رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نفر من الْيَهُود فَقَالُوا: إِن أخبرنَا بِمَا نَسْأَلهُ فَهُوَ نَبِي. فَقَالُوا: من أَيْن يكون الشّبَه يَا مُحَمَّد؟ قَالَ: إِن نُطْفَة الرجل غَلِيظَة ونطفة الْمَرْأَة صفراء رقيقَة، فَأَيّهمَا علت صَاحبهَا فالشبه لَهُ، وَإِن اجْتمعَا كَانَ مِنْهَا وَمِنْه. قَالُوا: صدق ".
فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس [هَذَا] زِيَادَة لَيست فِي غَيره.
وَمن سُورَة عبس
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سعيد بن يحيى بن سعيد الْأمَوِي، حَدثنِي أبي قَالَ: هَذَا مَا عرضنَا على هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " أنزل {عبس وَتَوَلَّى} فِي ابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل يَقُول: يَا رَسُول الله، أَرْشدنِي. وَعند رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل من عُظَمَاء الْمُشْركين، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعرض عَنهُ، وَيقبل على الآخر وَيَقُول: أَتَرَى بِمَا أَقُول بَأْسا؟ [فَيُقَال] : لَا. فَفِي هَذَا أنزل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن / غَرِيب، وروى بَعضهم هَذَا الحَدِيث عَن هِشَام، عَن أَبِيه، وَلم يذكر عَائِشَة.
وَمن سُورَة إِذا الشَّمْس كورت
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس بن عبد الْعَظِيم الْعَنْبَري، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَخْبرنِي عبد الله بن بحير، عَن عبد الرَّحْمَن - وَهُوَ ابْن يزِيد الصَّنْعَانِيّ - قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سره أَن ينظر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُ رَأْي عين فليقرأ: {إِذا الشَّمْس كورت} و {إِذا السَّمَاء انفطرت} و {إِذا السَّمَاء انشقت} ".
هَذَا حَدِيث حسن.(4/236)
وروى هِشَام بن يُوسُف وَغَيره هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " من سره أَن ينظر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُ رَأْي عين فليقرأ {إِذا الشَّمْس كورت} " وَلم يذكر " {إِذا السَّمَاء انفطرت} و {إِذا السَّمَاء انشقت} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، أبنا عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار، حَدثنَا عبد الله بن الداناج، حَدثنِي أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الشَّمْس وَالْقَمَر مكوران يَوْم الْقِيَامَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أبنا ابْن أبي زَائِدَة، ثَنَا أبي، عَن عَامر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الوائدة والموءودة فِي النَّار ".
قَالَ ابْن أبي زَائِدَة: قَالَ أبي: فَحَدثني أَبُو إِسْحَاق [أَن] عَامِرًا حَدثهُ بذلك عَن عَلْقَمَة، عَن ابْن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عُبَيْدَة بن حميد، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن الشّعبِيّ، عَن عَلْقَمَة، عَن قيس، عَن سَلمَة بن يزِيد قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنا وَأخي فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِن أمنا كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة تقري الضَّيْف وَتصل الرَّحِم وَتفعل وَتفعل؛ ينفعها بذلك شَيْئا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِنَّهَا وَأَدت أُخْتا لنا فِي الْجَاهِلِيَّة، فَهَل ينفع ذَلِك أُخْتنَا شَيْئا؟ قَالَ: لَا. الوائدة والموءودة فِي النَّار، إِلَّا أَن يدْرك الوائدة الْإِسْلَام فيعفو الله عَنْهَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا خلف بن خَليفَة، عَن أبي هَاشم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن / ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ: من فِي الْجنَّة؟ قَالَ: النَّبِي فِي الْجنَّة، والشهيد فِي الْجنَّة، والمولود فِي الْجنَّة، والموءودة فِي الْجنَّة ".(4/237)
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَمن سُورَة المطففين
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن الْقَعْقَاع، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن العَبْد إِذا أَخطَأ خَطِيئَة نكتت فِي قلبه نُكْتَة، فَإِن هُوَ نزع واستغفر وَتَابَ [صقلت] ، وَإِن عَاد زيد فِيهَا حَتَّى تعلو قلبه، فَهُوَ الران الَّذِي ذكر الله - تَعَالَى - {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا صَفْوَان، عَن ابْن عجلَان، عَن الْقَعْقَاع [بن] حَكِيم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أذْنب الْمُؤمن كَانَت نُكْتَة سَوْدَاء فِي قلبه، فَإِن تَابَ وَنزع واستغفر صقلت، وَإِن عَاد زَادَت حَتَّى يسود الْقلب، فَذَلِك الران الَّذِي جعل الله - تَعَالَى - {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ".
وَمن سُورَة البروج
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان وَعبد بن حميد - الْمَعْنى وَاحِد - قَالَا:(4/238)
حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن، بن أبي ليلى، عَن صُهَيْب قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى الْعَصْر هَمس - والهمس فِي بعض قَوْلهم تحرّك شَفَتَيْه كَأَنَّهُ يتَكَلَّم - فَقيل لَهُ: إِنَّك يَا رَسُول الله إِذا صليت الْعَصْر همست. قَالَ: إِن نَبيا من الْأَنْبِيَاء كَانَ (من أمته) فَقَالَ: من يقوم لهَؤُلَاء؟ فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن خَيرهمْ بَين أَن أنتقم مِنْهُم وَبَين أَن أسلط عَلَيْهِم عدوهم، فَاخْتَارُوا النقمَة، فَسلط عَلَيْهِم الْمَوْت، فَمَاتَ مِنْهُم فِي يَوْم سبعين ألفا. قَالَ: وَكَانَ إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث حدث بِهَذَا الحَدِيث الآخر. قَالَ: وَكَانَ ملك من الْمُلُوك، وَكَانَ لذَلِك الْملك كَاهِن يكهن لَهُ فَقَالَ الكاهن: / انْظُرُوا لي غُلَاما فهما - أَو قَالَ: فطنا لقنا - فَأعلمهُ علمي هَذَا؛ فَإِنِّي أَخَاف أَن أَمُوت فَيَنْقَطِع مِنْكُم هَذَا الْعلم وَلَا يكون فِيكُم من يُعلمهُ. قَالَ: فنظروا لَهُ على مَا وصف، فَأمره أَن يحضر ذَلِك الكاهن وَأَن يخْتَلف إِلَيْهِ فَجعل يخْتَلف إِلَيْهِ، وَكَانَ على طَرِيق الْغُلَام رَاهِب فِي صومعة - قَالَ معمر: أَحسب أَن أَصْحَاب الصوامع كَانُوا يَوْمئِذٍ مُسلمين - قَالَ: فَجعل الْغُلَام يمْكث يسْأَل الراهب كلما مر بِهِ، فَلم يزل بِهِ حَتَّى أخبرهُ فَقَالَ: إِنَّمَا أعبد الله. قَالَ: فَجعل الْغُلَام يمْكث عِنْد الراهب ويبطئ على الكاهن، فَأرْسل الكاهن إِلَى أهل الْغُلَام إِنَّه لَا يكَاد [يحضرني] ، فَأخْبر الْغُلَام الراهب بذلك، فَقَالَ لَهُ الراهب: إِذا قَالَ لَك الكاهن أَيْن كنت؟ فَقل: عِنْد أَهلِي. وَإِذا قَالَ لَك أهلك: أَيْن كنت؟ فَأخْبرهُم أَنَّك كنت عِنْد الكاهن. قَالَ: فَبينا الْغُلَام على ذَلِك إِذْ مر بِجَمَاعَة من النَّاس كثير قد حبستهم دَابَّة - فَقَالَ بَعضهم: إِن تِلْكَ الدَّابَّة كَانَت أسدا - قَالَ: فَأخذ الْغُلَام حجرا، قَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ مَا يَقُول الراهب حَقًا فأسألك أَن أَقتلهُ. قَالَ: ثمَّ رمى فَقتل الدَّابَّة، فَقَالَ لَهَا النَّاس: من قَتلهَا؟ فَقَالُوا: الْغُلَام. فَفَزعَ النَّاس وَقَالُوا: لقد علم هَذَا الْغُلَام علما لم يُعلمهُ أحد. قَالَ: فَسمع بِهِ أعمى فَقَالَ لَهُ: إِن أَنْت رددت بَصرِي فلك كَذَا وَكَذَا. قَالَ لَهُ: لَا أُرِيد مِنْك هَذَا، وَلَكِن إِن رَجَعَ إِلَيْك بَصرك تؤمن بِالَّذِي رده إِلَيْك. قَالَ: نعم. قَالَ: فَدَعَا(4/239)
الله فَرد عَلَيْهِ بصرة فَآمن الْأَعْمَى، فَبلغ ذَلِك الْملك فَبعث إِلَيْهِم، فَأتي بهم فَقَالَ: لأقتلن كل وَاحِد مِنْكُم قتلة لَا أقتل بهَا صَاحبه، فَأمر بِالرَّاهِبِ وَالرجل الَّذِي كَانَ أعمى فَوضع الْمِنْشَار على مفرق أَحدهمَا فَقتله، وَقتل الآخر بقتلة أُخْرَى، ثمَّ أَمر بالغلام فَقَالَ: [انْطَلقُوا] بِهِ إِلَى جبل كَذَا وَكَذَا فألقوه من رَأسه. فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى ذَلِك الْجَبَل فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى ذَلِك الْمَكَان الَّذِي أَرَادوا أَن يلقوه مِنْهُ؛ جعلُوا يتهافتون من ذَلِك الْجَبَل ويتردون حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا الْغُلَام. قَالَ: ثمَّ رَجَعَ فَأمر بِهِ الْملك أَن ينطلقوا بِهِ إِلَى الْبَحْر فيلقونه فِيهِ، فَانْطَلق بِهِ إِلَى الْبَحْر فغرق الله الَّذين كَانُوا مَعَه / وأنجاه، فَقَالَ الْغُلَام للْملك: إِنَّك لَا تقتلني حَتَّى تصلبني وترميني وَتقول إِذا رميتني: باسم الله رب هَذَا الْغُلَام. قَالَ: فَأمر بِهِ فصلب ثمَّ رَمَاه فَقَالَ: باسم الله رب هَذَا الْغُلَام. قَالَ: فَوضع الْغُلَام يَده على صُدْغه حِين رمي ثمَّ مَاتَ، فَقَالَ النَّاس: لقد علم هَذَا الْغُلَام علما مَا علمه أحد، فَإنَّا نؤمن بِرَبّ هَذَا الْغُلَام. قَالَ: فَقيل للْملك: أجزعت أَن خالفك ثَلَاثَة نفر، فَهَذَا الْعَالم كلهم قد خالفوك. قَالَ: فَخدَّ أُخْدُودًا، ثمَّ ألْقى فِيهَا الْحَطب وَالنَّار، ثمَّ جمع النَّاس فَقَالَ: من رَجَعَ عَن دينه تَرَكْنَاهُ، وَمن لم يرجع ألقيناه فِي هَذِه النَّار. فَجعل يُلقيهِمْ فِي تِلْكَ الخدود. قَالَ: يَقُول الله: {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود. النَّار ذَات الْوقُود} حَتَّى بلغ {الْعَزِيز الحميد} قَالَ: فَأَما الْغُلَام فَإِنَّهُ دفن، فَيذكرُونَ أَنه أخرج فِي زمن عمر ابْن الْخطاب وإصبعه على صُدْغه كَمَا وَضعهَا حِين قتل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(4/240)
وَمن سُورَة الْفجْر
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا [عمر] بن حَفْص بن غياث، عَن أَبِيه، عَن الْعَلَاء بن خَالِد، عَن شَقِيق، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي قَول الله - تبَارك وَتَعَالَى -: {وَجِيء يَوْمئِذٍ بجهنم} . قَالَ: جِيءَ بهَا تقاد بسبعين [ألف] زِمَام، مَعَ كل زِمَام سَبْعُونَ ألف ملك ".
الْعَلَاء بن خَالِد هَذَا مَشْهُور، قَالَه أَبُو بكر الْبَزَّار.
وَمن سُورَة الْبَلَد
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله بن مُبشر، ثَنَا أَحْمد بن سِنَان الْقطَّان، حَدثنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، حَدثنَا عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، حَدثنِي طَلْحَة ابْن مصرف، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة، عَن الْبَراء قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: دلَّنِي على عمل يقربنِي من الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي من النَّار. قَالَ: لَئِن كنت أقصرت الْخطْبَة لقد أَعرَضت [الْمَسْأَلَة] ، أعتق النَّسمَة وَفك الرَّقَبَة. [فَقَالَ: يَا رَسُول الله - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو ليسَا وَاحِدًا؟ فَقَالَ: لَا، عتق النَّسمَة أَن تفرد بِعتْقِهَا وَفك الرَّقَبَة] أَن تعين فِي ثمنهَا، والمنحة الوكوف، والفيء على [ذِي](4/241)
الرَّحِم الظَّالِم، فَإِن لم تطق فَكف لسَانك إِلَّا من خير ".
وَمن سُورَة وَالشَّمْس وَضُحَاهَا
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا وهيب، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، أَنه أخبرهُ عبد الله بن زَمعَة " أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب وَذكر النَّاقة وَالَّذِي عقر فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {إِذْ انْبَعَثَ أشقاها} انْبَعَثَ لَهَا رجل عَزِيز [عَارِم] منيع فِي رهطه مثل أبي زَمعَة. وَذكر النِّسَاء فَقَالَ: يعمد أحدكُم فيجلد امْرَأَته جلد العَبْد فَلَعَلَّهُ يضاجعها من آخر يَوْمه. ثمَّ [وعظهم] فِي (ضحك) [من] الضرطة فَقَالَ: لم يضْحك أحدكُم مِمَّا يفعل ".
وَمن سُورَة الضُّحَى وألم نشرح
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا إِسْحَاق، [ثَنَا يحيى] بن آدم، ثَنَا زُهَيْر، عَن الْأسود بن قيس قَالَ: سَمِعت جُنْدُب بن سُفْيَان يَقُول: " اشْتَكَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يقم لَيْلَتَيْنِ وَلَا ثَلَاثًا فَجَاءَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: يَا مُحَمَّد، إِنِّي لأرجو أَن يكون شَيْطَانك قد تَركك، لم أره قربك لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا. قَالَ: فَأنْزل الله(4/242)
{وَالضُّحَى. وَاللَّيْل إِذا سجى. مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، حَدثنَا عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي.
وَحدثنَا أَحْمد بن دَاوُد بن مُوسَى، ثَنَا أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي قَالَ: ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا عَطاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سَأَلت رَبِّي - عز وَجل - مَسْأَلَة وددت أَنِّي لم أكن سَأَلته، قلت: أَي رب، قد كَانَت قبلي أَنْبيَاء مِنْهُم من قد سخرت لَهُ الرّيح. ثمَّ ذكر سُلَيْمَان بن دَاوُد، وَمِنْهُم من كَانَ يحيى الْمَوْتَى. ثمَّ ذكر عِيسَى ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[وَمِنْهُم] وَمِنْهُم من - يذكر مَا أعْطوا - قَالَ: ألم أجدك يَتِيما فآويت؟ قلت: بلَى أَي رب. قَالَ: ألم أجدك ضَالًّا فهديت؟ قلت: بلَى أَي رب. قَالَ: ألم أجدك عائلا فأغنيت؟ قلت: بلَى أَي رب. قَالَ: ألم أشرح لَك صدرك وَوضعت عَنْك وزرك؟ قلت: بلَى أَي رب ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر وَابْن أبي عدي، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك، عَن مَالك بن صعصعة - رجل من قومه - أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا عِنْد الْبَيْت / بَين النَّائِم وَالْيَقظَان إِذْ سَمِعت قَائِلا يَقُول: أحد [بَين] الثَّلَاثَة فَأتيت بطست من ذهب فِيهَا مَاء زَمْزَم، فشرح صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا - قَالَ قَتَادَة: قلت لأنس: مَا يَعْنِي؟(4/243)
قَالَ: إِلَى أَسْفَل بَطْني - فاستخرج قلبِي فَغسل قلبِي بِمَاء زَمْزَم ثمَّ أُعِيد مَكَانَهُ، ثمَّ حشي إِيمَانًا وَحِكْمَة " وَفِي الحَدِيث قصَّة طَوِيلَة.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة اقْرَأ باسم رَبك
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرُّؤْيَا الصَّالِحَة، فَجَاءَهُ الْملك فَقَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق. خلق الْإِنْسَان من علق. اقْرَأ وَرَبك الأكرم} ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ وَمُحَمّد بن الْأَعْلَى الْقَيْسِي [قَالَا] : ثَنَا الْمُعْتَمِر، عَن أَبِيه، حَدثنِي نعيم بن أبي هِنْد، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ أَبُو جهل: هَل يعفر مُحَمَّد وَجهه بَين أظْهركُم؟ قَالَ: فَقيل: نعم. فَقَالَ: وَاللات والعزة لَئِن رَأَيْته يفعل ذَلِك لَأَطَأَن على رقبته أَو لأُعَفِّرَنَّ وَجهه. قَالَ: فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي - زعم ليَطَأ على رقبته - قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ إِلَّا وَهُوَ يَنْكص على عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بيدَيْهِ. قَالَ: فَقيل لَهُ مَا لَك؟ قَالَ: إِن بيني وَبَينه لَخَنْدَقًا من نَار وَهولا وَأَجْنِحَة. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو دنا مني لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَة عضوا عضوا. قَالَ: فَأنْزل الله تَعَالَى - لَا نَدْرِي فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَو شَيْء بلغه - {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى. أَن رَآهُ اسْتغنى. إِن إِلَى رَبك الرجعى. أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى. عبدا إِذا صلى. أَرَأَيْت إِن كَانَ على الْهدى أَو أَمر بالتقوى. أَرَأَيْت إِن كذب وَتَوَلَّى} يَعْنِي أَبَا(4/244)
جهل {ألم يعلم بِأَن الله يرى. كلا لَئِن لم ينْتَه لنسفعا بالناصية. نَاصِيَة كَاذِبَة خاطئة. فَليدع نَادِيه. سَنَدع الزَّبَانِيَة. كلا لَا تطعه} ".
زَاد عبيد الله فِي حَدِيثه قَالَ: " وَأمره بِمَا أمره بِهِ ".
وَزَاد ابْن عبد الْأَعْلَى: " {فَليدع نَادِيه} يَعْنِي قومه ".
قَالَ التِّرْمِذِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث: " لَو فعل لَأَخَذته الْمَلَائِكَة عيَانًا ".
وروى التِّرْمِذِيّ: أَيْضا قَالَ: حَدثنَا أَبُو سعيد، حَدثنَا أَبُو خَالِد / عَن دَاوُد ابْن أبي هِنْد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فجَاء أَبُو جهل فَقَالَ: ألم أَنْهَك عَن هَذَا، ألم أَنْهَك عَن هَذَا؟ فَانْصَرف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فزبره. فَقَالَ أَبُو جهل: إِنَّك لتعلم مَا بهَا نَاد أَكثر مني. فَأنْزل الله - عز وَجل -: {فَليدع نَادِيه. سَنَدع الزَّبَانِيَة} قَالَ ابْن عَبَّاس: [فوَاللَّه لَو دَعَا نَادِيه] لَأَخَذته زَبَانِيَة الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، وَفِيه عَن أبي هُرَيْرَة.
وَمن سُورَة الْقدر
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم البطين والمنهال، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أنزل الله الْقُرْآن إِلَى(4/245)
سَمَاء الدُّنْيَا لَيْلَة الْقدر جملَة وَاحِدَة، كَانَ جِبْرِيل [ينزله] على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وَمن سُورَة إِذا زلزلت الأَرْض
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أبنا عبد الله بن الْمُبَارك، أبنا سعيد بن أبي أَيُّوب، عَن يحيى بن أبي سُلَيْمَان، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذِه الْآيَة {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارهَا؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِن أَخْبَارهَا أَن تشهد على كل عبد أَو أمة بِمَا عمل على ظهرهَا، تَقول: عمل يَوْم كَذَا كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَخْبَارهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
وَمن سُورَة الْكَوْثَر
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شَيبَان، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك: " لما عرج بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى السَّمَاء قَالَ: أتيت على نهر حافتاه قباب اللُّؤْلُؤ مجوف فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن محَارب بن دثار، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْكَوْثَر نهر فِي الْجنَّة حافتاه من ذهب وَمَجْرَاهُ على الدّرّ والياقوت، تربته أطيب من الْمسك،(4/246)
وماؤه أحلى من الْعَسَل وأبيض من الثَّلج ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة الْفَتْح
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنِي عبد الْأَعْلَى / ثَنَا دَاوُد، عَن عَامر، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكثر من قَول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ. [قَالَت] : فَقلت: يَا رَسُول الله، أَرَاك تكْثر من قَول سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ. فَقَالَ: أَخْبرنِي رَبِّي - عز وَجل - أَنِّي سأرى عَلامَة فِي أمتِي فَإِذا رَأَيْتهَا أكثرت من قَول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ. فقد رَأَيْتهَا {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فتح مَكَّة {وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا. فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ عمر يدخلني مَعَ أَشْيَاخ بدر، فَكَأَن بَعضهم وجد فِي نَفسه فَقَالَ: لم يدْخل هَذَا مَعنا وَلنَا أَبنَاء مثله؟ فَقَالَ عمر: إِنَّه من (قد) علمْتُم. فَدَعَاهُ ذَات يَوْم فَأدْخلهُ مَعَهم، فَمَا رئيت أَنه دَعَاني يَوْمئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ. قَالَ: مَا تَقولُونَ فِي قَول الله - عز وَجل -: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فَقَالَ بَعضهم: أمرنَا بِحَمْد الله وَنَسْتَغْفِرهُ إِذا نصرنَا وَفتح علينا. وَسكت بَعضهم فَلم يَقُولُوا شَيْئا. فَقَالَ: أَكَذَلِك تَقول يَا ابْن عَبَّاس؟ فَقلت: لَا. فَقَالَ: فَمَا تَقول؟ قلت: هُوَ أجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعلمهُ (لَك) قَالَ: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح}(4/247)
وَذَلِكَ عَلامَة أَجلك {فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا} . فَقَالَ عمر: مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا تَقول ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَهَارُون بن عبد الله وَعبد بن حميد. قَالَ عبد: أَنا. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا جَعْفَر بن عون، ثَنَا أَبُو عُمَيْس، عَن عبد الْمجِيد بن [سُهَيْل] ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة قَالَ: " قَالَ لي ابْن عَبَّاس: تعلم - وَقَالَ هَارُون: تذكر - آخر سُورَة نزلت من الْقُرْآن جَمِيعًا؟ قلت: نعم {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} . قَالَ: صدقت ".
وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة: " تعلم أَي سُورَة " وَلم يقل: " آخر ".
عبد بن حميد: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، عَن هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله} قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتَاكُم أهل الْيمن هم أرق قلوبا، الْإِيمَان يمَان، الْفِقْه يمَان، الْحِكْمَة يَمَانِية ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، سمع أَبَا البخْترِي، يحدث عَن أبي سعيد / الْخُدْرِيّ قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَرَأَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى خَتمهَا ثمَّ قَالَ: أَنا وأصحابي خير وَالنَّاس خير، لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح ".
أَبُو البخْترِي اسْمه سعيد بن فَيْرُوز، ثِقَة مَشْهُور، وَفِي الْبَاب عَن رَافع بن خديج.(4/248)
وَمن سُورَة تبت
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، أبنا عَمْرو بن مرّة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} صعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الصَّفَا فَجعل يُنَادي: يَا بني فهر، يَا بني عدي. لبطون من قُرَيْش، حَتَّى اجْتَمعُوا، فَجعل الرجل إِذا لم يسْتَطع أَن يخرج أرسل رَسُولا لينْظر (مَا هَؤُلَاءِ) . فجَاء أَبُو لَهب وقريش. فَقَالَ: أَرَأَيْتكُم لَو أَخْبَرتكُم أَن خيلا بالوادي تُرِيدُ أَن تغير عَلَيْكُم كُنْتُم تصدقوني؟ قَالُوا: نعم، مَا جربنَا عَلَيْك إِلَّا صدقا. قَالَ: فَإِنِّي نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد. فَقَالَ أَبُو لَهب: تَبًّا لَك سَائِر الْيَوْم أَلِهَذَا جمعتنَا؟ ! فَنزلت {تبت يدا أبي لَهب وَتب} ".
وَمن سُورَة الْإِخْلَاص
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا أَبُو سعد (الصغاني) ، عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن الرّبيع بن أنس، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن أبي بن كَعْب " أَن الْمُشْركين قَالُوا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: انسب لنا رَبك. فَأنْزل الله {قل هُوَ الله أحد. الله الصَّمد. لم يلد وَلم يُولد} لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء يُولد إِلَّا سيموت، وَلَا شَيْء يَمُوت(4/249)
إِلَّا سيورث - وَإِن الله - سُبْحَانَهُ - لَا يَمُوت وَلَا يُورث {وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} قَالَ: لم يكن لَهُ شَبيه وَلَا عدل وَلَيْسَ كمثله شَيْء ".
حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن الرّبيع، عَن أبي الْعَالِيَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر آلِهَتهم فَقَالُوا: انسب لنا رَبك. قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ السُّورَة {قل هُوَ الله أحد} ... " فَذكر نَحوه، وَلم يذكر فِيهِ عَن أبي بن كَعْب، وَهَذَا أصح من حَدِيث أبي سعد؛ وَأَبُو سعد اسْمه مُحَمَّد ابْن ميسر، وَأَبُو جَعْفَر اسْمه عِيسَى، وَأَبُو الْعَالِيَة اسْمَع رفيع، وَكَانَ عبدا أَعتَقته امْرَأَة سائبة.
وَمن سُورَة المعوذتين
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد الْملك بن عَمْرو الْعَقدي، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن الْحَارِث / بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي سَلمَة [بن] عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نظر إِلَى الْقَمَر فَقَالَ: يَا عَائِشَة، اسْتَعِيذِي من شَرّ هَذَا؛ فَإِن هَذَا الْغَاسِق إِذا وَقب ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَاصِم وَعَبدَة، عَن زر: " سَأَلت أبي بن كَعْب عَن المعوذتين فَقَالَ: سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".(4/250)
وَقَالَ الْحميدِي عَن سُفْيَان فِي هَذَا الحَدِيث: " قيل لي: قل. فَنحْن نقُول كَمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
بَاب
عبد بن حميد: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن قَتَادَة قَالَ: " أنزل من الْقُرْآن بِالْمَدِينَةِ: الْبَقَرَة، وَآل عمرَان، وَالنِّسَاء، والمائدة، والأنعام، والأنفال، وَبَرَاءَة، والرعد، والنحل، وَالْحج، والنور، وَسورَة مُحَمَّد، وَالْفَتْح، والحجرات، وَالْحَدِيد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والحواريون، وَالْجُمُعَة، والمنافقون، والتغابن، وَالنِّسَاء الصُّغْرَى، وَالتَّحْرِيم، وَلم يكن، وَإِذا جَاءَ نصر الله، وَقل هُوَ الله أحد، ويشك فِي: أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ. وَنزل سَائِر الْقُرْآن بِمَكَّة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك الوَاسِطِيّ، ثَنَا طلق بن غَنَّام، ثَنَا قيس، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: " كل شَيْء نزل {يَا أَيهَا النَّاس} فَهُوَ بِمَكَّة، وكل شَيْء نزل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} فَهُوَ بِالْمَدِينَةِ ".
وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ غير قيس [مُرْسلا] وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ إِلَّا قيس.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة، ثَنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْحَرَّانِي - يَعْنِي سحيما - ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، عَن عبد الله بن حبيب أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، سَمِعت ابْن مَسْعُود يَقُول: " أنزل الله - عز وَجل - على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمفصل بِمَكَّة(4/251)
فَكُنَّا حجَجنَا نقرؤه لَا ينزل غَيره ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب، أخبرنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يعرف خَاتِمَة السُّورَة حَتَّى تنزل " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " فَإِذا أنزلت " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " علم أَن السُّورَة قد ختمت، واستقبلت - أَو ابتدأت - سُورَة أُخْرَى ".
/ وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ عَن عَمْرو من حَدِيث سُفْيَان جمَاعَة مُرْسلا.
تمّ كتاب التَّفْسِير بِحَمْد الله وعونه يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى كتاب تَعْبِير الرُّؤْيَا.(4/252)
/ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صلي على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب تَعْبِير الرُّؤْيَا
بَاب مَا جَاءَ أَن الرُّؤْيَا من الله والحلم من الشَّيْطَان
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن أبي عمر، جَمِيعًا عَن ابْن عُيَيْنَة - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر قَالَ: ثَنَا سُفْيَان - عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة قَالَ: " كنت أرى الرُّؤْيَا أعرى مِنْهَا غير أَنِّي لَا أزمل، حَتَّى لقِيت أَبَا قَتَادَة فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: الرُّؤْيَا من الله، والحلم من الشَّيْطَان، فَإِذا حلم أحدكُم حلما يكرههُ فلينفث عَن يسَاره ثَلَاثًا و (ليعوذ) بِاللَّه من شَرها فَإِنَّهَا لن تضره ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الرُّؤْيَا جُزْء من أَجزَاء النُّبُوَّة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة.
وَحدثنَا ابْن نمير، حَدثنَا أبي قَالَا جَمِيعًا: حَدثنَا [عبيد الله] ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جُزْء من سبعين جُزْءا(4/253)
من النُّبُوَّة ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك، عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رُؤْيا الْمُؤمن جُزْء من سِتّ وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا يحيى بن يحيى، أخبرنَا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: حَدثنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رُؤْيا الرجل الصَّالح جُزْء من سِتّ وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
وَحدثنَا إِسْمَاعِيل بن الْخَلِيل، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن الْأَعْمَش.
وَحدثنَا ابْن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رُؤْيا الْمُسلم [يَرَاهَا] أَو ترى لَهُ " وَفِي حَدِيث ابْن مسْهر: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، عَن مَالك، عَن إِسْحَاق بن عبد الله ابْن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الرُّؤْيَا الْحَسَنَة من الرجل الصَّالح جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".(4/254)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن صباح، ثَنَا [مُعْتَمر] ، سَمِعت [عوفا] قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن سِيرِين، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " إِذا اقْترب الزَّمَان لم تكد تكذب رُؤْيا الْمُؤمن، ورؤيا الْمُؤمن جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة، وَمَا كَانَ من النُّبُوَّة فَإِنَّهُ لَا يكذب ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا [أَحْمد] بن بكار، حَدثنَا مُحَمَّد - وَهُوَ ابْن سَلمَة - عَن [ابْن] إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي قَتَادَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الرُّؤْيَا على ثَلَاثَة منَازِل، فَمِنْهَا مَا يحدث بهَا الرجل نَفسه، فَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء، وَمِنْهَا مَا يكون من الشَّيْطَان فَإِنَّهَا لن تضره، وَمِنْهَا رُؤْيا من الله، فَإِذا رأى أحدكُم الشَّيْء يُعجبهُ فليعرضه على ذِي رَأْي نَاصح فليتأول خيرا ويقل خيرا، فَإِن رُؤْيا العَبْد الصَّالح جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة. قَالَ عَوْف بن مَالك: وَالله يَا رَسُول الله [لَو] كَانَت حَصَاة من عدد الْحَصَى لَكَانَ كثيرا ".(4/255)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عمر الْمَكِّيّ، ثَنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رُؤْيا الْمُسلم جُزْء من (سِتَّة) وَأَرْبَعين جُزْءا من أَجزَاء النُّبُوَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أبنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي سعيد ابْن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لم يبْق من النُّبُوَّة إِلَّا الْمُبَشِّرَات. قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَات؟ قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَة ".
بَاب مَا يَقُوله ويفعله إِذا رأى مَا يكره أَو مَا يحب
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا سُلَيْمَان - يَعْنِي: ابْن بِلَال - عَن يحيى بن سعيد قَالَ: سَمِعت أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: سَمِعت أَبَا قَتَادَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الرُّؤْيَا من الله، والحلم من الشَّيْطَان، فَإِذا رأى أحدكُم [شَيْئا] يكرههُ فيلنفث عَن يسَاره ثَلَاث مَرَّات، وليتعوذ من شَرها فَإِنَّهَا لن تضره. فَقَالَ: إِن كنت لأرى الرُّؤْيَا أثقل عَليّ من جبل، فَمَا هُوَ إِلَّا أَن سَمِعت بِهَذَا الحَدِيث فَمَا أباليها ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني أَبُو الطَّاهِر، أبنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو ابْن الْحَارِث، عَن عبد ربه بن سعيد، عَن أبي سَلمَة [بن] عبد الرَّحْمَن، عَن أبي قَتَادَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَة من الله، ورؤيا السوء من الشَّيْطَان، فَمن رأى رُؤْيا فكره مِنْهَا شَيْئا فلينفث عَن يسَاره وليتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان / الرَّجِيم، لَا تضره، وَلَا يخبر بهَا أحدا، فَإِن رأى رُؤْيا حَسَنَة فليبشر،(4/256)
وَلَا [يخبر بهَا] إِلَّا من يحب ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن خَلاد الْبَاهِلِيّ وَأحمد بن عبد الله بن الحكم قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن عبد ربه بن سعيد، عَن أبي سَلمَة قَالَ: " إِن كنت لأرى الرُّؤْيَا تمرضني. قَالَ: فَلَقِيت أَبَا قَتَادَة فَقَالَ: وَأَنا إِن كنت لأرى الرُّؤْيَا فتمرضني حَتَّى سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: الرُّؤْيَا الصَّالِحَة من الله فَإِذا رأى أحدكُم مَا يحب فَلَا يحدث بهَا إِلَّا من يحب، وَإِن رأى مَا يكره فليتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا، وليتعوذ بِاللَّه من شَرّ الشَّيْطَان وشرها، وَلَا يحدث بهَا أحدا فَإِنَّهَا لَا تضره ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، أبنا لَيْث.
وثنا ابْن رمح، أخبرنَا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يكرهها فليبصق على يسَاره ثَلَاثًا [وليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ثَلَاثًا] وليتحول عَن جنبه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، حَدثنِي ابْن الْهَاد عَن عبد الله بن خباب، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يُحِبهَا فَإِنَّمَا هِيَ من الله فليحمد الله عَلَيْهَا وليتحدث بهَا، وَإِذا رأى غير ذَلِك مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ من الشَّيْطَان فليستعذ من شَرها وَلَا يذكرهَا لأحد فَإِنَّهَا لَا تضره ".(4/257)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عمر الْمَكِّيّ، ثَنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا اقْترب الزَّمَان لم تكد رُؤْيا (الْمُؤمن) تكذب، وأصدقكم رُؤْيا أصدقكم حَدِيثا. ورؤيا الْمُسلم جُزْء من (خَمْسَة) وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة، والرؤيا ثَلَاث: فالرؤيا الصَّالِحَة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشَّيْطَان، ورؤيا مِمَّا يحدث الْمَرْء نَفسه، فَإِن رأى أحدكُم مَا يكره فلقيم فَليصل وَلَا يحدث بهَا النَّاس. قَالَ: وَأحب الْقَيْد وأكره الغل. الْقَيْد ثبات فِي الدَّين ". فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الحَدِيث أم قَالَه ابْن سِيرِين.
وحدثناه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أبنا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وأدرج فِي الحَدِيث قَوْله: " وأكره الغل " إِلَى تَمام الْكَلَام. وَلم يذكر " الرُّؤْيَا جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
/ بَاب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْخلال، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، انبا شُعْبَة، عَن يعلى بن عَطاء، عَن وَكِيع بن عدس، [عَن عَمه أبي رزين] ، عَن(4/258)
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رُؤْيا الْمُسلم جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة، وَهِي على رجل طَائِر مَا لم يحدث بهَا فَإِذا حدث بهَا وَقعت ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَأَبُو رزين اسْمه لَقِيط بن عَامر.
بَاب لَا تقص الرُّؤْيَا إِلَّا على عَالم أَو نَاصح
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن أبي [عبيد الله] السليمي الْبَصْرِيّ - ثِقَة - حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا سعيد، عَن قَتَادَة، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرُّؤْيَا ثَلَاث: فرؤيا حق، ورؤيا يحدث بهَا الرجل نَفسه، ورؤيا تحزين من الشَّيْطَان، فَمن رأى مَا يكره فَليقمْ فَليصل. وَكَانَ يَقُول: من رَآنِي فَأَنا هُوَ، يُعجبنِي الْقَيْد وأكره الغل، الْقَيْد ثبات فِي الدَّين. وَكَانَ يَقُول: من رَآنِي فَإِنِّي أَنا هُوَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ للشَّيْطَان أَن يتَمَثَّل بِي. وَكَانَ يَقُول: لَا تقص الرُّؤْيَا إِلَّا على عَالم أَو نَاصح ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن تحلم كَاذِبًا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عَيَّاش، ثَنَا [حريز]- وَهُوَ ابْن عُثْمَان - حَدثنِي عبد الْوَاحِد بن عبد الله [النصري] قَالَ: سَمِعت وَاثِلَة بن الْأَسْقَع(4/259)
يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من أعظم الفرا أَن يدعى الرجل إِلَى غير أَبِيه، أَو يري عَيْنَيْهِ مَا لم تَرَ، أَو يَقُول على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لم يقل ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تحلم بحلم لم يره كلف أَن يعْقد بَين شعيرتين وَلنْ يفعل، وَمن اسْتمع إِلَى حَدِيث قوم وهم لَهُ كَارِهُون - أَو يفرون مِنْهُ - صب فِي أُذُنَيْهِ الآنك يَوْم الْقِيَامَة، وَمن صور صُورَة عذب وكلف أَن ينْفخ فِيهَا وَلَيْسَ بنافخ ".
قَالَ سُفْيَان: وَصله لنا أَيُّوب. حَدثنَا إِسْحَاق بن خَالِد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس: " من اسْتمع، وَمن تحلم، وَمن صور ". نَحوه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة، عَن / ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من صور صُورَة عذبه الله بهَا يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى ينْفخ فِيهَا وَلَيْسَ بنافخ، وَمن تحلم كلف أَن يعْقد شعيرَة، وَمن اسْتمع إِلَى حَدِيث قوم يفرون مِنْهُ صب فِي أُذُنَيْهِ الآنك يَوْم الْقِيَامَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، أبنا أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تحلم كَاذِبًا كلف يَوْم الْقِيَامَة أَن يعْقد بَين شعيرتين وَلنْ يعْقد بَينهمَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/260)
بَاب فِيمَن رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث.
وَحدثنَا ابْن رمح، أبنا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من رَآنِي فِي النّوم فقد رَآنِي، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي للشَّيْطَان أَن يتَمَثَّل فِي صُورَتي. وَقَالَ: إِذا حلم أحدكُم فَلَا يخبر بتلعب الشَّيْطَان بِهِ فِي الْمَنَام ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر وحرملة قَالَا: أبنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من رَآنِي فِي الْمَنَام فسيراني فِي الْيَقَظَة - أَو لكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَة - لَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان بِي ".
قَالَ: فَقَالَ أَبُو سَلمَة: قَالَ أَبُو قَتَادَة: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رَآنِي فقد رأى الْحق ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، حَدثنِي اللَّيْث، حَدثنِي ابْن الْهَاد، عَن عبد الله بن خباب، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من رَآنِي فقد رأى الْحق، فَإِن الشَّيْطَان لَا يتكونني ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، ثَنَا عبد الله، عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من (قد) رَآنِي فِي الْمَنَام فسيراني فِي الْيَقَظَة، وَلَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان بِي ".(4/261)
بَاب جمل مِمَّا رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو مِمَّا قصّ عَلَيْهِ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا معَاذ بن هَانِئ أَبُو هَانِئ الْيَشْكُرِي، حَدثنَا جَهْضَم بن عبد الله، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن زيد بن سَلام، عَن أبي سَلام، عَن عبد الرَّحْمَن بن عائش الْحَضْرَمِيّ / أَنه حَدثهُ عَن مَالك بن يخَامر السكْسكِي، عَن معَاذ بن جبل قَالَ: " احْتبسَ عَنَّا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات غَدَاة عِنْد صَلَاة الصُّبْح حَتَّى كدنا نتراءى عين الشَّمْس فَخرج سَرِيعا فثوب بِالصَّلَاةِ فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتجوز فِي صلَاته، فَلَمَّا سلم دَعَا بِصَوْتِهِ قَالَ لنا: على مَصَافكُمْ كَمَا أَنْتُم. ثمَّ انْفَتَلَ إِلَيْنَا ثمَّ قَالَ: أما إِنِّي سأحدثكم مَا حَبَسَنِي عَنْكُم الْغَدَاة، إِنِّي قُمْت من اللَّيْل فَتَوَضَّأت وَصليت مَا قدر لي فنعست فِي صَلَاتي حَتَّى استثقلت، فَإِذا أَنا بربي - تبَارك وَتَعَالَى - فِي أحسن صُورَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد. قلت: لبيْك رَبِّي. قَالَ: فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى؟ قلت: لَا أَدْرِي. قَالَهَا ثَلَاثًا. قَالَ: فرأيته وضع كَفه بَين كَتِفي فَوجدت برد أنامله بَين ثديي فتجلى لي كل شَيْء وَعرفت. فَقَالَ: يَا مُحَمَّد. قلت: لبيْك رب. قَالَ: فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى؟ قلت: فِي الْكَفَّارَات. قَالَ: مَا هن؟ قلت: مشي الْأَقْدَام إِلَى الْحَسَنَات، وَالْجُلُوس فِي الْمَسَاجِد بعد الصَّلَوَات، وإسباغ الْوضُوء حِين الكريهات. قَالَ: فيمَ؟ قلت: إطْعَام الطَّعَام، ولين الْكَلَام، وَالصَّلَاة وَالنَّاس نيام. قَالَ: سل. قل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات، وَترك الْمُنْكَرَات، وَحب الْمَسَاكِين، وَأَن تغْفر لي وترحمني، وَإِذا أردْت فِي قوم فتْنَة فتوفني غير مفتون، أَسأَلك حبك وَحب من يحبك، وَحب عمل يقرب إِلَى حبك. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّهَا حق فادرسوها ثمَّ تعلموها ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/262)
سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَأَيْت ذَات لَيْلَة فِيمَا يرى النَّائِم كأنا فِي دَار عقبَة بن رَافع، فأتينا برطب من رطب ابْن طَابَ، فأولت الرّفْعَة لنا فِي الدُّنْيَا وَالْعَاقبَة فِي الْآخِرَة وَأَن ديننَا قد طَابَ ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو عَامر عبد الله بن براد الْأَشْعَرِيّ وَأَبُو كريب مُحَمَّد ابْن الْعَلَاء - تقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَا: ثَنَا [أَبُو] أُسَامَة، عَن [بريد] ، عَن أبي بردة جده، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رَأَيْت فِي الْمَنَام أَنِّي أُهَاجِر من مَكَّة إِلَى أَرض / بهَا نخل، فَذهب وهلي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَة أَو هجر، فَإِذا هِيَ الْمَدِينَة يثرب، وَرَأَيْت فِي رُؤْيَايَ هَذِه أَنِّي هززت سَيْفا فَانْقَطع صَدره، فَإِذا هُوَ مَا أُصِيب من الْمُؤمنِينَ يَوْم أحد، ثمَّ هززته أُخْرَى فَعَاد أحسن مَا كَانَ، فَإِذا هُوَ مَا جَاءَ الله بِهِ من الْفَتْح واجتماع الْمُؤمنِينَ، وَرَأَيْت أَيْضا فِيهَا بقرًا، وَالله خير، فَإِذا هم النَّفر من الْمُؤمنِينَ يَوْم أحد وَإِذا الْخَيْر مَا جَاءَ الله بِهِ من الْخَيْر بعد، وثواب الصدْق الَّذِي أَتَانَا الله بعد يَوْم بدر ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن سهل التَّمِيمِي، ثَنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، عَن عبد الله بن أبي حُسَيْن، ثَنَا نَافِع بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قدم مُسَيْلمَة الْكذَّاب على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة، فَجعل يَقُول: إِن جعل مُحَمَّد لي الْأَمر من بعده تَبعته، فَقَدمهَا فِي بشر كثير من قومه فَأقبل إِلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ ثَابت(4/263)
ابْن قيس بن شماس وَفِي يَد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قِطْعَة جَرِيدَة، حَتَّى وقف على مُسَيْلمَة فِي أَصْحَابه فَقَالَ: لَو سَأَلتنِي هَذِه الْقطعَة مَا أعطيتكها، وَلنْ أتعد أَمر الله فِيك، وَلَئِن أَدْبَرت [ليَعْقِرنك] الله، وَإِنِّي لأرَاك الَّذِي أريت فِيك مَا أريت، وَهَذَا ثَابت يجيبك عني. ثمَّ انْصَرف عَنهُ. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَسَأَلت عَن قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي أَرَاك الَّذِي أريت فِيك مَا أريت. فَأَخْبرنِي أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: بَيْنَمَا أَنا نَائِم رَأَيْت فِي يَدي سِوَارَيْنِ من ذهب فَأَهَمَّنِي شَأْنهمَا فَأُوحي إِلَيّ فِي الْمَنَام أَن انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتهمَا فطَارَا فَأَوَّلْتهمَا كَذَّابين يخرجَانِ من بعدِي، فَكَانَ أَحدهمَا الْعَنسِي صَاحب صنعاء وَالْآخر صَاحب الْيَمَامَة ".
حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَينا أَنا نَائِم أتيت خَزَائِن الأَرْض فَوضع فِي يَدي أسواران من ذهب فَكَبرَا عَليّ وَأَهَمَّانِي / فَأوحى الله إِلَيّ أَن انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتهمَا فذهبا، فَأَوَّلْتهمَا الْكَذَّابين الَّذين أَنا بَينهمَا: صَاحب صنعاء وَصَاحب الْيَمَامَة ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أبنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أخبرهُ أَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، أخبرهُ عَن أَبِيه، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَينا أَنا نَائِم إِذْ رَأَيْت قدحا أتيت بِهِ فِيهِ لبن،(4/264)
فَشَرِبت مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لأرى الرّيّ الَّذِي يجْرِي فِي أظفاري، ثمَّ أَعْطَيْت فضلي عمر ابْن الْخطاب. قَالُوا: فَمَا أولت ذَلِك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الْعلم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي [عَن] صَالح، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي أَبُو أُمَامَة بن سهل، أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْت النَّاس (يعرضون) عَلَيْهِم قمص، فَمِنْهَا مَا يبلغ الثدي، وَمِنْهَا مَا يبلغ دون ذَلِك، وَمر عَليّ عمر بن الْخطاب وَعَلِيهِ قَمِيص يجره. قَالُوا: مَا [أولته] ؟ قَالَ: الدَّين ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي، ثَنَا فُضَيْل بن سُلَيْمَان، ثَنَا مُوسَى بن عقبَة، حَدثنِي سَالم بن عبد الله، عَن عبد الله بن عمر " فِي رُؤْيا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَدِينَة: رَأَيْت امْرَأَة سَوْدَاء ثائرة الرَّأْس خرجت من الْمَدِينَة حَتَّى نزلت بمهيعة فَأَوَّلتهَا أَن وباء الْمَدِينَة نقل إِلَى مهيعة - وَهُوَ الْجحْفَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن همام، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْت أَنِّي(4/265)
على حَوْضِي أَسْقِي النَّاس، فَأَتَانِي أَبُو بكر فَأخذ الدَّلْو من يَدي ليريحني فَنزع ذنوبين، وَفِي نَزعه ضعف، وَالله يغْفر لَهُ، فَأتى ابْن الْخطاب فَأخذ مِنْهُ فَلم يزل ينْزع حَتَّى تولى النَّاس، والحوض يتفجر ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يسرة بن صَفْوَان بن جميل اللَّخْمِيّ، أبنا إِبْرَاهِيم [بن] سعد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي على قليب فنزعت مَا شَاءَ الله أَن أنزع، ثمَّ أَخذهَا ابْن أبي قُحَافَة فَنزع ذنوبا أَو ذنوبين وَفِي نَزعه ضعف، وَالله يغْفر لَهُ، ثمَّ أَخذهَا عمر فاستحالت غربا فَلم أر عبقريا من النَّاس يفري فريه حَتَّى ضرب النَّاس حوله بِعَطَن ".
الْبَزَّار: حَدثنَا رزق الله بن مُوسَى، ثَنَا شَبابَة / بن سوار، ثَنَا الْمُغيرَة بن مُسلم، عَن مطر الْوراق وَهِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَأَيْت كَأَنِّي أنزع فَجَاءَت غنم عفر خلفهَا غنم سود، فجَاء أَبُو بكر فَنزع ذنوبا أَو ذنوبين، فِي نَزعه ضعف وَالله يغْفر لَهُ، إِذْ جَاءَ عمر فَنزع فَلم أر عبقريا يفري فريه، فَأَوَّلتهَا أَن الْغنم السود هِيَ الْعَرَب، وَالْغنم العفر هِيَ إخْوَانهمْ من الْعَجم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [أَحْمد] بن مِقْدَام الْعجلِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي، حَدثنَا أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَعْطَيْت مَفَاتِيح الْكَلَام، ونصرت بِالرُّعْبِ، وَبينا أَنا نَائِم البارحة إِذْ أتيت بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض حَتَّى وضعت فِي يَدي. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَذهب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنْتُم (تنقلونها) ".(4/266)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، عَن مَالك، عَن نَافِع، عَن عبد الله ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَرَانِي اللَّيْلَة عِنْد الْكَعْبَة، فَرَأَيْت رجلا آدم كأحسن مَا أَنْت (رائي) من أَدَم الرِّجَال [لَهُ] لمة كأحسن مَا أَنْت (رائي) من اللمم، قد رجلهَا، تقطر مَاء مُتكئا على رجلَيْنِ - أَو على عواتق رجلَيْنِ - يطوف بِالْبَيْتِ فَسَأَلت: من هَذَا؟ فَقيل: الْمَسِيح ابْن مَرْيَم. وَإِذا أَنا بِرَجُل جعد قطط أَعور الْعين الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عنبة طافية، فَسَأَلت: من هَذَا؟ فَقيل: الْمَسِيح الدَّجَّال ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبيد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أريتك فِي الْمَنَام مرَّتَيْنِ: إِذا رجل يحملك فِي سَرقَة (حَرِير) فَيَقُول: هَذِه امْرَأَتك. فأكشفها فَإِذا هِيَ أَنْت، فَأَقُول: إِن يكن هَذَا من عِنْد الله يمضه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " بَينا نَحن جُلُوس عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: بَينا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي فِي الْجنَّة، فَإِذا امْرَأَة تتوضأ إِلَى جَانب قصر، قلت: لمن هَذَا الْقصر؟ قَالُوا: لعمر بن الْخطاب فَذكرت غيرته فوليت مُدبرا. فَبكى عمر وَقَالَ: عَلَيْك بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله أغار! ".(4/267)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف / أبنا اللَّيْث، حَدثنِي يحيى، عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن أنس بن مَالك، عَن خَالَته أم حرَام بنت ملْحَان قَالَت: " نَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا قَرِيبا مني ثمَّ اسْتَيْقَظَ يبتسم. فَقلت: مَا أضْحكك؟ فَقَالَ: أنَاس من أمتِي عرضوا عَليّ يركبون هَذَا الْبَحْر الْأَخْضَر كالملوك على الأسرة. قَالَت: فَادع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَدَعَا لَهَا. ثمَّ نَام الثَّانِيَة فَفعل مثلهَا فَقَالَت مثل قَوْلهَا فأجابها مثلهَا. فَقَالَت: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: أَنْت من الْأَوَّلين. فَخرجت مَعَ زَوجهَا عبَادَة بن الصَّامِت غازيا أول مَا ركب الْمُسلمُونَ الْبَحْر مَعَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَلَمَّا انصرفوا من غزوتهم قافلين فنزلوا الشَّام فقربت إِلَيْهَا دابتها لتركبها فصرعتها فَمَاتَتْ ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وَحدثنَا ابْن رمح، أخبرنَا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَالَ لأعرابي جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي حلمت أَن رَأْسِي قطع فَأَنا أتبعه. فزجره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: لَا تخبر بتلعب الشَّيْطَان بك فِي الْمَنَام ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا أَبُو أَحْمد، ثَنَا عمر بن سعيد، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: رَأَيْت رَأْسِي فِي الْمَنَام ضرب يتدهده. فَضَحِك وَقَالَ: يعمد الشَّيْطَان إِلَى أحدكُم فيتهوله ثمَّ يَغْدُو يخبر بِهِ النَّاس ".(4/268)
قَالَ مُسلم: وحَدثني [حَاجِب] بن الْوَلِيد، ثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب، عَن الزبيدِيّ أَخْبرنِي الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله " أَن ابْن عَبَّاس أَو أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يحدث أَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى - وَاللَّفْظ لَهُ - أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أخبرهُ " أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يحدث أَن رجلا أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أرى اللَّيْلَة فِي الْمَنَام ظلة تنطف السّمن وَالْعَسَل فَأرى النَّاس يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا بِأَيْدِيهِم فالمستكثر والمستقل، وَأرى سَببا واصلا من السَّمَاء إِلَى الأَرْض، فَأَرَاك أخذت بِهِ فعلوت، ثمَّ أَخذ بِهِ رجل من (بعد) فعلا، ثمَّ أَخذ بِهِ رجلا آخر فعلا، ثمَّ أَخذ بِهِ رجل آخر فَانْقَطع بِهِ ثمَّ وصل لَهُ فعلا. قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، بِأبي / أَنْت وَأمي وَالله لتدعني فلأعبرنها. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اعبرها. [قَالَ] أَبُو بكر: أما الظلة فظلة الْإِسْلَام، وَأما الَّذِي ينطف من السّمن وَالْعَسَل فالقرآن حلاوته وَلينه، وَأما مَا يَتَكَفَّف النَّاس من ذَلِك فالمستكثر من الْقُرْآن والمستقل، وَأما السَّبَب الْوَاصِل من السَّمَاء اني الأَرْض فَالْحق الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ تَأْخُذ بِهِ فيعليك الله بِهِ، ثمَّ يَأْخُذ بِهِ رجل من بعْدك فيعلو بِهِ، ثمَّ يَأْخُذهُ رجل آخر فيعلو، ثمَّ يَأْخُذهُ رجل آخر فَيَنْقَطِع بِهِ، ثمَّ يُوصل لَهُ فيعلو بِهِ. فَأَخْبرنِي يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي أصبت أم أَخْطَأت؟ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أصبت بَعْضًا وأخطأت بَعْضًا. قَالَ: فوَاللَّه يَا رَسُول الله لتحدثني مَا الَّذِي أَخْطَأت. قَالَ: لَا تقسم ".(4/269)
وَحدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن [الدَّارمِيّ] ، ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، ثَنَا سُلَيْمَان - وَهُوَ ابْن كثير - عَن الزُّهْرِيّ بِإِسْنَاد حَرْمَلَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ مِمَّا يَقُول لأَصْحَابه: من رأى مِنْكُم رُؤْيا فليقصها أعبرها لَهُ. قَالَ: فجَاء رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، رَأَيْت ظلة ... " بِنَحْوِ حَدِيثهمْ.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا مُحَمَّد بن كثير. بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي هَذَا الْخَبَر، زَاد فِيهِ: " وَلم يُخبرهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا أَزْهَر، عَن ابْن عون، عَن مُحَمَّد، ثَنَا قيس بن عباد، عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: " رَأَيْت كَأَنِّي فِي رَوْضَة، وسط الرَّوْضَة عَمُود، فِي أَعلَى العمود عُرْوَة. فَقيل لي: ارقه. قلت: لَا أَسْتَطِيع. فَأَتَانِي وصيف فَرفع ثِيَابِي فرقيت فاستمسكت بالعروة، فانتبهت وَأَنا مستمسك بهَا، فقصصتها على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: تِلْكَ الرَّوْضَة رَوْضَة الْإِسْلَام، وَذَلِكَ العمود عَمُود الْإِسْلَام، وَتلك العروة عُرْوَة الوثقى، لَا تزَال مستمسكا بِالْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوت ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لقتيبة - قَالَ: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش عَن سُلَيْمَان بن مسْهر، عَن خَرشَة بن الْحر قَالَ: " كنت جَالِسا فِي حَلقَة فِي مَسْجِد الْمَدِينَة، قَالَ: وفيهَا شيخ حسن الْهَيْئَة وَهُوَ عبد الله بن سَلام. قَالَ: فَجعل يُحَدِّثهُمْ حَدِيثا حسنا. فَقَالَ: فَلَمَّا قَامَ قَالَ الْقَوْم: من سره أَن ينظر إِلَى رجل من أهل الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى هَذَا. قَالَ: فَقلت: وَالله لأتبعنه فلأعلمن مَكَان بَيته قَالَ: فتبعته فَانْطَلق حَتَّى كَاد أَن يخرج من الْمَدِينَة ثمَّ دخل منزله. قَالَ:(4/270)
/ فاستأذنت عَلَيْهِ فَأذن لي فَقَالَ: مَا حَاجَتك يَا ابْن أخي؟ قَالَ: فَقلت لَهُ: سَمِعت الْقَوْم يَقُولُونَ لَك لما قُمْت: من سره أَن ينظر إِلَى رجل من أهل الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى هَذَا فَأَعْجَبَنِي أَن أكون مَعَك. قَالَ: الله أعلم بِأَهْل الْجنَّة وسأحدثك مِم قَالُوا ذَاك، إِنِّي بَيْنَمَا أَنا نَائِم إِذا أَتَانِي رجل فَقَالَ: قُم، فَأخذ بيَدي، فَانْطَلَقت مَعَه. قَالَ: فَإِذا أَنا بجواد عَن شمَالي. قَالَ: فَأخذت لآخذ فِيهَا، فَقَالَ لي: لَا تَأْخُذ فِيهَا فَإِنَّهَا طرق أَصْحَاب الشمَال. فَإِذا جواد مَنْهَج على يَمِيني، فَقَالَ لي: خُذ هَاهُنَا. قَالَ: فَأتى بِي جبلا فَقَالَ لي: اصْعَدْ. قَالَ: فَجعلت إِذا أردْت أَن أصعد خَرَرْت على استي. قَالَ: حَتَّى فعلت ذَلِك مرَارًا. قَالَ: ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى أَتَى عمودا رَأسه فِي السَّمَاء، وأسفله فِي الأَرْض، فِي أَعْلَاهُ حَلقَة فَقَالَ لي: اصْعَدْ فَوق هَذَا. قَالَ: قلت: كَيفَ أصعد هَذَا وَرَأسه فِي السَّمَاء؟ قَالَ: فَأخذ بيَدي [فزجل] بِي. قَالَ: فَإِذا أَنا مُتَعَلق بالحلقة. قَالَ: فَضرب العمود فَخر. قَالَ: وَبقيت مُتَعَلقا بالحلقة حَتَّى أَصبَحت. قَالَ: فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقصصتها عَلَيْهِ فَقَالَ: أما الطّرق الَّتِي رَأَيْت عَن يسارك فَهِيَ طرق أَصْحَاب الشمَال، وَأما الطّرق الَّتِي رَأَيْت عَن يَمِينك فَهِيَ طرق أَصْحَاب الْيَمين، وَأما الْجَبَل فَهُوَ منزل الشُّهَدَاء، وَلنْ تناله، وَأما العمود فَهُوَ عَمُود الْإِسْلَام، وَأما العروة فَهِيَ عُرْوَة الْإِسْلَام، وَلنْ تزَال مستمسكا (بِهِ) حَتَّى تَمُوت ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الرّبيع الْعَتكِي وَخلف بن هِشَام وَأَبُو كَامِل الجحدري، كلهم عَن حَمَّاد بن زيد - قَالَ أَبُو الرّبيع: ثَنَا حَمَّاد بن زيد - حَدثنَا أَيُّوب، عَن(4/271)
نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن فِي يَدي قِطْعَة إستبرق، وَلَيْسَ مَكَان أُرِيد من الْجنَّة إِلَّا طارت إِلَيْهِ. قَالَ: فقصصته على حَفْصَة فقصته حَفْصَة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أرى عبد الله رجلا صَالحا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد - وَاللَّفْظ لعبد - قَالَ: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ الرجل فِي حَيَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رأى رُؤْيا قصها على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتمنيت أَنِّي أرى رُؤْيا أقصها على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: / وَكنت غُلَاما شَابًّا عزبا، وَكنت أَنَام فِي الْمَسْجِد على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن ملكَيْنِ أخذاني فذهبا بِي إِلَى النَّار، فَإِذا هِيَ مطوية كطي الْبِئْر، وَإِذا لَهَا قرنان كقرني الْبِئْر، وَإِذا (فيهم) نَاس قد عرفتهم فَجعلت أَقُول: أعوذ بِاللَّه من النَّار، أعوذ بِاللَّه من النَّار، أعوذ بِاللَّه من النَّار. قَالَ: فلقيهما ملك فَقَالَ لي: لم ترع. [فقصصتها] على حَفْصَة، فقصتها حَفْصَة على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: نعم الرجل عبد الله لَو كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل. قَالَ سَالم: فَكَانَ عبد الله بعد ذَلِك لَا ينَام من اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، ثَنَا عَفَّان بن [مُسلم] ثَنَا صَخْر بن جوَيْرِية، أبنا نَافِع أَن ابْن عمر قَالَ: " إِن رجَالًا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانُوا يرَوْنَ الرُّؤْيَا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيقصونها على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَيَقُول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا شَاءَ [الله] وَأَنا غُلَام حَدِيث السن وبيتي الْمَسْجِد قبل أَن أنكح، فَقلت(4/272)
فِي نَفسِي: لَو كَانَ فِيك خيرا لرأيت مثل مَا يرى هَؤُلَاءِ، فَبَيْنَمَا أَنا كَذَلِك إِذْ جَاءَنِي ملكان، فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا مقمعَة من حَدِيد يقبلان إِلَى جَهَنَّم وَأَنا بَينهمَا أَدْعُو الله، ثمَّ لَقِيَنِي ملك فِي يَده مقمعَة من حَدِيد فَقَالَ: لن ترع نعم الرجل أَنْت لَو تكْثر الصَّلَاة. ثمَّ انْطَلقُوا بِي حَتَّى وقفُوا بِي، وجهنم مطوية كطي الْبِئْر لَهَا قُرُون كقرون الْبِئْر، بَين كل قرنين ملك بِيَدِهِ مقمعَة من حَدِيد، وَأرى رجَالًا معلقين بالسلاسل، رُءُوسهم أسفلهم، عرفت فِيهَا رجَالًا من قُرَيْش، فانصرفوا بِي عَن ذَات الْيَمين. فقصصتها على حَفْصَة، فقصتها حَفْصَة على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن عبد الله رجل صَالح. فَقَالَ نَافِع: فَلم يزل بعد ذَلِك يكثر الصَّلَاة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، أبنا عبد الله، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت، عَن أم الْعَلَاء - وَهِي امْرَأَة من نِسَائِهِم [بَايَعت] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت فِي حَدِيث ذكرته: " و (أريت) لعُثْمَان بن مَظْعُون فِي النّوم عينا تجْرِي فَجئْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: ذَلِك عمله يجْرِي لَهُ ".
/ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن [بشار] ، ثَنَا الْأنْصَارِيّ، ثَنَا أَشْعَث، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ذَات يَوْم: " من رأى مِنْكُم رُؤْيا؟ فَقَالَ رجل: أَنا رَأْيك كَأَن ميزانا نزل من السَّمَاء فوزنت أَنْت وَأَبُو بكر فرجحت أَنْت بِأبي بكر، وَوزن أَبُو بكر وَعمر فرجح أَبُو بكر، وَوزن عُثْمَان وَعمر فرجح(4/273)
عمر، ثمَّ رفع الْمِيزَان، فَرَأَيْنَا الْكَرَاهِيَة فِي وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا حَمَّاد، عَن عَليّ بن زيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ذَات يَوْم: " أَيّكُم رأى رُؤْيا؟ " فَذكر مثله لم يذكر " الْكَرَاهِيَة " إِلَى قَوْله: " الْمِيزَان. قَالَ: فاستاء لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي سَاءَهُ ذَلِك - فَقَالَ: خلَافَة نبوة، ثمَّ يُؤْتى الله ملكه من يَشَاء ".
عَليّ بن زيد ضعفه البُخَارِيّ - رَحمَه الله.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَليّ بن حَرْب، ثَنَا هَارُون بن عمرَان الْموصِلِي، حَدثنَا جَعْفَر ابْن برْقَان، عَن يزِيد بن الْأَصَم، عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: " رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن الأَرْض إِلَى السَّمَاء شَدَّاد، فقصصت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: ذَلِك وَفَاة ابْن أَخِيك ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلم لَهُ طَرِيقا إِلَّا هَذَا الطَّرِيق.
تمّ كتاب تَعْبِير الرُّؤْيَا بِحَمْد الله وعونه يتلوه إِن شَاءَ الله - تَعَالَى - كتاب المناقب.(4/274)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صلي على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب المناقب
بَاب ذكر نسب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن سهم، جَمِيعًا عَن الْوَلِيد - قَالَ ابْن مهْرَان: ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم - ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن أبي عمار شَدَّاد، أَنه سمع وَاثِلَة بن الْأَسْقَع يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله اصْطفى كنَانَة من ولد إِسْمَاعِيل، وَاصْطفى قُريْشًا / من كنَانَة، وَاصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم، وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عقيل بن طَلْحَة، عَن مُسلم بن هَيْصَم، عَن الْأَشْعَث بن قيس قَالَ: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نفر من كِنْدَة لَا يرَوْنَ أَنِّي أفضل فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِنَّا نزعم أَنَّك منا. قَالَ: فَقَالَ: أَنا للنضر بن كنَانَة لن [تنفوا] منا، وَلنْ ننتفي من أَبينَا ".
قَالَ: فَقَالَ الْأَشْعَث: لَا أسمع أحدا يَنْفِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من النَّضر بن كنَانَة إِلَّا جلدته الْحَد.
مُسلم بن هَيْصَم روى عَنهُ عقيل بن طَلْحَة وَمُقَاتِل بن حَيَّان.
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بعثت من خير قُرُون بني آدم
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَمْرو،(4/275)
عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بعثت من خير قُرُون بني آدم قرنا فقرنا حَتَّى كنت من الْقرن الَّذِي كنت مِنْهُ ".
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنا سيد ولد آدم
مُسلم: حَدثنَا الحكم بن مُوسَى أَبُو صَالح، ثَنَا هِقْل بن زِيَاد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنَا أَبُو عمار، حَدثنِي عبد الله بن فروخ، حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة، وَأَنا أول من ينشق عَنهُ الْقَبْر، وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع ".
بَاب مِيلَاد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار الْعَبْدي، ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْحَاق يحدث عَن الْمطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمَة، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: " ولدت أَنا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْفِيل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن غيلَان بن جرير، سمع عبد الله بن معبد الزماني، عَن أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن صَوْم يَوْم الِاثْنَيْنِ قَالَ: ذَاك يَوْم ولدت فِيهِ، وَيَوْم بعثت - أَو أنزل عَليّ فِيهِ ".(4/276)
بَاب مَتى وَجَبت النُّبُوَّة للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
/ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو همام الْوَلِيد بن شُجَاع بن الْوَلِيد الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ يَا رَسُول الله، مَتى وَجَبت لَك النُّبُوَّة؟ قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
بَاب ذكر آيَات النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومعجزاته وبدء نبوته
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَاهُ جِبْرِيل وَهُوَ يلْعَب مَعَ الغلمان، فَأَخذه فصرعه، فشق عَن قلبه، فاستخرج الْقلب، فاستخرج مِنْهُ علقَة، فَقَالَ: هَذَا حَظّ الشَّيْطَان مِنْك. ثمَّ غسله فِي طست من ذهب بِمَاء زَمْزَم ثمَّ لأمه حَتَّى أَعَادَهُ فِي مَكَانَهُ، وَجَاء الغلمان يسعون إِلَى أمه - يَعْنِي ظئره - فَقَالُوا: إِن مُحَمَّدًا قد قتل. فاستقبلوه وَهُوَ منتقع اللَّوْن. قَالَ أنس: وَقد كنت أرى أثر ذَلِك الْمخيط فِي صَدره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، عَن ابْن وهب، أَخْبرنِي [عَمْرو] ابْن الْحَارِث، أَن عبد ربه بن سعيد حَدثهُ، أَن الْبنانِيّ - وَهُوَ ثَابت بن أسلم - حَدثهُ، عَن أنس بن مَالك " أَن الصَّلَوَات فرضت بِمَكَّة وَأَن ملكَيْنِ أَتَيَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فذهبا بِهِ إِلَى زَمْزَم فشقا بَطْنه وَأَخْرَجَا حشوه فِي طست من ذهب، فغسلاه بِمَاء زَمْزَم ثمَّ كبسا جَوْفه حِكْمَة وإيمانا ".
عبد ربه بن سعيد ثِقَة وَهُوَ أَخُو يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ.(4/277)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْفضل بن [سهل] أَبُو الْعَبَّاس الْأَعْرَج الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن غَزوَان أَبُو نوح، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن أبي بكر ابْن أبي مُوسَى، عَن أَبِيه قَالَ: " خرج أَبُو طَالب إِلَى الشَّام وَخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَشْيَاخ من قُرَيْش، فَلَمَّا أشرفوا على الراهب (هَبَط) فحلوا رحالهم فَخرج إِلَيْهِم الراهب، وَكَانُوا قبل ذَلِك يَمرونَ بِهِ فَلَا يخرج إِلَيْهِم وَلَا يلْتَفت. قَالَ: فهم يحلونَ رحالهم فَجعل يتخللهم الراهب حَتَّى جَاءَ فَأخذ بيد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: هَذَا سيد الْعَالمين، هَذَا رَسُول رب الْعَالمين، بَعثه الله رَحْمَة للْعَالمين. فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخ من قُرَيْش: مَا علمك؟ فَقَالَ: إِنَّكُم حِين أشرفتم من الْعقبَة لم يبْق شجر وَلَا حجر إِلَّا خر سَاجِدا / وَلَا يسجدان إِلَّا لنَبِيّ و (إِنَّه) أعرفهُ بِخَاتم النُّبُوَّة أَسْفَل من غضروف كتفه مثل التفاحة. ثمَّ رَجَعَ فَصنعَ لَهُم طَعَاما، فَلَمَّا أَتَاهُم بِهِ وَكَانَ هُوَ فِي رعية الْإِبِل قَالَ: أرْسلُوا إِلَيْهِ. فَأقبل وَعَلِيهِ غمامة تظله، فَلَمَّا دنا من الْقَوْم وجدهم قد سَبَقُوهُ إِلَى فَيْء الشَّجَرَة، فَلَمَّا جلس مَال فَيْء الشَّجَرَة عَلَيْهِ فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى فَيْء الشَّجَرَة مَال عَلَيْهِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِم عَلَيْهِم وَهُوَ يناشدهم إِلَّا يذهبوا بِهِ إِلَى الرّوم فَإِن الرّوم إِذا رَأَوْهُ عرفوه بِالصّفةِ فيقتلونه، فَالْتَفت فَإِذا بسبعة قد أَقبلُوا من الرّوم، فَاسْتَقْبَلَهُمْ فَقَالَ: مَا جَاءَ بكم؟ قَالَ: جِئْنَا أَن هَذَا النَّبِي خَارج فِي هَذَا(4/278)
الشَّهْر، فَلم يبْق طَرِيق إِلَّا بعث إِلَيْهِ بأناس، وَإِنَّا قد (اخترنا خيرة) بعثنَا إِلَى طريقك هَذَا. فَقَالَ: فَهَل خلفكم أحد هُوَ خير مِنْكُم؟ قَالُوا: إِنَّمَا (اخترنا خيرة) لطريقك هَذَا. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم أمرا أَرَادَ الله أَن يَقْضِيه هَل يَسْتَطِيع أحد من النَّاس رده؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَبَايعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَه. قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أَيّكُم وليه؟ قَالُوا: أَبُو طَالب. فَلم يزل يناشده حَتَّى رده أَبُو طَالب وَبعث مَعَه أَبُو بكر بِلَالًا، وزوده الراهب من الكعك وَالزَّيْت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، عَن إِبْرَاهِيم ابْن طهْمَان، حَدثنِي سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي لأعرف حجرا بِمَكَّة كَانَ يسلم عَليّ قبل أَن أبْعث، إِنِّي لأعرفه الْآن ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب.
وَحدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، قَالَ الزُّهْرِيّ: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصادقة فِي النّوم، فَكَانَ لَا [يرى] الرُّؤْيَا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح، فَكَانَ يَأْتِي حراء فَيَتَحَنَّث فِيهِ - هُوَ التَّعَبُّد - اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد ويتزود(4/279)
لذَلِك، ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فتزوده (مثلهَا) حَتَّى فجئه الْحق وَهُوَ فِي غَار حراء، فَجَاءَهُ الْملك فِيهِ فَقَالَ: اقْرَأ. فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: مَا أَنا بقارئ، فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ. فَقلت: مَا أَنا بقارئ، فأخذني فغطني الثَّانِيَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي / فَقَالَ: اقْرَأ. قلت: مَا أَنا بقارئ فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق. خلق الْإِنْسَان من علق} حَتَّى بلغ {مَا لم يعلم} فَرجع بهَا ترجف بوادره حَتَّى دخل على خَدِيجَة فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي. فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع فَقَالَ: يَا خَدِيجَة مَا لي؟ وَأخْبرنَا الْخَبَر وَقَالَ: قد خشيت عَليّ فَقَالَت لَهُ: كلا أبشر فوَاللَّه لَا يخزيك الله أبدا؛ إِنَّك لتصل الرَّحِم، وَتصدق الحَدِيث، وَتحمل الْكل، وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق. ثمَّ انْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت بِهِ ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي وَهُوَ ابْن عَم خَدِيجَة أَخُو أَبِيهَا وَكَانَ امْرأ تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب الْكتاب الْعَرَبِيّ فَيكْتب بِالْعَرَبِيَّةِ من الْإِنْجِيل مَا شَاءَ الله أَن يكْتب، وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمي، فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة: أَي ابْن عَم، اسْمَع من ابْن أَخِيك. فَقَالَ لَهُ ورقة: ابْن أخي مَا ترى؟ فَأخْبرهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا رأى. فَقَالَ ورقة: هَذَا الناموس الَّذِي أنزل على مُوسَى، يَا لَيْتَني فِيهَا جذعا أكون حَيا حِين يخْرجك قَوْمك. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَو مخرجي هم؟ فَقَالَ ورقة: نعم، لم يَأْتِ رجل قطّ بِمَا جِئْت إِلَّا عودي، وَإِن يدركني يَوْمك أنصرك نصرا مؤزرا. ثمَّ لم ينشب ورقة أَن توفّي، وفتر الْوَحْي فَتْرَة حزن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا بلغنَا حزنا غَدا مِنْهُ مرَارًا كي يتردى من رُءُوس شَوَاهِق الْجبَال، فَكلما أوفى بِذرْوَةِ جبل لكَي يلقِي(4/280)
نَفسه مِنْهُ تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنَّك رَسُول الله حَقًا فيسكن لذَلِك، فَيرجع، فَإِذا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَة الْوَحْي غَدا لمثل ذَلِك، فَإِذا أوفى بِذرْوَةِ جبل تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن دَاوُد الْعَتكِي، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن زيد - حَدثنَا ثَابت، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَا بِمَاء فَأتي بقدح رحراح، فَجعل الْقَوْم يَتَوَضَّئُونَ، فحزرت مَا بَين السِّتين إِلَى الثَّمَانِينَ. قَالَ: فَجعلت أنظر إِلَى المَاء يَنْبع من بَين أَصَابِعه ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو غَسَّان المسمعي، ثَنَا معَاذ - يَعْنِي ابْن هِشَام - حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه بالزوراء. قَالَ: والزوراء بِالْمَدِينَةِ عِنْد السُّوق وَالْمَسْجِد (فِيهَا) دَعَا بقدح فِيهِ مَاء، فَوضع / كَفه فِيهِ، فَجعل يَنْبع من بَين أَصَابِعه، فَتَوَضَّأ جَمِيع أَصْحَابه. قلت: كم كَانُوا يَا (أَبَا) حَمْزَة؟ قَالَ: كَانُوا زهاء الثلاثمائة ".
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان، عَن قَاسم بن أصبغ، ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّائِغ، ثَنَا عَفَّان، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس قَالَ: " حضرت الصَّلَاة فَقَامَ جيران الْمَسْجِد يَتَوَضَّئُونَ وَبَقِي مَا بَين السّبْعين إِلَى الثَّمَانِينَ، وَكَانَت مَنَازِلهمْ بعيدَة فَدَعَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمخضب فِيهَا مَاء، مَا هُوَ بملآن، فَوضع أَصَابِعه فِيهِ، وَجعل يصب عَلَيْهِم وَيَقُول: توضئوا. حَتَّى توضئوا كلهم وَبَقِي فِي المخضب نَحْو مِمَّا كَانَ فِيهِ، وَهُوَ نَحْو من السّبْعين إِلَى الثَّمَانِينَ ".(4/281)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم، ثَنَا حُصَيْن - هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سَالم [بن] أبي الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " عَطش النَّاس يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين يَدَيْهِ ركوة فَتَوَضَّأ، جهش النَّاس نَحوه، قَالَ: مَا لكم؟ قَالُوا: لَيْسَ عندنَا مَاء نَتَوَضَّأ، وَلَا نشرب إِلَّا مَا بَين يَديك، فَوضع يَده فِي الركوة فَجعل المَاء يثور بَين أَصَابِعه كأمثال الْعُيُون، فشربنا وتوضأنا. قلت: كم كُنْتُم؟ قَالَ: لَو كُنَّا مائَة ألف لَكَفَانَا، كُنَّا خمس عشر مائَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، حَدثنِي سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: " قد رَأَيْتنِي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد حضرت الْعَصْر، وَلَيْسَ مَعنا مَاء غير فضلَة فَجعل فِي إِنَاء، فَأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ فَأدْخل يَده فِيهِ وَفرج أَصَابِعه ثمَّ قَالَ: حَيّ على أهل الْوضُوء الْبركَة من الله. فَلَقَد رَأَيْت المَاء يتفجر من بَين أَصَابِعه، فَتَوَضَّأ النَّاس وَشَرِبُوا لَا آلو مَا فَجعلت فِي بَطْني مِنْهُ، فَعلمت أَنه بركَة. قلت لجَابِر: كم كُنْتُم يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: ألف وَأَرْبَعمِائَة ".
[تَابعه] عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر.
وَقَالَ حُصَيْن وَعَمْرو بن مرّة، عَن سَالم، عَن جَابر: " خمس عشرَة مائَة " وَتَابعه سعيد بن الْمسيب عَن جَابر.
البُخَارِيّ: حَدثنِي فضل بن يَعْقُوب، ثَنَا الْحسن بن مُحَمَّد بن أعين أَبُو عَليّ الْحَرَّانِي، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، أَنبأَنَا الْبَراء بن عَازِب " أَنهم كَانُوا(4/282)
/ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْحُدَيْبِيَة (ألف) وَأَرْبَعمِائَة، أَو أَكثر، فنزلوا على بِئْر فنزحوها، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبِئْر وَقعد على شفيرها ثمَّ قَالَ: ائْتُونِي بِدَلْو من مَائِهَا، فَأتي بِهِ (فبسق) فَدَعَا ثمَّ قَالَ: دَعُوهَا سَاعَة. فأرووا أنفسهم وركابهم حَتَّى ارتحلوا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عبيد الله] بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " تَعدونَ أَنْتُم الْفَتْح فتح مَكَّة وَقد كَانَ فتح مَكَّة فتحا، و [نَحن نعد] الْفَتْح بيعَة الرضْوَان يَوْم الْحُدَيْبِيَة، كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَربع عشرَة مائَة، وَالْحُدَيْبِيَة بِئْر فنزحناها فَلم نَتْرُك فِيهَا قَطْرَة، فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَتَاهَا فَجَلَسَ على شفيرها ثمَّ دَعَا بِإِنَاء من مَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ مضمض ودعا، ثمَّ صبه [فِيهَا] فتركناها غير بعيد، ثمَّ إِنَّهَا أصدرتنا مَا شِئْنَا نَحن وركابنا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي الْعَلَاء، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نتداول فِي قَصْعَة من غدْوَة حَتَّى اللَّيْل يقوم عشرَة وَيقْعد عشرَة. قُلْنَا: فَمَا كَانَت تمد؟ قَالَ: من أَي شَيْء تعجب؟ مَا كَانَت تمد إِلَّا من هَاهُنَا. وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
[أَبُو الْعَلَاء] اسْمه يزِيد بن عبد الله بن الشخير.(4/283)
مُسلم: أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا عبد الله بن نمير.
وَحدثنَا [ابْن] نمير - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا أبي، أبنا سعد بن سعيد، حَدثنِي أنس بن مَالك قَالَ: " بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأدعوه وَقد جعل طَعَاما. قَالَ: فَأَقْبَلت وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ النَّاس، فَنظر إِلَيّ فَاسْتَحْيَيْت، فَقلت: أجب أَبَا طَلْحَة. فَقَالَ للنَّاس: قومُوا: فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا صنعت لَك شَيْئا. قَالَ: فمسها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ودعا فِيهَا بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ: أَدخل نَفرا من أَصْحَابِي عشرَة وَقَالَ: كلوا. وَأخرج لَهُم شَيْئا من بَين أَصَابِعه فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا فَخَرجُوا، فَقَالَ أَدخل عشرَة. فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، فَخَرجُوا فَمَا زَالَ يدْخل عشرَة وَيخرج عشرَة حَتَّى لم يبْق مِنْهُم أحد إِلَّا دخل فَأكل حَتَّى شبع ثمَّ هيأها، فَإِذا هِيَ مثلهَا حِين أكلُوا مِنْهَا ".
/ وَحدثنَا سعيد بن يحيى الْأمَوِي، حَدثنَا أبي، ثَنَا سعد بن سعيد، سَمِعت أنس بن مَالك قَالَ: " بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... " وسَاق الحَدِيث نَحْو [حَدِيث] ابْن نمير، غير أَنه قَالَ فِي آخِره: " ثمَّ أَخذ مَا بَقِي فَجَمعه ثمَّ دَعَا فِيهِ بِالْبركَةِ، قَالَ: فَعَاد كَمَا كَانَ، فَقَالَ: دونكم هَذَا ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا عبد الله بن جَعْفَر الرقي، ثَنَا عبيد الله بن عَمْرو، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " أَمر أَبُو طَلْحَة أم سليم أَن تصنع للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَعَاما لنَفسِهِ خَاصَّة ثمَّ أَرْسلنِي إِلَيْهِ " وسَاق الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ: " فَوضع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَده وسمى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: ائْذَنْ لعشرة. فَأذن لَهُم فَدَخَلُوا فَقَالَ: كلوا وَسموا الله. فَأَكَلُوا حَتَّى فعل ذَلِك بِثَمَانِينَ رجلا ثمَّ أكل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد ذَلِك وَأهل الْبَيْت وَتركُوا سؤرا ".(4/284)
وَفِي بعض [أَلْفَاظ] هَذَا الحَدِيث: " يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ شَيْئا يَسِيرا. قَالَ: هلمه فَإِن الله سَيجْعَلُ فِيهِ بركَة ".
وَفِي حَدِيث آخر: " وَأكل أهل الْبَيْت وأفضلوا مَا (بلغُوا) [جيرانهم] " وكلا الْحَدِيثين رَوَاهُمَا مُسلم - رَحمَه الله.
