يجب الوفاء بالنذر كما حدده الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي نذرت أن تذبح إذا اشتغل ولدها معزة، وبعد ذلك نذرت أن تذبح لولدها الثاني نفس الشيء، ونذرت إذا حصلت أرضا أن تذبح مرة ثالثة، الآن هل يمكن أن تجمع كل النذورات وتذبح عنها عجلا ويصبح النذر صحيحا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.
وما أقدمت عليه أمك هو من باب النذر المعلق الذي لا يلزم الوفاء به إلا إذا حصل المعلق عليه؛ كما سبق في الفتوى: 17463.
وعليه.. فإذا كانت تلك الأم قد حصل ولداها على ما أرادت ووجدت أرضا كما قصدت وجب عليها الوفاء بنذرها على الوجه الذي نذرته بذبح ثلاث شياه ما دامت تقدر على ذلك، ولا يجزئها العدول عن ذلك بذبح عجل مثلا، فالأصل وجوب الوفاء بالنذر على الوجه الذي حدده الناذر ولا يجرئه العدول عنه إلى غيره ولا تغييره ما دام يستطيع الوفاء به على الطريقة المصرح بها، وراجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 31642، 67854، 34233.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(19/948)
من عاهدت ربها أن تعمل موائد للرحمن في رمضان ثم أعسرت
[السُّؤَالُ]
ـ[عاهدت ربي أن أعمل موائد للرحمن في رمضان على أن أقوم بتوزيعها بنفسي على منازل المحتاجين وذلك منذ 6 سنوات واليوم أمر بضائقة مالية شديدة، هل يجوز التوقف لحين اجتياز الأزمة وحينها أعاود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نرى رجحانه في معاهدة المرء ربه على فعل أمر معين أن ذلك تارة يكون يميناً ونذراً، وتارة يميناً فقط، أي أنه إن التزم بها قربة وطاعة فهي نذر ويمين، وإن التزم بها ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر، ولك أن تراجعي في هذا الفتوى رقم: 29746.
وبينا ثمت أن ثمرة هذا التفصيل أن ما كان نذراً وأمكنه فعله لزمه ذلك ولم تجزه كفارة يمين، وما كان يميناً فهو مخير بين أن يمضي -إن كان في غير معصية- أو يكفر كفارة يمين.
وبناء على ما ذكر، فإنك إن قصدت من معاهدتك هذه أنك ستستمرين في عمل موائد للرحمن في رمضان مدى حياتك، فإنك إن عجزت عن ذلك تلزمك كفارتا يمين، إحداهما عن يمينك التي حنثت فيها، والأخرى عن النذر الذي التزمتيه، ولك أن تراجعي في حكم من نذر نذراً لم يطقه الفتوى رقم: 2522.
وأما إن كنت قد عاهدت ربك على عمل موائد للرحمن في رمضان ولم تنوي الاستمرار في ذلك مدى حياتك، فإنك تكونين قد وفيت بنذرك وبررت في يمينك منذ سنتك الأولى، فليس عليك شيء إذا توقفت عن هذه الموائد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(19/949)
الوفاء بالنذر ممن نذر أن يعطي مالا للفقير كلما رأى المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اعرف عن نذر الأموال، فأنا نذرت أن أعطي مالا كلما أراه إلى الفقير.
فكيف أبطل هذا النذر إذا كان هذا نذرا جائزا؟؟؟
أرجو الرد إذا أمكن لأنه يحيرني ويخيفني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنذرك نذر طاعة وهو إعطاء المال للفقير كلما رأيت المال وحصلت عليه، والواجب عليك الوفاء به كلما حصلت على المال، ولا حيلة لك في إسقاطه، والظاهر أنه يكفيك أن تتصدق بأقل قدر متمول من المال لأنك لم تحدد قدر المال الذي ستتصدق به، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: ومن نذر التصدق بشيء صح نذره وتصدق بما شاء من قليل وكثير لصدق الشيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1427(19/950)
نذرت ترك الزواج فهل يلزمها الوفاء بنذرها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت في المدينة المنورة فى وقت الحج أردت أن أبكى وأن أكون قريبة من الله (لقد شعرت أني بعيدة عن الله ويجب أن أفعل أي شيء كي يرضى الله عني) فنذرت أو أخذت على نفسي عهدا أن أترك شيئا كان نفسي فيه من أجل الله كي يرضى عني وهو أن لا أتزوج. وبعد ذلك تقدم لي شاب نحسبه على خير ولا نزكي على الله أحدا وقد قمت بعمل استخارة ولكني أخاف أن أوافق تماما ويكون ذلك مخالفا لنذري أو عهد أخذته على نفسي ماذا أفعل هل من الممكن أن أوافق أم يجب أن أفي بما نذرت مهما كان وإن وافقت أيكون زواجي غير حلال أو زواج لا يرضى عنه الله أو لا يبارك الله فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فنسأل الله تعالى ألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك، وأن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه.
ونقول لك أيتها السائلة الكريمة قد عرفت الطريق الصحيح فالزميه، ولمعرفة شروط التوبة الصادقة وعلامة قبولها راجعي الفتوى رقم: 5450.
وأما مسألة النذر، فالأصل أن الوفاء به واجب، فقد روى البخاري وأصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. ولكن نذرك أقرب ما يكون إلى نذر المعصية لكونه عزوفا عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال للنفر الذين ألزموا أنفسهم ما يشق كصيام الدهر وقيام الليل كله وترك الزواج أبدا قال: أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني. خرجه مسلم
والعزوف عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم معصية سيما أن سنته في الزواج هي سبيل العفاف والتحصن، فمن تركها فقد عرض نفسه للفتن والمحن، وإذا كان كذلك فيكون نذر ترك الزواج مطلقا نذر معصية ونذر المعصية لا يجوز الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السالف: ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(19/951)
النذر المعلق على حصول الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يجوز أن أنذر نذراً بأن يزوجني الله من شخص معين، وهل إذا تحقق النذر يحقق لي الله زواجي من هذا الشخص، وما هي شروط النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للأخت السائلة عليك أن تتقي الله تعالى وتصبري وتتوكلي عليه، وتلتجئي إليه في أمورك كلها بكثرة الدعاء والاستغفار، فإن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود، ولتراجعي الفتوى رقم: 55356.
واعلمي أن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يقدره الله له، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج. رواه مسلم.
ثم إن الإقدام على النذر غير مستحب، بل صرح بعض أهل العلم بكراهته، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 56564، ومع ذلك لو نذر أحد طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بنذره، فإن كان النذر معلقاً على حصول نعمة أو دفع نقمة وجب الوفاء بالنذر عند حصول ما عليه، وعليه فإن إقدامك على هذا النذر جائز مع الكراهة.
وإذا نذرت لله تعالى فعل طاعة إن أنت حصلت على أمر معين مثل ما في السؤال وحصل ذلك الأمر وجب عليك الوفاء بالنذر، ولا يلزمك الوفاء به قبل حصول الأمر الذي علق النذر على حصوله، ولو أديت النذر قبل حصول الزواج مثلاً ثم حصل الزواج بعد ذلك فلا بد من الوفاء به مرة أخرى لأنه لم يجب قبل حصول الأمر المعلق عليه، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 27991.
واعلمي أن الله تعالى قد يحقق رجاءك ولو لم تنذري نذراً، وقد يحققه بعد النذر، وقد لا يحصل ما ذكر لحكمة يعلمها الله تعالى. وعلى كل حال فإنه يجب على المسلم أن يرضى بأمر الله تعالى سواء أعطاه ما سأله أو منعه، ومع ذلك فعليه ألا ييأس ولا يمل من دعاء الله تعالى فإنه لا يخيبه أبداً ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.
والنذر كما عرفه الفقهاء هو التزام المسلم المكلف قربة لله عز وجل غير واجبة أصلاً، ولا بد فيه من صيغة تفيد الالتزام، ومنه يعلم أن من شروط وجوب النذر أن يكون الناذر مسلماً مكلفاً، ومنها الصيغة أيضاً وهي النطق بالنذر، فلا يلزم بالنية، كما يشترط في لزومه أن يكون المنذور طاعة لله فلا يصح نذر المعصية لقوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري وغيره: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. وأن يكون المنذور مملوكاً للناذر فلا يصح نذره ما لا يملك لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس على العبد نذر فيما لا يملك. رواه الترمذي.
وأن يكون غير واجب فلا يصح نذر الواجب، فمثلاً لا يصح أن يقول أحد إن أعطاني الله كذا فسأصلي الظهر لأن هذا من تحصيل الحاصل؛ لأن صلاة الظهر واجبة دون النذر. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(19/952)
ما تفعله من نذرت بناء مسجد ولم يف مالها بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن إخوة توفي والدنا وأكبرنا في سن 18 وأصغرنا حوالي 3 أشهر لم تتزوج والدتنا ونذرت والدتنا أن تبني جامعا بقطعة الأرض التى تركها الوالد (الوالد ترك الكثير من الأموال) السؤال: عندما كبرنا لم يتيسر البناء لأن أموال الأرض لا تفي ببناء جامع الآن وبعضنا يحتاج لورثه في حياته (ليست حاجة ماسة) هل لنا أن نأخذ ورثنا ونرجع عن بناء الجامع لأنها نذرت أن تبني بميراث قصر مع العلم أننا أخذنا الأمر مسلما به عندما كبرنا؟
سؤال آخر: أمي نذرت بجزء كبيرمن نصيبها من ميراثها للجامع الآن لا يتيسر بناء الجامع وهي تخاف أن تتراجع وستعطي المال للتبرع في عدة مساجد هل حلال أن تأخذ هذا الورث لنفسها؟ أم لا بد أن تتبرع به أو بجزء منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بناء المساجد من الطاعة المرغب فيها والتي يجري على الإنسان ثوابها بعد موته لقوله صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما نشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه. الحديث أخرجه ابن ماجه وهو في صحيح ابن خزيمة، كما يجب على المسلم إذا نذر طاعة لله تعالى أن يفي بنذره ما استطاع لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره، ثم إنه لم يتضح لنا السؤال تمام الاتضاح لكن الذي فهمناه أن والدة السائل نذرت أن تبني جامعا بقيمة الأرض التي تركها زوجها وهي لكل الورثة، وكان نصيب هذه المرأة من الأرض هو الجزء الأكبر من نصيبها من التركة؛ وعليه نقول: لا يصح نذرها ولا ينعقد إلا في نصيبها من الأرض فإن وفى ببناء مسجد لزمها الوفاء بذلك فإن لم يف به صرفته ضمن تكاليف مسجد آخر لأن هذا هو المستطاع قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم: ليس على العبد نذر فيما لا يملك. أي لا يصح النذر ولا ينعقد في شيء لا يملكه حين النذر حتى لو ملكه بعده لم يلزمه الوفاء به ولا الكفارة عليه.
ولا يحل لها الرجوع عن هذا النذر، ولا الانتفاع بالمبلغ الذي نذرت به بناء مسجد، بل لا بد أن يصرف في نحو ما ذكرنا، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 3155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(19/953)
من نذر ذبح شاة هل يشارك غيره أم يستقل بذبحها
[السُّؤَالُ]
ـ[إني نذرت أني إذا تعينت في إحدى دوائر الدولة أذبح خروفا وتحقق ما نذرت لأجله فعرضت عليَّ أمي أن تشاركني في النذر فهل يجوز أن تشاركني، علما أني نذرت أن أوفيه وحدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تفي بنذرك، وهو ذبح خروف من مالك الخاص كما نذرته دون أن يشاركك فيه أمك ولا غيرها، إلا إذا كنت تقصد بمشاركتها لك أنها ستهبك مالا وأنت ستضيف بعضه إلى مالك وتشتري الخروف بالجميع فلا مانع من ذلك لأن المال أصبح ملكا لك بعد هبته لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(19/954)
النذر والزكاة كل منهما واجب مستقل بذاته
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت لله تعالى نذراً بأن أتصدق بمبلغ معين من المال لوجه الله تعالى إذا نجحت في امتحاناتي في الجامعة, ولم أحدد أي جهة للتصدق بهذا المال، فهل يجوز لي إعطاء هذا المال لصديق لي يريد الزواج، مع العلم بأنه يستدين لكي يكمل الضروريات بمنزل الزوجية، أي هل يعتبر هذا الباب من أبواب الصدقة، وهل علي أن أخبره عن حقيقة هذا المال أم يمكنني القول له بأنه هدية زواجه، وهل يجوز لي أن أعطيه من مال الزكاة أي أن يكون مال النذر من مال الزكاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لم تحدد مصرفاً معيناً للصدقة في نذرك فلا مانع من أن تعطيها لصديقك المذكور ليستعين بها على مؤن نكاحه المعتادة، ولا يلزم إخباره عن حقيقة المال الذي أعطيته.
وأما إعطاؤه من الزكاة لشراء ما يحتاجه في نكاحه فيجوز أيضاً بشرط ألا يكون في ذلك مسرفاً ولا مبذراً، كما بيناه في الفتوى رقم: 11787.
إلا أنه لا يجوز لك أن تخرج مالاً واحداً عن النذر والزكاة، لأن كلا منهما واجب مستقل ولا يسقطهما مال واحد ... وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1427(19/955)
دفع النذر إلى غير الجهة التي عينها الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا وأنا على أبواب الامتحانات وكنت متخوفة جداً من الرسوب وقلت لزميلتي "إذا نجحت فسوف أذبح كبشا وأخرج طعاما إلى المسجد فقالت لي كبشا مرة واحدة فقلت لها قصعة -آنية كبيرة لتقديم الأكل- المهم أن أقدم طعاما" هذا كل ما أتذكره عن النذر فقد مر أزيد من عامين على هذا الأمر، والآن من الله علي بالنجاح، أريد أن أوفي بنذري فما هي الطريقة، هل علي أن أخرج الطعام فقط أم علي الذبح، وهل أستطيع أن أخرج ثمن الطعام مالاً وإذا كان علي أن أذبح، فهل يمكنني فعل ذلك في زفاف أخي مع إخراج الطعام المطلوب، وأخيراً هل ما قد يحدث من مشكلات سببه عدم الوفاء بالنذر؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوفاء بالنذر واجب مؤكد، وعلى الأخت السائلة بعد أن نجحت أن تفي بنذرها حسب ما نذرت وهو ذبح كبش وتقديم طعام لأهل المسجد حسبما يظهر من عبارتها عند النطق بالنذر، ولا يجوز لها أن تدفع النذر لغير الجهة التي عينتها وهي أهل المسجد, كما لا يجوز إخراج بديل عن المنذور إن وجدته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به. كما في السنن.
وفي البخاري وغيره قوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه, ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 29476.
وأما ما قد يحدث لك من مشاكل فلا تلازم بينه بين عدم الوفاء بالنذر، وإن كان ترك الواجب من أسباب تعرض الإنسان للعقاب الدنيوي والأخروي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1427(19/956)
حكم دفع النذر للأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله مبلغا مشروطا بتحقق هدف وتحقق هذا الهدف وأنا الآن أعمل بدولة بالخليج ولي أهل يحتاجون لهذا المبلغ فهل أرسله لهم علما بأنهم أرسلوا لي من قبل على مبلغ وأنا رفضت بدون أن أعلمهم رفضي وذلك كان قبل النذر. فهل يصح أن أرسله لهم بنية النذر؟
الله يوفقكم لما فيه خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لم تحدد لنذرك مصرفا معينا -كما هو الظاهر- فعليك أن تعطيه للفقراء والمساكين ولو كانوا من قرابتك, بل إعطاء القريب الفقير أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة, وعلى ذي الرحم صدقة وصلة. رواه أحمد والنسائي وابن حبان والترمذي وحسنه، ونعني بالقريب هنا غير الوالدين، أما الوالدان فإن كانا محتاجين فنفقتهما واجبة عليك، وفي هذه الحالة لا يجوز لك أن تدفع لهما النذر ليقوم مقام ما يجب عليك صرفه لهما أصلا، وإن كانا غير محتاجين فلا يصرف النذر إليهما أيضا لعدم استحقاقهما له. ولتراجع الفتوى رقم: 21113
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(19/957)
إسقاط الدين بقصد الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أني لو تزوجت أتصدق بخمسة آلأف درهم، وأثناء فترة التفاهم بيني وبين زوجي (الفترة التي قبل الزواج) أدنته ستة آلاف حيث وضعه المادي كان سيئاً جداً، وشاء الله أن قسم النصيب واتفقنا وتزوجنا هل يمكن أن أعتبر الدين الذي أدنته هو النذر، الرجاء الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إسقاط الدين المذكور في مقابل النذر لا يجزئ ولا تبرأ به الذمة من النذر، فإن كانت الأخت السائلة تريد دفع النذر لزوجها الذي ذكرت أنه محتاج فلا بد من أن تقبض المبلغ المذكور وبعد ذلك تدفعه له، قال ابن قدامة في المغني: إذا نذر الصدقة بقدر من المال، فأبرأ غريمه من قدره، يقصد به وفاء النذر لم يجزئه وإن كان الغريم من أهل الصدقة. قال أحمد: لا يجزئه حتى يقبضه. وذلك لأن الصدقة تقتضي التمليك، وهذا إسقاط، فلم يجزئه، كما في الزكاة. انتهى.
