مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي سُلَيْمَان ابْن بِلَال، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن حَدثهُ، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَنْبَغِي لصديق أَن يكون لعاناً ".
مُسلم: حَدثنِي سُوَيْد بن سعيد، حَدثنِي حَفْص بن ميسرَة، عَن زيد بن أسلم، عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت: سَمِعت أَبَا الدَّرْدَاء يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يكون اللعانون شُهَدَاء وَلَا شُفَعَاء يَوْم الْقِيَامَة ". مُخْتَصر.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن سَابق، عَن إِسْرَائِيل، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ الْمُؤمن بالطعان وَلَا اللّعان وَلَا الْفَاحِش وَلَا الْبَذِيء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن يُونُس، حَدثنَا إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، حَدثنَا شُعَيْب بن حَرْب، أَنا عمر بن ذَر، ثَنَا الْعيزَار بن جَرْوَل، سَمِعت أَبَا عُمَيْر وَكَانَ صديقا لعبد الله بن مَسْعُود - يحدث عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن اللَّعْنَة إِذا هِيَ وجهت إِلَى أحد تَوَجَّهت، فَإِن وجدت عَلَيْهِ سَبِيلا أَو وجدت فِيهِ مسلكاً دخلت عَلَيْهِ، وَإِلَّا رجعت إِلَى رَبهَا - عز وَجل - فَقَالَت: أَي رب إِن فلَانا وجهني إِلَى فلَان، وَإِنِّي لم أجد عَلَيْهِ سَبِيلا، وَلم أجد فِيهِ مسلكاً. قَالَ: ارجعي من حَيْثُ جِئْت ". الْعيزَار بن جَرْوَل ثِقَة ذكر ذَلِك يحيى بن معِين، وَعمر بن ذَر ثِقَة، وَشُعَيْب ابْن حَرْب ثِقَة مَأْمُون.(3/175)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا زيد بن أخزم، ثَنَا بشر بن عمر، ثَنَا أبان بن يزِيد، ثَنَا قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا لعن الرّيح، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تلعن الرّيح؛ فَإِنَّهَا مأمورة، وَإنَّهُ من لعن شَيْئا لَيْسَ لَهُ بِأَهْل رجعت اللَّعْنَة عَلَيْهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى وَذكر هَذَا الحَدِيث: هَذَا حَدِيث (غَرِيب) ، لَا نعلم أحدا أسْندهُ غير بشر بن عمر.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا هِشَام، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تلاعنوا بلعنة الله، وَلَا بغضب الله، وَلَا بالنَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب النَّهْي عَن سبّ الْمَوْتَى
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا الْأَمْوَات فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا وَكِيع، حَدثنِي هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا مَاتَ صَاحبكُم فَدَعوهُ لَا تعقوا فِيهِ ".(3/176)
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، حَدثنِي أَحْمد بن إِسْحَاق، ثَنَا وهيب، ثَنَا مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن، عَن أمه، عَن عَائِشَة قَالَت: " ذكر عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَالك بِسوء، فَقَالَ: لَا تَذكرُوا هلكاكم إِلَّا بِخَير ".
بَاب قَول الرجل للرجل وَيلك وتربت يَمِينك وَنَحْوه
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا همام، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة، فَقَالَ: اركبها. قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة. (قَالَ: اركبها. قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة) . قَالَ: اركبها وَيلك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عَمْرو] بن عَاصِم، ثَنَا همام، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن رجلا من أَصْحَاب الْبَادِيَة أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَتى السَّاعَة، مَتى السَّاعَة قَائِمَة؟ قَالَ: وَيلك، مَا أَعدَدْت لَهَا؟ قَالَ: مَا أَعدَدْت لَهَا إِلَّا أَنِّي أحب الله وَرَسُوله. قَالَ: إِنَّك مَعَ من أَحْبَبْت. قَالَ: فَقُلْنَا: وَنحن كَذَلِك؟ قَالَ: نعم، ففرحنا يَوْمئِذٍ فَرحا شَدِيدا فَمر غُلَام للْمُغِيرَة وَكَانَ من أقراني فَقَالَ: إِن أخر هَذَا فَلَنْ يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم السَّاعَة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن خَلاد الْبَاهِلِيّ، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، حَدثنِي عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، أَنه حَدثهمْ قَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ " أَن أَعْرَابِيًا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْهِجْرَة، فَقَالَ: وَيحك إِن شَأْن الْهِجْرَة لشديد، فَهَل لَك من إبل؟ قَالَ:(3/177)
نعم. قَالَ: فَهَل تُؤدِّي صدقتها؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فاعمل من وَرَاء الْبحار، فَإِن الله لن يتْرك من عَمَلك شَيْئا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو، ثَنَا فُضَيْل بن سُلَيْمَان، ثَنَا يزِيد بن عَامر بن أبي الْيُسْر، عَن أَبِيه، عَن أبي الْيُسْر " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، دلَّنِي على عمل يدخلني الْجنَّة. قَالَ: أمسك هَذَا. وَأَشَارَ إِلَى لِسَانه، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: ثكلتك أمك، هَل يكب النَّاس على مناخرهم فِي النَّار إِلَّا حصائد ألسنتهم؟ ! ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي الْيُسْر إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا [عَمْرو] بن مَالك عَن فُضَيْل بن سُلَيْمَان، وَلم نسْمع أحدا تَابعه على هَذَا الحَدِيث وَلَا رَأَيْنَاهُ عِنْد أحد بِإِسْنَاد خلاف هَذَا الْإِسْنَاد، فنعلم أَنه قد أوهم فِيهِ، أَو يكون هُوَ الْمُصِيب، فَلَمَّا لم نعلم لَهُ عِلّة، ذَكرْنَاهُ إِذْ كَانَ إِسْنَاده حسنا وَمَتنه غَرِيبا.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " إِن افلح أَخا أبي القعيس اسْتَأْذن عَليّ بَعْدَمَا أنزل الْحجاب، فَقلت: وَالله لَا آذن لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِن أَخا أبي القعيس لَيْسَ هُوَ أرضعني وَلَكِن أرضعتني امْرَأَة أبي القعيس، فَدخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن الرجل لَيْسَ هُوَ أرضعني وَلَكِن أرضعتني امْرَأَته. فَقَالَ: ائذني لَهُ فَإِنَّهُ عمك، تربت يَمِينك. قَالَ عُرْوَة: فبذلك كَانَت عَائِشَة تَقول: حرمُوا من الرضَاعَة مَا يحرم من النّسَب ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا الحكم، عَن إِبْرَاهِيم، عَن(3/178)
الْأسود، عَن عَائِشَة قَالَت: " أَرَادَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن ينفر فَرَأى صَفِيَّة على بَاب خبائها كئيبة حزينة، لِأَنَّهَا حَاضَت، فَقَالَ: عقرى حلقى - لُغَة لقريش - إِنَّك لحابستنا (لحابستنا) . ثمَّ قَالَ: كنت أفضت يَوْم النَّحْر - يَعْنِي: الطّواف -؟ قَالَت: نعم. قَالَ: فانفري إِذا ".
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن سبه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْمُسلمين أَو دَعَا عَلَيْهِ
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخل على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلَانِ فَكَلمَاهُ بِشَيْء فأغضباه، فلعنهما وسبهما، فَلَمَّا خرجا قلت: يَا رَسُول الله، لمن أصَاب من الْخَيْر شَيْء مَا أَصَابَهُ هَذَانِ. قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالَت: قلت: لعنتهما وسببتهما. قَالَ: أَو مَا علمت مَا شارطت عَلَيْهِ رَبِّي، فَقلت: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنا بشر فَأَي الْمُسلمين لعنته أَو سببته فاجعله لَهُ زَكَاة وَأَجرا ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عمر بن يُونُس، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، ثَنَا إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ: حَدثنِي أنس بن مَالك قَالَ: " كَانَت عِنْد أم سليم يتيمة - وَهِي أم أنس - فَرَأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْيَتِيمَة فَقَالَ: آنت هيه، لقد كَبرت لاكبر سنك. فَرَجَعت الْيَتِيمَة إِلَى أم سليم تبْكي، فَقَالَت أم سليم: مَا لَك يَا بنية؟ قَالَت الْجَارِيَة: دَعَا عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلا يكبر سني، فَالْآن لَا يكبر سني أبدا - أَو قَالَت: قَرْني - فَخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حَتَّى لقِيت رَسُول الله، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا لَك يَا أم سليم؟ فَقَالَت: يَا نَبِي الله،(3/179)
أدعوت على يتيمتي؟ قَالَ: وَمَا ذَاك يَا أم سليم [قَالَت] : زعمت أَنَّك دَعَوْت أَلا يكبر سنّهَا - أَولا يكبر قرنها - قَالَ: فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ قَالَ: يَا أم سليم، أما تعلمين أَن شرطي على رَبِّي أَنِّي اشْترطت على رَبِّي فَقلت: إِنَّمَا أَن بشر أرْضى كَمَا يرضى الْبشر، وأغضب كَمَا يغْضب الْبشر، فأيما أحد دَعَوْت عَلَيْهِ من أمتِي بدعوة لَيْسَ لَهَا بِأَهْل، أَن يَجْعَلهَا لَهُ طهُورا، وَزَكَاة، وقربة يقربهُ بهَا مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذ عنْدك عهدا لن تخلفنيه، فَإِنَّمَا أَنا بشر، فَأَي الْمُؤمنِينَ آذيته، شتمته، لعنته، جلدته، فاجعلها لَهُ (رَحْمَة) ، وَزَكَاة، وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة ".
بَاب من أحب أَلا يسب نسبه وَإِن كَانُوا كفَّارًا
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا [يحيى بن] زَكَرِيَّا، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " قَالَ حسان: يَا رَسُول الله، ائْذَنْ لي فِي أبي سُفْيَان. فَقَالَ: كَيفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ؟ قَالَ: وَالَّذِي أكرمك، لأسلنك مِنْهُم كَمَا تسل الشعرة من الخميرة، فَقَالَ الحسان: % (وَإِن سَنَام الْمجد من آل هَاشم % بَنو ابْنة مَخْزُوم ووالدك العَبْد) %
البُخَارِيّ: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " اسْتَأْذن حسان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هجاء الْمُشْركين، فَقَالَ: كَيفَ(3/180)
بنسبي؟ قَالَ: لأسلنك مِنْهُم كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين ". وَعَن أَبِيه قَالَ: " ذهبت أسب حسان عِنْد عَائِشَة، فَقَالَت: لَا نسبه، فَإِنَّهُ كَانَ ينافح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
بَاب مَا جَاءَ فِي التهاجر
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحل لمُسلم أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث لَيَال، يَلْتَقِيَانِ فَيعرض هَذَا ويعرض هَذَا، وخيرهما الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي فديك، أَنا الضَّحَّاك - وَهُوَ ابْن عُثْمَان - عَن نَافِع، عَن عبد الله بن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحل لِلْمُؤمنِ أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاثَة أَيَّام ".
مُسلم: ثَنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا هِجْرَة بعد ثَلَاث ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تفتح أَبْوَاب الْجنَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَيَوْم الْخَمِيس، فَيغْفر لكل عبد لَا يُشْرك بِاللَّه [شَيْئا] إِلَّا رجلا كَانَت بَينه وَبَين أَخِيه شَحْنَاء، فَيَقُول: أنظروا هذَيْن حَتَّى يصطلحا، أنظروا هذَيْن حَتَّى يصطلحا ".(3/181)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن يزِيد الرشك، عَن معَاذَة، عَن هِشَام [بن] عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يحل أَن يصطرما فَوق ثَلَاث، فَإِن اصطرما فَوق ثَلَاث لم يجتمعا فِي الْجنَّة أبدا وَأيهمَا بَدَأَ صَاحبه كفرت عَنهُ ذنُوبه، وَإِن هُوَ سلم فَلم يرد عَلَيْهِ، وَلم يقبل سَلَامه رد عَلَيْهِ الْملك ورد على ذَلِك الشَّيْطَان ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح الْبَزَّار، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن مَنْصُور، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يحل لمُسلم أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث فَمن هجر فَوق ثَلَاث، فَمَاتَ دخل النَّار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة، ثَنَا عبد الله بن الْمُنِيب، أَخْبرنِي هِشَام بن عُرْوَة، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يكون لمُسلم أَن يهجر مُسلما فَوق ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِذا [لقِيه] سلم عَلَيْهِ ثَلَاث مرار كل ذَلِك لَا يرد عَلَيْهِ فقد بَاء بإثمه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن السَّرْح، ثَنَا ابْن وهب، عَن حَيْوَة، عَن أبي عُثْمَان الْوَلِيد [بن] أبي الْوَلِيد، عَن عمرَان بن أبي أنس، عَن أبي أخراش السّلمِيّ، أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من هجر أَخَاهُ سنة فَهُوَ كسفك دَمه ".(3/182)
أَبُو خرَاش اسْمه: حَدْرَد، ذكره ابْن أبي حَاتِم بِهَذَا الحَدِيث، روى عَنهُ عمرَان بن أبي أنس.
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد، حَدثنِي أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن زيد بن وهب، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو أَن رجلَيْنِ دخلا فِي الْإِسْلَام فاهتجرا، لَكَانَ أَحدهمَا خَارِجا من الْإِسْلَام حَتَّى يرجع - يَعْنِي: الظَّالِم مِنْهُمَا ".
بَاب مَا يجوز من الهجران لأهل الْمعاصِي
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَخْبرنِي عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك، أَن عبد الله ابْن كَعْب - وَكَانَ قَائِد كَعْب من بنيه حِين عمي - قَالَ: " سَمِعت كَعْب بن مَالك يحدث حَدِيثه حِين تخلف عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك، قَالَ: وَنهى رَسُول الله الْمُسلمين عَن كلامنا أَيهَا الثَّلَاثَة، فَاجْتَنَبَنَا النَّاس، وَقَالَ: تغيرُوا لنا حَتَّى تنكرت لي فِي نَفسِي الأَرْض، فَمَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي أعرف، فلبثنا على ذَلِك خمسين لَيْلَة ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْغَيْبَة والبهتان
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن [أَيُّوب] وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا الْغَيْبَة؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: ذكرك أَخَاك بِمَا يكره. قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن كَانَ(3/183)
فِي أخي مَا أَقُول؟ قَالَ: إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقول فقد اغْتَبْته، وَإِن لم يكن فِيهِ فقد بَهته ".
بَاب تَحْرِيم أَعْرَاض الْمُسلمين وَمَا جَاءَ فِي ذَلِك
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنِي يزِيد بن هَارُون، أَنا عَاصِم بن مُحَمَّد بن زيد، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى: " أَتَدْرُونَ أَي يَوْم هَذَا؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. [فَقَالَ: فَإِن هَذَا يَوْم حرَام، أفتدرون أَي بلد هَذِه؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم] . قَالَ: بلد حرَام. قَالَ: فَإِن الله حرم عَلَيْكُم دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ، كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ، عَن زَائِدَة، عَن شبيب بن [غرقدة] عَن سُلَيْمَان بن عَمْرو بن الْأَحْوَص، ثَنَا أبي " أَنه شهد حجَّة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر وَوعظ ثمَّ قَالَ: أَي يَوْم أحرم؟ أَي يَوْم أحرم؟ أَي يَوْم أحرم؟ قَالَ: فَقَالَ النَّاس: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ عَلَيْكُم حرَام، كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي شهركم هَذَا، أَلا لَا يجني جَان إِلَّا على نَفسه، لَا يجني وَالِد على وَلَده، أَلا إِن الْمُسلم أَخُو الْمُسلم، فَلَيْسَ يحل لمُسلم من أَخِيه إِلَّا مَا أحل من نَفسه ... " وَذكر الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/184)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن شبيب، عَن سُلَيْمَان بن عَمْرو بن الْأَحْوَص، عَن أَبِيه قَالَ: " قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع يَقُول: أَلا أَي يَوْم أحرم - ثَلَاث مَرَّات -؟ قَالُوا لَهُ: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر. قَالَ: فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ بَيْنكُم حرَام، كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا، أَلا لَا يجني جَان إِلَّا على نَفسه، لَا يجني وَالِد على وَالِده، وَلَا مَوْلُود على وَالِده، أَلا أَن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبد فِي بلدكم هَذَا، وَلَكِن سَتَكُون لَهُ طَاعَة فِي بعض مَا تحقرون من أَعمالكُم يرضى بهَا ... " وَذكر الحَدِيث، قَالَ فِي آخِره: " أَلا يَا أمتاه هَل بلغت - ثَلَاث مَرَّات -؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَوْف، ثَنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا عبد الله ابْن أبي حُسَيْن، ثَنَا نَوْفَل بن مساحق، عَن سعيد بن زيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن من أربى الرِّبَا الاستطالة فِي عرض الْمُسلم بِغَيْر حق ".
نَوْفَل بن مساحق كَانَ قَاضِيا بِالْمَدِينَةِ، روى عَن: كَعْب، وَأم سَلمَة، وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل.
أَبُو دَاوُد: ثَنَا جَعْفَر بن مُسَافر، ثَنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، ثَنَا زُهَيْر، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من الْكَبَائِر استطالة الْمَرْء فِي عرض رجل مُسلم بِغَيْر حق، وَمن الْكَبَائِر السبتان بالسبة ".
هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي دَاوُد.
قَالَ أَبُو دَاوُد أَيْضا: حَدثنَا ابْن الْمُصَفّى، ثَنَا بَقِيَّة وَأَبُو الْمُغيرَة قَالَا: ثَنَا(3/185)
صَفْوَان، حَدثنِي رَاشد بن سعد وَعبد الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما عرج بِي مَرَرْت على قوم لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون وُجُوههم وصدورهم، فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس، ويقعون فِي أعراضهم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا أسود بن عَامر، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن الْأَعْمَش، عَن سعيد بن عبد الله بن جريج، عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله
: " يَا معشر من آمن بلسانة وَلم يدْخل الْإِيمَان قلبه، لَا
تَغْتَابُوا الْمُسلمين، وَلَا تتبعوا عَوْرَاتهمْ؛ فَإِنَّهُ من اتبع عوارتهم يتبع الله عَوْرَته، وَمن يتبع الله عَوْرَته يَفْضَحهُ فِي بَيته ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا الْأسود بن شَيبَان، ثَنَا بَحر بن مرار، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمشي إِذْ أَتَى على قبرين يعذبان، فَقَالَ: إِن هذَيْن القبرين ليعذبان. فَدَعَا بجريدة، فَأتي بجريدة فَشَقهَا بنصفين، وَجعل فِي هَذَا الْقَبْر وَاحِدَة،، وَفِي هَذَا الْقَبْر وَاحِدَة ثمَّ قَالَ: لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا دامتا رطبتين، ثمَّ قَالَ: إنَّهُمَا ليعذبان فِي غير كَبِير: الْغَيْبَة، وَالْبَوْل ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا يرويهِ عَن أبي بكرَة إِلَّا من هَذَا الطَّرِيق. انْتهى كَلَام أبي بكر.
بَحر هَذَا هُوَ ابْن مرار بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، روى عَنهُ: شُعْبَة، وَحَمَّاد بن زيد، وَيحيى بن سعيد وَغَيرهم، أثنى عَلَيْهِ يحيى بن سعيد خيرا، وَوَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَأحمد بن حَنْبَل، وَقَالَ النَّسَائِيّ فِيهِ: تغير بِأخرَة.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح الْحِمصِي، ثَنَا بَقِيَّة، عَن ابْن ثَوْبَان،(3/186)
عَن أَبِيه، عَن مَكْحُول، عَن وَقاص بن ربيعَة، عَن الْمُسْتَوْرد أَنه حَدثهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أكل بِرَجُل مُسلم أَكلَة فَإِن الله يطعمهُ مثلهَا من جَهَنَّم، وَمن كسي ثوبا بِرَجُل مُسلم فَإِن الله يكسوه مثله من جَهَنَّم، وَمن قَامَ بِرَجُل مقَام سمعة ورياء فَإِن الله يقوم بِهِ مقَام سمعة ورياء يَوْم الْقِيَامَة ".
رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ: عَن عَليّ بن معبد، عَن روح بن عبَادَة، عَن ابْن جريج، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن وَقاص بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " من قَامَ بِرَجُل مُسلم مقَام سَمعه: (فَإِن) الله يقوم بِهِ مقَام سمعة يَوْم الْقِيَامَة ".
بَاب الذب عَن عرض الْمُسلم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن الصَّباح، ثَنَا ابْن أبي مَرْيَم، أَخْبرنِي اللَّيْث، حَدثنِي يحيى بن سليم، أَنه سمع إِسْمَاعِيل بن بشير يَقُول: سَمِعت جَابر بن عبد الله وَأَبا طَلْحَة الْأنْصَارِيّ يَقُولَانِ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من امْرِئ يخذل امْرأ مُسلما فِي مَوضِع تنتهك فِيهِ حرمته، وينتقص فِيهِ من عرضه إِلَّا خذله الله فِي موطن يحب فِيهِ نصرته، وَمَا من امْرِئ ينصر مُسلما فِي مَوضِع ينتقص فِيهِ من عرضه، وينتهك فِيهِ من حرمته إِلَّا نَصره الله فِي موطن يحب فِيهِ نصرته ".
قَالَ يحيى: وحدثنيه عبيد الله بن عبد الله بن عمر وَعقبَة بن شَدَّاد.
قَالَ أَبُو دَاوُد: يحيى بن سليم هَذَا هُوَ ابْن زيد مولى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَإِسْمَاعِيل ابْن بشير مولى بني مغالة، وَقد قيل: عتبَة بن شَدَّاد مَوضِع عقبَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، أَنا ابْن الْمُبَارك، عَن أبي بكر النَّهْشَلِي، عَن مَرْزُوق أبي بكر التَّيْمِيّ، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من رد عَن عرض أَخِيه؛ رد الله عَن وَجهه النَّار يَوْم الْقِيَامَة ".(3/187)
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث حسن.
وَمن حَدِيث الْحَاكِم: قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن سختويه الْعدْل، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي وَأَبُو يحيى النَّاقِد قَالَا: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة الزبيرِي، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن حميد، عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من نصر أَخَاهُ بِظهْر الْغَيْب نَصره الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ".
بَاب مَا يجوز من ذكر النَّاس نَحْو قَوْلهم الطَّوِيل والقصير وَمَا لَا يُرَاد بِهِ شين الرجل
البُخَارِيّ: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا يزِيد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة فِي حَدِيث ذكره قَالَ: " وَفِي الْقَوْم رجل كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدعُوهُ ذَا الْيَدَيْنِ ".
بَاب من لَيست لَهُ غيبَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا سُفْيَان، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " اسْتَأْذن رجل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: بئس ابْن الْعَشِيرَة [أَو بئس] رجل الْعَشِيرَة. قَالَت: ثمَّ قَالَ: ائذنوا لَهُ. فَلَمَّا دخل ألان لَهُ القَوْل فَقَالَت عَائِشَة: يَا رَسُول الله، ألنت لَهُ القَوْل وَقد قلت لَهُ مَا قلت قَالَ: إِن شَرّ النَّاس عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة من ودعه - أَو تَركه - النَّاس لاتقاء فحشه ".
بَاب من تصدق بعرضه
الْبَزَّار: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي الْحَارِث، ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم، ثَنَا مُحَمَّد(3/188)
ابْن عبد الله الْعمي، ثَنَا ثَابت، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كثيرا مَا يَقُول: أتعجزون أَن تَكُونُوا مثل أبي ضَمْضَم؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا أَبُو ضَمْضَم؟ قَالَ: كَانَ رجلا قبلنَا، فَكَانَ إِذا أصبح يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتصدق بعرضي على من ظَلَمَنِي ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن ثَابت إِلَّا مُحَمَّد بن عبد الله الْعمي.
بَاب من أخبر صَاحبه بِمَا قيل فِيهِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " قسم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قسْمَة، فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: وَالله مَا أَرَادَ مُحَمَّد بِهَذَا وَجه الله. فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته، فتمعر وَجهه وَقَالَ: رحم الله مُوسَى لقد أوذي بِأَكْثَرَ من هَذَا فَصَبر ".
بَاب مَا جَاءَ فِي النميمة وَرفع الحَدِيث وَسُوء ذَات الْبَين
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت أَبَا إِسْحَاق، يحدث عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: إِن مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا أنبئكم مَا العضة، هِيَ النميمة القالة بَين النَّاس. وَإِن مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الرجل يصدق حَتَّى يكْتب صديقا، ويكذب حَتَّى يكْتب كذابا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى، ثَنَا وَكِيع، عَن الْأَعْمَش، سَمِعت مُجَاهدًا، يحدث عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " مر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قبرين فَقَالَ:(3/189)
إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير، أما هَذَا فَكَانَ لَا يسْتَتر من بَوْله، وَأما هَذَا فَكَانَ يمشي بالنميمة. ثمَّ دَعَا بعسب رطب فشقه بِاثْنَتَيْنِ، فغرس على هَذَا وَاحِدًا وعَلى هَذَا وَاحِدًا، ثمَّ قَالَ: لَعَلَّه أَن يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا ".
وللبخاري: فِي بعض الْأَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " وَمَا يعذبان فِي كَبِير بلَى إِنَّه لكبير " وَقد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْإِيمَان ".
وروى البُخَارِيّ أَيْضا قَالَ: ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن همام قَالَ: " كُنَّا مَعَ حُذَيْفَة فَقيل لَهُ: إِن رجلا يرفع الحَدِيث [إِلَى عُثْمَان] ، فَقَالَ حُذَيْفَة: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يدْخل الْجنَّة قَتَّات ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَذِب
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع قَالَا: ثَنَا الْأَعْمَش.
وثنا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عَلَيْكُم بِالصّدقِ؛ فَإِن الصدْق يهدي إِلَى الْبر، وَإِن الْبر يهدي إِلَى الْجنَّة، وَمَا يزَال الرجل يصدق ويتحرى الصدْق حَتَّى يكْتب عِنْد الله صديقا، وَإِيَّاكُم وَالْكذب، فَإِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور، وَإِن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار، وَمَا يزَال الرجل يكذب ويتحرى الْكَذِب حَتَّى يكْتب عِنْد الله كذابا ".(3/190)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان، ثَنَا شُعْبَة قَالَ: أَبُو إِسْحَاق أَنبأَنَا، عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: كَانَ عبد الله يَقُول: " [إِن الْكَذِب] لَا يصلح مِنْهُ جد وَلَا هزل، وَلَا أَن يعد الرجل صَبيا ثمَّ لَا يُنجزهُ لَهُ، وَإِن مُحَمَّدًا - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ: أَلا أنبئكم مَا العضة؟ هِيَ النميمة القالة بَين النَّاس، وَإِن مُحَمَّدًا - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ لنا: لَا يزَال الرجل يصدق حَتَّى يكْتب عِنْد الله صديقا، وَلَا يزَال الرجل يكذب حَتَّى يكْتب عِنْد الله كذابا، أَلا ترَوْنَ أَنه يُقَال للصادق: صدق وبر، وَيُقَال للكذب: كذب وفجر، وَإِن الصدْق يهدي إِلَى الْبر، وَإِن الْبر يهدي إِلَى الْجنَّة، وَإِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور، وَإِن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن سَلام، أَنا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن أبي سُهَيْل نَافِع بن مَالك، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث: إِذا حدث كذب، وَإِذا وعد أخلف، وَإِذا اؤتمن خَان ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن دَاوُد، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُؤمن: إِذا حدث كذب، وَإِذا وعد أخلف، وَإِذا اؤتمن خَان ".
تفرد بِهِ حَمَّاد، عَن دَاوُد.
قد أَيْضا من طَرِيق مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا أَنه قَالَ: " وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يُونُس، عَن لَيْث، عَن يزِيد، عَن ابْن سِنَان،(3/191)
عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تقبلُوا لي بست أتقبل لكم بِالْجنَّةِ. قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: إِذا حدث أحدكُم فَلَا يكذب، وَإِذا وعد فَلَا يخلف، وَإِذا اؤتمن فَلَا يخن، وغضوا أبصاركم، وَكفوا أَيْدِيكُم، واحفظوا فروجكم ".
لَيْث هُوَ ابْن سعد، وَيزِيد هُوَ ابْن أبي حبيب، وَابْن سِنَان هُوَ سعد، وَيُقَال: سِنَان بن سعد، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين.
الْبَزَّار: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن زِيَاد الصَّائِغ، ثَنَا دَاوُد بن رشيد، ثَنَا عَليّ بن هَاشم، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي إِسْحَاق، عَن مُصعب بن سعد، عَن أَبِيه، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يطبع الْمُؤمن على كل خلة غير الْخِيَانَة وَالْكذب ".
[أوقفهُ] غير عَليّ بن هَاشم.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى قَالَ: قلت لعبد الرَّحِيم بن هَارُون الغساني: حَدثكُمْ عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كذب العَبْد تبَاعد عَنهُ الْملك ميلًا من نَتن مَا جَاءَ بِهِ ".
قَالَ يحيى: فَأقر بِهِ عبد الرَّحِيم، فَقَالَ: نعم.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (جيد غَرِيب) لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، تفرد بِهِ عبد الرَّحِيم بن هَارُون.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن أَيُّوب، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا كَانَ خلق أبْغض إِلَى رَسُول(3/192)
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْكَذِب، وَلَقَد كَانَ الرجل يتحدث عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالكذبة مَا تزَال فِي نَفسه حَتَّى يعلم أَنه قد أحدث مِنْهَا تَوْبَة ".
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث حسن.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا جرير، ثَنَا أَبُو رَجَاء، عَن سَمُرَة ابْن جُنْدُب قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَأَيْت اللَّيْلَة رجلَيْنِ أتياني قَالَا: الَّذِي رَأَيْته يشق (رَأسه) فكذاب يحدث بالكذبة تحمل عَنهُ حَتَّى تبلغ الْآفَاق، فيصنع بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
بَاب مَا يجوز من الْكَذِب
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، أَن أمه أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط، وَكَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول اللَّاتِي بايعن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: " لَيْسَ الْكذَّاب الَّذِي يصلح بَين النَّاس وَيَقُول خيرا أَو ينمي خيرا ". قَالَ ابْن شهَاب: وَلم أسمع يرخص فِي شَيْء مِمَّا يَقُول النَّاس كذب إِلَّا فِي ثَلَاث: الْحَرْب، والإصلاح بَين النَّاس، وَحَدِيث الرجل امْرَأَته، وَحَدِيث الْمَرْأَة زَوجهَا.
حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، ثَنَا أبي، عَن صَالح ثَنَا مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، غير أَن فِي حَدِيث(3/193)
صَالح وَقَالَت: " وَلم أسمعهُ يرخص فِي شَيْء مِمَّا يَقُول النَّاس إِلَّا فِي ثَلَاث ... ". بِمثل مَا جعله يُونُس من قَول ابْن شهَاب.
بَاب مَا جَاءَ فِي حلف الميعاد والخيانة والخديعة
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان أَبُو الرّبيع، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، ثَنَا نَافِع بن مَالك [بن] أبي عَامر أَبُو سهل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث: إِذا حدث كذب، وَإِذا وعد أخلف، وَإِذا اؤتمن خَان ".
زَاد مُسلم: فِي هَذَا الحَدِيث: " وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم " رَوَاهُ من طَرِيق أُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد تقدم فِي الْإِيمَان ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن مُوسَى السَّامِي، ثَنَا أَبُو هِلَال، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " مَا خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطْبَة إِلَّا قَالَ فِي خطبَته: لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ، وَلَا دين لمن لَا عهد لَهُ ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا رَوَاهُ إِلَّا أنس، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا غير هَذَا الطَّرِيق. انْتهى كَلَام أبي بكر الْبَزَّار.
أَبُو هِلَال اسْمه مُحَمَّد بن سليم الرَّاسِبِي ضعفه البُخَارِيّ، وَكَانَ يحيى لَا يحدث عَنهُ، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: أَبُو هِلَال مُضْطَرب الحَدِيث عَن قَتَادَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ صَدُوق يحول من كتاب الضُّعَفَاء. وَقَالَ فِيهِ يحيى بن معِين صُوَيْلِح لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَكَانَ عبد الرَّحْمَن يحدث عَنهُ.(3/194)
مُسلم: حَدثنِي أَبُو غَسَّان المسمعي وَمُحَمّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار، وَاللَّفْظ لأبي غَسَّان وَابْن مثنى قَالَا: ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عَن عِيَاض بن حمَار، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَأهل النَّار خَمْسَة: الضَّعِيف الَّذِي لَا زبر لَهُ، الَّذين هم فِيكُم تبعا لَا يتبعُون أَهلا وَلَا مَالا، والخائن الَّذِي لَا يخفى لَهُ طمع وَإِن دق إِلَّا خانه، وَرجل لَا يصبح وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يخادعك عَن أهلك وَمَالك. وَذكر الْبُخْل أَو الْكَذِب والسنظير الفحاش ".
بَاب الْإِصْلَاح بَين النَّاس
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي وَإِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد " أَن أهل قبَاء اقْتَتَلُوا حَتَّى تراموا بِالْحِجَارَةِ، فَأخْبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِنَا نصلح بَينهم ".
بَاب فضل الْإِصْلَاح بَين النَّاس
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَلا أخْبركُم بِأَفْضَل من دَرَجَة الصّيام وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: صَلَاح ذَات الْبَين، فَإِن فَسَاد ذَات الْبَين هِيَ الحالقة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.(3/195)
بَاب ستر الْمُسلم على نَفسه وعَلى أَخِيه
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن حَاتِم وَعبد بن حميد، قَالَ، عبد: حَدثنِي. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، ثَنَا ابْن أخي ابْن شهَاب، عَن عَمه قَالَ: قَالَ سَالم: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " كل أمتِي معافى إِلَّا المجاهرين وَإِن من الإجهار أَن يعْمل العَبْد بِاللَّيْلِ عملا ثمَّ يصبح قد ستره ربه فَيَقُول: يَا فلَان، عملت البارحة كَذَا وَكَذَا، وَقد بَات يستره ربه، فيبيت يستره ربه، وَيُصْبِح يكْشف ستر الله عَنهُ ".
قَالَ زُهَيْر: " وَإِن من [الهجار] ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا وهيب، ثَنَا سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يستر عبد عبدا فِي الدُّنْيَا إِلَّا ستره الله يَوْم الْقِيَامَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا آدم، ثَنَا اللَّيْث، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن نشيط، عَن كَعْب بن عَلْقَمَة، سَمِعت أَبَا الْهَيْثَم، يذكر أَنه سمع رخيناً كَاتب عقبَة قَالَ: قَالَ عقبَة بن عَامر: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من رأى عَورَة مُسلم فسترها كَانَ كمن استحيى مؤءودة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، عَن زيد بن أسلم، عَن يزِيد بن نعيم، عَن أَبِيه " أَن ماعزاً أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأقر عِنْده أَربع مَرَّات، فَأمر(3/196)
برجمه وَقَالَ لهزال: لَو سترته بثوبك كَانَ خيرا لَك ".
حَدثنَا: مُحَمَّد بن عبيد، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا يحيى، عَن ابْن الْمُنْكَدر " أَن هزالًا أَمر ماعزاً أَن يَأْتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيخبره ".
بَاب النَّصِيحَة للْمُسلمِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن [عون] ، أَنا خَالِد، عَن يُونُس، عَن عَمْرو ابْن سعيد، عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير، [عَن جرير] قَالَ: " بَايَعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على السّمع وَالطَّاعَة، وَأَن أنصح لكل مُسلم. قَالَ: وَكَانَ إِذا بَاعَ الشَّيْء أَو اشْتَرَاهُ قَالَ: أما إِن الَّذِي أَخذنَا مِنْك أحب إِلَيْنَا مِمَّا أعطيناك فاختر ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى المَخْزُومِي الْمدنِي، عَن سعيد ابْن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لِلْمُؤمنِ على الْمُؤمن سِتّ خِصَال: يعودهُ إِذا مرض، ويشهده إِذا مَاتَ، ويجيبه إِذا دَعَاهُ، وَيسلم عَلَيْهِ إِذا لقِيه، ويشمته إِذا عطس، وَينْصَح لَهُ إِذا غَابَ أَو شهد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/197)
بَاب مَعُونَة الْمُسلم وَالْمَشْي فِي حَاجته
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث، عَن عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُسلم أَخُو الْمُسلم، لَا يَظْلمه وَلَا يُسلمهُ، من كَانَ فِي حَاجَة أَخِيه كَانَ الله فِي حَاجته، وَمن فرج عَن مُسلم كربَة فرج الله عَنهُ بهَا كربَة من كرب يَوْم الْقِيَامَة، وَمن ستر مُسلما ستره الله يَوْم الْقِيَامَة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن آدم، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا سعد بن زيد، عَن سعيد الْبَزَّار، عَن عُثْمَان بن حَيَّان قَالَ: " كنت عِنْد أم الدَّرْدَاء فَقَالَت: سَمِعت أَبَا الدَّرْدَاء يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من أبلغ ذَا سُلْطَان حَاجَة من لَا يسْتَطع إبلاغها؛ ثَبت الله قَدَمَيْهِ على الصِّرَاط يَوْم تزل فِيهِ الْأَقْدَام ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه مُتَّصِل إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَسَعِيد الْبَزَّار روى عَنهُ حَمَّاد بن زيد وَسَعِيد بن زيد وَهُوَ بَصرِي.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان، ثَنَا ابْن وهب، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن كثير بن زيد، عَن الْوَلِيد بن رَبَاح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُؤمن مرْآة الْمُؤمن، وَالْمُؤمن أَخُو الْمُؤمن يكف عَلَيْهِ ضيعته ويحوطه من وَرَائه ".
بَاب الْمُسلم أَخُو الْمُسلم
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا دواد - يَعْنِي: ابْن قيس - عَن أبي سعيد مولى عَامر بن كريز، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تناجشوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَلَا يبع بَعْضكُم على بيع(3/198)
بعض، وَكُونُوا (عباداً لله) إخْوَانًا، الْمُسلم أَخُو الْمُسلم، لَا يَظْلمه وَلَا يَخْذُلهُ وَلَا يحقره، وَالتَّقوى هَاهُنَا - وَيُشِير إِلَى صَدره ثَلَاث مَرَّات - بِحَسب امْرِئ من الشَّرّ أَن يحقر أَخَاهُ الْمُسلم، كل الْمُسلم على الْمُسلم حرَام: دَمه وَمَاله وَعرضه ".
بَاب صفة الْمُؤمن لِلْمُؤمنِ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا ابْن الْمُبَارك وَابْن إِدْرِيس وَأَبُو أُسَامَة، كلهم عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُؤمن لِلْمُؤمنِ كالبنيان يشد بعضه بَعْضًا ".
مُسلم: ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَن الشّعبِيّ، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل [الْمُؤمنِينَ] فِي توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الْجَسَد، إِذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْو تداعى لَهُ سَائِر الْجَسَد بالسهر والحمى ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن الْأَعْمَش، عَن خَيْثَمَة، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُسلمُونَ كَرجل وَاحِد، إِن اشْتَكَى عَيْنَيْهِ اشْتَكَى كُله، وَإِن اشْتَكَى رَأسه اشْتَكَى كُله ".(3/199)
بَاب المؤاخاة وَالْحلف
مُسلم: حَدثنِي حجاج بن الشَّاعِر، ثَنَا عبد الصَّمد، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن سَلمَة - عَن ثَابت، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آخى بَين أبي عُبَيْدَة بن الْجراح وَبَين أبي طَلْحَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، عَن سُفْيَان، عَن حميد الطَّوِيل، سَمِعت أنس بن مَالك قَالَ: " قدم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فآخى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينه وَبَين سعد بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ، وَعند الْأنْصَارِيّ امْرَأَتَانِ فَعرض عَلَيْهِ أَن يناصفه أَهله وَمَاله، فَقَالَ: بَارك الله لَك فِي أهلك وَمَالك، دلوني على السُّوق. فَأتى السُّوق فربح شَيْئا من أقط وَسمن، فَرَآهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد أَيَّام وَعَلِيهِ وضر من صفرَة، فَقَالَ: مَهيم يَا عبد الرَّحْمَن. فَقَالَ: تزوجت أنصارية. قَالَ: فَمَا سقت إِلَيْهَا؟ قَالَ: نواة من ذهب، قَالَ: أولم وَلَو بِشَاة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا عبد الله بن نمير وَأَبُو أُسَامَة، عَن زَكَرِيَّا، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن أَبِيه، عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا حلف فِي الْإِسْلَام، وَأَيّمَا حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الصَّباح، ثَنَا حَفْص بن غياث، ثَنَا عَاصِم الْأَحول قَالَ: " قيل لأنس بن مَالك: بلغك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا حلف فِي الْإِسْلَام. فَقَالَ أنس: قد حَالف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين قُرَيْش وَالْأَنْصَار فِي دَاره ".
وَمن طَرِيق أُخْرَى: " فِي دَاره الَّتِي بِالْمَدِينَةِ ".(3/200)
بَاب مَا جَاءَ فِي الْكبر
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن يُوسُف الْأَزْدِيّ، ثَنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، عَن أبي مُسلم الْأَغَر، أَنه حَدثهُ عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعِزّ إزَاره، والكبرياء رِدَاؤُهُ، فَمن يُنَازعنِي عَذبته ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عمر بن حَفْص بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَفعه قَالَ: الْعِزّ إزَارِي، والكبرياء رِدَائي، فَمن نَازَعَنِي مِنْهُمَا شَيْئا عَذبته ".
تفرد بِهِ حَفْص، عَن الْأَعْمَش.
وروى الْبَزَّار أَيْضا: ثَنَا عمرَان بن هَارُون الْبَصْرِيّ، ثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْقرشِي، ثَنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة بن يحيى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، عَن جده طَلْحَة بن عبيد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث ذكره قَالَ: " من تواضع لله رَفعه الله، وَمن تجبر قصمه الله ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن، عَن عبيد الله بن موهب قَالَ: " كتب عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى أبي بكر بن حزم وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة، أَن اكْتُبْ إِلَيّ من حَدِيث عمْرَة ابْنة عبد الرَّحْمَن وَكَانَت فِي حجر عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَ ابْن موهب: فأرسلني أَبُو بكر بن حزم إِلَى عمْرَة ابْنة عبد الرَّحْمَن، فَكَانَ فِيمَا أملت عَليّ قَالَت: حَدَّثتنِي عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: سِتَّة ألعنهم، لعنهم الله وكل نَبِي مجاب: الزَّائِد فِي كتاب الله، والمكذب بِقدر الله، والمتسلط بالجبروت يذل بِهِ من أعز الله، ويعز بِهِ من أذلّ الله، والتارك لسنتي، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عِتْرَتِي مَا حرم الله - عز وَجل ".(3/201)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا معبد بن خَالِد الْقَيْسِي، عَن حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا أخْبركُم بِأَهْل الْجنَّة، كل ضَعِيف (متضعف) لَو أقسم على الله لَأَبَره، أَلا أخْبركُم بِأَهْل النَّار، كل جواظ عتل مستكبر ".
مُسلم: حَدثنَا منْجَاب بن الْحَارِث التَّمِيمِي وسُويد بن سعيد، كِلَاهُمَا عَن عَليّ بن مسْهر - قَالَ منْجَاب: أَنا ابْن مسْهر - عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يدْخل النَّار أحد فِي قبله مِثْقَال حَبَّة خَرْدَل من إِيمَان، وَلَا يدْخل الْجنَّة أحد فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة خَرْدَل من كبرياء ".
بَاب بَيَان الْكبر مَا هُوَ وَالْأَفْعَال الَّتِي تبرئ مِنْهُ
الطَّحَاوِيّ: حثنا يزِيد بن سِنَان، ثَنَا يحيى بن حَمَّاد، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبان ابْن تغلب، عَن فُضَيْل الْفُقيْمِي، عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، عَن عَلْقَمَة بن قيس، عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يدْخل النَّار [من فِي قلبه] مِثْقَال حَبَّة من إِيمَان، وَلَا يدْخل الْجنَّة [من فِي قلبه] مِثْقَال حَبَّة من كبر. قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، إِن الرجل يحب أَن يكون ثَوْبه حسنا وَنَعله حسنا. قَالَ: إِن(3/202)
الله جميل يحب الْجمال، الْكبر بطر الْحق وغمض النَّاس ".
وَهَذَا الحَدِيث ذكره مُسلم - رَحمَه الله - وَقد تقدم فِي بَاب أَسمَاء الرب سُبْحَانَهُ من كتاب الْإِيمَان، وَقَالَ فِيهِ: " غمط النَّاس ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عِيسَى الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الْقَاسِم بن عَبَّاس، عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه قَالَ: " (يَقُولُونَ) فِي التيه. وَقد ركبت الْحمار، ولبست الشملة، وَقد حلبت الشَّاة، وَقد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من فعل هَذَا فَلَيْسَ فِيهِ من الْكبر شَيْء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن صَحِيح) .
بَاب فِي التَّوَاضُع
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا نقصت صَدَقَة من مَال، وَمَا زَاد الله رجلا بِعَفْو إِلَّا عزا، وَمَا تواضع أحد [لله] إِلَّا رَفعه الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنِي أَبُو عمار حُسَيْن بن حُرَيْث، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن(3/203)
الْحُسَيْن، عَن مطر، حَدثنِي قَتَادَة، عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عَن عِيَاض بن حمَار عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله - تَعَالَى - أوحى إِلَيّ أَن تواضعوا حَتَّى لَا يفخر أحد على أحد، وَلَا يبغ أحد على أحد ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد: عَن أَحْمد بن حَفْص، عَن أَبِيه، عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن الْحجَّاج - وَهُوَ ابْن الْحجَّاج - عَن قَتَادَة، عَن يزِيد بن عبد الله، عَن عِيَاض ابْن حمَار، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَحَفْص هُوَ ابْن عبد الله النَّيْسَابُورِي.
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا عمَارَة بن الْقَعْقَاع، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جلس جِبْرِيل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن هَذَا الْملك مَا نزل مُنْذُ يَوْم خلق، فَلَمَّا نزل قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنِّي رَسُول رَبك إِلَيْك بَين أَن يجعلك رَبك ملكا أَو عبدا رَسُولا. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: تواضع لِرَبِّك يَا مُحَمَّد. فَقَالَ: عبدا رَسُولا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا زُهَيْر، عَن حميد، عَن أنس " كَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَاقَة ... ".
وحَدثني مُحَمَّد، أَنا [الْفَزارِيّ] وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن حميد الطَّوِيل، عَن أنس قَالَ: " كَانَت نَاقَة لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تسمى العضباء، وَكَانَت لَا تسبق، فجَاء أَعْرَابِي على قعُود لَهُ فسبقها، فَاشْتَدَّ ذَلِك على الْمُسلمين وَقَالَ: سبقت العضباء. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن حَقًا على الله أَلا (يرفع شَيْء) من الدُّنْيَا إِلَّا وَضعه ".(3/204)
بَاب مَا جَاءَ فِي التفاخر بِالْآبَاءِ والعصبية وَدَعوى الْجَاهِلِيَّة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، ثَنَا هِشَام بن سعد، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لينتهين أَقوام يفتخرون بآبائهم الَّذين مَاتُوا، إِنَّمَا هم فَحم جَهَنَّم، أَو لَيَكُونن أَهْون على الله من الْجعل الَّذِي يدهده الخرء بِأَنْفِهِ، إِن الله قد أذهب عَنْكُم عبِّيَّة الْجَاهِلِيَّة وَفَخْرهَا بِالْآبَاءِ، إِنَّمَا هُوَ مُؤمن تَقِيّ أَو فَاجر شقي، [النَّاس] كلهم بَنو آدم، وآدَم خلق من تُرَاب ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث (حسن) .
وَقَالَ: ثَنَا هَارُون بن مُوسَى بن أبي عَلْقَمَة الْقَرَوِي الْمدنِي، حَدثنِي أبي، عَن هِشَام بن سعد، [عَن سعيد بن أبي سعيد] ، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قد أذهب الله عَنْكُم عبِّيَّة الْجَاهِلِيَّة وَفَخْرهَا بِالْآبَاءِ، مُؤمن تَقِيّ، وَفَاجِر شقي، وَالنَّاس بَنو آدم، وآدَم من تُرَاب ".
قَالَ: وَهَذَا أصح عندنَا من حَدِيث الأول، وَسَعِيد المَقْبُري قد سمع أَبَا هُرَيْرَة، ويروي عَن أَبِيه أَشْيَاء كَثِيرَة عَن أبي هُرَيْرَة.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا يزِيد بن زِيَاد بن أبي الْجَعْد، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: " انتسب رجلَانِ على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فلَان ابْن فلَان - حَتَّى عد(3/205)
تِسْعَة - فَمن أَنْت لَا أم لَك؟ فَقَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: انتسب رجلَانِ على عهد مُوسَى فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فلَان ابْن فلَان حَتَّى عد تِسْعَة، فَمن أَنْت لَا أم لَك؟ قَالَ: أَنا فلَان ابْن فلَان ابْن الْإِسْلَام، فَأوحى الله إِلَى مُوسَى، ائْتِ هذَيْن المنتسبين، أما أَنْت أَيهَا المنتمي أَو المنتسب إِلَى تِسْعَة فِي النَّار، أَنْت عاشرهم فِي النَّار، وَأما أَنْت يَا هَذَا المنتسب إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجنَّة، فَأَنت ثالثهم فِي الْجنَّة ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا زيد بن الْحباب، عَن حُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَحْسَاب أهل الدُّنْيَا الَّذِي يذهبون إِلَيْهِ لهَذَا المَال ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا سماك بن حَرْب، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن عبد الله بن مَسْعُود، عَن أَبِيه قَالَ: " من نصر قومه على غير الْحق، فَهُوَ كالبعير الَّذِي ردى فَهُوَ ينْزع بِذَنبِهِ ".
حَدثنَا ابْن بشار، ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا سُفْيَان، عَن سماك بن حَرْب، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود [عَن أَبِيه] قَالَ: " أنتهيت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي قبَّة من أَدَم ... . " فَذكر نَحوه.
رَوَاهُ الْبَزَّار: عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، عَن سماك بِإِسْنَاد أبي دَاوُد مَرْفُوعا باخْتلَاف يسير فِي اللَّفْظ.
البُخَارِيّ: حَدثنَا ثَابت بن مُحَمَّد، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله ابْن مرّة، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعَن سُفْيَان، عَن زبيد، عَن إِبْرَاهِيم، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ منا من(3/206)
ضرب الخدود، وشق الْجُيُوب، ودعا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هِشَام بن عمار، ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب، أَخْبرنِي مُعَاوِيَة بن سَلام، أَن أَخَاهُ زيد بن سَلام أخبرهُ، عَن جده أبي سَلام أَنه أخبرهُ قَالَ: أَخْبرنِي الْحَارِث بن مَالك الْأَشْعَرِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من دَعَا بِدَعْوَى جَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ من جثا جَهَنَّم، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، وَإِن صَامَ وَصلى؟ قَالَ: نعم، وَإِن صَامَ وَصلى؛ فَادعوا بدعوة الله الَّتِي سَمَّاكُم الله بهَا الْمُسلمين الْمُؤمنِينَ عباد الله ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الظُّلم
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون، أَنا عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الظُّلم ظلمات يَوْم الْقِيَامَة ".
بَاب الْإِمْلَاء للظالم وَأَخذه
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا يزِيد بن أبي بردة، عَن أَبِيه، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - عز وَجل - يملي للظالم، فَإِذا أَخذه لم يفلته، ثمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة إِن أَخذه أَلِيم شَدِيد} ".(3/207)
بَاب نصر الْمَظْلُوم وكف الظَّالِم
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن الرّبيع، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَشْعَث بن سليم، سَمِعت مُعَاوِيَة بن سُوَيْد، سَمِعت الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " أمرنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِسبع، ونهانا عَن سبع، فَذكر: عِيَادَة الْمَرِيض، وَاتِّبَاع الْجَنَائِز، وتشميت الْعَاطِس، ورد السَّلَام، وَنصر الْمَظْلُوم، وَإجَابَة الدَّاعِي، وإبرار الْمقسم "
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لينصر الرجل أَخَاهُ ظَالِما أَو مَظْلُوما، إِن كَانَ ظَالِما فلينهه فَإِنَّهُ لَهُ نصر، وَإِن كَانَ مَظْلُوما فلينصره ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا مُعْتَمر، عَن حميد، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما. قَالَ: يَا رَسُول الله، هَذَا ننصره مَظْلُوما، كَيفَ ننصره ظَالِما؟ قَالَ: تَأْخُذ فَوق يَدَيْهِ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم الْمكتب، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، ثَنَا حميد الطَّوِيل، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " انصر أَخَاك ظَالِما أومظلوما، قُلْنَا: يَا رَسُول الله، نصرته مَظْلُوما، فَكيف أنصره ظَالِما؟ قَالَ: تكفه عَن الظُّلم، فَذَاك نصرك إِيَّاه ".
وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، ثَنَا عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ، ثَنَا (حَفْص) بن سُلَيْمَان، عَن عَاصِم، عَن شَقِيق، عَن ابْن مَسْعُود، عَن النَّبِي(3/208)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " أَمر بِعَبْد من عباد الله أَن يضْرب فِي قَبره مائَة جلدَة، فَلم يزل يسْأَل وَيَدْعُو حَتَّى صَارَت جلدَة وَاحِدَة، فجلد جلدَة وَاحِدَة فَامْتَلَأَ قَبره عَلَيْهِ نَارا، فَلَمَّا رفع عَنهُ أَفَاق قَالَ: علام جلدتموني؟ قَالُوا: إِنَّك صليت صَلَاة بِغَيْر طهُور، ومررت على مظلوم فَلم تنصره ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن أبي بكر الصّديق أَنه قَالَ: " أَيهَا النَّاس إِنَّكُم تقرؤون هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن النَّاس إِذا رَأَوْا الظَّالِم فَلم يَأْخُذُوا على يَدَيْهِ أوشك أَن يعمهم الله بعقاب مِنْهُ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، رَوَاهُ فِي التَّفْسِير، وَرَوَاهُ فِي مَوضِع آخر وَقَالَ: رَفعه [بَعضهم عَن إِسْمَاعِيل] وَأَوْقفهُ بَعضهم.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو مُوسَى، ثَنَا عبيد الله بن عبد الله الربعِي، ثَنَا الْحسن بن عَمْرو، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم أَن تَقول: أَنْت ظَالِم فقد تودع مِنْهُم ".
وثناه: يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي، عَن الْحسن ابْن عَمْرو الْفُقيْمِي، عَن أبي الزبير، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم أَن تَقول: إِنَّك ظَالِم. فقد تودع مِنْهُم ".(3/209)
قَالَ أَبُو بكر: هَذَا الحَدِيث عَن الْحسن بن عَمْرو عَن أبي الزبير، هُوَ الصَّوَاب عِنْدِي.
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: وثنا عَليّ بن مُسلم، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي عُبَيْدَة، ثَنَا أبي، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي سعيد قَالَ: " كَانَ لرجل أَعْرَابِي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تمر فَأَتَاهُ يتقاضاه، فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ عندنَا الْيَوْم، أنظرنا حَتَّى نعطيكه. فَلم يزل بِهِ القَوْل حَتَّى قَالَ: أحرج عَلَيْك إِلَّا قضيتني. فانتهره الْقَوْم وأغلظوا - يَعْنِي: لَهُ - وَقَالُوا: وَيحك أَتَدْرِي لمن تَقول هَذَا؟ أَلا تسمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يَقُول؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَهَلا كُنْتُم إِذْ تكلمتم مَعَ صَاحب الْحق. ثمَّ قَالَ لامْرَأَة من الْأَنْصَار يُقَال لَهَا خَوْلَة: أعندك تمر تعطينه؟ قَالَت: نعم. قَالَ: فاقبضه. فقبضته الَّذِي لَهُ، وَأَطْعَمته فجَاء حَامِل تَمْرَة فَقَالَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أوفيت أوفى الله لَك؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُولَئِكَ خِيَار النَّاس. ثمَّ قَالَ: لَا قدست أمة لَا يَأْخُذ الضَّعِيف حَقه غير متعتع ".
وحدثناه زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا شَبابَة، ثَنَا الْمُغيرَة بن مُسلم، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِهِ.
وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يعرف من حَدِيث أبي عُبَيْدَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح مُرْسلا.
بَاب التَّحَلُّل من الْمَظَالِم
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم بن أبي إِيَاس، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، ثَنَا سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَت لَهُ مظْلمَة لِأَخِيهِ من عرضه أَو شَيْء فليتحلل مِنْهُ الْيَوْم قبل أَن يكون دِينَار وَلَا دِرْهَم، إِن كَانَ لَهُ عمل صَالح أَخذ مِنْهُ بِقدر مظلمته، وَإِن لم تكن لَهُ حَسَنَات أَخذ من سيئات صَاحبه فَحمل عَلَيْهِ ".(3/210)
بَاب مَا يحذر من دَعْوَة الْمَظْلُوم
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق الْمَكِّيّ، عَن يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي، عَن أبي معبد مولى ابْن عَبَّاس، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث معَاذًا إِلَى الْيمن. فَقَالَ: اتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم؛ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَينهَا وَبَين الله حجاب ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عبد الله بن نمير، عَن سَعْدَان [القبي] ، عَن أبي مُجَاهِد، عَن أبي مدلة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم: الصَّائِم حَتَّى يفْطر، وَالْإِمَام الْعَادِل، ودعوة الْمَظْلُوم يرفعها الله إِلَيْهِ فَوق الْغَمَام، وتفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء، وَيَقُول الرب - سُبْحَانَهُ -: وَعِزَّتِي لأنصرنك وَلَو بعد حِين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وسعدان [القبي] هُوَ سَعْدَان بن بشر، وَقد روى عَنهُ: عِيسَى بن يُونُس، وَأَبُو عَاصِم وَغير وَاحِد من كبار أهل الحَدِيث، وَأَبُو مُجَاهِد هُوَ سعد الطَّائِي، وَأَبُو مدلة هُوَ مولى أم الْمُؤمنِينَ [عَائِشَة] ، وَإِنَّمَا نعرفه بِهَذَا الحَدِيث، وَقد روى عَنهُ أهل الحَدِيث أتم من هَذَا وأطول.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا أَبُو معشر، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي(3/211)
هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دَعْوَة الْمَظْلُوم مستجابة وَإِن كَانَ فَاجِرًا، فجوره إِلَى نَفسه ".
أَبُو معشر اسْمه نجيح، وَقد تقدم ذكر من عدله وجرحه.
بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاء على الظَّالِم
أَبُو دَاوُد: ثَنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا سُفْيَان، عَن حبيب، عَن عَطاء، عَن عَائِشَة قَالَت: " سرق لَهَا شَيْء فَجعلت تَدْعُو عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله: لَا تسبخي عَنهُ ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَسَد
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إيَّاكُمْ وَالظَّن، فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث، وَلَا تحسسوا، وَلَا تجسسوا، وَلَا تناجشوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَكُونُوا عباد الله (إخْوَانًا) ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عِيسَى بن حَمَّاد، أَنا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي حَدِيث ذكره: " لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب عبد: الْإِيمَان والحسد ".
وَقد تقدم الحَدِيث بِكَمَالِهِ فِي كتاب الْجِهَاد فِي بَاب من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله.(3/212)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا (عُثْمَان بن أبي شيبَة الْبَغْدَادِيّ) ، ثَنَا أَبُو عَامر عبد الْملك ابْن عَمْرو، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن إِبْرَاهِيم بن أبي أسيد، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إيَّاكُمْ والحسد، فَإِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب - أَو قَالَ: العشب ".
بَاب مَا يجوز فِيهِ الْحَسَد
الترميذي: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل آتَاهُ الله مَالا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ آنَاء اللَّيْل وآناء النَّهَار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب فِي الْبَغي
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا ابْن علية، عَن عُيَيْنَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من ذَنْب أَجْدَر أَن يعجل الله لصَاحبه الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يدّخر لَهُ فِي الْآخِرَة من الْبَغي وَقَطِيعَة الرَّحِم ".(3/213)
بَاب الْهوى
الْبَزَّار: حَدثنَا يحيى بن حَكِيم، ثَنَا يحيى بن حَمَّاد، ثَنَا أَبُو الْأَشْهب - واسْمه جَعْفَر بن حَيَّان - عَن أبي الحكم، عَن أبي بَرزَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا أخْشَى عَلَيْكُم شهوات الغي فِي بطونكم وفروجكم ومضلات الْهوى ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن أبي بَرزَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وروى أَبُو دَاوُد: من طَرِيق أبي بكر بن أبي مَرْيَم الغساني، عَن خَالِد بن مُحَمَّد الثَّقَفِيّ، عَن بِلَال بن أبي الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " حبك الشَّيْء يعمي ويصم ".
وَأَبُو بكر هَذَا ضَعِيف جدا إِلَّا أَبَا بكر الْبَزَّار يوثقه ".
بَاب فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنبأَنَا شُعْبَة، عَن سماك، سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود، يحدث عَن أَبِيه سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنَّكُم منصورون، ومصيبون، ومفتوح لكم، فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فليتق الله، وليأمر بِالْمَعْرُوفِ، وَلينه عَن الْمُنكر، وَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا سُفْيَان، عَن سماك بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ قَالَ: " انْتَهَيْت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي قبَّة حَمْرَاء(3/214)
نَحْو من أَرْبَعِينَ رجلا، فَقَالَ: إِنَّكُم مَفْتُوح عَلَيْكُم ومنصورون، فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فليتق الله، وليأمر بِالْمَعْرُوفِ، وَلينه عَن الْمُنكر، وَليصل رَحمَه ".
قَاسم بن أصبغ: ثَنَا أَحْمد بن زُهَيْر، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا سُفْيَان، عَن زبيد، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن أبي البحتري، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يحقرن أحدكُم أَن يرى أَمر الله فِيهِ مقَال فَلَا يَقُول فِيهِ، فَيُقَال لَهُ: مَا مَنعك أَن تَقول فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُول: مَخَافَة النَّاس. قَالَ: فإياي كنت أَحَق أَن تخَاف ".
وَأَبُو البخْترِي اسْمه سعيد بن فَيْرُوز، وَهُوَ ثِقَة مَعْرُوف.
وَمن طَرِيق شُعْبَة عَن أبي مسلمة سعيد بن زيد، أَنه سمع أَبَا نَضرة يحدث، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يمنعن أحدكُم مَخَافَة أحد من النَّاس أَن يتَكَلَّم بِالْحَقِّ إِذا رَآهُ وَعلمه. قَالَ أَبُو سعيد: فَذَلِك الَّذِي حَملَنِي على أَن رحلت إِلَى مُعَاوِيَة فملأت أُذُنَيْهِ ثمَّ أَقبلت ".
حَدَّثَنِيهِ الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا عَليّ بن أَحْمد بن [حزم] ، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد بن نَبَات، ثَنَا أَحْمد بن عون الله، ثَنَا قَاسم بن أصبغ، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْخُشَنِي، ثَنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر غنْدر، ثَنَا شُعْبَة فَذكره.
زَاد أَبُو بكر الْبَزَّار فِي هَذَا الحَدِيث: قَالَ أَبُو سعيد: " فَمَا زَالَ بِنَا الْبلَاء حَتَّى قَصرنَا وَإِنَّا لنعذر فِي السِّرّ " وَلم يذكر رحلته إِلَى مُعَاوِيَة.
[رَوَاهُ] عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن مُحَمَّد بن أبي عدي، عَن شُعْبَة.(3/215)
بَاب إِذا لم يسْتَطع التَّغْيِير بِيَدِهِ غير بِلِسَانِهِ أَو بِقَلْبِه
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء، [عَن أَبِيه] ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ.
وَعَن قيس بن مُسلم، عَن طَارق بن شهَاب، عَن أبي سعيد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من رأى مُنْكرا فاستطاع أَن يُغَيِّرهُ بِيَدِهِ فليغيره بِيَدِهِ، فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه، فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه، وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان ".
وَقد تقدم لمُسلم بن الْحجَّاج من طَرِيق ابْن مَسْعُود قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من نَبِي بَعثه الله فِي أمة قبلي إِلَّا كَانَ لَهُ من أمته حواريون وَأَصْحَاب، يَأْخُذُونَ بسنته ويقتدون بأَمْره، ثمَّ إِنَّهَا تخلف من بعدهمْ خلوف يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، ويفعلون مَا لَا يؤمرون، فَمن جاهدهم بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِقَلْبِه فَهُوَ مُؤمن، لَيْسَ وَرَاء ذَلِك من الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل ".
وَحَدِيث أبي سعيد قد تقدم أَيْضا لمُسلم - رَحمَه الله.
وروى التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق عَليّ بن زيد، عَن الْحسن، عَن جُنْدُب، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن يذل نَفسه. قَالُوا: وَكَيف يذل نَفسه؟ قَالَ: يتَعَرَّض من الْبلَاء بِمَا لَا يُطيق ".
وَعلي بن زيد ضعفه البُخَارِيّ وَقَالَ: هُوَ ذَاهِب الحَدِيث. وَضَعفه غَيره، وَوَثَّقَهُ أَبُو بكر الْبَزَّار، وَقَالَ أَبُو عِيسَى فِي حَدِيثه هَذَا: حَدِيث حسن.(3/216)
بَاب فضل الْقيام بِالْحَقِّ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْقَاسِم بن دِينَار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُصعب أَبُو يزِيد، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن مُحَمَّد بن جحادة، عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من أعظم الْجِهَاد كلمة عدل عِنْد سُلْطَان جَائِر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبَادَة الوَاسِطِيّ، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا إِسْرَائِيل بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: " أفضل الْجِهَاد كلمة عدل عِنْد سُلْطَان جَائِر أَو أَمِير جَائِر ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أبي غَالب، عَن أبي أُمَامَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أفضل الْجِهَاد كلمة حق عِنْد إِمَام جَائِر ".
بَاب إِذا عمل بِالْمَعَاصِي وَلم يُغير
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن عبد الله الْأنْصَارِيّ، عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ، ولتنهون عَن الْمُنكر، أَو ليوشكن الله [أَن] يبْعَث عقَابا مِنْهُ، ثمَّ تَدعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَاب لكم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
وَمن طَرِيق الْخُشَنِي: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت أَبَا إِسْحَاق، يحدث عَن عبيد الله بن جرير بن عبد الله البَجلِيّ، عَن(3/217)
أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من قوم يعْمل فيهم بِالْمَعَاصِي هم أعز وأكبر مِمَّن يعمله فَلَا يغيروه؛ إِلَّا عمهم الله بالعقاب "
حَدَّثَنِيهِ الْقرشِي: حَدثنَا شُرَيْح، ثَنَا أبن حزم، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد بن نَبَات، ثَنَا أَحْمد بن عون الله، ثَنَا قَاسم بن أصبغ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْخُشَنِي فَذكره.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مرداس، ثَنَا سُلَيْمَان بن مُسلم، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَفعه قَالَ: " الطابع مُعَلّق بقائمة الْعَرْش، فَإِذا اشتكت الرَّحِم وَعمل بِالْمَعَاصِي اجترئ على الله؛ بعث الله الطابع فيطبع على قلبه، فَلَا يعقل بعد ذَلِك شَيْئا ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن التَّيْمِيّ إِلَّا سُلَيْمَان بن مُسلم، وَهُوَ بَصرِي مَشْهُور.
بَاب مَتى يتْرك النَّاس الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد الْبَغْدَادِيّ وَمُحَمّد بن عَليّ بن زيد الْمَكِّيّ قَالَا: ثَنَا الحكم بن مُوسَى أَبُو صَالح، ثَنَا الْهَيْثَم بن (جميل) ، عَن حَفْص بن غيلَان - وَهُوَ ابْن معبد - عَن مَكْحُول، عَن أنس قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، مَتى يتْرك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر؟ قَالَ: إِذا ظهر فِيكُم مَا ظهر فِي بني إِسْرَائِيل. قيل: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: إِذا ظهر الإدهان فِي خياركم، والفاحشة فِي شِرَاركُمْ، وتحول الْملك فِي صغاركم، وَالْفِقْه فِي أراذلكم ".
مَكْحُول سمع أنسا وَوَائِلَة وَأَبا هِنْد، وَهُوَ شَامي جليل، والهيثم بن جميل ثِقَة، وَأَظنهُ ابْن حميد، فَإِن كَانَ فَلَا بَأْس بِهِ، قَالَه ابْن معِين، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَذكر لَهُ: مَا علمت إِلَّا خيرا.(3/218)
بَاب قَول الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ}
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، ثَنَا أَبُو مسْهر عبد الْأَعْلَى بن مسْهر الغساني، ثَنَا صَدَقَة بن خَالِد، ثَنَا عتبَة بن أبي حَكِيم، حَدثنِي عَمْرو بن جَارِيَة، عَن أبي أُميَّة قَالَ: " سَأَلت أَبَا ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قلت: كَيفَ تصنع بِهَذِهِ الْآيَة؟ قَالَ: أَيَّة آيَة؟ قلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} فَقَالَ لي: أما وَالله لقد سَأَلت عَنْهَا خَبِيرا، سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: بل ائْتَمرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنَاهوا عَن الْمُنكر حَتَّى إِذا رَأَيْت شحا مُطَاعًا، وَهوى مُتبعا، وَدُنْيا مُؤثرَة، وَإِعْجَاب كل ذِي رأى بِرَأْيهِ، وَرَأَيْت أمرا لَا بُد لَك مِنْهُ - فَعَلَيْك بِنَفْسِك، [و] إياك [و] أَمر الْعَوام فَإِن من وَرَائِكُمْ أَيَّام الصَّبْر، صَبر فِيهِنَّ مثل قبض على الْجَمْر، لِلْعَامِلِ يَوْمئِذٍ مِنْهُم كَأَجر خمسين رجلا مِنْكُم يعْملُونَ مثل عمله ".
أَبُو أُميَّة اسْمه مُحَمَّد الشَّعْبَانِي.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن أَمر بِمَعْرُوف وَلم يَأْته وَنهى عَن مُنكر وَأَتَاهُ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن عبد الله ابْن نمير وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي كريب - قَالَ يحيى وَإِسْحَاق: أَنا. وَقَالَ الْآخرُونَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق،(3/219)
عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يُؤْتى بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة [فَيلقى فِي النَّار] ، فتندلق أقتاب بَطْنه فيدور بهَا كَمَا يَدُور الْحمار بالرحى، فيجتمع إِلَيْهِ أهل النَّار فَيَقُولُونَ: يَا فلَان مَا لَك؟ ألم تكن تَأمر بِالْمَعْرُوفِ وتنهى عَن الْمُنكر؟ ! فَيَقُول: بلَى، قد كنت آمُر بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتيه، وأنهى عَن الْمُنكر وآتيه " مُخْتَصر.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن رَضِي بالمعصية وَلم يعملها
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو بكر، ثَنَا مُغيرَة بن زِيَاد الْموصِلِي، عَن عدي بن عدي، عَن الْعرس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا عملت الْخَطِيئَة فِي الأَرْض كَانَ من شَهِدَهَا فكرهها - وَقَالَ مرّة: فأنكرها - كمن غَابَ عَنْهَا، وَمن غَابَ عَنْهَا فرضيها كَانَ كمن شَهِدَهَا ".
أَبُو بكر هُوَ ابْن عَيَّاش ثِقَة، والمغيرة بن زِيَاد ثِقَة، وعدي بن عدي ثِقَة كَانَ عَامل عمر بن عبد الْعَزِيز، والعرس هُوَ ابْن عميرَة الْكِنْدِيّ لَهُ صُحْبَة.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب وَحَفْص بن عمر قَالَا: ثَنَا شُعْبَة وَهَذَا لَفظه - عَن عَمْرو بن مرّة - عَن أبي البخْترِي قَالَ: أَخْبرنِي من سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ سُلَيْمَان: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لن يهْلك النَّاس حَتَّى يعذروا - أَو يعذروا - من أنفسهم ".
بَاب حفظ الْجَار
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن المتَوَكل العسلاقي، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من(3/220)
كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، عَن مَالك بن أنس.
وثنا قُتَيْبَة وَابْن رمح، عَن اللَّيْث بن سعد.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة وَيزِيد بن هَارُون، كلهم عَن يحيى بن سعيد.
وثنا مُحَمَّد بن الْمثنى - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا عبد الْوَهَّاب - يَعْنِي الثَّقَفِيّ - قَالَ: سَمِعت يحيى بن سعيد قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو بكر - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد بن عَمْرو بن [حزم]- أَن عمْرَة حدثته، أَنَّهَا سَمِعت عَائِشَة تَقول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه ليورثه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن حَيْوَة، عَن شُرَحْبِيل بن شريك، وَعَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن عبد الله بن عَمْرو ابْن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خير الْأَصْحَاب عِنْد الله خَيرهمْ لصَاحبه، وَخير الْجِيرَان عِنْد الله خَيرهمْ لجاره ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن اسْمه عبد الله ابْن يزِيد.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن آذَى جَاره
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي يحيى مولى جعدة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالُوا: يَا رَسُول الله، فُلَانَة تَصُوم النَّهَار، وَتقوم(3/221)
اللَّيْل، وتؤذي جِيرَانهَا. قَالَ: هِيَ فِي النَّار. قَالُوا: فُلَانَة يَا رَسُول الله تصلي المكتوبات، وَتصدق بالأثوار من الأقط، وَلَا تُؤدِّي جِيرَانهَا. قَالَ: هِيَ فِي الْجنَّة ".
أَبُو يحيى هَذَا ثِقَة، قَالَه يحيى بن معِين.
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مغراء الدوسي، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي أَيُّوب، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْفُحْش، وَقَطِيعَة الرَّحِم، وَسُوء الْجوَار، ويؤتمن الخائن، ويخون الْأمين. قيل: يَا رَسُول الله، فَكيف الْمُؤمن يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: كالنحلة وَقعت فَلم تكسر، وأكلت فَلم تفْسد، وَوضعت طيبا، وكقطعة الذَّهَب أدخلت النَّار فأخرجت فَلم تَزْدَدْ إِلَّا جودة ".
قَالَ: وَهَذَا لحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن عبد الله بن عَمْرو، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا إِلَّا هَذَا الطَّرِيق، وَلَا نعلم أسْند الْأَعْمَش عَن أبي أَيُّوب إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
بَاب فِي الَّذِي لَا يَأْمَن جَاره بوائقه
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد وَعلي بن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر - قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا إِسْمَاعِيل - أَخْبرنِي الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يدْخل الْجنَّة من لَا يَأْمَن جَاره بوائقه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَاصِم بن عَليّ، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد، عَن أبي شُرَيْح، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالله لَا يُؤمن، وَالله لَا يُؤمن، وَالله لَا يُؤمن. قيل: يَا رَسُول الله، وَمن؟ قَالَ: الَّذِي لَا يَأْمَن جَاره بوائقه ".(3/222)
تَابعه شَبابَة وَأسد بن مُوسَى، وَقَالَ حميد بن الْأسود وَعُثْمَان بن عمر وَأَبُو بكر بن عَيَّاش وَشُعَيْب بن إِسْحَاق، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة.
بَاب الصَّبْر على أَذَى الْجَار
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا الْأسود بن شَيبَان، عَن يزِيد بن عبد الله بن الشخير، عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عَن أبي ذَر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله ... " فَذكر فيهم: " وَرجل لَهُ جَار سوء فَهُوَ يُؤْذِيه ويصبر على أَذَاهُ، فيكفيه الله إِيَّاه بحياة أَو موت ".
هَذَا حَدِيث مُخْتَصر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن نَافِع أَبُو تَوْبَة، ثَنَا سُلَيْمَان بن حَيَّان، عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يشكو جَاره، قَالَ: اذْهَبْ فاصبر. فَأَتَاهُ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالَ: اذْهَبْ فاطرح متاعك فِي الطَّرِيق، فَطرح مَتَاعه، فَجعل النَّاس يسألونه فيخبرهم خَبره فَجعل النَّاس يلعنونه: فعل الله بِهِ وَفعل، فجَاء إِلَيْهِ جَاره فَقَالَ لَهُ: ارْجع لَا ترى مني شَيْئا تكرههُ ".
بَاب أجر من دلّ على خير
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب وَابْن أبي عمر، وَاللَّفْظ لأبي كريب - قَالُوا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة - عَن الْأَعْمَش، عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي أبدع بِي [فَاحْمِلْنِي] . فَقَالَ: مَا عِنْدِي؟ فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَنا أدله على من(3/223)
يحملهُ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من دلّ على خير فَلهُ مثل أجر فَاعله ".
بَاب الشَّفَاعَة للنَّاس
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَليّ بن مسْهر وَحَفْص بن غياث، عَن بريد، عَن عبد الله بن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَتَاهُ طَالب حَاجَة، أقبل على جُلَسَائِهِ فَقَالَ: اشفعوا فلتؤجروا، وليقض الله على لِسَان نبيه مَا أحب ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هَارُون بن سعيد، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن ابْن مُنَبّه، عَن أَخِيه، عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، أَن رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الرجل ليسألني الشَّيْء فأمنعه كي تشفعوا فتؤجروا، وَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: اشفعوا تؤجروا ".
عَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَابْن مُنَبّه هُوَ وهب، وَأَخُوهُ هُوَ همام بن مُنَبّه، وَكلهمْ ثِقَة مَشْهُور.
بَاب المستشار مؤتمن
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة، ثَنَا الْأسود بن عَامر وطلق بن غَنَّام، عَن شريك، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عَن أبي مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " المستشار مؤتمن ".(3/224)
قَالَ: وثنا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد قَالَ: قرئَ على سعيد بن سُلَيْمَان بن سَعْدَوَيْه وَأَنا حَاضر، فَقيل لَهُ: حَدثَك [حَفْص] بن سُلَيْمَان، عَن قيس بن مُسلم، عَن ابْن شهَاب، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " المستشار مؤتمن "؟ فَقَالَ: نعم.
ابْن شهَاب الَّذِي يروي عَنهُ قيس هُوَ طَارق بن شهَاب، أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَرَأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل - هُوَ البُخَارِيّ - ثَنَا آدم بن أبي إِيَاس، ثَنَا شَيبَان أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَاعَة لَا يخرج فِيهَا وَلَا يلقاه فِيهَا أحد، فَأَتَاهُ أَبُو بكر فَقَالَ: مَا جَاءَ بك؟ فَقَالَ: خرجت ألْقى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأنْظر فِي وَجهه وَالتَّسْلِيم عَلَيْهِ، فَلم يلبث أَن جَاءَ عمر، فَقَالَ: مَا جَاءَ بك يَا عمر؟ قَالَ: الْجُوع يَا رَسُول الله، قَالَ: وَإِنَّا قد وجدت بعض ذَلِك. فَانْطَلقُوا إِلَى منزل أبي الْهَيْثَم بن التيهَان الْأنْصَارِيّ، وَكَانَ رجلا كثير النّخل وَالشَّاء، وَلم يكن لَهُ خدم فَلم يجدوه، فَقَالُوا لامْرَأَته: أَيْن صَاحبك؟ فَقَالَت: انْطلق يستعذب لنا [المَاء] . فَلم يَلْبَثُوا أَن جَاءَ أَبُو الْهَيْثَم بقربة يزعبها فوضعها، ثمَّ جَاءَ يلْتَزم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويفديه بِأَبِيهِ وَأمه، ثمَّ انْطلق بهم إِلَى حديقته فَبسط لَهُم بساطاً، ثمَّ انْطلق إِلَى نَخْلَة فجَاء بقنو فَوَضعه، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَفلا تنقيت لنا من رطبه. فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أردْت أَن تخَيرُوا - أَو قَالَ: تخَيرُوا من رطبه وبسره - فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا من ذَلِك المَاء، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذَا وَالَّذِي نَفسِي فِي يَده من النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة ظلّ بَارِد، وَرطب طيب، وَمَاء بَارِد. فَانْطَلق أَبُو الْهَيْثَم يصنع لَهُم طَعَاما، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تذبحن ذَات در. قَالَ: فذبح لَهُم عنَاقًا أَو جدياً فَأَتَاهُم بهَا فَأَكَلُوا،(3/225)
فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل لَك خَادِم؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِذا أَتَانَا سبي فائتنا. فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - برأسين لَيْسَ مَعَهُمَا [ثَالِث] قَالَ: فَأَتَاهُ أَبُو الْهَيْثَم فَقَالَ النَّبِي: اختر مِنْهُمَا. فَقَالَ: يَا نَبِي الله، اختر لي. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن المستشار مؤتمن، خُذ هَذَا فَإِنِّي رَأَيْته يُصَلِّي، واستوص بِهِ مَعْرُوفا. فَانْطَلق أَبُو الْهَيْثَم إِلَى امْرَأَته فَأَخْبرهَا بقول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَت امْرَأَته: مَا أَنْت يُبَالغ مَا قَالَ فِيهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا أَن تعتقه. قَالَ: فَهُوَ عَتيق. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله لم يبْعَث نَبيا وَلَا خَليفَة: إِلَّا وَله بطانتان: بطانة تَأمره بِالْمَعْرُوفِ وتنهاه عَن الْمُنكر، وبطانة لَا تألوه خبالا، وَمن يُوقَ بطانة السوء فقد وقِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن غَرِيب) .
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن أبي عبد الرَّحِيم، عَن سعيد بن أبي أَيُّوب، حَدثنِي أَبُو هَانِئ حميد بن هَانِئ الْخَولَانِيّ، عَن أبي عُثْمَان مُسلم بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ عَليّ مَا لم أقل فليتبؤأ مَقْعَده من النَّار، وَمن اسْتَشَارَ أَخَاهُ الْمُسلم فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِغَيْر رشده فقد خانه، وَمن أفتى بِفُتْيَا غير تثبت فَإِنَّمَا إثمها على من أفتاه ".
تقدم هَذَا الحَدِيث من طَرِيق أبي دَاوُد فِي كتاب الْعلم وَقَالَ فِيهِ: " من أَشَارَ عَليّ أَخِيه بِأَمْر يعلم أَن الرشد فِي غَيره فقد خانه " وَفِي حَدِيث أبي بكر زِيَادَة.
بَاب التحذير أَن يحتقر أحد من الْمُسلمين
مُسلم: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، حَدثنِي حَفْص بن ميسرَة، عَن الْعَلَاء بن(3/226)
عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رب أَشْعَث مَدْفُوع بالأبواب لَو أقسم على الله - تَعَالَى - لَأَبَره ".
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن قَالَ هلك النَّاس
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَالَ الرجل: هلك النَّاس. فَهُوَ أهلكهم ".
بَاب النَّهْي أَن يَقُول خبثت نَفسِي
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر وحرملة - هُوَ ابْن يحيى - قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يقل أحدكُم خبثت نَفسِي. وَليقل: لقست نَفسِي ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَقُولَن أحدكُم: جَاشَتْ نَفسِي. وَليقل: لقست نَفسِي ".
بَاب النَّهْي أَن يَقُول مَا شَاءَ الله وَشاء فلَان
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا(3/227)
عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " رَأَيْت فِي النّوم كَأَن رجلا من الْيَهُود يَقُول: تَزْعُمُونَ أَنا نشْرك بِاللَّه، وَأَنْتُم تشركون [تَقولُونَ] : مَا شَاءَ الله وَشاء مُحَمَّد. فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته، فَقَالَ: أما إِنِّي قد كنت أكرهها لكم، قُولُوا: مَا شَاءَ الله ثمَّ شِئْت ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا خَالِد، عَن شُعْبَة، عَن مَنْصُور قَالَ: سَمِعت عبد الله بن يسَار يحدث، عَن حُذَيْفَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَقولُوا: مَا شَاءَ الله وَشاء فلَان. وَلَكِن قُولُوا: مَا شَاءَ الله ثمَّ شَاءَ فلَان ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن خشرم، عَن عِيسَى بن يُونُس، عَن الْأَجْلَح، عَن يزِيد بن الْأَصَم، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَلمهُ فِي بعض الْأَمر فَقَالَ: مَا شَاءَ الله - عز وَجل - وشئت. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أجعلتني لله عدلا! بل مَا شَاءَ الله - عز وَجل - وَحده ".
تَابعه شَيبَان النَّحْوِيّ، عَن الْأَجْلَح ذكره الطَّحَاوِيّ - رَحمَه الله.
بَاب يَقُول أَنا بِاللَّه ثمَّ بك
البُخَارِيّ: وَقَالَ عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا همام، ثَنَا إِسْحَاق بن عبد الله، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة، أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهُ أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن ثَلَاثَة فِي بني إِسْرَائِيل أَرَادَ الله أَن يبتليهم، فَبعث ملكا فَأتى الأبرص فَقَالَ: تقطعت بِي الحبال فَلَا بَلَاغ إِلَّا بِاللَّه ثمَّ بك ... " فَذكر الحَدِيث.(3/228)
بَاب النَّهْي عَن سبّ الدَّهْر
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَالَ الله - عز وَجل -: يسب بَنو آدم الدَّهْر، وَأَنا الدَّهْر بيَدي اللَّيْل وَالنَّهَار ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عَيَّاش بن الْوَلِيد، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تسموا الْعِنَب الْكَرم، وَلَا تَقولُوا: خيبة الدَّهْر؛ فَإِن الله هُوَ الدَّهْر ".
بَاب النَّهْي أَن يُقَال لِلْمُنَافِقِ سيد
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد الله بن عمر بن ميسرَة، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، ثَنَا أبي، عَن قَتَادَة، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَقولُوا لِلْمُنَافِقِ: سيداً، فَإِنَّهُ إِن يَك سيداً فقد أسخطتم ربكُم ".
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن يظْهر الشماتة بأَخيه الْمُسلم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عمر بن إِسْمَاعِيل بن مجَالد الْهَمدَانِي، ثَنَا حَفْص بن غياث قَالَ: أخبرنَا سَلمَة بن شبيب، ثَنَا أُميَّة بن الْقَاسِم الْحذاء الْبَصْرِيّ، ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن برد بن سِنَان، عَن مَكْحُول، عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه [الله] ويبتليك ".(3/229)
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَمَكْحُول سمع من: وَاثِلَة بن الْأَسْقَع وَأنس بن مَالك، وَأبي هِنْد الدَّارِيّ، وَمَكْحُول شَامي يكنى أَبَا عبد الله.
بَاب فضل من عَال بَنَات أَو أَخَوَات
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن بهْرَام وَأَبُو بكر بن إِسْحَاق - وَاللَّفْظ لَهما - قَالَا: أَنا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي عبد الله ابْن أبي بكر، أَن عُرْوَة بن الزبير أخبرهُ، أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخْبرته قَالَت: " جَاءَت امْرَأَة وَمَعَهَا ابنتان لَهَا فسألتني، فَلم تَجِد عِنْدِي شَيْئا غير تَمْرَة وَاحِدَة. فأعطيتها إِيَّاهَا، فأخذتها فقسمتها بَين ابنتيها وَلم تَأْكُل مِنْهَا شَيْئا، ثمَّ قَامَت فَخرجت وابنتاها، فَدخل عَليّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحَدَّثته حَدِيثهَا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من ابْتُلِيَ من الْبَنَات بِشَيْء فَأحْسن إلَيْهِنَّ كن لَهُ سترا من النَّار ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا بكر - يَعْنِي ابْن مُضر - عَن ابْن الْهَاد،، أَن زِيَاد بن أبي زِيَاد مولى ابْن عَيَّاش حَدثهُ، عَن عرَاك بن مَالك، سَمعه يحدث عمر بن عبد الْعَزِيز، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " جَاءَتْنِي مسكينة تحمل ابنتيها، فأطعمتها ثَلَاث تمرات، فأعطت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ تَمْرَة، وَرفعت إِلَى فِيهَا تَمْرَة لتأكلها، فاستطعمها ابنتاها، فشقت التمرة الَّتِي كَانَت تُرِيدُ أَن تأكلها بَينهمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنهَا، فَذكرت الَّذِي صنعت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن الله قد أوجب لَهَا بهَا الْجنَّة - أَو أعْتقهَا بهَا من النَّار ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، عَن [عبيد الله] بن أبي بكر بن أنس، عَن أنس بن مَالك قَالَ:(3/230)
قَالَ رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من عَال جاريتين حَتَّى تبلغا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة أَنا وَهُوَ. وَضم أَصَابِعه ".
بَاب فضل كافل الْيَتِيم لَهُ أَو لغيره
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْحَاق بن عِيسَى، ثَنَا مَالك، عَن ثَوْر ابْن زيد الديلِي، سَمِعت أَبَا الْغَيْث يحدث، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كافل الْيَتِيم لَهُ أَو لغيره أَنا وَهُوَ كهاتين فِي الْجنَّة. وَأَشَارَ مَالك بالسبابة وَالْوُسْطَى ".
بَاب ثَوَاب السَّاعِي على الأرملة واليتيم
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا مَالك، عَن ثَوْر بن زيد، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " السَّاعِي على الأرملة والمسكين كالمجاهد فِي سَبِيل الله. وَأَحْسبهُ قَالَ: وكالقائم لَا يفتر، وكالصائم لَا يفْطر ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن عبد الله، حَدثنِي مَالك، عَن صَفْوَان بن سليم، يرفعهُ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " السَّاعِي على الأرملة والمسكين كالمجاهد فِي سَبِيل الله، وكالذي يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل ".
حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن ثَوْر بن زيد الديلِي، عَن أبي الْغَيْث مولى ابْن مُطِيع، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي مثله.(3/231)
بَاب فضل رفع الْأَذَى عَن الطَّرِيق
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن سمي مولى أبي بكر، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَيْنَمَا رجل يمشي بطرِيق وجد غُصْن شوك على الطَّرِيق فَأَخَّرَهُ، فَشكر الله لَهُ فغفر لَهُ ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مر رجل بِغُصْن شَجَرَة على ظهر طَرِيق فَقَالَ: وَالله لأنحين هَذَا عَن الْمُسلمين لَا يؤذيهم. فَأدْخل الْجنَّة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبيد الله، أَنا شَيبَان، الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي
قَالَ: " لقد رَأَيْت
رجلا يتقلب فِي الْجنَّة فِي شَجَرَة قطعهَا من ظهر الطَّرِيق كَانَت تؤذي النَّاس ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن أبان بن صمعة، حَدثنِي أَبُو الْوَازِع، حَدثنِي أَبُو بَرزَة قَالَ: " قلت: يَا نَبِي الله، عَلمنِي شَيْئا أنتفع بِهِ. قَالَ: اعزل الْأَذَى عَن طَرِيق الْمُسلمين ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو بكر بن شُعَيْب بن الحبحاب، عَن أبي الْوَازِع الرَّاسِبِي، عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ أَن أَبَا بَرزَة قَالَ: " قلت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي لَا أَدْرِي لعسى أَن تمْضِي وَأبقى بعْدك فزودني شَيْئا يَنْفَعنِي الله بِهِ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: افْعَل كَذَا، افْعَل كَذَا - أَبُو بكر نَسيَه - وَأمر الْأَذَى عَن الطَّرِيق ".(3/232)
بَاب دفن النخامة
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي عَتيق، عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا تنخم أحدكُم فليغيب نخامته، لَا يُصِيب جلد مُؤمن أَو ثَوْبه ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعمله يرْوى عَن سعد إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
قَالَ: وثنا عَبدة بن عبد الله، أَنا زيد بن الْحباب، أَنا الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي الْإِنْسَان ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ مفصلا، على كل مفصل صَدَقَة. قَالُوا: يَا رَسُول الله، من يُطيق ذَلِك؟ قَالَ: النخامة يدفنها صَدَقَة، وإماطة الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة، وركعتا الضُّحَى تكفر ذَلِك ".
بَاب مَا أَمر بقتْله من الدَّوَابّ
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان، حَدثنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خمس من الدَّوَابّ كُلهنَّ فَاسق يقتلن فِي الْحرم: الْغُرَاب، والحدأة، وَالْعَقْرَب، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن نَافِع، عَن عبد الله ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: خمس من الدَّوَابّ لَيْسَ على الْمحرم فِي قتلهن جنَاح ".(3/233)
وحَدثني أصبغ، أَخْبرنِي عبد الله بن وهب، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم قَالَ: قَالَ عبد الله بن عمر: قَالَت حَفْصَة: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خمس من الدَّوَابّ لَا حرج على من قتلهن: الْغُرَاب، والحدأة، والفأرة، وَالْعَقْرَب، وَالْكَلب الْعَقُور ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي خلف، ثَنَا روح.
وحَدثني إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا [روح] بن عبَادَة، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقتل الْكلاب حَتَّى إِن الْمَرْأَة تقدم من الْبَادِيَة بكلبها فنقتله، ثمَّ نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قَتلهَا وَقَالَ: عَلَيْكُم بالأسود البهيم ذِي النقطتين فَإِنَّهُ شَيْطَان ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الحميد بن بَيَان السكرِي، عَن إِسْحَاق بن [يُوسُف] ، عَن شريك، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقْتُلُوا الْحَيَّات كُلهنَّ، فَمن خَافَ ثأرهن فَلَيْسَ مني ".
إِسْحَاق ثِقَة وَهُوَ الْأَزْرَق، وَشريك ثِقَة.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا سُفْيَان، عَن ابْن عجلَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا سالمناهن مُنْذُ حاربناهن، وَمن ترك شَيْئا مِنْهُنَّ خيفة فَلَيْسَ منا ".(3/234)
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عبد الله قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَار وَقد أنزلت عَلَيْهِ {والمرسلات عرفا} فَنحْن نأخذها من فِيهِ رطبا، إِذْ خرجت علينا حَيَّة فَقَالَ: اقتلوها. فابتدرناها لنقتلها فسبقتنا فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وقاها الله شركم، ووقاكم شَرها ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج، عَن سَالم، عَن أَبِيه، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اقْتُلُوا الْحَيَّات، واقتلوا ذَا الطفيتين والأبتر؛ فَإِنَّهُمَا يلتمسان الْبَصَر، ويسقطان الْحَبل، فَمن وجد ذَا الطفيتين والأبتر فَلم يقتلهما فَلَيْسَ منا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان وَابْن نمير، عَن هِشَام.
وثنا أَبُو كريب، ثَنَا عَبدة، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقتل ذِي الطفيتين؛ فَإِنَّهُ يلْتَمس الْبَصَر، ويصيب الْحَبل ".
وحدثناه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " الأبتر وَذَا الطفيتين ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَيَّات الَّتِي تظهر فِي الْبيُوت
مُسلم: حَدثنَا حَاجِب بن الْوَلِيد، ثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب، عَن الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله، عَن ابْن عمر قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمر بقتل الْكلاب يَقُول: اقْتُلُوا الْحَيَّات وَالْكلاب، واقتلوا ذَا الطفيتين(3/235)
والأبتر؛ فَإِنَّهُمَا يلتمسان الْبَصَر، ويستسقطان الحبالى " قَالَ الزُّهْرِيّ: ونرى ذَلِك من سمها - وَالله أعلم - قَالَ سَالم: قَالَ عبد الله: " فَلَبثت لَا أترك حَيَّة أَرَاهَا إِلَّا قتلتها، فَبينا أَنا أطارد حَيَّة يَوْمًا من ذَوَات الْبيُوت مر بِي زيد بن الْخطاب [أَو] أَبُو لبَابَة وَأَنا [أطاردها] ، فَقَالَ: مهلا يَا عبد الله. فَقلت: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بقتلهن. قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد نهى عَن ذَوَات الْبيُوت ".
وَحدثنَا حسن الْحلْوانِي، ثَنَا يَعْقُوب، ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: حَتَّى رَآنِي أَبُو لبَابَة وَزيد بن الْخطاب فَقَالَا: إِنَّه قد نهى عَن ذَوَات الْبيُوت ".
مُسلم: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا مُحَمَّد بن جَهْضَم، ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ عندنَا ابْن جَعْفَر - عَن عمر بن نَافِع، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ عبد الله بن عمر يَوْمًا عِنْد هدم لَهُ فَرَأى وبيص جَان، فَقَالَ: اتبعُوا هَذَا الجان فَاقْتُلُوهُ. فَقَالُوا أَبُو لبَابَة الْأنْصَارِيّ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَن قتل الْجنان الَّتِي تكون فِي الْبيُوت إِلَّا الأبتر وَذَا الطفيتين؛ فَإِنَّهُمَا اللَّذَان يخطفان الْبَصَر، ويتبعان مَا فِي بطُون النِّسَاء ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي مَالك بن أنس، عَن صَيْفِي - وَهُوَ عندنَا مولى ابْن أَفْلح - أَخْبرنِي أَبُو السَّائِب مولى هِشَام ابْن زهرَة " أَنه دخل على أبي سعيد فِي بَيته قَالَ: فَوَجَدته يُصَلِّي فَجَلَست أنتظره حَتَّى يقْضِي صلَاته، فَسمِعت تحريكاً فِي عراجين فِي نَاحيَة الْبَيْت، فَالْتَفت فَإِذا حَيَّة، فَوَثَبت لأقتلها فَأَشَارَ إِلَيّ أَن اجْلِسْ، فَجَلَست، فَلَمَّا انْصَرف أَشَارَ إِلَى بَيت فِي الدَّار فَقَالَ: أَتَرَى هَذَا الْبَيْت؟ فَقلت: نعم. فَقَالَ: كَانَ فِيهِ فَتى منا حَدِيث(3/236)
عهد بعرس. قَالَ: فخرجنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الخَنْدَق، فَكَانَ ذَلِك الْفَتى يسْتَأْذن رَسُول الله بأنصاف النَّهَار فَيرجع إِلَى أَهله، فاستأذنه يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خُذ عَلَيْك سِلَاحك؛ فَإِنِّي أخْشَى عَلَيْك قُرَيْظَة. فَأخذ الرجل سلاحه ثمَّ رَجَعَ، فَإِذا امْرَأَته بَين الْبَابَيْنِ قَائِمَة فَأَهوى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ ليطعنها بِهِ، وأصابته غيرَة، فَقَالَت لَهُ: اكفف عَلَيْك رمحك، وادخل الْبَيْت حَتَّى تنظر مَا الَّذِي أخرجني، فَدخل فَإِذا بحية عَظِيمَة منطوية على الْفراش، فأهوي إِلَيْهَا الرمْح، فانتظمها بِهِ، ثمَّ خرج فركزه فِي الدَّار فاضطربت عَلَيْهِ، فَمَا نَدْرِي أَيهمَا كَانَ أسْرع موتا الْحَيَّة أم الْفَتى. قَالَ: فَجِئْنَا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكرنَا ذَلِك لَهُ، وَقُلْنَا: ادْع الله يحييه لنا. فَقَالَ: اسْتَغْفرُوا لصاحبكم. ثمَّ قَالَ: إِن بِالْمَدِينَةِ جناً قد أَسْلمُوا، فَإِذا رَأَيْتُمْ مِنْهُم شَيْئا فآذنوه ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِن بدا لكم بعد ذَلِك فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي قَالَ: سَمِعت أَسمَاء [بن] عبيد يحدث، عَن رجل يُقَال لَهُ: السَّائِب - وَهُوَ عندنَا أَبُو السَّائِب - قَالَ: " دَخَلنَا على أبي سعيد الْخُدْرِيّ، فَبَيْنَمَا نَحن جُلُوس إِذْ سمعنَا تَحت سَرِيره حَرَكَة، فَنَظَرْنَا فَإِذا حَيَّة ... " وسَاق الحَدِيث بِقِصَّتِهِ نَحْو حَدِيث مَالك، عَن صَيْفِي وَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لهَذِهِ الْبيُوت عوامر، فَإِذا رَأَيْتُمْ شَيْئا مِنْهَا فحرجوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا فَإِن ذهب، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ كَافِر، وَقَالَ لَهُم: اذْهَبُوا فادفنوا صَاحبكُم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا ابْن أبي زَائِدَة، ثَنَا ابْن أبي ليلى، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: قَالَ أَبُو ليلى: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا ظَهرت الْحَيَّة فِي الْمسكن فَقولُوا لَهَا: إِنَّا نَسْأَلك بِعَهْد نوح وبعهد(3/237)
سُلَيْمَان بن دَاوُد لَا تؤذينا، فَإِن عَادَتْ فاقتلوها ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
ابْن أبي ليلى هَذَا ضَعِيف، قَالَ البُخَارِيّ: أما أَنا لَا أروي عَنهُ شَيْئا.
بَاب فضل من قتل حَيَّة وَمَا جَاءَ فِي الْحَيَّات
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن معبد، ثَنَا طالوت بن عباد، ثَنَا دَاوُد بن أبي الْفُرَات، عَن مُحَمَّد بن زيد الْعَبْدي، [عَن أبي الْأَعْين الْعَبْدي] ، عَن أبي الْأَحْوَص الجمشي قَالَ: " بَينا ابْن مَسْعُود يخْطب ذَات يَوْم، فَإِذا هُوَ بحية تمشي على الْجِدَار، فَقطع خطبَته وضربها بِقَضِيبِهِ حَتَّى قَتلهَا، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من قتل حَيَّة فَكَأَنَّمَا قتل رجلا مُشْركًا قد حل دَمه ".
وروى أَبُو عمر بن عبد الْبر قَالَ: ثَنَا أَحْمد بن عمر، ثَنَا عبد الله بن عمر، ثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا مُحَمَّد بن فطيس، ثَنَا بَحر بن نصر، ثَنَا ابْن [وهب] ، ثَنَا مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، عَن جُبَير بن نفير، عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْجِنّ على ثَلَاث أَثلَاث: فثلث لَهُم أَجْنِحَة يطيرون فِي الْهوى، وَثلث حيات وكلاب، وَثلث يحلونَ ويطعنون ".
رَوَاهُ أَبُو عمر فِي الاستذكار وَقَالَ: هَذَا إِسْنَاد جيد، رُوَاته أَئِمَّة ثِقَات.
وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي " بَيَان الْمُشكل من حَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَالَ: ثَنَا بَحر بن نصر، ثَنَا ابْن وهب بِهَذَا الْإِسْنَاد.(3/238)
وروى الْبَزَّار: قَالَ: ثَنَا أَبُو كَامِل، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار، ثَنَا خَالِد الْحذاء، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الْحَيَّة مسيخ الْجِنّ كَمَا مسخت القردة والخنازير ".
بَاب قتل الوزغ وَفضل ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد قَالَا: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بقتل الوزغ وَسَماهُ فويسقاً ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى - أَو ابْن سَلام عَنهُ - أَنا ابْن جريج، عَن عبد الحميد بن جُبَير، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أم شريك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بقتل الوزغ و [قَالَ: كَانَ] ينْفخ على إِبْرَاهِيم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن أصبغ، عَن ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الوزغ شَيْطَان ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا أسْندهُ إِلَّا يُونُس.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا خَالِد بن عبد الله، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قتل وزغة فِي أول ضَرْبَة، فَلهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَة، وَمن قَتلهَا فِي الضَّرْبَة الثَّانِيَة، فَلهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَة [لدوّنَ] الأولى، وَإِن قَتلهَا فِي الضَّرْبَة الثَّالِثَة، فَلهُ كَذَا وَكَذَا حسنه [لدوّنَ] الثَّانِيَة ".(3/239)
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[بِمَعْنى] حَدِيث خَالِد، عَن سُهَيْل، غير أَن فِي حَدِيث جرير: " من قتل وزغة فِي أول ضَرْبَة كتبت لَهُ مائَة حَسَنَة، وَفِي الثَّانِيَة دون ذَلِك، وَفِي الثَّالِثَة دون ذَلِك ".
بَاب مَا نهى عَن قَتله من الدَّوَابّ وسبه
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن نملة قرصت نَبيا من الْأَنْبِيَاء فَأمر بقرية النَّمْل فأحرقت، فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَفِي أَن قرصتك نملة أهلكت أمة من الْأُمَم تسبح ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي: ابْن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " نزل نَبِي من الْأَنْبِيَاء تَحت شَجَرَة فلدغته نملة فَأمر بجهازه فَأخْرج من تحتهَا، ثمَّ أَمر بهَا فأحرقت، فَأوحى الله إِلَيْهِ: فَهَلا نملة وَاحِدَة ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن قتل أَربع من الدَّوَابّ: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد ".(3/240)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا ابْن أبي فديك، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد بن خَالِد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان " أَن طَبِيبا ذكر ضفدعاً فِي دَوَاء عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَنهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قَتله ".
عبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن عمر بن عبيد الله بن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد ابْن تيم بن مرّة بن كَعْب التَّيْمِيّ الْقرشِي، أسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَقيل: أسلم يَوْم الْفَتْح، قتل مَعَ ابْن الزبير بِمَكَّة، ذكر ذَلِك أَبُو عمر بن عبد الْبر.
أَبُو دَاوُد: ثَنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن صَالح بن كيسَان، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا الديك فَإِنَّهُ يوقظ للصَّلَاة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا مُوسَى بن دَاوُد، ثَنَا عبد الْعَزِيز ابْن أبي سَلمَة، عَن صَالح بِإِسْنَادِهِ مثله وَقَالَ: " يُؤذن بِالصَّلَاةِ ".
بَاب مَا جَاءَ فِي تحريق الدَّوَابّ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو عَاصِم، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن الثَّوْريّ، عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن الْحسن بن سعد - كُوفِي - عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله - كُوفِي - عَن أَبِيه قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فمررنا بقرية نمل قد أحرقت، قَالَ: فَغَضب النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - وَقَالَ: إِنَّه لَا يَنْبَغِي لبشر أَن يعذب بِعَذَاب الله ".
قد تقدم النَّهْي عَن التعذيب بِعَذَاب الله فِي كتاب الْجِهَاد، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَغَيره.(3/241)
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن قتل عصفوراً
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن دَاوُد، ثَنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا أَبُو عُبَيْدَة عبد الْوَاحِد بن وَاصل، عَن خلف - يَعْنِي ابْن مهْرَان - ثَنَا عَامر الْأَحول، عَن صَالح بن دِينَار، عَن عَمْرو بن الشريد قَالَ: سَمِعت الشريد يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من قتل عصفوراً عَبَثا عج إِلَى الله يَوْم الْقِيَامَة يَقُول: يَا رب، إِن فلَانا قتلني عَبَثا وَلم يقتلني لمَنْفَعَة ".
بَاب مَا يُؤمر بِهِ من غلق الْأَبْوَاب وإطفاء المصابيح وَالنَّار عِنْد النّوم
البُخَارِيّ: ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا همام، عَن عَطاء، عَن جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أطفئوا المصابيح إِذا رقدتم، وغلقوا الْأَبْوَاب، وأوكوا الأسقية، وخمروا الطَّعَام وَالشرَاب - وَأَحْسبهُ قَالَ: - وَلَو بِعُود تعرضه عَلَيْهِ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا كثير، عَن عَطاء، عَن جَابر بن عبد الله رَفعه قَالَ: " خمروا الْآنِية، وأوكوا الأسقية، وأجيفوا الْأَبْوَاب، واكفتوا صِبْيَانكُمْ عِنْد الْمسَاء، فَإِن للجن انتشاراً [وخطفة] ، وأطفئوا المصابيح عِنْد الرقاد؛ فَإِن الفويسقة رُبمَا اجْتَرَّتْ الفتيلة فأحرقت أهل الْبَيْت ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا روح بن عبَادَة، أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي عَطاء، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ جنح اللَّيْل أَو أمسيتم فكفوا صِبْيَانكُمْ؛ فَإِن الشَّيَاطِين تَنْتَشِر حِينَئِذٍ، فَإِذا ذهب سَاعَة من اللَّيْل فحلوهم، وَأَغْلقُوا الْأَبْوَاب، واذْكُرُوا اسْم الله، فَإِن الشَّيَاطِين لَا تفتح(3/242)
بَابا مغلقاً، و [أوكوا] قربكم، واذْكُرُوا اسْم الله، وخمروا آنيتكم، واذْكُرُوا اسْم الله، وَلَو أَن تعرضوا عَلَيْهِ شَيْئا، وأطفئوا مصابيحكم ".
ورى أَبُو بكر بن أبي شيبَة هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " وأقلوا الْخُرُوج إِذا هدأت الرجل؛ فَإِن الله يبث من خلقه فِي ليله مَا شَاءَ ".
رَوَاهُ عَن عبد الْأَعْلَى، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث، عَن عَطاء بن يسَار، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو عَامر الْأَشْعَرِيّ، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " احْتَرَقَ بَيت على أَهله بِالْمَدِينَةِ من اللَّيْل، فَلَمَّا حدث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بشأنهم قَالَ: إِن هَذِه النَّار إِنَّمَا هِيَ عَدو لكم، فَإِذا نمتم فأطفئوها عَنْكُم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر [بن حَرْب] قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تتركوا النَّار فِي بُيُوتكُمْ حِين تنامون ".
بَاب النَّهْي عَن ضرب وَجه الْمُسلم
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي: الْحزَامِي - عَن أبي(3/243)
الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَاتل أحدكُم أَخَاهُ فليتجنب الْوَجْه ".
حدّثنَاهُ عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " إِذا ضرب أحدكُم ... . ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة سمع أَبَا أَيُّوب يحدث، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَاتل أحدكُم أَخَاهُ فَلَا يلطمن الْوَجْه ".
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا أبي، ثَنَا الْمثنى.
وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن الْمثنى بن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أبي أَيُّوب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي حَدِيث ابْن حَاتِم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَاتل أحدكُم أَخَاهُ فليتجنب الْوَجْه؛ فَإِن الله خلق آدم على صورته ".
الْمثنى بن سعيد ثِقَة، وثقة أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة.
بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذين يُعَذبُونَ النَّاس
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، قَالَ: " مر هِشَام بن حَكِيم بن حزَام على أنَاس من الأنباط بِالشَّام قد أقِيمُوا فِي الشَّمْس فَقَالَ: مَا شَأْنهمْ؟ [قَالَ] : حبسوا فِي الْجِزْيَة. فَقَالَ هِشَام: أشهد لسمعت رَسُول الله يَقُول: إِن الله يعذب الَّذين يُعَذبُونَ النَّاس فِي الدُّنْيَا ".(3/244)
بَاب مَا جَاءَ فِي اللّعب بالنردشير
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن سُفْيَان، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من لعب بالنردشير فَكَأَنَّمَا صبغ يَده فِي لخم خِنْزِير وَدَمه ".
[أَبُو دَاوُد] : حَدثنَا عبد الله بن مسلمة القعْنبِي، عَن مَالك، عَن مُوسَى ابْن ميسرَة، عَن سعيد بن أبي هِنْد، عَن أبي مُوسَى أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من لعب بالنرد فقد عصى الله وَرَسُوله ".
بَاب مَا جَاءَ فِي اللّعب بالحمام
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن مُحَمَّد بن [عَمْرو] ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا يتبع حمامة، فَقَالَ: شَيْطَان يتبع شَيْطَانَة ".
تَابعه مُحَمَّد بن عبد الله، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا حَمَّاد بن سَلمَة وَمُحَمّد بن عبد الله، وَخَالَفَهُمَا شريك فَرَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة، وَغَيرهم يُرْسِلهُ عَن أبي سَلمَة (عَن عَائِشَة) .(3/245)
بَاب مَا جَاءَ فِي الْغناء وَاللَّهْو
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هَارُون بن عبد الله، ثَنَا مكي بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا الجعيد، عَن يزِيد بن خصيفَة، عَن السَّائِب بن يزِيد " أَن امْرَأَة جَاءَت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا عَائِشَة، تعرفين هَذِه؟ قَالَت: لَا يَا نَبِي الله. قَالَ: هَذِه قينة فلَان، تحبين أَن تغنيك؟ فغنتها، (فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قد نفخ الشَّيْطَان فِي منخريها) ".
الجعيد هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن أَوْس ثِقَة مَعْرُوف مَشْهُور روى عَنهُ يحيى ابْن سعيد الْقطَّان وحاتم بن إِسْمَاعِيل، وَسليمَان بن بِلَال وَالْفضل بن مُوسَى وَغَيرهم.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا بشر، عَن خَالِد بن ذكْوَان، عَن الرّبيع ابْنة [معوذ بن] عفراء قَالَت: " جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدخل عَليّ صَبِيحَة بني بِي، فَجَلَسَ على فِرَاشِي كمجلسك، فَجعلت جويريات يضربن بدف لَهُنَّ، يندبن من قتل من آبَائِي يَوْم بدر إِلَى أَن قَالَت إِحْدَاهُنَّ: وَفينَا نَبِي يعلم مَا فِي الْغَد. فَقَالَ: دعِي هَذِه وَقَوْلِي الَّتِي كنت تَقُولِينَ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن [حُرَيْث] ثَنَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن وَاقد، حَدثنِي أبي، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة قَالَ: سَمِعت بُرَيْدَة يَقُول: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض مغازيه فَلَمَّا انْصَرف، جَاءَت جَارِيَة سَوْدَاء، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت نذرت إِن ردك الله صَالحا أَن أضْرب بَين يَديك بالدف وأتغنى، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن كنت نذرت فاضربي وَإِلَّا فَلَا. فَجعلت(3/246)
تضرب، فَدخل أَبُو بكر وَهِي تضرب، ثمَّ دخل عَليّ وَهِي تضرب، ثمَّ دخل عُثْمَان وَهِي تضرب، ثمَّ دخل عمر فَأَلْقَت الدُّف تَحت استها ثمَّ قعدت عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الشَّيْطَان ليخاف مِنْك يَا عمر، إِنِّي كنت جَالِسا وَهِي تضرب، فَدخل أَبُو بكر وَهِي تضرب، ثمَّ دخل عَليّ وَهِي تضرب، ثمَّ دخل عُثْمَان وَهِي تضرب، فَلَمَّا دخلت أَنْت يَا عمر أَلْقَت الدُّف ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من حَدِيث بُرَيْدَة، وَفِي الْبَاب عَن عمر وَعَائِشَة.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن عبيد الله الغداني، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن نَافِع قَالَ: " سمع ابْن عمر مِزْمَارًا قَالَ: فَوضع أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ ونأى عَن الطَّرِيق، وَقَالَ: يَا نَافِع، هَل تسمع شَيْئا؟ قَالَ: فَقلت: لَا. قَالَ: فَرفع أصبعيه من أُذُنَيْهِ وَقَالَ: كنت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسمع مثل هَذَا، فَصنعَ مثل هَذَا ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا حَدِيث مُنكر. فِيمَا ذكره اللؤْلُؤِي عَنهُ.
بَاب إِبَاحَة اللّعب بالبنات للجواري
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَنَّهَا كَانَت تلعب بالبنات عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: وَكَانَ يأتيني صواحبي فَكُن يتقمعن من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: فَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسربهن إِلَيّ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن [سعد] بن الحكم، ثَنَا عمي، ثَنَا يحيى بن أَيُّوب، حَدثنِي عمَارَة بن غزيَّة، أَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث حَدثهُ، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة قَالَت: " قدم النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - من(3/247)
غَزْوَة وَقد نصبت على بَاب حُجْرَتي عباءة، وعَلى عرض بَيتهَا ستر أرميني، فَدخل الْبَيْت فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَا لي يَا عَائِشَة وللدنيا. فهتك الْعرض حَتَّى وَقع بِالْأَرْضِ وَفِي سهوتها ستر، فَهبت ريح، فَكشفت نَاحيَة عَن بَنَات لعَائِشَة لعب، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَة؟ قَالَت: بَنَاتِي. وَرَأى بَين ظهرانيهن فرسا لَهُ جَنَاحَانِ من رقع، قَالَ: فَمَا هَذَا الَّذِي أرى وسطهن؟ قَالَت: فرس. قَالَ: وَمَا هَذَا الَّذِي عَليّ؟ قَالَت: جَنَاحَانِ. قَالَ: فرس لَهُ جَنَاحَانِ! قَالَت: أَو مَا سَمِعت أَن لِسُلَيْمَان خيلاً لَهَا أَجْنِحَة. فَضَحِك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ".
بَاب مَا جَاءَ من الشؤم فِي [الدَّار] وَالْمَرْأَة وَالْفرس
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، عَن مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن حَمْزَة وَسَالم ابْني عبد الله بن عمر، عَن عبد الله بن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الشؤم فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفرس ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن يحيى، ثَنَا بشر بن عمر، عَن عِكْرِمَة بن عمار، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا فِي دَار كثير فِيهَا عددنا وَكثير فِيهَا أَمْوَالنَا، فتحولنا إِلَى دَار أُخْرَى، فَقل فِيهِ عددنا، وَقلت فِيهَا أَمْوَالنَا! فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ذروها ذميمة ".
تمّ كتاب الْأَدَب وَالْحَمْد لله وَحده. يتلوه كتاب التَّوْبَة إِن شَاءَ الله - تَعَالَى.(3/248)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب التَّوْبَة
بَاب فرض التَّوْبَة وَقَول الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا}
قَالَ أَبُو الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج - رَحمَه الله -: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن أبي بردة قَالَ: سَمِعت الْأَغَر الْمُزنِيّ - وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحدث ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا أَيهَا النَّاس، تُوبُوا إِلَى الله، فَإِنِّي أَتُوب إِلَى الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة ".
بَاب الِاعْتِرَاف وَالتَّوْبَة
البُخَارِيّ: ثَنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير وَسَعِيد بن الْمسيب وعلقمة بن وَقاص وَعبيد الله بن عبد الله ابْن عتبَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن العَبْد إِذا اعْترف بِذَنبِهِ ثمَّ تَابَ إِلَى الله تَابَ الله عَلَيْهِ ".
بَاب قبُول التَّوْبَة قبل طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا
وَقَول الله تَعَالَى: {هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن تأتيهم الْمَلَائِكَة أَو يَأْتِي رَبك أَو يَأْتِي بعض آيَات رَبك يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي(3/249)
إيمَانهَا خيرا} .
مُسلم: حَدثنَا أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تَابَ قبل أَن تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا تَابَ الله عَلَيْهِ ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا مُعَاوِيَة بن هِشَام، عَن شريك، عَن عُثْمَان أبي الْمُغيرَة، عَن أبي صَادِق، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " للجنة ثَمَانِيَة أَبْوَاب: سَبْعَة مغلقة، وَبَاب مَفْتُوح للتَّوْبَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من نَحوه ".
أَبُو صَادِق اسْمه مُسلم بن يزِيد الْأَسدي، صَدُوق مُسْتَقِيم الحَدِيث، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن عَاصِم، عَن زر، عَن صَفْوَان بن عَسَّال الْمرَادِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن قبل مغرب الشَّمْس بَابا مَفْتُوحًا للتَّوْبَة مسيرَة عرضه سَبْعُونَ سنة، فَلَا يزَال ذَلِك الْبَاب مَفْتُوحًا للتَّوْبَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من نَحوه، فَإِذا طلعت من نَحوه لم ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن أَبِيه عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث إِذا خرجن لم ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، والدجال، ودابة الأَرْض ".(3/250)
بَاب قبُول تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا عَليّ بن عَيَّاش، ثَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن ثَابت بن ثَوْبَان، عَن أَبِيه، عَن مَكْحُول، عَن جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب النَّدَم تَوْبَة
الْبَزَّار: أخبرنَا أَحْمد بن عَبدة، أَنا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي، عَن زِيَاد بن أبي مَرْيَم، عَن عبد الله بن معقل قَالَ: " دخلت أَنا وَأبي على عبد الله فَقَالَ لي أبي: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، أسمعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: النَّدَم تَوْبَة؟ قَالَ: نعم ".
عبد الله الأول هُوَ ابْن معقل بن مقرن، وَالثَّانِي هُوَ عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ يحيى بن معِين: زِيَاد الَّذِي يروي حَدِيث " النَّدَم تَوْبَة " إِنَّمَا هُوَ زِيَاد بن الْجراح وَلَيْسَ بِزِيَاد بن أبي مَرْيَم. وَتَابعه على ذَلِك أَبُو حَاتِم وَابْنه وَمصْعَب بن سعيد الْحَرَّانِي، قَالَ ابْن أبي حَاتِم: وهم ابْن عُيَيْنَة فَرَوَاهُ عَن عبد الْكَرِيم، عَن زِيَاد بن أبي مَرْيَم، وَالصَّحِيح زِيَاد بن الْجراح، قَالَ يحيى بن معِين: لَقِي زِيَاد بن أبي مَرْيَم أَبَا مُوسَى، وَزِيَاد بن الْجراح ثِقَة.
وروى أَبُو بكر الْبَزَّار أَيْضا قَالَ: ثَنَا عبد الْوَاحِد بن غياث، عَن أبي عوَانَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله بن معقل، عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " النَّدَم تَوْبَة ".(3/251)
بَاب مَا جَاءَ أَن الله أَشد فَرحا بتوبة عَبده من الرجل يجد ضالته
مُسلم: حَدثنِي سُوَيْد بن سعيد، ثَنَا حَفْص بن ميسرَة، ثَنَا زيد بن أسلم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: قَالَ الله - عز وَجل -: أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي، وَأَنا مَعَه حَيْثُ يذكرنِي، وَالله لله أفرح بتوبة عَبده من أحدكُم يجد ضالته بالفلاة، وَمن تقرب إِلَيّ شبْرًا؛ تقربت إِلَيْهِ ذِرَاعا، وَمن تقرب إِلَيّ ذِرَاعا؛ تقربت إِلَيْهِ باعاً، وَإِذا أقبل إِلَيّ يمشي؛ أَقبلت إِلَيْهِ أهرول ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لعُثْمَان - قَالَ إِسْحَاق: أخبرنَا، وَقَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن عمَارَة بن عُمَيْر، عَن الْحَارِث بن سُوَيْد قَالَ: " دخلت على عبد الله أعوده وَهُوَ مَرِيض، فحدثنا بحديثين: حَدِيثا عَن نَفسه، وحديثاً عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لله أَشد فَرحا بتوبة عَبده الْمُؤمن من رجل فِي أَرض دوية مهلكة، مَعَه رَاحِلَته عَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقد ذهبت، فطلبها فأدركه الْعَطش، ثمَّ قَالَ: أرجع إِلَى مَكَاني الَّذِي كنت فِيهِ فأنام حَتَّى أَمُوت. فَوضع رَأسه على ساعده ليَمُوت، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْده رَاحِلَته عَلَيْهَا زَاده طَعَامه وَشَرَابه، فَالله أَشد فَرحا بتوبة العَبْد الْمُؤمن من هَذَا براحلته وزاده ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وجعفر بن حميد، قَالَ جَعْفَر: ثَنَا، وَقَالَ يحيى: أَنا عبيد الله بن إياد، عَن إياد، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيفَ تَقولُونَ بفرح رجل انفلتت مِنْهُ رَاحِلَته تجر زمامها بِأَرْض قفر لَيْسَ بهَا طَعَام أَو شراب، وَعَلَيْهَا طَعَام لَهُ وشراب فطلبها حَتَّى شقّ عَلَيْهِ، ثمَّ مرت(3/252)
بجذل شَجَرَة فَتعلق زمامها، فَوَجَدَهَا مُتَعَلقَة بِهِ؟ قُلْنَا: شَدِيدا يَا رَسُول الله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما وَالله لله أَشد فَرحا بتوبة عَبده من الرجل براحلته ".
قَالَ جَعْفَر: ثَنَا عبيد الله بن إياد، عَن أَبِيه.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا عمر بن يُونُس، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، ثَنَا إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة، ثَنَا أنس بن مَالك - وَهُوَ عَمه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لله أَشد فَرحا بتوبة عَبده حِين يَتُوب إِلَيْهِ من أحدكُم كَانَ على رَاحِلَته بِأَرْض فلاة، فانفلتت مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه، فأيس مِنْهَا، فَأتى شَجَرَة فاضطجع فِي ظلها قد أيس من رَاحِلَته، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذا هُوَ بهَا قَائِمَة عِنْده، فَأخذ بخطامها ثمَّ قَالَ من شدَّة الْفَرح: اللَّهُمَّ أَنْت عَبدِي وَأَنا رَبك. أَخطَأ من شدَّة الْفَرح ".
بَاب قبُول تَوْبَة الْقَاتِل
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عمْرَة بن مرّة، قَالَ: سَمِعت أَبَا عُبَيْدَة يحدث، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله - عز وَجل - يبسط يَده بِاللَّيْلِ ليتوب مسيء النَّهَار، ويبسط يَده بِالنَّهَارِ ليتوب مسيء اللَّيْل حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أبي الصّديق، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ رجل قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض، فَدلَّ على رَاهِب، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّه قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَهَل لَهُ من تَوْبَة؟ فَقَالَ: لَا. فَقتله فكمل بِهِ مائَة، ثمَّ سَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض، فَدلَّ على رجل عَالم، فَقَالَ: إِنَّه قد قتل مائَة نفس، فَهَل لَهُ(3/253)
من تَوْبَة؟ فَقَالَ: نعم، وَمن يحول بَينه وَبَين التَّوْبَة، انْطلق إِلَى أَرض كَذَا وَكَذَا؛ فَإِن بهَا أُنَاسًا يعْبدُونَ الله، فاعبد الله مَعَهم، وَلَا ترجع إِلَى أَرْضك فَإِنَّهَا أَرض سوء. فانظلق حَتَّى إِذا نصف الطَّرِيق أَتَاهُ الْمَوْت، فاختصمت فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب، فَقَالَت مَلَائِكَة الرَّحْمَة: جَاءَ تَائِبًا مُقبلا بِقَلْبِه إِلَى الله. وَقَالَت مَلَائِكَة الْعَذَاب: إِنَّه لم يعْمل خيرا قطّ. فَأَتَاهُم ملك فِي صُورَة آدَمِيّ فجعلوه بَينهم، فَقَالَ: قيسوا مَا بَين الْأَرْضين فَإلَى أَيَّتهمَا كَانَ أدنى فَهُوَ لَهُ. فقاسوه فوجدوه أدنى إِلَى الأَرْض الَّتِي أَرَادَ، فقبضته مَلَائِكَة الرَّحْمَة ".
قَالَ قَتَادَة: قَالَ الْحسن: " ذكر لنا أَنه لما أَتَاهُ الْمَوْت نأى بصدره ".
مُسلم: حَدثنِي عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، أَنه سمع أَبَا الصّديق النَّاجِي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن رجلا قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَجعل يسْأَل: هَل لَهُ من تَوْبَة؟ فَأتى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَيست لَك تَوْبَة. فَقتل الراهب، ثمَّ جعل يسْأَل، ثمَّ خرج من قريته إِلَى قربَة فِيهَا قوم صَالِحُونَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق أدْركهُ الْمَوْت، فنأى بصدره ثمَّ مَاتَ، فاختصمت فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب، فَكَانَ إِلَى الْقرْيَة الصَّالِحَة أقرب بشبر، فَجعل من أَهلهَا ".
حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا ابْن أبي عدي، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحْو حَدِيث معَاذ وَزَاد فِيهِ: " فَأوحى الله إِلَى هَذِه أَن تباعدي، وَإِلَى هَذِه أَن تقربي ".
بَاب فِي الرجل يُذنب ثمَّ يَتُوب
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن إِسْحَاق بن عبد الله ابْن أبي طَلْحَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ - يَحْكِي عَن ربه تبَارك وَتَعَالَى -: " أذْنب عبد ذَنبا فَقَالَ: أَي رب، اغْفِر لي.(3/254)
فَقَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى -: أذْنب عَبدِي ذَنبا فَعلم أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بالذنب. ثمَّ عَاد فأذنب فَقَالَ: أَي رب، اغْفِر لي ذَنبي. فَقَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى - أذْنب عَبدِي ذَنبا فَعلم أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بالذنب. ثمَّ عَاد فأذنب فَقَالَ: أَي رب، اغْفِر لي ذَنبي. فَقَالَ الله - تَعَالَى -: أذْنب عَبدِي ذَنبا فَعلم أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بالذنب؛ اعْمَلْ مَا شِئْت فقد غفرت لَك ".
وَهَذَا الحَدِيث قد تقدم لمُسلم - رَحمَه الله - فِي بَاب كَلَام الرب - سُبْحَانَهُ - من كتاب الْإِيمَان.
وَقَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار فِي حَدِيثه هَذَا: لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
بَاب كل بني آدم خطاء
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا زيد بن حباب، ثَنَا عَليّ بن مسْعدَة الْبَاهِلِيّ، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل ابْن آدم خطاء وَخير الْخَطَّائِينَ التوابون ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث ابْن مسْعدَة عَن قَتَادَة.
بَاب لَو لم تذنبوا لذهب الله بكم
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن جَعْفَر الْجَزرِي، عَن يزِيد بن الْأَصَم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:(3/255)
" وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بِقوم يذنبون فيستغفرون الله فَيغْفر لَهُم ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن مُحَمَّد بن قيس - قاص عمر ابْن عبد الْعَزِيز - عَن أبي صرمة، عَن أبي أَيُّوب " أَنه قَالَ حِين حَضرته الْوَفَاة: كنت كتمت عَنْكُم شَيْئا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَوْلَا أَنكُمْ تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون يغْفر لَهُم ".
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، ثَنَا ابْن وهب، حَدثنِي عِيَاض - وَهُوَ ابْن عبد الله الفِهري - حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن عبيد بن رِفَاعَة، عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ، عَن أبي صرمة، عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَو أَنكُمْ لم تكن لكم ذنُوب يغفرها الله لكم؛ لجاء الله بِقوم لَهَا ذنُوب يغفرها لَهُم ".
بَاب مَا جَاءَ من سَعَة رَحْمَة الله تَعَالَى وَأَنَّهَا تغلب غَضَبه
مُسلم: حَدثنَا حَرْمَلَة بن يحيى التجِيبِي، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب أَن سعيد بن الْمسيب أخبرهُ، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " جعل الله الرَّحْمَة مائَة جُزْء، فَأمْسك عِنْده تِسْعَة وَتِسْعين، وَأنزل فِي الأَرْض جُزْءا وَاحِدًا، فَمن ذَلِك الْجُزْء تتراحم الْخَلَائق، حَتَّى ترفع الدَّابَّة حافرها عَن وَلَدهَا خشيَة أَن تصيبه ".
وَلمُسلم: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " كل رَحْمَة مِنْهَا طباق مَا بَين الْمسَاء وَالْأَرْض " وَقد تقدم فِي كتاب الْأَدَب فِي بَاب رَحْمَة الْبَهَائِم بَعْضهَا بَعْضًا.(3/256)
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لما خلق الله الْخلق، كتب فِي كِتَابه، فَهُوَ عِنْده فَوق الْعَرْش: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي ".
مُسلم: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، ثَنَا أَبُو ضَمرَة، عَن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَطاء بن ميناء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما قضى الله الْخلق كتب فِي كِتَابه على نَفسه فَهُوَ مَوْضُوع عِنْده: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله لما قضى الْخلق كتب عِنْده فَوق عَرْشه: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي ".
بَاب المباردة إِلَى التَّوْبَة وَالْعَمَل
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم، يصبح الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، ويمسي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا، يَبِيع دينه بِعرْض الدُّنْيَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو مُصعب، عَن مُحرز بن هَارُون، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سبعا، هَل تنتظرون إِلَّا فقرا منسياً، أَو أَو غنى مطغياً، أَو مَرضا مُفْسِدا، أَو هرماً مفنداً، أَو موتا مجهزاً، أَو الدَّجَّال فشر غَائِب ينْتَظر، أَو السَّاعَة؛ فالساعة أدهى وَأمر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه من حَدِيث الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا من حَدِيث مُحرز بن هَارُون.(3/257)
بَاب الصدْق فِي التَّوْبَة وَالْعَمَل
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد الْأنمَاطِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد بن سَابق، ثَنَا عَمْرو بن أبي قيس، عَن سماك - يَعْنِي ابْن حَرْب - عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن بني إِسْرَائِيل استخلفوا خَليفَة عَلَيْهِم بعد مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَامَ لَيْلَة يُصَلِّي فِي الْقَمَر فَوق بَيت الْمُقَدّس، فَذكر أموراً كَانَ صنعها فَخرج فَتَدَلَّى بِسَبَب، فَأصْبح السَّبَب مُعَلّقا وَقد ذهب، قَالَ: فَانْطَلق حَتَّى أَتَى قوما على شط الْبَحْر فَوَجَدَهُمْ يضْربُونَ لَبَنًا أَو يصنعون لَبَنًا، فَسَأَلَهُمْ: كَيفَ تأخذون على هَذِه اللَّبن؟ قَالَ: فأخبروه، فَلبث مَعَهم فَكَانَ يَأْكُل من عمل يَده، فَإِذا كَانَ حِين الصَّلَاة قَامَ يُصَلِّي، فَرفع ذَلِك الْعمَّال إِلَى دهقانهم أَن فِينَا رجلا يفعل كَذَا وَكَذَا، فَأرْسل إِلَيْهِ فَأبى أَن يَأْتِيهِ ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ إِنَّه جَاءَهُ يسير على دَابَّته فَلَمَّا رَآهُ فر، فَاتبعهُ فسبقه، فَقَالَ: انظرني أُكَلِّمك. قَالَ: فَقَامَ حَتَّى كَلمه أخبرهُ خَبره، فَلَمَّا أخبرهُ أَنه كَانَ ملكا وفر من رهبة ربه، قَالَ: إِنِّي لأظنني لَا حَقًا بك. قَالَ: فَاتبعهُ فعبدا الله حَتَّى مَاتَا برميلة مصر. قَالَ عبد الله: لَو أَنِّي كنت ثمَّ لاهتديت إِلَى قبريهما من [صفة] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّتِي وصف لنا ".
بَاب من خرج من الأَرْض الَّتِي أصَاب فِيهَا الذَّنب
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد الله بن عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه " أَنه قَالَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من تَوْبَتِي أَن أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب، وَأَن أَنْخَلِع من مَالِي كُله صَدَقَة. قَالَ: يجرئ عَنْك الثُّلُث ".
حَدثنَا مُحَمَّد بن المتَوَكل، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، أَنا ابْن كَعْب بن مَالك قَالَ: كَانَ أَبُو لبَابَة ... فَذكر مثله والقصة لأبي لبَابَة.(3/258)
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، (ثَنَا أَبُو الصّديق) النَّاجِي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِيمَن كَانَ قبلكُمْ رجل قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض، فَدلَّ على رَاهِب، فَأَتَاهُ فَقَالَ أَنه قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَهَل لَهُ من تَوْبَة؟ قَالَ: لَا. فَقتله فكمل بِهِ مائَة، ثمَّ سَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض، فَدلَّ على رجل رَاهِب عَالم، فَأَتَاهُ فَقَالَ أَنه قتل مائَة نفس فَهَل لَهُ من تَوْبَة؟ قَالَ: نعم، وَمن يحول بَينه وَبَين التَّوْبَة، فَانْطَلق إِلَى أَرض كَذَا وَكَذَا، فَإِن بهَا نَاسا يعْبدُونَ الله فاعبد الله مَعَهم، وَلَا ترجع إِلَى أَرْضك فَإِنَّهَا أَرض سوء. فَانْطَلق حَتَّى إِذا انتصف الطَّرِيق أَتَاهُ الْمَوْت، فاختصمت فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب: فَقَالَت مَلَائِكَة الرَّحْمَة: جَاءَ تَائِبًا مُقبلا بِقَلْبِه إِلَى الله. وَقَالَت مَلَائِكَة الْعَذَاب: إِنَّه لم يعْمل خيرا قطّ. فَأَتَاهُ ملك الْمَوْت فِي صُورَة آدَمِيّ، فجعلوه بَينهم فَقَالَ: قيسوا بَين الْأَرْضين فَإلَى أَيَّتهمَا كَانَ أدنى فَهُوَ لَهُ. فقاسموا فَوجدَ أدنى إِلَى الأَرْض الَّتِي أَرَادَ، فقبضته مَلَائِكَة الرَّحْمَة " قَالَ قَتَادَة: فَقَالَ الْحسن: " ذكر لنا أَنه لما أَتَاهُ الْمَوْت نأى بصدره ".