مُسلم: حَدثنِي حجاج بن الشَّاعِر، حَدثنِي الضَّحَّاك بن مخلد - من رقْعَة عَارض لي بهَا ثمَّ قَرَأَهُ عَليّ - قَالَ: أخبرنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان، ثَنَا سعيد بن ميناء، سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: " لما حفر الخَنْدَق رَأَيْت برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[خمصا] فَانْكَفَأت إِلَى امْرَأَتي فَقلت لَهَا: هَل عنْدك شَيْء فَإِنِّي رَأَيْت برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خمصا شَدِيدا؛ فأخرجت لي جرابا فِيهِ صَاع من شعير، وَلنَا بَهِيمَة دَاجِن قَالَ: فذبحتها وطحنت، ففرغت إِلَى فراغي، فقطعتها فِي برمتها ثمَّ وليت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: لَا تفضحني برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمن مَعَه. قَالَ: فَجِئْته فساررته فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا قد ذبحنا بَهِيمَة لنا وطحنت صَاعا من شعير كَانَ عندنَا فتعال أَنْت فِي نفر مَعَك، فصاح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: يَا أهل الخَنْدَق، إِن جَابِرا قد صنع لكم سؤرا فحي هلا بكم. وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا [تنزلن] برمتكم وَلَا [تخبزن] عجينتكم حَتَّى أجيء. فَجئْت وَجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وَتقدم) النَّاس [حَتَّى] جِئْت امْرَأَتي، فَقَالَت: بك وَبِك. قلت: قد فعلت الَّذِي قلت لي، فأخرجت لَهُ عجينتنا (فبسق) فِيهَا وَبَارك، ثمَّ عمد إِلَى برمتنا (فبسق) فِيهَا وَبَارك،(4/285)
وَقَالَ: ادعِي خابزة فلتخبز مَعَك، واقدحي من برمتكم، وَلَا تنزلوها، وهم ألف، فأقسم بِاللَّه لأكلوا حَتَّى تَرَكُوهُ وانحرفوا، وَإِن برمتنا [لتغط] كَمَا هِيَ وَإِن عجينتنا - أَو كَمَا قَالَ الضَّحَّاك - لتخبز كَمَا هِيَ ".
للْبُخَارِيّ: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " قَالَ جَابر: قُم يَا رَسُول الله وَرجل أَو رجلَانِ. قَالَ: كم هُوَ؟ فَذكرت لَهُ، قَالَ: كثير طيب ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، ثَنَا أَبُو عَليّ الْحَنَفِيّ، حَدثنَا مَالك - هُوَ ابْن أنس - عَن أبي الزبير الْمَكِّيّ، أَن أَبَا الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة أخبرهُ، أَن معَاذ بن جبل أخبرهُ قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام غَزْوَة تَبُوك فَكَانَ يجمع الصَّلَاة يُصَلِّي الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا، حَتَّى إِذا كَانَ يَوْمًا أخر الصَّلَاة ثمَّ خرج فصلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا، ثمَّ دخل ثمَّ خرج بعد ذَلِك فصلى الْمغرب وَالْعشَاء جَمِيعًا، ثمَّ قَالَ: إِنَّكُم ستأتون غَدا إِن شَاءَ الله عين تَبُوك، وَإِنَّكُمْ لن تأتوها حَتَّى يضحى النَّهَار، فَمن جاءها مِنْكُم فَلَا يمس من مَائِهَا شَيْئا حَتَّى آتِي. فَجِئْنَاهَا وَقد سبقنَا إِلَيْهَا رجلَانِ، وَالْعين مثل الشرَاك تبض بِشَيْء من مَاء، قَالَ: فَسَأَلَهُمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل مسستما من مَائِهَا شَيْئا؟ قَالَا: نعم. فسبهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ لَهما مَا شَاءَ الله أَن يَقُول. قَالَ. قَالَ: ثمَّ غرفوا بِأَيْدِيهِم من الْعين قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى اجْتمع فِي شَيْء. قَالَ: وَغسل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهِ يَدَيْهِ وَوَجهه ثمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فجرت الْعين بِمَاء منهمر - أَو قَالَ: غزير. شكّ أَبُو عَليّ أَيهمَا قَالَ - فاستقى النَّاس ثمَّ قَالَ: يُوشك يَا معَاذ إِن طَالَتْ بك حَيَاة أَن ترى مَا هَاهُنَا قد ملئ جنَانًا ".(4/286)
قَالَ مُسلم: وحَدثني أَحْمد بن سعيد بن صَخْر الدِّرَامِي، ثَنَا [عبيد الله] ابْن عبد الْمجِيد، حَدثنَا سلم بن زرير العطاردي قَالَ: سَمِعت أَبَا رَجَاء العطاردي، عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: " كنت مَعَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مسير لَهُ فأدلجنا ليلتنا حَتَّى إِذا / (كُنَّا) فِي وَجه الصُّبْح عرسنا فغلبتنا أَعيننَا حَتَّى بزغت الشَّمْس. قَالَ: فَكَانَ أول من اسْتَيْقَظَ منا أَبُو بكر، وَكُنَّا لَا نوقظ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مَنَامه إِذا نَام حَتَّى يَسْتَيْقِظ، ثمَّ اسْتَيْقَظَ عمر فَقَامَ عِنْد نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل يكبر وَيرْفَع صَوته، حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا رفع رَأسه وَرَأى الشَّمْس قد بزغت فَقَالَ: ارتحلوا. فَسَار بِنَا حَتَّى إِذا ابْيَضَّتْ الشَّمْس نزل فصلى بِنَا الْغَدَاة، فاعتزل رجل من الْقَوْم وَلم (يُصَلِّي) مَعنا، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ لَهُ رَسُول الله: يَا فلَان، مَا مَنعك أَن تصلي مَعنا؟ قَالَ: يَا نَبِي الله، أصابتني جَنَابَة. فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَيَمم بالصعيد فصلى، ثمَّ عجلني فِي ركب بَين يَدَيْهِ يطْلب المَاء وَقد عطشنا عطشا شَدِيدا فَبَيْنَمَا نَحن نسير إِذْ نَحن بِامْرَأَة سادلة رِجْلَيْهَا بَين مزادتين، فَقُلْنَا لَهَا: أَيْن المَاء؟ قَالَت: أيهاه أيهاه لَا مَاء لكم. فَقُلْنَا: كم بَين أهلك وَبَين المَاء؟ قَالَت: مسيرَة يَوْم وَلَيْلَة. قُلْنَا: انطلقي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: وَمَا رَسُول الله؟ فَلم نملكها من أمرهَا شَيْئا حَتَّى انطلقنا بهَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرته بِمثل الَّذِي أخبرتنا، وأخبرته أَنَّهَا موتمة لَهَا صبيان أَيْتَام، فَأمر بروايتها فأنيخت، فمج فِي العزلاوين العلياوين، ثمَّ بعث براويتها فشربنا وَنحن أَرْبَعُونَ رجلا عطاشا حَتَّى روينَا، وملأنا كل قربَة مَعنا وإداوة وغسلنا صاحبنا غير أَنا لم نسق بَعِيرًا، وَهِي تكَاد [تنضرج] من المَاء - يَعْنِي المزادتين - ثمَّ قَالَ: هاتوا مَا كَانَ عنْدكُمْ. فجمعنا لَهَا من كسر وتمر وصر لَهَا صرة(4/287)
فَقَالَ لَهَا: اذهبي فأطعمي هَذَا عِيَالك واعلمي أَنا لم نرزأ من مائك. فَلَمَّا أَتَت أَهلهَا قَالَت: لقد لقِيت أَسحر الْبشر، أَو إِنَّه لنَبِيّ كَمَا زعم، كَانَ من أمره ذيت وذيت. فهدى الله ذَلِك الصرم بِتِلْكَ الْمَرْأَة، فَأسْلمت وَأَسْلمُوا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا سُلَيْمَان ابْن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن الْمِقْدَاد قَالَ: " أَقبلت أَنا وصاحبان لي وَقد ذهب أسماعنا وأبصارنا من الْجهد، فَجعلنَا نعرض أَنْفُسنَا على أَصْحَاب رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَيْسَ أحد مِنْهُم يقبلنا، فأتينا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَانْطَلق بِنَا إِلَى أَهله فَإِذا ثَلَاثَة أعنز، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: احتلبوا هَذَا اللَّبن بَيْننَا. قَالَ: فَكُنَّا نحتلب فيشرب كل إِنْسَان منا نصِيبه، ونرفع للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نصِيبه. قَالَ: فَيَجِيء من اللَّيْل فَيسلم تَسْلِيمًا لَا يوقظ نَائِما وَيسمع الْيَقظَان. قَالَ: ثمَّ يَأْتِي الْمَسْجِد، فَيصَلي ثمَّ يَأْتِي شرابه فيشرب، فَأَتَانِي الشَّيْطَان ذَات لَيْلَة وَقد شربت نَصِيبي، فَقَالَ: مُحَمَّد يَأْتِي الْأَنْصَار فيتحفونه ويصيب عِنْدهم، مَا بِهِ حَاجَة إِلَى هَذِه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فَلَمَّا وغلت فِي بَطْني، وَعلمت أَن لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيل قَالَ: ندمني الشَّيْطَان فَقَالَ: وَيحك مَا صنعت أشربت شراب مُحَمَّد فَيَجِيء فَلَا يجده فيدعو عَلَيْك، فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك. وَعلي شملة إِذا وَضَعتهَا على قدمي خرج رَأْسِي، وَإِذا وَضَعتهَا على رَأْسِي خرج قَدَمَايَ، وَجعل لَا يجيئني النّوم، وَأما صَاحِبَايَ فَنَامَا وَلم يصنعا مَا صنعت، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسلم كَمَا كَانَ يسلم، ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فصلى ثمَّ أَتَى شرابه فكشف عَنهُ فَلم يجد فِيهِ شَيْئا، فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقلت: الْآن يَدْعُو عَليّ فَأهْلك، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أطْعم من أَطْعمنِي واسق من سقاني. قَالَ: فعمدت إِلَى الشملة فشددتها عَليّ وَأخذت الشَّفْرَة فَانْطَلَقت إِلَى الأعنز أَيهَا أسمن فأذبحها لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَإِذا هِيَ (حافل) وَإِذا هن حفل كُلهنَّ، فعمدت إِلَى إِنَاء لآل مُحَمَّد مَا كَانُوا يطمعون أَن يحتلبوا فِيهِ. قَالَ: فحلبت فِيهِ حَتَّى علته رغوة،(4/288)
فَجئْت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أشربتم شرابكم البارحة؟ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، اشرب. فَشرب ثمَّ ناولني فَقلت: يَا رَسُول الله، اشرب. فَشرب ثمَّ ناولني، فَلَمَّا عرفت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد رُوِيَ وأصابني دَعوته ضحِكت فَقَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِحْدَى سوءاتك يَا مقداد. فَقلت: يَا رَسُول الله، كَانَ من أَمْرِي كَذَا وَكَذَا، وَفعلت كَذَا. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا هَذِه إِلَّا رَحْمَة من الله، أَفلا آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان مِنْهَا؟ قَالَ: فَقلت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أُبَالِي (إِذْ) أصبتها / وأصبتها مَعَك من أَصَابَهَا من النَّاس ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن حَدِيث عبد الْوَهَّاب، ثَنَا [عبيد الله] ، عَن وهب بن كيسَان، عَن جَابر قَالَ: " توفّي أبي وَعَلِيهِ دين فعرضت على غُرَمَائه أَن يَأْخُذُوا [الثَّمَرَة] بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوا وَلم يرو أَن فِيهِ وَفَاء، فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت ذَلِك لَهُ. قَالَ: إِذا جددته فَوَضَعته فِي المربد فَآذِنِّي. فَلَمَّا جددته فَوَضَعته فِي المربد أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجَاء وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَجَلَسَ عَلَيْهِ ودعا بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ: ادْع غرماءك فأوفهم. قَالَ: فَمَا تركت أحدا لَهُ على أبي دين إِلَّا قَضيته وَفضل لي ثَلَاثَة عشر وسْقا فَذكرت ذَلِك لَهُ فَضَحِك وَقَالَ: ائْتِ [أَبَا] بكر وَعمر فَأَخْبرهُمَا ذَلِك، فَأتيت أَبَا بكر وَعمر فأخبرتهما فَقَالَا: قد علمنَا إِذْ صنع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا صنع أَنه سَيكون ذَلِك ".
فِي حَدِيث آخر: " أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى هُوَ وَأَبُو بكر " فَذكر الحَدِيث قَالَ:(4/289)
" ثمَّ أتيتهم برطب وَمَاء فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا ثمَّ قَالَ: هَذَا من النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عمرَان بن مُوسَى الْقَزاز، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا المُهَاجر، عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتمرات فَقلت: يَا رَسُول الله، ادْع الله فِيهِنَّ بِالْبركَةِ، فَضَمَّهُنَّ ثمَّ دَعَا لي فِيهِنَّ بِالْبركَةِ فَقَالَ: خذهن فاجعلهن فِي مزودك هَذَا - أَو فِي هَذَا المزود - كلما أردْت أَن تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا فَأدْخل فِيهِ يدك فَخذه وَلَا (تنشره نشرا) . فقد حملت من ذَلِك المزود كَذَا وَكَذَا من وسق فِي سَبِيل الله، (وَكَانَ يَأْكُل مِنْهُ وَيطْعم مِنْهُ) ، وَكَانَ لَا يُفَارق حقوي حَتَّى كَانَ يَوْم قتل عُثْمَان فَإِنَّهُ انْقَطع ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غير هَذَا الْوَجْه عَن أبي هُرَيْرَة.
مُسلم: حَدثنِي سَلمَة بن شبيب، ثَنَا الْحسن بن أعين، ثَنَا معقل، عَن أبي الزبير، عَن جَابر " أَن أم مَالك كَانَت تهدي للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي عكة لَهَا سمنا، فيأتيها بنوها فَيسْأَلُونَ الْأدم وَلَيْسَ عِنْدهم شَيْء فتعمد إِلَى الَّذِي كَانَت تهدي فِيهِ للنَّبِي فتجد فِيهِ سمنا، فَمَا زَالَ يُقيم لَهَا أَدَم بَيتهَا / حَتَّى عصرته، فَأَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: عصرتيها؟ قَالَت: نعم. قَالَ: لَو تركتيها مَا زَالَ قَائِما ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي، حَدثنِي رَافع بن سَلمَة بن زِيَاد، حَدثنِي عبد الله بن أبي الْجَعْد، عَن [جعيل](4/290)
الْأَشْجَعِيّ قَالَ: " غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض غَزَوَاته وَأَنا على فرس لي عجفاء ضَعِيفَة، فلحقني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: سر يَا صَاحب الْفرس. قلت: يَا رَسُول الله، عجفاء ضَعِيفَة، فَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخفقة كَانَت مَعَه فضربها وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لَهُ فِيهَا. قَالَ: فَلَقَد رَأَيْتنِي مَا أملك رَأسهَا أَن تقدم النَّاس. قَالَ: وَلَقَد بِعْت من بَطنهَا بِاثْنَيْ عشر ألفا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، أبنا إِسْرَائِيل، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: " إِنَّكُم تَعدونَ الْآيَات عذَابا وَإِنَّا كُنَّا نعدها على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بركَة، لقد كُنَّا نَأْكُل الطَّعَام مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن نسْمع تَسْبِيح الطَّعَام. قَالَ: وَأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِنَاء فَوضع يَده فَجعل المَاء يَنْبع من بَين أَصَابِعه، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: حَيّ على الْوضُوء الْمُبَارك وَالْبركَة من السَّمَاء. حَتَّى توضأنا كلنا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد، ثَنَا شريك، عَن سماك، عَن أبي ظبْيَان، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَقَالَ:] بِمَ أعرف أَنَّك نَبِي؟ قَالَ: إِن دَعَوْت هَذَا العذق من هَذِه النَّخْلَة تشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَدَعَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل ينزل من النَّخْلَة حَتَّى سقط إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: ارْجع. فَعَاد فَأسلم الْأَعرَابِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/291)
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا مُسلم، ثَنَا الْقَاسِم بن الْفضل، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: " بَيْنَمَا رَاع يرْعَى غنما إِذْ جَاءَ الذِّئْب فأقعى فَأخذ مِنْهَا شَاة، فجَاء الرَّاعِي فحال بَينه وَبَين الشَّاة. فأقعى الذِّئْب على ذَنبه قَالَ: يَا راعي، أَلا تتقي الله، تحول بيني وَبَين رزق رَزَقَنِي الله؟ فَقَالَ الرَّاعِي: يَا عجبا لذئب مقع على ذَنبه يتَكَلَّم بِكَلَام / الْإِنْس! فَقَالَ الذِّئْب: أَلا أحَدثك بِأَعْجَب من ذَلِك؟ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحرَّةِ يحدث النَّاس بأنباء مَا قد سبق، فساق الرَّاعِي غنمه حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة فزواها نَاحيَة، ثمَّ أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فحدثه، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صدقت. ثمَّ قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة حَتَّى تكلم السبَاع الْإِنْس، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكلم الرجل عذبة سَوْطه وشراك نَعله، وَتُخْبِرهُ فَخذه بِمَا أحدث أَهله بعده ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد إِلَّا الْقَاسِم بن الْفضل، وَالقَاسِم بَصرِي مَشْهُور.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان، حَدثنِي ابْن وهب قَالَ: حَدثنِي عمر، أَن سالما حَدثهُ، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: " مَا سَمِعت عمر لشَيْء يَقُول قطّ: إِنِّي لأظنه كَذَا، إِلَّا كَانَ كَمَا يظنّ. قَالَ: بَيْنَمَا عمر جَالس إِذْ مر بِهِ رجل فَقَالَ: لقد أَخطَأ ظَنِّي، أَو أَن هَذَا على دينه فِي الْجَاهِلِيَّة، (و) لقد كَانَ كاهنهم، عَليّ الرجل. فدعي لَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِك، فَقَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ اسْتقْبل بِهِ رجلا مُسلما. قَالَ: فَإِنِّي أعزم عَلَيْك لما أَخْبَرتنِي. قَالَ: كنت كاهنهم فِي الْجَاهِلِيَّة. قَالَ: فَمَا(4/292)
أعجب مَا جاءتك بِهِ جنيتك؟ قَالَ: بَيْنَمَا أَنا يَوْمًا فِي السُّوق جَاءَتْنِي أعرف فِيهَا الْفَزع قَالَت: ألم تَرَ الْجِنّ وإبلاسها ويأسها [من بعد] (إنساكها) ولحوقها بالقلاص و [أحلاسها]
قَالَ عمر: صدق، بَيْنَمَا أَنا نَائِم عِنْد آلِهَتهم إِذْ جَاءَ رجل بعجل فذبحه، فَصَرَخَ بِهِ صارخ، لم أسمع قطّ صَارِخًا أَشد صَوتا مِنْهُ يَقُول: يَا جليح، أَمر نجيح، رجل فصيح يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله.
فَوَثَبَ الْقَوْم. قلت: لَا أَبْرَح حَتَّى أعلم مَا وَرَاء هَذَا ثمَّ نَادَى: يَا جليح، أَمر نجيح، رجل فصيح لَا إِلَه إِلَّا الله.
فَقُمْت فَمَا نشبنا أَن قيل: هَذَا نَبِي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن أَيمن، سَمِعت أبي، عَن جَابر بن عبد الله " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقوم يَوْم الْجُمُعَة إِلَى شَجَرَة - أَو نَخْلَة - / فَقَالَت امْرَأَة من الْأَنْصَار - أَو رجل من الْأَنْصَار -: يَا رَسُول الله، أَلا نجْعَل لَك منبرا؟ قَالَ: إِن شِئْتُم. فَجعلُوا لَهُ منبرا، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة دفع إِلَى الْمِنْبَر، فصاحت النَّخْلَة صياح الصَّبِي، ثمَّ نزل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَضمّهَا تَئِنُّ أَنِين الصَّبِي الَّذِي يسكن. قَالَ: كَانَت تبْكي على مَا كَانَت تسمع من الذّكر عِنْدهَا ".(4/293)
رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن عبد الْوَاحِد بن أَيمن، عَن أَبِيه، عَن جَابر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب إِلَى جذع نَخْلَة فَقَالَت لَهُ امْرَأَة من الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله، إِن لي غُلَاما نجارا أَفلا آخِره أَن يصنع لَك منبرا تخْطب عَلَيْهِ؟ قَالَ: بلَى. فَاتخذ منبرا. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة خطب على الْمِنْبَر قَالَ: فَإِن الْجذع الَّذِي كَانَ يقوم عَلَيْهِ أَن كَمَا يَئِن الصَّبِي. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن هَذَا بَكَى لما فقد من الذّكر ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن مُحَمَّد [بن] عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل حَائِطا فجَاء بعير فَسجدَ لَهُ فَقَالُوا: نَحن أَحَق أَن نسجد لَك. فَقَالَ: لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا ".
تَابعه النَّضر بن [شُمَيْل] عَن مُحَمَّد بن عَمْرو.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى [أبي] رَافع الْيَهُودِيّ رجَالًا من الْأَنْصَار، وَأمر عَلَيْهِم عبد الله بن عتِيك، وَكَانَ أَبُو رَافع يُؤْذِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويعين عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي حصن لَهُ بِأَرْض الْحجاز، فَلَمَّا دنوا مِنْهُ وَقد غربت الشَّمْس وَرَاح النَّاس بسرحهم قَالَ عبد الله لأَصْحَابه: اجلسوا مَكَانكُمْ فَإِنِّي منطلق متلطف للبواب لعَلي أَن أَدخل، فَأقبل حَتَّى دنا من الْبَاب ثمَّ تقنع بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يقْضِي حَاجته، وَقد دخل النَّاس فَهَتَفَ بِهِ البواب: يَا عبد الله، إِن كنت تُرِيدُ أَن تدخل فَادْخُلْ، فَإِنِّي أُرِيد أَن أغلق الْبَاب. فَدخلت فَكَمَنْت، فَلَمَّا(4/294)
(دخلُوا) النَّاس، أغلق الْبَاب ثمَّ علق الأغاليق على ود. قَالَ: فَقُمْت إِلَى الأقاليد فأخذتها ففتحت الْبَاب، وَكَانَ أَبُو رَافع يسمر عِنْده، وَكَانَ فِي علالي لَهُ، فَلَمَّا ذهب عَنهُ أهل سمره صعدت إِلَيْهِ، فَجعلت كلما فتحت بَابا غلقت عَليّ من دَاخل. قلت: إِن الْقَوْم نذروا بِي لم / يخلصوا إِلَيّ حَتَّى أَقتلهُ. فانتهيت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ فِي بَيت مظلم وسط عِيَاله لَا أَدْرِي أَيْن هُوَ من الْبَيْت؟ قلت: أَبَا رَافع. قَالَ: من هَذَا؟ فَأَهْوَيْت نَحْو الصَّوْت فأضربه ضَرْبَة بِالسَّيْفِ وَأَنا دهش فَمَا أغنيت شَيْئا، وَصَاح، فَخرجت من الْبَيْت فأمكث غير بعيد ثمَّ دخلت إِلَيْهِ فَقلت: مَا هَذَا الصَّوْت يَا أَبَا رَافع؟ فَقَالَ: لأمك الويل، إِن رجلا فِي الْبَيْت ضَرَبَنِي قبل بِالسَّيْفِ. قَالَ: فأضربه ضَرْبَة (ثخنته) وَلم أَقتلهُ. ثمَّ وضعت ضبيب السَّيْف فِي بَطْنه حَتَّى أَخذ فِي ظَهره، فَعرفت أَنِّي قتلته، فَجعلت أفتح الْأَبْوَاب بَابا بَابا حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى دَرَجَة لَهُ، فَوضعت رجْلي وَأَنا أرى أَنِّي قد انْتَهَيْت إِلَى الأَرْض، فَوَقَعت فِي لَيْلَة مُقْمِرَة، فَانْكَسَرت ساقي، فعصبتها بعمامة، ثمَّ انْطَلَقت حَتَّى جَلَست على الْبَاب، فَقلت: لَا أخرج اللَّيْلَة حَتَّى أعلم أقتلته. فَلَمَّا صَاح الديك قَامَ الناعي على السُّور فَقَالَ: أنعي أَبَا رَافع تَاجر أهل الْحجاز. فَانْطَلَقت إِلَى أَصْحَابِي فَقلت: النَّجَاء فقد قتل الله أَبَا رَافع. فانتهيت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحَدَّثته، فَقَالَ: ابْسُطْ رجلك. فبسطت رجْلي فمسحها، فَكَأَنَّهَا لم أشتكها قطّ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يزِيد [بن] أبي عبيد قَالَ: " رَأَيْت أثر ضَرْبَة فِي سَاق سَلمَة فَقلت: يَا أَبَا مُسلم مَا هَذِه الضَّرْبَة؟ قَالَ: هَذِه ضَرْبَة أصابتها يَوْم خَيْبَر، فَقَالَ النَّاس: أُصِيب سَلمَة فَأتيت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فنفث فِيهِ ثَلَاث نفثات فَمَا أشتكيها حَتَّى السَّاعَة ".(4/295)
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عُثْمَان، ثَنَا شُرَيْح بن مسلمة، حَدثنَا إِبْرَاهِيم ابْن يُوسُف، عَن أَبِيه، عَن أبي إِسْحَاق، حَدثنِي عَمْرو بن مَيْمُون، أَنه سمع عبد الله بن مَسْعُود حدث عَن سعد بن معَاذ " أَنه كَانَ صديقا لأمية بن خلف وَكَانَ أُميَّة إِذا مر بِالْمَدِينَةِ نزل على سعد، وَكَانَ سعد إِذا مر بِمَكَّة نزل على أُميَّة، فَلَمَّا قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة انْطلق سعد مُعْتَمِرًا فَنزل على أُميَّة بِمَكَّة فَقَالَ لأمية: انْظُر لي سَاعَة خلْوَة لعَلي أَن أَطُوف بِالْبَيْتِ. فَخرج بِهِ قَرِيبا من نصف النَّهَار فلقيهما أَبُو جهل فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَان من هَذَا مَعَك؟ قَالَ: هَذَا سعد. فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: أَلا أَرَاك تَطوف بِمَكَّة آمنا وَقد آويتم الصباة وزعمتم أَنكُمْ تنصرونهم وتعينونهم، أما وَالله لَوْلَا أَنَّك مَعَ أبي صَفْوَان مَا رجعت إِلَى أهلك سالما. فَقَالَ لَهُ سعد وَرفع صَوته: أما / وَالله لَئِن منعتني هَذَا لأمنعنك مَا هُوَ أَشد عَلَيْك مِنْهُ: طريقك على الْمَدِينَة. فَقَالَ لَهُ أُميَّة: لَا ترفع صَوْتك يَا سعد على أبي الحكم فَإِنَّهُ سيد أهل الْوَادي. فَقَالَ سعد: دَعْنَا عَنْك يَا أُميَّة. فوَاللَّه لقد سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِنَّهُم قاتلوك. قَالَ: بِمَكَّة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَفَزعَ لذَلِك أُميَّة فَزعًا شَدِيدا، فَلَمَّا رَجَعَ أُميَّة إِلَى أَهله قَالَ: يَا أم صَفْوَان، ألم تري مَا قَالَ لي سعد؟ قَالَ: وَمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: زعم أَن مُحَمَّدًا أخْبرهُم أَنهم قاتلي. فَقلت لَهُ: بِمَكَّة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَقَالَ أُميَّة: وَالله لَا أخرج من مَكَّة. فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر اسْتنْفرَ أَبُو جهل النَّاس فَقَالَ: أدركوا عِيركُمْ. فكره أُميَّة أَن يخرج، فَأَتَاهُ أَبُو جهل فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَان، إِنَّك مَتى يراك النَّاس قد تخلفت وَأَنت سيد أهل الْوَادي تخلفوا مَعَك. فَلم يزل بِهِ أَبُو جهل حَتَّى قَالَ: أما إِذا غلبتني فوَاللَّه لأشترين أَجود بعير بِمَكَّة. ثمَّ قَالَ أُميَّة: يَا أم صَفْوَان جهزيني. فَقَالَت لَهُ: يَا أَبَا صَفْوَان، وَقد نسيت مَا قَالَ لَك أَخُوك اليثربي؟ قَالَ: لَا، مَا أُرِيد أَن أجوز مَعَهم إِلَّا قَرِيبا. فَلَمَّا خرج أُميَّة أَخذ لَا يتْرك منزلا إِلَّا عقل بعيره، فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى قَتله الله ببدر ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الحكم، ثَنَا النَّضر، ثَنَا إِسْرَائِيل، ثَنَا سعد الطَّائِي، ثَنَا مَحل بن خَليفَة، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: " بَينا أَنا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ(4/296)
أَتَاهُ رجل فَشَكا إِلَيْهِ [الْفَاقَة ثمَّ أَتَاهُ آخر فَشَكا إِلَيْهِ] قطع السَّبِيل فَقَالَ: يَا عدي، هَل رَأَيْت الْحيرَة؟ قلت: لم أرها وَقد أنبئت عَنْهَا. قَالَ: فَإِن طَالَتْ بك حَيَاة لترين الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ لَا تخَاف أحدا إِلَّا الله. قلت فِيمَا بيني وَبَين نَفسِي: فَأَيْنَ [دعار] طَيئ الَّذين قد سعروا الْبِلَاد؟ وَإِن طَالَتْ بك حَيَاة لتفتحن كنوز كسْرَى. قلت: كسْرَى بن هُرْمُز؟ قَالَ: كسْرَى بن هُرْمُز، وَإِن طَالَتْ بك حَيَاة لترين الرجل يخرج ملْء كَفه ذهب أَو فضَّة يطْلب من يقبل مِنْهُ [فَلَا يجد أحدا يقبله مِنْهُ] ، وليلقين الله أحدكُم يَوْم يلقاه وَلَيْسَ بَينه [وَبَينه] ترجمان يترجم لَهُ، فليقولن لَهُ: ألم أبْعث إِلَيْك رَسُولا فيبلغك؟ فَيَقُول: بلَى. فَيَقُول: ألم أعطك مَالا وَأفضل عَلَيْك؟ فَيَقُول: بلَى. فَينْظر عَن يَمِينه فَلَا يرى إِلَّا جَهَنَّم، وَينظر عَن يسَاره فَلَا يرى إِلَّا جَهَنَّم. قَالَ عدي: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يَقُول: اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة، فَمن لم يجد شقّ تَمْرَة فبكلمة طيبَة، قَالَ عدي: فَرَأَيْت الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ لَا تخَاف إِلَّا الله، وَكنت فِيمَن فتح كنوز كسْرَى بن هُرْمُز، وَلَئِن طَالَتْ بكم حَيَاة لترون مَا قَالَ النَّبِي أَبُو الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يخرج ملْء كَفه ".
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وَمُحَمّد بن عباد - وتقاربا فِي لفظ الحَدِيث والسياق لهارون - قَالَ: ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن يَعْقُوب [بن] مُجَاهِد أبي [حزرة] ، عَن عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: " خرجت أَنا وَأبي(4/297)
نطلب الْعلم فِي هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قبل أَن يهْلكُوا فَكَانَ أول من لَقينَا أَبَا الْيُسْر صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ غُلَام لَهُ مَعَه ضمامة من صحف، وعَلى أبي الْيُسْر بردة ومعافري، وعَلى غُلَامه بردة ومعافري، فَقَالَ لَهُ أبي: يَا عَم، إِنِّي أرى فِي وَجهك سفعة من غضب. قَالَ: أجل كَانَ لي على فلَان ابْن فلَان الحرامي مَال، فَأتيت أَهله فَسلمت فَقلت: ثمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لَا. فَخرج عَليّ ابْن لَهُ جفر. فَقلت لَهُ: أَيْن أَبوك؟ قَالَ: سمع صَوْتك فَدخل أريكة أُمِّي. فَقلت: اخْرُج إِلَيّ فقد علمت أَيْن أَنْت. فَخرج، فَقلت: مَا حملك على أَن اخْتَبَأْت مني؟ قَالَ: وَالله أَنا أحَدثك ثمَّ لَا أكذبك، خشيت وَالله أَن أحَدثك فأكذبك، وَأَن أعدك فأخلفك، وَكنت صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكنت وَالله مُعسرا. قَالَ: قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: آللَّهُ. قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: آللَّهُ. قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: آللَّهُ. قَالَ فَأتى بصحيفته فمحاها بِيَدِهِ، قَالَ: فَإِن وجدت قَضَاء فاقضني وَإِلَّا أَنْت فِي حل، فَأشْهد بصر عَيْني هَاتين - وَوضع إصبعيه على عَيْنَيْهِ - وَسمع أُذُنِي هَاتين ووعاه قلبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى منَاط قلبه - رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: من أنظر مُعسرا أَو وضع عَنهُ أظلهُ الله فِي ظله.
قَالَ: فَقلت لَهُ: أيا عَم، لَو أَنَّك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك، وَأخذت معافرية وأعطيته بردتك فَكَانَ عَلَيْك حلَّة، وَعَلِيهِ حلَّة. فَمسح رَأْسِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ، ابْن أخي، بصر عَيْني هَاتين، وَسمع أُذُنِي هَاتين، ووعاه قلبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى منَاط قلبه - رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ، وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ. / فَكَانَ أَن أَعْطيته من مَتَاع الدُّنْيَا أَهْون عَليّ من أَن يَأْخُذ من حسناتي يَوْم الْقِيَامَة.
ثمَّ مضينا حَتَّى أَتَيْنَا جَابر بن عبد الله فِي مَسْجِد، وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد مُشْتَمِلًا بِهِ، فتخطيت الْقَوْم حَتَّى جَلَست بَينه وَبَين الْقبْلَة. فَقلت: يَرْحَمك الله، أَتُصَلِّي فِي ثوب وحد ورداؤك إِلَى جبنك؟ ! قَالَ: فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي(4/298)
هَكَذَا، وَفرق بَين أَصَابِعه وقوسها: أردْت أَن يدْخل عَليّ الأحمق مثلك فيراني كَيفَ أصنع فيصنع مثله، أَتَانَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَسْجِدنَا هَذَا، وَفِي يَده عرجون ابْن طَابَ، فَرَأى فِي قبْلَة الْمَسْجِد نخامة، فحكها بالعرجون، ثمَّ أقبل علينا، فَقَالَ: أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ قَالَ: فخشعنا، ثمَّ قَالَ: أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ قَالَ: فخشعنا. ثمَّ قَالَ: أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ قَالَ فخشعنا. ثمَّ قَالَ: أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ قُلْنَا: لَا أَيّنَا يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِن أحدكُم إِذا قَامَ يُصَلِّي فَإِن الله قبل وَجهه فَلَا بيصقن قبل وَجهه وَلَا عَن يَمِينه، وليبصق عَن يسَاره تَحت رجله الْيُسْرَى، فَإِن عجلت بِهِ بادرة فَلْيقل بِثَوْبِهِ هَكَذَا. ثمَّ طوى ثَوْبه بعضه على بعض فَقَالَ: أروني عبيرا. فَقَامَ فَتى من الْحَيّ يشْتَد إِلَى أَهله. فجَاء بخلوق فِي رَاحَته، فَأَخذه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعله على رَأس العرجون، ثمَّ لطخ بِهِ على أثر النخامة، فَقَالَ جَابر: فَمن ثمَّ جعلتم الخلوق فِي مَسَاجِدكُمْ.
وسرنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة بطن بواط، وَهُوَ يطْلب المجدي بن عَمْرو الْجُهَنِيّ، وَكَانَ الناضح يعتقبه منا الْخَمْسَة والستة والسبعة، فدارت عقبَة رجل من الْأَنْصَار على نَاضِح لَهُ فأناخه، فَرَكبهُ، ثمَّ بَعثه، فتلدن عَلَيْهِ بعض التلدن، فَقَالَ لَهُ شأ لعنك الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من هَذَا اللاعن بعيره؟ قَالَ: أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ: انْزِلْ عَنهُ فَلَا تصحبنا بملعون، لَا تدعوا على أَنفسكُم، وَلَا تدعوا على أَوْلَادكُم، وَلَا تدعوا على أَمْوَالكُم؛ لَا توافقوا من الله سَاعَة يسْأَل فِيهَا عَطاء فيستجيب لكم.
وسرنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى إِذا (كُنَّا) عشيشية ودنونا من مياه الْعَرَب، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من رجل يتقدمنا فيمدر الْحَوْض فيشرب ويسقينا؟ قَالَ جَابر: فَقُمْت: فَقلت: هَذَا رجل يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: أَي رجل مَعَ جَابر؟ فَقَامَ جَبَّار بن صَخْر، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبِئْر فنزعنا فِي الْحَوْض سجلا(4/299)
أَو سَجْلَيْنِ ثمَّ مدرناه، ثمَّ نَزَعْنَا فِيهِ، حَتَّى أفهقناه، فَكَانَ أول طالع علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أتأذنان؟ قُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله، فأشرع نَاقَته فَشَرِبت وشنق لَهَا فشجت فبالت، ثمَّ (عَادَتْ) فأناخها ثمَّ جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْحَوْض، فَتَوَضَّأ مِنْهُ، ثمَّ قُمْت فَتَوَضَّأت من متوضأ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذهب جَبَّار بن صَخْر يقْضِي حَاجته، فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليُصَلِّي وَكَانَت عَلَيْهِ بردة ذهبت أَن أُخَالِف بَين طرفيها فَلم تبلغ لي، وَكَانَ لَهَا ذباذب فنكستها ثمَّ خَالَفت بَين طرفيها ثمَّ تواقصت عَلَيْهَا ثمَّ جِئْت حَتَّى قُمْت عَن يسَار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخذ بيَدي فأدارني حَتَّى أقامني عَن يَمِينه، ثمَّ جَاءَ جَبَّار بن صَخْر فَتَوَضَّأ ثمَّ جَاءَ فَقَامَ عَن يسَار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخذ بيدينا جَمِيعًا فدفعنا حَتَّى أقامنا خَلفه، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرمقني وَأَنا لَا أشعر ثمَّ فطنت بِهِ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ يَعْنِي: (شده) وسطك. فَلم فرغ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يَا جَابر. قلت: لبيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: إِذا كَانَ وَاسِعًا فَخَالف بَين طَرفَيْهِ وَإِذا كَانَ ضيقا فاشدده على حقوك.
فسرنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ قوت كل رجل منا فِي كل يَوْم تَمْرَة فَكَانَ يمصها ثمَّ يصرها فِي ثَوْبه، وَكُنَّا نتخبط بقسينا [وَنَأْكُل] حَتَّى قرحت أشداقنا فأقسم لأخطئها رجل منا يَوْمًا فَانْطَلَقْنَا بِهِ ننعشه، فَشَهِدْنَا أَنه لم يُعْطهَا، فأعطيها فَقَامَ فَأَخذهَا.
وسرنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى نزلنَا وَاديا أفيح فَذهب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْضِي حَاجته فاتبعته بإدواة من مَاء، فَنظر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أحداهما فَلم ير شَيْئا يسْتَتر بِهِ، فَإِذا شجرتان بشاطئ الْوَادي، فَانْطَلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى إِحْدَاهمَا، فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا، فَقَالَ: انقادي عَليّ بِإِذن الله. فانقادت مَعَه كالبعير المخشوش الَّذِي يصانع قائده، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَة الْأُخْرَى فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا فَقَالَ: انقادي(4/300)
عَليّ بِإِذن الله. فانقادت مَعَه كَذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ الْمنصف مِمَّا بَينهمَا (فالأم) / بَينهمَا يَعْنِي - جَمعهمَا - فَقَالَ: التئما عَليّ بِإِذن الله - تَعَالَى - فالتأمتا. قَالَ جَابر: فَخرجت أحضر مَخَافَة أَن يحس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقربي (فيبعد) - قَالَ ابْن عباد: فيبتعد - فَجَلَست أحدث نَفسِي فحانت مني لفتة فَإِذا أَنا برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُقبلا، وَإِذا الشجرتان قد افترقتا، فَقَامَتْ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا على سَاق، فَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقف وَقْفَة فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا - وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيل بِرَأْسِهِ يَمِينا وَشمَالًا - ثمَّ أقبل فَلَمَّا انْتهى إِلَيّ قَالَ: يَا جَابر، هَل رَأَيْت مقَامي؟ قلت: نعم يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَانْطَلق إِلَى الشجرتين فاقطع من كل وَاحِدَة مِنْهُمَا غصنا فَأقبل بهما حَتَّى إِذا قُمْت مقَامي فَأرْسل غصنا عَن يَمِينك، وغصنا عَن شمالك. قَالَ جَابر: فَقُمْت فَأخذت حجرا فَكَسرته وحسرته فاندلق لي، فَأتيت الشجرتين فَقطعت من (على) كل وَاحِدَة مِنْهُمَا غصنا، ثمَّ أَقبلت أجرهما حَتَّى قُمْت [مقَام] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أرْسلت غصنا عَن يَمِيني وغصنا عَن يساري، ثمَّ [لحقته] فَقلت: قد فعلت يَا رَسُول الله فَعم ذَاك؟ قَالَ: إِنِّي مَرَرْت بقبرين يعذبان فَأَحْبَبْت بشفاعتي أَن يرفه ذَلِك عَنْهُمَا مَا دَامَ الغصنان رطبين. قَالَ: فأتينا الْعَسْكَر، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا جَابر، نَاد الْوضُوء. فَقلت: أَلا وضوء، أَلا وضوء، أَلا وضوء؟ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله مَا وجدت فِي الركب من قَطْرَة. وَكَانَ رجل من الْأَنْصَار يبرد لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المَاء فِي أشجاب لَهُ على حمارة من جريد. قَالَ: فَقَالَ لي: انْطلق إِلَى فلَان الْأنْصَارِيّ فَانْظُر هَل فِي أشجابه من شَيْء. قَالَ: فَانْطَلَقت إِلَيْهِ فَنَظَرت فِيهَا فَلم(4/301)
أجد فِيهَا إِلَّا قَطْرَة فِي عزلاء شجب مِنْهَا، لَو أَنِّي أفرغه لشربه يابسه فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، لم أجد فِيهَا إِلَّا قَطْرَة فِي عزلاء شجب مِنْهَا، لَو أَنِّي أفرغته لشربه يابسه. قَالَ: اذْهَبْ فائتني بِهِ. فَأَتَيْته بِهِ فَأَخذه بِيَدِهِ فَجعل يتَكَلَّم بِشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ ويغمزه بِيَدِهِ ثمَّ أعطانيه، فَقَالَ: يَا جَابر، نَاد بِجَفْنَة. فَقلت: يَا جَفْنَة الركب. فَأتيت بهَا تحمل، فَوَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَة هَكَذَا فبسطها وَفرق بَين أَصَابِعه، ثمَّ وَضعهَا فِي قَعْر الْجَفْنَة فَقَالَ: يَا جَابر، فصب عَليّ وَقل: بِسم الله. فَصَبَبْت بِسم الله فَرَأَيْت المَاء يفور من بَين أَصَابِع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / ثمَّ فارت الْجَفْنَة و (فارت) حَتَّى امْتَلَأت فَقَالَ: يَا جَابر، نَاد من كَانَ لَهُ حَاجَة بِمَاء. قَالَ فَأتى النَّاس فاستقوا حَتَّى رووا. قَالَ: فَقلت: هَل بَقِي أحد لَهُ حَاجَة؟ فَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَده من الْجَفْنَة وَهِي ملأى.
وشكى النَّاس إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجُوع، فَقَالَ: عَسى الله أَن يطعمكم. فأتينا سيف الْبَحْر فزخر الْبَحْر زخرة فَألْقى دَابَّة فأورينا على شقها النَّار، فاطبخنا واشتوينا، وأكلنا وشبعنا.
قَالَ جَابر: فَدخلت أَنا وَفُلَان [وَفُلَان]- حَتَّى عد خَمْسَة - فِي حجاج عينهَا، مَا يَرَانَا أحد حَتَّى خرجنَا، وأخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه، ثمَّ دَعونَا بأعظم رجل فِي الركب، وَأعظم جمل [فِي الركب] ، وَأعظم كفل فِي الركب فَدخل تَحْتَهُ مَا يطاطئ رَأسه ".
مُسلم: حَدثنَا منْجَاب بن الْحَارِث التَّمِيمِي، أخبرنَا ابْن مسْهر، عَن(4/302)
الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن أبي معمر، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: " بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى إِذا انْفَلق الْقَمَر فلقَتَيْنِ، فَكَانَت فلقَة وَرَاء الْجَبَل وَفلقَة دونه، فَقَالَ لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اشْهَدُوا ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَعبد بن حميد قَالَا: ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس " أَن أهل مَكَّة سَأَلُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُرِيهم آيَة فَأَرَاهُم انْشِقَاق الْقَمَر مرَّتَيْنِ ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن الْمُغيرَة، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: " انْشَقَّ الْقَمَر على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت قُرَيْش: هَذَا سحر ابْن أبي كَبْشَة. قَالَ: فَقَالُوا: لتنظروا مَا يأتيكم بِهِ السفار فَإِن مُحَمَّدًا لَا يَسْتَطِيع أَن يسحر النَّاس كلهم. قَالَ: فجَاء السفار فَقَالُوا كَذَلِك ".
بَاب مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الصدْق والعفاف والجود والحلم والتواضع وَحسن المعاشرة
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، عَن [عبيد الله] بن عبد الله أَن عبد الله بن عَبَّاس أخبرهُ قَالَ: " أَخْبرنِي أَبُو سُفْيَان أَن هِرقل قَالَ لَهُ: سَأَلتك مَاذَا يَأْمُركُمْ بِهِ، فَزَعَمت أَنه يَأْمُركُمْ بِالصَّلَاةِ والصدق والعفاف وَالْوَفَاء بالعهد وَأَدَاء الْأَمَانَة قَالَ: وَهَذِه صفة نَبِي ".(4/303)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، / عَن ابْن الْمُنْكَدر، سمع جَابر بن عبد الله قَالَ: " مَا سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا قطّ فَقَالَ لَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي حَازِم قَالَ: سَمِعت سهل بن سعد قَالَ: " جَاءَت امْرَأَة بِبُرْدَةٍ. فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْبردَة؟ فَقيل لَهُ: نعم هِيَ الشملة منسوج فِي حاشيتها. قَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي نسجتها بيَدي [أكسوكها] . فَأَخذهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُحْتَاج لَهَا، فَخرج إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إزَاره، فَقَالَ رجل من الْقَوْم: يَا رَسُول الله، اكسنيها. فَقَالَ: نعم. فَجَلَسَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمجْلس، ثمَّ رَجَعَ فطواها ثمَّ أرسل بهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْقَوْم: مَا أَحْسَنت، سَأَلتهَا إِيَّاه، لقد عرفت أَنه لَا يرد سَائِلًا. فَقَالَ الرجل: وَالله مَا سَأَلته إِلَّا لتَكون كفني يَوْم أَمُوت. قَالَ سهل: فَكَانَت كَفنه ".
مُسلم: حَدثنَا عَاصِم بن النَّضر التَّيْمِيّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا حميد، عَن مُوسَى بن أنس، عَن أَبِيه قَالَ: " مَا سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْإِسْلَام شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ. قَالَ: فَجَاءَهُ رجل فَأعْطَاهُ [غنما] بَين جبلين، فَرجع إِلَى قومه فَقَالَ: يَا قوم، أَسْلمُوا فَإِن مُحَمَّدًا يُعْطي عَطاء لَا يخْشَى الْفَاقَة ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن [حَرْب] ، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن سلمَان بن ربيعَة قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: " قسم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(4/304)
قسما فَقلت: يَا رَسُول الله، لغير هَؤُلَاءِ كَانَ أَحَق بِهِ مِنْهُم. قَالَ: إِنَّهُم خيروني بَين أَن يَسْأَلُونِي بالفحش أَو يبخلوني فلست بباخل ".
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل وَزُهَيْر بن حَرْب، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل - وَاللَّفْظ لِأَحْمَد - ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عبد الْعَزِيز، عَن أنس قَالَ: " لما قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة أَخذ أَبُو طَلْحَة بيَدي، فَانْطَلق بِي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن أنسا غُلَام كيس فليخدمك، قَالَ: فخدمته فِي السّفر والحضر، وَالله مَا قَالَ لي لشي صَنعته هَذَا هَكَذَا؟ وَلَا لشَيْء لم أصنعه لم (لَا) تصنع هَذَا هَكَذَا؟ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الْوَهَّاب، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا شُعْبَة، عَن هِشَام بن زيد، عَن أنس بن مَالك " أَن يَهُودِيَّة أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِشَاة مَسْمُومَة فَأكل مِنْهَا فجيء بهَا فَقيل: أَلا تقتلها؟ قَالَ: لَا. فَمَا زلت أعرفهَا فِي لَهَوَات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هناد بن السّري، عَن أبي مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن ابْن حَيَّان - يَعْنِي يزِيد - عَن زيد بن أَرقم / قَالَ: " سحر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل من الْيَهُود فاشتكى لذَلِك أَيَّامًا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن رجلا من الْيَهُود سحرك، عقد لَك عقدا فِي بِئْر كَذَا وَكَذَا، فَأرْسل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاستخرجها (فجَاء) بهَا إِلَيْهِ، فحللها، فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَأَنَّمَا (أنشط) من عقال، فَمَا ذكر ذَلِك لذَلِك الْيَهُودِيّ، وَلَا رَآهُ فِي وَجهه قطّ ".(4/305)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا خَالِد، عَن شُعْبَة، عَن أبي إِسْرَائِيل قَالَ: سَمِعت جعدة - رجلا من بني بني [جشم] بن مُعَاوِيَة - يَقُول: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جِيءَ إِلَيْهِ بِرَجُل فَقَالُوا: إِن هَذَا أَرَادَ أَن يقتل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لم ترع لم ترع ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن مثنى وَأحمد بن [سِنَان] ، قَالَ زُهَيْر: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، سَمِعت عبد الله ابْن [أبي] عتبَة يَقُول: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَشد حَيَاء من الْعَذْرَاء فِي خدرها، وَكَانَ إِذا كره شَيْئا عَرفْنَاهُ فِي وَجهه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا سُفْيَان، سَمِعت الزُّهْرِيّ، يَقُول: أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس، سمع عمر يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى ابْن مَرْيَم فَإِنَّمَا أَنا عَبده فَقولُوا: عبد الله وَرَسُوله ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو بكر بن نَافِع، حَدثنَا بهز، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس " أَن نَاسا قَالُوا لرَسُول الله: يَا خيرنا وَابْن خيرنا، وَيَا سيدنَا وَابْن(4/306)
سيدنَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَلَيْكُم بقولكم وَلَا يستهوينكم الشَّيْطَان، إِنِّي لَا أُرِيد أَن ترفعوني فَوق منزلتي الَّتِي أنزلنيها الله، أنامحمد بن عبد الله، عَبده وَرَسُوله ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن امْرَأَة كَانَت فِي عقلهَا شَيْء فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن لي إِلَيْك حَاجَة. فَقَالَ: يَا أم فلَان انظري أَي السكَك شِئْت حَتَّى أَقْْضِي لَك حَاجَتك. فَخَلا مَعهَا فِي بعض الطّرق حَتَّى فرغت من حَاجَتهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا الحكم، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود: " سَأَلت عَائِشَة مَا كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصنع فِي بَيته؟ قَالَت: كَانَ يكون فِي مهنة أَهله - يَعْنِي خدمَة أَهله - فَإِذا حضرت الصَّلَاة خرج إِلَى الصَّلَاة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن / عُرْوَة، عَن عَائِشَة " قلت لَهَا: مَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعْمل فِي بَيته؟ قَالَت: كَانَ يخصف نَعله، ويخيط ثَوْبه، وَيعْمل فِي بَيته كَمَا يعْمل أحدكُم فِي بَيته ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث مَشْهُور من حَدِيث هِشَام، وَلَا نعلمهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ إِلَّا من حَدِيث معمر عَنهُ.
الْبَزَّار: حَدثنَا زيد بن أخزم، ثَنَا يعمر بن بشر، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، ثَنَا عمرَان ابْن زيد، عَن زيد الْعمي، عَن مُعَاوِيَة، عَن أنس قَالَ: " مَا رئي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقدما ركبته بَين جليس لَهُ قطّ، وَلَا صَافح رجلا فَنزع يَده من يَده حَتَّى يكون الرجل هُوَ الَّذِي يَنْزِعهَا ".
وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ غير ابْن الْمُبَارك فَلم يذكر مُعَاوِيَة بن قُرَّة.(4/307)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عِيسَى، ثَنَا مُحَمَّد بن سَوَاء، ثَنَا روح بن الْقَاسِم، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن رجلا اسْتَأْذن على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: بئس أَخُو الْعَشِيرَة وَبئسَ ابْن الْعَشِيرَة. فَلَمَّا جلس تطلق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وَجهه وانبسط إِلَيْهِ، [فَلَمَّا انْطلق الرجل قَالَت لَهُ عَائِشَة: يَا رَسُول الله، حِين رَأَيْت الرجل قلت لَهُ كَذَا وَكَذَا ثمَّ تطلقت فِي وَجهه وانبسطت إِلَيْهِ] ! فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا عَائِشَة، مَتى عهدتني فحاشا؟ إِن شَرّ النَّاس عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة من تَركه النَّاس اتقاء شَره ".
مُسلم: حَدثنَا مُجَاهِد بن مُوسَى وَأَبُو بكر بن النَّضر وَهَارُون بن عبد الله، جَمِيعًا عَن أبي النَّضر - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا أَبُو النَّضر - يَعْنِي: هَاشم بن الْقَاسِم - ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى الْغَدَاة جَاءَ خدم الْمَدِينَة بآنيتهم فِيهَا المَاء، فَمَا يُؤْتى بِإِنَاء إِلَّا غمس يَده فِيهَا، فَرُبمَا جَاءُوهُ فِي الْغَدَاة الْبَارِدَة فيغمس يَده فِيهَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن رزق الله، ثَنَا الكلوذاني، ثَنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الْعَزِيز، عَن ابْن عجلَان، عَن الْقَعْقَاع، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا بعثت لأتمم مَكَارِم الْأَخْلَاق ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد وَابْن أبي عمر قَالَا: حَدثنَا مَرْوَان - يعنيان الْفَزارِيّ - عَن يزِيد - وَهُوَ ابْن كيسَان - عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، ادْع على الْمُشْركين، قَالَ: إِنِّي لم أبْعث لعانا وَإِنَّمَا بعثت رَحْمَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن(4/308)
أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا تعْجبُونَ كَيفَ يصرف الله عني / شتم قُرَيْش ولعنهم؟ يشمتون مذمما، ويلعنون مذمما، وَأَنا مُحَمَّد ".
بَاب مثل النَّبِي
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن جَعْفَر [بن] مَيْمُون، عَن أبي تَمِيمَة، عَن أبي عُثْمَان، عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعشَاء ثمَّ انْصَرف فَأخذ بيد عبد الله بن مَسْعُود ثمَّ خرج بِهِ إِلَى بطحاء مَكَّة، فأجلسه ثمَّ خطّ عَلَيْهِ خطا، ثمَّ قَالَ: لَا تبرحن خطك فَإِنَّهُ سينتهي إِلَيْك رجال لَا تكلمهم فَإِنَّهُم لَا يكلمونك. قَالَ: ثمَّ مضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ أَرَادَ، فَبينا أَنا جَالس فِي خطي إِذْ أَتَانِي رجال كَأَنَّهُمْ الزط، أشعارهم وأجسامهم لَا أرى عَورَة وَلَا أرى قشرا، وينتهون إِلَيّ لَا يجاوزون الْخط، ثمَّ يصدرون إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل، لَكِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد جَاءَنِي وَأَنا جَالس فَقَالَ: لقد (رَآنِي اللَّيْلَة) ثمَّ دخل عَليّ فِي خطي فتوسد فَخذي فرقد، وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رقد نفخ، فَبينا أَن قَاعد وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُتَوَسِّد فَخذي إِذا أَنا بِرِجَال عَلَيْهِم ثِيَاب بيض، الله أعلم مَا بهم من الْجمال، فَانْتَهوا إِلَيّ، فَجَلَسَ طَائِفَة مِنْهُم عِنْد رَأس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَطَائِفَة مِنْهُم عِنْد رجلَيْهِ، ثمَّ [قَالُوا] بَينهم: مَا رَأينَا عبدا أُوتِيَ قطّ مَا أُوتِيَ هَذَا النَّبِي، إِن عَيْنَيْهِ تنامان وَقَلبه يقظان، اضربوا لَهُ مثلا، مثل سيد بنى قصرا ثمَّ جعل مأدبة فَدَعَا النَّاس إِلَى طَعَامه وَشَرَابه، فَمن أَجَابَهُ أكل من طَعَامه وَشرب من شرابه، وَمن لم يجبهُ عاقبه - أَو قَالَ: عذبه - ثمَّ ارتفعوا واستيقظ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد ذَلِك، فَقَالَ: سَمِعت مَا قَالَ هَؤُلَاءِ؟ وَهل تَدْرِي من هَؤُلَاءِ؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: هم الْمَلَائِكَة، وَتَدْرِي مَا الْمثل الَّذِي ضربوا؟ قلت: الله(4/309)
وَرَسُوله أعلم. قَالَ: الْمثل الَّذِي ضربوا: الرَّحْمَن - تبَارك وَتَعَالَى - بنى الْجنَّة ودعا إِلَيْهَا عباده، فَمن أَجَابَهُ دخل الْجنَّة، وَمن لم يجبهُ عاقبه - أَو عذبه ".
أَبُو تَمِيمَة اسْمه طريف بن مجَالد، وَأَبُو عُثْمَان اسْمه عبد الرَّحْمَن بن مل.
زَاد البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث من قَول الْمَلَائِكَة: " فالدار الْجنَّة، والداعي مُحَمَّد ".
رَوَاهُ من طَرِيق أُخْرَى وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ زِيَادَة.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد / الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام ابْن مُنَبّه، هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء من قبلي كَمثل رجل بنى بُيُوتًا فأحسنها، وأجملها، وأكملها، إِلَّا مَوضِع لبنة من زَاوِيَة من زواياها، فَجعل النَّاس يطوفون، ويعجبهم الْبُنيان، فَيَقُولُونَ: أَلا وضعت هَاهُنَا لبنة فَيتم بنيانكم. فَقَالَ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنا اللبنة ".
بَاب مَا جَاءَ أَن مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اتَّخذهُ الله خَلِيلًا
مُسلم: حَدثنَا (مُحَمَّد بن مثنى) وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن إِسْمَاعِيل [بن رَجَاء] قَالَ: سَمِعت عبد الله بن أبي الْهُذيْل يحدث عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مَسْعُود يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو كنت متخذا خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا، وَلكنه أخي وصاحبي،(4/310)
وَقد اتخذ الله صَاحبكُم خَلِيلًا ".
بَاب صفة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا [عبيد الله] بن عمر القواريري، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن الْجريرِي، عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا على وَجه الأَرْض [أحدا] رَآهُ غَيْرِي قَالَ: فَقلت: فَكيف رَأَيْته؟ قَالَ: كَانَ أَبيض مليحا مقصدا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، ثَنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، عَن حميد، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ربعَة لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير، حسن الْجِسْم، أسمر اللَّوْن، وَكَانَ شعره لَيْسَ بجعد وَلَا سبط، إِذا مَشى يتَوَكَّأ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن أنس بن مَالك أَنه سَمعه يَقُول: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ بالطويل الْبَائِن وَلَا بالقصير، وَلَا بالأبيض الأمهق وَلَا بِالْأدمِ، وَلَا بالجعد القطط وَلَا بالسبط، بَعثه الله على رَأس أَرْبَعِينَ سنة، فَأَقَامَ بِمَكَّة عشر سِنِين، وبالمدينة عشر سِنِين، وتوفاه الله على رَأس سِتِّينَ سنة، وَلَيْسَ فِي لحيته وَرَأسه عشرُون شَعْرَة بَيْضَاء ".
قَالَ البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " فَلبث بِمَكَّة عشر سِنِين ينزل عَلَيْهِ ".(4/311)
رَوَاهُ عَن يحيى بن بكير، عَن اللَّيْث، عَن خَالِد، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن ربيعَة، عَن أنس. وَقد روى / حَدِيث مَالك عَن ربيعَة كَرِوَايَة مُسلم - رَحمَه الله.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان، ثَنَا جرير، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضخم الرَّأْس والقدمين، لم أر بعده وَلَا قبله مثله، وَكَانَ بسط الْكَفَّيْنِ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو نعيم، أبنا المَسْعُودِيّ، عَن عُثْمَان بن مُسلم بن هُرْمُز، عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم، عَن عَليّ قَالَ: " لم يكن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالطويل وَلَا بالقصير، شثن الْكَفَّيْنِ والقدمين، ضخم الرَّأْس، ضخم الكراديس، طَوِيل المسربة، إِذا مَشى تكفأ كَأَنَّمَا انحط من صبب، لم أر قبله وَلَا بعده مثله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن سِنَان وَمُحَمّد بن مُوسَى الْقطَّان قَالَا: ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا شريك، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن نَافِع بن جُبَير، عَن أَبِيه، عَن عَليّ بن أبي طَالب [قَالَ] : " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير، ضخم الرَّأْس واللحية، شثن الْكَفَّيْنِ والقدمين، مشربا وَجهه حمرَة، إِذا مَشى تكفأ كَأَنَّمَا ينحدر من صبب، لم أر قبله وَلَا بعده مثله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث يرْوى عَن عَليّ من غير وَجه، وَهَذَا أحسن إِسْنَاد يرْوى(4/312)
عَن عَليّ وأشده اتِّصَالًا، وَلَا نعلم رُوِيَ (عَن) جُبَير بن مطعم عَن عَليّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
قَالَ: وَحدثنَا عمر بن الْخطاب السجسْتانِي، حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عَمْرو بن الْحَارِث، عَن عبد الله بن سَالم، عَن الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب " أَن أَبَا هُرَيْرَة وصف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: كَانَ (رجل) ربعَة وَهُوَ إِلَى الطول أقرب، شَدِيد الْبيَاض، أسود اللِّحْيَة، حسن الشّعْر، أهدب أشفار الْعَينَيْنِ، بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ، يطَأ [بقدميه] جَمِيعًا، لَيْسَ لَهُ أَخْمص، يقبل جَمِيعًا وَيُدبر جَمِيعًا، لم أر مثله قبل وَلَا بعد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا [حبَان]- يَعْنِي: ابْن هِلَال - ثَنَا حَمَّاد ابْن سَلمَة، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن مُحَمَّد بن عَليّ، عَن أَبِيه، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضخم الرَّأْس، عَظِيم الْعَينَيْنِ، أهدب الأشفار، كث اللِّحْيَة، أَزْهَر اللَّوْن، إِذا مَشى تكفأ كَأَنَّمَا يمشي فِي صعد، وَإِذا الْتفت الْتفت جَمِيعًا، شثن الْكَفَّيْنِ والقدمين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن / سماك، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضليع الْفَم، أشكل الْعَينَيْنِ، منهوس الْعقب ".(4/313)
قَالَ شُعْبَة: قلت لسماك: مَا ضليع الْفَم؟ قَالَ: وَاسع الْفَم. قلت: مَا أشكل الْعَينَيْنِ؟ قَالَ: طَوِيل شقّ الْعَينَيْنِ. قَالَ: قلت: مَا منهوس الْعقب؟ قَالَ: قَلِيل اللَّحْم.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن [هَوْذَة] بن خَليفَة قَالَ: حَدثنَا عَوْف، عَن يزِيد الْفَارِسِي قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النّوم [زمن] ابْن عَبَّاس على الْبَصْرَة، فَقلت لِابْنِ عَبَّاس: إِنِّي قد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النّوم. فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: إِن الشَّيْطَان لَا يَسْتَطِيع أَن يتشبه بِي فَمن رَآنِي فِي النّوم فقد رَآنِي. فَهَل تَسْتَطِيع أَن تنْعَت لنا هَذَا الرجل الَّذِي رَأَيْت؟ قلت: نعم، أَنعَت لَك رجلا بَين الرجلَيْن، جِسْمه ولحمه أسمر إِلَى الْبيَاض، حسن المضحك، أكحل الْعَينَيْنِ، جميل دوائر الْوَجْه، قد مَلَأت لحيته من لدن هَذِه إِلَى هَذِه. وَأَشَارَ بيدَيْهِ إِلَى صدغيه - قَالَ عَوْف: وَلَا أَدْرِي مَا كَانَ من هَذَا النَّعْت - قَالَ ابْن عَبَّاس: فَلَو رَأَيْته فِي الْيَقَظَة مَا اسْتَطَعْت أَن تنعته فَوق هَذَا ".
يزِيد الْفَارِسِي: هُوَ يزِيد بن هُرْمُز.
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " مَا رَأَيْت من ذِي [لمة] أحسن فِي حلَّة حَمْرَاء(4/314)
من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، شعره يضْرب مَنْكِبَيْه، بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ، لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير ".
قَالَ أَبُو كريب: " لَهُ شعر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا إِسْمَاعِيل - هُوَ ابْن علية - أبنا حميد، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " كَانَ شعر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عبيد الله، عَن إِسْرَائِيل، عَن سماك، أَنه سمع جَابِرا يَقُول: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد شمط مقدم رَأسه ولحيته، فَإِذا ادهن ثمَّ تمشط لم يتَبَيَّن، وَإِذا شعث رَأسه تبين، وَكَانَ كثير شعر اللِّحْيَة، فَقَالَ رجل: وَجهه مثل السَّيْف؟ فَقَالَ: لَا بل كَانَ مثل الشَّمْس وَالْقَمَر مستديرا، وَرَأَيْت الْخَاتم عِنْد / كَتفيهِ مثل بَيْضَة الْحَمَامَة يشبه جسده ".
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، ثَنَا أبي، أبنا الْمثنى بن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " يكره أَن ينتف الرجل الشعرة الْبَيْضَاء من رَأسه ولحيته. قَالَ: وَلم (يخضب) رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا كَانَ الْبيَاض فِي عنفقته، وَفِي الصدغين، وَفِي (رَأس) نبذة ".(4/315)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد الصَّمد، ثَنَا الْمثنى، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن يخضب، إِنَّمَا كَانَ الشمط عِنْد العنفقة يَسِيرا، وَفِي الصدغين يَسِيرا، وَفِي الرَّأْس يَسِيرا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن بكار بن الريان، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن ابْن سِيرِين قَالَ: " سَأَلت أنس بن مَالك: هَل كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخضب؟ فَقَالَ: لم يبلغ الخضاب، [كَانَ] فِي لحيته شَعرَات بيض. قَالَ: فَقلت لَهُ: فَكَانَ أَبُو بكر يخضب؟ قَالَ: فَقَالَ: نعم بِالْحِنَّاءِ والكتم ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الْعَتكِي، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا ثَابت قَالَ: " سُئِلَ أنس ابْن مَالك عَن خضاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَو شِئْت أَن أعد شمطات كن فِي رَأسه فعلت. قَالَ: وَلم يختضب، وَقد اختضب أَبُو بكر بِالْحِنَّاءِ والكتم، واختضب عمر بِالْحِنَّاءِ بحتا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، أبنا شُعْبَة، عَن خُلَيْد بن جَعْفَر، سمع أَبَا إِيَاس، عَن أنس " أَنه سُئِلَ عَن شيب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: مَا شانه الله ببيضاء ".
مُسلم: حَدثنِي حَامِد بن عمر البكراوي، ثَنَا عبد الْوَاحِد - يَعْنِي ابْن زِيَاد - ثَنَا عَاصِم، عَن عبد الله بن سرجس قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأكلت مَعَه خبْزًا وَلَحْمًا - أَو قَالَ: ثريدا - فَقلت لَهُ: أسْتَغْفر لَك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: نعم وَلَك. ثمَّ تَلا(4/316)
هَذِه الْآيَة {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ: ثمَّ [درت] خَلفه، فَنَظَرت إِلَى خَاتم النُّبُوَّة بَين كَتفيهِ، عِنْد ناغض كتفه الْيُسْرَى جمعا، عَلَيْهِ خيلان كأمثال الثآليل ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَمُحَمّد بن عباد قَالَا: ثَنَا حَاتِم - وَهُوَ ابْن إِسْمَاعِيل - عَن الْجَعْد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: سَمِعت السَّائِب بن يزِيد يَقُول: " ذهبت بِي خَالَتِي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن ابْن أُخْتِي وجع. فَمسح رَأْسِي، ودعا لي بِالْبركَةِ، ثمَّ تَوَضَّأ، فَشَرِبت من وضوئِهِ، / ثمَّ قُمْت خلف ظَهره فَنَظَرت إِلَى خَاتمه بَين كَتفيهِ مثل زر الحجلة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سعيد بن يَعْقُوب الطَّالقَانِي، ثَنَا أَيُّوب [بن] جَابر، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " كَانَ خَاتم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي الَّذِي بَين كَتفيهِ - غُدَّة [حَمْرَاء] مثل بَيْضَة الْحَمَامَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا هَاشم - يَعْنِي: ابْن الْقَاسِم - عَن سُلَيْمَان -(4/317)
وَهُوَ ابْن بِلَال - عَن ثَابت، قَالَ أنس: " مَا شممت (عنبرة) قطّ، وَلَا مسكا أطيب من ريح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا مسست شَيْئا قطّ ديباجا وَلَا حَرِيرًا [أَلين] من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن صَخْر الدَّارمِيّ، حَدثنَا [حبَان] ، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا ثَابت، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَزْهَر اللَّوْن، كَأَن عرقه اللُّؤْلُؤ، إِذا مَشى تكفأ، وَمَا مسست ديباجة وَلَا حَرِيرًا [أَلين] من كف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا شممت مسكا وَلَا عنبرة أطيب من رَائِحَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحسن بن مَنْصُور، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، أبنا شُعْبَة، عَن عون بن أبي جحفية، عَن أَبِيه قَالَ: " قَامَ النَّاس فَجعلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فيمسحون بهما وُجُوههم. قَالَ: فَأخذت بِيَدِهِ فَوَضَعتهَا على وَجْهي فَإِذا هِيَ أبرد من الثَّلج وَأطيب رَائِحَة من الْمسك " مُخْتَصر.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا وهيب، ثَنَا(4/318)
[أَيُّوب] ، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس، عَن أم سليم " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَأْتِيهَا فيقيل عِنْدهَا فتبسط لَهُ نطعا، فيقيل عَلَيْهِ، وَكَانَ كثير الْعرق، فَكَانَت تجمع عرقه فتجعله فِي الطّيب والقوارير، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أم سليم، مَا هَذَا؟ قلت: عرقك أدوف بِهِ طيبي ".
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لمُسلم - رَحمَه الله -: " نرجو بركته لصبياننا. قَالَ: أصبت ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن رَافع، عَن حجين بن الْمثنى، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس.
بَاب
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن شُعَيْب بن عبد الله بن عَمْرو، عَن أَبِيه قَالَ: " مَا رئي رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْكُل مُتكئا قطّ وَلَا يطَأ عقبه رجلَانِ ".
قَالَ البُخَارِيّ: شُعَيْب بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، سمع عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، سمع مِنْهُ ابْنه عَمْرو. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم:(4/319)
شُعَيْب بن عبد الله بن عَمْرو، روى [عَنهُ] ابْنه وثابت الْبنانِيّ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، ثَنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا أَبُو عوَانَة، ثَنَا الْأسود بن قيس، عَن نُبيح، عَن جَابر بن عبد الله فِي حَدِيثه الطَّوِيل الَّذِي ذكر فِيهِ دُخُول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيته، قَالَ: فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَامَ أَصْحَابه فَخَرجُوا بَين يَدَيْهِ وَكَانَ يَقُول: خلوا ظَهْري للْمَلَائكَة ".
قَالَ: وَحدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد بن الْأَصْبَهَانِيّ، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن الْأسود بن قيس، عَن نُبيح الْعَنزي، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا خرج من منزله مَشى أَصْحَابه أَمَامه وخلوا خَلفه للْمَلَائكَة ".
بَاب الِاخْتِلَاف فِي سنّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكم أَقَامَ بِمَكَّة وَالْمَدينَة
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا بشر بن الْمفضل، ثَنَا خَالِد الْحذاء، أبنا عمار مولى بني هَاشم قَالَ: ثَنَا ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توفّي وَهُوَ ابْن خمس وَسِتِّينَ ".(4/320)
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: قَالَ البُخَارِيّ: لم يُتَابع عمار على هَذَا الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو غَسَّان الرَّازِيّ مُحَمَّد بن عَمْرو، ثَنَا حكام بن سلم، ثَنَا عُثْمَان بن زَائِدَة، عَن الزبير بن عدي، عَن أنس قَالَ: قبض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَأَبُو بكر وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَعمر وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة قَالَ: سَمِعت أَبَا إِسْحَاق، يحدث عَن عَامر بن سعد البَجلِيّ، عَن جرير أَنه سمع مُعَاوِيَة - رَضِي الله عَنهُ - يخْطب فَقَالَ: " مَاتَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَأَبُو بكر وَعمر وَأَنا ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أبنا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن / عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توفّي وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة ".
قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب مثله.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق،(4/321)
حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " مكث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة سنة، وَتُوفِّي وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقَامَ بِمَكَّة عشر سِنِين وبالمدينة عشر سِنِين، وتوفاه الله على رَأس سِتِّينَ سنة ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن يزِيد، ثَنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، عَن نَافِع بن يزِيد، حَدثنِي ابْن غزيَّة - يَعْنِي: عمَارَة - عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان، أَن أمه فَاطِمَة ابْنة الْحُسَيْن حدثته، أَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - كَانَت تَقول: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لفاطمة ابْنَته - رَضِي الله عَنْهَا - فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ مِمَّا سَارهَا بِهِ وأخبرت بِهِ عَائِشَة بعد وَفَاته قَالَت عَائِشَة: أَخْبَرتنِي أَنه أخْبرهَا أَنه لم يكن نَبِي كَانَ بعده نَبِي إِلَّا عَاشَ نصف عمر الَّذِي كَانَ قبله. وَأَخْبرنِي أَن عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَاشَ عشْرين وَمِائَة سنة لَا أَرَانِي إِلَّا ذَاهِبًا على سِتِّينَ ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا روح، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عمار بن أبي عمار، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " [أَقَامَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة خمس عشرَة سنة، يسمع الصَّوْت وَيرى الضَّوْء سبع سِنِين وَلَا يرى شَيْئا،(4/322)
و (ثَمَانِي) سِنِين يُوحى إِلَيْهِ، وَأقَام بِالْمَدِينَةِ عشرا ".
وَلمُسلم فِي لفظ آخر عَن ابْن عَبَّاس: " لبث بِمَكَّة خمس عشرَة سنة يَأْمَن وَيخَاف ".
وَلمُسلم: أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس: " أَنه أَقَامَ بِمَكَّة [ثَلَاث] عشرَة سنة ".
رَوَاهُ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَن روح بن عبَادَة، عَن زَكَرِيَّا، عَن عَمْرو ابْن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ.
بَاب أَسمَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، سمع مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه / أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَنا مُحَمَّد، وَأَنا أَحْمد، وَأَنا الماحي الَّذِي يمحى بِي الْكفْر، وَأَنا الحاشر الَّذِي يحْشر النَّاس على عَقبي، وَأَنا العاقب، وَالْعَاقِب الَّذِي لَيْسَ بعده نَبِي ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن عَمْرو ابْن مرّة، عَن أبي عُبَيْدَة، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُسَمِّي لنا نَفسه أَسمَاء فَقَالَ: أَنا مُحَمَّد، وَأحمد، والمقفي، والحاشر، وَنَبِي التَّوْبَة، وَنَبِي الرَّحْمَة ".(4/323)
بَاب الْخِصَال الَّتِي فضل بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا الْوَلِيد - وَهُوَ ابْن مُسلم - عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن أبي عمار، عَن عبد الله [بن] فروخ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا سيد ولد آدم، وَأول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض، وَأول شَافِع، وَأول مُشَفع ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا [مُعَاوِيَة] بن هِشَام، عَن سُفْيَان، عَن مُخْتَار بن فلفل قَالَ: قَالَ أنس بن مَالك: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا أَكثر (النَّاس) تبعا يَوْم الْقِيَامَة، وَأَنا أول من يقرع بَاب الْجنَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد وَعَطَاء بن يزِيد، أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهما، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَذكر الْحَشْر وَوضع الصِّرَاط قَالَ: وَيضْرب جسر جَهَنَّم فَأَكُون أول من [يُجِيز] ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، أبنا غنْدر، عَن شُعْبَة.(4/324)
وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن الحكم، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن دَاوُد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَتَت الصِّبَا الشمَال لَيْلَة الْأَحْزَاب فَقَالَت: مري حَتَّى ننصر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَت الشمَال: إِن الْحرَّة لَا تسري بِاللَّيْلِ، فَكَانَت الرّيح الَّتِي نصر بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصِّبَا ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أخبرنَا ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن أبي يُونُس مولى أبي هُرَيْرَة، أَنه حَدثهُ عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " نصرت بِالرُّعْبِ على الْعَدو، وَأُوتِيت / جَوَامِع الْكَلم، وبينما أَنا نَائِم أتيت بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض فَوضعت فِي يَدي ".
عبد بن حميد: أخبرنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي بردة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَعْطَيْت خمْسا لم تعط نَبيا كَانَ قبلي، بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود، ونصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر، وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا، وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لنَبِيّ كَانَ قبلي، وَأعْطيت الشَّفَاعَة، وَإنَّهُ لَيْسَ من نَبِي إِلَّا قد سَأَلَ الشَّفَاعَة، وَإِنِّي أخرت شَفَاعَتِي ثمَّ جَعلتهَا لمن مَاتَ من أمتِي لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يحيى بن أبي بكير، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة، أَنه سمع عَليّ بن أبي طَالب يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من الْأَنْبِيَاء، نصرت بِالرُّعْبِ، وَأعْطيت مَفَاتِيح الأَرْض، وَسميت أَحْمد، وَجعل التُّرَاب لي(4/325)
طهُورا، وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فضلنَا على النَّاس بِثَلَاث: جعلت صُفُوفنَا كَصُفُوف الْمَلَائِكَة، وَجعلت لنا الأَرْض كلهَا مَسْجِدا، وَجعلت لنا تربَتهَا طهُورا إِذا لم نجد المَاء، وَأُوتِيت هَذِه الْآيَات من (بَيت) كنز تَحت الْعَرْش من آخر سُورَة الْبَقَرَة، لم يُعْط مِنْهُ أحد كَانَ قبلي، وَلَا يعْطى مِنْهُ أحد كَانَ بعدِي ".
بَاب هِجْرَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " لم أَعقل أَبَوي قطّ إِلَّا وهما يدينان الدَّين، وَلم يمر علينا يَوْم إِلَّا يأتينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طرفِي النَّهَار: بكرَة وَعَشِيَّة، فَمَا ابْتُلِيَ الْمُسلمُونَ خرج أَبُو بكر مُهَاجرا نَحْو أَرض الْحَبَشَة، حَتَّى إِذا بلغ برك الغماد لقِيه ابْن الدغنة - وَهُوَ سيد القارة - فَقَالَ أَيْن تُرِيدُ يَا أَبَا بكر؟ فَقَالَ أَبُو بكر: أخرجني قومِي فَأُرِيد أَن أسيح فِي الأَرْض وأعبد رَبِّي. فَقَالَ ابْن الدغنة: فَإِن مثلك يَا أَبَا بكر لَا يخرج وَلَا يُخرج، إِنَّك تكسب / الْمَعْدُوم، وَتصل الرَّحِم، وَتحمل الْكل، وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق. فَأَنا لَك جَار، ارْجع واعبد رَبك ببلدك. فَرجع وارتحل مَعَه ابْن الدغنة، فَطَافَ ابْن الدغنة عَشِيَّة على أَشْرَاف قُرَيْش فَقَالَ: إِن أَبَا بكر لَا يَخرج مثله وَلَا يُخرج، أتخرجون رجلا يكْسب الْمَعْدُوم، وَيحمل الْكل، ويصل الرَّحِم، ويقري الضَّيْف، ويعين على نَوَائِب الْحق؟ فَلم تكذب قُرَيْش [بجوار] ابْن الدغنة، وَقَالُوا لِابْنِ الدغنة: مر أَبَا بكر(4/326)
فليعبد ربه فِي دَاره، وَليصل بهَا وليقرأ مَا شَاءَ، وَلَا يؤذينا بذلك لَا يستعلن بِهِ، فَإنَّا نخشى أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. فَقَالَ ذَلِك ابْن الدغنة لأبي بكر، فَلبث أَبُو بكر بذلك يعبد ربه فِي دَاره وَلَا يستعلن بِصَلَاتِهِ وَلَا يقْرَأ فِي غير دَاره. ثمَّ بدا لأبي بكر فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيقْرَأ الْقُرْآن فيتقذف عَلَيْهِ نسَاء الْمُشْركين وأبناؤهم يعْجبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بكر رجلا بكاء لَا يملك عَيْنَيْهِ إِذا قَرَأَ الْقُرْآن، وأفزع ذَلِك أَشْرَاف كفار قُرَيْش من الْمُشْركين، فأرسلوا إِلَى ابْن الدغنة فَقدم عَلَيْهِم فَقَالُوا: إِن كُنَّا أجرنا أَبَا بكر بجوارك على أَن يعبد ربه فِي دَاره، فقد جَاوز ذَلِك فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره فأعلن بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَة فِيهِ، وَإِنَّا قد خشينا أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فانهه، فَإِن فَإِن أحب أَن يقْتَصر على أَن يعبد ربه فِي دَاره فعل، وَإِن أَبى إِلَّا [أَن] يعلن بذلك فسله أَن يرد إِلَيْك ذِمَّتك، فَإنَّا قد كرهنا أَن نخفرك، ولسنا بمقرين لأبي بكر الاستعلان. قَالَت عَائِشَة: فَأتى ابْن الدغنة إِلَى أبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: قد علمت الَّذِي (عاقدتك) عَلَيْهِ، فإمَّا أَن تقتصر على ذَلِك وَإِمَّا أَن ترجع إِلَيّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أحب أَن تسمع الْعَرَب أَنِّي أخفرت فِي رجل عاقدت لَهُ. فَقَالَ أَبُو بكر: فَإِنِّي أرد إِلَيْك جوارك، وأرضى بجوار الله - عز وَجل - وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمئِذٍ بِمَكَّة. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للْمُسلمين: إِنِّي رَأَيْت دَار هجرتكم ذَات نخل بَين لابتين، وهما الحرتان. فَهَاجَرَ من هَاجر قبل الْمَدِينَة وَرجع عَامَّة من كَانَ هَاجر بِأَرْض الْحَبَشَة إِلَى الْمَدِينَة، وتجهز أَبُو بكر قبل الْمَدِينَة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: على رسلك، فَإِنِّي أَرْجُو أَن يُؤذن لي. فَقَالَ أَبُو بكر: وَهل ترجو ذَلِك بِأبي / أَنْت؟ قَالَ: نعم. فحبس أَبُو بكر نَفسه على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليصحبه (وعلف راحلتين) كَانَتَا عِنْده ورق السمر - وَهُوَ الْخبط - أَرْبَعَة أشهر - قَالَ ابْن شهَاب: قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: - فَبَيْنَمَا نَحن يَوْمًا جُلُوس فِي(4/327)
بَيت أبي بكر فِي نحر الظهيرة قَالَ قَائِل لأبي بكر: هَذَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - متقنعا فِي سَاعَة لم يكن يأتينا فِيهَا. فَقَالَ أَبُو بكر: فدى لَهُ أبي وَأمي، وَالله مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِه السَّاعَة إِلَّا أَمر. قَالَت: فجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاسْتَأْذن، فَأذن لَهُ فَدخل فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأبي بكر: أخرج من عنْدك. فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هم أهلك بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِنِّي قد أذن لي فِي الْخُرُوج. فَقَالَ أَبُو بكر: الصَّحَابَة بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم. قَالَ أَبُو بكر: فَخذ بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله إِحْدَى رَاحِلَتي هَاتين. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بِالثّمن. قَالَت عَائِشَة: فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لَهما سفرة فِي جراب، فَقطعت أَسمَاء بنت أبي بكر قِطْعَة من نطاقها فَربطت بِهِ على فَم الجراب، فبذلك سميت ذَات النطاقين. قَالَت: ثمَّ لحق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر بِغَار فِي جبل ثَوْر، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاث لَيَال، يبيت عِنْدهمَا عبد الله بن أبي بكر وَهُوَ غُلَام شَاب ثقف لقن فيدلج من عِنْدهمَا بِسحر، فَيُصْبِح مَعَ قُرَيْش بِمَكَّة كبائت، فَلَا يسمع أمرا يكتادان بِهِ إِلَّا وعاه حَتَّى يأتيهما بِخَبَر ذَلِك حِين يخْتَلط الظلام، ويرعى عَلَيْهِمَا عَامر بن فهَيْرَة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها [عَلَيْهِ] حَتَّى يذهب من الْعشَاء، فيبيتان فِي رسل وَهُوَ لبن منحتهما ورضيفهما حَتَّى ينعق بهم عَامر بِغَلَس، يفعل ذَلِك فِي كل لَيْلَة من تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاث، واستأجر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر رجلا من بني الديل وَهُوَ من بني عبد بن عدي هاديا خريتا - والخريت الماهر بالهداية - قد غمس حلفا فِي آل الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي وَهُوَ على دين كفار قُرَيْش، فأمناه، فدفعا إِلَيْهِ راحلتيهما، ووعداه غَار ثَوْر بعد ثَلَاث لَيَال براحلتيهما صبح ثَلَاث، وَانْطَلق مَعَهُمَا عَامر بن فهَيْرَة وَالدَّلِيل، فَأخذ بهما طَرِيق السواحل ".
قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن مَالك [المدلجي ابْن أخي سراقَة(4/328)
ابْن مَالك] بن [جعْشم] ، أَن أَبَاهُ أخبرهُ، أَنه سمع سراقَة بن [جعْشم] يَقُول: " جَاءَنَا رسل قُرَيْش يجْعَلُونَ فِي رَسُول / الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر دِيَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لمن قَتله أَو أسره، فَبَيْنَمَا أَنا جَالس فِي مجْلِس من مجَالِس قومِي بني مُدْلِج أقبل رجل مِنْهُم حَتَّى قَامَ علينا وَنحن جُلُوس فَقَالَ: يَا سراقَة، إِنِّي قد رَأَيْت آنِفا أَسْوِدَة بالسَّاحل أراهما مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه. قَالَ سراقَة: فَعرفت أَنهم هم، فَقلت لَهُم: إِنَّهُم لَيْسُوا بهم، وَلَكِنَّك رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا انْطَلقُوا بأعيننا. ثمَّ لَبِثت فِي الْمجْلس سَاعَة، ثمَّ قُمْت فَدخلت فَأمرت جاريتي أَن تخرج بفرسي وَهِي من وَرَاء أكمة فتحبسها عَليّ [وَأخذت] رُمْحِي فَخرجت بِهِ من ظهر الْبَيْت فخططت بزجه الأَرْض، وخفضت عاليه، حَتَّى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بِي، حَتَّى دَنَوْت مِنْهُم، وعثرت بِي فرسي، فَخَرَرْت عَنْهَا، فَقُمْت فَأَهْوَيْت بيَدي إِلَى كِنَانَتِي فاستخرجت مِنْهَا الأزلام، فاستقسمت بهَا: أضرهم أم لَا؟ فَخرج الَّذِي أكره، فركبت فرسي - وعصيت الأزلام - تقرب بِي حَتَّى سَمِعت قِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ لَا يلْتَفت، وَأَبُو بكر يكثر الِالْتِفَات، ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض، حَتَّى بلغتا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْت عَنْهَا، ثمَّ زجرتها فَنَهَضت، فَلم تكد تخرج يَديهَا، فَلَمَّا اسْتَوَت قَائِمَة إِذا لأثر يَديهَا غُبَار سَاطِع فِي السَّمَاء مثل الدُّخان، فاستقسمت بالأزلام فَخرج الَّذِي أكره فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسي حَتَّى جئتهم وَوَقع فِي نَفسِي حِين لقِيت مَا لقِيت من الْحَبْس عَنْهُم أَن سَيظْهر أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقلت: إِن قَوْمك قد جعلُوا فِيك الدِّيَة، وَأَخْبَرتهمْ أَخْبَار مَا يُرِيد النَّاس بهم، وَعرضت عَلَيْهِم الزَّاد وَالْمَتَاع، فَلم يرزآني، وَلم يسألاني إِلَّا أَن قَالَا: أخف عَنَّا. فَسَأَلته أَن يكْتب لي كتاب أَمن، فَأمر عَامر بن فهَيْرَة فَكتب فِي رقْعَة من أَدَم، ثمَّ مضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَقِي الزبير فِي(4/329)
ركب من الْمُسلمين كَانُوا تجارًا قافلين من الشَّام، فكسا الزبير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر ثِيَاب بَيَاض وَسمع الْمُسلمُونَ بِالْمَدِينَةِ بمخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مَكَّة، فَكَانُوا يَغْدُونَ كل غَدَاة إِلَى الْحرَّة فينظرونهم حَتَّى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يَوْمًا بعد مَا أطالوا انتظارهم، فَلَمَّا أووا إِلَى بُيُوتهم أوفى رجل من يهود على أَطَم من آطامهم / لأمر ينظر إِلَيْهِ فَبَصر برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه مبيضين يَزُول بهم السراب فَلم يملك الْيَهُودِيّ أَن قَالَ بِأَعْلَى صَوته: يَا معشر الْعَرَب، هَذَا جدكم الَّذِي تنتظرون. فثار الْمُسلمُونَ إِلَى السِّلَاح فتلقوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِظهْر الْحرَّة فَعدل بهم ذَات الْيَمين حَتَّى نزل بهم فِي بني عَمْرو بن عَوْف، وَذَلِكَ يَوْم الِاثْنَيْنِ من شهر ربيع الأول، فَقَامَ أَبُو بكر للنَّاس وَجلسَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صامتا، فَطَفِقَ من جَاءَ من الْأَنْصَار مِمَّن لم ير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[يحيي أَبَا بكر، حَتَّى أَصَابَت الشَّمْس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] فَأقبل أَبُو بكر حَتَّى ظلل عَلَيْهِ بردائه، فَعرف النَّاس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد ذَلِك، فَلبث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بني عَمْرو بن عَوْف بضع عشرَة لَيْلَة، وَأسسَ الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى وَصلى فِيهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ ركب دَابَّته فَسَار يمشي مَعَه النَّاس حَتَّى بَركت عِنْد مَسْجِد الرَّسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُصَلِّي يَوْمئِذٍ فِيهِ رجال من الْمُسلمين، وَكَانَ مربدا للتمر لسهيل وَسَهل غلامين يتيمين فِي حجر ابْن زُرَارَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين بَركت رَاحِلَته: هَذَا إِن شَاءَ الله الْمنزل. ثمَّ دَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مَسْجِدا فَقَالَا: بل نهبه لَك يَا رَسُول الله. ثمَّ بناه مَسْجِدا وطفق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْقل مَعَهم اللَّبن وَيَقُول وَهُوَ ينْقل اللَّبن: % (هَذَا الْحمال لَا حمال خَيْبَر % هَذَا أبر رَبنَا وأطهر) %
وَيَقُول: % (اللَّهُمَّ إِن الْأجر أجر الْآخِرَه % فَارْحَمْ الْأَنْصَار والمهاجره) %
فتمثل بِشعر رجل من الْمُسلمين لم يسم لي ".(4/330)
قَالَ ابْن شهَاب: وَلم يبلغنَا فِي الْأَحَادِيث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تمثل بِبَيْت شعر تَامّ غير هَذِه الأبيات.
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد، ثَنَا عبد الصَّمد، حَدثنِي أبي، ثَنَا عبد الْعَزِيز ابْن صُهَيْب، ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ: " أقبل نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَة وَهُوَ مردف أَبَا بكر، وَأَبُو بكر شيخ يعرف وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَاب لَا يعرف، قَالَ: فَيلقى الرجل أَبَا بكر فَيَقُول: / يَا أَبَا بكر، من هَذَا الرجل الَّذِي بَين يَديك؟ قَالَ: فَيَقُول: هَذَا الَّذِي يهديني السَّبِيل. قَالَ فيحسب الحاسب أَنه إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيق، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيل الْخَيْر، والتفت أَبُو بكر فَإِذا هُوَ بِفَارِس قد لحقهم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذَا فَارس قد لحق بِنَا. فَالْتَفت نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: اللَّهُمَّ اصرعه. فصرعه فرسه ثمَّ قَامَت تحمحم، فَقَالَ: يَا نَبِي الله، مرني بِمَا شِئْت. فَقَالَ: قف مَكَانك، لَا تتْرك أحدا يلْحق بِنَا. قَالَ: فَكَانَ أول النَّهَار جاهدا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ آخر النَّهَار مسلحة لَهُ، فَنزل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَانب الْحرَّة، ثمَّ بعث إِلَى الْأَنْصَار فَجَاءُوا إِلَى نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر فَسَلمُوا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا: اركبا آمِنين مطاعين. فَركب نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وحفوا دونهمَا بِالسِّلَاحِ فَقيل فِي الْمَدِينَة: جَاءَ نَبِي الله، فأشرفوا ينظرُونَ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِي الله، جَاءَ نَبِي الله. فَأقبل يسير حَتَّى نزل جَانب دَار أبي أَيُّوب فَإِنَّهُ ليحدث أَهله إِذْ سمع بِهِ عبد الله بن سَلام وَهُوَ فِي نخل لأَهله يخْتَرف لَهُم فَعجل أَن يضم الَّذِي يخْتَرف لَهُم، فجَاء وَهِي مَعَه فَسمع من نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فَقَالَ نَبِي الله: أَي بيُوت أهلنا أقرب؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوب: أَنا يَا نَبِي الله، هَذِه دَاري، وَهَذَا بَابي. قَالَ: فَانْطَلق فهيئ لنا مقيلا. قَالَ: قوما على بركَة الله. فَلَمَّا جَاءَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ عبد الله بن سَلام فَقَالَ: أشهد إِنَّك رَسُول الله وَأَنَّك جِئْت بِالْحَقِّ، وَقد علمت يهود أَنِّي سيدهم وَابْن سيدهم وأعلمهم وَابْن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أَن يعلمُوا أَنِّي قد أسلمت، فَإِنَّهُم إِن يعلمُوا أَنِّي قد أسلمت قَالُوا فيّ مَا لَيْسَ فيّ. فَأرْسل نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا معشر الْيَهُود، وَيْلكُمْ اتَّقوا الله فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِنَّكُم لتعلمون أَنِّي(4/331)
رَسُول الله حَقًا وَأَنِّي جِئتُكُمْ بِحَق فأسلموا. قَالُوا: مَا نعلمهُ. قَالُوا للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: ثَلَاث مرار - قَالَ: فَأَي رجل فِيكُم عبد الله بن سَلام؟ قَالُوا: ذَاك سيدنَا وَابْن سيدنَا وَأَعْلَمنَا وَابْن أعلمنَا. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ قَالُوا: حاشا لله مَا كَانَ ليسلم. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ قَالُوا: حاشا لله مَا كَانَ ليسلم. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ قَالُوا: حاشا لله مَا كَانَ ليسلم. قَالَ: يَا ابْن سَلام، اخْرُج إِلَيْهِم. فَخرج عَلَيْهِم فَقَالَ: يَا معشر / يهود، اتَّقوا الله فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِنَّكُم لتعلمون أَنه رَسُول الله وَأَنه جَاءَ بِحَق. فَقَالُوا: كذبت: فَأخْرجهُمْ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا سَلمَة بن شبيب، حَدثنَا الْحسن بن أعين، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب يَقُول: جَاءَ أَبُو بكر الصّديق إِلَى أبي فِي منزله، فَاشْترى مِنْهُ رحلا، فَقَالَ لعازب: ابْعَثْ معي ابْنك يحملهُ إِلَى منزلي فَقَالَ لي أبي: احمله. فَحَملته، وَخرج أبي مَعَه ينْتَقد ثمنه، فَقَالَ لَهُ أبي: يَا أَبَا بكر، حَدثنِي كَيفَ صنعتما لَيْلَة سريت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: نعم أسرينا ليلتنا كلهَا حَتَّى قَامَ قَائِم الظهيرة، وخلا الطَّرِيق، فَلَا يمر مِنْهُ أحد حَتَّى رفعت لنا صَخْرَة طَوِيلَة لَهَا ظلّ لم تأت عَلَيْهِ الشَّمْس بعد، فنزلنا عِنْدهَا، فَأتيت الصَّخْرَة، فسويت بيَدي مَكَانا ينَام فِيهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ظلها، ثمَّ بسطت عَلَيْهِ فَرْوَة، ثمَّ قلت: نم يَا رَسُول الله، وَأَنا أنفض لَك مَا حولك، فَنَامَ وَخرجت أنفض حوله، فَإِذا أَنا براعي يرْعَى [غنما] مقبل بغنمه إِلَى الصَّخْرَة يُرِيد مِنْهَا الَّذِي أردنَا، فَلَقِيته فَقلت: لمن أَنْت يَا غُلَام؟ قَالَ: لرجل من أهل الْمَدِينَة. قلت: أَفِي غنمك لبن؟ قَالَ: نعم قلت: أفتحلب لي؟ قَالَ: نعم. فَأخذ شَاة، فَقلت: انفض الضَّرع من الشّعْر وَالتُّرَاب والقذى - قَالَ: فَرَأَيْت الْبَراء يضْرب بِيَدِهِ على الْأُخْرَى ينفض - فَحلبَ لي فِي قَعْب مَعَه كثبة من لبن وَمَعِي إدواة أرتوي فِيهَا للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليشْرب مِنْهَا وَيتَوَضَّأ قَالَ: فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكرهت أَن أوقظه من نَومه، فوافقته اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْت على اللَّبن من المَاء حَتَّى برد أَسْفَله، فَقلت: يَا رَسُول الله، اشرب من هَذَا(4/332)
اللَّبن. قَالَ: فَشرب حَتَّى رضيت. ثمَّ قَالَ: ألم يَأن للرحيل؟ قلت: بلَى. قَالَ: فارتحلنا بعد مَا زَالَت الشَّمْس وَاتَّبَعنَا سراقَة بن مَالك، وَنحن فِي جدد من الأَرْض، فَقلت: يَا رَسُول الله، أَتَيْنَا. فَقَالَ: لَا تحزن إِن الله مَعنا. فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فارتطمت فرسه إِلَى بَطنهَا. فَقَالَ: إِنِّي قد علمت أنكما قد دعوتما عَليّ، فَادعوا لي، فَالله لَكمَا أَن أرد عنكما الطّلب. فَدَعَا الله فنجا، فَرجع لَا يلقى أحدا إِلَّا قَالَ: قد كفيتكم مَا هَاهُنَا، فَلَا يلقى أحدا إِلَّا رده. قَالَ: ووفى لنا ".
وحدثنيه زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عُثْمَان بن عمر. وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا النَّضر / بن شُمَيْل، كِلَاهُمَا عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " اشْترى أَبُو بكر من أبي رحلا بِثَلَاثَة عشر درهما ... " وسَاق الحَدِيث بِمَعْنى حَدِيث زُهَيْر عَن أبي إِسْحَاق، وَقَالَ فِي حَدِيثه من رِوَايَة عُثْمَان بن عمر: " فَلَمَّا دنا دَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فساخ فرسه فِي الأَرْض إِلَى بَطْنه، ووثب عَنهُ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّد، قد علمت أَن هَذَا عَمَلك، فَادع الله أَن يخلصني مِمَّا أَنا فِيهِ، وَلَك عَليّ لأعمين على من ورائي، وَهَذِه كِنَانَتِي فَخذ سَهْما مِنْهَا فَإنَّك ستمر على إبلي وغلماني بمَكَان كَذَا وَكَذَا، فَخذ مِنْهَا حَاجَتك. قَالَ: لَا حَاجَة لي فِي إبلك. قَالَ: فقدمنا الْمَدِينَة لَيْلًا، فتنازعوا أَيهمْ ينزل عَلَيْهِ فَقَالَ: أنزل على بني النجار أخوال عبد الْمطلب أكْرمهم بذلك. فَصَعدَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فَوق الْبيُوت و [تفرق] الغلمان والخدم فِي الطّرق ينادون: يَا مُحَمَّد يَا رَسُول الله، يَا مُحَمَّد يَا رَسُول الله ".
روى أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا حوثرة بن مُحَمَّد الْمنْقري، ثَنَا عَمْرو بن مُحَمَّد الْعَنْقَزِي، حَدثنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء، عَن أبي بكر الصّديق فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: " فَقلت: هَذَا الطّلب قد لحقنا يَا رَسُول الله. قَالَ: وبكيت قَالَ: وَلم تبْكي؟ قلت: [أما] وَالله مَا على نَفسِي أبْكِي، وَلَكِن أبْكِي(4/333)
عَلَيْك، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ اكفناه. فساخت فرسه فِي الأَرْض إِلَى بَطنهَا ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن شُعَيْب، أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن حَمَّاد، حَدثنِي الوضاح أَبُو عوَانَة، ثَنَا أَبُو بلج - هُوَ يحيى بن أبي سليم - ثَنَا عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: " إِنِّي لجالس إِلَى ابْن عَبَّاس إِذْ أَتَاهُ تِسْعَة رَهْط فَسَأَلُوهُ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: كَانَ أول من أسلم من النَّاس بعد خَدِيجَة، وَلبس ثوب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ونام، فَجعل الْمُشْركُونَ يرْمونَ كَمَا يرْمونَ رَسُول الله وَيَحْسبُونَ أَنه نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فجَاء أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: يَا نَبِي الله. فَقَالَ عَليّ: إِن نَبِي الله قد ذهب نَحْو بِئْر مَيْمُون فَاتبعهُ. فَدخل مَعَه الْغَار، وَكَانَ الْمُشْركُونَ يرْمونَ عليا - رَضِي الله عَنهُ - حَتَّى أصبح ".
قَالَ: وَحدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، ثَنَا يحيى بن عبد الحميد، ثَنَا أَبُو عوَانَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " قَالَ لي عَليّ: لما انْطلق - يَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / لَيْلَة الْغَار فأنامه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَكَانَهُ وَألبسهُ برده، فَجَاءَت قُرَيْش تُرِيدُ أَن تقتل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعلُوا يرْمونَ عليا وهم يرَوْنَ أَنه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد ألبسهُ برده، فَجعل عَليّ يتضور فنظروا فَإِذا هُوَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالُوا: إِنَّه لنائم لَو كَانَ صَاحبك لم يتضور لقد استنكرنا ذَلِك ".
بَاب ذكر مرض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ووفاته
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مخلد، [عَن] عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه " أَن أم مُبشر قَالَت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: مَا يتهم بك يَا رَسُول الله؟ فَإِنِّي لَا أتهم بِابْني إِلَّا الشَّاة المسمومة الَّتِي أكل مَعَك بِخَيْبَر. قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَأَنا لَا أتهم نَفسِي إِلَّا ذَلِك فَهَذَا أَوَان قطع أَبْهَري ".
أَبُو دَاوُد: رُبمَا حدث عبد الرَّزَّاق بِهَذَا الحَدِيث مُرْسلا عَن معمر، عَن(4/334)
الزُّهْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرُبمَا حدث بِهِ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب ابْن مَالك. وَذكر عبد الرَّزَّاق أَن معمرا كَانَ يُحَدِّثهُمْ بِالْحَدِيثِ مرّة مُرْسلا فيكتبونه، ويحدثهم بِهِ مرّة فيسنده فيكتبونه، وكل صَحِيح عندنَا. قَالَ عبد الرَّزَّاق: فَلَمَّا قدم ابْن الْمُبَارك على معمر أسْند لَهُ معمر أَحَادِيث كَانَ يوقفها.
هَذَا لِأَحْمَد بن سعيد.
البُخَارِيّ: وَقَالَ يُونُس: عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَة، مَا أَزَال أجد ألم الطَّعَام الَّذِي أكلت بِخَيْبَر، فَهَذَا أَوَان وجدت انْقِطَاع أَبْهَري من ذَلِك السم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام الطرسوسي، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن صَالح بن كيسَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَ: " دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْيَوْم الَّذِي بُدِئَ فِيهِ. فَقلت: وارأساه. فَقَالَ: وددت أَن ذَلِك كَانَ وَأَنا حَيّ فهيأتك ودفنتك. فَقلت (غيْرَى) : كَأَنِّي بك ذَلِك الْيَوْم عروسا بِبَعْض نِسَائِك. قَالَ: أَنا وارأساه، ادعِي لي أَبَاك وأخاك حَتَّى أكتب لأبي بكر كتابا، فَإِنِّي أَخَاف أَن يَقُول قَائِل ويتمنى (تأولا) ويأبى الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو يُوسُف / الصيدلاني مُحَمَّد بن أَحْمد من كِتَابه، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن يَعْقُوب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله ابْن عبد الله، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة قَالَت: " رَجَعَ إليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم من جَنَازَة بِالبَقِيعِ وَأَنا أجد صداعا فِي رَأْسِي وَأَنا أَقُول: وارأساه. فَقَالَ:(4/335)
[بل أَنا يَا عَائِشَة وارأساه. ثمَّ قَالَ] : وَالله مَا ضرك لَو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وَصليت عَلَيْك ثمَّ دفنتك. قلت: لكَأَنِّي بك وَالله لَو فعلت ذَلِك لقد رجعت إِلَى بَيْتِي وأعرست فِيهِ بِبَعْض نِسَائِك. فَتَبَسَّمَ الله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ (بَدَأَ) بوجعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا عبد الله بن نمير، عَن زَكَرِيَّا.
وَحدثنَا ابْن نمير [ثَنَا أبي] ثَنَا زَكَرِيَّا، عَن فراس، عَن عَامر، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " [اجْتمع] نسَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يُغَادر مِنْهُنَّ امْرَأَة، فَجَاءَت فَاطِمَة تمشي كَأَن مشيتهَا [مشْيَة] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، [فَقَالَ] : مرْحَبًا بِابْنَتي. فأجلسها عَن يَمِينه أَو عَن شِمَاله، ثمَّ إِنَّه سر إِلَيْهَا حَدِيثا فَبَكَتْ فَاطِمَة - رضوَان الله عَلَيْهَا - ثمَّ إِنَّه سَارهَا فَضَحكت أَيْضا، فَقلت لَهَا: مَا يبكيك؟ قَالَت: مَا كنت لأفشي سر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقلت: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ فَرحا أقرب من حزن. فَقلت لَهَا حِين بَكت: أخصك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بحَديثه دُوننَا ثمَّ تبكين؟ وسألتها عَمَّا قَالَ فَقَالَت: مَا كنت لأفشي سر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. حَتَّى إِذا قبض سَأَلتهَا فَقَالَت: إِنَّه كَانَ حَدثنِي أَن جِبْرِيل كَانَ يُعَارضهُ بِالْقُرْآنِ كل عَام مرّة وَإنَّهُ عَارضه بِهِ فِي الْعَام مرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَانِي إِلَّا قد حضر أَجلي، وَإنَّك أول أَهلِي لُحُوقا بِي، وَنعم السّلف أَنا [لَك] . فَبَكَيْت لذَلِك، ثمَّ إِنَّه سَارَّنِي فَقَالَ: أَلا ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ - أَو سيدة نسَاء هَذِه الْأمة - فَضَحكت لذَلِك ".(4/336)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر بن سُوَيْد، أبنا عبد الله، عَن معمر وَيُونُس قَالَا: قَالَ الزُّهْرِيّ: وَأَخْبرنِي [عبيد الله] بن عبد الله بن عتبَة أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " لما ثقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعه، اسْتَأْذن أَزوَاجه فِي أَن يمرض فِي بَيْتِي فَأذن لَهُ، فَخرج بَين رجلَيْنِ تخط رِجْلَاهُ فِي الأَرْض، بَين عَبَّاس وَبَين رجل آخر. قَالَت عَائِشَة /: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد مَا دخل بَيتهَا وَاشْتَدَّ وَجَعه: أهريقوا عَليّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعَلي أَعهد إِلَى النَّاس. قَالَت عَائِشَة: (فأجلسانه) فِي مخضب لحفصة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ طفقنا نصب عَلَيْهِ من تِلْكَ الْقرب حَتَّى جعل يُشِير إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَن قد فَعلْتُمْ. قَالَ: ثمَّ خرج إِلَى النَّاس فصلى بهم وخطبهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قبيصَة، ثَنَا سُفْيَان.
وحَدثني بشر بن مُحَمَّد، أخبرنَا عبد الله، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا رَأَيْت أحدا الوجع عَلَيْهِ أَشد من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبيد الله قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة عَن مرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: اشْتَكَى فَجعل ينفث فَكُنَّا نشبه نفثه بنفث أكل الزَّبِيب ".(4/337)
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، أبنا بشر بن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة، حَدثنِي أبي، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبد الله بن كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ كَعْب ابْن مَالك أحد الثَّلَاثَة الَّذين تيب عَلَيْهِم - أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ " أَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - خرج من عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وَجَعه الَّذِي توفّي (مِنْهُ) فَقَالَ النَّاس: يَا أَبَا حسن، كَيفَ أصبح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: أصبح بِحَمْد الله بارئا. فَأخذ بِيَدِهِ عَبَّاس بن عبد الْمطلب فَقَالَ لَهُ: أَنْت وَالله بعد ثَلَاث عبد الْعَصَا، وَإِنِّي وَالله لأرى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سيتوفى من وَجَعه هَذَا، إِنِّي لأعرف وُجُوه بني عبد الْمطلب عِنْد الْمَوْت، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلنسأله فِيمَن هَذَا الْأَمر، إِن كَانَ فِينَا علمنَا ذَلِك، وَإِن كَانَ فِي غَيرنَا علمناه، فأوصى بِنَا. قَالَ عَليّ: إِنَّا وَالله لَئِن سَأَلنَا هَذَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فمنعناها لَا يعطيناها النَّاس بعده، وَإِنِّي وَالله لَا أسألها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن سُلَيْمَان الْأَحول، عَن سعيد ابْن جُبَير قَالَ: قَالَ إِبْنِ عَبَّاس: " يَوْم الْخَمِيس وَمَا يَوْم الْخَمِيس، اشْتَدَّ برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَعه فَقَالَ: ائْتُونِي أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْد نَبِي تنَازع، فَقَالُوا: مَا شَأْنه؟ أَهجر؟ استفهموه / فَذَهَبُوا (يرددوا) عَنهُ فَقَالَ: دَعونِي فَالَّذِي أَنا فِيهِ خير مِمَّا تدعونني إِلَيْهِ. وأوصاهم بِثَلَاث فَقَالَ: أخرجُوا الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب، وأجيزوا الْوَفْد بِنَحْوِ مَا كنت أجيزهم، وَسكت عَن الثَّالِثَة - أَو قَالَ: فنسيتها ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد، حَدثنَا عَفَّان، عَن صَخْر [بن] جوَيْرِية،(4/338)
عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " دخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا مسندته إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عبد الرَّحْمَن سواك رطب يستن بِهِ فأبده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَصَره، فَأخذت السِّوَاك فقضمته ونفضته وطيبته، ثمَّ دَفعته إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاستن بِهِ، فَمَا رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتنَّ استنانا قطّ أحسن مِنْهُ، فَمَا عدا أَن فرغ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رفع يَده أَو إصبعه ثمَّ قَالَ: فِي الرفيق الْأَعْلَى - ثَلَاثًا. ثمَّ قضى، وَكَانَت تَقول: مَاتَ بَين حاقنتي وذاقنتي ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبيد، حَدثنِي عِيسَى بن يُونُس، عَن [عمر] ابْن سعيد، أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة، أَن أَبَا عَمْرو ذكْوَان مولى عَائِشَة أخبرهُ، أَن عَائِشَة كَانَت تَقول: " إِن من نعم الله - عز وَجل - عليّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توفّي فِي بَيْتِي وَفِي يومي وَبَين سحرِي وَنَحْرِي، وَأَن الله جمع بَين ريقي وريقه عِنْد مَوته، وَدخل عَليّ عبد الرَّحْمَن وَبِيَدِهِ سواك وَأَنا مُسندَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فرأيته ينظر إِلَيْهِ، وَعرفت أَنه يحب السِّوَاك فَقلت: آخذه لَك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَن نعم، فناولته فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ وَقلت: ألينه لَك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَن نعم، فلينته فَأمره، وَبَين يَدَيْهِ ركوة - أَو علبة - يشك عمر - فِيهَا مَاء، فَجعل يدْخل يَدَيْهِ فِي المَاء فيمسح بهَا وَجهه يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله إِن للْمَوْت سَكَرَات. ثمَّ نصب يَده فَجعل يَقُول فِي الرفيق الْأَعْلَى. حَتَّى قبض ومالت يَده ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد قَالَ: قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة(4/339)
ابْن الزبير (و) رجال من أهل الْعلم أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول وَهُوَ صَحِيح: إِنَّه لم يقبض نَبِي قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده (من) الْجنَّة ثمَّ يُخَيّر. قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا نزل برَسُول / الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَأسه على فَخذي، غشي عَلَيْهِ سَاعَة، ثمَّ أَفَاق فأشخص بَصَره إِلَى السّقف، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ الرفيق الْأَعْلَى. قَالَت عَائِشَة: قلت: إِذا لَا يختارنا. قَالَت عَائِشَة: وَعرفت الحَدِيث الَّذِي كَانَ يحدثنا بِهِ وَهُوَ صَحِيح فِي قَوْله: إِنَّه لم يقبض نَبِي قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة ثمَّ يُخَيّر. قَالَت عَائِشَة: فَكَانَت تِلْكَ آخر كلمة تكلم بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ (فِي) الرفيق الْأَعْلَى ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر: ثَنَا [شُعْبَة] ، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كنت أسمع أَنه لن يَمُوت نَبِي حَتَّى يُخَيّر بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. قَالَت: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وأخذته بحة يَقُول: {مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} قَالَت: فَظَنَنْت أَنه خير حِينَئِذٍ ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا أَزْهَر قَالَ: أخبرنَا ابْن عون، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود قَالَ: " ذكر عِنْد عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أوصى إِلَى عَليّ.(4/340)
فَقَالَت: من قَالَه؟ لقد رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنِّي لمسندته إِلَى صَدْرِي، فَدَعَا بالطست فانخنث فَمَاتَ، فَمَا شَعرت، فَكيف أوصى إِلَى عَليّ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، حَدثنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة؛ أَن عَائِشَة أخْبرته: " أَن أَبَا بكر - رَضِي الله عَنهُ - أقبل على فرس من مَسْكَنه بالسنح، فَدخل الْمَسْجِد فَلم يكلم النَّاس حَتَّى دخل على عَائِشَة، فَتَيَمم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مغشى بِثَوْب حبرَة، فكشف عَن وَجهه ثمَّ أكب عَلَيْهِ فَقبله ثمَّ بَكَى ثمَّ قَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي، وَالله لَا يجمع الله عَلَيْك بَين موتتين، أما الموتة الَّتِي كتبت عَلَيْك فقد متها ".
وحَدثني أَبُو سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس " أَن أَبَا بكر خرج وَعمر بن الْخطاب يكلم النَّاس قَالَ: اجْلِسْ يَا عمر. فَأبى عمر أَن يجلس، فَأقبل النَّاس إِلَيْهِ وَتركُوا عمر فَقَالَ أَبُو بكر: أما بعد، من كَانَ مِنْكُم يعبد مُحَمَّد فَإِن مُحَمَّد قد مَاتَ، وَمن كَانَ مِنْكُم يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت قَالَ الله - عز وَجل -: {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} . وَقَالَ: وَالله لكأن النَّاس / لم يعلمُوا أَن الله أنزل هَذِه الْآيَة حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر فتلقاها مِنْهُ النَّاس كلهم، فَمَا أسمع بشرا من النَّاس إِلَّا يتلوها. فَأَخْبرنِي ابْن الْمسيب أَن عمر قَالَ: وَالله مَا هُوَ إِلَّا أَن سَمِعت أَبَا بكر تَلَاهَا فعقرت حَتَّى مَا تُقِلني رجلاي وَحَتَّى أهويت إِلَى الأَرْض حِين سمعته تَلَاهَا [علمت] أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد مَاتَ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس قَالَ: " آخر نظرة نظرتها إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كشف الستارة وَالنَّاس صُفُوف خلف(4/341)
أبي بكر، فَأَرَادَ أَبُو بكر أَن يرْتَد فَأَشَارَ إِلَيْهِم أَن امكثوا، وَأُلْقِي السجف وَتُوفِّي من آخر ذَلِك الْيَوْم، وَهُوَ يَوْم الِاثْنَيْنِ ".
البُخَارِيّ: ثَنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي سُلَيْمَان، عَن هِشَام، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " إِن كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (ليتعذر) فِي مَرضه: أَيْن أَنا الْيَوْم أَيْن أَنا غَدا؟ استبطاء ليَوْم عَائِشَة، فَلَمَّا كَانَ يومي قَبضه الله بَين سحرِي وَنَحْرِي، وَدفن فِي بَيْتِي ".
الْبَزَّار: حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، أبنا عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، عَن عبد الله بن أبي بكر، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا شعرنَا بدفن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى سمعنَا صَوت الْمساحِي من آخر اللَّيْل ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " لما ثقل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل يتغشاه فَقَالَت فَاطِمَة: واكرب أَبَاهُ. فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ على أَبِيك كرب بعد الْيَوْم. فَلَمَّا مَاتَ قَالَت: يَا أبتاه أجَاب رَبًّا دَعَاهُ، يَا أبتاه من جنَّة الفردوس مَأْوَاه، يَا أبتاه إِلَى جِبْرِيل ننعاه. فَلَمَّا دفن قَالَت فَاطِمَة - رَضِي الله عَنْهَا -: يَا أنس، طابت أَنفسكُم أَن تحثوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التُّرَاب؟ ".
بَاب
مُسلم: حَدثنِي [مُحَمَّد] بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، [أبنا معمر] ،(4/342)
عَن همام بن مُنَبّه: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليَأْتِيَن على أحدكُم يَوْم وَلَا يراني، ثمَّ لِأَن يراني أحب [إِلَيْهِ] من أَهله وَمَاله ".
بَاب ذكر إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ، أبنا عَليّ بن / مسْهر، ثَنَا الْمُخْتَار ابْن فلفل، عَن أنس قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا خير الْبَريَّة. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ذَاك إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي جرير بن حَازِم، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لم يكذب إِبْرَاهِيم النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - إِلَّا ثَلَاث كذبات، اثْنَتَيْنِ فِي ذَات الله - عز وَجل - قَوْله {إِنِّي سقيم} وَقَوله: {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} وَوَاحِدَة فِي شَأْن سارة؛ فَإِنَّهُ قدم (فِي) أَرض جَبَّار، وَمَعَهُ سارة وَكَانَت أحسن النَّاس. فَقَالَ لَهَا: إِن هَذَا الْجَبَّار إِن يعلم أَنَّك امْرَأَتي يغلبني عَلَيْك، فَإِن سَأَلَك فأخبريه أَنَّك أُخْتِي، فَإنَّك أُخْتِي فِي الْإِسْلَام، فَإِنِّي لَا أعلم فِي الأَرْض مُسلما غَيْرِي وَغَيْرك. فَلَمَّا دخل أرضه رَآهَا بعض أهل الْجَبَّار، أَتَاهُ فَقَالَ: لقد قدم أَرْضك امْرَأَة لَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تكون إِلَّا لَك. فَأرْسل إِلَيْهَا فَأتي بهَا فَقَامَ إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ(4/343)
السَّلَام - إِلَى الصَّلَاة، فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ لم يَتَمَالَك أَن بسط يَده، فقبضت يَده قَبْضَة شَدِيدَة فَقَالَ لَهَا: [ادعِي] الله أَن يُطلق يَدي وَلَا أَضرّك. فَفعلت، فَعَاد، فقبضت أَشد من القبضة الأولى. فَقَالَ لَهَا مثل ذَلِك فَفعلت، فَعَاد، فقبضت أَشد من القبضتين الْأَوليين فَقَالَ لَهَا: ادعِي الله أَن يُطلق يَدي، فلك الله أَلا أَضرّك. فَفعلت، وأطلقت يَده ودعا الَّذِي جَاءَ بهَا فَقَالَ لَهُ: إِنَّك أتيتني بِشَيْطَان وَلم تأتني بِإِنْسَان، فأخرجها من أرضي وأعطها هَاجر. قَالَ: فَأَقْبَلت تمشي. فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيم انْصَرف، فَقَالَ لَهَا: مَهيم؟ قَالَت: خيرا، كف الله - عز وَجل - يَد الْفَاجِر، وَأَخْدَم خَادِمًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَتلك أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أبنا شُعَيْب، حَدثنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَاجر إِبْرَاهِيم بسارة فَدخل بهَا قَرْيَة فِيهَا ملك من الْمُلُوك - أَو جَبَّار من الْجَبَابِرَة - فَقيل: دخل إِبْرَاهِيم بِامْرَأَة هِيَ من أحسن النِّسَاء. فَأرْسل إِلَيْهِ أَن يَا إِبْرَاهِيم من هَذِه الَّتِي مَعَك؟ قَالَ: أُخْتِي. ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ: لَا تكذبي حَدِيثي فَإِنِّي أَخْبَرتهم أَنَّك أُخْتِي وَالله إِن على الأَرْض مُؤمن غَيْرِي وَغَيْرك. فَأرْسل بهَا إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأ وَتصلي فَقَالَت: اللَّهُمَّ إِن كنت آمَنت بك وبرسولك وأحصنت فَرجي إِلَى على زَوجي فَلَا تسلط عَليّ / الْكَافِر فغط حَتَّى ركض بِرجلِهِ " قَالَ الْأَعْرَج: قَالَ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن: إِن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَت: اللَّهُمَّ إِن يمت يُقَال هِيَ قتلته فَأرْسل، ثمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأ وَتصلي وَتقول: اللَّهُمَّ إِن كنت آمَنت بك وبرسولك وأحصنت فَرجي إِلَّا على زَوجي فَلَا تسلط عَليّ هَذَا الْكَافِر. فغط حَتَّى ركض بِرجلِهِ " قَالَ عبد الرَّحْمَن: قَالَ أَبُو سَلمَة: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " فَقَالَت: اللَّهُمَّ يُقَال هِيَ قتلته. فَأرْسل فِي الثَّانِيَة أَو فِي الثَّالِثَة فَقَالَ: وَالله مَا أرسلتم إِلَيّ إِلَّا شَيْطَانا، أرجعوها إِلَى إِبْرَاهِيم وأعطوها آجر. فَرَجَعت إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَت: أشعرت أَن الله كبت الْكَافِر وَأَخْدَم وليدة ".(4/344)
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اختتن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة بالقدوم ".
بَاب ذكر مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنِي يحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ، أبنا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا خَالِد الْحذاء، عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ: أبنا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - رجلا حييا. قَالَ: فَكَانَ لَا يرى متجردا. قَالَ: فَقَالَ بَنو إِسْرَائِيل: إِنَّه آدر. [قَالَ] : فاغتسل عِنْد مويه، فَوضع ثَوْبه على حجر، فَانْطَلق الْحجر يسْعَى، وَاتبعهُ بعصاه يضْربهُ: ثوبي [حجر] ! ثوبي [حجر] ! حَتَّى وقف على مَلأ من بني إِسْرَائِيل وَنزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيها} ".
الْبَزَّار: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن نصر الرَّازِيّ، ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد ابْن سَلمَة، حَدثنَا عمار بن أبي عمار قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن ملك الْمَوْت كَانَ يَأْتِي النَّاس عيَانًا، فَأتى مُوسَى بن عمرَان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَطَمَهُ ففقأ عينه، وعرج ملك الْمَوْت فَقَالَ: أَي رب، عَبدك مُوسَى فعل بِي كَذَا وَكَذَا وَلَوْلَا كرامته عَلَيْك لشققت عَلَيْهِ. فَقَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى -: ائْتِ عَبدِي مُوسَى فخيره بَين أَن يضع يَده على متن ثَوْر فَلهُ بِكُل شَعْرَة وارته كَفه سنه وَبَين أَن يَمُوت الْآن. فَأَتَاهُ فخيره فَقَالَ مُوسَى: فَمَا بعد ذَلِك؟ قَالَ: الْمَوْت. قَالَ: فَالْآن. فَقبض / روحه، ورد الله - تبَارك وَتَعَالَى - يَعْنِي على ملك الْمَوْت - بَصَره(4/345)
فَكَانَ بعد ذَلِك يَأْتِي النَّاس فِي خُفْيَة ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ فِي قصَّة مُوسَى من غير حَدِيث عمار، رَوَاهُ ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، وَلَا نعلم أسْند هَذَا الحَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا أَبُو هُرَيْرَة.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا حجين بن الْمثنى، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة، عَن عبد الله بن الْفضل الْهَاشِمِي، عَن عبد [الرَّحْمَن] الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " بَيْنَمَا يَهُودِيّ يعرض سلْعَة لَهُ أعطي بهَا شَيْئا (كره) - أَو لم يرضه، شكّ عبد الْعَزِيز - قَالَ: لَا وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر. قَالَ: فَسَمعهُ رجل من الْأَنْصَار فلطم وَجهه. قَالَ: يَقُول: لَا وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين أظهرنَا؟ قَالَ: فَذهب الْيَهُودِيّ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِم، إِن لي ذمَّة وعهدا. وَقَالَ فلَان لطم وَجْهي. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لم لطمت وَجهه؟ قَالَ: قَالَ: يَا رَسُول الله، وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر وَأَنت بَين أظهرنَا. قَالَ: فَغَضب رَسُول الله حَتَّى عرف الْغَضَب فِي وَجهه. ثمَّ قَالَ: لَا تفضلوا بَين أَنْبيَاء الله - عز وَجل - فَإِنَّهُ ينْفخ فِي الصُّور فيصعق من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله، ثمَّ ينْفخ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُون أول من بعث، فَإِذا مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - آخذ بالعرش، فَلَا أَدْرِي أحوسب بصعقته يَوْم الطّور، أم بعث قبلي، وَلَا أَقُول إِن أحدا أفضل من يُونُس بن مَتى (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) ".(4/346)
وَفِي طَرِيق أُخْرَى لمُسلم - رَحمَه الله -: " فَإِذا مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - باطش بِجَانِب الْعَرْش فَلَا أَدْرِي كَانَ فِيمَن صعق فأفاق قبلي، أم كَانَ مِمَّن اسْتثْنى الله - عز وَجل ".
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد وشيبان بن فروخ قَالَا: ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ وَسليمَان التَّيْمِيّ، عَن أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أتيت - وَفِي رِوَايَة هداب: مَرَرْت على مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - لَيْلَة أسرِي بِي عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر، وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي قَبره ".
بَاب ذكر عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
/ مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن همام ابْن مُنَبّه: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا أولى النَّاس بِعِيسَى ابْن مَرْيَم فِي الأولى وَالْآخِرَة. قَالُوا: كَيفَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاء إخْوَة من علات وأمهاتهم شَتَّى وَدينهمْ وَاحِد، وَلَيْسَ بَيْننَا نَبِي ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أخبرهُ، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَنا أولى بِابْن مَرْيَم، الْأَنْبِيَاء أَوْلَاد علات وَلَيْسَ بيني وَبَينه نَبِي ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن معمر، عَن(4/347)
الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا نخسه الشَّيْطَان، فَيَسْتَهِل صَارِخًا من نخسة الشَّيْطَان إِلَّا ابْن مَرْيَم وَأمه / ثمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذرتيها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} ".
وَفِي حَدِيث آخر لمُسلم - رَحمَه الله -: " يمسهُ الشَّيْطَان فَيَسْتَهِل صَارِخًا من مسَّة الشَّيْطَان ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أبنا شُعَيْب، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل بني آدم يطعن الشَّيْطَان فِي جنبه بإصبعه حِين يُولد غير عِيسَى ابْن مَرْيَم، ذهب يطعن فطعن فِي الْحجاب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رأى عِيسَى ابْن مَرْيَم رجلا يسرق قَالَ لَهُ عِيسَى: سرقت؟ قَالَ: كلا وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره. فَقَالَ عِيسَى: آمَنت بِاللَّه وكذبت نَفسِي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحسن بن مدرك، حَدثنَا يحيى بن حَمَّاد، أبنا أَبُو عوَانَة، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن أبي عُثْمَان، عَن سلمَان قَالَ: " فَتْرَة بَين عِيسَى وَمُحَمّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سِتّمائَة سنة ".
بَاب ذكر دَاوُد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن(4/348)
همام، عَن أبي هُرَيْرَة / عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خفف على دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَام - الْقُرْآن فَكَانَ يَأْمر بدوابه أَن تسرج، فَيقْرَأ الْقُرْآن قبل أَن تسرج دوابه، لَا يَأْكُل إِلَّا من عمل يَدَيْهِ ".
بَاب ذكر يُونُس وَيحيى وزَكَرِيا صلى الله عَلَيْهِم
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن مثنى وَابْن بشار قَالُوا: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم قَالَ: سَمِعت حميد ابْن عبد الرَّحْمَن، يحدث عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ - يَعْنِي الله عز وَجل -: " لَا يَنْبَغِي لعبد لي - وَقَالَ ابْن الْمثنى: لعبدي - أَن يَقُول: أَنا خير من يُونُس بن مَتى " وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة.
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، ثَنَا مُحَمَّد بن فليح، حَدثنِي أبي، عَن هِلَال بن عَليّ - من بني عَامر بن لؤَي - عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ: أَنا خير من يُونُس بن مَتى. فقد كذب ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَقُولَن أحدكُم: أَنا خير من يُونُس بن مَتى ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْوَلِيد، ثَنَا مُحَمَّد بن جَهْضَم، حَدثنَا سُفْيَان، عَن يحيى بن سعيد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عبد الله بن (عمر) قَالَ:(4/349)
قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول أَنا خير من يحيى بن زَكَرِيَّا، مَا هم بخطيئة - أَحْسبهُ قَالَ: وَلَا عَملهَا ".
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ زَكَرِيَّا نجارا ".
بَاب ذكر يُوسُف وَلُوط عَلَيْهَا السَّلَام
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن مثنى وَعبيد الله بن سعيد، قَالُوا: حَدثنَا يحيى بن سعيد، عَن عبيد الله قَالَ: أَخْبرنِي [سعيد] بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، من أكْرم النَّاس؟ قَالَ: أَتْقَاهُم. قَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك. قَالَ: فيوسف نَبِي الله ابْن نَبِي الله [ابْن نَبِي الله] ابْن خَلِيل الله. قَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك. قَالَ: فَعَن معادن الْعَرَب تَسْأَلُونِي؟ خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم / فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث الْمروزِي، حَدثنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم (ابْن الْكَرِيم) يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق(4/350)
ابْن إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِم السَّلَام - قَالَ: وَلَو [شِئْت] فِي السجْن (بضع) مَا لَبِثت ثمَّ جَاءَنِي الرَّسُول أجبْت ثمَّ قَرَأَ {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول قَالَ ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ} . قَالَ: وَرَحْمَة الله على لوط إِن كَانَ ليأوي إِلَى ركن شَدِيد إِذْ قَالَ لوط: {لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} فَمَا بعث الله من بعده نَبيا إِلَّا فِي ذرْوَة من قومه ".
وَحدثنَا ب , أَبُو كريب، حَدثنَا عَبدة وَعبد الرَّحِيم، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو نَحْو حَدِيث الْفضل إِلَّا أَنه قَالَ: " مَا بعث الله نَبيا بعده إِلَّا فِي ثروة من قومه ".
قَالَ مُحَمَّد بن عَمْرو: الثروة: الْكَثْرَة والمنعة.
بَاب ذكر الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد الْأَصْبَهَانِيّ، أبنا ابْن الْمُبَارك، عَن معمر، عَن همام بن مُنَبّه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا سمي الْخضر؛ لِأَنَّهُ جلس على فَرْوَة بَيْضَاء فَإِذا هِيَ تهتز من خَلفه خضراء ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة، ثَنَا سُلَيْمَان بن عبيد الله الْأنْصَارِيّ الرقي، حَدثنَا بَقِيَّة، بن الْوَلِيد، حَدثنَا مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي، عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ،(4/351)
أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ذَات يَوْم لأَصْحَابه: " أَلا أحدثكُم عَن الْخضر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يمشي فِي سوق بني إِسْرَائِيل أبصره رجل مكَاتب فَقَالَ: تصدق عَليّ بَارك الله فِيك. قَالَ الْخضر: آمَنت بِاللَّه مَا يرد الله من أَمر يكن، مَا عِنْدِي شَيْء أعطيكه. فَقَالَ الْمِسْكِين: أَسأَلك بِوَجْه الله لما تَصَدَّقت عَليّ [إِنِّي] نظرت إِلَى سيماء الْخَيْر فِي وَجهك ورجوت الْبركَة [عنْدك] . قَالَ الْخضر: آمَنت بِاللَّه مَا عِنْدِي شَيْء أعطيكه إِلَّا أَن تأخذني فتبيعني. فَقَالَ الْمِسْكِين: وَهل يَسْتَقِيم هَذَا؟ فَقَالَ: نعم، الْحق أَقُول لَك لقد سَأَلتنِي بِأَمْر عَظِيم أما إِنِّي لَا أخيبك بِوَجْه رَبِّي، فبعني. فقدمه إِلَى السُّوق فَبَاعَهُ بأربعمائة دِرْهَم / فَمَكثَ عِنْد المُشْتَرِي زَمَانا [لَا] يَسْتَعْمِلهُ فِي شَيْء. فَقَالَ الْخضر - عَلَيْهِ السَّلَام -: أما إِنَّك ابتعتني التمَاس خدمتي، فأوصني [بِعَمَل] . قَالَ: أكره أَن أشق عَلَيْك، إِنَّك شيخ كَبِير. قَالَ: لَيْسَ يشق عَليّ. قَالَ: فَقُمْ فانقل هَذِه الْحِجَارَة. وَكَانَ لَا ينقلها دون سِتَّة نفر فِي يَوْم، فَخرج الرجل ليقضي حَاجته ثمَّ انْصَرف وَقد نقل الْحِجَارَة فِي (سَاعَة) فَقَالَ لَهُ: أَحْسَنت وأجملت، وأطقت مَا أرك تُطِيقهُ. ثمَّ عرض للرجل سفر فَقَالَ: إِنِّي أحسبك أَمينا فَاخْلُفْنِي فِي أَهلِي خلَافَة حَسَنَة. قَالَ: أوصني بِعَمَل. قَالَ: إِنِّي أكره أَن أشق عَلَيْك. قَالَ: لَيْسَ يشق عَليّ. قَالَ: فَاضْرب من اللَّبن حَتَّى أقدم عَلَيْك. فَمضى الرجل لسفره، فَرجع الرجل وَقد شيد بناءه، فَقَالَ الرجل: أَسأَلك بِوَجْه الله مَا جنسك وَمَا أَمرك؟ قَالَ: سَأَلتنِي بِوَجْه الله (وَوجه الله) أوقعني فِي الْعُبُودِيَّة، فَقَالَ: سأخبرك من أَنا، أَنا الْخضر الَّذِي سَمِعت بِي، سَأَلَني مِسْكين صَدَقَة، فَلم يكن عِنْدِي شَيْء أعْطِيه، سَأَلَني (بِوَجْهِهِ) (فمكنته) من رقبتي فباعني، وأخبرك أَنه من سُئِلَ بِوَجْه الله فَرد سائله وَهُوَ يقدر(4/352)
وقف يَوْم الْقِيَامَة وَلَيْسَ لوجهه جلد وَلَا لحم وَلَا دم وَلَا عظم يتقعقع. قَالَ: فآمنت بذلك شققت عَلَيْك يَا رَسُول الله احكم فِي أَهلِي وَمَالِي بِمَا أَرَاك الله أَو أخيرك فأخلي سَبِيلك. قَالَ: أحب أَن تخلي سبيلي فأعبد الله - جلّ وَعز. فخلى سَبيله فَقَالَ الْخضر: الْحَمد لله الَّذِي أوقعني فِي الْعُبُودِيَّة ونجاني مِنْهَا ".
بَاب ذكر يُوشَع بن نون عَلَيْهِ السَّلَام
الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن سهل، ثَنَا الْأسود [بن] عَامر، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لم ترد الشَّمْس إِلَّا على يُوشَع بن نون ليَالِي سَار إِلَى بَيت الْمُقَدّس ".
بَاب ذكر إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير - وَاللَّفْظ لزهير - قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن علية - عَن أَيُّوب، عَن عَمْرو بن سعيد، عَن أنس ابْن مَالك قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا كَانَ أرْحم بالعيال من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيم مسترضعا لَهُ فِي عوالي / الْمَدِينَة، فَكَانَ ينْطَلق وَنحن مَعَه فَيدْخل الْبَيْت وَإنَّهُ ليدخن وَكَانَ ظئره قينا، فَيَأْخذهُ فيقبله ثمَّ يرجع. قَالَ عَمْرو: فَلَمَّا توفّي قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن إِبْرَاهِيم ابْني وَإنَّهُ مَاتَ فِي الثدي، وَإِن لَهُ لظئرين تكملان رضاعه فِي الْجنَّة ".(4/353)
بَاب فضل أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَعبد بن حميد وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ. قَالَ عبد الله: أبنا. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا حبَان بن هِلَال، ثَنَا همام، ثَنَا ثَابت، حَدثنَا أنس بن مَالك، أَن أَبَا بكر الصّديق حَدثهُ قَالَ: " نظرت إِلَى أَقْدَام الْمُشْركين على رءوسنا وَنحن فِي الْغَار فَقلت: يَا رَسُول الله، لَو أَن أحدهم نظر إِلَى قَدَمَيْهِ أبصرنا تَحت قَدَمَيْهِ. فَقَالَ: يَا أَبَا بكر، مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر بن يحيى بن خَالِد، ثَنَا معن، ثَنَا مَالك، عَن أبي النَّضر، عَن عبيد الله بن حنين، عَن أبي سعيد " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جلس على الْمِنْبَر فَقَالَ: عبد خَيره الله بَين أَن يؤتيه زهرَة الدُّنْيَا وَبَين مَا عِنْده فَاخْتَارَ مَا عِنْده. فَبكى أَبُو بكر وَبكى فَقَالَ: فَدَيْنَاك بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتنَا. قَالَ: فَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ الْمُخَير، وَكَانَ أَبُو بكر أعلمنَا بِهِ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن أَمن النَّاس عَليّ فِي مَاله وصحبته أَبُو بكر، وَلَو كنت متخذا خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا، وَلَكِن أخوة الْإِسْلَام، لَا يبْقين فِي الْمَسْجِد خوخة إِلَّا خوخة أبي بكر ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَأَبُو سعيد الْأَشَج قَالَا: ثَنَا وَكِيع قَالَ: ثَنَا الْأَعْمَش، عَن عبد الله بن مرّة، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا إِنِّي أَبْرَأ إِلَى كل خل من خله وَلَو كنت متخذا خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا، إِن صَاحبكُم خَلِيل الله ".(4/354)
وَفِي لفظ آخر لمُسلم: " لَو كنت متخذا من أهل الأَرْض خَلِيلًا لاتخذت ابْن أبي قُحَافَة خَلِيلًا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا وهيب، أبنا أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو كنت متخذا (من أمتِي) خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر وَلَكِن أخي وصاحبي ".
حَدثنَا مُعلى بن أَسد ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل (التنوخي) قَالَا: ثَنَا / وهيب، عَن أَيُّوب، وَقَالَ: " لَو كنت متخذا خَلِيلًا لاتخذته خيلها وَلَكِن أخوة الْإِسْلَام أفضل ".
حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، عَن أَيُّوب مثله.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أبنا خَالِد بن عبد الله، عَن خَالِد، عَن أبي عُثْمَان قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو بن الْعَاصِ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعثه على جَيش ذَات السلَاسِل فَأَتَيْته فَقلت: أَي النَّاس أحب إِلَيْك؟ فَقَالَ: عَائِشَة. قلت: من الرِّجَال؟ قَالَ: أَبوهَا. قلت: ثمَّ من؟ قَالَ: عمر. فعد رجَالًا ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر، حَدثنَا مَرْوَان - يَعْنِي: الْفَزارِيّ - عَن يزِيد - وَهُوَ ابْن كيسَان - عَن أبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله(4/355)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أصبح مِنْكُم الْيَوْم صَائِما؟ قَالَ أَبُو بكر: أَنا. قَالَ: فَمن تبع مِنْكُم الْيَوْم جَنَازَة؟ قَالَ أَبُو بكر: أَنا. قَالَ: فَمن أطْعم الْيَوْم مِنْكُم مِسْكينا؟ قَالَ أَبُو بكر: أَنا. قَالَ: فَمن عَاد مِنْكُم الْيَوْم مَرِيضا؟ قَالَ أَبُو بكر: أَنا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا اجْتَمعْنَ فِي امْرِئ إِلَّا دخل الْجنَّة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا يحيى بن سعيد، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس حَدثهمْ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صعد أحدا وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان، فَرَجَفَ بهم فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اثْبتْ أحد، فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ: وَحدثنَا هَارُون بن عبد الله الْبَزَّاز، حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن، ثَنَا هِشَام ابْن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نتصدق فَوَافَقَ ذَلِك مَالا معي، فَقلت: الْيَوْم أسبق أَبَا بكر إِن سبقته يَوْمًا. قَالَ: فَجئْت بِنصْف مَالِي فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا أبقيت لأهْلك؟ [فَقَالَ] : مثله. وأتى أَبُو بكر بِكُل مَا عِنْده، فَقَالَ: يَا أَبَا بكر، مَا أبقيت لأهْلك؟ قَالَ: أبقيت لَهُم الله وَرَسُوله. قلت: وَالله لَا أسبقه إِلَى شَيْء أبدا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا هِشَام بن عمار، ثَنَا صَدَقَة بن خَالِد، ثَنَا زيد بن وَاقد،(4/356)
عَن [بسر] بن عبيد الله، عَن عَائِذ [الله] أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: " كنت جَالِسا عِنْد النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ أقبل أَبُو بكر آخِذا بِطرف ثَوْبه حَتَّى أبدى عَن (رُكْبَتَيْهِ) فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما صَاحبكُم فقد غامر. فَسلم وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بيني وَبَين ابْن الْخطاب شَيْء فأسرعت إِلَيْهِ ثمَّ نَدِمت، فَسَأَلته أَن يغْفر لي فَأبى عَليّ فَأَقْبَلت إِلَيْك. فَقَالَ: يغْفر الله لَك يَا أَبَا بكر - ثَلَاثًا. ثمَّ إِن عمر نَدم فَأتى منزل أبي بكر فَسَأَلَ: أَثم أَبُو بكر؟ [فَقَالُوا] : لَا. فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل وَجه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتمعر حَتَّى أشْفق أَبُو بكر فَجَثَا على رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، وَالله أَنا كنت أظلم - مرَّتَيْنِ. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله بَعَثَنِي إِلَيْكُم فقلتم: كذبت، وَقَالَ أَبُو بكر: صدق، وواساني بِنَفسِهِ وَمَاله فَهَل أَنْتُم تاركوا (إِلَيّ) صَاحِبي؟ مرَّتَيْنِ فَمَا أوذي بعْدهَا ".
وَفِي لفظ آخر للْبُخَارِيّ - رَحمَه الله -: " إِنِّي قلت: يَا أَيهَا النَّاس، إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم جَمِيعًا. فقلتم: كذبت. وَقَالَ أَبُو بكر: صدقت ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أخبرنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي حميد ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أنْفق زَوْجَيْنِ من شَيْء من الْأَشْيَاء فِي سَبِيل الله دعِي من أَبْوَاب الْجنَّة: يَا عبد الله هَذَا خير، فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة دعِي من بَاب الصَّلَاة، وَمن كَانَ من أهل الْجِهَاد دعِي من بَاب الْجِهَاد، وَمن كَانَ من أهل الصَّدَقَة دعِي من بَاب الصَّدَقَة،(4/357)
وَمن كَانَ من أهل الصّيام دعِي من بَاب الصّيام بَاب الريان. فَقَالَ أَبُو بكر: مَا على هَذَا الَّذِي يدعى من تِلْكَ الْأَبْوَاب من ضَرُورَة. وَقَالَ: هَل يدعى مِنْهَا كلهَا أحد يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: نعم وَأَرْجُو أَن تكون مِنْهُم يَا أَبَا بكر ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد الْكُوفِي، ثَنَا الْوَلِيد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: " سَأَلت عبد الله بن عَمْرو عَن أَشد مَا صنع الْمُشْركُونَ برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: رَأَيْت عقبَة بن أبي معيط جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي فَوضع رِدَاءَهُ فِي عُنُقه فخفنه بِهِ خنقا شَدِيدا فجَاء أَبُو بكر حَتَّى دَفعه عَنهُ فَقَالَ: {أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله وَقد جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ من ربكُم} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن [الْحُسَيْن] الْكُوفِي، حَدثنَا مَحْبُوب بن / مُحرز القواريري، عَن دَاوُد بن يزِيد الأودي، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا لأحد عندنَا يَد إِلَّا وَقد كافأناه، مَا خلا أَبَا بكر فَإِن لَهُ عندنَا يدا يُكَافِئهُ الله بِهِ يَوْم الْقِيَامَة، و (لَا) نَفَعَنِي مَال أحد قطّ مَا نَفَعَنِي مَال أبي بكر، وَلَو كنت متخذا خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا، أَلا وَإِن صَاحبكُم خَلِيل الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح،(4/358)
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا نَفَعَنِي مَال قطّ مَا نَفَعَنِي مَال أبي بكر. فَبكى أَبُو بكر وَقَالَ: هَل أَنا وَمَالِي إِلَّا لَك يَا رَسُول الله ".
بَاب مِنْهُ وَفِيه فضل عمر رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر وحرملة، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، ثَنَا سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنَّهُمَا سمعا أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَيْنَمَا رجل يَسُوق بقرة قد حمل عَلَيْهَا، التفتت الْبَقَرَة فَقَالَت: إِنِّي لم أخلق لهَذَا وَلَكِنِّي إِنَّمَا خلقت للحرث. فَقَالَ النَّاس: سُبْحَانَ الله - تَعَجبا وفزعا - أبقرة تكلم؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَإِنِّي أُؤْمِن بِهِ وَأَبُو بكر وَعمر. قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بَيْنَمَا رَاع فِي غنمه عدا عَلَيْهِ الذِّئْب فَأخذ مِنْهَا شَاة فَطَلَبه الرَّاعِي حَتَّى استنقذها مِنْهُ، فَالْتَفت إِلَيْهِ الذِّئْب فَقَالَ لَهُ: من لَهَا يَوْم السَّبع، يَوْم لَيْسَ لَهَا رَاع غَيْرِي؟ فَقَالَ النَّاس: سُبْحَانَ الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَإِنِّي أُؤْمِن بذلك أَنا وَأَبُو بكر وَعمر ".
وَحدثنَا مُحَمَّد بن عباد، حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي، عَن سُفْيَان، كِلَاهُمَا عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، [عَن أبي سَلمَة] ، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(4/359)
بِمَعْنى حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، وَفِي حَدِيثهمَا ذكر الْبَقَرَة وَالشَّاة مَعًا وَقَالا فِي حَدِيثهمَا: " فَإِنِّي أُؤْمِن بِهِ أَنا وَأَبُو بكر وَعمر. وَمَا هما ثمَّ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، ثَنَا خَالِد، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أرْحم أمتِي بأمتي أَبُو بكر، وأشدهم فِي دين الله عمر، وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان، وأعلمهم بالحلال / وَالْحرَام معَاذ بن جبل، وَلكُل أمة أَمِين، وَأمين هَذِه الْأمة أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح ".
أرْسلهُ غير وَاحِد عَن أبي قلَابَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِلَّا ذكر أبي عُبَيْدَة فَإِنَّهُ وَصله.
الْبَزَّار: حَدثنَا إِسْحَاق بن زِيَاد (الْأَيْلِي) ، ثَنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن ابْن إِبْرَاهِيم، حَدثنِي أبي، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، قَالَ عَليّ: " كنت عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأقبل أَبُو بكر وَعمر، فَقَالَ: هَذَانِ سيدا كهول [أهل] الْجنَّة من الْأَوَّلين والآخرين إِلَّا النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ، لَا تخبرهما يَا عَليّ ".
وَقَالَ أَبُو بكر: هَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن جَابر عَن عَليّ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن الْحسن بن الصَّباح، عَن مُحَمَّد بن كثير، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن قَتَادَة، عَن أنس إِلَى قَوْله: " وَالْمُرْسلِينَ ".(4/360)
رَوَاهُ من طَرِيق الْحَارِث الْأَعْوَر عَن عَليّ بِكَمَالِهِ.
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْوَلِيد بن صَالح، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، حَدثنَا عمر بن سعيد بن أبي [حُسَيْن] الْمَكِّيّ، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِنِّي لواقف فِي قوم فدعوا الله لعمر بن الْخطاب، وَقد وضع على سَرِيره، إِذا رجل من خَلْفي قد وضع مرفقه على مَنْكِبي يَقُول: يَرْحَمك الله، إِن كنت لأرجو أَن يجعلك الله مَعَ صاحبيك؛ لِأَنِّي كثيرا مِمَّا كنت أسمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: كنت وَأَبُو بكر وَعمر، وَفعلت وَأَبُو بكر وَعمر، وَانْطَلَقت وَأَبُو بكر وَعمر، وَإِن كنت لأرجو أَن يجعلك مَعَهُمَا. فَالْتَفت فَإِذا عَليّ بن أبي طَالب ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى، عَن إِسْمَاعِيل، ثَنَا قيس قَالَ: قَالَ عبد الله: " مَا زلنا أعزة مُنْذُ أسلم عمر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مَكْحُول، عَن غُضَيْف بن الْحَارِث، عَن أبي ذَر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله وضع الْحق على لِسَان عمر يَقُول بِهِ ".
مُسلم: حَدثنَا حَرْمَلَة بن يحيى، أبنا بن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَن سعيد بن الْمسيب أخبرهُ، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي على قليب عَلَيْهَا دلو فنزعت مِنْهَا مَا شَاءَ الله ثمَّ أَخذهَا ابْن أبي قُحَافَة فَنزع بهَا ذنوبا أَو ذنوبين، وَفِي نَزعه ضعف، وَالله يغْفر لَهُ، ثمَّ استحالت غربا فَأَخذهَا عمر بن الْخطاب فَلم أر عبقريا من النَّاس ينْزع نزع عمر(4/361)
ابْن الْخطاب / حَتَّى ضرب النَّاس بِعَطَن ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، حَدثنِي عمي عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، أَن [أَبَا] يُونُس مولى أبي هُرَيْرَة حَدثهُ، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَينا أَنا نَائِم أريت أَنِّي أنزع على حَوْضِي أَسْقِي النَّاس، جَاءَنِي أَبُو بكر فَأخذ الدَّلْو من يَدي ليروحني، فَنزع دلوين، وَفِي نَزعه ضعف وَالله يغْفر لَهُ، فجَاء ابْن الْخطاب فَأخذ مِنْهُ فَلم أر نزع رجل قطّ أقوى، حَتَّى تولى النَّاس والحوض ملآن يتفجر ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أخبرنَا ابْن وهب، ثَنَا يُونُس، أَن ابْن شهَاب أخبرهُ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا نَائِم إِذْ رَأَيْتنِي فِي الْجنَّة، فَإِذا امْرَأَة تَوَضَّأ إِلَى جَانب قصر فَقلت: لمن هَذَا؟ فَقَالُوا: لعمر بن الْخطاب، فَذكرت غيرَة عمر فوليت مُدبرا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَبكى عمر وَنحن جَمِيعًا فِي ذَلِك الْمجْلس مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ قَالَ عمر: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله أعليك أغار ".
مُسلم: حَدثنَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم، ثَنَا إِبْرَاهِيم - يَعْنِي ابْن سعد.
وَحدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي وَعبد بن حميد. قَالَ عبد: أَخْبرنِي: وَقَالَ حسن: حَدثنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد، أَن مُحَمَّد بن سعد ابْن أبي وَقاص أخبرهُ، أَن أَبَاهُ سَعْدا قَالَ: " اسْتَأْذن عمر على رَسُول الله(4/362)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده نسَاء من قُرَيْش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فَلَمَّا اسْتَأْذن عمر قمن يبتدرن الْحجاب، فَأذن لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يضْحك، فَقَالَ عمر: أضْحك الله سنك يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عجبت من هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كن عِنْدِي فَلَمَّا سمعن صَوْتك ابتدرن الْحجاب. قَالَ عمر: يَا رَسُول الله، فَأَنت أَحَق أَن تهبن. ثمَّ قَالَ عمر: أَي عدوات أَنْفسهنَّ، أتهبنني وَلَا تهبن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قُلْنَ: نعم أَنْت أغْلظ وأفظ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا لقيك الشَّيْطَان سالكا فجا إِلَّا سلك فجا غير فجك ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني / أَبُو الطَّاهِر، حَدثنَا عبد الله بن وهب، عَن إِبْرَاهِيم ابْن سعد، عَن أَبِيه سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَقُول: " قد كَانَ يكون فِي الْأُمَم قبلكُمْ محدثون، فَإِن يكن فِي أمتِي مِنْهُم أحد فَإِن عمر بن الْخطاب مِنْهُم ".
قَالَ ابْن وهب: تَفْسِير محدثون: ملهمون. تَابعه ابْن عجلَان عَن سعد.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن قزعة، أبنا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن أَبِيه، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لقد كَانَ فِيمَن قبلكُمْ من الْأُمَم نَاس محدثون، فَإِن يكن فِي أمتِي أحد فَإِنَّهُ عمر ".(4/363)
زَاد زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن سعد، (عَن أبي سَلمَة) ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لقد كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ من بني إِسْرَائِيل رجال يكلمون من غير أَن يَكُونُوا أَنْبيَاء، فَإِن يكن من أمتِي مِنْهُم أحد فعمر ".
مُسلم: [ثَنَا] عقبَة بن مكرم الْعمي، ثَنَا سعيد بن عَامر، قَالَ جوَيْرِية ابْن أَسمَاء: ثَنَا نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: " وَافَقت رَبِّي - عز وَجل - فِي ثَلَاث: فِي مقَام إِبْرَاهِيم، وَفِي الْحجاب، وَفِي أُسَارَى بدر ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَمُحَمّد بن رَافع قَالَا: ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، حَدثنَا خَارِجَة بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اللَّهُمَّ أعز الْإِسْلَام بِأحب هذَيْن الرجلَيْن إِلَيْك؛ بِأبي جهل أَو بعمر بن الْخطاب وَكَانَ أحبهما إِلَيْهِ عمر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من حَدِيث ابْن عمر.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن صباح الْبَزَّار، ثَنَا زيد بن الْحباب، عَن خَارِجَة ابْن عبد الله بن سُلَيْمَان بن زيد بن ثَابت، أخبرنَا يزِيد بن رُومَان، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسا فسمعنا لَغطا وَصَوت صبيان فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا حبشية تزفن وَالصبيان حولهَا، فَقَالَ: يَا عَائِشَة تعالي فانظري. فَجئْت فَوضعت لحيي على منْكب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعلت أنظر إِلَيْهَا مَا بَين الْمنْكب إِلَى رَأسه فَقَالَ: أما شبعت؟ أما شبعت؟ قَالَت: فَجعلت أَقُول: لَا؛ لأنظر منزلتي عِنْده، إِذْ طلع عمر. قَالَ: فَارْفض النَّاس عَنْهَا. قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي(4/364)
لأنظر إِلَى شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ قد فروا من عمر. قَالَت: فَرَجَعت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا / حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا أبي، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم بن [عبيد الله] ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر، عَن عمر " أَنه اسْتَأْذن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْعمرَة فَقَالَ: أَي أخي أشركنا فِي دعائك وَلَا تنسنا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك حَدثهُ: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صعد أحدا وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَرَجَفَ بهم فَقَالَ: اثْبتْ أحد فَإِن عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، أبنا أَبُو عوَانَة، عَن حُصَيْن، عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: " رَأَيْت عمر بن الْخطاب قبل أَن يصاب بِالْمَدِينَةِ بأيام، وقف على حُذَيْفَة بن الْيَمَان وَعُثْمَان بن حنيف فَقَالَ: كَيفَ فعلتما؟ أتخافان أَن تَكُونَا حملتما الأَرْض مَا لَا تطِيق؟ قَالَا: حملناها أمرا هِيَ لَهُ مطيقة، مَا فِيهَا كَبِير فضل. قَالَ: انظرا تَكُونَا حملتما الأَرْض مَا لَا تطِيق. [قَالَ: قَالَا:] لَا. فَقَالَ عمر لَئِن سلمني الله لأدعن أرامل أهل الْعرَاق لَا يحتجن إِلَى رجل بعدِي أبدا.(4/365)
قَالَ: فَمَا أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا رَابِعَة حَتَّى أُصِيب. قَالَ: إِنِّي لقائم مَا بيني وَبَينه إِلَّا عبد الله ابْن عَبَّاس غَدَاة [أُصِيب. وَكَانَ إِذا مر بَين الصفين قَالَ: اسْتَووا حَتَّى إِذا لم ير فيهم خللا] تقدم فَكبر وَرُبمَا قَرَأَ بِسُورَة يُوسُف أَو النَّحْل أَو نَحْو ذَلِك فِي الرَّكْعَة الأولى حَتَّى يجْتَمع النَّاس، فَمَا هُوَ إِلَّا أَن كبر فَسَمعته يَقُول: قتلني - أَو أكلني - الْكَلْب. [حِين] طعنه فطار العلج بسكين ذَات طرفين لَا يمر على أحد يَمِينا وَلَا شمالا إِلَّا طعنه حَتَّى طعن ثَلَاثَة عشر رجلا، مَاتَ مِنْهُم سعبة، فَلَمَّا رأى ذَلِك رجل من الْمُسلمين طرح عَلَيْهِ برنسا، فَلَمَّا ظن العلج أَنه مَأْخُوذ نحر نَفسه، وَتَنَاول عمر يَد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فقدمه، فَمن يَلِي عمر فقد رأى الَّذِي أرى، وَأما نواحي الْمَسْجِد فَإِنَّهُم لَا يَدْرُونَ غير أَنهم فقدوا صَوت عمر، وهم يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله [سُبْحَانَ الله] . فصلى بهم عبد الرَّحْمَن صَلَاة خَفِيفَة فَلَمَّا انصرفوا قَالَ: يَا ابْن عَبَّاس، انْظُر من قتلني. فجال سَاعَة ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: غُلَام / الْمُغيرَة. قَالَ: الصنع؟ قَالَ: نعم. قَالَ: قَاتله الله لقد أمرت بِهِ مَعْرُوفا. فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي لم يَجْعَل منيتي بيد رجل يَدعِي الْإِسْلَام، قد كنت أَنْت وَأَبُوك تحبان أَن تكْثر العلوج بِالْمَدِينَةِ. وَكَانَ الْعَبَّاس أَكْثَرهم رَقِيقا فَقَالَ: إِن شِئْت فعلت - أَي إِن شِئْت قتلنَا - قَالَ: كذبت، بعد مَا تكلمُوا بلسانكم وصلوا قبلتكم وحجوا حجتكم؟ فَاحْتمل إِلَى بَيته، فَانْطَلَقْنَا مَعَه وَكَأن النَّاس لم تصبهم مُصِيبَة قبل يَوْمئِذٍ، فَقَائِل يَقُول: لَا بَأْس. وَقَائِل يَقُول: أَخَاف عَلَيْهِ. فَأتي بنبيذ فشربه فَخرج من (جرحه) ثمَّ أُتِي بِلَبن فشربه فَخرج من جرحه فعرفوا أَنه ميت، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَجعل النَّاس يثنون عَلَيْهِ، وَجَاء رجل شَاب فَقَالَ: أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ببشرى الله لَك من صُحْبَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت، ثمَّ وليت فعدلت، ثمَّ شَهَادَة.(4/366)
قَالَ: وددت أَن ذَلِك كفاف لَا عَليّ وَلَا لي. فَلَمَّا أدبر إِذا إزَاره يمس الأَرْض، فَقَالَ: ردوا عَليّ الْغُلَام. قَالَ: يَا ابْن أخي، ارْفَعْ ثَوْبك، فَإِنَّهُ أبقى لثوبك، وَأتقى لِرَبِّك، يَا عبد الله بن عمر، انْظُر مَا عَليّ من الدَّين. فحسبوه فوجدوه سِتَّة وَثَمَانِينَ ألفا أَو نَحوه قَالَ: إِن وفى لَهُ مَال آل عمر فأده من أَمْوَالهم، وَإِلَّا فسل فِي بني عدي ابْن كَعْب، فَإِن لم تف أَمْوَالهم، وَإِلَّا فاسأل فِي قُرَيْش وَلَا تعدهم إِلَى غَيرهم فأد عني هَذَا المَال، انْطلق إِلَى عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ فَقل: يقْرَأ عَلَيْك عمر السَّلَام، وَلَا تقل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي لست الْيَوْم للْمُؤْمِنين أَمِيرا، وَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ. فَسلم وَاسْتَأْذَنَ ثمَّ دخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَة تبْكي، فَقَالَ: يقْرَأ عَلَيْك عمر بن الْخطاب السَّلَام ويستأذن أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ. فَقَالَت: كنت أريده لنَفْسي، ولأوثرنه بِهِ الْيَوْم على نَفسِي. فَلَمَّا أقبل قيل: هَذَا عبد الله بن عمر قد جَاءَ. قَالَ: ارفعوني فأسنده رجل إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لديك؟ قَالَ: الَّذِي تحب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قد أَذِنت. قَالَ الْحَمد لله مَا كَانَ شَيْء أهم إِلَيّ من ذَلِك، فَإِذا أَنا قبضت فاحملوني، ثمَّ سلم فَقل: يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب، فَإِن أَذِنت لي فأدخلوني، وَإِن ردتني ردوني إِلَى مَقَابِر الْمُسلمين. وَجَاءَت حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ وَالنِّسَاء تسير مَعهَا، فَلَمَّا رأيناها قمنا، فولجت عَلَيْهِ فَبَكَتْ عِنْده سَاعَة وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَال فولجت / دَاخِلا لَهُم، فسمعنا بكاءها من الدَّاخِل فَقَالُوا: أوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، اسْتخْلف. قَالَ: مَا أجد أَحَق بِهَذَا الْأَمر إِلَّا هَؤُلَاءِ النَّفر - أَو الرَّهْط - الَّذين توفّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ عَنْهُم رَاض، فَسمى: عليا وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وسعدا وَعبد الرَّحْمَن. وَقَالَ: يشهدكم عبد الله بن عمر وَلَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء - كَهَيئَةِ التَّعْزِيَة لَهُ - فَإِن أَصَابَت الإمرة سَعْدا فَهُوَ ذَاك وَإِلَّا فليستعلن بِهِ أَيّكُم مَا أَمر، فَإِنِّي لم أعزله من عجز وَلَا خِيَانَة، وَقَالَ: أوصِي الْخَلِيفَة من بعدِي بالمهاجرين الْأَوَّلين أَن يعرف لَهُم حَقهم، ويحفظ عَلَيْهِم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرا الَّذين تبوءوا الدَّار وَالْإِيمَان(4/367)
من قبلهم، أَن يقبل من محسنهم، وَأَن يُعْفَى عَن مسيئهم، وأصيه بِأَهْل الْأَمْصَار خيرا فَإِنَّهُم ردء الْإِسْلَام، وجباة المَال، و [غيظ] الْعَدو، وَأَن لَا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا فَضلهمْ عَن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فَإِنَّهُم أصل الْعَرَب ومادة الْإِسْلَام أَن يُؤْخَذ من حَوَاشِي أَمْوَالهم، وَيرد على فقرائهم، وأوصيه بِذِمَّة الله وَذمَّة رَسُوله أَن يُوفي إِلَيْهِم [بعهدهم] وَأَن يُقَاتل من وَرَاءَهُمْ، وَلَا يكلفوا إِلَّا طاقتهم. فَلَمَّا قبض خرجنَا [بِهِ] فَانْطَلَقْنَا نمشي فَسلم عبد الله بن عمر قَالَ: يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب. قَالَت: أدخلوه. فأدخلوه فَوضع هُنَالك مَعَ صَاحِبيهِ، فَلَمَّا فرغ من دَفنه اجْتمع هَؤُلَاءِ الرَّهْط فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: اجعلوا أَمركُم إِلَّا ثَلَاثَة مِنْكُم. قَالَ الزبير: قد جعلت أَمْرِي إِلَى عَليّ. فَقَالَ طَلْحَة: قد جعلت أَمْرِي إِلَى عُثْمَان. وَقَالَ سعد: قد جعلت أَمْرِي إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. فَقَالَ (لَهُ) عبد الرَّحْمَن: (أَيّكُم) يبرأ من الْأَمر فنجعله إِلَيْهِ وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَام [لينظرن] أفضلهم فِي نَفسه؟ فأسكت الشَّيْخَانِ. فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: أفتجعلونه إِلَيّ وَالله عليّ أَن لَا آلو عَن أفضلكم. قَالَا: نعم. فَأخذ بيد أَحدهمَا فَقَالَ: لَك قرَابَة من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت فَالله عَلَيْك لَئِن أَمرتك لتعدلن، وَلَئِن أمرت عُثْمَان لتسمعن ولتطيعن. ثمَّ خلا بِالْآخرِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك، فَلَمَّا أَخذ الْمِيثَاق قَالَ: ارْفَعْ يدك يَا عُثْمَان. فَبَايعهُ وَبَايع لَهُ عَليّ، وولج أهل الدَّار فَبَايعُوهُ ".(4/368)
بَاب فضل عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنَا / يحيى بن يحيى، ثَنَا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي ابْن جَعْفَر - عَن مُحَمَّد بن [أبي] حَرْمَلَة، عَن عَطاء وَسليمَان ابْني يسَار، وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُضْطَجعا فِي (بَيته) كاشفا عَن فَخذيهِ - أَو سَاقيه - فَاسْتَأْذن أَبُو بكر فَأذن لَهُ، وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال، فَتحدث ثمَّ اسْتَأْذن عمر، فَأذن لَهُ وَهُوَ كَذَلِك فَتحدث، ثمَّ اسْتَأْذن عُثْمَان فَجَلَسَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَسوى ثِيَابه - قَالَ مُحَمَّد: وَلَا أَقُول ذَلِك فِي يَوْم وَاحِد - فَدخل فَتحدث، فَلَمَّا خرج قَالَت عَائِشَة: دخل أَبُو بكر فَلم (تهش) لَهُ وَلم تباله، ثمَّ دخل عمر فَلم (تهش) لَهُ وَلم تباله، ثمَّ دخل عُثْمَان فَجَلَست وسويت ثِيَابك؟ فَقَالَ: أَلا أستحي من رجل تَسْتَحي مِنْهُ الْمَلَائِكَة ".
حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، عَن يحيى بن سعيد بن الْعَاصِ أَن سعيد ابْن الْعَاصِ أخبرهُ، أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[وَعُثْمَان حَدَّثَاهُ " أَن أَبَا بكر اسْتَأْذن على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] وَهُوَ مُضْطَجع ... " وَذكر الحَدِيث وَفِيه: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جلس وَقَالَ لعَائِشَة: اجمعي عَلَيْك ثِيَابك. وَفِيه: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن عُثْمَان رجل حييّ وَإِنِّي خشيت إِن أَذِنت لَهُ على تِلْكَ الْحَال أَلا يبلغ إِلَيّ فِي حَاجته ".(4/369)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى الْعَنزي، حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن عُثْمَان ابْن غياث، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَائِط من حَوَائِط الْمَدِينَة وَهُوَ متكئ يركز بِعُود مَعَه بَين المَاء والطين إِذْ استفتح رجل فَقَالَ: افْتَحْ وبشره بِالْجنَّةِ. فَإِذا أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - ففتحت وبشرته بِالْجنَّةِ، ثمَّ استفتح رجل آخر فَقَالَ: افْتَحْ وبشره بِالْجنَّةِ. قَالَ: فَذَهَبت فَإِذا هُوَ عمر، ففتحت لَهُ وبشرته بِالْجنَّةِ، ثمَّ استفتح رجل آخر قَالَ: فَجَلَسَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: افْتَحْ وبشره بِالْجنَّةِ على بلوى تكون. قَالَ: فَذَهَبت فَإِذا عُثْمَان قَالَ: ففتحت وبشرته بِالْجنَّةِ، قَالَ: وَقلت الَّذِي قَالَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ صبرا، وَالله الْمُسْتَعَان ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، أبنا أَبُو حَمْزَة، عَن عُثْمَان بن موهب قَالَ: " جَاءَ رجل حج الْبَيْت فَرَأى قوما جُلُوسًا فَقَالَ: من هَؤُلَاءِ الْقعُود؟ [قَالُوا] : هَؤُلَاءِ قُرَيْش. قَالَ: من الشَّيْخ؟ [قَالُوا] : ابْن عمر، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلك عَن شَيْء أتحدثني؟ قَالَ: أنْشدك بِحرْمَة هَذَا الْبَيْت [أتعلم] أَن عُثْمَان / فر يَوْم أحد؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فتعلمه تغيب عَن بدر فَلم يشهدها؟ قَالَ: نعم. (فَكبر) قَالَ: فتعلم أَنه تخلف عَن بيعَة الرضْوَان فَلم يشهدها؟ قَالَ: نعم. فَكبر. فَقَالَ ابْن عمر: تعال لأخبرك ولأبين لَك عَمَّا تَسْأَلنِي عَنهُ، أما فراره يَوْم أحد فَأشْهد أَن الله - عز وَجل - عَفا عَنهُ، وَأما تغيبه يَوْم بدر فَإِنَّهُ كَانَت تَحْتَهُ بنت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَت مَرِيضَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن لَك أجر رجل مِمَّن شهد بَدْرًا وسهمه. وَأما تغيبه عَن بيعَة الرضْوَان فَإِنَّهُ لَو كَانَ أحد أعز بِبَطن مَكَّة من عُثْمَان لبعثه مَكَانَهُ، فَبعث(4/370)
عُثْمَان وَكَانَت بيعَة الرضْوَان بعد مَا ذهبت عُثْمَان إِلَى مَكَّة، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ الْيُمْنَى: هَذِه يَد عُثْمَان. فَضرب بهَا على يَده وَقَالَ: هَذِه لعُثْمَان. اذْهَبْ بهَا الْآن مَعَك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم بن بزيع، حَدثنَا شَاذان، ثَنَا عبد الْعَزِيز ابْن أبي سَلمَة الْمَاجشون، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر [قَالَ] : " كُنَّا فِي زمن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا نعدل بِأبي بكر أحدا ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان، ثمَّ نَتْرُك أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا نفاضل بَينهم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا الْحسن بن وَاقع الرَّمْلِيّ، ثَنَا ضَمرَة بن ربيعَة، عَن عبد الله بن شَوْذَب، عَن عبد الله بن الْقَاسِم، عَن كثير مولى عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ: " جَاءَ عُثْمَان إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَلف دِينَار - قَالَ الْحسن بن وَاقع: وَكَانَ فِي مَوضِع آخر من كتابي: فِي كمه - حِين جهز جَيش الْعسرَة فنثرها فِي حجره، قَالَ عبد الرَّحْمَن: فَرَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبلهَا فِي حجره وَيَقُول مَا ضرّ عُثْمَان مَا عمل بعد الْيَوْم - مرَّتَيْنِ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن وعباس بن مُحَمَّد وَغير وَاحِد - الْمَعْنى وَاحِد - قَالُوا: ثَنَا سعيد بن عَامر، عَن يحيى بن أبي الْحجَّاج الْمنْقري، عَن أبي مَسْعُود الْجريرِي، عَن ثُمَامَة بن [حزن] الْقشيرِي قَالَ: " شهِدت الدَّار حِين أشرف عَلَيْهِم عُثْمَان فَقَالَ: ائْتُونِي بصاحبيكم الَّذين ألباكم. قَالَ:(4/371)
فجيء بهما كَأَنَّهُمَا جملان - أَو كَأَنَّهُمَا حماران - قَالَ: فَأَشْرَف عَلَيْهِم عُثْمَان فَقَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَالْإِسْلَام هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدم الْمَدِينَة وَلَيْسَ بهَا مَاء يستعذب غير بِئْر رومة فَقَالَ: من / يَشْتَرِي بِئْر رومة يَجْعَل دلوه مَعَ دلاء الْمُسلمين بِخَير لَهُ مِنْهَا فِي الْجنَّة؟ فاشتريتها من صلب مَالِي، فَأنْتم الْيَوْم تَمْنَعُونِي أَن أشْرب مِنْهَا حَتَّى أشْرب من مَاء الْبَحْر؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم. قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَالْإِسْلَام هَل تعلمُونَ أَن الْمَسْجِد ضَاقَ بأَهْله فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من يَشْتَرِي بقْعَة آل فلَان فيزيدها فِي الْمَسْجِد بِخَير مِنْهَا فِي الْجنَّة؟ فاشتريتها (بصلب) مَالِي فَأنْتم الْيَوْم تَمْنَعُونِي أَن أُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم. قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَالْإِسْلَام هَل تعلمُونَ أَن جهزت جَيش الْعسرَة من مَالِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم. ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَالْإِسْلَام هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ على ثبير مَكَّة وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَأَنا، فَتحَرك الْجَبَل حَتَّى تساقطت حجارته بالحضيض قَالَ: فركضه بِرجلِهِ وَقَالَ اسكن ثبير فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيدان؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم. قَالَ: الله أكبر شهدُوا لي وَرب الْكَعْبَة أَنِّي شَهِيد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن عُثْمَان.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، ثَنَا أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن [أبي] الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ " أَن خطباء قَامَت بِالشَّام وَفِيهِمْ رجال من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ آخِرهم رجل يُقَال لَهُ: مرّة بن كَعْب فَقَالَ: لَوْلَا حَدِيث سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا قُمْت. وَذكر الْفِتَن، فقربها، فَمر رجل مقنع فِي ثوب فَقَالَ: هَذَا يَوْمئِذٍ على الْهدى. فَقُمْت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان. قَالَ: فَأَقْبَلت عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَقلت: هَذَا؟ قَالَ: نعم ".(4/372)
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا حجين بن الْمثنى، ثَنَا اللَّيْث بن سعد، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن [عبد الله] بن عَامر، عَن النُّعْمَان بن بشير، عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَا عُثْمَان، إِنَّه لَعَلَّ الله أَن يقمصك قَمِيصًا، فَإِن أرادوك على خلعه فَلَا تخلعه لَهُم ".
قَالَ: وَفِي الحَدِيث قصَّة طَوِيلَة.
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا شَاذان الْأسود بن عَامر، عَن سِنَان بن هَارُون، عَن [كُلَيْب] بن وَائِل، عَن ابْن عمر قَالَ: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتْنَة فَقَالَ: يقتل فِيهَا هَذَا مَظْلُوما / لعُثْمَان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من حَدِيث ابْن عمر.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا أبي وَيحيى بن سعيد، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس، حَدثنِي أَبُو سهلة قَالَ: " قَالَ عُثْمَان يَوْم(4/373)
الدَّار: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عهد إِلَيّ عهدا فَأَنا صابر عَلَيْهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد.
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن الْخطاب، ثَنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عَمْرو بن الْحَارِث، عَن عبد الله بن سَالم، عَن الزبيدِيّ، عَن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن، عَن جُبَير بن نفير، عَن أبي ذَر " أَن حَصَيَات سبحن فِي يَد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيَد أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان. قَالَ: حَتَّى سَمِعت لَهُنَّ حيننا كحنين النَّحْل، كل ذَلِك فِي مجْلِس وَاحِد ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا وهيب بن خَالِد، ثَنَا خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أرْحم أمتِي بأمتي أَبُو بكر، وأشدهم فِي أَمر الله عمر، وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان، وأقرؤهم لكتاب الله - عز وَجل - أبي بن كَعْب، وأفرضهم زيد بن ثَابت، وأعلمهم بالحلال وَالْحرَام معَاذ بن جبل، أَلا وَإِن لكل أمة أَمينا، أَلا وَإِن أَمِين هَذِه الْأمة [أَبُو] عُبَيْدَة بن الْجراح ".
بَاب فضل عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عِيسَى بن عُثْمَان ابْن أخي يحيى بن عِيسَى، ثَنَا أَبُو عِيسَى الرَّمْلِيّ، عَن الْأَعْمَش، عَن عدي بن ثَابت، عَن زر بن حُبَيْش، عَن عَليّ قَالَ:(4/374)
" لقد عهد [إِلَيّ] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه لَا يحبك إِلَّا مُؤمن وَلَا يبغضك إِلَّا مُنَافِق ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، [عَن أبي حَازِم] ، عَن [سهل] .
وَحدثنَا قُتَيْبَة وَاللَّفْظ (بِهَذَا) قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن أبي حَازِم قَالَ: أَخْبرنِي [سهل] بن سعد " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْم خَيْبَر: لَأُعْطيَن هَذِه الرَّايَة رجلا يفتح الله على يَدَيْهِ، يحب الله وَرَسُوله وَيُحِبهُ الله وَرَسُوله. قَالَ: فَبَاتَ النَّاس (يذكرُونَ) ليلتهم أَيهمْ يعطاها، فَلَمَّا أصبح النَّاس غدوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلهم (يَرْجُو) أَن يعطاها فَقَالَ: أَيْن عَليّ بن أبي طَالب؟ قَالَ: هُوَ يَا رَسُول الله / يشتكي عَيْنَيْهِ. قَالَ: فأرسلوا إِلَيْهِ. قَالَ: [فَأتي] بِهِ فبصق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي عَيْنَيْهِ ودعا لَهُ فبرأ حَتَّى كَأَن لم يكن بِهِ وجع، فَأعْطَاهُ الرَّايَة. فَقَالَ عَليّ: يَا رَسُول الله، أقاتلهم حَتَّى يَكُونُوا مثلنَا؟ قَالَ: انفذ على رسلك، حَتَّى تنزل بِسَاحَتِهِمْ، ثمَّ ادعهم إِلَى الْإِسْلَام، وَأخْبرهمْ بِمَا يجب عَلَيْهِم من حق الله - عز وَجل - فوَاللَّه لِأَن يهدي الله بك رجلا وَاحِدًا خير من أَن يكون لَك حمر(4/375)
النعم ".
النَّسَائِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن حَرْب، ثَنَا معَاذ بن خَالِد، ثَنَا الْحُسَيْن ابْن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة قَالَ: سَمِعت أبي بُرَيْدَة يَقُول: " حاصرنا خَيْبَر فَأخذ اللِّوَاء أَبُو بكر فَانْصَرف وَلم يفتح لَهُ، وَأَخذه من الْغَد عمر فَانْصَرف وَلم يفتح لَهُ. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي دَافع لِوَائِي غَدا إِلَى رجل (يُحِبهُ) الله وَرَسُوله و (يحب) الله وَرَسُوله، لَا يرجع حَتَّى يفتح لَهُ. وبتنا طيبَة أَنْفُسنَا أَن الْفَتْح غَدا، فَلَمَّا أصبح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الْغَدَاة ثمَّ قَامَ قَائِما ودعا باللواء، وَالنَّاس على مَصَافهمْ، فَمَا منا إِنْسَان لَهُ منزلَة عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا وَهُوَ يَرْجُو أَن يكون صَاحب اللِّوَاء، فَدَعَا عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ أرمد فتفل فِي عَيْنَيْهِ وَمسح عَنهُ وَدفع إِلَيْهِ اللِّوَاء فَفتح الله لَهُ. قَالَ: أَنا فِيمَن تطاول (لَهُ) ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب وشجاع بن مخلد، جَمِيعًا عَن ابْن علية - قَالَ زُهَيْر: ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن (علية) - حَدثنِي أَبُو حَيَّان - حَدثنَا يزِيد بن حَيَّان قَالَ: " انْطَلَقت أَنا وحصين بن سُبْرَة وَعمر بن مُسلم إِلَى زيد بن أَرقم، فَلَمَّا جلسنا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْن: لقد لقِيت يَا زيد خيرا كثيرا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسمعت حَدِيثه، وَصليت خَلفه. لقد لقِيت يَا زيد خيرا كثيرا، حَدثنَا زيد مِمَّا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يَا ابْن أخي، وَالله لقد كَبرت سني وَقدم عهدي ونسيت بعض الَّذِي كَانَت أعي من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَمَا حدثتكم فاقبلوا، وَمَا لَا فَلَا(4/376)
تكلفونيه. ثمَّ قَالَ: قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا خَطِيبًا بِمَاء يدعى خما بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، وَوعظ وَذكر، ثمَّ قَالَ: أما بعد أَيهَا النَّاس / إِنَّمَا أَنا بشر يُوشك أَن يأتيني رَسُول رَبِّي فَأُجِيب، فَأَنا تَارِك فِيكُم ثقلين أَولهمَا كتاب الله - عز وَجل - فِيهِ الْهدى والنور، فَخُذُوا بِكِتَاب الله - عز وَجل - واستمسكوا بِهِ. فَحَث على كتاب الله وَرغب فِيهِ ثمَّ قَالَ: وَأهل بَيْتِي أذكركم الله فِي أهل بَيْتِي، أذكركم الله فِي أهل بَيْتِي - ثَلَاثًا - فَقَالَ حُصَيْن: وَمن أهل بَيته يَا زيد أَلَيْسَ نساؤه من أهل بَيته؟ قَالَ: نساؤه من أهل بَيته وَلَكِن أهل بَيته من حرم الصَّدَقَة بعده. قَالَ: وَمن هم؟ قَالَ: هم آل عَليّ وَآل عقيل وَآل جَعْفَر وَآل عَبَّاس قَالَ: كل هَؤُلَاءِ حرم الصَّدَقَة؟ قَالَ: نعم ".
وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا جرير، عَن أبي حَيَّان بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحْو حَدِيث إِسْمَاعِيل، وَزَاد جرير: " كتاب الله فِيهِ الْهدى والنور، من استمسك بِهِ وَأخذ بِهِ كَانَ على الْهدى، وَمن أخطأه ضل ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن أبي حَازِم - عَن أَبِيه، عَن سهل بن سعد قَالَ: " اسْتعْمل على الْمَدِينَة رجل من آل مَرْوَان قَالَ: فَدَعَا سهل ابْن سعد فَأمره أَن يشْتم عليا قَالَ: فَأبى سهل. فَقَالَ: أما [إِذْ] أَبيت فَقل: لعن الله أَبَا (تُرَاب) . فَقَالَ سهل: مَا كَانَ لعَلي اسْم أحب إِلَيْهِ من أبي التُّرَاب وَإِن كَانَ ليفرح إِذا دعِي بِهِ. فَقَالَ لَهُ: أخبرنَا عَن قصَّته لم سمي أَبَا تُرَاب؟ قَالَ: جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيت فَاطِمَة فَلم يجد عليا فِي الْبَيْت، فَقَالَ: أَيْن ابْن عمك؟ فَقَالَت: كَانَ بيني وَبَينه شَيْء، فغاضبني فَخرج فَلم يقل عِنْدِي. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لإِنْسَان: انْظُر أَيْن هُوَ؟ فجَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هُوَ فِي الْمَسْجِد رَاقِد. فَجَاءَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مُضْطَجع قد سقط رِدَاؤُهُ عَن شقَّه فَأَصَابَهُ تُرَاب، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسحه(4/377)
وَيَقُول: قُم أَبَا (تُرَاب) قُم أَبَا (تُرَاب) ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَمُحَمّد بن عباد - وتقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَا: ثَنَا حَاتِم - وَهُوَ ابْن إِسْمَاعِيل - عَن بكير بن مِسْمَار، عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص، عَن أَبِيه قَالَ: " أَمر مُعَاوِيَة سَعْدا فَقَالَ: مَا يمنعك أَن تسب أَبَا (تُرَاب) ؟ فَقَالَ: أما مَا ذكرت ثَلَاثًا قالهن لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَنْ أسبه؛ لِأَن تكون لي وَاحِدَة مِنْهُنَّ أحب إِلَيّ من حمر النعم. سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يَقُول لَهُ خَلفه فِي بعض مغازيه فَقَالَ لَهُ عَليّ: يَا رَسُول الله، خلفتني مَعَ النِّسَاء وَالصبيان؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما ترْضى أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نبوة بعدِي؟ وسمعته يَقُول يَوْم خَيْبَر: لَأُعْطيَن الرَّايَة رجلا يحب الله وَرَسُوله وَيُحِبهُ الله [وَرَسُوله] قَالَ: فتطاولنا لَهَا فَقَالَ: ادعوا لي عليا. فَأتي بِهِ أرمد فبصق فِي عينه، وَدفع الرَّايَة إِلَيْهِ، فَفتح الله عَلَيْهِ. وَلما أنزلت هَذِه الْآيَة {فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم} دَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عليا وَفَاطِمَة وحسنا وَحسَيْنا وَقَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهلِي ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الصَّباح و [عبيد الله] القواريري وسريج بن يُونُس، كلهم عَن يُوسُف الْمَاجشون - وَاللَّفْظ لِابْنِ الصَّباح - قَالَ: حَدثنَا يُوسُف أَبُو سَلمَة الْمَاجشون، حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص، عَن أَبِيه قَالَ: " قَالَ(4/378)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعَلي: أَنْت مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نَبِي بعدِي. قَالَ سعيد: فَأَحْبَبْت [أَن] أشافه بهَا سَعْدا، فَلَقِيت سَعْدا فَحَدَّثته بِمَا حَدثنِي عَامر فَقَالَ: أَنا سمعته. قلت: آنت سمعته؟ فَوضع إصبعيه على أُذُنَيْهِ فَقَالَ: نعم، وَإِلَّا استكتا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بشر بن هِلَال الصَّواف، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، ثَنَا حَرْب ابْن شَدَّاد، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: " لما غزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَة تَبُوك خلف عليا فَقَالُوا: مله وَكره صحبته. فتبع عَليّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى لحقه فِي الطَّرِيق قَالَ: يَا رَسُول الله، خلفتني بِالْمَدِينَةِ مَعَ الذَّرَارِي وَالنِّسَاء حَتَّى قَالُوا: مله وَكره صحبته. فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا عَليّ، إِنَّمَا خلفتك على أَهلِي، أما ترْضى أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى غير أَنه لَا نَبِي بعدِي ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سَلمَة بن كهيل قَالَ: سَمِعت أَبَا الطُّفَيْل، يحدث عَن أبي سريحَة أَو زيد بن أَرقم - شكّ شُعْبَة - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
وَأَبُو سريحَة هُوَ حُذَيْفَة بن [أسيد] الْغِفَارِيّ / صَاحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن حَمَّاد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن الْأَعْمَش، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن زيد بن أَرقم، أَن(4/379)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كنت مَوْلَاهُ (فعلي) مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ، وَعَاد من عَادَاهُ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا أَبُو أَحْمد، ثَنَا عبد الْملك بن أبي [غنية] ، عَن الحكم بن عتيبة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي بُرَيْدَة قَالَ: " بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ عَليّ بن أبي طَالب فَرَأَيْت مِنْهُ جفوة فَلَمَّا جِئْت شكوته إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرفع رَأسه فَقَالَ: يَا بُرَيْدَة، من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ ".
عبد الْملك هُوَ ابْن حميد بن أبي [غنية] وَهُوَ ثِقَة، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَأحمد بن حَنْبَل.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، ثَنَا يزِيد الرشك، عَن مطرف، عَن عمرَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عَليّ مني وَأَنا من عَليّ، وَعلي ولي كل مُؤمن بعدِي ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن شُعَيْب - هُوَ النَّسَائِيّ - أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن حَمَّاد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سُلَيْمَان - يَعْنِي: الْأَعْمَش - ثَنَا حبيب بن أبي ثَابت، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: " لما رَجَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حجَّة الْوَدَاع، وَنزل بغدير خم أَمر بدوحات [فقممن] ثمَّ قَالَ: كَأَنِّي قد دعيت فأجبت، إِنِّي قد تركت فِيكُم الثقلَيْن، أَحدهمَا أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي(4/380)
أهل بَيْتِي، فانظروا كَيفَ تخلفوني فيهمَا، فَإِنَّهُمَا لن يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا على الْحَوْض. ثمَّ قَالَ: إِن الله - عز وَجل - مولَايَ وَأَنا ولي كل مُؤمن. ثمَّ أَخذ بيد عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: من كنت وليه فَهَذَا وليه، اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ وَعَاد من عَادَاهُ. فَقلت لزيد: سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: مَا كَانَ فِي الدوحات [أحد] إِلَّا رَآهُ بِعَيْنِه وسَمعه بأذنيه ".
قَالَ أَبُو جَعْفَر: هَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح لَا طعن لأحد فِي أحد من رُوَاته.
قَالَ أَبُو جَعْفَر: وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن يُونُس، ثَنَا جَعْفَر بن مُسَافر، حَدثنَا ابْن أبي فديك، ثَنَا [مُوسَى] بن يَعْقُوب [الزمعِي] ، عَن المُهَاجر بن مِسْمَار مولى عَامر / بن سعد، أَن عَائِشَة ابْنة سعد بن أبي وَقاص أخْبرته، أَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[يَوْم] الْجحْفَة أَمر (بالتنجات) أَن (ينجم) مَا تحتهن، فَلَمَّا كَانَ الرواح خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخذ بيد عَليّ فَخَطب النَّاس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد أَيهَا النَّاس، فَإِنِّي وَلِيكُم، قَالُوا: صدقت يَا رَسُول الله. ثمَّ أَخذ بيد عَليّ فَرَفعهَا فَقَالَ: هَذَا وليي والمؤدي عني، والى الله من وَالَاهُ، وعادى من عَادَاهُ ".(4/381)
رَوَاهُ مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة عَن مُوسَى بن يَعْقُوب، وَلم يذكر " الْمُؤَدِّي عني ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بلج، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أول من صلى مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد خَدِيجَة عَليّ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَمُحَمّد بن الْمثنى قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، (عَن) عَمْرو بن مرّة، عَن أبي حَمْزَة - رجل من الْأَنْصَار - قَالَ: سَمِعت زيد بن أَرقم يَقُول: " أول من أسلم عَليّ. قَالَ عَمْرو بن مرّة: فَذكرت ذَلِك لإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فَقَالَ: أول من أسلم أَبُو بكر الصّديق ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأَبُو حَمْزَة اسْمه طَلْحَة بن [يزِيد] .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن عِيسَى بن عمر، عَن السّديّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " كَانَ عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طير فَقَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأحب خلقك إِلَيْك يَأْكُل معي هَذَا الطير. فجَاء عَليّ فَأكل مَعَه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه من حَدِيث السّديّ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن أنس.
وَالسُّديّ إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن سمع من أنس بن مَالك، وَرَأى(4/382)
(الْحُسَيْن) بن عَليّ (وَثَّقَهُ شُعْبَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وَيحيى بن سعيد الْقطَّان) .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد، ثَنَا الْأَحْوَص بن جَوَاب أَبُو الْجَواب، عَن يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جيشين وَأمر على أَحدهمَا عَليّ بن أبي طَالب، وعَلى الآخر خَالِد بن الْوَلِيد وَقَالَ: إِذا كَانَ الْقِتَال فعلي. قَالَ: فَافْتتحَ عَليّ حصنا فَأخذ مِنْهُ جَارِيَة فَكتب معي خَالِد / كتابا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يشي بِهِ. قَالَ: فَقدمت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَرَأَ الْكتاب فَتغير لَونه ثمَّ قَالَ: مَا ترى فِي رجل يحب الله وَرَسُوله وَيُحِبهُ الله وَرَسُوله؟ قَالَ: قلت: أعوذ بِاللَّه من غضب الله وَغَضب رَسُوله وَإِنَّمَا أَنا رَسُول. فَسكت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن أبان، ثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، ثَنَا قنان بن عبد الله، عَن مُصعب، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من آذَى عليا فقد آذَانِي ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن سعد إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قنان بن عبد الله كُوفِي ثِقَة، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين.(4/383)
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، ثَنَا الْوَلِيد بن صَالح النخاس، حَدثنَا عبيد الله بن عَمْرو الرقي، عَن زيد بن أبي [أنيسَة] عَن أبي إِسْحَاق، عَن [الْعيزَار] بن حُرَيْث قَالَ: " كنت عِنْد ابْن عمر فَسَأَلَهُ رجل عَن عَليّ وَعُثْمَان، فَقَالَ: أما عَليّ فَلَا تسألنا عَنهُ، وَلَكِن انْظُر إِلَى مَنْزِلَته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِنَّه سد أبوابنا فِي الْمَسْجِد غير بَابه، وَأما عُثْمَان فَإِنَّهُ أذْنب ذَنبا يَوْم التقى الْجَمْعَانِ عَظِيما عَفا الله عَنهُ، وأذنب ذَنبا صَغِيرا فقتلتموه ".
قَالَ: وَحدثنَا أَحْمد، أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن حَمَّاد، ثَنَا الوضاح - وَهُوَ أَبُو عوَانَة - ثَنَا يحيى - وَهُوَ ابْن أبي سليم أَبُو بلج - ثَنَا عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: " وسد أَبْوَاب الْمَسْجِد - يَعْنِي: النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير بَاب عَليّ، فَكَانَ يدْخل الْمَسْجِد وَهُوَ جنب، وَهُوَ طَرِيقه لَيْسَ لَهُ طَرِيق غَيره ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد الْأَصْبَهَانِيّ، ثَنَا شريك بن عبد الله النَّخعِيّ، عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن عَليّ قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لما افْتتح مَكَّة، وَأَتَاهُ النَّاس من قُرَيْش فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد، إِنَّا حلفاؤك وقومك، وَإنَّهُ قد لحق بك أَبْنَاؤُنَا وأرقاؤنا وَلَيْسَ بهم رَغْبَة فِي الْإِسْلَام وَإِنَّمَا فروا من الْعَمَل فارددهم علينا. فَشَاور أَبَا بكر - رَضِي الله عَنهُ - فِي أَمرهم فَقَالَ: صدقُوا يَا رَسُول الله. فَتغير وَجهه / فَقَالَ: يَا عمر، مَا ترى؟ فَقَالَ مثل قَول أبي بكر. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا معشر قُرَيْش، ليبْعَثن الله عَلَيْكُم رجلا مِنْكُم امتحن الله قلبه للْإيمَان يضْرب رِقَابكُمْ على الدَّين. فَقَالَ أَبُو بكر: أَنا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لَا فَقَالَ عمر: أَنا هُوَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لَا، وَلكنه خاصف النَّعْل فِي الْمَسْجِد. قَالَ: وَقد ألْقى إِلَى عَليّ نَعله يخصفها. قَالَ: وَقَالَ عَليّ: أما إِنِّي سمعته يَقُول: لَا تكذبوا عَليّ فَإِنَّهُ من يكذب عَليّ يلج النَّار ".(4/384)
سمع شريك [من] مَنْصُور هَذَا الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، حَدثنَا أبي، عَن شريك، عَن مَنْصُور بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث، وَبَينهمَا اخْتِلَاف فِي اللَّفْظ. قَالَ فِيهِ: " وَلَيْسَ لَهُم فقه فِي الدَّين. فَقَالَ: إِن لم يكن لَهُم فقه فِي الدَّين سنفقههم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَفْص الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الإِمَام قَالَ: ثَنَا يُوسُف بن مُوسَى الْقطَّان، حَدثنَا جرير بن عبد الحميد، عَن الْأَعْمَش، عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء الزبيدِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كُنَّا قعُودا نَنْتَظِر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَخرج إِلَيْنَا من حجرَة عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فَانْقَطَعت نَعله فَرمى بهَا إِلَى عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - ثمَّ جلس فَقَالَ: إِن مِنْكُم لمن ليقاتلن على تَأْوِيل الْقُرْآن كَمَا قَاتَلت على تَنْزِيله. قَالَ أَبُو بكر: أَنا؟ قَالَ: لَا. قَالَ عمر: أَنا؟ قَالَ: لَا، وَلكنه خاصف النَّعْل فِي الْحُجْرَة.
قَالَ رَجَاء الزبيدِيّ: فَأتى رجل عليا فِي الرحبة فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، هَل كَانَ فِي حَدِيث النَّعْل شَيْء؟ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك لتشهدن أَنه كَانَ مِمَّا يسره إِلَيّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ: وَحدثنَا أَحْمد بن شُعَيْب، أبنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن قدامَة - وَاللَّفْظ لَهُ - عَن جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن إِسْمَاعِيل بِهَذَا إِلَى قَوْله: " وَلكنه خاصف النَّعْل ".
رَجَاء هُوَ ابْن ربيعَة الزبيدِيّ، روى عَنهُ ابْنه إِسْمَاعِيل وَيحيى بن هَانِئ [بن] عُرْوَة الْمرَادِي، وَإِسْمَاعِيل وَيحيى ثقتان مشهوران.(4/385)
مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا إِسْمَاعِيل / ابْن علية، عَن ابْن عون، عَن الْحسن، عَن أمه، عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تقتل عمارا الفئة الباغية ".
بَاب فضل قرَابَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
الْبَزَّار: حَدثنَا زيد بن أخزم، ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة، ثَنَا شريك، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن سعيد بن الْمسيب وَحَمْزَة بن أبي سعيد، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا بَال أَقوام يَزْعمُونَ أَن قرَابَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ينفع، بلَى وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن رحمي مَوْصُولَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ".
وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ زُهَيْر بن مُحَمَّد وَغَيره عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن حَمْزَة بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، وَلَا نعلم أحدا جمع سعيد بن الْمسيب وَحَمْزَة إِلَّا أَبُو قُتَيْبَة، عَن شريك، عَن عبد الله بن عقيل.
بَاب سعد بن أبي وَقاص وَطَلْحَة رَضِي الله عَنْهُمَا
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن يحيى بن سعيد، عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " أرق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة فَقَالَ: لَيْت رجلا صَالحا من أَصْحَابِي يَحْرُسنِي اللَّيْلَة. قَالَ: وَسَمعنَا صَوت السِّلَاح. فَقَالَ رَسُول الله: من هَذَا؟ قَالَ: سعد بن أبي وَقاص يَا رَسُول الله، جِئْت أَحْرُسُك. قَالَت عَائِشَة: فَنَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى سَمِعت غَطِيطه ".(4/386)
مُسلم: حَدثنَا مَنْصُور بن أبي [مُزَاحم] ، ثَنَا إِبْرَاهِيم - يَعْنِي ابْن سعد - عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ: سَمِعت عليا يَقُول: " مَا جمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَوَيْهِ لأحد غير سعد بن مَالك، فَإِنَّهُ جعل يَقُول لَهُ يَوْم أحد: ارْمِ فدَاك أبي وَأمي ".
التِّرْمِذِيّ: وَحدثنَا الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار، ثَنَا سُفْيَان، عَن ابْن جدعَان وَيحيى بن سعيد، سمعا سعيد بن الْمسيب يَقُول: قَالَ عَليّ: " مَا جمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَاهُ وَأمه لأحد إِلَّا لسعد بن أبي وَقاص، قَالَ لَهُ يَوْم أحد: ارْمِ فدَاك أبي وَأمي. وَقَالَ لَهُ: ارْمِ أَيهَا الْغُلَام الحزور ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن / صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عُثْمَان بن حَكِيم الأودي، ثَنَا زَكَرِيَّا بن عدي، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن مخرمَة، عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد، عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْم أحد: أنبلوا سَعْدا، ارْمِ يَا سعد، رمى الله لَك، فدَاك أبي ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد، ثَنَا حَاتِم - يَعْنِي ابْن إِسْمَاعِيل - عَن بكير ابْن مِسْمَار، عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمع لَهُ أَبَوَيْهِ يَوْم أحد،(4/387)
قَالَ: كَانَ رجل من الْمُشْركين قد أحرق الْمُسلمين فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ارْمِ فدَاك أبي وَأمي. قَالَ: فنزعت لَهُ بِسَهْم لَيْسَ فِيهِ نصل، فَأَصَبْت جنبه، فَسقط وانكشفت عَوْرَته، فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى نظرت إِلَى نَوَاجِذه ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، عَن سُفْيَان، عَن الْمِقْدَام ابْن شُرَيْح، عَن أَبِيه، عَن سعد " (فِي قَوْله) {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} قَالَ: نزلت فِي سِتَّة: أَنا وَابْن مَسْعُود مِنْهُم، وَكَانَ الْمُشْركُونَ قَالُوا لَهُ: تدني هَؤُلَاءِ؟ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أخبرنَا ابْن أبي زَائِدَة، عَن هَاشم ابْن هَاشم [بن] عتبَة بن أبي وَقاص قَالَ: سَمِعت سعيد بن الْمسيب يَقُول: سَمِعت سعد بن أبي وَقاص يَقُول: " مَا أسلم أحد إِلَّا فِي الْيَوْم الَّذِي أسلمت فِيهِ، وَلَقَد مكثت (تِسْعَة) أَيَّام وَإِنِّي لثلث الْإِسْلَام ".
تَابعه أَبُو أُسَامَة قَالَ: حَدثنَا هَاشم.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ على حراء هُوَ وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان(4/388)
وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر، فتحركت الصَّخْرَة فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اهدأ فَمَا عَلَيْك إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا خَالِد، ثَنَا ابْن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: " رَأَيْت يَد طَلْحَة بن عبيد الله الَّتِي وقى بهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد شلت ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سعيد الْأَشَج، ثَنَا يُونُس بن بكير، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عَن أَبِيه، عَن جده / عبد الله بن الزبير، عَن الزبير قَالَ: " كَانَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد دِرْعَانِ، فَنَهَضَ إِلَى الصَّخْرَة فَلم يسْتَطع، فَأقْعدَ تَحْتَهُ طَلْحَة وَصعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى اسْتَوَى على الصَّخْرَة فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: أوجب طَلْحَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي وحامد بن عمر البكراوي وَمُحَمّد ابْن عبد الْأَعْلَى قَالُوا: أبنا الْمُعْتَمِر - وَهُوَ ابْن سُلَيْمَان - قَالَ: سَمِعت أبي، عَن أبي عُثْمَان قَالَ: " لم يبْق مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض تِلْكَ الْأَيَّام الَّتِي قَاتل فِيهِنَّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير طَلْحَة وَسعد عَن حَدِيثهمَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا رَجَاء بن مُحَمَّد الْعَدوي، ثَنَا جَعْفَر بن عون، عَن(4/389)
إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن سعد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اللَّهُمَّ استجب لسعد إِذا دعَاك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اللَّهُمَّ استجب لسعد إِذا دعَاك " وَهَذَا أصح.
بَاب فضل الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سمعته يَقُول: " ندب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّاس يَوْم الخَنْدَق فَانْتدبَ الزبير، ثمَّ ندبهم فَانْتدبَ الزبير، ثمَّ ندبهم فَانْتدبَ الزبير فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لكل نَبِي حوارِي وحواري الزبير ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن الْخَلِيل وسُويد بن سعيد، كِلَاهُمَا عَن ابْن مسْهر. قَالَ: إِسْمَاعِيل: أخبرنَا عَليّ بن مسْهر. عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: " كنت أَنا وَعمر بن أبي سَلمَة يَوْم الخَنْدَق مَعَ النسْوَة فِي أَطَم حسان، فَكَانَ يُطَأْطِئ لي مرّة فَأنْظر وأطاطئ لَهُ مرّة فَينْظر، فَكنت أعرف أبي إِذا مر على فرسه فِي السِّلَاح إِلَى بني قُرَيْظَة ".
قَالَ: وَأَخْبرنِي / عبد الله بن عُرْوَة، عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: " فَذكرت ذَلِك لأبي وَقَالَ: ورأيتني يَا بني؟ قلت: نعم. قَالَ: أما وَالله قد جمع لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمئِذٍ أَبَوَيْهِ فَقَالَ: فدَاك أبي وَأمي ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن مُحَمَّد بن يزِيد بن [خُنَيْس] وَأحمد بن يُوسُف(4/390)
الْأَزْدِيّ قَالَا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن يحيى بن سعيد، عَن سُهَيْل [بن] أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ على جبل حراء فَتحَرك فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسكن حراء، فَمَا عَلَيْك إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد. وَعَلِيهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَعمر (وَعلي وَعُثْمَان) وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد بن أبي وَقاص ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا ابْن نمير وَعَبدَة قَالَا: ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَت لي عَائِشَة: أَبَوَاك وَالله من الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح ".
بَاب فضل عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن أَيُّوب الْمَدَائِنِي، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا أَبُو الْمُعَلَّى الْجَزرِي، عَن مَيْمُون بن مهْرَان، عَن ابْن عمر قَالَ: " سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب يَقُول لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِنَّك أَمِين فِي السَّمَاء أَمِين فِي الأَرْض ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأَبُو الْمُعَلَّى اسْمه فرات بن [السَّائِب] .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عُثْمَان الْبَصْرِيّ، ثَنَا قُرَيْش بن أنس، عَن(4/391)
مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة " [أَن] عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أوصى بحديقة لأمهات الْمُؤمنِينَ بِيعَتْ بأربعمائة ألف ".
بَاب فضل أبي عُبَيْدَة بن الْجراح رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، أبنا إِسْمَاعِيل ابْن علية، أبنا خَالِد، عَن أبي قلَابَة قَالَ: قَالَ أنس: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لكل أمة أَمينا وَإِن أميننا أيتها الْأمة / [أَبُو] عُبَيْدَة بن الْجراح ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَابْن مثنى - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت أَبَا إِسْحَاق يحدث، عَن صلَة بن زفر، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " جَاءَ أهل نَجْرَان إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، ابْعَثْ إِلَيْنَا رجلا أَمينا. قَالَ: لَأَبْعَثَن إِلَيْكُم رجلا أَمينا حق أَمِين حق أَمِين. قَالَ: فاستشرف لَهَا النَّاس، قَالَ: فَبعث أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح ".
وَفِي لفظ آخر: " أهل الْيمن ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عَبَّاس بن الْحُسَيْن، ثَنَا يحيى بن آدم، عَن إِسْرَائِيل،(4/392)
عَن أبي إِسْحَاق، عَن صلَة بن زفر، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " جَاءَ السَّيِّد وَالْعَاقِب صاحبا نَجْرَان إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُريدَان [أَن] يلاعناه فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: لَا تفعل، فوَاللَّه لَئِن كَانَ نَبيا فلاعننا لَا نفلح نَحن وَلَا عقبنا من بَعدنَا. قَالَا: إِنَّا نعطيك مَا سألتنا وَابعث مَعنا رجلا أَمينا وَلَا تبْعَث مَعنا إِلَّا أَمينا. فَقَالَ: لَأَبْعَثَن مَعكُمْ رجلا أَمينا (حق أَمِين) . فاستشرف لَهَا أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: قُم يَا أَبَا عُبَيْدَة ابْن الْجراح. فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذَا أَمِين هَذِه الْأمة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن الْجريرِي، عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ: " قلت لعَائِشَة: أَي أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحب إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَت: أَبُو بكر. قلت: ثمَّ من؟ قَالَت: عمر. قلت: ثمَّ من؟ قَالَت: أَبُو عُبَيْدَة. قلت: ثمَّ من؟ قَالَ: فَسَكَتَتْ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب فضل سعيد بن زيد رَضِي الله عَنهُ
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى، ثَنَا إِسْمَاعِيل، ثَنَا قيس، سَمِعت سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل يَقُول للْقَوْم: " رَأَيْتنِي موثقي عمر على الْإِسْلَام أَنا وَأُخْته، وَمَا أسلم، وَلَو أَن أحدا أنقض لما صَنَعْتُم بعثمان لَكَانَ(4/393)
محقوقا أَن ينْقض ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا هشيم، أبنا حُصَيْن، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن عبد / الله بن ظَالِم الْمَازِني، عَن سعيد بن زيد [بن] عَمْرو بن نفَيْل أَنه قَالَ: " أشهد على التِّسْعَة أَنهم فِي الْجنَّة وَلَو شهِدت على الْعَاشِر لم آثم. قيل: فَكيف ذَلِك؟ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بحراء فَقَالَ: اثْبتْ حراء فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْك إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد. قيل: وَمن هم؟ قَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَبُو بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، وَعلي، وَطَلْحَة، وَالزُّبَيْر، وَسعد، وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف. قيل: فَمن الْعَاشِر؟ قَالَ: أَنا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
بَاب فضل الْحسن وَالْحُسَيْن
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي [عمر] ، ثَنَا سُفْيَان، عَن عبيد الله بن أبي يزِيد، عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " خرجت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي طَائِفَة من النَّهَار لَا يكلمني وَلَا ُأكَلِّمهُ، حَتَّى جَاءَ سوق بني قينقاع، قَالَ: ثمَّ انْصَرف حَتَّى أَتَى خباء فَاطِمَة فَقَالَ: (أَثم لكع) ؟ حَتَّى جَاءَ - يَعْنِي حسنا - فظننا أَنه إِنَّمَا تحبسه أمه لِأَن تغسله وتلبسه سخابا، فَلم يلبث أَن جَاءَ يسْعَى فاعتنق كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ إِنِّي أحبه فَأَحبهُ و (أحب)(4/394)
من يُحِبهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي مُوسَى قَالَ: سَمِعت الْحسن يَقُول: سَمِعت أَبَا بكرَة يَقُول: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمِنْبَر وَالْحسن بن عَليّ إِلَى جنبه وَهُوَ يقبل على النَّاس مرّة وَعَلِيهِ أُخْرَى وَيَقُول: إِن ابْني هَذَا سيد، وَلَعَلَّ الله أَن يصلح بِهِ بَين فئتين عظيمتين من الْمُسلمين ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير - وَاللَّفْظ لأبي بكر - قَالَا: أبنا مُحَمَّد بن بشر، عَن زَكَرِيَّا، عَن مُصعب بن شيبَة، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت: قَالَت عَائِشَة: " خرج النَّبِي غَدَاة وَعَلِيهِ مرط مرحل من شعر أسود، فجَاء الْحسن بن عَليّ فَأدْخلهُ، [ثمَّ جَاءَ الْحُسَيْن فَدخل مَعَه] ، ثمَّ جَاءَت فَاطِمَة فَأدْخلهَا، ثمَّ جَاءَ عَليّ فَأدْخلهُ ثمَّ تَلا {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم، عَن [عمر] بن سعيد بن أبي حُسَيْن، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن عقبَة بن الْحَارِث قَالَ: " صلى أَبُو بكر الْعَصْر ثمَّ خرج يمشي فَرَأى الْحسن يلْعَب مَعَ الصّبيان فَحَمله على عَاتِقه وَقَالَ: بِأبي شَبيه بِالنَّبِيِّ(4/395)
لَا شَبيه بعلي. وَعلي يضْحك ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله / بن عبد الرَّحْمَن، أخبرنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن هَانِئ بن هَانِئ، عَن عَليّ قَالَ: " الْحسن أشبه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا بَين الصَّدْر إِلَى الرَّأْس، وَالْحُسَيْن أشبه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا كَانَ أَسْفَل من ذَلِك ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، حَدثنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي، عَن سُفْيَان، عَن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن ابْن أبي [نعم] ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن وَإِسْحَاق بن مَنْصُور قَالَا: أبنا مُحَمَّد بن يُوسُف، عَن إِسْرَائِيل، عَن ميسرَة بن حبيب، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن زر بن حُبَيْش، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " سَأَلتنِي أُمِّي: مَتى عَهْدك - تَعْنِي بِالنَّبِيِّ(4/396)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقلت: مَا لي بِهِ عهد مُنْذُ كَذَا وَكَذَا. فنالت مني. فَقلت لَهَا: دعيني آتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأصلي مَعَه الْمغرب وأسأله أَن يسْتَغْفر لي وَلَك، فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَصليت مَعَه الْمغرب فصلى حَتَّى صلى الْعشَاء ثمَّ انْفَتَلَ فتبعته فَسمع صوتي فَقَالَ: من هَذَا؟ حُذَيْفَة؟ قلت: نعم. قَالَ: مَا حَاجَتك غفر الله لَك ولأمك؟ قَالَ: إِن هَذَا ملك لم ينزل الأَرْض قطّ قبل هَذِه اللَّيْلَة، اسْتَأْذن ربه أَن يسلم عَليّ ويبشرني بِأَن فَاطِمَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة، وَأَن الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث إِسْرَائِيل.
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى وَمُحَمّد بن معمر قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد، ثَنَا شُرَحْبِيل بن مدرك الْجعْفِيّ، عَن عبد الله بن نجي، عَن أَبِيه " أَنه سَافر مَعَ عَليّ وَكَانَ صَاحب مطهرته، فَلَمَّا حَاذَى بنينوى وَهُوَ منطلق إِلَى صفّين، فَنَادَى عَليّ: صبرا أَبَا عبد الله. فَقلت: وماذا أَبَا عبد الله؟ قَالَ: أَنا دخلت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم وَعَيناهُ تفيضان، فَقلت: يَا رَسُول الله، أغضبك أحد مَا شَأْن عَيْنَيْك تفيضان؟ قَالَ: بلَى، قَامَ من عِنْدِي جِبْرِيل فَحَدثني أَن الْحُسَيْن يقتل بشط الْفُرَات، قَالَ: هَل لَك أَن أشمك من تربته؟ قَالَ: قلت: نعم. قَالَ: فَمد يَده فَقبض قَبْضَة من تُرَاب فَلم أملك عَيْني أَن فاضتا ".
وَهَذَا / الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن عَليّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا وَاصل بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عمَارَة [بن] عُمَيْر قَالَ: " لما جِيءَ بِرَأْس عبيد الله وَأَصْحَابه نضدت فِي(4/397)
الْمَسْجِد فِي الرحبة فانتهيت إِلَيْهِم وهم يَقُولُونَ: قد جَاءَت، قد جَاءَت. فَإِذا حَيَّة تخَلّل الرُّءُوس حَتَّى دخلت فِي منخري عبيد الله بن زِيَاد فَمَكثت هنيَّة ثمَّ خرجت فَذَهَبت حَتَّى تغيبت، ثمَّ قَالُوا: قد جَاءَت، قد جَاءَت. فَفعلت ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ".
هَذَا حَدِيث حسن.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان، [عَن] حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا عمار بن أبي عمار، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا يرى النَّائِم بِنصْف النَّهَار وَهُوَ قَائِم أَشْعَث أغبر بِيَدِهِ قَارُورَة فِيهَا دم. فَقلت: بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا دم الْحُسَيْن وَأَصْحَابه لم أزل ألتقطه مُنْذُ الْيَوْم. فَوجدَ قتل فِي ذَلِك الْيَوْم ".
بَاب فضل الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن دَاوُد الوَاسِطِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة الطَّوِيل التَّيْمِيّ، حَدثنَا أَبُو سهل بن مَالك، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن سعد " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نظر إِلَى الْعَبَّاس فَقَالَ: هَذَا عَم نَبِيكُم أَجود قُرَيْش كفا و (حناء) عَلَيْهَا ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَمُحَمّد بن طَلْحَة التَّيْمِيّ هَذَا رجل مَشْهُور من أهل الْمَدِينَة.(4/398)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْقَاسِم بن دِينَار، ثَنَا [عبيد الله] ، عَن إِسْرَائِيل، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعَبَّاس مني وَأَنا مِنْهُ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث إِسْرَائِيل.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، أبنا عبد الْوَهَّاب بن عَطاء، عَن ثَوْر، عَن مَكْحُول، عَن حُذَيْفَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للْعَبَّاس: إِذا كَانَ غَدَاة الِاثْنَيْنِ فائتني أَنْت وولدك حَتَّى (أَدعِي لَهُم) بدعوة ينفعك الله، بهَا وولدك. فغدا وغدونا مَعَه وألبسنا كسَاء ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر للْعَبَّاس وَولده مغْفرَة ظَاهِرَة وباطنة لَا تغادر ذَنبا، اللَّهُمَّ احفظه فِي وَلَده ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب فضل جَعْفَر بن أبي طَالب وابنيه عبد الله وَعون ابْني جَعْفَر رَضِي الله عَنْهُم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء بن عَازِب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لجَعْفَر بن أبي طَالب: أشبهت خلقي وخُلقي ".(4/399)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، أبنا إِسْمَاعِيل ابْن علية، عَن حبيب ابْن الشَّهِيد، عَن عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ: " قَالَ عبد الله بن جَعْفَر لِابْنِ الزبير: أَتَذكر إِذْ تلقينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنا وَأَنت وَابْن عَبَّاس؟ قَالَ: نعم. فحملنا وتركك ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة - وَاللَّفْظ ليحيى - قَالَ أَبُو بكر: حَدثنَا. وَقَالَ يحيى: أخبرنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن مُورق الْعجلِيّ، عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بَيته. قَالَ: وَإنَّهُ قدم من سفر فَسبق بِي إِلَيْهِ فَحَمَلَنِي بَين يَدَيْهِ ثمَّ جِيءَ بِأحد ابْني فَاطِمَة فأردفه خَلفه قَالَ: فأدخلنا الْمَدِينَة ثَلَاثَة على دَابَّة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا وهب، ثَنَا أبي قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب يحدث، عَن الْحسن بن سعد، عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَيْشًا وَاسْتعْمل عَلَيْهِم زيد بن حَارِثَة، وَقَالَ: إِن قتل زيد - أَو اسْتشْهد - فأميركم جَعْفَر بن أبي طَالب، فَإِن قتل - أَو اسْتشْهد - فأميركم عبد الله بن رَوَاحَة. فَلَقوا الْعَدو فَأخذ الرَّايَة زيد، فقاتل حَتَّى قتل، ثمَّ أَخذ الرَّايَة جَعْفَر، فقاتل حَتَّى قتل، ثمَّ أَخذ الرَّايَة عبد الله بن [رَوَاحَة] فقاتل حَتَّى قتل، ثمَّ أَخذ الرَّايَة خَالِد بن الْوَلِيد فَفتح الله عَلَيْهِ فَأتى خبرهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَخرج إِلَى النَّاس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: [إِن] إخْوَانكُمْ لقوا الْعَدو(4/400)
[فَأخذ] الرَّايَة زيد بن حَارِثَة فقاتل حَتَّى قتل - أَو اسْتشْهد - / ثمَّ أَخذ الرَّايَة جَعْفَر فقاتل حَتَّى قتل - أَو اسْتشْهد - ثمَّ أَخذ الرَّايَة عبد الله بن رَوَاحَة فقاتل حَتَّى قتل - أَو اسْتشْهد - ثمَّ أَخذ الرَّايَة سيف من سيوف الله خَالِد بن الْوَلِيد فَفتح الله عَلَيْهِ. ثمَّ أمْهل آل جَعْفَر ثَلَاثًا أَن يَأْتِيهم، ثمَّ أَتَاهُم فَقَالَ: لَا تبكوا على أخي بعد الْيَوْم. ثمَّ قَالَ: ادعوا لي [بني] أخي. فجيء بِنَا كأنا أفرخ فَقَالَ: ادعوا لي الحلاق. فَأمره بحلق رءوسنا، ثمَّ قَالَ لنا: مُحَمَّد فشبيه عمنَا (أَبُو) طَالب، وَأما [عبد الله] فشبيه خَلقي وخُلقي. ثمَّ أَخذ بيَدي فأشالها فَقَالَ: اللَّهُمَّ اخلف جعفرا فِي أَهله وَبَارك لعبد الله فِي صَفْقَة يَمِينه - ثَلَاثًا ".
بَاب فضل خَدِيجَة وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عبد الله بن جَعْفَر يَقُول: سَمِعت عليا بِالْكُوفَةِ يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " خير نسائها مَرْيَم ابْنة عمرَان، وَخير نسائها خَدِيجَة ابْنة خويلد ".
قَالَ أَبُو كريب: وَأَشَارَ وَكِيع إِلَى السَّمَاء وَالْأَرْض.
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب وَابْن نمير قَالُوا: أبنا ابْن فُضَيْل، عَن عمَارَة، عَن أبي زرْعَة قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " أَتَى جِبْرِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذِه خَدِيجَة قد أتتك، مَعهَا إِنَاء فِيهِ إدام أَو طَعَام أَو شراب، فَإِذا هِيَ أتتك فاقرأ عَلَيْهَا السَّلَام من رَبهَا ومني، وبشرها بِبَيْت(4/401)
فِي الْجنَّة من قصب، لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب ".
قَالَ أَبُو بكر فِي رِوَايَته: عَن أبي هُرَيْرَة. وَلم يقل فِي الحَدِيث: " ومني ".
مُسلم: حَدثنَا سهل بن عُثْمَان، ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن هِشَام [بن] عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا غرت على نسَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا على خَدِيجَة، وَإِنِّي لم أدْركهَا. قَالَت: وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا ذبح الشَّاة يَقُول: أرْسلُوا بهَا إِلَى أصدقاء خَدِيجَة. قَالَت: فأغضبته يَوْمًا فَقلت: خَدِيجَة؟ فَقَالَ: رزقت حبها ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عمر بن مُحَمَّد بن حسن، ثَنَا أبي، عَن حَفْص، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا غرت على أحد من نسَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا غرت على خَدِيجَة / وَمَا رَأَيْتهَا، وَلَكِن كَانَ [النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] يكثر ذكرهَا، وَرُبمَا ذبح الشَّاة ثمَّ يقطعهَا أَعْضَاء، ثمَّ يبعثها فِي صدائق خَدِيجَة، فَرُبمَا قلت لَهُ: كَأَن لم تكن فِي الدُّنْيَا امْرَأَة إِلَّا خَدِيجَة؟ فَيَقُول: إِنَّهَا كَانَت وَكَانَت، وَكَانَ لي مِنْهَا ولدا ".
عبد بن حميد: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " لم يتَزَوَّج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على خَدِيجَة حَتَّى مَاتَت ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عبيد بن إِسْمَاعِيل، أبنا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " توفيت خَدِيجَة قبل أَن يخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَة(4/402)
بِثَلَاث سِنِين ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، حَدثنَا أبي، أبنا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، [عَن مرّة] ، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كمل من الرِّجَال كثير، وَلم يكمل من النِّسَاء غير مَرْيَم ابْنة عمرَان وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن، وَإِن فضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام ".
مُسلم: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " اسْتَأْذَنت هَالة بنت خويلد أُخْت خَدِيجَة على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَعرف اسْتِئْذَان خَدِيجَة فارتاح لذَلِك، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالة ابْنة خويلد. فغرت فَقلت: وَمَا تذكر من عَجُوز من عَجَائِز قُرَيْش [حَمْرَاء] الشدقين هَلَكت فِي الدَّهْر فأبدلك الله - عز وَجل - خيرا مِنْهَا ".
زَاد ابْن أبي شيبَة بعد قَوْله: " هَلَكت فِي الدَّهْر، قَالَت: فتمعر وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تمعرا مَا كنت أرَاهُ فِيهِ إِلَّا عِنْد نزُول الْوَحْي، وَإِذا رأى الرَّعْد والبرق حَتَّى يعلم رَحْمَة هِيَ أَو عَذَاب ".
رَوَاهُ عَن عَفَّان، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن مُوسَى ابْن طَلْحَة، عَن عَائِشَة.
مُسلم: حَدثنَا خلف بن هِشَام وَأَبُو الرّبيع، جَمِيعًا عَن حَمَّاد بن زيد -(4/403)
وَاللَّفْظ لأبي الرّبيع - قَالَ: أبنا حَمَّاد، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أريتك فِي الْمَنَام ثَلَاث لَيَال جَاءَنِي بك الْملك فِي سَرقَة من حَرِير فَيَقُول: هَذِه امْرَأَتك. فأكشف عَن وَجهك فَإِذا أَنْت هِيَ فَأَقُول: إِن يَك من عِنْد الله - عز وَجل - يمضه ".
التِّرْمِذِيّ: / حَدثنَا عبد بن حميد، أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، عَن عبد الله بن عَمْرو بن عَلْقَمَة الْمَكِّيّ، عَن ابْن أبي حُسَيْن، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن عَائِشَة " أَن جِبْرِيل جَاءَ بصورتها فِي خرقَة حَرِير خضراء إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: هَذِه زَوجتك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن عَلْقَمَة.
وَقد روى عبد الرَّحْمَن بن مهْدي هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله بن عَمْرو بن عَلْقَمَة بِهَذَا الْإِسْنَاد مُرْسلا، وَلم يذكر فِيهِ عَن عَائِشَة.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو بكر بن إِسْحَاق الصَّاغَانِي، ثَنَا شَاذان، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا أم سَلمَة، لَا (تؤذني) فِي عَائِشَة؛ فَإِنَّهُ وَالله مَا أَتَانِي الْوَحْي فِي لِحَاف امْرَأَة مِنْكُن إِلَّا هِيَ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن (سُفْيَان) النَّسَائِيّ - وَأَصله مروزي - ثَنَا(4/404)
عَارِم، حَدثنَا حَمَّاد بن زيد، [عَن] ابْن عون، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة قَالَت: " توفّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَيْسَ [عِنْده] أحد غَيْرِي ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عَبدة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن النَّاس كَانُوا يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة؛ يَبْتَغُونَ بذلك مرضات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة قَالَ: وجدت فِي كتابي عَن أبي أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " إِن كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليتفقد: أَيْن أَنا الْيَوْم؟ أَيْن أَنا غَدا؟ استبطاء ليَوْم عَائِشَة، فَلَمَّا كَانَ يومي قَبضه الله بَين سحرِي وَنَحْرِي ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ يَعْقُوب - ثَنَا يحيى بن حَمَّاد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار، ثَنَا خَالِد الْحذاء، عَن(4/405)
أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن عَمْرو بن الْعَاصِ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَعْملهُ على جَيش [ذَات] السلَاسِل قَالَ: فَأَتَيْته فَقلت: يَا رَسُول الله، أَي النَّاس أحب إِلَيْك؟ قَالَ: عَائِشَة. قلت: من الرِّجَال؟ قَالَ: أَبوهَا ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبيد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي لأعْلم إِذا كنت عني راضية، وَإِذا كنت عَليّ غَضبى. قَالَت: فَقلت: من أَيْن تعرف ذَلِك؟ فَقَالَ: أما إِذا كنت عني راضية فَإنَّك تَقُولِينَ: لَا وَرب مُحَمَّد. وَإِذا كنت غَضبى قلت: لَا وَرب إِبْرَاهِيم. قَالَت: قلت: أجل، وَالله يَا رَسُول الله مَا أَهجر إِلَّا اسْمك ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، حَدثنَا زِيَاد بن الرّبيع، ثَنَا خَالِد بن [سَلمَة] المَخْزُومِي، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " مَا أشكل علينا أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيث قطّ فسألنا عَنهُ عَائِشَة إِلَّا وجدنَا عِنْدهَا مِنْهُ علما ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن (غَرِيب) صَحِيح.(4/406)
بَاب فضل فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس وقتيبة بن [سعيد] ، كِلَاهُمَا عَن اللَّيْث بن سعد، قَالَ ابْن يُونُس: حَدثنَا لَيْث، ثَنَا عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة الْقرشِي التَّيْمِيّ، أَن الْمسور بن مخرمَة حَدثهُ؛ أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وَهُوَ على الْمِنْبَر يَقُول) : " إِن بني هِشَام بن الْمُغيرَة (اسْتَأْذنُوا) أَن ينكحوا ابنتهم عَليّ بن أبي طَالب فَلَا آذن لَهُم، ثمَّ لَا آذن لَهُم، ثمَّ لَا آذن لَهُم، إِلَّا أَن يحب ابْن أبي طَالب أَن يُطلق ابْنَتي وينكح ابنتهم، فَإِن ابْنَتي بضعَة مني يريبني مَا رابها، وَيُؤْذِينِي مَا آذاها ".
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، أبنا أبي، عَن الْوَلِيد بن كثير، حَدثنِي مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة الدؤَلِي، أَن ابْن شهَاب حَدثهُ؛ أَن عَليّ بن الْحُسَيْن حَدثهُ " أَنهم حِين قدمُوا الْمَدِينَة من عِنْد يزِيد بن مُعَاوِيَة مقتل الْحُسَيْن بن عَليّ لقِيه الْمسور بن مخرمَة فَقَالَ لَهُ: هَل لَك إِلَيّ من حَاجَة تَأْمُرنِي بهَا؟ قَالَ: فَقلت لَهُ: لَا. قَالَ لَهُ: هَل أَنْت معطي سيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَإِنِّي أَخَاف أَن يَغْلِبك الْقَوْم عَلَيْهِ، وَايْم الله لَئِن أعطيتنيه لَا يخلص إِلَيْهِ أبدا حَتَّى تبلغ نَفسِي، إِن عَليّ بن أبي طَالب - رضوَان الله عَلَيْهِ - خطب ابْنة أبي جهل على فَاطِمَة، فَسمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يخْطب النَّاس فِي ذَلِك على منبره وَأَنا يَوْمئِذٍ محتلم، فَقَالَ: إِن فَاطِمَة مني، وَإِنِّي أَتَخَوَّف أَن تفتن فِي دينهَا. قَالَ: / ثمَّ ذكر صهرا لَهُ من بني(4/407)
عبد شمس فَأثْنى عَلَيْهِ فِي مصاهرته إِيَّاه فَأحْسن، قَالَ: حَدثنِي فصدقني، ووعدني فوفى لي، وَإِنِّي لست أحرم حَلَالا وَلَا أحل حَرَامًا، وَلَكِن وَالله لَا تَجْتَمِع ابْنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَابْنَة عَدو الله مَكَانا وَاحِدًا أبدا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن الْمسور بن مخرمَة؛ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فَاطِمَة بضعَة مني فَمن أغضبها أَغْضَبَنِي ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن نمير، حَدثنَا أبي، حَدثنَا زَكَرِيَّا، عَن فراس، عَن عَامر، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة، عَن فَاطِمَة؛ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهَا: " أَلا ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء (الْعَالمين) أَو سيدة نسَاء هَذِه الْأمة ". مُخْتَصر.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة، حَدثنِي مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي، عَن هَاشم بن هَاشم، أَن عبد الله بن وهب بن زَمعَة أخبرهُ، أَن أم سَلمَة أخْبرته، عَن فَاطِمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " أَخْبرنِي أبي أَنِّي سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَرْيَم ابْنة عمرَان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(4/408)
بَاب فضل زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا
مُسلم: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان أَبُو أَحْمد، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى السينَانِي، ثَنَا طَلْحَة بن يحيى بن طَلْحَة، عَن عَائِشَة ابْنة طَلْحَة، عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَسْرَعكُنَّ لحَاقًا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا. قَالَت: فَكُن يَتَطَاوَلْنَ أيتها أطول يدا. قَالَت: فَكَانَت (أَطْوَلهنَّ) يدا زَيْنَب؛ لِأَنَّهَا كَانَت تعْمل (بِيَدَيْهَا) وَتصدق ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " (جعل) زيد بن حَارِثَة يشكو فَجعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: اتَّقِ الله وَأمْسك عَلَيْك زَوجك. قَالَ: لَو كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَاتِما من الْوَحْي شَيْئا لكَتم هَذِه الْآيَة. قَالَ أنس: وَكَانَت تَفْخَر على أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتقول: [زوجكن] أهاليكن، وزوجني الله / من [فَوق] سبع سماوات ".
بَاب فضل صَفِيَّة رَضِي الله عَنْهَا
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور وَعبد بن حميد، قَالَا: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " بلغ صَفِيَّة أَن حَفْصَة قَالَت: بنت يَهُودِيّ. فَبَكَتْ، فَدخل عَلَيْهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهِي تبْكي فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا يبكيك؟ فَقَالَت: قَالَت لي حَفْصَة إِنِّي بنت يَهُودِيّ! فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّك لابنَة(4/409)
نَبِي، وَإِن عمك لنَبِيّ، وَإنَّك لتَحْت نَبِي، (فيمَ) تقعد تَفْخَر عَلَيْك؟ ثمَّ قَالَ: اتقِي الله يَا حَفْصَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب فضل أم سليم وَأم أَيمن رَضِي الله عَنْهُمَا
مُسلم: حَدثنَا حسن الْحلْوانِي، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، [ثَنَا همام] ، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يدْخل على أحد من النِّسَاء إِلَّا على أَزوَاجه إِلَّا أم سليم فَإِنَّهُ كَانَ يدْخل عَلَيْهَا. فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ: إِنِّي أرحمها؛ قتل أَخُوهَا معي ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا ابْن أبي عمر، حَدثنَا بشر - يَعْنِي ابْن السّري - حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " دخلت الْجنَّة فَسمِعت خشفة فَقلت: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذِه (العميصة) ابْنة ملْحَان أم أنس ابْن مَالك ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " انْطلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أم أَيمن فَانْطَلَقت مَعَه فناولته إِنَاء فِيهِ شراب، قَالَ فَلَا أَدْرِي أصادفته صَائِما أَو لم يردهُ، فَجعلت تصخب عَلَيْهِ وتذمر عَلَيْهِ ".(4/410)
قَالَ مُسلم: وحَدثني أَبُو الطَّاهِر وحرملة، قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " لما قدم الْمُهَاجِرُونَ من مَكَّة الْمَدِينَة قدمُوا وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِم شَيْء، وَكَانَ الْأَنْصَار أهل الأَرْض وَالْعَقار، فقاسمهم الْأَنْصَار على أَن أعطوهم أَنْصَاف ثمار أَمْوَالهم كل عَام ويكفونهم الْعَمَل والمؤنة، وَكَانَت أم أنس بن مَالك وَهِي تدعى أم سليم وَكَانَت أم عبد الله بن أبي طَلْحَة كَانَ أَخا أنس لأمه، وَكَانَت أَعْطَتْ أم أنس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عذاقا لَهَا، فَأَعْطَاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم أَيمن مولاته أم أُسَامَة بن زيد ".
قَالَ / ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي أنس بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما فرغ من قتال أهل خَيْبَر وَانْصَرف إِلَى الْمَدِينَة رد الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَار منائحهم الَّتِي كَانُوا منحوهم من ثمارهم. قَالَ: فَرد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أُمِّي عذاقها وَأعْطى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم أَيمن مكانهن من حَائِطه ".
قَالَ ابْن شهَاب: " وَكَانَ من شَأْن أم أَيمن أم أُسَامَة بن زيد أَنَّهَا كَانَت وصيفة لعبد الله بن عبد الْمطلب وَكَانَت من الْحَبَشَة، فَلَمَّا ولدت آمِنَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد مَا توفّي أَبوهُ، فَكَانَت أم أَيمن تحضنه حَتَّى كبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأعْتقهَا ثمَّ أنْكحهَا زيد ابْن حَارِثَة ثمَّ توفيت بعد مَا توفّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بِسِتَّة) أشهر ".
وَفِي حَدِيث آخر: " أَنَّهَا أَبَت أَن تعطيها حَتَّى أَعْطَاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشرَة أَمْثَاله أَو قَرِيبا من عشرَة أَمْثَاله ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا عَمْرو بن عَاصِم الْكلابِي، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " قَالَ أَبُو بكر بعد وَفَاة رَسُول الله(4/411)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعمر: انْطلق بِنَا إِلَى أم أَيمن نزورها كَمَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يزورها. فَلَمَّا انتهينا إِلَيْهَا بَكت فَقَالَا لَهَا: مَا يبكيك؟ مَا عِنْد الله خير لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَت: مَا أبْكِي أَلا أكون أعلم أَن مَا عِنْد الله خير لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَكِن أبْكِي أَن الْوَحْي انْقَطع من السَّمَاء. فهيجتهما على الْبكاء، فَجعلَا يَبْكِيَانِ مَعهَا ".
بَاب فضل معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، سَمِعت أَبَا وَائِل، سَمِعت مسروقا قَالَ: قَالَ عبد الله بن عَمْرو: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشا. وَقَالَ: إِن من أحبكم إِلَيّ أحسنكم أَخْلَاقًا. وَقَالَ: استقرئوا الْقُرْآن من أَرْبَعَة: من عبد الله بن مَسْعُود، وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة، وَأبي بن كَعْب، ومعاذ بن جبل ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن هياج، ثَنَا قبيصَة بن عقبَة، ثَنَا سُفْيَان، عَن خَالِد وَعَاصِم، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس، عَن النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أرْحم أمتِي بأمتي أَبُو بكر وأشدهم فِي دين الله عمر، وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان، وأعلمهم بالحلال وَالْحرَام معَاذ بن جبل، وأقرؤهم زيد بن ثَابت، وَلكُل أمة أَمِين؛ وَأمين هَذِه الْأمة أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن عَاصِم عَن أبي قلَابَة إِلَّا سُفْيَان.
حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، حَدثنَا خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا الحَدِيث.(4/412)
بَاب فضل زيد بن حَارِثَة وَابْنه أُسَامَة رَضِي الله عَنْهُمَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عبيد الله] بن مُوسَى، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن [أبي] إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعَلي بن أبي طَالب: " أَنْت مني وَأَنا مِنْك. وَقَالَ لجَعْفَر: أشبهت خَلقي وخُلقي. وَقَالَ لزيد: أَنْت أخونا ومولانا ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أَبِيه؛ أَنه كَانَ يَقُول: " مَا كُنَّا نَدْعُو زيد بن حَارِثَة إِلَّا زيد بن مُحَمَّد حَتَّى نزل فِي الْقُرْآن: {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن عمر - يَعْنِي ابْن حَمْزَة - عَن سَالم، عَن أَبِيه، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر: " إِن تطعنوا فِي إمارته - يُرِيد أُسَامَة بن زيد - فَقَط طعنتم فِي إماة أَبِيه [من قبله] ، وَايْم الله إِن كَانَ لخليقا لَهَا، وَايْم الله إِن كَانَ لأحب النَّاس إِلَيّ من بعده فأوصيكم بِهِ فَإِنَّهُ من صالحيكم ".
وَفِي حَدِيث آخر لمُسلم - رَحمَه الله - " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ قد بعث بعثا وَأمر عَلَيْهِم أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة ".(4/413)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا مُعْتَمر، سَمِعت أبي، ثَنَا أَبُو عُثْمَان، عَن أُسَامَة بن زيد، حدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يَأْخُذهُ وَالْحسن وَيَقُول: اللَّهُمَّ أحبهما فَإِنِّي أحبهما ".
وروى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عمر بن أبي سَلمَة، أَن عليا وَالْعَبَّاس قَالَا: " يَا رَسُول الله، أَي أهلك أحب إِلَيْك؟ قَالَ: فَاطِمَة بنت مُحَمَّد. فَقَالَا: مَا جئْنَاك نَسْأَلك عَن أهلك. قَالَ: أحب أَهلِي إِلَيّ من قد أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ: أُسَامَة بن زيد. قَالَا: ثمَّ من؟ قَالَ: عَليّ بن أبي طَالب. قَالَ الْعَبَّاس: يَا رَسُول الله، جعلت عمك آخِرهم؟ قَالَ: لِأَن عليا قد سَبَقَك / بِالْهِجْرَةِ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
رَوَاهُ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، عَن أبي عوَانَة، عَن عمر بن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن أُسَامَة بن زيد.
وَعمر هَذَا ضعفه يحيى بن معِين وَأَبُو حَاتِم، وَتَركه شُعْبَة.
بَاب فضل بِلَال رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أَبُو حَيَّان التَّيْمِيّ يحيى بن سعيد، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِبلَال [عِنْد] صَلَاة الْغَدَاة: يَا بِلَال، حَدثنِي بأرجى عمل عملته فِي الْإِسْلَام مَنْفَعَة، فَإِنِّي سَمِعت خشف نعليك بَين يَدي فِي الْجنَّة. قَالَ بِلَال: مَا عملت عملا فِي الْإِسْلَام أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَة من أَنِّي لَا أتطهر طهُورا تَاما فِي سَاعَة من ليل أَو نَهَار إِلَّا صليت(4/414)
بذلك الطّهُور مَا كتب الله [لي] أَن أُصَلِّي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، عَن مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر، حَدثنَا جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ عمر يَقُول: " أَبُو بكر سيدنَا وَأعْتق سيدنَا - يعين بِلَالًا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد، ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن قيس " أَن بِلَالًا قَالَ لأبي بكر: إِن كنت إِنَّمَا اشتريتني لنَفسك فأمسكني، وَإِن كنت [إِنَّمَا] اشتريتني لله فَدَعْنِي وَعمل الله ".
بَاب فضل عبد الله [بن رَوَاحَة] رَضِي الله عَنهُ
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، عَن الْأسود بن شَيبَان، أبنا خَالِد بن سمير، حَدثنِي عبد الله بن رَبَاح الْأنْصَارِيّ، حَدثنِي أَبُو قَتَادَة قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَيْشًا فَاسْتعْمل عَلَيْهِم زيد بن حَارِثَة فَقَالَ: إِن أُصِيب زيد فجعفر، وَإِن أُصِيب جَعْفَر فعبد الله بن رَوَاحَة. قَالَ: فَوَثَبَ جَعْفَر فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا كنت أرهب أَن تسْتَعْمل عَليّ [زيدا] . قَالَ: فَامْضِ فَإنَّك لَا تَدْرِي أَي ذَلِك خير. فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَخَطب فَقَالَ: أَلا أخْبركُم عَن جليسكم هَذَا الْغَازِي، إِنَّهُم انْطَلقُوا حَتَّى لقوا الْعَدو، فأصيب زيد شَهِيدا فاستغفروا لَهُ، ثمَّ أَخذ اللِّوَاء جَعْفَر فَشد على الْقَوْم حَتَّى قتل شَهِيدا، أشهد لَهُ بِالشَّهَادَةِ فاستغفروا لَهُ، ثمَّ أَخذ اللِّوَاء عبد الله بن رَوَاحَة / فَأثْبت قَدَمَيْهِ حَتَّى أُصِيب شَهِيدا فاستغفروا لَهُ، ثمَّ أَخذ اللِّوَاء خَالِد بن الْوَلِيد وَلم يكن من الْأُمَرَاء ".(4/415)
بَاب فضل عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنَا منْجَاب بن الْحَارِث التَّمِيمِي [وَسَهل] بن عُثْمَان وَعبد الله ابْن عَامر بن زُرَارَة الْحَضْرَمِيّ وسُويد بن سعيد والوليد بن شُجَاع، قَالَ سهل ومنجاب: أخبرنَا، وَقَالَ الْآخرُونَ: ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، [عَن] عبد الله قَالَ: " [لما] نزلت هَذِه الْآيَة {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعَلمُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قيل لي أَنْت مِنْهُم ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت أَبَا الْأَحْوَص قَالَ: " شهِدت أَبَا مُوسَى وَأَبا مَسْعُود حِين مَاتَ ابْن مَسْعُود قَالَ أَحدهمَا: أتراه ترك بعده مثله؟ فَقَالَ: إِن قلت ذَلِك إِن كَانَ ليؤذن لَهُ إِذا حجبنا، وَيشْهد إِذا غبنا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا يحيى بن آدم، حَدثنَا قُطْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: " وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا غَيره مَا من كتاب الله - عز وَجل - سُورَة إِلَّا أَنا أعلم حَيْثُ نزلت، وَمَا من آيَة إِلَّا وَأَنا أعلم فِيمَا أنزلت، وَلَو أعلم أحدا هُوَ أعلم بِكِتَاب الله - عز وَجل - مني تبلغه الْإِبِل لركبت إِلَيْهِ ".(4/416)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير، قَالَا: ثَنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن مَسْرُوق قَالَ: " كُنَّا نأتي عبد الله بن عَمْرو فنتحدث إِلَيْهِ - وَقَالَ ابْن نمير: عِنْده - فَذَكرنَا يَوْمًا عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ: لقد ذكرْتُمْ رجلا لَا أَزَال أحبه بعد شَيْء سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: خُذُوا الْقُرْآن من أَرْبَعَة: من ابْن أم عبد - فَبَدَأَ بِهِ - ومعاذ بن جبل، وَأبي بن كَعْب، وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا يحيى بن آدم، حَدثنَا ابْن أبي زَائِدَة، عَن أَبِيه، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْأسود بن يزِيد، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " قدمت أَنا وَأخي من الْيمن و (مكثنا) حينا وَمَا نرى ابْن مَسْعُود وَأمه إِلَّا من أهل بَيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من كَثْرَة دُخُولهمْ ولزومهم لَهُ ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، أبنا عَبدة بن سُلَيْمَان، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن عبد الله أَنه قَالَ: " {وَمن / يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} ثمَّ قَالَ: على قِرَاءَة من تأمروني أَقرَأ؟ فَلَقَد قَرَأت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بضعا وَسبعين سُورَة، وَلَقَد علم أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِّي أعلمهم بِكِتَاب الله، وَلَو أعلم أَن أحدا أعلم مني لرحلت إِلَيْهِ. قَالَ شَقِيق: فَجَلَست فِي حلق من أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا سَمِعت أحدا يرد ذَلِك عَلَيْهِ وَلَا يعِيبهُ ".(4/417)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ: " أَتَيْنَا على حُذَيْفَة فَقُلْنَا: حَدثنَا من كَانَ أقرب النَّاس من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَديا ودلا فنأخذ عَنهُ ونسمع مِنْهُ؟ قَالَ: كَانَ أقرب النَّاس هَديا ودلا وسمتا برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْن مَسْعُود حَتَّى يتَوَارَى منا فِي بَيته، وَلَقَد علم المحفوظون من أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن ابْن أم عبد أقربهم إِلَى الله زلفى ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد [بن] الرواس، حَدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن [الْحسن] بن عبيد الله، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذنك عَليّ أَن ترفع الْحجاب، وَأَن ترى سوَادِي حَتَّى أَنهَاك ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن عبد الله إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَإِبْرَاهِيم هَذَا هُوَ ابْن سُوَيْد ثِقَة مَعْرُوف وَلَيْسَ بالنخعي.
الْبَزَّار: حَدثنَا [بشر بن خَالِد] العسكري، أخبرنَا الْحُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، عَن عَاصِم، عَن زر، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقْرَأ عَليّ. فَقَرَأت عَلَيْهِ سُورَة النِّسَاء حَتَّى بلغت {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا(4/418)
بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} قَالَ: فَفَاضَتْ عَيناهُ وَقَالَ: من أحب أَن يقْرَأ الْقُرْآن غضا فليقرأه على قِرَاءَة ابْن أم عبد ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْجراح بن مخلد الْبَصْرِيّ، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن خَيْثَمَة بن أبي سُبْرَة قَالَ: " أتيت الْمَدِينَة فَسَأَلت الله أَن ييسر لي جَلِيسا صَالحا فيسر لي أَبَا هُرَيْرَة، فَجَلَست إِلَيْهِ، فَقلت لَهُ: إِنِّي سَأَلت الله أَن ييسر لي جَلِيسا صَالحا فوفقت لي. فَقَالَ لي: مِمَّن أَنْت؟ فَقلت: من أهل الْكُوفَة، جِئْت ألتمس الْخَيْر / وأطلبه. قَالَ: أَلَيْسَ فِيكُم سعد بن مَالك (صَاحب) الدعْوَة، وَابْن مَسْعُود صَاحب طهُور رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبغلته، وَحُذَيْفَة صَاحب سر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وعمار الَّذِي أجاره الله من الشَّيْطَان على لِسَان نبيه، وسلمان صَاحب الْكِتَابَيْنِ. قَالَ قَتَادَة: والكتابان: الْإِنْجِيل وَالْفرْقَان ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وخيثمة هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُبْرَة، إِنَّمَا نسب إِلَى جده.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن عَفَّان بن مُسلم، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَاصِم، عَن زر، عَن عبد الله قَالَ: " كنت غُلَاما [يافعا] أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فجَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَقد فرا من الْمُشْركين فَقَالَا: يَا غُلَام، هَل عنْدك من لبن تسقينا؟ قلت: إِنِّي مؤتمن وَلست ساقيكما. [فَقَامَ] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمسح الضَّرع ودعا، ثمَّ أَتَاهُ أَبُو بكر بصخرة منقعرة فاحتلب فِيهَا فَشرب وَشرب أَبُو بكر، ثمَّ قَالَ للضرع: اقلص. فقلص، قَالَ: فَأَتَيْته بعد ذَلِك، [فَقلت:] عَلمنِي من(4/419)
هَذَا الْقُرْآن. فَقَالَ: إِنَّك غُلَام معلم. قَالَ: فَأخذت من فِيهِ سبعين سُورَة لَا يُنَازعنِي فِيهَا أحد ".
قَالَ أَبُو بكر: وَحدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الله قَالَ: " جَاءَ معَاذ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أقرئني. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا عبد الله، أقرئه. فأقرأته مَا كَانَ معي، ثمَّ أختلف أَنا وَهُوَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَرَأَ معَاذ وَصَارَ معلما يعلم على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: كتب إِلَيّ مُحَمَّد بن حميد يُخْبِرنِي فِي كِتَابه؛ أَن هَارُون ابْن الْمُغيرَة حَدثهُ قَالَ: أَنا عَمْرو بن [أبي] قيس، عَن مَنْصُور - يَعْنِي ابْن الْمُعْتَمِر - عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رضيت لأمتي مَا رَضِي لَهَا ابْن أم عبد، وكرهت لأمتي مَا كره لَهَا ابْن أم عبد ".
وَلَا نعلم أسْند مَنْصُور عَن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عبد الله إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَلَا نعلم رَوَاهُ مُسْندًا إِلَّا عَمْرو بن أبي قيس من حَدِيث مُحَمَّد بن حميد، عَن هَارُون، وَقد رُوِيَ عَن مَنْصُور، عَن الْقَاسِم مُرْسلا.
قَالَ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَمْرو بن عَليّ قَالَا:، ثَنَا سهل بن حَمَّاد أَبُو عتاب، حَدثنَا شُعْبَة، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أَبِيه " أَن عبد الله بن مَسْعُود [رقى] فِي شَجَرَة يجتني مِنْهَا سواكا، فَوضع رجلَيْهِ عَلَيْهَا فَضَحِك أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من دقة سَاقيه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَهما أثقل فِي الْمِيزَان من أحد ".(4/420)
بَاب فضل الْمِقْدَاد بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن مُخَارق، عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: سَمِعت [ابْن] مَسْعُود يَقُول: " شهِدت من الْمِقْدَاد بن الْأسود مشهدا لِأَن أكون أَنا صَاحبه أحب [إِلَيّ] مِمَّا عدل بِهِ، أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَدْعُو على الْمُشْركين، فَقَالَ: لَا نقُول كَمَا قَالَ قوم مُوسَى: اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ. وَلَكِن نُقَاتِل عَن يَمِينك وَعَن شمالك وَبَين يَديك وخلفك. فَرَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشرق وَجهه وسره ".
بَاب فضل عَمْرو وَهِشَام ابْني الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا
الْبَزَّار: حَدثنَا [هدبة] ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ابْنا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ: هِشَام وَعَمْرو ".
