أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن جَابر بن صبح قَالَ: سَمِعت خلاسا الهجري قَالَ: سَمِعت عَائِشَة تَقول: " كنت انا وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نبيت فِي الشعار الْوَاحِد وَأَنا حَائِض طامث، فَإِن أَصَابَهُ مني شَيْء غسل مَكَانَهُ لم يعده صلى فِيهِ، وَإِن أصَاب - تَعْنِي: ثَوْبه - مِنْهُ شَيْء غسل مَكَانَهُ وَلم يعده صلى فِيهِ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عِيسَى بن حَمَّاد الْمصْرِيّ، أَنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن سُوَيْد بن قيس، عَن مُعَاوِيَة بن حديج، عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان " أَنه سَأَلَ أُخْته أم حَبِيبَة - زوج النَّبِي -: هَل كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي الثَّوْب الَّذِي يُجَامِعهَا فِيهِ؟ فَقَالَت: نعم، إِذا لم ير فِيهِ أَذَى ".
/ بَاب من صلى فِي ثوب وبع ضه على حَائِض
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَ زُهَيْر: ثَنَا وَكِيع، ثَنَا طَلْحَة بن يحيى، عَن عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ قَالَ: [سمعته عَن] عَائِشَة قَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي من اللَّيْل وَأَنا إِلَى جنبه وَأَنا حَائِض، وَعلي مرط وَعَلِيهِ بعضه إِلَى جنبه ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا خَالِد بن عبد اللَّهِ.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عباد بن الْعَوام، جَمِيعًا عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن عبد اللَّهِ بن شَدَّاد بن الْهَاد قَالَ: حَدَّثتنِي مَيْمُونَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي وَأَنا حذاءه، وَرُبمَا أصابني ثَوْبه إِذا سجد ".(2/108)
بَاب كَرَاهِيَة الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْمعلم
مُسلم: حَدثنَا حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة قَالَت: " قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي خميصة ذَات أَعْلَام، فَنظر إِلَى علمهَا، فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ: اذْهَبُوا بِهَذِهِ الخميصة إِلَى أبي جهم بن حُذَيْفَة وائتوني بأنبجانية؛ فَإِنَّهَا ألهتني آنِفا عَن صَلَاتي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، ثَنَا ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِي خميصة لَهَا أَعْلَام فَنظر إِلَى أعلامها نظرة، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: اذْهَبُوا بخميصتي هَذِه إِلَى أبي جهم، وائتوني بأنبجانية أبي جهم؛ فَإِنَّهَا ألهتني آنِفا عَن صَلَاتي ".
وَقَالَ هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كنت أنظر إِلَى علمهَا وَأَنا فِي الصَّلَاة، فَأَخَاف أَن (يفتنني) ".
بَاب الصَّلَاة فِي النِّعَال
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، أَنا بشر بن الْمفضل، عَن أبي مسلمة سعيد بن يزِيد، قلت لأنس بن مَالك: " أَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: نعم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن نجدة، ثَنَا بَقِيَّة وَشُعَيْب بن إِسْحَاق، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي مُحَمَّد بن الْوَلِيد، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه،(2/109)
عَن أبي هُرَيْرَة؛ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم فَخلع نَعْلَيْه فَلَا يؤذ بهما أحدا، وليجعلهما بَين رجلَيْهِ أَو ليُصَلِّي فيهمَا ".
أَبُو دَاوُد: / حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن أبي نعَامَة السَّعْدِيّ، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خلع نَعْلَيْه فوضعهما عَن يسَاره، فَلَمَّا رأى ذَلِك الْقَوْم ألقوا نعَالهمْ، فَلَمَّا قضى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته قَالَ: مَا حملكم على إلقائكم نعالكم؟ قَالُوا: رَأَيْنَاك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - أَتَانِي فَأَخْبرنِي أَن فيهمَا قذرا، وَقَالَ: إِذا جَاءَ أحدكُم الْمَسْجِد فَلْينْظر، فَإِن كَانَ فِي نَعْلَيْه قذر أَو أَذَى فليمسحه وَليصل فيهمَا ".
بَاب الصَّلَاة فِي الْخفاف
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم، عَن مَسْرُوق، عَن مُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: " كنت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر قَالَ: يَا مُغيرَة، خُذ الْإِدَاوَة. فأخذتها فَانْطَلق رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى توارى عني، فَقضى حَاجته وَعَلِيهِ جُبَّة شامية، فَذهب ليخرج يَده من كمها فضاقت، فَأخْرج يَده من أَسْفَلهَا، فَصَبَبْت عَلَيْهِ فَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة وَمسح على خفيه، ثمَّ صلى ".
بَاب فِي كم تصلي الْمَرْأَة من الثِّيَاب
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن الْمثنى، ثَنَا الْحجَّاج بن الْمنْهَال، ثَنَا حَمَّاد، عَن قَتَادَة، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن صَفِيَّة بنت الْحَارِث، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا تقبل صَلَاة حَائِض إِلَّا بخمار ".(2/110)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد بن حِسَاب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين " أَن عَائِشَة نزلت على صَفِيَّة أم طَلْحَة الطلحات فرأت بَنَات لَهَا فَقَالَت: إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل وَفِي حُجْرَتي جَارِيَة فألقي لي حقوه فَقَالَ: شقيه شقتين (فأعطه) هَذِه نصفا، والفتاة الَّتِي عِنْد أم سَلمَة نصفا؛ فَإِنِّي لَا أَرَاهَا إِلَّا قد حَاضَت - أَو إِنِّي لَا أراهما إِلَّا قد حاضتا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عُرْوَة أَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الْفجْر فَيشْهد مَعَه نسَاء من الْمُؤْمِنَات متلفعات فِي مُرُوطهنَّ، ثمَّ يرجعن إِلَى بُيُوتهنَّ مَا يعرفهن أحد ".
بَاب مَا جَاءَ فِي المسبل إزَاره خُيَلَاء فِي الصَّلَاة
أَبُو دَاوُد: / حَدثنَا زيد بن أخزم، ثَنَا أَبُو دَاوُد، عَن أبي عوَانَة، عَن عَاصِم، عَن أبي عُثْمَان، عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أسبل إزارة فِي صلَاته خُيَلَاء، فَلَيْسَ من اللَّهِ - عز وَجل - فِي حل ولاحرام ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: روى هَذَا جمَاعَة عَن عَاصِم مَوْقُوفا على ابْن مَسْعُود مِنْهُم: حَمَّاد بن سَلمَة، وَحَمَّاد بن زيد، وَأَبُو الْأَحْوَص، وَأَبُو مُعَاوِيَة.
روى أَبُو دَاوُد: عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى، عَن ابْن الْمُبَارك، عَن الْحسن بن ذكْوَان، عَن سُلَيْمَان الْأَحول، عَن عَطاء - قَالَ إِبْرَاهِيم: - عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن السدل فِي الصَّلَاة، وَأَن يُغطي الرجل فاة ".
وَالْحسن بن ذكْوَان ضعفه يحيى بن معِين وَأَبُو حَاتِم.(2/111)
وروى التِّرْمِذِيّ حَدِيث النَّهْي عَن السدل فِي الصَّلَاة من طَرِيق عسل بن سُفْيَان، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعسل ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين وَأَبُو حَاتِم.
أَبُو دَاوُد ": حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ الْأَسدي، ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن الرّبيع بن أنس، عَن جدية قَالَا: سمعنَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقبل اللَّهِ صَلَاة رجل فِي جسده شَيْء من خلوق ".
وَقد تقدم فِي بَاب كَرَاهِيَة تَأْخِير الْجنب الْغسْل قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " ثَلَاثَة لَا تقربهم الْمَلَائِكَة: الْجنب، والسكران، والمتضمخ بالخلوق ".
بَاب الصَّلَاة على الْحَصِير
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن إِسْحَاق بن عبد اللَّهِ بن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك " أَن جدته مليكَة دعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لطعام صَنعته، فَأكل مِنْهُ، ثمَّ قَالَ: قومُوا فأصلي لكم. فَقُمْت إِلَى حَصِير لنا قد اسود من طول مَا لبس فنضحته بِمَاء، فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وصففت أَنا واليتيم وَرَاءه، والعجوز من وَرَائِنَا، فصلى لنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ انْصَرف ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ، عَن عبد اللَّهِ(2/112)
ابْن شَدَّاد، عَن مَيْمُونَة قَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على الْخمْرَة ".
وروى أَبُو دَاوُد: من طَرِيق يُونُس بن الْحَارِث " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي على الْحَصِير والفروة المدبوغة ".
وَيُونُس بن الْحَارِث ضعفه أَبُو حَاتِم وَيحيى بن معِين، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: يُونُس بن الْحَارِث أَحَادِيثه [مضطربة] وَقَالَ النَّسَائِيّ: يُونُس: بن الْحَارِث لَيْسَ بِقَوي.
بَاب الصَّلَاة على الْفراش
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ، ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد، عَن عرَاك، عَن عُرْوَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَة مُعْتَرضَة / بَينه وَبَين الْقبْلَة على الْفراش الَّذِي ينامان عَلَيْهِ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن أبي النَّضر، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة قَالَت: " كنت أَنَام بَين يَدي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورجلاي فِي قبلته، فَإِذا سجد [غمزني فقبضت رجْلي] ، وَإِذا قَامَ بسطتهما. قَالَت: والبيوت يَوْمئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مصابيح ".
بَاب الصَّلَاة فِي الْمِنْبَر والخشب والسطوح
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد اللَّهِ، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا أَبُو حَازِم: " سَأَلُوا(2/113)
سهل بن سعد: من أَي شَيْء الْمِنْبَر؟ فَقَالَ: مَا بَقِي (بِالنَّاسِ) أعلم مني، هُوَ من أثل الغابة، عمله فلَان مولى فُلَانَة لرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَامَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين عمل وَوضع، فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَكبر، وَقَامَ النَّاس خَلفه، فَقَرَأَ وَركع وَركع النَّاس خَلفه، ثمَّ رفع رَأسه، ثمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرِي فَسجدَ على الأَرْض، ثمَّ عَاد إِلَى الْمِنْبَر، ثمَّ قَرَأَ، ثمَّ ركع، ثمَّ رفع رَأسه، ثمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرِي حَتَّى سجد بِالْأَرْضِ، فَهَذَا شَأْنه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا حميد الطَّوِيل، عَن أنس بن مَالك " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سقط عَن (فرس) فجحشت سَاقه أَو كتفه، وآلى من نِسَائِهِ شهرا، فَجَلَسَ فِي مشربَة لَهُ درجتها من جُذُوع، فَأَتَاهُ أَصْحَابه يعودونه فصلى بهم جَالِسا وهم قيام، فَلَمَّا سلم قَالَ: إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا كبر فكبروا، إِذا ركع فاركعوا، وَإِذا سجد فاسجدوا، وَإِن صلى قَائِما فصلوا قيَاما وَنزل لتسْع وعشْرين قَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّك آلَيْت شهرا فَقَالَ: إِن الشَّهْر تسع [وعشرةن] ".
بَاب النَّهْي عَن الصَّلَاة على الْحَرِير
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ، ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي، سَمِعت ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، عَن ابْن أبي ليلى، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " نهى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، (أَو) أَن نَأْكُل فِي صحافها، وَعَن لبس الْحَرِير والديباج، وَأَن نجلس عَلَيْهِ ".(2/114)
الصَّلَاة على جُلُود الْميتَة إِذا دبغت
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان، ثَنَا عبد اللَّهِ - يَعْنِي ابْن مُوسَى - عَن سُفْيَان، عَن زيد [بن] أسلم، عَن عبد الرَّحْمَن بن وَعلة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وثنا مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي، ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن الثَّوْريّ، عَن زيد بن أسلم، عَن ابْن وَعلة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " كل إهَاب دبغ فقد طهر ".
وَفِي الْبَاب عَن عمر وَعَائِشَة، وَقد تقدم فِي كتاب الطَّهَارَة.
بَاب تَطْهِير مَا يصلى عَلَيْهِ
مُسلم: / حَدثنَا شَيبَان بن فروخ وَأَبُو الرّبيع، كِلَاهُمَا عَن عبد الْوَارِث، [قَالَ شَيبَان: حَدثنَا عبد الْوَارِث] ، عَن أبي التياح، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحسن النَّاس خلقا، وَرُبمَا تحضره الصَّلَاة وَهُوَ بيتنا، قَالَ: فيأمر بالبساط الَّذِي تَحْتَهُ فيكنس، ثمَّ ينضح، ثمَّ يقوم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ونقوم خَلفه وَيُصلي بِنَا، قَالَ: وَكَانَ بساطهم من جريد النّخل ".(2/115)
أَبْوَاب الْإِمَامَة
بَاب إِمَامَة جِبْرِيل بِالنَّبِيِّ صلى اللَّهِ عَلَيْهِمَا
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة قَالَ: أَخْبرنِي بشير بن أبي مَسْعُود، عَن أَبِيه، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " نزل جِبْرِيل فأمني حَتَّى عد خمس صلوَات ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يُوسُف بن وَاضح، ثَنَا قدامَة - يَعْنِي ابْن شهَاب - عَن برد، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن جَابر بن عبد اللَّهِ " أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليعلمه مَوَاقِيت الصَّلَاة، فَتقدم جِبْرِيل وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَلفه، وَالنَّاس خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فصلى الظّهْر حِين زَالَت الشَّمْس، وَأَتَاهُ حِين كَانَ الظل مثل شخصه، فَصنعَ كَمَا صنع، فَتقدم جِبْرِيل وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَلفه وَالنَّاس خلف رَسُول اللَّهِ - يَعْنِي: فصلى صَلَاة الْعَصْر - ثمَّ أَتَاهُ حِين وَجَبت الشَّمْس، فَتقدم جِبْرِيل وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَلفه وَالنَّاس خلف رَسُول اللَّهِ، فصلى الْمغرب، ثمَّ أَتَاهُ حِين غَابَ الشَّفق، فَتقدم جِبْرِيل وَرَسُول اللَّهِ خَلفه وَالنَّاس خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي: فصلى صَلَاة الْعشَاء - ثمَّ أَتَاهُ حِين انْشَقَّ الْفجْر، فَتقدم جِبْرِيل وَرَسُول اللَّهِ خَلفه وَالنَّاس خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى الْغَدَاة، ثمَّ أَتَاهُ الْيَوْم الثَّانِي حِين كَانَ ظلّ الرجل مثل شخصه فصلى مثل مَا صنع بالْأَمْس، صلى الظّهْر، ثمَّ أَتَاهُ حِين كَانَ ظلّ الرجل مثل شخصيه فَصنعَ كَمَا صنع بالْأَمْس، فصلى الْعَصْر، ثمَّ أَتَاهُ حِين وَجَبت الشَّمْس فَصنعَ كَمَا صنع بالْأَمْس، فصلى الْمغرب، فنمنا ثمَّ قمنا، ثمَّ نمنا ثمَّ قمنا فَأَتَاهُ، فَصنعَ كَمَا صنع بالْأَمْس، فصلى الْعشَاء، ثمَّ قَالَ: مَا بَين هَاتين الصَّلَاتَيْنِ وَقت ".
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار، عَن يُوسُف بن وَاضح بِهَذَا الْإِسْنَاد.(2/116)
وَرَوَاهُ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الصَّواف، عَن عَمْرو بن بشر، عَن برد، عَن عَطاء، عَن جَابر.
وَعَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، عَن أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن أبي بكر بن أبي أويس، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن صَالح بن كيسَان، عَن عَمْرو بن دِينَار وَعَطَاء، عَن جَابر، وَلَفظ حَدِيثه لبرد / عَن عَطاء، وَقَالَ: " ثمَّ نمنا وقمنا إِلَى نَحْو ثلث اللَّيْل ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن ابْن فلَان بن أبي ربيعَة، عَن حَكِيم بن حَكِيم، عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ: " أمني جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - عِنْد الْبَيْت مرَّتَيْنِ، فصلى بِي الظّهْر حِين زَالَت الشَّمْس وَكَانَت قدر الشرَاك، فصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظله مثله، وَصلى بِي الْمغرب حِين أفطر الصَّائِم، وَصلى بِي الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق، وَصلى بِي الْفجْر حِين حرم الطَّعَام وَالشرَاب على الصَّائِم، فَلَمَّا كَانَ الْغَد صلى بِي الظّهْر حِين كَانَ ظله مثله، وَصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظله مثلَيْهِ،، وَصلى بِي الْمغرب حِين أفطر الصَّائِم، وَصلى بِي الْعشَاء إِلَى ثلث اللَّيْل، وَصلى بِي الْفجْر فأسفر، ثمَّ الْتفت إِلَيّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، هَذَا وَقت الْأَنْبِيَاء من قبلك، الْوَقْت مَا بَين هذَيْن الْوَقْتَيْنِ ".
عبد الرَّحْمَن بن فلَان هُوَ: عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن عبد اللَّهِ بن عَيَّاش بن أبي ربيعَة، أَبُو الْحَارِث المَخْزُومِي الْمدنِي صَالح الحَدِيث، روى عَنهُ: الثَّوْريّ، وَعبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون، وحاتم بن إِسْمَاعِيل، وَجَمَاعَة غَيرهم، هَكَذَا ذكره ابْن أبي شيبَة وَغَيره.
بَاب وجوب الْإِمَامَة
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي نَضرة، عَن(2/117)
أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانُوا ثَلَاثَة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بِالْإِمَامَةِ أقرؤهم ".
أَبُو عوَانَة اسْمه: الوضاح، مولى يزِيد بن عَطاء.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث قَالَ: " قدمت على رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنا وَابْن عَم لي فَقَالَ لنا: إِذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم اخْتَارُوا الْأَذَان فِي السّفر. وَقَالَ بَعضهم: تُجزئ الْإِقَامَة، إِنَّمَا الْأَذَان على من يُرِيد أَن يجمع النَّاس. وَالْقَوْل الأول أصح، وَبِه يَقُول أَحْمد وَإِسْحَاق.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن أم قوما وهم لَهُ كَارِهُون
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا [عَليّ بن الْحسن] ، ثَنَا الْحُسَيْن بن وَاقد، ثَنَا أَبُو غَالب - هُوَ حزور - قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة يَقُول: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثَة لَا تجَاوز / صلَاتهم آذانهم: العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع، وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَلَيْهَا ساخط، وَإِمَام قوم وهم لَهُ كَارِهُون ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(2/118)
بَاب الإِمَام ضَامِن
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مخلد، ثَنَا أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، ثَنَا الْحميدِي، ثَنَا مُوسَى بن شيبَة، عَن مُحَمَّد - وَهُوَ ابْن كُلَيْب بن جَابر بن عبد اللَّهِ - عَن جَابر ابْن عبد اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الإِمَام ضَامِن. فَمَا صنع فَاصْنَعُوا ".
قَالَ أَبُو حَاتِم: هَذَا تَصْحِيح لمن قَالَ بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام.
بَاب يؤم الْقَوْم أقرؤهم
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار، قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء، سَمِعت [أَوْس] بن ضمعج يَقُول: سَمِعت أَبَا مَسْعُود يَقُول: قَالَ لنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب اللَّهِ وأقدمهم قِرَاءَة، فَإِن كَانَت قراءتهم سَوَاء فليؤمهم أقدمهم هِجْرَة، فَإِن كَانُوا فِي الْهِجْرَة سَوَاء فليؤمهم أكبرهم سنا، وَلَا تؤمن الرجل فِي أَهله وَلَا فِي سُلْطَانه، وَلَا تجْلِس على تكرمته فِي بَيته إِلَّا أَن يَأْذَن لَك - أَو بِإِذْنِهِ ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد ابْن زيد، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن عَمْرو بن سَلمَة - قَالَ لي أَبُو قلَابَة: هُوَ حَيّ أَفلا تَلقاهُ؟ قَالَ أَيُّوب: فَلَقِيته، فَسَأَلته - قَالَ: " لما كَانَت وقْعَة الْفَتْح بَادر كل قوم بِإِسْلَامِهِمْ، فَذهب أبي بِإِسْلَام أهل حوانا، فَلَمَّا قدم استقبلناه فَقَالَ: جِئتُكُمْ - وَالله - من عِنْد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَقًا. فَقَالَ: صلوا صَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا،(2/119)
وصلوا صَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا، فَإِذا حضرت الصَّلَاة فليؤذن لكم أحدكُم، وليؤمكم أَكْثَرَكُم قرانا ".
بَاب إِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو سعيد الْأَشَج، كِلَاهُمَا عَن أبي خَالِد - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر - عَن الْأَعْمَش، عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء، عَن أَوْس بن ضمعج، عَن أبي مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب اللَّهِ، فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأعلمهم بِالسنةِ، فَإِن كَانُوا فِي السّنة سَوَاء فأقدمهم هِجْرَة، فَإِن كَانُوا فِي الْهِجْرَة سَوَاء فأقدمهم سلما، وَلَا تؤمن الرجل فِي سُلْطَانه، وَلَا تقعد فِي / بَيته على تكرمته إِلَّا بِإِذْنِهِ ".
قَالَ الْأَشَج فِي رِوَايَته مَكَان " سلما ": " سنا ".
بَاب إِمَامَة أهل الْعلم وَالْفضل
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد اللَّهِ بن يُونُس، ثَنَا زَائِدَة، ثَنَا مُوسَى بن أبي عَائِشَة، عَن عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ قَالَ: " دخلت على عَائِشَة فَقلت لَهَا: أَلا تحدثيني عَن مرض رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَت: بلَى، ثقل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أصلى النَّاس؟ قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب. فَفَعَلْنَا، فاغتسل ثمَّ ذهب لينوء فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ: أصلى النَّاس؟ قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب. فَفَعَلْنَا، فاغتسل ثمَّ ذهب لينوء فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ: أصلى النَّاس؟ قُلْنَا: لَا، وهم ينتظرونك يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب. فَفَعَلْنَا، فاغتسل ثمَّ(2/120)
ذهب لينوء فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ: أصلى النَّاس؟ فَقُلْنَا: لَا، وهم ينتظرونك يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَت: وَالنَّاس عكوف فِي الْمَسْجِد ينتظرون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لصَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة، قَالَت: فَأرْسل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أبي بكر أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُول فَقَالَ: إِن رَسُول اللَّه يامرك أَن تصلي بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بكر - وَكَانَ رجلا رَقِيقا -: يَا عمر، صل بِالنَّاسِ. فَقَالَ عمر: أَنْت أَحَق بذلك. قَالَت: فصلى بهم أَبُو بكر تِلْكَ الْأَيَّام، ثمَّ إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وجد من نَفسه خفَّة فَخرج بَين رجلَيْنِ - أَحدهمَا الْعَبَّاس - لصَلَاة الظّهْر وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر ذهب ليتأخر، فَأَوْمأ إِلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلا يتَأَخَّر، وَقَالَ لَهما: أجلساني إِلَى جنبه. فأجلساه إِلَى جنب أبي بكر، وَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي وَهُوَ قَائِم بِصَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر، وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعد. قَالَ عبيد اللَّهِ: فَدخلت على عبد اللَّهِ بن عَبَّاس فَقلت لَهُ: أَلا أعرض عَلَيْك مَا حَدَّثتنِي عَائِشَة عَن مرض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فعرضت حَدِيثهَا عَلَيْهِ، فَمَا أنكر مِنْهُ شَيْئا غير أَنه قَالَ: أسمت لَك الرجل الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاس؟ قلت: لَا قَالَ: هُوَ عَليّ بن أبي طَالب ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، قَالَ عبد: أَخْبرنِي، وَقَالَ / الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - قَالَ: ثَنَا أبي، عَن صَالح /، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أنس بن مَالك " أَن أَبَا بكر كَانَ يُصَلِّي لَهُم فِي وجع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي توفّي فِيهِ، حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ وهم صُفُوف فِي الصَّلَاة فكشف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ستر الْحُجْرَة، فَنظر إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِم كَأَن وَجهه ورقة مصحف، ثمَّ تَبَسم رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ ضَاحِكا. قَالَ: فبهتنا وَنحن فِي الصَّلَاة من فَرح بِخُرُوج رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ونكص أَبُو بكر على عَقِبَيْهِ ليصل الصَّفّ، وَظن أَن رسولالله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَارج للصَّلَاة، فَأَشَارَ إِلَيْهِم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ أَن أَتموا صَلَاتكُمْ، قَالَ: ثمَّ دخل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأرْخى السّتْر. قَالَ: فَتوفي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من يَوْمه ذَلِك ".(2/121)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَهَارُون بن عبد اللَّهِ قَالَا: ثَنَا عبد الصَّمد هُوَ ابْن عبد الْوَارِث - قَالَ: سَمِعت أبي يحدث قَالَ: ثَنَا عبد الْعَزِيز، عَن أنس قَالَ: " لم يخرج إِلَيْنَا نَبِي اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثًا، فأقيمت الصَّلَاة فَذهب أَبُو بكر يتَقَدَّم، فَقَالَ نَبِي اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالحجاب فرفعه، فَلَمَّا وضح لنا وَجه نَبِي اللَّهِ، مَا نَظرنَا منْظرًا قطّ كَانَ أعجب إِلَيْنَا من وَجه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين وضح لنا. قَالَ: فَأَوْمأ نَبِي اللَّهِ بِيَدِهِ إِلَى أبي بكر أَن يتَقَدَّم، وأرخى نَبِي اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحجاب فَلم نقدر عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ ".
فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث عَن أنس " آخر نظرة نظرتها إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كشف الستارة يَوْم الِاثْنَيْنِ " يَعْنِي: فِي هَذِه الْقِصَّة.
بَاب إِمَامَة الْمَفْضُول
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل، ثَنَا حميد، عَن أنس قَالَ: " آخر صَلَاة صلاهَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ الْقَوْم صلى فِي ثوب وَاحِد متوحشا خلف أبي بكر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنِي بكر بن عِيسَى، سَمِعت شُعْبَة يذكر، عَن نعيم بن أبي هِنْد، عَن أبي وَائِل، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة " أَن أَبَا بكر صلى بِالنَّاسِ وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّفّ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا شَبابَة، عَن شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَت: " صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / خلف أبي بكر فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَاعِدا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.(2/122)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن أبي زِيَاد، ثَنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا مُحَمَّد ابْن طَلْحَة، عَن حميد، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " صلى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ فِي مَرضه خلف أبي بكر قَاعِدا فِي ثَوْبه متوحشا بِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا [مُحَمَّد] بن رَافع وَحسن بن عَليّ الْحلْوانِي، جَمِيعًا عَن عبد الرَّزَّاق - قَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق - أَنا ابْن جريج، ثَنَا ابْن شهَاب عَن عباد بن زِيَاد، أَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أخبرهُ، أَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أخبرهُ " أَنه غزا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَبُوك، قَالَ الْمُغيرَة: تبرز رَسُول اللَّه [ِ
] قبل الْغَائِط فَحملت مَعَه إداوة قبل صَلَاة الْفجْر، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أخذت أهريق على يَدَيْهِ من الْإِدَاوَة، وَغسل يَدَيْهِ ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ غسل وَجهه، ثمَّ ذهب يخرج جبته عَن ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كَمَا جبته، فَأدْخل يَدَيْهِ فِي الْجُبَّة حَتَّى أخرج ذِرَاعَيْهِ من أَسْفَل الجبه، وَغسل ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمرْفقين، ثمَّ تَوَضَّأ على خفيه ثمَّ أقبل. قَالَ الْمُغيرَة: فَأَقْبَلت مَعَه حَتَّى نجد النَّاس قد قَامُوا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فصلى لَهُم، فَأدْرك رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ فصلى مَعَ النَّاس الرَّكْعَة الْآخِرَة، فَلَمَّا سلم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتم صلَاته، فأفزع ذَلِك الْمُسلمين فَأَكْثرُوا التَّسْبِيح، فَلَمَّا قضى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته، أقبل عَلَيْهِم، ثمَّ قَالَ: أَحْسَنْتُم - أَو قَالَ: أصبْتُم - يَغْبِطهُمْ أَن صلوا لوَقْتهَا ".
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى ابْن شهَاب، عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، عَن حَمْزَة بن(2/123)
الْمُغيرَة نَحْو حَدِيث عباد، قَالَ الْمُغيرَة /: " فَأَرَدْت تَأْخِير عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعه ".
بَاب مَا جَاءَ فِي إِمَامَة الْأَعْمَى
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْعَنْبَري أَبُو عبد اللَّهِ، ثَنَا ابْن مهْدي، ثَنَا عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن أنس: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتخْلف ابْن أم مَكْتُوم يؤم النَّاس وَهُوَ أعمى ".
عمرَان هُوَ ابْن دَاور، كَانَ يحيى بن سعيد يحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ، وَضَعفه النَّسَائِيّ، / وَقَالَ يحيى بن معِين: عمرَان الْقطَّان لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَسُئِلَ عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل فَقَالَ: أَرْجُو أَن يكون صَالح الحَدِيث.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي هَارُون بن عبد اللَّهِ، ثَنَا معن، ثَنَا مَالك.
والْحَارث بن مِسْكين قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع - وَاللَّفْظ لَهُ - عَن ابْن الْقَاسِم قَالَ: حَدثنِي مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن مَحْمُود بن الرّبيع " أَن عتْبَان بن مَالك كَانَ يؤم قومه وَهُوَ أعمى، وَأَنه قَالَ لرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّهَا تكون الظلمَة والمطر والسيل، وَأَنا رجل ضَرِير الْبَصَر، فصل يَا رَسُول اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانا أتخذه مصلى. فجَاء رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَيْن تحب أَن أُصَلِّي؟ فَأَشَارَ إِلَى مَكَان من الْبَيْت، فصلى فِيهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".(2/124)
بَاب مَا جَاءَ فِي إِمَامَة العَبْد وَالْمولى لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام يؤم الْقَوْم أقرؤهم
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، ثَنَا أنس بن عِيَاض، عَن عبيد اللَّهِ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " لما قدم الْمُهَاجِرُونَ الْأَولونَ الْعصبَة - مَوضِع بقباء - قبل مقدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَانَ يؤمهم سَالم مولى أبي حُذَيْفَة، وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا ". وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من كِتَابه: " فيهم أَبُو بكر، وَعمر بن الْخطاب، وَأَبُو سَلمَة - هُوَ ابْن عبد الْأسد - وَزيد، وعامر [بن] ربيعَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن شُعْبَة، عَن أبي التياح، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اسمعوا وَأَطيعُوا، وَإِن اسْتعْمل عَلَيْكُم عبد حبشِي كَأَن رَأسه زبيبة ".
بَاب مَا جَاءَ فِي إِمَامَة الصَّبِي
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن عَمْرو بن سَلمَة - قَالَ لي أَبُو قلَابَة: أَلا تَلقاهُ فتسأله. قَالَ: فَلَقِيته فَسَأَلته - فَقَالَ: " كُنَّا بِمَا ممر النَّاس، وَكَانَ يمر بِنَا الركْبَان فنسألهم: مَا للنَّاس، مَا للنَّاس، مَا هَذَا الرجل؟ فَيَقُولُونَ: يزْعم أَن اللَّهِ أرْسلهُ أوحى إِلَيْهِ أوحى إِلَيْهِ كَذَا، فَكنت أحفظ ذَاك الْكَلَام، فَكَأَنَّمَا يقر فِي صَدْرِي، وَكَانَت الْعَرَب تلوم بِإِسْلَامِهِمْ فيقولن: اتركوه وَقَومه، فَإِنَّهُ إِن ظهر عَلَيْهِم فَهُوَ نَبِي صَادِق. فَلَمَّا كَانَت وقْعَة أهل الْفَتْح، بَادر كل قوم بِإِسْلَامِهِمْ، وَبدر أبي قومِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا(2/125)
قدم قَالَ: جِئتُكُمْ وَالله من عِنْد النَّبِي حَقًا، فَقَالَ: صلوا صَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا، وَصَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا، فَإِذا حضرت / الصَّلَاة فليؤذن أحدكُم، وليؤمكم أَكْثَرَكُم قُرْآنًا. فنظروا فَلم يكن أحد أَكثر قُرْآنًا مني لما كنت أتلقى من الركْبَان، فقدموني بَين أَيْديهم وَأَنا ابْن سِتّ أَو سبع سِنِين، وَكَانَت عَليّ بردة كنت إِذا سجدت تقلصت عني. فَقَالَت امْرَأَة من الْحَيّ: أَلا تغطوا عَنَّا است قارئكم، فاشتروا، فَقطعُوا لي قَمِيصًا، فَمَا فرحت بِشَيْء فرحي بذلك الْقَمِيص ".
بَاب هَل [تؤم] الْمَرْأَة الرجل
البُخَارِيّ: حَدثنَا عُثْمَان بن الْهَيْثَم، ثَنَا عَوْف، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة قَالَ: " لقد نَفَعَنِي اللَّهِ بِكَلِمَة سَمعتهَا من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيَّام الْجمل بَعْدَمَا كدت أَن ألحق بأصحاب الْجمل فأقاتل مَعَهم، قَالَ: لما بلغ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أهل فَارس قد ملكوا عَلَيْهِم بنت كسْرَى قَالَ: لن يفلح قوم ولوا أَمرهم امْرَأَة ".
وروى أَبُو دَاوُد، عَن الْحسن بن حَمَّاد الْحَضْرَمِيّ، عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن الْوَلِيد بن جَمِيع، عَن عبد الرَّحْمَن بن خَلاد، عَن أم ورقة بنت عبد اللَّهِ بن الْحَارِث " وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يزورها فِي بَيتهَا، قَالَ: وَجعل لَهَا مُؤذنًا، وأمرها أَن تؤم أهل بَيتهَا. قَالَ عبد الرَّحْمَن: فَأَنا رَأَيْت مؤذنها شَيخا كَبِيرا ".
وَعبد الرَّحْمَن لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا الْوَلِيد بن جَمِيع.(2/126)
بَاب إِذا اجْتمع رجلَانِ أَو أَكثر يقدم أحدهم
النَّسَائِيّ: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن سعيد، عَن يحيى، عَن هِشَام، ثَنَا قَتَادَة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانُوا ثَلَاثَة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بِالْإِمَامَةِ أقرؤهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث قَالَ: " قدمنَا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن شببة، فلبثنا عِنْده نَحوا من عشْرين لَيْلَة، وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رحِيما فَقَالَ: لَو رجعتم إِلَى بِلَادكُمْ فعلمتموهم، مُرُوهُمْ فليصلوا صَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا، وَصَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا، وَإِذا حضرت الصَّلَاة فليؤذن لكم أحدكُم، وليؤمكم أكبركم ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي حَاجِب بن سُلَيْمَان المنبجي، عَن وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنا وَابْن عَم لي - وَقَالَ مرّة: أَنا وَصَاحب لي - فَقَالَ: إِذا سافرتما فأذنا وأقيما، / وليؤمكما أكبركما ".
بَاب إِذا كَانَا رجلَيْنِ قَامَ أَحدهمَا عَن يَمِين الإِمَام
مُسلم: حَدثنِي حجاج بن الشَّاعِر، حَدثنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر الْمَدَائِنِي أَبُو(2/127)
جَعْفَر، حَدثنَا وَرْقَاء، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر قَالَ: " كنت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَانْتَهَيْنَا إِلَى مشرعة، فَقَالَ: أَلا تشرع يَا جَابر؟ قلت: بلَى. فَنزل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأشرعت، قَالَ: وَذهب لِحَاجَتِهِ، وَوضعت لَهُ وضُوءًا، قَالَ: فجَاء فَتَوَضَّأ، ثمَّ قَامَ فصلى فِي ثوب وَاحِد خَالف بَين طَرفَيْهِ، فَقُمْت خَلفه فَأخذ (بيَدي) فجعلني عَن يَمِينه ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا دَاوُد، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة فَقُمْت عَن يسَاره، فَأخذ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - برأسي من ورائي فجعلني عَن يَمِينه، فصلى ورقد فَجَاءَهُ الْمُؤَذّن فَقَامَ يُصَلِّي وَلم يتَوَضَّأ ".
بَاب إِذا كَانُوا ثَلَاثَة أَيْن يقوم الإِمَام
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن هَارُون بن عنترة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن أَبِيه قَالَ: " اسْتَأْذن عَلْقَمَة وَالْأسود على عبد اللَّهِ، وَقد كُنَّا أطللنا الْقعُود على بَابه، فَخرجت الْجَارِيَة فاستأذنت لَهما، فَأذن لَهما، ثمَّ قَامَ فصلى بيني وَبَينه، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل ".
تَابعه عباد بن الْعَوام، عَن هَارُون.
رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة، عَن عباد، عَن هَارُون بِإِسْنَاد أبي دَاوُد، وَهَارُون وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين.
مُسلم: ثَنَا هَارُون بن مَعْرُوف وَمُحَمّد بن عباد - وتقاربا فِي لفظ الحَدِيث والسياق لهارون - قَالَا: ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن يَعْقُوب بن مُجَاهِد أبي(2/128)
حزرة، عَن عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت، عَن جَابر بن عبد اللَّهِ فِي حَدِيث ذكره " أَنه تَوَضَّأ ثمَّ قَامَ عَن يسَار رَسُول اللَّهِ، قَالَ: فأدارني حَتَّى أقامني عَن يَمِينه، وَجَاء جَبَّار بن صَخْر فَقَامَ عَن يسَار رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخذ بيدينا جَمِيعًا، فدفعنا حَتَّى أقامنا خَلفه ".
بَاب إِذا كَانُوا ثَلَاثَة رجلَيْنِ وَامْرَأَة
مُسلم: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عبد اللَّهِ بن الْمُخْتَار، سمع مُوسَى بن / أنس، يحدث عَن أنس بن مَالك " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِهِ بِهِ وبأمه - أَو خَالَته - قَالَ: فأقامني عَن يَمِينه، وَأقَام الْمَرْأَة خلفنا ".
بَاب إِذا كَانُوا أَرْبَعَة رجلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم، ثَنَا سُلَيْمَان، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " دخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علينا وَمَا هُوَ إِلَّا أَنا وَأمي وَأم حرَام خَالَتِي، فَقَالَ: قومُوا فلأصلي بكم فِي غير وَقت صَلَاة. فصلى بِنَا - فَقَالَ رجل لِثَابِت: أَيْن جعل أنسا مِنْهُ؟ قَالَ: جعله على يَمِينه - ثمَّ دَعَا لنا أهل الْبَيْت بِكُل خير من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَقَالَت أُمِّي: يَا رَسُول اللَّهِ، خويدمك ادْع اللَّهِ لَهُ. قَالَ: فَدَعَا لي بِكُل خير، وَكَانَ فِي آخر مَا دَعَا لي بِهِ أَن قَالَ: اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده، وَبَارك لَهُ فِيهِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت عبد اللَّهِ ابْن مُخْتَار، يحدث عَن مُوسَى بن أنس، عَن أنس " أَنه كَانَ هُوَ وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(2/129)
وَأمه وخالته، فصلى رَسُول اللَّهِ، فَجعل أنسا عَن يَمِينه، وَأمه وخالته خلفهمَا ".
بَاب إِذا كَانُوا ثَلَاثَة رجال وَامْرَأَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد، ثَنَا سُفْيَان، عَن إِسْحَاق، عَن أنس ابْن مَالك قَالَ: " صليت انا ويتيم فِي بيتنا خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأمي - أم سليم - خلقنَا ".
بَاب الرجل يقوم عَن شمال الإِمَام فيحوله الإِمَام إِلَى يَمِينه
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر، أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " بت لَيْلَة عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي مُتَطَوعا من اللَّيْل، فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْقرْبَة فَتَوَضَّأ، فَقَامَ فصلى، فَقُمْت لما رَأَيْته صنع ذَلِك فَتَوَضَّأت من الْقرْبَة، ثمَّ قُمْت إِلَى شقة الْأَيْسَر، فَأخذ بيَدي من وَرَاء ظَهره يعدلني كَذَلِك من وَرَاء ظَهره إِلَى شقَّه الْأَيْمن. قلت: أَفِي التَّطَوُّع كَانَ ذَلِك؟ قَالَ: نعم ".
بَاب من زار قوما فَأمهمْ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، أَنا ثَابت، عَن أنس " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل على أم حرَام فَأتوهُ بِتَمْر وَسمن، فَقَالَ: ردوا هَذَا فِي(2/130)
وعائه وَهَذَا فِي سقائه فَإِنِّي صَائِم، ثمَّ قَامَ فصلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ تَطَوّعا، فَقَامَتْ أم سليم وَأم حرَام خلفنا ". / قَالَ ثَابت: وَلَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: " أقامني عَن يَمِينه على بِسَاط ".
وروى أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أبي عَطِيَّة، عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث، سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من زار قوما فَلَا يؤمهم، وليؤمهم رجل مِنْهُم ".
وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن. وَأَبُو عَطِيَّة هَذَا لَا يعرف وَلَا يُسمى، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَلم يقلهُ أَبُو عِيسَى.
بَاب لَا يُؤمن الرجل الرجل فِي أَهله وَلَا فِي سُلْطَانه إِلَّا بِإِذْنِهِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، أَنا إِسْمَاعِيل بن رَجَاء قَالَ سَمِعت أَوْس بن ضمعج، يحدث عَن أبي مَسْعُود البدري، قَالَ: قَالَ رَسُول لله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب اللَّهِ، وأقدمهم قِرَاءَة، فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فليؤمهم أقدمهم هِجْرَة، فَإِن كَانُوا فِي الْهِجْرَة سَوَاء فليؤمهم أكبرهم سنا، وَلَا يؤم الرجل فِي بَيته، وَلَا فِي سُلْطَانه، وَلَا يجلس على تكرمته إِلَّا بِإِذْنِهِ ". قَالَ شُعْبَة: فَقلت لإسماعيل: مَا تكرمته؟ قَالَ: فرَاشه.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَذَا قَالَ يحيى الْقطَّان عَن شُعْبَة: " أقدمهم قِرَاءَة ".(2/131)
وثنا ابْن معَاذ، ثَنَا أبي، عَن شُعْبَة بِهَذَا الحَدِيث قَالَ فِيهِ: " وَلَا يؤم الرجل الرجل ".
بَاب من لم ينْو أَن يؤم فجَاء قوم فَأمهمْ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن أَيُّوب، عَن عبد اللَّهِ بن سعيد بن جُبَير، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي من اللَّيْل فَقُمْت أُصَلِّي مَعَه، فَقُمْت عَن يسَاره، فَأخذ برأسي فأقامني عَن يَمِينه ".
بَاب إِذا لم يتم الْإِمَامَة وَأتم من خَلفه
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْفضل بن سهل، ثَنَا الْحسن بن مُوسَى الأشيب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد اللَّهِ بن دِينَار، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يصلونَ لكم فَإِن أَصَابُوا فلكم، وَإِن أخطئوا فلكم وَعَلَيْهِم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد الْمهرِي، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يحيى ابْن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي قَالَ: سَمِعت عقبَة بن عَامر يَقُول: سَمِعت رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ يَقُول: " من أم النَّاس فَأصَاب الْوَقْت فَلهُ وَلَهُم، وَمن انْتقصَ من ذَلِك شَيْئا فَعَلَيهِ وَلَا عَلَيْهِم ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا ابْن وهب بِهَذَا الْإِسْنَاد، سَمِعت رَسُول اللَّهِ يَقُول: " من أم النَّاس فَأصَاب الْوَقْت وَأتم الصَّلَاة فَلهُ وَلَهُم،(2/132)
وَمن انْتقصَ من ذَلِك شَيْئا فَعَلَيهِ / وَلَا عَلَيْهِم ".
وثنا الرّبيع بن سُلَيْمَان الجيزي، ثَنَا سعيد بن كثير بن عفير، ثَنَا يحيى بن أَيُّوب، عَن حَرْمَلَة بن عمرَان، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي، سَمِعت عقبَة بن عَامر، سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول ... . وَذكر مثله سَوَاء.
قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: الصَّوَاب فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث يحيى بن أَيُّوب، عَن حَرْمَلَة، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي؛ لِأَن عبد الرَّحْمَن لَا يعرف لَهُ سَماع من أبي عَليّ.
بَاب إِذا صلى ثمَّ أم قوما فِي تِلْكَ الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عباد، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو، عَن جَابر قَالَ: " كَانَ معَاذ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ يَأْتِي فيؤم قومه، فصلى لَيْلَة مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعشَاء ثمَّ أَتَى قومه فَأمهمْ، فَافْتتحَ بِسُورَة الْبَقَرَة فانحرف رجل فَسلم، ثمَّ صلى وَحده وَانْصَرف. فَقَالُوا لَهُ: أنافقت با فلَان؟ ! قَالَ: لَا وَالله ولآتين رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلأخبرنه. فَأتى رَسُول لله فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّا أَصْحَاب نواضح نعمل بِالنَّهَارِ، وَإِن معَاذًا صلى الْعشَاء ثمَّ أَتَى فَافْتتحَ بِسُورَة الْبَقَرَة. فَأقبل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على معَاذ فَقَالَ: يَا معَاذ، أفتان أَنْت؟ ! اقْرَأ بِكَذَا، واقرأ بِكَذَا ". قَالَ سُفْيَان: فَقلت لعَمْرو: إِن أَبَا الزبير حَدثنَا، عَن جَابر أَنه قَالَ " اقْرَأ: وَالشَّمْس وَضُحَاهَا، وَالضُّحَى، وَاللَّيْل إِذا يغشى، وَسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى " فَقَالَ عَمْرو: نَحْو هَذَا
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا هشيم، عَن مَنْصُور، عَن عَمْرو بن(2/133)
دِينَار، عَن جَابر بن عبد اللَّهِ " أَن معَاذ بن جبل كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (عشَاء) الْآخِرَة، ثمَّ يرجع إِلَى قومه فَيصَلي بهم تِلْكَ الصَّلَاة ".
بَاب الْأَمر للأئمة بِالتَّخْفِيفِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا هشيم، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس، عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي لأتأخر عَن صَلَاة الصُّبْح من أجل فلَان مِمَّا يُطِيل بِنَا. فَمَا رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غضب [فِي] موعظة قطّ أَشد مِمَّا غضب يَوْمئِذٍ، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِن مِنْكُم منفرين، فَأَيكُمْ أم النَّاس [فليوجز] ؛ فَإِن من وَرَائه الْكَبِير، والضعيف، وَذَا الْحَاجة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم للنَّاس فليخفف؛ فَإِن مِنْهُم الضَّعِيف، والسقيم، وَالْكَبِير، وَإِذا صلى أحدكُم لنَفسِهِ فليطول مَا شَاءَ ".
مُسلم: / حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا الْمُغيرَة - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي - عَن عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة؛ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أم أحدكُم النَّاس فليخفف؛ فَإِن فيهم الصَّغِير وَالْكَبِير والضعيف وَالْمَرِيض، وَإِذا صلى وَحده فَليصل كَيفَ شَاءَ ".(2/134)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، سَمِعت سعيد بن الْمسيب قَالَ: حدث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ، قَالَ: " آخر مَا عهد [إِلَيّ] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا أممت قوما، فأخف بهم الصَّلَاة ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد، قَالَ يحيى: أَنا، وَقَالَ قُتَيْبَة: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ من أخف النَّاس صَلَاة فِي تَمام ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا إِسْمَاعِيل يَعْنِي - ابْن جَعْفَر - عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ: " مَا صليت وَرَاء إِمَام قطّ أخف صَلَاة وَلَا أتم لَهَا من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا خلف بن هِشَام وَأَبُو الرّبيع الزهْرَانِي قَالَا: ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أنس: " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ [يوجز] الصَّلَاة وَيتم ".(2/135)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل، ثَنَا خَالِد - وَهُوَ ابْن الْحَارِث - عَن ابْن أبي ذِئْب، أَخْبرنِي الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن سَالم بن عبد اللَّهِ، عَن عبد اللَّهِ بن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يَأْمر) بِالتَّخْفِيفِ ويؤمنا بالصافات ".
بَاب
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن منهال الضَّرِير، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي لأدخل فِي الصَّلَاة أُرِيد إطالتها، فَأَسْمع بكاء الصَّبِي؛ فأخفف من شدَّة وجد أمه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الرَّازِيّ، ثَنَا الْوَلِيد، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن عبد اللَّهِ بن أبي قَتَادَة، عَن أَبِيه - أبي قَتَادَة - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي لأَقوم فِي الصَّلَاة أُرِيد أَن أطول فِيهَا، فَأَسْمع بكاء الصَّبِي؛ فأتجاوز فِي صَلَاتي؛ كَرَاهِيَة أَن أشق على أمه ".
بَاب من دخل يؤم النَّاس فجَاء الإِمَام الأول فَتَأَخر الآخر أَو لم يتَأَخَّر جَازَت صلَاته
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذهب إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف ليصلح بَينهم،(2/136)
فحانت الصَّلَاة فجَاء الْمُؤَذّن إِلَى أبي بكر فَقَالَ: أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ / فأقيم؟ قَالَ: نعم قَالَ: فصلى أَبُو بكر فجَاء رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالنَّاس فِي الصَّلَاة، فتخلص حَتَّى وقف فِي الصَّفّ فَصَفَّقَ النَّاس، وَكَانَ أَبُو بكر لَا يلْتَفت فِي الصَّلَاة، فَلَمَّا أَكثر النَّاس التصفيق، الْتفت فَرَأى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن امْكُث مَكَانك، فَرفع أَبُو بكر يَدَيْهِ فَحَمدَ اللَّهِ على مَا أمره بِهِ رَسُول اللَّهِ [من] ذَلِك، ثمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بكر حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفّ وَتقدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى، ثمَّ انْصَرف فَقَالَ: يَا أَبَا بكر، مَا مَنعك أَن تثبت إِذْ أَمرتك؟ قَالَ أَبُو بكر: مَا كَانَ لِابْنِ أبي قُحَافَة أَن يُصَلِّي بَين يَدي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا لي رأيتكم أَكثرْتُم التصفيق؟ من نابه شَيْء فِي صلَاته فليسبح، فَإِنَّهُ إِذا سبح الْتفت إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء ".
وثنا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، وَقَالَ قُتَيْبَة: ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي - كِلَاهُمَا عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد بِمثل حَدِيث مَالك، وَفِي حَدِيثهمَا: " فَرفع أَبُو بكر يَدَيْهِ فَحَمدَ اللَّهِ، وَرجع الْقَهْقَرِي وَرَاءه حَتَّى قَامَ فِي الصَّفّ ".
بَاب الإِمَام يُصَلِّي على أرفع مِمَّا عَلَيْهِ أَصْحَابه
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد، كِلَاهُمَا عَن عبد الْعَزِيز، قَالَ يحيى: أَخْبرنِي عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه: " أَن نَفرا جَاءُوا إِلَى سهل بن سعد قد تماروا فِي الْمِنْبَر من أَي عود هُوَ، فَقَالَ: أما وَالله إِنِّي لأعرف من أَي عود هُوَ، وَمن عمله، وَرَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أول يَوْم جلس عَلَيْهِ. قَالَ: فَقلت(2/137)
لَهُ: يَا أَبَا عَبَّاس، فحدثنا. قَالَ: أرسل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى امْرَأَة - قَالَ أَبُو حَازِم: إِنَّه ليسميها - أَن مري غلامك النجار يعْمل لي أعوادا أكلم النَّاس عَلَيْهَا. فَعمل هَذِه الثَّلَاث (الدَّرَجَات) ، ثمَّ أَمر بهَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوضعت هَذَا الْموضع، فَهِيَ من طرفاء الغابة، وَلَقَد رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ عَلَيْهِ فَكبر وَكبر النَّاس وَرَاءه وَهُوَ على الْمِنْبَر، ثمَّ (رَجَعَ) فَنزل الْقَهْقَرَى حَتَّى سجد فِي أصل الْمِنْبَر ثمَّ عَاد حَتَّى فرغ من آخر صلَاته، ثمَّ أقبل على النَّاس فَقَالَ: ياأيها النَّاس، إِنِّي إِنَّمَا صنعت هَذَا لتأتموا بِي، ولتعلموا صَلَاتي ".
/ بَاب إِذا كَانَ بَين الْقَوْم وَالْإِمَام حَائِط
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد، أَنا عَبدة، عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي حجرته وجدار الْحُجْرَة قصير، فَرَأى النَّاس شخص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَامَ (نَاس) يصلونَ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبحُوا فتحدثوا بذلك، فَقَامَ لَيْلَة الثَّانِيَة، فَقَامَ مَعَه أنَاس يصلونَ بِصَلَاتِهِ، صَنَعُوا ذَلِك لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، حَتَّى [إِذا] كَانَ بعد ذَلِك جلس رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يخرج، فَلَمَّا أصبح ذكر ذَلِك النَّاس، فَقَالَ: إِنِّي خشيت أَن تكْتب عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل ".(2/138)
بَاب النَّهْي عَن الِاخْتِلَاف على الإِمَام وَالْأَمر باتباعه
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا مُغيرَة - يَعْنِي: الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَلَا تختلفوا عَلَيْهِ، فَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده. فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، وَإِذا سجد فاسجدوا، وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وثنا ابْن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر قَالَ: " اشْتَكَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلينا وَرَاءه وَهُوَ قَاعد، وَأَبُو بكر يسمع النَّاس تكبيره، فَالْتَفت إِلَيْنَا فرآنا قيَاما فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا، فصلينا بِصَلَاتِهِ قعُودا، فَلَمَّا سلم قَالَ: إِن كدتم آنِفا (تَفْعَلُونَ) فعل فَارس وَالروم، يقومُونَ على مُلُوكهمْ وهم قعُود، فَلَا تَفعلُوا، ائتموا بأئمتكم، وَإِن صلى قَائِما فصلوا قيَاما، وَإِن صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَابْن خشرم قَالَا: أَنا عِيسَى بن يُونُس، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا يَقُول: لَا تبَادرُوا الإِمَام، إِذا كبر فكبروا، وَإِذا قَالَ: وَلَا الضَّالّين. فَقولُوا: آمين، وَإِذا ركع فاركعوا: وَإِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ".
وثنا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي: الدَّرَاورْدِي - عَن سُهَيْل بن أبي صَالح،(2/139)
عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِهِ (إِلَّا) قَوْله: " وَلَا الضَّالّين فَقولُوا: آمين "، وَزَاد: " وَلَا تَرفعُوا قبله ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن حجر - وَاللَّفْظ لأبي بكر - قَالَ ابْن حجر: أَنا، وَقَالَ أَبُو بكر: ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن الْمُخْتَار بن فلفل، عَن أنس قَالَ: " صلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم / فَلَمَّا قضى الصَّلَاة أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنِّي أمامكم فَلَا تسبقوني بِالرُّكُوعِ، وَلَا بِالسُّجُود وَلَا بالانصراف، فَإِنِّي أَرَاكُم أَمَامِي وَمن خَلْفي، ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْت لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا. قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، وَمَا رَأَيْت؟ قَالَ: رَأَيْت الْجنَّة وَالنَّار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم - الْمَعْنى - عَن وهيب، عَن مُصعب بن مُحَمَّد، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا كبر فكبروا، وَلَا تكبروا حَتَّى يكبر، وَإِذا ركع فاركعوا، وَلَا تركعوا حَتَّى يرْكَع، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده. فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد - قَالَ مُسلم: وَلَك الْحَمد - وَإِذا سجد فاسجدوا، وَلَا تسجدوا حَتَّى يسْجد، وَإِذا صلى قَائِما فصلوا قيَاما، وَإِذا صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا أَجْمَعُونَ ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: " اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد " أفهمني بعض أَصْحَابنَا عَن سُلَيْمَان.
حَدثنَا مُحَمَّد بن آدم المصِّيصِي، ثَنَا أَبُو خَالِد، عَن ابْن عجلَان، عَن زيد(2/140)
ابْن أسلم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ " بِهَذَا الْخَبَر زَاد: " وَإِذا قَرَأَ فأنصتوا ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذِه الزِّيَادَة: " إِذا قَرَأَ فأنصتوا " لَيست بمحفوظة، الْوَهم عندنَا من أبي خَالِد. انْتهى كَلَام أبي دَاوُد.
مُصعب بن مُحَمَّد وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِيهِ: صَالح الحَدِيث. أ. هـ
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، عَن حميد، عَن أنس، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ائتموا بأئمتكم، فَإِن صلى قَائِما فصلوا قيَاما، وَإِن صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا، وَلَا تكبروا حَتَّى يكبر، وَلَا تركعوا حَتَّى يرْكَع، وَلَا تسجدوا حَتَّى يسْجد ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن ابْن عجلَان، حَدثنِي مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن ابْن محيريز، عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تبادروني بركوع وَلَا سُجُود، فَإِنَّهُ مهما أسبقكم بِهِ إِذا ركعت تدركوني بِهِ إِنِّي قد بدنت ".
بَاب إِذا صلى الإِمَام جَالِسا وَمَا جَاءَ فِي ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وقتيبة وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب وَأَبُو كريب، جَمِيعًا عَن سُفْيَان - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا سُفْيَان - عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: " سقط النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن فرس فجحش(2/141)
شقَّه الْأَيْمن، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نعوده، فَحَضَرت الصَّلَاة بِنَا قَاعِدا فصلينا وَرَاءه قعُودا، فَلَمَّا قضي الصَّلَاة قَالَ: إِنَّمَا جعل / الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا سجد فاسجدوا، وَإِذا رفع فارفعوا، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده. فَقولُوا: رَبنَا وَلَك الْحَمد. وَإِذا صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا أَجْمَعُونَ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " اشْتَكَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدخل عَلَيْهِ نَاس من أَصْحَابه يعودونه، فصلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسا فصلوا بِصَلَاتِهِ قيَاما، فَأَشَارَ إِلَيْهِم أَن اجلسوا فجلسوا، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا رفع فارفعوا، وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا ابْن وهب، عَن حَيْوَة، أَن أَبَا يُونُس مولى أبي هُرَيْرَة حَدثهُ قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد. وَإِذا صلى قَائِما فصلوا قيَاما، وَإِذا صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا أَجْمَعُونَ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع.
وثنا يحيى بن يحيى - وَاللَّفْظ لَهُ - أَنبأَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة قَالَت: " لما ثقل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ بِلَال يُؤذنهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول اللَّهِ، إِن أَبَا بكر رجل أسيف، وَإنَّهُ مَتى يقم مقامك لَا يسمع النَّاس، فَلَو أمرت عمر.(2/142)
فَقَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. قَالَت: فَقلت: لحفصة. قولي لَهُ: إِن أَبَا بكر رجل أسيف، وَإنَّهُ مَتى يقم مقامك لَا يسمع النَّاس، فَلَو أمرت عمر. فَقَالَت لَهُ. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أنكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف، مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. قَالَت: فَأمروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ، قَالَت: فَلَمَّا دخل فِي الصَّلَاة وجد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نَفسه خفَّة فَقَامَ يهادي بَين رجلَيْنِ، وَرجلَاهُ تخطان فِي الأَرْض، قَالَت: فَلَمَّا دخل الْمَسْجِد سمع أَبُو بكر حسه فَذهب يتَأَخَّر، فَأَوْمأ إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ (أقِم مَكَانك) ، قَالَت: فجَاء رَسُول اللَّهِ حَتَّى جلس عَن يسَار أبي بكر - رَضِي اللَّهِ عَنهُ - قَالَت: فَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسا وَأَبُو بكر قَائِما، يَقْتَدِي أَبُو بكر بِصَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ويقتدي النَّاس بِصَلَاة أبي بكر ".
وحَدثني منْجَاب بن الْحَارِث، أخبرنَا ابْن مسْهر. وَأخْبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عِيسَى بن يُونُس كِلَاهُمَا، عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه، وَفِي حَدِيثهمَا: " لما مرض رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ ". وَفِي حَدِيث / ابْن مسْهر: " فَأتي برَسُول اللَّهِ حَتَّى أَجْلِس إِلَى جنبه، وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَأَبُو بكر يسمعهم التَّكْبِير ". وَفِي حَدِيث عِيسَى " فَجَلَسَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي وَأَبُو بكر إِلَى جنبه، وَأَبُو بكر يسمع النَّاس ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذِي يرفع رَأسه قبل الإِمَام
مُسلم: حَدثنَا خلف بن هِشَام، وَأَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، وقتيبة بن سعيد، كلهم، عَن حَمَّاد بن زيد - قَالَ خلف: ثَنَا حَمَّاد بن يزِيد - عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أما يخْشَى الَّذِي يرفع رَأسه قبل الإِمَام أَن(2/143)
يحول رَأسه رَأس حمَار ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن يُونُس بن عبيد، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا يَأْمَن الَّذِي يرفع رَأسه فِي صلَاته قبل الإِمَام أَن يحول اللَّهِ صورته صُورَة حمَار ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سَلام الجُمَحِي وَعبد الرَّحْمَن بن الرّبيع بن مُسلم، جَمِيعًا عَن الرّبيع بن مُسلم، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا غير أَنه قَالَ: " أَن يَجْعَل اللَّهِ وَجهه وَجه حمَار ".
بَاب مَتى يخر النَّاس للسُّجُود خلف الإِمَام
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق.
وثنا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو خَيْثَمَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد اللَّهِ بن يزِيد قَالَ: حَدثنِي الْبَراء - وَهُوَ غير كذوب - " أَنهم كَانُوا يصلونَ خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع لم أر أحدا يحني ظَهره حَتَّى يضع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَبهته على الأَرْض، ثمَّ يخر من وَرَاءه سجدا ".(2/144)
بَاب الرجل يأتم بِالْإِمَامِ ويأتم النَّاس بِالرجلِ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد اللَّهِ - يَعْنِي: ابْن الْمُبَارك - عَن جَعْفَر بن حَيَّان - ويكنى أَبَا الْأَشْهب - عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى فِي أَصْحَابه تأخرا فَقَالَ: تقدمُوا فائتموا بِي، وليأتم بكم من بعدكم، وَلَا يزَال قوم يتأخرون حَتَّى يؤخرهم اللَّهِ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا ابْن نمير، أَنا هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " أَمر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا بكر أَن [يُصَلِّي] بِالنَّاسِ فِي مَرضه، فَكَانَ يُصَلِّي بهم، قَالَ عُرْوَة: فَوجدَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من نَفسه خفَّة فَخرج فَإِذا أَبُو بكر يؤم النَّاس، فَلَمَّا رَآهُ أبوب كرّ أستأجر فَأَشَارَ إِلَيْهِ / أَن كَمَا أَنْت، فَجَلَسَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حذاء أبي بكر إِلَى جنبه، فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر ".
بَاب إِذا أخر الإِمَام الصَّلَاة عَن وَقتهَا
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن أَيُّوب، عَن أبي الْعَالِيَة الْبَراء قَالَ: " أخر ابْن زِيَاد الصَّلَاة (فجَاء) عبد اللَّهِ بن صَامت فألقيت لَهُ كرسيا فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَذكرت لَهُ صَنِيع ابْن زِيَاد فعض على (شَفَتَيْه، فَضرب) فَخذي، ثمَّ قَالَ: إِنِّي سَأَلت أَبَا ذَر كَمَا سَأَلتنِي، فَضرب فَخذي كَمَا ضربت فخذك وَقَالَ: إِنِّي سَأَلت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا سَأَلتنِي، فَضرب فَخذي كَمَا(2/145)
ضربت فخذك وَقَالَ: صل الصَّلَاة لوَقْتهَا، فَإِن أَدْرَكتك الصَّلَاة مَعَهم فصل وَلَا تقل: إِنِّي صليت فَلَا أصلى ".
وحَدثني أَبُو غَسَّان المسمعي، ثَنَا معَاذ - وَهُوَ ابْن هِشَام - حَدثنِي أبي، عَن مطر، عَن أبي الْعَالِيَة بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي تَأْخِير الصَّلَاة قَالَ فِيهِ: " صلوا الصَّلَاة لوَقْتهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتكُمْ مَعَهم نَافِلَة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد اللَّهِ بن إِدْرِيس، عَن شُعْبَة، عَن أبي عمرَان - هُوَ الْجونِي - عَن عبد اللَّهِ بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر قَالَ: " إِن خليلي (وصاني) أَن أسمع وَأطِيع وَإِن كَانَ عبدا مجدع الْأَطْرَاف، وَأَن أُصَلِّي الصَّلَاة لوَقْتهَا، فَإِن أدْركْت الْقَوْم وَقد صلوا كنت قد أحرزت صَلَاتك، وَإِلَّا كَانَت لَك نَافِلَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن أبي الْمثنى الْحِمصِي، عَن أبي أبي ابْن امْرَأَة عبَادَة بن الصَّامِت، [عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ:] قَالَ لي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّهَا سَتَكُون عَلَيْكُم بعدِي أُمَرَاء يشغلهم أَشْيَاء عَن الصَّلَاة لوَقْتهَا حَتَّى يذهب وَقتهَا، فصلوا الصَّلَاة لوَقْتهَا. فَقَالَ رجل: يَا رَسُول اللَّهِ، إِن أدركتها أُصَلِّي مَعَهم؟ قَالَ: نعم إِن شِئْت ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، حَدثنَا أَبُو هَاشم الزَّعْفَرَانِي،(2/146)
حَدثنِي صَالح بن عبيد، عَن قبيصَة بن وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يكون عَلَيْكُم أُمَرَاء من بعدِي يؤخرون الصَّلَاة (وَهِي) لكم وَهِي عَلَيْهِم، فصلوا مَعَهم مَا صلوا الْقبْلَة ".
صَالح بن عبيد لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا أَبُو هَاشم عمار بن عمَارَة.
بَاب إِذا غَابَ الإِمَام وَحضر وَقت الصَّلَاة قدم غَيره
/ النَّسَائِيّ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا هشيم، أَنا يُونُس بن عبيد، عَن ابْن سِيرِين، أَخْبرنِي [عَمْرو] بن وهب الثَّقَفِيّ قَالَ: سَمِعت الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: " خصلتان لَا أسأَل عَنْهُمَا أحدا بَعْدَمَا شهِدت من رَسُول اللَّهِ: إِنَّا كُنَّا مَعَه فِي سفر فبرز لِحَاجَتِهِ، ثمَّ جَاءَ فَتَوَضَّأ، وَمسح بناصيته وجانبي عمَامَته، وَمسح على خفيه. قَالَ: وَصَلَاة الإِمَام خلف رجل من رَعيته، فَشَهِدت من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ فِي سفر فَحَضَرت الصَّلَاة فاحتبس عَلَيْهِم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأقاموا الصَّلَاة، (وَقد قدمُوا) عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فصلى بهم، وَجَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى خلف ابْن عَوْف مَا بَقِي من الصَّلَاة، فَلَمَّا سلم ابْن عَوْف قَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقضى مَا سبق بِهِ ".
زَاد مُسلم بن الْحجَّاج فِي هَذَا الحَدِيث: " ثمَّ قَالَ: أَحْسَنْتُم - أَو أصبْتُم - يَغْبِطهُمْ أَن صلوا الصَّلَاة لوَقْتهَا ".(2/147)
بَاب اسْتِخْلَاف الإِمَام إِذا مرض أَو غَابَ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " مرض رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاشْتَدَّ مَرضه فَقَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. فَقَالَت عَائِشَة: يَا رَسُول اللَّهِ، إِن أَبَا بكر رجل رَقِيق لَا يَسْتَطِيع أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَقَالَ: مري أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ؛ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِب يُوسُف. (قَالَت) : فصلى بهم أَبُو بكر حَيَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن [عون] ، أَنا حَمَّاد بن زيد، عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد قَالَ: " كَانَ قتال بَين بني عَمْرو بن عَوْف فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَتَاهُم ليصلح بَينهم بعد الظّهْر، فَقَالَ لِبلَال: إِن حضرت (الصَّلَاة) وَلم آتِك فَمر أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. فَلَمَّا حضرت (الصَّلَاة) أذن بِلَال، ثمَّ أَقَامَ، ثمَّ أَمر أَبَا بكر فَتقدم ... . " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
بَاب من حَيْثُ يَبْتَدِئ الْمُسْتَخْلف الْقِرَاءَة
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت، ثَنَا قيس، عَن عبد اللَّهِ بن أبي السّفر، عَن أَرقم بن شُرَحْبِيل، عَن ابْن عَبَّاس، عَن الْعَبَّاس قَالَ: " خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقَرَأَ من حَيْثُ انْتهى إِلَيْهِ أَبُو بكر ".(2/148)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: / حَدثنَا وَكِيع، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أَرقم بن شُرَحْبِيل، سمع ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ جَاءَ أَخذ الْقِرَاءَة من حَيْثُ بلغ أَبُو بكر ".
أَرقم بن شُرَحْبِيل سمع ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ، وَقَالَ: لم يذكر أَبُو إِسْحَاق سَمَاعا من أَرقم بن شُرَحْبِيل.
بَاب إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وَقَالَ الإِمَام مَكَانكُمْ حَتَّى أرجع انتظروه
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وحرملة بن يحيى قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " أُقِيمَت الصَّلَاة فقمنا فعدلنا الصُّفُوف قبل أَن يخرج إِلَيْنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأتى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى إِذا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قبل أَن يكبر ذكر فَانْصَرف، وَقَالَ لنا: مَكَانكُمْ. فَلم نزل قيَاما ننتظره حَتَّى خرج إِلَيْنَا وَقد اغْتسل، ينطف رَأسه مَاء، فَكبر فصلى بِنَا ".
بَاب الإِمَام تعرض لَهُ الْحَاجة بعد الْإِقَامَة
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن صَخْر الدَّارمِيّ، ثَنَا حبَان، ثَنَا حَمَّاد، عَن ثَابت، عَن أنس أَنه قَالَ: " أُقِيمَت صَلَاة الْعشَاء فَقَالَ رجل: لي حَاجَة. فَقَامَ(2/149)
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يناجيه حَتَّى نَام الْقَوْم أَو بعض الْقَوْم، ثمَّ صلوا ".
بَاب الإِمَام ينْتَظر الْمُؤَذّن للإقامة
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَنا عُرْوَة بن الزبير، أَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ إِذا سكت الْمُؤَذّن بِالْأولَى من صَلَاة الْفجْر، قَامَ (يرْكَع) رَكْعَتَيْنِ خفيفتين قبل صَلَاة الْفجْر بعد أَن يستبين الْفجْر، ثمَّ اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن للإقامة ".
بَاب إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وَلم يَأْتِ الإِمَام
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَا: ثَنَا أبان، عَن يحيى، عَن عبد اللَّهِ بن أبي قَتَادَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة، فَلَا تقوموا حَتَّى تروني ".
بَاب إِذا كَانَ الإِمَام جنبا فصلى بِالنَّاسِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن زِيَاد الأعلم، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل فِي صَلَاة الْفجْر فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَن مَكَانكُمْ، ثمَّ جَاءَ وَرَأسه يقطر فصلى بهم ".
وثنا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة بِإِسْنَادِهِ،(2/150)
وَمَعْنَاهُ، قَالَ فِي أَوله: " فَكبر "، وَقَالَ فِي آخِره: " فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ: إِنَّمَا أَنا بشر وَإِنِّي كنت جنبا ".
قَاسم بن أضبغ: حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن شَاكر الصَّائِغ، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فَأَوْمأ / إِلَيْهِم أَن مَكَانكُمْ، ثمَّ دخل، ثمَّ خرج وَرَأسه ينطف فصلى ".
رَوَاهُ أَبُو عمر عَن عبد الْوَارِث بن سُفْيَان، عَن قَاسم بن أصبغ. قَالَ: هَذَا يصحح رِوَايَة من روى أَنه كبر، وَمن ذكر أَنه كبر فقد زَاد زِيَادَة حَافظ يجب قبُولهَا.
الدراقطني: حَدثنَا الْحسن بن رَشِيق، حَدثنَا عَليّ بن سعيد، ثَنَا عبيد اللَّهِ ابْن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " دخل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صلَاته فَكبر وَكَبَّرْنَا مَعَه، ثمَّ أَشَارَ إِلَى الْقَوْم كَمَا أَنْتُم، فَلم نزل قيَاما حَتَّى أَتَانَا نَبِي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ وَقد اغْتسل وَرَأسه يقطر مَاء ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، ثَنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
بَاب ذكر من يَلِي الإِمَام
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد اللَّهِ بن إِدْرِيس وَأَبُو مُعَاوِيَة ووكيع، عَن الْأَعْمَش، عَن عمَارَة بن عُمَيْر، [عَن أبي معمر] ، عَن أبي(2/151)
مَسْعُود قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح مناكبنا فِي الصَّلَاة، وَيَقُول: اسْتَووا وَلَا تختلفوا فتختلف قُلُوبكُمْ، [ليلني] مِنْكُم أولو الأحلام والنهى، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ. قَالَ أَبُو مَسْعُود: فانتم الْيَوْم أَشد اخْتِلَافا ".
النَّسَائِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن مقدم، حَدثنَا يُوسُف بن يَعْقُوب، ثَنَا التَّيْمِيّ، عَن أبي مجلز، عَن قيس بن عباد قَالَ: " بَينا أَنا فِي الْمَسْجِد بِالْمَدِينَةِ فِي الصَّفّ الْمُقدم فجبذني رجل من خَلْفي جبذة، فنحاني وَقَامَ مقَامي، فوَاللَّه مَا عقلت صَلَاتي، فَلَمَّا انْصَرف إِذا هُوَ أبي بن كَعْب فَقَالَ: يَا فَتى، لَا يسوءك اللَّهِ، إِن هَذَا عهد من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْنَا أَن نليه، ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة فَقَالَ: هلك، أهل العقد وَرب الْكَعْبَة - ثَلَاثًا - ثمَّ قَالَ: وَالله مَا عَلَيْهِم [آسى] وَلَكِن آسى على من أَضَلُّوا. قلت: يَا أَبَا يَعْقُوب، مَا يَعْنِي بِهِ أهل العقد؟ قَالَ: الْأُمَرَاء ".
بَاب مكث الإِمَام فِي مُصَلَّاهُ إِذا سلم إِن شَاءَ
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، ثَنَا الزُّهْرِيّ، عَن هِنْد بنت الْحَارِث، عَن أم سَلمَة، (عَن) النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا سلم يمْكث فِي مَكَانَهُ يَسِيرا ". قَالَ ابْن شهَاب: فنرى - وَالله أعلم - لكَي ينفذ من ينْصَرف من النِّسَاء.(2/152)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَابْن نمير قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن عَاصِم، عَن عبد اللَّهِ بن الْحَارِث، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سلم لم يقْعد إِلَّا مِقْدَار مَا يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام ". وَفِي رِوَايَة ابْن نمير: " يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام ".
/ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي يعلى بن عَطاء، عَن جَابر بن يزِيد بن الْأسود، عَن أَبِيه قَالَ: صليت خلف رَسُول لله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَانَ إِذا انْصَرف انحرف ".
بَاب الإِمَام يقبل بِوَجْهِهِ على النَّاس إِذا انْصَرف
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا جرير بن حَازِم، ثَنَا أَبُو رَجَاء، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى الصَّلَاة أقبل علينا بِوَجْهِهِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا ابْن أبي زَائِدَة، عَن مسعر، عَن ثَابت بن عبيد، عَن ابْن الْبَراء، عَن الْبَراء قَالَ: " كُنَّا إِذا صلينَا خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحببنا أَن نَكُون عَن يَمِينه يقبل علينا بِوَجْهِهِ، قَالَ: فَسَمعته يَقُول: رب قني عذابك يَوْم تبْعَث - أَو تجمع - عِبَادك ".(2/153)
بَاب يقوم إِلَى الصَّلَاة إِذا رأى الإِمَام
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم وَعبيد اللَّهِ بن سعيد قَالَا: ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن حجاج الصَّواف، ثَنَا يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة وَعبد اللَّهِ ابْن أبي قَتَادَة، عَن أبي قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة، فَلَا تقوموا حَتَّى تروني ". قَالَ ابْن حَاتِم: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة أَو نُودي ".
بَاب إِذا دخل وَالْإِمَام رَاكِع
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا همام، عَن الأعلم - وَهُوَ زِيَاد - عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة " أَنه انْتهى إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ رَاكِع، فَرَكَعَ قبل أَن يصل الصَّفّ، فَذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: زادك اللَّهِ حرصا وَلَا تعد ".
روى أَبُو دَاوُد: عَن مُحَمَّد بن يحيى، أَن سعيد بن الحكم حَدثهمْ، أَن نَافِع بن [يزِيد] ، حَدثنِي يحيى بن أبي سُلَيْمَان الْمُزنِيّ، عَن زيد بن أبي العتاب وَابْن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا جئْتُمْ إِلَى الصَّلَاة و [نَحن سُجُود] فاسجدوا وَلَا تعدوها شَيْئا، وَمن أدْرك الرَّكْعَة فقد أدْرك الصَّلَاة ".
يحيى بن أبي سُلَيْمَان هَذَا مُضْطَرب الحَدِيث.(2/154)
بَاب الإِمَام يجمع فِي مَسْجِد قد جمع فِيهِ إِمَام غَيره فِي تِلْكَ الصَّلَاة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا وهيب، عَن سُلَيْمَان بن الْأسود، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبْصر رجلا يُصَلِّي وَحده فَقَالَ: أَلا رجل يتَصَدَّق على هَذَا فَيصَلي مَعَه ".
أَبُو المتَوَكل اسْمه: عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي من بني سامة بن لؤَي، / روى لَهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ، وَسليمَان الْأسود هُوَ النَّاجِي، ثِقَة مَعْرُوف.
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا ابْن صاعد، ثَنَا عمر بن مُحَمَّد بن الْحسن الْأَسدي، ثَنَا أبي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن رجلا جَاءَ وَقد صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَامَ يُصَلِّي وَحده فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من يتجر على هَذَا فَيصَلي مَعَه؟ ".
مُحَمَّد بن الْحسن الْأَسدي يعرف بِالتَّلِّ، روى لَهُ البُخَارِيّ فِي الزَّكَاة، والمناقب.
بَاب الْفَتْح على الإِمَام
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يزِيد بن مُحَمَّد، ثَنَا هِشَام بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب، أَنا عبد اللَّهِ بن الْعَلَاء بن [زبر] عَن سَالم بن عبد اللَّهِ، عَن عبد اللَّهِ ابْن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى صَلَاة فَقَرَأَ فِيهَا، فَلبس عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ لأبي: أصليت مَعنا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَمَا مَنعك؟ ".(2/155)
أَبْوَاب الستْرَة للصَّلَاة
بَاب الْأَمر بالسترة والدنو مِنْهَا
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا زيد بن الْحباب، أَخْبرنِي عبد الْملك بن الرّبيع ابْن سُبْرَة، أَخْبرنِي أبي، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليستتر أحدكُم لصلاته وَلَو بِسَهْم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن الصَّباح، أَنا سُفْيَان.
وثنا عُثْمَان بن أبي شيبَة وحامد بن يحيى وَابْن السَّرْح قَالُوا: أَنا سُفْيَان، عَن صَفْوَان بن سليم، عَن نَافِع بن جُبَير، عَن سهل بن أبي حثْمَة، يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم إِلَى ستْرَة فليدن مِنْهَا، لَا يقطع الشَّيْطَان عَلَيْهِ صلَاته ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن حجر وَإِسْحَاق بن مَنْصُور قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.
بَاب قدر الستْرَة
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير، ثَنَا عبد اللَّهِ بن يزِيد، أَنا حَيْوَة عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ فِي غَزْوَة تَبُوك عَن ستْرَة الْمُصَلِّي. فَقَالَ: كمؤخرة الرحل ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا المَخْزُومِي، ثَنَا عبد الْوَاحِد - هُوَ(2/156)
ابْن زِيَاد - ثَنَا عبيد اللَّهِ الْأَصَم، ثَنَا يزِيد بن الْأَصَم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يقطع الصَّلَاة: الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب، ويقي ذَلِك مثل مؤخرة الرحل ".
روى أَبُو دَاوُد: عَن مُسَدّد، عَن بشر بن الْمفضل، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حُرَيْث، سمع جده / حريثا يحدث عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم فليجعل (لِقَاء) وَجهه شَيْئا، فَإِن لم يجد فلينصب (عَصَاهُ) ، فَإِن لم يكن مَعَه (عَصَاهُ) فليخطط خطا، ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر أَمَامه ".
وَأَبُو عَمْرو هَذَا مَجْهُول.
(بَاب قدر كم يكون بَينه وَبَين الستْرَة)
مُسلم: حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا ابْن أبي حَازِم، حَدثنِي أبي، عَن سهل بن سعد قَالَ: " كَانَ بَين مصلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَين الْجِدَار ممر الشَّاة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، ثَنَا أَبُو غَسَّان، حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن سهل " أَنه كَانَ بَين جِدَار الْمَسْجِد مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَبَين الْمِنْبَر ممر الشَّاة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، حَدثنَا عبد اللَّهِ، أَنا مُوسَى بن(2/157)
عقبَة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: " أَنه كَانَ إِذا دخل الْكَعْبَة مَشى قبل الْوَجْه حِين يدْخل، وَيجْعَل [الْبَاب] قبل الظّهْر، يمشي حَتَّى يكون بَينه وَبَين الْجِدَار الَّذِي قبل وَجهه (قريب) من ثَلَاثَة أَذْرع فَيصَلي، يتوخى الْمَكَان الَّذِي أخبرهُ بِلَال أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِيهِ، وَلَيْسَ على أَحَدنَا بَأْس أَن يُصَلِّي فِي أَي نواحي الْبَيْت شَاءَ "
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع، عَن ابْن الْقَاسِم، حَدثنِي مَالك، عَن نَافِع، عَن عبد اللَّهِ بن عمر " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل الْكَعْبَة هُوَ وَأُسَامَة بن زيد وبلال وَعُثْمَان بن طَلْحَة الحَجبي فأغلقها عَلَيْهِ، قَالَ عبد اللَّهِ: فَسَأَلت بِلَالًا حِين خرج: مَاذَا صنع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: جعل عمودا عَن يسَاره، وعمودين عَن يَمِينه، وَثَلَاثَة أعمدة وَرَاءه - وَكَانَ الْبَيْت يَوْمئِذٍ على سِتَّة أعمدة - ثمَّ صلى، وَجعل بَينه وَبَين الْجِدَار نَحوا من ثَلَاثَة أَذْرع ".
بَاب لَا يضر مَا مر وَرَاء الستْرَة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَ يحيى: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن سماك، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وضع أحدكُم بَين يَدَيْهِ مثل مؤخرة الرحل، فَليصل وَلَا يُبَالِي من مر وَرَاء ذَلِك ".(2/158)
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا عمر بن أبي زَائِدَة حَدثنِي عون بن أبي جُحَيْفَة: " أَن أَبَاهُ رأى رَسُول اللَّهِ / فِي قبَّة حَمْرَاء من أَدَم، وَرَأَيْت بِلَالًا أخرج وضُوءًا، فَرَأَيْت النَّاس يبتدرون ذَلِك الْوضُوء، فَمن أصَاب مِنْهُ [شَيْئا] تمسح بِهِ، وَمن لم يصب أَخذ من بَلل يَد صَاحبه، ثمَّ رَأَيْت بِلَالًا أخرج عنزة فركزها، وَخرج رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حلَّة حَمْرَاء مشمرا، فصلى إِلَى العنزة بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْت النَّاس وَالدَّوَاب يَمرونَ بَين يَدي العنزة ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار - قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر - ثَنَا شُعْبَة، عَن الحكم، سَمِعت أَبَا جُحَيْفَة قَالَ: " خرج رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالهاجرة إِلَى الْبَطْحَاء فَتَوَضَّأ فصلى الظّهْر رَكْعَتَيْنِ وَالْعصر رَكْعَتَيْنِ، وَبَين يَدَيْهِ عنزة ". قَالَ شُعْبَة: وَزَاد فِيهِ عون، عَن أَبِيه أبي جُحَيْفَة: " وَكَانَ يمر من وَرَائِهَا الْمَرْأَة، وَالْحمار ".
بَاب من قَالَ: ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَقبلت رَاكِبًا على أتان، وَأَنا يَوْمئِذٍ قد ناهزت الِاحْتِلَام، وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى، فمررت بَين يَدي بعض الصَّفّ، فَنزلت فَأرْسلت الأتان ترتع، وَدخلت فِي الصَّفّ، فَلم يُنكر ذَلِك عَليّ أحد ".(2/159)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن يُوسُف، أَنا مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى إِلَى غير جِدَار ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد: " أَنه أقبل يسير على على حمَار وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم يُصَلِّي بمنى فِي حجَّة الْوَدَاع يُصَلِّي بِالنَّاسِ. قَالَ: فَسَار (بالحمار) بَين يَدي بعض الصَّفّ، ثمَّ نزل عَنهُ فَصف مَعَ النَّاس ".
وَحدثنَا يحيى بن يحيى وَعَمْرو النَّاقِد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِعَرَفَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، عَن سُفْيَان، ثَنَا الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " جِئْت أَنا وَالْفضل على أتان لنا وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِعَرَفَة. ثمَّ ذكر كلمة مَعْنَاهَا: فمررنا على بعض الصَّفّ فنزلنا وتركناها ترتع، فَلم يقل لنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة بِهَذَا الْإِسْنَاد: " جِئْت أَنا وَالْفضل على أتان وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ، قَالَ: فمررنا على بعض الصَّفّ فنزلنا وتركناها ترتع، فَلم يقل لنا شَيْئا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن آدم، ثَنَا أَبُو عَاصِم، / عَن ابْن جريج، أَنا عبد الْكَرِيم، وَأَن مُجَاهدًا أخبرهُ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أتيت أَنا وَالْفضل على أتان فمررنا بَين يَدي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَة وَهُوَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة، لَيْسَ شَيْء يستره يحول بَيْننَا وَبَينه ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن ابْن عَبَّاس، وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس(2/160)
من غير وَجه بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة، فَذَكرنَا كل حَدِيث مِنْهَا بِلَفْظِهِ فِي مَوْضِعه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن مَنْصُور، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن أبي الصَّهْبَاء قَالَ: " تَذَاكرنَا مَا يقطع الصَّلَاة عِنْد ابْن عَبَّاس قَالَ: جِئْت أَنا وَغُلَام من بني عبد الْمطلب على حمَار وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي، فَنزل وَنزلت، فتركنا الْحمار أَمَام الصَّفّ فَمَا بالاه، وَجَاءَت جاريتان من بني عبد الْمطلب فَدَخَلْنَا بَين الصَّفّ فَمَا بالى ذَلِك ".
ثَنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَدَاوُد بن مِخْرَاق الْفرْيَابِيّ قَالَا: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور بِهَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ قَالَ: " فَجَاءَت جاريتان من بني عبد الْمطلب اقتتلتا فَأَخذهُمَا - قَالَ عُثْمَان: ففرع بَينهمَا، وَقَالَ دَاوُد: فَنزع إِحْدَاهمَا من الْأُخْرَى - فَمَا بالى ذَلِك ".
أَبُو الصَّهْبَاء اسْمه: صُهَيْب مولى ابْن عَبَّاس، مدنِي ثِقَة، قَالَه أَبُو زرْعَة فِيمَا ذكر عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، وَيحيى بن الجزار ثِقَة مَشْهُور.
وروى النَّسَائِيّ: عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَن عِيسَى بن يُونُس، عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، عَن كثير بن كثير، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: " رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَاف بِالْبَيْتِ سبعا، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ بحذائه فِي حَاشِيَة الْمقَام، وَلَيْسَ بَينه وَبَين الطّواف أحد ".
وَكثير بن كثير لم يسمع هَذَا الحَدِيث من أَبِيه، حَدثهُ [عَن] بعض أَهله، ذكر ذَلِك أَبُو دَاوُد.(2/161)
وروى أَبُو دَاوُد من طَرِيق يحيى بن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ، عَن عَبَّاس بن عبيد الله بن عَبَّاس، عَن الْفضل بن عَبَّاس قَالَ: " أَتَانَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن فِي بادية وَمَعَهُ عَبَّاس، فصلى فِي صحراء لَيْسَ بَين يَدَيْهِ ستْرَة، وحمارة لنا وكلبة يعبثان بَين يَدَيْهِ، فَمَا بالى ذَلِك ".
وروى أَيْضا من طَرِيق مجَالد، عَن أبي الوداك، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء، وادرءوا مَا اسْتَطَعْتُم؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
وكلا الْحَدِيثين لَا تقوم بهما حجَّة.
بَاب مَا جَاءَ أَن الصَّلَاة يقطعهَا الْمَرْأَة وَالْكَلب وَالْحمار
/ مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن علية.
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن يُونُس، عَن حميد ابْن هِلَال، عَن عبد اللَّهِ بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَامَ أحدكُم يُصَلِّي فَإِنَّهُ يستره إِذا كَانَ بَين يَده مثل آخِرَة الرحل، فَإِذا لم يكن بَين يَدَيْهِ مثل آخِرَة الرحل فَإِنَّهُ يقطع صلَاته: الْحمار، وَالْمَرْأَة، وَالْكَلب الْأسود. قلت: يَا أَبَا ذَر، مَا بَال الْكَلْب الْأسود من الْكَلْب الْأَحْمَر من الْكَلْب الْأَصْفَر؟ فَقَالَ: يَا ابْن أخي، سَأَلت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا سَأَلتنِي فَقَالَ: الْكَلْب الْأسود شَيْطَان ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا قَتَادَة، سَمِعت جَابر(2/162)
ابْن زيد، يحدث عَن ابْن عَبَّاس - رَفعه شُعْبَة - قَالَ: يقطع الصَّلَاة: الْمَرْأَة الْحَائِض، وَالْكَلب ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: [أوقفهُ] سعيد وَهِشَام [وَهَمَّام] عَن قَتَادَة، عَن جَابر ابْن زيد، (عَن) ابْن عَبَّاس.
بَاب منع الْمُصَلِّي أحدا أَن يمر بَين يَدَيْهِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي، فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ، وليدرأه مَا اسْتَطَاعَ، فَإِن أبي فليقاتله؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، ثَنَا ابْن هِلَال - يَعْنِي حميدا - قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا وَصَاحب لي نتذاكر حَدِيثا، إِذْ قَالَ أَبُو صَالح السمان: أَنا أحَدثك مَا سَمِعت من أبي سعيد وَرَأَيْت مِنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنا مَعَ أبي سعيد يُصَلِّي يَوْم الْجُمُعَة إِلَى شَيْء يستره من النَّاس، إِذا جَاءَ رجل شَاب من بني أبي معيط أَرَادَ أَن يجتاز بَين يَدَيْهِ فَدفع فِي نَحره، فَنظر فَلم يجد مساغا إِلَّا بَين يَدي أبي سعيد، فَعَاد فَدفع فِي نَحره أَشد من الدفعة الأولى، فَمثل قَائِما، فنال من أبي سعيد، ثمَّ زاحم النَّاس، فَخرج فَدخل على مَرْوَان، فَشَكا إِلَيْهِ مَا لَقِي، قَالَ: وَدخل أَبُو سعيد على مَرْوَان فَقَالَ لَهُ مَرْوَان: مَا لَك وَلابْن أَخِيك جَاءَ يشكوك؟ فَقَالَ(2/163)
أَبُو سعيد: سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا صلى أحدكُم إِلَى شَيْء يستره من النَّاس، فَأَرَادَ أحد أَن يجتاز بَين يَدَيْهِ فليدفع فِي نَحره، فَإِن أبي فليقاتله؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن عبد اللَّهِ وَمُحَمّد بن رَافع قَالَا: / ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك، عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن صَدَقَة بن يسَار، عَن عبد اللَّهِ بن عمر؛ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي، فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ، فَإِن أبي فليقاتله فَإِن مَعَه القرين ".
البُخَارِيّ! حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا يُونُس، عَن حميد بن هِلَال، عَن أبي صَالح، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا مر بَين يَدي أحدكُم شَيْء وَهُوَ يُصَلِّي فليمنعه، فَإِن أبي فليقاتله؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن أبي [سُرَيج] ، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، ثَنَا مَسَرَّة بن معبد اللَّخْمِيّ - لَقيته بِالْكُوفَةِ - قَالَ: حَدثنِي أَبُو عبيد حَاجِب سُلَيْمَان قَالَ: " رَأَيْت عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ قَائِما يُصَلِّي، فَذَهَبت أَمر بَين يَدَيْهِ فردني، ثمَّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَلا يحول بَينه وَبَين قبلته أحد فَلْيفْعَل ".(2/164)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب وَحَفْص بن عمر [قَالَا] : حَدثنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن يحيى بن الجزار، عَن ابْن عَبَّاس: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي فَذهب جدي يمر بَين يَدَيْهِ، فَجعل يتقيه ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، عَن عَمْرو ابْن مرّة، عَن يحيى بن الجزار، عَن ابْن عَبَّاس: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي (فجَاء) جدي يُرِيد أَن يمر بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَجعل يتَقَدَّم ويتأخر حَتَّى نزا الجدي ".
البرَاز: حَدثنَا أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عباد، حَدثنَا عُثْمَان بن مطر الرهاوي، حَدثنَا جرير بن حَازِم، عَن الزبير بن الخريت، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي، إِذا أَقبلت عنَاق لتمر بَين يَدَيْهِ، فساعاها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى ألزق بَطْنه بالجدار ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُتَّصِلا إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.
بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن أبي النَّضر، عَن بسر بن سعيد " أَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أرْسلهُ إِلَى أبي جهيم يسْأَله: مَاذَا سمع من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي؟ قَالَ أَبُو جهيم: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو يعلم الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَن يقف أَرْبَعِينَ خيرا لَهُ من أَن يمر بَين يَدَيْهِ ".(2/165)
قَالَ أَبُو النَّضر: لَا / أَدْرِي أقَال أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَو شهرا، أَو سنة.
روى أَبُو بكر الْبَزَّار هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: ثَنَا أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، ثَنَا سُفْيَان، عَن سَالم أبي النَّضر، عَن بسر بن سعيد قَالَ: " أَرْسلنِي أَبُو جهيم إِلَى زيد بن خَالِد أسأله عَن الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي. فَقَالَ: سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَو يعلم الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ لِأَن يقوم أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خير لَهُ من أَن يقوم بَين يَدَيْهِ ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنِي وَكِيع، عَن عبيد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن بن موهب، عَن عَمه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو يعلم أحدكُم مَا لَهُ فِي أَن يمر بَين يَدي أَخِيه معرضًا فِي الصَّلَاة، كَانَ لِأَن يقف مائَة عَام خير لَهُ من الخطوة الَّتِي خطا ".
عَم عبيد اللَّهِ هُوَ: عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن موهب الْقرشِي الْمدنِي، وَالِد يحيى، سمع أَبَا هُرَيْرَة، سمع مِنْهُ ابْن أَخِيه عبيد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن بن عبيد اللَّهِ بن موهب، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ.
بَاب الصَّلَاة إِلَى الرحل وَالرَّاحِلَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي الْبَصْرِيّ، ثَنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن عبيد اللَّهِ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يعرض رَاحِلَته فَيصَلي إِلَيْهَا. قلت: أَفَرَأَيْت إِذا هبت الركاب؟ قَالَ: كَانَ يَأْخُذ الرحل فيعدله فيصلى إِلَى آخرته - أَو قَالَ: مؤخره - وَكَانَ ابْن عمر يَفْعَله ".(2/166)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَابْن نمير قَالَا: ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن عبيد اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي إِلَى رَاحِلَته ". وَقَالَ ابْن نمير: " إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى إِلَى بعير ".
مُسلم: وَحدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا مُعْتَمر، عَن عبيد اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يعرض رَاحِلَته، وَهُوَ يُصَلِّي إِلَيْهَا ".
بَاب الصَّلَاة إِلَى العنزة
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد اللَّهِ بن نمير.
وثنا ابْن نمير - وَاللَّفْظ لَهُ ثَنَا أبي ثَنَا عبيد اللَّهِ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا خرج يَوْم الْعِيد أَمر بالحربة فتوضع بَين يَدَيْهِ فَيصَلي إِلَيْهَا وَالنَّاس وَرَاءه، وَكَانَ يفعل ذَلِك فِي السّفر، فَمن ثمَّ اتخذها الْأُمَرَاء ".
وثنا ابْن نمير، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا عبيد اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يركز العنزة وَيُصلي إِلَيْهَا ".
/ بَاب الصَّلَاة إِلَى الشّجر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن حَارِثَة بن مضرب، عَن عَليّ قَالَ: " لقد رَأَيْتنَا لَيْلَة بدر وَمَا فِينَا إِنْسَان إِلَّا (نَائِما) إِلَّا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَة، وَيَدْعُو حَتَّى أصبح ".(2/167)
بَاب الصَّلَاة إِلَى الأساطين وَبَينهَا
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مكي قَالَ يزِيد - (وَيزِيد بن أبي عبيد، وَسَلَمَة هُوَ ابْن الْأَكْوَع) -: أَنا قَالَ: " كَانَ سَلمَة يتحَرَّى الصَّلَاة عِنْد الأسطوانة الَّتِي عِنْد الْمُصحف. فَقلت لَهُ: يَا أَبَا مُسلم، أَرَاك تتحرى الصَّلَاة عِنْد هَذِه الأسطوانة! قَالَ: رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتحَرَّى الصَّلَاة عِنْدهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا جوَيْرِية، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " دخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيْت وَأُسَامَة بن زيد وَعُثْمَان بن طَلْحَة وبلال، فَأطَال ثمَّ خرج، كنت أول النَّاس دخل على أَثَره، فَسَأَلت بِلَالًا: أَيْن صلى؟ فَقَالَ: بَين العمودين المقدمين ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن يحيى بن هَانِئ بن عُرْوَة الْمرَادِي، عَن عبد الحميد بن مَحْمُود قَالَ: " صلينَا خلف أَمِير من الْأُمَرَاء فاضطرب النَّاس، فصلينا بَين ساريتين، فَلَمَّا صلينَا قَالَ أنس: كُنَّا نتقي هَذَا على عهد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وَفِي الْبَاب عَن [قُرَّة] بن إِيَاس، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.(2/168)
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: عبد الحميد بن مَحْمُود روى عَن: ابْن عَبَّاس، وَأنس، روى عَنهُ: يحيى بن هَانِئ، وَعَمْرو بن هرم، وَابْنه: حَمْزَة بن عبد الحميد. سُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ: شيخ.
بَاب من صلى وَقُدَامَة نَار أَو شَيْء مِمَّا يعبد
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد بن نمير.
وثنا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير - وتقاربا فِي اللَّفْظ - ثَنَا أبي، ثَنَا عبد الْملك، عَن عَطاء، عَن جَابر قَالَ: " انكسفت الشَّمْس فِي عهد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذكر أَنه تَأَخّر فِيهَا وتأخرت الصُّفُوف خَلفه، ثمَّ تقدم وَتقدم النَّاس مَعَه، فَانْصَرف وَقد أَضَاءَت الشَّمْس فَقَالَ: يأيها النَّاس، إِنَّمَا الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات اللَّهِ، وإنهما لَا ينكسفان لمَوْت أحد من النَّاس، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فصلوا حَتَّى تنجلي، مَا من شَيْء / توعدونه إِلَّا قد رَأَيْته فِي صَلَاتي هَذِه، لقد جِيءَ بالنَّار وذلكم حِين رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرت مَخَافَة أَن يُصِيبنِي من لفحها ".
بَاب الصَّلَاة إِلَى السرير وَالْمَرْأَة والنائم
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا جرير، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة قَالَت: " عدلتمونا بالكلاب والحمر، لقد رَأَيْتنِي مُضْطَجِعَة على السرير فَيَجِيء رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيتوسط السرير فَيصَلي، فأكره أَن أسنحة؛ فأنسل من قبل رجْلي السرير حَتَّى أنسل من لِحَافِي ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن(2/169)
أبي بكر بن حَفْص، عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: قَالَت عَائِشَة: " مَا يقطع الصَّلَاة؟ قَالَ: (فَقلت) : الْمَرْأَة وَالْحمار. فَقَالَت: إِن الْمَرْأَة لدابة سوء! لقد رَأَيْتنِي بَين يَدي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُعْتَرضَة كاعتراض الْجِنَازَة وَهُوَ يُصَلِّي ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاة إِلَى التصاوير
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، سَمِعت الْقَاسِم بن مُحَمَّد، يحدث عَن عَائِشَة " أَنه كَانَ لَهَا ثوب فِيهِ تصاوير ممدودة إِلَى سهوة، فَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي إِلَيْهِ فَقَالَ: أخريه عني. قَالَت: فأخرته فَجَعَلته وسائد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أنس قَالَ: " كَانَ قرام لعَائِشَة سترت بِهِ جَانب بَيتهَا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أميطي قرامك هَذَا؛ فَإِنَّهُ لَا تزَال تصاوير تعرض فِي صَلَاتي ".
النَّهْي عَن الصَّلَاة إِلَى الْقَبْر
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن ابْن جَابر، عَن بسر بن عبيد اللَّهِ، عَن وَاثِلَة، عَن أبي مرْثَد الغنوي قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجلسوا على الْقُبُور، وَلَا تصلوا إِلَيْهَا ".
أَبُو مرْثَد الغنوي اسْمه: كناز بن حُصَيْن بن يَرْبُوع، وَيُقَال: ابْن حصن.(2/170)
أَبْوَاب الصُّفُوف
بَاب فضل الصَّفّ الأول وميامين الصُّفُوف
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن سمي مولى أبي بكر، عَن أبي صَالح السمان، عَن أبي هُرَيْرَة؛ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو يعلم النَّاس مَا فِي النداء والصف الأول، ثمَّ لم يَجدوا إِلَّا أَن يستهموا عَلَيْهِ لَا ستهموا عَلَيْهِ، وَلَو يعلمُونَ / مَا فِي التهجير لَا ستبقوا إِلَيْهِ، وَلَو يعلمُونَ مَا فِي الْعَتَمَة وَالصُّبْح لأتوهما وَلَو حبوا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هناد بن السّري، وَأَبُو عَاصِم بن [جواس] الْحَنَفِيّ، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن مَنْصُور، عَن طَلْحَة الإيامي، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَتَخَلَّل الصَّفّ من نَاحيَة إِلَى نَاحيَة يمسح صدورنا، ومناكبنا، وَيَقُول: لَا تختلفوا فتختلف قُلُوبكُمْ، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن اللَّهِ وَمَلَائِكَته يصلونَ على الصُّفُوف الأولى ".
وروى أَبُو دَاوُد من طَرِيق أُسَامَة بن زيد، عَن عُثْمَان بن عُرْوَة، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن اللَّهِ وَمَلَائِكَته يصلونَ على ميامين الصُّفُوف ".
رَوَاهُ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن مُعَاوِيَة، عَن سُفْيَان، عَن أُسَامَة، وَأُسَامَة ضعفه يحيى بن سعيد وَأَبُو حَاتِم، وَوَثَّقَهُ يحيى بن معِين.(2/171)
بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّفّ الثَّانِي
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يحيى بن عُثْمَان الْحِمصِي، ثَنَا بَقِيَّة، عَن بحير بن سعد، عَن خَالِد بن معدان، عَن جُبَير بن نفير، عَن عرياض بن سَارِيَة، عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يُصَلِّي على الصَّفّ الأول ثَلَاثًا، وعَلى الثَّانِي وَاحِدَة ".
بَاب الْأَمر بتسوية الصُّفُوف وإتمامها والتراص فِيهَا
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت قَتَادَة، يحدث عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سووا صفوفكم؛ فَإِن تَسْوِيَة الصَّفّ من تَمام الصَّلَاة ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا وَقَالَ: " أقِيمُوا (الصُّفُوف) فِي الصَّلَاة؛ فَإِن إِقَامَة الصَّفّ من حسن الصَّلَاة ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن عبد الْعَزِيز - وَهُوَ ابْن صُهَيْب - عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَتموا الصُّفُوف؛ فَإِنِّي أَرَاكُم خلف ظَهْري ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن خَالِد، ثَنَا زُهَيْر، عَن حميد، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أقِيمُوا صفوفكم؛ فَإِنِّي أَرَاكُم من وَرَاء ظَهْري. وَكَانَ(2/172)
أَحَدنَا يلزق مَنْكِبه بمنكب صَاحبه، وَقدمه بقدمه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن أبي رَجَاء، / حَدثنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو، ثَنَا زَائِدَة بن قدامَة، ثَنَا حميد الطَّوِيل، ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ: " أَقمت الصَّلَاة فَأقبل علينا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أقِيمُوا صفوفكم وتراصوا فَإِنِّي أَرَاكُم من وَرَاء ظَهْري ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبان، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رصوا صفوفكم وقاربوا بَينهَا، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرى الشَّيْطَان يدْخل من خلل الصَّفّ كَأَنَّهَا الْحَذف ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن الْمُبَارك المخرمي، ثَنَا أَبُو هِشَام، ثَنَا أبان بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَهَذَا الحَدِيث.
وروى أَبُو دَاوُد: عَن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الغافقي، عَن ابْن وهب، وَعَن قُتَيْبَة، عَن اللَّيْث - وَحَدِيث ابْن وهب أتم - عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، عَن كثير بن مرّة، عَن عبد اللَّهِ بن عمر؛ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أقِيمُوا الصُّفُوف وحاذوا بَين المناكب، وسدوا الْخلَل، ولينوا بأيدي إخْوَانكُمْ، وَلَا تذروا فرجات للشَّيْطَان، وَمن وصل صفا وَصله اللَّهِ، وَمن قطع صفا قطعه اللَّهِ ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: لم يذكر قُتَيْبَة عبد اللَّهِ بن عمر، و ... ... عِيسَى بِالَّذِي(2/173)
صحف فِيهِ.
بَاب تَسْوِيَة الإِمَام الصُّفُوف
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو خَيْثَمَة، عَن سماك بن حَرْب، سَمِعت النُّعْمَان بن بشير يَقُول: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُسَوِّي صُفُوفنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بهَا القداح، حَتَّى رأى أَنا قد [عقلنا] عَنهُ، ثمَّ خرج يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَاد يكبر فَرَأى رجلا باديا صَدره من الصَّفّ، فَقَالَ: [عباد الله] لتسون صفوفكم أَو ليخالفن اللَّهِ بَين وُجُوهكُم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو بكر بن نَافِع الْبَصْرِيّ، ثَنَا بهز بن أَسد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس؛ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " اسْتَووا، اسْتَووا، اسْتَووا، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَرَاكُمْ من خَلْفي كَمَا أَرَاكُم من بَين يَدي ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا حَاتِم بن أبي صَغِيرَة، عَن سماك قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُسَوِّي صُفُوفنَا إِذا قمنا إِلَى الصَّلَاة، [فَإِذا] استوينا كبر ".(2/174)
بَاب الْوَعيد على من لم يسو الصَّفّ
مُسلم: / حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: سَمِعت سَالم بن أبي الْجَعْد الْغَطَفَانِي قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير قَالَ: سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لتسون صفوفكم، أَو ليخالفن اللَّهِ بَين وُجُوهكُم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن أبي الْقَاسِم الجدلي، سَمِعت النُّعْمَان بن بشير يَقُول: " أقبل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على النَّاس بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أقِيمُوا صفوفكم ثَلَاثًا، وَالله لتقيمن صفوفكم أَو ليخالفن اللَّهِ بَين قُلُوبكُمْ. قَالَ: فَرَأَيْت الرجل يلزق مَنْكِبه بمنكب صَاحبه وركبته بركبة صَاحبه وكعبه بكعبه ".
أَبُو الْقَاسِم اسْمه: الْحُسَيْن بن الْحَارِث.
بَاب إتْمَام الصُّفُوف الأول فَالْأول
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن الْمسيب بن رَافع، عَن تَمِيم بن طرفَة، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " خرج علينا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مَا لي أَرَاكُم رافعي أَيْدِيكُم كَأَنَّهَا أَذْنَاب خيل شمس؟ ! اسكنوا فِي الصَّلَاة. قَالَ: ثمَّ خرج علينا فرانا حلقا فَقَالَ: مَا لي أَرَاكُم عزين؟ قَالَ: ثمَّ خرج علينا فَقَالَ: أَلا تصفون كَمَا تصف الْمَلَائِكَة عِنْد رَبهَا؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، وَكَيف تصف الْمَلَائِكَة عِنْد رَبهَا؟ فَقَالَ: يتمون الصُّفُوف الأول ويتراصون فِي الصَّفّ ".(2/175)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، عَن خَالِد - هُوَ ابْن الْحَارِث - ثَنَا سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس؛ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَتموا الصَّفّ الأول ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ؛ فَإِن كَانَ نقص فَلْيَكُن فِي الصَّفّ الْمُؤخر ".
بَاب أَي صُفُوف الرِّجَال خير
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خير صُفُوف الرِّجَال أَولهَا، وشرها آخرهَا، وَخير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا، وشرها أَولهَا ".
مُسلم: ثَنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا أَبُو الْأَشْهب، عَن أبي نَضرة الْعَبْدي، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى فِي أَصْحَابه تأخرا، فَقَالَ لَهُم: تقدمُوا فائتموا بِي، وليأتم بكم من بعدكم، لَا يزَال قوم يتأخرون حَتَّى يؤخرهم اللَّهِ ".
وَذكر أَبُو دَاوُد من طَرِيق / عِكْرِمَة بن عمار، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يزَال قوم يتأخرون عَن الصَّفّ الأول حَتَّى يؤخرهم اللَّهِ فِي النَّار ".
رَوَاهُ عَن يحيى بن معِين، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن عِكْرِمَة.
وَعِكْرِمَة مُضْطَرب الحَدِيث عَن يحيى بن أبي كثير، قَالَه أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ يحيى بن معِين: كَانَ عِكْرِمَة صَدُوقًا حَافِظًا.(2/176)
بَاب صُفُوف النِّسَاء وأيها خير
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خير صُفُوف الرِّجَال أَولهَا، وشرها آخرهَا وَخير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا، وشرها أَولهَا ".
بَاب كَون الْمَرْأَة وَحدهَا صفقا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن يُوسُف، ثَنَا مَالك، عَن إِسْحَاق بن عبد اللَّهِ ابْن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك " أَن جدته مليكَة دعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لطعام صَنعته لَهُ، فَأكل مِنْهُ ثمَّ قَالَ: قومُوا فلأصلي بكم. قَالَ أنس: فَقُمْت إِلَى حَصِير لنا قد اسود من طول مَا لبس، فنضحته بِمَاء، فَقَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصففت واليتيم وَرَاءه، والعجوز من وَرَائِنَا، فصلى لنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف ".
بَاب إتْمَام الصُّفُوف قبل أَن يقوم الإِمَام مقَامه
مُسلم: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَن الصَّلَاة كَانَت تُقَام لرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَأْخُذ النَّاس مَصَافهمْ قبل أَن يقوم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقَامه ".
بَاب إِذا ركع دون الصَّفّ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا زِيَاد الأعلم، عَن(2/177)
الْحسن " أَن أَبَا بكرَة جَاءَ وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَاكِع، فَرَكَعَ دون الصَّفّ، ثمَّ مَشى إِلَى الصَّفّ، فَلَمَّا قضي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته قَالَ: أَيّكُم الَّذِي ركع دون الصَّفّ، ثمَّ مَشى إِلَى الصَّفّ؟ فَقَالَ أَبُو بكرَة: أَنا. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: زادك اللَّهِ حرصا وَلَا تعد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا همام، عَن الأعلم بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَحَدِيث أبي دَاوُد أبين.
عَليّ بن عبد الْعَزِيز: حَدثنَا الْحجَّاج بن الْمنْهَال، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن الأعلم - هُوَ زِيَاد - عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة " أَنه دخل الْمَسْجِد وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي وَقد ركع، فَرَكَعَ ثمَّ دخل الصَّفّ وَهُوَ رَاكِع، فَلَمَّا انْصَرف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَيّكُم دخل الصَّفّ وَهُوَ رَاكِع؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بكرَة أَنا:. قَالَ: زادك اللَّهِ حرصا وَلَا تعد ".
حَدَّثَنِيهِ الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا عَليّ، ثَنَا عبد اللَّهِ بن ربيع، ثَنَا عبد اللَّهِ ابْن مُحَمَّد بن عُثْمَان، ثَنَا أَحْمد بن خَالِد، ثَنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز ... فَذكره.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، ثَنَا الْمقدمِي، ثَنَا عمر بن عَليّ، ثَنَا ابْن عجلَان، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَتَى أحدكُم الصَّلَاة فَلَا يرْكَع دون الصَّفّ حَتَّى يَأْخُذ مَكَانَهُ من الصَّفّ ".
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن صلى خلف الصَّفّ وَحده
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب وَحَفْص بن عمر قَالَا: ثَنَا شُعْبَة، عَن(2/178)
عَمْرو بن مرّة، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن عَمْرو بن رَاشد، عَن وابصة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا يُصَلِّي خلف الصَّفّ وَحده فَأمره أَن يُعِيد ". قَالَ سُلَيْمَان ابْن حَرْب: " الصَّلَاة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن حُصَيْن، عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ: " أَخذ زِيَاد بن أبي الْجَعْد بيَدي وَنحن بالرقة، فَقَامَ بِي على شيخ يُقَال لَهُ: وابصة بن معبد من بني أَسد، فَقَالَ زِيَاد: حَدثنِي هَذَا الشَّيْخ أَن رجلا صلى خلف الصَّفّ وَحده - وَالشَّيْخ يسمع - فَأمره رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُعِيد الصَّلَاة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث وابصة حَدِيث حسن. وَقَالَ فِي كتاب " الْعِلَل ": حَدِيث حُصَيْن عِنْدِي أصح وأشبه؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ من غير طريقهما عَن زِيَاد بن أبي الْجَعْد، عَن وابصة.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا ملازم بن عَمْرو، عَن عبد اللَّهِ بن بدر حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن شَيبَان، عَن أَبِيه قَالَ: " قدمنَا على رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبَايَعْنَاهُ وصلينا خَلفه، فَقضى الصَّلَاة، فَرَأى رجلا يُصَلِّي خلف الصَّفّ فَوقف عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى انْصَرف، فَقَالَ لَهُ: اسْتقْبل صَلَاتك؛ فَإِنَّهُ لَا صَلَاة للَّذي صلى خلف الصَّفّ ".
بَاب عدد صَلَاة الظّهْر وَالْعصر
النَّسَائِيّ: / أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا هشيم، أَنا مَنْصُور بن زَاذَان، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَن أبي الصّديق، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كُنَّا نحرز قيام رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الظّهْر وَالْعصر، فحزرنا قِيَامه فِي الظّهْر قدر ثَلَاثِينَ آيَة، قدر سُورَة السَّجْدَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ على النّصْف من(2/179)
ذَلِك، وحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الْعَصْر على قدر الْأُخْرَيَيْنِ من الظّهْر، وحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ من الْعَصْر على النّصْف من ذَلِك ".
بَاب عدد صَلَاة الْمغرب وَالْعشَاء
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر بن زيد، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِالْمَدِينَةِ سبعا وثمانيا الظّهْر وَالْعصر، وَالْمغْرب وَالْعشَاء ".
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث، ثَنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا عبد اللَّهِ بن وهب، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال.
وثنا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، ثَنَا موهب بن يزِيد، ثَنَا عبد اللَّهِ بن وهب، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن صَالح بن كيسَان، عَن عبد اللَّهِ بن الْفضل، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا توتروا بِثَلَاث، أوتروا بِخمْس أَو بِسبع، وَلَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب ".
وَاللَّفْظ لموهب بن يزِيد، قَالَ: كلهم ثِقَات.
بَاب عدد صَلَاة الصُّبْح
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا سُفْيَان، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْفجْر يَوْم(2/180)
الْجُمُعَة: الم تَنْزِيل، وَهل أَتَى على الْإِنْسَان ".
بَاب إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن عبد اللَّهِ بن سرجس قَالَ: " دخل رجل الْمَسْجِد وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الْغَدَاة، فصلى رَكْعَتَيْنِ فِي جَانب الْمَسْجِد، ثمَّ دخل مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا (صلى) رَسُول اللَّهِ قَالَ: يَا فلَان، بِأَيّ الصَّلَاتَيْنِ اعتددت، أبصلاتك وَحدك، أم بصلاتك مَعنا؟ ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن حَفْص ابْن عَاصِم، عَن ابْن بُحَيْنَة / قَالَ: " أُقِيمَت صَلَاة الصُّبْح فَرَأى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا يُصَلِّي والمؤذن يُقيم، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا؟ ! ".
الرجل هُوَ طَلْحَة بن عبيد اللَّهِ على مَا ذكره أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ - رَحمَه اللَّهِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَر: وثنا الْحسن بن بكر بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة الزبيدِيّ، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن شريك بن عبد اللَّهِ بن أبي [نمر] ، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج حِين أُقِيمَت صَلَاة(2/181)
الصُّبْح فَرَأى نَاسا يصلونَ رَكْعَتي الْفجْر، فَقَالَ: أصلاتان مَعًا؟ ! .
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن وَرْقَاء، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة ". تَابع وَرْقَاء على رفع هَذَا الحَدِيث عَن عَمْرو: زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق، وَأَيوب، وَأَوْقفهُ عَنهُ: حَمَّاد بن سَلمَة، وَحَمَّاد بن زيد، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة.
بَاب الْأَمر بِالسُّكُونِ فِي الصَّلَاة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن الْمسيب بن رَافع، عَن تَمِيم الطَّائِي، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " دخل علينا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهم - أَو النَّاس - رافعوا أَيْديهم - قَالَ زُهَيْر: أرَاهُ قَالَ: فِي الصَّلَاة - قَالَ: مَا لي أَرَاكُم رافعي أَيْدِيكُم كَأَنَّهَا أَذْنَاب خيل شمس؟ اسكنوا فِي الصَّلَاة "
بَاب إِذا صلى لنَفسِهِ فليطل مَا شَاءَ
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا مُوسَى بن طَلْحَة، حَدثنِي عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: أم قَوْمك. قَالَ: قلت: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي أجد فِي نَفسِي شَيْئا. قَالَ: ادنه. فجلسني بَين يَدَيْهِ، ثمَّ وضع كَفه فِي صَدْرِي بَين ثديي، ثمَّ قَالَ: تحول. فوضعها(2/182)
فِي ظَهْري بَين كَتِفي، ثمَّ قَالَ: أم قَوْمك، فَمن أم قوما فليخفف؛ فَإِن فيهم الْكَبِير وَإِن فيهم الْمَرِيض، وَإِن فيهم الضَّعِيف، وَإِن فيهم ذَا الْحَاجة، وَإِذا صلى أحدكُم وَحده فَليصل كَيفَ شَاءَ ".
بَاب كل مصل فَإِنَّمَا يُصَلِّي لنَفسِهِ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْوَلِيد - يَعْنِي ابْن كثير - حَدثنِي سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " صلى [بِنَا] رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يَوْمًا ثمَّ انْصَرف فَقَالَ: يَا فلَان، أَلا تحسن صَلَاتك؟ أَلا ينظر الْمُصَلِّي إِذا صلى كَيفَ يُصَلِّي؟ فَإِنَّمَا يُصَلِّي لنَفسِهِ، إِنِّي وَالله لَأبْصر من ورائي كَمَا أبْصر من بَين يَدي ".
بَاب قَول النَّبِي: إِن فِي الصَّلَاة شغلا
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَابْن نمير وَأَبُو سعيد الْأَشَج - وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة - قَالُوا: ثَنَا ابْن فُضَيْل، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " كُنَّا نسلم على رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَيرد علينا، فَلَمَّا رَجعْنَا من عِنْد النَّجَاشِيّ سلمنَا عَلَيْهِ فَلم يرد علينا، فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، كُنَّا نسلم عَلَيْك فِي الصَّلَاة فَترد علينا! فَقَالَ: إِن فِي الصَّلَاة شغلا ".
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي
البُخَارِيّ: ثَنَا مُسَدّد، ثَنَا إِسْمَاعِيل - هُوَ ابْن علية - ثَنَا أَيُّوب، عَن أبي(2/183)
قلَابَة، عَن أبي سُلَيْمَان مَالك بن الْحُوَيْرِث قَالَ: " أَتَيْنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن شبببة متقاربون، فَأَقَمْنَا عِنْده عشْرين لَيْلَة، فَظن أَنا اشتقنا إِلَى أهلنا، وَسَأَلنَا عَمَّن تركنَا فِي أهلنا فَأَخْبَرنَاهُ، وَكَانَ رَقِيقا رحميا فَقَالَ: ارْجعُوا إِلَى أهليكم فعلموهم ومروهم، وصلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذا حضرت الصَّلَاة فليؤذن لكم أحدكُم، ثمَّ ليؤمكم أكبركم ".
بَاب وجوب اسْتِقْبَال الْقبْلَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سعيد بن يَعْقُوب الطَّالقَانِي، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، أَنا حميد الطَّوِيل، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لاالله إِلَّا اللَّهِ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، وَأَن يستقبلوا قبلتنا، ويأكلوا ذبيحتنا، وَأَن يصلوا صَلَاتنَا، فَإِذا فعلوا ذَلِك حرمت علينا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، لَهُم مَا للْمُسلمين، وَعَلَيْهِم مَا على الْمُسلمين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَبَّاس، ثَنَا ابْن الْمهْدي، ثَنَا مَنْصُور بن سعد، عَن مَيْمُون بن سياه، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى صَلَاتنَا، واستقبل قبلتنا، وَأكل ذبيحتنا، فَذَلِك الْمُسلم الَّذِي لَهُ ذمَّة اللَّهِ وَرَسُوله، فَلَا تخفروا اللَّهِ فِي ذمَّته ".(2/184)
قَالَ ابْن الْمُبَارك: عَن حميد الطَّوِيل، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لاالله إِلَّا اللَّهِ، فَإِذا قالوها، وصلوا صَلَاتنَا، واستقبلوا قبلتنا، / وذبحوا ذبيحتنا - فقد حرمت علينا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وحسابهم على اللَّهِ ".
بَاب قَول اللَّهِ تَعَالَى: {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام}
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: " صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر شهرا حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} فَنزلت بَعْدَمَا صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَانْطَلق رجل من الْقَوْم فَمر بناس من الْأَنْصَار وهم يصلونَ فَحَدثهُمْ (بِالْحَدِيثِ) ؛ فَوَلوا وُجُوههم قبل الْبَيْت ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس، عَن عبد اللَّهِ بن دِينَار، عَن ابْن عمر قَالَ: " بَيْنَمَا النَّاس فِي صَلَاة الصُّبْح بقباء إِذْ جَاءَهُم آتٍ فَقَالَ: إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أنزل عَلَيْهِ اللَّيْلَة، وَقد أَمر أَن يسْتَقْبل الْكَعْبَة فاستقبلوها. وَكَانَت وُجُوههم إِلَى الشَّام، فاستداروا إِلَى الْكَعْبَة ".(2/185)
وَلمُسلم فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: " وَقد صلوا رَكْعَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن رَجَاء، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحْو بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر شهرا أَو سَبْعَة عشر شهرا، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحب أَن يُوَجه إِلَى الْكَعْبَة، فَأنْزل اللَّهِ - عز وَجل -: {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} فَتوجه نَحْو الْكَعْبَة، وَقَالَ السُّفَهَاء من النَّاس وَالْيَهُود: {مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قل لله الْمشرق وَالْمغْرب يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} فصلى مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل، ثمَّ خرج بَعْدَمَا صلى فَمر على قوم من الْأَنْصَار فِي صَلَاة الْعَصْر نَحْو بَيت الْمُقَدّس، فَقَالَ: هُوَ يشْهد أَنه صلى مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنه توجه نَحْو الْكَعْبَة، فتحرف الْقَوْم حَتَّى توجهوا نَحْو الْكَعْبَة ".
بَاب مَا جَاءَ أَن مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب قبْلَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن بكر الْمروزِي، ثَنَا الْمُعَلَّى بن مَنْصُور، ثَنَا عبد اللَّهِ بن جَعْفَر المخرمي، عَن عُثْمَان بن مُحَمَّد الأخنسي، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب قبْلَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(2/186)
بَاب وجوب تَكْبِيرَة الْإِحْرَام
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن عبيد اللَّهِ، ثَنَا سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل الْمَسْجِد فَدخل رجل فصلى، ثمَّ جَاءَ فَسلم على / رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السَّلَام فَقَالَ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. فَرجع الرجل فصلى كَمَا كَانَ صلى، ثمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَعَلَيْك السَّلَام. ثمَّ قَالَ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. حَتَّى فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، فَقَالَ الرجل: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أحسن غير هَذَا، عَلمنِي. قَالَ: إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر، ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن، ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا ".
[حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا أَبُو أُسَامَة وَعبد اللَّهِ بن نمير] .
وثنا ابْن نمير، ثَنَا أبي قَالَا: ثَنَا عبيد اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن رجلا دخل الْمَسْجِد فصلى وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نَاحيَة ... " وساقا الحَدِيث بِمثل هَذِه الْقِصَّة وَزَادا فِيهِ: " إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة، فأسبغ الْوضُوء، ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة فَكبر ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَخْبرنِي شُعَيْب، حَدثنِي أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا ركع فأركعوا، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده. فَقولُوا: رَبنَا(2/187)
وَلَك الْحَمد. وَإِذا سجد فاسجدوا، وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي ابْن شهَاب، عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن؛ أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة يكبر حِين يقوم، ثمَّ يكبر حِين يرْكَع، ثمَّ يَقُول: سمع اللَّهِ لمن حَمده. حِين يرفع صلبه من الرُّكُوع، ثمَّ يَقُول وَهُوَ قَائِم: رَبنَا وَلَك الْحَمد. ثمَّ يكبر حِين يهوي سَاجِدا، ثمَّ يكبر حِين يرفع رَأسه، ثمَّ يكبر حِين يسْجد، ثمَّ يكبر حِين يرفع رَأسه، ثمَّ يفعل مثل ذَلِك فِي الصَّلَاة كلهَا حَتَّى يَقْضِيهَا، وَيكبر حِين يقوم من الْمثنى بعد الْجُلُوس. ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن ابْن عقيل، عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور، وتحريمها التَّكْبِير، وتحليلها التَّسْلِيم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ - وَذكر هَذَا الحَدِيث -: كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ والْحميدِي يحتجون بِحَدِيث ابْن عقيل؛ وَهُوَ عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عقيل.
/ بَاب رفع الْيَدَيْنِ عِنْد تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَمَعَ كل خفض وَرفع وَإِلَى أَيْن يرفع يَدَيْهِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو بكر بن أبي(2/188)
شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب وَابْن نمير، كلهم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة - وَاللَّفْظ ليحيى - أَنا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه قَالَ: " رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[إِذا] افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي مَنْكِبَيْه، وَقبل أَن يرْكَع، وَإِذا رفع من الرُّكُوع، وَلَا يرفعهما بَين السَّجْدَتَيْنِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن نصر بن عَاصِم، عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا كبر رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما أُذُنَيْهِ، وَإِذا ركع رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما أُذُنَيْهِ، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع فَقَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده، فعل مثل ذَلِك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا أَبُو شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سَالم ابْن عبد اللَّهِ، أَن عبد اللَّهِ بن عمر قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - افْتتح التَّكْبِير فِي الصَّلَاة فَرفع يَدَيْهِ حِين يكبر حَتَّى يجعلهما حَذْو مَنْكِبَيْه، وَإِذا كبر للرُّكُوع فعل مثله، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده فعل مثله، وَقَالَ: رَبنَا وَلَك الْحَمد. وَلَا يفعل ذَلِك حِين يسْجد وَلَا حِين يرفع رَأسه من السُّجُود ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا خَالِد بن عبد اللَّهِ، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة " أَنه رأى مَالك بن الْحُوَيْرِث إِذا صلى كبر ثمَّ رفع يَدَيْهِ، وَإِذا أَرَادَ(2/189)
أَن يرْكَع رفع يَدَيْهِ، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع رفع يَدَيْهِ. وَحدث أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يفعل هَكَذَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق الوَاسِطِيّ، ثَنَا خَالِد بن عبد اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ مثله، غير أَنه قَالَ: " كبر وَرفع يَدَيْهِ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَيَّاش، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، ثَنَا عبيد اللَّهِ، عَن نَافِع " أَن ابْن عمر كَانَ إِذا دخل فِي الصَّلَاة كبر وَرفع يَدَيْهِ، وَإِذا ركع رفع يَدَيْهِ، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده رفع يَدَيْهِ، وَإِذا قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ رفع يَدَيْهِ " وَرفع ذَلِك ابْن عمر إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
الطَّحَاوِيّ: ثَنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، ثَنَا عبيد اللَّهِ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي كل خفض وَرفع، وركوع وَسُجُود، وَقيام وقعود، وَبَين السَّجْدَتَيْنِ، وَيذكر أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / كَانَ يفعل ذَلِك ".
وروى أَبُو دَاوُد: عَن عبيد اللَّهِ بن عمر بن ميسرَة، عَن عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن جحادة، عَن عبد الْجَبَّار بن وَائِل، عَن وَائِل بن عَلْقَمَة، عَن أبي: وَائِل بن حجر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث " أَنه كَانَ إِذا رفع رَأسه من السُّجُود رفع يَدَيْهِ ".
كَذَا وَقع عِنْد أبي دَاوُد: وَائِل بن عَلْقَمَة، وَالصَّوَاب: عَلْقَمَة بن وَائِل،(2/190)
كَذَلِك ذكره مُسلم فِي كِتَابه وَابْن أبي حَاتِم وَالْبُخَارِيّ فِي تاريخيهما. وَهُوَ عَلْقَمَة بن وَائِل بن حجر أَخُو عبد الْجَبَّار بن وَائِل بن حجر، وَعبد الْجَبَّار لم يسمع من أَبِيه، إِنَّمَا يحدثه عَنهُ أَخُوهُ عَلْقَمَة وَغَيره.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، عَن حميد، عَن أنس " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن، أَنا عبيد اللَّهِ بن عبد الْمجِيد، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد بن سمْعَان، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ مدا ".
بَاب من لم ير الرّفْع إِلَّا فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن عَلْقَمَة قَالَ: قَالَ عبد اللَّهِ: " أَلا أُصَلِّي بكم صَلَاة رَسُول اللَّهِ؟ فصلى فَلم يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي أول مرّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
بَاب وضع اليمني على الْيُسْرَى فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا همام، ثَنَا مُحَمَّد بن(2/191)
جحادة، ثَنَا عبد الْجَبَّار بن وَائِل، عَن عَلْقَمَة بن وَائِل وَمولى لَهُم، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَن أَبِيه وَائِل بن حجر " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رفع يَدَيْهِ حِين دخل فِي الصَّلَاة كبر - وصف همام حيلا أُذُنَيْهِ - ثمَّ إلتحف بِثَوْبِهِ، ثمَّ وضع يَده الْيُمْنَى على الْيُسْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرْكَع أخرج يَدَيْهِ من الثَّوْب ثمَّ رفعهما [ثمَّ] كبر فَرَكَعَ، فَلَمَّا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده رفع يَدَيْهِ، فَلَمَّا سجد سجد بَين كفيه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا زَائِدَة، عَن عَاصِم ابْن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل بن حجر " وصف صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: ثمَّ وضع يَده الْيُمْنَى على ظهر كَفه الْيُسْرَى والرسغ والساعد " وَقَالَ فِيهِ: " / ثمَّ جِئْت بعد ذَلِك فِي زمَان فِيهِ برد شَدِيد، فَرَأَيْت النَّاس عَلَيْهِم جلّ الثِّيَاب، تحرّك أَيْديهم تَحت الثِّيَاب ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا هشيم، عَن الْحجَّاج بن أبي زَيْنَب قَالَ: سَمِعت أَبَا عُثْمَان، يحدث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " رَآنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد وضعت شمَالي على يَمِيني فِي الصَّلَاة، فَأخذ يَمِيني فوضعها على شمَالي ".
أرْسلهُ غير هشيم، وَالْحجاج بن أبي زَيْنَب لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
بَاب ذكر السكتتين والتوجيه
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع، عَن(2/192)
أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا كبر فِي الصَّلَاة سكت هنيهة قبل ان يقْرَأ. فَقلت: يَا رَسُول اللَّهِ، بِأبي أَنْت وَأمي (رَأَيْت) سكوتك بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة مَا تَقول؟ قَالَ: أَقُول: اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب، اللَّهُمَّ نقني من خطاياي كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، اللَّهُمَّ اغسلني من خطاياي (بِالْمَاءِ والثلج) وَالْبرد ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن يُونُس، عَن الْحسن قَالَ: قَالَ سَمُرَة: " حفظت سكتتين فِي الصَّلَاة: سكتة إِذا كبر الإِمَام حَتَّى يقْرَأ، وسكتة إِذا فرغ من فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة عِنْد الرُّكُوع. قَالَ: فَأنْكر ذَلِك عمرَان بن حُصَيْن، قَالَ: فَكَتَبُوا إِلَى الْمَدِينَة فِي ذَلِك إِلَى أبي فَصدق سَمُرَة ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: كَذَا قَالَ حميد: " وسكتة إِذا فرغ من الْقِرَاءَة ".