وإن لم يمكن استرجاع المبلغ المذكور وجب عليها أن تفي بنذرها فتتصدق بخمسة آلاف على زوجها أو على غيره من المستحقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1427(19/958)
هل يخرج الناذر مالا بدلا من الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني كنت في فترة الامتحانات وكنت متوترة جدا لأن حالتي كانت حرجة جدا وكنت خائفة جدا من الرسوب فنذرت نذرا وأنا أتحدث مع إحدى زميلاتي، وأنا أراجع بأنني إذا نجحت سوف أخرج طعاما إلى المسجد (قصعة كما هي العادة عندنا) ولكني لست متذكرة إذا قلت بأنني سوف أذبح ذبيحة أم لا، والحمد لله فقد من الله علي بالتوفيق ونجحت وقد مر على هذا الأمر عامان، وأردت أن أفي بديني، والآن أريد أن أسأل عن الطريقة فقد قالوا لي أخرجيه مالا فهو الأنفع للفقراء، أنا فكرت في أنني سأذبح هذه الذبيحة في عرس أخي على أن أقدم منه طعاما كما ذكرت، فهل يجوز لي هذا أم لا؟ ، وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة لزمه الوفاء بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري، والواجب على من نذر فعل طاعة معينة أن يوفي بها كما نذرها ولا يغيرها إلى غيرها. وعليه فالواجب عليك إخراج الطعام إلى المصلين في المسجد ليأكلوه كما هو المعتاد عندكم ولا يصح تغييره، وهو تقديمه للناس في عرس أخيك، وأما ذبح الشاة فإن تذكرت أنك نذرتها فيجب عليك الوفاء بذلك، وإلا فلا، لأن الأصل عدم حصول النذر، والأصل براءة الذمة أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1427(19/959)
هل يلزم الوفاء بنذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ، لقد نذرت أن لا أمارس العادة السرية ولا أشاهد المواقع والأفلام الإباحية وإن فعلت ذلك أصوم ثلاثة أشهر، ولكن الشيطان أعاذني الله وإياكم منه أغواني، حيث شاهدت موقعاً إباحياً وصورا خليعة جعلتني أمارس هذه العادة القبيحة وفعلت هذا عدة مرات، ولكني ولله الحمد أتوب إلى الله في كل مرة وأتمنى من الله أن تكون التوبة صادقة، فسؤالي هو: ما الذي علي فعله، علماً بأنني لا أستطيع صيام ثلاثة أشهر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أولاً أخي السائل أن تتوب إلى الله تعالى توبة صادقة من مشاهدة المواقع والأفلام المحرمة ومن العادة السرية، واعلم أن الله سبحانه وتعالى أحق أن يستحيا منه, وتذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل حافياً عارياً في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, وعندها تتمنى أن لو اجتنبت ما حرم الله عليك، وأنت الآن في زمن الإمكان فبادر بالتوبة قبل فوات الأوان.
وأما عن نذرك فإذا كان واقع الحال ما ذكر من أنك نذرت صيام ثلاثة أشهر إن فعلت العادة السرية، فهذا يسمى نذر اللجاج والغضب, وهو أن يقصد الناذر منع نفسه أو حثها، وقد نص جمهور الفقهاء على أن صاحب هذا النذر مخير بين الوفاء بما التزم به -وهو صيام ثلاثة أشهر في مثل حالتك- أو أن يكفر كفارة يمين. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 17466.
وكفارة اليمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم, فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام. وانظر الفتوى رقم: 2053 عن كفارة اليمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(19/960)
صلاة النافلة بنية النذر والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعزائي سؤالي هو التالي: قبل سنين ثلاث أو أكثر كنت قد قررت أو ((نذرت)) أنه إذا تم لي الشفاء من مرض معين أن أصلي كل يوم ركعتين لله تعالى وبعد ذهابي للطبيب واستخدامي للعلاج بدأت أصلي تلك الركعتين إلا أنني أقرنها مع صلاة الراتبة (السنه البعدية) لصلاة المغرب أي أنني أصليها بنية السنة (الراتبة) وبنية ما نذرت أي لا أصليها مفردة فهل هذا جائز أم لا؟ وإن كان لا فكيف علي أن أكفر عن ذلك؟ وكذلك الحال بالنسبة لصلاة الاستخارة هل يمكن أن أصليها ضمن الرواتب والسنن أم أجعلها صلاة منفردة ولكل أجرها وثوابها؟
وفقكم الله تعالى لخدمة الإسلام، وأرجو أن أكون قد وفقت في إيصال فكرة، ما أريد أن تفتوني به. والله تعالى أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن الإقدام على النذر مكروه كما تقدم في الفتوى رقم: 56564، وما أقدمت عليه هو من قبيل النذر المعلق فإذا شفيت من المرض المذكور وجب عليك الوفاء بالنذر وإن لم يحصل الشفاء فلا شيء عليك، وفي حال وجوب الوفاء بالنذر فلا يجزئك تشريك نية الوفاء بالنذر مع نية أداء السنة الراتبة فكل منهما عبادة مستقلة ومشروعة بمفردها وبالتالى فلا يجزئ التشريك بينهما، وإذا جمعت في صلاة ركعتين بين نية الوفاء بالنذر والسنة الراتبة فاختلف أهل العلم هل تقعان عن النذرأم عن النافلة أم لا تكون عن واحد منهما، وراجعي الفتوى رقم: 6579، والفتوى رقم: 7273، فلذا نرى أنه من الاحتياط والورع قضاء ركعتي النذرفي المدة الزمنية التي نويت فيها الجمع بين النذروالسنة الراتبة، فإن عجزت عن ضبط المدة فواصلي القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة ولاتجمعي بينهما مستقبلا.
ويجزئك الجمع بين صلاة الاستخارة والسنة الراتبة في نافلة واحدة سواء كانت ركعتين أو أكثر وإن كان الأفضل إفراد كل منهما بصلاة لما يترتب على ذلك من مزيد صلاة وتلاوة وذكر لله تعالى، وراجعي الفتوى رقم: 44125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(19/961)
عدم الوفاء بالنذر بسبب العجز أو النسيان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة على رسول الله
سؤالي هو: امرأة نذرت أن تسبح لله كل يوم أربعة آلاف تسبيحة وذلك لأن ابنها عندما ولد ظل في المستشفى بضعة أيام واليوم كبر وعمره 3 سنوات تقريبا، ولأجل ضيق الوقت وانشغال الأم بتربية الأطفال وتنظيف البيت والطبيخ وإلى آخره لا تجد الوقت الكافي لتسبح كل التسابيح التي نذرت أن تسبحها، في بعض الأوقات تجد الوقت وتسبحها كلها، ولكن معظم الأوقات تسبح بعضها، فهل عليها إثم، وماذا تفعل في حال لم تسبحها كما نذرت، ولأن ضميرها يعذبها لأنها لم تف بوعدها وهي حائرة ماذا تفعل؟ وكيف تكفر عن هذا النذر أو شيء أسهل يعفيها من ذلك النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن الإقدام على النذر مكروه كما تقدم فى الفتوى رقم: 56564، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذرأن يطيع الله فليطعه ومن نذرأن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري فى صحيحه.
وما دمت قد نذرت التسبيح المذكور فيجب عليك الوفاء به ولا يجوز التفريط في القيام به، فإن تركت التسبيح أو بعضه في بعض الأيام عجزا أونسيانا فلا إثم عليك لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه في سننه، وقال الشيخ الألباني: صحيح
لكن يجب عليك قضاء ما تركته من تسبيح في تلك الأيام التي لم تقومي به فيها سواء كان المتروك الجميع أو البعض.
والغالب أن هذا النذر يمكن الوفاء به ولو عن طريق الإتيان بهذا التسبيح موزعا على عدة أوقات فى اليوم الواحد، لكن إن تحققت من العجز عن الوفاء بالنذر المذكورعجزا مستمرا لا يرجى زواله فيكفيك حينئذ إخراج كفارة يمين، وراجعي الفتوى رقم: 24077، والفتوى رقم: 19796، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أوعتق رقبة مؤمنة، وعند العجز عن كل واحد من الثلاثة تصومين ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427(19/962)
النذر حال الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبت عندما كان عمري 17 سنة بحالة شك في الوضوء والصلاة والحلفان والنذر أي أشك هل حلفت أم لا وهل نذرت أن افعل كذا أم لا. لما وعيت بأنه وسواس أصبحت أتصدى لهده الأفكار لكن قبل ذلك حصل أن وافقت أن أفي بنذر -أول وسواس بليت به- إلا وهو أن أتصدق بمبلغ مالي كلما يتحصل أحد أبنائي على 19من 20 في امتحاناتهم الدراسية علما وأنى الآن 22سنة ولست متزوجة أصلا ولكني قبلت بهذا النذر حتى أتخلص من دوامة الشك.
لا أعرف هل تلفظت به أم لا تجاه ربي ولكني دائما عندما كانت تأتيني الوساوس الأخرى أقول يا رب لا أريد نذرا جديدا كفى بالنذر القديم وربما كنت أسميه. المشكل أن هدا النذر يمتد على سنوات طويلة وحتى ربما بعد مماتي وأنا الآن شفيت من الوسواس وأريد أن أقطع مع تلك الفترة السوداء.
هل أستطيع أن أكفر عنه كفارة يمين أو أقدر تقريبا كم قيمة النذر في الجملة وأتصدق بها مسبقا أو أنسى الأمر.أفيدوني جزاكم ربي خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالشفاء من الوساوس ونسأل الله جل وعلا أن يديم عليك نعمته.
وأما ما يتعلق بحياتك السابقة أيام المرض فلا تلتفتي إليها لأن الأصل براءة الذمة.
واعلمي أن النذر لا يلزم إلا باليقين لأن الأصل عدمه, كما لا ينعقد إلا باللفظ, ولا يلزم بالنية أو بالشك هل حصل تلفظ أم لا، وعليه، فنوصيك بالطمأنينة والراحة والإقبال على الله في الحال والمستقبل وعدم الالتفات إلى الماضي مطلقا إلا من حيث حمد الله تعالى على نعمته بالشفاء والصحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(19/963)
عاهد نفسه أنه إذا قام بذنب معين أن يصلي 150 ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني قد أخذت عهدا على نفسي أنه إذا قمت بذنب القيام بالعادة السرية يجب أن أصلي 150 ركعة وفعلا فعلتها مرتين أي أن عدد الركعات التي يجب أن أصليها هي 300 ركعة فهل يجب أن أصليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أنك تلفظت بالعهد المذكور على صيغة نذر كقولك مثلا: أعاهد الله على عدم فعل هذه المعصية -مثلا- فيكون هذا من باب نذر اللجاج، وجمهور أهل العلم على أن الناذر هنا مخير بين الوفاء بما التزم به وبين كفارة يمين؛ كما سبق في الفتوى رقم: 17466، والفتوى رقم: 29746.
وإن كان العهد المذكور مجرد حديث نفس فقط وليس فيه صيغة نذر فلا كفارة فيه.
لكن من الواجب الإقلاع دائما عن تلك المعصية القبيحة التي يترتب على فعلها أضرار ومخاطر كثيرة سبق بيانها في الفتوى رقم: 7170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427(19/964)
هل يأكل أهل البيت من الذبيحة المنذورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأهل البيت أن يأكلوا مما نذروا وإذا كان يجوز ما مقداره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه كما تقدم التفصيل في الفتوى رقم: 56564، والواجب على الناذر الوفاء بنذره على الحالة التي نواها، فإذا كان مثلا نوى صرف النذر المذكور للفقراء والمساكين من غير أهل بيته فالواجب صرفه لهم، ولا يجوز له ولا أهل بيته الأكل من ذلك النذر، أما إذا لم تكن للنذر جهة معينة فلا مانع من أكل الناذر وأهل بيته منه، ولم نر فيما وقفنا عليه من كلام أهل العلم ما يدل على تحديد مقدار معين لهذا الأكل، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 69172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(19/965)
حكم النذر لأجل البعد عن المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أنذر عن شيء مع العلم أن الشيء هذا بيدك أن تفعله أو الابتعاد عنه
مثلا \" أنا أنذر أن أبتعد عن معصية معينة وإذا عدت إلى تلك المعصية أن أصوم أو أتصدق أو شيء من هذا 0
مع العلم أنه بيدي أن أفعل أو أترك العمل هذا؟
جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر من أصله مكروه لثبوت النهي عنه وقد تقدم التفصيل في الفتوى رقم: 56564.
والنذر الذي تريد الإقدام عليه يسمى نذر اللجاج وهو الذي يقصد صاحبه منع نفسه من شيء أو حثها على فعله، والقول الراجح في هذه المسألة أن الناذر تلزمه كفارة يمين كما تقدم في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 13349، 17762. وكفارة اليمين سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 2053.
وننصح السائل الكريم بأن يجاهد نفسه في سبيل البعد عن تلك المعصية وغيرها من المعاصي، لما يترتب على ذلك من سخط الله تعالى وعقوبته التي تلحق العاصي في الدنيا أو الآخرة أوهما معا، وذلك أبلغ في ردع المؤمن عن ارتكاب معصية الله تعالى، ولا يلجأ إلى مثل هذا النذر لثبوت النهي عنه.
وللتعرف على خطورة الذنوب والمعاصي راجع الفتوى رقم: 54604
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(19/966)
النذر على شرط يجب الوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[أحييكم على جهودكم، أما بعد:
فقد كنت نذرت أن أتبرع بأول مرتب من وظيفتي إلى جهة معينة إذا توظفت، فسمعت من بعض الناس أن هذا النذر لا يجوز لأن فيه شرطا وسوء أدب مع الله، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد النذر مكروه على الأصح، ولكن من عقده وجب عليه الوفاء به إذا كان ما نذره طاعة، ومن نذر الطاعة نذر الصدقة ونحوها على معينين أو على جهة عامة.
وعليه؛ فيلزمك الصدقة بأول راتب تحصل عليه بعد تسلم الوظيفة، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(19/967)
حكم قيام غير الناذر بالوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[والد نذر نذرا بأنه إذا التحق نجله بوظيفة أن يقوم بذبح خروف لله ولكنه لا يستطيع الإيفاء بهذا النذر فهل نجله يقوم بتوفية هذا النذر بدلا من والده حيث إنه مستطيع وقادر على النذر؟ وفي هذه الحالة هل يأثم والده؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذبح خروف لله تعالى يعتبر طاعة من الطاعات، وحصول الولد على وظيفة أمر مباح، وتعليق نذر الذبح على أمر مباح يجب الوفاء به. وعليه، فيلزم الناذر الوفاء بما نذر، فإن عجز عنه فعليه كفارة يمين، وإن أذن لولده أو غيره بأن يفي بالنذر المذكور عنه أجزأه ذلك.
وأما قيام ولده أو غيره بالوفاء بالنذر بدون إذن فلا يجزئ؛ لأنه عبادة، والعبادة تحتاج إلى نية أو توكيل بها فيما تقبل فيه النيابة كالوفاء بالنذر. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1427(19/968)
لا يجزئ نذر أحد الأبوين عن الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[نذر الأب أن يذبح عن ابنه المريض إذا من الله عليه بالشفاء وبعد أن كتب الله سبحانه وتعالى الشفاء للولد تفاجأ الأب بأن الأم قد أضمرت النذر نفسه بأن تذبح عن ولدها إذا من الله عليه بالشفاء. فهل يلزم في هذه الحالة ذبيحة تكفي عن الأم والأب أم أن على كل واحد منهما ذبيحة مع أنه قد يثقل عليهم هذا الأمر؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن الإقدام على النذر مكروه، ولا يرد من قضاء من الله تعالى شيئا، وقد سبق التفصيل في الفتوى رقم: 56564. والنذر في هذه الحالة هو من قبيل النذر المعلق، وقد سبق تفصيله في الفتوى رقم: 63765.
ثم إذا كان الأب أو الأم قد صرح كل منهما بصيغة تدل على النذر كقول: لله علي أن أذبح عن ولدي ونحو ذلك فهذا النذر لازم يجب الوفاء به على كل منهما.
ففي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب وهو شافعي: (ولو نذر الذبح عن ولده) كأن قال: لله علي أن أذبح عن ولدي (لزمه) الذبح عنه; لأن الذبح عن الأولاد مما يتقرب به. انتهى
وفي هذه الحالة يلزم كلا من الأب والأم ذبح شاة عن هذا النذر؛ لأن كلا منهما قد التزم طاعة لله تعالى فلا يجزئ نذر أحدهما عن الآخر. وراجع الفتوى رقم: 38975.
لكن النذر لايلزم إلا إذا تلفظ الناذر بصيغته، أما إذا أضمر نية النذر في قلبه ولم يتلفظ بها فلا شيء عليه، وينبغي الرجوع للفتوى رقم: 11382، والفتوى رقم: 67792.
ومن ترتب في ذمته نذر وجب عليه الوفاء به ولو مستقبلا، فإذا تحقق من العجز عن الوفاء به تكفيه كفارة يمين فقط. وراجع الفتوى رقم: 26871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(19/969)
مآل النذر المضاف إلى ما بعد الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة انتقلت إلى رحمة الله تعالى عن بنتين وولد، علماً بأن الولد توفي قبل أمه وعنده أولاد، وللعلم أن المرأة المتوفاة عليها ديون لإحدى بناتها، وقد أوصت الأم في وصيتها قبل موتها بقضاء دينها لابنتها المذكورة آنفاً، كما أوصت أيضاً بثلث ما تملك من ميراثها لأولاد ابنتها كنذر، وسؤالي هو: أولاً: ما حكم الشرع في الدين الذي على المرأة المتوفاة لابنتها والواردة في وصيتها. ثانياً: ما حكم الشرع أيضاً في ما أوصت به الأم في ثلث ميراثها لأولاد ابنتها كنذر. ثالثاً: ما حكم الشرع، هل لأولاد الابن المتوفى قبل أمه من نصيب في ميراث جدتهم المتوفاة، أفتونا؟ جزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب أن يخرج الدين من تركة الميتة قبل قسمتها ثم تخرج الوصية لأبناء البنت لأنهم ليسوا وارثين والوصية في الثلث فقط، ونذرها يعتبر وصية لأنه أضيف إلى ما بعد الموت فيخرج مخرج الوصية، كما قال الكاساني في بدائع الصنائع، ولمعرفة حكم النذر انظر الفتوى رقم: 5526.