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج فِي هَذَا الحَدِيث: " فَأَتَاهُم ملك فِي صُورَة آدَمِيّ ".
وَقَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: " ملك الْمَوْت ".
بَاب فِي الِاجْتِهَاد
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى حَتَّى انتفخت قدماه، فَقيل لَهُ: أتكلف هَذَا وَقد (غفر لَك) مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر؟ قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن كَرَامَة، ثَنَا خَالِد بن مخلد، ثَنَا سُلَيْمَان(3/259)
ابْن بِلَال، عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَقُول الله - تبَارك وَتَعَالَى -: مَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِشَيْء أفضل من أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ، وَمَا يزَال يتَقرَّب إِلَيّ عَبدِي بالنوافل حَتَّى أحبه، فَإِذا أحببته كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ، وبصره الَّذِي يبصر بِهِ، وَيَده الَّتِي يبطش بهَا، وَلَئِن سَأَلَني لأعطينه، وَلَئِن دَعَاني لأجيبنه، وَلَئِن استعاذني لأعيذنه، وَمَا ترددت عَن شَيْء أَنا فَاعله ترددي عَن نفس الْمُؤمن يكره الْمَوْت، وأكره مساءته ".
زَاد البُخَارِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث: " وَرجله الَّتِي يمشي بهَا " وَقد تقدم حَدِيثه فِي بَاب كَلَام الرب - سُبْحَانَهُ - من كتاب الْإِيمَان.
بَاب فِي المداومة وَالْقَصْد وَسَاعَة سَاعَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لن يُنجي أحدا مِنْكُم عمله. قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمته، سددوا وقربوا، واغدوا وروحوا، وَشَيْء من الدلجة وَالْقَصْد الْقَصْد تبلغوا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عرْعرة، ثَنَا شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن [أبي] سَلمَة، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله؟ قَالَ: (أَدْوَمه) وَإِن قل. وَقَالَ: اكلفوا من الْأَعْمَال مَا تطيقون ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، عَن مَالك، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن(3/260)
عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " كَانَ أحب الْعَمَل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي يَدُوم عَلَيْهِ صَاحبه ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ زُهَيْر: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة قَالَ: " سَأَلت أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة قلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، كَيفَ كَانَ عمل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، هَل كَانَ يخص شَيْئا من الْأَيَّام؟ قَالَت: لَا، كَانَ عمله دِيمَة، وَأَيكُمْ يَسْتَطِيع مَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْتَطِيع ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وقطن بن نسير - وَاللَّفْظ ليحيى - قَالَ: أَنا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن سعيد بن إِيَاس الْجريرِي، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن حَنْظَلَة الْأَسدي - وَكَانَ من كتاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَقِيَنِي أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: كَيفَ أَنْت يَا حَنْظَلَة؟ قَالَ: قلت: نَافق حَنْظَلَة. قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا تَقول؟ ! قَالَ قلت: نَكُون عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يذكرنَا بِالْجنَّةِ وَالنَّار كأنا رَأْي عين، فَإِذا خرجنَا من عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عافسنا الْأزْوَاج وَالْأَوْلَاد والضيعات، نَسِينَا كثيرا. قَالَ أَبُو بكر: فوَاللَّه إِنَّا لنلقى مثل هَذَا. فَانْطَلَقت أَنا وَأَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - حَتَّى دَخَلنَا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت: نَافق حَنْظَلَة يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَمَا ذَاك؟ قلت: يَا رَسُول الله، نَكُون عنْدك تذكرنا بالنَّار وَالْجنَّة كأنا رأى عين، فَإِذا خرجنَا من عنْدك عافسنا الْأزْوَاج وَالْأَوْلَاد والضيعات نَسِينَا كثيرا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن لَو تدومون على مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذّكر، لصافحتكم الْمَلَائِكَة على فرشكم وَفِي طرقكم، وَلَكِن يَا حَنْظَلَة سَاعَة وَسَاعَة - ثَلَاث مرار ".
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " فِي مجالسكم وَفِي طرقكم وعَلى(3/261)
فرشكم " رَوَاهُ عَن بشر بن هِلَال [عَن] جَعْفَر بن سُلَيْمَان.
مُسلم: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا عبد الصَّمد قَالَ: سَمِعت أبي يحدث، ثَنَا سعيد الْجريرِي، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن حَنْظَلَة قَالَ: " كُنَّا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فوعظنا فَذكر النَّار، قَالَ: ثمَّ جِئْت إِلَى الْبَيْت فضاحكت الصّبيان ولاعبت الْمَرْأَة، [قَالَ: فَخرجت] فَلَقِيت أَبَا بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: وَأَنا قد فعلت مثل مَا تذكر، فلقينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، نَافق حَنْظَلَة. فَقَالَ: مَه! فَحَدَّثته بِالْحَدِيثِ. فَقَالَ أَبُو بكر: وَأَنا قد فعلت مثل مَا فعل. فَقَالَ: يَا حَنْظَلَة، سَاعَة وَسَاعَة، وَلَو كَانَت قُلُوبكُمْ كَمَا تكون عِنْد الذّكر لصافحتكم الْمَلَائِكَة حَتَّى تسلم عَلَيْكُم فِي الطّرق ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الرهبانية وَالتَّشْدِيد على النَّفس وفترة الْمُجْتَهد وَمَا يحذر مِنْهُ
أَبُو دَاوُد: ثَنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي العمياء، أَن سهل بن أبي أُمَامَة حَدثهُ " أَنه دخل هُوَ وَأَبوهُ، على أنس بن مَالك فِي زمَان عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة، فَإِذا هُوَ يُصَلِّي صَلَاة خَفِيفَة دقيقة كَأَنَّهَا صَلَاة مُسَافر أَو قَرِيبا مِنْهَا، فَلَمَّا سلم قَالَ: يَرْحَمك الله، أَرَأَيْت هَذِه الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة أم شَيْء تنفلته؟ قَالَ: إِنَّهَا للمكتوبة، وَإِنَّهَا لصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مَا أَخْطَأت إِلَّا شَيْئا سَهَوْت عَنهُ. قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا تشددوا على أَنفسكُم؛ فيشدد عَلَيْكُم، فَإِن قوما [شَدَّدُوا] على أنفسهم، [فَشدد عَلَيْهِم] ، فَتلك بقاياهم فِي الصوامع والديار، رَهْبَانِيَّة ابتدعوها مَا كتبناها عَلَيْهِم.(3/262)
ثمَّ غَدا من الْغَد فَقَالَ: أَلا تركب لتنظر ولتعتبر؟ قَالَ: نعم. فَرَكبُوا جَمِيعًا فَإِذا هم بديار باد أَهلهَا وانقضوا وفنوا، خاوية على عروشها، قَالَ: أتعرف هَذِه الديار؟ فَقَالَ: مَا أعرفني بهَا وبأهلها، هَؤُلَاءِ أهلكهم الْبَغي والحسد، إِن [الْحَسَد] يُطْفِئ نور الْحَسَنَات، وَالْبَغي يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ، وَالْعين تَزني والكف والقدم والجسد وَاللِّسَان، والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ ".
حَدثنِي الْقرشِي، ثَنَا شُرَيْح بن مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو مُحَمَّد بن حزم، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا ابْن مفرج، ثَنَا ابْن الْأَعرَابِي، ثَنَا الدبرِي، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة وَعمرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخلت امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون وَهِي خَوْلَة بنت حَكِيم على عَائِشَة وَهِي باذة الْهَيْئَة، فسألتها: مَا شَأْنك؟ قَالَت: زَوجي يَقُول اللَّيْل، ويصوم النَّهَار. فَدخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت ذَلِك لَهُ عَائِشَة، فلقي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عُثْمَان فَقَالَ: يَا عُثْمَان، إِن الرهبانية لم تكْتب علينا، أما لَك فِي أُسْوَة، فو الله إِن أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لأَنا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن خَالِد العسكري، ثَنَا مُعَاوِيَة بن هِشَام، ثَنَا سُفْيَان، عَن زيد الْعمي، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لكل أمة رَهْبَانِيَّة، ورهبانية هَذِه الْأمة الْجِهَاد فِي سَبِيل الله ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا أسْندهُ غير مُعَاوِيَة بن هِشَام، عَن سُفْيَان، وَغير مُعَاوِيَة يُرْسِلهُ.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا شُعْبَة، عَن جَعْفَر بن إِيَاس، عَن عبد الله بن شَقِيق، عَن رَجَاء بن أبي رَجَاء قَالَ: " دخل بُرَيْدَة الْمَسْجِد ومحجن على بَاب الْمَسْجِد، فَقَالَ بُرَيْدَة - وَكَانَ فِيهِ مزاح -: يَا محجن، أَلا تصلي كَمَا صلى سكبة؟ فَقَالَ محجن: إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ بيَدي فَصَعدَ على أحد، فَأَشْرَف على الْمَدِينَة فَقَالَ: ويل أمهَا يَدعهَا أَهلهَا وَهِي أخير مَا كَانَت - أَو أعمر -(3/263)
يَأْتِيهَا الدَّجَّال فيجد على كل بَاب من أَبْوَابهَا ملكا مُصْلِتًا بجناحيه فَلَا يدخلهَا. ثمَّ نزل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ آخذ بيَدي فَدخل الْمَسْجِد فَإِذا رجل يُصَلِّي فَقَالَ لي: من هَذَا؟ فأثنيت عَلَيْهِ خيرا، فَقَالَ: اسْكُتْ لَا تسمعه فتهلكه. ثمَّ أَتَى بَاب حجرَة امْرَأَة من نِسَائِهِ فنفض يَدي من يَده ثمَّ قَالَ: إِن خير دينكُمْ أيسره، إِن خير دينكُمْ أيسره - مرَّتَيْنِ ".
قَالَ أَبُو بكر: وحَدثني يزِيد بن هَارُون وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن عُيَيْنَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: " كنت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأتى على رجل يقْرَأ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أتراه مرائياً؟ ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [عَلَيْكُم] هَديا قَاصِدا، فَإِنَّهُ من يشاد هَذَا الدَّين يغلبه ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن إِسْحَاق الْأَهْوَازِي، ثَنَا خَلاد بن يحيى، ثَنَا أَبُو عقيل، عَن مُحَمَّد بن سوقة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن هَذَا الدَّين متين فأوغل فِيهِ بِرِفْق، فَإِن المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى ".
وَهَذَا الحَدِيث أرْسلهُ غير أبي عقيل عَن ابْن سوقة، عَن ابْن الْمُنْكَدر.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا زيد بن أخزم الطَّائِي الْبَصْرِيّ، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن أبي الْوَزير، ثَنَا عبد الله بن جَعْفَر المخرمي، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نبيه، عَن مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر قَالَ: " ذكر رجل عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعبَادة واجتهاد، وَذكر [عِنْده] آخر برعة فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تعدل بالرعة ".
وَعبد الله بن جَعْفَر هُوَ من ولد الْمسور بن مخرمَة، وَهُوَ مدنِي ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.(3/264)
الْبَزَّار: ثَنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " كنت رجلا مُجْتَهدا فَتزوّجت، فجَاء أبي إِلَى الْمَرْأَة، فَقَالَ لَهَا: كَيفَ تجدي بعلك؟ فَقَالَت: نعم الرجل من رجل مَا ينَام وَمَا يفْطر. فَوَقع بيني وَبَين أبي فَقَالَ: زَوجتك امْرَأَة من الْمُسلمين فَفعلت بهَا مَا فعلت! فَلم أبال مَا قَالَ لما أجد من الْقُوَّة، إِلَى أَن بلغ ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: لكني أَنَام وأصلي، وَأَصُوم وَأفْطر، فَصم وصل، ونم وقم، صم من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام. قلت: إِنِّي أقوى من ذَلِك. قَالَ: فَصم صَوْم دَاوُد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صم يَوْمًا وَأفْطر يَوْمًا، واقرأ الْقُرْآن فِي كل شهر. فَقلت: يَا رَسُول الله، أَنا أقوى من ذَلِك. فَمَا زَالَ حَتَّى بلغ سبعا، ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن لكل عمل شرة، وَلكُل شرة فَتْرَة، فَمن كَانَت فترته إِلَى سنتي فقد اهْتَدَى، وَمن كَانَت فترته إِلَى غير ذَلِك فقد هلك. فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو لما كبر وَضعف: لِأَن أكون قبلت رخصَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحب إِلَيّ من أَهلِي وَمَالِي ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، ثَنَا هشيم، عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن والمغيرة، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الحَدِيث: " إِن لكل عمل شرة، وَلكُل شرة فَتْرَة، فإمَّا إِلَى سنة وَإِمَّا إِلَى بِدعَة، فَمن كَانَت فترته إِلَى سنتي فقد اهْتَدَى، وَمن كَانَت فترته إِلَى غير ذَلِك فقد هلك ".
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن أبي الزبير، عَن أبي الْعَبَّاس، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " ذكر عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قوم يجتهدون فِي الْعِبَادَة اجْتِهَادًا شَدِيدا، فَقَالَ: تِلْكَ ضراوة الْإِسْلَام، وَلكُل شرة فَتْرَة، فَمن كَانَت فترته إِلَى اقتصاد فَلَا يلام - أَو فَلَا لوم عَلَيْهِ - وَمن كَانَت فترته إِلَى الْمعاصِي فَأُولَئِك هم الهالكون ".(3/265)
رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة، عَن يزِيد بن هَارُون بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " فَمن كَانَت فترته إِلَى الاقتصاد فلأم مَا هُوَ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ، ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن ابْن عجلَان، عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن لكل شَيْء شرة، وَلكُل شرة فَتْرَة، فَإِن صَاحبهَا سدد وقارب فارجوه، وَإِن أُشير إِلَيْهِ بالأصابع فَلَا تعدوه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
بَاب فضل الشَّاب ينشأ على عبَادَة ربه
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: ثَنَا خلف بن الْقَاسِم وَأحمد بن فتح وَعبد الرَّحْمَن ابْن يحيى، قَالُوا: ثَنَا حَمْزَة بن مُحَمَّد الْكِنَانِي بِمصْر، أَنا الْعَبَّاس بن حَمَّاد بن فضَالة الْبَصْرِيّ وَعلي بن سعيد الرَّازِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد بن (حِسَاب) ، عَن جدي حَفْص بن عَاصِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سَبْعَة فِي ظلّ الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله: إِمَام مقتصد، وشاب نَشأ بِعبَادة الله حَتَّى توفّي على ذَلِك ... . ".
بَاب إِذا سرته حسنته وساءته سيئته فَهُوَ مُؤمن
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن الْحسن، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: " قَامَ فِينَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر على بَاب الْجَابِيَة فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ فِينَا كمقامي فِيكُم،(3/266)
فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، أكْرمُوا أَصْحَابِي ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، ثمَّ يفشو الْكَذِب حَتَّى إِن الرجل ليحلف قبل أَن يسْتَحْلف، وَيشْهد قبل أَن يستشهد، فَمن سره أَن ينَال بحبحة الْجنَّة فَعَلَيهِ بِالْجَمَاعَة؛ فَإِن يَد الله فَوق الْجَمَاعَة، لَا يخلون رجل بِامْرَأَة؛ فَإِن الشَّيْطَان ثالثهما أَلا إِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد، وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ أبعد، أَلا من ساءته سيئته، وسرته حسنته فَذَلِك الْمُؤمن ".
بَاب مَا جَاءَ إِن العَبْد إِذا أذْنب نكت فِي قلبه نُكْتَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " [إِن] العَبْد إِذا أَخطَأ خَطِيئَة نكتت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء، فَإِذا هُوَ نزع واستغفر وَتَابَ صقل قلبه، وَإِن عَاد زيد فِيهَا حَتَّى تعلو قلبه، وَهُوَ الران الَّذِي ذكر الله {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب الْإِخْلَاص وَمَا يحذر من الرِّيَاء
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن محشر الْبَغْدَادِيّ ثَنَا عُبَيْدَة بن حميد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن تَمِيم بن طرفَة، عَن الضَّحَّاك بن قيس الفِهري قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - يَقُول: أَنا خير شريك، فَمن أشرك معي شَرِيكا فَهُوَ لشريكي، يَا أَيهَا النَّاس، أَخْلصُوا أَعمالكُم لله، فَإِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَا يقبل من الْأَعْمَال إِلَّا مَا خلص، وَلَا تَقولُوا: هَذَا لله وللرحم؛ فَإِنَّهَا للرحم، وَلَيْسَ لله مِنْهَا شَيْء ".
وروى الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الْبَزَّار، ثَنَا أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ،(3/267)
ثَنَا الحَجبي، ثَنَا الْحَارِث بن غَسَّان قَالَ: ثَنَا أَبُو عمرَان الْجونِي، عَن أنس بن مَالك: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يجاء يَوْم الْقِيَامَة بصحف مختمة فتنصب بَين يَدي الله - تَعَالَى - فَيَقُول تَعَالَى للْمَلَائكَة: ألقوا هَذَا واقبلوا هَذَا. فَتَقول الْمَلَائِكَة: وَعزَّتك مَا رَأينَا إِلَّا خيرا. فَيَقُول تَعَالَى - وَهُوَ أعلم -: إِن هَذَا كَانَ لغيري، وَلَا أقبل الْيَوْم من الْأَعْمَال إِلَّا مَا [كَانَ] ابْتغِي بِهِ وَجْهي ".
الْحَارِث بن غَسَّان لَا أعلم رَاوِي عَنهُ إِلَّا الحَجبي عبد الله بن عبد الْوَهَّاب وَبِهَذَا الحَدِيث ذكره البُخَارِيّ فِي تَارِيخه إِلَّا أَنه ذكر طرفا مِنْهُ.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ، ثَنَا الرّبيع بن أنس قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من فَارق الدُّنْيَا على الْإِخْلَاص لله - تبَارك وَتَعَالَى - وعبادته لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة - فَارقهَا وَالله عَنهُ رَاض، وَهُوَ دين الله الَّذِي جَاءَت بِهِ الرُّسُل، وبلغوه من رَبهم قبل هرج الْأَحَادِيث وَاخْتِلَاف الْأَهْوَاء، وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله: {فَإِن تَابُوا} يَقُول: فَإِن خلعوا الْأَوْثَان وعبادتها {وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فإخوانكم فِي الدَّين} ".
جعل أَبُو بكر الْبَزَّار آخر الحَدِيث عِنْده قَوْله: " وَالله عَنهُ رَاض ".
الطَّحَاوِيّ: ثَنَا بكار بن قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، ثَنَا كثير بن زيد، أَنا ربيح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: " كُنَّا نتناوب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكون لَهُ الْحَاجة أَو يرسلنا لبَعض الْأَمر فَكثر المحتسبون من أَصْحَاب النوب، فَخرج علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن نتذاكر الدَّجَّال، فَقَالَ: مَا هَذَا النَّجْوَى؟ ألم أنهكم عَن النَّجْوَى؟ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، كُنَّا فِي ذكر الْمَسِيح فرقا مِنْهُ. فَقَالَ: غير ذَلِك أخوف عَلَيْكُم الشّرك الْخَفي؛ أَن يعْمل الرجل لمَكَان الرجل ".(3/268)
كثير بن زيد هُوَ أَبُو مُحَمَّد مولى الأسلميين، روى عَنهُ جمَاعَة جلة مِنْهُم: وَكِيع، وَحَمَّاد بن زيد وَغَيرهمَا، وَهُوَ صَالح صَدُوق يكْتب حَدِيثه وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ.
بَاب من سمع سمع الله بِهِ
مُسلم: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، حَدثنِي أبي، عَن إِسْمَاعِيل بن سميع، عَن مُسلم البطين، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سمع سمع الله بِهِ، وَمن راءى راءى الله بِهِ ".
بَاب مَا يحذر من الْعجب
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن رَجَاء، عَن محجن قَالَ: " أَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيَدي حَتَّى انتهينا إِلَى سدة الْمَسْجِد، فَإِذا رجل يرْكَع وَيسْجد ويركع وَيسْجد فَقَالَ: من هَذَا؟ فَقلت: فلَان. فَجعلت أطرية وَأَقُول هَذَا هَذَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تسمعه فتهلكه. ثمَّ انْطلق حَتَّى بلغ حجرَة، ثمَّ أرسل يَده من يَدي فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خير دينكُمْ أيسره ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك الْقرشِي، ثَنَا سَلام أَبُو الْمُنْذر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو لم تَكُونُوا تذنبون، لَخَشِيت عَلَيْكُم مَا هُوَ أَكثر مِنْهُ: الْعجب ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن ثَابت عَن أنس إِلَّا سَلام أَبُو الْمُنْذر، وَهُوَ رجل مَشْهُور، روى عَنهُ عَفَّان والمتقدمون.
بَاب فِي الْخَوْف والبكاء
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل بن(3/269)
جَعْفَر، قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا إِسْمَاعِيل، أَخْبرنِي الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو يعلم الْمُؤمن مَا عِنْد الله من الْعقُوبَة مَا طمع بجنته أحد، وَلَو يعلم الْكَافِر مَا عِنْد الله من الرَّحْمَة مَا قنط من جنته أحد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ رجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يسيء الظَّن بِعَمَلِهِ، فَقَالَ لأَهله: إِذا أَنا مت فخذوني فذروني فِي الْبَحْر فِي يَوْم صَائِف. فَفَعَلُوا بِهِ فَجَمعه الله ثمَّ قَالَ: مَا حملك على الَّذِي صنعت؟ قَالَ: مَا حَملَنِي إِلَّا مخافتك. فغفر لَهُ ".
وللبخاري: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " أَي عَبدِي مَا حملك على مَا فعلت؟ قَالَ: مخافتك وَفرق مِنْك. فَمَا تلافاه أَن رَحمَه ".
مُسلم: حَدثنِي عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، سمع عقبَة بن عبد الغافر يَقُول: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ، يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن رجلا فِيمَن كَانَ قبلكُمْ راشه الله مَالا وَولدا، فَقَالَ لوَلَده: لتفعلن مَا آمركُم بِهِ أَو لأولين ميراثي غَيْركُمْ؛ [إِذا أَنا مت] فأحرقوني - وَأكْثر علمي أَنه قَالَ: ثمَّ اسحقوني - واذروني فِي الرّيح فَإِنِّي لم (ابتئر) عِنْد الله خيرا، وَإِن الله يقدر عَليّ يُعَذِّبنِي. قَالَ: فَأخذ مِنْهُم ميثاقاً فَفَعَلُوا ذَلِك وذري. فَقَالَ الله: مَا(3/270)
حملك على مَا فعلت؟ فَقَالَ: مخافتك. قَالَ: فَمَا تلافاه غَيرهَا ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن مَرْزُوق - ابْن بنت مهْدي بن مَيْمُون - ثَنَا روح، ثَنَا مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ رجل لم يعْمل حَسَنَة قطّ لأَهله: إِذا مَاتَ فحرقوه ثمَّ اذروا نصفه فِي الْبر وَنصفه فِي الْبَحْر، فوَاللَّه لَئِن قدر الله عَلَيْهِ ليعذبنه عذَابا لَا يعذبه أحدا من الْعَالمين. فَلَمَّا مَاتَ الرجل فعلوا مَا أَمرهم، فَأمر الله الْبر فَجمع مَا فِيهِ، وَأمر الْبَحْر فَجمع مَا فِيهِ، ثمَّ قَالَ: لم فعلت هَذَا؟ قَالَ: من خشيتك يَا رب، وَأَنت أعلم. فغفر لَهُ ".
وَفِي حَدِيث آخر: " فَإِذا هُوَ قَائِم ".
ذكر البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ: " أَن هَذَا الرجل كَانَ نباشاً ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن مَيْمُون، ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن عَطاء، عَن عَوْف، عَن الْحسن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَفعه قَالَ: " لَا أجمع على عَبدِي خوفين وأمنين، إِن أخفته فِي الدُّنْيَا أمنته فِي الْآخِرَة ".
وحدثناه مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِهِ.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا مُعَاوِيَة بن هِشَام، عَن شَيبَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، شبت. قَالَ: شيبتي هود، والواقعة، والمرسلات، وَعم يتساءلون، وَإِذا الشَّمْس كورت ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(3/271)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْأنْصَارِيّ، ثَنَا معن، ثَنَا مَالك، عَن خبيب بن عبد الرَّحْمَن، عَن حَفْص بن عَاصِم، عَن أبي هُرَيْرَة أَو عَن أبي سعيد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَبْعَة يظلهم الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله: إِمَام عَادل، وشاب نَشأ بِعبَادة الله، وَرجل كَانَ قلبه [مُعَلّقا] بالمساجد إِذا خرج مِنْهُ حَتَّى يعود إِلَيْهِ، ورجلان تحابا فِي الله فاجتمعا على ذَلِك وتفرقا، وَرجل ذكر الله خَالِيا فَفَاضَتْ عَيناهُ، وَرجل دَعَتْهُ [امْرَأَة] ذَات حسب وجمال فَقَالَ: إِنِّي أَخَاف الله، وَرجل تصدق بِصَدقَة فأخفاها حَتَّى لَا تعلم شِمَاله مَا تنْفق يَمِينه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَرَوَاهُ عبيد الله بن عمر، عَن خبيب، وَقَالَ: عَن أبي هُرَيْرَة. وَلم يشك وَشك فِيهِ مَالك ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا [عبد الله، عَن عبيد الله] ، عَن خبيب بن عبد الرَّحْمَن، عَن حَفْص بن عَاصِم، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَبْعَة يظلهم الله ... . " وَذكر الحَدِيث، قَالَ فِيهِ: " وَرجل دَعَتْهُ امْرَأَة ذَات منصب وجمال إِلَى نَفسهَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد بن السّري، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله المَسْعُودِيّ، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن عِيسَى بن طَلْحَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يلج النَّار رجل بَكَى من خشيَة الله حَتَّى يعود اللَّبن(3/272)
فِي الضَّرع، وَلَا يجْتَمع غُبَار فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح) وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن هُوَ مولى (آل طَلْحَة) مدنِي ثِقَة، روى عَنهُ شُعْبَة وَالثَّوْري.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحَارِث بن مِسْكين قِرَاءَة عَلَيْهِ، عَن ابْن وهب، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح، عَن مُحَمَّد بن شمير، عَن أبي عَليّ الْجَنبي، عَن أبي رَيْحَانَة قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك فَسَمعته يَقُول: حرمت النَّار على عين دَمَعَتْ من خشيَة الله، حرمت النَّار على عين سهرت فِي سَبِيل الله. ونسيت الثَّالِثَة، وَسمعت بعد أَنه قَالَ: حرمت النَّار على عين غضت عَن محارم الله ".
أَبُو عَليّ اسْمه عَمْرو بن مَالك، وَأَبُو رَيْحَانَة اسْمه شَمْعُون أزدي، وَيُقَال: أَنْصَارِي، وَيُقَال: دوسي، وَيُقَال: مولى للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَيُقَال: قرظي حَلِيف الْأَنْصَار لَهُ صُحْبَة، وَكَانَ من الْفُضَلَاء الزاهدين.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا زِيَاد بن أَيُّوب، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا الْوَلِيد بن جميل الفلسطيني، عَن الْقَاسِم أبي عبد الرَّحْمَن، عَن أبي أُمَامَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ شَيْء أحب إِلَى الله من قطرتين وأثرين: قَطْرَة من دموع من خشيَة الله، وقطرة دم تهراق فِي سَبِيل الله، وَأما الأثران: فأثر فِي سَبِيل الله، وَأثر فِي فَرِيضَة من فَرَائض الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(3/273)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله - هُوَ ابْن الْمُبَارك - عَن حَمَّاد ابْن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن مطرف، عَن أَبِيه قَالَ: أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي ولجوفه أزيز كأزيز الْمرجل - يَعْنِي: يبكي ".
مُسلم: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان وَمُحَمّد بن قدامَة الْكَلْبِيّ وَيحيى بن مُحَمَّد اللؤْلُؤِي - وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة - قَالَ مَحْمُود: ثَنَا النَّضر بن شُمَيْل - وَقَالَ الْآخرَانِ: أَنا النَّضر - أَنا [شُعْبَة] ، ثَنَا مُوسَى بن أنس، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " بلغ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أَصْحَابه شَيْء، فَخَطب فَقَالَ: عرضت عَليّ الْجنَّة وَالنَّار فَلم أر كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْر وَالشَّر، وَلَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا. قَالَ: فَمَا أَتَى على أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أَشد مِنْهُ. قَالَ: غطوا رُءُوسهم وَلَهُم خنين. قَالَ: فَقَامَ عمر فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا. قَالَ: فَقَامَ ذَاك الرجل فَقَالَ: من أبي؟ قَالَ: أَبوك فلَان. فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} ".
مُسلم: حَدثنَا يُوسُف بن حَمَّاد الْمَعْنى، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك " أَن النَّاس سَأَلُوا نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أحفوه بِالْمَسْأَلَة، فَخرج ذَات يَوْم، فَصَعدَ الْمِنْبَر فَقَالَ: سلوني، لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا بَينته لكم. فَلَمَّا سمع ذَلِك الْقَوْم أرموا ورهبوا أَن يَكُونُوا بَين يَدي أَمر قد حضر، قَالَ أنس: فَجعلت ألتفت يَمِينا وَشمَالًا، فَإِذا كل رَحل لاف رَأسه فِي ثَوْبه يبكي، فَأَنْشَأَ رجل من الْمَسْجِد كَانَ يلاحي فيدعى لغير أَبِيه فَقَالَ: يَا رَسُول الله، من أبي؟ قَالَ: أَبوك(3/274)
حذافة. ثمَّ أنشأ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا، عائذاً بِاللَّه من سوء الْفِتَن. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لم أر كَالْيَوْمِ قطّ فِي الْخَيْر وَالشَّر، إِنِّي صورت لي الْجنَّة وَالنَّار فرأيتهما دون هَذَا الْحَائِط ".
بَاب فِي الرَّجَاء
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن يزِيد بن هَارُون، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن يعلى ابْن عَطاء، عَن وَكِيع بن حدس، عَن عَمه أبي رزين قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ضحك رَبنَا من قنوط عَبده وَقرب غَيره. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، أَو يضْحك الرب؟ قَالَ: نعم. [قلت: لن] نعدم من رب يضْحك خيرا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح بن سُفْيَان، أَنا عَليّ بن ثَابت، عَن عِكْرِمَة بن عمار، حَدثنِي ضَمْضَم بن جوس قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " كَانَ رجلَانِ فِي بني إِسْرَائِيل متآخيين فَكَانَ أحدهمكا يُذنب، وَالْآخر مُجْتَهد فِي الْعِبَادَة، فَكَانَ لَا يزَال الْمُجْتَهد يرى الآخر على الذَّنب فَيَقُول: أقصر. فَوَجَدَهُ يَوْمًا على ذَنْب فَقَالَ لَهُ: أقصر. فَقَالَ: خَلِّنِي وربي أبعثت عَليّ رقيباً؟ فَقَالَ: وَالله لَا يغْفر الله لَك - أَو: لَا يدْخلك الله الْجنَّة - فَقبض أرواحهما، فاجتمعا عِنْد رب الْعَالمين، فَقَالَ للمجتهد: أَكنت بِي عَالما، أَو كنت على مَا فِي يَدي قَادِرًا؟ ! فَقَالَ للمذنب: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجنَّة برحمتي، وَقَالَ للْآخر: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّار. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتكلم بِكَلِمَة أَو بقت دُنْيَاهُ وآخرته ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن معمر، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت وَأبي عمرَان الْجونِي، عَن أنس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يخرج من النَّار أَرْبَعَة - قَالَ أَبُو عمرَان: وَقَالَ ثَابت: رجلَانِ - فيعرضون على الله، ثمَّ يُؤمر بهم إِلَى النَّار، فيلتفت أحدهم فَيَقُول: لقد كنت أرجوك إِذْ أخرجتني مِنْهَا أَلا تعيدني فِيهَا. قَالَ: فينجيه الله - تبَارك وَتَعَالَى - مِنْهَا ".(3/275)
بَاب فِي الرَّجَاء مَعَ الْخَوْف
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله خلق الرَّحْمَة يَوْم خلقهَا مائَة رَحْمَة، فَأمْسك عِنْده تِسْعَة وَتِسْعين رَحْمَة، وَأرْسل فِي خلقه كلهم رَحْمَة وَاحِدَة، وَلَو يعلم الْكَافِر بِكُل الَّذِي عِنْد الله من الرَّحْمَة لم ييأس من الْجنَّة، وَلَو يعلم الْمُؤمن بِكُل الَّذِي عِنْد الله من الْعَذَاب لم يَأْمَن من النَّار ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي هَارُون بن عبد الله، ثَنَا سيار، ثَنَا جَعْفَر، (عَن ثَابت) ، عَن أنس قَالَ: دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على شَاب وَهُوَ فِي الْمَوْت فَقَالَ: كَيفَ تجدك؟ قَالَ: أَرْجُو الله يَا رَسُول الله، وأخاف ذُنُوبِي. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب عبد فِي مثل هَذَا الموطن إِلَّا أعطَاهُ الله الَّذِي يَرْجُو، وأمنه مِمَّا يخَاف ".
أرْسلهُ غَيره، قَالَ أَبُو عِيسَى وَذكره: هَذَا حَدِيث غَرِيب. وَقَالَ فِي كتاب الْعِلَل: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: إِنَّمَا رُوِيَ هَذَا عَن ثَابت " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل على شَاب ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْقنُوط
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن إِسْحَاق الْعَطَّار، ثَنَا الضَّحَّاك بن مخلد، ثَنَا شبيب بن بشر، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس أَن " رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الْكَبَائِر؟ قَالَ: الشّرك بِاللَّه، والإياس من روح الله، والقنوط من رَحْمَة الله ".(3/276)
بَاب الخشية والمراقبة
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " صنع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرا فترخص فِيهِ، فَبلغ ذَلِك نَاسا من أَصْحَابه فكأنهم كرهوه وتنزهوا عَنهُ، فَبَلغهُ ذَلِك فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: مَا بَال رجال بَلغهُمْ عني أَمر ترخصت فِيهِ فكرهوه وتنزهوا عَنهُ! فوَاللَّه لأَنا أعلمهم بِاللَّه، وأشدهم لَهُ خشيَة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عقبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أم كُلْثُوم بنت الْعَبَّاس، عَن أَبِيهَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا اقشعر جلد العَبْد من خشيَة الله؛ تحاتت عَنهُ خطاياه كَمَا تحات عَن الشَّجَرَة البالية وَرقهَا ".
وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الطَّرِيق.
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي حَيَّان، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَسُئِلَ: مَا الْإِحْسَان؟ فَقَالَ أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، فَإنَّك إِلَّا تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك ".
بَاب نظر الله إِلَى الْقُلُوب
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَنا ابْن وهب، عَن أُسَامَة - وَهُوَ ابْن زيد - أَنه سمع أَبَا سعيد مولى عبد الله بن عَامر بن كريز يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله لَا ينظر إِلَى أجسادكم وَلَا إِلَى صوركُمْ، وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدره ".(3/277)
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا كثير بن هِشَام، ثَنَا جَعْفَر بن برْقَان، عَن يزِيد بن الْأَصَم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله لَا ينظر إِلَى صوركُمْ وَأَمْوَالكُمْ، وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ ".
بَاب فِي الصمت
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا ابْن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت ".
الْبَزَّار: حَدثنَا سهل بن بَحر، ثَنَا مُعلى بن أَسد، ثَنَا بشار بن الحكم أَبُو بدر الضَّبِّيّ، ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس قَالَ: لقى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا ذَر قَالَ: " يَا أَبَا ذَر، أَلا أدلك على خَصْلَتَيْنِ هما خفيفتان على الظّهْر وأثقل فِي الْمِيزَان من غَيرهمَا؟ قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: عَلَيْك بِحسن الْخلق، وَطول الصمت، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بمثلهما ".
تفرد بِهِ بشار، عَن ثَابت، قَالَ أَبُو بكر: وَكَانَ ثِقَة ذكره فِي مَكَان آخر وَقد وَثَّقَهُ غَيره أَيْضا.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى بن مسْهر، حَدثنِي الحكم بن هِشَام الثَّقَفِيّ، ثَنَا يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد، ثَنَا أَبُو فَرْوَة، عَن أبي خَلاد - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رَأَيْتُمْ الرجل قد أعطي زهداً فِي الدُّنْيَا وَقلة منطق فاقتربوا مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يلقِي الْحِكْمَة ".(3/278)
ذكرُوا بَين أبي فَرْوَة وَأبي خَلاد رجلا، قَالَ البُخَارِيّ فِي " الكنى " الْمُجَرَّدَة: قَالَ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي: ثَنَا يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن الْعَاصِ - أَخُو عَنْبَسَة - سمع أَبَا فَرْوَة الْجَزرِي، عَن أبي مَرْيَم، عَن أبي خَلاد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله، وَهَذَا أصح. ذكر ذَلِك أَبُو عمر بن عبد الْبر، قَالَ أَبُو عمر: وَأَبُو خَلاد رجل من الصَّحَابَة لَا أَقف لَهُ على اسْم وَلَا نسب.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن مَاعِز، عَن سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي بِأَمْر أَعْتَصِم بِهِ. قَالَ: قل آمَنت بِاللَّه ثمَّ اسْتَقِم. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، مَا أَكثر مَا تخَاف عَليّ؟ قَالَ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى لِسَان نَفسه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن مُسلم، ثَنَا هشيم، أَنا غير وَاحِد، مِنْهُم: مُغيرَة، وَفُلَان، وَرجل ثَالِث أَيْضا، عَن الشّعبِيّ، عَن وراد كَاتب الْمُغيرَة بن شُعْبَة " أَن مُعَاوِيَة كتب إِلَى الْمُغيرَة أَن اكْتُبْ إِلَيّ بِحَدِيث سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: فَكتب إِلَيْهِ الْمُغيرَة: إِنِّي سمعته يَقُول عِنْد انْصِرَافه من الصَّلَاة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير. وَكَانَ ينْهَى عَن قيل وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَال، وإضاعة المَال، وَمنع وهات، وعقوق (الوالدات) ، ووأد الْبَنَات ".
وَعَن هشيم، أخبرنَا عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ: سَمِعت وراداً يحدث هَذَا الحَدِيث، عَن الْمُغيرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا عَبدة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، حَدثنِي أبي،(3/279)
عَن جدي قَالَ: سَمِعت بِلَال بن الْحَارِث الْمُزنِيّ - صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن أحدكُم ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من رضوَان الله مَا يظنّ أَن تبلغ مَا بلغت، فَيكْتب الله لَهُ بهَا رضوانه إِلَى يَوْم يلقاه، وَإِن أحدكُم ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله مَا يظنّ أَن تبلغ مَا بلغت، فَيكْتب الله بهَا سخطه إِلَى يَوْم يلقاه ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَهَكَذَا رَوَاهُ غير وَاحِد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن بِلَال، وروى هَذَا الحَدِيث مَالك، عَن مُحَمَّد ابْن عَمْرو عَن أَبِيه، عَن بِلَال بن الْحَارِث، وَلم يذكر فِيهِ: عَن جده.
وروى التِّرْمِذِيّ قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَان بن عبد الْجَبَّار الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، عَن الْأَعْمَش، عَن أنس قَالَ: " توفّي رجل من أَصْحَابه فَقَالَ - يَعْنِي رجل -: أبشر بِالْجنَّةِ؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَو لَا تَدْرِي فَلَعَلَّهُ تكلم فِيمَا لَا يُعينهُ، أَو بخل بِمَا لَا ينقصهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى فِي هَذَا الحَدِيث: حَدِيث غَرِيب. وَقَالَ فِي أول كِتَابه: لم يسمع الْأَعْمَش من أنس، وَقد رَآهُ وَذكر عَنهُ حِكَايَة فِي الصَّلَاة. وَقَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: سمع الْأَعْمَش من أنس، فَلَا يُنكر مَا أرسل عَنهُ.
وَقَالَ: ثَنَا رزق الله بن مُوسَى، ثَنَا عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن الْحمانِي، عَن الْأَعْمَش قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول " فِي قَول الله - عز وَجل -: {وأقوم قيلا} قَالَ: وأصدق. فَقيل لَهُ: إِنَّهَا تقْرَأ {وأقوم} . فَقَالَ: أقوم وأصدق وَاحِد ".
تفرد بِهِ عبد الحميد عَن الْأَعْمَش، وَهُوَ ثِقَة. فِي تَوْثِيق الْحمانِي نظر؛ فَإِن فِيهِ كلَاما طَويلا.(3/280)
بَاب فِي الْحزن
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن الْخطاب، ثَنَا عبد الله بن صَالح، حَدثنِي مُعَاوِيَة ابْن صَالح، عَن ضَمرَة بن حبيب، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله يحب كل قلب حَزِين ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
بَاب فِي الْعُزْلَة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن بعجة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من خير معاش النَّاس لَهُم: رجل مُمْسك عنان فرسه فِي سَبِيل الله يطير على مَتنه، كلما سمع هيعة أَو فزعة طَار عَلَيْهِ، يَبْتَغِي الْقَتْل وَالْمَوْت مظانه، أَو رجل فِي غنيمَة فِي رَأس شعفة من هَذِه الشعف أَو بطن وَاد من هَذِه الأودية يُقيم الصَّلَاة، ويؤتي الزَّكَاة، ويعبد ربه حَتَّى يَأْتِيهِ الْيَقِين لَيْسَ من النَّاس إِلَّا فِي خير ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي عَطاء بن يزِيد، أَن أَبَا سعيد حَدثهُ قيل: " يَا رَسُول الله ... . ".
وَقَالَ مُحَمَّد بن يُوسُف: ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا الزُّهْرِيّ، عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَي النَّاس خير؟ قَالَ: رجل جَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله، وَرجل فِي شعب من الشعاب يعبد ربه، ويدع النَّاس من شَره ".(3/281)
بَاب مَا يحذر من محقرات الْأَعْمَال
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن خَالِد بن مخلد، ثَنَا سعيد بن مُسلم بن نائل، سَمِعت عَامر بن عبد الله بن الزبير، حَدثنِي عَوْف بن الْحَارِث، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا عَائِشَة، إياك ومحقرات الْأَعْمَال. فَإِن لَهَا من الله طَالبا ".
عَوْف بن الْحَارِث هَذَا هُوَ رَضِيع عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا.
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُنِير، سمع أَبَا النَّضر، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله، عَن أَبِيه، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من رضوَان الله لَا يلقِي لَهَا بَالا يرفعهُ الله بهَا دَرَجَات، وَإِن العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله لَا يلقى لَهَا بَالا يهوي بهَا فِي جَهَنَّم ".
بَاب خَوَاتِيم الْأَعْمَال وَمَا يحذر مِنْهَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عَيَّاش، ثَنَا أَبُو غَسَّان، حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن سهل بن سعد قَالَ: " نظر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى رجل يُقَاتل الْمُشْركين وَكَانَ من أعظم الْمُسلمين غناء عَنْهُم، فَقَالَ: من أحب أَن ينظر إِلَى رجل من أهل النَّار فَلْينْظر إِلَى هَذَا. فَتَبِعَهُ بَين ثدييه، فحامل عَلَيْهَا حَتَّى خرج من بَين كَتفيهِ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن العَبْد ليعْمَل فِيمَا يرى النَّاس عمل أهل الْجنَّة وَإنَّهُ لمن أهل النَّار، وَيعْمل فِيمَا يرى النَّاس عمل أهل النَّار وَهُوَ من أهل الْجنَّة، وَإِنَّمَا الْأَعْمَال بخواتيهما ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، عَن حميد، عَن أنس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا عَلَيْكُم أَن تعجلوا بِحَمْد أحد حَتَّى تنظروا بِمَا يخْتم لَهُ.(3/282)
فَإِن الْعَامِل يعْمل زَمَانا من عمره أَو بُرْهَة من دهره بِعَمَل صَالح لَو مَاتَ عَلَيْهِ دخل الْجنَّة، ثمَّ يتَحَوَّل فَيعْمل عملا سَيِّئًا، وَإِن الْعَامِل ليعْمَل البرهة من دهر بِعَمَل سيئ لَو مَاتَ عَلَيْهِ دخل النَّار، ثمَّ يتَحَوَّل فَيعْمل عملا صَالحا، فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ قبل مَوته. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَكَيف يَسْتَعْمِلهُ؟ قَالَ: يوفقه لعمل صَالح ثمَّ يقبضهُ عَلَيْهِ ".
بَاب تقلب الْقلب
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مِسْكين، حَدثنَا عبد الله بن صَالح، ثَنَا مُعَاوِيَة ابْن صَالح، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه قَالَ: " جَاءَ الْمِقْدَاد بن الْأسود فِي حَاجَة فَقُلْنَا: اجْلِسْ حَتَّى نطلب لَك حَاجَتك. فَجَلَسَ فَقَالَ: عجبت لقوم مَرَرْت بهم يتمنون الْفِتَن ليبلينهم الله فِيهَا مَا أبلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه - رَحْمَة الله عَلَيْهِم - وَلَقَد سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن السعيد لمن جنب الْفِتَن، إِن السعيد لمن جنب الْفِتَن - يُرَدِّدهَا ثَلَاث مَرَّات - إِلَّا من ابْتُلِيَ فَصَبر، وَايْم الله لَا أشهد لأحد أَنه من أهل الْجنَّة حَتَّى أعلم مَا يَمُوت عَلَيْهِ، بعد حَدِيث سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لقلب ابْن آدم أَشد انقلاباً من الْقدر إِذا غليت ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الْكَلَام لَا نَحْفَظهُ إِلَّا عَن الْمِقْدَاد، إِلَّا رجل قبله فَجعله عَن الْمِقْدَام، وَالصَّوَاب عندنَا: الْمِقْدَاد. وَإِسْنَاده إِسْنَاد حسن.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، عَن سعيد الْجريرِي، عَن غنيم ابْن قيس، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل هَذَا الْقلب كَمثل ريشة بفلاة من الأَرْض تقلبها الرّيح ظهرا لبطن ".
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار - وَذكر هَذَا الحَدِيث -: لَا نعلم أسْند الْجريرِي عَن غنيم عَن أبي مُوسَى غير هَذَا الحَدِيث.(3/283)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن أبي كَبْشَة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: سمعته يَقُول على الْمِنْبَر: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الجليس الصَّالح مثل الْعَطَّار إِلَّا يحذك يعبق بك من رِيحه، وَمثل الجليس السوء مثل صَاحب الْكِير. قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّمَا سمي الْقلب من تقلبه كَمثل ريشة معلقَة فِي أصل شَجَرَة. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن بَين أَيْدِيكُم فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم يصبح فِيهَا الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، ويمسي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا ".
أَبُو كَبْشَة هَذَا هُوَ السدُوسِي.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَابْن نمير، كِلَاهُمَا عَن الْمُقْرِئ - قَالَ زُهَيْر: ثَنَا عبد الله الْمُقْرِئ - ثَنَا حَيْوَة، أَخْبرنِي أَبُو هَانِئ، أَنه سمع أَبَا عبد الرَّحْمَن الحبلي، أَنه سمع عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن قُلُوب بني آدم كلهَا بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع الرَّحْمَن كقلب وَاحِد، يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء. ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ مصرف الْقُلُوب صرف قُلُوبنَا على طَاعَتك ".
بَاب مَا جَاءَ فِي قساوة الْقلب وجمود الْعين
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي ثلج الْبَغْدَادِيّ - صَاحب أَحْمد ابْن حَنْبَل - ثَنَا عَليّ بن حَفْص، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حَاطِب، عَن عبد الله ابْن دِينَار، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تكثروا الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله؛ فَإِن كَثْرَة الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله قسوة للقلب، وَإِن أبعد النَّاس من الله الْقلب القاسي ".
ثَنَا أَبُو بكر بن أبي النَّضر، حَدثنِي أَبُو النَّضر، عَن إِبْرَاهِيم بن حَاطِب، عَن(3/284)
عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر نَحوه.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث إِبْرَاهِيم ابْن عبد الله بن حَاطِب.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي الْحسن الْمصْرِيّ، ثَنَا هَانِئ بن المتَوَكل، ثَنَا عبد الله بن سُلَيْمَان، (عَن إِسْحَاق وَأَبَان) ، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَرْبَعَة من الشَّقَاء: جمود الْعين، وقساء الْقلب، وَطول الأمل، والحرص على الدُّنْيَا ".
بَاب ذكر القرين
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَ إِسْحَاق: أَنا وَقَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد وكل بِهِ قرينه من الْجِنّ. قَالُوا: وَإِيَّاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وإياي إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا يَأْمُرنِي إِلَّا بِخَير ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا عبد الرَّحْمَن - هُوَ ابْن مهْدي - عَن سُفْيَان.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى بن آدم، عَن عمار بن رُزَيْق، كِلَاهُمَا عَن مَنْصُور بِإِسْنَاد جرير مثل حَدِيثه، غير أَن فِي حَدِيث سُفْيَان " وَقد وكل بِهِ قرينه من الْجِنّ وقرينه من الْمَلَائِكَة ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي أَبُو صَخْر، عَن(3/285)
ابْن قسيط، حَدثهُ أَن عُرْوَة حَدثهُ، أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حدثته " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج من عِنْدهَا لَيْلًا، قَالَت: فغرت عَلَيْهِ فجَاء فَرَأى مَا أصنع، فَقَالَ: مَا لَك يَا عَائِشَة؟ أغرت؟ فَقلت: وَمَا لي لَا يغار مثلي على مثلك. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أقد جَاءَك شَيْطَانك؟ قَالَت: يَا رَسُول الله، أَو معي شَيْطَان؟ قَالَ: نعم. قلت: وَمَعَ كل إِنْسَان؟ قَالَ: نعم. قلت: ومعك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: نعم، وَلَكِن رَبِّي أعانني عَلَيْهِ حَتَّى أسلم ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صياح الْمَوْلُود حِين يَقع نزغة من الشَّيْطَان ".
بَاب مَا جَاءَ أَن للشَّيْطَان لمة بِابْن آدم وللملك لمة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد بن السّري، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن مرّة الْهَمدَانِي، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن للشَّيْطَان لمة بِابْن آدم وللملك لمة، فَأَما لمة الشَّيْطَان فإيعاد بِالشَّرِّ وَتَكْذيب بِالْحَقِّ، وَأما لمة الْملك فإيعاد بِالْخَيرِ وتصديق بِالْحَقِّ، فَمن وجد ذَلِك فَليعلم أَنه من الله، فليحمد الله، وَمن وجد الْأُخْرَى فليتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان. ثمَّ (قَالَ) : {الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم بالفحشاء} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن صَحِيح غَرِيب) لَا نعلمهُ مَرْفُوعا إِلَّا(3/286)
من حَدِيث أبي الْأَحْوَص.
بَاب الْمُجَاهِد من جَاهد نَفسه
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن هَانِئ، ثَنَا عُثْمَان بن صَالح، أَنا ابْن وهب، عَن أبي هَانِئ الْخَولَانِيّ، عَن عَمْرو بن مَالك الْجَنبي أَن فضَالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ حَدثهُ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ فِي حجَّة الْوَدَاع: " هَذَا يَوْم حرَام وبلد حرَام، فَدِمَاؤُكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ عَلَيْكُم حرَام مثل هَذَا الْيَوْم وَهَذِه اللَّيْلَة إِلَى يَوْم تلقونه، وَحَتَّى دفْعَة دَفعهَا مُسلم مُسلما يُرِيد بهَا سوءا حرَام، وَسَأُخْبِرُكُمْ من الْمُسلم: من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده، وَالْمُؤمن من أَمنه النَّاس على أَمْوَالهم وأنفسهم، وَالْمُهَاجِر من هجر الْخَطَايَا والذنُوب، والمجاهد من جَاهد نَفسه فِي طَاعَة الله ".
أَبُو هَانِئ اسْمه حميد بن هَانِئ.
بَاب مُخَالطَة النَّاس وَالصَّبْر على أذاهم
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن مُحَمَّد بن عبيد، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن يحيى بن وثاب وَأبي صَالح، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُؤمن الَّذِي يخالط النَّاس ويصبر على آذاهم أعظم أجرا من الْمُؤمن الَّذِي لَا يخالط النَّاس وَلَا يصبر على أذاهم ".
رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ: عَن ابْن أبي دَاوُد، عَن عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ، عَن حَفْص بن غياث، عَن الْأَعْمَش، عَن يحيى بن وثاب، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وخرجه الطَّيَالِسِيّ أَبُو دَاوُد فِي مُسْند ابْن عمر.(3/287)
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن يحيى بن وثاب، عَن شيخ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ - كَانَ شُعْبَة يرى أَنه ابْن عمر ذكره عَن ابْن أبي عدي وَلَفظه -: " الْمُسلم إِذا كَانَ يخالط النَّاس ويصبر على أذاهم خير من الْمُسلم الَّذِي لَا يخالط النَّاس وَلَا يصبر على أذاهم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عبد الله بن الحكم قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أبي كثير، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رجل: " يَا رَسُول الله، أَي الْهِجْرَة أفضل. قَالَ: أَن تهجر مَا كره الله، وَالْهجْرَة هجرتان: هِجْرَة الْحَاضِر البادي، فَأَما البادي فَإِنَّهُ يُطِيع إِذا أَمر، ويجيب إِذا دعِي، وَأما الْحَاضِر أعظمهما بلية، وأفضلهما أجرا ".
أَبُو كثير اسْمه زُهَيْر بن الْأَقْمَر.
بَاب فِي التقي الْخَفي
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، ثَنَا بكير بن مِسْمَار، حَدثنِي عَامر بن سعد قَالَ: " كَانَ سعد بن أبي وَقاص فِي إبِله فَجَاءَهُ ابْنه عمر فَلَمَّا رَآهُ سعد، قَالَ: أعوذ بِاللَّه من شَرّ هَذَا الرَّاكِب. فَنزل فَقَالَ لَهُ: أنزلت فِي إبلك وغنمك وَتركت النَّاس يتنازعون الْملك بَينهم؟ فَضرب سعد فِي صَدره فَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الله يحب العَبْد التقي الْغَنِيّ الْخَفي ".
بَاب حسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا وَكِيع، عَن [جَعْفَر] بن برْقَان، عَن(3/288)
يزِيد بن الْأَصَم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله يَقُول: أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي، وَأَنا مَعَه، إِذا دَعَاني.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن شَبابَة بن سوار، ثَنَا [هِشَام] بن الْغَاز، ثَنَا أَبُو النَّضر حَيَّان، عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي مَا شَاءَ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد.
قَالَ: وثنا نصر بن عَليّ، عَن مهنا أبي شبْل - وَلم أفهمهُ مِنْهُ جيدا - عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن وَاسع، عَن شُتَيْر - قَالَ نصر: شُتَيْر بن نَهَار - عَن أبي هُرَيْرَة - قَالَ نصر: عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " حسن الظَّن من حسن الْعِبَادَة ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: ومهنا بَصرِي ثِقَة.
شُتَيْر هَذَا أَكثر الروَاة يَقُولُونَ فِيهِ: سمير - بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْمِيم - وَكَذَلِكَ ذكره البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم، وَهُوَ بَصرِي من سبي عين التَّمْر، روى عَنهُ: أَبُو نَضرة، وَمُحَمّد بن وَاسع.
بَاب فِي العَبْد يحمد على عمله الصَّالح
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا حَمَّاد بن زيد، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر: " قيل لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَرَأَيْت الرجل يعْمل الْعَمَل من الْخَيْر وَيَحْمَدهُ النَّاس عَلَيْهِ؟ قَالَ: تِلْكَ [عَاجل] بشرى الْمُؤمن ".(3/289)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا أَبُو سِنَان، ثَنَا حبيب ابْن أبي ثَابت، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، الرجل يعْمل الْعَمَل فيسره، فَإِذا اطلع عَلَيْهِ أعجبه ذَلِك. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَهُ أَجْرَانِ: أجر السِّرّ، وَأجر الْعَلَانِيَة ".
هَذَا حَدِيث (غَرِيب) ، أرْسلهُ الْأَعْمَش وَغَيره، عَن حبيب، عَن أبي صَالح، عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى، وَأَبُو سِنَان هُوَ مَشْهُور.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن سَالم بن غيلَان، عَن دراج أبي السَّمْح، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رَضِي الله عَن العَبْد أثنى عَلَيْهِ سَبْعَة أَضْعَاف من الْخَيْر لم يعملها. وَقَالَ فِي السخط مثله ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، ثَنَا شُجَاع بن الْوَلِيد، ثَنَا هَاشم بن هَاشم، عَن عَامر بن سعد - هُوَ سعد بن أبي وَقاص - عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالنباءة أَو بالنباوة يَقُول: " يُوشك أَن تعرفوا أهل الْجنَّة من أهل النَّار. قَالُوا: يَا رَسُول الله، بِمَ؟ قَالَ: بالثناء الْحسن، وَالثنَاء السيىء ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن سعد إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا نَافِع بن عمر الجُمَحِي، عَن أُميَّة بن صَفْوَان، عَن أبي بكر بن أبي زُهَيْر، عَن أَبِيه قَالَ: " خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالنباءة - أَو بالبناوة والنباوة من الطَّائِف - فَقَالَ: توشكون أَن تعرفوا أهل(3/290)
الْجنَّة من أهل النَّار، أَو شِرَاركُمْ من خياركم. قَالُوا: بِمَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: بالثناء الْحسن، وبالثناء السَّيئ، أَنْتُم شُهَدَاء الله بَعْضكُم على بعض ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْعَبَّاس بن جَعْفَر، ثَنَا أَبُو ظفر [ثَنَا] سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، من أهل الْجنَّة؟ قَالَ: من لَا يَمُوت حَتَّى تملأ مسامعه مِمَّا يحب. قيل: فَمن أهل النَّار؟ قَالَ: من لَا يَمُوت حَتَّى تملأ مسامعه مِمَّا يكره ".
قَالَ: أَبُو بكر الْبَزَّار: وجدته عِنْدِي عَن عَبَّاس، وَلَا نعلم روى هَذَا الحَدِيث عَن أنس إِلَّا ثَابت، وَلَا عَن ثَابت إِلَّا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة.
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: وثنا عبد الله بن أَحْمد بن شبويه الْمروزِي، ثَنَا عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق، ثَنَا الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، دلَّنِي على عمل أَدخل بِهِ الْجنَّة. قَالَ: لَا تغْضب. قَالَ: وَأَتَاهُ آخر فَقَالَ: مَتى أعلم أَنِّي مسيء ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا الْحُسَيْن بن وَاقد.
وثنا زُهَيْر بن مُحَمَّد، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... . " فَذكره.
وَمن طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن عَبَّاس بن ذريح، عَن الشّعبِيّ قَالَ: كتب مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان إِلَى عَائِشَة أَن اكتبي إِلَيّ بِشَيْء سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَكتب إِلَيْهِ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من يعْمل بِغَيْر طَاعَة الله يعود حامده ذاماً ".(3/291)
بَاب لَا يحتقر أحد من الْمُسلمين
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبيد بن أَسْبَاط بن مُحَمَّد، حَدثنِي أبي، عَن هِشَام بن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " [الْمُسلم] أَخُو الْمُسلم لَا يخونه وَلَا يكذبهُ وَلَا يَخْذُلهُ، كل الْمُسلم على الْمُسلم حرَام: عرضه، وَمَاله، وَدَمه، التَّقْوَى هَاهُنَا، بِحَسب امْرِئ من الشَّرّ أَن يحتقر أَخَاهُ الْمُسلم ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
مُسلم: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، ثَنَا حَفْص بن ميسرَة، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رب أَشْعَث مَدْفُوع بالأبواب لَو أقسم على الله - تَعَالَى - لَأَبَره ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، حَدثنِي معبد ابْن خَالِد، أَنه سمع حَارِثَة بن وهب، سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا أخْبركُم بِأَهْل الْجنَّة؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: كل ضَعِيف متضعف لَو أقسم على الله لَأَبَره، أَلا أخْبركُم بِأَهْل النَّار؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: كل عتل جواظ مستكبر " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى " زنيم مستكبر ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُنِير، سمع عبد الله بن بكر السَّهْمِي، ثَنَا حميد، عَن أنس: " أَن الرّبيع عمته كسرت ثنية جَارِيَة، فطلبوا لَهَا الْعَفو (فَأَبَوا)(3/292)
فعرضوا الْأَرْش فَأَبَوا، فَأتوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبوا إِلَّا الْقصاص، فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْقصاصِ، فَقَالَ أنس بن النَّضر: يَا رَسُول الله، أتكسر ثنية الرّبيع؟ لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا تكسر ثنيتها. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أنس، كتاب الله الْقصاص. فَرضِي الْقَوْم فعفوا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من عباد الله من لَو أقسم على الله لَأَبَره ".
مُسلم: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، عَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، ثَنَا أَبُو عمرَان الْجونِي، عَن جُنْدُب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حدث " أَن رجلا قَالَ: [وَالله] لَا يغْفر الله لفُلَان. وَأَن الله - عز وَجل - قَالَ: من ذَا الَّذِي يتألى عَليّ أَلا أَغفر لفُلَان، فَإِنِّي قد غفرت لفُلَان وأحبطت عَمَلك. أَو كَمَا قَالَ ".
بَاب عَلامَة الْوَلِيّ
الْبَزَّار: حَدثنَا عَليّ بن حَرْب، ثَنَا مُحَمَّد بن سَابق، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الله الْأَشْعَرِيّ - وَهُوَ القمي - عَن جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، من أَوْلِيَاء الله؟ قَالَ: الَّذين إِذا رُءُوا ذكر الله ".
أرْسلهُ غير ابْن سَابق عَن سعيد، عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام.
بَاب فراسة الْمُؤمن
قَاسم بن أصبغ قَالَ: ثَنَا أَحْمد بن زُهَيْر، ثَنَا يحيى بن معِين، ثَنَا عبد الله بن صَالح، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن رَاشد بن سعد، عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اتَّقوا فراسة الْمُؤمن؛ فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله - عز وَجل ".
وروى أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: ثَنَا سهل بن بَحر، ثَنَا سعيد بن مُحَمَّد الْجرْمِي،(3/293)
ثَنَا أَبُو بشر - وَكَانَ ثِقَة - عَن ثَابت، عَن أنس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله تَعَالَى عباداً يعْرفُونَ النَّاس بالتوسم ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ بن ثَابت، عَن أنس إِلَّا أَبُو بشر.
سعيد بن مُحَمَّد هَذَا ثِقَة، وَأَبُو بشر اسْمه بكر بن الحكم المزلق التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي، صَاحب الْبَصْرِيّ مَشْهُور.
بَاب
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن عبد الله بن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " النَّاس كَالْإِبِلِ الْمِائَة، هَل ترى فِيهَا رَاحِلَة؟ أَو مَتى ترى فِيهَا رَاحِلَة؟ وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا نعلم شَيْئا خيرا من مائَة مثله إِلَّا الْمُؤمن ".
بَاب مَا جَاءَ أَنه لَا يدْخل أحدا عمله الْجنَّة
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قاربوا وسددوا وَاعْلَمُوا أَنه لم ينجو أحد مِنْكُم بِعَمَلِهِ. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَلَا أَنْت؟ قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمة مِنْهُ وَفضل ".
زَاد أَبُو بكر الْبَزَّار فِي هَذَا الحَدِيث: " وَلَو أَخَذَنِي أَنا وَعِيسَى بِمَا جنى هَذَانِ لأوثقنا. وَأَشَارَ بالسبابة وَالْوُسْطَى ".
حَدثهُ بِهِ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن زَنْجوَيْه، حَدثهُ مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، حَدثهُ سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش بِإِسْنَاد مُسلم - رَحمَه الله.(3/294)
قَالَ مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا وهيب، ثَنَا مُوسَى بن عقبَة قَالَ: سَمِعت أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن يحدث، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا كَانَت تَقول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سددوا، وقاربوا، وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لن يدْخل الْجنَّة أحدا عمله. قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمة، وَاعْلَمُوا أَن أحب الْعَمَل إِلَى الله أَدْوَمه وَإِن قل ".
وَلمُسلم فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " لَا يدْخل أحدا مِنْكُم عمله الْجنَّة، وَلَا يجيره من النَّار ". رَوَاهُ من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار من حَدِيث عمرَان الْقطَّان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا قَالَ: " وَلَا يُخرجهُ من النَّار ".
تمّ كتاب التَّوْبَة وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْعَمَل وَالْحَمْد لله. يتلوه كتاب الزّهْد والورع والتوكل وَالرَّقَائِق إِن شَاءَ الله.(3/295)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الزّهْد والورع والتوكل وَالرَّقَائِق
بَاب ذمّ الدُّنْيَا وَجَمعهَا والتنافس فِيهَا وَمَا يحذر من زينتها
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا سُلَيْمَان - يَعْنِي ابْن بِلَال - عَن جَعْفَر، عَن أَبِيه، عَن جَابر بن عبد الله: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِالسوقِ دَاخِلا من بعض الْعَالِيَة وَالنَّاس كنفته، فَمر بجدي أسك ميت، فتناوله فَأخذ بأذنه، ثمَّ قَالَ: أَيّكُم يحب أَن هَذَا لَهُ بدرهم؟ فَقَالُوا: مَا نحب أَنه لنا بِشَيْء، وَمَا نصْنَع بِهِ؟ قَالَ: أتحبون أَنه لكم؟ قَالُوا: وَالله لَو كَانَ حَيا كَانَ عَيْبا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أسك، فَكيف وَهُوَ ميت؟ قَالَ: فوَاللَّه للدنيا أَهْون على الله من هَذَا عَلَيْكُم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الحميد بن سُلَيْمَان، عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو كَانَت الدُّنْيَا تعدل عِنْد الله جنَاح بعوضة مَا سقى مِنْهَا كَافِرًا شربة ".
وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، ثَنَا قيس بن أبي حَازِم، سَمِعت مستورداً أَخا بني فهر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا مثل مَا يَجْعَل أحدكُم أُصْبُعه فِي اليم، فَلْينْظر بِمَاذَا يرجع ".(3/296)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح) ، وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد يكنى أَبَا عبد الله، وَأَبُو حَازِم وَالِد قيس اسْمه عبد عَوْف، وَهُوَ من الصَّحَابَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم الْمكتب، ثَنَا عَليّ بن ثَابت، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان، سَمِعت عَطاء بن قُرَّة قَالَ: سَمِعت عبد الله بن ضَمرَة قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَلا إِن الدُّنْيَا ملعونة، مَلْعُون مَا فِيهَا إِلَّا ذكر الله وَمَا وَالَاهُ، وعالم أَو متعلم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو بن سَواد العامري، أَنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، أَن بكر بن سوَادَة حَدثهُ، أَن يزِيد بن رَبَاح - هُوَ أَبُو فراس مولى عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ - حَدثهُ، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِذا فتحت عَلَيْكُم فَارس وَالروم أَي قوم أَنْتُم؟ قَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: نقُول كَمَا أمرنَا الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَو غير ذَلِك، تتنافسون، ثمَّ تتحاسدون، ثمَّ تتدابرون، ثمَّ تتباغضون - أَو نَحْو ذَلِك - ثمَّ تنطلقون فِي (مسَاكِن) الْمُهَاجِرين، فتجعلون بَعضهم على رِقَاب بعض ".
مُسلم: حَدثنَا حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة بن الزبير، أَن الْمسور بن مخرمَة أخبرهُ، أَن عَمْرو بن عَوْف - وَهُوَ حَلِيف بني عَامر بن لؤَي وَكَانَ شهد بَدْرًا مَعَ رَسُول الله - أخبرهُ " أَن رَسُول(3/297)
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث [أَبَا] عُبَيْدَة بن الْجراح إِلَى الْبَحْرين يَأْتِي بجزيتها، وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ صَالح أهل الْبَحْرين وَأمر عَلَيْهِم الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ، فَقدم أَبُو عُبَيْدَة بِمَال من الْبَحْرين، فَسمِعت الْأَنْصَار بقدوم أبي عُبَيْدَة فوافوا صَلَاة الْفجْر مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْصَرف، فتعرضوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين رَآهُمْ ثمَّ قَالَ: أظنكم سَمِعْتُمْ أَن أَبَا عُبَيْدَة قدم بِشَيْء من الْبَحْرين؟ فَقَالُوا: أجل يَا رَسُول الله. قَالَ: فأبشروا وأملوا مَا يسركم، فوَاللَّه مَا الْفقر أخْشَى عَلَيْكُم، وَلَكِنِّي أخْشَى علكم أَن تبسط الدُّنْيَا عَلَيْكُم كَمَا بسطت على من كَانَ قبلكُمْ، [فتنافسوها] كَمَا تنافسوها، وتهلككم كَمَا أهلكتهم ".
رَوَاهُ صَالح، عَن الزُّهْرِيّ وَقَالَ: " تلهكم كَمَا ألهتهم "، خرجه مُسلم - رَحمَه الله.
الْبَزَّار: حَدثنَا هِشَام، ثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى بن شميع، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان الْأَفْطَس، عَن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي، عَن جُبَير بن نفير، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: " خرج علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن نذْكر الْفقر ونتخوفه، فَقَالَ: الْفقر تخافون؟ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتصبن عَلَيْكُم الدُّنْيَا صبا حَتَّى لَا ترفع، وَايْم الله، لأتركنكم على مثل الْبَيْضَاء لَيْلهَا ونهارها سَوَاء ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله
إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَإِسْنَاده حسن.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان،(3/298)
عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قُمْت على بَاب الْجنَّة فَإِذا عَامَّة من دَخلهَا الْمَسَاكِين، وَإِذا أَصْحَاب الْجد محبوسون إِلَّا أَصْحَاب النَّار فقد أَمر بهم إِلَى النَّار، وَقمت على بَاب النَّار فَإِذا عَامَّة من دَخلهَا النِّسَاء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا هِشَام - هُوَ ابْن يُوسُف - أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبَرتنِي هِنْد بنت الْحَارِث، عَن أم سَلمَة قَالَت: " اسْتَيْقَظَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من اللَّيْل وَهُوَ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، مَاذَا أنزل اللَّيْلَة من الْفِتْنَة! مَاذَا أنزل من الخزائن! من يوقظ صَوَاحِب الحجرات؟ كم من كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية يَوْم الْقِيَامَة ".
قَالَ الزُّهْرِيّ: وَكَانَت هِنْد لَهَا (إِزَار) فِي كميها بَين أصابعها.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي الْوَلِيد قَالَ: سَمِعت خَوْلَة بنت قيس - وَكَانَت تَحت حَمْزَة بن عبد الْمطلب - تَقول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن هَذَا المَال خضرَة حلوة، من أَصَابَهُ بِحقِّهِ بورك لَهُ فِيهِ، وَرب متخوض فِيمَا شَاءَت بِهِ نَفسه من مَال الله وَرَسُوله، لَيْسَ لَهُ يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا النَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأَبُو الْوَلِيد اسْمه عبيد الله سَنُوطا.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا الْحسن بن سوار، ثَنَا لَيْث بن سعد، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير حَدثهُ، عَن أَبِيه، عَن(3/299)
كَعْب بن عِيَاض قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن لكل أمة فتْنَة، وفتنة أمتِي المَال ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث مُعَاوِيَة بن صَالح.
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن يحيى بن الْمُنْذر، ثَنَا أبي، ثَنَا عبد الله بن الْأَجْلَح، عَن الْأَعْمَش، عَن يحيى بن وثاب، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود " أَنه كَانَ يُعْطي النَّاس عطاياهم، فجَاء رجل، فَأعْطَاهُ ألف دِرْهَم ثمَّ قَالَ: خُذْهَا، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ الدِّينَار وَالدِّرْهَم، وهما مهلكاكم ".
وثنا أَحْمد بن يحيى الصُّوفِي، ثَنَا يحيى بن الْمُنْذر بِإِسْنَادِهِ نَحوه.
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن عبد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
بَاب ذمّ الرَّغْبَة فِي المَال والحض على الزّهْد فِيهِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَسَعِيد بن مَنْصُور وقتيبة بن سعيد، قَالَ يحيى: أخبرنَا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من مَال لابتغى وَاديا ثَالِثا، وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب، وَيَتُوب الله على من تَابَ ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَو كَانَ لِابْنِ آدم وَاد من ذهب أحب أَن لَهُ وَاديا آخر، وَلنْ يمْلَأ فَاه إِلَّا التُّرَاب، وَالله يَتُوب على من تَابَ ".(3/300)
قَالَ: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب وَهَارُون بن عبد الله قَالَا: ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، عَن ابْن جريج قَالَ: سَمِعت عَطاء يَقُول: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَو أَن لِابْنِ آدم ملْء وَاد مَالا لأحب أَن يكون إِلَيْهِ مثله، وَلَا يمْلَأ نفس ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب، وَالله يَتُوب على من تَابَ ".
قَالَ: وحَدثني سُوَيْد بن سعيد، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن دَاوُد، عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود، عَن أَبِيه قَالَ: " بعث أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ إِلَى قراء أهل الْبَصْرَة، فَدخل عَلَيْهِ ثَلَاثمِائَة رجل قد قرءوا الْقُرْآن، فَقَالَ: أَنْتُم خِيَار أهل الْبَصْرَة وقراؤهم، فاتلوه وَلَا يطولن عَلَيْكُم الأمد فتقسوا قُلُوبكُمْ كَمَا قست قُلُوب من كَانَ قبلكُمْ، وَإِنَّا كُنَّا نَقْرَأ سُورَة [كُنَّا] نشبهها فِي الطول والشدة بِبَرَاءَة، فأنسيتها غير أَنِّي قد حفظت مِنْهَا: لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من مَال، لابتغى وَاديا ثَالِثا، وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب. وَكُنَّا نَقْرَأ سُورَة [كُنَّا] نشبهها بِإِحْدَى المسبحات، فأنسيتها غير أَنِّي حفظت مِنْهَا: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، فتكتب شَهَادَة فِي أَعْنَاقكُم، فتسألون عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة قَالَا: أَنا ابْن وهب، عَن أنس، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قلب الشَّيْخ شَاب على حب اثْنَتَيْنِ: طول الْحَيَاة، وَحب المَال ". .
البُخَارِيّ حَدثنَا الْحسن بن الرّبيع، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن الْأَعْمَش،
عَن زيد بن وهب قَالَ: قَالَ أَبُو ذَر: " كنت أَمْشِي مَعَ رَسُول الله
فِي حرَّة الْمَدِينَة، فَاسْتَقْبلهَا أحدا فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر. فَقلت: لبيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: مَا(3/301)
يسرني أَن عِنْدِي مثل أحد ذَهَبا تمْضِي عَليّ ثَالِثَة وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَار إِلَّا شَيْء أرصده لديني، إِلَّا أَن أَقُول بِهِ فِي عباد الله هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. عَن يَمِينه، وَعَن وشماله، وَمن خَلفه، ثمَّ قَالَ: إِن الْأَكْثَرين هم الأقلون يَوْم الْقِيَامَة، إِلَّا من قَالَ [هَكَذَا وَهَكَذَا] وَهَكَذَا. عَن يَمِينه، وَعَن شِمَاله، وَمن خلقه، وَقَلِيل مَا هم ". وَذكر الحَدِيث.
وروى سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي مُسْنده: عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة " أَن ذَهَبا كَانَت أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتعار من اللَّيْل، وَهِي أَكثر من السِّتَّة وَأَقل من التِّسْعَة، فَلم تصبح حَتَّى قسمهَا ثمَّ قَالَ: مَا ظن مُحَمَّد بربه لَو مَاتَ وَهِي عِنْده ".
مُسلم: حَدثنَا وَاصل بن عبد الْأَعْلَى وَأَبُو كريب وَمُحَمّد بن يزِيد الرِّفَاعِي - وَاللَّفْظ لواصل - قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تخرج الأَرْض أفلاذ كَبِدهَا أَمْثَال الأسطوان من الذَّهَب وَالْفِضَّة، فَيَجِيء الْقَاتِل فَيَقُول: فِي هَذَا قتلت. وَيَجِيء الْقَاطِع فَيَقُول: فِي هَذَا قطعت رحمي. وَيَجِيء السَّارِق فَيَقُول: فِي هَذَا قطعت يَدي. ثمَّ يَدعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئا ".
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تعس عبد الدِّينَار وَالدِّرْهَم
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن يُوسُف، ثَنَا أَبُو بكر، عَن أبي حُصَيْن، عَن(3/302)
أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تعس عبد الدِّينَار وَالدِّرْهَم، والقطيفة والخميصة، إِن أعطي رَضِي، وَإِن لم يُعْط لم يرض ". لم يرفعهُ إِسْرَائِيل وَمُحَمّد بن جحادة [عَن أبي حُصَيْن] .
وَزَاد عَمْرو - يَعْنِي: ابْن مَرْزُوق - ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار، عَن أَبِيه، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تعس عبد الدِّينَار، وَعبد الدِّرْهَم، وَعبد الخميصة، إِن أعطي رَضِي، وَإِن لم يُعْط سخط، تعس وانتكس، وَإِذا شيك فَلَا انتقش، طُوبَى لعبد أَخذ بعنان فرسه فِي سَبِيل الله، أَشْعَث رَأسه، مغبرة قدماه، إِن كَانَ فِي الحراسة كَانَ فِي الحراسة، وَإِن كَانَ فِي السَّاقَة كَانَ فِي السَّاقَة، إِن اسْتَأْذن لم يُؤذن لَهُ، وَإِن شفع لم يشفع لَهُ ".
بَاب المكثرون هم المقلون
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جرير، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن زيد بن وهب، عَن أبي ذَر قَالَ: " خرجت لَيْلَة من اللَّيَالِي، فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمشي وَحده لَيْسَ مَعَه إِنْسَان، قَالَ: فَظَنَنْت أَنه يكره أَن يمشي مَعَه أحد، قَالَ: فَجعلت أَمْشِي فِي ظلّ الْقَمَر، فَالْتَفت فرآني، فَقَالَ: من هَذَا؟ قلت: أَبُو ذَر، جعلني الله فدَاك. قَالَ: يَا أَبَا ذَر، (تعاله) . قَالَ: فمشيت مَعَه سَاعَة، فَقَالَ: إِن المكثرين هم المقلون يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا من أعطَاهُ الله خيرا فَنفخ فِيهِ يَمِينه وشماله وَبَين يَدَيْهِ ووراءه، وَعمل فِيهِ خيرا ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.(3/303)
بَاب مَا جَاءَ فِي المَال الْحَرَام
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: ثَنَا ابْن نمير، ثَنَا أبان بن إِسْحَاق، عَن الصَّباح بن مُحَمَّد الأحمسي، عَن مرّة الْهَمدَانِي، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله قسم بَيْنكُم أخلاقكم كَمَا قسم بَيْنكُم أرزاقكم، وَإِن الله يُعْطي الدُّنْيَا من يحب وَمن لَا يحب، وَلَا يُعْطي الدَّين إِلَّا من يحب، فَمن أعطَاهُ الله الدَّين فقد أحبه، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يسلم عبد حَتَّى يسلم قلبه وَلسَانه، وَلَا يُؤمن حَتَّى يُؤمن جَاره بوائقه. قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا بوائقه؟ قَالَ: غشمه وظلمه. قَالَ: وَلَا يكْسب عبد مَالا حَرَامًا فيبارك لَهُ فِيهِ، وَلَا يتَصَدَّق بِهِ فَيقبل مِنْهُ، وَلَا يتْركهُ خلف ظَهره إِلَّا راده الله إِلَى النَّار، إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَا يمحو السَّيئ بالسيئ، وَلَكِن يمحو السَّيئ بالْحسنِ، إِن الْخَبيث لَا يمحو الْخَبيث ".
ذكر البُخَارِيّ فِي " تَارِيخه " صباح بن مُحَمَّد بِبَعْض هَذَا الحَدِيث وَقَالَ: قَالَ الثَّوْريّ: عَن زبيد، عَن مرّة، عَن عبد الله وَلم يرفعهُ. وزبيد حَافظ، وَقَالَ: سمع صباح مرّة، وَأَبَان سمع صباحاً. وَأَبَان هَذَا روى عَنهُ ابْن نمير ويعلى ومروان بن مُعَاوِيَة.
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن إِسْحَاق الْأَهْوَازِي، ثَنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت، ثَنَا قيس، عَن أبي حُصَيْن، عَن يحيى بن وثاب، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله رَفعه قَالَ: " إِن الْخَبيث لَا يكفر الْخَبيث، وَلَكِن الطّيب يكفر الْخَبيث ".
وحدثناه إِبْرَاهِيم بن بسطَام، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا قيس بِإِسْنَادِهِ.
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن عبد الله إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.(3/304)
بَاب مَا جَاءَ إِن العَبْد
يسْأَل يَوْم الْقِيَامَة عَن مَاله من أَيْن كَسبه
قَاسم بن أصبغ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة، ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو كريب، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن الْأَعْمَش، عَن سعيد بن عبد الله، عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَزُول قدما عبد يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يسْأَل عَن أَربع: عَن عمره فِيمَا أفناه، وَعَن جسده فِيمَا أبلاه، وَعَن علمه مَا عمل فِيهِ، وَعَن مَاله من أَيْن كَسبه وَفِيمَا أنفقهُ ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب فضل المَال لمن أَخذه بِحقِّهِ وأنفقه فِي حَقه
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء ابْن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَكثر مَا يخَاف عَلَيْكُم مَا يخرج الله لكم من بَرَكَات الأَرْض. قيل: مَا بَرَكَات الأَرْض؟ قَالَ: زهرَة الدُّنْيَا. فَقَالَ لَهُ رجل: هَل يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ؟ فَصمت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى ظَنَنْت أَنه ينزل عَلَيْهِ، ثمَّ جعل يمسح عَن جَبينه، فَقَالَ: أَيْن السَّائِل؟ قَالَ: أَنا. قَالَ أَبُو سعيد: لقد حمدناه حِين طلع ذَلِك. قَالَ: لَا يَأْتِي الْخَيْر إِلَّا بِالْخَيرِ، إِن هَذَا المَال خضرَة حلوة، وَإِن كل مَا أنبت الرّبيع يقتل حَبطًا أَو يلم إِلَّا آكِلَة الخضرة أكلت حَتَّى إِذا امتدت خاصرتاها، اسْتقْبلت الشَّمْس فاجترت، وثلطت، وبالت، ثمَّ عَادَتْ فَأكلت، وَإِن هَذَا المَال حلوة فَمن أَخذه بِحقِّهِ، وو ضَعْهُ فِي حَقه، فَنعم المعونة هُوَ، وَمن أَخذه بِغَيْر حَقه كَانَ كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا وَكِيع، عَن مُوسَى بن عَليّ، عَن أمه قَالَ:(3/305)
سَمِعت عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اشْدُد عَلَيْك سِلَاحك وثيابك. فَفعلت ثمَّ أَتَيْته، فَوَجَدته يتَوَضَّأ فَرفع رَأسه، فَصَعدَ فِي الْبَصَر وَصَوَّبَهُ، ثمَّ قَالَ: يَا عَمْرو، إِنِّي أُرِيد أَن أَبْعَثك وَجها، فيسلمك الله ويغنمك، وأزعب لَك زعبة من المَال صَالِحَة. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي لم أسلم رَغْبَة فِي المَال، إِنَّمَا أسلمت رَغْبَة فِي الْجِهَاد والكينونة مَعَك. قَالَ: يَا عَمْرو، نعما بِالْمَالِ الصَّالح للمرء الصَّالح ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْغنى غنى النَّفس
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَابْن نمير قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ الْغنى عَن كَثْرَة الْعرض، وَلَكِن الْغنى غنى النَّفس ".
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن كَانَت همته الدُّنْيَا
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن عمر بن سُلَيْمَان، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبان، عَن أَبِيه، عَن زيد بن ثَابت قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من كَانَت نِيَّته الدُّنْيَا فرق الله عَلَيْهِ أمره، وَجعل فقره بَين عَيْنَيْهِ، وَلم يَأْته من الدُّنْيَا إِلَّا مَا كتب لَهُ، وَمن كَانَت الْآخِرَة نِيَّته جعل الله غناهُ فِي قلبه، وَجمع لَهُ أمره، وأتته الدُّنْيَا وَهِي راغمة ".
عبد الرَّحْمَن بن أبان روى عَنهُ أَبُو بكر بن عَمْرو بن [حزم] وَعمر بن سُلَيْمَان ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، أَنا عِيسَى بن يُونُس، عَن عمرَان بن زَائِدَة بن نشيط، عَن أَبِيه، عَن أبي خَالِد الْوَالِبِي، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي(3/306)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله يَقُول: يَا ابْن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وَأسد فقرك، وَإِلَّا تفعل مَلَأت يدك شغلاً وَلم أَسد فقرك ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَأَبُو خَالِد الْوَالِبِي اسْمه هُرْمُز.
بَاب التبلغ باليسير من الدُّنْيَا والزهد فِيهَا وَالرَّغْبَة عَنْهَا
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن حبيب، ثَنَا الْمُعْتَمِر، سَمِعت إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عِنْد سعد
وحَدثني مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي وَابْن بشر قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن قيس قَالَ: سَمِعت سعد بن أبي وَقاص يَقُول: " وَالله إِنِّي لأوّل رجل من الْعَرَب رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله، وَلَقَد كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مَا لنا طَعَام نأكله إِلَّا ورق الحبلة وَهَذَا السمر، حَتَّى إِن أَحَدنَا ليضع كَمَا تضع الشَّاة، ثمَّ أَصبَحت بنوة أَسد تعزرني على الدَّين، لقد خبت إِذا وضل عَمَلي ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، ثَنَا حميد بن هِلَال، عَن خَالِد بن عُمَيْر الْعَدوي قَالَ: " خَطَبنَا عتبَة بن غَزوَان فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أما بعد، فَإِن الدُّنْيَا قد وصلت، [آذَنت بِصرْم وَوَلَّتْ] حذاء، وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا صبَابَة كَصُبَابَةِ الْإِنَاء يصابها صَاحبهَا، وَإِنَّكُمْ منتقلون مِنْهَا إِلَى دَار لَا زَوَال لَهَا، فانتقلوا بِخَير مَا بحضرتكم، فَإِنَّهُ قد ذكر لنا أَن الْحجر يلقى من شَفير جَهَنَّم فَيهْوِي فِيهَا سبعين عَاما لَا يدْرك لَهَا قعراً، وَالله لتملأن، أفعجبتم، وَلَقَد(3/307)
ذكر لنا أَن مَا بَين مصراعين من مصاريع الْجنَّة أَرْبَعِينَ سنة، وليأتين عَلَيْهَا يَوْم وَهُوَ كظيظ من الزحام، وَلَقَد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لنا طَعَام إِلَّا ورق الشّجر، [حَتَّى قرحت أشداقنا] فالتقطت بردة فشققتها بيني وَبَين سعد بن مَالك فاتزرت بِنِصْفِهَا واتزر سعد بِنِصْفِهَا فَمَا أصبح الْيَوْم منا أحد إِلَّا أصبح أَمِيرا على مصر من الْأَمْصَار، وَإِنِّي أعوذ بِاللَّه أَن أكون فِي نَفسِي عَظِيما وَعند الله صَغِيرا، وَإِنَّهَا لم تكن نبوة قطّ إِلَّا تناسخت حَتَّى يكون آخر عَاقبَتهَا ملكا، فستخبرون وتجربون الْأُمَرَاء بَعدنَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْعَبَّاس الدوري، ثَنَا عبد الله بن يزِيد، ثَنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، أَخْبرنِي أَو هَانِئ الْخَولَانِيّ، أَن أَبَا عَليّ عَمْرو بن مَالك الْجَنبي أخبرهُ، عَن فضَالة بن عبيد " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا صلى بِالنَّاسِ يخر رجال من قاماتهم فِي الصَّلَاة من الْخَصَاصَة، وهم أَصْحَاب الصّفة حَتَّى يَقُول الْأَعْرَاب: هَؤُلَاءِ مجانين أَو مجانون، فَإِذا صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْصَرف إِلَيْهِم فَقَالَ: لَو تعلمُونَ مَا لكم عِنْد الله لأحببتم أَن تزدادوا فاقة وحاجة. قَالَ فضَالة: وَأَنا يَوْمئِذٍ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن الْحسن بن مُوسَى الأشيب، ثَنَا شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن قَتَادَة، عَن خُلَيْد بن عبد الله العصري، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا طلعت شمس قطّ إِلَّا بعث بجنبتيها ملكان يناديان - إنَّهُمَا ليسمعان من على الأَرْض غير الثقلَيْن -: يَا أَيهَا النَّاس، هلموا إِلَى ربكُم، فَإِن مَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر وألهى، وَلَا آبت شمس إِلَّا بعث بجنبتيها ملكان يناديان: اللَّهُمَّ أعْط منفقاً خلفا، وَأعْطِ ممسكاً تلفاً ".(3/308)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَنَا حريت بن السَّائِب قَالَ: سَمِعت الْحسن يَقُول: حَدثنِي حمْرَان، عَن عُثْمَان بن عَفَّان، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ لِابْنِ آدم حق فِي سوى هَذِه الْخِصَال: بَيت يسكنهُ، وثوب يواري عَوْرَته، وجلف الْخبز وَالْمَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وجلف الْخبز يَعْنِي: لَيْسَ مَعَه إدام. حَكَاهُ عَن النَّضر بن شُمَيْل.
روى هَذَا الحَدِيث أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن حُرَيْث بِإِسْنَاد أبي عِيسَى وَقَالَ: " وَالْمَاء العذب ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق وَابْن أبي دَاوُد قَالَا: ثَنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا حشرج بن نباتة، ثَنَا أَبُو نصيرة، عَن أبي عسيب قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلًا فَمر بِأبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَدَعَاهُ فَخرج إِلَيْهِ، ثمَّ مر بعمر - رَضِي الله عَنهُ - فَدَعَاهُ فَخرج، ثمَّ أَنطلق يمشي وَنحن مَعَه حَتَّى دخل بعض حَوَائِط الْأَنْصَار، فَقَالَ: أطعمنَا بسراً. فَأَتَاهُم بعذق فَأَكَلُوا مِنْهُ، وأتاهم بِمَاء فَشَرِبُوا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذَا من النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ. فَقَالَ عمر: إِنَّا لمسئولون عَن هَذَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: نعم إِلَّا من ثَلَاث: كسرة يسد بهَا الرجل جوعه، وخرقة يواري بهَا عَوْرَته، وجحر يدْخل فِيهِ من الْحر وَالْبرد ".
أَبُو نصيرة اسْمه مُسلم بن عبد، وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ يحيى بن معِين فِيهِ: صَالح. وحشرج وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَأَبُو عسيب هُوَ مولى لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، عَن سعيد بن أبي أَيُّوب، حَدثنِي شُرَحْبِيل - وَهُوَ ابْن شريك - عَن أبي عبد الرَّحْمَن(3/309)
الحبلي، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قد أَفْلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بِمَا آتَاهُ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْعَبَّاس الدوري، ثَنَا عبد الله بن يزِيد، أخبرنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، أَخْبرنِي أَبُو هَانِئ، أَن أَبَا عَليّ عَمْرو بن مَالك الْجَنبي أخبرهُ، عَن فضَالة ابْن عبيد أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " طُوبَى لمن هدي لِلْإِسْلَامِ، وَكَانَ عيشه كفافاً وقنع ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عمر بن يُونُس - هُوَ اليمامي - ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، ثَنَا شَدَّاد بن عبد الله قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا ابْن آدم، إِنَّك إِن تبذل الْفضل خير لَك، وَإِن تمسكه شَرّ لَك، وَلَا تلام على كفاف، وأبداً بِمن تعول، وَالْيَد الْعليا خير من السُّفْلى ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح) وَشَدَّاد يكنى أَبَا [عمار] .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن مَالك ومحمود بن خِدَاش قَالَا: ثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي شميلة الْأنْصَارِيّ، عَن سَلمَة بن عبيد الله بن مُحصن الخطمي، عَن أَبِيه - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اصبح مِنْكُم آمنا فِي سربه، معافى فِي جسده، عِنْده قوت يَوْمه - فَكَأَنَّمَا حيزت لَهُ الدُّنْيَا ".(3/310)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مَرْوَان ابْن مُعَاوِيَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، أخبرنَا إِسْمَاعِيل ابْن عَيَّاش، حَدثنِي أَبُو سَلمَة الْحِمصِي وحبِيب بن صَالح، عَن يحيى بن جَابر الطَّائِي، عَن مِقْدَام بن معدي كرب قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا مَلأ آدَمِيّ وعَاء شرا من بطن، بِحَسب ابْن آدم أكلات يقمن صلبه، فَإِن كَانَ لَا محَالة فثلث لطعامه، وَثلث لشرابه، وَثلث لنَفسِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس - هُوَ ابْن أبي حَازِم - قَالَ: " دَخَلنَا على خباب وَقد اكتوى، فَقَالَ: لَوْلَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَانَا أَن نَدْعُو بِالْمَوْتِ، لَدَعَوْت بِهِ، قَالَ: وَسمعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الْمُؤمن يُؤجر فِي كل شَيْء إِلَّا الْبناء فِي هَذَا التُّرَاب ".
تفرد بِرَفْعِهِ أَبُو مُعَاوِيَة: عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: عَن عَليّ بن حجر، عَن شريك، عَن أبي إِسْحَاق، عَن حَارِثَة بن مضرب، عَن خباب، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن الْفضل بن دُكَيْن، عَن زُهَيْر، عَن عُثْمَان بن حَكِيم، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حَاطِب، عَن أبي طَلْحَة الْأَسدي، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا أَن كل بِنَاء يبْنى وبال على صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا - يَعْنِي - لَا بُد مِنْهُ ".(3/311)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، عَن يحيى بن جعدة قَالَ: " عَاد نَاس من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خباباً، فَقَالُوا: أبشر أَبَا عبد الله ترد على مُحَمَّد الْحَوْض. فَقَالَ: كَيفَ بِهَذَا وَهَذَا أَسْفَل الْبَيْت وَأَعلاهُ، وَقد قَالَ لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّمَا يَكْفِي أحدكُم من الدُّنْيَا كَقدْر زَاد الرَّاكِب ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن قدامَة، عَن جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن سَمُرَة بن سهم - رجل من قومه - قَالَ: " نزلت على أبي هَاشم بن عتبَة وَهُوَ طعين، فَأَتَاهُ مُعَاوِيَة يعودهُ، فَبكى أَبُو هَاشم، قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: مَا يبكيك يَا خَالِي؟ أوجع يشئزك أَن على الدُّنْيَا فقد ذهب صفوها؟ قَالَ: كل لَا، وَلَكِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عهدا إِلَيّ عهدا وددت أَنِّي كنت تَبعته، قَالَ: إِنَّك لَعَلَّك أَن تدْرك أَمْوَالًا تقسم بَين أَقوام، فَإِنَّمَا يَكْفِيك من ذَلِك خَادِم ومركب فِي سَبِيل الله، فأدركت فَجمعت ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سعيد الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن عبد الله بن مولة، عَن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَكْفِي أحدكُم من الدُّنْيَا خَادِم ومركب ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو تَوْبَة، ثَنَا مُعَاوِيَة - يَعْنِي ابْن سَلام - عَن زيد، أَنه سمع أَبَا سَلام، حَدثنِي عبد الله الْهَوْزَنِي قَالَ: " لقِيت بِلَالًا مُؤذن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بحلب، فَقلت: يَا بِلَال، حَدثنِي كَيفَ كَانَت نَفَقَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ شَيْء، كنت أَنا الَّذِي أَلِي ذَاك مِنْهُ مُنْذُ بَعثه الله - عز وَجل - حَتَّى توفّي، وَكَانَ إِذا أَتَاهُ الْإِنْسَان مُسلما يرَاهُ عَارِيا، يَأْمُرنِي فأنطلق فأستقرض فأشتري لَهُ الْبردَة،(3/312)
فأكسوه وأطعمه حَتَّى اعترضني رجل من الْمُشْركين فَقَالَ: يَا بِلَال، إِن عِنْدِي سَعَة فَلَا تستقرض من أحد إِلَّا مني. فَفعلت، فَلَمَّا أَن كَانَ ذَات يَوْم تَوَضَّأت ثمَّ قُمْت لأؤذن بِالصَّلَاةِ، فَإِن الْمُشرك قد أقبل فِي عِصَابَة من التُّجَّار، فَلَمَّا رأني قَالَ: يَا حبشِي. قلت: يالباه. فتجهمني وَقَالَ لي قولا غليظاً، وَقَالَ لي: تَدْرِي كم بَيْنك وَبَين الشَّهْر؟ قَالَ: قلت: قريب. قَالَ: إِنَّمَا بَيْنك وَبَينه أَربع فآخذك بِالَّذِي عَلَيْك، فأردك ترعى الْغنم كَمَا كنت قبل ذَلِك. فَأخذ فِي نَفسِي مَا يَأْخُذ فِي أنفس النَّاس، حَتَّى إِذا صليت الْعَتَمَة، رَجَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أَهله فاستأذنت عَلَيْهِ، فَأذن لي، قلت: يَا رَسُول الله، بِأبي أَنْت، إِن الْمُشرك الَّذِي كنت أتدين مِنْهُ قَالَ لي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عنْدك مَا تقضي عني، وَلَا عِنْدِي، وَهُوَ فاضحي، فائذن لي أَن آتِي إِلَى بعض هَؤُلَاءِ الْأَحْيَاء الَّذين قد أَسْلمُوا حَتَّى يرْزق الله رَسُوله مَا تقضي عني. فَخرجت حَتَّى أتيت منزلي، فَجعلت سَيفي وجرابي ونعلي ومجني عِنْد رَأْسِي حَتَّى إِذا انْشَقَّ عَمُود الصُّبْح الأول أردْت أَن أَنطلق، فَإِذا إِنْسَان يسْعَى يَدْعُو: يَا بِلَال، أجب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَانْطَلَقت حَتَّى أَتَيْته، فَإِذا أَربع ركائب مناخات عَلَيْهِنَّ أحمالهن، فاستأذنت فَقَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أبشر فقد جَاءَك الله بِقَضَائِك. ثمَّ قَالَ: ألم تَرَ إِلَى الركائب المناخاة الْأَرْبَع؟ فَقلت: بلَى. فَقَالَ: إِن لَك رقابهن وَمَا عَلَيْهِنَّ، فَإِن عَلَيْهِنَّ كسْوَة وَطَعَامًا أهداهن إِلَيّ عَظِيم فدك، فاقبضهن واقض دينك. فَفعلت ... ". وَذكر الحَدِيث، قَالَ: " ثمَّ انْطَلَقت إِلَى الْمَسْجِد، فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعد فِي الْمَسْجِد، فَسلمت عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا فعل مَا قبلك؟ قلت: قد قضى الله كل شَيْء كَانَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يبْق شَيْء. قَالَ: أفضل شَيْء؟ قَالَ: قلت: نعم. قَالَ: انْظُر أَن تريحني مِنْهُ، فَإِنِّي لست بداخل على أحد من أَهلِي حَتَّى تريحني مِنْهُ. فَلَمَّا صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَتَمَة دَعَاني فَقَالَ: مَا فعل الَّذِي قبلك؟ قَالَ: قلت: هُوَ معي لم يأتنا أحد، فَبَاتَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَسْجِد ... . " وقص الحَدِيث، قَالَ: حَتَّى إِذا صلى الْعَتَمَة - يَعْنِي: من الْغَد - دَعَاني فَقَالَ: مَا فعل الَّذِي قبلك؟ قَالَ: قلت: قد أراحك الله مِنْهُ يَا رَسُول الله. فَكبر وَحمد الله شفقاً من أَن يُدْرِكهُ الْمَوْت وَعِنْده ذَلِك، ثمَّ اتبعته حَتَّى جَاءَ أَزوَاجه، فَسلم على امْرَأَة امْرَأَة حَتَّى أَتَى مبيته. فَهَذَا الَّذِي سَأَلتنِي عَنهُ ".(3/313)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا ابْن نمير، ثَنَا فُضَيْل بن غَزوَان، عَن نَافِع، عَن عبد الله بن عمر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى فَاطِمَة فَوجدَ على بَابهَا سترا، فَلم يدْخل، قَالَ: وقلما كَانَ يدْخل إِلَّا بَدَأَ بهَا، قَالَ: فجَاء عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فرآها مهتمة، فَقَالَ: مَا لَك؟ قَالَت: جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيّ، فَسلم، فَلم يدْخل. فَأَتَاهُ عَليّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن فَاطِمَة اشْتَدَّ عَلَيْهَا أَنَّك جِئْتهَا فَلم تدخل. قَالَ: مَا أَنا وَالدُّنْيَا، وَمَا أَنا والرقم. فَذهب إِلَى فَاطِمَة، فَأَخْبرهَا بقول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: قل لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يَأْمُرنِي بِهِ. قَالَ: قل لَهَا فلترسل بِهِ إِلَى بني فلَان ".
ثَنَا: وَاصل بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا ابْن الفضيل، عَن أَبِيه بِهَذَا قَالَ: " وَكَانَ سترا موشى ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري، ثَنَا عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، ثَنَا سعيد بن أبي أَيُّوب، عَن أبي مَرْحُوم عبد الرَّحِيم بن مَيْمُون، عَن سهل بن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من ترك اللبَاس تواضعاً لله وَهُوَ يقدر، دَعَاهُ الله يَوْم الْقِيَامَة على رُءُوس الْخَلَائق حَتَّى يُخَيّر من أَي حلل الْإِيمَان شَاءَ يلبسهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَنه قَالَ: " مر رجل على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لرجل عِنْده، جَالس: مَا رَأْيك فِي هَذَا؟ فَقَالَ: رجل من أَشْرَاف النَّاس، هَذَا وَالله حري إِن خطب أَن ينْكح، وَإِن شفع أَن يشفع. قَالَ: فَسكت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ مر رجل فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا رَأْيك فِي هَذَا؟ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذَا رجل من فُقَرَاء الْمُسلمين، هَذَا حري إِن خطب أَلا ينْكح، وَإِن شفع أَلا يشفع، وَإِن قَالَ أَلا يسمع(3/314)
لقَوْله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذَا خير من ملْء الأَرْض مثل هَذَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد وَزُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَا: ثَنَا الرّبيع بن نَافِع، ثَنَا مُحَمَّد بن مهَاجر، عَن الْعَبَّاس بن سَالم، عَن أبي سَلام، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حَوْضِي من عدن إِلَى عمان البلقاء، مَاؤُهُ أحلى من الْعَسَل، وَأطيب من الْمسك، وأبيض من اللَّبن، آنيته أَكثر من عدد نُجُوم السَّمَاء، من شرب مِنْهُ شربة لم يظمأ بعْدهَا أبدا. قيل: يَا رَسُول الله، من أول النَّاس وروداً عَلَيْك أَو عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: فُقَرَاء الْمُهَاجِرين، الشعث رُءُوسًا، الدنس ثيابًا، الَّذين لَا ينْكحُونَ [المتنعمات] وَلَا تفتح لَهُم السدود ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِوَجْه من الْوُجُوه، ومتصلاً بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، عَن ثَوْبَان، وَإِسْنَاده حسن.
مُحَمَّد بن مهَاجر ثِقَة، وَالْعَبَّاس بن سَالم لَا بَأْس بِهِ، وَأَبُو سَلام مَشْهُور.
رَوَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي " التَّمْهِيد ": ثَنَا إِبْرَاهِيم بن شَاكر، ثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عُثْمَان، ثَنَا سعيد بن عُثْمَان، ثَنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا أَبُو مسْهر، ثَنَا صَدَقَة بن خَالِد، ثَنَا زيد بن وَاقد، ثَنَا أَبُو سَلام، عَن ثَوْبَان مولى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَزَاد فِي آخر الحَدِيث: " الَّذين يُعْطون الْحق الَّذِي عَلَيْهِم، وَلَا يُعْطون كل الَّذِي لَهُم ".(3/315)
بَاب مَا كَانَ عَيْش النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه وَمَا كَانَ عَلَيْهِ من الصَّبْر
مُسلم: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أخبرنَا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا شبع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثَة أَيَّام تباعا من خبز بر حَتَّى مضى لسبيله ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ زُهَيْر: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا شبع آل مُحَمَّد مُنْذُ قدم الْمَدِينَة من طَعَام بر ثَلَاث لَيَال تباعا حَتَّى قبض ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن يزِيد يحدث، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز شعير يَوْمَيْنِ مُتَتَابعين حَتَّى قبض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا إِسْحَاق - هُوَ الْأَزْرَق - عَن مسعر بن كدام، عَن هِلَال [الْوزان، عَن عُرْوَة] ، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا أكل آل مُحَمَّد أكلتين فِي يَوْم إِلَّا إِحْدَاهمَا تمر ".(3/316)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا هِشَام، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " وَلَقَد رهن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - درعه بشعير، ومشيت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخبْز شعير وإهالة [سنخة] وَلَقَد سمعته يَقُول: مَا أصبح لآل مُحَمَّد إِلَّا صَاع وَلَا أَمْسَى؛ وَإِنَّهُم لتسعة أَبْيَات ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسلم، ثَنَا وهيب، ثَنَا مَنْصُور، عَن أمه، عَن عَائِشَة: " توفّي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين شبعنا من الأسودين: التَّمْر وَالْمَاء ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وَهَارُون بن سعيد قَالَا: أَنا ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو صَخْر، عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة قَالَت: " لقد مَاتَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا شبع من خبز وزيت فِي يَوْم وَاحِد مرَّتَيْنِ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، أَنا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن يزِيد بن رُومَان، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَقول: " وَالله يَا ابْن أُخْتِي إِنَّا كُنَّا لنَنْظُر إِلَى الْهلَال ثمَّ الْهلَال ثمَّ الْهلَال - ثَلَاثَة أهلة - فِي شَهْرَيْن وَمَا أوقد فِي أَبْيَات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَار. قلت: يَا خَالَة، فَمَا كَانَت يعيشكم؟ قَالَت: الأسودان: التَّمْر وَالْمَاء، إِلَّا أَنه قد كَانَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جيران من الْأَنْصَار وَكَانَت لَهُم منائح، فَكَانُوا يرسلون إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أَلْبَانهَا [فيسقيناه] ".(3/317)
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، عَن سُفْيَان، عَن مَنْصُور ابْن صَفِيَّة، عَن أمه، عَن عَائِشَة قَالَت: " توفّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد شبعنا من الأسودين: المَاء وَالتَّمْر ".
مُسلم: وَحدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا الْأَشْجَعِيّ، وثنا نصر بن عَليّ، ثَنَا أَبُو أَحْمد، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهَذَا الْإِسْنَاد، غير أَن فِي حَدِيثهمَا عَن سُفْيَان: " وَمَا شبعنا من الأسودين ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا هدبة بن خَالِد، ثَنَا همام بن يحيى، ثَنَا قَتَادَة قَالَ:
كُنَّا نأتي أنس بن مَالك وخبازه قَائِم، قَالَ: كلوا، فَمَا أعلم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رغيفاً مرققاً حَتَّى لحق بِاللَّه، وَلَا رأى شَاة سميطاً بِعَيْنِه قطّ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا روح بن عبَادَة، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة " أَنه مر بِقوم بَين أَيْديهم شَاة مصلية فَدَعوهُ، فَأبى أَن يَأْكُل وَقَالَ: خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الدُّنْيَا وَلم يشْبع من خبز الشّعير ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُعَاوِيَة الجُمَحِي، ثَنَا ثَابت بن يزِيد، عَن هِلَال بن خباب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يبيت اللَّيَالِي المتتابعة طاوياً وَأَهله لَا يَجدونَ عشَاء، وَكَانَ أَكثر خبزهم خبز الشّعير ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/318)
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى التجِيبِي، ثَنَا عبد الله بن وهب، حَدثنِي أُسَامَة، أَن يَعْقُوب بن عبد الله بن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ حَدثهُ، أَنه سمع أنس بن مَالك يَقُول: " جِئْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا، فَوَجَدته جَالِسا مَعَ أَصْحَابه يُحَدِّثهُمْ وَقد عصب بَطْنه بعصابة - قَالَ أُسَامَة: وَأَنا أَشك على حجر - فَقلت لبَعض أَصْحَابه: لم عصب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَطْنه؟ فَقَالُوا: من الْجُوع ... " وَذكر الحَدِيث.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا وَكِيع، عَن عبد الْوَاحِد بن أَيمن، عَن أَبِيه، عَن جَابر قَالَ: " مكث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه ثَلَاثًا لم يَذُوقُوا طَعَاما حِين حفروا الخَنْدَق، قَالَ جَابر: فَجَاءَت مني التفاتة، فَرَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد شدّ على بَطْنه حجرا ".
أَيمن هَذَا هُوَ الحبشي مولى [ابْن أبي عَمْرو] روى عَن عَائِشَة وَجَابِر [وتبيع] وَهُوَ ثِقَة، روى عَنهُ ابْنه عبد الْوَاحِد وَعَطَاء وَمُجاهد.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان يخْطب قَالَ: " ذكر عمر مَا أصَاب النَّاس من الدُّنْيَا، فَقَالَ: لقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يظل الْيَوْم يلتوي مَا يجد دقلاً يمْلَأ بِهِ بَطْنه ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " توفّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا فِي رفي من شَيْء يَأْكُلهُ ذُو كبد إِلَّا(3/319)
شطر شعير فِي رف لي، فَأكلت مِنْهُ حَتَّى طَال عَليّ، فكلته ففني ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، عَن هِشَام، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قبض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِن درعه مَرْهُونَة فِي ثَلَاثِينَ صَاعا من شعير أَخذهَا رزقا لِعِيَالِهِ ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن وَكِيع، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لقد أوذيت فِي الله، وَمَا يُؤْذى أحد، وَلَقَد أخفت فِي الله، وَمَا يخَاف أحد، وَلَقَد أَتَت عَليّ ثَلَاثَة من بَين يَوْم وَلَيْلَة وَمَا لي ولبلال طَعَام يَأْكُلهُ ذُو كبد إِلَّا مَا واراه إبط بِلَال ".
الْبَزَّار: حَدثنَا هدبة بن خَالِد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة بِإِسْنَاد أبي بكر وَحَدِيثه وَقَالَ: " ثَلَاثُونَ لَيْلَة ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق روح بن أسلم، عَن حَمَّاد وَقَالَ: " وَلَقَد أَتَت عَليّ ثَلَاثُونَ بَين يَوْم وَلَيْلَة ... " وَطَرِيق ابْن أبي شيبَة أصح وَأَعْلَى إِسْنَادًا.
وروى التِّرْمِذِيّ قَالَ: ثَنَا عبد بن حميد، أَنا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثَوْر قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: أَخْبرنِي عمر بن الْخطاب قَالَ: " دخلت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا هُوَ متكئ على رمل حَصِير، فَرَأَيْت أَثَره فِي جنبه ".(3/320)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَفِي الحَدِيث قصَّة طَوِيلَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا أَبُو غَسَّان، حَدثنِي أَبُو حَازِم، أَنه سَأَلَ سهلاً: " هَل رَأَيْتُمْ فِي زمَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النقي؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَقلت: كُنْتُم تنخلون الشّعير؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن كُنَّا ننفخه ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو بكر بن نَافِع، أَنا بهز، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بِخبْز شعير عَلَيْهِ عَلَيْهِ إهالة سنخة، فَجعلُوا يَأْكُلُون، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الْخَيْر خير الْآخِرَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن عَلْقَمَة، عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب، عَن عبد الله بن الزبير بن الْعَوام، عَن أَبِيه قَالَ: " لما نزلت: {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ الزبير: يَا رَسُول الله، فَأَي النَّعيم نسْأَل عَنهُ؟ ! وَإِنَّمَا هُوَ الأسودان التَّمْر وَالْمَاء. [قَالَ: أما إِنَّه سَيكون] ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَبَّاس الْجريرِي قَالَ: سَمِعت أَبَا عُثْمَان النَّهْدِيّ يحدث، عَن أبي هُرَيْرَة " أَنه اصابهم جوع، فَأَعْطَاهُمْ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَمْرَة تَمْرَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان الْعقيلِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي،(3/321)
عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود، عَن طَلْحَة الْبَصْرِيّ قَالَ: " كَانَ أَحَدنَا إِذا قدم الْمَدِينَة فَكَانَ لَهُ عريف نزل على عريفة، وَإِن لم يكن لَهُ عريف نزل الصّفة، فَقدمت الْمَدِينَة وَلم يكن لي عريف، فَنزلت الصّفة، فَوَافَقت رجلَيْنِ، فَكَانَ يجْرِي علينا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل يَوْم مد من تمر بَين اثْنَيْنِ، فَنَادَى رجل من أهل الصّفة حِين انْصَرف من صلَاته: أحرق التَّمْر بطوننا، وتحرقت عَنَّا الخنف - والخنف برود تشبه اليمانية - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو أجد لكم الْخبز وَاللَّحم، لأطعمتكموه، وَلَكِن لَعَلَّكُمْ تدركون زَمَانا أَو من أدْركهُ مِنْكُم تَغْدُو على أحدكُم وَتَروح الجفان، وتلبسون مثل أَسْتَار الْكَعْبَة ".
طَلْحَة هَذَا هُوَ ابْن عَمْرو، وَيُقَال: ابْن عبد الله، سكن الْبَصْرَة، لم يرو عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن أبي بكر، ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن دِينَار أَبُو عبد الله الْجُهَنِيّ، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّاس كَانُوا يَقُولُونَ: أَكثر أَبُو هُرَيْرَة، وَإِنِّي كنت ألزم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لشبع بَطْني حِين لَا آكل الخمير، وَلَا ألبس الْحَرِير، وَلَا يخدمني فلَان وَلَا فُلَانَة، وَكنت ألصق بَطْني بالحصباء من الْجُوع، وَإِن كنت لأستقرئ الرجل الْآيَة هِيَ معي كي يَنْقَلِب بِي فيطعمني، وَكَانَ أخير النَّاس للْمَسَاكِين جَعْفَر بن أبي طَالب، كَانَ يَنْقَلِب بِنَا فيطعمنا مَا كَانَ فِي بَيته حَتَّى إِن كَانَ ليخرج إِلَيْنَا العكة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْء، فيشقها فنلعق مَا فِيهَا ".(3/322)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو عَامر الْأَشْعَرِيّ، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غزَاة وَنحن سِتَّة نفر بَيْننَا بعير نتعقبه، قَالَ: فنقبت أقدامنا، فنقبت قَدَمَايَ، وَسَقَطت أظفاري، فَكُنَّا تلف على أَرْجُلنَا الْخرق، فسميت غَزْوَة ذَات الرّقاع لما كُنَّا نعصب على أَرْجُلنَا من الْخرق ".
قَالَ أَبُو بردة: فَحدث أَبُو مُوسَى بِهَذَا الحَدِيث ثمَّ كره ذَاك، قَالَ: كَأَنَّهُ كره أَن يكون شَيْئا من عمله أفشاه.
بَاب مَا كَانَ يمْتَحن بِهِ الْأَنْبِيَاء والصالحون من الْفقر وَغير ذَلِك
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ وَمُحَمّد بن معمر قَالَا: ثَنَا أَبُو عَامر عبد الْملك ابْن عَمْرو، ثَنَا هِشَام بن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَنه دخل على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوضع يَده عَلَيْهِ وَعَلِيهِ حمى، فَوجدَ حرهَا من فَوق اللحاف، فَقَالَ: مَا أَشدّهَا عَلَيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: إِنَّا كَذَلِك يشدد علينا الْبلَاء، ويضاعف لنا الْأجر. قَالَ: يَا رَسُول الله، أَي النَّاس أَشد بلَاء؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاء ثمَّ الصالحون، إِن كَانَ أحدهم ليبتلى بالقمل حَتَّى يقْتله، وَإِن كَانَ أحدهم ليفرح بالبلاء كَمَا يفرح أحدكُم بالرخاء ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي سعيد إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
بَاب سبق الْفُقَرَاء الْأَغْنِيَاء إِلَى الْجنَّة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن سرح، أَنا ابْن وهب، حَدثنِي أَبُو هَانِئ، سمع أَبَا عبد الرَّحْمَن الحبلي يَقُول: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو(3/323)
ابْن الْعَاصِ وَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ: " أَلسنا من فُقَرَاء الْمُهَاجِرين؟ فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عَمْرو: أَلَك امْرَأَة تأوي إِلَيْهَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أَلَك مسكن تسكنه؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَأَنت من الْأَغْنِيَاء. قَالَ: فَإِن لي خَادِمًا. قَالَ: فَأَنت من الْمُلُوك ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: " وَجَاء ثَلَاثَة نفر إِلَى عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَأَنا عِنْده، فَقَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّد، وَالله مَا نقدر على شَيْء لَا نَفَقَة وَلَا دَابَّة وَلَا مَتَاع. فَقَالَ لَهُم: مَا شِئْتُم، إِن شِئْتُم رجعتم إِلَيْنَا، فأعطيناكم مَا يسر الله لكم، وَإِن شِئْتُم ذكرنَا أَمركُم للسُّلْطَان، وَإِن شِئْتُم صَبَرْتُمْ، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن فُقَرَاء الْمُهَاجِرين يسبقون الْأَغْنِيَاء يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الْجنَّة بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا. قَالُوا: فَإنَّا نصبر لَا نسْأَل شَيْئا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا قبيصَة، ثَنَا سُفْيَان، عَن مُحَمَّد ابْن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يدْخل الْفُقَرَاء الْجنَّة قبل الْأَغْنِيَاء بِخَمْسِمِائَة سنة، نصف يَوْم ".
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا الْمحَاربي، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يدْخل فُقَرَاء الْمُسلمين الْجنَّة قبل أغنيائهم بِنصْف يَوْم؛ وَهُوَ خَمْسمِائَة عَام ".
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث صَحِيح.
بَاب من سَأَلَ الكفاف من الرزق
مُسلم: حَدثنَا أَبُو سعيد، ثَنَا أَبُو أُسَامَة قَالَ: سَمِعت الْأَعْمَش ذكر عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ اجْعَل رزق آل مُحَمَّد كفافاً ".(3/324)
مُسلم: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب قَالُوا: ثَنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ اجْعَل رزق آل مُحَمَّد [قوتاً] ".
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا تنظروا إِلَى من فَوْقكُم "
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " انْظُرُوا إِلَى من أَسْفَل مِنْكُم، وَلَا تنظروا إِلَى من هُوَ فَوْقكُم، فَهُوَ أَجْدَر أَلا تَزْدَرُوا نعْمَة الله ".
قَالَ أَبُو مُعَاوِيَة: " عَلَيْكُم ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي وقتيبة بن سعيد، قَالَ قُتَيْبَة، ثَنَا، وَقَالَ يحيى: أخبرنَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا نظر أحدكُم إِلَى من فضل عَلَيْهِ فِي المَال والخلق، فَلْينْظر إِلَى من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ مِمَّن فضل عَلَيْهِ ".
بَاب مَا لِابْنِ آدم من مَاله
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، ثَنَا همام، ثَنَا قَتَادَة، عَن مطرف، عَن أَبِيه قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يقْرَأ: {أَلْهَاكُم التكاثر ... .} ، قَالَ: يَقُول ابْن(3/325)
أَدَم: مَالِي مَالِي. وَهل لَك يَا ابْن آدم من مَالك إِلَّا مَا أكلت فأفنيت، أَو لبست فأبليت، أَو تَصَدَّقت فأمضيت ".
مُسلم: حَدثنِي سُوَيْد بن سعيد، حَدثنِي حَفْص بن ميسرَة، عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَقُول العَبْد: مَالِي مَالِي. إِنَّمَا لَهُ من مَاله ثَلَاث: مَا أكل فأفنى، أَو لبس فأبلى، أَو أعْطى فاقتنى، مَا سوى ذَلِك فَهُوَ ذَاهِب وتاركه للنَّاس "
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن الْحَارِث بن سُوَيْد، قَالَ عبد الله: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّكُم مَال وَارثه أحب إِلَيْهِ من مَاله؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا منا أحد إِلَّا مَاله أحب إِلَيْهِ. قَالَ: فَإِنَّهُ مَاله مَا قدم وَمَال وَارثه مَا أخر ".
بَاب يرجع عَن الْمَيِّت أَهله وَمَاله وَيبقى عمله
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي وَزُهَيْر بن حَرْب، كِلَاهُمَا عَن ابْن عُيَيْنَة، قَالَ يحيى: أَنا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عبد الله بن أبي بكر قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يتبع الْمَيِّت ثَلَاثَة، فَيرجع اثْنَان وَيبقى وَاحِد، يتبعهُ أَهله وَمَاله وَعَمله، فَيرجع أَهله وَمَاله، وَيبقى عمله ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو دَاوُد، حَدثنَا عمرَان الْقطَّان، عَن(3/326)
قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من عبد إِلَّا وَله ثَلَاثَة أخلاء، فَأَما خَلِيل فَيَقُول: مَا أنفقت فلك، وَمَا أَمْسَكت فَلَيْسَ لَك، فَذَلِك مَاله، وَأما خَلِيل فَيَقُول: أَنا مَعَك، فَإِذا أتيت بَاب الْملك تركتك وَرجعت. فَذَلِك أَهله وحشمه، وخليل يَقُول: أَنا مَعَك حَيْثُ دخلت وَحَيْثُ خرجت. فَذَلِك عمله، فَيَقُول: إِن كنت لأهون الثَّلَاثَة عَليّ ".
هَذَا كَلَامه أَو مَعْنَاهُ، وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن قَتَادَة إِلَّا عمرَان.
بَاب الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي: الدَّرَاورْدِي - عَن الْعَلَاء - هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن، وجنة الْكَافِر ".
بَاب كن فِي الدُّنْيَا كَأَنَّك غَرِيب
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْمُنْذر الطفَاوِي، عَن الْأَعْمَش، حَدثنِي مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: " أَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنكبي وَقَالَ: كن فِي الدُّنْيَا كَأَنَّك غَرِيب أَو عَابِر سَبِيل. وَكَانَ ابْن عمر يَقُول: إِذا أمسيت فَلَا تنْتَظر الصَّباح، وَإِذا أَصبَحت فَلَا تنْتَظر الْمسَاء، وَخذ من صحتك لمرضك، وَمن حياتك لموتك ".
بَاب الصِّحَّة والفراغ
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم، أَنا عبد الله بن سعيد - هُوَ ابْن أبي هِنْد - عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نعمتان مغبون فيهمَا(3/327)
كثير من النَّاس: الصِّحَّة والفراغ ".
بَاب من خَافَ أدْلج
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا (أَبُو بكر بن النَّضر بن أبي النَّضر) ، حَدثنِي أَبُو النَّضر، ثَنَا أَبُو عقيل الثَّقَفِيّ، ثَنَا أَبُو فَرْوَة يزِيد بن سِنَان التَّمِيمِي، حَدثنِي بكير ابْن فَيْرُوز، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من خَافَ أدْلج، وَمن أدْلج بلغ الْمنزل، أَلا إِن سلْعَة الله غَالِيَة أَلا إِن سلْعَة الله الْجنَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث أبي النَّضر.
بَاب مثل الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، ثَنَا قيس قَالَ: سَمِعت مستورداً أَخا بني فهر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالله مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا مثل مَا يَجْعَل أحدكُم أُصْبُعه هَذِه - وَأَشَارَ يحيى بالسبابة - فِي اليم فَلْينْظر بِمَ يرجع ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن أَبِيه، عَن سهل قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَوضِع سَوط فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، ولغدوة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".(3/328)
بَاب مثل ابْن آدم وأجله وأمله
البُخَارِيّ: حَدثنَا صَدَقَة بن الْفضل، أَنا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي أبي، عَن مُنْذر، عَن ربيع بن خَيْثَم، عَن عبد الله قَالَ: " خطّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطا مربعًا، وَخط خطا فِي الْوسط خَارِجا مِنْهُ، وَخط خططاً صغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوسط من جَانِبه الَّذِي فِي الْوسط، فَقَالَ: هَذَا الْإِنْسَان، وَهَذَا أَجله مُحِيط بِهِ - أوقد أحَاط بِهِ - وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارج أمله وَهَذِه الخطط الصغار الْأَعْرَاض، فَإِن (أَخطَأ هَذِه) نهشه هَذَا، وَإِن أخطأه هَذَا نهشه هَذَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسلم، ثَنَا همام، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس قَالَ: " خطّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُطُوطًا فَقَالَ: هَذَا الأمل، وَهَذَا أَجله، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ جَاءَهُ الْخط الْأَقْرَب ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة مُحَمَّد بن فراس الْبَصْرِيّ، ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة سلم ابْن قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو الْعَوام، عَن قَتَادَة، عَن مطرف، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل ابْن آدم وَإِلَى جنبه تسع وَتسْعُونَ منية، إِن أخطأته المنايا وَقع فِي الْهَرم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَأَبُو الْعَوام هُوَ عمرَان الْقطَّان.(3/329)
بَاب فِي حب الْعَيْش وَطول الأمل والحرص وَقَول الله تَعَالَى {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} وَقَالَ تَعَالَى {ذرهم يَأْكُلُوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فَسَوف يعلمُونَ} وَقَالَ عَليّ: ارتحلت الدُّنْيَا مُدبرَة وَارْتَحَلت الْآخِرَة مقبلة فكونوا من أَبنَاء الْآخِرَة وَلَا تَكُونُوا من أَبنَاء الدُّنْيَا فَإِن الْيَوْم عمل وَلَا حِسَاب وَغدا حِسَاب وَلَا عمل
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَسَعِيد بن مَنْصُور وقتيبة بن سعيد، كلهم عَن أبي عوَانَة - قَالَ يحيى: أَنا أَبُو عوَانَة - عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يهرم ابْن آدم وتشب مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْص على المَال، والحرص على الْعُمر ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا أَبُو صَفْوَان عبد الله بن سعيد، أَنا يُونُس، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يزَال قلب الْكَبِير شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حب الدُّنْيَا، وَطول الأمل ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قلب الشَّيْخ شَاب على حب(3/330)
اثْنَتَيْنِ: حب الْعَيْش وَالْمَال ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أَبِيه، عَن أبي يعلى، عَن ربيع بن خَيْثَم، عَن عبد الله قَالَ: " خطّ لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطا مربعًا فَقَالَ: هَذَا الْأَجَل. وَخط فِي وَسطه خطا، فَقَالَ: هَذَا الْإِنْسَان. وَخط فِي عرضه خُطُوطًا، فَقَالَ: هَذِه الْأَعْرَاض. ثمَّ خطّ خطا خَارِجا فَقَالَ: هَذَا الأمل، فالعروض تنهشه، وعينه إِلَى الأمل ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَذَا ابْن آدم، وَهَذَا أَجله. وَوضع يَده عِنْد قَفاهُ ثمَّ [بسطها] ، فَقَالَ: وَثمّ أمله، وَثمّ أمله ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أسعد بن زُرَارَة، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا ذئبان جائعان أرسلا فِي غنم بأفسد لَهَا من حرص الْمَرْء على المَال والشرف لدينِهِ ".
وَقد تقدم فِي بَاب قساوة الْقلب مَا رُوِيَ عَنهُ من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَرْبَعَة من الشَّقَاء: جمود الْعين، وقساء الْقلب، وَطول الأمل، والحرص على الدُّنْيَا ".(3/331)
بَاب قصر الأمل
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد بن السّري، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي السّفر، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " مر علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن (نعالج) خصاً لنا، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْنَا قد وَهِي، فَنحْن نصلحه. قَالَ: مَا أرى الْأَمر إِلَّا أعجل من ذَلِك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب فِي الصَّبْر وفضله وَقَول الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب}
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْأَعْمَش، ثَنَا سعيد ابْن جُبَير، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: قَالَ عبد الله بن قيس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أحد أَصْبِر على أَذَى سَمعه من الله، أَنهم يجْعَلُونَ لَهُ ندا، ويجعلون لَهُ ولدا، وَهُوَ مَعَ ذَلِك يرزقهم ويعافيهم ويعيطيهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ أخبرهُ " أَن نَاسا من الْأَنْصَار سَأَلُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلم يسْأَله أحد مِنْهُم إِلَّا أعطَاهُ حَتَّى نفد مَا عِنْده، فَقَالَ لَهُم حِين نفد كل شَيْء(3/332)
أنْفق بِيَدِهِ: (مَا يكن) عِنْدِي من خير لَا أدخره عَنْكُم، وَإنَّهُ من يستعف يعفه الله، وَمن يتصبر يصبره الله، وَمن يسْتَغْن يغنه الله، وَلنْ تعطوا عَطاء خيرا وأوسع من الصَّبْر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هَارُون بن مُحَمَّد بن بكار بن بِلَال، عَن مُحَمَّد - وَهُوَ ابْن عِيسَى بن الْقَاسِم بن سميع - ثَنَا زيد، عَن كثير بن مرّة، أَن أَبَا فَاطِمَة حَدثهمْ، أَنه قَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عَلَيْك بِالْهِجْرَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهَا. قَالَ: يَا رَسُول الله، حَدثنِي بِعلم أستقيم عَلَيْهِ وأعلمه. قَالَ: عَلَيْك بِالصبرِ؛ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ. قَالَ: يَا رَسُول الله، حَدثنِي بِعلم أستقيم عَلَيْهِ. قَالَ: عَلَيْك بِالسُّجُود؛ فَإنَّك لَا تسْجد لله سَجْدَة إِلَّا رفعك الله بهَا دَرَجَة، وَحط عَنْك بهَا خَطِيئَة ".
روى الإِمَام أَبُو بكر الْخَطِيب فِي كِتَابه الْمُسَمّى بِالْفَصْلِ للوصل قَالَ: ثَنَا أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عمر بن برهَان الغزال وَأَبُو مُحَمَّد عبد الله بن يحيى بن عبد الْجَبَّار السكرِي قَالَا: ثَنَا أَبُو عَليّ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصفار، ثَنَا عَبَّاس ابْن عبد الله الترقفي، ثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن - يَعْنِي: عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ - ثَنَا نَافِع بن يزِيد وَابْن لَهِيعَة وكهمس بن الْحسن وَهَمَّام بن حمير، عَن قيس بن الْحجَّاج الزرقي، عَن حَنش، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كنت رَدِيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا غُلَام - أَو يَا بني - أَلا أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بِهن؟(3/333)
قلت: بلَى. فَقَالَ: احفظ الله يحفظك، واحفظ الله تَجدهُ أمامك، تعرف إِلَى الله فِي الرخَاء يعرفك فِي الشدَّة، إِذا سَأَلت فأسال الله، وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه، فقد جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن، فَلَو أَن الْخلق كلهم جَمِيعًا أَرَادوا أَن ينفعوك بِشَيْء لم يقضه الله لَك لم يقدروا عَلَيْهِ، وَإِن أَرَادوا أَن يضروك بِشَيْء لم يقضه الله لَك لم يقدروا عَلَيْهِ، واعمل لله بالشكر وَالْيَقِين، وَاعْلَم أَن فِي الصَّبْر على مَا تكره خيرا كثيرا، وَأَن النَّصْر مَعَ الصَّبْر، وَأَن الْفرج مَعَ الكرب، وَأَن مَعَ الْعسر يسرا ".
همام هُوَ ابْن يحيى صحف فِيهِ الترقفي، وحنش هُوَ ابْن عبد الله الصَّنْعَانِيّ، وَهَذَا حَدِيث صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، [عَن] بشير أبي إِسْمَاعِيل، عَن سيار، عَن طَارق بن شهَاب، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من نزلت بِهِ فاقة فأنزلها بِالنَّاسِ لم تسد فاقته، وَمن نزلت بِهِ فاقة فأنزلها بِاللَّه فيوشك الله لَهُ برزق عَاجل أَو آجل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن غَرِيب) .
بَاب التَّمَسُّك بِالدّينِ وَالصَّبْر عِنْد نزُول الْبلَاء والفتن
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، [عَن] عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن صُهَيْب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ ملك فِيمَن كَانَ قبلكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحر فَلَمَّا كبر قَالَ للْملك: إِنِّي قد كَبرت فَابْعَثْ لي غُلَاما أعلمهُ السحر. فَبعث إِلَيْهِ غُلَاما يُعلمهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقه إِذا سلك رَاهِب(3/334)
فَقعدَ إِلَيْهِ وَسمع كَلَامه فأعجبه، فَكَانَ إِذا أَتَى السَّاحر مر بِالرَّاهِبِ وَقعد إِلَيْهِ، فَإِذا أَتَى السَّاحر ضربه السَّاحر، فَشَكا ذَلِك إِلَى الراهب، فَقَالَ: إِذا خشيت السَّاحر فَقل: حَبَسَنِي أَهلِي، وَإِذا خشيت أهلك فَقل: حَبَسَنِي السَّاحر: فَبَيْنَمَا هُوَ على ذَلِك إِذْ أَتَى على دَابَّة عَظِيمَة وَقد حبست النَّاس، فَقَالَ: الْيَوْم أعلم السَّاحر أفضل أم الراهب أفضل. فَأخذ جحراً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَمر الراهب إِلَيْك أحب من أَمر السَّاحر فَاقْتُلْ هَذِه الدَّابَّة حَتَّى يمْضِي النَّاس. فَرَمَاهَا فَقَتلهَا وَمضى النَّاس، فَأتى الراهب فَأخْبرهُ فَقَالَ لَهُ الراهب: أَي بني، أَنْت الْيَوْم أفضل مني، وَقد بلغ من أَمرك مَا أرى، فَإنَّك ستبتلى، فَإِن ابْتليت فَلَا تدل عَليّ. وَكَانَ الْغُلَام يُبرئ الأكمه والأبرص يداوي النَّاس [من] سَائِر الأدواء، فَسمع جليس للْملك كَانَ قد عمي، فَأَتَاهُ بهداياه كَثِيرَة فَقَالَ: مَا هَا هُنَا لَك أجمع إِن أَنْت شفيتني. فَقَالَ: إِنِّي لَا أشفي أحدا، إِنَّمَا يشفي الله، فَإِن آمَنت بِاللَّه دَعَوْت الله فشفاك. فَآمن بِاللَّه وشفاه، فَأتى الْملك فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يجلس فَقَالَ لَهُ الْملك: من رد عَلَيْك بَصرك؟ فَقَالَ: رَبِّي. قَالَ: وَلَك رب غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبك الله. فَأَخذه فَلم يزل يعذبه حَتَّى دلّ على الْغُلَام، فجيء بالغلام، فَقَالَ لَهُ الْملك: أَي بني، قد بلغ من سحرك مَا تبرئ الأكمه والأبرص وَتفعل وَتفعل. فَقَالَ: إِنِّي لَا أشفي أحدا، إِنَّمَا يشفي الله. فاخذه فَلم يزل يعذبه حَتَّى دلّ على الراهب، فجيء بِالرَّاهِبِ، فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك. فَأبى، فَدَعَا بالمئشار فَوضع المئشار فِي مفرق رَأسه، فشقه حَتَّى وَقع شقاه ثمَّ جِيءَ بجليس الْملك فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك. فَأبى، فَوضع المئشار فِي مفرق رَأسه فشقه حَتَّى وَقع شقاه، ثمَّ جِيءَ بالغلام فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك. فَأبى فَدفعهُ إِلَى نفر من أَصْحَابه فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جبل كَذَا وَكَذَا فاصعدوا بِهِ الْجَبَل، فَإِذا بَلغْتُمْ ذروته فَإِن رَجَعَ عَن دينه وَإِلَّا فاطرحوه. فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَل، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكفينهم بِمَا شِئْت. فَرَجَفَ بهم الْجَبَل فسقطوا، وَجَاء يمشي إِلَى الْملك، فَقَالَ لَهُ الْملك: مَا فعل أَصْحَابك؟ قَالَ: كفانيهم الله. فَدفعهُ إِلَى نفر من أَصْحَابه،(3/335)
فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فاحملوه فِي قرقورة فتوسطوا بِهِ الْبَحْر، فَإِن رَجَعَ عَن دينه وَإِلَّا فاقذفوه. فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكفنيهم بِمَا شِئْت. فَانْكَفَأت بهم السَّفِينَة فَغَرقُوا، وَجَاء يمشي إِلَى الْملك، فَقَالَ لَهُ الْملك: مَا فعل أَصْحَابك؟ فَقَالَ: كفانيهم الله. فَقَالَ للْملك: إِنَّك لست بِقَاتِلِي حَتَّى تفعل مَا آمُرك بِهِ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد وَتَصْلُبنِي على جذع، ثمَّ خُذ سَهْما من كِنَانَتِي، ثمَّ ضع السهْم فِي كبد الْقوس، ثمَّ قل: بِسم الله رب الْغُلَام. ثمَّ ارمني، فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك قتلتني. فَجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد وصلبه على جذع ثمَّ أَخذ سَهْما من كِنَانَته ثمَّ وضع السهْم فِي كبد الْقوس ثمَّ قَالَ: بِسم الله رب الْغُلَام. ثمَّ رَمَاه، فَوضع السهْم فِي صُدْغه، فَوضع يَده فِي صُدْغه فِي مَوضِع السهْم فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاس: آمنا بِرَبّ الْغُلَام، آمنا بِرَبّ الْغُلَام، آمنا بِرَبّ الْغُلَام. فَأتى الْملك فَقيل لَهُ: أَرَأَيْت مَا كنت تحذر، قد وَالله نزل بك حذرك، قد آمن النَّاس. فَأمر بِالْأُخْدُودِ بأفواه السكَك فخدت. وأضرم النيرَان، وَقَالَ: من لم يرجع عَن دينه فأقحموه فِيهَا أَو قل لَهُ: اقتحم فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَت امْرَأَة مَعهَا صبي لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَن تقع، فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلَام: يَا أمه، اصْبِرِي فَإنَّك على الْحق ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى، عَن إِسْمَاعِيل، أَنا قيس، عَن خباب بن الْأَرَت قَالَ: " شَكَوْنَا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يتوسد بردة لَهُ فِي ظلّ الْكَعْبَة، فَقُلْنَا لَهُ: أَلا تَسْتَنْصِر لنا، إِلَّا تَدْعُو الله؟ قَالَ: كَانَ الرجل فِيمَن قبلكُمْ يحْفر لَهُ فِي الأَرْض فَيجْعَل فِيهِ، فيجاء بالمئشار فَيُوضَع على رَأسه فَيشق بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يصده عَن دينه، وَيُمشط بِأَمْشَاط الْحَدِيد مَا دون لَحْمه من عظم أَو عصب، مَا يصده ذَلِك عَن دينه، وَالله لَيتِمَّن هَذَا الْأَمر حَتَّى يسير الرَّاكِب من صنعاء إِلَى حَضرمَوْت لَا يخَاف إِلَّا الله أَو الذِّئْب على غنمه، لكنكم تَسْتَعْجِلُون ".(3/336)
بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُؤمن تصيبه الضراء
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد وشيبان بن فروخ، جَمِيعًا عَن سُلَيْمَان بن [الْمُغيرَة]- وَاللَّفْظ لشيبان - ثَنَا سُلَيْمَان، ثَنَا ثَابت، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن صُهَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عجبا لِلْمُؤمنِ إِن أمره كُله لَهُ خير، وَلَيْسَ ذَلِك لأحد إِلَّا لِلْمُؤمنِ، إِن أَصَابَته سراء شكر، فَكَانَ خيرا لَهُ، وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر وَكَانَ خيرا لَهُ ".
