرة الأزواج طلقها ثلاثا وهى فى ذلك الوقت تقيم بناحية البتانون منوفية بطوعه واختياره وفى حال صحته وسلامة عقله وانقضت عدتها منه فى حال حياته ومات وهى أجنبية منه وبسؤال سيد أفندى شعراوى المذكور وإجابته بأن الست عديلة موكلته المذكورة زوجة للمرحوم أحمد صوان المذكور وأنه مات وهى حلال له وعلى عصمته وكانت مقيمة معه بمنزله بمنيل الروضة لحين وفاته وكلف الشيخ على ناصر المذكور بإحضار البينة الشرعية التى تشهد له طبق دعواه الطلاق المذكورة فوعد بإحضارها ثم أحضر شاهدين شهدا بأن الحاج أحمد صوان المذكور طلق زوجته عديلة المذكورة فى ناحية البتانون منوفية وهو فى حال صحته وكمال التصرفات الشرعية لا إكراه ولا إجبار بقوله لها أنت طالق بالثلاث فى نظير إبرائها له من مؤخر صداقها وذلك فى أواخر شهر رمضان سنة 1300 وانقضت عدتها وخرجت من عصمته قبل وفاته الصادرة الدعوى المذكورة بمحكمة مديرية الجيزة الشرعية بتاريخ 17 يونية سنة 1896
الجواب
بالاطلاع على هذه الإفادة والملخص المرفق بها ظهر أن شهادة الشاهدين على الوجه المسطور بذلك الملخص غير مقبولة شرعا، وحينئذ فمتى كانت دعوى الطلاق صحيحة وأثبتها المدى بالبينة الشرعية يحكم له بذلك، وإن عجز عن إثباتها فبعد تحليف الزوجة بالوجه الشرعى يمنع من دعواه المذكور مادام عاجزا عن البرهان الشرعى.
وإذا كانت دعوى مدعى الوفاة والوراثة والزوجية صحيحة شرعا وأراد المدعى المذكور إثباتها بالبينة الشرعية لأجل التعدى فلا مانع من ذلك ويجرى ما تقتضيه الأصول الشرعية.
والله تعالى أعلم وجه كون الشهادة المذكورة غير مقبولة زيادتها على الدعوى بما قاله الشاهدان فى شهادتهما (فى نظير إبرائها له من مؤخر صداقها) وقد نصوا على أن الشهادة لو خالفت الدعوى بزيادة يحتاج إلى إثباتها فإن ذلك يمنع من قبولها.
كما يؤخذ من الأنقروية وغيرها، ولا يقال إن الشهادة بالطلاق حسبة وهى لا تتوقف على دعوى حتى يحتاج لعدم المخالفة بينهما.
لأنا نقول إن ما هنا شهادة بعد الموت بالطلاق وهى من قبيل الشهادة بالمال.
فلابد من تقدم دعوى عليها. وعلى فرض كونها حسبة فهى غير مقبولة أيضا لأنه قيد القبول فى النهاية بما إذا كان الزوج حاضرا، أما إذا كان غائبا فلا.
كما فى تكملة ابن عابدين عند قول المصنف (وبلا طلب لو فى حقوق الله تعالى كطلاق امرأة) فى كتاب الشهادات(7/281)
شهادة المسيحى على عقد زواج المسلم مبطلة له
المفتي
عبد الرحمن قراعة.
محرم 1342 هجرية 5 سبتمبر 1923 م
المبادئ
إذا كان أحد الشاهدين على عقد زواج المسلم مسيحيا بطل العقد
السؤال
فى رجل مسلم تزوج بمسلمة وكان شهود العقد أحدهم مسلم والثانى مسيحى، فهل يكون العقد صحيحا شرعا أو باطلا
الجواب
فى متن التنوير وشرحه مانصه.
وشرط حضور شاهدين حرين أو حر وحرتين مكلفين سامعين قولهما على الأصح فاهمين أنه نكاح على المذهب مسلمين لنكاح مسلمة ومنه يعلم أن العقد المذكور باطل شرعا لكون أحد الشاهدين المذكورين غير مسلم.
كما ذكر بالسؤال والله أعلم(7/282)
شهادة الوكيل لموكله غير جائزة
المفتي
عبد المجيد سليم.
محرم 1361 هجرية 3 فبراير 1942 م
المبادئ
لا يجوز للوكيل أن يشهد فيما هو موكل فيه وإن لم يخاصم بالفعل ولا تقبل شهادته فى ذلك ولو بعد عزله من الوكالة
السؤال
شخص وكل آخر وخوله الخصومة عند للحصول على نصيبه فى تركة ما.
فهل لهذا الوكيل أن يشهد بصحة دعوى موكله فى القضية التى وكل فيها وما حكم هذه الشهادة مع العلم بأنه أخفى على المحكمة أنه وكيل من شهد له، مع العلم بأنه كان وكيلا عمن شهد له وقت أداء الشهادة
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال.
ونفيد بأن علماء الحنفية اتفقوا على أن من يكون خصما فى شىء لا تقبل شهادته فيه.
فالوصى بعد قبوله الوصاية لا تقبل شهادة فيما هو وصى فيه سواء أخاصم بالفعل أم لا، ولو كانت شهادته بعد عزله من الوصاية.