والباقي بعد الدين والوصية يقسم على الورثة للبنتين الثلثان والباقي لأبناء الابن تعصيباً يوزع بينهم بالسوية، إن كانوا جميعاً ذكوراً، وإن كان منهم أنثى فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(19/970)
النية لا تعتبر نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ارتديت الحجاب الشتاء الماضى والحمد لله تعالى فنويت أن أُؤدى العمرة بإذن الله بأول فلوس أحصل عليها بعد سداد دين كان عليّ وفعلا سددت كل الدين والحمد لله وحصلت على مبلغ 1000 جنيه ولكني اشتريت بهم ملابس جديدة لأن ملابسي لا تصلح للحجاب فهل أنا مذنبة؟ بالرغم أنني الآن نويت وعزمت بإذن الله على العمرة من أول مبلغ أحصل عليه؟
وشكراً،،،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى أن وفق أختنا السائلة لارتداء الحجاب الذي هو فرض على كل مسلمة بلغت سن المحيض، والحجاب هو لباس الحشمة والوقار والطهارة والعفاف، لذا فيجب على نساء المؤمنين أن يلتزمن الستر وتغطية الوجه وسائر البدن عن غير المحارم لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 59} كما نسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا وإياها على المنهج القويم والصراط المستقيم، ثم إنه لا يلزمها شيء بمجرد نيتها أن تفعل كذا ولا يعتبر ذلك نذراً، لأن النذر يشترط لانعقاده التلفظ به فلا يلزم بمجرد النية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 23184، كما أن المبلغ الذي حصلت عليه قد صرفته فيما هو واجب. وخلاصة القول أن الأخت السائلة لم تأثم بصرفها المبلغ المذكور في غير الوجه الذي كانت تنوي صرفه فيه، لكن يجب عليها إذا كانت لم تعمل حجة الإسلام وعمرته أن تؤديهما إن استطاعت والاستطاعة مبينة في الفتوى رقم: 12664، ومن الاستطاعة بالنسبة للمرأة وجود محرم أو وجود رفقة مأمونة عند المالكية والشافعية، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية على تفصيل سبق ذكره في الفتوى رقم: 14798، هذا بالنسبة للحج، وكذلك الحكم في سفرها للعمرة كما أوضحنا في الفتوى رقم: 22299.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(19/971)
الوفاء بالنذر أم أداء الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال جزاكم الله خيرا:
نذرت بأن أتبرع بمبلغ معين من المال إذا قضى الله حاجتي وكانت هذه الحاجة عبارة عن أسهم وكتبها الله من نصيبي وتبرعت بنصف ما نذرت به والآن سوف أذهب للحج بعد 3 أيام هل يجب علي أن أفي بالنذر الباقي قبل الذهاب للحج
وهل بإمكاني تأجيله إلى ما بعد الحج وتقسيطه مع العلم أنني كنت أجهل بأن النذر مكروه؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل قد نذر أن يتصدق بالمبلغ المذكور عندما يحصل على حاجته ونوى أن يفعل ذلك على الفور فإنه لا يجوز له أن يؤخر الوفاء بالنذر إلى ما بعد الحج، كما لا يجوز له تقسيطه أيضا لأنه صار هنا واجبا على الفور. وانظر الفتوى رقم: 21393، هذا إن كان بإمكانه أن يفي بنذره ويحج حجة الإسلام كما هو الظاهر، فإن لم يستطع الجمع بينهما قدم فريضة الحج، فإن كان قد أدى فريضة الحج قبل هذا قدم الوفاء بالنذر؛ لأن الوفاء به واجب، وحج التطوع غير واجب. وأما إن كان قد نوى عند النذر أنه إن حصل على كذا فسيتصدق بالمبلغ المذكور ولم ينو أنه سيفعل ذلك على الفور فيجوز له تأخير الوفاء بالنذر حتى يجد الفرصة المناسبة؛ لكن لا بد من الوفاء به، ولا مانع من تقسيطه في هذه الحالة إذا لم ينو أنه سيؤديه دفعة، فإن أخر الوفاء في الحالة التي يلزمه فيها الوفاء فورا فليراجع الفتوى رقم: 26910، لبيان ما يلزمه من التأخير لغير عذر شرعي، ولبيان حكم الإقدام على النذر راجع الفتوى رقم: 56564، والفتوى رقم: 26871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1426(19/972)
الواجب على المسلم ترك ما يغضب الله بدون نذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة في الآتي:هناك صديقان حدث بينهما اتفاق وهو: إذا قام أحدهما بفعل يغضب الله ورسوله في حق الآخر أن يقوم صاحب هذا الفعل بإعطاء الآخر مبلغا كبيرا من المال علي سبيل: أولاً لعدم فعل هذا العمل الذي يغضب الله ورسوله. ثانياً ليكون جزاء رادعاً لمن يفعل ما يغضب الله ورسوله في حق الآخر.ما رأي حضراتكم في هذا الاتفاق وهل هو صالح أم لا؟ وهذا المال المخصص حالة حدوث شيئ يغضب الله هل هو حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان كل من الصديقين قال ذلك على سبيل النذر فإنهما مخيران بين الوفاء بما التزما به، أو يخرجان كفارة يمين عند وقوع ما التزما تركه؛ لأن هذا النذر نذر لجاج, ونذر اللجاج هو كما يقول ابن قدامة في المغني: الذي مخرجه مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه غير قاصد به للنذر ولا القربة, فهذا حكمه حكم اليمين. اهـ
ويقول العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: من نذر قربة لزمه القيام بما نذر إلا نذر اللجاج؛ فإنه لما جعل الملتزم بالنذر حاثاً على الفعل أو زاجراً عنه أشبه اليمين، فيتخير على قول بين القيام بما نذره وبين الكفارة. أهـ
هذا وإذا اختارا الالتزام بالنذر فإن ما يأخذه أحدهما من صاحبه حلال لأن النذر لغني جائز؛ لجواز الصدقة عليه.
وأما هل يصلح أن يتفقا على هذا أم لا؟ فنقول: إن الواجب على كل مسلم ترك ما يغضب الله ابتداءً؛ لأن الله أمر بذلك ولا يحتاج المسلم إلى أن يلزم نفسه بنذر حتى يكف عن ما يغضب الله تعالى، فالنذر من هذا النوع مكروه؛ لأن من لا ينقاد إلى الخير إلا بقائد من نحو نذر أو يمين فليس بصادق في التقرب إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(19/973)
حكم الوفاء بالنذر المباح ونذر المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت قبل ست سنوات في المرحلة المتوسطة أي في الثاني المتوسط وعند ظهور النتائج النهائية تبين بأنني راسب وتحولت إلى الدور الثاني، وقبل الاختبار نذرت لإخواني الأصغر سنا بأنني إن نجحت إن شاء الله سوف أشتري لهم جهاز أتاري (ألعاب) من محل بجوار المنزل وحددت الجهاز والمحل وكان لا يوجد سوى هذا الجهاز لدى المحل ... وبعد الاختبارات نجحت والحمد لله ولكن عند الذهاب للمحل تبين بأنه قد بيع لشخص ... ولم أف بالنذر، فما المترتب علي وما حكم التأخير وما العمل؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأخ السائل يعني أنه نذر لله تعالى أنه إذا نجح أن يشتري لإخوته هذه اللعبة، فقد تقدم في الفتوى رقم: 35059، أن حكم شراء لعبة الأتاري يرجع إلى ما تشتمل عليه، فإن اشتملت على أمور محرمة كانت محرمة ويحرم شراؤها، ولا ينعقد نذرها لأنه نذر معصية، وإن كانت تشتمل على أمور مباحة جاز شراؤها واستعمالها فيما يعود بالفائدة على الأطفال، وحينئذ يكون نذرها من قبيل نذر المباح. وقد تقدم في الفتوى رقم: 20047 بيان حكم نذر المباح، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 17300.
واعلم أن النجاح من عند الله تعالى ولو لم تنذر، ولذلك جاء في الحديث أن النذر لا يأتي بخير كما سبق في الفتوى رقم: 5526، وإن كان يعني أنه وعدهم بشراء ما ذكر إذا هو نجح فليراجع الفتوى رقم: 17057، لبيان كلام أهل العلم في وجوب الوفاء بالوعد لكن إذا كانت اللعبة المذكورة تشتمل على محرم فلا يجوز له شراؤها.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(19/974)
حكم من نذر أن لا يكلم فلانا
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي نذرت أن تصوم صوم سكوت لواحد ولكن هذا الشخص توفي ماذا عليها أن تفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نذر السكوت غير مشروع ولا يلزم منه شيء، والصيام عن الكلام المباح ليس من الطاعة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 37721، هذا إذا كان المراد بنذر صيام السكوت هنا نذر ترك مخاطبة الشخص المذكور وهذا ما ظهر لنا، وإذا كان المراد غير ذلك فلتبين الأخت السائلة ليجاب عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(19/975)
لا بد للنذر من صيغة دالة على الإلزام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما وجّهت دعائي إلى الله وقلت يارب أنا لن أستعمل حبوب منع الحمل ولا اللولب إذا ذهب الالتهاب عني والحمد لله الله عافاني وهل هذا يعتبر نذرا وأرجو إفادتي هل أستعمل الحبوب أو اللولب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعبارة الأخت السائلة لا تعتبر من صيغ النذر إذ ليس فيها ما يدل على الالتزام فقد قال العلامة الرملي في نهاية المحتاج وهو يتكلم عن صيغة النذر (تشعر بالتزام كيفية العقود) اهـ.
ولبيان حكم استخدام اللولب راجعي الفتوى رقم: 22784، والفتوى رقم: 18375، لبيان شروط استعمال موانع الحمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(19/976)
النذر الذي يخرج مخرج اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: هو أني كنت أضرب بنتي في لحظات الغضب الشديد ومرة قلت اللهم أني نذرت لك إذا ضربت ابنتي أصوم ستين يوما ولكن ماحدث أني ضَربتها في لحظة الغضب الشديد وعدت وكررت نفس الشيء أي صيام ستين يوما أخرى فهل عليَّ أن أصوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر الذي قمت به يسمى نذر اللجاج، ولا يلزم فيه الوفاء بالنذر، وإنما تلزم فيه كفارة يمين عند وقوع ما علق عليه وهو الضرب. قال الخطيب الشربيني رحمه الله في مغني المحتاج: النذر ضربان أحدهما: نذر لجاج وهو التمادي في الخصومة، سمي بذلك لوقوعه حال الغضب، ويقال له يمين اللجاج، والغضب ويمين الغلق، ونذر الغَلَق بفتح الغين واللام، والمراد به ما خرج مخرج اليمين بأن يقصد الناذر منع نفسه أو غيرها من شيء أو يحث عليه أو يحقق خبراً أو غضباً بالتزام قربة كإن كلمته أي زيداً مثلاً، أو إن لم أكلمه، أو إن لم يكن الأمر كما قلته فلله عليَّ أو فعلي عتق أو صوم أو نحوه كصدقة وحج وصلاة، وفيه عند وجود المعلق عليه كفارة يمين لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. رواه مسلم. اهـ
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(19/977)
هل يفي بنذره إذا نذر صلاة الشكر والحاجة والقضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل 9 سنوات نذرت أن أصلي كل يوم ركعتين صلاة الشكر وركعتين صلاة القضاء والحاجة ومند ذلك الوقت إنني أصلي يوميا صلاتين هل إيفائي بالنذر صحيح أم لا اعذرني لا أجيد اللغة العربية بشكل جيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا توجد في الشريعة صلاة ركعتين تسمى صلاة الشكر وإنما يوجد فيها سجود الشكر وهو مستحب عند حصول نعمة أو اندفاع نقمة عند جمهور أهل العلم، لما ورد من حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر سرور، أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله.
وسجد أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين فتح اليمامة حين جاءه خبر قتل مسيلمة الكذاب، وسجد علي رضي الله عنه حين وجد ذا الثدية بين قتلى الخوارج، وروي السجود للشكر عن جماعة من الصحابة وروى أحمد في مسنده من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجد النبي صلى الله عليه وسلم شكرا لله. وذهب أبو حنيفة ومالك على المشهور عنه والنخعي على ما حكاه عنه ابن المنذر إلى أن السجود للشكر غير مشروع. قال البناني: ووجه المشهور عن مالك عمل أهل المدينة، وذلك لما في العتبية أنه قيل لمالك إن أبا بكر الصديق سجد في فتح اليمامة شكرا قال: ما سمعت ذلك وأرى أنهم كذبوا على أبي بكر وقد فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، فما سمعت أن أحدا منهم سجد، واحتج ابن المنذر لأصحاب هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم شكا إليه رجل القحط وهو يخطب فرفع يديه ودعا فسقوا في الحال ودام المطر إلى الجمعة الأخرى فقال رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهدمت البيوت وتقطعت السبل فادع الله يرفعه عنا فدعا فرفعه في الحال قال: فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم لتجدد نعمة المطر أولا ولا لرفع نقمته آخرا، واحتج أيضا بأن الإنسان لا يخلو من نعمة فإن كلفه لزم الحرج.
والقول الأول أرجح، وعليه فمن نذر سجود الشكر عند حصول نعمة أو اندفاع نقمة لزمه بذلك، فإن عجز عن ذلك لزمته كفارة يمين، وأما من نذر صلاة ركعتين للشكر فلا وفاء بهذا النذر لأن هذه صلاة غير مشروعة.
قال الشيخ قليوبي: لا يجوز التقرب إلى الله تعالى بسجدة من غير ما ذكر ولو عقب صلاة ولا بركوع ونحوه كذلك ولا بصلاة بنية الشكر أو بنية التلاوة.
واما صلاة الحاجة فهي مشروعة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 3749، ويلزم من نذر صلاة الحاجة أن يفي بنذره إذا احتاج لأمر يستدعي صلاته لذلك، وعليه، فإذا كنت تقصد بصلاة القضاء ما يفعله بعض الناس من الصلاة آخر جمعة من رمضان فهي بدعة ولا وفاء عليك في هذا النذر، وقد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي نفع الله به هل تجوز صلاة الرغائب والبراءة جماعة أم لا؟
فأجاب بقوله: أما صلاة الرغائب فإنها كالصلاة المعروفة ليلة النصف من شعبان بدعتان قبيحتان مذمومتان وحديثهما موضوع فيكره فعلهما فراداى وجماعة، وأما صلاة البراءة فإن أريد بها ما ينقل عن كثير من أهل اليمن من صلاة المكتوبات الخمس بعد آخر جمعة في رمضان معتقدين أنها تكفر ماوقع في جملة السنة من التهاون في صلاتها فهي محرمة شديدة التحريم يجب منعهم منها لأمور منها: أنه تحرم إعادة الصلاة بعد خروج وقتها ولو في جماعة وكذا في وقتها بلا جماعة ولا سبب يقتضي ذلك، ومنها: أن ذلك صار سببا لتهاون العامة في أداء الفرائض لاعتقادهم أن فعلها على تلك الكيفية يكفر عنهم ذلك. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(19/978)
القول الراجح في ما يجب في نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذرت نذرا بقولي: (إذا لم أصل في المسجد المرة القادمة سوف أصلي عشر ركعات لله) فإذا فعلت هذا الأمر مرتين هل علي أن أصلي عشرين ركعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه اولاً إلى أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه كما تقدم في الفتوى رقم: 56564، وما أقدمت عليه هو ما يسمى بنذر اللجاج وهو الذي يقصد به صاحبه منع نفسه من شيء أو حثها على فعله، والقول الراجح في هذه المسألة أن الناذر تلزمه كفارة يمين ولو تكرر الحنث منه في هذا النذر، وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 56906 // 17762 // 13349.
وعليه فتلزمك كفارة يمين واحدة، وهذه الكفارة تقدم تفصليها في الفتوى رقم: 2053، وصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء على القول الراجح من كلام أهل العلم، وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 34242 // 28664 // 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1426(19/979)
نذر الصوم حتى تقضى الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أصوم حتى تقضى حاجتي.... هل في ذلك تجرؤ على الله، أختي قالت لي لا يصح وهذا تحد لله يعني كأني أقول يا الله إما أن تفعل كذا وكذا وإما أظل صائمة وحاجتي أن ييسر لأختي زوجا مناسبا، فكل مرة يأتي شخص لا يحصل شيء فنذرت أن أبقى صائمة ألا أن أسمع بخبر زواجها، وأختي صاحبة الشأن هي التي منعتني من ذلك، فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 3630، والفتوى رقم: 5526 بيان حكم النذر بقسميه فالرجاء مراجعتهما، وخلاصة القول أننا نشكر الأخت السائلة على اهتمامها البالغ بشأن أختها، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يحقق رجاءنا ورجاءها، ومن خلال مراجعة الفتويين المشار إليهما ستعلم أنه ما كان ينبغي لها أن تقدم على هذا القسم من النذر لئلا تفرط في الوفاء بأمر قد أوجبته على نفسها، وقد كانت في غنى عنه، وكان يكفيها أن تلجأ إلى الله تعالى بالدعاء في أوقات مظنة الإجابة، مثل وقت السجود وأوقات الأسحار وعند الأذان وما بينه وبين الإقامة ونحو ذلك من مواطن إجابة الدعاء، ولكن بعد أن حصل ما حصل فإن عليها أن تفي بنذرها فتصوم إلى أن يقضي الله حاجتها؛ لأن نذرها نذر طاعة، ومن نذر أن يطيع الله فليطعه كما في الحديث، فإن عجزت عن الوفاء به فعليها كفارة يمين، كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 3274.