سَماع الْحسن من سَمُرَة صَححهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ، وَلم يُصَحِّحهُ غَيره.
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، ثَنَا يُوسُف بن سعيد، ثَنَا حجاج، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي مُوسَى بن عقبَة، عَن عبد اللَّهِ بن الْفضل، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن عبيد اللَّهِ بن أبي رَافع، عَن عَليّ بن أبي طَالب " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا ابْتَدَأَ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة قَالَ: وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين، " إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي(2/193)
ومماتي لله رب الْعَالمين، لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أمرت وَأَنا (أول) الْمُسلمين، اللَّهُمَّ لَك الْحَمد لاالله إِلَّا انت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك (أَنْت رَبِّي لاالله إِلَّا أَنْت) ، أَنْت رَبِّي وَأَنا عَبدك، ظلمت نَفسِي، وَاعْتَرَفت بذنبي، فَأغْفِر لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، واهدني لأحسن الْأَخْلَاق لَا يهدي لأحسنها / إِلَّا أَنْت، واصرف عني سيئها لَا يصرف عني سيئها إِلَّا أَنْت، لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك، وَالْمهْدِي من هديت، وَأَنا بك وَإِلَيْك، تَبَارَكت وَتَعَالَيْت، أستغفرك (ثمَّ) أَتُوب إِلَيْك ... ... ".
ثمَّ ذكر بَاقِي الحَدِيث.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد: بِمَعْنَاهُ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن مُوسَى بن عقبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن قَتَادَة وثابت وَحميد. عَن أنس بن مَالك " أَن رجلا جَاءَ إِلَى الصَّلَاة وَقد حفزه النَّفس، فَقَالَ: اللَّهِ أكبر، الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا قضي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته قَالَ: أَيّكُم الْمُتَكَلّم بالكلمات، فَإِنَّهُ لم يقل بَأْسا؟ فَقَالَ الرجل: أَنا يَا رَسُول اللَّهِ، جِئْت وَقد حفزني النَّفس، فقلتها. قَالَ: لقد رَأَيْت اثْنَي عشر ملكا يبتدرونها أَيهمْ يرفعها ".
وَزَاد حميد فِيهِ " وَإِذا جَاءَ أحدكُم فليمش نَحوا مِمَّا كَانَ يمشي، فَليصل مَا أدْرك، [وليقض] مَا سبقه ".(2/194)
بَاب لَا يسكت فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مِسْكين، ثَنَا يحيى بن حسان، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عمَارَة بن الْقَعْقَاع بن شبْرمَة، ثَنَا أَبُو زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نَهَضَ فِي الثَّانِيَة - يَعْنِي: من الصَّلَاة - يستفتح بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَلم يسكت ".
رَوَاهُ مُسلم بن الْحجَّاج قَالَ: حدثت عَن يحيى بن حسان وَيُونُس الْمُؤَدب وَغَيرهمَا قَالُوا: ثَنَا عبد الْوَاحِد، بِإِسْنَاد الْبَزَّار وَحَدِيثه.
بَاب مَا جَاءَ فِي التَّعَوُّذ عِنْد الْقِرَاءَة
أَبُو دَاوُد حَدثنَا عَمْرو بن مَرْزُوق، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عَاصِم الْعَنزي، عَن ابْن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه " أَنه رأى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي صَلَاة - قَالَ عَمْرو بن مرّة: لَا أَدْرِي أَي صَلَاة هِيَ - فَقَالَ: اللَّهِ أكبر كَبِيرا، اللَّهِ أكبر كَبِيرا، الله أكبر كَبِيرا، وَالْحَمْد لله كثيرا، الْحَمد لله كثيرا، الْحَمد لله كثيرا سُبْحَانَ اللَّهِ بكرَة وَأَصِيلا - ثَلَاثًا - أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان وَمن نفخة ونفثة وهمزة ". قَالَ: نفثة: الشّعْر، ونفخة: الْكبر، وهمزه: الموتة.
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار - وَذكر هَذَا الحَدِيث -: لَا نعلم أحدا يرويهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا جُبَير بن مطعم، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا إِلَّا هَذَا الطَّرِيق، وَقد اخْتلفُوا فِي اسْم الْعَنزي الَّذِي رَوَاهُ عَن نَافِع بن جُبَير، فَقَالَ شُعْبَة: عَن عَمْرو، عَن عَاصِم الْعَنزي. وَقَالَ ابْن فُضَيْل: / عَن حُصَيْن، عَن عَمْرو، عَن عباد بن عَاصِم. وَقَالَ زَائِدَة: عَن عَمْرو، عَن عمار بن عَاصِم. وَالرجل لَيْسَ بِمَعْرُوف، وَإِنَّمَا ذَكرْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ يروي هَذَا الْكَلَام غَيره عَن نَافِع بن جُبَير.(2/195)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الْبَصْرِيّ، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي، عَن عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة بِاللَّيْلِ كبر، ثمَّ يَقُول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وتبارك اسْمك، وَتَعَالَى جدك، ولاالله غَيْرك، ثمَّ يَقُول: اللَّهِ أكبر كَبِيرا. ثمَّ يَقُول: أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم من همزه ونفثه ونفخه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن عَليّ، وَعَائِشَة، وَعبد اللَّهِ بن مَسْعُود، وَجَابِر، وَجبير بن مطعم، وَابْن عمر. قَالَ أَبُو عِيسَى: وَحَدِيث أبي سعيد أشهر حَدِيث فِي الْبَاب.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد السَّلَام بن مطهر، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، وَزَاد بعد قَوْله: " لَا إِلَه غَيْرك، ثمَّ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ - ثَلَاثًا " وَقَالَ فِي آخر الحَدِيث: " ثمَّ يقْرَأ ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: يَقُولُونَ: هُوَ عَن عَليّ بن عَليّ، عَن الْحسن (مُرْسلا) ، وَالوهم من جَعْفَر.
وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا: عَن قطن بن نسير، عَن جَعْفَر، عَن حميد الْأَعْرَج، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة - وَذكرت الْإِفْك - قَالَت: " جلس رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكشف عَن وَجهه، وَقَالَ: أعوذ بالسميع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم: {إِن الَّذين جَاءُوا بالإفك ... .} الْآيَة ".(2/196)
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا حَدِيث مُنكر، قد روى هَذَا الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ جمَاعَة لم يذكرُوا هَذَا الْكَلَام على هَذَا الشَّرْح، وأخاف أَن يكون أَمر الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ كَلَام حميد.
بَاب مَا جَاءَ فِي قِرَاءَة بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عمر بن الْحسن بن عَليّ الشَّيْبَانِيّ، ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ابْن مَرْوَان، ثَنَا أَبُو طَاهِر أَحْمد بن عِيسَى، ثَنَا ابْن أبي فديك، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر، فَكَانُوا يجهرون بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم ".
قَالَ: وثنا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن عبد الحكم، ثَنَا أبي وَشُعَيْب بن اللَّيْث قَالَا: ثَنَا اللَّيْث بن سعد، عَن خَالِد بن يزِيد، عَن سعيد ابْن أبي هِلَال، عَن نعيم بن عبد اللَّهِ المجمر قَالَ: " صليت خلف أبي هُرَيْرَة فَقَرَأَ: بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم، حَتَّى بلغ: غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين. قَالَ: آمين، وَقَالَ النَّاس: آمين، وَيَقُول كلما سجد: اللَّهِ أكبر اللَّهِ أكبر، / وَإِذا قَامَ من الْجُلُوس من اثْنَتَيْنِ قَالَ: اللَّهِ أكبر، ثمَّ يَقُول: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، أخبرنَا الْمُخْتَار بن فلفل، عَن أنس بن مَالك.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن الْمُخْتَار، عَن أنس قَالَ: " بَينا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم بَين أظهرنَا (فأغفى) إغْفَاءَة، ثمَّ رفع رَأسه مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا: مَا أضْحكك يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَالَ: (نزلت) عَليّ آنِفا سُورَة. فَقَرَأَ: بِسم(2/197)
اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر فصل لِرَبِّك وانحر إِن شانئك هُوَ الأبتر} ثمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَر؟ فَقُلْنَا: اللَّهِ وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهُ نهر وعدنيه رَبِّي -[عز وَجل]- عَلَيْهِ خير كثير، هُوَ حَوْض ترد عَلَيْهِ أمتِي يَوْم الْقِيَامَة، آنيته عدد النُّجُوم، فيختلج العَبْد مِنْهُم، فَأَقُول: رب إِنَّه من أمتِي، فَيَقُول: مَا تَدْرِي مَا أحدثت بعْدك ". زَاد ابْن حجر فِي حَدِيثه: " بَين أظهرنَا فِي الْمَسْجِد " وَقَالَ: " مَا أحدث بعْدك ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر قَالَ ابْن الْمثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت قَتَادَة، يحدث عَن أنس قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان، فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يقْرَأ بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم ".
وَمن طَرِيق أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " صليت خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان، فَكَانُوا لَا يجهرون بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَبدة " أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يجْهر بِهَذِهِ الْكَلِمَات يَقُول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، تبَارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك ".
وَعَن قَتَادَة: أَنه كتب إِلَيْهِ يُخبرهُ، عَن أنس بن مَالك أَنه حَدثهُ قَالَ:(2/198)
" صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يستفتحون بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَلَا يذكرُونَ بِسم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم لَا فِي أول قِرَاءَة وَلَا فِي آخرهَا ".
وثنا مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ، عَن الْأَوْزَاعِيّ، أَخْبرنِي إِسْحَاق بن عبد اللَّهِ ابْن أبي طَلْحَة، أَنه سمع أنس بن مَالك يذكر ذَلِك.
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَهِيَ خداج - ثَلَاثًا - غير تَمام. فَقيل لأبي هُرَيْرَة: إِنَّا نَكُون وَرَاء الإِمَام. فَقَالَ: اقْرَأ بهَا فِي نَفسك؛ فَإِنِّي / سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: قَالَ اللَّهِ - تبَارك وَتَعَالَى -: قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ ولعبدي مَا سَأَلَ، فَإِذا قَالَ العَبْد: {الْحَمد لله رب الْعَالمين} قَالَ: حمدني عَبدِي، فَإِذا قَالَ: {الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ اللَّهِ: أثنى على عَبدِي، وَإِذا قَالَ: {مَالك يَوْم الدَّين} قَالَ: مجدني عَبدِي - وَقَالَ مرّة: فوض إِلَى عَبدِي - فَإِذا قَالَ: {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} قَالَ: هَذَا بيني وَبَين عَبدِي ولعبدي مَا سَأَلَ، فَإِذا قَالَ: {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم. صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قَالَ: هَذَا لعبدي ولعبدي مَا سَأَلَ "
بَاب مَا جَاءَ فِي قِرَاءَة أم الْقُرْآن للْإِمَام وَالْمَأْمُوم والفذ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة - عَن الزُّهْرِيّ، عَن مَحْمُود بن ربيع، عَن عبَادَة بن الصَّامِت، يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب ".(2/199)
مُسلم: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، أَن مَحْمُود بن ربيع الَّذِي مج رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وَجهه من بئرهم، أخبرهُ أَن عبَادَة بن الصَّامِت، أخبرهُ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِأم الْقُرْآن ".
وحدثناه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي وَعبد بن حميد قَالَا: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله وَزَاد: " فَصَاعِدا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مَكْحُول، عَن مَحْمُود بن ربيع، عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: " كُنَّا خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الْفجْر فَقَرَأَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَثقلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَة، فَلَمَّا فرغ قَالَ: لَعَلَّكُمْ تقرءون خلف إمامكم؟ قُلْنَا: نعم، هَذَا يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: لَا تَفعلُوا إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب؛ فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بهَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصُّبْح فَثقلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَة، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: إِنِّي أَرَاكُم تقرءون وَرَاء إمامكم! قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، إِي وَالله. قَالَ: فَلَا تَفعلُوا إِلَّا بِأم الْقُرْآن؛ فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بهَا ".
مُحَمَّد هُوَ ابْن إِسْحَاق بن يسَار مولى قيس بن مخرمَة، أَبُو بكر الْمدنِي، قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ ابْن عُيَيْنَة: لم أر أحدا بتهم مُحَمَّد بن إِسْحَاق. وَقَالَ أَيْضا: / قَالَ شُعْبَة: مُحَمَّد بن إِسْحَاق أَمِير الْمُحدثين لحفظه، مَاتَ بِبَغْدَاد سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ ابْن شهَاب: لَا يزَال بالحجاز علم كثير مَا دَامَ هَذَا الْأَحْوَال بَين أظهرهم. وَقَالَ مرّة: لَا يزَال بِالْمَدِينَةِ علم مَا بَقِي(2/200)
هَذَا - يَعْنِي: ابْن إِسْحَاق - وَقَالَ: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: رَأَيْت مُحَمَّد بن إِسْحَاق جَاءَ إِلَى ابْن شهَاب فَقَالَ: كَيفَ أَنْت يَا مُحَمَّد؟ أَيْن تكون؟ قَالَ: لست أصل إِلَيْك مَعَ آذنك هَذَا. فَدَعَا البواب فَقَالَ: إِذا جَاءَك هَذَا فَلَا تحبسه عني. وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَيْضا، وَقيل لَهُ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق لم يرو عَنهُ من أهل الْمَدِينَة أحد. فَقَالَ: جالست ابْن إِسْحَاق مُنْذُ سبعين سنة وَمَا يتهمه أحد من أهل الْمَدِينَة.
وحَدثني الْقرشِي، حَدثنِي شُرَيْح، حَدثنِي ابْن حزم قَالَ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق فضلَة الزُّهْرِيّ على من بِالْمَدِينَةِ فِي عصره، وَوَثَّقَهُ شُعْبَة، وسُفْيَان، وسُفْيَان، وَحَمَّاد، وَحَمَّاد، وَيزِيد بن هَارُون، وَإِبْرَاهِيم بن سعد، وَعبد اللَّهِ بن الْمُبَارك، وَغَيرهم. انْتهى كَلَامه.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم أَيْضا: قَالَ يحيى بن معِين: مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَدُوق، وَلكنه لَيْسَ بِحجَّة. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: من يتَكَلَّم فِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق، مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق صَدُوق.
وَكذبه مَالك بن أنس وَقَالَ: نَحن نفيناه من الْمَدِينَة. وَإِنَّمَا كذبه مَالك؛ لِأَنَّهُ حدث عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر امْرَأَة هِشَام بن عُرْوَة، وَزعم أَنَّهَا حدثته، فَأنْكر هِشَام أَن يكون سمع من امْرَأَته أَو دخل عَلَيْهَا. وَبِهَذَا تَركه يحيى بن سعيد وَغَيره مِمَّن تَركه على مَا ذكره الْعقيلِيّ. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل - وَذكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق - أما فِي الْمَغَازِي وأشباهه فَيكْتب حَدِيثه، وَأما فِي الْحَلَال وَالْحرَام فَيحْتَاج إِلَى مثل هَذَا - وَمد يَده وَضم أَصَابِعه. وَقَالَ أَيْضا: هُوَ كثير التَّدْلِيس. وَضَعفه أَبُو حَاتِم.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان، ثَنَا عبد اللَّهِ بن يُوسُف، ثَنَا الْهَيْثَم بن حميد، أَخْبرنِي زيد بن وَاقد، عَن مَكْحُول، عَن نَافِع بن مَحْمُود بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ، قَالَ نَافِع: " أَبْطَأَ عبَادَة عَن صَلَاة الصُّبْح، فَأَقَامَ أَبُو نعيم الْمُؤَذّن الصَّلَاة، فصلى أَبُو نعيم بِالنَّاسِ، وَأَقْبل عبَادَة بن الصَّامِت وَأَنا مَعَه حَتَّى صففنا(2/201)
خلف أبي نعيم يجْهر، وَأَبُو نعيم يجْهر بِالْقِرَاءَةِ، فَجعل عبَادَة يقْرَأ بِأم الْقُرْآن، فَلَمَّا انْصَرف قلت لعبادة: سَمِعتك تقْرَأ بِأم الْقُرْآن وَأَبُو نعيم يجْهر! قَالَ: أجل صلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعض الصَّلَوَات الَّتِي يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فالتبست عَلَيْهِ الْقِرَاءَة، فَلَمَّا انْصَرف أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: وَهل تقرءون إِذا جهرت بِالْقِرَاءَةِ؟ فَقَالَ بَعْضنَا: إِنَّا نصْنَع ذَلِك. قَالَ: فَلَا، وَأَنا أَقُول /: مَا لي يُنَازعنِي الْقُرْآن؟ فَلَا تقرءوا بِشَيْء من الْقُرْآن إِذا جهرت بِهِ إِلَّا بِأم الْقُرْآن ".
الدَّارَقُطْنِيّ: ثَنَا ابْن صاعد، ثَنَا ابْن زَنْجوَيْه وَأَبُو زرْعَة عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الدِّمَشْقِي - وَاللَّفْظ لَهُ - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن الْمُبَارك الصُّورِي، ثَنَا صَدَقَة بن خَالِد، ثَنَا زيد بن وَاقد، عَن حرَام - هُوَ ابْن حَكِيم - وَمَكْحُول، عَن نَافِع بن مَحْمُود بن (ربيعَة) كَذَا، فَذكر معنى حَدِيث أبي دَاوُد.
قَالَ: هَذَا إِسْنَاد حسن وَرِجَاله كلهم ثِقَات.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هِشَام بن عمار، عَن صَدَقَة، عَن زيد بن وَاقد، عَن [حرَام] بن حَكِيم، عَن نَافِع بن مَحْمُود بن ربيعَة، عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: " صلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعض الصَّلَوَات الَّتِي يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، قَالَ: لَا (يقْرَأ) أحد مِنْكُم إِذا جهرت بِالْقِرَاءَةِ إِلَّا بِأم الْقُرْآن ".
زيد بن وَاقد هُوَ الَّذِي روى عَنهُ صَدَقَة بن خَالِد، ثِقَة، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِيهِ: مَحَله الصدْق. وَزيد هَذَا روى عَنهُ: يحيى بن حَمْزَة، والوليد بن مُسلم وَغَيرهمَا، وَلَيْسَ بزيد بن وَاقد السَّمْتِي، ذَاك رجل آخر يكنى(2/202)
بِأبي عَليّ، روى عَن حميد، وَالسُّديّ، وَدَاوُد بن أبي هِنْد، وَأبي هَارُون الْعَبْدي، روى عَنهُ: أَبُو حَاتِم وَسَهل بن زَنْجَلَة.
وَصدقَة بن خَالِد هُوَ أَبُو الْعَبَّاس الدِّمَشْقِي مولى أم الْبَنِينَ، قَالَ أَبُو زرْعَة وَيحيى بن معِين وَابْن نمير: صَدَقَة بن خَالِد ثِقَة. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: صَدَقَة ابْن خَالِد ثِقَة لَيْسَ بِهِ بَأْس، أثبت من الْوَلِيد بن مُسلم.
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور وقتيبة، كِلَاهُمَا عَن أبي عوَانَة، قَالَ سعيد: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: " صلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الظّهْر أَو الْعَصْر فَقَالَ: أَيّكُم قَرَأَ خَلْفي بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى؟ فَقَالَ رجل: أَنا، وَلم أرد بهَا إِلَّا الْخَيْر. قَالَ: قد علمت أَن بَعْضكُم خالجنيها ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْأنْصَارِيّ، ثَنَا [معن] ، ثَنَا مَالك بن أنس، عَن ابْن شهَاب، عَن ابْن أكيمه اللَّيْثِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْصَرف من صَلَاة جهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: هَل قَرَأَ معي أحد مِنْكُم آنِفا؟ فَقَالَ رجل: نعم يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: إِنِّي أَقُول مَا لي أنازع الْقُرْآن؟ قَالَ: فَانْتهى النَّاس عَن الْقِرَاءَة مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا جهر بِهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الصَّلَوَات بِالْقِرَاءَةِ، [حِين] سمعُوا ذَلِك من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَابْن أكيمَة اسْمه: عمَارَة، وَيُقَال:(2/203)
عَمْرو.
/ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، عَن مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله. قَالَ أَبُو دَاوُد: روى حَدِيث ابْن أكيمَة هَذَا: معمر وَيُونُس وَأُسَامَة [بن] زيد، عَن الزُّهْرِيّ، على معنى مَالك.
وَحدثنَا مُسَدّد، وَأحمد بن (شبويه) الْمروزِي، وَمُحَمّد بن أَحْمد بن أبي خلف وَعبد اللَّهِ بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، وَابْن السَّرْح قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن أكيمَة يحدث سعيد بن الْمسيب يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " صلي بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة نظن أَنَّهَا الصُّبْح ... . " بِمَعْنَاهُ إِلَى قَوْله: " مَا لي أنازع الْقُرْآن ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ مُسَدّد فِي حَدِيثه: قَالَ معمر: فَانْتهى النَّاس عَن الْقِرَاءَة فِيمَا جهر بِهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَقَالَ ابْن السَّرْح فِي حَدِيثه: قَالَ معمر: عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " فَانْتهى النَّاس " وَقَالَ عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ من بَينهم: قَالَ سُفْيَان: وَتكلم الزُّهْرِيّ بِكَلِمَة لم أسمعها، فَقَالَ معمر: إِنَّه قَالَ: " فَانْتهى النَّاس " وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ، وانْتهى حَدِيثه إِلَى قَوْله: " مَا لي أنازع الْقُرْآن " وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ فِيهِ: قَالَ الزُّهْرِيّ: " فاتعظ الْمُسلمُونَ بذلك، فَلم يَكُونُوا يقروءن مَعَه فِيمَا جهر بِهِ " قَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعت مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس [قَالَ] قَوْله: " فَانْتهى النَّاس " من كَلَام الزُّهْرِيّ.(2/204)
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا جرير، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن قَتَادَة، عَن يُونُس بن جُبَير، عَن حطَّان بن عبد اللَّهِ - هُوَ الرقاشِي - عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَإِذا قَرَأَ، فأنصتوا، يَعْنِي الإِمَام ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْجَارُود بن معَاذ التِّرْمِذِيّ، حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن زيد بن أسلم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا كبر فكبروا وَإِذا قَرَأَ فأنصتوا، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده. فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا وَلَك الْحَمد ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى الْقطعِي، ثَنَا سَالم بن نوح، عَن عمر بن عَامر، عَن قَتَادَة، عَن يُونُس بن جُبَير، عَن حطَّان، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَإِذا قَرَأَ الإِمَام، فأنصتوا ".
لم يقل هِشَام وَهَمَّام وَأَبُو عوَانَة وَشعْبَة وَغَيرهم عَن قَتَادَة " وَإِذا قَرَأَ فأنصتوا ".
وروى النَّسَائِيّ عَن هَارُون بن عبد اللَّهِ، عَن زيد بن حباب، عَن مُعَاوِيَة ابْن صَالح، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، عَن كثير بن مرّة، عَن أبي الدراداء سمعته يَقُول: " سُئِلَ رسولِ اللَّهِ / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَفِي كل صَلَاة قِرَاءَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ رجل من الْأَنْصَار: وَجَبت هَذِه. فَالْتَفت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيّ، وَكنت أقرب الْقَوْم مِنْهُ فَقَالَ: مَا أرى الإِمَام إِذا أم الْقَوْم إِلَّا قد كفاهم " وَقد خُولِفَ زيد فِي هَذَا، وَالصَّوَاب: أَنه من قَول أبي الدَّرْدَاء " مَا أرى الإِمَام إِذا أم الْقَوْم إِلَّا قد كفاهم ". ذكر ذَلِك أَبُو الْحسن(2/205)
الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه ".
بَاب لَا يُجزئ من أم الْقُرْآن غَيرهَا لمن كَانَت مَعَه
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عمر بن أَحْمد بن عَليّ الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَحْمد بن سيار الْمروزِي، ثَنَا مُحَمَّد بن خَلاد الإسْكَنْدراني، ثَنَا أَشهب بن عبد الْعَزِيز، حَدثنِي سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن شهَاب، عَن مَحْمُود بن الرّبيع، عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أم الْقُرْآن عوض من غَيرهَا، وَلَيْسَ غَيرهَا عوضا مِنْهَا ". تفرد بِهِ مُحَمَّد بن خَلاد، عَن أَشهب، عَن ابْن عُيَيْنَة. وَالله أعلم.
مُحَمَّد بن خَلاد هَذَا روى عَنهُ أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة.
بَاب مَا يُجزئهُ من الْقُرْآن إِن لم يكن مَعَه قُرْآن
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عباد بن مُوسَى الْخُتلِي، ثَنَا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي: ابْن جَعْفَر - أَخْبرنِي يحيى بن عَليّ بن خَلاد بن رَافع الزرقي، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن رِفَاعَة بن رَافع، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ - يَعْنِي لرجل -: " تَوَضَّأ كَمَا أَمرك اللَّهِ - عز وَجل - ثمَّ تشهد فأقم، ثمَّ كبر، فَإِن كَانَ مَعَك قُرْآن فأقرأ بِهِ، وَإِلَّا فاحمد اللَّهِ وَكبره وَهَلله ... . " وَذكر الحَدِيث.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يُوسُف بن عِيسَى ومحمود بن غيلَان، عَن الْفضل بن مُوسَى، ثَنَا مسعر، عَن إِبْرَاهِيم السكْسكِي، عَن ابْن أبي أوفي قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أَن آخذ شَيْئا من الْقُرْآن فعلمني شَيْئا(2/206)
يجزئني من الْقُرْآن. قَالَ: قل: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْد لله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ".
زَاد أَبُو دَاوُد " قَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، هَذَا لله فَمَا لي؟ قَالَ: قل: اللَّهُمَّ أرحمني وَعَافنِي، واهدني وارزقني، فَلَمَّا قَامَ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما هَذَا فقد مَلأ يَدَيْهِ من الْخَيْر ".
رَوَاهُ عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن وَكِيع، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن أبي خَالِد الدالاني، عَن إِبْرَاهِيم السكْسكِي، عَن ابْن أبي أوفي، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
إِبْرَاهِيم السكْسكِي روى لَهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ، وَضَعفه شُعْبَة وَالنَّسَائِيّ.
/ بَاب التَّأْمِين والجهر بِهِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة، أَنَّهُمَا أخبراه عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا؛ (فَإِن) من وَافق تأمينه الْمَلَائِكَة، غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ". قَالَ ابْن شهَاب: " كَانَ رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: آمين ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مسلمة، عَن مَالك، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَالَ الإِمَام: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا: آمين؛ فَإِنَّهُ من وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة، غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".(2/207)
النَّسَائِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن زُرَيْع - حَدثنِي معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَالَ الإِمَام: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا: آمين؛ فَإِن الْمَلَائِكَة تَقول: آمين، وَإِن الإِمَام يَقُول: آمين، فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد اللَّهِ، ثَنَا سُفْيَان، قَالَ الزُّهْرِيّ: (ثَنَا) سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أَمن الْقَارئ فَأمنُوا، فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن، فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن مُحَمَّد بن عبيد - هُوَ الطنافسي - عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا أَلا نبادر الإِمَام بِالرُّكُوعِ، وَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا سجد فاسجدوا، وَإِذا قَالَ: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا: آمين؛ فَإِنَّهُ إِذا وَافق كَلَام الْمَلَائِكَة غفر لمن فِي الْمَسْجِد، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده، فَقولُوا: رَبنَا لَك الْحَمد ".
مُسلم: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مسلمة، ثَنَا الْمُغيرَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَالَ أحدكُم: آمين، وَالْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء: آمين، فَوَافَقت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، (حَدثنِي) ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو، أَن أَبَا يُونُس حَدثهُ، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ قَالَ: " إِذا قَالَ أحدكُم(2/208)
فِي الصَّلَاة: آمين، وَالْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء آمين، فَوَافَقَ إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
/ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بنْدَار - مُحَمَّد بن بشار - ثَنَا يحيى بن سعيد وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن حجر بن عَنْبَس، عَن وَائِل بن حجر قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقَالَ: آمين. وَمد بهَا صَوته ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث وَائِل حَدِيث حسن.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا نصر بن عَليّ، أَنا صَفْوَان بن عِيسَى، عَن بشر بن رَافع، عَن أبي عبد اللَّهِ - ابْن عَم أبي هُرَيْرَة - عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا تَلا: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قَالَ: آمين. حَتَّى يسمع من يَلِيهِ من الصَّفّ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم، عَن أبي عُثْمَان، عَن بِلَال قَالَ: " يَا رَسُول اللَّهِ، لَا تسبقني بآمين ".
بَاب قِرَاءَة مَا تيَسّر مَعَ أم الْقُرْآن
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، ثَنَا همام، عَن قَتَادَة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " أمرنَا أَن نَقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَمَا تيَسّر ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان، ثَنَا همام بِهَذَا الْإِسْنَاد: " أمرنَا نَبينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نَقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَمَا تيَسّر ".
وَرَوَاهُ الْبَزَّار عَن مُحَمَّد بن بشار، عَن أبي عَامر الْعَقدي، عَن همام بِهَذَا(2/209)
الْإِسْنَاد: " أمرنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نَقْرَأ فِي صَلَاتنَا بِأم الْقُرْآن وَمَا تيَسّر ".
بَاب القرءة بالسورة والسورتين وببعض سُورَة وبالآيات فِي رَكْعَة
مُسلم: ثَنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار، قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة؛ أَنه سمع أَبَا وَائِل يحدث " أَن رجلا جَاءَ إِلَى ابْن مَسْعُود فَقَالَ: إِنِّي قَرَأت الْمفضل اللَّيْلَة كُله فِي رَكْعَة. فَقَالَ عبد اللَّهِ: هَذَا كَهَذا الشّعْر؟ ! . فَقَالَ عبد اللَّهِ: لقد عرفت النَّظَائِر الَّتِي كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول بَينهُنَّ. قَالَ: فَذكر عشْرين سُورَة من الْمفصل، سورتين سورتين (فِي) رَكْعَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، عَن أَبِيه، عَن حبيب بن سَالم، عَن النُّعْمَان بن بشير " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْم الْجُمُعَة بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية. قَالَ: وَرُبمَا اجْتمعَا فِي يَوْم وَاحِد فَقَرَأَ بهما ".
/ مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الْفَزارِيّ - يَعْنِي: مَرْوَان بن مُعَاوِيَة - عَن عُثْمَان ابْن حَكِيم الْأنْصَارِيّ، أَخْبرنِي أَبُو الْحباب سعيد بن يسَار، أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر فِي الأولى مِنْهُمَا: {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة، وَفِي الْآخِرَة مِنْهُمَا: {آمنا بِاللَّه واشهد بِأَنا مُسلمُونَ} ".(2/210)
بَاب قدر الْقِرَاءَة فِي الظّهْر وَالْعصر والإسرار فيهمَا وَمن سمع الْآيَة أَو نَحْوهَا
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، جَمِيعًا عَن هشيم - قَالَ يحيى: أَنا هشيم - عَن مَنْصُور، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَن أبي الصّديق - هُوَ النَّاجِي - عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كُنَّا نحزر قيام رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الظّهْر وَالْعصر، فحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الظّهْر قدر قِرَاءَة آلم تَنْزِيل السَّجْدَة، وحزرنا قِيَامه فِي الْأُخْرَيَيْنِ قدر النّصْف من ذَلِك، وحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الْعَصْر على قدر قِيَامه فِي الآخريين فِي الظّهْر، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ من الْعَصْر على النّصْف من ذَلِك " وَلم يذكر أَبُو بكر فِي رِوَايَته: " آلم تَنْزِيل "، وَقَالَ: " قدر ثَلَاثِينَ آيَة ".
مُسلم: حَدثنَا دَاوُد بن رشيد، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن سعيد - وَهُوَ ابْن عبد الْعَزِيز - عَن عَطِيَّة بن قيس، عَن قزعة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " لقد كَانَت صَلَاة الظّهْر تُقَام، فَيذْهب الذَّاهِب إِلَى البقيع، فَيَقْضِي حَاجته ثمَّ يتَوَضَّأ، ثمَّ يَأْتِي وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الرَّكْعَة الأولى مِمَّا يطولها ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك، سمع جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا دحضت الشَّمْس صلى الظّهْر وَقَرَأَ بِنَحْوِ من {وَاللَّيْل إِذا يغشى} ، وَالْعصر كَذَلِك، والصلوات كَذَلِك إِلَّا الصُّبْح؛ فَإِنَّهُ كَانَ يطيلها ".(2/211)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي الظّهْر {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَفِي الصُّبْح بأطول من ذَلِك ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى الْعَنزي، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن الْحجَّاج - يَعْنِي: الصَّواف - عَن يحيى - وَهُوَ ابْن أبي كثير - عَن عبد اللَّهِ بن أبي قَتَادَة وَأبي سَلمَة، عَن أبي قَتَادَة قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِنَا فَيقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين بِفَاتِحَة الْكتاب وسورتين، ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا، وَكَانَ يطول الرَّكْعَة الأولى من الظّهْر، وَيقصر الثَّانِيَة، وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْح ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر، ثَنَا أبي ثَنَا الْأَعْمَش، / حَدثنَا عمَارَة، عَن أبي معمر قَالَ: " سَأَلنَا خباب: أَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر؟ قَالَ: نعم. قُلْنَا: باي شَيْء كُنْتُم تعرفُون ذَلِك قَالَ: باضطراب لحيته ".
بَاب يطول فِي الْأَوليين ويحذف فِي الْأُخْرَيَيْنِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى، ثَنَا أَبُو عوَانَة، ثَنَا عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " شكا أهل الْكُوفَة سَعْدا إِلَى عمر، فَعَزله وَاسْتعْمل عَلَيْهِم عمارا، فشكوا حَتَّى ذكرُوا أَنه لَا يحسن يُصَلِّي، فَأرْسل إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاق، إِن هَؤُلَاءِ يَزْعمُونَ أَنه لَا تحسن تصلي. قَالَ: أما أَنا وَالله فَإِنِّي كنت أُصَلِّي بهم(2/212)
صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مَا أخرم عَنْهَا، أُصَلِّي صَلَاة الْعشَاء فأركد فِي الْأَوليين وأخف فِي الْأُخْرَيَيْنِ. قَالَ: ذَلِك الظَّن بك يَا أَبَا إِسْحَاق، فَأرْسل مَعَه رجلا - أَو رجَالًا - يسْأَل عَنهُ أهل الْكُوفَة، وَلم يدع مَسْجِدا إِلَّا سَأَلَ عَنهُ ويثنون مَعْرُوفا، حَتَّى دخل مَسْجِدا لبني عبس، فَقَامَ رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ: أُسَامَة بن قَتَادَة يكنى أَبَا سعدة قَالَ: أما إِذْ نَشَدتنَا فَإِن سَعْدا كَانَ لَا يسير بالسرية، وَلَا يقسم بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يعدل فِي الْقَضِيَّة. قَالَ سعد: وَالله لأعودن بِثَلَاث: اللَّهُمَّ إِن كَانَ عَبدك هَذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَاء وَسُمْعَة فأطل عمره، وأطل فقره، وَعرضه بالفتن. وَكَانَ بعد إِذا سُئِلَ يَقُول: شيخ كَبِير مفتون أصابتني دَعْوَة سعد. قَالَ عبد الْملك: أَنا رَأَيْته بعد قد سقط حاجباه على عَيْنَيْهِ من الْكبر، وَإنَّهُ ليتعرض للجواري فِي الطّرق يغمزهن ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا شَيبَان، عَن يحيى، [عَن] عبد اللَّهِ ابْن أبي قَتَادَة، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من صَلَاة الظّهْر بِفَاتِحَة الْكتاب وسورتين، يطول فِي الأولى، وَيقصر فِي الثَّانِيَة، ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا، وَكَانَ يقْرَأ فِي الْعَصْر بِفَاتِحَة الْكتاب وسورتين، وَكَانَ يطول فِي الرَّكْعَة لأولى من صَلَاة الصُّبْح، وَيقصر فِي الثَّانِيَة ".
بَاب يقْرَأ فِي الآخريين بِفَاتِحَة الْكتاب
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا همام وَأَبَان ابْن يزِيد، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن عبد اللَّهِ بن أبي قَتَادَة، عَن أَبِيه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الظّهْر وَالْعصر بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة،(2/213)
ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا، وَيقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَة الْكتاب ".
/ بَاب قدر الْقِرَاءَة فِي الْمغرب وَالْعشَاء والجهر فيهمَا
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، حَدثنِي ابْن أبي مليكَة، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن مَرْوَان بن الحكم قَالَ: " قَالَ لي زيد بن ثَابت: مَا لَك تقْرَأ فِي الْمغرب بقصار الْمفصل، وَقد رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْمغرب بطولى الطوليين؟ ! قَالَ: قلت: مَا طولى الطوليين؟ قَالَ الْأَعْرَاف. وَسَأَلت ابْن أبي مليكَة، فَقَالَ لي من قبل نَفسه: الْمَائِدَة والأعراف "
رَوَاهُ البُخَارِيّ: عَن أبي عَاصِم، عَن ابْن جريج، وَلم يذكر التَّفْسِير.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا بَقِيَّة وَأَبُو حَيْوَة، عَن ابْن أبي حَمْزَة، ثَنَا هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ فِي صَلَاة الْمغرب بِسُورَة الْأَعْرَاف فرقها (فِي رَكْعَتَيْنِ) ".
وَكِيع: عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَو زيد بن ثَابت " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ بالأعراف فِي الْمغرب فِي الرَّكْعَتَيْنِ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ بِالطورِ فِي الْمغرب ".(2/214)
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِن أم الْفضل (ابْنة) الْحَارِث سمعته وَهُوَ يقْرَأ: {والمرسلات عرفا} ، فَقَالَت: يَا بني، لقد ذَكرتني بِقِرَاءَتِك هَذِه السُّورَة إِنَّهَا لآخر مَا سَمِعت من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ بهَا فِي الْمغرب ".
ثَنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَزَاد فِي حَدِيث صَالح " ثمَّ مَا صلى بعد، حَتَّى قَبضه اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عبيد اللَّهِ بن سعيد أَبُو قدامَة، ثَنَا عبد اللَّهِ بن الْحَارِث، عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن بكير بن عبد اللَّهِ بن الْأَشَج، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " مَا صليت وَرَاء أحد أشبه صَلَاة برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من فلَان، فصلينا وَرَاء ذَلِك الْإِنْسَان، فَكَانَ يطول الْأَوليين من الظّهْر، ويخفف فِي الْأُخْرَيَيْنِ، ويخفف فِي الْعَصْر، وَيقْرَأ فِي الْمغرب بقصار الْمفصل، وَيقْرَأ فِي الْعشَاء بالشمس وَضُحَاهَا وأشباهها، وَيقْرَأ فِي الصُّبْح بسورتين طويلتين ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَبدة بن عبد اللَّهِ وَبشر بن آدم قَالَا: أَنا زيد بن الْحباب، أَنا الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد اللَّهِ بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْمغرب وَالْعشَاء: وَاللَّيْل / إِذا يغشى، وَالضُّحَى، وَكَانَ يقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر: يسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية ".(2/215)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبدة بن [عبد اللَّهِ] بِهَذَا الْإِسْنَاد: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْعشَاء الْآخِرَة بالشمس وَضُحَاهَا وَنَحْوهَا من السُّور ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث بُرَيْدَة حَدِيث حسن.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا سُفْيَان، عَن محَارب، عَن جَابر قَالَ: " مر رجل من الْأَنْصَار بناضحين على معَاذ وَهُوَ يُصَلِّي الْمغرب، فَافْتتحَ سُورَة الْبَقَرَة، فصلى الرجل، (فَذهب) فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أفتان يَا معَاذ، أفتان يَا معَاذ؟ أَلا قَرَأت بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَالشَّمْس وَضُحَاهَا وَنَحْوهَا ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث.
وَحدثنَا ابْن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر أَنه قَالَ: " صلى معَاذ بن جبل الْعشَاء وَطول عَلَيْهِم، فَانْصَرف رجل منا فصلى، فَأخْبر معَاذ عَنهُ، فَقَالَ: إِنَّه مُنَافِق. فَلَمَّا بلغ ذَلِك الرجل، دخل على رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ مَا قَالَ معَاذ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتُرِيدُ أَن تكون فتانا يَا معَاذ؟ إِذا أممت النَّاس فاقرأ بالشمس وَضُحَاهَا، وَسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، واقرأ باسم رَبك، وَاللَّيْل إِذا يغشى ".(2/216)
مُسلم: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي قَالَ: سَمِعت الْبَراء يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ فِي سفر فصلى الْعشَاء الْآخِرَة، فَقَرَأَ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ: والتين وَالزَّيْتُون ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا مسعر، عَن عدي ابْن ثَابت، سَمِعت الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {قَرَأَ فِي الْعشَاء بِالتِّينِ وَالزَّيْتُون، فَمَا سَمِعت أحدا أحسن صَوتا مِنْهُ ".
بَاب من قَرَأَ فِي الْعشَاء وَغَيرهَا بِسُورَة فِيهَا سَجْدَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا التَّيْمِيّ، عَن بكر، (عَن) أبي رَافع قَالَ: " صليت مَعَ أبي هُرَيْرَة الْعَتَمَة فَقَرَأَ: {إِذا السنماء انشقت} فَسجدَ، فَقلت: مَا هَذِه؟ قَالَ: سجدت بهَا خلف أبي الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا أَزَال أَسجد بهَا حَتَّى أَلْقَاهُ ".
بَاب قدر الْقِرَاءَة فِي الْفجْر والجهر فِيهَا
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، عَن التَّيْمِيّ،(2/217)
عَن أبي الْمنْهَال، عَن أبي بَرزَة: " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[كَانَ] يقْرَأ فِي صَلَاة الْغَدَاة من السِّتين إِلَى الْمِائَة ".
/ أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن سَالم، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليأمرنا بِالتَّخْفِيفِ، وَإِن كَانَ ليؤمنا بالصافات فِي الْفجْر ".
الْحَارِث هُوَ خَال ابْن أبي ذِئْب، مَشْهُور.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل الجحدري، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن قُطْبَة بن مَالك قَالَ: " صليت وَصلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَرَأَ: {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد ... . .} حَتَّى قَرَأَ {وَالنَّخْل باسقات} قَالَ: فَجعلت أرددها وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ ".
مُسلم: حَدثنَا [مُحَمَّد بن بشار] ، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن عَمه " أَنه صلى مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصُّبْح فَقَرَأَ فِي أول رَكْعَة {وَالنَّخْل باسقات لَهَا طلع نضيد} وَرُبمَا قَالَ: ق ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، ثَنَا سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي الْفجْر بقاف(2/218)
وَالْقُرْآن الْمجِيد، وَكَانَت صلَاته بعد تَخْفِيفًا ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى بن سعيد.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع.
وثنا أَبُو كريب - وَاللَّفْظ لَهُ - أَنا ابْن بشر، عَن مسعر، حَدثنِي الْوَلِيد بن سريع، عَن عَمْرو بن حُرَيْث " أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْفجْر: {وَاللَّيْل إِذا عسعس} . .
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُوسَى بن حزَام التِّرْمِذِيّ وَهَارُون بن عبد اللَّهِ [الْحمال]- وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا سُفْيَان عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن عقبَة [بن] عَامر " أَنه سَأَلَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن المعوذتين. قَالَ عقبَة: فأمنا بهما رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الْفجْر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو، عَن [ابْن] أبي هِلَال، عَن معَاذ بن عبد اللَّهِ الْجُهَنِيّ، أَن رجلا من جُهَيْنَة أخبرهُ " أَنه سمع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقرا فِي الصُّبْح: {إِذا زلزلت الأَرْض} فِي الرَّكْعَتَيْنِ كلتيهما، فَلَا أَدْرِي أنسي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم قَرَأَ ذَلِك عمدا ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن حبيب(2/219)
ابْن الشَّهِيد قَالَ سَمِعت عَطاء، يحدث عَن أبي هُرَيْرَة؛ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة إِلَّا يقراءة. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَمَا أعلن (لنا) رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعلناه لكم، وَمَا أخفاه أخفيناه لكم ".
أوقفهُ يحيى بن سعيد الْقطَّان وَابْن أبي عرُوبَة وَأَبُو عُبَيْدَة / الْحداد وَيزِيد بن زُرَيْع وَغَيرهم عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة قَوْله: " لَا صَلَاة إِلَّا بِقِرَاءَة ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَعَمْرو النَّاقِد - وَاللَّفْظ لعَمْرو - قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، أَنا ابْن جريج، عَن عَطاء قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " فِي كل الصَّلَاة يقْرَأ، فَمَا أسمعنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أسمعناكم، وَمَا أُخْفِي منا (أخفيناه) مِنْكُم. فَقَالَ لَهُ رجل: أَرَأَيْت إِن لم أَزْد على أم الْقُرْآن؟ فَقَالَ: إِن زِدْت عَلَيْهَا فَهُوَ خير لَك، وَإِن انْتَهَيْت إِلَيْهَا (أَجْزَأَ) عَنْك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر - هُوَ جَعْفَر بن أبي وحشية - عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " انْطلق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي طَائِفَة من أَصْحَابه عَامِدين إِلَى سوق عكاظ، وَقد حيل بَين الشَّيَاطِين وَبَين خبر السَّمَاء، وَأرْسلت عَلَيْهِم الشهب، فَرَجَعت الشَّيَاطِين إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا: مَا لكم؟ قَالُوا: حيل بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء، وَأرْسلت علينا الشهب. قَالُوا: مَا حَال بَيْنكُم وَبَين خبر السَّمَاء إِلَّا شَيْء حدث، فاضربوا فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا، وانظروا مَا هَذَا الَّذِي حَال بَيْنكُم وَبَين خبر السَّمَاء. فَانْصَرف أُولَئِكَ الَّذين توجهوا نَحْو تهَامَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ بنخلة عَامِدين إِلَى سوق عكاظ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْفجْر، فَلَمَّا سمعُوا الْقُرْآن اسْتَمعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا وَالله الَّذِي حَال بَيْنكُم وَبَين(2/220)
خبر السَّمَاء. فهنالك رجعُوا إِلَى قَومهمْ (فَقَالُوا) : يَا قَومنَا {إِنَّا سمعنَا قَرَأنَا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا} فَأنْزل الله على نبيه: {قل أُوحِي إِلَيّ ... . .} وَإِنَّمَا أُوحِي إِلَيْهِ قَول الْجِنّ ".
بَاب الْقِرَاءَة فِي الْفجْر بِالسَّجْدَةِ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن سُفْيَان، عَن مخول، عَن مُسلم البطين، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر يَوْم الْجُمُعَة: آلم تَنْزِيل السَّجْدَة، وَهل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر، وَأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْجُمُعَة: سُورَة الْجُمُعَة وَالْمُنَافِقِينَ ".
بَاب الترتيل فِي الْقِرَاءَة وَمن بَكَى فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن السَّائِب بن يزِيد، عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة السَّهْمِي، عَن حَفْصَة أَنَّهَا قَالَت: " مَا رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يُصَلِّي فِي سبحته قَاعِدا، حَتَّى كَانَ قبل وَفَاته بعام فَكَانَ يُصَلِّي فِي سبحته قَاعِدا، وَكَانَ يقْرَأ، بالسورة فيرتلها حَتَّى تكون أطول من أطول مِنْهَا ".(2/221)
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، وَعبد بن حميد، وَاللَّفْظ لِابْنِ رَافع قَالَ عبد: انا، وَقَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، قَالَ الزُّهْرِيّ: وَأَخْبرنِي حَمْزَة بن [عبد اللَّهِ] بن عمر، عَن عَائِشَة قَالَت: " لما دخل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْتِي قَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله إِن أَبَا بكر رجل رَقِيق، إِذا قَرَأَ الْقُرْآن لَا يملك دمعه، فَلَو أمرت غير أبي بكر. قَالَت: وَالله مَا بِي إِلَّا كَرَاهِيَة أَن يتشاءم النَّاس بِأول من يقوم فِي مقَام رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَت: فراجعته مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا. فَقَالَ: ليصل بِالنَّاسِ أَبُو بكر؛ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِب يُوسُف ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام، ثَنَا يزِيد - يَعْنِي ابْن هَارُون - أبنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن مطرف، عَن أَبِيه قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي وَفِي صَدره أزيز كأزيز الرَّحَى من الْبكاء ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أبنا عبد اللَّهِ - هُوَ ابْن الْمُبَارك - عَن حَمَّاد بن سَلمَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " أتيت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي ولجوفه أزيز كأزيز الْمرجل. يَعْنِي: يبكي ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمسور الزُّهْرِيّ، ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أَبِيه، عَن عبد اللَّهِ بن عَمْرو قَالَ: " كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى رَسُول اللَّهِ فَأطَال الْقيام، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع، ثمَّ رفع فَأطَال - قَالَ شُعْبَة: وَأَحْسبهُ قَالَ فِي السُّجُود نَحْو ذَلِك - وَجعل يبكي فِي سُجُوده وينفخ وَيَقُول: رب لم تعدني هَذَا وَأَنا أستغفرك، لم تعدني هَذَا وَأَنا فيهم. فَلَمَّا صلى قَالَ: عرضت عَليّ الْجنَّة حَتَّى لَو مددت يَدي(2/222)
تناولت من قطوفها، وَعرضت على النَّار فَجعلت أنفخ خشيَة أَن يغشاكم حرهَا، وَرَأَيْت فِيهَا سَارِق (بَدَنَة) رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَأَيْت فِيهَا أَخا بني (دعدع) سَارِق الحجيج، فَإِذا فطن لَهُ قَالَ: هَذَا عمل المحجن، وَرَأَيْت فِيهَا امْرَأَة طَوِيلَة سَوْدَاء تعذب فِي هرة ربطتها فَلم تطعمها وَلم تسقها وَلم تدعها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض حَتَّى مَاتَت، وَإِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفان لمَوْت أحدكُم وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما آيتان من آيَات اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِذا (انكسف) إِحْدَاهمَا - أَو قَالَ: فعل إِحْدَاهمَا شَيْئا من ذَلِك - / فَاسْعَوْا إِلَى ذكر اللَّهِ ".
شُعْبَة بن الْحجَّاج وسُفْيَان الثَّوْريّ وَحَمَّاد بن زيد وَحَمَّاد بن سَلمَة - رووا عَن عَطاء بن السَّائِب قبل اخْتِلَاطه.
بَاب الْقُنُوت لمن شَاءَ فِي أَي الصَّلَوَات شَاءَ قبل الرُّكُوع وَبعده
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا [أَبُو] مُعَاوِيَة عَن عَاصِم، عَن أنس قَالَ: " سَأَلته عَن الْقُنُوت قبل الرُّكُوع أَو بعد الرُّكُوع؟ فَقَالَ: قبل الرُّكُوع. قَالَ: قلت: فَإِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت بعد الرُّكُوع. فَقَالَ: إِنَّمَا قنت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا يَدْعُو على أنَاس قتلوا أُنَاسًا من أَصْحَابه يُقَال لَهُم: الْقُرَّاء ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ، عَن الْمُعْتَمِر، عَن أَبِيه، عَن أبي مجلز،(2/223)
عَن أنس قَالَ: " قنت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا بعد الرُّكُوع فِي صَلَاة الصُّبْح يَدْعُو على رعل وذكوان، وَيَقُول: عصية عَصَتْ اللَّهِ وَرَسُوله "
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى قَالَا: أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس بن يزِيد، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنَّهُمَا سمعا أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول حِين يفرغ من صَلَاة الْفجْر من الْقِرَاءَة وَيكبر وَيرْفَع رَأسه: سمع اللَّهِ لمن حَمده رَبنَا وَلَك الْحَمد. ثمَّ يَقُول وَهُوَ قَائِم: اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد وَسَلَمَة بن هِشَام وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِم كَسِنِي يُوسُف، اللَّهُمَّ الْعَن لحيان وَرِعْلًا وذكوان، وَعصيَّة عَصَتْ اللَّهِ وَرَسُوله. ثمَّ بلغنَا أَنه ترك ذَلِك لما أنزل: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} .
وَفِي بعض طرق مُسلم: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ترك الدُّعَاء. قَالَ: فَقيل: وَمَا تراهم قد قدمُوا ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن يحيى بن أبي كثير، حَدثنَا أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " وَالله لأقربن بكم صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يقنت فِي الظّهْر وَالْعشَاء الْآخِرَة وَصَلَاة الصُّبْح، وَيَدْعُو للْمُؤْمِنين ويلعن الْكفَّار ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن(2/224)
عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن الْبَراء قَالَ: " قنت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْفجْر وَالْمغْرب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن / بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو قَالَ: سَمِعت ابْن أبي ليلى، ثَنَا الْبَراء بن عَازِب " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقنت فِي الصُّبْح وَالْمغْرب ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مُعَاوِيَة الجُمَحِي، ثَنَا ثَابت بن يزِيد، عَن هِلَال بن خباب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قنت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا مُتَتَابِعًا فِي الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَصَلَاة الصُّبْح، فِي دبر كل صَلَاة إِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده من الرَّكْعَة الْآخِرَة، يَدْعُو على أَحيَاء من (سليم) على رعل وذكوان وَعصيَّة ويؤمن من خَلفه ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا هِشَام، عَن قَتَادَة عَن أنس " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت شهرا يَدْعُو على أَحيَاء من أَحيَاء الْعَرَب، ثمَّ تَركه ".
الدراقطني: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَحْمد بن مَنْصُور وَأحمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى قَالَا: ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: " كنت جَالِسا عِنْد أنس بن مَالك فَقيل لَهُ: إِنَّمَا قنت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا. فَقَالَ: مَا زَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقنت فِي صَلَاة الْغَدَاة حَتَّى فَارق الدُّنْيَا ".(2/225)
بَاب الرُّكُوع وَالتَّكْبِير لَهُ والطمأنينة فِيهِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن " أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يُصَلِّي لَهُم فيكبر كلما خفض وَرفع فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: وَالله إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير، ثَنَا أَبُو خَالِد - يَعْنِي: الْأَحْمَر - عَن حُسَيْن الْمعلم.
وثنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لَهُ - أَنا عِيسَى بن يُونُس، ثَنَا حُسَيْن الْمعلم، عَن بديل بن ميسرَة، عَن أبي الجوزاء، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستفتح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَكَانَ إِذا ركع لم يشخص رَأسه وَلَا يصوبه وَلَكِن بَين ذَلِك، وَكَانَ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع لم يسْجد حَتَّى يَسْتَوِي قَائِما، وَكَانَ إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة لم يسْجد حَتَّى يَسْتَوِي جَالِسا، وَكَانَ يَقُول فِي كل رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّة، وَكَانَ يفرش رجله الْيُسْرَى وَينصب رجله الْيُمْنَى وَكَانَ ينْهَى عَن عقبَة الشَّيْطَان، وَينْهى أَن يفترش الرجل ذِرَاعَيْهِ افتراش السَّبع، وَكَانَ يخْتم الصَّلَاة بِالتَّسْلِيمِ " / وَفِي رِوَايَة ابْن نمير، عَن أبي خَالِد: " وَكَانَ ينْهَى عَن عقب الشَّيْطَان ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن عبيد اللَّهِ، حَدثنِي سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل الْمَسْجِد فَدخل رجل فصلى، ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ السَّلَام. فَقَالَ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. فصلى، ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل - ثَلَاثًا - فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أحسن غَيره، فعلمني. فَقَالَ:(2/226)
إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن، ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا ".
بَاب وضع الأكف على الركب عِنْد الرُّكُوع وَمَا جَاءَ فِي ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود وعلقمة قَالَا: " أَتَيْنَا عبد اللَّهِ بن مَسْعُود فِي دَاره فَقَالَ: أصلى هَؤُلَاءِ خلفكم؟ فَقُلْنَا: لَا. فَقَالَ: (قومُوا) فصلوا. فَلم يَأْمُرنَا بِأَذَان وَلَا بِإِقَامَة، قَالَ: وذهبنا لنقوم خَلفه فَأخذ بِأَيْدِينَا فَجعل أَحَدنَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله، قَالَ: فَلَمَّا ركعنا وَضعنَا أَيْدِينَا على ركبنَا، قَالَ: فَضرب أَيْدِينَا فطبق بَين كفيه، ثمَّ أدخلهما بَين فَخذيهِ. قَالَ: فَلَمَّا صلى قَالَ: إِنَّه سَيكون عَلَيْكُم أُمَرَاء يؤخرون الصَّلَاة عَن ميقاتها، ويخنقونها إِلَى شَرق الْمَوْتَى، فَإِذا رأيتموهم قد فعلوا ذَلِك فصلوا الصَّلَاة لميقاتها، وَاجْعَلُوا صَلَاتكُمْ مَعَهم سبْحَة، وَإِذا كُنْتُم ثَلَاثَة فصلوا جَمِيعًا، وَإِذا كُنْتُم أَكثر من ذَلِك فليؤمكم أحدكُم، وَإِذا ركع أحدكُم فليفرش ذِرَاعَيْهِ (فَخذيهِ) و (ليحن) ، وليطبق بَين كفيه، فلكأني أنظر إِلَى اخْتِلَاف أَصَابِع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَرَاهُم ".(2/227)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا نوح بن حبيب القومسي، ثَنَا ابْن إِدْرِيس، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " علمنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة فَقَامَ فَكبر، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرْكَع طبق يَدَيْهِ بَين رُكْبَتَيْهِ وَركع، فَبلغ ذَلِك سَعْدا فَقَالَ: صدق أخي، قد كُنَّا نَفْعل هَذَا ثمَّ أمرنَا بِهَذَا. يَعْنِي: الْإِمْسَاك بالركب ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة وَأَبُو كَامِل - وَاللَّفْظ لقتيبة - قَالَا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، / عَن أبي يَعْفُور، عَن مُصعب بن سعد قَالَ: " صليت إِلَى جنب أبي وَجعلت يَدي بَين ركبتي، فَقَالَ لي أبي: اضْرِب بكفيك على ركبتيك. قَالَ: ثمَّ فعلت ذَلِك مرّة أُخْرَى، فَضرب يَدي وَقَالَ: إِنَّا نهينَا عَن هَذَا، وأمرنا أَن نضرب بالأكف على الركب ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، ثَنَا أَبُو حُصَيْن، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: قَالَ لنا عمر بن الْخطاب: " إِن الركب سنت لكم، فَخُذُوا بالركب ".
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن سعد، وَأنس، وَأبي حميد، وَأبي أسيد، وَسَهل بن سعد، وَمُحَمّد بن مسلمة، وَأبي مَسْعُود، قَالَ: وَحَدِيث عمر حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا وهب بن بَقِيَّة، عَن خَالِد، عَن مُحَمَّد - يَعْنِي: ابْن عَمْرو -(2/228)
عَن عَليّ بن يحيى بن خَلاد، عَن رِفَاعَة بن رَافع - يَعْنِي عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي فِي تَعْلِيمه الرجل الصَّلَاة - قَالَ: " إِذا قُمْت فتوجهت إِلَى الْقبْلَة فَكبر ثمَّ اقْرَأ بِأم الْقُرْآن وَبِمَا شَاءَ اللَّهِ أَن تقْرَأ، وَإِذا ركعت فضع راحيتك على ركبتيك وامدد ظهرك، وَقَالَ: إِذا سجدت فمكن لسجودك، فَإِذا رفعت فَأقْعدَ على فخذك الْيُسْرَى "
رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عَليّ بن يحيى، عَن أَبِيه، عَن رِفَاعَة بِهَذِهِ الْقِصَّة، ذكره أَبُو دَاوُد، عَن مُؤَمل، عَن إِسْمَاعِيل، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق مَرْفُوعا.
بَاب مَوضِع أَصَابِع الْيَدَيْنِ فِي الرُّكُوع
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن سُلَيْمَان، ثَنَا حُسَيْن، عَن زَائِدَة، عَن عَطاء، عَن سَالم أبي عبد اللَّهِ، عَن عقبَة بن (عَمْرو) قَالَ: " أَلا أُصَلِّي [لكم] كَمَا رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي؟ فَقُلْنَا: بلَى. فَقَامَ فَلَمَّا ركع وضع راحتيه على رُكْبَتَيْهِ وَجعل أَصَابِعه من وَرَاء رُكْبَتَيْهِ، وجافى إبطَيْهِ حَتَّى اسْتَقر كل شَيْء مِنْهُ ... . ". وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
بَاب ينحي جَنْبَيْهِ عَن ذِرَاعَيْهِ فِي الرُّكُوع
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، ثَنَا فليح بن(2/229)
سُلَيْمَان، ثَنَا عَبَّاس بن سهل بن سعد قَالَ: " اجْتمع أَبُو حميد وَأَبُو أسيد وَسَهل ابْن سعد وَمُحَمّد بن مسلمة، فَذكرُوا صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ أَبُو حميد: أَنا أعلمكُم بِصَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ركع فَوضع يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ قَابض عَلَيْهِمَا، ووتر يَدَيْهِ فنحاهما عَن جَنْبَيْهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث أبي حميد حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب الْأَمر بإتمام الرُّكُوع
مُسلم: / حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَمُحَمّد بن مثنى قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت قَتَادَة، يحدث عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أقِيمُوا الرُّكُوع وَالسُّجُود، فوَاللَّه إِنِّي (أَرَاكُم) من بعدِي - وَرُبمَا قَالَ: من بعد ظَهْري - إِذا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عمَارَة بن عُمَيْر، عَن أبي معمر، عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُجزئ صَلَاة لَا يُقيم فِيهَا الرجل - يَعْنِي: صلبه - فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث أبي مَسْعُود حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، سَمِعت زيد ابْن وهب قَالَ: " رأى حُذَيْفَة رجلا لَا يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود. قَالَ: مَا صليت،(2/230)
وَلَو مت مت على غير الْفطْرَة الَّتِي فطر اللَّهِ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُسلم (بن) أبي الوضاح، عَن الْأَحْوَص بن حَكِيم، عَن خَالِد بن معدان، عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أحسن الرجل الصَّلَاة فَأَتمَّ ركوعها وسجودها قَالَت الصَّلَاة: حفظك اللَّهِ كَمَا حفظتني، فَترفع، وَإِذا أَسَاءَ الصَّلَاة فَلم يتم ركوعها وَلَا سجودها قَالَت الصَّلَاة: ضيعك اللَّهِ كَمَا ضيعتني، فَتلف كَمَا يلف الثَّوْب الْخلق فَضرب بهَا وَجهه ".
خَالِد بن معدان أدْرك سبعين من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَيُقَال: لم يلق عبَادَة بن الصَّامِت - رَضِي اللَّهِ عَنهُ.
وَذكر أَبُو عمر فِي " التَّمْهِيد " فِي بَاب: " مَالك، عَن يحيى بن سعيد ": ثَنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن حكم، ثَنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة، ثَنَا إِسْحَاق بن أبي حسان الْأنمَاطِي، ثَنَا هِشَام بن عمار، ثَنَا عبد الحميد بن حبيب، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا يحيى - هُوَ ابْن أبي كثير - حَدثنِي أَبُو سَلمَة، حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن شَرّ النَّاس سَرقَة الَّذِي يسرق صلَاته. قَالُوا: وَكَيف يسرق صلَاته؟ قَالَ: لَا يتم ركوعها وَلَا سجودها ".
وَهَذَا حَدِيث صَحِيح، قَالَه أَبُو عمر - رَحمَه اللَّهِ.
بَاب مَا يَقُول فِي الرُّكُوع وَالنَّهْي عَن الْقِرَاءَة فِيهِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن نَافِع أَبُو تَوْبَة ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل - الْمَعْنى - قَالَا: ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن مُوسَى - قَالَ أَبُو سَلمَة: مُوسَى بن أَيُّوب - عَن عَمه،(2/231)
عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " لما (أنزلت) : {فسبح باسم / رَبك الْعَظِيم} قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اجْعَلُوهَا فِي ركوعكم. فَلَمَّا نزلت: {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ ".
عَم مُوسَى بن أَيُّوب اسْمه إِيَاس بن عَامر، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا ابْن أَخِيه مُوسَى.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن سُلَيْمَان بن سحيم، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد اللَّهِ بن معبد، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كشف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الستارة وَالنَّاس صُفُوف خلف أبي بكر، فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّه لم يبْق من مُبَشِّرَات النُّبُوَّة إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ، ثمَّ قَالَ: أَلا إِنِّي نهيت أَن أَقرَأ رَاكِعا (و) سَاجِدا، فَأَما الرُّكُوع فَعَظمُوا فِيهِ الرب، وَأما السُّجُود فاجتهدوا فِي الدُّعَاء، فقمن أَن يُسْتَجَاب لكم ".
وَلمُسلم فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث من الزِّيَادَة: " اللَّهُمَّ هَل بلغت - ثَلَاث مَرَّات ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا خَالِد، ثَنَا شُعْبَة، أنبأني قَتَادَة، عَن مطرف، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي رُكُوعه: سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح ".(2/232)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يحيى بن عُثْمَان، ثَنَا ابْن حمير، ثَنَا شُعَيْب، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر - وَذكر آخر قبله - عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن مُحَمَّد بن مسلمة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا قَامَ يُصَلِّي تَطَوّعا يَقُول إِذا ركع: اللَّهُمَّ لَك ركعت، وَبِك آمَنت، وَلَك أسلمت، وَعَلَيْك توكلت، أَنْت رَبِّي، خشع سَمْعِي وبصري ولحمي وَدمِي ومخي وعصبي لله رب الْعَالمين ".
ابْن حمير اسْمه مُحَمَّد بن حمير، وَثَّقَهُ ابْن معِين. 7
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، حَدثنِي عمي الْمَاجشون بن أبي سَلمَة، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن عبيد اللَّهِ بن أبي رَافع، عَن عَليّ بن أبي طَالب " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا ركع قَالَ: اللَّهُمَّ لَك ركعت، وَلَك أسلمت، وَبِك آمَنت، خشع لَك سَمْعِي وبصري وعظامي ومخي وعصبي ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ، أَنا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن [سعد] بن عُبَيْدَة، عَن الْمُسْتَوْرد بن الْأَحْنَف، عَن صلَة بن زفر، عَن حُذَيْفَة قَالَ " صليت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَكَعَ، فَقَالَ فِي رُكُوعه: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم، وَفِي سُجُوده: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ".(2/233)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عَمْرو بن قيس، / عَن عَاصِم بن حميد، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: " قُمْت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة، لَا يمر بِآيَة رَحْمَة إِلَّا وقف فَسَأَلَ، وَلَا يمر بِآيَة عَذَاب إِلَّا وقف فتعوذ، قَالَ: ثمَّ ركع بِقدر قِيَامه، يَقُول فِي رُكُوعه: سُبْحَانَ ذِي الجبروت والملكوت والكبرياء وَالْعَظَمَة. ثمَّ سجد بِقدر قِيَامه. ثمَّ قَالَ فِي سُجُوده مثل ذَلِك، ثمَّ قَامَ فَقَرَأَ بآل عمرَان ثمَّ قَرَأَ سُورَة سُورَة ".
بَاب الدُّعَاء فِي الرُّكُوع
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ زُهَيْر: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكثر أَن يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك، اللَّهُمَّ اغْفِر لي. يتَأَوَّل الْقُرْآن ".
بَاب رفع الرَّأْس من الرُّكُوع حَتَّى يعتدل قَائِما وَقَول: سمع اللَّهِ لمن حَمده وربنا لَك الْحَمد للْإِمَام وللمأموم وَمَا يَقُول إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن إِسْحَاق بن عبد اللَّهِ ابْن أبي طَلْحَة، عَن عَليّ بن يحيى بن خَلاد، عَن عَمه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تتمّ صَلَاة أحد من النَّاس حَتَّى يتَوَضَّأ فَيَضَع الْوضُوء موَاضعه، ثمَّ يكبر(2/234)
ويحمد اللَّهِ - عز وَجل - ويثني عَلَيْهِ، وَيقْرَأ مَا [شِئْت] من الْقُرْآن، ثمَّ يَقُول: اله أكبر. ثمَّ يرْكَع [حَتَّى] تطمئِن مفاصلة، ثمَّ يَقُول: سمع اللَّهِ لمن حَمده حَتَّى يَسْتَوِي قَائِما، (و) يَقُول: اللَّهِ أكبر. ثمَّ يسْجد حَتَّى تطمئِن مفاصلة، ثمَّ يَقُول: اللَّهِ أكبر. وَيرْفَع رَأسه حَتَّى يَسْتَوِي قَاعِدا، ثمَّ يَقُول: اللَّهِ أكبر. ثمَّ يسْجد حَتَّى تطمئِن مفاصلة، ثمَّ يرفع رَأسه فيكبر، فَإِذا فعل ذَلِك تمت صلَاته ".
قَالَ: وثنا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا هِشَام بن عبد الْملك وَالْحجاج بن الْمنْهَال قَالَا: ثَنَا همام، ثَنَا إِسْحَاق بن عبد اللَّهِ بن أبي طَلْحَة، عَن عَليّ بن يحيى بن خَلاد، عَن عَمه رِفَاعَة بن رَافع بِمَعْنَاهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّهَا لَا تتمّ صَلَاة أحدكُم حَتَّى يسبغ الْوضُوء كَمَا أمره اللَّهِ - عز وَجل - فَيغسل وَجهه وَيَديه إِلَى الْمرْفقين، ويسمح بِرَأْسِهِ وَرجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثمَّ يكبر اللَّهِ وَيَحْمَدهُ، ثمَّ يقْرَأ من الْقُرْآن مَا أذن لَهُ فِيهِ وتيسر ".
فَذكر نَحْو حَدِيث حَمَّاد قَالَ: " ثمَّ يكبر فَيسْجد فَيمكن وَجهه " قَالَ همام: وَرُبمَا قَالَ: " جَبهته من الأَرْض حَتَّى تطمئِن مفاصلة وَتَسْتَرْخِي، ثمَّ يكبر فيستوي قَاعِدا على مقعدته وَيُقِيم صلبه - / فوصف الصَّلَاة هَكَذَا أَربع رَكْعَات حَتَّى فرغ - لَا تتمّ صَلَاة أحدكُم حَتَّى يفعل ذَلِك ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَفْص بن عمر النمري، ثَنَا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، عَن عمَارَة بن عُمَيْر، عَن أبي معمر، عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُجزئ صَلَاة الرجل حَتَّى يُقيم ظَهره فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود ".(2/235)
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، عَن ثَابت قَالَ: " كَانَ أنس بن مَالك ينعَت لنا صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَكَانَ يُصَلِّي فَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَامَ حَتَّى نقُول: قد نسي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، عَن الحكم، عَن ابْن أبي ليلى، عَن الْبَراء: " كَانَ رُكُوع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسُجُوده وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع وَبَين (السُّجُود) - قَرِيبا من السوَاء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن هِشَام [بن] عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَنَّهَا قَالَت: " صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيته وَهُوَ شَاك فصلى جَالِسا، وَصلى وَرَاءه قوم قيَاما فَأَشَارَ عَلَيْهِم أَن اجلسوا، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا رفع فارفعوا، وَإِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده فَقولُوا: رَبنَا وَلَك الْحَمد، وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَالَ الإِمَام: سمع اللَّهِ لمن حَمده، فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد؛ فَإِنَّهُ من وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".(2/236)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع، عَن الْأَعْمَش، عَن عبيد بن الْحسن، عَن ابْن أبي أوفي قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رفع ظَهره من الرُّكُوع قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده، اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ملْء السَّمَاوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد ".
ثَنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار - قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر - ثَنَا شُعْبَة، عَن مجزأَة بن زَاهِر، سَمِعت عبد اللَّهِ بن أبي أوفى، يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ لَك الْحَمد ملْء السَّمَاوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد، اللَّهُمَّ طهرني بالثلج وَالْبرد وَالْمَاء الْبَارِد، اللَّهُمَّ طهرني من الذُّنُوب والخطايا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من [الْوَسخ] ".
وَحدثنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ، ثَنَا أبي.
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، كِلَاهُمَا عَن شُعْبَة بِهَذَا / الْإِسْنَاد، فِي رِوَايَة ابْن معَاذ " كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدَّرن "، وَفِي رِوَايَة يزِيد: " من الدنس ".
مُسلم: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، أَنا مَرْوَان بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي، ثَنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن عَطِيَّة بن قيس، عَن قزعة، عَن أبي سعيد قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَالَ: رَبنَا لَك الْحَمد ملْء السَّمَاوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد، أهل الثَّنَاء وَالْمجد، أَحَق مَا قَالَ العَبْد، وكلنَا لَك عبد، لَا مَانع لما أَعْطَيْت، وَلَا معطي لما منعت، وَلَا(2/237)
ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مسلمة، عَن مَالك، عَن نعيم بن عبد اللَّهِ - هُوَ المجمر - عَن عَليّ بن يحيى بن خَلاد الزرقي، عَن أَبِيه، عَن رِفَاعَة [بن] رَافع الزرقي قَالَ: " كُنَّا نصلى يَوْمًا وَرَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا رفع رَأسه من الرَّكْعَة قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده. قَالَ رجل: رَبنَا وَلَك الْحَمد حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: من الْمُتَكَلّم؟ قَالَ: أَنا. قَالَ: رَأَيْت (بضعا) وَثَلَاثِينَ ملكا يبتدرونها أَيهمْ يَكْتُبهَا أول ".
بَاب السُّجُود ويهوي بِالتَّكْبِيرِ حِين يسْجد
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو بكر ابْن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن " أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يكبر فِي كل صَلَاة من الْمَكْتُوبَة وَغَيرهَا فِي رَمَضَان وَغَيره، فيكبر حِين يقوم، ثمَّ يكبر حِين [يرْكَع] ثمَّ يَقُول: سمع اللَّهِ لمن حَمده. ثمَّ يَقُول: رَبنَا وَلَك الْحَمد. قبل أَن يسْجد، ثمَّ يَقُول: اللَّهِ أكبر. حِين يهوي سَاجِدا، ثمَّ يكبر حِين يرفع رَأسه من السُّجُود [ثمَّ يكبر حِين يسْجد، ثمَّ يكبر حِين يرفع رَأسه من السُّجُود] ، ثمَّ يكبرحين يقوم من الْجُلُوس فِي الاثنتين، وَيفْعل ذَلِك فِي كل رَكْعَة حَتَّى يفرغ من الصَّلَاة، ثمَّ يَقُول حِين ينْصَرف: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي(2/238)
لأقربكم شبها بِصَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِن كَانَت هَذِه لصلاته حَتَّى فَارق الدُّنْيَا ".
بَاب أَيْن تكون يدا الْمُصَلِّي إِذا سجد
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، ثَنَا فليح بن سُلَيْمَان، حَدثنِي عَبَّاس بن سهل، عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا سجد (مكن) أَنفه وجبهته من الأَرْض، ونحى يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ، وَوضع كفيه حَذْو مَنْكِبَيْه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: / حَدِيث أبي حميد حَدِيث حسن صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي أَحْمد بن نَاصح، ثَنَا ابْن إِدْرِيس، سَمِعت عَاصِم بن كُلَيْب، يذكر عَن أَبِيه، عَن وَائِل بن حجر قَالَ: " قدمت الْمَدِينَة فَقلت: لأنظرن إِلَى صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَكبر وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْت (إبهامه) قَرِيبا من أُذُنَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرْكَع كبر وَرفع يَدَيْهِ، ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده، ثمَّ كبر وَسجد، وَكَانَت يَدَاهُ من أُذُنَيْهِ على الْموضع الَّذِي اسْتقْبل بهما الصَّلَاة ".
بَاب الطُّمَأْنِينَة فِي السُّجُود
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد اللَّهِ - يَعْنِي ابْن الْمُبَارك - عَن دَاوُد بن قيس، حَدثنِي عَليّ بن يحيى بن خَلاد بن رَافع بن مَالك الْأنْصَارِيّ، حَدثنِي أبي، عَن عَم لَهُ بَدْرِي قَالَ: " كنت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسا فِي الْمَسْجِد، فَدخل رجل فصلى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقد كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرمقه فِي صلَاته، فَرد عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ قَالَ لَهُ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. فَرجع(2/239)
فصلى، ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرد عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ قَالَ لَهُ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. حَتَّى كَانَ عِنْد الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة فَقَالَ: وَالَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب لقد جهدت وحرصت، فأرني وَعَلمنِي. قَالَ: إِذا أردْت أَن تصلي فَتَوَضَّأ فَأحْسن وضوءك، ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة فَكبر، ثمَّ اقْرَأ، ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا، ثمَّ ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد حتىتطمئن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن قَاعِدا، ثمَّ اسجد حَتَّى نطمئن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ، فَإِذا أتممت صَلَاتك على هَذَا فقد تمت، وَمَا انتقصت من هَذَا فَإِنَّمَا (تنقصه) من صَلَاتك ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح وَابْن رَافع قَالَا: ثَنَا عبد اللَّهِ بن إِبْرَاهِيم ابْن عمر بن كيسَان، حَدثنِي أبي، عَن وهب بن مانوس قَالَ: سَمِعت سعيد بن جُبَير يَقُول: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: " مَا صليت وَرَاء أحد بعد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشبه صَلَاة برَسُول اللَّهِ من هَذَا الفتي - يَعْنِي: عمر بن عبد الْعَزِيز - قَالَ: فحزرنا فِي رُكُوعه عشر تسبيحات، [وَفِي سُجُوده عشر تسبيحات] ".
هَذَا لفظ ابْن رَافع. وَقَالَ أَحْمد: عَن سعيد، عَن أنس.
قَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ أَحْمد بن صَالح: قلت لَهُ: مانوس أَو مابوس؟ قَالَ: أما عبد الرَّزَّاق فَيَقُول: مَا بوس، / وَأما حفظي فمانوس.
بَاب هَل يضع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ إِذا سجد وَمَا جَاءَ فِي ذَلِك
أَبُو دَاوُد: ثَنَا الْحسن بن عَليّ وحسين بن عِيسَى قَالَا: ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا شريك، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل بن حجر قَالَ: " رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سجد وضع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ، وَإِذا نَهَضَ رفع يَدَيْهِ قبل(2/240)
رُكْبَتَيْهِ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، [حَدثنِي مُحَمَّد بن] عبد الله بن حسن، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سجد أحدكُم فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير، وليضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هَارُون بن مُحَمَّد بن بكار بن بِلَال من كِتَابه، ثَنَا مراون ابْن مُحَمَّد، [ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد] ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سجد أحدكُم فليضع بديه قبل رُكْبَتَيْهِ، وَلَا يبرك بروك الْبَعِير ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد اللَّهِ بن نَافِع، عَن مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يعمد أحدكُم فِي صلَاته فيبرك كَمَا يبرك الْجمل ".
بَاب النَّهْي عَن بسط الذراعين فِي السُّجُود
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة،(2/241)
عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اعتدلوا فِي السُّجُود، وَلَا يبسط أحدكُم ذِرَاعَيْهِ انبساط الْكَلْب ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: أَنا عبيد اللَّهِ بن إياد - هُوَ ابْن لَقِيط - عَن إياد، عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك ".
بَاب يُبْدِي ضبعيه ويجافي فِي السُّجُود
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا بكر - وَهُوَ ابْن مُضر - عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن الْأَعْرَج، عَن عبد اللَّهِ بن مَالك ابْن بُحَيْنَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا صلى فرج بَين يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُو بَيَاض إبطَيْهِ ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، أَنا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، ثَنَا عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن الْأَصَم، عَن يزِيد بن الْأَصَم، أَنه / أخبرهُ عَن مَيْمُونَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سجد خوي بيدَيْهِ - يَعْنِي: جنح - حَتَّى يرى وضح إبطَيْهِ من وَرَائه، وَإِذا قعد اطْمَأَن على فَخذه الْيُسْرَى ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عباد بن رَاشد، ثَنَا الْحسن، ثَنَا أَحْمَر بن جُزْء صَاحب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا سجد جافي عضديه عَن جَنْبَيْهِ حَتَّى نأوي لَهُ ".(2/242)
هُوَ ابْن جُزْء بن مُعَاوِيَة بن سُلَيْمَان مولى الْحَارِث السدُوسِي، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: أَحْمد بن جزى بِكَسْر الْجِيم وَالزَّاي.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن حجر، أَنا شريك، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: " وصف لنا الْبَراء السُّجُود، فَوضع يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ وَرفع عجيزته، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفعل ".
وروى أَبُو دَاوُد من طَرِيق عَتبه بن أبي حَكِيم، عَن عبد اللَّهِ بن عِيسَى، عَن عَبَّاس بن سهل، عَن أبي حميد فِي وصف صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فَإِذا سجد فرج بَين فَخذيهِ غير حَامِل بَطْنه على شَيْء من فَخذيهِ ".
رَوَاهُ عَن عَمْرو بن عُثْمَان، عَن بَقِيَّة، عَن عتبَة، وَعتبَة ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم، عتبَة بن أبي حَكِيم صَالح لَا بَأْس بِهِ.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَابْن أبي عمر قَالَا جَمِيعًا: عَن سُفْيَان، قَالَ يحيى: أَنا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن الْأَصَم، عَن عَمه يزِيد بن الْأَصَم، عَن مَيْمُونَة قَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سجد لَو شَاءَت بهمة أَن تمر بَين يَدَيْهِ (مرت) ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا قُتَيْبَة، ثَنَا سُفْيَان بِهَذَا الْإِسْنَاد: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا سجد جافى بَين يَدَيْهِ، حَتَّى لَو أَن بهمة أَرَادَت أَن تمر (بَين) يَدَيْهِ مرت ".(2/243)
أَبُو دَاوُد: ثَنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، ثَنَا ابْن وهب، أَنا اللَّيْث، عَن دراج، عَن ابْن حجيرة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذا سجد أحدكُم، فَلَا يفترش يَدَيْهِ افتراش الْكَلْب، وليضم فَخذيهِ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " اشْتَكَى أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - مشقة السُّجُود عَلَيْهِم إِذا انفرجوا، (قَالَ) : اسْتَعِينُوا بالركب ".
/ بَاب ينصب الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُود وَيسْتَقْبل الْقبْلَة بأطراف أَصَابِع رجلَيْهِ
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا عبد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن، أَنا مُعلى بن أَسد، ثَنَا وهيب، عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص، عَن أَبِيه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بِوَضْع الْيَدَيْنِ وَنصب الْقَدَمَيْنِ ".
رَوَاهُ يحيى بن سعيد وَغير وَاحِد عَن مُحَمَّد بن عجلَان مُرْسلا.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي، ثَنَا عَبدة، عَن عبيد اللَّهِ، عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " فقدت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة، فلمست الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ ساجد وَقَدمَاهُ منصوبتان، و (يَقُول) : أعوذ برضاك من سخطك، وَأَعُوذ بمعافاتك من(2/244)
عُقُوبَتك، وَأَعُوذ بك مِنْك، لَا أحصى ثَنَاء عَلَيْك، أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الْمصْرِيّ، ثَنَا ابْن وهب، عَن اللَّيْث بن سعد، عَن يزِيد بن مُحَمَّد الْقرشِي وَيزِيد بن أبي حبيب، عَن مُحَمَّد [بن] عَمْرو بن حلحلة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء العامري، عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ " ذكر صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذا سجد وضع يَدَيْهِ غير مفترش وَلَا قابضهما، واستقبل بأطراف أَصَابِعه الْقبْلَة ".
النَّسَائِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، حَدثنِي مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا هوى إِلَى الأَرْض سَاجِدا جافى عضديه عَن إبطَيْهِ، وَفتح أَصَابِع رجلَيْهِ ".
بَاب بَيَان الْأَعْضَاء الَّتِي يسْجد عَلَيْهَا وَلَا يكفت الشّعْر وَلَا الثِّيَاب
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر، أَنا [عبد اللَّهِ] بن وهب، حَدثنِي ابْن جريج، عَن عبد اللَّهِ بن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن عبد اللَّهِ بن عَبَّاس؛ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أمرت أَن أَسجد على سبع، وَلَا أكفت الشّعْر وَلَا الثِّيَاب: الْجَبْهَة، وَالْأنف، وَالْيَدَيْنِ، والركبتين، والقدمين ".(2/245)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُعلى بن أَسد، ثَنَا وهيب، عَن عبد اللَّهِ بن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة أعظم: الْجَبْهَة - وَأَشَارَ بِيَدِهِ على أَنفه - وَالْيَدَيْنِ، والركبتين، وأطراف الْقَدَمَيْنِ ".
رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا وهيب بِإِسْنَادِهِ.
التِّرْمِذِيّ: / حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا بكر - وَهُوَ ابْن مُضر - عَن ابْن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن عَامر بن سعد، عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، أَنه سمع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا سجد العَبْد سجد مَعَه سَبْعَة آرَاب: وَجهه، وَركبَتَاهُ وَكَفاهُ، وَقَدمَاهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.
الدراقطني: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث، ثَنَا الْجراح بن مخلد، ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة - هُوَ سلم بن قُتَيْبَة - ثَنَا شُعْبَة، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة لمن لم يضع أَنفه على الأَرْض ".
وثنا عبد اللَّهِ بن سُلَيْمَان، ثَنَا الْجراح بن مخلد، ثَنَا أَبُو قُتَيْبَة، ثَنَا سُفْيَان(2/246)
الثَّوْريّ، ثَنَا عَاصِم بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَأى رجلا يُصَلِّي مَا يُصِيب أَنفه من الأَرْض - فَقَالَ: لَا صَلَاة لمن لَا يُصِيب أَنفه من الأَرْض مَا (يمس) من الجبين ".
بَاب النَّهْي عَن الْقِرَاءَة فِي السُّجُود وَمَا يُقَال فِيهِ
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة قَالَا: أَنا ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن عبد اللَّهِ بن [حنين] ؛ أَن أَبَاهُ حَدثهُ، أَنه سمع عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: " نهاني رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَقرَأ رَاكِعا أَو سَاجِدا ".
وَفِي بعض طرق مُسلم: عَن عَليّ - رَحمَه اللَّهِ -: " نهاني وَلَا أَقُول نهاكم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا سُفْيَان، عَن سُلَيْمَان بن سحيم، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد اللَّهِ بن معبد بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كشف الستارة وَالنَّاس صُفُوف خلف أبي بكر فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّه لم يبْق من مُبَشِّرَات النُّبُوَّة إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ، وَإِنِّي نهيت أَن أَقرَأ رَاكِعا أَو سَاجِدا، فَأَما الرُّكُوع فَعَظمُوا فِيهِ الرب، وَأما السُّجُود فاجتهدوا فِي الدُّعَاء فقمن أَن يُسْتَجَاب لكم ".(2/247)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا شُعْبَة قَالَ: قلت لِسُلَيْمَان: أَدْعُو فِي الصَّلَاة إِذا مَرَرْت بِآيَة تخوف؟ فَحَدثني عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن مُسْتَوْرِد، عَن صلَة بن زفر، عَن حُذَيْفَة " أَنه صلى مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَانَ يَقُول فِي رُكُوعه. سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم. وَفِي سُجُوده: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى. وَمَا مر بِآيَة رَحْمَة إِلَّا وقف عِنْدهَا فَسَأَلَ، وَلَا بِآيَة عَذَاب إِلَّا وقف عِنْدهَا فتعوذ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا هِشَام، ثَنَا قَتَادَة، عَن مطرف، عَن عَائِشَة: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول فِي رُكُوعه / وَسُجُوده: سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا عبيد الله بن عمر، عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " فقدت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة من الْفراش، فالتمسته، فَوَقَعت يَدي على بطن (قدمه) وَهُوَ فِي الْمَسْجِد - وهما منصوبتان - وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عُقُوبَتك، وَأَعُوذ بك مِنْك، لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك، أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك ".
وَفِي حَدِيث آخر عَن عَائِشَة: " افتقدت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة فَظَنَنْت أَنه ذهب إِلَى بعض نِسَائِهِ فتحسست ثمَّ رجعت، فَإِذا هُوَ رَاكِع أَو ساجد يَقُول: سُبْحَانَكَ(2/248)
وَبِحَمْدِك لَا اله إِلَّا أَنْت. فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي، إِنِّي لفي شَأْن وَإنَّك لفي آخر ".
رَوَاهُ عَن الْحسن الْحلْوانِي وَمُحَمّد بن رَافع، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن عَائِشَة.
مُسلم: حَدثنِي أَبُو طَاهِر وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَنا يحيى بن أَيُّوب، عَن عمَارَة بن غزيَّة، عَن سمي مولى أبي بكر، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة: " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول فِي سُجُوده: اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي كُله، دقه وجله، وأوله وَآخره، وعلانيته وسرة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، عَن مُسلم بن صبيح (أَبُو الضُّحَى) ، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكثر أَن يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك، اللَّهُمَّ اغْفِر لي. يتَأَوَّل الْقُرْآن ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا عبد الْعَزِيز ابْن أبي سَلمَة: حَدثنِي عمي: الْمَاجشون بن أبي سَلمَة، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن عبيد اللَّهِ بن أبي رَافع، عَن عَليّ " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا سجد قَالَ: اللَّهُمَّ لَك سجدت، وَلَك أسلمت، وَبِك آمَنت، سجد وَجْهي للَّذي خلقه فَصورهُ، وشق سَمعه وبصره، تبَارك اللَّهِ أحسن الْخَالِقِينَ ".(2/249)
بَاب فضل السُّجُود
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَعَطَاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهما " أَن النَّاس قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: هَل تمارون فِي الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر لَيْسَ دونه سَحَاب؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: فَهَل تمارون فِي رُؤْيَة الشَّمْس لَيْسَ دونهَا سَحَاب؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك، يحْشر اللَّهِ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة / فَيَقُول: من كَانَ يعبد شَيْئا فليتبعه ... " واقتص الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " حَتَّى إِذا أَرَادَ اللَّهِ رَحْمَة من أَرَادَ من أهل النَّار أَمر الْمَلَائِكَة أَن يخرجُوا من كَانَ يعبد اللَّهِ، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السُّجُود، وَحرم اللَّهِ على النَّار أَن تَأْكُل أثر السُّجُود ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَرَأَ ابْن آدم السَّجْدَة فَسجدَ، اعتزل الشَّيْطَان يبكي يَقُول: يَا ويله! ".
وَفِي رِوَايَة أبي كريب: " (يَا ويلنا) أَمر ابْن آدم بِالسُّجُود فَسجدَ فَلهُ الْجنَّة وَأمرت بِالسُّجُود (فعصيت) فلي النَّار ".
مُسلم: حَدثنَا الحكم بن مُوسَى أَبُو صَالح، ثَنَا [هِقْل] بن زِيَاد، سَمِعت الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي يحيى بن أبي كثير، حَدثنِي أَبُو سَلمَة، حَدثنِي ربيعَة ابْن كَعْب الْأَسْلَمِيّ قَالَ: " كنت أَبيت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَتَيْته بوضوئه وَحَاجته،(2/250)
فَقَالَ لي: سل. فَقلت: أَسأَلك مرافقتك فِي الْجنَّة. قَالَ: أَو غير ذَلِك؟ قلت: هُوَ ذَاك. قَالَ: فأعني عَليّ نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود ".
مُسلم: وَحدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف و [عَمْرو] بن سَواد قَالَا: ثَنَا عبد اللَّهِ بن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن عمَارَة بن غزيَّة، عَن سمي مولى [أبي] بكر أَنه سمع أَبَا صَالح ذكْوَان يحدث، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد؛ فَأَكْثرُوا الدُّعَاء ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، سَمِعت الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا الْوَلِيد بن هِشَام المعيطي، ثَنَا معدان بن أبي طَلْحَة الْيَعْمرِي قَالَ: " لقِيت ثَوْبَان مولى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: أَخْبرنِي بِعَمَل (أعمل بِهِ) يدخلني اللَّهِ بِهِ الْجنَّة أَو قَالَ: قلت: بِأحب الْأَعْمَال إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فَسكت، ثمَّ سَأَلته فَسكت، ثمَّ سَأَلته الثَّالِثَة فَقَالَ: سَأَلت عَن ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: عَلَيْك بِكَثْرَة السُّجُود لله؛ فَإنَّك لَا تسْجد لله سَجْدَة إِلَّا رفعك اللَّهِ بهَا دَرَجَة وَحط عَنْك بهَا خَطِيئَة. قَالَ معدان: ثمَّ لقِيت أَبَا الدَّرْدَاء فَسَأَلته، فَقَالَ لي مثل مَا قَالَ ثَوْبَان ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد أَحْمد بن بكار الدِّمَشْقِي، [ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم] قَالَ: قَالَ صَفْوَان بن عَمْرو: أَخْبرنِي يزِيد بن خمير، عَن عبد اللَّهِ(2/251)
ابْن بسر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أمتِي يَوْم الْقِيَامَة غر من السُّجُود، محجلون من الْوضُوء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث عبد اللَّهِ بن بسر.
بَاب رفع الرَّأْس من السُّجُود وَرفع الْيَدَيْنِ مَعَه
البُخَارِيّ: / حَدثنَا يحيى بن صَالح، ثَنَا فليح بن سُلَيْمَان، عَن سعيد بن الْحَارِث قَالَ: " صلى لنا أَبُو سعيد فجهر بِالتَّكْبِيرِ حِين رفع رَأسه من السُّجُود، وَحين سجد، وَحين رفع، وَحين قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن نَافِع، ثَنَا بهز، ثَنَا حَمَّاد، أَنا ثَابت، عَن أنس قَالَ: مَا صليت خلف أحد أوجز صَلَاة من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي تَمام، كَانَت صَلَاة رَسُول اللَّهِ مُتَقَارِبَة، وَكَانَت صَلَاة أبي بكر مُتَقَارِبَة، فَلَمَّا كَانَ عمر بن الْخطاب مد فِي صَلَاة الْفجْر، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده. قَامَ حَتَّى نقُول: قد أوهم، ثمَّ يسْجد وَيقْعد بَين السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نقُول: قد أوهم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن حجر، أَنا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن [جَعْفَر]- ثَنَا يحيى بن عَليّ بن يحيى بن خَلاد بن رَافع الزرقي، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن رِفَاعَة بن رَافع " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بَيْنَمَا) هُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد يَوْمًا - قَالَ رِفَاعَة: وَنحن عِنْده - إِذْ جَاءَ رجل كالبدوي، فصلى فأخف صلَاته، ثمَّ انْصَرف(2/252)
فَسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ النَّبِي: وَعَلَيْك، فأرجع فصل فَإنَّك لم تصل، فَرجع ثمَّ جَاءَ فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْك، فأرجع فصل فَإنَّك لم تصل. فعل ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، كل ذَلِك يَأْتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُول النَّبِي: وَعَلَيْك، فأرجع فصل فَإنَّك لم تصل. فعاث النَّاس وَكبر ذَلِك عَلَيْهِم أَن يكون من أخف صلَاته لم يصل. فَقَالَ الرجل فِي آخر ذَلِك: فأرني - أَو عَلمنِي - فَإِنَّمَا أَنا بشر أُصِيب وأخطئ. فَقَالَ للرجل: إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَتَوَضَّأ كَمَا أَمرك اللَّهِ - عز وَجل - ثمَّ تشهد، فأقم ثمَّ [كبر] فَإِن كَانَ مَعَك قُرْآن فأقرأ بِهِ، وَإِلَّا فَأَحْمَد اللَّهِ وَكبره وَهَلله ثمَّ أركع فأطمئن رَاكِعا، ثمَّ اعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد واعتدل سَاجِدا، ثمَّ اجْلِسْ واطمئن جَالِسا، ثمَّ قُم، فَإِذا فعلت ذَلِك فقد تمت صَلَاتك، وَإِن انتقضت مِنْهُ شَيْئا انْتقض من صَلَاتك وَلم تذْهب كلهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى، عَن عبيد اللَّهِ، حَدثنِي سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل الْمَسْجِد فَدخل رجل فصلى، ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرد فَقَالَ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. فَرجع فصلى كَمَا صلى، ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل - ثَلَاثًا - فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أحسن غَيره، فعلمني. فَقَالَ: / إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر، ثمَّ أَقرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن، ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، وَافْعل [ذَلِك] فِي صَلَاتك كلهَا ".(2/253)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا زِيَاد بن أَيُّوب، ثَنَا ابْن علية، ثَنَا أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر رفْعَة قَالَ: " إِن الْيَدَيْنِ تسجدان كَمَا يسْجد الْوَجْه، فَإِذا وضع أحدكُم وَجهه فليضع يَدَيْهِ، وَإِذا رَفعه فليرفعهما ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن أَيُّوب بِهَذَا سَوَاء.
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار وَذكر هَذَا الحَدِيث: لَا نعلم أحدا أسْندهُ عَن أَيُّوب إِلَّا ابْن عَلَيْهِ.
بَاب إتْمَام السُّجُود
وَإِقَامَة الصلب فِيهِ وَكَيف يجلس بَين السَّجْدَتَيْنِ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو غَسَّان، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، ثَنَا أبي.
وثنا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن سعيد كِلَاهُمَا، عَن قَتَادَة، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَتموا الرُّكُوع وَالسُّجُود، فوَاللَّه إِنِّي لأَرَاكُمْ من بعد ظَهْري إِذا مَا رَكَعْتُمْ وَإِذا مَا سجدتم ". وَفِي حَدِيث سعيد " إِذا رَكَعْتُمْ وَإِذا سجدتم ".
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو حَامِد مُحَمَّد بن هَارُون إملاء، ثَنَا عَمْرو بن عَليّ ثَنَا عبد اللَّهِ بن إِدْرِيس، ووكيع بن الْجراح، وَأَبُو مُعَاوِيَة، وَحَمَّاد بن سعيد الْمَازِني [قَالُوا] : ثَنَا الْأَعْمَش، عَن عمَارَة، عَن أبي معمر، عَن أبي مَسْعُود قَالَ:(2/254)
قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَلَاة لرجل لَا يُقيم صلبه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود ".
قَالَ: هَذَا إِسْنَاد ثَابت صَحِيح.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عبد الْملك بن مَرْوَان الرقي، ثَنَا الْفرْيَابِيّ، عَن سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن عمَارَة، عَن أبي معمر، عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُجزئ صَلَاة لَا يُقيم فِيهَا الرجل صلبه إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع وَالسُّجُود ".
سمع الْأَعْمَش عمَارَة.
النَّسَائِيّ: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، أَنا عِيسَى، [عَن] الْأَعْمَش، عَن عمَارَة بن عُمَيْر، عَن أبي معمر، عَن أبي مَسْعُود البدري قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُجزئ صَلَاة لَا يُقيم الرجل فِيهَا صلبه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود ".
قَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، ثَنَا أَحْمد بن عبد اللَّهِ بن يُونُس، حَدثنِي ملازم بن عَمْرو الْحَنَفِيّ، حَدثنِي عبد اللَّهِ بن بدر، أَن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ حَدثهُ، أَن أَبَاهُ عَليّ بن شَيبَان حَدثهُ " أَنه وَفد إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فصلى بِنَا نَبِي اللَّهِ، فلمح بمؤخر عينه إِلَى رجل لَا يُقيم صلبه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود / فَانْصَرف نَبِي اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا معشر الْمُسلمين، لَا صَلَاة لمن لم يقم صلبه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم دُحَيْم الدِّمَشْقِي، ثَنَا مَرْوَان بن(2/255)
مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، ثَنَا عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ [بن] الْأَصَم، ثَنَا يزِيد بن الْأَصَم، عَن مَيْمُونَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سجد خوى (بِيَدِهِ) حَتَّى يرى (وضح) إبطَيْهِ من وَرَائه، وَإِذا قعد اطْمَأَن على فَخذه الْيُسْرَى ". .
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن عباد بن الْعَوام، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن عَليّ ابْن يحيى بن خَلاد، عَن رِفَاعَة بن رَافع " أَن رجلا دخل الْمَسْجِد وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَظُنهُ قَالَ: - جَالِسا فصلى قَرِيبا ثمَّ أَتَى النَّبِي فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أعد عَليّ صَلَاتك فَإنَّك لم تصل. قَالَ: فَرجع فصلى نَحوا كَمَا صلى، فَأتي النَّبِي فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أعد عَليّ صَلَاتك فَإنَّك لم [تصل] . فَقَالَ لَهُ يَا رَسُول اللَّهِ فعلمني. فَقَالَ: إِذا اسْتقْبلت الْقبْلَة فكبره ثمَّ اقْرَأ بِمَا شِئْت، فَإِذا أردْت أَن تركع فأجعل راحتيك على ركبتيك وَمكن لركوعك، فَإِذا رفعت فأقم صلبك حَتَّى ترجع الْعِظَام إِلَى مفاصلها، فَإِذا سجدت فمكن لسجودك، فَإِذا جَلَست فأجلس على فخذك الْيُسْرَى، وَافْعل ذَلِك فِي كل رَكْعَة وَسجْدَة ".
وَصله أَبُو دَاوُد، عَن عَليّ، عَن أَبِيه، عَن رِفَاعَة وَقَالَ: " إِذا قعدت فِي وسط الصَّلَاة فأطمئن وافترش فخذك الْيُسْرَى " وَذكره فِي أَحَادِيث عطف بَعْضهَا على بعض.(2/256)
بَاب مَا تَقول بَين السَّجْدَتَيْنِ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سَلمَة بن شبيب، ثَنَا زيد بن حباب، عَن كَامِل أبي الْعَلَاء، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول بَين السَّجْدَتَيْنِ: " اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَقد روى مُرْسلا.
كَامِل هُوَ أَبُو الْعَلَاء ثِقَة ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن معِين، وَلم يذكرهُ أَبُو عِيسَى.
السَّجْدَة الثَّانِيَة وَالتَّكْبِير لَهَا وَمَا جَاءَ فِي كَيْفيَّة النهوض مِنْهَا
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْرَان، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة " أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يكبر فِي الصَّلَاة كلما رفع وَوضع، فَقُلْنَا: يَا أَبَا هُرَيْرَة، مَا هَذَا التَّكْبِير؟ قَالَ: إِنَّهَا لصَلَاة رَسُول اللَّهِ / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أَبُو بدر، ثَنَا زُهَيْر أَبُو خَيْثَمَة، ثَنَا الْحسن بن الْحر، حَدثنِي عِيسَى بن عبد اللَّهِ، عَن مُحَمَّد بن [عَمْرو] بن عَطاء - أحد بني مَالك - عَن عَبَّاس - أَو عَيَّاش - بن سهل السَّاعِدِيّ " أَنه كَانَ فِي مجْلِس فِيهِ أَبوهُ وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي الْمجْلس: أَبُو هُرَيْرَة، وَأَبُو حميد، وَأَبُو أسيد السَّاعِدِيّ فَذكر - يَعْنِي: أَبَا حميد - صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: ثمَّ رفع رَأسه - يَعْنِي من الرُّكُوع - فَقَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده، اللَّهُمَّ رَبنَا(2/257)
لَك الْحَمد. وَرفع يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: اللَّهِ أكبر. فَسجدَ فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قَدَمَيْهِ وَهُوَ ساجد، ثمَّ كبر فَجَلَسَ فتورك، وَنصب قدمه الْأُخْرَى، ثمَّ كبر فَسجدَ، ثمَّ كبر فَقَامَ وَلم يتورك. وَقَالَ فِيهِ: ثمَّ جلس بعد الرَّكْعَتَيْنِ، حَتَّى إِذا أَرَادَ أَن ينْهض للْقِيَام قَامَ بتكبير، ثمَّ ركع الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ " وَلم يذكر التورك فِي التَّشَهُّد، خَالفه عبد الحميد بن جَعْفَر، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء وَذكر التورك.
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثَنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا أَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد، أَنا عبد الحميد - يَعْنِي ابْن جَعْفَر - قَالَ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، سَمِعت أَبَا حميد السَّاعِدِيّ فِي عشرَة من أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مِنْهُم: أَبُو قَتَادَة. قَالَ أَبُو حميد: " أَنا أعلمكُم بِصَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا: فَلم؟ فوَاللَّه مَا كنت بأكثرنا لَهُ تبعا وَلَا أقدمنا لَهُ صُحْبَة. قَالَ: بلَى. قَالُوا: فَأَعْرض. قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ إِلَيّ الصَّلَاة يرفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه، ثمَّ يكبر حَتَّى يقر كل عظم فِي مَوْضِعه معتدلا، ثمَّ يقْرَأ، ثمَّ يكبر وَيرْفَع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه، ثمَّ يرْكَع وَيَضَع راحتيه على رُكْبَتَيْهِ، ثمَّ يعتدل، فَلَا [يصب] رَأسه وَلَا يقنع، ثمَّ يرفع رَأسه فَيَقُول: سمع اللَّهِ لمن حَمده. ثمَّ يرفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي مَنْكِبَيْه معتدلا، ثمَّ يَقُول: اللَّهِ أكبر. ثمَّ يهوي إِلَى الأَرْض فيجافي يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ، ثمَّ يرفع رَأسه ويثني رجله الْيُسْرَى فيقعد عَلَيْهَا و [يفتخ] أَصَابِع رجلَيْهِ إِذا سجد وَيسْجد، ثمَّ يَقُول: اللَّهِ أكبر. وَيرْفَع ويثني رجله الْيُسْرَى وَيقْعد عَلَيْهَا حَتَّى يرجع كل عظم إِلَى مَوْضِعه، ثمَّ يصنع فِي الْآخِرَة مثل ذَلِك، ثمَّ إِذا قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ كبر(2/258)
وَيرْفَع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه كَمَا كبر عِنْد افْتِتَاح الصَّلَاة، ثمَّ يصنع ذَلِك فِي كل بَقِيَّة صلَاته، حَتَّى إِذا كَانَت السَّجْدَة / الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيم أخر رجله الْيُسْرَى وَقعد متوركا على شقة الْأَيْسَر. قَالُوا: صدقت، هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَمُحَمّد بن الْمثنى قَالَا: ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا عبد الحميدج بن جَعْفَر، ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ قَالَ: " سمعته وَهُوَ فِي عشرَة من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحدهم أَبُو قَتَادَة ابْن ربعي يَقُول: أَنا أعلمكُم بِصَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالُوا: مَا كنت أقدمنا لَهُ صُحْبَة، وَلَا أكثرنا لَهُ إتيانا؟ قَالَ: بلَى. قَالُوا: فَأَعْرض. قَالَ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة اعتدل قَائِما وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه، فَإِذا أَرَادَ أَن يرفع رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه ... . " وَذكر الحَدِيث. وَقَالَ فِي الرّفْع من الرُّكُوع: اعتدل حَتَّى يرجع كل عظم فِي مَوْضِعه معتدلا " وَكَذَلِكَ فِي الرّفْع من السُّجُود، وَقَالَ فِي آخر الحَدِيث: " قعد على شقَّه متوركا ثمَّ سلم ".
وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ: وثنا مُحَمَّد بن بشار وَالْحسن بن عَليّ الْخلال وَسَلَمَة بن شبيب وَغير وَاحِد، قَالُوا: ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا عبد الحميد بِهَذَا الْإِسْنَاد بِمَعْنَاهُ، قَالُوا: " صدقت هَكَذَا كَانَت صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " انْتهى حَدِيث أبي عِيسَى - رَحمَه اللَّهِ.
مُحَمَّد هُوَ ابْن عَمْرو بن عَطاء بن عَبَّاس بن عَلْقَمَة الْقرشِي، من بني عَامر ابْن لؤَي، يكنى أَبَا عبد اللَّهِ، مَاتَ فِي خلَافَة الْوَلِيد بن يزِيد، روى عَن: ابْن عَبَّاس، وَأبي هُرَيْرَة، وَأبي حميد، وَأبي أسيد، وَأبي قَتَادَة، وَابْن الزبير. روى عَنهُ: الزُّهْرِيّ وَغَيره. قَالَ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم: مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء(2/259)
ثِقَة. زَاد أَبُو حَاتِم: صَالح الحَدِيث ذكر ذَلِك أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم. ووثق النَّسَائِيّ أَيْضا مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء.
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا عبيد اللَّهِ بن عمر، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلا دخل الْمَسْجِد يُصَلِّي، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نَاحيَة الْمَسْجِد فجَاء فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. فَرجع فصلى ثمَّ سلم فَقَالَ: وَعَلَيْك، ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. قَالَ فِي الثَّالِثَة: فَأَعْلمنِي. قَالَ: إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فأسبغ الْوضُوء، ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة فَكبر واقرأ بِمَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن، ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا، ثمَّ ارْفَعْ رَأسك حَتَّى تعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تستوي وتطمئن / جَالِسا، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تستوي قَائِما، ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا ".
خَالفه عبد اللَّهِ بن نمير، عَن عبيد اللَّهِ بن عمر، ذكره البُخَارِيّ قَالَ: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا عبد اللَّهِ بن نمير، ثَنَا عبيد الله - هُوَ ابْن عمر - عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة: " أَن رجلا دخل الْمَسْجِد وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالس فِي نَاحيَة الْمَسْجِد، فصلى ثمَّ جَاءَ فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَعَلَيْك السَّلَام، ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. فَرجع [فصلى] ثمَّ جَاءَ فَسلم. فَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام، ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. [فصلى] ثمَّ جَاءَ فَسلم، فَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام، ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل. فَقَالَ فِي الثَّانِيَة أَو فِي الَّتِي بعْدهَا: عَلمنِي يَا رَسُول اللَّهِ. فَقَالَ: إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فأسبغ الْوضُوء، ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة [فَكبر] ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن، ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تستوي قَائِما، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى(2/260)
تطمئِن جَالِسا، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، ثمَّ أفعل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح، أَنا هشيم، أَنا خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة قَالَ: أَخْبرنِي مَالك بن الْحُوَيْرِث اللَّيْثِيّ " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي، فَإِذا كَانَ فِي وتر من صلَاته لم ينْهض حَتَّى يَسْتَوِي قَاعِدا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن حجر، أَنا هشيم بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
تَابعه أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة.
بَاب يرفع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ إِذا نَهَضَ
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سَلمَة بن شبيب وَأحمد بن [إِبْرَاهِيم] الدَّوْرَقِي وَالْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي وَعبد اللَّهِ بن مُنِير وَغير وَاحِد، قَالُوا: ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا شريك، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل بن حجر قَالَ: " رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سجد يضع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ، وَإِذا نَهَضَ رفع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن عِيسَى، إِسْحَاق بن مَنْصُور قَالَا: ثَنَا يزِيد(2/261)
بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.
بَاب يعْتَمد على الأَرْض إِذا قَامَ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُعلى بن أَسد، ثَنَا وهيب، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة قَالَ: " جَاءَنَا مَالك بن الْحُوَيْرِث فصلى بِنَا فِي مَسْجِدنَا هَذَا فَقَالَ: لأصلي بكم وَمَا أُرِيد الصَّلَاة، (لكني) أُرِيد أَن أريكم كَيفَ رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي. قَالَ أَيُّوب: فَقلت لأبي قلَابَة: وَكَيف كَانَت صلَاته؟ قَالَ: مثل صَلَاة شَيخنَا هَذَا - يَعْنِي عَمْرو بن سَلمَة - قَالَ / أَيُّوب: وَكَانَ ذَلِك الشَّيْخ يتم التَّكْبِير، وَإِذا رفع رَأسه عَن السَّجْدَة الثَّانِيَة جلس وَاعْتمد على الأَرْض ثمَّ قَامَ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، ثَنَا خَالِد، عَن أبي قلَابَة قَالَ: كَانَ مَالك بن الْحُوَيْرِث يأتينا فَيَقُول: " أَلا أحدثكُم عَن صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَيصَلي فِي غير وَقت صَلَاة، فَإِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة الثَّانِيَة فِي أول الرَّكْعَة اسْتَوَى قَاعِدا ثمَّ قَامَ فاعتمد على الأَرْض ".
بَاب يكبر حِين ينْهض من الِاثْنَيْنِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة يكبر حِين يقوم، ثمَّ يكبر حِين يرْكَع، ثمَّ يَقُول: سمع اللَّهِ لمن حَمده. حِين يرفع صلبه من الرُّكُوع، ثمَّ يَقُول وَهُوَ قَائِم: رَبنَا لَك الْحَمد، ثمَّ يكبر حِين يهوي، ثمَّ يكبر حِين يرفع رَأسه، ثمَّ يكبر حِين يسْجد، ثمَّ(2/262)
يكبر حِين يرفع رَأسه، ثمَّ يفعل ذَلِك فِي الصَّلَاة كلهَا حَتَّى يَقْضِيهَا، وَيكبر حِين يقوم من الثِّنْتَيْنِ بعد الْجُلُوس ". قَالَ عبد اللَّهِ عَن اللَّيْث: " وَلَك الْحَمد ".
بَاب تقَارب الصَّلَاة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود
مُسلم: حَدثنَا [عبيد اللَّهِ] بن معَاذ، ثَنَا أبي ثَنَا شُعْبَة، عَن الحكم قَالَ: " غلب على الْكُوفَة رجل - قد سَمَّاهُ - زمن ابْن الْأَشْعَث، فَأمر أَبَا عُبَيْدَة بن عبد اللَّهِ أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَكَانَ يُصَلِّي، فَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَامَ [قدر مَا] أَقُول: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ملْء السَّمَاوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد، أهل الثَّنَاء وَالْمجد، لَا مَانع لما أَعْطَيْت، وَلَا معطي لما منعت، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد ". قَالَ الحكم: فَذكرت ذَلِك لعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى فَقَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب يَقُول: " كَانَت صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وركوعه، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع، وَسُجُوده، وَمَا بَين السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبا من السوَاء ".
مُسلم: حَدثنَا حَامِد بن عمر [البكراوي] وَأَبُو كَامِل كِلَاهُمَا عَن أبي عوَانَة، قَالَ حَامِد: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن هِلَال بن أبي حميد، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " رمقت الصَّلَاة مَعَ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوجدت قِيَامه، فركعته، فاعتداله بعد رُكُوعه، فسجدته، فجلسته بَين السَّجْدَتَيْنِ،(2/263)
فسجدته، فجلسته مَا بَين التَّسْلِيم والانصراف قَرِيبا من السوَاء ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا بدل بن المحبر، ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي الحكم، عَن ابْن أبي ليلى، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " كَانَ رُكُوع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسُجُوده / وَبَين السَّجْدَتَيْنِ وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع، مَا خلا الْقيام وَالْقعُود، قَرِيبا من السوَاء ".
بَاب صفة الْجُلُوس للتَّشَهُّد وَالْإِشَارَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مسلمة، عَن مَالك [عَن] عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن عبد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ أَنه أخبرهُ " أَنه كَانَ يرى عبد اللَّهِ بن عمر يتربع فِي الصَّلَاة إِذا جلس، ففعلته وَأَنا يَوْمئِذٍ حَدِيث السن، فنهاني عبد اللَّهِ بن عمر، وَقَالَ: إِنَّمَا سنة الصَّلَاة أَن تنصب رجلك الْيُمْنَى، وثثني الْيُسْرَى. فَقلت: إِنَّك تفعل ذَلِك. فَقَالَ: إِن رجْلي لَا تحملاني ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان بن دَاوُد، ثَنَا إِسْحَاق بن بكر، حَدثنِي أبي، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن يحيى، أَن الْقَاسِم حَدثهُ، عَن عبد اللَّهِ ابْن عبد الله بن عمر، عَن أَبِيه قَالَ: " من سنة الصَّلَاة أَن تنصب الْقدَم الْيُمْنَى، واستقباله بأصابعها الْقبْلَة، وَالْجُلُوس على الْيُسْرَى ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن خَالِد، عَن سعيد - يَعْنِي ابْن أبي هِلَال - عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء.
وثنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب وَيزِيد بن مُحَمَّد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو(2/264)
ابْن حلحلة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء " أَنه كَانَ جَالِسا مَعَ نفر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكرنَا صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ أَبُو حميد السَّاعِدِيّ: أَنا كنت أحفظكم لصَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، رَأَيْته إِذا كبر جعل يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه، وَإِذا [ركع] امكن يَدَيْهِ من رُكْبَتَيْهِ ثمَّ هصر ظَهره، فَإِذا رفع رَأسه اسْتَوَى حَتَّى يعود كل فقار مَكَانَهُ، فَإِذا سجد وضع يَدَيْهِ غير مفترش وَلَا قابضهما، واستقبل بأطراف أَصَابِع رجلَيْهِ الْقبْلَة، وَإِذا جلس فِي الرَّكْعَتَيْنِ جلس على رجله الْيُسْرَى وَنصب الْيُمْنَى، وَإِذا جلس فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة قدم رجله الْيُسْرَى، وَنصب الْأُخْرَى، وَقعد على (مَقْعَده) ".
سمع اللَّيْث يزِيد بن أبي حبيب، وَيزِيد [من] ابْن حلحلة، [وَابْن حلحلة من] ابْن عَطاء.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُؤَمل بن هِشَام، ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، حَدثنِي عَليّ بن يحيى بن خَلاد بن رَافع، عَن أَبِيه، عَن عَمه رِفَاعَة بن رَافع، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي تَعْلِيم الرجل الصَّلَاة - قَالَ: " إِذا أَنْت قُمْت فِي صَلَاتك فَكبر اللَّهِ، ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر عَلَيْك من الْقُرْآن، وَقَالَ فِيهِ: فَإِذا جَلَست فِي وسط الصَّلَاة فأطمئن وافترش فخذك الْيُسْرَى، ثمَّ تشهد، ثمَّ إِذا قُمْت فَمثل ذَلِك حَتَّى تفرغ من صَلَاتك ".(2/265)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر بن ربعي الْقَيْسِي، ثَنَا أَبُو [هِشَام] المَخْزُومِي، عَن عبد الْوَاحِد - وَهُوَ ابْن زِيَاد - ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، حَدثنِي عَامر ابْن عبد اللَّهِ بن الزبير، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قعد فِي / الصَّلَاة جعل قدمه الْيُسْرَى بَين فَخذه وَسَاقه، وفرش قدمه الْيُمْنَى، وَوضع يَده الْيُسْرَى على ركبته [الْيُسْرَى] ، وَوضع يَده الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بإصبعه ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد اللَّهِ - هُوَ ابْن الْمُبَارك - عَن زَائِدَة، ثَنَا عَاصِم بن كُلَيْب، حَدثنِي أبي، أَن وَائِل بن حجر أخبرهُ قَالَ: " قلت: لأنظرن إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَيفَ يُصَلِّي. فَنَظَرت إِلَيْهِ فَقَامَ فَكبر وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى حاذتا بأذنيه، ثمَّ وضع يَده الْيُمْنَى على كَفه الْيُسْرَى والرسغ والساعد، ثمَّ لما أَرَادَ أَن يرْكَع رفع يَدَيْهِ مثلهَا قَالَ: وَوضع يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ، ثمَّ لما رفع رَأسه رفع يَدَيْهِ مثلهَا، ثمَّ سجد فَجعل كفيه بحذاء أُذُنَيْهِ، ثمَّ قعد وافترش رجله الْيُسْرَى، وَوضع كَفه الْيُسْرَى على فَخذه وركبته الْيُسْرَى، وَجعل حد مرفقه الْأَيْمن على فَخذه الْيُمْنَى، ثمَّ قبض اثْنَتَيْنِ من أَصَابِعه وَحلق حلقه ثمَّ رفع إصبعه فرأيته يحركها يَدْعُو بهَا ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد، قَالَ عبد: أَنا، وَقَالَ ابْن رَافع: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن عبيد اللَّهِ بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: " [أَن] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وضع يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ، وَرفع إصبعه الْيُمْنَى الَّتِي تلِي الْإِبْهَام فَدَعَا بهَا، وَيَده الْيُسْرَى على ركبته(2/266)
باسطها عَلَيْهَا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن المصِّيصِي، ثَنَا حجاج، عَن ابْن جريج، عَن زِيَاد، عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن عَامر بن عبد اللَّهِ، عَن عبد اللَّهِ ابْن الزبير أَنه ذكر: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُشِير بإصبعه إِذا دَعَا وَلَا يحركها " قَالَ ابْن جريج: وَزَاد عَمْرو بن دِينَار قَالَ: أَخْبرنِي عَامر، عَن أَبِيه " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو كَذَلِك، ويتحامل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى ".
قَالَ: وثنا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى، ثَنَا ابْن عجلَان بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث قَالَ: " لَا يُجَاوز بَصَره إِشَارَته ".
وَحَدِيث حجاج أتم.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن ابْن عجلَان بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا جلس يَدْعُو وضع يَده الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى، وَيَده الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بإصبعه السبابَة، وَوضع إبهامه على إصبعه الْوُسْطَى، ويلقم كَفه الْيُسْرَى ركبته ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن الْمُبَارك، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن سعد قَالَ: " مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا أَدْعُو بأصابعي فَقَالَ: أحد أحد / وَأَشَارَ بالسبابة ".
وَقَالَ فِي حَدِيث آخر: أَنا أَحْمد بن يحيى الصُّوفِي، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا عِصَام بن قدامَة الجدلي، ثَنَا مَالك بن نمير الْخُزَاعِيّ - من أهل الْبَصْرَة - أَن أَبَاهُ حَدثهُ " أَنه رأى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعِدا فِي الصَّلَاة وَاضِعا ذراعه الْيُمْنَى على فَخذه(2/267)
الْيُمْنَى، (رَافع) إصبعه السبابَة قد (حناها) شَيْئا وَهُوَ يَدْعُو ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا بشر بن الْمفضل، ثَنَا عَاصِم ابْن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل بن حجر " وصف صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: وَقبض ثِنْتَيْنِ وَحلق، ورأيته يَقُول هَكَذَا - وَأَشَارَ بشر بالسبابة من الْيُمْنَى، وَحلق الْإِبْهَام وَالْوُسْطَى ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك، عَن مُسلم بن أبي مَرْيَم، عَن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: " رَآنِي ابْن عمر وَأَنا أعبث بالحصى فِي الصَّلَاة فَلَمَّا انْصَرف نهاني وَقَالَ: اصْنَع كَمَا كَانَ - يَعْنِي رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ - يصنع. قلت: وَكَيف كَانَ يصنع؟ قَالَ: كَانَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وضع كَفه الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى، وَقبض [يَعْنِي أَصَابِعه] كلهَا، وَأَشَارَ بإصبعه الَّتِي تلِي الْإِبْهَام، وَوضع كَفه الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا أَبُو عَامر، ثَنَا فليح بن سُلَيْمَان الْمدنِي، ثَنَا عَبَّاس بن سهل السَّاعِدِيّ قَالَ: " اجْتمع أَبُو حميد وَأَبُو أسيد وَسَهل ابْن سعد وَمُحَمّد بن مسلمة فَذكرُوا صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ أَبُو حميد: أَنا أعلمكُم بِصَلَاة رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِن رَسُول اللهِ جلس - يَعْنِي للتَّشَهُّد - فافترش رجله الْيُسْرَى، وَأَقْبل بصدر الْيُمْنَى على قبلته، وَوضع كَفه الْيُمْنَى على ركبته الْيُمْنَى، وكفه الْيُسْرَى على ركبته الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بإصبعه - يَعْنِي: السبابَة ".(2/268)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا يَقُول إِذا قعد للتَّشَهُّد
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور وقتيبة و [أَبُو] كَامِل الجحدري وَمُحَمّد ابْن عبد الْملك الْأمَوِي - وَاللَّفْظ لأبي كَامِل - قَالُوا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن يُونُس بن جُبَير، عَن حطَّان بن عبد اللَّهِ الرقاشِي قَالَ: " صليت مَعَ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ صَلَاة، فَلَمَّا كَانَ عِنْد الْقعدَة قَالَ رجل من الْقَوْم: أقرَّت الصَّلَاة بِالْبرِّ وَالزَّكَاة. قَالَ: فَلَمَّا قضى أَبُو مُوسَى الصَّلَاة وَسلم انْصَرف، فَقَالَ: أَيّكُم الْقَائِل كلمة كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فأرم الْقَوْم، قَالَ: أَيّكُم الْقَائِل كلمة كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فأرم الْقَوْم فَقَالَ: لَعَلَّك يَا حطَّان قلتهَا؟ قَالَ: مَا قلتهَا وَلَقَد رهبت أَن تبكعني بهَا. فَقَالَ رجل من الْقَوْم: / أَنا قلتهَا وَلم أرد بهَا إِلَّا الْخَيْر. فَقَالَ أَبُو مُوسَى / مَا تَعْمَلُونَ كَيفَ تَقولُونَ فِي صَلَاتكُمْ، إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَطَبنَا فَبين لنا سنتنا وَعلمنَا صَلَاتنَا فَقَالَ: إِذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثمَّ ليؤمكم أحدكُم، فَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا قَالَ: غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين. فَقولُوا: آمين، يجبكم اللَّهِ، فَإِذا كبر و [ركع] فكبروا واركعوا، فَإِن الإِمَام يرْكَع قبلكُمْ وَيرْفَع قبلكُمْ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَتلك بِتِلْكَ. وَإِذا قَالَ: سمع الله لمن حَمده فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد. يسمع اللَّهِ لكم، فَإِن الله عز وَجل - قَالَ على لِسَان نبيه: سع اللَّهِ لمن حَمده. وَإِذا كبر وَسجد فكبروا واسجدوا، فَإِن الإِمَام يسْجد قبلكُمْ وَيرْفَع قبلكُمْ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَتلك بِتِلْكَ. وَإِذا كَانَ عِنْد الْقعدَة فَلْيَكُن من أول قوم أحدكُم: التَّحِيَّات الطَّيِّبَات الصَّلَوَات لله، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة اللَّهِ وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد اللَّهِ الصَّالِحين، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ".(2/269)
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَعُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أَنا. وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " كُنَّا نقُول فِي الصَّلَاة خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: السَّلَام على اللَّهِ، السَّلَام على فلَان. فَقَالَ لنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم: إِن اللَّهِ هُوَ السَّلَام فَإِذا قعد أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلْيقل: التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة اللَّهِ وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين، فَإِذا قَالَهَا أَصَابَت كل عبد لله صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، ثمَّ يتَخَيَّر من الْمَسْأَلَة مَا شَاءَ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا (سيف بن أبي سُلَيْمَان) ، سَمِعت مُجَاهدًا يَقُول: حَدثنِي عبد اللَّهِ بن سَخْبَرَة قَالَ: سَمِعت ابْن مَسْعُود يَقُول: " عَلمنِي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّشَهُّد، كفي بَين كفيه كَمَا يعلمني السُّورَة من الْقُرْآن. واقتص التَّشَهُّد بِمثل مَا اقتصوا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن الْأَعْمَش، حَدثنِي شَقِيق، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " كُنَّا إِذا كُنَّا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة قُلْنَا: السَّلَام على اللَّهِ من عباده، السَّلَام على فلَان وَفُلَان، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [لَا تَقولُوا] السَّلَام على اللَّهِ؛ فَإِن اللَّهِ هُوَ السَّلَام، وَلَكِن قُولُوا: التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة اللَّهِ وَبَرَكَاته ... . " ذكر نَحوه.(2/270)
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا / لَيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن سعيد بن جُبَير [و] عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا التَّشَهُّد كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن، وَكَانَ يَقُول: التَّحِيَّات المباركات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة اللَّهِ وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد اللَّهِ الصَّالِحين، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ".
وَفِي رِوَايَة ابْن رمح: " كَمَا يعلمنَا الْقُرْآن ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن [الْحَارِث، أَن] زيد بن أبي أنيسَة الْجَزرِي حَدثهُ، أَن أَبَا إِسْحَاق حَدثهُ، عَن الْأسود وعلقمة، [عَن] عبد اللَّهِ قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا نعلم شَيْئا فَقَالَ لنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قُولُوا فِي كل جلْسَة: التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة اللَّهِ وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد اللَّهِ الصَّالِحين، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا خَالِد، ثَنَا سعيد، عَن قَتَادَة، عَن يُونُس بن جُبَير، عَن حطَّان بن عبد اللَّهِ الرقاشِي، أَنه حدث أَنه شهد أَبَا مُوسَى، فَذكر الحَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِيهِ: " وَإِذا كَانَ عِنْد الْقعدَة فَلْيَكُن من أول قَول أحدكُم: التَّحِيَّات الطَّيِّبَات الصَّلَوَات لله، سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة(2/271)
اللَّهِ وَبَرَكَاته، سَلام علينا وعَلى عباد اللَّهِ الصَّالِحين، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، سبع كَلِمَات وَهِي تَحِيَّة الصَّلَاة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو الْأَشْعَث أَحْمد بن الْمِقْدَام، ثَنَا الْمُعْتَمِر، سَمِعت أبي يحدث عَن قَتَادَة، عَن أبي غلاب، عَن حطَّان بن عبد اللَّهِ الرقاشِي " أَنهم صلوا مَعَ أبي مُوسَى فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذا كَانَ عِنْد الْقعدَة فَلْيَكُن من أول قَول أحدكُم: التَّحِيَّات الطَّيِّبَات الصَّلَوَات لله، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة اللَّهِ وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد اللَّهِ الصَّالِحين، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ". زَاد فِيهِ على أَصْحَاب قَتَادَة: " وَحده لَا شريك لَهُ ".
وَخَالفهُ هِشَام وَسَعِيد وَأَبَان وَأَبُو عوَانَة وَغَيرهم، عَن قَتَادَة.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا نصر بن عَليّ، ثَنَا أبي، عَن شُعْبَة، عَن أبي بشر، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي التَّشَهُّد: (التَّحِيَّات الطَّيِّبَات الصَّلَوَات لله) ، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة اللَّهِ - / قَالَ ابْن عمر: زِدْت فِيهَا وَبَرَكَاته - السَّلَام علينا وعَلى عباد اللَّهِ الصَّالِحين، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ - قَالَ: وزدت أَنا: وَحده لَا شريك لَهُ - وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ".
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: رَوَاهُ غير وَاحِد عَن ابْن عمر، رَوَاهُ عبد اللَّهِ بن باباه، ومحارب بن دثار، وَحَدِيث أبي بشر، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر لَا نعلم أحدا رَفعه عَن شُعْبَة إِلَّا عَليّ بن نصر، وَرَوَاهُ غَيره مَوْقُوفا.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا الْحسن بن الْحر، عَن الْقَاسِم(2/272)
ابْن مخيمرة قَالَ: " أَخذ عَلْقَمَة بيَدي، فَحَدثني أَن عبد اللَّهِ بن مَسْعُود أَخذ بِيَدِهِ، وَأَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ بيد عبد اللَّهِ فَعلمه التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة ... " فَذكر مثل حَدِيث الْأَعْمَش، وَقد تقدم من طَرِيق البُخَارِيّ، زَاد: " إِذا قلت هَذَا فقد قضيت صَلَاتك، إِن شِئْت أَن تقوم فَقُمْ، وَإِن شِئْت أَن تقعد فَاقْعُدْ ".
وَالصَّحِيح فِي هَذِه الزِّيَادَة أَنَّهَا من قَول ابْن مَسْعُود ذكر ذَلِك أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو بكر الْخَطِيب فِي كِتَابه الْمُسَمّى بِالْفَصْلِ للوصل.
وَذكر أَبُو الْحسن قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصفار، ثَنَا الْحسن بن مكرم، ثَنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، ثَنَا الْحسن بن الْحر، عَن الْقَاسِم بن مخيمرة قَالَ: " أَخذ عَلْقَمَة بيَدي وَقَالَ: أَخذ ابْن مَسْعُود بيَدي وَقَالَ: أَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيَدي، فعلمني التَّشَهُّد: التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة اللَّهِ وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد اللَّهِ الصَّالِحين، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. قَالَ عبد اللَّهِ: فَإِذا قلت ذَلِك فقد قضيت مَا عَلَيْك من الصَّلَاة، فَإِن شِئْت أَن تقوم فَقُمْ، وَإِن شِئْت أَن تقعد فَاقْعُدْ ".
بَاب مَا أَمر بِهِ أَن يَقُوله إِذا فرغ من التَّشَهُّد
مُسلم: حَدثنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، وَابْن نمير، وَأَبُو كريب، وَزُهَيْر ابْن حَرْب، جَمِيعًا عَن وَكِيع - قَالَ أَبُو كريب: ثَنَا وَكِيع - ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن حسان بن عَطِيَّة، عَن مُحَمَّد بن أبي عَائِشَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا تشهد أحدكُم فليستعذ بِاللَّه من أَربع يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب جَهَنَّم، وَمن(2/273)
عَذَاب الْقَبْر، وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات، وَمن شَرّ فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، / حَدثنِي الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا حسان، حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي عَائِشَة، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الآخر فليتعوذ بِاللَّه من أَربع: من عَذَاب جَهَنَّم، وَمن عَذَاب الْقَبْر، وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات، وَمن شَرّ الْمَسِيح الدَّجَّال ".