بَاب الِابْتِلَاء وَالِاخْتِيَار وَقَول الله تَعَالَى {آلم. أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا أَن يَقُولُوا آمنا وهم لَا يفتنون}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن سعد بن سِنَان، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن عظم الْجَزَاء مَعَ عظم الْبلَاء، وَإِن الله إِذا أحب قوما ابْتَلَاهُم فَمن رَضِي فَلهُ الرضى، وَمن سخط فَلهُ السخط ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن نَبهَان بن صَفْوَان الثَّقَفِيّ الْبَصْرِيّ، ثَنَا روح من أسلم، ثَنَا شَدَّاد بن أَبُو طَلْحَة الرَّاسِبِي، عَن أبي الْوَازِع - اسْمه: جَابر ابْن عَمْرو -[عَن عبد الله بن مُغفل] قَالَ: " قَالَ رجل للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا رَسُول الله، إِنِّي لَأحبك. فَقَالَ: انْظُر مَا تَقول. قَالَ: وَالله إِنِّي لَأحبك - ثَلَاث مَرَّات - قَالَ: إِن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافاً، فَإِن الْفقر أسْرع إِلَى من يحبني من السَّيْل إِلَى منتهاه ".(3/337)
ثَنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا أبي، عَن شَدَّاد أبي طَلْحَة نَحوه مَعْنَاهُ.
قَالَ: هَذَا حَدِيث (غَرِيب) .
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن [شَقِيق] ، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أحصوا لي كم يلفظ الْإِسْلَام؟ قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، أتخاف علينا وَنحن مَا بَين الستمائة إِلَى السبعمائة؟ فَقَالَ: إِنَّكُم لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَن تبتلوا. قَالَ: فابتلينا حَتَّى جعل الرجل منا لَا يُصَلِّي إِلَّا سرا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة، عَن مُصعب بن سعد، عَن سعد قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، أَي النَّاس أَشد بلَاء؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاء ثمَّ الأمثل فالأمثل، يبتلى العَبْد على حسب دينه، فَإِن كَانَ صلباً اشْتَدَّ بلاؤه، وَإِن كَانَ فِي دينه رقة ابْتُلِيَ على قدر ذَلِك، فَمَا تَبْرَح البلايا بِالْعَبدِ حَتَّى تَدعه يمشي على الأَرْض مَا عَلَيْهِ خَطِيئَة ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا همام، ثَنَا إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة، أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهُ، أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن ثَلَاثَة فِي بني إِسْرَائِيل: أبرص وأقرع وأعمى، فَأَرَادَ الله أَن يبتليهم، فَبعث إِلَيْهِم ملكا فَأتى الأبرص، فَقَالَ: أَي شَيْء أحب إِلَيْك؟ قَالَ: لون(3/338)
حسن وَجلده حسن، وَيذْهب عني الَّذِي قد قذرني النَّاس. قَالَ: فمسحه، فَذهب عَنهُ قذره، وَأعْطِي لوناً حسنا وجلداً حسنا، قَالَ: فَأَي المَال أحب إِلَيْك؟ قَالَ: الْإِبِل - أَو قَالَ الْبَقر، شكّ إِسْحَاق، إِلَّا أَن الأبرص والأقرع قَالَ أَحدهمَا: الْإِبِل، وَقَالَ الآخر: الْبَقر - فَأعْطِي نَاقَة عشراء، فَقَالَ: بَارك الله لَك فِيهَا. فَأتى الْأَقْرَع فَقَالَ: أَي شَيْء أحب إِلَيْك؟ فَقَالَ: شعر حسن وَيذْهب عني هَذَا الَّذِي قذرني النَّاس. قَالَ: فمسحه، فَذهب عَنهُ فَأعْطِي شعرًا حسنا، قَالَ: فَأَي المَال أحب إِلَيْك؟ قَالَ: الْبَقر. فَأعْطِي بقرة حَامِلا، قَالَ: بَارك الله لَك فِيهَا. قَالَ: وأتى الْأَعْمَى، فَقَالَ: أَي شَيْء أحب إِلَيْك؟ قَالَ: أَن يرد الله إِلَيّ بَصرِي فأبصر بِهِ النَّاس. قَالَ: فمسحه، فَرد الله إِلَيْهِ بَصَره، قَالَ: فَأَي المَال أحب إِلَيْك؟ قَالَ: الْغنم. فَأعْطِي شَاة والداً، فأنتج هَذَانِ وَولد هَذَا، فَكَانَ لهَذَا وَاد من الْإِبِل، وَلِهَذَا وَاد من الْبَقر، وَلِهَذَا وَاد من الْغنم، قَالَ: ثمَّ إِنَّه أَتَى الأبرص فِي صورته وهيئته، فَقَالَ: رجل مِسْكين قد انْقَطَعت بِي الحبال فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغ إِلَى الْيَوْم إِلَّا بِاللَّه ثمَّ بك، أَسأَلك بِالَّذِي أَعْطَاك اللَّوْن الْحسن وَالْجَلد الْحسن وَالْمَال - بَعِيرًا أتبلغ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي. فَقَالَ: الْحُقُوق كَثِيرَة. فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك النَّاس، فَقِيرا فأعطاك الله. فَقَالَ: إِنَّمَا ورثت هَذَا المَال كَابِرًا عَن كَابر. فَقَالَ: إِن كنت كَاذِبًا فصيرك الله إِلَى مَا كنت. قَالَ: وأتى الْأَقْرَع فِي صورته، فَقَالَ لَهُ مثل مَا قَالَ لهَذَا، فَرد عَلَيْهِ مثل مَا رد على هَذَا، فَقَالَ: إِن كنت كَاذِبًا فصيرك الله إِلَى مَا كنت فِيهِ. قَالَ: وأتى الْأَعْمَى فِي صورته وهيئته، فَقَالَ: رجل مِسْكين وَابْن سَبِيل انْقَطَعت بِي الحبال فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغ لي الْيَوْم إِلَّا بِاللَّه ثمَّ بك، أَسأَلك بِالَّذِي رد عَلَيْك بَصرك شَاة أتبلغ بهَا فِي سَفَرِي. فَقَالَ: قد كنت أعمى، فَرد الله إِلَيّ بَصرِي، فَخذ مَا شِئْت ودع مَا شِئْت، فوَاللَّه لَا أجهدك الْيَوْم شَيْئا أَخَذته لله. قَالَ: أمسك عَلَيْك مَالك، فَإِنَّمَا ابتليتم فقد رَضِي عَنْك، وَسخط على صاحبيك ".(3/339)
بَاب الْعقُوبَة على الذَّنب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن سعد ابْن سِنَان، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ الْخَيْر، عجل لَهُ الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا، وَإِذا أَرَادَ الله بِهِ الشَّرّ أمسك عَنهُ بِذَنبِهِ حَتَّى يوافيه بِهِ يَوْم الْقِيَامَة "
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب ذهَاب الصَّالِحين الأول فَالْأول
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن حَمَّاد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن بَيَان، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن مرداس الْأَسْلَمِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يذهب الصالحون الأول فَالْأول، وَتبقى حالفة حفالة الشّعير أَو التَّمْر لَا يباليهم الله باله ".
الْبَزَّار: ثَنَا يحيى بن الْمُعَلَّى بن مَنْصُور، ثَنَا جُنَادَة بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي، ثَنَا عبد الحميد بن حبيب بن أبي الْعشْرين، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد ابْن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لتنتقن كَمَا ينتقى التَّمْر من الحثالة، وليذهبن بخياركم، وليبقين شِرَاركُمْ، فموتوا إِن اسْتَطَعْتُم ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَعبد الحميد لَيْسَ بِهِ بَأْس. انْتهى كَلَام أبي بكر الْبَزَّار - رَحمَه الله.
عبد الحميد هَذَا ثِقَة، وَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة وَأحمد بن حَنْبَل.(3/340)
بَاب الْعُمر الَّذِي أعذر الله فِيهِ إِلَى ابْن آدم
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد السَّلَام بن مطهر، ثَنَا عمر بن عَليّ، عَن معن بن مُحَمَّد الْغِفَارِيّ، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أعذر الله إِلَى امْرِئ أخر أَجله حَتَّى بلغه سِتِّينَ سنة ".
تَابعه أَبُو حَازِم وَابْن عجلَان عَن المَقْبُري.
بَاب فضل طول الْعُمر فِي طَاعَة الله عز وَجل
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو حَفْص عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَليّ بن زيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، أَي النَّاس خير؟ قَالَ: من طَال عمره، وَحسن عمله. قَالَ: فَأَي النَّاس شَرّ؟ قَالَ: من طَال عمره، وساء عمله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن مَيْمُون، عَن عبد الله بن ربيعَة، عَن عبيد بن خَالِد السّلمِيّ قَالَ: " آخى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين رجلَيْنِ، فَقتل أَحدهمَا وَمَات الآخر بعده بجمعة أَو نَحوه، فصلينا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا قُلْتُمْ؟ فَقُلْنَا: دَعونَا لَهُ وَقُلْنَا: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وألحقه بِصَاحِبِهِ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَأَيْنَ صلَاته بعد صلَاته، وصومه بعد صَوْمه - شكّ شُعْبَة فِي صَوْمه - وَعَمله بعد عمله، فَإِن بَينهمَا كَمَا من السَّمَاء وَالْأَرْض ".(3/341)
بَاب فضل من شَاب شيبَة فِي الْإِسْلَام
التِّرْمِذِيّ: أخبرنَا هناد، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، أَن شُرَحْبِيل بن السمط قَالَ: يَا كَعْب بن مرّة، ثَنَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاحْذَرْ. قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من شَاب شيبَة فِي الْإِسْلَام كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: يُقَال: كَعْب بن مرّة، وَمرَّة بن كَعْب، وَالْمَعْرُوف من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرّة بن كَعْب الْبَهْزِي، قد روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحَادِيث. قَالَ أَبُو عِيسَى: (وَهُوَ حَدِيث حسن) .
بَاب فِي التَّوَكُّل وَقَول الله تَعَالَى و {وعَلى الله فتوكلوا إِن كُنْتُم مُؤمنين} وَقَوله عز وَجل {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن سعيد الْكِنْدِيّ، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن بكر بن عَمْرو، عَن عبد الله بن هُبَيْرَة، عَن أبي تَمِيم الجيشاني، عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو أَنكُمْ كُنْتُم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كَمَا ترزق الطير تَغْدُو خماصاً، وَتَروح بطاناً ".(3/342)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الْجُنَيْد، ثَنَا هِشَام بن خَالِد، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد الله، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الرزق ليطلب العَبْد كَمَا يَطْلُبهُ أَجله ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا غير هَذَا الطَّرِيق، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن الْوَلِيد إِلَّا هِشَام بن خَالِد وَلم يكن بِهِ بَأْس، إِلَّا أَنه لم يُتَابع على هَذَا الحَدِيث، وَقد احتمله عَنهُ أهل الْعلم وذكروه عَنهُ، وَإِسْنَاده صَحِيح إِلَّا مَا ذكرُوا من تفرد هِشَام بن خَالِد بِهِ، وَلَا نعلم لَهُ عِلّة.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن سَلام بن شُرَحْبِيل، عَن حَبَّة وَسَوَاء ابْني خَالِد قَالَا: " دَخَلنَا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يعالج شَيْئا، فأعناه عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَا تيأسا من الرزق مَا تهززت رءوسكما، فَإِن الْإِنْسَان تلده أمه أَحْمَر لَيْسَ عَلَيْهِ قشر ثمَّ يرزقه الله ".
قَالَ البُخَارِيّ: يُقَال: سَلام بن شُرَحْبِيل وَسَلام أَبُو شُرَحْبِيل، سمع حَبَّة وَسَوَاء، [سمع] مِنْهُ الْأَعْمَش.
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن هَانِئ وَعبد الله بن أبي ثُمَامَة الْأنْصَارِيّ وَمُحَمّد ابْن عمر بن هياج، ثَنَا قدامَة بن زَائِدَة بن قدامَة، حَدثنِي أبي، عَن عَاصِم، عَن زر، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " قَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدَعَا النَّاس فَقَالَ: هلموا إِلَيّ. فاقبلوا إِلَيْهِ. فجلسوا فَقَالَ: هَذَا رَسُول رب الْعَالمين جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نفث فِي روعي أَنه لَا تَمُوت نفس حَتَّى تستكمل رزقها، فَاتَّقُوا الله وأجملوا فِي الطّلب، وَلَا يحملنكم استبطاء الرزق أَن تأخذوه بِمَعْصِيَة الله، فَإِن الله لَا ينَال مَا عِنْده إِلَّا بِطَاعَتِهِ ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن حُذَيْفَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.(3/343)
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عَمْرو بن أبي سُفْيَان بن أسيد بن جَارِيَة الثَّقَفِيّ - وَهُوَ حَلِيف لبني زهرَة، وَكَانَ من أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة - أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشرَة رَهْط سَرِيَّة. . " فَذكر قصَّة خبيب وَقَالَ فِيهِ: " فَأَخْبرنِي عبيد الله بن عِيَاض أَن بنت الْحَارِث أخْبرته قَالَت: وَالله مَا رَأَيْت أَسِيرًا قطّ خيرا من خبيب، وَالله لقد رَأَيْته يَوْمًا يَأْكُل من قطف عِنَب، وَإنَّهُ لموثق فِي الْحَدِيد وَمَا بِمَكَّة من ثَمَر. وَكَانَت تَقول: إِنَّه لرزق من الله رزقه خبيباً ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِسْحَاق، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت حُصَيْن ابْن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كنت قَاعِدا عِنْد سعيد بن جُبَير، فَقَالَ: عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يدْخل الْجنَّة من أمتِي سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب، هم الَّذين لَا يسْتَرقونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " كَانَ أَخَوان على عمد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَكَانَ أَحدهمَا، يَأْتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْآخر محترف، فَشَكا المحترف أَخَاهُ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: لَعَلَّك ترزق بِهِ ".
بَاب فِي الْوَرع وَقَول الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي فَرْوَة، عَن الشّعبِيّ،(3/344)
عَن النُّعْمَان بن بشير، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين، وَبَينهمَا أُمُور مشتبهة، فَمن ترك مَا شبه عَلَيْهِ من الْإِثْم كَانَ لما استبان أترك، وَمن اجترأ على مَا يشك [فِيهِ] من الْإِثْم أَو شكّ أَن يواقع مَا استبان، والمعاصي حمى الله، وَمن يرتع حول الْحمى يُوشك أَن يواقعه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا فُضَيْل بن مَرْزُوق عَن عدي بن ثَابت، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا أَيهَا النَّاس، إِن الله طيب لَا يقبل إِلَّا طيبا، وَإِن الله أَمر الْمُؤمنِينَ بِمَا أَمر بِهِ الْمُرْسلين، فَقَالَ: " يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم} وَقَالَ: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} قَالَ: وَذكر الرجل يُطِيل السّفر أَشْعَث أغبر يمد يَده إِلَى السَّمَاء يَا رب، يَا رب، ومطعمه حرَام، ومشربه حرَام، وملبسه حرَام، وغذي بالحرام؛ فَأنى يُسْتَجَاب لذَلِك ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث (غَرِيب) ، إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث فُضَيْل بن مَرْزُوق.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد الْكُوفِي، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، ثَنَا غَالب أَبُو بشر، عَن أَيُّوب بن عَائِذ الطَّائِي، عَن قيس بن مُسلم، عَن طَارق بن شهَاب، عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أُعِيذك بِاللَّه يَا كَعْب بن عجْرَة من أُمَرَاء يكونُونَ بعدِي، فَمن غشي أَبْوَابهم فَصَدَّقَهُمْ فِي كذبهمْ،(3/345)
وَأَعَانَهُمْ على ظلمهم - فَلَيْسَ مني وَلست مِنْهُ، وَلَا يرد عَليّ الْحَوْض، وَمن غشي أَبْوَابهم أَو لم يغش فَلم يُصدقهُمْ فِي كذبهمْ، وَلم يُعِنْهُمْ على ظلمهم - فَهُوَ مني وَأَنا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَليّ الْحَوْض، يَا كَعْب بن عجْرَة، الصَّلَاة برهَان، وَالصَّوْم جنَّة حَصِينَة، وَالصَّدَََقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة كَمَا يُطْفِئ المَاء النَّار، يَا كَعْب بن عجْرَة، إِنَّه لَا يَرْبُو لحم نبت من سحت إِلَّا كَانَت النَّار أولى بِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عبيد الله ابْن مُوسَى، وَأَيوب يضعف، وَيُقَال: كَانَ يرى الإرجاء، وَسَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث، فَلم يعرفهُ إِلَّا من حَدِيث عبيد الله، وَاسْتَغْرَبَهُ جدا، وَقَالَ: ثَنَا ابْن نمير، عَن عبيد الله بن مُوسَى، عَن غَالب بِهَذَا. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
أَيُّوب بن عَائِذ هَذَا وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ، وَقَالَ يحيى بن معِين: أَيُّوب بن عَائِذ ثِقَة. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَاتِم: أَيُّوب بن عَائِذ ثِقَة، صَالح الحَدِيث صَدُوق.
وَقد روى هَذَا الحَدِيث أَبُو بكر الْبَزَّار: وَقَالَ: ثَنَا [عَمْرو] بن عَليّ، ثَنَا مُعلى بن أَسد، ثَنَا وهيب، ثَنَا عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، عَن ابْن سابط - يَعْنِي: عبد الرَّحْمَن -[عَن] جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا كَعْب بن عجْرَة ... . " فَذكر نَحوه.
وروى التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي النَّضر، ثَنَا أَبُو النَّضر، ثَنَا أَبُو عقيل الثَّقَفِيّ، ثَنَا عبد الله بن يزِيد، حَدثنِي ربيعَة بن يزِيد وعطية بن قيس، عَن عطيه السَّعْدِيّ - وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يبلغ العَبْد أَن يكون من الْمُتَّقِينَ حَتَّى يدع مَا لَا بَأْس بِهِ حذرا لما بِهِ بَأْس ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.(3/346)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو مُوسَى، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، ثَنَا شُعْبَة [عَن] [بريد] بن أبي مَرْيَم، عَن أبي الْحَوْرَاء السَّعْدِيّ قَالَ: " قلت لِلْحسنِ بن عَليّ مَا حفظت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: حفظت مِنْهُ: دع مَا يربيك إِلَى مَا لَا يربيك؛ فَإِن الصدْق [طمأنينة] ، وَإِن الْكَذِب رِيبَة ".
وَفِي الحَدِيث قصَّة، وَأَبُو الْحَوْرَاء اسْمه ربيعَة بن شَيبَان، قَالَ: وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، ثَنَا بنْدَار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن [بريد] فَذكر نَحوه.
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو، أَن أَبَا [يُونُس] مولى أبي هُرَيْرَة حَدثهُ، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِنِّي لأنقلب إِلَى أَهلِي فأجد التمرة سَاقِطَة على فِرَاشِي، ثمَّ أرفعها لآكلها، ثمَّ أخْشَى أَن تكون صَدَقَة فألقيها ".
مُسلم: ثَنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن زَائِد، عَن مَنْصُور، عَن طَلْحَة بن مصرف، ثَنَا أنس بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بتمرة بِالطَّرِيقِ فَقَالَ: لَوْلَا أَن تكون صَدَقَة لأكلتها ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سَلام الجُمَحِي، ثَنَا الرّبيع - يَعْنِي: ابْن مُسلم - عَن مُحَمَّد - وَهُوَ ابْن زِيَاد - عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أُتِي(3/347)
بِطَعَام سَأَلَ عَنهُ، فَإِن قيل هَدِيَّة أكل مِنْهَا، وَإِن قيل صَدَقَة لم يَأْكُل مِنْهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن همام، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خفف على دَاوُد الْقُرْآن، فَكَانَ يَأْمر بدوابه فتسرج، فَيقْرَأ الْقُرْآن قبل أَن تسرج دوابه، وَلَا يَأْكُل إِلَّا من عمل يَدَيْهِ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أَنا عِيسَى - هُوَ ابْن يُونُس - عَن ثَوْر، عَن خَالِد بن معدان، عَن الْمِقْدَام، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا أكل أحد طَعَاما قطّ خيرا من أَن يَأْكُل من عمل يَده، وَإِن نَبِي الله دَاوُد كَانَ يَأْكُل من عمل يَده ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يُوسُف بن عِيسَى، أَنا الْفضل بن مُوسَى، أَنا الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أطيب مَا أكل الرجل من كَسبه، وَولده من كَسبه ".
بَاب من الْأَمْثَال وَالْحكم والمواعظ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا حَمَّاد بن أُسَامَة، عَن [بريد] ابْن عبد الله، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل مَا بَعَثَنِي الله - عز وَجل - بِهِ من الْهدى وَالْعلم كَمثل الْغَيْث الْكثير، أصَاب أَرضًا فَكَانَ مِنْهَا نقية قبلت المَاء، فأنبتت الْكلأ والعشب الْكثير، وَكَانَت مِنْهَا أجادب أَمْسَكت المَاء فنفع الله بهَا النَّاس، فَشَرِبُوا وَسقوا وزرعوا، وَأصَاب مِنْهَا طَائِفَة أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قيعان لَا تمسك مَاء وَلَا تنْبت كلأ، فَلذَلِك مثل من فقه فِي دين الله - عز وَجل - ونفع بِمَا بَعَثَنِي الله بِهِ، فَعلم وَعلم، وَمثل من لم يرفع بذلك رَأْسا، وَلم يقبل هدى الله الَّذِي أرْسلت بِهِ ".(3/348)
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، ثَنَا الْخطاب بن عُثْمَان وحيوة بن شُرَيْح وَيزِيد بن عبد ربه قَالُوا: ثَنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد، عَن يحير بن سعد، عَن خَالِد بن معدان، عَن جُبَير بن نفير، عَن النواس بن سمْعَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - عز وَجل - ضرب مثلا صراطاً مُسْتَقِيمًا، على كنفي الصِّرَاط سوران لَهما أَبْوَاب مفتحة، وعَلى الْأَبْوَاب ستور، وداع يَدْعُو على رَأس الصِّرَاط وداع يَدْعُو من فَوْقه {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيهْدِي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} فالأبواب الَّتِي على كنفي الصِّرَاط حُدُود الله، لَا يَقع أحد فِي حُدُود الله حَتَّى يكْشف ستر الله، وَالَّذِي يَدْعُو من فَوْقه واعظ الله - تَعَالَى ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: عَن عَليّ بن حجر، عَن بَقِيَّة بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: حَدِيث (حسن غَرِيب) .
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا مُحَمَّد بن عجلَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل ابْن آدم وَمَاله وَأَهله وَعَمله كَرجل لَهُ ثَلَاثَة إخْوَة أَو ثَلَاثَة أَصْحَاب، فَقَالَ أحدهم: أَنا مَعَك حياتك، فَإِذا مت فلست مِنْك وَلست مني. وَقَالَ الآخر أَنا مَعَك، فَإِذا بلغت تِلْكَ الشَّجَرَة فلست مِنْك وَلست مني. وَقَالَ الآخر: أَنا مَعَك حَيا وَمَيتًا ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن براد وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي كريب - قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد [عَن] أبي بُرَيْدَة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(3/349)
قَالَ: " إِن مثلي وَمثل مَا بَعَثَنِي [الله بِهِ] ، كَمثل رجل أَتَى قومه فَقَالَ: يَا قوم، إِنِّي رَأَيْت الْجَيْش بعيني، وَإِنِّي أَنا النذير الْعُرْيَان، فالنجاء. فأطاعه طَائِفَة فأدلجوا، فَانْطَلقُوا على مهلتهم، وكذبت طَائِفَة مِنْهُم فَأَصْبحُوا مكانهم، فصبحهم الْجَيْش فأهلكهم واجتاحهم، فَذَلِك مثل من أَطَاعَنِي وَاتبع مَا جِئْت بِهِ، وَمثل من عَصَانِي وَكذب مَا جِئْت بِهِ من الْحق ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام قَالَ: وَهَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثلي كَمثل رجل استوقد نَارا، فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حولهَا جعل الْفراش وَهَذِه الدَّوَابّ الَّتِي فِي النَّار يقعن فِيهَا، وَجعل بحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فِيهَا. قَالَ: فذلكم مثلي ومثلكم، أَنا آخذ بِحُجزِكُمْ عَن النَّار، هَلُمَّ عَن النَّار، هَلُمَّ عَن النَّار، فتغلبوني تقتحمون فِيهَا ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا المَسْعُودِيّ، عَن الْحسن بن سعد، عَن عَبدة النَّهْدِيّ، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله لم يحرم حُرْمَة إِلَّا وَقد علم أَنه سيطلعها مِنْكُم مطلع، أَلا وَإِنِّي مُمْسك بِحُجزِكُمْ أَن تهافتوا فِي النَّار كَمَا تهافت الذُّبَاب ".
الْحسن بن سعد مَشْهُور، روى عَنهُ: الشَّيْبَانِيّ، والمسعودي، وَأَبُو العميس عتبَة بن عبد الله، وَكَذَلِكَ [عَبدة] النَّهْدِيّ روى عَنهُ: مُسلم البطين، وَأَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي، وحصين بن عبد الرَّحْمَن، وَالْحسن بن سعد.
مُسلم: حَدثنِي أَبُو كَامِل، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن قبيصَة بن الْمخَارِق وَزُهَيْر بن عَمْرو قَالَا: " لما نزلت: {وأنذر(3/350)
عشيرتك الْأَقْرَبين} قَالَ: انْطلق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى رضمة من جبل فعلى أَعْلَاهَا حجرا، ثمَّ قَالَ: يَا بني عبد منافاه إِنِّي نَذِير، إِنَّمَا مثلي ومثلكم كَمثل رجل رأى الْعَدو، فَانْطَلق يربأ أَهله فخشي أَن يسبقوه، فَجعل يَهْتِف: يَا صَبَاحَاه ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} ورهطك مِنْهُم المخلصين، خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى صعد الصَّفَا فتهف: يَا صَبَاحَاه. فَقَالُوا: من هَذَا الَّذِي يَهْتِف؟ قَالُوا: مُحَمَّد. فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا بني فلَان، يَا بني فلَان، يَا بني عبد منَاف، يَا بني عبد الْمطلب. فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فَقَالَ: أَرَأَيْتكُم لَو أَخْبَرتكُم أَن خيلاً تخرج بسفح هَذَا الْجَبَل أَكُنْتُم مصدقي؟ قَالُوا: مَا جزبنا عَلَيْك كذبا. قَالَ: فَإِنِّي نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد. قَالَ: فَقَالَ أَبُو لَهب: تَبًّا لَك، أما جمعتنَا إِلَّا لهَذَا! ثمَّ قَالَ: فَنزلت هَذِه السُّورَة " تبت يدا أبي لَهب وَقد تب " كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَش إِلَى آخر السُّورَة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا جرير، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة: {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} دَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاجْتمعُوا فَعم وَخص، فَقَالَ: يَا بني كَعْب بن لؤَي، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار، يَا بني مرّة بن كَعْب، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار، يَا بني عبد منَاف، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار، يَا بني هَاشم، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار، يَا بني عبد الْمطلب، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار، يَا فَاطِمَة، أَنْقِذِي نَفسك من النَّار، فَإِنِّي لَا أملك لكم من الله شَيْئا غير أَن لكم رحما سَأَبلُّهَا(3/351)
بِبلَالِهَا ".
لفظ التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " إِنِّي لَا أملك لكم ضراً وَلَا نفعا " قَالَهَا عِنْد دُعَائِهِ كل قَبيلَة، رَوَاهُ من حَدِيث عبيد الله بن عَمْرو، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، وَبَينهمَا اخْتِلَاف فِي اللَّفْظ.
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي ابْن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أنزل الله عَلَيْهِ {وأنذر عشريتك الْأَقْرَبين} : يَا معشر قُرَيْش، اشْتَروا أَنفسكُم من الله لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا، يَا بني عبد الْمطلب لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا، يَا عَبَّاس بن عبد الْمطلب، لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، يَا صَفِيَّة عمَّة رَسُول الله، لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد رَسُول الله، لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا ".
وَلمُسلم فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث من الزِّيَادَة: " سلوني من مَالِي مَا شِئْتُم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك، عَن النُّعْمَان بن بشير، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَقُول: " أَنْذَرْتُكُمْ النَّار، أَنْذَرْتُكُمْ النَّار ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن النُّعْمَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(3/352)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل أمتِي يدْخلُونَ الْجنَّة إِلَّا من أَبى. قَالُوا: وَمن يَأْبَى يَا رَسُول الله؟ قَالَ: من أَطَاعَنِي دخل الْجنَّة، وَمن عَصَانِي فقد أَبى ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت وَحميد، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حفت الْجنَّة بالمكارة، وحفت النَّار بالشهوات ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، وَمُحَمّد بن أبي جَعْفَر وَابْن أبي عدي وَيحيى بن سعيد، عَن عَوْف بن أبي جميلَة الْأَعرَابِي، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: " لما قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة انجفل النَّاس قبله، وَقيل: قدم رَسُول الله، قدم رَسُول الله. فَجئْت فِي النَّاس لأنظر إِلَيْهِ فَلَمَّا استبنت وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عرفت أَن وَجهه لَيْسَ بِوَجْه كَذَّاب، فَكَانَ أول شَيْء تكلم بِهِ أَن قَالَ: أَيهَا النَّاس، أفشوا السَّلَام، وأطعموا الطَّعَام، وصلوا وَالنَّاس نيام، تدخلون الْجنَّة بِسَلام ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن صَحِيح) .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن حميد، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ. فَقيل: كَيفَ يَسْتَعْمِلهُ؟ قَالَ: يوفقه لعمل صَالح قبل الْمَوْت ".(3/353)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد وَعلي بن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل - قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر - أَخْبرنِي عبد الله بن دِينَار، أَنه سمع عبد الله بن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأَصْحَاب الْحجر: " لَا تدْخلُوا على هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبين إِلَّا أَن تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِن لم تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلَا تدْخلُوا عَلَيْهِم أَن يُصِيبكُم مثل مَا أَصَابَهُم ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب - وَهُوَ يذكر الْحجر مسَاكِن ثَمُود - قَالَ: ثَنَا سَالم بن عبد الله أَن عبد الله بن عمر قَالَ: " مَرَرْنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْحجر، فَقَالَ لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تدْخلُوا مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم إِلَّا أَن تَكُونُوا بَاكِينَ؛ حذرا أَن يُصِيبكُم مثل مَا أَصَابَهُم. ثمَّ زجر فأسرع حَتَّى خلفهَا.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر قَالَ: " لما مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحجرِ قَالَ: لَا تدْخلُوا مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم، أَن يُصِيبكُم مثل مَا أَصَابَهُم إِلَّا أَن تَكُونُوا بَاكِينَ. ثمَّ قنع رَأسه وأسرع السّير حَتَّى أجَاز الْوَادي ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا سُفْيَان، عَن أَبِيه،(3/354)
عَن مُنْذر الثَّوْريّ، عَن الرّبيع بن خَيْثَم، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: " خطّ لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا خطا، وَعَن يَمِينه خطا وَعَن يسَاره خطا، ثمَّ قَالَ: هَذَا سَبِيل الله. ثمَّ خطّ خُطُوطًا فَقَالَ: هَذِه سبل، على كل سَبِيل مِنْهَا شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ. وَقَرَأَ: {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم ... .} .
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعد بن حَفْص، ثَنَا شَيبَان، عَن يحيى، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْقرشِي، أَخْبرنِي معَاذ بن عبد الرَّحْمَن، أَن ابْن أبان أخبرهُ، عَن عُثْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تغتروا " مُخْتَصر.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ، ثَنَا زيد بن حباب، أَخْبرنِي المَسْعُودِيّ، ثَنَا عَمْرو بن مرّة، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: " نَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على حَصِير فَقَامَ وَقد أثر فِي جنبه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، لَو اتخذنا لَك [وطاء] . فَقَالَ: مَا لي وَمَا للدنيا، مَا أَنا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كراكب استظل تَحت شَجَرَة ثمَّ رَاح وَتركهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا خلف بن خَليفَة، عَن الْعَلَاء بن الْمسيب، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَفعه قَالَ: " إِن الله يَقُول: إِن عبدا أصححت لَهُ جِسْمه، ووسعت عَلَيْهِ فِي الْمَعيشَة، يمضى عَلَيْهِ خَمْسَة أَعْوَام لَا يفد إِلَيّ لمحروم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا صَالح بن عبد الله وسُويد بن نصر، قَالَ صَالح: ثَنَا(3/355)
وَقَالَ سُوَيْد: أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن عبد الله بن سعيد [بن] أبي هِنْد، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نعمتان مغبون فيهمَا كثير من النَّاس: الصِّحَّة والفراغ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبير، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن إِبْرَاهِيم بن المُهَاجر، عَن مُجَاهِد، عَن مُورق، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي لأرى مَا لَا ترَوْنَ، وأسمع مَا لَا تَسْمَعُونَ، أطت السَّمَاء وَحقّ لَهَا أَن تئط، مَا فِيهَا مَوضِع أَربع أَصَابِع إِلَّا وَملك وَاضع جَبهته سَاجِدا لله، وَالله لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا، ولبكيتم كثيرا، وَمَا تلذذتم بِالنسَاء على الْفراش، ولخرجتم إِلَى الصعدات تجأرون إِلَى الله، لَوَدِدْت أَنِّي كنت شَجَرَة تعضد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، ويروى من غير وَجه أَن أَبَا ذَر قَالَ: " وددت أَنِّي كنت شَجَرَة تعضد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن عفير، حَدثنِي اللَّيْث، حَدثنِي عقيل، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي خَارِجَة بن زيد بن ثَابت، أَن أم الْعَلَاء - امْرَأَة من الْأَنْصَار بَايَعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخْبرته " أَنهم اقتسموا الْمُهَاجِرين قرعَة. قَالَت: فطار لنا عُثْمَان بن مَظْعُون وأنزلناه فِي أَبْيَاتنَا، فوجع وَجَعه الَّذِي توفّي فِيهِ، فَلَمَّا توفّي غسل وكفن فِي أثوابه، دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: فَقلت: رَحْمَة الله عَلَيْك يَا أَبَا السَّائِب، فشهادتي عَلَيْك لقد أكرمك الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَمَا يدْريك أَن الله أكْرمه؟ فَقلت: بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله، فَمن يُكرمهُ الله؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما(3/356)
هُوَ فوَاللَّه لقد جَاءَهُ الْيَقِين، وَالله إِنِّي لأرجو لَهُ الْخَيْر، وَوَاللَّه مَا أَدْرِي وَأَنا رَسُول الله مَاذَا يفعل بِي. فَقَالَت: وَالله لَا أزكي بعده أحدا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن إِسْحَاق الْأَهْوَازِي، ثَنَا عُثْمَان بن عمر، ثَنَا يُونُس - يَعْنِي ابْن يزِيد - عَن الزُّهْرِيّ، عَن مُحَمَّد بن عُرْوَة بن الزبير، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " توفيت امْرَأَة كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَضْحَكُونَ مِنْهَا ويمازحونها، فَقلت: استراحت. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّمَا يستريح من غفر لَهُ ".
وَلَا نعلم أسْند مُحَمَّد بن عُرْوَة عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم.
وثنا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا عَمْرو، أَنا ابْن الْمُبَارك، عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم، عَن ضَمرَة بن حبيب، عَن شَدَّاد بن الْأَوْس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْكيس من دَان نَفسه، وَعمل لما بعد الْمَوْت، وَالْعَاجِز من أتبع نَفسه هَواهَا، وَتمنى على الله ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يحيى بن يعلى، عَن حميد، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عجبا لغافل لَا يغْفل عَنهُ، عجبا لطَالب الدُّنْيَا وَالْمَوْت يَطْلُبهُ، عجبا لضاحك ملْء فِيهِ وَلَا يدْرِي أرْضى الله أم أسخطه ".
حمدي هَذَا هُوَ ابْن عَطاء، وَهُوَ ضَعِيف.(3/357)
قَالَ ابْن أبي شيبَة: ثَنَا أسود بن عَامر، ثَنَا جرير بن حَازِم، سَمِعت الْحسن يَقُول: حَدثنِي صعصعة - عَم الفرزدق - أَنه قَالَ: " قدمت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَمعته يقْرَأ هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} قلت: وَالله مَا أُبَالِي أَلا أسمع غَيرهَا، حبسي حسبي ".
بَاب فِي ذكر الْمَوْت والقبر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَكْثرُوا ذكر هَادِم اللَّذَّات. يَعْنِي الْمَوْت ".
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن أبي سعيد. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، ثَنَا سعيد، عَن أَبِيه، أَنه سمع أَنا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا وضعت الْجِنَازَة واحتملها الرِّجَال على أَعْنَاقهم، فَإِن كَانَت صَالِحَة قَالَت: قدموني. وَإِن كَانَت غير صَالِحَة قَالَت لأَهْلهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْن تذهبون بهَا. يسمع صَوتهَا كل شَيْء لَا الْإِنْسَان، وَلَو يسمع الْإِنْسَان لصعق ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا يحيى بن معِين، ثَنَا هِشَام بن يُوسُف، حَدثنِي عبد الله بن بحير، أَنه سمع هانئاً مولى عُثْمَان [قَالَ] : " كَانَ عُثْمَان إِذا وقف على قبر بَكَى حَتَّى يبل لحيته، فَقيل لَهُ: تذكر الْجنَّة وَالنَّار وَلَا تبْكي، وتبكي من هَذَا؟ ! فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الْقَبْر أول منَازِل الْآخِرَة، فَإِن(3/358)
نجا مِنْهُ فَمَا بعده أيسر مِنْهُ، وَإِن لم ينج مِنْهُ فَمَا بعده أَشد مِنْهُ. قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا رَأَيْت منْظرًا قطّ إِلَّا الْقَبْر أفظع مِنْهُ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث هِشَام بن يُوسُف.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي، ثَنَا عبد الْوَهَّاب [الْخفاف] أَبُو نصر، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك: " أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل نخلا لبني النجار، فَسمع صَوتا فَفَزعَ، فَقَالَ: من أَصْحَاب هَذِه الْقُبُور؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله، نَاس مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّة. فَقَالَ: تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب (الْقَبْر) ، وَمن فتْنَة الدَّجَّال. قَالُوا: ومم ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فَيَقُول لَهُ: مَا كنت تعبد؟ فَإِن الله هداه قَالَ: كنت أعبد الله. فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: هُوَ عبد الله وَرَسُوله، فَمَا يسْأَل عَن شَيْء غَيرهمَا، فَينْطَلق بِهِ إِلَى بَيت كَانَ لَهُ فِي النَّار، فَيُقَال لَهُ: هَذَا بَيْتك كَانَ فِي النَّار، وَلَكِن الله عصمك ورحمك فأبدلك بِهِ بَيْتا فِي الْجنَّة. فَيَقُول: دَعونِي حَتَّى أذهب، فأبشر أَهلِي. فَيُقَال لَهُ: اسكن. وَإِن الْكَافِر إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فينتهره، فَيَقُول لَهُ: مَا كنت تعبد؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيَقُول لَهُ: لَا دَريت وَلَا تليت. فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس. فَيَضْرِبُونَهُ بمطراق من حَدِيد بَين أُذُنَيْهِ، فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا الْخلق غير الثقلَيْن ".
عبد بن حميد: أخبرنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا ابْن أبي ذِئْب، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، عَن ذكْوَان، عَن عَائِشَة قَالَت: " جَاءَت يَهُودِيَّة، فاستطعمت(3/359)
على بَابي، فَقَالَت: أَطْعمُونِي أعاذكم الله من فتْنَة عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الدَّجَّال. فَلم أزل أحبسها حَتَّى جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقلت: يَا رَسُول الله، مَا تَقول هَذِه الْيَهُودِيَّة؟ قَالَ: وَمَا تَقول؟ قلت: تَقول: أعاذكم الله من فتْنَة عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الدَّجَّال. قَالَت عَائِشَة: فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرفع يَدَيْهِ مدا يستعيذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر. قَالَ: ثمَّ قَالَ: أما فتْنَة الدَّجَّال فَإِنَّهُ لم يكن نَبِي إِلَّا وَقد حذره أمته، وسأحذركموه تحذيراً لم يحذرهُ نَبِي أمته، إِنَّه أَعور وَإِن الله لَيْسَ بأعور، بَين عَيْنَيْهِ مَكْتُوب كَافِر يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن، وَأما فتْنَة الْقَبْر فِي تفتنون، وعني تسْأَلُون، فَإِذا كَانَ الرجل [الصَّالح] أَجْلِس فِي قَبره غير فزع وَلَا مشغوف، فَيُقَال لَهُ: فيمَ كنت؟ فَيَقُول: فِي الْإِسْلَام. فَيُقَال: مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم؟ فَيَقُول: مُحَمَّد رَسُول الله، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد الله فَآمَنا بِهِ وصدقناه. قَالَ: فَيُقَال لَهُ: فَهَل رَأَيْت الله؟ فَيَقُول: مَا يَنْبَغِي لأحد أَن يرى الله. فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار. فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَا وقاك الله. ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة إِلَى الْجنَّة، فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا، فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا. وَيُقَال لَهُ: على الْيَقِين كنت، وَعَلِيهِ مت، وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله. وَإِذا كَانَ الرجل [السوء] أَجْلِس فِي قَبره مشغوفاً، فَيُقَال لَهُ: فيمَ كنت؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيُقَال لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم؟ فَيَقُول: سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ قولا فَقلت كَمَا قَالُوا. فتفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة، فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا، فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَا صرف الله عَنْك. ثمَّ تفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار، فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا، على الشَّك كنت، وَعَلِيهِ مت، وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله. ثمَّ يعذب ".
قَالَ ابْن أبي ذِئْب: قَالَ مُحَمَّد بن عَمْرو، فَحَدثني سعيد بن [يسَار] ،(3/360)
عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْمَيِّت تحضره الْمَلَائِكَة، فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح قَالَ: اخْرُجِي أيتها الرّوح الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب، أَخْرِجِي حميدة، وَأَبْشِرِي بِروح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان، فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج ويعرج بهَا إِلَى السَّمَاء، فيستفتح لَهَا فَيُقَال: من هَذَا؟ فَيُقَال: فلَان. فَيَقُولُونَ: مرْحَبًا بِالروحِ الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب، ادخلي حميدة، وَأَبْشِرِي بِروح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان. فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى السَّمَاء الَّتِي فِيهَا الله - تبَارك وَتَعَالَى - وَإِذا كَانَ الرجل السوء قَالُوا: اخْرُجِي أيتها الرّوح الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث، اخْرُجِي ذميمة، وَأَبْشِرِي بحميم وغساق، وَآخر من شكله أَزوَاج، فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج ويعرج بهَا إِلَى السَّمَاء، فَيُقَال: من هَذَا؟ فَيُقَال: فلَان. فَيُقَال: لَا مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث، ارجعي ذميمة فَإِنَّهُ لَا يفتح لَك أَبْوَاب السَّمَاء، فَيُرْسل من السَّمَاء، ثمَّ يصيران إِلَى الْقَبْر، فيجلس الرجل الصَّالح، فَيُقَال لَهُ ... . " فَيرد مَا فِي حَدِيث عَائِشَة " وَيجْلس الرجل السوء فَيُقَال لَهُ ... . " فَيرد مَا فِي حَدِيث عَائِشَة سَوَاء.
قَالَ عبد: وَأَخْبرنِي عَمْرو بن عون، أَنا أَبُو عوَانَة، عَن الْأَعْمَش، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن زَاذَان أبي عمر، عَن الْبَراء بن عَازِب، قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد، فَجَلَسَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَلَسْنَا حوله كَأَنَّمَا على رءوسنا الطير، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرفع بَصَره ينظر إِلَى السَّمَاء وينكت فِي الأَرْض يحدث نَفسه، ثمَّ قَالَ: أعوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر - مرَارًا - ثمَّ قَالَ: إِن الرجل إِذا كَانَ فِي قبل من الْآخِرَة، وَانْقِطَاع من الدُّنْيَا، أَتَاهُ ملك الْمَوْت فَجَلَسَ عِنْد رَأسه إِن كَانَ مُسلما قَالَ: اخْرُجِي أيتها النَّفس الطّيبَة إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان. قَالَ: فَتخرج نَفسه تسيل كَمَا تسيل قَطْرَة السقاء، وتنزل مَلَائِكَة من السَّمَاء بيض الْوُجُوه كَأَن وُجُوههم الشَّمْس، مَعَهم أكفان من أكفان الْجنَّة، وحنوط من حنوط الْجنَّة، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر، فَإِذا أَخذهَا قَامُوا إِلَيْهِ، فَلم يتركوها فِي يَده طرفَة عين فَذَلِك قَول الله - عز وَجل -: {إِذا(3/361)
جَاءَ أحدكُم الْمَوْت توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون} قَالَ: فَتخرج مِنْهُ مثل أطيب ريح وجدت على وَجه الأَرْض قَالَ: فيصعدون بِهِ فَلَا يَمرونَ على جند من الْمَلَائِكَة فِيمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا قَالُوا: مَا هَذِه الرّوح الطّيبَة؟ فَقَالُوا: هَذَا فلَان. بِأَحْسَن أَسْمَائِهِ، فَإِذا انْتَهوا بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الطّيب؟ فَقَالُوا: هَذَا فلَان. فَيفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء، ويشيعه من كل سَمَاء مقربوها، حَتَّى ينتهى بهَا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة، قَالَ: فَيُقَال: اكتبوا كِتَابه فِي عليين، وَمَا أَدْرَاك مَا عليون، كتاب مرقوم، فارجعوه إِلَى الأَرْض، فَإِنِّي وعدتهم أَن مِنْهَا خلقتهمْ، وفيهَا أعيدهم، وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى. قَالَ: فترجع روحه فِي جسده. قَالَ: وَيبْعَث الله إِلَيْهِ ملكَيْنِ شَدِيدا الِانْتِهَار فيجلسانه وينتهرانه، فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: رَبِّي الله. فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم؟ فَيَقُول: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا يدْريك؟ فَيَقُول: قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدقت، فَذَلِك قَول الله - عز وَجل -: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن قد صدق، فألبسوه من الْجنَّة، وأفرشوا لَهُ من الْجنَّة، وأروه منزله من الْجنَّة. قَالَ: فيلبس من الْجنَّة، ويفرش لَهُ من الْجنَّة، وَيرى منزله من الْجنَّة، ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره. قَالَ: ويمثل لَهُ رجل حسن الْوَجْه، حسن الثِّيَاب، طيب الرّيح، قَالَ: فَيَقُول لَهُ: أبشر بِمَا أعد الله لَك من الْكَرَامَة، هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد. قَالَ: فَيَقُول: وَمن أَنْت رَحِمك الله؟ فوَاللَّه لوجهك الْوَجْه جَاءَ بِالْخَيرِ. قَالَ: فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح، وَالله مَا علمت إِن كنت لحريصاً على طَاعَة الله، بطيئاً عَن مَعْصِيّة الله، فجزاك الله خيرا. قَالَ: فَيَقُول: رب أقِم السَّاعَة لكَي أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي ".
قَالَ الْأَعْمَش: وحَدثني أَبُو صَالح، حَدثنِي بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنه قَالَ: " يُقَال لَهُ: نم. قَالَ: فينام ألذ نومَة نامها نَائِم قطّ حَتَّى توقظه السَّاعَة ".(3/362)
ثمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيث الْبَراء قَالَ: " وَإِن كَانَ فَاجِرًا إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة جَاءَهُ ملك الْمَوْت فيجلس عِنْد رَأسه، فَيَقُول: اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة إِلَى غضب وَسخط من الله. قَالَ: فَتفرق روحه فِي جسده، قَالَ: يستخرجها يقطع مِنْهَا الْعُرُوق والعصب كَمَا يسْتَخْرج الصُّوف المبلول بالسفود، قَالَ: وَينزل مَلَائِكَة من السَّمَاء سود الْوُجُوه مَعَهم المسوح، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر، فَإِذا وَقعت فِي يَد ملك الْمَوْت قَامَ إِلَيْهَا مَلَائِكَة فَلم يتركوها فِي يَده طرفَة عين، قَالَ: وَتخرج مِنْهُ مثل أنتن ريح جيفة وجدت على وَجه الأَرْض، فيصعدون بِهِ، فَلَا يَمرونَ على جند من الْمَلَائِكَة فِيمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الْخَبيث؟ فَيَقُولُونَ: هَذَا فلَان بِأَسْوَأ أَسْمَائِهِ. قَالَ: فَإِذا انتهي بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، أغلقت دونه فَلم تفتح لَهُ، وينادي مُنَاد: أَن اكتبوا كِتَابه فِي سِجِّين، فأرجعوه إِلَى الأَرْض، فَإِنِّي وعدتهم أَن مِنْهَا خلقتهمْ، وفيهَا أعيدهم، وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى، قَالَ: فَيرمى بِهِ من السَّمَاء فَذَلِك قَول الله - تبَارك وَتَعَالَى -: {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} قَالَ: فتعاد روحه فِي جسده، ويأتيه ملكان شَدِيدا الِانْتِهَار فيجلسانه وينتهرانه، قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا النَّبِي الَّذِي بعث فِيكُم؟ قَالَ: فَيَقُول: لَا أَدْرِي. (يَقُولُونَ: ذَاك لَا أَدْرِي) . قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا دَريت. قَالَ: وَذَلِكَ قَول الله - تبَارك وَتَعَالَى -: {ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء} . قَالَ: وينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن قد كذب، فألبسوه من النَّار، وأفرشوه من النَّار، وأروه من منزله من النَّار. قَالَ: فيكسى من النَّار، ويفرش لَهُ من النَّار، وَيرى مِنْهَا منزله، قَالَ: ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه. قَالَ: ويمثل لَهُ رجل قَبِيح المنظر، قَبِيح الثِّيَاب، منتن الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يسوءك، أبشر بغضب من الله وَسخط، هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد، هَذَا(3/363)
يَوْمك الَّذِي كنت تكذب بِهِ، قَالَ: فيقوله لَهُ: وَيلك وَمن أَنْت؟ فو الله لوجهك الْوَجْه جَاءَ بِالشَّرِّ. قَالَ: فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث، وَالله مَا علمت إِن كنت لبطيئاً عَن طَاعَة الله، حَرِيصًا على مَعْصِيّة الله، فجزاك الله عني شَرّ الْجَزَاء. قَالَ: فَيَقُول: رب لَا تقم السَّاعَة. مِمَّا يرى مِمَّا أعد الله لَهُ ".
الْمنْهَال بن عَمْرو وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ، تَركه شُعْبَة، قَالَ ابْن أبي حَاتِم: إِنَّمَا تَركه لِأَنَّهُ سمع من دَاره صَوت قِرَاءَة بالتطريب.
وَذكر ابْن أبي خَيْثَمَة أَنه سمع فِي دَاره صَوت غناء؛ فَلذَلِك تَركه.
تمّ كتاب الزّهْد والورع والتوكل وَالرَّقَائِق وَالْحَمْد لله.
يتلوه كتاب الْحَشْر وَالْجنَّة وَالنَّار - إِن شَاءَ الله.(3/364)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الْحَشْر وَالْجنَّة وَالنَّار بَاب قرب السَّاعَة
وَقَول الله تَعَالَى: {وَمَا أَمر السَّاعَة إِلَّا كلمح الْبَصَر أَو هُوَ أقرب} وَقَوله عز وَجل: {يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد رَبِّي لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ ثقلت فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة} .
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا أَبُو غَسَّان، حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن سهل قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بعثت أَنا والساعة هَكَذَا. وَيُشِير بإصبعيه فيمدهما ".
البُخَارِيّ: ثَنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا [تقوم] السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت من مغْرِبهَا فرآها النَّاس آمنُوا أَجْمَعِينَ، فَذَلِك حِين لَا ينفع نفسا إيمَانهَا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بلين لقحته فَلَا يطعمهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَهُوَ يليط حَوْضه فَلَا يسْقِي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفع أَكلته إِلَى فِيهِ فَلَا يطْعمهَا ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، عَن الْعَوام قَالَ: حَدثنِي جبلة بن سحيم، عَن مُؤثر بن عفازة، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: " لما كَانَ(3/365)
لَيْلَة أسرِي برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَقِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فتذاكروا السَّاعَة مَتى هِيَ، فبدءوا بإبراهيم، فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَلم يكن عِنْده مِنْهَا علم، فسألوا مُوسَى، فَلم يكن عِنْده مِنْهَا علم، فَردُّوا الحَدِيث إِلَى عِيسَى فَقَالَ: عهد الله إِلَى فَمَا دون وجبتها، فَأَما وجبتها فَلَا يعلمهَا إِلَّا الله، فَذكر من خُرُوج الدَّجَّال فأهبط وأقتله، فَيرجع النَّاس إِلَى بِلَادهمْ، فيستقبلهم يَأْجُوج وَمَأْجُوج، وهم من كل حدب يَنْسلونَ، لَا يَمرونَ بِمَاء إِلَّا شربوه، وَلَا بِشَيْء إِلَّا أفسدوه، فيجأرون إِلَيّ، فأدعو الله فيميتهم، فتجوى الأَرْض من ريحهم، فيجأرون إِلَيّ، فأدعو - الله تَعَالَى - فَيُرْسل السَّمَاء بِالْمَاءِ فَتحمل أجسامهم، فتلقيها فِي الْبَحْر، ثمَّ تنسف الْجبَال، وتمد الأَرْض مد الْأَدِيم، فعهد الله إِذا كَانَ ذَلِك فَإِن السَّاعَة من النَّاس كالحامل المتم، لَا يدْرِي أَهلهَا مَتى تفاجئهم [بولادتها] لَيْلًا أَو نَهَارا ".
قَالَ الْعَوام: فَوجدت تَصْدِيق ذَلِك فِي كتاب الله، وَقَرَأَ: {حَتَّى إِذا فتحت يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم من كل حدب يَنْسلونَ. واقترب الْوَعْد الْحق ... .} ".
مُؤثر بن [غفازة] شيباني، يكنى أَبَا الْمثنى.
بَاب أَي يَوْم تقوم السَّاعَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، أَنا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خير يَوْم طلعت فِيهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة، فِيهِ خلق آدم، وَفِيه أَدخل الْجنَّة، وَفِيه أخرج مِنْهَا، وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا فِي يَوْم الْجُمُعَة ".(3/366)
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث أبي هُرَيْرَة حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، ثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل بن سعيد بن سعد بن عبَادَة، عَن جده، عَن سعد بن عبَادَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سيد الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة، فِيهِ خمس خلال: فِيهِ خلق الله آدم، وَفِيه أهبط، وَفِيه توفّي الله آدم، وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل العَبْد ربه شَيْئا فِيهَا إِلَّا آتَاهُ، مَا لم يسْأَل إِثْمًا أَو قطيعة رحم، وَفِيه تقوم السَّاعَة، وَمَا من ملك مقرب وَلَا سَمَاء وَلَا أَرض وَلَا جبال وَلَا ريَاح وَلَا بَحر إِلَّا وَهُوَ يشفق من يَوْم الْجُمُعَة أَن تقوم السَّاعَة فِيهِ ".
وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَإِسْنَاده صَالح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد بن جَابر، عَن أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ، عَن أَوْس بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة، فِيهِ خلق آدم، وَفِيه قبض، وَفِيه النفخة، وَفِيه الصعقة، فَأَكْثرُوا عَليّ من الصَّلَاة فِيهِ؛ فَإِن صَلَاتكُمْ معروضة عَليّ. قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَكَيف تعرض صَلَاتنَا عَلَيْك وَقد أرمت؟ - قَالَ: يَقُولُونَ: بليت - فَقَالَ: إِن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى فِي كتاب " الْعِلَل ": سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ لَا أعرفهُ إِلَّا من حَدِيث حُسَيْن الْجعْفِيّ. قَالَ: وَرَأى هَذَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد ابْن تَمِيم، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث، قَالَ: وَأَبُو أُسَامَة وَغَيره يروون عَن عبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد بن جَابر، وَهُوَ عِنْدِي عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن تَمِيم. وَذكر أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي حَاتِم عبد الرَّحْمَن بن تَمِيم، وَذكر تَضْعِيفه عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَأبي زرْعَة وَأبي حَاتِم، وَقَالَ: يُقَال هُوَ الَّذِي روى عَنهُ أَبُو أُسَامَة وحسين الْجعْفِيّ، فَقَالَا:(3/367)
عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قدم الْكُوفَة عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن تَمِيم وَيزِيد بن يزِيد بن جَابر، ثمَّ قدم عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر بعد ذَلِك بدهر، فَالَّذِي يحدث عَنهُ أَبُو أُسَامَة لَيْسَ هُوَ ابْن جَابر.
بَاب ذكر النفخ فِي الصُّور
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، أَنا عبد الله، أَنا أَبُو الْعَلَاء، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيفَ أنعم وَصَاحب الْقرن قد الْتَقم الْقرن، واستمع الْإِذْن مَتى يُؤمر بالنفخ فينفخ. فَكَأَن ذَلِك ثقل على أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ لَهُم: قُولُوا: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل، على الله توكلنا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن سِنَان الوَاسِطِيّ، ثَنَا أَبُو أَحْمد، ثَنَا خَالِد بن طهْمَان، عَن عَطِيَّة، [عَن] أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيفَ أنعم وَصَاحب الْقرن الْتَقم الْقرن، وحنى الْجَبْهَة واستمع الْإِذْن مَتى يُؤمر بالنفخة فينفخ. فَكَأَن ذَلِك شاق على أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: قُولُوا: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل ".
قَالَ: وثنا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عمار الدهني، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيفَ أنعم وَصَاحب الْقرن قد الْتَقم الْقرن، وحنى جَبهته ينْتَظر مَتى يُؤمر، قُلْنَا: يَا رَسُول الله، مَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: قُولُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا سُفْيَان - يَعْنِي: الثَّوْريّ - عَن الْأَعْمَش، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيفَ أنعم وَصَاحب الصُّور شاخص بَصَره محن ظَهره ينْتَظر مَتى يُؤمر فينفخ فِيهِ؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله، مَاذَا نقُول؟ قَالَ: قُولُوا: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل ".(3/368)
رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ: عَن ابْن أبي عمرَان، عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن جَعْفَر الْوَركَانِي، كِلَاهُمَا عَن جرير، عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح، عَن أبي
سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَرَوَاهُ أَيْضا عَن أبي أُميَّة، عَن أَحْمد بن عبد الله بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، عَن مُوسَى بن أعين، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك، أَنا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أسلم الْعجلِيّ، عَن بشر بن شغَاف، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: مَا الصُّور؟ قَالَ: قرن ينْفخ فِيهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَقد روى غير وَاحِد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، وَلَا نعرفه إِلَّا من حَدِيثه، انْتهى كَلَام أبي عِيسَى. أسلم الْعجلِيّ وَبشر بن شغَاف ثقتان.
بَاب كم بَين النفختين
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا بَين النفختين أَرْبَعُونَ. قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَة، أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبيت. قَالُوا: أَرْبَعُونَ شهرا؟ قَالَ: أَبيت. قَالُوا: أَرْبَعُونَ سنة؟ قَالَ: أَبيت. ثمَّ ينزل من السَّمَاء مَاء فينبتون كَمَا ينْبت البقل. قَالَ: وَلَيْسَ من الْإِنْسَان شَيْء إِلَّا يبْلى إِلَّا عظما وَاحِدًا، وَهُوَ عجب الذَّنب، وَمِنْه يركب الْخلق يَوْم الْقِيَامَة ".(3/369)
بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ}
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان، ثَنَا شُعَيْب بن اللَّيْث، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى -: كَذبَنِي ابْن آدم، وَلم يكن يَنْبَغِي لَهُ أَن يكذبنِي، وَشَتَمَنِي ابْن آدم، وَلم يكن يَنْبَغِي لَهُ أَن يَشْتمنِي أما تَكْذِيبه إيَّايَ فَقَوله: إِنِّي لَا أُعِيدهُ كَمَا بَدأته، وَلَيْسَ آخر الْخلق أعز عَليّ من أَوله، وَأما شَتمه إيَّايَ فَقَوله: اتخذ الله ولدا، وَأَنا الله الْأَحَد الصَّمد، لم أَلد وَلم أولد، وَلم يكن لي كفوا أحد ".
أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة الزبيدِيّ قَالَا: ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن خَالِد بن حزَام الْقرشِي الْأَسدي، عَن عبد الرَّحْمَن بن عائش المسمعي الْأنْصَارِيّ، عَن دلهم بن الْأسود بن عبد الله بن حَاجِب بن عَامر بن المنتفق الْعقيلِيّ، قَالَ ابْن الْمُنْذر: عَن جده عبد الله، وَقَالَ ابْن حَمْزَة: عَن أَبِيه، قَالَا جَمِيعًا: عَن لَقِيط بن عَامر " خرج وافداً إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ صَاحب لَهُ يُقَال لَهُ: نهيك بن عَاصِم بن المنتفق، قَالَ لَقِيط: فَخرجت أَنا وَصَاحب لي حَتَّى قدمنَا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة لانسلاخ رَجَب، فأتينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين انْصَرف من صَلَاة الْغَدَاة، فَقَامَ فِي النَّاس خَطِيبًا، فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، أَلا إِنِّي قد خبأت لكم صوتي مُنْذُ أَرْبَعَة أَيَّام إِلَّا لأسمعنكم، أَلا فَهَل من امْرِئ بَعثه قومه، فَقَالُوا لَهُ: اعْلَم لنا مَا يَقُول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَلا ثمَّ لَعَلَّه أَن يلهيه حَدِيث نَفسه أَو حَدِيث صَاحبه أَو يلهيه الضلال، أَلا إِنِّي مسئول هَل بلغت؟ أَلا اسمعوا تعيشوا، أَلا اجلسوا أَلا اجلسوا. فَجَلَسَ النَّاس وَقمت أَنا وصاحبي حَتَّى إِذا فرغ لنا فُؤَاده وبصره قلت: يَا رَسُول الله، مَا عنْدك من علم الْغَيْب؟ فَضَحِك لعمر الله، وهز رَأسه، وَزعم أَنِّي أَبْتَغِي سقطة، فَقَالَ: ضن رَبك بِخمْس من الْغَيْب لَا يعلمهَا إِلَّا الله. وَأَشَارَ بِيَدِهِ، قلت: وَمَا هن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: علم(3/370)
الْمنية، قد علم مَتى منية أحدكُم، وَلَا تعلمونه، وَعلم الْمَنِيّ مَتى يكون فِي الرَّحِم، وَقد علمه وَلَا تعلمونه، وَعلم مَا فِي غَد، قد علم مَا أَنْت طاعم غَدا وَلَا تعلمه، وَعلم يَوْم الْغَيْث يشرف عَلَيْكُم أزلين مشفقين، فيظل يضْحك قد علم أَن غوثكم قريب. قَالَ لَقِيط: لم نعدم من رب يضْحك خيرا. قَالَ: وَعلم يَوْم السَّاعَة. قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي سَائِلك عَن حَاجَتي، فَلَا تعجلني، قَالَ: سل عَمَّا شِئْت قلت: يَا رَسُول الله، علمنَا مَا تعلم النَّاس، وَمَا تعلم فَإنَّا من قبيل لَا يصدقون تصديقنا أحدا من مذْحج الَّتِي تربو علينا، وخثعم الَّتِي توالينا، وعشيرتنا الَّتِي نَحن مِنْهَا. فَقَالَ: تلبثون مَا لبثتم ثمَّ يتوفى نَبِيكُم، ثمَّ تلبثون [مَا لبثتم] ثمَّ تبْعَث الصَّيْحَة، فلعمر إلهك مَا تدع على ظهرهَا من شَيْء إِلَّا مَاتَ وَالْمَلَائِكَة الَّذين مَعَ رَبك، فَأصْبح رَبك يطوف فِي الأَرْض، وخلت عَلَيْهِ الْبِلَاد، فَأرْسل رَبك السَّمَاء بهضب من عِنْد الْعَرْش، فلعمر إلهك مَا تدع على ظهرهَا من مصرع قَتِيل، وَلَا مدفن ميت إِلَّا شقَّتْ الْقَبْر عَنهُ حَتَّى يخلقه من قبل رَأسه، حَتَّى يَسْتَوِي جَالِسا يَقُول: رَبك: مَهيم لما كَانَ فِيهِ، فَيَقُول: يَا رب، أمتني أمس، أَو الْيَوْم. لعهده بِالْحَيَاةِ يحسبه حَدِيثا بأَهْله، فَقلت: يَا رَسُول الله، كَيفَ يجمعنا بَعْدَمَا تمزقنا الرِّيَاح والبلى وَالسِّبَاع؟ قَالَ: أنبئك فِي مثل ذَلِك فِي إل الله، الأَرْض أشرفت عَلَيْهَا وَهِي مَدَرَة بالية. فَقلت: لَا تحيا أبدا، ثمَّ أرسل رَبك عَلَيْهَا السَّمَاء، فَلم تلبث عَلَيْهَا إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى أشرفت عَلَيْهَا، فَإِذا هِيَ شرية وَاحِدَة، فلعمر إلهك، لَهو أقدر على أَن يجمعكم من المَاء على أَن يجمع نَبَات الأَرْض، فتخرجون من الأصواء وَمن مصارعكم، فتنظرون إِلَيْهِ سَاعَة وَينظر إِلَيْكُم. قَالَ: قلت: كَيفَ يَا رَسُول الله، وَنحن ملْء الأَرْض وَهُوَ شخص وَاحِد ينظر إِلَيْنَا وَنَنْظُر إِلَيْهِ؟ قَالَ: أتبئكم بِمثل ذَلِك فِي إل الله، الشَّمْس وَالْقَمَر آيَة صَغِيرَة ترونها سَاعَة وَاحِدَة، ويريانكم لَا تضَامون فِي رُؤْيَتهمَا، ولعمر إلهك لَهو أقدر على أَن يراكم وترونه [من أَن ترونها] . قلت: يَا رَسُول الله، فَمَا يفعل بِنَا رَبنَا إِذا لقيناه؟ قَالَ: تعرضون عَلَيْهِ بادية لَهُ صفحاتكم لَا تخفى(3/371)
عَلَيْهِ مِنْكُم خافية، فَيَأْخُذ رَبك بِيَدِهِ غرفَة من المَاء فينضح بهَا قبلكُمْ، فلعمر إلهك مَا تخطيء وَجه وَاحِد مِنْكُم مِنْهَا قَطْرَة، فَأَما الْمُسلم فتدع وَجهه مثل الريطة الْبَيْضَاء، وَأما الْكَافِر فتحطمه مثل الْحَمِيم الْأسود. أَلا ثمَّ ينْصَرف نَبِيكُم، وَيفرق على أَثَره الصالحون، فيسلكون جِسْرًا من النَّار يطَأ أحدكُم الجمره يَقُول: حس. يَقُول رَبك: أَو إِنَّه أَلا فتطلعون على حَوْض الرَّسُول على أظمأ وَالله ناهلة قطّ رَأَيْتهَا فلعمر إلهك مَا يبسط وَاحِد مِنْكُم يَده إِلَّا وَقع عَلَيْهِ قدح يطهره من الطوف وَالْبَوْل والأذى، وتحبس الشَّمْس وَالْقَمَر فَلَا ترَوْنَ مِنْهُمَا وَاحِدًا. فَقلت: يَا رَسُول الله، فَبِمَ نبصر؟ قَالَ: بِمثل ساعتك هَذِه. وَذَلِكَ مَعَ طُلُوع الشَّمْس فِي يَوْم أسفرته الأَرْض، وواجهته الْجبَال. قَالَ: قلت: لم رَسُول الله، فبمَا نجزى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قَالَ: الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا والسيئة بِمِثْلِهَا إِلَّا أَن يغْفر. قلت: يَا رَسُول الله، أما الْجنَّة أما النَّار؟ قَالَ: لعمرك إلهك إِن النَّار لَهَا لسبعة أَبْوَاب مَا مِنْهَا بَابَانِ إِلَّا يسير الرَّاكِب بَينهمَا سبعين عَاما، وَإِن للجنة لثمانية أَبْوَاب مَا مِنْهَا بَابَانِ إِلَّا يسير الرَّاكِب بَينهمَا سبعين عَاما. قلت: يَا رَسُول الله، فعلى مَا نطلع من الْجنَّة؟ قَالَ: على أَنهَار من عسل مصفى، وأنهار من كأس مَا بهَا صداع وَلَا ندامة، وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه، وَمَاء غير آسن وبفاكهة، فلعمر إلهك مَا تعلمُونَ وَخير من مثله مَعَه، وَأَزْوَاج مطهرة. قلت: يَا رَسُول الله، إِن لنا فِيهَا أَزْوَاجًا، أَو مِنْهُنَّ مصلحات؟ قَالَ: الصَّالِحَات للصالحين تلذونهن مثل لذتكم فِي الدُّنْيَا ويلذونكم، غير أَن لَا توالد. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، أقْصَى مَا نَحن بالغون ومنتهون إِلَيْهِ؟ فَلم يجبهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، على مَا أُبَايِعك؟ قَالَ: فَبسط النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - يَده، وَقَالَ: على إقَام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وزيال الشّرك، وَلَا تشرك بِاللَّه إِلَهًا غَيره. قَالَ: قلت لَهُ: وَإِن لنا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب؟ قَالَ: فَقبض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَده وسط أَصَابِعه، وَظن أَنِّي مشترط شَيْئا لَا يعطينيه، قل: نحل مِنْهَا حَيْثُ شِئْنَا، وَلَا يجني على امْرِئ إِلَّا نَفسه. قَالَ: فَبسط يَده، وَقَالَ: ذَلِك لَك، تحل حَيْثُ شِئْت، وَلَا تجني عَلَيْك إِلَّا نَفسك. قَالَ: فانصرفنا عَنهُ، وَقَالُوا: هَاء إِن ذين هَاء إِن ذين - أرَاهُ قَالَ - لمن نفر لعمر إلهك، لمن نفر إِن حدثت؟ إِلَّا أَنهم من أتقى النَّاس لله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَقَالَ لَهُ كَعْب بن الخدارية - أحد بني أبي بكر بن(3/372)
كلاب -: من هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: بَنو المنتفق، بَنو المنتفق - قَالَهَا ثَلَاثًا - أهل ذَلِك مِنْهُم، أهل ذَلِك مِنْهُم. قَالَ: وانصرفنا وَأَقْبَلت عَلَيْهِ، فَقلت: يَا رَسُول الله، هَل لأحد مِمَّن مضى خير فِي جاهليتهم؟ فَقَالَ رجل من عرض قُرَيْش: وَالله إِن أَبَاك المنتفق لفي النَّار. قَالَ: فلكأنه وَقع حر بَين وَجْهي ولحمه مِمَّا قَالَ لأبي على رُءُوس النَّاس، قَالَ: فهممت أَن أَقُول: وَأَبُوك يَا رَسُول الله، ثمَّ إِذْ الْأُخْرَى أجمل، فَقلت: يَا رَسُول الله، وَأهْلك؟ قَالَ: وَأَهلي لعمر الله مَا أتيت عَلَيْهِ من قرشي أَو عامري مُشْرك، فَقل: أَرْسلنِي إِلَيْك مُحَمَّد فأبشرك بِمَا يسوءك تجر على وَجهك وبطنك فِي النَّار. فَقلت: يَا رَسُول الله، وَمَا فعل بهم ذَلِك، وَقد كَانُوا على عمل لَا يحسنون إِلَّا إِيَّاه، وَكَانُوا يحسبونهم مصلحين. قَالَ: ذَلِك بِأَن الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - بعث فِي آخر كل سبع أُمَم نَبيا فَمن عصى نبيه كَانَ من الضَّالّين، وَمن أطَاع نبيه كَانَ من المهتدين ".
هَذَا لفظ ابْن الْمُنْذر ميزته من لفظ إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة، وَبَينهمَا اخْتِلَاف يسير، وَزَاد ابْن الْمُنْذر شَيْئا. قَالَ إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة فِي حَدِيثه: الْأنْصَارِيّ القباني من بني عَمْرو بن عَوْف، فَقَالَ: " حِين انْصَرف عَن صَلَاة الْغَدَاة " وَقَالَ: " بمفاتيح خمس من الْغَيْب لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله " وَلم يذكر قصَّة الْمَنِيّ، وَلَا ذكر قَول لَقِيط: " يَا رَسُول الله، إِنِّي سَائِلك عَن حَاجَتي، وَلَا تعجلني. قَالَ: سل عَمَّا شِئْت ". وَقَالَ: " ثمَّ تبْعَث الصائحة " وَقَالَ: " يخلقه من عِنْد رَأسه " وَقَالَ: " إِلَّا الله " فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَالَ: " فَلم يلبث عَلَيْهَا إِلَّا أَيَّامًا " وَقَالَ: " فتطفحه " وَقَالَ: " يفْتَرق على إثري الصالحون " وَقَالَ: " إِلَّا أَن يعفوا " وَقَالَ ابْن الخدارية: وَقَالَ: " بَنو المنتفق مرَّتَيْنِ " وَقَالَ: " أهل ذَلِك مِنْهُم " قَالَهَا مرّة وَاحِدَة، وَقَالَ: " على عمل لَا يحسبون ". بِالْبَاء، وَقَالَهَا ابْن الْمُنْذر بالنُّون.
بَاب يبْعَث كل أحد على نِيَّته وعَلى مَا مَاتَ عَلَيْهِ
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا جرير، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن(3/373)
عبيد الله بن الْقبْطِيَّة قَالَ: " دخل الْحَارِث بن أبي ربيعَة وَعبد الله بن صَفْوَان وَأَنا مَعَهُمَا على أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، فَسَأَلَاهَا عَن الْجَيْش الَّذِي يخسف بِهِ، وَكَانَ ذَلِك فِي أَيَّام ابْن الزبير، فَقَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يعوذ عَائِذ بِالْبَيْتِ فيبعث إِلَيْهِ بعث فَإِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض خسف بهم. فَقلت: يَا رَسُول الله، فَكيف بِمن كَانَ كَارِهًا؟ قَالَ: يخسف بِهِ مَعَهم، وَلكنه يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة على نِيَّته ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى التجِيبِي، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي حَمْزَة بن عبد الله بن عمر، أَن عبد الله بن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا أَرَادَ الله بِقوم عذَابا أصَاب الْعَذَاب من كَانَ فيهم، ثمَّ بعثوا على أَعْمَالهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عُثْمَان، أخبرنَا عبد الله، أَنا يُونُس بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا قُتَيْبَة وَعُثْمَان بن أبي شيبَة، قَالَا: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يبْعَث كل عبد على مَا مَاتَ عَلَيْهِ ".
بَاب فِي النفخة الثَّانِيَة وَذكر أول من يفِيق مِنْهَا وَقَوله الله تَعَالَى: {وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله قُم نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ}
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَأَبُو بكر بن النَّضر قَالَا: ثَنَا يَعْقُوب بن(3/374)
إِبْرَاهِيم، أَنا أبي، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " استب رجلَانِ رجل من الْيَهُود وَرجل من الْمُسلمين، فَقَالَ الْمُسلم: وَالَّذِي اصْطفى مُحَمَّدًا على الْعَالمين. وَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْعَالمين. قَالَ: فَرفع الْمُسلم يَده عِنْد ذَلِك فلطم وَجه الْيَهُودِيّ، فَذهب الْيَهُودِيّ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأخْبرهُ مَا كَانَ من أمره وَأمر الْمُسلم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تخيروني على مُوسَى؛ فَإِن النَّاس يصعقون، فَأَكُون أول من يفِيق، فَإِذا مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - باطش بِجَانِب الْعَرْش، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَن صعق فأفاق قبلي، أم كَانَ مِمَّن اسْتثْنى الله - عز وَجل ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي الْحسن، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن خَلِيل، أخبرنَا عبد الرَّحِيم، عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن عَامر، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي (من أول) من يرفع رَأسه بعد النفخة الْآخِرَة، فَإِذا أَنا بمُوسَى مُعَلّق بالعرش، فَلَا أَدْرِي أَكَذَلِك كَانَ أم بعد النفخة ".
وللبخاري أَيْضا فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " فَإِذا أَنا بمُوسَى آخذ بقائمة من قَوَائِم الْعَرْش، فَلَا أَدْرِي أَفَاق قبلي أم جوزي بصعقة الطّور ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، عَن سُفْيَان، عَن عَمْرو بن يحيى، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(3/375)
بَاب أَيْن يكون النَّاس يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَاوَات
مُسلم: حَدثنِي الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي، ثَنَا أَبُو تَوْبَة - وَهُوَ الرّبيع بن نَافِع - ثَنَا مُعَاوِيَة - يَعْنِي ابْن سَلام - عَن زيد - يَعْنِي أَخَاهُ - أَنه سمع أَبَا سَلام، قَالَ: حَدثنِي أَبُو أَسمَاء الرَّحبِي، أَن ثَوْبَان مولى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدثهُ قَالَ: " كنت قَائِما عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجَاء حبر من أَحْبَار الْيَهُود، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا مُحَمَّد. فَدَفَعته دفْعَة كَاد يصرع مِنْهَا، فَقَالَ: لم تدفعني. فَقلت: أَلا تَقول: يَا رَسُول الله. فَقَالَ الْيَهُودِيّ: إِنَّمَا نَدْعُوهُ باسمه الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن اسْمِي مُحَمَّد الَّذِي سماني بِهِ أَهلِي. فَقَالَ الْيَهُودِيّ: جِئْت أَسأَلك. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أينفعك شَيْء إِن حدثتك؟ قَالَ: أسمع بأذني. فَنكتَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعُود مَعَه، فَقَالَ: سل. فَقَالَ الْيَهُودِيّ: أَيْن يكون النَّاس يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَاوَات؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هم فِي الظلمَة دون الجسر. فَقَالَ: فَمن أول النَّاس إجَازَة؟ قَالَ: فُقَرَاء الْمُهَاجِرين. قَالَ الْيَهُودِيّ: فَمَا تحفتهم حِين يدْخلُونَ الْجنَّة؟ قَالَ: زِيَادَة كبد النُّون. قَالَ: فَمَا غذاؤهم على إثْرهَا؟ قَالَ: ينْحَر لَهُم ثَوْر الْجنَّة الَّذِي كَانَ يَأْكُل من أطرافها. قَالَ: فَمَا شرابهم عَلَيْهِ؟ قَالَ: من عين فِيهَا تسمى سلسبيلا. قَالَ: صدقت. قَالَ: وَجئْت أَسأَلك عَن شَيْء لَا يُعلمهُ أحد من أهل الأَرْض إِلَّا نَبِي، أَو رجل، أَو رجلَانِ. قَالَ: ينفعك إِن حدثتك؟ قَالَ: أسمع بأذني. قَالَ: جِئْت أَسأَلك عَن الْوَلَد. قَالَ: مَاء الرجل أَبيض، وَمَاء الْمَرْأَة أصفر، فَإِذا اجْتمعَا فعلا مني الرجل مني الْمَرْأَة أذكرا بِإِذن الله، وَإِذا علا مني الْمَرْأَة مني الرجل أنثا بِإِذن الله. قَالَ الْيَهُودِيّ: لقد صدقت، وَإنَّك لنَبِيّ، ثمَّ انْصَرف، فَذهب، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لقد سَأَلَني هَذَا عَن الَّذِي سَأَلَني عَنهُ وَمَا لي علم بِشَيْء مِنْهُ حَتَّى آتَانِي الله بِهِ - عز وَجل ".(3/376)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن دَاوُد، عَن الشّعبِيّ، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قَوْله عز وَجل: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} فَأَيْنَ تكون النَّاس يَوْمئِذٍ يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ على الصِّرَاط ".
بَاب أَيْن يحْشر النَّاس
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن المستمر، ثَنَا مُحَمَّد بن بكار بن [بِلَال] الدِّمَشْقِي، ثَنَا سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الشَّام أَرض الْمَحْشَر والمنشر ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي ذَر إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا رجل حدث بِهِ لم يُتَابع عَلَيْهِ، فَرَوَاهُ عَن معَاذ بن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي الْحسن، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر.
سعيد بن بشير قد تقدم ذكره فِي بَاب ذكر بَيت الْمُقَدّس من آخر كتاب الْحَج.
بَاب صفة الأَرْض الَّتِي يحْشر النَّاس عَلَيْهَا
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا خَالِد بن مخلد، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير، حَدثنَا أَبُو حَازِم بن دِينَار، عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على أَرض بَيْضَاء عفراء كقرصة النقي لَيْسَ فِيهَا علم لأحد ".(3/377)
بَاب مَا تكون الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة
مُسلم: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي قَالَ: حَدثنِي خَالِد بن يزِيد، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تكون الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة خبْزَة وَاحِدَة، يكفؤها الْجَبَّار بِيَدِهِ كَمَا يكفؤ أحدكُم خبزته فِي السّفر نزلا لأهل الْجنَّة. قَالَ: فَأتى رجل من الْيَهُود، فَقَالَ: بَارك الرَّحْمَن عَلَيْك يَا أَبَا الْقَاسِم، أَلا أخْبرك بِنزل أهل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: تكون الأَرْض خبْزَة وَاحِدَة كَمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَنظر إِلَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه، فَقَالَ: أَلا أخْبرك بِإِدَامِهِمْ؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: إدَامهمْ بَالَام وَنون. قَالُوا: وَمَا هَذَا؟ قَالَ: ثَوْر وَنون يَأْكُل من زَائِدَة كبدهما سَبْعُونَ ألفا ".
بَاب كَيفَ يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن حَاتِم بن أبي صَغِيرَة، حَدثنِي ابْن أبي مليكَة، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة غرلًا. قلت: يَا رَسُول الله، النِّسَاء وَالرِّجَال جَمِيعًا ينظر بَعضهم إِلَى بعض؟ قَالَ: يَا عَائِشَة، الْأَمر أَشد من أَن ينظر بَعضهم إِلَى بعض ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قيس بن حَفْص، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا حَاتِم بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله: " قلت: يَا رَسُول الله، الرِّجَال وَالنِّسَاء ينظر بَعضهم إِلَى بعض؟ قَالَ: الْأَمر أَشد من أَن يهمهم ذَلِك ".(3/378)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا بَقِيَّة، ثَنَا الزبيدِيّ، أَخْبرنِي الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يبْعَث النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة غرلًا. فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: يَا رَسُول الله، فَكيف بالعورات؟ قَالَ: لكل امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بموعظة، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّكُم تحشرون إِلَى الله حُفَاة عُرَاة غرلًا {كَمَا بدأنا أول خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين} أَلا وَإِن أول الْخَلَائق يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلا وَإنَّهُ سيجاء بِرِجَال من أمتِي فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال، فَأَقُول: يَا رب أَصْحَابِي. فَيَقُول: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك. فَأَقُول: كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح: {وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم فَلَمَّا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم وَأَنت على كل شَيْء شَهِيد إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} قَالَ: فَيُقَال: إِنَّهُم لم يزَالُوا مُدبرين على أَعْقَابهم مُنْذُ فَارَقْتهمْ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا يزِيد بن [هَارُون] أَنا بهز بن حَكِيم، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنَّكُم مَحْشُورُونَ رجَالًا وركباناً وَتجرونَ على وُجُوهكُم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/379)
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَعبد بن حميد - وَاللَّفْظ لزهير - قَالَا: ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان، عَن قَتَادَة، ثَنَا أنس بن مَالك " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ يحْشر الْكَافِر على وَجهه يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ على رجلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا على أَن يمْشِيه على وَجهه يَوْم الْقِيَامَة. قَالَ قَتَادَة: بلَى وَعزة رَبنَا ".
وروى التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد، عَن أَوْس ابْن خَالِد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاثَة أَصْنَاف: وَصِنْفًا ركبانا، مشَاة، وَصِنْفًا على وُجُوههم. قبل: يَا رَسُول الله، كَيفَ يَمْشُونَ على وُجُوههم؟ قَالَ: إِن الَّذِي أَمْشَاهُم على أَقْدَامهم قَادر على أَن يُمشيهمْ على وُجُوههم، أما إِنَّهُم يَتَّقُونَ بِوُجُوهِهِمْ كل حدب وَشَوْك ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن.
بَاب دنو الشَّمْس من النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وقيامهم فِي الْعرق على قدر أَعْمَالهم
مُسلم: حَدثنَا الحكم بن مُوسَى، ثَنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن جَابر، حَدثنِي سليم بن عَامر، حَدثنِي الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " تدنى الشَّمْس يَوْم الْقِيَامَة من الْخلق حَتَّى تكون مِنْهُم كمقدار ميل - قَالَ سليم بن عَامر: فوَاللَّه مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بالميل؟ أمسافة الأَرْض أَو الْميل الَّذِي تكحل بِهِ الْعين - قَالَ: فَيكون النَّاس على قدر أَعْمَالهم فِي الْعرق، فَمنهمْ من يكون إِلَى كعبيه، وَمِنْهُم من يكون إِلَى ركبيته، وَمِنْهُم من يكون إِلَى(3/380)
حقْوَيْهِ، وَمِنْهُم من يلجمه الْعرق إلجاماً. وَأَشَارَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ ".
روى اللَّيْث بن سعد هَذَا الحَدِيث عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِيهِ: " تدنى الشَّمْس يَوْم الْقِيَامَة على قدر ميل، وَيُزَاد فِيهَا كَذَا وَكَذَا تغلي مِنْهَا الْهَوَام، كَمَا تغلي الْقُدُور على الأثافي ".
ذكره قَاسم بن أصبغ قَالَ: ثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة الْقرشِي، عَن جَعْفَر ابْن مُحَمَّد، عَن عبيد بن آدم، عَن أَبِيه، عَن اللَّيْث بن سعد.
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن مثنى وَعبيد الله بن سعيد، قَالُوا: ثَنَا يحيى - يعنون ابْن سعيد - عَن عبيد الله قَالَ: أَخْبرنِي نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين} قَالَ: يقوم أحدهم فِي رشحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ " وَفِي رِوَايَة ابْن مثنى قَالَ: " يقوم النَّاس " وَلم يذكر يَوْم.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - عَن ثَوْر، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْعرق ليذْهب يَوْم الْقِيَامَة فِي الأَرْض سبعين (عَاما) ، وَإنَّهُ ليبلغ إِلَى أَفْوَاه النَّاس - أَو إِلَى آذانهم. بشك ثَوْر أَيهمَا قَالَ.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، حَدثنِي سُلَيْمَان، عَن ثَوْر بن زيد، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يعرق النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يذهب عرقهم فِي الأَرْض سبعين ذِرَاعا، ويلجمهم حَتَّى يبلغ آدانهم ".(3/381)
بَاب ذكر الموازين وَقَول الله تَعَالَى: {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة فَلَا تظلم نفس شَيْئا وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل أَتَيْنَا بهَا وَكفى بِنَا حاسبين}
مُسلم: حَدثنِي أَبُو بكر بن إِسْحَاق، ثَنَا يحيى بن بكير، حَدثنِي الْمُغيرَة - يَعْنِي: الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّه ليَأْتِي الرجل الْعَظِيم السمين يَوْم الْقِيَامَة لَا يزن عِنْد الله جنَاح بعوضة اقْرَءُوا {فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله، عَن لَيْث بن سعد، حَدثنِي عَامر بن يحيى، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الْمعَافِرِي ثمَّ الحبلي قَالَ: سَمِعت عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله سيخلص رجلا من أمتِي على رُءُوس الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة، فينشر عَلَيْهِ تِسْعَة وَتِسْعين سجلاً كل سجل مثل مد الْبَصَر، ثمَّ يَقُول: أتنكر من هَذَا شَيْئا. أظلمك كتبتي الحافظون؟ فَيَقُول: لَا يَا رب. فَيَقُول: أَفَلَك عذر؟ فَيَقُول: لَا يَا رب. فَيَقُول: بلَى، إِن لَك عندنَا حَسَنَة، فَإِنَّهُ لَا ظلم عَلَيْك الْيَوْم. فَيخرج بطاقة فِيهَا أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، فَيَقُول: أحضر وزنك. فَيَقُول: يَا رب، مَا هَذِه البطاقة مَعَ هَذِه السجلات! فَقَالَ: إِنَّك لَا تظلم. قَالَ: فتوضع السجلات فِي كفة والبطاقة فِي كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، فَلَا يثقل مَعَ اسْم الله - عز وَجل - شَيْء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(3/382)
قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَحدثنَا عبد الله بن الصَّباح الْهَاشِمِي، ثَنَا بدل من المحبر، ثَنَا حَرْب بن مَيْمُون أَبُو الْخطاب الْأنْصَارِيّ، ثَنَا النَّضر بن أنس بن مَالك، عَن أَبِيه قَالَ: " سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يشفع لي يَوْم الْقِيَامَة، فَقَالَ: أَنا فَاعل. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، فَأَيْنَ أطلبك؟ قَالَ: اطلبني أول مَا تطلبني على الصِّرَاط. قَالَ: قلت فَإِن لم ألقك؟ قَالَ: فاطلبني عِنْد الْمِيزَان. قلت: فَإِن لم ألقك؟ قَالَ: فاطلبني عِنْد الْحَوْض، فَإِنِّي لَا أخطئ هَذِه الثَّلَاث المواطن ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
بَاب ذكر الصُّحُف وَقَول الله تَعَالَى: {وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه وَنخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتابا يلقاه منشوراً
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن السّديّ، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَول الله - عز وَجل -: {يَوْم نَدْعُو كل أنَاس بإمامهم} قَالَ: " يدعى أحدهم فَيعْطى كِتَابه بِيَمِينِهِ، ويمد لَهُ فِي جِسْمه سِتُّونَ ذِرَاعا، ويبيض وَجهه، وَيجْعَل على رَأسه تَاج من لُؤْلُؤ يتلألأ، فَينْطَلق إِلَى أَصْحَابه فيرونه من بعيد، فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ائتنا بِهَذَا أَو بَارك لنا فِي هَذَا. حَتَّى يَأْتِيهم، فَيَقُول: أَبْشِرُوا لكل رجل مِنْكُم مثل هَذَا. قَالَ: وَأما الْكَافِر فيسود وَجهه، ويمد لَهُ فِي جِسْمه سِتُّونَ ذِرَاعا على صُورَة آدم، فيلبس تاجاً من نَار، فيراه أَصْحَابه، فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه من شَرّ هَذَا، اللَّهُمَّ لَا تأتنا بِهَذَا. قَالَ: فيأتيهم، فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ أَخّرهُ. فَيَقُول: أبعدكم الله، فَإِن لكل رجل مِنْكُم مثل هَذَا ".(3/383)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا همام، حَدثنِي قَتَادَة، عَن صَفْوَان بن مُحرز [الْمَازِني] قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا أَمْشِي مَعَ ابْن عمر آخِذا بِيَدِهِ إِذْ عرض رجل، فَقَالَ: كَيفَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الله يدني الْمُؤمن فَيَضَع عَلَيْهِ كنفه ويستره، فَيَقُول: أتعرف ذَنْب كَذَا؟ أتعرف ذَنْب كَذَا؟ فَيَقُول: نعم، أَي رب. حَتَّى قَرَّرَهُ يذنوبه، وَرَأى فِي نَفسه أَنه هلك قَالَ: سترتها عَلَيْك فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أغفرها لَك الْيَوْم، فَيعْطى كتاب حَسَنَاته، وَأما الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَيَقُول الأشهاد: هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم، أَلا لعنة الله على الظَّالِمين ".
بَاب شَهَادَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأمته لنوح يَوْم الْقِيَامَة بالتبليغ وَقَول الله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا}
البُخَارِيّ: حَدثنِي يُوسُف بن رَاشد، ثَنَا جرير وَأَبُو أُسَامَة - وَاللَّفْظ لجرير - عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يدعى نوح يَوْم الْقِيَامَة، فَيَقُول: لبيْك وَسَعْديك يَا رب. فَيَقُول: هَل بلغت؟ فَيَقُول: نعم. فَيُقَال لأمته: هَل بَلغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا من نَذِير. فَيَقُول: من يشْهد لَك؟ فَيَقُول: مُحَمَّد وَأمته. فَيَشْهَدُونَ أَنه قد بلغ، وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا، فَلذَلِك قَوْله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} ". وَالْوسط: الْعدْل.(3/384)
وَمن طَرِيق مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ: ثَنَا أَبُو كريب، ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن الْمُغيرَة بن عتبَة بن النهاس، أَن مكتباً لَهُم حَدثهمْ، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي وَأمتِي لعلى كوم يَوْم الْقِيَامَة مشرفين على الْخَلَائق، مَا أحد من الْأُمَم إِلَّا ود أَنه منا أيتها الْأمة، وَمَا من نَبِي كذبه قومه إِلَّا نَحن شهداؤه يَوْم الْقِيَامَة أَنه قد بلغ رسالات ربه، ونصح لَهُم. قَالَ: وَالرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيد ".
قَالَ أَبُو عَليّ: الْمكتب الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ يزِيد الْفَقِير.
بَاب ذكر أول من يدعى يَوْم الْقِيَامَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي أخي، عَن سُلَيْمَان، عَن ثَوْر، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أول من يدعى يَوْم الْقِيَامَة آدم، فتراءى ذُريَّته، فَيُقَال: هَذَا أبوكم آدم. فَيَقُول: لبيْك وَسَعْديك. فَيَقُول: أخرج بعث جَهَنَّم من ذريتك. فَيَقُول: يَا رب، كم أخرج؟ فَيَقُول: أخرج من كل مائَة تِسْعَة وَتِسْعين. فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِذا أَخذ من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ، فَمَاذَا يبْقى منا؟ قَالَ: إِن أمتِي فِي الْأُمَم كالشعرة الْبَيْضَاء فِي الثور الْأسود ".
بَاب ذكر أول مَا يقْضى بَين النَّاس فِيهِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، حَدثنِي [شَقِيق] سَمِعت عبد الله قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول مَا يقْضِي بَين النَّاس فِي الدِّمَاء ".(3/385)
بَاب ذكر أول من يكسى يَوْم الْقِيَامَة
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا غنْدر، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَامَ فِينَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَخَطب فَقَالَ: إِنَّكُم تحشرون حُفَاة عُرَاة غرلًا {كَمَا بدأنا أول خلق نعيده} الْآيَة، وَإِن أول الْخَلَائق يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم، وَإنَّهُ سيجاء بِرِجَال من أمتِي، فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال، فَأَقُول: يَا رب أَصْحَابِي. فَيُقَال: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك. فَأَقُول كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح: {وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم} إِلَى قَوْله: {الْحَكِيم} فَيُقَال: إِنَّهُم لم يزَالُوا مُدبرين على أَعْقَابهم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا ابْن أبي بكير، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ ابْن زيد، عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أول من يكسى حلَّة من النَّار إِبْلِيس يَضَعهَا على حَاجِبه، ويسحبها من خَلفه، وَذريته من خَلفه، وَهُوَ يَقُول يَا ثبوراه. وينادون: يَا ثبوراهم. قَالَ: فَيُقَال لَهُم: لَا تدعوا الْيَوْم ثبوراً وَاحِدًا، وَادعوا ثبوراً كثيرا ".
عَليّ بن زيد قد تقدم ذكره، وَذكر من ضعفه وَوَقفه.
بَاب المساءلة وَقَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا مِنْكُم أحد إِلَّا يكلمهُ الله يَوْم الْقِيَامَة "
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن خَيْثَمَة، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا مِنْكُم من رجل إِلَّا سيكلمه ربه(3/386)
يَوْم الْقِيَامَة، وَلَيْسَ بَينه وَبَينه ترجمان، فَينْظر أَيمن مِنْهُ فَلَا يرى شَيْئا إِلَّا شَيْئا قدمه، ثمَّ ينظر أشأم مِنْهُ فَلَا يرى شَيْئا إِلَّا شَيْئا قدمه، ثمَّ ينظر تِلْقَاء وَجهه، فتستقبله النَّار. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يقي وَجهه النَّار وَلَو بشق تَمْرَة فَلْيفْعَل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله، أَنا الْأسود بن عَامر، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن الْأَعْمَش، عَن سعيد بن عبد الله بن جريج، عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَزُول قدما عبد حَتَّى يسْأَل عَن عمره فِيمَا أفناه، وَعَن [علمه] فيمَ فعل، وَعَن مَاله من أَيْن كَسبه وَفِيمَا أنفقهُ، وَعَن جِسْمه فِيمَا أبلاه ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث (صَحِيح حسن) ، سعيد بن عبد الله بن جريج هُوَ بَصرِي مولى أبي بَرزَة، وَاسم أبي بَرزَة نَضْلَة بن عبيد.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، ثَنَا مَالك بن سعير أَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي الْكُوفِي، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُؤْتى بِالْعَبدِ يَوْم الْقِيَامَة، فَيُقَال لَهُ: ألم أجعَل لَك سمعا وبصراً ومالاً وَولدا، وسخرت لَك الْأَنْعَام والحرث. وتركتك ترأس [تربع] فَكنت تظن أَنَّك ملاقي فِي يَوْمك هَذَا؟ قَالَ: فَيَقُول: لَا. قَالَ: فَيَقُول: الْيَوْم أنساك كَمَا نسيتني ".(3/387)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد من حميد، ثَنَا شَبابَة، عَن عبد الله بن الْعَلَاء، عَن الضَّحَّاك بن عبد الرَّحْمَن بن عَرْزَم الْأَشْعَرِيّ، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أول مَا يسْأَل عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة - يَعْنِي: العَبْد - أَن يُقَال لَهُ ألم نصح جسمك ونرويك من المَاء الْبَارِد؟ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَيُقَال: ابْن عَرْزَب، وَابْن عَرْزَم أصح.
بَاب مجادلة العَبْد عَن نَفسه
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن النَّضر بن أبي النَّضر، حَدثنِي أَبُو النَّضر [هَاشم] بن الْقَاسِم، ثَنَا عبيد الله الْأَشْجَعِيّ، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن عبيد الْمكتب، عَن فُضَيْل، عَن الشّعبِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " كُنَّا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَضَحِك، فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ مِم أضْحك؟ قَالَ: قُلْنَا الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: من مُخَاطبَة العَبْد ربه، فَيَقُول: يَا رب، ألم تُجِرْنِي من الظُّلم؟ قَالَ: يَقُول: بلَى. فَيَقُول: فَإِنِّي لَا أُجِيز على نَفسِي إِلَّا شَاهدا مني. قَالَ: فَيَقُول: كفى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك شَهِيدا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبين شُهُودًا. قَالَ: فيختم على فِيهِ، فَيُقَال: لاركانهً انْطِقِي. قَالَ: فَتَنْطِق بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثمَّ يخلي بَينه وَبَين الْكَلَام، قَالَ: فَيَقُول: بعدا لَكِن وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كنت أُنَاضِل ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن يزِيد بن هَارُون، عَن الْجريرِي، عَن حَكِيم بن مُعَاوِيَة، عَن أَبِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يجيئون يَوْم الْقِيَامَة على أَفْوَاههم الْفِدَام، فَأول مَا يتَكَلَّم من الْإِنْسَان فَخذه وكفه ".(3/388)
بَاب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، أَنا سعيد بن أبي أَيُّوب، ثَنَا يحيى بن أبي سُلَيْمَان، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارهَا؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِن أَخْبَارهَا أَن تشهد على كل عبد أَو أمة بِمَا عمل على ظهرهَا، أَن تَقول عمل كَذَا وَكَذَا يَوْم كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَهَذِهِ أَخْبَارهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب تَقْرِير الْمُؤمن على ذنُوبه
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن هِشَام الدستوَائي، عَن قَتَادَة، عَن صَفْوَان بن مُحرز قَالَ: " قَالَ رجل لِابْنِ عمر: كَيفَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[يَقُول] فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: سمعته يَقُول: يدنى الْمُؤمن يَوْم الْقِيَامَة من ربه حَتَّى يضع عَلَيْهِ كنفه، فيقرره بذنوبه، فَيَقُول: هَل تعرف؟ فَيَقُول: رب أعرف. قَالَ: فَإِنِّي سترتها عَلَيْك فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أغفرها لَك الْيَوْم، فَيعْطى صحيفَة حَسَنَاته، وَأما الْكَافِر وَالْمُنَافِق فينادى بهم على رُءُوس الْخَلَائق: هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على الله ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن الْمَعْرُور بن سُوَيْد، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي لأعْلم آخر أهل(3/389)
الْجنَّة دُخُولا الْجنَّة، وَآخر أهل النَّار خُرُوجًا مِنْهَا: رجل يُؤْتى بِهِ يَوْم الْقِيَامَة، فَيُقَال: اعرضوا عَلَيْهِ صغَار ذنُوبه، وَارْفَعُوا عَنهُ كِبَارهَا، فَيعرض الله عَلَيْهِ صغَار ذنُوبه. فَيُقَال: عملت يَوْم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، وعملت يَوْم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُول: نعم. لَا يَسْتَطِيع أَن يُنكر، وَهُوَ مُشفق من كبار ذنُوبه أَن تعرض عَلَيْهِ، فَيُقَال لَهُ: إِن لَك مَكَان كل سيئه حَسَنَة. فَيَقُول: رب قد علمت أَشْيَاء لَا أَرَاهَا هَا هُنَا. فَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ".
بَاب فِي الْقصاص
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة، عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب، عَن عبد الله بن الزبير، عَن أَبِيه قَالَ: " لما نزلت: {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} قَالَ الزبير: يَا رَسُول الله، أيكرر علينا الْخُصُومَة بعد الَّذِي كَانَ بَيْننَا فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ: إِن الْأَمر إِذا لشديد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي عدي، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة: {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} قَالَ الزبير: يَا رَسُول الله، أيكرر علينا مَا كَانَ بَيْننَا فِي الدُّنْيَا مَعَ خَواص الذُّنُوب؟ قَالَ: نعم، لتكررن عَلَيْكُم حَتَّى يُؤَدِّي كل ذِي حق حَقه. قَالَ: الزبير: إِن الْأَمر إِذا لشديد ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي أَحْمد بن الْمُعَلَّى بن يزِيد، ثَنَا صَفْوَان بن صَالح، ثَنَا(3/390)
الْوَلِيد، ثَنَا مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أسلم العَبْد فَحسن إِسْلَامه كتب الله - عز وَجل - لَهُ كل حَسَنَة كَانَ أزلفها، ومحيت عَنهُ كل سَيِّئَة كَانَ أزلفها، ثمَّ كَانَ بعد ذَلِك الْقصاص الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف، والسيئة بِمِثْلِهَا إِلَّا أَن يتَجَاوَز الله عَنْهَا ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة وَابْن حجر قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا الْمُفلس؟ قَالُوا: الْمُفلس فِينَا من لَا دِرْهَم لَهُ وَلَا مَتَاع. قَالَ: إِن الْمُفلس من أمتِي من يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة بِصَلَاة وَصِيَام وَزَكَاة، وَيَأْتِي قد شتم هَذَا، وَقذف هَذَا، وَأكل مَال هَذَا، وَسَفك دم هَذَا، وَضرب هَذَا، فَيعْطى هَذَا من حَسَنَاته، وَهَذَا من حَسَنَاته، فَإِن فنيت حَسَنَاته قبل أَن يقْضِي مَا عَلَيْهِ؛ أَخذ من خطاياهم فطرحت عَلَيْهِ، ثمَّ طرح فِي النَّار ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا معَاذ بن هِشَام، أَخْبرنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[قَالَ] : " إِذا خلص الْمُؤْمِنُونَ من النَّار حبسوا بقنطرة بَين الْجنَّة وَالنَّار، فيتقاضون مظالم كَانَت بَينهم فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذا نقوا وهذبوا أذن لَهُم بِدُخُول الْجنَّة، فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لأَحَدهم بمسكنه فِي الْجنَّة أدل مِنْهُ (بمسكنه) كَانَ فِي الدُّنْيَا ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا همام بن يحيى، عَن الْقَاسِم بن عبد الْوَاحِد الْمَكِّيّ، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر(3/391)
ابْن عبد الله، عَن عبد الله بن أنيس قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يَقُول الله - عز وَجل - يَوْم الْقِيَامَة: لَا يَنْبَغِي لأحد من أهل الْجنَّة أَن يدْخل الْجنَّة، ولأحد من أهل النَّار عِنْده مطلمة حَتَّى أقصه مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَة. فَقُلْنَا: وَكَيف وَإِنَّمَا نأتي الله - عز وَجل - عُرَاة غرلًا بهما؟ قَالَ: بِالْحَسَنَاتِ والسيئات ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كَانَت عِنْده مظْلمَة لِأَخِيهِ، فليتحلله مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثمَّ دِينَار وَلَا دِرْهَم، من قبل أَن يُؤْخَذ لِأَخِيهِ من حَسَنَاته، فَإِن لم تكن لَهُ حَسَنَات أَخذ من سيئات أَخِيه فطرحت عَلَيْهِ ".
بَاب قصاص الْبَهَائِم بَعْضهَا من بعض
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل - يعنون ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لتؤدن الْحُقُوق إِلَى أَهلهَا يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يُقَاد للشاة الجلحاء من الشَّاة القرناء ".
أَبُو بكر الشَّافِعِي: حَدثنِي أَحْمد بن هَارُون البرديجي الْحَافِظ، ثَنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر قَالَ: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَاتين يتناطحان، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر، تَدْرِي فيمَ يتناطحان؟ قلت: لَا يَا رَسُول الله. فَقَالَ: لَكِن الله - جلّ وَعز - يدْرِي، وَيَقْضِي بَينهمَا يَوْم الْقِيَامَة ".
بَاب من نُوقِشَ الْحساب عذب
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل، قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا ابْن علية، عَن أَيُّوب، عَن عبد الله بن أبي مليكَة، عَن عَائِشَة(3/392)
قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من حُوسِبَ يَوْم الْقِيَامَة عذب. فَقلت: أَلَيْسَ قد قَالَ الله - تَعَالَى -: {فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا} ؟ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِك الْحساب، وَإِنَّمَا ذَلِك الْعرض، من نُوقِشَ الْحساب يَوْم الْقِيَامَة عذب ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني عبد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم الْعَبْدي، ثَنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، ثَنَا أَبُو يُونُس الْقشيرِي، ثَنَا ابْن أبي مليكَة، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ أحد يُحَاسب إِلَّا هلك. قلت: يَا رَسُول الله، أَلَيْسَ الله يَقُول: {حسابا يَسِيرا} ؟ قَالَ: ذَلِك الْعرض، وَلَكِن من نُوقِشَ الْحساب هلك ".
بَاب مَا جَاءَ أَنه يَجْعَل لكل مُسلم فدَاه من النَّار
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن طَلْحَة بن يحيى، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دفع الله إِلَى كل مُسلم يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا فَيَقُول: هَذَا فكاكك من النَّار ".
وَلمُسلم فِي لفظ آخر فِي هَذَا الحَدِيث: " لَا يَمُوت رجل مُسلم إِلَّا أَدخل الله مَكَانَهُ النَّار يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا ".
رَوَاهُ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، عَن عَفَّان بن مُسلم، عَن همام، عَن قَتَادَة، عَن عون وَسَعِيد بن أبي بردة، كِلَاهُمَا عَن أبي بردة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
بَاب ذكر الْحَوْض
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا يحيى بن سليم، عَن ابْن خَيْثَم، عَن(3/393)
عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، سمع عَائِشَة تَقول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول بَين ظهراني أَصْحَابه: " إِنِّي على الْحَوْض أنْتَظر من يرد عَليّ مِنْكُم، فوَاللَّه ليقتطعن دوني رجال، فلأقولن: أَي رب مني وَمن أمتِي. فَيَقُول: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا عمِلُوا بعْدك مَا زَالُوا يرجعُونَ على أَعْقَابهم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب وَابْن نمير، قَالُوا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن [شَقِيق] عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض، ولأنازعن أَقْوَامًا، ثمَّ لأغلبن عَلَيْهِم، فَأَقُول: يَا رب، أَصْحَابِي أَصْحَابِي. فَيَقُول: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك ".
مُسلم: حَدثنَا دَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ، ثَنَا نَافِع بن عمر الجُمَحِي، عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: قَالَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حَوْضِي مسيرَة شهر، وزواياه سَوَاء، مَاؤُهُ أَبيض من الْوَرق، وريحه أطيب من الْمسك، كيزانه كنجوم السَّمَاء، فَمن شرب مِنْهُ، فَلَا يظمأ بعده أبدا ".
قَالَ: وَقَالَت أَسمَاء ابْنة أبي بكر: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي على الْحَوْض حَتَّى أنظر من يرد عَليّ مِنْكُم، وسيؤخذ أنَاس دوني، فَأَقُول: يَا رب، مني وَمن أمتِي. فَيُقَال: أما شَعرت مَا عمِلُوا بعْدك، وَالله مَا برحوا بعْدك يرجعُونَ على أَعْقَابهم. قَالَ: فَكَانَ ابْن أبي مليكَة يَقُول: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك أَن نرْجِع على أعقابنا، ونفتن عَن ديننَا ".(3/394)
مُسلم: حَدثنِي يُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصَّدَفِي، أَنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو - وَهُوَ ابْن الْحَارِث - أَن بكيراً حَدثهُ، عَن الْقَاسِم بن عَبَّاس الْهَاشِمِي، عَن عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة، عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت: " كنت أسمع النَّاس يذكرُونَ الْحَوْض، وَلم أسمع ذَلِك من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا من ذَلِك، وَالْجَارِيَة تمشطني، فَسمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: أَيهَا النَّاس. فَقلت لِلْجَارِيَةِ: استأخري عني. قَالَت: إِنَّمَا دَعَا الرِّجَال وَلم يدع النِّسَاء. فَقلت: إِنِّي من النَّاس، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي فَرَطكُمْ على الْحَوْض، فإياي لَا يَأْتِين أحدكُم فيذب عني كَمَا يذي الْبَعِير الضال، فَأَقُول: فيمَ هَذَا؟ فَيُقَال: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك. فَأَقُول: سحقاً ".
مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا وهيب، سَمِعت عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب يحدث قَالَ: ثَنَا أنس بن مَالك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ليردن على الْحَوْض رجال مِمَّن صاحبني، حَتَّى إِذا رَأَيْتهمْ وَرفعُوا إِلَيّ اختلجوا دوني، فلأقولن: أَي رب أصيحابي أصيحابي؟ فليقالن: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك ".
قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل بن سَالم الصَّائِغ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام - وَاللَّفْظ لَهُ - قَالَا: ثَنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل النَّهْدِيّ أَبُو غَسَّان، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الله القمي الْأَشْعَرِيّ، عَن حَفْص بن حميد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي مُمْسك بِحُجزِكُمْ هَلُمَّ عَن النَّار، وتغلبوني، تقاحمون فِيهَا تَقَاحم الْفراش وَالْجَنَادِب، وأوشك أَن أرسل حُجُزكُمْ، وأفرط لكم على الْحَوْض،(3/395)
و [تردون] عَليّ مَعًا وأشتاتاً، فأعرفكم بأسمائكم وسيماكم كَمَا يعرف الرجل الغريبة فِي إبِله، فَيُؤْخَذ بكم ذَات الشمَال إِلَى النَّار، وأناشيد فِيكُم رب الْعَالمين: أَي رب رهطي، أَي رب أمتِي. فَيُقَال: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك، إِنَّهُم كَانُوا يَمْشُونَ بعْدك الْقَهْقَرَى ".
يَعْقُوب وَحَفْص صالحان.
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا [مُحَمَّد بن] مطرف، حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي فَرَطكُمْ على الْحَوْض، من مر عَليّ (يشرب) ، وَمن شرب لم يظمأ أبدا، ليردن عَليّ أَقوام أعرفهم ويعرفوني، ثمَّ يُحَال بيني وَبينهمْ ".
قَالَ أَبُو حَازِم: فسمعني النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش، فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعت من سهل؟ فَقلت: نعم. فَقَالَ: أشهد على أبي سعيد لسمعته، وَهُوَ يزِيد فِيهَا " فَأَقُول: إِنَّهُم مني. فَيُقَال: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك. فَأَقُول: سحقاً سحقاً لمن غير بعدِي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي، ثَنَا مُحَمَّد بن فليح، ثَنَا أبي، ثَنَا هِلَال، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " (بَيْنَمَا) أَنا (قَائِم) فَإِذا زمرة حَتَّى إِذا عرفتهم خرج رجل من بيني وَبينهمْ، فَقَالَ: هَلُمَّ.(3/396)
فَقلت: أَيْن؟ قَالَ: إِلَى النَّار. وَالله قلت: وَمَا شَأْنهمْ؟ قَالَ: إِنَّهُم ارْتَدُّوا بعْدك على أدبارهم الْقَهْقَرَى، فَلَا أرَاهُ يخلص فيهم إِلَّا مثل همل النعم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو غَسَّان المسمعي وَمُحَمّد بن مثنى وَابْن بشار - وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة - قَالُوا: ثَنَا معَاذ - وَهُوَ ابْن هِشَام - حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن سَالم ابْن أبي الْجَعْد، عَن معدان بن أبي طَلْحَة الْيَعْمرِي، عَن ثَوْبَان، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي لبعقر حَوْضِي أذود النَّاس عَنهُ لأهل الْيمن، أضْرب بعصاي حَتَّى يرفض عَلَيْهِم. فَسئلَ عَن عرضه، فَقَالَ: من مقَامي إِلَى عمان. وَسُئِلَ عَن شرابه، فَقَالَ: أَشد بَيَاضًا من اللَّبن، وَأحلى من الْعَسَل، يثعب فِيهِ مِيزَابَانِ يمدانه من الْجنَّة: أَحدهمَا من ذهب، وَالْآخر من ورق ".
قَالَ مُسلم: وثنا يحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ وَمُحَمّد بن عبد الله [الرزي] قَالَا: حَدثنَا خَالِد بن الْحَارِث، عَن سعيد، عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ أنس بن مَالك: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نرى فِيهِ أَبَارِيق الذَّهَب وَالْفِضَّة كعدد نُجُوم السَّمَاء ".
ثَنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا الْحسن بن مُوسَى، ثَنَا شَيبَان، عَن قَتَادَة، ثَنَا أنس ابْن مَالك، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ مثله وَزَاد: " أَو أَكثر من عدد نُجُوم السَّمَاء ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَن أنس بن مَالك حَدثهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قدر حَوْضِي(3/397)
كَمَا بَين أَيْلَة وَصَنْعَاء من الْيمن، وَإِن فِيهِ من الآباريق كعدد نُجُوم السَّمَاء ".
قَالَ مُسلم: وثنا عَاصِم بن النَّضر و [هريم] بن عبد الْأَعْلَى - وَاللَّفْظ لعاصم - قَالَ: ثَنَا مُعْتَمر، سَمِعت أبي، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا بَين ناحيتي حَوْضِي كَمَا بَين صنعاء وَالْمَدينَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا هدبة بن خَالِد، ثَنَا همام، ثَنَا قَتَادَة، ثَنَا أنس بن مَالك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَيْنَمَا [أَنا] أَسِير فِي الْجنَّة إِذا [أَنا] بنهر حافتاه قباب الدّرّ المجوف، قلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك رَبك، فَإِذا طيبه - أَو طينه - مسك أذفر " شكّ هدبة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عبد الصَّمد الْعمي عبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد، ثَنَا أَبُو عمرَان الْجونِي، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، مَا آنِية الْحَوْض؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لآنيته أَكثر من عدد نُجُوم السَّمَاء وكواكبها فِي لَيْلَة مظْلمَة مصحية من آنِية الْجنَّة، من شرب مِنْهَا لم يظمأ آخر مَا عَلَيْهِ، عرضه مثل طوله مَا بَين عمان إِلَى أَيْلَة، [مَاؤُهُ] أَشد بَيَاضًا من اللَّبن، وَأحلى من الْعَسَل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(3/398)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا يحيى بن صَالح، ثَنَا مُحَمَّد بن المُهَاجر، عَن الْعَبَّاس، عَن أبي سَلام الحبشي قَالَ: " بعث إِلَيّ عمر بن عبد الْعَزِيز، فَحملت على الْبَرِيد، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لقد شقّ عَليّ مركبي الْبَرِيد. فَقَالَ: يَا أَبَا سَلام، مَا أردْت أَن أشق عَلَيْك، وَلَكِنِّي بَلغنِي عَنْك حَدِيث تحدثه عَن ثَوْبَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَحْبَبْت أَن تشافهني بِهِ قَالَ أَبُو سَلام: حَدثنِي ثَوْبَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: حَوْضِي من عدن إِلَى عمان البلقاء، مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن، وَأحلى من الْعَسَل، وأكاويبه عدد نُجُوم السَّمَاء، من شرب مِنْهُ شربة لم يظمأ بعْدهَا أبدا، أول النَّاس وروداً عَلَيْهِ فُقَرَاء الْمُهَاجِرُونَ، الشعث رُءُوسًا، الدنس ثيابًا، الَّذين لَا ينْكحُونَ المتنعمات، وَلَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السدد. قَالَ عمر: لكني نكحت المتنعمات، وَفتح لي السدد، ونكحت فَاطِمَة بنت عبد الْملك، لَا جرم لَا أغسل رَأْسِي حَتَّى يشعث، وَلَا أغسل ثوبي الَّذِي يَلِي جَسَدِي حَتَّى يتسخ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن معدان بن أبي طَلْحَة عَن ثَوْبَان.
روى الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق، ثَنَا الْحُسَيْن بن [الْحسن] بن عَطِيَّة، عَن أَبِيه، عَن عَطِيَّة، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لي حوضاً مَا بَين بَيت الْمُقَدّس إِلَى الْكَعْبَة، أَبيض من اللَّبن، فِيهِ عدد الْكَوَاكِب آنِية، وَأَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض، وَلكُل نَبِي حَوْض، وكل نَبِي يَدْعُو أمته، فَمنهمْ من يرد عَلَيْهِ فِئَام من النَّاس، وَمِنْهُم من يرد عَلَيْهِ مَا هُوَ دون ذَلِك، وَمِنْهُم من يرد عَلَيْهِ الْعِصَابَة، وَمِنْهُم من يرد عَلَيْهِ الرّجلَانِ وَالرجل، وَمِنْهُم من لَا يرد عَلَيْهِ أحد، فَيَقُول: اللَّهُمَّ قد بلغت، اللَّهُمَّ قد بلغت - ثَلَاثًا - أَحْسبهُ قَالَ: وَأَنا أَكثر الْأَنْبِيَاء تبعا ".
الْحُسَيْن وَالْحسن ضعيفان.(3/399)
بَاب ذكر الصِّرَاط ودرجات النَّاس فِي الْمُرُور عَلَيْهِ
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن أبي الْفضل، عَن الشّعبِيّ، عَن عَائِشَة قَالَت: " قلت: يَا رَسُول الله، أتذكرون أهاليكم يَوْم الْقِيَامَة؟ فَقَالَ: أما عِنْد ثَلَاث فَلَا: عِنْد الْكتاب، وَعند الْمِيزَان، وَعند الصِّرَاط ".
أَبُو خَالِد الْأَحْمَر اسْمه سُلَيْمَان بن حَيَّان، ثِقَة مَشْهُور، وَأَبُو الْفضل الَّذِي يروي عَن الشّعبِيّ اسْمه عبيد بن أبي أُميَّة، وَالِد يعلى بن عبيد، وَهُوَ ثِقَة، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل، إِمَام جليل أدْرك خَمْسمِائَة من الصَّحَابَة أَو أَكثر.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن طريف بن خَليفَة البَجلِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا أَبُو مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة. وَأَبُو مَالك، عَن ربعي عَن (أبي هُرَيْرَة وَحُذَيْفَة) قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يجمع الله - تبَارك وَتَعَالَى - النَّاس، فَيقوم الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تزلف لَهُم الْجنَّة، فَيَأْتُونَ آدم، فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا استفتح لنا الْجنَّة. فَيَقُول: وَهل أخرجكم من الْجنَّة إِلَّا خَطِيئَة أبيكم آدم، لست بِصَاحِب ذَلِك، اذْهَبُوا إِلَى ابْني إِبْرَاهِيم خَلِيل الله. قَالَ: فَيَقُول: إِبْرَاهِيم: - عَلَيْهِ السَّلَام -: لست بِصَاحِب ذَلِك، إِنَّمَا كنت خَلِيلًا من وَرَاء وَرَاء، اعمدوا إِلَى مُوسَى الَّذِي كَلمه الله تكليماً. فَيَأْتُونَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - فَيَقُول: لست بِصَاحِب ذَلِك، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى كلمة الله وروحه. فَيَقُول عِيسَى: لست بِصَاحِب ذَلِك. فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَيقوم وَيُؤذن لَهُ، فترسل الْأَمَانَة وَالرحم، فتقومان جنبتي الصِّرَاط يَمِينا وَشمَالًا، فيمر أولكم كالبرق. قَالَ: قلت: بِأبي أَنْت وَأمي أَي شَيْء كمر الْبَرْق؟ قَالَ: ألم تروا إِلَى الْبَرْق كَيفَ يمر، وَيرجع فِي طرفَة عين، ثمَّ كمر الرّيح، ثمَّ كمر الطير وَشد الرِّجَال تجْرِي بهم أَعْمَالهم، ونبيكم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم على الصِّرَاط، فَيَقُول: رب سلم سلم. حَتَّى تعجز أَعمال الْعباد حَتَّى يَجِيء الرجل فَلَا يَسْتَطِيع السّير إِلَّا زحفاً، قَالَ: وَفِي حافتي الصِّرَاط كلاليب معلقَة مأمورة بِأخذ(3/400)
من أمرت بِهِ، فمخدوش نَاجٍ، ومكدوس فِي النَّار. وَالَّذِي نفس أبي هُرَيْرَة بِيَدِهِ إِن قَعْر جَهَنَّم لسبعون خَرِيفًا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث بن سعد، عَن خَالِد بن يزِيد، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن زيد، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " قُلْنَا: يَا رَسُول [الله] هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: هَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس إِذا كَانَت صحواً؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: فَإِنَّكُم لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة ربكُم يَوْمئِذٍ إِلَّا كَمَا تضَارونَ فِي [رؤيتها] ، ثمَّ قَالَ: يُنَادي مُنَاد: ليذْهب كل قوم إِلَى مَا كَانُوا يعْبدُونَ، فَيذْهب أَصْحَاب الصَّلِيب مَعَ صليبهم، وَأَصْحَاب الْأَوْثَان مَعَ أوثانهم، وَأَصْحَاب كل آلِهَة مَعَ آلِهَتهم، حَتَّى تبقى من كَانَ يعبد الله من بر أَو فَاجر وغبرات من أهل الْكتاب، ثمَّ يُؤْتى بجهنم تعرض كَأَنَّهَا السراب، فَيُقَال للْيَهُود: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ؟ (فَيَقُولُونَ) : كُنَّا نعْبد عُزَيْر ابْن الله. فَيُقَال: كَذبْتُمْ لم يكن لله صَاحِبَة وَلَا ولد، فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيد أَن تسقينا. فَقَالَ: اشربوا. فيتساقطون فِي جَهَنَّم. ثمَّ يُقَال لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الْمَسِيح ابْن الله. فَيَقُول: كَذبْتُمْ، لم يكن لله صَاحِبَة وَلَا ولد، فَمَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: نُرِيد أَن تسقينا. فَيُقَال: اشربوا. فيتساقطون، حَتَّى يبْقى من كَانَ يعبد الله - عز وَجل - من بر أَو فَاجر فَيُقَال لَهُم: مَا يجلسكم، وَقد ذهب النَّاس؟ فَيَقُولُونَ:(3/401)
فارقناهم وَنحن أحْوج منا إِلَيْهِ الْيَوْم، وَإِنَّا سمعنَا منادياً يُنَادي ليلحق كل قوم بِمَا كَانُوا يعْبدُونَ، وَإِنَّا نَنْتَظِر رَبنَا - عز وَجل. قَالَ: فيأتيهم الْجَبَّار - جلّ ثَنَاؤُهُ - فِي صُورَة غير صورته الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أول مرّة، فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: أَنْت رَبنَا؟ فَلَا يكلمهُ إِلَّا الْأَنْبِيَاء، فَيُقَال: هَل بَيْنكُم وَبَينه آيَة (تعرفونها) ؟ فَيَقُولُونَ: السَّاق. فَيكْشف عَن سَاقه، فَيسْجد لَهُ كل مُؤمن، وَيبقى كل من كَانَ يسْجد لله رِيَاء وَسُمْعَة، فَيذْهب كَيْمَا يسْجد، فَيَعُود ظَهره طبقًا وَاحِدًا، ثمَّ يُؤْتى بالجسر فَيجْعَل بَين ظَهْري جَهَنَّم. قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا الجسر؟ [قَالَ] : مدحضة مزلة عَلَيْهِ خطاطيف، وكلاليب، حسكة (مطلفحة) لَهَا شَوْكَة عقيفة تكون بِنَجْد يُقَال: لَهَا السعدان، الْمُؤمن عَلَيْهَا كالطرف، وكالبرق، وكالريح، وكأجاويد الْخَيل والركاب، فناج مُسلم، وناج مخدوش، ومكدوس فِي نَار جَهَنَّم، حَتَّى يمر آخِرهم يسحب سحباً، فَمَا أَنْتُم بأشد لي مناشدة فِي الْحق قد تبين لكم من الْمُؤمن يَوْمئِذٍ للجبار، وَإِذا رَأَوْا أَنهم قد نَجوا فِي إخْوَانهمْ يَقُولُونَ: رَبنَا إِخْوَاننَا كَانُوا يصلونَ، مَعنا وَيَصُومُونَ مَعنا، ويعملون مَعنا. فَيَقُول الله: اذْهَبُوا فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال دِينَار من إِيمَان فأخرجوه، وَيحرم صورهم على النَّار، وَبَعْضهمْ قد غَابَ فِي النَّار إِلَى قَدَمَيْهِ، وَإِلَى أَنْصَاف سَاقيه، فَيخْرجُونَ من عرفُوا، ثمَّ يعودون، فَيَقُول: اذْهَبُوا فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال نصف دِينَار فأخرجوه، فَيخْرجُونَ من عرفُوا، ثمَّ يعودون، فَيَقُول: اذْهَبُوا فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان فاخرجوه، فَيخْرجُونَ من عرفُوا. وَقَالَ أَبُو سعيد: وَإِذا لم تصدقوني، فاقرءوا {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا} ، فَيشفع النَّبِيُّونَ وَالْمَلَائِكَة(3/402)
والمؤمنون، فَيَقُول الْجَبَّار - جلّ وَعز -: بقيت شَفَاعَتِي. فَيقبض قَبْضَة من النَّار، فَيخرج أَقْوَامًا قد [امتحشوا] فيلقون فِي نهر بأفواه الْجنَّة يُقَال لَهُ الْحَيَاة، فيبنون فِي حافتيه كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل، وَقد رأيتموها إِلَى جَانب الصَّخْرَة، وَإِلَى جَانب الشَّجَرَة، فَمَا كَانَ إِلَى الشَّمْس مِنْهَا كَانَ أَخْضَر، وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الظل كَانَ أَبيض، فَيخْرجُونَ كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ، فَيجْعَل فِي رقابهم الخواتيم فَيدْخلُونَ الْجنَّة، فَيَقُول أهل الْجنَّة: هَؤُلَاءِ عُتَقَاء الرَّحْمَن، فأدخلهم الْجنَّة بِغَيْر عمل عملوه، وَلَا خير قدموه، فَيُقَال لَهُم: لكم مَا رَأَيْتُمْ، وَمثله مَعَه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن ابْن شهَاب، عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّاس قَالُوا: يَا رَسُول الله، هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل تضَارونَ فِي الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك، يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول: من كَانَ يعبد شَيْئا فليتبعه. فَيتبع من كَانَ يعبد الشَّمْس الشَّمْس، وَيتبع من كَانَ يعبد الْقَمَر الْقَمَر، وَيتبع من كَانَ يعبد الطواغيت الطواغيت، وَتبقى هَذِه الْأمة فِيهَا شافعوها - أَو منافقوها، شكّ إِبْرَاهِيم - فيأتيهم الله، فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَاننَا حَتَّى يأتينا رَبنَا، فَإِذا جَاءَنَا رَبنَا عَرفْنَاهُ، فيأتيهم الله فِي صورته الَّتِي يعْرفُونَ، فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: أَنْت رَبنَا، فيتبعونه، وَيضْرب الصِّرَاط بَين ظَهْري جَهَنَّم، فَأَكُون أَنا وَأمتِي أول من (يُجِيز) وَلَا يتَكَلَّم يَوْمئِذٍ إِلَّا الرُّسُل، وَدَعوى الرُّسُل يَوْمئِذٍ: اللَّهُمَّ سلم سلم ... " وَذكر بَقِيَّة حَدِيثه.(3/403)
وللبخاري: أَيْضا فِي بعض أَلْفَاظه من الحَدِيث: " فَأَكُون أول من يجوز من الرُّسُل بأمته " رَوَاهُ عَن أبي الْيَمَان، عَن شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد وَعَطَاء، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَلمُسلم بن الْحجَّاج - رَحمَه الله - فِي هَذَا الحَدِيث: " قَالُوا: يَا رَبنَا، فارقنا النَّاس فِي الدُّنْيَا أفقر مَا كُنَّا إِلَيْهِم، وَلم نصاحبهم، فَيَقُول: أَنا ربكُم، فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، وَلَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ". وَقد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان.
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن سعيد وَإِسْحَاق بن مَنْصُور، كِلَاهُمَا عَن روح، قَالَ عبيد الله: ثَنَا روح بن عبَادَة الْقَيْسِي، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير " أَنه سمع جَابر بن عبد الله يسْأَل عَن الْوُرُود، فَقَالَ: (نجيء نَحن يَوْم الْقِيَامَة عَن كَذَا وَكَذَا انْظُر أَي ذَلِك، فَوق النَّاس) قَالَ: فَتُدْعَى الْأُمَم بأوثانها، وَمَا كَانَت تعبد الأول فَالْأول، ثمَّ يأتينا رَبنَا بعد ذَلِك، فَيَقُول: من تنْظرُون؟ (فَنَقُول: رَبنَا) . فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُر إِلَيْك. فيتجلى لَهُم تبَارك وَتَعَالَى يضْحك / قَالَ: فَينْطَلق بهم ويتبعونه، وَيُعْطِي كل إِنْسَان مِنْهُم مُنَافِق أَو مُؤمن نورا، ثمَّ يتبعونه، وعَلى جسر جَهَنَّم كلاليب وحسك تَأْخُذ من شَاءَ الله، ثمَّ يطفأ نور الْمُنَافِقين، ثمَّ ينجو الْمُؤْمِنُونَ، فتنجو أول زمرة وُجُوههم كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر سَبْعُونَ ألفا لَا يحاسبون، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ كأضوأ نجم فِي السَّمَاء، ثمَّ كَذَلِك ثمَّ تحل الشَّفَاعَة، ويشفعون حَتَّى يخرج من النَّار من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن شعيرَة، فيجعلون بِفنَاء الْجنَّة، وَيجْعَل أهل الْجنَّة يرشون عَلَيْهِم المَاء حَتَّى يَنْبُتُونَ نَبَات الشَّيْء فِي السَّيْل، وَيذْهب حراقه، ثمَّ يسْأَل حَتَّى تجْعَل لَهُ الدُّنْيَا، وَعشرَة أَمْثَالهَا مَعهَا ".(3/404)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: قَالَ: ثَنَا [هَاشم] بن الْقَاسِم، ثَنَا أَبُو عقيل [عبد الله] بن عقيل الثَّقَفِيّ، عَن برد بن سِنَان الرهاوي، أَخْبرنِي أَبُو يحيى الكلَاعِي قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنِّي لأعْلم آخر رجل من أمتِي يجوز الصِّرَاط رجل يتلوى على الصِّرَاط كالغلام حِين يضْربهُ أَبوهُ، تزل يَده مرّة فتصيبها النَّار، وتزل رجله مرّة فتصيبها النَّار، قَالَ: فَتَقول لَهُ الْمَلَائِكَة: أَرَأَيْت إِن بَعثك الله من مقامك فمشيت سوياً أتخبرنا بِكُل عمل عملته؟ قَالَ: فَيَقُول: إِي وعزته لَا أكتمكم من عَمَلي شَيْئا. قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: قُم فأمش سويا. قَالَ: فَيقوم فَيَمْشِي حَتَّى يُجَاوز الصِّرَاط. فَيَقُولُونَ لَهُ أخبرنَا
بأعمالك الَّتِي عملت فَيَقُول فِي نَفسه: إِن أَخْبَرتهم بِمَا عملت ردوني إِلَى مَكَاني
قَالَ: فَيَقُول: لَا، وعزته مَا أذنبت ذَنبا قطّ. قَالَ: فَيَقُولُونَ: إِنَّا لنا عَلَيْك بَيِّنَة: قَالَ: فيلتفت يَمِينا وَشمَالًا هَل يرى من الْآدَمِيّين مِمَّن كَانَ يشْهد فِي الدُّنْيَا فَلَا يرى فَيَقُول: هاتوا بينتكم. فيختم الله على فِيهِ وتنطق يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَفَخذه بِعَمَلِهِ، فَيَقُول: إِي وَعزَّتك لقد عملتها، وَإِن عِنْدِي للعظائم المطمرات. قَالَ: فَيَقُول الله: اذْهَبْ، فقد غفرتها لَك ".