وإن لم يقبل الوصاية بعد وفاة الموصى ولم يرد حتى شهد عند القاضى فالقاضى يقول له أتقبل الوصاية أم تردها فإن قبل أبطل شهادته لصيرورته خصما من وقت الموت، وإن رد الوصاية أبقى شهادته لعدم صيرورته خصما وإن سكت ولم يخبر بشىء توقف القاضى فى شهادته لأن سبب الرد موقوف.
وأبو يوسف جعل حكم الوكيل بمجرد قبوله الوكالة كحكم الوصى، فلا تقبل شهادته فيما وكل فيه سواء أخاصم بالفعل أم لا، ولو كانت شهادته بعد العزل.
وأبو حنيفة ومحمد لا يجعلان للوكيل حكم الوصى.
إذ قالا إن الوكيل لا يصير خصما إلا بالمخاصمة بالفعل أمام القضاء.
وقد فرقا بين الوصى والوكيل بفرق يعلم مما ذكره صاحب المحيط فى كتاب الشهادة.
والظاهر أنه على رأيهما إذا شهد وهو وكيل قبل المخاصمة أن القاضى يتوقف فى شهادته فلا يحكم بقبولها ولا يردها، فإن عزل قبل المخاصمة قبلها، وإن خاصم عن الموكل فى المشهود به ردها قياسا على الوصى الذى لم يقبل الوصاية ولم يردها حتى شهد.
هذا، وقد قالوا إن الفتوى على على قول أبى يوسف فيما يتعلق بالقضاء وتوابعه التى فيها الشهادة لزيادة تجربته يراجع شرح الرسالة المسمى مقصود رسم المفتى لابن عابدين وعلى ذلك يكون قول أبى يوسف هنا هو المفتى به.
وحينئذ لا يكون للوكيل المذكور أن يشهد فيما هو موكل فيه وإن لم يخاصم بالفعل ولا تقبل شهادته إذا شهد فى ذلك ولو بعد عزله من الوكالة.
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله تعالى أعلم(7/283)
سماع دعوى الوراثة بالزوجية وعدمه
المفتي
حسن مأمون.
جمادى الثانية 1375 هجرية - 15 يناير 1956 م
المبادئ
1- لا تسمع عند الإنكار دعوى الإرث بسبب الزوجية لمطلقة توفى زوجها بعد سنة من تاريخ الطلاق/ طبقا لنص المادة 17 من القانون 25 سنة 1929.
2- تسمع دعوى المطلق إرثه بسبب الزوجية لمطلقته المتوفاة بعد سنة من تاريخ الطلاق، مادامت لم تقر قبل وفاتها بانقضاء عدتها ولا تطبق عليه المادة آنفة الذكر
السؤال
من السيد/.
ما حكم الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون المحاكم الشرعية رقم 25 لسنة 1929 التى نصها (كما أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى الإرث بسبب الزوجية لمطلقة توفى زوجها بعد سنة من تاريخ الطلاق) هل حكم هذه الفقرة خاص بعدم سماع الدعوى التى ترفع من الزوجة التى توفى زوجها بعد سنة من تاريخ الطلاق، ولا تمنع من سماع دعوى الزوج الذى ماتت مطلقته بعد سنة من تاريخ الطلاق، أو أن حكم الاثنين واحد فتشملهما هذه الفقرة ويكون حكم الزوج كحكم الزوجة
الجواب
إن حكمة تشريع هذه الفرقة كما جاء بمذكرتها التفسيرية من أن المشرع لاحظ بعد أن اعتبر كل طلاق يقع رجعيا بمقتضى المادة الخامسة من القانون المذكور إلا ما نص على كونه بائنا فيها - أن هذا قد يغرى بعض النساء على الدعاوى الباطلة بعد وفاة أزواجهن، فيدعين كذبا أن عدتهن لم تنقض من حين الطلاق إلى وقت الوفاة وأنهن وارثات، وليس هناك من الأحكام الجارى عليها العمل الآن ما يمنعهن من هذه الدعاوى مادام كل طلاق يقع رجعيا، لأن الطلاق الرجعى لا يمنع الزوجة من الميراث إذا مات زوجها فى العدة، ومن السهل على فاسدات الذمم أن يدعين كذبا أنهن من ذوات الحيض، وأنهن لم يحضن ثلاث مرات، ولو كانت المدة بين الطلاق والوفاة عدة سنين، وعسير على الورثة أن يثبتوا انقضاء عدتها لأن الحيض لا يعرف إلا من جهتها، ودعوى إقرارها بانقضاء العدة لا تسمع إلا بالقيود المدونة بالمادة 119 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وهيهات أن تحقق هذه القيود، لهذا رؤى منع سماع دعوى الوراثة بسبب عدم انقضاء العدة إذا كانت المدة بين الطلاق والوفاة أكثر من سنة سواء أكانت الدعوى من الزوجة أو من ورثتها من بعدها فهذا كله يدل على أن حكم هذه الفقرة خاص بعدم سماع هذه الدعوى إذا كانت مرفوعة من الزوجة أو من ورثتها بعد وفاتها وذلك فضلا عن أن نص الفقرة المذكورة صريح كل الصراحة فيما ذكر غير محتاج إلى تأويل أو إيضاح.
أما الزوج فإن حكمه فى مثل هذه الحالة باق على الأصل الفقهى، ولم تتعرض له هذه الفقرة ولا غيرها.
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم.
ے(7/284)
دعوى الدين على التركة
المفتي
حسن مأمون.
ذو الحجة 1378 هجرية - 8 يونية 1959 م
المبادئ
1- دعوى الدين على التركة على وارث واحد صحيحة شرعا متى كان هو واضع اليد على أعيان التركة، وكونه مستأجرا لبعض الأعيان غير مانع من صحة الدعوى.