وننبه هنا إلى أنه لا يجوز لها صيام أيام الأعياد ولا في فترة الحيض والنفاس لمنع الصوم في هذه الحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1426(19/980)
نذر المرأة قطع العلاقة المحرمة مع أجنبي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[والله إنني أقدركم كثيرا وجزاكم الله كل الخير وكل الأجر بإذنه الكريم،،
أود أن أسألكم عن نذر نذرته قبل مدة وهو كالتالي: كنت أتحدث مع شاب ولكن ليس لأي علاقة بيننا وإنما صداقة عادية وكان يريد أن يتقدم لي شاب آخر للخطبة فنذرت إذا كان هذا الشاب صادقا سوف أقطع علاقتي بالأول ولا أرسل له رسالة-مع أنه لم يكن بيننا أي شيء- إلا عندما يرسل هو وعندها سأقول له بطريقة مؤدبة إنني سوف أخطب ليفهم ويبتعد، وفعلاً فعلت ذلك ولكن للأسف الشاب الثاني كان صادقا في البداية ولكن لم يكمل صدقه للنهاية ومن حزني عدت أتحدث مع الشاب الأول لأخفف عن نفسي وأنساه والله أعلم يا شيخي أنني مخطئة ولكن شدة صدمتي بذلك الشاب جعلتني أفعل ذلك لأني لم أخطأ معه بشيء ومتأسفة لشرح التفاصيل فسؤالي الأول:
هل بعودتي للتحدث مع الشاب أكون لم أوف بالنذر؟
وسؤالي الثاني:
إذا نذرت أن أفعل شيئا كصلاة عدد من الركعات لله تعالى في وقت معين حددته في النذر ولم أصلها هل يبقى علي دين بالوفاء بالنذر رغم أن الوقت انتهى وماهي الكفارة؟
أرجو إجابتي بوضوح وبارك الله في جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة مراسلة الرجال الأجانب ولا مصادقتهم ولا التحدث إليهم لما يترتب على ذلك من مفاسد حيث إن الشيطان قد يجتهد في حث الاثنين على التدرج في المعصية حتى يفضي الأمر إلى الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله تعالى وللتفصيل في هذا الموضوع راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 11723، 26661، 11945، 33692 , وما أقدمت عليه من نذر هو من قبيل نذر فعل الواجب لأن قطع تلك العلاقة المحرمة مما يتأكد فعله فلا حاجة لتأكيده بنذر. وأكثر أهل العلم على أن الناذر في هذه الحالة لا تلزمه كفارة بل يستغفر الله تعالى ويتوب إليه توبة صادقة. وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى وجوب كفارة وبالتالي فمن الاحتياط إخراج كفارة يمين عن هذا النذر. وراجعي الفتوى رقم: 15049.
وبالنسبة لعدم الوفاء بالنذر في وقته المحدد فإن كان عدم الوفاء لعذر شرعي كمرض مثلاً فلا إثم ولا كفارة بل يلزم قضاؤه بعد ذلك لبقائه في ذمة الناذر مع إخراج كفارة يمين بسبب تأخير الوفاء عند الحنابلة خلافاً للشافعية والمالكية القائلين بلزوم القضاء فقط بدون كفارة. وراجعي الفتوى رقم: 471.
وأخيراً ننبه إلى أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه شرعاً كما تقدم في الفتوى رقم: 56564،
وعليه فالواجب عليك الآن أن تبادري إلى التوبة الصادقة وتقطعي العلاقة المحرمة مع كلا الرجلين، وإن أخرجت كفارة يمين عن نذرك فذلك أقرب إلى الاحتياط في الدين، وإن لم تفي بالنذر المحدد في وقته بسبب عذر شرعي كمرض مثلاً فعليك قضاؤه فقط، وإن كان عدم الوفاء لغير عذر لزمتك كفارة يمين عند الحنابلة وهذا هو الأولى خروجاً من خلاف أهل العلم. وكفارة اليمين تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(19/981)
من لم يحدد جهة معينة في نذره
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كانت زوجته حاملا في الشهر الأول وأخبر أحد أقاربه أنها حامل فقال له إن شاء الله تعالى سوف تنجب لك بإذن الله تعالى ذكرا فقال الرجل إن أنجبت ذكرا بإذن الله سوف أنذر لله ذكرا من الماعز (جدي) وهذا نذر علي لله تعالى، فقال أحد أقاربي ولي أنا رأسه ورقبته الرجاء من فضيلتكم إفادتي في حكم هذا النذر، وهل يأكل منه أحد أقاربي أم يكون كله للفقراء والمساكين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لقريبك المذكور أن يخبر عن أمر لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى في قوله سوف تنجب ذكراً، فمن يدريه أنها ستنجب ذكرا أو أنثى، كما لا يجوز لك أن تصدق هذا الكلام لأنه من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولبيان حكم النذر واختلاف العلماء في جوازه وكراهته طالع الفتوى رقم: 27782.
والكلام هنا عن حكم الإقدام عليه أصلاً، أما بعد أن يتم النذر فإن الوفاء به واجب على الحالة التي تم بها ما لم يكن معصية، وقد سبق في الفتوى رقم: 8048 تفصيل الكلام في حكم أكل الناذر من نذره وكذلك أكل عائلته منه، علماً بأن النذر إذا أطلق -كما هو الظاهر هنا- أي لم يعين لجهة معينة من فقراء أو غيرهم فإنه يصير مثل الصدقة وهي للفقراء والمساكين، ولأقاربك أن يأكلوا منه إن كانوا فقراء أو كان فيهم من هو كذلك، وقيل يجوز الأكل من النذر أي يجوز للناذر وعائلته وغيرهم أن يأكلوا من النذر ما لم يعين للفقراء والمساكين، فإن عين لهم فلا يجوز لغير الفقراء والمساكين أن يأكلوا منه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 35568.
وللإجابة عن حكم توزيع النذر راجع الفتوى رقم: 24935.
وهذا كله فيما لو كان النذر قد تم، أما لو كان ما صدر من هذا الأخ هو وعد بالنذر فقط أي وعد بأنه إن ولد له ذكر فسوف ينشئ النذر حينها، فهذا ليس بنذر ولا يلزمه به شيء ما دام ما لم ينذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1426(19/982)
دفع النذر من مال الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت ذبح خروف، هل يجوز أن يكون من نفقة والديّ، هل يجوز أن آكل منه، هل يجوز أن يأكل منه عائلتي وأقاربي، وهل من الضروري أن أوزعه إن لم أكن قد ذكرت ذلك في نذري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للأخ السائل أن يؤدي نذره من مال والديه إلا أن يأذنا له في ذلك، لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه، كما في الحديث، ولبيان حكم النذر وبيان مصارفه طالع الفتوى رقم: 27782.
ولبيان التفصيل في حكم أكلك من هذا النذر وكذلك أكل عائلتك وأقاربك منه راجع الفتوى رقم: 8048، والفتوى رقم: 35568.
علما بأنك إذا أطلقت النذر كما هو الظاهر فإن النذر يصير للفقراء والمساكين، وفي هذه الحالة إن كان أقاربك فقراء ومساكين أو كان فيهم من هو كذلك جاز له الأكل منه، وللإجابة عن حكم توزيع النذر راجع الفتوى رقم: 24935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(19/983)
دفع النذر للأقارب الفقراء وبر الوالد وتحمل أذاه
[السُّؤَالُ]
ـ[شهر مبارك وكل عام وأنتم بألف خير وعافيه، أسأل الله لكم الصحه والعافيه والدوام ...
لقد أرسلت استشارة للشبكة ولم يتم الرد علي وصار لها أكثر من أسبوعين ولا أعلم هل الشبكة توقفت عن الرد في رمضان ففي رمضان الأجر مضاعف، المهم كل ما أتمناه أن يكون العاملون في هذه الشبكة في صحة
وعافية وخير إن شاء الله ... أما بعد:
لدى سؤالان أرجو من إخواني الرد عليهما، السؤال الأول: هو عن النذر فقد نذرت بفلوس هل أعطيها أقاربي المحتاجين لها أم أعطيها غيرهم، وكذلك نذرت بخاتم ذهب هل يصح بأن أعرف كم سعره وآخذه أنا وأنفق
ثمنه أو أبيعه وأنفق ثمنه؟
السؤال الثاني جزاكم الله خيراً هو عن والدي، أبي إذا هو لوحده ليس بين خالتي زوجته وفى القرية طالما يكثر الدعاء لي ويحبني ولأنني طائع وغير مقصر معه ما استطعت، وإذا هو بين خالتي وفى القرية يكون متغيرا جداً وعكس الأول يدعو علي وليس لي ويكون دائما في غضب، ما ردكم، هل أنا واقع في الذنب وأستحق ما يكون من أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولاً إلى أن الإقدام على النذر مكروه مطلقاً، كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.
ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
ولا مانع من إعطاء أقاربك المذكورين من النذر، وراجع الفتوى رقم: 27782.
ولا يجوز لك أخذ الخاتم المذكور لنفسك ثم التصدق بثمنه لأنك نذرت التصدق بعينه لا بثمنه، قال الإمام النووي في المجموع: إذا نذر أن يهدي شيئاً معيناً من ثوب أو طعام أو دراهم أو عبيد أو دار أو شجر أو غير ذلك لزمه ما سماه ولا يجوز العدول عنه ولا إبداله. انتهى.
وعليه فالواجب عليك الوفاء بنذرك على الوجه الذي ذكرته فتصدق بالخاتم المذكور على مصارفه من الفقراء والمساكين، ولا تبعه وتتصدق بثمنه، وراجع الفتوى رقم: 29476، والفتوى رقم: 2559.
ثم من الواجب عليك برور والدك والإحسان إليه امتثالاً لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف:15} ، وقال تعالى في شأن الوالدين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، كما يجب عليك الصبر على ما تلقاه من أذى والدك ففي ذلك أجر جزيل، وقد يكون ما ذكرت من الأذى من طرف والدك من قبيل الابتلاء والاختبار، وهذا له حكم متعددة سبق بيناها في الفتوى رقم: 13270.
كما قد يكون ما ذكرت عائدا إلى ذنوب ومخالفات شرعية صدرت منك لأنها من أسباب البلاء، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30} ، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 44804، والفتوى رقم: 30004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1426(19/984)
تأخير النذر وهل يؤدي إلى عدم الإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أن أتزوج بسنوات أردت أداء العمرة، ولكنني عجزت عن أدائها لعدم توفر محرم فنذرت عندما أتزوج سوف أذهب لأداء العمرة فى أول شهر رمضان بعد الزواج وتزوجت وقلت لزوجي ذلك فقال انتظري حتى تتوفر لدينا الإمكانيات لأداء الحج، فالحج فريضة، وهو الأهم، ما الحكم، مع العلم بأنني متزوجة منذ 3 سنوات ولم أنجب فهل من الممكن أن يكون عدم وفاء النذر سبب فى ذلك، أرجو إفادتي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة لله وقربة من القربات يتقرب بها إليه فإنه يجب عليه الوفاء بنذره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ... رواه البخاري، وانظري الفتوى رقم: 2522.
ولا يجوز تأخير النذر المؤقت بوقت محدد بلا عذر، وقد بينا حكم تأخيره وما يترتب على من أخره دون عذر في الفتوى رقم: 471، والفتوى رقم: 26910. فتجب عليك المسارعة إلى الوفاء بنذرك وإخراج كفارة يمين كما بينا.
وأما عدم مجيء الذرية فمن أسبابه الوقوع في المحرمات والمعاصي لأن الذرية من الرزق، وفي الحديث عن أحمد وغيره: وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر.
قال المناوي في فيض القدير: وقال بعضهم اعلم أن من الحوادث ما ظاهره عنف وباطنه لطف كحرمان الرزق مما يصيبه من الذنب فإن العبد إذا أعرض عن ربه واشتغل بما أسبغ عليه وأحب إقباله حرمه سعة ما بسط له ليخاف فيرتدع ويضيق عليه جهات الرزق فيلجأ إليه ويقبل بالتضرع إليه ... انتهى.
ولا شك أن عدم الوفاء بالنذر وتأخيره لغير عذر معصية من المعاصي تجب التوبة منها والندم عليها، وقد بينا بعض الأسباب المؤدية إلى الحرمان من الذرية وكيفية علاجها وذلك في الفتوى رقم: 22213.
فالتوبة التوبة والدعاء الدعاء والإكثار من الاستغفار ولا حرج أن تعرضي نفسك على طبيبة مختصة، وكذا زوجك يعرض نفسه على طبيب مختص فربما كان بأحدكما مانع، ولكن تأخر الذرية لا يعني عدمها، فكم من زوجين جلسا طويلا عشر سنين فأكثر ثم رزقهما الله بالولد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(19/985)
الناذر يذبح ما قصده في نذره
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذراً لله بأني إن نجحت سوف أذبح وقلت في نفسي (دجاجة- أرنب- خروف ... ) ولم أحدد الذبيحة، وعند سؤالي لأحد خريجي الشريعة عن ذلك قال لا بد من ذبح خروف لأن العرف في الذبح عندنا هو الخروف، فما قولكم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه مطلقاً، كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.
وما أقدمت عليه هو من قبيل النذر المعلق الذي يجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17463.
فإذا نجحت فقد وجب عليك الذبح، وبما أنك قد نويت في نفسك أحد ثلاثة أمور فيجزئك واحد منها كما قصدت لأن الوفاء بالنذر يجب على حسبما قصده الناذر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 38975.
ولكنك إذا أقدمت على ذبح خروف فذلك أعظم ثواباً لك لما يترتب عليه من نفع أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(19/986)
إخلاف العهد مع الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة عملت معصية ولكن تبت وندمت وعاهدت الله عز وجل بأن أغض بصري ولا أنظر لأي رجل نهائيا وأيضا أن لا أتكلم مع الرجال وأن أكون عفيفة بمعنى الكلمة ولكن أحيانا أضطر للنظر لبعض الرجال أوحتى من غير قصد أي بمعنى أني أخل بعهدي وهذا يؤلمني فأسالكم أن تخبروني ماذا علي أن أعمل حتى لا أخلف عهدي مع الله وما ذنب من يخلف عهده مع الله وبماذا علي أن التزم حتى أكون فتاة مؤمنة عفيفة؟ ...
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على نيتك الحسنة وقصدك الطيب. ونسأله سبحانه وتعالى لك التوفيق والرشاد، وألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك إنه سميع مجيب. وأما ما عاهدت الله عليه وهو أن لا تنظري إلى رجل ولا تكلمي رجلاً فقد غلوت في ذلك، وكان الأولى أن تقيدي ذلك بالنظر الحرام والحديث الحرام. لأن النظر بغير شهوة إلى ما يجوز النظر إليه لا حرج فيه. وكذا الحديث مع الرجال للحاجة دون خضوع بالقول وتكسر فيه وشهوة معه لا إثم فيه كما بينا في الفتوى رقم: 55044. ولكن حيث عاهدت الله تعالى على ذلك فإذا كان عهدك على سبيل النذر أو اليمين فكفارتهما كفارة يمين وهو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. وقد اختلف أهل العلم في عهد الله هل هو يمين مطلقا أم لا، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 25974،
وينبغي للمسلم إذا أراد الالتزام حقاً أن لا يغلو في دينه ولا يتساهل فيه، فقد نهى الله سبحانه وتعالى عن الغلو في الدين فقال: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ {المائدة: 77} وقال صلى الله عليه وسلم: مه عليكم من الأعمال ما تطيقون. رواه البخاري، وقال: إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهر أبقى. رواه أحمد وغيره. فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير، وكان بين ذلك قواماً، فاستغفري الله تعالى مما وقعت فيه من نكث العهد، وإن كنت تويت النذر أو اليمين فعليك كفارة يمين ولا إثم عليك فيما اضطررت إليه أو وقع منك خطأ دون قصد كما في الحديث: عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. صححه الألباني
ولكي تكوني ملتزمة حقاً فعليك أن تؤدي الفرائض وما وجب عليك أداؤه على أكمل وجه وأتمه، وتبتعدي عن جميع المعاصي وما نهيت عن قربانه، ثم تأتي من القربات والطاعات بعد ذلك ما تستطيعين ولا يشق عليك فعله ففي الحديث القدسي: وما تقرب إلىّ عبدي بأحب إلىّ مما افترضته عليه. رواه البخاري، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه واللفظ لمسلم
وعليك بالحشمة والحياء والعفاف وصحبة من يعينك صحبتهن على الالتزام والبعد عن صديقات السوء. والله ولي التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(19/987)
المرأة إذا نذرت صوم شهر بدون انقطاع
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أصوم شهرا بدون انقطاع ولكني لا أعلم في وقتها أنه يجب علي الوفاء شرعا لأني أجهل الحكم ولا أعلم أن النذر لا يغير شيئا لأني كنت على طريق من طرق الضلال وقد هداني الله الآن وعلمت الحكم فهل يجب علي الوفاء بالنذر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى الذي وفق الأخت السائلة وهداها لاتباع المنهج القويم، كما نسأله سبحانه أن يثبتنا وإياها على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم إن الجهل بأن النذر لا يغير شيئا أو أنه لا يلزم الوفاء به لا يمنع انعقاد النذر ولا يُسقط وجوب الوفاء به، فهذا نذر طاعة على حالة معينة وهي التتابع، ويجب الوفاء به على الحالة التي تم بها، ففي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. فيلزمه الوفاء بالنذر إلا إذا عجز الناذر، ولبيان ما يفعله العاجز راجعي الفتوى رقم: 19796.
هذا، ولا يخلو حال السائلة هنا من أن تقصد صيام شهر معين أو غير معين، ولبيان حكم هذين الاحتمالين وغيرهما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10904.
والحاصل أنه يجب على الأخت السائلة أن تفي بنذرها فتصوم شهرا متتابعا، فإن تخلل صيامها عذر أفطرت وقضت ما أفطرته متتابعا.
قال البهوتي في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع في المذهب الحنبلي: وإن نذر صوم شهر مطلق لزمه التتابع لأن إطلاق الشهر يقتضي التتابع، وكما لو نواه وهو مخير إن شاء صام شهرا هلاليا من أوله ولو ناقصا، وإن شاء ابتدأ من أثناء الشهر، ويلزمه شهر بالعد ثلاثون يوما لأن الشهر يطلق على ما بين الهلالين تاما كان أو ناقصا، وعلى ثلاثين يوما، فأيهما فعله خرج من العهدة، فإن قطعه بلا عذر استأنفه لأنه لو جاز له البناء بطل التتابع لتخلل الفطر، وإن أفطر مع عذر يخير بينه أي بين الاستئناف بلا كفارة وبين البناء ويتم ثلاثين يوما ويكفر لأنه لم يأت بالمنذور على وجهه. انتهى.