بَاب الْأَمر بِالصَّلَاةِ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا عبد اللَّهِ بن يزِيد الْمُقْرِئ، ثَنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، حَدثنِي أَبُو هَانِئ الْخَولَانِيّ، أَن عَمْرو بن مَالك الْجَنبي أخبرهُ، أَنه سمع فضَالة بن عبيد يَقُول: " سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا يَدْعُو فِي صلَاته فَلم يصل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عجل هَذَا. ثمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ وَلغيره: إِذا صلى أحدكُم فليبدأ بتحميد اللَّهِ وَالثنَاء عَلَيْهِ، ثمَّ ليصل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ ليدعوا بعد مَا شَاءَ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب كَيْفيَّة الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نعيم بن عبد اللَّهِ المجمر، أَن مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ [بن] زيد الْأنْصَارِيّ - وَعبد اللَّهِ هُوَ الَّذِي(2/274)
كَانَ أرِي النداء بِالصَّلَاةِ - أخبرهُ عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: " أَتَانَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن فِي مجْلِس سعد بن عبَادَة فَقَالَ لَهُ بشير بن سعد: أمرنَا اللَّهِ أَن نصلي عَلَيْك يَا رَسُول اللَّهِ، فَكيف نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: فَسكت رَسُول اللَّهِ حَتَّى تمنينا أَنه لم يسْأَله، ثمَّ قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قُولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم، فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد، وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ الْمثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن الحكم قَالَ: سَمِعت ابْن أبي ليلى قَالَ " لَقِيَنِي كَعْب بن عجْرَة فَقَالَ: أَلا أهدي لَك هَدِيَّة؟ خرج علينا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقُلْنَا: قد عرفنَا كَيفَ نسلم [عَلَيْك] ، فَكيف نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد ". وَفِي بعض طرق كَعْب " وَبَارك على مُحَمَّد ".
مُسلم: / حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا روح وَعبد اللَّهِ بن نَافِع.
وثنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا روح، عَن مَالك بن أنس، عَن عبد اللَّهِ بن أبي بكر، عَن أَبِيه، عَن عَمْرو بن سليم قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو حميد السَّاعِدِيّ " أَنهم قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، كَيفَ نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: قوقوا: اللَّهُمَّ صل(2/275)
على مُحَمَّد وعَلى أَزوَاجه وَذريته كَمَا صليت علىآل إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى أَزوَاجه وَذريته كَمَا باركت باركت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد "
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، ثَنَا أَبُو الْأَزْهَر أَحْمد بن الْأَزْهَر، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، ثَنَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ: وحَدثني - فِي الصَّلَاة على رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا الْمَرْء الْمُسلم صلى عَلَيْهِ فِي صلَاته - مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ، عَن مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن زيد بن عبد ربه الْأنْصَارِيّ أخي بلحارث بن الْخَزْرَج، عَن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ قَالَ: " أقبل رجل حَتَّى جلس بَين يَدي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن عِنْده فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، أما السَّلَام عَلَيْك فقد عَرفْنَاهُ، فَكيف نصلي عَلَيْك إِذا نَحن صلينَا (عَلَيْك) فِي صَلَاتنَا؟ قَالَ: فَصمت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أحببنا أَن الرجل لم يسْأَله ثمَّ قَالَ: إِذا صليتم عَليّ فَقولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
قَالَ: هَذَا إِسْنَاد حسن مُتَّصِل.
ذكر أَبُو دَاوُد هَذِه اللَّفْظَة: " اللَّهُمَّ صلي على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي " رَوَاهَا من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق.(2/276)
بَاب مَا يَقُول بعد التَّشَهُّد
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى، عَن جَعْفَر -[هُوَ] ابْن مُحَمَّد - عَن أَبِيه، عَن جَابر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول فِي صلَاته بعد التَّشَهُّد: أحسن الْكَلَام كَلَام اللَّهِ، وَأحسن الْهَدْي هدي (اللَّهِ) .
بَاب إخفاء التَّشَهُّد
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا (أَبُو سعيد الْأَشَج) ، ثَنَا يُونُس بن بكير، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن أَبِيه، عَن عبد اللَّهِ بن مَسْعُود قَالَ: " من السّنة أَن يخفى التَّشَهُّد ".
وروى أَبُو دَاوُد من طَرِيق أبي عُبَيْدَة، عَن أَبِيه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / كَانَ يَعْنِي يجلس فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين كَأَنَّهُ على الرضف ".
وَأَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه شَيْئا، ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى - التِّرْمِذِيّ رَحمَه اللَّهِ.
بَاب الدُّعَاء فِي الصَّلَاة
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة - هُوَ ابْن سعيد - ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي(2/277)
حبيب عَن أبي الْخَيْر، عَن عبد اللَّهِ بن عَمْرو، عَن أبي بكر الصّديق " أَنه قَالَ لرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَلمنِي دُعَاء أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتي. قَالَ: قل: اللَّهُمَّ إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كثيرا وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، فَأغْفِر لي مغْفرَة من عنْدك، وارحمني إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو بكر - هُوَ ابْن إِسْحَاق الصَّاغَانِي - أَنا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخْبرته " أَن النَّبِي كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من المأثم والمغرم. قَالَت: فَقَالَ لَهُ قَائِل: مَا أَكثر مَا تستعيذ من المغرم يَا رَسُول اللَّهِ. فَقَالَ: إِن الرجل إِذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا عبد اللَّهِ بن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الصَّلَاة فقمنا مَعَه، فَقَالَ أَعْرَابِي فِي الصَّلَاة: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي ومحمدا وَلَا ترحم مَعنا أحدا. فَلَمَّا سلم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ للأعرابي: لقد تحجرت وَاسِعًا - يُرِيد رَحْمَة اللَّهِ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لرجل: مَا تَقول فِي الصَّلَاة؟ قَالَ: أَتَشهد وأذكر اللَّهِ ثمَّ أَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَأَعُوذ بك من النَّار. أَنا وَالله مَا أحسن دندنتك وَلَا دندنة معَاذ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنا ومعاذ حولهَا ندندن ".(2/278)
قَالَ أَبُو بكرالبزار: تفرد برفعة جرير، وأرسله أَبُو عوَانَة، عَن الْأَعْمَش انْتهى كَلَام أبي بكر.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد: عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن حُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وروى نَحوه من طَرِيق جَابر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا [عبد اللَّهِ بن عَمْرو / أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث] ، ثَنَا حُسَيْن الْمعلم، عَن عبد اللَّهِ بن بُرَيْدَة، عَن حَنْظَلَة بن عَليّ، أَن محجن بن الأدرع حَدثهُ قَالَ: " دخل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بِرَجُل قد قضى صلَاته وَهُوَ يتَشَهَّد وَيَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسَالَك بِاللَّه الْأَحَد الصَّمد الَّذِي لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد أَن تغْفر لي ذُنُوبِي، إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم. قَالَ: فَقَالَ: قد غفر لَهُ، قد غفر لَهُ ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عبيد بن وَكِيع بن الْجراح، ثَنَا أبي، عَن عِكْرِمَة بن عمار، عَن إِسْحَاق بن عبد اللَّهِ بن أبي طَلْحَة، عَن أنس قَالَ: " جَاءَت أم سليم إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: يَا رَسُول اللَّهِ، عَلمنِي كَلِمَات أَدْعُو بِهن فِي صَلَاتي. قَالَ: سبحي اللَّهِ عشرا، واحمديه عشرا، وكبريه عشرا، ثمَّ سليه حَاجَتك يَقُول: نعم نعم ".(2/279)
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا مفضل، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم بن صبيح، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُنْذُ نزل عَلَيْهِ {إِذا جَاءَ نصر اللَّهِ وَالْفَتْح} يُصَلِّي صَلَاة إِلَّا دَعَا - أَو قَالَ فِيهَا -: سُبْحَانَكَ رَبِّي وَبِحَمْدِك، اللَّهُمَّ اغفرلي ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد اللَّهِ بن دَاوُد، عَن ابْن أبي ليلى، عَن ثَابت، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن أَبِيه قَالَ: " صليت إِلَى جنب رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة تطوع فَسَمعته يَقُول: أعوذ بِاللَّه من النَّار، ويل لأهل النَّار ".
ابْن أبي ليلى الأول ضَعِيف تَركه البُخَارِيّ.
بَاب مَا جَاءَ فِي الإِمَام يخص نَفسه بِالدُّعَاءِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، ثَنَا ابْن عَيَّاش، عَن حبيب بن صَالح، عَن يزِيد بن شُرَيْح الْحَضْرَمِيّ، عَن أبي حَيّ الْمُؤَذّن، عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث لَا يحل لأحد أَن يفعلهن: لَا يؤم رجل فيخص نَفسه بِالدُّعَاءِ دونهم، فَإِن فعل فقد خَانَهُمْ، وَلَا ينظر فِي قَعْر بَيت قبل أَن يسْتَأْذن، فَإِن فعل فقد دخل، وَلَا يُصَلِّي وَهُوَ (حاقن) حَتَّى يتخفف ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثَنَا مَحْمُود بن خَالِد بن أبي خَالِد السّلمِيّ، ثَنَا أَحْمد بن(2/280)
عَليّ، ثَنَا ثَوْر، عَن يزِيد بن شُرَيْح الْحَضْرَمِيّ، عَن أبي حَيّ الْمُؤَذّن، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحل لرجل يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يُصَلِّي وَهُوَ (حاقن) حَتَّى يتخفف ... . " ثمَّ سَاق نَحوه على هَذَا اللَّفْظ قَالَ: " وَلَا يحل لرجل يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يؤم قوما إِلَّا بإذنهم، وَلَا يخْتَص نَفسه بدعوة / دونهم، فَإِن فعل فقد خَانَهُمْ ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا من سنَن أهل الشَّام لم يشركهم (فِيهِ) أحد. ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى الرَّمْلِيّ عَنهُ.
ابْن عَيَّاش هُوَ إِسْمَاعِيل، وَحَدِيثه عَن الشاميين صَحِيح، قَالَه يحيى بن معِين وَأَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ وَغَيرهمَا.
وحبِيب بن صَالح مَشْهُور، قَالَ أَبُو زرْعَة: مَا سَمِعت أحدا طعن على حبيب بن صَالح فِي معنى من الْمعَانِي، وَهُوَ مَشْهُور فِي بَلَده بِالْفَضْلِ وَالْأَخْذ.
وَيزِيد بن شُرَيْح سمع أَبَا حَيّ، روى عَنهُ: حبيب بن صَالح، والزبيدي وَغَيرهمَا.
وَأَبُو حَيّ سمع ثَوْبَان، روى عَنهُ: رَاشد بن سعد، وَيزِيد بن شُرَيْح.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: أَحْمد بن عَليّ لم يرو عَنهُ إِلَّا مَحْمُود بن خَالِد، وَأرى أَحَادِيثه مُسْتَقِيمَة.(2/281)
بَاب التَّسْلِيم من الصَّلَاة
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور وتحريمها التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم ".
رَوَاهُ عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة، عَن عَليّ، وَقد تقدم فِي بَاب وجوب تَكْبِيرَة الْإِحْرَام.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة قَالَ: قَالَ عبد اللَّهِ: " صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِبْرَاهِيم: فَلَا أَدْرِي زَاد (أَو) نقص - فَلَمَّا سلم قيل لَهُ: يَا رَسُول اللَّهِ، أحدث فِي الصَّلَاة شَيْء؟ قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالُوا: صليت كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَثنى رجله واستقبل الْقبْلَة فَسجدَ بهم سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم. فَلَمَّا انْفَتَلَ أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّه لَو حدث فِي الصَّلَاة شَيْء أنبأتكم بِهِ، وَلَكِن إِنَّمَا أَنا بشر أنسى كَمَا تنسون، فَإِذا نسيت فذكروني، وَإِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فليتحر [الصَّوَاب] ، فليتم عَلَيْهِ، ثمَّ ليسلم، ثمَّ ليسجد سَجْدَتَيْنِ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن حُسَيْن الْمعلم، عَن بديل بن ميسرَة، عَن أبي الجوزاء، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفْتَتح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَكَانَ إِذا ركع لم يشخص رَأسه وَلم يصوبه وَلَكِن بَين ذَلِك، وَكَانَ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع لم يسْجد حَتَّى يَسْتَوِي قَائِما، وَكَانَ إِذا رفع رَأسه من السُّجُود لم يسْجد حَتَّى يَسْتَوِي قَاعِدا، وَكَانَ(2/282)
إِذا جلس يفرش رجله الْيُسْرَى [وَينصب] رجله الْيُمْنَى، وَكَانَ يَقُول فِي كل رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّات، وَكَانَ ينْهَى عَن عقب الشَّيْطَان، وَعَن فرشة السَّبع، وَكَانَ يخْتم الصَّلَاة بِالتَّسْلِيمِ ".
بَاب كَيْفيَّة السَّلَام من الصَّلَاة وَكم يسلم
مُسلم: / حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن مسعر.
وثنا أَبُو كريب - وَاللَّفْظ لَهُ - أَنا أبن زَائِدَة، عَن مسعر، ثَنَا عبيد اللَّهِ بن الْقبْطِيَّة، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " كُنَّا إِذا صلينَا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَقُلْنَا) : السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ، السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبَيْنِ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (على مَا) تومئون بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَاب خيل شمس؟ وَإِنَّمَا يَكْفِي أحدكُم أَن يضع يَده على فَخذه ثمَّ يسلم على أَخِيه من على يَمِينه وشماله ".
مُسلم: حَدثنِي الْقَاسِم بن زَكَرِيَّاء، ثَنَا عبيد اللَّهِ بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن فرات - يَعْنِي الْقَزاز - عَن [عبيد اللَّهِ] ، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكُنَّا إِذا سلمنَا قُلْنَا بِأَيْدِينَا السَّلَام عَلَيْكُم، السَّلَام علكيم، فَنظر إِلَيْنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مَا شَأْنكُمْ تشيرون بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَاب خيل شمس، إِذا سلم أحدكُم فليلتفت إِلَى صَاحبه وَلَا يومى بِيَدِهِ ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن شُعْبَة، عَن الحكم وَمَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن أبي معمر " أَن أَمِيرا كَانَ بِمَكَّة يسلم تسليمتين قَالَ(2/283)
عبد اللَّهِ: أَنِّي علقها؟ " قَالَ الحكم فِي حَدِيثه: " إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَفْعَله ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا أَبُو عَامر الْعَقدي، حَدثنَا عبد اللَّهِ ابْن جَعْفَر، عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، [عَن] عَامر بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: " كنت أرى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره حَتَّى أرى بَيَاض خَدّه ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق، ثَنَا الْحُسَيْن بن وَاقد، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، عَن عَلْقَمَة وَالْأسود وَأبي الْأَحْوَص قَالُوا: ثَنَا عبد اللَّهِ بن مَسْعُود " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسلم عَن يَمِينه: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ حَتَّى يرى بَيَاض خَدّه الْأَيْمن، وَعَن يسَاره: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ حَتَّى يرى بَيَاض خَدّه الْأَيْسَر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، أَنا عبد الرَّحْمَن، عَن سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد اللَّهِ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ، السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ، حَتَّى يرى بَيَاض خَدّه من هَاهُنَا وَبَيَاض خَدّه من هَاهُنَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة / اللَّهِ، السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد ": إِنَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسلم عَن يَمِينه: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ وَبَرَكَاته، وَعَن شِمَاله: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة اللَّهِ ".(2/284)
رَوَاهُ عَن عَبدة، عَن يحيى بن آدم، عَن مُوسَى بن قيس الْحَضْرَمِيّ، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن عَلْقَمَة بن وَائِل، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وروى التِّرْمِذِيّ: عَن مُحَمَّد بن يحيى النَّيْسَابُورِي، عَن عَمْرو بن أبي سَلمَة، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسلم فِي الصَّلَاة تَسْلِيمه وَاحِدَة تِلْقَاء وَجهه، يمِيل إِلَى الشق الْأَيْمن شَيْئا ".
وَزُهَيْر بن مُحَمَّد وَعَمْرو بن أبي سَلمَة ضعيفان، ذكر ذَلِك يحيى بن معِين.
وروى أَبُو دَاوُد: عَن مُحَمَّد بن عُثْمَان أبي الْجمَاهِر، عَن سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة قَالَ: " أمرنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نرد على الإِمَام، وَأَن نتحاب، وَأَن يسلم بَعْضنَا على بعض ".
وَقد تكلم فِي سَماع الْحسن من سَمُرَة، وَصَححهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ، وَفِي هَذَا الحَدِيث أَيْضا سعيد بن بشير وَقد تكلم فِيهِ.
وروى أَبُو دَاوُد: عَن مُحَمَّد بن دَاوُد بن سُفْيَان، عَن يحيى بن حسان، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى أبي دَاوُد، عَن جَعْفَر بن سعد بن سَمُرَة، عَن خبيب بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن سَمُرَة، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب: " أما بعد، أمرنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا [كَانَ فِي] وسط الصَّلَاة أَو حِين انْقِضَائِهَا: فابدءوا قبل التَّسْلِيم فَقولُوا: التَّحِيَّات الطَّيِّبَات والصلوات وَالْملك لله، ثمَّ سلمُوا على الْيَمين، ثمَّ سلمُوا على قارئكم وعَلى أَنفسكُم ".(2/285)
وخبيب بن سُلَيْمَان لَيْسَ بِمَشْهُور، إِنَّمَا روى عَنهُ جَعْفَر بن سعد بن سَمُرَة فِيمَا أعلم.
البُخَارِيّ: حَدثنَا حبَان بن مُوسَى، أبنا عبد اللَّهِ، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن مَحْمُود - هُوَ ابْن الرّبيع - عَن [عتْبَان] بن مَالك قَالَ: " صلينَا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فسلمنا حِين سلم ".
بَاب حذف السَّلَام
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا عبد اللَّهِ بن الْمُبَارك وهقل بن زِيَاد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " حذف السَّلَام سنة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب ينْصَرف عَن يَمِينه أَو شِمَاله
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، عَن عمَارَة بن عُمَيْر، عَن الْأسود قَالَ: قَالَ عبد اللَّهِ: " لَا يَجْعَل أحدكُم للشَّيْطَان شَيْئا من صلَاته يرى أَن حَقًا عَلَيْهِ أَلا ينْصَرف إِلَّا عَن / يَمِينه، لقد رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كثيرا ينْصَرف عَن يسَاره ".(2/286)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع، عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " لَا يجعلن أحدكُم للشَّيْطَان من نَفسه جُزْءا لَا يرى إِلَّا أَن حَقًا عَلَيْهِ أَلا ينْصَرف إِلَّا عَن يَمِينه، أَكثر مَا رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْصَرف عَن شِمَاله ".
بَاب الذّكر بعد الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار، أَن أَبَا معبد مولى ابْن عَبَّاس أخبرهُ، أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ " أَن رفع الصَّوْت بِالذكر حِين ينْصَرف النَّاس من الْمَكْتُوبَة كَانَ على عهد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كنت أعلم إِذا انصرفوا بذلك إِذا سمعته ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، أَخْبرنِي بذا أَبُو معبد - ثمَّ أنكرهُ بعد - عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كُنَّا نَعْرِف انْقِضَاء صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالتَّكْبِيرِ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كَامِل وَأحمد بن مَالك - وَاللَّفْظ لِأَحْمَد - قَالَا: ثَنَا يزِيد ابْن زُرَيْع، ثَنَا حُسَيْن الْمعلم، عَن عبد اللَّهِ بن بُرَيْدَة، عَن بشير بن كَعْب، عَن شَدَّاد بن أَوْس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سيد الاسْتِغْفَار إِذا انْصَرف أحدكُم من صلَاته أَن يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت خلقتني وَأَنا عَبدك، وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت، أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت، أَبُوء بنعمتك عَليّ، وأبوء بذنبي، فَأغْفِر لي، إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت ".(2/287)
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يروي بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن شَدَّاد، وَهَذَا اللَّفْظ من أحسن إِسْنَاد يرْوى عَن شَدَّاد وأشده اتِّصَالًا عَنهُ.
مُسلم: حَدثنَا دَاوُد بن رشيد، ثَنَا الْوَلِيد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن أبي عمار - اسْمه: شَدَّاد بن عبد اللَّهِ - عَن أبي أَسمَاء، عَن ثَوْبَان قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا انْصَرف من صلَاته اسْتغْفر ثَلَاثًا وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام، ومنك السَّلَام، تَبَارَكت ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا جرير، عَن مَنْصُور، عَن الْمسيب - هُوَ ابْن رَافع - عَن وراد مولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: " كتب الْمُغيرَة بن شُعْبَة إِلَى مُعَاوِيَة أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا فرغ من الصَّلَاة قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير، اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت، / وَلَا معطي لما منعت، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا هشيم، أَنا غير وَاحِد، مِنْهُم الْمُغيرَة، عَن الشّعبِيّ، عَن وراد كَاتب الْمُغيرَة " أَن مُعَاوِيَة كتب إِلَى الْمُغيرَة أَن اكْتُبْ إِلَى بِحَدِيث سمعته من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَكتب إِلَيْهِ الْمُغيرَة: إِنِّي سمعته يَقُول عِنْد انْصِرَافه من الصَّلَاة: لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير - ثَلَاث مَرَّات ".(2/288)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير، حَدثنَا أبي، ثَنَا هِشَام، عَن أبي الزبير قَالَ: " كَانَ ابْن الزبير يَقُول فِي دبر كل صَلَاة حِين يسلم: لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ كل شَيْء قدير (و) لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَلَا نعْبد إِلَّا إِيَّاه، لَهُ النِّعْمَة (و) الْفضل وَله الثَّنَاء الْحسن، لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ مُخلصين لَهُ الدَّين وَلَو كره الْكَافِرُونَ وَقَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يهلل بِهن فِي دبر كل صَلَاة ".
مُسلم: وَحدثنَا عَاصِم بن عمر، ثَنَا الْمُعْتَمِر، ثَنَا عبيد اللَّهِ.
وثنا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، كِلَاهُمَا عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة - وَهَذَا حَدِيث قُتَيْبَة - " أَن فُقَرَاء الْمُهَاجِرين أَتَوا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: ذهب أهل الدُّثُور بالدرجات العلى وَالنَّعِيم الْمُقِيم. فَقَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالُوا: يصلونَ كَمَا نصلي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُوم، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نتصدق، ويعتقون وَلَا نعتق. فَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ِ: أَفلا أعلمكُم شَيْئا تدركون بِهِ من سبقكم، وتسبقون بِهِ من بعدكم، وَلَا يكون أحد أفضل مِنْكُم إِلَّا من صنع مثل مَا صَنَعْتُم؟ قَالُوا: بلَى يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مرّة قَالَ أَبُو صَالح: فَرجع فُقَرَاء الْمُهَاجِرين إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: سمع إِخْوَاننَا أهل الْأَمْوَال بِمَا فعلنَا فَفَعَلُوا مثله. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ذَلِك فضل اللَّهِ يؤتيه من يَشَاء ... . ". وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنَا الْحسن بن عِيسَى، أَنا ابْن الْمُبَارك، أَنا مَالك بن مغول قَالَ:(2/289)
سَمِعت الحكم بن عتيبة يحدث، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن كَعْب بن عجْرَة، عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مُعَقِّبَات لَا يخيب قائلهن أَو فاعلهن دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة: ثَلَاث وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَة، / وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ تحميده، و (ثَلَاث) وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَة ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الحميد بن بَيَان الوَاسِطِيّ، أَنا خَالِد بن عبد اللَّهِ، عَن سُهَيْل، عَن أبي عبيد الْمذْحِجِي - قَالَ مُسلم: أَبُو عبيد مولى سُلَيْمَان بن عبد الْملك - عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سبح اللَّهِ فِي دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحمد اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكبر اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتلك تِسْعَة وَتسْعُونَ، وَقَالَ تَمام الْمِائَة: لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير، غفرت خطاياه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن علية، ثَنَا عَطاء بن السَّائِب، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خلَّتَانِ لَا يحصيهما رجل مُسلم إِلَّا دخل الْجنَّة، أَلا وهما يسير، وَمن يعْمل بهما قَلِيل: يسبح اللَّهِ فِي دبر كل صَلَاة عشرا، وَيَحْمَدهُ عشرا، ويكبره عشرا. قَالَ: فَأَنا رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعقدها بِيَدِهِ قَالَ: فَتلك خَمْسُونَ وَمِائَة بِاللِّسَانِ، وَألف وَخَمْسمِائة فِي الْمِيزَان، وَإِذا أخذت مضجعك تسبحه وتكبره وَتَحْمَدهُ مائَة، فَتلك مائَة بِاللِّسَانِ، وَألف فِي الْمِيزَان، فَأَيكُمْ يعْمل فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ألف وَخَمْسمِائة سَيِّئَة قَالُوا: وَكَيف لَا يحصيهما؟ قَالَ: يَأْتِي أحدكُم الشَّيْطَان وَهُوَ فِي صلَاته: اذكر(2/290)
كَذَا، اذكر كَذَا، حَتَّى [يَنْفَتِل] فَلَعَلَّهُ أَن لَا يفعل، ويأتيه وَهُوَ فِي مضجعة فَلَا يزَال ينومه حَتَّى ينَام ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد روى شُعْبَة وَالثَّوْري عَن عَطاء بن السَّائِب هَذَا الحَدِيث.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن عبد الْكَرِيم أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ،، ثَنَا أَحْمد بن عبد اللَّهِ بن يُونُس، حَدثنِي عَليّ بن الْفضل، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن رجلا رأى فِيمَا يرى النَّائِم قيل لَهُ: (أَي) شَيْء أَمركُم نَبِيكُم؟ قَالَ: أمرنَا أَن نُسَبِّح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَد ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، ونكبر أَرْبعا وَثَلَاثِينَ، فَذَلِك مائَة. قَالَ: سبحوا خمْسا وَعشْرين، واحمدوا خمْسا وَعشْرين، وَكَبرُوا خمْسا وَعشْرين، وهللوا خمْسا وَعشْرين، فَتلك مائَة. فَلَمَّا أصبح ذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: افعلوا كَمَا قَالَ الْأنْصَارِيّ ".
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار وَذكر هَذَا الحَدِيث: لَا نعلمهُ يروي عَن ابْن عمر / إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم أسْند عَليّ بن الْفضل حَدِيثا غير هَذَا الحَدِيث.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصَّاغَانِي، ثَنَا أَبُو سَلمَة الْخُزَاعِيّ مَنْصُور بن سَلمَة، ثَنَا خَلاد بن سُلَيْمَان - قَالَ أَبُو سَلمَة وَكَانَ من الْخَائِفِينَ - عَن خَالِد بن أبي عمرَان، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا جلس مَجْلِسا أَو صلى تكلم بِكَلِمَات، فَسَأَلته عَائِشَة عَن الْكَلِمَات فَقَالَ: إِن تكلم بِخَير(2/291)
كَانَ طابعا عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَإِن تكلم بِغَيْر ذَلِك كَانَ كَفَّارَة لَهُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن سَواد بن الْأسود بن عَمْرو، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي حَفْص بن ميسرَة، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن عَطاء بن أبي مَرْوَان، عَن أَبِيه " أَن كَعْبًا حلف لَهُ بِاللَّه الَّذِي فرق الْبَحْر لمُوسَى إِنَّا نجد فِي التَّوْرَاة أَن دَاوُد نَبِي اللَّهِ كَانَ إِذا انْصَرف من صلَاته قَالَ: اللَّهُمَّ أصلح لي ديني الَّذِي جعلته لي عصمَة، وَأصْلح لي دنياي الَّتِي جعلت فِيهَا معاشي، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك، وَأَعُوذ يَعْنِي بعفوك من نقمتك، وَأَعُوذ بك مِنْك، لَا مَانع لما أَعْطَيْت، وَلَا معطي لما منعت، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد. قَالَ: وحَدثني كَعْب [أَن] صهيبا حَدثهُ أَن مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقولهن عِنْد انْصِرَافه من صلَاته ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى، عَن عُثْمَان الشحام، عَن مُسلم بن أبي بكرَة قَالَ: " كَانَ أبي يَقُول فِي دبر الصَّلَاة: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْكفْر والفقر وَعَذَاب الْقَبْر. فَكنت أقولهن، فَقَالَ أبي: عَمَّن أخذت هَذَا؟ قلت: عَنْك. قَالَ: إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقولهن فِي دبر كل صَلَاة ".
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأَنا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن يزِيد - هُوَ الْمُقْرِئ - ثَنَا أبي، ثَنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، سَمِعت عقبَة بن مُسلم التجِيبِي يَقُول: حَدثنِي أَبُو عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن الصنَابحِي، عَن معَاذ بن جبل " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ بيَدي يَوْمًا ثمَّ قَالَ: يَا معَاذ، وَالله إِنِّي لَأحبك. فَقَالَ لَهُ معَاذ: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول اللَّهِ، وَالله إِنِّي لَأحبك. فَقَالَ: أوصيك يَا معَاذ لَا تدعن فِي دبر كل صَلَاة أَن تَقول: اللَّهُمَّ أَعنِي على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك "(2/292)
وَأوصى بذلك معَاذ الصنَابحِي، وَأوصى بِهِ الصنَابحِي أَبَا عبد الرَّحْمَن، وَأوصى بِهِ أَبُو عبد الرَّحْمَن عقبَة بن مُسلم.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن، / أَنا زَكَرِيَّا بن عدي، ثَنَا عبيد اللَّهِ - هُوَ ابْن عَمْرو الرقي - عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن مُصعب بن سعد وَعَمْرو بن مَيْمُون قَالَا: " كَانَ سعد يعلم بنيه هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات كَمَا يعلم الْمكتب الغلمان، وَيَقُول: إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يتَعَوَّذ بِهن دبر الصَّلَاة: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْجُبْن، وَأَعُوذ بك من الْبُخْل، وَأَعُوذ بك من أرذل الْعُمر، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الدُّنْيَا، وَعَذَاب الْقَبْر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن بشير - بطرسوس كتبناه - ثَنَا مُحَمَّد بن حميد، ثَنَا مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، ثَنَا ابْن وهب، عَن اللَّيْث، عَن حنين بن أبي حَكِيم، عَن عَليّ بن رَبَاح، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " أَمرنِي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَقرَأ المعوذات دبر كل صَلَاة ".
حنين بن أبي حَكِيم مولى سهل روى عَنهُ: اللَّيْث، وَعَمْرو بن الْحَارِث، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ - رَحمَه اللَّهِ.(2/293)
بَاب الْجُلُوس فِي الْمصلى وَفضل ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد اللَّهِ بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا سماك.
وثنا يحيى بن يحيى - وَاللَّفْظ لَهُ - أَنا أَبُو خَيْثَمَة، عَن سماك بن حَرْب قَالَ: " قلت لجَابِر بن سَمُرَة: أَكنت تجَالس رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم كثيرا، كَانَ لَا يقوم من مُصَلَّاهُ الَّذِي صلى فِيهِ الصُّبْح - أَو الْغَدَاة - حَتَّى تطلع الشَّمْس، فَإِذا طلعت الشَّمْس قَامَ، وَكَانُوا يتحدثون فَيَأْخُذُونَ فِي أَمر الْجَاهِلِيَّة فيضحكون ويبتسم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد الْوَاحِد، ثَنَا الْأَعْمَش، سَمِعت أَبَا صَالح يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَلَاة الرجل فِي جمَاعَة تضعف على صلَاته فِي بَيته وَفِي سوقة خمْسا وَعشْرين ضعفا. وَذَلِكَ أَنه إِذا تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد لَا يُخرجهُ إِلَّا الصَّلَاة، فَلم يخط خطْوَة إِلَّا رفعت لَهُ بهَا دَرَجَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة، فَإِذا صلى لم تزل الْمَلَائِكَة تصلي عَلَيْهِ مادام فِي مصلاة: اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارحمه، وَلَا يزَال أحدكُم فِي مُصَلَّاهُ مَا انْتظر الصَّلَاة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، / عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْنَاهُ وَقَالَ: " إِلَّا رفع لَهُ دَرَجَة أَو حط عَنهُ بهَا خَطِيئَة. وَقَالَ: يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، اللَّهُمَّ ارحمه، اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ. مَا لم يؤذ فِيهِ أَو يحدث فِيهِ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مُعَاوِيَة الجُمَحِي، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم،(2/294)
ثَنَا أَبُو ظلال، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى الْغَدَاة فِي جمَاعَة، ثمَّ قعد يذكر اللَّهِ حَتَّى تطلع الشَّمْس، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ كَانَت لَهُ كَأَجر حجَّة وَعمرَة. قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تَامَّة تَامَّة تَامَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب. قَالَ: وَسَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، عَن أبي ظلال قَالَ: هُوَ مقارب الحَدِيث. قَالَ مُحَمَّد: واسْمه هِلَال.
بَاب من لم يمسح جَبهته حَتَّى ينْصَرف من صلَاته
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا الْمُعْتَمِر، حَدثنِي عمَارَة بن غزيَّة الْأنْصَارِيّ، سَمِعت مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم يحدث، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي سعيد فِي حَدِيث ذكره: " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج حِين فرغ من صَلَاة الصُّبْح وجبينه و (أرنبة) أَنفه فِيهَا الطين وَالْمَاء ".
وَقد تقدم فِي كتاب الطَّهَارَة فِي بَاب كَرَاهِيَة الْبَوْل قَائِما قَول عَلَيْهِ السَّلَام: " ثَلَاث من الْجفَاء " فَذكر فِيهِنَّ " أَن يمسح جَبهته قبل أَن يفرغ من صلَاته ".
بَاب مسح الْحَصْبَاء فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن معيقيب قَالَ: " ذكر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمسْح فِي الْمَسْجِد - يَعْنِي الْحَصَى - قَالَ: إِن كنت لابد فَاعِلا فَوَاحِدَة ".(2/295)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَنهم سَأَلُوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْمسْح فِي الصَّلَاة فَقَالَ: وَاحِدَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَالْحُسَيْن بن حُرَيْث - وَاللَّفْظ لَهُ - عَن سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَامَ أحدكُم إِلَى الصَّلَاة فَلَا يمسح الْحَصَى فَإِن الرَّحْمَة تواجهه ".
سُفْيَان هَذَا هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
بَاب النَّهْي عَن رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة
مُسلم: / حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وَعَمْرو بن سَواد قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، حَدثنِي اللَّيْث بن سعد، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لينتهين أَقوام عَن رفعهم أَبْصَارهم عِنْد الدُّعَاء فِي الصَّلَاة إِلَى السَّمَاء أَو لتخطفن أَبْصَارهم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن الْمسيب بن رَافع، عَن تَمِيم بن طرفَة، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لينتهين أَقوام يرفعون أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة أَو لَا ترجع إِلَيْهِم ".(2/296)
بَاب النَّهْي عَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن حجاج الصَّواف.
وثنا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي ابْن إِبْرَاهِيم - الْمَعْنى - عَن حجاج الصَّواف، ثَنَا يحيى بن أبي كثير، عَن هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، عَن عَطاء ابْن يسَار، عَن مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعطس رجل من الْقَوْم فَقلت: يَرْحَمك اللَّهِ، فَرَمَانِي الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ، فَقلت: واثكل أمِّياه، مَا شَأْنكُمْ تنْظرُون إِلَيّ؟ ! فَجعلُوا يضْربُونَ (أَيْديهم) على أَفْخَاذهم، فَعرفت اأنهم يُصمتُونِي. قَالَ عُثْمَان: فَلَمَّا رَأَيْتهمْ يسكتوني لكني سكت، فَلَمَّا صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأبي وَأمي - مَا ضَرَبَنِي، وَلَا كَهَرَنِي، وَلَا سبني، ثمَّ قَالَ: إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يحل فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس هَذَا، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح، وَالتَّكْبِير، وَقِرَاءَة الْقُرْآن، أَو كَمَا قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... . " وَذكر الحَدِيث.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وثنا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أبان، ثَنَا عَاصِم، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: " كُنَّا نسلم فِي الصَّلَاة ونأمر بحاجاتنا، فَقدمت على رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي، فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد على السَّلَام، فأخذني مَا قدم، وَمَا حدث فَلَمَّا قضي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة قَالَ: إِن اللَّهِ يحدث من أمره مَا شَاءَ، وَإِن اللَّهِ - عز وَجل - قد أحدث أَن لَا تكلمُوا فِي الصَّلَاة فَرد عَليّ السَّلَام ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا هشيم، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن الْحَارِث بن شبيل، عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: " كُنَّا نتكلم فِي الصَّلَاة، يكلم الرجل صَاحبه وَهُوَ إِلَى جنبه فِي الصَّلَاة حَتَّى نزلت(2/297)
{وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ، ونهينا عَن الْكَلَام ".
بَاب النَّهْي أَن يبصق بَين يَدَيْهِ أَو عَن يَمِينه وَهُوَ فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نَافِع، عَن عبد اللَّهِ بن عمر " أَن رَسُول اللَّهِ / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى بصاقا فِي جِدَار الْقبْلَة فحكه ثمَّ أقبل على النَّاس فَقَالَ: إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يبصق قبل وَجهه؛ فَإِن اللَّهِ قبل وَجهه إِذا صلى ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن نصر، أَنا [عبد الرَّزَّاق] ، عَن معمر، عَن همام بن مُنَبّه، سمع أَبَا هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَامَ أحدكُم إِلَى الصَّلَاة فَلَا (يبزق) أَمَامه، فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهِ - عز وَجل - مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَلَا عَن يَمِينه، فَإِن عَن يَمِينه ملكا، وليبصق عَن يسَاره أَو تَحت قدمه فيدفنها ".
بَاب أَيْن يبزق إِذا كَانَ فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب جَمِيعًا، عَن ابْن علية - قَالَ زُهَيْر: ثَنَا ابْن علية - عَن الْقَاسِم بن مهْرَان، عَن أبي رَافع، عَن أبي(2/298)
هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى نخامة فِي قبْلَة الْمَسْجِد، فَأقبل على النَّاس فَقَالَ: مَا بَال أحدكُم يقوم مُسْتَقْبل ربه [فيتنخع] أَمَامه، أَيُحِبُّ أَن يسْتَقْبل [فيتنخع] فِي وَجهه، فَإِذا [تنخع] أحدكُم [فليتنخع] عَن يسَاره تَحت قدمه، فَإِن لم يجد فَلْيقل هَكَذَا. وَوصف الْقَاسِم فتفل فِي ثَوْبه ثمَّ مسح بعضه على بعض ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي قَتَادَة: سَمِعت أنسا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتفلن أحدكُم بَين يَدَيْهِ وَلَا عَن يَمِينه، وَلَكِن عَن يسَاره أَو تَحت رجله ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي مَنْصُور، عَن ربعي، عَن طَارق بن عبد اللَّهِ الْمحَاربي قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كنت تصلي فَلَا (تبصق) بَين يَديك وَلَا عَن يَمِينك، (وابزق) خَلفك أَو تِلْقَاء شمالك إِن كَانَ فَارغًا، وَإِلَّا فَهَكَذَا. وبزق (يحيى) تَحت رجله ودلكه ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَخْبرنِي يزِيد بن زُرَيْع، عَن الْجريرِي، عَن أبي الْعَلَاء يزِيد بن عبد اللَّهِ بن الشخير، عَن أَبِيه: " أَنه صلى مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: [فتنخع] فدلكها بنعله الْيُسْرَى ".(2/299)
بَاب النَّهْي أَن يجلس فِي الصَّلَاة مُعْتَمدًا على يَده
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل وَأحمد بن مُحَمَّد بن ثَابت الْمروزِي وَمُحَمّد بن رَافع وَمُحَمّد بن عبد الْملك الغزال، قَالُوا: ثَنَا عبد الرازق، عَن معمر، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " نهى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ابْن حَنْبَل: - أَن يجلس الرجل فِي الصَّلَاة وَهُوَ مُعْتَمد على يَدَيْهِ ". وَقَالَ أَحْمد بن مُحَمَّد الْمروزِي: " نهى أَن يعْتَمد الرجل على يَده فِي الصَّلَاة ". وَقَالَ ابْن رَافع: " نهى أَن يُصَلِّي الرجل وَهُوَ مُعْتَمد على يَده ". و [ذكره] فِي بَاب الرّفْع من السَّجْدَة. وَقَالَ ابْن عبد الْملك: " نهى أَن يعْتَمد الرجل على يَده إِذا نَهَضَ فِي الصَّلَاة ".
/ بَاب مَا جَاءَ فِي الإقعاء
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي.
ونا حسن الْحلْوانِي، ثَنَا عبد الرَّزَّاق - وتقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَا جَمِيعًا: أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع طاوسا يَقُول: " قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاس فِي الإقعاء على الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ: هِيَ السّنة. فَقُلْنَا: إِنَّا لنراه جفَاء بِالرجلِ. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: بل هِيَ سنة نبيك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
الْبَزَّار: حَدثنَا هَارُون بن سُفْيَان، ثَنَا يحيى بن إِسْحَاق، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مهى عَن الإقعاء والتورك فِي الصَّلَاة ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن حَمَّاد بن سَلمَة إِلَّا يحيى بن إِسْحَاق، وَلَا يرْوى عَن أنس إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
يحيى بن إِسْحَاق هُوَ السالحيني روى لَهُ مُسلم - رَحمَه اللَّهِ - سُئِلَ عَنهُ يحيى(2/300)
ابْن معِين فَقَالَ: هُوَ صَدُوق الْمِسْكِين.
بَاب النَّهْي أَن يُصَلِّي مُخْتَصرا
مُسلم: حَدثنِي الحكم بن مُوسَى الْقَنْطَرِي، ثَنَا عبد اللَّهِ بن الْمُبَارك.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو خَالِد وَأَبُو أُسَامَة جَمِيعًا عَن هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه نهى أَن يُصَلِّي الرجل مُخْتَصرا " وَفِي رِوَايَة أبي بكر: " نهى رَسُول اللَّهِ ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذِي يُصَلِّي معقوص الشّعْر
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو بن سَواد العامري، أَنا عبد الله بن وهب، أَنا عَمْرو ابْن الْحَارِث، أَن بكيرا حَدثهُ، أَن كريبا مولى ابْن عَبَّاس حَدثهُ، عَن عبد اللَّهِ بن عَبَّاس " أَنه رأى عبد اللَّهِ بن الْحَارِث يُصَلِّي وَرَأسه معقوص من وَرَائه، فَقَامَ فَجعل يحله، فَلَمَّا انْصَرف أقبل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: مَا لَك ورأسي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[يَقُول] : إِنَّمَا مثل هَذَا مثل الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مكتوف ".
بَاب النَّهْي أَن يُصَلِّي بِحَضْرَة طَعَام أَو وَهُوَ يدافعه الأخبثان
أَبُو دَاوُد: ثَنَا أَحْمد بن حَنْبَل وَمُحَمّد بن عِيسَى ومسدد - الْمَعْنى - قَالُوا: ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن أبي حزرة، ثَنَا عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد - أَخُو الْقَاسِم بن مُحَمَّد - قَالَ: " كُنَّا عِنْد عَائِشَة فجيء بطعامها، [فَقَامَ] الْقَاسِم بن مُحَمَّد(2/301)
يُصَلِّي فَقَالَت: سَمِعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يُصَلِّي بِحَضْرَة الطَّعَام وَلَا هُوَ يدافعه الأخبثان ".
قَالَ [ابْن] عِيسَى: عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن أبي بكر.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا عبد اللَّهِ بن وهب، أَخْبرنِي يحيى بن أَيُّوب، عَن يَعْقُوب بن مُجَاهِد، أَن الْقَاسِم وَعبد اللَّهِ ابْنا مُحَمَّد حَدَّثَاهُ، أَن عَائِشَة زوج النَّبِي حدثتهما قَالَت: سَمِعت رَسُول اللَّهِ / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يقوم أحدكُم إِلَى الصَّلَاة بِحَضْرَة طَعَام وَلَا هُوَ يدافعه الأخبثان: الْغَائِط وَالْبَوْل ".
قَالَ: وثنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء أَبُو كريب، ثَنَا حُسَيْن ابْن عَليّ الْجعْفِيّ، عَن أبي حزرة، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - ثمَّ ذكر مثله.
أَبُو حزرة هُوَ يَعْقُوب بن مُجَاهِد.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: وثنا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت الْكُوفِي، ثَنَا عبد اللَّهِ بن إِدْرِيس الأودي، سَمِعت أبي يحدث، عَن جدي، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تدافعوا الأخبثين: الْغَائِط وَالْبَوْل فِي الصَّلَاة ".
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس بن مَالك، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حضر الْعشَاء وأقيمت الصَّلَاة فابدءوا بالعشاء ".(2/302)
مُسلم: وَحدثنَا هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي أنس بن مَالك، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قرب الْعشَاء وَحَضَرت الصَّلَاة فابدءوا بِهِ قبل أَن تصلوا صَلَاة الْمغرب، وَلَا تعجلوا عَن عشائكم ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، ثَنَا أَحْمد بن عبد الْملك بن وَاقد الْحَرَّانِي، ثَنَا مُوسَى بن أعين، ثَنَا عَمْرو بن الْحَارِث، عَن ابْن شهَاب أَنه سمع أنس بن مَالك، يحدث عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وأحدكم صَائِم فليبدأ بالعشاء قبل صَلَاة الْمغرب، وَلَا تعجلوا عَن عشائكم ".
بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا غرار فِي الصَّلَاة وَلَا تَسْلِيم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن سُفْيَان، عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا غرار فِي الصَّلَاة وَلَا تَسْلِيم ".
قَالَ أَحْمد: يَعْنِي - فِيمَا أرى - أَلا [تسلم] وَلَا يسلم عَلَيْك، ويغرر الرجل بِصَلَاتِهِ وينصرف وَهُوَ فِيهَا شَاك.
بَاب مَا يفعل إِذا أحدث فِي الصَّلَاة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن المصِّيصِي، ثَنَا حجاج قَالَ: قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي هِشَام بن عُرْوَة، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أحدث أحدكُم فِي صلَاته فليأخذ بِأَنْفِهِ ثمَّ لينصرف ".(2/303)
قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة وَأَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يذكرُوا عَائِشَة.
بَاب إِذا صلى فَمر بِآيَة فِيهَا تَسْبِيح فسبح أَو سُؤال فَسَأَلَ
/ مُسلم: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد اللَّهِ بن نمير وَأَبُو مُعَاوِيَة.
وثنا زُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن جرير، كلهم عَن الْأَعْمَش.
وثنا ابْن نمير - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن الْمُسْتَوْرد بن الْأَحْنَف، عَن صلَة بن زفر، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة فَافْتتحَ الْبَقَرَة فَقلت: يرْكَع عِنْد الْمِائَة، ثمَّ مضى، فَقلت: يُصَلِّي بهَا فِي رَكْعَة، فَمضى، فَقلت: يرْكَع بهَا، ثمَّ افْتتح (سُورَة) النِّسَاء فقرأها، ثمَّ افْتتح آل عمرَان فقرأها، يقْرَأ مترسلا، إِذا مر بِآيَة فِيهَا تَسْبِيح سبح، وَإِذا مر بسؤال سَأَلَ، وَإِذا مر يتَعَوَّذ تعوذ، ثمَّ ركع [فَجعل] يَقُول: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم. وَكَانَ رُكُوعه نَحوا من قِيَامه، ثمَّ قَالَ: سمع اللَّهِ لمن حَمده. ثمَّ قَامَ قيَاما طَويلا قَرِيبا مِمَّا ركع، ثمَّ سجد فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى. فَكَانَ سُجُوده قَرِيبا من قِيَامه ". وَفِي حَدِيث جرير من الزِّيَادَة وَقَالَ: " سمع اللَّهِ لمن حَمده رَبنَا لَك الْحَمد ".
بَاب إِذا نابه شَيْء فِي صلَاته سبح
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي(2/304)
حَازِم، عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بلغه أَن بني عَمْرو بن عَوْف كَانَ بَينهم شَيْء، فَخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصلح بَينهم فِي أنَاس مَعَه، فحبس رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحانت الصَّلَاة، فجَاء بِلَال إِلَى أبي بكر فَقَالَ: يَا أَبَا بكر، إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد حبس، وَقد حانت الصَّلَاة، فَهَل لَك ان تؤم النَّاس؟ قَالَ:: نعم إِن شِئْت (فَأَقَامَ) بِلَال، وَتقدم أَبُو بكر فَكبر للنَّاس، وَجَاء رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمشي فِي الصُّفُوف حَتَّى قَامَ فِي الصَّفّ، فَأخذ النَّاس فِي التصفيق، وَكَانَ أَبُو بكر لَا يلْتَفت فِي صلَاته، فَلَمَّا أَكثر النَّاس الْتفت، فَإِذا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ يَأْمُرهُ أَن يُصَلِّي، فَرفع أَبُو بكر يَده فَحَمدَ اللَّهِ وَرجع الْقَهْقَرِي وَرَاءه حَتَّى قَامَ فِي الصَّفّ، فَتقدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى للنَّاس، فَلَمَّا فرغ أقبل على النَّاس فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، مَا لكم حِين نابكم شَيْء فِي الصَّلَاة أَخَذْتُم فِي التصفيق؟ إِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء، من نابه شَيْء فِي صلَاته فَلْيقل: سُبْحَانَ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يسمعهُ أحد حِين يَقُول: سُبْحَانَ اللَّهِ إِلَّا الْتفت، يَا أَبَا بكر، مَا مَنعك أَن تصلي للنَّاس حِين أَشرت إِلَيْك؟ فَقَالَ أَبُو بكر: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أبي قُحَافَة أَن يُصَلِّي بَين يَدي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وحرملة بن يحيى قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب / وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنَّهُمَا سمعا أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " التَّسْبِيح للرِّجَال، والتصفيق للنِّسَاء ".
قَالَ مُسلم: وثنا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن همام بن مُنَبّه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثلِهِ وَزَاد " فِي الصَّلَاة ".
بَاب إِذا استؤذن على الْمُصَلِّي
النَّسَائِيّ: (أَخْبرنِي زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد وَأَبُو كَامِل قَالَا: ثَنَا(2/305)
عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عمَارَة بن الْقَعْقَاع) ، عَن الْحَارِث العكلي، عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير، عَن عبد اللَّهِ بن نجي قَالَ: قَالَ عَليّ: " كَانَت لي سَاعَة من السحر أَدخل فِيهَا على رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِن كَانَ فِي صلَاته سبح، فَكَانَ ذَلِك إِذْنه لي، وَإِن لم يكن فِي صلَاته أذن لي ".
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأخْبرنَا الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا بن دِينَار، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنِي شُرَحْبِيل - يَعْنِي ابْن مدرك - حَدثنِي عبد اللَّهِ بن نجي، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ عَليّ: " كَانَت لي منزلَة من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم تكن لأحد من الْخَلَائق، فَكنت آتِيَة كل سحر، فَأَقُول: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله فَإِن تنحنح انصرفت إِلَى أَهلِي، وَإِلَّا دخلت عَلَيْهِ ".
بَاب إِذا ألقِي على ظهر الْمُصَلِّي قذر أَو جيفة لم تفْسد صلَاته
البُخَارِيّ: ثَنَا احْمَد بن إِسْحَاق، ثَنَا عبيد اللَّهِ بن مُوسَى، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(2/306)
قَائِم يُصَلِّي عِنْد الْكَعْبَة وَجمع قُرَيْش فِي مجَالِسهمْ، إِذْ قَالَ قَائِل مِنْهُم: أَلا تنْظرُون إِلَى هَذَا الْمرَائِي، أَيّكُم يقوم إِلَى جزور آل فلَان فيعمد إِلَى فرثها ودمها وسلاها فَيَجِيء بِهِ، ثمَّ يمهله حَتَّى إِذا سجد وَضعه بَين كَتفيهِ؟ فانبعث أشقاهم، فَلَمَّا سجد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَضعه بَين كَتفيهِ، وَثَبت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَاجِدا، فضحكوا حَتَّى [مَال] بَعضهم على بعض من الضحك، فَانْطَلق منطلق إِلَى فَاطِمَة وَهِي جوَيْرِية، فَأَقْبَلت تسْعَى، وَثَبت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَاجِدا حَتَّى ألقته عَنهُ، وَأَقْبَلت عَلَيْهِم تسبهم، فَلَمَّا قضي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة قَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْش، اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْش، اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْش، ثمَّ سمى: اللَّهُمَّ عَلَيْك بِعَمْرو بن هِشَام، وَعتبَة بن ربيعَة، وَشَيْبَة ابْن ربيعَة، والوليد بن عتبَة، وَأُميَّة بن خلف، وَعقبَة بن أبي معيط، وَعمارَة بن الْوَلِيد. قَالَ عبد اللَّهِ: فوَاللَّه لقد رَأَيْتهمْ صرعي يَوْم بدر، ثمَّ سحبوا إِلَى القليب قليب بدر، ثمَّ قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وأتبع أَصْحَاب القليب لعنة ".
/ بَاب إِذا كَانَ فِي الصَّلَاة فَرَأى فِي ثَوْبه نَجَاسَة لم يكن علم بهَا فَنَزَعَهُ وَتَمَادَى لم تفْسد صلَاته
أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن أبي نعَامَة السَّعْدِيّ، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ " بَيْنَمَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خلع نَعْلَيْه فوضعهما عَن يسَاره ... " وَذكر فِي الحَدِيث أَنه تمادي فِي صلَاته فَلَمَّا فرغ سَأَلُوهُ فَقَالَ: " إِن جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - أَتَانِي فَأَخْبرنِي أَن فيهمَا قذرا " وَقد تقدم الحَدِيث بِكَمَالِهِ فِي بَاب الصَّلَاة بالنعال.
بَاب أَيْن يَجْعَل الْمُصَلِّي نَعْلَيْه
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا شَبابَة - هُوَ ابْن سوار - عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى(2/307)
أحدكُم فليجعل نَعْلَيْه بَين رجلَيْهِ ".
بَاب من صلى ليعلم النَّاس
البُخَارِيّ: حَدثنِي قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ ابْن عبد الْقَارِي الْقرشِي الإسكندارني، ثَنَا أَبُو حَازِم بن دِينَار " أَن رجَالًا أَتَوا سهلا السَّاعِدِيّ وَقد امتروا فِي الْمِنْبَر مِم عوده؟ فَسَأَلُوهُ [عَن] ذَلِك فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأعرف مِمَّا هُوَ، وَلَقَد رَأَيْته أول يَوْم وضع، وَأول يَوْم جلس عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرسل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى فُلَانَة - امْرَأَة قد سَمَّاهَا سهل -: مري غلامك النجار أَن يعْمل لي أعوادا أَجْلِس عَلَيْهِنَّ إِذا كلمت النَّاس، / فَأَمَرته فعملها من طرفاء الغابة، ثمَّ جَاءَ بهَا، فَأرْسلت إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأمر بهَا فَوضعت هَا هُنَا، ثمَّ رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى عَلَيْهَا وَكبر وَهُوَ عَلَيْهَا، ثمَّ ركع وَهُوَ عَلَيْهَا، ثمَّ نزل الْقَهْقَرِي فَسجدَ فِي أصل الْمِنْبَر، ثمَّ عَاد فَلَمَّا فرغ أقبل على النَّاس فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّمَا صنعت هَذَا لتأتموا، ولتعلموا صَلَاتي ".
بَاب هَل ينظر الْمُصَلِّي بَين يَدَيْهِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنَا مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء ابْن يسَار، عَن عبد اللَّهِ بن عَبَّاس قَالَ: " خسفت الشَّمْس على عهد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، رَأَيْنَاك تنَاول شَيْئا فِي مقامك، ثمَّ رَأَيْنَاك تكعكعت؟ فَقَالَ: إِنِّي أريت الْجنَّة فتناولت مِنْهَا عنقودا وَلَو أَخَذته لآكلتم مِنْهُ مَا بقيت الدُّنْيَا ".(2/308)
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن أنس ابْن مَالك: " صلى لنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ رقى الْمِنْبَر، فَأَشَارَ بِيَدِهِ قبل قبْلَة الْمَسْجِد، ثمَّ قَالَ: لقد رَأَيْت الْآن - مُنْذُ صليت لكم الصَّلَاة - الْجنَّة وَالنَّار ممثلتين فِي قبْلَة هَذَا الْجِدَار، فَلم أر كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْر وَالشَّر - ثَلَاثًا ".
/ بَاب مَا جَاءَ فِي الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، ثَنَا أَشْعَث بن سليم، عَن أَبِيه، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة - رَضِي اللَّهِ عَنْهَا - قَالَت: " سَأَلت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة، قَالَ: هُوَ اختلاس، يختلسه الشَّيْطَان من صَلَاة العَبْد ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد اللَّهِ - هُوَ ابْن الْمُبَارك - عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: سَمِعت أَبَا الْأَحْوَص يحدثنا فِي مجْلِس سعيد بن الْمسيب، وَابْن الْمسيب جَالس، أَنه سمع أَبَا ذَر يَقُول: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يزَال اللَّهِ مُقبلا على العَبْد فِي صلَاته مَا لم يلْتَفت، (فَإِذا صرف) وَجهه انْصَرف عَنهُ ".
أَبُو بكر بِمَ أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن عَاصِم، عَن شَقِيق قَالَ: " رأى حُذَيْفَة شبث بن ربعي يبزق بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا شبث، لَا تبزق بَين يَديك، فَإِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَانَا أَن نبزق بَين أَيْدِينَا، وَقَالَ: إِذا قَامَ العَبْد فِي الصَّلَاة لم يزل اللَّهِ مُقبلا عَلَيْهِ حَتَّى ينْصَرف، أَو يحدث حدث سوء ".(2/309)
بَاب إِذا الْتفت سَاهِيا أَو لأمر ينزل
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب.
قَالَ: وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة - وَاللَّفْظ لزهير - قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة - رَضِي اللَّهِ عَنْهَا -: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِي خميصة لَهَا أَعْلَام ثمَّ قَالَ: شغلتني أَعْلَام هَذِه، فاذهبوا بهَا إِلَى أبي جهم؛ وائتوني بأنبجانه ".
وَفِي بعض طرق مُسلم: " فَنظر إِلَى علمهَا فَلَمَّا قضي صلَاته قَالَ: اذْهَبُوا بِهَذِهِ الخميصة إِلَى أبي جهم فَإِنَّهَا ألهتني آنِفا عَن صَلَاتي ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن نَافِع، ثَنَا مُعَاوِيَة - يَعْنِي ابْن سَلام - عَن زيد، أَنه سمع أَبَا سَلام، حَدثنِي السَّلُولي، عَن سهل ابْن الحنظلية قَالَ: " ثوب بِالصَّلَاةِ - يَعْنِي صَلَاة الصُّبْح - فَجعل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي وَهُوَ يتلفت إِلَى الشّعب ". قَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَانَ أرسل فَارِسًا إِلَى الشّعب من اللَّيْل [يحرس] .
أَبُو سَلام اسْمه مَمْطُور، والسلولي هُوَ أَبُو كَبْشَة لَا يعرف اسْمه.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أنس بن مَالك قَالَ: " بَيْنَمَا الْمُسلمُونَ فِي صَلَاة الْفجْر لم يفجأهم إِلَّا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كشف ستر حجرَة عَائِشَة، فَنظر إِلَيْهِم وهم صُفُوف فَتَبَسَّمَ يضْحك، ونكص أَبُو بكر على عَقِيبه ليصل لَهُ الصَّفّ، فَظن أَنه يُرِيد الْخُرُوج، وهم الْمُسلمُونَ أَن يفتتنوا فِي صلَاتهم، فَأَشَارَ إِلَيْهِم: أَن أَتموا صَلَاتكُمْ، وأرخى السّتْر، وَتُوفِّي من آخر ذَلِك الْيَوْم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".(2/310)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان وَغير وَاحِد قَالُوا: أَنا الْفضل بن مُوسَى، عَن عبد اللَّهِ بن سعيد / بن أبي هِنْد، عَن ثَوْر بن زيد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يلحظ فِي الصَّلَاة يَمِينا وَشمَالًا، وَلَا يلوي عُنُقه خلف ظَهره ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب.
بَاب إِذا سلم على الْمُصَلِّي كَيفَ يرد
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر أَنه قَالَ: " إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعَثَنِي لحَاجَة ثمَّ أَدْرَكته وَهُوَ يسير - قَالَ قُتَيْبَة: يُصَلِّي - فَسلمت عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيّ، فَلَمَّا فرغ دَعَاني فَقَالَ: إِنَّك سلمت آنِفا وَأَنا أُصَلِّي. وَهُوَ موجه حِينَئِذٍ قبل الْمشرق ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث بن سعد، عَن بكير بن عبد اللَّهِ بن الْأَشَج، عَن نابل صَاحب العباء، عَن ابْن عمر، عَن صُهَيْب قَالَ: " مَرَرْت برَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي فَسلمت عَلَيْهِ فَرد إِلَيّ إِشَارَة، وَقَالَ: لَا أعلم إِلَّا أَنه أَشَارَ بإصبعه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث صُهَيْب حَدِيث حسن، وَذكره بعد هَذَا فِي كَلَام فصححه.(2/311)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحُسَيْن بن عِيسَى الْخُرَاسَانِي، ثَنَا جَعْفَر بن عون، ثَنَا هِشَام بن سعد، ثَنَا نَافِع قَالَ: سَمِعت عبد اللَّهِ بن عمر يَقُول: " خرج رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى قبَاء يُصَلِّي فِيهِ قَالَ: فَجَاءَت الْأَنْصَار فَسَلمُوا عَلَيْهِ [وَهُوَ يُصَلِّي] قَالَ: فَقلت لِبلَال: كَيفَ رَأَيْت رَسُول اللَّهِ يرد عَلَيْهِم حِين كَانُوا يسلمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟ قَالَ: يَقُول هَكَذَا - وَبسط كَفه، وَبسط جَعْفَر بن عون كَفه، وَجعل بَطْنه أَسْفَل، وظهره إِلَى فَوق ".
بَاب إِذا كلم فِي الصَّلَاة فاستمع أَو أَشَارَ بِيَدِهِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان، حَدثنِي ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو، عَن بكير، عَن كريب " أَن ابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن [أَزْهَر] أَرْسلُوهُ إِلَى عَائِشَة فَقَالُوا: اقْرَأ عَلَيْهَا السَّلَام منا جَمِيعًا، وسلها عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد صَلَاة الْعَصْر، وَقل لَهَا: إِنَّا أخبرنَا أَنَّك تصليهما، وَقد بلغنَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَنْهَا. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَكنت أضْرب النَّاس مَعَ عمر بن الْخطاب عَنْهَا. قَالَ [كريب] : فَدخلت على عَائِشَة فبلغتها مَا أرسلوني، فَقَالَت: سل أم سَلمَة، فَخرجت إِلَيْهِم فَأَخْبَرتهمْ بقولِهَا، فردوني إِلَى أم سَلمَة بِمثل مَا أرسلوني بِهِ إِلَى عَائِشَة. فَقَالَت أم سَلمَة: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَنْهَا ثمَّ رَأَيْته يُصَلِّيهمَا حِين صلى الْعَصْر. فَقَالَت أم سَلمَة: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَنْهَا ثمَّ رَأَيْته يُصَلِّيهمَا حِين صلى الْعَصْر، ثمَّ دخل وَعِنْدِي نسْوَة من بني حرَام من الْأَنْصَار، فَأرْسلت إِلَيْهِ الْجَارِيَة فَقلت: قومِي بجنبه قولي لَهُ: تَقول لَك أم سَلمَة: يَا رَسُول اللَّهِ، سَمِعتك تنْهى عَن هَاتين وأراك تصليهما؟ فَإِن أَشَارَ بِيَدِهِ فاستأخري عَنهُ، فَفعلت الْجَارِيَة فَأَشَارَ بِيَدِهِ / فاستأخرت عَنهُ، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: يَا ابْنة أبي أُميَّة، سَأَلت عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، وَإنَّهُ أَتَانِي نَاس من عبد الْقَيْس فشغلوني عَن الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بعد الظّهْر(2/312)
فهما هَاتَانِ ".
روى أَبُو دَاوُد: عَن عبد اللَّهِ بن سعيد، عَن يُونُس بن بكير، عَن مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق، عَن يَعْقُوب بن عتبَة، عَن أبي غطفان، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " التَّسْبِيح للرِّجَال - يَعْنِي فِي الصَّلَاة - والتصفيق للنِّسَاء، من أَشَارَ فِي صلَاته إِشَارَة تفهم عَنهُ (فليعد) لَهَا - يَعْنِي الصَّلَاة ".
رَوَاهُ الْخَولَانِيّ، عَن ابْن داسة، عَن أبي دَاوُد.
وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار، عَن إِسْمَاعِيل بن حَفْص، عَن يُونُس بن بكير بِإِسْنَاد أبي دَاوُد.
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الحَدِيث وهم. وَقَالَ الْحَاكِم: يُونُس بن بكير كثير الْوَهم. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَذكر هَذَا الحَدِيث: أَبُو غطفان هَذَا مَجْهُول.
بَاب الْمُصَلِّي يتفكر فِي الشَّيْء
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، ثَنَا روح، ثَنَا [عمر] بن سعيد، أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة، عَن عقبَة بن الْحَارِث " صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَصْر، فَلَمَّا سلم قَامَ سَرِيعا، دخل على بعض نِسَائِهِ ثمَّ خرج وَرَأى مَا فِي وُجُوه الْقَوْم [من] تعجبهم لسرعته، فَقَالَ: ذكرت وَأَنا فِي الصَّلَاة تبرا عندنَا فَكرِهت أَن يُمْسِي - أَو يبيت - عندنَا فَأمرت بقسمته ".(2/313)
بَاب مَا يجوز من الْعَمَل فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان وَابْن عجلَان، سمعا عَامر بن عبد اللَّهِ بن الزبير، يحدث عَن عَمْرو بن سليم الزرقي، عَن أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يؤم النَّاس، وأمامة بنت أبي الْعَاصِ - وَهِي بنت زَيْنَب ابْنة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على عَاتِقه، فَإِذا ركع وَضعهَا، وَإِذا رفع من السُّجُود أَعَادَهَا ".
قَالَ مُسلم: وثنا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث. وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، جَمِيعًا عَن سعيد المَقْبُري، عَن عَمْرو بن سليم الزرقي، سمع أَبَا قَتَادَة يَقُول: " بَينا نَحن فِي الْمَسْجِد جُلُوس، خرج علينا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... . . " بِنَحْوِ حَدِيثهمْ غير أَنه لم يذكر " يؤم النَّاس ".
وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث: " الظّهْر أَو الْعَصْر ".
رَوَاهُ من طَرِيق ابْن إِسْحَاق، عَن المَقْبُري.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سَلمَة يحيى بن خلف، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن برد ابْن سِنَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " / جِئْت وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي الْبَيْت وَالْبَاب عَلَيْهِ مغلق، فَمشى حَتَّى فتح لي ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَانَهُ، ووصفت الْبَاب فِي الْقبْلَة ".(2/314)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل ومسدد - وَهَذَا لَفظه - قَالَا: ثَنَا بشر بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث، وَلم يذكر " فِي الْبَيْت " قَالَ أَحْمد: " وَذكر أَن الْبَاب كَانَ فِي الْقبْلَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام - هُوَ الطرسوسي - ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا جرير بن حَازِم، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب الْبَصْرِيّ، عَن عبد اللَّهِ بن شَدَّاد، عَن أَبِيه قَالَ: " خرج علينا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أحد صَلَاتي الْعشَاء وَهُوَ حَامِل حسنا أَو حُسَيْنًا فَوَضعه، ثمَّ كبر للصَّلَاة فصلى، فَسجدَ بَين [ظهراني] صلَاته سَجْدَة أطالها، قَالَ: فَرفعت رَأْسِي فَإِذا الصَّبِي على ظهر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ ساجد، فَرَجَعت إِلَى سجودي فَلَمَّا قضى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة قَالَ النَّاس: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّك سجدت بَين [ظهراني] صَلَاتك سَجْدَة أطلتها حَتَّى ظننا أَنه قد حدث أَمر [أَو] أَنه يُوحى إِلَيْك. قَالَ: كل ذَلِك لم يكن، وَلَكِن ابْني ارتحلني فَكرِهت أَن أعجله حَتَّى يقْضِي حَاجته ".
بَاب هَل يدْفع عَن نَفسه فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق بن مَنْصُور قَالَا: أَنا النَّضر بن شُمَيْل، أَنا شُعْبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن زِيَاد، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن عفريتا من الْجِنّ جعل يفتك عَليّ البارحة [ليقطع] على الصَّلَاة، وَإِن اللَّهِ أمكنني مِنْهُ فذعته، فَلَقَد هَمَمْت أَن أربطه إِلَى سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد حَتَّى تصبحوا فتنظروا إِلَيْهِ أَجْمَعُونَ - أَو كلكُمْ - ثمَّ ذكرت قَول أخي سُلَيْمَان:(2/315)
{رب اغْفِر لي وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} فَرده اللَّهِ خاسئا ". وَقَالَ ابْن مَنْصُور: شُعْبَة، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد.
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن سَلمَة الْمرَادِي، ثَنَا عبد اللَّهِ بن وهب، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، حَدثنِي ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: " قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فسمعناه يَقُول: أعوذ بِاللَّه مِنْك. ثمَّ قَالَ: ألعنك بلعنة اللَّهِ - ثَلَاثًا - وَبسط يَده كَأَنَّهُ يتَنَاوَل شَيْئا، فَلَمَّا فرغ من الصَّلَاة قُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، قد سمعناك تَقول فِي الصَّلَاة شَيْئا لم نسمعك تَقوله قبل ذَلِك، ورأيناك بسطت يدك؟ قَالَ: إِن عَدو اللَّهِ إِبْلِيس جَاءَ بشهاب / من نَار ليجعله فِي وَجْهي فَقلت: أعوذ بِاللَّه مِنْك ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ قلت: ألعنك بلعنة اللَّهِ التَّامَّة فَلم يسْتَأْخر ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ أردْت أَخذه، وَالله لَوْلَا دَعْوَة أخينا سُلَيْمَان لأصبح موثقًا يلْعَب بِهِ صبيان أهل الْمَدِينَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا الْفضل بن مُوسَى، ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، ثَنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اعْترض لي الشَّيْطَان فِي مصلاي فَأخذت بِحَلقَة فخنقته حَتَّى وجدت برد لِسَانه على كفي، وَلَوْلَا مَا كَانَ من دَعْوَة أخي سُلَيْمَان لأصبح مربوطا تنْظرُون إِلَيْهِ ".
بَاب مَا يقتل من الدَّوَابّ وَهُوَ فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن زيد بن جُبَير قَالَ: " سَأَلَ رجل ابْن عمر: مَا يقتل الرجل الْمحرم من الدَّوَابّ وَهُوَ محرم؟ قَالَ:(2/316)
حَدَّثتنِي إِحْدَى نسْوَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَأْمر بقتل الْكَلْب الْعَقُور والفأرة وَالْعَقْرَب والحديا والغراب والحية، قَالَ: وَفِي الصَّلَاة أَيْضا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عَليّ بن الْمُبَارك، ثَنَا يحيى بن أبي كثير، عَن ضَمْضَم بن جوس، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقْتُلُوا الأسودين فِي الصَّلَاة: الْحَيَّة، وَالْعَقْرَب ".
بَاب إِذا عطس فِي الصَّلَاة فَحَمدَ اللَّهِ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا رِفَاعَة بن يحيى بن عبد اللَّهِ بن رِفَاعَة، عَن عَم أَبِيه معَاذ بن رِفَاعَة بن رَافع، عَن أَبِيه قَالَ: " صليت خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعطست، فَقلت: الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ، كَمَا يحب رَبنَا ويرضى. فَلَمَّا صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْصَرف فَقَالَ: من الْمُتَكَلّم فِي الصَّلَاة؟ فَلم يجبهُ أحد، ثمَّ قَالَهَا الثَّانِيَة: من الْمُتَكَلّم فِي الصَّلَاة؟ فَقَالَ رِفَاعَة بن رَافع بن عفراء: أَنا يَا رَسُول اللَّهِ. قَالَ: كَيفَ قلت؟ قَالَ: قلت: الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ، كَمَا يحب رَبنَا ويرضى. قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقدابتدرها بضعَة وَثَلَاثُونَ ملكا أَيهمْ يصعد بهَا ".
وَفِي بعض طرق النَّسَائِيّ " فَمَا نهنهها شَيْء دون الْعَرْش ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُونُس النَّسَائِيّ قَالَ: ثَنَا عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا فليح، عَن هِلَال بن عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ قَالَ،: " لما قدمت / على رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علمت أمورا من الْإِسْلَام، فَكَانَ(2/317)
فِيمَا علمت أَن قيل لي: إِذا عطست فَأَحْمَد اللَّهِ، وَإِذا عطس الْعَاطِس فَحَمدَ اللَّهِ - تَعَالَى - فَقل: يَرْحَمك اللَّهِ. قَالَ: (فَبينا) أَنا قَائِم مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة إِذْ عطس رجل فَحَمدَ اللَّهِ، فَقلت: يَرْحَمك اللَّهِ - رَافعا بهَا صوتي - فَرَمَانِي النَّاس بِأَبْصَارِهِمْ حَتَّى احتملني ذَلِك، فَقلت: مَا لكم تنْظرُون إِلَيّ بأعين شزر؟ قَالَ: فَسَبحُوا، فَلَمَّا قضى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة قَالَ: من الْمُتَكَلّم؟ قيل: هَذَا الْأَعرَابِي. فدعاني رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّلَاة لقِرَاءَة الْقُرْآن وَذكر اللَّهِ، فَإِذا كنت فِيهَا فَلْيَكُن ذَلِك شَأْنك. فَمَا رَأَيْت معلما قطّ أرْفق من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
بَاب مَا جَاءَ فِي التثاؤب فِي الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن سُهَيْل ابْن أبي صَالح، عَن ابْن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا تثاءب أحدكُم فِي الصَّلَاة فليكظم مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِن الشَّيْطَان يدْخل ".
ابْن الْجَارُود قَالَ: ثَنَا حسن بن بشر بن الْقَاسِم، ثَنَا وَكِيع بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا تثاءب أحدكُم فِي الصَّلَاة فليكظم مَا اسْتَطَاعَ، فَإِن غَلبه أَمر وضع يَده على فِيهِ ".
بَاب صَلَاة الْمَرِيض
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، عَن عبد اللَّهِ، عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، حَدثنِي الْحُسَيْن الْمكتب، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: " كَانَت لي بواسير فَسَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الصَّلَاة فَقَالَ: صل قَائِما، فَإِن لم تستطع فقاعدا، فَإِن لم(2/318)
تستطع فعلى جنب ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا حُسَيْن الْمعلم، عَن عبد اللَّهِ بن بُرَيْدَة " أَن عمرَان بن حُصَيْن وَكَانَ رجلا مبسورا - وَقَالَ أَبُو معمر مرّة: عَن عمرَان بن حُصَيْن - قَالَ: سَأَلت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صَلَاة الرجل وَهُوَ قَاعد فَقَالَ: من صلى قَائِما فَهُوَ أفضل، وَمن صلى قَاعِدا فَلهُ نصف أجر الْقَائِم، وَمن صلى نَائِما فَلهُ نصف أجر الْقَاعِد ".
بَاب صَلَاة الصَّحِيح قَاعِدا فِي النَّافِلَة
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن أبي يحيى، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: حدثت أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَلَاة الرجل قَاعِدا نصف الصَّلَاة. قَالَ: فَأَتَيْته / فَوَجَدته يُصَلِّي جَالِسا فَوضعت يَدي على رَأسه فَقَالَ: مَا لَك يَا عبد اللَّهِ بن عَمْرو؟ قَالَ: حدثت يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّك قلت: صَلَاة الرجل قَاعِدا على نصف الصَّلَاة، وَأَنت تصلي قَاعِدا. قَالَ: أجل وَلَكِنِّي لست كَأحد مِنْكُم ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن هِشَام بن حسان، عَن ابْن سِيرِين، عَن عبد اللَّهِ بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ: " سَأَلنَا عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكثر الصَّلَاة قَائِما وَقَاعِدا، فَإِذا افْتتح الصَّلَاة قَائِما ركع قَائِما، وَإِذا افْتتح الصَّلَاة قَاعِدا ركع قَاعِدا ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن عبد الله بن(2/319)
يزِيد وَأبي النَّضر، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي جَالِسا فَيقْرَأ وَهُوَ جَالس، فَإِذا بَقِي من قِرَاءَته قدر مَا يكون ثَلَاثِينَ آيَة أَو أَرْبَعُونَ آيَة قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِم، ثمَّ ركع، ثمَّ سجد، ثمَّ يفعل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل ذَلِك ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، ثَنَا هشيم، عَن خَالِد، عَن عبد اللَّهِ بن شَقِيق قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن تطوعه؟ فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قبل الظّهْر أَرْبعا، ثمَّ يخرج فَيصَلي بِالنَّاسِ، ثمَّ يدْخل فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمغرب ثمَّ يدْخل فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصلي بِالنَّاسِ الْعشَاء وَيدخل بَيْتِي فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل تسع رَكْعَات فِيهِنَّ الْوتر، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَويلا قَائِما وليلا طَويلا قَاعِدا، وَكَانَ إِذا قَرَأَ وَهُوَ قَائِم ركع وَسجد وَهُوَ قَائِم، وَإِذا قَرَأَ قَاعِدا ركع وَسجد (قَاعِدا) ، وَكَانَ إِذا طلع الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم وَحسن الْحلْوانِي، كِلَاهُمَا عَن زيد - قَالَ حسن: ثَنَا زيد بن الْحباب - حَدثنِي الضَّحَّاك بن عُثْمَان، حَدثنِي عبد اللَّهِ بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " لما بدن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَثقل كَانَ أَكثر صلَاته جَالِسا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا خَالِد، عَن شُعْبَة عَن أبي(2/320)
إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت أَبَا سَلمَة، عَن أم سَلمَة قَالَت: " مَا مَاتَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى كَانَ أَكثر صلَاته قَاعِدا إِلَّا الْفَرِيضَة، وَكَانَ أحب الْعَمَل إِلَيْهِ أَدْوَمه وَإِن قل ".
تَابعه عمر بن أبي زَائِدَة وَيُونُس، عَن أبي إِسْحَاق، وَقَالَ عمر: حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هَارُون بن عبد اللَّهِ، ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي، عَن حَفْص، عَن حميد - وَهُوَ الطَّوِيل - عَن عبد اللَّهِ بن شَقِيق، عَن عَائِشَة قَالَت: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي متربعا ".
حَفْص / هُوَ ابْن غياث ثِقَة مَشْهُور.
وروى أَبُو دَاوُد: عَن عبد السَّلَام بن عبد الرَّحْمَن بن صَخْر الوابصي، عَن أَبِيه، عَن شَيبَان، عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن وابصة قَالَ: حَدَّثتنِي أم قيس بنت مُحصن " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أسن وَأخذ اللَّحْم، اتخذ عمودا فِي مُصَلَّاهُ يعْتَمد عَلَيْهِ ".
وَعبد الرَّحْمَن لَيْسَ بِمَشْهُور، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا ابْنه، وَالصَّحِيح مَا تقدم قبله من حَدِيث مُسلم وَالنَّسَائِيّ - رحمهمَا اللَّهِ.
بَاب هَل يقْضِي المغمي عَلَيْهِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح،، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي جرير بن حَازِم، عَن سُلَيْمَان - هُوَ ابْن مهْرَان الْأَعْمَش - عَن أبي ظبْيَان، عَن ابْن عَبَّاس " أَن عليا قَالَ لعمر بن الْخطاب: أَو مَا تذكر أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة: عَن الْمَجْنُون المغلوب على عقله حَتَّى يفِيق، وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ،(2/321)
وَعَن الصَّبِي حَتَّى يَحْتَلِم؟ قَالَ: صدقت ".
أَبُو ظبْيَان اسْمه حُصَيْن بن جُنْدُب ثِقَة مَشْهُور.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن حَمَّاد - هُوَ ابْن أبي سُلَيْمَان - عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة: عَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ، عَن الْمُبْتَلى حَتَّى يبرأ، وَعَن الصَّبِي حَتَّى يكبر ".
حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان هُوَ حَمَّاد بن مُسلم أَبُو إِسْمَاعِيل، روى عَنهُ: الثَّوْريّ، وَشعْبَة، وَالْحكم بن عتيبة، وَمَنْصُور، وَالْأَعْمَش، وَغَيرهم من الجلة. قيل لإِبْرَاهِيم: إِن حمادا قد قعد يُفْتِي. قَالَ: وَمَا مَنعه أَن يُفْتِي! وَقد سَأَلَني هُوَ وَحده عَن مَا لم تَسْأَلُونِي كلكُمْ عَن عشره. وَقيل لَهُ أَيْضا: من نسْأَل بعْدك؟ قَالَ: حَمَّاد. وَقَالَ الْمُغيرَة: لما مَاتَ إِبْرَاهِيم جلس الحكم وَأَصْحَابه إِلَى حَمَّاد حَتَّى أحدث مَا أحدث - يَعْنِي الإرجاء. وَقَالَ شُعْبَة: حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان صَدُوق اللِّسَان. وَقَالَ الحكم: من فيهم مثل حَمَّاد - يَعْنِي أهل الْكُوفَة. وَقَالَ يحيى بن معِين: حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان ثِقَة. وَقدمه على أبي معشر زِيَاد بن كُلَيْب. وَقَالَ النَّسَائِيّ: حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان ثِقَة إِلَّا أَنه يرى الإرجاء. وَهُوَ أحد الْفُقَهَاء معلم أبي حنيفَة. وَقَالَ شُعْبَة: كَانَ حَمَّاد لَا يحفظ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان صَدُوق، وَلَا يحْتَج بحَديثه، وَهُوَ مُسْتَقِيم فِي الْفِقْه، وَإِذا جَاءَت الْآثَار شوش. وَقد قدمه شُعْبَة أَيْضا على الحكم بن عتيبة، وَكَذَلِكَ سُفْيَان قدمه على الحكم فِي إِبْرَاهِيم، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم إِلَّا قَول النَّسَائِيّ - رَحمَه اللَّهِ.(2/322)
بَاب هَل يُقَال فاتتنا الصَّلَاة
أَبُو دَاوُد: / حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا عَنْبَسَة، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا تأتوها وَأَنْتُم تسعون، وائتوها تمشون وَعَلَيْكُم السكينَة، فَمَا أدركتم فصلوا، وَمَا فاتكم فَأتمُّوا ".
بَاب قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام اقْضِ مَا سَبَقَك
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الفضيل - يَعْنِي ابْن عِيَاض - عَن هِشَام.
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب - وَاللَّفْظ لَهُ - أَنا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ فَلَا يسع إِلَيْهَا أحد، وَلَكِن ليمش وَعَلِيهِ السكينَة وَالْوَقار، صل مَا أدْركْت، واقض مَا سَبَقَك ".
بَاب الْخُشُوع وَحُضُور الْقلب فِي الصَّلَاة
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " هَل ترَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا، وَالله لَا يخفي عَليّ ركوعكم وَلَا خُشُوعكُمْ، وَإِنِّي لأَرَاكُمْ من وَرَاء ظَهْري ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن سَلمَة الْمصْرِيّ، أَنا ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن عمر بن الحكم الْأنْصَارِيّ، عَن أبي الْيُسْر صَاحب النَّبِي، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مِنْكُم من يُصَلِّي الصَّلَاة كَامِلَة، ومنكم من يُصَلِّي النّصْف، وَالثلث، وَالرّبع، وَالْخمس، حَتَّى بلغ الْعشْر ".(2/323)
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن الحكم، عَن شُعَيْب، ثَنَا اللَّيْث، ثَنَا خَالِد، عَن ابْن أبي هِلَال، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن العَبْد ليُصَلِّي فَمَا يكْتب لَهُ [إِلَّا] عشر صلَاته، فالتسع، فالثمن، فالسبع حَتَّى تكْتب صلَاته تَامَّة ".
أَبُو الْيُسْر اسْمه: كَعْب بن عَمْرو، شهد الْعقبَة وبدرا وَشهد صفّين، وَكَانَت وَفَاته سنة خمس وَخمسين.
بَاب الصَّلَاة على الدَّابَّة تَطَوّعا
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا عبيد اللَّهِ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي سبحته حَيْثُ مَا تَوَجَّهت بِهِ نَاقَته ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن عَمْرو بن يحيى الْمَازِني، عَن سعيد بن يسَار، عَن ابْن عمر قَالَ: " رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على حمَار وَهُوَ موجه إِلَى خَيْبَر ".
البُخَارِيّ: / حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد اللَّهِ بن عَامر بن ربيعَة أَن عَامر بن ربيعَة، أخبرهُ قَالَ: " رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ على الرَّاحِلَة يسبح يومى بِرَأْسِهِ قبل أَي وَجه توجه، وَلم يكن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصنع ذَلِك فِي الْمَكْتُوبَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا معَاذ بن فضَالة، ثَنَا هِشَام، عَن يحيى، عَن مُحَمَّد بن(2/324)
عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان قَالَ: حَدثنِي جَابر بن عبد اللَّهِ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته نَحْو الْمشرق، فَإِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة نزل فَاسْتقْبل الْكَعْبَة ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم بن عبد اللَّهِ، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسبح على الرَّاحِلَة قبل أَي وَجه توجه، ويوتر عَلَيْهَا، غير أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا ربعي بن عبد اللَّهِ بن الْجَارُود، حَدثنِي عَمْرو ابْن الْحجَّاج، حَدثنِي الْجَارُود بن أبي سُبْرَة، حَدثنِي أنس بن مَالك " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا سَافر فَأَرَادَ أَن يتَطَوَّع اسْتقْبل بناقته الْقبْلَة، فَكبر ثمَّ صلى حَيْثُ وَجهه ركابه ".
ربعي صَالح الحَدِيث، روى عَنهُ: يزِيد بن هَارُون، ومسدد وَغَيرهمَا.
والجارود صَالح أَيْضا، روى عَنهُ: قَتَادَة، وَعَمْرو بن أبي الْحجَّاج، وَهُوَ جد ربعي بن عبد اللَّهِ.
أَبْوَاب السَّهْو
مُسلم: حَدثنِي يحيى بن خلف، ثَنَا عبد الْأَعْلَى بن سعيد الْجريرِي، عَن أبي الْعَلَاء " أَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِن الشَّيْطَان قد حَال بيني وَبَين صَلَاتي وقراءتي يَلْبسهُمَا عَليّ. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (ذَلِك) شَيْطَان يُقَال لَهُ: (خنزب) فَإِذا أحسسته فتعوذ بِاللَّه مِنْهُ، واتفل على يسارك ثَلَاثًا، فَفعلت ذَلِك فأذهبه اللَّهِ عني ".(2/325)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن المثني، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن يحيى ابْن أبي كثير، ثَنَا أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهمْ أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا نُودي بِالْأَذَانِ أدبر الشَّيْطَان لَهُ ضراط حَتَّى لَا يسمع الْأَذَان، فَإِذا قضي الْأَذَان أقبل، فَإِذا ثوب بهَا أدبر، فَإِذا قضي التثويب أقبل [يخْطر] بَين الْمَرْء وَنَفسه يَقُول: اذكر كَذَا، اذكر كَذَا لما لم يكن يذكر، حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى، فَإِذا لم يدر أحدكُم كم صلى فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ".
مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو، عَن عبد ربه بن سعيد، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: إِن، الشَّيْطَان إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ ولى وَله ضراط ... . . " فَذكر نَحوه وَزَاد: " فهناه ومناه وَذكره من حاجاته مَا لم يكن يذكر ".
قَالَ مُسلم: وثنا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أحدكُم إِذا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَان فَلبس عَلَيْهِ حَتَّى لَا يدْرِي كم صلى، فَإِذا وجد ذَلِك أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ".
أَبُو دَاوُد: (حَدثنَا حجاج بن أبي يَعْقُوب، حَدثنَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق، حَدثنِي الزُّهْرِيّ) بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ: " فليسجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم ثمَّ(2/326)
يسلم ".
وثنا (حجاج، ثَنَا يَعْقُوب، ثَنَا ابْن أخي الزُّهْرِيّ، عَن الزُّهْرِيّ) بِهَذَا الحَدِيث وَإِسْنَاده وَقَالَ: " قبل التَّسْلِيم " وَلم يقل: " ثمَّ يسلم ".
مُسلم: حَدثنِي الْقَاسِم بن زَكَرِيَّاء، ثَنَا [حُسَيْن] بن عَليّ الْجعْفِيّ، عَن زَائِدَة، عَن سُلَيْمَان، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " صلينَا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فإمَّا زَاد أَو نقص - قَالَ إِبْرَاهِيم: وأيم اللَّهِ مَا جَاءَ ذَاك إِلَّا من قبلي - قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ أحدث فِي الصَّلَاة شَيْء؟ فَقَالَ: لَا. قَالَ " فَقُلْنَا لَهُ الَّذِي صنع. فَقَالَ: إِذا زَاد الرجل أَو نقص فليسجد سَجْدَتَيْنِ. قَالَ: ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا هِشَام الدستوَائي، ثَنَا يحيى بن أبي كثير، حَدثنِي عِيَاض.
وحَدثني مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أبان، ثَنَا يحيى، عَن هِلَال بن عِيَاض، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم فَلم يدر زَاد أَو نقص فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعد، فَإِذا أَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ لَهُ: إِنَّك قد أحدثت، فَلْيقل: كذبت. إِلَّا مَا وجد ريحًا بِأَنْفِهِ، أَو صَوتا بأذنه ". هَذَا لفظ ابان.(2/327)
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَقَالَ معمر وَعلي بن الْمُبَارك، عَن يحيى: عَن عِيَاض بن هِلَال، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى: عَن عِيَاض بن أبي زُهَيْر.
بَاب إِذا قَامَ إِلَى الثَّالِثَة وَلم يجلس
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن عبد اللَّهِ ابْن بُحَيْنَة قَالَ: " صلى لنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ من بعض الصَّلَوَات، ثمَّ قَامَ فَلم يجلس، فَقَامَ النَّاس مَعَه، فَلَمَّا قضى صلَاته ونظرنا تَسْلِيمه كبر فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم، ثمَّ سلم ".
قَالَ مُسلم: وثنا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن ابْن شهَاب، عَن الْأَعْرَج، عَن عبد اللَّهِ ابْن بُحَيْنَة الْأَسدي حَلِيف بني عبد الْمطلب " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ فِي صَلَاة الظّهْر وَعَلِيهِ جُلُوس، فَلَمَّا أتم صلَاته / سجد سَجْدَتَيْنِ، وَيكبر فِي كل سَجْدَة وَهُوَ جَالس قبل أَن يسلم، وسجدهما النَّاس مَعَه مَكَان مَا نسي من الْجُلُوس ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن عمر الْجُشَمِي، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا المَسْعُودِيّ، عَن زِيَاد بن علاقَة قَالَ: " صلى بِنَا الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، قُلْنَا: سُبْحَانَ اللَّهِ. [قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ] وَمضى، فَلَمَّا أتم صلَاته وَسلم سجد سَجْدَتي السَّهْو، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصنع كَمَا صنعت ".(2/328)
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " سجد سَجْدَتي السَّهْو وَسلم ". قَالَ أَبُو دَاوُد: فعل مثل فعل الْمُغيرَة: سعد بن أبي وَقاص، وَعمْرَان بن حُصَيْن، وَالضَّحَّاك بن قيس، وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، وَابْن عَبَّاس أفتى بذلك، وَعمر ابْن عبد الْعَزِيز كَذَلِك سجدهما ابْن الزبير، وَقَامَ من اثْنَتَيْنِ قبل التَّسْلِيم، وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ.
بَاب إِذا سلم فِي رَكْعَتَيْنِ
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب، جَمِيعًا عَن ابْن عُيَيْنَة، قَالَ عَمْرو: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، ثَنَا أَيُّوب، سَمِعت مُحَمَّد بن سِيرِين يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " صلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِحْدَى صَلَاتي الْعشي إِمَّا الظّهْر وَإِمَّا الْعَصْر فَسلم فِي رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ أَتَى جذعا فِي قبْلَة الْمَسْجِد، فاستند إِلَيْهَا مغضبا، وَفِي الْقَوْم أَبُو بكر وَعمر، فَهَابَا أَن يتكلما، وَخرج سرعَان النَّاس وَقَالُوا: قصرت الصَّلَاة، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، أقصرت الصَّلَاة أم نسيت؟ فَنظر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَمِينا وَشمَالًا فَقَالَ: مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ؟ ! قَالُوا: صدق. لم تصل إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، فصلى رَكْعَتَيْنِ وَسلم، ثمَّ كبر، ثمَّ سجد، ثمَّ كبر وَرفع، ثمَّ كبر وَسجد، ثمَّ كبر فَرفع ". قَالَ: وأخبرت عَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه قَالَ: " وَسلم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد، ثَنَا حَمَّاد، عَن أَيُّوب بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: " فَأقبل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْقَوْم فَقَالَ: أصدق ذُو الْيَدَيْنِ؟ فأومثوا أَي نعم ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: كل من روى هَذَا الحَدِيث لم يقل: " فَكبر " وَلَا ذكر " فَأَوْمَئُوا " إِلَّا حَمَّاد بن زيد.(2/329)
بَاب إِذا سلم فِي ثَلَاث
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب، جَمِيعًا عَن ابْن علية - قَالَ زُهَيْر: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم - عَن خَالِد، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن عمرَان بن حُصَيْن " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الْعَصْر فَسلم فِي ثَلَاث رَكْعَات، ثمَّ دخل منزله فَقَامَ إِلَيْهِ رجل يُقَال لَهُ الْخِرْبَاق وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طول فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، فَذكر لَهُ صَنِيعه / وَخرج غَضْبَان يجر رِدَاءَهُ، حَتَّى انْتهى إِلَى النَّاس، فَقَالَ: أصدق هَذَا؟ قَالُوا: نعم. فصلى [رَكْعَة] ثمَّ سلم، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم ".
بَاب مَا يفعل إِذا شكّ
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي خلف، ثَنَا مُوسَى بن دواد، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم (يذكر) كم صلى ثَلَاثًا أم أَرْبعا، فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن، ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم، فَإِن كَانَ صلى خمْسا شفعت لَهُ صلَاته، وَإِن كَانَ صلى إتماما لأَرْبَع كَانَتَا ترغيما للشَّيْطَان ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، أَنا أَبُو خَالِد، عَن ابْن عجلَان، عَن(2/330)
زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته (فليلغ) الشَّك وليبن على الْيَقِين، فَإِذا استيقن التَّمام سجد سَجْدَتَيْنِ، فَإِن كَانَت صلَاته تَامَّة كَانَت الرَّكْعَة نَافِلَة والسجدتان، وَإِن كَانَت نَاقِصَة كَانَت الرَّكْعَة (إتماما) لصلاته، وَكَانَت السجدتان مرغمتي الشَّيْطَان ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان وَأَبُو بكر ابْنا أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن جرير - قَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير - عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة قَالَ: قَالَ عبد اللَّهِ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِبْرَاهِيم " زَاد أَو نقص - فَلَمَّا سلم قيل لَهُ: يَا رَسُول اللَّهِ، أحدث فِي الصَّلَاة شَيْء؟ قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالُوا: صليت كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَثنى رجلَيْهِ واستقبل الْقبْلَة، فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم، ثمَّ أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّه لَو (أحدث) فِي الصَّلَاة شَيْء أنبأتكم بِهِ، وَلَكِن إِنَّمَا أَنا بشر أنسى كَمَا تنسون فَإِذا نسيت فذكروني، وَإِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته (فليتحرى) الصَّوَاب فليتم عَلَيْهِ ثمَّ ليسجد سَجْدَتَيْنِ ".
وثنا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " فليتحر أقرب ذَلِك إِلَى الصَّوَاب ".
وثنا يحيى بن يحيى، أَنا فُضَيْل بن عِيَاض، عَن مَنْصُور بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ: " فليتحر الَّذِي يرى أَنه الصَّوَاب ".(2/331)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا (عبد اللَّهِ بن الْمُبَارك، عَن مسعر) ، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " صلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَزَاد أَو نقص فَقيل: يَا رَسُول اللَّهِ، هَل حدث فِي الصَّلَاة شَيْء؟ قَالَ: لَو حدث أنبأتكموه، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَنا بشر أنسى كَمَا تنسون، فَأَيكُمْ مَا شكّ فِي صلَاته فَلْينْظر أَحْرَى ذَلِك إِلَى الصَّوَاب فليتم عَلَيْهِ ثمَّ ليسلم وَيسْجد سَجْدَتَيْنِ ".
بَاب إِذا صلى خمْسا
مُسلم: / حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا ابْن إِدْرِيس، عَن الْحسن بن عبيد اللَّهِ، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة " أَنه صلى بهم خمْسا ".
وثنا عُثْمَان بن أبي شيبَة - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا جرير، عَن الْحسن بن عبيد اللَّهِ، عَن إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد قَالَ: " صلى بِنَا عَلْقَمَة الظّهْر خمْسا، فَلَمَّا سلم قَالَ الْقَوْم: يَا أَبَا شبْل، قد صليت خمْسا. قَالَ: كلا مَا فعلت. قَالُوا: بلَى. قَالَ: وَكنت فِي نَاحيَة وَأَنا غُلَام، فَقلت: بلَى قد صليت خمْسا. قَالَ لي: وَأَنت أَيْضا يَا أَعور تَقول ذَاك؟ قَالَ: قلت: نعم. قَالَ: فَانْفَتَلَ ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم، ثمَّ قَالَ: قَالَ عبد اللَّهِ: صلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خمْسا فَلَمَّا انْفَتَلَ (توسوس) الْقَوْم بَينهم فَقَالَ: مَا شَأْنكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، هَل زيد فِي الصَّلَاة؟ قَالَ: لَا. قَالُوا: فَإنَّك قد صليت خمْسا. فَانْفَتَلَ ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم، ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ أنسى كَمَا تنسون " زَاد ابْن نمير فِي حَدِيثه " فَإِذا نسي أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ ".
وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث، عَن إِبْرَاهِيم: " صلى عَلْقَمَة خمْسا فَقيل لَهُ، فَقَالَ: مَا فعلت. فَقلت برأسي: بلَى. قَالَ: وَأَنت يَا أَعور ".(2/332)
مُسلم: حَدثنَا عون بن سَلام كُوفِي، أَنا أَبُو بكر النَّهْشَلِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن أَبِيه، عَن عبد اللَّهِ قَالَ: " صلى بِنَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خمْسا فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، أَزِيد فِي الصَّلَاة شَيْء؟ قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالُوا: صليت خمْسا. قَالَ: إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ أذكر كَمَا تذكرُونَ، وأنسى كَمَا تنسون، ثمَّ سجد سَجْدَتي السَّهْو ".
بَاب التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم لسجدتي السَّهْو
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن الْمثنى، حَدثنِي أَشْعَث، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن عمرَان بن حُصَيْن " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بهم فَسَهَا، فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ ثمَّ تشهد ثمَّ سلم ".
بَاب هَل يَأْخُذ الإِمَام بقول النَّاس إِذا شكّ
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس، عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن أبي سُفْيَان مولى ابْن [أبي] أَحْمد قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " صلى لنا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْعَصْر، فَسلم فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: أقصرت الصَّلَاة يَا رَسُول اللَّهِ أم نسيت؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كل ذَلِك لم يكن. فَقَالَ: قد كَانَ بعض ذَلِك يَا رَسُول اللَّهِ. فَأقبل رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على النَّاس فَقَالَ: أصدق ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نعم يَا رَسُول اللَّهِ. فَأَتمَّ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا بَقِي من الصَّلَاة، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس بعد التَّسْلِيم ".(2/333)
/ مُسلم: وحَدثني حجاج بن الشَّاعِر، ثَنَا هَارُون بن إِسْمَاعِيل الخزاز، ثَنَا عَليّ - وَهُوَ ابْن الْمُبَارك - ثَنَا يحيى - وَهُوَ ابْن أبي كثير - ثَنَا أَبُو سَلمَة، ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة: أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى رَكْعَتَيْنِ من صَلَاة الظّهْر ثمَّ سلم، فَأَتَاهُ رجل من بني سليم فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ، أقصرت الصَّلَاة أم نسيت ... . " وسَاق الحَدِيث.
وحَدثني إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا عبيد اللَّهِ بن مُوسَى، عَن شَيبَان، عَن يحيى بِهَذَا الْإِسْنَاد " وَقَالَ: صَلَاة الظّهْر ... ... . " وسَاق الحَدِيث.
بَاب
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، أَن سُوَيْد بن قيس، أخبرهُ عَن مُعَاوِيَة بن حديج " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى يَوْمًا فَسلم وَقد بقيت من الصَّلَاة رَكْعَة، فأدركه رجل فَقَالَ: نسيت يَا رَسُول اللَّهِ من الصَّلَاة رَكْعَة. فَرجع فَدخل الْمَسْجِد وَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاة فصلى للنَّاس رَكْعَة، فَأخْبرت بذلك النَّاس فَقَالُوا لي: أتعرف الرجل؟ فَقلت: لَا إِلَّا أَن أرَاهُ، فَمر بِي فَقلت: (هُوَ هَذَا) . فَقَالُوا: [هُوَ] طَلْحَة بن عبيد اللَّهِ - رَضِي اللَّهِ عَنهُ ".
مُعَاوِيَة بن حديج لَهُ صُحْبَة، وسُويد بن قيس وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ - رَحمَه اللَّهِ.
بَاب الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا عجل بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء ".(2/334)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا يحيى، عَن عبيد اللَّهِ، أَنا نَافِع " أَن ابْن عمر كَانَ إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بعد أَن يغيب الشَّفق وَيَقُول: إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء ".
مُسلم: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سَالم بن عبد اللَّهِ، أَن أَبَاهُ قَالَ: " رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا (عجله) السّير فِي السّفر يُؤَخر صَلَاة الْمغرب حَتَّى يجمع بَينهمَا وَبَين صَلَاة الْعشَاء ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الْمحَاربي، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أَبِيه، عَن نَافِع وَعبد اللَّهِ بن وَاقد " أَن مُؤذن ابْن عمر قَالَ: الصَّلَاة. قَالَ: سر. حَتَّى إِذا كَانَ قبل غيوب الشَّفق نزل فصلى الْمغرب، ثمَّ انْتظر حَتَّى غَابَ الشَّفق وَصلى الْعشَاء، ثمَّ قَالَ: إِن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا عجل بِهِ أَمر صنع مثل الَّذِي صنعت، فَسَار فِي ذَلِك الْيَوْم وَاللَّيْلَة مسيرَة ثَلَاث ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ ابْن جَابر، عَن نَافِع نَحْو هَذَا بِإِسْنَادِهِ.
ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، أَنا عِيسَى، عَن ابْن جَابر بِهَذَا الْمَعْنى.
/ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا وَكِيع وَجَرِير بن عبد الحميد - وَاللَّفْظ لوكيع - عَن الفضيل بن غَزوَان، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر بِهَذَا الحَدِيث قَالَ: " سَار حَتَّى كَاد يغيب الشَّفق نزل فصلى الْمغرب، ثمَّ انْتظر حَتَّى إِذا غَابَ الشَّفق صلى الْعشَاء، ثمَّ قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نابته حَاجَة صنع هَكَذَا ".(2/335)
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا الْمفضل - يَعْنِي ابْن فضَالة - عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا ارتحل قبل أَن تزِيغ الشَّمْس أخر الظّهْر إِلَى وَقت الْعَصْر ثمَّ ينزل فَيجمع بَينهمَا، فَإِن زاغت الشَّمْس قبل أَن يرتحل صلى الظّهْر وَركب ".
مُسلم: وحَدثني عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا شَبابَة بن سوار الْمَدَائِنِي، ثَنَا لَيْث بن سعد، عَن عقيل بن خَالِد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَرَادَ أَن يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر أخر الظّهْر حَتَّى يدْخل أول وَقت الْعَصْر، ثمَّ يجمع بَينهمَا ".
وروى أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن يزِيد بن هَارُون، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن حَفْص بن عبيد اللَّهِ بن أنس قَالَ: " كُنَّا نسافر مَعَ أنس بن مَالك، فَكُنَّا إِذا زَالَت الشَّمْس وَهُوَ فِي منزل لم يركب حَتَّى يُصَلِّي الظّهْر، فَإِذا رَاح فَحَضَرت الْعَصْر صلى الْعَصْر، فَإِن سَار من منزلَة قبل أَن تَزُول فَحَضَرت الصَّلَاة قُلْنَا: الصَّلَاة. فَيَقُول: سِيرُوا. حَتَّى إِذا كَانَ بَين الصَّلَاتَيْنِ نزل فَجمع بَين الظّهْر وَالْعصر، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا وصل ضحوته بروحته صنع هَكَذَا ".
وَحَدِيث مُسلم أجل وَأَعْلَى إِسْنَادًا من حَدِيث ابْن أبي شيبَة وَأشهر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة، أَنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة، عَن معَاذ بن جبل " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك إِذا ارتحل قبل (زيغ) الشَّمْس أخر الظّهْر حَتَّى يجمعها إِلَى الْعَصْر فيصليهما جَمِيعًا، وَإِذا ارتحل بعد زيغ الشَّمْس صلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا ثمَّ سَار، وَكَانَ(2/336)
إِذا ارتحل قبل الْمغرب أخر الْمغرب حَتَّى يُصليهَا مَعَ الْعشَاء، وَإِذا ارتحل بعد الْمغرب عجل الْعشَاء فَصلاهَا مَعَ الْمغرب ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا الحَدِيث لم يروه إِلَّا قُتَيْبَة، وَقَالَ الْحَاكِم: لم نجد ليزِيد ابْن أبي حبيب رِوَايَة عَن أبي الطُّفَيْل، وَلم يَأْتِ هَذَا الحَدِيث عَن أبي الطُّفَيْل إِلَّا من طَرِيق يزِيد بن أبي حبيب. وَذكر أَبُو عِيسَى هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه، وَقَالَ: حَدِيث حسن تفرد بِهِ اللَّيْث بن سعد.
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد اللَّهِ بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو الزبير، عَن أبي الطُّفَيْل عَامر، عَن معَاذ قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك / فَكَانَ يُصَلِّي الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا، وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا ".
بَاب الْجمع فِي الْحَضَر من غير عذر
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة
وثنا أَبُو كريب وَأَبُو سعيد الْأَشَج - وَاللَّفْظ لأبي كريب - قَالَا: ثَنَا وَكِيع، كِلَاهُمَا عَن الْأَعْمَش، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جمع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء بِالْمَدِينَةِ من غير خوف وَلَا مطر ". فِي حَدِيث وَكِيع قَالَ: " قلت لِابْنِ عَبَّاس: لم فعل ذَلِك؟ قَالَ: كي لَا يحرج أمته ". وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة: " قيل لِابْنِ عَبَّاس: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِك؟ قَالَ: أَرَادَ أَن لَا يحرج أمته ".(2/337)
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن أبي الزبير، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا، وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا فِي غير خوف وَلَا سفر ".
بَاب قصر الصَّلَاة فِي السّفر
النَّسَائِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " أول مَا فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ فأقرت صَلَاة السّفر، وأتمت صَلَاة الْحَضَر ".
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج فِي هَذَا الحَدِيث: " فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَر وَالسّفر " وَقد تقدم فِي أول كتاب الصَّلَاة.
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأَنا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى وَعبد الرَّحْمَن قَالَا: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن بكير بن أخنس، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " فرضت الصَّلَاة على لِسَان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحَضَر أَرْبعا، وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْف رَكْعَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا يزِيد بن زِيَاد - هُوَ ابْن أبي الْجَعْد - عَن زبيد الأيامي، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن كَعْب ابْن عجْرَة قَالَ: قَالَ عمر: " صَلَاة الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاة الْفطر رَكْعَتَانِ، وَصَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَتَانِ، وَصَلَاة الْمُسَافِر رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر على لِسَان نَبِيكُم(2/338)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، (وَقد خَابَ من افترى) ".
رَوَاهُ شُعْبَة وَالثَّوْري وَشريك وَمُحَمّد بن طَلْحَة عَن زبيد، عَن عبد الرَّحْمَن قَالَ قَالَ عمر. وَلم يذكرُوا كَعْب بن عجْرَة، وَيزِيد بن زِيَاد هَذَا ثِقَة مَشْهُور.
ابْن أَيمن: حَدثنَا أَبُو عِيسَى زَكَرِيَّا بن يحيى النَّاقِد، ثَنَا مُحَمَّد بن الصَّباح الْجِرْجَانِيّ، ثَنَا عبد الله بن رَجَاء، عَن هِشَام الدستوَائي عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ، من ترك السّنة كفر ".
حَدَّثَنِيهِ الْقرشِي عبد الرَّحْمَن بن يحيى، ثَنَا شُرَيْح بن مُحَمَّد، ثَنَا عَليّ بن أَحْمد، ثَنَا همام، ثَنَا عَبَّاس بن أصبغ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَيمن فَذكره. مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب وَزُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ الْآخرُونَ: ثَنَا \ عبد لله بن إِدْرِيس، عَن ابْن جريح، عَن ابْن أبي عمار، عَن عبد الله بن بابيه، عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: قلت لعمر بن الْخطاب {فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} فقد أَمن النَّاس! فَقَالَ: عجبتمما عجبت مِنْهُ، فَسَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك فقالصدقة تصدق الله بهَا عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته:
مُسلم: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا عِيسَى بن حَفْص بن عَاصِم(2/339)
ابْن عمر بن الْخطاب، عَن أَبِيه قَالَ: " صَحِبت ابْن عمر فِي طَرِيق مَكَّة قَالَ: فصلى لنا الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ أقبل وأقبلنا مَعَه حَتَّى جَاءَ رَحْله، وَجلسَ وَجَلَسْنَا [مَعَه] فحانت مِنْهُ التفاته نَحْو حَيْثُ صلى فَرَأى نَاسا قيَاما فَقَالَ: مَا يصنع هَؤُلَاءِ؟ قلت: يسبحون. قَالَ: لَو كنت مسبحا لأتممت صَلَاتي، يَا ابْن أخي، إِنِّي صَحِبت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي السّفر فَلم يزدْ على الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه اللَّهِ، وصحبت أَبَا بكر فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه اللَّهِ، وصحبت عمر فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه اللَّهِ، ثمَّ صَحِبت عُثْمَان فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه اللَّهِ، وَقد قَالَ اللَّهِ - عز وَجل -: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول اللَّهِ أُسْوَة حَسَنَة} ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا عبيد اللَّهِ بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بكر بعده، وَعمر بعد أبي بكر، وَعُثْمَان صَدرا من خِلَافَته، ثمَّ إِن عُثْمَان صلى بعد أَرْبعا، فَكَانَ ابْن عمر إِذا صلى مَعَ الإِمَام صلى أَرْبعا، وَإِذا صلى وَحده صلى رَكْعَتَيْنِ ".
وَفِي بعض طرق مُسلم: " وَعُثْمَان ثَمَانِي سِنِين أَو سِتّ سِنِين ".
مُسلم: حَدثنَا خلف بن هِشَام وَأَبُو الرّبيع وقتيبة قَالُوا: ثَنَا حَمَّاد - وَهُوَ ابْن زيد.
قَالَ: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل، كِلَاهُمَا عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الظّهْر(2/340)
بِالْمَدِينَةِ أَرْبعا، وَصلى الْعَصْر بِذِي الحليفة رَكْعَتَيْنِ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، أَنا هشيم، عَن يحيى بن أبي إِسْحَاق، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة فصلى ركعتيبن رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ. قلت: كم أَقَامَ بِمَكَّة؟ قَالَ: عشرا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن عَاصِم وحصين، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِسْعَة عشر يقصر، فَنحْن إِذا سافرنا تِسْعَة عشر قَصرنَا، وَإِن زِدْنَا أتممنا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، أَنا عبد اللَّهِ، أَنا عَاصِم، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " [أَقَامَ] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة تِسْعَة عشر يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، عَن / جَابر بن عبد اللَّهِ قَالَ: " أَقَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتبوك عشْرين يَوْمًا يقصر الصَّلَاة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن بشار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر،(2/341)
قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن يحيى بن يزِيد الْهنائِي قَالَ: " سَأَلت أنس بن مَالك عَن قصر الصَّلَاة فَقَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا خرج مسيرَة ثَلَاثَة أَمْيَال أَو ثَلَاثَة فراسخ - شُعْبَة الشاك - صلى رَكْعَتَيْنِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن عبد اللَّهِ بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، حَدثنِي حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ قَالَ: " صليت خلف رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى، وَالنَّاس أَكثر مَا كَانُوا، فصلى رَكْعَتَيْنِ فِي حجَّة الوادع ".
بَاب يُصَلِّي الْمغرب ثَلَاثًا فِي السّفر
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا الثَّوْريّ، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عمر قَالَ: " جمع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع: صلى الْمغرب ثَلَاثًا، وَالْعشَاء رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَة وَاحِدَة ".
بَاب التَّنَفُّل فِي السّفر
الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن مسحاج الضَّبِّيّ، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نزل منزلا لم يرتحل مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّي فِيهِ ".
مسحاج الضَّبِّيّ هُوَ ابْن مُوسَى، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَأَبُو زرْعَة.(2/342)
بَاب صَلَاة الْخَوْف
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو الرّبيع وقتيبة بن سعيد، قَالَ يحيى: أَنا، وَقَالَ الْآخرُونَ: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن بكير بن الْأَخْنَس، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " فرض الله الصَّلَاة على لِسَان نَبِيكُم فِي الْحَضَر أَرْبعا وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْف رَكْعَة ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر قَالَ: " صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْخَوْف بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَة والطائفة الْأُخْرَى مُوَاجهَة الْعَدو، ثمَّ انصرفوا وَقَامُوا فِي مقَام أَصْحَابهم مُقْبِلين على الْعَدو، وَجَاء أُولَئِكَ، ثمَّ صلى بهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَة، ثمَّ سلم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ قضى هَؤُلَاءِ رَكْعَة (وَهَؤُلَاء رَكْعَة) ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن يزِيد بن رُومَان، عَن صَالح بن خَوات " عَمَّن صلى مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم ذَات الرّقاع صَلَاة الْخَوْف: أَن طَائِفَة صفت صلت مَعَه، وَطَائِفَة وجاه الْعَدو، فصلى بالذين مَعَه رَكْعَة ثمَّ ثَبت قَائِما وَأَتمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثمَّ انصرفوا / فصفوا وجاه الْعَدو، وَجَاءَت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فصلى بهم الرَّكْعَة الَّتِي بقيت ثمَّ ثَبت جَالِسا وَأَتمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثمَّ سلم بهم ".(2/343)
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثَنَا القعْنبِي، عَن مَالك، عَن يحيى بن سعيد، عَن الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد، عَن صَالح بن خَوات، أَن سهل بن أبي حثْمَة الْأنْصَارِيّ حَدثهُ " أَن صَلَاة الْخَوْف أَن يقوم الإِمَام وَطَائِفَة من أَصْحَابه وَطَائِفَة مُوَاجهَة الْعَدو، فيركع الإِمَام رَكْعَة وَيسْجد بالذين مَعَه، ثمَّ يقوم، فَإِذا اسْتَوَى قَائِما ثَبت قَائِما وَأَتمُّوا لأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الْبَاقِيَة، ثمَّ سلمُوا وَانْصَرفُوا وَالْإِمَام قَائِم، فَكَانُوا وجاه الْعَدو، ثمَّ يقبل الْآخرُونَ الَّذين لم يصلوا، فيكبروا وَرَاء الإِمَام فيركع بهم، وَيسْجد بهم، ثمَّ يسلم، فَيقومُونَ فيركعون لأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الْبَاقِيَة، ثمَّ يسلمُونَ ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ الْعَنْبَري، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن صَالح بن خَوات بن جُبَير، عَن سهل ابْن أبي حثْمَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْف فصفهم خَلفه صفّين، فصلى بالذين يلونه رَكْعَة، ثمَّ قَامَ فَلم يزل قَائِما حَتَّى صلى الَّذين خلقه رَكْعَة، ثمَّ تقدمُوا وَتَأَخر الَّذين كَانُوا قدامهم، فصلى بهم رَكْعَة، ثمَّ قعد حَتَّى صلى الَّذين تخلفوا رَكْعَة، ثمَّ سلم ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، عَن عَطاء، عَن جَابر بن عبد اللَّهِ قَالَ: " شهِدت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْخَوْف فصففنا صفّين: صف خلف رَسُول اللَّهِ والعدو بَيْننَا وَبَين الْقبْلَة، فَكبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا، ثمَّ ركع وركعنا جَمِيعًا، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع ورفعنا جَمِيعًا، ثمَّ انحدر بِالسُّجُود والصف الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الصَّفّ الْمُؤخر فِي نحر الْعَدو، فَلَمَّا قضى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السُّجُود، وَقَامَ الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ، انحدر الصَّفّ الْمُؤخر بِالسُّجُود وَقَامُوا، ثمَّ تقدم الصَّفّ الْمُؤخر وَتَأَخر الصَّفّ الْمُقدم، ثمَّ ركع(2/344)
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وركعنا جَمِيعًا، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع ورفعنا جَمِيعًا، ثمَّ انحدر بِالسُّجُود والصف الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخرا فِي الرَّكْعَة الأولى، وَقَامَ الصَّفّ الْمُؤخر فِي نحر الْعَدو، فَلَمَّا قضى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السُّجُود والصف الَّذِي يَلِيهِ، انحدر الصَّفّ الْمُؤخر بِالسُّجُود [فسجدوا] ، ثمَّ سلم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسلمنَا جَمِيعًا. قَالَ جَابر: كَمَا يصنع حرسكم هَؤُلَاءِ بأمرائهم ".
مُسلم: حَدثنَا عبد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، أَنا يحيى بن حسان، ثَنَا مُعَاوِيَة - وَهُوَ ابْن سَلام - أَخْبرنِي يحيى، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَن جَابِرا أخبرهُ " أَنه صلى مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْخَوْف، فصلى رَسُول / اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ صلى بالطائفة الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، فصلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَربع رَكْعَات وَصلى بِكُل طَائِفَة رَكْعَتَيْنِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن سُفْيَان، حَدثنِي أَبُو بكر بن أبي الجهم، عَن عبيد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِذِي قرد، فَصف النَّاس خَلفه صفّين: (صف) خَلفه، و (صف) موازي الْعَدو، فصلى بالذين خَلفه رَكْعَة، ثمَّ انْصَرف هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ، وَجَاء أُولَئِكَ فصلى بهم رَكْعَة وَلم يقضوا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، ثَنَا الْأَشْعَث بن سليم، عَن الْأسود بن هِلَال، عَن ثَعْلَبَة بن زَهْدَم قَالَ: " كُنَّا مَعَ سعيد بن الْعَاصِ بطبرستان فَقَالَ: أَيّكُم صلى مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْخَوْف؟ فَقَالَ حُذَيْفَة: أَنا،(2/345)
صلى بهؤلاء رَكْعَة وبهؤلاء رَكْعَة وَلم يقضوا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الْأَعْلَى وَإِسْمَاعِيل بن مَسْعُود - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا خَالِد، عَن أَشْعَث، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة " أَن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بالقوم فِي الْخَوْف رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم، ثمَّ صلى بالقوم الآخرين رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم، فصلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبعا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَشْعَث، عَن الْحسن [عَن] أبي بكرَة قَالَ: " صلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خوف الظّهْر فَصف بَعضهم خَلفه وَبَعْضهمْ بِإِزَاءِ الْعَدو، فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم، فَانْطَلق الَّذين صلوا فوقفوا موقف أَصْحَابهم، ثمَّ جَاءَ أُولَئِكَ فصلوا خَلفه، فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم، فَكَانَت لرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبعا ولأصحابه رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ " وَبِذَلِك كَانَ يُفْتِي الْحسن.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبيد اللَّهِ بن سعد، ثَنَا عمي، ثَنَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق، حَدثنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير، أَن عُرْوَة بن الزبير حَدثهُ، أَن عَائِشَة حدثته قَالَت: " كبر رَسُول اللَّهِ وَكَبرت الطَّائِفَة الَّذين صفوا مَعَه، ثمَّ ركع فركعوا، ثمَّ سجد فسجدوا، ثمَّ رفع فَرفعُوا، ثمَّ مكث رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسا، ثمَّ سجدوا هم لأَنْفُسِهِمْ الثَّانِيَة، ثمَّ قَامُوا فنكصوا على أَعْقَابهم يَمْشُونَ الْقَهْقَرِي، حَتَّى قَامُوا من ورائهم، وَجَاءَت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَقَامُوا فكبروا ثمَّ ركعوا لأَنْفُسِهِمْ، ثمَّ سجد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فسجدوا مَعَه، ثمَّ قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وسجدوا لأَنْفُسِهِمْ الثَّانِيَة، ثمَّ قَامَت الطائفتان جَمِيعًا فصلوا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرَكَعَ فركعوا، ثمَّ سجد فسجدوا جَمِيعًا، ثمَّ عَاد فَسجدَ الثَّانِيَة فسجدوا مَعَه سَرِيعا كأسرع الْإِسْرَاع جاهدا(2/346)
لَا يألون سرَاعًا، ثمَّ / سلم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَلمُوا فَقَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد (شركه) النَّاس فِي الصَّلَاة كلهَا ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثَنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، ثَنَا حَيْوَة ابْن شُرَيْح وَابْن لَهِيعَة قَالَا: أَنا أَبُو الْأسود، أَنه سمع عُرْوَة بن الزبير، يحدث عَن مَرْوَان بن الحكم " أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة: هَل صليت مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْخَوْف؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: نعم. فَقَالَ مَرْوَان: مَتى؟ [فَقَالَ] أَبُو هُرَيْرَة: عَام غَزْوَة نجد، قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى صَلَاة الْعَصْر فَقَامَتْ مَعَه طَائِفَة، وَطَائِفَة أُخْرَى مقابلي الْعَدو وظهورهم إِلَى الْقبْلَة، فَكبر رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَبرُوا جَمِيعًا: الَّذين مَعَه وَالَّذين مقابلو الْعَدو، ثمَّ ركع رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَة وَاحِدَة وركعت الطَّائِفَة الَّتِي مَعَه، ثمَّ سجد [فسجدت] الطَّائِفَة الَّتِي تليه، وَالْآخرُونَ قيام مقابلي الْعَدو، ثمَّ قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَامَت الطَّائِفَة الَّتِي مَعَه فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدو فقابلوهم، وَأَقْبَلت الطَّائِفَة الَّتِي كَانَت مقابلي الْعَدو فركعوا وسجدوا وَرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم كَمَا هُوَ، ثمَّ قَامُوا فَرَكَعَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَة أُخْرَى وركعوا مَعَه، وَسجد وسجدوا مَعَه، ثمَّ أَقبلت الطَّائِفَة الَّتِي كَانَت مقابلي الْعَدو فركعوا وسجدوا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعد وَمن مَعَه، ثمَّ كَانَ السَّلَام فَسلم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسلموا جَمِيعًا، فَكَانَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ وَلكُل رجل من الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَة رَكْعَة ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: وثنا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا جرير بن عبد الحميد، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن أبي عَيَّاش الزرقي قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعسفان، وعَلى الْمُشْركين خَالِد بن الْوَلِيد، فصلينا الظّهْر فَقَالَ الْمُشْركُونَ: لقد أصبْنَا غرَّة، لقد أصبْنَا غَفلَة، لَو كُنَّا حملنَا عَلَيْهِم وهم فِي الصَّلَاة، فَنزلت آيَة(2/347)
الْقصر بَين الظّهْر وَالْعصر، فَلَمَّا حضرت الْعَصْر قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَالْمُشْرِكُونَ أَمَامه، فَصف خلف رَسُول الله صف، وصف بعد ذَلِك الصَّفّ صف آخر، فَرَكَعَ رَسُول الله وركعوا جَمِيعًا، ثمَّ سجد وَسجد الصَّفّ الَّذِي يلونه، وَقَامَ الْآخرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا صلى هَؤُلَاءِ السَّجْدَتَيْنِ وَقَامُوا سجد الْآخرُونَ الَّذين كَانُوا خَلفهم، ثمَّ تَأَخّر الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى مقَام الآخرين، وَتقدم الصَّفّ الْأَخير إِلَى مقَام الصَّفّ الأول، ثمَّ ركع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وركعوا جَمِيعًا، ثمَّ سجد وَسجد الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ / وَقَامَ الْآخرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والصف الَّذِي يَلِيهِ سجد الْآخرُونَ، ثمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا فَسلم عَلَيْهِم جَمِيعًا، فَصلاهَا بعسفان، وصلاها يَوْم بني سليم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن الْحُسَيْن الدرهمي وَإِسْمَاعِيل بن مَسْعُود قَالَا: ثَنَا خَالِد، ثَنَا عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، عَن عَطاء، عَن جَابر قَالَ: " شَهِدنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْخَوْف فقمنا خَلفه صفّين، والعدو بَيْننَا وَبَين الْقبْلَة، فَكبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَبَّرْنَا، وَركع وركعنا، وَرفع ورفعنا، فَلَمَّا انحدر للسُّجُود سجد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالَّذين يلونه، وَقَامَ الصَّفّ الثَّانِي (حَتَّى) رفع رَسُول الله والصف (الَّذِي) يلونه، ثمَّ سجد الصَّفّ الثَّانِي فِي أمكنتهم، ثمَّ تَأَخّر الصَّفّ الَّذين كَانُوا يلون النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَتقدم الصَّفّ الآخر فَقَامُوا فِي مقامهم، وَقَامَ هَؤُلَاءِ فِي مقَام الآخرين، وَركع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وركعنا، ثمَّ رفع ورفعنا، فَلَمَّا انحدر للسُّجُود سجد الَّذين يلونه وَالْآخرُونَ قيام، فَلَمَّا رفع رَسُول الله وَالَّذين يلونه سجد الْآخرُونَ ثمَّ سلم ".(2/348)
بَاب إِذا اشْتَدَّ الْخَوْف صلوا ركبانا
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن يحيى بن سعيد - هُوَ الْأمَوِي الْقرشِي - حَدثنِي أبي، ثَنَا ابْن جريج، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر نَحوا من قَول مُجَاهِد: " إِذا اختلطوا قيَاما " وَزَاد ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فليصلوا قيَاما وركبانا ".
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: مَا أعلم فِي هَذَا الْبَاب إِلَّا حَدِيثا صَحِيحا، وأختار حَدِيث سهل. وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم: ثَبت الرِّوَايَات فِي صَلَاة الْخَوْف كلهَا ولسنا نَخْتَار حَدِيث سهل على غَيره. ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى فِي جَامِعَة، وَقَالَ فِي كتاب الْعِلَل: سَأَلت مُحَمَّدًا قلت: أَي الرِّوَايَات فِي صَلَاة الْخَوْف أصح؟ قَالَ: كل عِنْدِي صَحِيح ومستعمل إِلَّا حَدِيث مُجَاهِد عَن أبي عَيَّاش فَإِنِّي أرَاهُ مُرْسلا.
أَبْوَاب الْوتر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق الطَّالقَانِي، ثَنَا الْفضل ابْن مُوسَى، عَن عبيد الله بن عبد الله الْعَتكِي، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْوتر حق فَمن لم يُوتر فَلَيْسَ منا، الْوتر حق فَمن لم يُوتر فَلَيْسَ منا، الْوتر حق فَمن لم يُوتر فَلَيْسَ منا ".
أَبُو إِسْحَاق اسْمه إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن عِيسَى.
وعبيد الله بن عبد الله / هُوَ أَبُو الْمُنِيب، أدخلهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الضُّعَفَاء، وَأنكر ذَلِك أَبُو حَاتِم وَقَالَ: هُوَ صَالح الحَدِيث وَوَثَّقَهُ يحيى بن معِين.
وروى أَبُو دَاوُد: عَن أبي الْوَلِيد وقتيبة كِلَاهُمَا، عَن اللَّيْث، عَن يزِيد ابْن أبي حبيب، عَن عبد الله بن رَاشد، عَن عبد الله بن أبي مرّة الزوفي، عَن(2/349)
خَارجه بن حذافة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - عز وَجل - قد أمدكم بِصَلَاة وَهِي خير لكم من حمر النعم، وَهِي الْوتر،، فَجَعلهَا لكم بَين صَلَاة الْعشَاء إِلَى طُلُوع الْفجْر ".
وَعبد الله بن أبي مرّة لم يرو عَنهُ إِلَّا عبد الله بن رَاشد، وَعبد الله بن رَاشد لَيْسَ بِمَشْهُور.
وروى هَذَا الحَدِيث أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ، عَن قُتَيْبَة بِإِسْنَاد أبي دَاوُد وَقَالَ: حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب.
وروى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ: ثَنَا هَارُون بن كَامِل، ثَنَا نعيم بن حَمَّاد، ثَنَا عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا سعيد بن يزِيد - يَعْنِي أَبَا شُجَاع الْحِمْيَرِي - حَدثنِي ابْن هُبَيْرَة، عَن أبي تَمِيم الجيشاني " أَن عَمْرو بن الْعَاصِ خطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ: إِن أَبَا بصرة حَدثنِي أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الله - عز وَجل - زادكم صَلَاة وَهِي الْوتر، فصلوها فِيمَا بَين صَلَاة الْعشَاء إِلَى الْفجْر. قَالَ أَبُو تَمِيم: فَأخذ بيَدي أَبُو ذَر، فَسَار فِي الْمَسْجِد إِلَى أبي بصرة فَقَالَ: أَنْت سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول مَا قَالَ عَمْرو؟ قَالَ أَبُو بصرة: نعم أَنا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وَابْن هُبَيْرَة هُوَ عبد الله بن هُبَيْرَة مَشْهُور، روى عَنهُ يحيى بن سعيد وَغَيره، وَأَبُو تَمِيم اسْمه عبد الله بن مَالك [ثِقَة] ، ونعيم بن حَمَّاد ضعفه النَّسَائِيّ وَغَيره، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: نعيم بن حَمَّاد مَحَله الصدْق، وَقد أخرج البُخَارِيّ لنعيم ابْن حَمَّاد وَهُوَ من جملَة من عيب عَلَيْهِ.(2/350)
بَاب الْأَمر بالوتر
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا أَبُو أَيُّوب وَبُدَيْل، عَن عبد الله بن شَقِيق، عَن عبد الله بن عمر " أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا بَينه وَبَين السَّائِل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ صَلَاة اللَّيْل؟ فَقَالَ: مثنى مثنى، فَإِذا خشيت الصُّبْح فصل رَكْعَة، وَاجعَل آخر صَلَاتك وترا، ثمَّ سَأَلَهُ رجل على رَأس الْحول وَأَنا بذلك الْمَكَان من رَسُول الله فَلَا أَدْرِي أهوَ ذَلِك الرجل أَو رجل آخر فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك ".
مُسلم: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى، عَن معمر، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أوتر قبل أَن تصبحوا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن عبيد الله، حَدثنِي نَافِع، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " اجعلوا آخر صَلَاتكُمْ بِاللَّيْلِ وترا ".
بَاب إيقاظ الرجل أَهله للوتر
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد، ثَنَا ابْن وهب، أَنا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَهِي مُعْتَرضَة بَين يَدَيْهِ، فَإِذا بَقِي الْوتر أيقظها فأوترت ".(2/351)
بَاب الْوتر من كل اللَّيْل
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن أبي حُصَيْن، عَن يحيى بن وثاب، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " من كل اللَّيْل أوتر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ من أول اللَّيْل وأوسطه وَآخره، فَانْتهى وتره إِلَى السحر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي خلف، ثَنَا أَبُو بكر - هُوَ يحيى ابْن إِسْحَاق - السيلَحِينِي، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن عبد الله بن رَبَاح، عَن أبي قَتَادَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأبي بكر: مَتى توتر؟ قَالَ: أوتر من أول اللَّيْل. وَقَالَ لعمر: مَتى توتر؟ قَالَ: أوتر آخر اللَّيْل. فَقَالَ لأبي بكر: أَخذ هَذَا بالحذر، وَقَالَ لعمر: أَخذ هَذَا بِالْقُوَّةِ ".
الْبَزَّار: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي الْحَارِث، ثَنَا مَنْصُور بن سَلمَة الْخُزَاعِيّ، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي، حَدثنِي نَافِع بن ثَابت، عَن عبد الله بن الزبير، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى الْعشَاء صلى أَربع رَكْعَات وأوتر بِسَجْدَة، ثمَّ نَام، حَتَّى يُصَلِّي بعد صلَاته من اللَّيْل ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا يرويهِ بِهَذَا اللَّفْظ، إِلَّا ابْن الزبير، وَلَا نعلم لَهُ طَرِيقا عَن ابْن الزبير أحسن من هَذَا الطَّرِيق.
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن عبد الله وَمُحَمّد بن رَافع قَالَا: ثَنَا ابْن أبي فديك، عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين، عَن أبي مرّة مولى أم هَانِئ، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: " أَوْصَانِي حَبِيبِي بِثَلَاث لن أدعهن مَا عِشْت: بصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، وَصَلَاة الضُّحَى، وَبِأَن لَا أَنَام حَتَّى أوتر ".(2/352)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا حَفْص وَأَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من خَافَ أَن لَا يقوم من آخر اللَّيْل فليوتر أَوله، وَمن طمع أَن يقوم آخِره فليوتر آخر اللَّيْل، فَإِن صَلَاة آخر اللَّيْل مَشْهُودَة، وَذَلِكَ أفضل ".