2- لا حاجة إلى إدخال جميع الورثة فى مثل هذه الدعوى
السؤال
من السيد/.
بالطلب المتضمن أن شقيق السائل توفى سنة 1954 عن زوجته وأمه وبنته وإخوته الأشقاء ومنهم السائل، وقد قسمت تركته بين ورثته المذكورين فخص السائل جزء منها بصفته شقيق المتوفى وقد استأجر السائل باقى أعيان التركة من باقى الورثة المذكورين، ثم رفعت زوجة المتوفى المذكور دعوى على شقيقه المذكور بمؤخر صداقها باعتباره وارثا وواضعا يده على أعيان التركة، وطلب بيان الحكم الشرعى فيما إذا كانت هذه الدعوى صحيحة وهى مرفوعة عليه وحده ومعه باقى الورثة أو لا
الجواب
إن جاء فى الفتاوى الأنقروية أنه ذكر الحاكم - ادعى الدين فى التركة لا حاجة إلى ذكر كل الورثة، بل إذا ذكر واحدا منهم وبرهن عليه أنه واجب عليه أداء الدين من تركته التى فى يده يكفى.
وهذا ينطبق على السائل بصفته وارثا، وأما بصفته مستأجرا والعقار فى يده فمادام طرفا فى الدعوى فالحكم يسرى عليه وينفذ.
ومن هذا يعلم أن الدعوى المذكورة صحيحة على السائل بصفتيه المذكورتين والله سبحانه وتعالى أعلم(7/285)
نزاع فى أعلام شرعى
المفتي
أحمد هريدى.
ربيع الآخر 1385 هجرية - 12 يولية 1965 م
المبادئ
وجود نزاع فى الوراثة أو فى دليلها يقتضى رفع الأمر إلى القضاء للفصل فى النزاع بحكم ملزم
السؤال
من السيد/.
بالطلب المتضمن أن رجلا توفى سنة 1925 عن أولاد ذكور وإناث، وقد قاموا بعمل إشهاد شرعى بوفاة والدهم وإثبات ورثته الشرعيين، وأثناء السير فى المادة تقدم اثنان ذكر وأنثى إلى المحكمة وقالا إنهما ولدا المتوفى، وقدما للإثبات شهادتى ميلادهما على أنهما من سيدة أخرى كان المتوفى يعاشرها حال حياته وليس لديهما وثيقة شرعية، ولا يعلم الورثة عن ذلك شيئا، وأنكروا نسبة الولدين المذكورين إلى مورثهم، وطلب السائل بيان ما إذا كان للولدين المذكورين حق فى ميراث المتوفى المذكور.
وهل يكونان من أولاده
الجواب
إذا قدم الولدان اللذان يدعيان أنهما ولدا المتوفى ما يثبت نسبهما منه شرعا كانا ولديه ويرثان منه ميراث الأولاد، وكانت لهما سائر الحقوق التى للأولاد الشرعيين ثابتى النسب.
وإذا حصل نزاع فى نسبتها إلى الميت أو فى الدليل المقدم منهما لإثبات النسب فيجب رفع الأمر إلى القضاء ليفصل فى النزاع بحكم ملزم.
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم(7/286)
شهادة الكافر على المسلم
المفتي
أحمد هريدى.
ربيع الآخر 1388 هجرية - 20 يولية 1968 م
المبادئ
1- شهادة أهل الذمة جائزة على المسلمين فى السفر للضرورة بشرط عدم وجود مسلمين عند الحنابلة ويرى الإمامان مالك الشافعى عدم جواز شهادتهم مطلقا، لا على ذميين ولا على مسلمين، ويرى الإمام أبو حنيفة جواز شهادتهم على بعضهم فقط.
2- مذهب الظاهرية عدم جواز قبول شهادة الكافر أصلا إلا على الوصية وفى السفر ويحلف الكافر مع شهادته.
3- يرى الإمام ابن تيمية أن ما نقل عن الإمام أحمد من تعليل جواز هذه الشهادة وقبولها بالضرورة يدل على جوازها وقبولها فى كل ضرورة حضرا وسفرا
السؤال
من السيد/.
قال أن سيدة رفعت دعوى تطليق للضرر على زوجها وهما مسلمان أمام قضاء الأحوال الشخصية فى الجمهورية العربية المتحدة، وأن وقائع القضية وحوادثها وأسباب طلب التطليق حدثت بين الزوجين أثناء إقامتهما بالخارج فى بلد غير إسلامى، وفى مكان لم يوجد فيه أحد من المسلمين أثناء جريان الحوادث ووقوع الأسباب، وأهل المكان جميعا والجيران من غير المسلمين وقد شهدوا الحوادث وعلموا الأسباب، ولم يقبل القضاء شهادة أحد من هؤلاء المحيطين العالمين بحقيقة أمور الزوجين وأحوالهما، وما جرى بينهما بحجة أنه لا ولاية لكافر على مسلم.
ويقول السائل هل يضيع الحق نتيجة لهذه الظروف.