والمراد بالكفارة هنا كفارة اليمين، وهذه الكفارة إنما تجب هنا عند الحنابلة، أما عند الجمهور فإنها لا تجب وإنما الواجب هو القضاء فقط؛ كما سبق في الفتوى رقم: 25843.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(19/988)
من عاهد الله على فعل شيء ثم لم يفعله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من عاهد الله على شيء وهو عدم التأخر عن صلاه الجماعة فحدث خطأ تأخير، وفاتت الجماعة مع العلم أن الخطأ نتيجة للتقصير وليس للعمد، أرجو الإجابة مباشرة وعدم تحويلي على إجابات سابقة، وإذا كان هناك عدة آراء أرجو عرضها؟ وجزاكم الله كل خير على مجهوداتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صيغة أعاهد الله على كذا، فذهب الحنفية إلى أنها من الأيمان لأن اليمين هي عهد الله على تحقيق شيء أو نفيه. قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا {النحل: 91} فجعل العهد يمينا. قال صاحب الاختيار من الحنفية: ولو قال لعمر الله أو عهد الله فهو يمين.
وللمالكية قولان كما في مختصر خليل: وفي أعاهد الله قولان.
وقال الدردير في شرحه: أظهرها ليس بيمين، وسلم له ذلك الدسوقي في حاشيته، أما الحنابلة فمذهبهم أنها يمين. قال ابن قدامة في المغني: إذا حلف بالعهد أو قال عهد الله وكفالته، فذلك يمين يجب تكفيرها إذا حنث فيها.
واما الشافعية فذهبوا إلى أنها لا تكون يمينا إلا بالنية كما في تحفة المحتاج وغيره، وهذا رواية عن أحمد كما في الإنصاف، والراجح أنها تارة تكون يمينا ونذرا وتارة يمينا فقط، فإن التزم بها قربة وطاعة فهي نذر ويمين كما لو قال أعاهد الله أن أحج هذا العام، وكما في قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ {التوبة: 75}
وإن التزم بها ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر كما لو قال: أعاهد الله أن لا أكلم فلانا، وإلى هذا التفصيل ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فقال رحمه الله: فإذا قال أعاهد الله أني أحج العام فهو نذر وعهد ويمين، وإن قال لا أكلم زيدا فيمين وعهد لا نذر.
وثمرة هذا التفصيل أن ما كان نذرا وأمكنه فعله لزمه ذلك ولم تجزه كفارة يمين، أما ما كان يمينا فهو مخير بين أن يمضي إن كان في غير معصية أو يكفر كفارة يمين، وينبغي هنا أن ننبه إلى أن شأن العهد عند الله عظيم. قال الإمام أحمد: العهد شديدة في عشرة مواضع من كتاب الله، وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا
ويتقرب إلى الله تعلى إن حلف بالعهد وحنث ما استطاع، فإن عائشة رضي الله عنها أعتقت أربعين رقبة ثم كانت تبكي حتى تبل خمارها وتقول واعهداه، يعني عندما عاهدت الله أن لا تكلم ابن الزبير ثم رجعت وكفرت.
والحاصل أن عليك الكفارة إذا تخلفت عن صلاة الجماعة متعمدا، أما إذا تخلفت عنها غير متعمد فلا كفارة عليك إلا إذا كنت حلفت على أنك لا تتخلف عنها عمدا ولا سهوا فتلزمك الكفارة في الحال، لأنك حلفت على ممتنع عادة، ومن حلف على فعل ممتنع عادة انعقد يمينه ولزمته الكفارة حالا. قال الرحيباني: ولو حلف مثبتا له أي لفعل مستحيل لذاته أو مستحيل عادة كقوله والله ليشربن ماء الكوز ولا ماء فيه أو ليقتلنه أي الميت أو ليصعدن السماء تنعقد يمينه ويحنث بها وتجب عليه الكفارة في الحال لاستحالة البر في المستحيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(19/989)
النذر المعين والمطلق والمعلق على سبب
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أذبح عجلا إذا بيع محل وتم بيع المحل ... هل يمكن استبدال ذبح العجل بنقود يتم توزيعها على الفقراء وكنت أقوم بذبح خروف سنويا لنذر مرتبط بالمحل هل أستمر في ذبح الخروف بعد بيع المحل أم أتوقف؟ ولكم كل الشكر والتحية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تستطيعين الوفاء بما نذرت فيجب عليك الوفاء به على النحو الذي عينت. قال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج 29} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ولذلك فلا يجوز استبدال ذبح العجل بتوزيع ثمنه ما دمت قادرة على الوفاء بالنذر الأصلي.
وأما ذبح الخروف فإن كان نذره معلقا بسبب، وزال هذا السبب فإنه لا يلزمك بعد ذلك الاستمرار بعد زوال السبب، فإذا كنت نذرت أن تذبحي خروفا كل سنة ما دام المحل مستمرا أو ما أشبه ذلك ثم بيع المحل فإنه لا شيء عليك بعد بيع المحل أو زواله.
أما إذا كان النذر مطلقا فإنه يبقى على إطلاقه ويلزمك ذبح خروف كل سنة.
وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 14456.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(19/990)
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أخرج مبلغا من راتبي كل شهر لمحتاجين، وفي فترة احتاج أخي مساعدة مالية فأعطيتة المال وكنت أحمل هم أني لم أخرج النذر. الآن تراكم علي مبلغ كبير. هل يعتبر هذا المال الذي أعطيته لأخي من النذر أم علي السداد?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان نذرك للمحتاجين ولم يكن لشخص معين أو جهة خاصة، فلا مانع من دفعه لأخيك إذا كان متصفاً بالحاجة، بل يكون أولى من غيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة. رواه الترمذي، هذا إذا لم يكن ما دفعت لأخيك إنما دفعتيه له بقصد مجرد الهبة أو المساعدة المندوبة، فإذا كان من أجل المساعدة المندوبة أو ما أشبه ذلك فإنه لا يجزئ عن النذر، لأن النذر عبادة ولا بد فيها من النية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات ... الحديث. رواه البخاري ومسلم.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 42626، 14451.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(19/991)
الوفاء بالنذر على الوجه الذي نذره صاحبه واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج ولدي طفل (عبد الرحمن) نذرت فيما بيني ويبن الله قبل زواجي أنه عندما أتزوج وفي حالة أن رزقني الله عز وجل بولد بعد فترة قصيرة (أى إذا لم تتأخر عملية الإنجاب) فسوف أقوم بعمل عمرة إحدى أخواتي (الوسطى) حيث إن هذه الأخت لم تنل أى قسط من التعليم وتكاد تكون علاقتها مع الله لا توجد فهى لا تعرف كيفية الصلاة وغيرها فقلت إنني سوف أصل بينها وبين الله بأن أحضرها لعمل عمرة وذلك حيث إنني أعمل بالسعودية وبعد تسعة شهور من زواجي رزقني الله بطفل وكان واجباً عليّ الوفاء بما نذرت ولكن ما أخشى منه:
1 – هل هذا النذر صحيح.
2 – إذا عرضت الموضوع على أختي وبالطبع زوجها فمن الاحتمال الأكبر القول بأن نستفيد من المبلغ الذي سيُنفق في مصاريف العمرة والاستفادة منه في عمل أية أشياء تفيد أولادهم وبالتالي يتم إلغاء العمرة فماذا يكون علي فعله في هذه الحالة هل أعطيها المبلغ الكافي لعمل العمرة وهم أحرار في كيفية التصرف فيها وأخلص ضميري من هذا النذر أم ماذا عليّ فعله؟.
3 – لدى أختان غير التي سألتكم عنها هما الكبيرة والصغيرة أخشى أن تحملا في نفسيها علي إن لما أعطيت هذه ولم أعط هذه ولفضيلتكم وفير العلم بعيوب النفس الإنسانية.
فما أريد معرفة الآن - أفادكم الله - ماذا أفعل لكي أوفي بنذري لأجل أن أنال رضا ربي.
جزاكم الله خيراَ وسدد على درب الحق والخير خطاكم،،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك الوفاء بنذرك حسبما عينت عندما تحقق ما علق به من إنجاب الابن، لأن النذر في الشرع أمره عظيم، فقد قال الله عز وجل: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج: 29} . وقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان: 7} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
ولهذا، فالواجب عليك الوفاء بالنذر على الوجه الذي نذرته أصلاً، ولا يصح تغييره بمجرد دفع المبلغ للأخت أو زوجها، كما لا يصح تركه بحجة اعتراض بقية الأخوات لأنه أصبح فرضا بالنذر، ولكن ينبغي لك أن تصل أخواتك وإخوانك الآخرين بما استطعت، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى: 11575، 12609.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(19/992)
التفكير في النذر هل يعد نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في بغداد وتحصل كل يوم أثناء ذهابي إلى عملي وعودتي إلى المنزل انفجارات وجرائم قتل وسلب وخطف وما إلى ذلك.. فقررت أن أخرج صدقة لوجه الله لعدم تعرضي لمكروه وفكرت ـ لم أنو ـ بذبح خروف وتوزيعه على الفقراء، ولكوني امرأة وحيدة وعدم معرفتي لعوائل فقيرة كافية أوزع عليها اللحم قررت التصدق بمبلغ معين (أقل من قيمة الخروف) ، ذهبت إلى أحد المساجد القريبة من سكني والذي اعتدت أن أزوره في حالة وجود مبلغ أريد التزكي أو التصدق به لوجود صندوق لديهم لدعم الفقراء ولكني لم أجد إمام المسجد فأعطيت المال إلى ابنته التي اعتدت أن أراها خلال زياراتي السابقة والتي تجلس معنا أنا ووالدها إمام المسجد ... فهل تصرفي صحيح وهل أنال أجراً على صدقتي هذه؟ وهل هي كافية أم يجب علي ذبح الخروف الذي لم أنو ذبحه وإنما فكرت فقط بذلك؟
جزاكم الله ألف خير.. مع شكري وتقديري لجهودكم القيمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يفرج كرب المسلمين في العراق وسائر بلاد المسلمين.
وأما عن السؤال فمجرد التفكير في النذر لا يُعد نذراً، بل لو نويت أيضاً نذر خروف ولم تتلفظي فإنه لا يلزمك النذر، لأن النذر لا بد له من صيغة يتلفظ بها الناذر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها مالم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري ومسلم
فإذا كنت لم تتلفظي بنية النذر فإنه لا يلزمك شيء. ونسأل الله أن يتقبل صدقتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(19/993)
تأخير النذر وأداؤه في بلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت نذرا إذا نجحت سوف أخرج مبلغا من المال لوجه الله إلا أني تلكأت في إخراج المبلغ ليس لأني لا أريد ولكن لا يتوفر المبلغ المنوي إخراجه حاليا وهل يجوز أن أوفي بنذري في بلد آخر غير البلد الذي نذرت فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لم تعين لنذرك وقتا معينا أو مكانا خاصا فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في أدائه في أي وقت عندما يتيسر لك وفي أي مكان أردت.
أما إذا كنت عينت له زمانا أو مكانا خاصا فيجب عليك الوفاء في الزمان والمكان الذي عينت، وأما تأخير أداء النذر بسبب العجز عنه فلا حرج فيه ما لم يحصل تفريط.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتويين: 21393، 34745. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(19/994)
الوفاء في النذور المستقلة كل على حدة
[السُّؤَالُ]
ـ[والله إني أحبكم في الله وحيث إنني الآن في إحدى الكليات وكنت في خدمة المجتمع وبعد الانتهاء من الاختبارات في الفصل الأول وقبل أن تظهر نتائج الاختبار نذرت أن أذبح لله وأعزم الجماعة على الوليمة وللأسف لم أوفق في الفصل الأول وفي الفصل الثاني وفقت والحمد لله وحولت من خدمة مجتمع إلى طالب منتظم وبعدها بفترة اشتريت سيارة ونذرت أن أذبح لله وأعزم الجماعة أيضا. ماذا علي فعله يا شيخ هل أجمع الأمرين في ذبيحة واحدة أم ماذا، أفيدونا جزاكم الله ألف خير. شكرا لكم أيضا كثير الشكر والعرفان. أرجو الرد على الإيميل اذا تكرمتم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان نذرك الأول معلقا على النجاح في امتحان الفصل الأول فإنه لا يلزمك فيه شيء لعدم حصول المعلق عليه وهو النجاح. أما إذا لم يكن معلقا على فصل أو لم يكن معلقا بشيء فإن عليك الوفاء به على الكيفية التي ذكرت.
كما أن عليك أن تفي أيضا بالنذر الذي نذرته بعد ذلك، فكلاهما نذر مستقل لم يتواردا على محل واحد فلا يجزئ أحدهما عن الآخر.
وللمزيد من الفائدة عن النذر وأحكامه نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 471، 4241، 17463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(19/995)
قضاء دين الوالد ومعونة الإخوة من المال المنذور
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل الآن بالمملكة وقبل وصولي من بلادي وبعد حصولي على شهادة البكالوريوس، قد نذرت نذراً على أنني إن وفقني الله للعمل بأي دولة خارج بلادي سوف أستخرج من راتبي الشهري (خُمس الراتب) لله تعالى، والآن راتبي أقل من ألف ريال، ويوجد على والدي ديون وأنا مكلف بسدادها وكذلك التزامات للبيت، وحيث إنني أعزب، وأحضر للزواج، ولي أختان في سن الزواج وسوف أقوم بتجهيزهم إن شاء الله، ومنذ أكثر من عام لم أقم باستخراج النذر إلا مرتين، فماذا أفعل.... أفيدوني؟ جزاكم الله عنا الخير الكثير في الدنيا والآخرة، وإن كان الجواب أن أوفي النذر، فهل يصح تجهيز أخ لي أو أخت للزواج من هذا النذر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نذر نذر طاعة يجب عليه الوفاء به إن استطاعه لما في الحديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
وإذا لم تكن حددت جهة يصرف لها ذلك النذر فلا حرج في قضاء دين أبيك منه إن كان لا يجد ما يسدد به دينه، وفي إعانة إخوتك على الزواج إن كانوا فقراء يحتاجون لذلك، فإن كان قضاء دين الوالد ومعونة الإخوة في الزواج يبلغ القدر الذي ترتب عليك من النذر فذاك، وإن عجزت فعليك كفارة يمين عما عجزت عنه سابقاً واحرص على الوفاء بنذرك فيما يستقبل، واعلم أن الإنفاق في الخير يزيد مال المنفق وينميه ولا ينقصه، لما في الحديث: ما نقصت صدقة من مال. وفي الحديث: قال الله تعالى: يا ابن آدم أنفق أنفق عليك. وفي الحديث: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً. متفق عليه.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للفائدة: 20387، 27782، 9111، 43744، 26812، 3630، 8800، 17463، 471، 2522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(19/996)
نية ذبح الخروف ليشفي الله المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مريضه ونويت أن نذبح خروفا ونوزعه على الفقراء إن شاء الله متمنين من الله أن يرفع عنها المرض، أولاً: ماذا أقول من أذكار في لحظة الذبح.
ثانياً: هل فيه ضرر من أخذ من الذبيحه للبيت (لحم أو كبد مثلاً) .
ثالثاً: هل فيه ضرر من ترك جلد الخروف للرجل الذي سيذبح بدون أي مقابل.
رابعاً: ما شروط الذبح والذبيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه النية مصحوبة بصيغة تفهم الالتزام فيعتبر هذا نذراً يجب الوفاء به، وقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 5526.
وأما طريقة العمل فيه وكيفية توزيعه فانظر فيها الفتوى رقم: 8048، والفتوى رقم: 52422.
وما دمت عينت الفقراء والمساكين فسبيله سبيل الصدقة فيجب صرفه إليهم جميعاً ولا تطعموا منه شيئاً إلا إذا جرى العرف عندكم بذلك، فالعرف يؤثر في النية ويخصصها، وأما الذابح فلا يعطى منه إلا إذا كان فقيراً فيعطى كما يعطى الفقراء لا في مقابل عمله.
وأما إن كان ما صدر منك مجرد نية دون تلفظ فلا يعتبر هذا نذرا ولا يجب الوفاء به، كما في الفتوى رقم: 23184.
وشروط الذبح والذابح قد ذكرناها في الفتوى رقم: 15372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(19/997)
من حنث في نذر لم يسم فيه شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله إني لا أفعل أمراً ولكن أخلفت به وفعلت الأمر ولم أحدد ما هو نذري ومن ثم فعلته مرة أخرى ولم أحدد النذر ماذا يكون؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان يجب الوفاء بنذرك وتجنب الأمر الذي نذرت ألا تفعليه، وهو في هذه الحالة نذر مطلق. هذا ما لم يكن في هذا النذر معصية؛ وإلا فلا ينعقد أصلاً، وقد سبق توضيح هذا في الفتوى رقم: 53933.
والواجب في هذا النذر الذي لم يسم فيه شيء في حال الحنث هو كفارة يمين، والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم وغيره.
قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: قال النووي: اختلف العلماء في المراد بهذا الحديث فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج فهو مخير بين الوفاء بالنذر أو الكفارة، وحمله مالك وكثيرون أو الأكثرون على النذر المطلق، وحمله جماعة من فقهاء الحديث على جميع أنواع النذور وقالوا: هو مخير في جميع أنواع المنذورات بين الوفاء بما التزم به وبين كفارة اليمين. انتهى
قال الشوكاني: والظاهر اختصاص الحديث بالنذر الذي لم يسم لأن حمل المطلق على المقيد واجب. انتهى
ولا تكرر الكفارة إذا لم تقصدي أنك كلما فعلت هذا الأمر فعليك نذر، فإن قصدت ذلك، فإن الكفارة تتكرر بفعل المنذور، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8533، والفتوى رقم: 52623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(19/998)
التحلل من النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أصلي في المسجد كل الصلوات فإذا لم أصل مثلا صلاة الصبح في المسجد فعلي أن أصلي في البيت الصبح وإن أضيف إليه ركعتين جزاء عدم حضور للمسجد فهل بإمكاني أن أتحلل من هذا النذر؟.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب عليك الوفاء بنذرك وهو الصلاة في المسجد في كل الصلوات، وإذا فاتتك صلاة في المسجد فصل ما نذرت أن تصلي أو كفر كفارة يمين لأن نذر الركعتين في معنى نذر اللجاج، وقد تقدم في الفتوى رقم: 54432 أنه تكفى عنه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فمن لم يستطع ذلك، فعليه صيام ثلاثة أيام. وعليه، فعلى السائل الكريم أن يحافظ على الصلاة في المسجد، فإن صلى في غيره كفر كفارة يمين أو صلى ما نذر أن يصلي، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 26871.
ولا يمكن التحلل من النذر إلا في حالة العجز، وحينئذ تقوم الكفارة مقامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(19/999)
ما يجب على من ألزم نفسه بشيء وحنث
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي:
عاهدت الله وأقسمت على أن لا أفعل شيئا معينا مع زوجتي التي عقدت عليها عقدا صحيحا ولم أدخل بها وهذا الأمر حلال شرعا, وألزمت نفسي دفع مبلغ من المال وصيام شهر.
والآن حدث مني هذا الفعل ماذا أفعل إذا كنت لا أطيق الوفاء هل أكفر عن اليمين فقط أم أنه يلزمني الوفاء على أي حال
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عاهد الله على أمر مباح فهو يمين يطلب الوفاء به، ويكفر كفارة يمين في حال الحنث فيه، وتقدم بيان وجوب الوفاء في الفتوى رقم: 10145، وبيان كونه يمينا في الفتوى رقم: 29746
وأما إلزام نفسه بأن يصوم شهرا أو يتصدق بمال، إن هو حنث فيه، فهذا يسمى نذر لجاج وهو الذي يقصد الناذر من ورائه حث النفس أو منعها من شيء ولا يقصد به البر -أي فعل الطاعة- وقد نص العلماء على أن فاعله مخير بين الوفاء بما التزم به أو أن يكفر كفارة يمين على ما مضى بيانه في الفتوى رقم: 17466.
والحاصل أنك إذا حنثت في التزامك ولم تكن تريد الوفاء بنذرك فإن عليك أن تدفع كفارتين إحداهما عن اليمين والأخرى عن النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(19/1000)
نذر المعصية يحرم الوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا ولم أف به، والنذر هو (أن أكسر يد شخص) ، فما هو المكفر عن هذا النذر، نذرت نذرا آخر في موعد محدد وقبل الموعد أصبت بطلق ناري في البطن ولم أف به ما هو الحل؟ وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع النادر وجعله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن النذر منه ما يجب الوفاء به ومنه ما لا يجب الوفاء به أو لا يجوز، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 1125، وبناء على ما ذكرنا في تلك الفتوى فإن ما نذرته من كونك ستكسر يد شخص هو من قبيل نذر المعصية فيحرم الوفاء به، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى من الإقدام على هذا النذر، وجمهور أهل العلم على أنه لا شيء عليك في هذا خلافاً لأبي حنيفة القائل بلزوم الكفارة حينئذ، فلذا من الورع والاحتياط في الدين إخراج كفارة يمين عن هذا النوع، وراجع الفتوى رقم: 13567.
وتلزمك كفارة يمين أخرى بسبب عدم وفائك بالنذر المحدد بوقت معين إذا كان من النذر المشروع، ولم تقم بالوفاء به في وقته بسبب ما طرأ عليك من الإصابة التي ذكرتها، وراجع الفتوى رقم: 3457، والفتوى رقم: 32978، وكفارة اليمين سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(19/1001)
لا يلزم سوى نذر واحد ما دام المنذور واحدا
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 3سنوات تقربيا نذرت بأنني لو رأيت في منامي بأنني أدعو (دعوة خاصة) أصوم والحمد لله رأيتها ولكني لا أتذكر كم مرة نذرت؟ وكم العدد؟ وأنا شاكة فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأخت السائلة أن تفي بنذرها وتصوم حسبما نذرت ولا يلزمها إلا نذر واحد ما دام المنذور واحدا كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 8336. فإن كانت نذرت عدد أيام الصوم وجب عليها الوفاء بها، وإن لم تذكر عدادا ولم تنوه صامت أقل ما يصدق عليه الصوم وهو يوم، قال ابن قدامة في المغني: وإذا نذر صياما ولم يذكر عددا ولم ينوه فأقل ذلك الصيام يوم. انتهى. ولبيان حكم النذر يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 5526.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(19/1002)
الوفاء بالنذر واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[علي نذر عدد 2 وقد نذرتهم قبل خمسة عشر عاما وحتى الآن لم أف بهما والنذر هو ذبح خروف وتوزيعه على الناس وابني الآن في التوجيهي وقدم ثلاث مراحل ولم ينجح والآن قدم المرحلة الأخيرة وحتى الآن لم تظهر النتيجة وكان يدرس بشكل ممتاز والآن أنا في حالة خوف ورعب من ظهور النتائج علما بأنه نجح بكل المواد والآن مادة واحدة فقط هي الرياضيات وأنا أطلب من ربي دائما أن ينجح ابني ولكن في داخلي خوف ورعب أن الله يعاقبني لأني لم أف بالنذرين اللذين نذرتهما قبل فترة وكنت أبدي أشياء ضرورية على النذر مثل دعم أهل زوجي لأنهم بحاجة ضرورية وشراء بيت بالتقسيط لمدة 10 سنوات من البنك الإسلامي وأيضا أطلب منك هل شراء بيت عن طريق البنك الإسلامي حرام أم حلال؟ علما بأني سألت مفتيا بهذا الأمر وقال إن إجراءات البنك الإسلامي صحيحة وحلال والله أعلم وأخاف أن الله لا يقبل مني الدعاء لابني بالنجاح لشراء البيت من البنك الإسلامي لأنه إذا كان مسكنه حراما لا يقبل الله الدعاء؟ أرجوكم أنا في حيرة وخوف ورعب وابني مجتهد جدا.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الأخت السائلة أن تفي بنذريها، لأن ما نذرته طاعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه الجماعة إلا مسلماً.
سواء كان النذر نذراً معلقاً وهو ما التزم من الطاعة مما له أصل في الوجوب بالشرع في مقابلة نعمة استجلبها أو نقمة استدفعها، فهذا يجب الوفاء به عند حصول ما علق عليه، أو كان منجزاً، وهو التزام طاعة مما له أصل في الوجوب من غير تعليق على حصول شيء، فهذا يلزم الوفاء به.
قال ابن قدامة في المغني عند كلامه على أقسام النذر القسم الثاني: نذر طاعة وتبرر، وهذا القسم ثلاثة أنواع أحدها: التزام طاعة في مقابلة نعمة استجلبها أو نقمة استدفعها، كقوله: إن شفى الله مريضي فلله علي صوم شهر، فتكون الطاعة الملتزمة مما له أصل في الوجوب بالشرع كالصوم والصلاة والصدقة والحج، فهذا يلزم الوفاء به بإجماع أهل العلم، النوع الثاني: التزام طاعة من غير شرط، كقوله ابتداء: لله علي صوم شهر، فيلزمه الوفاء به في قول أكثر أهل العلم. انتهى
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 26910.
إلا أنه إن كان النذر معلقاً على حصول أمر مثل نجاح الولد ولم يحصل ذلك الأمر فلا يلزم الوفاء به.
مع تنبيه الأخت إلى أن النذر إذا وجب، فإنه مقدم على مساعدة أهل الزوج، لأن مساعدتهم عمل تطوعي بالنسبة لها، والنذر واجب، كما أن شراء البيت لا يمنع من الوفاء بالنذر لخفة هذا النذر إذ لا يعدو كونه شراء خروف أو خروفين، ولبيان شراء البيت بالتقسيط من البنك الإسلامي راجعي الفتوى رقم: 50571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(19/1003)
نذر الذبح إذا شفى الله المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل فترة أصبت بعيني وفقدت البصر نسبيا والحمد لله فقد من علي وشفيت وقد قامت الحاجة زوجتي بنذر أن شفيت لتذبح ذبيحة وتوزعها للمحتاجين شكراً لله على سلامتي, وعندما سألتها عن مصدر المال الذي ستشتري الذبيحة به قالت إنها وفرته من مصروف البيت فقلت لها ما وفرته هو مال حلال لك وأنا مسامح به، السؤال هل يجوز النذر لمثل هذه الحالات وخصوصا ما نذرته زوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه زوجتك هو من قبيل النذر المعلق على حصول أمر وهو مكروه عند أهل العلم، لكنه يجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، وفي هذه الحالة فالواجب على زوجتك الوفاء بنذرها على الوجه الذي قصدته في نذرها.
وما دام ثمن الذبيحة من مالك أنت وصرحت برضاك بأن يصرف في هذا الأمر فلتذبح ذبيحة وتوزعها على الفقراء والمحتاجين، وراجع الفتوى رقم: 34245.
ومن الجدير بالتنبيه عليه أن الإقدام على النذر مكروه مطلقاً لثبوت النهي عنه، كما في الفتوى رقم: 56564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(19/1004)
قراءة السورة في الحرم هل يفي بنذر فراءتها ألف مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم،هل صحيح أن الركعة أو السورة في الحرم المكي الشريف تعادل ألف ركعة أو سورة فيما سواه من الأماكن؟ وإذا كان هذا صحيحاً قد نذرت من عدة سنوات أن أقرأ سورة الكهف ألف مرة هل إذا قرأتها مرة عند الحرم تعادل ألفاُ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي ورد في الحديث الصحيح هو مضاعفة أجر الصلاة في المسجد الحرام أو الحرم كله، بحيث يكون أجر الصلاة الواحدة في هذا المكان مثل أجر مائة ألف صلاة فيما سواه كما أوضحنا في الفتوى رقم: 25240
ورواية الصحيحين وأصحاب السنن: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، ورواية الإمام أحمد توافق هذا اللفظ بزيادة: وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة. صححه شعيب الأرناؤوط.
أما مضاعفة أجر السورة من القرآن بهذا العدد فلم نطلع على ما يدل عليها، مع أن الأماكن الفاضلة يضاعف فيها أجر الأعمال الصالحة، ومن ذلك مضاعفة أجر قراءة القرآن، لكن المضاعفة المذكورة في الصلاة المنصوص على العدد فيها إنما هي في الأجر لا في الإجزاء، فمن كان عليه صلوات فوائت فصلى في المسجد الحرام صلاة قضاء لم تجزئ صلاته هذه إلا عن صلاة واحدة، مع أن الأجر أجر مائة ألف صلاة كما أوضحنا في الفتوى المشار إليها أعلاه، فالحاصل أن نذر قراءة السورة المذكورة بالعدد المذكور للوفاء به لا بد لك من قراءتها حسب ما جاء في النذر، ولا يكفي من ذلك قراءتها في الحرم المكي ولا غيره.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى 37347، والفتوى رقم 47377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(19/1005)
حكم من علق نذره بالنجاح في الدراسة فنجح في بعض المواد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا ولم يتحقق بأكمله فهل يجب علي الوفاء به ... يعني أني نذرت إذا نجحت بالمواد بالجامعة سأفعل كذا.. فنجحت ببعض منها فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت علَّقت نذرك بالنجاح في الجامعة فلا يجب عليك الوفاء إلا إذا نجحت في كل المواد، لأنه لا يقال ناجح إلا لمن نجح في كل المواد، إلا إذا كنت نويت النجاح ولو في بعض المواد فيجب عليك الوفاء بالنذر لأنه قد تحقق ما علقت عليه النذر ونويته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(19/1006)
لا ينعقد النذر بدون صيغة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن حكم الدين في النذر حيث إني عندما سمعت عن فضل صلاة التسابيح قلت إن شاء الله سأصلي كل يوم هذه الصلاة حتى لما أتزوج زوجي إن شاء الله يصليها معي، ولكن هناك أيام كثيرة لم أوف بالنذر أكون تعبانة أو ضعيفة فلم أصل ماذا أفعل، هل يوجد كفارة لهذا النذر أو أعوض هذه الأيام التي ضاعت مني أنا أصلي هذه الصلاة بالليل ينفع أنويها أيضاً على أنها صلاة قيام الليل، أرجو الإجابة لأني خائفة جداً من الأيام التي لم أصلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر لا بد له من لفظ يشعر بالالتزام وعدم تعليقه بالمشيئة. وعليه، فقولك (إن شاء الله سأصلي كل يوم هذه الصلاة) أي صلاة التسابيح ليس بنذر يجب عليك الوفاء به، ولمزيد من الفائدة تراجعين الفتوى رقم: 27989.
وننصحك بالإكثار من صلاة التسابيح لما فيها من الفضل العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(19/1007)
نذر المال للمسجد وحكم دفعه على دفعات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نذرت أنه بعد ولادتي بخير وسلامة أني سوف أعطي الجامع مبلغا من المال والجامع انتهى بناؤه الذي نذرت المال له فهل يجوز إعطاء المال المنذور لجامع غيره بحاجة للمال أكثر
وهل يمكنني إعطاء المال المنذور للجامع على دفعات متعددة وليس دفعة واحدة فإنني عند ما نذرت لم أحدد كيف سوف أوفي النذر فقط نويت في نفسي أني سوف أعطي هذا المبلغ بعد ولادتي بخير فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نذر طاعة وجب عليه الوفاء بها، لما في حديث الصحيحين: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
ونذرك صرف مال إلى المسجد طاعة يجب عليك الوفاء بها إذا ولدت بسلام، فإن كان المسجد قد تم بناؤه وكان في حاجة إلى المال للنفقة عليه كالسراج أو النظافة ونحو ذلك وجب صرفه له، وإن لم يكن محتاجا إليها فلا بأس بصرف النذر إلى غيره من المساجد المحتاجة ولا حرج في إخراجه على دفعات مادمت لم تحددي دفعه مرة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(19/1008)
نذر صلاة النافلة في أوقات الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالنذر بأداء ركعتين بعد صلاة العصر وصلاة الفجر، وعلمت بأنه لا تجوز الصلاة بعد صلاة العصر أو صلاة الفجر، فهل يجوز أداء صلاة النذر قبل صلاة العصر والفجر أي إزاحة الصلاة من بعد صلاة العصر إلى قبل صلاة العصر والفجر كذلك؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 34135، حكم نذر صلاة النافلة في أوقات الكراهة مثل ما بعد العصر أو الفجر وذكرنا فيها كلاما لبعض أهل العلم من الشافعية والمالكية يفيد أن هذا النذر لا يلزم الوفاء به ولا ينعقد، وبالتالي فالأولى ترك الوفاء به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(19/1009)
من نذر أن لا يكلم شخصا فكلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص نذر أن لا يكلم شخصا آخر ولكن لظروف تكلم وتصالح مع ذلك الشخص فماذا يعمل بالنذر؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص نذر هجران الشخص المذكور لحظ نفسه أكثر من ثلاثة أيام فما أقدم عليه يعتبر نذر معصية، لأن المسلم لا يجوز له هجر أخيه المسلم أكثر من ثلاث ليال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. وجمهور أهل العلم على أن نذر المعصية لا يترتب عليه لزوم شيء سوى التوبة إلى الله تعالى، ومن أهل العلم من يرى أنه تلزم به كفارة يمين. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 13567. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 8000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(19/1010)
حكم من نذر بدون نية أو قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أعمل أعمال خير بما قيمته 3500 ريال تقريبا تدفع كل شهر إلى ما شاء الله إذا اشتغلت، وفعلا قد اشتغلت ولكن لمدة شهرين تقريبا، وتركت العمل نتيجة الاختلاط الذي فيه حيث سبب لي الرجل صاحب العمل مضايقات فلم يكن يراعي غض البصر وأمور أخرى وأنت تعلم يا شيخ ما عواقب الاختلاط دون ضوابط شرعية، الحمد لله تركته فوراً ولم أقبض خلالهما سوى ما يقارب 300 ريال والله أعلم والآن أهلي ينفقون علي وأبحث عن عمل لا يوجد به اختلاط ولم أجد حيث إنني في بلد لا يراعي عدم الاختلاط لا في الدوائر الحكومية ولا الخاصه ولا الجامعات ولا إلخ....... والمشكلة أن من طبيعة عملي أنه هناك احتكاك بالرجال عن قرب شديد حيث إني طبيبة أسنان، مع العلم بأنه يوجد الكثير من الأطباء الرجال الأكفاء ليذهب إليهم الرجال! فأين أجد عيادات لنساء دون اختلاط على الإطلاق في بلدي! المهم يا شيخنا وحتى أرزق هذا العمل هل بمجرد اشتغالي لمدة شهرين بمال لا يكفي الصرف على المواصلات وما هو إلى ذلك, حق علي دفع النذر، فأنا لا أطيق هذا المبلغ! وهل واجب علي أن أعمل بأماكن الاختلاط لأدفع النذر، أنا أخاف أن أموت قبل أن أدفع النذر أو أن أصوم كفارته إذا صحت لي! ملاحظة: لقد نذرت قديما وأنا مازلت أدرس لم أعلم بالدين بحيث أعلم ما المعنى الحقيقي للنذر فقد نطقت اللفظ (نذرت) لكثرة ما كنت أسمع أمي وجدتي وكبيرات السن يرددنها يعني قلتها زلّة لفظا دون نيه المهم يا شيخ ماذا أفعل في نذري الذي والله أثقل ظهري لعدم امتلاكي المال لأسدده.. الله المستعان والحمد لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك (قلتها -أي لفظة النذر- زلة لفظاً دون نية) فيه تفصيل؛ فإن كانت هذه اللفظة خرجت منك بغير قصد منك لنطقها، وإنما سبق إليها لسانك لكثرة ما تسمعينها فلا شيء عليك، وإما إن كنت قصدت التلفظ ولم تقصدي ما يترتب عليه فهو نذر معلق على حصولك على العمل، وما دمت قد حصلت عليه فإنه يلزمك الوفاء به عند القدرة. وما دمت عاجزة عن الوفاء به للانقطاع عن العمل وعدم وجود المال فإن عليك كفارة يمين، لما رواه أبو داود في سننه وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين. زاد ابن ماجه في روايته: ومن نذر نذراً أطاقه فليف به.