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة: " محضورة ".
بَاب لَا يُوتر بعد طُلُوع الْفجْر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، / عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا طلع الْفجْر فقد ذهب كل صَلَاة اللَّيْل وَالْوتر، فأوتروا قبل طُلُوع الْفجْر ".
سُلَيْمَان بن مُوسَى يروي أَحَادِيث مُنكرَة مِنْهَا هَذَا الحَدِيث، ذكره أَبُو عِيسَى فِي مَوضِع آخر من كِتَابه، وَقد وَثَّقَهُ أَبُو عِيسَى أَيْضا وَقَالَ: لم (أسمع) أحدا من الْمُتَقَدِّمين تكلم فِيهِ بِشَيْء، وَذكر تَضْعِيف البُخَارِيّ لَهُ.
الْبَزَّار: حَدثنَا صَالح بن معَاذ ثَنَا يحيى بن أبي بكير، ثَنَا زُهَيْر - يَعْنِي ابْن مُعَاوِيَة - عَن خَالِد بن أبي كَرِيمَة، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن الْأَغَر الْمُزنِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أدْركهُ الصُّبْح وَلم يُوتر فَلَا وتر لَهُ ".
خَالِد بن أبي كَرِيمَة روى عَنهُ: الثَّوْريّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعبد الْوَاحِد ابْن زِيَاد، وَعبد الله بن إِدْرِيس، ووكيع بن الْجراح.
قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: خَالِد بن أبي كَرِيمَة كُوفِي ثِقَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ: خَالِد ابْن أبي كَرِيمَة لَيْسَ بِهِ بَأْس.(2/353)
بَاب مَا جَاءَ لَا وتران فِي لَيْلَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا ملازم بن عَمْرو، ثَنَا عبد الله بن بدر، عَن قيس بن طلق قَالَ: " زارنا طلق بن عَليّ فِي يَوْم من رَمَضَان وَأمسى عندنَا وَأفْطر، ثمَّ قَامَ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَة وأوتر بِنَا، ثمَّ انحدر إِلَى مَسْجده فصلى بِأَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذا بَقِي الوترقدم رجلا فَقَالَ: أوتر بِأَصْحَابِك، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا وتران فِي لَيْلَة ".
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: عَن هناد بن السّري عَن ملازم بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.
بَاب مَا يفعل من نَام عَن وتر أَو نَسيَه
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَوْف، ثَنَا عُثْمَان بن سعيد، عَن أبي غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف الْمدنِي، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من نَام عَن وتره أَو نَسيَه فليصله إِذا ذكره ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْمغرب وتر صَلَاة النَّهَار
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة، أَنا الفضيل - وَهُوَ ابْن عِيَاض - عَن هِشَام، عَن ابْن سِيرِين، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَلَاة الْمغرب وتر النَّهَار، فأوتروا صَلَاة اللَّيْل ".
أرْسلهُ الْأَشْعَث، عَن ابْن سِيرِين، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(2/354)
بَاب الْوتر بِوَاحِدَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن مزِيد، أَخْبرنِي أبي، قَالَ: ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي عَطاء / بن يزِيد، عَن أبي أَيُّوب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوتر حق، فَمن شَاءَ أوتر بِخمْس، وَمن شَاءَ أوتر بِثَلَاث، وَمن شَاءَ أوتر بِوَاحِدَة ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا بَقِيَّة، حَدثنِي ضبارة بن أبي (السليك) ، حَدثنِي دويد - هُوَ ابْن نَافِع - قَالَ: أَخْبرنِي ابْن شهَاب، حَدثنِي عَطاء بن يزِيد، عَن أبي أَيُّوب، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوتر حق، فَمن شَاءَ أوتر بِسبع، وَمن شَاءَ أوتر بِخمْس، وَمن شَاءَ أوتر بِثَلَاث، وَمن شَاءَ أوتر بِوَاحِدَة ".
أوقفهُ أَبُو معبد وسُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ، وتابع الْوَلِيد بن مزِيد على رفع الحَدِيث الأول: مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ، رَوَاهُ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ.
وروى أَبُو الْحسن أَيْضا قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن الْعَبَّاس الْوراق، ثَنَا مُحَمَّد ابْن حسان الْأَزْرَق، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَطاء بن يزِيد، عَن أبي أَيُّوب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوتر حق وَاجِب، فَمن شَاءَ أَن يُوتر بِثَلَاث فليوتر، وَمن شَاءَ أَن يُوتر بِوَاحِدَة فليوتر ".
قَالَ أَبُو الْحسن: قَوْله: " وَاجِب " لَيْسَ بِمَحْفُوظ، لَا أعلم تَابع ابْن حسان عَلَيْهِ أحد.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: مُحَمَّد بن حسان الْأَزْرَق سَمِعت مِنْهُ مَعَ أبي، وَهُوَ صَدُوق ثِقَة.(2/355)
البُخَارِيّ حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، ثَنَا نَافِع بن عمر، حَدثنِي ابْن أبي مليكَة " قيل لِابْنِ عَبَّاس: هَل لَك فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ مُعَاوِيَة، مَا أوتر إِلَّا بِوَاحِدَة؟ قَالَ: أصَاب، إِنَّه فَقِيه ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نَافِع وَعبد الله ابْن دِينَار، عَن ابْن عمر " أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صَلَاة اللَّيْل، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى، فَإِذا خشِي أحدكُم الصُّبْح صلى رَكْعَة وَاحِدَة توتر لَهُ مَا قد صلى ".
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِيمَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء - وَهِي الَّتِي يَدْعُو النَّاس الْعَتَمَة - إِلَى الْفجْر إِحْدَى عشر رَكْعَة يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ ويوتر بِوَاحِدَة، فَإِذا سكت الْمُؤَذّن من صَلَاة الْفجْر، وَتبين لَهُ الْفجْر، وجاءه الْمُؤَذّن، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خفيفتين، ثمَّ اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن للإقامة ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْوتر بِثَلَاث
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن مَيْمُون، ثَنَا مخلد بن يزِيد، عَن سُفْيَان، عَن زبيد، عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن / بن أَبْزَى، عَن أَبِيه، عَن أبي بن كَعْب " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُوتر بِثَلَاث رَكْعَات يقْرَأ فِي الأولى ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَفِي الثَّانِيَة {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّالِثَة ب {قل هُوَ الله أحد} ويقنت قبل(2/356)
الرُّكُوع، فَإِذا فرغ قَالَ عِنْد فراغة: سُبْحَانَ الْملك القدوس - ثَلَاث مَرَّات - يُطِيل فِي آخِرهنَّ ".
روى هَذَا الحَدِيث جمَاعَة عَن زبيد، فَلم يذكرُوا " ويقنت قبل الرُّكُوع " وَتفرد بِهِ سُفْيَان الثَّوْريّ وَحده.
الدراقطني: [حَدثنَا أَبُو عبد الله الْفَارِسِي، ثَنَا مِقْدَام بن دَاوُد] ، حَدثنَا عبد الْملك بن مسلمة بن يزِيد، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن صَالح بن كيسَان، عَن عبد الله بن الْفضل، عَن أبي سَلمَة، وَعَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا توتروا بِثَلَاث، وأوتروا بِخمْس أَو بِسبع، وَلَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب ".
وَقد تقدم هَذَا - أَيْضا - فِي بَاب: عدد صَلَاة الْمغرب من طرق صَحِيحَة كل رواتها ثِقَات.
بَاب الْوتر بِخمْس
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: حَدثنَا عبد الله بن نمير.
وثنا ابْن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، يُوتر من ذَلِك بِخمْس، لَا يجلس فِي شَيْء إِلَّا فِي آخرهَا ".(2/357)
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُوتر بِخمْس، وَقَالَ: نَحن أهل بَيت توتر بِخمْس ".
بَاب الْوتر بِسبع
النَّسَائِيّ: أخبرنَا زَكَرِيَّا بن يحيى، ثَنَا إِسْحَاق، أَن معَاذ بن هِشَام حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن سعد بن هَاشم، عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما كبر وَضعف أوتر بِسبع رَكْعَات لَا يقْعد إِلَّا فِي السَّادِسَة، ثمَّ ينْهض وَلَا يسلم، فَيصَلي السَّابِعَة، ثمَّ يسلم تَسْلِيمَة، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس
بَاب الوتربتسع
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا ابْن أبي عدي، ثَنَا هِشَام، عَن يحيى، عَن أبي سَلمَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: كَانَ يصلى ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، يُصَلِّي ثَمَان رَكْعَات، ثمَّ يُوتر، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَرَكَعَ، ثمَّ صلى \ رَكْعَتَيْنِ بَين النداء وَالْإِقَامَة من صَلَاة الصُّبْح أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا همام، ثَنَا قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن سعد بن هَاشم: استأذنا على عَائِشَة قلت: حدثيني عَن وتر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: كَانَ يُوتر بثمان رَكْعَات لَا يجلس إِلَّا فِي الثَّامِنَة، [ثمَّ يقوم فَيصَلي(2/358)
رَكْعَة أُخْرَى لَا يجلس إِلَّا فِي الثَّامِنَة] والتاسعة، (وَلَا) يسلم إِلَّا فِي التَّاسِعَة، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس فَتلك إحدىعشرة رَكْعَة يَا بني فَلَمَّا أسن وَأخذ اللَّحْم أوتر بِسبع رَكْعَات لم يجلس إِلَّا فِي السَّادِسَة وَالسَّابِعَة، وَلم يسلم إِلَّا فِي السَّابِع، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس، فَتلك تسع رَكْعَات يَا بني
بَاب الْوتر على الدَّابَّة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن أبي بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، عَن سعيد بن يسَار، عَن ابْن عمر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُوتر على الْبَعِير ".
بَاب مَا يقْرَأ فِي الْوتر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن عِيسَى، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنِي زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن أبي إِسْحَاق - وَهُوَ السبيعِي - عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُوتر بِثَلَاث، يقْرَأ فِي الأولى ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَفِي الثَّانِيَة {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّالِثَة ب {قل هُوَ الله أحد} ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا أَبُو النُّعْمَان - هُوَ مُحَمَّد بن الْفضل عَارِم - ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن الْأَحول، عَن أبي مجلز " أَن أَبَا مُوسَى كَانَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، فصلى الْعشَاء رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ قَامَ فصلى رَكْعَة أَو تَرَ بهَا، فَقَرَأَ(2/359)
فِيهَا بِمِائَة آيَة من النِّسَاء، ثمَّ قَالَ: مَا ألوت أَن أَضَع قدمي حَيْثُ وضع رَسُول الله قَدَمَيْهِ، وَأَن أَقرَأ بِمَا قَرَأَ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
الْقُنُوت فِي الْوتر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَأحمد بن جواس الْحَنَفِيّ قَالَا: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن أبي إِسْحَاق، عَن بريد بن أبي مَرْيَم، عَن أبي [الْحَوْرَاء] ، قَالَ: قَالَ الْحسن بن عَليّ: " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَلِمَات أقولهن فِي الْوتر - قَالَ ابْن جواس فِي قنوت الْوتر -: اللَّهُمَّ اهدني فِيمَن هديت، وَعَافنِي فِيمَن عافيت، وتولني فِيمَن توليت، وَبَارك لي فِيمَا أَعْطَيْت، وقنى شَرّ مَا قضيت، إِنَّك تقضي وَلَا يقْضِي عَلَيْك، إِنَّه لَا يذل من واليت تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَأَبُو الْحَوْرَاء اسْمه: ربيعَة بن شَيبَان.
/ بَاب مَا يَقُول فِي آخر الْوتر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب وَهِشَام بن عبد الْملك قَالَا: ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن هِشَام بن عَمْرو الْفَزارِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، عَن عَليّ بن أبي طَالب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول فِي آخر وتره: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عُقُوبَتك، وَأَعُوذ بك مِنْك، لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك ".(2/360)
بَاب مَا يَقُول بعد الْوتر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن إشكاب، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي عُبَيْدَة، ثَنَا أبي، عَن الْأَعْمَش، عَن طَلْحَة، عَن ذَر، عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، عَن أَبِيه، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْوتر ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} فَإِذا سلم قَالَ: سُبْحَانَ الْملك القدوس - ثَلَاث مَرَّات ".
أَبْوَاب صَلَاة اللَّيْل بَاب صَلَاة اللَّيْل مثني مثنى
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت عقبَة بن حُرَيْث قَالَ: سَمِعت ابْن عمر، يحدث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى، فَإِذا رَأَيْت أَن الصُّبْح يدركك فأوتر بِوَاحِدَة. فَقيل لِابْنِ عمر: مَا مثنى مثنى؟ قَالَ: أَن تسلم فِي كل رَكْعَتَيْنِ ".
بَاب يفْتَتح صَلَاة اللَّيْل بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل فليفتتح صلَاته بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا هشيم، ثَنَا (أَبُو(2/361)
حرَّة) ، عَن الْحسن، عَن سعد بن هِشَام، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ من اللَّيْل ليُصَلِّي افْتتح صلَاته بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، عَن خَالِد بن يزِيد، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن مخرمَة بن سُلَيْمَان، أَن كريبا مولى ابْن عَبَّاس، أخبرهُ عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَامَ - يَعْنِي من اللَّيْل - فصلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين قلت: قَرَأَ فيهمَا بِأم الْقُرْآن فِي كل رَكْعَة، ثمَّ سلم، ثمَّ صلى إِحْدَى عشرَة رَكْعَة بالوتر ... . " وَذكر الحَدِيث.
بَاب أَي صَلَاة اللَّيْل أفضل
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَ زُهَيْر: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، [عَن عَمْرو بن دِينَار] ، عَن عَمْرو بن أَوْس، / عَن عبد الله ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أحب الصّيام إِلَى الله صِيَام دَاوُد، وَأحب الصَّلَاة إِلَى الله صَلَاة دَاوُد، وَكَانَ ينَام نصف اللَّيْل، وَيقوم ثلثه، وينام سدسه، وَكَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا ".(2/362)
بَاب كَرَاهِيَة ترك قيام اللَّيْل لمن كَانَ يقومه
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن يُوسُف الْأَزْدِيّ، ثَنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، عَن الْأَوْزَاعِيّ قِرَاءَة، حَدثنِي يحيى بن أبي كثير، عَن ابْن الحكم بن ثَوْبَان، حَدثنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا عبد الله، لَا تكن (مثل) فلَان، كَانَ يقوم اللَّيْل فَترك قيام اللَّيْل ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا شُعْبَة، عَن يزِيد بن خمير، سَمِعت عبد الله بن أبي قيس يَقُول: قَالَت عَائِشَة: " لَا تدع قيام اللَّيْل؛ فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يَدعه، وَكَانَ إِذا مرض أَو كسل صلى قَاعِدا ".
بَاب مَا جَاءَ أَن صَلَاة اللَّيْل لَيست بِفَرْض
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب وَهَارُون بن عبد الله قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْوَلِيد بن كثير، حَدثنِي عبيد الله بن عبد الله بن عمر، أَن ابْن عمر حَدثهمْ " أَن رجلا نَادَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ أوتر صَلَاة اللَّيْل؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من صلى فَليصل مثنى مثنى، فَإِذا أحس أَن يصبح سجد سَجْدَة فأوترت لَهُ مَا صلى ".
مُسلم: وَحدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِي الْمَسْجِد ذَات لَيْلَة فصلى بِصَلَاتِهِ نَاس، ثمَّ صلى من الْقَابِلَة فَكثر النَّاس، ثمَّ اجْتَمعُوا من اللَّيْلَة الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة، فَلم يخرج إِلَيْهِم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا أصبح قَالَ: قد رَأَيْت الَّذِي صَنَعْتُم،(2/363)
فَلم يَمْنعنِي من الْخُرُوج إِلَيْكُم إِلَّا أنني خشيت أَن تفرض عَلَيْكُم. قَالَ: وَذَلِكَ فِي رَمَضَان ".
قَالَ: وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى، أَنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي يُونُس ابْن يزِيد، عَن ابْن شهَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه، وَقَالَ فِيهِ: " وَلَكِنِّي خشيت أَن تفرض عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل فتعجزوا عَنْهَا " قَالَ: " فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الرَّابِعَة ".
قَالَ: وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا وهيب، عَن مُوسَى بن عقبَة، سَمِعت أَبَا النَّضر، عَن بسر بن سعيد، عَن زيد بن ثَابت نَحوه، وَزَاد فِيهِ: " وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ ".
وَزَاد أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث من قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " أَيهَا النَّاس، أما وَالله مَا كنت لَيْلَتي هَذِه - بِحَمْد الله - غافلا " رَوَاهُ عَن هناد، عَن عَبدة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، / عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَليّ بن حُسَيْن، أَن الْحُسَيْن بن عَليّ، حَدثهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طرقه وَفَاطِمَة فَقَالَ: أَلا تصلونَ؟ فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا أَنْفُسنَا بيد الله، فَإِذا شَاءَ أَن يبعثنا بعثنَا، فَانْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قلت لَهُ ذَلِك، ثمَّ سمعته وَهُوَ مُدبر يضْرب فَخذه وَيَقُول: {وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلا} ".(2/364)
بَاب كَرَاهِيَة ترك الصَّلَاة بِاللَّيْلِ
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق، قَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: " ذكر عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل نَام لَيْلَة حَتَّى أصبح قَالَ: ذَاك رجل بَال الشَّيْطَان فِي أُذُنَيْهِ - أَو قَالَ: فِي أُذُنه ".
ذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: " بَال الشَّيْطَان فِي أُذُنه ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَ عَمْرو: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم ثَلَاث عقد إِذا نَام، بِكُل عقدَة يضْرب: عَلَيْك ليل طَوِيل، فَإِذا اسْتَيْقَظَ فَذكر الله انْحَلَّت عقدَة، وَإِذا تَوَضَّأ انْحَلَّت عَنهُ عقدتان، فَإِذا صلى انْحَلَّت العقد، فَأصْبح نشيطا طيب النَّفس، وَإِلَّا أصبح خَبِيث النَّفس كسلان ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قافية رَأس أحدكُم بِاللَّيْلِ حَبل فِيهِ ثَلَاث عقد، فَإِذا اسْتَيْقَظَ فَذكر الله انْحَلَّت عقدَة، فَإِذا قَامَ فَتَوَضَّأ انْحَلَّت عقدَة، فَإِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة انْحَلَّت عقده كلهَا، فَيُصْبِح نشيطا طيب النَّفس، قد أصَاب خيرا، وَإِن لم يفعل أصبح كسلا خَبِيث النَّفس، لم يصب خيرا ".
وَقَالَ الطَّحَاوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " إِن للشَّيْطَان عِنْد رَأس أحدكُم حبلا فِيهِ ثَلَاث عقد " رَوَاهُ عَن فَهد بن سُلَيْمَان، عَن الْحسن بن الرّبيع، عَن أبي(2/365)
الْأَحْوَص، عَن الْأَعْمَش، بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلم يذكر: " أصَاب خيرا " وَلَا قَوْله: " لم يصب خيرا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " رَأَيْت على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَأَن بيَدي قِطْعَة إستبرق، فَكَأَنِّي لَا أُرِيد مَكَانا من الْجنَّة إِلَّا طارت إِلَيْهِ، وَرَأَيْت كَأَن اثْنَيْنِ أتياني أَرَادَ أَن يذهبا بِي إِلَى النَّار، فتلقاهما ملك فَقَالَ: لم ترع، خليا عَنهُ، فقصت إِحْدَى رُؤْيَايَ / حَفْصَة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم الرجل عبد الله، لَو كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل ".
وَفِي حَدِيث آخر: " فَكَانَ عبد الله لَا ينَام من اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا "
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله، أَنا يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي السَّائِب بن يزِيد " أَن شريحا الْحَضْرَمِيّ ذكر عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ذَلِك رجل لَا يتوسد الْقُرْآن ".
بَاب إيقاظ أحد الزَّوْجَيْنِ صَاحبه للصَّلَاة بِاللَّيْلِ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يحيى - هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان - عَن ابْن عجلَان، حَدثنِي الْقَعْقَاع، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: رحم الله رجلا قَامَ من اللَّيْل فصلى، ثمَّ أيقظ امْرَأَته فصلت، فَإِن أَبَت نضح فِي وَجههَا المَاء، ورحم الله امْرَأَة قَامَت من اللَّيْل فصلت، ثمَّ أيقظت زَوجهَا فصلى، فَإِن أبي نضحت فِي وَجهه المَاء ".(2/366)
بَاب صَلَاة اللَّيْل فِي السّفر وَفضل ذَلِك
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي، ثَنَا أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي، ثَنَا عبد الله بن صَالح، حَدثنَا مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن شُرَيْح بن عبيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن ثَوْبَان مولى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَقَالَ: إِن هَذَا السّفر جهد وَثقل، فَإِذا أوتر أحدكُم فليركع رَكْعَتَيْنِ خفيفتين، فَإِن اسْتَيْقَظَ وَإِلَّا كَانَتَا لَهُ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد، عَن شُعْبَة، عَن مَنْصُور، سَمِعت ربعيا، يحدث عَن زيد بن ظبْيَان، رَفعه إِلَى أبي ذَر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله، وَثَلَاثَة يبغضهم الله، أما الَّذين يُحِبهُمْ الله: فَرجل أَتَى قوما فَسَأَلَهُمْ بِاللَّه وَلم يسألهم بِقرَابَة بَينه وَبينهمْ فمنعوه، فتخلفه رجل بأعقابهم فَأعْطَاهُ سرا لَا يعلم بعطيته إلاالله - تبَارك وَتَعَالَى - وَالَّذِي أعطَاهُ، وَقوم سَارُوا ليلتهم حَتَّى إِذا كَانَ النّوم أحب إِلَيْهِم مِمَّا يعدل بِهِ نزلُوا فوضعوا رُءُوسهم، فَقَامَ يتملقني وَيَتْلُو آياتي، وَرجل كَانَ فِي سَرِيَّة فَلَقوا الْعَدو فهزموا، فَأقبل بصدره حَتَّى يقتل أَو يفتح لَهُ، وَالثَّلَاثَة الَّذين يبغضهم الله: الشَّيْخ الزَّانِي، وَالْفَقِير المختال، والغني الظلوم ".
بَاب فضل صَلَاة اللَّيْل
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي عبد الله الْأَغَر [و] عَن أبي سَلمَة بن / عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ينزل رَبنَا - تبَارك وَتَعَالَى - كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا حِين يبقي ثلث اللَّيْل الآخر فَيَقُول: من يدعوني فأستجيب لَهُ، وَمن يسألني فَأعْطِيه،(2/367)
وَمن يستغفرني فَأغْفِر لَهُ ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان وَأَبُو بكر ابْنا أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي - وَاللَّفْظ لِابْني أبي شيبَة - قَالَ إِسْحَاق: أَنا وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْأَغَر أبي مُسلم، يرويهِ عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله يُمْهل حَتَّى إِذا ذهب ثلث اللَّيْل الأول نزل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول: هَل من مُسْتَغْفِر، هَل من تائب، هَل من سَائل، هَل من دَاع، حَتَّى ينفجر الْفجْر ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، ثَنَا أَبُو مُسلم الْأَغَر، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة وَأَبا سعيد يَقُولَانِ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - عز وَجل - يُمْهل حَتَّى يمْضِي شطر اللَّيْل الأول، ثمَّ يَأْمر مناديا يُنَادي يَقُول: هَل من دَاع يُسْتَجَاب لَهُ، هَل من مُسْتَغْفِر يغْفر لَهُ، هَل من سَائل يُعْطي ".
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن فِي اللَّيْل لساعة لَا يُوَافِقهَا رجل مُسلم يسْأَل الله خيرا من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه، وَذَلِكَ كل لَيْلَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم بن بزيع، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى(2/368)
عَن شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن عَليّ بن الْأَقْمَر، عَن الْأَغَر الْمُزنِيّ، عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أيقظ الرجل أَهله من اللَّيْل فَصَليَا أَو صلى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كتبا من الذَّاكِرِينَ والذكرات ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا بن دِينَار، ثَنَا [عبيد الله]- يَعْنِي ابْن مُوسَى - بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اسْتَيْقَظَ من اللَّيْل وَأَيْقَظَ امْرَأَته فَصَليَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا؛ كتبا من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَالذَّاكِرَات ".
رَوَاهُ مسعر، عَن عَليّ بن الْأَقْمَر، عَن الْأَغَر، عَن أبي سعيد مَوْقُوفا، وَلم يذكر أَبَا هُرَيْرَة. ذكر ذَلِك أَبُو دَاوُد.
بَاب مِنْهُ وَفضل من تعار من اللَّيْل فَذكر الله وَصلى
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن أبي رزمة، حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي عُمَيْر بن هَانِئ، حَدثنِي جُنَادَة بن أبي أُميَّة، حَدثنِي عبَادَة بن الصَّامِت، عَن رَسُول / الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تعار من اللَّيْل فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير، سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، ثمَّ قَالَ: رب اغْفِر لي - أَو قَالَ: ثمَّ دَعَا - اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِن عزم فَتَوَضَّأ ثمَّ صلى قبلت صلَاته ".(2/369)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
بَاب مَا يستعان بِهِ على قيام اللَّيْل
قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا أَبُو قلَابَة عبد الْملك بن مُحَمَّد، ثَنَا [عبيد الله] ابْن عبد الْمجِيد، ثَنَا زَمعَة بن صَالح، عَن سَلمَة بن وهرام، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اسْتَعِينُوا على قيام اللَّيْل بقيلولة النَّهَار، وَاسْتَعِينُوا على الصّيام بِأَكْلِهِ السحر ".
رَوَاهُ أَبُو عمر فِي الاستذكار عَن عبد الْوَارِث بن سُفْيَان، عَن قَاسم. وَزَمعَة ضَعِيف، وَأكْثر مَا يضعف فِي الزُّهْرِيّ، وَسَلَمَة بن وهرام ثِقَة مَعْرُوف.
بَاب أَي حِين يقوم للصَّلَاة من اللَّيْل وَمَا يَقُول إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا ابْن بشر، عَن مسعر، عَن سعد، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا ألفي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السحر الْأَعْلَى فِي بَيْتِي - أَو عِنْدِي - إِلَّا نَائِما ".
مُسلم: حَدثنِي هناد بن السّري، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن أَشْعَث، عَن أَبِيه، عَن مَسْرُوق قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة عَن عمل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: كَانَ يحب الدَّائِم. قَالَ: قلت: أَي حِين كَانَ يُصَلِّي؟ فَقَالَت: كَانَ إِذا سمع الصَّارِخ(2/370)
قَامَ فصلى ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حُسَيْن بن يزِيد الْكُوفِي، ثَنَا حَفْص - هُوَ ابْن غياث - عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " إِن كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليوقظه الله - عز وَجل - بِاللَّيْلِ فَمَا يَجِيء السحر حَتَّى يفرغ من حزبه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير [قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث] عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي الْهَيْثَم بن أبي سِنَان، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة وَهُوَ يقص قصصه، وَهُوَ يذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَخا لكم لَا يَقُول الرَّفَث - يَعْنِي بذلك ابْن رَوَاحَة: % (وَفينَا رَسُول الله يَتْلُو كِتَابه % إِذا انْشَقَّ مَعْرُوف من الْفجْر سَاطِع) % % (أرانا الْهَدْي بعد الْعمي فَقُلُوبنَا % بِهِ مُوقِنَات أَن مَا قَالَ وَاقع) % % (يبيت يُجَافِي جنبه عَن فرَاشه % إِذا استثقلت بالمركين الْمضَاجِع) %
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس، عَن أبي الزبير، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول / الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة من جَوف اللَّيْل: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض، [وَلَك الْحَمد أَنْت قيام السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَلَك الْحَمد أَنْت رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض] وَمن فِيهِنَّ، أَنْت الْحق، وَوَعدك الْحق، وقولك الْحق، ولقاؤك حق، وَالْجنَّة حق، وَالنَّار(2/371)
حق، والساعة حق، اللَّهُمَّ لَك أسلمت، وَبِك آمَنت، وَعَلَيْك توكلت، وَإِلَيْك أنبت، وَبِك خَاصَمت، وَإِلَيْك حاكمت، فَاغْفِر لي مَا قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أَنْت إلهي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ".
وَفِي أُخْرَى: " قيم السَّمَاوَات وَالْأَرْض ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي، ثَنَا يُوسُف الْمَاجشون، حَدثنِي أبي، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن عبيد الله بن أبي رَافع، عَن عَليّ بن أبي طَالب، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَالَ: وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين، إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين، لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أمرت وَأَنا من الْمُسلمين، اللَّهُمَّ أَنْت الْملك، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أَنْت رَبِّي وَأَنا عَبدك، ظلمت نَفسِي وَاعْتَرَفت بذنبي، فَاغْفِر لي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، واهدني لأحسن الْأَخْلَاق لَا يهدي لأحسنها إِلَّا أَنْت، واصرف عني سيئها لَا يصرف عني سيئها إِلَّا أَنْت، لبيْك وَسَعْديك، وَالْخَيْر كُله فِي يَديك، وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك، أَنا بك وَإِلَيْك، تَبَارَكت وَتَعَالَيْت، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك. وَإِذا ركع قَالَ: اللَّهُمَّ لَك ركعت، وَبِك آمَنت، وَلَك أسلمت، خشع لَك سَمْعِي وبصري ومخي وعظمي وعصبي. وَإِذا رفع قَالَ: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد [ملْء] السَّمَاوَات و [ملْء] الأَرْض، و [ملْء] مَا بَينهمَا، و [ملْء] مَا شِئْت من شَيْء بعد. وَإِذا سجد قَالَ: اللَّهُمَّ لَك سجدت، وَبِك آمَنت، وَلَك أسلمت، سجد وَجْهي للَّذي خلقه وصوره، وشق سَمعه وبصره، تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ ثمَّ يكون من آخر مَا يَقُول بَين التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم: اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت، وَمَا أسررت وَمَا أعلنت، وَمَا أسرفت وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني، أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر، لَا إِلَه إِلَّا(2/372)
أَنْت ".
قَالَ: وَحدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي.
وثنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا أَبُو النَّضر قَالَا: ثَنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة، عَن عَمه الْمَاجشون بن أبي سَلمَة، عَن الْأَعْرَج بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا استفتح الصَّلَاة كبر ثمَّ قَالَ: وجهت وَجْهي " قَالَ: " وَأَنا أول الْمُسلمين ". وَقَالَ: " وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَالَ: سمع الله لمن حَمده، رَبنَا لَك الْحَمد ". وَقَالَ: " وَصُورَة فَأحْسن صوره ". وَقَالَ: " وَإِذا سلم قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت ... ... ... " إِلَى آخر الحَدِيث، وَلم يقل: " بَين التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم ".
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، وَمُحَمّد بن حَاتِم، وَعبد بن حميد وَأَبُو معن الرقاشِي، ثَنَا عمر بن يُونُس، / ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، ثَنَا يحيى بن أبي كثير، حَدثنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ: بِأَيّ شَيْء كَانَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفْتَتح الصَّلَاة إِذا قَامَ من اللَّيْل؟ قَالَت: كَانَ إِذا قَامَ من اللَّيْل افْتتح صلَاته: اللَّهُمَّ رب (جِبْرِيل) وَمِيكَائِيل وإسرافيل، فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض، عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة، أَنْت تحكم بَين عِبَادك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهدني لما اخْتلف فِيهِ من الْحق بإذنك، إِنَّك تهدي من تشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عصمَة بن الْفضل - نيسابوري - ثَنَا زيد بِمَ حباب، عَن(2/373)
مُعَاوِيَة بن صَالح، حَدثنِي الْأَزْهَر بن سعيد، عَن عَاصِم بن حميد: " سَأَلت عَائِشَة بِمَ كَانَ يستفتح قيام اللَّيْل - يَعْنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَت: لقد سَأَلتنِي عَن شَيْء مَا سَأَلَني عَنهُ أحد قبلك، كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكبر عشرا، ويحمد عشرا، ويسبح عشرا، ويهلل عشرا، ويستغفر عشرا، وَيَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي، واهدني، وارزقني، وَعَافنِي، أعوذ بِاللَّه من ضيق الْمقَام يَوْم الْقِيَامَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله، عَن معمر وَالْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن ربيعَة بن كَعْب الْأَسْلَمِيّ قَالَ: " كنت أَبيت عِنْد حجرَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَكنت أسمعهُ إِذا قَامَ من اللَّيْل يَقُول: سُبْحَانَ الله رب الْعَالمين الْهَوِي، ثمَّ يَقُول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ الْهَوِي ".
بَاب ذكر صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِاللَّيْلِ
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا ابْن أبي فديك، أَنا الضَّحَّاك - هُوَ ابْن عُثْمَان - عَن مخرمَة بن سُلَيْمَان، عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " بت لَيْلَة عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة بنت الْحَارِث فَقلت لَهَا: إِذا قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأيقظيني، فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقُمْت إِلَى جنبه الْأَيْسَر، فَأخذ بيَدي فجعلني من شقَّه الْأَيْمن، فَجعلت إِذا أغفيت يَأْخُذ بشحمة أُذُنِي، قَالَ: فصلى إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، ثمَّ احتبى حَتَّى إِنِّي لأسْمع نَفسه رَاقِدًا، فَلَمَّا تبين لَهُ الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ".(2/374)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - ثَنَا شُعْبَة عَن سَلمَة بن كهيل، عَن كريب، عَن عَبَّاس قَالَ: " بت فِي بَيت خَالَتِي مَيْمُونَة، فترقبت كَيفَ يُصَلِّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَقَامَ فَبَال ثمَّ غسل وَجهه وكفيه، ثمَّ نَام، ثمَّ قَامَ إِلَى الْقرْبَة فَأطلق شناقها، ثمَّ صب فِي الْجَفْنَة أَو الْقَصعَة، فأكبه بِيَدِهِ عَلَيْهَا، ثمَّ تَوَضَّأ وضُوءًا حسنا بَين الوضوءين، ثمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَجئْت فَقُمْت إِلَى جنبه، فَقُمْت عَن يسَاره، قَالَ: فأخذني فأقامني عَن يَمِينه، فتكاملت صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، ثمَّ نَام حَتَّى نفخ، وَكُنَّا نعرفه إِذا نَام بنفخه، / ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة فصلى فَجعل يَقُول فِي صلَاته أَو فِي سُجُوده: اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا، وَفِي سَمْعِي نورا، وَفِي بَصرِي نورا، وَعَن يَمِيني نورا، وَعَن شمَالي نورا، وأمامي نورا، وخلفى نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وَاجعَل لي نورا - أَو قَالَ: اجْعَلنِي نورا ".
مُسلم: وحَدثني إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا النَّضر بن شُمَيْل، أَنا شُعْبَة، ثَنَا سَلمَة بن كهيل، عَن بكير، عَن كريب، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ سَلمَة: فَلَقِيت كريبا، فَقَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: " كنت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة، فجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... . " ثمَّ ذكر بِمثل حَدِيث غنْدر، وَقَالَ: " اجْعَلنِي نورا " وَلم يشك.
مُسلم: وحَدثني عبد الله بن هَاشم الْعَبْدي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن سَلمَة، عَن كريب، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " بت لَيْلَة عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من اللَّيْل فَأتى حَاجته ثمَّ غسل وَجهه وَيَديه، ثمَّ نَام، ثمَّ قَامَ(2/375)
إِلَى الْقرْبَة فَأطلق شناقها، ثمَّ تَوَضَّأ وضُوءًا بَين الوضوءين، وَلم يكثر، وَقد أبلغ، ثمَّ قَامَ فصلى فَقُمْت، فتمطيت كَرَاهِيَة أَن يرى أَنِّي كنت أنتبه لَهُ، فَتَوَضَّأت، فَقَامَ فصلى، فَقُمْت عَن يسَاره، فَأخذ بيَدي فأدارني عَن يَمِينه، فتتامت صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، ثمَّ اضْطجع فَنَامَ حَتَّى نفخ، وَكَانَ إِذا نَام نفخ، فَأَتَاهُ بِلَال فآذنه بِالصَّلَاةِ، فَقَامَ فصلى وَلم يتَوَضَّأ، وَكَانَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا، وَفِي بَصرِي نورا، وَفِي سَمْعِي نورا، وَعَن يَمِيني نورا، وَعَن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وَخَلْفِي نورا، وَعظم لي نورا ". قَالَ كريب: وَسبعا فِي التابوت. فَلَقِيت بعض ولد الْعَبَّاس فَحَدثني بِهن فَذكر: عصبي، ولحمي، وَدمِي، وشعري، وبشري، وَذكر خَصْلَتَيْنِ.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن " أَنه سَأَلَ عَائِشَة: كَيفَ كَانَت صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رَمَضَان؟ قَالَت: مَا كَانَ يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يُصَلِّي أَرْبعا، فَلَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن، ثمَّ يُصَلِّي أَرْبعا، فَلَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن، ثمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، فَقَالَت عَائِشَة: فَقلت: يَا رَسُول الله، أتنام قبل أَن توتر؟ قَالَ: يَا عَائِشَة، إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى الْعَنزي، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي عدي، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة " أَن سعد بن هِشَام بن عَامر أَرَادَ أَن يَغْزُو فِي سَبِيل الله فَقدم الْمَدِينَة، فَأَرَادَ أَن يَبِيع عقارا [لَهُ] بهَا، فَيَجْعَلهُ فِي السِّلَاح والكراع، ويجاهد الرّوم حَتَّى يَمُوت، فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة لَقِي أُنَاسًا من أهل الْمَدِينَة، فنهوه عَن ذَلِك، وَأَخْبرُوهُ أَن رهطا سِتَّة أَرَادوا ذَلِك فِي حَيَاة رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(2/376)
فنهاهم نَبِي الله وَقَالَ: أَلَيْسَ لكم فِي أُسْوَة؟ فَلَمَّا حدثوه بذلك رَاجع امْرَأَته، وَقد كَانَ طَلقهَا وَأشْهد على رَجعتهَا، فَأتى ابْن عَبَّاس فَسَأَلَهُ عَن وتر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أَلا أدلك على أعلم أهل الأَرْض بِوتْر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: من؟ قَالَ: عَائِشَة، فائتها فاسألها ثمَّ ائْتِنِي فَأَخْبرنِي بردهَا عَلَيْك، فَانْطَلَقت إِلَيْهَا، فَأتيت على حَكِيم بن أَفْلح فاستلحقته إِلَيْهَا فَقَالَ: مَا أَنا بقاربها؛ لِأَنِّي نهيتها أَن تَقول فِي هَاتين الشيعتين شَيْئا فَأَبت فيهمَا إِلَّا مضيا، قَالَ: فأقسمت عَلَيْهِ، فجَاء فَانْطَلَقْنَا إِلَى عَائِشَة، فَاسْتَأْذَنا عَلَيْهَا، فَأَذنت لنا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا فَقَالَت: أحكيم؟ فعرفته. فَقَالَ: نعم. فَقَالَت: من مَعَك؟ قَالَ: سعد بن هِشَام. قَالَت: من هِشَام؟ قَالَ: ابْن عَامر، فَتَرَحَّمت عَلَيْهِ، وَقَالَت خيرا. قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ أُصِيب يَوْم أحد، فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ أَنْبِئِينِي عَن خلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَت: أَلَسْت تقْرَأ الْقُرْآن؟ قلت: بلَى. قَالَت: فَإِن خلق نَبِي الله كَانَ الْقُرْآن، قَالَ: فهممت أَن أقوم وَلَا أسأَل أحدا عَن شَيْء حَتَّى أَمُوت، ثمَّ بدا لي فَقلت: أَنْبِئِينِي عَن قيام رَسُول الله. فَقَالَت: أَلَسْت تقْرَأ {يَا أَيهَا المزمل} ؟ فَقلت: بلَى. قَالَت: فَإِن الله افْترض قيام اللَّيْل فِي أول هَذِه السُّورَة، فَقَامَ نَبِي الله وَأَصْحَابه حولا، وَأمْسك الله خاتمتها اثنى عشر شهرا فِي السَّمَاء، حَتَّى أنزل الله - عز وَجل - فِي آخر هَذِه السُّورَة التَّخْفِيف، فَصَارَ قيام اللَّيْل تَطَوّعا بعد فَرِيضَة، قَالَ: قلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، أَنْبِئِينِي عَن وتر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: كُنَّا نعد لَهُ سواكه وَطهُوره، فيبعثه الله مَا شَاءَ أَن يَبْعَثهُ من اللَّيْل فيتسوك وَيتَوَضَّأ وَيُصلي تسع رَكْعَات لَا يجلس فِيهَا إِلَّا فِي الثَّامِنَة، فيذكر الله وَيَحْمَدهُ وَيَدْعُو، ثمَّ ينْهض وَلَا يسلم، ثمَّ يقوم فَيصَلي التَّاسِعَة، ثمَّ يقْعد فيذكر الله وَيَحْمَدهُ ويدعوه، ثمَّ يسلم تَسْلِيمًا يسمعنا، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يسلم وَهُوَ قَاعد فَتلك إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يَا بني. فَلَمَّا أسن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَخذه اللَّحْم أوتر بِسبع وصنع فِي الرَّكْعَتَيْنِ مثل صَنِيعه الأول، فَتلك تسع يَا بني، وَكَانَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى صَلَاة أحب أَن يداوم عَلَيْهَا، وَكَانَ إِذا غَلَبَة نوم أَو وجع عَن قيام اللَّيْل صلى من النَّهَار ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة، وَلَا أعلم نَبِي الله قَرَأَ الْقُرْآن كُله فِي لَيْلَة، وَلَا صلى لَيْلَة إِلَى الصُّبْح، وَلَا صَامَ شهرا كَامِلا غير رَمَضَان. قَالَ: فَانْطَلَقت إِلَى ابْن(2/377)
عَبَّاس فَحَدَّثته بحديثها، فَقَالَ: صدقت، لَو كنت أقربها وَأدْخل عَلَيْهَا لأتيتها حَتَّى تشافهني بِهِ. قَالَ: قلت: لَو علمت أَنَّك لَا تدخل عَلَيْهَا مَا حدثتك / حدثيها ".
وثنا مُحَمَّد بن مثنى ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ نَحوه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُؤَمل بن هِشَام، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن مَنْصُور ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي، عَن الْأسود بن يزِيد " أَنه دخل على عَائِشَة فَسَأَلَهَا عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِاللَّيْلِ، فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشرَة رَكْعَة من اللَّيْل، ثمَّ إِنَّه صلى إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، وَترك رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ قبض - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قبض وَهُوَ يُصَلِّي سبع رَكْعَات، آخر صلَاته من اللَّيْل الْوتر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن ابْن طَاوس، عَن عِكْرِمَة بن خَالِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كنت فِي بَيت مَيْمُونَة، فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي من اللَّيْل، فَقُمْت مَعَه على يسَاره، فَأخذ بيَدي فجعلني عَن يَمِينه، ثمَّ صلى ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، حزرت قدر قِيَامه فِي كل رَكْعَة " يَا أَيهَا المزمل ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الله بن نمير، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن الْمُسْتَوْرد بن الْأَحْنَف، عَن صلَة بن زفر، عَن حُذَيْفَة فال: " صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة، فَافْتتحَ الْبَقَرَة فَقَرَأَ، فَقلت: يرْكَع عِنْد الْمِائَة، فَمضى فَقلت: يرْكَع عِنْد الْمِائَتَيْنِ، فَمضى فَقلت: يُصَلِّي بهَا فِي رَكْعَة، فَمضى فَافْتتحَ النِّسَاء فقرأها، ثمَّ افْتتح آل عمرَان فقرأها، يقْرَأ مترسلا، إِذا مر بِآيَة فِيهَا(2/378)
تَسْبِيح سبح، وَإِذا مر بسؤال سَأَلَ، وَإِذا مر بتعوذ تعوذ، ثمَّ ركع فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم. فَكَانَ رُكُوعه نَحوا من قِيَامه، ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: سمع الله لمن حَمده. فَكَانَ قِيَامه قَرِيبا من رُكُوعه، ثمَّ سجد فَجعل يَقُول: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى. فَكَانَ سُجُوده قَرِيبا من رُكُوعه ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا أبي وَبَقِيَّة قَالَا: ثَنَا ابْن أبي حَمْزَة - هُوَ شُعَيْب - حَدثنِي الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل، عَن عبد الله بن خباب بن الْأَرَت، عَن أَبِيه - وَكَانَ قد شهد بَدْرًا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه راقب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي لَيْلَة صلاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلهَا حَتَّى كَانَ مَعَ الْفجْر، فَلَمَّا سلم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَهُ خباب فَقَالَ: يَا رَسُول الله، بِأبي أَنْت وَأمي، لقد صليت اللَّيْلَة صَلَاة مَا رَأَيْتُك صليت نَحْوهَا. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أجل، إِنَّهَا صَلَاة رغب ورهب، سَأَلت رَبِّي - تبَارك وَتَعَالَى - فِيهَا ثَلَاث خِصَال، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَة: سَأَلت رَبِّي أَن لَا يُهْلِكنَا بِمَا أهلك بِهِ الْأُمَم قبلنَا فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلت رَبِّي - عز وَجل - أَن لَا يظْهر علينا عدوا من غَيرنَا فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلت / رَبِّي أَن لَا يلْبِسنَا شيعًا فَمَنَعَنِيهَا ".
بَاب الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاة اللَّيْل وَمَا جَاءَ فِي ذَلِك
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا الْمُعْتَمِر.
وثنا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم [قَالَا] : ثَنَا برد بن سِنَان، عَن عبَادَة بن نسي، عَن غُضَيْف بن الْحَارِث قَالَ: " قلت لعَائِشَة: أَرَأَيْت رَسُول(2/379)
الله (أَكَانَ) يغْتَسل من الْجَنَابَة فِي أول أَو فِي آخِره؟ قَالَت: رُبمَا اغْتسل فِي أول اللَّيْل، وَرُبمَا اغْتسل فِي آخِره. قلت: الله أكبر، الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة [أَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُوتر أول اللَّيْل أم فِي آخِره؟ قَالَت: رُبمَا أوتر فِي أول اللَّيْل، وَرُبمَا أوتر فِي آخِره. قلت: الله أكبر، الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة] قلت: أَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَكَانَ) يجْهر بِالْقُرْآنِ أم يخفت بِهِ؟ قَالَت: رُبمَا جهر بِهِ، وَرُبمَا خفت. قلت: الله أكبر، الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة ". غُضَيْف بن الْحَارِث، قَالَ ابْن أبي حَاتِم: لَهُ صُحْبَة.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عَن شُعَيْب، ثَنَا اللَّيْث، ثَنَا خَالِد، عَن ابْن أبي هِلَال، عَن مخرمَة بن سُلَيْمَان، أَن كريبا مولى ابْن عَبَّاس أخبرهُ قَالَ: " [سَأَلت] ابْن عَبَّاس قلت: كَيفَ كَانَت صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِاللَّيْلِ؟ قَالَ: كَانَ يقْرَأ فِي بعض حجره فَيسمع قِرَاءَته من كَانَ خَلفه ... ... ". وَذكر الحَدِيث.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر الْوَركَانِي، ثَنَا ابْن أبي الزِّنَاد، عَن عَمْرو ابْن أبي عَمْرو مولى الْمطلب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَت قِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قدر [مَا] يسمعهُ من فِي الْحُجْرَة، وَهُوَ فِي الْبَيْت ".(2/380)
ابْن أبي الزِّنَاد هُوَ عبد الرَّحْمَن.
قَالَ أَبُو دَاوُد: وثنا مُحَمَّد بن بكار بن الريان، ثَنَا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن عمرَان بن زَائِدَة، عَن أَبِيه، عَن أبي خَالِد الْوَالِبِي، عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: " كَانَت قِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِاللَّيْلِ يرفع طورا، ويخفض طورا ".
أَبُو خَالِد اسْمه هُرْمُز.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا يحيى بن إِسْحَاق - هُوَ السالحيني - ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن عبد الله بن رَبَاح الْأنْصَارِيّ، عَن أبي قَتَادَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأبي بكر: مَرَرْت بك وَأَنت تقْرَأ وَأَنت تخْفض من صَوْتك! فَقَالَ: أَنِّي أسمعت من نَاجَيْت. قَالَ: ارْفَعْ قَلِيلا. وَقَالَ لعمر: مَرَرْت بك وَأَنت تقْرَأ وَأَنت ترفع صَوْتك! فَقَالَ: إِنِّي أُوقِظ الْوَسْنَان وَأطْرد الشَّيْطَان. قَالَ: اخْفِضْ قَلِيلا ".
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة، وَأم هَانِئ، وَأنس، وَأم سَلمَة، وَابْن عَبَّاس. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، إِنَّمَا أسْندهُ يحيى بن إِسْحَاق عَن حَمَّاد ابْن سَلمَة، وَأكْثر النَّاس إِنَّمَا رووا هَذَا الحَدِيث عَن ثَابت، عَن عبد الله بن رَبَاح مُرْسلا.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو حُصَيْن بن يحيى (الرَّازِيّ) ، ثَنَا أَسْبَاط بن مُحَمَّد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذِهِ الْقِصَّة لم يذكر: فَقَالَ لأبي بكر: ارْفَعْ شَيْئا ولعمر: اخْفِضْ شَيْئا. زَاد:(2/381)
" وَقد سَمِعتك يَا بِلَال وَأَنت تقْرَأ من هَذِه السُّورَة وَمن السُّورَة! قَالَ: كَلَام طيب يجمع الله - عز وَجل - بعضه إِلَى بعض. قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلكُمْ قد أصَاب ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمع رجلا يقْرَأ من اللَّيْل فَقَالَ: يرحمه الله لقد أذكرني كَذَا وَكَذَا آيَة كنت أسقطتها من سُورَة كَذَا وَكَذَا " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى " أنسيتها ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي سعيد قَالَ: " اعْتكف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَسْجِد فسمعهم يجهرون بِالْقِرَاءَةِ، فكشف السّتْر وَقَالَ: أَلا إِن كلكُمْ يُنَاجِي ربه، فَلَا يؤذين بَعْضكُم بَعْضًا، وَلَا يرفع بَعْضكُم على بعض فِي الْقِرَاءَة - أَو قَالَ: فِي الصَّلَاة ".
بَاب ترديد الْآيَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن نَافِع الْبَصْرِيّ، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْعَبْدي، عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي، عَن عَائِشَة قَالَت: " قَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِآيَة من الْقُرْآن لَيْلَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
إِسْمَاعِيل هَذَا هُوَ ابْن مُسلم الْعَبْدي الْبَصْرِيّ، وَلَيْسَ بِإِسْمَاعِيل بن مُسلم الْعَبْدي الْمَكِّيّ، والبصري ثِقَة مَشْهُور، والمكي الْعَبْدي ضَعِيف.(2/382)
بَاب النَّهْي عَن صَلَاة اللَّيْل كُله وَأَن يتَكَلَّف من الْعَمَل مَا لَا يُطيق
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج قَالَ: سَمِعت عَطاء، يزْعم أَن أَبَا الْعَبَّاس أخبرهُ، أَنه سمع عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول: " بلغ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِّي أَصوم أسرد وأصلي اللَّيْل فإمَّا أرسل إِلَيّ وَإِمَّا لَقيته فَقَالَ: ألم أخبر أَنَّك تَصُوم وَلَا تفطر، وَتصلي اللَّيْل! فَلَا تفعل، فَإِن لعينك حظا، وَلِنَفْسِك حظا، ولأهلك حظا، فَصم وَأفْطر وصل ونم ... " واقتص الحَدِيث.
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى وَمُحَمّد بن سَلمَة الْمرَادِي قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير أَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخْبرته: " أَن الحولاء بنت تويت بن حبيب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى مرت بهَا وَعِنْدهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: هَذِه الحولاء بنت تويت وَزَعَمُوا أَنَّهَا لَا تنام اللَّيْل. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تنام اللَّيْل! خُذُوا من الْعَمَل مَا تطيقون، فوَاللَّه لَا يسأم الله حَتَّى تسأموا ".
مُسلم: / حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة.
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن هِشَام، أَخْبرنِي أبي، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْدِي امْرَأَة، فَقَالَ: من هَذِه؟ فَقلت: امْرَأَة لَا تنام، تصلي. قَالَ: عَلَيْكُم من الْعَمَل مَا تطيقون، فوَاللَّه لَا يمل الله حَتَّى تملوا، وَكَانَ أحب الدَّين إِلَيْهِ مَا داوم عَلَيْهِ صَاحبه ". وَفِي حَدِيث(2/383)
أبي أُسَامَة: أَنَّهَا امْرَأَة من بني أَسد.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الْوَهَّاب - يَعْنِي الثَّقَفِيّ - ثَنَا عبيد الله، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " كَانَ لرَسُول الله حَصِير، وَكَانَ يحجره من اللَّيْل، فَيصَلي فِيهِ، فَجعل النَّاس يصلونَ بِصَلَاتِهِ، ويبسطه بِالنَّهَارِ، فثابوا ذَات لَيْلَة فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، عَلَيْكُم من الْأَعْمَال مَا تطيقون، فَإِن الله - عز وَجل - لَا يمل حَتَّى تملوا، وَإِن أحب الْأَعْمَال إِلَى الله مَا دووم عَلَيْهِ وَإِن قل، وَكَانَ آل مُحَمَّد إِذا عمِلُوا عملا أثبتوه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، حَدثنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن حميد، أَنه سمع أنسا يَقُول: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفْطر من الشَّهْر حَتَّى نظن أَن لَا يَصُوم مِنْهُ، ويصوم حَتَّى نظن أَن لَا يفْطر مِنْهُ شَيْئا، وَكَانَ لَا تشَاء أَن ترَاهُ من اللَّيْل مُصَليا إِلَّا رَأَيْته، وَلَا نَائِما إِلَّا رَأَيْته ".
تَابعه سُلَيْمَان وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن حميد.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن همام بن مُنَبّه، هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن مُحَمَّد رَسُول الله فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل فاستعجم الْقُرْآن على لِسَانه، فَلم يدر مَا يَقُول فليضطجع ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة،(2/384)
عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا نعس أحدكُم فِي الصَّلَاة فلينم حَتَّى يعلم مَا يقْرَأ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا ابْن علية.
وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أنس قَالَ: " دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَسْجِد وحبل مَمْدُود بَين ساريتين فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: لِزَيْنَب، تصلي فَإِذا كسلت أَو فترت أَمْسَكت بِهِ. فَقَالَ: حلوه [ليصل] أحدكُم نشاطه، فَإِذا كسل أَو فتر قعد " وَفِي حَدِيث زُهَيْر: " فليقعد ".
بَاب النَّهْي أَن يخْتَص لَيْلَة الْجُمُعَة بِقِيَام
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا، ثَنَا حُسَيْن، عَن زَائِدَة، عَن هِشَام، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: / قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تختصوا لَيْلَة الْجُمُعَة بِقِيَام من بَين اللَّيَالِي، وَلَا تختصوا يَوْم الْجُمُعَة بصيام من بَين الْأَيَّام، إِلَّا أَن يكون فِي صَوْم يَصُومهُ أحدكُم ".
بَاب طول الْقيام
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا حجاج، قَالَ ابْن جريج: حَدثنِي عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان، عَن عَليّ الْأَزْدِيّ، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن عبد الله بن حبشِي الْخَثْعَمِي " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ: أَي الْأَعْمَال أفضل؟ قَالَ: طول(2/385)
الْقيام ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الْوَهَّاب بن عبد الحكم، عَن حجاج بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ: أَي الصَّلَاة أفضل؟ قَالَ: طول الْقُنُوت ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الصَّلَاة أفضل؟ قَالَ: طول الْقُنُوت ".
بَاب أَي الصَّلَاة أفضل بعد الْمَكْتُوبَة
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ قَالَ: " سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي الصَّلَاة أفضل بعد الْمَكْتُوبَة؟ وَأي الصّيام أفضل بعد شهر رَمَضَان؟ فَقَالَ: أفضل الصَّلَاة بعد الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة: الصَّلَاة فِي جَوف اللَّيْل، وَأفضل الصّيام بعد شهر رَمَضَان: صِيَام شهر الله الْمحرم ".
بَاب من غلبته عينه عَن حزبه كتب لَهُ
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي هَارُون بن عبد الله، ثَنَا حُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، عَن سُلَيْمَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن عَبدة بن أبي لبَابَة، عَن سُوَيْد بن غَفلَة، عَن أبي الدَّرْدَاء يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَتَى فرَاشه وَهُوَ يَنْوِي أَن يقوم يُصَلِّي من اللَّيْل فغلبته عينه حَتَّى يصبح كَانَ لَهُ مَا نوى، وَكَانَ نَومه عَلَيْهِ(2/386)
صَدَقَة من ربه ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن أبي دَاوُد - كَانَ يُقَال لَهُ " بومة " لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَأَبوهُ لَيْسَ بِثِقَة وَلَا مَأْمُون - قَالَ: ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن الْأسود بن يزِيد، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَت لَهُ صَلَاة صلاهَا من اللَّيْل فَنَامَ عَنْهَا، كَانَ ذَلِك صَدَقَة تصدق الله عَلَيْهِ، وَكتب لَهُ أجر صلَاته ".
وَرَوَاهُ مَالك بن أنس، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن سعيد، عَن رجل عِنْده رضى، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَالرجل الرضى / هُوَ الْأسود بن يزِيد، ذكر ذَلِك أَبُو عمر وَغَيره.
بَاب إِذا نَام عَن حزبه صلاه من النَّهَار
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف، ثَنَا عبد الله بن وهب.
وحَدثني أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن السَّائِب بن يزِيد وَعبيد الله بن عبد الله، أخبراه عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي، سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من نَام عَن حزبه أَو عَن شَيْء مِنْهُ فقرأه فِيمَا بَين صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الظّهْر كتب لَهُ كَأَنَّمَا قرأة من اللَّيْل ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأسود، قَالَ: سَمِعت جندبا يَقُول: " اشْتَكَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة أَو لَيْلَتَيْنِ فَلم يقم ".(2/387)
وَقد تقدم من طَرِيق مُسلم قَول عَائِشَة " أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا غَلبه وجع أَو نوم عَن قيام اللَّيْل صلى من النَّهَار ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة ".
بَاب قيام رَمَضَان وَفضل ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
مَالك: عَن الزُّهْرِيّ، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - عز وَجل - فرض عَلَيْكُم صِيَام شهر رَمَضَان، وسننت لكم قِيَامه، فَمن صَامَهُ وقامه إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ: عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصفار، عَن أبي قلَابَة الرقاشِي، عَن بشر بن عمر، عَن مَالك.
تفرد بِهِ أَبُو قلَابَة، عَن بشر، عَن مَالك.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ: " خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه ". ذكره من طَرِيق النَّضر بن شَيبَان، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام.
وَذكر سَماع أبي سَلمَة من أَبِيه فِي هَذَا الحَدِيث، وَأنكر ذَلِك البُخَارِيّ وَغَيره، وَضعف يحيى بن معِين حَدِيث النَّضر بن شَيبَان وَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْء.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن سعيد الْهَمدَانِي، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي مُسلم(2/388)
ابْن خَالِد، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِذا أنَاس يصلونَ فِي رَمَضَان فِي نَاحيَة الْمَسْجِد، فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقيل: هَؤُلَاءِ نَاس لَيْسَ مَعَهم قُرْآن، وَأبي بن كَعْب يُصَلِّي وهم يصلونَ بِصَلَاتِهِ. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَصَابُوا وَنعم مَا صَنَعُوا ".
مُسلم هُوَ الزنْجِي، وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَضَعفه ابْن الْمَدِينِيّ وَأَبُو حَاتِم.
/ أَبْوَاب صَلَاة النَّهَار
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر غنْدر وَعبد الرَّحْمَن ابْن مهْدي، قَالَا: ثَنَا شُعْبَة، عَن يعلى بن عَطاء، أَنه سمع عَليّ بن عبد الله الْأَزْدِيّ - هُوَ الْبَارِقي - أَنه سمع ابْن عمر، يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مثنى مثنى ".
قَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا إِسْنَاد جيد، وَلَكِن أَصْحَاب ابْن عمر خالفوا عليا، خَالفه سَالم وَنَافِع وَطَاوُس.
بَاب رَكْعَتي الْفجْر
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ أخْبرته " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا سكت الْمُؤَذّن من الْأَذَان لصَلَاة الصُّبْح وبدا الصُّبْح ركع رَكْعَتَيْنِ خفيفتين قبل أَن تُقَام الصَّلَاة ".(2/389)
بَاب تَخْفيف رَكْعَتي الْفجْر وَمَا يقْرَأ فيهمَا
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، سمع عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا طلع الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ، أَقُول: لم يقْرَأ فيهمَا بِفَاتِحَة الْكتاب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، سَمِعت يحيى بن سعيد، أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، أَنه سمع عمْرَة، تحدث عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَقول: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر فيخفف حَتَّى إِنِّي لأقول: هَل قَرَأَ فيهمَا بِأم الْقُرْآن؟ ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عباد وَابْن أبي عمر قَالَا: ثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، عَن يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ فِي رَكْعَتي الْفجْر: {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن عُثْمَان بن حَكِيم، عَن سعيد بن يسَار، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر: {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} وَالَّتِي فِي آل عمرَان: {تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} الْآيَة ".(2/390)
بَاب فضل رَكْعَتي الْفجْر والمداومة عَلَيْهِمَا
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الغبري، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن سعد بن هِشَام، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رَكعَتَا الْفجْر خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن ابْن جريج، حَدثنِي عَطاء، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن / عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن على شَيْء من النَّوَافِل أَشد معاهدة مِنْهُ على رَكْعَتَيْنِ قبل الصُّبْح ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَابْن نمير، جَمِيعًا عَن حَفْص بن غياث - قَالَ ابْن نمير: ثَنَا حَفْص - عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي شَيْء من النَّوَافِل أسْرع مِنْهُ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، حَدثنِي عبد الله بن الْعَلَاء، حَدثنِي أَبُو زِيَادَة عبيد الله بن زِيَادَة الْكِنْدِيّ، حَدثهُ بِلَال، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه ركع رَكْعَتي الْفجْر فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله، إِنَّك أَصبَحت جدا. قَالَ: لَو أَصبَحت أَكثر مِمَّا أَصبَحت لركعتهما وأحسنتهما وأجملتهما ".
عبيد الله بن زِيَادَة روى عَنهُ: عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، وَعبد الله بن الْعَلَاء.
مَا يفعل إِذا فَاتَتْهُ رَكعَتَا الْفجْر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عقبَة بن مكرم الْعمي، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا همام -(2/391)
هُوَ ابْن يحيى - عَن قَتَادَة، عَن النَّضر بن أنس، عَن بشير بن نهيك، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من لم يصل رَكْعَتي الْفجْر فليصلهما بَعْدَمَا تطلع الشَّمْس ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، ثَنَا يحيى بن معِين، ثَنَا مَرْوَان ابْن مُعَاوِيَة، عَن يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا فَاتَتْهُ رَكعَتَا الْفجْر صلاهما إِذا طلعت الشَّمْس ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الله بن نمير، عَن سعد بن سعيد، حَدثنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن قيس بن عَمْرو قَالَ: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا يُصَلِّي بعد صَلَاة الصُّبْح رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صَلَاة الصُّبْح رَكْعَتَانِ. فَقَالَ الرجل: إِنِّي لم أكن صليت الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قبلهمَا فصليتهما الْآن. فَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِمُتَّصِل، مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم لم يسمع من قيس، ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ، وَأَيْضًا فَإِن سعد بن سعيد ضَعِيف، ضعفه أَبُو حَاتِم وَالنَّسَائِيّ.
بَاب الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد وَأَبُو كَامِل وَعبيد الله بن عمر بن ميسرَة، ثَنَا عبد الْوَاحِد - هُوَ ابْن زِيَاد - عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم الرَّكْعَتَيْنِ قبل الصُّبْح فليضطجع على(2/392)
يَمِينه. فَقَالَ لَهُ مَرْوَان بن الحكم: أما يُجزئ أَحَدنَا ممشاه إِلَى الْمَسْجِد حَتَّى يضطجع على يَمِينه؟ - قَالَ عبيد الله فِي حَدِيثه - قَالَ: لَا: فَبلغ ذَلِك ابْن عمر فَقَالَ: / أَكثر أَبُو هُرَيْرَة على نَفسه. قَالَ: فَقيل لِابْنِ عمر: هَل تنكر شَيْئا مِمَّا يَقُول؟ قَالَ: لَا، وَلكنه اجترأ وجبنا. فَبلغ ذَلِك أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ: فَمَا ذَنبي إِن كنت حفظت ونسوا! ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بشر بن معَاذ، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم رَكْعَتي الْفجْر فليضطجع على يَمِينه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عُثْمَان بن حَكِيم، ثَنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت كُوفِي، ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يضطجع بعد رَكْعَتي الْفجْر على شقة الْأَيْمن ثمَّ يجلس ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يُوتر مِنْهَا بِوَاحِدَة، فَإِذا فرغ مِنْهَا اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَنصر بن عَليّ وَابْن أبي عمر، قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي النَّضر، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر فَإِن كنت مستيقظة حَدثنِي، وَإِلَّا(2/393)
اضْطجع ".
بَاب هَل يُصَلِّي بعد طُلُوع الْفجْر سوى رَكْعَتي الْفجْر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن عبد الله بن الحكم، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن زيد بن مُحَمَّد، سَمِعت نَافِعًا يحدث عَن ابْن عمر، عَن حَفْصَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا طلع الْفجْر لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن قدامَة ابْن مُوسَى، عَن مُحَمَّد بن الْحصين، عَن أبي عَلْقَمَة، عَن يسَار مولى ابْن عمر، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة بعد الْفجْر إِلَّا سَجْدَتَيْنِ ".
قَالَ: حَدِيث ابْن عمر حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث قدامَة.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم، عَن وهيب، عَن قدامَة وَقَالَ: " لَا تصلوا بعد الْفجْر إِلَّا سَجْدَتَيْنِ ".
وَقَالَ: أَيُّوب بن حُصَيْن. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: وَمُحَمّد بن حُصَيْن أصح، وَمُحَمّد روى عَنهُ قدامَة، وَسليمَان بن بِلَال، والدراوردي، وَعمر بن عَليّ بن مقدم، وَلَا يَصح حَدِيثه فِي هَذَا الْبَاب.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن نَافِع - هُوَ أَبُو تَوْبَة - ثَنَا مُحَمَّد بن المُهَاجر، عَن الْعَبَّاس بن سَالم بن أبي سَلام، عَن أبي أُمَامَة، عَن عَمْرو بن عبسة أَنه(2/394)
قَالَ: " قلت يَا رَسُول الله: أَي اللَّيْل أسمع؟ قَالَ: جَوف اللَّيْل الآخر، فصل مَا شِئْت، فَإِن الصَّلَاة / مَشْهُودَة مَكْتُوبَة حَتَّى يُصَلِّي الصُّبْح، ثمَّ أقصر حَتَّى تطلع الشَّمْس فترتفع قيس رمح أَو رُمْحَيْنِ؛ فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني شَيْطَان، وَيُصلي لَهَا الْكفَّار، ثمَّ صل مَا شِئْت؛ فَإِن الصَّلَاة مَشْهُودَة مَكْتُوبَة حَتَّى يعدل الرمْح ظلة، ثمَّ أقصر؛ فَإِن جَهَنَّم تسجر، وتفتح أَبْوَابهَا، فَإِذا زاغت الشَّمْس فصل مَا شِئْت، فَإِن الصَّلَاة مَشْهُودَة حَتَّى يصلى الْعَصْر، ثمَّ أقصر حَتَّى تغرب الشَّمْس؛ فَإِنَّهَا تغرب بَين قَرْني شَيْطَان، وَيُصلي لَهَا الْكفَّار ... . . " وقص حَدِيثا طَويلا. قَالَ الْعَبَّاس: هَكَذَا حَدثنِي أَبُو سَلام، عَن أبي أُمَامَة، إِلَّا أَن أخطئ شَيْئا لَا أريده، فأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ.
مُحَمَّد بن مهَاجر، هُوَ أَخُو عمر بن المُهَاجر مولى أَسمَاء بنت يزِيد، ثِقَة مَشْهُور، وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل، وَيحيى بن معِين وَغَيرهمَا.
بَاب فضل من صلى أَربع رَكْعَات أول النَّهَار
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيع، ثَنَا بشر، ثَنَا برد، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن مَكْحُول، عَن كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ، عَن قيس الجذامي، عَن نعيم بن هَبَّار الْغَطَفَانِي، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عَن ربه قَالَ: ابْن آدم صل أَربع رَكْعَات فِي أول النَّهَار أكفك آخِره ".
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن عبد بن حميد، عَن أبي نعيم.
[و] عَن أبي جَعْفَر السمناني، عَن أبي مسْهر، عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش،(2/395)
عَن [بحير] بن سعد، عَن خَالِد بن معدان، عَن جُبَير بن نفير، عَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الله - تبَارك وَتَعَالَى.
وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب صَلَاة الضُّحَى
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا يزِيد بن زُرَيْع، عَن سعيد الْجريرِي، عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ: " قلت لعَائِشَة: هَل كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَت: لَا، إِلَّا أَن يَجِيء من مغيبة ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي سبْحَة الضُّحَى قطّ، وَإِنِّي لأسبحها، وَإِن كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليَدع الْعَمَل وَهُوَ يحب أَن يعْمل بِهِ خشيَة أَن يعْمل بِهِ النَّاس، فيفرض عَلَيْهِم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، عَن شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، سَمِعت عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى ".
بَاب فضل صَلَاة الضُّحَى وَالْوَصِيَّة بهَا
مُسلم: حَدثنَا [عبد الله بن مُحَمَّد] بن أَسمَاء الضبعِي، ثَنَا مهْدي - وَهُوَ ابْن مَيْمُون - ثَنَا وَاصل مولى أبي عُيَيْنَة، عَن / يحيى بن عقيل، عَن يحيى(2/396)
ابْن يعمر، عَن أبي الْأسود الدؤَلِي، عَن أبي ذَر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " يصبح على كل سلامي من أحدكُم صَدَقَة، فَكل تَسْبِيحَة صَدَقَة، وكل تَحْمِيدَة صَدَقَة، وكل تَهْلِيلَة صَدَقَة، وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة، وَأمر بِمَعْرُوف صَدَقَة، وَنهي عَن مُنكر صَدَقَة، وَيجْزِي من ذَلِك رَكْعَتَانِ يركعهما من الضُّحَى ".
وَزَاد أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث: " الصَّلَاة وَالصِّيَام، وَالْحج. قَالَ لَهُ: بِكُل صَلَاة صَدَقَة، وَصِيَام صَدَقَة، وَحج صَدَقَة ". رَوَاهُ عَن وهب بن بَقِيَّة، عَن خَالِد، عَن وَاصل.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن حمبد بن صَخْر، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعثا فأعظموا الْغَنِيمَة، وأسرعوا الكرة، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، مَا رَأينَا بعثا قطّ أسْرع مِنْهُ كرة وَلَا أعظم مِنْهُ غنيمَة من هَذَا الْبَعْث. قَالَ: أَلا أخْبركُم بأسرع كرة وَأعظم غنيمَة مِنْهُ؟ رجل تَوَضَّأ فِي بَيته فَأحْسن وضوءه، ثمَّ ( ... . .) إِلَى الْمَسْجِد فصلى الْغَدَاة، ثمَّ عقب بِصَلَاة الضحوة، فقد أسْرع الكرة وَأعظم الْغَنِيمَة ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا أَبُو التياح، حَدثنِي أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أَوْصَانِي خليلي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِثَلَاث: بصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، وركعتي الضُّحَى، وَأَن أوتر قبل أَن أرقد ".
بَاب يُصَلِّي الضُّحَى كم من رَكْعَة شَاءَ
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا يزِيد الرشك،(2/397)
حَدَّثتنِي معَاذَة " أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة: كم كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَت: أَربع رَكْعَات وَيزِيد مَا شَاءَ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن أبي النَّضر، أَن أَبَا مرّة مولى أم هَانِئ بنت أبي طَالب، أخبرهُ أَنه سمع أم هَانِئ تَقول: " ذهبت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْفَتْح فَوَجَدته يغْتَسل، وَفَاطِمَة ابْنَته تستره بِثَوْب، قَالَت: فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ: من هَذِه؟ فَقلت: أم هَانِئ بنت أبي طَالب. قَالَ: مرْحَبًا بِأم هَانِئ. [فَلَمَّا] فرغ من غسله قَامَ فصلى ثَمَانِي رَكْعَات ملتحفا فِي ثوب وَاحِد، فَلَمَّا انْصَرف قلت: يَا رَسُول الله، زعم ابْن أُمِّي عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَاتل رجلا أجرته، فلَان بن هُبَيْرَة. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قد أجرنا من أجرت يَا أم هَانِئ. قَالَت أم هَانِئ: وَذَلِكَ ضحى ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا أَحْمد بن صَالح وَأحمد بن عَمْرو بن السَّرْح قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، قَالَ ابْن صَالح: حَدثنِي عِيَاض بن عبد الله، عَن مخرمَة بن سُلَيْمَان، عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس، عَن أم هَانِئ بنت أبي طَالب " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى يَوْم / الْفَتْح سبْحَة الضُّحَى ثَمَانِي رَكْعَات يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ ". قَالَ ابْن السَّرْح: إِن أم هَانِئ قَالَت: " دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَلم يذكر سبْحَة الضُّحَى، بِمَعْنَاهُ.
مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى وَمُحَمّد بن مسلمة الْمرَادِي قَالَا: ثَنَا ابْن(2/398)
وهب، أَخْبرنِي يُونُس - هُوَ ابْن يزِيد - عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي ابْن عبد الله بن الْحَارِث، أَن أَبَاهُ عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل قَالَ: " سَأَلت وحرصت على أَن أجد أحدا من النَّاس يُخْبِرنِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبح سبْحَة الضُّحَى، فَلم أجد أحدا يحدثني ذَلِك غير أَن أم هَانِئ بنت أبي طَالب أَخْبَرتنِي، أَن رَسُول الله أَتَى بَعْدَمَا ارْتَفع النَّهَار يَوْم الْفَتْح، فَأتي بِثَوْب فَستر عَلَيْهِ، فأغتسل ثمَّ قَامَ فَرَكَعَ ثَمَانِي رَكْعَات، لَا أَدْرِي أقيامه أطول فِيهَا أم رُكُوعه أم سُجُوده، كل ذَلِك مِنْهُ مُتَقَارب، قَالَت: فَلم أره سبحها قبل وَلَا بعد ".
قَالَ الْمرَادِي: عَن يُونُس.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث: " فَلم يره أحد صَلَّاهُنَّ بعد ". رَوَاهُ بِإِسْنَاد آخر صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: " مَا أَخْبرنِي أحد أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا أم هَانِئ، فَإِنَّهَا حدثت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل بَيتهَا يَوْم فتح مَكَّة فصلى ثَمَانِي رَكْعَات، مَا رَأَيْته صلى صَلَاة قطّ أخف مِنْهَا غير أَنه كَانَ يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود ". وَلم يذكر ابْن بشار فِي حَدِيثه قَوْله: " قطّ ".
بَاب الصَّلَاة بعد ارْتِفَاع الشَّمْس وَقبل الاسْتوَاء
النَّسَائِيّ: أخبرنَا وَاصل بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ قَالَ: " كَانَ(2/399)
النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - إِذا زَالَت الشَّمْس من مطْلعهَا قيد رمح أَو رُمْحَيْنِ كَقدْر صَلَاة الْعَصْر من مغْرِبهَا صلى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ أمْهل حَتَّى إِذا ارْتَفع الضُّحَى صلى أَربع رَكْعَات، ثمَّ أمْهل حَتَّى إِذا زَالَت الشَّمْس صلى أَربع رَكْعَات قبل الظّهْر [حِين] تَزُول الشَّمْس، فَإِذا صلى الظّهْر صلى بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ، وَقبل الْعَصْر أَربع رَكْعَات، فَتلك سِتّ عشرَة رَكْعَة ".
قَالَ النَّسَائِيّ: أَنا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود - وَهُوَ الجحدري - ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا شُعْبَة، أَنا أَبُو إِسْحَاق - هُوَ السبيعِي - أَنه سمع عَاصِم بن ضَمرَة يَقُول: " سَأَلنَا عليا عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالنَّهَارِ، فوصف قَالَ: وَكَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر أَرْبعا، وَبعدهَا رَكْعَتَيْنِ، وَقبل الْعَصْر أَرْبعا، ويفصل بَين كل رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ على الْمَلَائِكَة المقربين والنبين وَمن تَبِعَهُمْ من الْمُسلمين ".
خَالفه حُصَيْن عَن أبي إِسْحَاق.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ قَالَ: أَنا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي / إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة قَالَ: " (سَأَلنَا) عليا عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من النَّهَار بعد الْمَكْتُوبَة، قَالَ: وَمن يُطيق ذَلِك؟ ثمَّ أخبرهُ قَالَ: كَانَ يُصَلِّي حِين ترْتَفع الشَّمْس رَكْعَتَيْنِ، وَقبل نصف النَّهَار أَربع رَكْعَات، يَجْعَل التَّسْلِيم فِي آخر رَكْعَة، وَقبل الظّهْر أَربع رَكْعَات، يَجْعَل التَّسْلِيم فِي آخر رَكْعَة، وَبعدهَا أَربع رَكْعَات يَجْعَل التَّسْلِيم فِي آخر رَكْعَة ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن هِشَام بن أبي(2/400)
عبد الله، ثَنَا الْقَاسِم الشَّيْبَانِيّ، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أهل قبَاء وهم يصلونَ فَقَالَ: صَلَاة الْأَوَّابِينَ إِذا رمضت الفصال ".
بَاب النَّهْي عَن الصَّلَاة عِنْد اسْتِوَاء الشَّمْس
النَّسَائِيّ: أخبرنَا حميد بن مسْعدَة، ثَنَا سُفْيَان - وَهُوَ ابْن حبيب - عَن مُوسَى بن عَليّ - هُوَ لقبه، واسْمه عَليّ، مكبر - عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عقبَة ابْن عَامر يَقُول: " ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله ينهانا أَن نصلي فِيهِنَّ أَو نقبر فِيهِنَّ مَوتَانا: حِين تطلع الشَّمْس بازغة حَتَّى ترْتَفع، وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تميل، وَحين تضيف الشَّمْس للغروب حَتَّى تغرب ".
بَاب الصَّلَاة بعد الزَّوَال قبل صَلَاة الظّهْر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا مُحَمَّد بن مُسلم بن أبي الوضاح - هُوَ أَبُو سعيد الْمُؤَدب - عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن السَّائِب " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي أَرْبعا بعد أَن تَزُول الشَّمْس قبل الظّهْر، وَقَالَ: إِنَّهَا سَاعَة تفتح فِيهَا أَبْوَاب السَّمَاء، وَأحب أَن يصعد لي فِيهَا عمل صَالح ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي يزِيد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد، ثَنَا هِشَام الْعَطَّار، ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن عبد الله بن سَمَّاعَة - عَن مُوسَى بن أعين، عَن أبي عَمْرو - هُوَ الْأَوْزَاعِيّ - عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: " لما نزل بِعَنْبَسَةَ فَجعل يتضور، فَقيل لَهُ؛ فَقَالَ: أما إِنِّي سَمِعت أم حَبِيبَة زوج النَّبِي تحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه من ركع أَربع(2/401)
رَكْعَات قبل الظّهْر وأربعا بعْدهَا؛ حرم الله - تبَارك وَتَعَالَى - لَحْمه على [النَّار] . فَمَا تركتهن مُنْذُ سَمِعتهنَّ ".
ذكر أَبُو عِيسَى هَذَا الحَدِيث وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب. رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق [عَن] عبد الله بن يُوسُف، عَن الْهَيْثَم بن حميد، عَن الْعَلَاء بن الْحَارِث، عَن الْقَاسِم أبي عبد الرَّحْمَن، عَن عَنْبَسَة، عَن أم حَبِيبَة عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام. قَالَ: وَالقَاسِم ثِقَة شَامي.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، ثَنَا شُعْبَة، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، عَن أَبِيه، عَن / عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يدع أَرْبعا قبل الظّهْر، وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْغَدَاة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبيد الله الْعَتكِي الْمروزِي، أَنا عبد الله ابْن الْمُبَارك، عَن خَالِد الْحذاء، عَن عبد الله بن شَقِيق، عَن عَائِشَة: " إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا لم يصل قبل الظّهْر أَرْبعا صَلَّاهُنَّ بعده ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث ابْن الْمُبَارك.
بَاب الصَّلَاة قبل الْعَصْر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا مُحَمَّد بن مهْرَان الْقرشِي، حَدثنِي جدي أَبُو الْمثنى، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:(2/402)
" رحم الله امْرأ صلى قبل [الْعَصْر] أَرْبعا ".
أَبُو الْمثنى اسْمه مُسلم بن الْمثنى.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي قبل الْعَصْر أَربع رَكْعَات يفصل بَينهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ على الْمَلَائِكَة المقربين وَمن تَبِعَهُمْ من الْمُسلمين وَالْمُؤمنِينَ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث عَليّ حَدِيث حسن.
من أَبْوَاب صَلَاة اللَّيْل بَاب الصَّلَاة قبل صَلَاة الْمغرب
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب، جَمِيعًا عَن ابْن فُضَيْل - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل - عَن مُخْتَار بن فلفل قَالَ: " سَأَلت أنس بن مَالك، عَن التَّطَوُّع بعد الْعَصْر فَقَالَ: كَانَ عمر يضْرب الْأَيْدِي على صَلَاة بعد الْعَصْر، وَكُنَّا نصلي على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ بعد غرُوب الشَّمْس قبل صَلَاة الْمغرب، فَقلت لَهُ: أَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلاهَا؟ قَالَ: كَانَ يَرَانَا نصليها فَلم يَأْمُرنَا وَلم ينهنا ".
مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن عبد الْعَزِيز - هُوَ(2/403)
ابْن صُهَيْب - عَن أنس قَالَ: " [كنت] بِالْمَدِينَةِ فَإِذا أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الْمغرب ابتدروا السَّوَارِي، فركعوا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إِن الرجل الْغَرِيب ليدْخل الْمَسْجِد فيحسب أَن الصَّلَاة قد صليت من كَثْرَة من يُصليهَا ".
قَالَ البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " حَتَّى يخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَقَالَ: " لم يكن [بَين] الْأَذَان وَالْإِقَامَة شَيْء ".
وَقَالَ عُثْمَان بن جبلة وَأَبُو دَاوُد عَن شُعْبَة: " لم يكن بَينهمَا إِلَّا قَلِيل "، وَلم يذكر: " حَتَّى إِن الرجل الْغَرِيب " وَمَا بعده.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن الْحُسَيْن - هُوَ الْمعلم - عَن ابْن بُرَيْدَة، حَدثنِي عبد الله الْمُزنِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلوا قبل الْمغرب. قَالَ فِي الثَّالِثَة: لمن / شَاءَ؛ كَرَاهِيَة أَن يتخذها النَّاس سنة ".
بَاب الصَّلَاة بعد صَلَاة الْمغرب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سَلمَة يحيى بن خلف، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن خَالِد الْحذاء، عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، وَبعدهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبعد الْمغرب ثِنْتَيْنِ، وَبعد الْعشَاء رَكْعَتَيْنِ، وَقبل الْفجْر ثِنْتَيْنِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث عبد الله بن شَقِيق عَن عَائِشَة، حَدِيث حسن صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْفضل بن سهل الْأَعْرَج، ثَنَا الْأَحْوَص بن جَوَاب، ثَنَا عمار بن زُرَيْق، عَن أبي إِسْحَاق، عَن إِبْرَاهِيم - هُوَ ابْن مهَاجر - عَن مُجَاهِد،(2/404)
عَن ابْن عمر قَالَ: " رمقت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشْرين مرّة قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر: {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن،، أَنا طلق بن غَنَّام، أبنا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن عبد الله القمي - عَن جَعْفَر - هُوَ ابْن الْمُغيرَة - عَن سعيد، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُطِيل الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بِهَذَا الْإِسْنَاد: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُطِيل الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب، حَتَّى يتفرق أهل الْمَسْجِد ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ نصر المجدر، عَن يَعْقُوب القمي، وأسنده مثله، ثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى الطباع، ثَنَا نصر بِإِسْنَادِهِ مثله.
أَبُو دَاوُد: حَدثنِي أَبُو بكر بن [أبي] الْأسود، حَدثنِي أَبُو مطرف مُحَمَّد بن أبي الْوَزير، حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الفطري، عَن سعد بن إِسْحَاق بن كَعْب بن عجْرَة، عَن أَبِيه، عَن جده " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى مَسْجِد بني عبد الْأَشْهَل فصلى فِيهِ الْمغرب، فَلَمَّا قضوا صلَاتهم رَآهُمْ يسبحون بعْدهَا فَقَالَ: هَذِه صَلَاة الْبيُوت ".
إٍسحاق بن كَعْب لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا ابْنه سعد، وَسعد ثِقَة مَشْهُور.(2/405)
بَاب الصَّلَاة بَين العشاءين
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن سُلَيْمَان، ثَنَا زيد بن حباب، ثَنَا إِسْرَائِيل، عَن ميسرَة، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن زر بن حُبَيْش، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَصليت مَعَه الْمغرب فصلى إِلَى الْعشَاء ".
/ بَاب الصَّلَاة بعد الْعشَاء الْآخِرَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن يزِيد، [نَا بهز] ، أَنا شُعْبَة، أَخْبرنِي الحكم، سَمِعت سعيد بن جُبَير، يحدث عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ: " بت فِي بَيت خَالَتِي مَيْمُونَة، فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعشَاء، ثمَّ جَاءَ فصلى أَرْبعا، ثمَّ نَام، ثمَّ قَامَ فَتَوَضَّأ، قَالَ: لَا أحفظ وضوءه، ثمَّ قَامَ فصلى فَقُمْت عَن يسَاره، فجعلني عَن يَمِينه، ثمَّ صلى خمس رَكْعَات، ثمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ نَام، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ".
بَاب فضل من صلى ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن النُّعْمَان بن سَالم، عَن عَمْرو بن أَوْس، عَن عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان، عَن أم حَبِيبَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا من عبد مُسلم يُصَلِّي كل يَوْم ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة تَطَوّعا غير الْفَرِيضَة إِلَّا بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة، أَو(2/406)
إِلَّا بني لَهُ بَيت فِي الْجنَّة ".
قَالَت أم حَبِيبَة: فَمَا بَرحت أصليهن بعد، وَقَالَ عَمْرو: مَا بَرحت أصليهن بعد. وَقَالَ النُّعْمَان مثل ذَلِك.
قَالَ مُسلم: وحَدثني عبد الرَّحْمَن بن بشر وَعبد الله بن هَاشم الْعَبْدي قَالَا: ثَنَا بهز، ثَنَا شُعْبَة، قَالَ النُّعْمَان بن سَالم أَخْبرنِي قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن أَوْس، يحدث عَن عَنْبَسَة، عَن أم حَبِيبَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من عبد مُسلم تَوَضَّأ فأسبغ الْوضُوء ثمَّ صلى لله كل يَوْم ... ... ... فَذكر مثله.
مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أَبُو خَالِد - يَعْنِي سُلَيْمَان ابْن حَيَّان الْأَحْمَر - عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن النُّعْمَان بن سَالم، عَن عَمْرو بن أَوْس، حَدثنِي عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِحَدِيث يتسار إِلَيْهِ قَالَ: سَمِعت أم حَبِيبَة تَقول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من صلى اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة فِي يَوْم وَلَيْلَة بني لَهُ بِهن بَيت فِي الْجنَّة " قَالَت أم حَبِيبَة: فَمَا تركتهن مُنْذُ سَمِعتهنَّ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ عَنْبَسَة: مَا تركتهن مُنْذُ سَمِعتهنَّ.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي الرّبيع بن سُلَيْمَان بن دَاوُد الجيزي، ثَنَا أَبُو الْأسود، ثَنَا بكر بن مُضر، عَن ابْن عجلَان، عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي، عَن عَمْرو بن أَوْس عَن عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان، عَن أم حَبِيبَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة من صَلَّاهُنَّ بني لَهُ بَيت فِي الْجنَّة: أَربع رَكْعَات قبل الظّهْر، وَرَكْعَتَيْنِ بعد الظّهْر، وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْعَصْر، وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب، وَرَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الصُّبْح "
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأَنا أَحْمد بن الْأَزْهَر، ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا فليح،(2/407)
عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْمسيب - هُوَ ابْن رَافع - عَن عَنْبَسَة عَن أم حَبِيبَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة " فَذكر مثله.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، / حَدثنَا مُؤَمل، ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْمسيب بن رَافع، عَن عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان، عَن أم حَبِيبَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى فِي يَوْم وَلَيْلَة ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة بني لَهُ بَيت فِي الْجنَّة: أَرْبعا قبل الظّهْر، وَرَكْعَتَيْنِ بعْدهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب، وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء، وَرَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفجْر ".
قَالَ: حَدِيث عَنْبَسَة حَدِيث حسن.
بَاب صَلَاة التَّسْبِيح
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم النَّيْسَابُورِي، ثَنَا مُوسَى ابْن عبد الْعَزِيز، ثَنَا الحكم بن أبان، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ للْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: يَا عَبَّاس، أَلا أُعْطِيك، أَلا أمنحك، أَلا أحبوك، أَلا أفعل بك، عشر خِصَال إِذا أَنْت فعلت ذَلِك غفر لَك ذَنْبك أَوله وَآخره، قديمه وَحَدِيثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلانيته، عشر خِصَال: أَن تصلي أَربع رَكْعَات تقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة، فَإِذا فرغت من الْقِرَاءَة فِي أول رَكْعَة وَأَنت قَائِم قلت: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر خمس عشرَة مرّة، ثمَّ تركع، وتقولها وَأَنت رَاكِع عشرا، ثمَّ ترفع رَأسك من الرُّكُوع، وتقولها عشرا، ثمَّ تهوي سَاجِدا فتقولها وَأَنت ساجد عشرا، ثمَّ ترفع رَأسك من السُّجُود، فتقولها عشرا، ثمَّ تسْجد فتقولها عشرا، ثمَّ ترفع رَأسك فتقولها عشرا، فَذَلِك خمس وَسَبْعُونَ فِي كل رَكْعَة، تفعل ذَلِك فِي أَربع رَكْعَات، إِن اسْتَطَعْت أَن تصليها فِي كل يَوْم مرّة فأفعل، فَإِن لم تفعل فَفِي(2/408)
كل جُمُعَة مرّة، فَإِن لم تفعل فَفِي كل شهر مرّة، فَإِن لم تفعل فَفِي كل سنة مرّة، فَإِن لم تفعل فَفِي عمرك مرّة ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُحَمَّد بن سُفْيَان الأبلي، ثَنَا حبَان بن هِلَال أَبُو حبيب، ثَنَا مهْدي بن مَيْمُون، ثَنَا عَمْرو بن مَالك، عَن أبي الجوزاء، حَدثنِي رجل كَانَت لَهُ صُحْبَة - يرَوْنَ [أَنه] عبد الله بن عَمْرو - قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ائْتِنِي غَدا أحبوك وأثيبك وَأُعْطِيك. . حَتَّى ظَنَنْت أَنه يعطيني عَطِيَّة، قَالَ: إِذْ زَالَ النَّهَار فَقُمْ فصل أَربع رَكْعَات ... ... ... " فَذكر نَحوه قَالَ: " ثمَّ ترفع رَأسك - يَعْنِي من السَّجْدَة الثَّانِيَة - فاستو جَالِسا وَلَا تقم حَتَّى تسبح عشرا، وتحمد عشرا، وتكبر عشرا، وتهلل عشرا، ثمَّ تصنع ذَلِك فِي الْأَرْبَع رَكْعَات. قَالَ: فَإنَّك لَو كنت أعظم أهل الأَرْض ذَنبا غفر لَك ذَنْبك. قلت: فَإِن لم أستطع أَن أصليها تِلْكَ السَّاعَة؟ قَالَ: صلها من اللَّيْل وَالنَّهَار ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ المستمر بن الريان، عَن أبي الجوزاء، عَن عبد الله بن عَمْرو بن مَالك مَوْقُوفا، وَرَوَاهُ روح بن الْمسيب، وجعفر بن سُلَيْمَان، عَن عَمْرو بن مَالك، عَن أبي الجوزاء، عَن ابْن عَبَّاس قَوْله.
/ وَقَالَ فِي حَدِيث روح: فَقَالَ: حَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وروى التِّرْمِذِيّ: عَن أَسمَاء بن الحكم، عَن عَليّ، عَن أبي بكر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من رجل يُذنب ذَنبا ثمَّ يقوم يتَطَهَّر، ثمَّ يُصَلِّي، ثمَّ يسْتَغْفر الله إِلَّا غفر لَهُ ".
قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: أَسمَاء بن [الحكم] مَجْهُول.(2/409)
وَقَالَ أَبُو عِيسَى فِي حَدِيثه: هَذَا حَدِيث حسن.
بَاب فضل النَّافِلَة فِي الْبيُوت
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا يحيى، [عَن] عبيد الله، أَخْبرنِي نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " اجعلوا من صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ وَلَا تتخذوها قبورا ".
مُسلم: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو معاوبة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قضى أحدكُم الصَّلَاة فِي مَسْجده فليجعل لبيته نَصِيبا من صلَاته، فَإِن الله جَاعل فِي بَيته من صلَاته خيرا ".
مُسلم: ثَنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا عبد الله بن سعيد، ثَنَا سَالم أَبُو النَّضر مولى عمر بن عبيد الله، عَن بسر بن سعيد، عَن زيد بن ثَابت قَالَ: " احتجر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجيرة بخصفة أَو حَصِير، فَخرج رَسُول الله يُصَلِّي فِيهَا، قَالَ: فتتبع إِلَيْهِ رجال وَجَاءُوا يصلونَ بِصَلَاتِهِ، قَالَ: ثمَّ جَاءُوا لَيْلَة فَحَضَرُوا وَأَبْطَأ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْهُم، قَالَ: فَلم يخرج إِلَيْهِم فَرفعُوا أَصْوَاتهم وحصبوا الْبَاب، فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مغضبا، فَقَالَ لَهُم رَسُول الله: مَا زَالَ بكم صنيعكم حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيكتب عَلَيْكُم، فَعَلَيْكُم بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتكُمْ، فَإِن خير صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ".(2/410)
ذكر النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث " أَنه عَلَيْهِ السَّلَام [ترك] مُصَلَّاهُ ذَلِك فَمَا عَاد لَهُ حَتَّى قَبضه الله ".
رَوَاهُ عَن قُتَيْبَة، عَن اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن المَقْبُري، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا عبد الله بن وهب، وَأَخْبرنِي سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن إِبْرَاهِيم بن أبي النَّضر، عَن أَبِيه، عَن بسر بن سعيد، عَن زيد بن ثَابت، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته أفضل من صلَاته فِي مَسْجِدي هَذَا إِلَّا الْمَكْتُوبَة ".
بَاب الْمُسَافِر إِذا قدم بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، ثناعبد الْوَهَّاب - يَعْنِي الثَّقَفِيّ - ثَنَا عبيد الله، [عَن] وهب بن كيسَان، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " خرجت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غزَاة فَأَبْطَأَ بِي جملي وأعيا، ثمَّ قدم رَسُول الله قبلي، وقدمت بِالْغَدَاةِ، فَجئْت الْمَسْجِد فَوَجَدته على بَاب الْمَسْجِد قَالَ: الْآن حِين قدمت؟ قلت: نعم. قَالَ: / فدع جملك وادخل فصل رَكْعَتَيْنِ. قَالَ: فَدخلت فَصليت رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رجعت ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا الضَّحَّاك - يَعْنِي أَبَا عَاصِم.(2/411)
وحَدثني مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا عبد الرَّزَّاق قَالَا جَمِيعًا: أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي ابْن شهَاب، أَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب، أخبرهُ عَن أَبِيه عبد الله ابْن كَعْب، وَعَن عَمه عبيد الله بن كَعْب، عَن كَعْب بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يقدم من سفر إِلَّا نَهَارا فِي الضُّحَى، فَإِذا قدم بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فصلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس فِيهِ ".
أَبْوَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ
بَاب اسْتِحْبَاب الْأكل قبل الصَّلَاة يَوْم عيد الْفطر
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، أَنا سعيد بن سُلَيْمَان، أَنا هشيم، أخبرنَا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عَن أنس: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَغْدُو يَوْم الْفطر حَتَّى يَأْكُل تمرات ".
وَقَالَ مرجى بن رَجَاء: حَدثنِي عبيد الله، حَدثنِي أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ويأكلهن وترا ".
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عبد الله بن سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث، ثَنَا سُلَيْمَان بن معبد، ثَنَا أَبُو النَّضر، ثَنَا مرجى بن رَجَاء، ثَنَا عبيد الله بن أبي بكر، حَدثنِي أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يخرج يَوْم الْفطر حَتَّى يَأْكُل تمرات ويأكلهن وترا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، عَن ثَوَاب بن عتبَة، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يخرج يَوْم الْفطر حَتَّى يطعم، وَلَا يطعم يَوْم الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث غَرِيب. قَالَ مُحَمَّد: لَا أعرف لثواب بن عتبَة غير(2/412)
هَذَا الحَدِيث. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
ثَوَاب بن عتبَة وثقة يحيى بن معِين، وَأنكر ذَلِك أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة.
بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى الْعِيد
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، ثَنَا حَمَّاد، عَن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " أمرنَا - تَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نخرج فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِق وَذَوَات الْخُدُور، وَأمر الْحيض أَن يعتزلن مصلى الْمُسلمين ".
مُسلم: وَحدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، ثَنَا هِشَام، عَن حَفْصَة بنت سِيرِين، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نخرجهن فِي الْفطر والأضحى: الْعَوَاتِق، وَالْحيض، وَذَوَات الْخُدُور، فَأَما الْحيض فيعتزلن الصَّلَاة، وَيشْهدُونَ الْخَيْر ودعوة الْمُسلمين. قلت: يَا رَسُول الله، إحدانا لَا يكون لَهَا جِلْبَاب؟ قَالَ: لتلبسها أُخْتهَا من جلبابها ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد، ثَنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، عَن عَاصِم، عَن حَفْصَة، / عَن أم عَطِيَّة: " كُنَّا نؤمر أَن نخرج يَوْم الْعِيد حَتَّى نخرج الْبكر من خدرها، حَتَّى نخرج الْحيض فيكُن خلف النَّاس، فيكبرون بتكبيرهم، وَيدعونَ بدعائهم، يرجون بركَة ذَلِك الْيَوْم وطهرته ".
بَاب خُرُوج الإِمَام إِلَى الْمصلى يَوْم الْعِيد
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، ثَنَا الْوَلِيد، ثَنَا أَبُو عَمْرو، حَدثنِي نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَغْدُو إِلَى الْمصلى والعنزة بَين يَدَيْهِ(2/413)
تحمل وتنصب بالمصلى بَين يَدَيْهِ فَيصَلي إِلَيْهَا ".
بَاب وَقت صَلَاة الْعِيد
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة، ثَنَا صَفْوَان، ثَنَا يزِيد ابْن خمير الرَّحبِي قَالَ: " خرج عبد الله بن بسر صَاحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ النَّاس يَوْم عيد [فطر] أَو أضحى، فَأنْكر إبطاء الإِمَام وَقَالَ: إِنَّا (قد كُنَّا) فَرغْنَا ساعتنا هَذِه، وَذَلِكَ حِين التَّسْبِيح ".
صَفْوَان هُوَ: ابْن عَمْرو، وَهُوَ وَيزِيد ثقتان مشهوران.
بَاب ترك الْأَذَان وَالْإِقَامَة فِي صَلَاة الْعِيد
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، عَن عَطاء، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " شهِدت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة يَوْم الْعِيد، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة، بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة، ثمَّ قَامَ متوكئا على بِلَال، فَأمر بتقوى الله وحث على طَاعَته، وَوعظ النَّاس وَذكرهمْ، ثمَّ مضى حَتَّى أَتَى النِّسَاء فوعظهن وذكرهن فَقَالَ: تصدقن؛ فَإِن أكثركن حطب جَهَنَّم، فَقَامَتْ امْرَأَة من سطة النِّسَاء سفعاء الْخَدين فَقَالَت: لم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير. قَالَ: فَجعلْنَ يتصدقن من حليهن، يلقين فِي ثوب بِلَال من أقراطهن و (خواتيمهن) ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي(2/414)
عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ قَالَا: " لم يكن يُؤذن يَوْم الْفطر وَلَا يَوْم الْأَضْحَى، ثمَّ سَأَلته بعد حِين عَن ذَلِك فَأَخْبرنِي قَالَ: أَخْبرنِي جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ أَن لَا أَذَان للصَّلَاة يَوْم الْفطر حِين يخرج الإِمَام، وَلَا بَعْدَمَا مَا يخرج، وَلَا إِقَامَة، وَلَا نِدَاء، وَلَا شَيْء، لَا نِدَاء يَوْمئِذٍ وَلَا إِقَامَة ".
بَاب عدد صَلَاة الْعِيد
وَمَا يقْرَأ بِهِ فِيهَا وَترك التَّنَفُّل قبلهَا وَبعدهَا
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي، عَن سعيد / بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج يَوْم أضحى أَو فطر فصلى رَكْعَتَيْنِ لم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا، ثمَّ أَتَى النِّسَاء وَمَعَهُ بِلَال، فأمرهن بِالصَّدَقَةِ، فَجعلت الْمَرْأَة تلقي خرصها وتلقي سخابها ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا عبد الرَّحْمَن - هُوَ ابْن مهْدي - عَن سُفْيَان، عَن الْأَشْعَث، عَن الْأسود بن هِلَال، عَن ثَعْلَبَة بن زَهْدَم " أَن عليا اسْتخْلف أَبَا مَسْعُود على النَّاس، فَخرج يَوْم الْعِيد فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّه لَيْسَ من السّنة أَن يصلى قبل الإِمَام ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ضَمرَة بن سعيد الْمَازِني، عَن عبيد الله بن عبد الله " أَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - سَأَلَ أَبَا وَاقد اللَّيْثِيّ: مَا كَانَ يقْرَأ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْأَضْحَى وَالْفطر؟ فَقَالَ:(2/415)
كَانَ يقْرَأ فيهمَا ب {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} و {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا مسعر وسُفْيَان، عَن معبد بن خَالِد، عَن زيد بن عقبَة، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} ".
بَاب مَا جَاءَ فِي التَّكْبِير لصَلَاة الْعِيد
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُسلم بن عَمْرو [أَبُو عَمْرو] الْحذاء، عَن عبد الله ابْن نَافِع الصَّائِغ، عَن كثير بن عبد الله، عَن أَبِيه، عَن جده " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر فِي الْعِيدَيْنِ فِي الأولى سبعا، وَفِي الْآخِرَة خمْسا قبل الْقِرَاءَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث جد كثير حَدِيث حسن، واسْمه عَمْرو بن عَوْف.
روى أَبُو دَاوُد هَذَا الحَدِيث، عَن مُسَدّد، عَن الْمُعْتَمِر، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّائِفِي، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " التَّكْبِير فِي الْفطر سبع فِي الأولى، وَخمْس فِي الْآخِرَة، وَالْقِرَاءَة بعدهمَا كلتيهما ".
وَفِي حَدِيث آخر لأبي دَاوُد: عَن أبي تَوْبَة، عَن سُلَيْمَان بن حَيَّان، عَن الطَّائِفِي بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يكبر فِي الْفطر فِي الأولى سبعا، ثمَّ يقْرَأ، ثمَّ يكبر، ثمَّ يقوم فيكبر أَرْبعا، ثمَّ يقْرَأ، ثمَّ يرْكَع ".(2/416)
قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ وَكِيع وَابْن الْمُبَارك: " سبعا وخمسا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى فِي كتاب " الْعِلَل ": سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْبَاب شَيْء أصح من هَذَا - يَعْنِي حَدِيث كثير بن عبد الله. قَالَ: وَبِه أَقُول. وَحَدِيث [عَمْرو بن شُعَيْب] ، عَن أَبِيه، عَن جده صَحِيح أَيْضا - يَعْنِي الَّذِي يرويهِ الطَّائِفِي. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: أَحْمد بن حَنْبَل يحمل على كثير ويضعفه.
/ بَاب الصَّلَاة قبل الْخطْبَة فِي الْعِيد
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان وَأَبُو أُسَامَة، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر كَانُوا يصلونَ الْعِيدَيْنِ قبل الْخطْبَة ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن دَاوُد بن قيس، عَن عِيَاض بن عبد الله بن سعد، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يخرج يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْفطر فَيبْدَأ بِالصَّلَاةِ، فَإِذا صلى صلَاته قَامَ فَأقبل على النَّاس وهم جُلُوس فِي مصلاهم، فَإِن كَانَ لَهُ حَاجَة ببعث ذكره، أَو كَانَت لَهُ حَاجَة بِغَيْر ذَلِك أَمرهم بهَا، وَكَانَ يَقُول: تصدقوا، تصدقوا، تصدقوا. وَكَانَ أَكثر من يتَصَدَّق النِّسَاء، ثمَّ ينْصَرف. فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى كَانَ مَرْوَان بن الحكم، فَخرجت مخاصرا مَرْوَان حَتَّى أَتَيْنَا [الْمصلى] فَإِذا كثير بن الصَّلْت قد بنى منبرا من طين وَلبن، وَإِذا مَرْوَان يُنَازعنِي يَده، كَأَنَّهُ يجرني نَحْو الْمِنْبَر وَأَنا أجره نَحْو الصَّلَاة، فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك مِنْهُ قلت: أَيْن الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا سعيد، قد ترك مَا تعلم. قلت: كلا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَا تأتون بِخَير مِمَّا أعلم - ثَلَاث مرار - ثمَّ انْصَرف ".(2/417)
زَاد البُخَارِيّ عَن مَرْوَان قَالَ: " إِن النَّاس لم يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لنا بعد الصَّلَاة فجعلتها قبل الصَّلَاة ".
بَاب هَل يخْطب الإِمَام النِّسَاء يَوْم الْعِيد ويذكرهن
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد، جَمِيعًا عَن عبد الرَّزَّاق قَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق - أَنا ابْن جريج، أبنا الْحسن بن مُسلم، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " شهِدت صَلَاة الْفطر مَعَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأبي بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، فكلهم يُصليهَا قبل الْخطْبَة ثمَّ يخْطب. قَالَ: فَنزل نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ حِين يجلس الرِّجَال بِيَدِهِ، ثمَّ أقبل يشقهم حَتَّى جَاءَ النِّسَاء وَمَعَهُ بِلَال فَقَالَ: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه} فَتلا هَذِه الْآيَة حَتَّى فرغ مِنْهَا، ثمَّ قَالَ حِين فرغ مِنْهَا: أنتن على ذَلِك؟ فَقَالَت امْرَأَة وَاحِدَة - لم يجبهُ غَيرهَا مِنْهُنَّ -: نعم يَا نَبِي الله. لَا يدْرِي حِينَئِذٍ من هِيَ، فتصدقن، فَبسط بِلَال ثَوْبه، قَالَ: هَلُمَّ، فدى لَكِن أبي وَأمي، فَجعلْنَ يلقين الفتخ و (الخواتيم) فِي ثوب بِلَال ".
زَاد أَبُو دَاوُد: " فَقَسمهُ على فُقَرَاء الْمُسلمين ". الصَّوَاب: " لَا يدْرِي حسن من هِيَ ".(2/418)
بَاب إِبَاحَة الِانْصِرَاف قبل الْخطْبَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى السينَانِي، ثَنَا ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن عبد الله / بن السَّائِب قَالَ: " شهِدت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعِيد فَلَمَّا قضي الصَّلَاة قَالَ: إِنَّا نخطب، فَمن أحب أَن يجلس للخطبة فليجلس، وَمن أحب أَن يذهب فليذهب ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا يرْوى مُرْسلا، عَن عَطاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
بَاب مُخَالفَة الطَّرِيق يَوْم الْعِيد
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد، أَنا أَبُو تُمَيْلة يحيى بن وَاضح، عَن فليح بن سُلَيْمَان، عَن سعيد بن الْحَارِث، عَن جَابر قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا كَانَ يَوْم عيد خَالف الطَّرِيق ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن وَاصل، ثَنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت، عَن فليح بن سُلَيْمَان، عَن سعيد بن الْحَارِث، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ " كَانَ النَّبِي إِذا خرج يَوْم الْعِيد فِي طَرِيق رَجَعَ فِي غَيره ".
هَذَا حَدِيث غَرِيب.
بَاب إِذا خَفِي يَوْم الْعِيد خرج إِلَى الصَّلَاة فِي الْيَوْم التَّالِي
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى - هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان - ثَنَا [شُعْبَة] ، حَدثنِي أَبُو بشر، عَن أبي عُمَيْر، عَن عمومة لَهُ " أَن قوما رَأَوْا(2/419)
الْهلَال فَأتوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَمرهمْ أَن يفطروا بَعْدَمَا ارْتَفع النَّهَار، وَأَن يخرجُوا إِلَى الْعِيد من الْغَد ".
بَاب مَا يكره من حمل السِّلَاح يَوْم الْعِيد وَفِي الْحرم
البُخَارِيّ: حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يحيى أَبُو السكين، ثَنَا الْمحَاربي، ثَنَا مُحَمَّد بن سوقة، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " كنت مَعَ ابْن عمر حِين أَصَابَهُ سِنَان الرمْح فِي أَخْمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فَنزلت فنزعتها، وَذَلِكَ بمنى، فَبلغ الْحجَّاج فَجعل يعودهُ، فَقَالَ الْحجَّاج: لَو نعلم من أَصَابَك. فَقَالَ ابْن عمر: أَنْت أصبتني. فَقَالَ: وَكَيف؟ قَالَ: حملت السِّلَاح فِي يَوْم لم يكن يحمل فِيهِ، وأدخلت السِّلَاح الْحرم وَلم يكن السِّلَاح يدْخل الْحرم ".
بَاب فضل الْعَمَل أَيَّام الْعشْر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، وَمُجاهد، وَمُسلم البطين، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من أَيَّام الْعَمَل الصَّالح فِيهَا أحب إِلَى الله من هَذِه الْأَيَّام - يَعْنِي أَيَّام الْعشْر - قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، إِلَّا رجل خرج بِمَالِه وَنَفسه فَلم يرجع من ذَلِك بِشَيْء ".
بَاب اللّعب يَوْم الْعِيد
النَّسَائِيّ: / أخبرنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل، ثَنَا حميد، عَن أنس قَالَ: " كَانَ لأهل الْجَاهِلِيَّة يَوْمَانِ فِي كل سنة يَلْعَبُونَ فيهمَا، فَلَمَّا قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(2/420)
الْمَدِينَة قَالَ: كَانَ لكم يَوْمَانِ تلعبون فيهمَا، فقد أبدلكم الله بهما خيرا مِنْهُمَا: يَوْم الْفطر، وَيَوْم الْأَضْحَى ". مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخل عَليّ أَبُو بكر وَعِنْدِي جاريتان من جواري الْأَنْصَار تُغنيَانِ بِمَا تقاولت بِهِ الْأَنْصَار يَوْم بُعَاث، قَالَت: وليستا بمغنيتين. فَقَالَ أَبُو بكر
أبمزمور الشَّيْطَان فِي بَيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ ! وَذَلِكَ فِي يَوْم عيد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا بكر، إِن لكل قوم عيدا، وَهَذَا عيدنا ".
وحدثناه يحيى بن يحيى وَأَبُو كريب، جَمِيعًا عَن أبي مُعَاوِيَة، عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَفِيه: " جاريتان تلعبان بالدف ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون الْأَيْلِي، وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى - وَاللَّفْظ لهارون - قَالَا: أَنا ابْن وهب، أخبرنَا عَمْرو، أَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن حَدثهُ عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْدِي جاريتان تُغنيَانِ بغناء بُعَاث، فأضطجع على الْفراش وحول وَجهه، فَدخل أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَانْتَهرنِي وَقَالَ: مزمار الشَّيْطَان عِنْد رَسُول الله؟ فَأقبل عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَقَالَ] : دعهما. فَلَمَّا غفل غمزتهما فخرجتا، وَكَانَ يَوْم عيد يلْعَب السودَان بالدرق والحراب، فإمَّا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِمَّا قَالَ: تشتهين تنظرين؟ ! فَقلت: نعم، فأقامني وَرَاءه، خدي على خَدّه، وَهُوَ يَقُول: دونكم يَا بني أرفدة. حَتَّى إِذا مللت قَالَ: حَسبك؟ قلت: نعم قَالَ: فأذهبي ".
وَفِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث عَن عَائِشَة: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسترني بردائه وَأَنا أنظر إِلَى الْحَبَشَة وهم يَلْعَبُونَ ".(2/421)
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد، قَالَ عبد: أَنا، وَقَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " بَيْنَمَا الْحَبَشَة يَلْعَبُونَ عِنْد رَسُول الله بِحِرَابِهِمْ، إِذْ دخل عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فَأَهوى إِلَى الْحَصَا يحصبهم بهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دعهم يَا عمر ".
وَفِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " وددت أَنِّي أَرَاهُم ". تَعْنِي اللعابين.
أَبْوَاب صَلَاة الاستقساء
بَاب الْخُرُوج فِي الاسْتِسْقَاء للمصلى
مُسلم: / حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن عبد الله بن أبي بكر، أَنه سمع عباد بن تَمِيم يَقُول: سَمِعت عبد الله بن زيد الْمَازِني يَقُول: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمصلى فاستسقي وحول رِدَاءَهُ حِين اسْتقْبل الْقبْلَة ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا النُّفَيْلِي وَعُثْمَان بن أبي شيبَة نَحوه قَالَا: ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا هِشَام بن إِسْحَاق بن عبد الله بن كنَانَة قَالَ: أَخْبرنِي أبي قَالَ: " أَرْسلنِي الْوَلِيد بن عتبَة - قَالَ عُثْمَان: ابْن عقبَة - وَكَانَ أَمر الْمَدِينَة إِلَى ابْن عَبَّاس، أسأله عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الاسْتِسْقَاء، فَقَالَ: خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - متبذلا،(2/422)
متواضعا، متضرعا، حَتَّى أَتَى الْمصلى - زَاد عُثْمَان: فرقي على الْمِنْبَر، ثمَّ اتفقَا - وَلم يخْطب (خطبتكم) هَذِه، وَلَكِن لم يزل فِي الدُّعَاء والتضرع وَالتَّكْبِير، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيد ".
والإخبار للنفيلي، قَالَ أَبُو دَاوُد: الصَّوَاب: ابْن عتبَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا حَاتِم بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَهَذَا الحَدِيث.
وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب تَحْويل الإِمَام رِدَاءَهُ
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، وحرملة قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عباد بن تَمِيم الْمَازِني، أَنه سمع عَمه - وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا يَسْتَسْقِي، فَجعل إِلَى النَّاس ظَهره يَدْعُو الله، واستقبل الْقبْلَة، وحول رِدَاءَهُ، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد الثَّقَفِيّ، ثَنَا عبد الْعَزِيز، عَن عمَارَة بن غزيَّة، عَن عباد بن تَمِيم، عَن عبد الله بن زيد قَالَ: " استسقى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَلِيهِ خميصة لَهُ سَوْدَاء، فَأَرَادَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يَأْخُذ بأسفلها فَيَجْعَلهُ أَعْلَاهَا،(2/423)
فَلَمَّا ثقلت قَلبهَا على عَاتِقه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا سُفْيَان، عَن عبد الله بن أبي بكر، سمع عباد بن تَمِيم، عَن عَمه: " خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمصلى يَسْتَسْقِي، واستقبل الْقبْلَة فصلى رَكْعَتَيْنِ وقلب رِدَاءَهُ ".
قَالَ سُفْيَان: وَأَخْبرنِي المَسْعُودِيّ، عَن أبي بكر قَالَ: " جعل الْيَمين على الشمَال ".
بَاب رفع الإِمَام يَدَيْهِ عِنْد الدُّعَاء فِي الاسْتِسْقَاء
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا ابْن أبي عدي وَعبد الْأَعْلَى، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من دُعَائِهِ إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاء، حَتَّى يرى بَيَاض إبطَيْهِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، عَن شُعْبَة / عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرفع يَدَيْهِ فِي الدُّعَاء، حَتَّى يرى بَيَاض إبطَيْهِ ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة الْمرَادِي، ثَنَا ابْن وهب، عَن حَيْوَة و (عَمْرو) بن مَالك، عَن ابْن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن عُمَيْر مولى(2/424)
أبي اللَّحْم " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْتَسْقِي عِنْد أَحْجَار الزَّيْت، قَرِيبا من الزَّوْرَاء، قَائِما يَدْعُو يَسْتَسْقِي رَافعا يَدَيْهِ قبل وَجهه، لَا يُجَاوز بهما رَأسه ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا الْحُسَيْن بن مُوسَى، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس بن مَالك " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استسقى فَأَشَارَ بِظهْر كفيه إِلَى السَّمَاء ".
بَاب عدد صَلَاة الاسْتِسْقَاء
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن هِشَام بن إِسْحَاق - هُوَ ابْن عبد الله بن كنَانَة - عَن أَبِيه قَالَ: " أَرْسلنِي الْوَلِيد بن عقبَة - وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة - إِلَى ابْن عَبَّاس أسأله عَن استسقاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَتَيْته فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج متبذلا، متواضعا، متضرعا، حَتَّى أَتَى الْمصلى، فَلم يخْطب خطبتكم هَذِه وَلَكِن لم يزل فِي الدُّعَاء، والتضرع، وَالتَّكْبِير، وَصلى رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْعِيد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب الْجَهْر فِي صَلَاة الاسْتِسْقَاء
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عباد بن تَمِيم، عَن عَمه قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم خرج يَسْتَسْقِي قَالَ: فحول إِلَى النَّاس ظَهره، واستقبل الْقبْلَة يَدْعُو، ثمَّ حول رِدَاءَهُ، ثمَّ صلى لنا رَكْعَتَيْنِ جهر فيهمَا(2/425)
بِالْقِرَاءَةِ ".
بَاب مَا يَقُول فِي الاسْتِسْقَاء
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، وَيحيى بن أَيُّوب، وقتيبة، وَابْن حجر، قَالَ يحيى: أَنا، وَقَالَ الْآخرُونَ: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن شريك بن أبي نمر، عَن أنس بن مَالك " أَن رجلا دخل الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة من بَاب كَانَ نَحْو دَار الْقَضَاء وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم يخْطب النَّاس، فَاسْتقْبل رَسُول الله قَائِما، ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله، هَلَكت الْأَمْوَال، وانقطعت السبل، فَادع الله يغثنا. قَالَ: فَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغنا، اللَّهُمَّ أغثنا. قَالَ أنس: وَلَا وَالله مَا نرى فِي السَّمَاء من سَحَاب وَلَا قزعة وَلَا بَيْننَا وَبَين سلع من بَيت وَلَا دَار، قَالَ: وطلعت من وَرَائه سَحَابَة مثل الترس، فَلَمَّا / توسطت السَّمَاء انتشرت، ثمَّ أمْطرت، قَالَ: فَلَا وَالله مَا رَأينَا الشَّمْس سبتا. قَالَ: ثمَّ دخل رجل من ذَلِك الْبَاب فِي الْجُمُعَة الْمُقبلَة، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم يخْطب، فأستقبله قَائِما، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت السبل، فَادع الله يمْسِكهَا عَنَّا. قَالَ: فَرفع رَسُول الله يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا، اللَّهُمَّ على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشّجر. قَالَ: فانقلعت، وَخَرجْنَا نمشي فِي الشَّمْس. قَالَ شريك: فَسَأَلت أنس بن مَالك: أهوَ الرجل الأول؟ قَالَ: لَا أَدْرِي ".
زَاد البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " وَرفع النَّاس أَيْديهم ".(2/426)
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " فَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَيْهِ حذاء وَجهه ".
مُسلم: حَدثنَا دَاوُد بن رشيد، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " أَصَابَت النَّاس سنة على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، (فَبَيْنَمَا) رَسُول الله يخْطب النَّاس على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة إِذْ قَامَ أَعْرَابِي فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هلك المَال، وجاع الْعِيَال ... " وسَاق الحَدِيث بِمَعْنَاهُ، وَفِيه قَالَ: " اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا. قَالَ: فَمَا يُشِير بيدَيْهِ إِلَى نَاحيَة إِلَّا تفرجت، حَتَّى رَأَيْت الْمَدِينَة فِي مثل الجوبة، وسال وَادي قناة شهرا، وَلم يجِئ أحد من نَاحيَة إِلَّا أخبر بجود ".
وَلمُسلم: فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: " فَنَظَرت إِلَى الْمَدِينَة وَإِنَّهَا لفي مثل الإكليل ". وَفِي أُخْرَى: " فَرَأَيْت السَّحَاب يتمزق كَأَنَّهُ الملاء حِين يطوى ".
وَزَاد البُخَارِيّ - أَيْضا -: " ثمَّ لم ينزل عَن منبره حَتَّى رَأَيْت الْمَطَر يتحادر على لحيته - يَعْنِي أول جُمُعَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن أبي خلف، ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد، ثَنَا مسعر، عَن يزِيد الْفَقِير، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بواك) فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسقنا غيثا مغيثا، مريئا مريعا، نَافِعًا غير ضار، عَاجلا غير آجل. قَالَ:(2/427)
فأطبقت عَلَيْهِم السَّمَاء ".
بَاب بركَة الْمَطَر
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس قَالَ: قَالَ أنس: " أَصَابَنَا وَنحن مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مطر فحسر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَوْبه، حَتَّى أَصَابَهُ من الْمَطَر، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، لم صنعت هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيث [عهد] بربه - عز وَجل ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا سُلَيْمَان - يَعْنِي ابْن بِلَال - عَن جَعْفَر - وَهُوَ ابْن مُحَمَّد - عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، أَنه سمع عَائِشَة زوج النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَقول: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا كَانَ يَوْم الرّيح والغيم عرف ذَلِك فِي وَجهه فَأقبل وَأدبر، فَإِذا مطرَت سر بِهِ، وَذهب ذَلِك عَنهُ، قَالَت عَائِشَة: فَسَأَلته، فَقَالَ: إِنِّي خشيت أَن يكون عذَابا سلط على أمتِي، وَيَقُول إِذا رأى الْمَطَر: رَحْمَة ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الاستمطار بالنجوم
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا سُفْيَان، عَن صَالح بن كيسَان، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن زيد بن خَالِد قَالَ: " مطر النَّاس على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: ألم تسمعوا مَا قَالَ ربكُم اللَّيْلَة؟ قَالَ: مَا أَنْعَمت على عبَادي من نعْمَة إِلَّا أصبح طَائِفَة مِنْهُم بهَا كَافِرين، يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا، وبنوء كَذَا. فَأَما من آمن بِي وحمدني على سقياي فَذَلِك [الَّذِي] آمن بِي وَكفر بالكوكب، وَمن قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا، وبنوء كَذَا، فَذَلِك الَّذِي كفر بِي وآمن بالكوكب ".(2/428)
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، عَن مَالك، عَن صَالح بِهَذَا الْإِسْنَاد: " صلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الصُّبْح بِالْحُدَيْبِية على أثر سَمَاء كَانَت من اللَّيْل، فَلَمَّا انْصَرف أقبل على النَّاس فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: أصبح من عبَادي مُؤمن بِي وَكَافِر، فَأَما من قَالَ: مُطِرْنَا بِفضل الله وَرَحمته، فَذَلِك مُؤمن بِي وَكَافِر بالكوكب، وَأما من قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَذَلِك كَافِر بِي مُؤمن بالكوكب ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء بن عبد الْجَبَّار، عَن سُفْيَان، عَن عَمْرو - وَهُوَ ابْن دِينَار - عَن عتاب بن حنين، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو أمسك الله الْقطر عَن عباده [خمس سِنِين] ثمَّ أرْسلهُ لأصبحت طَائِفَة من النَّاس كَافِرين يَقُولُونَ: سقينا بِنَوْء المجدح ".
عتاب بن حنين وَيُقَال: ابْن أبي حنين، وَهُوَ مكي سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ، روى عَنهُ: عَمْرو بن دِينَار، وَيحيى بن عبد الله بن صَيْفِي، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
أَبْوَاب صَلَاة الْكُسُوف
بَاب الْأَمر بِالصَّلَاةِ عِنْد كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا هشيم، عَن إِسْمَاعِيل، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن أبي مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، يخوف الله بهما عباده، وإنهما لَا ينكسفان لمَوْت أحد من النَّاس،(2/429)
فَإِذا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئا فصلوا، وَادعوا حَتَّى يكْشف مَا بكم ".
بَاب النداء لصَلَاة الْكُسُوف
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، قَالَ الْأَوْزَاعِيّ أَبُو عَمْرو وَغَيره: سَمِعت ابْن شهَاب، يخبر / عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن الشَّمْس خسفت على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَبعث مناديا: الصَّلَاة جَامِعَة. فأجتمعوا، فَتقدم فَكبر وَصلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات ".
بَاب صفة صَلَاة الْكُسُوف وَمَا جَاءَ فِي ذَلِك
مُسلم: حَدثنِي أَبُو طَاهِر وَمُحَمّد بن سَلمَة الْمرَادِي قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " خسفت الشَّمْس فِي حَيَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَخرج رَسُول الله إِلَى الْمَسْجِد، فَقَامَ وَكبر، وصف النَّاس وَرَاءه، فاقترأ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قِرَاءَة طَوِيلَة، ثمَّ كبر فَرَكَعَ رُكُوعًا طَويلا، ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: سمع الله لمن حَمده، رَبنَا وَلَك الْحَمد. ثمَّ قَامَ فاقترأ قِرَاءَة طَوِيلَة هِيَ أدنى من الْقِرَاءَة الأولى، ثمَّ كبر فَرَكَعَ رُكُوعًا طَويلا هُوَ أدنى من الرُّكُوع الأول، ثمَّ قَالَ: سمع الله لمن حَمده، رَبنَا وَلَك الْحَمد. ثمَّ سجد - وَلم يذكر أَبُو الطَّاهِر: ثمَّ سجد - ثمَّ فعل فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى مثل ذَلِك، حَتَّى اسْتكْمل أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات، وانجلت الشَّمْس قبل أَن ينْصَرف، ثمَّ قَامَ فَخَطب النَّاس فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رأيتموها فأفزعوا إِلَى الصَّلَاة ". وَقَالَ أَيْضا: " فصلوا حَتَّى يفرج عَنْكُم ". وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:(2/430)
" رَأَيْت فِي مقَامي هَذَا كل شَيْء وعدتم، لقد رَأَيْتنِي أُرِيد أَن آخذ قطفا من الْجنَّة حِين رآيتموني جعلت أقدم - وَقَالَ الْمرَادِي: أتقدم - وَلَقَد رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا حِين رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرت، وَرَأَيْت فِيهَا ابْن لحي وَهُوَ الَّذِي سيب السوائب ".
وانْتهى حَدِيث أبي طَاهِر عِنْد قَوْله: " فافزعوا إِلَى الصَّلَاة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا عبد الله بن نمير، ثَنَا هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " خسفت الشَّمْس فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ رَسُول الله يُصَلِّي فَأطَال الْقيام جدا، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع جدا، ثمَّ رفع رَأسه فَأطَال الْقيام جدا، وَهُوَ دون الْقيام الأول، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع جدا، وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، ثمَّ سجد، ثمَّ قَامَ فَأطَال الْقيام وَهُوَ دون الْقيام الأول، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، ثمَّ رفع رَأسه فَقَامَ فَأطَال وَهُوَ دون الْقيام الأول، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، ثمَّ سجد، ثمَّ انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد تجلت الشَّمْس، فَخَطب النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر / من آيَات الله، وإنهما لَا ينخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رأيتموها فكبروا وَادعوا الله وصلوا وتصدقوا، يَا أمة مُحَمَّد، إِن من أحد أغير من الله أَن يَزْنِي عَبده أَو تَزني أمته، يَا أمة مُحَمَّد لَو تعلمُونَ مَا أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكنم قَلِيلا، أَلا هَل بلغت ". وَفِي رِوَايَة مَالك: " إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله " وَفِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة مُسلم: " ثمَّ رفع يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَل بلغت ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، أَنا ابْن جريح، أَخْبرنِي مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن، عَن أمه صَفِيَّة بنت شيبَة، عَن أَسمَاء(2/431)
بنت أبي بكر قَالَت: " فزع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يَوْم) - قَالَت: تَعْنِي يَوْم كسفت الشَّمْس - فَأخذ درعا حَتَّى أدْرك بردائه، فَقَامَ النَّاس قيَاما طَويلا حَتَّى لَو أَن إنْسَانا أَتَى لم يشْعر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ركع، مَا حدث أَنه ركع من طول الْقيام ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَبدة بن عبد الرَّحِيم، أَنا ابْن عُيَيْنَة، عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِي كسوف على صفة زَمْزَم أَربع رَكْعَات، وَأَرْبع سَجدَات ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو غَسَّان المسمعي وَمُحَمّد ابْن الْمثنى قَالَا: ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِي الْكُسُوف سِتّ رَكْعَات، وَأَرْبع سَجدَات ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن علية، عَن سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين كسفت الشَّمْس ثَمَانِي رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات ". وَعَن عَليّ مثل ذَلِك.
وروى النَّسَائِيّ: عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَن معَاذ بن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن قَتَادَة، عَن عَطاء، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى عشر رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات ".
قَالَ أَبُو عمر: سَماع قَتَادَة من عَطاء عِنْدهم غير صَحِيح.(2/432)
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا أَبُو النَّضر، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة - وَهُوَ شَيبَان النَّحْوِيّ - عَن يحيى - وَهُوَ ابْن أبي كثير - عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ.
وثنا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا يحيى بن حسان، ثَنَا مُعَاوِيَة بن سَلام، عَن يحيى بن أبي كثير، أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن خبر عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ: " لما انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نُودي بِالصَّلَاةِ جَامِعَة، فَرَكَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَة، ثمَّ [قَامَ] فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَة ثمَّ جلي عَن الشَّمْس، فَقَالَت عَائِشَة: مَا ركعت رُكُوعًا قطّ وَلَا سجدت سجودا قطّ كَانَ أطول مِنْهُ ".
النَّسَائِيّ: / أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد، ثَنَا الْوَلِيد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " خسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مناديا فَنَادَى أَن الصَّلَاة جَامِعَة، فَاجْتمعُوا وَاصْطَفُّوا، فصلى بهم أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبع سَجدَات ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن زُرَيْع - ثَنَا يُونُس، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة قَالَ: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فانكسفت الشَّمْس، فَقَامَ إِلَى الْمَسْجِد يجر رِدَاءَهُ من العجلة، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّاس، فصلى رَكْعَتَيْنِ كَمَا تصلونَ، فَلَمَّا انجلت خَطَبنَا فَقَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله يخوف بهما عباده، وإنهما لَا ينكسفان لمَوْت أحد، فَإِذا رَأَيْتُمْ كسوف أَحدهمَا فصلوا وَادعوا حَتَّى(2/433)
ينْكَشف مَا بكم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا أَبُو [هِشَام]- هُوَ الْمُغيرَة بن سَلمَة المَخْزُومِي، ثِقَة - ثَنَا وهيب - هُوَ ابْن خَالِد - ثَنَا أَبُو مَسْعُود سعيد ابْن إِيَاس الْجريرِي، عَن حَيَّان بن عُمَيْر، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ: " بَينا (أترامي) بأسهم لي بِالْمَدِينَةِ، إِذْ كسفت الشَّمْس، فَجمعت أسهمي وَقلت: لأنظرن مَا أحدث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كسوف الشَّمْس، فَأَتَيْته مِمَّا يَلِي ظَهره وَهُوَ فِي الْمَسْجِد، فَجعل يسبح وَيكبر وَيَدْعُو حَتَّى حسر عَنْهَا، قَالَ: ثمَّ قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، ثَنَا خَالِد، عَن أبي قلَابَة، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَخرج يجر ثَوْبه فَزعًا حَتَّى أَتَى الْمَسْجِد، فَلم يزل يُصَلِّي حَتَّى انجلت، فَلَمَّا انجلت قَالَ: إِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفان إِلَّا لمَوْت عَظِيم من العظماء، وَلَيْسَ كَذَلِك، إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما آيتان من آيَات الله، وَإِن الله إِذا تجلى لشَيْء من خلقه خشع لَهُ، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فصلوا، كأحدث صَلَاة صليتموها من الْمَكْتُوبَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، حَدثنِي الْحَارِث بن عُمَيْر الْبَصْرِيّ، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن أبي قلَابَة، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ:(2/434)
" كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَيسْأل عَنْهَا حَتَّى انجلت ".
الْحَارِث بن عُمَيْر هَذَا رجل صَالح ثِقَة مَشْهُور.