وهل تقف الشريعة الإسلامية جامدة أمام هذا الوضع، ولا تجد حلا لمثل هذه المشكلة يخرج الناس من الضيق والحرج ويطمئنهم على حقوقهم ويحفظ عليهم مصالحهم
الجواب
المسالة على هذا الوضع لها جانبان جانب القضية المعروضة على القضاء، والتى يطلب فيهل حل يكفل تحقيق العدالة وصيانة حقوق الزوجية ومصالحها وجانب المشكلة الناشئة من عدم قبول شهادة غير المسلمين على المسلمين - أما الجانب الأول فإن قضاء الأحوال الشخصية فى الجمهورية العربية المتحدة مقيد بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية للمسلمين بما تقرره المادة 280 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية، والإجراءات المتعلقة بها، وهى تنص على مايأتى تصدر الأحكام طبقا للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، ماعدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة، فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقا لتلك القواعد وقد استبقى المشرع هذه المادة بنصها المذكور فى التنظيم القضائى الذى أعقب إلغاء المحاكم الشرعية، وإحالة المسائل التى كانت تفصل فيها إلى دوائر للأحوال الشخصية أنشئت بالمحاكم الوطنية، وبقى القضاء مقيدا بحكمها لا يملك أن يطبق غير الأحكام التى نصت عليها، وليس فى لائحة المحاكم الشرعية ولا فى القوانين التى صدرت لتلك المحاكم، ولا فى مذهب أبى حنيفة ما يجيز شهادة غير المسلمين على المسلمين، فلا يستطيع القضاء فى ظل هذا النظام أن يقبل هذه الشهادة فى موضوع القضية المعروضة وأما الجانب الثانى فإنا نطمئن السائل على أن الشريعة الإسلامية وهى التى عاشت قرونا متطاولة لم يتح لشريعة من الشرائع فى العالم كله أن تعيش مثلها، وفى هذا المدى الطويل طوفت فى الآفاق شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وتقبلت فى جميع البيئات والمجتمعات، ولاقت مختلف العادات والتقاليد وعاصرت الرخاء والشدة، والسيادة والاستبعاد، والحضارة والتخلف وحكمت فى أزهى العصور وأرقى المجتمعات، وواجهت فى ذلك كله الأحداث والمشاكل والحاجات، فلم تقصر عن حاجة، ولم تضق بمشكلة ولا قعدت عن الوفاء بأى مطلب، ولا تخلفت بأهلها فى أى وقت، ولكن تخلف أهلها حين فرطوا فيها وتهاونوا فى الاستمساك بعروتها الوثقى - هذه الشريعة تفيض بالرحمة واليسر - وإليكم بيان آراء الفقهاء والعلماء المسلمين فى حكم شهادة غير المسلمين على المسلمين - قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين.
فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين.
ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافون أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدى القوم الفاسقين} المائدة 106، 107، 108، قال أبو عبد الله أحمد بن محمد الأنصارى القرطبى المالكى فى تفسيره الجامع لأحكام القرآن فى سبب نزول هذه الآيات لا أعلم خلافا أن هذه الآيات نزلت بسبب تميم الدارى وعدى بن براء - روى البخارى والدارقطنى وغيرهما عن ابن عباس قال كان تميم الدارى وعدى يختلفان إلى مكة للتجارة فخرج معهما فتى من بنى سهم فى بعض الروايات مولى لبنى سهم يقال له بديل بن أبى مريم بتجارة فتوفى بأرض ليس بها مسلم، فأوصى إليهما بأن يبلغا ما ترك أهله - فى بعض الروايات وكانا نصرانيين، وأن الموصى كتب وصيته ثم جعلها فى المتاع فدفعا تركته إلى أهله وحبسا جاما من فضة مخوصا بالذهب فاستحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كتمتا ولا اطلعتما، ثم وجد الجام بمكة.
فقالوا اشتريناه من عدى وتميم، فجاء رجلان من ورثة السهمى فحلفا أن هذا الجام للسهمى ولشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا قال فخذوا الجام، وفيهم نزلت هذه الآيات - وقال فى تفسير الآيات.
وقد اختلف العلماء فى فهم قوله تعالى {ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم} على ثلاثة أقوال: الأول - أن الكاف والميم فى قوله سبحانه {منكم} ضمير للمسلمين وقوله أو آخران من غيركم للكافرين.
فعلى هذا تكون شهادة أهل الكتاب على المسلمين جائزة فى السفر إذا كانت بوصية، وهو الأشبه بسياق الآية مع ما تقرر من الأحاديث التى وردت فى أسباب نزول الآيات وهو قول ثلاثة من الصحابة الذين شاهدوا التنزيل.
أبى موسى الأشعرى وعبد الله بن قيس وعبد الله بن عباس - فمعنى الآية على هذا القول - أن الله تعالى أخبر أن حكمه فى الشهادة على الموصى إذا حضره الموت أن يكون شهادة عدلين، فإن كان فى سفر وهو الضرب فى الأرض ولم يكن معه أحد من المؤمنين فليشهد شاهدان ممن حضره من أهل الكفر، فإذا قدما وأديا الشهادة على وصيته حلفا بعد الشهادة أنهما ما كذبا وما بدلا وأن ما شهدا به حق، وما كتما فيه شهادة، وحكم بشهادتهما.
فإن عثر بعد ذلك على أنهما كذبا أو خانا ونحو هذا مما هو إثم - حلف رجلان من أولياء الموصى، وغرم الشاهدان ما ظهر عليهما - هذا معنى الآية على مذهب أبى موسى الأشعرى وسعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر وسعيد بن جبير وأبى مجلز وشريح وعبيدة السلمانى وابن سيرين ومجاهد وقتادة والسدى وابن عباس وغيرهم وقال به من الفقهاء سفيان الثورى ومال إليه أبو عبيد القاسم ابن سلام لكثرة من قال به واختاره أحمد بن حنبل وقال شهادة أهل الذمة جائز على المسلمين فى السفر عند عدم المسلمين وكلهم يقولون منكم من المؤمنين ومعنى من غيركم يعنى الكفار والآية محكمة على مذهب أبى موسى وشريح وغيرهما.