وَأَبُو يحيى اسْمه سليم بن عَامر.
بَاب بعث النَّار
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، حَدثنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا أَبُو صَالح، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول الله: يَا آدم فَيَقُول: لبيْك(3/405)
وَسَعْديك. فينادى بِصَوْت: إِن الله يَأْمُرك أَن تخرج من ذريتك بعثاً إِلَى النَّار ".
بَاب مَا جَاءَ أَن بعث النَّار من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول الله - عز وَجل -: يَا آدم. فَيَقُول: لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك. قَالَ: يَقُول: أخرج بعث النَّار. قَالَ: وَمَا بعث النَّار؟ قَالَ: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين. قَالَ: فَذَاك حِين يشيب الصَّغِير، وتضع كل ذَات حمل حملهَا، وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى، وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد. قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِم، قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَيّنَا ذَلِك الرجل؟ فَقَالَ: أَبْشِرُوا فَإِن من يَأْجُوج وَمَأْجُوج ألفا ومنكم رجل. قَالَ: ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأطمع أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة. فحمدنا الله - عز وَجل - وَكَبَّرْنَا، ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأطمع أَن تَكُونُوا ثلث أهل الْجنَّة. فحمدنا الله وَكَبَّرْنَا. ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأطمع أَن تَكُونُوا شطر أهل الْجنَّة، إِن مثلكُمْ فِي الْأُمَم كَمثل الشعرة الْبَيْضَاء فِي جلده الثور الْأسود، أَو كالرقمة فِي ذِرَاع الْحمار ".
وَفِي بعض الْأَلْفَاظ الحَدِيث من الزِّيَادَة: " اللَّهُمَّ هَل بلغت ".
بَاب مَا جَاءَ فِي أهل الفترة
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، [عَن الْحسن] عَن الْأسود بن سريع عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يعرض على الله - تبَارك وَتَعَالَى -: الْأَصَم الَّذِي لَا يسمع شَيْئا، والأحمق، والهرم، وَرجل(3/406)
مَاتَ فِي الفترة، فَيَقُول: الْأَصَم: رب جَاءَ الْإِسْلَام وَمَا أسمع شَيْئا. وَيَقُول الأحمق: رب جَاءَ وَمَا أَعقل شَيْئا. وَيَقُول الَّذِي مَاتَ فِي الفترة: رب مَا أَتَانِي ذَلِك من رَسُول - قَالَ أَبُو بكر: وَذهب عني مَا قَالَ الرَّابِع - قَالَ: فَيَأْخُذ مواثيقهم ليطيعنه، فَيُرْسل إِلَيْهِم - تبَارك وَتَعَالَى -: ادخُلُوا النَّار. فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ، لَو دخلوها لكَانَتْ عَلَيْهِم بردا وَسلَامًا ".
وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة مثل هَذَا الحَدِيث غير أَنه قَالَ فِي آخرهَا: " فَمن دَخلهَا كَانَت عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا، وَمن لم يدخلهَا دخل النَّار ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ عَن غير أبي هُرَيْرَة، وَلَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقد روى ثَوْبَان عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعَن الْأسود بن سريع من غير وَجه، وَعَن أنس، وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ.
بَاب فِي سَعَة رَحْمَة الله تَعَالَى وَأَنَّهَا تغلب غَضَبه
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي: الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما خلق الله الْخلق كتب فِي كِتَابه فَهُوَ عِنْده فَوق الْعَرْش: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي ".
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن خشرم، ثَنَا أَبُو ضَمرَة، عَن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَطاء بن ميناء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما قضى الله الْخلق كتب فِي كِتَابه على نَفسه فَهُوَ مَوْضُوع عِنْده: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج،(3/407)
عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله لما قضى الْخلق كتب عِنْده فَوق الْعَرْش: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي ".
مُسلم: حَدثنَا حَرْمَلَة بن يحيى التجِيبِي، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَن سعيد بن الْمسيب أخبرهُ، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " جعل الله الرَّحْمَة مائَة جُزْء، فَأمْسك عِنْده تِسْعَة وَتِسْعين، وَأنزل فِي الأَرْض جُزْءا وَاحِدًا، فَمن ذَلِك الْجُزْء يتراحم الْخَلَائق حَتَّى ترفع الدَّابَّة حافرها عَن وَلَدهَا خشيَة أَن تصيبه ".
وَلمُسلم فِي لفظ آخر: " كل رَحْمَة مِنْهَا طباق مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَة ".
وَفِي لفظ آخر: " أخر الله تِسْعَة وَتِسْعين يرحم الله بهَا خلقه يَوْم الْقِيَامَة ". وَقد تقدم الحديثان فِي كتاب الْأَدَب.
بَاب فِي الشَّفَاعَة
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة وَإِسْحَاق، قَالَا: ثَنَا جرير، عَن الْمُخْتَار بن فلفل، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا أول النَّاس يشفع فِي الْجنَّة، وَأَنا الْأَكْثَر الْأَنْبِيَاء تبعا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الطُّفَيْل بن أبي، عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة كنت إِمَام النَّبِيين وخطبيهم وَصَاحب شفاعتهم غير فَخر ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن(3/408)
عَاصِم بن بَهْدَلَة، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَحْرُسهُ أَصْحَابه، فَقُمْت ذَات لَيْلَة فَلم أره فِي مَنَامه، فأخذني مَا حدث وَمَا قدم، فَقُمْت أنظر، فَإِذا معَاذ بن جبل قد لَقِي مثل الَّذِي لقِيت، فَسمِعت صَوتا مثل هدير الرحاوين يجوزهما، فوقفا على مكانيهما فجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من قبل الصَّوْت، فَقَالَ: هَل تدريان أَيْن كنت، أَو فيمَ كنت؟ قَالَا: أَيْن؟ قَالَ: أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فخيرني بَين أَن يدْخل شطر أمتِي الْجنَّة، وَبَين الشَّفَاعَة، فاخترت الشَّفَاعَة. فَقَالَا: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يجعلنا فِي شفاعتك. فَدَعَا لَهما، وَأَقْبل وأقبلا مَعَه، فَكلما لقِيه رجل سَأَلَهُ حَتَّى استقبله عظم النَّاس، فَأخْبرهُم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يجعلنا فِي شفاعتك. فَقَالَ: أَنْتُم فِي شَفَاعَتِي، وَمن لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا فَهُوَ فِي شَفَاعَتِي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مقَاتل، أَنا عبد الله، أَنا أَبُو حَيَّان التَّيْمِيّ، عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أُتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَحْم، فَرفع إِلَيْهِ الذِّرَاع، وَكَانَت تعجبه، فنهش مِنْهَا نهشة، ثمَّ قَالَ: أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة، وَهل تَدْرُونَ مِم ذَلِك؟ (يجمع الله النَّاس) الْأَوَّلين والآخرين فِي صَعِيد وَاحِد، يسمعهم الدَّاعِي وَينْفذهُمْ الْبَصَر، وتدنو الشَّمْس، ويبلغ النَّاس من الْغم وَالْكرب مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا يحْتَملُونَ، فَيَقُول النَّاس: أَلا ترَوْنَ مَا قد بَلغَكُمْ، أَلا تنْظرُون من يشفع لكم إِلَى ربكُم؟ فَيَقُول: بعض النَّاس لبَعض: عَلَيْكُم بِآدَم. فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْت أَبُو الْبشر خلقك الله [بِيَدِهِ] وَنفخ فِيك من روحه، وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك، اشفع لنا إِلَى رَبك، أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ، أَلا ترى إِلَى مَا قد بلغنَا. فَيَقُول آدم: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله، وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإنَّهُ قد نهاني عَن الشَّجَرَة فعصيته، نَفسِي نَفسِي نَفسِي،(3/409)
اذْهَبُوا إِلَى غبري اذْهَبُوا إِلَى نوح. فَيَأْتُونَ نوحًا، فَيَقُولُونَ: إِنَّك أَنْت أول الرُّسُل إِلَى أهل الأَرْض، وَقد سماك الله عبدا شكُورًا، اشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ؟ فَيَقُول: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله، وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإنَّهُ قد كنت لي دَعْوَة دعوتها على قومِي، نَفسِي نَفسِي نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيم. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيم، أَنْت نَبِي الله وخليله من أهل الأَرْض اشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ؟ فَيَقُول لَهُم: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله، وَلنْ بغضب بعده مثله، وَإِنِّي قد كنت كذبت ثَلَاث كذبات - فَذَكرهنَّ أَبُو حَيَّان فِي الحَدِيث - نَفسِي نَفسِي
نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى. فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى
أَنْت رَسُول الله فضلك الله بِرِسَالَاتِهِ وبكلامه على النَّاس، اشفع لنا إِلَى رَبك،
أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ؟ فَيَقُول: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله
مثله، وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإِنِّي قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نَفسِي نَفسِي
نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى. فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْت رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ، وَكلمت النَّاس فِي المهد، اشفع لنا إِلَى رَبك، أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ؟ فَيَقُول عِيسَى: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله قطّ، وَلنْ يغْضب بعده مثله - وَلم يذكر ذَنبا - نَفسِي نَفسِي نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّد. فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّد، أَنْت رَسُول الله وَخَاتم الْأَنْبِيَاء، وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر، اشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ؟ فأنطلق، فآتى تَحت الْعَرْش، فأقع سَاجِدا لرَبي، ثمَّ يفتح الله عَليّ من محامده وَحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ شَيْئا لم يَفْتَحهُ على أحد قبلي، ثمَّ يُقَال: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ [رَأسك] ، وسل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع. فأرفع رَأْسِي، فَأَقُول: أمتِي يَا رب، أمتِي يَا رب، أمتِي يَا رب.(3/410)
فَيُقَال: يَا مُحَمَّد، أَدخل من أمتك من لَا حِسَاب عَلَيْهِ من الْبَاب الْأَيْمن من أَبْوَاب الْجنَّة، وهم شُرَكَاء النَّاس فِيمَا سوى ذَلِك من الْأَبْوَاب ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن مَا بَين المصراعين من مصَارِع الْجنَّة كَمَا بَين مَكَّة وحمير، أَو كَمَا بَين مَكَّة وَبصرى ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، عَن ابْن وهب، أَنا مَالك بن أنس، عَن عَمْرو بن يحيى بن عمَارَة، أَخْبرنِي أبي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يدْخل الله أهل الْجنَّة الْجنَّة، يدْخل من يَشَاء برحمته، وَيدخل أهل النَّار النَّار، ثمَّ يَقُول: انْظُرُوا من وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من الْإِيمَان، فأخرجوه. فَيخْرجُونَ مِنْهَا حمماً قد امتحشوا، فيلقون فِي نهر الْحَيَاة - أَو الْحيَاء - فينبتون فِيهِ كَمَا تنْبت الْحبَّة إِلَى جَانب السَّيْل، ألم تَرَوْهَا كَيفَ تخرج صفراء ملتوية؟ ! ".
وَحدثنَا حجاج بن الشَّاعِر، ثَنَا عَمْرو بن عون، أَنا خَالِد، عَن عَمْرو بن يحيى بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " فيلقون فِي نهر يُقَال لَهُ: الْحَيَاة " وَلم يشك وَقَالَ: " كَمَا ينْبت الغثاء فِي جَانب السَّيْل ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يعذب نَاس من أهل التَّوْحِيد فِي النَّار حَتَّى يَكُونُوا حمماً، ثمَّ تُدْرِكهُمْ الرَّحْمَة، فَيخْرجُونَ، ويطرحون على أَبْوَاب الْجنَّة، قَالَ: فيرش عَلَيْهِم أهل الْجنَّة المَاء فينبتوا كَمَا ينْبت الغثاء فِي حميل السَّيْل، ثمَّ يدْخلُونَ الْجنَّة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/411)
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا سَالم بن نوح، ثَنَا الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أما أهل النَّار الَّذين هم أَهلهَا فَلَا يموتون فِيهَا وَلَا يحيون، وَأما الَّذين يُرِيد الله - تبَارك وَتَعَالَى - إخراجهم فتميتهم النَّار، ثمَّ يخرجُون مِنْهَا، فيلقون على نهر الْحَيَاة، فيرش عَلَيْهِم من مَائِهَا، فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل، ويدخلون الْجنَّة فيسميهم أهل الْجنَّة: الجهنميين، فَيدعونَ الله - تَعَالَى - فَيذْهب ذَلِك الِاسْم عَنْهُم ".
ثَنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه.
البُخَارِيّ: حَدثنَا هدبة بن خَالِد، ثَنَا همام، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يخرج قوم من النَّار بعد مَا مسهم مِنْهَا سفع، فَيدْخلُونَ الْجنَّة، فيسميهم أهل [الْجنَّة] : الجمهنميين ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: ثَنَا (شُعْبَة، عَن حَمَّاد) عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: ليخرجن أَقوام من النَّار منتنين قد محشتهم النَّار، فَيدْخلُونَ الْجنَّة برحمة الله وشفاعة الشافعين، يسمون: الجهنميين ".
الْبَزَّار: حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد وَالْحُسَيْن بن مهْدي - وَاللَّفْظ لزهير - أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن ثَابت، أَنه سمع أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الرجل ليشفع للرجلين وَالثَّلَاثَة ".(3/412)
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، ثَنَا أَحْمد بن عمرَان الأخنسي قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر بن عَيَّاش، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله أهل الْجنَّة صُفُوفا وَأهل النَّار صُفُوفا، فَينْظر الرجل من صُفُوف أهل النَّار إِلَى الرجل من صُفُوف أهل الْجنَّة فَيَقُول لَهُ: يَا فلَان، أما تذكر يَوْم اصطنعت إِلَيْك مَعْرُوفا فِي الدُّنْيَا. فَيَقُول: اللَّهُمَّ إِن هَذَا اصْطنع لي مَعْرُوفا فِي الدُّنْيَا. قَالَ: فَيُقَال لَهُ: خُذ بِيَدِهِ، وَأدْخلهُ الْجنَّة برحمة الله - عز وَجل. قَالَ أنس: أشهد أَنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُوله ".
وَذكر الطَّحَاوِيّ أَيْضا قَالَ: ثَنَا عَليّ بن شيبَة، ثَنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، أَنا النَّضر بن شُمَيْل، أَنا أَبُو نعَامَة الْعَدوي، ثَنَا أَبُو هنيدة الْبَراء بن نَوْفَل، عَن والان الْعَبْدي، عَن حُذَيْفَة، عَن أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أصبح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم ... . " فَذكر حَدِيثا طَويلا من حَدِيث يَوْم الْقِيَامَة، ثمَّ ذكر فِيهِ شَفَاعَة الشُّهَدَاء قَالَ: " ثمَّ يَقُول الله - عز وَجل -: أَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ انْظُرُوا فِي النَّار هَل فِيهَا من أحد عمل خيرا قطّ، فيجدون فِي النَّار رجلا، فَيُقَال لَهُ: هَل عملت خيرا قطّ؟ فَيَقُول: لَا، غير أَنِّي أمرت وَلَدي إِذا مت فاحرقوني بالنَّار، ثمَّ اطحنوا فِي حَتَّى إِذا كنت مثل الْكحل، فاذهبوا بِي إِلَى الْبَحْر فاذروني فِي الرّيح، فوَاللَّه لَا يقدر عَليّ رب الْعَالمين أبدا، فيعاقبني إِذْ عَاقَبت نَفسِي فِي الدُّنْيَا عَلَيْهِ. قَالَ الله: لم فعلت ذَلِك؟ قَالَ: من مخافتك. فَيَقُول: انْظُر ملكا، أعظم ملك، فَإِن لَك مثله وَعشرَة أَمْثَاله ".
أَبُو نعَامَة الْعَدوي اسْمه عَمْرو بن عِيسَى بن سُوَيْد، بَصرِي ثِقَة، وَأَبُو هنيدة ثِقَة، وَكَذَلِكَ والان، وَهُوَ والان بن بيهس، وَيُقَال: والان بن قرفة، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ - رَحمَه الله.
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، كِلَاهُمَا(3/413)
عَن جرير، قَالَ عُثْمَان: ثَنَا [جرير] عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُبَيْدَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي لأعْلم آخر أهل النَّار خُرُوجًا مِنْهَا، وَآخر أهل الْجنَّة دُخُولا الْجنَّة: رجل يخرج من النَّار حبواً، فَيَقُول الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجنَّة. فيأتيها فيخيل إِلَيْهِ أَنَّهَا ملأى، فَيرجع، فَيَقُول: يَا رب، وَجدتهَا ملأى. فَيَقُول الله لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجنَّة. قَالَ: فيأتيها، فيخيل إِلَيْهِ أَنَّهَا ملأى، فَيَقُول: يَا رب وَجدتهَا ملأى. فَيَقُول الله لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجنَّة، فَإِن لَك مثل الدُّنْيَا وَعشرَة أَمْثَالهَا - أَو إِن لَك عشرَة أَمْثَال الدُّنْيَا - قَالَ: فَيَقُول: أَتسخر بِي - أَو تضحك بِي - وَأَنت الْملك. قَالَ: لقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه، قَالَ: فَكَانَ يُقَال: ذَاك أدنى أهل الْجنَّة منزلا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي كريب - قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي لأعرف آخر أهل النَّار خُرُوجًا من النَّار: رجل يخرج مِنْهَا زحفاً، فَيُقَال لَهُ: انْطلق فَادْخُلْ الْجنَّة. قَالَ: فَيذْهب، فَيدْخل الْجنَّة، فيجد النَّاس قد أخذُوا الْمنَازل، فَيُقَال لَهُ: أَتَذكر الزَّمَان الَّذِي كنت فِيهِ؟ فَيَقُول: نعم. فَيُقَال لَهُ: تمنى. فيتمنى، فَيُقَال لَهُ: لَك الَّذِي تمنيت وَعشرَة أَضْعَاف الدُّنْيَا. فَيَقُول: أَتسخر بِي وَأَنت الْملك. قَالَ: فَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس، عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " آخر من يدْخل الْجنَّة رجل، فَهُوَ يمشي مرّة، ويكبو مرّة، وتسفعه النَّار مرّة، فَإِذا مَا جاوزها الْتفت إِلَيْهَا، فَقَالَ: تبَارك الَّذِي نجاني مِنْك، لقد أَعْطَانِي الله شَيْئا مَا أعطَاهُ(3/414)
أحدا من الْأَوَّلين والآخرين. فَترفع لَهُ شَجَرَة فَيَقُول: أَي رب أدنني من هَذِه الشَّجَرَة فلأستظل بظلها، وأشرب من مَائِهَا. فَيَقُول: - الله عز وَجل -: يَا ابْن آدم، لعَلي إِن أعطيتكها تَسْأَلنِي غَيرهَا. فَيَقُول: لَا يَا رب. ويعاهده أَن لَا يسْأَله غَيرهَا، وربه يعذرهُ؛ لِأَنَّهُ يرى مَا لَا صَبر لَهُ عَلَيْهِ، فيدنيه مِنْهَا، فيستظل بظلها، وَيشْرب من مَائِهَا، ثمَّ ترفع لَهُ شَجَرَة هِيَ أحسن من الأولى، فَيَقُول: يَا رب، أدنني من هَذِه لأشرب من مَائِهَا، وأستظل بظلها، لَا أَسأَلك غَيرهَا. فَيَقُول: يَا ابْن آدم، ألم تعاهدني أَن لَا تَسْأَلنِي غَيرهَا. فَيَقُول: لعَلي إِن أدنيتك مِنْهَا تَسْأَلنِي غَيرهَا، فيعاهده أَن لَا يسْأَله غَيرهَا، وربه يعذرهُ؛ لِأَنَّهُ يرى مَا لَا صَبر لَهُ عَلَيْهِ فيدنيه مِنْهَا، فيستظل
بظلها، وَيشْرب من مَائِهَا، ثمَّ ترفع لَهُ شَجَرَة عِنْد بَاب الْجنَّة هِيَ أحسن من
الأولتين فَيَقُول: أَي رب، أدنني من هَذِه لأستظل بظلها، وأشرب من مَائِهَا، لَا
أَسأَلك غَيرهَا. فَيَقُول: يَا ابْن آدم، ألم تعاهدني أَن لَا تَسْأَلنِي غَيرهَا؟ قَالَ. بلَى يَا
رب لَا أَسأَلك غَيرهَا. وربه يعذرهُ؛ لِأَنَّهُ يرى مَا لَا صَبر لَهُ عَلَيْهِ، فيدنيه مِنْهَا،
فَإِذا أدناه مِنْهَا فَيسمع أصوات أهل الْجنَّة، فَيَقُول: يَا رب أدخلنيها. فَيَقُول: يَا ابْن آدم مَا يصريني مِنْك؟ أيرضيك أَن أُعْطِيك الدُّنْيَا وَمثلهَا مَعهَا؟ قَالَ: يَا رب، أتستهزئ مني وَأَنت رب الْعَالمين؟ فَضَحِك ابْن مَسْعُود فَقَالَ: أَلا تَسْأَلُونِي مِم
أضْحك؟ قَالَ: هَكَذَا ضحك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا: مِم تضحك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: من ضحك رب الْعَالمين حِين قَالَ: أتستهزئ مني وَأَنت رب الْعَالمين؟ فَيَقُول: إِنِّي لَا أستهزئ مِنْك، ولكنى على مَا أَشَاء قَادر ".
ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى - يَعْنِي ابْن أبي بكير - ثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة رجل صرف الله وَجهه عَن النَّار قبل الْجنَّة، وَمثل لَهُ شَجَرَة ذَات ظلّ، فَقَالَ: أَي [رب] قدمني إِلَى هَذِه الشَّجَرَة أكون فِي ظلها ... " وسَاق الحَدِيث بِنَحْوِ حَدِيث ابْن مَسْعُود فَلم يذكر(3/415)
فِيهِ: " فَيَقُول: يَا ابْن آدم مَا يصريني مِنْك ... " إِلَى آخر الحَدِيث، وَزَاد فِيهِ: " ويذكره الله سل كَذَا وَكَذَا، فَإِذا انْقَطَعت بِهِ الْأَمَانِي قَالَ الله: هُوَ لَك وَعشرَة أَمْثَاله، ثمَّ يدْخل بَيته، فَيدْخل عَلَيْهِ زوجتاه من الْحور الْعين، فَيَقُولَانِ: الْحَمد لله الَّذِي أحياك وَأَحْيَانا لَك. قَالَ: فَيَقُول: مَا أعطي أحد مثل مَا أَعْطَيْت ".
قد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان فِي أَبْوَاب الشَّفَاعَة جملَة شافية من هَذَا الْبَاب، وَالْحَمْد لله.
بَاب ذكر أول من يدْخل الْجنَّة
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو بن مُحَمَّد النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَا: ثَنَا هَاشم ابْن الْقَاسِم، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " آتِي بَاب الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة فأستفتح، فَيَقُول الخازن: من أَنْت؟ فَأَقُول: مُحَمَّد. [فَيَقُول] : بك أمرت، لَا أفتح لأحد قبلك ".
بَاب ذكر كم يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَنا يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يدْخل الْجنَّة من أمتِي زمرة هم سَبْعُونَ ألفا تضيء وُجُوههم إضاءة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَقَامَ عكاشة بن مُحصن الْأَسدي يرفع نمرة عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم. ثمَّ قَامَ رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: سَبَقَك بهَا عكاشة ".(3/416)
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن أبي حَازِم - عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ليدخلن الْجنَّة من أمتِي سَبْعُونَ ألفا، أَو سَبْعمِائة ألف - لَا يدْرِي أَبُو حَازِم أَيهمَا قَالَ - متماسكون آخذ بَعضهم بَعْضًا، لَا يدْخل أَوَّلهمْ حَتَّى يدْخل آخِرهم، وُجُوههم على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر ".
الْبَزَّار: ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك، ثَنَا أَبُو عَاصِم الْعَبادَانِي، ثَنَا حميد، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يدْخل الْجنَّة من أمتِي سَبْعُونَ ألفا، مَعَ كل وَاحِد من السّبْعين ألفا سَبْعُونَ ألفا ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن حميد عَن أنس إِلَّا أَبُو عَاصِم. انْتهى كَلَام أبي بكر الْبَزَّار - رَحمَه الله.
أَبُو عَاصِم اسْمه عبد الله بن عبيد الله، قَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنِي أبي قَالَ: ثَنَا عَمْرو بن عَليّ قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِم الْعَبادَانِي وَكَانَ صَدُوقًا ثِقَة. وَقَالَ يحيى بن معِين: أَبُو عَاصِم الْعَبادَانِي صَالح الحَدِيث مَا بِهِ بَأْس. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: أَبُو عَاصِم شيخ.
التِّرْمِذِيّ حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي، سَمِعت أَبَا أُمَامَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " وَعَدَني رَبِّي أَن يدْخل الْجنَّة من أمتِي سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَلَا عَذَاب، مَعَ كل ألف سَبْعُونَ ألفا، وَثَلَاث حثيات من حثياته ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا ابْن أبي عدي، ثَنَا هِشَام ابْن عبد الله بن أبي عبد الله، عَن يحيى بن أبي كثير.(3/417)
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، عَن عَطاء بن يسَار، عَن رِفَاعَة بن عرابة قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى إِذا كُنَّا بالقديد - أَو قَالَ: بِقديد - جعل رجال منا يستأذنون إِلَى أَهْليهمْ، فَيَأْذَن لَهُم، فَحَمدَ الله، وَقَالَ خيرا، ثمَّ قَالَ: مَا بَال شقّ الشَّجَرَة الَّذِي يَلِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبْغض إِلَيْكُم من الشق الآخر؟ فَلم تَرَ عِنْد ذَلِك [من] الْقَوْم إِلَّا باكياً، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، إِن الَّذِي يستأذنك بعد هَذَا لسفيه - وَقَالَ أَبُو بكر: لشقي - فَحَمدَ الله، وَقَالَ خيرا، وَقَالَ: أشهد عِنْد الله إِلَّا يَمُوت عبد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله من قبله، ثمَّ يسدد إِلَّا سلك فِي الْجنَّة. ثمَّ قَالَ: وَعَدَني رَبِّي أَن يدْخل الْجنَّة من أمتِي سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَلَا عَذَاب، وَإِنِّي لأرجو أَلا يدخلوها حَتَّى تبوءوا أَنْتُم وَمن صلح من أزواجكم وذرياتكم مسَاكِن الْجنَّة ".
اللَّفْظ لأبي دَاوُد، حَدِيث أبي بكر بِمَعْنَاهُ.
بَاب مَا أول طَعَام أهل الْجنَّة
البُخَارِيّ: حَدثنَا حَامِد بن عمر البكراوي، عَن بشر بن الْمفضل، ثَنَا حميد، عَن أنس بن مَالك " أَن عبد الله بن سَلام بلغه مقدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة، فَأَتَاهُ يسْأَله، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهُنَّ إِلَّا نَبِي: مَا أول أَشْرَاط السَّاعَة؟ وَمَا أول طَعَام يَأْكُلهُ أهل الْجنَّة؟ وَمَا بَال الْوَلَد ينْزع إِلَى أَبِيه أَو إِلَى أمه؟ قَالَ: أَخْبرنِي بِهِ جِبْرِيل آنِفا. قَالَ ابْن سَلام: ذَلِك عَدو الْيَهُود من الْمَلَائِكَة. قَالَ: أما أول أَشْرَاط السَّاعَة: فَنَار تَحْشُرهُمْ من الْمشرق إِلَى الْمغرب، وَأما أول طَعَام يَأْكُلهُ أهل الْجنَّة فَزِيَادَة كبد الْحُوت، وَأما الْوَلَد فَإِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة نزع الْوَلَد، فَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل نزعت الْوَلَد. قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَنَّك رَسُول الله. قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن الْيَهُود قوم بهت، فَسلم عني قبل أَن يعلمُوا إسلامي.(3/418)
فَجَاءَت الْيَهُود، فَقَالَ: أَي رجل عبد الله فِيكُم قَالُوا: خيرنا وَابْن خيرنا، وأفضلنا وَابْن أفضلنا. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَرَأَيْتُم إِن أسلم عبد الله بن سَلام؟ قَالُوا: أَعَاذَهُ الله من ذَلِك. فَأَعَادَ عَلَيْهِم، فَقَالُوا مثل ذَلِك، فَخرج إِلَيْهِم عبد الله، فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. فَقَالُوا: شَرنَا وَابْن شَرنَا. وتنقصوه، قَالَ: هَذَا كنت أَخَاف يَا رَسُول الله ".
بَاب من صفة الْجنَّة وَمَا أعد الله لأَهْلهَا فِيهَا
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن عَمْرو الأشعثي وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَ زُهَيْر: ثَنَا، وَقَالَ سعيد: أَنا سُفْيَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - عز وَجل -: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ، وَلَا أذن سَمِعت، وَلَا خطر على قلب بشر. مصداق ذَلِك فِي كتاب الله - عز وَجل - {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة سنة ".
وثنا قُتَيْبَة، ثَنَا الْمُغيرَة الْحزَامِي، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثلِهِ، وَزَاد: " لَا يقطعهَا ".(3/419)
قَالَ مُسلم: وثنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، أَنا المَخْزُومِي، ثَنَا وهيب، عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا ".
قَالَ أَبُو حَازِم: فَحدثت بِهِ النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش، فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب الْجواد الْمُضمر السَّرِيع مائَة عَام مَا يقطعهَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان وَعبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، ثَنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول الله - عز وَجل -: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ، وَلَا أذن سَمِعت، وَلَا خطر على قلب بشر. اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} وَفِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا، واقرءوا إِن شِئْتُم: {وظل مَمْدُود} وَمَوْضِع سَوط فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، واقرءوا إِن شِئْتُم: ^) فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح بن سُلَيْمَان، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:(3/420)
" إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة سنة، واقرءوا إِن شِئْتُم: {وظل مَمْدُود} ".
" وَلَقَاب قَوس أحدكُم فِي الْجنَّة خير مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس، أَو تغرب ".
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا أَبُو سعيد الْأَشَج، ثَنَا زِيَاد بن الْحسن بن الْفُرَات الْقَزاز، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا فِي الْجنَّة شَجَرَة إِلَّا وساقها من ذهب ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد، ثَنَا ابْن وهب، حَدثنِي مَالك بن أنس، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله - عز وَجل - يَقُول لأهل الْجنَّة: يَا أهل الْجنَّة. فَيَقُولُونَ: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك، وَالْخَيْر فِي يَديك. فَيَقُول: هَل رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لنا لَا نرضى يَا رب، وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من خلقك. فَيَقُول: أَلا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك. فَيَقُولُونَ: يَا رب، وَأي شَيْء أفضل من ذَلِك؟ فَيَقُول: أحل عَلَيْكُم رِضْوَانِي، فَلَا أَسخط عَلَيْكُم بعده أبدا ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي مَالك بن أنس، عَن صَفْوَان بن سليم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أهل الْجنَّة ليتراءون [أهل الغرف] من فَوْقهم كَمَا(3/421)
تتراءون الْكَوْكَب الدُّرِّي الغابر من الْأُفق من الْمشرق أَو الْمغرب لتفاضل مَا بَينهم. قَالُوا: يَا رَسُول الله، تِلْكَ منَازِل الْأَنْبِيَاء لَا يبلغهَا غَيرهم. قَالَ: بلَى وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ رجال آمنُوا بِاللَّه، وَصَدقُوا الْمُرْسلين ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، جَمِيعًا عَن ابْن علية - وَاللَّفْظ ليعقوب - قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن علية، أَنا أَيُّوب، عَن مُحَمَّد قَالَ: " إِمَّا تفاخروا وَإِمَّا تَذَاكَرُوا: الرِّجَال أَكثر فِي الْجنَّة أم النِّسَاء؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أَو لم يقل أَبُو الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن أول زمرة تدخل الْجنَّة على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، وَالَّتِي تَلِيهَا على أَضْوَأ كَوْكَب دري فِي السَّمَاء، لكل امْرِئ مِنْهُم زوجتان اثْنَتَانِ يرى مخ سوقهما من وَرَاء اللَّحْم، وَمَا فِي الْجنَّة أعزب ".
ثَنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن ابْن سِيرِين قَالَ: " اخْتصم الرِّجَال وَالنِّسَاء أَيهمْ فِي الْجنَّة أَكثر فسألوا أَبَا هُرَيْرَة، فَقَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. . " مثل حَدِيث ابْن علية.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا أبي، عَن فُضَيْل بن مَرْزُوق، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أول زمرة يدْخلُونَ الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة ضوء وُجُوههم على مثل ضوء الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، والزمرة الثَّانِيَة على مثل أحسن كَوْكَب دري فِي السَّمَاء، لكل رجل مِنْهُم زوجتان، على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلَّة يرى مخ سَاقهَا من وَرَائِهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة وَزُهَيْر بن حَرْب - وَاللَّفْظ لقتيبة - قَالَا: ثَنَا جرير، عَن عمَارَة، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن(3/422)
أول زمرة يدْخلُونَ الْجنَّة على صور الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، وَالَّذين يَلُونَهُمْ على أَشد كَوْكَب دري فِي السَّمَاء إضاءة، لَا يَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يتمخطون، وَلَا يَتْفلُونَ، أمشاطهم الذَّهَب، ورشحهم الْمسك، ومجامرهم الألوة، وأزواجهم الْحور الْعين، أَخْلَاقهم على خلق رجل وَاحِد، على صُورَة أَبِيهِم آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - سِتُّونَ ذِرَاعا فِي السَّمَاء ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول زمرة تدخل الْجنَّة من أمتِي على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ على أَشد نجم فِي السَّمَاء إضاءة، ثمَّ هم بعد ذَلِك منَازِل، لَا يَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يتمخطون، وَلَا يبزقون، أمشاطهم الذَّهَب، ومجامرهم الألوة، ورشحهم الْمسك، وأخلاقهم على خلق رجل وَاحِد على طول أَبِيهِم - آدم عَلَيْهِ السَّلَام - سِتُّونَ ذِرَاعا " قَالَ ابْن أبي شيبَة: " على خلق رجل " وَقَالَ أَبُو كريب: " على خلق " وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: " على صُورَة أَبِيهِم ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا، وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول زمرة تلج الْجنَّة صورهم على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر لَا يبصقون فِيهَا، وَلَا يتمخطون، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ فِيهَا، آنيتهم وأمشاطهم من الذَّهَب وَالْفِضَّة، ومجامرهم من الألوة، ورشحهم الْمسك، وَلكُل وَاحِد مِنْهُم زوجتان يرى مخ سوقهما من وَرَاء اللَّحْم من الْحسن، لَا اخْتِلَاف بَينهم وَلَا تباغض، قُلُوبهم قلب وَاحِد يسبحون الله بكرَة وعشياً ".(3/423)
مُسلم: حَدثنَا الْحسن الْحلْوانِي، ثَنَا أَبُو عَاصِم، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَأْكُل أهل الْجنَّة فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يتمخطون، وَلَا يَبُولُونَ، وَلَكِن طعامهم ذَلِك جشاء كَرَشْحِ الْمسك، يُلْهمُون التَّسْبِيح وَالْحَمْد كَمَا يُلْهمُون النَّفس ".
الْبَزَّار " حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن ثُمَامَة بن عقبَة، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: " جَاءَ رجل من الْيَهُود إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِم، تزْعم أَن أهل الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الرجل مِنْهُم ليؤتى قُوَّة مائَة رجل فِي الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع والشهوة. قَالَ: فَإِن الَّذِي يَأْكُل وَيشْرب يكون لَهُ الْحَاجة. قَالَ: عرق يفِيض مثل ريح الْمسك، فَإِذا كَانَ ذَلِك ضمر لَهُ بَطْنه ".
قَالَ أَبُو بكر: لَا نعلم حدث الْأَعْمَش عَن ثُمَامَة غير يَعْنِي هَذَا الحَدِيث، وحديثاً آخر. انْتهى كَلَام أبي بكر.
قَالَ يحيى بن معِين: ثُمَامَة بن عقبَة ثِقَة. ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أخبرنَا عبد الله بن مسلمة، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم، عَن أَبِيه، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا الْكَوْثَر؟ قَالَ: ذَلِك نهر أعطانيه الله - يَعْنِي: فِي الْجنَّة - أَشد بَيَاضًا من اللَّبن، وَأحلى من الْعَسَل، فِيهِ طير أعناقها كأعناق الجزر. قَالَ عمر: إِن هَذِه لناعمة. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: آكلها أنعم مِنْهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَمُحَمّد بن عبد الله بن مُسلم هُوَ ابْن أخي ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَعبد الله بن مُسلم قد روى عَن ابْن عمر.(3/424)
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من يدْخل الْجنَّة ينعم لَا يبأس، لَا تبلى ثِيَابه، وَلَا يفنى شبابه ". مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد - وَاللَّفْظ لإسحاق - قَالَ: أَنا عبد الرَّزَّاق قَالَ: قَالَ الثَّوْريّ: حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق، أَن الْأَغَر حَدثهُ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُنَادي مُنَاد: إِن لكم أَن تصحوا فَلَا تسقموا أبدا، وَإِن لكم أَن تحيوا فَلَا تَمُوتُوا أبدا [وَإِن لكم أَن تشبوا فَلَا تهرموا أبدا] وَإِن لكم أَن تنعموا فَلَا تبأسوا أبدا. فَذَلِك قَوْله عز وَجل -: {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} .
مُسلم: حَدثنِي سعيد بن مَنْصُور، عَن أبي قدامَة - وَهُوَ الْحَارِث بن عبيد - عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَالَ) : " إِن لِلْمُؤمنِ فِي الْجنَّة لخيمة من لؤلؤة وَاحِدَة مجوفة طولهَا سِتُّونَ ميلًا، لِلْمُؤمنِ فِيهَا أهلون يطوف عَلَيْهِم الْمُؤمن، فَلَا يرى بَعضهم بَعْضًا ".
وحَدثني أَبُو غَسَّان المسمعي، ثَنَا أَبُو عبد الصَّمد، ثَنَا أَبُو عمرَان بِهَذَا الْإِسْنَاد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الْجنَّة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضهَا سِتُّونَ ميلًا فِي كل زَاوِيَة مِنْهَا أهل مَا يرَوْنَ الآخرين يطوف عَلَيْهِم الْمُؤمن ".(3/425)
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا همام، عَن أبي عمرَان بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الْخَيْمَة درة طولهَا فِي السَّمَاء سِتُّونَ ميلًا، فِي كل زَاوِيَة مِنْهَا أهل لِلْمُؤمنِ لَا يراهم الْآخرُونَ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن حميد، عَن أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لغدوة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَاب قَوس أحدكُم أَو مَوضِع يَده فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَو أَن امْرَأَة من نسَاء أهل الْجنَّة اطَّلَعت إِلَى الأَرْض لَأَضَاءَتْ مَا بَينهمَا، ولملأت مَا بَينهمَا ريحًا، ونصيفها على رَأسهَا خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، أَنا حرمي بن حَفْص، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن علاثة، حَدثنِي الْعَلَاء بن عبد الله، أَنا حنان بن خَارِجَة حَدثهُ، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: " بَينا نَحن عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أخبرنَا عَن ثِيَاب الْجنَّة أخلق تخلق أَو نسج تنسج؟ فَضَحِك بعض الْقَوْم، فَقَالَ لَهُم: تضحكون أَن جَاهِلا يسْأَل عَالما؟ فَجَلَسَ يَسِيرا أَو قَلِيلا فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَيْن السَّائِل عَن ثِيَاب الْجنَّة؟ قَالَ: هَا هُوَ ذَا يَا رَسُول الله. قَالَ: بل تشقق عَنْهَا ثَمَر الْجنَّة. قَالَهَا ثَلَاثًا ".
حنان لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار ومحمود بن غيلَان قَالَا: ثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يعْطى الْمُؤمن فِي الْجنَّة قُوَّة كَذَا وَكَذَا من الْجِمَاع. قيل: يَا رَسُول الله، أَو يُطيق(3/426)
ذَلِك؟ قَالَ: يعْطى قُوَّة مائَة ".
وَفِي الْبَاب عَن زيد بن أَرقم، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس إِلَّا من حَدِيث عمرَان الْقطَّان.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن ثَوَاب، ثَنَا حُسَيْن - يَعْنِي ابْن عَليّ - عَن زَائِدَة، عَن هِشَام، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، أنفضي إِلَى نسائنا فِي الْجنَّة؟ فَقَالَ: إِي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، إِن الرجل ليفضى فِي الْيَوْم الْوَاحِد إِلَى مائَة عذراء ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا حُسَيْن ابْن عَليّ.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا عَاصِم بن عَليّ، ثَنَا المَسْعُودِيّ، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه: " أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَل فِي الْجنَّة من خيل؟ قَالَ: إِن الله أدْخلك الْجنَّة فَلَا تشَاء أَن تحمل فِيهَا على فرس من ياقوتة حَمْرَاء يطير بك فِي الْجنَّة حَيْثُ شِئْت. قَالَ: وَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَل فِي الْجنَّة من إبل؟ قَالَ: فَلم يقل لَهُ مَا قَالَ لصَاحبه، قَالَ: إِن يدْخلك الله الْجنَّة يكن لَك فِيهَا مَا اشتهت نَفسك ولذت عَيْنك ".
روى عَلْقَمَة [عَن] عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه بِمَعْنَاهُ قَالَ: وَهَذَا أصح من حَدِيث المَسْعُودِيّ.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا يزِيد بن هَارُون، أَنا همام، ثَنَا زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(3/427)
قَالَ: " فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، والفردوس أَعْلَاهَا دَرَجَة، وَمِنْهَا تفجر أَنهَار الْجنَّة الْأَرْبَعَة، وَمن فَوْقهَا يكون الْعَرْش، فَإِذا أسلمتم الله فسلوه الفردوس ".
حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا يزِيد بن هَارُون بِإِسْنَادِهِ نَحوه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس الْعَنْبَري، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا إِسْرَائِيل، عَن مُحَمَّد بن جحادة، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ مائَة عَام ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد " أَن ابْن صياد سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن تربة الْجنَّة؟ فَقَالَ درمكة بَيْضَاء مسك خَالص ".
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا بشر - يَعْنِي ابْن مفضل - عَن أبي مسلمة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِابْنِ صياد: مَا تربة الْجنَّة؟ قَالَ: درمكة بَيْضَاء مسك يَا أَبَا الْقَاسِم. قَالَ: صدقت ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هِشَام بن عمار، عَن يحيى بن حَمْزَة، حَدثنِي زيد بن وَاقد، حَدثنِي خَالِد بن عبد الله بن حُسَيْن، حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة، وَمن شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة، وَمن شرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة فِي الدُّنْيَا لم يشرب فِيهَا فِي الْآخِرَة. ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لِبَاس أهل الْجنَّة، وشراب أهل الْجنَّة، وآنية أهل الْجنَّة ".(3/428)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد، عَن أبي عمرَان، عَن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جنتان من فضَّة آنيتهما وَمَا فيهمَا، وجنتان من ذهب آنيتهما وَمَا فيهمَا، وَمَا بَين الْقَوْم وَبَين أَن ينْظرُوا إِلَى رَبهم إِلَّا رِدَاء الْكبر على وَجهه فِي جنَّة عدن ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أدخلت الْجنَّة فَإِذا فِيهَا جنابذ اللُّؤْلُؤ، وَإِذا ترابها الْمسك ".
هَذَا مُخْتَصر من حَدِيث طَوِيل قد تقدم فِي أول الْكتاب فِي بَاب الْإِسْرَاء.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا الْجريرِي، عَن حَكِيم بن مُعَاوِيَة، عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة بَحر المَاء، وبحر الْعَسَل، وبحر الْخمر، وبحر اللَّبن، ثمَّ تشقق الْأَنْهَار [بعد] ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَحَكِيم بن مُعَاوِيَة هُوَ وَالِد بهز بن حَكِيم، والجريري اسْمه سعيد بن إِيَاس، ويكنى أَبَا مَسْعُود.(3/429)
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا مُحَمَّد بن مطرف، ثَنَا أَبُو حَازِم، عَن سهل بن سعد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الْجنَّة ثَمَانِيَة أَبْوَاب، فِيهَا بَاب يُسمى الريان لَا يدْخلهُ إِلَّا الصائمون ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بنْدَار، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن عَامر الْأَحول، عَن أبي الصّديق النَّاجِي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُؤمن إِذا اشْتهى الْوَلَد فِي الْجنَّة كَانَ حمله وَوَضعه وسنه فِي سَاعَة كَمَا يَشْتَهِي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي هَذَا، فَقَالَ بَعضهم: فِي الْجنَّة جماع، وَلَا يكون ولد، هَكَذَا رُوِيَ عَن طَاوس وَمُجاهد وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَقَالَ مُحَمَّد: قَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فِي حَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا اشْتهى الْمُؤمن الْوَلَد [فِي الْجنَّة] كَانَ فِي سَاعَة كَمَا يَشْتَهِي " وَلَكِن لَا يَشْتَهِي. قَالَ مُحَمَّد: وَقد رُوِيَ عَن أبي رزين الْعقيلِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أهل الْجنَّة لَا يكون لَهُم فِيهَا ولد ".
بَاب مَا جَاءَ أَن أهل الْجنَّة لَا ينامون
الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن يَعْقُوب، ثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، عَن سُفْيَان، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، أَيَنَامُ أهل الْجنَّة؟ قَالَ: النّوم أَخُو الْمَوْت ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا أسْندهُ عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر إِلَّا الثَّوْريّ وَلَا عَن الثَّوْريّ إِلَّا الْفرْيَابِيّ.(3/430)
بَاب مَا جَاءَ فِي زِيَارَة أهل الْجنَّة رَبهم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا هِشَام بن عمار، ثَنَا عبد الحميد ابْن حبيب بن أبي الْعشْرين، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا حسان بن عَطِيَّة، عَن سعيد بن الْمسيب " أَنه لَقِي أَبَا هُرَيْرَة، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أسأَل الله أَن يجمع بيني وَبَيْنك فِي سوق الْجنَّة. فَقَالَ سعيد: أفيها سوق؟ قَالَ: نعم، أَخْبرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أهل الْجنَّة إِذا دخلوها نزلُوا فِيهَا بِفضل أَعْمَالهم، ثمَّ يُؤذن فِي مِقْدَار يَوْم الْجُمُعَة من أَيَّام الدُّنْيَا فيزورون رَبهم، ويبرز لَهُم عَرْشه، ويتبدى لَهُم فِي رَوْضَة من رياض الْجنَّة، فتوضع لَهُم مَنَابِر من نور، ومنابر من لُؤْلُؤ، ومنابر بن ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابز من ذهب، ومنابر من فضَّة، وَيجْلس أَدْنَاهُم - وَمَا فيهم من دني - على كُثْبَان الْمسك والكافور أَن يرَوْنَ مَا أَصْحَاب الكراسي بِأَفْضَل مِنْهُم مَجْلِسا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قلت: يَا رَسُول الله، وَهل نرى رَبنَا؟ قَالَ: نعم، قَالَ: هَل تتمارون فِي رُؤْيَة الشَّمْس وَالْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: كَذَلِك لَا تتمارون فِي رُؤْيَة ربكُم، وَلَا يبْقى فِي ذَلِك الْمجْلس رجل إِلَّا حاضره الله محاضرة حَتَّى يَقُول للرجل مِنْهُم: يَا فلَان ابْن فلَان، أَتَذكر يَوْم قلت كَذَا وَكَذَا. فيذكر بعض غدراته فِي الدُّنْيَا، فَيَقُول: يَا رب أفلم تغْفر لي. فَيَقُول: بلَى، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هَذِه. فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك، غشيتهم سَحَابَة من فَوْقهم فأمطرت عَلَيْهِم طيبا لم يَجدوا مثل رِيحه شَيْئا قطّ، وَيَقُول رَبنَا: قومُوا إِلَى مَا أَعدَدْت لكم من الْكَرَامَة فَخُذُوا مَا اشتهيتم. فنأتي سوقاً قد حفت بِهِ الْمَلَائِكَة [فِيهِ] مَا لم تنظر الْعُيُون إِلَى مثله وَلم تسمع الآذان، وَلم يخْطر على الْقُلُوب، (فَيجْعَل) لنا مَا اشتهينا لَيْسَ يُبَاع فِيهَا وَلَا يشترى، وَفِي ذَلِك السُّوق يلقى أهل الْجنَّة بَعضهم بَعْضًا، فَيقبل الرجل ذُو الْمنزلَة المرتفعة فَيلقى من هُوَ دونه - وَمَا فيهم دني - فيروعه مَا يرى عَلَيْهِ من اللبَاس، فَمَا يَنْقَضِي آخر حَدِيثه حَتَّى يتخيل إِلَيْهِ مَا هُوَ أحسن مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنه لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يحزن فِيهَا، ثمَّ ننصرف إِلَى مَنَازلنَا، فتتلقانا أَزوَاجنَا فيقلن: مرْحَبًا(3/431)
وَأهلا لقد جِئْت وَإِن بك من الْجمال أفضل مِمَّا فارقتنا عَلَيْهِ. فَيَقُول: إِنَّا جالسنا الْيَوْم رَبنَا الْجَبَّار - جلّ جَلَاله - وبحقنا أَن ننقلب بِمثل مَا انقلبنا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
بَاب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا حَمَّاد ابْن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن صُهَيْب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي قَوْله تَعَالَى: {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة نَادَى مُنَاد: إِن لكم عِنْد الله موعداً. قَالُوا: ألم يبيض وُجُوهنَا، وينجينا من النَّار، ويدخلنا الْجنَّة؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: فَيكْشف الْحجاب، قَالَ: فوَاللَّه مَا أَعْطَاهُم شَيْئا أحب إِلَيْهِم من النّظر إِلَيْهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث إِنَّمَا أسْندهُ حَمَّاد بن سَلمَة وَرَفعه، وروى سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة هَذَا الحَدِيث عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَوْله.
بَاب مَا جَاءَ أَن فِي الْجنَّة سوقاً
مُسلم: حَدثنَا أَبُو عُثْمَان سعيد بن عبد الْجَبَّار الْبَصْرِيّ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة لسوقاً يأتونها كل جُمُعَة، فتهب ريح الشمَال فتحثو فِي وُجُوههم وثيابهم(3/432)
فيزدادون حسنا وجمالاً فيرجعون إِلَى أَهْليهمْ وَقد ازدادوا حسنا وجمالاً فَيَقُولُونَ لَهُم أهلوهم: وَالله لقد ازددتم بَعدنَا حسنا وجمالاً ".
بَاب من صفة النَّار وَصفَة أَهلهَا وَمَا أعد الله لَهُم فِيهَا
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، ثَنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لما خلق الله الْجنَّة وَالنَّار أرسل جِبْرِيل إِلَى الْجنَّة، فَقَالَ: انْظُر إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعدَدْت لأَهْلهَا فِيهَا. قَالَ: فَجَاءَهَا وَنظر إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أعد الله لأَهْلهَا فِيهَا، قَالَ: فَرجع إِلَيْهِ، قَالَ: فوعزتك لَا يسمع بهَا أحد إِلَّا دَخلهَا. فَأمر بهَا فحفت بالمكاره، فَقَالَ: ارْجع إِلَيْهَا فَانْظُر مَا أَعدَدْت لأَهْلهَا فِيهَا. قَالَ: فَرجع إِلَيْهَا فَإِذا هِيَ قد حفت بالمكاره، فَرجع إِلَيْهِ فَقَالَ: وَعزَّتك لقد خفت أَن لَا يدخلهَا أحد. قَالَ: فَذهب إِلَى النَّار فَانْظُر إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعدَدْت لأَهْلهَا فِيهَا. فَإِذا هِيَ يركب بَعْضهَا بَعْضًا، فَرجع إِلَيْهِ فَقَالَ: وَعزَّتك لَا يسمع بهَا أحد فيدخلها. فَأمر بهَا فحفت بالشهوات، فَقَالَ: ارْجع إِلَيْهَا. فَرجع إِلَيْهَا فَقَالَ: وَعزَّتك لقد خشيت أَن لَا ينجو مِنْهَا أحد إِلَّا دَخلهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، عَن الْعَلَاء بن خَالِد الْكَاهِلِي، عَن شَقِيق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُؤْتى بجهنم يَوْمئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ ألف زِمَام، مَعَ كل زِمَام سَبْعُونَ ألف ملك يجرونها ".(3/433)
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " نَاركُمْ هَذِه الَّتِي يُوقد ابْن آدم جُزْء من سبعين جُزْءا من حر جَهَنَّم. قَالُوا: وَالله إِن كَانَت لكَافِيَة يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِنَّهَا فضلت عَلَيْهَا [بِتِسْعَة] وَسِتِّينَ جُزْءا كلهَا مثل حرهَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، ثَنَا شريك، عَن عَاصِم - هُوَ ابْن بَهْدَلَة - عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أوقد على النَّار ألف سنة حَتَّى احْمَرَّتْ، ثمَّ أوقد عَلَيْهَا ألف سنة حَتَّى ابْيَضَّتْ، ثمَّ أوقد عَلَيْهَا ألف سنة حَتَّى اسودت، فَهِيَ سَوْدَاء مظْلمَة ".
روى هَذَا مَوْقُوفا، قَالَ أَبُو عِيسَى: وَهُوَ أصح - يَعْنِي: الْمَوْقُوف - قَالَ: وَلَا نعلم أحدا رَفعه غير يحيى بن أبي بكير عَن شريك.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا خلف بن خَليفَة، ثَنَا يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ سمع وجبة، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تَدْرُونَ مَا هَذَا؟ قَالَ: قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: هَذَا حجر رمي بِهِ فِي النَّار مُنْذُ سبعين خَرِيفًا، فَهُوَ يهوي فِي النَّار الْآن حِين انْتهى إِلَى قعرها ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ هَذِه الْآيَة {اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو أَن قَطْرَة من الزقوم قطرت فِي الدُّنْيَا لأفسدت على أهل الدُّنْيَا مَعَايشهمْ، فَكيف بِمن يكون(3/434)
طَعَامه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، أَنا عبد الله، عَن سعيد بن يزِيد أبي شُجَاع، عَن أبي السَّمْح، عَن عِيسَى بن هِلَال الصَّدَفِي، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو أَن رضاضة مثل هَذِه - وَأَشَارَ إِلَى مثل الجمجمة - أرْسلت من السَّمَاء إِلَى الأَرْض، وَهِي مسيرَة خَمْسمِائَة سنة لبلغت إِلَى الأَرْض قبل اللَّيْل، وَلَو أَنَّهَا أرْسلت من رَأس السلسلة لَسَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا اللَّيْل وَالنَّهَار قبل أَن تبلغ أَصْلهَا أَو قعرها ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا إِسْنَاد حسن صَحِيح.
قَاسم بن أصبغ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة، ثَنَا حَفْص بن مُحَمَّد، ثَنَا إِسْحَاق ابْن يسَار، ثَنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دراج أبي السَّمْح، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو أَن دلواً من غسلين يهراق فِي الدُّنْيَا لأنتن أهل الدُّنْيَا ".
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " ويل وَاد فِي جَهَنَّم يهوي فِيهِ الْكَافِر أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قبل أَن يبلغ قَعْره، والصعود جبل من نَار يتَصَعَّد فِيهِ سبعين خَرِيفًا، ثمَّ يهوي كَذَلِك أبدا ".
قَالَ قَاسم: وثنا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة، ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، ثَنَا يزِيد - هُوَ ابْن خَالِد بن يزِيد بن عبد الله بن موهب - ثَنَا ابْن وهب بِهَذَا الْإِسْنَاد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو أَن مِقْمَعًا من حَدِيد وضع فِي الأَرْض، فَاجْتمع الثَّقَلَان مَا أَقلوهُ من الأَرْض ".(3/435)
وَهَذَا الْإِسْنَاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو ضرب بمقمع من حَدِيد الْجَبَل لتفتت، فَصَارَ غباراً ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُعَاوِيَة [الجُمَحِي] ، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يخرج عنق من النَّار يَوْم الْقِيَامَة لَهَا عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينْطق يَقُول: إِنِّي وكلت بِثَلَاث: بِكُل جَبَّار عنيد، وكل من دَعَا مَعَ الله إِلَهًا آخر وبالمصورين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، أخبرنَا عبد الله، عَن سعيد بن يزِيد أبي شُجَاع، عَن أبي السَّمْح، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " {وهم فِيهَا كَالِحُونَ} قَالَ: تَشْوِيه النَّار فتقلص شفته الْعليا حَتَّى تبلغ وسط رَأسه، وَتَسْتَرْخِي شفته السُّفْلى حَتَّى تضرب سرته ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، وَأَبُو الْهَيْثَم اسْمه سُلَيْمَان ابْن عَمْرو العتواري، وَكَانَ يَتِيما فِي حجر أبي سعيد.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، أخبرنَا عبد الله، أَنا صَفْوَان بن عَمْرو، عَن عبيد الله بن بسر، عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي قَوْله: {يسقى من مَاء صديد، بتجرعه} قَالَ: يقرب إِلَى فِيهِ فيكرهه، فَإِذا أدني مِنْهُ شوي وَجهه وَوَقعت فَرْوَة رَأسه، فَإِذا شربه قطع أمعاءه حَتَّى تخرج من دبره يَقُول الله: {وَسقوا مَاء حميماً فَقطع أمعاهم} وَيَقُول: {وَإِن يستغيوثوا يغاثوا بِمَاء كَالْمهْلِ يشوي(3/436)
الْوُجُوه بئس الشَّرَاب} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَهَكَذَا قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن عبيد الله بن بسر، وَلَا نَعْرِف عبيد الله [بن بسر إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث] وَقد روى صَفْوَان بن عَمْرو عَن عبد الله بن بسر صَاحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير هَذَا الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، أَنا عبد الله، أَنا سعيد بن يزِيد، عَن أبي السَّمْح، عَن ابْن حجيرة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْحَمِيم ليصب على رُءُوسهم فَينفذ الْحَمِيم حَتَّى يخلص إِلَى جَوْفه، فيسلت مَا فِي جَوْفه حَتَّى يَمْرُق من قَدَمَيْهِ وَهُوَ الصهر، ثمَّ يُعَاد كَمَا كَانَ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، ابْن حجيرة هُوَ عبد الرَّحْمَن بن حجيرة الْمصْرِيّ.
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَأَيْت عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف أَخا بني كَعْب هَؤُلَاءِ يجر قصبه فِي النَّار ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُؤْتى بأنعم أهل الدُّنْيَا من أهل النَّار يَوْم الْقِيَامَة فيصبغ فِي النَّار صبغة، ثمَّ يُقَال: يَا ابْن آدم، هَل رَأَيْت خيرا قطّ؟ هَل مر بك نعيم قطّ؟ فَيَقُول: لَا وَالله يَا رب. وَيُؤْتى بأشد النَّاس بؤساً فِي الدُّنْيَا من أهل الْجنَّة فيصبغ صبغة فِي الْجنَّة فَيُقَال: يَا ابْن آدم، هَل رَأَيْت بؤساً قطّ؟ هَل مر بك شدَّة قطّ؟ فَيَقُول: لَا وَالله يَا رب، مَا مر بِي بؤس(3/437)
قطّ، وَلَا رايت شدَّة قطّ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الْقطَّان الوَاسِطِيّ، ثَنَا عبد الرَّحِيم بن هَارُون، عَن هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن شبيب، عَن جَعْفَر بن أبي وحشية، عَن سعيد بن جُبَير، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو كَانَ فِي الْمَسْجِد مائَة ألف أَو يزِيدُونَ ثمَّ تنفس رجل من أهل النَّار لأحرقهم ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا أَبُو هُرَيْرَة، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا غير هَذَا الطَّرِيق، وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَن هِشَام أَبُو عُبَيْدَة الْحداد وَعبد الرَّحِيم، وَلم نَسْمَعهُ إِلَّا من مُحَمَّد بن مُوسَى، عَن عبد الرَّحِيم، وَإِنَّمَا يعرف هَذَا الحَدِيث بِأبي عُبَيْدَة الْحداد عبد الْوَاحِد بن وَاصل.
مُسلم: حَدثنَا سُرَيج بن يُونُس، ثَنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن الْحسن ابْن صَالح، عَن هَارُون بن سعد، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ضرس الْكَافِر - أَو نَاب الْكَافِر - مثل أحد، وَغلظ جلده مسيرَة ثَلَاث ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب وَأحمد بن عَمْرو الوكيعي، قَالَا: ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ قَالَ: " مَا بَين مَنْكِبي الْكَافِر فِي النَّار مسيرَة (ثَلَاث) للراكب المسرع " وَلم يذكر الوكيعي: " فِي النَّار ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس الدوري، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، أَنا شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن غلظ جلد الْكَافِر اثْنَان وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعا، وَإِن ضرسه مثل أحد، وَإِن مَجْلِسه من جَهَنَّم(3/438)
كَمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من حَدِيث الْأَعْمَش.
روى ابْن أبي شيبَة هَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " أَرْبَعُونَ ذِرَاعا بِذِرَاع الْجَبَّار " رَوَاهُ عَن عبيد الله بن مُوسَى بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ.
وروى التِّرْمِذِيّ، عَن هناد بن السّري، عَن عَليّ بن مسْهر، عَن الْفضل بن يزِيد، عَن أبي الْمخَارِق، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْكَافِر ليسحب لِسَانه الفرسخ والفرسخين يتوطؤه النَّاس ".
وَقَالَ: حَدِيث غَرِيب، وَأَبُو الْمخَارِق لَيْسَ بِمَعْرُوف.
وَأَبُو الْمخَارِق ذكره ابْن أبي حَاتِم، وَقَالَ: اسْمه مغراء، روى عَن ابْن عمر، روى عَنهُ: أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي، وَالْأَعْمَش، وَالْحسن بن عبيد الله، وَلَيْث بن أبي سليم، وَيُونُس بن أبي إِسْحَاق. وَقَالَ البُخَارِيّ: مغراء من بني عَائِذ أرَاهُ أَبَا الْمخَارِق، روى عَن ابْن عمر، روى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق وَاللَّيْث وَالْحسن ابْن عبد الله.
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَقُول الله لأهون أهل النَّار عذَابا: لَو كَانَت لَك الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَكنت مفتدياً بهَا؟ فَيَقُول: نعم. فَيَقُول: قد أردْت مِنْك أَهْون من هَذَا وَأَنت فِي صلب آدم آلا تشرك - أَحْسبهُ قَالَ: وَلَا أدْخلك النَّار - فأبيت إِلَّا الشّرك ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا غنْدر، ثَنَا شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " يَقُول الله - تبَارك وَتَعَالَى - لأهون أهل النَّار عذَابا يَوْم الْقِيَامَة: لَو أَن لَك مَا فِي الأَرْض من شَيْء أَكنت تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُول: نعم. فَيَقُول: أردْت مِنْك أَهْون من(3/439)
هَذَا وَأَنت فِي صلب آدم: أَلا تشرك بِي شَيْئا، فأبيت إِلَّا أَن تشرك بِي ".
بَاب ذكر أَهْون أهل النَّار عذَابا
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن عمر وَمُحَمّد بن أبي بكر الْمقدمِي وَمُحَمّد بن عبد الْملك الْأمَوِي، قَالُوا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل، عَن الْعَبَّاس أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، هَل نَفَعت أَبَا طَالب بِشَيْء فَإِنَّهُ كَانَ يحوطك ويغضب لَك؟ قَالَ: نعم، هُوَ فِي ضحضاح من نَار، وَلَوْلَا أَنا لَكَانَ فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار ".
مُسلم: ثَنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: سَمِعت الْعَبَّاس يَقُول: " قلت: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا طَالب كَانَ يحوطك وينصرك ويغضب لَك، فَهَل نَفعه ذَلِك؟ قَالَ: نعم. وجدته فِي غَمَرَات من النَّار، فَأَخْرَجته إِلَى ضحضاح ".
مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي إِسْحَاق، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَهْون أهل النَّار عذَابا من لَهُ نَعْلَانِ وشراكان من نَار يغلي مِنْهُمَا دماغه كَمَا يغلي الْمرجل، مَا يرى أَن أحدا أَشد مِنْهُ عذَابا، وَإنَّهُ لأهونهم عذَابا ".
قَالَ مُسلم: وثنا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن ابْن الْهَاد، عَن عبد الله ابْن خباب، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر عِنْده عَمه أَبُو طَالب، فَقَالَ: لَعَلَّه تَنْفَعهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة، فَيجْعَل فِي ضحضاح من النَّار يبلغ كعبيه يغلي مِنْهُ دماغه ".(3/440)
مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت أَبَا إِسْحَاق يَقُول: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير يخْطب، وَهُوَ يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن أَهْون أهل النَّار عذَابا يَوْم الْقِيَامَة لرجل تُوضَع فِي أَخْمص قَدَمَيْهِ جمرتان يغلي مِنْهُمَا دماغه ".
بَاب ذكر من أَشد النَّاس عذَابا
قَاسم بن أصبغ قَالَ: حَدثنَا التِّرْمِذِيّ، ثَنَا الْحميدِي، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَشد النَّاس عذَابا عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة: رجل قتل نَبيا أَو قَتله بني، أَو مُصَور يصور التماثيل ".
بَاب أَخذ النَّار من الْمُعَذَّبين على قدر أَعْمَالهم
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَالَ قَتَادَة: سَمِعت أَبَا نَضرة يحدث، عَن سَمُرَة، أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن مِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى كعبيه، وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ إِلَى حجزته، وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ إِلَى عُنُقه ".
وحَدثني عَمْرو بن زُرَارَة، أَنا عبد الْوَهَّاب - يَعْنِي: ابْن عَطاء - عَن سعيد، عَن قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " مِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى كعبيه، وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى حجزته، وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى ترقوته ".(3/441)
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا الْحجَّاج بن الْمنْهَال، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَهْون أهل النَّار عذَابا: رجل منتعل بنعلين من نَار يغلي مِنْهُمَا دماغه مَعَ أَجزَاء الْعَذَاب، وَمِنْهُم من فِي النَّار إِلَى صَدره مَعَ أَجزَاء الْعَذَاب، وَمِنْهُم من فِي النَّار إِلَى ترقوته مَعَ أَجزَاء الْعَذَاب، وَمِنْهُم من قد اغتمس فِيهَا ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن الْجريرِي عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد إِلَّا حَمَّاد بن سَلمَة.
بَاب ذكر الخلود
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن الْعَلَاء، بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي صَعِيد وَاحِد، ثمَّ يطلع عَلَيْهِم رب الْعَالمين فَيَقُول: أَلا يتبع كل إِنْسَان مَا كَانُوا يعْبدُونَ. فيمثل لصَاحب الصَّلِيب صليبه، وَلِصَاحِب التصاوير تصاويره، وَلِصَاحِب النَّار ناره، فيتبعون مَا كَانُوا يعْبدُونَ، وَيبقى الْمُسلمُونَ، فَيطلع عَلَيْهِم رب الْعَالمين، فَيَقُول: أَلا تتبعون النَّاس؟ فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، الله رَبنَا وَهَذَا مَكَاننَا حَتَّى نرى رَبنَا. وَهُوَ يَأْمُرهُم ويثبتهم، ثمَّ يتَوَارَى، ثمَّ يطلع فَيَقُول: أَلا تتبعون النَّاس؟ فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، الله رَبنَا وَهَذَا مَكَاننَا حَتَّى نرى رَبنَا. وَهُوَ يَأْمُرهُم ويثبتهم، قَالُوا: وَهل نرَاهُ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَهل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِنَّكُم لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَته تِلْكَ السَّاعَة ثمَّ يتَوَارَى، ثمَّ يطلع، فيعرفهم نَفسه، ثمَّ يَقُول: أَنا ربكُم فَاتبعُوني. فَيَقُول الْمُسلمُونَ، وَيُوضَع الصِّرَاط فيمر عَلَيْهِ مثل جِيَاد الْخَيل والركاب وَقَوْلهمْ عَلَيْهِ: سلم سلم، وَيبقى أهل النَّار فيطرح مِنْهُم فِيهَا فَوْج، ثمَّ يُقَال: هَل امْتَلَأت؟ فَتَقول: هَل من مزِيد؟ ثمَّ يطْرَح فِيهَا فَوْج،
فَيُقَال: هَل امْتَلَأت؟ فَتَقول: هَل من مزِيد؟ حَتَّى إِذا أوعبوا فِيهَا وضع الرَّحْمَن قدمه فِيهَا وأزوى بَعْضهَا إِلَى بعض، ثمَّ قَالَ: قطّ. قَالَت: قطّ قطّ. فَإِذا أَدخل الله(3/442)
أهل الْجنَّة الْجنَّة، وَأهل النَّار النَّار، قَالَ: أُتِي بِالْمَوْتِ ملبياً، فَيُوقف على السُّور الَّذِي بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار، ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة، فيطلعون خَائِفين، ثمَّ يُقَال: يَا أهل النَّار، فيطلعون مستبشرين يرجون الشَّفَاعَة، فَيُقَال لأهل الْجنَّة وَأهل النَّار: هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء: قد عَرفْنَاهُ هَذَا الْمَوْت وكل بِنَا، فيضجع فَيذْبَح ذبحا على السُّور، ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة، خُلُود لَا يَمُوت، وَيَا أهل النَّار، خُلُود لَا موت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وتقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يجاء بِالْمَوْتِ يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُ كَبْش أَمْلَح - زَاد أَبُو كريب: فَيُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار، واتفقا فِي الحَدِيث - فَيُقَال: يَا أهل الْجنَّة: هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُونَ: نعم، هَذَا الْمَوْت. ثمَّ يُقَال: يَا أهل النَّار، هَل تعرفُون هَذَا؟ قَالَ: فيشربون وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نعم، هَذَا الْمَوْت. قَالَ: فَيُؤْمَر
بِهِ فَيذْبَح، قَالَ: ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة، خُلُود فَلَا موت، وَيَا أهل النَّار، خُلُود فَلَا موت. ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر وهم فِي غَفلَة وهم لَا يُؤمنُونَ} وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، قَالَ عبد: أَخْبرنِي، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح قَالَ: ثَنَا نَافِع، أَن عبد الله قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يدْخل الله أهل الْجنَّة الْجنَّة، وَيدخل أهل النَّار النَّار، ثمَّ يقوم مُؤذن بَينهم، فَيَقُول: يَا أهل(3/443)
الْجنَّة، لَا موت، وَيَا أهل النَّار، لَا موت، كل خَالِد فِيمَا هُوَ فِيهِ ".
مُسلم: وحَدثني هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي وحرملة بن يحيى، قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، ثَنَا عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - أَن أَبَاهُ حَدثهُ، عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صَار أهل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة وَصَارَ أهل النَّار إِلَى النَّار أُتِي بِالْمَوْتِ حَتَّى يَجْعَل بَين الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ يذبح، ثمَّ يُنَادي مُنَاد: يَا أهل الْجنَّة لَا موت، وَيَا أهل النَّار لَا موت. فَيَزْدَاد أهل الْجنَّة فَرحا إِلَى فَرَحهمْ، ويزداد أهل النَّار حزنا إِلَى حزنهمْ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا أبي، عَن فُضَيْل بن مَرْزُوق، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد يرفعهُ قَالَ: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أُتِي بِالْمَوْتِ (كالتيس) الأملح، فَيُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار، فَيذْبَح وهم ينظرُونَ، فَلَو أَن أحدا مَاتَ فَرحا مَاتَ أهل الْجنَّة، وَلَو أَن أحدا مَاتَ حزنا لمات أهل النَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عُثْمَان بن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ ابْن زيد، عَن عبد الله بن أبي عتبَة مولى أنس بن مَالك، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كتب عَلَيْهِ الخلود لم يخرج مِنْهَا. يَعْنِي من النَّار ".
عَليّ بن زيد ضعفه البُخَارِيّ وَجَمَاعَة غَيره، وَقَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: عَليّ بن زيد ثِقَة مَشْهُور بَصرِي.
تمّ كتاب الْحَشْر وَالْجنَّة بِحَمْد الله وعونه يتلوه إِن شَاءَ الله تَعَالَى كتاب الْقدر(3/444)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الْقدر بَاب فرض الْإِيمَان بِالْقدرِ
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا كهمس، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر، عَن ابْن عمر [عَن عمر] " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن الْإِيمَان، فَقَالَ: أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر، وتؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره ".
هَذَا مُخْتَصر من حَدِيث قد تقدم بكامله فِي أول الْكتاب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنبأَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يُؤمن عبد حَتَّى يُؤمن بِأَرْبَع: يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعثني بِالْحَقِّ، ويؤمن بِالْمَوْتِ، وبالبعث بعد الْمَوْت، ويؤمن بِالْقدرِ ".
رَوَاهُ النَّضر بن شُمَيْل عَن شُعْبَة نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: عَن ربعي، عَن رجل، عَن عَليّ.
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث أبي دَاوُد عِنْدِي أصح.(3/445)
بَاب بَدْء خلق ابْن آدم وَكتب رزقه وأجله وَعَمله وسعادته أَو شقاوته
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع.
وثنا: مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي وَأَبُو مُعَاوِيَة ووكيع، قَالُوا: ثَنَا الْأَعْمَش، عَن زيد بن وهب، عَن عبد الله قَالَ: " ثَنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ الصَّادِق المصدوق - إِن أحدكُم يجمع خلقه فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثمَّ يكون فِي ذَلِك علقه مثل ذَلِك، ثمَّ يكون فِي ذَلِك مُضْغَة مثل ذَلِك، ثمَّ يُرْسل الله الْملك، فينفخ الرّوح، وَيُؤمر بِأَرْبَع كَلِمَات، فَيكْتب رزقه وأجله وَعَمله وشقي أَو سعيد، فوالذي لَا إِلَه غَيره إِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع، فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل النَّار فيدخلها، وَإِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل النَّار حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع، فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل الْجنَّة فيدخلها ".
وحَدثني أَبُو سعيد الْأَشَج، ثَنَا وَكِيع، عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد: " إِن أحدكُم يجمع خلقه فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ لَيْلَة ".
وثنا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة بن الْحجَّاج، عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " أَرْبَعِينَ لَيْلَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا ".
مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وَزُهَيْر بن حَرْب - وَاللَّفْظ لِابْنِ نمير - قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة [عَن] عَمْرو بن دِينَار، عَن أبي الطُّفَيْل،(3/446)
عَن حُذَيْفَة بن أسيد يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يدْخل الْملك على النُّطْفَة بَعْدَمَا تَسْتَقِر فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ أَو خَمْسَة وَأَرْبَعين لَيْلَة فَيَقُول: يارب، أشقي أَو سعيد؟ فيكتبان، فَيَقُول: أَي رب، أذكر أم أُنْثَى؟ فيكتبان، وَيكْتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثمَّ تطوى الصُّحُف فَلَا يزْدَاد فِيهَا وَلَا ينقص ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن أبي الزبير الْمَكِّيّ، أَن عَامر بن وَاثِلَة حَدثهُ، أَنه سمع عبد الله بن مَسْعُود يَقُول: " الشقي من شقي فِي بطن أمه، والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ. فَأتى رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقَال لَهُ: حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ، فحدثه بذلك من قَول ابْن مَسْعُود، فَقَالَ: وَكَيف يشقى رجل بِغَيْر عمل! فَقَالَ لَهُ الرجل: أتعجب من ذَلِك، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا مر بالنطفه ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة بعث الله إِلَيْهَا ملكا فصورها، وَخلق سَمعهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثمَّ قَالَ: يَا رب، أذكر أم أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبك مَا شار وَيكْتب الْملك، ثمَّ يَقُول: يَا رب، أَجله، فَيَقُول رَبك مَا شَاءَ وَيكْتب الْملك، ثمَّ يَقُول: يَا رب، رزقه. فَيَقْضِي رَبك مَا شَاءَ وَيكْتب الْملك، ثمَّ يخرج الْملك بالصحيفة فِي يَده، فَلَا يزِيد على مَا أَمر، وَلَا ينقص ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي خلف، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، ثَنَا زُهَيْر [أَبُو] خَيْثَمَة، حَدثنِي عبد الله بن عَطاء، أَن عِكْرِمَة بن خَالِد حَدثهُ، أَن أَبَا الطُّفَيْل حَدثهُ قَالَ: دخلت على أبي سريحَة حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بأذني هَاتين يَقُول: " إِن النُّطْفَة تقع فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ لَيْلَة، ثمَّ يتَصَوَّر عَلَيْهَا الْملك - قَالَ زُهَيْر: حسبته قَالَ: الَّذِي يخلقها - فَيَقُول: يَا رب، أذكر أَو أُنْثَى؟ فَيَجْعَلهُ الله ذكرا أَو أُنْثَى، ثمَّ يَقُول: يَا رب، أسوي أَو غير سوي؟ فَيَجْعَلهُ الله سوياً أَو غير سوي، ثمَّ يَقُول: يَا رب، مَا رزقه، مَا أَجله، مَا خلقه؟ ثمَّ يَجعله الله شقياً أَو سعيداً ".(3/447)
قَالَ مُسلم: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد، حَدثنِي أبي، ثَنَا ربيعَة بن كُلْثُوم، حَدثنِي أبي كُلْثُوم، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ - صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رفع الحَدِيث إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن ملكا موكلاً بِالْحرم إِذا أَرَادَ الله أَن يخلق شَيْئا بِإِذن الله لبضع وَأَرْبَعين لَيْلَة ... " ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيثهمْ.
مُسلم: وحَدثني أَبُو كَامِل، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا عبيد الله بن أبي بكر، عَن أنس بن مَالك، وَرفع الحَدِيث أَنه قَالَ: " إِن الله قد وكل بالرحم ملكا فَيَقُول: أَي رب نُطْفَة، أَي رب علقَة، أَي رب مُضْغَة، فَإِذا أَرَادَ الله - عز وَجل - أَن يقْضِي خلقا قَالَ الْملك: أَي رب ذكر أَو أُنْثَى؟ شقي أَو سعيد؟ فَمَا الرزق؟ فَمَا الْأَجَل. فَيكْتب كَذَلِك فِي بطن أمه ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك، ثَنَا حَمَّاد، عَن هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الشقي من شقي فِي بطن أمه، والسعيد من سعد فِي بَطنهَا ".
هَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن حَمَّاد بن زيد، إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام إِلَّا حَمَّاد بن زيد.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا ابْن الْمُبَارك، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن ربيعَة بن يزِيد الدِّمَشْقِي، عَن ابْن الديلمي قَالَ: " قلت لعبد الله بن عَمْرو: إِنَّه بَلغنِي أَنَّك تحدث أَن الشقي من شقي فِي بطن أمه، فَقَالَ لنا: إِنِّي لَا أحل لأحد أَن يكذب عَليّ، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الله - عز وَجل - خلق خلقه فِي ظلمَة، ثمَّ ألْقى عَلَيْهِم نورا من نوره، فَمن أصَاب شَيْء من ذَلِك النُّور اهْتَدَى، وَمن أخطأه ضل ".(3/448)
بَاب كل ميسر لما خلق لَهُ
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن عَليّ قَالَ: " كُنَّا فِي جَنَازَة فِي بَقِيع الْغَرْقَد فَأَتَانَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقعدَ، وقعدنا حوله، وَمَعَهُ مخصرة، فَنَكس، ثمَّ جعل ينكت بمخصرته، ثمَّ قَالَ: مَا مِنْكُم من أحد من نفس منفوسة إِلَّا وَقد كتب الله مَكَانهَا من الْجنَّة وَالنَّار، إِلَّا وَقد كتبت شقية أَو سعيدة. قَالَ: فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَفلا نمكث نَتَّكِل على كتَابنَا، وَنَدع الْعَمَل؟ فَقَالَ: من كَانَ من أهل السَّعَادَة فسيصير إِلَى عمل أهل السَّعَادَة، وَمن كَانَ من أهل الشقاوة فسيصير إِلَى عمل أهل الشقاوة، فَقَالَ: اعْمَلُوا فَكل ميسر، أما أهل السَّعَادَة فييسرون لعمل أهل السَّعَادَة، وَأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثمَّ قَرَأَ: {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى وَصدق بِالْحُسْنَى، فسنيسره لليسرى، وَأما من بخل وَاسْتغْنى، وَكذب بِالْحُسْنَى فسنيسره للعسرى} ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن عَليّ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم جَالِسا وَفِي يَده عود ينكت بِهِ، فَرفع رَأسه، فَقَالَ: مَا مِنْكُم من نفس إِلَّا وَقد علم منزلهَا من الْجنَّة وَالنَّار. قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَلم نعمل، أَفلا نَتَّكِل؟ قَالَ: لَا، اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ، ثمَّ قَرَأَ: {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى، وَصدق بِالْحُسْنَى} إِلَى قَوْله {فسنيسره للعسرى} ".(3/449)
بَاب فألهمها فجورها وتقواها
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، ثَنَا عُثْمَان بن عمر، ثَنَا عزْرَة ابْن ثَابت، عَن يحيى بن عقيل، عَن يحيى بن يعمر، عَن أبي الْأسود الدؤَلِي قَالَ: " قَالَ لي عمرَان بن حُصَيْن: أَرَأَيْت مَا يعْمل النَّاس الْيَوْم ويكدحون فِيهِ أَشَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى عَلَيْهِم من قدر مَا سبق أَو فِيمَا يستقبلون بِهِ مِمَّا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم وَثبتت الْحجَّة عَلَيْهِم؟ فَقلت: بل شَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى عَلَيْهِم. قَالَ: فَقَالَ: أَفلا يكون ظلما؟ قَالَ: فَفَزِعت من ذَلِك فَزعًا شَدِيدا، وَقلت: كل شَيْء خلق الله وَملك يَده، فَلَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون، فَقَالَ لي: يَرْحَمك الله إِنِّي لم أرد بِمَا سَأَلتك إِلَّا لأحزر عقلك، إِن رجلَيْنِ من مزينة أَتَيَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَا: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت مَا يعْمل النَّاس الْيَوْم ويكدحون فِيهِ، أَشَيْء قضي عَلَيْهِم وَمضى فيهم من قدر قد سبق أَو فِيمَا يستقبلون بِهِ مِمَّا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم وَثبتت الْحجَّة عَلَيْهِم؟ فَقَالَ: لَا بل شَيْء قد قضى عَلَيْهِم وَمضى فيهم وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله - عز وَجل -: {وَنَفس وَمَا سواهَا، فألهمها فجورها وتقواها} .
بَاب مَا جَاءَ أَن الْأَعْمَال بالخواتم
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا أَبُو غَسَّان، حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن سهل بن سعد " أَن رجلا من أعظم الْمُسلمين غناء عَن الْمُسلمين فِي غَزْوَة غَزَاهَا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَنظر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: من أحب أَن ينظر إِلَى رجل من أهل النَّار، فَلْينْظر إِلَى هَذَا. فَاتبعهُ رجل من الْقَوْم وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال من أَشد النَّاس على الْمُشْركين حَتَّى جرح فاستعجل الْمَوْت، فَجعل ذُبَابَة سَيْفه بَين ثدييه حَتَّى خرج من بَين كَتفيهِ، فَأقبل الرجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مسرعاً فَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله. فَقَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: قلت لفُلَان: من أحب أَن ينظر إِلَى رجل من أهل النَّار فَلْينْظر(3/450)
[إِلَيْهِ] فَكَانَ من أعظمنا غناء عَن الْمُسلمين، فَعرفت أَنه لَا يَمُوت على ذَلِك، فَلَمَّا جرح استعجل الْمَوْت فَقتل نَفسه، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد ذَلِك: إِن العَبْد ليعْمَل عمل أهل النَّار وَإنَّهُ من أهل الْجنَّة، وَيعْمل عمل أهل الْجنَّة وَإنَّهُ من أهل النَّار، وَإِنَّمَا الْأَعْمَال بالخواتيم ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الرجل ليعْمَل الزَّمن الطَّوِيل بِعَمَل أهل الْجنَّة، ثمَّ يخْتم لَهُ عمله بِعَمَل أهل النَّار، وَإِن الرجل ليعْمَل الزَّمن الطَّوِيل بِعَمَل أهل النَّار، ثمَّ يخْتم لَهُ عمله بِعَمَل أهل الْجنَّة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن أبي حَازِم، عَن سهل من سعد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الرجل ليعْمَل عمل أهل الْجنَّة فِيمَا يَبْدُو للنَّاس وَهُوَ من أهل النَّار، وَإِن الرجل ليعْمَل عمل [أهل] النَّار فِيمَا يَبْدُو للنَّاس وَهُوَ من أهل الْجنَّة ".
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن أبي قبيل، عَن شفي بن ماتع، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: " خرج علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي يَده كِتَابَانِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الكتابان؟ فَقُلْنَا: لَا يَا رَسُول الله إِلَّا أَن تخبرنا، فَقَالَ للَّذي فِي يَده الْيُمْنَى: هَذَا كتاب من رب الْعَالمين فِيهِ: أَسمَاء أهل الْجنَّة، وَأَسْمَاء آبَائِهِم، وقبائلهم، ثمَّ أجمل على آخِرهم فَلَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم أبدا، ثمَّ قَالَ للَّذي فِي شِمَاله: هَذَا كتاب من رب الْعَالمين فِيهِ: أَسمَاء أهل النَّار، وَأَسْمَاء آبَائِهِم، وقبائلهم، ثمَّ أجمل على آخِرهم فَلَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم أبدا. فَقَالَ أَصْحَابه: فَفِيمَ الْعَمَل يَا رَسُول الله، إِن كَانَ أَمر قد فرغ مِنْهُ؟ فَقَالَ: سددوا وقاربوا،(3/451)
فَإِن صَاحب الْجنَّة يخْتم لَهُ بِعَمَل أهل الْجنَّة وَإِن عمل أَي عمل، وَإِن صَاحب النَّار يخْتم لَهُ بِعَمَل أهل النَّار وَإِن عمل أَي عمل، ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيدَيْهِ فنبذهما، ثمَّ قَالَ: فرغ ربكُم من الْعباد فريق فِي الْجنَّة، وفريق فِي السعير ".
ثَنَا قُتَيْبَة، ثَنَا بكر بن مُضر، عَن أبي قبيل نَحوه.
وَفِي الْبَاب عَن ابْن عمر.
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح، وَأَبُو قبيل اسْمه حييّ بن هَانِئ.
بَاب كتب الْمَقَادِير قبل خلق الْخَلَائق
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي أَبُو هَانِئ الْخَولَانِيّ، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " كتب الله مقادير الْخَلَائق قبل أَن يخلق السَّمَاوَات [وَالْأَرْض] بِخَمْسِينَ ألف سنة وعرشه على المَاء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا جَامع بن شَدَّاد، عَن صَفْوَان بن مُحرز أَنه حَدثهُ، عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ الله - عز وَجل - وَلم يكن شَيْء غَيره، وَكَانَ عَرْشه على المَاء، وَكتب فِي الذّكر كل شَيْء ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن زِيَاد الصَّائِغ، ثَنَا زيد بن الْحباب، ثَنَا مُعَاوِيَة(3/452)
ابْن صَالح، حَدثنِي أَيُّوب بن أبي (زَائِدَة) ، عَن عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة، عَن أَبِيه، عَن جده عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أول مَا خلق الله الْقَلَم فَقَالَ لَهُ: اجْرِ. فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، يَا بني، إِن مت على غير هَذَا دخلت النَّار ".
أَيُّوب هَذَا هُوَ ابْن زِيَاد، روى عَن عبَادَة بن الْوَلِيد وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن ابْن عبد الله بن مَسْعُود وَالقَاسِم أبي عبد الرَّحْمَن وخَالِد بن معدان، وروى عَنهُ مُعَاوِيَة بن صَالح وَيزِيد بن سِنَان وَيزِيد بن أبي أنيسَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى، ثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا عبد الْوَاحِد ابْن سليم، سمع عَطاء بن أبي رَبَاح، سمع الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: " دَعَاني أبي فَقَالَ: يَا بني، اتَّقِ الله وَاعْلَم أَنَّك لن تتقى الله حَتَّى تؤمن بِاللَّه، وتؤمن بِالْقدرِ كُله خَيره وشره، فَإِن مت على غير هَذَا دخلت النَّار، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم فَقَالَ: اكْتُبْ. قَالَ: مَا أكتب؟ قَالَ: اكْتُبْ الْقدر مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى الْأَبَد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا لَيْث بن سعد وَابْن لَهِيعَة عَن قيس بن الْحجَّاج.
وثنا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا لَيْث بن سعد، حَدثنِي قيس بن الْحجَّاج - الْمَعْنى وَاحِد - عَن حَنش الصَّنْعَانِيّ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كنت خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا غُلَام، إِنِّي أعلمك كَلِمَات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تَجدهُ تجاهك، إِذا سَأَلت فاسأل الله، وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه، وَاعْلَم أَن الْأمة لَو اجْتَمعُوا على أَن ينفعوك بِشَيْء لم ينفعوك إِلَّا بِشَيْء قد كتبه الله(3/453)
لَك، وَلَو اجْتَمعُوا على أَن يضروك بِشَيْء لم يضروك إِلَّا بِشَيْء كتبه الله عَلَيْك، رفعت الأقلام وجفت الصُّحُف ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا سُفْيَان، عَن أبي سِنَان، عَن وهب ابْن خَالِد الْحِمصِي، عَن [ابْن] الديلمي قَالَ: " أتيت أبي بن كَعْب فَقلت لَهُ: وَقع فِي نَفسِي شَيْء من الْقدر فَحَدثني بِشَيْء لَعَلَّ الله أَن يذهبه من قلبِي، فَقَالَ: لَو أَن الله عذب أهل سماواته وَأهل أرضه عذبهم وَهُوَ غير ظَالِم، وَلَو رَحِمهم كَانَت رَحمته إيَّاهُم خير لَهُم من أَعْمَالهم، وَلَو أنفقت مثل أحد ذَهَبا فِي سَبِيل الله مَا قبله مِنْك حَتَّى تؤمن بِالْقدرِ، وَتعلم أَن مَا أَصَابَك لم يكن ليخطئك، وَأَن مَا أخطأك لم يكن ليصيبك، وَإِن مت على غير هَذَا لدخلت النَّار. قَالَ: ثمَّ أتيت عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ مثل ذَلِك، ثمَّ أتيت حُذَيْفَة بن الْيَمَان فَقَالَ مثل ذَلِك، ثمَّ أتيت زيد بن ثَابت فَحَدثني عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل ذَلِك ".
بَاب قَول الله تَعَالَى {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر}
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ، عَن زِيَاد بن سعد، عَن عَمْرو بن مُسلم، عَن طَاوس أَنه قَالَ: " أدْركْت نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُونَ: كل شَيْء بِقدر. قَالَ: وَسمعت عبد الله بن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كل شَيْء بِقدر حَتَّى الْعَجز والكيس - أَو الْكيس وَالْعجز ".(3/454)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن زِيَاد بن إِسْمَاعِيل، عَن مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر المَخْزُومِي، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: " جَاءَ مشركو قُرَيْش يُخَاصِمُونَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْقدر، فَنزلت: {يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر، إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} .
بَاب مَا جَاءَ أَن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا
مُسلم: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا أَبُو هِشَام المَخْزُومِي، ثَنَا وهيب، ثَنَا سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كتب على ابْن آدم نصِيبه من الزِّنَا مدرك ذَلِك لَا محَالة، العينان زناهما النّظر، والأذنان زناهما الِاسْتِمَاع، وَاللِّسَان زِنَاهُ الْكَلَام، وَالْيَد زنَاهَا الْبَطْش، وَالرجل زنَاهَا الخطا، وَالْقلب يهوى ويتمنى، وَيصدق ذَلِك الْفرج ويكذبه ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَعبد بن حميد - وَاللَّفْظ لإسحاق - قَالَ: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " مَا رَأَيْت شَيْئا أشبه باللمم مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا أدْرك ذَلِك لَا محَالة، فزنا الْعَينَيْنِ النّظر، وزنا اللِّسَان الْمنطق، وَالنَّفس تمني وتشتهي، والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ ".
قَالَ عبد فِي رِوَايَته: ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، سَمِعت ابْن عَبَّاس.(3/455)
بَاب احتجاج آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم وَإِبْرَاهِيم بن دِينَار وَابْن أبي عمر الْمَكِّيّ وَأحمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، جَمِيعًا عَن ابْن عُيَيْنَة - وَاللَّفْظ لِابْنِ حَاتِم وَابْن دِينَار - قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، عَن طَاوس قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " احْتج آدم ومُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدم، أَنْت أَبونَا خيبتنا وأخرجتنا من الْجنَّة. فَقَالَ لَهُ آدم: أَنْت مُوسَى خصك الله بِكَلَامِهِ وَخط لَك بِيَدِهِ، أتلومني على أَمر قد قدره الله عَليّ قبل أَن يخلقني بِأَرْبَعِينَ سنة. فحج آدم مُوسَى ".
وَفِي حَدِيث ابْن أبي عمر وَأحمد بن عَبدة، قَالَ أَحدهمَا: " خطّ - وَقَالَ الآخر: كتب - لَك التَّوْرَاة بِيَدِهِ ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تحاج آدم ومُوسَى، فحج آدم ومُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي أغويت النَّاس وأخرجتهم من الْجنَّة. فَقَالَ لَهُ آدم: أَنْت الَّذِي أعطَاهُ الله علم كل شَيْء، واصطفاه على النَّاس برسالته؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فتلومني على أَمر قد قدر عَليّ قبل أَن أخلق ".
وَلمُسلم: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " أَنْت آدم الَّذِي أخرجتك خطيئتك من الْجنَّة ".(3/456)
بَاب مَا جَاءَ أَن كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة
مُسلم: حَدثنَا حَاجِب بن الْوَلِيد، ثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب، عَن الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من مَوْلُود إِلَّا ويولد على الْفطْرَة، أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه، كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء، هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء. ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {فطرت الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله} الْآيَة ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من مَوْلُود إِلَّا يُولد على الْفطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويشركانه. فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت لَو مَاتَ قبل ذَلِك؟ قَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة.
وثنا ابْن نمير، حَدثنِي أبي، كِلَاهُمَا عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي حَدِيث ابْن نمير: " مَا من مَوْلُود إِلَّا وَهُوَ على الْملَّة ".
وَفِي رِوَايَة أبي بكر، عَن أبي مُعَاوِيَة: " إِلَّا على هَذِه الْملَّة حَتَّى يبين عَنهُ لِسَانه " وَفِي رِوَايَة أبي كريب، عَن أبي مُعَاوِيَة: " لَيْسَ من مَوْلُود إِلَّا على هَذِه الْفطْرَة حَتَّى يعبر عَنهُ لِسَانه ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن مُنَبّه: هَذَا مَا ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ(3/457)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من يُولد يُولد يَعْنِي على هَذِه الْفطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ كَمَا تنتجون الْإِبِل، فَهَل تَجِدُونَ فِيهَا جَدْعَاء حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُم تجدعونها؟ . قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَفَرَأَيْت من يَمُوت صَغِيرا؟ قَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي الدَّرَاورْدِي - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل إِنْسَان تلده أمه على الْفطْرَة، أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ، فَإِن كَانَا مُسلمين فَمُسلم، كل إِنْسَان تلده أمه يلكزه الشَّيْطَان فِي حضنيه إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا - عَلَيْهِمَا السَّلَام ".
بَاب مَا جَاءَ فِي أَوْلَاد الْمُشْركين
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أَطْفَال الْمُشْركين، عَمَّن يَمُوت مِنْهُم صَغِيرا؟ فَقَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن الْعَلَاء بن الْمسيب، عَن فُضَيْل بن عَمْرو، عَن عَائِشَة بنة طَلْحَة، عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت: " توفّي صبي فَقلت: طُوبَى لَهُ عُصْفُور من عصافير الْجنَّة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَولا تدرين أَن الله خلق الْجنَّة وَخلق النَّار، فخلق لهَذِهِ أَهلا، وَخلق لهَذِهِ أَهلا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن طَلْحَة بن يحيى [عَن] عمته عَائِشَة بنت طَلْحَة، عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت: " دعِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى جَنَازَة صبي من الْأَنْصَار، فَقلت: يَا رَسُول الله، طُوبَى لهَذَا عُصْفُور من عصافير الْجنَّة، لم يعْمل السوء وَلم يُدْرِكهُ. قَالَ: أَو غير ذَلِك يَا عَائِشَة، إِن الله(3/458)
خلق للجنة أَهلا خلقهمْ لَهَا وهم فِي أصلاب آبَائِهِم، وَخلق للنار أَهلا، خلقهمْ لَهَا وهم فِي أصلاب آبَائِهِم ". البُخَارِيّ: حَدثنَا مُؤَمل [بن] هِشَام، عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن عَوْف، عَن أبي رَجَاء، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث الرُّؤْيَا: " [أما] الرجل الطَّوِيل الَّذِي فِي الرَّوْضَة فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأما الْولدَان الَّذين حوله فَكل مَوْلُود مَاتَ على الْفطْرَة. فَقَالَ بعض الْمُسلمين: يَا رَسُول الله، أَوْلَاد الْمُشْركين؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَأَوْلَاد الْمُشْركين ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن رَقَبَة بن مَسْقَلَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع كَافِرًا وَلَو عَاشَ لأرهق أَبَوَيْهِ طغياناً وَكفرا ".(3/459)
بَاب ضرب الْآجَال
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي بكر - قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن مسعر، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن الْمُغيرَة بن عبد الله الْيَشْكُرِي، عَن الْمَعْرُور بن سُوَيْد، عَن عبد الله قَالَ: " قَالَت أم حَبِيبَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ أمتعني بزوجي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبأبي أبي سُفْيَان وبأخي مُعَاوِيَة. قَالَ: فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد سَأَلت الله لآجال مَضْرُوبَة، وَأَيَّام مَعْدُودَة، وأرزاق مقسومة، لن يعجل شَيْئا
قبله حلّه، أَو يُؤَخر شَيْئا عَن حلّه، وَلَو كنت سَأَلت الله أَن يعيذك من عَذَاب فِي النَّار، أَو عَذَاب فِي الْقَبْر كَانَ خيرا وَأفضل ... " وَذكر الحَدِيث.
مُسلم: وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي وحجاج بن الشَّاعِر - وَاللَّفْظ لحجاج - قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ حجاج: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا الثَّوْريّ، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن الْمُغيرَة بن عبد الله الْيَشْكُرِي، عَن معْرور بن سُوَيْد، عَن عبد الله قَالَ: " قَالَت أم حَبِيبَة: اللَّهُمَّ متعني بزوجي رَسُول الله ... . " فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " لآجال مَضْرُوبَة، وآثار مَوْطُوءَة ".
وَفِي طَرِيق أُخْرَى: " وآثار مبلوغة ".
بَاب وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا بنْدَار، ثَنَا مُؤَمل، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن مطر ابْن عكامس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قضى الله لعبد أَن يَمُوت بِأَرْض جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَلَا يعرف لمطر بن عكامس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير هَذَا الحَدِيث.(3/460)
قَالَ: ثَنَا أَحْمد بن منيع، وَعلي بن حجر - الْمَعْنى وَاحِد - قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن أَيُّوب، عَن أبي الْمليح بن أُسَامَة، عَن أبي عزة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قضى الله لعبد أَن يَمُوت بِأَرْض جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة - أَو قَالَ: بهَا حَاجَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَأَبُو عزة لَهُ صُحْبَة، واسْمه يسَار بن عبد، وَأَبُو الْمليح اسْمه عَامر بن أُسَامَة بن عُمَيْر الْهُذلِيّ.
بَاب ترك العجر
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَابْن نمير، قَالَا: ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن ربيعَة بن عُثْمَان، عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُؤمن الْقوي خير وَأحب إِلَى الله من الْمُؤمن الضَّعِيف، وَفِي كل خير، احرص على مَا ينفعك، واستعن بِاللَّه وَلَا تعجز، وَإِن أَصَابَك شَيْء فَلَا تقل: لَو أَنِّي فعلت لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِن قل: قدر الله وَمَا شَاءَ فعل. فَإِن لَو تفتح عمل الشَّيْطَان ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَدَرِيَّة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم - حَدثنِي بمنى - عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْقَدَرِيَّة مجوس هَذِه الْأمة، إِن مرضوا فَلَا تعودوهم، وَإِن مَاتُوا فَلَا تشهدوهم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، أَخْبرنِي أَبُو صَخْر، حَدثنِي نَافِع " أَن ابْن عمر جَاءَهُ رجل فَقَالَ: إِن فلَانا يقْرَأ(3/461)
عَلَيْك السَّلَام. فَقَالَ: إِنَّه بَلغنِي أَنه قد أحدث، فَإِن كَانَ قد أحدث فَلَا تقرئه مني السَّلَام، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: يكون فِي هَذِه الْأمة - أَو فِي أمتِي، الشَّك مِنْهُ - خسف ومسخ أَو قذف فِي أهل الْقدر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، وَأَبُو صَخْر اسْمه حميد ابْن زِيَاد.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا حَيْوَة بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يكون فِي أمتِي خسف ومسخ وَقذف، وَيكون ذَلِك فِي أهل الْقدر ".
قَالَ: وَلَا نعلم أسْند حميد عَن نَافِع غير هَذَا الحَدِيث.
وروى أَبُو عِيسَى من طَرِيق الْقَاسِم بن حبيب وَعلي بن نزار، عَن نزار، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صنفان من أمتِي لَيْسَ لَهما فِي الْإِسْلَام نصيب المرجئة والقدرية ".
وَالقَاسِم وَعلي ضعيفان لَيْسَ حَدِيثهمَا بِشَيْء.
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن ابْن عمر وَرَافِع، وَهَذَا حَدِيث (غَرِيب) .
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا عبد الله بن يزِيد، ثَنَا سعيد - يَعْنِي: ابْن أبي أَيُّوب - أَخْبرنِي أَبُو صَخْر، عَن نَافِع قَالَ: " كَانَ لِابْنِ عمر صديق من أهل الشَّام فكاتبه، فَكتب إِلَيْهِ عبد الله بن عمر أَنه بَلغنِي أَنَّك تَكَلَّمت فِي شَيْء من الْقدر، فإياك أَن تكْتب إِلَيّ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: سَيكون فِي أمتِي(3/462)
أَقوام يكذبُون بِالْقدرِ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا جرير بن [حَازِم] ، عَن أبي رَجَاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يزَال أَمر هَذِه الْأمة موائماً - أَو مقارباً أَو كلمة تشبهها - مَا لم يتكلموا فِي الْولدَان وَالْقدر ".
قَالَ: وَحدثنَا عمر، ثَنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا سُلَيْمَان بن عتبَة، سَمِعت يُونُس بن ميسرَة بن حَلبس يحدث، عَن أبي إِدْرِيس، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يدْخل الْجنَّة عَاق، وَلَا مدمن خمر، وَلَا مكذب بِقدر ".
قد تقدم ذكر سُلَيْمَان بن عتبَة.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن حُصَيْن وَعَمْرو بن عَليّ - وَاللَّفْظ لمُحَمد - قَالَا: ثَنَا عمر بن أبي خَليفَة، ثَنَا هِشَام - يَعْنِي: ابْن حسان - عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " آخر الْكَلَام فِي الْقدر لشرار النَّاس فِي آخر الزَّمَان ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة طَرِيقا غير هَذِه الطَّرِيقَة من جِهَة صَحِيحَة، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن هِشَام إِلَّا عمر بن أبي خَليفَة.
بَاب الْمَعْصُوم من عصم الله
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، ثَنَا عبد الله، أَنا يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي(3/463)
أَبُو سَلمَة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا اسْتخْلف خَليفَة إِلَّا لَهُ بطانتان: بطانة تَأمره بِالْخَيرِ وتحضه عَلَيْهِ، [وبطانة تَأمره بِالشَّرِّ وتحضه عَلَيْهِ] والمعصوم من عصم الله - عز وَجل ".
تمّ كتاب الْقدر بِحَمْد الله وعونه وتأييده وَنَصره
وَصلى الله على النَّبِي مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا يتلوه إِن شَاءَ الله - تَعَالَى - كتاب الْأَذْكَار والأدعية.(3/464)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الْأَذْكَار والأدعية بَاب التَّرْغِيب فِي ذكر الله تَعَالَى
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن مَالك بن الْحَارِث، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ أحد أحب إِلَيْهِ من الْمَدْح من الله - عز وَجل - من أجل ذَلِك مدح نَفسه، وَلَيْسَ أحد أغير من الله، من أجل ذَلِك حرم الْفَوَاحِش، وَلَيْسَ أحد أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله، من أجل ذَلِك أنزل الْكتاب وَأرْسل الرُّسُل ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ أحد أحب إِلَيْهِ الْمَدْح من الله - جلّ وَعز - من أجل ذَلِك مدح نَفسه، وَلَيْسَ أحد أغير من الله، من أجل ذَلِك حرم الْفَوَاحِش (مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن) ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا [أَبُو عوَانَة] ، ثَنَا عبد الْملك، عَن وراد كَاتب الْمُغيرَة، عَن الْمُغيرَة قَالَ: " قَالَ سعد بن عبَادَة: لَو رَأَيْت رجلا مَعَ(3/465)
امْرَأَتي لضربته بِالسَّيْفِ غير مصفح. فَبلغ ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أتعجبون من غيرَة سعد، وَالله لأَنا أغير مِنْهُ، وَالله أغير مني، وَمن أجل غيرَة الله حرم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن، وَمَا أحد أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله، من أجل ذَلِك بعث الْمُنْذرين والمبشرين، وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ المدحة من الله، من أجل ذَلِك وعد الْجنَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، قَالَ الْأَعْمَش، قَالَ: سَمِعت أَبَا صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول الله - عز وَجل -: أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي، فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي، وَإِن ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُم، وَإِن تقرب إِلَيّ (بشبر) ؛ تقربت إِلَيْهِ ذِرَاعا، وَإِن تقرب إِلَيّ ذِرَاعا؛ تقربت (مِنْهُ) باعاً، وَمن أَتَانِي يمشي؛ أَتَيْته هرولة ".
روى أَبُو بكر بن أبي شيبَة، عَن مُحَمَّد بن مُصعب، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد الله، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله يَقُول: أَنا مَعَ عَبدِي إِذا هُوَ ذَكرنِي وتحركت بِي شفتاه ".
وَمُحَمّد بن مُصعب هَذَا هُوَ القرقساني، وَهُوَ يضعف لِأَنَّهُ كَانَت فِيهِ غَفلَة.
مُسلم: حَدثنَا أُميَّة بن بسطَام، ثَنَا يزِيد - يَعْنِي ابْن زُرَيْع - ثَنَا روح بن(3/466)
الْقَاسِم، عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسير فِي طَرِيق مَكَّة فَمر على جبل يُقَال لَهُ: جمدان، فَقَالَ: سِيرُوا هَذَا جمدان سبق المفردون. قَالُوا: وَمَا المفردون يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الذاكرون الله كثيرا وَالذَّاكِرَات ".
وروى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عمر بن رَاشد، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سبق المفردون. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا المفردون؟ قَالَ: المستهترون بِذكر الله، يضع الذّكر عَنْهُم أثقالهم فَيَأْتُونَ يَوْم الْقِيَامَة خفافاً ".
رَوَاهُ عَن أبي كريب، عَن أبي مُعَاوِيَة، عَن عمر بن رَاشد، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا زِيَاد بن أَيُّوب، ثَنَا مُبشر بن إِسْمَاعِيل الْحلَبِي، عَن تَمام ابْن نجيح، عَن الْحسن، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من حافظين رفعا إِلَى الله مَا حفظا من ليل أَو نَهَار، فيجد الله فِي أول الصَّحِيفَة وَفِي آخر الصَّحِيفَة خيرا إِلَّا قَالَ: أشهدكم أَنِّي قد غفرت لعبدي مَا بَين طرفِي الصَّحِيفَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن عبد الله ابْن سعيد، عَن زِيَاد مولى ابْن عَيَّاش، عَن أبي بحريّة، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أنبئكم بِخَير أَعمالكُم، وأزكاها عِنْد مليككم، وأرفعها فِي درجاتكم، وَخير لكم من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْوَرق، وَخير لكم من أَن تلقوا عَدوكُمْ، فتضربوا أَعْنَاقهم و [ويضربوا] أَعْنَاقكُم؟ قَالَ: بلَى , قَالَ: ذكر الله. فَقَالَ معَاذ بن جبل: مَا شَيْء أنجى من عَذَاب الله من ذكر الله ".
رَوَاهُ بَعضهم عَن عبد الله فَأرْسلهُ.(3/467)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا زيد بن حباب، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عَمْرو بن قيس، عَن عبد الله بن بسر " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن شرائع الْإِسْلَام قد كثرت عَليّ، فَأَخْبرنِي بِشَيْء أتشبث بِهِ. قَالَ: لَا يزَال لسَانك رطبا من ذكر الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن غَرِيب) من هَذَا الْوَجْه.
الْبَزَّار: حَدثنَا الْعَبَّاس بن عبد الله الباكسائي، ثَنَا زيد بن يحيى بن عبيد، ثَنَا ثَوْبَان، عَن أَبِيه، حَدثنِي جُبَير بن نفير، ثَنَا معَاذ بن جبل قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي عَن أفضل الْأَعْمَال وأقربها إِلَى الله - تَعَالَى - قَالَ: أَن تَمُوت وَلِسَانك رطب من ذكر الله ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن كَرَامَة، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي يحيى، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من عجز مِنْكُم عَن اللَّيْل أَن يكابده، وبخل بِالْمَالِ أَن يُنْفِقهُ، وَجبن عَن الْعَدو أَن يجاهده، فليكثر ذكر الله ".
قَالَ: وثنا عبد الله بن أَحْمد بن شبويه، ثَنَا شهَاب بن عباد، ثَنَا مُحَمَّد بن الْحسن، عَن عَمْرو بن قيس، عَن عَطِيَّة بن سعد، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول الله - تبَارك وَتَعَالَى -: إِذا شغل عَبدِي ذكري عَن مَسْأَلَتي(3/468)
أَعْطيته أفضل مَا أعطي السَّائِلين ".
وروى أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فِي " المؤتلف والمختلف " قَالَ: ثَنَا القَاضِي الْمحَامِلِي، ثَنَا يُوسُف بن مُوسَى الْقطَّان، ثَنَا عُثْمَان بن زفر التَّيْمِيّ - تيم الربَاب - ثَنَا صَفْوَان بن أبي الصَّهْبَاء، عَن [بكير] بن عَتيق، عَن سَالم بن عبد الله بن عمر، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول الله - تَعَالَى -: من شغله ذكري عَن مَسْأَلَتي أَعْطيته أفضل مَا أعطي السَّائِلين ".
قَالَ أَبُو الْحسن: وَقد روى الثَّوْريّ عَن [بكير] بن عَتيق هَذَا.
ذكر الحَدِيث وَمَا بعده أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد.
بَاب فضل مجَالِس الذّكر
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لله مَلَائِكَة يطوفون فِي الطّرق يَلْتَمِسُونَ أهل الذّكر، فَإِذا وجدوا قوما يذكرُونَ الله، تنادوا: هلموا إِلَى حَاجَتكُمْ، فيحفونهم بأجنحتهم إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، قَالَ: فيسألهم رَبهم وَهُوَ أعلم بهم، مَا يَقُول عبَادي؟ قَالَ: تَقول: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك. قَالَ: فَيَقُول: هَل رأوني؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا وَالله مَا رأوك. قَالَ: فَيَقُول: كَيفَ لَو رأوني؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَو رأوك كَانُوا أَشد لَك عبَادَة، وَأَشد لَك تمجيداً، وَأكْثر لَك تسبيحاً. قَالَ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ قَالَ: يَسْأَلُونَك الْجنَّة. قَالَ: يَقُول: وَهل رأوها؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَالله يَا رب مَا رأوها. قَالَ: يَقُول: فَكيف لَو أَنهم رأوها؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَو أَنهم رأوها كَانُوا أَشد عَلَيْهَا حرصاً، وَأَشد لَهَا طلبا، وَأعظم فِيهَا رَغْبَة.(3/469)
قَالَ: فمم يتعوذون؟ قَالَ: يَقُولُونَ: من النَّار. قَالَ: يَقُول: وَهل رأوها؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَالله يَا رب مَا رأوها. قَالَ: يَقُول: فَكيف لَو رأوها؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَو رأوها كَانُوا أَشد مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشد لَهَا مَخَافَة. قَالَ: فَيَقُول: فأشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم. قَالَ: يَقُول (الْملك) من الْمَلَائِكَة: فيهم فلَان لَيْسَ مِنْهُم إِنَّمَا جَاءَ لحَاجَة. قَالَ: هم الجلساء لَا يشقى جليسهم ".
رَوَاهُ شُعْبَة عَن الْأَعْمَش وَلم يرفعهُ، وَرَوَاهُ سُهَيْل [عَن أَبِيه] عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة أَو عَن أبي سعيد قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله مَلَائِكَة سياحين فِي الأَرْض فضلا عَن كتاب النَّاس ... " وَذكر الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " فَيَقُول: فَإِنِّي أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم. فَيَقُولُونَ: إِن فيهم فلَانا الخطاء لم يردهم إِنَّمَا جَاءَهُم لحَاجَة. فَيَقُول: هم الْقَوْم لَا يشقى لَهُم جليس ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت أَبَا إِسْحَاق يحدث، عَن الْأَغَر أبي مُسلم أَنه قَالَ: أشهد على أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَنَّهُمَا شَهدا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا يعْقد قوم يذكرُونَ الله إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة، وأنزلت عَلَيْهِم السكينَة، وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مَرْحُوم بن عبد الْعَزِيز، عَن أبي(3/470)
نعَامَة السَّعْدِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " خرج مُعَاوِيَة على حَلقَة فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: مَا أجلسكم؟ قَالُوا: جلسنا نذْكر الله، قَالَ: آللَّهُ مَا أجلسكم إِلَّا ذَلِك؟ قَالُوا: وَالله مَا أجلسنا إِلَّا ذَلِك. قَالَ: أما إِنِّي لم أستحلفكم تُهْمَة لكم، وَمَا كَانَ أحد بمنزلتي من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقل حَدِيثا عَنهُ مني، وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج على حَلقَة من أَصْحَابه، فَقَالَ: مَا أجلسكم؟ قَالُوا: جلسنا نذْكر الله ونحمده على مَا هدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمن بِهِ علينا. قَالَ: آللَّهُ مَا أجلسكم إِلَّا ذَلِك؟ [قَالُوا: وَالله مَا أجلسنا إِلَّا ذَاك. قَالَ] أما إِنِّي لم أستحلفكم لتهمة لكم، وَلكنه أَتَانِي جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - فَأَخْبرنِي أَن الله يباهي بكم الْمَلَائِكَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا زيد بن حباب، أَن حميدا الْمَكِّيّ مولى ابْن عَلْقَمَة حَدثهُ، أَن عَطاء بن أبي رَبَاح حَدثهُ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا، قلت: يَا رَسُول الله، وَمَا رياض الْجنَّة؟ قَالَ: الْمَسَاجِد. قَالَ: وَمَا الرتع يَا رَسُول الله؟ قَالَ: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (غَرِيب) .
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك، ثَنَا بشر بن الْفضل، ثَنَا عمر بن عبد الله مولى غفرة، عَن أَيُّوب بن خَالِد بن صَفْوَان الْأنْصَارِيّ، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: خرج علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِن لله سَرَايَا من الْمَلَائِكَة تحل وتقف على مجَالِس الذّكر فِي الأَرْض، فارتعوا فِي رياض الْجنَّة. قَالُوا: وَأَيْنَ رياض الْجنَّة؟ قَالَ: مجَالِس الذّكر، فاغدوا وروحوا فِي ذكر الله، من كَانَ يحب(3/471)
أَن يعلم مَنْزِلَته عِنْد الله، فَلْينْظر كَيفَ منزلَة الله عِنْده، فَإِن الله - تَعَالَى - ينزل العَبْد حَيْثُ أنزلهُ من نَفسه ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن جَابر عَنهُ بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلَا روى أَيُّوب عَن جَابر إِلَّا هَذَا الحَدِيث.
عمر مولى غفرة ضعفه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل، عمر مولى غفرة لَيْسَ بِهِ بَأْس.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد السَّلَام - يَعْنِي ابْن مطهر أَبُو ظفر - أَخْبرنِي مُوسَى بن خلف الْعمي، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لِأَن أقعد مَعَ قوم يذكرُونَ الله من صَلَاة الْغَدَاة إِلَى طُلُوع الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق أَرْبَعَة من ولد إِسْمَاعِيل، وَلِأَن أقعد مَعَ قوم يذكرُونَ الله من صَلَاة الْعَصْر إِلَى أَن تغرب الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق (رَقَبَة) ".
مُوسَى بن خلف أَبُو خلف أثنى عَلَيْهِ عَفَّان ثَنَاء حسنا وَقَالَ: مَا رَأَيْت مثله قطّ. وَقَالَ فِيهِ يحيى بن معِين: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مُوسَى بن خلف صَالح الحَدِيث.
بَاب مَا جَاءَ فِي من جلس مَجْلِسا لم يذكر الله فِيهِ
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان - هُوَ الْأَعْمَش - عَن ذكْوَان - هُوَ أَبُو صَالح - عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من قوم يَجْلِسُونَ مَجْلِسا لَا يذكرُونَ الله(3/472)
فِيهِ إِلَّا كَانَت عَلَيْهِم حسرة يَوْم الْقِيَامَة وَإِن دخلُوا الْجنَّة ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي زَكَرِيَّا بن يحيى، أَنا مُصعب - هُوَ أَحْمد بن أبي بكر الزهْرَانِي - أَن [ابْن أبي] حَازِم حَدثهُ.
قَالَ: وثنا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، ثَنَا ابْن أبي [حَازِم] عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا اجْتمع قوم فَتَفَرَّقُوا من غير ذكر الله إِلَّا كَأَنَّمَا تفَرقُوا عَن جيفة حمَار، وَكَانَ ذَلِك الْمجْلس عَلَيْهِم ترة ".
بَاب مثل الْبَيْت الَّذِي يذكر الله فِيهِ
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن براد الْأَشْعَرِيّ وَمُحَمّد بن الْعَلَاء، قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الْبَيْت الَّذِي يذكر الله فِيهِ وَالْبَيْت الَّذِي لَا يذكر الله فِيهِ مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت ".
بَاب فضل التهليل وَالتَّسْبِيح
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا [أخْبركُم] بِوَصِيَّة نوح ابْنه؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: أوصى نوح ابْنه فَقَالَ لِابْنِهِ: يَا بني، إِنِّي أوصيك بِاثْنَتَيْنِ، وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ: أوصيك بقول: لَا إِلَه إِلَّا الله؛ فَإِنَّهَا لَو وضعت فِي كفة وَوضعت السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي كفة لرجحت(3/473)
بِهن، وَلَو كَانَت حَلقَة لقصمتهن حَتَّى تخلص إِلَى الله. وَبقول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ؛ فَإِنَّهَا عبَادَة الْخلق وَبهَا تقطع أَرْزَاقهم، وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ: عَن الشّرك وَالْكبر؛ فَإِنَّهُمَا يحجبان عَن الله. قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله، أَمن الْكبر أَن يتَّخذ الرجل الطَّعَام فَيكون عَلَيْهِ الْجَمَاعَة؟ أَو يلبس الْقَمِيص النَّظِيف؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِك - يَعْنِي بِالْكبرِ - إِنَّمَا الْكبر أَن تسفه [الْحق] وَتَغْمِص النَّاس ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن عَمْرو عَن ابْن عمر إِلَّا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عَمْرو، وَلَا نعلم أحدا حدث بِهِ عَن أبي مُعَاوِيَة إِلَّا إِبْرَاهِيم بن سعيد.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح فِي حَدِيثه، عَن ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث أَن دَرَّاجًا أَبَا السَّمْح حَدثهُ، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَالَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام -: يَا رب، عَلمنِي شَيْئا أذكرك بِهِ وأدعوك بِهِ. قَالَ: يَا مُوسَى، قل: لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ مُوسَى: يَا رب، كل عِبَادك يَقُول هَذَا. قَالَ: قل لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، إِنَّمَا أُرِيد شَيْئا تخصني بِهِ. قَالَ: يَا مُوسَى، لَو أَن السَّمَاوَات السَّبع وعمارهن غَيْرِي وَالْأَرضين السَّبع فِي كفة وَلَا إِلَه إِلَّا الله فِي كفة مَالَتْ بِهن لَا إِلَه إِلَّا الله ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كَامِل، ثَنَا أَبُو عوَانَة عَن مَنْصُور، عَن هِلَال بن يسَاف، (عَن الْأَغَر) ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، نفعته يَوْمًا من دهره يُصِيبهُ قبل ذَلِك مَا أَصَابَهُ ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَتَابعه عِيسَى بن يُونُس، عَن الثَّوْريّ، عَن مَنْصُور، وَرَوَاهُ حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، عَن هِلَال والأغر، عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا، قَالَ أَبُو بكر: مَنْصُور أحفظ. انْتهى حَدِيث أبي بكر الْبَزَّار - رَحمَه الله.(3/474)
لفظ سُفْيَان الثَّوْريّ فِي هَذَا الحَدِيث " من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، أنجته يَوْمًا من الدَّهْر أَصَابَهُ قبلهَا مَا أَصَابَهُ " رَوَاهُ عَن مَنْصُور بِإِسْنَاد أبي بكر الْبَزَّار مَرْفُوعا، ذكر ذَلِك أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد بِسَنَدِهِ إِلَى سُفْيَان.
مُسلم: حَدثنَا دَاوُد بن رشيد، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن ابْن جَابر قَالَ: حَدثنِي عُمَيْر بن هَانِئ قَالَ: حَدثنِي جُنَادَة بن أبي أُميَّة قَالَ: حَدثنِي عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَابْن أمته وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ، وَأَن الْجنَّة حق، وَأَن النَّار حق، أدخلهُ الله من أَي أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية شَاءَ ".
وحَدثني أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، ثَنَا مُبشر بن إِسْمَاعِيل، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عُمَيْر بن هَانِئ فِي هَذَا الْإِسْنَاد بِمثلِهِ غير أَنه قَالَ: " أدخلهُ الله الْجنَّة على مَا كَانَ من عمل " وَلم يذكر " من أَي الْأَبْوَاب الثَّمَانِية شَاءَ ".
ابْن جَابر هُوَ عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عبد الله بن الحكم، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أبي البخْترِي، عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي، عَن ابْن الزبير، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن رجلا حلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ كَاذِبًا فغفر لَهُ ".
قَالَ شُعْبَة: من قبل التَّوْحِيد.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك، وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير، فِي يَوْم مائَة(3/475)
مرّة كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب، وَكتب لَهُ مائَة حَسَنَة، ومحيت عَنهُ مائَة سَيِّئَة، وَكَانَت لَهُ حرْزا من الشَّيْطَان يَوْمه ذَلِك حَتَّى يُمْسِي، وَلم يَأْتِ أحد أفضل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أحد عمل أَكثر من ذَلِك، وَمن قَالَ: سُبْحَانَ الله وبحمد مائَة مرّة حطت خطاياه وَلَو كَانَت مثل زبد الْبَحْر ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو أَيُّوب، ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، ثَنَا عمر - وَهُوَ ابْن أبي زَائِدَة - عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: " من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات كَانَ كمن اعْتِقْ أَرْبَعَة أنفس من ولد إِسْمَاعِيل ".
وَقَالَ سُلَيْمَان: ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا عمر، ثَنَا عبد الله بن أبي السّفر، عَن الشّعبِيّ، عَن الرّبيع بن خَيْثَم بِمثل ذَلِك قَالَ: قلت للربيع: مِمَّن سمعته؟ قَالَ: من عَمْرو بن مَيْمُون، قَالَ: فَأتيت عَمْرو بن مَيْمُون، فَقلت: مِمَّن سمعته؟ فَقَالَ: من ابْن أبي ليلى، قَالَ: فَأتيت ابْن أبي ليلى، فَقلت: مِمَّن سمعته؟ قَالَ: [من] أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ يحدثه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي [إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب] ، ثَنَا الْحسن بن مُوسَى، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي عَيَّاش الزرقي قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ [إِذا أصبح] لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير كَانَ لَهُ كَعدْل رَقَبَة من ولد(3/476)
إِسْمَاعِيل، وَكتب لَهُ بهَا عشر حَسَنَات، وَحط عَنهُ بهَا عشر سيئات، وَكَانَ فِي حرز من الشَّيْطَان حَتَّى يُمْسِي، وَإِذا أَمْسَى مثل ذَلِك حَتَّى يصبح ".
فَرَأى رجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا يرى النَّائِم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا عَيَّاش يروي عَنْك كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: صدق أَبُو عَيَّاش.
أَو عَيَّاش اسْمه زيد بن النُّعْمَان.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الله بن الصَّباح بن عبد الله الْعَطَّار الْبَصْرِيّ، ثَنَا مكي ابْن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عبد الله بن سعيد - هُوَ ابْن أبي هِنْد - عَن سمي، عَن أبي صَالح، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مرار حِين يصبح كتب لَهُ بهَا مائَة حَسَنَة ومحي عَنهُ مائَة سَيِّئَة، وَكَانَت لَهُ عدل رَقَبَة، وَحفظ بهَا يَوْمه حَتَّى يُمْسِي، وَمن قَالَهَا مثل ذَلِك حِين يُمْسِي كَانَ لَهُ مثل ذَلِك ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن عَليّ بن يزِيد الصدائي الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا الْوَلِيد ابْن الْقَاسِم بن الْوَلِيد الْهَمدَانِي، عَن يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا قَالَ عبد لَا إِلَه إِلَّا الله قطّ مخلصاً إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء حَتَّى تُفْضِي إِلَى الْعَرْش مَا أجتنب الْكَبَائِر ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا أَبُو عَاصِم قَالَ: حَدثنِي وبر - هُوَ ابْن أبي دليلة - قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون، عَن يَعْقُوب بن عَاصِم، أَنه سمع رجلَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا يَقُول عبد قطّ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ(3/477)
على كل شَيْء قدير مخلصاً بهَا روحه مُصدقا بهَا لِسَانه إِلَّا فتق الله لَهُ السَّمَاء حَتَّى ينظر الله إِلَى قَائِلهَا، وَحقّ لعبد نظر الله إِلَيْهِ أَن يُعْطِيهِ سؤله ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا زيد بن عَليّ، ثَنَا جَعْفَر، يَعْنِي ابْن برْقَان - عَن غير وَاحِد: ابْن بشر وَغَيره، عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة يرفع الحَدِيث إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر، لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده، لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا شريك لَهُ، لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُ الْملك وَله الْحَمد، لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، يعقدهن خمْسا بأصابعه ثمَّ قَالَ: من قالهن فِي يَوْم أَو لَيْلَة أَو فِي شهر ثمَّ مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم أَو فِي تِلْكَ اللَّيْلَة أَو فِي ذَلِك الشَّهْر - غفر لَهُ ذَنبه ".
ابْن بشر هُوَ عبد الله بن بشر، ثِقَة من خِيَار الْمُسلمين، قَالَه يحيى بن معِين.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ، ثَنَا مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن كثير الْأنْصَارِيّ قَالَ: سَمِعت طَلْحَة بن خرَاش قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأفضل الدُّعَاء الْحَمد لله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُوسَى بن إِبْرَاهِيم، وَقد روى عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَغير وَاحِد عَن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم هَذَا الحَدِيث.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد [ثَنَا] شُعْبَة، عَن أبي بلج(3/478)
قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن مَيْمُون يحدث، عَن عبد الله قَالَ: " من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَالْحَمْد لله وَسُبْحَان الله كثيرا، لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كفرت خطاياه وَإِن كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر ".
أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن حَاتِم بن أبي صَغِيرَة، عَن أبي بلج، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله.
أَبُو بلج اسْمه يحيى بن أبي سليم، وَيُقَال: يحيى بن سليم.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد الْكُوفِي، ثَنَا عبد الله بن بكر السَّهْمِي، عَن حَاتِم بِإِسْنَاد النَّسَائِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا على الأَرْض أحد يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه إِلَّا كفرت عَنهُ خطاياه وَلَو كَانَت مثل زبد الْبَحْر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وروى شُعْبَة هَذَا الحَدِيث عَن أبي بلج بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه وَلم يرفعهُ.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عِيسَى بن مساور، ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور، عَن مُعَاوِيَة بن سَلام، عَن أَخِيه - وَهُوَ زيد بن سَلام -[عَن جده أبي سَلام] عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم، أَن أَبَا مَالك الْأَشْعَرِيّ حَدثهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إسباغ الْوضُوء شطر الْإِيمَان، وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان، وَالتَّسْبِيح وَالتَّكْبِير ملْء السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَالصَّلَاة نور، وَالزَّكَاة برهَان، وَالصَّبْر ضِيَاء، وَالْقُرْآن(3/479)
حجَّة لَك أَو عَلَيْك ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الْملك الْأمَوِي، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار، عَن سُهَيْل، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ حَيْثُ يصبح وَحين يُمْسِي: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، مائَة مرّة لم يَأْتِ أحد يَوْم الْقِيَامَة بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أحد قَالَ: (أفضل مِمَّا) قَالَ أَو زَاد عَلَيْهِ ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَزُهَيْر بن حَرْب وَأَبُو كريب وَمُحَمّد بن طريف البَجلِيّ قَالُوا: ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كلمتان خفيفتان على اللِّسَان، ثقيلتان فِي الْمِيزَان، حبيبتان إِلَى الرَّحْمَن: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ الله الْعَظِيم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لِأَن أَقُول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر أحب إِلَيّ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس ".(3/480)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا مُوسَى الْجُهَنِيّ، عَن مُصعب بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: عَلمنِي كلَاما أقوله. قَالَ: قل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، الله أكبر كَبِيرا وَالْحَمْد لله كثيرا، وَسُبْحَان الله رب الْعَالمين، لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعَزِيز الْحَكِيم. قَالَ: فَهَؤُلَاءِ لرَبي، فَمَا لي؟ قَالَ: قل: اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني واهدني وارزقني ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عِيسَى بن شُعَيْب، ثَنَا روح بن الْقَاسِم، عَن مطر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْكروا عباد الله فَإِن العَبْد إِذا قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ؛ كتب لَهُ عشر، وَمن عشر إِلَى مائَة، وَمن مائَة إِلَى ألف، فَمن زَاد زَاده الله، وَمن اسْتغْفر غفر الله لَهُ ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا مُوسَى الْجُهَنِيّ، عَن [مُصعب] بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أَيعْجزُ أحدكُم أَن يكْسب كل يَوْم ألف حَسَنَة؟ فَسَأَلَهُ سَائل من جُلَسَائِهِ: كَيفَ يكْسب أَحَدنَا ألف حَسَنَة؟ قَالَ: يسبح مائَة تَسْبِيحَة فتكتب لَهُ ألف حَسَنَة (و) تحط عَنهُ ألف خَطِيئَة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَعَمْرو النَّاقِد وَابْن أبي عمر - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر - قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَان، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى آل طَلْحَة، عَن كريب، عَن ابْن عَبَّاس، عَن جوَيْرِية " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج من عِنْدهَا بكرَة حِين صلى الصُّبْح وَهِي فِي مَسْجِدهَا، ثمَّ رَجَعَ بعد أَن أضحى وَهِي جالسة، فَقَالَ:(3/481)
مَا زلت على الْحَال الَّتِي فارقتك عَلَيْهَا؟ قَالَت: نعم. قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لقد قلت بعْدك أَربع كَلِمَات ثَلَاث مَرَّات وَلَو وزنت بِمَا قلت مُنْذُ الْيَوْم لوزنتهن: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عدد خلقه ورضا نَفسه وزنة عرشة ومداد كَلِمَاته ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب وَإِسْحَاق [عَن] مُحَمَّد بن بشر، عَن مسعر، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي رشدين، عَن ابْن عَبَّاس، عَن جوَيْرِية قَالَت: " مر بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين صلى الْغَدَاة أَو بَعْدَمَا صلى الْغَدَاة ... " فَذكر نَحوه غير أَنه قَالَ: " سُبْحَانَ الله عدد خلقه، سُبْحَانَ الله رضَا نَفسه، سُبْحَانَ الله زنة عَرْشه، سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَاته ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: سَمِعت كريباً يحدث، عَن ابْن عَبَّاس، عَن جوَيْرِية بنت الْحَارِث " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر عَلَيْهَا وَهِي فِي مَسْجِد، ثمَّ مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بهَا قَرِيبا من نصف النَّهَار فَقَالَ لَهَا: مَا زلت على حالك؟ فَقَالَت: نعم. قَالَ: أَلا أعلمك كَلِمَات تقولينها: سُبْحَانَ الله عدد خلقه، سُبْحَانَ الله عدد خلقه، سُبْحَانَ الله عدد خلقه، سُبْحَانَ الله رضَا نَفسه، سُبْحَانَ الله رضَا نَفسه، سُبْحَانَ الله رضَا نَفسه، سُبْحَانَ الله زنة عَرْشه، سُبْحَانَ الله زنة عَرْشه، سُبْحَانَ الله زنة عَرْشه، سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَات، سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَاته، سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَاته ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن هُوَ مولى آل طَلْحَة، وَهُوَ مدنِي ثِقَة، قد روى عَنهُ الثَّوْريّ والمسعودي هَذَا الحَدِيث.(3/482)
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن الْخطاب، ثَنَا أصبغ بن الْفرج، ثَنَا ابْن وهب، ثَنَا عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن عَائِشَة بنت سعد، عَن أَبِيهَا " أَنه دخل مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على امْرَأَة وَبَين يَديهَا نوى وحصى تسبح بِهِ فَقَالَ: أَلا أخْبرك بِمَا هُوَ أيسر عَلَيْك من هَذَا أَو أفضل؟ قَالَت: نعم. قَالَ: قولي سُبْحَانَ الله عدد مَا خلق فِي السَّمَاء، وَسُبْحَان الله عدد مَا خلق فِي الأَرْض، وَسُبْحَان الله عدد مَا بَين ذَلِك، وَسُبْحَان الله كَمَا هُوَ أَهله، وَالله أكبر مثل ذَلِك، وَلَا إِلَه إِلَّا الله مثل ذَلِك، وَالْحَمْد لله مثل ذَلِك وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه مثل ذَلِك ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن سعد إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو بكر بن إِسْحَاق، ثَنَا أَبُو الْجَواب، ثَنَا عمار، عَن فطر، عَن الْقَاسِم بن أبي [بزَّة] ، عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، عَن حمْرَان قَالَ: سَمِعت عبد الله بن [عمر] يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من قَالَ: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر كتب لَهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا حَمَّاد بن مسْعدَة، ثَنَا مَالك بن أنس، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ؛ حط الله عَنهُ ذنُوبه وَإِن كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر ".