بَاب الْجَهْر فِي صَلَاة الْكُسُوف
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْرَان، ثَنَا الْوَلِيد - هُوَ ابْن مُسلم - ثَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن نمير، أَنه سمع ابْن شهَاب، يخبر عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جهر فِي صَلَاة الخسوف بقرَاءَته، فصلى أَربع رَكْعَات / فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات ".
قَالَ الزُّهْرِيّ: وَأَخْبرنِي كثير بن عَبَّاس، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه صلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات ".
بَاب من أسر فِيهَا
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي هِلَال بن الْعَلَاء بن هِلَال، ثَنَا الْحُسَيْن بن عَيَّاش، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا الْأسود بن قيس / حَدثنِي ثَعْلَبَة بن عباد - من أهل الْبَصْرَة " أَنه شهد خطْبَة يَوْمًا لسمرة بن جُنْدُب، فَذكر فِي خطبَته حَدِيثا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ سَمُرَة ابْن جُنْدُب: بَينا أَنا يَوْمًا وَغُلَام نرمي غرضين لنا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، حَتَّى إِذا كَانَت الشَّمْس قيد رُمْحَيْنِ أَو ثَلَاثَة فِي عين النَّاظر من الْأُفق اسودت، فَقَالَ أَحَدنَا لصَاحبه: انْطلق بِنَا إِلَى الْمَسْجِد فوَاللَّه ليحدثن شَأْن هَذِه الشَّمْس لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أمته حَدثا. قَالَ: فدفعنا إِلَى الْمَسْجِد، قَالَ: وافينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين خرج إِلَى النَّاس قَالَ: فاستقدم فصلى، فَقَامَ كأطول قيام قَامَ بِنَا فِي صَلَاة قطّ مَا نسْمع لَهُ صَوتا، ثمَّ ركع بِنَا كأطول مَا ركع بِنَا فِي صَلَاة قطّ مَا نسْمع لَهُ صَوتا، ثمَّ سجدنا كأطول مَا سجد بِنَا فِي صَلَاة قطّ لَا نسْمع لَهُ صَوتا، ثمَّ فعل ذَلِك فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة(2/435)
مثل ذَلِك، قَالَ: فَوَافَقَ تجلي الشَّمْس جُلُوسه فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة، فَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، وَشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَشهد أَنه عَبده وَرَسُوله ".
بَاب التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد بن كثير، عَن الْوَلِيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن نمر، أَنه سَأَلَ الزُّهْرِيّ عَن سنة صَلَاة الْكُسُوف، فَقَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة قَالَت: " كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَبعث رجلا فَنَادَى أَن الصَّلَاة جَامِعَة، فَاجْتمع النَّاس، فَذكرت صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهن، قَالَت: ثمَّ تشهد، ثمَّ سلم ".
بَاب الْخطْبَة بعد صَلَاة الْكُسُوف
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا ابْن نمير، ثَنَا هِشَام، عَن فَاطِمَة، عَن أَسمَاء قَالَت: " خسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدخلت على عَائِشَة وَهِي تصلي، فَقلت: مَا شَأْن النَّاس يصلونَ؟ ! فَأَشَارَتْ برأسها إِلَى السَّمَاء، فَقلت: آيَة؟ قَالَت: نعم. فَأطَال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقيام جدا حَتَّى تجلاني الغشي، فَأخذت قربَة من مَاء إِلَى جَنْبي، فَجعلت أصب على رَأْسِي أَو على وَجْهي من المَاء، قَالَت: فَانْصَرف رَسُول الله وَقد تجلت الشَّمْس، فَخَطب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّاس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ: أما بعد، مَا من شَيْء / لم أكن رَأَيْته إِلَّا قد رَأَيْته فِي مقَامي هَذَا حَتَّى الْجنَّة وَالنَّار، وَإنَّهُ قد أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور قَرِيبا أَو مثل فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فَيُؤتى أحدكُم فَيُقَال: مَا علمك بِهَذَا الرجل؟ فَأَما الْمُؤمن أَو الموقن - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فَيَقُول: هُوَ مُحَمَّد،(2/436)
هُوَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى، فأجبنا وأطعنا - ثَلَاث مرار - فَيُقَال لَهُ، نم قد كُنَّا نعلم أَنَّك لتؤمن بِهِ فنم صَالحا. وَأما الْمُنَافِق أَو المرتاب - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فَيَقُول: لَا أَدْرِي، سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت ".
مُسلم: ثَنَا أَبُو أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الله بن نمير.
وثنا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير - وتقاربا فِي اللَّفْظ - ثَنَا أبي، ثَنَا عبد الْملك، عَن عَطاء، عَن جَابر قَالَ: " انكسفت الشَّمْس فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله، فَقَالَ النَّاس: إِنَّمَا انكسفت لمَوْت إِبْرَاهِيم، فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى بِالنَّاسِ سِتّ رَكْعَات بِأَرْبَع سَجدَات، بَدَأَ فَكبر ثمَّ قَرَأَ فَأطَال الْقِرَاءَة، ثمَّ ركع نَحوا مِمَّا قَامَ، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع فَقَرَأَ قِرَاءَة دون الْقِرَاءَة الأولى، ثمَّ ركع نَحوا مِمَّا قَامَ، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع، ثمَّ انحدر بِالسُّجُود فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ قَامَ فَرَكَعَ أَيْضا ثَلَاث رَكْعَات لَيْسَ فِيهَا رَكْعَة إِلَّا الَّتِي قبلهَا أطول من الَّتِي بعْدهَا، وركوعه نَحوا من سُجُوده، ثمَّ تَأَخّر وتأخرت الصُّفُوف حَتَّى انتهينا - وَقَالَ أَبُو بكر: حَتَّى انْتهى إِلَى النِّسَاء - ثمَّ تقدم وَتقدم النَّاس مَعَه، حَتَّى قَامَ فِي مقَامه فَانْصَرف وَقد آضت الشَّمْس، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّمَا الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، وإنهما لَا ينكسفان لمَوْت أحد من النَّاس - وَقَالَ أَبُو بكر: لمَوْت بشر - فَإِذا رَأَيْتُمْ شَيْئا من ذَلِك فصلوا حَتَّى تنجلي، مَا من شَيْء توعدونه إِلَّا قد رَأَيْته فِي صَلَاتي هَذِه، لقد جِيءَ بالنَّار وَذَلِكَ حِين رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرت مَخَافَة أَن يُصِيبنِي من لفحها، وَحَتَّى رَأَيْت فِيهَا صَاحب المحجن يجر قصبه فِي النَّار، كَانَ يسرق الْحَاج بِمِحْجَنِهِ، فَإِن فطن لَهُ قَالَ: إِنَّمَا تعلق بمحجني، وَإِن غفل عَنهُ ذهب بِهِ، وَحَتَّى رَأَيْت فِيهَا صَاحِبَة الْهِرَّة الَّتِي ربطتها فَلم تطعمها، وَلَو تدعها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض حَتَّى مَاتَت جوعا، ثمَّ جِيءَ بِالْجنَّةِ وذلكم حِين رَأَيْتُمُونِي تقدّمت حَتَّى قُمْت فِي مقَامي، وَلَقَد مددت يَدي وَأَنا أُرِيد أَن أتناول من ثَمَرهَا لتنظروا إِلَيْهِ، ثمَّ(2/437)
بدا لي أَن لَا أفعل، فَمَا من شَيْء توعدونه إِلَّا قد رَأَيْته فِي صَلَاتي هَذِه ".
وللبخاري فِي هَذَا الحَدِيث: " دنت مني الْجنَّة حَتَّى لَو اجترأت عَلَيْهَا لجئتكم بقطاف من قطافها، وَدنت مني النَّار حَتَّى قلت: أَي رب أَو أَنا مَعَهم؟ "
رَوَاهُ عَن ابْن أبي مَرْيَم، عَن نَافِع بن عمر، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن أَسمَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَزَاد ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده فِي خبر الْهِرَّة: " فَهِيَ تنهش قبلهَا ودبرها " رَوَاهُ عَن شريك، عَن أبي إِسْحَاق، عَن السَّائِب بن مَالك، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " وَلَقَد رَأَيْتهَا تنهشها إِذا أَقبلت، وَإِذا ولت تنهش [أليتها] ، وَحَتَّى رَأَيْت فِيهَا صَاحب الشعبتين أَخا بني الدعدع يدْفع بعصا ذَات شعبتين فِي النَّار ". رَوَاهُ عَن هِلَال بن بشر، عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الصَّمد، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَفِي حَدِيث آخر: " رَأَيْت فِيهَا أَخا بني دعدع سَارِق الحجيج ". رَوَاهُ من طَرِيق شُعْبَة، عَن عَطاء، وَقد تقدم قبل صَلَاة الْكُسُوف.
مُسلم: حَدثنِي سُوَيْد بن سعيد، ثَنَا حَفْص بن ميسرَة، حَدثنِي زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالنَّاس مَعَه، فَقَامَ قيَاما طَويلا قدر نَحْو سُورَة(2/438)
الْبَقَرَة، ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا، [ثمَّ] رفع فَقَامَ قيَاما طَويلا وَهُوَ دون الْقيام الأول، ثمَّ ركع رُكُوعًا [طَويلا] وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، [ثمَّ سجد، ثمَّ قَامَ قيَاما طَويلا، وَهُوَ دون الْقيام الأول، ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا، وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول] ثمَّ رفع فَقَامَ قيَاما طَويلا وَهُوَ دون الْقيام [الأول] ، ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، ثمَّ سجد، ثمَّ انْصَرف وَقد انجلت الشَّمْس فَقَالَ إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله - عز وَجل - لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فاذكروا الله. قَالُوا: يَا رَسُول الله، رَأَيْنَاك تناولت شَيْئا فِي مقامك هَذَا ثمَّ رَأَيْنَاك كَفَفْت. فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت الْجنَّة فتناولت مِنْهَا عنقودا، وَلَو أَخَذته لأكلتم مِنْهُ مَا بقيت الدُّنْيَا، وَرَأَيْت النَّار فَلم أر كَالْيَوْمِ منْظرًا قطّ، وَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا النِّسَاء. قَالُوا: بِمَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: بكفرهن. قيل: أيكفرن بِاللَّه؟ قَالَ: (يكفرن) العشير و (يكفرن) الْإِحْسَان، وَلَو أَحْسَنت إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْر ثمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئا قَالَت: مَا رَأَيْت خيرا قطّ ".
مُسلم: ثَنَا أَبُو عَامر الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن براد وَمُحَمّد بن الْعَلَاء قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " خسفت الشَّمْس فِي زمن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ فَزعًا يخْشَى أَن تكون السَّاعَة، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِد، فَقَامَ يُصَلِّي بأطول قيام وركوع وَسُجُود، [مَا] رَأَيْته يَفْعَله فِي صَلَاة قطّ، ثمَّ قَالَ: إِن هَذِه الْآيَات الَّتِي يُرْسل الله لَا تكون لمَوْت أحد، وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِن الله يرسلها يخوف بهَا عباده، فَإِذا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئا فافزعوا إِلَى / ذكر الله ودعائه واستغفاره ". وَفِي رِوَايَة ابْن الْعَلَاء: " كسفت " وَقَالَ: " يخوف عباده ".(2/439)
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة القعْنبِي، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن يحيى، عَن عمْرَة " أَن يَهُودِيَّة أَتَت عَائِشَة تسألها فَقَالَت: أَعَاذَك الله من عَذَاب الْقَبْر. قَالَت عَائِشَة: فَقلت: يَا رَسُول الله، يعذب النَّاس فِي الْقُبُور؟ قَالَت عمْرَة: فَقَالَت عَائِشَة: قَالَ رَسُول الله: عائذا بِاللَّه. ثمَّ ركب رَسُول الله ذَات غَدَاة مركبا فخسفت الشَّمْس، قَالَت عَائِشَة: فَخرجت فِي نسْوَة بَين ظَهْري الْحجر فِي الْمَسْجِد، فَأتى رَسُول الله من مركبه حَتَّى انْتهى إِلَى مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ ... . " فَذكرت الحَدِيث وَصَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَت: " ثمَّ رفع وَقد تجلت الشَّمْس فَقَالَ: إِنِّي رأيتكم تفتنون فِي الْقُبُور كفتنة الدَّجَّال. قَالَت عمْرَة: فَسمِعت عَائِشَة تَقول: فَكنت أسمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد ذَلِك بتعوذ من عَذَاب النَّار وَعَذَاب الْقَبْر ".
وَقَالَ البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " ثمَّ أَمرهم أَن يتعوذوا من عَذَاب الْقَبْر ".
وَقَالَ النَّسَائِيّ: " فَلَمَّا انْصَرف قعد على الْمِنْبَر ".
بَاب رفع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء عِنْد الْكُسُوف
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى، عَن الْجريرِي، عَن حَيَّان بن عُمَيْر، عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة - وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كنت أرتمي بأسهم لي بِالْمَدِينَةِ فِي حَيَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ كسفت الشَّمْس، فنبذتها فَقلت: وَالله لأنظرن إِلَى مَا حدث لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كسوف الشَّمْس، قَالَ: فَأَتَيْته وَهُوَ قَائِم فِي الصَّلَاة رَافع يَدَيْهِ فَجعل يسبح، ويحمد، ويهلل، وَيكبر، وَيَدْعُو حَتَّى حسر عَنْهَا، قَالَ: فَلَمَّا حسر عَنْهَا قَرَأَ سورتين وَصلى رَكْعَتَيْنِ ".(2/440)
بَاب الْعتَاقَة وَالصَّدَََقَة عِنْد الْكُسُوف
البُخَارِيّ: حَدثنَا ربيع بن يحيى، ثَنَا زَائِدَة، عَن هِشَام، عَن فَاطِمَة، عَن أَسمَاء قَالَت: " لقد أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالعتاقة فِي كسوف الشَّمْس ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو، ثَنَا زَائِدَة بِهَذَا الْإِسْنَاد " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمر بالعتاقة فِي صَلَاة الْكُسُوف ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، عَن مَالك، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فَادعوا اله، وَكَبرُوا، وتصدقوا ".
بَاب السُّجُود عِنْد الْآيَات
أَبُو دَاوُد: / حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان الثَّقَفِيّ، ثَنَا يحيى بن كثير، ثَنَا [سلم] بن جَعْفَر، عَن الحكم بن أبان، عَن عِكْرِمَة قَالَ: " قيل لِابْنِ عَبَّاس: مَاتَت فُلَانَة - بعض أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَخر سَاجِدا، فَقيل لَهُ: تسْجد هَذِه السَّاعَة؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا رَأَيْتُمْ آيَة فاسجدوا. وَأي آيَة أعظم من ذهَاب أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
يحيى بن كثير هُوَ أَبُو غَسَّان الْعَنْبَري، ثِقَة مَشْهُور، وَكَذَلِكَ [سلم] بن(2/441)
جَعْفَر وَالْحكم ثقتان.
بَاب سُجُود الْقُرْآن
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، سَمِعت الْأسود، يحدث عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَرَأَ والنجم فَسجدَ فِيهَا، وَسجد من كَانَ مَعَه، غير أَن شَيخا أَخذ كفا من حَصى أَو تُرَاب فرفعه إِلَى جَبهته وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا. قَالَ عبد الله: لقد رَأَيْته بعد قتل كَافِرًا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجد بِالنَّجْمِ، وَسجد مَعَه الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنّ وَالْإِنْس ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: ثَنَا الْمُعْتَمِر، عَن أَبِيه، عَن بكر، عَن أبي رَافع [قَالَ] : " صليت مَعَ أبي هُرَيْرَة صَلَاة الْعَتَمَة فَقَرَأَ {إِذا السَّمَاء انشقت} فَسجدَ فِيهَا، فَقلت لَهُ: مَا هَذِه السَّجْدَة؟ فَقَالَ: سجدت بهَا خلف أبي الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا أَزَال أَسجد بهَا حَتَّى أَلْقَاهُ ". وَقَالَ ابْن عبد الْأَعْلَى: " فَلَا أَزَال أسجدها ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن(2/442)
عُيَيْنَة، عَن أَيُّوب بن مُوسَى، عَن عَطاء بن ميناء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " سجدنا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي {إِذا السَّمَاء انشقت} و {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن [الْحسن] ، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، عَن عمر بن ذَر، عَن أَبِيه، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجد فِي {ص} وَقَالَ: سجدها دَاوُد تَوْبَة ونسجدها شكرا ".
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، ثَنَا أبي وَشُعَيْب بن اللَّيْث [قَالَا] : ثَنَا اللَّيْث، ثَنَا خَالِد بن يزِيد، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن عِيَاض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه قَالَ: " خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَرَأَ {ص} فَلَمَّا مر بِالسُّجُود نزل وَسجد، فسجدنا مَعَه، وَقرأَهَا مرّة أُخْرَى فَلَمَّا بلغ السُّجُود تشزنا للسُّجُود، فَلَمَّا رآنا قَالَ: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَة نَبِي، وَلَكِن أَرَاكُم قد استعددتم / للسُّجُود فَنزل فَسجدَ وسجدنا مَعَه ".
بَاب السُّجُود لسجود الْقَارئ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا عبيد الله ابْن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " رُبمَا قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقُرْآن فيمر بِالسَّجْدَةِ فَيسْجد بِنَا، حَتَّى ازدحمنا عِنْده، حَتَّى مَا يجد أَحَدنَا مَكَانا يسْجد فِيهِ، فِي غير صَلَاة ".(2/443)
بَاب من قَرَأَ سَجْدَة فَلم يسْجد هُوَ وَلَا المستمع
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن يزِيد ابْن خصيفَة، عَن ابْن قسيط، عَن عَطاء بن يسَار أَنه أخبرهُ " أَنه سَأَلَ زيد بن ثَابت عَن الْقِرَاءَة مَعَ الإِمَام فَقَالَ: لَا قِرَاءَة مَعَ الإِمَام فِي شَيْء، و (يزْعم) أَنه قَرَأَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {والنجم إِذا هوى} فَلم يسْجد ".
يزِيد بن عبد الله بن قسيط قَالَ فِيهِ يحيى بن معِين: صَالح لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ مَالك وَذكر عِنْده الرجل: لَيْسَ عندنَا بِذَاكَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يزِيد بن عبد الله بن قسيط لَيْسَ بِثِقَة. وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ - رَحمَه الله.
بَاب التَّكْبِير لسجود الْقُرْآن
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن الْفُرَات الرَّازِيّ أَبُو مَسْعُود، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا عبد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ علينا الْقُرْآن فَإِذا مر بِالسَّجْدَةِ كبر وَسجد، وسجدنا ".
قَالَ عبد الرَّزَّاق: وَكَانَ الثَّوْريّ يُعجبهُ هَذَا الحَدِيث. قَالَ أَبُو دَاوُد: يُعجبهُ لِأَنَّهُ كبر.
عبد الله بن عمر، هُوَ الْعمريّ الصَّغِير صَالح، كَانَ عبد الرَّحْمَن يحدث عَنهُ.
بَاب مَا يَقُول فِي سُجُود الْقُرْآن
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، ثَنَا خَالِد،(2/444)
عَن أبي الْعَالِيَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فِي سُجُود الْقُرْآن بِاللَّيْلِ: سجد وَجْهي للَّذي خلقه وشق سَمعه وبصره بحوله وقوته ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا قُتَيْبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن يزِيد بن خُنَيْس، ثَنَا الْحسن بن مُحَمَّد ابْن عبيد الله بن أبي يزِيد قَالَ: قَالَ لي ابْن جريج: أَخْبرنِي عبيد الله بن أبي يزِيد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، رَأَيْتنِي اللَّيْلَة وَأَنا نَائِم، ثمَّ كنت أُصَلِّي خلف شَجَرَة فسجدت فسجدت الشَّجَرَة لسجودي، وَسمعتهَا وَهِي تَقول: اللَّهُمَّ اكْتُبْ لي بهَا عنْدك أجرا، وضع عني بهَا وزرا، وَاجْعَلْهَا لي عنْدك زخرا، وتقبلها / مني كَمَا تقبلتها من عَبدك دَاوُد - قَالَ ابْن جريج: قَالَ لي جدك: قَالَ ابْن عَبَّاس -: فَقَرَأَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَجْدَة ثمَّ سجد. قَالَ ابْن عَبَّاس: فَسَمعته وَهُوَ يَقُول مثل مَا أخبر الرجل من قَول الشَّجَرَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. عبيد الله بن أبي يزِيد هُوَ جد الْحسن بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن أبي يزِيد.(2/445)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
كتاب الْجُمُعَة
بَاب وجوب الْجُمُعَة وفضلها
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن همام بن مُنَبّه أخي وهب بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن مُحَمَّد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا، وأوتيناه من بعدهمْ، وَهَذَا يومهم الَّذِي فرض الله عَلَيْهِم، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فهدانا الله لَهُ، فهم لنا فِيهِ تبع، فاليهود غَدا، وَالنَّصَارَى بعد غَد ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو كريب وواصل بن عبد الْأَعْلَى قَالَا: ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن ربعي بن حِرَاش، عَن حُذَيْفَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أضلّ الله عَن الْجُمُعَة من كَانَ قبلنَا، فَكَانَ للْيَهُود يَوْم السبت، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْم الْأَحَد، فجَاء الله بِنَا فهدانا الله ليَوْم الْجُمُعَة فَجعل الْجُمُعَة، والسبت، والأحد، و (لذَلِك) هم فِيهِ تبع لنا يَوْم الْقِيَامَة، نَحن الْآخرُونَ من أهل الدُّنْيَا والأولون يَوْم الْقِيَامَة، الْمقْضِي لَهُم قبل الْخَلَائق ". وَفِي رِوَايَة وَاصل: " الْمقْضِي بَينهم ".
مُسلم: ثَنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نَحن الْآخرُونَ الْأَولونَ يَوْم الْقِيَامَة، وَنحن أول من يدْخل الْجنَّة بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا، وأوتيناه من بعدهمْ، فَاخْتَلَفُوا، فهدانا الله لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق، فَهَذَا(2/446)
يومهم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ، هدَانَا الله لَهُ - قَالَ: يَوْم الْجُمُعَة - فاليوم لنا، وَغدا للْيَهُود، وَبعد غَد لِلنَّصَارَى ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا الْمُغيرَة - يَعْنِي الْحزَامِي - عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خير يَوْم طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة، فِيهِ خلق آدم، وَفِيه أَدخل الْجنَّة، وَفِيه أخرج مِنْهَا، وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا فِي يَوْم الْجُمُعَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، عَن مَالك، عَن يزِيد [بن] عبد الله بن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خير يَوْم طلعت فِيهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة، / فِيهِ خلق آدم، وَفِيه أهبط، وَفِيه تيب عَلَيْهِ، وَفِيه مَاتَ، وَفِيه تقوم السَّاعَة، وَمَا من دَابَّة إِلَّا وَهِي مصيخة يَوْم الْجُمُعَة من حِين تصبح حَتَّى تطلع الشَّمْس، شفقا من السَّاعَة إِلَّا الْجِنّ وَالْإِنْس، وفيهَا سَاعَة لَا يصادفها عبد مُسلم وَهُوَ يُصَلِّي يسْأَل الله - عز وَجل - شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه ".
بَاب ذكر السَّاعَة الَّتِي فِي يَوْم الْجُمُعَة
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " إِن فِي الْجُمُعَة لساعة لَا يُوَافِقهَا مُسلم قَائِم يُصَلِّي يسْأَل الله - عز وَجل - خيرا إِلَّا أعطَاهُ وَقَالَ بِيَدِهِ يقللها يزهدها ".(2/447)
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك.
وثنا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ: فِيهِ سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبد مُسلم، وَهُوَ يُصَلِّي يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه ".
زَاد قُتَيْبَة فِي رِوَايَته: " أَشَارَ بِيَدِهِ يقللها ".
مُسلم: ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن سَلام الجُمَحِي، ثَنَا الرّبيع - يَعْنِي ابْن مُسلم - عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِن فِي الْجُمُعَة لساعة لَا يُوَافِقهَا مُسلم يسْأَل الله فِيهَا خيرا إِلَّا أعطَاهُ، قَالَ: وَهِي سَاعَة خَفِيفَة ".
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن سعيد وَأحمد بن عِيسَى، قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَنا مخرمَة بن بكير، عَن أَبِيه، عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ عبد الله بن عمر: " (سَمِعت) أَبَاك يحدث عَن رَسُول الله فِي شَأْن سَاعَة الْجُمُعَة؟ قَالَ: قلت: نعم، سمعته يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: هِيَ (فِيمَا) بَين أَن يجلس الإِمَام إِلَى أَن تقضى الصَّلَاة ".
قَالَ يحيى بن معِين: مخرمَة بن بكير لم يسمع من أَبِيه وَإِنَّمَا وَقع إِلَيْهِ كِتَابه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو - يَعْنِي ابْن الْحَارِث - أَن الجلاح مولى عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مَرْوَان - حَدثهُ [أَن أَبَا سَلمَة - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - حَدثهُ] عَن جَابر بن عبد الله، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه(2/448)
قَالَ: " يَوْم الْجُمُعَة [ثنتا] عشرَة - يُرِيد سَاعَة - لَا يُوجد مُسلم يسْأَل الله - عز وَجل - شَيْئا إِلَّا آتَاهُ، فالتمسوها آخر [سَاعَة] بعد الْعَصْر " الجلاح هُوَ ابْن كثير روى لَهُ مُسلم - رَحمَه الله.
وروى التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق كثير بن عَمْرو بن عَوْف، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّهَا حِين تُقَام الصَّلَاة إِلَى انصراف مِنْهَا ". رَوَاهُ عَن زِيَاد بن أَيُّوب، عَن أبي عَامر الْعَقدي، عَن كثير، وَكثير ضَعِيف، وَقَالَ أَبُو عِيسَى فِي حَدِيثه: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
/ بَاب الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَمَا جَاءَ فِي ذَلِك
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي وَأحمد بن عِيسَى قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو، عَن [عبيد الله] بن أبي جَعْفَر، أَن مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثهُ، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " كَانَ النَّاس ينتابون الْجُمُعَة من مَنَازِلهمْ (و) من العوالي، فَيَأْتُونَ فِي العباء يصيبهم الْغُبَار، فَتخرج مِنْهُم الرّيح، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنْسَان مِنْهُم وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو أَنكُمْ تطهرتم ليومكم هَذَا ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي يحيى بن أبي كثير، حَدثنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة(2/449)
قَالَ: " (بَينا) عمر بن الْخطاب يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة إِذْ دخل عُثْمَان بن عَفَّان فَعرض بِهِ عمر فَقَالَ: مَا بَال رجال يتأخرون بعد النداء! فَقَالَ عُثْمَان: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، مَا زِدْت حِين سَمِعت النداء أَن تَوَضَّأت ثمَّ أَقبلت. فَقَالَ عمر: وَالْوُضُوء أَيْضا! ألم تسمعوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا جَاءَ أحدكُم إِلَى جُمُعَة فليغتسل ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث.
وثنا ابْن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عَن عبد الله بن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ - وَهُوَ قَائِم على الْمِنْبَر -: " من جَاءَ مِنْكُم الْجُمُعَة فليغتسل ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، وَمُحَمّد بن رمح قَالَا: أَنا اللَّيْث.
وثنا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن نَافِع، عَن عبد الله قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَأْتِي الْجُمُعَة فليغتسل ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن صَفْوَان بن سليم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم ".(2/450)
مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا وهيب، ثَنَا عبد الله بن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " حق [الله] على كل مُسلم أَن يغْتَسل فِي كل سَبْعَة أَيَّام، يغسل رَأسه وَجَسَده ".
الْبَزَّار: حَدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن طَاوس، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا (إِلَّا روح) .
بَاب السِّوَاك وَالطّيب يَوْم الْجُمُعَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا شُعَيْب، ثَنَا أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " / أكثرت عَلَيْكُم فِي السِّوَاك ".
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو بن سَواد العامري، حَدثنَا عبد الله بن وهب، أخبرنَا عَمْرو بن الْحَارِث، أَن سعيد بن أبي هِلَال وَبُكَيْر بن الْأَشَج حَدَّثَاهُ، عَن أبي بكر بن الْمُنْكَدر، عَن عَمْرو بن سليم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " غسل يَوْم الْجُمُعَة على كل محتلم، وَسوَاك، و [يمس] من الطّيب مَا قدر عَلَيْهِ ". إِلَّا أَن بكيرا لم يذكر عبد الرَّحْمَن وَقَالَ فِي الطّيب: " وَلَو من طيب الْمَرْأَة ".
أَبُو بكر بن الْمُنْكَدر: هُوَ أَخُو مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، وَلم يسم أَبُو بكر هَذَا،(2/451)
روى عَنهُ: بكير بن الْأَشَج، وَسَعِيد بن أبي هِلَال، وعدة، وَكَانَ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر يكنى بِأبي عبد الله، وَأبي بكر، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ.
بَاب التجمل للْجُمُعَة بِأَحْسَن الثِّيَاب
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يزِيد بن خَالِد بن عبد الله بن موهب الرَّمْلِيّ، وَعبد الْعَزِيز ابْن يحيى الْحَرَّانِي قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة.
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد - وَهَذَا حَدِيث مُحَمَّد بن سَلمَة - عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، [قَالَ أَبُو دَاوُد] : قَالَ يزِيد وَعبد الْعَزِيز فِي حَدِيثهمَا: عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَأبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله: " من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة، وَلبس من أحسن ثِيَابه، وَمَسّ من طيب إِن كَانَ عِنْده، ثمَّ أَتَى الْجُمُعَة، فَلم يتخط أَعْنَاق النَّاس، ثمَّ صلى مَا كتب الله لَهُ، ثمَّ أنصت إِذا خرج إِمَامَة حَتَّى يفرغ من صلَاته، كَانَت كَفَّارَة لما بَينهمَا، وَبَين جمعته الَّتِي قبلهَا ".
قَالَ: وَيَقُول أَبُو هُرَيْرَة: " وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام وَيَقُول: إِن الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا ". قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدِيث مُحَمَّد بن سَلمَة أتم، وَلم يذكر حَمَّاد كَلَام أبي هُرَيْرَة.
ذكر أَبُو عمر فِي بَاب مَالك عَن يحيى من " التَّمْهِيد ": حَدثنِي إِسْمَاعِيل ابْن عبد الرَّحْمَن الْقرشِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الْحلَبِي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبيد الله بن أخي الإِمَام، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا يحيى بن سعيد الْأمَوِي، عَن يحيى، عَن بن سعيد الْأنْصَارِيّ، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " إِن النَّاس كَانُوا عُمَّال أنفسهم، وَكَانَت ثِيَابهمْ / النمار. قَالَت: فَكَانُوا يروحون بهيئتهم كَمَا هِيَ، قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو اغتسلتم، وَمَا على أحدكُم أَن(2/452)
يتَّخذ ليَوْم الْجُمُعَة ثَوْبَيْنِ سوى ثوبي مهنته ".
قَالَ: وحَدثني خلف بن قَاسم، ثَنَا سعيد بن عُثْمَان بن السكن، ثَنَا يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد، ثَنَا مُحَمَّد بن خُزَيْمَة الْبَصْرِيّ بِمصْر، ثَنَا حَاتِم بن عبيد الله أَبُو عُبَيْدَة، ثَنَا مهْدي بن مَيْمُون، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا على أحدكُم أَن يكون لَهُ ثَوْبَان سوى ثوبي مهنته لجمعة أَو غَيرهَا ".
بَاب فضل الخطا إِلَى الْجُمُعَة والتهجير
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو عمار الْحُسَيْن بن حُرَيْث، أَنا الْوَلِيد بن مُسلم، أَنا يزِيد (بن) أبي مَرْيَم قَالَ: " لَحِقَنِي عَبَايَة بن رَافع بن خديج، وَأَنا أَمْشِي إِلَى الْجُمُعَة فَقَالَ: أبشر فَإِن خطاك هَذِه فِي سَبِيل الله، سَمِعت أَبَا عبس يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله فَهُوَ حرَام على النَّار ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مَحْمُود بن خَالِد، ثَنَا الْوَلِيد - هُوَ ابْن مُسلم - ثَنَا ابْن جَابر - هُوَ عبد الرَّحْمَن - ثَنَا أَبُو الْأَشْعَث قَالَ: سَمِعت أَوْس بن أَوْس يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَأَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان، ثَنَا الْوَلِيد، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر أَنه سمع أَبَا الْأَشْعَث يحدث أَنه سمع أَوْس بن أَوْس - صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة، وَغسل، وَغدا وابتكر، وَمَشى وَلم يركب، ودنا من الإِمَام، وأنصت وَلم يلغ كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة عمل(2/453)
سنة ".
قَالَ مَحْمُود فِي حَدِيثه: " فَإِذا خرج الإِمَام أنصت، وَلم يلغ، كَانَ لَهُ بِهِ عمل سنة " قَالَ ابْن جَابر: فذاكرني يحيى بن الْحَارِث هَذَا فَقَالَ: أَنا سَمِعت أَبَا الْأَشْعَث يحدث بِهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: " بِكُل قدم عمل سنة صيامها وقيامها ".
قَالَ ابْن جَابر: حفظ يحيى ونسيت.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هَارُون بن مُحَمَّد بن بكار بن بِلَال، أَنا أَبُو مسْهر، ثَنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن يحيى بن الْحَارِث، عَن أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ، عَن أَوْس بن أَوْس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من غسل واغتسل، وَغدا وابتكر، ودنا من الإِمَام، وَلم يلغ كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة عمل سنة صيامها وقيامها ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم [الجرجرائي] ، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي حسان بن عَطِيَّة، حَدثنِي أَبُو الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ، حَدثنِي أَوْس بن أَوْس قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من غسل يَوْم الْجُمُعَة، / واغتسل، ثمَّ بكر وابتكر، وَمَشى وَلم يركب، ودنا من الإِمَام، فاستمع وَلم يلغ، كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة عمل سنة أجر صيامها وقيامها ".
مُسلم: ثَنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس - فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ - عَن سمي مولى أبي بكر، عَن أبي صَالح السمان، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة غسل [الْجَنَابَة] ثمَّ رَاح فَكَأَنَّمَا قرب بَدَنَة، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّانِيَة فَكَأَنَّمَا قرب بقرة، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّالِثَة فَكَأَنَّمَا(2/454)
قرب كَبْشًا أقرن، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الرَّابِعَة فَكَأَنَّمَا قرب دجَاجَة، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الْخَامِسَة فَكَأَنَّمَا قرب بَيْضَة، [فَإِذا خرج] الإِمَام حضرت الْمَلَائِكَة يَسْتَمِعُون الذّكر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا نصر بن عَليّ بن نصر الْجَهْضَمِي، عَن عبد الله الْأَعْلَى، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن الْأَغَر أبي عبد الله، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة قعدت الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسْجِد فَكَتَبُوا من جَاءَ إِلَى الْجُمُعَة، فَإِذا خرج الإِمَام طوت الْمَلَائِكَة الصُّحُف. قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: المهجر إِلَى الْجُمُعَة كالمهدي بَدَنَة، ثمَّ كالمهدي بقرة، ثمَّ كالمهدي شَاة، ثمَّ كالمهدي بطة، ثمَّ كالمهدي دجَاجَة، ثمَّ كالمهدي بَيْضَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان، حَدثنَا شُعَيْب بن اللَّيْث، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تقعد مَلَائِكَة يَوْم الْجُمُعَة على أَبْوَاب الْمَسْجِد يَكْتُبُونَ النَّاس على مَنَازِلهمْ، فَالنَّاس فِيهِ: كَرجل قدم بَدَنَة، وكرجل قدم بدنه، وكرجل قدم بقرة، وكرجل قدم بقرة، وكرجل قدم شَاة، وكرجل قدم شَاة، وكرجل قدم دجَاجَة، وكرجل قدم دجَاجَة، وكرجل قدم عصفورا، وكرجل قدم عصفورا، وكرجل قدم بَيْضَة، وكرجل قدم بَيْضَة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " على كل بَاب من أَبْوَاب الْمَسْجِد ملك يكْتب الأول فَالْأول مثل الْجَزُور - ثمَّ نزلهم حَتَّى صغر إِلَى مثل الْبَيْضَة - فَإِذا جلس الإِمَام طويت الصُّحُف وحضروا الذّكر ".(2/455)
بَاب لَا يفرق بَين اثْنَيْنِ وَمَا جَاءَ فِي التخطي
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، أَخْبرنِي أبي، عَن ابْن وَدِيعَة، عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يغْتَسل رجل يَوْم الْجُمُعَة، ويتطهر مَا اسْتَطَاعَ من الطُّهْر، / ويدهن من دهنه، أَو يمس من طيب بَيته، ثمَّ يخرج فَلَا يفرق بَين اثْنَيْنِ، ثمَّ يُصَلِّي مَا كتب لَهُ، ثمَّ ينصت إِذا تكلم الإِمَام إِلَّا غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا وهب بن بَيَان الْمصْرِيّ، ثَنَا ابْن وهب، سَمِعت مُعَاوِيَة - يَعْنِي ابْن صَالح - يحدث عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، عَن عبد الله بن بسر قَالَ: " كنت جَالِسا إِلَى جَانِبه يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ: جَاءَ رجل يتخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله يخْطب، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اجْلِسْ فقد آذيت ".
أَبُو الزَّاهِرِيَّة اسْمه حدير بن كريب، روى لَهُ مُسلم - رَحمَه الله - قَالَ النَّسَائِيّ: حدير بن كريب أَبُو الزَّاهِرِيَّة ثِقَة.
بَاب الدنو من الإِمَام والإنصات
9
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا معَاذ بن هِشَام قَالَ: وجدت فِي كتاب أبي بِخَط يَده وَلم أسمعهُ مِنْهُ: قَالَ قَتَادَة: عَن يحيى بن مَالك، عَن سَمُرَة ابْن جُنْدُب، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " احضروا الذّكر، وادنوا من الإِمَام؛ فَإِن الرجل لَا يزَال يتباعد حَتَّى يُؤَخر فِي [الْجنَّة] ، وَإِن دَخلهَا ".
يحيى بن مَالك هُوَ أَبُو أَيُّوب المراغي الْأَزْدِيّ ثِقَة مَشْهُور، روى لَهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ.(2/456)
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، وَيحيى بن حَمَّاد - والنسق لعفان - قَالَ: ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن الْمُغيرَة، عَن أبي معشر، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن قرثع الضَّبِّيّ، عَن سلمَان قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَتَدْرِي مَا يَوْم الْجُمُعَة؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: لكني أَنا أحَدثك عَن يَوْم الْجُمُعَة، لَا يتَطَهَّر رجل، ثمَّ يمشي إِلَى الْجُمُعَة، ثمَّ ينصت حَتَّى يقْضِي الإِمَام صلَاته؛ إِلَّا كَانَت كَفَّارَة لما [بَينهَا] وَبَين الْجُمُعَة الَّتِي قبلهَا مَا اجْتنبت المقتلة ".
قرثع من الْقُرَّاء الْأَوَّلين، روى عَن: عمر، وسلمان، روى عَنهُ: عَلْقَمَة ابْن قيس، وقزعة.
مُسلم: حَدثنَا أُميَّة بن بسطَام، ثَنَا يزِيد - يَعْنِي ابْن زُرَيْع - ثَنَا روح، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من اغْتسل ثمَّ أَتَى الْجُمُعَة فصلى مَا قدر لَهُ، ثمَّ أنصت حَتَّى يفرغ من خطبَته، ثمَّ يُصَلِّي مَعَه؛ غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى، وَفضل ثَلَاثَة أَيَّام "
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، وَمُحَمّد بن رمح بن المُهَاجر، قَالَ ابْن رمح: أَنا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قلت لصاحبك: أنصت يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فقد لغوت ".
حَمَّاد بن سَلمَة: عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة: " أَن رَسُول / الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ سُورَة على الْمِنْبَر، فَقَالَ أَبُو ذَر لأبي بن كَعْب: مَتى(2/457)
نزلت هَذِه السُّورَة؟ فَأَعْرض عَنهُ أبي، فَلَمَّا قضي صلَاته قَالَ أبي بن كَعْب لأبي ذَر: مَا لَك من صَلَاتك إِلَّا مَا لغوت. فَدخل أَبُو ذَر على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ بذلك، فَقَالَ: صدق أبي بن كَعْب ".
حَدَّثَنِيهِ الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا عَليّ بن أَحْمد، ثَنَا عبد الله بن بزيع، ثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عُثْمَان، ثَنَا أَحْمد بن خَالِد، ثَنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز، ثَنَا الْحجَّاج بن الْمنْهَال، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة ... . فَذكره.
بَاب من مس الْحَصَى فقد لَغَا
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة [وَأَبُو كريب] ، قَالَ يحيى: أَنا، وَقَالَ الْآخرُونَ: ثَنَا [أَبُو] مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء، ثمَّ أَتَى الْجُمُعَة فاستمع، وأنصت؛ غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام، وَمن مس الْحَصَى فقد لَغَا ".(2/458)
بَاب وَقت الْجُمُعَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا حسن بن عَيَّاش، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ نرْجِع فنريح نواضحنا. قَالَ حسن: فَقلت لجَعْفَر: فِي أَي سَاعَة تِلْكَ؟ قَالَ: زَوَال الشَّمْس ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَإِسْحَاق، قَالَا: أَنا وَكِيع، عَن يعلى بن الْحَارِث الْمحَاربي، عَن إِيَاس بن سَلمَة بن الْأَكْوَع، عَن أَبِيه قَالَ: " كُنَّا نجمع مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا زَالَت الشَّمْس، ثمَّ نرْجِع نتتبع الْفَيْء ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا هِشَام بن عبد الْملك، ثَنَا يعلى بِهَذَا الْإِسْنَاد: " كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجُمُعَة فنرجع وَمَا نجد للحيطان فَيْئا نستظل ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، وَيحيى بن يحيى، وَعلي بن حجر قَالَ يحيى: أَنا وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن سهل قَالَ: " مَا كُنَّا نقِيل وَلَا نتغدى إِلَّا بعد الْجُمُعَة " زَاد ابْن حجر: " فِي عهد رَسُول الله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي، ثَنَا حرمي بن عمَارَة، ثَنَا(2/459)
أَبُو خلدَة - وَهُوَ خَالِد بن دِينَار - قَالَ: سَمِعت أنسا يَقُول: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا اشْتَدَّ الْبرد بكر بِالصَّلَاةِ، وَإِذا اشْتَدَّ الْحر أبرد بِالصَّلَاةِ - يَعْنِي الْجُمُعَة ". وَقَالَ يُونُس ابْن بكير: ثَنَا أَبُو خلدَة، وَقَالَ: " بِالصَّلَاةِ " وَلم يذكر الْجُمُعَة.
/ بَاب إِذا كَانَ الْمَطَر يَوْم الْجُمُعَة
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل، عَن عبد الحميد صَاحب الزيَادي، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن عبد الله بن عَبَّاس " أَنه قَالَ لمؤذنه فِي يَوْم مطير: إِذا قلت: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَلَا تقل: حَيّ الصَّلَاة، قل: صلوا فِي بُيُوتكُمْ. قَالَ: فَكَأَن النَّاس استنكروا ذَلِك. فَقَالَ: أتعجبون من ذَا؟ قد فعل ذَا من هُوَ خير مني، إِن الْجُمُعَة عَزمَة، وَإِنِّي كرهت أَن أحرجكم، فتمشوا فِي الطين والدحض ".
وحدثنيه أَبُو كَامِل، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن زيد - عَن [عبد الحميد] قَالَ: سَمِعت عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: " خَطَبنَا عبد الله بن عَبَّاس فِي يَوْم ذِي ردغ ... " وسَاق الحَدِيث بِمَعْنى حَدِيث ابْن علية، وَلم يذكر الْجُمُعَة، وَقَالَ: " قد فعله من هُوَ خير مني - يَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا نصر بن عَليّ، قَالَ سُفْيَان بن حبيب / خبرنَا عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمليح، عَن أَبِيه أَنه " شهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زمن الْحُدَيْبِيَة فِي يَوْم جُمُعَة، وأصابهم مطر لم تبتل أَسْفَل نعَالهمْ، فَأَمرهمْ أَن يصلوا فِي رحالهم ".(2/460)
بَاب الْأَذَان يَوْم
يَوْم الْجُمُعَة إِذا جلس الإِمَام على الْمِنْبَر
البُخَارِيّ: ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون، عَن الزُّهْرِيّ، عَن السَّائِب بن يزِيد " أَن الَّذِي زَاد التأذين الثَّالِث يَوْم الْجُمُعَة: عُثْمَان بن عَفَّان حِين كثر أهل الْمَدِينَة، وَلم يكن للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير وَاحِد، وَكَانَ التأذين يَوْم الْجُمُعَة حِين يجلس الإِمَام على الْمِنْبَر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، ثَنَا ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي السَّائِب بن يزِيد " أَن الْأَذَان كَانَ أَولا حِين يجلس الإِمَام على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأبي بكر وَعمر، فَلَمَّا كَانَ خلَافَة عُثْمَان، وَكثر النَّاس، أَمر عُثْمَان يَوْم الْجُمُعَة بِالْأَذَانِ الثَّالِث، فَأذن بِهِ على الزَّوْرَاء، فَثَبت الْأَمر على ذَلِك ".
رَوَاهُ البُخَارِيّ: عَن ابْن مقَاتل، عَن عبد الله، [عَن] يُونُس بِإِسْنَادِهِ.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن الزُّهْرِيّ، عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: " كَانَ يُؤذن بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا جلس على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة على بَاب الْمَسْجِد وَأبي بكر، وَعمر ... " ثمَّ سَاق نَحْو حَدِيث يُونُس.(2/461)
بَاب يُجيب الإِمَام على الْمِنْبَر إِذا سمع النداء
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا ابْن مقَاتل، أَنا عبد الله، أَنا أَبُو بكر بن عُثْمَان بن سهل بن حنيف، عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف قَالَ: " سَمِعت مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَهُوَ جَالس، وَأذن الْمُؤَذّن فَقَالَ: الله أكبر، الله أكبر، قَالَ مُعَاوِيَة: الله أكبر، الله أكبر، فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، قَالَ مُعَاوِيَة: وَأَنا، قَالَ: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، قَالَ مُعَاوِيَة: وَأَنا، فَلَمَّا قضى التأذين قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على هَذَا الْمجْلس حِين أذن الْمُؤَذّن يَقُول مَا سَمِعْتُمْ مني من مَقَالَتي ".
بَاب اتِّخَاذ الْمِنْبَر للخطبة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنِي أَبُو حَازِم " أَن رجَالًا أَتَوا سهل بن سعد السَّاعِدِيّ، وَقد امتروا فِي الْمِنْبَر [مِم] عوده؟ فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك، فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأعرف مِمَّا عوده، وَلَقَد رَأَيْته أول يَوْم وضع، وَأول يَوْم جلس عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أرسل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى فُلَانَة - امْرَأَة قد سَمَّاهَا سهل - أَن مري غلامك النجار يعْمل لي أعوادا أَجْلِس عَلَيْهِنَّ إِذا كلمت النَّاس. فَأَمَرته فعملها من طرفاء الغابة ... " وَذكر الحَدِيث
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا أَبُو عَاصِم، عَن ابْن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما بدن قَالَ لَهُ تَمِيم الدَّارِيّ: أَلا أَتَّخِذ لَك(2/462)
منبرا يَا رَسُول الله يجمع - أَو يحمل - عظامك؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: فَاتخذ لَهُ منبرا مرقاتين ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن سَواد بن الْأسود بن عَمْرو، أَنا عبد الله بن وهب، أَنا ابْن جريج، أَن أَبَا الزبير أخبرهُ، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا خطب يسْتَند إِلَى جذع نَخْلَة من سواري الْمَسْجِد، فَلَمَّا صنع الْمِنْبَر واستوى عَلَيْهِ؛ اضْطَرَبَتْ تِلْكَ السارية كحنين النَّاقة، حَتَّى سَمعهَا أهل الْمَسْجِد، حَتَّى نزل إِلَيْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاعتنقها فَسَكَتَتْ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو حَفْص عَمْرو بن عَليّ على الفلاس، ثَنَا عُثْمَان بن عمر وَيحيى بن كثير أَبُو غَسَّان قَالَا: ثَنَا معَاذ بن الْعَلَاء، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يخْطب إِلَى جذع /، فَلَمَّا اتخذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمِنْبَر حن الْجذع حَتَّى أَتَاهُ فَالْتَزمهُ فسكن ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث ابْن عمر حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، ومعاذ بن الْعَلَاء هُوَ أَخُو عَمْرو بن الْعَلَاء.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مخلد بن خَالِد، ثَنَا أَبُو عَاصِم، عَن يزِيد بن أبي عبيد، عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: " كَانَ بَين مِنْبَر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَين الْحَائِط لقدر ممر الشَّاة ".
بَاب اسْتِقْبَال النَّاس الإِمَام إِذا خطب
البُخَارِيّ: / حَدثنَا معَاذ بن فضَالة، ثَنَا هِشَام، عَن يحيى، عَن هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، ثَنَا عَطاء بن يسَار، أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: " إِن النَّبِي(2/463)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جلس ذَات يَوْم على الْمِنْبَر، وَجَلَسْنَا حوله ".
بَاب الْخَطِيب يخْطب متوكئا
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، حَدثنِي شهَاب بن [خرَاش] ، حَدثنِي شُعَيْب بن رُزَيْق الطَّائِفِي قَالَ: " جَلَست إِلَى رجل لَهُ صُحْبَة من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقَال لَهُ الحكم بن حزن الكلعي - الصَّحِيح: الكلفي - فَأَنْشَأَ يحدث قَالَ: وفدت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَابِع سَبْعَة - أَو تَاسِع تِسْعَة - فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله زرناك فَادع الله لنا، فَأمر بِنَا - أَو أَمر لنا - بِشَيْء من التَّمْر، والشأن إِذْ ذَاك دون، فَأَقَمْنَا بهَا أَيَّامًا شَهِدنَا فِيهَا الْجُمُعَة مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ متوكئا على عَصا - أَو قَوس - فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ كَلِمَات خفيفات طَيّبَات مباركات، ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم لن تُطِيقُوا 0 - أَو لن تَفعلُوا - كل مَا أمرْتُم بِهِ، وَلَكِن سددوا وَأَبْشِرُوا ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثبتني فِي شَيْء مِنْهُ بعض أَصْحَابنَا.
الْبَزَّار: حَدثنَا يحيى بن يُونُس شيرازي، ثَنَا سعيد بن مَنْصُور بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " قدمنَا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَشَهِدْنَا مَعَه الْجُمُعَة، فَقَامَ فَخَطَبنَا على قَوس - أَو عَصا - فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّه لَيْسَ كل مَا أمرْتُم بِهِ تطيقون، وَلَكِن ائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم ".
بَاب الْخطْبَة قَائِما
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن جرير - قَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير - عَن حُصَيْن ين عبد الرَّحْمَن، بن سَالم بن أبي(2/464)
الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[كَانَ] يخْطب قَائِما يَوْم الْجُمُعَة فَجَاءَت عير من الشَّام فَانْفَتَلَ النَّاس إِلَيْهَا حَتَّى لم يبْق إِلَّا اثْنَا عشر رجلا، فأنزلت هَذِه الْآيَة فِي الْجُمُعَة {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} ".
بَاب الْجُلُوس بَين الْخطْبَتَيْنِ
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن عمر القواريري وَأَبُو كَامِل الجحدري، جَمِيعًا عَن خَالِد - قَالَ أَبُو كَامِل: ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث - ثَنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب يَوْم الْجُمُعَة قَائِما، ثمَّ يجلس، ثمَّ يقوم، قَالَ: كَمَا تَفْعَلُونَ الْيَوْم ".
مُسلم: حَدثنَا [يحيى بن يحيى وَحسن بن الرّبيع وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَ يحيى: أخبرنَا، وَقَالَ الْآخرَانِ: حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص] ، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " كَانَت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطبتان يجلس بَينهمَا يقْرَأ الْقُرْآن وَيذكر النَّاس ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو خَيْثَمَة، / عَن سماك قَالَ: نَبَّأَنِي جَابر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يخْطب قَائِما، ثمَّ يجلس، ثمَّ يقوم فيخطب قَائِما، فَمن نبأك أَنه كَانَ يخْطب جَالِسا فقد كذب، فقد وَالله صليت مَعَه أَكثر من ألفي صَلَاة ".(2/465)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو كَامِل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " (كَانَت للنَّبِي) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (خطبتان) قَائِما، ثمَّ يقْعد قعدة وَلَا يتَكَلَّم ... . " وسَاق الحَدِيث.
بَاب رفع الصَّوْت فِي الْخطْبَة وَمَا يُقَال فِيهَا
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا خطب احْمَرَّتْ عَيناهُ، وَعلا صَوته، وَاشْتَدَّ غَضَبه، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذر جَيش يَقُول: صبحكم ومساكم. وَيَقُول: بعثت أَنا والساعة كهاتين. ويقرن بَين إصبعيه السبابَة والوسطي، وَيَقُول: أما بعد، فَإِن خير الحَدِيث كتاب الله، وَخير الْهَدْي هدي مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَشر الْأُمُور محدثاتها، وكل بِدعَة ضَلَالَة، ثمَّ يَقُول: أَنا أولى بِكُل مُؤمن من نَفسه، من ترك مَالا فلأهله، وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا فَإِلَيَّ وَعلي ".
ثَنَا عبد بن حميد، حَدثنَا خَالِد بن مخلد، حَدثنِي سُلَيْمَان، حَدثنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: " كَانَت خطْبَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة: يحمد الله، ويثني عَلَيْهِ، ثمَّ يَقُول على أثر ذَلِك، وَقد علا صَوته ... . " ثمَّ سَاق الحَدِيث بِمثلِهِ.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن تَمِيم بن طرفَة، عَن عدي ابْن حَاتِم " أَن رجلا خطب عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: من يطع الله وَرَسُوله فقد رشد،(2/466)
وَمن يعصهما فقد غوى. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بئس الْخَطِيب أَنْت، قل: وَمن يعْص الله وَرَسُوله ". قَالَ ابْن نمير: " فقد غوى ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن مثنى، كِلَاهُمَا عَن عبد الْأَعْلَى، قَالَ ابْن مثنى: حَدثنِي عبد الْأَعْلَى - وَهُوَ أَبُو همام - ثَنَا دَاوُد، عَن عَمْرو بن سعيد، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن ضمادا قدم مَكَّة، وَكَانَ من أَزْد شنُوءَة، وَكَانَ يرقي من هَذِه الرّيح، فَسمع سُفَهَاء من أهل مَكَّة يَقُولُونَ: إِن مُحَمَّدًا مَجْنُون، فَقَالَ: لَو أَنِّي رَأَيْت هَذَا الرجل لَعَلَّ الله يشفيه على يَدي، قَالَ: فَلَقِيَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنِّي أرقي من هَذِه الرّيح، وَإِن الله يشفي على يَدي من يَشَاء، فَهَل لَك؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله أما / بعد. قَالَ: فَقَالَ: أعد عَليّ كلماتك هَؤُلَاءِ. فأعادهن عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث مَرَّات، قَالَ: فَقَالَ: لقد سَمِعت قَول الكهنة، وَقَول السَّحَرَة، وَقَول الشُّعَرَاء، فَمَا سَمِعت مثل كلماتك هَؤُلَاءِ، وَلَقَد بلغن ناعوس الْبَحْر قَالَ فَقَالَ: فهات يدك أُبَايِعك على الْإِسْلَام. قَالَ: فَبَايعهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وعَلى قَوْمك؟ قَالَ: وعَلى قومِي. قَالَ: فَبعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة فَمروا بقَوْمه، فَقَالَ صَاحب السّريَّة للجيش: هَل أصبْتُم من هَؤُلَاءِ شَيْئا؟ فَقَالَ رجل من الْقَوْم: أصبت مِنْهُم مطهرة. فَقَالَ: ردوهَا، فَإِن هَؤُلَاءِ قوم ضماد ".(2/467)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن عبد ربه، عَن أبي عِيَاض، عَن ابْن مَسْعُود " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا تشهد قَالَ: الْحَمد لله نستعينه، وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، وأرسله بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا بَين يَدي السَّاعَة، من يطع الله وَرَسُوله فقد رشد، وَمن يعصهما فَإِنَّهُ لَا يضر إِلَّا نَفسه، وَلَا يضر الله شَيْئا ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا يحيى بن حسان، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، عَن أُخْت لعمرة قَالَت: " أخذت قَاف وَالْقُرْآن الْمجِيد من فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة، وَهُوَ يقْرَأ بهَا على الْمِنْبَر فِي كل جُمُعَة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَإِسْحَاق الْحَنْظَلِي، جَمِيعًا عَن ابْن عُيَيْنَة - قَالَ قُتَيْبَة: ثَنَا سُفْيَان - عَن عَمْرو، سمع عَطاء، يخبر عَن صَفْوَان بن يعلى، عَن أَبِيه " أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ على الْمِنْبَر {وَنَادَوْا يَا مَالك} ".
بَاب تَقْصِير الْخطْبَة
مُسلم: حَدثنِي سُرَيج بن يُونُس، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الْملك بن أبجر، عَن أَبِيه، عَن وَاصل بن حَيَّان قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِل: " خَطَبنَا عمار فأوجز وأبلغ، فَلَمَّا نزل قُلْنَا: يَا أَبَا الْيَقظَان، لقد أبلغت، وأوجزت، فَلَو كنت تنفست. فَقَالَ:(2/468)
إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن طول صَلَاة الرجل وَقصر خطبَته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصَّلَاة، وأقصروا الْخطْبَة، فَإِن من الْبَيَان سحرًا ".
زَاد أَبُو بكر الْبَزَّار فِي هَذَا الحَدِيث: " وَإنَّهُ سَيَأْتِي بعدكم قوم يطيلون الْخطْبَة، ويقصرون الصَّلَاة ". رَوَاهُ عَن عَبدة بن عبد الله، عَن يحيى بن آدم، عَن قيس، عَن الْأَعْمَش، عَن عمَارَة بن عُمَيْر، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن ابْن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
تفرد بِهِ يحيى بن آدم، عَن قيس، عَن الْأَعْمَش، وَقيس هُوَ ابْن الرّبيع.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَابْن نمير قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا زَكَرِيَّا، / حَدثنِي سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " كنت أُصَلِّي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَوَات، (وَكَانَت) صلَاته قصدا، وخطبته قصدا ".
زَاد أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث: " يقْرَأ آيَات من الْقُرْآن، وَيذكر النَّاس ". رَوَاهُ مُسَدّد، عَن يحيى، عَن سُفْيَان، عَن سماك، عَن جَابر.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن غَزوَان، أَنا الْفضل بن مُوسَى، عَن الْحُسَيْن بن وَاقد، حَدثنِي يحيى بن عقيل قَالَ: سَمِعت عبد الله بن أبي أوفى يَقُول: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكثر الذّكر، ويقل اللَّغْو، ويطيل الصَّلَاة، وَيقصر الْخطْبَة، وَلَا يأنف أَن يمشي مَعَ الأرملة والمسكين فَيَقْضِي لَهُ حَاجته ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا الْعَلَاء بن صَالح، عَن عدي بن ثَابت، عَن أبي رَاشد، عَن عمار بن يَاسر قَالَ: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِقْصَارِ الْخطب ".(2/469)
أَبُو رَاشد لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا عدي، وعدي ثِقَة.
بَاب إِذا قَرَأَ الْخَطِيب سَجْدَة على الْمِنْبَر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن هِلَال، عَن عِيَاض بن عبد الله بن أبي سرح، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمِنْبَر {ص} فَلَمَّا بلغ السَّجْدَة نزل فَسجدَ، وَسجد النَّاس، فَلَمَّا كَانَ يَوْم آخر قَرَأَهَا، فَلَمَّا بلغ السَّجْدَة تشزن النَّاس للسُّجُود، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَة نَبِي، وَلَكِنِّي رأيتكم تشزنتم للسُّجُود فَنزل فَسجدَ، وسجدوا ".
بَاب الإِمَام ينزل عَن الْمِنْبَر
لِلْأَمْرِ يعرض لَهُ فِي خلال خطبَته ثمَّ يعود
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز - هُوَ ابْن أبي رزمة - أَنا الْفضل بن مُوسَى، عَن حُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فجَاء الْحسن وَالْحُسَيْن عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثرَانِ فيهمَا، فَنزل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقطع كَلَامه فحملهما، ثمَّ عَاد إِلَى الْمِنْبَر، ثمَّ قَالَ: صدق الله { [إِنَّمَا] أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} رَأَيْت هذَيْن يَعْثرَانِ فِي قميصيهما فَلم أَصْبِر حَتَّى قطعت كَلَامي فحملتهما ".
بَاب الإِمَام يكلم النَّاس فِي الْخطْبَة وَيُعلمهُم
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، أَنا أَبُو مُوسَى، سَمِعت(2/470)
الْحسن يَقُول: سَمِعت أَبَا بكرَة يَقُول: " لقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمِنْبَر وَالْحسن مَعَه، وَهُوَ يقبل على النَّاس، مرّة وَعَلِيهِ مرّة، وَيَقُول: إِن ابْني هَذَا سيد، وَلَعَلَّ الله أَن يصلح بِهِ بَين فئتين من الْمُسلمين عظيمتين ".
أَبُو مُوسَى هَذَا اسْمه إِسْرَائِيل بن مُوسَى، كَانَ ينزل الْهِنْد، مَشْهُور بالْحسنِ، روى عَنهُ: يحيى بن سعيد الْقطَّان، وَابْن عُيَيْنَة، وحسين الْجعْفِيّ، قَالَ يحيى ابْن معِين: أَبُو مُوسَى إِسْرَائِيل صَاحب الْحسن ثِقَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم / فِيهِ: لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ حَمْزَة صَاحب النَّسَائِيّ: أَبُو مُوسَى هَذَا ثِقَة مَأْمُون.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يَعْقُوب بن كَعْب الْأَنْطَاكِي، ثَنَا مخلد بن يزِيد، ثَنَا ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن جَابر قَالَ: " [لما] اسْتَوَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: [اجلسوا] فَسمع ذَلِك ابْن مَسْعُود فَجَلَسَ على بَاب الْمَسْجِد، فَرَآهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: تعال يَا عبد الله بن مَسْعُود ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبان الْوراق، ثَنَا ابْن الغسيل، ثَنَا عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " صعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمِنْبَر، وَكَانَ آخر مجْلِس جلْسَة متعطفا ملحفة على مَنْكِبَيْه، قد عصب رَأسه بعصابة دسمة، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس، إِلَيّ. فثابوا إِلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أما بعد، فَإِن هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار يقلون وَيكثر النَّاس، فَمن ولي شَيْئا من أمة مُحَمَّد فَإِن اسْتَطَاعَ أَن يضر فِيهِ أحدا أَو ينفع فِيهِ أحدا، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عَن مسيئهم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن حميد بن هِلَال قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَة: " انْتَهَيْت إِلَى(2/471)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يخْطب، فَقلت: يَا رَسُول الله، رجل غَرِيب جَاءَ يَسْأَلك عَن دينه، وَلَا يدْرِي مَا دينه. فَأقبل رَسُول الله وَترك خطبَته حَتَّى انْتهى إِلَيّ، فَأتى بكرسي خلت قوائمه حديدا فَقعدَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل يعلمني مِمَّا علمه الله، ثمَّ أَتَى خطبَته فأتمها ".
بَاب مَا جَاءَ فِي تشقيق الْكَلَام فِي الْخطْبَة وَغَيرهَا
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن زيد ابْن أسلم، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن تشقيق الْكَلَام من الشَّيْطَان، وَإِن من الْبَيَان لسحرا ".
وَقد تقدم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن الله يبغض البليغ من الرِّجَال الَّذِي يَتَخَلَّل الْكَلَام بِلِسَانِهِ كَمَا تخَلّل الْبَقَرَة بلسانها ".
بَاب الْإِشَارَة فِي الْخطْبَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن حُصَيْن، عَن عمَارَة بن رؤيبة قَالَ: " رأى بشر بن مَرْوَان على الْمِنْبَر رَافعا يَدَيْهِ فَقَالَ: قبح الله هَاتين الْيَدَيْنِ، لقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يزِيد على أَن يَقُول بِيَدِهِ هَكَذَا. وَأَشَارَ بإصبعه المسبحة ".
بَاب يُقيم الصَّلَاة إِذا نزل الإِمَام عَن الْمِنْبَر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا مُعْتَمر، عَن أَبِيه، عَن الزُّهْرِيّ، عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: " كَانَ بِلَال يُؤذن إِذا جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة، فَإِذا نزل أَقَامَ، / ثمَّ كَانَ كَذَلِك فِي زمن أبي بكر وَعمر ".(2/472)
بَاب الإِمَام يتَكَلَّم بَعْدَمَا ينزل عَن الْمِنْبَر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، عَن جرير - هُوَ ابْن حَازِم - عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينزل عَن الْمِنْبَر فَيعرض لَهُ الرجل فِي الْحَاجة فَيقوم مَعَه حَتَّى يقْضِي حَاجته، ثمَّ يقوم فَيصَلي ".
تفرد بِهِ جرير، عَن ثَابت.
بَاب مَا يقْرَأ بِهِ فِي الْجُمُعَة وَعدد صلَاتهَا
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ضَمرَة بن سعيد، عَن عبيد الله بن عبد الله قَالَ: " كتب الضَّحَّاك بن قيس إِلَى النُّعْمَان بن بشير يسْأَله: أَي شَيْء قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة سوى سُورَة الْجُمُعَة؟ فَقَالَ: كَانَ يقْرَأ: هَل أَتَاك ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق، جَمِيعًا عَن جرير - قَالَ يحيى: أَنا جرير - عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، عَن أَبِيه، عَن حبيب ابْن سَالم مولى النُّعْمَان بن بشير، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ، وَفِي الْجُمُعَة، بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية، قَالَ: وَإِذا اجْتمع الْعِيد وَالْجُمُعَة فِي يَوْم وَاحِد يقْرَأ بهما أَيْضا فِي الصَّلَاتَيْنِ ".(2/473)
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن قعنب، ثَنَا سُلَيْمَان - يَعْنِي ابْن بِلَال - عَن جَعْفَر - هُوَ ابْن مُحَمَّد - عَن أَبِيه، عَن ابْن أبي رَافع قَالَ: " اسْتخْلف مَرْوَان أَبَا هُرَيْرَة على الْمَدِينَة، وَخرج إِلَى مَكَّة فصلى لنا أَبُو هُرَيْرَة الْجُمُعَة، فَقَرَأَ بعد سُورَة الْجُمُعَة فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة: إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ، قَالَ: فأدركت أَبَا هُرَيْرَة حِين انْصَرف فَقلت: إِنَّك قَرَأت بسورتين كَانَ عَليّ بن أبي طَالب يقْرَأ بهما بِالْكُوفَةِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ بهما يَوْم الْجُمُعَة ".
قد تقدم فِي أول أَبْوَاب الْقصر قَول عمر بن الْخطاب: " صَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَتَانِ على لِسَان نَبِيكُم، وَقد خَابَ من افترى ".
بَاب إِذا اجْتمع الْعِيد وَالْجُمُعَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، حَدثنِي وهب بن كيسَان قَالَ: " اجْتمع عيدَان على عهد ابْن الزبير فَأخر الْخُرُوج حَتَّى تَعَالَى النَّهَار، ثمَّ خرج فَخَطب فَأطَال الْخطْبَة، ثمَّ نزل فصلى رَكْعَتَيْنِ، وَلم يصل للنَّاس يَوْمئِذٍ الْجُمُعَة، فَذكر ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ: أصَاب السّنة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن طريف البَجلِيّ، ثَنَا أَسْبَاط بن مُحَمَّد، عَن الْأَعْمَش، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: " صلى بِنَا ابْن الزبير فِي يَوْم عيد فِي يَوْم جُمُعَة أول النَّهَار، ثمَّ رحنا إِلَى الْجُمُعَة، فَلم يخرج إِلَيْنَا فصلينا وحدانا، / وَكَانَ ابْن عَبَّاس بِالطَّائِف، فَلَمَّا قدم ذكرنَا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: أصَاب السّنة ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُحَمَّد بن الْمُصَفّى وَعمر بن حَفْص الوصابي - الْمَعْنى - قَالَا: ثَنَا بَقِيَّة ثَنَا شُعْبَة، عَن الْمُغيرَة الضَّبِّيّ، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " قد اجْتمع فِي يومكم هَذَا عيدَان فَمن شَاءَ أَجزَأَهُ من الْجُمُعَة، وَإِنَّا مجمعون ".(2/474)
قَالَ أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا إِسْرَائِيل، أَنا عُثْمَان بن الْمُغيرَة، عَن إِيَاس ابْن أبي رَملَة الشَّامي قَالَ: " شهِدت مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَهُوَ يسْأَل زيد بن أَرقم: هَل شهِدت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عيدين اجْتمعَا فِي يَوْم؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَكيف صنع؟ قَالَ: صلى الْعِيد، ثمَّ رخص فِي الْجُمُعَة فَقَالَ: من شَاءَ أَن يُصَلِّي فَليصل ".
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: فِي هَذَا الْبَاب غير مَا حَدِيث بِإِسْنَاد جيد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
بَاب إِثْم من ترك الْجُمُعَة من غير عذر
مُسلم: حَدثنِي الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي، ثَنَا أَبُو تَوْبَة، ثَنَا مُعَاوِيَة - وَهُوَ ابْن سَلام - عَن زيد - يَعْنِي أَخَاهُ - أَنه سمع أَبَا سَلام قَالَ: حَدثنِي الحكم بن ميناء أَن عبد الله بن عمر وَأَبا هُرَيْرَة حَدَّثَاهُ " أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول على أَعْوَاد منبره: لينتهين أَقوام عَن ودعهم (الْجُمُعَة) ، أَو ليختمن الله على قُلُوبهم، ثمَّ لَيَكُونن من الغافلين ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، أَنا عِيسَى بن يُونُس، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، [عَن عُبَيْدَة بن سُفْيَان، عَن أبي الْجَعْد الضمرِي - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة فِيمَا زعم مُحَمَّد بن عَمْرو] قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات تهاونا طبع الله على قلبه ".(2/475)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من ترك ثَلَاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه ".
وروى أَبُو دَاوُد: عَن الْحسن بن عَليّ، عَن يزِيد بن هَارُون، عَن همام، عَن قَتَادَة، عَن قدامَة بن وبرة، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: من ترك الْجُمُعَة من غير عذر فليتصدق بِدِينَار، فَإِن لم يجد فَنصف دِينَار ". .
وَقُدَامَة وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قدامَة بن وبرة لَا يعرف.
بَاب إِذا جَاءَ وَالْإِمَام يخْطب ركع رَكْعَتَيْنِ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا ابْن عجلَان، عَن عِيَاض بن عبد الله، سَمِعت أَبَا سعيد يَقُول: " جَاءَ رجل يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب بهيئة بذة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أصليت رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: صل رَكْعَتَيْنِ. وحث النَّاس على الصَّدَقَة، فَألْقوا ثيابًا فَأعْطَاهُ مِنْهَا ثَوْبَيْنِ، فَلَمَّا كَانَت الْجُمُعَة الثَّانِيَة جَاءَ رَسُول الله يخْطب فَحَث النَّاس على الصَّدَقَة، فَألْقى أحد ثوبيه فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: جَاءَ يَوْم الْجُمُعَة بهيئة بذة فَأمرت / النَّاس بِالصَّدَقَةِ فَألْقوا ثيابًا، فَأمرت لَهُ مِنْهَا بثوبين، ثمَّ جَاءَ الْآن فَأمرت النَّاس بِالصَّدَقَةِ فَألْقى أَحدهمَا. فانتهره وَقَالَ: خُذ ثَوْبك ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ قُتَيْبَة: ثَنَا، وَقَالَ إِسْحَاق: أَنا سُفْيَان، عَن عَمْرو - هُوَ ابْن دِينَار - سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " دخل رجل الْمَسْجِد وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب يَوْم الْجُمُعَة، فَقَالَ: أصليت؟(2/476)
قَالَ: لَا. قَالَ: قُم فصل الرَّكْعَتَيْنِ ". وَفِي رِوَايَة قُتَيْبَة: " قَالَ: صل رَكْعَتَيْنِ ".
مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطب فَقَالَ: إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَقد خرج الإِمَام فَليصل رَكْعَتَيْنِ ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر أَنه قَالَ: " جَاءَ سليك الْغَطَفَانِي يَوْم الْجُمُعَة، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعد على الْمِنْبَر، فَقعدَ سليك قبل أَن يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أركعت رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: قُم فَارْكَعْهُمَا ".
مُسلم: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، ثَنَا عِيسَى، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " جَاءَ سليك الْغَطَفَانِي يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: يَا سليك، قُم فاركع رَكْعَتَيْنِ وَتجوز فيهمَا. ثمَّ قَالَ: إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فليركع رَكْعَتَيْنِ، و (يتجوز) فيهمَا ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر بن عبد الله " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ وَهُوَ يخْطب: إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فَليصل رَكْعَتَيْنِ ".(2/477)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَحْبُوب وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم - الْمَعْنى - قَالَا: ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر، وَعَن [أبي] صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " [جَاءَ] سليك الْغَطَفَانِي وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب، فَقَالَ لَهُ: أصليت شَيْئا؟ قَالَ: لَا قَالَ: صل رَكْعَتَيْنِ تجوز فيهمَا ".
بَاب مَا يفعل إِذا نعس يَوْم الْجُمُعَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سعيد الْأَشَج، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا نعس أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة فليتحول من مَجْلِسه ذَلِك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب الصَّلَاة بعد الْجُمُعَة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا خَالِد بن عبد الله، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم الْجُمُعَة فَليصل بعْدهَا أَرْبعا ".
مُسلم: وحَدثني زُهَيْر / بن حَرْب، ثَنَا جرير.
وثنا عَمْرو النَّاقِد وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن [سُفْيَان، كِلَاهُمَا عَن] سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَ مِنْكُم(2/478)
مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا " وَلَيْسَ فِي حَدِيث جرير: " مِنْكُم ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَعبيد الله بن سعيد قَالَا: ثَنَا يحيى - (هُوَ ابْن حسان) - عَن عبيد الله، أَخْبرنِي نَافِع، عَن ابْن عمر.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل الظّهْر سَجْدَتَيْنِ، وَبعدهَا سَجْدَتَيْنِ، وَبعد الْمغرب سَجْدَتَيْنِ، وَبعد الْعشَاء سَجْدَتَيْنِ، وَبعد الْجُمُعَة سَجْدَتَيْنِ، فَأَما الْمغرب وَالْعشَاء وَالْجُمُعَة فَصليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيته ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة حَتَّى ينْصَرف فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ ".
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأَنا [عَبدة] بن عبد الله، عَن يزِيد - وَهُوَ ابْن [هَارُون]- أَنا شُعْبَة، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَنه كَانَ يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ يُطِيل فيهمَا، وَيَقُول: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَفْعَله ".(2/479)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عمر بن عَطاء بن أبي الخوار " أَن نَافِع بن جُبَير أرْسلهُ إِلَى السَّائِب ابْن أُخْت نمر يسْأَله عَن شَيْء رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَة فِي الصَّلَاة، فَقَالَ: نعم، صليت مَعَه الْجُمُعَة فِي الْمَقْصُورَة، فَلَمَّا سلم الإِمَام قُمْت فِي مقَامي فَصليت، فَلَمَّا دخل أرسل إِلَيّ فَقَالَ: لَا تعد لما فعلت، إِذا صليت الْجُمُعَة فَلَا تصلها بِصَلَاة حَتَّى تكلم أَو تخرج، فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرنَا بذلك، أَن لَا نوصل صَلَاة حَتَّى نتكلم أَو نخرج ".
بَاب
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن أبي جَمْرَة الضبعِي، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِن أول جُمُعَة جمعت بعد جُمُعَة فِي مَسْجِد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَسْجِد عبد الْقَيْس بجواثي من الْبَحْرين ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا ابْن إِدْرِيس، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن أبي أُمَامَة بن سهل، عَن أَبِيه، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك - وَكَانَ قَائِد أَبِيه بَعْدَمَا ذهب بَصَره - عَن أَبِيه كَعْب بن مَالك " أَنه كَانَ إِذا سمع النداء يَوْم الْجُمُعَة ترحم لأسعد بن زُرَارَة فَقلت لَهُ: إِذا سَمِعت النداء ترحمت لأسعد بن زُرَارَة؟ قَالَ: لِأَنَّهُ أول من جمع بِنَا فِي هزم النبيت من حرَّة بني بياضة فِي نَقِيع يُقَال لَهُ: نَقِيع الْخضمات، فَقلت لَهُ: كم أَنْتُم يؤمئذ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ ".(2/480)
بَاب
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، / ثَنَا إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي، ثَنَا عبيد الله ابْن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: " أَن أَصْحَاب الْعَالِيَة كَانُوا يجمعُونَ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".(2/481)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه رب يسر
كتاب الْجَنَائِز
بَاب النَّهْي عَن تمني الْمَوْت
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي ابْن علية - عَن عبد الْعَزِيز، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت لضر نزل بِهِ، فَإِن كَانَ لابد متمنيا فَلْيقل: اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي، وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا هِشَام بن يُوسُف، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي عبيد، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت، إِمَّا محسنا فَلَعَلَّهُ يزْدَاد، وَإِمَّا مسيئا فَلَعَلَّهُ يستعيب ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي هَارُون بن عبد الله، ثَنَا معن، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت، إِمَّا محسنا فَلَعَلَّهُ أَن يزْدَاد خيرا، وَإِمَّا مسيئا فَلَعَلَّهُ أَن يستعتب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن(2/482)
مُنَبّه: هَذَا مَا ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت، وَلَا يدع بِهِ من قبل أَن يَأْتِيهِ، إِنَّه إِذا مَاتَ أحدكُم انْقَطع عمله، وَإنَّهُ لَا يزِيد الْمُؤمن عمره إِلَّا خيرا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَعَمْرو بن عَليّ وَمُحَمّد بن معمر قَالُوا: ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا كثير بن زيد حَدثنِي الْحَارِث بن أبي يزِيد، سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تمنوا الْمَوْت فَإِن هول المطلع شَدِيد، وَإِن من السَّعَادَة أَن يطول عمر العَبْد حَتَّى يرزقه الله الْإِنَابَة ".
الْبَزَّار: ثَنَا عبد الله بن شبيب، ثَنَا مُحَمَّد بن مسلمة، ثَنَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنِي مَالك بن أنس، عَن مُسلم بن أبي مَرْيَم، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن عِيسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه " أَن رجلَيْنِ كَانَا متواخين فَمَاتَ الَّذِي هُوَ أفضل فِي نفس طَلْحَة، وَبَقِي الآخر بعده كَذَا وَكَذَا، فصَام رَمَضَان، وَصلى كَذَا وَكَذَا، ثمَّ مَاتَ فَرَأى طَلْحَة فِي الْمَنَام أَن الآخر موتا أفضل من الأول، وَأَرْفَع دَرَجَة، قَالَ طَلْحَة: فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَلَيْسَ قد بَقِي بعده حَتَّى عَاشَ كَذَا وَكَذَا، وَصَامَ كَذَا وَكَذَا؟ قلت: بلَى. قَالَ: فبينهما أبعد مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ عَن طَلْحَة من غير وَجه.
وَقَالَ أَيْضا: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا زِيَاد بن عبد الله، ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلَيْنِ كَانَا متواخين فاستشهد أَحدهمَا، وَبَقِي الثَّانِي بعد المستشهد سنة، قَالَ طَلْحَة: فَرَأَيْت الآخر من الرجلَيْن دخل الْجنَّة قبل المستشهد، فَحدثت النَّاس بذلك، فبلغت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أَلَيْسَ صَامَ بعده رَمَضَان، وَبَقِي حَتَّى صلى بعده سِتَّة آلَاف رَكْعَة وَمِائَة رَكْعَة، يَعْنِي صَلَاة السّنة ".
وصل هَذَا الحَدِيث زِيَاد، وَتَابعه على هَذِه الرِّوَايَة غير وَاحِد.(2/483)
بَاب تَحْسِين الظَّن عِنْد الْمَوْت بِاللَّه تَعَالَى
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا يحيى بن زَكَرِيَّا، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل وَفَاته بِثَلَاث يَقُول: لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن بِاللَّه الظَّن ".
تَابعه أَبُو الزبير، عَن جَابر.
بَاب تلقين [الْمَوْتَى] لَا إِلَه إِلَّا الله
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر وَعُثْمَان ابْنا أبي شيبَة.
وحَدثني عَمْرو النَّاقِد، قَالُوا جَمِيعًا: ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله ".
بَاب عرض الْإِسْلَام على الْمُشرك عِنْد الْمَوْت
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، عَن أَبِيه قَالَ: " لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة، جَاءَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوجدَ عِنْده أَبَا جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة، فَقَالَ: أَي عَم، قل: لَا إِلَه إِلَّا الله، كلمة أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله. فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة: أترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب؟ فَلم يزل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعرضهَا عَلَيْهِ، ويعيدانه بِتِلْكَ الْمقَالة، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالب - آخر مَا كَلمهمْ -: هُوَ على مِلَّة عبد الْمطلب، وَأبي أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالله لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك. فَأنْزل الله - عز(2/484)
وَجل -: {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} ، وَأنزل الله - عز وَجل - فِي أبي طَالب. فَقَالَ لرَسُول الله: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء} ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن زيد - عَن ثَابت، عَن أنس " أَن غُلَاما من الْيَهُود كَانَ مرض فَأَتَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يعودهُ، فَقعدَ عِنْد رَأسه فَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَقَالَ: أسلم. فَنظر إِلَى أَبِيه، وَهُوَ عِنْد رَأسه، فَقَالَ أَبوهُ: أطع أَبَا الْقَاسِم. فَأسلم، فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي أنقذه بِي من النَّار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مَالك بن عبد الْوَاحِد المسمعي، ثَنَا الضَّحَّاك بن مخلد، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، ثَنَا صَالح بن أبي عريب، عَن كثير بن مرّة، عَن معَاذ، ابْن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة ".
صَالح بن أبي عريب لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا عبد الحميد بن جَعْفَر.
بَاب تَطْهِير ثِيَاب الْمَيِّت عِنْد الْمَوْت
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا ابْن أبي مَرْيَم، أَنا يحيى بن أَيُّوب، عَن ابْن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَنه لما حَضَره الْمَوْت دَعَا بِثِيَاب جدد فلبسها، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الْمَيِّت يبْعَث فِي ثِيَابه الَّتِي مَاتَ فِيهَا ".(2/485)
يحيى بن أَيُّوب ضعفه أَبُو حَاتِم، وَقَالَ فِيهِ يحيى بن معِين مرّة: صَالح. وَمرَّة قَالَ: ثِقَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ: يحيى بن أَيُّوب لَيْسَ بِهِ بَأْس.
وَمَا رُوِيَ من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن النَّاس يحشرون حُفَاة عُرَاة " أصح من هَذَا وَأشهر.
بَاب قِرَاءَة يس على الْمَيِّت
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مَحْمُود بن خَالِد، ثَنَا الْوَلِيد - هُوَ ابْن مُسلم - حَدثنِي عبد الله بن الْمُبَارك، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن معقل بن يسَار أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اقْرَءُوا على مَوْتَاكُم يس ".
أَبُو عُثْمَان هَذَا لَيْسَ هُوَ بالنهدي، وَلَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ.
بَاب تسجية الْمَيِّت
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أخبرهُ، أَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ [قَالَت] : " سجي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين مَاتَ بِثَوْب حبرَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، سَمِعت ابْن الْمُنْكَدر يَقُول: سَمِعت جَابِرا يَقُول: " جِيءَ بِأبي يَوْم أحد وَقد مثل بِهِ، فَوضع بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد سجي بِثَوْب ".(2/486)
بَاب مَا جَاءَ فِي نعي الْمَيِّت
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا عبد القدوس بن بكر بن خُنَيْس، [حَدثنَا حبيب] بن سليم الْعَبْسِي، عَن بِلَال بن يحيى الْعَبْسِي، عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: " إِذا مت فَلَا تؤذنوا بِي أحدا؛ إِنِّي أَخَاف أَن يكون نعيا، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَن النعي ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن / إِبْرَاهِيم، أَنا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد ابْن زيد، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نعى زيدا وجعفرا قبل أَن يَجِيء خبرهم، نعاهم وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا عبد الله بن نمير، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، عَن خَارِجَة بن زيد، عَن عَمه يزِيد بن ثَابت " أَنهم خَرجُوا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم فَرَأى قبرا (حَدِيثا) قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذِه فُلَانَة مولاة بني فلَان - فعرفها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَاتَت ظهرا وَأَنت صَائِم قَائِل، فَلم نحب أَن نوقظك لَهَا. فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وصف النَّاس خَلفه فَكبر عَلَيْهَا أَرْبعا، ثمَّ قَالَ: لَا يموتن فِيكُم ميت مَا دمت بَين أظْهركُم إِلَّا - يَعْنِي - آذنتموني بِهِ؛ فَإِن صَلَاتي لَهُ رَحْمَة ".(2/487)
بَاب الطَّعَام يصنع لأهل الْمَيِّت
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع وَعلي بن حجر قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن جَعْفَر بن خَالِد، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: " لما جَاءَ نعي جَعْفَر قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اصنعوا لأهل جَعْفَر طَعَاما؛ فَإِنَّهُ قد أَتَاهُم مَا يشغلهم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
وجعفر هُوَ ابْن خَالِد ابْن سارة ثِقَة.
بَاب مَا يُقَال عِنْد حُضُور الْمَيِّت وَفِيه تغميض الْمَيِّت
مُسلم: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب، قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا حضرتم الْمَرِيض أَو الْمَيِّت فَقولُوا خيرا؛ فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا تَقولُونَ. قَالَت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلمَة، أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا سَلمَة قد مَاتَ، قَالَ: قولي: اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَله وأعقبني مِنْهُ عُقبى حَسَنَة. قَالَت: فَقلت، فأعقبني الله من هُوَ خير لي مِنْهُ: مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب، عَن أم سَلمَة قَالَت: " دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أبي سَلمَة، وَقد شقّ بَصَره فأغمضه، ثمَّ قَالَ: إِن الرّوح إِذا قبض تبعه الْبَصَر. فَضَجَّ نَاس من أَهله، فَقَالَ: لَا تدعوا على أَنفسكُم إِلَّا بِخَير؛ فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا تَقولُونَ. ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لأبي(2/488)
سَلمَة، وارفع دَرَجَته فِي المهديين، واخلفه فِي عقبه فِي الغابرين، واغفر لنا وَله يَا رب الْعَالمين، وأفسح لَهُ فِي قَبره، وَنور لَهُ فِيهِ ".
قَالَ: وثنا مُحَمَّد بن [مُوسَى] الْقطَّان، ثَنَا الْمثنى بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا عبيد الله بن الْحسن، ثَنَا خَالِد بِهَذَا نَحوه، وَلم يقل: " أفسح " وَزَاد: قَالَ خَالِد الْحذاء: " ودعوة سابعة أنسيتها وَقَالَ: اخلفه فِي تركته ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْبكاء على الْمَيِّت
مُسلم: / حَدثنِي أَبُو كَامِل، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن زيد - عَن عَاصِم الْأَحول، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأرْسلت إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاته تَدعُوهُ، وَتُخْبِرهُ أَن صَبيا لَهَا أَو ابْنا لَهَا فِي الْمَوْت. فَقَالَ للرسول: ارْجع إِلَيْهَا فَأَخْبرهَا أَن لله مَا أَخذ وَله مَا أعْطى، وكل شَيْء عِنْده بِأَجل مُسَمّى، فَمُرْهَا فَلتَصْبِر، ولتحتسب. فَعَاد الرَّسُول فَقَالَ: إِنَّهَا قد أَقْسَمت لَتَأْتِيَنَّهَا. قَالَ: فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَامَ مَعَه سعد بن عبَادَة، ومعاذ بن جبل، وَانْطَلَقت مَعَهم، فَرفع إِلَيْهِ الصَّبِي وَنَفسه تقَعْقع كَأَنَّهَا فِي شنة، فَفَاضَتْ عَيناهُ، فَقَالَ لَهُ سعد بن عبَادَة: مَا هَذَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: هَذِه رَحْمَة جعلهَا الله فِي قُلُوب عبَادَة، وَإِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء ".(2/489)
مُسلم: حَدثنَا يُونُس بن [عبد الْأَعْلَى] الصَّدَفِي، وَعَمْرو بن سَواد العامري قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: " اشْتَكَى سعد بن عبَادَة شكوى لَهُ، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودهُ مَعَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَسعد بن أبي وَقاص، وَعبد الله ابْن مَسْعُود، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ وجده فِي غشية، فَقَالَ: أقد قضى؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. فَبكى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا رأى الْقَوْم بكاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[بكوا] ، فَقَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ، إِن الله لَا يعذب بدمع الْعين، وَلَا بحزن الْقلب، وَلَكِن يعذب بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانه - أَو يرحم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، أَن سَلمَة بن الْأَزْرَق قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " مَاتَ ميت من آل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاجْتمع النِّسَاء يبْكين عَلَيْهِ، فَقَامَ عمر ينهاهن، ويطردهن، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعْهُنَّ فَإِن الْعين دامعة، والفؤاد مصاب، والعهد قريب ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن يزِيد، ثَنَا بهز بن أَسد، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر " أَن أَبَاهُ قتل يَوْم أحد قَالَ: فَجعلت أكشف عَن وَجهه وأبكي، وَالنَّاس ينهوني، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ينهاني، وَجعلت عمته تبكيه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تبكيه، مازالت الْمَلَائِكَة تظله بأجنحتها حَتَّى رفعتموه ".(2/490)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا سُفْيَان، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة قَالَت: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبل عُثْمَان بن مَظْعُون وَهُوَ ميت، حَتَّى رَأَيْت الدُّمُوع تسيل ".
عَاصِم يضعف، وَقد ذكر أَبُو عِيسَى حَدِيثه هَذَا وَصَححهُ.
النَّسَائِيّ: حَدثنَا عتبَة بن عبد الله بن عتبَة قَالَ: قَرَأت على مَالك بن أنس، عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك، أَن عتِيك بن الْحَارِث - وَهُوَ جد / عبد الله بن عبد الله، أَبُو أمه - أخبرهُ أَن جَابر بن عتِيك أخبرهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ يعود عبد الله بن ثَابت فَوَجَدَهُ قد غلب، فصاح بِهِ فَلم يجبهُ فَاسْتَرْجع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: غلبنا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع، فصحن النسْوَة وبكين، فَجعل ابْن عتِيك يسكتهن، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعْهُنَّ، فَإِذا وَجب لَا تبكين باكية. قَالُوا: وَمَا الْوُجُوب يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الْمَوْت. قَالَت ابْنَته: إِن كنت لأرجو أَن يكون شَهِيدا، قد كنت قضيت جهازك. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَإِن الله - عز وَجل - قد أوقع أجره على قدر نِيَّته، وَمَا تَعدونَ الشَّهَادَة؟ قَالُوا: الْقَتْل فِي سَبِيل الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الشَّهَادَة سبع سوى الْقَتْل فِي سَبِيل الله: المطعون شَهِيد، والمبطون شَهِيد، وَالْغَرق شَهِيد، وَصَاحب الْهدم شَهِيد وَصَاحب ذَات الْجنب شَهِيد، وَصَاحب الحرق شَهِيد، وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع شَهِيد ".
مُسلم: ثَنَا ابْن مثنى وَابْن أبي عمر، قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا عبد الْوَهَّاب قَالَ: سَمِعت يحيى بن سعيد قَالَ: أَخْبَرتنِي عمْرَة، أَنَّهَا سَمِعت عَائِشَة تَقول: " لما جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل ابْن حَارِثَة، وجعفر بن أبي طَالب، وَعبد الله بن رَوَاحَة، جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يعرف فِيهِ الْحزن، قَالَت: وَأَنا أنظر من صائر الْبَاب - شقّ(2/491)
الْبَاب - فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن نسَاء جَعْفَر، وَذكر بكاءهن، فَأمر أَن يذهب فينهاهن، فَذهب فَأَتَاهُ فَذكر أَنَّهُنَّ لم يطعنه، فَأمره الثَّانِيَة أَن ينهاهن، فَذهب ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: وَالله لقد غلبننا يَا رَسُول الله، قَالَ: فَزَعَمت أَن رَسُول الله قَالَ: اذْهَبْ فاحث فِي أفواههن التُّرَاب. قَالَت عَائِشَة: فَقلت: أرْغم الله أَنْفك، وَالله مَا تفعل مَا أَمرك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَا تركت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من العناء ".
بَاب الْحزن عِنْد الْمُصِيبَة
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، وشيبان بن فروخ، كِلَاهُمَا عَن سُلَيْمَان - وَاللَّفْظ لشيبان - ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ولد لي اللَّيْلَة غُلَام فسميته باسم أبي: إِبْرَاهِيم، ثمَّ دَفعته إِلَى أم سيف امْرَأَة قين يُقَال لَهُ: أَبُو سيف. فَانْطَلق يَأْتِيهِ واتبعته، فَانْتهى إِلَى أبي سيف، وَهُوَ ينْفخ بكيره، قد امْتَلَأَ الْبَيْت دخانا، فأسرعت الْمَشْي بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا أَبَا سيف، أمسك جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأمْسك، فَدَعَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالصَّبِيِّ فضمه إِلَيْهِ، وَقَالَ مَا شَاءَ الله أَن يَقُول، فَقَالَ أنس: لقد رَأَيْته يكيد بِنَفسِهِ بَين يَدي رَسُول الله، فَدَمَعَتْ عينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / فَقَالَ: تَدْمَع الْعين، ويحزن الْقلب، وَلَا نقُول إِلَّا مَا يُرْضِي رَبنَا، وَالله يَا إِبْرَاهِيم إِنَّا بك لَمَحْزُونُونَ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا سُلَيْمَان بن كثير، عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " لما قتل زيد بن حَارِثَة، وجعفر، وَعبد الله بن رَوَاحَة، جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَسْجِد يعرف فِيهِ الْحزن ... " فَذكر قصَّته.(2/492)
البُخَارِيّ: حَدثنِي عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن أنس قَالَ: " قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا حِين قتل الْقُرَّاء، فَمَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حزن حزنا قطّ أَشد مِنْهُ ".
بَاب الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس بن مَالك قَالَ: مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِامْرَأَة تبْكي عِنْد قبر، فَقَالَ: اتقِي الله واصبري. قَالَت: إِلَيْك عني فَإنَّك لم تصب بمصيبتي. وَلم تعرفه، فَقيل لَهَا: إِنَّه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأَتَت بَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم تَجِد عِنْده بوابين، فَقَالَت: لم أعرفك. فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى ".
رَوَاهُ مُسلم: وَقَالَ: " إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد أول صدمة - أَو عِنْد أول الصدمة ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار الْعَبْدي، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن ثَابت قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى ".
بَاب مَا جَاءَ فِي النِّيَاحَة وَضرب الخدود
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا خَالِد، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن مطرف، عَن حَكِيم بن قيس، أَن قيس بن عَاصِم قَالَ: " لَا تنوحوا عَليّ فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم ينح عَلَيْهِ ".(2/493)
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَابْن نمير، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كلهم عَن أبن عُيَيْنَة - قَالَ ابْن نمير: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة - عَن ابْن أبي نجيح، عَن أَبِيه، عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: قَالَت أم سَلمَة: " لما مَاتَ أَبُو سَلمَة قلت: غَرِيب فِي أَرض غَرِيبَة، لأبكينه بكاء يتحدث عَنهُ، فَكنت قد تهيأت للبكاء إِذْ أَقبلت امْرَأَة من الصَّعِيد تُرِيدُ أَن تسعدني، فَاسْتَقْبلهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَن تدخلي الشَّيْطَان بَيْتا أخرجه الله مِنْهُ - مرَّتَيْنِ -؟ فكففت عَن الْبكاء فَلم أبك ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " أَخذ علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ الْبيعَة أَن لَا ننوح، فَمَا وفت منا امْرَأَة إِلَّا خمس: أم سليم، وَأم الْعَلَاء، وَابْنه أبي سُبْرَة امْرَأَة معَاذ - أَو وَابْنَة أبي سُبْرَة، وَامْرَأَة معَاذ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن أبي مُعَاوِيَة، قَالَ زُهَيْر: ثَنَا مُحَمَّد بن حَازِم، / حَدثنَا عَاصِم - هُوَ الْأَحول - عَن حَفْصَة، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " لما نزلت هَذِه الْآيَة {يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا ... .} الْآيَة {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} . قَالَت: كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَة. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، إِلَّا آل فلَان فَإِنَّهُم كَانُوا أسعدوني فِي الْجَاهِلِيَّة، فَلَا بُد لي من أَن أسعدهم. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِلَّا آل فلَان ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ على النِّسَاء حِين بايعهن أَلا يَنحن، فَقُلْنَ:(2/494)
يَا رَسُول الله، إِن نسَاء أسعدننا فِي الْجَاهِلِيَّة، أفنسعدهن؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا إسعاد فِي الْإِسْلَام ".
مُسلم: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا حبَان بن هِلَال، ثَنَا أبان بن يزِيد، ثَنَا يحيى، أَن زيدا حَدثهُ، أَن أَبَا سَلام حَدثهُ، أَن أَبَا مَالك الْأَشْعَرِيّ، حَدثهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَربع فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة لَا يتركونهن: الْفَخر فِي الأحساب، والطعن فِي الْأَنْسَاب، وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم، والنياحة. وَقَالَ: النائحة إِذا لم تتب قبل مَوتهَا، تُقَام يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربال من قطران، وَدرع من جرب ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد وَإِسْحَاق بن مَنْصُور، قَالَا: ثَنَا جَعْفَر بن عون، أَنا أَبُو عُمَيْس، سَمِعت أَبَا صَخْرَة، يذكر عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، وَأبي بردة بن أبي مُوسَى قَالَا: " أُغمي على أبي مُوسَى، وَأَقْبَلت امْرَأَته أم عبد الله تصيح برنة، قَالَا: ثمَّ أَفَاق فَقَالَ: ألم تعلمي - وَكَانَ يحدثها - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَنا بَرِيء مِمَّن حلق، وسلق، وخرق ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله بن مرّة، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ منا من ضرب الخدود، وشق الْجُيُوب، ودعا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة ".
لمُسلم فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: " أَو شقّ أَو دَعَا ". وَقد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان.(2/495)
بَاب مَا جَاءَ أَن الْمَيِّت يعذب ببكاء الْحَيّ
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن ابْن عمر قَالَ: " لما طعن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أُغمي عَلَيْهِ فصيح عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: أما علمْتُم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير، جَمِيعًا عَن ابْن بشر - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا مُحَمَّد بن بشر الْعَبْدي - عَن عبيد الله بن عمر، ثَنَا نَافِع، عَن عبد الله " أَن حَفْصَة بَكت على عمر - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - فَقَالَ لَهَا: مهلا يَا بنية، ألم تعلمي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ ".
مُسلم: وحَدثني عَليّ بن حجر، ثَنَا شُعَيْب بن صَفْوَان أَبُو يحيى، / عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " لما أُصِيب عمر أقبل صُهَيْب من منزله حَتَّى دخل على عمر، فَقَامَ بحياله يبكي، فَقَالَ عمر: على مَا تبْكي؟ أعلي تبْكي؟ قَالَ: إِي وَالله لعليك أبْكِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: وَالله لقد علمت أَن رَسُول الله قَالَ: من يبكى عَلَيْهِ يعذب. قَالَ: فَذكرت [ذَلِك] لمُوسَى بن طَلْحَة فَقَالَ: كَانَت عَائِشَة تَقول: إِنَّمَا كَانَ أُولَئِكَ الْيَهُود ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا قَتَادَة، يحدث عَن سعيد بن الْمسيب، عَن ابْن عمر، [عَن عمر] عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:(2/496)
" الْمَيِّت يعذب فِي قَبره (مَا) نيح عَلَيْهِ ".
مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، وَعبد بن حميد، قَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، أَنا عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ: " توفيت ابْنة لعُثْمَان بن عَفَّان بِمَكَّة قَالَ: فَجِئْنَا لنشهدها، قَالَ: فحضرها ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، قَالَ: فَإِنِّي لجالس بَينهمَا، قَالَ: [جَلَست] إِلَى أَحدهمَا، ثمَّ جَاءَ الآخر فَجَلَسَ إِلَى جَنْبي، فَقَالَ عبد الله بن عمر لعَمْرو بن عُثْمَان - وَهُوَ مواجهه -: أَلا تنْهى عَن الْبكاء، فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ ".
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قد كَانَ عمر يَقُول بعض ذَلِك، ثمَّ حدث فَقَالَ: صدرت مَعَ عمر من مَكَّة حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذا هُوَ بركب تَحت ظلّ شَجَرَة، فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُر من هَؤُلَاءِ الركب. فَنَظَرت فَإِذا هُوَ صُهَيْب، قَالَ: فَأَخْبَرته، فَقَالَ: ادْعُه لي. قَالَ: فَرَجَعت إِلَى صُهَيْب فَقلت: ارتحل فَالْحق أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: فَلَمَّا أَن أُصِيب عمر، دخل صُهَيْب يبكي يَقُول: [واأخاه] ، واصاحباه. فَقَالَ عمر: يَا صُهَيْب، أَتَبْكِي عَليّ وَقد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الْمَيِّت يعذب بِبَعْض بكاء أَهله عَلَيْهِ! ".
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَلَمَّا مَاتَ عمر ذكرت ذَلِك لعَائِشَة، فَقَالَت: يرحم الله عمر لَا وَالله مَا حدث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن الله يعذب الْمَيِّت ببكاء أحد عَلَيْهِ، وَلَكِن قَالَ: إِن الله يزِيد الْكَافِر عذَابا ببكاء أَهله عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَالَت عَائِشَة: حسبكم الْقُرْآن {لَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس عِنْد ذَلِك: وَالله أضْحك(2/497)
وأبكى. قَالَ ابْن أبي مليكَة: فوَاللَّه مَا قَالَ ابْن عمر من شَيْء ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن سعيد بن عبيد الطَّائِي، وَمُحَمّد بن قيس، عَن عَليّ بن ربيعَة قَالَ: " أول من نيح عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ: قرظة بن كَعْب، فَقَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من نيح عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يعذب بِمَا نيح عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا مُحَمَّد بن عمار، ثَنَا أسيد بن أبي أسيد، أَن مُوسَى بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أخبرهُ، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من ميت يَمُوت فَيقوم (باكيهم) فَيَقُول: واجبلاه، وأسيداه أَو نَحْو ذَلِك / إِلَّا وكل بِهِ ملكان يلهزانه: أهكذا كنت؟ ! ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمرَان بن ميسرَة، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن حُصَيْن، عَن عَامر، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " أُغمي على عبد الله بن رَوَاحَة فَجعلت أُخْته عمْرَة تبْكي: واجبلاه، وَكَذَا وَكَذَا تعدد عَلَيْهِ، فَقَالَ حِين أَفَاق: مَا قلت شَيْئا إِلَّا قيل لي: آنت كَذَلِك ".
حَدثنَا قُتَيْبَة: ثَنَا عَبْثَر، عَن حُصَيْن، عَن الشّعبِيّ، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " أُغمي على عبد الله ... . . " بِهَذَا " فَلَمَّا مَاتَ لم تبك عَلَيْهِ ".(2/498)
مُسلم: حَدثنَا خلف بن هِشَام، وَأَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، جَمِيعًا عَن حَمَّاد - قَالَ خلف بن هِشَام: أَنا حَمَّاد بن زيد - عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه قَالَ: " ذكر عِنْد عَائِشَة قَول ابْن عمر: الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ، فَقَالَت: يرحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن، سمع شَيْئا فَلم يحفظ، إِنَّمَا مرت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَنَازَة يَهُودِيّ، وهم يَبْكُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتُم تَبْكُونَ، وَإنَّهُ ليعذب ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه قَالَ: " ذكر عِنْد عَائِشَة أَن ابْن عمر يرفع إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الْمَيِّت يعذب فِي قَبره ببكاء أَهله، فَقَالَت: وَهل، إِنَّمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه ليعذب بخطيئته أَو بِذَنبِهِ، وَإِن أَهله ليبكون عَلَيْهِ الْآن. وَذَلِكَ مثل قَوْله: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ على القليب يَوْم بدر، وَفِيه قَتْلَى بدر من الْمُشْركين فَقَالَ لَهُم مَا قَالَ، فَقَالَ: إِنَّهُم ليسمعون مَا أَقُول. وَقد وَهل، إِنَّمَا قَالَ: إِنَّهُم ليعلمون أَن مَا كنت أَقُول لَهُم حق، ثمَّ قَرَأت: {فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} {وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور} يَقُول: [حِين] تبوءوا مَقَاعِدهمْ من النَّار ".
بَاب غسل الْمَيِّت
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا يزِيد بن زُرَيْع، عَن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " دخل علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن نغسل ابْنَته، فَقَالَ: اغسلنها ثَلَاثًا أَو خمْسا، أَو أَكثر من ذَلِك إِن رأيتن ذَلِك بِمَاء وَسدر، واجعلن فِي الْآخِرَة كافورا أَو شَيْئا من كافور، فَإِذا فرغتن فآذنني، فَلَمَّا فَرغْنَا آذناه،(2/499)
فَألْقى إِلَيْنَا حقوه، فَقَالَ: أشعرنها إِيَّاه ".
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى ابْن سِيرِين، عَن حَفْصَة، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " مشطناها ثَلَاثَة قُرُون ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد، جَمِيعًا عَن أبي مُعَاوِيَة قَالَ عَمْرو: حَدثنَا مُحَمَّد بن خازم أَبُو مُعَاوِيَة قَالَ: ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن حَفْصَة بنت سِيرِين، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " لما مَاتَت زَيْنَب بنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلنها وترا / ثَلَاثًا أَو خمْسا، واجعلن فِي الْخَامِسَة كافورا أَو شَيْئا من كافور، فَإِذا غسلتنها فأعلمنني. قَالَت: فأعلمناه، فأعطانا حقوه فَقَالَ: أشعرنها إِيَّاه ".
وَلمُسلم فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " فضفرنا شعرهَا أَثلَاثًا: قرنيها، وناصيتها ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [مُسَدّد، حَدثنَا] يحيى بن سعيد، عَن هِشَام بن حسان، ثَنَا حَفْصَة، عَن أم عَطِيَّة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " توفيت إِحْدَى بَنَات النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... " فَذكرت الحَدِيث وَفِيه: " فضفرنا شعرهَا ثَلَاثَة قُرُون، وألقيناها خلفهَا ".(2/500)
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد، ثَنَا ابْن وهب، أَنا ابْن جريج قَالَ: قَالَ أَيُّوب: وَسمعت حَفْصَة بنت سِيرِين، حَدَّثتنَا أم عَطِيَّة " أَنَّهُنَّ جعلن رَأس بنت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثَة قُرُون نقضنه، ثمَّ غسلنه، ثمَّ جعلنه ثَلَاثَة قُرُون ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا هشيم، عَن خَالِد، عَن حَفْصَة، عَن أم عَطِيَّة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ أمرهَا أَن تغسل ابْنَته، قَالَ: ابدأن بميامنها ومواضع الْوضُوء مِنْهَا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، (عَن) يحيى بن عباد، عَن أَبِيه عباد بن عبد الله بن الزبير، سَمِعت عَائِشَة تَقول: " لما أَرَادوا غسل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: وَالله مَا نَدْرِي أنجرد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ثِيَابه كَمَا نجرد مَوتَانا، أم نغسله وَعَلِيهِ ثِيَابه؟ فَلَمَّا اخْتلفُوا ألْقى الله عَلَيْهِم النّوم حَتَّى مَا مِنْهُم رجل إِلَّا وذقنه فِي صَدره، ثمَّ كَلمهمْ مُكَلم من نَاحيَة الْبَيْت لَا يَدْرُونَ من هُوَ: اغسلوا رَسُول الله وَعَلِيهِ ثِيَابه، فَقَامُوا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فغسلوه وَعَلِيهِ قَمِيصه، يصبون المَاء فَوق الْقَمِيص، ويدلكونه بالقميص دون أَيْديهم، وَكَانَت عَائِشَة تَقول: لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا غسله إِلَّا نساؤه ".(2/501)
بَاب فِي الْكَفَن وتحسينه وَالنَّهْي عَن التغالي فِيهِ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا أَو قصَّته رَاحِلَته وَهُوَ محرم، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلوه بِمَاء وَسدر، وكفنوه فِي ثوبيه، وَلَا تخمروا وَجهه، وَلَا رَأسه؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبيا ".
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله وحجاج بن الشَّاعِر، قَالَا: ثَنَا حجاج ابْن مُحَمَّد، قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي [أَبُو] الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يحدث " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطب يَوْمًا فَذكر رجلا من أَصْحَابه قبض فَكفن فِي كفن غير طائل، وقبر لَيْلًا، فزجر / النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقبر الرجل بِاللَّيْلِ حَتَّى يصلى عَلَيْهِ إِلَّا أَن يضْطَر إِنْسَان إِلَى ذَلِك، وَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا كفن أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عمر بن يُونُس، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، عَن هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا ولي أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الْمحَاربي، ثَنَا عَمْرو بن [هَاشم] أَبُو(2/502)
مَالك الْجَنبي، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن عَامر، عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: " لَا تغال فِي كفن فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا تغَالوا فِي الْكَفَن فَإِنَّهُ يسلب سَرِيعا ".
عَامر هُوَ الشّعبِيّ، أدْرك خَمْسمِائَة من الصَّحَابَة أَو أَكثر، وَرَأى عَليّ بن أبي طَالب، مَاتَ سنة أَربع وَمِائَة، وَبلغ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ، إِلَّا رُؤْيَته عليا فَإِن ابْن أبي حَاتِم ذكر ذَلِك.
بَاب مَا يسْتَحبّ من الْكَفَن
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن مَيْمُون بن أبي شبيب، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " البسوا الْبيَاض فَإِنَّهَا أطهر وَأطيب، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " البسوا من ثيابكم الْبيَاض فَإِنَّهَا من خير ثيابكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم ".
قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب إِذا كَانَ الْكَفَن قَصِيرا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا شَقِيق، ثَنَا خباب قَالَ: " هاجرنا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نلتمس وَجه الله، فَوَقع أجرنا على الله، فمنا من مَاتَ لم يَأْكُل من أجره شَيْئا، مِنْهُم مُصعب بن عُمَيْر، وَمنا من أينعت(2/503)
لَهُ ثَمَرَته، فَهُوَ يهدبها، قتل يَوْم أحد، فَلم نجد مَا نكفنه بِهِ إِلَّا بردة، إِذا غطينا بهَا رَأسه خرجت رِجْلَاهُ، وَإِذا غطينا رجلَيْهِ خرج رَأسه، فَأمرنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نغطي رَأسه، ونجعل على رجلَيْهِ من الْإِذْخر ".
بَاب فِي كم كفن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
أَبُو دَاوُد: / حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا [الْوَلِيد] بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا الزُّهْرِيّ، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " أدرج رَسُول الله فِي ثوب حبرَة، ثمَّ أخر عَنهُ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كفن رَسُول الله فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض سحُولِيَّة من كُرْسُف، لَيْسَ فِيهَا قَمِيص، وَلَا عِمَامَة، أما الْحلَّة فَإِنَّمَا شبه على النَّاس فِيهَا، أَنَّهَا اشْتريت لَهُ ليكفن فِيهَا، فَتركت الْحلَّة، وكفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض سحُولِيَّة، فَأَخذهَا عبد الله بن أبي بكر، فَقَالَ: لأحبسنها حَتَّى أكفن فِيهَا نَفسِي، ثمَّ قَالَ: لَو رضيها الله لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لكفنه فِيهَا. فَبَاعَهَا، وَتصدق بِثمنِهَا ".
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، أَنا هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " أدرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حلَّة يمنية، كَانَت لعبد الله بن أبي بكر، ثمَّ نزعت عَنهُ، وكفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب سحول يَمَانِية، لَيْسَ فِيهَا عِمَامَة، وَلَا قَمِيص ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.(2/504)
بَاب حكم الْمحرم إِذا مَاتَ
مُسلم: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، ثَنَا عِيسَى - يَعْنِي ابْن يُونُس - عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أقبل رجل حَرَامًا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَخر من بعيره، فوقص وقصا فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلوه بِمَاء وَسدر، وألبسوه ثوبيه، وَلَا تخمروا رَأسه؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة يُلَبِّي ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو كَامِل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا وقصه بعيره وَهُوَ محرم، فَوَقع من نَاقَته، فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يغسل بِمَاء وَسدر، وَلَا يمس طيبا، وَلَا يخمر رَأسه؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبدا ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا عبيد الله بن مُوسَى، أَنا إِسْرَائِيل، عَن مَنْصُور، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل، فوقصته نَاقَته فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلوه، وَلَا تقربوه طيبا، وَلَا تغطوا وَجهه؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يُلَبِّي ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عتبَة بن عبد الله بن عتبَة، ثَنَا يُونُس بن نَافِع، عَن عَمْرو(2/505)
ابْن دِينَار، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اغسلوا الْمحرم فِي ثوبيه اللَّذين أحرم فيهمَا، واغسلوه بِمَاء وَسدر، وكفنوه فِي ثوبيه، وَلَا تمسوه بِطيب، / وَلَا تخمروا رَأسه؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة محرما ".
بَاب حكم الشَّهِيد
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، حَدثنِي ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد فِي ثوب وَاحِد، ثمَّ يَقُول: أَيهمْ أَكثر أخذا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذا أُشير إِلَى أَحدهمَا قدمه فِي اللَّحْد، وَقَالَ: أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ يَوْم الْقِيَامَة. وَأمر بدفنهم فِي دِمَائِهِمْ، وَلم يغسلوا، وَلم يصل عَلَيْهِم ".
روى أَبُو دَاوُد: عَن زِيَاد بن أَيُّوب، وَعِيسَى بن يُونُس كِلَاهُمَا يَقُول: حَدثنَا عَليّ بن عَاصِم، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقتلى أحد أَن ينْزع عَنْهُم الْحَدِيد، والجلود، وَأَن يدفنوا بدمائهم (بثيابهم) ".
وَعلي بن عَاصِم هَذَا ضَعِيف، وَأَيْضًا فسماعه من عَطاء كَانَ بعد اخْتِلَاط عَطاء.
وروى التِّرْمِذِيّ: عَن ابْن أبي عمر، عَن بشر بن السّري، عَن زَائِدَة، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر بن عبد الله " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كفن حَمْزَة فِي نمرة فِي ثوب وَاحِد ".(2/506)
وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل ضعفه: يحيى بن معِين، وَأَبُو حَاتِم، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ وَغَيرهم، وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ والْحميدِي يحتجون بحَديثه، وَصحح أَبُو عِيسَى حَدِيثه هَذَا عِنْد ذكره لَهُ.
وروى أَبُو دَاوُد: عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن زيد بن الْحباب.
وَعَن قُتَيْبَة بن سعيد، عَن أبي صَفْوَان، كِلَاهُمَا عَن أُسَامَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر على حَمْزَة وَقد مثل بِهِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَن تَجِد صَفِيَّة فِي نَفسهَا لتركته حَتَّى تَأْكُله الْعَافِيَة، حَتَّى يحْشر من بطونها ".
وَأُسَامَة هَذَا هُوَ أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَضَعفه يحيى ابْن سعيد الْقطَّان، وَتكلم أَحْمد بن حَنْبَل فِي حَدِيثه عَن نَافِع، وَقد روى عَنهُ الثَّوْريّ، وَابْن الْمُبَارك، وَغَيرهمَا.
بَاب الْجمع بَين الِاثْنَيْنِ فِي كفن وَاحِد
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، أَن جَابر بن عبد الله أخبرهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد فِي ثوب وَاحِد ".
بَاب مواراة الْمَوْتَى
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا وهب بن جرير بن حَازِم، ثَنَا أبي، سَمِعت أَسمَاء بن عبيد، [يحدث عَن] رجل يُقَال لَهُ: / السَّائِب - وَهُوَ عندنَا(2/507)
أَبُو السَّائِب - قَالَ: " دَخَلنَا على أبي سعيد الْخُدْرِيّ ... " فَذكر حَدِيث الرجل الَّذِي قتل الْحَيَّة فَخر مَيتا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْهَبُوا [فادفنوا] صَاحبكُم ... . " وَسَيَأْتِي الحَدِيث بِطُولِهِ فِي بَاب قتل الْحَيَّات - إِن شَاءَ الله.
بَاب وجوب اتِّبَاع الْجَنَائِز
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَشْعَث، سَمِعت مُعَاوِيَة بن سُوَيْد بن مقرن، عَن الْبَراء قَالَ: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِسبع، ونهانا عَن سبع: أمرنَا بِاتِّبَاع الْجَنَائِز، وعيادة الْمَرِيض، وَإجَابَة الدَّاعِي، وَنصر الْمَظْلُوم، وإبرار الْقسم، ورد السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس، ونهانا عَن آنِية الْفضة، وَخَاتم الذَّهَب، وَالْحَرِير، والديباج، والقسي، والإستبرق ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد - هُوَ ابْن يحيى الذهلي - ثَنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، عَن الْأَوْزَاعِيّ، أَخْبرنِي ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " حق الْمُسلم على الْمُسلم خمس: رد السَّلَام، وعيادة الْمَرِيض، وَاتِّبَاع الْجَنَائِز، وَإجَابَة الدعْوَة، وتشميت الْعَاطِس ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا وَكِيع، عَن همام، عَن قَتَادَة، عَن أبي عِيسَى الأسواري، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عودوا الْمَرِيض، وَاتبعُوا الْجِنَازَة تذكركم الْآخِرَة ".(2/508)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ: ثَنَا الْمثنى وَهَمَّام بِإِسْنَادِهِ.
بَاب مَا جَاءَ فِي اتِّبَاع النِّسَاء الْجَنَائِز
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا ابْن علية، أَنا أَيُّوب، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: قَالَت أم عَطِيَّة: " كُنَّا ننهى عَن اتِّبَاع الْجَنَائِز، وَلم يعزم علينا ".
بَاب فضل اتِّبَاع الْجَنَائِز وَالصَّلَاة عَلَيْهَا وشهود دَفنهَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ المنجوفي، ثَنَا روح، ثَنَا عَوْف، عَن الْحسن وَمُحَمّد، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تبع جَنَازَة مُسلم إِيمَانًا واحتسابا، وَكَانَ مَعَه حَتَّى يصلى عَلَيْهَا، ويفرغ من دَفنهَا، فَإِنَّهُ يرجع من الْأجر بقيراطين، كل قِيرَاط مثل أحد، وَمن صلى عَلَيْهَا، ثمَّ رَجَعَ قبل أَن تدفن فَإِنَّهُ يرجع بقيراط ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، وحرملة بن يحيى، وَهَارُون بن سعيد - وَاللَّفْظ لهارون وحرملة - قَالَ هَارُون: ثَنَا، وَقَالَ الْآخرَانِ: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز / الْأَعْرَج، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من شهد الْجِنَازَة حَتَّى يصلى عَلَيْهَا فَلهُ قِيرَاط، وَمن شَهِدَهَا حَتَّى تدفن فَلهُ قيراطان. قيل: وَمَا القيراطان؟ قَالَ: مثل الجبلين العظمين ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا [بهز، ثَنَا وهيب] ، ثَنَا سُهَيْل،(2/509)
عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من صلى على جَنَازَة وَلم يتبعهَا فَلهُ قِيرَاط، فَإِن تبعها فَلهُ قيراطان. قيل: وَمَا القيراطان؟ قَالَ: أصغرهما مثل أحد ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا عبد الله بن يزِيد، حَدثنِي حَيْوَة، حَدثنِي أَبُو صَخْر، عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط، أَنه حَدثهُ أَن دَاوُد ابْن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص، حَدثهُ عَن أَبِيه " أَنه كَانَ قَاعِدا عِنْد عبد الله بن عمر إِذْ طلع خباب صَاحب الْمَقْصُورَة فَقَالَ: يَا عبد الله بن عمر، أَلا تسمع مَا يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من خرج مَعَ جَنَازَة من بَيتهَا وَصلى عَلَيْهَا، ثمَّ تبعها حَتَّى تدفن كَانَ لَهُ قيراطان من أجر كل قِيرَاط مثل أحد، وَمن صلى عَلَيْهَا، ثمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ من الْأجر مثل أحد. فَأرْسل ابْن عمر خبابا إلىعائشة يسْأَلهَا عَن قَول أبي هُرَيْرَة، ثمَّ يرجع إِلَيْهِ فيخبره مَا قَالَت، وَأخذ ابْن عمر قَبْضَة من حَصْبَاء الْمَسْجِد يقلبها فِي يَده حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُول، فَقَالَ: قَالَت عَائِشَة: صدق أَبُو هُرَيْرَة، فَضرب ابْن عمر بالحصى الَّذِي كَانَ فِي يَده الأَرْض، ثمَّ قَالَ: لقد فرطنا فِي قراريط كَثِيرَة ".
بَاب كَيفَ تتبع الْجِنَازَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَعلي بن حجر، وقتيبة بن سعيد، عَن سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة ".
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأَنا مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد، ثَنَا أبي، ثَنَا همام، ثَنَا(2/510)
سُفْيَان وَمَنْصُور وَزِيَاد، وَبكر، كلهم ذكر أَنه سَمعه من الزُّهْرِيّ، يحدث أَن سالما أخبرهُ، أَن أَبَاهُ أخبرهُ: " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَبا بكر، وَعمر، وَعُثْمَان يَمْشُونَ بَين يَدي الْجِنَازَة ". بكر وَحده لم يذكر " عُثْمَان ".
أرسل هَذَا الحَدِيث مَالك، وَمعمر، وَيُونُس وَغير وَاحِد من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يمشي أَمَام الْجِنَازَة ".
قَالَ الزُّهْرِيّ: وَأَخْبرنِي سَالم " أَن أَبَاهُ كَانَ يمشي أَمَام الْجِنَازَة ".
ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ - رَحمَه الله - قَالَ: وَحَدِيث الزُّهْرِيّ مُرْسلا أصح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا زِيَاد بن أَيُّوب، حَدثنِي عبد الْوَاحِد بن وَاصل، ثَنَا / سعيد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ، وَأَخُوهُ الْمُغيرَة، جَمِيعًا عَن زِيَاد بن جُبَير، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرَّاكِب خلف الْجِنَازَة، والماشي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، والطفل يصلى عَلَيْهِ ".
قَالَ: وَأَخْبرنِي أَحْمد بن بكار الْحَرَّانِي، ثَنَا بشر بن السّري، عَن سعيد بن عبيد الله بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.(2/511)
بَاب مَا جَاءَ فِي الرّكُوب فِي اتِّبَاع الْجِنَازَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى الْبَلْخِي، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن ثَوْبَان " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بِدَابَّة وَهُوَ مَعَ الْجِنَازَة، فَأبى أَن يركب، فَلَمَّا انْصَرف أُتِي بِدَابَّة فَركب، فَقيل لَهُ، فَقَالَ: إِن الْمَلَائِكَة كَانَت تمشي، فَلم أكن لأركب وَهُوَ يَمْشُونَ، فَلَمَّا ذَهَبُوا ركبت ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ابْن الدحداح، ثمَّ أُتِي بفرس عري فعقله رجل فَرَكبهُ، فَجعل يتوقص بِهِ، وَنحن نتبعه نسعى خَلفه، قَالَ: فَقَالَ رجل من الْقَوْم: إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: كم من عذق مُعَلّق - أَو مدلى - فِي الْجنَّة لِابْنِ الدحداح ". أَو قَالَ شُعْبَة: " لأبي الدحداح ".
بَاب الْإِسْرَاع بالجنازة
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة وَهَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، قَالَ هَارُون: ثَنَا، وَقَالَ الْآخرَانِ: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَسْرعُوا بالجنازة، فَإِن كَانَت صَالِحَة قربتموها إِلَى الْخَيْر، وَإِن كَانَ غير ذَلِك كَانَ شرا تضعونه عَن رِقَابكُمْ ".(2/512)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا خَالِد - هُوَ ابْن الْحَارِث - ثَنَا عُيَيْنَة، ثَنَا أبي قَالَ: " شهِدت جَنَازَة عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، وَخرج زِيَاد يمشي بَين يَدي السرير، فَجعل رجال من أهل عبد الرَّحْمَن ومواليه يستقيلون السرير، ويمشون على أَعْقَابهم، وَيَقُولُونَ: رويدا بَارك الله فِيكُم، فَكَانُوا يدبون دبيبا، حَتَّى إِذا كُنَّا بِبَعْض الطَّرِيق المربد لحقنا أَبُو بكرَة على بغلة، فَلَمَّا رأى الَّذِي يصنعون حمل عَلَيْهِم (بغلته) وأهوى إِلَيْهِم بِالسَّوْطِ، وَقَالَ: خلوا، فوالذي أكْرم وَجه أبي الْقَاسِم، لقد رَأَيْتنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنَّا لنكاد نرمل بهَا رملا، فانبسط الْقَوْم ".
بَاب مَا تَقول الْجِنَازَة إِذا احتملت
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ / يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وضعت الْجِنَازَة فاحتملها الرِّجَال على أَعْنَاقهم، فَإِن كَانَت صَالِحَة قَالَت: قدموني، قدموني. وَإِن كَانَت غير صَالِحَة قَالَت: يَا وَيْلَهَا أَيْن تذهبون بهَا. يسمع صَوتهَا كل شَيْء إِلَّا الْإِنْسَان، وَلَو سَمعهَا إِنْسَان لصعق ".
بَاب وجوب الصَّلَاة على الْجَنَائِز
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر، وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل.(2/513)
وثنا يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا ابْن علية، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن عمرَان بن حُصَيْن، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَخا لكم قد مَاتَ، فَقومُوا فصلوا عَلَيْهِ - يَعْنِي النَّجَاشِيّ ". وَفِي رِوَايَة زُهَيْر: " إِن أَخَاكُم ".
بَاب الصُّفُوف على الْجِنَازَة وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة أم الْقُرْآن
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، ثَنَا هِشَام بن يُوسُف، أَن ابْن جريج أخْبرهُم [قَالَ] : أَخْبرنِي عَطاء، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد توفّي الْيَوْم رجل صَالح من الْحَبَش فَهَلُمَّ فصلوا عَلَيْهِ. قَالَ: فصففنا فصلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَنحن صُفُوف ".
قَالَ أَبُو الزبير عَن جَابر: " كنت فِي الصَّفّ الثَّانِي ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي قَالَ: حَدثنِي عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة، أَنه قَالَ: " نعى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّجَاشِيّ صَاحب الْحَبَشَة فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَقَالَ: اسْتَغْفرُوا لأخيكم ".
قَالَ ابْن شهَاب: وحَدثني سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صف بهم بالمصلى: فَكبر عَلَيْهِ أَربع تَكْبِيرَات ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نعى النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم(2/514)
الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَخرج بهم إِلَى الْمصلى فَكبر أَربع تَكْبِيرَات ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَمُحَمّد بن مثنى، وَمُحَمّد بن بشار قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة - وَقَالَ أَبُو بكر: عَن شُعْبَة - عَن عَمْرو ابْن مرّة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: " كَانَ زيد يكبر على جنائزنا أَرْبعا، وَإنَّهُ كبر على جَنَازَة خمْسا، فَسَأَلته فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكبرها ".
وروى التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق يزِيد بن سِنَان أبي فَرْوَة، عَن زيد بن أبي أنيسَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر فِي جَنَازَة فَرفع يَدَيْهِ فِي أول تَكْبِيرَة، وَوضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى ".
وَيزِيد بن سِنَان ضعفه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يزِيد بن سِنَان مَحَله الصدْق، وَفِيه غَفلَة. وقوى البُخَارِيّ أمره / وَقَالَ: هُوَ مقارب الحَدِيث مَا بحَديثه بَأْس، إِلَّا أَن ابْنه مُحَمَّدًا يروي عَنهُ مَنَاكِير.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى عِنْد ذكره هَذَا الحَدِيث: " هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه " رَوَاهُ عَن الْقَاسِم بن دِينَار الْكُوفِي، عَن إِسْمَاعِيل بن أبان، عَن يحيى بن يعلى، عَن أبي فَرْوَة يزِيد بن سِنَان.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أبنا سُفْيَان، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف قَالَ: " صليت خلف ابْن عَبَّاس على جَنَازَة فَقَرَأَ(2/515)
فَاتِحَة الْكتاب، فَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سنة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْهَيْثَم بن أَيُّوب، ثَنَا إِبْرَاهِيم - وَهُوَ ابْن سعد - ثَنَا أبي، عَن طَلْحَة بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، وَقَالَ: " صليت خلف ابْن عَبَّاس على جَنَازَة فَقَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة، وجهر حَتَّى أسمعنا ".
طَلْحَة هُوَ ابْن عبد الله بن عَوْف، ابْن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
بَاب الدُّعَاء فِي الصَّلَاة على الْمَيِّت
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن يحيى الْحَرَّانِي، حَدثنِي مُحَمَّد - يَعْنِي ابْن سَلمَة - عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا صليتم على الْمَيِّت فأخلصوا لَهُ الدُّعَاء ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، وَهَارُون بن سعيد - وَاللَّفْظ لأبي الطَّاهِر - قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن أبي حَمْزَة بن سليم، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصلى على جَنَازَة يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه، واعف عَنهُ وعافه، وَأكْرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بِمَاء وثلج وَبرد، ونقه من الْخَطَايَا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، وأبدله دَارا خيرا من دَاره، وَأهلا خيرا من أَهله، وزوجا خيرا من زوجه، وقه فتْنَة الْقَبْر، (وَعَذَاب الْقَبْر) ، وَعَذَاب النَّار ".(2/516)
قَالَ عَوْف: فتمنيت أَن (أكون) أَنا الْمَيِّت لدعاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ذَلِك الْمَيِّت ".
وَزَاد مُسلم أَيْضا فِي بعض طرقه: " وَأدْخلهُ (فِي) الْجنَّة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن مَرْوَان الرقي، ثَنَا شُعَيْب - يَعْنِي ابْن إِسْحَاق - عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على جَنَازَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لحينا وميتنا، وصغيرنا وَكَبِيرنَا، وَذكرنَا وأنثانا، وشاهدنا / وغائبنا، اللَّهُمَّ من أحييته منا فأحيه على الْإِيمَان، وَمن توفيته فتوفه على الْإِسْلَام، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجره، وَلَا تضلنا بعده ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا هِقْل بن زِيَاد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن [أبي] كثير، حَدثنِي أَبُو إِبْرَاهِيم الأشْهَلِي، عَن أَبِيه قَالَ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى على الْجِنَازَة قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وَكَبِيرنَا، وَذكرنَا وأنثانا ".
قَالَ يحيى: وحَدثني أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل ذَلِك وَزَاد فِيهِ: " اللَّهُمَّ من أحييته منا فأحيه على الْإِسْلَام، وَمن توفيته منا فتوفه على الْإِيمَان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث وَالِد أبي إِبْرَاهِيم حَدِيث حسن صَحِيح.
وروى هِشَام الدستوَائي، وَعلي بن الْمُبَارك هَذَا الحَدِيث، عَن يحيى بن أبي(2/517)
كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَحَدِيث عِكْرِمَة غير مَحْفُوظ.
وَسمعت مُحَمَّدًا يَقُول: أصح الرِّوَايَات فِي هَذَا حَدِيث يحيى بن أبي كثير، عَن أبي إِبْرَاهِيم الأشْهَلِي، عَن أَبِيه، وَسَأَلته عَن اسْم أبي إِبْرَاهِيم فَلم يعرفهُ.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى أَيْضا، وَذكر طرفا من حَدِيث مُسلم الَّذِي تقدم فِي أول الْبَاب، قَالَ مُحَمَّد: أصح شَيْء فِي هَذَا الْبَاب هَذَا الحَدِيث.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو معمر عبد الله بن [عَمْرو] ، وثنا [عبد الْوَارِث] ، ثَنَا أَبُو الْجلاس عقبَة بن سيار أَو سِنَان، حَدثنِي عَليّ بن شماخ قَالَ: " شهِدت مَرْوَان سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة: كَيفَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على الْجَنَائِز؟ قَالَ: أمع الَّذِي قلت؟ قَالَ: نعم - قَالَ: كَلَام كَانَ بَينهمَا قبل ذَلِك - قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: اللَّهُمَّ أَنْت رَبهَا وَأَنت خلقتها، وَأَنت هديتها إِلَى الْإِسْلَام، وَأَنت قبضت روحها، وَأَنت أعلم بسرها وعلانيتها، جِئْنَا [شُفَعَاء] فَأغْفِر لَهُ ".
الصَّوَاب: عقبَة بن سيار، هَكَذَا ذكره البُخَارِيّ، وَابْن أبي حَاتِم، وَهُوَ ثِقَة مَعْرُوف، وَعلي بن شماخ قَالَ فِيهِ شُعْبَة: عُثْمَان بن (شماخ) . وَالصَّوَاب:(2/518)
عَليّ بن شماخ، هَكَذَا قَالَ عبد الْوَارِث وَعباد بن صَالح فِي بَاب عَليّ، ذكره ابْن أبي حَاتِم وَالْبُخَارِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى.
بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاة على الشَّهِيد
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، (قَالَ) زَكَرِيَّا بن عدي: أَنا ابْن الْمُبَارك، عَن حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن يزِيد بن [أبي] حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قَتْلَى أحد بعد ثَمَانِي سِنِين كَالْمُودعِ للأحياء والأموات، ثمَّ طلع الْمِنْبَر فَقَالَ: إِنِّي بَين أَيْدِيكُم فرط، وَأَنا (شَهِيد عَلَيْكُم) ، وَإِن مَوْعدكُمْ الْحَوْض و [إِنِّي ٍ] لأنظر إِلَيْهِ من مقَامي هَذَا، وَإِنِّي لست أخْشَى عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّي أخْشَى عَلَيْكُم الدُّنْيَا أَن تنافسوها، قَالَ: فَكَانَت آخر نظرة نظرتها إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
النَّسَائِيّ: / أخبرنَا سُوَيْد بن نصر عَن عبد الله - هُوَ ابْن الْمُبَارك - عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عِكْرِمَة بن خَالِد، أَن ابْن أبي عمار أخبرهُ، عَن شَدَّاد بن الْهَاد " أَن رجلا من الْأَعْرَاب جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَآمن بِهِ، وَاتبعهُ، ثمَّ قَالَ: أُهَاجِر مَعَك، فأوصى بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعض أَصْحَابه، فَلَمَّا كَانَت غَزْوَة غنم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا فقسم، وَقسم لَهُ، فَأعْطى أَصْحَابه مَا قسم لَهُ، وَكَانَ يرْعَى ظهْرهمْ، فَلَمَّا جَاءَ دفعوه إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: [قسم قسْمَة لَك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَخذه فجَاء بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ:(2/519)
مَا هَذَا؟ قَالَ] : قسمته لَك، قَالَ: مَا على هَذَا اتبعتك، وَلَكِن اتبعتك على أَن أرمى هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى حلقه - بِسَهْم فأموت فَأدْخل الْجنَّة. قَالَ: إِن تصدق الله يصدقك. فلبثوا قَلِيلا، ثمَّ نهضوا فِي قتال الْعَدو، فَأتي بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحمل قد أَصَابَهُ سهم حَيْثُ أَشَارَ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أهوهو؟ فَقَالُوا: نعم. قَالَ: صدق الله فَصدقهُ. ثمَّ كَفنه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جُبَّة النَّبِي، ثمَّ قدمه فصلى عَلَيْهِ، فَكَانَ مِمَّا ظهر من صلَاته عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبدك خرج مُهَاجرا فِي سَبِيلك فَقتل شَهِيدا، وَأَنا شَهِيد عَلَيْهِ ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: مَا نعلم أَن أحدا تَابع ابْن الْمُبَارك على هَذَا، وَالصَّوَاب: أَن ابْن أبي عمار، عَن ابْن شَدَّاد بن الْهَاد، وَابْن الْمُبَارك أحد الْأَئِمَّة، وَلَعَلَّ الْخَطَأ من غَيره، وَالله أعلم.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: ابْن أبي عمار روى عَن شَدَّاد بن الْهَاد، واسْمه عمار.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن [ابْن شهَاب] ، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، أَن جَابر بن عبد الله أخبرهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد فِي ثوب وَاحِد، ثمَّ يَقُول: أَيهمْ أَكثر أخذا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذا أُشير لَهُ إِلَى أَحدهمَا قدمه فِي اللَّحْد، وَقَالَ: أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ يَوْم الْقِيَامَة. وَأمر بدفنهم بدمائهم، وَلم يصل عَلَيْهِم، وَلم يغسلوا ".
قَالَ النَّسَائِيّ: لَا نعلم أحدا من ثِقَات أَصْحَاب الزُّهْرِيّ تَابع اللَّيْث على هَذِه الرِّوَايَة، وَاخْتلف على الزُّهْرِيّ فِيهِ.(2/520)
بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاة على الطِّفْل
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق، حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر، عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَاتَ إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ ابْن ثَمَانِيَة عشر شهرا فَلم يصل عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا خَالِد، ثَنَا سعيد بن عبيد الله، سَمِعت زِيَاد بن جُبَير - هُوَ ابْن حَيَّة - يحدث عَن أَبِيه، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، أَنه ذكر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الرَّاكِب خلف الْجِنَازَة، والماشي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، والطفل / يصلى عَلَيْهِ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بشر بن آدم - ابْن بنت أَزْهَر السمان الْبَصْرِيّ - ثَنَا إِسْمَاعِيل بن [سعيد بن] عبيد الله، ثَنَا أبي بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.
وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب الصَّلَاة على من قتلته الْحُدُود
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا خَالِد، ثَنَا هِشَام، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن عمرَان بن حُصَيْن " [أَن] امْرَأَة من جُهَيْنَة أَتَت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَت: إِنِّي زَنَيْت، وَهِي حُبْلَى. فَدَفعهَا إِلَى(2/521)
وَليهَا، وَقَالَ: أحسن إِلَيْهَا، فَإِذا وضعت فائتني بهَا. فَلَمَّا وضعت جَاءَ بهَا فَأمرهَا، فشكت عَلَيْهَا ثِيَابهَا، ثمَّ رَجمهَا، ثمَّ صلى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ عمر: تصلي عَلَيْهَا وَقد زنت؟ فَقَالَ: لقد تابت تَوْبَة لَو قسمت بَين سبعين من أهل الْمَدِينَة لوسعتهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مَحْمُود، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن جَابر " أَن رجلا من أسلم جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاعترف بِالزِّنَا ... . " واقتص الحَدِيث، وَفِيه: " فَأمر بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرجم، وَقَالَ لَهُ خيرا، وَصلى عَلَيْهِ ".
سُئِلَ أَبُو عبد الله: " فصلى عَلَيْهِ " يَصح؟ قَالَ: رَوَاهُ معمر: قيل لَهُ: رَوَاهُ غير معمر؟ قَالَ: لَا.
بَاب الصَّلَاة على من مَاتَ من أهل الْكَبَائِر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا يحيى، عَن يحيى، عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن أبي عمْرَة، عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: " مَاتَ رجل بِخَيْبَر، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صلوا على صَاحبكُم فَإِنَّهُ غل فِي سَبِيل الله. ففتشنا مَتَاعه، فَوَجَدنَا فِيهَا خرزا من خرز يهود مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ ".
أَبُو عمْرَة لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان.(2/522)
بَاب هَل يصلى على من قتل نَفسه وَمَا جَاءَ فِيهِ
مُسلم: حَدثنَا عون بن سَلام الْكُوفِي، ثَنَا زُهَيْر، عَن سماك، عَن جَابر ابْن سَمُرَة قَالَ: " أُتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَجُل قتل نَفسه بمشاقص فَلم يصل عَلَيْهِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر، ثَنَا سماك، عَن جَابر بن سَمُرَة " أَن رجلا قتل نَفسه بمشاقص، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما أَنا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا خَالِد، عَن أبي قلَابَة، عَن ثَابت بن الضَّحَّاك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حلف بِملَّة غير الْإِسْلَام كَاذِبًا مُتَعَمدا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمن قتل نَفسه بحديدة عذب بهَا فِي نَار جَهَنَّم ".
وَقَالَ حجاج بن منهال: ثَنَا جرير بن حَازِم، عَن الْحسن، ثَنَا جُنْدُب فِي هَذَا الْمَسْجِد، فَمَا نسيناه، وَمَا نَخَاف أَن يكذب جُنْدُب على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ بِرَجُل جراح فَقتل نَفسه، فَقَالَ الله: بدرني عَبدِي بِنَفسِهِ حرمت عَلَيْهِ الْجنَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة / قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الَّذِي يخنق نَفسه يخنقها فِي النَّار، وَالَّذِي يطعنها يطعنها فِي النَّار ".(2/523)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، عَن شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش قَالَ: سَمِعت أَبَا صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قتل نَفسه بحديده فحديدته فِي يَده، يجَأ بهَا فِي بَطْنه فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلدا فِيهَا أبدا، وَمن قتل نَفسه بِسم فسمه فِي يَده، يتحساه فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلدا فِيهَا أبدا، وَمن تردى من جبل فَقتل نَفسه، فَهُوَ يتردى فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلدا فِيهَا أبدا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، تَابعه وَكِيع، وَأَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، وَلم يذكر: الخلود، ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى - رَحمَه الله.
وروى مُسلم - رَحمَه الله - قَالَ: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن سُلَيْمَان - قَالَ أبوبكر: ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب - ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن حجاج الصَّواف، عَن أبي الزبير، عَن جَابر " أَن الطُّفَيْل بن عَمْرو الدوسي أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يَا رَسُول الله، هَل لَك فِي حصن حُصَيْن مَنعه؟ - قَالَ: حصن كَانَ لدوس فِي الْجَاهِلِيَّة - فَأبى ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ للَّذي ذخر الله - عز وَجل - للْأَنْصَار، فَلَمَّا هَاجر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَة هَاجر إِلَيْهِ الطُّفَيْل بن عَمْرو الدوسي، وَهَاجَر مَعَه رجل من قومه، فاجتووا الْمَدِينَة، فَمَرض، فجزع فَأخذ (مشقاص) فَقطع بهَا براجمة، فشخبت يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْل بن عَمْرو فِي مَنَامه، فَرَآهُ وهيئته حَسَنَة، وَرَآهُ مغطيا يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا صنع بك رَبك - عز وَجل -؟ قَالَ: غفر لي بهجرتي إِلَى نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ: مَا لي أَرَاك مغطيا يَديك؟(2/524)
قَالَ: قيل لي: لم نصلح مِنْك مَا أفسدت. فَقَصَّهَا الطُّفَيْل على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ وليديه فَأغْفِر ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ: أَبُو الزبير مُحَمَّد بن مُسلم بن تدرس مكي، كَانَ شُعْبَة سيئ الرَّأْي فِيهِ.
وَأَبُو الزبير من الْحفاظ روى عَنهُ: مَالك بن أنس، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَكَانَ يُدَلس، فَإِذا قَالَ: سَمِعت جَابِرا. فَهُوَ صَحِيح، زَاد ابْن أبي حَاتِم: وروى عَنهُ: سَلمَة بن كهيل، وَدَاوُد بن أبي هِنْد، وَعبيد الله بن عمر، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَشعْبَة، وَذكر تَضْعِيفه، وَمعنى تَضْعِيفه، عَن أَيُّوب، وَابْن عُيَيْنَة، وَأبي زرْعَة، وَقَول أَحْمد بن حَنْبَل: أَبُو الزبير احتمله النَّاس لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَقَالَ: قَالَ يحيى بن معِين: أَبُو الزبير صَاحب جَابر ثِقَة. وَقَالَ الْحَاكِم: أَبُو الزبير احْتج بِهِ مُسلم فِي مَوَاضِع يسيرَة، وَأخرج / عَامَّة حَدِيثه فِي الشواهد، وَهُوَ من كبار التَّابِعين. كَانَ عَطاء يَقُول: أَبُو الزبير أحفظنا لما سمعناه من جَابر. وَقَالَ ابْن عون: مَا كَانَ أَبُو الزبير بِدُونِ عَطاء. وَقد غمزه أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَاللَّيْث بن سعد، وأفحش شُعْبَة القَوْل فِيهِ، وَلم يحْتَج بِهِ البُخَارِيّ، وَلَا النَّسَائِيّ، وَلَيْسَ عِنْد شُعْبَة فِيمَا يَقُول فِيهِ حجَّة أَكثر من أَنه لبس السوَاد، وتسفه بِحَضْرَتِهِ على رجل من أهل الْعلم، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم، عَن شُعْبَة: كَانَ أَبُو الزبير لَا يحسن يُصَلِّي. وَقَالَ الْحَاكِم أَيْضا: قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: سَمِعت عبد الرَّزَّاق، عَن أَبِيه قَالَ: شَيْخَانِ ضعفهما النَّاس للْحَاجة إِلَى النَّاس: أَبُو الزبير، وَمُحَمّد بن عباد بن جَعْفَر، ولسنا نرضى لأبي الزبير بِهَذَا القَوْل، فَإِنَّهُ فِي الصدْق والإتقان فَوق مُحَمَّد بدرجات.
بَاب الصَّلَاة على الْمَيِّت فِي الْمَسْجِد وَفِي الْمصلى
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا وهيب، ثَنَا مُوسَى بن عقبَة، عَن عبد الْوَاحِد، عَن عباد بن عبد الله بن الزبير، يحدث عَن عَائِشَة " أَنَّهَا لما(2/525)
توفّي سعد بن أبي وَقاص - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - أرسل أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يمروا بجنازته فِي الْمَسْجِد، فيصلين عَلَيْهِ، فَفَعَلُوا، فَوقف بِهِ على حجرهن يصلين عَلَيْهِ، أخرج بِهِ من بَاب الْجَنَائِز الَّذِي كَانَ إِلَى المقاعد، فبلغهن أَن النَّاس عابوا ذَلِك، وَقَالُوا: مَا كَانَت الْجَنَائِز يدْخل بهَا الْمَسْجِد. فَبلغ ذَلِك عَائِشَة - رَحْمَة الله عَلَيْهَا - فَقَالَت: مَا أسْرع النَّاس إِلَى أَن يعيبوا مَا لَا علم لَهُم بِهِ! عابوا علينا أَن يمر بِجنَازَة فِي الْمَسْجِد، وَمَا صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على سُهَيْل بن بَيْضَاء إِلَّا فِي جَوف الْمَسْجِد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " نعى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّجَاشِيّ صَاحب الْحَبَشَة الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ: اسْتَغْفرُوا لصاحبكم ".
وَعَن ابْن شهَاب: حَدثنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صف بهم فِي الْمصلى فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا ".
بَاب الصَّلَاة على الْمَيِّت بَعْدَمَا يدْفن
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، وَأَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن - وَاللَّفْظ لأبي كَامِل - قَالَا: ثَنَا حَمَّاد - وَهُوَ ابْن زيد - عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن امْرَأَة سَوْدَاء كَانَت تقم الْمَسْجِد - أَو شَابًّا - ففقدها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَ عَنْهَا - أَو عَنهُ - فَقَالُوا: مَاتَ. / قَالَ: أَفلا كُنْتُم آذنتموني؟ قَالَ: وَكَأَنَّهُم صغروا أمرهَا - أَو أمره - فَقَالَ: دلوني على قَبره. فدلوه، فصلى عَلَيْهَا، ثمَّ قَالَ: إِن هَذِه الْقُبُور مَمْلُوءَة ظلمَة على أَهله، وَإِن الله ينورها لَهُم بصلاتي عَلَيْهِم ".(2/526)
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد بِهَذَا الْإِسْنَاد: " كَانَت امْرَأَة سَوْدَاء تقم الْمَسْجِد، ففقدها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا: مَاتَت. فَأتى قبرها فصلى عَلَيْهَا ".
مُسلم: حَدثنَا حسن بن الرّبيع، وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير قَالَا: ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن الشّعبِيّ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على قبر بَعْدَمَا دفن فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا ".
قَالَ الشَّيْبَانِيّ: فَقلت لِلشَّعْبِيِّ: من حَدثَك؟ قَالَ: الثِّقَة ابْن عَبَّاس - هَذَا لفظ حَدِيث حسن - وَفِي رِوَايَة ابْن نمير قَالَ: ": انْتهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى قبر رطب فصلى عَلَيْهِ، وصفوا خَلفه، وَكبر أَرْبعا " قلت لعامر: من حَدثَك؟ قَالَ: الثِّقَة من شهده: ابْن عَبَّاس.
بَاب الصَّلَاة على الْمَيِّت بِبَلَد آخر وَبعد سِنِين
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَاتَ الْيَوْم عبد لله صَالح أَصْحَمَة - وَهُوَ اسْم النَّجَاشِيّ - فَقَامَ فأمنا وَصلى عَلَيْهِ ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن عقبَة بن عَامر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج يَوْمًا فصلى على أهل أحد(2/527)
صلَاته على الْمَيِّت، ثمَّ انْصَرف إِلَى الْمِنْبَر فَقَالَ: إِنِّي فرط لكم، وَأَنا شَهِيد عَلَيْكُم. فَإِنِّي وَالله لأنظر إِلَى حَوْضِي الْآن، وَإِنِّي قد أَعْطَيْت مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض - أَو مَفَاتِيح الأَرْض - وَإِنِّي وَالله مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا، وَلَكِن أَخَاف عَلَيْكُم أَن تنافسوا فِيهَا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن عقبَة بن عَامر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على قَتْلَى أحد بعد ثَمَانِي سِنِين كَالْمُودعِ للأحياء والأموات ".
بَاب ذكر الْأَوْقَات الَّتِي لَا تجوز الصَّلَاة فِيهَا على الْمَيِّت وَلَا يجوز أَن يقبر فِيهَا
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، ثَنَا عبد الله، عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح، سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ يَقُول: " ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (نَهَانَا) أَن نصلي فِيهِنَّ أَو نقبر فِيهِنَّ مَوتَانا: حِين تطلع الشَّمْس بازغة / حَتَّى ترْتَفع، وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تميل، وَحين تضيف الشَّمْس للغروب حَتَّى تغرب ".(2/528)
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن صلى عَلَيْهِ مائَة من الْمُسلمين
مُسلم: حَدثنَا الْحسن بن [عِيسَى] ، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، أَنا سَلام بن أبي مُطِيع، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن عبد الله بن يزِيد - رَضِيع عَائِشَة - عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من ميت يُصَلِّي عَلَيْهِ أمة من الْمُسلمين يبلغون مائَة كلهم يشفعون لَهُ إِلَّا شفعوا فِيهِ ".
قَالَ: فَحدثت بِهِ شُعَيْب بن الحبحاب، فَقَالَ: حَدثنِي بِهِ أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن صلى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ رجلا
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف، وَهَارُون بن سعيد، والوليد بن شُجَاع، قَالَ الْوَلِيد: حَدثنِي، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي أَبُو صَخْر، عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس، عَن عبد الله بن عَبَّاس " أَنه مَاتَ ابْن لَهُ بِقديد أَو بعسفان، فَقَالَ: يَا كريب، انْظُر مَا اجْتمع لَهُ من النَّاس. قَالَ: فَخرجت فَإِذا نَاس قد اجْتَمعُوا لَهُ، فَأَخْبَرته فَقَالَ: تَقول: هم أَرْبَعُونَ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أَخْرجُوهُ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: مَا من رجل مُسلم يَمُوت فَيقوم على جنَازَته أَرْبَعُونَ رجلا لَا يشركُونَ بِاللَّه شَيْئا إِلَّا شفعهم الله فِيهِ ".
وَفِي رِوَايَة ابْن مَعْرُوف: عَن شريك بن أبي نمر، عَن كريب، عَن ابْن عَبَّاس.(2/529)
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن صفت عَلَيْهِ ثَلَاثَة صُفُوف
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عبد الله بن الْمُبَارك، وَيُونُس بن بكير، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي قَالَ: " كَانَ مَالك بن هُبَيْرَة إِذا صلى على جَنَازَة، فتقال النَّاس عَلَيْهَا جزأهم ثَلَاثَة أَجزَاء، ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من صلى عَلَيْهِ ثَلَاثَة صُفُوف فقد أوجب ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث ابْن هُبَيْرَة حَدِيث حسن، هَكَذَا روى غير وَاحِد، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وروى إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق هَذَا الحَدِيث، وَأدْخل بَين مرْثَد وَمَالك رجلا، وَرِوَايَة هَؤُلَاءِ أصح عندنَا.
بَاب أَيْن يقوم من الْمَرْأَة وَالرجل فِي الصَّلَاة عَلَيْهِمَا
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن حُسَيْن بن ذكْوَان قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: " صليت خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أم كَعْب، مَاتَت وَهِي نفسَاء، فَقَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للصَّلَاة عَلَيْهَا وَسطهَا ".
أَبُو دَاوُد: / حَدثنَا دَاوُد بن معَاذ، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن نَافِع أبي غَالب قَالَ: " كنت فِي المربد، فمرت جَنَازَة مَعهَا نَاس كثير، قَالُوا: جَنَازَة عبد الله بن عُمَيْر، فتبعتها فَإِذا أَنا بِرَجُل عَلَيْهِ كسَاء رَقِيق على بريذينة، على رَأسه خرقَة تقيه من الشَّمْس، فَقلت: من هَذَا الدهْقَان؟ قَالُوا: هَذَا أنس بن مَالك، فَلَمَّا وضعت الْجِنَازَة قَامَ أنس فصلى عَلَيْهَا، وَأَنا خَلفه لَا يحول بيني وَبَينه شَيْء، فَقَامَ عِنْد رَأسه(2/530)
فَكبر أَربع تَكْبِيرَات لم يطلّ، وَلم يسْرع، ثمَّ ذهب يقْعد، قَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَة، الْمَرْأَة الْأَنْصَارِيَّة. فقربوها وَمَعَهَا نعش أَخْضَر، فَقَامَ عِنْد عجيزتها فصلى عَلَيْهَا نَحْو صلَاته على الرجل، ثمَّ جلس، فَقَالَ الْعَلَاء بن [زِيَاد] : يَا أَبَا حَمْزَة، وَهَكَذَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على الْجَنَائِز كصلاتك، يكبر عَلَيْهَا أَرْبعا، وَيقوم عِنْد رَأس الرجل وعجيزة الْمَرْأَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَة، غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم، غزوت مَعَه حنينا، فَخرج الْمُشْركُونَ فحملوا علينا حَتَّى رَأينَا خَيْلنَا وَرَاء ظُهُورنَا، وَفِي الْقَوْم رجل يحمل علينا فيدقنا، ويحطمنا، فَهَزَمَهُمْ الله - عز وَجل - وَجعل يجاء بهم فيبايعونه على الْإِسْلَام، فَقَالَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن عَليّ نذرا إِن جَاءَ الله - عز وَجل - بِالرجلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْم يحطمنا لَأَضرِبَن عُنُقه. وَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فجيء بِالرجلِ، فَلَمَّا رأى رَسُول الله قَالَ: يَا رَسُول الله، تبت إِلَى الله. فَأمْسك رَسُول الله عَنهُ لَا يبايعه ليفي الرجل بنذره، قَالَ: فَجعل الرجل يتَصَدَّى لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليأمره بقتْله، وَجعل يهاب رَسُول الله أَن يقْتله، فَلَمَّا رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه لَا يصنع شَيْئا بَايعه، فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله، نذري. فَقَالَ: إِنِّي لم أمسك عَنهُ مُنْذُ الْيَوْم إِلَّا لِتوفي بِنَذْرِك. قَالَ: يَا رَسُول الله، أَلا أموضت إِلَيّ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ أَن يُومِض ". قَالَ أَبُو غَالب: فَسَأَلت عَن صَنِيع أنس (عَن) قِيَامه على الْمَرْأَة عِنْد عجيزتها، فحدثوني أَنه إِنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ لم تكن النعوش فَكَانَ يقوم الإِمَام حِيَال عجيزتها يَسْتُرهَا من الْقَوْم.
قَالَ أَبُو دَاوُد: [قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله " نسخ من هَذَا الحَدِيث الْوَفَاء بِالنذرِ فِي [قَتله] ، [بقوله] : " إِنِّي قد تبت ".(2/531)
بَاب إِذا اجْتمع جنائز نسَاء وَرِجَال كَانَ الرجل مِمَّا يَلِي الإِمَام
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد، ثَنَا أبي، ثَنَا [سعيد] ، حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب، عَن / عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن عمار قَالَ: " شهِدت جَنَازَة امْرَأَة وَصبي فَقدم الصَّبِي مِمَّا يَلِي الْقَوْم، وَوضعت الْمَرْأَة وَرَاءه، فَصلي عَلَيْهِمَا، وَفِي الْقَوْم أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، وَابْن عَبَّاس، وَأَبُو قَتَادَة، وَأَبُو هُرَيْرَة، فسألتهم عَن ذَلِك فَقَالُوا: السّنة ".
عمار هَذَا الَّذِي روى عَنهُ عَطاء هُوَ مولى بني هَاشم ثِقَة مَشْهُور.
بَاب دفن الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي الْقَبْر للضَّرُورَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، [ثَنَا إِسْحَاق بن يُوسُف] ، ثَنَا سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن هِشَام بن عَامر قَالَ: " شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، الْحفر علينا لكل إِنْسَان شَدِيد. فَقَالَ رَسُول الله: احفروا وأعمقوا، وادفنوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي قبر وَاحِد، فَقَالُوا: من نقدم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: قدمُوا أَكْثَرهم قُرْآنًا. قَالَ: فَكَانَ أبي ثَالِث ثَلَاثَة فِي قبر وَاحِد ".(2/532)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمُبَارك، ثَنَا وَكِيع، عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن حميد بن هِلَال، عَن هِشَام بن عَامر قَالَ: " لما كَانَ يَوْم أحد أصَاب النَّاس جهد شَدِيد، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: احفروا وأوسعوا، وادفنوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي قبر. قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَمن نقدم؟ قَالَ: قدمُوا أَكْثَرهم قُرْآنًا ".
قَالَ: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن حميد بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " احفروا وأوسعوا وأحسنوا ".
بَاب من يقدم فِي اللَّحْد
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، أَن جَابر بن عبد الله أخبرهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد فِي الثَّوْب الْوَاحِد، ثمَّ يَقُول: أَيهمَا أَكثر أخذا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذا أُشير لَهُ إِلَى أَحدهمَا؛ قدمه فِي اللَّحْد، وَقَالَ: أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ يَوْم الْقِيَامَة. وَأمر بدفنهم فِي ثِيَابهمْ، وَلم يصل عَلَيْهِم، وَلم يغسلوا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث جَابر حَدِيث حسن صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، أَنا سُفْيَان، ثَنَا أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن هِشَام بن عَامر قَالَ: " قتل أبي يَوْم أحد، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: احفروا، وأوسعوا، وأحسنوا، وادفنوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي الْقَبْر، وَقدمُوا أَكْثَرهم قُرْآنًا،(2/533)
وَكَانَ أبي ثَالِث ثَلَاثَة، وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا فقدموه ".
بَاب فِي اللَّحْد
مُسلم: / حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا عبد الله بن جَعْفَر المسوري، عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، عَن عَامر بن سعد [بن] أبي وَقاص " أَن سَعْدا قَالَ فِي مَرضه الَّذِي هلك فِيهِ: الحدوا لي لحدا، وانصبوا عَليّ اللَّبن نصبا كَمَا صنع برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حكام بن (سلم) ، عَن عَليّ بن عبد الْأَعْلَى، عَن أَبِيه، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّحْد لنا، والشق لغيرنا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد، عَن حكام بِإِسْنَادِهِ مثله سَوَاء.
بَاب الثَّوْب يَجْعَل تَحت الْمَيِّت فِي الْقَبْر
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا وَكِيع.(2/534)
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، ووكيع، جَمِيعًا عَن شُعْبَة.
وثنا مُحَمَّد بن مثنى - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا أَبُو جَمْرَة - هُوَ نصر بن عمرَان الضبعِي - عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جعل فِي قبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطيفة حَمْرَاء ".
بَاب مَا يُقَال عِنْد وضع الْمَيِّت فِي قَبره
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا سعيد بن عَامر، عَن همام، عَن قَتَادَة، عَن أبي الصّديق، عَن عبد الله بن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا وضعتم مَوْتَاكُم فِي الْقَبْر فَقولُوا: بِسم الله، وعَلى سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أوقفهُ شُعْبَة، عَن قَتَادَة.
وَأَبُو الصّديق اسْمه بكر بن عَمْرو النَّاجِي.
بَاب من ينزل فِي الْقَبْر
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن أنس قَالَ: " شَهِدنَا بنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَسُول الله جَالس [على الْقَبْر] فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تدمعان، فَقَالَ: هَل فِيكُم من أحد لم يقارف اللَّيْلَة؟ فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: أَنا. قَالَ: فَانْزِل فِي قبرها ".
قَالَ ابْن الْمُبَارك: قَالَ فليح: أرَاهُ يَعْنِي الذَّنب [وَقَالَ أَبُو عبد الله] : {ليقترفوا} [أَي] ليكتسبوا.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، ثَنَا عبيد الله بن مُحَمَّد بن أبي(2/535)
عَائِشَة التَّيْمِيّ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " مَاتَت إِحْدَى بَنَات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يدْخل الْقَبْر أحد قارف أَهله اللَّيْلَة، فَلم يدْخل زَوجهَا ".
قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: وَابْنَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذِه هِيَ أم كُلْثُوم، كَانَت وفاتها فِي سنة تسع من الْهِجْرَة.
وَقد روى الطَّحَاوِيّ أَيْضا هَذَا الحَدِيث: عَن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، عَن الْعَقدي أبي / عَامر، عَن فليح، عَن هِلَال، عَن أنس مثل حَدِيث البُخَارِيّ إِلَّا أَنه قَالَ: " لم يقارف أَهله اللَّيْلَة ".
بَاب النَّهْي عَن الدّفن بِاللَّيْلِ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن خَالِد الرقي، ويوسف بن سعيد - وَاللَّفْظ لَهُ - قَالَا: ثَنَا حجاج - هُوَ ابْن مُحَمَّد الْأَعْوَر - عَن ابْن جريج قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابِرا يَقُول: " خطب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر رجلا من أَصْحَابه مَاتَ، فقبر لَيْلًا، وكفن فِي كفن غير طائل، فزجر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقبر إِنْسَان لَيْلًا إِلَّا أَن يضْطَر إِلَى ذَلِك، وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا ولي أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم بن بزيع، ثَنَا أَبُو نعيم، عَن مُحَمَّد بن مُسلم، عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: أَخْبرنِي جَابر بن عبد الله - أَو قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله - قَالَ: " رأى نَاس نَارا فِي الْمقْبرَة، فأتوها، فَإِذا رَسُول الله فِي الْقَبْر، وَإِذا هُوَ يَقُول: ناولوني صَاحبكُم، فَإِذا هُوَ الرجل الَّذِي كَانَ يرفع صَوته بِالذكر ".
مُحَمَّد بن مُسلم هُوَ الطَّائِفِي، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَضَعفه أَحْمد بن حَنْبَل.(2/536)
بَاب إِخْرَاج الْمَيِّت من الْقَبْر لِلْعِلَّةِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار سمع جَابِرا " أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عبد الله بن أبي بَعْدَمَا دفن، فَأخْرجهُ فنفث فِيهِ من رِيقه، وَألبسهُ قَمِيصه ".
بَاب دفن الْقَتْلَى فِي مصَارِعهمْ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن الْأسود بن قيس، عَن نُبيح، عَن جَابر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ادفنوا الْقَتْلَى فِي مصارهم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا الْأسود بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بقتلى أحد أَن يردوا إِلَى مصَارِعهمْ، وَكَانُوا قد نقلوا إِلَى الْمَدِينَة ".
روى أَبُو عِيسَى هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح، ونبيح ثِقَة.
ونبيح هُوَ ابْن عبد الله أَبُو عَمْرو الْعَنزي، روى عَن: أبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَجَابِر، وَابْن عمر، قَالَ أَبُو زرْعَة: نُبيح الْعَنزي ثِقَة، لم يرو عَنهُ إِلَّا الْأسود ابْن قيس.
بَاب مَا جَاءَ فِي تَسْوِيَة الْقُبُور
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، أَن(2/537)
أَبَا عَليّ الْهَمدَانِي حَدثهُ قَالَ: " كُنَّا مَعَ فضَالة بن عبيد بِأَرْض الرّوم (برودس) فَتوفي صَاحب لنا، فَأمر فضَالة / [بقبره] فسوي، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمر بتسويتها ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن أبي وَائِل، عَن أبي الْهياج الْأَسدي قَالَ قَالَ [لي] عَليّ بن أبي طَالب: " أَلا أَبْعَثك على مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَلا تدع تمثالا إِلَّا طمسته، وَلَا قبرا مشرفا إِلَّا سويته ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد، أَنا عبد الله، أَنا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن سُفْيَان التمار أَنه حَدثهُ " أَنه رأى قبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مسنما ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن أبي فديك، أَخْبرنِي [عمر] ابْن عُثْمَان بن هَانِئ، عَن الْقَاسِم قَالَ: " دخلت على عَائِشَة فَقلت: يَا أمه، اكشفي [لي] عَن قبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصاحبيه، فَكشفت لي عَن ثَلَاثَة قُبُور لَا مشرفة، وَلَا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرضة الْحَمْرَاء ".
ابْن أَيمن: حَدثنَا مُحَمَّد بن وضاح، ثَنَا يَعْقُوب بن كَعْب، ثَنَا ابْن أبي فديك بِهَذَا الْإِسْنَاد وَزَاد " فَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقدما، وَأَبُو بكر عِنْد رَأسه، وَرجلَاهُ بَين(2/538)
كَتِفي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرَأَيْت عمر عِنْد رجْلي أبي بكر ".
حَدَّثَنِيهِ الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا أَبُو مُحَمَّد، ثَنَا حمام، ثَنَا عَبَّاس بن [أصبغ] ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَيمن فَذكره.
بَاب الجريدة على الْقَبْر
البُخَارِيّ: ثَنَا يحيى، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقبرين يعذبان، فَقَالَ: إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير، أما أَحدهمَا: فَكَانَ لَا يسْتَتر من الْبَوْل، وَأما الآخر: فَكَانَ يمشي بالنميمة. ثمَّ أَخذ جَرِيدَة رطبَة فَشَقهَا بنصفين، ثمَّ غرز فِي كل قبر وَاحِدَة، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، لم صنعت هَذَا؟ فَقَالَ: لَعَلَّه أَن يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا ".
بَاب النَّهْي عَن الذّبْح على الْقَبْر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى الْبَلْخِي، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا عقر فِي الْإِسْلَام ".
قَالَ عبد الرَّزَّاق: كَانُوا يعقرون عِنْد الْقَبْر - يَعْنِي ببقرة أَو (شَيْء) .
بَاب التَّفْرِيق بَين قُبُور الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله، ثَنَا وَكِيع، عَن الْأسود بن شَيبَان -(2/539)
وَكَانَ ثِقَة - عَن خَالِد بن [سمير] ، عَن بشير بن نهيك، عَن [بشير بن الخصاصية] قَالَ: " كنت أَمْشِي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمر على قُبُور الْمُسلمين، فَقَالَ: لقد سبق هَؤُلَاءِ شرا كثيرا، ثمَّ مر على قُبُور الْمُشْركين، فَقَالَ: لقد سبق هَؤُلَاءِ خيرا كثيرا، فحانت مِنْهُ التفاتة، فَرَأى رجلا يمشي بَين الْقُبُور فِي نَعْلَيْه، فَقَالَ: / يَا صَاحب السبتيتين، ألقهما ".
بَاب النَّهْي أَن يجلس على الْقُبُور أَو يُصَلِّي إِلَيْهَا أَو يَبْنِي عَلَيْهَا
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لِأَن يجلس أحدكُم على جَمْرَة فتحرق ثِيَابه فتخلص إِلَى جلده خير لَهُ من أَن يجلس على قبر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يُوسُف بن سعيد، ثَنَا حجاج، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن تقصيص الْقُبُور، أَو يبْنى عَلَيْهَا، أَو يجلس عَلَيْهَا أحد ".
رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي الزبير، عَن جَابر، وَلم يذكر السماع، وَحَدِيث النَّسَائِيّ أحسن.
مُسلم: حَدثنَا حسن بن الرّبيع البَجلِيّ، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن عبد الرَّحْمَن(2/540)
ابْن يزِيد، عَن بسر بن عبيد الله، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع، عَن أبي مرْثَد الغنوي قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تصلوا إِلَى الْقُبُور، وَلَا تجلسوا عَلَيْهَا ".
بَاب مَا جَاءَ فِي اتِّخَاذ الْمَسَاجِد على الْقُبُور
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لعن الله قوما اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة [قَالَت] : " لما اشْتَكَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر بعض نِسَائِهِ كَنِيسَة رأينها بِأَرْض الْحَبَشَة يُقَال لَهَا مَارِيَة، وَكَانَت أم سَلمَة، وَأم حَبِيبَة أتتا أَرض الْحَبَشَة فذكرتا من حسنها، وتصاوير فِيهَا، فَرفع رَأسه، فَقَالَ: أُولَئِكَ إِذا مَاتَ مِنْهُم الرجل الصَّالح بنوا على قَبره مَسْجِدا ثمَّ صوروا فِيهِ تِلْكَ الصُّور، أُولَئِكَ شرار الْخلق عِنْد الله ".
بَاب مواراة الْكَافِر
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ترك قَتْلَى بدر ثَلَاثًا ثمَّ أَتَاهُم، فَقَامَ عَلَيْهِم فناداهم فَقَالَ: يَا أَبَا جهل بن هِشَام، يَا أُميَّة بن خلف، يَا عتبَة بن ربيعَة، يَا شيبَة بن ربيعَة، أَلَيْسَ قد وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا؟ فَإِنِّي قد وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا. فَسمع عمر قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ يسمعُونَ، أَو أَنِّي يجيبون، وَقد جيفوا؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُم بأسمع لما أَقُول مِنْهُم، وَلَكنهُمْ لَا يقدرُونَ أَن يجيبوا، ثمَّ أَمرهم فسحبوا فَألْقوا فِي قليب بدر ".(2/541)
أَبُو دَاوُد: أخبرنَا (عبيد الله بن سعيد) ، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق، عَن نَاجِية بن كَعْب، عَن عَليّ قَالَ: " قلت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن عمك الشَّيْخ الضال مَاتَ فَمن يواريه؟ قَالَ: اذْهَبْ فوار أَبَاك، وَلَا تحدثن حَدثا حَتَّى تَأتِينِي. فواريته، ثمَّ جِئْته، فَأمرنِي فاغتسلت، ودعا لي، وَذكر لي دُعَاء لم أحفظه ".
/ نَاجِية بن كَعْب صَالح الحَدِيث، قَالَه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: نَاجِية بن كَعْب: شيخ.
بَاب الْقيام للجنازة وَنسخ ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَعَمْرو النَّاقِد، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَابْن نمير، قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، عَن عَامر بن ربيعَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا حَتَّى تخلفكم، أَو تُوضَع ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وثنا ابْن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن نَافِع عَن ابْن عمر، عَن عَامر بن ربيعَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رأى أحدكُم الْجِنَازَة فَإِن لم يكن مَاشِيا مَعهَا فَليقمْ حَتَّى تخلفه أَو تُوضَع من قبل أَن تخلفه ".(2/542)
مُسلم: حَدثنِي سُرَيج بن يُونُس، وَعلي بن حجر، قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن علية - عَن هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن عبيد الله بن مقسم، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " مرت جَنَازَة فَقَامَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقمنا مَعَه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِنَّهَا يَهُودِيَّة. فَقَالَ: إِن الْمَوْت فزع، فَإِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة.
وثنا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن ابْن أبي ليلى " أَن قيس بن سعد، وَسَهل بن حنيف كَانَا بالقادسية فمرت بهما جَنَازَة، فقاما فَقيل لَهما: إِنَّهَا من أهل الأَرْض. فَقَالَا: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرت بِهِ جَنَازَة، فَقَامَ فَقيل: إِنَّه يَهُودِيّ. [فَقَالَ] : أليست نفسا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا النَّضر، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن جَنَازَة مرت برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ، فَقيل: إِنَّهَا جَنَازَة يَهُودِيّ. فَقَالَ: إِنَّمَا قمنا للْمَلَائكَة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، أَنا اللَّيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا اللَّيْث، عَن يحيى بن سعيد، عَن وَاقد [بن عَمْرو] بن سعد بن معَاذ أَنه قَالَ: " رآنى نَافِع بن جُبَير وَنحن فِي(2/543)
جَنَازَة قَائِما، وَقد جلس ينْتَظر أَن تُوضَع، فَقَالَ لي: مَا يقيمك؟ قلت: أنْتَظر أَن تُوضَع لما يحدث أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ. فَقَالَ نَافِع: فَإِن مَسْعُود بن الحكم حَدثنِي، عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ: قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ قعد ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَشْي بَين الْقُبُور فِي النِّعَال
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سهل بن بكار، ثَنَا الْأسود بن شَيبَان، عَن خَالِد بن سمير السدُوسِي، عَن بشير بن نهيك " عَن بشير [مولى] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة: زحم بن معبد، فَهَاجَرَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: مَا أسمك؟ قَالَ: زحم. قَالَ: [بل] أَنْت بشير - قَالَ: (بَينا) أماشي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بقبور الْمُشْركين، فَقَالَ: لقد سبق هَؤُلَاءِ خيرا كثيرا - ثَلَاثًا - ثمَّ مر بقبور الْمُسلمين، فَقَالَ: لقد أدْرك هَؤُلَاءِ خيرا كثيرا. ثمَّ حانت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نظرة، فَإِذا رجل يمشي فِي الْقُبُور عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ: يَا صَاحب السبتيتين، وَيحك! ألق سبتيتيك. فَنظر الرجل، فَلَمَّا عرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خلعهما، فَرمى بهما ".
ابْن أَيمن: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ، ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا الْأسود بن شَيبَان بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن بشير [مولى] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا / أَمْشِي بَين الْمَقَابِر وَعلي نَعْلَانِ إِذْ ناداني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا صَاحب السبتيتين، إِذا كنت فِي مثل هَذَا الْمَكَان فاخلع نعليك. قَالَ: فخلعتهما ".
حَدثنِي الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا عَليّ، ثَنَا حمام، ثَنَا عَبَّاس، ثَنَا ابْن أَيمن فَذكره.(2/544)
بَاب زِيَارَة الْقُبُور وَالصَّلَاة على أَهلهَا وَالتَّسْلِيم عَلَيْهِم
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أبي سِنَان، عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن يريدة - هُوَ عبد الله - عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها، ونهيتكم عَن لُحُوم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاث، فأمسكوا مَا بدا لكم، ونهيتكم عَن النَّبِيذ إِلَّا فِي سقاء، فَاشْرَبُوا فِي الأسقية كلهَا، وَلَا تشْربُوا مُسكرا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا زُهَيْر.
وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن معدان، ثَنَا الْحسن بن أعين، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا زبيد، عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن ثَلَاث: عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها، ولتزدكم زيارتها خيرا، ونهيتكم عَن لُحُوم الْأَضَاحِي بعد ثَلَاث، فَكُلُوا مِنْهَا، وأمسكوا مَا شِئْتُم، ونهيتكم عَن الْأَشْرِبَة فِي الأوعية، فَاشْرَبُوا فِي أَي وعَاء شِئْتُم، وَلَا تشْربُوا مُسكرا ". لم يذكر مُحَمَّد: " وأمسكوا مَا شِئْتُم ".
قَالَ: وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن قدامَة بن قدامَة، ثَنَا جرير، عَن أبي فَرْوَة، عَن الْمُغيرَة ابْن سبيع، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الحَدِيث: " نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فَمن أَرَادَ أَن يزور قبرا فليزره، وَلَا تَقولُوا هجرا ".(2/545)
مُسلم ": حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد ابْن عبيد، عَن يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " زار النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبر أمه فَبكى، وأبكى من حوله، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي أَن أسْتَغْفر لَهَا، فَلم يُؤذن لي، واستأذنته فِي أَن أَزور قبرها فاذن لي، فزوروا الْقُبُور فَإِنَّهَا تذكر الْمَوْت ".
مَالك: عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة، عَن أمه أَنَّهَا قَالَت: سَمِعت عَائِشَة تَقول: " قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة فَلبس ثِيَابه ثمَّ خرج، قَالَت: فَأمرت جاريتي بَرِيرَة تتبعه، فتبعته حَتَّى جَاءَ البقيع، فَوقف فِي أدناه مَا شَاءَ الله أَن يقف، ثمَّ انْصَرف، فسبقته بَرِيرَة فأخبرتني، فَلم أذكر لَهُ شَيْئا حَتَّى أصبح، ثمَّ ذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي بعثت إِلَى أهل البقيع لأصلي عَلَيْهِم ".
وروى أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي الاستذكار قَالَ: ثَنَا أَبُو عبد الله عبيد بن مُحَمَّد - رَحمَه الله - قِرَاءَة مني عَلَيْهِ، قَالَ: أملت علينا فَاطِمَة بنت الريان المَخْزُومِي الْمُسْتَمْلِي - فِي دارها بِمصْر فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وثلاثمائة - قَالَت: ثَنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الْمُؤَذّن صَاحب الشَّافِعِي، ثَنَا بشر بن بكر، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَطاء، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من أحد مر بِقَبْر أَخِيه الْمُؤمن كَانَ يعرفهُ فِي الدُّنْيَا فَيسلم عَلَيْهِ إِلَّا عرفه ورد عَلَيْهِ السَّلَام ".
/ بَاب مَا يَقُول إِذا مر على الْقُبُور
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد(2/546)
ابْن عبد الله، عَن سُفْيَان، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمهُمْ إِذا خَرجُوا إِلَى الْمَقَابِر، فَكَانَ قَائِلهمْ يَقُول - فِي رِوَايَة أبي بكر -: السَّلَام على أهل الديار - وَفِي رِوَايَة زُهَيْر -: السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار من الْمُؤمنِينَ، وَالْمُسْلِمين (وَالْمُسلمَات) ، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله للاحقون، أسأَل الله لنا وَلكم الْعَافِيَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا حرمي بن عمَارَة، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَلْقَمَة بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَتَى على الْمَقَابِر قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار من الْمُؤمنِينَ، وَالْمُسْلِمين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون، أَنْتُم لنا فرط، وَنحن لكم تبع، أسأَل الله الْعَافِيَة لنا وَلكم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يُوسُف بن سعيد، ثَنَا حجاج، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عبد الله بن أبي مليكَة، أَنه سمع مُحَمَّد بن قيس بن مخرمَة يَقُول: سَمِعت عَائِشَة قَالَت: " كَيفَ أَقُول يَا رَسُول الله؟ قَالَ: قولي: السَّلَام على أهل الديار من الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين، وَيرْحَم الله الْمُسْتَقْدِمِينَ والمستأخرين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله للاحقون ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، وَيحيى بن أَيُّوب، وقتيبة بن سعيد، قَالَ يحيى بن يحيى: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن شريك - وَهُوَ ابْن أبي نمر - عَن عَطاء بن يسَار، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلما كَانَ لَيْلَتهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخرج من آخر اللَّيْل إِلَى البقيع فَيَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين، وأتاكم مَا توعدون غَدا، مؤجلون،(2/547)
وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون، اللَّهُمَّ اغْفِر لأهل بَقِيع الْغَرْقَد ". وَلم يقل قُتَيْبَة: " وأتاكم ".
بَاب مَا جَاءَ فِي موت الْمُؤمن والفاجر
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة، عَن معبد بن كَعْب بن مَالك، عَن أبي قَتَادَة بن ربعي أَنه كَانَ يحدث " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر عَلَيْهِ بِجنَازَة، فَقَالَ: مستريح، ومستراح مِنْهُ قَالُوا: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مَا المستريح والمستراح مِنْهُ؟ فَقَالَ: العَبْد الْمُؤمن يستريح من نصب الدُّنْيَا، وَالْعَبْد الْفَاجِر يستريح مِنْهُ الْعباد والبلاد وَالشَّجر وَالدَّوَاب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن عبد الله بن سعيد ابْن أبي هِنْد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن ابْن لكعب بن مَالك، عَن أبي قَتَادَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد: " يستريح من أَذَى الدُّنْيَا ونصبها إِلَى رَحْمَة الله - عز وَجل ".
بَاب الثَّنَاء الصَّالح أَو السيىء على الْمَيِّت
مُسلم: / حَدثنَا يحيى [بن] أَيُّوب، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر ابْن حَرْب وَعلي بن حجر السَّعْدِيّ، كلهم عَن ابْن علية - وَاللَّفْظ ليحيى - ثَنَا ابْن عَلَيْهِ، أَنا عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " مر بِجنَازَة فأثني(2/548)
عَلَيْهَا خير، فَقَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت. وَمر بِجنَازَة فأثني عَلَيْهَا شَرّ، فَقَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت. قَالَ عمر: فدَاك أبي وَأمي، مر بِجنَازَة، فأثني عَلَيْهَا خير فَقلت: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت. وَمر بِجنَازَة فأثني عَلَيْهَا شَرّ، فَقلت: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [من أثنيتم عَلَيْهِ خيرا وَجَبت لَهُ الْجنَّة، وَمن أثنيتم عَلَيْهِ شرا وَجَبت لَهُ النَّار، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض] ، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا هِشَام بن عبد الْملك، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت إِبْرَاهِيم بن عَامر - وجده أُميَّة بن خلف - قَالَ: سَمِعت عَامر بن سعد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " مروا بِجنَازَة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... . " فَذكر مَعْنَاهُ، وَفِيه: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمَلَائِكَة شُهَدَاء الله فِي السَّمَاء، وَأَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا هِشَام بن عبد الْملك، وَعبد الله ابْن يزِيد، قَالَا: ثَنَا دَاوُد بن أبي الْفُرَات، ثَنَا عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أبي الْأسود الديلِي قَالَ: " أتيت الْمَدِينَة فَجَلَست إِلَى عمر بن الْخطاب فمرت جَنَازَة فأثني على صَاحبهَا خير، فَقَالَ عمر: وَجَبت. ثمَّ مر بِأُخْرَى، فَأثْنى على صَاحبهَا خير، [فَقَالَ عمر: وَجَبت] . ثمَّ مر بالثالث فَأثْنى على صَاحبهَا شَرّ، فَقَالَ عمر: وَجَبت. فَقَالَ: مَا وَجَبت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: قلت كَمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَيّمَا مُسلم شهد لَهُ أَرْبَعَة بِخَير أدخلهُ الله الْجنَّة. قُلْنَا: أَو ثَلَاثَة؟ قَالَ: أَو ثَلَاثَة. قُلْنَا: أَو اثْنَان؟ قَالَ: أَو اثْنَان ".(2/549)
بَاب النَّهْي عَن سبّ الْأَمْوَات
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد، أَنا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا الْأَمْوَات فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي، عَن سُفْيَان، عَن زِيَاد بن علاقَة قَالَ: سَمِعت الْمُغيرَة بن شُعْبَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا الْأَمْوَات فتؤذوا الْأَحْيَاء ".
قَالَ: رَوَاهُ بَعضهم، عَن زِيَاد، عَن رجل، عَن الْمُغيرَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خَيركُمْ خَيركُمْ لأَهله، وَأَنا خَيركُمْ لأهلي، وَإِذا مَاتَ صَاحبكُم فَدَعوهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من حَدِيث الثَّوْريّ، مَا أقل من رَوَاهُ عَن الثَّوْريّ.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: ثَنَا إِيَاس بن أبي تَمِيمَة، عَن عَطاء، / عَن عَائِشَة قَالَت: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَذكرُوا مَوْتَاكُم إِلَّا بِخَير ".
إِيَاس هُوَ ابْن دَغْفَل ثِقَة مَشْهُور.
وروى أَبُو دَاوُد من طَرِيق عمرَان بن أنس الْمَكِّيّ، عَن عَطاء، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْكروا محَاسِن مَوْتَاكُم، وَكفوا عَن(2/550)
مساوئهم ".
وَعمْرَان بن أنس مُنكر الحَدِيث، قَالَه البُخَارِيّ - رَحمَه الله.
بَاب النَّهْي أَن يمثل بالموتى
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم بن أبي إِيَاس، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي بن ثَابت، سَمِعت عبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ - وَهُوَ جده أَبُو أمه - قَالَ: " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النهبي والمثلة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن سعد بن سعيد، عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كسر عظم الْمَيِّت ككسره حَيا ".
وَرَوَاهُ زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي حَكِيم، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أبي الْحُسَيْن الْكُوفِي، عَن أبي حُذَيْفَة، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد ذكر ذَلِك أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد.
بَاب لعن الَّذِي ينبش الْقُبُور
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، ثَنَا يحيى بن صَالح الوحاظي، ثَنَا مَالك، عَن أبي الرِّجَال، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المختفي والمختفية ".(2/551)
رَوَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد، عَن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد، عَن مَيْمُون بن حَمْزَة، عَن الطَّحَاوِيّ.
وَرَوَاهُ أَيْضا عَن خلف بن قَاسم، عَن [أبي عبد الله] مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن يحيى، عَن هِشَام بن إِسْحَاق، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد القلانسي، عَن عبد الله ابْن عبد الْوَهَّاب، عَن مَالك بِإِسْنَاد الطَّحَاوِيّ.
قَالَ أَبُو عمر: لَا أعلم خلافًا بَين أهل الْعلم أَن الْمَقْصُود باللعن فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ النباش الَّذِي يحْفر على الْمَيِّت فيجرده من ثِيَابه.
بَاب ثَوَاب من مَاتَ لَهُ ولد
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَمُوت لأحد من الْمُسلمين ثَلَاثَة من الْوَلَد فَتَمَسهُ النَّار إِلَّا تَحِلَّة الْقسم ".
وَحدثنَا: زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ بِإِسْنَاد مَالك وَحَدِيثه إِلَّا أَن فِيهِ: " [فيلح] النَّار إِلَّا تَحِلَّة الْقسم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ، عَن أبي صَالح ذكْوَان، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: / قَالَ: " جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله، ذهب الرِّجَال بحديثك، فَاجْعَلْ لنا من نَفسك يَوْمًا نَأْتِيك فِيهِ تعلمنا مِمَّا علمك الله. قَالَ: اجْتَمعْنَ يَوْم كَذَا وَكَذَا. فاجتمعن، فأتاهن(2/552)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعلمهن مِمَّا علمه الله، ثمَّ قَالَ: مَا مِنْكُن من امْرَأَة تقدم بَين يَديهَا من وَلَدهَا ثَلَاثَة إِلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابا من النَّار، فَقَالَت امْرَأَة: واثنين، واثنين، واثنين؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: واثنين، واثنين، واثنين ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر.
وثنا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي قَالَا: ثَنَا شُعْبَة، عَن عبد الرَّحْمَن فِي هَذَا الْإِسْنَاد بِمثل مَعْنَاهُ، وَزَادا جَمِيعًا عَن شُعْبَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ: سَمِعت أَبَا حَازِم، يحدث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " ثَلَاثَة لم يبلغُوا الْحِنْث ".
مُسلم: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، حَدثنِي أبي، عَن جدي طلق ابْن مُعَاوِيَة، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أَتَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا نَبِي الله، ادْع الله لي، فَلَقَد دفنت ثَلَاثَة. فَقَالَ: دفنت ثَلَاثَة؟ قَالَت: نعم [قَالَ] : لقد احتظرت بحظار شَدِيد من النَّار ".
مُسلم: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى - وتقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَا: ثَنَا الْمُعْتَمِر، عَن أَبِيه، عَن أبي السَّلِيل، [عَن أبي حسان] قَالَ: قلت لأبي هُرَيْرَة: " إِنَّه قد مَاتَ لي ابْنَانِ، فَمَا أَنْت محدثي عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحَدِيث تطيب [بِهِ] أَنْفُسنَا عَن مَوتَانا؟ قَالَ: نعم، صغارهم دعاميص الْجنَّة، يتلَقَّى أحدهم أَبَاهُ - أَو قَالَ: أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذ بِثَوْبِهِ - أَو قَالَ: بِيَدِهِ - كَمَا آخذ أَنا بصنفة ثَوْبك، فَلَا يتناهى - أَو قَالَ: فَلَا يَنْتَهِي - حَتَّى يدْخلهُ الله وأبويه الْجنَّة ".(2/553)
وَفِي رِوَايَة سُوَيْد: ثَنَا أَبُو السَّلِيل.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد قَالَا: ثَنَا إِسْحَاق الْأَزْرَق، [عَن] عَوْف، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من مُسلمين يَمُوت بَينهمَا ثَلَاثَة من الْوَلَد لم يبلغُوا الْحِنْث، إِلَّا أدخلهما الله بِفضل رَحمته إيَّاهُم الْجنَّة، قَالَ: يُقَال لَهُم: ادخُلُوا الْجنَّة. فَيَقُولُونَ: حَتَّى يدْخل أبوانا. فَيُقَال: ادخُلُوا الْجنَّة أَنْتُم وآباؤكم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن شَبابَة، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أَبِيه " أَن رجلا كَانَ يَأْتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ ابْن لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتُحِبُّهُ؟ فَقَالَ: أحبك الله كَمَا أحبه. قَالَ: فَفَقدهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: مَا فعل ابْنك؟ فَقَالَ: أما شَعرت أَنه توفّي؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما يَسُرك أَلا تَأتي بَابا من أَبْوَاب الْجنَّة، فتستفتحه إِلَّا جَاءَ يسْعَى حَتَّى يفتح / لَك. قَالَ: فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله، أَله خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة؟ قَالَ: لكم عَامَّة ".
بَاب ثَوَاب الصَّبْر لمن مَاتَ لَهُ ولي
البُخَارِيّ: ثَنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَمْرو، عَن سعيد ابْن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " [يَقُول الله تَعَالَى] : مَا لعبدي الْمُؤمن جَزَاء عِنْدِي إِذا قبضت صَفيه من أهل الدُّنْيَا، ثمَّ احتسبه إِلَّا الْجنَّة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله، أَنا عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن، أَن عَمْرو بن شُعَيْب كتب إِلَى عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن يعزيه بِابْن لَهُ هلك، فَذكر فِي كِتَابه أَنه سمع أَبَاهُ شُعَيْب بن مُحَمَّد، يحدث عَن(2/554)
جده عبد الله بنعمرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله لَا يرضى لعَبْدِهِ الْمُؤمن إِذا ذهب بصفيه من أهل الأَرْض فَصَبر واحتسب، وَقَالَ مَا أمره الله بِثَوَاب دون الْجنَّة ".
شُعَيْب بن مُحَمَّد سمع جده عبد الله بن عَمْرو، قَالَه البُخَارِيّ.
بَاب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا نصر بن عَليّ، وَأَبُو الْخطاب زِيَاد بن يحيى الْبَصْرِيّ، قَالَا: ثَنَا عبد ربه بن بارق الْحَنَفِيّ قَالَ: سَمِعت جدي أَبَا أُمِّي سماك بن الْوَلِيد، أَنه سمع ابْن عَبَّاس، يحدث أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من كَانَ لَهُ فرطان من أمتِي أدخلهُ الله بهما الْجنَّة. فَقَالَت عَائِشَة: فَمن كَانَ لَهُ [فرط من] أمتك؟ قَالَ: وَمن كَانَ لَهُ فرط يَا موفقه. قَالَت: فَمن لم يكن لَهُ فرط من أمتك؟ قَالَ: فَأَنا فرط أمتِي لن يصابوا بمثلي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
عبد ربه ضعفه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: عبد ربه بن بارق مَا بِهِ بَأْس. وَأثْنى عَلَيْهِ عَمْرو بن عَليّ خيرا وروى عَنهُ.
بَاب التَّعْزِيَة
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن خَالِد بن مخلد، عَن مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي، حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سيعزي النَّاس بَعضهم بَعْضًا من بعدِي للتعزية بِي، وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ: مَا هَذَا؟ فَلَمَّا قبض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَقِي النَّاس بَعضهم، يعزي النَّاس بَعضهم بَعْضًا برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".(2/555)
بَاب مَا يُقَال عِنْد الْمُصِيبَة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، وقتيبة، وَابْن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل ابْن جَعْفَر - قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا إِسْمَاعِيل - أَخْبرنِي سعد بن سعيد، عَن عمر بن كثير بن أَفْلح، عَن ابْن سفينة، عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: سَمِعت / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا من مُسلم تصيبه مُصِيبَة، فَيَقُول مَا أمره الله - عز وَجل -: إِنَّا لله، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، اللَّهُمَّ أجرني فِي مصيبتي، واخلفني خيرا مِنْهَا. إِلَّا أخلف الله لَهُ خيرا مِنْهَا. قَالَت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلمَة، قلت: أَي الْمُسلمين خير من أبي سَلمَة، أول بَيت هَاجر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ إِنِّي قلتهَا، فأخلف الله لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأرْسل إِلَيّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَاطِب بن أبي بلتعة يخطبني لَهُ، فَقلت: إِن لي بِنْتا، وَأَنا غيور. فَقَالَ: أما ابْنَتهَا فندعو الله أَن يغنيها عَنْهَا، وأدعو الله أَن يذهب بالغيرة ".
بَاب ذكر الْمَوْت وكراهيته وشدته
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، وَعَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات: الْمَوْت ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، حَدثنِي ابْن الْهَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَاتَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين حاقنتي وذاقنتي، فَلَا أكره شدَّة الْمَوْت لأحد أبدا بَعْدَمَا رَأَيْت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد بن مَيْمُون، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن(2/556)
عمر بن سعيد، أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة، أَن أَبَا [عَمْرو] ذكْوَان مولى عَائِشَة أخبرهُ، أَن عَائِشَة كَانَت تَقول: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ بَين يَدَيْهِ ركوة، أَو علبة فِيهَا مَاء - شكّ [عمر]- فَجعل يدْخل يَده فِي المَاء، فيسمح بهَا وَجهه، وَيَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، إِن للْمَوْت سَكَرَات. ثمَّ نصب يَده فَجعل يَقُول: فِي الرفيق الْأَعْلَى. حَتَّى قبض، ومالت يَده ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي اللَّيْث، عَن ابْن الْهَاد، عَن مُوسَى بن سرجس، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة قَالَت: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَمُوت، وَعِنْده قدح فِيهِ مَاء يدْخل يَده فِي الْقدح، وَيمْسَح وَجهه بِالْمَاءِ، ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ أَعنِي على سَكَرَات الْمَوْت ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَبَّاس بن أبي طَالب، ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا الرّبيع ابْن مُسلم، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى - للنَّفس: اخْرُجِي. قَالَت: لَا أخرج إِلَّا كارهة. قَالَ: اخْرُجِي وَإِن كرهت ".
تفرد بِهِ الرّبيع بن مُسلم عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي هُرَيْرَة، وَالربيع ثِقَة مَأْمُون.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: ثَنَا وَكِيع، عَن / الرّبيع بن سعد، عَن ابْن سابط، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تحدثُوا عَن بني إِسْرَائِيل، فَإِنَّهُ كَانَت فيهم أَعَاجِيب. ثمَّ أنشأ يحدث قَالَ: خرجت طَائِفَة مِنْهُم فَأتوا مَقْبرَة من مقابرهم، فَقَالُوا: لَو صلينَا رَكْعَتَيْنِ، ودعونا الله يخرج لنا بعض الْأَمْوَات فيخبرنا عَن الْمَوْت.(2/557)
قَالَ: فَفَعَلُوا، فَبينا هم كَذَلِك إِذا طلع رجل رَأسه من قبر خلاسي بَين عَيْنَيْهِ أثر السُّجُود، فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ، مَا أردتم إِلَيّ، فوَاللَّه لقد مت مُنْذُ مائَة سنة، فَمَا سكنت عني حرارة الْمَوْت حَتَّى الْآن، فَادعوا الله أَن يُعِيدنِي كَمَا كنت ".
ابْن سابط هُوَ عبد الرَّحْمَن بن سابط الْقرشِي الجُمَحِي الْمَكِّيّ ثِقَة مَشْهُور، رِوَايَته عَن جَابر مُتَّصِلَة، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوب، عَن كهمس - وَهُوَ ابْن الْحسن - عَن ابْن بُرَيْدَة - هُوَ عبد الله - عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْمُؤمن يَمُوت بعرق الجبين ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، عَن الْعَلَاء، أَخْبرنِي أبي، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ألم تروا الْإِنْسَان إِذا مَاتَ شخص بَصَره؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: فَذَاك حِين يتبع بَصَره نَفسه ".
بَاب مَا جَاءَ فِي موت الْفجأَة
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن تَمِيم بن سَلمَة أَو سعد بن عُبَيْدَة، عَن عبيد بن خَالِد السّلمِيّ - قَالَ: رَفعه مرّة، وَلم يرفعهُ مرّة - قَالَ: " موت الْفجأَة أَخْذَة أَسف ".
وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه عَن عبيد بن خَالِد، وَلَا نعلم روى عبيد بن خَالِد عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - إِلَّا يَعْنِي هَذَا الحَدِيث وحديثا آخر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: عبيد بن خَالِد مُهَاجِرِي، يكنى أَبَا عبد الله،(2/558)
سكن الْكُوفَة، روى عَنهُ جمَاعَة من الْكُوفِيّين مِنْهُم: سعد بن عُبَيْدَة، وَتَمِيم بن سَلمَة شهد صفّين مَعَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ.
البُخَارِيّ: أخبرنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، أَنا مُحَمَّد بن جَعْفَر، أَخْبرنِي هِشَام ابْن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن رجلا قَالَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن أُمِّي [افتلتت] نَفسهَا، وأظنها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت، فَهَل لَهَا أجر إِن تَصَدَّقت عَنْهَا؟ قَالَ: نعم ".
بَاب من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه
مُسلم: ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الرزي، حَدثنَا خَالِد بن الْحَارِث الهُجَيْمِي، ثَنَا سعيد، عَن قتاده، / عَن زارة، عَن سعد بن هِشَام، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه، فَقلت: يَا نَبِي الله، أكراهية الْمَوْت؟ فكلنا نكره الْمَوْت. قَالَ: لَيْسَ كَذَلِك، وَلَكِن الْمُؤمن إِذا بشر برحمة الله، ورضوانه، وجنته؛ أحب لِقَاء الله، فَأحب الله لقاءه، وَإِن الْكَافِر إِذا بشر بِعَذَاب الله، وَسخطه؛ كره لِقَاء الله، وَكره الله لقاءه ".
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن عَمْرو الأشعثي، أَنا عَبْثَر، عَن مطرف، عَن عَامر، عَن شُرَيْح بن هَانِئ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه. قَالَ: فَأتيت عَائِشَة فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يذكر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيثا، إِن كَانَ كَذَلِك فقد هلكنا. فَقَالَت: إِن الْهَالِك من هلك بقول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَا ذَاك؟ قَالَ. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره(2/559)
الله لقاءه، وَلَيْسَ منا أحد إِلَّا وَهُوَ يكره الْمَوْت. فَقَالَت: قد قَالَه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَيْسَ بِالَّذِي تذْهب إِلَيْهِ، وَلَكِن إِذا شخص الْبَصَر، وحشرج الصَّدْر، واقشعر الْجلد، وتشنجت الْأَصَابِع، فَعِنْدَ ذَلِك من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه ".
مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن الشّعبِيّ، عَن شُرَيْح بن هَانِئ، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه، وَالْمَوْت قبل لِقَاء الله ".
بَاب مَا جَاءَ فِي أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ والكافرين
مُسلم: حَدثنِي عبيد الله بن [عمر] القواريري، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا بديل، عَن عبد الله بن شَقِيق، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " إِذا خرجت روح الْمُؤمن تلقاها ملكان يصعدانها - قَالَ حَمَّاد - فَذكر من طيب رِيحهَا، وَذكر الْمسك، قَالَ: وَيَقُول أهل السَّمَاء: روح طيبَة جَاءَت من قبل الأَرْض، صلى الله عَلَيْك وعَلى جَسَد كنت تعمرينه، فَينْطَلق بِهِ إِلَى ربه، ثمَّ يَقُول: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى آخر الْأَجَل، قَالَ: وَإِن الْكَافِر إِذا خرجت روحه، [قَالَ حَمَّاد: وَذكر] من نتنها، وَذكر لعنا، وَيَقُول أهل السَّمَاء: روح خبيثة جَاءَت من قبل الأَرْض قَالَ: فَيُقَال: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى آخر الْأَجَل. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَرد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ريطة كَانَت على أَنفه هَكَذَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا(2/560)
هِشَام، عَن قَتَادَة، / عَن أبي الجوزاء، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْمُؤمن إِذا قبض قَبضته مَلَائِكَة الرَّحْمَة، وتسلم نَفسه من حريرة بَيْضَاء، فَينْطَلق بِهِ إِلَى السَّمَاء فَيَقُولُونَ: مَا وجدنَا ريحًا أطيب من هَذِه، فَيَقُولُونَ: دَعوه حَتَّى يستريح، فَإِنَّهُ كَانَ فِي غم الدُّنْيَا، وَيَقُولُونَ: مَا فعل فلَان؟ مَا فعلت فُلَانَة؟ حَتَّى ينتهون بِهِ إِلَى السَّمَاء، وَأما الْكَافِر فَإِذا قبض قَالَت الخزنة: مَا وجدنَا ريحًا أنتن من هَذَا، فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الأَرْض السُّفْلى ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن قسَامَة بن زُهَيْر، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حضر الْمُؤمن أَتَتْهُ مَلَائِكَة الرَّحْمَة ... " وَذكر نَحْو حَدِيث عَمْرو بن عَليّ، وَقَالَ فِيهِ: " فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ، فَلهم أَشد فَرحا بِهِ من أحدكُم بغائبه يقدم عَلَيْهِ، فيسألونه: مَا فعل فلَان؟ فَيَقُولُونَ: دَعوه، فَإِنَّهُ كَانَ فِي غم الدُّنْيَا، فَإِذا قَالَ: أما أَتَاكُم؟ قَالُوا: ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب أَنه أخبرهُ، أَن أَبَاهُ كَعْب بن مَالك كَانَ يحدث، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا نسمَة الْمُؤمن طَائِر يعلق فِي شجر الْجنَّة حَتَّى يرجعه الله إِلَى جسده يَوْم يَبْعَثهُ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي طير خضر تعلق من ثَمَرَة الْجنَّة - أَو شجر الْجنَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(2/561)
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَأَيْت عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف - أَخا بني كَعْب هَؤُلَاءِ - يجر قصبه فِي النَّار ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْمَيِّت يعرض عَلَيْهِ مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض على مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي، إِن كَانَ من أهل الْجنَّة فَمن أهل الْجنَّة، وَإِن كَانَ من أهل النَّار فَمن أهل النَّار، يُقَال: هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".
وثنا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: " هَذَا مَقْعَدك الَّذِي يَبْعَثك الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ / النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يدْخل أحد الْجنَّة إِلَّا أرِي مَقْعَده من النَّار لَو أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شكرا، وَلَا يدْخل النَّار أحدا إِلَّا أرِي مَقْعَده من الْجنَّة لَو أحسن، ليَكُون عَلَيْهِ حسرة ".
بَاب فِي عَذَاب الْقَبْر والمساءلة بعد الْمَوْت
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن جرير - قَالَ زُهَيْر: ثَنَا جرير - عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخلت عَليّ عجوزان من عجز يهود الْمَدِينَة، فَقَالَتَا: إِن أهل الْقُبُور(2/562)
يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم. قَالَت: فكذبتهما، وَلم أنعم أَن أصدقهما، فخرجتا وَدخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله، إِن عجوزين من عجز يهود الْمَدِينَة دخلتا عَليّ، فزعمتا أَن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم. فَقَالَ: صدقتا إِنَّهُم يُعَذبُونَ عذَابا تسمعه الْبَهَائِم. قَالَت: فَمَا رَأَيْته بعد فِي صَلَاة إِلَّا يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، جَمِيعًا عَن ابْن علية - قَالَ يحيى: أَنا ابْن علية - قَالَ: وَأَنا سعيد الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن زيد بن ثَابت - قَالَ: قَالَ أَبُو سعيد، وَلم أشهده من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَكِن حَدَّثَنِيهِ زيد بن ثَابت - قَالَ: " بَيْنَمَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَائِط لبني النجار على بغلته وَنحن مَعَه إِذْ حادت بِهِ، فَكَادَتْ تلقيه، وَإِذا أقبر سِتَّة، أَو خَمْسَة، أَو أَرْبَعَة - قَالَ: كَذَا كَانَ يَقُول الْجريرِي - فَقَالَ: من يعرف أَصْحَاب هَذِه الأقبر؟ فَقَالَ رجل: أَنا. قَالَ: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: مَاتُوا فِي الْإِشْرَاك. فَقَالَ: إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها، فلولا أَن لَا تدافنوا لَدَعَوْت الله أَن يسمعكم من عَذَاب الْقَبْر الَّذِي أسمع مِنْهُ. ثمَّ أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال ".
مُسلم: وَحدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى ين سعيد، ثَنَا شُعْبَة، حَدثنِي عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، عَن الْبَراء بن عَازِب، عَن أبي أَيُّوب قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْدَمَا غربت الشَّمْس، فَسمع صَوتا قَالَ: يهود تعذب فِي قبورها ".(2/563)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، عَن ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، أَنه سمع أَسمَاء بنت أبي بكر تَقول: " قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الْفِتْنَة الَّتِي يفتن بهَا الْمَرْء / فِي قَبره، فَلَمَّا ذكر ذَلِك، ضج الْمُسلمُونَ ضجة حَالَتْ بيني وَبَين أَن أفهم كَلَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا سكنت ضجتهم قلت لرجل قريب مني: أَي بَارك الله فِيك، مَاذَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي آخر قَوْله؟ قَالَ: أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الرَّازِيّ، حَدثنَا هِشَام، عَن عبد الله بن بحير، عَن هَانِئ مولى عُثْمَان، عَن عُثْمَان قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا فرغ من دفن الْمَيِّت وقف عَلَيْهِ، فَقَالَ: اسْتَغْفرُوا لأخيكم، وسلوا لَهُ التثبيت، فَإِنَّهُ الْآن يسْأَل ".
هَانِئ مولى عُثْمَان يكنى أَبَا سعيد، لَيْسَ بِهِ بَأْس، قَالَه النَّسَائِيّ - رَحمَه الله.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار بن عُثْمَان الْعَبْدي، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن الْبَراء بن عَازِب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} قَالَ: نزلت فِي عَذَاب الْقَبْر، يُقَال لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: رَبِّي الله، ونبيي مُحَمَّد، فَذَلِك قَوْله - عز وَجل -: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، [ثَنَا] شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " الْمُسلم(2/564)
إِذا سُئِلَ فِي الْقَبْر يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَذَلِك قَوْله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان [بن] عبد الرَّحْمَن، عَن قَتَادَة، ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه إِنَّه ليسمع قرع نعَالهمْ. قَالَ: يَأْتِيهِ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ [فَيَقُولَانِ لَهُ] : مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَأَما الْمُؤمن فَإِنَّهُ يَقُول: أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله. قَالَ: فَيُقَال لَهُ: أنظر إِلَى مَقْعَدك من النَّار، قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة. قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. قَالَ قَتَادَة: وَذكر لنا أَنه يفْسخ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا، ويملأ عَلَيْهِ خضرًا إِلَى يَوْم يبعثون ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء الْهَمدَانِي، ثَنَا ابْن نمير، ثَنَا هِشَام، عَن فَاطِمَة، عَن أَسمَاء بنت أبي بكر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّه أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور قَرِيبا، أَو مثل فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فيؤتي أحدكُم فَيُقَال لَهُ: مَا علمك بِهَذَا الرجل؟ فَأَما الْمُؤمن أَو الموقن - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فَيَقُول: هُوَ مُحَمَّد، هُوَ رَسُول الله جَاءَنَا / بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى، فأجبنا وأطعنا - ثَلَاث مرار - فَيُقَال لَهُ: نم قد كُنَّا نعلم أَنَّك لتؤمن بِهِ، نم صَالحا. وَأما الْمُنَافِق، أَو المرتاب - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فَيَقُول: لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت ".(2/565)
النَّسَائِيّ: أخبرنَا [أَحْمد بن أبي عبيد الله] الْبَصْرِيّ، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره، وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه إِنَّه ليسمع قرع نعَالهمْ، أَتَاهُ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول: أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله. فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَقْعَدك من النَّار قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا خيرا مِنْهُ. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. وَأما الْكَافِر، أَو الْمُنَافِق، فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ : فَيَقُول: لَا أَدْرِي، كنت أَقُول كَمَا يَقُول النَّاس. فَيُقَال لَهُ: لَا دَريت وَلَا تليت. ثمَّ يضْرب ضَرْبَة بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة، فيسمعها من يَلِيهِ غير الثقلَيْن ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَيَّاش بن الْوَلِيد، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، ثَنَا سعيد، عَن قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: " وَيضْرب بِمِطْرَقَةٍ من حَدِيد ضَرْبَة بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سَلمَة يحيى بن خلف، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أقبر الْمَيِّت - أَو قَالَ: أحدكُم - أَتَاهُ ملكان أسودان أزرقان، يُقَال لأَحَدهمَا: الْمُنكر، وَالْآخر: النكير، فَيَقُولَانِ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول مَا كَانَ يَقُول: هُوَ عبد الله وَرَسُوله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. فَيَقُولَانِ: قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا. ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي سبعين، ثمَّ ينور لَهُ فِيهِ، ثمَّ يُقَال لَهُ: نم. فَيَقُول: أرجع إِلَى أَهلِي فَأخْبرهُم. فَيَقُولَانِ: نم كنومة الْعَرُوس الَّذِي لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ. حَتَّى(2/566)
يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك. وَإِن كَانَ منافقا قَالَ: سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ فَقلت مثلهم، لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ: قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول ذَلِك. فَيُقَال للْأَرْض: التئمي عَلَيْهِ. فتلتئم عَلَيْهِ، فتختلف فِيهَا أضلاعه، فَلَا يزَال فِيهَا معذبا حَتَّى يَبْعَثهُ الله - عز وَجل - من مضجعه ذَلِك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا الحَدِيث حسن غَرِيب. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
عبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ ابْن إِسْحَاق بن الْحَارِث الْقرشِي الْمدنِي - وَيُقَال: عباد ابْن إِسْحَاق - وَثَّقَهُ ابْن معِين، / وَقَالَ النَّسَائِيّ فِيهِ: لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الْمدنِي صَالح الحَدِيث، لَا بَأْس بِهِ، روى عَن أبي الزِّنَاد أَحَادِيث مُنكرَة، وَكَانَ ابْن علية يرضاه. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: عبد الرَّحْمَن ابْن إِسْحَاق حسن الحَدِيث، وَلَيْسَ بِقَوي، يكْتب حَدِيثه، وَلَا يحْتَج بِهِ. وَكَانَ يحيى لَا يرضى عبد الرَّحْمَن هَذَا.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير.
وثنا هناد بن السّري، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة - وَهَذَا لفظ هناد - عَن الْأَعْمَش، عَن الْمنْهَال، عَن زَاذَان، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر، وَلما يلْحد، فَجَلَسَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَلَسْنَا حوله كَأَنَّمَا على رءوسنا الطير، وَفِي يَده عود ينكت بِهِ الأَرْض فَرفع رَأسه، فَقَالَ: استعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا - زَاد فِي حَدِيث جرير هَا هُنَا - قَالَ: وَإنَّهُ ليسمع خَفق نعَالهمْ مُدبرين، فَيُقَال لَهُ: يَا هَذَا من رَبك؟ وَمَا دينك؟ وَمن نبيك؟ - قَالَ هناد -: ويأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: رَبِّي الله، فَيَقُولَانِ: مَا دينك؟ فَيَقُول " ديني الْإِسْلَام، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم؟ قَالَ: فَيَقُول هُوَ رَسُول الله. فَيَقُولَانِ: وَمَا يدْريك؟ فَيَقُول: قَرَأت كتاب الله، فآمنت بِهِ وصدقت - زَاد فِي حَدِيث جرير - فَذَلِك قَول الله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا} الْآيَة - ثمَّ اتفقَا - قَالَ: فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن(2/567)
صدق عَبدِي فأفرشوه من الْجنَّة، وألبسوه من الْجنَّة، وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة. قَالَ: فيأتيه من روحها وطيبها، وَقَالَ: وَيفتح لَهُ مد بَصَره. قَالَ: وَإِن الْكَافِر، فَذكر مَوته، قَالَ: وتعاد روحه فِي جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ: من رَبك؟ فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: من هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم؟ فَيَقُول: هاه هاه، لَا أَدْرِي. فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن كذب - ثمَّ اتفقَا - فأفرشوه من النَّار، وألبسوه من النَّار، وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار. قَالَ: فيأتيه من حرهَا، وسمومها. قَالَ: ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه - زَاد فِي حَدِيث جرير - قَالَ: ثمَّ يقيض [لَهُ] أعمى أبكم مَعَه مرزبة من حَدِيد لَو ضرب بهَا جبل لصار تُرَابا. قَالَ: فيضربه ضَرْبَة يسْمعهَا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب إِلَّا الثقلَيْن، فَيصير تُرَابا، ثمَّ تُعَاد فِيهِ الرّوح ".
الْمنْهَال بن عَمْرو وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَالنَّسَائِيّ، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: ترك شُعْبَة الْمنْهَال على عمد. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: إِنَّمَا تَركه لِأَنَّهُ سمع / من دَاره صَوت قِرَاءَة بالتطريب.
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحُسَيْن بن أبي كَبْشَة، وَمُحَمّد بن معمر قَالَا: ثَنَا أَبُو عَامر عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا عباد بن رَاشد، عَن دَاوُد - يَعْنِي ابْن أبي هِنْد - عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " شَهِدنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَنَازَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَيهَا النَّاس، إِن هَذِه الْأمة تسْأَل فِي قبورها، فَإِذا الْإِنْسَان دفن، وتفرق أَصْحَابه جَاءَهُ ملك فِي يَده مطراق، فأقعده، فَقَالَ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل؟ يَعْنِي مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. فَيَقُول: صدقت. ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار، فَيَقُول: هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَو كفرت بِرَبِّك، فَأَما إِذْ آمَنت بِهِ فَهَذَا مَنْزِلك، فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة، فيريد أَن ينْهض إِلَيْهِ فَيَقُول: اسكن. ويفسح لَهُ فِي قَبره، وَإِن كَانَ كَافِرًا أَو(2/568)
منافقا يَقُول لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا. فَيَقُول لَهُ الْملك: لَا دَريت، وَلَا تليت، وَلَا اهتديت، ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيَقُول: هَذَا مَنْزِلك، لَو كنت آمَنت بِرَبِّك، فَأَما إِذْ كفرت، فَإِن الله قد أبدلك بِهِ هَذَا، وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار، ثمَّ يقمعه قمعه بالمطراق يسْمعهَا خلق الله كلهم إِلَّا الثقلَيْن. فَقَالَ بعض الْقَوْم: يَا رَسُول الله، مَا من أحد يقوم عَلَيْهِ ملك فِي يَده مطرقه إِلَّا يهيل عِنْد ذَلِك، فَقَالَ رَسُول الله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء} ".
قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يروي عَن أبي سعيد إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد من هَذَا الْوَجْه، وَلَا رَوَاهُ عَن دَاوُد إِلَّا عباد بن رَاشد. قَالَ أَبُو بكر: هَذَا من أغرب مَا كَانَ يسْأَل عَنهُ الْحُسَيْن، وَابْن معمر.
وَقَالَ أَبُو بكر فِي مَوضِع آخر: عباد بن رَاشد ثِقَة بَصرِي.
وَهَكَذَا قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: عباد بن رَاشد ثِقَة شيخ صَدُوق. وَقَالَ يحيى ابْن معِين: عباد بن رَاشد صَالح. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: عباد بن رَاشد صَالح الحَدِيث، وَأنكر على البُخَارِيّ إِدْخَاله فِي كتاب الضُّعَفَاء، وَقَالَ: يحول من هُنَالك.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، [عَن] سعيد بن أبي أَيُّوب، سَمِعت دَرَّاجًا يَقُول: سَمِعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يُسَلط على الْكَافِر فِي قَبره تِسْعَة وَتسْعُونَ تنينا تنهشه وتلدغه حَتَّى تقوم السَّاعَة، وَلَو أَن تنينا مِنْهَا نفخ فِي الأَرْض مَا أنبتت خضرًا ".
دراج هُوَ أَبُو السَّمْح بن سمْعَان، وَثَّقَهُ / ابْن معِين، وَضَعفه أَحْمد بن حَنْبَل وَالنَّسَائِيّ.(2/569)
الْبَزَّار: حَدثنَا رزق الله بن مُوسَى أَبُو الْفضل، ثَنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، عَن سعيد بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تحضر الْمَلَائِكَة - يَعْنِي الْمَيِّت - فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح قَالَ: اخْرُجِي أيتها النَّفس الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب، اخْرُجِي حميدة، وَأَبْشِرِي بِروح وَرَيْحَان، وَرب غير غَضْبَان. فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج، ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء، فيستفتح لَهَا فَيُقَال: من هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فلَان. فَيَقُولُونَ: مرْحَبًا بِالنَّفسِ الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب، أدخلي حميدة. فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى ينتهى بِهِ إِلَى الله - تبَارك وَتَعَالَى - وَإِذا كَانَ الرجل السوء قَالَ: اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث، اخْرُجِي ذميمة، وَأَبْشِرِي بحميم وغساق، وَآخر من مشكله أَزوَاج. قَالَ: فَتخرج ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء، فيستفتح لَهَا، فَيُقَال: / من هَذَا؟ فَيُقَال: فلَان. فَيَقُولُونَ لَهَا: مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث، ارجعي ذميمة، فَإِنَّهُ لَا تفتح لَك أَبْوَاب السَّمَاء. ثمَّ تصير إِلَى الْقَبْر، فيجلس الرجل الصَّالح فِي قَبره غير فزع وَلَا مشعوف - أَو مشغوف - فَيُقَال لَهُ: فِيمَا كنت؟ قَالَ: فَيَقُول: فِي الْإِسْلَام. فَيُقَال لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: هُوَ رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد رَبنَا، فَآمَنا بِهِ وصدقناه. فَيُقَال لَهُ: هَل رَأَيْت الله؟ فَيَقُول: مَا يَنْبَغِي لأحد أَن يرى الله. فتفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فَيُقَال: انْظُر إِلَى مَا وقاك الله. قَالَ: ثمَّ تفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها، وَمَا فِيهَا. فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَا أعد الله لَك. وَيُقَال لَهُ: على الْيَقِين كنت، وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله. وَيجْلس الرجل السوء فَزعًا مشعوفا - أَو مشغوفا - فَيُقَال لَهُ: فِيمَا كنت؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيَقُول: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي، سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا. فتفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة، فَينْظر إِلَى زهرتها، وَمَا فِيهَا، فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَا صرف الله عَنْك، ثمَّ تفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فَيُقَال: هَذَا مَقْعَدك - أَو مثواك، على الشَّك كنت وَعَلِيهِ مت، ثمَّ يعذب ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.(2/570)
بَاب ضمة الْقَبْر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عَمْرو بن مُحَمَّد (ثِقَة) حَدثنَا ابْن إِدْرِيس، عَن عبيد الله، عَن نَافِع /، عَن ابْن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " هَذَا الَّذِي تحرّك لَهُ الْعَرْش، وَفتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء، وشهده سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة، لقد ضم ضمة ثمَّ فرج عَنهُ ".
بَاب مَا جَاءَ فِي أَوْلَاد الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَرَارِي الْمُشْركين، فَقَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
قَالَ البُخَارِيّ: وثنا آدم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَو ينصرَانِهِ، أَو يُمَجِّسَانِهِ، كَمثل الْبَهِيمَة تنْتج الْبَهِيمَة، هَل ترى فِيهَا جَدْعَاء ".
وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا مُؤَمل بن هِشَام أَبُو هِشَام، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عَوْف، ثَنَا أَبُو رَجَاء، ثَنَا سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّا يكثر أَن يَقُول لأَصْحَابه: هَل رأى أحد مِنْكُم من رُؤْيا؟ قَالَ: فيقص عَلَيْهِ (من) شَاءَ الله أَن يقص، وَإنَّهُ قَالَ لنا ذَات غَدَاة: إِنِّي أَتَانِي اللَّيْلَة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قَالَا لي: انْطلق، وَإِنِّي انْطَلَقت مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا على رجل مُضْطَجع، وَإِذا(2/571)
آخر قَائِم عَلَيْهِ بصخرة، وَإِذا هُوَ يهوي بالصخرة لرأسة فيثلغ رَأسه، فيتدهده الْحجر هَا هُنَا فَيتبع الْحجر فَيَأْخذهُ، فَلَا يرجع إِلَيْهِ حَتَّى تصح رَأسه كَمَا كَانَ، ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل بِهِ مثل مَا فعل الْمرة الأولى. قَالَ: قلت لَهما: سُبْحَانَ الله! مَا هَذَانِ؟ قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بكلوب من حَدِيد وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحد شقي وَجهه، فيشر شَرّ شدقه إِلَى قَفاهُ، ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ - قَالَ: وَرُبمَا قَالَ أَبُو رَجَاء: فَيشق - قَالَ: ثمَّ يتَحَوَّل إِلَى الْجَانِب الآخر، فيفعل بِهِ مثل مَا يفعل بالجانب الأول، فَمَا يفرغ من ذَلِك الْجَانِب حَتَّى يَصح ذَلِك الْجَانِب كَمَا كَانَ، ثمَّ يعود عَلَيْهِ، فيفعل مثل مَا فعل الْمرة الأولى. قَالَ: قلت: سُبْحَانَ الله! مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. فَانْطَلقَا، فأتينا على مثل التَّنور - فأحسب أَنه كَانَ يَقُول: فَإِذا فِيهِ لغط وأصوات - قَالَ: فاطلعنا فِيهِ، فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة، فَإِذا هم يَأْتِيهم لَهب من أَسْفَل مِنْهُم، فَإِذا أَتَاهُم ذَلِك اللهب ضوضوا، قلت لَهما: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فأتينا على نهر - حسبت أَنه كَانَ يَقُول: أَحْمَر مثل الدَّم - وَإِذا فِي النَّهر رجل سابح يسبح، وَإِذا على شط النَّهر رجل قد جمع عِنْده حِجَارَة كَثِيرَة، وَإِذا ذَلِك السابح يسبح مَا يسبح، ثمَّ يَأْتِي ذَلِك الَّذِي قد جمع / عِنْده الْحِجَارَة، فيفغر فَاه فيلقمه حجرا، فَينْطَلق فيسبح، ثمَّ يرجع إِلَيْهِ، كلما رَجَعَ إِلَيْهِ فغرله فَاه، فألقمه حجرا، قَالَ: قلت لَهما: مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فأتينا على رجل كريه الْمرْآة، كأكره مَا أَنْت رائي رجلا مرْآة، وَإِذا هُوَ عِنْده نَار لَهُ يحشها، وَيسْعَى حولهَا، قَالَ: قلت لَهما: مَا هَذَا؟ قَالَ /: قَالَا لي: انْطلق. انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رَوْضَة معتمة فِيهَا من كل لون الرّبيع، وَإِذا بَين ظَهْري الرَّوْضَة رجل طَوِيل، لَا أكاد أرى رَأسه طولا فِي السَّمَاء، وَإِذا حول الرجل من أَكثر ولدان رَأَيْتهمْ قطّ، قَالَ: قلت لَهما: مَا هَذَا؟ مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَة عَظِيمَة لم أر رَوْضَة قطّ أعظم مِنْهَا، وَلَا أحسن، قَالَ: قَالَا لي: ارق فِيهَا. قَالَ: فارتقينا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْمَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَفِضة، فأتينا بَاب الْمَدِينَة، فَاسْتَفْتَحَ فَفتح لنا(2/572)
فَدَخَلْنَا، فتلقانا فِيهَا رجال شطر من خلقهمْ كأحسن مَا أَنْت رائي، وَشطر مِنْهُم كأقبح مَا أَنْت رائي. قَالَ: قَالَ لَهُم: اذْهَبُوا فقعوا فِي ذَلِك النَّهر، وَإِذا نهر معترض يجْرِي كَأَن مَاءَهُ الْمَحْض فِي الْبيَاض، فَذَهَبُوا، فوقعوا فِي ذَلِك، ثمَّ رجعُوا إِلَيْنَا فَذهب ذَلِك الشق عَنْهُم، فصاروا فِي أحسن صُورَة، قَالَ: قَالَا لي: هَذِه جنَّة عدن، وهذاك مَنْزِلك. قَالَ: فسما بَصرِي صعدا، فَإِذا قصر مثل [الرباية] الْبَيْضَاء، قَالَ: قَالَا لي: هذاك مَنْزِلك. قَالَ: قلت: بَارك الله فيكما، ذراني فَأدْخلهُ، قَالَا: أما الْآن فَلَا، وَأَنت دَاخله. قلت لَهما: فَإِنِّي قد رَأَيْت مُنْذُ اللَّيْلَة عجبا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْت؟ قَالَ: قَالَا لي: أما إِنَّا سنخبرك، أما الرجل الأول الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يثلغ رَأسه بِالْحجرِ، فَإِنَّهُ الرجل يَأْخُذ الْقُرْآن فيرفضه، وينام عَن الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ، ومنخره إِلَى قَفاهُ، وعينه إِلَى قَفاهُ، فَإِنَّهُ الرجل يَغْدُو من بَيته فيكذب الكذبة تبلغ الْآفَاق، وَأما الرِّجَال وَالنِّسَاء العراة الَّذين فِي مثل بِنَاء التَّنور، فَإِنَّهُم الزناة والزواني، وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يسبح فِي النَّهر فيلقم الْحِجَارَة، فَإِنَّهُ آكل الرِّبَا، وَأما الكريه الْمرْآة الَّذِي عِنْد النَّار يحشها وَيسْعَى حولهَا، فَإِنَّهُ مَالك خَازِن جَهَنَّم، وَأما الرجل الطَّوِيل الَّذِي فِي الرَّوْضَة، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأما الْولدَان الَّذين حوله، فَكل مَوْلُود مَاتَ على الْفطْرَة. قَالَ: فَقَالَ بعض الْمُسلمين: يَا رَسُول الله، وَأَوْلَاد الْمُشْركين؟ فَقَالَ رَسُول الله: وَأَوْلَاد الْمُشْركين / وَأما الْقَوْم الَّذين كَانُوا شطر مِنْهُم حسن، وَشطر قَبِيح، فَإِنَّهُم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا تجَاوز الله عَنْهُم ".
روى هَذَا الحَدِيث عبد بن حميد فِي " تَفْسِيره ": عَن يزِيد بن هَارُون، عَن جرير، عَن أبي رَجَاء، عَن سَمُرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِيهِ: " أما الرجل الأول الَّذِي رَأَيْت، فَإِنَّهُ رجل كَذَّاب يكذب الكذبة فَتحمل عَنهُ فِي الْآفَاق، فَهُوَ يصنع بِهِ مَا رَأَيْت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، ثمَّ يصنع الله بِهِ مَا شَاءَ ".
وللبخاري أَيْضا زيادات لَيست عِنْد عبد بن حميد.(2/573)
وَذكر أَبُو بكر الْبَزَّار فِي مُسْنده: ثَنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عِيسَى بن شُعَيْب، ثَنَا عباد بن مَنْصُور، عَن أبي رَجَاء، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن أَطْفَال الْمُشْركين، فَقَالَ: هم خدم أهل الْجنَّة ".
تفرد بِهِ عباد بن مَنْصُور، وَهُوَ يضعف، إِلَّا أَن يحيى بن سعيد قَالَ: عباد ابْن مَنْصُور ثِقَة، لَيْسَ يَنْبَغِي أَن يتْرك حَدِيثه لرَأى أَخطَأ فِيهِ.
تمّ كتاب الْجَنَائِز وَمَا يتَعَلَّق بِهِ.(2/574)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الزَّكَاة
بَاب وجوب الزَّكَاة
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أبي جَمْرَة قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: " قدم وَفد عبد الْقَيْس على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا هَذَا الْحَيّ من ربيعَة، وَقد حَالَتْ بَيْننَا وَبَيْنك كفار مُضر، فلسنا نخلص إِلَيْك إِلَّا فِي شهر حرَام، فمرنا بأَشْيَاء نَأْخُذ بهَا، وندعو (لَهَا) من وَرَاءَنَا. قَالَ: آمركُم بِأَرْبَع، وأنهاكم عَن أَربع: الْإِيمَان بِاللَّه، شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله - وَعقد وَاحِدَة - وَأقَام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَأَن تُؤَدُّوا لله خمس مَا غَنِمْتُم، وأنهاكم عَن: الدُّبَّاء، والنقير، والحنتم، والمزفت ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا ابْن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا إِسْمَاعِيل - هُوَ ابْن خَالِد - عَن قيس: قَالَ جرير بن عبد الله: " بَايَعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على إقَام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، والنصح لكل مُسلم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد، عَن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق، عَن يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي، عَن أبي معبد، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(2/575)
بعث معَاذًا إِلَى الْيمن، فَقَالَ: ادعهم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُول الله، فَإِن هم أطاعوا لذَلِك، فأعلمهم أَن الله قد افْترض عَلَيْهِم صَدَقَة فِي أَمْوَالهم، تُؤْخَذ من أغنيائهم، وَترد (فِي) فقرائهم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن سعير بن الْخمس التَّمِيمِي، عَن حبيب بن أبي ثَابت، / عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله: " بني الْإِسْلَام على خمس: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَأقَام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَحج الْبَيْت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وسعير بن الْخمس ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا مُعْتَمر، سَمِعت بهز بن حَكِيم، يحدث عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: قلت: " يَا نَبِي الله، مَا أَتَيْتُك حَتَّى حَلَفت أَكثر من عددهن - لأصابع يَدَيْهِ - أَلا آتِيك، وَلَا آتِي دينك، وَإِنِّي كنت امْرأ لَا أَعقل شَيْئا إِلَّا مَا عَلمنِي الله وَرَسُوله، وَإِنِّي أَسأَلك بِوَجْه الله. بِمَا بَعثك رَبنَا إِلَيْنَا؟ قَالَ: بِالْإِسْلَامِ. قلت: وَمَا آيَات الْإِسْلَام؟ قَالَ: أَن تَقول: أسلمت وَجْهي لله، وتخليت، وتقيم الصَّلَاة، وتؤتي الزَّكَاة، كل مُسلم [على] مُسلم محرم، أَخَوان نصيران، لَا يقبل الله من مُشْرك بَعْدَمَا يسلم عملا أَو يُفَارق الْمُشْركين إِلَى الْمُسلمين ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، أَنا شُعَيْب بن أبي حَمْزَة،(2/576)
عَن الزُّهْرِيّ، ثَنَا عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " لما توفّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَانَ أَبُو بكر، وَكفر من كفر من الْعَرَب، فَقَالَ عمر: كَيفَ تقَاتل النَّاس وَقد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَمن قَالَهَا فقد عصم مني مَاله وَنَفسه إِلَّا بِحقِّهِ، وحسابه على الله؟ فَقَالَ: وَالله لأقاتلن من فرق بَين الصَّلَاة وَالزَّكَاة، فَإِن الزَّكَاة حق المَال، وَالله لَو مَنَعُونِي عنَاقًا كَانُوا يؤدونها إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقاتلتهم على منعهَا. قَالَ عمر: فوَاللَّه مَا هُوَ أَلا أَن قد شرح الله صدر أبي بكر فَعرفت أَنه الْحق ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد.
وثنا ابْن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة.
وثنا القعْنبِي، ثَنَا أبي، كلهم عَن بهز بن حَكِيم، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي كل سَائِمَة إبل: فِي أَرْبَعِينَ بنت لبون، وَلَا تفرق إبل عَن حِسَابهَا، من أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا - قَالَ ابْن الْعَلَاء: مُؤْتَجِرًا بهَا - فَلهُ أجرهَا، وَمن منعهَا فَإنَّا آخِذُوهَا وَشطر مَاله، عَزمَة من عَزمَات رَبنَا - عز وَجل - لَيْسَ لآل مُحَمَّد مِنْهَا شَيْء ".
قَالَ حَمَّاد: أَنا بهز.
بهز هَذَا وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ، وَأَبوهُ حَكِيم بن مُعَاوِيَة لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَلَكِن هَذَا الحكم لَا يُؤْخَذ عَن مثله.
بَاب لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحسن بن الْخضر الْمعدل بِمَكَّة، ثَنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم(2/577)
ابْن يُونُس، ثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَسدي / بِمَكَّة، ثَنَا حسان بن سياه، عَن ثَابت عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول ".
ذكره أَبُو دَاوُد وَسَيَأْتِي من طَرِيقه فِي بَاب زَكَاة الذَّهَب - إِن شَاءَ الله.
بَاب زَكَاة الْإِبِل
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى، حَدثنِي أبي، حَدثنِي ثُمَامَة ابْن عبد الله بن أنس بن مَالك، أَن أنس بن مَالك حَدثهُ " أَن أَبَا بكر الصّديق كتب لَهُ هَذَا الْكتاب لما وَجهه إِلَى الْبَحْرين: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمُسلمين، وَالَّتِي أَمر الله (بِهِ) رَسُوله، فَمن سئلها من الْمُسلمين على وَجههَا، فليعطها، وَمن سُئِلَ فَوْقهَا، فَلَا يُعْط: فِي أَربع وَعشْرين من الْإِبِل فَمَا دونهَا من الْغنم من كل خمس شَاة، فَإِذا بلغت خمْسا وَعشْرين إِلَى خمس وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بنت مَخَاض أُنْثَى، فَإِذا بلغت [سِتا] وَثَلَاثِينَ إِلَى خمس وَأَرْبَعين فَفِيهَا بنت لبون أُنْثَى، فَإِذا بلغت [سِتا] وَأَرْبَعين إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حقة طروقة الْجمل، فَإِذا بلغت وَاحِدَة وَسِتِّينَ إِلَى خمس وَسبعين فَفِيهَا جَذَعَة، فَإِذا بلغت - يَعْنِي (سِتا) وَسبعين - إِلَى تسعين فَفِيهَا بِنْتا لبون، فَإِذا بلغت إِحْدَى وَتِسْعين إِلَى عشْرين وَمِائَة فَفِيهَا حقتان طروقتا الْجمل، فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة فَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون، وَفِي كل خمسين حقة، وَمن لم يكن مَعَه إِلَّا أَربع من الْإِبِل، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَة إِلَّا أَن يَشَاء رَبهَا، فَإِذا بلغت خمْسا من ألإبل فَفِيهَا شَاة، (وَمن بلغت عِنْده من الْإِبِل صَدَقَة الْجَذعَة، وَلَيْسَت عِنْده جَذَعَة وَعِنْده حقة، فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ الحقة، وَيجْعَل مَعهَا شَاتين إِن استيسرتا لَهُ، أَو عشْرين درهما، وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الحقة، وَلَيْسَت عِنْده الحقة، وَعِنْده الْجَذعَة، فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ الْجَذعَة، وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما أَو شَاتين، وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الحقة، وَلَيْسَت عِنْده إِلَّا بنت لبون، فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ بنت لبون،(2/578)
وَيُعْطِي شَاتين، أَو عشْرين درهما، وَمن بلغت صدقته بنت لبون، وَعِنْده حقة، فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ الحقة، وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما أَو شَاتين، وَمن بلغت صدقته بنت لبون وَلَيْسَت عِنْده، وَعِنْده بنت مَخَاض فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ بنت مَخَاض، وَيُعْطِي مَعهَا عشْرين درهما، أَو شَاتين) وَمن بلغت صدقته بنت مَخَاض، وَلَيْسَت عِنْده / وَعِنْده بنت لبون، فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ، وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما، أَو شَاتين، فَإِن لم يكن عِنْده ابْنة مَخَاض على وَجههَا وَعِنْده ابْن لبون فَإِنَّهُ يقبل مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَه شَيْء ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: " أخذت من ثُمَامَة بن عبد الله كتابا زعم أَن أَبَا بكر كتبه لأنس، وَعَلِيهِ خَاتم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين بَعثه مُصدقا، فَإِذا فِيهِ: هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فَرضهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... " فَذكره نَحوه، وَزَاد فِيهِ زَكَاة الْغنم، والرقة، وَسَيَأْتِي ذَلِك ذَلِك من طَرِيق البُخَارِيّ بعد إِن شَاءَ الله.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا المظفر بن مدرك، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: " أخذت هَذَا الْكتاب من ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس، عَن أنس، أَن أَبَا بكر كتب لَهُم: إِن هَذِه فَرَائض الصَّدَقَة الَّتِي فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمُسلمين الَّتِي أَمر الله بهَا رَسُوله ... . " ثمَّ ذكر نَحوه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا عباد بن الْعَوام، عَن سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم - هُوَ ابْن عبد الله بن عمر - عَن أَبِيه(2/579)
قَالَ: " كتب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتاب الصَّدَقَة، فَلم يُخرجهُ إِلَى عماله حَتَّى قبض فقرنه بِسَيْفِهِ، فَعمل بِهِ أَبُو بكر حَتَّى قبض، ثمَّ عمل بِهِ عمر حَتَّى قبض، وَكَانَ فِيهِ فِي خمس من الْإِبِل شَاة، وَفِي عشر شَاتَان، وَفِي خمس عشرَة ثَلَاث شِيَاه، وَفِي عشْرين أَربع شِيَاه، وَفِي خمس وَعشْرين بنت مَخَاض إِلَى خمس وَثَلَاثِينَ، فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا ابْنة لبون إِلَى خمس وَأَرْبَعين، فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا حقة إِلَى سِتِّينَ، فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا جَذَعَة إِلَى خمس وَسبعين، فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا ابنتا لبون إِلَى تسعين، فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا حقتان إِلَى عشْرين وَمِائَة، فَإِن كَانَت الْإِبِل أَكثر فَفِي كل خمسين حقة، وَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون ... ".
وَذكر الحَدِيث نَحْو حَدِيث البُخَارِيّ فِي زَكَاة الْغنم لم (يعرفهُ) غير سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، وَهُوَ يضعف فِي الزُّهْرِيّ.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، أَخْبرنِي ابْن الْمُبَارك، عَن يُونُس بن يزِيد، عَن ابْن شهَاب قَالَ: " هَذِه نُسْخَة كتاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي كتبه فِي الصَّدَقَة، وَهِي عِنْد آل عمر بن الْخطاب، قَالَ ابْن شهَاب: أَقْرَأَنيهَا سَالم بن عبد الله ابْن عمر فوعيتها على وَجههَا، وَهِي الَّتِي انتسخ عمر بن عبد الْعَزِيز [من] عبد الله بن عبد الله بن عمر، وَسَالم بن عبد الله ... " فَذكر الحَدِيث قَالَ: " فَإِذا كَانَت إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة فَفِيهَا ثَلَاث بَنَات لبون حَتَّى تبلغ / تسعا وَعشْرين وَمِائَة، فَإِذا كَانَت ثَلَاثِينَ وَمِائَة، فَفِيهَا بِنْتا لبون وحقة حَتَّى تبلغ تسعا وَثَلَاثِينَ، فَإِذا كَانَت أَرْبَعِينَ وَمِائَة، فَفِيهَا حقتان وَابْنَة لبون حَتَّى تبلغ تسعا وَأَرْبَعين وَمِائَة، فَإِذا كَانَت خمسين وَمِائَة فَفِيهَا ثَلَاث حقاق حَتَّى تبلغ تسعا وَخمسين وَمِائَة، فَإِذا كَانَت سِتِّينَ وَمِائَة، فَفِيهَا أَربع بَنَات لبون حَتَّى تبلغ تسعا وَسِتِّينَ وَمِائَة، فَإِذا كَانَت سبعين وَمِائَة، فَفِيهَا ثَلَاث بَنَات لبون وحقة حَتَّى تبلغ تسعا وَسبعين وَمِائَة، فَإِذا كَانَت ثَمَانِينَ وَمِائَة، فَفِيهَا حقتان وبنتا لبون حَتَّى تبلغ تسعا وَثَمَانِينَ وَمِائَة، فَإِذا كَانَت(2/580)
تسعين وَمِائَة، فَفِيهَا ثَلَاث حقاق وَبنت لبون حَتَّى تبلغ تسعا وَتِسْعين وَمِائَة، فَإِذا كَانَت مِائَتَيْنِ، فَفِيهَا أَربع حقاق، أَو خمس بَنَات لبون، أَي السنين وجدت أخذت وَفِي سَائِمَة الْغنم ... . " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
بَاب زَكَاة الْغنم
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى، حَدثنِي أبي، حَدثنِي ثُمَامَة ابْن عبد الله بن أنس، أَن أنسا حَدثهُ " أَن أَبَا بكر كتب لَهُ هَذَا الْكتاب لما وَجهه إِلَى الْبَحْرين: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمُسلمين، وَالَّتِي أَمر الله بهَا [رَسُوله] ، فَمن سئلها من الْمُسلمين على وَجههَا، فليعطها، وَمن سُئِلَ فَوْقهَا فَلَا يُعْط: فِي أَربع وَعشْرين من الْإِبِل فَمَا دونهَا من الْغنم من كل خمس شَاة، فَإِذا بلغت خمْسا وَعشْرين إِلَى خمس وَثَلَاثِينَ ففبها ابْنة مَخَاض أُنْثَى، فَإِذا بلغت (سِتا) وَثَلَاثِينَ إِلَى خمس وَأَرْبَعين، فَفِيهَا بنت لبون أُنْثَى، فَإِذا بلغت (سِتا) وَأَرْبَعين إِلَى سِتِّينَ، فَفِيهَا حقة طروقة الْجمل، فَإِذا بلغت وَاحِدَة وَسِتِّينَ إِلَى خمس وَسبعين، فَفِيهَا جَذَعَة، فَإِذا بلغت - يَعْنِي (سِتا) وَسبعين - إِلَى تسعين، فَفِيهَا بِنْتا لبون، فَإِذا بلغت إِحْدَى وَتِسْعين إِلَى عشْرين وَمِائَة، فَفِيهَا حقتان طروقتا الْجمل، فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة، فَفِي كل أَرْبَعِينَ ابْنة لبون، وَفِي كل خمسين حقة، وَمن لم يكن مَعَه إِلَّا أَربع من الْإِبِل فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَة إِلَّا أَن يَشَاء رَبهَا، فَإِذا بلغت خمْسا من الْإِبِل فَفِيهَا شَاة، وَفِي صَدَقَة الْغنم فِي سائمتها إِذا كَانَت أَرْبَعِينَ إِلَى عشْرين وَمِائَة شَاة، فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَان، فَإِذا زَادَت على مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلَاثمِائَة فَفِيهَا ثَلَاث، فَإِذا زَادَت على ثَلَاثمِائَة، فَفِي كل مائَة شَاة، فَإِذا كَانَت سَائِمَة / الرجل نَاقِصَة من أَرْبَعِينَ شَاة وَاحِدَة، فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَة إِلَّا إِن يَشَاء رَبهَا، وَفِي الرقة ربع الْعشْر،(2/581)
فَإِن لم تكن إِلَّا تسعين وَمِائَة، فَلَيْسَ فِيهَا شيءإلا أَن يَشَاء رَبهَا ".
بَاب زَكَاة الْبَقر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا مفضل - وَهُوَ ابْن مهلهل - عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن مَسْرُوق، عَن معَاذ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعثه إِلَى الْيمن وَأمره أَن يَأْخُذ من كل حالم دِينَارا، أَو عدله معافر، وَمن الْبَقر من ثَلَاثِينَ تبيعا أَو تبيعة، وَمن أَرْبَعِينَ مُسِنَّة ".
تَابعه جرير ويعلى وَمعمر وَشعْبَة وَأَبُو عوَانَة وَيحيى بن سعيد، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن مَسْرُوق، قَالَ يعلى وَمعمر: عَن معَاذ مثله، ذكر ذَلِك أَبُو دَاوُد.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن حَرْب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن مَسْرُوق، عَن معَاذ قَالَ: " لما بَعثه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْيمن أمره أَن يَأْخُذ من كل ثَلَاثِينَ من الْبَقر تبيعا أَو تبيعة، وَمن كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّة، وَمن كل حالم دِينَارا، أَو عدله معافر ".
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح ثَابت مُتَّصِل.
الدراقطني: حَدثنَا عُثْمَان بن أَحْمد الدقاق، ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد الله بن الْمُنَادِي، ثَنَا أَبُو بدر، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، عَن الْحَارِث وَعَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِي الْبَقر العوامل شَيْء ". وَفِي حَدِيث الْحَارِث: " لَيْسَ على الْبَقر العوامل شَيْء "(2/582)
بَاب لَا يجمع بَين مفترق
وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، حَدثنِي أبي، حَدثنِي ثُمَامَة، أَن أنسا حَدثهُ " أَن أَبَا بكر كتب لَهُ الَّتِي فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يجمع بَين مفترق، وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة، وَمَا كَانَ من خليطين، فَإِنَّهُمَا يتراجعان بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ ".
بَاب زَكَاة الخلطاء
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الله بن فضَالة - هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم النسوي - أَنا سُرَيج ابْن النُّعْمَان، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس بن مَالك، عَن أنس بن مَالك " أَن أَبَا بكر الصّديق كتب لَهُ: إِن هَذِه فَرَائض الصَّدَقَة الَّتِي فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمُسلمين الَّتِي أَمر الله بهَا رَسُوله الله ... . " فَذكر الحَدِيث " وَلَا يجمع بَين متفرق، وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة، وَمَا كَانَ من خليطين، فَإِنَّهُمَا يتراجعان بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ ".
/ بَاب زَكَاة الذَّهَب وَالْوَرق
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، ثَنَا مَالك، ثَنَا مُحَمَّد ابْن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق صَدَقَة، وَلَا فِي أقل من خمس من الْإِبِل الذود صَدَقَة، وَلَا فِي أقل من خَمْسَة أواقي من الْوَرق صَدَقَة ".(2/583)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد الْمهرِي، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي جرير ابْن حَازِم، وَسمي آخر، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، والْحَارث الْأَعْوَر، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فَإِذا كَانَت لَك مِائَتَا دِرْهَم وَحَال عَلَيْهَا الْحول، فَفِيهَا خَمْسَة دَرَاهِم، وَلَيْسَ عَلَيْك شَيْء - يَعْنِي فِي الذَّهَب - حَتَّى يكون لَك عشْرين دِينَارا، فَإِذا كَانَ لَك عشرُون دِينَارا وَحَال عَلَيْهَا الْحول، فَفِيهَا نصف دِينَار فَمَا زَاد فبحساب ذَلِك - قَالَ: فَلَا أَدْرِي أعلي يَقُول: بِحِسَاب ذَلِك. أَو رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَيْسَ فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول ".
قَالَ ابْن وهب: إِلَّا ان جَرِيرًا يزِيد فِي الحَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بنأبي الشَّوَارِب، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد عَفَوْت عَن صَدَقَة الْخَيل، وَالرَّقِيق، فهاتوا صَدَقَة الرقة: من كل أَرْبَعِينَ درهما درهما، وَلَيْسَ فِي تسعين وَمِائَة شَيْء، فَإِذا بلغ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَة الدَّرَاهِم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: رُوِيَ هَذَا الحَدِيث: الْأَعْمَش، وَأَبُو عوَانَة وَغَيرهمَا، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ. وَرُوِيَ الثَّوْريّ، وَابْن عُيَيْنَة، وَغير وَاحِد عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ. قَالَ: وَسَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: كِلَاهُمَا عِنْدِي صَحِيح يحْتَمل عَن أبي إِسْحَاق، وَيحْتَمل أَن يكون روى عَنْهُمَا.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عبد الله بن نمير، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم ابْن ضَمرَة، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِي أقل من مِائَتي دِرْهَم شَيْء ".(2/584)
بَاب زَكَاة التَّمْر والحبوب
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا روح بن الْقَاسِم، حَدثنِي عَمْرو بن يحيى بن عمَارَة، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " لَا يحل فِي الْبر وَالتَّمْر زَكَاة حَتَّى تبلغ خَمْسَة أوسق وَلَا يحل فِي الْوَرق زَكَاة حَتَّى تبلغ خَمْسَة أوراق، وَلَا يحل فِي الْإِبِل زَكَاة حَتَّى تبلغ خمس ذود ".
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا عبد الرَّحْمَن - يَعْنِي ابْن مهْدي - ثَنَا سُفْيَان، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن يحيى بن عمَارَة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِي حب وَلَا تمر صَدَقَة حَتَّى يبلغ خَمْسَة أوسق، وَلَا فِيمَا دون خَمْسَة ذود صَدَقَة، وَلَا فِيمَا دون خمس أوراق صَدَقَة ".
وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا الثَّوْريّ وَمعمر، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة بِهَذَا الْإِسْنَاد بِمثل حَدِيث ابْن مهْدي غير أَنه قَالَ بدل التَّمْر: " ثَمَر.
بَاب فِيمَا سقته السَّمَاء أَو سقِِي بالسانية
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، أَن أَبَا الزبير حَدثهُ، أَنه سمع جَابر بن عبد الله، يذكر أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِيمَا سقت الْأَنْهَار والغيم، العشور، وَفِيمَا سقِِي بالسانية، نصف الْعشْر ".(2/585)
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي [يُونُس] بن يزِيد، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون أَو كَانَ عثريا: الْعشْر، وَمَا سقِِي بالنضح: نصف الْعشْر ".
بَاب مَا جَاءَ فِي زَكَاة الْعِنَب
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يزِيد بن سِنَان، وفهد بن سُلَيْمَان، قَالَا: ثَنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي، حَدثنِي عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَدَقَة فِي شَيْء من الزَّرْع أَو النّخل أَو الْكَرم حَتَّى تكون خَمْسَة أوسق، وَلَا فِي الْوَرق حَتَّى تبلغ مِائَتي دِرْهَم ".
مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي أخرج لَهُ مُسلم مستشهدا، وَلم يحْتَج بِهِ فِي الْأُصُول، وَقد ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره، وَوَثَّقَهُ يحيى بن معِين.
وروى التِّرْمِذِيّ: عَن مُسلم بن عَمْرو الْحذاء، عَن عبد الله بن نَافِع الصَّائِغ، عَن مُحَمَّد بن صَالح التمار، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عتاب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يبْعَث على النَّاس من يخرص عَلَيْهِم كرومهم وثمارهم ".
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي زَكَاة الكروم: إِنَّهَا تخرص كَمَا يخرص النّخل، ثمَّ تُؤَدّى زَكَاته زبيبا كَمَا تُؤدِّي زَكَاة النّخل تَمرا ".(2/586)
وَسَعِيد بن الْمسيب لم يسمع من عتاب، ذكر ذَلِك أَبُو دَاوُد فِيمَا حَكَاهُ ابْن / الْأَعرَابِي عَنهُ.
وَذكر أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا الحَدِيث، وَأدْخل بَين سعيد وعتاب الْمسور ابْن مخرمَة، رَوَاهُ من طَرِيق الْوَاقِدِيّ، والواقدي ترك النَّاس حَدِيثه.
بَاب الْخرص
التِّرْمِذِيّ: أخبرنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، أَنا شُعْبَة، أَخْبرنِي خبيب بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن مَسْعُود بن نيار يَقُول: جَاءَ سهل بن أبي حثْمَة إِلَى مَجْلِسنَا، فَحدث أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " إِذا خرصتم فَخُذُوا ودعوا الثُّلُث، فَإِن لم تدعوا الثُّلُث فدعوا الرّبع ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن عَمْرو بن يحيى، عَن عَبَّاس بن سهل السَّاعِدِيّ، عَن أبي حميد قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فِي] غَزْوَة تَبُوك، فأتينا وَادي الْقرى على حديقة لامْرَأَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اخرصوها. فخرصناها وخرصها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشرَة أوسق، وَقَالَ: أحصيها حَتَّى نرْجِع إِلَيْك - إِن شَاءَ الله - وانطلقنا حَتَّى قدمنَا تَبُوك، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ستهب عَلَيْكُم اللَّيْلَة ريح شَدِيدَة، فَلَا يُقيم فِيهَا أحد مِنْكُم، فَمن كَانَ لَهُ بعير فليشد عقاله. فَهبت ريح شَدِيدَة، فَقَامَ رجل، فَحَملته الرّيح حَتَّى ألقته بجبلي طَيئ، وَجَاء رَسُول الله ابْن الْعلمَاء صَاحب أَيْلَة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِكِتَاب، وَأهْدى لَهُ بغلة بَيْضَاء، فَكتب إِلَيْهِ رَسُول الله، وَأهْدى لَهُ بردا، ثمَّ أَقبلنَا حَتَّى قدمنَا وَادي الْقرى، فَسَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَرْأَة عَن حديقتها كم بلغ ثَمَرهَا؟ فَقَالَت: عشرَة أوسق. وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي مسرع فَمن شَاءَ مِنْكُم فليسرع معي، وَمن(2/587)
شَاءَ فليمكث. فخرجنا حَتَّى أَشْرَفنَا على الْمَدِينَة، فَقَالَ: هَذِه طابة، وَهَذَا أحد، هُوَ جبل يحبنا ونحبه، ثمَّ قَالَ: إِن خير دور الْأَنْصَار دَار بني النجار، ثمَّ دَار بني عبد الْأَشْهَل، ثمَّ دَار بني عبد الْوَارِث بن الْخَزْرَج، ثمَّ دَار بني سَاعِدَة، وَفِي كل دور الْأَنْصَار خير، فلحقنا سعد بن عبَادَة، فَقَالَ أَبُو أسيد: ألم تَرَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خير دور الْأَنْصَار، فَجعلنَا آخرا، فَأدْرك سعد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، خيرت دور الْأَنْصَار فجعلتنا آخرا، فَقَالَ: أَو لَيْسَ بحسبكم أَن تَكُونُوا من الْخِيَار ".
بَاب ذكر الْمِكْيَال وَالْمِيزَان
النَّسَائِيّ: / أخبرنَا إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ، وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل ابْن علية، قَالَ إِسْحَاق: عَن الْملَائي، وَقَالَ ابْن علية: ثَنَا أَبُو نعيم - هُوَ الْفضل بن دُكَيْن - كِلَاهُمَا، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي، عَن طَاوس، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ": " الْمِكْيَال على مكيال أهل الْمَدِينَة، وَالْوَزْن على وزن أهل مَكَّة " وَاللَّفْظ لإسحاق.
وحَدثني الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا عَليّ، ثَنَا حمام، ثَنَا ابْن مفرج، ثَنَا ابْن الْأَعرَابِي، ثَنَا الدبرِي، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، عَن هِشَام بن عُرْوَة " أَن مد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي كَانَ يخذ بِهِ الصَّدقَات رَطْل وَنصف ".
وحَدثني الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا عَليّ، ثَنَا عبد الله بن ربيع، ثَنَا مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق بن السَّلِيم، ثَنَا ابْن الْأَعرَابِي، ثَنَا أَبُو دَاوُد، عَن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: " صَاع ابْن أبي ذِئْب خَمْسَة أَرْطَال وَثلث " قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهُوَ صَاع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.(2/588)
وَبِه إِلَى عَليّ، ثَنَا حمام، ثَنَا عَبَّاس بن أصبغ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَيمن، ثَنَا عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: " ذكر لي أبي أَنه عير مد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَوَجَدَهَا رَطْل وَثلث فِي الْمَدّ. قَالَ: وَلَا يبلغ من التَّمْر هَذَا الْمِقْدَار، قَالَ: وبحثت أَنا غَايَة الْبَحْث عِنْد كل من وثقت بتمييزه فَكل اتّفق لي على أَن دِينَار الذَّهَب بِمَكَّة وَزنه اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ حَبَّة وَثَلَاثَة أعشار حَبَّة، بالحب من الشّعير الْمُطلق، وَالدِّرْهَم سَبْعَة أعشار المثقال، فوزن الدِّرْهَم الْمَكِّيّ سبع وَخَمْسُونَ حَبَّة وَسِتَّة أعشار حَبَّة وَعشر عشر حَبَّة، فالرطل مائَة دِرْهَم وَاحِدَة وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ درهما بالدرهم الْمَذْكُور ".
وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: ": " الوسق سِتُّونَ صَاعا، وَخَمْسَة أوسق ثَلَاثمِائَة صَاع، وَصَاع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَمْسَة أَرْطَال وَثلث، وَصَاع أهل الْكُوفَة ثَمَانِيَة أَرْطَال، وَلَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أَوَاقٍ صَدَقَة، والوقية أَرْبَعُونَ درهما، وَخَمْسَة أَوَاقٍ مِائَتَا دِرْهَم ".
بَاب النَّهْي أَن تُؤْخَذ كرائم أَمْوَال النَّاس فِي الصَّدَقَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا حبَان، أَنا عبد الله، عَن زَكَرِيَّاء بن إِسْحَاق، عَن يحيى ابْن عبد الله بن صَيْفِي، عَن أبي معبد مولى ابْن عَبَّاس [عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -] قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمعَاذ بن جبل حِين بَعثه إِلَى الْيمن: " إِنَّك ستأتي قوما من أهل الْكتاب، فَإِذا جئتهم فأدعهم إِلَى أَن يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَإِن هم أطاعوا لَك بذلك، فَأخْبرهُم أَن الله قد فرض عَلَيْهِم خمس صلوَات فِي كل يَوْم لَيْلَة، فَإِن هم أطاعوا لَك بذلك، فَأخْبرهُم أَن(2/589)
الله قد فرض / عَلَيْهِم صَدَقَة تُؤْخَذ من أغنيائهم فَترد على فقرائهم، فَإِن هم أطاعوا لَك بذلك فإياك وكرائم أَمْوَالهم، وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيِّنَة وَبَين الله حجاب ".
بَاب مَا جَاءَ فِي المعتدي فِي الصَّدَقَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن سعد بن سِنَان، عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " المعتدي فِي الصَّدَقَة كمانعها ".
الصَّحِيح سِنَان [بن] سعد هَكَذَا ذكره البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم فِي تاريخيهما، وَسنَان هَذَا وثقة ابْن معِين، وَضَعفه أَحْمد بن حَنْبَل وَالنَّسَائِيّ.
بَاب مَا نهي عَنهُ أَن يخرج فِي الصَّدَقَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان، ثَنَا عباد - هُوَ ابْن الْعَوام - عَن سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي أُمَامَة بن سهل، عَن أَبِيه: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الجعرور ولون الحبيق أَن يؤخذا فِي الصَّدَقَة ". قَالَ الزُّهْرِيّ: لونين من تمر الْمَدِينَة.
قَالَ أَبُو دَاوُد: أسْندهُ أَيْضا أَبُو الْوَلِيد، عَن سُلَيْمَان بن كثير، عَن الزُّهْرِيّ مثله.
الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن زِيَاد الْفَقِيه، ثَنَا مُحَمَّد بن يحيى.(2/590)
وثنا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا يُوسُف بن مُوسَى، قَالَا: ثَنَا أَبُو الْوَلِيد - هُوَ الطَّيَالِسِيّ - ثَنَا سُلَيْمَان بن كثير، حَدثنَا الزُّهْرِيّ، عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن لونين من التَّمْر: الجعرور، ولون الحبيق قَالَ: كَانَ النَّاس يتيممون شَرّ ثمارهم، فيخرجونها فِي الصَّدَقَة، فنهوا عَن لونين وَنزلت: {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} ".
قَالَ أَبُو الْحسن: وصلَة أَبُو الْوَلِيد عَن سُلَيْمَان، وأرسله عَنهُ غَيره.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس، حَدثنِي أبي، حَدثنِي ثُمَامَة، أَن أنسا حَدثهُ " أَن أَبَا بكر كتب لَهُ الَّتِي أَمر (رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) : وَلَا يخرج فِي الصَّدَقَة هرمة، وَلَا ذَات عوار، وَلَا تَيْس إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصدق ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، أَخْبرنِي ابْن الْمُبَارك، عَن يُونُس بن يزِيد، عَن ابْن شهَاب قَالَ: " هَذِه نُسْخَة كتاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّتِي كتب فِي الصَّدَقَة، وَهِي الَّتِي عِنْد آل عمر بن الْخطاب، قَالَ ابْن شهَاب: أَقْرَأَنيهَا سَالم بن عبد الله بن عمر ... " فَذكر الحَدِيث وَفِيه: " وَلَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة هرمة، وَلَا ذَات عوار من الْغنم، وَلَا تَيْس الْغنم إِلَّا أَن يَشَاء الْمُصدق ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا هَارُون بن زيد بن أبي الزَّرْقَاء، ثَنَا أبي، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل / بن حجر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث ساعيا،(2/591)
فَأَتَاهُ رجل فآتاه فصيلا مخلولا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بعثنَا مُصدق الله وَرَسُوله، وَإِن فلَانا أعطَاهُ فصيلا مخلولا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ لَا تبَارك (لَهُ) فِيهِ، وَلَا فِي إبِله. فَبلغ ذَلِك الرجل فجَاء بِنَاقَة وَذكر حسنا، قَالَ: أَتُوب إِلَى الله وَإِلَى نبيه. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ [بَارك] (لَهُ) فِيهِ، وَفِي إبِله ".
بَاب هَل يُعْطي أفضل مِمَّا عَلَيْهِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر، عَن يحيى بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة، عَن عمَارَة بن عَمْرو بن حزم، عَن أبي بن كَعْب قَالَ: " بَعَثَنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُصدقا فمررت بِرَجُل، فَلَمَّا جمع لي مَاله لم أجد عَلَيْهِ فِيهِ إِلَّا بنت مَخَاض، فَقلت لَهُ: أد بنت مَخَاض، فَإِنَّهَا صدقتك، قَالَ: ذَاك مَا لَا لبن فِيهِ وَلَا ظهر، وَلَكِن هَذِه نَاقَة فتية عَظِيمَة سَمِينَة، فَخذهَا. فَقلت لَهُ: مَا أَنا بآخذ مَا لم أُؤمر بِهِ، وَهَذَا رَسُول الله مِنْك قريب، فَإِن أَحْبَبْت أَن تَأتيه، فتعرض عَلَيْهِ مَا عرضت عَليّ فافعل، فَإِن قبله مِنْك قبلته، وَإِن رده عَلَيْك رَددته، قَالَ: فَإِنِّي فَاعل، فَخرج معي وَخرج بالناقة الَّتِي عرض عَليّ حَتَّى قدمنَا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُ: يانبي الله، أَتَى رَسُولك ليَأْخُذ من صَدَقَة مَالِي، وَايْم الله مَا قَامَ فِي مَالِي رَسُول الله وَلَا رَسُوله قطّ قبله، فَجمعت لَهُ مَالِي، فَزعم أَن مَا عَليّ فِيهِ بنت مَخَاض، وَذَلِكَ مَا لَا لبن فِيهِ وَلَا ظهر، وَقد عرضت عَلَيْهِ نَاقَة فتية عَظِيمَة ليأخذها، فَأبى عَليّ، وَهَا هِيَ ذه، قد جئْتُك بهَا يَا رَسُول الله، خُذْهَا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ذَلِك الَّذِي عَلَيْك، فَإِن تَطَوَّعت بِخَير آجرك الله فِيهِ، وقبلناه مِنْك. قَالَ: فها هِيَ ذه يَا رَسُول الله، قد جئْتُك بهَا فَخذهَا، فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقبضها، ودعا لَهُ فِي مَاله بِالْبركَةِ ".
عمَارَة بن عَمْرو لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا يحيى بن عبد الله.(2/592)
بَاب مَا جَاءَ فِي المَال من الْحُقُوق سوى الزَّكَاة
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، ثَنَا مُحَمَّد بن فليح، حَدثنِي أبي، عَن هِلَال بن عَليّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حق الْإِبِل أَن تحلب على المَاء ".
/ البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا الزُّهْرِيّ، ثَنَا عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، حَدثنِي أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسَأَلَهُ عَن الْهِجْرَة، فَقَالَ: وَيحك إِن الْهِجْرَة شَأْنهَا شَدِيد فَهَل لَك من إبل؟ قَالَ نعم. قَالَ: فتعطي صدقتها؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَهَل تمنح مِنْهَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فتحلبها يَوْم وُرُودهَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأعمل من وَرَاء الْبحار فَإِن الله لن يتْرك من عَمَلك شَيْئا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن يحيى الْحَرَّانِي، حَدثنِي مُحَمَّد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن عَمه وَاسع بن حبَان، عَن جَابر بن عبد الله " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر من كل جاد عشرَة أوسق من التَّمْر بقنو يعلق فِي الْمَسْجِد للْمَسَاكِين ".