القول الثانى - أن قوله تعالى {أو آخران من غيركم} منسوخ وهذا قول زيد بن أسلم والنخعى ومالك والشافعى وأبى حنيفة وغيرهم من الفقهاء، إلا أن أبا حنيفة خالفهم فقال تجوز شهادة الكفار بعضهم على بعض، ولا تجوز على المسلمين.
واحتج أصحاب هذا القول بقوله تعالى {ممن ترضون من الشهداء} وقوله {وأشهدوا ذوى عدل منكم} فهؤلاء زعموا أن آية الدين من آخر ما نزل، وأن فيها ممن ترضون من الشهداء فهو ناسخ لذلك.
ولم يكن الإسلام يومئذ إلا بالمدينة، فجازت شهادة أهل الكتاب.
والإسلام اليوم قد طبق الأرض فسقطت شهادة الكفار، وقد أجمع المسلمون على أن شهادة الفساق لا تجوز والكفار فساق فلا تجوز شهادتهم.
قال القرطبى قلت ما ذكرتموه صحيح إلا أنا نقول بموجبة وأن ذلك جائز فى شهادة أهل الذمة على المسلمين فى الوصية فى السفر خاصة للضرورة، بحيث لا يوجد مسلم، وأما مع وجود مسلم فلا.
ولم يأت ما ادعيتموه من النسخ عن أحد ممن شهدوا التنزيل.
وقد قال بالأول ثلاثة من الصحابة، وليس ذلك فى غيره، ومخالفة الصحابة إلى غيرهم ينفر عنه أهل العلم ويقوى هذا أن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا حتى قال ابن عباس والحسن وغيرهما إنه لا منسوخ فيها وما ادعوه من النسخ لا يصح، فإن النسخ لابد فيه من إثبات الناسخ على وجه يتنافى الجمع بينهما مع تراخى الناسخ، ولا يمتنع اختلاف الحكم عن الضرورات ولأنه ربما كان الكافر ثقة عند المسلم ويرتضيه عند الضرورة فليس فيما قالوه ناسخ.
القول الثالث - أن الآية لا نسخ فيها.
قاله الزهرى والحسن وعكرمة ويكون معنى قوله تعالى {منكم} أى من عشيرتكم وقرابتكم، لأنهم أحفظ وأضبط وأبعد عن النسيان - ومعنى قوله {أو آخران من غيركم} أى من غير العشيرة والقرابة، وقد نقل القرطبى عن أبى جعفر التماس مناقشة هذا التفسير.
ثم قال على أنه قد عورض هذا القول بأن فى أول الآية {يا أيها الذين آمنوا} فالخطاب لجماعة المؤمنين فيكون قوله منكم من المؤمنين المخاطبين فى الآية وقوله من غيركم من غير المؤمنين ولم يجر للعشيرة ولا للقرابة ذكر مطلقا.
وقد روى الإمام البخارى فى صحيحه فى كتاب الوصايا.
الحديث الذى ذكرناه عن القرطبى فى أسباب نزول هذه الآيات من طريق محمد بن أبى القاسم عن عبد الملك ابن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس معبرا عن سماعه بقوله، وقال لى على بن عبد الله حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن أبى زائدة عن محمد ابن أبى القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس إلخ وجاء فى فتح البارى بشرح صحيح البخار للإمام الحافظ بن حجر العسقلانى الشافعى فى شرح هذا الحديث ما يأتى واستدل بهذا الحديث على جواز شهادة الكفار بناء على أن المراد بالغير فى قول الله تعالى {أو آخران من غيركم} الكفار - والمعنى منكم أى من أهل دينكم أو آخران من غيركم من غير أهل دينكم وخص جماعة القبول بأهل الكتاب وبالوصية وبفقد المسلم حينئذ.
منهم ابن عباس وأبو موسى الأشعرى وسعيد بن المسيب وشريح وابن سيرين والأوزاعى والثورى وأبو عبيد وأحمد وهؤلاء أخذوا بظاهر الآية، وقوى ذلك حديث الباب فإن سياقه مطابق لظاهر الآية.
وقيل المراد بالغير العشيرة. والمعنى منكم أى من عشيرتكم أو آخران من غيركم أى من غير عشيرتكم وهو قول الحسن.
وذهب جماعة من الأئمة إلى أن هذه الآية منسوخة وأن ناسخها قوله تعالى {ممن ترضون من الشهداء} واحتجوا بالإجماع على رد شهادة الفاسق، والكفر شر من الفاسق.
وأجاب الأولون بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وأن الجمع بين الدليلين أولى من إلغاء أحدهما وبأن سورة المائدة محكمة.