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا مَنْصُور، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن ربيع بن عميلة، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول(3/483)
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أحب الْكَلَام إِلَى الله أَربع: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر، لَا يَضرك بأيهن بدأت ... ". الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، عَن شُعْبَة، عَن الْجريرِي، عَن أبي عبد الله الجسري - من عنزة - عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أخْبرك بِأحب الْكَلَام إِلَى الله؟ قلت: بلَى يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي بِأحب الْكَلَام إِلَى الله. فَقَالَ: إِن أحب الْكَلَام إِلَى الله: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر، ثَنَا حبَان بن هِلَال، ثَنَا وهيب، ثَنَا سعيد الْجريرِي، عَن أبي عبد الله الجسري، عَن ابْن الصَّامِت، عَن أبي ذَر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ: أَي الْكَلَام أفضل؟ قَالَ: مَا اصطفاه الله لملائكة أَو لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد بن الْأَصْبَهَانِيّ، أَنا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن الْحَارِث بن سُوَيْد، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أحب الْكَلَام إِلَى الله أَن يَقُول العَبْد: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وتبارك اسْمك، وَتَعَالَى جدك، وَلَا إِلَه غَيْرك، وَإِن أبْغض الْكَلَام إِلَى الله: أَن يَقُول الرجل للرجل: اتَّقِ الله، فَيَقُول: عَلَيْك نَفسك ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، أَنا الْجريرِي، عَن أبي عبد الله الجسري، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر(3/484)
" أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[عَاده] أَو أَن أَبَا ذَر عَاد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله، أَي الْكَلَام أحب إِلَى الله؟ فَقَالَ: مَا اصْطفى لملائكته: سُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن إِسْرَائِيل، عَن ضرار بن مرّة أبي سِنَان، عَن أبي صَالح الْحَنَفِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - اصْطفى من الْكَلَام أَرْبعا: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر، فَمن قَالَ: سُبْحَانَ الله؛ كتب لَهُ عشرُون حَسَنَة، وحطت عَنهُ عشرُون سَيِّئَة، وَمن قَالَ: الله أكبر، فَمثل ذَلِك، وَمن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَمثل ذَلِك، وَمن قَالَ: الْحَمد لله رب الْعَالمين من قبل نَفسه؛ كتب لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَة، وحطت عَنهُ ثَلَاثُونَ سَيِّئَة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ بِهَذَا الْإِسْنَاد الْمُتَقَدّم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله اصْطفى من الْكَلَام أَرْبعا: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر، فَمن قَالَ: سُبْحَانَ الله؛ كتب لَهُ عشرُون حَسَنَة وحطت عَنهُ عشرُون سَيِّئَة، وَمن قَالَ: الْحَمد لله، فَمثل ذَلِك، وَمن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَمثل ذَلِك، وَمن قَالَ: الله أكبر من قبل نَفسه؛ كتب لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَة وحطت عَنهُ ثَلَاثُونَ سَيِّئَة ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلَا نعلم روى أَبُو صَالح عَن أبي سعيد إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وحديثاً آخر.
أَبُو صَالح هَذَا اسْمه ماهان يعرف بالمسبح، وَيُقَال أَيْضا: أَبُو سَالم، قَتله يزِيد بن أبي مُسلم، وَيُقَال قَتله الْحجَّاج، وَهُوَ كُوفِي ثِقَة، قَالَه يحيى بن معِين.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح، أَنا ابْن وهب، وَقَالَ مرّة:(3/485)
ثَنَا ابْن وهب، أَنا عَمْرو بن الْحَارِث، أَن دَرَّاجًا أَبَا السَّمْح حَدثهُ، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات. قيل: وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: التَّكْبِير والتهليل وَالتَّسْبِيح وَالْحَمْد لله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع وَغير وَاحِد قَالُوا: ثَنَا روح بن عبَادَة [عَن] حجاج الصَّواف، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ: سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَبِحَمْدِهِ غرست لَهُ نَخْلَة فِي الْجنَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح غَرِيب) لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث أبي الزبير.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد الله بن رَجَاء، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أعلمك كَلِمَات، إِذا قلتهن غفر لَك - على أَنه مغْفُور لَك -: لَا إِلَه إِلَّا الله الْعلي الْعَظِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم، سُبْحَانَ الله رب الْعَرْش الْعَظِيم، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غير إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن سَلمَة، عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -. انْتهى حَدِيث أبي بكر وَكَلَامه.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: من طَرِيق خلف بن تَمِيم، عَن إِسْرَائِيل بِهَذَا الْإِسْنَاد.(3/486)
وَرَوَاهُ: من طَرِيق عَليّ بن صَالح، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن سَلمَة، عَن عَليّ.
وَرَوَاهُ من طَرِيق الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من طَرِيق الْحَارِث، عَن عَليّ.
فِي حَدِيث عبد الله بن سَلمَة، عَن عَليّ: " سُبْحَانَ الله رب السَّمَاوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم " وَنقص من حَدِيث الْحَارِث: " الْحَمد لله رب الْعَالمين ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد، أَنا قَتَادَة وثابت وَحميد، عَن أنس: " أَن رجلا جَاءَ فَدخل الصَّفّ وَقد حفزه النَّفس، فَقَالَ: الْحَمد لله حمداً كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته، قَالَ: أَيّكُم الْمُتَكَلّم بالكلمات؟ فأرم الْقَوْم، قَالَ: أَيّكُم الْمُتَكَلّم بهَا فَإِنَّهُ لم يقل بَأْسا؟ فَقَالَ رجل: جِئْت وَقد حفزني النَّفس فقلتها. فَقَالَ: لقد رَأَيْت اثْنَي عشر ملكا يبتدرونها أَيهمْ يرفعها ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، أَنا الْحجَّاج بن أبي عُثْمَان، عَن أبي الزبير، عَن عون بن عبد الله، عَن ابْن عمر قَالَ: " بَيْنَمَا نَحن نصلي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ إِذْ قَالَ رجل من الْقَوْم: الله أكبر كَبِيرا، وَالْحَمْد لله كثيرا، وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من الْقَائِل كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ رجل من الْقَوْم: أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ: عجبت لَهَا فتحت لَهَا(3/487)
أَبْوَاب السَّمَاء! قَالَ ابْن عمر: مَا تركتهن مُنْذُ (سَمِعت) من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح حسن غَرِيب) من هَذَا الْوَجْه، وحجاج بن أبي عُثْمَان هُوَ حجاج بن ميسرَة، ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده، أعز جنده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده، فَلَا شَيْء بعده ".
بَاب فِي الاسْتِغْفَار
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هِشَام بن عمار، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا الحكم بن مُصعب، ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه أَنه حَدثهُ، عَن ابْن عَبَّاس أَنه حَدثهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من لزم الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل ضيق مخرجا، وَمن كل هم فرجا، ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْمُغيرَة، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " شَكَوْت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذرب لساني، فَقَالَ: أَيْن أَنْت من الاسْتِغْفَار! إِنِّي لأستغفر الله كل يَوْم مائَة مرّة ".
أَبُو الْمُغيرَة اسْمه عبيد بن عَمْرو.(3/488)
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا حَمَّاد بن زيد، عَن ثَابت، عَن أبي بردة، عَن الْأَغَر - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّه ليغان على قلبِي، وَإِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " وَالله إِنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم أَكثر من سبعين مرّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " وَالله إِنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم أَكثر من سبعين مرّة ".
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا نصر بن عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي، ثَنَا الْمحَاربي، عَن مَالك بن مغول، عَن مُحَمَّد بن سوقة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ يعد لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمجْلس الْوَاحِد مائَة مرّة قبل أَن يقوم: رب اغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الغفور ".
قَالَ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ بن سُوَيْد بن منجوف، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الْعَزِيز بن مُسلم، عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن زَاذَان، عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ: " مَرَرْت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي الضُّحَى، فَسَمعته يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الغفور. حَتَّى عددت مائَة مرّة ".(3/489)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن حَرْب، عَن ابْن فُضَيْل، عَن حُصَيْن، عَن هِلَال، عَن زَاذَان قَالَ: حَدثنِي رجل من الْأَنْصَار قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي دبر الصَّلَاة: اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الغفور. حَتَّى بلغ مائَة مرّة ".
تابعهما شُعْبَة وَعباد بن الْعَوام، عَن حُصَيْن، وَرَوَاهُ خَالِد بن عبد الله، عَن حُصَيْن، عَن هِلَال، عَن زَاذَان، عَن عَائِشَة، قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: وَحَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم وَشعْبَة وَعباد أولى عندنَا بِالصَّوَابِ، وَكَانَ حُصَيْن اخْتَلَط فِي آخر عمره.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد، ثَنَا أبي، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن [عرق] ، سَمِعت عبد الله بن بسر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " طُوبَى لمن وجد فِي كِتَابه اسْتِغْفَارًا كثيرا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة بن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا إِبْرَاهِيم ابْن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا خَالِد بن مخلد، حَدثنِي سعيد بن زِيَاد الْمكتب قَالَ: سَمِعت سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ: أَخْبرنِي مُسلم بن السَّائِب، عَن خباب بن الْأَرَت قَالَ: سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَيفَ نَسْتَغْفِر؟ قَالَ: قل: اللَّهُمَّ اغْفِر لنا وارحمنا وَتب - وَذكر كلمة مَعْنَاهَا علينا - إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم ".
سعيد بن زِيَاد هُوَ مولى بني زهرَة، وَلَا أعلم رَاوِي عَنهُ إِلَّا خَالِد بن مخلد.
الْبَزَّار: ثَنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا زُهَيْر، عَن أبي إِسْحَاق، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: " كنت عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَمعته يَقُول: أسْتَغْفر الله -(3/490)
مائَة مرّة - اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الغفور ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن عَليّ بن سُوَيْد السدُوسِي، ثَنَا أَبُو دَاوُد، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن عبد الله " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُعجبهُ أَن يَدْعُو ثَلَاثًا ويستغفر ثَلَاثًا ".
بَاب ذكر سيد الاسْتِغْفَار
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا الْحُسَيْن، ثَنَا عبد الله بن بُرَيْدَة، حَدثنِي بشير بن كَعْب الْعَدوي، حَدثنِي شَدَّاد بن أَوْس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سيد الاسْتِغْفَار أَن يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، خلقتني وَأَنا عَبدك، وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت، أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت، أَبُوء لَك بنعمتك عَليّ، وأبوء بذنبي فَاغْفِر لي، فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت. قَالَ: وَمن قَالَهَا من النَّهَار موقناً بهَا فَمَاتَ من يَوْمه قبل أَن يُمْسِي فَهُوَ من أهل الْجنَّة، وَمن قَالَهَا من اللَّيْل وَهُوَ موقن بهَا فَمَاتَ قبل أَن يصبح فَهُوَ من أهل الْجنَّة ".
فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: " تعلمُوا سيد الاسْتِغْفَار اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي ... " بِنَحْوِ هَذَا.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: من حَدِيث هِشَام، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(3/491)
بَاب مَا جَاءَ فِي لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد الْوَاحِد، عَن عَاصِم، عَن أبي عُثْمَان، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " لما غزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَيْبَر - أَو قَالَ: لما توجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشرف النَّاس على وَاد فَرفعُوا أَصْوَاتهم بِالتَّكْبِيرِ: الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أربعوا على أَنفسكُم، إِنَّكُم لَا تدعون أَصمّ وَلَا غَائِبا، إِنَّكُم تدعون سميعاً قَرِيبا وَهُوَ مَعكُمْ. وَأَنا خلف دَابَّة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فسمعني وَأَنا أَقُول: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، فَقَالَ: يَا عبد الله بن قيس، قلت: لبيْك رَسُول الله، قَالَ: أَلا أدلك على كلمة من كنز الْجنَّة؟ قلت: بلَى يَا رَسُول الله فدَاك أبي وَأمي. قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن الْحسن، ثَنَا حجاج، أَخْبرنِي شُعْبَة، عَن أبي بلج، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا أعلمك كلمة من كنز من تَحت الْعَرْش: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، يَقُول الله: أسلم عَبدِي واستسلم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا وهب بن جرير، حَدثنِي أبي قَالَ: سَمِعت مَنْصُور بن زَاذَان، يحدث عَن مَيْمُون بن أبي شبيب، عَن قيس [بن سعد] بن عبَادَة " أَن أَبَاهُ دَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَخْدمه قَالَ: فَمر بِي(3/492)
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد صلت [فضربني] بِرجلِهِ، وَقَالَ: أَلا أدلك على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة؟ قلت: بلَى. قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن غَرِيب صَحِيح) من هَذَا الْوَجْه.
بَاب خفض الصَّوْت بِالذكر
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أبي مُوسَى " أَنهم كَانُوا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهم يصعدون فِي ثنية قَالَ: فَجعل رجل كلما علا ثنية نَادَى: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر. قَالَ: فَقَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّكُم لَا تنادون أَصمّ وَلَا غَائِبا. قَالَ: فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى - أَو يَا عبد الله بن قيس - أَلا أدلك على كلمة من كنز الْجنَّة؟ قلت: مَا هِيَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ".
وثنا: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا الثَّقَفِيّ، ثَنَا خَالِد الْحذاء، عَن أبي عُثْمَان، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله فِي غزَاة " فَذكر الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ: " وَالَّذِي تَدعُونَهُ أقرب إِلَى أحدكُم من عنق رَاحِلَة أحدكُم " وَلَيْسَ فِي حَدِيثه ذكر: " لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مَرْحُوم بن عبد الْعَزِيز الْعَطَّار، ثَنَا أَبُو نعَامَة السَّعْدِيّ، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: " كُنَّا(3/493)
مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غزَاة، فَلَمَّا قَفَلْنَا أَشْرَفنَا على الْمَدِينَة فَكبر النَّاس تَكْبِيرَة وَرفعُوا بهَا أَصْوَاتهم، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن ربكُم لَيْسَ بِأَصَمَّ وَلَا غَائِب، هُوَ بَيْنكُم وَبَين رُءُوس رحالكُمْ، ثمَّ قَالَ: يَا عبد الله بن قيس، أَلا أعلمك كنزاً من كنوز الْجنَّة: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه "
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن صَحِيح) ، وَأَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ اسْمه عبد الرَّحْمَن بن مل، وَأَبُو نعَامَة اسْمه عَمْرو بن عِيسَى.
بَاب فِي الدُّعَاء
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا وَكِيع، عَن جَعْفَر بن برْقَان، عَن يزِيد بن الْأَصَم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله يَقُول: أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي، وَأَنا مَعَه إِذا دَعَاني ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس بن عبد الْعَظِيم الْعَنْبَري، حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي الْحسن، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه مَرْفُوعا إِلَّا من حَدِيث عمرَان، وَعمْرَان الْقطَّان هُوَ ابْن دَاور يكنى أَبَا الْعَوام.
حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن عمرَان الْقطَّان بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه.(3/494)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن ذَر، عَن يسيع، عَن النُّعْمَان بن بشير عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة ثمَّ قَرَأَ: {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن أبي الْمليح، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من لم يسْأَل الله يغْضب عَلَيْهِ ".
قَالَ: روى وَكِيع وَغير وَاحِد هَذَا الحَدِيث عَن أبي الْمليح، وَلَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن إِسْحَاق الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا كثير ابْن فائد، ثَنَا سعيد بن عبيد، قَالَ: سَمِعت بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ يَقُول: ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى -: يَا ابْن آدم، إِنَّك مَا دعوتني ورجوتني غفرت لَك على مَا كَانَ مِنْك وَلَا أُبَالِي، يَا ابْن آدم، إِنَّك لَو أتيتني بقراب الأَرْض خَطَايَا ثمَّ لقيتني لَا تشرك بِي شَيْئا لأتيتك بقرابها مغْفرَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن حميد الرَّازِيّ وَسَعِيد بن يَعْقُوب قَالَا: ثَنَا يحيى(3/495)
ابْن الضريس، عَن أبي مودود، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن سُلَيْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يرد الْقَضَاء إِلَّا الدُّعَاء، وَلَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَأَبُو مودود هَذَا اسْمه فضَّة.
بَاب أَي الدُّعَاء أفضل
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن شبة، ثَنَا مُوسَى - يَعْنِي: ابْن إِسْمَاعِيل - ثَنَا مبارك ابْن حسان، عَن عَطاء، عَن عَائِشَة قَالَت: " قلت: يَا رَسُول الله، أَي الدُّعَاء أفضل؟ قَالَ: دُعَاء الْمَرْء لنَفسِهِ ".
وثنا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن مبارك بن حسان، عَن عَطاء، عَن عَائِشَة قَالَت: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الْعِبَادَة أفضل؟ قَالَ: دُعَاء الْمَرْء لنَفسِهِ ".
مبارك بن حسان ثِقَة مَشْهُور، سمع عَطاء.
بَاب الْوضُوء للدُّعَاء
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد بن عبد الله، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " دَعَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَاء فَتَوَضَّأ، ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لِعبيد أبي عَامر. وَرَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْم الْقِيَامَة فَوق كثير من خلقك من النَّاس ".(3/496)
بَاب مَا يسْتَحبّ من الدُّعَاء
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، عَن الْأسود بن شَيبَان، عَن أبي نَوْفَل، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْتَحبّ الْجَوَامِع من الدُّعَاء، ويدع مَا سوى ذَلِك ".
أَبُو نَوْفَل قَالَ ابْن أبي حَاتِم: [اسْمه] مُعَاوِيَة بن مُسلم بن أبي عقرب، وَيُقَال: اسْمه عَمْرو بن مُسلم بن أبي عقرب، وَكَذَا قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ البُخَارِيّ: أَبُو نَوْفَل اسْمه مُسلم بن أبي عقرب، وَقَالَ: مُعَاوِيَة بن مُسلم بن عَمْرو بن أبي عقرب، وَهَكَذَا قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج فِي الكنى، وَأَبُو نَوْفَل هَذَا ثِقَة مَعْرُوف.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُعجبهُ أَن يَدْعُو ثَلَاثًا ويستغفر ثَلَاثًا ".
بَاب الْعَزْم فِي الدُّعَاء
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب، جَمِيعًا عَن ابْن علية - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن علية - عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا دَعَا أحدكُم فليعزم فِي الدُّعَاء وَلَا يقل: اللَّهُمَّ إِن شِئْت فَأعْطِنِي؛ فَإِنَّهُ لَا مستكره لَهُ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل -(3/497)
يعنون ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا دَعَا أحدكُم فَلَا يقل: اللَّهُمَّ إِن شِئْت، وَلَكِن ليعزم الْمَسْأَلَة وليعظم الرَّغْبَة؛ فَإِن الله لَا يتعاظمه شَيْء ".
بَاب يُسْتَجَاب لأحدكم مَا لم يعجل
مُسلم: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب أَنه قَالَ: حَدثنِي أَبُو عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - وَكَانَ من الْقُرَّاء وَأهل الْفِقْه - قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُسْتَجَاب لأحدكم مَا لم يعجل فَيَقُول: قد دَعَوْت رَبِّي فَلم يستجب لي ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي مُعَاوِيَة - وَهُوَ ابْن صَالح - عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي إِدْرِيس، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا يزَال يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم مَا لم يستعجل. قيل: يَا رَسُول الله، مَا الاستعجال؟ قَالَ: يَقُول: قد دَعَوْت وَقد دَعَوْت فَلم أر يُسْتَجَاب لي، فيستحسر عِنْد ذَلِك ويدع الدُّعَاء ".
بَاب مَا جَاءَ أَن كل دَاع من الْمُسلمين يُسْتَجَاب لَهُ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا مُحَمَّد بن يُوسُف، عَن ابْن ثَوْبَان، عَن أَبِيه، عَن مَكْحُول، عَن جُبَير بن نفير، أَن عبَادَة بن الصَّامِت حَدثهمْ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا على الأَرْض مُسلم يَدْعُو الله بدعوة إِلَّا آتَاهُ إِيَّاهَا أَو صرف عَنهُ من السوء مثلهَا، مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم. فَقَالَ رجل من(3/498)
الْقَوْم: إِذا نكثر! قَالَ: الله أَكثر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَابْن ثَوْبَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان العابد الشَّامي.
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن المستمر العروقي، ثَنَا مُحَمَّد بن بكار بن بِلَال، ثَنَا سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من دَعَا بدعوة لَيْسَ فِيهَا مأثم وَلَا قطيعة رحم أعطَاهُ الله - تبَارك وَتَعَالَى - إِحْدَى ثَلَاث: إِمَّا أَن يغْفر لَهُ بهَا ذَنبا قد سلف، وَإِمَّا أَن يعجل لَهُ بهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَن يدخرها لَهُ فِي الْآخِرَة ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن قَتَادَة، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد إِلَّا سعيد بن بشير، وَسَعِيد بن بشير عندنَا صَالح لَيْسَ بِهِ بَأْس حسن الحَدِيث، حدث عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، عَن عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي قَالَ: سَمِعت أَبَا المتَوَكل النَّاجِي قَالَ: قَالَ أَبُو سعيد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من مُسلم يَدْعُو بدعوة لَيْسَ فِيهَا إِثْم وَلَا قطيعة رحم إِلَّا أعطَاهُ الله بهَا إِحْدَى ثَلَاث: إِمَّا أَن يعجل لَهُ دَعوته، وَإِمَّا أَن يدخرها لَهُ فِي الْآخِرَة، وَإِمَّا أَن يكف عَنهُ من السوء بِمِثْلِهَا، قَالُوا: إِذا نكثر يَا رَسُول الله! قَالَ: الله أَكثر ".
بَاب الدُّعَاء فِي جَوف اللَّيْل
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي عبد الله الْأَغَر وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يتنزل رَبنَا كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الآخر فَيَقُول: من يدعوني فأستجيب لَهُ؟ من يسألني فَأعْطِيه؟ من يستغفرني فَأغْفِر لَهُ؟ ".(3/499)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن هِشَام، ثَنَا مُحَمَّد - وَهُوَ ابْن سَلمَة - عَن ابْن إِسْحَاق، عَن سعيد المَقْبُري، عَن عَطاء مولى أم حَبِيبَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا ذهب ثلث اللَّيْل الأول هَبَط الله إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَلَا يزَال بهَا حَتَّى يطلع الْفجْر يَقُول قَائِل: أَلا من دَاع فيستجاب لَهُ؟ أَلا من مَرِيض يستشفي فيشفى؟ أَلا من مذنب يسْتَغْفر فَيغْفر لَهُ ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا ابْن أبي فديك، حَدثنِي ابْن أبي ذِئْب، عَن الْقَاسِم بن عَبَّاس، عَن نَافِع بن جُبَير، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ينزل الله شطر اللَّيْل فَيَقُول: من يدعوني فأستجيب لَهُ؟ من يسألني فَأعْطِيه؟ من يستغفرني فَأغْفِر لَهُ؟ فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى ترجل الشَّمْس ".
التِّرْمِذِيّ قَالَ: ثَنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا [إِسْحَاق بن عِيسَى] حَدثنِي معن، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن ضَمرَة بن حبيب قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة يَقُول: حَدثنِي عَمْرو بن عبسة، أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أقرب مَا يكون [الرب من العَبْد] فِي جَوف اللَّيْل الآخر، فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون مِمَّن يذكر الله فِي تِلْكَ السَّاعَة فَكُن ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.(3/500)
وروى أَيْضا قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن يحيى الثَّقَفِيّ الْمروزِي، ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن ابْن جريح، عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، أَي الدُّعَاء أسمع؟ قَالَ: جَوف اللَّيْل الآخر، ودبر الصَّلَوَات المكتوبات ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن.
بَاب يبْدَأ بِنَفسِهِ فِي الدُّعَاء
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا نصر بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا أَبُو قطن، عَن حَمْزَة الزيات، عَن أبي إِسْحَاق عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس [عَن أبي بن كَعْب] " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا ذكر أحدا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفسِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح.
بَاب الدُّعَاء للْمُسلمِ بِظهْر الْغَيْب
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عِيسَى بن يُونُس، ثَنَا عبد الْملك ابْن أبي سُلَيْمَان، عَن أبي الزبير، عَن صَفْوَان - وَهُوَ ابْن عبد الله بن صَفْوَان - أَن صَفْوَان وَكَانَت تَحْتَهُ الدَّرْدَاء قَالَ: " قدمت الشَّام، فَأتيت أَبَا الدَّرْدَاء فِي منزله فَلم أَجِدهُ وَوجدت أم الدَّرْدَاء فَقَالَت: أَتُرِيدُ الْحَج الْعَام؟ فَقلت: نعم.(3/501)
قَالَت: فَادع الله لنا بِخَير، فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: دَعْوَة الْمَرْء الْمُسلم لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب مستجابة، عِنْد رَأسه ملك مُوكل، كلما دَعَا لِأَخِيهِ بِخَير قَالَ الْملك الْمُوكل بِهِ: آمين وَلَك بِمثل. قَالَ: فَخرجت إِلَى السُّوق، فَلَقِيت أَبَا الدَّرْدَاء فَقَالَ لي مثل ذَلِك يرويهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن عمر بن حَفْص الوكيعي، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا أبي، عَن طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من عبد مُسلم يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب إِلَّا قَالَ الْملك: وَلَك بِمثل ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا أبي، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن سَالم، عَن ابْن عمر، عَن عمر " أَنه اسْتَأْذن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْعمرَة فَقَالَ: أَي أخي أشركنا فِي دعائك وَلَا تنسنا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا يكره من السجع فِي الدُّعَاء
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن السكن، ثَنَا حبَان بن هِلَال أَبُو حبيب، ثَنَا هَارُون الْمُقْرِئ، ثَنَا الزبير بن الخريت، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " حدث النَّاس كل جُمُعَة مرّة، فَإِن أَبيت فمرتين، فَإِن أكثرت فَثَلَاث مَرَّات، وَلَا تمل النَّاس هَذَا الْقُرْآن، وَلَا ألفينك تَأتي الْقَوْم وهم فِي حَدِيث من حَدِيثهمْ فتقص عَلَيْهِم فتقطع حَدِيثهمْ عَلَيْهِم فتملهم، وَلَكِن أنصت، فَإِذا أمروك فَحَدثهُمْ وهم يشتهونه، وَانْظُر السجع من الدُّعَاء فاجتنبه، فَإِنِّي عهِدت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه(3/502)
لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِك ".
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن استجار بِاللَّه من النَّار
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هناد بن السّري، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن أبي إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي مَرْيَم، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سَأَلَ الله الْجنَّة ثَلَاث مَرَّات قَالَت الْجنَّة: اللَّهُمَّ أدخلهُ الْجنَّة. وَمن استجار بِاللَّه من النَّار ثَلَاث مَرَّات قَالَت النَّار: اللَّهُمَّ أجره من النَّار ".
بَاب مَا يُقَال عِنْد الصَّباح والمساء
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شَيْبه، ثَنَا جرير، عَن الْحسن بن عبيد الله، عَن إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ
" كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَمْسَى قَالَ: أمسينا وَأمسى الْملك لله - عز وَجل - وَالْحَمْد لله لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ - قَالَ: أرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ: لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير - رب أَسأَلك خير مَا فِي هَذِه اللَّيْلَة وَخير مَا بعْدهَا، وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا فِي هَذِه اللَّيْلَة وَشر مَا بعْدهَا، رب أعوذ بك من الكسل وَسُوء الْكبر، رب أعوذ بك من عَذَاب فِي النَّار وَعَذَاب فِي الْقَبْر. وَإِذا أصبح قَالَ ذَلِك أَيْضا: أَصْبَحْنَا وَأصْبح الْملك لله ".
وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، عَن الْحسن بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَمْسَى قَالَ: أمسينا وَأمسى الْملك لله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير هَذِه اللَّيْلَة وَخير مَا فِيهَا، وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك(3/503)
من الكسل والهرم، وَسُوء الْكبر، وفتنة الدُّنْيَا، وَعَذَاب الْقَبْر ".
قَالَ الْحسن: وَزَادَنِي فِيهِ زبيد، عَن إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن عبد الله رَفعه أَنه قَالَ: " لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد، ثَنَا شُعْبَة، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن ذَر، عَن ابْن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، عَن أَبِيه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أصبح قَالَ: أَصْبَحْنَا على فطْرَة الْإِسْلَام وَكلمَة الْإِخْلَاص، وعَلى دين نَبينَا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وعَلى مِلَّة أَبينَا إِبْرَاهِيم حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو الْأَشْعَث، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي عقيل، عَن سَابق بن نَاجِية، عَن أبي سَلام " أَنه كَانَ فِي مَسْجِد حمص، فَمر رجل فَقُمْت إِلَيْهِ، فَقلت: حَدثنِي حَدِيثا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم تداوله الرِّجَال بَيْنك وَبَينه، قَالَ: أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: مَا من عبد مُسلم يَقُول حِين يصبح ثَلَاثًا وَحين يُمْسِي: رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا. إِلَّا كَانَ حَقًا على الله أَن يرضيه يَوْم الْقِيَامَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الله بن مسلمة، حَدثنَا سُلَيْمَان عَن ربيعَة، عَن عبد الله بن عَنْبَسَة، عَن ابْن غَنَّام، عَن رَسُول الله أَنه قَالَ: " من قَالَ حِين يصبح: اللَّهُمَّ مَا أصبح بِي من نعْمَة أَو بِأحد من خلقك فمنك وَحدك لَا شريك لَك، فلك الْحَمد وَلَك الشُّكْر - إِلَّا أدّى شكر ذَلِك الْيَوْم ".
قَالَ أَبُو حَاتِم: عبد الله بن عَنْبَسَة روى عَن ابْن غَنَّام، وَيُقَال: عَن ابْن عَبَّاس. وَقَالَ أَبُو زرْعَة وَسُئِلَ عَنهُ: مدنِي لَا أعرفهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث: " من قَالَ حِين يصبح ... ".(3/504)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحسن بن أَحْمد بن حبيب، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج، ثَنَا حَمَّاد، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: إِذا أصبح: اللَّهُمَّ بك أَصْبَحْنَا وَبِك أمسينا، وَبِك نحيا وَبِك نموت، وَإِلَيْك النشور ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا بَقِيَّة بن الْوَلِيد، ثَنَا مُسلم بن زِيَاد مولى مَيْمُونَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ: حِين يصبح: اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك وملائكتك وَجَمِيع خلقك أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك، وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك - أعتق الله ربعه ذَلِك الْيَوْم من النَّار، فَإِن قَالَ أَربع مَرَّات أعْتقهُ الله ذَلِك الْيَوْم من النَّار ".
أَخْبرنِي: عَمْرو بن عُثْمَان وَكثير بن عبيد، عَن بَقِيَّة بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله وَقَالَ فِي ثَوَابهَا: " إِلَّا غفر الله لَهُ مَا أصَاب يَوْمه ذَلِك من ذَنْب، وَإِن هُوَ قَالَهَا حِين يُمْسِي غفر الله لَهُ مَا أصَاب - يَعْنِي: تِلْكَ اللَّيْلَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد، ثَنَا شُعْبَة، عَن يعلى بن عَطاء قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن عَاصِم يحدث، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " إِن أَبَا بكر قَالَ: للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَخْبرنِي بِشَيْء أقوله إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت، قَالَ: قل: اللَّهُمَّ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة، فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض، رب كل شَيْء ومليكه، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أعوذ بك من شَرّ نَفسِي وَشر الشَّيْطَان وشركه. إِذا أَصبَحت، وَإِذا أمسيت، وَإِذا أخذت مضجعك ".(3/505)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عَمْرو، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، أَن سالما الْفراء حَدثهُ، أَن عبد الحميد مولى بني هَاشم حَدثهُ، أَن أمه حدثته - وَكَانَت تخْدم بعض بَنَات النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن ابْنة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حدثتها، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قولي حِين تصبحين: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، مَا شَاءَ الله كَانَ، مَا لم يَشَأْ لم يكن، أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير، وَأَن الله قد أحَاط بِكُل شَيْء علما، فَإِنَّهُ من [قالهن] حِين يصبح - ثمَّ ذكر كلمة مَعْنَاهَا - حفظ حَتَّى يُمْسِي، وَمن قالهن حِين يُمْسِي حفظ حَتَّى يصبح ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا أنس بن عِيَاض، عَن أبي مودود، عَن مُحَمَّد بن كَعْب، عَن أبان بن عُثْمَان، عَن عُثْمَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ: بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ اسْمه شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء، وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم. فَقَالَهَا حِين يُمْسِي لم تفجأه فاجئة بلَاء حَتَّى يصبح، وَإِن قَالَهَا حِين يصبح لم تفجأة فاجئة بلَاء حِين يُمْسِي ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، عَن أَبِيه، أَن أبان بن عُثْمَان قَالَ: سَمِعت عُثْمَان يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من عبد يَقُول فِي صباح كل يَوْم وَمَسَاء كل لَيْلَة: بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ اسْمه شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء، وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم. ثَلَاث مَرَّات لم يضرّهُ شَيْء ".
وَكَانَ أبان قد أَصَابَهُ الفالج فَجعل الرجل ينظر إِلَيْهِ فَقَالَ: لَهُ أبان: مَا تنظر؟ أما إِن الحَدِيث كَمَا حدثتك، وَلَكِنِّي لم أَقَله يَوْمئِذٍ ليمضي الله عَليّ قدره.(3/506)
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو ابْن الْحَارِث، أَن الجلاح حَدثهُ، أَن عبد الرَّحْمَن الْمعَافِرِي حَدثهُ، أَن عمَارَة السبئي، حَدثهُ أَن رجلا من الْأَنْصَار حَدثهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ بعد الْمغرب أَو الصُّبْح: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك، وَله الْحَمد، يحيى وَيُمِيت، وَهُوَ على كل شَيْء قدير. عشرات مَرَّات، بعث الله لَهُ مسلحة يحرسونه حَتَّى يصبح، وَمن حِين يصبح حَتَّى يُمْسِي نَحوه ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع وَبشر بن الْمفضل وَيحيى ابْن أبي عدي قَالُوا: ثَنَا حُسَيْن الْمعلم، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن بشير بن كَعْب، عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن سيد الاسْتِغْفَار أَن يَقُول العَبْد: [اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي] لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، خلقتني وَأَنا عَبدك، وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت، أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت، أَبُوء بنعمتك عَليّ وأبوء بذنبي، فَاغْفِر لي فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، فَإِن قَالَهَا حِين يصبح موقناً بهَا فَمَاتَ دخل الْجنَّة، وَإِن قَالَهَا حِين يُمْسِي موقناً بهَا فَمَاتَ دخل الْجنَّة ".
أخبرنَا قُتَيْبَة، ثَنَا غنْدر، ثَنَا حُسَيْن الْمعلم بِهَذَا الْإِسْنَاد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سيد الاسْتِغْفَار أَن يَقُول العَبْد: اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت خلقتني وَأَنا عَبدك، وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت، أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت، أَبُوء لَك بنعمتك وأبوء لَك بذنبي، فَاغْفِر لي فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، فَإِن قَالَهَا بَعْدَمَا يصبح موقناً بهَا فَمَاتَ من يَوْمه قبل أَن يُمْسِي كَانَ فِي الْجنَّة، وَإِن قَالَهَا(3/507)
حِين مسي فَمَاتَ قبل أَن يصبح كَانَ فِي الْجنَّة.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن خشرم، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن الْوَلِيد بن
ثَعْلَبَة، عَن عبد الله بن يزيدة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي
قَالَ: " من قَالَ: اللَّهُمَّ أَتَت رَبِّي، لَا إِلَه إِلَّا نت خلقتني وَأَنا عَبدك، وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت، أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت، أَبُوء بنعمتك وأبوء بذنبي، فَاغْفِر لي فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، فَمَاتَ من يَوْمه وَلَيْلَته دخل الْجنَّة ".
الْأَشْهر فِي هَذَا الحَدِيث عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن بشير بن كَعْب.
وللنسائي: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " فَإِن قَالَهَا مصبحا فَمَاتَ من يَوْمه غفر لَهُ وَأدْخل الْجنَّة، وَإِن قَالَهَا ممسيا فَمَاتَ من ليلته غفر لَهُ وَأدْخل الْجنَّة ".
رَوَاهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام قَالَ: ثَنَا يزِيد، أبنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ وَأبي الْعَوام، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن شَدَّاد.
النَّسَائِيّ: خبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا أَبُو نعيم، عَن عبَادَة - وَهُوَ ابْن مُسلم - حَدثنِي جُبَير بن أبي سُلَيْمَان بن جُبَير بن مطعم، أَنه كَانَ جَالِسا مَعَ ابْن عمر فَقَالَ: " سَمِعت رَسُول الله
يَقُول فِي دُعَائِهِ حِين يصبح ويمسي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَفو والعافية فِي ديني
ودنياي، وَأَهلي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتي، وآمن روعاتي، اللَّهُمَّ احفظني من بَين يَدي وَمن خَلْفي، وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي، وَمن فَوقِي، وَأَعُوذ بعظمتك أَن أغتال
من تحتي ".(3/508)
قَالَ جُبَير: هُوَ الْخَسْف. قَالَ عبَادَة: فَلَا أَدْرِي قَول للنَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - أَو قَول جُبَير.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي رَاشد الحبراني قَالَ: أتيت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَقلت لَهُ: حَدثنَا بِمَا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَألْقى إِلَيّ صحيفَة فَقَالَ: هَذَا مَا كتب لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: فَنَظَرت فَإِذا فِيهَا أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ: يَا رَسُول الله، عَلمنِي مَا أَقُول إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت. قَالَ: يَا أَبَا بكر، قل اللَّهُمَّ فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض، عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، رب كل شَيْء ومليكه، أعوذ بك من شَرّ نَفسِي وَمن شَرّ الشَّيْطَان وشركه، وَأَن أقترف على نَفسِي سوءا أَو أجره إِلَى مُسلم ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عُثْمَان، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن حسان الْكِنَانِي، عَن مُسلم بن الْحَارِث بن مُسلم [التَّمِيمِي] أَنه حَدثهمْ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صليت الصُّبْح، فَقل قبل أَن تَتَكَلَّم: اللَّهُمَّ أجرني من النَّار. سبع مَرَّات، فَإنَّك إِن مت من يَوْمك ذَلِك كتب الله لَك جواراً من النَّار، فَإِذا صليت الْمغرب فَقل قبل أَن تَتَكَلَّم: اللَّهُمَّ أجرني من النَّار. سبع مَرَّات، فَإنَّك إِن مت من ليلتك كتب الله لَك جواراً من النَّار ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن أبي سعيد البراد، عَن معَاذ بن عبد الله بن خبيب، عَن أَبِيه قَالَ: " خرجنَا فِي لَيْلَة مطيرة وظلمة شَدِيدَة نطلب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي لنا(3/509)
قَالَ: فَأَدْرَكته فَقَالَ: قل. فَلم أقل شَيْئا، ثمَّ قَالَ: قل. فَلم أقل شَيْئا، ثمَّ قَالَ: قل. قلت: مَا أَقُول؟ قَالَ: قل هُوَ الله أحد والمعوذتين حِين تمسي وَحين تصبح ثَلَاث مَرَّات تكفيك من كل شَيْء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَأَبُو سعيد البراد هُوَ أسيد بن أبي أسيد مدنِي.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْعَبَّاس بن عبد الْعَظِيم، ثَنَا عبد الْملك بن عَمْرو، عَن عبد الْجَلِيل بن عَطِيَّة، عَن جَعْفَر بن مَيْمُون، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، أَنه قَالَ لِأَبِيهِ: " يَا أبه، إِنِّي أسمعك تَدْعُو كل غَدَاة: اللَّهُمَّ عَافنِي فِي بدني، اللَّهُمَّ عَافنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافنِي فِي بَصرِي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، ثَلَاثًا حِين - يَعْنِي - تصبح وَثَلَاثًا حِين تمسي، وَتقوم: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْكفْر والفقر، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، تعيدها ثَلَاثًا حِين تصبح وَثَلَاثًا حِين - يَعْنِي - تمسي. قَالَ: نعم يَا بني، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو بِهن، فَأَنا أحب أَن أستن بِسنة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُؤَمل بن إهَاب، ثَنَا عبد الله بن الْوَلِيد الْعَدنِي، ثَنَا الْقَاسِم بن معن، ثَنَا المَسْعُودِيّ، عَن أبي كثير مولى أم سَلمَة، عَن أم سَلمَة قَالَت: " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَقُول عِنْد أَذَان الْمغرب: اللَّهُمَّ هَذَا إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعاتك فَاغْفِر لي ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، عَن حَفْصَة بنت أبي كثير، عَن أَبِيهَا، عَن أم سَلمَة وَزَاد: " وَحُضُور صلواتك " قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَحَفْصَة بنت أبي كثير لَا نعرفها وَلَا أَبَاهَا ".(3/510)
بَاب مَا يُقَال عِنْد سَماع الْأَذَان
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله، عَن حَيْوَة بن شُرَيْح، أَخْبرنِي كَعْب بن عَلْقَمَة، أَنه سمع عبد الرَّحْمَن بن جُبَير - مولى نَافِع بن عمر الْقرشِي - أَنه سمع عبد الله بن عَمْرو يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول، وصلوا عَليّ؛ فَإِنَّهُ من صلى عَليّ صلى الله عَلَيْهِ عشرا، ثمَّ سلوا لي الْوَسِيلَة فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة لَا تنبغي إِلَّا لعبد من عباد الله أَرْجُو أَن أكون أَنا هُوَ، فَمن سَأَلَ لي الْوَسِيلَة حلت عَلَيْهِ الشَّفَاعَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا عَليّ بن عَيَّاش، ثَنَا شُعَيْب بن أبي
حَمْزَة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله
:
" من قَالَ حِين يسمع النداء: اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة وَالصَّلَاة الْقَائِمَة، آتٍ
مُحَمَّد الْوَسِيلَة [والفضيلة] ، وابعثه مقَاما مَحْمُودًا الَّذِي وعدته، إِلَّا حلت لَهُ
الشَّفَاعَة يَوْم الْقِيَامَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن الْحَكِيم بن عبد الله بن قيس، عَن عَامر [بن] سعد بن أبي وَقاص، عَن سعد بن أبي وَقاص، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ حَيْثُ يسمع الْمُؤَذّن: وَأَنا أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا(3/511)
وَبِالْإِسْلَامِ دينا غفر لَهُ ".
بَاب التَّرْغِيب فِي الدُّعَاء بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن زُرَيْع - ثَنَا إِسْرَائِيل، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، عَن بريد بن أبي مَرْيَم، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الدُّعَاء لَا يرد بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: عَن مَحْمُود بن غيلَان، عَن وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَأبي أَحْمد وَأبي نعيم، عَن سُفْيَان، عَن زيد الْعمي، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَزَاد فِيهِ يحيى بن الْيَمَان، عَن سُفْيَان بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " فَمَاذَا نقُول يَا رَسُول الله؟ قَالَ: سلوا الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: أَيْضا عَن أبي هِشَام الرِّفَاعِي عَن يحيى بن الْيَمَان، وَقَالَ: حَدِيث حسن.
بَاب مَا يَقُول عِنْد دُخُول الْخَلَاء وَعند الْخُرُوج مِنْهُ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد وَابْن مهْدي، قَالَا: ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن النَّضر بن أنس، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن هَذِه الحشوش محتضرة، فَإِذا دخل أحدكُم الْخَلَاء، فيلقل: أعوذ بِاللَّه من الْخبث والخبائث ".(3/512)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عرْعرة، ثَنَا شُعْبَة، عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أنس: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا دخل الْخَلَاء قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الخيث والخبائث ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن نصر، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن يُوسُف بن أبي بردة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْغَائِط إِلَّا قَالَ: غفرانك ".
بَاب مَا يَقُول عِنْد الْوضُوء وَإِذا فرغ مِنْهُ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا الْمُعْتَمِر - يَعْنِي ابْن سُلَيْمَان - قَالَ: سَمِعت عباداً - يَعْنِي ابْن عباد بن عَلْقَمَة - يَقُول: سَمِعت أَبَا مجلز يَقُول: قَالَ أَبُو مُوسَى: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتَوَضَّأ فَسَمعته يَدْعُو يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي، ووسع لي فِي دَاري، وَبَارك لي فِي رِزْقِي، قَالَ: فَقلت: يَا نَبِي الله، لقد سَمِعتك تَدْعُو بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَهل تركن من شَيْء ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يحيى بن مُحَمَّد بن السكن، ثَنَا يحيى بن كثير أَبُو غَسَّان، حَدثنَا شُعْبَة، ثَنَا أَبُو هِشَام، عَن أبي مجلز، عَن قيس بن عباد، عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تَوَضَّأ فَقَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك كتب فِي رق، ثمَّ طبع بِطَابع فَلم يكسر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
رَوَاهُ مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة مَوْقُوفا على أبي سعيد، وَرَوَاهُ سُفْيَان(3/513)
الثَّوْريّ عَن أبي هَاشم مَوْقُوفا أَيْضا على أبي سعيد، قَالَ النَّسَائِيّ: وَهُوَ الصَّوَاب.
بَاب مَا يَقُول إِذا خرج من بَيته وَإِذا دخل
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن تَمِيم، عَن حجاج، عَن ابْن جريج، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا خرج الرجل من بَيته قَالَ: بِسم الله توكلت على الله، لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، فَيُقَال: حَسبك هديت ووقيت وكفيت ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، عَن ابْن جريج، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا خرج الرجل من بَيته قَالَ: بِسم الله توكلت على الله، لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، قَالَ: يُقَال حِينَئِذٍ: هديت وكفيت ووقيت. فيتحنى لَهُ الشَّيْطَان، قَالَ: فَيَقُول شَيْطَان آخر: كَيفَ لَك بِرَجُل قد هدي وكفي وَوقى ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سعيد بن يحيى بن سعيد الْأمَوِي، ثَنَا أبي، ثَنَا ابْن جريج بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ - يَعْنِي: إِذا خرج من بَيته: بِسم الله توكلت على الله، لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، يُقَال لَهُ: كفيت ووقيت. وَتَنَحَّى عَنهُ الشَّيْطَان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
وَقَالَ: ثَنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن عَامر الشّعبِيّ، عَن أم سَلمَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا خرج من بَيته قَالَ: بِسم الله توكلت على الله، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من أَن نزل، أَو نضل، أَو نظلم، أَو نجهل، أَو يجهل علينا ".(3/514)
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: عَن مَحْمُود بن غيلَان بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ: " نَعُوذ بك من أَن نزل ".
وَرَوَاهُ أَيْضا: عَن سُلَيْمَان بن عبيد الله، عَن بهز، عَن شُعْبَة، عَن مَنْصُور بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " أعوذ بك من أَن أزل ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن عَوْف، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، حَدثنِي أبي - قَالَ ابْن عَوْف: وَرَأَيْت فِي أصل إِسْمَاعِيل - حَدثنِي ضَمْضَم، عَن شُرَيْح، عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا ولج الرجل بَيته فَلْيقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير المولج [وَخير الْمخْرج] باسم الله ولجنا، وباسم الله خرجنَا، وعَلى رَبنَا توكلنا. ثمَّ ليسلم على أَهله ".
بَاب مَا يَقُول إِذا دخل الْمَسْجِد وَإِذا خرج مِنْهُ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان الدِّمَشْقِي، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي الدَّرَاورْدِي - عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الْملك بن سعيد بن سُوَيْد قَالَ: سَمِعت أَبَا حميد أَو أَبَا أسيد الْأنْصَارِيّ يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا (دخل) أحدكُم الْمَسْجِد فليسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ ليقل: اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك، فَإِذا خرج فَلْيقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من فضلك ".(3/515)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن بشر بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن عبد الله بن الْمُبَارك، عَن حَيْوَة بن شُرَيْح قَالَ: لقِيت عقبَة بن مُسلم فَقلت لَهُ: بَلغنِي أَنَّك حدثت عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ إِذا دخل الْمَسْجِد قَالَ: أعوذ بِاللَّه الْعَظِيم، وبوجهه الْكَرِيم، وسلطانه الْقَدِيم، من الشَّيْطَان الرَّجِيم، قَالَ: أقط؟ قلت: نعم. قَالَ: فَإِذا قَالَ ذَلِك، قَالَ الشَّيْطَان: حفظ مني سَائِر الْيَوْم ".
عقبَة بن مُسلم سمع عبد الله بن عَمْرو وَابْن عمر وَعقبَة بن عَامر.
بَاب مَا يَقُول إِذا جلس فِي مجْلِس كثر فِيهِ لغطه
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عبد الْوَهَّاب بن عبد الحكم، أَنا حجاج، قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي مُوسَى بن عقبَة، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من جلس فِي مجْلِس كثر فِيهِ لغطه ثمَّ قَالَ قبل أَن يقوم: سُبْحَانَكَ رَبنَا وَبِحَمْدِك، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك، غفر لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسه ذَلِك ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو عُبَيْدَة بن أبي السّفر الْكُوفِي، ثَنَا حجاج بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من جلس فِي مجْلِس فَكثر فِيهِ لغطه، فَقَالَ قبل أَن يقوم من مَجْلِسه ذَلِك: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك؛ إِلَّا غفر لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسه ذَلِك ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث (حسن غَرِيب) .(3/516)
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا ابْن عجلَان، عَن مُسلم وَدَاوُد بن قيس، عَن نَافِع بن جُبَير، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك، فَقَالَهَا فِي مجْلِس ذكر كَانَت كالطابع يطبع عَلَيْهِ، وَمن قَالَهَا فِي مجْلِس لَغْو كَانَت كَفَّارَته ".
بَاب مَا يَقُول إِذا رأى من نَفسه أَو من أَخِيه أَو من مَاله مَا يُعجبهُ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا مُعَاوِيَة بن هِشَام، ثَنَا عمار بن رُزَيْق، عَن عبد الله بن عِيسَى، عَن أُميَّة بن هِنْد، عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة، عَن أَبِيه قَالَ: " خرجت أَنا وَسَهل بن حنيف فَوَجَدنَا غديراً، وَكَانَ أَحَدنَا يستحي [أَن] يرَاهُ أحد، فاستتر مني حَتَّى رأى أَنه قد فعل نزع جُبَّة عَلَيْهِ، فَدخل المَاء فَنَظَرت إِلَيْهِ فَأَعْجَبَنِي خلقه فَأَصَبْته بِعَين، فَأَخَذته قعقعة فدعوته فَلم يجبني، فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته الْخَبَر، فَقَالَ: قُم بِنَا. فَأَتَاهُ فَرفع عَن سَاقه كَأَنِّي أنظر إِلَى بَيَاض وضح سَاقه وَهُوَ يَخُوض إِلَيْهِ، حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أذهب حرهَا ووصبها. ثمَّ قَالَ: قُم. فَقَامَ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا رأى أحدكُم من نَفسه أَو مَاله أَو أَخِيه مَا يُعجبهُ فَليدع بِالْبركَةِ ".
بَاب مَا يَقُول إِذا رأى مَا يكره أَو مَا يحب
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي رَافع، عَن أَبِيه، عَن عَمه عبيد الله بن(3/517)
أبي رَافع، عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رأى مَا يكره قَالَ: الْحَمد لله على كل حَال. وَإِذا رأى مَا يسره قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -.
بَاب مَا يَقُول إِذا أَصَابَته مُصِيبَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن سعد بن سعيد، أَخْبرنِي عمر بن كثير بن أَفْلح قَالَ: سَمِعت ابْن سفينة يحدث، أَنه سمع أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَقول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا من عبد تصيبه مُصِيبَة فَيَقُول: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، اللَّهُمَّ أجرني فِي مصيبتي، وأخلف لي خيرا مِنْهَا؛ إِلَّا أجره الله فِي مصيبته، وأخلف لَهُ خيرا مِنْهَا. قَالَت: فَلَمَّا توفّي أَبُو سَلمَة، قلت كَمَا أَمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فأخلف الله لي خيرا مِنْهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن عمر بن أبي سَلمَة، عَن أمه أم سَلمَة، عَن أبي سَلمَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أصَاب أحدكُم مُصِيبَة فَلْيقل: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، اللَّهُمَّ عنْدك أحتسب مصيبتي، فأجرني فِيهَا وأبدل مِنْهَا خيرا. فَلَمَّا احْتضرَ أَبُو سَلمَة قَالَ: اللَّهُمَّ أخلف فِي أَهلِي خيرا مني. فَلَمَّا قبض قَالَت أم سَلمَة: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، عِنْد الله أحتسب مصيبتي فأجرني فِيهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَقد رُوِيَ من غير هَذَا الْوَجْه عَن أم سَلمَة.(3/518)
بَاب مَا يَقُول لِأَخِيهِ إِذا رَآهُ يضْحك
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عَن شُعَيْب، أَنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن الْهَاد، عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن صَالح بن كيسَان، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد، عَن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص، عَن أَبِيه قَالَ: " أَسْتَأْذن عمر على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده نسَاء من قُرَيْش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن، فَلَمَّا اسْتَأْذن عمر تبادرن الْحجاب، فَدخل عمر ورَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يضْحك، فَقَالَ عمر: أضْحك الله سنك يَا رَسُول الله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عجبت من هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كن عِنْدِي، فَلَمَّا سمعن صَوْتك تبادرن الْحجاب، قَالَ عمر: فَأَنت كنت أَحَق أَن يهبن، ثمَّ قَالَ عمر: أَي عدوات أَنْفسهنَّ أتهبنني، وَلم تهبن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قُلْنَ: نعم، أَنْت أغظ وأفظ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا لقيك الشَّيْطَان قطّ سالكاً فجاً إِلَّا سلك فجاً غير فجك ".
بَاب مَا يَقُول إِذا استجد ثوبا
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا عِيسَى ابْن يُونُس، ثَنَا سعيد أَبُو مَسْعُود الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا استجد ثوبا سَمَّاهُ باسمه قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت كسوتني هَذَا الثَّوْب فلك الْحَمد، أَسأَلك من خَيره وَخير مَا صنع لَهُ، وَأَعُوذ بك من شَره وَشر مَا صنع لَهُ ".(3/519)
بَاب مَا يَقُول إِذا ركب دَابَّته
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْعَبَّاس بن عبد الْعَظِيم، عَن عبيد الله بن مُوسَى، أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد، عَن مُحَمَّد بن حَمْزَة [بن] عَمْرو الْأَسْلَمِيّ قَالَ - وَقد صحب أَبوهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " على ذرْوَة كل بعير شَيْطَان، فَإِذا ركبتموه فسموا، وَلَا تقصرُوا عَن حَاجَتكُمْ ".
أُسَامَة بن زيد هُوَ مولى الليثيين، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَضَعفه يحيى بن سعيد وَأَبُو حَاتِم، وَقَالَ النَّسَائِيّ: أُسَامَة بن زيد لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن قدامَة، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَليّ بن ربيعَة الْأَسدي قَالَ: " رَأَيْت عليا - رَضِي الله عَنهُ - أُتِي بدابته فَلَمَّا وضع رجله فِي الركاب قَالَ: بِسم الله. فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا قَالَ: الْحَمد لله، سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين، وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون، ثمَّ كبر ثَلَاثًا، وَحمد الله ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي، إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت. فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْمًا مثل مَا قلت ثمَّ استضحك، فَقلت: مِم استضحكت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: يعجب رَبنَا من قَول عَبده: سُبْحَانَكَ إِنِّي ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، قَالَ: علم عَبدِي أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذُّنُوب ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: عَن قُتَيْبَة بن سعيد، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن أبي إِسْحَاق بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " بِسم الله ثَلَاثًا " وَقَالَ فِيهِ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصنع كَمَا صنعت ".
وَفِي حَدِيث النَّسَائِيّ زِيَادَة حرف، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيثه: حسن صَحِيح.(3/520)
بَاب مَا يَقُول إِذا سَافر
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن عبد الله، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَن عليا الْأَزْدِيّ أخبرهُ، أَن ابْن عمر علمهمْ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره خَارِجا إِلَى سفر كبر ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين، وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون، اللَّهُمَّ أَسأَلك فِي سفرنا هَذَا الْبر وَالتَّقوى، وَمن الْعَمَل مَا ترْضى، اللَّهُمَّ هون علينا سفرنا هَذَا، واطو عَنَّا بعده، اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر، والخليفة فِي الْأَهْل، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر، (وكآبة المنقلب، وَسُوء المنظر) فِي المَال والأهل. وَإِذا رَجَعَ قالهن وَزَاد فِيهِنَّ: آيبون تائبون عَابِدُونَ لربنا حامدون ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن علية، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن عبد الله بن سرجس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سَافر يتَعَوَّذ من وعثاء السّفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، ودعوة الْمَظْلُوم، وَسُوء المنظر فِي الْأَهْل وَالْمَال ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا عُثْمَان، ثَنَا جرير، عَن مطرف [عَن أبي إِسْحَاق] عَن الْبَراء قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا خرج إِلَى السّفر قَالَ: اللَّهُمَّ بلاغاً يبلغ خيرا، مغْفرَة مِنْك ورضواناً بِيَدِك الْخَيْر، إِنَّك على كل شَيْء قدير، اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر، والخليفة فِي الْأَهْل، اللَّهُمَّ هون علينا السّفر، واطو لنا الأَرْض، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر وكآبة المنقلب ".(3/521)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ الْمقدمِي، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن عبد الله بن بشر الْخَثْعَمِي، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سَافر فَركب رَاحِلَته قَالَ بإصبعه - وَمد شُعْبَة بِأُصْبُعِهِ - قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر، والخليفة فِي الْأَهْل، اللَّهُمَّ أصحبنا بنصحك، واقلبنا بِذِمَّة، اللَّهُمَّ ازو لنا الأَرْض، وهون علينا السّفر، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر، وكآبة المنقلب ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر.
وحَدثني عبيد الله بن سعيد - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا يحيى - وَهُوَ الْقطَّان - عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قفل من الجيوش أَو السَّرَايَا أَو الْحَج أَو الْعمرَة إِذا أوفى على ثنية أَو فدفد كبر ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير، آيبون تائبون عَابِدُونَ ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده ".
بَاب مَا يَقُول إِذا ودع أحدا
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث، أَنا عِيسَى، عَن عبد الْعَزِيز بن عمر ابْن عبد الْعَزِيز، حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد، عَن قزعة قَالَ: " أتيت ابْن عمر أودعهُ فَقَالَ: أودعك كَمَا وَدعنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأخذ بيَدي فحركها(3/522)
وَقَالَ: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتم عَمَلك ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي [مَحْمُود] بن خَالِد، ثَنَا الْوَلِيد بن حَنْظَلَة، سَمِعت الْقَاسِم بن مُحَمَّد يَقُول: " أَرَادَ رجل أَن يخرج سفرا، فجَاء فَسلم على عبد الله ابْن عمر، فَقَالَ عبد الله بن عمر: انْتظر حَتَّى أودعك كَمَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يودعنا: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عَمَلك ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مُوسَى الْفَزارِيّ، ثَنَا سعيد بن خثيم، عَن حَنْظَلَة، عَن سَالم " أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول للرجل إِذا أَرَادَ سفرا: ادن مني أودعك كَمَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يودعنا، فَيَقُول: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عَمَلك ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث سَالم بن عبد الله.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن إِسْحَاق السيلَحِينِي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أبي جَعْفَر الخطمي، عَن مُحَمَّد بن كَعْب، عَن عبد الله الخطمي قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَرَادَ يستودع الْجَيْش قَالَ: أستودع الله دينكُمْ وأمانتكم وخواتيم عَمَلكُمْ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام، ثَنَا إِسْحَاق الْأَزْرَق، عَن سُفْيَان، عَن نهشل، عَن أبي غَالب قَالَ: [شيعت] أَنا وقزعة ابْن عمر فَقَالَ: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدثنَا أَن لُقْمَان الْحَكِيم قَالَ: إِن الله - عز وَجل - إِذا(3/523)
استودع شَيْئا حفظه، وَإِنِّي أستودع الله دينكُمْ وأمانتكم وخواتيم أَعمالكُم ".
سمع سُفْيَان نَهْشَلَا، قَالَ سُفْيَان: وَكَانَ نهشل [مرضياً] .
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي سعيد بن أبي أَيُّوب وَاللَّيْث بن سعد، عَن الْحسن بن ثَوْبَان، أَنه سمع مُوسَى بن وردان يَقُول: " أتيت أَبَا هُرَيْرَة أودعهُ لسفر أردته، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أَلا أعلمك يَا ابْن أخي شَيْئا علمنيه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقوله عِنْد الْوَدَاع؟ فَقلت: بلَى، فَقَالَ: قل: أستودعك الله الَّذِي لَا تضيع ودائعه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد، ثَنَا سيار، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد سفرا فزودني. قَالَ: زودك الله التَّقْوَى. قَالَ: [زِدْنِي] قَالَ: وَغفر ذَنْبك. قَالَ: [زِدْنِي] بِأبي أَنْت وَأمي. قَالَ: وَيسر لَك الْخَيْر حَيْثُمَا كنت ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ الْكُوفِي، ثَنَا زيد بن الْحباب، أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد أَن أسافر فأوصني. قَالَ: عَلَيْك بتقوى الله، وَالتَّكْبِير على كل شرف. فَلَمَّا أَن ولى الرجل قَالَ: اللَّهُمَّ اطو لَهُ (الْبعيد) وَهُوَ عَلَيْهِ السّفر ".(3/524)
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن.
بَاب مَا يَقُول إِذا كَانَ فِي سفر فأسحر
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا كَانَ فِي سفر وأسحر يَقُول: سمع سامع بِحَمْد لله وَحسن بلائه علينا، رَبنَا صاحبنا وَأفضل علينا، عائذاً بِاللَّه من النَّار ".
بَاب مَا يَقُول إِذا أشرف على وَاد أَو صعد فِي ثنية أَو أوفى عَلَيْهَا
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير أَن عليا الْأَزْدِيّ أخبرهُ، أَن ابْن عمر علمه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره خَارِجا إِلَى سفر كبر ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين، وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فِي سفرنا هَذَا الْبر وَالتَّقوى وَمن الْعَمَل مَا ترْضى، اللَّهُمَّ هون علينا سفرنا هَذَا، اللَّهُمَّ اطو لنا الْبعد، اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر، والخليفة فِي الْأَهْل وَالْمَال. وَإِذا رَجَعَ قالهن وَزَاد فِيهِنَّ: آيبون تائبون عَابِدُونَ لربنا حامدون. وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وجيوشه إِذا علوا الثنايا كبروا، وَإِذا هَبَطُوا سبحوا، فَوضعت الصَّلَاة على ذَلِك ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عَن شُعَيْب، عَن(3/525)
اللَّيْث، عَن كثير بن فرقد، عَن نَافِع، أَن عبد الله بن عمر أخبرهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا قفل من الْجَيْش أَو الْحَج أَو الْعمرَة فأوفى على فدفد أَو ثنية يكبر ثَلَاث تَكْبِيرَات، ثمَّ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير، آيبون تائبون عَابِدُونَ ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَبدة بن عبد الله، عَن سُوَيْد [عَن] زُهَيْر، ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن أبي عُثْمَان، حَدثنِي أَبُو مُوسَى قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَأَشْرَف النَّاس على وَاد فجهروا بِالتَّكْبِيرِ والتهليل الله أكبر، لَا إِلَه إِلَّا
الله، وَرفع عَاصِم صَوته فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَيهَا النَّاس، أربعوا على أَنفسكُم، إِن الَّذين تدعون لَيْسَ بِأَصَمَّ، إِنَّه سميع قريب، إِنَّه مَعكُمْ. أَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات، قَالَ أَبُو مُوسَى: فسمعني أَقُول وَأَنا خَلفه: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. قَالَ: يَا عبد الله ابْن قيس، أَلا أدلك على كلمة من كنوز الْجنَّة؟ قلت: بلَى فدَاك أبي وَأمي. قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ".
بَاب مَا يَقُول إِذا رأى قَرْيَة فَأَرَادَ دُخُولهَا
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن نصر، ثَنَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال قَالَ: حَدثنِي أَبُو بكر، عَن سُلَيْمَان، عَن أبي سُهَيْل بن مَالك، عَن أَبِيه " أَنه كَانَ(3/526)
يسمع قِرَاءَة عمر بن الْخطاب وَهُوَ [يؤم النَّاس] فِي مَسْجِد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من دَار أبي جهيم، وَقَالَ كَعْب الْأَحْبَار: وَالَّذِي فلق الْبَحْر لمُوسَى لِأَن صهيباً حَدثنِي أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم ير قَرْيَة يُرِيد دُخُولهَا إِلَّا قَالَ حِين يَرَاهَا: اللَّهُمَّ رب السَّمَاوَات السَّبع وَمَا أظللن، وَرب الْأَرْضين السَّبع وَمَا أقللن، وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن، وَرب الرِّيَاح وَمَا ذرين، فَإنَّا نَسْأَلك خير هَذِه الْقرْيَة وَخير أَهلهَا، ونعوذ بك من شَرها وَشر أَهلهَا وَشر مَا فِيهَا. وَحلف كَعْب بِالَّذِي فلق الْبَحْر لمُوسَى لِأَنَّهَا كَانَت دعوات دواد حِين يرى الْعَدو ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله، ثَنَا سعيد بن عفير، ثَنَا يحيى ابْن أَيُّوب، عَن قيس بن سَالم أَنه سمع أَبَا أُمَامَة بن سهل يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " قُلْنَا يَا رَسُول الله، مَا كَانَ يتخوف الْقَوْم حَيْثُ كَانُوا إِذا أشرفوا على الْمَدِينَة يَقُولُونَ: اجْعَل لنا فِيهَا رزقا وقراراً؟ قَالَ: كَانَ يتخوفون جور الْوُلَاة وقحط الْمَطَر ".
بَاب مَا يَقُول إِذا نزل منزلا
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وَأَبُو الطَّاهِر، كِلَاهُمَا عَن ابْن وهب - وَاللَّفْظ لهارون - قَالَا: ثَنَا ابْن وهب قَالَ: وَأخْبرنَا عَمْرو - هُوَ ابْن الْحَارِث - أَن يزِيد بن أبي حبيب والْحَارث بن يَعْقُوب حَدَّثَاهُ، عَن يَعْقُوب بن عبد الله الْأَشَج، عَن بسر بن سعيد، عَن سعد بن أبي وَقاص، عَن خَوْلَة بنت حَكِيم السلمِيَّة، أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا نزل أحدكُم منزلا فَلْيقل: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق فَإِنَّهُ لَا يضرّهُ شَيْء حَتَّى يرتحل مِنْهُ ".(3/527)
قَالَ يَعْقُوب: وَقَالَ الْقَعْقَاع بن حَكِيم: عَن ذكْوَان أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا لقِيت من عقرب لدغتني البارحة. قَالَ: أما لَو قلت حِين أمسيت: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق لم تَضُرك ".
وحَدثني عِيسَى بن حَمَّاد الْمصْرِيّ، أَنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن جَعْفَر، عَن يَعْقُوب أَنه ذكر لَهُ، أَن أَبَا صَالح مولى غطفان أخبرهُ، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله لدغتني عقرب ... " بِمثل حَدِيث ابْن وهب.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان الْعقيلِيّ، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن عبيد الله بن عمر، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة: " أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تغيب عَنهُ لَيْلَة، فَسَأَلَ عَنهُ فَلَمَّا أصبح أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مَا حَبسك؟ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لدغتني عقرب. قَالَ: لَو قلت حِين أمسيت: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق ثَلَاث مَرَّات لم تَضُرك ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان الْحِمصِي، ثَنَا بَقِيَّة، ثَنَا صَفْوَان، حَدثنِي شُرَيْح بن عبيد، عَن الزبير بن الْوَلِيد، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سَافر فَأقبل اللَّيْل قَالَ: يَا أَرض، رَبِّي وَبِك الله، أعوذ بِاللَّه من شرك وَشر مَا فِيك، وَمن شَرّ مَا خلق فِيك، وَمن شَرّ مَا يدب عَلَيْك، وَأَعُوذ بِاللَّه من أَسد وأسود، وَمن الْحَيَّة وَالْعَقْرَب، وَمن سَاكن الْبَلَد، وَمن وَالِد وَمَا ولد ".(3/528)
بَاب مَا يَقُول إِذا عثرت بِهِ دَابَّته
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، أَنا سُوَيْد، أَنا عبد الله، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي تَمِيمَة، عَن أبي الْمليح، عَن ردف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا عثرت بك الدَّابَّة فَلَا تقل: تعس الشَّيْطَان، فَإِنَّهُ يتعاظم حَتَّى يصير مثل الْبَيْت وَيَقُول بقوتي صَنعته، وَلَكِن قل: باسم الله؛ فَإِنَّهُ يتصاغر حَتَّى يصير مثل الذُّبَاب ".
بَاب مَا يُقَال لمن قفل من الْغَزْو
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا جرير، عَن سهل، عَن سعيد ابْن يسَار أبي الْحباب، عَن زيد بن خَالِد، عَن أبي طَلْحَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى بعض غَزَوَاته [وَكنت أتحين قفوله، فَأخذت نمطاً فَسترته] فَلَمَّا جَاءَ استقبلته على الْبَاب، فَقلت: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله، الْحَمد لله الَّذِي أعزّك ونصرك وأكرمك ... . . ".
هَذَا مُخْتَصر من حَدِيث طَوِيل.
بَاب مَا يُقَال للمتزوج
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا رفأ الْإِنْسَان إِذا تزوج قَالَ: بَارك الله لَك، وَبَارك عَلَيْك، وَجمع بَيْنكُمَا فِي خير ".(3/529)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن عبيد الله الْحلَبِي، ثَنَا الدَّرَاورْدِي بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله وَقَالَ: " بَارك الله فِيك ".
بَاب مَا يَقُول إِذا خَافَ قوما
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أبي بردة بن عبد الله بن قيس، أَن أَبَاهُ حَدثهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا خَافَ قوما قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نجعلك فِي نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم ".
بَاب مَا يَقُول إِذا غَلبه أَمر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحسن بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ، ثَنَا الفضيل - وَهُوَ ابْن سُلَيْمَان - ثَنَا مُحَمَّد بن عجلَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مُؤمن قوي خير وَأحب إِلَى الله من مُؤمن ضَعِيف، احرص على مَا ينفعك وَلَا تعجز، فَإِن غلبك أَمر فَقل: قدر الله وَمَا شَاءَ صنع، وَإِيَّاك واللو؛ فَإِن اللو تفتح عمل الشَّيْطَان ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحسن بن أَحْمد، ثَنَا عبد الله - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد بن أَسمَاء - ثَنَا عبد الله - وَهُوَ ابْن الْمُبَارك - عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن ربيعَة، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُؤمن الْقوي خير وَأفضل عِنْد الله من الْمُؤمن الضَّعِيف، وَفِي كل خير، احرص على مَا ينفعك وَلَا تعجز، فَإِن غلبك أَمر فَقل: قدر الله وَمَا شَاءَ صنع، وَإِيَّاك واللو؛ فَإِن اللو تفتح عمل الشَّيْطَان ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا بَقِيَّة، عَن بحير، عَن خَالِد، عَن(3/530)
سيف، عَن عَوْف بن مَالك أَنه حَدثهمْ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بَين رجلَيْنِ، فَقَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ردوا على الرجل فَقَالَ: مَا قلت؟ قَالَ: قلت: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله يلوم على الْعَجز وَلَكِن عَلَيْك بالكيس، وَإِذا غلبك أَمر فَقل: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: سيف لَا أعرفهُ.
بَاب مَا يَقُول لمن صنع إِلَيْهِ مَعْرُوفا
النَّسَائِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد، ثَنَا الْأَحْوَص بن جَوَاب، عَن سعير بن الْخمس، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أُسَامَة بن زيد، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صنع إِلَيْهِ مَعْرُوف، فَقَالَ لفَاعِله: جَزَاك الله خيرا، فقد أبلغ فِي الثَّنَاء ".
بَاب مَا يَقُول إِذا أَخذ مضجعه
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لعُثْمَان - قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن سعد بن عُبَيْدَة، حَدثنِي الْبَراء بن عَازِب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أخذت مضجعك فَتَوَضَّأ وضوءك للصَّلَاة، ثمَّ اضْطجع على شقك الْأَيْمن، ثمَّ قل: اللَّهُمَّ إِنِّي أسلمت وَجْهي إِلَيْك، وفوضت أَمْرِي إِلَيْك، وألجأت ظَهْري إِلَيْك، رَغْبَة وَرَهْبَة إِلَيْك، لَا ملْجأ وَلَا منجى مِنْك إِلَّا إِلَيْك، آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت، وبنبيك الَّذِي أرْسلت. واجعلهن من آخر كلامك، فَإِن مت من ليلتك مت وَأَنت على الْفطْرَة، قَالَ: فرددتهن لأستذكرهن، فَقلت: آمَنت برسولك الَّذِي أرْسلت، قَالَ: قل:(3/531)
آمَنت بنبيك الَّذِي أرْسلت ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا شُعْبَة،
وثنا ابْن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن وَأَبُو دَاوُد قَالَا: ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: سَمِعت سعد بن عُبَيْدَة، يحدث عَن الْبَراء بن عَازِب " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر رجل إِذا أَخذ مضجعه من اللَّيْل أَن يَقُول: اللَّهُمَّ أسلمت نَفسِي إِلَيْك،
ووجهت وَجْهي إِلَيْك، وألجأت ظَهْري إِلَيْك، وفوضت أَمْرِي إِلَيْك، رَغْبَة وَرَهْبَة إِلَيْك، لَا ملْجأ وَلَا منجى مِنْك إِلَّا إِلَيْك، آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت، وبرسولك الَّذِي أرْسلت. فَإِن مَاتَ مَاتَ على الْفطْرَة ".
وَلم يذكر ابْن بشار فِي حَدِيثه: " اللَّيْل ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو الْأَحْوَص، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لرجل: " يَا فلَان، إِذا أويت إِلَى فراشك ... " بِمثل حَدِيث عَمْرو بن مرّة غير أَنه قَالَ: " وبنبيك الَّذِي أرْسلت. فَإِن مت من ليلتك مت على الْفطْرَة، وَإِن [أَصبَحت] أصبت خيرا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا [عَمْرو] بن عَليّ، ثَنَا هَذَا الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا حُصَيْن، عَن سعد بن عُبَيْدَة بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحْو حَدِيث مُسلم،(3/532)
قَالَ: " فليتوسد يَمِينه ثمَّ ليقل: بِسم الله " وَفِي حَدِيث مُسلم زِيَادَة.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب وَأَبُو دَاوُد قَالَا: ثَنَا عُثْمَان بن عمر، أَنا عَليّ بن الْمُبَارك، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن يحيى بن أبي إِسْحَاق، عَن رَافع بن خديج، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا اضْطجع أحدكُم على شقَّه الْأَيْمن، فَلْيقل: اللَّهُمَّ أسلمت ديني إِلَيْك، ووجهت وَجْهي إِلَيْك، وألجأت ظَهْري إِلَيْك، وفوضت أَمْرِي إِلَيْك، لَا منجى مِنْك إِلَّا إِلَيْك. فَإِن مَاتَ من ليلته دخل الْجنَّة " زَاد إِبْرَاهِيم فِي حَدِيثه: " وَأُؤْمِنُ بك وبرسلك ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، أَنا جرير، عَن سُهَيْل قَالَ: " كَانَ أَبُو صَالح يَأْمُرنَا إِذا أَرَادَ أَحَدنَا أَن ينَام أَن يضطجع على شقَّه الْأَيْمن ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ رب السَّمَاوَات وَرب الْأَرْضين وَرب الْعَرْش الْعَظِيم، رَبنَا وَرب كل شَيْء، فالق الْحبّ والنوى، ومنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْفرْقَان، أعوذ بك من شَرّ كل شَيْء أَنْت آخذ بناصيته، اللَّهُمَّ أَنْت الأول فَلَيْسَ قبلك شَيْء، وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء، وَأَنت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء، وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء، اقْضِ عَنَّا الدَّين، وأغننا من الْفقر " وَكَانَ يروي ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا عقبَة بن مكرم الْعمي وَأَبُو بكر بن نَافِع قَالَا: ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن خَالِد قَالَ: سَمِعت عبد الله بن الْحَارِث يحدث عَن عبد الله بن عمر " أَنه أَمر رجلا إِذا أَخذ مضجعه قَالَ: اللَّهُمَّ خلقت نَفسِي وَأَنت توفاها، لَك مماتها ومحياها، إِن أحييتها فاحفظها، وَإِن أمتها فَاغْفِر لَهَا، اللَّهُمَّ أَسأَلك الْعَافِيَة. فَقَالَ لَهُ رجل: سَمِعت هَذَا من عمر؟ فَقَالَ: من خير من عمر، من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ ابْن نَافِع فِي رِوَايَته: عَن عبد الله بن الْحَارِث، وَلم يذكر سَمِعت.(3/533)
مُسلم: ثَنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن الحكم قَالَ: سَمِعت ابْن أبي ليلى قَالَ: ثَنَا عَليّ " أَن فَاطِمَة اشتكت مَا تلقى من الرَّحَى فِي يَدهَا، وَأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بسبي فَانْطَلَقت فَلم تَجدهُ، وَلَقِيت عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخْبرته عَائِشَة بمجيء فَاطِمَة إِلَيْهَا، فجَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْنَا وَقد أَخذنَا مضاجعنا فذهبنا نقوم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: على مَكَانكُمَا، فَقعدَ بَيْننَا حَتَّى وجدت برد قدمه على صَدْرِي، وَقَالَ: أَلا أعلمكما خيرا مِمَّا سألتما؟ إِذا أخذتما مضاجعكما أَن تكبرا الله أَرْبعا وَثَلَاثِينَ، وتسبحاه ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وتحمداه ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خير لَكمَا من خَادِم ".
وثنا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، عَن شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " أخذتما مضجعكما من اللَّيْل ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعد بن حَفْص، ثَنَا شَيبَان - هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن مَنْصُور - هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر - عَن ربعي بن حِرَاش، عَن خَرشَة بن الْحر، عَن أبي ذَر قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَخذ مضجعه من اللَّيْل قَالَ: بِاسْمِك نموت ونحيا. فَإِذا اسْتَيْقَظَ قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أَحْيَانًا بَعْدَمَا أماتنا وَإِلَيْهِ النشور ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن يزِيد، عَن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، ثَنَا أبي، ثَنَا حُسَيْن، حَدثنِي ابْن بُرَيْدَة، حَدثنِي ابْن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَخذ مضجعه قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي كفاني وآواني، وأطعمني وسقاني، وَالَّذِي من عَليّ فأفضل، وَأَعْطَانِي فأجزل، الْحَمد لله على كل حَال، اللَّهُمَّ رب كل شَيْء، وَملك كل شَيْء أعوذ بك من النَّار ".(3/534)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وَسَقَانَا، وكفانا وآوانا، فكم مِمَّن لَا كَافِي لَهُ وَلَا مأوى ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا عُثْمَان بن الْهَيْثَم، ثَنَا عَوْف، عَن مُحَمَّد - هُوَ ابْن سِيرِين - عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " وكلني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحِفْظ زَكَاة رَمَضَان، فَأَتَانِي آتٍ يحثو من الطَّعَام، فَأَخَذته فَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: إِنِّي مُحْتَاج وَعلي عِيَال وَبِي حَاجَة شَدِيدَة. فخليت سَبيله، فَلَمَّا أَصبَحت قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا هُرَيْرَة، مَا فعل أسيرك البارحة. قلت: يَا رَسُول الله، شكا حَاجَة شَدِيدَة وعيالا، فرحمته فخليت سَبيله. فَقَالَ: أما إِنَّه قد كَذبك وَسَيَعُودُ. فَعرفت أَنه سيعود لقَوْل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه سيعود، فرصدته فجَاء يحثو من الطَّعَام، فَأَخَذته فَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاج وَعلي عِيَال وَلَا أَعُود. فرحمته فخليت سَبيله، فَأَصْبَحت فَقَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا هُرَيْرَة، مَا فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يَا رَسُول الله، شكا حَاجَة وعيالا فرحمته، فخليت سَبيله. فَقَالَ: أما إِنَّه كَذبك وَسَيَعُودُ. فرصدته الثَّالِثَة، فجَاء يحثو من الطَّعَام، فَأَخَذته فَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذَا آخر ثَلَاث مَرَّات تزْعم أَنَّك لَا تعود ثمَّ تعود. فَقَالَ: دَعْنِي أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بهَا، فَقلت: مَا هِيَ؟ فَقَالَ: إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} حَتَّى تختم الْآيَة، فَإِنَّهُ لن يزَال عَلَيْك من الله حَافظ، وَلَا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح. فَأَصْبَحت فَقَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا فعل أسيرك البارحة؟ فَقلت: يَا رَسُول الله، زعم أَن يعلمني كَلِمَات يَنْفَعنِي الله بهَا فخليت سَبيله.(3/535)
فَقَالَ: مَا هِيَ؟ قلت: قَالَ: إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ من أَولهَا حَتَّى تختمها: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} ، وَقَالَ: لن يزَال عَلَيْك من الله حَافظ، وَلَا يقربك الشَّيْطَان حَتَّى تصبح - وَكَانُوا أحرص شَيْء على الْخَيْر - فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما إِنَّه كذوب وَقد صدقك، تعلم من كنت تخاطب مُنْذُ ثَلَاث يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ قلت: لَا. قَالَ: ذَلِك الشَّيْطَان ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، حَدثنِي عقيل، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَخذ مضجعه نفث فِي يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بالمعوذات، وَمسح بهما جسده ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الْمفضل بن فضَالة، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه كل لَيْلَة جمع كفيه، ثمَّ نفث فيهمَا، فَقَرَأَ فيهمَا: {قل هُوَ الله أحد} {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} ثمَّ مسح بهما مَا اسْتَطَاعَ من جسده، يبْدَأ بهما على رَأسه وَوَجهه، وَمَا أقبل من جسده، يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن صَحِيح غَرِيب) .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا بَقِيَّة بن الْوَلِيد، عَن بحير بن سعد، عَن خَالِد بن معدان، عَن عبد الله بن أبي بِلَال، عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة أَنه حَدثهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ المسبحات، وَيَقُول: إِن فِيهِنَّ آيَة خير من ألف آيَة ".(3/536)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
وَقَالَ: ثَنَا صَالح بن عبد الله، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أبي لبَابَة قَالَ: قَالَت عَائِشَة: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ بني إِسْرَائِيل وَالزمر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَأَبُو لبَابَة شيخ بَصرِي، روى عَنهُ حَمَّاد بن زيد غير حَدِيث، وَيُقَال اسْمه مَرْوَان، أَخْبرنِي بذلك مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: أَنا أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة - فِيمَا كتب إِلَيّ - سَأَلت يحيى ابْن معِين عَن أبي لبَابَة الَّذِي روى عَنهُ حَمَّاد بن زيد فَقَالَ: اسْمه مَرْوَان مولى عَائِشَة.
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ، ثَنَا أنس بن عِيَاض، ثَنَا عبيد الله، ثَنَا سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أَوَى أحدكُم إِلَى فرَاشه، فليأخذ دَاخِلَة إزَاره، فلينفض بهَا فرَاشه وليسم الله، قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يعلم مَا خَلفه بعده على فرَاشه، فَإِذا أَرَادَ أَن يضطجع، فليضطجع على شقَّه الْأَيْمن، وَليقل: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي، (لَك) وضعت جَنْبي وَبِك أرفعه، إِن أَمْسَكت نَفسِي فَاغْفِر لَهَا، وَإِن أرسلتها فاحفظها بِمَا تحفظ بِهِ عِبَادك الصَّالِحين ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن أبي إِسْحَاق، عَن أَبِيه، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي بردة، عَن الْبَراء(3/537)
ابْن عَازِب قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتوسد يَمِينه عِنْد الْمَنَام، ثمَّ يَقُول: رب قني عذابك يَوْم تبْعَث عِبَادك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
ذكر النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُولهَا ثَلَاث مَرَّات " رَوَاهُ من طَرِيق معبد بن خَالِد، عَن سَوَاء الْخُزَاعِيّ، عَن حَفْصَة بنت عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَبَّاس بن عبد الْعَظِيم الْعَنْبَري، ثَنَا الْأَحْوَص - يَعْنِي ابْن الْجَواب - ثَنَا عمار بن رُزَيْق، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث وَأبي ميسرَة، عَن عَليّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يَقُول عِنْد مضجعه: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بِوَجْهِك الْكَرِيم وكلماتك التامات من شَرّ مَا أَنْت آخذ بناصيته، اللَّهُمَّ إِنَّك تكشف المغرم والمأثم، اللَّهُمَّ لَا يهْزم جندك، وَلَا يخلف وَعدك، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا جَعْفَر بن مُسَافر التنيسِي، ثَنَا يحيى بن حسان، ثَنَا يحيى ابْن حَمْزَة، عَن ثَوْر، عَن خَالِد بن معدان، عَن أبي الْأَزْهَر الْأَنمَارِي " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَخذ مضجعه من اللَّيْل قَالَ: باسم الله وضعت جَنْبي، اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي، وأخسئ شيطاني، وَفك رهاني، واجعلني فِي الندي الْأَعْلَى ".
قَالَ: أَبُو دَاوُد رَوَاهُ أَبُو همام الْأَهْوَازِي، عَن ثَوْر، قَالَ أَبُو زُهَيْر الْأَنمَارِي. انْتهى كَلَام أبي دَاوُد.
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج فِي " الكنى " أَبُو زُهَيْر النميري - أَو الْأَنمَارِي - لَهُ(3/538)
صُحْبَة. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: أَبُو زُهَيْر النميري لَهُ صُحْبَة، روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثَة أَحَادِيث، كَانَ يسكن الشَّام، روى عَنهُ خَالِد بن معدان وَشُرَيْح بن عبيد وَأَبُو المصبح.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن لم يذكر الله عِنْد نَومه
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي زَكَرِيَّا بن يحيى، أَنا أَبُو مُصعب، أَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم ابْن دِينَار حَدثهُ، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن المَقْبُري سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي إِسْحَاق مولى عبد الله بن الْحَارِث، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَمَا أَوَى أحد إِلَى فرَاشه لم يذكر الله فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ ترة ". هَذَا مُخْتَصر.
بَاب مَا يَقُول إِذا تعار من اللَّيْل
البُخَارِيّ: حَدثنَا صَدَقَة، أَنا الْوَلِيد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي عُمَيْر بن هَانِئ، حَدثنِي جُنَادَة بن أبي أُميَّة، حَدثنِي عبَادَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تعار من اللَّيْل، فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير، الْحَمد لله، وَسُبْحَان الله، وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي أَو دَعَا اسْتُجِيبَ، فَإِن تَوَضَّأ قبلت صلَاته ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمُصَفّى بن بهْلُول، قَالَ: الْوَلِيد ثَنَا، قَالَ: ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي عُمَيْر بن هَانِئ، حَدثنِي جُنَادَة بن أبي أُميَّة، حَدثنِي عبَادَة ابْن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تعار من اللَّيْل، فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا(3/539)
الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير، سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، رب اغْفِر لي إِلَّا غفر لَهُ، فَإِن قَامَ ثمَّ صلى تقبلت صلَاته ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة، ثَنَا يُوسُف بن عدي، ثَنَا عثام بن عَليّ، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا تضور من اللَّيْل قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله الْوَاحِد القهار، رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا الْعَزِيز الْغفار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَامِد بن يحيى، ثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن، ثَنَا سعيد بن أبي أَيُّوب، حَدثنِي عبد الله بن الْوَلِيد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا اسْتَيْقَظَ من اللَّيْل قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ أستغفرك لذنبي، وَأَسْأَلك رحمتك، اللَّهُمَّ زِدْنِي علما، وَلَا تزغ قلبِي بعد إِذْ هديتني، وهب لي من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب ".
بَاب مَا يَقُول إِذا اسْتَيْقَظَ
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عبد الله بن أبي السّفر، عَن أبي بكر بن أبي مُوسَى، عَن الْبَراء: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَخذ مضجعه قَالَ: اللَّهُمَّ بِاسْمِك أَحْيَا، وباسمك أَمُوت. وَإِذا اسْتَيْقَظَ قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أَحْيَانًا بَعْدَمَا أماتنا وَإِلَيْهِ النشور ".(3/540)
بَاب مَا يَقُول إِذا رأى مبتلى
الْبَزَّار: حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا مُغيرَة بن مُسلم، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من رأى مصاباً فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاك بِهِ وفضلني على كثير من خلقه تَفْضِيلًا؛ لم يصبهُ ذَلِك الْبلَاء أبدا ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أَن أحدا رَوَاهُ عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر إِلَّا الْمُغيرَة بن مُسلم، والمغيرة بن مُسلم لَيْسَ بِهِ بَأْس، بَصرِي مَشْهُور، والْحَدِيث غَرِيب.
بَاب مَا يَقُول العَبْد إِذا مرض
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان [بن] وَكِيع، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن جحادة، ثَنَا عبد الْجَبَّار بن عَبَّاس، عَن أبي مُسلم الْأَعَز قَالَ: أشهد على أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا شَهدا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر، صدقه ربه، فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنا وَأَنا أكبر. وَإِذا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده، قَالَ: يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي لَا شريك لي. وَإِذا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، قَالَ الله: لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي لَا شريك لي. وَإِذا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُ الْملك وَله الْحَمد، قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنا لي الْملك ولي الْحَمد. وَإِذا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنا وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِي. وَكَانَ يَقُول: من قَالَهَا فِي مَرضه ثمَّ مَاتَ، لم تطعمه النَّار ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، رَوَاهُ شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلم يرفعهُ.(3/541)
بَاب مَا يَقُول عِنْد هبوب الرِّيَاح
النَّسَائِيّ: حَدثنَا يُوسُف - يَعْنِي ابْن (مُسلم) - ثَنَا حجاج، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي زِيَاد، عَن ابْن شهَاب أخبرهُ، قَالَ: أَخْبرنِي ثَابت بن قيس، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الرّيح من روح الله، تَأتي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَلَا تسبوها، وسلوا الله خَيرهَا، وعوذوا بِهِ من شَرها ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن حبيب بن الشَّهِيد الْبَصْرِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن ذَر، عَن سعيد ابْن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، عَن أَبِيه، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا الرّيح، فَإِذا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ، فَقَالُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك من خير هَذِه الرّيح، وَخير مَا فِيهَا، وَخير مَا أمرت بِهِ، ونعوذ بك من شَرّ هَذِه الرّيح، وَشر مَا فِيهَا، وَشر مَا أمرت بِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَنا ابْن وهب، سَمِعت ابْن جريج يحدثنا، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا عصفت الرّيح قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا، وَخير مَا فِيهَا، وَخير مَا أرْسلت بِهِ، وَأَعُوذ بك من شَرها، وَشر مَا فِيهَا، وَشر مَا أرْسلت بِهِ. قَالَت: وَإِذا تَخَيَّلت السَّمَاء تغير لَونه وَدخل وَخرج وَأَقْبل وَأدبر، فَإِذا أمْطرت سري عَنهُ، فَعرفت ذَلِك [فِي وَجهه. قَالَت] عَائِشَة: فَسَأَلته، فَقَالَ: لَعَلَّه يَا عَائِشَة كَمَا قَالَ قوم(3/542)
عَاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضاً مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} ".
بَاب مَا يَقُول إِذا رأى الْمَطَر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن بشار، [ثَنَا عبد الرَّحْمَن] ثَنَا سُفْيَان، عَن الْمِقْدَام ابْن شُرَيْح، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا رأى ناشئاً فِي أفق السَّمَاء ترك الْعَمَل، وَإِن كَانَ فِي صَلَاة ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرها. فَإِن مطر قَالَ: اللَّهُمَّ صيباً هَنِيئًا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن الْمِقْدَام بن شُرَيْح - عَن أَبِيه شُرَيْح، أَن عَائِشَة أخْبرته " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا رأى سحاباً مُقبلا من أفق من الْآفَاق ترك مَا هُوَ فِيهِ وَإِن كَانَ فِي الصَّلَاة حَتَّى يستقبله، فَيَقُول: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من شَرّ مَا أرسل بِهِ. فَإِذا أمطر قَالَ: اللَّهُمَّ صيباً نَافِعًا. وَإِن كشفه الله وَلم يمطر، حمد لله على ذَلِك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مقَاتل، أَنا عبد الله، أَنا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا رأى الْمَطَر، قَالَ: صيباً نَافِعًا ".
تَابعه الْقَاسِم بن يحيى، عَن عبيد الله، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ وَعقيل عَن نَافِع.(3/543)
بَاب مَا يَقُول إِذا سمع صَوت الديكة ونهيق الْحمير ونباح الْكلاب
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا سَمِعْتُمْ صياح الديكة فَسَلُوا الله من فَضله؛ فَإِنَّهَا رَأَتْ ملكا، وَإِذا سَمِعْتُمْ نهيق الْحمير فتعوذوا بِاللَّه من الشَّيْطَان؛ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا وهب بن بَيَان، ثَنَا ابْن وهب، ثَنَا اللَّيْث بن سعد وَسَعِيد بن أبي أَيُّوب، عَن جَعْفَر بِإِسْنَاد مُسلم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا سَمِعْتُمْ الديكة تصيح بِاللَّيْلِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ ملكا؛ فَسَلُوا الله من فَضله، وَإِذا سَمِعْتُمْ نهيق الْحمير فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانا؛ فاستعيذوا بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن خَالِد، هُوَ ابْن يزِيد - عَن سعيد - وَهُوَ ابْن أبي هِلَال - عَن سعيد بن زِيَاد، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا معشر أهل الْإِسْلَام، أقلوا الْخُرُوج بعد هدو الرجل؛ فَإِن لله دَوَاب يبثهن فِي الأَرْض، فَمن سمع نباح كلب أَو نهاق حمَار فليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان؛ فَإِنَّهُنَّ يرين مَا لَا ترَوْنَ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هناد بن السّري، عَن عَبدة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سَمِعْتُمْ نباح الْكلاب ونهيق الْحمير بِاللَّيْلِ فتعوذوا بِاللَّه، فَإِنَّهُنَّ يرين مَا لَا ترَوْنَ ".(3/544)
بَاب النَّهْي أَن يَدْعُو على نَفسه أَو مَاله أَو وَلَده
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وَمُحَمّد بن عباد - وتقاربا فِي لفظ الحَدِيث والسياق لهارون - قَالَا: ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن يَعْقُوب بن مُجَاهِد أبي حزرة، عَن عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تدعوا على أَنفسكُم، وَلَا تدعوا على أَوْلَادكُم، وَلَا تدعوا على أَمْوَالكُم، لَا توافقوا من الله سَاعَة يسْأَل فِيهَا عَطاء فيستجيب لكم ".
بَاب الدُّعَاء لِلْأَبَوَيْنِ
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، حَدثنِي أبي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَاصِم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - ليرْفَع للرجل الدرجَة فَيَقُول: أَنى لي هَذَا؟ فَيَقُول: بِدُعَاء ولدك لَك ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا حَمَّاد بن عَاصِم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة.
بَاب دُعَاء الإستخارة
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن زيد بن الْحباب، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي، سَمِعت مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر يحدث عبد الله بن الْحسن، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا الاستخارة فِي الْأُمُور كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن، قَالَ: إِذا هم أحدكُم بِأَمْر فَليصل رَكْعَتَيْنِ غير الْفَرِيضَة وَيُسمى الْأَمر وَيَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم، فَإنَّك تقدر وَلَا أقدر، وَتعلم وَلَا أعلم، وَأَنت علام الغيوب، فَإِن كَانَ هَذَا الْأَمر خيرا لي فِي ديني وعاقبة أَمْرِي، فاقدره لي ويسره لي، ثمَّ بَارك لي فِيهِ،(3/545)
وَإِن كَانَ شرا لي فِي ديني وعاقبة أَمْرِي، فاصرفه عني واصرفني عَنهُ واقدر لي الْخَبَر حَيْثُ كَانَ، ثمَّ رضني بِهِ ".
بَاب دُعَاء الْحِفْظ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن الْحسن، أَنا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي، أَنا الْوَلِيد بن الْمُسلم، ثَنَا ابْن جريج، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح وَعِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس [عَن ابْن عَبَّاس] أَنه قَالَ: " بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ جَاءَهُ عَليّ ابْن أبي طَالب، فَقَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي، تفلت هَذَا الْقُرْآن من صَدْرِي، فَمَا أجدني أقدر عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا الْحسن، أَفلا أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بِهن، وينفع بِهن من عَلمته، وَيثبت مَا تعلمت فِي صدرك؟ قَالَ: أجل يَا رَسُول الله، فعلمني. قَالَ: إِذا كَانَ لَيْلَة الْجُمُعَة فَإِن اسْتَطَعْت أَن تقوم فِي ثلث اللَّيْل الآخر، فَإِنَّهَا سَاعَة مَشْهُودَة، وَالدُّعَاء فِيهَا مستجاب، وَقد قَالَ أخي يَعْقُوب لِبَنِيهِ {سَوف أسْتَغْفر لكم رَبِّي} حَتَّى تَأتي لَيْلَة الْجُمُعَة، فَإِن لم تستطع فَقُمْ فِي وَسطهَا، فَإِن لم تستطع فَقُمْ فِي أَولهَا، فصل أَربع رَكْعَات، تقْرَأ فِي الرَّكْعَة (الأولى) بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة " يس "، وَفِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة بِفَاتِحَة الْكتاب و " حم الدُّخان "، وَفِي الرَّكْعَة الثَّالِثَة بِفَاتِحَة الْكتاب و " الم تَنْزِيل " السَّجْدَة، وَفِي الرَّكْعَة الرَّابِعَة بِفَاتِحَة الْكتاب و " تبَارك " الْمفصل، فَإِذا فرغت من التَّشَهُّد فاحمد الله وَأحسن الثَّنَاء على الله، وصل عَليّ وَأحسن على سَائِر النَّبِيين، واستغفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات ولإخوانك الَّذين سبقوك بِالْإِيمَان، ثمَّ قل فِي آخر دعائك: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بترك الْمعاصِي أبدا مَا أبقيتني، وارحمني أَن أتكلف مَا لَا يعنيني، وارزقني حسن النّظر(3/546)
فِيمَا يرضيك عني، اللَّهُمَّ بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام والعزة الَّتِي لَا ترام، أَسأَلك بِاللَّه يَا رَحْمَن بجلالك وَنور وَجهك أَن تلْزم قلبِي حفظ كتابك كَمَا علمتني، وارزقني أَن أتلوه على النَّحْو الَّذِي يرضيك عني، اللَّهُمَّ بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام والعزة الَّتِي لَا ترام، أَسأَلك بِاللَّه يَا رَحْمَن بجلالك وَنور وَجهك أَن تنور بكتابك بَصرِي، وَأَن تطلق بِهِ لساني، وَأَن تفرج بِهِ عَن قلبِي، وَأَن تشرح بِهِ صَدْرِي، وَأَن تعْمل بِهِ بدني؛ لِأَنَّهُ لَا يُعِيننِي على الْحق غَيْرك، وَلَا يؤتيه إِلَّا أَنْت، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم. يَا أَبَا الْحسن، تفعل ذَلِك ثَلَاث جمعات أَو خمس أَو سبع تجاب بِإِذن الله، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَخطَأ مُؤمنا قطّ. قَالَ عبد الله بن عَبَّاس: فوَاللَّه مَا لبث عَليّ إِلَّا خمس أَو سبع حَتَّى جَاءَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مثل ذَلِك الْمجْلس، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت فِيمَا خلا لَا آخذ إِلَّا أَربع آيَات ونحوهن، وَإِذا قرأتهن على نَفسِي تفلتن، وَأَنا أتعلم
الْيَوْم أَرْبَعِينَ آيَة وَنَحْوهَا، وَإِذا قرأتها على نَفسِي وكأنما كتاب الله بَين عَيْني، وَلَقَد كنت أسمع الحَدِيث فَإِذا رَددته تفلت، وَأَنا الْيَوْم أسمع الْأَحَادِيث، فَإِذا تحدثت بهَا لم أخرم مِنْهَا حرفا، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد ذَلِك: مُؤمن وَرب الْكَعْبَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم.
بَاب دُعَاء الكرب
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار وَعبيد الله بن سعيد - وَاللَّفْظ لِابْنِ سعيد - قَالُوا: ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول عِنْد الكرب: لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَاوَات(3/547)
وَرب الأَرْض وَرب الْعَرْش الْكَرِيم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، أَنا يَعْقُوب، عَن ابْن عجلَان، عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ، عَن عبد الله بن الْهَاد، عَن عبد الله بن جَعْفَر، عَن عَليّ قَالَ: " لقاني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات وَأَمرَنِي إِن نزل بِي كرب أَو شدَّة أَن أقولها: لَا إِلَه إِلَّا الله الْكَرِيم الْحَلِيم، سُبْحَانَهُ، تبَارك الله رب الْعَرْش الْعَظِيم، الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَكَانَ عبد الله بن جَعْفَر يلقنها الْمَيِّت، وينفث بهَا على الموعوك، وَيعلمهَا المغتربة من بَنَاته ".
فِي لفظ آخر: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علمه هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات يقولهن على الْمَرِيض " رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا عَن زَكَرِيَّا بن يحيى، عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد بن أبي كَرِيمَة، عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة، عَن أبي عبد الرَّحِيم، عَن عبد الْوَهَّاب بن بخت، عَن مُحَمَّد بن عجلَان بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَالْأول أصح.
وَقَالَ أَيْضا: أخبرنَا أَبُو بكر بن إِسْحَاق، ثَنَا الْحسن بن مُوسَى، ثَنَا حَمَّاد ابْن سَلمَة، عَن يُوسُف بن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن عبد الله ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا حزبه أَمر قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْعَظِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْكَرِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَاوَات وَرب الأَرْض وَرب الْعَرْش الْعَظِيم، ثمَّ يَدْعُو ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الله بن دَاوُد، عَن عبد الْعَزِيز بن عمر، عَن هِلَال، عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، عَن ابْن جَعْفَر، عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس(3/548)
قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أعلمك كَلِمَات تقولينهن عِنْد الكرب أَو فِي الكرب: الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا هِلَال مولى عمر بن عبد الْعَزِيز، وَابْن جَعْفَر هُوَ عبد الله ابْن جَعْفَر.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ مثل حَدِيث أبي دَاوُد.
وَرَوَاهُ أَيْضا من طَرِيق هِلَال عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: " علمتني أُمِّي أَسمَاء بنت عُمَيْس شَيْئا أمرهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تَقوله عِنْد الكرب: الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا ". قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب. رَوَاهُ عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور، عَن أبي نعيم، عَن عبد الْعَزِيز بن عمر، عَن هِلَال.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا أَبُو عَامر، ثَنَا عبد الْجَلِيل بن عَطِيَّة، عَن جَعْفَر بن مَيْمُون، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دعوات المكروب: اللَّهُمَّ رحمتك أَرْجُو فَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طرفَة عين، وَأصْلح لي شأني كُله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا، ثَنَا عبيد بن مُحَمَّد، ثَنَا مُحَمَّد بن مهَاجر، حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سعد، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَلا أخْبركُم - أَو أحدثكُم - بِشَيْء إِذا نزل بِرَجُل مِنْكُم كرب أَو بلَاء من بلَاء الدُّنْيَا ودعا بِهِ فرج عَنهُ؟ فَقيل لَهُ: بلَى. قَالَ: دُعَاء ذِي النُّون: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا حميد بن مخلد، ثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا يُونُس بن أبي(3/549)
إِسْحَاق، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن سعد، عَن أَبِيه، عَن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دَعْوَة ذِي النُّون إِذْ دَعَا بهَا فِي بطن الْحُوت: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين. فَإِنَّهُ لن يَدْعُو بهَا مُسلم فِي شَيْء قطّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ ".
بَاب الدُّعَاء إِلَى الله والتوسل إِلَيْهِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن معمر، أَنا حبَان، ثَنَا حَمَّاد، أَنا أَبُو جَعْفَر، عَن عمَارَة بن خُزَيْمَة، عَن عُثْمَان بن حنيف " أَن رجلا أعمى أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي رجل أعمى فَادع الله أَن يشفيني. قَالَ: بل أدعك. قَالَ: بل ادْع الله لي - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا - قَالَ: تَوَضَّأ ثمَّ صل رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ قل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيي مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَبِي الرَّحْمَة، يَا مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى الله أَن يقْضِي لي حَاجَتي أَو حَاجَتي إِلَى فلَان أَو حَاجَتي فِي كَذَا كَذَا، اللَّهُمَّ اشفع فِي نبيي وشفعني فِي نَفسِي ".
فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث " فَرجع وَقد كشف لَهُ عَن بَصَره "، رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا عَن زَكَرِيَّا بن يحيى وَمُحَمّد بن الْمثنى، كِلَاهُمَا عَن معَاذ بن هِشَام، عَن [أبي] جَعْفَر، عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن عَمه " أَن أعمى أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... . " وَفِي الحَدِيث الأول زِيَادَة وَبَيَان.
بَاب التوسل إِلَى الله بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة فِي الدُّعَاء
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمسَيبِي، ثَنَا أنس - يَعْنِي ابْن عِيَاض(3/550)
أَبُو ضَمرَة - عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع، عَن عبد الله بن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: بَيْنَمَا ثَلَاث نفر يتمشون أَخذهم الْمَطَر فأووا إِلَى غَار فِي جبل، فانحطت على فَم غارهم صَخْرَة من الْجَبَل، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِم فَقَالَ بَعضهم لبَعض: انْظُرُوا أعمالاً عملتموها صَالِحَة لله - تَعَالَى - فَادعوا بهَا لَعَلَّه يفرجها عَنْكُم. فَقَالَ أحدهم: اللَّهُمَّ إِنَّه كَانَ لي والدن شَيْخَانِ كبيران وامرأتي ولي صبية صغَار أرعى عَلَيْهِم، فَإِذا أرحت عَلَيْهِم حلبت فَبَدَأت بوالدي فسقيتهما قبل بني، وَإِنِّي نأى بِي ذَات يَوْم الشّجر فَلم آتٍ حَتَّى أمسيت فوجدتهما قد نَامَا، فحلبت كَمَا كنت أحلب فَجئْت بالحلاب، فَقُمْت عِنْد رءوسهما أكره أَن أوقظهما من نومهما وأكره أَن أَسْقِي الصبية قبلهمَا، والصبية يتضاغون عِنْد قدمي فَلم يزل ذَلِك دأبي ودأبهم حَتَّى طلع الْفجْر، فَإِن كنت تعلم أَنِّي إِنَّمَا فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج لنا مِنْهَا فُرْجَة نرى مِنْهَا السَّمَاء. فَفرج الله مِنْهَا فُرْجَة فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاء، وَقَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِنَّه كَانَت لي ابْنة عَم أحببتها كأشد مَا يحب الرِّجَال النِّسَاء، فطلبت إِلَيْهَا نَفسهَا فَأَبت حَتَّى آتيها بِمِائَة دِينَار، فَبَقيت حَتَّى جمعت مائَة دِينَار فجئتها بهَا
فَلَمَّا وَقعت بَين رِجْلَيْهَا قَالَت: يَا عبد الله، اتَّقِ الله وَلَا تفتح الْخَاتم إِلَّا بِحقِّهِ. فَقُمْت عَنْهَا، فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج لنا مِنْهَا فُرْجَة. فَفرج لَهُم، وَقَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِنِّي كنت اسْتَأْجَرت أَجِيرا بفرق أرز فَلَمَّا قضى عمله، قَالَ: أَعْطِنِي حَقي، فعرضت عَلَيْهِ فرقه فَرغب عَنهُ، فَلم أزل أزرعه حَتَّى جمعت مِنْهُ بقرًا ورعاءها، فَجَاءَنِي فَقَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تظلمني حَقي. قلت: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقر ورعائها فَخذهَا. فَقَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تستهزئ بِي. فَقلت: إِنِّي لَا أستهزئ بك، خُذ تِلْكَ الْبَقر ورعاءها. فَأَخذه فَذهب بِهِ، فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج مَا بَقِي. فَفرج الله مَا بَقِي ".
وَلمُسلم فِي حَدِيث آخر: " فَخَرجُوا يَمْشُونَ ".(3/551)
بَاب فِي رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء عِنْد الدُّعَاء
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا يحيى بن بكير، عَن اللَّيْث بن سعد، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن عرَاك بن مَالك والأعرج، كِلَاهُمَا عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا ينتهين أنَاس عَن رفعهم أَبْصَارهم عِنْد الدُّعَاء إِلَى السَّمَاء حَتَّى تتخطف ".
رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث ابْن وهب، عَن اللَّيْث بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " فِي الصَّلَاة " وَلم يذكر فِي الْإِسْنَاد عرَاك بن مَالك.
بَاب فِي رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الدُّعَاء وَمسح الْوَجْه بهما بعده
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى وَإِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب وَغير وَاحِد قَالُوا: ثَنَا حَمَّاد بن عِيسَى الْجُهَنِيّ، عَن حَنْظَلَة، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أَبِيه، عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رفع يَدَيْهِ فِي الدُّعَاء لم يحطهما حَتَّى يمسح بهما وَجهه ".
قَالَ مُحَمَّد بن الْمثنى فِي حَدِيثه: " لم يردهما حَتَّى يمسح بهما وَجهه "، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح غَرِيب.
بَاب فِي الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفضلها
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح قَالَ: قَرَأت على عبد الله بن نَافِع، أَخْبرنِي ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجْعَلُوا بُيُوتكُمْ قبوراً، وَلَا تجْعَلُوا قَبْرِي عيداً، وصلوا عَليّ، فَإِن صَلَاتكُمْ تبلغني حَيْثُ كُنْتُم ". - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عبد الله بن نَافِع هُوَ الصَّائِغ.(3/552)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سعيد بن يحيى بن سعيد فِي حَدِيثه، عَن أَبِيه، عَن عُثْمَان ابْن حَكِيم، عَن خَالِد بن سَلمَة، عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ: سَأَلت زيد بن خَارِجَة قَالَ: " أَنا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: صلوا عَليّ واجتهدوا فِي الدُّعَاء، وَقُولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن أبي دَاوُد، ثَنَا أَبُو سَلمَة - وَهُوَ الْمُغيرَة بن مُسلم الْخُرَاسَانِي - عَن أبي إِسْحَاق، عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من ذكرت عِنْده فَليصل عَليّ، وَمن صلى عَليّ مرّة صلى الله عَلَيْهِ عشرا ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أخبرنَا عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد، أَنا ثَابت قَالَ: قدم علينا سُلَيْمَان مولى الْحسن بن عَليّ زمن الْحجَّاج فحدثنا، عَن عبد الله ابْن أبي طَلْحَة، عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ ذَات يَوْم والبشرى فِي وَجهه، فَقُلْنَا: إِنَّا لنرى الْبُشْرَى فِي وَجهك. قَالَ: إِنَّه أَتَانِي الْملك فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن رَبك - عز وَجل - يَقُول: أما يرضيك أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا، وَلَا يسلم عَلَيْك أحد إِلَّا سلمت عَلَيْهِ عشرا ".(3/553)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الحميد بن [مُحَمَّد] ، ثَنَا مخلد بن يزِيد، ثَنَا يُونُس - هُوَ ابْن إِسْحَاق - عَن بريد بن أبي مَرْيَم الْبَصْرِيّ قَالَ: كنت أزامل الْحسن ابْن أبي الْحسن فِي مُحَمَّد، فَقَالَ: ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى عَليّ صَلَاة وَاحِدَة؛ صلى الله عَلَيْهِ عشر صلوَات، وَحط عَنهُ عشر خطيئات ".
أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا يُونُس، بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله من قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَزَاد: " وَرَفعه بهَا عشر دَرَجَات ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث، ثَنَا وَكِيع، عَن سعيد - وَهُوَ ابْن سعيد - عَن سعيد بن عُمَيْر، عَن أَبِيه - وَكَانَ بَدْرِيًّا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى عَليّ من أمتِي صَلَاة مخلصاً من قلبه، صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشر صلوَات، وَرَفعه بهَا عشر دَرَجَات، وَكتب لَهُ بهَا عشر حَسَنَات، ومحا عَنهُ عشر سيئات ".
رَوَاهُ أَبُو أُسَامَة، عَن سعيد بن سعيد، عَن سعيد بن عُمَيْر بن عقبَة بن نيار، عَن عَمه أبي بردة بن نيار قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر نَحوه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة، حَدثنِي مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي، حَدثنِي عبد الله بن كيسَان، أَن عبد الله بن شَدَّاد أخبرهُ، عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عبد الْوَهَّاب بن عبد الحكم، أَنا معَاذ بن معَاذ، عَن سُفْيَان بن سعيد.(3/554)
وَأخْبرنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق، عَن سُفْيَان، عَن عبد الله بن السَّائِب، عَن زَاذَان، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لله مَلَائِكَة سياحين يبلغوني من أمتِي السَّلَام ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، عَن عبد الله بن السَّائِب، عَن زَاذَان، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَحدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا جرير، عَن حُسَيْن الخلقاني، عَن عبد الله ابْن السَّائِب، [عَن] زَاذَان، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لله مَلَائِكَة سياحين يبلغوني عَن أمتِي السَّلَام " قَالَ حُسَيْن فِي حَدِيثه: " إِن لله مَلَائِكَة يطوفون فِي الطَّرِيق يبلغوني عَن أمتِي السَّلَام ".
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن سُفْيَان، عَن عبد الله بن السَّائِب، عَن زَاذَان، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن لله مَلَائِكَة سياحين يبلغوني من أمتِي السَّلَام. قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: حَياتِي خير لكم تحدثون ونحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض على أَعمالكُم فَمَا رَأَيْت من خير حمدت الله، وَمَا رَأَيْت من شَرّ استغفرت الله لكم ".
وَهَذَا الحَدِيث آخِره لَا نعلم يرْوى عَن عبد الله إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا وَكِيع، عَن شُعْبَة، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى عَليّ لم تزل الْمَلَائِكَة تصلي عَلَيْهِ مَا دَامَ يُصَلِّي عَليّ، فَلْيقل العَبْد من ذَلِك أَو يكثر ".(3/555)
بَاب مَا جَاءَ فِي ترك الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن الْخَلِيل، ثَنَا خَالِد - وَهُوَ ابْن مخلد الْقَطوَانِي - ثَنَا سُلَيْمَان - يَعْنِي ابْن بِلَال - ثَنَا عمَارَة بن غزيَّة، قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَليّ ابْن حُسَيْن يحدث، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْبَخِيل من ذكرت عِنْده ثمَّ لم يصل عَليّ ". - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: عَن يحيى بن مُوسَى وَزِيَاد بن أَيُّوب، كِلَاهُمَا عَن أبي عَامر الْعَقدي، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، ثَنَا ربعي بن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رغم أنف رجل ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ، وَرَغمَ أنف رجل دخل رَمَضَان ثمَّ انْسَلَخَ قبل أَن يغْفر لَهُ، وَرَغمَ أنف رجل أدْرك [عِنْده] أَبَوَاهُ الْكبر فَلم يدْخلَاهُ الْجنَّة ". قَالَ عبد الرَّحْمَن: وَأَظنهُ قَالَ: " أَو أَحدهمَا ".
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن جَابر وَأنس، وَهَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، ورِبْعِي بن إِبْرَاهِيم هُوَ أَخُو إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان عَن صَالح مولى التوءمة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا الله فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم ترة، فَإِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ غفر لَهُم ".(3/556)
قَالَ: هَذَا حَدِيث (حسن) .
وَقَالَ: ثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوب، ثَنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْأَغَر أَبَا مُسلم قَالَ: " أشهد على أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا شَهدا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... . " فَذكر مثله.
أَبُو بكر الشَّافِعِي: حَدثنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن مسلمة الوَاسِطِيّ، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، عَن ذكْوَان، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يجلس قوم مَجْلِسا لَا يصلونَ فِيهِ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم حسرة وَإِن دخلُوا الْجنَّة لما يرَوْنَ من الثَّوَاب ".
بَاب كَيْفيَّة الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن يحيى بن سعيد، ثَنَا أبي، ثَنَا مسعر، عَن الحكم، عَن ابْن أبي ليلى، عَن كَعْب بن عجْرَة قيل: " يَا رَسُول الله، أما السَّلَام عَلَيْك فقد عَرفْنَاهُ، فَكيف الصَّلَاة؟ قَالَ: قَالُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد [وعَلى آل مُحَمَّد] كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، حَدثنِي ابْن الْهَاد، عَن عبد الله بن خباب، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، هَذَا(3/557)
التَّسْلِيم، فَكيف نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: قَالُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك، كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم ".
ثَنَا إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة، ثَنَا ابْن أبي حَازِم والدراوردي، عَن يزِيد وَقَالَ: " كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم ".
قَالَ أَبُو صَالح عَن اللَّيْث: " على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على
آل إِبْرَاهِيم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا مجمع بن يحيى، عَن عُثْمَان بن موهب، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه قَالَ: " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: قَالُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد [وعَلى آل مُحَمَّد] كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا حَاجِب بن سُلَيْمَان، ثَنَا ابْن أبي فديك، ثَنَا دَاوُد بن قيس، عَن نعيم بن عبد الله المجمر، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، كَيفَ نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد، وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم ".
قد تقدم فِي كتاب الصَّلَاة من هَذَا جملَة شافية وَالْحَمْد لله.(3/558)
بَاب جمل من دُعَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - واستعاذاته وَمِمَّا كَانَ يرغب فِيهِ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عمرَان الثَّعْلَبِيّ، ثَنَا زيد بن حباب، عَن مَالك بن مغول، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ، عَن أَبِيه قَالَ: " سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا يَدْعُو وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِأَنِّي أشهد أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْأَحَد الصَّمد، الَّذِي لم يلد وَلم يُولد، وَلم يكن لَهُ كفوا أحد. فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لقد سَأَلَ الله باسمه الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب، وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى " قَالَ زيد: فَذَكرته لزهير بن مُعَاوِيَة [بعد ذَلِك بسنين] ، فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق، عَن مَالك بن مغول، قَالَ زيد: ثمَّ ذكرته لِسُفْيَان الثَّوْريّ، فَحَدثني عَن مَالك.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
البُخَارِيّ [حَدثنَا خَالِد بن مخلد] حَدثنَا سُلَيْمَان، حَدثنِي عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن، وَالْعجز والكسل، وَالْبخل والجبن، وضلع الدَّين، وغلبه الرِّجَال ".
مُسلم: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن دِينَار، ثَنَا أَبُو قطن عَمْرو (بن) الْهَيْثَم(3/559)
الْقطعِي، عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون، عَن قدامَة بن مُوسَى، عَن أبي صَالح السمان، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " اللَّهُمَّ أصلح لي ديني الَّذِي هُوَ عصمَة أَمْرِي، وَأصْلح لي دنياي الَّتِي فِيهَا معاشي، وَأصْلح لي آخرتي الَّتِي فِيهَا معادي، وَاجعَل الْحَيَاة زِيَادَة لي فِي كل خير، وَاجعَل الْمَوْت رَاحَة لي من كل شَرّ ".
مُسلم: حَدثنِي عبيد الله بن عبد الْكَرِيم أَبُو زرْعَة، حَدثنَا ابْن بكير، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: " كَانَ من دُعَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من زَوَال نِعْمَتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وَجَمِيع سخطك ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن عَاصِم، عَن عبد الله بن الْحَارِث، وَعَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: [لَا] أَقُول لكم إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من [الْعَجز و] الكسل، والهم والجبن وَالْبخل، والهرم وَعَذَاب الْقَبْر، اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقواها، وزكها أَنْت خير من زكاها، أَنْت وَليهَا ومولاها، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع، وَمن قلب لَا يخشع، وَمن نفس لَا تشبع، وَمن دَعْوَة لَا يُسْتَجَاب لَهَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا يحيى بن آدم، عَن أبي بكر بن عَيَّاش، عَن الْأَعْمَش، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن زُهَيْر بن الْأَقْمَر، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من قلب لَا يخشع، وَدُعَاء لَا يسمع، وَمن نفس لَا تشبع، وَمن علم لَا ينفع،(3/560)
أعوذ بك من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَع ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن هِشَام بن عَمْرو الْفَزارِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، عَن عَليّ بن أبي طَالب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول فِي وتره: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك، وَأَعُوذ بمعافاتك من عُقُوبَتك، وَأَعُوذ بك مِنْك لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك، أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من حَدِيث عَليّ، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا ابْن ادريس، سَمِعت عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أبي بردة، عَن عَليّ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قل: اللَّهُمَّ اهدني وسددني، وَاذْكُر بِالْهدى هدايتك الطَّرِيق، والسداد سداد السهْم ".
قَالَ مُسلم: وثنا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْهدى والتقى والعفاف والغنى ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا ابْن علية، وَأَنا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز(3/561)
والكسل [والجبن] والهرم وَالْبخل، وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الْخطاب زِيَاد بن يحيى الحساني، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي عدي، عَن حميد، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَاد رجلا من الْمُسلمين، قد خفت فَصَارَ مثل الفرخ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل كنت تَدْعُو الله بِشَيْء أَو تسأله إِيَّاه؟ قَالَ: نعم، كنت أَقُول: اللَّهُمَّ مَا كنت معاقبي بِهِ فِي الْآخِرَة فعجله لي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: سُبْحَانَ الله لَا تُطِيقهُ - أَو لَا تستطيعه - أَفلا قلت: اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار. قَالَ: فَدَعَا الله لَهُ فشفاه ".
وَفِي لفظ آخر لمُسلم - رَحمَه الله -: " لَا طَاقَة لَك بِعَذَاب الله " رَوَاهُ أَيْضا من طَرِيق أنس.
قَالَ مُسلم: وثنا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي ابْن علية - عَن عبد الْعَزِيز - وَهُوَ ابْن صُهَيْب - قَالَ: " سَأَلَ قَتَادَة أنسا: أَي دَعْوَة كَانَ يَدْعُو بهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَكثر؟ قَالَ: كَانَ أَكثر دَعْوَة يَدْعُو بهَا يَقُول: اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الآخر حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار. قَالَ: وَكَانَ أنس إِذا أَرَادَ أَن يَدْعُو بدعوة دَعَا بهَا، فَإِن أَرَادَ أَن يَدْعُو بِدُعَاء دَعَا بهَا فِيهِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل الجحدري، ثَنَا عبد الْوَاحِد، ثَنَا أَبُو مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلم من أسلم: اللَّهُمَّ اغْفِر لي(3/562)
وارحمني واهدني وارزقني ".
مُسلم: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا أَبُو مَالك، عَن أَبِيه، أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وَعَافنِي وارزقني - وَيجمع أَصَابِعه إِلَّا الْإِبْهَام - قَالَ: فَإِن هَؤُلَاءِ تجمع لَك دنياك وآخرتك ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن أبي بكر " أَنه قَالَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَلمنِي دُعَاء أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتي. قَالَ: قل: اللَّهُمَّ إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كَبِيرا - وَقَالَ قُتَيْبَة: كثيرا - وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، فَاغْفِر لي مغْفرَة من عنْدك، وارحمني إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم ".
وحدثنيه أَبُو الطَّاهِر، أَنا عبيد الله بن وهب، أَخْبرنِي رجل سَمَّاهُ وَعَمْرو بن الْحَارِث، عَن يزِيد بن أبي حبيب بِهَذَا الْإِسْنَاد مثل حَدِيث اللَّيْث غير أَنه قَالَ: " أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتي وَفِي بَيْتِي " وَقَالَ: " ظلما كثيرا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي بكر - قَالَا: ثَنَا ابْن نمير، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَدْعُو بهؤلاء الدَّعْوَات: اللَّهُمَّ وَإِنِّي أعوذ بك من فتْنَة النَّار، وفتنة الْقَبْر، وَعَذَاب الْقَبْر، وَمن شَرّ فتْنَة الْغنى، وَمن شَرّ فتْنَة الْفقر، وَأَعُوذ بك من شَرّ فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال، اللَّهُمَّ اغسل خطاياي بِمَاء الثَّلج وَالْبرد، ونق قلبِي من الْخَطَايَا كَمَا نقيت الثَّوْب الْأَبْيَض(3/563)
من الدنس، وباعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم والمأثم ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو بكر بن نَافِع الْعَبْدي، ثَنَا بهز بن أَسد الْعمي ثَنَا هَارُون الْأَعْوَر، ثَنَا شُعَيْب بن الحبحاب، عَن أنس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو بهؤلاء الدَّعْوَات: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل وَالْبخل، وأرذل الْعُمر، وَعَذَاب الْقَبْر، وفتنة الْمحيا وَالْمَمَات ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، قَالَ: حَدثنِي سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يتَعَوَّذ من سوء الْقَضَاء، وَمن دَرك الشَّقَاء، وشماتة الْأَعْدَاء، وَمن جهد الْبلَاء ".
قَالَ عَمْرو فِي حَدِيثه: قَالَ سُفْيَان: أَشك أَنِّي زِدْت وَاحِدَة مِنْهَا.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا سُفْيَان، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تعوذوا بِاللَّه من جهد الْبلَاء، ودرك الشَّقَاء، وَسُوء الْقَضَاء، وشماتة الْأَعْدَاء ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن حُصَيْن، عَن هِلَال، عَن فَرْوَة بن نَوْفَل قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة عَن دُعَاء كَانَ يَدْعُو بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا عملت، وَمن شَرّ مَا لم أعمل ".(3/564)
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شعْبَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى، عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء: اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني، اللَّهُمَّ اغْفِر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذَلِك عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت، وَمَا أسررت وَمَا أعلنت، وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني، أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر، وَأَنت على كل شَيْء قدير ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي، عَن كهمس بن الْحسن، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " قلت: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن علمت أَي لَيْلَة لَيْلَة الْقدر مَا أَقُول فِيهَا؟ قَالَ: قولي: اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عني ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا عُبَيْدَة بن حميد، عَن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، عَلمنِي شَيْئا أسأله الله - عز وَجل - فَقَالَ: سلوا الله الْعَافِيَة. فَمَكثَ أَيَّامًا ثمَّ جِئْت فَقلت: يَا رَسُول الله، عَلمنِي شَيْئا أسأله الله - عز وَجل - فَقَالَ: يَا عَبَّاس، يَا عَم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سلوا الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَعبد الله بن الْحَارِث قد سمع من الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مَحْمُود بن خَالِد، ثَنَا الْوَلِيد - هُوَ ابْن مُسلم - حَدثنِي أَبُو(3/565)
جَابر قَالَ: حَدثنِي سليم بن عَامر قَالَ: سَمِعت أَوسط البَجلِيّ يَقُول: سَمِعت أَبَا بكر يَقُول: " قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام أول فبأبي وَأمي هُوَ، ثمَّ خنقته الْعبْرَة ثمَّ عَاد فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الأول يَقُول: سلوا الله - عز وَجل - الْعَفو والعافية والمعافاة، فَإِنَّهُ مَا أُوتِيَ عبد بعد يَقِين خيرا من معافاة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن عِيسَى، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، ثَنَا سَلمَة بن وردان، عَن أنس " أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَي الدُّعَاء أفضل؟ قَالَ: سل رَبك الْعَافِيَة والمعافاة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. ثمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْم الثَّانِي فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَي الدُّعَاء أفضل؟ قَالَ لَهُ مثل ذَلِك، ثمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْم الثَّالِث، فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك، قَالَ: فَإِذا أَعْطَيْت الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وأعطيتها فِي الْآخِرَة فقد أفلحت ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن من هَذَا الْوَجْه، إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث سَلمَة بن وردان.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن عَمْرو بن مرّة [عَن عبد الله بن الْحَارِث] عَن طليق بن قيس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو بقول: رب أَعنِي وَلَا تعن عَليّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تنصر عَليّ، وامكر لي وَلَا تَمْكُر عَليّ، واهدني وَيسر الْهدى لي، وَانْصُرْنِي على من بغى عَليّ، رب اجْعَلنِي لَك شكاراً، لَك ذكاراً، لَك رهاباً، لَك مطواعاً، لَك مخبتاً، لَك أواهاً منيباً، رب تقبل تَوْبَتِي، واغسل حوبتي، وأجب دَعْوَتِي، وَثَبت حجتي، وسدد لساني، واهد قلبِي، واسلل سخيمة صَدْرِي ".(3/566)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أبي جَعْفَر الخطمي، عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ، عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ ارزقني حبك وَحب من يَنْفَعنِي حبه عنْدك، اللَّهُمَّ مَا رزقتني مِمَّا أحب فاجعله لي قُوَّة فِيمَا تحب، اللَّهُمَّ وَمَا زويت عني مِمَّا أحب فاجعله لي قُوَّة فِيمَا تحب ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَأَبُو جَعْفَر الخطمي اسْمه (عُمَيْر ابْن يزِيد) بن خشامة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن مُحَمَّد بن سعد الْأنْصَارِيّ، عَن عبد الله بن ربيعَة الدِّمَشْقِي، حَدثنِي عَائِذ الله أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ من دُعَاء دَاوُد يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك حبك، وَحب من يحبك، وَالْعَمَل الَّذِي يبلغنِي حبك، اللَّهُمَّ اجْعَل حبك أحب إِلَيّ من نَفسِي وَأَهلي وَمن المَاء الْبَارِد. قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا ذكر دَاوُد يحدث عَنهُ قَالَ: كَانَ أعبد الْبشر ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا سُلَيْمَان - يَعْنِي ابْن حَرْب - ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سعيد الْجريرِي، عَن أبي الْعَلَاء، عَن شَدَّاد بن أَوْس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول فِي صلَاته: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الثَّبَات فِي الْأَمر، والعزيمة على الرشد، وَأَسْأَلك شكر نِعْمَتك، وَحسن عبادتك، وَأَسْأَلك قلباً سليما، وَلِسَانًا صَادِقا، وَأَسْأَلك خير مَا تعلم، وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا تعلم، وأستغفرك لما تعلم ".(3/567)
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: عَن أبي الْعَلَاء، عَن رجل، عَن شَدَّاد.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا تَمِيم بن الْمُنْتَصر، أَنا إِسْحَاق - يَعْنِي ابْن يُوسُف - عَن شريك، عَن جَامع، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ يعلمنَا كَلِمَات: اللَّهُمَّ ألف بَين قُلُوبنَا، وَأصْلح ذَات بَيْننَا، واهدنا سبل السَّلَام، ونجنا من الظُّلُمَات إِلَى النُّور، وجنبنا الْفَوَاحِش مَا ظهر منا وَمَا بطن، وَبَارك لنا فِي أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وَأَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا، وَتب علينا إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بهَا قابليها، وأتممها علينا ".
زَاد أَبُو بكر الْبَزَّار: بعد قَوْله: أتممها علينا يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ ".
رَوَاهُ عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الْجُنَيْد، عَن عَليّ بن حَكِيم الأودي، عَن شريك بِإِسْنَاد أبي دَاوُد.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا عَطاء بن السَّائِب، عَن أَبِيه قَالَ: " صلى بِنَا عمار بن يَاسر صَلَاة فأوجز فِيهَا، فَقَالَ بعض الْقَوْم: لقد خففت أَو أوجزت الصَّلَاة. قَالَ: أما على ذَلِك فقد دَعَوْت فِيهَا بدعوات سَمِعتهنَّ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَلَمَّا قَامَ تبعه رجل من الْقَوْم - هُوَ أبي غير أَنه كنى عَن نَفسه - فَسَأَلَهُ عَن الدُّعَاء، ثمَّ جَاءَ فَأخْبر بِهِ الْقَوْم: اللَّهُمَّ بعلمك الْغَيْب وقدرتك عَليّ الْخلق، أحيني مَا علمت الْحَيَاة خيرا لي، وتوفني إِذا علمت الْوَفَاة خيرا لي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلك خشيتك - يَعْنِي فِي الْغَيْب وَالشَّهَادَة - وَأَسْأَلك كلمة الحكم فِي الرِّضَا وَالْغَضَب، وَأَسْأَلك الْقَصْد فِي الْفقر والغنى، وَأَسْأَلك نعيماً لَا يبيد، وَأَسْأَلك قُرَّة عين لَا تَنْقَطِع، وَأَسْأَلك الرِّضَا بعد الْقَضَاء، وَأَسْأَلك برد الْعَيْش بعد الْمَوْت، وَأَسْأَلك لَذَّة النّظر إِلَى وَجهك والشوق إِلَى لقائك فِي غير ضراء مضرَّة وَلَا فتْنَة مضلة، اللَّهُمَّ زينا بزينة الْإِيمَان، واجعلنا هداة مهتدين ".(3/568)
فِي لفظ آخر: " وَأَسْأَلك كلمة الْإِخْلَاص فِي الرِّضَا وَالْغَضَب، قَالَ: وَأَسْأَلك خشيتك فِي الْغَيْب وَالشَّهَادَة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا زِيَاد بن أَيُّوب، ثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، حَدثنِي عبد الْوَاحِد ابْن أَيمن، حَدثنِي عبيد بن رِفَاعَة الزرقي، عَن أَبِيه قَالَ: " لما كَانَ يَوْم أحد انكفأ الْمُشْركُونَ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْتَووا واثبتوا حَتَّى أثني على رَبِّي. فاستووا خَلفه صُفُوفا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد لَا قَابض لما بسطت، وَلَا باسط لما قبضت، وَلَا هادي لمن أضللت، وَلَا مضل لمن هديت، وَلَا معطي لما منعت، وَلَا مَانع لما أَعْطَيْت، وَلَا مقرب لما باعدت، وَلَا مباعد لما قربت، اللَّهُمَّ ابْسُطْ علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك النَّعيم الْمُقِيم يَوْم الْقِيَامَة، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا أَعطيتنَا وَمن شَرّ مَا منعتنا، اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الْإِيمَان وزينه فِي قُلُوبنَا، وَكره إِلَيْنَا الْكفْر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الرَّاشِدين، اللَّهُمَّ توفنا مُسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا وَلَا مفتونين، اللَّهُمَّ قَاتل الْكَفَرَة (أهل الْكتاب) الَّذين يكذبُون رسلك، اللَّهُمَّ اجْعَل علينا رجزك وعذابك، اللَّهُمَّ قَاتل كفرة أهل الْكتاب ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: عَن زِيَاد بن أَيُّوب بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ فِيهِ: " اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كُله "، وَقَالَ أَيْضا فِي آخِره: " اللَّهُمَّ قَاتل الْكَفَرَة الَّذين يكذبُون رسلك، ويصدون عَن سَبِيلك، فَاجْعَلْ عَلَيْهِم رجزك وعذابك إِلَه (الْخلق) آمين ".