كمل السّفر الثَّانِي بِحَمْد - الله تَعَالَى - يتلوه فِي أول الثَّالِث - إِن شَاءَ الله -
بَاب لَا صَدَقَة فِي الْخَيل
الْحَمد لله رب الْعَالمين، وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله وَأَصْحَابه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا. حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . تمّ بِحَمْد الله ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .(2/593)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الْأَمْرَاض والعيادة
بَاب النَّهْي عَن تمني الْمَرِيض الْمَوْت
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت من ضرّ أَصَابَهُ، فَإِن كَانَ لابد فَاعِلا فَلْيقل: اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي، وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس ابْن أبي حَازِم قَالَ: " دَخَلنَا على خباب نعوده - وَقد اكتوى سبع كيات - فَقَالَ: إِن أَصْحَابنَا الَّذين سلفوا مضوا وَلم تنقصهم الدُّنْيَا، وَإِنَّا أصبْنَا مَالا نجد لَهُ موضعا إِلَّا التُّرَاب، وَلَوْلَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَانَا أَن نَدْعُو بِالْمَوْتِ لَدَعَوْت بِهِ. ثمَّ أتيناه مرّة أُخْرَى - وَهُوَ يَبْنِي حَائِطا لَهُ - فَقَالَ: إِن الْمُسلم يُؤجر فِي كل شَيْء يُنْفِقهُ، إِلَّا فِي شَيْء يَجعله فِي هَذَا التُّرَاب ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لن يدْخل أحدا عمله الْجنَّة. قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا، إِلَّا أَن يتغمدني الله بِفضل وَرَحْمَة، فسددوا وقاربوا، وَلَا يتَمَنَّى أحدكُم الْمَوْت؛ إِمَّا(3/5)
محسناً فَلَعَلَّهُ أَن يزْدَاد خيرا، وَإِمَّا مسيئاً فَلَعَلَّهُ أَن يستعتب ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان، حَدثنَا بَقِيَّة، حَدثنِي الزبيدِيّ، حَدثنِي الزُّهْرِيّ، عَن أبي عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت؛ إِمَّا محسناً فَإِنَّهُ إِن يعِيش يَزْدَدْ خيرا، وَهُوَ خير لَهُ، وَإِمَّا مسيئاً فَلَعَلَّهُ أَن يستعتب ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن سَلمَة، عَن عَليّ قَالَ: " كنت شاكياً، فَمر بِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا أَقُول: اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَجلي قد حضر فأرحني، وَإِن كَانَ مُتَأَخِّرًا فارفعني، وَإِن كَانَ بلَاء فصبرني. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَيفَ قلت؟ قَالَ: فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَا قَالَ، فَضَربهُ بِرجلِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ عافه، أَو اشفه - شُعْبَة الشاك - فَمَا اشتكيت وجعي بعد ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب ثَوَاب الْمَرَض وَمَا يُصِيب الْمُسلم من الْبلَاء
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْوَلِيد بن كثير، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي(3/6)
سعيد وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا يُصِيب الْمُؤمن من وصب وَلَا نصب وَلَا سقم وَلَا حزن حَتَّى الْهم يهمه إِلَّا كفر بِهِ من سيئاته ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من مُسلم يشاك بشوكة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا كتب لَهُ بهَا دَرَجَة، ومحيت عَنهُ بهَا خَطِيئَة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا سُفْيَان، عَن ابْن مُحَيْصِن - شيخ من قُرَيْش، قَالَ مُسلم: عمر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَيْصِن من أهل مَكَّة - سمع مُحَمَّد ابْن قيس بن مخرمَة، يحدث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " لما نزلت {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} بلغت من الْمُسلمين مبلغا شَدِيدا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قاربوا وسددوا، فَفِي كل مَا يصاب بِهِ الْمُسلم كَفَّارَة حَتَّى النكبة ينكبها أَو الشَّوْكَة يشاكها ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى.
وثنا ابْن بشار، ثَنَا عُثْمَان بن عمر وَأَبُو دَاوُد، عَن أبي عَامر الخزاز، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي لأعْلم أَشد آيَة فِي الْقُرْآن، قَول الله - تَعَالَى -: {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ: أما علمت يَا عَائِشَة أَن الْمُسلم تصيبه النكبة، أَو الشَّوْكَة، فيحاسب أَو يكافأ بِأَسْوَأ عمله، وَمن حُوسِبَ عذب. قَالَت: أَلَيْسَ يَقُول الله - عز وَجل -: {فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا}(3/7)
قَالَ: ذاكم الْعرض يَا عَائِشَة، من نُوقِشَ الْحساب عذب ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا لفظ ابْن بشار.
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن الْحَارِث بن سُوَيْد، عَن عبد الله قَالَ: " دخلت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يوعك فمسسته بيَدي، فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّك توعك وعكاً شَدِيدا؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أجل، إِنِّي أوعك كَمَا يوعك رجلَانِ مِنْكُم. قَالَ: فَقلت: ذَلِك أَن لَك أَجْرَيْنِ؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أجل. ثمَّ قَالَ رَسُول الله: مَا من مُسلم يُصِيبهُ أَذَى من مرض فَمَا سواهُ إِلَّا حط الله بِهِ سيئاته، كَمَا تحط الشَّجَرَة وَرقهَا ".
وَلَيْسَ فِي حَدِيث زُهَيْر: " فمسسته بيَدي ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا يزَال الْبلَاء بِالْمُؤمنِ والمؤمنة فِي نَفسه وَولده وَمَاله حَتَّى يلقى الله وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا (عَمْرو بن خَليفَة) ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأعرابي: هَل أخذتك أم ملدم قطّ؟ قَالَ: مَا أم ملدم؟ قَالَ: حر يكون بَين الْجلد وَاللَّحم. قَالَ: لَا. قَالَ: مَا أخذك الصداع قطّ؟ قَالَ: وَمَا الصداع؟ قَالَ: عرق يضْرب على الْإِنْسَان فِي رَأسه. قَالَ: مَا / وجدت هَذَا قطّ. فَلَمَّا ولي قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من(3/8)
سره أَن ينظر إِلَى رجل من أهل النَّار فَلْينْظر إِلَى هَذَا ".
بَاب من يرد الله بِهِ خيرا يصب مِنْهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة أَنه قَالَ: سَمِعت سعيد بن يسَار أَبَا الْحباب يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من يرد الله بِهِ خيرا يصب مِنْهُ ".
بَاب مثل الْمُؤمن وَمَا يُصِيبهُ من الْبلَاء
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن كَمثل الزَّرْع، لَا تزَال الرّيح تميله، وَلَا يزَال الْمُؤمن يُصِيبهُ الْبلَاء، وَمثل الْمُنَافِق كَمثل شَجَرَة الْأرز لَا تهتز حَتَّى تستحصد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، حَدثنِي مُحَمَّد بن فليح، حَدثنِي أبي، عَن هِلَال بن عَليّ - من بني عَامر بن لؤَي - عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن كَمثل الخامة من الزَّرْع، من حَيْثُ أتتها الرّيح كفأتها، فَإِذا اعتدلت تكفأ بالبلاء، والفاجر كالأرزة، صماء معتدلة، حَتَّى يقصمها الله - عز وَجل - إِذا شَاءَ ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا بشر بن السّري وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي، قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن(3/9)
مَالك، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن كَمثل الخامة من الزَّرْع، تفيئها الرِّيَاح [تصرعها] مرّة، وتعدلها مرّة، حَتَّى يَأْتِيهِ أَجله، وَمثل الْمُنَافِق مثل الأرزة المجذية، الَّتِي لَا يُصِيبهَا شَيْء حَتَّى يكون انجعافها مرّة وَاحِدَة ".
بَاب أَي النَّاس أَشد بلَاء
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة، عَن مُصعب بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: " قلت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي النَّاس أَشد بلَاء؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاء، ثمَّ الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فَإِن كَانَ دينه صلباً اشْتَدَّ بلاؤه، وَإِن كَانَ فِي دينه رقة ابْتُلِيَ على حسب دينه، فَمَا يبرح الْبلَاء بِالْعَبدِ حَتَّى يمشي على الأَرْض وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَبْدَانِ، عَن أبي حَمْزَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن الْحَارِث بن سُوَيْد، عَن عبد الله قَالَ: " دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يوعك، فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّك توعك وعكاً شَدِيدا؟ قَالَ: أجل، إِنِّي أوعك كَمَا يوعك رجلَانِ مِنْكُم. قلت: ذَلِك بِأَن لَك أَجْرَيْنِ؟ (قَالَ) : أجل، ذَلِك كَذَلِك، مَا من مُسلم يُصِيبهُ أَذَى شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا، إِلَّا كفر الله بِهِ سيئاته، كَمَا تحط(3/10)
الشَّجَرَة وَرقهَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنبأَنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش قَالَ: سَمِعت أَبَا وَائِل يَقُول: قَالَت عَائِشَة: " مَا رَأَيْت الوجع على أحد أَشد مِنْهُ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب ثَوَاب الْحَمد على الْبلَاء والعافية
الْبَزَّار: ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن غَزوَان، ثَنَا المَسْعُودِيّ، عَن حبيب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أول من يقوم (فَأول) من يدعى يَوْم الْقِيَامَة الْحَمَّادُونَ على كل حَال ".
بَاب سُؤال الْعَافِيَة
الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن الوضاح الْكُوفِي، ثَنَا الْحُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ، ثَنَا زَائِدَة، عَن عَاصِم - يَعْنِي: ابْن بَهْدَلَة - عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَامَ فِينَا أَبُو بكر - رَحمَه الله - فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كمقامي فِيكُم الْيَوْم، فَقَالَ: إِن النَّاس لم يُعْطوا شَيْئا خيرا من الْعَفو والعافية، فسلوهما الله ".(3/11)
بَاب مَا يحذر من الضجر وَقلة الصَّبْر
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُعلى بن أَسد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُخْتَار، ثَنَا خَالِد - هُوَ الْحذاء - عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل على أَعْرَابِي يعودهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا دخل على مَرِيض يعودهُ. قَالَ: لَا بَأْس طهُور إِن شَاءَ الله. قَالَ: قلت: طهُور! كلا، بل هِيَ حمى تَفُور - أَو تثور - على شيخ كَبِير تزيره الْقُبُور. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَنعم إِذا ".
بَاب مَا جَاءَ أَن الْمَرِيض يكْتب لَهُ عمله الَّذِي كَانَ يعْمل صَحِيحا
البُخَارِيّ: حَدثنَا مطر بن الْفضل، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا الْعَوام، أَنا إِبْرَاهِيم أَبُو إِسْمَاعِيل السكْسكِي قَالَ: " سَمِعت أَبَا بردة واصطحب هُوَ وَيزِيد بن أبي كَبْشَة فِي سفر، فَكَانَ يزِيد يَصُوم فِي السّفر، فَقَالَ لَهُ أَبُو بردة: سَمِعت أَبَا مُوسَى مرَارًا يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا مرض العَبْد أَو سَافر كتب لَهُ مثل مَا كَانَ يعْمل مُقيما صَحِيحا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة، عَن خَيْثَمَة، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ العَبْد على طَريقَة حَسَنَة من الْعِبَادَة ثمَّ مرض، قيل للْملك الْمُوكل بِهِ: اكْتُبْ لَهُ مثل أجر عمله إِذا كَانَ طلقاً حَتَّى أطلقهُ، أَو أكفته إِلَيّ ".
تَابعه الْقَاسِم بن مخيمرة، عَن عبد الله بن عَمْرو.(3/12)
بَاب ثَوَاب من أَصَابَته الْحمى
مُسلم: حَدثنِي عبيد الله بن عمر القواريري، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا الْحجَّاج الصَّواف، حَدثنِي أَبُو الزبير، ثَنَا جَابر بن عبد الله: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل على أم السَّائِب - أَو أم الْمسيب - فَقَالَ: مَا لَك يَا أم السَّائِب - أَو يَا أم الْمسيب - تزفزفين؟ قَالَت: الْحمى، لَا بَارك الله فِيهَا. فَقَالَ: لَا تسبي الْحمى، فَإِنَّهَا تذْهب خَطَايَا بني آدم كَمَا يذهب الْكِير خبث الْحَدِيد ".
الْبَزَّار: حَدثنِي مُحَمَّد بن مُوسَى الْقطَّان الوَاسِطِيّ، ثَنَا عُثْمَان بن مخلد، ثَنَا هشيم، عَن الْمُغيرَة، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحمى حَظّ كل مُؤمن من النَّار ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا أسْندهُ عَن هشيم إِلَّا عُثْمَان بن مخلد.
بَاب من ذهب بَصَره
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أَنا اللَّيْث، حَدثنِي [ابْن] الْهَاد، عَن عَمْرو مولى الْمطلب، عَن أنس سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله قَالَ: إِذا ابْتليت عَبدِي بحبيبتيه ثمَّ صَبر عوضته مِنْهُمَا الْجنَّة. يُرِيد: عَيْنَيْهِ ".
تَابعه أَشْعَث بن جَابر وَأَبُو ظلال عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
بَاب ثَوَاب الصرع
مُسلم " حَدثنَا عبيد الله بن عمر القواريري، ثَنَا يحيى بن سعيد وَبشر بن الْمفضل، قَالَا: ثَنَا عمرَان أَبُو بكر قَالَ: حَدثنِي ابْن أبي رَبَاح قَالَ:: قَالَ لي(3/13)
ابْن عَبَّاس: أَلا أريك امْرَأَة من أهل الْجنَّة؟ قلت: بلَى. قَالَ: هَذِه الْمَرْأَة السَّوْدَاء، أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: إِنِّي أصرع وَإِنِّي أتكشف، فَادع الله لي. قَالَ: إِن شِئْت صبرت وَلَك الْجنَّة، وَإِن شِئْت دَعَوْت الله أَن يعافيك. قَالَت: أَصْبِر. قَالَت: فَإِنِّي أتكشف، فَادع الله أَلا أتكشف. فَدَعَا لَهَا ".
بَاب ثَوَاب المبطون
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن جَامع بن شَدَّاد، عَن عبد الله بن يسَار، قَالَ: " كنت جَالِسا مَعَ سُلَيْمَان بن صرد وخَالِد بن عرفطة، وهما يُريدَان أَن يتبعا جَنَازَة مبطون، فَقَالَ [أَحدهمَا] لصَاحبه: ألم يقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من يقْتله بَطْنه (فَلم) يعذب فِي قَبره؟ قَالَ: بلَى ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة فِي حَدِيث ذكره قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مَاتَ فِي الْبَطن فَهُوَ شَهِيد ".
وَقد تقدم الحَدِيث بِكَمَالِهِ فِي بَاب كم الشُّهَدَاء من كتاب الْجِهَاد.
بَاب ذكر الطَّاعُون وثواب من مَاتَ فِيهِ وَأجر الصابر فِيهِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر وَأبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله، عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص، عَن أَبِيه، أَنه سَمعه يسْأَل أُسَامَة بن زيد: مَاذَا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الطَّاعُون؟ فَقَالَ أُسَامَة: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الطَّاعُون رجز [أَو عَذَاب](3/14)
أرسل على بني إِسْرَائِيل أَو على من كَانَ قبلكُمْ، فَإِذا سَمِعْتُمْ بِهِ فِي أَرض فَلَا تقدمُوا عَلَيْهِ، وَإِذا وَقع بِأَرْض وَأَنْتُم بهَا، فَلَا تخْرجُوا فِرَارًا مِنْهُ ".
وَقَالَ أَبُو النَّضر: " لَا يخرجكم إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو وحرملة بن يحيى، قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي عَامر بن سعد، عَن أُسَامَة بن زيد، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِن هَذَا الوجع والسقم رجز عذب بِهِ بعض الْأُمَم قبلكُمْ، ثمَّ بَقِي بعد بِالْأَرْضِ، فَيذْهب الْمرة، وَيَأْتِي الْأُخْرَى، فَمن سمع بِهِ بِأَرْض فَلَا يقدمن عَلَيْهِ، وَمن وَقع بِأَرْض هُوَ بهَا فَلَا يُخرجهُ الْفِرَار مِنْهُ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب، عَن عبد الله بن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل [عَن] عبد الله بن عَبَّاس " أَن عمر بن الْخطاب خرج إِلَى الشَّام، حَتَّى إِذا كَانَ بسرغ لقِيه أهل - مدن الشَّام - الأجناد أَبُو عُبَيْدَة وَأَصْحَابه، فأخبروه أَن الوباء قد وَقع بِالشَّام. قَالَ ابْن عَبَّاس: فَقَالَ عمر: ادْع لي الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين. فدعوتهم فاستشارهم، وَأخْبرهمْ أَن الوباء قد وَقع بِالشَّام، فَاخْتَلَفُوا: فَقَالَ بَعضهم: خرجت لأمر، وَلَا نرى أَن ترجع عَنهُ. وَقَالَ بَعضهم: مَعَك بَقِيَّة النَّاس، وَأَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا نرى أَن تقدمهم على هَذَا الوباء. فَقَالَ: ارتفعوا عني. فَقَالَ: ادْع لي الْأَنْصَار. فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا سَبِيل الْمُهَاجِرين، وَاخْتلفُوا كاختلافهم، فَقَالَ: ارتفعوا عني. ثمَّ قَالَ: ادْع لي من كَانَ هَاهُنَا من مشيخة قُرَيْش من مهاجرة الْفَتْح. فدعوتهم، فَلم يخْتَلف عَلَيْهِ رجلَانِ(3/15)
فَقَالُوا: نرى أَن ترجع بِالنَّاسِ، وَلَا تقدمهم على هَذَا الوباء. فَنَادَى عمر فِي النَّاس: إِنِّي مصبح على ظهر، فَأَصْبحُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح: أفراراً من قدر الله؟ فَقَالَ عمر: لَو غَيْرك قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَة - وَكَانَ عمر يكره خِلَافه - نعم (يفرر) من قدر الله إِلَى قدر الله، أَرَأَيْت لَو كَانَت لَك إبل، فَهَبَطت وَاديا لَهُ عدوتان، الْوَاحِدَة خصبة، وَالْأُخْرَى جدبة، أَلَيْسَ إِن رعيت الخصبة رعيتها بِقدر الله، وَإِن رعيت الجدبة رعيتها بِقدر الله؟ قَالَ: فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَكَانَ متغيباً فِي بعض حَوَائِجه فَقَالَ: إِن عِنْدِي من هَذَا علما، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْض فَلَا تقدمُوا عَلَيْهِ، وَإِذا وَقع بِأَرْض وَأَنْتُم بهَا فَلَا تخْرجُوا فِرَارًا مِنْهُ. قَالَ: فَحَمدَ الله عمر بن الْخطاب ثمَّ انْصَرف ".
مُسلم: حَدثنَا حَامِد بن عمر - هُوَ البكراوي - ثَنَا عبد الْوَاحِد - يَعْنِي: ابْن زِيَاد - ثَنَا عَاصِم، عَن حَفْصَة ابْنة سِيرِين قَالَت: قَالَ لي أنس بن مَالك: بِمَ مَاتَ يحيى بن أبي عمْرَة؟ قَالَت: قلت: بالطاعون. قَالَت: فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الطَّاعُون شَهَادَة لكل مُسلم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق، أَنا حبَان، أَنا دَاوُد بن أبي الْفُرَات، ثَنَا عبد الله ابْن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر، عَن عَائِشَة أَنَّهَا أخْبرته " أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الطَّاعُون، فَأَخْبرهَا نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ عذَابا يَبْعَثهُ الله على من يَشَاء، فَجعله الله رَحْمَة للْمُؤْمِنين، فَلَيْسَ من عبد يَقع الطَّاعُون فيمكث فِي بَلَده صَابِرًا، يعلم أَنه لن يُصِيبهُ إِلَّا مَا كتب الله لَهُ إِلَّا كَانَ [لَهُ] مثل أجر الشُّهَدَاء ".(3/16)
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا النَّضر، ثَنَا دَاوُد بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن عَائِشَة سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الطَّاعُون. فَقَالَ: كَانَ عذَابا يَبْعَثهُ الله على من يَشَاء، فَجعله الله رَحْمَة للْمُؤْمِنين مَا من عبد يكون فِي بَلْدَة يكون فِيهِ وَيمْكث فِيهِ لَا يخرج من الْبَلدة صَابِرًا محتسباً، يعلم أَنه لَا يُصِيبهُ إِلَّا مَا كتب الله [لَهُ] إِلَّا كَانَ [لَهُ] مثل أجر شَهِيد ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عَاصِم الْأَحول، ثَنَا كريب بن الْحَارِث بن أبي مُوسَى، عَن أبي بردة بن قيس أخي أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ اجْعَل فنَاء أمتِي قتلا فِي سَبِيلك بالطعن والطاعون ".
قَالَ: وثنا يحيى بن أبي [بكير] ، ثَنَا النَّهْشَلِي أَبُو بكر، ثَنَا زِيَاد بن علاقَة، عَن قُطْبَة قَالَ: " خرجنَا حاجين فِي بضعَة عشر من بني ثَعْلَبَة، فَبَلغنَا أَن أَبَا مُوسَى نزل منزلا فأتيناه فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ اجْعَل فنَاء أمتِي بالطعن والطاعون. قَالَ: قُلْنَا: هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُون؟ قَالَ: وخز أعدائكم من الْجِنّ، فَكل فِيهِ شُهَدَاء ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن سهل، ثَنَا يحيى بن أبي بكير بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث، إِلَّا إِنَّه قَالَ: " وَفِي كل شَهَادَة ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد، ثَنَا بَقِيَّة، عَن بحير، عَن(3/17)
خَالِد، عَن ابْن أبي بِلَال، عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يخْتَصم الشُّهَدَاء والمتوفون على فرشهم إِلَى رَبنَا - عز وَجل - فِي الَّذين يتوفون من الطَّاعُون؛ فَيَقُول الشُّهَدَاء: إِخْوَاننَا قتلوا كَمَا قتلنَا، وَيَقُول المتوفون على فرشهم إِخْوَاننَا مَاتُوا على فرشهم كَمَا متْنا. فَيَقُول رَبنَا - عز وَجل -: انْظُرُوا إِلَى جراحهم، فَإِن أشبه جراحهم جراح المقتولين فَإِنَّهُم مِنْهُم وَمَعَهُمْ. فَإِذا جراحهم قد أشبهت جراحهم ".
ابْن أبي بِلَال هُوَ عبد الله، قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار وَذكر هَذَا الحَدِيث: لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَإِسْنَاده حسن.
بَاب ذكر أَعمار أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَعمار أمتِي مَا بَين سِتِّينَ إِلَى سبعين، وَأَقلهمْ من يجوز ذَلِك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، من حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو، [عَن أبي سَلمَة] عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا مُحَمَّد بن ربيعَة شُعْبَة، عَن كَامِل أبي الْعَلَاء، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عمر أمتِي من سِتِّينَ سنة إِلَى سبعين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد رُوِيَ من غير وَجه عَن أبي هُرَيْرَة.(3/18)
بَاب وجوب عِيَادَة الْمَرِيض وَمَا جَاءَ فِي تَركهَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أطعموا الجائع، وعودوا الْمَرِيض، وفكوا العاني ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وقُتَيْبَة وَابْن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " حق الْمُسلم على الْمُسلم سِتّ: قيل: وَمَا هن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: إِذا لَقيته فَسلم عَلَيْهِ، وَإِذا دعَاك فأجبه، وَإِذا استنصحك فانصح لَهُ، وَإِذا عطس فَحَمدَ الله فشمته، وَإِذا مرض فعده، وَإِذا مَاتَ فَاتبعهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عَمْرو بن عَبَّاس، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا سُفْيَان، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر قَالَ: " جَاءَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودنِي، لَيْسَ بِرَاكِب بغل وَلَا برذون ".
وَقد تقدم من طَرِيق مُسلم فِي بَاب كَلَام الرب - سُبْحَانَهُ - قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة، يَا ابْن آدم، مَرضت فَلم تعدني. قَالَ: يَا رب، كَيفَ أعودك وَأَنت رب الْعَالمين؟ ! قَالَ: مَا علمت أَن عَبدِي فلَانا مرض، فَلم تعده، أما علمت أَنَّك لَو عدته لَوَجَدْتنِي عِنْده ".(3/19)
بَاب فضل العيادة
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا عَاصِم الْأَحول، عَن عبد الله بن زيد - هُوَ أَبُو قلَابَة - عَن أبي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ، عَن أبي أَسمَاء الرَّحبِي عَن ثَوْبَان مولى رَسُول الله
قَالَ: قَالَ رَسُول الله: ": " من عَاد، مَرِيضا لم يزل فِي خرفة الْجنَّة. قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا خرفة الْجنَّة؟ قَالَ: جناها ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن حبيب، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا خَالِد، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء الرَّحبِي، عَن ثَوْبَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْمُسلم إِذا عَاد أَخَاهُ الْمُسلم لم يزل فِي خرفة الْجنَّة حَتَّى يرجع ".
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: سَمِعت مُحَمَّدًا يَقُول: من روى هَذَا الحَدِيث عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْأَشْعَث، عَن أبي أَسمَاء فَهُوَ أصح.
قَالَ مُحَمَّد: وَأَحَادِيث أبي قلَابَة إِنَّمَا هِيَ عَن أبي أَسمَاء إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ عِنْدِي عَن أبي الْأَشْعَث عَن أبي أَسمَاء.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا شُعْبَة، عَن الحكم، عَن عبد الله بن نَافِع، عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " مَا من رجل يعود مَرِيضا ممسياً، إِلَّا خرج مَعَه سَبْعُونَ ألف ملك يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يصبح، وَكَانَ لَهُ خريف فِي الْجنَّة، وَمن أَتَاهُ مصبحاً خرج مَعَه سَبْعُونَ ألف ملك يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُمْسِي، وَكَانَ لَهُ خريف فِي الْجنَّة ".
ثَنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن الحكم، عَن(3/20)
عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْنَاهُ.
قَالَ أَبُو دَاوُد: أسْند هَذَا من غير وَجه عَن عَليّ - رَحمَه الله - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: " جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى الْحسن بن عَليّ يعودهُ، وَكَانَ شاكياً، فَقَالَ لَهُ عَليّ: أعائداً جِئْت أم شامتاً؟ قَالَ: لَا، بل عَائِدًا. فَقَالَ لَهُ عَليّ: أما إِذْ جِئْت عَائِدًا فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من أَتَى أَخَاهُ الْمُسلم يعودهُ مَشى فِي خرافة الْجنَّة حَتَّى يجلس، فَإِذا جلس غمرته الرَّحْمَة؛ فَإِن كَانَ مسَاء صلى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألف ملك حَتَّى يصبح، وَإِن كَانَ غدْوَة صلى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألف ملك حَتَّى يُمْسِي ".
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " أعائداً جِئْت أم زَائِرًا " رَوَاهُ من طَرِيق ثُوَيْر بن أبي فَاخِتَة، عَن أَبِيه، عَن عَليّ. وَأَبُو فَاخِتَة اسْمه سعيد بن علاقَة، وثوير ضَعِيف.
بَاب العيادة على وضوء
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَوْف الطَّائِي، ثَنَا الرّبيع بن روح بن خُلَيْد، عَن مُحَمَّد بن خَالِد، ثَنَا الْفضل بن دلهم الوَاسِطِيّ، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء وَعَاد أَخَاهُ الْمُسلم محتسباً بوعد من جَهَنَّم مسيرَة (سِتِّينَ) خَرِيفًا ". قلت: يَا أَبَا حَمْزَة،(3/21)
وَمَا الخريف. قَالَ: الْعَام.
الرّبيع بن روح هَذَا يكنى أَبَا روح، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ثَنَا الرّبيع بن روح أَبُو روح، وَكَانَ ثِقَة خياراً.
وَالْفضل بن دلهم أَيْضا صَالح الحَدِيث لَيْسَ بِهِ بَأْس، روى عَنهُ وَكِيع وَابْن الْمُبَارك وَيزِيد بن هَارُون، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
بَاب عِيَادَة الْأَعْمَى
[وَمن] وجعت عَيناهُ
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن خُزَيْمَة، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن بشار الرَّمَادِي، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اذْهَبُوا بِنَا إِلَى بني وَاقِف، نعود ذَلِك الْبَصِير، وَكَانَ مَحْجُوب الْبَصَر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا حجاج [بن] مُحَمَّد عَن يُونُس [بن] أبي إِسْحَاق، عَن أَبِيه، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: " عادني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وجع كَانَ بعيني ".
بَاب عِيَادَة الذِّمِّيّ وَمن يظْهر إِسْلَامه
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن ثَابت، عَن(3/22)
أنس قَالَ: " كَانَ غُلَام يَهُودِيّ يخْدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَرض، فَأَتَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودهُ فَقعدَ عِنْد رَأسه فَقَالَ لَهُ: أسلم. فَنظر إِلَى أَبِيه وَهُوَ عِنْده، فَقَالَ: أطع أَبَا الْقَاسِم. فَأسلم، فَخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي أنقذه بِي من النَّار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن يحيى، عَن مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعود عبد الله بن أبي فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ عرف فِيهِ الْمَوْت، قَالَ: قد كنت أَنهَاك عَن حب يهود. قَالَ: فقد أبْغضهُم أسعد بن زُرَارَة فَمه. فَلَمَّا مَاتَ أَتَاهُ ابْنه فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن عبد الله بن أبي قد مَاتَ، فَأعْطِنِي قَمِيصك أكَفنهُ فِيهِ. فَنزع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَمِيصه فَأعْطَاهُ إِيَّاه ".
بَاب مَا يَقُول من دخل على مَرِيض
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن يزِيد بن أبي خَالِد قَالَ: سَمِعت الْمنْهَال بن عَمْرو، يحدث عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " مَا من عبد مُسلم يعود مَرِيضا لم يحضر أَجله يَقُول سبع مَرَّات: أسأَل الله الْعَظِيم رب الْعَرْش الْعَظِيم أَن يشفيك. إِلَّا عوفي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث الْمنْهَال ابْن عَمْرو.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا وهب بن بَيَان، ثَنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو بن(3/23)
الْحَارِث، عَن عبد ربه بن سعيد، حَدثنِي الْمنْهَال بن عَمْرو (وَمرَّة) سعيد بن جُبَير، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا عَاد مَرِيضا جلس عِنْد رَأسه، ثمَّ قَالَ سبع مَرَّات: أسأَل الله الْعَظِيم رب الْعَرْش الْعَظِيم أَن يشفيك. فَإِن كَانَ فِي أَجله تَأْخِير عوفي من وَجَعه ذَلِك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَتَى مَرِيضا أَو أُتِي بِهِ قَالَ: أذهب الْبَأْس رب النَّاس، اشف أَنْت الشافي لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك، شِفَاء لَا يُغَادر سقماً ".
بَاب وضع الْيَد على الْمَرِيض
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم، أَنا الجعيد، عَن عَائِشَة بنت سعد، أَن أَبَاهَا قَالَ: " تشكيت بِمَكَّة شكوى شَدِيدَة فَجَاءَنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودنِي، فَقلت: يَا نَبِي الله، إِنِّي أترك مَالا وَإِنِّي لَا أترك إِلَّا ابْنة وَاحِدَة، فأوصي بِثُلثي مَالِي وأترك الثُّلُث؟ قَالَ: لَا. قلت: فأوصي بِالنِّصْفِ وأترك النّصْف؟ قَالَ: لَا. قلت: فأوصي بِالثُّلثِ، وأترك لَهَا الثُّلثَيْنِ؟ قَالَ: الثُّلُث، وَالثلث كثير. ثمَّ وضع يَده على جَبهته، ثمَّ مسح [يَده على] وَجْهي وبطني، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشف سَعْدا، وأتمم لَهُ هجرته. فَمَا زلت أجد برده على كَبِدِي - فِيمَا يخال إِلَيّ - حَتَّى السَّاعَة ".
تمّ كتاب الْأَمْرَاض والعيادة. وَالْحَمْد لله. يتلوه كتاب الطِّبّ - إِن شَاءَ الله(3/24)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
اللَّهُمَّ صل على نبيك الْكَرِيم
كتاب الطِّبّ
بَاب لكل دَاء دَوَاء
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، ثَنَا عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن، ثَنَا عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا أنزل الله دَاء إِلَّا أنزل لَهُ شِفَاء ".
أَبُو أَحْمد الزبيرِي اسْمه مُحَمَّد بن عبد الله بن الزبيرِي الْأَسدي مولى لَهُم روى عَنهُ: أَحْمد بن حَنْبَل، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَغَيرهمَا، وَهُوَ ثِقَة حَافظ.
أَبُو دَاوُد: ثَنَا حَفْص بن عمر النمري، ثَنَا شُعْبَة، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن أُسَامَة بن شريك قَالَ: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه كَأَنَّمَا على رُءُوسهم الطير، فَسلمت ثمَّ قعدت، فَجَاءَت الْأَعْرَاب من هَا هُنَا وَهَا هُنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، نتداوى؟ قَالَ: تداووا؛ فَإِن الله لم يضع دَاء إِلَّا وضع لَهُ دَوَاء، غير دَاء وَاحِد الْهَرم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن أُسَامَة بن شريك قَالَ: " شهِدت الْأَعْرَاب يسْأَلُون رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: علينا حرج فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عباد الله، وضع الله الْحَرج، إِلَّا من اقْترض من عرض أَخِيه شَيْئا، فَذَلِك الَّذِي حرج، تداووا عباد الله؛ فَإِن الله لم يضع دَاء إِلَّا(3/25)
وضع مَعَه شِفَاء إِلَّا الْهَرم. قَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا خير مَا أعطي العَبْد؟ قَالَ: حسن الْخلق ".
وَمن طَرِيق سُفْيَان، ثَنَا عَطاء بن السَّائِب - وَكُنَّا لقيناه بِمَكَّة - قَالَ: " دخلت على أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أعوده، فَأَرَادَ غُلَام لَهُ أَن يداويه فنهيته، فَقَالَ: دَعه فَإِنِّي سَمِعت عبد الله بن مَسْعُود، يخبر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: مَا أنزل الله - تبَارك وَتَعَالَى - دَاء إِلَّا أنزل لَهُ دَوَاء - وَرُبمَا قَالَ سُفْيَان: شِفَاء - علمه من علمه، وجهله من جَهله ".
وروى مُسلم: من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لكل دَاء دَوَاء، فَإِذا أُصِيب دَوَاء الدَّاء برأَ بِإِذن الله ".
بَاب فِي الحمية
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْقَرَوِي، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن عمَارَة بن غزيَّة، عَن عَاصِم بن عمر بن دارة، عَن مَحْمُود بن لبيد، عَن قَتَادَة بن النُّعْمَان أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أحب الله عبدا حماه الدُّنْيَا كَمَا يظل أحدكُم يحمي سقيمة المَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب وَفِي الْبَاب عَن صُهَيْب، وَأم الْمُنْذر، وَقَتَادَة بن النُّعْمَان هُوَ الظفري أَخُو أبي سعيد الْخُدْرِيّ لأمه، وَقد رُوِيَ عَن مَحْمُود بن لبيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
بَاب مَا جَاءَ فِي إِكْرَاه الْمَرِيض على الطَّعَام
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا بكر بن يُونُس بن بكير، عَن مُوسَى بن(3/26)
عَليّ، عَن أَبِيه، عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تكْرهُوا مرضاكم على الطَّعَام؛ فَإِن الله يُطعمهُمْ ويسقيهم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
بَاب معالجة الْحمى
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن مثنى، قَالَا: ثَنَا يحيى - وَهُوَ ابْن سعيد - عَن عبيد الله، أَخْبرنِي نَافِع، عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن مثنى وَمُحَمّد بن حَاتِم وَأَبُو بكر بن نَافِع، قَالُوا: ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن سُفْيَان، عَن أَبِيه، عَن عَبَايَة بن رِفَاعَة، حَدثنِي رَافع بن خديج قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْحمى من فَور جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُم بِالْمَاءِ " وَلم يذكر [أَبُو بكر] : " عَنْكُم " وَقَالَ: أَخْبرنِي رَافع بن خديج.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن هِشَام، عَن فَاطِمَة، عَن أَسمَاء " أَنَّهَا [كَانَت] تُؤْتى بِالْمَرْأَةِ الموعوكة، فتدعو بِالْمَاءِ(3/27)
فتصبه فِي [جيبها] وَتقول: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أبردوها بِالْمَاءِ. وَقَالَ: إِنَّهَا من فيح جَهَنَّم ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، ثَنَا ابْن أبي عَائِشَة، ثَنَا حَمَّاد، عَن حميد، عَن أنس - قَالَ ابْن أبي عَائِشَة: هَكَذَا علقته أَنا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حم أحدكُم فليشن عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد من السحر ثَلَاثًا ".
ابْن أبي عَائِشَة هُوَ عبيد الله بن مُحَمَّد بن أبي عَائِشَة ثِقَة مَشْهُور، وَحَمَّاد هُوَ ابْن سَلمَة ثِقَة مَشْهُور.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد وَعلي بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد ابْن الْورْد، قَالُوا: ثَنَا عَفَّان بن مُسلم، ثَنَا همام بن يحيى، ثَنَا أَبُو جَمْرَة قَالَ: " كنت أدفَع الزحام عَن ابْن عَبَّاس، فاحتبست عَلَيْهِ أَيَّامًا فَقَالَ لي: مَا حَبسك؟ قلت: الْحمى. قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الْحمى من فيح جَهَنَّم فَأَبْرِدُوهَا بِمَاء زَمْزَم ".
بَاب معالجة من اسْتطْلقَ بَطْنه
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن أخي اسْتطْلقَ بَطْنه فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْقِهِ عسلا. فَسَقَاهُ ثمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي سقيته وَلم يَزْدَدْ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ لَهُ ثَلَاث مَرَّات. ثمَّ جَاءَ الرَّابِعَة فَقَالَ: اسْقِهِ عسلا. فَقَالَ: لقد(3/28)
سقيته فَلم يَزْدَدْ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صدق الله، وَكذب بطن أَخِيك، اسْقِهِ عسلاً. فَسَقَاهُ فبرأ ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْحبَّة السَّوْدَاء
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رمح بن المُهَاجر، أَنا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَسَعِيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهما أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن فِي الْحبَّة السَّوْدَاء شِفَاء من كل دَاء إِلَّا السام، والسام: الْمَوْت ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عَلَيْكُم بِهَذِهِ الْحبَّة السَّوْدَاء؛ فَإِن فِيهَا شِفَاء من كل دَاء إِلَّا السام، والسام: الْمَوْت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا جَاءَ فِي الكمء
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ سَمِعت عَمْرو بن [حُرَيْث] قَالَ: سَمِعت سعيد بن زيد يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الكمأة من الْمَنّ الَّذِي أنزلهُ الله على بني إِسْرَائِيل، وماؤها شِفَاء للعين ".(3/29)
بَاب مَا جَاءَ فِي التلبينة
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل - هُوَ ابْن خَالِد - عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنَّهَا كَانَت إِذا مَاتَ الْمَيِّت من أَهلهَا، فَاجْتمع لذَلِك النِّسَاء، ثمَّ تفرقن إِلَّا أَهلهَا وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت، ثمَّ صنع ثريد، فصبت التلبينة عَلَيْهَا، ثمَّ قَالَت: كلن مِنْهَا؛ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: التلبينة مجمة لفؤاد الْمَرِيض تذْهب بعض الْحزن ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، أَنا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا مُحَمَّد بن السَّائِب بن بركَة، عَن أمه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَخذ أَهله الوعك أَمر بالحساء فَوضع، ثمَّ أَمرهم فحسوا مِنْهُ، وَكَانَ يَقُول: إِنَّه (ليرتو) فؤاد الحزين، ويسرو عَن فؤاد السقيم، كَمَا تسرو إحداكن الْوَسخ بِالْمَاءِ عَن وَجههَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام.
حَدثنَا بِهِ الْحسن بن مُحَمَّد قَالَ: ثَنَا بِهِ أَبُو إِسْحَاق الطَّالقَانِي، عَن ابْن الْمُبَارك.
بَاب فِي الْعَسَل
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن الغسيل، عَن عَاصِم(3/30)
ابْن عمر بن قَتَادَة، سَمِعت جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن كَانَ فِي شَيْء من أدويتكم - أَو يكون فِي شَيْء من أدويتكم -[خير] فَفِي شرطة محجم، أَو شربة عسل، أَو لذعة بِنَار توَافق الدَّاء، وَمَا أحب أَن أكتوي ".
بَاب اللدود بِالتَّمْرِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا سُفْيَان، عَن ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد، عَن سعد قَالَ: " مَرضت مَرضا أَتَانِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودنِي، فَوضع يَده بَين ثديي حَتَّى وجدت بردهَا على فُؤَادِي فَقَالَ: إِنَّك رجل مفئود، ائْتِ الْحَارِث بن كلدة أَخا ثَقِيف؛ فَإِنَّهُ رجل يتطبب فليأخذ سبع تمرات من عَجْوَة الْمَدِينَة فليجأهن بنواهن ثمَّ ليلدك بِهن ".
بَاب مَا يفعل بِصَاحِب ذَات الْجنب
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن سُفْيَان حَدثنِي مُوسَى بن أبي عَائِشَة، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن عَائِشَة قَالَت: " لددنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَرضه، فَأَشَارَ أَلا تلدوني، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَة الْمَرِيض للدواء. فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: لَا يبْقى أحد إِلَّا لد غير الْعَبَّاس؛ فَإِنَّهُ لم يشهدكم ".
روى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث قَالَ: ثَنَا بكير بن قُتَيْبَة، ثَنَا الْحُسَيْن ابْن مهْدي.
قَالَ: وثنا عبيد بن رجال، ثَنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر،(3/31)
عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، عَن أَسمَاء ابْنة عُمَيْس قَالَت: " إِن أول مَا اشْتَكَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيت مَيْمُونَة اشْتَدَّ مَرضه، حَتَّى أُغمي عَلَيْهِ قَالَت: فتشاور نساؤه فِي لده فلدوه، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: مَا هَذَا فعل نسَاء يجئن من هَا هُنَا - وَأَشَارَ إِلَى أَرض الْحَبَشَة - وَكَانَت أَسمَاء فِيهِنَّ فَقَالُوا: كُنَّا نتهم بك ذَات الْجنب يَا رَسُول الله. قَالَ: إِن ذَلِك دَاء مَا كَانَ الله - عز وَجل - ليعذبني بِهِ، لَا يبْقين فِي الْبَيْت أحد إِلَّا لد إِلَّا عَم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي عباساً - قَالَت: فَلَقَد التدت مَيْمُونَة وَإِنَّهَا لصائمة؛ لعزيمة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، قَالَ الزُّهْرِيّ: أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله، عَن أم قيس قَالَت: " دخلت بِابْن لي عَليّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقد أعلقت عَلَيْهِ من الْعذرَة، فَقَالَ: علام تدغرن أَوْلَادكُنَّ بِهَذَا العلاق؟ ! عليكن بِهَذَا الْعود الْهِنْدِيّ، فَإِن فِيهِ سَبْعَة أشفية، مِنْهَا ذَات الْجنب، ويسعط من الْعذرَة، ويلد من ذَات الْجنب ... . " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا رَجَاء بن مُحَمَّد العذري الْبَصْرِيّ، ثَنَا عَمْرو بن مُحَمَّد ابْن أبي رزين، ثَنَا شُعْبَة، عَن خَالِد الْحذاء، أَنا مَيْمُون أَبُو عبد الله قَالَ: سَمِعت زيد بن أَرقم قَالَ: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نتداوى من ذَات الْجنب بِالْقِسْطِ البحري وَالزَّيْت ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن غَرِيب) .
وَذَات الْجنب يَعْنِي: السل.(3/32)
وَقَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة - عَن أبي عبد الله، عَن زيد بن أَرقم " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ ينعَت الزَّيْت والورس من ذَات الْجنب. قَالَ قَتَادَة: يلده، ويلده من الْجَانِب الَّذِي يشتكيه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح) .
بَاب السعوط من الْعذرَة
مُسلم: حَدثنِي أَحْمد بن سعيد بن صَخْر الدَّارمِيّ، ثَنَا حبَان بن هِلَال، ثَنَا وهيب، حَدثنِي عبد الله بن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم وَأعْطى الْحجام أجره، واستعط ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن أم قيس بنة مُحصن - أُخْت عكاشة بن مُحصن - قَالَت: " دخلت بِابْن لي على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يَأْكُل الطَّعَام فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاء فرشه. قَالَت: وَدخلت عَلَيْهِ بِابْن لي قد أعلقت عَلَيْهِ من الْعذرَة، فَقَالَ: علام تدغرن أَوْلَادكُنَّ بِهَذَا العلاق؟ ! عليكن بِهَذَا الْعود الْهِنْدِيّ؛ فَإِن فِيهِ سَبْعَة أشفية، مِنْهَا ذَات الْجنب، يسعط من الْعذرَة، ويلد من ذَات الْجنب ".
وللبخاري فِي بعض أَلْفَاظه بِهَذَا الحَدِيث: " اتَّقوا الله، علام تدغرن أَوْلَادكُنَّ ".(3/33)
بَاب مَا جَاءَ فِي الْعود الْهِنْدِيّ
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله، أَن أم قيس أخْبرته، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عَلَيْكُم بِهَذَا الْعود الْهِنْدِيّ؛ فَإِن فِيهِ سَبْعَة أشفية، مِنْهَا ذَات الْجنب. يُرِيد الكست، وَهُوَ الْعود الْهِنْدِيّ ".
بَاب مَا جَاءَ فِي التَّدَاوِي بِالْخمرِ والمحرمات
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن عَلْقَمَة بن وَائِل ابْن حجر، عَن أَبِيه وَائِل بن حجر الْحَضْرَمِيّ " أَن طَارق بن سُوَيْد الْجعْفِيّ سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخمر فَنَهَاهُ أَو كره أَن يصنعها. فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا أصنعها للدواء. فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ بدواء، وَلكنه دَاء ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن مُجَاهِد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الدَّوَاء الْخَبيث ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبَادَة الوَاسِطِيّ، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن ثَعْلَبَة بن مُسلم، عَن أبي عمرَان الْأنْصَارِيّ، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله - عز وَجل - أنزل الدَّاء والدواء، وَجعل لكل دَاء دَوَاء، [فَتَدَاوَوْا] وَلَا تداووا بِحرَام ".
أَبُو عمرَان اسْمه سُلَيْمَان بن عبد الله.(3/34)
بَاب التَّدَاوِي بأبوال الْإِبِل
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ ثَنَا يحيى بن أبي كثير، حَدثنِي أَبُو قلَابَة الْجرْمِي، عَن أنس قَالَ: " قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نفر من عكل فأسلموا، فاجتووا الْمَدِينَة، فَأَمرهمْ أَن يَأْتُوا إبل الصَّدَقَة فيشربوا من أبوالها وَأَلْبَانهَا، فَفَعَلُوا فصحوا، فَارْتَدُّوا، وَقتلُوا رعاتها، وَاسْتَاقُوا [الْإِبِل] ، فَبعث فِي آثَارهم فَأتي بهم، فَقطع أَيْديهم وأرجلهم، وسمل أَعينهم، ثمَّ لم يحسمهم حَتَّى مَاتُوا ".
بَاب مَا جَاءَ أَن فِي الْعَجْوَة شِفَاء من السم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا [أَبُو] عُبَيْدَة أَحْمد بن عبد الله الْهَمدَانِي - وَهُوَ ابْن أبي السّفر - ومحمود بن غيلَان قَالَا: ثَنَا سعيد بن عَامر، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعَجْوَة من الْجنَّة، وفيهَا شِفَاء من السم، والكمأة من الْمَنّ، وماؤها شِفَاء للعين ".
قَالَ: هَذَا الحَدِيث حسن غَرِيب، تفرد بِهِ سعيد بن عَامر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ، ثَنَا مَرْوَان، أخبرنَا هَاشم، أَنا عَامر بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اصطبح كل يَوْم بتمرات عَجْوَة لم يضرّهُ سم وَلَا سحر ذَلِك الْيَوْم إِلَى اللَّيْل ".(3/35)
حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا أَبُو أُسَامَة، ثَنَا هَاشم بِإِسْنَادِهِ الأول وَحَدِيثه وَقَالَ: " سبع تمرات " وَلم يقل: " إِلَى اللَّيْل ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَيحيى بن أَيُّوب وَابْن حجر، قَالَ: يحيى أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن شريك - وَهُوَ ابْن أبي نمر - عَن عبد الله بن أبي عَتيق، عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[قَالَ] : " إِن فِي عَجْوَة الْعَالِيَة شِفَاء - أَو إِنَّهَا ترياق - فِي أول البكرة ".
بَاب
البُخَارِيّ: حَدثنَا بشر بن مُحَمَّد، أَنا عبد الله، أَنا معمر وَيُونُس، قَالَا: أخبرنَا الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله بن [عتبَة] أَن عَائِشَة قَالَت: " لما ثقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعه قَالَ: أهريقوا عَليّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعَلي أَعهد إِلَى النَّاس. وأجلس فِي مخضب لحفصة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ طفقنا نصب عَلَيْهِ، حَتَّى طفق يُشِير إِلَيْنَا أَن قد فعلتن، ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة ".
بَاب فِي الْحجامَة
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وَأَبُو الطَّاهِر، قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو، أَن بكيراً حَدثهُ، أَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة حَدثهُ " أَن جَابر بن عبد الله عَاد الْمقنع، ثمَّ قَالَ: لَا أَبْرَح حَتَّى تحتجم؛ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(3/36)
يَقُول: إِن فِيهِ شِفَاء ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن كَانَ فِي شَيْء مِمَّا تداويتم بِهِ خير فالحجامة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا النَّضر بن شُمَيْل، ثَنَا عباد بن مَنْصُور، سَمِعت عِكْرِمَة يَقُول: " كَانَ لِابْنِ عَبَّاس غلمة ثَلَاثَة حجامون، فَكَانَ اثْنَان مِنْهُم يغلان عَلَيْهِ وعَلى أَهله، وَوَاحِد يحجمه ويحجم أَهله، قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم العَبْد الْحجام، يذهب بِالدَّمِ، ويخف الصلب، ويجلو عَن الْبَصَر. وَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ عرج بِهِ مَا مر على مَلأ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: عَلَيْك بالحجامة. وَقَالَ: إِن خير مَا تحتجمون فِيهِ: يَوْم سبع عشرَة، وَيَوْم تسع عشرَة، وَيَوْم إِحْدَى وَعشْرين. وَقَالَ: إِن خير مَا تداويتم بِهِ: السعوط، واللدود، والحجامة، وَالْمَشْي. وَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لده الْعَبَّاس وَأَصْحَابه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من لدني؟ فكلهم أَمْسكُوا، فَقَالَ: لَا يبْقى أحد [مِمَّن] فِي الْبَيْت إِلَّا لد غير الْعَبَّاس ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عباد بن مَنْصُور.
بَاب الْأَيَّام الَّتِي يسْتَحبّ فِيهَا الْحجامَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الرّبيع بن نَافِع، ثَنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من احْتجم لسبع(3/37)
عشرَة وتسع عشرَة وَإِحْدَى وَعشْرين كَانَ شِفَاء من كل دَاء ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد القدوس بن مُحَمَّد، ثَنَا عَمْرو بن عَاصِم، ثَنَا همام وَجَرِير بن حَازِم، قَالَا: ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحتجم فِي الأخدعين والكاهل، وَكَانَ يحتجم لسبع عشرَة وتسع عشرَة وَإِحْدَى وَعشْرين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
وَعبد القدوس هُوَ أَبُو بكر الْعَطَّار، ثِقَة مَشْهُور.
بَاب الحجم وسط الرَّأْس
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا الْمُعَلَّى بن مَنْصُور، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن ابْن بُحَيْنَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم بطرِيق مَكَّة وَهُوَ محرم وسط رَأسه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن هِشَام، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " احْتجم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ محرم فِي رَأسه من وجع كَانَ بِهِ، بِمَاء يُقَال لَهُ: لحي جمل ".
بَاب الحجم على ظهر الْقدَم
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم وَهُوَ محرم على ظهر الْقدَم، من(3/38)
[وثء] كَانَ بِهِ ".
بَاب مَا يمسك دم الْجراحَة
مُسلم: حَدثنَا (أَبُو بكر بن أبي شيبَة) ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، أَنه سمع سهل بن سعد السَّاعِدِيّ يسْأَل عَن جرح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " جرح رَسُول الله، وَكسرت رباعيته، وهشمت الْبَيْضَة على رَأسه، فَكَانَت فَاطِمَة ابْنة رَسُول الله تغسل الدَّم، وَكَانَ عَليّ بن أبي طَالب يسْكب عَلَيْهَا بالمجن، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَة أَن المَاء لَا يزِيد الدَّم إِلَّا كَثْرَة، أخذت قِطْعَة حَصِير فَأَحْرَقتهُ حَتَّى صَار رَمَادا، ثمَّ أَلْصَقته بِالْجرْحِ فَاسْتَمْسك الدَّم ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَشْي
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَدُّوَيْهِ، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن حَمَّاد (الشعيثي) ثَنَا عباد بن مَنْصُور، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن خير مَا تداويتم بِهِ السعوط واللدود والحجامة وَالْمَشْي. فَلَمَّا اشْتَكَى رَسُول(3/39)
الله لده أَصْحَابه، فَلَمَّا فرغوا قَالَ: لدوهم. فلدوا كلهم غير الْعَبَّاس ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن بكر، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، حَدثنِي عتبَة بن عبد الله، عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَهَا بِمَ تستمشين؟ قَالَت: بالشبرم. قَالَ: حَار جَار. قَالَت: ثمَّ استمشيت بالسنا. فَقَالَ
النَّبِي
لَو أَن شَيْئا كَانَ شِفَاء من الْمَوْت، لَكَانَ فِي السنا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، يَعْنِي دَوَاء الْمَشْي.
بَاب مَا يداوى بِهِ عرق النسا
الْبَزَّار: حَدثنَا مُسلم بن جُنَادَة بن سلم، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام بن حسان، عَن أنس بن سِيرِين، عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن نعت من عرق النسا ألية كَبْش عَرَبِيّ، لَيست لصغيرة وَلَا كَبِيرَة، تذاب وتجزأ ثَلَاثَة أَجزَاء، ويسقى مِنْهُ كل يَوْم جُزْء. قَالَ أنس بن سِيرِين: نعت بذلك لجَماعَة كَبِيرَة فبرئوا بِإِذن الله ".
رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده عَن أبي أُسَامَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " فيقطعها صغَارًا ثمَّ يجزئها ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الأكحال
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر - هُوَ ابْن مُعَاوِيَة - ثَنَا عبد الله ابْن عُثْمَان بن خثيم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ -(3/40)
قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " البسوا من ثيابكم الْبيَاض؛ فَإِنَّهَا من خير ثيابكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم، وَإِن خير أكحالكم الإثمد، يجلو الْبَصَر، وينبت الشّعْر ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا عباد بن مَنْصُور، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن خير مَا تداويتم بِهِ اللدود، والسعوط، والحجامة، وَالْمَشْي، وَخير مَا اكتحلتم بِهِ الإثمد؛ يجلو الْبَصَر، وينبت الشّعْر. وَكَانَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مكحلة يكتحل بهَا عِنْد النّوم ثَلَاثًا فِي كل عين ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَهُوَ حَدِيث عباد بن مَنْصُور.
وَقَالَ فِي كتاب " الْعِلَل ": سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: هُوَ حَدِيث مَحْفُوظ، وَعباد بن مَنْصُور صَدُوق.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي الْوَلِيد الفحام، ثَنَا الوضاح بن يحيى، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن عَاصِم، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكتحل وترا ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا أَبُو الْأَحْوَص، عَن عَاصِم.
الوضاح شيخ صَدُوق، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه، وَلم يذكرهُ أَبُو بكر الْبَزَّار.
بَاب مَا جَاءَ فِي الكي
مُسلم: حَدثنِي بشر بن خَالِد، أَنا مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، قَالَ:(3/41)
سَمِعت سُلَيْمَان، قَالَ: سَمِعت أَبَا سُفْيَان، قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله قَالَ: " رمي أبي يَوْم الْأَحْزَاب على أكحله قَالَ: فكواه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
وروى الْأَعْمَش أَيْضا عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أبي بن كَعْب طيبا، فَقطع مِنْهُ عرقاً ثمَّ كواه عَلَيْهِ ".
خرجه مُسلم عَن يحيى بن يحيى، عَن أبي مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كوى أسعد بن زُرَارَة من الشَّوْكَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، أَنا سُرَيج بن يُونُس أَبُو الْحَارِث ثَنَا مَرْوَان بن شُجَاع، عَن سَالم الْأَفْطَس، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الشِّفَاء فِي ثَلَاثَة: شرطة محجم، أَو شربة عسل [أَو] كَيَّة بِنَار، وَأَنا أنهى أمتِي عَن الكي ".
مُسلم: ثَنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، حَدثنِي أبي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان عَن عَاصِم بن عمر [بن] قَتَادَة قَالَ: " جَاءَنَا جَابر بن عبد الله فِي أهلنا وَرجل يشتكي خراجاً بِهِ - أَو جرحا - فَقَالَ: مَا تَشْتَكِي؟ قَالَ: خراج لي قد(3/42)
شقّ عَليّ. قَالَ: يَا غُلَام، ائْتِنِي بحجام. فَقَالَ لَهُ: مَا تصنع بالحجام يَا أَبَا عبد الله؟ قَالَ: أُرِيد أَن أعلق فِيهِ محجماً. قَالَ: وَالله، إِن الذُّبَاب ليصيبني أَو يُصِيبنِي الثَّوْب فيؤذيني ويشق عَليّ. فَلَمَّا رأى تبرمه من ذَلِك، قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن كَانَ فِي شَيْء من أدويتكم خير، فَفِي شرطة محجم، أَو شربة عسل، أَو لذعة بِنَار. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَمَا أحب أَن أكتوي. قَالَ: فجَاء حجام فشرطه، فَذهب عَنهُ مَا يجد ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، أَنا سُرَيج بن يُونُس أَبُو الْحَارِث، ثَنَا مَرْوَان بن شُجَاع، عَن سَالم الْأَفْطَس، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الشِّفَاء فِي ثَلَاثَة: فِي شرطة محجم، أَو شربة عسل، [أَو] كَيَّة بِنَار، وَأَنا أنهى أمتِي عَن الكي ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن عقار بن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اكتوى أَو استرقى فقد برِئ من التَّوَكُّل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَعمْرَان بن حُصَيْن، وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وروى جرير، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد قَالَ: ثَنَا الْعقار بن الْمُغيرَة، عَن أَبِيه حَدِيثا فَلم أحفظه، فَمَكثت بعد ذَلِك فَأمرت حسان بن أبي وجزة أَن يسْأَله، فَأَخْبرنِي أَنه سَأَلَهُ فَقَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا توكل من(3/43)
استرقى أَو اكتوى ".
رَوَاهُ أَبُو عمر فِي " التَّمْهِيد " عَن عبد الْوَارِث، عَن الْقَاسِم، عَن الْحسن ابْن سَلام، عَن زُهَيْر بن حَرْب، عَن جرير.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن خلف الْبَاهِلِيّ، ثَنَا الْمُعْتَمِر، عَن هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: حَدثنِي عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يدْخل الْجنَّة من أمتِي سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب. قَالُوا: وَمن هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: هم الَّذين لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يسْتَرقونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ. فَقَامَ عكاشة فَقَالَ: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: أَنْت مِنْهُم. فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: سَبَقَك بهَا عكاشة ".
بَاب فِي قطع الْجِرَاحَات
مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو الزبير، عَن جَابر قَالَ: " رمي سعد بن معَاذ فِي أكحله، فحسمه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ بمشقص، ثمَّ ورمت فحسمها الثَّانِيَة ".
أَبُو الزبير اسْمه مُحَمَّد بن مُسلم بن تدرس ".(3/44)
أَبْوَاب الرقى
بَاب الرّقية من الْعين
والتعوذ مِنْهُ والاغتسال لَهُ وَمَا جَاءَ فِيهِ
مُسلم: حَدثنِي عقبَة بن مكرم الْعمي، ثَنَا أَبُو عَاصِم، عَن ابْن جريج، وَأَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لآل حزم فِي رقية الْحَيَّة، [و] قَالَ لأسماء ابْنة عُمَيْس: مَا لي أرى أجسام بني أخي ضارعة، تصيبهم الْحَاجة؟ قَالَت: لَا، وَلَكِن الْعين تسرع إِلَيْهِم. قَالَ: ارقيهم. فعرضت عَلَيْهِ، فَقَالَ: ارقيهم ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن دَاوُد، حَدثنِي مُحَمَّد بن حَرْب، ثَنَا مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن زَيْنَب ابْنة أم سَلمَة، عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن رَسُول الله قَالَ لجارية فِي بَيت أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى بوجهها سفعة فَقَالَ: بهَا نظرة، فاسترقوا لَهَا. يَعْنِي: بوجهها صفرَة ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا حسن - وَهُوَ ابْن صَالح.
وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى بن آدم، عَن سُفْيَان، كِلَاهُمَا عَن عَاصِم، عَن يُوسُف بن عبد الله، عَن أنس قَالَ: " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الرّقية من الْعين والحمة والنملة ".(3/45)
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد وَإِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، جَمِيعًا قَالَا: ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان الوَاسِطِيّ، ثَنَا عباد بن الْعَوام، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ من عين الجان وَعين الْإِنْسَان، فَلَمَّا نزلت المعوذتان أخذهما وَترك مَا سوى ذَلِك ".
مَالك: عَن ابْن شهَاب، عَن أبي أُمَامَة أَنه قَالَ: " رأى عَامر بن ربيعَة سهل بن حنيف يغْتَسل فَقَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جلد مخبأة. فلبط سهل، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقيل: يَا رَسُول الله، هَل لَك فِي سهل بن حنيف، وَالله مَا يرفع رَأسه. فَقَالَ: هَل تتهمون لَهُ أحدا؟ قَالُوا: نتهم عَامر بن ربيعَة. قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامِرًا، فتغيظ عَلَيْهِ وَقَالَ: علام يقتل أحدكُم أَخَاهُ؟ أَلا بَركت، اغْتسل لَهُ. فَغسل عَامر وَجهه وَيَديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجلَيْهِ وداخلة إزَاره فِي قدح، ثمَّ صب عَلَيْهِ، فراح سهل مَعَ النَّاس لَيْسَ بِهِ بَأْس ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ وحجاج بن الشَّاعِر وَأحمد بن خرَاش، قَالَ عبد الله: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا وهيب، عَن ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْعين حق، وَلَو كَانَ شَيْء سَابق الْقدر سبقته الْعين، وَإِذا استغسلتم فَاغْسِلُوا ".
وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: عَن طَالب بن حبيب، عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جلّ من يَمُوت من أمتِي بعد قَضَاء الله وَقدره وَكتابه بالأنفس يَعْنِي: بِالْعينِ ".(3/46)
طَالب بن حبيب هُوَ ابْن الضجيع كَانَ جده ضجيع حَمْزَة، روى عَنهُ مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، زَاد ابْن أبي حَاتِم: وروى عَنهُ يُونُس بن مُحَمَّد الْمُؤَدب.
وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن جَابر.
بَاب الرّقية من النملة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا يحيى بن آدم وَأَبُو نعيم، قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن يُوسُف بن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أنس ابْن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رخص فِي الرّقية من الْحمة والنملة ".
رَوَاهُ مُعَاوِيَة بن هِشَام، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن أنس.
قَالَ أَبُو عِيسَى فِي حَدِيث عَاصِم عَن يُوسُف: هَذَا عِنْدِي أصح من حَدِيث مُعَاوِيَة عَن سُفْيَان.
بَاب الرّقية من الْحمة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن أَبِيه قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة عَن الرّقية فَقَالَت: رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأهل بَيت من الْأَنْصَار فِي الرّقية من كل ذِي حمة ".(3/47)
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " أرخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رقية الْحمة لبني [عَمْرو] ".
قَالَ أَبُو الزبير: وَسمعت جَابر بن عبد الله يَقُول: " لدغت رجلا منا عقرب وَنحن جُلُوس مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أرقي؟ قَالَ: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فَلْيفْعَل ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الرقى، فجَاء آل عَمْرو بن حزم إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّه كَانَت عندنَا رقية نرقي بهَا من الْعَقْرَب، وَإنَّك نهيت عَن الرقى. قَالَ: فعرضوها عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا أرى بَأْسا؛ من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فلينفعه ".
بَاب الرّقية من الدَّم
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، ثَنَا شريك.
وثنا الْعَبَّاس الْعَنْبَري، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا شريك، عَن الْعَبَّاس بن ذريح، عَن الشّعبِيّ، قَالَ الْعَبَّاس: عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا رقية إِلَّا من عين أَو حمة أَو دم (لَا) يرقأ ".
لم يذكر الْعَبَّاس " الْعين "، وَهَذَا لفظ سُلَيْمَان بن دَاوُد.(3/48)
بَاب مَا جَاءَ فِي رقى الْجَاهِلِيَّة
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير، عَن أَبِيه، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: " كُنَّا نرقي فِي الْجَاهِلِيَّة فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، كَيفَ ترى فِي ذَلِك؟ فَقَالَ: اعرضوا عَليّ رقاكم، لَا بَأْس بالرقى مَا لم يكن فِيهِ شرك ".
بَاب فِي الرقى والتعوذ بِكِتَاب الله
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، أَنا هشيم، عَن أبي بشر، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: " أَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانُوا فِي سفر، فَمروا بحي من أَحيَاء الْعَرَب فاستضافوهم، فَلم يضيفوهم، فَقَالُوا لَهُم: هَل فِيكُم راق؟ فَإِن سيد الْحَيّ لديغ أَو مصاب، فَقَالَ رجل مِنْهُم: نعم، فَأَتَاهُ فرقاه بِفَاتِحَة الْكتاب فبرأ الرجل، فَأعْطِي قطيعاً من الْغنم، فَأبى أَن يقبلهَا وَقَالَ: حَتَّى أذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، وَالله مَا رقيت إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب. فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رقية؟ ثمَّ قَالَ: خُذُوا مِنْهُم واضربوا لي سهمي مَعكُمْ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد: " أَن رهطاً من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْطَلقُوا فِي سفرة سافروها، حَتَّى نزلُوا بحي من أَحيَاء الْعَرَب، فاستضافوهم، فَأَبَوا أَن يضيفوهم، فلدغ سيد ذَلِك الْحَيّ، فسعوا لَهُ بِكُل شَيْء لَا يَنْفَعهُ شَيْء، فَقَالَ بَعضهم: لَو أتيتم هَؤُلَاءِ الرَّهْط الَّذين قد نزلُوا بكم لَعَلَّه أَن يكون عِنْدهم بعض(3/49)
شَيْء. فأتوهم فَقَالُوا: يَا أَيهَا الرَّهْط، إِن سيدنَا لدغ فسعينا لَهُ بِكُل شَيْء لَا يَنْفَعهُ شَيْء، فَهَل عِنْد أحد مِنْكُم شَيْء؟ فَقَالَ بَعضهم: نعم - وَالله - إِنِّي لراق، وَلَكِن وَالله لقد أستضفناكم فَلم تضيفونا، فَمَا أَنا براق لكم حَتَّى تجْعَلُوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الْغنم، فَانْطَلق فَجعل يتفل وَيَقُول: الْحَمد لله، حَتَّى لكَأَنَّمَا نشط من عقال، فَانْطَلق يمشي مَا بِهِ قلبة، قَالَ: فأوفوهم جعلهم الَّذِي صالحوهم عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعضهم: اقسموا. فَقَالَ الَّذِي رقى: لَا تَفْعَلُونَ حَتَّى تَأْتُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَنَذْكُر لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُر مَا يَأْمُرنَا بِهِ. فقدموا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرُوا لَهُ فَقَالَ: وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية؟ أصبْتُم، اقسموا واضربوا لي مَعكُمْ بِسَهْم ".
وَزَاد البُخَارِيّ فِي مَوضِع آخر فِي الحَدِيث: " فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " ذكره بعد قَوْله: " اضربوا لي مَعكُمْ بِسَهْم "، رَوَاهُ عَن أبي النُّعْمَان، عَن أبي عوَانَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا فِي مَوضِع آخر: " إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا لكتاب الله " وَقد تقدم فِي كتاب الْإِجَارَة.
وروى التِّرْمِذِيّ: هَذَا الحَدِيث عَن هناد، عَن أبي مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن جَعْفَر بن إِيَاس، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد وَقَالَ: " فَقَرَأت الْحَمد عَلَيْهِ سبع مَرَّات ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن(3/50)
مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا أَسِير مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين الْجحْفَة والأبواء، إِذْ غشيتنا ريح وظلمة شَدِيدَة، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ ب " قل أعوذ بِرَبّ الفلق " و " أعوذ بِرَبّ النَّاس " وَيَقُول: يَا عقبَة، تعوذ بهما، فَمَا تعود متعوذ بمثلهما. قَالَ: وسمعته يؤمنا بهما فِي الصَّلَاة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هِشَام بن [يُونُس] الْكُوفِي، ثَنَا الْقَاسِم بن مَالك، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ من الجان وَعين الْإِنْسَان، حَتَّى نزلت المعوذتان فَلَمَّا نزلت أَخذ بهما وَترك مَا سواهُمَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب مَا جَاءَ فِي الرقى والتعوذ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر الْمَكِّيّ، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، عَن يزِيد بن عبد الله - هُوَ ابْن أُسَامَة بن الْهَاد - عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت: " كَانَ إِذا اشْتَكَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رقاه جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ: بِسم الله يبريك، وَمن كل دَاء يشفيك، من شَرّ حَاسِد إِذا حسد، وَمن شَرّ كل ذِي عين ".
مُسلم: حَدثنَا بشر بن هِلَال الصَّواف، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد: " أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا(3/51)
مُحَمَّد اشتكيت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: بِسم الله أرقيك، من كل شَيْء يُؤْذِيك، وَمن شَرّ كل نفس، أَو عين حَاسِد الله يشفيك، بِسم الله أرقيك ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا اشْتَكَى منا إِنْسَان مَسحه بِيَمِينِهِ، ثمَّ قَالَ: أذهب الْبَأْس رب النَّاس، واشف أَنْت الشافي لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك، شِفَاء لَا يُغَادر سقماً. فَلَمَّا مرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَثقل أخذت بِيَدِهِ لأصنع بِهِ نَحْو مَا كَانَ يصنع، فَانْتزع يَده من يَدي وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي، واجعلني مَعَ الرفيق الْأَعْلَى. قَالَت: فَذَهَبت أنظر فَإِذا هُوَ قد قضى ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ لأبي كريب - قَالَا: ثَنَا ابْن نمير، حَدثنَا هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يرقي بِهَذِهِ الرّقية: أذهب الْبَأْس رب النَّاس، بِيَدِك الشِّفَاء، لَا كاشف لَهُ إِلَّا أَنْت ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا اشْتَكَى يقْرَأ على نَفسه بالمعوذات وينفث، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعه كنت أَقرَأ عَلَيْهِ وأمسح عَنهُ بِيَدِهِ رَجَاء بركتها ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَابْن أبي عمر -(3/52)
وَاللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر - قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عبد ربه بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا اشْتَكَى الْإِنْسَان الشَّيْء مِنْهُ أَو كَانَت بِهِ قرحَة أَو جرح - قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإصبعه هَكَذَا - وَوضع سُفْيَان سبابته بِالْأَرْضِ ثمَّ رَفعهَا -: بِسم الله تربة أَرْضنَا بريقة بَعْضنَا يشفى بِهِ سقيمنا بِإِذن رَبنَا ". قَالَ ابْن أبي شيبَة: " يشفى "، وَقَالَ زُهَيْر: " يشفى سقيمنا ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي نَافِع بن جُبَير بن مطعم، عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ: " أَنه اشْتَكَى إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وجعاً يجده فِي جسده مُنْذُ أسلم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ضع يدك على الَّذِي تألم من جسدك وَقل: بِسم الله ثَلَاثًا، وَقل سبع مَرَّات: أعوذ بِاللَّه وَقدرته من شَرّ مَا أجد وأحاذر ".
لِلتِّرْمِذِي: فِي لفظ هَذَا الحَدِيث: " امسحك بيمينك ".
وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا قَالَ: ثَنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد، حَدثنِي أبي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَالم، ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: قَالَ لي: " يَا مُحَمَّد، إِذا اشتكيت فضع يدك حَيْثُ تَشْتَكِي وَقل: بِسم الله، أعوذ بعزة الله وَقدرته من شَرّ مَا أجد من وجعي هَذَا. ثمَّ ارْفَعْ يدك، ثمَّ أعد ذَلِك وترا؛ فَإِن أنس بن مَالك حَدثنِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حدث بذلك ".
وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.(3/53)
وروى أَيْضا قَالَ: ثَنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا عبد الرَّزَّاق ويعلى، عَن سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعوذ الْحسن وَالْحُسَيْن يَقُول: أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان وَهَامة. وَيَقُول: هَكَذَا كَانَ إِبْرَاهِيم يعوذ إِسْحَاق وَإِسْمَاعِيل - عَلَيْهِم السَّلَام ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا جَاءَ فِي الرقى وَفضل من لم يسترق
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن أبي خزامة، عَن أَبِيه قَالَ: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى بِهِ، وتقاة نتقيها، هَل يرد من قدر الله شَيْئا؟ قَالَ: هِيَ من قدر الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، ثَنَا هشيم، أَنا حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: " كنت عِنْد سعيد بن جُبَير فَقَالَ: أَيّكُم رأى الْكَوْكَب الَّذِي انقض البارحة؟ قلت: أَنا. ثمَّ قلت: أما إِنِّي لم أكن فِي صَلَاة، وَلَكِنِّي لدغت. قَالَ: فَمَاذَا صنعت؟ قلت: استرقيت. قَالَ: فَمَا حملك على ذَلِك؟ قلت: حَدِيث حدّثنَاهُ الشّعبِيّ. فَقَالَ: وَمَا حَدثكُمْ الشّعبِيّ؟ قلت: حَدثنَا عَن بُرَيْدَة بن حصيب الْأَسْلَمِيّ أَنه قَالَ: لَا رقية إِلَّا من عين أَو حمة. فَقَالَ: قد أحسن من انْتهى إِلَى مَا يسمع، وَلَكِن ثَنَا ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: عرضت عَليّ الْأُمَم فَرَأَيْت النَّبِي(3/54)
وَمَعَهُ الرَّهْط، وَالنَّبِيّ وَمَعَهُ الرجل وَالرجلَانِ، وَالنَّبِيّ وَلَيْسَ مَعَه أحد، إِذْ رفع لي سَواد عَظِيم فَظَنَنْت أَنهم أمتِي فَقيل لي: هَذَا مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَومه، وَلَكِن انْظُر إِلَى الْأُفق، فَنَظَرت فَإِذا سَواد عَظِيم. [فَقيل لي: انْظُر إِلَى الْأُفق الآخر. فَإِذا سَواد عَظِيم] . فَقيل لي: هَذِه أمتك، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب. ثمَّ نَهَضَ فَدخل منزله، فَخَاضَ النَّاس فِي أُولَئِكَ الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب؛ فَقَالَ بَعضهم: فلعلهم الَّذين صحبوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقَالَ بَعضهم: فلعلهم الَّذين ولدُوا فِي الْإِسْلَام، فَلم بشركوا بِاللَّه. وَذكروا أَشْيَاء، فَخرج عَلَيْهِم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مَا الَّذِي تخوضون فِيهِ؟ فأخبروه فَقَالَ: هم [الَّذين] لَا يرقون وَلَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ. فَقَامَ عكاشة ابْن مُحصن فَقَالَ: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: أَنْت مِنْهُم. ثمَّ قَامَ رجل آخر فَقَالَ: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: سَبَقَك بهَا عكاشة ".
بَاب مَا ذكر من النشرة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا عقيل بن معقل قَالَ: سَمِعت وهب بن مُنَبّه، يحدث عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النشرة فَقَالَ: هِيَ من عمل الشَّيْطَان ".
عقيل: هُوَ ابْن معقل بن مُنَبّه الْيَمَانِيّ، سمع عَمه وهب بن مُنَبّه، قَالَ يحيى ابْن معِين: عقيل بن معقل ثِقَة.
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، ثَنَا مِسْكين بن(3/55)
بكير، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي رَجَاء، عَن الْحسن " عَن أنس - وَسُئِلَ عَن النشرة - فَقَالَ: ذكر لي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: هِيَ من عمل الشَّيْطَان ".
أَبُو رَجَاء اسْمه مُحَمَّد بن يُوسُف، روى عَنهُ شُعْبَة وَيزِيد بن زُرَيْع وَغَيرهمَا.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ: سَمِعت ابْن عُيَيْنَة يَقُول: أول من حَدثنَا بِهِ ابْن جريج يَقُول: حَدثنِي آل عُرْوَة، عَن عُرْوَة، فَسَأَلت هشاماً عَنهُ، فحدثنا عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سحر حَتَّى كَانَ يرى كَأَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاء وَلَا يأتيهن - قَالَ سُفْيَان: وَهَذَا أَشد مَا يكون من السحر إِذا كَانَ كَذَا - فَقَالَ: يَا عَائِشَة، أعلمت أَن الله قد أفتاني فِيمَا استفتيته فِيهِ؟ أَتَانِي رجلَانِ فَقعدَ أَحدهمَا عِنْد رَأْسِي، وَالْآخر عِنْد رجْلي، فَقَالَ الَّذِي عِنْد رَأْسِي للْآخر: مَا بَال الرجل؟ قَالَ: مطبوب. قَالَ: فَمن طبه؟ قَالَ: لبيد بن الأعصم - رجل من بني زُرَيْق حَلِيف ليهود وَكَانَ منافقاً - قَالَ: وفيم؟ قَالَ: فِي مشط و (مشاقة) قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جف طلعة ذكر تَحت رعوفة فِي بِئْر ذروان. [قَالَت] : فَأتى الْبِئْر حَتَّى استخرجه فَقَالَ: هَذِه الْبِئْر الَّتِي أريتها وَكَأن ماءها نقاعة الْحِنَّاء، وَكَأن نخلها رُءُوس الشَّيَاطِين. قَالَ: فاستخرج. قَالَت: فَقلت: أَفلا أَي تنشرت. فَقَالَ: أما الله فقد شفاني فأكره أَن أثير على أحد من النَّاس شرا ".
بَاب فِي السحر
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا ابْن نمير، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " سحر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَهُودِيّ من بني رُزَيْق، يُقَال لَهُ: لبيد بن الأعصم، قَالَت: حَتَّى كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخيل إِلَيْهِ أَنه يفعل الشَّيْء وَمَا يَفْعَله، حَتَّى إِذا كَانَ ذَات يَوْم أَو ذَات لَيْلَة دَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ دَعَا، ثمَّ دَعَا، ثمَّ قَالَ: يَا عَائِشَة،(3/56)
أشعرت أَن الله - تبَارك وَتَعَالَى - أفتاني فِيمَا استفتيته؟ جَاءَنِي رجلَانِ فَقعدَ أَحدهمَا عِنْد رَأْسِي، وَالْآخر عِنْد رجْلي، فَقَالَ الَّذِي عِنْد رَأْسِي للَّذي عِنْد رجْلي - أَو الَّذِي عِنْد رجْلي للَّذي عِنْد رَأْسِي -: مَا وجع الرجل؟ قَالَ: مطبوب. قَالَ: من طبه؟ قَالَ: لبيد بن الأعصم. قَالَ: فِي أَي شَيْء؟ قَالَ: فِي ومشط مشاطة، (وجف) طلعة ذكر. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْر ذِي أروان. قَالَت: فَأَتَاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أنَاس من أَصْحَابه، ثمَّ قَالَ: وَالله يَا عَائِشَة لكأن ماءها نقاعة الْحِنَّاء، ولكأن نخلها رُءُوس الشَّيَاطِين. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، أَفلا أحرقته؟ قَالَ: لَا؛ أما أَنا فقد عافاني الله - عز وَجل - وكرهت أَن أثير على النَّاس شرا. فَأمرت بهَا فدفنت ".
بَاب مَا جَاءَ فِي إِيرَاد الممرض على المصح
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم وَحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، قَالَ عبد: حَدثنِي، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا يَعْقُوب - يعنون: ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - حَدثنِي أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، أَخْبرنِي [أَبُو] سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يحدث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا عدوى. وَيحدث مَعَ ذَلِك: لَا يُورد الممرض على المصح ".
مُسلم: وحَدثني أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى - وتقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن (بن) عَوْف حَدثهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يُورد ممرض على مصح " قَالَ(3/57)
أَبُو سَلمَة: كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدثهما كلتيهما عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ صمت أَبُو هُرَيْرَة بعد ذَلِك عَن قَوْله: " لَا عدوى " وَأقَام على أَن " لَا يُورد ممرض على مصح " قَالَ: فَقَالَ الْحَارِث بن أبي ذُبَاب - وَهُوَ ابْن عَم أبي هُرَيْرَة -: قد كنت أسمعك يَا أَبَا هُرَيْرَة، تحدثنا مَعَ هَذَا الحَدِيث حَدِيثا آخر قد سكت عَنهُ، كنت تَقول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا عدوى " فَأبى أَبُو هُرَيْرَة أَن يعرف ذَلِك، وَقَالَ: " لَا يُورد ممرض على مصح "، فماراه الْحَارِث فِي ذَلِك حَتَّى غضب أَبُو هُرَيْرَة، فرطن بالحبشية فَقَالَ لِلْحَارِثِ: أتدرى مَاذَا قلت؟ قَالَ: لَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِنِّي قلت: أَبيت. قَالَ أَبُو سَلمَة: ولعمري، لقد كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدثنا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا عدوى " فَلَا أَدْرِي أنسى أَبُو هُرَيْرَة أم نسخ أحد الْقَوْلَيْنِ الآخر ".
بَاب لَا عدوى
مُسلم: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر وحرملة بن يحيى - وَاللَّفْظ لأبي الطَّاهِر - قَالَا: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، قَالَ ابْن شهَاب: فَحَدثني أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا عدوى، وَلَا صفر، وَلَا هَامة. فَقَالَ أَعْرَابِي: يَا رَسُول الله، فَمَا بَال الْإِبِل تكون فِي الرمل، كَأَنَّهَا الظباء، فَيَجِيء الْبَعِير الأجرب فَيدْخل فِيهَا فيجربها كلهَا؟ قَالَ: فَمن أعدى [الأول] ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا روح بن عبَادَة، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا عدوى، وَلَا صفر، وَلَا غول ".(3/58)
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - يعنون: ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا عدوى، وَلَا هَامة، وَلَا نوء، وَلَا صفر ".
وروى التِّرْمِذِيّ: ثَنَا أَحْمد بن سعيد الْأَشْقَر وَإِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب قَالَا: ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا الْمفضل بن فضَالة، عَن حبيب بن الشَّهِيد، عَن مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ بيد مجذوم، فَأدْخلهُ مَعَه فِي الْقَصعَة فَقَالَ: كل بِسم الله، ثِقَة بِاللَّه، وتوكلاً على الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفة إِلَّا من حَدِيث يُونُس بن مُحَمَّد بن الْمفضل بن فضَالة، والمفضل هَذَا شيخ بَصرِي، والمفضل بن فضَالة شيخ آخر (مصري) أوثق من هَذَا وَأشهر، وروى شُعْبَة هَذَا الحَدِيث، عَن حبيب بن الشَّهِيد، عَن ابْن بُرَيْدَة " أَن ابْن عمر: أَخذ بيد مجذوم ... " وَحَدِيث شُعْبَة أثبت عِنْدِي وَأَصَح ".
وروى أَبُو بكر الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مِسْكين، ثَنَا يحيى بن حسان، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أتقوا النّظر إِلَى المجاذيم كَمَا تَتَّقُون الْأسد ".
وَلم يُتَابع مُحَمَّد بن عبد الله على هَذَا الحَدِيث، وَقد رَوَاهُ غَيره مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس.(3/59)
بَاب مَا جَاءَ فِي الإعداء
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة والمسعودي، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد الْحَضْرَمِيّ، عَن أبي الرّبيع، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَربع من أَمر الْجَاهِلِيَّة لن يدعهن النَّاس: الطعْن فِي الأحساب، والنياحة على الْمَيِّت، والأنواء، والإعداء، جرب بعير، فأجرب مائَة، فَمن أجرب الْبَعِير الأول؟ ! ".
بَاب من استوخم أَرضًا فَخرج مِنْهَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا سعيد، عَن قَتَادَة، أَن أنس بن مَالك حَدثهمْ " أَن نَاسا - أَو رجَالًا - من عكل وعرينة قدمُوا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ وَقَالُوا: يَا نَبِي الله، إِنَّا كُنَّا أهل ضرع، وَلم نَكُنْ أهل ريف. واستوخموا الْمَدِينَة، فَأمر لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذود وراع، وَأمرهمْ أَن يخرجُوا فِيهِ، فيشربوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا. فَانْطَلقُوا حَتَّى كَانُوا نَاحيَة الْحرَّة كفرُوا بعد إسْلَامهمْ، وَقتلُوا راعي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَاسْتَاقُوا الذود، فَبلغ النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - فَبعث الطّلب فِي آثَارهم، فَأمر بهم، فسمروا أَعينهم، وَقَطعُوا أَيْديهم، وَتركُوا فِي نَاحيَة الْحرَّة حَتَّى مَاتُوا على حَالهم ".
تمّ كتاب الطِّبّ والرقى والإعداء، وَالْحَمْد لله.
يتلوه كتاب الْأَدَب وَالْبر، إِن شَاءَ الله.(3/60)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد نبيك الْكَرِيم
كتاب الْأَدَب
بَاب بر الْوَالِدين
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عمر الْمَكِّيّ، ثَنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، ثَنَا أَبُو يَعْفُور، عَن الْوَلِيد بن الْعيزَار، عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: " قلت: يَا نَبِي الله، أَي الْأَعْمَال أقرب إِلَى الْجنَّة، قَالَ: الصَّلَاة على مواقيتها. قلت: وماذا يَا نَبِي الله؟ قَالَ: بر الْوَالِدين. قلت: وماذا يَا نَبِي الله؟ قَالَ: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد بن جميل بن طريف الثَّقَفِيّ وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا جرير، عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: من أَحَق النَّاس بِحسن صَحَابَتِي؟ قَالَ: أمك. قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ: ثمَّ أمك. قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ: ثمَّ أمك. قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ: ثمَّ أَبوك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان وَشعْبَة، قَالَا: ثَنَا حبيب.
وثنا مُحَمَّد بن كثير، ثَنَا سُفْيَان، عَن حبيب، عَن أبي الْعَبَّاس، عَن عبد الله ابْن عَمْرو قَالَ: " قَالَ رجل للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أجاهد؟ قَالَ: أَلَك أَبَوَانِ؟ قَالَ: نعم.(3/61)
قَالَ: ففيهما فَجَاهد ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَطاء بن السَّائِب الهُجَيْمِي، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن أبي الدَّرْدَاء " أَن رجلا أَتَاهُ، فَقَالَ: إِن لي امْرَأَة وَإِن أُمِّي تَأْمُرنِي بِطَلَاقِهَا. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: الْوَالِد أَوسط أَبْوَاب الْجنَّة. فَإِن شِئْت فأضع ذَلِك الْبَاب أَو احفظه ".
قَالَ: وَقَالَ ابْن أبي عَمْرو: رُبمَا قَالَ سُفْيَان: " إِن أُمِّي "، وَرُبمَا قَالَ: " إِن أبي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو حَفْص عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا شُعْبَة، عَن يعلى بن عَطاء، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رضى الرب فِي رضى الْوَالِد، وَسخط الرب فِي سخط الْوَالِد ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: لَا نعلم أحدا رَفعه غير خَالِد بن الْحَارِث، وخَالِد ثِقَة مَأْمُون، سَمِعت مُحَمَّد بن الْمثنى يَقُول: مَا رَأَيْت بِالْبَصْرَةِ مثل خَالِد بن الْحَارِث، وَلَا بِالْكُوفَةِ مثل عبد الله بن إِدْرِيس. قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عبد الله بن مَسْعُود.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن الْمثنى، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا جَعْفَر بن يحيى بن عمَارَة ابْن ثَوْبَان قَالَ: أَنا عمَارَة، أَن أَبَا الطُّفَيْل أخبرهُ، قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[يقسم لَحْمًا] بالجعرانة - قَالَ أَبُو الطُّفَيْل: وَأَنا يَوْمئِذٍ غُلَام، أحمل عظم الْجَزُور - إِذْ(3/62)
أَقبلت امْرَأَة حَتَّى دنت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَبسط لَهَا رِدَاءَهُ، فَجَلَست عَلَيْهِ، (فَقَالُوا) : من هِيَ؟ فَقَالُوا: هَذِه أمه الَّتِي أَرْضَعَتْه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، أَنا ابْن الْمُبَارك، أَنا ابْن أبي ذِئْب، عَن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن، عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَت تحتي امْرَأَة أحبها، وَكَانَ أبي يكرهها، فَأمرنِي أَن أطلقها، فأبيت فَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا عبد الله بن عمر، طلق امْرَأَتك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث ابْن أبي ذِئْب.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الْكَرِيم الْأَزْدِيّ، ثَنَا عبد الله بن دَاوُد - هُوَ الْخُرَيْبِي - عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لرجل: أَنْت وَمَالك لأَبِيك ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرْوى عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر مُرْسلا، وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ من حَدِيث هِشَام إِلَّا عُثْمَان بن عُثْمَان الْغَطَفَانِي وَعبد الله بن دَاوُد فَإِنَّهُمَا أسنداه ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، أخبرنَا سُفْيَان، ثَنَا سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَجْزِي ولد وَالِده إِلَّا أَن يجده مَمْلُوكا فيشتريه فيعتقه ".(3/63)
بَاب بر الْوَالِدين بعد مَوْتهمَا
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مهْدي وَعُثْمَان بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الْعَلَاء الْمَعْنى، قَالُوا: ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان، عَن أسيد ابْن عَليّ بن عبيد مولى بني سَاعِدَة، عَن أَبِيه، عَن أبي أسيد مَالك بن ربيعَة السَّاعِدِيّ قَالَ: " بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ جَاءَهُ رجل من بني سَلمَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَل بَقِي من بر أَبَوي شَيْء أبرهما بِهِ بعد مَوْتهمَا؟ قَالَ: نعم، الصَّلَاة عَلَيْهِمَا وَالِاسْتِغْفَار لَهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهمَا، وصلَة الرَّحِم الَّتِي لَا توصل إِلَّا بهما، وإكرام صديقهما ".
عَليّ بن عبيد هَذَا لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا ابْنه أسيد.
بَاب إِجَابَة دُعَاء من بر وَالِديهِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عقبَة، أَنا نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَيْنَمَا ثَلَاثَة [نفر] يتماشون أَخذهم الْمَطَر، فمالوا إِلَى غَار فِي الْجَبَل، فانحطت على فَم غارهم صَخْرَة من الْجَبَل، فأطبقت عَلَيْهِم، وَقَالَ بَعضهم لبَعض: انْظُرُوا أعمالاً عملموها لله صَالِحَة [فَادعوا] الله بهَا لَعَلَّه يفرجها. فَقَالَ أحدهم: اللَّهُمَّ إِنَّه كَانَ لي والدان [شَيْخَانِ كبيران] ولي صبية صغَار، كنت أرعى عَلَيْهِم، فَإِذا رحت عَلَيْهِم فحلبت، بدأت بوالدي أسقيهما قبل وَلَدي، وَإنَّهُ نأى بِي الشّجر يَوْمًا فَمَا أتيت حَتَّى أمسيت، فوجدتهما قد نَامَا، فحلبت كَمَا كنت أحلب، فَجئْت بالحلاب، فَقُمْت عِنْد رءوسهما أكره أَن أوقظهما من نومهما، وأكره أَن أبدأ بالصبية قبلهمَا، والصبية يتضاغون عِنْد قدمي، فَلم يزل ذَلِك دأبي ودأبهم حَتَّى طلع الْفجْر، فَإِن كنت تعلم(3/64)
أَنِّي فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج عَنَّا فُرْجَة نرى مِنْهَا السَّمَاء. فَفرج الله لَهُم حَتَّى يرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاء. قَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِنَّه كَانَت لي ابْنة عَم أحبها كأشد مَا يحب الرِّجَال النِّسَاء، فطلبت إِلَيْهَا نَفسهَا، فَأَبت حَتَّى آتيها بِمِائَة دِينَار، فسعيت حَتَّى جمعت مائَة دِينَار، فلقيتها بهَا؛ فَلَمَّا قعدت بَين رِجْلَيْهَا قَالَت: يَا عبد الله، اتَّقِ الله وَلَا تفتح الْخَاتم [إِلَّا بِحقِّهِ] ، فَقُمْت عَنْهَا، اللَّهُمَّ فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج لنا مِنْهَا. فَفرج لَهُم فُرْجَة، وَقَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِنِّي كنت اسْتَأْجَرت أَجِيرا بفرق أرز، فَلَمَّا قضى عمله قَالَ: أَعْطِنِي حَقي. فعرضت عَلَيْهِ حَقه فَتَركه وَرغب عَنهُ، فَلم أزل أزرعه حَتَّى جمعت مِنْهُ بقرًا وراعيها، فَجَاءَنِي فَقَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تظلمني وَأَعْطِنِي حَقي. فَقلت: اذْهَبْ إِلَى ذَلِك الْبَقر وراعيها. فَقَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تهزأ بِي. فَقلت: إِنِّي لَا أهزأ بك، فَخذ ذَلِك الْبَقر وراعيها. فَأَخذهَا فَانْطَلق بهَا، فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج مَا بَقِي، فَفرج الله عَنْهُم ".
بَاب مَا جَاءَ فِي عقوق الْوَالِدين
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِسْحَاق، ثَنَا خَالِد الوَاسِطِيّ، عَن الْجريرِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر؟ قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين. وَكَانَ مُتكئا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلا وَقَول الزُّور، وَشَهَادَة الزُّور، أَلا وَقَول الزُّور، وَشَهَادَة الزُّور. فَمَا زَالَ يَقُولهَا حَتَّى قلت: لَا يسكت ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن(3/65)
أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رغم أَنفه، رغم أَنفه، رغم أَنفه، قيل: من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: من أدْرك وَالِديهِ عِنْده الْكبر أَحدهمَا أَو (كِلَاهُمَا) ثمَّ لم يدْخل الْجنَّة ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، سمع زُرَارَة يحدث، عَن أبي مَالك، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أدْرك أَبَوَيْهِ أَو أحداهما ثمَّ دخل النَّار؛ فَأَبْعَده الله ". الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو عَاصِم، عَن عمر بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن (يسَار) عَن سَالم، عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاثَة لَا ينظر الله إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة: الْعَاق لوَالِديهِ، والديوث، وَالْمَرْأَة المترجلة تشبه بِالرِّجَالِ، وَثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة: الْعَاق لوَالِديهِ، والمنان عطاءه، ومدمن الْخمر ".
تفرد بِهِ عمر بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن يسَار.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن زِيَاد، قَالَ: أناه.
وثنا عباد بن مُوسَى، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن أَبِيه، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من أكبر الْكَبَائِر أَن يلعن الرجل وَالِديهِ. قيل: يَا رَسُول الله، كَيفَ يلعن الرجل وَالِديهِ؟ قَالَ: يلعن أَبَا الرجل فيلعن أَبَاهُ، ويلعن أمه فيلعن أمه ".
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ: ثَنَا شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، سَمِعت حميد(3/66)
ابْن عبد الرَّحْمَن يَقُول: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن من أكبر الذُّنُوب أَن يسب الرجل وَالِديهِ فِي الْإِسْلَام. قيل: يَا رَسُول الله، وَكَيف يسب وَالِديهِ؟ قَالَ: يسب أَبَا الرجل فيسب أَبَاهُ، ويسب أمه فيسب أمه ".
بَاب مَا يحذر من دُعَاء الْوَالِدين
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا جرير بن حَازِم، ثَنَا مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لم يتَكَلَّم فِي المهد إِلَّا ثَلَاثَة: عِيسَى ابْن مَرْيَم، وَصَاحب جريج، وَكَانَ جريج رجلا صَالحا، فَاتخذ صومعة فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أمه وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَت: يَا جريج. فَقَالَ: يَا رب، أُمِّي وصلاتي. فَأقبل على صلَاته، فَانْصَرَفت، فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَت: يَا جريج. فَقَالَ: يَا رب، أُمِّي وصلاتي. فَأقبل على صلَاته؛ فَانْصَرَفت فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَت: يَا جريج. فَقَالَ: أَي رب، أُمِّي وصلاتي. فَأقبل على صلَاته، فَقَالَت: اللَّهُمَّ لَا تمته حَتَّى ينظر إِلَى وُجُوه المومسات. فَتَذَاكَرَ بَنو إِسْرَائِيل جريجاً وعبادته، وَكَانَت امْرَأَة بغي يتَمَثَّل بحسنها، فَقَالَت: إِن شِئْتُم لأفتننه لكم، قَالَ: فتعرضت لَهُ، فَلم يلْتَفت إِلَيْهَا، فَأَتَت رَاعيا كَانَ يأوي إِلَى صومعته، فأمكنته من نَفسهَا، فَوَقع عَلَيْهَا؛ فَحملت، فَلَمَّا ولدت قَالَت: هُوَ من جريج. فَأتوهُ فاستنزلوه وهدموا صومعته وَجعلُوا يضربونه. فَقَالَ: مَا شَأْنكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْت بِهَذِهِ الْبَغي، فَولدت مِنْك. قَالَ: أَيْن الصَّبِي؟ فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: دَعونِي حَتَّى أُصَلِّي. فصلى فَلَمَّا انْصَرف أَتَى الصَّبِي فطعن فِي بَطْنه وَقَالَ: يَا غُلَام، من أَبوك؟ قَالَ: فلَان الرَّاعِي. قَالَ: فَأَقْبَلُوا على جريج يقبلونه ويتمسحون بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَك صومعتك من ذهب. قَالَ: لَا، أعيدوها من طين كَمَا كَانَت. فَفَعَلُوا، وبينما صبي يرضع أمه فَمر رجل رَاكب على دَابَّة فارهة وشارة حَسَنَة، فَقَالَت أمه: اللَّهُمَّ اجْعَل ابْني مثل هَذَا. فَترك الثدي وَأَقْبل إِلَيْهِ، فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ:(3/67)
اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله. ثمَّ أقبل على ثديه فَجعل يرتضع. قَالَ: وَكَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَحْكِي ارتضاعه بإصبعه السبابَة فِي فَمه، فَجعل يمصها، قَالَ: ومروا بِجَارِيَة وهم يضربونها وَيَقُولُونَ: زَنَيْت، سرقت. وَهِي تَقول: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل. فَقَالَت أمه: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل ابْني مثلهَا، فَترك الرَّضَاع وَنظر إِلَيْهَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا. فهناك تراجعا الحَدِيث، فَقَالَت: حلقى، مر رجل حسن الْهَيْئَة، فَقلت: اللَّهُمَّ اجْعَل ابنى مثله، فَقلت: اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله، ومروا بِهَذِهِ الْأمة وهم يضربونها وَيَقُولُونَ: زَنَيْت سرقت، فَقلت: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل ابْني مثل هَذِه، فَقلت: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا. فَقَالَ: إِن ذَلِك الرجل كَانَ جباراً، فَقلت: اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله، وَإِن هَذِه يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْت وَلم تزن، وسرقت وَلم تسرق، فَقلت: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا ".
قَالَ مُسلم: وثنا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، ثَنَا حميد بن هِلَال، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: " كَانَ جريج يتعبد فِي صومعته فَجَاءَت أمه - قَالَ حميد: فَوضع أَبُو رَافع صفة أبي هُرَيْرَة لصفة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمه حِين دعت كَيفَ جعلت كفها فَوق حاجبها، ثمَّ رفعت رَأسهَا إِلَيْهِ تَدعُوهُ - فَقَالَت: يَا جريج، أَنا أمك كلمني. فصادفته يُصَلِّي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، أُمِّي وصلاتي. قَالَ: فَاخْتَارَ صلَاته، فَرَجَعت ثمَّ عَادَتْ فِي الثَّانِيَة فَقَالَت: يَا جريج، أَنا أمك فكلمني. قَالَ: اللَّهُمَّ، أُمِّي وصلاتي. فَاخْتَارَ صلَاته، فَقَالَت: اللَّهُمَّ إِن هَذَا جريج وَهُوَ ابنى وَإِنِّي كَلمته وَأبي أَن يكلمني، اللَّهُمَّ لَا تمته حَتَّى تريه المومسات. قَالَ: وَلَو دعت عَلَيْهِ أَن يفتن لفتن، قَالَ: وَكَانَ راعي ضَأْن يأوي إِلَى ديره، قَالَ: فَخرجت امْرَأَة من الْقرْيَة، فَوَقع عَلَيْهَا الرَّاعِي، فَحملت فَولدت غُلَاما، فَقيل لَهَا: مَا هَذَا. قَالَت: من صَاحب هَذَا الدَّيْر. قَالَ: فَجَاءُوا بفئوسهم ومساحيهم، فَنَادَوْهُ فصادفوه يُصَلِّي، فَلم يكلمهم، قَالَ: فَأخذُوا يهدمون ديره، فَلَمَّا رأى ذَلِك نزل إِلَيْهِم فَقَالُوا لَهُ: سل هَذِه. قَالَ: فَتَبَسَّمَ ثمَّ مسح رَأس الصَّبِي، قَالَ: من(3/68)
أَبوك؟ قَالَ: أبي راعي الضَّأْن. فَلَمَّا سمعُوا ذَلِك مِنْهُ قَالُوا: نَبْنِي مَا هدمناه من صومعتك بِالذَّهَب وَالْفِضَّة. قَالَ: لَا، وَلَكِن أعيدوه تُرَابا كَمَا كَانَ. ثمَّ علاهُ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي جَعْفَر، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث دعوات مستجابات لاشك فِيهِنَّ: دَعْوَة الْمَظْلُوم، ودعوة الْمُسَافِر، ودعوة الْوَالِد على وَلَده ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: أَبُو جَعْفَر الَّذِي روى عَن أبي هُرَيْرَة يُقَال لَهُ أَبُو جَعْفَر الْمُؤَذّن، وَلَا نَعْرِف اسْمه، وَقد روى عَنهُ يحيى بن أبي كثير غير حَدِيث.
بَاب إِثْم من انْتَفَى من أَبِيه
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا هشيم بن بشير، أَنا خَالِد، عَن أبي عُثْمَان قَالَ: " لما دعِي زِيَاد لقِيت أَبَا بكرَة، فَقلت لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُم؟ إِنِّي سَمِعت سعد بن أبي وَقاص يَقُول: سَمِعت أُذُنِي من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: من ادّعى أَبَا فِي الْإِسْلَام غير أَبِيه يعلم أَنه غير أَبِيه فالجنة عَلَيْهِ حرَام. فَقَالَ أَبُو بكرَة: وَأَنا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، ثَنَا عمر بن عبد الْوَاحِد، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، حَدثنِي سعيد بن أبي سعيد - وَنحن ببيروت - عَن أنس بن مَالك قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من ادّعى إِلَيّ غير أَبِيه أَو انْتَمَى إِلَى غير موَالِيه؛ فَعَلَيهِ لعنة الله المتتابعة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".(3/69)
بَاب بر الْوَالِدين الْمُشْركين وصلتهما وَقَول الله تَعَالَى {وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا}
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَأَبُو مُوسَى قَالَا: ثَنَا (عَمْرو بن خَليفَة) ، ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " مر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَبْد الله بن أبي وَهُوَ فِي ظلّ أطمة، فَقَالَ: عتا علينا ابْن أبي كَبْشَة. فَقَالَ ابْنه عبد الله بن عبد الله: يَا رَسُول الله، وَالَّذِي أكرمك لَئِن شِئْت لآتينك بِرَأْسِهِ. فَقَالَ: لَا، وَلَكِن بر أَبَاك، وَأحسن صحبته ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن مُحَمَّد إِلَّا (عَمْرو بن خَليفَة) وَهُوَ ثِقَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: " قدمت عَليّ أُمِّي وَهِي مُشركَة فِي عهد قُرَيْش، إِذْ عَاهَدُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومدتهم مَعَ أَبِيهَا، فاستفتت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: إِن أُمِّي قدمت عَليّ وَهِي راغبة، أفأصلها؟ قَالَ: نعم، صليها ".
بَاب بر أَصْحَاب الْوَالِدين وصلتهما
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَنا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن ابْن الْهَاد، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أبر الْبر أَن يصل الرجل ود أَبِيه ".
مُسلم: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد،(3/70)
ثَنَا أبي وَاللَّيْث بن سعد، جَمِيعًا عَن يزِيد بن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن عبد الله بن عمر " أَنه كَانَ إِذا خرج إِلَى مَكَّة، كَانَ لَهُ حمَار يتروح عَلَيْهِ إِذا مل ركُوب الراحله، وعمامة يشد بهَا رَأسه، فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا على ذَلِك الْحمار، إِذْ مر بِهِ أَعْرَابِي، فَقَالَ: أَلَسْت ابْن فلَان ابْن فلَان؟ قَالَ: بلَى. فَأعْطَاهُ [الْحمار] وَقَالَ: اركب هَذَا، والعمامة، قَالَ: اشْدُد بهَا رَأسك. فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه: غفر الله لَك؛ أَعْطَيْت هَذَا الْأَعرَابِي حمارا كنت تروح عَلَيْهِ، وعمامة كنت تشد بهَا رَأسك. فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن من أبر الْبر صلَة الرجل أهل ود أَبِيه بعد أَن يُولى. وَإِن أَبَاهُ كَانَ صديقا لعمر ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْخَالَة
التِّرْمِذِيّ: [حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد - وَهُوَ ابْن مدوية -] حَدثنَا [عبيد الله] بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي، عَن الْبَراء بن عَازِب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَه: " الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم ".
وَفِي الحَدِيث قصَّة، وَهَذَا حَدِيث صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن مُحَمَّد بن سواقة، عَن أبي بكر بن حَفْص - هُوَ ابْن عمر بن سعد بن أبي وَقاص - عَن ابْن عمر: " أَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت ذَنبا عَظِيما، فَهَل لي تَوْبَة؟ قَالَ: هَل لَك من أهل؟ قَالَ: لَا. قَالَ: هَل لَك من خَالَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فبرها ".(3/71)
رَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مُحَمَّد بن سوقة، عَن أبي بكر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهَذَا أصح من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة.
بَاب النَّهْي عَن التقاطع والتدابر
مُسلم: حَدثنَا الْحسن الْحلْوانِي وَعلي بن نصر الْجَهْضَمِي قَالَا: ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقاطعوا، وَلَا تدابروا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عباداً لله إخْوَانًا كَمَا أَمركُم الله "
بَاب من أَحَق النَّاس بِحسن الصُّحْبَة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا ابْن فُضَيْل، عَن أَبِيه، عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، من أَحَق النَّاس بِحسن الصُّحْبَة؟ ، قَالَ: أمك، ثمَّ أمك [ثمَّ أمك] ثمَّ (أَبَاك) ، ثمَّ أدناك أدناك ".
حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا شريك، عَن عمَارَة وَابْن شبْرمَة، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... " فَذكر بِمثل حَدِيث جرير وَزَاد: " فَقَالَ: نعم وَأَبِيك لتنبأن ".
بَاب صلَة الرَّحِم
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا هِشَام، أَنا معمر، عَن(3/72)
الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليصل رَحمَه، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَمُحَمّد بن عباد قَالَا: ثَنَا حَاتِم - وَهُوَ ابْن إِسْمَاعِيل - عَن مُعَاوِيَة - وَهُوَ ابْن أبي مزرد مولى بنى هَاشم - قَالَ: " حَدثنِي عمي أَبُو الْحباب سعيد بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله خلق الْخلق حَتَّى إِذا فرغ مِنْهُم، قَامَت الرَّحِم فَقَالَت: هَذَا مقَام العائذ من القطيعة. قَالَ: نعم، أما ترْضينَ أَن أصل من وصلك، وأقطع من قَطعك؟ قَالَت: بلَى. قَالَ: فَذَلِك لَك. ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب - وَاللَّفْظ لأبي بكر - قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن مُعَاوِيَة بن أبي مزرد، عَن يزِيد بن رُومَان، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرَّحِم معلقَة بالعرش تَقول: من وصلني وَصله الله، وَمن قطعني قطعه الله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا خَالِد بن مخلد، ثَنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، ثَنَا عبد الله بن دِينَار، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن، فَقَالَ الله: من وصلك وصلته، وَمن قَطعك قطعته ".(3/73)
عبد بن حميد: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا شُعْبَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار، عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن، تَقول: يَا رب إِنِّي قطعت، إِنِّي ظلمت، يَا رب إِنِّي أُسِيء إِلَيّ يَا رب. فيجيبها رَبهَا: أَلا ترْضينَ أَن أقطع من قَطعك، وأصل من وصلك ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص.
وَحدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو الْأَحْوَص، عَن أبي إِسْحَاق، عَن مُوسَى ابْن طَلْحَة، عَن أبي أَيُّوب قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: دلَّنِي على عمل أعمله يدنيني من الْجنَّة، وَيُبَاعِدنِي من النَّار. قَالَ: تعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة، وتؤتي الزَّكَاة، وَتصل ذَا رَحِمك. فَلَمَّا أدبر قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن تمسك بِمَا أَمر بِهِ دخل الْجنَّة ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي عقيل بن خَالِد، قَالَ: قَالَ ابْن شهَاب، أَخْبرنِي أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أحب أَن يبسط لَهُ فِي رزقه وينسأ لَهُ فِي أَثَره فَليصل رَحمَه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن عُيَيْنَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من ذَنْب أَجْدَر أم يعجل الله لصَاحبه الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يدّخر لَهُ فِي الْآخِرَة من الْبَغي، وَقَطِيعَة الرَّحِم ".(3/74)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن عبد الْملك ابْن عِيسَى الثَّقَفِيّ، عَن يزِيد مولى المنبعث، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تعلمُوا من أنسابكم مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم؛ فَإِن صلَة الرَّحِم محبَّة فِي الْأَهْل، مثراة فِي المَال، منسأة فِي الْأَثر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَمعنى قَوْله: " منسأة فِي الْأَثر " يَعْنِي: زِيَادَة فِي الْعُمر.
الْبَزَّار: حَدثنَا سَلمَة بن شبيب، ثَنَا الْحسن بن مُحَمَّد بن أعين، ثَنَا عبد الله بن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " كل سَبَب وَنسب مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا سببي ونسبي ".
تفرد بِهِ عبد الله بن زيد عَن أَبِيه، وأرسله غَيره، وَعبد الله بن زيد ضعفه يحيى بن معِين، وَوَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِهِ بَأْس.
بَاب لَا يدْخل الْجنَّة قَاطع رحم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر وَنصر بن عَليّ وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن، قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم، عَن أَبِيه، النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يدْخل الْجنَّة قَاطع " قَالَ ابْن أبي عمر: قَالَ سُفْيَان: يَعْنِي: قَاطع رحم.(3/75)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب صفة وَاصل الرَّحِم
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، ثَنَا سُفْيَان - هُوَ الثَّوْريّ - عَن الْأَعْمَش وَالْحسن بن عَمْرو وَفطر، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عَمْرو - قَالَ سُفْيَان: لم يرفعهُ الْأَعْمَش إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرَفعه حسن وَفطر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ الْوَاصِل بالمكافئ، وَلَكِن الْوَاصِل الَّذِي إِذا قطعت رَحمَه وَصلهَا ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ الْمثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن يحدث، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن لي قرَابَة أصلهم ويقطعوني، وَأحسن إِلَيْهِم ويسيئون إِلَيّ، وأحلم عَنْهُم ويجهلون عَليّ. فَقَالَ: لَئِن كنت كَمَا قلت، فَكَأَنَّمَا تسفهم الْملَل، وَلَا يزَال مَعَك من الله ظهير عَلَيْهِم مَا دمت على ذَلِك،
بَاب حب الْوَلِيد وَرَحمته وَتَقْبِيله
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَابْن أبي عمر، جَمِيعًا عَن سُفْيَان، قَالَ: عَمْرو: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة: " أَن الْأَقْرَع بن حَابِس أبْصر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبل الْحسن، فَقَالَ: إِن لي عشرَة من الْوَلَد مَا قبلت وَاحِدًا مِنْهُم. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه من لَا يرحم لَا يرحم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة وَابْن نمير، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " قدم نَاس من الْأَعْرَاب على(3/76)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالُوا: أتقبلون صِبْيَانكُمْ؟ فَقَالُوا: نعم. قَالُوا: لَكنا وَالله مَا نقبل. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وأملك إِن كَانَ الله نزع مِنْكُم الرَّحْمَة " وَقَالَ ابْن نمير: " من قَلْبك الرَّحْمَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا عَارِم، ثَنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان يحدث عَن أَبِيه، سَمِعت أَبَا تَمِيمَة يحدث، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، يحدثه أَبُو عُثْمَان، عَن أُسَامَة بن زيد: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يأخذني فيقعدني على فخده، ويعقد الْحسن على فَخذه الْأُخْرَى، ثمَّ يضمهما، ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ ارحمهما فَإِنِّي أرحمهما ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي - وَهُوَ ابْن ثَابت - ثَنَا الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " رَأَيْت الْحسن بن عَليّ على عاتق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أحبه فَأَحبهُ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا مهْدي، ثَنَا ابْن أبي يَعْقُوب، عَن ابْن أبي نعم قَالَ: " كنت شَاهدا لِابْنِ عمر، وَسَأَلَهُ رجل عَن دم البعوض فَقَالَ: مِمَّن أَنْت؟ قَالَ: من أهل الْعرَاق. قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يسألني عَن دم البعوض، وَقد قتلوا ابْن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَسمعت النَّبِي يَقُول: هما ريحاني من الدُّنْيَا ".(3/77)
بَاب تَأْدِيب الْوَلَد
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا أُميَّة بن خَالِد، ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي حَمْزَة القصاب، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كنت أَلعَب مَعَ الصّبيان، فجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتواريت خلف بَاب، فَجَاءَنِي فخطأني حطأة، وَقَالَ: اذْهَبْ ادْع مُعَاوِيَة. قَالَ: فَجئْت فَقلت: هُوَ يَأْكُل. قَالَ: ثمَّ قَالَ لي: اذْهَبْ فَادع لي مُعَاوِيَة. قَالَ: فَجئْت فَقلت: هُوَ يَأْكُل. فَقَالَ: لَا أشْبع الله بَطْنه ".
قَالَ ابْن الْمثنى: قلت لأمية: مَا حطأني؟ قَالَ: قفدني قفدة.
تَابعه النَّضر بن شُمَيْل، عَن شُعْبَة، رَوَاهُ مُسلم - رَحمَه الله.
بَاب جعل الله الرَّحْمَة مائَة جُزْء
البُخَارِيّ: حَدثنَا الحكم بن نَافِع البهراني، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَنا سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " جعل الله الرَّحْمَة فِي مائَة جُزْء، فَأمْسك عِنْده تِسْعَة وَتِسْعين جُزْءا، وَأنزل فِي الأَرْض جُزْءا وَاحِدًا، فَمن ذَلِك الْجُزْء تتراحم الْخلق، حَتَّى ترفع الْفرس حافرها عَن وَلَدهَا خشيَة أَن تصيبه ".
بَاب رَحْمَة النَّاس والبهائم
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، ثَنَا قيس، حَدثنِي جرير بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من لَا يرحم النَّاس لَا يرحمه الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/78)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنا شُعْبَة، قَالَ: كتب بِهِ إِلَى مَنْصُور، وقرأته عَلَيْهِ، سمع أَبَا عُثْمَان مولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تنْزع الرَّحْمَة إِلَّا من شقي ".
أَبُو عُثْمَان لَا يعرف اسْمه، وَهَذَا حَدِيث حسن.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن أبي قَابُوس، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن، ارحموا من فِي الأَرْض يَرْحَمكُمْ من السَّمَاء، الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن، فَمن وَصلهَا وَصله الله، وَمن قطعهَا قطعه الله ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ، عَن سمي مولى أبي بكر، عَن أبي صَالح السمان، عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَيْنَمَا رجل يمشي بطرِيق اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطش، فَوجدَ بِئْرا فَنزل فِيهَا، فَشرب ثمَّ خرج، فَإِذا كلب يَلْهَث يَأْكُل الثرى من الْعَطش، فَقَالَ: لقد بلغ هَذَا الْكَلْب من الْعَطش مثل الَّذِي كَانَ بلغ بِي. فَنزل الْبِئْر، فَمَلَأ خفه مَاء، ثمَّ أمْسكهُ بِفِيهِ حَتَّى رقى، فسقى الْكَلْب، فَشكر الله لَهُ؛ فغفر لَهُ. قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَإِن لنا فِي الْبَهَائِم لأجراً؟ فَقَالَ: فِي كل كبد رطبَة أجر ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن امْرَأَة بغيا رَأَتْ كَلْبا فِي(3/79)
يَوْم حَار يطِيف ببئر قد أدلع لِسَانه من الْعَطش، فنزعت لَهُ بموقها، فغفر لَهَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيع ومؤمل بن هِشَام قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم - وَهُوَ ابْن علية - عَن زِيَاد بن مِخْرَاق، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أَبِيه: " أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي لأذبح الشَّاة فأرحمها. قَالَ: وَالشَّاة إِن رحمتها رَحِمك الله ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء الضبعِي، ثَنَا جوَيْرِية بن أَسمَاء، عَن نَافِع، عَن عبد الله - هُوَ ابْن عمر - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عذبت امْرَأَة فِي هرة سجنتها حَتَّى مَاتَت، فَدخلت فِيهَا النَّار؛ لَا هِيَ أطعمتها وَلَا هِيَ تركتهَا تَأْكُل من خشَاش الأَرْض ".
بَاب رَحْمَة الْبَهَائِم بَعْضهَا بَعْضًا وتعاطفها
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا أبي، ثَنَا عبد الْملك، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن لله مائَة رَحْمَة، أنزل مِنْهَا رَحْمَة وَاحِدَة بَين الْجِنّ وَالْإِنْس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وَبهَا يتراحمون، وَبهَا تعطف الْوَحْش على وَلَدهَا، وَأخر الله تِسْعَة وَتِسْعين يرحم الله بهَا خلقه يَوْم الْقِيَامَة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو نمير، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن أبي عُثْمَان، عَن [سلمَان] قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله خلق يَوْم خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض مائَة رَحْمَة، كل رَحْمَة طباق مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فَجعل(3/80)
مِنْهَا فِي الأَرْض رَحْمَة، فبها تعطف الوالدة على وَلَدهَا، والوحش وَالطير بَعْضهَا على بعض، فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَة ".
وَقَالَ الْحميدِي: أخرج هَذَا الحَدِيث أَبُو بكر البرقاني، من رِوَايَة عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن أبي مُعَاوِيَة بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَفِي آخِره: " فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة، أكملها بِهَذِهِ مائَة يقصها على الْمُتَّقِينَ ".
بَاب فِي الرِّفْق
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا يحيى بن سعيد [عَن سُفْيَان] ، ثَنَا مَنْصُور، عَن تَمِيم بن سَلمَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن هِلَال، عَن جرير، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من يحرم الرِّفْق يحرم الْخَيْر ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ووكيع، عَن الْأَعْمَش، عَن تَمِيم بِإِسْنَاد مُسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من يحرم الرِّفْق يحرم الْخَيْر كُله ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن يعلى بن مملك، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أعطي حَظه من الرِّفْق فقد أعطي حَظه من الْخَيْر، وَمن حرم حَظه من الرِّفْق فقد حرم حَظه من الْخَيْر ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْمِقْدَام - وَهُوَ(3/81)
ابْن شُرَيْح بن هَانِئ - عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الرِّفْق لَا يكون فِي شَيْء إِلَّا زانه، وَلَا ينْزع من شَيْء إِلَّا شانه ".
وحدثناه مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة سَمِعت الْمِقْدَام بن شُرَيْح بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَزَاد فِي الحَدِيث: " ركبت عَائِشَة بَعِيرًا، فَكَانَت فِيهِ صعوبة؛ فَجعلت تردده؛ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَلَيْك بالرفق. . " ثمَّ ذكر بِمثلِهِ.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو بكر وَعُثْمَان ابْنا أبي شيبَة قَالَا: ثَنَا شريك، عَن الْمِقْدَام بن شُرَيْح، عَن أَبِيه قَالَ: " سَأَلت عَائِشَة عَن البداوة، فَقَالَت: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَبْدُو إِلَى هَذِه التلاع، وَإنَّهُ أَرَادَ البداوة فِي مرّة؛ فَأرْسل إِلَيّ نَاقَة مُحرمَة من إبل الصَّدَقَة، فَقَالَ لي: يَا عَائِشَة، ارفقي؛ فَإِن الرِّفْق لم يكن فِي شَيْء قطّ إِلَّا زانه، وَلَا نزع من شَيْء إِلَّا شانه ".
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا كَانَ الرِّفْق فِي قوم إِلَّا نفعهم، وَلَا الْخرق فِي قوم إِلَّا ضرهم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن يُونُس بن وَحميد، عَن الْحسن، عَن عبد الله بن مُغفل أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله - عز وَجل - رَفِيق يحب الرِّفْق، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطي على العنف ".
زَاد مُسلم بن الْحجَّاج: " وَلَا على مَا سواهُ "، وَقد تقدم فِي بَاب أَسمَاء الرب سُبْحَانَهُ، من كتاب الْإِيمَان.(3/82)
بَاب فِي الْحلم
مُسلم: حَدثنِي أَبُو معن الرقاشِي زيد بن يزِيد، ثَنَا عمر بن يُونُس، ثَنَا عِكْرِمَة - وَهُوَ ابْن عمار - قَالَ: قَالَ إِسْحَاق: قَالَ أنس: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أحسن النَّاس خلقا، فأرسلني يَوْمًا لحاجه، فَقلت: وَالله لَا أذهب وَفِي نَفسِي أَن أذهب لما يَأْمُرنِي بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَخرجت حَتَّى أَمر على صبيان وهم يَلْعَبُونَ فِي السُّوق، فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد قبض بقفاي، قَالَ: فَنَظَرت إِلَيْهِ وَهُوَ يضْحك، فَقَالَ: يَا أنيس، ذهبت حَيْثُ أَمرتك؟ قَالَ: قلت: نعم، أَنا أذهب يَا رَسُول الله ".
قَالَ أنس: وَالله لقد خدمته تسع سِنِين مَا عَلمته قَالَ لشَيْء صَنعته: لم فعلت كَذَا وَكَذَا، أَو لشَيْء تركته: هلا فعلت كَذَا وَكَذَا ".
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو الرّبيع، قَالَا: ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس قَالَ: " خدمت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشر سِنِين، وَالله مَا قَالَ [لي] أفا قطّ، وَلَا قَالَ لي لشَيْء: لم فعلت كَذَا، وهلا فعلت كَذَا. زَاد أَبُو الرّبيع: (لشَيْء) مِمَّا يصنع الْخَادِم " وَلم يذكر قَوْله: " وَالله ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن جَابر.
وحَدثني: مُحَمَّد بن جَعْفَر بن زِيَاد أَبُو عمرَان - وَاللَّفْظ لَهُ - أَنا إِبْرَاهِيم -(3/83)
يَعْنِي: ابْن سعد - عَن الزُّهْرِيّ، عَن سِنَان بن أبي سِنَان الدؤَلِي، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " غزونا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَة قبل نجد، فَأَدْرَكنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وَاد كثير العضاه، فَنزل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَحت شَجَرَة، فعلق سَيْفه بِغُصْن من أَغْصَانهَا، قَالَ: وتفرق النَّاس فِي الْوَادي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرَةِ، قَالَ: فَقَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن رجلا أَتَانِي وَأَنا نَائِم، فَأخذ السَّيْف، فَاسْتَيْقَظت وَهُوَ قَائِم على رَأْسِي، فَلم أشعر إِلَّا وَالسيف صَلتا فِي يَده، فَقَالَ لي: من يمنعك مني؟ قَالَ: قلت: الله. ثمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَة: من يمنعك مني. قلت: الله. (ثمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَة: من يمنعك مني؟ قَالَ: قلت الله) . قَالَ: فَشَام السَّيْف، فها هُوَ ذَا، ثمَّ لم يعرض لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ.
وحدثنيه يحيى بن يحيى، قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " مَا خير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين أَمريْن إِلَّا اخْتَار أيسرهما، مَا لم يكن إِثْمًا، فَإِذا كَانَ إِثْمًا كَانَ أبعد النَّاس مِنْهُ، وَمَا انتقم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنَفسِهِ إِلَّا أَن تنتهك حُرْمَة الله ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا قُرَّة بن خَالِد، عَن أبي جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للأشج - أشج عبد الْقَيْس -: " إِن فِيك لخصلتين يحبهما الله: الْحلم والأناة ".(3/84)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَن يُونُس، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ أشج بني عصر: قَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن فِيك لخلقين يحبهما الله. قلت: وَمَا هما؟ قَالَ: الْحلم وَالْحيَاء. قلت: قَدِيما كَانَ فِي أَو حَدِيثا؟ قَالَ:: بل قَدِيما. قلت: الْحَمد لله الَّذِي جعلني على خلقين يحبهما الله ".
الْأَشَج اسْمه الْمُنْذر، وَفِي بَاب الْمُنْذر ذكره البُخَارِيّ - رَحمَه الله - روى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة والمثنى بن ماوي الْعَبْدي.
بَاب فِي الْحيَاء
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، قَالَ: سَمِعت أَبَا السوار يحدث، أَنه سمع عمرَان بن حُصَيْن، يحدث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " الْحيَاء لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَير ".
مُسلم: وَحدثنَا يحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن إِسْحَاق - وَهُوَ ابْن سُوَيْد - أَن أَبَا قَتَادَة حدث قَالَ: " كُنَّا عِنْد عمرَان بن حُصَيْن فِي رَهْط وَفينَا بشير بن كَعْب، فحدثنا عمرَان يَوْمئِذٍ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْحيَاء خير كُله - أَو قَالَ: الْحيَاء كُله خير - فَقَالَ بشير بن كَعْب: إِنَّا لنجد فِي بعض الْكتب أَو الْحِكْمَة أَن مِنْهُ سكينَة ووقاراً لله، وَمِنْه ضعف. قَالَ: فَغَضب عمرَان حَتَّى احمرتا عَيناهُ، وَقَالَ: أَلا أَرَانِي أحَدثك عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتعارض فِيهِ؟ قَالَ: فَأَعَادَ عمرَان الحَدِيث، قَالَ: فَأَعَادَ بشير، قَالَ: فَغَضب عمرَان، قَالَ: فَمَا زلنا نقُول فِيهِ إِنَّه منا يَا أَبَا نجيد، إِنَّه لَا بَأْس بِهِ ".(3/85)
أَبُو قَتَادَة اسْمه تَمِيم بن نَذِير، ثِقَة مَعْرُوف.
البُخَارِيّ: حثنا أَحْمد بن يُونُس، حَدثنِي عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، أَنا ابْن شهَاب، عَن سَالم [عَن] عبد الله بن عمر: " مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على رجل وَهُوَ يُعَاتب [أَخَاهُ] فِي الْحيَاء يَقُول: إِنَّك تَسْتَحي - حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُول: قد أضرّ بك -[فَقَالَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعه؛ فَإِن الْحيَاء من الْإِيمَان ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ وَغير وَاحِد، قَالُوا: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا كَانَ الْفُحْش فِي شَيْء إِلَّا شانه، وَمَا كَانَ الْحيَاء فِي شَيْء إِلَّا زانه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عبد الرَّزَّاق.
أَبُو بكر الشَّافِعِي: حَدثنَا مُحَمَّد بن غَالب، ثَنَا عَليّ بن الْجَعْد، ثَنَا أَبُو غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف، عَن حسان بن عَطِيَّة، عَن أبي أُمَامَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحَيَاة والعي شعبتان من الْإِيمَان ".
مُحَمَّد بن غَالب هُوَ التمتام، روى عَنهُ قَاسم بن أصبغ الأندلسي الْبَيَانِي.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش، ثَنَا أَبُو مَسْعُود قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن مِمَّا أدْرك النَّاس من كَلَام النُّبُوَّة الأولى: إِذا لم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا شِئْت ".(3/86)
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان الوَاسِطِيّ، ثَنَا عباد - هُوَ ابْن الْعَوام - عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ، عَن ربعي، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " آخر مَا تمسك بِهِ كَلَام النُّبُوَّة الأولى: إِذا لم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا شِئْت ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان وَعبد الرَّحِيم وَمُحَمّد بن بشر، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، ثَنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحيَاء من الْإِيمَان، وَالْإِيمَان فِي الْجنَّة، وَالْبذَاء من الْجفَاء، والجفاء فِي النَّار ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب لَا يستحي من الْحق
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة، عَن أم سَلمَة قَالَت: " جَاءَت أم سليم إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن الله لَا يستحي من الْحق، فَهَل على الْمَرْأَة غسل إِذا احْتَلَمت؟ فَقَالَ: نعم، إِذا رَأَتْ المَاء ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْبذاء وَالْفُحْش
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن يعلى بن مملك، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من شَيْء أثقل فِي ميزَان الْمُؤمن يَوْم الْقِيَامَة من خلق حسن، وَإِن الله ليبغض الْفَاحِش الْبَذِيء ".(3/87)
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة وَأنس وَأُسَامَة بن شريك، وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مغراء، ثَنَا الْحسن ابْن عَمْرو، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن أَبِيه، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ الْمُؤمن بالطعان وَلَا اللّعان وَلَا الْفَاحِش وَلَا الْبَذِيء ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَن الْحسن بن عَمْرو بِهَذَا الْإِسْنَاد أَبُو بكر ابْن عَيَّاش وَعبد الرَّحْمَن بن مغراء.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، ثَنَا هشيم، ثَنَا مَنْصُور بن زَاذَان، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْبذاء من الْجفَاء، والجفاء فِي النَّار، وَالْحيَاء من الْإِيمَان، وَالْإِيمَان فِي الْجنَّة ".
خرجه أَبُو عِيسَى فِي كتاب " الْعِلَل " وَقَالَ: سَأَلَ مُحَمَّدًا عَنهُ، فَقَالَ: هُوَ حَدِيث مَحْفُوظ.
بَاب فِي التأني والعجلة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيع، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن قُرَّة بن خَالِد، عَن أبي جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأشج عبد الْقَيْس: " إِن فِيك خَصْلَتَيْنِ يحبهما الله: الْحلم والأناة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن غَرِيب) .(3/88)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو مُصعب الْمدنِي، ثَنَا عبد الْمُهَيْمِن بن عَبَّاس بن سهل ابْن سعد السَّاعِدِيّ، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الأناة من الله، والعجلة من الشَّيْطَان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَقد تكلم بعض أهل الْعلم فِي عبد الْمُهَيْمِن بن عَبَّاس، وَضَعفه من قبل حفظه، والأشج اسْمه الْمُنْذر بن عَائِذ.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، عَن لَيْث، عَن يزِيد، عَن ابْن سِنَان، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " التأني من الله، والعجلة من الشَّيْطَان ".
لَيْث هُوَ ابْن سعد، وَيزِيد هُوَ ابْن أبي حبيب، وَابْن سِنَان هُوَ سعد، وَيُقَال: سِنَان بن سعد، وَسعد هَذَا ثِقَة، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين.
بَاب الْهَدْي والسمت الصَّالح وَالْوَقار
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن يحيى الْحَرَّانِي، ثَنَا مُحَمَّد - يَعْنِي: ابْن سَلمَة - عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يَعْقُوب بن عتبَة، عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا جلس يتحدث يكثر أَن يرفع طرفه إِلَى السَّمَاء ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا قَابُوس بن أبي ظبْيَان، أَن أَبَاهُ حَدثهُ قَالَ: ثَنَا عبد الله بن عَبَّاس قَالَ: إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْهَدْي الصَّالح والسمت الصَّالح والاقتصاد جُزْء من خَمْسَة وَعشْرين جُزْءا من النُّبُوَّة ".(3/89)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، ثَنَا نوح بن قيس، عَن عبد الله ابْن عمرَان، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن عبد الله بن سرجس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " السمت الْحسن والتؤدة والاقتصاد جُزْء من أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب فِي الْغَضَب
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لما صور الله آدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْجنَّة، تَركه مَا شَاءَ الله أَن يتْركهُ فَجعل إِبْلِيس يطِيف بِهِ ينظر مَا هُوَ، فَلَمَّا رَآهُ أجوف عرف أَنه خلق خلقا لَا يَتَمَالَك ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن أبي حُصَيْن، [عَن أبي صَالح] عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: عَلمنِي شَيْئا، وَلَا تكْثر عَليّ لعَلي أعيه. قَالَ: لَا تغْضب. فردد ذَلِك مرَارًا، كل ذَلِك يَقُول: لَا تغْضب ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن سعيد بن أبي سعيد [عَن سَالم] مولى النصريين قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(3/90)
يَقُول: " [اللَّهُمَّ] إِنَّمَا مُحَمَّد بشر، يغْضب كَمَا يغْضب الْبشر، وَإِنِّي قد اتَّخذت عنْدك عهدا لن تخلفنيه، فأيما مُؤمن آذيته أَو سببته أَو جلدته، فاجعلها لَهُ كَفَّارَة وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة ".
بَاب فضل من كظم غيظه
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس الدوري وَغير وَاحِد قَالُوا: ثَنَا عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، ثَنَا سعيد بن أبي أَيُّوب، حَدثنِي أَبُو مَرْحُوم عبد الرَّحِيم بن مَيْمُون، عَن سهل بن معَاذ بن أنس الجهيني، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كظم غيظاً وَهُوَ يَسْتَطِيع أَن ينفذهُ، دَعَاهُ الله يَوْم الْقِيَامَة على رُءُوس الْخَلَائق حَتَّى يُخبرهُ فِي أَي الْحور شَاءَ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَعبد الْأَعْلَى، قَالَا كِلَاهُمَا: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ الشَّديد بالصرعة، إِنَّمَا الشَّديد الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَعُثْمَان بن أبي شيبَة - وَاللَّفْظ لقتيبة - قَالَا: ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن الْحَارِث بن سُوَيْد، عَن عبد الله ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا تَعدونَ الرقوب فِيكُم؟ قَالَ: قُلْنَا الَّذِي لَا يُولد لَهُ. قَالَ: لَيْسَ (ذَلِك الرقوب) وَلَكِن الرجل الَّذِي لم يقدم من(3/91)
وَلَده شَيْئا. قَالَ: فَمَا تَعدونَ الصرعة فِيكُم؟ قَالَ: قُلْنَا: الَّذِي لَا يصرعه الرِّجَال. قَالَ: لَيْسَ بذلك، وَلكنه الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا زيد بن حباب، حَدثنِي الرّبيع بن سليم، حَدثنِي أَبُو عَمْرو مولى أنس، أَنه سمع أنسا يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من خزن لِسَانه ستر عَوْرَته، وَمن كف غَضَبه كف الله عَنهُ عَذَابه، وَمن اعتذر إِلَى الله قبل الله مِنْهُ عذره ".