وعن ابن عباس أن الآية نزلت فيمن مات مسافرا وليس عنده أحد من المسلمين فإن اتهما استحلفا أخرجه الطبرى بإسناد رجال ثقات وأنكر أحمد على من قال إن هذه الآية منسوخة وصح عن أبى موسى الأشعرى أنه عمل بذلك بعد النبى - صلى الله عليه وسلم - فقد روى أبو دواد بإسناد رجال ثقات عن الشعبى قال حضرت رجل من المسلمين الوفاة بدقوقا (ويقال دقوقاء بالمد وهى مدينة بالعراق بين أربل وبغداد) ولم يجد أحدا من المسلمين فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة بتركته ووصيته فأخبر الأشعرى فقال هذا لم يكن بعد الذى كان فى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحلفهما بعد العصر ما خانا ولا كذبا ولا كتما ولا بدلا وأمضى شهادتهما.
ورجحه الفخر الرازى وسبقه الطبرى لذلك لأن قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم} خطاب للمؤمنين فلما قال {أو آخران من غيركم} وصح أنه أراد غير المخاطبين تعين أنهما من غير المؤمنين وأيضا فجواز استشهاد المسلم ليس مشروطا بالسفر وأن أبا موسى حكم بذلك ولم ينكره أحد من الصحابة فكان حجة إلى أن قال وقد قبلت شهادة الكافر فى بعض المواضع كما فى الطب.
وجاء - فى كتاب أحكام القرآن فلإمام حجة الإسلام أبى بكر الجصاص الحنفى فى تفسير هذه الآيات - قد اختلفوا فى معنى الشهادة ههنا قال قائلون هى الشهادة على الوصية فى السفر واجازوا بها شهادة أهل الذمة على وصية المسلم فى السفر وروى الشعبى عن أبى موسى الأشعرى أن رجلا مسلما توفى بدقوقا ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته فأشهد رجلين من أهل الكتاب فأحلفهما أبو موسى بع العصر بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا.
وأنها لوصية الرجل وتركته، وأمضى أبو موسى شهادتهما وقال هذا أمر لم يكن بعد الذى كان فى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذهب أبو موسى إلى أنها الشهادة على الوصية التى تثبت بها عند الحكام وأن هذا حكم ثابت غير منسوخ.
وروى مثله عن شريح وهو قول الثورى وابن أبى ليلى والأوزاعى وروى عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وابن سيرين وعبيدة وشريح والشعبى.
وقال آخرون إن الشهادة هنا أيمان الوصية بالله إذا ارتاب الورثة بهما، وهو قول مجاهد مرغوب عنه، وإن كانت اليمين قد تسمى شهادة فى نحو قوله تعالى {فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله} النور 6، لأن الشهادة إذا أطلقت فهى الشهادة المتعارفة التى تقام عند الحكام كقوله تعالى {وأقيموا الشهادة لله} الطلاق 2، {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} البقرة 282، {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} البقرة 282، {وأشهدوا ذوى عدل منكم} الطلاق 2، وكذلك ما هنا قوله تعالى {شهادة بينكم} وقوله تعالى {أو آخران من غيركم} الخطاب فيه للمؤمنين الموجه إليهم النداء فى صدر الآية {يا أيها الذين آمنوا} أى إن لم يوجد شاهدان من المؤمنين فآخران من غير المؤمنين، والتأويل بأن المراد من غير قبيلتكم لا معنى له، إذا لم يجر للقبيلة ذكر حتى ترجع إليه الكناية، فالكناية إنما ترجع إلى ظاهر مذكور فى الكلام أو معلوم بدلالة الحالة، فاقتضت الآية جواز شهادة أهل الذمة على وصية المسلم فى السفر وقد اختلف فى بقاء هذا الحكم ونسخه.
فذهب أبو موسى الأشعرى ومن ذكرنا من الفقهاء إلى أنه باق وثابت لم ينسخ، وروى عن إبراهيم النخعى أن الآية منسوخة نسختها وأشهدوا ذوى عدل منكم وروى ضمرة ابن جندب وعطية بن قيس قالا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها) والآية تدل على جواز شهادة أهل الذمة على وصية المسلم فى السفر سواء أكان فى الوصية بيع أو إقرار بدين أو وصية بشئ أو هبة أو صدقة، إذ يشمل اسم الوصية ذلك كله إذا عقد فى المرض.
ثم قد روى أن آية الدين من آخر ما نزل من القرآن فهى ناسخة لحكم هذه الآية وهو جواز شهادة أهل الذمة على وصية المسلم فى السفر، لأن الخطاب فيها للمؤمنين.
وقد قيل فيها {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء} البقرة 282، والكفار غير مرضيين فى الشهادة على المسلمين، وهى عامة فى السفر وغير السفر وفى الوصية وغيرها، فتكون ناسخة لحكم آية المائدة التى معنا - انتهى بتصرف.
وجاء فى كتاب الطرق الحكمية فلإمام المجتهد أبى عبد الله محمد بن أبى بكر الحنبلى المعروف بابن القيم - (أما المسألة الثانية وهى قبول شهادة الكفار على المسلمين فى السفر فقد دل عليها صريح القرآن وعمل بها الصحابة، وذهب إليها فقهاء الحديث - قال صالح بن أحمد قال أبى لا تجوز شهادة أهل الذمة إلا فى موضع فى السفر الذى قال الله تعالى فيه {أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض} فأجازها أبو موسى الأشعرى، وقد روى عن ابن عباس أو آخران من غيركم من أهل الكتاب وهذا موضع ضرورة، لأنه فى سفر ولا تجد من يشهد من المسلمين، وإنما جاءت فى هذا المعنى.
وقال إسماعيل بن سعيد الشالنجى سألت أحمد فذكر هذا المعنى.