وَهَذَا الحَدِيث لم يروه عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا حَمَّاد بن سَلمَة وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا أَبُو هُرَيْرَة.(4/421)
بَاب فضل أبي بن كَعْب وَزيد بن ثَابت وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة رَضِي الله عَنْهُم
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، ثَنَا همام، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأبي: " إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك. قَالَ: آللَّهُ سماني لَك؟ قَالَ: الله سماك لي. قَالَ: فَجعل يبكي ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَاصِم قَالَ: سَمِعت زر بن حُبَيْش يحدث عَن أبي بن كَعْب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " إِن الله أَمرنِي / أَن أَقرَأ عَلَيْك الْقُرْآن. فَقَرَأَ عَلَيْهِ {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} وفيهَا: " إِن ذَات الدَّين عِنْد الله الحنيفية الْمسلمَة لَا الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة وَلَا الْمَجُوسِيَّة، من يعْمل خيرا فَلَنْ يكفره " وَقَرَأَ عَلَيْهِ " لَو أَن لِابْنِ آدم وَاديا من مَال لابتغى إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَو كَانَ لَهُ ثَانِيًا لابتغى إِلَيْهِ ثَالِثا، وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب، وَيَتُوب الله على من تَابَ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن (غَرِيب) . وَقد رُوِيَ من غير هَذَا الْوَجْه.
مُسلم: حَدثنَا [مُحَمَّد] بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو دَاوُد، حَدثنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة قَالَ: سَمِعت أنسا يَقُول: " جمع الْقُرْآن على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبَعَة كلهم من الْأَنْصَار: معَاذ بن جبل، وَأبي بن كَعْب، وَزيد بن ثَابت، وَأَبُو زيد. قَالَ(4/422)
قَتَادَة: قلت لأنس: من أَبُو زيد؟ قَالَ: أحد عمومتي ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن [عبد الْمجِيد] ، ثَنَا خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أرْحم أمتِي بأمتي أَبُو بكر، وأشدهم فِي أَمر الله عمر، وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي، وأفرضهم زيد بن ثَابت، وأعلمهم بالحلال وَالْحرَام معَاذ ابْن جبل، أَلا وَإِن لكل أمة أَمينا؛ أَلا وَإِن أَمِين هَذِه الْأمة أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن إِبْرَاهِيم، عَن مَسْرُوق قَالَ: " ذكرُوا ابْن مَسْعُود عِنْد عبد الله بن [عَمْرو] فَقَالَ: ذَاك رجل لَا أَزَال أحبه بعد مَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: استقرئوا الْقُرْآن من ابْن مَسْعُود، وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة، وَأبي بن كَعْب، ومعاذ بن جبل ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن سهل، ثَنَا الْوَلِيد بن صَالح، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة،(4/423)
عَن ابْن جريج، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمع سالما مولى أبي حُذَيْفَة يقْرَأ من اللَّيْل فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي أمتِي مثله ".
الْوَلِيد بن صَالح ثِقَة، روى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل و [أَبُو] حَاتِم وَغَيرهمَا.
بَاب فضل سعد بن معَاذ
النَّسَائِيّ: / أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر أَنه قَالَ: " رمي يَوْم الْأَحْزَاب سعد بن معَاذ فَقطعُوا أكحله، فحسمه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالنَّار، فانتفخت يَده فَتَركه، فنزفه الدَّم فحسمه أُخْرَى، فانتفخت يَده فَلَمَّا رأى ذَلِك قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تخرج نَفسِي حَتَّى تقر عَيْني من بني قُرَيْظَة. فَاسْتَمْسك عرقه، فَمَا قطر قَطْرَة حَتَّى نزلُوا على حكم سعد بن معَاذ، فَأرْسل إِلَيْهِ فَحكم أَن يقتل رِجَالهمْ ويستحيي نِسَاءَهُمْ يَسْتَعِين [بهم] الْمُسلمُونَ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أصبت حكم الله فيهم. وَكَانُوا أَرْبَعمِائَة فَلَمَّا فرغ من قَتلهمْ انتفق عرقه فَمَاتَ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا أَبُو عَامر، عَن مُحَمَّد ابْن صَالح، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه " أَن سَعْدا حكم على بني قُرَيْظَة أَن يقتل مِنْهُم كل من جرت عَلَيْهِ المواسي، وَأَن تسبى ذَرَارِيهمْ، وَأَن تقسم أَمْوَالهم، فَذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: لقد حكمت فيهم حكم الله الَّذِي حكم بِهِ فَوق سبع سماوات ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي [أَبُو] الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وجنازة(4/424)
سعد بن معَاذ بَين أَيْديهم: اهتز لَهَا عرش الرَّحْمَن ".
وَفِي حَدِيث آخر لمُسلم - رَحمَه الله -: " شهده سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة ".
وَقد تقدم فِي كتاب الْجَنَائِز.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة، ثَنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن عِيسَى، أبنا صَالح ابْن مُحَمَّد بن صَالح التمار ومعن بن عِيسَى وَعبد الْعَزِيز بن عمرَان، عَن مُحَمَّد ابْن صَالح، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه " أَن عمر قَالَ لأم سعد بن معَاذ وَهِي تبْكي عَلَيْهِ: انظري مَا تَقُولِينَ يَا أم سعد. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دعها يَا عمر كل نائحة [مكذبة] إِلَّا أم سعد [مَا] قَالَت من خير فَلَنْ تكذب ".
وَقَالَ فِي الحَدِيث: " نزل الأَرْض سَبْعُونَ ألف ملك لشهوده، مَا نزلوها قبل، واستبشر بِهِ جَمِيع أهل السَّمَاء واهتز لَهُ الْعَرْش ".
يَعْقُوب بن مُحَمَّد إِنَّمَا يكْتب من حَدِيثه مَا كَانَ عَن الثِّقَات.
ومعن بن عِيسَى ثِقَة مَشْهُور.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " لما حملت جَنَازَة سعد فَقَالَ المُنَافِقُونَ: مَا أخف / جنَازَته. وَذَلِكَ لحكمه فِي بني قُرَيْظَة، فَسئلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن الْمَلَائِكَة كَانَت تحمله ".
قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر. ثَنَا(4/425)
شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء يَقُول: " أهديت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حلَّة حَرِير فَجعل أَصْحَابه (يمسونها) ويعجبون من لينها، فَقَالَ: أتعجبون من لين هَذِه؟ لمناديل سعد بن معَاذ فِي الْجنَّة خير مِنْهَا وألين ".
بَاب فضل قيس بن سعد بن عبَادَة رَضِي الله عَنهُ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، حَدثنِي أبي، عَن ثُمَامَة، عَن أنس قَالَ: " كَانَ قيس بن سعد من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَنْزِلَة صَاحب الشَّرْط من الْأَمِير. قَالَ الْأنْصَارِيّ: يَعْنِي مِمَّا يَلِي من أُمُوره ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب فضل الْبَراء بن مَالك رَضِي الله عَنهُ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد، ثَنَا سيار، عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان، أبنا ثَابت وَعلي بن زيد، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كم من أَشْعَث أغبر ذِي طمرين لَا يؤبه لَهُ لَو أقسم على الله لَأَبَره مِنْهُم الْبَراء بن مَالك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.(4/426)
بَاب فضل أبي دُجَانَة سماك بن خَرشَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ سَيْفا يَوْم أحد فَقَالَ: من يَأْخُذ مني هَذَا؟ فبسطوا أَيْديهم، كل إِنْسَان مِنْهُم يَقُول: أَنا أَنا. قَالَ: فَمن يَأْخُذهُ بِحقِّهِ؟ فأحجم الْقَوْم، فَقَالَ سماك بن دُجَانَة: أَنا آخذه بِحقِّهِ. قَالَ: فَأَخذه ففلق بِهِ [هام] الْمُشْركين ".
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن آدم، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم الْكلابِي، حَدثنِي عبيد الله ابْن الْوَازِع، عَن / هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: " عرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يَوْم أحد سَيْفا) فَقَالَ: من يَأْخُذ هَذَا السَّيْف بِحقِّهِ؟ فَقَامَ أَبُو دُجَانَة سماك بن خَرشَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَنا آخذه بِحقِّهِ، فَمَا حَقه؟ قَالَ: فَأعْطَاهُ إِيَّاه، فَخرج فاتبعته فَخرج لَا يمر بِشَيْء إِلَّا أفراه وهتكه، حَتَّى أَتَى نسْوَة فِي سنح جبل وَمَعَهُمْ هِنْد وَهِي تَقول ". % (نَحن بَنَات طَارق. نمشي على النمارق. والمسك فِي المفارق) % % (إِن يقبلُوا [نعانق] . أَو يدبروا نفارق. فِرَاق غير وامق) %
قَالَ: فَحمل عَلَيْهَا فنادت: يَا آل صَخْر. فَلم يجبها أحد فَانْصَرف، فَقلت لَهُ: [كل] صنيعك قد رَأَيْته فَأَعْجَبَنِي غير أَنَّك لم تقتل الْمَرْأَة. قَالَ: إِنَّهَا نادت فَلم يجبها أحد؛ فَكرِهت أَن أضْرب بِسيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - امْرَأَة لَا نَاصِر لَهَا ".(4/427)
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ مُتَّصِلا إِلَّا عَن [الزبير] بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن الزبير إِلَّا [عبيد الله] ابْن الْوَازِع.
بَاب فضل مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا أَبُو مسْهر عبد الْأَعْلَى بن مسْهر، عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن ربيعَة [بن] يزِيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عميرَة - وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] " أَنه قَالَ لمعاوية: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هاديا مهديا و [اهد بِهِ] ".
بَاب فضل خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن وَاقد، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نعى زيدا وجعفرا وَابْن رَوَاحَة للنَّاس قبل أَن يَأْتِيهم خبرهم فَقَالَ: أَخذ الرَّايَة زيد فأصيب، ثمَّ أَخذ جَعْفَر فأصيب، ثمَّ أَخذ ابْن رَوَاحَة فأصيب - وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ - حَتَّى أَخذهَا خَالِد سيف من سيوف الله حَتَّى فتح الله عَلَيْهِم ".(4/428)
/ بَاب فضل معَاذ بن عَمْرو بن الجموح وَأسيد بن حضير وَعباد بن بشر وثابت بن قيس
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، [ثَنَا] عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نعم الرجل أَبُو بكر، [نعم] الرجل عمر، نعم الرجل أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثَابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معَاذ بن جبل، نعم الرجل معَاذ بن عَمْرو بن الجموح ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث سُهَيْل.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن مُسلم، ثَنَا حبَان، [عَن] همام، أبنا قَتَادَة، عَن أنس: " إِن رجلَيْنِ خرجا من عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي لَيْلَة مظْلمَة فَإِذا نور بَين أَيْدِيهِمَا حَتَّى تفَرقا فَتفرق النُّور مَعَهُمَا ".
وَقَالَ معمر: عَن ثَابت، عَن أنس: " إِن أسيد بن حضير ورجلا من الْأَنْصَار ".
وَقَالَ حَمَّاد: أبنا ثَابت، عَن أنس: " كَانَ أسيد بن حضير وَعباد بن بشر عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وَفِي لفظ آخر للْبُخَارِيّ: " فِي لَيْلَة مظْلمَة ومعهما مثل المصباحين يضيئان بَين أَيْدِيهِمَا ".(4/429)
بَاب فضل عبد الله بن حرَام أَبُو جَابر بن عبد الله
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن عمر القواريري وَعَمْرو النَّاقِد، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان، قَالَ عبيد الله: " ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: سَمِعت ابْن الْمُنْكَدر يَقُول: سَمِعت جَابِرا يَقُول: " لما كَانَ يَوْم أحد جِيءَ بِأبي مسجى قد مثل بِهِ. قَالَ: فَأَرَدْت أَن أرفع الثَّوْب فنهاني قومِي، ثمَّ أردْت أَن أرفع الثَّوْب فنهاني قومِي، فرفعه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو أَمر بِهِ فَرفع - فَسمع باكية أَو أَو صائحة [فَقَالَ] : من هَذِه؟ فَقَالُوا: ابْنة عَمْرو - أَو أُخْت عَمْرو. فَقَالَ: وَلم تبْكي! فَمَا زَالَت الْمَلَائِكَة تظله بأجنحتها حَتَّى رفع ".
بَاب فضل أبي ذَر وَذكر إِسْلَامه
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد الْأَزْدِيّ، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، ثَنَا حميد ابْن هِلَال، عَن عبد / الله بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ أَبُو ذَر: " خرجنَا [من] قَومنَا غفار وَكَانُوا يحلونَ الشَّهْر الْحَرَام، فَخرجت أَنا وَأخي أنيس وَأمنا، فنزلنا على خَال لنا فَأَكْرَمَنَا خَالنَا وَأحسن إِلَيْنَا، فَحَسَدنَا قومه فَقَالُوا: إِنَّك إِذا خرجت عَن أهلك خَالف إِلَيْهِم أنيس. فجَاء خَالنَا (فأنثى) علينا الَّذِي قيل لَهُ فَقلت: أما مَا مضى من مَعْرُوفك فقد كدرته، وَلَا جماع لَك فِيمَا بعد، فَقَرَّبْنَا صِرْمَتنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا، وتغطى خَالنَا ثَوْبه فَجعل يبكي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نزلنَا بِحَضْرَة مَكَّة فنافر أنيس عَن صِرْمَتنَا وَعَن مثلهَا، فَأتيَا الكاهن فَخير أنيسا فَأتى أنيس بصرمتنا وَمثلهَا مَعهَا، قَالَ: وَقد صليت يَا ابْن أخي قبل أَن ألْقى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِثَلَاث سِنِين. قلت: لمن؟ قَالَ: لله - تَعَالَى. قلت: فَأَيْنَ توجه؟ قَالَ: أتوجه حَيْثُ يوجهني رَبِّي، أُصَلِّي عشَاء(4/430)
حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل ألقيت كَأَنِّي خَفَاء، حَتَّى تعلوني الشَّمْس. فَقَالَ أنيس: إِن لي حَاجَة بِمَكَّة فَاكْفِنِي. فَانْطَلق أنيس حَتَّى أَتَى مَكَّة، فَرَاثَ عَليّ ثمَّ جَاءَ فَقلت: مَا صنعت؟ قَالَ: لقِيت رجلا بِمَكَّة على دينك يزْعم أَن الله أرْسلهُ. قلت: فَمَا يَقُول النَّاس؟ قَالَ: يَقُولُونَ شَاعِر، كَاهِن، سَاحر. وَكَانَ أنيس أحد الشُّعَرَاء، قَالَ أنيس: لقد سَمِعت قَول الكهنة، فَمَا هُوَ بقَوْلهمْ، وَلَقَد وضعت قَوْله على أَقراء (الشُّعَرَاء) فَمَا يلتئم على لِسَان أحد بعدِي أَنه (شَاعِر) ، وَالله إِنَّه لصَادِق وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ. قَالَ: قلت: فَاكْفِنِي حَتَّى أذهب فَأنْظر. قَالَ: فَأتيت مَكَّة (فتضيفت) رجلا مِنْهُم فَقلت: أَيْن هَذَا الَّذِي يَدعُونَهُ الصَّابِئ؟ فَأَشَارَ إِلَيّ فَقَالَ: الصَّابِئ. فَمَال عَليّ أهل الْوَادي بِكُل مَدَرَة وَعظم حَتَّى خَرَرْت مغشيا عَليّ. قَالَ: فارتفعت حِين ارْتَفَعت كَأَنِّي نصب أَحْمَر. قَالَ: فَأتيت زَمْزَم فغسلت عني الدِّمَاء وشربت من مَائِهَا، وَلَقَد لَبِثت يَا ابْن أخي ثَلَاثِينَ بَين لَيْلَة وَيَوْم مَا كَانَ لي طَعَام إِلَّا مَاء زَمْزَم، فَسَمنت حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَن بَطْني، وَمَا وجدت عَليّ كَبِدِي سخْفَة جوع. قَالَ: فَبينا أهل مَكَّة فِي لَيْلَة قَمْرَاء إِضْحِيَان، إِذْ ضرب على أسمختهم فَمَا يطوف بِالْبَيْتِ أحد، وَامْرَأَتَانِ مِنْهُم تدعوان إسافا ونائلة. قَالَ: فَأَتَتَا عَليّ فِي طوافهما فَقلت: أنكحا (إِحْدَاهمَا) الْأُخْرَى، قَالَ: فَمَا تناهتا [عَن] قَوْلهمَا. قَالَ: فَأَتَتَا عَليّ فَقلت: هن / مثل الْخَشَبَة غير أَنِّي لَا أكني، فانطلقتا [تُوَلْوِلَانِ] ، وَتَقُولَانِ: لَو كَانَ هُنَا أحد من أَنْفَارنَا. قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وهما هَابِطَانِ قَالَ: فَمَا لَكمَا؟ قَالَتَا: الصَّابِئ بَين الْكَعْبَة وَأَسْتَارهَا. قَالَ: مَا قَالَ لَكمَا؟ قَالَتَا: إِنَّه قَالَ لنا كلمة تملأ الْفَم. وَجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى اسْتَلم الْحجر فَطَافَ بِالْبَيْتِ هُوَ(4/431)
وَصَاحبه ثمَّ صلى فَلَمَّا قضى صلَاته، قَالَ أَبُو ذَر: فَكنت أَنا أول من حَيَّاهُ بِتَحِيَّة الْإِسْلَام فَقَالَ: [فَقلت] : السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: وَعَلَيْك (السَّلَام) وَرَحْمَة الله. ثمَّ قَالَ: من أَنْت؟ فَقلت: أَنا من غفار. قَالَ: فَأَهوى بِيَدِهِ فَوضع أَصَابِعه على جَبهته، فَقلت فِي نَفسِي: كره أَن انتميت إِلَى غفار، فَذَهَبت أَخذ بِيَدِهِ فقدعني صَاحبه وَكَانَ أعلم بِهِ مني، ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ: مَتى كنت هَاهُنَا؟ قَالَ: قلت: قد كنت هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ بَين لَيْلَة وَيَوْم. قَالَ: فَمن كَانَ يطعمك؟ [قَالَ] : قلت: مَا كَانَ لي طَعَام إِلَّا مَاء زَمْزَم فَسَمنت حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَن بَطْني، وَمَا أجد على كَبِدِي سخْفَة جوع. قَالَ: إِنَّهَا مباركة إِنَّهَا طَعَام طعم. فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، ائْذَنْ لي فِي إطعامه اللَّيْلَة. فَانْطَلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَانْطَلَقت مَعَهُمَا، فَفتح أَبُو بكر بَابا فَجعل يقبض لنا من زبيب الطَّائِف، فَكَانَ ذَلِك أول طَعَام أَكلته بهَا، ثمَّ غبرت مَا غبرت ثمَّ أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي قد وجهت لي [أَرض] ذَات نخل لَا أَرَاهَا إِلَّا يثرب، فَهَل أَنْت مبلغ عني قَوْمك عَسى الله أَن يَنْفَعهُمْ بك ويأجرك فيهم. فَأتيت أنيسا فَقَالَ: مَا صنعت؟ قلت: صنعت أَنِّي قد أسلمت وصدقت. قَالَ: مَا بِي رَغْبَة عَن دينك فَإِنِّي قد أسلمت وصدقت. فأتينا أمنا فَقَالَت: مَا بِي رَغْبَة عَن دينكما فَإِنِّي قد أسلمت وصدقت. فَاحْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَومنَا غفارًا فَأسلم نصفهم وَكَانَ يؤمهم إِيمَاء بن رحضة وَكَانَ سيدهم، وَقَالَ نصفهم: إِذا قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة أسلمنَا. فَقدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة فَأسلم نصفهم الْبَاقِي وَجَاءَت أسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إخوتنا نسلم على الَّذِي أَسْلمُوا عَلَيْهِ. فأسلموا فَقَالَ / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: غفار غفر الله لَهَا، وَأسلم سَالَمَهَا الله ".
حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا النَّضر بن شُمَيْل، حَدثنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة حَدثنَا حميد بن هِلَال بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَزَاد بعد قَوْله: " قلت: فَاكْفِنِي حَتَّى أذهب فَأنْظر ": " قَالَ: نعم وَكن على حذر من أهل مَكَّة فَإِنَّهُم قد شنفوا لَهُ(4/432)
وتجهموا ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة السَّامِي وَمُحَمّد بن حَاتِم - وتقاربا فِي سِيَاق الحَدِيث وَاللَّفْظ لِابْنِ حَاتِم -[قَالَا: ثَنَا] عبد الرَّحْمَن ابْن مهْدي، حَدثنَا الْمثنى بن سعيد، عَن أبي جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما بلغ أَبَا ذَر مبعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِأَخِيهِ: اركب إِلَى هَذَا الْوَادي فَاعْلَم لي علم هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه يَأْتِيهِ الْخَبَر من السَّمَاء، فاسمع من قَوْله ثمَّ ائْتِنِي. فَانْطَلق الآخر حَتَّى قدم مَكَّة وَسمع من قَوْله، ثمَّ رَجَعَ إِلَى أبي ذَر فَقَالَ: رَأَيْته يَأْمر بمكارم الْأَخْلَاق وكلاما مَا هُوَ بالشعر. فَقَالَ: مَا شفيتني فِيمَا أردْت. فتزود وَحمل شنة لَهُ فِيهَا مَاء حَتَّى قدم مَكَّة فَأتى الْمَسْجِد فالتمس النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يعرفهُ، وَكره أَن يسْأَل عَنهُ حَتَّى أدْركهُ - يَعْنِي اللَّيْل - فاضطجع فَرَآهُ عَليّ - رضوَان الله عَلَيْهِ - فَعرف أَنه غَرِيب، فَلَمَّا رَآهُ تبعه فَلم يسْأَل وَاحِد مِنْهُمَا [صَاحبه] عَن شَيْء حَتَّى أصبح، ثمَّ احْتمل قربته وزاده إِلَى الْمَسْجِد، فظل ذَلِك الْيَوْم وَلَا يرى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أَمْسَى فَعَاد إِلَى مضجعه فَمر بِهِ عَليّ فَقَالَ: مَا آن للرجل أَن يعلم منزله؟ فأقامه فَذهب بِهِ مَعَه وَلَا يسْأَل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه عَن شَيْء حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الثَّالِث فعل مثل ذَلِك، فأقامه عَليّ [مَعَه] فَقَالَ: أَلا تُحَدِّثنِي مَا الَّذِي أقدمك هَذَا الْبَلَد؟ قَالَ: إِن [تعطني] عهدا وميثاقا لترشدني فعلت. فَفعل فَأخْبرهُ، فَقَالَ: إِنَّه حق وَهُوَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا أَصبَحت فاتبعني، فَإِنِّي إِن رَأَيْت شَيْئا أَخَاف عَلَيْك قُمْت كَأَنِّي أريق المَاء، فَإِن مضيت فاتبعني حَتَّى تدخل مدخلي. فَفعل فَانْطَلق يقفوه حَتَّى دخل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَدخل مَعَه، فَسمع من قَوْله وَأسلم مَكَانَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ارْجع إِلَى قَوْمك فَأخْبرهُم حَتَّى يَأْتِيك أَمْرِي، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأصرخن بهَا بَين / (ظهرانيكم) . فَخرج حَتَّى أَتَى الْمَسْجِد فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: أشهد أَن لَا إِلَه(4/433)
إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. وثار الْقَوْم فضربوه حَتَّى أضجعوه، فَأتى الْعَبَّاس فأكب عَلَيْهِ [فَقَالَ] : وَيْلكُمْ ألستم تعلمُونَ أَنه من غفار وَأَن طَرِيق تجاركم إِلَى الشَّام [عَلَيْهِم] . فأنقذه مِنْهُم، ثمَّ عَاد من الْغَد بِمِثْلِهَا وثاروا إِلَيْهِ فضربوه فأكب عَلَيْهِ الْعَبَّاس فأنقذه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْعَبَّاس الْعَنْبَري، ثَنَا النَّضر بن مُحَمَّد، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، حَدثنِي أَبُو زميل - هُوَ سماك بن الْوَلِيد الْحَنَفِيّ - عَن مَالك بن مرْثَد، عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أظلت الخضراء وَمَا أقلت الغبراء من ذِي لهجة أصدق وَلَا أوفى من أبي ذَر، شبه عِيسَى ابْن مَرْيَم. قَالَ عمر ابْن الْخطاب - كالحاسد -: يَا رَسُول الله، أفنعرف ذَلِك لَهُ؟ قَالَ: نعم فَاعْرِفُوهُ لَهُ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا ابْن نمير، عَن الْأَعْمَش، عَن عُثْمَان بن عُمَيْر - هُوَ أَبُو الْيَقظَان - عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود الديلِي، عَن عبد الله بن عَمْرو: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا أظلت الخضراء وَمَا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذَر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب فضل سلمَان الْفَارِسِي وَذكر إِسْلَامه
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا أبي، عَن الْحسن بن صَالح، عَن أبي ربيعَة الْإِيَادِي، عَن الْحسن، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:(4/434)
" إِن الْجنَّة تشتاق إِلَى ثَلَاثَة (عمار وَعلي) وسلمان ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث الْحسن بن صَالح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُوسَى بن عبد الله الْخُزَاعِيّ، ثَنَا بكر بن سُلَيْمَان، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
وَحدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عبد الله بن هَارُون بن أبي عِيسَى، عَن أَبِيه، عَن ابْن إِسْحَاق، أَنه سمع عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة، عَن مَحْمُود بن لبيد، عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ: " حَدثنِي سلمَان الْفَارِسِي (حَدَّثَنِيهِ) من (فَمه) قَالَ: كنت رجلا فارسيا من أهل أَصْبَهَان من قَرْيَة مِنْهَا / يُقَال لَهَا حييّ، وَكَانَ أبي دهقان قريته، وَكنت أحب خلق الله إِلَيْهِ، لم يزل بِهِ حبه إيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيته كَمَا تحبس الْجَارِيَة، فاجتهدت فِي الْمَجُوسِيَّة حَتَّى كنت قاطن النَّار أوقدها لَا أتركها تخبو سَاعَة، وَكَانَت لأبي ضَيْعَة عَظِيمَة، فشغل يَوْمًا فَقَالَ لي: يَا بني، إِنِّي قد شغلت هَذَا الْيَوْم عَن ضيعتي، اذْهَبْ إِلَيْهَا فطالعها. وَأَمرَنِي فِيهَا بِبَعْض مَا يُرِيد، ثمَّ قَالَ لي: لَا تحتبس عَليّ فَإنَّك إِن احتسبت عَليّ كنت أهم إِلَيّ من ضيعتي وشغلتني عَن كل شَيْء من أَمْرِي. فَخرجت أُرِيد ضيعته أَسِير إِلَيْهَا فمررت بكنيسة من كنائس النَّصَارَى، فَسمِعت أَصْوَاتهم فِيهَا وهم يصلونَ، وَكنت لَا أَدْرِي بِأَمْر النَّاس لحبس أبي إيَّايَ فِي بَيته، فَلَمَّا سَمِعت أَصْوَاتهم دخلت عَلَيْهِم أنظر مَا يصنعون، فَلَمَّا رَأَيْتهمْ أعجبتني صلَاتهم ورغبت فِي أَمرهم وَقلت: وَالله هَذَا خير من الَّذِي نَحن عَلَيْهِ، فَمَا بَرحت من عِنْدهم حَتَّى غربت الشَّمْس وَتركت ضَيْعَة أبي، ثمَّ قلت لَهُم: أَيْن أصل هَذَا الدَّين؟ قَالُوا: رجل بِالشَّام. ثمَّ رجعت إِلَى أبي وَقد بعث فِي طلبي وَقد شغلته عَن عمله. فَقَالَ: [أَي] بني أَيْن كنت؟ ألم(4/435)
أكن عهِدت إِلَيْك مَا عهِدت؟ قَالَ: فَقلت: مَرَرْت بناس يصلونَ فِي كَنِيسَة لَهُم فَدخلت عَلَيْهِم، فَمَا زلت عِنْدهم وهم يصلونَ حَتَّى غربت الشَّمْس. فَقَالَ: أَي بني لَيْسَ فِي ذَلِك الدَّين خير، دينك وَدين أبائك خير مِنْهُ. ثمَّ حَبَسَنِي فِي بَيته وَبعثت لِلنَّصَارَى وَقلت: إِذا قدم عَلَيْكُم ركب من الشَّام فَأَخْبرُونِي بهم. [فَقدم عَلَيْهِم ركب من الشَّام تجار من النَّصَارَى فَأَخْبرُونِي بهم] ، فَقلت لَهُم: إِذا قضوا حوائجهم وَأَرَادُوا الرّجْعَة إِلَّا بِلَادهمْ فآذنوني بهم. فَلَمَّا أَرَادوا الرّجْعَة إِلَى بِلَادهمْ أخبروني بهم فألقيت الْحَدِيد من رجْلي ثمَّ خرجت مَعَهم حَتَّى قدمت الشَّام، فَلَمَّا قدمتها قلت: من أفضل هَذَا الدَّين علما؟ قَالُوا: الأسقف فِي الْكَنِيسَة. فَجِئْته فَقلت لَهُ: إِنِّي قد رغبت فِي هَذَا الدَّين فَأَحْبَبْت أَن أكون مَعَك فِي كنيستك وأتعلم مِنْك وأصلي مَعَك. قَالَ: (فَدخل) فَدخلت مَعَه وَكَانَ رجل سوء يَأْمر بِالصَّدَقَةِ ويرغبهم فِيهَا فَإِذا جمعُوا إِلَيْهِ شَيْئا مِنْهَا (أكنزه) لنَفسِهِ، فَلم يُعْط إنْسَانا / مِنْهَا شَيْئا حَتَّى جمع قلالا من ذهب وورق، وأبغضته بغضا شَدِيدا لما رَأَيْته يصنع، ثمَّ مَاتَ فاجتمعت إِلَيْهِ النَّصَارَى ليدفنوه فَقلت لَهُم: إِن هَذَا [كَانَ] رجل سوء يَأْمُركُمْ بِالصَّدَقَةِ ويرغبكم فِيهَا فَإِذا جئتموه بهَا (أكنزها) لنَفسِهِ، فَلم يُعْط إنْسَانا - أَو لم يُعْط الْمَسَاكِين - مِنْهَا شَيْئا. قَالُوا: وَمَا علمك بذلك؟ قلت لَهُم: أَنا أدلكم على كنزه. قَالُوا: فدلنا عَلَيْهِ. فدللتهم عَلَيْهِ فَاسْتَخْرَجُوا ذَهَبا وورقا فَلَمَّا رأوها قَالُوا: وَالله مَا ندفنه أبدا. فصلبوه ثمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ، وَكَانَ ثمَّ رجل آخر فجعلوه مَكَانَهُ. قَالَ: يَقُول سلمَان: مَا رَأَيْت رجلا لَا يُصَلِّي الْخمس أفضل مِنْهُ، أزهد فِي الدُّنْيَا وَلَا أَرغب فِي الْآخِرَة، وَلَا أدأب لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْهُ، فأحببته حبا لم أحبه شَيْئا قطّ، فَمَا زلت مَعَه زَمَانا حَتَّى حَضرته الْوَفَاة، فَقلت لَهُ: يَا فلَان، إِنِّي قد(4/436)
كنت مَعَك، فأحببتك حبا لم أحبه شَيْئا قبلك، وَقد حضرك من أَمر الله - تَعَالَى - مَا ترى فَإلَى من توصي بِي وَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: أَي بني، وَالله مَا أعلم أحدا على مَا كنت عَلَيْهِ، لقد هلك النَّاس و (توَلّوا) وَتركُوا كثيرا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا (رجلا) بالموصل وَهُوَ فلَان وَهُوَ على مَا كنت عَلَيْهِ، فَالْحق بِهِ. فَلَمَّا مَاتَ وغيب لحقت بِصَاحِب الْموصل فَقلت لَهُ: يَا فلَان، إِن فلَانا أَوْصَانِي عِنْد مَوته أَن ألحق بك، وَأَخْبرنِي أَنَّك على أمره. فَقَالَ: فأقم عِنْدِي فأقمت عِنْده فَوَجَدته خير رجل على أَمر صَاحبه فَلم ألبث أَن مَاتَ فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قلت لَهُ: يَا فلَان، إِن فلَانا أَوْصَانِي إِلَيْك وَأَمرَنِي أَن ألحق بك، وَقد حضرك من أَمر الله مَا ترى فَإلَى من توصي بِي وَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: أَي بني، وَالله مَا أعلم رجلا على مثل مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلَّا رجلا بنصيبين وَهُوَ فلَان فَالْحق بِهِ. فَلَمَّا مَاتَ وغيب لحقت بِصَاحِب نَصِيبين فَجِئْته فَأَخْبَرته بِمَا أَمرنِي بِهِ صَاحبه، قَالَ: فأقم عِنْدِي. [فأقمت] عِنْده فَوَجَدته على أَمر صَاحِبيهِ فأقمت مَعَ خير رجل، فوَاللَّه مَا لبث أَن نزل بِهِ الْمَوْت، فَلَمَّا حضر قلت لَهُ: يَا فلَان، إِن فلَانا أوصى بِي إِلَى فلَان وَأوصى بِي فلَان إِلَيْك، فَإلَى من توصي بِي وَبِمَ تَأْمُرنِي؟ فَقَالَ: يَا بني، مَا أعلم أحدا بَقِي على مَا أَنا عَلَيْهِ آمُرك أَن تَأتيه إِلَّا رجلا / بعمورية من أَرض الرّوم على مَا نَحن عَلَيْهِ فَإِنَّهُ على مَا أمرنَا. فَلَمَّا مَاتَ وغيب لحقت بِصَاحِب عمورية فَأَخْبَرته خبري، فَقَالَ: أقِم عِنْدِي. فأقمت عِنْد خير رجل على هدي أَصْحَابه وَأمرهمْ، واكتسبت حَتَّى كَانَت لي بقيرات وغنيمة، ثمَّ نزل بِهِ أَمر الله فَلَمَّا حضر قلت لَهُ: يَا فلَان، إِنِّي كنت مَعَ فلَان فأوصى بِي إِلَّا فلَان، ثمَّ أوصى بِي إِلَى فلَان، ثمَّ أوصى بِي فلَان إِلَيْك، فَإلَى من توصي بِي وَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: وَالله مَا أعلم (أصبح) لَك على مَا كُنَّا عَلَيْهِ أحد من النَّاس آمُرك أَن تَأتيه، وَلَكِن قد أظلك زمَان نَبِي مَبْعُوث بدين إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخرج بِأَرْض الْعَرَب مُهَاجرا إِلَى أَرض بَين حرتين بِهِ عَلَامَات لَا تخفى: يَأْكُل(4/437)
الْهَدِيَّة، وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة، بَين كَتفيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَاتم النُّبُوَّة، فَإِن اسْتَطَعْت أَن تلْحق بِتِلْكَ الْبِلَاد فافعل. ثمَّ مَاتَ وغيب فَمَكثت بعمورية مَا شَاءَ الله [أَن] أمكث، ثمَّ مر بِي نفر من كلب تجار فَقلت لَهُم: تحملوني إِلَى أَرض الْعَرَب وأعطيكم بقراتي هَذِه وغنيمتي. قَالَ: فأعطيتهم وحملوني مَعَهم حَتَّى إِذا قدمُوا بِي وَادي الْقرى ظلموني، فباعوني من رجل يَهُودِيّ كنت عِنْده، فَرَأَيْت النّخل فرجوت أَن يكون الْبَلَد الَّذِي وصف لي صَاحِبي وَلم يحِق فِي نَفسِي، فَبينا أَنا عِنْده قدم عَلَيْهِ ابْن عَم لَهُ من بني قُرَيْظَة فابتاعني مِنْهُ فَحَمَلَنِي إِلَى المدنية فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا أَن رَأَيْتهَا عرفتها بِصفة صَاحِبي إِلَيّ، فأقمت بهَا، فَبعث الله رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأقَام بِمَكَّة مَا أَقَامَ، مَا أسمع لَهُ بِذكر مَعَ مَا أَنا فِيهِ من شغل الرّقّ، ثمَّ هَاجر إِلَى الْمَدِينَة فوَاللَّه إِنِّي لفي رَأس عذق لسيدي أعمل لَهُ فِيهِ بعض الْعَمَل، وسيدي جَالس تحتي إِذْ أقبل ابْن عَم لَهُ حَتَّى وقف عَلَيْهِ فَقَالَ: قَاتل الله بني قيلة، وَالله إِنَّهُم [الْآن] ليجتمعون على رجل قدم عَلَيْهِم من مَكَّة [الْيَوْم] ، يَزْعمُونَ أَنه نَبِي. فَلَمَّا سمعته أَخَذَنِي - يَعْنِي الْفَرح - حَتَّى ظَنَنْت أَنِّي سَاقِط على سَيِّدي، وَنزلت عَن النَّخْلَة، وَجعلت أَقُول لِابْنِ عَمه ذَلِك: مَاذَا تَقول [مَاذَا تَقول] ؟ فَغَضب سَيِّدي فلكمني لكمة شَدِيدَة، ثمَّ قَالَ لي: مَا لَك وَلِهَذَا؟ / أقبل على عَمَلك. قلت: لَا شَيْء إِنَّمَا أردْت أَنا أستفتيه عَمَّا قَالَ. وَقد كَانَ عِنْدِي شَيْء جمعته فَلَمَّا أمسيت أَخَذته ثمَّ ذهبت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ بقباء، فَدخلت عَلَيْهِ فَقلت لَهُ: إِنَّه قد بَلغنِي أَنَّك رجل صَالح ومعك أَصْحَاب لَك غرباء ذَوُو حَاجَة، وَهَذَا شَيْء كَانَ عِنْدِي صَدَقَة فرأيتكم أَحَق بِهِ من غَيْركُمْ. قَالَ: وقربته إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[لأَصْحَابه] : كلوا. وَأمْسك [هُوَ] فَلم يَأْكُل مِنْهُ. فَقلت فِي نَفسِي: هَذِه وَاحِدَة. ثمَّ انصرفت عَنهُ فَجمعت شَيْئا، فتحول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ جِئْت بِهِ فَقلت لَهُ: إِنِّي قد رَأَيْتُك لَا تَأْكُل الصَّدَقَة، وَهَذِه هَدِيَّة أكرمتك بهَا. فَأكل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهَا وَأمر أَصْحَابه فَأَكَلُوا مِنْهَا، وَقلت فِي نَفسِي: هَاتَانِ ثِنْتَانِ، ثمَّ جِئْت رَسُول الله(4/438)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ ببقيع الْغَرْقَد وَقد اتبع جَنَازَة رجل من أَصْحَابه [وَهُوَ] جَالس فسملت عَلَيْهِ، ثمَّ اسْتَدْبَرت أنظر إِلَى ظَهره هَل أرى الْخَاتم الَّذِي وصف لي صَاحِبي، فَلَمَّا رَآنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استدبرته عرف أَنِّي أستثبت فِي شَيْء وصف لي، فَألْقى رِدَاءَهُ عَن ظَهره فَنَظَرت إِلَى الْخَاتم فعرفته؛ فأكببت عَلَيْهِ أقبله وأبكي، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تحول. [فتحولت] فَجَلَست بَين يَدَيْهِ فقصصت عَلَيْهِ حَدِيثي كَمَا حدثتك يَا ابْن عَبَّاس، فأعجب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يسمع ذَلِك أَصْحَابه، ثمَّ شغل سلمَان الرّقّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بدر وَأحد، ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَاتب يَا سلمَان. فكاتبت صَاحِبي على ثَلَاثمِائَة نَخْلَة أحييها لَهُ وبأربعين أُوقِيَّة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأَصْحَابه: أعينوا أَخَاكُم. فأعانوني فِي النّخل الرجل بالثلاثين، وَالرجل بالعشرين، وَرجل بِخمْس عشرَة، وَالرجل (بِخمْس) ، وَالرجل بِقدر مَا عِنْده حَتَّى اجْتمعت لي ثَلَاثمِائَة، فَقَالَ [لي] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اذْهَبْ يَا سلمَان فَإِذا فرغت فَآذِنِّي أكون مَعَك أَنا أضعها بيَدي، ففقرت لَهَا وأعانني أَصْحَابِي حَتَّى إِذا [فرغت] جِئْت فَأَخْبَرته، فَخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - معي إِلَيْهَا فَجعلنَا نقرب [لَهُ] / الودي ويضعه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ حَتَّى فَرغْنَا، فوالذي نفس سلمَان بِيَدِهِ مَا مَاتَ مِنْهَا نَخْلَة وَاحِدَة، فأديت النّخل وَبَقِي عَليّ المَال، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل بَيْضَة الدَّجَاجَة من ذهب من بعض الْمَعَادِن قَالَ: مَا فعل الْفَارِسِي الْمكَاتب؟ فَدُعِيت لَهُ فَقَالَ: خُذ هَذِه فأد بهَا مَا عَلَيْك يَا سلمَان. فَقلت: وَأَيْنَ تقع هَذِه يَا رَسُول الله مِمَّا عَليّ؟ قَالَ: خُذْهَا فَإِن الله سيؤدي بهَا عَنْك. فوزنت لَهُ مِنْهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة بأوقيتهم حَقهم، وَعتق سلمَان، وَشهِدت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْمشَاهد و) لم يفتني مَعَه مشْهد ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَبدة بن عبد الله، ثَنَا زيد بن الْحباب، أبنا حُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه " أَن سلمَان الْفَارِسِي لما قدم إِلَى الْمَدِينَة أَتَى رَسُول الله(4/439)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمائدة عَلَيْهَا رطب فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا يَا سلمَان؟ قَالَ: صَدَقَة تَصَدَّقت بهَا عَلَيْك وعَلى أَصْحَابك. فَقَالَ: إِنَّا لَا نَأْكُل الصَّدَقَة. حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد جَاءَ بِمِثْلِهَا فوضعها بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا سلمَان، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَدِيَّة. فَقَالَ: كلوا. وَأكل، وَنظر إِلَى الْخَاتم فِي ظَهره قَالَ: وَاشْتَرَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِكَذَا وَكَذَا درهما من الْيَهُودِيّ وعَلى أَن يغْرس لَهُم كَذَا وَكَذَا من النّخل وَيعْمل حَتَّى تطعم. قَالَ: فغرس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النّخل إِلَّا نَخْلَة وَاحِدَة غرسها غَيره، فأطعم النّخل من عَامه إِلَّا النَّخْلَة الَّتِي غرسها غَيره، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من غرسها؟ قَالُوا: فلَان. فقلعها وغرسها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأطعمت من عامها ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن بُرَيْدَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
ذكر ابْن أبي شيبَة هَذَا الحَدِيث فِي مُسْنده عَن زيد بن الْحباب بِإِسْنَاد الْبَزَّار وَقَالَ: إِن الَّذِي غرس النَّخْلَة عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ.
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عمر بن شَقِيق، ثَنَا مُعْتَمر قَالَ: ثَنَا أبي، ثَنَا أَبُو عُثْمَان، عَن سلمَان الْفَارِسِي " أَنه تداوله بضعَة عشر من رب إِلَى رب ".
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَوْف، عَن أبي عُثْمَان قَالَ: سَمِعت سلمَان يَقُول: " أَنا من رام هُرْمُز ".
بَاب فضل حَاطِب بن أبي بلتعة رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وَحدثنَا مُحَمَّد بن رمح، ثَنَا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر " أَن عبدا لحاطب جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يشكو حَاطِبًا، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ليدخلن حَاطِب النَّار. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كذبت، لَا يدخلهَا؛ فَإِنَّهُ شهد بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة ".(4/440)
بَاب فضل حُذَيْفَة وعمار بن يَاسر رَضِي الله عَنْهُمَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُغيرَة، عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " ذهب عَلْقَمَة إِلَى الشَّام، فَلَمَّا دخل الْمَسْجِد قَالَ: اللَّهُمَّ يسر لي جَلِيسا صَالحا. فَجَلَسَ إِلَى أبي الدَّرْدَاء فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: مِمَّن أَنْت؟ فَقَالَ: من أهل الْكُوفَة. قَالَ: أَلَيْسَ فِيكُم - أَو مِنْكُم -[صَاحب السِّرّ] الَّذِي [لَا يُعلمهُ غَيره - يَعْنِي حُذَيْفَة -؟ قَالَ: قلت: بلَى. قَالَ: أَلَيْسَ فِيكُم - أَو مِنْكُم - الَّذِي] أجاره الله على لِسَان نبيه - يَعْنِي من الشَّيْطَان، يَعْنِي عمارا -؟ قَالَ: قلت بلَى " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، (ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي) ، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن هَانِئ بن هَانِئ، عَن عَليّ قَالَ: " جَاءَ عمار بن يَاسر يسْتَأْذن على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: ائذنوا لَهُ، مرْحَبًا بالطيب المطيب ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا نصر بن عَليّ، أبنا عثام بن عَليّ، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي إِسْحَاق، عَن هَانِئ بن هَانِئ، عَن عَليّ " أَن عمارا بن يَاسر اسْتَأْذن على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ: ائذنوا للطيب المطيب ملئ إِيمَانًا إِلَى مشاشه ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن عَليّ، وهانئ بن هَانِئ لَا نعلم روى عَنهُ إِلَّا أَبُو إِسْحَاق.(4/441)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْقَاسِم بن دِينَار الْكُوفِي، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن عبد الْعَزِيز بن سياه - كُوفِي - عَن / حبيب بن أبي ثَابت، عَن عَطاء بن يسَار، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا خير عمار بَين أَمريْن إِلَّا اخْتَار أشدهما ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن سياه، وَهُوَ شيخ كُوفِي، وَقد روى عَنهُ النَّاس.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو مُصعب الْمدنِي، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن الْعَلَاء ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أبشر عمار، تقتلك الفئة الباغية ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن.
بَاب فضل أبي الْيُسْر رَضِي الله عَنهُ
الْبَزَّار: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا أَبُو أَحْمد، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " قَالَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: يَا رَسُول الله، أَرِنِي الَّذِي أسرني. قَالَ: فَأرَاهُ أَبَا الْيُسْر. وَكَانَ أَبُو الْيُسْر رجلا قَصِيرا. فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا أسرني رجل طَوِيل. فَقَالَ: لقد أيد بِملك كريم ".
بَاب فضل عَاصِم وخبيب رَضِي الله عَنْهُمَا
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أبنا هِشَام بن يُوسُف، عَن معمر،(4/442)
عَن الزُّهْرِيّ، عَن (عمر) بن أبي سُفْيَان الثَّقَفِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة عينا وَأمر عَلَيْهِم عَاصِم بن ثَابت - وَهُوَ جد عَاصِم بن عمر ابْن الْخطاب - فَانْطَلقُوا حَتَّى إِذا كَانَ بَين عسفان وَمَكَّة ذكرُوا لحي من هُذَيْل [يُقَال] لَهُم بَنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائَة رام فَاقْتَصُّوا آثَارهم حَتَّى أَتَوا منزلا نزلوه فوجدوا فِيهِ نوى تمر تزودوه من الْمَدِينَة، فَقَالُوا: هَذَا تمر يثرب فتبعوا آثَارهم حَتَّى لحقوهم، فَلَمَّا انْتهى عَاصِم وَأَصْحَابه لجئوا إِلَى فدفد، وَجَاء الْقَوْم فأحاطوا بهم، فَقَالُوا: لكم الْعَهْد والميثاق إِن نزلتم إِلَيْنَا أَلا نقْتل مِنْكُم رجلا. فَقَالَ عَاصِم: أما أَنا فَلَا أنزل فِي ذمَّة كَافِر، اللَّهُمَّ أخبر عَنَّا رَسُولك. فقاتلوهم فَرَمَوْهُمْ حَتَّى قتلوا عَاصِمًا فِي سَبْعَة نفر بِالنَّبلِ وَبَقِي / خبيب وَزيد وَرجل آخر فأعطوهم الْعَهْد والميثاق، فَلَمَّا أعطوهم الْعَهْد والميثاق نزلُوا إِلَيْهِم، فَلَمَّا استمكنوا مِنْهُم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بهَا. فَقَالَ الرجل الثَّالِث الَّذِي مَعَهُمَا: هَذَا أول الْغدر. فَأبى أَن يصحبهم فجرروه وعالجوه على أَن يصحبهم فَلم يفعل فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بخبيب وَزيد حَتَّى باعوهما بِمَكَّة، فَاشْترى خبيبا بَنو الْحَارِث بن عَامر بن نَوْفَل وَكَانَ خبيب هُوَ قتل الْحَارِث يَوْم بدر، فَمَكثَ عِنْدهم أَسِيرًا حَتَّى إِذا أَجمعُوا قَتله اسْتعَار مُوسَى من بعض بَنَات الْحَارِث ليستحد بهَا فأعارته، قَالَت: فغفلت عَن صبي لي فدرج إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَوَضعه على فَخذه، فَلَمَّا رَأَيْته فزعت فزعة، عرف ذَلِك مني وَفِي يَده الموسى. فَقَالَ: أتخشين أَن أَقتلهُ مَا كنت لأَفْعَل ذَلِك إِن شَاءَ الله - تَعَالَى. وَكَانَت تَقول: مَا رَأَيْت أَسِيرًا قطّ خيرا من خبيب؛ لقد رَأَيْته يَأْكُل من قطف عِنَب وَمَا بِمَكَّة يَوْمئِذٍ ثَمَرَة وَإنَّهُ لموثق فِي الْحَدِيد، وَمَا كَانَ إِلَّا رزق رزقه الله، فَخَرجُوا بِهِ من الْحرم ليقتلوه فَقَالَ: دَعونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. ثمَّ انْصَرف إِلَيْهِم فَقَالَ: لَوْلَا أَن تروا أَن مَا بِي جزع من الْمَوْت لزدت. فَكَانَ أول من سنّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْد الْقَتْل هُوَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أحصهم عددا. ثمَّ قَالَ:(4/443)
% (مَا أُبَالِي حِين أقتل مُسلما % على أَي شقّ كَانَ الله مصرعي) % % (وَذَلِكَ فِي ذَات الْإِلَه وَإِن يَشَأْ % يُبَارك على أوصال شلو ممزع) %
ثمَّ قَامَ إِلَيْهِ عقبَة بن الْحَارِث فَقتله، وَبعثت قُرَيْش إِلَى عَاصِم ليؤتوا بِشَيْء من جسده يعرفونه، وَكَانَ قتل عَظِيما من عظمائهم يَوْم بدر، فَبعث الله عَلَيْهِم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فَلم يقدروا مِنْهُ على شَيْء ".
بَاب فضل جليبيب وَجَرِير بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا
مُسلم: حَدثنِي إِسْحَاق [بن] عمر بن سليط، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن كنَانَة بن نعيم، عَن أبي بَرزَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ فِي مغزى لَهُ، فأفاء الله عَلَيْهِ، فَقَالَ / لأَصْحَابه: هَل تَفْقِدُونَ من أحد؟ قَالُوا: نعم، فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. ثمَّ قَالَ: هَل تَفْقِدُونَ من أحد: قَالُوا: نعم، فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. ثمَّ قَالَ: هَل تَفْقِدُونَ من أحد؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: وَلَكِنِّي أفقد جليبيبا فاطلبوه. فطلبوه فِي الْقَتْلَى فوجدوه إِلَى جنب سَبْعَة قد قَتلهمْ ثمَّ قَتَلُوهُ، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوقف عَلَيْهِ فَقَالَ: قتل سعبة ثمَّ قَتَلُوهُ، هَذَا مني وَأَنا مِنْهُ، هَذَا مني وَأَنا مِنْهُ. قَالَ: فَوَضعه على ساعديه لَيْسَ لَهُ إِلَّا ساعدا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فحفر لَهُ وَوضع فِي قَبره وَلم يذكر غسلا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، أبنا وَكِيع وَأَبُو أُسَامَة، عَن إِسْمَاعِيل،(4/444)
وثنا ابْن نمير، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن جرير قَالَ: " مَا حجبني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُنْذُ أسلمت، وَلَا آراني إِلَّا تَبَسم فِي وَجْهي ".
زَاد ابْن نمير فِي حَدِيثه، عَن ابْن إِدْرِيس: " وَلَقَد شَكَوْت إِلَيْهِ أَنِّي لَا أثبت على الْخَيل، فَضرب بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثبته واجعله هاديا مهديا ".
وَمن طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن إِسْمَاعِيل [بن] أبي خَالِد، عَن قيس ابْن أبي حَازِم قَالَ: سَمِعت جرير بن عبد الله يَقُول: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لباب من أَبْوَاب الْمَسْجِد: يدْخل من هَذَا الْبَاب خير ذِي يمن عَلَيْهِ مسحة ملك. فَدخلت أَنا ".
بَاب فضل عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن خَالِد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " ضمني النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى صَدره وَقَالَ: اللَّهُمَّ علمه الْحِكْمَة ".
حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث وَقَالَ: " علمه الْكتاب ".
بَاب فضل عبد الله بن عمر وَعبد الله بن سَلام
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن نصر، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن(4/445)
الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ الرجل فِي حَيَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رأى رُؤْيا قصها على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكنت أَتَمَنَّى أَن أرى رُؤْيا أقصها على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / وَكنت غُلَاما شَابًّا أعزب وَكنت أَنَام فِي الْمَسْجِد على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن ملكَيْنِ أخذاني فذهبا بِي إِلَى النَّار فَإِذا هِيَ مطوية كطي الْبِئْر، وَإِذا لَهَا قرنان كقرني الْبِئْر، فَإِذا فِيهَا نَاس قد عرفتهم فَجعلت أَقُول: أعوذ بِاللَّه من النَّار، أعوذ بِاللَّه من النَّار. فلقيهما ملك آخر فَقَالَ لي: لن تراع. فقصصتها على حَفْصَة، فقصتها حَفْصَة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ: نعم الرجل عبد الله لَو كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل. قَالَ سَالم: فَكَانَ عبد الله لَا ينَام من اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان، حَدثنَا ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر، عَن أُخْته حَفْصَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهَا: إِن عبد الله رجل صَالح ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْحَاق بن عِيسَى، حَدثنِي مَالك، عَن أبي النَّضر، عَن عَامر بن سعد قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: " مَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لحي يمشي أَنه فِي الْجنَّة إِلَّا لعبد الله بن سَلام ".
زَاد [الطَّحَاوِيّ] فِي هَذَا الحَدِيث: " وَفِيه نزلت هَذِه الْآيَة {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله فَآمن وَاسْتَكْبَرْتُمْ} ".
رَوَاهُ عَن جمَاعَة مِنْهُم: يُونُس، عَن عبد الله بن يُوسُف، عَن مَالك بِإِسْنَاد مُسلم.(4/446)
وَقَالَ الطَّحَاوِيّ أَيْضا: حَدثنَا بكار بن قُتَيْبَة، ثَنَا دَاوُد صَاحب الطيالسة، ثَنَا شُعَيْب [بن] صَفْوَان، ثَنَا عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، عَن عبد الله بن سَلام: " لما حذرهم من قتل عُثْمَان [قَالُوا] : كذب الْيَهُودِيّ، كذب الْيَهُودِيّ. فَقَالَ: كذبتهم وَالله وأثمتم، مَا أَنا بِيَهُودِيٍّ، وَإِنِّي لأحد الْمُؤمنِينَ، يعلم ذَلِك الله وَرَسُوله والمؤمنون، وَقد أنزل الله فِي {قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب} وَالْآيَة الْأُخْرَى {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله وكفرتم بِهِ وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله فَآمن وَاسْتَكْبَرْتُمْ} ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا أَزْهَر السمان، عَن ابْن عون، عَن مُحَمَّد، عَن قيس بن / عباد قَالَ: " كنت جَالِسا فِي مَسْجِد الْمَدِينَة، فَدخل رجل على وَجهه أثر الْخُشُوع، فَقَالُوا: هَذِه رجل من أهل الْجنَّة. فصلى رَكْعَتَيْنِ تجوز فيهمَا، ثمَّ خرج وتبعته، فَقلت: إِنَّك حِين دخلت الْمَسْجِد قَالُوا: هَذَا رجل من أهل الْجنَّة. قَالَ: وَالله مَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول مَا لَا يعلم وسأحدثك لم ذَاك، رَأَيْت رُؤْيا على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصصتها عَلَيْهِ وَرَأَيْت كَأَنِّي فِي رَوْضَة ذكر من سعتها وخضرتها، وَسطهَا عَمُود من حَدِيد أَسْفَله فِي الأَرْض وَأَعلاهُ فِي السَّمَاء، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَة. قيل لي: ارق. فَقلت: لَا أَسْتَطِيع، فَأَتَانِي منصف فَرفع ثِيَابِي من خَلْفي فرقيت حَتَّى كنت فِي أَعْلَاهَا، فَأخذت بالعروة فَقيل (لي) : استمسك. فَاسْتَيْقَظت وَإِنَّهَا لفي يَدي فقصصتها على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ: تِلْكَ الرَّوْضَة: الْإِسْلَام، وَذَلِكَ العمود: عَمُود الْإِسْلَام وَتلك العروة الوثقى، فَأَنت على الْإِسْلَام(4/447)
حَتَّى تَمُوت. وَذَلِكَ الرجل: عبد الله بن سَلام ".
بَاب فضل أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم، ثَنَا سُلَيْمَان، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " دخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علينا وَمَا هُوَ إِلَّا أَنا وَأمي وَأم حرَام خَالَتِي. فَقَالَت أُمِّي: يَا رَسُول الله، خويدمك ادْع الله لَهُ. قَالَ: فَدَعَا لي بِكُل خير. وَكَانَ فِي آخر مَا دَعَا لي بِهِ أَن قَالَ: اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده، وَبَارك لَهُ فِيهِ ".
فِي حَدِيث آخر لمُسلم - رَحمَه الله - قَالَ أنس: " فوَاللَّه إِن مَالِي لكثير، وَإِن وَلَدي وَولد وَلَدي ليتعادون على نَحْو الْمِائَة الْيَوْم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن نَافِع، ثَنَا بهز، [ثَنَا] حَمَّاد [أبنا] ثَابت، عَن أنس قَالَ: " أَتَى عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا أَلعَب مَعَ الغلمان. قَالَ: فَسلم علينا فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَة فأبطأت على أُمِّي، فَلَمَّا جِئْت قَالَت: مَا حَبسك؟ قلت: بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لحَاجَة. قَالَت: مَا حَاجته؟ قلت: إِنَّهَا سر. قَالَت: لَا تحدثن بسر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحدا. قَالَ: أنس وَالله لَو حدثت بِهِ أحدا لحدثتك بِهِ يَا ثَابت ".
/ بَاب فضل حسان بن ثَابت وَأبي هُرَيْرَة
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، أبنا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن " أَنه سمع حسان ابْن ثَابت الْأنْصَارِيّ يستشهد أَبَا هُرَيْرَة: أنْشدك الله، هَل سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول:(4/448)
يَا حسان، أجب عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: نعم ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن الْأَعْرَج قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " إِنَّكُم تَزْعُمُونَ أَن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الحَدِيث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالله الْموعد، كنت رجلا مِسْكينا أخدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ملْء بَطْني وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يشغلهم [الصفق بالأسواق، وَكَانَت الْأَنْصَار يشغلهم] الْقيام على أَمْوَالهم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من يبسط ثَوْبه فَلَنْ ينسى شَيْئا سَمعه مني، فبسطت ثوبي حَتَّى قضى حَدِيثه ثمَّ ضممته إِلَيّ فِيمَا نسيت شَيْئا سمعته مِنْهُ ".
قَالَ البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " فَمَا نسيت من مقَالَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِلْكَ من شَيْء ".
رَوَاهُ عَن أبي الْيَمَان، عَن شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ. بِإِسْنَاد مُسلم - رحمهمَا الله.
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا [عمر] بن يُونُس اليمامي، ثَنَا عِكْرِمَة ابْن عمار، عَن أبي كثير، حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: " كن أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَام وَهِي مُشركَة، فدعوتها يَوْمًا فأسمعتني فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أكره، فَأتيت رَسُول الله(4/449)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا أبْكِي، قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَام فتأبى عَليّ. فدعوتها الْيَوْم فأسمعتني فِيك مَا أكره فَادع الله أَن يهدي أم أبي هُرَيْرَة. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ (اهدي) أم أبي هُرَيْرَة. فَخرجت مُسْتَبْشِرًا بدعوة نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا جِئْت فصرت إِلَى الْبَاب، فَإِذا هُوَ مُجَاف، فَسمِعت أُمِّي خشف قدمي، فَقَالَت: مَكَانك يَا أَبَا هُرَيْرَة وَسمعت خضخضة المَاء. قَالَ: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عَن خمارها ففتحت / الْبَاب، ثمَّ قَالَت: يَا أَبَا هُرَيْرَة، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. قَالَ: فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَتَيْته وَأَنا أبْكِي من الْفَرح. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، أبشر فقد اسْتَجَابَ الله دعوتك وَهدى أم أبي هُرَيْرَة. فَحَمدَ الله [وَأثْنى عَلَيْهِ] وَقَالَ خيرا. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يحببني وَأمي إِلَى عباده الْمُؤمنِينَ ويحببهم إِلَيْنَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ حبب عبيدك هَذَا - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَة - وَأمه إِلَى عِبَادك الْمُؤمنِينَ وحبب إِلَيْهِم الْمُؤمنِينَ. فَمَا خلق مُؤمن يسمع بِي وَلَا يراني إِلَّا أَحبَّنِي ".
بَاب فضل خُزَيْمَة بن ثَابت الْأنْصَارِيّ وَعَمْرو بن تغلب رَضِي الله عَنْهُمَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أبنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي خَارِجَة ابْن زيد بن ثَابت، عَن أَبِيه قَالَ: " لما نسخنا الصُّحُف فِي الْمَصَاحِف فقدت آيَة من سُورَة الْأَحْزَاب كنت كثيرا أسمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرؤهَا لم أَجدهَا مَعَ أحد إِلَّا [مَعَ] خُزَيْمَة [الْأنْصَارِيّ] الَّذِي جعل الله شَهَادَته شَهَادَة رجلَيْنِ [ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} ] ".(4/450)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، حَدثنَا [أَبُو] عَاصِم، عَن جرير بن حَازِم قَالَ: سَمِعت الْحسن يَقُول: ثَنَا عَمْرو بن تغلب " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بِمَال أَو شَيْء فَقَسمهُ فَأعْطى رجَالًا وَترك رجَالًا، فَبَلغهُ أَن الَّذين (تركُوا) عتبوا فَحَمدَ الله ثمَّ أثنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد، فوَاللَّه إِنِّي أعطي الرجل، وأدع الرجل، وَالَّذِي أدع أحب إِلَيّ من الَّذِي أعطي، وَلَكِن أعطي أَقْوَامًا لما أرى فِي قُلُوبهم من الْجزع والهلع، وَأكل أَقْوَامًا لما جعل الله فِي قُلُوبهم من الْغنى وَالْخَيْر، فيهم: عَمْرو بن تغلب. فوَاللَّه مَا أحب أَن لي بِكَلِمَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمر النعم ".
بَاب فضل عَامر بن فهَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبيد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة / قَالَت: " اسْتَأْذن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبُو بكر فِي الْخُرُوج حِين اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى، فَقَالَ لَهُ: أقِم. فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أتطمع أَن يُؤذن لَك؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي لأرجو ذَلِك. قَالَت: فانتظره أَبُو بكر، فَأَتَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم ظهرا فناداه، فَقَالَ: أخرج من عنْدك. فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هما ابنتاي. فَقَالَ: أشعرت أَنه أذن لي فِي الْخُرُوج. فَقَالَ: يَا رَسُول الله، الصُّحْبَة. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الصُّحْبَة. قَالَ: يَا رَسُول الله، عِنْدِي ناقتان قد كنت أعددتهما لِلْخُرُوجِ. فَأعْطى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِحْدَاهمَا - وَهِي الجدعاء - فركبا فَانْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا الْغَار وَهُوَ بثور فتواريا فِيهِ، فَكَانَ عَامر بن فهَيْرَة غُلَاما لعبد الله بن الطُّفَيْل بن سَخْبَرَة أَخُو عَائِشَة لأمها، وَكَانَت لأبي بكر منحة، فَكَانَ يروح بهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِم وَيُصْبِح فيدلج إِلَيْهِمَا، ثمَّ يسرح فَلَا يفْطن بِهِ أحد من الرعاء، فَلَمَّا خرج خرج مَعَهُمَا يعقبانه حَتَّى قدما الْمَدِينَة فَقتل عَامر بن فهَيْرَة يَوْم بِئْر مَعُونَة ".(4/451)
وَعَن أبي أُسَامَة، قَالَ هِشَام بن عُرْوَة: فَأَخْبرنِي أبي قَالَ: " لما قتل الَّذين ببئر مَعُونَة وَأسر عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي، قَالَ لَهُ عَامر بن الطُّفَيْل: من هَذَا؟ وَأَشَارَ إِلَى قَتِيل. فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن أُميَّة: هَذَا عَامر بن فهَيْرَة. قَالَ: فَلَقَد رَأَيْته بعد مَا قتل رفع إِلَى السَّمَاء حَتَّى إِنِّي لأنظر إِلَى السَّمَاء بَينه وَبَين الأَرْض، ثمَّ وضع فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خبرهم فنعاهم، فَقَالَ: إِن أصحابكم قد أصيبوا وَإِنَّهُم قد سَأَلُوا رَبهم. فَقَالُوا: رَبنَا أخبر عَنَّا إِخْوَاننَا بِمَا رَضِينَا عَنْك ورضيت [عَنَّا] . فَأخْبرهُم عَنْهُم وَأُصِيب فيهم يَوْمئِذٍ: عُرْوَة بن أَسمَاء بن الصَّلْت فَسُمي عُرْوَة بِهِ، وَمُنْذِر ابْن عَمْرو وَسمي بِهِ منذرا ".
بَاب فضل أنس بن النَّضر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الْملك بن الْمُبَارك، أبنا سُلَيْمَان ابْن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ /: " عمي أنس بن النَّضر سميت بِهِ، لم يشْهد بَدْرًا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكبر عَلَيْهِ فَقَالَ: أول مشْهد شهده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غبت عَنهُ، أما وَالله لَئِن أَرَانِي الله مشهدا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا [بعد] ليرين مَا أصنع. قَالَ: فهاب أَن يَقُول غَيرهَا، فَشهد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد من الْعَام الْقَابِل فَاسْتَقْبلهُ سعد بن معَاذ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرو، أَيْن؟ قَالَ: واها لريح الْجنَّة أَجدهَا دون أحد. فقاتل حَتَّى قتل، فَوجدَ فِي جسده بضع وَثَمَانُونَ من بَين ضَرْبَة وطعنة ورمية، فَقَالَت عَمَّتي الرّبيع بنت النَّضر: فَمَا عرفت أخي إِلَّا ببنانه. وَنزلت هَذِه الْآيَة: {رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينظر وَمَا بدلُوا تبديلا} ".(4/452)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب فضل أبي طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن عبد الْعَزِيز، عَن أنس قَالَ: " لما كَانَ يَوْم أحد انهزم النَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَبُو طَلْحَة بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مجوب عَلَيْهِ بحجفة لن وَكَانَ أَبُو طَلْحَة رجلا راميا شَدِيد النزع، كسر يَوْم أحد قوسين أَو ثَلَاثًا. وَكَانَ الرجل يمر مَعَه بجعبة من النبل فَيَقُول: انثرها لأبي طَلْحَة. فَأَشْرَف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينظر إِلَى الْقَوْم فَيَقُول أَبُو طَلْحَة: يَا نَبِي الله، بِأبي أَنْت وَأمي لَا تشرف يصبك سهم من سِهَام الْقَوْم، نحري دون نحرك. وَلَقَد رَأَيْت عَائِشَة بنت أبي بكر وَأم سليم وإنهما مشمرتان أرى خدم سوقهما [تنقزان] الْقرب على متونهما تنقزان فِي أَفْوَاه الْقَوْم، ثمَّ تَرْجِعَانِ [فتملآنها] ثمَّ تجيئان فتفرغانه فِي أَفْوَاه الْقَوْم، وَلَقَد وَقع السَّيْف من يَد أبي طَلْحَة إِمَّا مرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا ".
بَاب فضل أبي مُوسَى وَأبي عَامر الْأَشْعَرِيين وصهيب وَفضل أَصْحَاب الهجرتين
مُسلم: حَدثنَا أَبُو عَامر الْأَشْعَرِيّ وَأَبُو كريب، جَمِيعًا عَن أبي أُسَامَة. قَالَ أَبُو عَامر: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا [بريد] عَن جده أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " كنت عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ / نَازل بالجعرانة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَمَعَهُ بِلَال فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل أَعْرَابِي، فَقَالَ: أَلا تنجز لي يَا مُحَمَّد مَا وَعَدتنِي؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أبشر. فَقَالَ لَهُ الْأَعرَابِي: أكثرت عَليّ من أبشر. فَأقبل رَسُول الله(4/453)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أبي مُوسَى وبلال كَهَيئَةِ الغضبان فَقَالَ: إِن هَذَا قد رد الْبُشْرَى فاقبلا أَنْتُمَا. فَقَالَا: قبلنَا يَا رَسُول الله. ثمَّ دَعَا رَسُول الله بقدح فِيهِ مَاء فَغسل يَدَيْهِ وَوَجهه و [مج] فِيهِ ثمَّ قَالَ: اشربا مِنْهُ وأفرغا على وجوهكما ونحور كَمَا وأبشرا. فأخذا الْقدح ففعلا مَا أَمرهمَا بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فنادتهما أم سَلمَة من وَرَاء السّتْر: أفضلا لأمكما فِي إنائكما فأفضلا لَهَا مِنْهُ طَائِفَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن [بريد] بن عبد الله، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ " لما فرغ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حنين بعث أَبَا عَامر على جَيش إِلَى أَوْطَاس فلقي دُرَيْد بن الصمَّة فَقتل دُرَيْد وَهزمَ الله أَصْحَابه. قَالَ أَبُو مُوسَى: وبعثني مَعَ أبي عَامر، فَرمي أَبُو عَامر فِي ركبته رَمَاه جشمي بِسَهْم فأثبته فِي ركبته فانتهيت إِلَيْهِ، فَقلت: يَا عَم، من رماك؟ فَأَشَارَ إِلَى أبي مُوسَى، فَقَالَ: ذَلِك قاتلي الَّذِي رماني، فقصدت لَهُ فلحقته فَلَمَّا رَآنِي ولى فاتبعته وَجعلت أَقُول لَهُ: لَا تَسْتَحي أَلا تثبت؟ فَكف فاختلفنا ضربتين بِالسَّيْفِ فَقتلته، ثمَّ قلت لأبي عَامر: قتل الله صَاحبك. قَالَ: فانزع هَذَا السهْم. فنزعته فنزا مِنْهُ المَاء، قَالَ: يَا ابْن أخي، أَقْْرِئ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السَّلَام وَقل لَهُ: اسْتغْفر لي. واستخلفني أَبُو عَامر على النَّاس، فَمَكثَ يَسِيرا ثمَّ، مَاتَ فَرَجَعت فَدخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيته على سَرِير مرمل وَعَلِيهِ فرَاش، قد أثر [رمال] السرير بظهره وجنبيه، فَأَخْبَرته بخبرنا وَخبر أبي عَامر وَقَالَ: [قل] لَهُ: اسْتغْفر لي. قَالَ: فَدَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ رفع يَدَيْهِ: اللَّهُمَّ اغْفِر لِعبيد أبي عَامر. وَرَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْم الْقِيَامَة فَوق كثير من خلقك وَمن النَّاس. فَقلت: ولي فَاسْتَغْفر. فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر(4/454)
لعبد الله بن قيس ذَنبه وَأدْخلهُ يَوْم الْقِيَامَة مدخلًا كَرِيمًا. قَالَ أَبُو بردة: (أَحدهمَا) لأبي عَامر وَالْأُخْرَى لأبي مُوسَى ".
رَوَاهُ مُسلم عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ /: " فَوق كثير من خلقك - أَو من النَّاس ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن عَائِذ بن عَمْرو " أَن أَبَا سُفْيَان أَتَى على سلمَان و (بِلَال وصهيب) فِي نفر فَقَالُوا: [وَالله] مَا أخذت سيوف الله من عنق [عَدو الله] مأخذها. قَالَ: فَقَالَ أَبُو بكر: أتقولون هَذَا لشيخ قُرَيْش وسيدهم؟ فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ. فَقَالَ: يَا أَبَا بكر، لَعَلَّك أغضبتهم، لَئِن كنت أغضبتهم لقد أغضبت رَبك. فَأَتَاهُم [أَبُو بكر] فَقَالَ: يَا إخوتاه، أغضبتكم؟ قَالُوا: لَا، يغْفر الله لَك يَا أخي ".
بَاب فضل الْأَشَج مُنْذر بن عَائِذ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا ابْن علية، ثَنَا سعيد - هُوَ ابْن أبي عرُوبَة - عَن قَتَادَة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَالَ لأشج عبد الْقَيْس: إِن فِيك لخصلتين يحبهما الله: الْحلم والأناة ".
أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، أبنا يحيى بن(4/455)
عبد الرَّحْمَن العصري، ثَنَا شهَاب، (عَن) عباد العصري " زعم أَن [بعض وَفد] عبد الْقَيْس سَمعه وَهُوَ يذكر قَالَ: لما بدأنا فِي وفادتنا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سرنا حَتَّى إِذا شارفنا الْقدوم تلقانا رجل يوضع على قعُود لَهُ، فَسلم ورددنا عَلَيْهِ، ثمَّ وقف فَقَالَ: من الْقَوْم؟ قُلْنَا: وَفد عبد الْقَيْس. فَقَالَ: مرْحَبًا بكم وَأهلا وَإِيَّاكُم طلبت، أَلا إِنِّي جِئْت أبشركم بقول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالْأَمْس لنا، إِنَّه نظر قبل الْمشرق فَقَالَ: ليَأْتِيَن غَدا من هَذَا الْوَجْه بَين الْمشرق خير وَفد الْعَرَب. فَبت أروع حَتَّى إِذا أَصبَحت شددت على رَاحِلَتي فأمضت فِي السّير حَتَّى ارْتَفع النَّهَار وهممت بِالرُّجُوعِ، ثمَّ رفعت لي رُءُوس رَوَاحِلكُمْ، ثمَّ ثنى رَاحِلَته بزمامها رَاجعا يوضع عوده على يَده حَتَّى انْتهى إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه حوله من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار. فَقَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله، جِئْت أُبَشِّرك بوفد عبد الْقَيْس. قَالَ: أَنى لَك بهم يَا عَم؟ وَقَالَ: هم أولاء على أثري قد أظلوا، إِنِّي بت اللَّيْلَة أروع لِقَوْلِك بالْأَمْس، وَقد عرفت أَنه لَيْسَ لِقَوْلِك خلف، فشددت على رَاحِلَتي، ثمَّ انْطَلَقت فِي طَلَبهمْ حَتَّى لقيتهم فبشرتهم / بِقَوْلِك، ثمَّ عنجت رَاحِلَتي مُقبلا إِلَيْك أُبَشِّرك بقدومهم. قَالَ: بشرك الله بِالْخَيرِ. قَالَ: وتهيأ الْقَوْم فِي مَقَاعِدهمْ. قَالَ: وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعِدا فَألْقى ذيل رِدَائه تَحت يَده فاتكأ وسط رجلَيْهِ، وَقدم الْقَوْم ففرح بهم الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار، فَلَمَّا رَأَوْا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه أسرجوا رِكَابهمْ فَرحا بهم، وَأَقْبلُوا سرَاعًا فأوسع الْقَوْم لَهُم وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - متكئ على حَاله، وتخلف الْأَشَج وَهُوَ مُنْذر بن عَائِذ بن الْمُنْذر بن الْحَارِث بن النُّعْمَان بن زِيَاد بن عصر العصري بِجمع رِكَابهمْ ثمَّ أناخها وَحط أحمالها وَجمع متاعها، ثمَّ أخرج عَيْبَة لَهُ وَألقى عَنهُ ثِيَاب السّفر وَلَيْسَ حلَّة. ثمَّ أقبل يمشي مترسلا. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من سيدكم وزعيمكم(4/456)
وَصَاحب أَمركُم؟ فأشاروا بأجمعهم إِلَيْهِ. فَقَالَ: وَأَيْنَ سادتكم هَذَا. قَالُوا: يَا رَسُول الله، كَانَ أَبوهُ من سادتنا فِي الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ قائدنا إِلَى الْإِسْلَام. فَلَمَّا انْتهى الْأَشَج أَرَادَ أَن يقْعد فِي نَاحيَة اسْتَوَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعِدا، ثمَّ قَالَ: هَاهُنَا يَا [أشج] . وَكَانَ أول من سمى الْأَشَج ذَلِك الْيَوْم، أَصَابَته حمارة لَهُم بحافرها وَهُوَ فطيم، فَكَانَ فِي وَجهه مثل الْقَمَر، فأقعده إِلَى جنبه وألطفه وَعرف فَضله عَلَيْهِم، فَأقبل الْقَوْم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسألونه ويخبرهم حَتَّى إِذا كَانَ بعقب الحَدِيث قَالَ: مَعكُمْ من أزودتكم شَيْء؟ قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله. وَقَامُوا سرَاعًا كل رجل إِلَى نفله فَجَاءُوا بصبر التَّمْر فِي أكفهم فَوضعت على نطع بَين يَدَيْهِ وَبِيَدِهِ جَرِيدَة دون الذراعين وَفَوق الذِّرَاع كَانَ يختصر بهَا قَلما يفارقها، فَأَوْمأ إِلَى صبرَة فِي ذَلِك التَّمْر، فَقَالَ: تسمون هَذَا اليعضوض؟ قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله [قَالَ] وتسمون هَذَا الصرفان؟ قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: هُوَ خير تمركم وأنفعه لكم. قَالَ: وَقَالَ بعض شُيُوخ الْحَيّ: وأعظمه بركَة. فأقبلنا من وفادتنا تِلْكَ وَإِنَّمَا كَانَت عندنَا خصبة نعلفها إبلنا وحميرنا، فَلَمَّا رَجعْنَا من وفادتنا تِلْكَ عظمت رغبتنا فِيهَا وسلناها حَتَّى تحولت ثمارنا ورأينا الْبركَة فِيهَا ".
بَاب فضل النَّجَاشِيّ رَضِي الله عَنهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الرّبيع، ثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن جَابر قَالَ: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / حِين مَاتَ النَّجَاشِيّ: مَاتَ الْيَوْم رجل صَالح فَقومُوا فصلوا على أخيكم أَصْحَمَة ".(4/457)
بَاب فضل أَصْحَاب الهجرتين
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن براد الْأَشْعَرِيّ وَمُحَمّد بن الْعَلَاء الْهَمدَانِي، قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة قَالَ: حَدثنِي بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " بلغنَا مخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن بِالْيمن فخرجنا مُهَاجِرين إِلَيْهِ أَنا وَأَخَوَانِ لي أَنا (أصغرهما) ، أَحدهمَا أَبُو بردة وَالْآخر أَبُو رهم. إِمَّا قَالَ: (بضع) ، وَإِمَّا قَالَ: ثَلَاثَة وَخمسين أَو اثْنَيْنِ وَخمسين رجلا من قومِي. قَالَ: فَرَكبْنَا سفينة فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتنَا إِلَى النَّجَاشِيّ بِالْحَبَشَةِ فَوَافَقنَا جَعْفَر بن أبي طَالب وَأَصْحَابه عِنْده. فَقَالَ جَعْفَر: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعثنَا هَاهُنَا وأمرنا بِالْإِقَامَةِ فأقيموا مَعنا. قَالَ: فَأَقَمْنَا مَعَه حَتَّى قدمنَا جَمِيعًا. قَالَ: فَوَافَقنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين افْتتح خَيْبَر فَأَسْهم لنا - أَو قَالَ: أَعْطَانَا مِنْهَا - وَمَا قسم لأحد غَابَ عَن فتح خَيْبَر مِنْهَا شَيْئا إِلَّا لمن شهد مَعَه إِلَّا لأَصْحَاب سَفِينَتنَا مَعَ جَعْفَر وَأَصْحَابه قسم لَهُم مَعَهم، قَالَ: فَكَانَ نَاس من النَّاس يَقُولُونَ لنا - يَعْنِي (لأَصْحَاب) السَّفِينَة -: سبقناكم بِالْهِجْرَةِ ".
قَالَ: " فَدخلت أَسمَاء بنت عُمَيْس وَهِي مِمَّن قدمن مَعنا على حَفْصَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زائرة [وَقد] كَانَت هَاجَرت إِلَى النَّجَاشِيّ فِيمَن هَاجر إِلَيْهِ، فَدخل عمر على حَفْصَة وَأَسْمَاء عِنْدهَا، فَقَالَ عمر حِين رأى أَسمَاء: من هَذِه؟ قَالَت: أَسمَاء بنت عُمَيْس. قَالَ عمر: الحبشية هَذِه؟ البحرية هَذِه؟ فَقَالَت أَسمَاء: نعم. فَقَالَ عمر: سبقناكم بِالْهِجْرَةِ، فَنحْن أَحَق برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَغضِبت وَقَالَت كلمة: كذبت يَا عمر، كلا وَالله كُنْتُم مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم،(4/458)
وَكُنَّا فِي دَار - أَو فِي أَرض - الْبعدَاء الْبغضَاء فِي الْحَبَشَة، وَذَلِكَ فِي الله [وَفِي] رَسُوله، وَايْم الله لَا أطْعم طَعَاما وَلَا أشْرب شرابًا حَتَّى أذكر مَا قلت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكُنَّا نَحن نؤذى ونخاف وسأذكر ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأسأله، وَالله لَا أكذب وَلَا أزيغ وَلَا أَزِيد على ذَلِك. قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: يَا نَبِي الله، إِن عمر قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَيْسَ أَحَق بِي مِنْكُم [وَله] ولأصحابه هِجْرَة وَاحِدَة، وَلكم أَنْتُم أهل / السَّفِينَة هجرتان. قَالَت: فَلَقَد رَأَيْت أَبَا مُوسَى وَأَصْحَاب السَّفِينَة (يأتونني) أَرْسَالًا يَسْأَلُونِي عَن هَذَا الحَدِيث، مَا من الدُّنْيَا شَيْء هم بِهِ أفرح وَلَا أعظم فِي أنفسهم مِمَّا قَالَ لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ أَبُو بردة: قَالَت أَسمَاء: فَلَقَد رَأَيْت أَبَا مُوسَى وَإنَّهُ ليستعيد هَذَا الحَدِيث مني ".
بَاب فضل عِكْرِمَة بن أبي جهل
أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة قَالَ: حَدثنَا أبي، ثَنَا مُوسَى بن مَسْعُود، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن مُصعب بن سعد، عَن عِكْرِمَة بن أبي جهل: " قَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم جِئْته: مرْحَبًا بالراكب المُهَاجر ".
بَاب فضل أَصْحَاب الشَّجَرَة
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن عبد الله، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي أَبُو الزبير؛ أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: أَخْبَرتنِي أم مُبشر " أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول عِنْد حَفْصَة: لَا يدْخل النَّار إِن شَاءَ الله من أَصْحَاب(4/459)
الشَّجَرَة أحد، الَّذين بَايعُوا تحتهَا. قَالَت: بلَى يَا رَسُول الله. فانتهزها. فَقَالَت: حَفْصَة {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قد قَالَ الله - عز وَجل -: {ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا وَنذر الظَّالِمين فِيهَا جثيا} ".
بَاب فضل أهل بَيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن [الْمُنْذر] الْكُوفِي، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد، وَالْأَعْمَش، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي تَارِك فِيكُم مَا إِن تمسكتم بِهِ لن تضلوا بعدِي، أَحدهمَا أعظم من الْأُخَر، كتاب الله حَبل مَمْدُود من السَّمَاء إِلَى الأَرْض، وعترتي أهل بَيْتِي، وَلنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا على الْحَوْض فانظروا كَيفَ تخلفوني فيهمَا ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
فضل من صحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد / الله يَقُول: حَدثنَا أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَأْتِي على النَّاس زمَان فيغزو فِئَام من النَّاس، فَيَقُولُونَ: فِيكُم من صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَيَقُولُونَ: نعم. فَيفتح لَهُم، ثمَّ يَأْتِي على النَّاس زمَان فيغزو فِئَام من النَّاس، فَيُقَال: [فِيكُم من صَاحب أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَيَقُولُونَ: نعم. فَيفتح لَهُم،(4/460)
ثمَّ يَأْتِي على النَّاس زمَان فيغزو فِئَام من النَّاس فَيُقَال:] هَل فِيكُم من صَاحب من صَاحب أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَيَقُولُونَ: نعم. فَيفتح لَهُم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ، ثَنَا مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن كثير، سَمِعت طَلْحَة بن خرَاش يَقُول: سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تمس النَّار مُسلما رَآنِي أَو رأى من رَآنِي ". قَالَ طَلْحَة: فقد رَأَيْت جَابر بن عبد الله. وَقَالَ مُوسَى: وَقد رَأَيْت طَلْحَة. قَالَ يحيى: وَقَالَ لي مُوسَى: وَقد رَأَيْتنِي وَنحن نرجو الله.