وكفارة اليمين هي ما ذكره الله تعالى بقوله: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89} ، وقد سبق الكلام عنها في فتاوى سابقة فلتراجع منها الفتوى رقم: 23614.
ولا يجب عليك العمل، بل لا يجوز في أماكن مختلطة لا تراعى فيها حدود الله، كعدم غض البصر والمعاملات المريبة ونحو ذلك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 35079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(19/1011)
نذر الفتاة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم فضيلة المفتي هل يجوز للفتاة أن تنذر نفسها لرسول الله عليه الصلاة والسلام ولا تتزوج؟ مع العلم أنها تحاول جاهدة أن تكون من الصالحات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا النذر نذر قربة ولا يلزم الوفاء به، فهو لغو وليس على من نذرت ذلك كفارة، ومآل هذا النذر إلى التبتل وترك الزواج في الدنيا كما هو ظاهر السؤال، وهذا غير مشروع، بل هو مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وانظري الفتوى رقم: 26120.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(19/1012)
بين الوعد والنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل ما يعرف بعناد بيني وبين صديقي حيث قلت له مع العلم أنني لم أكن غاضبا أو شيئا من هذا القبيل، إنني بعد شهر من اليوم يوم حصول العناد إذا لم أفعل كذا وكذا فإنني سوف أشتري خروفا لأصدقائنا, فما حكم هذا العناد؟ مع العلم أن ما تعاندنا عليه حلال إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل مع صديقك إذا كان على وجه الوعد بأن كنت قد وعدت بذبح خروف إذا لم تفعل أمرا معينا خلال شهر ولم تقم بفعله فجمهور أهل العلم على أن الوفاء بالوعد مستحب لا واجب، وقد سبق تفصيل المسألة في الفتوى رقم: 17057. وإذا كنت قد فعلت الشيء المذكور قبل تمام الشهر فلا شيء عليك وإن كان ما قد صدر منك على وجه النذر المعلق وحصل المعلق عليه وهو عدم الفعل قبل نهاية الشهر فيجب عليك الوفاء به، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره. وراجع الفتوى رقم: 17463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(19/1013)
هل يلزم فرض الكفاية بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكر لكم هذا الجهد المبارك، وسؤالي: يرى بعض الفقهاء خاصة الشافعية، أن النذر يشمل الفروض الكفائية، فمن لم يقم بما نذر، فإنه يعد حانثا. وكما نعلم أن الفروض الكفائية بمعناها الشامل تحوي أنواعا كثيرة، منها طلب العلم، فلو أن إنسانا نذر أن يدرس الطب، مثلا، ولكنه انصرف عنه إلى غيره، فهل يعد حانثا ويجب عليه كفارة النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعلم الطب قد ذكر العلماء أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، والواجب لا ينعقد نذره عند أكثر الفقهاء من بينهم المالكية والأحناف والحنابلة، وكذلك المباح لا يلزم الوفاء بنذره عند هؤلاء. قال في منح الجليل - وهو مالكي -عند قول خليل بن إسحاق: وإنما يلزم به ما ندب قال: واحترز بما ندب عن الواجب، فلا يجب بالنذر، لأنه تحصيل حاصل، وعن المحرم والمكروه والمباح فلا يجب شيء منها بالنذر. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: فلا يصح النذر بشيء من الفرائض، سواء كان فرض عين كالصلوات الخمس وصوم رمضان، أو فرض كفاية كالجهاد وصلاة الجنازة. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: وهو حنبلي: لا يصح النذر في محال ولا واجب على الصحيح من المذهب. انتهى. ولم يفرق المالكية بين الواجب عينا والواجب كفاية، وقد ذهب الشافعية إلى أن فرض الكفاية يلزم بالنذر. قال النووي رحمه اله تعالى: قال إمام الحرمين: وفروض الكفاية التي يحتاج فيه في أدائها إلى بذل مال أو مقاساة مشقة تلزم بالنذر، وذلك كالجهاد وتجهيز الموتى. انتهى. ومن خلال هذه النصوص يتبين أن نذر تعلم الطب لا يلزم الوفاء به لأنه إما أن يكون فرض كفاية، ونذر فرض الكفاية لا يلزم عند الأكثر من الفقهاء، ويلزم عند الشافعية، لكنهم يمثلون له بما كان من القرب، كما سبق في كلام النووي، وإما أن يكون مباحا والمباح نذره لا يلزم عند اكثر الفقهاء أيضا، ويخير ناذر المباح عند الحنابلة بين الوفاء به أو دفع كفارة يمين، وهي مفصلة في الفتوى رقم: 2522.
ولبيان كلام الفقهاء على نذر المباح يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 20047.
وخلاصة القول أنا نقول لك: إن نذر تعلم الطب لا يلزم الوفاء به كما هو المعروف عند أكثر أهل الفقه، ولكن ينبغي لمن نذر ذلك ولم يتمكن منه أن يكفر كفارة يمين خروجا من الخلاف، ويتوب إلى الله تعالى على كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(19/1014)
النيابة في الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذر شخص ما أنه سوف يهب للمسجد ما هو موجود بالمنطقة سجادة وتحقق الأمر الذي نذر لأجله ولكن نتيجة لساعات العمل الطويلة لا يستطيع الذهاب إلى هذا المسجد فهل له أن يرسل هذه السجادة مع شخص آخر وهل يسقط النذر عنه في حال لم يوصلها ذلك الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الشخص المذكور الوفاء بنذره لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري. ولا مانع من أن يقوم الناذر بتوكيل غيره في توصيل السجادة إلى المسجد لصحة النيابة في الوفاء بالنذر كما سبق في الفتوى رقم: 5507 لكن لا تبرأ ذمة الناذر إلا ان يتحقق أو يغلب على ظنه وصول تلك السجادة إلى المسجد.
وتكفي غلبة الظن فقط في حصول مثل هذا الأمر، لقول ال شاطبي رحمه الله تعالى في الاعتصام: والحكم بغلبة الظن أصل في الأحكام. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 56564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(19/1015)
مذاهب الفقهاء في العدول عن النذر إلى بدله
[السُّؤَالُ]
ـ[قد نذرت أن اذبح شاة وعند تحقق النذر وجد أحد الأصدقاء قد نذر أيضا ذبح شاة فاتفقنا على أن نشترك في ذبح بقرة كبيرة بدل شاة وأيضا يوجد صديق آخر قد رزق بمولودة ويريد عمل العقيقة لها فأراد أن يشترك معنا في البقرة فهل يجوز هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاشتراكك أنت وزميلك في ذبح بقرة بدلا عن الشاتين المنذورتين محل خلاف بين أهل العلم هل يجزئ أم لا؟
فعند الشافعية لا بأس بهذا الاشتراك المذكور. ففي المجموع للإمام النووي: لو نذر شاة فجعل بدلها بدنة جاز بلا خلاف، وهل يكون جميعها فرضا؟ فيه وجهان مشهوران أصحهما يقع سبعها واجبا والباقي تطوعا، وعلى هذا، فإذا انتقل من نذر شاة إلى سبع البدنة فإنه يجوز له أن يشترك مع غيره فيها. كما ذكر النووي في المجموع أيضا حيث قال: البدنة تجزئ عن سبعة، وكذلك البقرة، سواء كانوا مضحين وبعضهم مضحيا وبعضهم يريد اللحم، وسواء كانوا أهل بيت أو أبيات، وسواء كانت أضحية تطوع أو منذورة. انتهى.
وعند الحنفية والمالكية: يجب على الناذر الوفاء بنذره على الوجه الذي نذره حقيقة ولا يجزئه العدول عنه إلى بدله إلا عند العجز عن المنذور نفسه.
ففي بدائع الصنائع للكاساني الحنفي: ثم الوفاء بالمنذور به نفسه حقيقة يجب عند الإمكان، فأما عند التعذر فإنما يجب الوفاء به تقديرا بخلفه، لأن الخلف يقوم مقام الأصل كأنه كالتراب حال عدم الماء. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على شرح الدردير عند قول خليل: ولزم البدنة بنذرها، فإن عجز فبقرة، قوله: وذكر البدنة أي خصها بالذكر مع أن غيرها كالشاة كذلك تلزم بنذرها. انتهى.
وعليه؛ فالمسألة محل خلاف بين أهل العلم ومن الورع والاحتياط في الدين أن يقوم كل منهما بالوفاء بالنذر الذي عينه وهو ذبح شاة خروجا من خلاف أهل العلم.
وبالنسبة للعقيقة فلا يجزئ فيها الاشتراك كما سبق في الفتوى رقم: 13795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(19/1016)
النذر لا ينعقد إلا باللفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت فى الماضي أشرب السجائر, النية عند إقلاع السجائر التبرع بنقود السجائر لكفالة اليتيم بعد 7 شهور وجدت أختى تساعد أبي بالنقود كل شهر بمبلغ قدرة 300 جنيه, بالرغم عند النية بتبرع بكفالة اليتيم كنت أعلم أن أختى تعطي أبى نقودا150 جنيه, هل ممكن أعطي نقودا لأبي وأمنع كفالة اليتيم, أنا خائف أن يكون هذا مخالفا النذر، الرجاء أفتوني على السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على الإقلاع عن استعمال السجائر، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والثبات على طريق الحق، ثم نقول إذا كنت قد نذرت التصدق بالنقود التي كنت تصرفها في شراء السجائر لصالح كفالة يتيم فيجب عليك الوفاء بهذا النذر، ولا يجوز لك قطعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره، والنذر لا ينعقد إلا باللفظ، فإن كنت قد تلفظت بذلك انعقد نذرك ولزمك الوفاء به، وإن لا فلا. وراجع الفتوى رقم: 45605.
وإن إمكنك الإحسان إلى أبيك بإهداء بعض النقود الأخرى فهذا عمل صالح تثاب عليه إن شاء الله تعالى، وإن كان محتاجاً فنفقته واجبة على أبنائه وأنت من جملتهم، وللتعرف على فضل كفالة اليتيم راجع الفتوى رقم: 45605، وراجع حكم الإقدام على النذر في الفتوى رقم: 56564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(19/1017)
حكم من نذر أن يذبح عند القبر وما يلزم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت والدتي نذرا وإلى الآن لم تف به وهو بالنص (نذر علي إذا أكمل أولادي جميعا دراستهم فسأذبح لكل واحد منهم خروفا في الشيخ محمود -وهو ضريح موجود في منطقة في الموصل عندنا وحوله قرية-) ولدي استفسارات بشان هذا النذر: ما حكمه، ما كفارته -علما بأننا سبعة من الأولاد، إذا كان قسم منا يستطيع دفع ثمن خروفه فهل يجوز ذلك، وما حكم من لا يستطيع، هل يجب الذبح في المنطقة المذكورة في النذر أم يجوز الذبح في أي مكان، هل يجوز أن نجتمع ونشتري بقرة عوضا عن الخرفان، أرجو توضيح ذلك؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذبح للمقبور شرك أكبر لأن الذبح عبادة وصرفها لغيره شرك، قال الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {الكوثر:2} ، وأما الذبح لله تعالى عند قبر من القبور سواء كان صاحبه من الصالحين أو من عموم المسلمين فمحرم ولا يحل الوفاء به لمن نذره، ومن نذر واحدا منهما فعليه كفارة يمين على الراجح -كما سيأتي- قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: قال الشيخ تقي الدين: يحرم الذبح والتضحية عند القبر، ولو نذره ناذر لم يقم به، لحديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. انتهى.
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة الذبح لله عند القبر لا حرمة ذلك، قال البهوتي في كشاف القناع: ويكره الذبح عند القبر والأكل منه. لخبر أنس: لا عقر في الإسلام. رواه أحمد بإسناد صحيح، قال في الفروع رواه أحمد وأبو داود، وقال: قال عبد الرزاق: وكانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة، وقال أحمد في رواية المروذي: كانوا إذا مات لهم الميت نحروا جزوراً، فنهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وفسره غير واحد بغير هذا.
قال الشيخ ابن تيمية: يحرم الذبح (والتضحية) عند القبر (ولو نذر ذلك ناذر لم يكن له أن يوفي به) . انتهى.
وعلى الراجح فإنه يحرم الوفاء بهذا النذر بنوعيه و، فيه كفارة يمين للحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به. وننصحكم أن تنصحوا والدتكم بعدم الوفاء بهذا النذر وإخراج كفارة يمين ولكم إخراجها عنها بإذنها.
والله اعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(19/1018)
من نذر أن يعطي المدرس الخاص هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا قبل سنين لأجل درس بالكلية درسني إياه مدرس خاص في مكان معين أي أني إذا نجحت بالدرس أعطي المدرس هدية معينة، مع العلم بأني كنت لا أعلم منهج النذر ولم أفعل أي فعالية كصلاة أو دعاء فقط الفطرة وكذلك المدرس لا أعرف تحديدا أين ذهب الآن، ماذا أفعل لكي لا أكون آثما؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت تلك الهدية بقصد استمالة قلب المدرس ليمنحك درجات لا تستحقها مثلاً، فتلك الهدية من باب الرشوة وبالتالي قد أقدمت على نذر حرام يحرم عليك الوفاء به وتلزمك كفارة يمين بشرط حصول النجاح.
أما إذا كانت الهدية بقصد صحيح كجلب المحبة والألفة فهذا مقصد شرعي، ويجب عليك الوفاء بهذا النذر إذا حصل المعلق عليه وهو النجاح، فإن أمكنك العثور على الأستاذ المذكور فأعطه الهدية، فإن عجزت عن ذلك فعليك كفارة يمين لأنك بمثابة من عجز عن الوفاء بنذره، وراجع الفتوى رقم: 3274.
ولم نفهم مرادك بقوله (لم أفعل أي فعالية كصلاة) فإن كنت تقصد أنك تترك الصلاة المفروضة فاعلم أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي أول ما ينظر من أعمال المسلم، فالواجب عليك المبادرة بقضاء جميع الصلوات التي فاتتك بحيث تواصل القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، وراجع الفتوى رقم: 31107.
كما أن ترك الصيام في حق من وجب عليه معصية عظيمة، فإذا كنت قد تركت صيام رمضان بعد وجوبه، فالواجب عليك قضاؤه عن جميع السنين التي لم تصم فيها، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 54317.
أما إن كنت تقصد أنك لم تفعل بعد النذر شيئاً من ذلك كتكفير للنذر فقد بينا أنه إنما عليك الوفاء بالنذرإن كان مقدوراً عليه وإلا فالكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(19/1019)
حكم تعجيل صوم النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب نذرت لله أني إذا نجحت أني سوف أصوم التسعة الأولى من شهر ذي الحجة وقمت بإيفاء النذر قبل أن تظهر نتيجة الامتحان هل يجوز هذا أم لا يجوز؟ وشكرا مع العلم أن النتيجة ظهرت ونجحت لإيماني أني سوف أنجح وثقتي بالله أفتونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر صوما معلقا على حصول شيء فإنه لا يجب عليه الصوم إلا إذا تحقق ذلك الشيء، فإن صام قبل ذلك كان تطوعا، فإن حصل له ما علق عليه صومه فحينها يجب عليه الصوم. قال زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب: وإن نذر صدقة لا صوما وصلاة في وقت بعينه جاز تعجيلها كما لو عجل الزكاة، بجامع أن كلا منهما عبادة مالية بخلاف الصوم والصلاة، لأنهما عبادتان بدنيتان. اهـ.
وعليه، فصومك قبل ظهور نتائج الامتحان غير مجزئ، وعليك صوم التسع من ذي الحجة في السنة القادمة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(19/1020)
من النذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أني لن أشتري ذهبا لزوجتي إلا بعد أن أشتري مثله لأمي وأختي. وأنا متزوج منذ4 سنوات تقريبا ولم أشتر لزوجتي شيئا بل اضطررت لبيع ذهبها والآن أريد أن أرجع لها ذهبها وأعطيها هدية وكنت قد اشتريت لأختي وأمي ذهبا منذ فتره ولم أشتر لزوجتي. والآن أختي متزوجة. كيف لي أن أتصرف مع هذا النذر في حين أني أريد أن أهدي زوجتي لقاء مساعدتها لي.
افيدوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنذرك المذكور هو من قبيل النذر المباح وعلى مذهب جمهور العلماء لا يترتب على النذر المذكور لزوم شيء، وعند الحنابلة تكون مخيرا بين الوفاء به أو إخراج كفارة يمين، وراجع تفاصيل كلام أهل العلم في الفتوى رقم: 20047، ولا مانع من الإهداء لزوجتك بل إنه من أسباب المحبة وقوة الرابطة الزوجية، فقد قال صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه البخاري في الأدب المفرد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(19/1021)
حكم العيب الطارئ على العقيقة والمنذورة بعد الذبح
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن العقيقة؛ عندما ذبحت ذبائح، وأردت تفريقها كانت قد فسدت هل تحسب أم لا؟ وهم ثلاث، بعض منها فرقته، والأكثر فسد كله، وقد كانت النية سليمة من الأب والأم. عفوا هم خروفان عقيقة وواحد نذر هل يحسب حسب النية أم يعاد كله؟ ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقيقة سنة وليست واجبة، وقد سبق أن ذكرنا حكمها في الفتوى رقم: 2287، ولم نجد من تكلم من أهل العلم عن إجزاء العقيقة أو عدم إجزائها في حالة ما إذا فسد لحمها بعد ذبحها؛ والظاهر - والله أعلم – أن فساد لحم العقيقة لا يمنع من إجزائها قياسا على الأضحية، فقد نص بعض أهل العلم على أن العيب الطارئ عليها بعد الذبح لا يمنع إجزاءها.