بَاب مَا يُقَال عِنْد الْغَضَب
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَمُحَمّد بن الْعَلَاء، قَالَ يحيى: أَنا، وَقَالَ ابْن الْعَلَاء: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عدي بن ثَابت، عَن سُلَيْمَان بن صرد قَالَ: " استب رجلَانِ عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَجعل أَحدهمَا تحمر عَيناهُ، وتنتفخ أوداجه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي لأعرف كلمة لَو قَالَهَا لذهب عَنهُ الَّذِي يجد: أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم. فَقَالَ الرجل: وَهل ترى بِي من جُنُون ".
قَالَ ابْن الْعَلَاء: " فَقَالَ: وَهل ترى " وَلم يذكر " الرجل ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا عدي بن ثَابت، سَمِعت سُلَيْمَان بن صرد - رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " استب رجلَانِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَغَضب أَحدهمَا فَاشْتَدَّ غَضَبه حَتَّى انتفخ أوداجه وَتغَير، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا لذهب عَنهُ الَّذِي يجد، فَانْطَلق إِلَيْهِ الرجل، فَأخْبرهُ بقول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: تعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان. فَقَالَ: أَتَرَى بِي بَأْس، [أمجنون] أَنا، اذْهَبْ ".(3/92)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ثَنَا دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود، عَن أبي ذَر قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لنا: " إِذا غضب أحدكُم وَهُوَ قَائِم فليجلس، فَإِن ذهب عَنهُ الْغَضَب وَإِلَّا فليضطجع ".
بَاب الْغَضَب والشدة لأمر الله
البُخَارِيّ: حَدثنَا يسرة بن صَفْوَان، ثَنَا إِبْرَاهِيم، عَن الزُّهْرِيّ، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخل عَليّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي الْبَيْت قرام فِيهِ صور فَتَلَوَّنَ وَجهه، ثمَّ تنَاول السّتْر فهتكه، وَقَالَت: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يصورون هَذِه الصُّور ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، ثَنَا قيس ابْن أبي حَازِم، عَن أبي مَسْعُود قَالَ: " أَتَى رجل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي أتأخر عَن صَلَاة الْغَدَاة من أجل فلَان، مِمَّا يُطِيل بِنَا. قَالَ: فَمَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطّ أَشد غَضبا فِي موعظة مِنْهُ يَوْمئِذٍ، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِن مِنْكُم منفرين، فَأَيكُمْ مَا صلى بِالنَّاسِ فليتجوز؛ فَإِن فيهم الْمَرِيض وَالْكَبِير وَذَا الْحَاجة ".
بَاب الْعَفو وَالْإِحْسَان وَالصَّبْر والتجاوز
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا نقصت صَدَقَة من مَال، وَلَا زَاد الله [عبدا] بِعَفْو إِلَّا عزا، وَمَا(3/93)
تواضع أحد لله إِلَّا رَفعه الله - عز وَجل ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنبأَنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت أَبَا عبد الله الجدلي يَقُول: " سَأَلت عَائِشَة عَن خلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَت: لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشاً وَلَا (سخاباً) فِي الْأَسْوَاق، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة، وَلَكِن يعْفُو ويصفح "
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، أَبُو عبد الله الجدلي اسْمه عبد ابْن عبد، وَيُقَال: عبد الرَّحْمَن بن عبد.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن الْوَلِيد بن عبد الله بن جَمِيع، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا تَكُونُوا إمعة تَقولُونَ: إِن أحسن النَّاس أحسنا، وَإِن ظلمُوا ظلمنَا، وَلَكِن وطنوا أَنفسكُم إِن أحسن النَّاس أَن تحسنوا، وَإِن أساءوا فَلَا تظلموا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْأنْصَارِيّ، ثَنَا معن، ثَنَا مَالك بن أنس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَطاء بن يزِيد، عَن أبي سعيد " أَن نَاسا من الْأَنْصَار سَأَلُوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَعْطَاهُمْ، ثمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثمَّ قَالَ: مَا يكون عِنْدِي من خير فَلَنْ أدخره عَنْكُم، وَمن يسْتَغْن يغنه الله، وَمن يستعفف يعفه الله، وَمن يصبر يصبره الله، وَمَا أعطي أحد شَيْئا هُوَ خير وأوسع من الصَّبْر ".(3/94)
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن أنس، وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عبد الله - يَعْنِي: ابْن الزبير - فِي قَوْله: {خُذ الْعَفو} قَالَ: " أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يَأْخُذ الْعَفو من أَخْلَاق النَّاس ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة وَأَبُو أُسَامَة، عَن الْأَعْمَش، عَن سعيد بن جُبَير، عَن أبي عبد الرَّحْمَن [السّلمِيّ] عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا أحد أَصْبِر على أَذَى سَمعه من الله - عز وَجل - إِنَّه يُشْرك بِهِ، وَيجْعَل لَهُ الْوَلَد، ثمَّ يعافيهم ويرزقهم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا عبَادَة بن مُسلم، ثَنَا يُونُس بن خباب، عَن سعيد الطَّائِي أبي البخْترِي أَنه قَالَ: حَدثنِي أَبُو كَبْشَة الْأَنمَارِي، أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ثَلَاثَة أقسم عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثكُمْ حَدِيثا فاحفظوه، قَالَ: مَا نقص مَال عبد من صَدَقَة، وَلَا ظلم عبد مظْلمَة صَبر عَلَيْهَا إِلَّا زَاده الله عزا، وَلَا فتح عبد بَاب مَسْأَلَة إِلَّا فتح الله عَلَيْهِ بَاب فقر - أَو كلمة نَحْوهَا - وَأُحَدِّثكُمْ حَدِيثا فاحفظوه، قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مَالا وعلماً، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهَا ربه، ويصل فِيهِ رَحمَه، وَيعلم لله فِيهِ حَقًا، فَهَذَا بِأَفْضَل الْمنَازل، وَعبد رزقه الله علما وَلم يرزقه مَالا، فَهُوَ صَادِق النِّيَّة، يَقُول: لَو أَن لي(3/95)
مَالا، لعملت بِعَمَل فلَان فَهُوَ نِيَّته، فأجرهما سَوَاء، وَعبد رزقه الله مَالا وَلم يرزقه علما، يخبط فِي مَاله بِغَيْر علم، لَا يَتَّقِي فِيهِ ربه، وَلَا يصل فِيهِ رَحمَه، وَلَا يعلم لله فِيهِ حَقًا، فَهَذَا بأخبث الْمنَازل، وَعبد لم يرزقه الله مَالا وَلَا علما، فَهُوَ يَقُول: لَو أَن لي مَالا، لعملت فِيهِ بِعَمَل فلَان، فوزرهما سَوَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
سَيَأْتِي هَذَا الحَدِيث من طَرِيق ابْن أبي شيبَة فِي بَاب ضرب الْأَمْثَال، وَهُنَاكَ يَأْتِي ذكر يُونُس بن خباب - إِن شَاءَ الله - وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ زِيَادَة.
بَاب حسن الْعَهْد
البُخَارِيّ: حَدثنِي عبيد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، [عَن هِشَام] ، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " مَا غرت على امْرَأَة، مَا غرت على خَدِيجَة، وَلَقَد هَلَكت قبل أَن يَتَزَوَّجنِي بِثَلَاث سِنِين، لما كنت أسمعهُ يذكرهَا، وَلَقَد أمره ربه أَن يبشرها بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب، وَإِن كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليذبح الشَّاة، ثمَّ يهدي فِي خلتها مِنْهَا ".
بَاب حسن الْخلق
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الْوَهَّاب، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا ".
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن سعيد، ثَنَا عبد الله بن وهب، حَدثنِي مُعَاوِيَة. يَعْنِي: ابْن صَالح - عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن نواس بن سمْعَان قَالَ: " أَقمت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَدِينَةِ سنة، مَا يَمْنعنِي من الْهِجْرَة إِلَّا(3/96)
الْمَسْأَلَة، كَانَ أَحَدنَا إِذا هَاجر لم يسْأَل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن شَيْء، قَالَ: فَسَأَلته عَن الْبر وَالْإِثْم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْبر حسن الْخلق، وَالْإِثْم مَا حاك فِي نَفسك وكرهت أَن يطلع عَلَيْهِ النَّاس ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا حَفْص بن عمر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سُلَيْمَان، سَمِعت أَبَا وَائِل قَالَ: سَمِعت مسروقاً قَالَ: " دَخَلنَا على عبد الله بن عَمْرو حِين قدم مُعَاوِيَة إِلَى الْكُوفَة، فَذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشاً. وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من أخيركم أحسنكم أَخْلَاقًا ".
وللبخاري: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " إِن من أحبكم إِلَيّ أحسنكم أَخْلَاقًا ".
رَوَاهُ عَن حَفْص بن عمر، عَن شُعْبَة بِالْإِسْنَادِ الأول.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، أَنا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، سَمِعت أَبَا وَائِل، يحدث عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خياركم أحاسنكم أَخْلَاقًا. وَلم يكن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاحِشا وَلَا متفحشاً ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا قبيصَة بن اللَّيْث الْكُوفِي، عَن مطرف، عَن عَطاء، عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا من شَيْء يوضع فِي الْمِيزَان أثقل من حسن الْخلق، وَإِن صَاحب حسن الْخلق ليبلغ بِهِ دَرَجَة صَاحب الصَّوْم وَالصَّلَاة ".(3/97)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا زَكَرِيَّا بن يحيى الطَّائِي، ثَنَا شُعَيْب بن الحبحاب، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا، وَإِن حسن الْخلق ليبلغ دَرَجَة الصَّوْم وَالصَّلَاة ".
تفرد بِهِ زَكَرِيَّا، عَن شُعَيْب، عَن أنس.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك المخرمي، ثَنَا الْأسود بن سَالم، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّكُم لن تسعوا النَّاس بأموالكم، وَلَكِن يسعهم مِنْكُم بسط الْوَجْه وَحسن الْخلق ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن ابْن إِدْرِيس، عَن أَبِيه، عَن جده إِلَّا الْأسود ابْن سَالم، وَكَانَ ثِقَة بغدادياً.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، حَدثنِي أبي عَن جدي، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس الْجنَّة. قَالَ: تقوى الله، وَحسن الْخلق. وَسُئِلَ عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار، قَالَ: الْفَم والفرج ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن صَحِيح غَرِيب) .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن مَيْمُون بن أبي شبيب، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ لي(3/98)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اتَّقِ الله حَيْثُمَا كنت، وأتبع السَّيئَة الْحَسَنَة تمحها، وخالق النَّاس بِخلق حسن ".
وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا شُعْبَة والمسعودي، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن أُسَامَة بن شريك قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا خير مَا أعطي النَّاس؟ قَالَ: خلق حسن ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان الدِّمَشْقِي، ثَنَا أَبُو كَعْب أَيُّوب [بن] مُحَمَّد السَّعْدِيّ، حَدثنِي سُلَيْمَان بن حبيب الْمحَاربي، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا زعيم بِبَيْت فِي ربض الْجنَّة، لمن ترك المراء وَإِن كَانَ محقاً، وببيت فِي وسط الْجنَّة لمن ترك الْكَذِب وَإِن كَانَ مازحاً، وببيت فِي أَعلَى الْجنَّة لمن حسن خلقه ".
أَيُّوب بن مُحَمَّد لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا مُحَمَّد بن عُثْمَان الدِّمَشْقِي، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: أَيُّوب بن مُوسَى.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " خدمت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشر سِنِين قَالَ: فَمَا قَالَ لي أُفٍّ قطّ، وَمَا قَالَ لشَيْء صَنعته لم صَنعته؟ وَلَا لشَيْء تركته لم تركته؟ وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أحسن النَّاس خلقا، وَلَا مسست خَزًّا وَلَا حَرِيرًا قطّ وَلَا شَيْئا أَلين من كف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا شممت مسكاً وَلَا عطراً كَانَ أطيب من عرق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة والبراء، هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/99)
بَاب بسط الْوَجْه
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا أَبُو [هِشَام] ، ثَنَا سَلام بن مِسْكين، ثَنَا عقيل بن طَلْحَة السّلمِيّ، عَن أبي جري الهُجَيْمِي أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، إِنَّا قوم من أهل الْبَادِيَة فَنحب أَن تعلمنا عملا لَعَلَّ الله أَن ينفعنا بِهِ. قَالَ: لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا وَلَو أَن تفرغ من دلوك فِي إِنَاء المستقي، وَلَو أَن تكلم أَخَاك ووجهك إِلَيْهِ منبسط، وَإِيَّاك وتسبيل الْإِزَار فَإِنَّهَا من الْخُيَلَاء، وَالْخُيَلَاء لَا يُحِبهَا الله، وَإِذا سبك رجل بِمَا يُعلمهُ فِيك، فَلَا تسبه بِمَا تعلمه فِيهِ، فَإِنَّهُ يكون أجر ذَلِك لَك ووباله عَلَيْهِ ".
عقيل ثِقَة مَشْهُور، وَسَلام ثِقَة صَالح.
بَاب حسن الْعشْرَة وَمن لم يواجه النَّاس بالعتاب
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا مُسلم، عَن مَسْرُوق، قَالَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " صنع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا فَرخص فِيهِ، فتنزه عَنهُ قوم، فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَخَطب فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ: مَا بَال أَقوام يتنزهون عَن الشَّيْء أصنعه، فوَاللَّه إِنِّي لأعلمهم بِاللَّه، وأشدهم لَهُ خشيَة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُسلم، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنَاس من الْيَهُود فَقَالُوا: السام عَلَيْكُم يَا أَبَا الْقَاسِم، قَالَ: وَعَلَيْكُم. قَالَت عَائِشَة: قلت: بل عَلَيْكُم السام والذام، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا عَائِشَة، لَا تَكُونِي فَاحِشَة. فَقَالَت: مَا سَمِعت مَا قَالُوا؟ فَقَالَ:(3/100)
أَو لَيْسَ قد رددت عَلَيْهِم الَّذِي قَالُوا، قلت: وَعَلَيْكُم ".
وحدثناه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا يعلى بن عبيد، ثَنَا الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد غير أَنه قَالَ: " ففطنت بهم عَائِشَة، فسبتهم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَه يَا عَائِشَة، فَإِن الله لَا يحب الْفُحْش والتفحش " وَزَاد " وَأنزل الله - عزوجل -: {وَإِذا جاءوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله} إِلَى آخر الْآيَة ".
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن الْمُنْكَدر، سمع عُرْوَة بن الزبير يَقُول: حَدَّثتنِي عَائِشَة " أَن رجلا اسْتَأْذن على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: ائذنوا لَهُ، فلبئس ابْن الْعَشِيرَة - أَو بئس رجل الْعَشِيرَة - فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ ألان لَهُ القَوْل، قَالَت عَائِشَة: فَقلت: يَا رَسُول الله، قلت لَهُ الَّذِي قلت ثمَّ ألنت لَهُ القَوْل! قَالَ: يَا عَائِشَة، إِن شَرّ النَّاس منزلَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة من ودعه - أَو تَركه - النَّاس اتقاء فحشه ".
وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن ابْن الْمُنْكَدر فِي هَذَا الْإِسْنَاد مثل مَعْنَاهُ غير أَنه قَالَ: " بئس أَخُو الْقَوْم وَابْن الْعَشِيرَة هَذَا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة فِي هَذِه الْقِصَّة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا عَائِشَة، إِن الله لَا يحب الْفَاحِش الْمُتَفَحِّش ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا أَبُو قطن، أَنا مبارك - هُوَ ابْن فضَالة -(3/101)
عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " مَا رَأَيْت رجلا الْتَقم أذن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فينحي رَأسه حَتَّى يكون الرجل هُوَ الَّذِي ينحي رَأسه، وَمَا رَأَيْت رجلا أَخذ بِيَدِهِ فَترك يَده حَتَّى يكون الرجل هُوَ الَّذِي يدع يَده ".
أَبُو قطن اسْمه عَمْرو بن الْهَيْثَم.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَبدة بن عبد الله الْقَسْمَلِي، حَدثنَا يُونُس بن عبيد الله العميري، ثَنَا مبارك بن فضَالة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله يحب مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَيكرهُ سفسافها ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر إِلَّا الْمُبَارك بن فضَالة، يُونُس بن عبيد الله لَا بَأْس بِهِ، روى عَنهُ مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن حسان وعدة غَيرهمَا.
بَاب مَا جَاءَ فِي الغليظ الْفظ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا غنْدر، ثَنَا شُعْبَة، عَن معبد بن خَالِد، سَمِعت حَارِثَة بن وهب سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَلا أدلكم على أهل الْجنَّة، كل ضَعِيف متضعف لَو أقسم على الله لَأَبَره، وعَلى أهل النَّار، كل جواظ عتل مستكبر ".
بَاب فِي السخاء
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن زِيَاد، أَنا إِبْرَاهِيم، عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَجود النَّاس بِالْخَيرِ، وَكَانَ أَجود مَا يكون فِي شهر رَمَضَان، إِن جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - كَانَ يلقاه فِي كل سنة فِي رَمَضَان حَتَّى يَنْسَلِخ فَيعرض عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -(3/102)
الْقُرْآن، فَإِذا لقِيه جِبْرِيل كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَجود بِالْخَيرِ من الرّيح الْمُرْسلَة ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن الْمُنْكَدر، سمع جَابر بن عبد الله قَالَ: " مَا سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا قطّ فَقَالَ: لَا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو الْخطاب زِيَاد بن يحيى الْبَصْرِيّ، ثَنَا حَاتِم بن وردان، ثَنَا أَيُّوب، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: " قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّه لَيْسَ لي من بَيْتِي إِلَّا مَا أَدخل عَليّ الزبير أفأعطي؟ قَالَ: نعم، وَلَا توكي فيوكى عَلَيْك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا جَاءَ فِي الشُّح
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا دَاوُد - يَعْنِي ابْن قيس - عَن عبيد الله بن مقسم، عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اتَّقوا الظُّلم؛ فَإِن الظُّلم ظلمات يَوْم الْقِيَامَة، وَاتَّقوا الشُّح؛ فَإِن الشُّح أهلك من كَانَ قبلكُمْ، حملهمْ على أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عَليّ الرقي، ثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان - هُوَ الثَّوْريّ - عَن مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ(3/103)
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يحب الله ثَلَاثَة، وَيبغض ثَلَاثَة، [يبغض: المختال] الْمقل، والبخيل المستكثر، وَالشَّيْخ الزَّانِي ".
بَاب صنائع الْمَعْرُوف
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس بن عبد الْعَظِيم الْعَنْبَري، ثَنَا النَّضر بن مُحَمَّد الجرشِي، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، ثَنَا أَبُو زميل، عَن مَالك بن مرْثَد، عَن أَبِيه، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تبسمك فِي وَجه أَخِيك لَك صَدَقَة، وأمرك بِالْمَعْرُوفِ ونهيك عَن الْمُنكر لَك صَدَقَة، وإرشادك الرجل فِي أَرض الضلال لَك صَدَقَة، وبصرك للرجل الرَّدِيء الْبَصَر لَك صَدَقَة، وإماطتك الْحجر والشوكة والعظم عَن الطَّرِيق لَك صَدَقَة، وإفراغك من دلوك فِي دلو أَخِيك لَك صَدَقَة ".
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن ابْن مَسْعُود وَجَابِر وَحُذَيْفَة وَعَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة. قَالَ أَبُو عِيسَى: وَهَذَا حَدِيث (غَرِيب) وَأَبُو زميل اسْمه سماك بن الْوَلِيد الْحَنَفِيّ.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن، عَن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، ثَنَا طَلْحَة الأيامي، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة، عَن الْبَراء قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، عَلمنِي عملا يدخلني الْجنَّة. قَالَ: لَئِن كنت أقصرت الْخطْبَة، لقد أَعرَضت الْمَسْأَلَة، فَقَالَ: أعتق النَّسمَة، وَفك الرَّقَبَة. قَالَ: أَو ليستا وَاحِدًا؟ قَالَ: لَا، عتق النَّسمَة أَن تنفرد بِعتْقِهَا، وَفك الرَّقَبَة أَن تعين فِي ثمنهَا. والمنحة الوكوف والفيء على ذِي الرَّحِم الظَّالِم، فَإِن لم تطق ذَلِك فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وانه عَن الْمُنكر، فَإِن لم تطق ذَلِك فَكف لسَانك إِلَّا من خير ".
عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة سمع الْبَراء، سمع مِنْهُ طَلْحَة هَذَا وقنان وَالضَّحَّاك، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ فِي تَارِيخه.(3/104)
بَاب شكر الْمَعْرُوف والمكافأة عَلَيْهِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش [عَن مُجَاهِد] ، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من استعاذ بِاللَّه - عز وَجل - فأعيذوه، وَمن سَأَلَ بِاللَّه فَأَعْطوهُ، وَمن دعَاكُمْ فأجيبوه، وَمن صنع إِلَيْكُم مَعْرُوفا فكافئوه، فَإِن لم تَجدوا مَا تكافئونه؛ فَادعوا لَهُ حَتَّى تروا أَن قد كافأتموه ".
رَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار: عَن فُضَيْل بن حُسَيْن، عَن أبي عوَانَة.
وَعَن عبد الْوَاحِد بن غياث، عَن عبد الْعَزِيز بن مُسلم، كِلَاهُمَا عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: " فَادعوا لَهُ حَتَّى يعلم أَن قد كافأتموه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن الْمروزِي بِمَكَّة، ثَنَا ابْن أبي عدي، ثَنَا حميد، عَن أنس قَالَ: " لما قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة أَتَاهُ الْمُهَاجِرُونَ، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا رَأينَا قوما أبذل من كثير، وَلَا أحسن مواساة من قَلِيل من قوم نزلنَا بَين أظهرهم، لقد كفونا المئونة، وأشركونا فِي المهنإ حَتَّى لقد خفنا أَن يذهبوا بِالْأَجْرِ كُله. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا مَا دعوتم الله لَهُم، وأثنيتم عَلَيْهِم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح من هَذَا الْوَجْه.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ: عَن مُحَمَّد بن معمر، عَن يحيى بن حَمَّاد، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ فِيهِ: " أَلَيْسَ تثنون عَلَيْهِم، وتدعون لَهُم؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: فَذَاك بِذَاكَ ".(3/105)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن الْمروزِي بِمَكَّة وَإِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، قَالَا: ثَنَا الْأَحْوَص بن جَوَاب، عَن [سعير] بن الْخَمِيس، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صنع إِلَيْهِ مَعْرُوف، فَقَالَ لفَاعِله: جَزَاك الله خيرا، فقد أبلغ فِي الثَّنَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (جيد غَرِيب) لَا نعرفه من حَدِيث أُسَامَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر فِي جَامعه: سعير بن الْخمس ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث. وَذكر هَذَا الحَدِيث فِي كتاب " الْعِلَل " وَذكر تَضْعِيف البُخَارِيّ لسعير وَقَالَ: هُوَ قَلِيل الحَدِيث، تروى عَنهُ مَنَاكِير.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن الرّبيع بن مُسلم، ثَنَا مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من لَا يشْكر النَّاس، لَا يشْكر الله ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/106)
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن الْجراح، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أبلى بلَاء فَذكره فقد شكره، وَإِن كتمه فقد كفره ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن الْفضل بن (دُكَيْن) أَنا مُحَمَّد بن طَلْحَة، عَن عبد الله بن شريك، عَن [عبد الرَّحْمَن] بن عدي، عَن الْأَشْعَث بن قيس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أشكر النَّاس لله أشكر النَّاس للنَّاس ".
بَاب قَول الْمَعْرُوف
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار، عَن خَيْثَمَة، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: " ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّار؛ فتعوذ مِنْهَا، وأشاح بِوَجْهِهِ، ثمَّ ذكر النَّار؛ فتعوذ مِنْهَا، وأشاح بِوَجْهِهِ - قَالَ شُعْبَة: أما مرَّتَيْنِ فَلَا أَشك - ثمَّ قَالَ: اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة، فَإِن لم تَجِد فبكلمة طيبَة ".
بَاب كل مَعْرُوف صَدَقَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عَيَّاش، ثَنَا أَبُو غَسَّان، ثَنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل مَعْرُوف صَدَقَة ".(3/107)
بَاب لَا يحتقر من الْمَعْرُوف شَيْء
مُسلم: حَدثنِي أَبُو غَسَّان المسمعي، ثَنَا عُثْمَان بن عمر، ثَنَا أَبُو عَامر - يَعْنِي الخزاز - عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا، وَلَو أَن تلقى أَخَاك بِوَجْه طليق ".
بَاب مُوالَاة الصَّالِحين ومحبتهم
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَبَّاس، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، أَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جهازاً غير سر - يَقُول: " إِن آل أبي - قَالَ عَمْرو: فِي كتاب مُحَمَّد بن جَعْفَر بَيَاض - لَيْسُوا بأولياء، إِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ ".
بَاب الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن (عبد الله) أَنا جرير، عَن مَنْصُور، عَن طلق بن حبيب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث من كن فِيهِ وجد حلاوة الْإِيمَان وطعمه: أَن يكون الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا، وَأَن يحب فِي الله، وَأَن يبغض فِي الله، وَأَن توقد نَار عَظِيمَة فَيَقَع فِيهَا أحب إِلَيْهِ من أَن يُشْرك بِاللَّه شَيْئا ".
طلق بن حبيب روى عَن أنس وَجَابِر وَابْن الزبير، قَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ: مَا رَأَيْت عبدا أعبد من طلق، ونهاني سعيد بن جُبَير عَن مُجَالَسَته، قَالَ: كَانَ يرى الإرجاء. ذكر ذَلِك البُخَارِيّ، وَقَالَ أَبُو زرْعَة: طلق بن حبيب ثِقَة وَلكنه يرى(3/108)
الإرجاء. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: طلق صَدُوق فِي الحَدِيث، وَكَانَ يرى الإرجاء ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم، وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: طلق بن حبيب ثِقَة عِنْدهم فِيمَا نقل، وَلكنه رَأس من رُءُوس المرجئة، وَكَانَ مَالك يثني عَلَيْهِ فِي عِبَادَته وفضله وَلَا يرضى مذْهبه.
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يجد أحد حلاوة الْإِيمَان حَتَّى يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله، وَحَتَّى أَن يقذف فِي النَّار أحب إِلَيْهِ من أَن يرجع إِلَى الْكفْر بعد إِذْ أنقذه الله، وَحَتَّى يكون الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا ".
الْبَزَّار: أخبرنَا مُحَمَّد بن حَرْب الوَاسِطِيّ، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا مبارك ابْن فضَالة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا تحاب اثْنَان فِي الله - تبَارك وَتَعَالَى - إِلَّا كَانَ أفضلهما أَشد حبا لصَاحبه ".
بَاب فضل الْحبّ فِي الله
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن عبيد الله، حَدثنِي خبيب ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن خفص بن عَاصِم، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَبْعَة يظلهم الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله ... " فَذكر الحَدِيث قَالَ: ورجلان تحابا فِي الله، اجْتمعَا عَلَيْهِ، وتفرقا عَلَيْهِ ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن زيد الْفَرَائِضِي وفهد بن سُلَيْمَان وَالْحسن بن عبد الله بن مَنْصُور البالسي، قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يُونُس بن حَلبس، عَن أبي إِدْرِيس عَائِذ الله قَالَ: " دخلت مَسْجِد حمص،(3/109)
فَقَعَدت فِي حَلقَة فِيهَا نَيف وَثَلَاثُونَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُم يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول كَذَا وَكَذَا، وينصت الْآخرُونَ، وَيَقُول الرجل مِنْهُم: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول كَذَا، وينصت الْآخرُونَ، وَفِيهِمْ فَتى أدعج براق الثنايا، إِذا اخْتلفُوا فِي شَيْء انْتَهوا إِلَى قَوْله، فَلَمَّا انصرفت إِلَى منزلي بت بأطول لَيْلَة، فَقلت: جَلَست فِي حَلقَة فِيهَا كَذَا وَكَذَا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا أعرف مَنَازِلهمْ وَلَا أَسْمَاءَهُم، فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت إِلَى الْمَسْجِد، فَإِذا الْفَتى الأدعج قَاعِدا إِلَى سَارِيَة فَجَلَست إِلَيْهِ، فَقلت: إِنِّي لَأحبك لله - عز وَجل - فَأخذ بحبوتي حَتَّى مست ركبتي رُكْبَتَيْهِ، ثمَّ قَالَ: آللَّهُ إِنَّك لتحبني لله - عز وَجل -؟ فَقلت: الله إِنِّي لَأحبك لله - عز وَجل - قَالَ: أَفلا أخْبرك بِشَيْء سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقلت: بلَى، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: المتحابون فِي الله يظلهم الله - عز وَجل - بِظِل عَرْشه يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله. قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحن كَذَلِك إِذْ مر رجل مِمَّن كَانَ فِي الْحلقَة، فَقُمْت إِلَيْهِ فَقلت: إِن هَذَا حَدثنِي بِحَدِيث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهَل سمعته مِنْهُ؟ قَالَ: وَمَا حَدثَك؟ مَا كَانَ ليحدثك إِلَّا حَقًا. فَأَخْبَرته فَقَالَ: قد سَمِعت هَذَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَا هُوَ أفضل مِنْهُ، سمعته يَقُول - يأثر عَن الله عز وَجل -: حقت محبتي للمتحابين فِي، وحقت محبتي للمتواصلين فِي، وحقت محبتي للمتزاورين فِي، وحقت محبتي للمتباذلين فِي. قلت: من أَنْت يَرْحَمك الله؟ قَالَ: عبَادَة بن الصَّامِت. قلت: فَمن الْفَتى؟ قَالَ: معَاذ بن جبل ".
ذكر سَماع أبي إِدْرِيس من معَاذ فِي هَذَا الحَدِيث عَطاء بن عبد الله الْخُرَاسَانِي، وَيُونُس بن ميسرَة بن حَلبس، والوليد بن عبد الرَّحْمَن، وَأَبُو حَازِم بن دِينَار.
مَالك بن أنس: عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن معمر، عَن أبي الْحباب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " [إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - يَقُول يَوْم(3/110)
الْقِيَامَة:] أَيْن المتحابون بجلالي؟ الْيَوْم أظلهم فِي ظِلِّي يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي ".
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا كثير بن هِشَام، ثَنَا جَعْفَر بن برْقَان، ثَنَا حبيب بن أبي مَرْزُوق، عَن عَطاء بن رَبَاح، عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ، حَدثنِي معَاذ بن جبل قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " قَالَ الله: المتحابون فِي جلالي لَهُم مَنَابِر من نور، يَغْبِطهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاء ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأَبُو مُسلم اسْمه عبد الله بن ثوب.
بَاب الْمَرْء مَعَ من أحب
مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ عُثْمَان: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، ثَنَا أنس ابْن مَالك قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَارِجين من الْمَسْجِد، فلقينا رجل عِنْد سدة الْمَسْجِد، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَتى السَّاعَة؟ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا أَعدَدْت لَهَا؟ قَالَ: فَكَأَن الرجل استكان، ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله، مَا أَعدَدْت لَهَا كَبِير صَلَاة وَلَا صِيَام وَلَا صَدَقَة، وَلَكِنِّي أحب الله وَرَسُوله. قَالَ: فَأَنت مَعَ من أَحْبَبْت ".
مُسلم: بِإِسْنَادِهِ إِلَى جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ ترى رجلا أحب قوما وَلما يلْحق بهم؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمَرْء مَعَ من أحب ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا وهب بن بَقِيَّة، أَنا خَالِد، عَن يُونُس بن عبيد، عَن(3/111)
ثَابت، عَن أنس قَالَ: " رَأَيْت أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرحوا بِشَيْء لم أرهم فرحوا بِشَيْء أَشد مِنْهُ، قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، الرجل يحب الرجل على الْعَمَل من الْخَيْر يعْمل بِهِ وَلَا يعْمل مثله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمَرْء مَعَ من أحب ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن عَاصِم، عَن زر بن حُبَيْش قَالَ: " أتيت صَفْوَان بن عَسَّال ... " فَذكر الحَدِيث، وَفِيه عَن صَفْوَان قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض أَسْفَاره فناداه رجل كَانَ فِي آخر الْقَوْم بِصَوْت جَهورِي - أَعْرَابِي جلف جَاف - فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، يَا مُحَمَّد. فَقَالَ لَهُ الْقَوْم: مَه إِنَّك نهيت عَن هَذَا. فَأَجَابَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوا من صَوته: هاؤم. فَقَالَ: الرجل يحب الْقَوْم وَلم يلْحق بهم. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمَرْء مَعَ من أحب ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَفِي طَرِيق أُخْرَى لَهُ صححها أَيْضا: " الْمَرْء مَعَ من أحب يَوْم الْقِيَامَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو [هِشَام] الرِّفَاعِي، ثَنَا حَفْص بن غياث، عَن (أَشْعَث) ، عَن الْحسن، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمَرْء مَعَ من أحب، وَله مَا اكْتسب ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا غفر بن مُسلم، ثَنَا همام بن(3/112)
يحيى قَالَ: سَمِعت إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، حَدثنِي شيبَة الخضري، أَنه شهد عُرْوَة يحدث عمر بن عبد الْعَزِيز، عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَجْعَل الله رجلا لَهُ سهم فِي الْإِسْلَام كمن لَا سهم لَهُ، وسهام الْإِسْلَام: الصَّوْم، وَالصَّلَاة، وَالصَّدَََقَة، وَلَا يتَوَلَّى الله رجلا فِي الدُّنْيَا فيوليه يَوْم الْقِيَامَة غَيره، وَلَا يحب رجل قوما إِلَّا جامعهم يَوْم الْقِيَامَة، قَالَ: وَالرَّابِعَة، لَا يستر الله على عبد ذَنبا فِي الدُّنْيَا إِلَّا ستر الله عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة. فَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز: إِذا سَمِعْتُمْ مثل هَذَا الحَدِيث من مثل عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاحفظوه ".
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا حَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
بَاب إِذا أحب الرجل أَخَاهُ فليعلمه
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، ثَنَا ثَوْر بن يزِيد، عَن حبيب، عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أحب أَخَاهُ أحدكُم فليعلمه إِيَّاه ".
وَفِي الْبَاب عَن أنس وَأبي ذَر، قَالَ أَبُو عِيسَى: وَحَدِيث الْمِقْدَام حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب.
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عقيل النَّيْسَابُورِي، ثَنَا عَليّ بن الْحُسَيْن - وَهُوَ ابْن وَاقد - حَدثنِي أبي، عَن ثَابت، حَدثنِي أنس بن مَالك قَالَ: " كنت جَالِسا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ مر رجل، فَقَالَ رجل من الْقَوْم: يَا نَبِي الله، وَالله إِنِّي لأحب هَذَا الرجل. قَالَ: هَل أعلمته ذَلِك؟ قَالَ: لَا. قَالَ: قُم فَأعلمهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَالله يَا هَذَا، إِنِّي لَأحبك. فَقَالَ: أحبك الَّذِي أحببتني لَهُ ".(3/113)
رَوَاهُ الْحسن بن مُوسَى، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن (حبيب ابْن سبيعة) الضبعِي، عَن الْحَارِث " أَن رجلا كَانَ عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَمر بِهِ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أحبه فِي الله. . " وَذكر الحَدِيث.
وَرَوَاهُ الْحجَّاج، عَن حَمَّاد، عَن ثَابت، عَن حبيب بن أبي سبيعة، [عَن الْحَارِث] عَن رجل حَدثهُ بِهَذَا الحَدِيث، والْحَارث لَهُ صُحْبَة، قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: وَهَذَا الصَّوَاب عندنَا.
بَاب تعارف الْأَرْوَاح وتناكرها
مُسلم " حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْأَرْوَاح أجناد مجندة، فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف، وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف ".
رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة: عَن خَالِد بن مخلد، عَن مُوسَى بن يَعْقُوب، عَن سُهَيْل، وَقَالَ: " جنود مجندة تَطوف بِاللَّيْلِ ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنِي كثير بن هِشَام، ثَنَا جَعْفَر بن برْقَان، ثَنَا يزِيد بن الْأَصَم، عَن أبي هُرَيْرَة بِحَدِيث يرفعهُ، قَالَ: " النَّاس معادن، كمعادن الذَّهَب وَالْفِضَّة، خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف، وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف ".(3/114)
بَاب إِذا أحب الله عبدا حببه إِلَى عباده
البُخَارِيّ: حَدثنَا ابْن سَلام، أَنا مخلد، أَنا ابْن جريج، أَخْبرنِي مُوسَى ابْن عقبَة، عَن نَافِع، عَن أبي هُرَيْرَة - وَتَابعه أَبُو عَاصِم، عَن ابْن جريج [قَالَ: أَخْبرنِي مُوسَى بن عقبَة] ، عَن نَافِع، عَن أبي هُرَيْرَة - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أحب الله العَبْد نَادَى جِبْرِيل: إِن الله يحب فلَانا فأحببه. فَيُحِبهُ جِبْرِيل، فينادي جِبْرِيل فِي أهل السَّمَاء: إِن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ. فَيُحِبهُ أهل السَّمَاء، ثمَّ [يوضع] لَهُ الْقبُول فِي الأَرْض ".
بَاب مَا يَدْعُو إِلَى التحابب
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن أبي شُعَيْب، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تدخلون الْجنَّة حَتَّى تؤمنوا، وَلَا تؤمنوا حَتَّى تحَابوا، أَفلا أدلكم على أَمر إِذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السَّلَام بَيْنكُم ".
بَاب الزِّيَارَة فِي الله
مُسلم: حَدثنِي عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن رجلا زار أَخا لَهُ فِي قَرْيَة أُخْرَى، فأرصد الله لَهُ على مدرجته ملكا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْن تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيد أَخا لي فِي هَذِه الْقرْيَة. قَالَ: هَل لَك عَلَيْهِ من نعْمَة تربها؟ قَالَ: لَا، غير أَنِّي أحببته فِي الله - عز وَجل - قَالَ: فَإِنِّي رَسُول الله إِلَيْك بِأَن الله قد أحبك كَمَا أحببته فِيهِ ".(3/115)
بَاب الزِّيَارَة كل يَوْم
البُخَارِيّ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم، أَنا هِشَام، عَن معمر، وَقَالَ اللَّيْث: حَدثنِي عقيل، قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، أَن عَائِشَة قَالَت: " لم أَعقل أبواي إِلَّا وهما يدينان الدَّين، وَلم يمر علينا يَوْم إِلَّا يأتينا فِيهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طرفِي النَّهَار بكرَة وعشياً ... " وَذكر الحَدِيث.
بَاب فضل الزِّيَارَة فِي الله
مَالك: عَن أبي حَازِم بن دِينَار، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن معَاذ - سمعته مِنْهُ - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى -: وَجَبت محبتي للمتحابين فِي، والمتجالسين فِي، والمتباذلين فِي، والمتزاورين فِي ".
بَاب إكرام الزائر وَمن ألقِي لَهُ وسَادَة
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن شاهين الوَاسِطِيّ، ثَنَا خَالِد بن عبد الله، عَن خَالِد
خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة قَالَ: حَدثنِي أَبُو الْمليح قَالَ: " دخلت مَعَ أَبِيك
على عبد الله بن عَمْرو، فحدثنا أَن رَسُول الله
ذكر لَهُ صومي، فَدخل عَليّ
فألقيت لَهُ وسَادَة من أَدَم حشوها لِيف، فَجَلَسَ على الأَرْض، فَصَارَت الوسادة
بيني وَبَينه، فَقَالَ: أما يَكْفِيك من كل شهر ثَلَاثَة أ] ام ... " وَذكر الحَدِيث.
بَاب قَول مرْحَبًا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمرَان بن ميسرَة، ثَنَا عبد الْوَارِث، ثَنَا أَبُو التياح، عَن أبي جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لما قدم وَفد عبد الْقَيْس على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: مرْحَبًا بالوفد الَّذين جَاءُوا غير خزايا وَلَا ندامى. فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا حَيّ من(3/116)
ربيعَة وبيننا وَبَيْنك مُضر، وَإِنَّا لَا نصل إِلَيْك إِلَّا فِي الشَّهْر الْحَرَام، فمرنا بِأَمْر فصل ندخل بِهِ الْجنَّة، وندعو بِهِ من وَرَاءَنَا. فَقَالَ: أَربع وَأَرْبع: أقِيمُوا الصَّلَاة، وَآتوا الزَّكَاة، وصوموا رَمَضَان، وأعطوا خمس مَا غَنِمْتُم، وَلَا تشْربُوا فِي الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت ".
بَاب فدَاك أبي
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن شَدَّاد، عَن عَليّ قَالَ: " مَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفْدي أحدا غير سعد يَقُول: ارْمِ، فدَاك أبي وَأمي. أَظُنهُ يَوْم أحد ".
بَاب لبيْك وَسَعْديك
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَبدة بن عبد الله الصفار، عَن مُحَمَّد بن بشر، ثَنَا زَكَرِيَّا ابْن أبي زَائِدَة، قَالَ: حَدثنِي سماك بن حَرْب، عَن مُحَمَّد بن حَاطِب قَالَ: " تناولت قدرا كَانَ لي، فاحترقت يَدي، فَانْطَلَقت بِي أُمِّي إِلَى رجل جَالس فِي الْجَبانَة، فَقَالَت لَهُ: يَا رَسُول الله. قَالَ: لبيْك وَسَعْديك. ثمَّ أدنتني مِنْهُ فَجعل يتفل وَيتَكَلَّم بِكَلَام مَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَسَأَلت أُمِّي بعد ذَلِك مَا كَانَ يَقُول؟ قَالَت: كَانَ يَقُول: أذهب الْبَأْس رب النَّاس، اشف أَنْت الشافي، لَا شافي إِلَّا أَنْت ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد.
وثنا مُسلم، ثَنَا هِشَام، جَمِيعًا عَن حَمَّاد - يَعْنِي: ابْن أبي سُلَيْمَان - عَن زيد بن وهب، عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَبَا ذَر. قلت: لبيْك(3/117)
وَسَعْديك يَا رَسُول الله، وَأَنا فداؤك ".
بَاب إطْعَام الزائر
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن سَلام، أَنا عبد الْوَهَّاب، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أنس بن سِيرِين، عَن أنس بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زار أهل بَيت من الْأَنْصَار، فَطَعِمَ عِنْدهم، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج أَمر بمَكَان من الْبَيْت فنضح لَهُ على بِسَاط، فصلى عَلَيْهِ ودعا لَهُم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك، ثَنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يزور الْأَنْصَار، فَإِذا جَاءَ إِلَى دور الْأَنْصَار، جَاءَ صبيان الْأَنْصَار حوله، فيدعو لَهُم، وَيمْسَح رُءُوسهم وَيسلم عَلَيْهِم، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب سعد، فَسلم عَلَيْهِم، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله. فَرد سعد، فَلم يسمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى سلم ثَلَاث مَرَّات، وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يزِيد على ثَلَاث تسليمات، فَإِن فَإِذن أذن لَهُ و [إِلَّا] انْصَرف، فَرجع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَخرج سعد مبادراً، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا سلمت تَسْلِيمَة إِلَّا سَمعتهَا ورددتها عَلَيْك، وَلَكِن أردْت أَن تكْثر علينا من السَّلَام وَالرَّحْمَة، ادخل يَا رَسُول الله. فَدخل فَجَلَسَ، فَقرب إِلَيْهِ سعد طَعَاما، فَأصَاب مِنْهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا أَرَادَ أَن ينْصَرف قَالَ: أكل طَعَامكُمْ الْأَبْرَار، وَأفْطر عنْدكُمْ الصائمون، وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة ".
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ جَعْفَر بن سُلَيْمَان وَمعمر، عَن ثَابت، عَن أنس.
بَاب من زار قوما فَقَالَ عِنْدهم
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، حَدثنِي أبي،(3/118)
عَن ثُمَامَة " أَن أم سليم كَانَت تبسط للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نطعاً فيقيل عِنْدهَا على ذَلِك النطع، قَالَ: فَإِذا قَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخذت من عرقه وشعره فجمعته فِي قَارُورَة، ثمَّ جعلته فِي سك، قَالَ: فَلَمَّا حضر أنس بن مَالك الْوَفَاة أوصى (إِلَى) أَن يَجْعَل فِي حنوطه من ذَلِك السك، قَالَ: فَجعل فِي حنوطه ".
بَاب الْخُرُوج مَعَ الزائر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَهِشَام (أَبُو) مَرْوَان الْمَعْنى، قَالَ مُحَمَّد بن الْمثنى: ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: سَمِعت يحيى بن أبي كثير يَقُول: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة، عَن قيس بن سعد قَالَ: " زارنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي منزلنا، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله. قَالَ: فَرد سعد ردا خفِيا، قَالَ قيس: فَقلت: أَلا تَأذن لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: ذره يكثر علينا من السَّلَام. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله. فَرد سعد ردا خفِيا ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله. ثمَّ رَجَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَاتبعهُ سعد فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت أسمع تسليمك وأرد عَلَيْهِ ردا خَفِيفا؛ لتكثر علينا من السَّلَام. قَالَ: فَانْصَرف مَعَه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأمر لَهُ سعد بِغسْل فاغتسل، ثمَّ نَاوَلَهُ ملحفة مصبوغة بزعفران أَو ورس، فَاشْتَمَلَ بهَا ثمَّ رفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَيْهِ وَهُوَ(3/119)
يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبَادَة. قَالَ: ثمَّ أصَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الطَّعَام، فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَاف قرب لَهُ سعد حمارا قد وطأ عَلَيْهِ بقطيفة، فَركب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ سعد: يَا قيس، اصحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ قيس: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اركب. فأبيت، ثمَّ قَالَ: إِمَّا أَن تركب وَإِمَّا أَن تَنْصَرِف. قَالَ: فَانْصَرَفت ".
قَالَ هِشَام أَبُو مَرْوَان: عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أسعد بن زُرَارَة.
قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ عمر بن عبد الْوَاحِد وَابْن سَمَّاعَة، عَن الْأَوْزَاعِيّ مُرْسلا.
بَاب إكرام الْكَبِير وتوقيره وتقديمه
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن اللَّيْث، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا قيس، عَن نسير بن ذعلوق، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله قَالَ: " لَيْسَ منا من لم يوقر كَبِيرنَا، وَيرْحَم صَغِيرنَا ".
قَالَ أَبُو بكر: وَلَا نعلم أسْند نسير بن ذعلوق عَن عِكْرِمَة غير هَذَا الحَدِيث.
مُسلم: ثَنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، أَخْبرنِي أبي، قَالَ: ثَنَا صَخْر - يَعْنِي: ابْن جوَيْرِية - عَن نَافِع، أَن عبد الله بن عمر حَدثهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَرَانِي فِي الْمَنَام أتسوك بسواك، فجذبني رجلَانِ أَحدهمَا أكبر من الآخر، فناولت السِّوَاك الْأَصْغَر مِنْهُمَا، فَقيل لي: كبر. فَدَفَعته إِلَى الْأَكْبَر ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن يحيى بن سعيد، عَن بشير بن يسَار مولى الْأَنْصَار، عَن رَافع بن خديج وَسَهل بن أبي حثْمَة فِي حَدِيث ذكره قَالَ: " فجَاء عبد الرَّحْمَن بن سهل وحويصة ومحيصة ابْنا(3/120)
مَسْعُود إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فتكلموا فِي أَمر صَاحبهمْ، فَبَدَأَ عبد الرَّحْمَن - وَكَانَ أَصْغَر الْقَوْم - فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كبر الْكبر - قَالَ يحيى: يَعْنِي: ليلِي الْكَلَام الْأَكْبَر - فتكلموا فِي أَمر صَاحبهمْ ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
بَاب صُحْبَة الصَّالِحين ومجالستهم
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن هياج وَمُحَمّد بن عُثْمَان بن كَرَامَة - وَاللَّفْظ لمُحَمد - قَالَا: ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، ثَنَا مبارك بن حسان، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، أَي جلسائنا خير؟ قَالَ: من ذكركُمْ بِاللَّه رُؤْيَته، وزادكم فِي علمه مَنْطِقه، وَذكر بِالآخِرَة عمله ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن عَطاء إِلَّا مبارك بن حسان، وَهُوَ رجل من أهل الْبَصْرَة مَشْهُور.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو عَامر وَأَبُو دَاوُد قَالَا: ثَنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد، حَدثنِي مُوسَى بن وردان، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرجل على دين خَلِيله، فَلْينْظر أحدكُم من يخالل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن الْخطاب، ثَنَا أصبغ بن الْفرج، عَن أبي صَخْر، عَن أبي حَازِم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُؤمن يألف، وَلَا خير فِيمَن لَا يألف وَلَا يؤلف ".
رَوَاهُ مُصعب بن ثَابت، عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد.(3/121)
بَاب مثل الجليس الصَّالح والجليس السوء
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، [عَن] سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن بريد بن عبد الله، عَن جده، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وثنا مُحَمَّد بن الْعَلَاء - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا مثل الجليس الصَّالح والجليس السوء، كحامل الْمسك ونافخ الْكِير؛ فحامل الْمسك: إِمَّا أَن يحذيك، وَإِمَّا أَن تبْتَاع مِنْهُ، وَإِمَّا أَن تَجِد مِنْهُ ريحًا طيبَة، ونافخ الْكِير: إِمَّا أَن يحرق ثِيَابك، وَإِمَّا أَن تَجِد ريحًا خبيثة ".
بَاب سَعَة الْمجَالِس
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " خير الْمجَالِس أوسعها ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: هُوَ عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ.
بَاب النَّهْي أَن يُقيم الرجل الرجل من مَجْلِسه
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن بشر وَأَبُو أُسَامَة وَابْن نمير قَالُوا: ثَنَا [عبيد الله] ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يُقيم الرجل الرجل من مَقْعَده، ثمَّ يجلس فِيهِ، وَلَكِن تَفَسَّحُوا وتوسعوا ".
وَلمُسلم فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " لَا يُقيم أحدكُم أَخَاهُ ثمَّ يجلس فِي مَجْلِسه ".(3/122)
وَله من طَرِيق أبي الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقيمن أحدكُم أَخَاهُ يَوْم الْجُمُعَة، ثمَّ يُخَالف إِلَى مَقْعَده فيقعد فِيهِ ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن عقيل بن طَلْحَة، سَمِعت أَبَا الخصيب قَالَ: " كنت قَاعِدا، فجَاء ابْن عمر، فَقَامَ رجل من مَجْلِسه، فَلم يجلس فِيهِ وَقعد فِي مَكَان آخر، فَقَالَ الرجل: مَا كَانَ عَلَيْك مَا قعدت؟ فَقَالَ: لم أكن لأقعد مَقْعَدك وَلَا مقْعد غَيْرك، بعد شَيْء شهدته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله فَقَامَ لَهُ رجل من مَجْلِسه، فَذهب ليجلس فِيهِ، فَنَهَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أَبُو الخصيب اسْمه زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا عقيل بن طَلْحَة، وَعقيل ثِقَة مَشْهُور.
بَاب الْقيام للسَّيِّد وَالْكَبِير وَالْقِيَام مَعَه
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي أُمَامَة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " لما نزلت بَنو قُرَيْظَة على حكم سعد بن معَاذ، بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْهِ وَكَانَ قَرِيبا مِنْهُ، فجَاء على حمَار، فَلَمَّا دنا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قومُوا إِلَى سيدكم. فجَاء فَجَلَسَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ لَهُ: إِن هَؤُلَاءِ نزلُوا على حكمك. قَالَ: فَإِنِّي أحكم أَن تقتل الْمُقَاتلَة، وَأَن تسبى الذُّرِّيَّة. قَالَ: لقد حكمت فيهم بِحكم الْملك ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو [أُميَّة] ، ثَنَا خَالِد بن مخلد الْقَطوَانِي، ثَنَا مُحَمَّد(3/123)
ابْن هِلَال، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كُنَّا نقعد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالغدوات، فَإِذا قَامَ إِلَى بَيته، لم نزل قيَاما حَتَّى يدْخل بَيته ".
وهلال هَذَا هُوَ ابْن أبي هِلَال مولى بني كَعْب، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا ابْنه مُحَمَّد.
بَاب إِذا أَرَادَ أَن يُقَام إِلَيْهِ
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن حبيب بن الشَّهِيد، عَن أبي مجلز قَالَ: " خرج مُعَاوِيَة إِلَى ابْن الزبير وَابْن عَامر، فَقَامَ ابْن عَامر وَجلسَ ابْن الزبير. فَقَالَ مُعَاوِيَة لِابْنِ عَامر: اجْلِسْ؛ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من أحب أَن يمثل لَهُ الرِّجَال قيَاما فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا عَليّ بن معبد، ثَنَا شَبابَة بن سوار، حَدثنِي الْمُغيرَة بن مُسلم، ثَنَا عبد الله بن بُرَيْدَة، قَالَ: سَمِعت مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول: " من أحب أَن يستجيم لَهُ الرِّجَال قيَاما وَجَبت لَهُ النَّار ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أَنا عَفَّان، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن حميد، عَن أنس قَالَ: " لم يكن شخص أحب إِلَيْهِم من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَانُوا إِذا رَأَوْهُ لم يقومُوا؛ لما يعلمُونَ من كراهيته لذَلِك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب إِذا قَامَ من مَجْلِسه ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَق بِهِ
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، أَنا أَبُو عوَانَة، وَقَالَ قُتَيْبَة أَيْضا: حَدثنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - كِلَاهُمَا عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَامَ أحدكُم - وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة: من قَامَ - من(3/124)
مَجْلِسه ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَق بِهِ ".
بَاب صفة الجلسة الْمَكْرُوهَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَليّ بن بَحر، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، ثَنَا ابْن جريج، عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة، عَن عمر بن الشريد، عَن أَبِيه الشريد بن [سُوَيْد] قَالَ: " مر بِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا جَالس هَكَذَا، وَقد وضعت يَدي الْيُسْرَى خلف ظَهْري، واتكأت على ألية يَدي، فَقَالَ: أتقعد قعدة المغضوب عَلَيْهِم؟ ".
بَاب الاتكاء
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن عِيسَى، ثَنَا وَكِيع، عَن إِسْرَائِيل، عَن سماك ابْن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " أَرَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُتكئا على وسَادَة ". قَالَ: هَذَا صَحِيح.
رَوَاهُ: عَن عَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري، عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا إِسْرَائِيل عَن سماك، عَن جَابر قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُتكئا على وسَادَة على يسَاره ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
بَاب من اتكأ بَين يَدي أَصْحَابه
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا بشر بن الْمفضل، ثَنَا الْجريرِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أخْبركُم بأكبر الْكَبَائِر؟ قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين ".(3/125)
ثَنَا مُسَدّد، ثَنَا بشر مثله: " وَكَانَ مُتكئا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلا وَقَول الزُّور. فَمَا زَالَ يكررها حَتَّى قُلْنَا: ليته سكت ".
بَاب الاحتباء بِالْيَدِ
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن [أبي] غَالب، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي، ثَنَا مُحَمَّد بن فليح، عَن أَبِيه، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِفنَاء الْكَعْبَة مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ هَكَذَا ".
بَاب من جلس متربعاً
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي، ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى الْفجْر، تربع فِي مَجْلِسه حَتَّى تطلع الشَّمْس حسناء ".
بَاب فِي الرجل يضطحع على بَطْنه
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عَبدة بن سُلَيْمَان و [عبد الرَّحِيم، عَن] مُحَمَّد بن عَمْرو، ثَنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُضْطَجعا على بَطْنه، فَقَالَ: إِن هَذِه ضجعة لَا يُحِبهَا الله ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي،(3/126)
عَن يحيى بن أبي كثير، ثَنَا أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن يعِيش بن طخفة بن قيس الْغِفَارِيّ قَالَ: " كَانَ أبي من أَصْحَاب الصّفة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: انْطَلقُوا بِنَا إِلَى بَيت عَائِشَة. فَانْطَلَقْنَا، فَقَالَ: يَا عَائِشَة، أطعمينا. فَجَاءَت بحشيشة، فأكلنا، ثمَّ قَالَ: يَا عَائِشَة، أطعمينا. فَجَاءَت [بحيسة] مثل القطاة، فأكلنا، ثمَّ قَالَ: يَا عَائِشَة، اسقينا، فَجَاءَت بعس من لبن فشربنا، ثمَّ قَالَ: يَا عَائِشَة، اسقينا. فَجَاءَت بقدح صَغِير فشربنا، ثمَّ قَالَ: إِن شِئْتُم بتم وَإِن شِئْتُم انطلقتم إِلَى الْمَسْجِد. قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنا مُضْطَجع من السحر على بَطْني، إِذا رجل يحركني بِرجلِهِ، فَقَالَ: إِن هَذِه ضجعة يبغضها الله. قَالَ: فَنَظَرت، فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
بَاب فِي الرجل يستلقي وَاضِعا إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عباد بن تَمِيم، عَن عَمه " أَنه رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُسْتَلْقِيا فِي الْمَسْجِد وَاضِعا إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى ".
بَاب فِي النَّهْي عَن ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن حَاتِم، قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ ابْن حَاتِم: ثَنَا مُحَمَّد بن بكر، ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله [يحدث] أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَذكر الحَدِيث وَفِيه: " ولَا تضع إِحْدَى رجليك على الْأُخْرَى إِذا استلقيت ".
وَقد تقدم الحَدِيث فِي أَبْوَاب الانتعال ".(3/127)
بَاب النَّهْي أَن يُفْضِي الرجل إِلَى الرجل أَو الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة فِي ثوب وَاحِد
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا [مُؤَمل، حَدثنَا] إِسْمَاعِيل.
وثنا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن الْجريرِي - كِلَاهُمَا - عَن أبي نَضرة - يَعْنِي: عَن الطفَاوِي - عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا لَا يفضين رجل إِلَى رجل، وَلَا امْرَأَة إِلَى امْرَأَة إِلَّا إِلَى ولد أَو إِلَى وَالِد ".
وَقَالَ مُوسَى: ثَنَا حَمَّاد، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن الطفَاوِي.
قد ثَبت النَّهْي أَن يُفْضِي الرجل إِلَى الرجل، أَو الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة فِي ثوب وَاحِد، من طَرِيق أبي سعيد، رَوَاهُ مُسلم وَغَيره، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاء لَا أعلمهُ رُوِيَ إِلَّا من حَدِيث الطفَاوِي، والطفاوي لَا يعرف اسْمه، وَلَا يعرف إِلَّا من هَذَا الحَدِيث.
بَاب مَا جَاءَ فِي الْجُلُوس بالطرقات
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَة: " كُنَّا قعُودا بالأفنية نتحدث، فجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ علينا، فَقَالَ: مَا لكم ولمجالس الصعدات! اجتنبوا مجَالِس الصعدات. فَقُلْنَا: إِنَّمَا قعدنا لغير مَا بَأْس، قعدنا نتذاكر ونتحدث. قَالَ: أما لَا، فأدوا حَقّهَا: غض الْبَصَر، ورد(3/128)
السَّلَام، وَحسن الْكَلَام ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، ثَنَا عبد الْعَزِيز - يَعْنِي: ابْن مُحَمَّد - عَن زيد - يَعْنِي: ابْن أسلم - عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إيَّاكُمْ وَالْجُلُوس فِي الطرقات. فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا بُد لنا من مجالسنا نتحدث فِيهَا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن أَبَيْتُم فأعطوا الطَّرِيق حَقه. قَالُوا: وَمَا حق الطَّرِيق يَا رَسُول الله؟ قَالَ: غض الْبَصَر، وكف الْأَذَى، ورد السَّلَام، وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَن الْمُنكر ".
ثَنَا مُسَدّد، ثَنَا بشر - يَعْنِي: ابْن الْمفضل - ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق [عَن] سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذِه الْقِصَّة قَالَ: " وإرشاد السَّبِيل ".
وَزَاد أَبُو دَاوُد فِي حَدِيث آخر: " وتغيثوا الملهوف ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْجُلُوس فِي الشَّمْس
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن إِسْمَاعِيل، حَدثنِي قيس، عَن أَبِيه " أَنه جَاءَ ورَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَقَامَ فِي الشَّمْس، فَأمر بِهِ فحول إِلَى الظل ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الْجُلُوس وسط الْحلقَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، أَنا عبد الله، أَنا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي(3/129)
مجلز " أَن رجلا قعد وسط حَلقَة، فَقَالَ حُذَيْفَة: مَلْعُون على لِسَان مُحَمَّد - أَو لعن الله على لِسَان مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من قعد وسط الْحلقَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب الْأَمر بتشميت الْعَاطِس إِذا حمد الله
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا أَشْعَث بن سليم، قَالَ: سَمِعت مُعَاوِيَة بن سُوَيْد بن مقرن، سَمِعت الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " نَهَانَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن سبع: نَهَانَا عَن خَاتم الذَّهَب - أَو قَالَ: حَلقَة الذَّهَب - وَعَن الْحَرِير، والإستبرق، والديباج، والميثرة الْحَمْرَاء، والقسي، وآنية الْفضة. وأمرنا بِسبع: بعيادة الْمَرِيض، وَاتِّبَاع الْجَنَائِز، وتشميت الْعَاطِس، ورد السَّلَام، وأجابة الدَّاعِي، وإبرار الْمقسم، وَنصر الْمَظْلُوم ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا حَفْص - وَهُوَ ابْن غياث - عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " عطس عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلَانِ، فشمت أَحدهمَا، وَلم يشمت الآخر، فَقَالَ الَّذِي لم يشمته: عطس فلَان فشمته، وعطست أَنا فَلم تشمتني! قَالَ: إِن هَذَا حمد لله، وَإنَّك لم تحمد الله ".
بَاب النَّهْي عَن تشميت الْعَاطِس إِن لم يحمد الله
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير - وَاللَّفْظ(3/130)
[لزهير] قَالَا: ثَنَا الْقَاسِم بن مَالك، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أبي بردة، قَالَ: " دخلت على أبي مُوسَى وَهُوَ فِي بَيت ابْنة الْفضل بن عَبَّاس، فعطست فَلم يشمتني، وعطست فشمتها، فَرَجَعت إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرتهَا، فَلَمَّا جاءها قَالَت: عطس عنْدك ابْني فَلم تشمته، وعطست فشمتها! فَقَالَ: إِن ابْنك عطس فَلم يحمد الله فَلم أشمته، وعطست فحمدت الله فشمتها، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا عطس أحدكُم فَحَمدَ الله فشمتوه، فَإِن لم يحمد الله فَلَا تشمتوه ".
بَاب مَا يَقُول الْعَاطِس وَمَا يُقَال لَهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، ثَنَا عبد الله بن دِينَار، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل: الْحَمد لله، وَليقل أَخُوهُ أَو صَاحبه: يَرْحَمك الله، فَإِذا قَالَ لَهُ: يَرْحَمك الله، فَلْيقل: يهيدكم الله وَيصْلح بالكم ".
النَّسَائِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " العطاس من الله، والتثاؤب من الشَّيْطَان؛ فَإِذا عطس أحدكُم فليحمد الله، وَحقّ على من سَمعه أَن يَقُول: يَرْحَمكُمْ الله ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل: الْحَمد لله على كل حَال، وَليقل أَخُوهُ أَو صَاحبه: يَرْحَمك(3/131)
الله، وَيَقُول هُوَ: يهديكم الله وَيصْلح بالكم ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن قدامَة، ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ: " كُنَّا مَعَ سَالم بن عبيد فِي سفر، فعطس رجل من الْقَوْم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم، فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك وعَلى أمك، ثمَّ قَالَ: لَعَلَّك وجدت مِمَّا قلت لَك، إِنَّمَا قلت لَك كَمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بَيْنَمَا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ عطس رجل من الْقَوْم، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَلَيْك وعَلى أمك، ثمَّ قَالَ: إِذا عطس أحدكُم فليحمد الله، فَذكر بعض المحامد، وَليقل من عِنْده: يَرْحَمك الله، وليرد عَلَيْهِم: يغْفر الله لنا وَلكم ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " لَعَلَّك وجدت مِمَّا قلت. قَالَ: لوودت أَنَّك لم تذكر أُمِّي بِخَير وَلَا بشر ".
رَوَاهُ سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن هِلَال بن يسَاف، عَن رجل، عَن خَالِد بن عرفطة، عَن سَالم بن عبيد. قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: وَالْأول خطأ.
بَاب كم يشمت الْعَاطِس
مُسلم: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، حَدثنِي إِيَاس بن سَلمَة بن الْأَكْوَع، أَن أَبَاهُ حَدثهُ " أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعطس عِنْده رجل، فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمك الله. ثمَّ عطس أُخْرَى، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الرجل مزكوم ".(3/132)
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله، أَنا عِكْرِمَة بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ فِي الثَّانِيَة: " أَنْت مزكوم ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق البكائي، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا مُوسَى بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " شمته ثَلَاثًا، فَإِن زَاد فَإِنَّمَا هُوَ زكام ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله، ثَنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا عبد السَّلَام ابْن حَرْب، عَن يزِيد بن عبد الرَّحْمَن عَن يحيى بن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أمه حميدة - أَبُو عُبَيْدَة - بنت رفاغة الزرقي، عَن أَبِيهَا، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " شمت الْعَاطِس ثَلَاثًا، فَإِن شِئْت فشمته وَإِن شِئْت فَاتْرُكْهُ ".
يزِيد بن عبد الرَّحْمَن هُوَ أَبُو خَالِد الدالاني، ثِقَة مَشْهُور، وَعبد السَّلَام بن حَرْب صَدُوق.
بَاب مَا يُقَال لأهل الْكتاب إِذا عطسوا
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن حَكِيم بن دَيْلَم، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " كَانَ الْيَهُود يتعاطسون عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يرجون أَن يَقُول لَهُم: يَرْحَمكُمْ الله. فَيَقُول: يهديكم الله وَيصْلح بالكم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.(3/133)
بَاب إخفاء العطاس
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن ابْن عجلَان، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا عطس وضع يَده أَو ثَوْبه على فِيهِ، وخفض - أَو غض - بهَا صَوته ". شكّ يحيى.
رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: عَن مُحَمَّد بن رزين الوَاسِطِيّ، عَن يحيى بِإِسْنَاد أبي دَاوُد، قَالَ: " غطى وَجهه ". وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا جَاءَ فِي العطاس
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن، عَن الْحجَّاج - هُوَ ابْن مُحَمَّد - ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله يحب العطاس، وَيكرهُ التثاؤب، فَإِذا عطس أحدكُم فليحمد الله، فَإِن حَقًا على من سَمعه أَن يَقُول: يَرْحَمك الله، وَأما التثاؤب فَإِنَّمَا هُوَ من الشَّيْطَان، فَإِذا تثاءب أحدكُم فليرده مَا اسْتَطَاعَ، فَإِن أحدكُم إِذا قَالَ: هاه، هاه ضحك الشَّيْطَان مِنْهُ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن خلف، ثَنَا آدم - هُوَ ابْن أبي إِيَاس - ثَنَا أَبُو خَالِد سُلَيْمَان بن حَيَّان، حَدثنِي مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قَالَ أَبُو خَالِد: ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي(3/134)
قَالَ أَبُو خَالِد: وحَدثني دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن الشّعبِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قَالَ أَبُو خَالِد: وحَدثني ابْن أبي ذُبَاب، حَدثنِي سعيد المَقْبُري وَيزِيد بن هُرْمُز، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خلق الله آدم بِيَدِهِ، وَنفخ فِيهِ من روحه، وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَهُ، فَجَلَسَ فعطس، فَقَالَ: الْحَمد لله، فَقَالَ لَهُ ربه: يَرْحَمك رَبك، ائْتِ أُولَئِكَ الْمَلَائِكَة فَقل: السَّلَام عَلَيْكُم. فَأَتَاهُم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم. فَقَالُوا لَهُ: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله. ثمَّ رَجَعَ إِلَى ربه فَقَالَ: هَذِه تحيتك وتحية ذريتك ".
أنكر أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ هَذَا الحَدِيث، وَرَوَاهُ، عَن قُتَيْبَة، عَن اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن سعيد، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن سَلام قَوْله. قَالَ: وَهُوَ الصَّوَاب.
بَاب فِي التثاؤب
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَاصِم بن عَليّ، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله - تَعَالَى - يحب العطاس، وَيكرهُ التثاؤب، فَإِذا عطس أحدكُم وَحمد الله كَانَ حَقًا على كل مُسلم سَمعه أَن يَقُول لَهُ: يَرْحَمك الله، وَأما التثاؤب فَإِنَّمَا هُوَ من الشَّيْطَان، فَإِذا تثاءب فليرده مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِن أحدكُم إِذا تثاءب ضحك مِنْهُ الشَّيْطَان ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو غَسَّان مَالك بن عبد الْوَاحِد، ثَنَا بشر بن الْمفضل، ثَنَا سُهَيْل بن أبي صَالح قَالَ: سَمِعت ابْنا لأبي سعيد الْخُدْرِيّ، يحدث أبي، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا تثاءب أحدكُم فليمسك بِيَدِهِ على فِيهِ؛ فَإِن الشَّيْطَان يدْخل ".(3/135)
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد وَعلي بن حجر قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - يعنون: ابْن جَعْفَر - عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " التثاؤب من الشَّيْطَان، فَإِذا تثاءب أحدكُم فليكظم غيظه مَا اسْتَطَاعَ ".
بَاب لَا يَتَنَاجَى اثْنَان دون الثَّالِث
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب وَعُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - وَاللَّفْظ لزهير - قَالَ إِسْحَاق: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كُنْتُم ثَلَاثَة فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَان دون الآخر حَتَّى تختلطوا بِالنَّاسِ؛ من أجل أَن يحزنهُ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَابْن نمير وَأَبُو كريب - وَاللَّفْظ ليحيى - قَالَ يحيى: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كُنْتُم ثَلَاثَة فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَان دون صَاحبهمَا؛ فَإِن ذَلِك يحزنهُ ".
بَاب الحَدِيث أَمَانَة
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، أخبرنَا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن ابْن أبي ذِئْب، أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عَطاء، عَن عبد الْملك بن جَابر بن عتِيك، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حدث الرجل الحَدِيث ثمَّ الْتفت فَهِيَ أَمَانَة ".(3/136)
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَإِنَّمَا نعرفه من حَدِيث ابْن أبي ذِئْب.
بَاب الحَدِيث بأخبار الْجَاهِلِيَّة
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، عَن زُهَيْر، ثَنَا سماك بن حَرْب قَالَ: " قلت لجَابِر بن سَمُرَة: أَكنت تجَالس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم، كثيرا، كَانَ يُطِيل الصمت، وَيَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمر الْجَاهِلِيَّة فيضحكون ويتبسم ".
بَاب ضرب الْأَمْثَال
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد وَعلي بن حجر السَّعْدِيّ - وَاللَّفْظ ليحيى - قَالُوا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - يعنون: ابْن جَعْفَر - أَخْبرنِي عبد الله بن دِينَار، أَنه سمع عبد الله بن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من الشّجر شَجَرَة لَا يسْقط وَرقهَا، وَإِنَّهَا مثل الْمُسلم، فحدثوني مَا هِيَ؟ فَوَقع النَّاس فِي شجر الْبَوَادِي، قَالَ عبد الله: وَوَقع فِي نفس أَنَّهَا النَّخْلَة، فَاسْتَحْيَيْت، ثمَّ قَالُوا: حَدثنَا مَا هِيَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: فَقَالَ هِيَ النَّخْلَة. [قَالَ: فَذكرت ذَلِك لعمر، قَالَ: لِأَن تكون قلت: هِيَ النَّخْلَة] أحب إِلَيّ من كَذَا وَكَذَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا محَارب بن دثار، سَمِعت ابْن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن مثل شَجَرَة خضراء لَا يسْقط وَرقهَا وَلَا يتحات. فَقَالَ الْقَوْم: هِيَ شَجَرَة كَذَا، هِيَ شَجَرَة كَذَا، فَأَرَدْت أَن أَقُول هِيَ النَّخْلَة، وَأَنا غُلَام شَاب فَاسْتَحْيَيْت، فَقَالَ: هِيَ النَّخْلَة ".
عَن شُعْبَة، ثَنَا خبيب بن عبد الرَّحْمَن، عَن حَفْص بن عَاصِم، عَن ابْن(3/137)
عمر مثله، وَزَاد: " فَحدثت بِهِ عمر، فَقَالَ: لَو كنت قلتهَا لَكَانَ أحب إِلَيّ من كَذَا وَكَذَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، ثَنَا حُصَيْن بن نمير، ثَنَا سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن أبي بشر، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن مثل النَّخْلَة، مَا أَتَاك مِنْهَا نفعك ".
تفرد بِهِ حُصَيْن عَن سُفْيَان، وسُفْيَان عَن أبي بشر، وسُفْيَان ثِقَة، وَإِنَّمَا يضعف فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر، ثَنَا عبد الله بن نمير وَمُحَمّد بن بشر قَالَا: ثَنَا زَكَرِيَّا ابْن أبي زَائِدَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنِي ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن كَمثل الخامة من الزَّرْع تفيئها الرّيح، تصرعها مرّة، وتعدلها أُخْرَى حَتَّى تهيج، وَمثل الْكَافِر كَمثل الأرزة المجذبة على أَصْلهَا لَا يفيئها شَيْء حَتَّى يكون انجعافها مرّة وَاحِدَة ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا فليح - هُوَ ابْن سُلَيْمَان - عَن هِلَال بن عَليّ، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن مثل الخامة من الزَّرْع تفيئها الرّيح، فَإِذا سكنت اعتدلت، وَكَذَلِكَ الْمُؤمن يكفأ بالبلاء، وَمثل الْكَافِر كالأرزة معتدلة حَتَّى يقصمها الله إِذا مَا شَاءَ ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا عبد الْوَهَّاب - يَعْنِي: الثَّقَفِيّ - ثَنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الْمُنَافِق مثل الشَّاة العائرة بَين الْغَنَمَيْنِ، تعير إِلَى هَذِه مرّة، وَإِلَى هَذِه أُخْرَى ".
الْبَزَّار: حَدثنَا يحيى بن حَكِيم، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي عدي، ثَنَا ابْن عون،(3/138)
عَن الشّعبِيّ قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير - وَوَاللَّه لَا أسمع أحدا يَقُول بعده، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الْحَلَال بَين وَإِن الْحَرَام بَين، وَبَين ذَلِك أُمُور متشابهات، وسأضرب لكم فِي ذَلِك مثلا: إِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - حمى حمى، وَإِن حمى الله مَا حرم، وَإنَّهُ من يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يواقع، وَإنَّهُ من يخالط يُوشك أَن يَجْسُر ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن سَالم، عَن أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل هَذِه الْأمة، مثل أَرْبَعَة نفر: رجل آتَاهُ الله علما ومالاً، فَهُوَ يعْمل بِعِلْمِهِ فِي مَاله، يُنْفِقهُ فِي حَقه، وَرجل آتَاهُ الله علما وَلم يؤته مَالا، فَهُوَ يَقُول: لَو كَانَ لي مثل مَال هَذَا لعملت فِيهِ مثل الَّذِي يعْمل. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فهما فِي الْأجر سَوَاء، وَرجل آتَاهُ الله مَالا وَلم يؤته علما، فَهُوَ يخبط فِي مَاله، يُنْفِقهُ فِي غير حَقه، وَرجل لم يؤته الله علما وَلَا مَالا، فَهُوَ يَقُول: لَو كَانَ لي مثل هَذَا عملت فِيهِ مثل الَّذِي يعْمل. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فهما فِي الْوزر سَوَاء ".
وَعَن أبي بكر أَيْضا، عَن أبي أُسَامَة، عَن سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن سَالم، عَن أبي كَبْشَة قَالَ: " ضرب لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل هَذِه الْأمة، مثل أَرْبَعَة نفر ... " فَذكر حَدِيث وَكِيع إِلَّا أَنه قَالَ: " وَرجل آتَاهُ الله علما ومالاً، فَهُوَ يعْمل فِي مَاله بِعِلْمِهِ، يصل رَحمَه، وَيُؤَدِّي حَقه ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق يُونُس بن خباب، عَن أبي البخْترِي الطَّائِي، عَن أبي كَبْشَة، وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ كَلَام آخر.(3/139)
وَيُونُس بن خباب ضَعِيف، قَالَ فِيهِ يحيى بن معِين: يُونُس بن خباب رجل سوء. وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِثِقَة.
الْبَزَّار: حَدثنَا (مُحَمَّد بن أبي مذعور) وَأحمد بن جميل قَالَا: ثَنَا النَّضر بن شُمَيْل، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن وَمثل الْمَوْت كَمثل رجل لَهُ ثَلَاثَة أخلاء: أحدهم قَالَ: خُذ مَا شِئْت، ودع مَا شِئْت. وَقَالَ الآخر: أَنا مَعَك أحملك، فَإِذا مت تركتك. وَقَالَ الآخر: أَنا مَعَك، أَدخل مَعَك، وَأخرج مَعَك. فأحدهم مَاله، وَالْآخر أَهله وَولده، وَالْآخر عمله ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء من قبلي، كَمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله إِلَّا [مَوضِع] لبنة من زَاوِيَة، فَجعل النَّاس يطوفون بِهِ، ويعجبون لَهُ، وَيَقُولُونَ: هلا وضعت هَذِه اللبنة. [قَالَ: فَأَنا اللبنة] ، وَأَنا خَاتم النَّبِيين ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الجليس الصَّالح وَالسوء(3/140)
كحامل الْمسك ونافخ الْكِير، فحامل الْمسك: إِمَّا أَن يحذيك، وَإِمَّا أَن تبْتَاع مِنْهُ، وَإِمَّا أَن تَجِد مِنْهُ ريحًا طيبا، ونافخ الْكِير: إِمَّا أَن يحرق ثِيَابك، وَإِمَّا أَن تَجِد مِنْهُ ريحًا خبيثة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَن عَامر سمعته يَقُول: سَمِعت النُّعْمَان بن بشير يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " [مثل] الْمُؤمنِينَ فِي تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كَمثل الْجَسَد إِذا اشْتَكَى عضوا تداعى لَهُ سائره بالسهر والحمى ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا خَلاد بن يحيى، ثَنَا سُفْيَان، عَن أبي بردة بن عبد الله بن أبي بردة، عَن جده، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْمُؤمن لِلْمُؤمنِ كالبنيان يشد بعضه بَعْضًا، وَشَبك أَصَابِعه ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن الْعَلَاء، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن بريد بن عبد الله ابْن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الَّذِي يذكر ربه وَالَّذِي لَا يذكرهُ مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت ".
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثلي وَمثل مَا بَعَثَنِي الله كَمثل رجل أَتَى قوما، فَقَالَ: رَأَيْت الْجَيْش بعيني وَإِنِّي أَنا النذير الْعُرْيَان، فالنجاء فالنجاء. فأطاعته طَائِفَة، فأدلجوا على مهلهم؛ فنجوا، وكذبته طَائِفَة فصبحهم الْجَيْش فاجتاحهم ".(3/141)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن، ثَنَا بشير بن المُهَاجر، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم، فَنَادَى ثَلَاث مرار، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، أَتَدْرُونَ مَا مثلي ومثلكم؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: إِنَّمَا مثلي ومثلكم، مثل قوم خَافُوا عدوا يَأْتِيهم، فبعثوا رجلا يتَرَاءَى لَهُم، فَبينا هم كَذَلِك أبْصر الْعَدو، وَأَقْبل لينذرهم فخشي أَن يُدْرِكهُ الْقَوْم قبل أَن ينذر قومه، فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَيهَا النَّاس، أتيتم ثَلَاث مَرَّات ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن أَنه حَدثهُ، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة، أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنَّمَا مثلي وَمثل النَّاس كَمثل رجل استوقد نَارا، فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله، جعل الْفراش وَهَذِه الدَّوَابّ الَّتِي تقع فِي النَّار يقعن فِيهَا، فَجعل الرجل يزعهن ويغلبنه، فيتقحمن فِيهَا، فَأَنا آخذ بحجزهم عَن النَّار وهم يقتحمون فِيهَا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، أَنا مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا مثل صَاحب الْقُرْآن كَمثل صَاحب الْإِبِل المعقلة، إِن عَاهَدَ عَلَيْهَا أمْسكهَا، وَإِن أطلقها ذهبت ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِنَّمَا أجلكم [فِي] أجل من خلا من الْأُمَم مَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى مغرب الشَّمْس، وَإِنَّمَا مثلكُمْ وَمثل الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَرجل اسْتعْمل عمالا، فَقَالَ: من يعْمل لي إِلَيّ نصف النَّهَار على قِيرَاط قِيرَاط. فَعمِلت الْيَهُود إِلَى نصف النَّهَار على قِيرَاط قِيرَاط. ثمَّ قَالَ: من يعْمل لي من نصف النَّهَار إِلَى صَلَاة الْعَصْر على قِيرَاط قِيرَاط. فَعمِلت النَّصَارَى من نصف النَّهَار إِلَى صَلَاة(3/142)
الْعَصْر على قِيرَاط قِيرَاط. ثمَّ قَالَ: من يعْمل لي من صَلَاة الْعَصْر إِلَى مغرب الشَّمْس على قيراطين قيراطين. أَلا فَأنْتم الَّذين يعْملُونَ من صَلَاة الْعَصْر إِلَى مغرب الشَّمْس، أَلا لكم الْأجر مرَّتَيْنِ، فَغضِبت الْيَهُود وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: نَحن أَكثر عملا وَأَقل عَطاء، قَالَ الله - عز وَجل -: وَهل ظلمتكم من حقكم شَيْئا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنَّهُ فضلي أعْطِيه من شِئْت ".
مَالك: عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله كَمثل الصَّائِم الْقَائِم الدَّائِم الَّذِي لَا يفتر من صلَاته وَلَا صِيَامه حَتَّى يرجع ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَرَأَيْتُم لَو أَن نَهرا بِبَاب أحدكُم يغْتَسل فِيهِ كل يَوْم خمس مَرَّات، هَل (يبْقى من درنه شَيْئا) ؟ قَالُوا: لَا (يبْقى من درنه شَيْئا) . قَالَ: فَذَلِك مثل الصَّلَوَات الْخمس، يمحو الله بِهن الْخَطَايَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا وهيب ثَنَا ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الْبَخِيل والمتصدق مثل رجلَيْنِ عَلَيْهِمَا جبتان من حَدِيد قد اضطرت أَيْدِيهِمَا إِلَى تراقيهما، فَكلما هم الْمُتَصَدّق(3/143)
بِصَدقَة اتسعت عَلَيْهِ حَتَّى تعفي أَثَره، وَكلما هم الْبَخِيل بِالصَّدَقَةِ انقبضت كل حَلقَة إِلَى صاحبتها وتقلصت عَلَيْهِ، وانضمت يَدَاهُ إِلَى تراقيه. فَسمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: فَيجْهد أَن يوسعها وَلَا تتسع ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْخلال وَغير وَاحِد قَالُوا: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا النَّاس كإبل مائَة، لَا يجد الرجل فِيهَا رَاحِلَة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن الشّعبِيّ، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْقَائِم على حُدُود الله والمداهن فِيهَا كَمثل قوم استهموا على سفينة فِي الْبَحْر، فَأصَاب بَعضهم أَعْلَاهَا، وَبَعْضهمْ أَسْفَلهَا، فَكَانَ الَّذين فِي أَسْفَلهَا يخرجُون فيستقون المَاء، [ويشقون] على الَّذين فِي أَعْلَاهَا، فَقَالَ الَّذين فِي أَعْلَاهَا: لَا ندعكم تمرون علينا [فتؤذونا] . فَقَالَ الَّذين فِي أَسْفَلهَا: إِن منعتمونا فتحنا بَابا من أَسْفَلهَا. فَإِن أخذُوا على أَيْديهم فمنعوهم نَجوا جَمِيعًا، وَإِن تركوهم هَلَكُوا جَمِيعًا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مثل الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن كَمثل الأترجة رِيحهَا طيب وطعهما طيب، وَمثل الْمُؤمن الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن كَمثل التمرة لَا ريح لَهَا وطعمها حُلْو، وَمثل الْمُنَافِق الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن كَمثل الحنظلة لَيْسَ لَهَا ريح وطعمها مر، وَمثل الْمُنَافِق الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن كَمثل الريحانة طعمها مر وريحها طيب ".(3/144)
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا أبان بن يزِيد، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن زيد ابْن سَلام، عَن أبي سَلام، عَن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله - عز وَجل - أوحى إِلَى يحيى بن زَكَرِيَّا بِخمْس كَلِمَات، أَن يعْمل بِهن، وَيَأْمُر بني إِسْرَائِيل أَن يعلمُوا بِهن، فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ بِهن، فَأوحى الله إِلَى عِيسَى إِمَّا أَن يبلغهن، وَإِمَّا أَن تبلغهن، فَأَتَاهُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - فَقَالَ: إِن الله - عز وَجل - أَمرك بِخمْس كَلِمَات تعْمل بِهن وتأمر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بِهن، فإمَّا أَن تخبرهم وَإِمَّا أَن أخْبرهُم. فَقَالَ: يَا روح الله، لَا تفعل، فَإِنِّي أَخَاف إِن سبقتني أَن يخسف بِي أَو أعذب. قَالَ: فَجمع بني إِسْرَائِيل فِي بَيت الْمُقَدّس حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِد وقعدوا عَليّ الشرفات، ثمَّ خطبهم فَقَالَ: إِن الله - عز وَجل - أوحى إِلَيّ بِخمْس كَلِمَات، وَأمر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بِهن: أولهنَّ: أَلا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا، فَإِن مثل من أشرك بِاللَّه كَمثل رجل اشْترى عبدا من خَالص مَاله بِذَهَب أَو ورق ثمَّ أسْكنهُ دَارا، فَقَالَ: اعْمَلْ وارفع إِلَيّ فَجعل العَبْد يرفع إِلَى غير سَيّده، فَأَيكُمْ يرضى أَن يكون عَبده كَذَلِك، فَإِن الله - عز وَجل - خَلقكُم ورزقكم فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا، وَإِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَلَا تلتفتوا، فَإِن الله يقبل بِوَجْهِهِ إِلَى وَجه عَبده مَا لم يلْتَفت، وأمركم بالصيام، وَمثل ذَلِك كَمثل رجل فِي عِصَابَة مَعَه صرة مسك فكلهم يحب أَن يجد رِيحهَا، وخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك، وأمركم بِالصَّدَقَةِ، وَمثل ذَلِك كَمثل رجل أسره الْعَدو فَأَوْثقُوهُ إِلَى عُنُقه أَو قربوه ليضربوا عُنُقه، فَجعل يَقُول لَهُم: هَل لكم أَن أفدي نَفسِي مِنْكُم؟ فَجعل يُعْطي الْقَلِيل وَالْكثير حَتَّى فدى نَفسه، وأمركم بِذكر الله كثيرا، وَمثل ذَلِك كَمثل رجل طلبه الْعَدو سرَاعًا فِي أَثَره فَأتى حصناً حصيناً، فأحرز نَفسه فِيهِ، وَكَذَلِكَ العَبْد لَا ينجو من الشَّيْطَان إِلَّا بِذكر الله - عز وَجل ".
وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا قَالَ: ثَنَا عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن عبد ربه، عَن أبي عِيَاض، عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إيَّاكُمْ(3/145)
ومحقرات الْأَعْمَال، إنَّهُنَّ ليجتمعن على الرجل فيهلكنه. وَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضرب لَهُنَّ مثلا كَمثل قوم نزلُوا بِأَرْض فلاة فَحَضَرَ صَنِيع الْقَوْم، فَجعل الرجل يَجِيء بِالْعودِ، وَالرجل يَجِيء بالعويد حَتَّى جمعُوا من ذَلِك سواداً، ثمَّ أججوا نَارا فأنضجت مَا قذف فِيهَا ".
روى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: ثَنَا نصر بن مَرْزُوق وفهد بن سُلَيْمَان وَهَارُون ابْن كَامِل، جَمِيعًا قَالُوا: ثَنَا عبد الله بن صَالح، حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، أَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير حَدثهُ، عَن أَبِيه، عَن نواس بن سمْعَان الْكلابِي، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " ضرب الله - عز وَجل - مثلا صراطاً مُسْتَقِيمًا، وعَلى جنبتي الصِّرَاط سور فِيهِ أَبْوَاب مفتحة، وعَلى الْأَبْوَاب ستور مرخاة، وعَلى بَاب الصِّرَاط دَاع يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس، ادخُلُوا الصِّرَاط جَمِيعًا وَلَا تتعوجوا. وداع يَدْعُو من فَوق الصِّرَاط، فَإِذا أَرَادَ - قَالَ أَبُو جَعْفَر: فكأنهم يعنون رجلا وَاحِدًا - فتح شَيْء من تِلْكَ الْأَبْوَاب قَالَ: وَيحك لَا تفتحه؛ فَإنَّك إِن تفتحه تلجه. (فالصراط) الْإِسْلَام، والستور حُدُود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وَذَلِكَ الدَّاعِي على رَأس الصِّرَاط كتاب الله، والداعي من فَوق - كَأَنَّهُ يَعْنِي الصِّرَاط - واعظ الله فِي قلب كل مُسلم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن وَكِيع، عَن المَسْعُودِيّ، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا مثلي وَمثل الدُّنْيَا كَمثل رَاكب قَالَ فِي ظلّ شَجَرَة فِي يَوْم حَار ثمَّ رَاح وَتركهَا ".
بَاب تناشد الْأَشْعَار وَمَا جَاءَ فِي الشّعْر
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، حَدثنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي(3/146)
أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن، أَن مَرْوَان بن الحكم أخبرهُ، أَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود ابْن عبد يَغُوث أخبرهُ، أَن أبي بن كَعْب أخبرهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن من الشّعْر حِكْمَة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل يتَكَلَّم بِكَلَام فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من الْبَيَان سحرًا، وَإِن من الشّعْر حكما ".
وروى أَبُو دَاوُد قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا سعيد بن مُحَمَّد - يَعْنِي الْجرْمِي - ثَنَا أَبُو تُمَيْلة، حَدثنِي أَبُو جَعْفَر النَّحْوِيّ عبد الله بن ثَابت، حَدثنِي صَخْر بن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن من الْبَيَان سحرًا، وَإِن من الْعلم جهلا، وَإِن من الشّعْر حكما، وَإِن من القَوْل عيالاً ".
قَالَ صعصعة بن صوحان: صدق نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أما قَوْله: " إِن من الْبَيَان سحرًا " فالرجل يكون عَلَيْهِ الْحق وَهُوَ أَلحن بالحجج من صَاحب الْحق، فيسحر الْقَوْم ببيانه فَيذْهب بِالْحَقِّ، وَأما قَوْله: " من الْعلم جهلا " فيتكلف الْعَالم إِلَى علمه مَا لَا يعلم فيجهله ذَلِك، وَأما قَوْله: " من الشّعْر حكما " فَهِيَ هَذِه المواعظ والأمثال الَّتِي يتعظ بهَا النَّاس، وَأما قَوْله: " من القَوْل عيالاً " فعرضك كلامك وحديثك على من لَيْسَ من شَأْنه وَلَا يُريدهُ.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا [شريك، عَن سماك] ، عَن جَابر(3/147)
ابْن سَمُرَة قَالَ: " جالست النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَكثر من مائَة مرّة، فَكَانَ أَصْحَابه يتناشدون الشّعْر، ويتذاكرون أَشْيَاء من أَمر الْجَاهِلِيَّة، وَهُوَ سَاكِت فَرُبمَا تَبَسم مَعَهم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد رَوَاهُ [زُهَيْر عَن] سماك أَيْضا.
مُسلم: حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد وَابْن أبي عمر، كِلَاهُمَا عَن ابْن عُيَيْنَة - قَالَ ابْن أبي عمر: ثَنَا سُفْيَان - عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة، عَن عَمْرو بن [الشريد] ، عَن أَبِيه قَالَ: " ردفت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا فَقَالَ: هَل مَعَك من شعر أُميَّة بن أبي الصَّلْت شَيْء؟ قلت: نعم. قَالَ: هيه. فَأَنْشَدته بَيْتا فَقَالَ: هيه. أنشدته بَيْتا حَتَّى أنشدته مائَة بَيت ".
مُسلم: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا زَائِدَة، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أصدق بَيت قَالَه الشَّاعِر: أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل. وَكَاد أُميَّة بن أبي الصَّلْت أَن يسلم ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن نفَيْل، ثَنَا هشيم بن ميسرَة [عَن مُغيرَة] ، عَن الشّعبِيّ، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول(3/148)
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا (استراث) الْخَبَر تمثل بقافية طرفَة: ويأتيك بالأخبار من لم تزَود ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا شريك، عَن الْمِقْدَام بن شُرَيْح، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَ: " قيل لَهَا: هَل كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَمَثَّل بِشَيْء من الشّعْر؟ قَالَت: كَانَ يتَمَثَّل بِشعر ابْن رَوَاحَة ويتمثل وَيَقُول: ويأتيك بالأخبار من لم تزَود ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، عَن زَائِدَة، عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَمَثَّل من الْأَشْعَار ويأتيك بالأخبار من لم تزَود ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن عتبَة، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صدق أُميَّة بن أبي الصَّلْت فِي شَيْء من شعره أَو قَالَ بَيْتَيْنِ من شعره، فَقَالَ: % (زحل وثور تَحت رجل يَمِينه % والنسر لِلْأُخْرَى وَلَيْث مرصد) % فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صدق: % (وَالشَّمْس تطلع كل آخر لَيْلَة % حَمْرَاء يصبح لَوْنهَا يتورد) % % (تأبى فَمَا تطلع لنا فِي رسلها % إِلَّا معذبة وَإِلَّا تجلد) %
فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صدق ".
الْبَزَّار: حَدثنَا السكن بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، حَدثنِي(3/149)
يزِيد بن عَمْرو بن مُسلم الْخُزَاعِيّ، حَدثنِي أبي، عَن أَبِيه مُسلم الْخُزَاعِيّ قَالَ: " كنت عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَنْشد منشد قَول [سُوَيْد] بن عَامر المصطلق: % (لَا تأمنن وَإِن أمسيت فِي حرم % إِن المنايا بجنبي كل إِنْسَان) % % (واسلك سَبِيلك تمشي غير مختشع % حَتَّى تلاقي مَا يمنى لَك الماني) % % (فَكل ذِي صَاحب يَوْمًا مفارقه % وكل زَاد وَإِن أبقيته فان) % % (وَالْخَيْر وَالشَّر مقرونان فِي قرن % وكل ذَلِك يبليه الجديدان) %
قَالَ: فَبكى أبي، فَقلت: مَا يبكيك لِمُشْرِكٍ مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّة؟ قَالَ: يَا بني، وَالله مَا رَأَيْت مُشْركًا فِي شركه مثل سُوَيْد ".
بَاب هجاء الْمُشْركين
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حَمَّاد، عَن حميد، عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جاهدوا الْمُشْركين بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ وألسنتكم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب، قَالَا: ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه " أَن حسان بن ثَابت كَانَ مِمَّن كثر على عَائِشَة، فسببته. فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي دَعه، فَإِنَّهُ كَانَ ينافح عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي - وَهُوَ ابْن ثَابت - قَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول(3/150)
لحسان بن ثَابت: اهجهم - أَو هاجهم - وَجِبْرِيل مَعَك ".
مُسلم: حَدثنَا عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي، حَدثنِي خَالِد بن يزِيد، حَدثنِي سعيد بن أبي هِلَال، عَن عمَارَة بن غزيَّة، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اهجوا قُريْشًا؛ فَإِنَّهُ أَشد عَلَيْهَا من رشق بِالنَّبلِ، فَأرْسل إِلَى ابْن رَوَاحَة، فَقَالَ: اهجهم فهجاهم، فَلم يرض فَأرْسل إِلَى كَعْب بن مَالك، ثمَّ أرسل إِلَى حسان بن ثَابت، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ حسان: قد آن لكم أَن تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأسد الضَّارِب بِذَنبِهِ، ثمَّ أدلع لِسَانه فَجعل يحركه، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لأفرينهم بلساني فري الْأَدِيم. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تعجل، فَإِن أَبَا بكر أعلم قُرَيْش بأنسابها وَإِن لي فيهم نسبا حَتَّى يلخص لَك نسبي. فَأَتَاهُ حسان ثمَّ رَجَعَ. فَقَالَ: يَا رَسُول الله، قد لخص لي نسبك، وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لأسلنك مِنْهُم كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين. قَالَت عَائِشَة: فَسمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لحسان: إِن روح الْقُدس لَا يزَال يؤيدك مَا نافحت عَن الله وَرَسُوله. وَقَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: هجاهم حسان فشفى واشتفى. قَالَ حسان: % (هجوت مُحَمَّدًا فأجبت عَنهُ % وَعند الله فِي ذَاك الْجَزَاء) % % (هجوت مُحَمَّدًا برا حَنِيفا % رَسُول الله شيمته الْوَفَاء) % % (فَإِن أبي ووالده وعرضي % لعرض مُحَمَّد مِنْكُم وقاء) % % (ثكلت بنيتي إِن لم [تَرَوْهَا] % تثير النَّقْع من كنفي كداء) % % (يبارين الأعنة مصعدات % على أكتافها الأسل الظماء) % % (تظل جيادنا متمطرات % [تلطمهن] بِالْخمرِ النِّسَاء) %(3/151)
% (فَإِن أعرضتموا عَنَّا اعتمرنا % وَكَانَ الْفَتْح وانكشف الغطاء) % % (وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لضراب يَوْم % يعز الله فِيهِ من يَشَاء) % % (وَقَالَ الله قد أرْسلت عبدا % يَقُول الْحق لَيْسَ بِهِ خَفَاء) % % (وَقَالَ الله قد يسرت جنداً % هم الْأَنْصَار عرضتها اللِّقَاء) % % ( [لنا فِي] كل يَوْم من معد % سباب أَو قتال أَو هجاء) % % (فَمن يهجو رَسُول الله مِنْكُم % ويمدحه وينصره سَوَاء) % % (وَجِبْرِيل رَسُول الله فِينَا % وروح الْقُدس لَيْسَ لَهُ كفاء) %
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، ثَنَا ثَابت، عَن أنس: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل مَكَّة فِي عمْرَة الْقَضَاء وَعبد الله ابْن رَوَاحَة بَين يَدَيْهِ يمشي وَهُوَ يَقُول: % (خلوا بني الْكفَّار عَن سَبيله % الْيَوْم نَضْرِبكُمْ على تَنْزِيله) % % (ضربا يزِيل الْهَام عَن مقِيله % وَيذْهل الْخَلِيل عَن خَلِيله) %
فَقَالَ لَهُ عمر: يَا ابْن رَوَاحَة، بَين يَدي رَسُول الله وَفِي حرم الله تقوم الشّعْر! فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خل عَنهُ يَا عمر، فلهي أسْرع فيهم من نضح النبل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
الْبَزَّار: حَدثنَا عقبَة بن سِنَان، ثَنَا عُثْمَان بن عُثْمَان الْغَطَفَانِي، ثَنَا مُحَمَّد ابْن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَ الْحَارِث الْغَطَفَانِي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، ناصفنا تمر الْمَدِينَة وَإِلَّا ملأناها عَلَيْك خيلا ورجالاً. فَقَالَ: حَتَّى أَستَأْمر السُّعُود: سعد بن عبَادَة، وَسعد بن معَاذ - يَعْنِي: يشاورهما - فَقَالَا: وَالله مَا أعطينا الدنية من أَنْفُسنَا فِي الْجَاهِلِيَّة، فَكيف وَقد جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ!(3/152)
فَرجع إِلَيْهِ الْحَارِث فَأخْبرهُ، فَقَالَ: غدرت يَا مُحَمَّد. قَالَ: فَقَالَ حسان: % (يَا حَار من يغدر بِذِمَّة جَاره % مِنْكُم فَإِن مُحَمَّدًا لَا يغدر) % % (إِن تغدروا فالغدر من عاداتكم % واللؤم ينْبت فِي أصُول السخبر) % % (وَأما النَّهْدِيّ حَيْثُ لَقيته % مثل الزجاجة صَدعهَا لَا يجْبر) % قَالَ: فَقَالَ الْحَارِث: كف عَنَّا يَا مُحَمَّد لِسَان حسان، فَلَو مزج بِهِ مَاء الْبَحْر لمزجه ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا عُثْمَان بن عُثْمَان، وَلم نَسْمَعهُ إِلَّا من عقبَة بن سِنَان.
بَاب مَا جَاءَ فِي هجاء الْمُسلمين
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عبيد الله، عَن شَيبَان، عَن الْأَعْمَش، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن يُوسُف بن مَاهك، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أعظم النَّاس فِرْيَة لرجل هجا رجلا، فهجا الْقَبِيلَة بأسرها، وَرجل انْتَفَى من أَبِيه وزنى أمه ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُسلم، ثَنَا عبيد الله بِإِسْنَاد أبي بكر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة رجل هجا رجلا فهجا الْقَبِيلَة بأسرها ".
الْبَزَّار: حَدثنَا (مُحَمَّد بن مُوسَى السَّامِي) ثَنَا أَبُو هِلَال مُحَمَّد بن سليم الرَّاسِبِي، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ فِي الْإِسْلَام شعرًا مقذعاً فلسانه هدر ".(3/153)
مُحَمَّد بن سليم هَذَا لَا يُؤْخَذ عَن مثله هَذَا الحكم.
بَاب مَا يكره من أَن يكون الشّعْر الْغَالِب على الْإِنْسَان
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن ابْن الْهَاد، عَن يحنس مولى مُصعب بن الزبير، عَن أبي سعيد قَالَ: " بَينا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالعرج إِذْ عرض عَلَيْهِ شَاعِر ينشد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: خُذُوا الشَّيْطَان - أَو أَمْسكُوا الشَّيْطَان - لِأَن يمتلئ جَوف رجل قَيْحا خير لَهُ من أَن يمتلئ شعرًا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو سعيد الْأَشَج، ثَنَا وَكِيع، ثَنَا الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لِأَن يمتلئ جَوف الرجل قَيْحا يرِيه خير من أَن يمتلئ شعرًا ".
بَاب فِي الصدْق وَحفظ اللِّسَان
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا عبد الله بن دَاوُد.
ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة: ثَنَا وَكِيع، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إيَّاكُمْ وَالْكذب؛ فَإِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور، وَإِن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار، وَإِن الرجل ليكذب ويتحرى الْكَذِب حَتَّى يكْتب عِنْد الله كذابا، وَعَلَيْكُم بِالصّدقِ، فَإِن الصدْق يهدي إِلَى الْبر، وَإِن الْبر ليهدي إِلَى الْجنَّة، وَإِن الرجل ليصدق ويتحرى الصدْق حَتَّى يكْتب عِنْد الله صديقا ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن ابْن(3/154)
شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي، ثَنَا عمر بن عَليّ، سمع أَبَا حَازِم، عَن سهل بن سعد، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من يضمن لي مَا بَين لحييْهِ وَمَا بَين رجلَيْهِ أضمن لَهُ الْجنَّة ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد، ثَنَا دَاوُد بن يزِيد، سَمِعت أبي، يحدث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَتَدْرُونَ مَا يدْخل النَّاس الْجنَّة؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: تقوى الله، وَحسن الْخلق، أَتَدْرُونَ أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار؟ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: الْفَم، والفرج ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عمر الْمَكِّيّ، ثَنَا عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي، عَن يزِيد بن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن عِيسَى بن طَلْحَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ مَا يتَبَيَّن مَا فِيهَا، يهوي بهَا فِي النَّار ابعد مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب ".
تَابعه بكر بن مُضر، عَن ابْن الْهَاد من رِوَايَة مُسلم - رَحمَه الله - وَلم يقل: " مَا يتَبَيَّن مَا فِيهَا ".
وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بِإِسْنَاد مُسلم: " إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ وَلَا يرى بهَا بَأْسا، يهوي بهَا سبعين خَرِيفًا فِي النَّار ".(3/155)
خرجه التِّرْمِذِيّ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا ابْن أبي عدي، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن، ثَنَا عَليّ بن حَفْص، ثَنَا شُعْبَة، عَن خبيب بن عبد الرَّحْمَن، عَن حَفْص [بن] عَاصِم، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن يحدث بِكُل مَا سمع ".
(رَوَاهُ غير عَليّ بن حَفْص مَوْقُوفا) .
الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور بن سيار، ثَنَا أَبُو أَحْمد، ثَنَا عَمْرو بن عبد الله، عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، أوصني. قَالَ: احفظ عَلَيْك لسَانك. فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: ثكلتك أمك يَا معَاذ، وَهل يكب النَّاس فِي النَّار على مناخرهم إِلَّا حصائد ألسنتهم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن الحكم قَالَ: سَمِعت عُرْوَة بن النزال، يحدث عَن معَاذ بن جبل قَالَ: " أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من غَزْوَة تَبُوك، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْته خَالِيا قلت: يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي بِعَمَل يدخلني الْجنَّة. قَالَ: بخ، لقد سَأَلت عَن عَظِيم، وَهُوَ يسير على من يسر الله عَلَيْهِ، تقيم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، وَتُؤَدِّي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وتلقى الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا، أَولا أدلك على رَأس الْأَمر وعموده وذروة سنامه؟ فَأَما رَأس الْأَمر من أسلم يسلم، وَأما عموده فَالصَّلَاة، وَأما ذرْوَة سنامه فالجهاد فِي سَبِيل الله، أَولا أدلك على أَبْوَاب(3/156)
الْخَيْر؟ الصَّوْم جنَّة، وَالصَّدَََقَة برهَان، وَقيام العَبْد فِي جَوف اللَّيْل يكفر كل خَطِيئَة، وتلا هَذِه الْآيَة: {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} أَولا أدلك على أملك ذَلِك كُله الله؟ قَالَ: وَأَشَارَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ إِلَى لِسَانه، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، وَإِنَّا لنؤاخذ بِمَا نتكلم بِهِ؟ قَالَ: ثكلتك أمك يَا معَاذ، وَهل يكب النَّاس على مناخيرهم إِلَّا حصائد ألسنتهم ".
قَالَ شُعْبَة: قَالَ الحكم، وحَدثني بِهِ مَيْمُون بن أبي شبيب مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة.
قد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي أول كتاب الصَّلَاة، خرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث معَاذ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ حَدِيث صَحِيح.
وروى الطَّحَاوِيّ قَالَ: ثَنَا فَهد، ثَنَا أَبُو نعيم، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَمْرو بن عبد الله النَّخعِيّ، ثَنَا أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، حَدثنِي صَاحب هَذِه الدَّار - يَعْنِي: عبد الله بن مَسْعُود - قَالَ: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الْأَعْمَال أفضل؟ قَالَ: الصَّلَاة على ميقاتها. قلت: ثمَّ مَاذَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: بر الْوَالِدين. قلت: ثمَّ مَاذَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: أَن يسلم النَّاس من لسَانك. ثمَّ سكت، وَلَو استزدته لزادني ".
تفرد بِهِ عَمْرو بن عبد الله بقوله: " أَن يسلم النَّاس من لسَانك " وَعَمْرو هَذَا ثِقَة مَشْهُور، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَيحيى بن معِين وَغَيرهمَا.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن العقعاع ابْن حَكِيم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده، وَالْمُؤمن من أَمنه النَّاس على دِمَائِهِمْ(3/157)
وَأَمْوَالهمْ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُوَيْد، أَنا ابْن الْمُبَارك، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن مَاعِز، عَن سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، حَدثنِي بِأَمْر أَعْتَصِم بِهِ. قَالَ: قل رَبِّي الله ثمَّ اسْتَقِم. قلت: يَا رَسُول الله، وَمَا أخوف مَا تخَاف عَليّ؟ فَأخذ بِلِسَان نَفسه ثمَّ قَالَ: هَذَا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الْبَصْرِيّ، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أبي الصَّهْبَاء، عَن سعيد بن جُبَير، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَفعه - قَالَ: " إِذا أصبح ابْن آدم، فَإِن الْأَعْضَاء كلهَا تكفر اللِّسَان فَتَقول: اتَّقِ الله فِينَا [فَإِنَّمَا نَحن بك] فَإِن اسْتَقَمْت استقمنا، وَإِن أعوججت اعوججنا ".
قَالَ: ثَنَا هناد، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن حَمَّاد بن زيد وَلم يرفعهُ وَهَذَا أصح، وَرَوَاهُ غير وَاحِد، عَن حَمَّاد بن زيد وَلم يرفعوه.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَغير وَاحِد قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن يزِيد بن خُنَيْس الْمَكِّيّ، سَمِعت سعيد بن حسان، حَدَّثتنِي أم صَالح، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، عَن أم حَبِيبَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَلَام ابْن آدم عَلَيْهِ لَا لَهُ، إِلَّا أَمر بِمَعْرُوف، أَو نهي عَن مُنكر، أَو ذكر الله - تَعَالَى ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُحَمَّد بن يزِيد بن خُنَيْس.(3/158)
بَاب مَا جَاءَ فِي التعمق فِي الْكَلَام وَتعلم الْخطب والسجع
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا حَفْص بن غياث وَيحيى بن سعيد، عَن ابْن جريج، عَن سُلَيْمَان بن عَتيق، عَن طلق بن حبيب، عَن الْأَحْنَف بن قيس، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هلك المتنطعون. قَالَهَا ثَلَاثًا ".
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا أَحْمد بن الْحسن بن خرَاش، ثَنَا حبَان بن هِلَال، ثَنَا مبارك بن فضَالة، حَدثنِي عبد ربه بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن من أحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة أحاسنكم أَخْلَاقًا، وَإِن أبغضكم إِلَيّ وأبعدكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة: الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قَالُوا: يَا رَسُول الله، قد علمنَا الثرثارون والمتشدقون، فَمَا المتفيهقون؟ قَالَ: المتكبرون ".
قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: الثرثار: الْكثير الْكَلَام، والمتشدق: الَّذِي يَتَطَاوَل على النَّاس فِي الْكَلَام ويبدو عَلَيْهِم.
قَالَ: أَبُو عِيسَى: وَهَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه.
أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُحَمَّد - هُوَ ابْن سِنَان الْعَوْفِيّ الْبَاهِلِيّ - ثَنَا نَافِع بن عمر، عَن بشر بن عَاصِم، عَن أَبِيه، عَن عبد الله - قَالَ أَبُو دَاوُد: هُوَ ابْن عَمْرو - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله يبغض البليغ من الرِّجَال الَّذِي يَتَخَلَّل بِلِسَانِهِ كَمَا تخَلّل الباقرة بلسانها ".(3/159)
رَوَاهُ أَبُو عِيسَى: عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، عَن عمر بن عَليّ، عَن نَافِع ابْن عمر بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " كَمَا تخَلّل الْبَقَرَة " وَلم يقل: " بلسانها "، وَقَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْن السَّرْح، ثَنَا ابْن وهب، عَن عبد الله بن الْمسيب، عَن الضَّحَّاك بن شُرَحْبِيل، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تعلم صرف الْكَلَام لِيَسْبِيَ بِهِ قُلُوب الرِّجَال - أَو النَّاس - لم يقبل الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرفا وَلَا عدلا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك الْقرشِي، ثَنَا دَيْلَم بن غَزوَان، أَنا مَيْمُون الْكرْدِي، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: " حذرنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل مُنَافِق عليم اللِّسَان ".
سَمِعت أَبَا غَسَّان روح بن حَاتِم يذكر، عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، عَن حَمَّاد ابْن زيد، (عَن سُوَيْد بن الْمُغيرَة) ، عَن الْحسن، عَن الْأَحْنَف، عَن عمر بِنَحْوِهِ، وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن عمر مُتَّصِلا إِلَّا من حَدِيث الْأَحْنَف وَأبي عُثْمَان، وسُويد بن الْمُغيرَة رجل جليل من أهل الْبَصْرَة.
قَالَ: وثنا مُحَمَّد بن عبد الْملك، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا حُسَيْن الْمعلم، عَن عبد الله بن [بُرَيْدَة] عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: " حذرنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل مُنَافِق عليم اللِّسَان ".(3/160)
قَالَ: وَهَذَا الْكَلَام لَا نَحْفَظهُ إِلَّا عَن عمر، وَاخْتلفُوا فِي رَفعه عَن عمر، فَذَكرنَا حَدِيث عمرَان لحسن إِسْنَاده، وَحَدِيث عمر أَيْضا إِسْنَاده صَالح.
بَاب الضحك والتبسم
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، سمع يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي مَنْصُور وَسليمَان، عَن إِبْرَاهِيم [عَن] عُبَيْدَة، عَن عبد الله " أَن يَهُودِيّا جَاءَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن الله يمسك السَّمَاوَات على أصْبع، وَالْأَرضين على أصْبع، وَالْجِبَال على أصْبع، وَالْبَحْر على أصْبع، وَالْخَلَائِق على أصْبع، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك. فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ".
وَفِي طَرِيق أُخْرَى لَهُ: " وَالشَّجر والأنهار على أصْبع ".
رَوَاهُ عَن مُوسَى: عَن أبي عوَانَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم بِهَذَا الْإِسْنَاد.
مُسلم: حَدثنِي هَارُون بن مَعْرُوف، ثَنَا ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث.
وحَدثني أَبُو الطَّاهِر، أَنا عبد الله بن وهب، أَنا عَمْرو بن الْحَارِث، أَن أَبَا النَّضر حَدثهُ، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت: " مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مستجمعاً ضَاحِكا حَتَّى أرى مِنْهُ لهواته، إِنَّمَا كَانَ يتبسم،(3/161)
قَالَت: وَكَانَ إِذا رأى غيماً أَو ريحًا عرف ذَلِك فِي وَجهه، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، أرى النَّاس إِذا رَأَوْا الْغَيْم فرحوا؛ رَجَاء أَن يكون فِيهِ الْمَطَر، وأراك إِذا رَأَيْته عرفت فِي وَجهك الْكَرَاهِيَة. قَالَت: فَقَالَ: يَا عَائِشَة، وَمَا يؤمنني أَن يكون فِيهِ عَذَاب، قد عذب قوم بِالرِّيحِ، وَقد رأى قوم الْعَذَاب فَقَالُوا: {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن خَالِد، ثَنَا يحيى بن إِسْحَاق السيلحاني، ثَنَا اللَّيْث بن سعد، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عبد الله بن الْحَارِث بن جُزْء قَالَ: " مَا كَانَ ضحك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا تبسما ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (حسن صَحِيح غَرِيب) .
بَاب مَا نهي أَن يضْحك مِنْهُ
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، ثَنَا سُفْيَان، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن زَمعَة قَالَ: " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يضْحك الرجل مِمَّا يخرج من الْأَنْفس، وَقَالَ: بِمَ يضْرب أحدكُم امْرَأَته ضرب [الْفَحْل] ثمَّ لَعَلَّه يعانقها ".
وَقَالَ الثَّوْريّ ووهيب وَأَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام: " جلد العَبْد ".
بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذِي يتَكَلَّم ليضحك النَّاس
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا بهز بن حَكِيم،(3/162)
حَدثنِي أبي، عَن جدي، سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ويل للَّذي يتحدث بِالْحَدِيثِ ليضحك بِهِ الْقَوْم [فيكذب] ، ويل لَهُ، ويل لَهُ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن.
النَّسَائِيّ: حَدثنَا مُسَدّد بن مسرهد، ثَنَا يحيى، عَن بهز، ثَنَا أبي، عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ويل للَّذي يتحدث فيكذب ليضحك بِهِ الْقَوْم، ويل لَهُ، ويل لَهُ ".
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن أبي شُعَيْب، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله لَا يرى بهَا بَأْسا ليضحك بهَا أَصْحَابه، يهوي بهَا فِي جَهَنَّم سبعين خَرِيفًا ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم أحدا يرويهِ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وَلَا رَوَاهُ عَن مُحَمَّد إِلَّا ابْن إِسْحَاق.
بَاب فِي المزاح
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري الْبَغْدَادِيّ، ثَنَا عَليّ بن [الْحسن] أَنا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن أُسَامَة بن زيد، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة(3/163)
قَالَ: " قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّك تداعبنا. قَالَ: إِنِّي لَا أَقُول إِلَّا حَقًا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
التِّرْمِذِيّ: ثَنَا قُتَيْبَة، ثَنَا خَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ، عَن حميد، عَن أنس بن مَالك " أَن رجلا استحمل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي حاملك على ولد النَّاقة، فَقَالَ: [يَا] رَسُول الله، مَا أصنع بِولد النَّاقة؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَهل تَلد الْإِبِل إِلَّا النوق ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث (صَحِيح غَرِيب) .
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن شريك، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن أنس بن مَالك " أَن النَّبِي
قَالَ لَهُ: يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ. قَالَ مَحْمُود: قَالَ أَبُو أُسَامَة: يَعْنِي مازحه ".
قَالَ أ [وعِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح غَرِيب.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا ربعي بن عبد الله بن [الْجَارُود] الْهُذلِيّ، قَالَ:
حَدثنِي الْجَارُود، عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله
يدْخل على [أُمِّي] فتتحفه(3/164)
بالشيئ، فَدخل عَلَيْهَا يَوْمًا و [عِنْدهَا] أَخ لي صَغِير، فَرَآهُ خاثر النَّفس فَقَالَ: مَا لابنك يَا م سليم؟ فَقَالَت: يَا رَسُول الله، مَاتَت صعوته الَّتِي كَانَ يلْعَب بهَا. فَقَالَ: يَا [أَبَا] عُمَيْر مَاتَ النغير، أَتَى عَلَيْهِ الدهير ".
ربعي وجده صالحان، ذكر ذَلِك ابْن أ [ي حَاتِم - رَحمَه الله.
التِّرْمِذِيّ: [حَدثنَا عبد الله بن الوضاح الْكُوفِي] ، حَدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن شُعْبَة، عَن أ [ي التياح عَن أنس قَالَ: " إِن كَانَ رَسُول الله
ليخالطنا حَتَّى يَقُول لأخ لي صَغِير: يَا أَبَا عُمَيْر، مَا فعل النغير ". قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن ثَابت، عَن أنس: " أَن رجلا من أهل الْبَادِيَة كَانَ اسْمه زاهراً، وَكَانَ يهدي للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَدِيَّة من الْبَادِيَة فيجهزه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَرَادَ الْخُرُوج، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن زاهراً باديتنا وَنحن حاضروه. وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُحِبهُ، وَكَانَ رجلا دميماً فَأَتَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَبِيع مَتَاعه فَاحْتَضَنَهُ من خَلفه وَلَا يبصره، فَقَالَ: من هَذَا؟ أَرْسلنِي، من هَذَا؟ فَالْتَفت فَعرف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعل لَا يألو مَا ألصق ظَهره بصدر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين عرفه، فَجعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من يَشْتَرِي العَبْد؟ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِذا وَالله تجدني كاسداً. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لكنك عِنْد الله لَيست بكاسد - أَو قَالَ: أَنْت عِنْد الله غال ".(3/165)
خرج أَبُو عِيسَى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الشَّمَائِل.
أَبُو دَاوُد: ثَنَا يحيى بن معِين، ثَنَا حجاج بن مُحَمَّد، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْعيزَار بن [حُرَيْث] عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " اسْتَأْذن أَبُو بكر على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسمع صَوت عَائِشَة عَالِيا، فَلَمَّا دخل تنَاولهَا ليلطمها وَقَالَ: أَرَاك ترفعين صَوْتك على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَجعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحجزه، وَخرج أَبُو بكر مغضباً، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين خرج أَبُو بكر: كَيفَ رَأَيْتنِي أنقذتك من الرجل؟ قَالَ: فَمَكثَ أَبُو بكر أَيَّامًا ثمَّ اسْتَأْذن على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فوجدهما قد اصطلحا، فَقَالَ لَهما: أدخلاني فِي سلمكما، كَمَا أدخلتماني فِي حربكما. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قد فعلنَا، قد فعلنَا ".
بَاب مَا نهي عَنهُ من المزاح
أَبُو دَاوُد: ثَنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى، [حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب.
وَحدثنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا شُعَيْب بن إِسْحَاق، عَن] ابْن أبي ذِئْب، عَن عبد الله بن السَّائِب [بن] يزِيد، عَن أَبِيه، عَن جده، أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يَأْخُذن أحدكُم مَتَاع أَخِيه لاعباً [وَلَا] جاداً - قَالَ سُلَيْمَان: لعباً وَلَا جدا - وَمن أَخذ عَصا أَخِيه فليردها ".
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَلم يقل ابْن بشار: ابْن يزِيد، وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي، ثَنَا ابْن نمير، عَن الْأَعْمَش،(3/166)
عَن عبد الله بن يسَار، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: " ثَنَا أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنهم كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَامَ رجل مِنْهُم، فَانْطَلق بَعضهم إِلَى حَبل مَعَه فَأَخذه فَفَزعَ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يحل لمُسلم أَن يروع مُسلما ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يحيى بن سعيد وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَا: ثَنَا سُفْيَان، عَن عَليّ بن الْأَقْمَر، عَن أبي حُذَيْفَة - وَكَانَ من أَصْحَاب ابْن مَسْعُود - عَن عَائِشَة قَالَت: " حكيت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[رجلا] ، فَقَالَ: مَا يسرني أَن حكيت رجلا وَأَن لي كَذَا وَكَذَا، قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن صَفِيَّة امْرَأَة - قَالَت بِيَدِهَا هَكَذَا، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَة - فَقَالَ: لقد مزجت بِكَلِمَة لَو مزجت بهَا مَاء الْبَحْر لمزج ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
بَاب النَّهْي أَن يُشِير إِلَى الْمُسلم بحديدة
مُسلم: حَدثنِي عَمْرو النَّاقِد وَابْن أبي عمر، قَالَ: عَمْرو: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أَيُّوب، عَن ابْن سِيرِين، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ أَبُو الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أَشَارَ إِلَى أَخِيه بحديدة، فَإِن الْمَلَائِكَة تلعنه [حَتَّى] وَإِن كَانَ أَخَاهُ لأمه وَأَبِيهِ ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن همام بن مُنَبّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يشر أحدكُم إِلَى أَخِيه بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي(3/167)
أحدكُم لَعَلَّ الشَّيْطَان ينْزع فِي يَده فَيَقَع فِي حُفْرَة من النَّار ".
بَاب كَرَاهِيَة التمادح والتزكية
مُسلم: ثَنَا مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن همام بن الْحَارِث " أَن رجلا جعل يمدح عُثْمَان بن عَفَّان، فَعمد الْمِقْدَاد فَجَثَا على رُكْبَتَيْهِ - وَكَانَ رجلا ضخماً - فَجعل يحثو فِي وَجهه الْحَصَى، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: مَا شَأْنك؟ فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذا رَأَيْتُمْ المداحين، فاحثوا فِي وُجُوههم التُّرَاب ".
البُخَارِيّ: ثَنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، عَن خَالِد بن عبد الرَّحْمَن، بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه: " أَن رجلا ذكر عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأثْنى عَلَيْهِ رجل خيرا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيحك قطعت عنق صَاحبك - يَقُوله مرَارًا - إِن كَانَ أحدكُم مادحاً لَا محَالة، فَلْيقل: أَحسب كَذَا وَكَذَا إِن كَانَ يرى أَنه كَذَلِك، و (حسيبه الله) وَلَا يزكّى على الله أحد ". قَالَ وهيب عَن خَالِد فَقَالَ: " وَيلك ".
بَاب مَا جَاءَ فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن أبي الزِّنَاد،(3/168)
عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " [إِن] من شَرّ النَّاس ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عرَاك بن مَالك، عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن شَرّ النَّاس ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه ".
بَاب المداراة مَعَ النَّاس
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا سُفْيَان، عَن ابْن الْمُنْكَدر، حَدثهُ عُرْوَة بن الزبير، أَن عَائِشَة أخْبرته " أَنه اسْتَأْذن على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ: ائذنوا لَهُ، فبئس ابْن الْعَشِيرَة - أَو بئس أَخُو الْعَشِيرَة - فَلَمَّا دخل (لَان) لَهُ فِي الْكَلَام، فَقلت: يَا رَسُول الله، قلت مَا قلت ثمَّ ألنت لَهُ فِي القَوْل! فَقَالَ: أَي عَائِشَة، إِن شَرّ النَّاس منزلَة عِنْد الله من تَركه - أَو ودعه - النَّاس اتقاء فحشه ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الْوَهَّاب، ثَنَا ابْن علية، أَنا أَيُّوب، عَن ابْن أبي مليكَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أهديت لَهُ أقبية من ديباج مزررة بِالذَّهَب فَقَسمهَا فِي نَاس من أَصْحَابه، وعزل مِنْهَا وَاحِدَة لمخرمة، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: خبأت هَذَا لَك. قَالَ(3/169)
أَيُّوب: بِثَوْبِهِ وَأَنه يرِيه إِيَّاه، وَكَانَ فِي خلقه شَيْء ".
وَرَوَاهُ حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب. وَقَالَ حَاتِم بن وردان: ثَنَا أَيُّوب، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن الْمسور: " قدمت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... ".
بَاب الحذر من النَّاس
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يلْدغ الْمُؤمن من جُحر وَاحِد مرَّتَيْنِ ".
بَاب التجارب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الله بن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دراج، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا حَلِيم إِلَّا ذُو عَثْرَة، وَلَا حَكِيم إِلَّا ذُو تجربة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
بَاب مَا جَاءَ فِي الظَّن والتجسس
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إيَّاكُمْ وَالظَّن؛ فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث، وَلَا تحسسوا، وَلَا تجسسوا، وَلَا تنافسوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا(3/170)
تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَكُونُوا عباداً لله إخْوَانًا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عِيسَى بن مُحَمَّد وَابْن عَوْف - وَهَذَا لَفظه - قَالَا: ثَنَا الْفرْيَابِيّ، عَن سُفْيَان، عَن ثَوْر، عَن رَاشد بن سعد، عَن مُعَاوِيَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنَّك إِن اتبعت عورات النَّاس أفسدتهم أَو كدت أَن تفسدهم. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: كلمة سَمعهَا مُعَاوِيَة من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَفعه الله بهَا ".
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، ثَنَا يزِيد بن عبد الله الْحِمصِي، ثَنَا بَقِيَّة ابْن الْوَلِيد، عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن ضَمْضَم بن زرْعَة، عَن شُرَيْح بن عبيد، عَن جُبَير بن نفير وَعَمْرو بن الْأسود، عَن الْمِقْدَام وَأبي أُمَامَة قَالَا: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْأَمِير إِذا ابْتغى الرِّيبَة فِي النَّاس أفسدهم ".
بَاب
البُخَارِيّ: حَدثنَا سعيد بن عفير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أَظن فلَانا فلَانا يعرفان من ديننَا شَيْئا. قَالَ لَيْث: كَانَا رجلَيْنِ من الْمُنَافِقين ".
بَاب من خَافَ أَن يظنّ بِهِ
مُسلم: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، ثَنَا حَمَّاد، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ مَعَ إِحْدَى نِسَائِهِ فَمر بِهِ رجل، فَدَعَاهُ فجَاء، فَقَالَ: أَبَا فلَان، هَذِه زَوْجَتي فُلَانَة. فَقَالَ: يَا رَسُول الله، من كنت أَظن بِهِ فَلم أكن أَظن بك. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الشَّيْطَان يجْرِي من الْإِنْسَان(3/171)
مجْرى الدَّم ".
وَفِي حَدِيث آخر: " وَإِنِّي خشيت أَن يقذف فِي قُلُوبكُمَا شَيْئا "
رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَقد تقدم فِي آخر الِاعْتِكَاف.
بَاب مَا جَاءَ فِيمَن اسْتمع حَدِيث قوم وهم لَهُ كَارِهُون
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صور صُورَة عذبه الله حَتَّى ينْفخ فِيهَا - يَعْنِي: الرّوح - وَلَيْسَ بنافخ فِيهَا، وَمن اسْتمع إِلَى حَدِيث قوم وَهُوَ يفرون بِهِ مِنْهُ، صب فِي أُذُنه الآنك يَوْم الْقِيَامَة ".
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَأبي هُرَيْرَة وَأبي جُحَيْفَة وَعَائِشَة وَابْن عمر.
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث ابْن عَبَّاس حَدِيث حسن صَحِيح.
بَاب مَا جَاءَ فِي السباب واللعن
البُخَارِيّ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، سَمِعت أَبَا وَائِل يحدث، عَن عبد الله يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سباب الْمُسلم فسوق وقتاله كفر ".
تَابعه مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة.(3/172)
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن عَفَّان، ثَنَا همام بن يحيى، ثَنَا قَتَادَة، عَن يزِيد أخي مطرف، عَن عِيَاض بن حمَار أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " المستبان شيطانان يتكاذبان ويتهاتران ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " المستبان مَا قَالَا فعلى البادي مِنْهُمَا مَا لم يعْتد الْمَظْلُوم ".
وَفِي الْبَاب عَن سعد وَابْن مَسْعُود وَعبد الله بن مُغفل، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى، عَن أبي غفار، ثَنَا أَبُو تَمِيمَة الهُجَيْمِي، عَن أبي جري جَابر بن سليم قَالَ: " رَأَيْت رجلا يصدر النَّاس عَن رَأْيه لَا يَقُول شَيْئا إِلَّا صدرُوا عَنهُ، قلت: من هَذَا؟ قَالُوا: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: قلت: عَلَيْك السَّلَام يَا رَسُول الله - مرَّتَيْنِ - قَالَ: لَا تقل: عَلَيْك السَّلَام، فَإِن عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَيِّت، قل: السَّلَام عَلَيْك. قَالَ: قلت: أَنْت رَسُول الله؟ قَالَ: أَنا رَسُول الله الَّذِي إِذا انتابك ضرّ فدعوته كشفه عَنْك، وَإِن أَصَابَك عَام سنة فدعوته أنبتها لَك، وَإِذا كنت بِأَرْض قفر أَو فلاة فضلت راحلتك، فدعوته ردهَا عَلَيْك. قَالَ: قلت: اعهد إِلَيّ قَالَ: لَا تسبن أحدا. قَالَ: فَمَا سببت بعده حرا وَلَا عبدا وَلَا بَعِيرًا وَلَا شَاة. قَالَ: وَلَا تحقرن شَيْئا من الْمَعْرُوف، وَأَن تكلم أَخَاك وَأَنت منبسط إِلَيْهِ وَجهك إِن ذَلِك من الْمَعْرُوف، وارفع إزارك إِلَى نصف السَّاق، فَإِن أَبيت فَإلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِيَّاك وإسبال الْإِزَار فَإِنَّهَا من المخيلة، وَإِن الله لَا يحب المخيلة، وَإِن امْرُؤ شمتك وعيرك بِمَا يعلم فِيك فَلَا تعيره بِمَا تعلم فِيهِ، فَإِنَّمَا وبال ذَلِك عَلَيْهِ ".
أَبُو غفار اسْمه الْمثنى بن سعيد ثِقَة مَشْهُور، وَأَبُو تَمِيمَة اسْمه طريف بن مجَالد ثِقَة مَعْرُوف.(3/173)
وَهَذَا الحَدِيث قد تقدم من طَرِيق النَّسَائِيّ، وَقَالَ فِيهِ: " يكون أجر ذَلِك لَك ووباله عَلَيْهِ " وَفِي حَدِيث أبي دَاوُد أَيْضا زِيَادَة.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن الْحُسَيْن بن عبد الله بن بُرَيْدَة، حَدثنِي يحيى بن يعمر، أَن أَبَا الْأسود الدؤَلِي حَدثهُ، عَن أبي ذَر، أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يَرْمِي رجل رجلا بالفسوق، وَلَا يرميه بالْكفْر إِلَّا ارْتَدَّت عَلَيْهِ إِن لم يكن صَاحبه كَذَلِك ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح بن سُلَيْمَان، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن أنس قَالَ: " لم يكن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاحِشا وَلَا لعاناً وَلَا سباباً، كَانَ يَقُول عِنْد المعتبة: مَا لَهُ تربت جَبينه ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عُثْمَان بن عمر، أَنا عَليّ بن الْمُبَارك، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي قلَابَة، أَن ثَابت بن الضَّحَّاك - وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة - حَدثهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حلف على مِلَّة غير الْإِسْلَام فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ على ابْن آدم نذر فِيمَا لَا يملك، وَمن قتل نَفسه بِشَيْء فِي الدُّنْيَا عذب بِهِ يَوْم الْقِيَامَة، وَمن لعن مُؤمنا فَهُوَ كقتله، وَمن قذف مُؤمنا بِكفْر فَهُوَ كقتله ".(3/174)