قلت فإن كان ذلك على وصية المسلمين هل تجوز شهادتهم قال نعم إذا كان على الضرورة - قلت أليس يقال هذه الآية منسوخة قال من يقول وأنكر ذلك.
قال وهل يقول ذلك إلا إبراهيم وقال فى رواية ابن عبد الله تجوز شهادة النصرانى واليهودى فى الميراث على ما أجاز أبو موسى فى السفر وأحلفه وقال فى رواية أبى الحارث لا تجوز شهادة اليهودى والنصرانى فى شئ إلا فى الوصية فى السفر إذا لم يوجد غيرهم - قال الله تعالى {أو آخران من غيركم} فلا تجوز شهادتهم إلا فى هذا الموضع، وهذا مذهب قاضى العم والعدل شريح وقول سعيد بن المسيب وحكاه عن ابن عباس وأبى موسى الأشعرى) ثم ساق ابن القيم حديث قبول أبى موسى الأشعرى شهادة النصرانيين من أهل دقوقا على وصية المسلم فى السفر وحكمه بها، وحديث ابن عباس عن تميم الدارى فى سبب نزول الآية موضوع البحث والقول بهذه الآية هو قول جمهور السلف وقالت عائشة رضى الله عنها سورة المائدة آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها حراما فحرموه، وصح عن ابن عباس أنه قال فى هذه الآية.
هذا لمن مات وعنده المسلمون فأمر الله أن يشهد فى وصيته عدلان من المسلمين ثم قال تعالى {أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض} فهذا لمن مات وليس عنده أحد من المسلمين فأمر الله عز وجل أن يشهد على وصيته رجلان من غير المسلمين وقد تقدم أن أبا موسى حكم بذلك، وقال سفيان الثورى عن أبى اسحق البيعى عن عمرو بن شرحبيل - ولم ينسخ من سورة المائدة شئ - وعن سعيد بن المسيب {أو آخران من غيركم} من أهل الكتاب وفى رواية ابن جبير ومجاهد ويحيى وابن سيرين فهؤلاء أئمة المسلمين أبو موسى الأشعرى وابن عباس وروى نحو ذلك عن على رضى الله عنه - ذكر ذلك أبو محمد بن حزم وذكره أبو يعلى عن ابن مسعود ولا مخالف لهم من الصحابة.
ومن التابعين عمرو بن شرحبيل وشريح وعبيدة والنخعى والشعبى والسعيدان وأبو مجلز وابن سيرين ويحيى بن يعمر، ومن تابعى التابعين كسفيان الثورى ويحيى بن حمزة والأوزاعى، وبعد هؤلاء كأبى عبيد وأحمد بن حنبل وجمهور فقهاء أهل الحديث، وهو قول جميع أهل الظاهر.
وخالفهم آخرون. ثم اختلفوا فى تخريج الآية على ثلاثة طرق أحدها أن المراد بقوله من غيركم من غير قبيلتكم.
روى ذلك عن الحسن والزهرى - والثانى أن الآية منسوخة وهذا مروى عن زيد بن أسلم وغيره.
والثالث - أن المراد بالشهادة فيها أيمان الوصى بالله تعالى للورثة لا الشهادة المعروفة، وساق ابن القيم المناقشة بين الآخذين بالآية والمؤولين لها احتجاجا وردا.
ثم قال فظهر أن القول بموجب هذه الآية هو الحق الذى لا نعدل عنه نصا وقياسا ومصلحة.
وبالله التوفيق - قال شيخنا رحمه الله (يعنى الإمام المجتهد شيخ الإسلام ابن تيمية وقول الإمام أحمد فى قبول شهادتهم فى هذا الموضع هو ضرورة يقتضى هذا التعليل قبولها فى كل ضرورة حضرا وسفرا وعلى هذا لو قيل يحلفون فى شهادة بعضهم على بعض كما يحلفون فى شهادتهم على المسلمين فى وصية السفر لكان منسوخها - ولو قيل تقبل شهادتهم مع ايمانهم فى كل شئ عدم فيه المسلمون لكان له وجه ويكون بدلا مطلقا - قال الشيخ ويؤيد هذا ما ذكره القاضى وغيره - محتجا به - وهو فى الناسخ والمنسوخ لأبى عبيد أن رجلا من المسلمين خرج فمر بقرية فمرض ومعه رجلان من المسلمين فدفع إليهما ماله ثم قال ادعوا لى من أشهده على ما قبضتماه فلم يجدا أحدا من المسلمين فى تلك القرية، فدعوا أناسا من اليهود والنصارى فأشهدهم على ما دفع إليهما وذكر الوصية، فانطلقوا إلى ابن مسعود فأمر اليهود والنصارى أن يحلفوا بالله لقد ترك من المال كذا وكذا، ولشهادتنا أحق من شهادة هذين المسلمين، ثم أمر أهل المتوفى أن يحلفوا أن شهادة اليهود والنصارى حق فحلفوا.
فأمرهم ابن مسعود أن يأخذوا من المسلمين ما شهد به اليهودى والنصرانى وذلك فى خلافة عثمان رضى الله عنه فهذه شهادة للميت على وصيته، وقد قضى بها ابن مسعود مع يمين الورثة لأنهم المدعون وقد ذكر القاضى هذا فى مسألة دعوى الأسير إسلاما فقال وقد قال الإمام أحمد فى السبى إذا ادعوا نسبا وأقاموا بينة من الكفار قبلت شهادتهم.