الْبَزَّار: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا دَاوُد بن (عبد الحميد) ، ثَنَا(3/569)
عَمْرو بن قيس، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أصبح وطلعت الشَّمْس قَالَ: اللَّهُمَّ أَصبَحت وَشهِدت بِمَا شهِدت بِهِ على نَفسك، وأشهدت ملائكتك وَحَملَة عرشك، فَإنَّك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت قَائِما بِالْقِسْطِ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم، اكْتُبْ شهادتي مَعَ شَهَادَة ملائكتك وأولي الْعلم، وَمن لم يشْهد بِمثل مَا شهِدت فَاكْتُبْ شهادتي مَكَان شَهَادَته، اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام وَإِلَيْك السَّلَام، أَسأَلك يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام أَن تَسْتَجِيب لنا دَعوتنَا، وَأَن تُعْطِينَا رغبتنا، وَأَن تغنينا عَمَّن أغنيته عَنَّا من خلقك، اللَّهُمَّ أصلح لي ديني الَّذِي هُوَ عصمَة أَمْرِي، وَأصْلح لي دنياي الَّتِي فِيهَا معاشي، وَأصْلح لي آخرتي الَّتِي إِلَيْهَا منقلبي ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن أبي سعيد بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَإِن كَانَ قد رُوِيَ بعضه من غير وَجه.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا محَاضِر أَبُو الْمُودع، عَن عَاصِم، عَن عَوْسَجَة عَن عبد الله بن أبي الهزيل، عَن أبي مَسْعُود، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ أَحْسَنت خلقي فَأحْسن خلقي ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد، عَن أبي عُثْمَان قَالَ: قَالَت عَائِشَة: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من الَّذين إِذا أَحْسنُوا اسْتَبْشَرُوا، وَإِذا أساءوا اسْتَغْفرُوا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا عبد الْملك - هُوَ ابْن عُمَيْر - عَن مُصعب - هُوَ ابْن سعد - قَالَ: " كَانَ سعد يَأْمر بِخمْس ويذكرهن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَأْمر بِهن: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْبُخْل، وَأَعُوذ بك من الْجُبْن، وَأَعُوذ(3/570)
بك أَن أرد إِلَى أرذل الْعُمر، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الدُّنْيَا - يَعْنِي فتْنَة الدَّجَّال - وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد الله بن عمر، حَدثنِي مكي بن إِبْرَاهِيم، حَدثنِي عبد الله بن سعيد، عَن صَيْفِي مولى أَفْلح مولى أبي أَيُّوب، عَن أبي الْيُسْر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَدْعُو: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهدم وَأَعُوذ بك من التردي وَمن الْغَرق والحرق والهرم، وَأَعُوذ بك من أَن يتخبطني الشَّيْطَان عِنْد الْمَوْت، وَأَعُوذ بك أَن أَمُوت فِي سَبِيلك مُدبرا، وَأَعُوذ بك أَن أَمُوت لديغاً ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ من الْجُبْن وَالْبخل، وَسُوء الْعُمر، وفتنة الصَّدْر، وَعَذَاب الْقَبْر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، أَنا إِسْحَاق بن عبد الله،
عَن سعيد بن يسَار، عَن أ [ي هُرَيْرَة أَن النَّبِي
كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ
بك من الْفقر [والقلة] والذلة، وَأَعُوذ بك من أَن أظلم أَو أظلم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان [ثَنَا بَقِيَّة] ثَنَا ضبارة بن عبد الله بن أبي السَّلِيل، عَن دويد بن نَافِع قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالح السمان قَالَ: ثَنَا أَبُو(3/571)
هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَدْعُو: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من النِّفَاق والشقاق وَسُوء الْأَخْلَاق ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من البرص وَالْجُنُون والجذام، وَمن سيئ الأسقام ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، ثَنَا سعد بن أَوْس، عَن بِلَال بن يحيى الْعَبْسِي، عَن شُتَيْر بن شكل، عَن أَبِيه شكل بن حميد قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، عَلمنِي تعوذاً أتعوذ بِهِ، قَالَ: فَأخذ (بكفي) فَقَالَ: قل: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ سَمْعِي، وَمن شَرّ بَصرِي، وَمن شَرّ لساني، وَمن شَرّ قلبِي، وَمن شَرّ منيي - يَعْنِي فرجه ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا أَحْمد بن بشير وَأَبُو أُسَامَة، عَن مسعر، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن عَمه قَالَ: كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من مُنكرَات الْأَخْلَاق والأعمال والأهواء ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَعم زِيَاد هُوَ قُطْبَة بن مَالك صَاحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن دَاوُد الْقَنْطَرِي - وَهُوَ أَخُو عَليّ بن دَاوُد - ثَنَا آدم، ثَنَا شَيبَان، عَن قَتَادَة، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْجُنُون والجذام والبرص، والمأثم والمغرم، والصمم والبكم، وَأَعُوذ بك من أَن أَمُوت لديغا ".(3/572)
قَالَ أَبُو بكر: وَذكر خِصَالًا نسيتهَا.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد، عَن أَبِيه، قَالَ سعيد: حَدثنِي عبد الله بن الْوَلِيد، عَن [عبد الله بن] عبد الرَّحْمَن بن حجيرة، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَا سلمَان الْخَيْر فَقَالَ: إِن نَبِي الله يُرِيد أَن يمنحك كَلِمَات تسألهن الرَّحْمَن، وترغب إِلَيْهِ فِيهِنَّ، وَتَدْعُو بِهن فِي اللَّيْل وَالنَّهَار، قل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك صِحَة فِي إِيمَان، وإيماناً فِي خلق حسن، ونجاحاً يتبعهُ فلاح، وَرَحْمَة مِنْك وعافية، ومغفرة مِنْك ورضواناً ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، حَدثنِي دَاوُد الطفَاوِي، عَن أبي مُسلم البَجلِيّ، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو فِي دبر الصَّلَاة يَقُول: اللَّهُمَّ رَبنَا وَرب كل شَيْء، أَنا شَهِيد أَنَّك الرب وَحدك لَا شريك لَك، اللَّهُمَّ رَبنَا وَرب كل شَيْء أَنا شَهِيد أَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك، اللَّهُمَّ رَبنَا وَرب كل شَيْء اجْعَلنِي مخلصاً لَك وَأَهلي فِي كل سَاعَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام اسْمَع واستجب، الله الْأَكْبَر الْأَكْبَر، الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض، الله الْأَكْبَر الْأَكْبَر، حسبي الله وَنعم الْوَكِيل، الله الْأَكْبَر الْأَكْبَر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان بن دَاوُد، ثَنَا عبد الله بن عبد الحكم، أَنا بكر، عَن عبيد الله بن زحر، عَن خَالِد بن أبي عمرَان، عَن نَافِع قَالَ: " كَانَ ابْن عمر إِذا جلس مَجْلِسا لم يقم حَتَّى يَدْعُو لجلسائه بِهَذِهِ الْكَلِمَات، وَزعم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَدْعُو بِهن لجلسائه: اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا من خشيتك مَا تحول بِهِ بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك، وَمن طَاعَتك مَا تبلغنَا بِهِ جنتك، وَمن الْيَقِين مَا تهون علينا بِهِ مصائب الدُّنْيَا، اللَّهُمَّ أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، واجعله الْوَارِث(3/573)
منا، وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا، وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا، وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا، وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا أكبر هَمنَا وَلَا مبلغ علمنَا، وَلَا تسلط علينا من لَا يَرْحَمنَا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان، ثَنَا بهز بن أَسد، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن ابْن أبي ليلى، عَن صُهَيْب قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى هَمس شَيْئا وَلَا يخبرنا بِهِ، قَالَ: أفطنتم لي؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: ذكرنَا نَبيا من الْأَنْبِيَاء أعطي جُنُودا من قومه، فَقَالَ: من يُكَافِئ هَؤُلَاءِ أم من يقوم لَهُم؟ - قَالَ سُلَيْمَان [كلمة] شَبيهَة بِهَذِهِ - فَقيل لَهُ: اختر لقَوْمك بَين إِحْدَى ثَلَاث: بَين أَن أسلط عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم أَو الْجُوع أَو الْمَوْت، قَالُوا: أَنْت نَبِي الله كل ذَلِك إِلَيْك، فَخر لنا. فَقَالَ فِي صلَاته - وَكَانُوا إِذا فزعوا فزعوا إِلَى الصَّلَاة - فَقَالَ: أما عدوا من غَيرهم فَلَا، وَأما الْجُوع فَلَا وَلَكِن الْمَوْت. فَسلط عَلَيْهِم ثَلَاثَة أَيَّام فَمَاتَ سَبْعُونَ ألفا، فَالَّذِي ترَوْنَ أَنِّي أَقُول: رَبِّي بك أقَاتل وَبِك أصاول، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بك ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن سُلَيْمَان، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن مَنْصُور، عَن ربعي، عَن عمرَان بن حُصَيْن، عَن أَبِيه قَالَ: " أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، عبد الْمطلب خير لقَوْمك مِنْك كَانَ يُطعمهُمْ الكبد والسنام، وَأَنت تنحرهم. قَالَ: فَقَالَ مَا شَاءَ الله. قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ أَن ينْصَرف، قَالَ: مَا أَقُول؟ قَالَ: قل: اللَّهُمَّ قني شَرّ نَفسِي، واعزم لي على رشد أَمْرِي. فَانْطَلق وَلم يكن أسلم، ثمَّ إِنَّه أسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت أَتَيْتُك فَقلت: عَلمنِي، قلت: قل اللَّهُمَّ قني شَرّ نَفسِي، واعزم لي على رشد أَمْرِي فَمَا أَقُول الْآن حِين
أسلمت؟ قَالَ: قل: اللَّهُمَّ قني شَرّ نَفسِي، وإعزم لي على رشد أَمْرِي، اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا أسررت وَمَا أعلنت، وَمَا أَخْطَأت وَمَا عَمَدت، وَمَا علمت وَمَا جهلت ".(3/574)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد، ثَنَا شُرَيْح بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ، أَخْبرنِي شُعَيْب، حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا استفتح الصَّلَاة كبر ثمَّ قَالَ: إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ، وَبِذَلِك أمرت وَأَنا أول الْمُسلمين، اللَّهُمَّ اهدني لأحسن الْأَعْمَال وَأحسن الْأَخْلَاق لَا يهدي لأحسنها إِلَّا أَنْت، وقني سيئ الْأَعْمَال وسيئ الْأَخْلَاق لَا يقي سيئها إِلَّا أَنْت ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: هُوَ حَدِيث حمصي رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ إِلَى مَكَّة.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة، ثَنَا خلف - يَعْنِي ابْن خَليفَة - عَن حَفْص - يَعْنِي ابْن أخي أنس - عَن أنس قَالَ: " كنت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسا وَرجل قَائِم يُصَلِّي فَلَمَّا ركع وَسجد وَتشهد؛ دَعَا فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِأَن لَك الْحَمد لَا إِلَه أَنْت المنان بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض، يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام، يَا حَيّ يَا قيوم، إِنِّي أَسأَلك. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تَدْرُونَ بِمَا دَعَا؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد دَعَا باسمه الْعَظِيم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب، وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى ".
حَفْص هُوَ ابْن عمر بن عبد الله بن أبي طَلْحَة أَخُو أنس لأمه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن مَالك بن مغول، ثَنَا عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمع رجلا يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِأَنِّي أشهد أَنَّك أَنْت الله لَا إِلَه أَنْت، الْأَحَد الصَّمد، الَّذِي لم يلد وَلم يُولد، وَلم يكن لَهُ كفوا أحد. فَقَالَ: لقد سَأَلت الله - عز وَجل - بِالِاسْمِ الَّذِي إِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى،(3/575)
وَإِذا دعِي بِهِ أجَاب ".
وثنا عبد الرَّحْمَن بن خَالِد الرقي، ثَنَا زيد بن حباب، حَدثنِي مَالك بن مغول بِهَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " لقد سَأَلَ الله - عز وَجل - باسمه الْأَعْظَم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا سُلَيْمَان بن أبي مُسلم عَن طَاوس، سمع ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ من اللَّيْل يتهجد قَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت قيم السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمد لَك ملك السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمد أَنْت الْحق وَوَعدك الْحق، ولقاؤك الْحق، وقولك حق، وَالْجنَّة حق، وَالنَّار حق، والنبيون حق، وَمُحَمّد حق، والساعة حق، اللَّهُمَّ لَك أسلمك، وَبِك آمَنت، وَعَلَيْك توكلت، وَإِلَيْك أنبت، وَبِك خَاصَمت، وَإِلَيْك حاكمت، فَاغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت، وَمَا أسررت وَمَا أعلنت، أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت - أَو لَا إِلَه غَيْرك ".
قَالَ سُفْيَان: وَزَاد عبد الْكَرِيم أَبُو أُميَّة: " وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه " قَالَ سُفْيَان: قَالَ سُلَيْمَان بن أبي مُسلم: سَمعه من طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا سُفْيَان بِإِسْنَاد البُخَارِيّ نَحوه قَالَ فِيهِ: " وَلَك الْحَمد أَنْت ملك السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ " وَقَالَ فِي آخِره: " وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه " وَلم يذكر عبد الْكَرِيم أَبَا أُميَّة.(3/576)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا جرير، عَن مَنْصُور، عَن هِلَال ابْن يسَاف، عَن فَرْوَة بن نَوْفَل قَالَ: " قلت لعَائِشَة: حدثيني بِشَيْء كَانَ يَدْعُو بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صلَاته. فَقَالَت: نعم، كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا عملت، وَمن شَرّ مَا لم أعمل ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو عَامر عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا الزبير ابْن عبد الله - وَيُقَال ابْن رهيمة من أهل الْمَدِينَة - عَن ربيح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: " قُلْنَا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الخَنْدَق وَقد بلغ بِنَا الْجهد: هَل من شَيْء نقُوله؟ قَالَ: قَالُوا: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتنا، وآمن روعاتنا. قَالَ: فَهَزَمَهُمْ الله بِالرِّيحِ ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن ربيح بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن جده إِلَّا الزبير بن عبد الله.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عبد الله الأودي، ثَنَا وَكِيع، عَن إِسْرَائِيل، وَعَن أَبِيه، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ أَعنِي على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم يرْوى عَن عبد الله بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ من دُعَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ متعني بسمعي وبصري، واجعلهما الْوَارِث مني، وَانْصُرْنِي على من ظَلَمَنِي، وَأَرِنِي مِنْهُ ثَأْرِي ".(3/577)
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو إِلَّا من حَدِيث الْمحَاربي.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يحيى بن عبد الحميد، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن يحيى بن حسان، عَن ربيعَة بن عَامر سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَلظُّوا بِيَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام ".
تمّ كتاب الْأَذْكَار والأدعية بِحَمْد لله وعونه يتلوه إِن شَاءَ كتاب قِرَاءَة الْقُرْآن وَالْحَمْد لله.(3/578)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب قِرَاءَة الْقُرْآن ونبذ من فضائله
بَاب مثل الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن وَالَّذِي لَا يَقْرَؤُهُ
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة وَأَبُو كَامِل، كِلَاهُمَا عَن أبي عوَانَة، قَالَ قُتَيْبَة: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن مثل الأترجة رِيحهَا طيب وطعمها طيب، وَمثل الْمُؤمن الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن مثل التمرة لَا ريح لَهَا وطعمها حُلْو، وَمثل الْمُنَافِق الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن مثل الريحانة رِيحهَا طيب وطعمها مر، وَمثل الْمُنَافِق الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن كَمثل الحنظلة لَيْسَ لَهَا ريح وطعمها مر ".
وثنا هداب بن خَالِد، ثَنَا همام.
وثنا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن شُعْبَة كِلَاهُمَا عَن قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، غير أَن فِي حَدِيث همام بدل " الْمُنَافِق ": " الْفَاجِر ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن وَيعْمل بِهِ كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، وَالْمُؤمن الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن وَيعْمل بِهِ كالتمرة طعمها طيب وَلَا ريح لَهَا ... " وَذكر بَاقِي حَدِيثه.
بَاب فضل الماهر بِالْقِرَاءَةِ
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَمُحَمّد بن عبيد الْعَنْبَري، جَمِيعًا عَن أبي(3/579)
عوَانَة، قَالَ [ابْن] عبيد: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن [سعد] بن هِشَام، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الماهر بِالْقِرَاءَةِ مَعَ السفرة الْكِرَام البررة، وَالَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن ويتتعتع فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شاق لَهُ أَجْرَانِ ".
بَاب الْأَمر بتعاهد الْقُرْآن
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن براد الْأَشْعَرِيّ وَأَبُو كريب، قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تَعَاهَدُوا الْقُرْآن، فو الَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَهو أَشد تفلتاً من الْإِبِل فِي عقلهَا " وَلَفظ الحَدِيث لِابْنِ براد ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَعُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بئْسَمَا لأَحَدهم يَقُول: نسيت آيَة كَيْت وَكَيْت بل هُوَ نسي، استذكروا الْقُرْآن فَلَهو أَشد تفصياً من صُدُور الرِّجَال من النعم بعقلها ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا عَبدة وَأَبُو مُعَاوِيَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستمع قِرَاءَة رجل فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: رَحمَه الله(3/580)
لقد أذكرني آيَة كنت أنسيتها ".
بَاب إِذا لم يقم بِالْقُرْآنِ نَسيَه
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا مثل صَاحب الْقُرْآن كَمثل الْإِبِل المعقلة؛ إِن عَاهَدَ عَلَيْهَا أمْسكهَا، وَإِن أطلقها ذهبت "
ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمسَيبِي، ثَنَا أنس بن عِيَاض، عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي
بِمَعْنى حَدِيث مَالك وَزَاد: " وَإِذا قَامَ
صَاحب الْقُرْآن فقرأه بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار ذكره، وَإِذا لم يقم بِهِ نَسيَه ".
بَاب الْجَهْر بِالْقُرْآنِ وتحسين الصَّوْت بِهِ
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا أذن الله لشَيْء مَا أذن لنَبِيّ حسن الصَّوْت يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ ".
قَالَ مُسلم: وحَدثني بشر بن الحكم، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، ثَنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن الْهَاد - عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا أذن الله لشَيْء كَمَا أذن لنَبِيّ حسن الصَّوْت يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يجْهر بِهِ ".(3/581)
مُسلم: حَدثنَا الحكم بن مُوسَى، ثَنَا هِقْل، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أذن الله لشَيْء كأذنه لنَبِيّ يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يجْهر بِهِ ".
حَدثنَا: يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - هُوَ ابْن جَعْفَر - عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل حَدِيث يحيى بن أبي كثير غير أَن ابْن أَيُّوب قَالَ: فِي رِوَايَته: " كَإِذْنِهِ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن طَلْحَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا ابْن جريج، ثَنَا ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ". وَزَاد غَيره: " يجْهر بِهِ ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة قَالَ: ثَنَا زيد بن الْحباب، عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت عقبَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تعلمُوا الْقُرْآن وغنوا بِهِ واقتنوه، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَهو أَشد تفصياً من الْمَخَاض من الْعقل ".
مُسلم: حَدثنَا دَاوُد بن رشيد، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا طَلْحَة، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأبي مُوسَى: " لَو رَأَيْتنِي وَأَنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أُوتيت مِزْمَارًا من مَزَامِير آل دَاوُد ".
زَاد أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: قلت: لَو علمت أَنَّك تستمع لقراءتي لحبرتها(3/582)
لَك تحبيراً ".
رَوَاهُ عَن عبد الله بن جَعْفَر الْبَرْمَكِي عَن يحيى بن سعيد، بِإِسْنَاد مُسلم - رَحمَه الله.
بَاب الترجيع فِي الْقِرَاءَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم بن أبي إِيَاس، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا أَبُو إِيَاس قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مُغفل قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على نَاقَته - أَو جمله - وَهِي تسير بِهِ وَهُوَ يقْرَأ سُورَة الْفَتْح - أَو من سُورَة الْفَتْح - قِرَاءَة لينَة وَهُوَ يرجع ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس ووكيع، عَن شُعْبَة، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ يَقُول: " قَرَأَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْفَتْح فِي مسير لَهُ سُورَة الْفَتْح على رَاحِلَته فَرجع فِي قِرَاءَته. قَالَ مُعَاوِيَة: لَوْلَا أَنِّي أَخَاف أَن يجْتَمع عَليّ النَّاس لحكيت لكم قِرَاءَته ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن أبي شريج، ثَنَا شَبابَة، ثَنَا شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث " قَالَ: فَقلت لمعاوية: كَيفَ كَانَ ترجيعه؟ قَالَ [آآآ] ثَلَاث مَرَّات ".
كمل السّفر الْخَامِس بِحَمْد الله وعونه وتأييده وَنَصره يتلوه إِن شَاءَ الله فِي أول السّفر السَّادِس بَاب الْجَهْر بِالْقُرْآنِ وترتيله وَكَيف يقْرَأ
وَالْحَمْد لله وَحده وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَأَصْحَابه وأزواجه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا.(3/583)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
بَاب الْجَهْر بِالْقُرْآنِ وترتيله وَكَيف يقْرَأ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، عَن وَكِيع، ثَنَا مسعر، عَن أبي الْعَلَاء، عَن يحيى بن جعدة، عَن أم هَانِئ قَالَت: " كنت أسمع قِرَاءَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا على عريشي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا همام، عَن قَتَادَة قَالَ: " سُئِلَ أنس بن مَالك: كَيفَ كَانَت قِرَاءَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: كَانَت مدا، ثمَّ قَرَأَ: {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} يمد {بِسم الله} ، ويمد ب {الرَّحْمَن} ، ويمد ب {الرَّحِيم} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أبنا يحيى بن سعيد الْأمَوِي، عَن ابْن جريج، [عَن] ابْن أبي مليكَة، عَن أم سَلمَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقطع قِرَاءَته يَقُول: {الْحَمد لله رب الْعَالمين} ، ثمَّ يقف: {الرَّحْمَن الرَّحِيم} ، ثمَّ يقف، وَكَانَ يقْرؤهَا: { (مَالك) يَوْم الدَّين} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب؛ وَبِه يَقُول أَبُو عُبَيْدَة ويختاره. هَكَذَا(4/5)
روى يحيى بن سعيد الْأمَوِي وَغَيره، عَن ابْن جريج، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن أم سَلمَة. وَلَيْسَ إِسْنَاده بِمُتَّصِل؛ لِأَن اللَّيْث بن سعد روى هَذَا الحَدِيث عَن ابْن أبي مليكَة، عَن يعلى بن مملك، عَن أم سَلمَة؛ وَحَدِيث اللَّيْث أصح، وَلَيْسَ فِي حَدِيث اللَّيْث: " وَكَانَ يقْرَأ: { (مَالك) يَوْم الدَّين} .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، عَن يعلى بن مملك " أَنه سَأَلَ أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قِرَاءَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصلَاته، فَقَالَت: مَا لكم وَصلَاته؟ كَانَ يُصَلِّي، ثمَّ ينَام قدر مَا صلى، ثمَّ يُصَلِّي قدر مَا نَام، ثمَّ ينَام قدر مَا صلى، حَتَّى يصبح. ثمَّ نعتت قِرَاءَته؛ فَإِذا هِيَ تنْعَت قِرَاءَة مفسرة حرفا حرفا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث اللَّيْث بن سعد، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن يعلى بن مملك، عَن أم سَلمَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن إِسْمَاعِيل بن صَخْر الْأَيْلِي، عَن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد ابْن عمار / بن يَاسر، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أحب أَن يسمع الْقُرْآن جَدِيدا غضا كَمَا أنزل فليسمعه من ابْن أم عبد. فَلَمَّا كَانَ من اللَّيْل، انْقَلب عمر - رَضِي الله عَنهُ - إِلَى عبد الله بن مَسْعُود يستمع قِرَاءَته، فَوجدَ أَبَا بكر قد سبقه، فاستمعا، فَإِذا هُوَ يقْرَأ قِرَاءَة مفسرة حرفا حرفا ".
ذكر التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث فِي كتاب " الْعِلَل "، و [قَالَ] : قد سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هُوَ حَدِيث حسن، قد حَدثنَا بِهِ عبد الْعَزِيز بن(4/6)
[عبد الله] الأويسي، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد بن مسرهد، ثَنَا يحيى - هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان - عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة، عَن زر، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُقَال لصَاحب الْقُرْآن: اقْرَأ وارتق ترتل؛ كَمَا كنت فِي الدُّنْيَا؛ فَإِن منزلتك عِنْد آخر آيَة تقرؤها ".
بَاب
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، ثَنَا ابْن وهب، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن يحيى بن سعيد، عَن خَالِد بن معدان، عَن كثير بن مرّة، عَن عقبَة بن عَامر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الجاهر بِالْقُرْآنِ كالجاهر بِالصَّدَقَةِ، والمسر بِالْقُرْآنِ كالمسر بِالصَّدَقَةِ ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: عَن الْحسن بن عَرَفَة، عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن بحير، بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب فِي كم يقْرَأ الْقُرْآن
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي النَّضر الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا عَليّ بن الْحسن، عَن عبد الله بن الْمُبَارك، عَن معمر، عَن سماك بن الْفضل، عَن وهب بن مُنَبّه، عَن عبد الله بن عَمْرو؛ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " اقْرَأ الْقُرْآن فِي أَرْبَعِينَ ".(4/7)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وروى بَعضهم عَن معمر، عَن سماك بن الْفضل، عَن وهب بن مُنَبّه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر عبد الله أَن يقْرَأ الْقُرْآن فِي أَرْبَعِينَ ".
مُسلم: حَدثنِي الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا، [عَن] عبيد الله بن مُوسَى، عَن شَيبَان، عَن يحيى عَن / مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى بني زهرَة، عَن أبي سَلمَة - قَالَ: [وأحسبني] قد سمعته أَنا من أبي سَلمَة - عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اقْرَأ الْقُرْآن فِي كل شهر. قَالَ: قلت: إِنِّي أجد قُوَّة. فاقرأه فِي عشْرين لَيْلَة. قَالَ: قلت: إِنِّي أجد قُوَّة. قَالَ: فاقرأه فِي سبع وَلَا تزد على ذَلِك ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبيد بن أَسْبَاط بن مُحَمَّد الْقرشِي، ثَنَا أبي، عَن مطرف، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي بردة، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، فِي كم أَقرَأ الْقُرْآن؟ قَالَ: اختمه فِي شهر. قَالَ: قلت: إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك. قَالَ: اختمه فِي عشْرين. قلت: إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك. قَالَ: اختمه فِي (خمس عشرَة) . قلت: إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك. قَالَ: اختمه فِي عشر. قلت: إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك. قَالَ: اختمه فِي خمس. قلت: إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك. قَالَ: فَمَا رخص لي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، يستغرب من حَدِيث أبي بردة، عَن عبد الله بن عَمْرو.(4/8)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمنْهَال. ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، أبنا سعيد، عَن قَتَادَة، عَن يزِيد بن عبد الله بن الشخير، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يفقه من قَرَأَ الْقُرْآن فِي أقل من ثَلَاث ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا النَّضر بن شُمَيْل، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة. بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا غنْدر، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُغيرَة قَالَ: سَمِعت مُجَاهدًا، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صم من الشَّهْر ثَلَاثَة أَيَّام. قَالَ أُطِيق أَكثر من ذَلِك، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: صم يَوْمًا وَأفْطر يَوْمًا. فَقَالَ: اقْرَأ الْقُرْآن فِي كل شهر. قَالَ: إِنِّي أُطِيق أَكثر، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: فِي ثَلَاث ".
بَاب النَّهْي عَن الِاخْتِلَاف فِي الْقُرْآن
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، حَدثنَا شُعْبَة، ثَنَا عبد الْملك بن ميسرَة، سَمِعت النزال بن سُبْرَة الْهِلَالِي، عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سَمِعت رجلا قَرَأَ آيَة، وَسمعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ خلَافهَا فَجئْت بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته، فَعرفت فِي وَجهه الْكَرَاهِيَة، وَقَالَ: كلاكما محسن / وَلَا تختلفوا؛ فَإِن من كَانَ من قبلكُمْ اخْتلفُوا فهلكوا ".(4/9)
البُخَارِيّ: حَدثنِي عَمْرو بن عَليّ، أبنا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سَلام ابْن أبي مُطِيع، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن جُنْدُب، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقْرَءُوا الْقُرْآن مَا ائتلفت عَلَيْهِ قُلُوبكُمْ، فَإِذا اختلفتم فَقومُوا عَنهُ ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: سَمِعت هِشَام بن حَكِيم بن حزَام يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان على غير مَا أقرؤها وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقْرَأَنيهَا، فكدت أَن أعجل عَلَيْهِ، ثمَّ أمهلته حَتَّى انْصَرف ثمَّ [لببته] بردائه، فَجئْت بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي سَمِعت هَذَا يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان على غير مَا أقرأتنيها. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اقْرَأ. فَقَرَأَ الْقِرَاءَة الَّتِي سمعته يقْرَأ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَكَذَا أنزلت. ثمَّ قَالَ لي: اقْرَأ. فَقَرَأت، فَقَالَ: هَكَذَا أنزلت؛ إِن هَذَا الْقُرْآن نزل على سَبْعَة أحرف، فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يحيى، عَن حميد، عَن أنس، عَن أبيّ قَالَ: " مَا حاك فِي صَدْرِي مُنْذُ أسلمت إِلَّا أَنِّي قَرَأت آيَة كَذَا وَكَذَا، وَقرأَهَا آخر غير قراءتي، فَقلت: أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ الآخر: أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ثمَّ أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقلت: أقرأتني آيَة كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: نعم قَالَ(4/10)
الآخر: ألم تقرئني آيَة كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: نعم، إِن جِبْرِيل وَمِيكَائِيل أتياني، فَقعدَ جِبْرِيل عَن يَمِيني وَمِيكَائِيل عَن يساري، فَقَالَ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام -: اقْرَأ الْقُرْآن على حرف. قَالَ مِيكَائِيل - عَلَيْهِ السَّلَام 0: استزده؛ حَتَّى بلغ سَبْعَة أحرف؛ فَكل حرف شاف كَاف ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة؛ أَن ابْن عَبَّاس حَدثهُ؛ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَقْرَأَنِي جِبْرِيل على حرف، فراجعته، فَلم أزل أستزيده فيزيدني؛ حَتَّى انْتهى إِلَى سَبْعَة أحرف ".
قَالَ / ابْن شهَاب: بَلغنِي أَن تِلْكَ السَّبْعَة الأحرف إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَمر الَّذِي يكون وَاحِدًا لَا يخْتَلف فِي حَلَال وَلَا حرَام ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة.
وَحدثنَا ابْن مثنى وَابْن بشار، قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن الحكم، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن أبي ليلى، عَن أبي بن كَعْب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ عِنْد أضاة بني غفار. قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - يَأْمُرك أَن تقْرَأ [أمتك الْقُرْآن] على حرف. فَقَالَ: أسأَل الله معافاته ومغفرته؛ وَإِن أمتِي لَا تطِيق ذَلِك. ثمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَة فَقَالَ: إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - يَأْمُرك أَن تقْرَأ أمتك الْقُرْآن على حرفين. فَقَالَ: أسأَل الله معافاته ومغفرته؛ فَإِن أمتِي لَا تطِيق ذَلِك. ثمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَة فَقَالَ: إِن الله يَأْمُرك أَن تقْرَأ أمتك الْقُرْآن على ثَلَاثَة أحرف. فَقَالَ: أسأَل الله معافاته ومغفرته؛ فَإِن أمتِي لَا تطِيق ذَلِك. ثمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَة فَقَالَ: إِن الله يَأْمُرك أَن تقْرَأ أمتك الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف، فأيما حرف قرءوا عَلَيْهِ، فقد أَصَابُوا ".(4/11)
زَاد أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث بعد قَوْله: " سَبْعَة أحرف "، ثمَّ قَالَ: " لَيْسَ مِنْهَا إِلَّا كَاف شاف؛ إِن قلت: {سميعا عليما} {عَزِيزًا حكيما} مَا لم تختم آيَة عَذَاب برحمة، أَو آيَة رَحْمَة بِعَذَاب ".
رَوَاهُ عَن أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، قَالَ: حَدثنَا همام بن يحيى، عَن قَتَادَة، عَن يحيى بن يعمر، عَن سُلَيْمَان بن صرد الْخُزَاعِيّ، عَن أبي بن كَعْب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وروى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا بكار، ثَنَا عبد الله بن بكر السَّهْمِي، عَن حميد، عَن أنس " وَذكر خبر الرجل الَّذِي كَانَ يكْتب للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوَحْي، فيملي عَلَيْهِ {حكيما عليما} فَيَقُول: أكتب {سمعيا بَصيرًا} فَيَقُول لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اكْتُبْ أَي ذَلِك شِئْت. وَذكر خبر ارتداده، وَأَنه مَاتَ فَلم تقبله الأَرْض وَذكر أَنه كَانَ نَصْرَانِيّا فَأسلم، ثمَّ عَاد إِلَى دينه الأول ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن عبد الله بن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن جده، عَن أبي ابْن كَعْب قَالَ: " كنت فِي الْمَسْجِد، فَدخل رجل يُصَلِّي فَقَرَأَ قِرَاءَة أنكرتها عَلَيْهِ، ثمَّ دخل آخر، فَقَرَأَ سوى قِرَاءَة / صَاحبه، فَلَمَّا قضينا الصَّلَاة، دَخَلنَا جَمِيعًا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقلت: إِن هَذَا قَرَأَ قِرَاءَة أنكرتها عَلَيْهِ، فَدخل آخر فَقَرَأَ سوى قِرَاءَة صَاحبه. فَأَمرهمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقرآ، فَحسن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَأْنهمَا، فَسقط فِي نَفسِي من التَّكْذِيب، وَلَا إِذْ كنت فِي الْجَاهِلِيَّة، فَلَمَّا رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا قد غشيني، ضرب فِي صَدْرِي ففضت عرقا، وكأنما أنظر إِلَى الله - عز وَجل - فرقا. فَقَالَ: يَا أبي، أرسل إِلَيّ أَن اقْرَأ الْقُرْآن على حرف، فَرددت إِلَيْهِ: أَن هون على أمتِي، فَرد إِلَيّ الثَّانِيَة: اقرأه على حرفين. فَرددت إِلَيْهِ: أَن هون على أمتِي، فَرد إِلَيّ الثَّالِثَة: اقرأه على سَبْعَة أحرف، فلك بِكُل ردة رددتكها مَسْأَلَة تسألنيها. فَقلت: اللَّهُمَّ اغْفِر لأمتي، اللَّهُمَّ اغْفِر لأمتي، وأخرت الثَّالِثَة ليَوْم يرغب إِلَيّ فِيهِ الْخلق(4/12)
كلهم؛ حَتَّى إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " فَضرب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَدْرِي بِيَدِهِ، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أذهب عَنهُ الشَّيْطَان ".
رَوَاهُ عَن أبي دَاوُد، عَن يزِيد، عَن الْعَوام، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سُلَيْمَان ابْن صرد، عَن أبي بن كَعْب، حَدِيث مُسلم بِكَمَالِهِ.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا الْحسن بن مُوسَى، ثَنَا شَيبَان، عَن عَاصِم، عَن زر بن حُبَيْش، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: " لَقِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - فَقَالَ: يَا جِبْرِيل، إِنِّي بعثت إِلَى أمة أُمِّيين، مِنْهُم الْعَجُوز وَالشَّيْخ الْكَبِير، والغلام وَالْجَارِيَة، وَالرجل الَّذِي لم يقْرَأ كتابا قطّ. قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يحيى بن عُثْمَان، ثَنَا مُوسَى بن هاون البردي، ثَنَا جرير - وَهُوَ ابْن عبد الحميد - عَن مُغيرَة، عَن وَاصل بن حَيَّان، عَن عبد الله بن أبي الْهُذيْل، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف، لكل آيَة مِنْهَا ظهر وبطن، وَلكُل [حد] مطلع ".(4/13)
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار من طَرِيق الهجري، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، عَن النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
بَاب مَا جَاءَ فِي الْجِدَال والمراء فِي الْقُرْآن
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا فليح بن سُلَيْمَان، عَن سَالم أبي النَّضر، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن عبد الله بن عَمْرو؛ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا تجادلوا فِي الْقُرْآن؛ فَإِن جدالا فِي الْقُرْآن كفر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا أنس - يَعْنِي ابْن عِيَاض - عَن أبي حَازِم، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة؛ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف، المراء فِي الْقُرْآن كفر ".
بَاب
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل.
وثنا نصر بن عَاصِم، ثَنَا يحيى بن سعيد، جَمِيعًا عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جَابر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أبنا عِيسَى - هُوَ ابْن يُونُس - عَن حَمْزَة الزيات، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن أبي ابْن كَعْب قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا دَعَا بَدَأَ بِنَفسِهِ، وَقَالَ: رَحْمَة الله علينا(4/14)
وعَلى مُوسَى؛ لَو صَبر لرَأى من صَاحبه الْعجب، وَلكنه قَالَ: {إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من (لدني) } " طولهَا حَمْزَة.
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو - وَهُوَ ابْن دِينَار - عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن أبي بن كَعْب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ: {لتخِذت عَلَيْهِ أجرا} ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن عبد الله، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي أَبُو الزبير؛ أَنه سمع عبد الرَّحْمَن بن أَيمن، عَن ابْن عمر قَالَ: " قَرَأَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن فِي قبل عدتهمْ ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي بكر - قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة قَالَ: " قدمنَا الشَّام، فَأَتَانَا أَبُو الدَّرْدَاء فَقَالَ: أفيكم أحد يقْرَأ على قِرَاءَة عبد الله؟ فَقلت: نعم، أَنا. فَقَالَ: فَكيف سَمِعت عبد الله يقْرَأ هَذِه الْآيَة / {وَاللَّيْل إِذا يغشى} ؟ قَالَ: سمعته يقْرَأ: " وَاللَّيْل إِذا يغشى. وَالذكر وَالْأُنْثَى ". قَالَ: وَأَنا وَالله هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرؤهَا، وَلَكِن هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ أَن أَقرَأ: {وَمَا خلق} ، فَلَا (أَنا مَعَهم) ".(4/15)
قَالَ مُسلم: وحَدثني عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن الشّعبِيّ عَن عَلْقَمَة قَالَ: " لقِيت [أَبَا] الدَّرْدَاء فَقَالَ لي: مِمَّن أَنْت؟ قلت: من أهل الْعرَاق. قَالَ: من أَيهمْ؟ قلت: من أهل الْكُوفَة. قَالَ: هَل تقْرَأ على قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود؟ قَالَ: قلت: نعم. قَالَ: فاقرأ {وَاللَّيْل إِذا يغشى} قَالَ: فَقَرَأت: " وَاللَّيْل إِذا يغشى. وَالنَّهَار إِذا تجلى. وَالذكر وَالْأُنْثَى ". قَالَ: فَضَحِك، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرؤهَا ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار، قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا مُحَمَّد ابْن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْأسود، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف {فَهَل من مدكر} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، ثَنَا هِشَام، أَن ابْن جريج أخْبرهُم، قَالَ ابْن أبي [مليكَة] : " سَمِعت عَائِشَة تقْرَأ: {إِذْ تَلِقونه بألسنتكم} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبيد الله، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: " أَقْرَأَنِي(4/16)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي أَنا الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّة المتين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا شُعْبَة، عَن خَالِد، عَن أبي قلَابَة " عَمَّن أقرأه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {فَيَوْمئِذٍ لَا يعذب عَذَابه أحد. وَلَا يوثق وثَاقه أحد} : ,
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو معمر عبد الله بن عَمْرو بن أبي الْحجَّاج [الْمنْقري] ، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن ابْن مَسْعُود " أَنه قَرَأَ ب {هيْت لَك} ، فَقَالَ شَقِيق: إِنَّا نقرؤها {هِيت لَك} فَقَالَ ابْن مَسْعُود: أقرؤها كَمَا علمت أعجب إِلَيّ ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد، ثَنَا أَبُو غَسَّان، ثَنَا إِسْرَائِيل بن يُونُس، عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس " أَنه قَالَ لأَصْحَابه: أَي الْقِرَاءَتَيْن ترَوْنَ آخرا؟ / قَالُوا: قِرَاءَة زيد. قَالَ: لَا، إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يعرض الْقُرْآن على جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - فِي كل سنة، فَلَمَّا كَانَت السّنة الَّتِي قبض فِيهَا عرضه عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ، فشهده ابْن مَسْعُود، فَكَانَت قِرَاءَة عبد الله آخرا ".(4/17)
بَاب مَا جَاءَ أَن الْقُرْآن نزل بلغَة قُرَيْش
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، [عَن] ابْن شهَاب، عَن أنس بن مَالك " أَن عُثْمَان بن عَفَّان دَعَا زيد بن ثَابت وَعبد الله ابْن الزبير وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام فنسخوها فِي الْمَصَاحِف، وَقَالَ عُثْمَان للرهط القرشيين الثَّلَاثَة: إِذا اختلفتم أَنْتُم وَزيد بن ثَابت فِي شَيْء من الْقُرْآن، فاكتبوها بِلِسَان قُرَيْش، فَإِنَّمَا نزل بلسانهم. فَفَعَلُوا ذَلِك ".
بَاب جمع الْقُرْآن وتأليفه
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أبنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أبنا ابْن السباق، عَن زيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ مِمَّن يكْتب الْوَحْي - قَالَ: " أرسل إِلَيّ أَبُو بكر مقتل أهل الْيَمَامَة وَعِنْده عمر فَقَالَ أَبُو بكر: إِن عمر أَتَانِي فَقَالَ: إِن الْقَتْل استحر يَوْم الْيَمَامَة بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أخْشَى أَن يستحر الْقَتْل بالقراء فِي المواطن، فَيذْهب كثير من الْقُرْآن، إِلَّا أَن تجمعوه، وَإِنِّي لأرى أَن يجمع الْقُرْآن. قَالَ أَبُو بكر: فَقلت لعمر: كَيفَ أفعل شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ عمر: هُوَ وَالله خير. فَلم يزل عمر يراجعني فِيهِ؛ حَتَّى شرح الله لذَلِك صَدْرِي، وَرَأَيْت الَّذِي رأى عمر. قَالَ زيد بن ثَابت: وَعِنْده عمر جَالس لَا يتَكَلَّم. فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّك رجل شَاب عَاقل، وَلَا نتهمك؛ كنت تكْتب الْوَحْي لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتتبع الْقُرْآن فاجمعه. فوَاللَّه لَو كلفني نقل جبل من الْجبَال مَا كَانَ أثقل عَليّ مِمَّا أَمرنِي بِهِ من جمع الْقُرْآن. قلت: كَيفَ تفعلان شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ أَبُو بكر: هُوَ وَالله خير. فَلم أزل أراجعه حَتَّى شرح الله صَدْرِي للَّذي شرح لَهُ صدر أبي بكر وَعمر، فَقُمْت فتتبعت الْقُرْآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعسب وصدور الرِّجَال؛ حَتَّى وجدت من سُورَة التَّوْبَة آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَة الْأنْصَارِيّ لم أجدهما مَعَ أحد غَيره {لقد جَاءَكُم رَسُول / من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم حَرِيص عَلَيْكُم} إِلَى آخرهَا، وَكَانَت الصُّحُف(4/18)
الَّتِي يجمع فِيهَا الْقُرْآن عِنْد أبي بكر؛ حَتَّى توفاه الله، ثمَّ عِنْد عمر؛ حَتَّى توفاه الله، ثمَّ عِنْد حَفْصَة بنت عمر ".
تَابعه عُثْمَان بن عمر، وَاللَّيْث بن سعد، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب. وَقَالَ اللَّيْث: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب. وَقَالَ: " مَعَ أبي خُزَيْمَة ". وَقَالَ مُوسَى: عَن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا ابْن شهَاب: " مَعَ أبي خُزَيْمَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا إِبْرَاهِيم، ثَنَا ابْن شهَاب؛ أَن أنس بن مَالك حَدثهُ " أَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قدم على عُثْمَان، وَكَانَ يغازي أهل الشَّام فِي فتح أرمينية وأذربيجان مَعَ أهل الْعرَاق، فأفزع حُذَيْفَة اخْتلَافهمْ فِي الْقِرَاءَة فَقَالَ حُذَيْفَة لعُثْمَان: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أدْرك هَذِه الْأمة قبل أَن يَخْتَلِفُوا فِي الْكتاب اخْتِلَاف الْيَهُود وَالنَّصَارَى. فَأرْسل عُثْمَان إِلَى حَفْصَة أَن أرسلي إِلَيْنَا بالصحف ننسخها فِي الْمَصَاحِف، ثمَّ نردها إِلَيْك. فَأرْسلت بهَا حَفْصَة إِلَى عُثْمَان فَأمر زيد بن ثَابت وَعبد الله بن الزبير وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث ابْن هِشَام؛ فنسخوها فِي الْمَصَاحِف. وَقَالَ عُثْمَان للرهط القرشيين: إِذا اختلفتم أَنْتُم وَزيد بن ثَابت فِي شَيْء من الْقُرْآن فاكتبوه بِلِسَان قُرَيْش، فَإِنَّمَا نزل بلسانهم. فَفَعَلُوا حَتَّى إِذا نسخوا الصُّحُف فِي الْمَصَاحِف رد عُثْمَان الصُّحُف إِلَى حَفْصَة، وَأرْسل إِلَى كل أفق بمصحف مِمَّا نسخوا، وَأمر بِمَا سواهُ من الْقُرْآن فِي كل صحيفَة أَو مصحف أَن يحرق.
قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي خَارِجَة بن زيد بن ثَابت، سمع زيد بن ثَابت قَالَ: فقدت آيَة من الْأَحْزَاب حِين نسخنا الْمُصحف، قد كنت أسمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ بهَا، فالتمسناها فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت الْأنْصَارِيّ: {من الْمُؤمنِينَ رجال(4/19)
صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} فألحقناها فِي سورتها فِي الْمُصحف ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أبنا هِشَام بن يُوسُف، أَن ابْن جريج أخْبرهُم قَالَ: وَأَخْبرنِي يُوسُف بن مَاهك قَالَ: " إِنِّي عِنْد عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ؛ إِذْ جاءها عراقي فَقَالَ: أَي الْكَفَن خير؟ [قَالَت] : وَيحك وَمَا يَضرك؟ قَالَ: يَا أم الْمُؤمنِينَ، [أريني] مصحفك. قَالَت: لم؟ قَالَ: لعَلي أؤلف الْقُرْآن عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يقْرَأ غير مؤلف. قَالَت: وَمَا يَضرك أيه / قَرَأت [قبل] ، إِنَّمَا نزل أول مَا نزل مِنْهُ سُورَة من الْمفصل فِيهَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار؛ حَتَّى إِذا [ثاب] النَّاس إِلَى الْإِسْلَام نزل الْحَلَال وَالْحرَام. وَلَو نزل أول شَيْء لَا تشْربُوا الْخمر؛ لقالوا: لَا نَدع الْخمر أبدا. وَلَو نزل: لَا تَزْنُوا؛ لقالوا: لَا نَدع الزِّنَا أبدا. لقد نزل بِمَكَّة على مُحَمَّد وَإِنِّي لجارية أَلعَب: {بل السَّاعَة موعدهم والساعة أدهى وَأمر} وَمَا نزلت سُورَة الْبَقَرَة وَالنِّسَاء إِلَّا وَأَنا عِنْده. قَالَ: فأخرجت لَهُ الْمُصحف فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آي السُّور ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، عَن أبي حَمْزَة، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق قَالَ: قَالَ عبد الله: قد علمت النَّظَائِر الَّتِي كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقرؤهن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فِي رَكْعَة، فَقَامَ عبد الله وَدخل مَعَه عَلْقَمَة وَخرج عَلْقَمَة فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ عشرُون سُورَة(4/20)
من الْمفصل على تأليف ابْن مَسْعُود [آخِرهنَّ] الحواميم حم الدُّخان، وَعم يتساءلون ".
قد تقدم ذكر النَّظَائِر وبيانها فِي كتاب الصَّلَاة فِي أَبْوَاب الْقِرَاءَة من طَرِيق أبي دَاوُد - رَحمَه الله.
بَاب فضل من تعلم الْقُرْآن وَعلمه
البُخَارِيّ: حَدثنَا حجاج بن منهال، ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي عَلْقَمَة بن مرْثَد، سَمِعت سعد بن عُبَيْدَة، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن عُثْمَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خَيركُمْ من تعلم الْقُرْآن وَعلمه ".
قَالَ: وأقرأ [أَبُو] عبد الرَّحْمَن فِي إمرة عُثْمَان؛ حَتَّى كَانَ الْحجَّاج. قَالَ: وَذَلِكَ الَّذِي أقعدني مقعدي هَذَا.
وللبخاري: فِي لفظ آخر: " إِن أفضلكم ... " رَوَاهُ عَن أبي نعيم، عَن سُفْيَان، عَن عَلْقَمَة، عَن أبي عبد الرَّحْمَن.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنبأَنَا شُعْبَة بِإِسْنَاد البُخَارِيّ؛ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " خَيركُمْ من تعلم الْقُرْآن وَعلمه ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: فَذَاك الَّذِي أقعدني مقعدي هَذَا. وَعلم الْقُرْآن فِي زمن عُثْمَان؛ حَتَّى بلغ الْحجَّاج.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/21)
بَاب فضل الْقُرْآن
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو سعيد الْأَشَج قَالَا: أبنا وَكِيع، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة / قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيُحِبُّ أحدكُم إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله أَن يجد فِيهِ ثَلَاث خلفات عِظَام سمان؟ قُلْنَا: نعم. قَالَ: فَثَلَاث آيَات يقْرَأ بِهن أحدكُم فِي صلَاته خير لَهُ من ثَلَاث خلفات سمان عِظَام ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، أبنا الْفضل بن دُكَيْن، عَن مُوسَى ابْن عَليّ قَالَ: سَمِعت أبي يحدث، عَن [عقبَة] بن عَامر قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن فِي الصّفة فَقَالَ: أَيّكُم يحب أَن يَغْدُو كل يَوْم إِلَى بطحان، أَو إِلَى العقيق، فَيَأْتِي مِنْهُ بناقتين كوماوين فِي غير إِثْم وَلَا قطع رحم؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، نحب ذَلِك. قَالَ: أَفلا يَغْدُو أحدكُم إِلَى الْمَسْجِد، فَيعلم أَو يقْرَأ آيَتَيْنِ من كتاب الله - عز وَجل - (خيرا) لَهُ من ناقتين، وَثَلَاث [خير لَهُ من ثَلَاث] ، وَأَرْبع (خيرا) لَهُ من أَربع، وَمن أعدادهن من الْإِبِل ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن بديل بن ميسرَة، عَن أَبِيه، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لله أهلين من النَّاس. قيل: يَا رَسُول الله، من هم؟ قَالَ: هم أهل الْقُرْآن، هم أهل الله وخاصته ".(4/22)
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا يرويهِ إِلَّا بديل بن ميسرَة عَن أنس.
انْتهى حَدِيث أبي بكر الْبَزَّار - رَحمَه الله.
بديل بن ميسرَة ثِقَة مَشْهُور، وَابْنه: عبد الرَّحْمَن؛ قَالَ فِيهِ يحيى بن معِين: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن بديل بن ميسرَة وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا. وَقد روى عَنهُ فِي مُسْنده هَذَا الحَدِيث، وتعديله لَهُ ذكره ابْن أبي حَاتِم - رَحمَه الله.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، أبنا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من نفس عَن مُؤمن كربَة من كرب الدُّنْيَا؛ نفس الله عَنهُ كربَة من كرب يَوْم الْقِيَامَة، وَمن يسر على مُعسر؛ يسر الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَمن ستر مُسلما؛ ستره الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَالله فِي عون العَبْد مَا كَانَ العَبْد فِي عون أَخِيه، وَمن سلك طَرِيقا يلْتَمس فِيهِ علما؛ سهل الله لَهُ بِهِ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة، وَمَا اجْتمع قوم فِي بَيت من بيُوت الله يَتلون كتاب الله، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَينهم إِلَّا نزلت عَلَيْهِم / السكينَة، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَة، وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده، وَمن بطأ بِهِ عمله لم يسْرع بِهِ نسبه ".
وحدثناه نصر بن عَليّ، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا أَبُو صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بِمثل حَدِيث أبي مُعَاوِيَة، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر التَّيْسِير على الْمُعسر.(4/23)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، ثَنَا الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن أَيُّوب بن مُوسَى قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مَسْعُود يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَرَأَ حرفا من كتاب الله فَلهُ بِكُل حرف حَسَنَة، والحسنة عشرَة أَمْثَالهَا؛ لَا أَقُول: الم حرف [وَلَكِن] ألف حرف، وَلَام حرف، وَمِيم حرف ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي وَأَبُو نعيم، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم بن أبي النجُود، عَن زر - هُوَ ابْن حُبَيْش - عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُقَال - يَعْنِي: لصَاحب الْقُرْآن - اقْرَأ وارتق، ورتل كَمَا كنت ترتل فِي الدُّنْيَا؛ فَإِن منزلتك عِنْد آخر آيَة تقْرَأ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، أبنا شُعْبَة، عَن عَاصِم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَجِيء (صَاحب) الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول: يَا رب حلّه. فيلبس تَاج الْكَرَامَة، ثمَّ يَقُول: يَا رب زده. فيلبس حلَّة الْكَرَامَة، ثمَّ يَقُول: يَا رب ارْض عَنهُ. فيرضى عَنهُ، فَيُقَال لَهُ: اقْرَأ وارق، وَيُزَاد فِي بِكُل آيَة حَسَنَة ".(4/24)
قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا الْفضل، ثَنَا بشير بن المُهَاجر، حَدثنِي عبد الله ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " كنت عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَمعته يَقُول: إِن الْقُرْآن يلقى صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة حِين ينشق عَنهُ قَبره كَالرّجلِ الشاحب، فَيَقُول: هَل تعرفنِي؟ فَيَقُول لَهُ: مَا أعرفك. فَيَقُول: أَنا صَاحبك الْقُرْآن، الَّذِي أظمأتك بالهواجر، وأسهرت ليلك، وَإِن كل تَاجر من وَرَاء تِجَارَته، وَإنَّك الْيَوْم من وَرَاء كل تِجَارَة. قَالَ: فَيعْطى الْملك بِيَمِينِهِ / والخلد بِشمَالِهِ، وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار، ويكسى والداه حلتين لَا يقوم بهما أهل الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ: بِمَ كسبنا هَذَا؟ فَيُقَال: بِأخذ ولدكما الْقُرْآن. ثمَّ يُقَال لَهُ: اقْرَأ واصعد فِي درج الْجنَّة وغرفها. فَهُوَ فِي صعُود مَا دَامَ يقْرَأ، هَذَا كَانَ يقْرَأ أَو ترتيلا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، عَن سعيد المَقْبُري، عَن عَطاء مولى أبي أَحْمد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعثا وهم ذَوُو عدد فاستقرأهم، فاستقرأ كل رجل مِنْهُم مَا مَعَه من الْقُرْآن، فَأتى على رجل من أحدثهم سنا، فَقَالَ: مَا مَعَك يَا فلَان؟ فَقَالَ: معي سُورَة كَذَا وَكَذَا، وَسورَة الْبَقَرَة. فَقَالَ: أَمَعَك سُورَة الْبَقَرَة؟ فَقَالَ: نعم. قَالَ: فَاذْهَبْ، فَأَنت أَمِيرهمْ. فَقَالَ رجل من أَشْرَافهم: فوَاللَّه يَا رَسُول الله مَا مَنَعَنِي أَن أتعلم سُورَة الْبَقَرَة إِلَّا خشيَة أَن لَا أقوم بهَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تعلمُوا الْقُرْآن فأقرئوه، واقرءوا، فَإِن مثل الْقُرْآن لمن تعلمه فقرأه وَقَامَ بِهِ كَمثل جراب محشو مسكا يفوح بريحه كل مَكَان، وَمثل من تعلمه فيرقد وَهُوَ فِي جَوْفه كَمثل جراب أوكي على مسك ".(4/25)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَقد رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد، عَن سعيد، عَن عَطاء مولى أبي أَحْمد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، وَلم يذكر فِيهِ عَن أبي هُرَيْرَة. حَدثنَا بِهِ قُتَيْبَة، عَن اللَّيْث.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الهجري، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن هَذَا الْقُرْآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبة الله - تَعَالَى - مَا اسْتَطَعْتُم، إِن هَذَا الْقُرْآن حَبل الله، وَهُوَ النُّور الْمُبين والشفاء النافع، عصمَة لمن تمسك بِهِ، وَنَجَاة لمن تبعه، لَا يعوج فَيقوم، وَلَا يزِيغ فيستعتب، وَلَا تَنْقَضِي عجائبه، وَلَا [يخلق] عَن كَثْرَة الرَّد، اُتْلُوهُ؛ فَإِن الله يَأْجُركُمْ على تِلَاوَته بِكُل حرف عشر حَسَنَات، أما إِنِّي لَا أَقُول: آلم. وَلَكِنِّي أَقُول: ألف عشرا (أَو) لَام عشرا، وَمِيم عشرا ".
الهجري هُوَ إِبْرَاهِيم بن مُسلم، روى عَنهُ: الثَّوْريّ، وَشعْبَة، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَغَيرهم.
/ يحيى بن سعيد، ثَنَا شُعْبَة، حَدثنِي خبيب بن عبد الرَّحْمَن، عَن حَفْص بن عَاصِم، عَن أبي سعيد بن الْمُعَلَّى قَالَ: " كنت أُصَلِّي فدعاني النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم أجبه. قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت أُصَلِّي. فَقَالَ: ألم يقل الله " {اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ} ثمَّ قَالَ: أَلا أعلمك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن قبل أَن تخرج من الْمَسْجِد؟ فَأخذ بيَدي فَلَمَّا أردنَا أَن نخرج، قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّك قلت: لأعلمنك أعظم سُورَة من الْقُرْآن. قَالَ: {الْحَمد 5 لله رب الْعَالمين} هِيَ(4/26)
السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيتهُ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج على أبي بن كَعْب فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أبي. وَهُوَ يُصَلِّي، فَالْتَفت أبي وَلم يجبهُ، وَصلى أبي فَخفف، ثمَّ انْصَرف إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَعَلَيْك السَّلَام، مَا مَنعك يَا أبي أَن تُجِيبنِي إِذْ دعوتك؟ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت فِي الصَّلَاة. قَالَ: أفلم تَجِد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ أَن {اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ} ؟ قَالَ: بلَى وَلَا أَعُود إِن شَاءَ الله. قَالَ: تحب أَن أعلمك سُورَة لم ينزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثلهَا؟ قَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَيفَ تقْرَأ فِي الصَّلَاة. قَالَ: فَقَرَأَ أم الْقُرْآن. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أنزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثلهَا، وَإِنَّهَا للسبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطيته ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، أبنا عِيسَى بن يُونُس، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " {الْحَمد لله رب الْعَالمين} أم الْقُرْآن وَأم الْكتاب والسبع المثاني ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن عبد الْكَرِيم، ثَنَا عَليّ بن عبد الحميد، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي [مسير](4/27)
لَهُ فَنزل وَنزل رجل إِلَى جَانِبه فَالْتَفت إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَلا أخْبرك بِأَفْضَل الْقُرْآن؟ فَتلا عَلَيْهِ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} ".
/ بَاب مِنْهُ وَمَا جَاءَ فِي خَاتِمَة سُورَة الْبَقَرَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا الْحسن بن الرّبيع، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن عمار بن رُزَيْق، عَن عبد الله بن عِيسَى، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " بَينا جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - قَاعد عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمع صَوت نقيض من فَوْقه، فَرفع رَأسه فَقَالَ: هَذَا بَاب من السَّمَاء فتح الْيَوْم لم يفتح قطّ إِلَّا الْيَوْم. فَنزل مِنْهُ ملك فَقَالَ: هَذَا ملك نزل إِلَى الأَرْض لم ينزل قطّ إِلَى الْيَوْم. فَسلم وَقَالَ: أبشر بنورين أُوتِيتهُمَا، لم يؤتهما نَبِي قبلك: فَاتِحَة الْكتاب، وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة، لم يقْرَأ بِحرف مِنْهُمَا إِلَّا أَعْطيته ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا آدم بن أبي إِيَاس، ثَنَا أَبُو عوَانَة، ثَنَا أَبُو مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فضلنَا على النَّاس بِثَلَاث: جعلت الأَرْض كلهَا لنا مَسْجِدا، وَجعلت تربَتهَا لنا طهُورا، وَجعلت صُفُوفنَا كَصُفُوف الْمَلَائِكَة، وَأُوتِيت هَذِه الْآيَات آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْط مِنْهُ أحد قبلي، وَلَا يعْطى مِنْهُ أحد بعدِي ".
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ: " لقِيت أَبَا مَسْعُود عِنْد الْبَيْت فَقلت: حَدِيث بَلغنِي عَنْك فِي الْآيَتَيْنِ فِي سُورَة الْبَقَرَة. فَقَالَ: نعم، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْآيَتَانِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة من قرأهما فِي لَيْلَة كفتاه ".(4/28)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أَشْعَث بن عبد الرَّحْمَن الْجرْمِي، [عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْأَشْعَث الْجرْمِي] ، عَن النُّعْمَان بن بشير، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله كتب كتابا قبل أَن يخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بألفي عَام، أنزل مِنْهُ آيَتَيْنِ ختم بهما سُورَة الْبَقَرَة وَلَا يقرآن فِي دَار ثَلَاث لَيَال فيقربها شَيْطَان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: وَقَالَ: عَن أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ.
بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة؛ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تجْعَلُوا بُيُوتكُمْ مَقَابِر، فَإِن الشَّيْطَان ينفر من الْبَيْت الَّذِي / يقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة ".
رُوَاة التِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة، عَن عبد الْعَزِيز، عَن سُهَيْل بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَقَالَ: " إِن الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ لَا يدْخلهُ شَيْطَان.
مُسلم: حَدثنِي الْحسن الْحلْوانِي، ثَنَا أَبُو تَوْبَة - وَهُوَ الرّبيع بن نَافِع - ثَنَا(4/29)
مُعَاوِيَة - يَعْنِي: ابْن سَلام - عَن زيد؛ أَنه سمع أَبَا سَلام يَقُول: حَدثنِي أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " اقْرَءُوا الْقُرْآن؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا لأَصْحَابه، اقْرَءُوا الزهراوين: الْبَقَرَة [و] سُورَة آل عمرَان، فَإِنَّهُمَا يأتيان يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان، أَو كَأَنَّهُمَا غيايتان، أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير صواف يحاجان عَن صَاحبهمَا، اقْرَءُوا سُورَة الْبَقَرَة؛ فَإِن أَخذهَا بركَة، وَتركهَا حسرة، وَلَا يستطيعها البطلة ".
قَالَ مُعَاوِيَة: بَلغنِي أَن البطلة هم السَّحَرَة.
مُسلم: وحَدثني إِسْحَاق بن مَنْصُور، أخبرنَا يزِيد بن عبد ربه، ثَنَا الْوَلِيد ابْن مُسلم، عَن مُحَمَّد بن مهَاجر، عَن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي، عَن جُبَير بن نفير قَالَ: سَمِعت النواس بن سمْعَان يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يُؤْتى بِالْقُرْآنِ يَوْم الْقِيَامَة وَأَهله (الَّذِي) كَانُوا يعْملُونَ بِهِ، تقدمه سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان. وَضرب لَهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثَة أَمْثَال مَا نسيتهن بعد، قَالَ: كَأَنَّهُمَا غمامتان، أَو ظلتان (سودوان) بَينهمَا شَرق، أَو كَأَنَّهُمَا (فرقان) من طير صواف تحاجان عَن صَاحبهمَا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن نصر، ثَنَا أَيُّوب - هُوَ ابْن سُلَيْمَان بن بِلَال - حَدثنِي أَبُو بكر، عَن سُلَيْمَان - وَهُوَ ابْن بِلَال - عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يضع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى يتَغَنَّى، ويدع سُورَة الْبَقَرَة يقْرؤهَا؛ فَإِن الشَّيْطَان ينفر من الْبَيْت تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة، وَإِن أصفر الْبيُوت(4/30)
الْجوف الصفر من كتاب الله ".
أَبُو إِسْحَاق هُوَ (البحري) وَقد تقدم ذكره.
بَاب مَا جَاءَ فِي آيَة الْكُرْسِيّ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن الْجريرِي، عَن أبي السَّلِيل، عَن عبد الله بن رَبَاح الْأنْصَارِيّ، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " / يَا أَبَا الْمُنْذر، أَتَدْرِي أَي آيَة (فِي) كتاب الله مَعَك أعظم؟ قَالَ: قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذر، أَتَدْرِي أَي آيَة فِي كتاب الله مَعَك أعظم؟ قَالَ: قلت: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} . قَالَ: فَضرب فِي صَدْرِي وَقَالَ: وَالله لِيَهنك الْعلم يَا أَبَا الْمُنْذر ".
زَاد أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مُسْنده بِهَذَا الْإِسْنَاد: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن لهَذِهِ الْآيَة لِسَانا وشفتين، [تقدس] الْملك عِنْد سَاق الْعَرْش ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن [عبيد الله] ، ثَنَا شُعَيْب بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن مُسلم، عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي، عَن أبي هُرَيْرَة " أَنه كَانَ على تمر الصَّدَقَة، فَوجدَ أثر كف كَأَنَّهُ قد أَخذ مِنْهُ، فَذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أَتُرِيدُ أَن تَأْخُذهُ؟ قل: سُبْحَانَ من سخرك لمُحَمد. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَقلت: فَإِذا أَنا قَائِم بِهِ بَين يَدي فَأَخَذته لأذهب بِهِ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذته لأهل بَيت فُقَرَاء من(4/31)
الْجِنّ وَلنْ أَعُود. قَالَ: فَعَاد فَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أَتُرِيدُ أَن تَأْخُذهُ؟ فَقلت: نعم. قَالَ: فَقل: سُبْحَانَ من سخرك لمُحَمد. فَقلت: فَإِذا أَنا بِهِ، فَأَرَدْت لأذهب بِهِ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعاهدني أَلا يعود، فتركته، ثمَّ عَاد، فَذَكرته للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَتُرِيدُ أَن تَأْخُذهُ؟ فَقلت: نعم. فَقَالَ: قل: سُبْحَانَ الَّذِي سخرك لمُحَمد. فَقلت، فَإِذا أَنا بِهِ، قلت: عاهدتني فَكَذبت وعدت، لأذهبن بك إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ خل عني أعلمك كَلِمَات إِذا قلتهن لم يقربك ذكر وَلَا أُنْثَى من الْجِنّ. قلت: وَمَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات؟ قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ، اقرأها عِنْد كل صباح وَمَسَاء. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فخليت عَنهُ، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: أَو مَا علمت أَنه كَذَلِك ".
رَوَاهُ عَوْف، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ: " إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ ".
وَبَينهَا اخْتِلَاف وَفِي حَدِيث أبي المتَوَكل زِيَادَة.
بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَة الْكَهْف
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد الْغَطَفَانِي، عَن معدان بن أبي طَلْحَة الْيَعْمرِي، عَن أبي / الدَّرْدَاء؛ أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حفظ عشر آيَات من أول سُورَة الْكَهْف عصم من الدَّجَّال ".
حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة.
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا همام، جَمِيعًا عَن قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
قَالَ شُعْبَة: " من آخر الْكَهْف ". وَقَالَ همام: " من أول الْكَهْف " كَمَا قَالَ هِشَام.(4/32)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن، ثَنَا حجاج، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة بِإِسْنَاد مُسلم قَالَ: " من قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر من الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال ".
تَابعه خَالِد عَن شُعْبَة.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، عَن خَالِد.
وروى النَّسَائِيّ أَيْضا قَالَ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ: " من قَرَأَ عشر آيَات من الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن معدان بن أبي طَلْحَة، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي قَالَ: " من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَة يس
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن الْفضل، أبنا زيد - هُوَ ابْن الْحباب - ثَنَا حميد، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لكل شَيْء قلبا، وقلب الْقُرْآن يس ".
وَلَا نعلم روى هَذَا الحَدِيث إِلَّا زيد عَن حميد، وَحميد هَذَا هُوَ مولى بني عَلْقَمَة، لَا نعلم روى عَنهُ إِلَّا زيد.(4/33)
بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَة الْوَاقِعَة
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا شهر بن عبد الله الْبَغْدَادِيّ، أخبرنَا عبد الله بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن القَاضِي الْأَنْطَاكِي حَدثنَا حبشِي بن عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق - واسْمه طَاهِر يَعْنِي حبيشا - قَالَ: حَدثنِي أبي، أخبرنَا السّري بن يحيى، عَن أبي شُجَاع، عَن أبي ظَبْيَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من قَرَأَ سُورَة الْوَاقِعَة كل لَيْلَة لم تصبه فاقة أبدا ".
بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَة الْملك وَإِذا زلزلت
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بن / أبي الشَّوَارِب، ثَنَا يحيى بن عَمْرو بن مَالك النكري، عَن أَبِيه، عَن أبي الجوزاء، عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " ضرب بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خباءه على قبر وَهُوَ لَا يحْسب أَنه قبر، فَإِذا فِيهِ إِنْسَان يقْرَأ سُورَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} حَتَّى خَتمهَا. فَأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي ضربت خبائي على قبر وَأَنا لَا أَحسب أَنه قبر، فَإِذا فِيهِ إِنْسَان يقْرَأ {تبَارك} حَتَّى خَتمهَا. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هِيَ الْمَانِعَة، هِيَ المنجية تنجيه من عَذَاب الْقَبْر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن عَبَّاس الْجُشَمِي، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن سُورَة من الْقُرْآن ثَلَاثُونَ آيَة شفعت لرجل حَتَّى غفر لَهُ. وَهِي سُورَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} ".(4/34)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن مَرْزُوق، أبنا شُعْبَة بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سُورَة من الْقُرْآن ثَلَاثُونَ آيَة تشفع لصَاحِبهَا حَتَّى يغْفر لَهُ: {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد، عَن أَبِيه، ثَنَا سعيد، ثَنَا عَيَّاش بن عَبَّاس، عَن عِيسَى بن هِلَال، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " أَتَى رجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أقرئني. قَالَ: اقْرَأ ثَلَاثًا من ذَات الرَّاء. قَالَ الرجل: كبر سني وَاشْتَدَّ قلبِي وَغلظ لساني. قَالَ: اقْرَأ ثَلَاثًا من ذَات حم. فَقَالَ مثل مقَالَته الأولى، قَالَ: اقْرَأ ثَلَاثًا من المسبحات. فَقَالَ مثل مقَالَته الأولى، قَالَ: لَكِن أقرئني سُورَة جَامِعَة. فَأَقْرَأهُ {إِذا زلزلت الأَرْض} حَتَّى فرغ مِنْهَا. قَالَ الرجل: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا لَا أَزِيد عَلَيْهَا أبدا. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَفْلح الرويجل، أَفْلح الرويجل ".
عبد الله بن يزِيد هُوَ الْمُقْرِئ، مَشْهُور.
بَاب مَا جَاءَ فِي قل هُوَ الله أحد
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن بشار، قَالَ زُهَيْر: ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن معدان بن أبي طَلْحَة، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ / فِي لَيْلَة ثلث الْقُرْآن؟ قَالُوا: وَكَيف يقْرَأ ثلث الْقُرْآن؟ قَالَ: {قل هُوَ الله أحد} تعدل ثلث الْقُرْآن ".(4/35)
وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا مُحَمَّد بن بكر، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة.
وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا عَفَّان، ثَنَا أبان الْعَطَّار، جَمِيعًا عَن قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد؛ وَفِي حَدِيثهمَا من قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله جزأ الْقُرْآن ثَلَاثَة أَجزَاء، فَجعل {قل هُوَ الله أحد} جُزْءا من أَجزَاء الْقُرْآن ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا [عبيد الله] بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن سعد، حَدثنَا عمي، ثَنَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق، حَدثنِي الْحَارِث بن فُضَيْل، عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف؛ أَن نَفرا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حدثوه؛ أَنهم سمعُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " {قل هُوَ الله أحد} تعدل ثلث الْقُرْآن لمن صلى بهَا ".
الْحَارِث بن فُضَيْل وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَيحيى بن معِين.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك، عَن عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبيد مولى آل زيد بن الْخطاب قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسمع رجل يقْرَأ {قل هُوَ الله أحد. الله الصَّمد. لم يلد وَلم يُولد. وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَجَبت. فَسَأَلته: مَاذَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الْجنَّة ".(4/36)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن [أبي] أويس، حَدثنِي عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن [عبيد الله] بن عمر، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " كَانَ رجل من الْأَنْصَار يؤمهم فِي مَسْجِد قبَاء، وَكَانَ كلما افْتتح سُورَة يقْرَأ لَهُم فِي الصَّلَاة فَقَرَأَ بهَا افْتتح ب {قل هُوَ الله أحد} حَتَّى يفرغ مِنْهَا، ثمَّ يقْرَأ سُورَة أُخْرَى مَعهَا، وَكَانَ يصنع ذَلِك فِي كل رَكْعَة، (وَكَلمه) أَصْحَابه فَقَالُوا: إِنَّك تقْرَأ بِهَذِهِ السُّورَة، ثمَّ لَا ترى أَنَّهَا تجزيك حَتَّى تقْرَأ بِسُورَة أُخْرَى؛ فإمَّا أَن تقْرَأ بهَا، وَإِمَّا أَن تدعها وتقرأ بِسُورَة أُخْرَى. قَالَ: مَا أَنا بتاركها، إِن أَحْبَبْتُم أَن أؤمكم بهَا فعلت، وَإِن كرهتم تركتكم. وَكَانُوا يرونه أفضلهم، وكرهوا أَن يؤمهم غَيره، فَلَمَّا أَتَاهُم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخْبرُوهُ الْخَبَر فَقَالَ: يَا فلَان، مَا يمنعك مِمَّا يَأْمر بِهِ أَصْحَابك؟ وَمَا يحملك أَن تقْرَأ هَذِه السُّورَة فِي كل / رَكْعَة؟ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أحبها. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن حبها أدْخلك الْجنَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث [عبيد الله] بن عمر، عَن ثَابت.
بَاب مَا جَاءَ فِي المعوذتين
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا جرير، عَن بَيَان، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ألم تَرَ آيَات أنزلت اللَّيْلَة لم ير مِثْلهنَّ قطّ: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} ".(4/37)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي عمرَان أسلم، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " (اتبعت) رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ رَاكب فَوضعت يَدي على قدمه فَقلت: أقرئني سُورَة هود (أَو) سُورَة يُوسُف. فَقَالَ: لن تقْرَأ شَيْئا أبلغ عِنْد الله من {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " بَينا أَنا أَسِير مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين الْجحْفَة والأبواء إِذْ غشيتنا ريح وظلمة شَدِيدَة، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ ب {أعوذ بِرَبّ الفلق} و {أعوذ بِرَبّ النَّاس} وَيَقُول: يَا عقبَة، تعوذ بهما فَمَا تعوذ بمثلهما. قَالَ: وسمعته يؤمنا [بهما] فِي الصَّلَاة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا بَقِيَّة، ثَنَا بحير، عَن خَالِد بن معدان، عَن جُبَير بن نفير، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " أهديت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بغلة شهباء فركبها وَأخذ عقبَة يَقُودهَا بِهِ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعقبة: اقْرَأ. قَالَ: وَمَا أَقرَأ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: اقْرَأ {قل أعوذ بِرَبّ الفلق من شَرّ مَا خلق} . فَأَعَادَهَا عَليّ حَتَّى قرأتها، فَعرف أَنِّي لم أفرح بهَا جدا فَقَالَ: لَعَلَّك تهاونت بهَا، فَمَا قُمْت (تصلي) بِمِثْلِهَا ".(4/38)
بَاب مَا جَاءَ أَن الْقُرْآن حجَّة لَك أَو عَلَيْك
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا حبَان بن هِلَال، ثَنَا أبان، ثَنَا يحيى؛ أَن زيد بن سَلام حَدثهُ؛ أَن أَبَا سَلام / حَدثهُ، عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوضُوء شطر الْإِيمَان، وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان، وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله تملآن - أَو تملأ مَا بَين السَّمَاوَات وَالْأَرْض - وَالصَّلَاة نور، وَالصَّدَََقَة برهَان، وَالصَّبْر ضِيَاء، وَالْقُرْآن حجَّة لَك أَو عَلَيْك؛ كل النَّاس يَغْدُو فبائع نَفسه فمعتقها، أَو موبقها ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن أبي الْخطاب، عَن أبي سعيد قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام تَبُوك (خطب) النَّاس وَهُوَ مُسْند ظَهره إِلَى رَاحِلَته، فَقَالَ: أَلا أخْبركُم بِخَير النَّاس وَشر النَّاس؛ إِن من خير النَّاس (رجل) عمل فِي سَبِيل الله على ظهر فرسه، أَو على ظهر بعيره، أَو على قدمه حَتَّى يَأْتِيهِ الْمَوْت، وَإِن من شَرّ النَّاس (رجل فَاجر) يقْرَأ كتاب الله لَا يرعوي إِلَى شَيْء مِنْهُ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق، [وَالْحُسَيْن] بن أبي كَبْشَة قَالَا: ثَنَا(4/39)
مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي، ثَنَا الصَّلْت، عَن الْحسن، ثَنَا جُنْدُب فِي هَذَا الْمَسْجِد - يَعْنِي: مَسْجِد الْبَصْرَة - أَن حُذَيْفَة حَدثهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا [أَتَخَوَّف عَلَيْكُم (رجل) قَرَأَ الْقُرْآن؛ حَتَّى إِذا رئي عَلَيْهِ بهجته، وَكَانَ ردْءًا لِلْإِسْلَامِ - اعتزل إِلَى مَا شَاءَ الله، وَخرج على جَاره بِسَيْفِهِ، ورماه بالشرك ".
وَهَذَا الحَدِيث - بِهَذَا اللَّفْظ - لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن حُذَيْفَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَإِسْنَاده حسن، والصلت هَذَا رجل مَشْهُور من أهل الْبَصْرَة، وَمَا بعده فقد استغنينا عَن تعريفهم لشهرتهم.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا وهب بن بَقِيَّة، أبنا خَالِد، عَن حميد الْأَعْرَج، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " خرج علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن نَقْرَأ الْقُرْآن وَفينَا الْأَعرَابِي والعجمي فَقَالَ: اقْرَءُوا فَكل حسن وَسَيَجِيءُ أَقوام (يقومونه كَمَا يقوم) الْقدح، يتعجلونه، وَلَا يتأجلونه ".
تمّ الْكتاب بِحَمْد الله وعونه وتأييده وَنَصره يتلوه إِن شَاءَ الله - تَعَالَى - كتاب التَّفْسِير(4/40)
/ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ (صلي) على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب تَفْسِير الْقُرْآن
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا سُوَيْد بن عَمْرو الْكَلْبِيّ، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[قَالَ] : " اتَّقوا الحَدِيث عني إِلَّا مَا علمْتُم، فَمن كذب عَليّ [مُتَعَمدا] فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار، وَمن قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من [النَّار] ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن.
عبد بن الحميد: حَدثنَا أَبُو نعيم وَعبيد الله بن مُوسَى وَقبيصَة وَعبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز، عَن سُفْيَان عَن عبد الْأَعْلَى بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ، قَالَ: " من قَالَ فِي الْقُرْآن بِغَيْر علم، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة، عَن سُوَيْد بن عَمْرو، عَن عبد الْأَعْلَى بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " من كذب فِي الْقُرْآن بِغَيْر ... ".
فَاتِحَة الْكتاب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن سعد، ثَنَا عَمْرو بن أبي قيس، عَن سماك بن حَرْب، عَن عباد بن حُبَيْش، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ الْقَوْم: هَذَا عدي بن حَاتِم. وَجئْت بِغَيْر أَمَان وَلَا كتاب، فَلَمَّا دفعت إِلَيْهِ، أَخذ بيَدي وَقد كَانَ قَالَ قبل ذَلِك:(4/41)
إِنِّي لأرجو أَن يَجْعَل الله يَده فِي يَدي. قَالَ: فَقَامَ بِي فَلَقِيته امْرَأَة وَصبي مَعهَا فَقَالَا: إِن لنا إِلَيْك حَاجَة. فَقَامَ مَعَهُمَا حَتَّى قضى حاجتهما، ثمَّ أَخذ بيَدي حَتَّى أَتَى [بِي] دَاره، [فَأَلْقَت] لَهُ الوليدة وسَادَة فَجَلَسَ عَلَيْهَا، وَجَلَست بَين يَدَيْهِ، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: مَا يفرك أَن (يُقَال) : لَا إِلَه إِلَّا الله، فَهَل تعلم من إِلَه سوى الله؟ قَالَ: قلت: لَا. قَالَ: ثمَّ تكلم سَاعَة، ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا (يفر) أَن (يُقَال) : الله أكبر، وَتعلم أَن شَيْئا أكبر من الله؟ قَالَ: قلت: لَا. قَالَ: فَإِن الْيَهُود مغضوب عَلَيْهِم، وَالنَّصَارَى ضلال. قَالَ: قلت: فَإِنِّي جِئْت (مُسلم) ، قَالَ: فَرَأَيْت وجهة تبسط فَرحا، قَالَ: ثمَّ أَمر بِي، فأنزلت عِنْد رجل من الْأَنْصَار، جعلت أغشاه، آتيه طرفِي النَّهَار، قَالَ: فَبينا أَنا عِنْده عَشِيَّة إِذْ جَاءَهُ قوم فِي ثِيَاب من الصُّوف من هَذِه النمار. قَالَ: فصلى وَقَامَ فَحَث عَلَيْهِم، ثمَّ قَالَ: وَلَو صَاع، وَلَو بِنصْف صَاع، وَلَو بقبضة / وَلَو بِبَعْض قَبْضَة، يقي أحدكُم وَجهه حر جَهَنَّم - أَو النَّار - وَلَو (بتمرة) وَلَو بشق تَمْرَة؛ فَإِن أحدكُم لاقي الله وَقَائِل لَهُ مَا أَقُول لكم: ألم أجعَل لَك سمعا وبصرا؟ فَيَقُول: بلَى. ألم أجعَل [لَك] مَالا وَولدا؟ فَيَقُول: بلَى. فَقَالَ: أَيْن مَا قدمت لنَفسك؟ (فَنظر) قدامه وَبعده، وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله، ثمَّ لَا يجد شَيْئا يقي بِهِ وَجهه جَهَنَّم، (ليقي) أحدكُم وَجهه النَّار وَلَو بشق تَمْرَة، فَأن لم يجد فبكلمة طيبَة، فَإِنِّي لَا أَخَاف عَلَيْكُم الْفَاقَة، فَإِن الله ناصركم ومعطيكم حَتَّى تسير [الظعينة] فِيمَا بَين يثرب والحيرة أَكثر(4/42)
مَا تخَاف على مطيتها السرق. قَالَ: فَجعلت أَقُول فِي نَفسِي: فَأَيْنَ لصوص طَيئ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث سماك بن حَرْب، وروى شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن عباد بن حُبَيْش، عَن عدي بن حَاتِم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحَدِيث بِطُولِهِ.
حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَبُنْدَار، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن عباد بن حُبَيْش، عَن عدي بن حَاتِم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْيَهُود مغضوب عَلَيْهِم، وَالنَّصَارَى ضلال ... " فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ.
وَمن سُورَة الْبَقَرَة قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس اعبدوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم وَالَّذين من قبلكُمْ}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا يحيى بن سعيد وَابْن أبي عدي وَمُحَمّد بن جَعْفَر وَعبد الْوَهَّاب، قَالُوا: حَدثنَا عَوْف، عَن قسَامَة بن زُهَيْر، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله خلق آدم من قَبْضَة قبضهَا من جَمِيع الأَرْض؛ فجَاء بَنو آدم على قدر الأَرْض، فجَاء مِنْهُم الْأَحْمَر والأبيض وَالْأسود وَبَين ذَلِك، والحزن والسهل، والخبيث وَالطّيب ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {وادخلوا الْبَاب سجدا}
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن(4/43)
مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا. وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قيل لبني إِسْرَائِيل: {وادخلوا الْبَاب سجدا وَقُولُوا حطة نغفر لكم خطاياكم} . فبدلوا فَدَخَلُوا الْبَاب يزحفون على أستاههم وَقَالُوا: حَبَّة فِي شَعْرَة ".
البُخَارِيّ: / حَدثنَا مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن ابْن الْمُبَارك، عَن معمر، فَذكره وَقَالَ: " وَقَالُوا: حطة حَبَّة فِي شَعْرَة ".
قَوْله تَعَالَى: {من كَانَ عدوا لجبريل}
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن يحيى الصُّوفِي، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا عبد الله بن الْوَلِيد - وَكَانَ يُجَالس الْحسن بن حَيّ - عَن بكير بن شهَاب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَقبلت يهود إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم، نَسْأَلك عَن أَشْيَاء فَإِن أجبتنا فِيهَا اتَّبَعْنَاك وَصَدَّقنَاك وآمنا بك. قَالَ: فَأخذ عَلَيْهِم مَا أَخذ إِسْرَائِيل [على] بنيه إِذْ قَالُوا: {الله على مَا نقُول وَكيل} . قَالُوا: أخبرنَا [عَن] عَلَامَات النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه. قَالُوا: أخبرنَا كَيفَ تؤنث الْمَرْأَة وَكَيف يذكر الرجل؟ قَالَ: (يلقى) الماءان فَإِذا علا مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل أنثت، وَإِذا علا مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة أذكرت. قَالُوا: صدقت. قَالُوا: فَأخْبرنَا عَن الرَّعْد مَا هُوَ؟ قَالَ: ملك من الْمَلَائِكَة مُوكل بالسحاب، مَعَه مخاريق(4/44)
من نَار يَسُوق بهَا السَّحَاب حَيْثُ شَاءَ الله. قَالُوا: فَمَا هَذِه الصَّوْت الَّذِي يسمع؟ قَالَ: زَجره بالسحاب؛ إِذا زَجره حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى حَيْثُ أَمر. قَالُوا: صدقت. [قَالُوا] : فَأخْبرنَا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه؟ قَالَ: كَانَ يسكن البدو فاشتكى عرق النسا فَلم يجد شَيْئا يلاومه إِلَى لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا فَلذَلِك حرمهَا. قَالُوا: صدقت. [قَالُوا] : فَأخْبرنَا من الَّذِي يَأْتِيك من الْمَلَائِكَة من عِنْد ربه، فَإِنَّهُ لَيْسَ نَبِي إِلَّا يَأْتِيهِ ملك من الْمَلَائِكَة من عِنْد ربه بالرسالة [و] بِالْوَحْي، فَمن صَاحبك فَإِنَّهُ إِنَّمَا بقيت هَذِه حَتَّى نتابعك؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالُوا: ذَاك الَّذِي ينزل بِالْحَرْبِ و (بِالْقِتَالِ) ، ذَاك عدونا [من الْمَلَائِكَة، لَو] قلت مِيكَائِيل الَّذِي ينزل بالقطر وَالرَّحْمَة تابعناك، فَأنْزل الله: {من كَانَ عدوا لجبريل} إِلَى آخر الْآيَة {فَإِن الله عَدو للْكَافِرِينَ} ".
قَوْله تَعَالَى: {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسأها} الْآيَة
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان وَاللَّيْث بن عَبدة، قَالَا: ثَنَا أَبُو الْيَمَان، أبنا شُعَيْب بن أبي حَمْزَة، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف؛ أَن رهطا من الْأَنْصَار من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخْبرُوهُ " أَنه قَامَ رجل مِنْهُم / [فِي جَوف اللَّيْل يُرِيد أَن يفْتَتح سُورَة قد كَانَ وعاها، فَلم يقدر مِنْهَا على شَيْء إِلَّا {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَأتى بَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أصبح يسْأَل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] عَن ذَلِك، وَجَاء آخر حَتَّى اجْتَمعُوا فَسَأَلَ بَعضهم بَعْضًا مَا جمعهم؟ فَأخْبر بَعضهم بَعْضًا بشأن تِلْكَ السُّورَة، ثمَّ أذن لَهُم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فأخبروه خبرهم، وسألوه(4/45)
عَن السُّورَة، فَسكت سَاعَة لَا يرجع إِلَيْهِم شَيْئا، ثمَّ قَالَ: نسخت البارحة ".
قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا هشيم، ثَنَا حميد الطَّوِيل، عَن أنس قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: " قلت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَو اتَّخذت من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى، فَنزلت {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَفِي الْبَاب عَن ابْن عمر.
قَوْله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس مَا ولاهم عَن قبلتهم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، سمع زهيرا، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى [إِلَى بَيت الْمُقَدّس] سِتَّة عشر أَو سَبْعَة عشر شهرا وَكَانَ يُعجبهُ أَن تكون قبلته قبل الْبَيْت، وَأَنه صلى (أَو صلاهَا) صَلَاة الْعَصْر، وَصلى مَعَه قوم، فَخرج رجل مِمَّن كَانَ صلى مَعَه فَمر على أهل الْمَسْجِد وهم رَاكِعُونَ قَالَ: أشهد بِاللَّه لقد صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل مَكَّة. فَدَارُوا كَمَا هم قبل الْبَيْت، وَكَانَ الَّذِي مَاتَ على الْقبْلَة قبل أَن تحول الْقبْلَة قبل الْبَيْت رجال قتلوا لم ندر مَا نقُول فيهم، فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} الْآيَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن رَجَاء، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء فِي هَذَا الحَدِيث: " وَقَالَ السُّفَهَاء من النَّاس وهم الْيَهُود {مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قل لله الْمشرق وَالْمغْرب يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} ".(4/46)
وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّلَاة.
قَوْله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا}
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، قَالَ الْأَعْمَش: حَدثنَا قَالَ / [أَبُو صَالح: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يجاء بِنوح يَوْم الْقِيَامَة، فَيُقَال لَهُ: هَل بلغت؟ فَيَقُول: نعم يَا رب. فتسأل أمته: هَل بَلغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ:] مَا جَاءَنَا من نَذِير. فَيُقَال: من شهودك؟ فَيَقُول: مُحَمَّد وَأمته. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فيجاء بكم فتشهدون. ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} - قَالَ: عدلا - إِلَى قَوْله {شَهِيدا ^) ".
وللبخاري: فِي لفظ آخر فِي هَذَا الحَدِيث: " فَيَقُول: مُحَمَّد وَأمته (فنشهد) أَنه قد بلغ ".
وللترمذي: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا جَعْفَر بن عون، أبنا الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا من أحد ".
وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو عَامر عبد الْملك بن عَمْرو، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن نَافِع، عَن كثير، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما كَانَ بَين إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَين أَهله مَا كَانَ خرج بِإِسْمَاعِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأم(4/47)
إِسْمَاعِيل وَمَعَهُمْ شنة فِيهَا مَاء، فَجعلت أم إِسْمَاعِيل تشرب من الشنة فيدر لَبنهَا على صبيها، حَتَّى قدم مَكَّة فوضعها تَحت دوحة، ثمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيم إِلَى أَهله، فاتبعته أم إِسْمَاعِيل حَتَّى لما بلغُوا كداء نادته من وَرَائه: يَا إِبْرَاهِيم، إِلَى من تتركنا؟ قَالَ: إِلَى الله. [قَالَت] : رضيت بِاللَّه. قَالَ: فَرَجَعت فَجعلت تشرب من الشنة ويدر لَبنهَا على صبيها حَتَّى لما فني المَاء قَالَت: لَو ذهبت فَنَظَرت لعَلي أحس أحدا. قَالَ: فَذَهَبت فَصَعدت الصَّفَا فَنَظَرت وَنظرت هَل تحس أحدا فَلم تحس أحدا، فَلَمَّا بلغت الْوَادي سعت وَأَتَتْ الْمَرْوَة فَفعلت ذَلِك أشواطا، ثمَّ قَالَت: لَو ذهبت فَنَظَرت مَا فعل - تَعْنِي الصَّبِي - فَذَهَبت فَنَظَرت فَإِذا هُوَ على حَاله كَأَنَّهُ ينشغ للْمَوْت، فَلم تقرها نَفسهَا، فَقَالَت: لَو ذهبت فَنَظَرت لعَلي أحس أحدا. فَذَهَبت فَصَعدت الصَّفَا، فَنَظَرت وَنظرت هَل تحس أحدا، فَلم تحس أحدا حَتَّى تمت سبعا، ثمَّ قَالَت: لَو ذهبت فَنَظَرت مَا فعل. فَإِذا هِيَ بِصَوْت، فَقَالَت: أغث إِن كَانَ عنْدك خير. فَإِذا جِبْرِيل، قَالَ: فَقَالَ بعقبه / هَكَذَا وغمز عقبه على الأَرْض. قَالَ: فانبثق المَاء فدهشت أم إِسْمَاعِيل فَجعلت تحفز، قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو تركته كَانَ المَاء ظَاهرا. قَالَ: فَجعلت تشرب من المَاء ويدر لَبنهَا على صبيها. قَالَ: فَمر نَاس من جرهم بِبَطن الْوَادي، فَإِذا هم بطير كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِك وَقَالُوا: مَا يكون الطير إِلَّا على مَاء. فبعثوا رسولهم فَنظر فَإِذا هُوَ بِالْمَاءِ، فَأَتَاهُم فَأخْبرهُم فَأتوا إِلَيْهَا فَقَالُوا: يَا أم إِسْمَاعِيل، تأذنين لنا أَن نَكُون مَعَك أَو نسكن مَعَك؟ فَبلغ ابْنهَا، فنكح فيهم امْرَأَة. قَالَ: ثمَّ إِنَّه بدا لإِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ لأَهله: إِنِّي مطلع تركتي. قَالَ: فجَاء فَسلم، فَقَالَ: أَيْن إِسْمَاعِيل؟ فَقَالَت امْرَأَته: ذهب يصيد. قَالَ: قولي لَهُ إِذا جَاءَ: غير عتبَة بَيْتك. فَلَمَّا جَاءَ أخْبرته، قَالَ: أَنْت ذَلِك، فاذهبي إِلَى أهلك. ثمَّ قَالَ: إِنَّه بدا لإِبْرَاهِيم فَقَالَ لأَهله: إِنِّي مطلع تركتي. فجَاء، فَقَالَ: أَيْن إِسْمَاعِيل؟ فَقَالَت امْرَأَته: ذهب يصيد، فَقَالَت: أَلا تنزل فتطعم وتشرب؟ قَالَ: وَمَا طَعَامكُمْ وَمَا شرابكم؟ قَالَت: طعامنا اللَّحْم، وشرابنا المَاء. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي طعامهم وشرابهم. قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بركَة بدعوة إِبْرَاهِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: ثمَّ إِنَّه بدا لإِبْرَاهِيم فَقَالَ لأَهله: إِنِّي مطلع تركتي. فجَاء فَوَافَقَ إِسْمَاعِيل من(4/48)
وَرَاء زَمْزَم يصلح نبْلًا لَهُ فَقَالَ: يَا إِسْمَاعِيل، إِن رَبك - عز وَجل - أَمرنِي أَن أبني لَهُ بَيْتا. قَالَ: أطع رَبك. قَالَ: إِنَّه قد أَمرنِي أَن تعينني عَلَيْهِ. قَالَ: إِذا أفعل - أَو كَمَا قَالَ - فقاما فَجعل إِبْرَاهِيم يَبْنِي وَإِسْمَاعِيل يناوله الْحِجَارَة ويقولان: {رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم} . قَالَ: حَتَّى ارْتَفع الْبناء وَضعف الشَّيْخ عَن نقل الْحِجَارَة؛ فَقَامَ على حجر الْمقَام فَجعل يناوله الْحِجَارَة ويقولان: {رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم} ".
قَوْله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى}
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا عَمْرو، سَمِعت مُجَاهدًا، سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: " كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل الْقصاص وَلم يكن فيهم الدِّيَة، فَقَالَ الله - عز وَجل - لهَذِهِ الْأمة: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه / شَيْء} فالعفو أَن تقبل الدِّيَة فِي الْعمد {فاتباع بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَان} يتبع بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّي بِإِحْسَان {ذَلِك تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة} مِمَّا كتب على من كَانَ قبلكُمْ {فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم} قتل بعد قبُول الدِّيَة ".
قَوْله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الصّيام}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا بكر - يَعْنِي: ابْن مُضر - عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن بكير، عَن يزِيد مولى سَلمَة بن الْأَكْوَع، [عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع](4/49)
قَالَ: " لما نزلت الْآيَة {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} كَانَ من أَرَادَ منا أَن يفْطر ويفتدي فعل، حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي بعْدهَا فنسختها ".
عبد بن حميد: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشر الْعَبْدي، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن عزْرَة، عَن سعيد بن جُبَير؛ أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رخص للشَّيْخ الْكَبِير والعجوز الْكَبِير وهما يطيقان الصَّوْم؛ إِن شاءا أطعما وَلم يصوما، ثمَّ نسخت بعد ذَلِك؛ فَقَالَ الله - عز وَجل -: {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه وَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} وَثَبت للشَّيْخ الْكَبِير والعجوز الْكَبِير إِذا كَانَا لَا يطيقان الصَّوْم أَن يطعما، وللحامل والمرضع إِذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مَكَان كل يَوْم مِسْكينا وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا ".
قَالَ عبد: وَحدثنَا النَّضر بن شُمَيْل، عَن ابْن عون، عَن أنس بن سِيرِين قَالَ: " كَانَ ابْن عَبَّاس يخْطب فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة فِي الْبَقَرَة: {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} قَالَ: قد نسخت هَذِه الْآيَة ".
وَحدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ} قَالَ: الشَّيْخ الْكَبِير والمستحاضة الَّتِي لَا تصبر على المَاء وَالطَّعَام، فليطعم كل يَوْم نصف صَاع؛ مدا لإدامه، ومدا لطعامه ".
قَالَ: وَحدثنَا جَعْفَر بن عون، عَن مُسلم الْملَائي، عَن مُجَاهِد، وَسَعِيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} قَالَ: الشَّيْخ الْكَبِير يتَصَدَّق عَنهُ بِنصْف صَاع من بر كل يَوْم وَلَا يَصُوم ".(4/50)
قَوْله تَعَالَى: / {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْآيَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا مَالك، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه قَالَ: " قلت لعَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا يَوْمئِذٍ حَدِيث السن: أَرَأَيْت قَول الله - عز وَجل -: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} فَمَا أرى على أحد شَيْئا أَن لَا يطوف بهما. فَقَالَت عَائِشَة: كلا؛ لَو كَانَت كَمَا تَقول كَانَت فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما، إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَنْصَار، كَانُوا يهلون لمناة، وَكَانَت مَنَاة حَذْو قديد، وَكَانُوا يتحرجون أَن [يطوفوا] بَين الصَّفَا والمروة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام سَأَلُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، فَأنْزل الله - عز وَجل - {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا يزِيد بن أبي حَكِيم، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم الْأَحول قَالَ: " سَأَلت [أنس بن مَالك] عَن الصَّفَا والمروة فَقَالَ: كَانَا من شَعَائِر الْجَاهِلِيَّة. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَام أمسكنا عَنْهُمَا، فَأنْزل الله - عز وَجل -: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} قَالَ: هما تطوع {وَمن تطوع خيرا فَإِن الله شَاكر عليم} ".(4/51)
عبد بن حميد: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبيد، عَن ابْن أبي سُلَيْمَان، عَن عَطاء قَالَ: " كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ هَذِه الْآيَة: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} ".
قَالَ: وثنا الضَّحَّاك بن مخلد أَبُو عَاصِم، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء " أَنه كَانَ يتَأَوَّل قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما " يَعْنِي فِي: الصَّفَا والمروة ".
قَوْله تَعَالَى: {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عبيد الله] ، [عَن] إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء.
وحَدثني أَحْمد بن عُثْمَان، ثَنَا شُرَيْح بن [مسلمة] ، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن يُوسُف، عَن أَبِيه، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت / الْبَراء: " لما نزل صَوْم رَمَضَان كَانُوا لَا يقربون النِّسَاء رَمَضَان كُله، و [كَانَ] رجال يخونون أنفسهم فَأنْزل الله - عز وَجل - {علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون أَنفسكُم فَتَابَ عَلَيْكُم} الْآيَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل ابْن يُونُس، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " كَانَ أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا كَانَ(4/52)
الرجل صَائِما فَحَضَرَ للإفطار فَنَامَ قبل أَن يفْطر لَا يَأْكُل ليلته وَلَا يَوْمه حَتَّى يُمْسِي، وَإِن قيس بن صرمة الْأنْصَارِيّ كَانَ صَائِما فَلَمَّا حضر الْإِفْطَار أَتَى امْرَأَته، فَقَالَ: هَل عنْدك طَعَام؟ قَالَت: لَا وَلَكِن أَنطلق أطلب لَك. وَكَانَ يَوْمه يعْمل، فغلبته عينه وجاءته امْرَأَته، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَت: خيبة لَك. فَلَمَّا انتصف النَّهَار غشي عَلَيْهِ، فَذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَنزلت هَذِه الْآيَة {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم} فَفَرِحُوا بهَا فَرحا شَدِيدا {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْر} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، ثَنَا أَبُو غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف، ثَنَا أَبُو حَازِم، عَن سهل بن سعد قَالَ: " أنزلت {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود} وَلم ينزل من {من الْفجْر} وَكَانَ رجال إِذا أَرَادوا الصَّوْم ربط أحدهم فِي رجلَيْهِ الْخَيط الْأَبْيَض وَالْخَيْط الْأسود، وَلَا يزَال يَأْكُل حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ رُؤْيَتهمَا؛ فَأنْزل الله - عز وَجل - {من الْفجْر} فَعَلمُوا أَنما يَعْنِي اللَّيْل وَالنَّهَار ".
مُسلم: حَدثنِي [عبيد الله] بن عمر القواريري، حَدثنَا فُضَيْل بن سُلَيْمَان، ثَنَا أَبُو حَازِم، ثَنَا سهل بن سعد قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة: {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود} قَالَ: كَانَ الرجل يَأْخُذ خيطا أَبيض وخيطا أسود، ثمَّ يَأْكُل حَتَّى يستبينهما، حَتَّى أنزل الله - عز وَجل - {من الْفجْر} فَبين ذَلِك ".(4/53)
قَوْله تَعَالَى: {وَأتوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا}
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء يَقُول: " كَانَت الْأَنْصَار إِذا حجُّوا فَرَجَعُوا لم يدخلُوا الْبيُوت إِلَّا من ظُهُورهَا، قَالَ: فجَاء رجل / من الْأَنْصَار (على) بَابه، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عبيد الله] بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " كَانُوا إِذا أَحْرمُوا فِي الْجَاهِلِيَّة أَتَوا الْبَيْت من ظَهره فَأنْزل الله: {وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا وَلَكِن الْبر من اتَّقى وَأتوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا} الْآيَة ".
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا الضَّحَّاك بن مخلد، عَن حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أسلم أبي عمرَان [التجِيبِي] قَالَ: " كُنَّا بِمَدِينَة الرّوم فأخرجوا إِلَيْنَا صفا عَظِيما من الرّوم، فَخرج إِلَيْهِم من الْمُسلمين مثلهم أَو أَكثر وعَلى أهل مصر عقبَة بن عَامر، وعَلى الْجَمَاعَة فضَالة بن عبيد، فَحمل رجل من الْمُسلمين على صف الرّوم حَتَّى دخل فيهم، فصاح النَّاس وَقَالُوا: سُبْحَانَ الله يلقِي بيدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَة! فَقَالَ أَبُو أَيُّوب فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّكُم تَتَأَوَّلُونَ هَذِه(4/54)
الْآيَة هَذَا التَّأْوِيل، وَإِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة فِينَا معشر الْأَنْصَار، لما أعز الله الْإِسْلَام وَكثر ناصروه، فَقَالَ بَعْضنَا لبَعض سرا دون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن أَمْوَالنَا ضَاعَت، وَإِن الله أعز الْإِسْلَام وَكثر ناصروه [فَلَو] أَقَمْنَا فِي أَمْوَالنَا وأصلحنا مَا ضَاعَ مِنْهَا. فَأنْزل الله على نبيه يرد علينا {وأنفقوا فِي سَبِيل الله وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} فَكَانَت التَّهْلُكَة: الْإِقَامَة على الْأَمْوَال وإصلاحها وَتَركنَا الْغَزْو. فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوب شاخصا فِي سَبِيل الله حَتَّى دفن بِأَرْض الرّوم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا هشيم، ثَنَا مُغيرَة، عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ كَعْب بن عجْرَة: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لفي أنزلت هَذِه الْآيَة، وإياي عني بهَا {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحُدَيْبِية وَنحن محرمون وَقد حصرنا الْمُشْركُونَ، وَكَانَت لي وفرة فَجعلت الْهَوَام تساقط على وَجْهي، فَمر بِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: كَأَن هوَام رَأسك تؤذيك؟ قَالَ: قلت: نعم. قَالَ: فَاحْلِقْ. وَنزلت هَذِه الْآيَة. قَالَ مُجَاهِد: الصّيام ثَلَاثَة أَيَّام، وَالطَّعَام سِتَّة مَسَاكِين، والنسك شَاة فَصَاعِدا ".
حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا هشيم، عَن أبي بشر، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي [ليلى] ، عَن كَعْب بن عجْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِ ذَلِك.(4/55)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا الْعَلَاء بن الْمسيب، حَدثنَا أَبُو أُمَامَة التَّيْمِيّ قَالَ: " كنت رجلا أَكْرِي فِي هَذَا الْوَجْه، وَكَانَ نَاس يَقُولُونَ: إِنَّه لَيْسَ لَك حج. فَلَقِيت ابْن عمر فَلَقِيت: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، إِنِّي رجل أَكْرِي فِي هَذَا الْوَجْه وَإِن نَاسا يَقُولُونَ: لَيْسَ لَك حج؟ فَقَالَ - يَعْنِي ابْن عمر -: أَلَسْت تحرم وَتُلَبِّي وَتَطوف بِالْبَيْتِ وَتفِيض من عَرَفَات وَتَرْمِي الْجمار؟ قَالَ: قلت: بلَى. قَالَ: فَإِن لَك حجا. جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ عَن مثل مَا سَأَلتنِي عَنهُ، فَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يجبهُ حَتَّى نزلت {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} فَأرْسل إِلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة عَلَيْهِ وَقَالَ: لَك حج ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبيد، أبنا ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت عكاظ ومجنة وَذُو الْمجَاز أسواقا فِي الْجَاهِلِيَّة، فتأثموا أَن يتجروا فِي المواسم فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} فِي مواسم الْحَج ".
قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا مُحَمَّد بن حَازِم، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " كَانَت قُرَيْش وَمن دَان دينهَا يقفون بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يسمون الحمس وَكَانَ سَائِر الْعَرَب يقفون بِعَرَفَات، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام / أَمر الله - عز وَجل - نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يَأْتِي عَرَفَات ثمَّ يقف بهَا ثمَّ يفِيض مِنْهَا فَذَلِك قَوْله عز وَجل {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} ".(4/56)
قَوْله تَعَالَى: {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن بكير بن عَطاء، عَن عبد الرَّحْمَن بن يعمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحَج عَرَفَات، الْحَج عَرَفَات، الْحَج عَرَفَات، أَيَّام منى ثَلَاث {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ من تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} وَمن أدْرك عَرَفَة قبل أَن يطلع الْفجْر فقد أدْرك الْحَج ".
قَالَ ابْن أبي عمر: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: وَهَذَا أَجود حَدِيث رَوَاهُ [الثَّوْريّ] .
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} الْآيَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْمروزِي، حَدثنِي عَليّ بن حُسَيْن، عَن أَبِيه، عَن يزِيد النَّحْوِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} و {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع} نسختها [الَّتِي] فِي الْمَائِدَة: {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب} الْآيَة ".(4/57)
قَوْله تَعَالَى: {فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " كَانَت الْيَهُود إِذا حَاضَت امْرَأَة مِنْهُنَّ (لم) يواكلوها، وَلم يشاربوها، وَلم يجامعوها فِي الْبيُوت، فَسئلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، فَأنْزل الله - عز وَجل - {يَسْأَلُونَك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى} فَأَمرهمْ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يواكلوهن ويشاربوهن، وَأَن يَكُونُوا مَعَهُنَّ فِي الْبَيْت، وَأَن يَفْعَلُوا كل شَيْء إِلَّا النِّكَاح. فَقَالَت الْيَهُود: مَا يُرِيد أَن يدع من أمرنَا شَيْئا إِلَّا خالفناه فِيهِ. قَالَ: فجَاء [عباد] بن بشر وَأسيد بن حضير إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرَاهُ بذلك وَقَالا: يَا رَسُول الله، أَفلا ننكحهن فِي الْمَحِيض؟ فتمعر وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / حَتَّى ظننا أَنه غضب عَلَيْهِمَا. فقاما فاستقبلتهما هَدِيَّة من لبن، فَأرْسل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي آثارهما فَسَقَاهُمَا، فعلما أَنه لم يغْضب عَلَيْهِمَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم}
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، ثَنَا أَبُو بكر بن أبي أويس، حَدثنِي سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن زيد بن أسلم، عَن عبد الله بن عمر " أَن رجلا أَتَى امْرَأَة فِي دبرهَا فَوجدَ من ذَلِك وجدا شَدِيدا فَأنْزل الله - عز وَجل - {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} ".(4/58)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، أبنا سُفْيَان، عَن ابْن الْمُنْكَدر، سمع جَابِرا يَقُول: " كَانَت الْيَهُود تَقول: من أَتَى امْرَأَته فِي قبلهَا من دبرهَا كَانَ الْوَلَد أَحول، فَنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا الْحسن بن مُوسَى، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الله الْأَشْعَرِيّ، عَن جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جَاءَ عمر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَلَكت: قَالَ: وَمَا أهْلكك؟ قَالَ: حولت رحلي اللَّيْلَة، فَلم يرد عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَأوحى الله إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذِه الْآيَة: {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} أقبل وَأدبر، وَاتَّقِ الدبر والحيضة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
قَوْله عز وَجل: {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن} الْآيَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم، عَن الْمُبَارك بن فضَالة، عَن الْحسن، [عَن] معقل بن يسَار " أَنه زوج أُخْته رجلا من(4/59)
الْمُسلمين على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَانَت عِنْده مَا كَانَت، ثمَّ طَلقهَا تَطْلِيقَة لم يُرَاجِعهَا حَتَّى انْقَضتْ الْعدة، فهويها (وهوته) ثمَّ خطبهَا مَعَ الْخطاب، فَقَالَ لَهُ: يَا لكع، أكرمتك بهَا وزوجتك فطلقتها؛ وَالله لَا / ترجع إِلَيْك أبدا آخر مَا عَلَيْك. قَالَ: فَعلم الله حَاجته إِلَيْهَا وحاجتها إِلَى بَعْلهَا فَأنْزل الله - عز وَجل - {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ} إِلَى قَوْله: {وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ} فَلَمَّا سَمعهَا معقل قَالَ: سمعا لرَبي وَطَاعَة. ثمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: أزَوجك وأكرمك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَرُوِيَ من غير وَجه عَن الْحسن وَهُوَ عَن الْحسن غَرِيب.
وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة على (أَن) لَا يجوز النِّكَاح بِغَيْر ولي؛ لِأَن أُخْت معقل بن يسَار كَانَت ثَيِّبًا، فَلَو كَانَ الْأَمر إِلَيْهَا دون وَليهَا لزوجت نَفسهَا وَلم تحتج وَليهَا معقل بن يسَار، وَإِنَّمَا خَاطب الله فِي الْآيَة الْأَوْلِيَاء فَقَالَ: {فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} فَفِي هَذِه الْآيَة دلَالَة على أَن الْأَمر للأولياء فِي التَّزْوِيج مَعَ رضاهن.
قَوْله تَعَالَى: {أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح}
عبد بن حميد: حَدثنَا روح، عَن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " {إِلَّا أَن يعفون أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} قَالَ: الْمَرْأَة ووليها. وَكَانَ يَقُول: يجوز عَفْو وَليهَا وَإِن أَبَت؛ لِأَن الله يَقُول: {وَأَن تعفوا أقرب للتقوى} ".(4/60)
قَوْله تَعَالَى: {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، [عَن] مَالك بن أنس. قَالَ: وَحدثنَا الْأنْصَارِيّ، حَدثنَا معن، عَن مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم، عَن أبي يُونُس مولى عَائِشَة قَالَ: " أَمرتنِي عَائِشَة أَن أكتب لَهَا مُصحفا - وَقَالَت: إِذا بلغت هَذِه الْآيَة فَآذِنِّي: {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَلَمَّا بلغتهَا (فآذنتها) ، فَأَمْلَتْ عَليّ: " حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة وَالْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ " وَقَالَت: سَمعتهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وَفِي الْبَاب عَن حَفْصَة.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو النَّضر وَأَبُو دَاوُد، عَن مُحَمَّد ابْن طَلْحَة بن مصرف، عَن زبيد /، عَن مرّة، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَلَاة الْوُسْطَى: صَلَاة الْعَصْر ".
وَفِي الْبَاب عَن زيد بن ثَابت، وَأبي هَاشم (بن) عتبَة، وَأبي هُرَيْرَة.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/61)
قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، حَدثنِي عَليّ بن الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن أَبِيه، عَن يزِيد النَّحْوِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس: " {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول غير إِخْرَاج} فنسخ ذَلِك بِآيَة الْمِيرَاث، بِمَا فرض الله لَهُنَّ من الرّبع وَالثمن، وَنسخ أجل الْحول، فَجعل أجلهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا ".
قَوْله تَعَالَى: {وسع كرسيه السَّمَوَات وَالْأَرْض}
الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن سهل، أبنا يحيى بن أبي بكير، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الله بن خَليفَة، عَن عمر " أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: ادْع الله أَن يدخلني الْجنَّة. فَعظم الرب - تبَارك وَتَعَالَى - فَقَالَ: إِن كرسيه وسع السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَإِن لَهُ لأطيطا كأطيط الرجل الْجَدِيد إِذْ ركب من ثقله ".
قَالَ أَبُو بكر: عبد الله بن خَليفَة لم يسند غير هَذَا الحَدِيث، لَا أسْندهُ عَنهُ إِلَّا إِسْرَائِيل، وَلَا حدث عَن عبد الله بن خَليفَة إِلَّا أَبُو إِسْحَاق، وَلَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن عمر. انْتهى كَلَام أبي بكر.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: عبد الله بن خَليفَة روى عَن: عمر، وَجَابِر، روى عَنهُ: أَبُو إِسْحَاق، وَيُونُس بن أبي إِسْحَاق.(4/62)
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أبنا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن السّديّ، عَن أبي مَالك، عَن الْبَراء: " {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} قَالَ: نزلت فِينَا معشر الْأَنْصَار، كُنَّا أَصْحَاب نخل فَكَانَ الرجل يَأْتِي من نخله على قدر كثرته وقلته، وَكَانَ الرجل يَأْتِي بالقنو والقنوين ويعلقه / فِي الْمَسْجِد، وَكَانَ أهل الصّفة لَيْسَ لَهُم طَعَام، وَكَانَ أحدهم إِذا جَاع أَتَى القنو فَضَربهُ بعصاه فَسقط من الْبُسْر وَالتَّمْر، فيأكل وَكَانَ نَاس مِمَّن لَا يرغب فِي الْخَيْر يَأْتِي الرجل بالقنو فِيهِ الشيص والحشف، وبالقنو قد انْكَسَرَ فيعلقه؛ فَأنْزل الله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم وَمِمَّا أخرجنَا لكم من الأَرْض وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} قَالَ: لَو أَن أحدكُم أهدي إِلَيْهِ مثل مَا أعطَاهُ لم يَأْخُذهُ إِلَّا على إغماض وحياء. قَالَ: وَكُنَّا بعد ذَلِك يَأْتِي الرجل بِصَالح مَا عِنْده ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَأَبُو مَالك هُوَ الْغِفَارِيّ، وَيُقَال: اسْمه غَزوَان.
قَوْله تَعَالَى: {أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنَّة} الْآيَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم، أبنا هِشَام، عَن ابْن جريج، سَمِعت عبد الله ابْن أبي مليكَة، عَن ابْن عَبَّاس، وَسمعت أَخَاهُ أَبَا بكر بن أبي مليكَة يحدث، عَن عبيد بن عُمَيْر: " قَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - يَوْمًا لأَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:(4/63)
فِيمَا ترَوْنَ هَذِه الْآيَة نزلت {أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنَّة} ؟ قَالُوا: الله أعلم فَغَضب عمر فَقَالَ: فَقولُوا نعلم أَو لَا نعلم. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فِي نَفسِي مِنْهَا شَيْء يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ عمر: قل يَا ابْن أخي، لَا تحقر نَفسك. قَالَ ابْن عَبَّاس: ضربت مثلا لعمل. قَالَ عمر: أَي عمل؟ قَالَ ابْن عَبَّاس: لعمل. قَالَ عمر: لرجل غَنِي يعْمل بِطَاعَة الله، ثمَّ بعث الله لَهُ الشَّيْطَان فَعمل بِالْمَعَاصِي حَتَّى أغرق أَعماله ".
قَوْله تَعَالَى: {إِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم} الْآيَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن آدم بن سُلَيْمَان مولى خَالِد قَالَ: سَمِعت سعيد بن جُبَير يحدث، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} قَالَ: دخل قُلُوبهم مها شَيْء لم يدْخل قُلُوبهم من شَيْء. قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَقولُوا: سمعنَا وأطعنا وَسلمنَا. قَالَ: فَألْقى الله الْإِيمَان فِي قُلُوبهم، فَأنْزل الله: {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} قَالَ: قد فعلت {رَبنَا / وَلَا تحمل علينا إصرا كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا} قَالَ: قد فعلت {واغفر بِنَا وارحمنا أَنْت مَوْلَانَا} قَالَ: قد فعلت ".
وَمن سُورَة آل عمرَان قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أبنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا يزِيد بن(4/64)
إِبْرَاهِيم، ثَنَا ابْن أبي مليكَة، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة قَالَت: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن هَذِه الْآيَة: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات} إِلَى آخر الْآيَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ، فَأُولَئِك الَّذين سمى الله فاحذروهم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَفِي لفظ آخر لأبي عِيسَى: " فَإِذا رأيتموهم فاعرفوهم ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن بشار، عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن أبي عَامر [و] يزِيد بن إِبْرَاهِيم، عَن ابْن أبي مليكَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَرَوَاهُ مُسلم بن الْحجَّاج، عَن عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عَن يزِيد بن إِبْرَاهِيم وَقَالَ: " فاحذروهم " مثل رِوَايَة عبد بن حميد، عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن إِبْرَاهِيم.(4/65)
قَوْله تَعَالَى: {قل للَّذين كفرُوا ستغلبون}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مصرف بن عَمْرو الأيامي، ثَنَا يُونُس - يَعْنِي ابْن بكير - قَالَ: قَالَ ابْن إِسْحَاق: حَدثنِي مُحَمَّد (بن أبي مُحَمَّد) مولى زيد بن ثَابت، عَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما أصَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُريْشًا يَوْم بدر، وَقدم الْمَدِينَة، جمع الْيَهُود فِي سوق بني قينقاع، فَقَالَ: يَا معشر يهود، أَسْلمُوا قبل أَن يُصِيبكُم مثل مَا أصَاب قُريْشًا. قَالُوا: يَا مُحَمَّد، لَا يغرنك من نَفسك أَنَّك قتلت نفر من قُرَيْش كَانُوا أَغْمَارًا لَا يعْرفُونَ الْقِتَال، إِنَّك لَو قَاتَلْتنَا [لعرفت] أَنا نَحن النَّاس، وَأَنَّك لم تلق مثلنَا. فَأنْزل الله: {قل للَّذين كفرُوا ستغلبون وتحشرون} قَرَأَ مصرف إِلَى قَوْله: {فِئَة تقَاتل فِي سَبِيل الله} ببدر {وَأُخْرَى كَافِرَة} ".
قَوْله تَعَالَى: {أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم}
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من مَوْلُود [يُولد] إِلَّا والشيطان يمسهُ حِين يُولد، فَيَسْتَهِل صَارِخًا من مس الشَّيْطَان إِيَّاه، إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا. ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} ".(4/66)
قَوْله تَعَالَى: {قل يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم أَلا نعْبد إِلَّا الله}
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن حبيب، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا قُرَّة بن خَالِد، أبنا مُحَمَّد، [عَن] أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو (بايعني) عشرَة من الْيَهُود لم يبْق على ظهرهَا [يَهُودِيّ] إِلَّا أسلم ".
قَوْله تَعَالَى: {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، أبنا أَبُو أَحْمد، ثَنَا سُفْيَان، عَن أَبِيه، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله: " إِن لكل نَبِي وُلَاة من (الْمُؤمنِينَ) ، وَإِن وليي أبي وخليل رَبِّي. ثمَّ قَرَأَ: {أَن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ} ".
رَوَاهُ أَبُو نعيم ووكيع، عَن سُفْيَان، عَن أَبِيه، عَن أبي الضُّحَى، عَن عبد الله، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر مَسْرُوق.
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَهَذَا أصح من حَدِيث [أبي أَحْمد] .(4/67)
قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا}
عبد بن حميد: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا جرير بن حَازِم قَالَ: سَمِعت عدي بن عدي يحدث، عَن جَابر بن حَيْوَة والعرس بن عميرَة، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَن أَخِيه، عَن عدي بن عميرَة قَالَ: " كَانَ بَين امْرِئ الْقَيْس وَرجل من حَضرمَوْت خُصُومَة، فارتفعا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: لتحضرن بينتك وَإِلَّا فيمينه. قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن حلف ذهب بأرضي. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: من حلف على يَمِين كَاذِبَة ليقتطع بهَا حق أَخِيه؛ لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان. فَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس: يَا رَسُول الله، فَمَا لمن تَركهَا وَهُوَ يعلم أَنَّهَا لَهُ حق؟ قَالَ: الْجنَّة. قَالَ: إِنِّي أشهد أَنِّي قد تركتهَا ".
قَالَ جرير: وَكنت مَعَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ حِين سمعنَا هَذَا الحَدِيث من عدي، فَقَالَ أَيُّوب: إِن عديا قَالَ فِي حَدِيث الْعرس بن عميرَة: " فَنزلت هَذِه الْآيَة: {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} " قَالَ جرير: وَلم أحفظه يَوْمئِذٍ من عدي.
قَوْله تَعَالَى: {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم}
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيع، ثَنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن زُرَيْع - أبنا دَاوُد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رجل من الْأَنْصَار أسلم، ثمَّ ارْتَدَّ وَلحق بالشرك ثمَّ تندم، فَأرْسل إِلَى قومه: سلوا لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَل لي من تَوْبَة؟ فجَاء قومه إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: إِن فلَانا قد نَدم، وَإنَّهُ أمرنَا أَن نَسْأَلك هَل لَهُ من تَوْبَة؟ فَنزلت: {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم} إِلَى قَوْله: {غَفُور رَحِيم} فَأرْسل إِلَيْهِ فَأسلم ".(4/68)
قَوْله تَعَالَى: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون}
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة؛ أَنه سمع أنس بن مَالك يَقُول: " كَانَ أَبُو طَلْحَة أَكثر أَنْصَارِي بِالْمَدِينَةِ نخلا، وَكَانَ أحب أَمْوَاله إِلَيْهِ بيرحاء، وَكَانَت مُسْتَقْبلَة الْمَسْجِد، وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدخلهَا وَيشْرب من مَاء فِيهَا طيب، فَلَمَّا نزلت: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} قَامَ أَبُو طَلْحَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن الله يَقُول: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَإِن أحب أَمْوَالِي إِلَيّ بيرحاء، وَإِنَّهَا صَدَقَة لله أَرْجُو برهَا وَذُخْرهَا عِنْد الله، فضعها يَا رَسُول الله حَيْثُ أَرَاك الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بخ ذَلِك مَال رابح، ذَلِك مَال رابح، وَقد سَمِعت مَا قلت، وَإِنِّي أرى أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين. قَالَ أَبُو طَلْحَة: [أفعل يَا رَسُول الله. فَقَسمهَا أَبُو طَلْحَة] فِي أَقَاربه / وَفِي بني عَمه ".
قَالَ عبد الله بن يُوسُف وروح بن عبَادَة: " وَذَلِكَ مَال رابح ".
وَحدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك: " رَايِح ".
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا}
عبد بن حميد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْفضل أَبُو النُّعْمَان، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، أبنا أَبُو غَالب قَالَ: " كنت أَمْشِي مَعَ أبي أُمَامَة وَهُوَ على حمَار لَهُ، حَتَّى إِذا انْتَهَيْت إِلَى درج مَسْجِد دمشق، فَإِذا رُءُوس مَنْصُوبَة، فَقَالَ: مَا هَذِه الرُّءُوس؟ قَالَ: هَذِه رُءُوس الْخَوَارِج يجاء بهم من الْعرَاق. فَقَالَ أَبُو أُمَامَة: كلاب النَّار،(4/69)
كلاب النَّار، كلاب النَّار، شَرّ قَتْلَى تَحت ظلّ السَّمَاء، طُوبَى لمن قَتلهمْ وقتلوه. ثمَّ بَكَى فَقلت: مَا يبكيك يَا أَبَا أُمَامَة؟ قَالَ: رَحْمَة لَهُم، إِنَّهُم كَانُوا من أهل الْإِسْلَام فَخَرجُوا مِنْهُ. ثمَّ قَرَأَ: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات} إِلَى آخر الْآيَات، ثمَّ قَرَأَ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات} فَقلت: يَا أَبَا أُمَامَة هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: نعم قلت: [أَشَيْء] تَقوله بِرَأْيِك أم شَيْء سمعته من رَسُول الله؟ قَالَ: إِنِّي إِذا لجريء، إِنِّي إِذا لجريء، إِنِّي إِذا لجريء، بل سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ وَلَا أَربع وَلَا خمس وَلَا سِتّ وَلَا سبع. وَوضع إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، وَقَالَ: وَإِلَّا فصمتا. قَالَهَا ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: تَفَرَّقت بَنو إِسْرَائِيل على إِحْدَى وَسبعين فرقة،، وَاحِدَة فِي الْجنَّة وسائرهن فِي النَّار، ولتزيدن عَلَيْهِم هَذِه الْأمة فرقة وَاحِدَة، وَاحِدَة فِي الْجنَّة وسائرهن فِي النَّار. فَقلت: يَا أَبَا أُمَامَة، فَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: عَلَيْك بِالسَّوَادِ الْأَعْظَم. قلت: فَإِن السوَاد الْأَعْظَم مَا يرى. قَالَ: السّمع وَالطَّاعَة خير من الْفرْقَة العاصية ".
قَوْله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أبنا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن بهز ابْن حَكِيم، عَن أَبِيه، عَن جده " أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي قَوْله: {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: إِنَّكُم تتمون سبعين أمة، أَنْتُم خَيرهَا وَأَكْرمهَا على الله ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن / حَرْب، ثَنَا الْفضل بن سهل بن(4/70)
إِبْرَاهِيم الْأَعْرَج، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، ثَنَا شبْل بن عباد الْمَكِّيّ، سَمِعت أَبَا قزعة يحدث عَمْرو بن دِينَار، عَن حَكِيم بن مُعَاوِيَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " توفون سبعين أمة، أَنْتُم خَيرهَا وَأَكْرمهَا على الله - عز وَجل - وَإِن أول مَا يعْتَرف عَن أحدكُم فَخذه ".
قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا هشيم، ثَنَا حميد، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كسرت رباعيته يَوْم أحد، وشج وَجهه شجة فِي جَبهته حَتَّى سَالَ الدَّم على وَجهه فَقَالَ: كَيفَ يفلح قوم فعلوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله؟ ! فَنزلت: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
زَاد ابْن أبي شيبَة فِي هَذَا الحَدِيث: " وَرمي رمية على كتفه ".
رَوَاهُ عَن يزِيد بن هَارُون، عَن حميد، عَن أنس.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو السَّائِب سلم بن جُنَادَة الْكُوفِي، ثَنَا أَحْمد بن بشير، عَن عمر بن حَمْزَة، عَن سَالم بن عبد الله بن عمر، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد: " اللَّهُمَّ الْعَن أَبَا سُفْيَان، اللَّهُمَّ الْعَن الْحَارِث بن هِشَام، اللَّهُمَّ الْعَن صَفْوَان بن أُميَّة. قَالَ: فَنزلت {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم} فَتَابَ عَلَيْهِم، فأسلموا فَحسن إسْلَامهمْ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، يستغرب من حَدِيث عمر بن حَمْزَة، عَن سَالم، وَقد رَوَاهُ الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، لم يعرفهُ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل من حَدِيث عمر بن حَمْزَة، وعرفه من حَدِيث الزُّهْرِيّ.(4/71)
قَوْله تَعَالَى: {إِذا هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا}
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أبنا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن جَابر ابْن عبد الله قَالَ: " فِينَا نزلت {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا وَالله وليهما} بَنو سَلمَة، وَبَنُو حَارِثَة، وَمَا نحب أَنَّهَا لم تنزل لقَوْل الله - تَعَالَى -: {وَالله وليهما} ".
قَوْله تَعَالَى: {وَالرَّسُول يدعوكم فِي أخراكم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن خَالِد، ثَنَا زُهَيْر، أبنا أَبُو إِسْحَاق، سَمِعت الْبَراء بن / عَازِب قَالَ: " جعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الرجالة يَوْم أحد عبد الله بن جُبَير وَأَقْبلُوا منهزمين، فَذَاك إِذْ يَدعُوهُم الرَّسُول فِي أخراهم، وَلم يبْق مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير اثْنَي عشر رجلا ".
قَوْله تَعَالَى: {إِذْ يغشاكم النعاس أَمَنَة مِنْهُ}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا روح بن عبَادَة، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس، عَن أبي طَلْحَة قَالَ: " رفعت رَأْسِي يَوْم أحد فَجعلت أنظر وَمَا مِنْهُم يؤمئذ أحد إِلَّا يميد تَحت حجفته من النعاس، فَذَلِك قَوْله: {ثمَّ(4/72)
أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاسا} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يحيى بن حبيب بن، [عَرَبِيّ] ، ثَنَا مُوسَى بن إِبْرَاهِيم ابْن كثير الْأنْصَارِيّ قَالَ: سَمِعت طَلْحَة بن خرَاش قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: " لَقِيَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لي: يَا جَابر، إِنِّي أَرَاك منكسرا؟ قلت: يَا رَسُول الله، اسْتشْهد أبي، قتل يَوْم أحد وَترك عيالا ودينا. قَالَ: أَفلا أُبَشِّرك بِمَا لَقِي الله بِهِ أَبَاك؟ قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: مَا كلم الله أحدا قطّ إِلَّا من وَرَاء حجاب، وَأَحْيَا أَبَاك فَكَلمهُ كفاحا، فَقَالَ: يَا عَبدِي، تمن عَليّ أعطك. قَالَ: يَا رب، تحييني فأقتل فِيك ثَانِيَة. قَالَ الرب - تبَارك وَتَعَالَى -: إِنَّه قد سبق مني أَنهم لَا يرجعُونَ. قَالَ: وأنزلت هَذِه الْآيَة: {وَلَا تحسبن الَّذِي قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} الْآيَة ".(4/73)
قَوْله تَعَالَى: {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم} الْآيَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا أَبُو بكر، عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي الضُّحَى، عَن ابْن عَبَّاس: " حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل قَالَهَا إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - حِين ألقِي فِي النَّار، وَقَالَهَا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قَالُوا: {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} ".
قَوْله تَعَالَى: / {سيطوقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن جَامع - وَهُوَ ابْن أبي رَاشد - وَعبد الْملك بن أعين، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله بن مَسْعُود يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من رجل لَا يُؤَدِّي زَكَاة مَاله إِلَّا جعل الله يَوْم الْقِيَامَة فِي عُنُقه شجاعا. ثمَّ قَرَأَ علينا مصداقه من كتاب الله: {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} الْآيَة. وَقَالَ مرّة: قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {سيطوقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة} وَمن اقتطع مَال أَخِيه بِيَمِين لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان. ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مصداقه من كتاب الله: {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} الْآيَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/74)
قَوْله تَعَالَى: {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا يزِيد بن هَارُون وَسَعِيد بن عَامر، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن مَوضِع سَوط فِي الْجنَّة لخير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا؛ اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، أَن الحكم بن نَافِع حَدثهمْ قَالَ: أخبرنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه " وَكَانَ من أحد الثَّلَاثَة الَّذين تيب عَلَيْهِم، وَكَانَ كَعْب بن الْأَشْرَف يهجو النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويحرض عَلَيْهِ كفار قُرَيْش، وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قدم الْمَدِينَة وَأَهْلهَا أخلاط مِنْهُم الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ يعْبدُونَ الْأَوْثَان وَالْيَهُود، وَكَانُوا يُؤْذونَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه فَأمر الله نبيه بِالصبرِ وَالْعَفو، ففيهم أنزل الله - عز وَجل - {ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} الْآيَة، فَلَمَّا أَبى كَعْب بن الْأَشْرَف أَن ينْزع عَن أَذَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سعد بن معَاذ أَن يبْعَث رهطا يقتلونه فَبعث مُحَمَّد بن مسلمة وَذكر قصَّة قَتله. فَلَمَّا قَتَلُوهُ فزعت الْيَهُود وَالْمُشْرِكين فَغَدوْا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَقَالُوا:] طرق وَالله صاحبنا فَقتل. فَذكر لَهُم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(4/75)
الَّذين كَانَ يَقُول، ودعاهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أَن يكْتب بَينه وَبينهمْ كتابا ينتهون إِلَى مَا فِيهِ، فَكتب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[بَينه وَبينهمْ] وَبَين الْمُسلمين عَامَّة صحيفَة ".
قَوْله تَعَالَى: {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} الْآيَة
مُسلم: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ وَمُحَمّد بن سهل التَّمِيمِي، قَالَا: ثَنَا ابْن أبي مَرْيَم، أبنا مُحَمَّد بن جَعْفَر، أَخْبرنِي زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَن رجَالًا من الْمُنَافِقين فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تخلفوا عَنهُ، وفرحوا بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله، فَإِذا قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعتذروا إِلَيْهِ، وحلفوا وأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا فَنزلت {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا فَلَا تحسبنهم بمفازة من الْعَذَاب} ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَهَارُون بن عبد الله - وَاللَّفْظ لزهير - قَالَا: ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد [عَن ابْن] جريج، أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة أَن حميد ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أخبرهُ [أَن] مَرْوَان قَالَ: " اذْهَبْ يَا رَافع - لِبَوَّابِهِ - إِلَى ابْن عَبَّاس فَقل: لَئِن كَانَ كل امْرِئ منا فَرح بِمَا أُتِي وَأحب أَن [يحمد] بِمَا لم يفعل معذبا، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ؟ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا لكم ولهذه الْآيَة، إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الْكتاب. ثمَّ تَلا ابْن عَبَّاس: {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب ليبيننه للنَّاس وَلَا يكتمونه} هَذِه الْآيَة وتلا ابْن عَبَّاس: {لَا تحسبن الَّذين(4/76)
يفرحون بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} وَقَالَ ابْن عَبَّاس: سَأَلَهُمْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن شَيْء فَكَتَمُوهُ إِيَّاه وَأَخْبرُوهُ بِغَيْرِهِ فَخَرجُوا قد أروه أَن قد أَخْبرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنهُ، وَاسْتحْمدُوا بذلك إِلَيْهِ، وفرحوا بِمَا أَتَوا من / كتمانهم إِيَّاه مَا سَأَلَهُمْ عَنهُ ".
قَوْله تَعَالَى: {لم يُؤمن بِاللَّه}
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن بكار الْبَاهِلِيّ، ثَنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، ثَنَا حميد الطَّوِيل، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على النَّجَاشِيّ حِين نعي. فَقيل: يَا رَسُول الله، تصلي على عبد حبشِي؟ ! فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة ".