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُوسَى بن إِبْرَاهِيم.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أبنا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا أَصْحَابِي، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك مد أحدهم وَلَا نصيفه ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي سعيد قَالَ: " كَانَ بَين خَالِد بن الْوَلِيد وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف شَيْء فَسَبهُ خَالِد. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تسبوا أحدا من أَصْحَابِي، فَإِن أحدكُم لَو أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك مد أحدهم وَلَا نصيفه ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ، عَن مجمع بن يحيى، عَن سعيد بن أبي بردة، عَن أبي بردة، عَن أَبِيه قَالَ: " صلينَا(4/461)
الْمغرب مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ قُلْنَا: لَو جلسنا حَتَّى نصلي مَعَه الْعشَاء. قَالَ: فَجَلَسْنَا فَخرج علينا، فَقَالَ: مَا زلتم هَاهُنَا؟ قُلْنَا: يَا رَسُول الله، صلينَا مَعَك الْمغرب ثمَّ قُلْنَا نجلس حَتَّى نصلي مَعَك الْعشَاء. قَالَ: أَحْسَنْتُم - أَو أصبْتُم - قَالَ: فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء [وَكَانَ كثيرا مِمَّا يرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء] فَقَالَ: النُّجُوم أَمَنَة للسماء، فَإِذا ذهبت النُّجُوم أَتَى السَّمَاء مَا توعد، وَأَنا أَمَنَة لِأَصْحَابِي، فَإِذا ذهبت أَتَى أَصْحَابِي مَا يوعدون، وأصحابي / أَمَنَة لأمتي، فَإِذا ذهب أَصْحَابِي أَتَى أمتِي مَا يوعدون ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يحيى، عَن مُحَمَّد بن أبي يحيى، حَدثنِي أبي؛ أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ أخبرهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لما كَانَ بِالْحُدَيْبِية قَالَ: لَا توقدوا نَارا بلَيْل. فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك قَالَ: أوقدوا واصطنعوا فَإِنَّهُ لَا يدْرك قوم بعدكم صاعكم وَلَا مدكم ".
أَبُو يحيى اسْمه: سمْعَان مولى أسلم.
الطَّحَاوِيّ: (حَدثنَا يُونُس) ، ثَنَا ابْن وهب [قَالَ: أَخْبرنِي هِشَام بن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ] قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْحُدَيْبِيَة، فَقَالَ: ليَأْتِيَن أَقوام تحقرون أَعمالكُم مَعَ أَعْمَالهم. قُلْنَا: من هم يَا رَسُول الله، أقريش؟ قَالَ: لَا، أهل الْيمن، هم أرق أَفْئِدَة وألين قلوبا. قُلْنَا: هم خير منا يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: لَو أَن [لأَحَدهم] جبلا من ذهب فأنفقه مَا أدْرك مد أحدكُم وَلَا نصيفه، إِن فضل مَا بَيْننَا وَبَين النَّاس هَذِه الْآيَة: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل أُولَئِكَ أعظم دَرَجَة من الَّذين أَنْفقُوا من بعد وقاتلوا(4/462)
وكلا وعد الله الْحسنى وَالله بِمَا تعلمُونَ خَبِير} ".
هِشَام بن سعد وَثَّقَهُ أَبُو بكر الْبَزَّار وَقَالَ: لَا نعلم لَهُ عِلّة توجب التَّوَقُّف عَن حَدِيثه، وَضَعفه غَيره.
بَاب ذكر التَّابِعين وتابعيهم
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَشد أمتِي حبا لي نَاس يكونُونَ بعدِي يود أحدهم لَو رَآنِي بأَهْله وَمَاله ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا [حَمَّاد بن يحيى الْأَبَح] ، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل أمتِي مثل الْمَطَر لَا يدرى أَوله خير أم آخِره ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
مَالك: عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج إِلَى الْمقْبرَة، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون، وددت أَنِّي قد رَأَيْت إِخْوَاننَا. قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَلسنا بإخوانك؟ قَالَ: بل أَنْتُم أَصْحَابِي / وإخواننا الَّذين لم يَأْتُوا بعد، وَأَنا فرطهم على الْحَوْض. فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، كَيفَ تعرف من يَأْتِي بعْدك من أمتك؟ قَالَ: أَرَأَيْت لَو كَانَ لرجل خيل(4/463)
غر محجلة فِي خيل دهم بهم أَلا يعرف خيله؟ قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِنَّهُم يأْتونَ يَوْم الْقِيَامَة غرا محجلين من الْوضُوء، وَأَنا فرطهم على الْحَوْض (فَلَا يذادن) رجل عَن حَوْضِي كَمَا يذاد الْبَعِير الضال، أناديهم، أَلا هَلُمَّ أَلا هَلُمَّ أَلا هَلُمَّ، فَيُقَال: إِنَّهُم قد بدلُوا بعْدك. فَأَقُول: فسحقا، فسحقا، فسحقا ".
هَكَذَا رَوَاهُ يحيى " فَلَا يذادن رجل عَن حَوْضِي " وَغَيره من سَائِر رُوَاة الْمُوَطَّأ يرويهِ " فليذادن رجال " وَوَقع فِي كتاب مُسلم " أَلا ليذادن رجال " رَوَاهُ إِسْمَاعِيل ابْن جَعْفَر، عَن الْعَلَاء.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان الشيرزي، أَنا عبد الْوَهَّاب بن نجدة، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي أسيد بن عبد الرَّحْمَن، عَن خَالِد بن دريك، عَن ابْن محيريز قَالَ: قلت لأبي جُمُعَة حبيب بن (أبي) سِبَاع - رجل من الصَّحَابَة -: حَدثنَا حَدِيثا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. [قَالَ] : نعم، أحَدثك حَدِيثا جيدا: " [تغدينا مَعَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ أَبُو عُبَيْدَة، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أحد خير منا، أسلمنَا مَعَك وجاهدنا [مَعَك] ،؟ قَالَ: [نعم] قوم من بعدكم يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني ".
وروى الطَّحَاوِيّ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن شُعَيْب، ثَنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة بن يزِيد بن صَالح، ثَنَا خلف بن خلفية أَبُو أَحْمد، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن الشّعبِيّ، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، من أعجب الْخلق إِيمَانًا؟ قَالُوا: الْمَلَائِكَة. قَالَ: وَكَيف لَا تؤمن الْمَلَائِكَة وهم يعاينون الْأَمر؟ قَالُوا:(4/464)
النَّبِيُّونَ يَا رَسُول الله. قَالَ: كَيفَ لَا يُؤمن النَّبِيُّونَ وَالْوَحي ينزل عَلَيْهِم من السَّمَاء؟ قَالُوا: فأصحابك يَا رَسُول الله. قَالَ: كَيفَ لَا يُؤمن أَصْحَابِي وهم يرَوْنَ مَا يرَوْنَ؟ وَلَكِن أعجب النَّاس أَقوام يخرجُون من بعدِي يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني، [ويصدقوني وَلم يروني] ، أُولَئِكَ إخْوَانِي ".
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار - وَذكر معنى هَذَا الحَدِيث -: " وَلَكِن أعجب النَّاس إِيمَانًا قوم يجيئون من بعدكم فيجدون كتابا من الْوَحْي فيؤمنون ويتبعونه ".
رَوَاهُ عَن الطُّفَيْل بن يَعْقُوب، عَن زيد بن يحيى / بن عبيد الدِّمَشْقِي، عَن سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وروى الْبَزَّار أَيْضا قَالَ: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مغراء الدوسي، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي، عَن [أبي] عبد الرَّحْمَن الْجُهَنِيّ قَالَ: " بَينا نَحن عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ طلع راكبان، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كنديان مذحجيان. حَتَّى أَتَيَاهُ، فَإِذا رجلَانِ من مذْحج، قَالَ: فَدَنَا أَحدهمَا إِلَيْهِ ليبايعه، فَلَمَّا أَخذ بِيَدِهِ قَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت من رآك فَآمن بك وصدقك مَاذَا لَهُ؟ قَالَ: طُوبَى لَهُ. قَالَ: فَمسح على يَده وَانْصَرف، ثمَّ أَتَاهُ الآخر حَتَّى إِذا أَخذ بِيَدِهِ ليبايعه، قَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت من لم يَرك وآمن بك وصدقك واتبعك مَاذَا لَهُ؟ قَالَ: طُوبَى لَهُ، ثمَّ طُوبَى لَهُ ".
بَاب أَي التَّابِعين خير
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي وَمُحَمّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَ إِسْحَاق: أبنا. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا معَاذ بن هِشَام،(4/465)
حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن أَسِير بن جَابر قَالَ: " كَانَ عمر بن الْخطاب إِذا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَاد أهل الْيمن سَأَلَهُمْ: أفيكم أويس بن عَامر؟ حَتَّى أَتَى على أويس، فَقَالَ: أَنْت أويس بن عَامر، قَالَ: نعم. قَالَ: من مُرَاد ثمَّ من قرن؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَكَانَ بك برص فبرأت مِنْهُ إِلَّا مَوضِع دِرْهَم؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أَلَك وَالِدَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: يَأْتِي عَلَيْكُم أويس بن عَامر مَعَ أَمْدَاد أهل الْيمن من مُرَاد ثمَّ من قرن،، كَانَ بِهِ برص فبرأ مِنْهُ إِلَّا مَوضِع دِرْهَم، لَهُ وَالِدَة هُوَ بهَا بر، لَو أقسم على الله لَأَبَره، فَإِن اسْتَطَعْت أَن [يسْتَغْفر] لَك فافعل. فَاسْتَغْفر لي. فَاسْتَغْفر لَهُ، فَقَالَ لَهُ عمر: أَيْن تُرِيدُ؟ قَالَ: الْكُوفَة. قَالَ: أَلا أكتب لَك إِلَى عاملها. قَالَ: أكون فِي غبراء النَّاس أحب إِلَيّ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ من الْعَام الْمقبل حج رجل من أَشْرَافهم فَوَافَقَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَسَأَلَهُ عَن أويس، قَالَ: تركته رث الْبَيْت، قَلِيل الْمَتَاع. قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: يَأْتِي عَلَيْكُم أويس بن عَامر مَعَ أَمْدَاد أهل الْيمن من مُرَاد / ثمَّ من قرن كَانَ بِهِ برص فبرأ مِنْهُ إِلَّا مَوضِع دِرْهَم، لَهُ وَالِدَة هُوَ بهَا بر، لَو أقسم على الله لَأَبَره، فَإِن اسْتَطَعْت أَن [يسْتَغْفر] لَك فافعل. فَأتى أويسا (فَقَالَ: اسْتغْفر [لي] . فَقَالَ: أَنْت أحدث عهدا بسفر صَالح فَاسْتَغْفر لي) . قَالَ: لقِيت عمر؟ قَالَ: نعم. فَاسْتَغْفر لَهُ فَفطن لَهُ النَّاس، فَانْطَلق على وَجهه. قَالَ أَسِير: وَكسوته بردة فَكَانَ كلما رَآهُ إِنْسَان قَالَ: من أَيْن لأويس هَذِه الْبردَة؟ ".
فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: " لَا يدع بِالْيمن غير أم [لَهُ] ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن الْمثنى قَالَا. حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سعيد الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أَسِير ابْن جَابر، عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن(4/466)
خير التَّابِعين رجل يُقَال لَهُ: أويس، وَله وَالِدَة، وَكَانَ بِهِ بَيَاض، فَمُرُوهُ فليستغفر لكم ".
بَاب فضل أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق قرَابَة أَحْمد بن منيع، ثَنَا الْحسن بن سوار ثَنَا اللَّيْث، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي [حَلبس] يُونُس بن ميسرَة، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله قَالَ لعيسى ابْن مَرْيَم: إِنِّي باعث من بعْدك أمة، إِن أَصَابَهُم مَا يحبونَ حمدوا وشكروا، وَإِن (أَصَابُوا) مَا يكْرهُونَ احتسبوا وصبروا، وَلَا حلم وَلَا علم. قَالَ: يَا رب، كَيفَ هَذَا وَلَا حلم وَلَا علم؟ ! قَالَ: أعطيهم من حلمي وَعلمِي ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ إل امن رِوَايَة أبي الدَّرْدَاء بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَمُعَاوِيَة بن صَالح ثِقَة، وَيُونُس بن ميسرَة بن [حَلبس] ثِقَة من أهل الشَّام من عبادهم يجمع حَدِيثه. وَإِسْنَاده حسن.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا حُسَيْن بن يزِيد الطَّحَّان الْكُوفِي، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن ضرار بن مرّة، عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أهل الْجنَّة عشرُون وَمِائَة صف، ثَمَانُون مِنْهَا من هَذِه الْأمة، وَأَرْبَعُونَ من (هَذِه) الْأُمَم ".(4/467)
قَالَ: هَذَا حَدِيث (صَحِيح) .
/ بَاب أَي الْقُرُون خير
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أبنا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُبَيْدَة، عَن عبد الله أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خير النَّاس قَرْني، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، (ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ) ، ثمَّ يَجِيء قوم تسبق شَهَادَة أحدهم يَمِينه وَيَمِينه شَهَادَته. قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم: وَكَانُوا يضربوننا على الشَّهَادَة والعهد وَنحن صغَار ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ، عَن زَائِدَة، عَن السّديّ، [عَن عبد الله الْبَهِي] ، عَن عَائِشَة قَالَت: " سَأَلَ رجل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي النَّاس خير؟ قَالَ: الْقرن الَّذِي أَنا فِيهِ، ثمَّ الثَّانِي، ثمَّ الثَّالِث ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن رزق الله الكلوذاني، وَأحمد بن مَنْصُور - وَاللَّفْظ لمُحَمد - قَالَا: ثَنَا عبد الله بن صَالح، ثَنَا نَافِع بن يزِيد، حَدثنِي أَبُو عقيل زهرَة ابْن معبد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله اخْتَار أَصْحَابِي على الْعَالمين سوى النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ، وَاخْتَارَ لي من أَصْحَابِي أَرْبَعَة - يَعْنِي: أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعليا - رَحِمهم الله - فجعلهم أَصْحَابِي. وَقَالَ: فِي أَصْحَابِي كلهم خير، وَاخْتَارَ أمتِي على الْأُمَم، وَاخْتَارَ أمتِي أَربع قُرُون: الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع ".(4/468)
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن (رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد. انْتهى كَلَام أبي بكر.
عبد الله بن صَالح هَذَا هُوَ أَبُو صَالح كَاتب اللَّيْث، قَالَ عبد الْملك بن شُعَيْب ابْن اللَّيْث: عبد الله بن صَالح ثِقَة مَأْمُون، كَانَ يحدث بِحَضْرَة أبي. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: أَبُو صَالح كَاتب اللَّيْث مصري صَدُوق أَمِين مَا عَلمته.
بَاب مَا جَاءَ فِي ورقة بن نَوْفَل وَزيد بن عَمْرو بن نفَيْل
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا ورقة فَإِنِّي رَأَيْت لَهُ جنَّة أَو جنتين ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة إِلَّا أَبُو مُعَاوِيَة، وَلَا رَوَاهُ عَن أبي مُعَاوِيَة مُسْندًا إِلَّا أَبُو سعيد.
البُخَارِيّ: / حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي بكر، ثَنَا فُضَيْل بن سُلَيْمَان، ثَنَا مُوسَى، ثَنَا سَالم بن عبد الله، عَن عبد الله بن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَقِي زيد بن عَمْرو بن نفَيْل بِأَسْفَل بلدح قبل أَن ينزل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَحْي، فَقدمت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سفرة فَأبى أَن يَأْكُل مِنْهَا ثمَّ قَالَ زيد: لست آكل مِمَّا تذبحون على أنصابكم وَلَا آكل إِلَّا مَا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ. وَأَن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل كَانَ يعيب على قُرَيْش ذَبَائِحهم وَيَقُول: الشَّاة خلقهَا الله وَأنزل لَهَا من السَّمَاء مَاء، وَأنْبت لَهَا من الأَرْض، ثمَّ تذبحونها على غير اسْم الله! إنكارا لذَلِك وإعظاما لَهُ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن خَالِد العسكري، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنَا مُحَمَّد بن(4/469)
عَمْرو، عَن أبي سَلمَة وَيحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب، عَن أُسَامَة بن زيد، عَن أَبِيه زيد بن حَارِثَة قَالَ: " خرجت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مردفي فِي يَوْم [حَار] من أَيَّام مَكَّة ومعنا شَاة فذبحناها وأصلحناها، فجعلناها فِي سفرة فَلَقِيَهُ زيد بن عَمْرو بن نفَيْل فَحَيَّا كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه بِتَحِيَّة الْجَاهِلِيَّة، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا زيد - يَعْنِي زيد بن عَمْرو - مَا لي أرى قَوْمك قد شنفوا لَك؟ قَالَ: وَالله يَا مُحَمَّد إِن ذَلِك لغير ترة لي فيهم، وَلَكِن خرجت أطلب هَذَا الدَّين حَتَّى أقدم على أَحْبَار خَيْبَر، فوجدتهم يعْبدُونَ الله ويشركون بِهِ، فَقلت: مَا هَذَا الدَّين الَّذِي أَبْتَغِي! فَخرجت حَتَّى أقدم على أَحْبَار الشَّام فوجدتهم يعْبدُونَ الله ويشركون بِهِ، فَقلت: مَا هَذَا الدَّين الَّذِي أَبْتَغِي! فَقَالَ رجل: إِنَّك لتسأل عَن دين مَا نعلم أحدا يعبد الله بِهِ إِلَّا شيخ بالجزيرة. فَخرجت حَتَّى أقدم عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: إِن جَمِيع من رَأَيْت فِي ضلال فَمن أَيْن أَنْت؟ قلت: أَنا من أهل بَيت الله، من أهل الشوك والقرظ. قَالَ: إِن الَّذِي تطلب قد ظهر ببلدك، قد بعث نَبِي، قد طلع نجمه. فَلم أحس بِشَيْء [بعد] يَا مُحَمَّد. قَالَ: فَقرب إِلَيْهِ السفرة فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: شَاة ذبحناها لنصب من هَذِه الأنصاب. قَالَ: مَا كنت لآكل شَيْئا ذبح لغير الله. وتفرقا، قَالَ زيد بن حَارِثَة: فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيْت وَأَنا مَعَه فَطَافَ بِهِ، وَكَانَ عِنْد الْبَيْت صنمان أَحدهمَا من نُحَاس، يُقَال لأَحَدهمَا يسَاف وَللْآخر نائلة، وَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذا طافوا تَمسحُوا بهما. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تمسحهما فَإِنَّهُمَا رِجْس. / قَالَ: فَقلت فِي نَفسِي: لأمسحنهما حَتَّى أنظر مَا يَقُول، فمسحتهما فَقَالَ: يَا زيد، ألم تَنْهَهُ؟ قَالَ: وَأنزل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: وَمَات زيد بن عَمْرو، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يبْعَث أمة وَحده ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا زيد بن حَارِثَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.(4/470)
بَاب فضل قُرَيْش
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك، ثَنَا بشر بن الْمفضل، ثَنَا عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد بن رِفَاعَة، عَن أَبِيه، عَن جده " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لعمر: اجْمَعْ لي قَوْمك. فَجَمعهُمْ عمر عِنْد بَيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ دخل عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أدخلهم عَلَيْك أَو تخرج إِلَيْهِم؟ فَقَالَ: بل أخرج إِلَيْهِم. قَالَ: فَأَتَاهُم، فَقَالَ: هَل فِيكُم أحد من غَيْركُمْ؟ [قَالُوا] : [نعم] ، فِينَا [حلفاؤنا] ، وَفينَا أَبنَاء (أخواتنا) ، وَفينَا موالينا. فَقَالَ: [حلفاؤنا] منا، وَبَنُو [أخواتنا] [منا] ، وموالينا منا، وَأَنْتُم (لَا) تَسْمَعُونَ، إِن أوليائي مِنْكُم المتقون. فَإِن كُنْتُم أُولَئِكَ فَذَاك وَإِلَّا فانظروا أَن لَا يَأْتِي النَّاس بِالْأَعْمَالِ يَوْم الْقِيَامَة وتأتون بالأثقال فَيعرض عَنْكُم. ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِن قُريْشًا أهل أَمَانَة، فَمن بغاهم العواثر أكبه الله بمنخريه. قَالَهَا ثَلَاثًا ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم يرويهِ بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا رِفَاعَة بن رَافع، وَهَذَا الطَّرِيق عَنهُ من حسان الْأَسَانِيد الَّتِي تروى فِي ذَلِك.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن صدران، أبنا أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف، عَن عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر، عَن جُبَير بن مطعم، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " للقرشي قُوَّة الرجلَيْن من غير قُرَيْش، قيل: مَا أَرَادَ بذلك؟ قَالَ: فِي نبل الرَّأْي ".(4/471)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن عبد الْأَعْلَى، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سهل بن أبي [حثْمَة] الْأنْصَارِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تعلمُوا من قُرَيْش وَلَا تعلموها، وَقدمُوا قُريْشًا وَلَا تؤخروها، فَإِن للقرشي قُوَّة الرجلَيْن من غير قُرَيْش ".
قَالَ الزُّهْرِيّ: يَقُولُونَ فِي نبل الرَّأْي.
مُسلم: حَدثنَا / ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة. وَعَن ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خير نسَاء ركبن الْإِبِل - قَالَ أَحدهمَا: صَالح نسَاء قُرَيْش. وَقَالَ الآخر: نسَاء قُرَيْش _ أحناه على يَتِيم فِي صغره، وأرعاه على زوج فِي ذَات يَده ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو يحيى الْحمانِي، عَن الْأَعْمَش، عَن طَارق بن عبد الرَّحْمَن، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ أذقت أول قُرَيْش نكالا، فأذق آخِرهم نوالا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب فضل الْأَنْصَار
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي ابْن علية - عَن عبد الْعَزِيز - وَهُوَ ابْن صُهَيْب - عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى صبيانا وَنسَاء مُقْبِلين من عرس، فَقَامَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ممثلا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتُم من أحب النَّاس إِلَيّ، اللَّهُمَّ(4/472)
أَنْتُم من أحب النَّاس إِلَيّ - يَعْنِي الْأَنْصَار ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار، جَمِيعًا عَن غنْدر. قَالَ ابْن الْمثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن هِشَام بن زيد قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: " جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَخَلا بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّكُم لأحب النَّاس إِلَيّ - ثَلَاث مَرَّات ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ الْمثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، أبنا شُعْبَة، سَمِعت قَتَادَة يحدث، عَن أنس بن مَالك، ان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْأَنْصَار كرشي وعيبتي، وَإِن النَّاس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم وَاعْفُوا عَن مسيئهم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الْجَبَّار، ثَنَا يُونُس بن بكير، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مجمع، عَن عبد الله بن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت، عَن أَبِيه، عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن لكل نَبِي عَيْبَة، وعيبتي هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا طَالب بن حبيب، عَن عبد الرَّحْمَن [بن] جَابر بن عبد الله، عَن أَبِيه " أَنه خرج يَوْم الْحرَّة فنكبت قدمه، فَقَالَ: تعس من أَخَاف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:(4/473)
من أَخَاف هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار فقد أَخَاف مَا بَين هذَيْن - يَعْنِي جَنْبَيْهِ ".
تفرد بِهِ عبد الرَّحْمَن بن جَابر، عَن أَبِيه.
وَقَالَ أَيْضا: حَدثنِي يحيى بن حبيب، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا هِشَام بن حسان، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا ضرّ امْرَأَة نزلت بَين بَيْتَيْنِ من الْأَنْصَار، أَو نزلت بَين أَبَوَيْهَا ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام بن عُرْوَة إِلَّا هِشَام بن حسان، وَلَا عَن هِشَام بن حسان إِلَّا روح بن عبَادَة، وَلَا نعلم أحدا [حدث] بِهِ مِمَّن لَا يرد عَلَيْهِ إِلَّا يحيى بن حبيب وَأحمد، وَرَوَاهُ جمَاعَة غَيرهمَا فكذبوا فِيهِ.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه.
وحدثناه يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قَالَ أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثه: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَتَاكُم أهل الْيمن كَأَنَّهُمْ قِطْعَة السَّحَاب خِيَار أهل الأَرْض. فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: إِلَّا نَحن؟ فَقَالَ: إِلَّا أَنْتُم - كلمة خَفِيفَة ".
وَقَالَ يزِيد بن هَارُون فِي حَدِيثه: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مسير لَهُ فَقَالَ: يطلع عَلَيْكُم أهل الْيمن كَأَنَّهُمْ السَّحَاب هم خير من فِي الأَرْض. فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: إِلَّا نَحن. فَسكت، فَأَعَادَهَا ثَلَاثًا: إِلَّا نَحن يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ كلمة ضَعِيفَة: إِلَّا نَحن ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم لجبير بن مطعم طَرِيقا إِلَّا هَذَا الطَّرِيق.(4/474)
بَاب الدُّعَاء للْأَنْصَار
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَا: ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن النَّضر بن أنس، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ اغْفِر للْأَنْصَار، ولأبناء الْأَنْصَار، وَأَبْنَاء أَبنَاء الْأَنْصَار ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، وَبشر بن آدم، قَالَا: ثَنَا زيد ابْن الْحباب، حَدثنَا [هِشَام] بن هَارُون الْأنْصَارِيّ، حَدثنِي معَاذ بن رِفَاعَة بن رَافع، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الله اغْفِر للْأَنْصَار، ولذراري الْأَنْصَار، ولذراري / ذَرَارِيهمْ، ولجيرانهم ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا يرويهِ عَن رِفَاعَة بن رَافع إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَإِسْنَاده حسن.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن [أبي بكر بن أنس] قَالَ: " كتب زيد بن أَرقم إِلَى أنس بن مَالك يعزيه بِمن أُصِيب من وَلَده وَقَومه يَوْم الْحرَّة، وَكتب إِلَيْهِ: أُبَشِّرك ببشرى من الله، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر للْأَنْصَار، ولأبناء الْأَنْصَار، ولأبناء أَبنَاء الْأَنْصَار، ولنساء الْأَنْصَار، ولنساء أَبنَاء الْأَنْصَار، ولنساء أَبنَاء أَبنَاء الْأَنْصَار ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا غنْدر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو،(4/475)
سَمِعت أَبَا حَمْزَة، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: " قَالَت الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله، لكل نَبِي أَتبَاع وَإِنَّا قد اتَّبَعْنَاك فَادع الله أَن يَجْعَل أتباعنا منا. فَدَعَا بِهِ، فنميت ذَلِك إِلَى ابْن أبي ليلى فَقَالَ: قد زعم ذَلِك زيد ".
بَاب الْوَصِيَّة بالأنصار
البُخَارِيّ: حَدثنِي (مُحَمَّد) بن يحيى أَبُو عَليّ، ثَنَا شَاذان أَخُو عَبْدَانِ، ثَنَا أبي، أبنا شُعْبَة بن الْحجَّاج، عَن هِشَام بن زيد، سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: " مر أَبُو بكر وَالْعَبَّاس بِمَجْلِس من مجَالِس الْأَنْصَار وهم يَبْكُونَ [فَقَالَ] : مَا يبكيكم؟ قَالُوا: ذكرنَا مجْلِس النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - منا. فَدخل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ بذلك، قَالَ: فَخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد عصب على رَأسه حَاشِيَة برد، قَالَ: فَصَعدَ الْمِنْبَر وَلم يَصْعَدهُ بعد ذَلِك الْيَوْم، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أوصيكم بالأنصار فَإِنَّهُم كرشي وعيبتي، وَقد قضوا الَّذِي عَلَيْهِم وَبَقِي الَّذِي لَهُم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عَن مسيئهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبان، ثَنَا ابْن الغسيل، ثَنَا عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " صعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمِنْبَر - وَكَانَ آخر مجْلِس جلسه - متعطفا ملحفة على مَنْكِبَيْه وَقد عصب رَأسه بعصابة دسمة، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس، إِلَيّ فثابوا إِلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أما بعد، فَإِن هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار يقلون وَيكثر النَّاس، فَمن ولي شَيْئا من أمة مُحَمَّد فاستطاع أَن يضر فِيهِ أحدا أَو ينفع فِيهِ أحدا فليقبل [من] محسنهم ويتجاوز عَن مسيئهم ".(4/476)
حَدثنَا أَبُو نعيم / حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن غسيل، بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ: " فَإِن النَّاس يكثرون ويقل الْأَنْصَار حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاس بِمَنْزِلَة الْملح فِي الطَّعَام ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا إِن عيبتي الَّتِي آوي إِلَيْهَا أهل بَيْتِي، وَإِن كرشي الْأَنْصَار، [فاعفوا] عَن مسيئهم، واقبلوا من محسنهم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن يبغض الْأَنْصَار
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، حَدثنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي بن ثَابت قَالَ: سَمِعت الْبَراء يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَالَ فِي الْأَنْصَار: لَا يُحِبهُمْ إِلَّا مُؤمن وَلَا يبغضهم إِلَّا مُنَافِق، فَمن أحبهم أحبه الله، وَمن أبْغضهُم أبغضه الله ". قَالَ شُعْبَة: قلت لعدي: سمعته من الْبَراء؟ قَالَ: إيَّايَ [حدث] .
قَالَ مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يبغض الْأَنْصَار رجل يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ".(4/477)
بَاب أَي قبائل الْأَنْصَار خير
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، سَمِعت قَتَادَة يحدث عَن أنس بن مَالك، عَن أبي أسيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خير دور الْأَنْصَار بَنو النجار، ثمَّ بَنو عبد الْأَشْهَل، ثمَّ بَنو الْحَارِث بن الْخَزْرَج، ثمَّ بَنو سَاعِدَة، وَفِي كل دور الْأَنْصَار خير. فَقَالَ سعد: مَا أرى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا قد فضل علينا. فَقيل: قد فَضلكُمْ على كثير ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَعبد بن حميد قَالَا: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب قَالَ: قَالَ أَبُو سَلمَة وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود، سمعا أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " قَالَ رَسُول / الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي مجْلِس عَظِيم من الْمُسلمين: أحدثكُم بِخَير دور الْأَنْصَار؟ قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بَنو عبد الْأَشْهَل. قَالُوا: ثمَّ من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: ثمَّ بَنو النجار. قَالُوا: ثمَّ من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: ثمَّ بَنو الْحَارِث بن الْخَزْرَج. قَالُوا: ثمَّ من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: ثمَّ بَنو سَاعِدَة. قَالُوا: ثمَّ من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: ثمَّ فِي كل دور الْأَنْصَار خير، فَقَامَ سعد بن عبَادَة مغضبا، فَقَالَ: أَنَحْنُ آخر الْأَرْبَع. حِين سمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَارهم، فَأَرَادَ كَلَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ لَهُ رجال من قومه: اجْلِسْ، أَلا ترْضى أَن سمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - داركم فِي الْأَرْبَع، فَمن ترك فَلم يسم أَكثر مِمَّن سمى. فَانْتهى سعد بن عبَادَة عَن كَلَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
بَاب فضل الْأَشْعَرِيين
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا بريد، عَن(4/478)
أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي لأعرف أصوات رفْقَة الْأَشْعَرِيين بِالْقُرْآنِ حِين يدْخلُونَ بِاللَّيْلِ، [وَأعرف مَنَازِلهمْ من أَصْوَاتهم بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ] ، وَإِن كنت لم أر مَنَازِلهمْ حِين نزلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُم حَكِيم إِذا لَقِي الْخَيل - أَو قَالَ: الْعَدو - قَالَ لَهُم: إِن أَصْحَابِي يأمرونكم أَن تنظروهم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنِي بريد ابْن عبد الله بن أبي بردة، عَن جده أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْأَشْعَرِيين إِذا أرملوا فِي الْغَزْو أَو قل طَعَام عِيَالهمْ بِالْمَدِينَةِ جمعُوا مَا كَانَ عِنْدهم فِي ثوب وَاحِد، ثمَّ اقتسموه بَينهم فِي إِنَاء وَاحِد بِالسَّوِيَّةِ، فهم مني وَأَنا مِنْهُم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، عَن حميد، عَن أنس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يقدم [عَلَيْكُم] قوم هم أرق أَفْئِدَة. فَقدم الأشعريون وَفِيهِمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَجعلُوا يرتجزون وَيَقُولُونَ: % (غَدا [نلقى] الْأَحِبَّة % مُحَمَّدًا وَحزبه) % ".
بَاب فضل أهل الْيمن
التِّرْمِذِيّ: / حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد، ثَنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن زيد بن الْحَارِث " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نظر قبل الْيمن فَقَالَ: اللَّهُمَّ أقبل بقلوبهم وَبَارك لنا فِي صاعنا ومدنا ".(4/479)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَتَاكُم أهل الْيمن هم أَلين قلوبا وأرق أَفْئِدَة، الْإِيمَان (يماني) وَالْحكمَة يَمَانِية، رَأس الْكفْر قبل الْمشرق ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني عَمْرو النَّاقِد وَحسن الْحلْوانِي قَالَا: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن الْأَعْرَج قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَتَاكُم أهل الْيمن هم أَضْعَف قلوبا، وأرق أَفْئِدَة، الْفِقْه يمَان، وَالْحكمَة يَمَانِية ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو الرّبيع، أبنا حَمَّاد، ثَنَا أَيُّوب، ثَنَا مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " [جَاءَ] أهل الْيمن هم أرق أَفْئِدَة، الْإِيمَان يمَان، وَالْفِقْه يمَان، وَالْحكمَة يَمَانِية ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مِسْكين، ثَنَا عبد الله بن يُوسُف، [نَا عبد الله بن سَالم] ، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان الْأَفْطَس، حَدثنَا الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن، عَن(4/480)
جُبَير بن نفير، عَن سَلمَة بن نفَيْل قَالَ: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، بوهي بِالْخَيْلِ وَأُلْقِي السِّلَاح وَزَعَمُوا أَن لَا قتال. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كذبُوا، الْآن (جَاءَ) الْقِتَال لَا يزَال من أمتِي أمة قَائِمَة على الْحق ظَاهِرَة. وَقَالَ وَهُوَ مول ظَهره إِلَى الْيمن: إِنِّي أجد نفس الرَّحْمَن من هَاهُنَا، وَلَقَد أُوحِي إِلَى أَنِّي (مكفوت) غير ملبث و (لتتبعنني) (أفناد) وَالْخَيْل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر [إِلَى يَوْم الْقِيَامَة] ، وَأَهْلهَا [مُعَانُونَ] عَلَيْهَا ".
إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان لَا بَأْس بِهِ، روى عَنهُ يحيى بن حَمْزَة، وَمُحَمّد بن شُعَيْب وَغَيرهمَا.
بَاب من لم ينْسب الْيمن إِلَى إِسْمَاعِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، ثَنَا أصبغ بن الْفرج، ثَنَا عَليّ بن عَابس، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن عبد الله قَالَ: " كَانَ على عَائِشَة مُحَرر من ولد إِسْمَاعِيل / فَقدم سبي من بلعنبر، فَأمرهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تعْتق مِنْهُم [وَقَالَ:] من كَانَ عَلَيْهِ رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل؛ فَلَا يعْتق من حمير أحدا ".(4/481)
قَالَ: وَحدثنَا ابْن أبي دَاوُد، ثَنَا مُسَدّد، حَدثنَا يحيى، عَن شُعْبَة، عَن عبيد بن حسن، عَن ابْن معقل قَالَ: " كَانَ على عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - مُحَرر من بني إِسْمَاعِيل، فَقدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبي من خولان، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تعتقي من هَؤُلَاءِ، وأعتقي من سبي بلعنبر وَبني لحيان ".
هَذَا الحَدِيث أصح من الأول، وَعلي بن عَابس يضعف.
بَاب ذكر غفار وَأسلم
مُسلم: حَدثنِي حُسَيْن بن حُرَيْث، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن خثيم بن عرَاك، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أسلم سَالَمَهَا الله، وغفار غفر الله لَهَا، أما إِنِّي [لم] أقلهَا، وَلَكِن قَالَهَا الله - عز وَجل ".
بَاب ذكر مزينة وجهينة وَأَشْجَع وَبني غطفان
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن هَارُون - أبنا أَبُو مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْأَنْصَار وَمُزَيْنَة وجهينة و (غطفان) وَأَشْجَع وَمن كَانَ من بني عبد الله موَالِي دون النَّاس، وَالله وَرَسُوله مَوْلَاهُم ".
وروى أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث عَن أَحْمد بن منيع، بِإِسْنَاد مُسلم، وَقَالَ: " وَمن كَانَ من بني عبد الدَّار ".(4/482)
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة، عَن يزِيد بن هَارُون، بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " وَمن كَانَ من بني كَعْب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا سُفْيَان، عَن سعد ابْن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قُرَيْش وَالْأَنْصَار وَمُزَيْنَة وجهينة وَأسلم وغفار وَأَشْجَع موَالِي لَيْسَ لَهُم مولى دون الله وَرَسُوله ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار. قَالَ ابْن الْمثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن / سعد بن إِبْرَاهِيم قَالَ: سَمِعت أَبَا سَلمَة يحدث، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " أسلم وغفار وَمُزَيْنَة وَمن كَانَ من جُهَيْنَة - أَو جُهَيْنَة - خير من بني تَمِيم وَبني عَامر والحليفين أَسد وغَطَفَان ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد. قَالَ عبد: أَخْبرنِي. وَقَالَ الْآخرَانِ: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن الْأَعْرَج قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لغفار وَأسلم وَمُزَيْنَة وَمن كَانَ من جُهَيْنَة - أَو قَالَ: جُهَيْنَة وَمن كَانَ من مزينة - خير عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة من أَسد [وطيئ] وغَطَفَان ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب وَيَعْقُوب الدَّوْرَقِي قَالَا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل - يعنيان ابْن علية - ثَنَا أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لأسلم وغفار وَشَيْء من مزينة وجهينة - أَو شَيْء من جُهَيْنَة وَمُزَيْنَة - خير عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة من أَسد وغَطَفَان وهوازن وَتَمِيم ".(4/483)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة.
وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن مُحَمَّد بن [أبي] يَعْقُوب قَالَ: سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، يحدث عَن أَبِيه " أَن الْأَقْرَع بن حَابِس جَاءَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: إِنَّمَا بَايَعَك سراق الحجيج من (غفار وَأسلم وَمُزَيْنَة) - وأحسب جُهَيْنَة. مُحَمَّد الَّذِي شكّ - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَرَأَيْت إِن كَانَ أسلم وغفار وَمُزَيْنَة - وأحسب جُهَيْنَة - خيرا من بني تَمِيم وَبني عَامر وَأسد وغَطَفَان [أخابوا] وخسروا؟ فَقَالَ: نعم. فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم لأخير مِنْهُم ".
وَلَيْسَ فِي حَدِيث ابْن أبي شيبَة: مُحَمَّد الَّذِي شكّ.
وحَدثني هَارُون بن عبد الله، ثَنَا عبد الصَّمد، حَدثنَا شُعْبَة، ثَنَا سيد بني تَمِيم مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يَعْقُوب الضَّبِّيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، وَقَالَ: " وجهينة ". وَلم يقل: " أَحسب ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي بشر، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أسلم وغفار وَمُزَيْنَة / وجهينة خير من بني تَمِيم وَمن بني عَامر والحليفين بني أَسد وغَطَفَان ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي بكر -(4/484)
قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَرَأَيْتُم إِن كَانَ جُهَيْنَة وَأسلم وغفار خيرا من بني تَمِيم وَبني عبد الله بن غطفان وعامر بن صعصعة. وَمد بهَا صَوته فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، فقد خابوا وخسروا. قَالَ: فَإِنَّهُم خير ".
وَفِي رِوَايَة أبي [كريب] : " أَرَأَيْتُم إِن كَانَت جُهَيْنَة وَمُزَيْنَة وَأسلم وغفار ".
بَاب ذكر طَيئ وَتَمِيم
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا أَحْمد بن إِسْحَاق، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن مُغيرَة، عَن عَامر، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: " أتيت عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ لي: إِن أول صَدَقَة بيضت وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ووجوه أَصْحَابه صَدَقَة طَيئ جِئْت بهَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جرير، عَن مُغيرَة، عَن الْحَارِث، عَن أبي زرْعَة قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " لَا أَزَال أحب بني تَمِيم من ثَلَاث سَمِعتهنَّ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: هم أَشد أمتِي على الدَّجَّال. قَالَ: وَجَاءَت صَدَقَاتهمْ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذِه صدقَات قَومنَا. قَالَ: وَكَانَت سبية مِنْهُم عِنْد عَائِشَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أعتقيها فَإِنَّهَا من ولد إِسْمَاعِيل ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا حَامِد بن عمر البكراوي، ثَنَا [مسلمة] بن عَلْقَمَة الْمَازِني - إِمَام مَسْجِد دَاوُد - ثَنَا دَاوُد، عَن الشّعبِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " ثَلَاث(4/485)
خِصَال سَمِعتهنَّ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بني تَمِيم لَا أَزَال أحبهم بعد " وسَاق الحَدِيث بِهَذَا الْمَعْنى غير [أَنه] قَالَ: " هم أَشد النَّاس [قتالا] فِي الْمَلَاحِم " وَلم يذكر " الدَّجَّال ".
بَاب ذكر عبد الْقَيْس
الْبَزَّار: حَدثنَا وهب بن يحيى بن زِمَام الْقَيْسِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن سَوَاء، ثَنَا شبيل بن عزْرَة، عَن [أبي جَمْرَة] ، عَن ابْن / عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خير أهل الْمشرق عبد قيس ".
بَاب مَا جَاءَ فِي دوس
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بشر بن آدم ابْن بنت أَزْهَر السمان، أبنا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَنَا أَبُو خلدَة، ثَنَا أَبُو الْعَالِيَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مِمَّن أَنْت؟ قَالَ: من دوس. قَالَ: مَا كنت أرى أَن من دوس أحدا فِيهِ خير ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
وَأَبُو خلدَة اسْمه خَالِد بن دِينَار، وَأَبُو الْعَالِيَة اسْمه رفيع.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أخبرنَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قدم الطُّفَيْل وَأَصْحَابه فَقَالُوا: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِن دوسا كفرت وأبت فَادع الله عَلَيْهَا. فَقيل: هَلَكت. قَالَ: اهد دوسا وائت بهم ".(4/486)
بَاب ذكر النخع ولخم وجذام وقبائل غَيرهم
قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، ثَنَا يحيى بن عبد الحميد، ثَنَا زَكَرِيَّا ابْن عبد الله بن يزِيد الصهباني، عَن أَبِيه، [عَن] زر بن حُبَيْش، عَن عبد الله ابْن مَسْعُود قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يثني على النخع حَتَّى تمنيت أَن أكون رجلا من النخع ".
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب، ثَنَا يحيى بن أبي زَكَرِيَّا، ثَنَا زَكَرِيَّا بن عبد الله ... فَذكره.
أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة - وَهُوَ أَحْمد بن زُهَيْر بن حَرْب - قَالَ: ثَنَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم، ثَنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن أبي حَمْزَة الْعَنسِي - من أهل حمص - عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير وَرَاشِد بن سعد، عَن جُبَير بن نفير، عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: " عرضت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخَيل وَعِنْده عُيَيْنَة بن بدر، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنا أَفرس بِالْخَيْلِ مِنْك. فَقَالَ عُيَيْنَة: إِن تكن بِالْخَيْلِ أَفرس مني فَأَنا أَفرس بِالرِّجَالِ مِنْك. قَالَ: كَيفَ؟ قَالَ: لِأَن خير الرِّجَال إِذا وضعُوا السيوف على عواتقهم وعرضوا الرماح / على مناسج خيولهم رجال نجد. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كذبت بل هم أهل الْيمن، وَالْإِيمَان إِلَى لخم وجذام وعاملة ومأكول حمير خير من آكلها، وحضرموت خير من بني الْحَارِث. وسمى الْأَقْوَال والأقيال، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا قَائِل وَلَا كَاهِن وَلَا ملك إِلَّا الله، وَلعن الله الْمُلُوك الْأَرْبَعَة جمدا ومخوشا ومشرحا وأبضعة وأختهم العمردة. قَالَ: وَكَانَت تَأتي الْمُؤمنِينَ إِذا سجدوا فتركلهم برجلها. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَمرنِي رَبِّي أَن ألعن قُريْشًا مرَّتَيْنِ ولعنتهم(4/487)
مرَّتَيْنِ، ثمَّ أَمرنِي أَن أُصَلِّي عَلَيْهِم فصلين عَلَيْهِم مرَّتَيْنِ، أَكثر الْقَبَائِل فِي الْجنَّة مذْحج وَأسلم وغفار وَمُزَيْنَة وأخلاطهم من جُهَيْنَة خير من أَسد وَتَمِيم وهوازن وغَطَفَان عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة، وَمَا أُبَالِي أَن يهْلك الْحَيَّانِ كِلَاهُمَا، وَبَنُو عصية عصوا الله، قبيلتان لَا يدْخل أحد مِنْهُم الْجنَّة أبدا: معاطس ومراطس ".
قَالَ يحيى: وَأَخْبرنِي هَذَا الحَدِيث ثِقَة وَقَالَ: " معادس وملاطس ". وَزَعَمُوا أَنَّهُمَا قبيلتان تاهتا فِي عَام جَدب فانقطعتا فِي نَاحيَة من الأَرْض لَا يؤمل إِلَيْهِمَا وَذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّة.
بَاب ذكر الْحَبَشَة
الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن يَعْقُوب الْجَزرِي ورزق الله بن مُوسَى قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، عَن [عَوْسَجَة] ، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا خير فِي الْحَبَشَة، إِن شَبِعُوا زنوا، وَإِن [فيهم] لخصلتين: إطْعَام الطَّعَام، وبأسا عِنْد الْبَأْس ".
أرْسلهُ غير وَاحِد عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، عَن [عَوْسَجَة] .
بَاب
قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، حَدثنَا الْهَيْثَم بن خَارِجَة والحوطي - وَهُوَ عبد الْوَهَّاب بن نجدة - قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن ضَمْضَم بن زرْعَة، عَن شُرَيْح بن عبيد، عَن كثير بن مرّة، عَن عتبَة بن عبد السّلمِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْخلَافَة فِي قُرَيْش، وَالْحكم فِي الْأَنْصَار، والدعوة فِي الْحَبَشَة، / وَالْجهَاد فِي وَالْهجْرَة فِي الْمُسلمين والمجاهدين ".(4/488)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، حَدثنَا زيد بن حباب، ثَنَا مُعَاوِيَة بن صَالح، ثَنَا أَبُو مَرْيَم الْأنْصَارِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْملك فِي قُرَيْش، وَالْقَضَاء فِي الْأَنْصَار، وَالْأَذَان فِي الْحَبَشَة، وَالْأَمَانَة فِي [اليزد]- يَعْنِي الْيمن ".
رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي مَرْيَم، عَن أبي هُرَيْرَة ... وَلم يرفعهُ. قَالَ: وَهَذَا أصح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بشر بن معَاذ الْعَقدي بَصرِي، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَام أَبُو الْعَرَب، وَيَافث أَبُو الرّوم، وَحَام أَبُو الْحَبَش ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن. وَيُقَال: يافث وَيَافث و (يفث) .
بَاب ذكر أهل مصر وعمان وَفَارِس
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي حَرْمَلَة.
وحَدثني هَارُون بن سعيد، ثَنَا ابْن وهب، ثَنَا حَرْمَلَة - وَهُوَ ابْن عمرَان التجِيبِي - عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة الْمهرِي قَالَ: سَمِعت أَبَا ذَر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّكُم ستفتحون أَرضًا يذكر فِيهَا القيراط فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خيرا؛ فَإِن لَهُم ذمَّة ورحما، فَإِذا رَأَيْتُمْ رجلَيْنِ يقتتلان فِي مَوضِع لبنة فَاخْرُج مِنْهَا ".
قَالَ: فَمر بربيعة وَعبد الرَّحْمَن [ابْني] شُرَحْبِيل بن حَسَنَة يتنازعان فِي مَوضِع لبنة فَخرج مِنْهَا.(4/489)
قَالَ مُسلم: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب [وَعبيد الله] بن سعيد قَالَا: ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي قَالَ: سَمِعت حَرْمَلَة الْمصْرِيّ يحدث، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن شماسَة، عَن أبي بصرة، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّكُم ستفتحون مصر، وَهِي أَرض يُسمى فِيهَا القيراط " وَذكر نَحوه.
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا مهْدي بن مَيْمُون، عَن أبي الْوَازِع جَابر بن عَمْرو الرَّاسِبِي قَالَ: سَمِعت أَبَا ذَر يَقُول: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا إِلَى حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب، فسبوه وضربوه، فجَاء إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو أَن أهل عمان أتيت مَا سبوك (وَمَا) ضربوك ".
قَالَ / مُسلم: وَحدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - عَن ثَوْر، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ نزلت عَلَيْهِ سُورَة الْجُمُعَة، فَلَمَّا قَرَأَ {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} قَالَ رجل: من هَؤُلَاءِ يَا رَسُول الله؟ فَلم يُرَاجِعهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى سَأَلَهُ مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالَ: وَفينَا سلمَان الْفَارِسِي. قَالَ: فَوضع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَده على سلمَان ثمَّ قَالَ: لَو كَانَ الْإِيمَان عِنْد الثريا لَنَالَهُ رجال من هَؤُلَاءِ ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن جَعْفَر الْجَزرِي، عَن يزِيد بن الْأَصَم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو(4/490)
كَانَ الدَّين عِنْد الثريا لذهب بِهِ رجل من فَارس - أَو قَالَ: من أَبنَاء فَارس - حَتَّى يتَنَاوَلهُ ".
بَاب فِي الموَالِي
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، ثَنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا الْمنْهَال، عَن عباد بن عبد الله الْأَسدي، عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: " وَالَّذِي فلق الْحبَّة وبرأ النَّسمَة لقد سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: ليضربنكم على الدَّين عودا كَمَا ضربتموهم عَلَيْهِ بدءا - يَعْنِي الموَالِي ".
سمع عباد عليا - رَضِي الله عَنهُ - وَسمع الْمنْهَال من عباد، وَلَا أعلم روى عَن عباد غير الْمنْهَال.
بَاب مَا ذكر من كَذَّاب ثَقِيف ومبيرها
مُسلم: حَدثنَا عقبَة بن مكرم الْعمي، ثَنَا يَعْقُوب بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ، أَنا الْأسود بن شَيبَان، عَن أبي نَوْفَل قَالَ: " رَأَيْت عبد الله بن الزبير على عقبَة الْمَدِينَة. قَالَ: فَجعلت قُرَيْش تمر عَلَيْهِ وَالنَّاس، حَتَّى مر عَلَيْهِ عبد الله بن عمر فَوقف عَلَيْهِ، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك أَبَا خبيب، السَّلَام عَلَيْك أَبَا خبيب، السَّلَام عَلَيْك أَبَا خبيب، أما وَالله لقد كنت أَنهَاك عَن هَذَا، أما وَالله لقد كنت أَنهَاك عَن هَذَا، أما وَالله لقد كنت أَنهَاك عَن هَذَا، أما وَالله إِن كنت مَا علمت صواما قواما وصُولا للرحم، أما وَالله لأمة أَنْت شَرها لأمة خير. ثمَّ نفذ عبد الله بن عمر، فَبلغ الْحجَّاج موقف عبد الله وَقَوله فَأرْسل إِلَيْهِ، فَأنْزل عَن جذعه / فألقي فِي قُبُور الْيَهُود، ثمَّ أرسل إِلَى أمه أَسمَاء بنت أبي بكر - رَضِي الله عَنْهَا - فَأَبت أَن تَأتيه، فَأَعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُول لتَأْتِيني أَو لَأَبْعَثَن إِلَيْك من يسحبك بقرونك. قَالَ: فَأَبت وَقَالَت: وَالله لَا آتِيك حَتَّى تبْعَث إِلَيّ من يسحبني من قروني. قَالَ: فَقَالَ: أروني سبتي. فَأخذ نَعْلَيْه ثمَّ انْطلق يتوذف حَتَّى دخل عَلَيْهَا فَقَالَ: كَيفَ رَأَيْتنِي صنعت بعدو الله. قَالَت: رَأَيْتُك أفسدت عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وأفسد عَلَيْك آخرتك، بَلغنِي أَنَّك تَقول لَهُ: يَا ابْن ذَات(4/491)
النطاقين. أَنا وَالله ذَات النطاقين، أما أَحدهمَا فَكنت أرفع بِهِ طَعَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَطَعَام أبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - من الدَّوَابّ، وَأما الآخر فنطاق الْمَرْأَة الَّتِي لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ، أما إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدثنَا أَن فِي ثَقِيف كذابا ومبيرا، فَأَما الْكذَّاب فرأيناه، وَأما المبير فَلَا إخالك إِلَّا إِيَّاه، قَالَ: فَقَامَ عَنْهَا وَلم يُرَاجِعهَا ".
بَاب ذكر أَي الْقَبَائِل هَلَاكًا أول
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله، ثَنَا أبن السّري سهل بن مَحْمُود، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول النَّاس هَلَاكًا فَارس وعَلى إثرهم الْعَرَب ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن ابْن إِدْرِيس، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا سهل بن مَحْمُود، وَكَانَ ثِقَة بغداديا، وَإِنَّمَا يعرف هَذَا الحَدِيث من حَدِيث دَاوُد الأودي.
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن زِيَاد الصَّائِغ، ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي - وَهُوَ عمر بن سعد - ثَنَا يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن سعد بن طَارق - وَهُوَ أَبُو مَالك الْأَشْجَعِيّ - عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أسْرع قبائل الْعَرَب هَلَاكًا قُرَيْش، وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تمر الْمَرْأَة بالنعل وَتقول: هَذَا نعل قرشي ".
تفرد بِهِ بَعضهم عَن بعض.
بَاب النَّاس معادن
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أبنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تَجِدُونَ النَّاس معادن، فخيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي / الْإِسْلَام إِذا فقهوا، وتجدون من خير النَّاس فِي هَذَا الْأَمر أكرههم لَهُ قبل أَن يَقع فِيهِ، وتجدون من(4/492)
شرار النَّاس ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه ".
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن عمَارَة، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة.
وَحدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَجِدُونَ النَّاس معادن " (بِمَعْنى) حَدِيث الزُّهْرِيّ. غير أَن فِي حَدِيث أبي زرْعَة والأعرج: " تَجِدُونَ من خير النَّاس فِي هَذَا الشَّأْن أَشَّدهم لَهُ كَرَاهِيَة حَتَّى يَقع فِيهِ ".
بَاب مثل النَّاس
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد - وَاللَّفْظ لمُحَمد - قَالَ عبد: أبنا. وَقَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَجِدُونَ النَّاس كإبل مائَة لَا تَجِد فِيهَا رَاحِلَة ".
بَاب الْخَيْر مَعَ الأكابر
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن سهل بن عَسْكَر، ثَنَا نعيم بن [حَمَّاد] ، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن عبد الله بن الْمُبَارك، عَن خَالِد الْحذاء، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْخَيْر مَعَ أكابركم ".(4/493)
تمّ كتاب المناقب بِحَمْد الله وعونه وتأييده وَنَصره، وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وعَلى آله وعترته وَصَحبه.
يتلوه إِن شَاءَ الله - تَعَالَى - كتاب الْفِتَن.(4/494)
/ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الْفِتَن وأشراط السَّاعَة بَاب التَّعَوُّذ من الْفِتَن
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، جَمِيعًا عَن ابْن علية - قَالَ يحيى: أبنا ابْن علية - قَالَ: وَأخْبرنَا سعيد الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن زيد بن ثَابت، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث ذكره قَالَ: " تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن. قَالَ: [تعوذوا] بِاللَّه من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال ".
بَاب الْمُبَادرَة بِالْعَمَلِ قبل نزُول الْفِتَن
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر. قَالَ ابْن أَيُّوب: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، أَخْبرنِي الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم، يصبح الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، (و) يُمْسِي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا يَبِيع دينه بِعرْض من الدُّنْيَا ".
بَاب بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد وَابْن أبي عمر، جَمِيعًا عَن مَرْوَان الْفَزارِيّ -(4/495)
قَالَ ابْن عباد: ثَنَا مَرْوَان - عَن يزِيد - يَعْنِي ابْن كيسَان - عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا فطوبى للغرباء ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب وَإِبْرَاهِيم بن يُوسُف قَالَا: ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ فطوبى للغرباء. قيل: من الغرباء؟ قَالَ: النزاع من الْقَبَائِل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " / فطوبى للغرباء الَّذين يصلحون مَا أفسد النَّاس بعدِي من سنتي ".
رَوَاهُ من طَرِيق كثير بن عبد الله بن عَوْف [بن] زيد، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَالْفضل بن سهل الْأَعْرَج قَالَا: ثَنَا شَبابَة ابْن سوار الْفَزارِيّ، حَدثنَا عَاصِم - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد الْعمريّ - عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْإِسْلَام بَدَأَ غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يأرز بَين المسجدين كَمَا تأرز الْحَيَّة فِي جحرها ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن أبي مَالك، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يدرس الْإِسْلَام كَمَا يدرس وشي الثَّوْب ".(4/496)
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ جمَاعَة عَن أبي مَالك فأوقفوه.
بَاب رفع الْأَمَانَة وَعرض الْفِتَن على الْقُلُوب
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع.
وَحدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن زيد بن وهب، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حديثين قد رَأَيْت أَحدهمَا وأنتظر الآخر، حَدثنَا أَن الْأَمَانَة نزلت فِي جذر قُلُوب الرِّجَال، ثمَّ نزل الْقُرْآن فَعَلمُوا من الْقُرْآن وَعَلمُوا من السّنة، ثمَّ حَدثنَا عَن رفع الْأَمَانَة، قَالَ: ينَام الرجل النومة فتقبض الْأَمَانَة من قلبه، فيظل أَثَرهَا مثل [الوكت] ، ثمَّ ينَام النومة فتقبض الْأَمَانَة من قلبه، فيظل أَثَرهَا مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء - ثمَّ أَخذ حَصى فدحرجه على رجله - فَيُصْبِح النَّاس يتبايعون، لَا يكَاد أحد يُؤَدِّي الْأَمَانَة حَتَّى يُقَال: إِن فِي بني فلَان رجلا أَمينا. حَتَّى يُقَال للرجل: مَا أجلده مَا أظرفه مَا أعقله. وَمَا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من إِيمَان. وَلَقَد أَتَى عَليّ زمَان وَمَا أُبَالِي أَيّكُم بَايَعت لَئِن كَانَ مُسلما ليردنه عَليّ دينه، وَلَئِن كَانَ يَهُودِيّا (أَو نَصْرَانِيّا) ليردنه عَليّ ساعيه، وَأما الْيَوْم فَمَا كنت لأبايع مِنْكُم إِلَّا فلَانا وَفُلَانًا ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، حَدثنَا أَبُو خَالِد - يَعْنِي سُلَيْمَان ابْن حَيَّان - عَن سعد بن طَارق، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " كُنَّا عِنْد عمر فَقَالَ: أَيّكُم سمع / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يذكر الْفِتَن؟ فَقَالَ قوم: نَحن سمعناه. فَقَالَ: لَعَلَّكُمْ تعنون فتْنَة الرجل فِي أَهله وجاره؟ قَالُوا: أجل. قَالَ: تِلْكَ تكفرها الصَّلَاة(4/497)
وَالصِّيَام وَالصَّدَََقَة وَلَكِن أَيّكُم سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يذكر الَّتِي تموج موج الْبَحْر؟ قَالَ حُذَيْفَة: فأسكت الْقَوْم. فَقلت: أَنا. قَالَ: أَنْت، لله أَبوك؟ قَالَ حُذَيْفَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: تعرض الْفِتَن على الْقُلُوب كالحصير عودا عودا فَأَي قلب أشربها نكت فِيهِ نُكْتَة سَوْدَاء، وَأي قلب أنكرها نكت فِيهِ نُكْتَة بَيْضَاء حَتَّى تصير على قلبين، على أَبيض مثل الصَّفَا فَلَا تضره فتْنَة مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَالْآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لَا يعرف مَعْرُوفا وَلَا يُنكر مُنْكرا إِلَّا مَا أشْرب من هَوَاهُ. قَالَ حُذَيْفَة: و [حدثته] أَن بَيْنك وَبَينهَا بَابا مغلقا يُوشك أَن يكسر. قَالَ عمر: أكسرا لَا أَبَا لَك، فَلَو أَنه فتح لَعَلَّه كَانَ يُعَاد. قلت: لَا، بل يكسر، و [حدثته] أَن ذَلِك الْبَاب رجل يقتل أَو يَمُوت، حَدِيثا لَيْسَ بالأغاليط ". قَالَ أَبُو خَالِد: فَقلت لسعد: يَا أَبَا مَالك، مَا أسود مربادا؟ قَالَ: شدَّة الْبيَاض فِي سَواد. قلت: فَمَا الْكوز مجخيا؟ قَالَ: منكوسا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَمُحَمّد بن الْعَلَاء أَبُو كريب، جَمِيعًا عَن أبي مُعَاوِيَة. قَالَ ابْن الْعَلَاء: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " كُنَّا عِنْد عمر فَقَالَ: أَيّكُم يحفظ حَدِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْفِتْنَة كَمَا قَالَ؟ قَالَ: فَقلت: أَنا. قَالَ: إِنَّك لجريء، وَكَيف قَالَ؟ قلت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: فتْنَة الرجل فِي أَهله وَمَاله وَنَفسه وَولده وجاره يكفرهَا الصّيام وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر. فَقَالَ عمر: لَيْسَ هَذَا أُرِيد إِنَّمَا أُرِيد الَّتِي تموج كموج الْبَحْر. فَقلت: مَا لَك وَلها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن بَيْنك وَبَينهَا بَابا مغلقا. قَالَ: أفيكسر الْبَاب أم يفتح؟ قَالَ: قلت: لَا بل يكسر. قَالَ: ذَلِك أَحْرَى أَن لَا يغلق أبدا. قَالَ: فَقُلْنَا لِحُذَيْفَة: هَل كَانَ عمر يعلم من الْبَاب؟ قَالَ: نعم، كَمَا يعلم أَن دون غَد اللَّيْلَة، إِنِّي حدثته حَدِيثا لَيْسَ بالأغاليط. قَالَ: فهبنا أَن نسْأَل [حُذَيْفَة] من الْبَاب، فَقُلْنَا لمسروق: سَله. فَقَالَ: عمر -(4/498)
رَضِي الله / عَنهُ ".
بَاب نزُول الْفِتَن
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي أخي، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق، عَن ابْن شهَاب، عَن هِنْد بنت الْحَارِث الفراسية، أَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " اسْتَيْقَظَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَزعًا يَقُول: سُبْحَانَ الله! مَاذَا أنزل اللَّيْلَة من خَزَائِن وماذا أنزل من الْفِتَن! من يوقظ صَوَاحِب الحجرات - يُرِيد أَزوَاجه - لكَي يصلين؟ رب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية فِي الْآخِرَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ.
وَحدثنَا مَحْمُود، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: " أشرف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَطَم من آطام الْمَدِينَة، فَقَالَ: هَل ترَوْنَ مَا أرى؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنِّي [لأرى] الْفِتَن تقع خلال بُيُوتكُمْ كوقع الْقطر ".
مُسلم: أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عُرْوَة، عَن أُسَامَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشرف على أَطَم من آطام الْمَدِينَة، ثمَّ قَالَ: هَل ترَوْنَ مَا أرى؟ إِنِّي لأرى مواقع الْفِتَن خلال بُيُوتكُمْ كمواقع الْقطر ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن الْمِقْدَام، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن كرز بن عَلْقَمَة قَالَ: " سَأَلَ رجل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل لِلْإِسْلَامِ من مُنْتَهى؟ قَالَ: أَيّمَا أهل بَيت من الْعَرَب أَو الْعَجم أَرَادَ الله بهم خيرا أَدخل عَلَيْهِم الْإِسْلَام.(4/499)
قَالَ: ثمَّ مَه؟ قَالَ: ثمَّ ترْتَفع الْفِتَن كَأَنَّهَا الظلل. فَقَالَ: كلا وَالله إِن شَاءَ الله. قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتعودن فِيهَا أساود صبا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ".
تَابعه أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن سُفْيَان.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، عَن سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن الْبَراء بن نَاجِية، عَن عبد الله ابْن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تَدور رحى الْإِسْلَام (بِخمْس) وَثَلَاثِينَ أَو سِتّ وَثَلَاثِينَ أَو سبع وَثَلَاثِينَ، فَإِن يهْلكُوا (فبسبيل) من هلك، وَإِن يقم لَهُم دينهم يقم لَهُم سبعين عَاما ".
رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن قبيصَة، عَن سُفْيَان، بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَزَاد فِيهِ: " فَقَالَ عمر: / مِمَّا مضى يَا رَسُول الله أَو مِمَّا بَقِي؟ قَالَ: مِمَّا بَقِي ".
وروى أَبُو بكر أَيْضا عَن يزِيد بن هَارُون، عَن الْعَوام بن حَوْشَب قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ، عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَدور رحى الْإِسْلَام على خمس وَثَلَاثِينَ أَو سِتّ وَثَلَاثِينَ أَو سبع وَثَلَاثِينَ، فَإِن هَلَكُوا (فبسبيل) من هلك، وَإِن بقوا بَقِي لَهُم سبعين عَاما ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. قَالَ إِسْحَاق: أَنا. وَقَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة(4/500)
الْعَرَب، وَلَكِن فِي التحريش بَينهم ".
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَلَاك أمتِي على يَدي غلمة من قُرَيْش
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عَمْرو بن يحيى بن سعيد بن عَمْرو بن سعيد، أَخْبرنِي جدي قَالَ: " كنت جَالِسا مَعَ أبي هُرَيْرَة فِي مَسْجِد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَدِينَةِ ومعنا مَرْوَان، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت الصَّادِق المصدوق يَقُول: هلكة أمتِي على يَدي غلمة من قُرَيْش. فَقَالَ مَرْوَان: لعنة الله عَلَيْهِم غلمة. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: لَو شِئْت أَن أَقُول بني فلَان وَبني فلَان لفَعَلت. فَكنت أخرج مَعَ جدي إِلَى بني مَرْوَان حِين ملكوا بِالشَّام، فَإِذا رَآهُمْ غلْمَان أَحْدَاث قَالَ لنا: عَسى هَؤُلَاءِ أَن يَكُونُوا مِنْهُم. قُلْنَا: أَنْت أعلم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، ثَنَا شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَلَاك أمتِي على يَدي أغيلمة من قُرَيْش سُفَهَاء ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، إِلَّا شَيبَان.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي التياح قَالَ: سَمِعت أَبَا زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يهْلك أمتِي هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: لَو أَن النَّاس اعتزلوهم ".(4/501)
بَاب قَول الله تَعَالَى {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن / الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة}
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة، عَن أم حَبِيبَة، عَن زَيْنَب بنت جحش " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتَيْقَظَ من نَومه وَهُوَ يَقُول " لَا إِلَه إِلَّا الله ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب، فتح من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه - وَعقد سُفْيَان بِيَدِهِ عشرَة - قلت: يَا رَسُول الله، أنهلك وَفينَا الصالحون: قَالَ: نعم، إِذا كثر الْخبث ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر بن نَافِع وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن وَغير وَاحِد قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَان، بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " لَا إِلَه إِلَّا الله - يُرَدِّدهَا ثَلَاث مَرَّات ".
بَاب الْقعُود عَن الْفِتَن والاعتزال فِيهَا
قَاسم بن أصبغ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، ثَنَا أبي، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن الصنابح - رجل من أحمس - قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض، وَإِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم، فَلَا تقتتلن بعدِي ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، قَالَ عبد:(4/502)
أَخْبرنِي. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي ابْن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سَتَكُون فتن الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي، والماشي خير من السَّاعِي، من تشرف لَهَا تستشرفه، وَمن وجد (لَهَا) ملْجأ فليعذ بِهِ ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني إِسْحَاق بن مَنْصُور، أخبرنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن أَبِيه، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تكون فتْنَة النَّائِم فِيهَا خير من الْيَقظَان، وَالْيَقظَان فِيهَا خير من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خير من السَّاعِي، فَمن وجد ملْجأ أَو معَاذًا فليستعذ ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا عُثْمَان الشحام قَالَ: " انْطَلَقت أَنا وفرقد السبخي إِلَى مُسلم بن أبي بكرَة وَهُوَ فِي أرضه فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: هَل سَمِعت أَبَاك يحدث / فِي الْفِتَن حَدِيثا؟ قَالَ: نعم سَمِعت أَبَا بكرَة يحدث [قَالَ] : قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّهَا سَتَكُون فتن، أَلا ثمَّ تكون (فتن) ، (أَلا ثمَّ تكن فتن) ، الْقَاعِد فِيهَا خير من الْمَاشِي، والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي إِلَيْهَا، أَلا فَإِذا نزلت - أَو وَقعت - فَمن كَانَ لَهُ إبل فليلحق بإبله، وَمن كَانَت لَهُ غنم فليلحق بغنمه، وَمن كَانَت لَهُ أَرض فليلحق بأرضه. قَالَ: فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت من لم يكن لَهُ إبل وَلَا غنم وَلَا أَرض. قَالَ: يعمد إِلَى سَيْفه فَيدق على حَده بِحجر ثمَّ لينج إِن اسْتَطَاعَ النَّجَاء، اللَّهُمَّ هَل بلغت، اللَّهُمَّ هَل بلغت، اللَّهُمَّ هَل بلغت. قَالَ: فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن أكرهت(4/503)
حَتَّى ينْطَلق بِي إِلَى أحد الصفين - أَو إِحْدَى الفئتين - فضربني رجل بِسَيْفِهِ، أَو يَجِيء سهم فَيَقْتُلنِي. قَالَ: يبوء بإثم، وإثمك، وَيكون من أَصْحَاب النَّار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن أبي كَبْشَة، سَمِعت أَبَا مُوسَى يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن بَين أَيْدِيكُم فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم، يصبح الرجل فِيهَا مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، ويمسي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا، الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي، والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: كونُوا أحلاس بُيُوتكُمْ ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن جحادة، عَن عبد الرَّحْمَن بن ثروان، عَن هزيل، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن بَين يَدي السَّاعَة فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم يصبح فِيهَا الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، ويمسي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا، الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم، والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي، فكسروا قسيكم، وَقَطعُوا أوتاركم، واضربوا سُيُوفكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِن دخل على أحد مِنْكُم فَلْيَكُن كخير ابْني آدم ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَحدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن المشعث بن طريف، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر قَالَ: " قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا ذَر، قلت: لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك ... " فَذكر الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " كَيفَ أَنْت إِذا أصَاب النَّاس موت يكون الْبَيْت فِيهِ بالوصيف - يَعْنِي الْقَبْر؟ قلت: الله / وَرَسُوله أعلم - أَو قَالَ: مَا خار الله [لي] وَرَسُوله - قَالَ:(4/504)
عَلَيْك بِالصبرِ - أَو قَالَ: تصبر - ثمَّ قَالَ لي: يَا أَبَا ذَر، قلت: لبيْك وَسَعْديك. قَالَ: كَيفَ أَنْت إِذا رَأَيْت أَحْجَار الزَّيْت قد غرقت بِالدَّمِ؟ قلت: مَا خار الله لي وَرَسُوله. قَالَ: عَلَيْك بِمن أَنْت مِنْهُ. قلت: يَا رَسُول الله، أَفلا آخذ سَيفي وأضعه على عَاتِقي. قَالَ: شاركت الْقَوْم إِذا. قَالَ: قلت: فَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: تلْزم بَيْتك. قلت: فَإِن دخل عَليّ بَيْتِي؟ قَالَ: فَإِن خشيت أَن يبهرك شُعَاع السَّيْف فألق ثَوْبك على وَجهك يبوء بإثمك وإثمه ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: لم يذكر المشعث.
قبل ذكر الْمَوْت: " كَيفَ أَنْت إِذا أصَاب النَّاس جوع؟ تَأتي فراشك فَلَا تقدر أَن ترجع إِلَى مسجدك، وَتَأْتِي مسجدك فَلَا تقدر أَن ترجع إِلَى فراشك ".
رَوَاهُ عَن حَمَّاد بن زيد بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم.
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن خَالِد العسكري، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ، ثَنَا زَائِدَة، عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، عَن نَافِع بن سرجس، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تكون فِي آخر الزَّمَان فتن كَقطع اللَّيْل المظلم، أنجى النَّاس مِنْهَا صَاحب يَأْكُل رسل غنمه - أَو من رسل غنمه - وَرجل آخذ بعنان فرسه يَأْكُل من فِي فرسه أَو رمحه ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم يرْوى عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا(4/505)
الْإِسْنَاد، وَلَا نعلم أسْند [نَافِع] بن سرجس عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
بَاب كف الْيَد وَاللِّسَان فِي الْفِتْنَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب، أَفْلح من كف يَده ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي [ابْن] وهب، حَدثنِي اللَّيْث، عَن يحيى بن سعيد قَالَ: قَالَ خَالِد بن أبي عمرَان: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَتَكُون فتْنَة / صماء بكماء عمياء، من استشرف لَهَا استشرفت لَهُ، وإشراف اللِّسَان [فِيهَا] كوقوع السَّيْف ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا [أَحْمد] بن بكار، ثَنَا مخلد، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن هِلَال بن خباب قَالَ: حَدثنِي عِكْرِمَة قَالَ: كنت أرافقه وَسَعِيد بن جُبَير فَقَالَ: قَالَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رَأَيْت النَّاس مرجت عهودهم وخانت أماناتهم وَكَانُوا هَكَذَا. وَشَبك بَين أَصَابِعه، فَقُمْت إِلَيْهِ فَقلت: كَيفَ أصنع عِنْد ذَلِك يَا رَسُول الله جعلني الله فدَاك؟ قَالَ: الزم بَيْتك، واملك عَلَيْك لسَانك، وَخذ مَا تعرف، ودع مَا تنكر، وَعَلَيْك بِأَمْر خَاصَّة(4/506)
نَفسك، ودع عَنْك أَمر الْعَامَّة ".
بَاب الْفِرَار بِالدّينِ من الْفِتَن
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، [ثَنَا] الْمَاجشون، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ؛ أَنه سَمعه يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يَأْتِي على النَّاس زمَان خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعف الْجبَال ومواقع الْقطر؛ يفر بِدِينِهِ من الْفِتَن ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، عَن مَالك، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنما يتبع بهَا شعف الْجبَال ومواقع الْقطر؛ يفر بِدِينِهِ من الْفِتَن ".
بَاب السعيد من جنب الْفِتَن
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن، ثَنَا حجاج - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - ثَنَا اللَّيْث بن سعد، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، أَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير حَدثهُ؛ عَن أَبِيه، عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: ايم الله لقد سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن السعيد لمن جنب الْفِتَن، إِن السعيد لمن جنب الْفِتَن، إِن السعيد لمن جنب الْفِتَن، وَلمن ابْتُلِيَ فَصَبر فواها ".(4/507)
بَاب فضل الْعِبَادَة فِي الْهَرج
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا حَمَّاد بن زيد، عَن مُعلى بن زِيَاد، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن معقل بن يسَار، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
/ وَحدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " الْعِبَادَة فِي الْهَرج كهجرة إِلَيّ ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، عَن قُتَيْبَة، بِإِسْنَاد مُسلم وَقَالَ: " كالهجرة إِلَيّ ".
بَاب لُزُوم الْجَمَاعَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا النَّضر بن إِسْمَاعِيل أَبُو الْمُغيرَة، عَن مُحَمَّد بن سوقة، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر قَالَ: " خَطَبنَا عمر بالجابية فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنِّي قُمْت فِيكُم كمقام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِينَا. فَقَالَ: أوصيكم بِأَصْحَابِي، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، [ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ] ، ثمَّ يفشو الْكَذِب؛ حَتَّى يحلف الرجل وَلَا يسْتَحْلف، وَيشْهد الشَّاهِد وَلَا يستشهد، أَلا لَا يخلون رجل بِامْرَأَة إِلَّا كَانَ ثالثهما الشَّيْطَان، عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة، وَإِيَّاكُم والفرقة؛ فَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد، و [هُوَ] من الِاثْنَيْنِ أبعد، من أَرَادَ بحبوحة الْجنَّة فليلزم الْجَمَاعَة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم الْمُؤمن ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
وَقد رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك، عَن مُحَمَّد بن سوقة.
وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غير وَجه عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(4/508)
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن الْجَعْد أبي عُثْمَان، عَن أبي رَجَاء العطاردي، عَن ابْن عَبَّاس يرويهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رأى من أميره شَيْئا يكرههُ فليصبر عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أحد يُفَارق الْجَمَاعَة شبْرًا فَيَمُوت إِلَّا مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق الوَاسِطِيّ، ثَنَا خَالِد، عَن الْجريرِي، عَن طريف [أبي تَمِيمَة] قَالَ: " شهِدت صَفْوَان وجندبا وَأَصْحَابه وَهُوَ يوصيهم، فَقَالُوا: هَل سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا؟ قَالَ: سمعته يَقُول: من سمع سمع الله بِهِ يَوْم الْقِيَامَة، وَمن [يُشَاقق] يشقق الله عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة. وَذكر كلَاما من كَلَام صَفْوَان ".
بَاب إِذا لم يكن للْمُسلمين جمَاعَة
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد [بن] جَابر، ثَنَا [بسر] بن عبيد الله الْحَضْرَمِيّ، أَنه سمع أَبَا إِدْرِيس الْخَولَانِيّ يَقُول: سَمِعت حُذَيْفَة بن الْيَمَان يَقُول: " كَانَ النَّاس / يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ مَخَافَة أَن يدركني [فَقلت] : يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّة وَشر، فجاءنا الله بِهَذَا الْخَيْر، فَهَل بعد هَذَا الْخَيْر(4/509)
(شَرّ) ؟ قَالَ: نعم. فَقلت: هَل بعد ذَلِك الشَّرّ من خير؟ قَالَ: نعم؛ وَفِيه دخن. قَالَ: قلت: وَمَا دخنه؟ قَالَ: قوم يستنون بِغَيْر سنتي ويهدون بِغَيْر هَدْيِي، تعرف مِنْهُم وتنكر. فَقلت: هَل بعد ذَلِك الْخَيْر من شَرّ؟ قَالَ: نعم، دعاة على أَبْوَاب جَهَنَّم، من أجابهم إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. فَقلت: يَا رَسُول الله، صفهم لنا. قَالَ: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: يَا رَسُول الله، فَمَا ترى إِن أدركني ذَلِك؟ قَالَ: تلْزم جمَاعَة الْمُسلمين وإمامهم. قلت: فَإِن لم يكن لَهُم جمَاعَة وَلَا إِمَام؟ قَالَ: فاعتزل تِلْكَ الْفرق كلهَا، وَلَو أَن تعض على أصل شَجَرَة حَتَّى يدركك الْمَوْت وَأَنت كَذَلِك ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْفِتْنَة من قبل الْمشرق
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وَحدثنَا ابْن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول وَهُوَ مُسْتَقْبل الْمشرق: أَلا إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا، أَلا إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا؛ من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان ".
وَلمُسلم فِي لفظ آخر أَنه قَالَ ثَلَاثًا: " (أَلا) إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، حَدثنِي أبي قَالَ: سَمِعت سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْفِتْنَة تَجِيء من قبل الْمشرق؛ من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان؛ وَأَنْتُم يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض، وَقد قَالَ الله - تَعَالَى - لمُوسَى: {وَقتلت نفسا فنجيناك(4/510)
من الْغم وَفَتَنَّاك فُتُونًا} ".
بَاب التحريض على سُكْنى الشَّام عِنْد ظُهُور الْفِتَن والأشراط
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَامر، ثَنَا الرّبيع بن نَافِع، ثَنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن ثَوْر بن يزِيد، عَن [بسر] بن عبيد الله، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْت عَمُود / الْكتاب احْتمل من رَأْسِي؛ فَظَنَنْت أَنه مذهوب بِهِ، فَأَتْبَعته بَصرِي فَعمد بِهِ إِلَى الشَّام؛ أَلا وَإِن الْإِيمَان حِين تقع الْفِتَن بِالشَّام ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من أَحَادِيث أهل الشَّام.
رَوَاهُ: عبد الله بن [بسر] وَأَبُو الدَّرْدَاء وَوَحْشِي بن حَرْب ... وَلَا نعلم لَهُ إِسْنَادًا أحسن من هَذَا الْإِسْنَاد.
وَقد رُوِيَ عَن أبي الدَّرْدَاء من غير وَجه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح الْحَضْرَمِيّ، ثَنَا بَقِيَّة، حَدثنِي بحير، عَن خَالِد - يَعْنِي ابْن معدان - عَن (أبي قتيلة) ، عَن [ابْن] حِوَالَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سيصير الْأَمر أَن تَكُونُوا جُنُودا مجندة: جند الشَّام، وجند(4/511)
بِالْيمن، وجند بالعراق. قَالَ ابْن حِوَالَة: خر لي يَا رَسُول الله إِن أدْركْت ذَلِك. فَقَالَ: عَلَيْك بِالشَّام؛ فَإِنَّهَا خيرة الله (فِي) أرضه يجتبي إِلَيْهَا خيرته من عباده، فَأَما إِن أَبَيْتُم فَعَلَيْكُم بيمنكم، واسقوا من (غديركم) ؛ فَإِن الله توكل بِالشَّام وَأَهله ".
أَبُو قتيلة اسْمه: مرْثَد بن ودَاعَة. قَالَ البُخَارِيّ: لَهُ صُحْبَة. وَأنكر ذَلِك أَبُو حَاتِم. وَابْن حِوَالَة، هُوَ عبد الله بن حِوَالَة - رَضِي الله عَنْهُمَا.
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن الْخطاب السجسْتانِي، (ثَنَا هِشَام) ، ثَنَا سُلَيْمَان ابْن عتبَة، ثَنَا يُونُس بن ميسرَة، عَن أبي إِدْرِيس، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّكُم ستجندون أجنادا، جندا بِالشَّام ومصر وَالْعراق واليمن. قَالُوا: فَخر لنا يَا رَسُول الله. قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام. قَالُوا: إِنَّا أَصْحَاب مَاشِيَة وَلَا نطيق الشَّام. قَالَ: فَمن (لَا يلْحق) الشَّام فليلحق [بيمنه] ؛ فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَحْسَن من حَدِيث [أبي] الدَّرْدَاء. وَقد رُوِيَ عَن غير أبي الدَّرْدَاء نَحْو هَذَا الْكَلَام، فاخترنا حَدِيث أبي الدَّرْدَاء لجلالته وَحسن إِسْنَاده.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عبد الْوَاحِد، ثَنَا مَرْوَان [الطاطري] ، ثَنَا(4/512)
خَالِد بن يزِيد بن صَالح بن صبيح المري، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن [أبي عبلة] ، عَن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي، عَن جُبَير بن نفير، عَن سَلمَة [بن] نفَيْل الْكِنْدِيّ قَالَ: " كنت جَالِسا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أذال النَّاس الْخَيل وَوَضَعُوا السِّلَاح وَقَالُوا: لَا جِهَاد، قد وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا. / فَأقبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِوَجْهِهِ فَقَالَ: كذبُوا، الْآن جَاءَ الْقِتَال وَلَا يزَال من أمتِي أمة يُقَاتلُون على الْحق [فيزيغ] الله لَهُم قُلُوب أَقوام، ويرزقهم مِنْهُم حَتَّى تقوم السَّاعَة أَو حَتَّى يَأْتِي وعد الله، وَالْخَيْل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَهُوَ يُوحى إِلَيّ أَنِّي مَقْبُوض غير ملبث وَأَنْتُم تتبعوني أفنادا؛ يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض، وعقر دَار الْمُؤمنِينَ الشَّام ".