نص عليه فى رواية حنبل وصالح وإسحاق بن إبراهيم لأنه قد تتعذر البينة العادلة، ولم يجز ذلك فى رواية عبد الله وأبى طالب قال شيخنا رحمه الله تعالى فعلى هذا كل موضع ضرورة غير المنصوص فيه وفيه روايتان.
لكن التحليف ههنا لم يتعرضوا له، فيمكن أن يقال لأنه إنما يحلف حيث تكون شهادتهم بدلا كما فى مسألة الوصية بخلاف ما إذا كانوا أصولا.
والله أعلم - ويقول الإمام أبو محمد بن حزم الظاهرى إمام أهل الظاهر بالأندلس فى كتابه المحلى (لا يجوز أن يقبل كافر أصلا لا على كافر ولا على مسلم حاشا الوصية فى السفر فقط، فإنه يقبل فى ذلك مسلمان أو كافران من أى دين كانا، أو كافر وكافرتان، أو أربع كوافر، ويحلف الكفار ههنا مع شهادتهم بعد الصلاة لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين - برهان ذلك قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} الحجرات 6، والكافر فاسق فوجب أن لا تقبل.
وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض} فوجب أخذ حكم الله كله.
وأن يستثنى الأخص من الأعم ليتوصل بذلك إلى طاعة الجميع) هذا جانب يسير من النصوص التى تزخر بها كتب الفقه والتفسير والحديث تبين آراء العلماء والفقهاء فى شهادة غير المسلمين على المسلمين، وتدل دلالة صريحة وقاطعة على أن كثيرا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وفقهاء الأمصار والأئمة المجتهدين يرون جواز هذه الشهادة ويقبلونها فى القضاء ويحكمون بها، وإن كانوا يختلفون بعد ذلك فى النطاق والمسائل التى تقبل فيها هذه الشهادة.
وقد رأينا فيما ذكره الإمام القرطبى أنه لا مانع من اختلاف الحكم عند الضرورة وأنه يجوز أن يكون الكافر ثقة عند المسلم، ويرتضيه عند الضرورة، وهذا يشير إلى أن جواز شهادة غير المسلم على المسلم إنما هو للضرورة وفى حالة قيامها.
وفيما تقل عن ابن عباس ما يشير إلى ذلك أيضا وفيما نقل عن الإمام أحمد التصريح بأن جواز شهادة غير المسلمين على المسلمين هو ضرورة وقد نقل ابن القيم عن شيخه الإمام المجتهد ابن تيمية أنه قال إن ما نقل عن الإمام أحمد من تقليل جواز هذه الشهادة وقبولها للضرورة يدل على جوازها وقبولها فى كل ضرورة حضرا وسفرا وأنه لو قيل تقبل شهادتهم مع أيمانهم فى كل شئ عدم فيه المسلمون لكان له وجه وتكون بدلا مطلقا.
ومن ثم جرى فيها الحلف. وقد رأينا مما ذكرنا أن القائلين بعدم جواز قبول شهادة غير المسلمين على المسلمين فى أى مجال أو نطاق لم يبنوا جميعهم آراءهم على أساس أن الشهادة من باب الولاية، وأنه لا ولاية لكافر على مسلم وإنما بنى أكثرهم الرأي على معان أخرى تتصل بالشروط والمعانى التى اعتبروا توافرها أساسا لقبول الشهادة ولا نريد بما ذكرنا أن نستبيح حكما أو نقرر رأيا فى الموضوع.
وإنما نريد أن نبين أن فى آراء الفقهاء المسلمين ما فيه العلاج الحاسم لهذه المشكلة التى برزت فى حياة الناس، واستعصى على القضاء حلها فى ظل النظام القائم، وقد تتوالى الحوادث وتبدوا المشكلة فى صورة أو أخرى أشد تعقيدا وأكثر إلحاحا فى طلب الحل، وسيبقى القضاء عاجزا عن الحل وغير قادر على مواجهة طلبه مادام هذا الوضع قائما - وقد تضيع حقوق وتهدر مصالح - الأمر الذى لا يمكن قبوله والسكوت عليه.
ولقد كشف التطور الاجتماعى الذى أحدثته الثورة عن ضرورة إحداث تغيير جذرى وشامل فى الأوضاع والنظم والأحكام التى تسود حياة المجتمع، وقامت نهضة تشريعية شاملة تناولت بالتغيير والتبديل النظم والقوانين والأحكام القائمة فى جميع النواحى والجوانب والفروع.
وكان من نتيجة ذلك أن ألفت لجنة لوضع تشريع شامل مستمد من الشريعة الإسلامية، والفقه الإسلامى لتنظيم مسائل الأحوال الشخصية بفروعها المختلفة، وقامت اللجنة فعلا بوضع تشريع شامل اختارت أحكامه من أقوال الفقهاء المسلمين غير متقيدة برأى فقيه ولا بأرجح الأقوال فى مذهب فقيه، بل استهدفت علاج المشاكل التى لازمت التطور الاجتماعى العميق الشامل وكشف عنها التطبيق والعمل فى ظل النظام القائم.
وقدمت اللجنة المشروع إلى وزارة العدل، ولا يزال لدى الوزارة إلى الآن.
وحبذا لو أمكن أن يعاد المشروع إلى اللجنة لتعيد النظر فيه، وتعالج هذه المشكلة موضوع البحث، وما عسى أن يظهره البحث أو تتمخض عنه الحوادث من مشاكل أخرى تمس حياة الناس ومصالحهم.
وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب(7/287)