وَمن سُورَة النِّسَاء قَوْله تَعَالَى: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى}
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن سرح، وحرملة بن يحيى. قَالَ أَبُو الطَّاهِر: ثَنَا. وَقَالَ حَرْمَلَة: أبنا ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير " أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن قَوْله تَعَالَى: " وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع " قَالَت: يَا ابْن أُخْتِي، هِيَ الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا تشاركه فِي مَاله فيعجبه مَالهَا وجمالها، فيريد وَليهَا أَن يَتَزَوَّجهَا بِغَيْر أَن يقسط فِي صَدَاقهَا فيعطيها مثل مَا يُعْطِيهَا غَيره، فنهوا أَن ينكحوهن، إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ، ويبلغوا بِهن أَعلَى سنتهن من الصَدَاق، وَأمرُوا أَن ينكحوا مَا طَابَ من النِّسَاء سواهن. قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: ثمَّ إِن(4/77)
النَّاس استفتوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد هَذِه الْآيَة فِيهِنَّ، فَأنْزل الله: {يستفتونك فِي النِّسَاء قَالَ الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تؤتونهن مَا كتب لَهُنَّ وترغبون أَن تنكحوهن} قَالَ: وَالَّذِي ذكر الله أَنه يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي قَالَ الله فِيهَا: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} قَالَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: وَقَول الله - عز وَجل - فِي الْآيَة الْأُخْرَى: {وترغبون أَن تنكحوهن} رَغْبَة أحدكُم عَن يتيميه الَّتِي تكون فِي حجره حِين تكون قَليلَة المَال وَالْجمال، فنهوا أَن ينكحوا مَا رَغِبُوا فِي مَالهَا وجمالها من يتامى النِّسَاء، إِلَّا بِالْقِسْطِ من أجل رغبتهم عَنْهُن ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو / كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " فِي قَوْله عز وَجل: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى) {قَالَ) : أنزلت فِي الرجل يكون لَهُ الْيَتِيمَة وَهُوَ وَليهَا ووارثها، وَلها مَال وَلَيْسَ لَهَا أحد يُخَاصم دونهَا، فَلَا ينْكِحهَا لمالها فيضربها ويسيء صحبتهَا، فَقَالَ: {إِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} يَقُول: مَا أحللت لكم، ودع هَذِه الَّتِي تضربها ".
قَوْله تَعَالَى: {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ}
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " فِي قَوْله عز وَجل: {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ) {قَالَ) : أنزلت فِي ولي الْيَتِيم يُصِيب من مَاله إِذا كَانَ مُحْتَاجا(4/78)
بِقدر مَاله بِالْمَعْرُوفِ ".
قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا حضر الْقِسْمَة أولُوا الْقُرْبَى}
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن حميد، ثَنَا عبيد الله الْأَشْجَعِيّ، عَن سُفْيَان، عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " {وَإِذا حضر الْقِسْمَة أولُوا الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين} قَالَ: هِيَ محكمَة وَلَيْسَت بمنسوخة ".
تَابعه سعيد عَن ابْن عَبَّاس.
قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أبنا حبَان بن هِلَال، ثَنَا همام بن يحيى، ثَنَا قَتَادَة، عَن أبي الْخَلِيل، عَن أبي عَلْقَمَة الْهَاشِمِي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " لما كَانَ يَوْم أَوْطَاس أصبْنَا نسَاء لَهُنَّ أَزوَاج فِي الْمُشْركين، [فكرههن] رجال [منا] ، فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
وَلَا أعلم أَن أحدا ذكر أَبَا عَلْقَمَة فِي هَذَا الحَدِيث إِلَّا مَا ذكر همام عَن قَتَادَة،(4/79)
وَأَبُو الْخَلِيل: صَالح بن أبي مَرْيَم.
عبد بن حميد: أخبرنَا النَّضر بن [شُمَيْل] ، أخبرنَا شُعْبَة، عَن أبي سَلمَة، قَالَ: سَمِعت أَبَا نَضرة يَقُول: " قَرَأت على ابْن عَبَّاس {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ / فَرِيضَة} قَالَ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: " إِلَى أجل مُسَمّى " وَقَالَ: قلت: مَا أقرؤها كَذَلِك. قَالَ: وَالله لأنزلها الله كَذَلِك ".
قَوْله تَعَالَى: {وَلكُل جعلنَا موَالِي} الْآيَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا الصَّلْت بن مُحَمَّد، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن إِدْرِيس، عَن طَلْحَة بن مصرف، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: وَرَثَة، {وَالَّذين عاقدت أَيْمَانكُم} [كَانَ] [الْمُهَاجِرُونَ] لما قدمُوا الْمَدِينَة يَرث الْمُهَاجِرِي الْأنْصَارِيّ دون ذَوي رَحمَه [للأخوة] الَّتِي آخى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهم، وَلما نزلت: {وَلكُل جعلنَا موَالِي} نسخت، ثمَّ قَالَ: {وَالَّذين عاقدت أَيْمَانكُم} من النَّصْر والرفادة والنصيحة، وَقد ذهب الْمِيرَاث ويوصي لَهُ ".
سمع أَبُو أُسَامَة إِدْرِيس، وَإِدْرِيس سمع طَلْحَة.(4/80)
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن سعد، عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن عَليّ ابْن أبي طَالب قَالَ: صنع لنا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف طَعَاما فَدَعَانَا وَسَقَانَا من الْخمر، فَأخذت الْخمر منا، وَحَضَرت الصَّلَاة، فقدموني فَقَرَأت: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَنحن نعْبد مَا تَعْبدُونَ قَالَ: فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم}
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَهَارُون بن عبد الله، قَالَا: ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ ابْن جريج: " نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} فِي عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السَّهْمِي، بَعثه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سَرِيَّة ".
/ [أخبرنيه] يعلى بن مُسلم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس.(4/81)
قَوْله تَعَالَى: {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك} الْآيَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة قَالَ: " خَاصم الزبير، رجلا من الْأَنْصَار فِي شراج من الْحرَّة. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْقِ يَا زبير، ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك. فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: يَا رَسُول الله، (وَأَن) كَانَ ابْن عَمَّتك؟ فَتَلَوَّنَ وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زبير، ثمَّ احْبِسْ المَاء حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر، ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك. واستوعى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للزبير حَقه فِي صَرِيح الحكم حِين أحفظه الْأنْصَارِيّ، وَكَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْر لَهما فِيهِ سَعَة. قَالَ الزبير: فَلَا أَحسب هَذِه الْآيَات نزلت إِلَّا فِي ذَلِك {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم} ".
قَوْله تَعَالَى: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم}
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن [الْحسن] بن شَقِيق، ثَنَا أبي قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وأصحابا لَهُ أَتَوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة. فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا [كُنَّا] فِي عز وَنحن مشركون فَلَمَّا آمنا صرنا أَذِلَّة. فَقَالَ: إِنِّي أمرت بِالْعَفو، فَلَا(4/82)
تقاتلوا. فَلَمَّا حوله الله إِلَى الْمَدِينَة، أَمر بِالْقِتَالِ فكفوا، فَأنْزل الله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم وَأقِيمُوا الصَّلَاة} ".
قَوْله تَعَالَى: {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي - وَهُوَ ابْن ثَابت - قَالَ: سَمِعت عبد الله بن يزِيد، يحدث عَن زيد بن ثَابت: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج إِلَى أحد فَرجع النَّاس مِمَّن كَانَ مَعَه، فَكَانَ أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيهم فرْقَتَيْن، قَالَ بَعضهم: نقتلهم. وَقَالَ بَعضهم: لَا. فَنزلت: {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} ".
قَوْله تَعَالَى: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا / الْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي، ثَنَا شَبابَة، ثَنَا وَرْقَاء بن عمر، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَجِيء الْمَقْتُول بالقاتل يَوْم الْقِيَامَة، ناصيته وَرَأسه بِيَدِهِ وأوداجه تشخب دَمًا، يَقُول: يَا رب قتلني. حَتَّى يُدْنِيه من الْعَرْش. قَالَ: فَذكرُوا لِابْنِ عَبَّاس التَّوْبَة فَتلا هَذِه الْآيَة {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} قَالَ: مَا نسخت هَذِه الْآيَة وَلَا بدلت وأنى لَهُ التَّوْبَة! ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(4/83)
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " اخْتلف أهل الْكُوفَة فِي هَذِه الْآيَة: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} [فرحلت] إِلَى ابْن عَبَّاس فَسَأَلته، فَقَالَ: لقد أنزلت آخر مَا أنزل، ثمَّ مَا نسخهَا شَيْء ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن هَاشم وَعبد الرَّحْمَن بن بشر الْعَبْدي قَالَا: أبنا يحيى - وَهُوَ ابْن سعيد الْقطَّان - عَن ابْن جريج قَالَ: حَدثنِي الْقَاسِم بن أبي بزَّة، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " قلت [لِابْنِ عَبَّاس] : أَلِمَنْ قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة؟ قَالَ: لَا. فتلوت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} إِلَى آخر الْآيَة. قَالَ: هَذِه أَيَّة مَكِّيَّة نسختها آيَة مَدَنِيَّة {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا} " وَفِي رِوَايَة ابْن هَاشم: " فتلوت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان {إِلَّا من تَابَ} ".
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم (السّلم) لست مُؤمنا}
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار،(4/84)
عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لَقِي نَاس من الْمُسلمين رجلا فِي غنيمَة لَهُ، فَقَالَ: السّلم عَلَيْكُم. فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا تِلْكَ الْغَنِيمَة، فَنزلت: {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السّلم} وَقرأَهَا ابْن عَبَّاس {السَّلَام} ".
قَوْله تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} الْآيَة
مُسلم: حَدثنَا [ابْن] مثنى وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، أَنه سمع الْبَراء " فِي هَذِه الْآيَة: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من / الْمُؤمنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زيدا فجَاء بكتف فكتبها، فَشَكا إِلَيْهِ ابْن أم مَكْتُوم ضَرَرا بِهِ، فَنزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر} ".
قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، ثَنَا حَيْوَة وَغَيره قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْأسود قَالَ: قطع [على] أهل الْمَدِينَة بعث، فاكتتبت فِيهِ، فَلَقِيت عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس، فَأَخْبَرته فنهاني عَن ذَلِك أَشد النَّهْي ثمَّ قَالَ: أَخْبرنِي ابْن عَبَّاس أَن نَاسا من الْمُسلمين كَانُوا مَعَ الْمُشْركين يكثرون سَواد [الْمُشْركين] على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَأْتِي السهْم فَيَرْمِي بِهِ فَيُصِيب أحدهم فيقتله،(4/85)
أَو يضْرب فَيقْتل، فَأنْزل الله {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم} الْآيَة ".
رَوَاهُ اللَّيْث عَن أبي الْأسود.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان، ثَنَا حَمَّاد، عَن أَيُّوب، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن ابْن عَبَّاس: " {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} قَالَ: كَانَت أُمِّي مِمَّن عذر الله - عز وَجل ".
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تكن للخائنين خصيما}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب أَبُو مُسلم الْحَرَّانِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي،، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة، عَن أَبِيه، عَن جده قَتَادَة بن النُّعْمَان قَالَ: " كَانَ أهل بَيت منا يُقَال لَهُم: بَنو أُبَيْرِق: بشر وَبشير ومبشر، وَكَانَ بشير رجلا منافقا يَقُول الشّعْر يهجو بِهِ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ ينحله بعض الْعَرَب ثمَّ يَقُول: قَالَ [فلَان] كَذَا، فَإِذا سمع أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَاك الشّعْر قَالُوا: وَالله مَا يَقُول [هَذَا] الشّعْر إِلَّا هَذَا الْخَبيث، أَو كَمَا قَالَ الرجل، وَقَالا: ابْن الأبيرق قَالَهَا. قَالَ: وَكَانُوا أهل بَيت حَاجَة وفاقة فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام، وَكَانَ النَّاس إِنَّمَا طعامهم بِالْمَدِينَةِ التَّمْر وَالشعِير، وَكَانَ الرجل إِذا كَانَ لَهُ يسَار فَقدمت ضافطة من الشَّام بالدرمك ابْتَاعَ الرجل مِنْهَا / فَخص بهَا نَفسه. فَأَما الْعِيَال فَإِنَّمَا طعامهم التَّمْر وَالشعِير فَقدمت ضافطة من(4/86)
الشَّام فَابْتَاعَ عمي رِفَاعَة بن زيد حملا من الدَّرْمَك، فَجعله فِي مشربَة لَهُ، وَفِي الْمشْربَة سلَاح وَدرع وَسيف فعدي عَلَيْهِ من تَحت الْبَيْت فنقبت الْمشْربَة، وَأخذ الطَّعَام وَالسِّلَاح، فَلَمَّا أصبح أَتَانِي عمي رِفَاعَة، فَقَالَ: يَا ابْن أخي، إِنَّه قد عدي [علينا] فِي ليلتنا هَذِه فنقبت مشربتنا فَذهب بِطَعَامِنَا وَسِلَاحنَا. قَالَ: فتحسسنا فِي الدَّار، وَسَأَلنَا فَقيل لنا: قد رَأينَا بني أُبَيْرِق اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِه اللَّيْلَة، وَلَا نرى فِيمَا نرى إِلَّا على بعض طَعَامكُمْ. قَالَ: وَكَانَ بَنو أُبَيْرِق قَالُوا - وَنحن نسْأَل فِي الدَّار -: وَالله مَا نرى صَاحبكُم إِلَّا لبيد بن سهل (رجلا) منا لَهُ صَلَاح وَإِسْلَام، فَلَمَّا سمع لبيد اخْتَرَطَ سَيْفه، وَقَالَ: أَنا أسرق؟ فوَاللَّه لَيُخَالِطَنكُمْ هَذَا السَّيْف أَو لتبينن هَذِه السّرقَة. قَالُوا: إِلَيْك عَنَّا أَيهَا الرجل، فَمَا أَنْت بصاحبها، فسألنا فِي الدَّار حَتَّى لم نشك أَنهم [أَصْحَابنَا] فَقَالَ عمي: يَا ابْن أخي، لَو أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَذكرت] ذَلِك لَهُ. قَالَ قَتَادَة: فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: إِن أهل بَيت منا أهل جفَاء عَمدُوا إِلَى عمي رِفَاعَة بن يزِيد فَنقبُوا مشربَة لَهُ، وَأخذُوا سلاحه وَطَعَامه [فليردوا] علينا سِلَاحنَا فَأَما الطَّعَام فَلَا حَاجَة لنا فِيهِ. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: سآمر فِي ذَلِك. فَلَمَّا [سمع] بَنو أُبَيْرِق، أَتَوْ رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ: أَسِير بن عُرْوَة فكلموه فِي ذَلِك، فَاجْتمع فِي ذَلِك أنَاس من الدَّار فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِن قَتَادَة بن النُّعْمَان وَعَمه عَمدُوا إِلَى أهل بَيت منا أهل إِسْلَام وَصَلَاح يرمونهم بِالسَّرقَةِ من غير بَيِّنَة وَلَا ثَبت. قَالَ قَتَادَة: فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فكلمته فَقَالَ: عَمَدت إِلَى أهل بَيت ذكر مِنْهُم إِسْلَام وَصَلَاح ترميهم بِالسَّرقَةِ على غير ثَبت وَلَا بَيِّنَة؟ قَالَ: فَرَجَعت ولوددت أَنِّي خرجت من بعض مَالِي، وَلم أكلم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ذَلِك، فَأَتَانِي عمي رِفَاعَة، فَقَالَ: يَا ابْن أخي مَا صنعت؟ فَأَخْبَرته / بِمَا قَالَ(4/87)
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: الله الْمُسْتَعَان. فَلم نَلْبَث أَن نزل الْقُرْآن {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين خصيما} بني أُبَيْرِق {واستغفر الله} أَي: مِمَّا قلت لِقَتَادَة {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما. وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم إِن الله لَا يحب من كَانَ خوانًا أَثِيمًا. يستخفون من النَّاس وَلَا يستخفون من الله وَهُوَ مَعَهم ^) إِلَى قَوْله {غَفُورًا رحِيما} أَي لَو اسْتَغْفرُوا الله لغفر لَهُم {وَمن يكْسب إِثْمًا فَإِنَّمَا يكسبه على نَفسه} إِلَى قَوْله {إِثْمًا مُبينًا} قَوْله للبيد {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته} إِلَى قَوْله {فَسَوف نؤتيه أجرا عَظِيما} فَلَمَّا نزل الْقُرْآن أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالسِّلَاحِ فَردُّوهُ إِلَى رِفَاعَة. فَقَالَ قَتَادَة: لما أتيت عمي بِالسِّلَاحِ وَكَانَ شَيخا قد (عشي) فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكنت أرى إِسْلَامه مَدْخُولا، فَلَمَّا (أتيت) بِالسِّلَاحِ قَالَ: يَا ابْن أخي، هُوَ فِي سَبِيل الله. فَعرفت أَن إِسْلَامه كَانَ صَحِيحا. فَلَمَّا نزل الْقُرْآن لحق بشير بالمشركين، فَنزل على سلاقة بنت سعد ابْن سميَّة فَأنْزل الله: {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا. إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد ضل ضلالا بَعيدا} فَلَمَّا نزل على سلاقة رَمَاهَا حسان بن ثَابت بِأَبْيَات من (شعر) فَأخذت رَحْله [فَوَضَعته] على رَأسهَا، ثمَّ خرجت بِهِ فرمت بِهِ فِي الأبطح. ثمَّ قَالَت: أهديت لي شعر حسان، مَا كنت تَأتِينِي بِخَير ".(4/88)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعلم أحدا أسْندهُ غير مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي، وروى يُونُس بن بكير وَغير وَاحِد هَذَا الحَدِيث عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة مُرْسلا، لم يذكرُوا فِيهِ: عَن أَبِيه، عَن جده، وَقَتَادَة هُوَ [أَخُو أبي] سعيد الْخُدْرِيّ لأمه. وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ سعد ابْن مَالك ابْن سِنَان.
قَوْله تَعَالَى: {من يعْمل سوءا / يجز بِهِ}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر وَعبد الله بن أبي زِيَاد - الْمَعْنى وَاحِد - قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن [مُحَيْصِن] ، عَن مُحَمَّد ابْن قيس بن مخرمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " لما نزلت {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} شقّ ذَلِك على الْمُسلمين. فشكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: قاربوا وسددوا، وَفِي كل مَا يُصِيب الْمُؤمن كَفَّارَة حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها، أَو النكبة ينكبها ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. وَابْن [مُحَيْصِن] هُوَ: عمر ابْن عبد الرَّحْمَن بن [مُحَيْصِن] .
قَوْله تَعَالَى: {وَإِن امراة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا} الْآيَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} الْآيَة. قَالَت: أنزلت فِي الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل فتطول صحبتهَا، فيريد طَلاقهَا فَتَقول: لَا تُطَلِّقنِي وَأَمْسِكْنِي، وَأَنت فِي حل مني، فَنزلت هَذِه الْآيَة ".(4/89)
قَوْله تَعَالَى: {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته}
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي، عَن صَالح ابْن كيسَان، عَن ابْن شهَاب، أَن سعيد بن الْمسيب سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشكن أَن ينزل فِيكُم ابْن مَرْيَم حكما عدلا فيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَيَضَع الْجِزْيَة، وَيفِيض المَال حَتَّى لَا يقبله أحد، حَتَّى تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: واقرءوا إِن شِئْتُم {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا} ".
وَمن سُورَة الْمَائِدَة قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن مسعر وَغَيره، عَن قيس ابْن مُسلم، عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: " قَالَ رجل من الْيَهُود لعمر بن الْخطاب: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَو علينا أنزلت هَذِه الْآيَة {الْيَوْم أكملت / لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} لاتخذنا ذَلِك الْيَوْم عيدا. فَقَالَ لَهُ عمر بن الْخطاب: إِنِّي أعلم [أَي] يَوْم أنزلت هَذِه الْآيَة؛ أنزلت يَوْم عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/90)
قَوْله تَعَالَى: {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن ثَابت الْمروزِي، ثَنَا عَليّ بن حُسَيْن، عَن أَبِيه، عَن يزِيد النَّحْوِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " {فَكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ} {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} فنسخ وَاسْتثنى من ذَلِك فَقَالَ: {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم} ".
يزِيد النَّحْوِيّ: هُوَ يزِيد بن أبي سعيد، ثِقَة مَشْهُور.
قَوْله تَعَالَى: {أَو لامستم النِّسَاء}
عبد بن حميد: حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " الْمُلَامسَة، والمباشرة، والإفضاء، والرفث، والغشيان، وَالْجِمَاع: نِكَاح، وَلَكِن الله يكني ".
قَالَ عبد: وَحدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، عَن شُعْبَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد ابْن جُبَير قَالَ: " اخْتلفت الْعَرَب والموالي فِي اللَّمْس، فَقَالَت الْعَرَب: اللَّمْس الْجِمَاع. وَقَالَت الموَالِي: هُوَ مَا دون الْجِمَاع. فَدخلت على ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته فَقَالَ: مَعَ من كنت؟ قَالَ: كنت مَعَ الموَالِي. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: غُلبت الموَالِي، غُلبت الموَالِي. ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس: اللَّمْس والمس والمباشرة كُله، وَلَكِن الله يكني مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ ".
حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر بِإِسْنَاد نَحوه.(4/91)
قَوْله تَعَالَى: {وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ}
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا عبيد الله - يَعْنِي ابْن مُوسَى - عَن عَليّ بن صَالح، عَن سماك بن حَرْب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَت قُرَيْظَة وَالنضير، وَكَانَ النَّضِير أشرف من قُرَيْظَة، فَكَانَ إِذا قتل رجل من قُرَيْظَة رجلا من النَّضِير قتل بِهِ، وَإِذا قتل رجل من النَّضِير رجلا من قُرَيْظَة فودي بِمِائَة وسق من تمر، فَلَمَّا بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل رجل من النَّضِير رجلا من قُرَيْظَة / فَقَالُوا: ادفعوه إِلَيْنَا نَقْتُلهُ. فَقَالُوا: بَيْننَا وَبَيْنكُم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأتوهُ، فَنزلت: {وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ} والقسط: النَّفس بِالنَّفسِ، ثمَّ نزلت: {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ} ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، ثَنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن دَاوُد بن [حُصَيْن] عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة: {فَإِن جاءوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم ... وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ} قَالَ: كَانَ إِذا قتل بَنو قُرَيْظَة من بَين النَّضِير قَتِيلا أَدّوا الدِّيَة إِلَيْهِم، وَإِذا قتل بَنو النَّضِير من بني قُرَيْظَة قَتِيلا أَدّوا نصف الدِّيَة. قَالَ: فسوى بَينهم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الدِّيَة ".
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: عَن عبيد الله بن [سعد] ، عَن عَمه، عَن أَبِيه، عَن(4/92)
ابْن إِسْحَاق باخْتلَاف فِي اللَّفْظ.
قَوْله تَعَالَى: {وَجعل مِنْهُم القردة والخنازير}
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق وَمُحَمّد بن مثنى وَمُحَمّد بن عبد الله الرَّازِيّ جَمِيعًا عَن الثَّقَفِيّ - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - ثَنَا عبد الْوَهَّاب، ثَنَا خَالِد، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فقدت أمة من بني إِسْرَائِيل لَا يدرى مَا فعلت، وَلَا أَرَاهَا إِلَّا الفأر؛ أَلا ترونها إِذا وضع لَهَا ألبان الْإِبِل لم تشربه، وَإِذا وضع لَهَا ألبان الشَّاء شربته " وَذكر الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي بكر - قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن مسعر، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن الْمُغيرَة بن عبد الله الْيَشْكُرِي، عَن الْمَعْرُور بن سُوَيْد، عَن عبد الله قَالَ: " ذكرت عِنْده القردة - يَعْنِي: عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ مسعر: وَأرَاهُ قَالَ: والخنازير - من مسخ فَقَالَ: إِن الله لم يَجْعَل لمسخ نَسْلًا وَلَا عقبا، وَقد كَانَت القردة والخنازير قبل ذَلِك ".
قَوْله تَعَالَى: {بل يَدَاهُ مبسوطتان} الْآيَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا يزِيد بن هَارُون / ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَمِين الرَّحْمَن ملأى سحاء لَا يغيضها اللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ: أَرَأَيْتُم مَا أنْفق مُنْذُ خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض، فَإِنَّهُ لم يغض مَا فِي يَمِينه، وعرشه على المَاء، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْمِيزَان، يرفع ويخفض ".(4/93)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَتَفْسِير هَذِه الْآيَة: {وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة غلت أَيْديهم ولعنوا بِمَا قَالُوا بل يَدَاهُ مبسوطتان ينْفق كَيفَ يَشَاء} وَهَذَا حَدِيث قد روته الْأَئِمَّة، نؤمن بِهِ كَمَا جَاءَ من غير أَن يُفَسر أَو يتَوَهَّم، كَذَا قَالَه غير وَاحِد من الْأَئِمَّة مِنْهُم الثَّوْريّ، وَمَالك بن أنس، وَابْن عُيَيْنَة، وَابْن الْمُبَارك؛ أَنه تروى هَذِه الْأَشْيَاء، ويؤمن بهَا، فَلَا يُقَال: كَيفَ؟ .
قَوْله تَعَالَى: {وَالله يَعْصِمك من النَّاس}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا الْحَارِث بن عبيد، عَن سعيد الْجريرِي، عَن عبد الله بن شَقِيق، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحرس حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة: {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَأخْرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأسه من الْقبَّة، فَقَالَ لَهُم: يَا أَيهَا النَّاس انصرفوا، فقد عصمني الله - تبَارك وَتَعَالَى ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب وروى بَعضهم هَذَا الحَدِيث عَن الْجريرِي، عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحرس ". وَلم (يذكر) فِيهِ عَائِشَة ".
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عون ثَنَا خَالِد، عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن عبد الله قَالَ: " كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ مَعنا نسَاء، فَقُلْنَا: أَلا نختصي، فنهانا عَن ذَلِك، فَرخص لنا بعد ذَلِك أَن نتزوج الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ، ثمَّ قَرَأَ: {يَا أَيهَا(4/94)
الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ أَبُو حَفْص الفلاس، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا عُثْمَان بن سعد، ثَنَا عِكْرِمَة، / عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي [إِذا] أصبت اللَّحْم انتشرت للنِّسَاء وأخذتني [شهوتي] فَحرمت عَليّ اللَّحْم. فَأنْزل الله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ. وكلوا مَا رزقكم الله حَلَالا طيبا} ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَرَوَاهُ بَعضهم عَن عُثْمَان بن سعد مُرْسلا، لَيْسَ فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ خَالِد الْحذاء عَن عِكْرِمَة مُرْسلا.
قَوْله تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن سَلمَة، ثَنَا مَالك بن سعير، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " أنزلت هَذِه الْآيَة: {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} فِي قَول الرجل: لَا وَالله، بلَى وَالله ".
قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} الْآيَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل،(4/95)
عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " مَاتَ [رجال] من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل أَن تحرم الْخمر، فَلَمَّا حرمت الْخمر قَالَ رجال كَيفَ بأصحابنا وَقد مَاتُوا يشربون الْخمر؟ فَنزلت: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح؛ وَقد رَوَاهُ شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء.
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ}
البُخَارِيّ: حَدثنِي الْفضل بن سهل، ثَنَا أَبُو النَّضر، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَة، ثَنَا أَبُو الجويرية، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ قوم يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استهزاء فَيَقُول الرجل: من أبي؟ وَيَقُول الرجل تضل نَاقَته: [أَيْن نَاقَتي؟] فَأنْزل الله - عز وَجل - فيهم: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم} حَتَّى فرغ من الْآيَة كلهَا ".
قَوْله تَعَالَى: {مَا جعل الله من بحيرة} الْآيَة
عبد بن حميد: / أخبرنَا [عبيد الله] بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن أَبِيه قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرآني سيئ الْهَيْئَة، فَقَالَ لي: هَل لَك من مَال؟ قلت: نعم من كل المَال قد آتَانِي الله من الْإِبِل وَالْخَيْل وَالرَّقِيق. قَالَ: فَإِذا آتاك الله خيرا فلير عَلَيْك نعْمَة الله وكرامته. قلت: يَا مُحَمَّد - لم أكن أسلمت يَوْمئِذٍ - أَرَأَيْت إِن نزلت بِرَجُل يَوْمًا فَلم يقرني وَلم يولني(4/96)
حَقًا، ثمَّ أضاقه الدَّهْر، إِن نزل بِي أجزيه بِالَّذِي فعل أم أقريه؟ قَالَ: لَا بل أقره. ثمَّ قَالَ: هَل تنْتج الْإِبِل إِلَّا كَذَلِك، قَالَ: فتأخذ موساك، فتقطع آذانها، فَتَقول: هَذِه بَحر، وَتَأْخُذ موساك وتشق آذانها، فَتَقول: هَذِه صرم. قلت: إِنَّا لنفعل ذَلِك. قَالَ: فَلَا تفعل، كَمَا آتاك الله لَك حل، ومُوسَى الله أحد من موساك، وساعد الله أَشد من ساعدك. قَالَ: وَكَانَت أفعل الْعَرَب لذَلِك قيس ".
تَابعه شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق، وَزَاد فِيهِ: وَرُبمَا قَالَ: " ساعد الله أَشد ومُوسَى الله أحد ".
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذِي آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم} الْآيَة
الْبَزَّار: حَدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ، ثَنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر الصّديق - رَحمَه الله - يَقُول: " يَا أَيهَا النَّاس إِنَّكُم تقرءون هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن أمتِي إِذا رَأَوْا الظَّالِم فَلم يَأْخُذُوا على يَدَيْهِ، يُوشك أَن يعمهم الله بعقاب ".
وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن أبي بكر عَنهُ وَقد أسْند هَذَا الحَدِيث جمَاعَة عَن أبي بكر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَوْقفهُ جمَاعَة، فَكَانَ [مِمَّن] أسْندهُ شُعْبَة، وزائدة بن قدامَة، والمعتمر بن سُلَيْمَان، وَيزِيد بن هَارُون، وَغَيرهم.
وَأما حَدِيث شُعْبَة فَحَدَّثنَاهُ مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا شُعْبَة، عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن أبي بكر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(4/97)
وَأما حَدِيث زَائِدَة فَحَدَّثنَاهُ مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا روح، عَن زَائِدَة، عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن أبي بكر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَحدثنَا / مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن أبي بكر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِ حَدِيث الْمُعْتَمِر.
وأسنده عَن شُعْبَة: معَاذ، وروح بن عبَادَة، وَعُثْمَان بن عمر، وَرَوَاهُ بَيَان عَن قيس، عَن أبي بكر مَوْقُوفا.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سعيد بن يَعْقُوب الطَّالقَانِي، ثَنَا عبد الله بن الْمُبَارك، أبنا عتبَة بن [أبي] حَكِيم، ثَنَا عَمْرو بن جَارِيَة [اللَّخْمِيّ] عَن أبي أُميَّة الشَّعْبَانِي قَالَ: " أتيت أَبَا ثَعْلَبَة الْخُشَنِي فَقلت: فَكيف تصنع فِي هَذِه الْآيَة؟ قَالَ: أَيَّة آيَة؟ قلت: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} قَالَ: أما وَالله لقد سَأَلت عَنْهَا خَبِيرا، سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: ائْتَمرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنَاهوا عَن الْمُنكر، حَتَّى إِذا رَأَيْت شحا مُطَاعًا، وَهوى مُتبعا، وَدُنْيا مُؤثرَة، وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ - فَعَلَيْك بِخَاصَّة نَفسك، ودع الْعَوام، فَإِن من وَرَائِكُمْ أَيَّامًا؛ الصَّبْر فِيهِنَّ مثل الْقَبْض على الْجَمْر، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مثل أجر خمسين رجلا يعْملُونَ عَمَلكُمْ ".
قَالَ عبد الله: وَزَادَنِي غير عتبَة: " قيل: يَا رَسُول الله، أجر خمسين منا أَو مِنْهُم؟ قَالَ: لَا، بل أجر خمسين مِنْكُم ".(4/98)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا يحيى بن آدم، عَن ابْن أبي [زَائِدَة] ، عَن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم، عَن [عبد الْملك] بن سعيد، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " خرج رجل من بني سهم مَعَ تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بداء فَمَاتَ السَّهْمِي بِأَرْض لَيْسَ بهَا مُسلم، فَلَمَّا قدمنَا [بِتركَتِهِ] (فقدوا) جَاما من فضَّة (مخوصا) بِالذَّهَب، فَأَحْلفهُمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ وجد الْجَام بِمَكَّة فَقيل: اشْتَرَيْنَاهُ من عدي وَتَمِيم، فَقَامَ (رجل من أَوْلِيَاء السَّهْمِي فَحلف) بِاللَّه لَشَهَادَتنَا أَحَق من شهادئهما، وَأَن الْجَام لصَاحِبِهِمْ. قَالَ: وَفِيهِمْ نزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم} ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(4/99)
/ قَوْله تَعَالَى: {رَبنَا أنزل علينا مائدة من السَّمَاء}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن قزعة، ثَنَا سُفْيَان بن حبيب، ثَنَا سعيد - هُوَ ابْن أبي عرُوبَة - عَن قَتَادَة، عَن خلاس بن عَمْرو، عَن عمار بن يَاسر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أنزلت الْمَائِدَة من السَّمَاء خبْزًا وَلَحْمًا، وَأمرُوا أَلا يخونوا، وَلَا يدخروا لغد، فخانوا وَادخرُوا وَرفعُوا لغد، فمسخوا قردة وَخَنَازِير ".
رَوَاهُ غير وَاحِد عَن سعيد، فأوقفه على عمار.
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَلَا نعلم للْحَدِيث الْمَرْفُوع أصلا.
قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم آنت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر [ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو] بن دِينَار، عَن طَاوس، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: تلقى عِيسَى حجَّته ولقاه [الله] فِي قَوْله: {وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم (آنت) قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} قَالَ أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فلقاه الله ب {سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول مَا لَيْسَ لي بِحَق} الْآيَة كلهَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/100)
بَاب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الله بن وهب، عَن حييّ، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " آخر سُورَة أنزلت الْمَائِدَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: " آخر سُورَة أنزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} ".
وَمن سُورَة الْأَنْعَام
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة، حَدثنَا أَحْمد بن الْفضل الْحَفرِي، ثَنَا أَسْبَاط ابْن نصر [الْهَمدَانِي] عَن السّديّ، عَن أبي الكنود، عَن خباب: " {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم} الْآيَة. قَالَ: جَاءَ الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي وعيينة بن حصن الْفَزارِيّ، فوجدوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ بِلَال وعمار وصهيب وخباب بن الْأَرَت فِي أنَاس من الضُّعَفَاء من الْمُؤمنِينَ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ [حوله حَقرُوهُمْ] فَأتوهُ فَخلوا بِهِ. فَقَالُوا: إِنَّا نحب أَن تجْعَل لنا مِنْك مَجْلِسا تعرف لنا بِهِ الْعَرَب فضلنَا، وَإِن / وُفُود الْعَرَب تَأْتِيك فنستحي أَن تَرَانَا قعُودا مَعَ هَذِه الْأَعْبد، فَإِذا نَحن جئْنَاك [فأقمهم] عَنَّا، فَإِذا نَحن فَرغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهم إِن شِئْت. قَالَ: نعم قَالُوا: فَاكْتُبْ لنا عَلَيْك كتابا. فَدَعَا بالصحيفة ليكتب لَهُم، ودعا [عليا]- عَلَيْهِ السَّلَام - ليكتب، فَلَمَّا أَرَادَ ذَلِك وَنحن قعُود فِي نَاحيَة نزل جِبْرِيل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه مَا عَلَيْك من حسابهم من شَيْء وَمَا من حِسَابك عَلَيْهِم من شَيْء(4/101)
فَتَطْرُدهُمْ فَتكون من الظَّالِمين} ثمَّ ذكر الْأَقْرَع وَصَاحبه، فَقَالَ: {وَكَذَلِكَ فتنا بَعضهم بِبَعْض لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ منّ الله عَلَيْهِم من بَيْننَا أَلَيْسَ الله بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ} ثمَّ ذكر، فَقَالَ: {وَإِذا جَاءَك الَّذين يُؤمنُونَ بِآيَاتِنَا فَقل سَلام عَلَيْكُم كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة} فَرمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالصحيفة، ودعانا فأتيناه وَهُوَ يَقُول: سَلام عَلَيْكُم. (فدنينا) مِنْهُ فَوضع ركبنَا على رُكْبَتَيْهِ، فَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يقوم قَامَ وَتَركنَا، فَأنْزل الله - عز وَجل -: {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه وَلَا تعد عَيْنَاك عَنْهُم تُرِيدُ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا} تَقول: نجالس الْأَشْرَاف {وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا وَاتبع هَوَاهُ وَكَانَ أمره فرطا} أما الَّذِي أغفل قلبه فَهُوَ عُيَيْنَة والأقرع، وَأما فرطا فهلاكا، ثمَّ ضرب لَهُم مثل رجلَيْنِ وَمثل الْحَيَاة الدُّنْيَا، فَكُنَّا بعد ذَلِك نقعد مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا بلغنَا السَّاعَة الَّتِي كَانَ يقوم فِيهَا قمنا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يقوم، وَإِلَّا صَبر أبدا حَتَّى نقوم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " (مَفَاتِيح) الْغَيْب خمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث} إِلَى آخر السُّورَة ".(4/102)
قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا} الْآيَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، سمع جَابِرا يَقُول: " لما نزلت / هَذِه الْآيَة: {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أعوذ بِوَجْهِك. فَلَمَّا نزلت: {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَاتَانِ أَهْون - أَو هَاتَانِ أيسر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، أبنا عِيسَى بن يُونُس، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: " لما نزلت: {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} شقّ ذَلِك على الْمُسلمين. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وأينا لم يظلم نَفسه؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِك، إِنَّمَا هُوَ الشّرك؛ ألم تسمع مَا قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ {يَا بني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلم عَظِيم} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة.
وحَدثني بشر، ثَنَا مُحَمَّد، عَن شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، عَن إِبْرَاهِيم، عَن(4/103)
عَلْقَمَة، عَن عبد الله: " لما نزلت: {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَيّنَا لم يظلم؟ ! فَأنْزل الله: {إِن الشّرك لظلم عَظِيم} ".
قَوْله تَعَالَى: {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا} الْآيَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد الْوَاحِد، ثَنَا عمَارَة، ثَنَا أَبُو زرْعَة، حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا رَآهَا النَّاس آمن من عَلَيْهَا فَذَلِك حِين {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل} ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، عَن سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الحكم بن [عتيبة] ، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر قَالَ: " كنت ردف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على حمَار فَرَأى الشَّمْس حِين غَابَتْ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر، تَدْرِي [أَيْن] تغرب هَذِه؟ قَالَ: قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهَا تغرب فِي عين حامية تَنْطَلِق تَخِر سَاجِدَة لِرَبِّهَا تَحت الْعَرْش. فَإِذا حَان خُرُوجهَا أذن لَهَا فَإِذا أَرَادَ / الله أَن يطْلعهَا من مغْرِبهَا حَبسهَا فَتَقول: يَا رب، سيري بعيد. فَيَقُول: اطلعِي من حَيْثُ جِئْت. فَذَلِك حِين {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل} ".
قَوْله تَعَالَى: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} الْآيَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن أبي(4/104)
عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صَامَ من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام فَذَلِك صِيَام الدَّهْر، فَأنْزل الله تَصْدِيق ذَلِك فِي كِتَابه: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} الْيَوْم بِعشْرَة أَيَّام ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - عز وَجل - وَقَوله الْحق: إِذا هم عَبدِي بحسنة فاكتبوها لَهُ حَسَنَة، فَإِن عَملهَا فاكتبوها لَهُ بِعشر أَمْثَالهَا، وَإِذا هم بسيئة فَلَا تكتبوها؛ فَإِن عَملهَا فاكتبوها بِمِثْلِهَا؛ فَإِن تَركهَا - وَرُبمَا قَالَ: لم يعْمل [بهَا]- فاكتبوها لَهُ حَسَنَة، ثمَّ قَرَأَ: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة الْأَعْرَاف قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد}
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن نَافِع، ثَنَا غنْدر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن مُسلم البطين، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَت الْمَرْأَة تَطوف بِالْبَيْتِ وَهِي عُرْيَانَة فَتَقول: من يعيرني تطوافا تَجْعَلهُ على فرجهَا، وَتقول:(4/105)
% (الْيَوْم يَبْدُو بعضه أَو كُله % فَمَا بدا مِنْهُ فَلَا أحله) % فَنزلت هَذِه الْآيَة {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} ".
قَوْله تَعَالَى: {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن}
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ - قلت: أَنْت سَمِعت هَذَا من عبد الله؟ قَالَ: نعم. وَرَفعه - قَالَ: " لَا أحد أغير من الله، فَلذَلِك حرم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن، وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ الْمَدْح من الله، فَلذَلِك مدح نَفسه ".
/ قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح (نُشرا) بَين يَدي رَحمته} الْآيَة
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن يعلى بن عَطاء، عَن وَكِيع ابْن عدس، عَن [أبي رزين] قَالَ: " قلت: يَا نَبِي الله، كَيفَ يحيى الله الْمَوْتَى؟ قَالَ: أما مَرَرْت بالوادي ممحلا، ثمَّ تمر بِهِ خضرًا، ثمَّ تمر بِهِ ممحلا، ثمَّ تمر(4/106)
بِهِ خضرًا، كَذَلِك يحيى الله الْمَوْتَى ".
قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاء}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أبنا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ هَذِه الْآيَة: {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاء} . قَالَ حَمَّاد هَكَذَا، وَأمْسك سُلَيْمَان بِطرف إبهامه على أُنْمُلَة إصبعه الْيُمْنَى قَالَ: فساخ الْجَبَل {وخر مُوسَى صعقا} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة.
قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذرياتهم}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْأنْصَارِيّ، ثَنَا معن، ثَنَا مَالك، عَن زيد بن أبي (أنيسَة) عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب، عَن مُسلم بن يسَار " أَن عمر بن الْخطاب سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى شَهِدنَا أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين} قَالَ عمر بن الْخطاب: سَمِعت رَسُول الله سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله - عز وَجل - خلق آدم، ثمَّ مسح ظَهره بِيَمِينِهِ، فاستخرج مِنْهُ ذُرِّيَّة. فَقَالَ: خلقت هَؤُلَاءِ للجنة وبعمل أهل الْجنَّة يعْملُونَ. ثمَّ مسح ظَهره فاستخرج مِنْهُ ذُرِّيَّة فَقَالَ: خلقت هَؤُلَاءِ للنار، وبعمل أهل النَّار يعْملُونَ. فَقَالَ رجل: يَا رَسُول(4/107)
الله، فَفِيمَ الْعَمَل؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله إِذا خلق العَبْد للجنة اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل الْجنَّة، ثمَّ يَمُوت على عمل من أَعمال أهل الْجنَّة، [فيدخله الْجنَّة] وَإِذا خلق العَبْد للنار اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل النَّار؛ حَتَّى يَمُوت على عمل من أَعمال أهل النَّار فيدخله النَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: مُسلم بن يسَار لم يسمع من عمر، وَقد ذكر بَعضهم فِي الْإِسْنَاد بَين مُسلم وَبَين عمر رجلا.
انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
الرجل الْمَذْكُور بَين مُسلم وَعمر هُوَ نعيم بن ربيعَة ذكر ذَلِك
أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وَوصل الحَدِيث فَقَالَ: / حَدثنَا أَحْمد بن شُعَيْب، عَن عَليّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن وهب [بن] أبي كَرِيمَة الْجَزرِي أَبُو الْمعَافى، حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي، حَدثنَا أَبُو عبد الرَّحِيم - وَهُوَ خَالِد بن أبي يزِيد - حَدثنِي زيد - يَعْنِي ابْن أبي أنيسَة - عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن مُسلم بن يسَار الْجُهَنِيّ، عَن نعيم بن ربيعَة قَالَ: " كنت عِنْد عمر بن الْخطاب إِذْ جَاءَهُ رجل فَسَأَلَهُ عَن هَذِه الْآيَة {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذرياتهم} وَذكر بِنَحْوِ مَا تقدم.
قَالَ أَبُو جَعْفَر: فَجَاز لنا إِدْخَال هَذَا الحَدِيث فِي الْأَحَادِيث الْمُتَّصِلَة.
وَذكر أَيْضا سَماع مُسلم نعيما فِي هَذَا الحَدِيث فِي طَرِيق أُخْرَى.
قَالَ أَبُو جَعْفَر: وَحدثنَا أَبُو أُميَّة، ثَنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد المروروذي، حَدثنَا(4/108)
جرير بن حَازِم، عَن كُلْثُوم بن جبر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَخذ الله الْمِيثَاق من ظهر آدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بنعمان - يَعْنِي عَرَفَة - فَأخْرج من صلبه كل ذُرِّيَّة ذرأها فنثرهم بَين يَدَيْهِ كالذر ثمَّ كَلمهمْ قبلا فَقَالَ: {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى شَهِدنَا أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين. أَو تَقولُوا إِنَّمَا أشرك آبَاؤُنَا من قبل وَكُنَّا ذُرِّيَّة من بعدهمْ أفتهلكنا بِمَا فعل المبطلون} ".
كُلْثُوم بن [جبر] ثِقَة مَشْهُور.
وَمن سُورَة الْأَنْفَال
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا وهب بن بَقِيَّة، ثَنَا خَالِد، عَن دَاوُد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم بدر: من فعل كَذَا [وَكَذَا] فَلهُ من النَّفْل كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَتقدم الفتيان، وَلزِمَ المشيخة الرَّايَات، فَلم [يبرحوها] فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِم قَالَت المشيخة: كُنَّا ردْءًا لكم لَو انْهَزَمْتُمْ فئتم إِلَيْنَا فَلَا تذْهبُوا بالمغنم ونبقى. فَأبى الفتيان، وَقَالُوا: جعله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنا. فَأنْزل الله - عز وَجل -: {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} إِلَى قَوْله: {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِن فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون} يَقُول: فَكَانَ ذَلِك خيرا لَهُم، فَكَذَلِك أَيْضا، فأطيعوني، فَإِنِّي أعلم بعاقبة هَذَا مِنْكُم ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ الْمثنى -(4/109)
قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن مُصعب بن سعد، عَن / أَبِيه قَالَ: " نزلت فيّ أَربع آيَات، أصبت سَيْفا فَأتي بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، نفلنيه، فَقَالَ: ضَعْهُ. ثمَّ قَامَ فَقَالَ [لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ضَعْهُ حَيْثُ أَخَذته. ثمَّ قَالَ فَقَالَ] : يَا رَسُول الله، نفلنيه. فَقَالَ: ضَعْهُ. ثمَّ قَالَ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، نفلنيه، أجعَل كمن لَا غناء لَهُ؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ضَعْهُ من حَيْثُ أَخَذته قَالَ: فَنزلت: {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هناد بن السّري، عَن أبي بكر، عَن عَاصِم، عَن مُصعب عَن أَبِيه بِمَعْنَاهُ، وَفِي آخِره " فَقَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّك سَأَلتنِي هَذَا السَّيْف، وَلَيْسَ هُوَ لي وَلَا لَك، وَإِن الله قد جعله لي فَهُوَ لَك. ثمَّ قَرَأَ: {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، عَن إِسْرَائِيل، عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما فرغ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من بدر قيل لَهُ: عَلَيْك العير لَيْسَ دونهَا شَيْء. قَالَ: فناداه الْعَبَّاس وَهُوَ فِي وثَاقه: لَا يصلح، وَقَالَ: لِأَن الله وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك. قَالَ: صدقت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا [عمر] بن يُونُس اليمامي، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، حَدثنَا أَبُو زميل، ثَنَا عبد الله بن عَبَّاس، حَدثنَا عمر بن(4/110)
الْخطاب قَالَ: " نظر نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمُشْركين وهم ألف وَأَصْحَابه ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر رجلا، فَاسْتقْبل نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقبْلَة ثمَّ مد يَدَيْهِ، وَجعل يَهْتِف بربه: اللَّهُمَّ أنْجز لي مَا وَعَدتنِي [اللَّهُمَّ آتني مَا وَعَدتنِي] اللَّهُمَّ إِنَّك إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة من أهل الْإِسْلَام لَا [تعبد] فِي الأَرْض. فَمَا زَالَ يَهْتِف بربه مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبل الْقبْلَة، حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ من مَنْكِبَيْه فَأَتَاهُ أَبُو بكر فَأخذ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ على مَنْكِبَيْه، ثمَّ الْتَزمهُ من وَرَائه، فَقَالَ: يَا نَبِي الله، كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك. فَأنْزل الله - عز وَجل -: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ} فَأَمَدَّهُمْ الله بِالْمَلَائِكَةِ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، لَا نعرفه من حَدِيث عمر إِلَّا من حَدِيث عِكْرِمَة بن عمار، عَن أبي زميل، وَأَبُو زميل اسْمه: سماك الْحَنَفِيّ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا يَوْم بدر.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا وَرْقَاء، عَن [ابْن] أبي نجيح، عَن مُجَاهِد / عَن ابْن عَبَّاس: " {إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الصم الْبكم الَّذين لَا يعْقلُونَ} قَالَ: هم نفر من بني عبد الدَّار ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، حَدثنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عبد الحميد صَاحب الزيَادي، سمع أنس بن مَالك يَقُول: " قَالَ أَبُو جهل: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء اَوْ ائتنا بِعَذَاب أَلِيم. فَنزلت:(4/111)
{وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} الْآيَة: {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} إِلَى آخر الْآيَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن ابْن عَبَّاس: " لما نزلت {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ وَإِن يكن مِنْكُم مائَة} فَكتب عَلَيْهِم أَلا يفر وَاحِد من عشرَة ".
فَقَالَ سُفْيَان غير مرّة: " أَلا يفر عشرُون من مِائَتَيْنِ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أَخْبرنِي مُعَاوِيَة بن عَمْرو، عَن زَائِدَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لم تحل الْغَنَائِم لأحد سود الرُّءُوس من قبلكُمْ، كَانَت تنزل نَار من السَّمَاء فتأكلها ".
قَالَ سُلَيْمَان الْأَعْمَش: فَمن يَقُول هَذَا إِلَّا أَبُو هُرَيْرَة: " فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر وَقَعُوا فِي الْغَنَائِم قبل أَن تحل لَهُم، فَأنْزل الله: {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أخذتهم عَذَاب عليم} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة بَرَاءَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد وَمُحَمّد بن جَعْفَر(4/112)
وَابْن أبي عدي وَسَهل بن يُوسُف، قَالُوا: ثَنَا عَوْف بن أبي جميلَة، ثَنَا يزِيد الْفَارِسِي، حَدثنَا ابْن عَبَّاس قَالَ: " قلت لعُثْمَان بن عَفَّان: مَا حملكم أَن عمدتم إِلَى الْأَنْفَال وَهِي من المثاني، وَإِلَى الْبَرَاءَة وَهِي من المئين فقرنتم بَينهمَا، وَلم تكْتبُوا بَينهمَا سطر: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبع الطول؛ مَا حملكم على ذَلِك؟ فَقَالَ عُثْمَان: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَان وَهُوَ تنزل عَلَيْهِ (السُّورَة) ذَوَات الْعدَد، فَكَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ الشَّيْء دَعَا بعض من كَانَ / يكْتب فَيَقُول: ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَإِذا نزلت عَلَيْهِ الْآيَة يَقُول: ضَعُوا هَذِه الْآيَة فِي السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَكَانَت الْأَنْفَال من أَوَائِل مَا أنزلت عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَت بَرَاءَة من آخر الْقُرْآن، وَكَانَت قصَّتهَا (شَبِيها) بِقِصَّتِهَا، فَظَنَنْت أَنَّهَا مِنْهَا، فَقبض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يبين لنا أَنَّهَا مِنْهَا فَمن أجل ذَلِك قرنت بَينهمَا، وَلم أكتب بَينهمَا سطر: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَوَضَعتهَا فِي السَّبع الطول ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عَوْف عَن يزِيد الْفَارِسِي، وَيزِيد الْفَارِسِي روى عَن ابْن عَبَّاس غير حَدِيث، وَيُقَال: هُوَ يزِيد بن هُرْمُز.
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن مُطِيع، ثَنَا هشيم، عَن أبي بشر، عَن سعيد ابْن جُبَير: " قلت لِابْنِ عَبَّاس: سُورَة التَّوْبَة؟ قَالَ: آلتوبة. قَالَ: بل هِيَ الفاضحة، مَا زَالَت تنزل: وَمِنْهُم وَمِنْهُم. حَتَّى ظنُّوا أَنه لَا يبْقى منا أحد إِلَّا ذكر فِيهَا. قَالَ:(4/113)
سُورَة الْأَنْفَال؟ قَالَ: تِلْكَ سُورَة بدر. قلت: فالحشر؟ قَالَ: نزلت فِي بني النَّضِير ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، سَمِعت الْبَراء يَقُول: " إِن آخر آيَة نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} وَآخر سُورَة نزلت: بَرَاءَة ".
قَوْله تَعَالَى: {وأذان من الله وَرَسُوله}
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِسْحَاق، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، أَن حميد بن عبد الرَّحْمَن أخبرهُ [أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهُ] " أَن أَبَا بكر بَعثه فِي الْحجَّة الَّتِي أمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهَا قبل حجَّة الْوَدَاع فِي رَهْط يُؤذنُونَ فِي النَّاس أَلا يَحُجن بعد الْعَام مُشْرك، وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان ".
فَكَانَ حميد يَقُول: يَوْم النَّحْر يَوْم الْحَج الْأَكْبَر من أجل حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، حَدثنِي عقيل، قَالَ(4/114)
ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي حميد بن عبد الرَّحْمَن، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " بَعَثَنِي أَبُو بكر فِي تِلْكَ الْحجَّة فِي المؤذنين، بَعثهمْ يَوْم النَّحْر يُؤذنُونَ بمنى أَلا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك، وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان - قَالَ حميد -: ثمَّ أرْدف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / بعلي، ثمَّ أمره أَن يُؤذن بِبَرَاءَة. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَأذن مَعنا عَليّ فِي أهل منى يَوْم النَّحْر بِبَرَاءَة وَأَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك، وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن زيد ابْن يثيع قَالَ: " سَأَلنَا عليا بِأَيّ شَيْء بعثت فِي [الْحجَّة] قَالَ: بعثت بِأَرْبَع: أَلا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان، وَمن كَانَ بَينه وَبَين النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عهد فَهُوَ إِلَى مدَّته، وَمن لم يكن لَهُ عهد فَأَجله أَرْبَعَة أشهر، وَلَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مُؤمنَة، وَلَا يجْتَمع الْمُشْركُونَ والمسلمون بعد عَامهمْ هَذَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَهُوَ حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي إِسْحَاق.
حَدثنَا نصر بن عَليّ وَغير وَاحِد قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن زيد بن يثيع، عَن عَليّ نَحوه.
قَوْله تَعَالَى: {ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا زِيَاد بن أَيُّوب الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا همام، حَدثنَا ثَابت، عَن أنس أَن أَبَا بكر حدث قَالَ: " قلت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن فِي الْغَار: لَو أَن أحدهم ينظر إِلَى قَدَمَيْهِ [لَأَبْصَرنَا تَحت قَدَمَيْهِ] . قَالَ: يَا أَبَا بكر، مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، تفرد بِهِ همام.(4/115)
قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه} الْآيَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا رشدين بن سعد، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دراج، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رَأَيْتُمْ الرجل [يعْتَاد] الْمَسْجِد فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَان. قَالَ الله - عز وَجل -: {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} ".
حَدثنَا: ابْن أبي عمر، حَدثنَا عبد الله بن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ: " يتَعَاهَد الْمَسْجِد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَأَبُو الْهَيْثَم اسْمه سُلَيْمَان بن عَمْرو العتواري، وَكَانَ يَتِيما فِي حجر أبي سعيد الْخُدْرِيّ.
قَوْله تَعَالَى: {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} الْآيَة
مُسلم: حَدثنِي الْحسن الْحلْوانِي، ثَنَا أَبُو تَوْبَة، ثَنَا مُعَاوِيَة بن سَلام، عَن زيد بن سَلام، أَنه سمع أَبَا سَلام / حَدثنِي النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " كنت عِنْد مِنْبَر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رجل: مَا أُبَالِي أَلا أعمل عملا بعد الْإِسْلَام إِلَّا أَن أَسْقِي الْحَاج. وَقَالَ الآخر: مَا أُبَالِي أَلا أعمل عملا بعد الْإِسْلَام إِلَّا أَن أعمر الْمَسْجِد الْحَرَام. وَقَالَ الآخر: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله أفضل مِمَّا قُلْتُمْ. فزجرهم عمر، وَقَالَ: لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم عِنْد مِنْبَر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة فَإِذا صليت الْجُمُعَة دخلت فاستفتيته فِيمَا اختلفتم فِيهِ. فَأنْزل الله - تَعَالَى -: {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام كمن آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} الْآيَة إِلَى آخرهَا ".(4/116)
قَوْله تَعَالَى: {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَاب من دون الله}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن يزِيد الْكُوفِي، ثَنَا عبد السَّلَام بن حَرْب، عَن (غُضَيْف) بن أعين، عَن مُصعب بن سعد، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي عنقِي صَلِيب من ذهب فَقَالَ: يَا عدي، اطرَح عَنْك هَذَا الوثن! وسمعته يقْرَأ فِي سُورَة بَرَاءَة: {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله} قَالَ: أما إِنَّهُم لم يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكنهُمْ كَانُوا إِذا أحلُّوا لَهُم شَيْئا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذا حرمُوا عَلَيْهِم [شَيْئا] حرمُوهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عبد السَّلَام بن حَرْب، و (غطيف) بن أعين لَيْسَ بِمَعْرُوف فِي الحَدِيث.
قَوْله تَعَالَى: {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا}
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن عبد الْوَهَّاب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، عَن [ابْن] أبي بكرَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الزَّمَان اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض، السّنة اثْنَا عشر شهرا، مِنْهَا أَرْبَعَة حرم، ثَلَاث مُتَوَالِيَات: ذُو الْقعدَة، وَذُو الْحجَّة، وَالْمحرم، وَرَجَب مُضر الَّذِي بَين جُمَادَى وَشَعْبَان ".(4/117)
قَوْله تَعَالَى: {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ}
البُخَارِيّ: حَدثنَا بشر بن خَالِد أَبُو مُحَمَّد، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، عَن أبي وَائِل، عَن أبي مَسْعُود قَالَ: " لما أمرنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نتحامل، فجَاء أَبُو عقيل بِنصْف [صَاع] وَجَاء إِنْسَان بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ المُنَافِقُونَ: إِن الله لَغَنِيّ عَن صَدَقَة هَذَا، وَمَا فعل هَذَا الآخر إِلَّا رِيَاء / فَنزلت {الَّذِي يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات ... وَالَّذين لَا يَجدونَ الا جهدهمْ} الْآيَة ".
قَوْله تَعَالَى: {اسْتغْفر لَهُم} الْآيَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " لما توفّي عبد الله بن أبي جَاءَ ابْنه عبد الله بن عبد الله إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ أَن يُعْطِيهِ قَمِيصه يُكفن [فِيهِ] أَبَاهُ، فَأعْطَاهُ ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَامَ عمر فَأخذ بِثَوْب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، تصلي عَلَيْهِ وَقد نهاك الله أَن تصلي عَلَيْهِ؟ ! فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا خيرني الله، فَقَالَ: {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة} وسأزيد على السّبْعين. فَقَالَ: إِنَّه مُنَافِق. قَالَ: فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره} ".
حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَعبيد الله بن سعيد قَالَا: ثَنَا يحيى - وَهُوَ الْقطَّان -(4/118)
عَن عبيد الله بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه، وَزَاد، قَالَ: " فَترك الصَّلَاة عَلَيْهِم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل. وَقَالَ غَيره: حَدثنِي اللَّيْث، حَدثنِي عقيل، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس، عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ: " لما مَاتَ عبد الله بن أبي بن سلول دعِي لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليُصَلِّي عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَثَبت إِلَيْهِ. فَقلت: يَا رَسُول الله، أَتُصَلِّي على ابْن أبي وَقد قَالَ يَوْم كَذَا كَذَا وَكَذَا؟ أعد عَلَيْهِ قَوْله. قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: أخر عني يَا عمر. فَلَمَّا أكثرت عَلَيْهِ قَالَ: إِنِّي خيرت فاخترت (إِن) أعلم أَنِّي [إِن] زِدْت على السّبْعين فغفر لَهُ لزدت عَلَيْهَا. قَالَ: فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ انْصَرف فَلم يمْكث يَسِيرا حَتَّى نزلت الْآيَتَانِ من بَرَاءَة {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} إِلَى {وهم فَاسِقُونَ} قَالَ عمر: فعجبت بعد من جرأتي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَالله وَرَسُوله أعلم ".
زَاد التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " وَمَشى / مَعَه فَقَامَ على قَبره حَتَّى فرغ مِنْهُ " وَرَوَاهُ عَن عبد بن حميد، عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن أَبِيه، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن الزُّهْرِيّ، بِهَذَا الْإِسْنَاد.(4/119)
قَوْله تَعَالَى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ}
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُؤَمل [ثَنَا] إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عَوْف، ثَنَا أَبُو رَجَاء، ثَنَا سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنا: " أَتَانِي اللَّيْلَة آتيان [فابتعثاني] فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَلبن فضَّة، فتلقانا رجال شطر من خلقهمْ كأحسن مَا أَنْت (رائي) وَشطر كأقبح من أَنْت (رائي) . قَالَا لَهُم: اذْهَبُوا فقعوا فِي ذَلِك النَّهر. فوقعوا فِيهِ ثمَّ رجعُوا إِلَيْنَا قد ذهب ذَلِك السوء عَنْهُم فصاروا فِي أحسن صُورَة. قَالَا لي: هَذِه جنَّة عدن، وَهَذَا مَنْزِلك. قَالَا: أما الْقَوْم [الَّذين] كَانُوا شطر مِنْهُم حسن وَشطر مِنْهُم قَبِيح فَإِنَّهُم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا تجَاوز [الله] عَنْهُم ".
قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين}
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أَبِيه قَالَ: " لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة، دخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة فَقَالَ النَّبِي: أَي عَم، قل لَا إِلَه إِلَّا الله أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله. فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة: يَا أَبَا طَالب، ترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك. فَنزلت: {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} الْآيَة ".(4/120)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا وَكِيع، حَدثنَا سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق [عَن] أبي الْخَلِيل الْكُوفِي، عَن عَليّ قَالَ: " سَمِعت رجلا يسْتَغْفر لِأَبَوَيْهِ وهما مُشْرِكَانِ. فَقلت لَهُ: أَتَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْك وهما مُشْرِكَانِ؟ ! فَقَالَ: أَو لَيْسَ اسْتغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرك؟ فَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنزلت: {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَفِي الْبَاب عَن سعيد بن الْمسيب، عَن / أَبِيه.
قَوْله تَعَالَى: {لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار} إِلَى قَوْله: {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذِي خلفوا حَتَّى إِذا ضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ}
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن سرح مولى بني أُميَّة، أَخْبرنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب قَالَ: " ثمَّ غزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَة تَبُوك، وَهُوَ يُرِيد الرّوم ونصارى الْعَرَب بِالشَّام ".
قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك [أَن](4/121)
عبد الله بن كَعْب - وَكَانَ قَائِد كَعْب من بنيه حِين عمي - قَالَ: سَمِعت كَعْب بن مَالك يحدث حَدِيثه حِين تخلف عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك. قَالَ كَعْب ابْن مَالك: " لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة غَزَاهَا قطّ إِلَّا غَزْوَة تَبُوك، غير أَنِّي قد تخلفت فِي غَزْوَة بدر، وَلم يُعَاتب أحدا تخلف عَنهُ، إِنَّمَا خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والمسلمون يُرِيدُونَ عير قُرَيْش، حَتَّى جمع الله بَينهم وَبَين عدوهم على غير ميعاد، وَلَقَد شهِدت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة الْعقبَة حِين تواثقنا على الْإِسْلَام وَمَا أحب أَن لي بهَا مشْهد بدر [وَإِن كَانَت بدر] أذكر فِي النَّاس مِنْهَا. وَكَانَ من خبري حَيّ تخلفت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك أَنِّي لم أكن قطّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَة. وَالله مَا جمعت قبلهَا راحلتين قطّ حَتَّى جمعتهما فِي تِلْكَ الْغَزْوَة، فَغَزَاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حر شَدِيد واستقبل سفرا بَعيدا وَمَفَازًا، واستقبل عدوا كَبِيرا، فَجلى الْمُسلمين أَمرهم لِيَتَأَهَّبُوا أهبة (عدوهم) فَأخْبرهُم بوجههم الَّذِي يُرِيد والمسلمون مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كثير، وَلَا يجمعهُمْ كتاب حَافظ - يُرِيد بذلك الدِّيوَان - قَالَ كَعْب: فَقل رجل يُرِيد أَن يتغيب يظنّ أَن ذَلِك سيخفى لَهُ مَا لم ينزل فِيهِ وَحي من الله - عز وَجل - وغزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِلْكَ الْغَزْوَة حِين طابت الثِّمَار والظلال، فَأَنا إِلَيْهَا أصعر، فتجهز رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والمسلمون مَعَه، وطفقت أغدو لكَي أتجهز مَعَهم فأرجع وَلم أقض شَيْئا فَأَقُول فِي نَفسِي: أَنا قَادر على ذَلِك إِذا أردْت، فَلم يزل ذَلِك / يتمادى بِي حَتَّى اسْتمرّ بِالنَّاسِ الْجد، فَأصْبح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غاديا والمسلمون مَعَه وَلم أقض من جهازي شَيْئا، ثمَّ غَدَوْت فَرَجَعت وَلم أقض شَيْئا، فَلم يزل ذَلِك يتمادى بِي حَتَّى أَسْرعُوا وتفارط الْغَزْو، فهممت أَن أرتحل فأدركهم فياليتني فعلت، ثمَّ لم يقدر ذَلِك لي، فطفقت إِذا خرجت فِي النَّاس بعد خُرُوج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحزنني أَنِّي لَا أرى لي أُسْوَة إِلَّا رجلا مغموصا عَلَيْهِ فِي النِّفَاق أَو رجلا مِمَّن عذر الله من الضُّعَفَاء، وَلم يذكرنِي [رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] حَتَّى بلغ تَبُوك فَقَالَ وَهُوَ جَالس فِي الْقَوْم بتبوك: مَا(4/122)
فعل كَعْب بن مَالك؟ قَالَ رجل: من بني سَلمَة: يَا رَسُول الله، حَبسه برْدَاهُ وَالنَّظَر [فِي] عطفيه. فَقَالَ لَهُ معَاذ بن جبل: بئس مَا قلت، وَالله يَا رَسُول الله مَا علمنَا عَلَيْهِ إِلَّا خيرا. فَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبينا هُوَ على ذَلِك رأى رجلا مبيضا يَزُول بِهِ السراب، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كن أَبَا خَيْثَمَة. فَإِذا أَبُو خَيْثَمَة الْأنْصَارِيّ، وَهُوَ الَّذِي تصدق بِصَاع التَّمْر حِين لمزه المُنَافِقُونَ. قَالَ كَعْب بن مَالك: فَلَمَّا بَلغنِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد توجه قَافِلًا من تَبُوك حضرني بثي، فطفقت أَتَذكر الْكَذِب، فَأَقُول [بِمَ] أخرج من سخطته غَدا؟ وأستعين على ذَلِك [كل] ذِي رَأْي من أَهلِي، فَلَمَّا قيل: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أظل قادما زاح عني الْبَاطِل حَتَّى عرفت أَنِّي لن أنجو مِنْهُ بِشَيْء أبدا، فأجمعت صدقه، وَأصْبح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قادما وَكَانَ إِذا قدم من سفر بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ جلس للنَّاس، فَلَمَّا فعل ذَلِك جَاءَهُ الْمُخَلفُونَ فطفقوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ ويحلفون لَهُ، وَكَانُوا بضعَة و [ثَمَانِينَ] رجلا، فَقبل مِنْهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علانيتهم، وبايعهم، واستغفر لَهُم، ووكل سرائرهم إِلَى الله - تَعَالَى - حَتَّى جِئْت، فَلَمَّا سلمت تَبَسم تَبَسم الْمُغْضب، ثمَّ قَالَ: تعال. فَجئْت أَمْشِي، حَتَّى جَلَست بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ لي: مَا خَلفك، ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي وَالله لَو جَلَست عِنْد غَيْرك من أهل الدُّنْيَا لرأيت أَنِّي سأخرج من سخطه بِعُذْر، لقد أَعْطَيْت جدلا، وَلَكِنِّي وَالله لقد علمت لَئِن حدثتك الْيَوْم بِحَدِيث كذب ترْضى بِهِ عني ليوشكن الله أَن يسخطك عَليّ، وَلَئِن حدثتك حَدِيث صدق تَجِد عَليّ فِيهِ / إِنِّي لأرجو فِيهِ عُقبى الله، وَالله مَا كَانَ لي عذر، وَالله مَا كنت قطّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنْك. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما هَذَا فقد صدق فَقُمْ حَتَّى يقْضِي الله فِيك. فَقُمْت وثار رجال من بني سَلمَة فَاتبعُوني فَقَالُوا لي: وَالله مَا علمناك أذنبت ذَنبا قبل هَذَا، لقد عجزت فِي أَن لَا تكون اعتذرت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَا اعتذر إِلَيْهِ الْمُخَلفُونَ، فقد كَانَ كافيك(4/123)
ذَنْبك اسْتِغْفَار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَك. قَالَ: فوَاللَّه مَا زَالُوا (يؤنبوني) حَتَّى أردْت أَن أرجع إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأكذب نَفسِي. قَالَ: ثمَّ قلت لَهُم: هَل لَقِي هَذَا معي من أحد؟ قَالُوا: نعم، لقِيه مَعَك رجلَانِ، قَالَا مثل مَا قلت [فَقيل لَهما مثل مَا قيل] لَك. قَالَ: قلت: من هما؟ قَالُوا: مرَارَة بن ربيعَة العامري، وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي. قَالَ: فَذكرُوا لي رجلَيْنِ صالحين قد شَهدا [بَدْرًا] فيهمَا أُسْوَة. قَالَ: فمضيت حِين ذكروهما لي قَالَ: فَنهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُسلمين عَن كلامنا أَيهَا الثَّلَاثَة من بَين من تخلف عَنهُ. قَالَ: فَاجْتَنَبَنَا النَّاس. قَالَ: وتغيروا لنا حَتَّى تنكرت لي فِي نَفسِي الأَرْض، فَمَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي أعرف، فلبثنا على ذَلِك خمسين لَيْلَة، فَأَما صَاحِبَايَ فاستكانا وقعدا فِي بيوتهما، وَأما أَنا فَكنت أثبت الْقَوْم وأجلدهم، فَكنت أخرج فَأشْهد الصَّلَاة، وأطوف فِي الْأَسْوَاق، وَلَا يكلمني أحد، وَآتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأسلم عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسه بعد الصَّلَاة، فَأَقُول فِي نَفسِي هَل حرك شَفَتَيْه برد السَّلَام أم لَا، ثمَّ أُصَلِّي قَرِيبا مِنْهُ وأسارقه النّظر، فَإِذا أَقبلت على صَلَاتي نظر إِلَيّ وَإِذا الْتفت نَحوه أعرض عني، حَتَّى إِذا طَال عَليّ ذَلِك من جفوة الْمُسلمين مشيت حَتَّى تسورت جِدَار حَائِط أبي قَتَادَة، وَهُوَ ابْن عمي وَأحب النَّاس إِلَيّ فَسلمت عَلَيْهِ، فوَاللَّه مَا رد عَليّ السَّلَام، فَقلت لَهُ: يَا [أَبَا] قَتَادَة أنْشدك بِاللَّه، هَل تعلمني أحب الله وَرَسُوله؟ قَالَ: فَسكت. قَالَ: فعدت فَأَنْشَدته الله فَسكت، فعدت فَأَنْشَدته فَقَالَ: الله وَرَسُوله أعلم. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وتوليت حَتَّى تسورت الْجِدَار، فَبينا أَنا أَمْشِي فِي سوق الْمَدِينَة إِذْ نبطي من نبط أهل الشَّام مِمَّن قدم بِالطَّعَامِ يَبِيعهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُول: من يدل / على كَعْب بن مَالك؟ قَالَ: فَطَفِقَ النَّاس يشيرون (إِلَيْهِ) حَتَّى جَاءَنِي فَدفع إِلَيّ كتابا من ملك غَسَّان وَكنت كَاتبا فَقَرَأته فَإِذا فِيهِ: أما بعد فَإِنَّهُ بلغنَا أَن صَاحبك قد جفاك، وَلم يجعلك الله بدار هوان(4/124)
وَلَا مضيعة، فَالْحق بِنَا نواسك. قَالَ: فَقلت حِين قرأتها: وَهَذِه أَيْضا من الْبلَاء فتياممت بهَا التَّنور فسجرتها بِهِ، حَتَّى إِذا مَضَت أَرْبَعُونَ لَيْلَة من الْخمسين فاستلبث الْوَحْي إِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يأتيني فَقَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرك أَن تَعْتَزِل امْرَأَتك. قَالَ: فَقلت: أطلقها أم مَاذَا؟ قَالَ: لَا بل اعتزلها فَلَا تقربنها. قَالَ: فَأرْسل إِلَى صَاحِبي بِمثل ذَلِك. قَالَ: فَقلت لأهلي: الحقي بأهلك فكوني عِنْدهم حَتَّى يقْضِي الله فِي هَذَا الْأَمر. قَالَ: فَجَاءَت امْرَأَة هِلَال بن أُميَّة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن هِلَال بن أُميَّة شيخ ضائع لَيْسَ لَهُ خَادِم، فَهَل تكره أَن أخدمه؟ قَالَ: لَا وَلَكِن لَا يقربنك. قَالَت: وَالله مَا بِهِ حَرَكَة إِلَى شَيْء، وَوَاللَّه مَا زَالَ يبكي مُنْذُ كَانَ من أمره مَا كَانَ إِلَى يَوْمه هَذَا. قَالَ: فَقَالَ لي بعض أَهلِي: لَو اسْتَأْذَنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي امْرَأَتك، فقد أذن لامْرَأَة هِلَال بن أُميَّة أَن تخدمه. قَالَ: فَقلت: لَا اسْتَأْذن فِيهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَا يدريني مَاذَا يَقُول رَسُول الله إِذا استأذنته فِيهَا، فَأَنا رجل شَاب. قَالَ: فَلَبثت بذلك عشر لَيَال فكمل لنا [خَمْسُونَ] لَيْلَة من حِين نهى عَن كلامنا. قَالَ: فَصليت صَلَاة الْفجْر صباح خمسين لَيْلَة على ظهر بَيت من بُيُوتنَا، فَبينا أَنا على الْحَال الَّتِي ذكر الله ضَاقَتْ عَليّ نَفسِي وَضَاقَتْ عَليّ الأَرْض بِمَا رَحبَتْ، سَمِعت صَوت صارخ أوفى على سلع يَقُول بِأَعْلَى صَوته: يَا كَعْب بن مَالك، أبشر. قَالَ: فَخَرَرْت سَاجِدا، وَعرفت أَن قد جَاءَ فرج، فآذن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّاس بتوبة الله علينا حِين صلى صَلَاة الْفجْر فَذهب النَّاس يبشروننا، فَذهب قبل صَاحِبي مبشرون، وركض رجل إِلَيّ فرسا، وسعى ساع من أسلم قبلي، وأوفى الْجَبَل، فَكَانَ الصَّوْت أسْرع من الْفرس، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعت صَوته يبشرني نزعت لَهُ ثوبي فكسوتهما إِيَّاه ببشارته، وَالله مَا أملك غَيرهمَا يَوْمئِذٍ، واستعرت ثَوْبَيْنِ فلبستهما / فَانْطَلَقت أتأمم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فلقاني) النَّاس فوجا فوجا يهنئوني، وَيَقُولُونَ: لتهئنك تَوْبَة الله عَلَيْك، حَتَّى دخلت الْمَسْجِد فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالس فِي الْمَسْجِد، وَحَوله النَّاس، فَقَامَ طَلْحَة بن عبيد الله يُهَرْوِل حَتَّى(4/125)
صَافَحَنِي وَهَنأَنِي، وَالله مَا قَامَ رجل من الْمُهَاجِرين غَيره. قَالَ: فَكَانَ كَعْب لَا ينساها لطلْحَة. قَالَ كَعْب: فَلَمَّا سلمت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ وَهُوَ يَبْرق وَجهه من السرُور وَيَقُول: أبشر بِخَير يَوْم مر عَلَيْك مُنْذُ وَلدتك أمك. قَالَ: فَقلت: أَمن عنْدك يَا رَسُول الله أم من عِنْد الله؟ فَقَالَ: لَا بل من عِنْد الله. وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سر استنار وَجهه حَتَّى كَأَن وَجهه قِطْعَة قمر. قَالَ: وَكُنَّا نَعْرِف ذَلِك. فَلَمَّا جَلَست بَين يَدَيْهِ قلت: يَا رَسُول الله، إِن من تَوْبَتِي أَن أَنْخَلِع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أمسك عَلَيْك بعض مَالك فَهُوَ خير لَك. قَالَ: فَقلت: فَإِنِّي أمسك سهمي الَّذِي بِخَيْبَر. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِن الله إِنَّمَا أنجاني بِالصّدقِ، وَإِن من تَوْبَتِي أَلا أحدث إِلَّا صدقا مَا بقيت. قَالَ: فوَاللَّه مَا علمت أَن أحدا من الْمُسلمين أبلاه الله فِي صدق الحَدِيث مُنْذُ ذكرت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحسن مِمَّا أبلاني، وَالله مَا تَعَمّدت كذبة مُنْذُ قلت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى يومي هَذَا، وَإِنِّي لأرجو أَن يحفظني الله فِيمَا بَقِي. قَالَ: فَأنْزل الله - عز وَجل -: {لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة} حَتَّى {إِنَّه بهم رءوف رَحِيم. وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا حَتَّى إِذا ضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِم أنفسهم} حَتَّى بلغ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} . قَالَ كَعْب: وَالله مَا أنعم الله عَليّ من نعْمَة قطّ بعد إِذْ هَدَانِي الله لِلْإِسْلَامِ أعظم فِي نَفسِي من صدق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلا أكون كَذبته فَأهْلك كَمَا هلك الَّذين كذبُوا، إِن الله قَالَ للَّذين كذبُوا حِين أنزل الْوَحْي شَرّ مَا قَالَ لأحد قَالَ: {سيحلفون بِاللَّه لكم إِذا انقلبتم إِلَيْهِم لتعرضوا عَنْهُم فأعرضوا عَنْهُم إِنَّهُم رِجْس ومأواهم جَهَنَّم جَزَاء بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. يحلفُونَ لكم لترضوا عَنْهُم فَإِن ترضوا عَنْهُم فَإِن الله لَا يرضى عَن الْقَوْم الْفَاسِقين} / قَالَ كَعْب: كُنَّا خلفنا أَيهَا الثَّلَاثَة عَن أَمر أُولَئِكَ الَّذين قبل مِنْهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين حلفوا لَهُ فبايعهم واستغفر لَهُم، وأرجأ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرنَا حَتَّى قضى الله فِيهِ بذلك، قَالَ الله - عز وَجل -: {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} وَلَيْسَ الَّذِي ذكر الله مِمَّا خلفنا تخلفنا عَن(4/126)
الْغَزْو، وَإِنَّمَا تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنَا عَمَّن حلف لَهُ وَاعْتذر إِلَيْهِ فَقبل مِنْهُ ".
زَاد البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث من قيل كَعْب من قصَّته: " وَمَا من شَيْء أهم إِلَيّ من أَن أَمُوت فَلَا يُصَلِّي عَليّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو يَمُوت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَكُون من النَّاس بِتِلْكَ الْمنزلَة فَلَا يكلمني أحد مِنْهُم، وَلَا يُصَلِّي عَليّ، فَأنْزل الله - عز وَجل - تَوْبَتنَا على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين بَقِي الثُّلُث الآخر من اللَّيْل وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد أم سَلمَة، وَكَانَت أم سَلمَة محسنة فِي شأني (معنية) فِي أَمْرِي، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أم سَلمَة، تيب على كَعْب بن مَالك. قَالَت: أَفلا أرسل إِلَيْهِ فأبشره؟ قَالَ: إِذا [يحطمكم] النَّاس [فيمنعونكم] النّوم سَائِر اللَّيْل، حَتَّى إِذا صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْفجْر آذن بتوبة الله علينا ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد، عَن أَحْمد بن أبي شُعَيْب، عَن مُوسَى بن أعين، عَن إِسْحَاق بن رَاشد، عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت كَعْب بن مَالك.
وَحَدِيث مُسلم أوعب وَأتم من حَدِيث البُخَارِيّ هَذَا.
وَمن سُورَة يُونُس
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا حَمَّاد ابْن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن صُهَيْب،(4/127)
عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي قَول الله - عز وَجل -: {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة نَادَى مُنَاد: إِن لكم عِنْد الله موعدا يُرِيد أَن ينجزكموه. قَالُوا: ألم تبيض وُجُوهنَا، وتنجنا من النَّار، وتدخلنا الْجنَّة. قَالَ: فَيكْشف الْحجاب قَالَ: فوَاللَّه مَا أَعْطَاهُم الله شَيْئا أحب إِلَيْهِم من النّظر إِلَيْهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة هَكَذَا روى غير وَاحِد عَن حَمَّاد بن سَلمَة مَرْفُوعا.
وروى سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة هَذَا الحَدِيث عَن ثَابت، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَوْله. وَلم يذكر فِيهِ عَن صُهَيْب عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. انْتهى كَلَام / أبي عسيى.
روى هَذَا الحَدِيث أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن حَمَّاد بن سَلمَة، بِإِسْنَاد التِّرْمِذِيّ. وَقَالَ بعد قَوْله: " وأدخلنا الْجنَّة. فَيُقَال لَهُم ذَلِك ثَلَاثًا، فيتجلى لَهُم رَبهم - تبَارك وَتَعَالَى - فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، أبنا شُعْبَة، أَخْبرنِي عدي بن ثَابت وَعَطَاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس. ذكر أَحدهمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه ذكر " أَن جِبْرِيل جعل يدس فِي فيّ فِرْعَوْن الطين، خشيَة أَن يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله. فيرحمه الله، أَو خشيَة أَن يرحمه الله ".(4/128)
وَمن سُورَة هود
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن يعلى بن عَطاء، عَن وَكِيع بن حدس، عَن عَمه أبي رزين قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق خلقه؟ قَالَ: كَانَ فِي عماء، مَا تَحْتَهُ هَوَاء، وَمَا فَوْقه هَوَاء، وَخلق عَرْشه على المَاء ".
قَالَ أَحْمد بن منيع: قَالَ يزِيد بن هَارُون: " [العماء] أَي لَيْسَ مَعَه شَيْء.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَكَذَا روى حَمَّاد بن سَلمَة: وَكِيع بن حدس، وَيَقُول شُعْبَة وَأَبُو عوَانَة وهشيم: وَكِيع بن عدس. وَهُوَ أصح، وَأَبُو رزين: لَقِيط بن عَامر. قَالَ: وَهَذَا حَدِيث حسن.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أخبرنَا شُعَيْب، أبنا أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - عز وَجل -: أنْفق أُنفق عَلَيْك. وَقَالَ: يَد الله ملأى لَا يغضيها نَفَقَة، سحاء بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار. وَقَالَ: أَرَأَيْتُم مَا أنْفق مُنْذُ خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فَإِنَّهُ لم يغض مَا فِي يَده، وَكَانَ عَرْشه على المَاء وَبِيَدِهِ الْمِيزَان [يخْفض] وَيرْفَع ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بنْدَار، ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، ثَنَا سُلَيْمَان بن سُفْيَان، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر، عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: " لما نزلت هَذِه الْآيَة: {فَمنهمْ شقي وَسَعِيد} سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا نَبِي الله، فعلام نعمل؟ على شَيْء قد فرغ مِنْهُ، أَو على شَيْء لم يفرغ مِنْهُ؟ قَالَ: بل على شَيْء قد فرغ مِنْهُ، وَجَرت بِهِ الأقلام يَا عمر، وَلَكِن كل ميسر لما خلق لَهُ ".(4/129)
هَذَا / حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه لَا نعرفه إِلَّا [من] حَدِيث عبد الْملك بن عَمْرو.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، وَأَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن الجحدري، كِلَاهُمَا عَن يزِيد بن زُرَيْع - وَاللَّفْظ لأبي كَامِل حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع - حَدثنَا التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان [عَن عبد الله بن مَسْعُود] " أَن رجلا أصَاب من امْرَأَة قبْلَة فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر ذَلِك لَهُ قَالَ: فَنزلت: {أقِم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ} قَالَ: فَقَالَ الرجل: أَلِي هَذِه يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لمن عمل بهَا من أمتِي ".
حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد. قَالَ: " أصَاب [رجل] من امْرَأَة شَيْئا دون الْفَاحِشَة، فَأتى عمر بن الْخطاب فَعظم عَلَيْهِ، ثمَّ أَتَى أَبَا بكر فَعظم عَلَيْهِ، ثمَّ أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " [فَذكر] بِمثل حَدِيث يزِيد والمعتمر.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وقتيبة وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة - وَاللَّفْظ ليحيى - قَالَ يحيى: أبنا. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن سماك، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة وَالْأسود، عَن عبد الله قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(4/130)
فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي عَالَجت امْرَأَة فِي أقْصَى الْمَدِينَة، وَإِنِّي أصبت مِنْهَا مَا دون أَن أَمسهَا، فَأَنا هَذَا [فَاقْض] فيّ مَا شِئْت. فَقَالَ عمر: لقد سترك الله، لَو سترت على نَفسك. قَالَ: فَلم يرد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا فَقَامَ الرجل [فَانْطَلق] فَأتبعهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا دَعَاهُ فَتلا عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة: {أقِم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل} فَقَالَ رجل من الْقَوْم: يَا نَبِي الله، هَذِه لَهُ خَاصَّة؟ قَالَ: بل للنَّاس كَافَّة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى وَمُحَمّد بن عُثْمَان بن كَرَامَة، قَالَا: ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، ثَنَا سُفْيَان [بن] عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يحب امْرَأَة فَاسْتَأْذن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَاجَة لَهُ فَأذن لَهُ، فَانْطَلق فِي يَوْم مطير، فَإِذا هُوَ بِالْمَرْأَةِ على غَدِير مَاء تَغْتَسِل، فَلَمَّا جلس مِنْهَا مجْلِس الرجل من الْمَرْأَة ذهب يُحَرك ذكره، فَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ هدبة، فَقَامَ فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي: صل أَربع رَكْعَات. فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار / وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} الْآيَة ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن ابْن عَبَّاس، وَلَا نعلم روى هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عُيَيْنَة إِلَّا عبيد الله.
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي وَزُهَيْر بن حَرْب - وَاللَّفْظ لزهير - قَالَا: ثَنَا عمر بن يُونُس، ثَنَا عِكْرِمَة [بن] عمار، ثَنَا شَدَّاد، ثَنَا أَبُو أُمَامَة قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَسْجِد وَنحن قعُود مَعَه إِذْ جَاءَهُ رجل فَقَالَ:(4/131)
يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت حدا فأقمه عَليّ. قَالَ: فَسكت عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ أعَاد فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت حدا فأقمه عَليّ. وَقَالَ ثَالِثَة، فأقيمت الصَّلَاة، فَلَمَّا انْصَرف نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ أَبُو أُمَامَة: وَاتبع الرجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَاتَّبَعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنظر مَا يرد على الرجل، فلحق الرجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت حدا فأقمه. فَقَالَ أَبُو أُمَامَة: فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَرَأَيْت حِين خرجت من بَيْتك أَلَيْسَ قد تَوَضَّأت فأحسنت الْوضُوء؟ قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: ثمَّ شهِدت الصَّلَاة مَعنا؟ قَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله قد غفر لَك حدك - أَو قَالَ: ذَنْبك ".
وَمن سُورَة يُوسُف
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير: " عَن عَائِشَة قَالَت [لَهُ] وَهُوَ يسْأَلهَا عَن قَول الله - عز وَجل - {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل} قَالَ: قلت: أكذِبوا أم كذّبوا؟ قَالَت عَائِشَة: كذّبوا. قلت: فقد استيقنوا أَن قَومهمْ كذبوهم، فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. قَالَت: أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك. فَقلت لَهَا: {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} قَالَت: معَاذ الله لم تكن الرُّسُل تظن ذَلِك بربها. قلت: فَمَا هَذِه الْآيَة؟ قَالَت: هم أَتبَاع الرُّسُل الَّذين آمنُوا برَبهمْ وصدقوهم، وَطَالَ عَلَيْهِم الْبلَاء، واستأخر عَنْهُم النَّصْر، حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل مِمَّن كذبهمْ من قَومهمْ، وظنت الرُّسُل أَن أتباعهم قد كذبوهم جَاءَ نصر الله عِنْد ذَلِك ".
وَمن سُورَة الرَّعْد
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد / الرَّحْمَن، ثَنَا أَبُو نعيم، عَن عبد الله(4/132)
ابْن الْوَلِيد - وَكَانَ يكون فِي بني عجل - عَن بكير بن شهَاب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَقبلت يهود إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم، أخبرنَا عَن الرَّعْد مَا هُوَ؟ قَالَ: ملك من الْمَلَائِكَة مُوكل بالسحاب مَعَه مخاريق من نَار يَسُوق بهَا السَّحَاب حَيْثُ شَاءَ الله. قَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْت الَّذِي نسْمع؟ قَالَ: زَجره بالسحاب إِذا زَجره حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى حَيْثُ أَمر. قَالُوا: صدقت، فَأخْبرنَا عَمَّا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه. قَالَ: اشْتَكَى عرق النسا، فَلم يجد شَيْئا يلائمه إِلَّا لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا فَلذَلِك حرمهَا. قَالُوا: صدقت ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن عبد الله، أبنا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا دَيْلَم بن غَزوَان، ثَنَا ثَابت، عَن أنس قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا من أَصْحَابه إِلَى رجل من عُظَمَاء الْجَاهِلِيَّة يَدعُوهُ إِلَى الله - تبَارك وَتَعَالَى - فَقَالَ: أيش رَبك الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ؟ من نُحَاس هُوَ، من حَدِيد هُوَ، من فضَّة هُوَ، من ذهب هُوَ؟ فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ فَأرْسلهُ إِلَيْهِ الثَّالِثَة فَقَالَ مثل ذَلِك، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ فَأرْسل الله - تبَارك وَتَعَالَى - عَلَيْهِ صَاعِقَة فَأَحْرَقتهُ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - قد أرسل على صَاحبك صَاعِقَة فَأَحْرَقتهُ. فَنزلت هَذِه الْآيَة: {وَيُرْسل الصَّوَاعِق فَيُصِيب بهَا من يَشَاء وهم يجادلون فِي الله وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} ".
دَيْلَم صَالح الحَدِيث، قَالَه ابْن معِين وَأَبُو بكر الْبَزَّار.
وَمن سُورَة إِبْرَاهِيم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن شُعَيْب [بن] الحبحاب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " أُتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(4/133)
بقناع عَلَيْهِ رطب، فَقَالَ: {مثلا كلمة طيبَة كشجرة طيبَة أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا} قَالَ: هِيَ النَّخْلَة {وَمثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار} قَالَ: هِيَ الحنظل ".
قَالَ: فَأخْبرت بذلك [أَبَا] الْعَالِيَة فَقَالَ: صدق وَأحسن.
حَدثنَا قُتَيْبَة ثَنَا أَبُو بكر بن شُعَيْب [بن] الحبحاب، عَن أَبِيه، عَن أنس نَحوه بِمَعْنَاهُ، وَلم يرفعهُ، وَلم يذكر / قَول أبي الْعَالِيَة، وَهَذَا أصح من حَدِيث حَمَّاد، وروى غير وَاحِد مثل هَذَا مَوْقُوفا، وَلَا نعلم أحدا رَفعه غير حَمَّاد بن سَلمَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، حَدثنِي مُجَاهِد، عَن ابْن عمر: " بَيْنَمَا نَحن عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ أُتِي بجمار نَخْلَة، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من الشّجر لما بركته كبركة الْمُسلم. فَظَنَنْت أَنه يَعْنِي النَّخْلَة، فَأَرَدْت أَن أَقُول: هِيَ النَّخْلَة يَا رَسُول الله، ثمَّ الْتفت فَإِذا أَنا عَاشر عشرَة أَنا أحدثهم فَسكت، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هِيَ النَّخْلَة ".
حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن عبيد الله، أَخْبرنِي نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أخبروني بشجرة مثلهَا مثل الْمُسلم، تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا، وَلَا تَحت وَرقهَا، فَوَقع فِي نَفسِي أَنَّهَا النَّخْلَة ... " وَذكر الحَدِيث.(4/134)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " كُنَّا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أخبروني بشجرة شبه - أَو كَالرّجلِ - الْمُسلم لَا يتحات وَرقهَا - قَالَ إِبْرَاهِيم: لَعَلَّ مُسلما قَالَ: وتؤتي [أكلهَا] وَكَذَا وجدت عِنْد غَيْرِي أَيْضا - وَلَا تؤتي أكلهَا كل حِين. قَالَ ابْن عمر: فَوَقع فِي نَفسِي أَنَّهَا النَّخْلَة، وَرَأَيْت أَبَا بكر وَعمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - لَا يتكلمان، وكرهت أَن أَتكَلّم أَو أَقُول شَيْئا. فَقَالَ عمر: لِأَن تكون قلتهَا أحب إِلَيّ من كَذَا وَكَذَا ".
البُخَارِيّ: أخبرنَا عبيد بن إِسْمَاعِيل، عَن أبي أُسَامَة بِإِسْنَاد مُسلم. قَالَ: " كُنَّا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أخبروني [بشجرة] تشبه - أَو كَالرّجلِ - الْمُسلم، لَا يتحات وَرقهَا، وَلَا وَلَا وَلَا، تؤتي أكلهَا كل حِين ... " وَذكر الحَدِيث.
البُخَارِيّ: أخبرنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي عَلْقَمَة بن مرْثَد، سَمِعت سعد بن عُبَيْدَة، عَن الْبَراء بن عَازِب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُسلم إِذا سُئِلَ فِي الْقَبْر يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله؛ فَذَلِك قَوْله - عز وَجل -: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} ".(4/135)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن عَطاء، سمع ابْن عَبَّاس: " {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعمت الله كفرا} قَالَ: هم كفار أهل مَكَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق / ثَنَا معمر، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَكثير بن كثير بن الْمطلب بن أبي ودَاعَة - يزِيد أَحدهمَا على الآخر - عَن سعيد بن جُبَير، قَالَ ابْن عَبَّاس: " أول مَا اتخذ النِّسَاء الْمنطق من قبل أم إِسْمَاعِيل اتَّخذت منطقا ليعفي أَثَرهَا على سارة، ثمَّ جَاءَ بهَا إِبْرَاهِيم وبابنها إِسْمَاعِيل، وَهِي ترْضِعه حَتَّى [وَضعهَا] عِنْد الْبَيْت عِنْد دوحة فَوق زَمْزَم فِي أَعلَى الْمَسْجِد، وَلَيْسَ بِمَكَّة يَوْمئِذٍ أحد، وَلَيْسَ بهَا مَاء فوضعها هُنَالك، وَوضع عِنْدهَا جرابا فِيهِ تمر وسقاء فِيهِ مَاء، ثمَّ قفى إِبْرَاهِيم مُنْطَلقًا فتبعته أم إِسْمَاعِيل فَقَالَت: يَا إِبْرَاهِيم، أَيْن تذْهب وتتركنا بِهَذَا الْوَادي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أنيس وَلَا شَيْء؟ فَقَالَت لَهُ ذَلِك مرَارًا، وَجعل لَا يلْتَفت إِلَيْهَا، فَقَالَت لَهُ: آللَّهُ أَمرك بِهَذَا؟ قَالَ: نعم. قَالَت: إِذا لَا يضيعنا. ثمَّ رجعت فَانْطَلق إِبْرَاهِيم حَتَّى إِذا كَانَ عِنْد الثَّنية حَيْثُ لَا يرونه اسْتقْبل بِوَجْهِهِ الْبَيْت، ثمَّ دَعَا بهؤلاء الدَّعْوَات وَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ: {رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع} حَتَّى بلغ {يشكرون} وَجعلت أم إِسْمَاعِيل ترْضع إِسْمَاعِيل وتشرب من ذَلِك المَاء حَتَّى إِذا نفد مَا فِي السقاء عطشت وعطش ابْنهَا وَجعلت تنظر إِلَيْهِ يتلوى - أَو قَالَ: يتلبط - فَانْطَلَقت كَرَاهِيَة أَن تنظر إِلَيْهِ، فَوجدت الصَّفَا أقرب جبل فِي الأَرْض يَليهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثمَّ اسْتقْبلت الْوَادي هَل تنظر أحدا فَلم تَرَ أحدا، فَهَبَطت من الصَّفَا حَتَّى إِذا بلغت الْوَادي رفعت طرف (درعها) ،(4/136)
ثمَّ سعت سعي الْإِنْسَان المجهود حَتَّى جَاوَزت الْوَادي، ثمَّ أَتَت الْمَرْوَة فَقَامَتْ عَلَيْهَا، وَنظرت هَل ترى أحدا فَلم تَرَ فَفعلت ذَلِك سبع مَرَّات. قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَلذَلِك سعى النَّاس بَينهمَا. فَلَمَّا أشرفت على الْمَرْوَة، سَمِعت صَوتا فَقَالَت: صه. تُرِيدُ نَفسهَا، ثمَّ تسمعت فَسمِعت أَيْضا فَقَالَت: قد أسمعت إِن كَانَ عنْدك غواث. فَإِذا هِيَ بِالْملكِ عِنْد مَوضِع زَمْزَم فبحث بعقبه - أَو قَالَ: بجناحه - حَتَّى ظهر المَاء، فَجعلت تحوضه وَتقول بِيَدِهَا هَكَذَا أَو جعلت تغرف من المَاء فِي سقائها وَهُوَ يفور بعد مَا تغرف. قَالَ / ابْن عَبَّاس: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يرحم الله أم إِسْمَاعِيل لَو تركت زَمْزَم - أَو قَالَ: لَو لم تغترف من المَاء لكَانَتْ زَمْزَم عينا معينا - قَالَ: فَشَرِبت وأرضعت وَلَدهَا فَقَالَ لَهَا الْملك: لَا تخافوا الضَّيْعَة فَإِن هَاهُنَا بَيت الله يَبْنِي هَذَا الْغُلَام وَأَبوهُ، وَإِن الله لَا يضيع أَهله، وَكَانَ الْبَيْت مرتفعا من الأَرْض كالرابية تَأتيه السُّيُول فتأخذ عَن يمنيه وَعَن شِمَاله، فَكَانَت كَذَلِك حَتَّى مرت بهم رفْقَة من جرهم - أَو أهل بَيت من جرهم - مُقْبِلين من طَرِيق كداء [فنزلوا] فِي أَسْفَل مَكَّة فَرَأَوْا طائرا عائفا فَقَالُوا: إِن هَذَا الطَّائِر ليدور على مَاء، لعهدنا بِهَذَا الْوَادي وَمَا فِيهِ مَاء. فأرسلوا جَريا - أَو جريين - فَإِذا هم بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا وَأم إِسْمَاعِيل عِنْد المَاء فَقَالُوا: تأذنين لنا أَن ننزل عنْدك؟ قَالَت: نعم وَلَكِن لَا حق لكم فِي المَاء. قَالُوا: نعم. قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فألفى ذَلِك أم إِسْمَاعِيل وَهِي تحب الْإِنْس، فنزلوا وَأَرْسلُوا إِلَى أَهْليهمْ فنزلوا مَعَهم حَتَّى إِذا كَانَ بهَا أهل [أَبْيَات] مِنْهُم وشب الْغُلَام وَتعلم الْعَرَبيَّة مِنْهُم، وأنفسهم وأعجبهم [حَتَّى] شب، فَلَمَّا أدْرك زوجوه امْرَأَة مِنْهُم وَمَاتَتْ أم إِسْمَاعِيل، فجَاء إِبْرَاهِيم بعد مَا تزوج إِسْمَاعِيل يطالع تركته فَلم يجد إِسْمَاعِيل، فَسَأَلَ امْرَأَته عَنهُ فَقَالَت: خرج يَبْتَغِي لنا. ثمَّ سَأَلَهَا عَن عيشهم وهيئتهم فَقَالَت:(4/137)
نَحن بشر نَحن بِضيق وَشدَّة فشكت إِلَيْهِ، قَالَ: إِذا جَاءَ زَوجك اقرئي عَلَيْهِ السَّلَام وَقَوْلِي لَهُ يُغير عتبَة بَابه. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل كَأَنَّهُ آنس شَيْئا فَقَالَ: هَل جَاءَكُم من أحد؟ فَقَالَت: نعم جَاءَنَا شيخ كَذَا وَكَذَا، فسألنا عَنْك فَأَخْبَرته وسألني كَيفَ عيشنا فَأَخْبَرته أَنا فِي شدَّة وَجهد. قَالَ: فَهَل وصاك بِشَيْء؟ قَالَت: نعم أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول: غير عتبَة بابك [قَالَ] ذَاك أبي وَقد أَمرنِي أَن أُفَارِقك، الحقي بأهلك. فَطلقهَا وَتزَوج مِنْهُم أُخْرَى فَلبث عَنْهُم إِبْرَاهِيم مَا شَاءَ الله ثمَّ أَتَاهُم بعد فَلم يجده، وَدخل على امْرَأَته فَسَأَلَهَا عَنهُ فَقَالَت: خرج يَبْتَغِي لنا. قَالَ: كَيفَ أَنْتُم؟ وسألها عَن عيشهم وهيئتهم فَقَالَ: نَحن بِخَير وسعة. وأثنت على الله - عز وَجل - فَقَالَ: مَا طَعَامكُمْ؟ فَقَالَت: اللَّحْم. قَالَ: فَمَا شرابكم؟ قَالَت: المَاء. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي اللَّحْم وَالْمَاء. قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَلم يكن لَهُم يَوْمئِذٍ حب وَلَو كَانَ لَهُم / دَعَا لَهُم فِيهِ. قَالَ: فهما لَا يخلوا عَلَيْهِمَا أحد بِغَيْر مَكَّة إِلَّا لم يوافقاه. قَالَ: فَإِذا جَاءَ زَوجك فاقرئي عَلَيْهِ السَّلَام ومريه يثبت عتبَة بَابه. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل قَالَ: هَل أَتَاكُم من أحد؟ قَالَت: نعم أَتَانَا شيخ حسن الْهَيْئَة وأثنت عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْك فَأَخْبَرته، فَسَأَلَنِي كَيفَ عيشنا فَأَخْبَرته أَنا بِخَير. قَالَ: فأوصاك بِشَيْء؟ قَالَت: نعم هُوَ يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام ويأمرك أَن تثبت عتبَة بابك. قَالَ: ذَاك أبي وَأَنت العتبة وَأَمرَنِي أَن أمسكك. ثمَّ لبث عَنْهُم مَا شَاءَ الله، ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك وَإِسْمَاعِيل يبري نبْلًا لَهُ تَحت دوحة قَرِيبا من زَمْزَم، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصنعَ كَمَا يصنع الْوَالِد بِالْوَلَدِ، وَالْولد بالوالد، ثمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيل، إِن الله يَأْمُرنِي بِأَمْر. قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمرك رَبك. قَالَ: وتعينني عَلَيْهِ؟ قَالَ: فأعينك عَلَيْهِ. قَالَ: فَإِن الله أَمرنِي أَن أبني هَا هُنَا بَيْتا وَأَشَارَ إِلَى أكمة مُرْتَفعَة على مَا حولهَا. قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِك رفعا الْقَوَاعِد من الْبَيْت فَجعل إِسْمَاعِيل يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيم يَبْنِي حَتَّى إِذا ارْتَفع الْبناء جَاءَ بِهَذَا الْحجر فَوَضعه لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيل يناوله الْحِجَارَة وهما يَقُولَانِ {رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم} قَالَ: فَجعلَا يبنيان حَتَّى يدورا حول الْبَيْت وهما يَقُولَانِ: {رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم} ".(4/138)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن الشّعبِيّ، عَن مَسْرُوق قَالَ: " تلت عَائِشَة هَذِه الْآيَة: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} قَالَت: يَا رَسُول الله، فَأَيْنَ يكون النَّاس؟ قَالَ: على الصِّرَاط ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن عَائِشَة.
وَمن سُورَة الْحجر
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن عِكْرِمَة، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قضى [الله] الْأَمر فِي السَّمَاء ضربت الْمَلَائِكَة بأجنحتها (خضعان) لقَوْله كَأَنَّهُ سلسلة على صَفْوَان - قَالَ عَليّ: وَقَالَ غَيره: صَفْوَان ينفذهم ذَلِك - فَإِذا فزغ عَن قُلُوبهم قَالُوا: مَاذَا قَالَ ربكُم. قَالُوا: الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير. فيسمعها (مسترقي) السّمع و (مسترقي) السّمع هَكَذَا وَاحِد فَوق آخر - وَوصف سُفْيَان بِيَدِهِ فَفرج بَين أَصَابِعه الْيُمْنَى نصبها بَعْضهَا فَوق بعض - فَرُبمَا أدْرك / الشهَاب المستمع قبل أَن يَرْمِي بهَا إِلَى صَاحبه فيحرقه، وَرُبمَا لم يُدْرِكهُ حَتَّى يَرْمِي بهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ، إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَل مِنْهُ، حَتَّى يلقوها إِلَى الأَرْض - رُبمَا قَالَ سُفْيَان: حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى الأَرْض - فَتلقى على فَم السَّاحر، فيكذب مَعهَا مائَة كذبة، فَيصدق، فَيَقُولُونَ: ألم تخبرنا يَوْم كَذَا وَكَذَا يكون كَذَا وَكَذَا؟ فوجدناه حَقًا للكلمة الَّتِي سَمِعت من السَّمَاء ".(4/139)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا نوح - يَعْنِي: ابْن قيس - عَن [ابْن مَالك]- قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: هُوَ عَمْرو بن مَالك - عَن أبي الجوزاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَت امْرَأَة تصلي خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حسناء من أحسن النَّاس. قَالَ: فَكَانَ بعض الْقَوْم يتَقَدَّم فِي الصَّفّ الأول لِئَلَّا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِر بَعضهم حَتَّى يكون فِي الصَّفّ الْمُؤخر، فَإِذا ركع يَعْنِي ينظر من تَحت إبطه، فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: روى جَعْفَر بن سُلَيْمَان هَذَا الحَدِيث عَن عَمْرو ابْن مَالك عَن أبي الجوزاء نَحوه، وَلم يذكر فِيهِ ابْن عَبَّاس، وَهَذَا أشبه أَن يكون أصح من حَدِيث نوح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أبنا أَبُو عَليّ الْحَنَفِيّ، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحَمد لله أم الْقُرْآن وَأم الْكتاب [و] السَّبع المثاني ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَحْمد بن أبي الطّيب، ثَنَا مُصعب بن سَلام، عَن عَمْرو بن قيس، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ(4/140)
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اتَّقوا فراسة الْمُؤمن؛ فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله. ثمَّ قَرَأَ {إِن فِي ذَلِك لآيَات للمتوسمين} ".
وَقَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، إِنَّمَا نعرفه من هَذَا الْوَجْه.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا هشيم، أبنا أَبُو بشر، عَن سعيد ابْن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " {الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين} قَالَ: هم أهل الْكتاب جزءوه أَجزَاء فآمنوا بِبَعْضِه وَكَفرُوا بِبَعْضِه ".
وَمن سُورَة النَّحْل
النَّسَائِيّ: أخبرنَا زَكَرِيَّا بن يحيى، أبنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أبنا عَليّ بن الْحُسَيْن بن وَاقد، حَدثنِي أبي، عَن يزِيد النَّحْوِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس / قَالَ: " فِي سُورَة النَّحْل: {من كفر بِاللَّه من بعد إيمَانه إِلَّا من أكره} إِلَى قَوْله: {وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} فنسخ وَاسْتثنى من ذَلِك فَقَالَ: {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا ثمَّ جاهدوا وصبروا إِن رَبك من بعْدهَا لغَفُور رَحِيم} وَهُوَ عبد الله [بن سعد] بن أبي سرح الَّذِي كَانَ على مصر، كَانَ يكْتب لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فأزله] الشَّيْطَان فلحق بالكفار فَأمر بِهِ أَن يقتل يَوْم الْفَتْح فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَان بن عَفَّان، فأجاره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".(4/141)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو عمار [ثَنَا] الْفضل بن مُوسَى، عَن عِيسَى بن عبيد، عَن الرّبيع بن أنس، عَن [أبي] الْعَالِيَة قَالَ: حَدثنِي أبي بن كَعْب [قَالَ] : " لما كَانَ يَوْم أحد أُصِيب من الْأَنْصَار أَرْبَعَة وَسِتُّونَ رجلا وَمن الْمُهَاجِرين سِتَّة فيهم حَمْزَة فمثلوا بهم. فَقَالَت الْأَنْصَار: لَئِن أصبْنَا مِنْهُم يَوْمًا مثل هَذَا لنربين عَلَيْهِم. قَالَ فَلَمَّا كَانَ [يَوْم فتح] مَكَّة فَأنْزل الله {وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خير للصابرين} فَقَالَ رجل: لَا قُرَيْش بعد الْيَوْم. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كفوا عَن الْقَوْم إِلَّا أَرْبَعَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من حَدِيث أبي بن كَعْب.
وَمن سُورَة بني إِسْرَائِيل قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا سُلَيْمَان، عَن شريك بن عبد الله، قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: " لَيْلَة أسرِي برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مَسْجِد الْكَعْبَة أَنه جَاءَهُ ثَلَاثَة نفر قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ، هُوَ نَائِم فِي الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ أَوَّلهمْ: أَيهمْ هُوَ؟ فَقَالَ أوسطهم: هُوَ خَيرهمْ. فَقَالَ أحدهم: خُذُوا خَيرهمْ. فَكَانَت تِلْكَ اللَّيْلَة فَلم يرهم حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَة أُخْرَى فِيمَا يرى قلبه، وتنام عينه وَلَا ينَام(4/142)
قلبه، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء تنام أَعينهم وَلَا تنام قُلُوبهم، فَلم يكلموه حَتَّى احتملوه فوضعوه عِنْد بِئْر زَمْزَم فتولاه مِنْهُم جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - فشق جِبْرِيل مَا بَين نَحره إِلَى لبته حَتَّى فرغ من صَدره وجوفه فَغسله من مَاء زَمْزَم بِيَدِهِ حَتَّى أنقى جَوْفه، ثمَّ أَتَى بطست من ذهب فِيهِ تور من ذهب محشوا إِيمَانًا وَحِكْمَة فحشا بِهِ صَدره ولغاديده - يَعْنِي: عروق حلقه - ثمَّ أطبقه ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَضرب بَابا من أَبْوَابهَا فناداه أهل / السَّمَاء: من هَذَا؟ فَقَالَ: جِبْرِيل. قَالُوا: وَمن مَعَك؟ قَالَ: معي مُحَمَّد. قَالُوا: وَقد بعث؟ قَالَ: نعم. قَالُوا: فمرحبا بِهِ وَأهلا. فيستبشر بِهِ أهل السَّمَاء، لَا يعلم أهل السَّمَاء بِمَا يُرِيد الله بِهِ فِي الأَرْض حَتَّى يعلمهُمْ، فَوجدَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا آدم فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: هَذَا أَبوك فَسلم عَلَيْهِ. فَسلم عَلَيْهِ ورد عَلَيْهِ آدم وَقَالَ: مرْحَبًا وَأهلا يَا بني، نعم الابْن أَنْت. فَإِذا هُوَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بنهرين يطردان فَقَالَ: مَا [هَذَانِ] النهران يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: [هَذَانِ] النّيل والفرات عنصرهما، ثمَّ مضى بِهِ فِي السَّمَاء فَإِذا هُوَ بنهر آخر عَلَيْهِ قصر من لُؤْلُؤ وَزَبَرْجَد فَضرب يَده فَإِذا هُوَ مسك أذفر، قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي خبأ لَك رَبك، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَقَالَت الْمَلَائِكَة لَهُ مثل مَا قَالَت لَهُ الأولى: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالُوا: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالُوا: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعم [قَالُوا] : مرْحَبًا بِهِ وَأهلا. ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة وَقَالُوا لَهُ مثل مَا قَالَت الأولى وَالثَّانيَِة، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى الرَّابِعَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَقَالُوا مثل ذَلِك، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَقَالُوا مثل ذَلِك، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك. كل سَمَاء فِيهَا أَنْبيَاء قد سماهم [فوعيت] مِنْهُم: إِدْرِيس فِي الثَّانِيَة و [هاورن] فِي(4/143)
الرَّابِعَة وَآخر فِي الْخَامِسَة لم أحفظ اسْمه، وَإِبْرَاهِيم فِي السَّادِسَة، ومُوسَى فِي السَّابِعَة بِفضل كَلَامه لله فَقَالَ مُوسَى: رب لم أَظن أَن ترفع عَليّ أحدا. ثمَّ علا بِهِ فَوق ذَلِك بِمَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله، حَتَّى جَاءَ سِدْرَة الْمُنْتَهى ودنا الْجَبَّار رب الْعِزَّة فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قاب قوسين أَو أدنى، فَأوحى إِلَيْهِ فِيمَا أوحى إِلَيْهِ خمسين صَلَاة على أمتك كل يَوْم وَلَيْلَة، ثمَّ هَبَط حَتَّى بلغ مُوسَى فاحتبسه مُوسَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، مَاذَا عهد إِلَيْك رَبك؟ قَالَ: عهد إِلَيّ خمسين صَلَاة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة. قَالَ: إِن أمتك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك، فَارْجِع فليخفف عَنْك رَبك وعنهم. فَالْتَفت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى جِبْرِيل كَأَنَّهُ يستشيره فِي ذَلِك فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيل أَن نعم إِن شِئْت، فعلا بِهِ إِلَى الْجَبَّار - تبَارك وَتَعَالَى - فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ: يَا رب، خفف عَنَّا فَإِن أمتِي لَا تَسْتَطِيع هَذَا. فَوضع عَنهُ عشر صلوَات، ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فاحتبسه فَلم يزل / يردده إِلَى ربه ربه حَتَّى صَار إِلَى خمس صلوَات، ثمَّ احتبسه مُوسَى عِنْد الْخمس فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، وَالله لقد راودت بني إِسْرَائِيل قومِي على أدنى من هَذَا فضعفوا فَتَرَكُوهُ، فأمتك أَضْعَف أجسادا وَقُلُوبًا وأبدانا وأسماعا وأبصارا، فَارْجِع فليخفف عَنْك رَبك. كل ذَلِك يلْتَفت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى جِبْرِيل يُشِير عَلَيْهِ وَلَا يكره ذَلِك جِبْرِيل فرفعه عِنْد الْخَامِسَة. فَقلت: يَا رب، إِن أمتِي ضعفاء أَجْسَادهم وَقُلُوبهمْ وأسماعهم وأبدانهم فَخفف عَنَّا. فَقَالَ الْجَبَّار: يَا مُحَمَّد. قَالَ: لبيْك وَسَعْديك. قَالَ: إِنَّه لَا يُبدل القَوْل لدي كَمَا فرضته عَلَيْك فِي أم الْكتاب فَكل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أم الْكتاب وَهِي خمس عَلَيْك. فَرجع إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيفَ فعلت؟ قَالَ: قد خفف عَنَّا أَعْطَانَا بِكُل حَسَنَة عشر أَمْثَالهَا. قَالَ مُوسَى: وَالله قد راودت بني إِسْرَائِيل على أدنى من ذَلِك فَتَرَكُوهُ، ارْجع إِلَى رَبك فليخفف عَنْك أَيْضا. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا مُوسَى، قد وَالله استحييت من رَبِّي مِمَّا اخْتلفت إِلَيْهِ. قَالَ: فاهبط بِسم الله. فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي (الْمَسْجِد) الْحَرَام ".(4/144)
وللبخاري فِي بعض طرق الحَدِيث: " فَأتيت مُوسَى فَسلمت فَقَالَ: مرْحَبًا بك من أَخ وَنَبِي. فَلَمَّا جَاوَزت بَكَى فَقيل: مَا أبكاك؟ قَالَ: يَا رب، هَذَا الْغُلَام الَّذِي بعث بعدِي يدْخل الْجنَّة من أمته أفضل مِمَّا يدْخل من أمتِي ".
رَوَاهُ عَن هدبة، عَن همام، عَن قَتَادَة. وَعَن خَليفَة بن خياط، عَن يزِيد ابْن زُرَيْع، عَن سعيد وَهِشَام، كِلَاهُمَا عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن مَالك بن صعصعة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَله لفظ آخر: " سَأَلت رَبِّي حَتَّى استحييت وَلَكِن أرْضى وَأسلم، فَلَمَّا جَاوَزت نَادَى (مُنَادِي) : أمضيت فريضتي وخففت عَن عبَادي ".
رَوَاهُ عَن هدبة بن خَالِد، عَن همام، عَن قَتَادَة بِالْإِسْنَادِ الأول.
وللبخاري: حَدثنَا عَبْدَانِ، أبنا عبد الله، أبنا يُونُس.
وثنا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا عَنْبَسَة، ثَنَا يُونُس، عَن ابْن شهَاب، قَالَ ابْن الْمسيب: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " أُتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة أسرِي بِهِ بإيلياء بقدحين من خمر وَلبن فَنظر إِلَيْهِمَا فَأخذ اللَّبن. فَقَالَ جِبْرِيل: الْحَمد لله الَّذِي هداك للفطرة وَلَو أخذت الْخمر غوت أمتك ".
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيم طهْمَان: عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دفعت إِلَى السِّدْرَة فَإِذا أَرْبَعَة أَنهَار نهران ظاهران ونهران باطنان، فَأَما الظاهران: فالنيل والفرات، وَأما الباطنان فنهران فِي الْجنَّة وَأُوتِيت بِثَلَاثَة أقداح: قدح فِيهِ لبن، وقدح فِيهِ عسل، وقدح فِيهِ خمر فَأخذت الَّذِي فِيهِ اللَّبن فَشَرِبت فَقيل لي: أصبت الْفطْرَة أَنْت وَأمتك ".(4/145)
وَقَالَ هِشَام وَسَعِيد وَهَمَّام: عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك، عَن مَالك بن صعصعة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْأَنْهَار نَحوه، وَلم يذكرُوا ثَلَاثَة أقداح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بِالْبُرَاقِ لَيْلَة أسرِي بِهِ مُلجمًا مسرجا فاستصعب عَلَيْهِ فَقَالَ جِبْرِيل: أبمحمد تفعل هَذَا؟ فَمَا ركبك أحد أكْرم على الله مِنْهُ. قَالَ: فَارْفض عرقا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عبد الرَّزَّاق.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، أبنا أَبُو [تُمَيْلة] عَن الزبير بن جُنَادَة، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " [لما] انتهينا إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالَ جِبْرِيل بِأُصْبُعِهِ فخرق بِهِ الْحجر فَشد بِهِ الْبراق ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
وَفِي بعض طرق التِّرْمِذِيّ عَن حُذَيْفَة: " أُتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِدَابَّة طَوِيل الظّهْر ممدودا هَكَذَا خطوه مد بَصَره، فَمَا زايلا ظهر الْبراق حَتَّى رَأيا الْجنَّة وَالنَّار ووعد الْآخِرَة، ورجعا عودهما على بدئهما. قَالَ: وَيَتَحَدَّثُونَ أَنه ربطه، لم، أيفر مِنْهُ؟ ! وَإِنَّمَا سَخَّرَهُ لَهُ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة ".(4/146)
وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح، رَوَاهُ عَن ابْن [أبي] عمر، [عَن سُفْيَان] عَن مسعر، عَن عَاصِم بن أبي النجُود، عَن زر بن حُبَيْش، عَن حُذَيْفَة.
بَاب قَوْله تَعَالَى: {وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك}
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أبنا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن عرش إِبْلِيس على الْبَحْر، فيبعث سراياه فيفتنون فأعظمهم / عِنْده أعظمهم فتْنَة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، أخبرنَا الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن إِبْلِيس يضع عَرْشه على المَاء، فيبعث سراياه فأدناهم مِنْهُ منزلَة أعظمهم فتْنَة، يَجِيء أحدهم فَيَقُول: فعلت كَذَا وَكَذَا. فَيَقُول: مَا صنعت شَيْئا. قَالَ: ثمَّ يَجِيء أحدهم فَيَقُول: مَا تركته حَتَّى فرقت بَينه وَبَين امْرَأَته. قَالَ: فيدنيه وَيَقُول: نعم أَنْت ".
قَالَ الْأَعْمَش: أرَاهُ قَالَ: " فيلتزمه ".
قَوْله تَعَالَى: {الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة}
مُسلم: حَدثنِي أَبُو بكر بن نَافِع، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن أبي معمر، عَن عبد الله " {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة} قَالَ: كَانَ نفر من الْإِنْس يعْبدُونَ نَفرا من الْجِنّ، فَأسلم النَّفر من الْجِنّ واستمسك الْإِنْس بعبادتهم، فَنزلت: {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة} ".(4/147)
قَوْله تَعَالَى: {وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كذب بهَا الْأَولونَ}
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد الرِّفَاعِي، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن عمرَان السّلمِيّ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " سَأَلَ أهل مَكَّة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يَجْعَل لَهُم الصَّفَا ذَهَبا، وَأَن تحول الْجبَال عَنْهُم حَتَّى يزرعوا. فَقيل: إِن شِئْت أَن نؤتيهم الَّذِي سَأَلُوهُ، فَإِن كفرُوا أهلكوا كَمَا هلك من كَانَ قبلهم، فَأنْزل الله - تبَارك وَتَعَالَى -: {وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كذب بهَا الْأَولونَ وآتينا ثَمُود النَّاقة مبصرة} ".
وَحدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن جَعْفَر بن أبي وحشية، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس نَحوه.
قَوْله تَعَالَى: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس}
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن [عبد الله] ، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} قَالَ: هِيَ رُؤْيا عين أريها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة أسرِي بِهِ، والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن شَجَرَة الزقوم ".
قَوْله تَعَالَى: {وَقُرْآن / الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهودا}
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، عَن(4/148)
الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة وَابْن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فضل صَلَاة الْجمع على صَلَاة الْوَاحِد خمس وَعِشْرُونَ دَرَجَة، وتجتمع مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار فِي صَلَاة الْفجْر. يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهودا} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبيد بن أَسْبَاط بن مُحَمَّد - قرشي كُوفِي - أبنا أبي، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَوْله: " {وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهودا} قَالَ: تشهده مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا}
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن أبان، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن آدم بن عَليّ قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُول: " إِن النَّاس يصيرون يَوْم الْقِيَامَة جثا كل أمة تتبع نبيها يَقُولُونَ يَا فلَان (يَا فلَان اشفع يَا فلَان) اشفع حَتَّى تَنْتَهِي الشَّفَاعَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَلِك يَوْم يَبْعَثهُ الله الْمقَام الْمَحْمُود ".
وَرَوَاهُ حَمْزَة بن عبد الله، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا هَارُون بن كَامِل، حَدثنَا عبد الله بن صَالح، حَدثنِي(4/149)
اللَّيْث بن سعد، حَدثنِي عبيد الله بن أبي جَعْفَر، سَمِعت حَمْزَة بن عبد الله يَقُول: سَمِعت عبد الله بن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا يزَال [الرجل] يسْأَل حَتَّى يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة وَلَيْسَ فِي وَجهه مزعة لحم. وَقَالَ: الشَّمْس تَدْنُو حَتَّى يبلغ الْعرق نصف الْأذن، فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك اسْتَغَاثُوا بِآدَم - عَلَيْهِ السَّلَام - فَيَقُول: [لست] صَاحب ذَلِك، ثمَّ مُوسَى فَيَقُول كَذَلِك، ثمَّ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيشفع ليقضى بَين الْخلق، فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذ بِحَلقَة الْجنَّة، فَيَوْمئِذٍ يَبْعَثهُ الله مقَاما مَحْمُودًا يحمده أهل الْجمع كلهم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا وَكِيع، عَن دَاوُد بن يزِيد الزعافري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي قَوْله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: هِيَ الشَّفَاعَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
/ دَاوُد الزعافري هُوَ دَاوُد بن يزِيد بن (عبد الرَّحْمَن) الأودي عَم عبد الله ابْن [إِدْرِيس] .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَليّ بن زيد بن جدعَان، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر، وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر، وَمَا من نَبِي يَوْمئِذٍ آدم فَمن سواهُ إِلَّا(4/150)
تَحت لِوَائِي، وَأَنا أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَلَا فَخر. قَالَ: فَيفزع النَّاس ثَلَاث فَزعَات فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ: أَنْت أَبونَا آدم فاشفع لنا إِلَى رَبك. فَيَقُول: إِنِّي أذنبت ذَنبا أهبطت مِنْهُ إِلَى الأَرْض، وَلَكِن ائْتُوا نوحًا [فَيَأْتُونَ نوحًا] فَيَقُول: إِنِّي دَعَوْت على أهل الأَرْض فأهلكوا، وَلَكِن اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيم. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُول: إِنِّي كذبت ثَلَاث كذبات - ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا مِنْهَا كذبة إِلَّا مَا حل بهَا عَن دين الله - وَلَكِن ائْتُوا مُوسَى. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُول: إِنِّي قتلت نفسا وَلَكِن اتئوا عِيسَى. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُول: إِنِّي عبدت من دون الله، وَلَكِن ائْتُوا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: [فَيَأْتُوني] فأنطلق مَعَهم ".
قَالَ ابْن جدعَان: قَالَ أنس: " فَكَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فآخذ بِحَلقَة بَاب الْجنَّة فأقعقعها. فَيُقَال: من هَذَا؟ فَيُقَال: مُحَمَّد، فيفتحون لي ويرحبون فَيَقُولُونَ: مرْحَبًا. فَأخر سَاجِدا، فيلهمني الله من الثَّنَاء وَالْحَمْد، فَيُقَال لي: ارْفَعْ رَأسك [سل] تعط وَاشْفَعْ تشفع، وَقل يسمع لِقَوْلِك، وَهُوَ الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي قَالَ الله - عز وَجل -: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} ".
قَالَ سُفْيَان: لَيْسَ عَن أنس إِلَّا هَذِه الْكَلِمَة: " فآخذ بِحَلقَة بَاب الْجنَّة فأقعقعها ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد، حَدثنَا دَاوُد بن يزِيد الأودي، سَمِعت أبي يحدث عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمقَام(4/151)
الْمَحْمُود: الشَّفَاعَة ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم يرْوى إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد بن / سُلَيْمَان، ثَنَا يزِيد بن عبد ربه الجرجسي، ثَنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد، حَدثنِي الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب، عَن كَعْب بن مَالك، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أَنا وَأمتِي على تل فيكسوني رَبِّي - عز وَجل - حلَّة خضراء، ثمَّ يُؤذن لي فَأَقُول مَا شَاءَ الله أَن أَقُول، فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود ".
قَوْله تَعَالَى: {وَقل رب أدخلني مدْخل صدق}
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا جرير، عَن قَابُوس بن أبي ظبْيَان، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة ثمَّ أَمر بِالْهِجْرَةِ فَنزلت عَلَيْهِ {وَقل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَوْله تَعَالَى: {ويسألونك عَن الرّوح}
مُسلم: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، عَن الْأَعْمَش، حَدثنِي إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: " بَينا أَنا أَمْشِي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حرث(4/152)
وَهُوَ متكئ على عسيب إِذْ مر بِنَفر من الْيَهُود فَقَالَ بَعضهم لبَعض: سلوه عَن الرّوح. فَقَالُوا: مَا رابكم إِلَيْهِ يستقبلكم بِشَيْء تكرهونه. فَقَالُوا: سلوه. فَقَامَ إِلَيْهِ بَعضهم فَسَأَلَهُ عَن الرّوح قَالَ: فأسكت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا فَعلمت أَنه يُوحى إِلَيْهِ قَالَ: فَقُمْت مَكَاني، فَلَمَّا نزل الْوَحْي قَالَ: {يَسْأَلُونَك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} ".
قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى تسع آيَات بَيِّنَات}
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، عَن ابْن إِدْرِيس، أبنا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن سَلمَة، عَن صَفْوَان بن عَسَّال قَالَ: " قَالَ يَهُودِيّ لصَاحبه: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِي. قَالَ لَهُ صَاحبه: لَا تقل نَبِي لَو سَمعك كَانَ لَهُ أَرْبَعَة أعين. فَأتيَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَاهُ عَن تسع آيَات بَيِّنَات فَقَالَ لَهُم: لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى سُلْطَان، وَلَا تسحرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا المحصنة، وَلَا توَلّوا يَوْم الزَّحْف، وَعَلَيْكُم خَاصَّة يهود أَلا تعدوا فِي السبت. فقبلوا يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَقَالُوا: نشْهد إِنَّك نَبِي. قَالَ: مَا يمنعكم أَن تتبعوني؟ قَالُوا: إِن دَاوُد دَعَا أَلا يزَال من ذُريَّته نَبِي، وَإِنَّا نَخَاف إِن اتَّبَعْنَاك / تَقْتُلنَا يهود ".
أنكر النَّسَائِيّ هَذَا الحَدِيث.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء، عَن ابْن إِدْرِيس وَأبي أُسَامَة، بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.(4/153)
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا}
مُسلم: حَدثنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الصَّباح وَعَمْرو النَّاقِد، جَمِيعًا عَن هشيم - قَالَ ابْن الصَّباح: ثَنَا هشيم - أبنا أَبُو بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} قَالَ: نزلت وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - متوار بِمَكَّة، فَكَانَ إِذا صلى بِأَصْحَابِهِ رفع صَوته بِالْقُرْآنِ، فَإِذا سمع ذَلِك الْمُشْركُونَ سبوا الْقُرْآن وَمن أنزلهُ وَمن جَاءَ بِهِ، فَقَالَ الله - عز وَجل - لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وَلَا تجْهر بصلاتك} فَيسمع الْمُشْركُونَ قراءتك {وَلَا تخَافت بهَا} عَن أَصْحَابك، أسمعهم الْقُرْآن وَلَا تجْهر ذَلِك الْجَهْر {وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} يَقُول: بَين الْجَهْر والمخافتة} ".
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن جَعْفَر بن أبي وحشية، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرفع صَوته بِالْقُرْآنِ ويخفض أَحْيَانًا، فَأنْزل الله {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} ".
إِسْنَاد مُتَّصِل.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، عَن [يحيى بن] زَكَرِيَّا، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " عَن قَوْله عز وَجل: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} [قَالَت:] أنزلت هَذِه فِي الدُّعَاء ".(4/154)
وَمن سُورَة الْكَهْف
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يزِيد بن سِنَان، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن يعلى بن مُسلم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " فِي حَدِيث أَصْحَاب الْكَهْف: {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} قَالَ ابْن عَبَّاس: إِذا قلت شَيْئا فَلم تقل: إِن شَاءَ الله، فَقل إِذا ذكرت: إِن شَاءَ الله ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، وَعبيد الله بن سعيد، وَمُحَمّد بن أبي عمر الْمَكِّيّ كلهم، عَن ابْن عُيَيْنَة - وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر - ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: " إِن نَوْفًا الْبكالِي يزْعم أَن مُوسَى صَاحب بني إِسْرَائِيل لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحب الْخضر، فَقَالَ: كذب عَدو الله، سَمِعت أبي بن كَعْب يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: قَامَ مُوسَى خَطِيبًا فِي بني إِسْرَائِيل فَسئلَ: أَي النَّاس أعلم؟ قَالَ: / أَنا أعلم. قَالَ: فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم إِلَيْهِ، فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن عبدا من عبَادي بمجمع الْبَحْرين هُوَ أعلم مِنْك. قَالَ مُوسَى: أَي رب، كَيفَ لَهُ بِهِ؟ فيقل لَهُ: احْمِلْ حوتا فِي مكتل فَحَيْثُ تفقد الْحُوت فَهُوَ ثمَّ. فَانْطَلق وَانْطَلق مَعَه فتاه وَهُوَ يُوشَع بن نون، فَحمل مُوسَى حوتا فِي مكتل وَانْطَلق هُوَ وفتاه يمشيان حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَة فرقد مُوسَى وفتاه، فاضطرب الْحُوت فِي المكتل حَتَّى خرج من المكتل فَسقط فِي الْبَحْر. قَالَ: فَأمْسك الله عَنهُ جرية المَاء حَتَّى كَانَ مثل الطاق، فَكَانَ للحوت سربا وَكَانَ لمُوسَى وفتاه عجبا، فَانْطَلقَا بَقِيَّة يومهما وليلتهما وَنسي صَاحب مُوسَى أَن يُخبرهُ، فَلَمَّا أصبح مُوسَى {قَالَ لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} قَالَ: وَلم ينصب حَتَّى جَاوز الْمَكَان الَّذِي أَمر بِهِ {قَالَ أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر(4/155)
عجبا} قَالَ مُوسَى: {ذَلِك مَا كُنَّا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} حَتَّى إِذا أَتَيَا الصَّخْرَة فرأيا رجلا مسجى عَلَيْهِ بِثَوْب، فَسلم عَلَيْهِ مُوسَى فَقَالَ لَهُ الْخضر: أَنى بأرضك السَّلَام. قَالَ: أَنا مُوسَى. قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل؟ قَالَ: نعم. قَالَ: إِنَّك على علم من علم الله علمكه لَا أعلمهُ، وَأَنا على علم من علم الله علمنيه لَا تعلمه {قَالَ لَهُ مُوسَى هَل أتبعك على أَن تعلمن مِمَّا علمت رشدا. قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا. وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا. قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا} قَالَ لَهُ الْخضر: {فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا} قَالَ: نعم. فَانْطَلق الْخضر ومُوسَى يمشيان على سَاحل الْبَحْر فمرت بهما سفينة فكلماهم أَن يحملوهما فعرفوا الْخضر فمحلوهما بِغَيْر نول، فَعمد الْخضر إِلَى لوح من أَلْوَاح السَّفِينَة فَنَزَعَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قوم حملونا بِغَيْر نول عَمَدت إِلَى [سفينتهم] فخرقتها {لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا. قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا. قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت ولَا ترهقني من أَمْرِي عسرا} ثمَّ خرجا من السَّفِينَة فَبَيْنَمَا هما يمشيان على السَّاحِل إِذا غُلَام يعلب مَعَ الغلمان، فَأخذ الْخضر بِرَأْسِهِ فاقتلعه بِيَدِهِ فَقتله فَقَالَ مُوسَى: {أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شئ نكرا. قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن / تَسْتَطِيع معي صبرا} قَالَ: وَهَذِه أَشد من الأولى {قَالَ إِن سَأَلتك عَن شيئ بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا. فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة استطعما أَهلهَا فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فوجدا فِيهَا جدارا يُرِيد أَن ينْقض فأقامه} يَقُول:(4/156)
مائل. قَالَ الْخضر بِيَدِهِ هَكَذَا فأقامه، قَالَ مُوسَى: قوم أتيناهم فَلم يضيفونا وَلم يطعمونا {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا. قَالَ هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا} قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يرحم الله مُوسَى لَوَدِدْت أَنه كَانَ صَبر حَتَّى (كَانَ) يقص علينا من أخبارهما. قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَانَت الأولى من مُوسَى نِسْيَانا. قَالَ: وَجَاء عُصْفُور حَتَّى وَقع على حرف السَّفِينَة ثمَّ نقر فِي الْبَحْر، فَقَالَ الْخضر: مَا نقص علمي وعلمك من علم الله إِلَّا مثل مَا نقص هَذَا العصفور من الْبَحْر. قَالَ سعيد بن جُبَير: وَكَانَ يقْرَأ: " وَكَانَ أمامهم ملك يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا "، وَكَانَ يقْرَأ: " وَأما الْغُلَام فَكَانَ كَافِرًا ".
حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن رَقَبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " قيل لِابْنِ عَبَّاس: إِن نَوْفًا يزْعم أَن مُوسَى الَّذِي ذهب يلْتَمس الْعلم لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل ... " واقتص الحَدِيث نَحْو مَا تقدم، وَقَالَ فِيهِ: " أَنا مُوسَى. قَالَ: وَمن مُوسَى؟ قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل: وَقَالَ فِيهِ: " وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا، شَيْء أمرت أَن أَفعلهُ إِذا رَأَيْته لم تصبر ".
وَفِيه أَيْضا من قَول الْخضر: " وَأما الْغُلَام فطبع يَوْم طبع كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ قد عطفا عَلَيْهِ، فَلَو أَنه أدْرك أرهقهما طغيانا وَكفرا ".
وللترمذي فِي هَذَا الحَدِيث من الزِّيَادَة: " وَكَانَ الْحُوت قد أكل مِنْهُ لَحْمًا(4/157)
فَلَمَّا قطر عَلَيْهِ المَاء عَاشَ ".
رَوَاهُ عَن ابْن [أبي] عمر بِإِسْنَاد مُسلم - رحمهمَا الله.
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أبنا هِشَام بن يُوسُف، أَن ابْن جريج أخْبرهُم [قَالَ:] أَخْبرنِي يعلى بن مُسلم وَعَمْرو بن دِينَار، عَن سعيد بن جُبَير - يزِيد أَحدهمَا على صَاحبه - وَغَيرهمَا قد سمعته يحدثه عَن سعيد قَالَ: " إِنَّا لعِنْد ابْن عَبَّاس فِي بَيته إِذْ قَالَ: [سلوني] . قلت: أَي أَبَا الْعَبَّاس، جعلني الله فدَاك، بِالْكُوفَةِ رجل قاص يُقَال لَهُ نوف يزْعم أَنه لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل. أما عَمْرو قَالَ: كذب عَدو الله. وَأما يعلى فَقَالَ لي: قَالَ ابْن عَبَّاس: / حَدثنِي أبي بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مُوسَى رَسُول الله قَالَ: ذكر النَّاس يَوْمًا حَتَّى إِذا فاضت الْعُيُون ورقت الْقُلُوب ولى فأدركه رجل فَقَالَ: أَي رَسُول الله هَل فِي الأَرْض أحد أعلم مِنْك؟ قَالَ: لَا. فعتب عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم إِلَى الله. قيل: بلَى. فَقَالَ: أَي رب، وَأَيْنَ؟ قَالَ: بمجمع الْبَحْرين. قَالَ: أَي رب اجْعَل لي علما أعلم ذَلِك بِهِ. قَالَ: قَالَ لي عَمْرو: قَالَ: حَيْثُ يفارقك الْحُوت. وَقَالَ لي يعلى: قَالَ: خُذ نونا مَيتا حَيْثُ ينْفخ فِيهِ الرّوح. فَأخذ حوتا فَجعله فِي مكتل فَقَالَ لفتاه: لَا أكلفك إِلَّا أَن تُخبرنِي بِحَيْثُ يفارقك الْحُوت. قَالَ: مَا كلفت كثيرا. فَذَلِك قَوْله: {وَإِذ قَالَ مُوسَى لفتاه} يُوشَع بن نون - لَيست عَن سعيد - قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ظلّ صَخْرَة فِي مَكَان ثريان، إِذْ [تضرب] الْحُوت ومُوسَى نَائِم، فَقَالَ فتاه: لَا أوقظه. حَتَّى إِذا اسْتَيْقَظَ نسي أَن يُخبرهُ، وتضرب الْحُوت حَتَّى دخل الْبَحْر فَأمْسك الله عَنهُ جرية الْبَحْر حَتَّى كَأَن أَثَره فِي حجر. قَالَ لي عَمْرو: هَكَذَا كَأَن أَثَره فِي حجر - وَحلق بَين(4/158)
إبهاميه وَالَّتِي تليانهما {لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} قَالَ: قد قطع الله عَنْك النصب - لَيست هَذِه عَن سعيد - أخبرهُ فَرَجَعَا فوجدا خضرًا. فَقَالَ لي [عُثْمَان] ابْن أبي سُلَيْمَان: على طنفسة خضراء على كبد الْبَحْر. فَقَالَ سعيد بن جُبَير: مسجى بِثَوْبِهِ قد جعل طرفه تَحت رجلَيْهِ، وطرفه تَحت رَأسه. فَسلم عَلَيْهِ مُوسَى فكشف عَنهُ وَجهه، وَقَالَ: قل بِأَرْض من سَلام؟ من أَنْت؟ قَالَ: أَنا مُوسَى. قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَمَا شَأْنك؟ قَالَ: جِئْت لتعلمني مِمَّا علمت رشدا. قَالَ: أما يَكْفِيك أَن التَّوْرَاة بيديك، وَأَن الْوَحْي يَأْتِيك؟ يَا مُوسَى، إِن لي علما لَا يَنْبَغِي لَك أَن تعلمه، وَإِن لَك علما لَا يَنْبَغِي لي أَن أعلمهُ، فَأخذ طَائِر بمنقاره من الْبَحْر فَقَالَ: وَالله مَا علمي وَمَا علمك فِي جنب علم الله - تَعَالَى - إِلَّا كَمَا أَخذ هَذَا الطَّائِر بمنقاره من الْبَحْر. حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة وجد معابر صغَارًا تحمل أهل هَذَا السَّاحِل إِلَى أهل هَذَا السَّاحِل، عرفوه. فَقَالُوا: عبد الله الصَّالح - قَالَ: قُلْنَا لسَعِيد: خضر؟ قَالَ: نعم - لَا نحمله بِأَجْر، فخرقها، ووتد فِيهِ وتدا. قَالَ مُوسَى: {أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا} / قَالَ مُجَاهِد: مُنْكرا {قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} كَانَت الأولى نِسْيَانا، وَالْوُسْطَى شرطا، وَالثَّالِثَة عمدا. {قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسرا} لقيا غُلَاما فَقتله. قَالَ يعلى: قَالَ سعيد: وجد غلمانا يَلْعَبُونَ فَأخذ غُلَاما كَافِرًا ظريفا فأضجعه ثمَّ ذبحه بالسكين. {قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس} لم تعْمل بِالْحِنْثِ. قَالَ: ابْن عَبَّاس قَرَأَهَا: " زكية زاكية مسلمة " كَقَوْلِك: غُلَاما ذاكيا. فَانْطَلقَا فوجدا جدارا يُرِيد أَن ينْقض فأقامه. قَالَ سعيد بِيَدِهِ هَكَذَا وَرفع يَده فاستقام. قَالَ(4/159)
يعلى: حسبت أَن سعيدا قَالَ: فمسحه بِيَدِهِ [فاستقام] {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} قَالَ سعيد: أجرا نأكله. {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ} : وَكَانَ أمامهم، قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس " أمامهم " {ملك} يَزْعمُونَ عَن غير سعيد أَنه هدد بن بدد، والغلام الْمَقْتُول اسْمه يَزْعمُونَ - حيسور - {ملك يَأْخُذ كل سفينة غصبا} فَأَرَدْت إِذا هِيَ مرت بِهِ أَن يَدعهَا لعيبها، فَإِذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بهَا. مِنْهُم من يَقُول سدوها بقارورة، وَمِنْهُم من يَقُول: بالقار. كَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين. وَكَانَ كَافِرًا {فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغيانا وَكفرا} أَن يحملهما حبه على أَن يتابعاه على دينه، {فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة} لقَوْله: قتلت نفسا زكية {وَأقرب رحما} هما بِهِ أرْحم مِنْهُمَا بِالْأولِ الَّذِي قتل خضر. وَزعم سعيد أَنَّهُمَا أبدلا جَارِيَة. وَأما دَاوُد ابْن أبي عَاصِم فَقَالَ عَن غير وَاحِد إِنَّهَا جَارِيَة ".
وَفِي حَدِيث آخر للْبُخَارِيّ: " فَقَالَ الْخضر لمُوسَى: مَا علمي وعلمك وَعلم الْخَلَائق فِي علم الله إِلَّا مِقْدَار مَا غمس هَذَا العصفور منقاره. قَالَ: فَلم [يفجأ] مُوسَى إِذْ عمد الْخضر إِلَى قدوم فخرق السَّفِينَة ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، أبنا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن رَقَبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " قيل لِابْنِ عَبَّاس: إِن نَوْفًا يزْعم أَن مُوسَى الَّذِي ذهب يلْتَمس الْعلم لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل. قَالَ: سمعته يَا سعيد؟ قَالَ: نعم. قَالَ: كذب نوف، حَدثنَا أبي بن كَعْب قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِنَّه بَيْنَمَا مُوسَى فِي قومه يذكرهم بأيام الله - وَأَيَّام الله نعماؤه(4/160)
وبلاؤه - إِذْ قَالَ: مَا أعلم فِي الأَرْض رجلا / خيرا - أَو أعلم - مني. قَالَ: فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنِّي أعلم بِالْخَيرِ مِنْهُ - أَو عِنْد من هُوَ - إِن فِي الأَرْض رجلا هُوَ أعلم مِنْك. قَالَ: يَا رب، فدلني عَلَيْهِ. قَالَ: فَقيل لَهُ: تزَود حوتا مالحا فَإِنَّهُ حَيْثُ تفقد الْحُوت. قَالَ: فَانْطَلق هُوَ وفتاه حَتَّى [انتهيا] إِلَى الصَّخْرَة فَعميَ عَلَيْهِ، فَانْطَلق وَترك فتاه، فاضطرب الْحُوت فِي المَاء فَجعل لَا يلتئم عَلَيْهِ، صَار مثل الكوة. قَالَ: فَقَالَ فتاه: أَلا ألحق نَبِي الله وَأخْبرهُ. قَالَ: فنسي. فَلَمَّا تجاوزا {قَالَ لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} قَالَ: وَلم يصبهم نصب حَتَّى تجاوزا. قَالَ: فَتذكر فَقَالَ: {أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَى الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا. قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} فَأرَاهُ مَكَان الْحُوت قَالَ: هَا هُنَا وصف لي. قَالَ: فَذهب يلْتَمس فَإِذا هُوَ بالخضر مسجى ثوبا مُسْتَلْقِيا على الْقَفَا - أَو قَالَ على حلاوة الْقَفَا - قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم. فكشف الثَّوْب عَن وَجهه وَقَالَ: وَعَلَيْكُم السَّلَام من أَنْت؟ قَالَ: أَنا مُوسَى. قَالَ: من مُوسَى؟ قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل. قَالَ: مَجِيء مَا جَاءَ بك؟ قَالَ: جِئْت لتعلمني مِمَّا علمت رشدا. {قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا. وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا} شَيْء أمرت بِهِ أَن أَفعلهُ إِذا رَأَيْته لم تصبر {قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا. قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا. فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة خرقها} قَالَ: انتحى عَلَيْهَا. قَالَ لَهُ مُوسَى: {أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا. قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تستيطع معي صبرا. قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسرا} فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا لقيا غلمانا يَلْعَبُونَ قَالَ: فَانْطَلق(4/161)
إِلَى أحدهم بادئ الرَّأْي فَقتله، فذعر عِنْدهَا مُوسَى ذعرة مُنكرَة {قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شَيْئا نكرا} قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد هَذَا: رَحْمَة الله علينا وعَلى مُوسَى، لَوْلَا أَنه عجل لرَأى الْعجب وَلكنه أَخَذته من صَاحِبَة ذمَامَة {قَالَ إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا} وَلَو صَبر لرَأى الْعجب. قَالَ - وَكَانَ إِذا ذكر / [أحدا] من الْأَنْبِيَاء بَدَأَ بِنَفسِهِ -: رَحْمَة الله علينا وعَلى أخي - كَذَا رَحْمَة الله علينا - {فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة} [لِئَامًا فَطَافَا فِي الْمجَالِس] {استطعما أَهلهَا فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فوجدا فِيهَا جدارا يُرِيد أَن ينْقض فأقامه قَالَ لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا. قَالَ هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك} [وَأخذ بِثَوْبِهِ] {سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا. أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر} إِلَى آخر الْآيَة. فَإِذا جَاءَ الَّذِي يسخرها وجدهَا منخرقة فتجاوزها، فأصلحوها بخشبة. وَأما الْغُلَام فطبع يَوْم طبع كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ قد عطفا عَلَيْهِ، فَلَو أَنه أدْرك أرهقهما {طغيانا وَكفرا. فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما. وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة} إِلَّا آخر الْآيَة ".
قَالَ النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة فَخرج من كَانَ فِيهَا وتخلف ليخرقها " وَقَالَ: " حَتَّى إِذا أَتَوا على غلْمَان يَلْعَبُونَ على سَاحل الْبَحْر فيهم غُلَام لَيْسَ فِي الغلمان أحسن لَا أنظف، فَقتله " وَقَالَ: " فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة لئام وَقد أصَاب مُوسَى جهد فَلم يُضَيِّفُوهُمَا فوجدا فِيهَا جدارا يُرِيد أَن ينْقض فأقامه، فَقَالَ مُوسَى مِمَّا نزل بِهِ من الْجهد {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} وَزَاد فِي قصَّة الْغُلَام: " فَوَقع أَبوهُ على أمه فَولدت خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما ".(4/162)
عبد بن حميد: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أَدْرِي تبعا لعينا كَانَ أم لَا، وَمَا أَدْرِي ذَا القرنين نَبيا كَانَ أم لَا، وَمَا أَدْرِي الْحُدُود كَفَّارَات لأَهْلهَا أم لَا ".
ابْن أبي ذِئْب اسْمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة الْمدنِي الْقرشِي.
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو، عَن مُصعب قَالَ: " سَأَلت أبي {قل هَل ننبكلم بالأخسرين أعمالا} [هم] الحرورية؟ قَالَ: لَا، هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى. أما الْيَهُود فقد كذبُوا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[وَأما] النَّصَارَى (فكذبوا) بِالْجنَّةِ وَقَالُوا لَا طَعَام فِيهَا وَلَا شراب، والحرورية الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه. وَكَانَ سعد / يسميهم الْفَاسِقين ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَالَت قُرَيْش ليهود: أعطونا شَيْئا نسْأَل هَذَا الرجل. فَقَالُوا: سلوه عَن الرّوح. قَالَ: [فَسَأَلُوهُ] عَن الرّوح فَأنْزل الله: {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} قَالُوا: أوتينا علما كثيرا: التَّوْرَاة، وَمن أُوتِيَ التَّوْرَاة فقد أُوتِيَ (علما) كثيرا. فأنزلت(4/163)
{قل لَو كَانَ الْبَحْر مدادا لكلمات رَبِّي لنفد الْبَحْر} إِلَى آخر الْآيَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَغير وَاحِد، قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي، عَن عبد الحميد بن جَعْفَر، أَخْبرنِي أبي، عَن ابْن ميناء، عَن أبي سعيد بن أبي فضَالة الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ من الصَّحَابَة - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا جمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ليَوْم لَا ريب فِيهِ نَادَى مُنَاد: من كَانَ أشرك فِي عمل عمله لله أحدا فليطلب ثَوَابه من عِنْد غير الله؛ فَإِن الله أغْنى الشُّرَكَاء عَن الشّرك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُحَمَّد بن بكر.
وَمن سُورَة مَرْيَم
قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سعيد الْأَشَج وَمُحَمّد بن الْمثنى قَالَا: ثَنَا ابْن إِدْرِيس، عَن أَبِيه، عَن سماك بن حَرْب، عَن عَلْقَمَة بن وَائِل، عَن الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة قَالَ: " بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى نَجْرَان فَقَالُوا لي: ألستم تقرءون {يَا أُخْت هَارُون} وَقد كَانَ بَين عِيسَى ومُوسَى مَا كَانَ. فَلم أدر مَا أُجِيبهُم، فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته فَقَالَ: أَلا أَخْبَرتهم أَنهم كَانُوا يسمون بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ من قبلهم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث ابْن(4/164)
إِدْرِيس.
مُسلم: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا ابْن إِدْرِيس، بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، أبنا أَبُو صَالح، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُؤْتى بِالْمَوْتِ كَهَيئَةِ كَبْش أَمْلَح فينادي مُنَاد: يَا أهل الْجنَّة. فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُول: هَل تعرفُون هَذَا؟ / فَيَقُولُونَ: نعم هَذَا الْمَوْت. وَكلهمْ قد رَآهُ، ثمَّ يُنَادي: يَا أهل النَّار. فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُول: هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نعم هَذَا الْمَوْت. وَكلهمْ قد رَآهُ فَيذْبَح، ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة، خُلُود فَلَا موت، وَيَا أهل النَّار، خُلُود فَلَا موت. ثمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر وهم فِي غَفلَة} وَهَؤُلَاء فِي غَفلَة أهل الدُّنْيَا {وهم لَا يُؤمنُونَ} "
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان، عَن قَتَادَة: " عَن قَوْله {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} قَالَ: حَدثنَا أنس أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لما عرج بِي رَأَيْت إِدْرِيس فِي السَّمَاء الرَّابِعَة ".
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث حسن.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا عمر بن ذَر، سَمِعت أبي، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لجبريل: مَا يمنعك أَن تَزُورنَا أَكثر مِمَّا(4/165)
تَزُورنَا؟ فَنزلت: {وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا وَمَا خلفنا} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أبنا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن السّديّ قَالَ: " سَأَلت مرّة الْهَمدَانِي عَن قَول الله - عز وَجل -: {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} فَحَدثني أَن عبد الله بن مَسْعُود حَدثهمْ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يرد النَّاس النَّار ثمَّ يصدرون مِنْهَا بأعمالهم، فأولهم كلمح الْبَرْق، ثمَّ كَالرِّيحِ، ثمَّ كحضر الْفرس، ثمَّ كالراكب فِي رَحْله، ثمَّ كشد الرجل، ثمَّ كمشيه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَقد رَوَاهُ شُعْبَة عَن السّديّ فَلم يرفعهُ، قَالَ شُعْبَة: وَقد سمعته من السّديّ مَرْفُوعا وَلَكِنِّي عمدا (أودعهُ) .
مُسلم: أخبرنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعبد الله بن سعيد الْأَشَج - وَاللَّفْظ لعبد الله - قَالَا: ثَنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن خباب قَالَ: " كَانَ لي على الْعَاصِ بن وَائِل دين فَأَتَيْته أَتَقَاضَاهُ. فَقَالَ لي: لن أقضيك حَتَّى تكفر بِمُحَمد. قَالَ: فَقلت لَهُ: لن أكفر بِمُحَمد حَتَّى تَمُوت ثمَّ تبْعَث. قَالَ: وَإِنِّي لمبعوث من بعد الْمَوْت؟ ! فَسَوف أقضيك إِذا رجعت إِلَى مَال وَولد - قَالَ وَكِيع: كَذَا قَالَ الْأَعْمَش - قَالَ: فَنزلت هَذِه الْآيَة: {أفرءيت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالا وَولدا} إِلَى قَوْله {ويأتينا فَردا} ".(4/166)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " إِذا أحب الله عبدا نَادَى جِبْرِيل: إِنِّي قد أَحْبَبْت فلَانا فَأَحبهُ. قَالَ: فينادي فِي السَّمَاء، ثمَّ تنزل لَهُ الْمحبَّة فِي أهل الأَرْض، فَذَلِك قَوْله: {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} وَإِذا أبْغض الله عبدا نَادَى جِبْرِيل: إِنِّي قد أبغضت فلَانا. فينادي فِي السَّمَاء، ثمَّ تنزل لَهُ الْبغضَاء فِي الأَرْض ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة طه
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا هِشَام بن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما خلق الله آدم مسح ظَهره فَسقط من ظَهره كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا من ذُريَّته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَجعل بَين عَيْني كل إِنْسَان وبيصا من نور، ثمَّ عرضهمْ على آدم فَقَالَ: أَي رب، من هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذريتك. فَرَأى رجلا مِنْهُم فأعجبه وبيص مَا بَين عَيْنَيْهِ فَقَالَ: أَي رب، من هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رجل من آخر الْأُمَم من ذريتك يُقَال لَهُ: دَاوُد. قَالَ: رب كم جعلت عمره؟ قَالَ: سِتِّينَ سنة. قَالَ: [أَي رب] زده من عمري أَرْبَعِينَ سنة. فَلَمَّا انْقَضى عمر آدم جَاءَهُ ملك الْمَوْت فَقَالَ: أَو لم [يبْق](4/167)
من عمري [أَرْبَعُونَ] سنة قَالَ: أَو لم تعطها ابْنك؟ قَالَ: فَجحد آدم فَجحدت ذُريَّته، وَنسي آدم فنسيت ذُريَّته [و] خطئَ آدم فخطئت ذُريَّته ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا صَفْوَان بن عِيسَى، ثَنَا الْحَارِث ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذُبَاب، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما خلق الله آدم وَنفخ فِيهِ الرّوح عطس فَقَالَ: الْحَمد لله. فَحَمدَ الله بِإِذْنِهِ، فَقَالَ لَهُ ربه: يَرْحَمك الله يَا آدم، اذْهَبْ إِلَى اولئك الْمَلَائِكَة - إِلَى مَلأ مِنْهُم جُلُوس - فَقل: السَّلَام عَلَيْكُم. قَالُوا: عَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله. ثمَّ رَجَعَ إِلَى ربه فَقَالَ: إِن هَذِه تحيتك وتحية بنيك بَينهم. فَقَالَ الله لَهُ ويداه مقبوضتان: اختر أَيهَا شِئْت. قَالَ: اخْتَرْت يَمِين رَبِّي وكلتا يَدي رَبِّي يَمِين مباركة. ثمَّ بسط، فَإِذا فِيهَا آدم وَذريته. فَقَالَ: أَي رب، من هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذريتك، فَإِذا كل إِنْسَان مَكْتُوب عمره بَين عَيْنَيْهِ ... " / وَذكر مَا تقدم. وَقَالَ فِيهِ: " ثمَّ أسكن الْجنَّة مَا شَاءَ الله ثمَّ أهبط مِنْهَا ". وَقَالَ بعد قَوْله يَعْنِي: " فنسيت ذُريَّته ". " فَمن يَوْمئِذٍ أَمر بِالْكتاب وَالشُّهُود ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(4/168)
الْبَزَّار: حَدثنَا عقبَة بن مكرم الْعمي، ثَنَا ربعي ابْن علية، ثَنَا عون، عَن قسَامَة بن زُهَيْر، عَن أبي مُوسَى رَفعه قَالَ: " لما أخرج آدم من الْجنَّة زود من ثمار الْجنَّة، وَعلمه صَنْعَة كل شَيْء، فثماركم هَذِه من ثمار الْجنَّة، غير أَن هَذِه تغير وَتلك لَا تغير ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا رَفعه غير ربعي.
ربعي هُوَ ابْن علية أَخُو إِسْمَاعِيل ابْن علية وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون. وقسامة بن زُهَيْر ثِقَة، ذكر ذَلِك فيهمَا يحيى بن معِين، وَلم يذكرهُ أَبُو بكر الْبَزَّار.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي الضَّحَّاك، سَمِعت أبي هُرَيْرَة يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام مَا يقطعهَا، وَهِي شَجَرَة الْخلد ".
أَبُو الضَّحَّاك هَذَا روى عَنهُ شُعْبَة وأرطاة [بن] الْمُنْذر.
وَمن سُورَة الْأَنْبِيَاء
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سعيد بن يحيى بن سعيد الْأمَوِي، حَدثنِي أبي، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن أبي الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لم يكذب إِبْرَاهِيم فِي شَيْء قطّ إِلَّا فِي ثَلَاث فِي قَوْله {إِنِّي سقيم} وَلم يكن سقيما، وَقَوله لسارة: أُخْتِي، وَقَوله: {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} ".(4/169)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد الرِّفَاعِي أَبُو هِشَام، ثَنَا إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ، ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن عَاصِم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما ألقِي إِبْرَاهِيم فِي النَّار قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك فِي السَّمَاء وَاحِد، وَأَنا فِي الأَرْض وَاحِد أعبدك ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا حَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن عَاصِم إِلَّا أَبُو جَعْفَر، وَلَا عَن أبي جَعْفَر إِلَّا إِسْحَاق، وَلم [أسمعهُ] إِلَّا من أبي هِشَام.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل [حَدثنَا إِسْرَائِيل] عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي الضُّحَى، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ آخر قَول إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - حِين ألقِي فِي / النَّار: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل ".
[أَبُو] بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار الْأنْصَارِيّ، عَن عبد الله الداناج قَالَ: " شهِدت أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فِي إِمَارَة خَالِد بن عبد الله بن أَسد فِي هَذَا الْمَسْجِد - يَعْنِي مَسْجِد الْبَصْرَة - وَجَاء الْحسن فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَحدث قَالَ: ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر نوران مكوران فِي النَّار يَوْم الْقِيَامَة. قَالَ: فَقَالَ الْحسن: وَمَا ذنبهما؟ قَالَ: إِنِّي أحَدثك عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَسكت ".(4/170)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا نوح بن قيس، عَن يزِيد بن كَعْب، عَن عَمْرو بن مَالك، عَن أبي الجوزاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " السّجل كَاتب كَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان - شيخ من النخع - عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " فَخَطب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنَّكُم مَحْشُورُونَ إِلَى الله [حُفَاة] عُرَاة غرلًا {كَمَا بدأنا أول خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين} [ثمَّ إِن] أول من يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم إِلَّا أَنه يجاء بِرِجَال من أمتِي فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال، فَأَقُول: يَا رب أَصْحَابِي. فَيُقَال: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك. فَأَقُول كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح: {وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم} إِلَى قَوْله {شَهِيد} فَيَقُول: إِن هَؤُلَاءِ لم يزَالُوا مرتدين على أَعْقَابهم مُنْذُ فَارَقْتهمْ ".(4/171)
وَمن سُورَة الْحَج
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد، أبنا هِشَام بن أبي عبد الله، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فتفاوت بَين أَصْحَابه فِي السّير فَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَوته بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} إِلَى قَوْله {عَذَاب الله شَدِيد} فَلَمَّا سمع ذَلِك أَصْحَابه حثوا الْمطِي، وَعرفُوا أَنه عِنْد قَول يَقُوله، فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ أَي يَوْم ذَلِك؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: ذَلِك يَوْم يُنَادي الله فِيهِ آدم فيناديه ربه فَيَقُول: يَا آدم، ابْعَثْ بعث النَّار. فَيَقُول: يَا رب وَمَا بعث النَّار؟ فَيَقُول: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين فِي النَّار، وَوَاحِد فِي الْجنَّة، فيئس الْقَوْم حَتَّى مَا أبدوا بِضَاحِكَةٍ، فَلَمَّا رأى رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي بِأَصْحَابِهِ قَالَ: اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّكُم لمع خَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْء إِلَّا كَثرَتَاهُ يَأْجُوج وَمَأْجُوج، وَمن مَاتَ من بني آدم وَبني إِبْلِيس. قَالَ: فَسرِّي عَن الْقَوْم بعض الَّذِي يَجدونَ [فَقَالَ] : اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا أَنْتُم فِي النَّاس إِلَّا كَالشَّامَةِ فِي جنب الْبَعِير أَو كالرقمة فِي ذِرَاع الدَّابَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة: عَن مُحَمَّد بن بشر، عَن ابْن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن الْعَلَاء بن زِيَاد، عَن عمرَان مَرْفُوعا.
وَلأبي عِيسَى فِي حَدِيث آخر بعد قَوْله: " وَوَاحِد فِي الْجنَّة ": " فَأَنْشَأَ الْمُسلمُونَ يَبْكُونَ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قاربوا وسددوا فَإِنَّهَا لم تكن نبوة قطّ إِلَّا كَانَ بَين يَديهَا جَاهِلِيَّة. قَالَ: فَيُؤْخَذ الْعدَد من الْجَاهِلِيَّة فَإِن تمت وَإِلَّا كملت من الْمُنَافِقين ".(4/172)
وَرَوَاهُ عَن ابْن أبي عمر، عَن سُفْيَان، عَن ابْن جدعَان، عَن الْحسن، عَن عمرَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، حَدثنِي إِسْرَائِيل، عَن أبي حُصَيْن، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} [قَالَ] : كَانَ الرجل يقدم الْمَدِينَة فَإِن ولدت امْرَأَته غُلَاما ونتجت خيله قَالَ: هَذَا دين صَالح. وَإِن لم تَلد امْرَأَته غُلَاما وَلم تنْتج خيله قَالَ: هَذَا دين سوء ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو بن زُرَارَة، ثَنَا هشيم، عَن أبي هَاشم، عَن أبي مجلز، عَن قيس بن عباد قَالَ: " سَمِعت أَبَا ذَر يقسم قسما أَن {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم} أَنَّهَا أنزلت فِي الَّذين برزوا يَوْم بدر: حَمْزَة وَعلي وَعبيدَة بن الْحَارِث - رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ - وَعتبَة وَشَيْبَة ابْنا ربيعَة والوليد بن عتبَة ".
عبد بن حميد قَالَ: حَدثنَا يحيى بن عبد الحميد، عَن ابْن الْمُبَارك، عَن سعيد بن يزِيد، عَن أبي السَّمْح، عَن ابْن حجيرة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْحَمِيم يصب على رُءُوسهم فَينفذ الجمجمة حَتَّى يخلص إِلَى جَوْفه، فيسلت مَا فِي جَوْفه حَتَّى يمزق بَين قَدَمَيْهِ وَهُوَ الصهر ثمَّ يعود كَمَا كَانَ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَغير وَاحِد، قَالُوا: ثَنَا عبد الله بن صَالح، حَدثنِي اللَّيْث، عَن عبد الرَّحْمَن بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، عَن(4/173)
مُحَمَّد بن عُرْوَة، عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " إِنَّمَا سمي الْبَيْت الْعَتِيق؛ لِأَنَّهُ لم يظْهر عَلَيْهِ جَبَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، قد رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا.
وَقَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، أبنا أبي وَإِسْحَاق بن يُوسُف الْأَزْرَق، عَن سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم البطين، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما أخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مَكَّة قَالَ أَبُو بكر: أخرجُوا نَبِيّهم ليهلكن. فَأنْزل الله: {أذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا وَإِن الله على نَصرهم لقدير} الْآيَة. فَقَالَ أَبُو بكر: لقد علمت أَنه سَيكون قتال ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن. وَقد رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَغَيره، عَن سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم البطين، عَن سعيد بن جُبَير مُرْسلا. لَيْسَ فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس.
وَمن سُورَة {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ}
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَله منزل فِي الْجنَّة ومنزل فِي النَّار، فَإِذا مَاتَ فَدخل النَّار ورث أهل الْجنَّة منزله. قَالَ: فَذَلِك قَوْله: {أُولَئِكَ هم الوارثون} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا روح بن عبَادَة، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك " أَن الرّبيع بنت النَّضر أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ ابْنهَا الْحَارِث بن سراقَة أُصِيب يَوْم بدر، أَصَابَهُ سهم غرب، فَأَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: أَخْبرنِي عَن(4/174)
حَارِثَة لَئِن كَانَ أصَاب خيرا احتسبت وَصَبَرت، وَإِن لم يصب الْخَيْر اجتهدت فِي الدُّعَاء. فَقَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أم حَارِثَة، إِنَّهَا جنان فِي جنَّة، وَإِن ابْنك أصَاب الفردوس الْأَعْلَى، والفردوس ربوة الْجنَّة وأوسطها وأفضلها ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من حَدِيث أنس.
وَمن سُورَة النُّور
عبد بن حميد: أخبرنَا يزِيد بن هَارُون وشبابة، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن شُعْبَة قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس من أهل الْعرَاق وَنحن على الْعقبَة فَقَالَ: إِن لي إِلَيْك حَاجَة / فَقَالَ: تكلم بحاجتك. فَقَالَ الرجل: إِنِّي أستحي من هَؤُلَاءِ. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَيْسَ عَلَيْك عين إِنَّمَا هَؤُلَاءِ موَالِي وَأهل بَيْتِي. قَالَ: إِنِّي كنت أتبع امْرَأَة فَأَصَبْت مِنْهَا مَا حرم الله، وَرَزَقَنِي الله التَّوْبَة، فَأَرَدْت أَن أَتَزَوَّجهَا فَقَالَ النَّاس: {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَيْسَ هَذَا مَوضِع هَذِه الْآيَة، إِنَّمَا كن بَغَايَا فِي الْجَاهِلِيَّة، على أبوابهن رايات كرايات البياطرة، فَأنْزل الله - عز وَجل -: {والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك} حَتَّى أتم الْآيَة، ففيهن نزلت هَذِه الْآيَة، فَتَزَوجهَا فَمَا كَانَ من إِثْم فَهُوَ عَليّ ".
مُسلم: حَدثنَا حبَان بن مُوسَى، أخبرنَا عبد الله بن الْمُبَارك، أبنا يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي.
وثنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي وَمُحَمّد بن رَافع وَعبد بن حميد. قَالَ ابْن(4/175)
رَافع: ثَنَا. وَقَالَ الْآخرَانِ: أبنا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر - والسياق حَدِيث معمر من رِوَايَة عبد وَابْن رَافع - قَالَ يُونُس وَمعمر جَمِيعًا: عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير وعلقمة بن وَقاص وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن حَدِيث عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قَالَ لَهَا أهل الْإِفْك مَا قَالُوا فبرأها الله، وَكلهمْ حَدثنِي طَائِفَة من حَدِيثهَا، وَبَعْضهمْ كَانَ أوعى لحديثها من بعض، وَأثبت اقتصاصا، وَقد وعيت عَن كل وَاحِد مِنْهُم الحَدِيث الَّذِي حَدثنِي، وَبَعض حَدِيثهمْ يصدق بَعْضهَا؛ ذكرُوا أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَرَادَ [أَن] يخرج سفرا أَقرع بَين نِسَائِهِ فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَه. قَالَت عَائِشَة: فأقرع بَيْننَا فِي غَزْوَة غَزَاهَا فَخرج سهمي فِيهَا فَخرجت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذَلِكَ بَعْدَمَا أنزل الْحجاب، فَأَنا أحمل فِي هودجي وَأنزل فِيهِ مسيرنا، حَتَّى إِذا فرغ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من غَزوه وقفل ودنونا من الْمَدِينَة أذن لَيْلَة بالرحيل، فَقُمْت حِين أذنوا بالرحيل فمشيت حَتَّى جَاوَزت الْجَيْش فَلَمَّا قضيت من شأني، أَقبلت إِلَى الرحيل فلمست صَدْرِي / فَإِذا عقدي من جزع ظفار قد انْقَطع فَرَجَعت فَالْتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، فَأقبل الرَّهْط الَّذين كَانُوا يرحلون بِي فحملوا هودجي فرحلوه على بَعِيري الَّذِي كنت أركب، وهم يحسبون أَنِّي فِيهِ. قَالَت: فَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاك خفافا لم (يثقلن) وَلم يغشهن اللَّحْم، إِنَّمَا يأكلن الْعلقَة من الطَّعَام، فَلم يستنكر الْقَوْم ثقل الهودج حِين رحلوه ورفعوه، وَكنت جَارِيَة حَدِيثَة السن فبعثوا الْجمل وَسَارُوا وَوجدت عقدي بَعْدَمَا اسْتمرّ الْجَيْش، فَجئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بهَا دَاع وَلَا مُجيب فَتَيَمَّمت منزلي الَّذِي كنت فِيهِ وظننت أَن الْقَوْم سيفقدونني فيرجعون إِلَيّ، فَبينا أَنا جالسة فِي [منزلي] غلبتني عَيْني فَنمت، وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ ثمَّ الذكواني قد عرس من وَرَاء الْجَيْش، فأدلج فَأصْبح [عِنْد] منزلي فَرَأى سَواد إِنْسَان نَائِم فَأَتَانِي فعرفني حِين رَآنِي، وَقد كَانَ(4/176)
يراني قبل أَن يضْرب الْحجاب عَليّ، فَاسْتَيْقَظت [باسترجاعه] حِين عرفني، فخمرت وَجْهي بجلبابي، فوَاللَّه مَا يكلمني كلمة، وَلَا سَمِعت مِنْهُ كلمة غير استرجاعه، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَته، فوطئ على يَديهَا فركبتها، فَانْطَلق يَقُود بِي الرَّاحِلَة حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش بَعْدَمَا نزلُوا موغرين فِي نحر الظهيرة، فَهَلَك من هلك فِي شأني، وَكَانَ الَّذِي تولى كبره: عبد الله بن أبي ابْن سلول، فقدمنا الْمَدِينَة فاشتكيت حِين قدمنَا شهرا، وَالنَّاس يفيضون فِي قَول أهل الْإِفْك، وَلَا أشعر بِشَيْء من ذَلِك، وَهُوَ يريبني فِي وجعي أَنِّي لَا أعرف من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اللطف الَّذِي كنت أرى مِنْهُ حِين أشتكي، إِنَّمَا يدْخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ يسلم فَيَقُول: كَيفَ تيكم؟ فَذَاك يريبني وَلَا أشعر بِالشَّرِّ، حَتَّى خرجت بَعْدَمَا نقهت، وَخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وَهُوَ متبرزنا، وَلَا نخرج إِلَّا لَيْلًا إِلَى ليل، وَذَلِكَ قبل أَن نتَّخذ الكنف قَرِيبا من بُيُوتنَا، وأمرنا أَمر الْعَرَب الأول فِي التَّنَزُّه، كُنَّا نتأذى بالكنف أَن نتخذها عِنْد بُيُوتنَا، فَانْطَلَقت أَنا وَأم مسطح - وَهِي ابْنة أبي رهم بن الْمطلب بن عبد منَاف، وَأمّهَا ابْنة صَخْر بن عَامر خَالَة أبي بكر الصّديق، وَابْنهَا مسطح بن أَثَاثَة بن عباد بن الْمطلب - / فَأَقْبَلت أَنا وَابْنَة أبي رهم قبل بَيْتِي حِين فَرغْنَا من شَأْننَا، فَعَثَرَتْ أم مسطح فِي مرْطهَا فَقَالَت: تعس مسطح. فَقلت لَهَا: بئس مَا تَقُولِينَ أتسبين رجلا قد شهد بَدْرًا؟ قَالَت: أَي هنتاه أَو لم تسمعي مَا قَالَ؟ قلت: وماذا قَالَ؟ قَالَت: فأخبرتني بقول أهل الْإِفْك. فازددت مَرضا إِلَى مرضِي، فَلَمَّا رجعت إِلَى بَيْتِي فَدخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ قَالَ: كَيفَ تيكم؟ قلت: أتأذن لي أَن آتِي أَبَوي؟ قَالَت: وَأَنا حِينَئِذٍ أُرِيد أَن أتيقن الْخَبَر من قبلهمَا، فَأذن لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَجئْت أَبَوي فَقلت لأمي: يَا أمتاه مَا يتحدث النَّاس؟ فَقَالَت: يَا بنية، هوني عَلَيْك فوَاللَّه(4/177)
لقل مَا كَانَت امْرَأَة وضيئة عِنْد رجل يُحِبهَا وَلها ضرائر إِلَّا كثرن عَلَيْهَا. قَالَت: قلت: سُبْحَانَ الله وَقد تحدث النَّاس بِهَذَا؟ ! قَالَت: فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى أَصبَحت لَا يرقأ لي دمع وَلَا أكتحل بنوم، ثمَّ أَصبَحت أبْكِي ودعا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَليّ بن أبي طَالب وَأُسَامَة بن زيد حِين استلبث الْوَحْي يستشيرهما فِي فِرَاق أَهله. قَالَت: فَأَما أُسَامَة بن زيد فَأَشَارَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالَّذِي يعلم من براءه أَهله، وَبِالَّذِي يعلم فِي نَفسه لَهُم من الود. فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هم أهلك وَلَا نعلم إِلَّا خيرا. وَأما عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: لم يضيق الله عَلَيْك وَالنِّسَاء سواهَا كثير وَإِن تسْأَل الْجَارِيَة تصدقك. قَالَت: فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَرِيرَة فَقَالَ: أَي بَرِيرَة، هَل رَأَيْت من شَيْء يريبك فِي عَائِشَة؟ قَالَت لَهُ بَرِيرَة: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا رَأَيْت عَلَيْهَا أمرا قطّ أغمصه عَلَيْهَا أَكثر من أَنَّهَا جَارِيَة حَدِيثَة السن تنام عَن عجين أَهلهَا فتأتي الدَّاجِن فتأكله. قَالَت: فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمِنْبَر فاستعذر من عبد الله بن أبي ابْن سلول قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ على الْمِنْبَر: يَا معشر الْمُسلمين، من يعذرني من رجل بَلغنِي أَذَاهُ فِي أهل بَيْتِي، فوَاللَّه مَا علمت على أهل بَيْتِي إِلَّا خيرا، وَلَقَد ذكرُوا رجلا مَا عملت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا، وَمَا كَانَ يدْخل على أَهلِي إِلَّا معي. فَقَامَ سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ فَقَالَ: أَنا أعذرك مِنْهُ يَا رَسُول الله، إِن كَانَ من الْأَوْس ضربنا عُنُقه، وَإِن كَانَ من إِخْوَاننَا الْخَزْرَج أمرتنا فَفَعَلْنَا أَمرك. قَالَ: فَقَامَ سعد بن عبَادَة / وَهُوَ سيد الْخَزْرَج وَكَانَ رجلا صَالحا وَلَكِن احتملته الحمية فَقَالَ لسعد بن معَاذ: كذبت، لعمر الله لَا تقتله وَلَا تقدر عَلَيْهِ. فَقَامَ أسيد بن حضير وَهُوَ ابْن عَم سعد بن معَاذ فَقَالَ سعد بن عبَادَة: كذبت لعمر الله [لنقتلنه] فَإنَّك مُنَافِق تجَادل عَن الْمُنَافِقين. فثار الْحَيَّانِ - الْأَوْس والخزرج - حَتَّى هموا أَن يقتتلوا. وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم على الْمِنْبَر. فَلم يزل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخفضهم حَتَّى سكتوا وَسكت. قَالَت: وبكيت يومي ذَلِك لَا يرقأ لي دمع وَلَا أكتحل بنوم، ثمَّ بَكَيْت لَيْلَتي الْمُقبلَة لَا يرقأ لي دمع، وَلَا أكتحل بنوم، وأبواي يظنان أَن الْبكاء فالق كَبِدِي فَبَيْنَمَا هما [جالسان] عِنْدِي وَأَنا أبْكِي، اسْتَأْذَنت عَليّ امْرَأَة من الْأَنْصَار(4/178)
فَأَذنت لَهَا فَجَلَست تبْكي قَالَت: فَبينا نَحن على ذَلِك، دخل علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ جلس قَالَت: وَلم يجلس عِنْدِي مُنْذُ قيل لي مَا قيل، وَقد لبث شهرا لَا يُوحى إِلَيْهِ فِي شأني قَالَت: فَتشهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين جلس ثمَّ قَالَ: أما بعد يَا عَائِشَة، فَإِنَّهُ قد بَلغنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا فَإِن كنت بريئة فسيبرئك الله، وَإِن كنت أَلممْت بذنب فاستغفري الله وتوبي إِلَيْهِ، فَإِن العَبْد إِذا اعْترف بِذَنبِهِ ثمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ. قَالَت: فَلَمَّا قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقَالَته قلص دمعي، حَتَّى مَا أحس مِنْهُ قَطْرَة، فَقلت لأبي: أجب عني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا قَالَ: فَقَالَ: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقلت لأمي: أجيبي عني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَت: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقلت: وَأَنا جَارِيَة حَدِيثَة السن لَا أَقرَأ كثيرا من الْقُرْآن: إِنِّي وَالله لقد عرفت أَنكُمْ قد سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقر فِي (أَنفسكُم) وصدقتم بِهِ، فَإِن قلت لكم إِنِّي بريئة - وَالله يعلم أَنِّي بريئة - فَلَا تصدقونني بذلك، وَلَئِن اعْترفت لكم بِأَمْر وَالله يعلم أَنِّي بريئة لتصدقونني، وَإِنِّي وَالله مَا أجد لي وَلكم مثلا إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُف فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون. قَالَت: ثمَّ تحولت فاضطجعت على فِرَاشِي. قَالَت: وَأَنا الله حِينَئِذٍ أعلم أَنِّي بريئة وَأَن الله مبرئني ببراءتي وَلَكِن وَالله مَا كنت أَظن أَن ينزل / فِي شأني وَحي يُتْلَى، ولشأني كَانَ أَحْقَر فِي نَفسِي من أَن يتَكَلَّم الله فِي بِأَمْر يُتْلَى، وَلَكِنِّي كنت أَرْجُو أَن يرى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النّوم رُؤْيا يبرئني الله بهَا. قَالَت: فوَاللَّه مَا رام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَجْلِسه، وَلَا خرج من أهل الْبَيْت أحد حَتَّى أنزل الله - عز وَجل - على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَخذه مَا كَانَ يَأْخُذهُ من البرحاء عِنْد الْوَحْي حَتَّى إِنَّه ليتحدر مِنْهُ مثل الجمان من الْعرق فِي الْيَوْم الشاتي من ثقل القَوْل الَّذِي أنزل عَلَيْهِ. قَالَت: فَلَمَّا سري عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يضْحك فَكَانَ أول كلمة تكلم بهَا أَن قَالَ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَة أما الله فقد برأك. فَقَالَت لي أُمِّي: قومِي إِلَيْهِ. فَقلت: وَالله لَا أقوم إِلَيْهِ وَلَا أَحْمد إِلَّا الله، هُوَ الَّذِي أنزل براءتي قَالَت: فَأنْزل الله - عز وَجل -: {إِن الَّذين جَاءُوا بالإفك عصبَة مِنْكُم لَا تحسبوه شَرّ لكم بل هُوَ خير لكم} إِلَى آخر الْآيَات. فَأنْزل هَذِه الْآيَة براءتي. قَالَت: فَقَالَ أَبُو بكر - وَكَانَ ينْفق على(4/179)
مسطح لِقَرَابَتِهِ وَفَقره -: وَالله لَا أنْفق عَلَيْهِ شَيْئا أبدا بعد الَّذِي قَالَ لعَائِشَة. فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وَلَا يَأْتَلِ أولو الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى} إِلَى قَوْله {أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم} " قَالَ حبَان بن مُوسَى: قَالَ عبد الله بن الْمُبَارك: هَذِه أَرْجَى آيَة فِي كتاب الله - عز وَجل - " فَقَالَ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ -: وَالله إِنِّي [لأحب] أَن يغْفر الله لي. فَرجع إِلَى مسطح النَّفَقَة الَّتِي كَانَ ينْفق عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَا أَنْزعهَا مِنْهُ أبدا. قَالَت عَائِشَة: فَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَ زَيْنَب ابْنة جحش زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أَمْرِي: مَا علمت؟ أَو مَا رَأَيْت؟ فَقَالَت: يَا رَسُول الله، أحمي سَمْعِي وبصري، وَالله مَا علمت إِلَّا خيرا. قَالَت عَائِشَة: وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني من أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعصمها الله بالورع، وطفقت أُخْتهَا حمْنَة بنت جحش تحارب لَهَا فَهَلَكت فِيمَن هَلَكت ".
قَالَ الزُّهْرِيّ: فَهَذَا مَا انْتهى إِلَيْنَا من أَمر هَؤُلَاءِ الرَّهْط.
وَقَالَ فِي حَدِيث يُونُس: " احتملته الحمية ".
وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الْعَلَاء قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام [بن] عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " لما ذكر من شأني الَّذِي / ذكر وَمَا علمت بِهِ قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَطِيبًا فَتشهد فَحَمدَ الله - تَعَالَى - وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ: أما بعد أَشِيرُوا عَليّ فِي أنَاس أبنوا أَهلِي، وَايْم الله مَا علمت على أَهلِي من سوء قطّ وأبنوهم بِمن! وَالله مَا علمت عَلَيْهِ من سوء قطّ، وَلَا دخل بَيْتِي قطّ إِلَّا وَأَنا حَاضر، وَلَا غبت فِي سفر قطّ إِلَّا غَابَ معي " وسَاق الحَدِيث بِقِصَّتِهِ. وَفِيه: " وَلَقَد دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْتِي فَسَأَلَ جاريتي فَقَالَت: وَالله مَا علمت عَلَيْهَا عَيْبا إِلَّا أَنَّهَا كَانَت ترقد حَتَّى تدخل الشَّاة فتأكل عَجِينهَا - أَو قَالَت:(4/180)
خميرها. شكّ هِشَام - فانتهرها بعض أَصْحَابه فَقَالَ: اصدقي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أسقطوا لَهَا بِهِ. فَقَالَت: سُبْحَانَ الله، وَالله مَا علمت عَلَيْهَا إِلَّا مَا يعلم الصَّائِغ على تبر الذَّهَب الْأَحْمَر. وَقد بلغ الْأَمر ذَلِك الرجل الَّذِي قيل لَهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله، وَالله (مَا كشفت كنف) أُنْثَى قطّ. قَالَت عَائِشَة: وَقتل شَهِيدا فِي سَبِيل الله ".
وَفِيه أَيْضا من الزِّيَادَة: " وَكَانَ الَّذِي تكلمُوا بِهِ مسطح وَحمْنَة وَحسان وَأما الْمُنَافِق عبد الله بن أبي فَهُوَ الَّذِي كَانَ يستوشيه ويجمعه، وَهُوَ الَّذِي تولى كبره وَحمْنَة ".
مُسلم: حَدثنِي بشر بن خَالِد، حَدثنَا مُحَمَّد - يَعْنِي ابْن جَعْفَر - عَن شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق قَالَ: " دخلت على عَائِشَة وَعِنْدهَا حسان بن ثَابت ينشدها شعرًا يشبب بِأَبْيَات لَهُ فَقَالَ: % (حصان رزان مَا تزن بريبة % وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل) %
فَقَالَت لَهُ عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: لكنك لست كَذَلِك. قَالَ مَسْرُوق فَقلت: لم تأذنين لَهُ يدْخل عَلَيْك، وَقد قَالَ الله - عز وَجل -: {وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} ؟ فَقَالَت: أَي عَذَاب شَدِيد أَشد من الْعَمى؟ فَقَالَت: إِنَّه كَانَ ينافح - أَو يهاجي - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا [مَحْمُود] بن غيلَان، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، أَخْبرنِي [أبي] عَن عَائِشَة فِي حَدِيث الْإِفْك قَالَت: " ووعكت، فَقلت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَرْسلنِي إِلَى بَيت أبي فَأرْسل معي الْغُلَام، فَدخلت الدَّار فَوجدت(4/181)
أم رُومَان فِي السّفل وَأَبُو بكر فَوق الْبَيْت / يقْرَأ فَقَالَت أُمِّي: مَا جَاءَ بك يَا بنية؟ قَالَت: فَأَخْبَرتهَا وَذكرت لَهَا الحَدِيث، فَإِذا هُوَ لم يبلغ مِنْهَا مَا بلغ مني، فَقَالَت: يَا بنية، خففي عَلَيْك الشَّأْن فَإِنَّهُ وَالله لقل مَا كَانَت امْرَأَة حسناء عِنْد رجل يُحِبهَا لَهَا ضرائر إِلَّا حسدنها وَقيل فِيهَا. فَإِذا هِيَ لم يبلغ مِنْهَا مَا بلغ مني، قلت: وَقد علم بِهِ أبي؟ قَالَت: نعم. قلت: وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَت: نعم وَرَسُول الله. قَالَت: واستعبرت وبكيت فَسمع أَبُو بكر صوتي وَهُوَ فَوق الْبَيْت يقْرَأ، فَنزل فَقَالَ لأمي: مَا شَأْنهَا؟ قَالَت: بلغَهَا الَّذِي ذكر من شَأْنهَا. فَفَاضَتْ عَيناهُ فَقَالَ: أَقْسَمت عَلَيْك يَا بنية إِلَّا [رجعت] إِلَى بَيْتك، فَرَجَعت ... " وَفِي الحَدِيث: " وَأصْبح أبواي عِنْدِي فَلم يَزَالَا عِنْدِي حَتَّى دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد صلى الْعَصْر ثمَّ دخل وَقد اكتنفني أبواي عَن يَمِيني شمَالي، فَتشهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله وَقَالَ: أما بعد يَا عَائِشَة، إِن كنت قارفت سوءا أَو ظلمت فتوبي إِلَى الله فَإِن الله يقبل التَّوْبَة عَن عباده. قَالَت: وَقد جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار وَهِي جالسة بِالْبَابِ فَقلت: أَلا تَسْتَحي من هَذِه الْمَرْأَة أَن تذكر شَيْئا ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنِي أَبُو كَامِل الجحدري، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر " أَن جَارِيَة لعبد الله بن أبي ابْن سلول يُقَال لَهَا: مُسَيْكَة وَأُخْرَى يُقَال لَهَا: أُمَيْمَة فَكَانَ (يُرِيدهُمَا) على الزِّنَا فَشَكَتَا ذَلِك إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء إِن أردن تَحَصُّنًا} إِلَى قَوْله {غَفُور رَحِيم} ".(4/182)
الْبَزَّار: حَدثنَا زيد بن أخزم أَبُو طَالب الطَّائِي، ثَنَا بشر بن عمر، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن صَالح بن كيسَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ الْمُسلمُونَ يرغبون فِي النفير مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فيدفعون مفاتيحهم إِلَى ضمنائهم، فيقولن لَهُم: قد أَحللنَا لكم أَن تَأْكُلُوا مَا أَحْبَبْتُم. فَكَانُوا يَقُولُونَ: لَا يحل لنا إِن هم أذنوا عَن غير طيب نفس. فَأنْزل الله - عز وَجل -: (لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح) {أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ أَو بيُوت آبائكم أَو بيُوت أُمَّهَاتكُم أَو بيُوت إخْوَانكُمْ أَو بيُوت أخواتكم أَو بيُوت أعمامكم أَو بيُوت عماتكم} / إِلَى قَوْله: {أَو مَا ملكتم مفاتحه} ".
تفرد بِهِ صَالح عَن الزُّهْرِيّ.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْمروزِي، حَدثنِي عَليّ بن حُسَيْن بن وَاقد، عَن أَبِيه، عَن يزِيد النَّحْوِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس: " {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} فَكَانَ الرجل يتحرج أَن يَأْكُل عِنْد أحد من النَّاس بعد مَا نزلت هَذِه الْآيَة، فنسخ ذَلِك بِالْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي فِي النُّور فَقَالَ: (لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح) {أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ} إِلَى قَوْله {أشتاتا} كَانَ الرجل الْغَنِيّ يَدْعُو الرجل من أَهله إِلَى طَعَام فَقَالَ: أَنِّي لأجنح أَن آكل مِنْهُ - والتجنح: الْحَرج - وَيَقُول: الْمِسْكِين أَحَق بِهِ مني. فأحل فِي ذَلِك أَن(4/183)
يَأْكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَأحل طَعَام أهل الْكتاب ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى الْقطعِي، ثَنَا مُحَمَّد بن مُجيب أَبُو همام، ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن يُونُس بن عبيد، عَن زِيَاد بن جُبَير، عَن سعد " أَن النِّسَاء قُلْنَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا كل على آبَائِنَا وأبنائنا وأوزاجنا، فَمَا يحل لنا من أَمْوَالهم؟ قَالَ: الرطب تأكلنه وتهدينه ".
وَمن سُورَة الْفرْقَان
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، ثَنَا هِشَام بن يُوسُف، أَن ابْن جريج [أخْبرهُم قَالَ:] أَخْبرنِي الْقَاسِم بن أبي بزَّة أَنه سَأَلَ سعيد بن جُبَير: " هَل لمن قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة؟ فَقَرَأت عَلَيْهِ {وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} فَقَالَ سعيد: قرأتها على ابْن عَبَّاس كَمَا قرأتها عَليّ فَقَالَ: هَذِه مَكِّيَّة نسختها آيَة مَدَنِيَّة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا غنْدر [عَن] شُعْبَة، عَن الْمُغيرَة ابْن النُّعْمَان، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " اخْتلف أهل الْكُوفَة فِي قتل الْمُؤمن، فَدخلت فِيهِ إِلَى ابْن عَبَّاس، فَقَالَ: نزلت فِي آخر مَا نزل وَلم ينسخها شَيْء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعد بن حَفْص، ثَنَا شَيبَان، عَن مَنْصُور، عَن سعيد(4/184)
ابْن جُبَير قَالَ: " سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} وَقَوله: {وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} حَتَّى بلغ {إِلَّا من تَابَ} فَسَأَلته فَقَالَ: لما نزلت قَالَ أهل مَكَّة: فقد عدلنا بِاللَّه، فَقَتَلْنَا النَّفس الَّتِي حرم الله، وأتينا الْفَوَاحِش، فَأنْزل الله - عز وَجل - {إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا} إِلَى / قَوْله: {غَفُورًا رحِيما} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، أَخْبرنِي أبي، عَن شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " أَمرنِي عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى أَن أسأَل ابْن عَبَّاس عَن هَاتين الْآيَتَيْنِ {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} فَسَأَلته فَقَالَ: لم ينسخها شَيْء. وَعَن {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} قَالَ: نزلت فِي أهل الشّرك ".
وَمن سُورَة الشُّعَرَاء
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله، حَدثنِي أخي عبد الحميد - هُوَ أَبُو بكر، عَن [ابْن] أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يلقى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ آزر يَوْم الْقِيَامَة وعَلى وَجه آزر قترة وغبرة فَيَقُول لَهُ إِبْرَاهِيم: ألم أقل لَك: لَا تعصني؟ فَيَقُول أَبوهُ: فاليوم لَا أعصيك. فَيَقُول إِبْرَاهِيم: يَا رب، إِنَّك وَعَدتنِي أَلا تخزني يَوْم يبعثون، وَأي خزي أخزى من أبي(4/185)
الْأَبْعَد؟ فَيَقُول الله - عز وَجل -: إِنِّي حرمت الْجنَّة على الْكَافرين، ثمَّ يُقَال: يَا إِبْرَاهِيم، مَا تَحت رجليك؟ فَينْظر فَإِذا هُوَ بذيخ ملتطخ بقوائمه فَيلقى فِي النَّار ".
وَمن سُورَة النَّمْل
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا روح بن عبَادَة، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد بن جدعَان، عَن أَوْس بن خَالِد، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تخرج دَابَّة مَعهَا خَاتم سُلَيْمَان، وعصا مُوسَى، فتجلو وَجه الْمُؤمن [وتختم] أنف الْكَافِر، حَتَّى إِن أهل الخوان ليجتمعون فَيَقُول: هاها يَا مُؤمن ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن وَقد رُوِيَ هَذَا عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من غير هَذَا الْوَجْه.
وَمن سُورَة الْقَصَص
الْحميدِي: قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن يحيى بن أبي يَعْقُوب - وَكَانَ من أسناني أَو أَصْغَر وَكَانَ رجلا صَالحا - عَن الحكم بن أبان، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَ جِبْرِيل: أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى؟ قَالَ: أتمهما وأكملهما ".(4/186)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا مُحَمَّد - وَهُوَ ابْن ثَوْر - عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أَبِيه قَالَ: " لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة دخل / عَلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة فَقَالَ: أَي عَم، قل: لَا إِلَه إِلَّا الله كلمة أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله. فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل وَعبد الله بن [أبي] أُميَّة: يَا أَبَا طَالب، أترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك. فَنزلت: {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} وَنزلت: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مقَاتل، ثَنَا يعلى، ثَنَا سُفْيَان الْعُصْفُرِي، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: إِلَى مَكَّة ".
وَمن سُورَة الرّوم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث، ثَنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو، عَن أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن حبيب بن أبي عمْرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " فِي قَول الله - تَعَالَى -: {الم. غلبت الرّوم} قَالَ: غُلبت وغَلبت، كَانَ الْمُشْركُونَ يحبونَ أَن يظْهر فَارس على الرّوم؛ لأَنهم وإياهم أهل أوثان، وَكَانَ الْمُسلمُونَ يحبونَ أَن يظْهر الرّوم على فَارس؛ لأَنهم أهل كتاب فذكروه لأبي بكر فَذكره أَبُو بكر لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أما إِنَّهُم سيغلبون. فَذكره(4/187)
أَبُو بكر لَهُم فَقَالُوا: اجْعَل بَيْننَا وَبَيْنك أَََجَلًا فَإِن ظهرنا كَانَ لنا كَذَا وَكَذَا، وَإِن ظهرتم كَانَ لكم كَذَا وَكَذَا. فَجعل أجل خمس سِنِين، فَلم يظهروا، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَلا جعلته إِلَى دون - أرَاهُ الْعشْرَة - قَالَ: قَالَ أَبُو سعيد: والبضع مَا دون الْعشْر - قَالَ: ثمَّ ظَهرت الرّوم بعد ذَلِك، فَذَلِك قَوْله: {الم. غلبت الرّوم} إِلَى قَوْله: {يفرح الْمُؤْمِنُونَ. بنصر الله} ".
قَالَ سُفْيَان: سَمِعت أَنهم أظهرُوا عَلَيْهِم يَوْم بدر.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، ثَنَا ابْن أبي الزِّنَاد، عَن أبي الزِّنَاد، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن [نيار] بن مكرم الْأَسْلَمِيّ قَالَ: " لما نزلت {الم. غلبت الرّوم. فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. فِي بضع سِنِين} فَكَانَت فَارس يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة قاهرين للروم، وَكَانَ الْمُسلمُونَ يحبونَ ظُهُور الرّوم عَلَيْهِم؛ لأَنهم وإياهم أهل كتاب وَذَلِكَ قَول الله: {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ. بنصر الله ينصر من يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم} فَكَانَت قُرَيْش تحب ظُهُور فَارس؛ لأَنهم وإياهم لَيْسُوا أهل كتاب وَلَا إِيمَان ببعث، فَلَمَّا أنزل الله - تَعَالَى - هَذِه الْآيَة، خرج / أَبُو بكر الصّديق يَصِيح فِي نواحي مَكَّة: {الم. غلبت الرّوم. فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. فِي بضع سِنِين} قَالَ نَاس من قُرَيْش لأبي بكر: فَذَلِك بَيْننَا وَبَيْنكُم، زعم صَاحبكُم أَن الرّوم ستغلب فَارِسًا فِي بضع سِنِين أَفلا نراهنك على ذَلِك؟ قَالَ: بلَى - وَذَلِكَ قبل تَحْرِيم الرِّهَان -(4/188)
فارتهن أَبُو بكر وَالْمُشْرِكُونَ، وتواضعوا الرِّهَان، وَقَالُوا لأبي بكر: كم تجْعَل؟ الْبضْع ثَلَاث سِنِين إِلَى تسع سِنِين، فسم بَيْننَا وَبَيْنك وسطا ننتهي إِلَيْهِ. قَالَ: فسموا بَينهم سِتّ سِنِين. قَالَ: فمضت السِّت سِنِين قبل أَن يظهروا، فَأخذ الْمُشْركُونَ رهن أبي بكر، فَمَا دخلت السّنة السَّابِعَة ظَهرت الرّوم على فَارس، فعاب الْمُسلمُونَ على أبي بكر تَسْمِيَة سِتّ سِنِين؛ لِأَن الله قَالَ: {فِي بضع سِنِين} قَالَ: وَأسلم عِنْد ذَلِك نَاس كثير ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من حَدِيث نيار بن مكرم، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، ثَنَا عبد الله، ثَنَا يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، ثَنَا أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من مَوْلُود إِلَّا يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ كَمَا نتنج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تُحِسُّونَ فِيهَا جَدْعَاء، ثمَّ يَقُول: {فطرت الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدَّين الْقيم} ".
وَمن سُورَة لُقْمَان
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا بكر بن مُضر، عَن [عبيد الله] بن زحر، عَن عَليّ بن يزِيد، عَن الْقَاسِم أبي عبد الرَّحْمَن - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن مولى(4/189)
عبد الرَّحْمَن - عَن أبي أُمَامَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَات، وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خير فِي تِجَارَة فِيهِنَّ، وَثَمَنهنَّ حرَام، فِي مثل ذَلِك أنزلت هَذِه الْآيَة: {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن سَبِيل الله} إِلَى آخر الْآيَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، إِنَّمَا يرْوى من حَدِيث الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة وَالقَاسِم ثِقَة، وَعلي بن يزِيد يضعف فِي الحَدِيث، سَمِعت مُحَمَّدًا يَقُول: الْقَاسِم ثِقَة، وَعلي بن يزِيد يضعف.
/ مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا الْحسن بن مُوسَى، أبنا زُهَيْر، ثَنَا سماك بن حَرْب، حَدثنِي مُصعب بن سعد، عَن أَبِيه " أَنه نزلت فِيهِ آيَات من الْقُرْآن قَالَ: حَلَفت أم سعد أَلا تكَلمه أبدا حَتَّى يكفر بِدِينِهِ، وَلَا تَأْكُل وَلَا تشرب قَالَت: زعمت أَن الله أَوْصَاك بِوَالِدَيْك، فَأَنا أمك وَأَنا آمُرك بِهَذَا [قَالَ:] مكثت ثَلَاثًا حَتَّى غشي عَلَيْهَا الْجهد، فَقَامَ ابْن لَهَا يُقَال لَهُ عمَارَة فَسَقَاهَا فَجعلت تَدْعُو على سعد فَأنْزل الله فِي الْقُرْآن هَذِه الْآيَة: {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ ... وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} ... " وَذكر الحَدِيث.
وَمن سُورَة السَّجْدَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله(4/190)
الأويسي، عَن سُلَيْمَان [بن] بِلَال، عَن يحيى بن سعيد، عَن أنس بن مَالك " أَن هَذِه الْآيَة {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} نزلت فِي انْتِظَار الصَّلَاة الَّتِي تدعى الْعَتَمَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن عزْرَة، عَن الْحسن العرني، عَن يحيى بن الجزار، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن أبي بن كَعْب " فِي قَوْله: {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} قَالَ: مصائب الدُّنْيَا، وَالروم، وَالْبَطْشَة - أَو الدُّخان ".
شكّ شُعْبَة فِي " البطشة أَو الدُّخان ".
وَمن سُورَة الْأَحْزَاب
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُعلى بن أَسد، أبنا عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار، ثَنَا مُوسَى ابْن عقبَة، حَدثنِي سَالم، عَن ابْن عمر " أَن زيد بن حَارِثَة مولى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زيد بن مُحَمَّد، حَتَّى نزل الْقُرْآن: {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: عَن قَوْله: {إِذا جاءوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم وَإِذ زاغت(4/191)
الْأَبْصَار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر} قَالَت: كَانَ ذَلِك يَوْم الخَنْدَق ".
/ مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، حَدثنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت قَالَ: قَالَ أنس: " عمي [الَّذِي] تسميت بِهِ لم يشْهد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَدْرًا قَالَ: فشق عَلَيْهِ. قَالَ: أول مشْهد شهده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غبت عَنهُ، وَإِن أَرَانِي الله مشهدا فِيمَا بعد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليراني الله مَا أصنع. قَالَ: فهاب أَن يَقُول غَيرهَا. قَالَ: فَشهد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد. قَالَ: فَاسْتقْبل سعد بن معَاذ فَقَالَ لَهُ أنس: يَا أَبَا عَمْرو أَيْن؟ قَالَ: واها لريح الْجنَّة أَجِدهُ دون أحد. قَالَ: فَقَاتلهُمْ حَتَّى قتل. قَالَ: فَوجدَ فِي جسده بضع وَثَمَانُونَ من بَين ضَرْبَة وطعنة ورمية. قَالَ: فَقَالَت أُخْته عَمَّتي الرّبيع [بنت] النَّضر: فَمَا عرفت أخي لَا ببنانه، وَنزلت هَذِه الْآيَة {رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر وَمَا بدلُوا تبديلا} قَالَت: فَكَانُوا يرَوْنَ أَنَّهَا نزلت فِيهِ وَفِي أَصْحَابه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، حَدثنَا يُونُس بن بكير، عَن طَلْحَة بن يحيى، عَن مُوسَى وَعِيسَى ابْني طَلْحَة، عَن أَبِيهِمَا طَلْحَة " أَن أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا لأعرابي جَاهِل: سَله عَمَّن قضى نحبه من هُوَ؟ وَكَانُوا لَا يجترئون على مَسْأَلته يوقرونه ويهابونه، فَسَأَلَهُ الْأَعرَابِي فَأَعْرض عَنهُ، ثمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرض عَنهُ، ثمَّ إِنِّي اطَّلَعت من بَاب الْمَسْجِد وَعلي ثِيَاب خضر، فَلَمَّا رَآنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَيْن السَّائِل عَمَّن قضى نحبه؟ قَالَ الْأَعرَابِي: أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ: هَذَا مِمَّن قضى نحبه ".(4/192)
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث يُونُس بن بكير.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عُثْمَان بن عمر، عَن يُونُس بن يزِيد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " لما أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِتَخْيِير أَزوَاجه بَدَأَ بِي فَقَالَ: يَا عَائِشَة، إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَلَا عَلَيْك أَلا تستعجلي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك. قَالَت: وَقد علم أَن أَبَوي لم يَكُونَا ليأمراني بِفِرَاقِهِ. قَالَت: ثمَّ قَالَ: إِن الله يَقُول: {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين} حَتَّى بلغ: {للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} فَقلت: فِي أَي هَذَا أَستَأْمر أَبَوي؟ ! فَإِنِّي أُرِيد الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة. وَفعل أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / مثل مَا فعلت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَقد رُوِيَ هَذَا أَيْضا عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا (عبد بن حميد، ثَنَا مُحَمَّد بن الْفضل) ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " نزلت هَذِه الْآيَة: {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} فِي شَأْن زَيْنَب بنت جحش جَاءَ زيد يشكو، فهم بِطَلَاقِهَا، فاستأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.(4/193)
وَبِه قَالَ: " نزلت هَذِه الْآيَة فِي زَيْنَب بنت جحش {فَمَا قضى زيد مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا} قَالَت: فَكَانَت تَفْخَر على أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَقول: زوجكن (أهلوكن) وزوجني الله من فَوق سبع سماوات ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، قَالَ هِشَام ثَنَا، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كنت أغار على اللَّاتِي وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَقُول: أتهب الْمَرْأَة نَفسهَا؟ فَلَمَّا أنزل الله - عز وَجل -: {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك} قلت: مَا أرى رَبك إِلَّا يُسَارع فِي هَوَاك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا حبَان بن مُوسَى، أبنا عبد الله، ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن [معَاذَة] عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسْتَأْذن فِي [يَوْم] الْمَرْأَة منا بعد أَن نزلت هَذِه الْآيَة {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك} قلت لَهَا: مَا كنت تَقُولِينَ؟ قَالَت: كنت أَقُول لَهُ: إِن كَانَ ذَلِك إِلَيّ فَإِنِّي لَا أُرِيد يَا رَسُول الله أَن أوثر عَلَيْك أحدا ".(4/194)
تَابعه [عباد] سمع عَاصِمًا.
مُسلم: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كن يخْرجن بِاللَّيْلِ إِذا تبرزن إِلَى المناصع وَهُوَ صَعِيد أفيح، وَكَانَ عمر بن الْخطاب يَقُول لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: احجب نِسَاءَك. فَلم يكن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفعل، فَخرجت سَوْدَة بنت زَمعَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة من اللَّيَالِي عشَاء وَكَانَت امْرَأَة طَوِيلَة / فناداها عمر: أَلا قد عرفناك يَا سَوْدَة. حرصا على أَن ينزل الْحجاب [قَالَت] عَائِشَة: فَأنْزل الْحجاب ".
حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " خرجت سَوْدَة بَعْدَمَا ضرب عَلَيْهَا الْحجاب ... " فَذكر بِمَعْنى حَدِيث عبد الْملك بن شُعَيْب، وَقَالَ فِيهِ من قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لسودة: " إِنَّه قد أذن لَكِن أَن تخرجن فِي حاجاتكن ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، عَن يحيى، عَن حميد، عَن أنس قَالَ: قَالَ عمر: " قلت: يَا رَسُول الله، يدْخل عَلَيْك الْبر والفاجر، فَلَو أمرت أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بالحجاب، فَأنْزل الله - عز وَجل - آيَة الْحجاب ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي، ثَنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، سَمِعت أبي يَقُول: أبنا أَبُو مجلز، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " لما تزوج رَسُول الله(4/195)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَيْنَب بنت جحش دَعَا الْقَوْم فطعموا، ثمَّ جَلَسُوا يتحدثون، فَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ يتهيأ للْقِيَام، فَلم يقومُوا، فَلَمَّا رأى ذَلِك قَامَ، فَلَمَّا قَامَ [قَامَ] من قَامَ وَقعد ثَلَاثَة نفر، فجَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليدْخل فَإِذا الْقَوْم جُلُوس، ثمَّ إِنَّهُم [قَامُوا] فَانْطَلَقت فَجئْت فَأخْبرت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنهم قد انْطَلقُوا، فجَاء حَتَّى دخل فَذَهَبت أَدخل فألقي الْحجاب بيني وَبَينه فَأنْزل الله - عز وَجل - {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا روح بن عبَادَة، عَن عَوْف، عَن الْحسن وَمُحَمّد وخلاس، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن مُوسَى كَانَ رجلا حييا ستيرا، مَا يرى من جلده شَيْء استحياء مِنْهُ، فآذاه من آذاه من بني إِسْرَائِيل فَقَالُوا: مَا يسْتَتر هَذَا التستر إِلَّا من عيب بجلده، إِمَّا برص وَإِمَّا (أَذَى) وَإِمَّا آفَة. وَإِن الله أَرَادَ أَن يُبرئهُ مِمَّا قَالُوا، وَإِن مُوسَى خلا يَوْمًا وَحده فَوضع ثِيَابه على حجر، ثمَّ اغْتسل، فَلَمَّا فرغ أقبل إِلَى ثِيَابه ليأخذها وَإِن الْحجر عدا بِثَوْبِهِ فَأخذ مُوسَى عَصَاهُ فَطلب الْحجر فَجعل يَقُول: ثوبي حجر ثوبي حجر، حَتَّى انْتهى إِلَى مَلأ من بني إِسْرَائِيل فرأوه عُريَانا أحسن النَّاس خلقا وأبرأه مِمَّا كَانُوا يَقُولُونَ. قَالَ: وَقَامَ الْحجر فَأخذ ثَوْبه فلبسه وطفق بِالْحجرِ ضربا بعصاه، فوَاللَّه إِن بِالْحجرِ لندبا من أثر عَصَاهُ ثَلَاثًا أَو أَرْبعا أَو خمْسا؛ فَذَلِك قَوْله / {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيها} ".(4/196)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
عبد بن حميد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس: " {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال} قَالَ: قَالَ الله - تَعَالَى -: يَا آدم، أتقبلها بِمَا فِيهَا فَإِن فعلت غفرت لَك، وَإِن عصيت عَذَّبْتُك. قَالَ: قد قبلتها بِمَا فِيهَا. قَالَ: فَمَا كَانَ يَوْمئِذٍ إِلَّا مَا بَين الظّهْر إِلَى الْعَصْر حَتَّى أصَاب الْخَطِيئَة ".
وَمن سُورَة سبأ
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا عَمْرو، سَمِعت عِكْرِمَة يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: إِن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قضى الله الْأَمر فِي السَّمَاء ضربت الْمَلَائِكَة بأجنحتها خضعانا لقَوْله، كَأَنَّهُ [سلسلة] على صَفْوَان، فَإِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا: مَاذَا قَالَ ربكُم؟ قَالُوا للَّذي قَالَ: الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير. فيسمعها مسترق السّمع، ومسترق السّمع هَكَذَا بعضه فَوق بعض - وَصفه سُفْيَان [بكفه] فحرفها وبدد بَين أَصَابِعه - فَيسمع الْكَلِمَة ويلقيها إِلَى من تَحْتَهُ ثمَّ يلقيها الآخر إِلَى من تَحْتَهُ حَتَّى يلقيها على لِسَان السَّاحر والكاهن، فَرُبمَا أدْرك الشهَاب قبل أَن يلقيها، وَرُبمَا أَلْقَاهَا قبل أَن يُدْرِكهُ فيكذب مَعهَا مائَة كذبة فَيُقَال: أَلَيْسَ قد قَالَ لنا يومكم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيصدق بِتِلْكَ الْكَلِمَة الَّتِي سَمِعت من السَّمَاء ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق، ثَنَا مُحَمَّد بن مَسْعُود، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن(4/197)
طهْمَان، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن نَبِي الله سُلَيْمَان كَانَ إِذا قَامَ يُصَلِّي رأى شَجَرَة (ثَابِتَة) بَين يَدَيْهِ، فَيَقُول لَهَا: مَا اسْمك؟ فَتَقول كَذَا، فَيَقُول: لأي شَيْء أَنْت؟ فَتَقول لكذا، فَإِن كَانَت لدواء (كتبت) وَإِن كَانَت من غرس غرست، فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يُصَلِّي إِذا شَجَرَة (ثَابِتَة) بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمك؟ فَقَالَت: الخروبة. قَالَ: لأي شَيْء أَنْت؟ قَالَت: لخراب هَذَا الْبَيْت. قَالَ سُلَيْمَان: اللَّهُمَّ عَم على الْجِنّ موتِي حَتَّى يعلم الْإِنْس أَن الْجِنّ لَا يعلمُونَ الْغَيْب. فَأخذ عَصَاهُ فتوكأ عَلَيْهَا وَالْجِنّ تعْمل، فَأَكَلتهَا الأرضة فِي سنة فَسقط فتبينت الْجِنّ " أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا حولا / فِي الْعَذَاب المهين " وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا كَذَلِك ".
وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ [ابْن عُيَيْنَة] وَجَمَاعَة، عَن عَطاء مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس.
وَمن سُورَة يس
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن وَزِير الوَاسِطِيّ، أبنا إِسْحَاق بن يُوسُف الْأَزْرَق، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن أبي سُفْيَان، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كَانَت بَنو سَلمَة فِي نَاحيَة الْمَدِينَة وَأَرَادُوا النقلَة إِلَى قرب الْمَسْجِد، فَنزلت هَذِه الْآيَة: {إِنَّا نَحن نحيي الْمَوْتَى ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن آثَاركُم تكْتب. فَلم يَنْتَقِلُوا ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من حَدِيث الثَّوْريّ، وَأَبُو سُفْيَان هُوَ طريف السَّعْدِيّ.(4/198)
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحميدِي، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر قَالَ: " سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قَوْله: {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا} قَالَ: مستقرها تَحت الْعَرْش ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [أَبُو] نعيم، أبنا الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد: " كنت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَسْجِد عِنْد غرُوب الشَّمْس، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر، أَتَدْرِي أَيْن تغرب الشَّمْس؟ (قُلْنَا:) الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد تَحت (سَاق) الْعَرْش، وَذَلِكَ قَوْله: {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر قَالَ: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأبي ذَر حِين غربت الشَّمْس: تَدْرِي أَيْن تذْهب؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد تَحت الْعَرْش، فَتَسْتَأْذِن فَيُؤذن لَهَا، ويوشك أَن تسْجد فَلَا يقبل مِنْهَا، وتستأذن فَلَا يُؤذن لَهَا، يُقَال: ارجعي من حَيْثُ جِئْت. فَتَطلع من مغْرِبهَا، فَذَلِك قَوْله: {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم} ".
وَمن سُورَة الصافات
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد [بن] عَثْمَة،(4/199)
ثَنَا سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي قَول الله - عز وَجل -: {وَجَعَلنَا / ذُريَّته هم البَاقِينَ} قَالَ: (حام، وسام) ، و (يافث) كَذَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: يُقَال: يافت وَيَافث بِالتَّاءِ والثاء، وَيُقَال يفث.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث سعيد بن بشير.
وَمن سُورَة ص
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مِسْكين وَعمر بن الْخطاب وَمُحَمّد بن سهل بن عَسْكَر، قَالُوا: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا نَافِع بن يزِيد، عَن عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن نَبِي الله أَيُّوب صلى الله عَلَيْهِ لبث فِي بلائه ثَمَان [عشرَة] سنة فرفضه الْقَرِيب والبعيد إِلَّا رجلَيْنِ من إخوانه كَانَا من أخص إخوانه كَانَا يغدوان إِلَيْهِ ويروحان، فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: تعلم وَالله لقد أذْنب ذَنبا مَا أذنبه أحد من الْعَالمين. فَقَالَ لَهُ صَاحبه: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: قد أَصَابَهُ مُنْذُ ثَمَان [عشرَة] سنة لم يرحمه الله فَيكْشف مَا بِهِ. فَلَمَّا رَاحا إِلَيْهِ لم يصبر الرجل حَتَّى ذكر ذَلِك فَقَالَ أَيُّوب: لَا أَدْرِي مَا يَقُول، غير أَن الله يعلم مَتى أَنِّي كنت أَمر على الرجلَيْن ينازعان فيذكران الله، فأرجع إِلَى بَيْتِي فَأكفر عَنْهُمَا كَرَاهِيَة أَن يذكرُوا الله إِلَّا فِي حق. وَكَانَ يخرج إِلَى الْحَاجة فَإِذا قَضَاهَا أَمْسَكت امْرَأَته بِيَدِهِ حَتَّى يبلغ، فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم أَبْطَأت عَنهُ(4/200)
وأوحي إِلَى أَيُّوب فِي مَكَانَهُ أَن {اركض برجلك هَذَا مغتسل بَارِد وشراب} قَالَ: فاستبطأته امْرَأَته فَتَلَقَّتْهُ تنظر، وَأَقْبل عَلَيْهَا قد أذهب الله مَا بِهِ من الْبلَاء وَهُوَ أحسن مَا كَانَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَت: أَي بَارك الله فِيك، هَل رَأَيْت نَبِي الله هَذَا الْمُبْتَلى، وَالله على ذَلِك مَا رَأَيْت أحدا أشبه بِهِ مِنْك إِذا كَانَ صَحِيحا؟ قَالَ: فَإِنِّي أَنا هُوَ. قَالَ: وَكَانَ لَهُ أندران أندر للقمح وأندر للشعير، فَبعث الله - تبَارك وَتَعَالَى - سحابتين فَلَمَّا كَانَت إِحْدَاهمَا على أندر الْقَمْح أفرغت فِيهِ الذَّهَب حَتَّى فاض، وأفرغت الْأُخْرَى فِي أندر الشّعير الْوَرق حَتَّى فاض ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس إِلَّا عقيل، وَلَا رَوَاهُ عَن عقيل إِلَّا نَافِع بن يزِيد، وَرَوَاهُ عَن نَافِع غير وَاحِد.
قَالَ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا دَاوُد، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا همام، عَن قَتَادَة / عَن النَّضر بن أنس، عَن بشير بن نهيك، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مطر على أَيُّوب جَراد من ذهب، فَجعل يلتقط فَقَالَ: يَا أَيُّوب، أَو لم أوسع عَلَيْك؟ قَالَ: أَي رب وَمن يشْبع من رحمتك ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه آخر، يَعْنِي بِهَذَا اللَّفْظ.
وَمن سُورَة الزمر
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أبنا هِشَام بن يُوسُف، أَن ابْن جريج أخْبرهُم، قَالَ يعلى: إِن سعيد بن جُبَير أخبرهُ عَن ابْن عَبَّاس " أَن نَاسا من أهل الشّرك كَانُوا قد قتلوا وَأَكْثرُوا وزنوا فَأَكْثرُوا، فَأتوا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: إِن الَّذِي تَقول [و] تَدْعُو إِلَيْهِ لحسن، لَو تخبرنا أَن لما [عَملنَا] كَفَّارَة. فَنزل:(4/201)
{وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون} وَنزل: {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شَيبَان، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عُبَيْدَة، عَن عبد الله قَالَ: " جَاءَ حبر من الْأَحْبَار إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنَّا نجد أَن الله يَجْعَل السَّمَاوَات على إِصْبَع، وَالْأَرضين على إِصْبَع، وَالشَّجر على إِصْبَع، وَالْمَاء على إِصْبَع، وَالثَّرَى على إِصْبَع، وَسَائِر الْخَلَائق على إِصْبَع، فَيَقُول: أَنا الْملك. فَضَحِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه تَصْدِيقًا لقَوْل الحبر، ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وَمَا قدرُوا الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أبنا مُحَمَّد بن الصَّلْت، ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أبي الضُّحَى، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " مر يَهُودِيّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا يَهُودِيّ حَدثنَا. فَقَالَ: كَيفَ تَقول يَا أَبَا الْقَاسِم إِذا وضع الله السَّمَاوَات على ذه، وَالْأَرضين على ذه، وَالْمَاء على ذه، وَالْجِبَال على ذه، وَسَائِر الْخَلَائق على ذه؟ وَأَشَارَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الصَّلْت بِخِنْصرِهِ أَولا، ثمَّ تَابع حَتَّى بلغ الْإِبْهَام - فَأنْزل الله - عز وَجل - {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.(4/202)
وَأَبُو كُدَيْنَة اسْمه يحيى بن الْمُهلب. قَالَ: رَأَيْت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل روى هَذَا الحَدِيث عَن الْحسن بن شُجَاع / عَن مُحَمَّد بن الصَّلْت.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، عَن عبد الله بن الْمُبَارك، عَن عَنْبَسَة بن سعيد، عَن حبيب بن أبي عمْرَة، عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: " أَتَدْرِي مَا سَعَة جَهَنَّم؟ قلت: لَا أَدْرِي. قَالَ: أجل وَالله مَا تَدْرِي، حَدَّثتنِي عَائِشَة أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قَوْله: {وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} قَالَت: قلت: فَأَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: على جسر جَهَنَّم ". وَفِي الحَدِيث قصَّة.
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب [من هَذَا الْوَجْه] .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، ثَنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ يَهُودِيّ بسوق الْمَدِينَة: لَا وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر. قَالَ: فَرفع رجل من الْأَنْصَار يَده فصك بهَا وَجهه، قَالَ: تَقول هَذَا وَفينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ ! فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} فَأَكُون أول من رفع رَأسه فَإِذا مُوسَى آخذ بقائمة من قَوَائِم الْعَرْش، فَلَا أَدْرِي أرفع رَأسه قبلي أَو كَانَ مِمَّن اسْتثْنى الله، وَمن قَالَ: أَنا خير من يُونُس بن مَتى فقد [كذب] ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/203)
وَمن سُورَة حم السَّجْدَة
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عمر الْمَكِّيّ، ثَنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن أبي معمر، عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " اجْتمع عِنْد الْبَيْت ثَلَاثَة نفر: قرشيان وثقفي - أَو ثقفيان وقرشي - قَلِيل فقه قُلُوبهم كثير شَحم بطونهم، فَقَالَ أحدهم: أَتَرَوْنَ الله يسمع مَا نقُول؟ فَقَالَ الآخر: يسمع إِن جهرنا، وَلَا يسمع إِن أخفينا. وَقَالَ الآخر: إِن كَانَ يسمع إِذا جهرنا فَهُوَ يسمع إِذا أخفينا. فَأنْزل الله - عز وَجل -: {وَمَا كُنْتُم تستترون أَن يشْهد عَلَيْكُم سمعكم وَلَا أبصاركم} الْآيَة ".
وَمن سُورَة حم عسق
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عبد الْملك بن ميسرَة، سَمِعت طاوسا، عَن ابْن عَبَّاس " أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} فَقَالَ سعيد بن جُبَير: قربى آل مُحَمَّد. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: عجلت، إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / لم يكن بطن من قُرَيْش إِلَّا كَانَ لَهُ فيهم قرَابَة. فَقَالَ: إِلَّا [أَن] تصلوا مَا بيني وَبَيْنكُم من الْقَرَابَة ".
وَمن سُورَة حم الدُّخان
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ ليحيى - قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم بن صبيح، عَن مَسْرُوق قَالَ: " جَاءَ إِلَى(4/204)
عبد الله رجل فَقَالَ: تركت فِي الْمَسْجِد رجلا يُفَسر الْقُرْآن بِرَأْيهِ، يُفَسر هَذِه الْآيَة: {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} قَالَ: يَأْتِي النَّاس يَوْم الْقِيَامَة دُخان فَيَأْخُذ بِأَنْفَاسِهِمْ حَتَّى يَأْخُذهُمْ مِنْهُ كَهَيئَةِ الزُّكَام. فَقَالَ عبد الله: من علم علما فَلْيقل بِهِ، وَمن لم يعلم فَلْيقل: الله أعلم؛ فَإِن من فقه الرجل أَن يَقُول [لما لَا علم لَهُ بِهِ] الله أعلم. إِنَّمَا كَانَ هَذَا أَن قُريْشًا لما اسْتَعْصَتْ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَا عَلَيْهِم بسنين كَسِنِي يُوسُف، فَأَصَابَهُمْ قحط وَجهد، حَتَّى جعل الرجل ينظر إِلَى السَّمَاء فَيرى بَينه وَبَينهَا كَهَيئَةِ الدُّخان من الْجهد، وَحَتَّى أكلُوا الْعِظَام، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اسْتغْفر الله لمضر، فَإِنَّهُم قد هَلَكُوا. فَقَالَ لمضر؟ إِنَّك لجريء. قَالَ: فَدَعَا لَهُم فَأنْزل الله: {إِنَّا كاشفوا الْعَذَاب قَلِيلا إِنَّكُم عائدون} قَالَ: فَمُطِرُوا. فَلَمَّا أَصَابَهُم الرَّفَاهِيَة قَالَ: عَادوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ. قَالَ: فَأنْزل الله {فَارْتَقِبْ يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين. يغشى النَّاس هَذَا عَذَاب أَلِيم} و {يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى إِنَّا منتقمون} قَالَ: يَعْنِي يَوْم بدر ".
وَفِي طَرِيق أُخْرَى لمُسلم: " يَا مُحَمَّد، إِنَّك جِئْت تَأمر بِطَاعَة الله وَبِصِلَة الرَّحِم، فَإِن قَوْمك قد هَلَكُوا فَادع الله لَهُم ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: " خمس قد مضين: الدُّخان [وَاللزَام] وَالروم، وَالْبَطْشَة، وَالْقَمَر ".(4/205)
وَمن سُورَة الْقِتَال
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن يزِيد، ثَنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الْعَزِيز ابْن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، حَدثنِي الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " لما نزلت {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ} قَالُوا: من هم يَا رَسُول الله؟ - قَالَ وسلمان إِلَى جنبه - قَالَ: هم الْفرس، هَذَا وَقَومه ".
وَمن سُورَة الْفَتْح
مُسلم: / حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة أَن أنس بن مَالك حَدثهمْ قَالَ: " لما نزلت {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا. ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَيتم نعْمَته عَلَيْك} إِلَى قَوْله: {فوزا عَظِيما} مرجعه من الْحُدَيْبِيَة وهم يخالطهم الْحزن والكآبة، وَقد نحر الْهَدْي بِالْحُدَيْبِية، فَقَالَ: لقد أنزلت عَليّ آيَة هِيَ أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، عَن مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسير فِي بعض أَسْفَاره وَعمر بن الْخطاب يسير مَعَه لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عمر عَن شَيْء فَلم يجبهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ سَأَلَهُ، فَلم يجبهُ، ثمَّ سَأَلَهُ فَلم يجبهُ، فَقَالَ عمر بن الْخطاب: ثكلتك أمك يَا عمر، (تنزر) رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث مَرَّات كل ذَاك لَا يجيبك. فَقَالَ عمر: فحركت بَعِيري، ثمَّ تقدّمت أَمَام النَّاس، وخشيت أَن ينزل فِي قُرْآن، فَمَا نشبت أَن سَمِعت صَارِخًا يصْرخ بِي، فَقلت: لقد خشيت أَن ينزل فِي قُرْآن، فَجئْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ:(4/206)
لقد أنزلت عَليّ اللَّيْلَة سُورَة لهي أحب إِلَيّ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس، ثمَّ قَرَأَ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " نزلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} مرجعه من الْحُدَيْبِيَة، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقد نزلت عَليّ آيَة أحب إِلَيّ مِمَّا على الأَرْض. ثمَّ قَرَأَهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِم فَقَالُوا: هَنِيئًا مريئا يَا رَسُول الله، قد بَين الله لَك مَاذَا يفعل بك فَمَاذَا يفعل بِنَا؟ فَنزلت عَلَيْهِ {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} حَتَّى بلغ {فوزا عَظِيما} ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَفِيه عَن مجمع بن [جَارِيَة] .
مُسلم: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن دِينَار، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد الْأَعْوَر مولى سُلَيْمَان بن مجَالد، قَالَ ابْن جريج: وَأَخْبرنِي أَبُو الزبير " أَنه سمع جَابِرا يسْأَل: هَل بَايع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذِي الحليفة؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِن صلى بهَا وَلم يُبَايع تَحت / شَجَرَة إِلَّا تَحت الشَّجَرَة الَّتِي بِالْحُدَيْبِية ".
قَالَ ابْن جريج: وَأَخْبرنِي أَبُو الزبير أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " دَعَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على بِئْر الْحُدَيْبِيَة ".
وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا حجاج بِهَذَا الْإِسْنَاد " سمع جَابِرا يسْأَل: كم(4/207)
كَانُوا يَوْم الْحُدَيْبِيَة؟ قَالَ: كُنَّا أَربع عشرَة مائَة فَبَايَعْنَاهُ، وَعمر آخذ بِيَدِهِ تَحت الشَّجَرَة وَهِي سَمُرَة، فَبَايَعْنَاهُ غير جد بن قيس الْأنْصَارِيّ، اخْتَبَأَ تَحت بطن بعيره ".
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن عَمْرو الأشعثي، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن جَابر قَالَ: " كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة، فَقَالَ لنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنْتُم الْيَوْم خير أهل الأَرْض. وَقَالَ جَابر: لَو كنت أبْصر لَأَرَيْتُكُمْ مَوضِع الشَّجَرَة ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو - يَعْنِي ابْن مرّة - حَدثنِي عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: " كَانَ أَصْحَاب الشَّجَرَة ألفا وثلاثمائة، وَكَانَت أسلم ثمن الْمُهَاجِرين ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا أَبُو أَحْمد. وقرأته على نصر بن عَليّ، عَن أبي أَحْمد، ثَنَا سُفْيَان، عَن طَارق بن عبد الرَّحْمَن، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أَبِيه " أَنهم كَانُوا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الشَّجَرَة قَالَ: فنسوها من الْعَام الْمقبل ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، حَدثنِي سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن ثَمَانِينَ هَبَطُوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه من جبل التَّنْعِيم عِنْد صَلَاة الصُّبْح وهم يُرِيدُونَ أَن يقتلوه، فَأخذُوا أخذاء فَأعْتقهُمْ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأنْزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وأيدكم عَنْهُم} الْآيَة ".(4/208)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة الحجرات
البُخَارِيّ: حَدثنَا [يسرة] بن صَفْوَان بن جميل اللَّخْمِيّ، ثَنَا نَافِع بن عمر، عَن ابْن [أبي] مليكَة قَالَ: " كَاد الخيران يهلكا: أَبُو بكر وَعمر؛ رفعا أصواتهما عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قدم عَلَيْهِ وَفد بني تَمِيم / فَأَشَارَ أَحدهمَا بالأقرع ابْن حَابِس أخي بني مجاشع، وَأَشَارَ الآخر بِرَجُل آخر - فَقَالَ نَافِع: لَا أحفظ اسْمه - فَقَالَ أَبُو بكر لعمر: مَا أردْت إِلَّا خلافي. قَالَ: مَا أردْت [خِلافك] فارتفعت أصواتهما فِي ذَلِك فَأنْزل الله - عز وَجل -: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} الْآيَة. فَقَالَ ابْن الزبير: فَمَا كَانَ عمر يسمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد هَذِه الْآيَة حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ. وَلم يذكر ذَلِك عَن أَبِيه - يَعْنِي أَبَا بكر الصّديق ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو عمار الْحُسَيْن بن حُرَيْث، حَدثنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء " فِي قَوْله: {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} قَالَ: قَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن حمدي زين،(4/209)
وَإِن ذمِّي شين. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ذَاك الله ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن إِسْحَاق الْجَوْهَرِي الْبَصْرِيّ، ثَنَا أَبُو زيد، عَن شُعْبَة، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، سَمِعت الشّعبِيّ يحدث عَن أبي جبيرَة بن الضَّحَّاك قَالَ: " كَانَ الرجل منا يكون لَهُ الاسمان وَالثَّلَاثَة فيدعى بِبَعْضِهَا فَعَسَى أَن يكره، قَالَ: فَنزلت {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} ".
حَدثنَا أَبُو سَلمَة يحيى بن خلف، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن دَاوُد بِإِسْنَادِهِ نَحوه.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْفضل بن سهل الْأَعْرَج الْبَغْدَادِيّ وَغير وَاحِد قَالُوا: ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، عَن سَلام بن أبي مُطِيع، عَن قَتَادَة، عَن [الْحسن] عَن سَمُرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحسب: المَال، وَالْكَرم: التَّقْوَى ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا يحيى بن سعيد الْأمَوِي، عَن مُحَمَّد بن قيس، عَن أبي عون، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:(4/210)
" جَاءَت بَنو أَسد إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، أسلمنَا وقاتلتك الْعَرَب وَلم نقاتلك. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن [فقههم] قَلِيل، وَإِن الشَّيْطَان ينْطق على ألسنتهم. وَنزلت الْآيَة: {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا قل لَا تمنوا عَليّ إسلامكم بل الله} / الْآيَة ".
لم [يرو] هَذَا الحَدِيث إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَأَبُو عون هُوَ مُحَمَّد بن عبيد الله.
وَمن سُورَة ق
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا وَرْقَاء، عَن ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد قَالَ ابْن عَبَّاس: " أمره أَن يسبح فِي أدبار الصَّلَوَات كلهَا - يَعْنِي قَوْله: {وأدبار السُّجُود} ".
وَمن سُورَة الذاريات
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا الْحسن بن مُوسَى، ثَنَا وَرْقَاء، عَن مُسلم، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نصرت بالصبا، وأهلكت عَاد بالدبور، وَمَا أرسل عَلَيْهِم إِلَّا مثل الْخَاتم ".
قَالَ أَبُو بكر: هَذَا إِنَّمَا يذكر عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا، فأسنده مُسلم، وَمُسلم ثِقَة.(4/211)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن سَلام، عَن عَاصِم بن أبي النجُود، عَن أبي وَائِل، عَن رجل من ربيعَة قَالَ: " قدمت الْمَدِينَة فَدخلت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت عِنْده وَافد عَاد، فَقلت: أعوذ بِاللَّه أَن أكون مثل وَافد عَاد. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَمَا وَافد عَاد؟ قَالَ: فَقلت: على الْخَبِير سَقَطت، إِن عادا لما أقحطت بعثت قيلا فَنزل على بكر بن مُعَاوِيَة، فَسَقَاهُ الْخمر، وغنته الجرادتان، ثمَّ خرج يُرِيد جبال مهرَة. فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لم آتِك لمريض فأداويه، وَلَا لأسير فأفاديه، فَاسق عَبدك مَا كنت تسقيه، واسق مَعَه بكر بن مُعَاوِيَة. يشْكر لَهُ الْخمر الَّتِي سقَاهُ، فَرفع لَهُ سحابات، فَقيل لَهُ: اختر إِحْدَاهُنَّ. فَاخْتَارَ [السَّوْدَاء] مِنْهُنَّ، فَقيل لَهُ: خُذْهَا رَمَادا رمددا لَا تذر من عَاد أحدا، وَذكر أَنه لم يُرْسل عَلَيْهِم من الرّيح إِلَّا قدر هَذِه الْحلقَة - يَعْنِي: خلقَة الْخَاتم - ثمَّ قَرَأَ: {إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم. مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَقد روى غير وَاحِد هَذَا الحَدِيث عَن سَلام أبي الْمُنْذر، عَن عَاصِم بن أبي النجُود، عَن أبي وَائِل، عَن الْحَارِث بن حسان، وَيُقَال لَهُ: الْحَارِث بن يزِيد.
حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا زيد بن / حباب، ثَنَا سَلام بن سُلَيْمَان النَّحْوِيّ أَبُو الْمُنْذر، حَدثنَا عَاصِم بن أبي النجُود، عَن أبي وَائِل، عَن الْحَارِث بن يزِيد الْبكْرِيّ قَالَ: " قدمت الْمَدِينَة فَدخلت الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ غاص بِالنَّاسِ وَإِذا رايات سود تخفق وَإِذا بِلَال متقلد السَّيْف بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت: مَا شَأْن النَّاس؟ قَالُوا: يُرِيد أَن يبْعَث عَمْرو بن الْعَاصِ وَجها ... " فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ نَحوا [من] حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِمَعْنَاهُ، وَيُقَال لَهُ: الْحَارِث بن حسان أَيْضا.(4/212)
وَمن سُورَة الطّور
الْبَزَّار: حَدثنَا سهل بن بَحر، ثَنَا [الْحسن] الْوراق، ثَنَا قيس بن الرّبيع، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله ليرْفَع ذُرِّيَّة الْمُؤمن إِلَيْهِ فِي دَرَجَته، وَإِن كَانُوا دونه فِي الْعَمَل لتقر بهم عينه، ثمَّ قَرَأَ: {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان} الْآيَة. ثمَّ قَالَ: وَمَا نقصنا الْآبَاء [بِمَا] أعطينا الْبَنِينَ ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا أسْندهُ إِلَّا الْحسن بن حَمَّاد، عَن قيس. وَقد رَوَاهُ الثَّوْريّ عَن عَمْرو بن مرّة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا.
وَمن سُورَة: والنجم
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، ثَنَا عباد - وَهُوَ ابْن الْعَوام - ثَنَا الشَّيْبَانِيّ قَالَ: " سَأَلت زر بن حُبَيْش عَن قَول الله - عز وَجل -: {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} قَالَ: أَخْبرنِي ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - لَهُ سِتّمائَة جنَاح ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، حَدثنَا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ وَسمع زر بن حُبَيْش، عَن عبد الله " {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} قَالَ: رأى جِبْرِيل فِي صورته لَهُ سِتّمائَة جنَاح ".(4/213)
البُخَارِيّ: حَدثنَا قبيصَة، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الله قَالَ: " {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} قَالَ: رأى رفرفا أَخْضَر قد سد الْأُفق ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى وَابْن أبي رزمة، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن عبد الله / " {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جِبْرِيل فِي حلَّة من رَفْرَف قد مَلأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر أبي شيبَة وَأَبُو سعيد الْأَشَج، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن زِيَاد بن الْحصين أبي جهمة، عَن أبي الْعَالِيَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رَآهُ بفؤاده مرَّتَيْنِ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن نَبهَان بن صَفْوَان الْبَصْرِيّ الثَّقَفِيّ، ثَنَا يحيى بن كثير الْعَنْبَري، حَدثنَا سلم بن جَعْفَر، عَن الحكم بن أبان، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " رأى مُحَمَّد ربه. قلت: أَلَيْسَ يَقُول: {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} ؟ قَالَ: وَيحك [ذَاك] إِذا تجلى بنوره الَّذِي هُوَ(4/214)
نوره. وَقَالَ: أريه مرَّتَيْنِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عُثْمَان أَبُو عُثْمَان الْبَصْرِيّ، ثَنَا أَبُو عَاصِم، عَن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس: " {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم} قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: % (إِن تغْفر اللَّهُمَّ تغْفر جما % وَأي عبد لَك [لَا] ألما) % ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث زَكَرِيَّا بن [إِسْحَاق] .
وَمن سُورَة الْقَمَر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " سَأَلَ أهل مَكَّة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آيَة، فانشق الْقَمَر بِمَكَّة مرَّتَيْنِ فَنزل: {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} إِلَى قَوْله: {سحر مُسْتَمر} يَقُول: ذَاهِب ".
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن شُعْبَة وسُفْيَان، عَن الْأَعْمَش،(4/215)
عَن إِبْرَاهِيم، عَن أبي معمر، عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " انْشَقَّ الْقَمَر على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرْقَتَيْن: فرقة فَوق الْجَبَل، وَفرْقَة دونه فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اشْهَدُوا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا [مَحْمُود] بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، عَن شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: " انْفَلق الْقَمَر على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اشْهَدُوا ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن / صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا مُوسَى بن قُرَيْش التَّمِيمِي، ثَنَا إِسْحَاق بن بكر بن مُضر، ثَنَا أبي، ثَنَا جَعْفَر بن ربيعَة، عَن عرَاك بن مَالك، عَن [عبيد الله] بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِن الْقَمَر انْشَقَّ على زمَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب وَبُنْدَار قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن زِيَاد بن إِسْمَاعِيل، عَن مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر المَخْزُومِي، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَت مشركو قُرَيْش يُخَاصِمُونَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْقدر فَنزلت {يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر. إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(4/216)
وَمن سُورَة الرَّحْمَن سُبْحَانَهُ
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن مَالك، ثَنَا يحيى بن سليم، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ سُورَة الرَّحْمَن على أَصْحَابه فَسَكَتُوا. فَقَالَ: لقد كَانَ الْجِنّ أحسن ردا مِنْكُم كلما قَرَأت عَلَيْهِم {فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} [قَالُوا:] لَا شَيْء من آلَائِكَ رَبنَا نكذب فلك الْحَمد:
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لقد قرأتها على الْجِنّ لَيْلَة الْجِنّ ".
وَمن سُورَة الْوَاقِعَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا وَإِن شِئْتُم فاقرءوا {وظل مَمْدُود. وَمَاء مسكوب} ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنِي عَبَّاس بن عبد الْعَظِيم الْعَنْبَري، حَدثنَا النَّضر بن مُحَمَّد،(4/217)
ثَنَا عِكْرِمَة - وَهُوَ ابْن عمار - أبنا أَبُو زميل، ثَنَا ابْن عَبَّاس قَالَ: " مطر النَّاس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أصبح من النَّاس شَاكر وَمِنْهُم كَافِر، قَالُوا: هَذِه رَحْمَة الله، وَقَالَ بَعضهم: لقد صدق نوء كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} حَتَّى بلغ {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} ".
وَمن سُورَة الْحَدِيد
/ مُسلم: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصَّدَفِي، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن عون بن عبد الله بن عتبَة، عَن أَبِيه أَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " مَا كَانَ بَين إسْلَامنَا وَبَين أَن عَاتَبَنَا [الله] بِهَذِهِ الْآيَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا آن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} إِلَّا أَربع سِنِين ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، أبنا الْمُغيرَة بن سَلمَة أَبُو هِشَام، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، عَن عبيد الله بن عبد الله بن الْأَصَم، عَن عَمه يزِيد بن الْأَصَم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَرَأَيْت قَوْله: {وجنة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض} فَأَيْنَ [النَّار] ؟ قَالَ: أَرَأَيْت اللَّيْل إِذا جَاءَ فألبس كل شَيْء فَأَيْنَ النَّهَار؟ قَالَ: حَيْثُ شَاءَ الله. قَالَ: فَكَذَلِك حَيْثُ شَاءَ الله ".
وَمن سُورَة المجادلة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا يُونُس، عَن شَيبَان، عَن قَتَادَة، حَدثنَا أنس بن مَالك " أَن يَهُودِيّا أَتَى على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه فَقَالَ: السام عَلَيْكُم.(4/218)
فَرد عَلَيْهِ الْقَوْم، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل تَدْرُونَ مَا قَالَ هَذَا؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم، سلم يَا نَبِي الله. قَالَ: لَا، وَلكنه قَالَ كَذَا وَكَذَا ردُّوهُ عَليّ فَردُّوهُ. قَالَ: قلت: السَّلَام عَلَيْكُم؟ قَالَ: نعم. قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد ذَلِك: إِذا سلم عَلَيْكُم أحد من أهل الْكتاب فَقولُوا: عَلَيْك - أَو قَالَ: وَعَلَيْك مَا قلت - قَالَ: {إِذا جاءوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله} ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا عبيد الله الْأَشْجَعِيّ، عَن الثَّوْريّ، عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة الثَّقَفِيّ، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن عَليّ بن عَلْقَمَة [الْأَنمَارِي] عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: " لما نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} قَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا ترى، دِينَار؟ قَالَ: لَا يطيقُونَهُ. قَالَ: فَنصف دِينَار؟ قلت: لَا يطيقُونَهُ. قَالَ: فكم؟ قلت: شعيرَة. قَالَ: إِنَّك لَزَهِيد. قَالَ: فَنزلت {أَأَشْفَقْتُم أَن تقدمُوا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صدقَات} الْآيَة قَالَ: فَبِي / خفف الله عَن هَذِه الْأمة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب إِنَّمَا نعرفه من هَذَا الْوَجْه.
وَمعنى قَوْله: " شعيرَة " يَعْنِي وزن شعيرَة من ذهب.
وَمن سُورَة الْحَشْر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا حَفْص بن(4/219)
غياث، ثَنَا حبيب بن أبي عمْرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " فِي قَول الله - عز وَجل -: {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله} قَالَ: اللينة: النَّخْلَة. {وليخزي الْفَاسِقين} قَالَ: استنزلوهم من حصونهم. قَالَ: وَأمرُوا بِقطع النّخل فحك فِي صُدُورهمْ فَقَالَ الْمُسلمُونَ: قد قَطعنَا بَعْضًا وَتَركنَا بَعْضًا فلنسألن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَل لنا فِيمَا قَطعنَا من أجر وَهل علينا فِيمَا تركنَا من وزر؟ فَأنْزل الله - عز وَجل -: {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله} الْآيَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وروى بَعضهم هَذَا الحَدِيث عَن حَفْص [عَن حبيب بن أبي عمْرَة] عَن سعيد مُرْسلا لم يذكر فِيهِ ابْن عَبَّاس.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا وَكِيع، عَن فُضَيْل بن غَزوَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلا من الْأَنْصَار بَات بِهِ ضيف فَلم يكن عِنْده إِلَّا قوته وقوت صبيانه فَقَالَ لامْرَأَته: [نومي] الصبية وأطفئي السراج وقربي للضيف مَا عنْدك. فَنزلت هَذِه الْآيَة: {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} ".
هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة الممتحنة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم وَابْن أبي عمر - وَاللَّفْظ لعَمْرو - قَالَ إِسْحَاق: أبنا، وَقَالَ الْآخرُونَ:(4/220)
حَدثنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن الْحسن بن مُحَمَّد، أَخْبرنِي عبيد الله بن أبي رَافع - وَهُوَ كَاتب عَليّ - قَالَ: سَمِعت عليا - رَضِي الله عَنهُ - وَهُوَ يَقُول: " بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنا وَالزُّبَيْر والمقداد فَقَالَ: ائْتُوا رَوْضَة خَاخ فَإِن بهَا ظَعِينَة مَعهَا كتاب فَخُذُوهُ مِنْهَا. فَانْطَلَقْنَا (تَتَعَادَى) بِنَا خَيْلنَا فَإِذا نَحن (بِامْرَأَة فَقَالَ) : أَخْرِجِي الْكتاب. / فَقَالَت / مَا معي كتاب. فَقُلْنَا: لتخْرجن الْكتاب أَو لتلْقين الثِّيَاب. فَأَخْرَجته من عقاصها، فأتينا بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا فِيهِ: من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى نَاس من الْمُشْركين من أهل مَكَّة يُخْبِرهُمْ بِبَعْض أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا حَاطِب، مَا هَذَا؟ قَالَ: لَا تعجل عَليّ يَا رَسُول الله؛ إِنِّي كنت امْرأ مُلْصقًا فِي قُرَيْش - قَالَ سُفْيَان: كَانَ حليفا لَهُم وَلم يكن من أَنْفسهَا - وَكَانَ مِمَّن كَانَ مَعَك من الْمُهَاجِرين لَهُم قَرَابَات يحْمُونَ بهَا أَهْليهمْ، فَأَحْبَبْت (إِذا) فَاتَنِي ذَلِك من النّسَب فيهم [أَن] أَتَّخِذ فيهم يدا يحْمُونَ قَرَابَتي، وَلم أَفعلهُ كفرا وَلَا ارْتِدَادًا عَن ديني وَلَا رضَا بالْكفْر بعد الْإِسْلَام. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صدق. فَقَالَ عمر: دَعْنِي يَا رَسُول الله أضْرب عنق هَذَا الْمُنَافِق. فَقَالَ: إِنَّه قد شهد بدار، وَمَا يدْريك لَعَلَّ الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم. فَأنْزل الله - عز وَجل -: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء} ".
وَحدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن حُصَيْن، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن عَليّ قَالَ: " بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا مرْثَد الغنوي وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وكلنَا فَارس فَقَالَ: انْطَلقُوا حَتَّى تَأْتُوا(4/221)
رَوْضَة خَاخ؛ فَإِن بهَا امْرَأَة من الْمُشْركين مَعهَا كتاب من حَاطِب إِلَى الْمُشْركين ... " فَذكر بِمَعْنى حَدِيث عبيد الله بن أبي رَافع عَن عَليّ.
رَوَاهُ البُخَارِيّ: عَن يُوسُف بن بهْلُول، عَن عبد الله بن إِدْرِيس، عَن حُصَيْن بِإِسْنَاد مُسلم قَالَ فِيهِ: " صدق فَلَا تَقولُوا لَهُ إِلَّا خيرا. وَقَالَ: فَقَالَ عمر ابْن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ -: إِنَّه قد خَان الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ فَدَعْنِي فَأَضْرب عُنُقه. قَالَ: فَقَالَ: يَا عمر، وَمَا يدْريك لَعَلَّ الله قد اطلع على أهل بدر، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد وَجَبت لكم الْجنَّة. قَالَ: فَدَمَعَتْ عينا عمر فَقَالَ: الله وَرَسُوله أعلم ".
وَقَالَ فِي حَدِيث آخر: " وَمَا يدْريك لَعَلَّ الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم. فَهَذَا الَّذِي جرأه ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن عبد الله / بن حَوْشَب، ثَنَا هشيم، ثَنَا حُصَيْن بِهَذَا الْإِسْنَاد الْمُتَقَدّم.
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن سرح، أبنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس بن يزِيد قَالَ: قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كَانَ الْمُؤْمِنَات إِذا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمْتَحن لقَوْل الله - تَعَالَى -: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين} إِلَى آخر الْآيَة. قَالَت عَائِشَة: فَمن أقرّ بِهَذَا من الْمُؤْمِنَات فقد أقرّ بالمحنة، وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أقررن بذلك من قولهن قَالَ لَهُنَّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: انطلقن فقد بايعتكن. وَلَا وَالله مَا مست يَد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَد امْرَأَة قطّ غير أَنه يُبَايِعهُنَّ بالْكلَام. قَالَت عَائِشَة: وَالله مَا أَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على النِّسَاء قطّ إِلَّا مَا أمره الله، وَمَا مست كف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كف امْرَأَة قطّ، وَكَانَ يَقُول لَهُنَّ إِذا أَخذ(4/222)
عَلَيْهِنَّ. فقد بايعتكن كلَاما ".
وَمن سُورَة الصَّفّ
التِّرْمِذِيّ: أخبرنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن [يحيى بن] أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: " قعدنا نفر من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتذاكرنا فَقُلْنَا: لَو نعلم أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله لعملناه. فَأنْزل الله: {سبح لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم. يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} قَالَ عبد الله بن سَلام. فقرأها علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ أَبُو سَلمَة: فقرأها علينا ابْن سَلام. قَالَ يحيى: فقرأها علينا أَبُو سَلمَة. قَالَ ابْن كثير: فقرأها علينا الْأَوْزَاعِيّ. قَالَ عبد الله: فقرأها علينا ابْن كثير.
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَقد خُولِفَ مُحَمَّد بن كثير فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عَن الْأَوْزَاعِيّ. وروى الْوَلِيد بن مُسلم هَذَا الحَدِيث عَن الْأَوْزَاعِيّ نَحْو رِوَايَة مُحَمَّد ابْن كثير.(4/223)
وَمن سُورَة الْجُمُعَة
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن ثَوْر، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْجُمُعَة {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} قَالُوا: من هم يَا رَسُول الله؟ فَلم يُرَاجِعهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلَاثًا وَفينَا سلمَان الْفَارِسِي، وضع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَده على سلمَان ثمَّ قَالَ: لَو كَانَ الْإِيمَان عِنْد الثريا لَنَالَهُ رجال - أَو رجل - من هَؤُلَاءِ ".
حَدثنِي عبد الله بن عبد الْوَهَّاب، أبنا عبد الْعَزِيز، أَخْبرنِي ثَوْر، عَن أبي الْغَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَنَالَهُ رجال من هَؤُلَاءِ ".
مُسلم: حَدثنَا رِفَاعَة [بن] الْهَيْثَم الوَاسِطِيّ، ثَنَا خَالِد الطَّحَّان، عَن حُصَيْن، عَن سَالم وَأبي سُفْيَان، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة فَقدمت سويقة، قَالَ: فَخرج النَّاس إِلَيْهَا فَلم يبْق إِلَّا اثْنَا عشر رجلا أَنا فيهم. قَالَ: فَأنْزل الله - تبَارك وَتَعَالَى -: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} إِلَى آخر الْآيَة ".
قَالَ التِّرْمِذِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث: " فيهم أَبُو بكر وَعمر ". رَوَاهُ عَن أَحْمد ابْن منيع، عَن هشيم، عَن حُصَيْن، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر.(4/224)
وَمن سُورَة الْمُنَافِقين
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا الْحسن بن مُوسَى، ثَنَا زُهَيْر بن مُعَاوِيَة أبنا أَبُو إِسْحَاق؛ أَنه سمع زيد بن أَرقم يَقُول: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر أصَاب النَّاس فِيهِ شدَّة، فَقَالَ عبد الله بن أبي " لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا من حوله " قَالَ زُهَيْر: وَهِي [فِي قِرَاءَة من خفض: حوله] وَقَالَ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل. قَالَ: فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته بذلك فَأرْسل إِلَى عبد الله بن أبي فَسَأَلَهُ فاجتهد يَمِينه مَا فعل، فَقَالُوا: كذب زيد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَوَقع فِي نَفسِي مَا قَالُوا شدَّة حَتَّى أنزل الله تصديقي {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ} . قَالَ: ثمَّ دعاهم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليَسْتَغْفِر لَهُم، قَالَ: فلووا رُءُوسهم. / وَقَوله: {كَأَنَّهُمْ خشب مُسندَة} قَالَ: كَانُوا رجَالًا أجمل شَيْء ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن زيد بن أَرقم [قَالَ] : " كنت مَعَ عمي فَسمِعت عبد الله بن أبي بن سلول يَقُول: لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا، وَلَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل. فَذكرت ذَلِك لِعَمِّي، فَذكر عمي للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فدعاني فَحَدَّثته فَأرْسل إِلَى عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، وَكَذبَنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(4/225)
وَصدقهمْ، فَأَصَابَنِي غم لم يُصِبْنِي مثله قطّ؛ فَجَلَست فِي بَيْتِي، وَقَالَ عمي: مَا أردْت إِلَى أَن كَذبك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومقتك. فَأنْزل الله - عز وَجل -: {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ قَالُوا نشْهد إِنَّك لرَسُول الله} وَأرْسل إِلَيّ النَّبِي فقرأها وَقَالَ: إِن الله قد صدقك ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، أبنا أسود بن عَامر، ثَنَا شُعْبَة بن الْحجَّاج، عَن قَتَادَة، عَن أبي نَضرة، عَن قيس قَالَ: " قلت لعمَّار: أَرَأَيْتُم صنيعكم هَذَا الَّذِي صَنَعْتُم فِي أَمر عَليّ أرأيا رَأَيْتُمُوهُ أم (شَيْء) عَهده إِلَيْكُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: مَا عهد إِلَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا لم يعهده إِلَى النَّاس كَافَّة، وَلَكِن حُذَيْفَة أَخْبرنِي عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فِي أَصْحَابِي اثْنَا عشر منافقا، فيهم ثَمَانِيَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط، ثَمَانِيَة مِنْهُم (تميتهم) الدُّبَيْلَة - وَأَرْبَعَة لم أحفظ مَا قَالَ شُعْبَة فيهم ".
وَفِي حَدِيث آخر: " تكفيكهم الدُّبَيْلَة سراج من النَّار يظْهر فِي أكتافهم حَتَّى ينجم من صُدُورهمْ ".
رَوَاهُ مُسلم: من طَرِيق شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي نَضرة، عَن قيس بن عباد، عَن عمار، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ شُعْبَة: أَحْسبهُ قَالَ: حَدثنِي حُذَيْفَة - يَعْنِي عمارا.
وَمن سُورَة التغابن
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، أبنا إِسْرَائِيل، أبنا سماك بن حَرْب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " وَسَأَلَهُ رجل عَن هَذِه الْآيَة:(4/226)
{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم فاحذروهم} قَالَ: هَؤُلَاءِ رجال أَسْلمُوا من أهل مَكَّة، وَأَرَادُوا أَن يَأْتُوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأبى أَزوَاجهم وَأَوْلَادهمْ أَن يَدعُوهُم أَن يَأْتُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا أَتَوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأَوْا النَّاس قد فقهوا فِي / الدَّين؛ هموا أَن يعاقبوهم فَأنْزل الله - عز وَجل -: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم فاحذروهم} الْآيَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة التَّحْرِيم
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، أبنا ابْن جريج، أَخْبرنِي عَطاء، أَنه سمع عبيد بن عُمَيْر يخبر؛ أَنه سمع عَائِشَة تخبر؛ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يمْكث عِنْد زَيْنَب ابْنة جحش فيشرب عِنْدهَا عسلا قَالَت: فَتَوَاطَأت أَنا وَحَفْصَة أَن أَيَّتنَا مَا دخل عَلَيْهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلْتَقُلْ إِنِّي أجد مِنْك ريح مَغَافِير، أكلت مَغَافِير؟ فَدخل على إِحْدَاهمَا فَقَالَت لَهُ ذَلِك. فَقَالَ: بل شربت عسلا عِنْد زَيْنَب ابْنة جحش، وَلنْ أَعُود لَهُ. فَنزل: {لم تحرم مَا أحل الله لَك} إِلَى {إِن تَتُوبَا إِلَى الله} لعَائِشَة وَحَفْصَة {وَإِذا أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} لقَوْله: بل شربت عسلا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب وَهَارُون بن عبد الله قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحب الْحَلْوَاء وَالْعَسَل،(4/227)
فَكَانَ إِذا صلى الْعَصْر دَار على نِسَائِهِ فيدنو مِنْهُنَّ، فَدخل على حَفْصَة فاحتبس عِنْدهَا أَكثر مَا كَانَ يحتبس، فَسَأَلت عَن ذَلِك فَقيل لي: أَهْدَت لَهَا امْرَأَة من قَومهَا عكة من عسل فسقت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُ شربة. فَقلت: أما وَالله لنحتالن لَهُ، فَذكرت ذَلِك لسودة، وَقلت: إِذا دخل عَلَيْك سيدنو مِنْك، فَقولِي لَهُ: يَا رَسُول الله، أكلت مَغَافِير؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَك: لَا. فَقولِي لَهُ: مَا هَذِه الرّيح؟ _ وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يشْتَد عَلَيْهِ أَن يُوجد مِنْهُ الرّيح - فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَك: سقتني حَفْصَة شربة عسل، فَقولِي لَهُ: جرست نحله العرفط، وسأقول ذَلِك لَهُ، وقوليه أَنْت يَا صَفِيَّة، فَلَمَّا دخل على سَوْدَة قَالَت: تَقول سَوْدَة: وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لقد كدت أَن أبادئه بِالَّذِي قلت لي، وَإنَّهُ لعلى الْبَاب فرقا مِنْك، فَلَمَّا دنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: يَا رَسُول الله، أكلت مَغَافِير؟ قَالَ: لَا. قَالَت: فَمَا هَذِه الرّيح؟ قَالَ: سقتني حَفْصَة شربة عسل. قَالَت: جرست نحله العرفط. فَلَمَّا دخل عَليّ قلت لَهُ مثل ذَلِك، ثمَّ دخل على صَفِيَّة فَقَالَت بِمثل ذَلِك / فَلَمَّا دخل على حَفْصَة قَالَت: يَا رَسُول الله، أَلا أسقيك مِنْهُ؟ قَالَ: لَا حَاجَة لي بِهِ. قَالَت: تَقول سَوْدَة: سُبْحَانَ الله وَالله لقد حرمناه (قَالَ) قلت لَهَا: اسكتي ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أخبرنَا هِشَام بن يُوسُف، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يشرب عسلا عِنْد زَيْنَب بنت جحش وَيمْكث عِنْدهَا، فواطأت أَنا وَحَفْصَة على أَيَّتنَا دخل عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ: أكلت مَغَافِير؟ إِنِّي أجد مِنْك ريح مَغَافِير. قَالَ: لَا وَلَكِنِّي كنت أشْرب عسلا عِنْد زَيْنَب بنت جحش، فَلَنْ أَعُود إِلَيْهِ، وَقد حَلَفت لَا(4/228)
تُخْبِرِي بذلك أحدا. (يَبْتَغِي بذلك مرضات أَزوَاجه) ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عون، أبنا هثيم، عَن حميد، عَن أنس قَالَ: قَالَ عمر: " اجْتمع نسَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْغيرَة عَلَيْهِ، فَقلت لَهُنَّ: عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن. فَنزلت هَذِه الْآيَة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر، أبنا ابْن رَجَاء، عَن إِسْرَائِيل، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس: " {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي سريته ".
إِسْنَاد مُتَّصِل.
وَمن سُورَة ن والقلم
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا اللَّيْث، عَن خَالِد بن يزِيد، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يكْشف رَبنَا عَن سَاقه فَيسْجد لَهُ كل مُؤمن ومؤمنة، وَيبقى كل من كَانَ يسْجد فِي الدُّنْيَا رِيَاء وَسُمْعَة فَيذْهب يسْجد فَيَعُود ظَهره طبقًا وَاحِدًا ".
وَمن سُورَة المعارج
ابْن أصبغ قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة، ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، ثَنَا يزِيد بن(4/229)
خَالِد بن موهب، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دَاوُد، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} فَقلت: مَا أطول هَذَا؟ ! فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه ليخفف عَن الْمُؤمن حَتَّى يكون عَلَيْهِ أخف من الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة يُصليهَا فِي الدِّينَا ".
قَالَ: وَأخْبرنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة، ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، ثَنَا إِسْحَاق / بن يسَار، ثَنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " {كَالْمهْلِ} كَعَكرِ الزَّيْت، فَإِذا قرب إِلَيْهِ سَقَطت فَرْوَة وَجهه فِيهِ ".
وَمن سُورَة نوح عَلَيْهِ السَّلَام
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، نَا هِشَام، عَن ابْن جريج، وَقَالَ عَطاء: عَن ابْن عَبَّاس: " صَارَت الْأَوْثَان الَّتِي كَانَت فِي قوم نوح فِي الْعَرَب بعد، أما ود فَكَانَت لكَلْب بدومة الجندل، وَأما سواع فَكَانَت لهذيل، وَأما يَغُوث فَكَانَت لمراد ثمَّ لبني غطيف بالجرف عِنْد سبأ، وَأما [يعوق] فَكَانَت لهمدان، وَأما نسر فَكَانَت لحمير، لآل ذِي الكلاع، ونسر أَسمَاء رجال صالحين من قوم نوح، فَلَمَّا هَلَكُوا أوحى الشَّيْطَان إِلَى قَومهمْ؛ أَن انصبوا إِلَى مجَالِسهمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أنصابا وسموها بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا فَلم تعبد حَتَّى إِذا هلك أُولَئِكَ وتنسخ الْعلم عبدت ".(4/230)
وَمن سُورَة الْجِنّ
عبد بن حميد: حَدثنَا عُثْمَان بن عمر، أبنا يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن ابْن مَسْعُود؛ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بت اللَّيْلَة أَقرَأ على الْجِنّ بالحجون ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " مَا قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْجِنّ وَلَا رَآهُمْ، انْطلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي طَائِفَة من أَصْحَابه إِلَى سوق عكاظ، وَقد حيل بَين الشَّيَاطِين وَبَين خبر السَّمَاء، وَأرْسلت عَلَيْهِم الشهب، فَرَجَعت الشَّيَاطِين إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا: مَا لكم؟ قَالُوا: حيل بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء، وَأرْسلت [علينا] الشهب. قَالُوا: مَا ذَاك إِلَّا من شَيْء حدث، فاضربوا مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا فانظروا مَا هَذَا الَّذِي حَال بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء. فَانْطَلقُوا يضْربُونَ مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا فَمر النَّفر الَّذين أخذُوا نَحْو تهَامَة وَهُوَ بِنَخْل عَامِدين إِلَى سوق عكاظ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْفجْر، فَلَمَّا سمعُوا الْقُرْآن اسْتَمعُوا لَهُ وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَال بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء. فَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا: يَا قَومنَا، إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا. فَأنْزل الله على نبيه مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} ".
/ ذكر أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ من قَول ابْن عَبَّاس " أَن الشَّيَاطِين رموا بالنجوم، وحيل بَينهم وَبَين خبر السَّمَاء، ذكرُوا ذَلِك لإبليس فَقَالَ لَهُم: مَا هَذَا إِلَّا أَمر قد حدث فِي الأَرْض. فَبعث جُنُوده فوجدوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِما يُصَلِّي بَين جبلين(4/231)
فَأتوهُ فأخبروه، فَقَالَ: هَذَا الَّذِي حدث فِي الأَرْض ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن يحيى، عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذَا الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن دَاوُد، عَن عَامر قَالَ: " سَأَلت عَلْقَمَة: هَل كَانَ ابْن مَسْعُود شهد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة الْجِنّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَة: أَنا سَأَلت ابْن مَسْعُود هَل شهد أحد مِنْكُم مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة الْجِنّ؟ قَالَ: لَا. وَلَكِن كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة ففقدناه فالتمسناه فِي الأودية والشعاب فَقُلْنَا: استطير أَو اغتيل. قَالَ: فبتنا بشر لَيْلَة بَات بهَا قوم، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذا هُوَ جَاءَ من قبل حراء. قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، فقدناك فالتمسناك فَلم نجدك فبتنا بشر لَيْلَة بَات بهَا قوم. فَقَالَ: أَتَانِي دَاعِي الْجِنّ، فَذَهَبت مَعَه فَقَرَأت عَلَيْهِم الْقُرْآن. قَالَ: فَانْطَلق بِنَا وأرانا آثَارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزَّاد فَقَالَ: لكم كل عظم ذكر اسْم الله عَلَيْهِ يَقع فِي أَيْدِيكُم أوفر مَا يكون لَحْمًا، وكل بَعرَة علفا لدوابكم. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَلَا تستنجوا بهَا فَإِنَّهَا طَعَام إخْوَانكُمْ ".
وحَدثني بِهِ عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن دَاوُد بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى قَوْله: " آثَار نيرانهم ".
قَالَ الشّعبِيّ: " وسألوه الزَّاد وَكَانُوا من جن الجزيرة ... " إِلَى آخر الحَدِيث من قَول الشّعبِيّ مفصلا من حَدِيث عبد الله.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، حَدثنِي أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قَول الْجِنّ لقومهم: {لما(4/232)
قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا} قَالَ: لما رَأَوْهُ يُصَلِّي وَأَصْحَابه يصلونَ بِصَلَاتِهِ فيسجدون بسجوده. قَالَ: فعجبوا من طواعية أَصْحَابه لَهُ قَالُوا / لقومهم: {لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا} ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَمن سُورَة المدثر
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، حَدثنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب.
وحَدثني عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن جَابر بن عبد الله: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يحدث عَن فَتْرَة الْوَحْي فَقَالَ فِي حَدِيثه: فَبينا أَنا أَمْشِي إِذْ سَمِعت صَوتا من السَّمَاء فَرفعت رَأْسِي، فَإِذا الْملك الَّذِي جَاءَنِي بحراء جَالس على كرْسِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، [فجثئت] مِنْهُ رعْبًا فَرَجَعت فَقلت: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي فَأنْزل الله - عز وَجل -: {يَا أَيهَا المدثر. قُم فَأَنْذر} إِلَى {وَالرجز فاهجر} قبل أَن تفرض الصَّلَاة - وَهِي الْأَوْثَان ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْعَبَّاس بن جَعْفَر، ثَنَا منْجَاب بن الْحَارِث، ثَنَا شريك، عَن(4/233)
عمار [الدهني] ، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " {سَأُرْهِقُهُ صعُودًا} قَالَ: جبل من نَار يُقَال لَهُ صعُودًا، إِذا وضع يَده عَلَيْهَا ذَابَتْ، فَإِذا رَفعهَا عَادَتْ ".
رَوَاهُ سُفْيَان عَن عمار، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد وَلم يرفعهُ.
قَالَ: لَا نعلم رَفعه عَن عمار إِلَّا شريك.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو غَسَّان مَالك بن يحيى الْهَمدَانِي وَمُحَمّد بن بَحر بن مطر الْبَغْدَادِيّ قَالَا: ثَنَا [عبد] الْوَهَّاب بن عَطاء، أخبرنَا [سعيد بن أبي عرُوبَة] ، عَن قَتَادَة، عَن صَفْوَان بن مُحرز؛ أَن حَكِيم بن حرَام قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ أَصْحَابه إِذْ قَالَ لَهُم: هَل تَسْمَعُونَ مَا أسمع؟ قَالُوا: مَا نسْمع من شَيْء يَا رَسُول الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي لأسْمع أطيط السَّمَاء وَمَا تلام أَن تئط. قَالَ: وَمَا فِيهَا مَوضِع قدم إِلَّا وَعَلِيهِ ملك إِمَّا ساجد وَإِمَّا قَائِم ".
وَمن سُورَة الْقِيَامَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا [عبيد الله] بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن مُوسَى بن(4/234)
أبي عَائِشَة " أَنه سَأَلَ سعيد بن جُبَير عَن قَوْله: {لَا تحرّك بِهِ لسَانك} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ يُحَرك بِهِ شَفَتَيْه إِذا نزل عَلَيْهِ، فَقيل لَهُ: {لَا تحرّك بِهِ لسَانك} يخْشَى أَن ينفلت / مِنْهُ {إِن علينا جمعه} أَن نجمعه فِي صدرك {وقرآنه} أَن تَقْرَأهُ {فَإِذا قرأناه} يَقُول: أنزل عَلَيْهِ {فَاتبع قرآنه. ثمَّ إِن علينا بَيَانه} أَن نبينه على لسَانك ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور النَّسَائِيّ وَأحمد بن عُثْمَان بن حَكِيم [الأودي] قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت الْكُوفِي، ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة يحيى بن الْمُهلب الْكُوفِي، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: " مر يَهُودِيّ برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يحدث أَصْحَابه قَالَ: قَالَت قُرَيْش: يَا يَهُودِيّ، إِن هَذَا يزْعم أَنه نَبِي. قَالَ: لأسألنه عَن شَيْء لَا يعمله إِلَّا نَبِي. فجَاء حَتَّى جلس فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، مِم يخلق الْإِنْسَان؟ قَالَ: يَا يَهُودِيّ، من كل يخلق؛ من نُطْفَة الرجل، وَمن نُطْفَة الْمَرْأَة، فَأَما نُطْفَة الرجل فنطفة غَلِيظَة فَمِنْهَا الْعظم والصلب، وَأما نُطْفَة الْمَرْأَة فنطفة رقيقَة فَمِنْهَا اللَّحْم وَالدَّم ". اللَّفْظ لِأَحْمَد.
الْبَزَّار: حَدثنَا السكن بن سعيد، أبنا أَبُو عَامر عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن مُسلم، [عَن] مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَتَى(4/235)