وَفِي حَدِيث آخر: " وَلَا تضع الْحَرْب أَوزَارهَا حَتَّى يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج ".
رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا عَن هِشَام بن عمار، عَن يحيى بن حَمْزَة، عَن أبي عَلْقَمَة (نصر) بن عَلْقَمَة، عَن جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ، عَن سَلمَة بن نفَيْل.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا شَيبَان، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن [أبي] قلَابَة، عَن سَالم بن عبد الله بن عمر، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ستخرج نَار من حَضرمَوْت - أَو من نَحْو حَضرمَوْت - قبل يَوْم الْقِيَامَة تحْشر النَّاس. قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام ".(4/513)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُعَاوِيَة ابْن قُرَّة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فسد الشَّام فَلَا خير فِيكُم، لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي منصورين لَا يضرهم من خذلهم حَتَّى تقوم السَّاعَة.
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: هم أهل الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، حَدثنِي ابْن جَابر، حَدثنِي عُمَيْر بن هَانِئ؛ أَنه سمع مُعَاوِيَة يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تزَال من أمتِي أمة قَائِمَة بِأَمْر الله لَا يضرهم من خذلهم وَلَا من خالفهم حَتَّى يَأْتِيهم أَمر الله وهم على ذَلِك. قَالَ عُمَيْر: فَقَالَ [مَالك] بن يخَامر: سَمِعت قَالَ معَاذ: وهم بِالشَّام. فَقَالَ مُعَاوِيَة: هَذَا مَالك يزْعم أَنه سمع معَاذًا يَقُول: وهم بِالشَّام ".
وَفِي بعض طرق البُخَارِيّ: " لَا يزَال من أمتِي قوم ظَاهِرين على النَّاس حَتَّى يَأْتِيهم أَمر الله - عز وَجل ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هِشَام بن عمار، حَدثنَا يحيى بن حَمْزَة، ثَنَا [ابْن] جَابر - هُوَ عبد الرَّحْمَن - عَن زيد بن أَرْطَاة قَالَ: سَمِعت جُبَير بن نفير يحدث؛ عَن أبي الدَّرْدَاء، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن فسطاط الْمُسلمين يَوْم الملحمة بالغوطة / إِلَى جَانب مَدِينَة يُقَال لَهَا: دمشق، من خير مَدَائِن الشَّام ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي، سَمِعت يحيى بن أَيُّوب يحدث؛ عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة(4/514)
[الْمهرِي] ، عَن زيد بن ثَابت قَالَ: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نؤلف الْقُرْآن من الرّقاع فَقَالَ: طُوبَى للشام. فَقُلْنَا: لأي ذَلِك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لِأَن مَلَائِكَة الرَّحْمَن باسطة عَلَيْهَا أَجْنِحَتهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا أَزْهَر بن سعد، عَن ابْن عون، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي شامنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي يمننا. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَفِي نجدنا. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي شامنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي يمننا. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَفِي نجدنا. فأظنه قَالَ الثَّالِثَة: هُنَالك الزلازل والفتن وَبهَا يطلع قرن الشَّيْطَان ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُسلمين إِذا التقيا بسيفهما
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب وَيُونُس، [عَن الْحسن] ، عَن الْأَحْنَف بن قيس قَالَ: " خرجت وَأَنا أُرِيد هَذَا الرجل فلقيني أَبُو بكرَة فَقَالَ: أَيْن تُرِيدُ يَا أحنف؟ فَقلت: أُرِيد نصر ابْن عَم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي: عليا - فَقَالَ لي: يَا أحنف، ارْجع فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فِي النَّار. قَالَ: فَقلت - أَو قيل -: يَا رَسُول الله، هَذَا الْقَاتِل فَمَا بَال الْمَقْتُول؟ قَالَ: إِنَّه قد أَرَادَ قتل صَاحبه ".(4/515)
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن أبي بكرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا المسلمان حمل أَحدهمَا على أَخِيه السِّلَاح فهما على حرف جَهَنَّم، فَإِذا قتل أَحدهمَا صَاحبه دخلاها جَمِيعًا ".
بَاب فِي الَّذِي تقتله الفئة الباغية
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي سَلمَة / سَمِعت أَبَا نَضرة يحدث، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي من هُوَ خير مني " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لعمَّار حِين جعل يحْفر الخَنْدَق جعل يمسح رَأسه وَيَقُول: بؤس ابْن سميَّة، تقتلك فِئَة باغية ".
بَاب تَعْظِيم قتل الْمُؤمن وَتَحْرِيم دَمه
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حمل علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [أَحْمد] بن إشكاب، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أَبِيه، عَن عِكْرِمَة، عَن بن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا ترتدوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ".(4/516)
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، قَالَ وَاقد بن عبد الله: أَخْبرنِي عَن أَبِيه، سمع عبد الله بن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عَبْدَانِ] ، أَنا عبد الله، أخبرنَا يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي عَطاء بن يزِيد؛ أَن عبيد الله بن عدي حَدثهُ؛ أَن الْمِقْدَاد بن عَمْرو الْكِنْدِيّ حَلِيف بني زهرَة حَدثهُ - وَكَانَ شهد بَدْرًا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله [إِن] لقِيت كَافِرًا فاقتتلنا فَضرب يَدي بِالسَّيْفِ فقطعها، ثمَّ لَاذَ بشجرة وَقَالَ: أسلمت لله. أأقتله بعد أَن قَالَهَا؟ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تقتله. قَالَ: يَا رَسُول الله، فَإِنَّهُ طرح إِحْدَى يَدي، ثمَّ قَالَ ذَلِك بعد مَا قطعهَا أأقتله؟ قَالَ: لَا، فَإِن قتلته فَإِنَّهُ بمنزلتك قبل أَن تقتله، وَأَنت بِمَنْزِلَتِهِ قبل أَن يَقُول كَلمته الَّتِي قَالَ ".
وَقَالَ حبيب بن أبي عمْرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِلْمِقْدَادِ: إِذا كَانَ رجل مُؤمن يخفي إيمَانه [مَعَ قوم كفار فأظهر إيمَانه] فَقتلته فَكَذَلِك كنت أَنْت تخفي إيمانك بِمَكَّة من قبل ".
خرج أَبُو بكر الْبَزَّار هَذَا الْكَلَام الْأَخير، عَن حبيب، قَالَ: ثَنَا حمدَان بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا جَعْفَر بن سَلمَة، ثَنَا أَبُو بكر بن عَليّ بن مقدم، ثَنَا حبيب،(4/517)
فَذكره مُسْندًا فِي حَدِيث بِمَعْنى مَا تقدم للْبُخَارِيّ قَالَ فِيهِ: " فَلَمَّا أَتَوا الْقَوْم وجدوهم قد تفَرقُوا وَبَقِي رجل لَهُ مَال كثير لم يبرح، فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله. فَأَهوى إِلَيْهِ / الْمِقْدَاد فَقتله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن زُرَارَة، أَنا هشيم، أَنا حُصَيْن، ثَنَا أَبُو ظبْيَان، سَمِعت أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة يحدث قَالَ: " بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الحرقة من جُهَيْنَة. قَالَ: فصبحنا الْقَوْم فهزمناهم. قَالَ: وَلَحِقت أَنا وَرجل من الْأَنْصَار رجلا مِنْهُم. قَالَ: فَلَمَّا غشيناه قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ: فَكف عَنهُ الْأنْصَارِيّ فطعنته برمحي حَتَّى قتلته. قَالَ: فَلَمَّا قدمنَا بلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَقَالَ لي: يَا أُسَامَة أقتلته بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله؟ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ: قتلته بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله؟ ! قَالَ: فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت أَنِّي لم أكن أسلمت قبل ذَلِك الْيَوْم ".
لمُسلم: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " وَكَيف تصنع بِلَا إِلَه إِلَّا الله إِذا جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة. أَعَادَهَا عَلَيْهِ " وَقد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي أَحْمد بن يحيى الْكُوفِي، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن حميد بن هِلَال قَالَ: أَتَيْنَا بشر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ فَقَالَ: حَدثنَا عقبَة ابْن مَالك - وَكَانَ من رهطه - قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة فأغارت على قوم فشذ من الْقَوْم رجل وَاتبعهُ رجل من السّريَّة مَعَه السَّيْف شاهره، فَقَالَ الشاذ من الْقَوْم: إِنِّي مُسلم. فَلم ينظر إِلَى مَا قَالَ، فَضَربهُ فَقتله، فنما الحَدِيث إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ فِيهِ قولا شَدِيدا، فَبَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب إِذْ قَالَ الْقَاتِل: وَالله مَا كَانَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوذا من الْقَتْل. فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَمن قبله من النَّاس(4/518)
وَأخذ فِي خطبَته، ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله، وَالله مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوذا من الْقَتْل. فَأَعْرض عَنهُ وَعَمن كَانَ قبله من النَّاس وَأخذ فِي خطبَته، وَلم يصبر، فَقَالَ الثَّالِثَة مثل ذَلِك فَأقبل عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تعرف المساءة فِي وَجهه قَالَ: إِن الله أَبى على الَّذِي قتل. ثَلَاث مَرَّات ".
رَوَاهُ عبد بن حميد فِي التَّفْسِير، عَن هَاشم بن الْقَاسِم، عَن سُلَيْمَان بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " إِن الله أَبى على من قتل مُؤمنا. قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سَلمَة / يحيى بن خلف وَمُحَمّد بن عبد الله بن بزيع، حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن يعلى بن عَطاء، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لزوَال الدُّنْيَا أَهْون على الله - عز وَجل - من قتل رجل مُسلم ".
رَوَاهُ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَغير وَاحِد، عَن شُعْبَة مَوْقُوفا.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى فِي كتاب " الْعِلَل ": الْمَوْقُوف أصح. قَالَه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل.
وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار من طَرِيق شُعْبَة، عَن يعلى وَزَاد فِيهِ: " بِغَيْر حق " وَبَينهمَا اخْتِلَاف فِي اللَّفْظ. قَالَ: وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ عَن شُعْبَة إِلَّا ابْن أبي عدي.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ أَيْضا: حَدثنَا هناد، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن شبيب بن غرقدة، عَن سُلَيْمَان بن عَمْرو بن الْأَحْوَص، عَن أَبِيه قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي حجَّة الْوَدَاع للنَّاس: أَي الْيَوْم هَذَا؟ قَالُوا: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر. قَالَ: فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ بَيْنكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا،(4/519)
أَلا لَا يجني جَان إِلَّا على نَفسه، أَلا لَا يجني جَان على وَلَده، وَلَا مَوْلُود على وَالِده، أَلا وَإِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبد فِي بِلَادكُمْ هَذِه أبدا، وَلَكِن سَتَكُون لَهُ طَاعَة فِيمَا تَحْتَقِرُونَ من أَعمالكُم فسيرضى بِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن أبي بكرَة وَابْن عَبَّاس وَجَابِر و [حذيم] ابْن عَمْرو السَّعْدِيّ، وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا قُرَّة بن خَالِد، ثَنَا ابْن سِيرِين، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أبي بكرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث ذكره قَالَ: " إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ وَأَبْشَاركُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: حَدثنَا يحيى - هُوَ ابْن سعيد - عَن شُعْبَة، حَدثنِي عَمْرو بن مرّة، سَمِعت مرّة الْهَمدَانِي قَالَ: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على نَاقَة حَمْرَاء مخضرمة، قَالَ: أَتَدْرُونَ أَي يَوْم يومكم هَذَا؟ قُلْنَا: يَوْم النَّحْر. قَالَ: صَدقْتُمْ يَوْم الْحَج الْأَكْبَر، أَتَدْرُونَ أَي شهر شهركم هَذَا؟ قُلْنَا - وَقَالَ بنْدَار: قَالُوا: - ذُو الْحجَّة. قَالَ: صَدقْتُمْ شهر الله الْأَصَم، أَتَدْرُونَ أَي بلد بلدكم هَذَا؟ / قُلْنَا: الْبَلَد الْحَرَام. قَالَ: صَدقْتُمْ: ثمَّ قَالَ: إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا، فِي بلدكم هَذَا، أَلا إِنِّي فَرَطكُمْ على الْحَوْض، وَإِنِّي [مُكَاثِر] بكم الْأُمَم، فَلَا تسودوا وَجْهي، أَلا وَقد رَأَيْتُمُونِي وسمعتم مني وستسألون عني، فَمن كذب عَليّ فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".(4/520)
النَّسَائِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن المستمر، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، حَدثنَا مُعْتَمر، عَن أَبِيه، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق بن سَلمَة، عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل، عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَجِيء الرجل آخِذا بيد الرجل، فَيَقُول: يَا رب، هَذَا قتلني. فَيَقُول الله - عز وَجل -: لم قتلته؟ فَيَقُول: قتلته لتَكون الْعِزَّة لَك. فَيَقُول: فَإِنَّهَا لي. وَيَجِيء الرجل آخِذا بيد الرجل فَيَقُول: إِن هَذَا قتلني. فَيَقُول الله - عز وَجل - لَهُ: لم قتلته؟ فَيَقُول: قتلته لتَكون الْعِزَّة لفُلَان. فَيَقُول: إِنَّهَا لَيست لفُلَان. فيبوء بإثمه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُؤَمل بن الْفضل، ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب، عَن خَالِد بن دهقان قَالَ: " كُنَّا فِي غَزْوَة القسطنطينة بذلقية، فَأقبل رجل من أهل فلسطين من أَشْرَافهم وخيارهم يعْرفُونَ ذَلِك لَهُ يُقَال لَهُ: هَانِئ بن كُلْثُوم بن شريك الْكِنَانِي، فَسلم على عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا وَكَانَ يعرف لَهُ حَقه. قَالَ لنا خَالِد: فحدثنا عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا قَالَ: سَمِعت أم الدَّرْدَاء تَقول: سَمِعت أَبَا الدَّرْدَاء يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا من مَاتَ مُشْركًا أَو من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا. فَقَالَ هَانِئ بن كُلْثُوم: سَمِعت مَحْمُود بن الرّبيع يحدث، عَن عبَادَة بن الصَّامِت؛ أَنه سَمعه يحدث، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: من قتل مُؤمنا فاغتبط بقتْله، لم يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا ".
قَالَ لنا خَالِد: ثمَّ حَدثنِي عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا يزَال الْمُؤمن معنقا صَالحا مَا لم يصب دَمًا حَرَامًا، فَإِذا أصَاب دَمًا حَرَامًا بلح ".
وَحدث هَانِئ [بن] كُلْثُوم، عَن مَحْمُود بن الرّبيع، عَن عبَادَة بن الصَّامِت، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله سَوَاء.(4/521)
بَاب
مُسلم /: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، أَخْبرنِي عَامر ابْن سعد، عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقبل ذَات يَوْم من الْعَالِيَة، حَتَّى إِذا مر بِمَسْجِد بني مُعَاوِيَة دخل فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وصلينا مَعَه ودعا ربه طَويلا، ثمَّ انْصَرف إِلَيْنَا فَقَالَ: سَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة، سَأَلت رَبِّي أَلا يهْلك أمتِي بِالسنةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلته أَلا يهْلك أمتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلته أَلا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا ".
عبد بن حميد: حَدثنِي سُلَيْمَان بن حَرْب، عَن حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله زوى لي الأَرْض - أَو قَالَ: إِن رَبِّي زوى لي الأَرْض - فَرَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا، وَإِن ملك أمتِي سيبلغ مَا زوي مِنْهَا، وَأعْطيت كنزين: الْأَحْمَر والأبيض، وَإِنِّي سَأَلت رَبِّي لأمتي لَا يُهْلِكهُمْ بِسنة بعامة، وَلَا يُسَلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، وَإِن رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنِّي إِذا قضيت قَضَاء فَإِنَّهُ لَا يرد، وَلَا أهلكهم بِسنة عَامَّة، وَلَا أسلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، وَلَو اجْتمع عَلَيْهِم من بَين أقطارها - أَو قَالَ: من بأقطارها - حَتَّى يكون بَعضهم يهْلك بَعْضًا، وَقد يكون بَعضهم يسبي بَعْضًا، وَإِنَّمَا أَخَاف على أمتِي الْأَئِمَّة المضلين، وَإِذا وضع السَّيْف فِي أمتِي لم يرفع عَنْهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تلْحق قبائل من أمتِي بالمشركين، وَحَتَّى يعبد قبائل من أمتِي الْأَوْثَان، وَإنَّهُ سَيكون فِي أمتِي كذابون كلهم يزْعم أَنه نَبِي، وَأَنا خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي، وَلَا تزَال طَائِفَة من أمتِي على الْحق ظَاهِرين لَا يضرهم من خالفهم - أَو قَالَ: من خذلهم. شكّ سُلَيْمَان - حَتَّى يَأْتِي أَمر الله ".(4/522)
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب؛ أَن أَبَا إِدْرِيس الْخَولَانِيّ كَانَ يَقُول: قَالَ حُذَيْفَة بن الْيَمَان: " إِنِّي لأعْلم النَّاس بِكُل فتْنَة هِيَ كائنة فِيمَا بيني وَبَين [السَّاعَة] وَمَا بِي إِلَّا أَن يكون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أسر إِلَيّ فِي ذَلِك شَيْئا لم يحدثه غَيْرِي، وَلَكِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ وَهُوَ يحدث مَجْلِسا أَنا فِيهِ عَن الْفِتَن، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يعد الْفِتَن: مِنْهُنَّ ثَلَاث لَا يكدن يذرن شَيْئا، ومنهن / فتن كرياح الصَّيف مِنْهَا صغَار وَمِنْهَا كبار. قَالَ حُذَيْفَة: فَذهب أُولَئِكَ الرَّهْط [كلهم] غَيْرِي ".
بَاب مَا يُرْجَى فِي الْقَتْل
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، [ثَنَا] أَبُو الْأَحْوَص سَلام بن سليم، ثَنَا مَنْصُور، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن سعيد بن زيد قَالَ: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر فتْنَة فَعظم أمرهَا، فَقُلْنَا - أَو قَالُوا: يَا رَسُول الله، لَئِن أدركتنا هَذِه لَنهْلكَنَّ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كلا إِن [بحسبكم] الْقَتْل. قَالَ سعيد: فَرَأَيْت إخْوَانِي قتلوا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا كثير بن هِشَام، أبنا المَسْعُودِيّ، عَن سعيد بن أبي بردة، عَن أَبِيه، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمتِي هَذِه أمة مَرْحُومَة لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَاب فِي الْآخِرَة، عَذَابهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَن والزلازل وَالْقَتْل ".(4/523)
بَاب ذكر الْخُلَفَاء وَالْمهْدِي
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، ثَنَا أَبُو مسْهر، ثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب الْخَولَانِيّ، حَدثنِي الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَمْرو بن أبان، عَن جَابر؛ أَنه كَانَ يحدث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أرِي اللَّيْلَة رجل صَالح أَن أَبَا بكر نيط برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ونيط عمر بِأبي بكر، ونيط عُثْمَان بعمر. فَلَمَّا قمنا من عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا: أما الرجل الصَّالح فَرَسُول الله، وَأما مَا ذكر من نيط بَعضهم بِبَعْض فهم وُلَاة هَذَا الْأَمر الَّذِي بعث الله بِهِ نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَحدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، حَدثنَا عمي عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي يحيى بن أَيُّوب، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " أول من حمل حجرا لقبلة مَسْجِد قبَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ حمل أَبُو بكر آخر، ثمَّ حمل عمر آخر، ثمَّ حمل عُثْمَان آخر، فَقلت: يَا رَسُول الله، أَلا ترى هَؤُلَاءِ يتبعونك. فَقَالَ: أما إِنَّهُم أُمَرَاء الْخلَافَة بعدِي ".
يحيى بن أَيُّوب هَذَا هُوَ أَبُو الْعَبَّاس الْمصْرِيّ الغافقي، مرّة قَالَ فِيهِ ابْن معِين: ثِقَة. وَمرَّة قَالَ: صَالح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا سُرَيج بن النُّعْمَان، ثَنَا / حشرج بن نباتة، عَن سعيد بن جمْهَان، حَدثنِي سفينة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَالَ) : " الْخلَافَة فِي أمتِي ثَلَاثِينَ سنة، ثمَّ ملك بعد ذَلِك، ثمَّ قَالَ لي سفينة: أمسك خلَافَة أبي بكر، وَخِلَافَة عمر، وَخِلَافَة عُثْمَان، ثمَّ قَالَ: أمسك خلَافَة عَليّ. قَالَ:(4/524)
فَوَجَدْنَاهَا ثَلَاثِينَ سنة. قَالَ سعيد: فَقلت لَهُ: إِن بني أُميَّة يَزْعمُونَ أَن الْخلَافَة فيهم. قَالَ: كذبُوا بَنو الزَّرْقَاء هم مُلُوك من شَرّ الْمُلُوك ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن سعيد بن جمْهَان، وَلَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث سعيد بن جمْهَان.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا دَاوُد [الوَاسِطِيّ]- وَكَانَ ثِقَة - قَالَ: سَمِعت حبيب بن سَالم قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير يَقُول: " كَانَ بشير بن سعد يكف حَدِيثه، فجَاء أَبُو ثَعْلَبَة فَقَالَ: يَا بشير بن سعد، أتحفظ حَدِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْأُمَرَاء؟ وَكَانَ حُذَيْفَة قَاعِدا مَعَ بشير، فَقَالَ حُذَيْفَة: أَنا أحفظ خطبَته. فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَة، فَقَالَ حُذَيْفَة: [قَالَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّكُم فِي النُّبُوَّة مَا شَاءَ الله أَن يكون، ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ أَن يرفعها، ثمَّ يكون خلَافَة على منهاج النُّبُوَّة (تكون مَا شَاءَ الله أَن يكون، ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ أَن يرفعها، ثمَّ جبرية مَا شَاءَ الله أَن تكون، ثمَّ يرفعها إِذا شَاءَ أَن يرفعها، ثمَّ تكون خلَافَة على منهاج النُّبُوَّة) ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَعلي بن حجر قَالَا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة قَالَ: " كُنَّا عِنْد جَابر بن عبد الله فَقَالَ: يُوشك أهل الْعرَاق أَلا يجبى إِلَيْهِم [قفيز] وَلَا دِرْهَم. قُلْنَا: من أَيْن ذَلِك؟ قَالَ: من قبل الْعَجم، يمْنَعُونَ ذَلِك. ثمَّ قَالَ: يُوشك أهل الشَّام أَلا يجبى إِلَيْهِم دِينَار وَلَا مدي. قُلْنَا: من أَيْن ذَلِك؟ قَالَ: من قبل الرّوم ثمَّ أسكت هنيَّة. ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يكون فِي آخر أمتِي خَليفَة يحثي المَال حثيا (و) لَا (يعدده) عددا.(4/525)
قَالَ: قلت لأبي نَضرة وَأبي الْعَلَاء: أتريان أَنه عمر بن عبد الْعَزِيز؟ فَقَالَا: لَا ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَنَا أبي، ثَنَا دَاوُد، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد وَجَابِر / بن عبد الله قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يكون فِي آخر الزَّمَان خَليفَة يقسم المَال وَلَا يعده ".
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا بشر بن [الْمفضل] .
وثنا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن علية، كِلَاهُمَا عَن سعيد بن يزِيد، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من خلفائكم (من) يحثو المَال حثيا، لَا يعده (عدا) ".
وَفِي رِوَايَة ابْن حجر: " يحثي المَال ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبيد بن أَسْبَاط، ثَنَا أبي، ثَنَا سُفْيَان - هُوَ الثَّوْريّ - عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة، عَن زر، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَالَ) : " لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى يملك الْعَرَب رجل من أهل بَيْتِي يواطئ اسْمه اسْمِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد؛ أَن (عمر) بن عبيد حَدثهمْ.(4/526)
وَحدثنَا أَحْمد بن [إِبْرَاهِيم] ، حَدثنِي عبيد الله بن مُوسَى، أَنا زَائِدَة.
وَحدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَيْضا، حَدثنِي عبيد الله بن مُوسَى، عَن فطر، الْمَعْنى وَاحِد [كلهم] عَن عَاصِم، عَن زر، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم - قَالَ زَائِدَة فِي حَدِيثه: - لطول الله ذَلِك الْيَوْم - (ثمَّ اتفقَا) - حَتَّى يبْعَث الله فِيهِ رجلا مني أَو من أهل بَيْتِي يواطئ اسْمه اسْمِي، وَاسم أَبِيه اسْم أبي ".
فِي حَدِيث فطر: " يمْلَأ الأَرْض قسطا وعدلا كَمَا ملئت ظلما وجورا ".
فطر بن خَليفَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأحمد بن حَنْبَل وَيحيى بن سعيد. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: فطر بن خَليفَة صَالح، كَانَ يحيى بن سعيد الْقطَّان يرضاه، وَيحسن القَوْل فِيهِ وَيحدث عَنهُ.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا الْفضل بن دُكَيْن، ثَنَا فطر بن خَليفَة، عَن الْقَاسِم [بن] أبي بزَّة، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو لم يبْق من الدَّهْر إِلَّا يَوْم لبعث الله رجلا من أهل بَيْتِي يملؤها عدلا كَمَا ملئت جورا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا الثَّوْريّ، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يقتتل عِنْد كنزكم هَذَا ثَلَاثَة كلهم ابْن خَليفَة ثمَّ لَا يصل إِلَى وَاحِد مِنْهُم، ثمَّ تقبل الرَّايَات / السود من قبل الْمشرق فيقتلونكم قتلا لم يقْتله قوم - ثمَّ ذكر شَيْئا - فَإِذا(4/527)
رَأَيْتُمُوهُ فتابعوه وَلَو حبوا على الثَّلج فَإِنَّهُ خَليفَة الله الْمهْدي ".
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث قد رُوِيَ نَحْو كَلَامه من غير هَذَا الْوَجْه بِهَذَا اللَّفْظ، وَهَذَا اللَّفْظ لَا نعلمهُ إِلَّا من هَذَا الحَدِيث، وَإِن كَانَ قد رُوِيَ أَكثر معنى هَذَا الحَدِيث فَإنَّا اخترنا هَذَا الحَدِيث لصِحَّته ولجلالة ثَوْبَان، وَإِسْنَاده صَحِيح.
رَوَاهُ ابْن أبي خَيْثَمَة: عَن أَحْمد بن شبويه، عَن عبد الرَّزَّاق. بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا قَالَ: " يقتل عِنْد كنزكم هَذَا ثَلَاثَة كلهم ابْن خَليفَة، ثمَّ لَا يكون - أَولا يصير - الْأَمر إِلَى وَاحِد مِنْهُم، ثمَّ تقبل الرَّايَات السود من خُرَاسَان، فَإِذا سَمِعْتُمْ بهَا فائتوها وَلَو زحفا أَو حبوا، فَإِن فِيهَا خَليفَة الله الْمهْدي ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر الرقي، ثَنَا أَبُو الْمليح الْحسن بن عَمْرو، عَن [زِيَاد] بن بَيَان، عَن عَليّ بن نفَيْل، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أم سَلمَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْمهْدي من عِتْرَتِي من ولد فَاطِمَة ".
قَالَ عبد الله: وَسمعت أَبَا الْمليح يثني [على] عَليّ بن نفَيْل وَيذكر مِنْهُ صلاحا. الْحسن بن عمر أَبُو الْمليح روى عَنهُ ابْن الْمُبَارك وَغَيره، قَالَ أَبُو زرْعَة: الْحسن بن عمر ثِقَة.
وَقَالَ البُخَارِيّ فِي " تَارِيخه الْكَبِير ": حَدثنَا عبد الْغفار بن دَاوُد، ثَنَا أَبُو الْمليح الرقي، سمع زِيَاد بن بَيَان - وَذكر من فَضله - سمع عَليّ بن نفَيْل جد(4/528)
النُّفَيْلِي، سمع سعيد بن الْمسيب، عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[رَفعه] : " الْمهْدي هُوَ حق من ولد فَاطِمَة ".
قَالَ البُخَارِيّ: فِي إِسْنَاده نظر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سهل بن تَمام بن [بزيع] ، ثَنَا عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمهْدي مني، أجلى الْجَبْهَة، أقنى الْأنف، يمْلَأ الأَرْض قسطا وعدلا كَمَا ملئت جورا وظلما، يملك سبع سِنِين ".
عمرَان الْقطَّان هُوَ عمرَان بن دوار أَبُو الْعَوام. ذكره يحيى بن سعيد الْقطَّان فَأحْسن الثَّنَاء عَلَيْهِ. وَقَالَ يحيى بن معِين: عمرَان الْقطَّان لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل / وَسُئِلَ عَنهُ: [أَرْجُو] أَن يكون صَالح الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة [قَالَ: سَمِعت زيدا الْعمي قَالَ:] سَمِعت أَبَا الصّديق النَّاجِي، يحدث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " خشينا أَن يكون بعد نَبينَا حدث فسألنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: إِن فِي أمتِي الْمهْدي يخرج يعِيش خمْسا - أَو سبعا أَو تسعا. زيد الشاك - قَالَ: قُلْنَا: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: سِنِين. قَالَ: فَيَجِيء الرجل إِلَيْهِ فَيَقُول: يَا مهْدي، أَعْطِنِي أَعْطِنِي.(4/529)
قَالَ: فيحثي لَهُ فِي ثَوْبه مَا اسْتَطَاعَ أَن يحملهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار: عَن أَحْمد بن ثَابت، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ قَالَ فِيهِ: " ثمَّ يُرْسل الله السَّمَاء مدرارا، وَلَا تدخر الأَرْض شَيْئا، وَيكون المَال كدوسا، وَيَجِيء الرجل إِلَيْهِ فَيَقُول: يَا مهْدي، أَعْطِنِي. فيحثو لَهُ حَتَّى مَا يَسْتَطِيع أَن يحمل ".
وَرَوَاهُ ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ: ثَنَا عبد الله بن عمر، ثَنَا مُحَمَّد بن مَرْوَان، ثَنَا عمَارَة بن أبي حَفْصَة، عَن زيد، بِالْإِسْنَادِ الأول. قَالَ فِيهِ: " وتنعم أمتِي نعْمَة لم ينعموا مثلهَا قطّ، يُرْسل الله السَّمَاء عَلَيْهِم مدرارا، وَلَا تدخر الأَرْض شَيْئا من النَّبَات ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن يزِيد الْجرْمِي، ثَنَا مُحَمَّد بن مَرْوَان الْعقيلِيّ، ثَنَا هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمهْدي، فَقَالَ: إِن قصر فسبع، وَإِلَّا فثمان، وَإِلَّا فتسع، وليملأن الأَرْض عدلا وقسطا كَمَا ملئت جورا وظلما ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام إِلَّا مُحَمَّد بن مَرْوَان وَلَا نعلم أحدا تَابعه عَلَيْهِ.
وروى قَاسم بن أصبغ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا ياسين الْعجلِيّ، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة، عَن أَبِيه، عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمهْدي منا أهل الْبَيْت يصلحه الله فِي لَيْلَة ".(4/530)
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار، عَن مُحَمَّد بن معمر، عَن أبي نعيم، عَن ياسين. [و] ياسين بن شَيبَان لَا بَأْس بِهِ / وَقَالَ البُخَارِيّ: ياسين بن شَيبَان لَيْسَ بِذَاكَ. ذكره فِي تَارِيخه بِهَذَا الحَدِيث فِي بَاب إِبْرَاهِيم.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن [صَالح أبي الْخَلِيل] ، عَن صَاحب لَهُ، عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، [عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قَالَ: " يكون اخْتِلَاف عِنْد موت خَليفَة، فَيخرج رجل من أهل الْمَدِينَة هَارِبا إِلَى مَكَّة، فيأتيه النَّاس من أهل مَكَّة فيخرجونه وَهُوَ كَارِه فيبايعونه بَين الرُّكْن وَالْمقَام، وَيبْعَث إِلَيْهِ بعث من أهل الشَّام فيخسف بهم بِالْبَيْدَاءِ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، فَإِذا رأى النَّاس ذَلِك أَتَاهُ أبدال أهل الشَّام وعصائب أهل الْعرَاق فيبايعونه، ثمَّ ينشئ رجل من قُرَيْش أَخْوَاله كلب، فيبعث إِلَيْهِم بعثا فيظهرون عَلَيْهِم وَذَلِكَ بعث كلب والخيبة لمن لم يشْهد غنيمَة كلب، فَيقسم المَال وَيعْمل فِي النَّاس بِسنة نَبِيّهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ويلقي الْإِسْلَام بجرانه إِلَى الأَرْض، فيلبث سبع سِنِين، ثمَّ يتوفى وَيُصلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ ".
حَدثنَا ابْن الْمثنى، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا أَبُو الْعَوام، ثَنَا قَتَادَة، عَن أبي الْخَلِيل، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أم سَلمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا، وَحَدِيث معَاذ أتم.(4/531)
روى أَبُو بكر أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة - وَأَبُو خَيْثَمَة اسْمه: زُهَيْر بن حَرْب - قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن بكير الْحَضْرَمِيّ، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، ثَنَا الْمُعَلَّى بن زِيَاد، عَن الْعَلَاء بن بشير، عَن أبي بكر النَّاجِي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " أبشركم بالمهدي، يبْعَث فِي أمتِي على اخْتِلَاف من النَّاس وزلزال، يمْلَأ الأَرْض قسطا وعدلا كَمَا ملئت ظلما وجورا، يرضى عَنهُ سَاكن السَّمَاء وَسَاكن الأَرْض، وَيقسم المَال [صحاحا] . قلت: وَمَا [الصِّحَاح] ؟ قَالَ: بِالسَّوِيَّةِ بَين النَّاس، ويملأ الله قُلُوب أمة مُحَمَّد غنى، ويسعهم عدله حَتَّى يَأْمر مناديا فينادي من لَهُ فِي مَال الله - أرَاهُ قَالَ: حَاجَة - فَمَا يقوم من النَّاس إِلَّا رجل. قَالَ: يُقَال لَهُ: (إِلَى) السادن، [فَقل] لَهُ: إِن الْمهْدي يَأْمُرك أَن تُعْطِينِي مَالا. قَالَ: فَيَقُول: احثه. قَالَ: فيحثي حَتَّى إِذا جعله فِي حجره، قَالَ: / ينْدَم يَقُول: كنت أجشع أمة مُحَمَّد نفسا أَو أعجز [عَمَّا] وسعهم. قَالَ: فَيردهُ فَيَقُول: إِنَّا لَا نقبل شَيْئا أعطيناه. قَالَ: فَيكون ذَلِك سبعا أَو ثمانيا أَو تسع سِنِين، ثمَّ لَا خير فِي الْعَيْش بعده ".
تَابعه عبد السَّلَام بن مطهر، سمع جَعْفَر بن سُلَيْمَان فِي هَذَا الحَدِيث.
وروى الْبَزَّار قَالَ: ثَنَا عَليّ بن الْمُنْذر، ثَنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا قيس، عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تذْهب أَيَّام الدُّنْيَا حَتَّى يملك رجل من أمتِي، وَلَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطول الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى تفتح قسطنطينة والديلم ".
قيس قد تقدم ذكره فِي بَاب ذمّ الرَّأْي من كتاب " الْعلم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عَطِيَّة(4/532)
عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يخرج من أمتِي رجل من أهل بَيْتِي [عِنْد] انْقِطَاع [من] الزَّمَان وَظُهُور من الْفِتَن يُقَال لَهُ: السفاح يكون عطاؤه [حثيا] ".
قَالَ يحيى بن معِين: عَطِيَّة صَالح الحَدِيث. وَقد ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل و [أَبُو] حَاتِم.
بَاب
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. قَالَ عُثْمَان: ثَنَا. وَقَالَ إِسْحَاق: أخبرنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن حُذَيْفَة: " قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقَاما مَا ترك شَيْئا فِي مقَامه ذَاك إِلَى قيام السَّاعَة إِلَّا حدث بِهِ، حفظه من حفظه، ونسيه من نَسيَه، قد علمه أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُ ليَكُون مِنْهُ الشَّيْء قد نَسِيته فَأرَاهُ فأذكره كَمَا يذكر الرجل وَجه الرجل إِذا غَابَ عَنهُ، ثمَّ إِذا رَآهُ عرفه ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد بن يعِيش وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لِعبيد - قَالَ: حَدثنَا يحيى بن آدم، ثَنَا زُهَيْر، عَن سُهَيْل [بن] أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا منعت الْعرَاق درهمها(4/533)
وقفيزها، ومنعت الشَّام مديها ودينارها، ومنعت مصر [إردبها] ودينارها، وعدتم من حَيْثُ بدأتم، وعدتم من حَيْثُ بدأتم / وعدتم من حَيْثُ بدأتم. شهد على ذَلِك لحم أبي هُرَيْرَة وَدَمه ".
بَاب ذكر مَا بَين يَدي السَّاعَة من الْفِتَن والأشراط
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يحسر الْفُرَات عَن جبل من ذهب يقتتل النَّاس عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ، وَيَقُول كل رجل مِنْهُم: لعَلي أكون أَنا الَّذِي أنجو ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن وَأَبُو معن الرقاشِي - وَاللَّفْظ [لأبي] معن - قَالَا: ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ: أَخْبرنِي أبي، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل قَالَ: " كنت وَاقِفًا مَعَ أبي بن كَعْب فَقَالَ: لَا يزَال النَّاس مُخْتَلفَة أَعْنَاقهم فِي طلب الدُّنْيَا. قلت: أجل. قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: يُوشك الْفُرَات [أَن] يحسر عَن جبل من ذهب، فَإِذا سمع بِهِ النَّاس سَارُوا إِلَيْهِ، فَيَقُول من عِنْده. لَئِن تركنَا النَّاس يَأْخُذُونَ مِنْهُ ليذهبن بِهِ كُله. قَالَ: فيقتتلون عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ ".
قَالَ أَبُو كَامِل فِي حَدِيثه: " وقفت أَنا وَأبي بن كَعْب فِي ظلّ أجم حسان ".(4/534)
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا سهل بن عُثْمَان، أَنا عقبَة بن خَالِد، عَن عبيد الله، [عَن] أبي الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُوشك الْفُرَات أَن يحسر عَن جبل من ذهب؛ فَمن حَضَره فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا ".
وَلمُسلم فِي بعض أَلْفَاظه: " عَن كنز من الذَّهَب ".
مُسلم: حَدثنَا وَاصل بن عبد الْأَعْلَى وَأَبُو كريب وَمُحَمّد بن يزِيد الرِّفَاعِي - وَاللَّفْظ لواصل - قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تخرج الأَرْض أفلاذ كَبِدهَا أَمْثَال الأسطوان من الذَّهَب وَالْفِضَّة فيجئ الْقَاتِل فَيَقُول /: فِي هَذَا قتلت. وَيَجِيء الْقَاطِع فَيَقُول: فِي هَذَا قطعت رحمي. وَيَجِيء السَّارِق فَيَقُول: فِي هَذَا قطعت يَدي. ثمَّ يَدعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئا ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى [يكثر المَال وَيفِيض حَتَّى] يخرج الرجل بِزَكَاة مَاله، فَلَا يجد أحدا يقبلهَا مِنْهُ، وَحَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجا وأنهارا ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد. قَالَ عبد: أَنا. وَقَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن الْمسيب، عَن(4/535)
أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب أليات نسَاء دوس حول ذِي الخلصة. وَكَانَت صنما تعبدها دوس فِي الْجَاهِلِيَّة بتبالة ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو كَامِل الجحدري وَأَبُو معن الرقاشِي - وَاللَّفْظ لأبي معن - قَالَا: ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، عَن الْأسود بن الْعَلَاء، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى تعبد اللات والعزى. فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن كنت لأَظُن حِين أنزل الله - عز وَجل -: {هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدَّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ} أَن ذَلِك تَاما. قَالَ: إِنَّه سَيكون من ذَلِك مَا شَاءَ الله، ثمَّ يبْعَث الله ريحًا طيبَة فتوفى كل من فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من إِيمَان، فَيبقى من لَا خير فِيهِ فيرجعون إِلَى دين آبَائِهِم ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبد الله بن عمر بن مُحَمَّد بن أبان بن صَالح وَمُحَمّد ابْن يزِيد الرِّفَاعِي - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبان - قَالَا: ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن أبي إِسْمَاعِيل، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى يمر الرجل على الْقَبْر فيتمرغ عَلَيْهِ وَيَقُول: يَا لَيْتَني مَكَان صَاحب هَذَا الْقَبْر. وَلَيْسَ بِهِ الدَّين إِلَّا الْبلَاء ".
/ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع بن الْجراح، ثَنَا أبي، عَن الْقَاسِم بن الْفضل، ثَنَا أَبُو نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تكلم السبَاع الْإِنْس، وَحَتَّى تكلم الرجل عذبة سَوْطه وشراك نَعله، وَتُخْبِرهُ فَخذه بِمَا أحدث أَهله من بعده ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من (وَجه) الْقَاسِم(4/536)
ابْن الْفضل. وَالقَاسِم بن الْفضل ثِقَة مَأْمُون عِنْد أهل الحَدِيث، وَثَّقَهُ يحيى بن سعيد الْقطَّان وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة بن سهل بن حنيف يَقُول: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى (تتسافدون) فِي (الطَّرِيق) تسافد الْحمير ".
وَحدثنَا فهم بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا عبد الله بن نمير، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، عَن أبي أُمَامَة بن سهل، عَن عبد الله بن عَمْرو بِمثلِهِ. وَلم يرفعهُ إِلَّا أَنه قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتسافد النَّاس فِي الطّرق تسافد الْحمير ".
وَقَالَ هَذَا الحَدِيث لَا نعلم رُوِيَ من وَجه صَحِيح إِلَّا عَن عبد الله بن عَمْرو بِهَذَا الْإِسْنَاد.
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عَيَّاش] بن الْوَلِيد، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يتقارب الزَّمَان، وَينْقص الْعَمَل، ويلقى الشُّح، وَتظهر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج. قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَيّمَا هُوَ؟ قَالَ: الْقَتْل الْقَتْل ".
وَقَالَ يُونُس وَشُعَيْب وَاللَّيْث وَابْن أخي الزُّهْرِيّ: عَن الزُّهْرِيّ، عَن حميد،(4/537)
[عَن] أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا شَقِيق قَالَ: " جلس عبد الله وَأَبُو مُوسَى يتحدثان فَقَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن بَين يَدي السَّاعَة أَيَّامًا يرفع فِيهَا الْعلم، وَينزل فِيهَا الْجَهْل، وَيكثر فِيهَا الْهَرج، والهرج الْقَتْل ".
مُسلم: / حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكثر الْهَرج. قَالُوا: وَمَا الْهَرج يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الْقَتْل الْقَتْل ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن مُنَبّه، قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتتل فئتان عظيمتان، وَتَكون بَينهمَا مقتلة عَظِيمَة دعواهما وَاحِدَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا وهب بن جرير، حَدثنِي أبي، عَن يُونُس، عَن الْحسن، عَن عَمْرو بن تغلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يفشو المَال وَيكثر، وتفشو التِّجَارَة، وَيظْهر الْقَلَم، وَيبِيع الرجل البيع فَيَقُول: (حَتَّى) أَستَأْمر تَاجر بني فلَان. ويلتمس فِي [الْحَيّ] الْعَظِيم(4/538)
الْكَاتِب فَلَا يُوجد ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا النَّضر بن [شُمَيْل] ، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " أحدثكُم حَدِيثا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يُحَدثكُمْ [أحد] بعدِي؛ أَنه [سَمعه] من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم، وَيظْهر الْجَهْل، ويفشو الزِّنَا، وتشرب الْخمر، وَيكثر النِّسَاء، ويقل الرِّجَال حَتَّى يكون لخمسين امْرَأَة قيم وَاحِد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن أبي مُوسَى وَأبي هُرَيْرَة وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا سَلمَة، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، ثَنَا أَرْطَاة بن الْمُنْذر، عَن ضَمرَة بن حبيب، عَن سَلمَة بن نفَيْل السكونِي قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ قَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله، هَل أتيت بِطَعَام من السَّمَاء؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وماذا؟ قَالَ: طَعَام بمسخنة. قَالَ: هَل كَانَ فِيهَا فضل عَنْك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَمَا فعل [بِهِ] ؟ قَالَ: رفع، وَهُوَ يُوحى إِلَيّ أَنِّي مكفوف غير لابث، ولستم لابثون بعدِي إِلَّا قَلِيلا، وستأتون / (أفنادا) يفني بَعْضكُم بَعْضًا، وَبَين يَدي السَّاعَة موتان شَدِيدَة وسنوات الزلازل ".(4/539)
ارطاة وضمرة ثقتان.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن معبد، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا شريك ابْن عبد الله، عَن عُثْمَان بن عُمَيْر، عَن زَاذَان أبي عمر، عَن عليم قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا على سطح مَعنا رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يزِيد: لَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: عبس الْغِفَارِيّ - وَالنَّاس يخرجُون فِي الطَّاعُون. فَقَالَ عبس: يَا طاعون خذني. يَقُولهَا ثَلَاثًا. فَقَالَ عليم: لم تَقول هَذَا؟ ألم يقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت؛ فَإِنَّهُ عِنْد انْقِطَاع عمله وَلَا يرد [فيستعتب] ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: بَادرُوا سِتا: إمرة السُّفَهَاء، وَكَثْرَة الشَّرْط، وَبيع الحكم، واستخفافا بِالدَّمِ، وَقَطِيعَة الرَّحِم، وَنَشَأ يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير يقدمُونَ أحدهم لِيُغنيَهُمْ وَإِن كَانَ أقلهم فقها ".
قَالَ: وَحدثنَا فَهد بن سلميان، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد الْأَصْبَهَانِيّ، عَن شريك، عَن عُثْمَان [بن] عُمَيْر، عَن زَاذَان، عَن عليم قَالَ: " كنت مَعَ عبس الْغِفَارِيّ ... " وَذكره.
رَوَاهُ الْبَزَّار من طَرِيق لَيْث، عَن عُثْمَان بن عُمَيْر، عَن زَاذَان، عَن عليم، عَن عبس. وَإسْنَاد أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ أحسن، وَعَبس هَذَا شَامي وَيُقَال: عَابس وَهُوَ أَكثر، روى عَنهُ أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ، وروى عَنهُ أهل الْكُوفَة، مِنْهُم [حَنش] وَعَلِيم الكنديان، ويروي زَاذَان عَنهُ، وَعَن عليم عَنهُ.(4/540)
الْبَزَّار: حَدثنَا عَبدة بن عبد الله، أَنا زيد بن الْحباب، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض: الله الله، وَحَتَّى تمطر السَّمَاء، وَلَا تنْبت الأَرْض، وَحَتَّى يكون للخمسين امْرَأَة الْقيم الْوَاحِد، وَحَتَّى تمر الْمَرْأَة بالنعل فَيَقُول: لقد كَانَ لَهَا مرّة رجل ".
قَالَ الْبَزَّار: وَحدثنَا أَحْمد بن عَبدة، أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر بن عبد الله، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يلْتَمس الرجل من أَصْحَابِي كَمَا يلْتَمس الضَّالة فَلَا تُوجد ".
وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا جَابر، عَن أبي سعيد.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي، عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتلُوا إمامكم، وتجتلدوا بأسيافكم، وَيَرِث (دنياكم) أشراركم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى (يقتتل) فئتان عظيمتان تكون بَينهمَا مقتلة عَظِيمَة، دعواهما وَاحِدَة، وَحَتَّى يبْعَث دجالون كذابون كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله، وَحَتَّى يقبض الْعلم، وتكثر الزلازل،(4/541)
ويتقارب الزَّمَان، وَتظهر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج - وَهُوَ الْقَتْل - وَحَتَّى يكثر فِيكُم المَال فيفيض حَتَّى يهم رب المَال من يقبل صدقته، وَحَتَّى يعرضه فَيَقُول الَّذِي يعرضه عَلَيْهِ: لَا أرب لي (فِيهِ) وَحَتَّى يَتَطَاوَل النَّاس فِي الْبُنيان، وَحَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل فَيَقُول: يَا لَيْتَني مَكَانَهُ، وَحَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت وَرَآهَا النَّاس [آمنُوا] أَجْمَعُونَ فَذَلِك [حِين] {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد نشر الرّجلَانِ ثوبها بَينهمَا فَلَا يتبايعانه وَلَا يطويانه، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بِلَبن لقحته فَلَا يطعمهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَهُوَ يليط حَوْضه فَلَا يسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفع أَكلته إِلَى فِيهِ فَلَا يطْعمهَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا يُونُس بن بكير، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة، عَن أَبِيه، عَن عَوْف، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن بَين يَدي السَّاعَة سِنِين خداعة، يصدق فِيهَا الْكَاذِب، ويكذب فِيهَا الصَّادِق، ويؤتمن فِيهَا الخائن، ويخون فِيهَا الْأمين، وينطق فِيهَا / الرويبضة. قيل: وَمَا الرويبضة؟ قَالَ: الْمَرْء التافه يتَكَلَّم فِي أَمر الْعَامَّة ".
وَبِه إِلَى ابْن إِسْحَاق: [وحَدثني عبد الله] بن دِينَار، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه.
قَالَ: وَحَدِيث عَوْف بن مَالك لَا نعرفه يرْوى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَعبد الله ابْن دِينَار لم يرو عَن أنس إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَلَا رَوَاهُ عَنهُ إِلَّا مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا يحيى بن معِين، ثَنَا حجاج(4/542)
ابْن مُحَمَّد، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي مُحَمَّد بن الْحَارِث قَالَ: قدم رجل يُقَال لَهُ: أَبُو عَلْقَمَة حَلِيف بني هَاشم، (فسابقت) إِلَيْهِ أَنا وَعلي الْأَزْدِيّ فَكَانَ مِمَّا حَدثنَا أَن قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يظْهر الْفُحْش وَالشح، ويؤتمن الخائن ويخون الْأمين، وَتظهر ثِيَاب كأفراخ الشّجر يلبسهَا نسَاء كاسيات عاريات، و (تعلو) التحوت الوعول. (كَذَلِك) يَا عبد الله بن مَسْعُود سمعته من حبي [رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] ؟ قَالَ: نعم وَرب الْكَعْبَة. قلت: وَمَا التحوت الوعول؟ قَالَ: فسول الرِّجَال وَأهل البيوتات الغامضة، يرفعون فَوق صالحيهم وَأهل البيوتات الصَّالِحَة ".
أَبُو عَلْقَمَة هَذَا تَابِعِيّ جليل، سمع أَبَا هُرَيْرَة وَعُثْمَان وَعبد الله بن مَسْعُود، سمع مِنْهُ عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر وَمُحَمّد بن الْحَارِث وَعلي الأودي ويعلى بن عَطاء وزهرة بن معبد. ذكر ذَلِك الطَّحَاوِيّ فِي أَحَادِيث صِحَاح، وَذكر أَنه ولي قَضَاء إفريقية فِي أَيَّام بني أُميَّة، وَذكره أَبُو حَاتِم وَقَالَ: أَحَادِيث أبي عَلْقَمَة صِحَاح.
وَمُحَمّد بن الْحَارِث هُوَ ابْن سُفْيَان، روى عَنهُ ابْن جريج وَابْن أبي حُسَيْن وَابْن عُيَيْنَة وَغَيرهم.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن نجدة، ثَنَا بشر بن بكر، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد بن جَابر، ثَنَا عَطِيَّة بن قيس، سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن غنم الْأَشْعَرِيّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو عَامر (و) أَبُو مَالك الْأَشْعَرِيّ وَالله يَمِين أُخْرَى مَا كَذبَنِي أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَيَكُونن من أمتِي أَقوام يسْتَحلُّونَ الْخَزّ وَالْحَرِير -(4/543)
وَذكر كلَاما - قَالَ: يمسخ آخَرين مِنْهُم قردة وَخَنَازِير إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
رَوَاهُ أَبُو عِيسَى الرَّمْلِيّ وَابْن الْأَعرَابِي على الشَّك، أَبُو عَامر / أَو أَبُو مَالك وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَن أَبَا عَامر الْأَشْعَرِيّ قتل يَوْم اوطاس فِي قصَّة حنين.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا زيد بن الْحباب، ثَنَا الْعَلَاء بن منهال، ثَنَا مهند الْقَيْسِي - وَكَانَ ثِقَة - ثَنَا قيس بن مُسلم، عَن طَارق بن شهَاب، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّكُم فِي نبوة وَرَحْمَة، وستكون خلَافَة وَرَحْمَة، وَيكون كَذَا وَكَذَا، وَيكون ملك عضوض، يشربون الْخُمُور وَيلبسُونَ الْحَرِير، وَفِي ذَلِك ينْصرُونَ إِلَى أَن تقوم السَّاعَة ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يبْعَث دجالون كذابون (قَرِيبا) من ثَلَاثِينَ كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء الرَّحبِي، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تلْحق قبائل من أمتِي بالمشركين، وَحَتَّى يعبدوا الْأَوْثَان، وَإنَّهُ سَيكون فِي أمتِي ثَلَاثُونَ كذابون كلهم يزْعم أَنه نَبِي، وَأَنا خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَحدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، ثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا(4/544)
أَبُو عوَانَة، عَن الْأسود بن قيس، عَن ثَعْلَبَة بن عباد قَالَ: خَطَبنَا سَمُرَة بن جُنْدُب، فحدثنا فِي خطبَته عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لن تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج ثَلَاثُونَ دجالًا كذابا كلهم يكذب على الله - عز وَجل - وَرَسُوله، آخِرهم الْأَعْوَر الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عين ابْن أبي تحيى ".
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، حَدثنَا [إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة] ، ثَنَا معَاذ بن هِشَام قَالَ: قَرَأت فِي كتاب أبي بِخَط يَده وَلم أسمعهُ مِنْهُ، عَن قَتَادَة، عَن أبي معشر، عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، عَن همام، عَن حُذَيْفَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي أمتِي كذابون دجالون (تِسْعَة) وَعِشْرُونَ فيهم أَربع نسْوَة، وَإِنِّي خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي (صلى الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ) ".
أَبُو معشر اسْمه: زِيَاد بن كُلَيْب، ثِقَة مَشْهُور.
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا ضيعت الْأَمَانَة (فانتظروا) السَّاعَة. قَالَ: كَيفَ إضاعتها يَا رَسُول الله؟ قَالَ: إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله (فانتظروا) السَّاعَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن الزبير بن عدي قَالَ: " دَخَلنَا على أنس بن مَالك، قَالَ: فشكونا إِلَيْهِ(4/545)
مَا نلقى من الْحجَّاج، فَقَالَ: مَا من عَام إِلَّا الَّذِي بعده شَرّ مِنْهُ حَتَّى تلقوا ربكُم. سَمِعت هَذَا من نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، حَدثنَا سُفْيَان، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيست السّنة بألا تمطروا وَلَكِن السّنة أَن تمطروا وتمطروا فَلَا تنْبت الأَرْض شَيْئا ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن عمر بن أبان وواصل بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أبي إِسْمَاعِيل الْأَسْلَمِيّ، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِي على النَّاس (زمَان) لَا يدْرِي الْقَاتِل فيمَ قتل، وَلَا يدْرِي الْمَقْتُول فيمَ قتل. فَقيل: كَيفَ يكون ذَلِك؟ قَالَ: الْهَرج، الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار ".
فِي رِوَايَة ابْن أبان قَالَ: هُوَ يزِيد بن كيسَان، عَن أبي إِسْمَاعِيل. وَلم يذكر الْأَسْلَمِيّ.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي: ابْن مُحَمَّد - عَن ثَوْر بن زيد، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج رجل من قحطان يَسُوق النَّاس بعصاه ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار الْعَبْدي، حَدثنَا عبد الْكَبِير بن عبد الْمجِيد أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ: سَمِعت عمر بن الحكم يحدث،(4/546)
عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يملك رجل يُقَال لَهُ: الجهجاه ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " لَا يذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى يملك رجل من الموَالِي يُقَال لَهُ: جَهْجَاه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز / بن مُحَمَّد، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو.
وَحدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن عبد الله - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي - عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون أسعد النَّاس فِي الدُّنْيَا لكع ابْن لكع ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عَمْرو بن أبي عَمْرو.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، حَدثنَا عمي عبد الله ابْن وهب، أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبد الْملك - يَعْنِي ابْن أبي بكر بن الْحَارِث بن هِشَام - عَن أَبِيه قَالَ: أَخْبرنِي رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُوشك أَن يغلب على الدُّنْيَا لكع ابْن لكع وَأفضل النَّاس يُؤمن بَين [كريمين] ".
رَوَاهُ ابْن عقيل، عَن ابْن شهَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَوْقُوفا.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَابْن أبي عمر - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي(4/547)
عمر - قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة، وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر، لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما صغَارًا الْأَعْين، ذلف الأنوف ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُقَاتل الْمُسلمُونَ التّرْك، قوم وُجُوههم كالمجان المطرقة، يلبسُونَ الشّعْر ويمشون فِي الشّعْر ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا وَكِيع وَأَبُو أُسَامَة، عَن إِسْمَاعِيل (بن) أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تقاتلون بَين يَدي السَّاعَة قوما نعَالهمْ الشّعْر، كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة، حمر الْوُجُوه، صغَار الْأَعْين ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن همام، عَن(4/548)
أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا خوزا وكرمان من الْأَعَاجِم، حمر الْوُجُوه، فطس الأنوف، صغَار الْأَعْين، وَكَأن وُجُوههم المجان المطرقة، نعَالهمْ الشّعْر ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَليّ بن الْمُنْذر، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا بشير بن المُهَاجر، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَجِيء قوم صغَار الْأَعْين، عراض الْوُجُوه، كَأَن وُجُوههم المجان، فيلحقون أهل الْإِسْلَام بمنابت الشيح كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِم قد ربطوا خيولهم بِسوَارِي الْمَسْجِد. قيل: يَا رَسُول الله، من هم؟ قَالَ: هم التّرْك ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا عبيد الله، [عَن] نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لتقاتلن الْيَهُود فلتقتلنهم حَتَّى يَقُول الْحجر: يَا مُسلم، هَذَا يَهُودِيّ فتعال فاقتله ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُقَاتل الْمُسلمُونَ الْيَهُود فيقتلهم الْمُسلمُونَ، حَتَّى يختبئ من وَرَاء الْحجر وَالشَّجر، فَيَقُول الْحجر أَو الشّجر: يَا مُسلم، يَا عبد الله، هَذَا يَهُودِيّ خَلْفي فتعال فاقتله، إِلَّا الْغَرْقَد فَإِنَّهُ من شجر الْيَهُود ".(4/549)
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَابْن أبي عمر - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر - قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد مَاتَ كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده، وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتنفقن كنوزهما فِي سَبِيل الله - عز وَجل ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لتفتتحن عِصَابَة من الْمُسلمين كنز آل كسْرَى الَّذِي (فِيهِ) الْأَبْيَض ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: " مَال مَكْحُول وَابْن زَكَرِيَّا إِلَى خَالِد بن معدان، وملت مَعَهم، فحدثنا عَن جُبَير بن نفير عَن الْهُدْنَة، قَالَ جُبَير: انْطلق بِنَا إِلَى ذِي مخبر - أَو قَالَ: ذِي مخمر. الشَّك من أبي دَاوُد - رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فأتيناه فَسَأَلَهُ جُبَير عَن الْهُدْنَة، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: ستصالحون / الرّوم صلحا آمنا، فتغزون أَنْتُم وهم عدوا من وَرَائِكُمْ فتنصرون وتغنمون وتسلمون، ثمَّ ترجعون حَتَّى تنزلوا بمرج ذِي تلول فيرفع رجل من النَّصْرَانِيَّة الصَّلِيب فَيَقُول: غلب الصَّلِيب، ويغضب رجل من الْمُسلمين فيدقه؛ فَعِنْدَ ذَلِك تغدر الرّوم وَتجمع للملحمة ".
حَدثنَا مُؤَمل بن الْفضل، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا أَبُو عَمْرو، عَن حسان ابْن عَطِيَّة بِهَذَا الحَدِيث، زَاد فِيهِ: " ويثور الْمُسلمُونَ إِلَى أسلحتهم فيقتتلون،(4/550)
فيكرم الله تِلْكَ الْعِصَابَة بِالشَّهَادَةِ " إِلَّا أَن الْوَلِيد جعل الحَدِيث عَن جُبَير، عَن ذِي مخبر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ روح [و] يحيى وَبشر بن بكر، عَن الْأَوْزَاعِيّ، كَمَا قَالَ عِيسَى.
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عبد الله بن الْعَلَاء ابْن زبر، قَالَ: سَمِعت [بسر] بن عبيد الله؛ أَنه سمع أَبَا إِدْرِيس قَالَ: سَمِعت عَوْف بن مَالك قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ فِي قبَّة من أَدَم، فَقَالَ: اعدد سِتا بَين يَدي السَّاعَة: موتِي، ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس، ثمَّ (موتتان) يَأْخُذ فِيكُم [كقعاص] الْغنم، ثمَّ استفاضة المَال حَتَّى يعْطى الرجل مائَة دِينَار فيظل ساخطا، ثمَّ فتْنَة لَا يبْقى بَيت من الْعَرَب إِلَّا دَخلته، ثمَّ هدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فيغدرون فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ غَايَة تَحت كل غَايَة (اثْنَي) عشر ألفا ".
زَاد جُبَير بن نفير، عَن عَوْف بن مَالك فِي هَذَا الحَدِيث بعد قَوْله: " اثْنَا عشر ألفا ": " فسطاط الْمُسلمين يَوْمئِذٍ الغوطة فِي مَدِينَة يُقَال لَهَا: دمشق ".(4/551)
رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن صَفْوَان بن عَمْرو، عَن عبد الرَّحْمَن بن [جُبَير] عَن أَبِيه. وَحَدِيث إِسْمَاعِيل عَن الشاميين مُسْتَقِيم، وَهَذَا إِسْنَاد شَامي.
خرج هَذِه الزِّيَادَة والْحَدِيث: ابْن أبي خَيْثَمَة وَأَبُو بكر الْبَزَّار.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَنَا أبي، ثَنَا سعيد بن جمْهَان (ثِقَة) ، ثَنَا مُسلم بن أبي بكرَة قَالَ: سَمِعت أبي يحدث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ينزل نَاس من أمتِي بغائط يسمونها الْبَصْرَة عِنْد / نهر يُقَال لَهُ: دجلة (تكون عَلَيْهِ وَعَلِيهِ جسر) يكثر أَهلهَا وَتَكون من [أَمْصَار] الْمُهَاجِرين ".
قَالَ ابْن يحيى: قَالَ أَبُو معمر: " وَتَكون من أَمْصَار الْمُسلمين فَإِذا كَانَ فِي آخر الزَّمَان جَاءَ بَنو قنطوراء، عراض الْوُجُوه [صغَار] الْأَعْين حَتَّى تنزلوا على شط النَّهر (فيفترق) أَهلهَا ثَلَاث فرق: فرقة (يَأْخُذُوا) أَذْنَاب الْبَقر والبرية وهلكوا، وَفرْقَة (يَأْخُذُوا) لأَنْفُسِهِمْ وَكَفرُوا، وَفرْقَة يجْعَلُونَ ذَرَارِيهمْ خلف ظُهُورهمْ يقاتلونهم وهم الشُّهَدَاء ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: عَن الحشرج بن نباتة، عَن سعيد بن جمْهَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه وَقَالَ فِيهِ: " فيفترق الْمُسلمُونَ ثَلَاث فرق: أما فرقة فتأخذ بأذناب الْإِبِل فتلحق بالبادية فَهَلَكت، وَأما فرقة فتأخذ على أَنْفسهَا(4/552)
وكفرت، فَهَذِهِ وَتلك سَوَاء، وَأما فرقة فيجعلون عيالاتهم خلف ظُهُورهمْ ويقاتلون [فقتلاهم] شُهَدَاء وَيفتح الله على بَقِيَّتهمْ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا جَعْفَر بن مُسَافر، ثَنَا خَلاد بن يحيى، ثَنَا بشير بن المُهَاجر، ثَنَا عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث قَالَ: " يُقَاتِلكُمْ قوم صغَار الْأَعْين - يَعْنِي: التّرْك - قَالَ: تسوقونهم ثَلَاث مرار حَتَّى تلحقونهم بِجَزِيرَة الْعَرَب، فَأَما فِي السِّيَاقَة الأولى فينجو من هرب مِنْهُم، وَأما فِي الثَّانِيَة فينجو بعض وَيهْلك بعض، وَأما فِي الثَّالِثَة فيصطلمون ".
بَاب مِنْهُ وَفِي ذكر الدَّجَّال
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا جرير، عَن عبد الْملك، عَن جَابر بن سَمُرَة، عَن نَافِع بن عتبَة قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة، قَالَ: أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قوم من قبل الْمغرب عَلَيْهِم ثِيَاب الصُّوف فوافقوه عِنْد أكمة فَإِنَّهُم (لقِيَام) وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعد. قَالَ: (فَقلت أَو قَالَت) لي نَفسِي: ائتهم فَقُمْ بَينهم وَبَينه لَا يغتالونه. قَالَ: ثمَّ قلت: لَعَلَّه نجي مَعَهم، فأتيتهم فَقُمْت بَينهم وَبَينه. قَالَ: فَحفِظت / مِنْهُ أَربع كَلِمَات أعدهن فِي يَدي. فَقَالَ: تغزون جَزِيرَة الْعَرَب فيفتحها الله، ثمَّ فَارس فيفتحها الله، ثمَّ تغزون الرّوم فيفتحها الله، ثمَّ تغزون الدَّجَّال فيفتحها الله ". قَالَ: فَقَالَ نَافِع: يَا جَابر، لَا نرى الدَّجَّال يخرج حَتَّى تفتح الرّوم.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا مُعلى بن مَنْصُور، ثَنَا سُلَيْمَان بن(4/553)
[بِلَال] ، ثَنَا سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى ينزل الرّوم بالأعماق أَو بدابق فَيخرج إِلَيْهِم جَيش من الْمَدِينَة من خِيَار أهل الأَرْض يَوْمئِذٍ، فَإِذا تصافوا قَالَت الرّوم: خلوا بَيْننَا وَبَين الَّذين سبوا منا نقاتلهم. فَيَقُول الْمُسلمُونَ: لَا وَالله لَا نخلي بَيْنكُم وَبَين إِخْوَاننَا. [فيقاتلونهم] (فيهزم) ثلث لَا يَتُوب الله عَلَيْهِم أبدا، وَيقتل ثلثهم، أفضل الشُّهَدَاء عِنْد الله، ويفتتح الثُّلُث لَا يفتنون فيفتتحون قسطنطينة، فَبَيْنَمَا هم يقتسمون الْغَنَائِم قد عَلقُوا سيوفهم بالزيتون (إِذا) صَاح فيهم الشَّيْطَان: إِن الْمَسِيح قد (خالفكم) فِي أهليكم. فَيخْرجُونَ وَذَلِكَ بَاطِل، فَإِذا جَاءُوا الشَّام خرج، فَبَيْنَمَا هم يعدون لِلْقِتَالِ يسوون الصُّفُوف (إِذا) أُقِيمَت الصَّلَاة، فَينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم - عَلَيْهِ السَّلَام - فَأمهمْ فَإِذا رَآهُ عَدو الله ذاب كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء، فَلَو تَركه لانذاب حَتَّى يهْلك، وَلَكِن يقْتله الله بِيَدِهِ فيريهم دَمه فِي حربته ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن حجر، كِلَاهُمَا [عَن ابْن علية - وَاللَّفْظ لِابْنِ حجر - ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال] عَن أبي قَتَادَة الْعَدوي، عَن يسير بن جَابر قَالَ: " [هَاجَتْ] ريح حَمْرَاء بِالْكُوفَةِ فجَاء رجل لَيْسَ لَهُ هجير إِلَّا: يَا عبد الله بن مَسْعُود، جَاءَت السَّاعَة.(4/554)
قَالَ: فَقعدَ وَكَانَ مُتكئا، فَقَالَ: إِن السَّاعَة لَا تقوم حَتَّى لَا يقسم مِيرَاث وَلَا يفرح بغنيمة. ثمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا [ونحاها] نَحْو الشَّام. فَقَالَ: عَدو (و) يجمعُونَ لأهل (الْإِسْلَام) وَيجمع لَهُم أهل (الْإِسْلَام) . قلت: الرّوم تَعْنِي؟ قَالَ: نعم وَيكون عِنْد ذَلِكُم الْقِتَال ردة شَدِيدَة، فَيشْتَرط الْمُسلمُونَ شرطة للْمَوْت لَا ترجع إِلَّا غالبة [فيقتتلون] حَتَّى يحجز بَينهم اللَّيْل فيفيء هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء كل غير غَالب، وتفنى الشرطة / ثمَّ يشْتَرط الْمُسلمُونَ شرطة للْمَوْت لَا ترجع إِلَّا غالبة فيقتتلون حَتَّى [يحجز بَينهم اللَّيْل فيفيئ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء كل غير غَالب وتفنى الشرطة، ثمَّ يشْتَرط الْمُسلمُونَ شرطة للْمَوْت لَا ترجع إِلَى غالبة] فيقتتلون حَتَّى يمسوا فيفيء هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء على غير غَالب وتفنى الشرطة فَإِذا كَانَ الْيَوْم الرَّابِع نهد إِلَيْهِم بَقِيَّة أهل الْإِسْلَام فَيجْعَل الله الدبرة عَلَيْهِم فيقتلون مقتلة - إِمَّا قَالَ: لَا يرى مثلهَا. وَإِمَّا قَالَ: لم ير مثلهَا - حَتَّى إِن الطَّائِر ليمر بجنباتهم فَمَا يخلفهم حَتَّى يخر مَيتا، فيتعاد بَنو الْأَب كَانُوا مائَة فَلَا يجدونه بَقِي مِنْهُم إِلَّا رجل وَاحِد فَبِأَي غنيمَة يفرح أَو أَي مِيرَاث يقاسم، فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ سمعُوا (بناس هم) أكبر من ذَلِك فَجَاءَهُمْ الصَّرِيخ: إِن الدَّجَّال قد (خالفهم) فِي ذَرَارِيهمْ فيرفضون مَا فِي أَيْديهم ويقبلون، فيبعثون (عشر) فوارس طَلِيعَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي(4/555)
لأعرف أَسْمَاءَهُم وَأَسْمَاء آبَائِهِم وألوان خيولهم، [هم] خير فوارس على ظهر الأَرْض ".
قَالَ ابْن أبي شيبَة فِي رِوَايَته: عَن [أَسِير] بن جَابر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا [يحيى] بن عُثْمَان بن سعيد الْحِمصِي، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، حَدثنِي عبد الله بن سَالم، حَدثنِي الْعَلَاء بن عتبَة، عَن عُمَيْر بن هَانِئ [الْعَنسِي] الشَّامي قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عمر يَقُول: " كُنَّا قعُودا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الْفِتَن فَأكْثر فِي ذكرهَا حَتَّى ذكر فتْنَة الأحلاس فَقَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله، وَمَا فتْنَة الأحلاس؟ قَالَ: هِيَ هرب وَحرب، ثمَّ فتْنَة السَّرَّاء دخنها من تَحت قدمي رجل من أهل بَيْتِي يزْعم أَنه مني، وَلَيْسَ مني وَإِنَّمَا أوليائي المتقون، [ثمَّ] يصطلح النَّاس على رجل كورك على ضلع، ثمَّ فتْنَة الدهيماء، لَا تدع أحدا من هَذِه الْأمة إِلَّا لطمته لطمة، فَإِذا [قيل] : انْقَضتْ. تمادت، يصبح الرجل فِيهَا مُؤمنا ويمسي كَافِرًا حَتَّى يصير النَّاس إِلَى فسطاطين: فسطاط إِيمَان لَا نفاق فِيهِ، وفسطاط نفاق لَا إِيمَان فِيهِ، فَإِذا كَانَ ذَلِكُم فانتظروا الدَّجَّال من يَوْمه أَو من [غده] ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد وقتيبة بن سعيد - دخل حَدِيث أَحدهمَا فِي الآخر - قَالَا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن نصر بن عَاصِم، عَن سبيع بن خَالِد قَالَ:(4/556)
" أتيت الْكُوفَة فِي زمن فتحت تستر / أجلب مِنْهَا [بغالا] فَدخلت الْمَسْجِد، فَإِذا صدع من الرِّجَال، وَإِذا رجل جَالس تعرف إِذا رَأَيْته أَنه من رجال أهل الْحجاز قَالَ: قلت: من هَذَا؟ [فتجهمني] الْقَوْم قَالُوا: أما تعرف هَذَا؟ هَذَا حُذَيْفَة صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ حُذَيْفَة: إِن النَّاس كَانُوا يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخَيْر، وَكنت أسأله عَن الشَّرّ. فأحدقه الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي قد أرى الَّذِي تنكرون، إِنِّي قلت: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت هَذَا الْخَيْر الَّذِي أَعْطَانَا الله أَيكُون بعده شَرّ كَمَا كَانَ قبله؟ قَالَ: نعم. قلت: فَمَا الْعِصْمَة من ذَلِك؟ قَالَ: السَّيْف ".
قَالَ قُتَيْبَة فِي حَدِيثه: " وَهل للسيف من بَقِيَّة؟ قَالَ: نعم. قلت: مَاذَا؟ قَالَ: هدنة على دخن. قلت: يَا رَسُول الله، [ثمَّ] مَاذَا؟ قَالَ: إِن كَانَ لله خَليفَة فِي الأَرْض فَضرب ظهرك وَأخذ مَالك فأطعه وَإِلَّا قُمْت وَأَنت عاض بجذل شَجَرَة. قلت: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثمَّ يخرج الدَّجَّال مَعَه نهر ونار، فَمن وَقع فِي ناره وَجب أجره وَحط وزره، وَمن وَقع فِي نهره وَجب وزره وَحط أجره. قَالَ: قلت: ثمَّ مَاذَا؟ [قَالَ: ثمَّ] هِيَ قيام السَّاعَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن حميد، عَن نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ قَالَ: " أَتَيْنَا الْيَشْكُرِي فِي رَهْط من بني لَيْث فَقَالَ: من الْقَوْم؟ فَقُلْنَا: بَنو لَيْث. [فَقُلْنَا] : أَتَيْنَاك نَسْأَلك عَن حَدِيث حُذَيْفَة ... " فَذكر الحَدِيث قَالَ: " سَمِعت حُذَيْفَة يَقُول: كَانَ النَّاس يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ، وَعرفت أَن الْخَيْر لم يسبقني، فَقلت: يَا رَسُول الله، بعد هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة، تعلم كتاب الله وَاتبع مَا فِيهِ - ثَلَاث مرار - فَقلت: يَا رَسُول الله، بعد هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ قَالَ: فتْنَة وَشر. قلت: يَا رَسُول الله، بعد هَذَا الشَّرّ خير؟ قَالَ: يَا حُذَيْفَة، تعلم كتاب الله وَاتبع مَا فِيهِ - ثَلَاث مرار - قلت: يَا(4/557)
رَسُول الله، بعد هَذَا الشَّرّ خير؟ قَالَ: هدنة على دخن وَجَمَاعَة على أقذاء فِيهَا - أَو فيهم - فَقلت: يَا رَسُول الله، الْهُدْنَة على الدخن مَا هِيَ؟ لَا ترجع قُلُوب أَقوام على مَا كَانَت عَلَيْهِ. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، بعد / هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ قَالَ: يَا حُذَيْفَة، تعلم كتاب الله وَتعلم مَا فِيهِ - ثَلَاث مَرَّات - فَقلت: يَا رَسُول الله، بعد هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ قَالَ: فتْنَة عمياء صماء عَلَيْهَا دعاة على أَبْوَاب النَّار، فَأن تَمُوت يَا حُذَيْفَة وَأَنت عاض على جذل خير لَك من أَن تتبع أحدا مِنْهُم ".
حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا أَبُو التياح، عَن صَخْر بن بدر الْعجلِيّ، عَن سبيع - بِهَذَا الحَدِيث - عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فَإِن لم تَجِد يَوْمئِذٍ خَليفَة فاهرب حَتَّى تَمُوت وَأَنت عاض. قَالَ فِي آخِره: قَالَ: قلت: فَمَا يكون بعد ذَلِك؟ قَالَ: لَو أَن رجلا نتج فرسا لم تنْتج حَتَّى تقوم السَّاعَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَبَّاس الْعَنْبَري، حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم [ثَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن ثَابت بن ثَوْبَان، عَن أَبِيه، عَن مَكْحُول، عَن جُبَير بن نفير] ، عَن مَالك ابْن يخَامر، عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عمرَان بَيت الْمُقَدّس خراب يثرب، وخراب يثرب خُرُوج الملحمة، وَخُرُوج الملحمة فتح القسطنطينة، وَفتح القسطنطينة خُرُوج الدَّجَّال. ثمَّ ضرب بِيَدِهِ على فَخذ الَّذِي حَدثهُ أَو مَنْكِبه ثمَّ قَالَ: إِن هَذَا لحق كَمَا أَنَّك هَا هُنَا - أَو كَمَا أَنَّك قَاعد. يَعْنِي: معَاذ بن جبل ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح الْحِمصِي، ثَنَا بَقِيَّة، عَن بحير، عَن خَالِد بن معدان، عَن [ابْن] أبي بِلَال، عَن عبد الله بن بسر، أَن رَسُول الله(4/558)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَين الملحمة وَفتح الْمَدِينَة سِتّ سِنِين، وَيخرج الْمَسِيح الدَّجَّال فِي السَّابِعَة ".
بَقِيَّة هُوَ ابْن الْوَلِيد، إِذا روى عَن الثِّقَات فَحَدِيثه جيد، وبحير ثِقَة.
وروى التِّرْمِذِيّ: من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم، عَن أبي بكر [بن] أبي مَرْيَم، عَن الْوَلِيد بن سُفْيَان، عَن يزِيد بن قُطْبَة السكونِي، عَن أبي بحريّة صَاحب معَاذ، عَن معَاذ بن جبل، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الملحمة الْعُظْمَى وَفتح القسطنطينة وَخُرُوج الدَّجَّال فِي سَبْعَة أشهر ".
وَأَبُو بكر هَذَا يضعف، وَقد وَثَّقَهُ أَبُو بكر الْبَزَّار - رَحمَه الله.
وروى الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا الْقَاسِم بن بشر بن مَعْرُوف، ثَنَا قبيصَة بن عقبَة، ثَنَا عبيد بن الطُّفَيْل، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَأْتِي على أمتِي زمَان / يتمنون الدَّجَّال. قيل: ومم ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: فَأخذ أُذُنَيْهِ - أَو قَالَ: فَأخذ أُذُنِي - فهزها، ثمَّ قَالَ: مِمَّا يلقون من الْفِتَن - أَو كلمة نَحْوهَا ".
قَالَ: وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن حُذَيْفَة بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَعبيد بن الطُّفَيْل رجل من أهل الْكُوفَة مَشْهُور.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - عَن ثَوْر - هُوَ ابْن زيد الديلِي - عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَمِعْتُمْ بِمَدِينَة جَانب مِنْهَا فِي الْبر وجانب مِنْهَا فِي الْبَحْر؟ قَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ:(4/559)
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يغزوها سَبْعُونَ ألفا من بني إِسْحَاق، فَإِذا جاءوها نزلُوا فَلم يقاتلوا بسلاح، وَلم يرموا بِسَهْم، قَالُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر. فَيسْقط أحد جانبيها - قَالَ ثَوْر: لَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: الَّذِي فِي الْبَحْر - ثمَّ (يَقُول) الثَّانِيَة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَيسْقط جَانبهَا الآخر، ثمَّ (يَقُول) الثَّالِثَة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فيفرج لَهُم (فيدخلونها فيغنمون) ، فَبَيْنَمَا هم يقتسمون (المَال) إِذْ جَاءَهُم الصَّرِيخ فَقَالَ: إِن الدَّجَّال قد خرج فيتركون [كل] شَيْء ويرجعون ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا جرير، أَنا حميد بن هِلَال، عَن أبي الدهماء قَالَ: سَمِعت عمرَان بن حُصَيْن يحدث قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سمع بالدجال فلينأ عَنهُ فوَاللَّه إِن الرجل ليَأْتِيه هُوَ يحْسب أَنه مُؤمن فيتبعه مِمَّا يبْعَث بِهِ من الشُّبُهَات - أَو لما يبْعَث بِهِ من الشُّبُهَات - قَالَ هَكَذَا؟ قَالَ: (نعم) ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، حَدثنَا [عبيد الله] ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر الدَّجَّال بَين ظهراني النَّاس، فَقَالَ: إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَيْسَ بأعور، أَلا إِن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور الْعين الْيُمْنَى كَأَن عَيْنَيْهِ عنبة طافية ".(4/560)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَمُحَمّد بن الْعَلَاء وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. قَالَ إِسْحَاق: أَنا. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الدَّجَّال / أَعور الْعين الْيُسْرَى، جفال الشّعْر، مَعَه (جنَّة ونار) ؛ فناره جنَّة وجنته نَار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، ثَنَا بَقِيَّة، حَدثنِي بحير، عَن خَالِد بن معدان، عَن عَمْرو بن الْأسود، عَن جُنَادَة بن أبي أُميَّة، عَن عبَادَة بن الصَّامِت؛ أَنه حَدثهمْ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي قد كنت حدثتكم عَن الدَّجَّال حَتَّى خشيت أَلا تعقلوا، إِن الْمَسِيح الدَّجَّال رجل قصير أفحج جعد أَعور مطموس الْعين لَيْسَ بناتئة وَلَا جحراء، فَإِن ألبس عَلَيْكُم فاعلموا أَن ربكُم - عز وَجل - لَيْسَ بأعور ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن حنان، ثَنَا بَقِيَّة، بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي هَذَا الحَدِيث إِلَّا أَنه قَالَ: " فَإِن الْتبس عَلَيْكُم؛ فاعلموا أَنكُمْ لن [تروا] ربكُم حَتَّى تَمُوتُوا ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا حُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الدَّجَّال أَعور جعد هجان أقمر كَأَن رَأسه (غُصْن) شَجَرَة، أشبه النَّاس بِعَبْد الْعُزَّى بن قطن(4/561)
الْخُزَاعِيّ، فَأَما أهلك الهلك فَإِنَّهُ أَعور وَإِن الله لَيْسَ بأعور ".
قَالَ أَبُو بكر: وَحدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن خَاله الفلتان بن عَاصِم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أما مسيح الضَّلَالَة فَرجل أجلى الْجَبْهَة، مَمْسُوح الْعين الْيُسْرَى، عريض النَّحْر فِيهِ (دفا) ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدَّجَّال أَعور هجان كَأَن رَأسه أصلة، أشبه النَّاس بِهِ عبد الْعُزَّى بن قطن، وَأما أهلك الهلك فَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور ".
قَالَ شُعْبَة: فَحدثت بِهِ قَتَادَة، فَحَدثني نَحْو هَذَا.
وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا ابْن عَبَّاس، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا أحسن من هَذَا الطَّرِيق.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن ربعى بن حِرَاش، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " لأَنا أعلم بِمَا مَعَ الدَّجَّال مِنْهُ، مَعَه نهران يجريان، أَحدهمَا رَأْي الْعين (بِمَاء) أَبيض، وَالْأُخْرَى رَأْي الْعين نَار تأجج، فإمَّا أدركن أحد فليأت النَّهر الَّذِي يرَاهُ نَارا وليغمض، ثمَّ ليطأطئ رَأسه فيشرب [مِنْهُ] فَإِنَّهُ مَاء بَارِد، وَإِن الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين عَلَيْهَا ظفرة غَلِيظَة، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ: كَافِر، يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن(4/562)
جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من نَبِي إِلَّا قد أنذر أمته الْأَعْوَر الْكذَّاب، أَلا إِنَّه أَعور، وَإِن ربكُم - عز وَجل - لَيْسَ بأعور، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ: كَافِر ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا ابْن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى -[قَالَا: ثَنَا معَاذ بن هِشَام] ، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، ثَنَا أنس بن مَالك، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدَّجَّال مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ ك. ف. ر.؛ أَي: كَافِر ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن شُعَيْب بن الحبحاب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر. ثمَّ تهجاها ك. ف. ر يَقْرَؤُهُ كل مُسلم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن سُلَيْمَان بن ميسرَة، عَن طَارق بن شهَاب، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " كُنَّا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الدَّجَّال، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لفتنة بَعْضكُم أخوف عِنْدِي من فتْنَة الدَّجَّال، لَيْسَ من فتْنَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا تضع لفتنة الدَّجَّال، فَمن نجا من فتنه مَا قبلهَا نجا مِنْهَا، وَالله لَا يضر مُسلما، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر ".
رَوَاهُ مَنْصُور بن أبي الْأسود، عَن الْأَعْمَش فَقَالَ: سُلَيْمَان بن مسْهر.(4/563)
وَكِلَاهُمَا روى عَنهُ الْأَعْمَش، وَكِلَاهُمَا ثِقَة.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن [عبد الْملك] بن / عُمَيْر [عَن ربعي] بن حِرَاش، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ فِي الدَّجَّال: " إِن مَعَه مَاء وَنَارًا، فناره مَاء بَارِد وماؤه نَار فَلَا تهلكوا ".
قَالَ [أَبُو] مَسْعُود: وَأَنا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
مُسلم: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا شُعَيْب بن صَفْوَان، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن عقبَة بن عَمْرو أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: " انْطَلَقت مَعَه إِلَى حُذَيْفَة بن الْيَمَان فَقَالَ لي عقبَة: حَدثنِي مَا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الدَّجَّال. قَالَ: إِن الدَّجَّال يخرج وَإِن مَعَه مَاء وَنَارًا، فَأَما الَّذِي يرَاهُ النَّاس مَاء فَنَار تحرق، وَأما الَّذِي يرَاهُ النَّاس نَارا فماء بَارِد عذب، فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فليقع فِي الَّذِي يرَاهُ نَارا فَإِنَّهُ مَاء عذب طيب. فَقَالَ عقبَة: وَأَنا سمعته؛ تَصْدِيقًا لِحُذَيْفَة ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان، عَن يحيى، عَن أبي سَلمَة قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أخْبركُم عَن الدَّجَّال حَدِيثا مَا حَدثهُ نَبِي قومه، إِنَّه أَعور، وَإنَّهُ يَجِيء مَعَه مثل الْجنَّة وَالنَّار، فالتي يَقُول: إِنَّهَا الْجنَّة هِيَ النَّار، وَأَنا أنذركم بِهِ كَمَا أنذر بِهِ نوح قومه ".(4/564)
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا حشرج بن نباتة، ثَنَا سعيد بن جمْهَان، عَن سفينة مولى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنَّه لم يكن نَبِي إِلَّا وَقد أنذر أمته الدَّجَّال أَلا وَإنَّهُ أَعور عين الشمَال، وباليمنى ظفرة غَلِيظَة، بَين عَيْنَيْهِ كَافِر - يَعْنِي: مَكْتُوب كَافِر - يخرج مَعَه واديان: أَحدهمَا جنَّة وَالْآخر نَار، فناره جنَّة وجنته نَار، فَيَقُول الدَّجَّال للنَّاس: أَلَسْت بربكم أحيي وأميت. وَمَعَهُ ملكان يشبهان بنبيين من الْأَنْبِيَاء، إِنِّي أعرف اسميهما وَأَسْمَاء آبائهما، لَو أَشَاء أَن أسميهما لسميتهما، أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن يسَاره فَيَقُول: أَلَسْت بربكم أحيي وأميت؟ فَيَقُول أَحدهمَا: كذبت فَلَا يسمعهُ من النَّاس أحد إِلَّا [صَاحبه] وَيَقُول الآخر فيسمعه النَّاس: وَذَلِكَ فتْنَة، ثمَّ يسير حَتَّى يَأْتِي الْمَدِينَة، فَيَقُول: هَذِه / قَرْيَة ذَلِك الرجل فَلَا يُؤذن لَهُ أَن يدخلهَا، ثمَّ يسير حَتَّى يَأْتِي الشَّام فيهلكه الله عَن عقبَة أفِيق ".
رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة، عَن الْفضل بن دُكَيْن، عَن حشرج، بِإِسْنَاد أبي دَاوُد.
وَسَعِيد بن جمْهَان سمع سفينة وَابْن أبي أوفى. ذكر ذَلِك البُخَارِيّ فِي تَارِيخه، وَهُوَ ثِقَة مَعْرُوف، وحشرج وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن يحيى: حشرج صَالح. وَقَالَ النَّسَائِيّ: حشرج لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: حشرج لَا بَأْس بِهِ أَحَادِيثه مُسْتَقِيمَة.
مُسلم: حَدثنَا سُرَيج بن يُونُس، ثَنَا [هشيم] ، عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: " مَا سَأَلَ [أحد] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الدَّجَّال أَكثر مِمَّا سَأَلته. قَالَ: وَمَا سؤالك؟ قَالَ: قلت: إِنَّهُم يَقُولُونَ: إِن مَعَه جبالا من خير(4/565)
وَلحم ونهر من مَاء. قَالَ: هُوَ أَهْون على الله من ذَلِك ".
وحَدثني مُسلم: حَدثنِي أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، حَدثنِي يحيى بن جَابر الطَّائِي قَاضِي حمص قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن أَبِيه جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ، أَنه سمع النواس بن سمْعَان الْكلابِي.
وحَدثني مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، عَن يحيى بن جَابر الطَّائِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه جُبَير بن نفير، عَن النواس بن سمْعَان قَالَ: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الدَّجَّال ذَات غَدَاة فخفض فِيهِ وَرفع حَتَّى ظنناه فِي طَائِفَة النّخل، فَلَمَّا رحنا إِلَيْهِ عرف ذَلِك فِينَا فَقَالَ: فَمَا شَأْنكُمْ؟ قُلْنَا: يَا رَسُول الله، ذكرت الدَّجَّال غَدَاة فخفضت فِيهِ وَرفعت حَتَّى ظنناه فِي طَائِفَة النّخل. فَقَالَ: (فِي) غير الدَّجَّال أخوفني عَلَيْكُم، إِن يخرج وَأَنا فِيكُم فَأَنا حجيجه دونكم، وَإِن يخرج وَلست فِيكُم فامرؤ حجيج نَفسه، وَالله خليفتي على كل مُسلم، إِنَّه شَاب قطط عينه طافية كَأَنِّي أشبهه بِعَبْد الْعُزَّى بن قطن، فَمن أدْركهُ مِنْكُم / فليقرأ عَلَيْهِ فواتح سُورَة الْكَهْف، إِنَّه خَارج خلة بَين الشَّام وَالْعراق فعاث يَمِينا وَشمَالًا، يَا عباد الله، فاثبتوا. قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا لبثه فِي الأَرْض؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْم كَسنة، وَيَوْم كشهر، وَيَوْم كجمعة، وَسَائِر أَيَّامه كأيامكم. قُلْنَا: يَا رَسُول الله، فَذَلِك الْيَوْم الَّذِي كَسنة أتكفينا فِيهِ صَلَاة يَوْم؟ قَالَ: لَا اقدروا لَهُ قدره. قُلْنَا: يَا رَسُول الله وَمَا إسراعه فِي الأَرْض؟ قَالَ: كالغيث استدبرته الرّيح، فَيَأْتِي على الْقَوْم فيدعوهم فيؤمنون بِهِ، فيأمر السَّمَاء فتمطر، وَالْأَرْض فتنبت، فتروح عَلَيْهِم سارحتهم أطول مَا كَانَت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر، ثمَّ يَأْتِي [الْقَوْم] فيدعوهم فيردون عَلَيْهِ قَوْله فَيَنْصَرِف عَنْهُم، فيصبحون ممحلين لَيْسَ بِأَيْدِيهِم شَيْء من أَمْوَالهم، ويمر(4/566)
بالخربة فَيَقُول لَهَا: أَخْرِجِي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النَّحْل، ثمَّ يَدْعُو رجلا ممتلئا شبَابًا فيضربه بِالسَّيْفِ فيقطعه جزلتين رمية الْغَرَض، ثمَّ يَدعُوهُ فَيقبل ويتهلل وَجهه يضْحك، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ بعث الله الْمَسِيح ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَينزل عِنْد المنارة الْبَيْضَاء شَرْقي دمشق بَين مهرودتين وَاضِعا كفيه على أَجْنِحَة ملكَيْنِ، [إِذا] طأطأ رَأسه قطر وَإِذا رَفعه تحدر مِنْهُ جمان كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يحل لكَافِر يجد ريح نَفسه إِلَّا مَاتَ، وَنَفسه يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طرفه (فيظله) حَتَّى يُدْرِكهُ بِبَاب لد فيقتله، ثمَّ يَأْتِي عِيسَى قوم عصمهم الله مِنْهُ فيمسح عَن وُجُوههم ويحدثهم بدرجاتهم فِي الْجنَّة، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ أوحى الله إِلَى عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام -: إِنِّي قد أخرجت عبادا لي لَا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبَادي إِلَى الطّور. وَيبْعَث الله يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم من كل حدب يَنْسلونَ، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون مَا فِيهَا ويمر آخِرهم، فَيَقُولُونَ: لقد كَانَ بِهَذَا مرّة مَاء، ويحصر نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه حَتَّى يكون رَأس الثور لأَحَدهم خير من مائَة دِينَار لأحدكم الْيَوْم، فيرغب نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه فَيُرْسل الله عَلَيْهِم النغف فِي رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس وَاحِدَة، ثمَّ يهْبط نَبِي الله عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأَصْحَابه / إِلَى الأَرْض فَلَا يَجدونَ مَوضِع شبر إِلَّا ملأَهُ زهمهم ونتنهم، فيرغب نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِيسَى وَأَصْحَابه إِلَى الله - عز وَجل - فَيُرْسل الله - عز وَجل - طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حَيْثُ شَاءَ الله، ثمَّ يُرْسل الله مَطَرا لَا يكن مِنْهُ بَيت مدر وَلَا وبر فَيغسل الأَرْض حَتَّى يَتْرُكهَا كالزلقة، ثمَّ يُقَال للْأَرْض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك. فَيَوْمئِذٍ تَأْكُل الْعِصَابَة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك فِي الرُّسُل حَتَّى إِن اللقحة من الْإِبِل لتكفي الفئام من النَّاس، واللقحة من الْبَقر لتكفي الْقَبِيلَة(4/567)
من النَّاس، و (النعجة) من الْغنم لتكفي الْفَخْذ من النَّاس، فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ بعث الله ريحًا طيبَة فتأذخهم تَحت آباطهم فتقبض روح كل مُؤمن وكل مُسلم، وَيبقى شرار النَّاس [يتهارجون] فِيهَا تهارج الْحمر، فَعَلَيْهِم تقوم السَّاعَة ".
وَحدثنَا عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ، ثَنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر والوليد بن مُسلم - قَالَ ابْن حجر: دخل حَدِيث أَحدهمَا فِي الآخر - عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحْو مَا ذكرنَا وَزَاد قَوْله: " لقد كَانَ بِهَذِهِ مرّة مَاء. ثمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى ينْتَهوا إِلَى جبل الْخمر وَهُوَ جبل بَيت الْمُقَدّس، فَيَقُولُونَ: لقد قتلنَا من فِي الأَرْض فلنقتل من فِي السَّمَاء. فيرمون بنشابهم إِلَى السَّمَاء فَيرد الله عَلَيْهِم نشابهم مخضوبة دَمًا ".
وَفِي رِوَايَة ابْن حجر: " فَإِنِّي قد أنزلت عبادا لي لَا يَدي لأحد بقتالهم ".
زَاد التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " فَيَأْتِي الْقَوْم فيدعوهم فيكيدونه ويردون عَلَيْهِ قَوْله فَيَنْصَرِف عَنْهُم، فيتبعه أَمْوَالهم ويصبحون لَيْسَ بِأَيْدِيهِم شَيْء. وَقَالَ: فَيُرْسل الله طيرا كأعناق البخت. قَالَ: فتحملهم فتطرحهم بالمهبل. قَالَ: ويستوقد الْمُسلمُونَ من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سِنِين ".
رَوَاهُ عَن عَليّ بن حجر بِإِسْنَاد مُسلم. وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن عبد الله بن قهزاذ من أهل مرو قَالَ: ثَنَا عبد الله بن عُثْمَان، عَن أبي حَمْزَة، عَن قيس بن وهب، عَن أبي الوداك، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يخرج الدَّجَّال فَيتَوَجَّه قبله رجل من(4/568)
الْمُؤمنِينَ فَتَلقاهُ المسالح / مسالح الدَّجَّال، يَقُولُونَ لَهُ: أَيْن تعمد؟ فَيَقُول: أعمد إِلَى هَذَا الرجل الَّذِي خرج. قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: أَو مَا تؤمن بربنا؟ فَيَقُول: مَا بربنا خَفَاء. فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ. فَيَقُول بَعضهم لبَعض: أَلَيْسَ قد نهاكم ربكُم أَن تقتلُوا أحدا دونه؟ قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّال فَإِذا رَآهُ الْمُؤمن قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، هَذَا الدَّجَّال الَّذِي ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فيأمر الدَّجَّال بِهِ فيشبح فَيَقُول: خذوه وشجوه. فيوسع ظَهره وبطنه ضربا، قَالَ: فَيَقُول: أَو مَا تؤمن بِي؟ قَالَ: فَيَقُول: أَنْت الْمَسِيح الْكذَّاب. قَالَ: فَيُؤْمَر بِهِ فيوشر بالميشار من مفرقه حَتَّى يفرق بَين رجلَيْهِ. قَالَ: ثمَّ يمشي الدَّجَّال بَين القطيعتين، ثمَّ يَقُول لَهُ: قُم. فيستوي قَائِما. قَالَ: [ثمَّ] يَقُول لَهُ: أتؤمن بِي؟ فَيَقُول: مَا ازددت فِيك إِلَّا بَصِيرَة. قَالَ: ثمَّ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّه لَا يفعل بِأحد بعدِي من النَّاس. قَالَ: فَيَأْخذهُ الدَّجَّال ليذبحه فَيجْعَل مَا بَين رقبته إِلَى ترقوته نُحَاسا فَلَا يَسْتَطِيع إِلَيْهِ سَبِيلا، قَالَ: فَيَأْخُذ بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ فيقذف بِهِ، فيحسبه النَّاس أَنما قذفه إِلَى النَّار، وَإِنَّمَا ألقِي فِي الْجنَّة. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذَا أعظم النَّاس شَهَادَة عِنْد رب الْعَالمين ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن، حَدثنَا زُهَيْر، عَن الْأسود بن قيس، ثَنَا ثَعْلَبَة بن عباد الْعَبْدي من أهل الْبَصْرَة، أَنه شهد يَوْمًا خطْبَة لسمرة بن جُنْدُب، فَذكر فِي خطبَته حَدِيثا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ سَمُرَة: " بَينا أَنا يَوْمًا وَغُلَامًا من الْأَنْصَار نرمي غَرضا لنا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى إِذا كَانَت الشَّمْس على قيد رُمْحَيْنِ أَو ثَلَاثَة فِي عين النَّاظر من الْأُفق اسودت حَتَّى أضت كَأَنَّهَا تنومة، قَالَ: فَقَالَ أَحَدنَا لصَاحبه: انْطلق بِنَا إِلَى الْمَسْجِد فوَاللَّه ليحدثن شَأْن هَذِه الشَّمْس لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أمته حَدِيثا. قَالَ: فدفعنا إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بارز. قَالَ: فَوَافَقنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين خرج إِلَى النَّاس. قَالَ: فاستقدم فصلى كأطول مَا قَامَ بِنَا فِي صَلَاة قطّ لَا نسْمع لَهُ صَوتا، ثمَّ ركع بِنَا كأطول مَا ركع بِنَا فِي صَلَاة / قطّ لَا نسْمع(4/569)
لَهُ صَوتا، ثمَّ سجد بِنَا كأطول مَا سجد بِنَا فِي صَلَاة قطّ، لَا نسْمع لَهُ صَوتا، ثمَّ فعل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل ذَلِك. قَالَ: فَوَافَقَ تجلي الشَّمْس جُلُوسه فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة. قَالَ: فَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّمَا أَنا بشر فأذكركم بِاللَّه، إِن كُنْتُم تعلمُونَ أَنِّي قصرت عَن شَيْء من تبليغي رسالات رَبِّي لما أخبرتموني. قَالَ: فَقَامَ النَّاس فَقَالُوا: نشْهد أَنَّك قد بلغت رسالات رَبك وَنَصَحْت لأمتك وقضيت الَّذِي عَلَيْك. قَالَ: ثمَّ سكتوا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما بعد، فَإِن رجَالًا يَزْعمُونَ أَن كسوف هَذِه الشَّمْس وكسوف هَذَا الْقَمَر وَزَوَال هَذِه النُّجُوم من مطالعها لمَوْت رجال عُظَمَاء من أهل الأَرْض وَإِنَّهُم كذبُوا، وَلكنهَا آيَات من آيَات الله - أَو من آيَاته - يعْتَبر بهَا عباده لينْظر من يحدث مِنْهُم تَوْبَة، إِنِّي وَالله قد رَأَيْت مُنْذُ قُمْت أُصَلِّي مَا أَنْتُم لاقون فِي دنياكم وآخرتكم، وَإنَّهُ وَالله لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج ثَلَاثُونَ كذابا، آخِرهم الْأَعْوَر الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين الْيُسْرَى كَأَنَّهَا عين أبي تحيى - أَو تحيى لشيخ من الْأَنْصَار - وَإنَّهُ مَتى يخرج فَإِنَّهُ يزْعم أَنه الله، فَمن آمن بِهِ وَاتبعهُ وَصدقه فَلَيْسَ يَنْفَعهُ صَالح من عمل سلف، وَمن كفر بِهِ وَكذبه فَلَيْسَ يُعَاقب بِشَيْء من عمل سلف، وَإنَّهُ سَيظْهر على الأَرْض كلهَا إِلَّا الْحرم وَبَيت الْمُقَدّس، وَإنَّهُ يحصر الْمُؤمنِينَ فِي بَيت الْمُقَدّس. قَالَ: فيهزمه الله - تَعَالَى - وَجُنُوده حَتَّى إِن جذم الْحَائِط وأصل الشَّجَرَة يُنَادي: يَا مُؤمن، هَذَا كَافِر يسْتَتر بِي تعال اقتله. قَالَ: وَلنْ يكون ذَلِك كَذَلِك حَتَّى تروا أمورا يتفاج شَأْنهَا فِي أَنفسكُم، تتساءلون بَيْنكُم هَل كَانَ بَيْنكُم ذكر لكم مِنْهَا ذكر أَو حَتَّى تَزُول جبال عَن مراتها، ثمَّ على إِثْر ذَلِك الْفَيْض. وَأَشَارَ بِيَدِهِ. قَالَ: ثمَّ شهِدت لَهُ خطْبَة أُخْرَى فَذكر هَذَا الحَدِيث مَا قدم كلمة وَلَا أَخّرهَا ".
ثَعْلَبَة سمع سَمُرَة، وَسمع زُهَيْر ثَعْلَبَة.
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، حَدثنِي أَبُو عَمْرو -(4/570)
يَعْنِي الْأَوْزَاعِيّ - عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ: حَدثنِي أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من بلد إِلَّا سيطؤه الدَّجَّال إِلَّا مَكَّة وَالْمَدينَة، وَلَيْسَ نقب من أنقابها إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة صافين تحرسها فَينزل [بالسبخة] ، فترجف الْمَدِينَة ثَلَاث رجفات يخرج إِلَيْهِ مِنْهَا كل كَافِر ومنافق ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، عَن حَمَّاد ابْن سَلمَة، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ... فَذكر نَحوه غير أَنه [قَالَ] : " فَيَأْتِي سبخَة الجرف فَيضْرب رواقه. قَالَ: فَيخرج إِلَيْهِ كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، أَخْبرنِي الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَأْتِي الْمَسِيح من قبل الْمشرق همته الْمَدِينَة حَتَّى ينزل دبر أحد، ثمَّ تصرف الْمَلَائِكَة وَجهه قبل الشَّام وهنالك يهْلك ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَالْحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد - وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة والسياق لعبد - قَالَ: حَدثنِي. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، حَدثنِي أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[يَوْمًا] حَدِيثا طَويلا عَن الدَّجَّال فَكَانَ فِيمَا حَدثنَا قَالَ: يَأْتِي وَهُوَ محرم عَلَيْهِ أَن يدْخل(4/571)
(أنقاب) الْمَدِينَة فينتهي إِلَى بعض السباخ الَّتِي تلِي الْمَدِينَة، فَيخرج إِلَيْهِ يَوْمئِذٍ رجل هُوَ خير النَّاس - أَو من خير النَّاس - فَيَقُول لَهُ: أشهد أَنَّك الدَّجَّال الَّذِي حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيثه. فَيَقُول الدَّجَّال: أَرَأَيْتُم إِن قتلت هَذَا ثمَّ أحييته أتشكون فِي الْأَمر؟ فَيَقُولُونَ: لَا. قَالَ: فيقتله ثمَّ يحييه، فَيَقُول حِين يحييه: وَالله مَا كنت فِيك قطّ أَشد بَصِيرَة مني الْآن. قَالَ: فيريد الدَّجَّال أَن يقْتله فَلَا يُسَلط عَلَيْهِ ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يزِيد بن سِنَان، حَدثنَا سعيد بن سُفْيَان الجحدري، ثَنَا ابْن عون، عَن مُجَاهِد قَالَ: " كُنَّا فِي الْبَحْر سنة [سِتِّينَ] علينا جُنَادَة بن أبي أُميَّة فَخَطَبنَا ذَات يَوْم فَقَالَ: أَتَيْنَا رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقُلْنَا: حَدثنَا بِمَا سَمِعت من رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم، فَقَالَ: أَنْذَرْتُكُمْ الْمَسِيح، أَنْذَرْتُكُمْ الْمَسِيح، إِنَّه رجل مَمْسُوح - أَظُنهُ قَالَ: الْيُسْرَى - يمْكث فِي الأَرْض (سَبْعُونَ) صباحا مَعَه [جبال خبز] وأنهار من مَاء يبلغ سُلْطَانه كل منهل، لَا يَأْتِي أَرْبَعَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام، وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى، وَمَسْجِد الطّور، وَمَسْجِد الرَّسُول؛ غير أَن مَا كَانَ من ذَلِك فاعلموا أَن الله - عز وَجل - لَيْسَ بأعور. قَالَهَا ثَلَاثًا ".
قَالَ البُخَارِيّ: يزِيد بن سِنَان لَا بَأْس بِهِ إِلَّا مَا كَانَ من رِوَايَة ابْنه عَنهُ.
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، قَالَ ابْن جريج:(4/572)
حَدثنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: أَخْبَرتنِي أم شريك أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ليفرن النَّاس من الدَّجَّال فِي الْجبَال. قَالَت أم شريك: يَا رَسُول الله، فَأَيْنَ الْعَرَب يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: هم قَلِيل ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا أَحْمد بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ، حَدثنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن الْمُخْتَار - ثَنَا أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن رَهْط مِنْهُم أَبُو الدهماء وَأَبُو قَتَادَة [قَالُوا:] " كُنَّا نمر على هِشَام بن عَامر [نأتي] عمرَان ابْن حُصَيْن، فَقَالَ ذَات يَوْم: إِنَّكُم لتجاوزوني إِلَى رجال مَا كَانُوا بأحضر لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مني وَلَا أعلم بحَديثه مني، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: مَا بَين خلق آدم إِلَى قيام السَّاعَة خلق أكبر من الدَّجَّال ".
وحَدثني: مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا عبد الله بن جَعْفَر الرقي، ثَنَا عبيد الله ابْن عَمْرو، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن ثَلَاثَة رَهْط من قومه فيهم أَبُو قَتَادَة [قَالُوا] : " كُنَّا نمر على هِشَام بن عَامر إِلَى عمرَان بن حُصَيْن ... " بِمثل حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُخْتَار [غير أَنه] قَالَ: " [أَمر أكبر] من الدَّجَّال ".
مُسلم: حَدثنَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم، ثَنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن إِسْحَاق بن عبد الله، عَن عَمه أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يتبع الدَّجَّال من يهود أَصْبَهَان سَبْعُونَ ألفا عَلَيْهِم الطيالسة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَأحمد بن منيع قَالَا: ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن أبي التياح، عَن الْمُغيرَة بن سبيع، عَن(4/573)
عَمْرو بن حُرَيْث، عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " الدَّجَّال يخرج من أَرض بالمشرق يُقَال لَهَا: خُرَاسَان يتبعهُ أَقوام كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة، وَهَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
قَالَ: رَوَاهُ عبد الله بن شَوْذَب عَن أبي التياح، وَلَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث أبي التياح.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن حُسَيْن بن مُحَمَّد، ثَنَا جرير بن حَازِم، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لينزلن الدَّجَّال بخور كرمان فِي سبعين ألفا كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد وحجاج بن الشَّاعِر، كِلَاهُمَا عَن عبد الصَّمد قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن جدي، عَن الْحُسَيْن بن ذكْوَان، ثَنَا ابْن بُرَيْدَة، حَدثنِي عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ - شعب هَمدَان - " أَنه (سَأَلَ) فَاطِمَة بنت قيس أُخْت الضَّحَّاك بن قيس - وَكَانَت الْمُهَاجِرَات الأول - فَقَالَ: حدثيني حَدِيثا سمعتيه من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تسنديه إِلَى أحد غَيره. فَقَالَت: لَئِن شِئْت لَأَفْعَلَنَّ. فَقَالَ لَهَا: أجل حدثيني. فَقَالَت: نكحت ابْن الْمُغيرَة وَهُوَ من خِيَار الشَّبَاب قُرَيْش يَوْمئِذٍ فأصيب فِي أول الْجِهَاد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا تأيمت خطبتي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي نفر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وخطبني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على مَوْلَاهُ(4/574)
أُسَامَة بن زيد وَقد كنت حدثت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: من أَحبَّنِي فليحب أُسَامَة. فَلَمَّا كلمني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت: أَمْرِي بِيَدِك فأنكحني مِمَّن شِئْت. فَقَالَ: انْتَقِلِي إِلَى أم شريك - وَأم شريك امْرَأَة غنية من الْأَنْصَار عَظِيمَة النَّفَقَة فِي سَبِيل الله ينزل عَلَيْهَا الضيفان - فَقلت: سأفعل. فَقَالَ: لَا تفعلي إِن أم شريك امْرَأَة كَثِيرَة الضيفان، فَإِنِّي أكره أَن يسْقط عَنْك خِمَارك [أَو] ينْكَشف الثَّوْب عَن ساقيك فَيرى الْقَوْم مِنْك مَا تكرهين، وَلَكِن انْتَقِلِي إِلَى ابْن عمك عبد الله بن عَمْرو ابْن أم مَكْتُوم - وَهُوَ رجل من بني فهر - فهر قُرَيْش وَهُوَ الْبَطن الَّذِي هِيَ مِنْهُ - فانتقلت إِلَيْهِ فَلَمَّا انْقَضتْ عدتي / سَمِعت نِدَاء الْمُنَادِي، مُنَادِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الصَّلَاة جَامِعَة. فَخرجت إِلَى الْمَسْجِد فَصليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكنت فِي النِّسَاء (اللَّاتِي تلين) ظُهُور الْقَوْم، فَلَمَّا قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته جلس على الْمِنْبَر وَهُوَ يضْحك، فَقَالَ: ليلزم كل إِنْسَان مُصَلَّاهُ. ثمَّ قَالَ: [أَتَدْرُونَ لم جمعتكم؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم] قَالَ: إِنِّي وَالله مَا جمعتكم لرغبة وَلَا لرهبة، وَلَكِن جمعتكم لِأَن تميما الدَّارِيّ كَانَ رجلا نَصْرَانِيّا فجَاء فَبَايع وَأسلم، وحَدثني حَدِيثا وَافق الَّذِي كنت أحدثكُم عَن مسيح الدَّجَّال، حَدثنِي أَنه ركب سفينة بحريّة مَعَ ثَلَاثِينَ رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا فِي الْبَحْر، ثمَّ (أَوْفوا) إِلَى جَزِيرَة فِي الْبَحْر [حَتَّى] مغرب الشَّمْس فجلسوا فِي أقرب السَّفِينَة، فَدَخَلُوا الجزيرة فلقيتهم دَابَّة أهلب كثير الشّعْر لَا يَدْرُونَ مَا قبله من دبره من كَثْرَة الشّعْر، فَقَالُوا: وَيلك مَا أَنْت؟ قَالَت: أَنا الْجَسَّاسَة. قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَة؟ قَالَت: أَيهَا الْقَوْم انْطَلقُوا إِلَى هَذَا الرجل فِي الدَّيْر فَإِنَّهُ إِلَى خبركم بالأشواق. قَالَ: لما سمت لنا رجلا فرقنا مِنْهَا أَن تكون شَيْطَانَة فَانْطَلَقْنَا سرَاعًا حَتَّى دَخَلنَا الدَّيْر، فَإِذا فِيهِ أعظم إِنْسَان رَأَيْنَاهُ قطّ خلقا وأشده وثاقا مَجْمُوعَة يَدَاهُ إِلَى عُنُقه مَا بَين رُكْبَتَيْهِ إِلَى كعبيه(4/575)
بالحديد، قُلْنَا: وَيلك مَا أَنْت؟ قَالَ: قد قدرتم على خبري، فَأَخْبرُونِي مَا أَنْتُم؟ قَالُوا: نَحن أنَاس من الْعَرَب، ركبنَا فِي سفينة بحريّة فصادفنا الْبَحْر حِين اغتلم فلعب بِنَا الموج شهرا، ثمَّ أرفأنا إِلَى جزيرتك هَذِه، فَجَلَسْنَا فِي أقربها فَدَخَلْنَا الجزيرة فلقيتنا دَابَّة أهلت كثير الشّعْر لَا تَدْرِي مَا قبله من دبره من كَثْرَة الشّعْر، فَقُلْنَا: وَيلك مَا أَنْت؟ فَقَالَت: أَنا الْجَسَّاسَة. فَقُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَة؟ قَالَت: اعمدوا إِلَى هَذَا الرجل فِي الدَّيْر فَإِنَّهُ إِلَى خبركم بالأشواق. فأقبلنا إِلَيْك سرَاعًا وفزعنا مِنْهَا وَلم نَأْمَن أَن تكون شَيْطَانَة. فَقَالَ: أخبروني عَن نخل بيسان. قُلْنَا: عَن أَي شَأْنهَا تستخبر؟ قَالَ: أَسأَلكُم عَن نخلها هَل يُثمر؟ قُلْنَا لَهُ: نعم. قَالَ: أما إِنَّهَا يُوشك أَلا تثمر. قَالَ: أخبروني عَن / بحيرة الطبرية. قُلْنَا: عَن أَي شَأْنهَا تستخبر؟ قَالَ: هَل فِيهَا مَاء؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَة المَاء. قَالَ: إِن ماءها يُوشك أَن يذهب. قَالَ: أخبروني عَن عين زعر. قُلْنَا: عَن أَي شَأْنهَا تستخبر؟ قَالَ: هَل فِي الْعين مَاء وَهل يزرع أَهلهَا بِمَاء الْعين؟ قُلْنَا لَهُ: نعم، هِيَ كَثِيرَة المَاء وَأَهْلهَا يزرعون من مَائِهَا. قَالَ: أخبروني عَن نَبِي الْأُمِّيين مَا فعل؟ قَالُوا: قد خرج من مَكَّة وَنزل يثرب. قَالَ: (أقاتلته) الْعَرَب؟ قُلْنَا: نعم. قَالَ: كَيفَ صنع بهم؟ فَأَخْبَرنَاهُ أَنه قد ظهر على من يَلِيهِ من الْعَرَب وأطاعوه. قَالَ لَهُم: قد كَانَ ذَلِك؟ قُلْنَا: نعم. قَالَ: أما إِن ذَاك خير لَهُم أَن يطيعوه وَإِنِّي مخبركم عني إِنِّي أَنا الْمَسِيح، وَإِنِّي أوشك أَن يُؤذن لي فِي الْخُرُوج فَأخْرج فأسير فِي الأَرْض فَلَا أدع قَرْيَة إِلَّا هبطتها فِي [أَرْبَعِينَ] لَيْلَة غير مَكَّة وطيبة فهما محرمتان عَليّ كلتاهما، كلما أردْت أَن أَدخل وَاحِدَة مِنْهُمَا استقبلني ملك بِيَدِهِ السَّيْف صَلتا يصدني عَنْهُمَا، وَإِن على كل نقب مِنْهَا مَلَائِكَة يحرسونها. قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَطعن بمخصرته فِي الْمِنْبَر: هَذِه طيبَة، هَذِه طيبَة، هَذِه طيبَة - يَعْنِي: الْمَدِينَة - أَلا هَل كنت حدثتكم ذَلِك؟ قَالَ النَّاس: نعم. قَالَ: فَإِنَّهُ أعجبني حَدِيث تَمِيم أَنه وَافق الَّذِي كنت أحدثكُم عَنهُ وَعَن الْمَدِينَة وَمَكَّة، أَلا إِنَّه فِي بَحر الشَّام أَو [بَحر] الْيمن، لَا بل من قبل الْمشرق مَا هُوَ،(4/576)
من قبل الْمشرق [مَا هُوَ، من قبل الْمشرق مَا هُوَ] . وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمشرق. قَالَت: فَحفِظت هَذَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
حَدثنَا الْحسن بن عَليّ وَأحمد بن عُثْمَان النَّوْفَلِي قَالَا: ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي، سَمِعت غيلَان بن جرير يحدث، عَن الشّعبِيّ، عَن فَاطِمَة ابْنة قيس قَالَت: " قدم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَمِيم الدَّارِيّ فَأخْبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه ركب الْبَحْر فتاهت بِهِ سفينته فَسقط إِلَى جَزِيرَة، فَخرج إِلَيْهَا يلْتَمس المَاء فلقي إنْسَانا يجر شعره ... " واقتص الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: " ثمَّ قَالَ: أما إِنَّه لَو قد أذن لي فِي الْخُرُوج قد وطِئت الْبِلَاد كلهَا غير طيبَة فَأخْرجهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى النَّاس فَحَدثهُمْ. قَالَ: هَذِه طيبَة، وَذَاكَ الدَّجَّال ".
/ حَدثنِي أَبُو بكر بن [إِسْحَاق] ، ثَنَا يحيى بن بكير، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي [الْحزَامِي]- عَن أبي الزِّنَاد، عَن الشّعبِيّ، عَن فَاطِمَة ابْنة قيس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قعد على الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، حَدثنِي تَمِيم الدَّارِيّ أَن نَاسا من قومه كَانُوا فِي الْبَحْر فِي سفينة لَهُم فَانْكَسَرت بهم، فَركب بَعضهم على لوح من أَلْوَاح السَّفِينَة، فَخَرجُوا إِلَى جَزِيرَة فِي الْبَحْر ... " وسَاق الحَدِيث.
وَزَاد النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث من قَول الدَّجَّال: " مَا فعلت فَارس؟ قَالُوا: لم يظْهر عَلَيْهَا بعد. قَالَ: أما إِنَّه سَيظْهر عَلَيْهَا ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن حجاج، عَن حَمَّاد، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد،(4/577)
عَن عَامر الشّعبِيّ، عَن فَاطِمَة.
وَفِي حَدِيث مُسلم زيادات.
وَلأبي دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث: " بَيْنَمَا أنَاس يَسِيرُونَ فِي الْبَحْر فنفد طعامهم فَرفعت لَهُم جَزِيرَة فَخَرجُوا يُرِيدُونَ الْخبز فلقيتهم الْجَسَّاسَة ".
رَوَاهُ عَن وَاصل بن عبد الْأَعْلَى، عَن ابْن فُضَيْل، عَن الْوَلِيد بن جَمِيع، عَن أبي سَلمَة، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَفِي حَدِيث مُسلم زِيَادَة.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن فَاطِمَة بنت قيس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخر الْعشَاء الْآخِرَة ذَات لَيْلَة، ثمَّ خرج فَقَالَ: إِنَّه حَبَسَنِي حَدِيث كَانَ حَدَّثَنِيهِ تَمِيم الدَّارِيّ عَن رجل كَانَ فِي جَزِيرَة من جزائر الْبَحْر، فَإِذا أَنا بِامْرَأَة تجر شعرهَا، فَقَالَ: من أَنْت؟ قَالَت: أَنا الْجَسَّاسَة، اذْهَبْ إِلَى ذَلِك الْقصر. [فَأَتَيْته] فَإِذا رجل يجر شعره مسلسل فِي الأغلال، ينزو فِيمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فَقلت: من أَنْت؟ قَالَ: أَنا الدَّجَّال، خرج نَبِي الْأُمِّيين بعد؟ قلت: نعم. قَالَ: أطاعوه أم عصوه؟ قلت: أطاعوه. قَالَ: ذَاك خير لَهُم ".
عُثْمَان هَذَا ضعفه البُخَارِيّ وَوَثَّقَهُ يحيى بن معِين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: عُثْمَان - يَعْنِي هَذَا - صَدُوق.
بَاب مِنْهُ وَفِيه صفة عِيسَى ابْن مَرْيَم وَذكر نُزُوله ووفاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمسَيبِي، حَدثنِي أنس - يَعْنِي: ابْن(4/578)
عِيَاض - عَن مُوسَى - وَهُوَ ابْن عقبَة - عَن نَافِع قَالَ: / قَالَ عبد الله بن عمر: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا بَين ظهراني النَّاس الْمَسِيح الدَّجَّال، فَقَالَ: إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَيْسَ بأعور، أَلا إِن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور عين الْيُمْنَى كَأَن عينه عنبة طافية. قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَرَانِي اللَّيْلَة فِي الْمَنَام عِنْد الْكَعْبَة فَإِذا رجل آدم كأحسن مَا ترى من أَدَم الرِّجَال (تضرب لمته) بَين مَنْكِبَيْه، رجل الشّعْر، يقطر رَأسه مَاء، وَاضِعا يَدَيْهِ على مَنْكِبي رجلَيْنِ وَهُوَ بَينهمَا يطوف بِالْبَيْتِ. فَقلت: من هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيح ابْن مَرْيَم. وَرَأَيْت وَرَاءه رجلا جَعدًا قططا أَعور عين الْيُمْنَى كأشبه من رَأَيْت من النَّاس بِابْن قطن، وَاضِعا يَدَيْهِ على مَنْكِبي رجلَيْنِ يطوف بِالْبَيْتِ، فَقلت: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الْمَسِيح الدَّجَّال ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار، قَالَ ابْن الْمثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، سَمِعت أَبَا الْعَالِيَة يَقُول: حَدثنِي ابْن عَم نَبِيكُم - يَعْنِي: ابْن عَبَّاس - قَالَ: " ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أسرِي بِهِ فَقَالَ: عِيسَى جعد مَرْبُوع. وَذكر مَالِكًا خَازِن جَهَنَّم، وَذكر الدَّجَّال ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أخبرنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: حَدثنَا ابْن عَم نَبِيكُم ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَأَيْت عِيسَى مَرْبُوع الْخلق إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض سبط الرَّأْس، و (رَأَيْت) مَالِكًا خَازِن النَّار والدجال فِي آيَات أراهن الله إِيَّاه {فَلَا(4/579)
تكن فِي مرية من لِقَائِه} .
قَالَ: كَانَ قَتَادَة يُفَسِّرهَا أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد لَقِي مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَخْبرنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " بَينا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي أَطُوف بِالْكَعْبَةِ فَإِذا رجل آدم سبط الشّعْر بَين رجلَيْنِ، ينطف رَأسه مَاء - أَو يهراق رَأسه مَاء - فَقلت: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْن مَرْيَم. ثمَّ ذهبت ألتفت فَإِذا رجل أَحْمَر جسيم جعد الرَّأْس، أَعور الْعين الْيُمْنَى، كَأَن عينه عنبة طافية. / قلت: من هَذَا؟ قَالُوا: الدَّجَّال. أقرب النَّاس بِهِ شبها ابْن قطن ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن عَطاء بن ميناء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالله لينزلن ابْن مَرْيَم حكما عادلا فليكسرن الصَّلِيب، وليقتلن الْخِنْزِير، وليضعن الْجِزْيَة، ولتتركن القلاص فَلَا يسْعَى عَلَيْهَا، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إِلَى المَال فَلَا يقبله أحد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، أَنا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب؛ أَن سعيد بن الْمسيب سمع أَبَا هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشكن أَن ينزل فِيكُم ابْن مَرْيَم حكما عدلا، فيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَيَضَع الْجِزْيَة، وَيفِيض المَال حَتَّى لَا يقبله أحد، حَتَّى تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة خيرا من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا} ".(4/580)
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَاصِم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم حكما مقسطا وإماما عدلا، فيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير والقردة، وَتَكون السَّجْدَة لرب الْعَالمين ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عِيسَى الضبعِي، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُوشك من عَاشَ مِنْكُم أَن يلقى عِيسَى ابْن مَرْيَم إِمَامًا مهديا وَحكما عدلا، فيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وتضع (الْحَرْب) أَوزَارهَا ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن ابْن شهَاب، عَن نَافِع مولى أبي قَتَادَة، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[قَالَ] : " كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل (ابْن مَرْيَم فِيكُم) فأمكم مِنْكُم؟ " قلت لِابْنِ أبي ذِئْب: إِن الْأَوْزَاعِيّ حَدثنَا عَن الزُّهْرِيّ، عَن نَافِع، عَن أبي هُرَيْرَة: " وإمامكم مِنْكُم " قَالَ ابْن أبي ذِئْب: تَدْرِي مَا أمكُم مِنْكُم؟ [قلت] : تُخبرنِي. قَالَ: فأمكم بِكِتَاب ربكُم - تبَارك وَتَعَالَى - وَسنة / نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قَالَ مُسلم: حَدثنَا حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، قَالَ: أَخْبرنِي نَافِع مولى أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ؛ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل ابْن مَرْيَم فِيكُم وإمامكم مِنْكُم؟ ".(4/581)
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا الْوَلِيد بن شُجَاع وَهَارُون بن عبد الله وحجاج بن الشَّاعِر قَالُوا: حَدثنَا حجاج - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد - عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. قَالَ: فَينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُول أَمِيرهمْ: تعال صل لنا. فَيَقُول: لَا إِن بَعْضكُم على بعض أُمَرَاء، تكرمة الله هَذِه الْأمة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليهبطن الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - عِيسَى ابْن مَرْيَم حكما عدلا وإماما مقسطا، وليسلكن الروحاء حَاجا ".
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن حَنْظَلَة الْأَسْلَمِيّ، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليهلن ابْن مَرْيَم بفج الروحاء حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو ليثنينهما ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هدبة بن خَالِد، حَدثنَا همام بن يحيى (أَظُنهُ) عَن قَتَادَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن آدم، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ بيني وَبَينه - يَعْنِي وَبَين عِيسَى ابْن مَرْيَم - نَبِي وَإنَّهُ (ينزل) فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رجل مَرْبُوع إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض، بَين مُمَصَّرَتَيْنِ، كَأَن رَأسه يقطر وَإِن لم يصبهُ بَلل، فَيُقَاتل النَّاس على الْإِسْلَام، فَيدق الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَيَضَع الْجِزْيَة، وَيهْلك الله فِي (زَمَنه) الْملَل كلهَا إِلَّا الْإِسْلَام، وَيهْلك الْمَسِيح الدَّجَّال، فيمكث(4/582)
فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ يتوفى وَيُصلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ ".
وَفِي رِوَايَة أبي عِيسَى واللؤلؤي: همام، عَن قَتَادَة؛ من غير شكّ.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا / معَاذ بن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن قَتَادَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن آدم، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْأَنْبِيَاء إخْوَة لعَلَّات، أمهاتهم شَتَّى وَدينهمْ وَاحِد، وَأَنا أولى النَّاس بِعِيسَى ابْن مَرْيَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لم يكن بيني وَبَينه نَبِي، وَإنَّهُ يَأْتِي فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رجل مَرْبُوع بَين الْحمرَة وَالْبَيَاض، كَأَن رَأسه يقطر وَإِن لم يصبهُ بَلل، بَين مُمَصَّرَتَيْنِ، فَيدق الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَيفِيض المَال، وَيَضَع الْجِزْيَة، وَيهْلك الْملَل كلهَا غير الْإِسْلَام، وَيهْلك الله - تبَارك وَتَعَالَى - الْمَسِيح الدَّجَّال، وتوضع الأمنة على الأَرْض حَتَّى يرتع الْأسد مَعَ الْإِبِل، وَالذِّئْب مَعَ الْغنم، ويلعب الغلمان بالحيات فَلَا تَضُرهُمْ، فيمكث أَرْبَعِينَ سنة، ثمَّ يتوفى فَيصَلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ بعضه عَن أبي هُرَيْرَة من وُجُوه، وَهُوَ: " الْأَنْبِيَاء إخْوَة لعَلَّات " وَأما: " تُوضَع الأمنة فِي الأَرْض " فَرَوَاهُ زيد بن أسلم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة من وَجه آخر.
بَاب ذكر ابْن صياد وَمَا يذكر أَنه الدَّجَّال
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فمررنا بصبيان فيهم ابْن صياد، ففر الصّبيان وَجلسَ ابْن (الصياد) ، فَكَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كره ذَلِك، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تربت يداك أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ: لَا، بل تشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ عمر: ذَرْنِي يَا رَسُول الله حَتَّى أَقتلهُ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن يكن الَّذِي ترى فَلَنْ تَسْتَطِيع قَتله ".(4/583)
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن عبد الله قَالَ: " كُنَّا نمشي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمر بِابْن صياد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قد خبأت لَك (خبئا) . فَقَالَ: دخ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اخْسَأْ فَلَنْ تعدو قدرك / فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله، دَعْنِي فَأَضْرب عُنُقه. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعه، فَإِن يكن الَّذِي تخَاف لن تَسْتَطِيع قَتله ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا سَالم بن نوح، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: " لقِيه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَعمر فِي بعض طرق الْمَدِينَة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ هُوَ: (تشهد) أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَكتبه / مَا ترى؟ قَالَ: أرى عرشا على المَاء. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ترى عرش إِبْلِيس على الْبَحْر، وَمَا ترى؟ قَالَ: أرى صَادِقين وكاذبا أَو كاذبين وصادقا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لبس عَلَيْهِ: دَعوه ".
حَدثنَا يحيى بن حبيب وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: ثَنَا مُعْتَمر قَالَ: سَمِعت أبي، ثَنَا أَبُو نَضرة، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " لَقِي نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (ابْن صياد) وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر، وَابْن صائد مَعَ الغلمان ... " فَذكر نَحْو حَدِيث الْجريرِي.
قَالَ مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أَخْبرنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب؛ أَن سَالم بن عبد الله أخبرهُ؛ أَن عبد الله بن عمر أخبرهُ " أَن عمر بن الْخطاب انْطلق مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رَهْط قبل ابْن صياد حَتَّى وجده(4/584)
يعلب مَعَ الصّبيان عِنْد أَطَم بني مغالة، وَقد قَارب ابْن صياد يَوْمئِذٍ الْحلم، فَلم يشْعر حَتَّى ضرب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظَهره بِيَدِهِ، ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِابْنِ صياد: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَنظر إِلَيْهِ ابْن صياد فَقَالَ: [أشهد] أَنَّك رَسُول الْأُمِّيين. فَقَالَ ابْن صياد لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فرفضه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَقَالَ) : آمَنت بِاللَّه وَرُسُله. ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَاذَا ترى؟ قَالَ ابْن صياد: يأتيني صَادِق وكاذب. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خلط عَلَيْك الْأَمر / ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي قد خبأت لَك خبئا. فَقَالَ ابْن صياد: هُوَ الدخ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اخْسَأْ فَلَنْ تعدو قدرك. فَقَالَ عمر بن الْخطاب: ذَرْنِي يَا رَسُول الله أضْرب عُنُقه. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن يكنه فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ، وَإِن لم يكنه فَلَا خير لَك فِي قَتله ".
قَالَ سَالم بن عبد الله: سَمِعت عبد الله بن عمر يَقُول: " انْطلق بعد ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بن كَعْب إِلَى النّخل الَّتِي فِيهَا ابْن صياد حَتَّى إِذا دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النّخل طفق يَتَّقِي بجذوع النّخل، وَهُوَ يخْتل أَن يسمع من ابْن صياد شَيْئا قبل أَن يرَاهُ ابْن صياد فَرَآهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مُضْطَجع على فرَاش فِي قطيفة لَهُ فِيهَا زمزمة، فرأت أم ابْن صياد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَتَّقِي بجذوع النّخل فَقَالَت لِابْنِ صياد: يَا صَاف - وَهُوَ اسْم ابْن صياد - هَذَا مُحَمَّد. فثار ابْن صياد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو تركته بَين ".
قَالَ سَالم: قَالَ عبد الله بن عمر: " فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّاس فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ ذكر الدَّجَّال، فَقَالَ: إِنِّي لأنذركموه، مَا من نَبِي إِلَّا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، وَلَكِن أَقُول لكم فِيهِ قولا لم يقلهُ نَبِي لِقَوْمِهِ(4/585)
(تعلمُونَ) أَنه أَعور وَإِن الله لَيْسَ بأعور ".
قَالَ: ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي عمر بن ثَابت الْأنْصَارِيّ، أَنه أخبرهُ بعض أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْم حذر النَّاس الدَّجَّال: إِنَّه مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ من كره عمله - أَو يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن - وَقَالَ: (تعلمُونَ) أَنه لن يرى أحد مِنْكُم ربه حَتَّى يَمُوت ".
الَّذِي خبأ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله تَعَالَى: {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} .
ذكره أَبُو دَاوُد: عَن خشيش بن أَصْرَم، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن / معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه.
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي وَعبد بن حميد قَالَا: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله؛ أَن عبد الله بن عمر قَالَ: " انْطلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ رَهْط من أَصْحَابه فيهم عمر بن الْخطاب حَتَّى وجد ابْن صياد غُلَاما قد ناهز (الِاحْتِلَام) يلْعَب مَعَ الغلمان عِنْد أَطَم بني مُعَاوِيَة ... " وسَاق الحَدِيث بِمثل حَدِيث يُونُس إِلَى مُنْتَهى حَدِيث عمر بن ثَابت.
وَفِي الحَدِيث عَن يَعْقُوب قَالَ: قَالَ أبي - يَعْنِي: (فِي) قَوْله: " لَو تركته بَين. قَالَ: لَو تركته أمه بَين أمره ".(4/586)
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا هِشَام، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع قَالَ: " لَقِي ابْن عمر ابْن صائد فِي بعض طرق الْمَدِينَة، فَقَالَ لَهُ قولا أغضبهُ فانتفخ حَتَّى مَلأ السِّكَّة، فَدخل ابْن عمر على حَفْصَة وَقد بلغَهَا، فَقَالَت لَهُ: رَحِمك الله، مَا أردْت من ابْن صائد؟ أما علمت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِنَّمَا يخرج من غضبة يغضبها ".
قَالَ مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا حُسَيْن - يَعْنِي ابْن حسن بن يسَار - ثَنَا ابْن عون، عَن نَافِع قَالَ: كَانَ نَافِع يَقُول: ابْن صياد، قَالَ: قَالَ ابْن عمر: لَقيته مرَّتَيْنِ. قَالَ: فَلَقِيته فَقلت لبَعْضهِم: هَل (تَجِدُونَ) أَنه هُوَ؟ قَالَ: لَا وَالله. قَالَ: قلت: كذبتني وَالله، لقد أَخْبرنِي بَعْضكُم أَنه لن يَمُوت حَتَّى يكون أَكْثَرَكُم مَالا وَولدا فَكَذَلِك هُوَ زَعَمُوا الْيَوْم. قَالَ: فتحدثنا، ثمَّ فارقته. قَالَ: فَلَقِيته لقية أُخْرَى وَقد نفرت عينه. قَالَ: فَقلت: مَتى فعلت عَيْنك مَا أرى؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. قَالَ: قلت: لَا تَدْرِي و (هُوَ) فِي رَأسك؟ قَالَ: إِن شَاءَ الله خلقهَا فِي عصاك هَذِه. قَالَ: فنخر كأشد نخير (لحِمَار) سَمِعت. قَالَ: فَزعم بعض أَصْحَابِي أَنِّي ضَربته بعصا كَانَت معي حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَأما أَنا فوَاللَّه مَا شَعرت. قَالَ: وَجَاء حَتَّى دخل على أم الْمُؤمنِينَ فحدثها، فَقَالَت: (مَا تُرِيدُ؟) ألم تعلم أَنه قد قَالَ: إِن أول مَا يَبْعَثهُ على النَّاس غضب يغضبه ".
/ قَالَ مُسلم: وَحدثنَا يحيى بن حبيب وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: ثَنَا مُعْتَمر قَالَ: سَمِعت أبي يحدث، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " قَالَ لي ابْن صائد فَأَخَذَتْنِي مِنْهُ ذمَامَة: هَذَا عذرت النَّاس مَا لي وَلكم يَا أَصْحَاب مُحَمَّد؟ ألم يقل نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه يَهُودِيّ، وَقد أسلمت. قَالَ: وَلَا يُولد لَهُ وَقد(4/587)
ولد لي. وَقَالَ: إِن الله حرم عَلَيْهِ مَكَّة، وَقد حججْت. قَالَ: فَمَا زَالَ حَتَّى كَاد أَن يَأْخُذ فِي قَوْله. قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أما وَالله إِنِّي لأعْلم الْآن حَيْثُ هُوَ، وَأعرف أَبَاهُ وَأمه. قَالَ: وَقيل لَهُ: [أَيَسُرُّك] أَنَّك ذَاك الرجل؟ قَالَ: فَقَالَ: لَو عرض عَليّ مَا كرهت ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا [عبيد الله] بن عمر القواريري وَمُحَمّد بن مثنى قَالَا: ثَنَا عبد الْأَعْلَى، ثَنَا دَاوُد، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: " صَحِبت ابْن صائد إِلَى مَكَّة فَقَالَ لي: أما قد لقِيت من النَّاس يَزْعمُونَ أَنِّي أَنا الدَّجَّال، أَلَسْت سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِنَّه لَا يُولد لَهُ؟ قَالَ: قلت: بلَى. فَقَالَ: قد ولد لي. أَو لَيْسَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يدْخل الْمَدِينَة وَلَا مَكَّة؟ قلت: بلَى. قَالَ: فقد ولدت بِالْمَدِينَةِ وَهَذَا أَنا أُرِيد مَكَّة. قَالَ: ثمَّ قَالَ فِي آخر قَوْله: أما وَالله إِنِّي لأعْلم مولده ومكانه وَأَيْنَ هُوَ. قَالَ: فلبسني ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: " رَأَيْت جَابر بن عبد الله يحلف بِاللَّه أَن ابْن (صياد) الدَّجَّال فَقلت: أتحلف بِاللَّه؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعت عمر يحلف على ذَلِك عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَلم] يُنكره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الله بن مُعَاوِيَة الجُمَحِي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يمْكث أَبُو الدَّجَّال وَأمه ثَلَاثِينَ عَاما لَا يُولد لَهما ثمَّ يُولد لَهما غُلَام أَعور، أضرّ شَيْء وَأقله مَنْفَعَة، تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه. ثمَّ نعت لنا رَسُول الله(4/588)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَوَيْهِ. فَقَالَ: أَبوهُ طوال / ضرب اللَّحْم كَأَن أَنفه منقار، وَأمه امْرَأَة فرضاخية طَوِيلَة الْيَدَيْنِ. قَالَ [أَبُو بكرَة] : فسمعنا بمولود فِي الْيَهُود وبالمدينة فَذَهَبت أَنا وَالزُّبَيْر ابْن الْعَوام حَتَّى دَخَلنَا على أَبَوَيْهِ فَإِذا نعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيهمَا، فَقُلْنَا: هَل لَكمَا ولد؟ فَقَالَا: مكثنا ثَلَاثِينَ عَاما لَا يُولد لنا ولد، ثمَّ ولد لنا غُلَام أَعور أضرّ شَيْء وَأقله مَنْفَعَة، تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه. قَالَ: فخرجنا من عِنْدهمَا فَإِذا هُوَ منجدل فِي الشَّمْس فِي قطيفة وَله همهمة، فكشف عَن رَأسه فَقَالَ: مَا قلتما؟ فَقُلْنَا: وَهل سَمِعت مَا قُلْنَا؟ قَالَ: نعم، تنام عَيْنَايَ وَلَا ينَام قلبِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة.
بَاب ذكر ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ.
وَحدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي أخي، عَن سُلَيْمَان، عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة بن الزبير؛ أَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة حدثته، عَن أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان، عَن زَيْنَب بنت جحش " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل عَلَيْهَا يَوْمًا فَزعًا يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب، فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه - وَحلق (بإصبعه) الْإِبْهَام وَالَّتِي تَلِيهَا - قَالَت زَيْنَب بنت جحش: فَقلت: يَا رَسُول الله، أفنهلك وَفينَا الصالحون؟ قَالَ: نعم إِذا كثر الْخبث ".(4/589)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَغير وَاحِد - وَاللَّفْظ لِابْنِ بشار - قَالُوا: أَنا هِشَام بن عبد الْملك، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي رَافع، عَن حَدِيث أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي السد قَالَ: " يحفرونه كل يَوْم حَتَّى إِذا كَادُوا [يخرقونه] قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستخرقونه غَدا. فيعيده الله أَشد مَا كَانَ، حَتَّى إِذا بلغ مدتهم وَأَرَادَ الله أَن يَبْعَثهُم على النَّاس قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستخرقونه غَدا إِن شَاءَ الله. وَاسْتثنى، قَالَ: فيرجعون فيجدونه كَهَيْئَته / حِين تَرَكُوهُ فيخرقونه، فَيخْرجُونَ على النَّاس، فيستقون الْمِيَاه ويفر النَّاس مِنْهُم، ويرمون بسهامهم فِي السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: قد قهرنا من فِي الأَرْض وعلونا من فِي السَّمَاء [قسرا] وعلوا، فيبعث الله عَلَيْهِم نغفا من أقفائهم [فيهلكون] ، فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن دَوَاب الأَرْض تسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم ".
بَاب من الأشراط وَذكر طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَخُرُوج الدَّابَّة وتخريب الْكَعْبَة وخراب الْمَدِينَة وَمَا يتَعَلَّق بِهَذَا الْبَاب
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن فرات الْقَزاز، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ قَالَ: " اطلع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علينا وَنحن نتذاكر، فَقَالَ: مَا تذكرُونَ؟ قَالُوا: نذْكر السَّاعَة. قَالَ: إِنَّهَا لن تقوم حَتَّى (تروا) قبلهَا عشر آيَات. فَذكر الدُّخان، والدجال، وَالدَّابَّة، وطلوع(4/590)
الشَّمْس من مغْرِبهَا، ونزول عِيسَى ابْن مَرْيَم، ويأجوج وَمَأْجُوج، وَثَلَاثَة خُسُوف: خسف بالمشرق، وَخسف بالمغرب، وَخسف بِجَزِيرَة الْعَرَب، وَآخر ذَلِك تخرج من الْيمن نَار تطرد النَّاس إِلَى [مَحْشَرهمْ] ".
وَلمُسلم: أَيْضا فِي حَدِيث آخر: " تخرج من (قَعْر) عدن ترحل النَّاس ".
رَوَاهُ عَن عبيد الله بن معَاذ، عَن أَبِيه، عَن شُعْبَة، قَالَ فرات بِهَذَا الْإِسْنَاد.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا أَحْمد بن إِسْحَاق.
وحَدثني: [مُحَمَّد] بن حَاتِم بن مَيْمُون، [ثَنَا بهز] قَالَا جَمِيعًا: حَدثنَا وهيب، ثَنَا عبد الله بن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يحْشر النَّاس على ثَلَاث طرائق راغبين راهبين وَاثْنَانِ على بعير، [وَثَلَاثَة على بعير] ، وَأَرْبَعَة على بعير، و [عشرَة] على بعير، وتحشر بَقِيَّتهمْ النَّار تبيت مَعَهم حَيْثُ باتوا، وتقيل مَعَهم حَيْثُ قَالُوا، وتصبح مَعَهم حَيْثُ أَصْبحُوا، وتمسي مَعَهم حَيْثُ أَمْسوا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى، عَن الْوَلِيد بن جَمِيع، ثَنَا(4/591)
أَبُو الطُّفَيْل، عَن / حُذَيْفَة بن أسيد، عَن أبي ذَر قَالَ: إِن الصَّادِق المصدوق حَدثنِي " أَن النَّاس يحشرون على ثَلَاثَة أَفْوَاج: [فَوْج] راكبين [طاعمين] كاسين، وفوج تسحبهم الْمَلَائِكَة على وُجُوههم وتحشرهم النَّار، وفوج يَمْشُونَ ويسعون، يلقى الله الآفة على الظّهْر فَلَا يبْقى، حَتَّى إِن الرجل لتَكون لَهُ الحديقة يُعْطِيهَا بِذَات القتب لَا يقدر عَلَيْهَا ".
مُسلم: وَحدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - يعنون ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، أَو الدُّخان، أَو الدَّجَّال، أَو الدَّابَّة، أَو خَاصَّة أحدكُم، أَو أَمر الْعَامَّة ".
مُسلم: حَدثنَا أُميَّة بن بسطَام العيشي، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن زِيَاد بن ريَاح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ (سِتَّة) : الدَّجَّال، وَالدُّخَان، ودابة الأَرْض، وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، وَأمر الْعَامَّة، وَخُوَيصة أحدكُم ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد وَعلي بن حجر قَالُوا: أبنا إِسْمَاعِيل - يعنون ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت من مغْرِبهَا آمن النَّاس كلهم أَجْمَعُونَ، فَيَوْمئِذٍ {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} ".(4/592)
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب [وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم] ، جَمِيعًا عَن ابْن علية. قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا ابْن علية، ثَنَا يُونُس - هُوَ ابْن يزِيد - عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد التَّيْمِيّ، سَمعه - فِيمَا أعلم - عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْمًا: " أَتَدْرُونَ أَيْن تذْهب هَذِه الشَّمْس؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: إِن هَذِه تجْرِي حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى مستقرها تَحت الْعَرْش، فتخر سَاجِدَة، فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى يُقَال لَهَا: ارتفعي ارجعي من حَيْثُ جِئْت. فترجع فَتُصْبِح طالعة من مطْلعهَا، ثمَّ تجْرِي حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى / مستقرها تَحت الْعَرْش فتخر سَاجِدَة، فَلَا تزَال كَذَلِك حَتَّى يُقَال لَهَا: ارتفعي ارجعي من حَيْثُ جِئْت. فترجع فَتُصْبِح طالعة من مطْلعهَا، ثمَّ تجْرِي لَا يستنكر النَّاس مِنْهَا شَيْئا حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى مستقرها ذَاك تَحت الْعَرْش، فَيُقَال لَهَا: ارتفعي (ارجعي) أصبحي طالعة من مغربك. فَتُصْبِح طالعة من مغْرِبهَا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتَدْرُونَ مَتى ذاكم؟ ذَاك حِين {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} ".
وحَدثني عبد الحميد بن بَيَان الوَاسِطِيّ، أَنا خَالِد - يَعْنِي ابْن عبد الله - قَالَ: حَدثنِي يُونُس، عَن إِبْرَاهِيم - هُوَ ابْن يزِيد التَّيْمِيّ - عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْمًا: " أَتَدْرُونَ أَيْن تذْهب هَذِه الشَّمْس؟ " وَبِمَعْنى حَدِيث ابْن علية.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، عَن أبي حَيَّان،(4/593)
عَن أبي زرْعَة، عَن عبد الله بن [عَمْرو] قَالَ: حفظت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيثا لم أنسه بعد، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن أول الْآيَات خُرُوجًا طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، وَخُرُوج الدَّابَّة على النَّاس ضحى، وَأيهمَا مَا كَانَت قبل صاحبتها فالأخرى على إثْرهَا قَرِيبا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن مَالك، ثَنَا أَبُو تُمَيْلة يحيى بن وَاضح، ثَنَا خَالِد بن عبيد أَبُو عِصَام، أَخْبرنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " ذهب بِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى مَوضِع بالبادية أَرض سبخَة حولهَا قريبَة من مَكَّة، فَقَالَ: من هَذَا الْموضع تخرج الدَّابَّة. فَإِذا مَوضِع شبر فِي فتر ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن بُرَيْدَة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد من هَذَا الْوَجْه.
ذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي تَارِيخه. وَقَالَ: فِيهِ نظر.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن زِيَاد ابْن سعد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يخرب الْكَعْبَة ذُو السويقتين من الْحَبَشَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا [عبيد الله] ابْن الْأَخْنَس، حَدثنِي ابْن أبي / مليكَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَأَنِّي بِهِ أسود أفحج يقلعها حجرا حجرا ".(4/594)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن يزِيد بن هَارُون، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد ابْن سمْعَان، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثمَّ يَأْتِي الْحَبَشَة فيخربونه خرابا لَا يعمر بعده أبدا. قَالَ: وهم الَّذين يستخرجون كنزه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْقَاسِم بن أَحْمد، ثَنَا أَبُو عَامر، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن مُوسَى بن جُبَير، عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اتْرُكُوا الْحَبَشَة مَا تركوكم فَإِنَّهُ لَا يسْتَخْرج كنز الْكَعْبَة إِلَّا ذُو السويقتين من الْحَبَشَة ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب، أَنا سعيد بن سمْعَان مولى المشمعل قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يحدث أَبَا قَتَادَة وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُبَايع لرجل بَين الرُّكْن وَالْمقَام، وَأول من يسْتَحل هَذَا الْبَيْت أَهله، فَإِذا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا تسْأَل عَن هلكة الْعَرَب، ثمَّ يَجِيء الْحَبَشَة فيخربونه خرابا لَا يعمر بعده. قَالَ: وهم الَّذِي يستخرجون كنزه ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد، حَدثنَا الْأسود بن عَامر، ثَنَا زُهَيْر، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تبلغ المساكن إهَاب - أَو يهاب " قَالَ زُهَيْر: قلت لسهيل: وَكم ذَلِك من الْمَدِينَة؟ قَالَ كَذَا وَكَذَا ميلًا.
مَالك: عَن ابْن حماس، عَن عَمه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لتتركن الْمَدِينَة على أحسن مَا كَانَت حَتَّى يدْخل الْكَلْب - أَو الذِّئْب - فيعدي على بعض سواري الْمَسْجِد - أَو على الْمِنْبَر - فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، فَلِمَنْ تكون الثِّمَار ذَلِك الزَّمَان؟ قَالَ: للعوافي: الطير وَالسِّبَاع ".
اخْتلف فِي اسْم ابْن حماس هَذَا، فَرَوَاهُ أَبُو المصعب عَن مَالك، وَقَالَ:(4/595)
يُونُس بن يُوسُف بن حماس. وَكَذَلِكَ قَالَ معن بن عِيسَى وَعبد الله بن يُوسُف التنيسِي، وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: حَدثنِي مَالك، عَن يُوسُف بن يُونُس بن حماس، وَتَابعه ابْن بكير / ومطرف وَابْن نَافِع وَابْن وهب وَسَعِيد بن عفير وَمُحَمّد بن الْمُبَارك وَسليمَان بن برد وَمصْعَب الزبيرِي.
وَقَالَ القعْنبِي فِي هَذَا الحَدِيث: مَالك أَنه بلغه عَن أبي هُرَيْرَة، لم يذكر اسْم أحد، وَيحيى من آخر من عرض الْمُوَطَّأ على مَالك. فَقَالَ: عَن ابْن حماس. وَلم يسم أحدا، وَكَانَ ابْن حماس هَذَا رجلا فَاضلا مجاب الدعْوَة، ذكر هَذَا كُله [أَبُو عمر] ، وَفِيه بعض تَقْدِيم وَتَأْخِير.
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب؛ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يتركون الْمَدِينَة على خير مَا كَانَت لَا (يَغْشَاهَا) إِلَّا العوافي - يُرِيد عوافي السبَاع وَالطير - ثمَّ يخرج راعيان من مزينة يُريدَان الْمَدِينَة ينعقان بغنمهما فيجدالها وحشا حَتَّى إِذا بلغا ثنية الْوَدَاع خرا على أوجههمَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو السَّائِب سلم بن جُنَادَة، ثَنَا أبي جُنَادَة بن سلم، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " آخر قَرْيَة من قرى الْإِسْلَام خرابا الْمَدِينَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث جُنَادَة، عَن هِشَام ابْن عُرْوَة. قَالَ: تعجب مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.(4/596)
مُسلم: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي اللَّيْث بن سعد، حَدثنِي مُوسَى بن عَليّ، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ الْمُسْتَوْرد الْقرشِي عِنْد عَمْرو بن الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " تقوم السَّاعَة وَالروم أَكثر النَّاس. فَقَالَ لَهُ عَمْرو: أبْصر مَا تَقول. قَالَ: أَقُول مَا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: لَئِن قلت ذَلِك إِن فيهم لخصالا أَرْبعا: إِنَّهُم لأحلم النَّاس عِنْد فتْنَة، وأسرعهم إفاقة بعد مُصِيبَة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وَخَيرهمْ لمسكين ويتيم وَضَعِيف، وخامسة حَسَنَة جميلَة، وأمنعهم من ظلم الْمُلُوك ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَابْن / أبي عمر قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أُميَّة بن صَفْوَان، سمع جده عبد الله بن صَفْوَان يَقُول: أَخْبَرتنِي حَفْصَة أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ليؤمن هَذَا الْبَيْت جَيش يغزونه حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض يخسف بأوسطهم، وينادي أَوَّلهمْ آخِرهم، ثمَّ يخسف بهم وَلَا يبْقى إِلَّا الشريد الَّذِي يخبر عَنْهُم ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم بن مَيْمُون، ثَنَا الْوَلِيد بن [صَالح] ، أَنا عبيد الله بن عَمْرو، ثَنَا زيد بن أبي أنيسَة، عَن عبد الْملك العامري، عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن صَفْوَان، عَن أم الْمُؤمنِينَ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سيعوذ بِهَذَا الْبَيْت - يَعْنِي الْكَعْبَة - قوم لَيست لَهُم مَنْعَة وَلَا عدد وَلَا عدَّة، يبْعَث إِلَيْهِم جَيش حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض خسف بهم ".
قَالَ يُوسُف: وَأهل الشَّام يَوْمئِذٍ يَسِيرُونَ إِلَى مَكَّة. فَقَالَ عبد الله بن صَفْوَان: أما وَالله مَا هُوَ بِهَذَا الْجَيْش.(4/597)
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا الْقَاسِم بن الْفضل، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن عبد الله بن الزبير أَن عَائِشَة قَالَت: " عَبث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَنَامه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، صنعت شَيْئا فِي مَنَامك لم [تكن] تَفْعَلهُ. فَقَالَ الْعجب إِن نَاسا من أمتِي يؤمُّونَ (هَذَا الْبَيْت) بِرَجُل من قُرَيْش قد لَجأ بِالْبَيْتِ حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم. فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِن الطَّرِيق قد يجمع النَّاس. قَالَ: نعم فيهم المستبصر [وَالْمَجْبُور] وَابْن السَّبِيل، يهْلكُونَ مهْلكا وَاحِدًا، وَيَصْدُرُونَ مصَادر شَتَّى، يَبْعَثهُم الله على نياتهم ".
قَالَ النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " قلت: أَرَأَيْت إِن كَانَ فيهم مُؤمنُونَ. قَالَ: تكون لَهُم قبورا ".
رَوَاهُ من طَرِيق غير طَرِيق مُسلم.
وَقَالَ النَّسَائِيّ أَيْضا: أَنا مُحَمَّد بن إِدْرِيس، ثَنَا عمر بن حَفْص بن غياث، حَدثنِي أبي، عَن مسعر، أَخْبرنِي طَلْحَة بن مصرف، عَن أبي مُسلم الْأَغَر، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَنْتَهِي الْبعُوث عَن غَزْو بَيت الله حَتَّى يخسف بِجَيْش مِنْهُم ".
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج: وَحدثت عَن أبي أُسَامَة. وَمِمَّنْ روى ذَلِك عَنهُ / إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا [بريد] بن عبد الله، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله إِذا أَرَادَ رَحْمَة أمة من عباده(4/598)
قبض نبيها قبلهَا، فَجعله لَهَا فرطا وسلفا بَين يَديهَا، وَإِذا أَرَادَ هلكة أمة عذبها ونبيها حَيّ، فأهلكها وَهُوَ ينظر فَأقر عينه بهلكتها حِين كذبوه وعصوا أمره ".
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو أُسَامَة بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
أَبُو دَاوُد: [ثَنَا مُوسَى بن سهل] ، حَدثنَا حجاج بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا ابْن وهب، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن أَبِيه، عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لن يعجز الله هَذِه الْأمة من نصف يَوْم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، حَدثنِي صَفْوَان، عَن شُرَيْح بن عبيد، عَن سعد بن أبي وَقاص، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي [لأرجو] أَلا (يعجز الله أمتِي) أَن يؤخرهم نصف يَوْم. قيل لسعد: وَكم نصف يَوْم: قَالَ: خَمْسمِائَة سنة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ الْأَعْرَاب إِذا قدمُوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلُوهُ عَن السَّاعَة مَتى السَّاعَة؟ فَنظر إِلَى أحدث إِنْسَان مِنْهُم، فَقَالَ: إِن يَعش هَذَا لم يُدْرِكهُ الْهَرم قَامَت عَلَيْكُم سَاعَتكُمْ ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني حجاج بن الشَّاعِر، حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي: ابْن زيد - ثَنَا معبد بن هِلَال الْعَنزي، عَن أنس بن مَالك " أَن(4/599)
رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَتى السَّاعَة؟ قَالَ: فَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (هنيَّة) ثمَّ نظر إِلَى غُلَام بَين يَدَيْهِ من أزذ شنُوءَة، فَقَالَ: إِن عمر هَذَا لم يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم السَّاعَة. قَالَ أنس: وَذَلِكَ الْغُلَام من أترابي يَوْمئِذٍ ".
مُسلم: حَدثنَا [مُحَمَّد] بن رَافع وَعبد بن حميد. قَالَ مُحَمَّد بن رَافع: حَدثنَا. وَقَالَ [عبد] : أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله وَأَبُو بكر بن سُلَيْمَان، أَن عبد الله / بن عمر قَالَ: " صلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة صَلَاة الْعشَاء فِي آخر حَيَاته فَلَمَّا سلم قَامَ فَقَالَ: أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه، فَإِن على رَأس مائَة سنة لَا يبْقى مِمَّن هُوَ على ظهر الأَرْض أحد. قَالَ ابْن عمر: فوهل النَّاس فِي مقَالَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِلْكَ فِيمَا يتحدثون من هَذِه الْأَحَادِيث عَن مائَة سنة، وَإِنَّمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يبْقى مِمَّن هُوَ الْيَوْم على ظهر الأَرْض أحد. يُرِيد بذلك أَن ينخرم ذَلِك الْقرن ".
مُسلم: حَدثنِي يحيى بن حبيب، ثَنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، سَمِعت أبي قَالَ: ثَنَا أَبُو نَضرة، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَالَ ذَلِك قبل مَوته بِشَهْر أَو نَحْو ذَلِك: مَا من نفس منفوسة الْيَوْم يَأْتِي عَلَيْهَا مائَة سنة (وَهِي يَوْمئِذٍ حَيَّة) ".
وَعَن عبد الرَّحْمَن صَاحب السِّقَايَة، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل ذَلِك. وفسرها عبد الرَّحْمَن قَالَ: نقص الْعُمر.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن ابْن(4/600)
شهَاب، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أَبِيه أَنه أخبرهُ، أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف قبلكُمْ من الْأُمَم كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، أُوتِيَ أهل التَّوْرَاة التَّوْرَاة فعملوا حَتَّى [إِذا] انتصف النَّهَار عجزوا فأعطوا قيراطا قيرطا، ثمَّ أُوتِيَ أهل الْإِنْجِيل الْإِنْجِيل فعملوا إِلَى صَلَاة الْعَصْر، ثمَّ عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا، ثمَّ أعطينا الْقُرْآن، فَعلمنَا إِلَى غرُوب الشَّمْس فأعطيناه قيراطين قيراطين، فَقَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ: أَي رَبنَا أَعْطَيْت هَؤُلَاءِ قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا قيراطا، وَنحن كُنَّا أَكثر عملا! قَالَ الله: هَل ظلمتكم من أجوركم من شَيْء؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهُوَ فضلي أوتيه من أَشَاء ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن هياج، ثَنَا مُحَمَّد بن (سعد) ، ثَنَا شريك، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالشَّمْس على قعيقعان فَقَالَ: مَا أعماركم فِي أَعمار من مضى إِلَّا كَمَا بَقِي من يومكم فيمَ مضى مِنْهُ ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن ابْن عمر بِإِسْنَاد حسن من هَذَا الْإِسْنَاد، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن مُجَاهِد / إِلَّا سَلمَة بن كهيل، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن سَلمَة إِلَّا شريك.
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وَأَبُو عَلْقَمَة الْفَروِي قَالَا: ثَنَا صَفْوَان بن سليم، عَن عبد الله بن سلمَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يبْعَث الله ريحًا من الْيمن أَلين من الْحَرِير فَلَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة - وَقَالَ عبد الْعَزِيز: مِثْقَال ذرة - من إِيمَان إِلَّا قَبضته ".(4/601)
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، ثَنَا بشير بن المُهَاجر، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لله - تبَارك وَتَعَالَى - ريحًا يبعثها عِنْد رَأس (كل) مائَة سنة فتقبض روح كل مُؤمن ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن بُرَيْدَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن بشير بن المُهَاجر، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِلَى مائَة سنة يبْعَث الله ريحًا بَارِدَة طيبَة يقبض فِيهَا روح كل مُؤمن ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن أبي حَازِم؛ أَنه سمع سهلا يَقُول: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُشِير بإصبعه الَّتِي تلِي الْإِبْهَام وَالْوُسْطَى وَهُوَ يَقُول: بعثت أَنا والساعة هَكَذَا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو غَسَّان المسمعي، ثَنَا مُعْتَمر، عَن أَبِيه، عَن معبد، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بعثت أَنا والساعة كهاتين. قَالَ: وَضم السبابَة وَالْوُسْطَى ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن، ثَنَا بشير بن المُهَاجر الغنوي، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " بعثت أَنا والساعة جَمِيعًا أَن كَادَت لتسبقني ".
بَاب فِي قيام السَّاعَة وعَلى من تقوم
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عَفَّان، [ثَنَا حَمَّاد] ، أَنا ثَابت، عَن(4/602)
أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض: الله الله ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا / معمر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة على أحد يَقُول: الله الله ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن - يَعْنِي ابْن مهْدي - حَدثنَا شُعْبَة، عَن عَليّ بن الْأَقْمَر، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار النَّاس ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن [بشار، ثَنَا] غنْدر، ثَنَا شُعْبَة، عَن وَاصل، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من شرار النَّاس من تُدْرِكهُمْ السَّاعَة (أَحيَاء) ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ قَالَ: " تقوم السَّاعَة وَالرجل يحلب اللقحة فَمَا يصل الْإِنَاء إِلَى فِيهِ حَتَّى تقوم، وَالرجلَانِ يتبايعان الثَّوْب فَمَا يتبايعانه حَتَّى تقوم، وَالرجل يلوط فِي حَوْضه فَمَا يصدر حَتَّى تقوم ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن النُّعْمَان بن سَالم قَالَ سَمِعت يَعْقُوب بن عَاصِم بن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ يَقُول: " سَمِعت عبد الله بن عَمْرو، وَجَاء رجل فَقَالَ: مَا هَذَا الحَدِيث الَّذِي تحدث بِهِ تَقول إِن السَّاعَة تقوم إِلَى كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله - أَو: لَا إِلَه إِلَّا الله. أَو(4/603)
كلمة نَحْوهَا - لقد هَمَمْت أَنِّي لَا أحدث [أحدا] شَيْئا أبدا، إِنَّمَا قلت: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ بعد قَلِيل أمرا عَظِيما (يحرق) الْبَيْت وَيكون وَيكون. ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يخرج الدَّجَّال فِي أمتِي فيمكث أَرْبَعِينَ - لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو أَرْبَعِينَ شهرا أَو أَرْبَعِينَ عَاما - فيبعث الله - عز وَجل - عِيسَى ابْن مَرْيَم كَأَنَّهُ عُرْوَة بن مَسْعُود فيطلبه فيهلكه، ثمَّ يمْكث النَّاس سبع سِنِين لَيْسَ بَين اثْنَيْنِ عَدَاوَة، ثمَّ يُرْسل الله ريحًا بَارِدَة من قبل الشَّام، فَلَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحد فِي قلبه مِثْقَال ذرة من خير أَو إِيمَان إِلَّا قَبضته حَتَّى (إِن أحدكُم لَو) دخل فِي كبد جبل لدخلته عَلَيْهِ حَتَّى تقبضه. قَالَ: (سمعته) من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَيبقى شرار النَّاس فِي خفَّة / الطير وأحلام السبَاع، لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا. قَالَ: فيتمثل لَهُم الشَّيْطَان، فَيَقُول: أَلا تستجيبون؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرنَا؟ فيأمرهم بِعبَادة الْأَوْثَان وهم فِي ذَلِك دَار رزقهم حسن عيشهم، ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور فَلَا يسمعهُ أحد إِلَّا أصغى ليتا وَرفع ليتا. قَالَ: وَأول من يسمعهُ رجل يلوط حَوْض إبِله. قَالَ: فيصعق ويصعق النَّاس، ثمَّ يُرْسل الله - أَو قَالَ: ينزل الله - مَطَرا كَأَنَّهُ الطل - أَو الظل. نعْمَان الشاك - فتنبت مِنْهُ أجساد النَّاس، ثمَّ ينْفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ ثمَّ يُقَال: يَا أَيهَا النَّاس، هلموا إِلَى ربكُم {وقفوهم إِنَّهُم مسئولون} ثمَّ يُقَال: أخرجُوا بعث النَّار. فَيُقَال: من كم؟ فَيُقَال: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ قَالَ: فَذَلِك يَوْم {يَجْعَل الْولدَان شيبا} وَذَلِكَ {يَوْم يكْشف عَن سَاق} ".(4/604)
تمّ كتاب الْفِتَن وأشراط السَّاعَة، وبتمامه تمّ جَمِيع الْكتاب، وَالْحَمْد لله حق حَمده، وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا.
وَكَانَ الْفَرَاغ من نُسْخَة أول الثُّلُث الآخر من اللَّيْلَة المسفر صباحها، وَهِي سلخ شهر جمادي الْآخِرَة من شهور سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة أحسن الله تقضيها.
غفر الله لكَاتبه وقارئه والناظر فِيهِ، بِرَحْمَتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ، آمين يَا رب الْعَالمين، أحينا على الْكتاب وَالسّنة وتوفنا عَلَيْهَا.(4/605)