وأما المنذورة فيجب التصدق بها كاملة، فإن فسد لحمها لزم الناذر شراء اللحم بمقدار ما فسد، أو شراء بدل المنذورة، ولا يلزمه إعادة الذبح لأن إراقة الدم قد حدثت، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: (ولو ذبح المنذورة) , ولو حكما (في وقتها , ولم يفرق لحمها ففسد لزمه قيمته وتصدق بها دراهم) , ولا يلزمه شراء أخرى لحصول إراقة الدم وكذا لو غصب اللحم غاصب وتلف عنده أو أتلفه متلف يأخذ القيمة ويتصدق بها كما صرح به أصله وما ذكره كأصله هنا من الاكتفاء بإخراج قيمة اللحم وجه مبني على أن اللحم متقوم والأصح بناؤه على المصحح من أنه مثلي أنه يلزمه شراء اللحم أو شراء بدل المنذورة كما قدمه في آخر باب الدماء.اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(19/1022)
حكم من نذرت ألا تحمل مطلقا لغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم امرأة نذرت أن لا تحمل وربطت العكس (أي أن تحمل) بصيام 60 يوما، وهذا في حالة غضب مع زوجها؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقطع الحمل مطلقا لغير عذر من مرض وغيره محرم؛ لما في ذلك من مصادمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه العراقي.
وعليه؛ فإن كان نذر هذه المرأة ألا تحمل مطلقا لغير عذر بل بسبب الخصام مع زوجها فهو نذر محرم يحرم عليها التسبب في الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ومن نذر ان يعصيه فلا يعصه. وما علقت على حصول ذلك النذر من صوم أو غيره يدخل في نذر اللجاج. وتراجع له الفتوى رقم: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(19/1023)
نذر اللجاج بين الكفارة والوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت يوما أني إذا فرطت في صلاة مفروضة تصدقت بمبلغ من المال وأني إذا فرطت في سنة من السنن أتصدق بمبلغ أقل ولكن شق علي هذا الأمر فهل لي من كفارة؟ وهل تسقط عني الكفاره منذ أن نويت أن أكفر عن نذري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقصودك من هذا النذر واضح وهو الحث على فعل الفرائض والسنن وعدم التفريط في شيء من ذك، وأنه متى حصل منك تفريط في شيء من ذلك تتصدقين بمبلغ من المال، ويختلف ذلك باختلاف المفرط فيه، فصدقة التفريط في الفريضة أكبر من صدقة التفريط في السنة، وهذا النذر يسمى عند العلماء بنذر اللجاج، وقد اختلفوا رحمهم الله في ما يجب على من نذر هذا النوع من النذر إذا حنث على أقوال ثلاثة:
الأول: يلزمه كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. رواه مسلم.
ولأنه إنما قصد الحث أو المنع ولم يقصد القربة، وهذا أحد أقوال الشافعي، وهو مذهب الحنابلة.
الثاني: يلزمه الوفاء بما نذر، وهو مذهب المالكية وبعضهم قال بالقول الأول.
الثالث: أنه مخير بين كفارة يمين وبين الوفاء بما نذر، لأن هذا النوع من النذر مشبه لليمين من حيث الحث أو المنع، ومشبه للنذر من حيث التزام القربة، وهذا ما رجحه النووي رحمه الله من الشافعية، وهو الراجح إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(19/1024)
نذرت ألا تنظر إلى رجل فنظرت
[السُّؤَالُ]
ـ[1-نذرت في يوم من الأيام أن أتوب إلى الله فلا أنظر إلى رجل أبدا ولكني نظرت فما حكم نذري وهل علي كفارة؟ وما هي؟ وكيف أتوب إلى الله من هذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد نذرت ترك النظر إلى الرجال بشهوة ثم أقدمت على ذلك فعليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة.
وعند العجز عن كل واحد من الثلاثة يجزئ صوم ثلاثة أيام، وراجعي لزاما الفتوى رقم: 53933.
وللتعرف على شروط التوبة الصادقة وعلامة قبولها راجعي الفتوى رقم: 5450.
والإقدام على النذر مكروه مع وجوب الوفاء به إذا كان طاعة لله تعالى؛ كما في الفتوى رقم: 23715.
وحكم النظر إلى الرجال سبق بيان حكمه مفصلا في الفتوى رقم: 7997.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(19/1025)
نذر الطاعة واجب الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي وقع من الطابق الرابع ولم يكن أحد يتوقع له النجاة لكن الله نجاه فنذر أبوه أن يذبح ذبيحة يعني إذا نجاه الله وهذا منذ 7أو8 سنوات لكنه لم يفعل بالمقابل، كل المصائب تقع عند زوج أختي هل للنذر دخل في ذلك؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر نذر طاعة لزمه الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
ونذر هذا الوالد نذر طاعة يجب عليه الوفاء به ولا يسقطه التأخير. وأما وقوع المصائب في بيت ولده فليست أثرا لعدم وفاء والده بالنذر لأن الله تعالى يقول: ولا تزر وازرة وزر أخرى. فما ذنب الولد في عدم وفاء والده بنذره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(19/1026)
قضاء الدين أولا أم الوفاء بالنذر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مدين بدين مادي وقد استحقت الزكاة على أموال زوجته فهل يجوز له أن يأخذ زكاة مالها لسداد دينه أم لا؟ وإن كان قد نذر نذرا ماديا لله وقد تحقق ما أراد وهو مدين الآن فهل لو توفر له المال فبأيهما يبدأ بوفاء نذره أم بسداد دينه لمن أقرضوه المال من قبل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للزوجة أن تدفع زكاة مالها لزوجها الفقير كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25858. وإذا كان عاجزا عن الوفاء بديونه للناس والوفاء بنذره لله تعالى ثم قدر على ما يكفي لأحدهما، فإنه يقدم قضاء دين الآدمي لأنه مبني على التشديد؛ إذ لا بد من قضائه في الدنيا، أما حق الله تعالى فهو مبني على التخفيف فقد يغفره لمن هو مطالب به، قال ابن العربي في أحكام القرآن: فالجواب أنه لا يجوز اعتبار حقوق الآدميين بحقوق الله، ولا حقوق الله بحقوق الآدميين في الإيجاب والإسقاط؛ لأن حق الله يُستغنَى عنه، وحق الآدمي يُفتَقر إليه؛ ألا ترى أن حقوق الله لا تجب على الصبي وتلزمه حقوق الآدميين. انتهى. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 3944.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(19/1027)
يلزم ذبح ما نتج من أولاد الشاة بعد نذرها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أني نذرت نذرا لله عز وجل على شيء معين وفي غير معصية لله ولله الحمد والمنة حقق الله مرادي فأخذت العهد على نفسي أن أذبح شاة وأوزعها على الفقراء والمساكين وكانت الشاة هزيلة وضعيفة بعض الشيء فأمسكتها حتى تسمن ويصطلح وضعها ولله الحمد سمنت الشاة ولكنها في نفس الوقت حملت وانتظرت حتى ولدت فأمسكتها هي والمولود وسألت بعض أهل العلم هل مولودها يدخل في النذر فقالوا لي إن مولودها من صفات كمالها فهو يدخل في النذر وذبحت المولود وأمسكت أمه وقدر الله أن الشاة حملت مرة أخرى والمولود الآن عمره شهرين وأنا أريد أن أذبح أمه وأوفي نذري لكن نصحني البعض أن أقدمه لعائلة فقيرة حتى تذبحها كأضحية على عيد الأضحى نسال الله أن يبلغنا إياه، فهل يجوز شرعا أن أعطي الشاة حية كاملة من غير ولدها لعائلة من العائلات الفقيرة المحتاجة حتى يذبحوها كأضحية، أفيدوني أفادكم الله؟ وبارك الله فيكم، ونفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أنه يلزمك ذبح ما نتج من أولاد لتلك الشاة بعد نذرها. وبالتالي، فيلزمك ذبح الولد الثاني الذي ذكرت أنه قد مضى على ولادته شهران، وراجع الفتوى رقم: 15090.
ثم إذا كنت تقصد بنذرك ذبح تلك الشاة وتوزيعها على المساكين فيجب عليك الوفاء بذلك، ولا يجزئك تقديمها حية على أنها أضحية لعائلة معينة؛ لأن الوفاء بالنذر واجب على الوجه الذي التزمه الناذر، ولا يجزئه تغييره إلى طريقة أخرى، وراجع الفتوى رقم: 12609، والفتوى رقم: 34233.
والإقدام على النذر المعلق مكروه؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه، فقد قال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج من البخيل. متفق عليه، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري، وقد نذرت نذراً معلقاً وحصل المعلق عليه فوجب عليك الوفاء بالنذر على الصفة التي نويتها، وراجع الفتوى رقم: 56564.
وإن كان المقصود أنك نذرت ذبح شاة غير معينة فيجزئك ذبح أي شاة من غير تعيين مع وجوب توزيعها على الطريقة التي نويت، وبالتالي فلا يتعين عليك ذبح الشاة التي عندك ولا ذبح ولدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(19/1028)
من نذر أن يذبح في الحرم ولم يستطع
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله أن أذبح شاة وأوزعها على فقراء الحرم المكي ولم أتمكن من الإيفاء فهل يحق لي أن أذبح الشاة هنا في بلدي العراق وأوزعها على فقراء بلدي
أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر لله تعالى طاعة وجب عليه الوفاء بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وما دمت نذرت الذبح بالحرم فيجب عليك الوفاء مع القدرة، ولو عن طريق توكيل من يتولى عنك الذبح والتوزيع على الفقراء هناك. ففي أسنى المطالب لزكريا الأنصاري: ولو نذر الذبح في الحرم انعقد نذره، فيلزمه الذبح فيه، وإن لم ينو ذلك لأن ذكرا الذبح في النذر مضافا إلى الحرم يشعر بالقربة، ولأن الذبح عبادة معهودة ولزمه التفرقة فيه حملا على واجب الشرع.
وراجع الفتوى رقم: 40298.
فإن عجزت عن توكيل من يقوم بالنذر عنك بقي في ذمتك حتى تستطيع الوفاء به، ولا يجزئك أن تذبح شاة في بلدك، وراجع الفتوى رقم: 55070.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(19/1029)
هل يلزم الوفاء بما نذر حال النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله نذرت في المنام أن أتنقب لو أنقذني الله من مشكلة رأيتها في المنام وقد نجاني الله منها فهل يجب أن أفي بنذري الذي نذرته في المنام وأتنقب أم لا يجب الوفاء بالنذر؟
أرجوكم أفيدوني وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنائم مرفوع عنه القلم حتى يستيقظ، كما ورد في الحديث، وعليه، فلا يؤاخذ بما ينطق به حال نومه، فلو قذف أو طلق أو ارتد أو نذر أو ما شابه ذلك، فلا شيء عليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى ينتبه، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم. رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
وعليه، فلا ينعقد نذرك هذا، ولا يلزم الوفاء به.
أما حكم لبس النقاب للمرأة فهو فرض كما سبق بيانه في الفتويين: 42، 4470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(19/1030)
من أحكام النذر المعلق على شرط
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أذبح بالمدينة 5 خراف إذا حملت فكيف أفعل ذلك وأنا لا أعرف أحدا أو كيف أوزعها وهل يجب ذبحها جميعها مرة واحدة وصيغة النذر إذا جئت للمدينة ومعي طفلي يمشي أذبح 5 خراف وابنتي عمرها الآن 7 سنوات؟
أفيدونى جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه عند أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 56564.
ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
والنذر المعلق على شرط واحد أو أكثر لا يلزم الوفاء به إلا بعد حصول ما علق عليه، فإذا كان نذرك معلقاً على مجيء المدينة وعندك طفل ذكر يمشي، فلا يلزم الوفاء إلا بحصول ذلك كله.
وإذا كان الشرط مشتملاً على القدوم إلى المدينة مع حصول مولود مطلقاً بغض النظر عن كونه ذكراً أو أنثى، فيجب عليك الوفاء بنذرك إذا وجد ما علق عليه النذر، وهو القدوم إلى المدينة إضافة إلى حصول المولود المذكور.
كما يجب الذبح بالمدينة إذا كان معلقاً بها، وفي حالة العجز عن معرفة من يستحق أن يصرف إليه النذر المذكور يمكن توكيل من يتولى هذا الأمر، كبعض الجمعيات التي يوثق بها، والتي تهتم بمثل هذه الأمور.
ولا يجب عليك ذبح الخراف الخمسة في وقت واحد إذا لم تكن صيغة النذر مشتملة على ذلك، لأن الوفاء بالنذر لا يجب على الفور، إلا إذا كان الناذر قد تلفظ بما يدل على الفورية، كما في الفتوى رقم: 21393.
وراجعي أيضاً الفتوى رقم: 3258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1425(19/1031)
من أحكام النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ارجومن سعادتكم الإهتمام بسؤالي والإجابة عليه في أسرع وقت......... نذرت إذا حملت زوجتي إني سوف أتصدق بقعود أوزعه على المساكين والحمدلله حملت زوجتي واسقطت حملها في الشهر الثاني اريد ان اسأل هل يجب علي أن أوفي بنذري في هذه الحالة وزوجتي قد فقدت الجنين أم أني أنتظر حتى يحدث حمل ويصل المولود...........
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الاجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 13729. وما يترتب على ذلك الحمل إذا لم يتم.
فيراجع.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(19/1032)
نذر صيام الدهر ونذرالغضب واللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين سؤالي عن النذرعند الغضب نذرت أن أصوم الدهر كله فما حكم هذا؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر صوم الدهر فنذره صحيح، ولزمه الوفاء، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: لو نذر صوم الدهر صح نذره بلا خلاف ويكون الأعياد وأيام التشريق وشهر رمضان وقضاؤه مستثناة، فإن فاته شيء من صوم رمضان بعذر، وزال العذر لزمه قضاء فائت رمضان، لأنه آكد من النذر. اهـ
وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 23939.
أما في حال عجز الإنسان عن مواصلة الصوم لكبر أو مرض مزمن لا يرجى شفاؤه منه فعليه كفارة يمين، قال ابن قدامة: من نذر طاعة لا يطيقها أو كان قادراً عليها فعجز عنها، فعليه كفارة يمين. اهـ
واعلم أن الغضب لا تأثير له في نذر الطاعة إلا أن تكون أخرجت النذر مخرج اليمين حال غضبك بأن تقصد به المنع من شيء أو الحث على شيء، كأن تقول: إن فعلت كذا فلله علي صوم الدهر. أو: لو كان كذا ... فهذا يمين، وهو ما يعرف بنذر اللجاج، ويكون للحث على فعل شيء أو المنع من غير قاصد للنذر.
قال ابن قدامة رحمه الله في بيان حكمه: ... وجملته أنه إذا أخرج النذر مخرج اليمين بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئاً، أو يحث على شيء، مثل أن يقول: إن كلمت زيداً فلله علي الحج أو صدقة مالي أو صوم سنة، فهذا يمين، حكمه أنه يخير بين الوفاء بما حلف عليه فلا يلزمه شيء وبين أن يحنث، فيتخير بين فعل المنذور وبين كفارة يمينه، ويسمى نذر اللجاج والغضب، ولا يتعين عليه الوفاء به، وإنما يلزم نذر التبرر. اهـ
وراجع الفتويين: 17466، 13998.
ومما سبق يتبين أنه يجب عليك الوفاء بالنذر إن كنت قصدت به التقرب إلى الله والبر ولم تخرجه مخرج اليمين، أما إن أخرجته مخرج اليمين ولم تقصد به قربة ولا براً، وإنما قصدت إلزام نفسك أو غيرك بفعل معين، ففي هذه الحالة أنت مخير بين الوفاء وكفارة اليمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(19/1033)
النذرعن الحي أو عن الميت قربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قد نذرت نذرا فقلت فيه: طول ما أنا حي أرزق وربنا ميسرها علي سوف أذبح على روح أبي في شهر رمضان والمولد النبوي فما حكم ذلك مع أنني لا أستطيع الوفاء بهذا النذر؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة وجب عليه الوفاء بنذره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
والصدقة سواء عن الحي أو عن الميت قربة يجب الوفاء بنذرها. أما إن عجزت عن الوفاء بالنذر أو تعذر عليك، فالواجب أن تكفر كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. رواه مسلم وغيره.
وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن لم تستطيع فصم ثلاثة أيام، وراجع الفتويين رقم: 48531، 3274. ثم إننا ننبهك على أن الاحتفال بالمولد النبوي غير مشروع وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1563 , والفتوى رقم: 18134. وإذا كنت حين نذرك الذبح تعتقد أن كونه في المولد يقرب الى الله ويزيد في الثواب فالظاهر أنه لا يجوز لك الوفاء بهذا الجزء من النذر على هذا الوجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(19/1034)
كفارة نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أني إذا نظرت إلى النساء سأتصدق بـ 5 دينار لكل نظرة لمدة معينة ولكني لم أستطع أن أغض بصري وتراكم علي مبلغ لا أعرف قيمته ولم أستطع حساب القيمة بالضبط ولكني قربته إلى 20000 فماذا أفعل علما بأني لا أملك المبلغ الآن والمبلغ كبير كما ترون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى النساء الأجنبيات محرم، ويجر إلى مفاسد عظيمة، كما بيناه في الفتوى رقم: 34499 فابتعد عنه.
وأما قولك إذا نظرت إلى النساء فعلي أن أتصدق بخمسة دنانير فهو نذر لجاج، لأن نذر اللجاج هو الذي يريد به صاحبه أن يمنع نفسه من فعل شيء معين، أو أن يحثها على فعله، ثم إن خالف ما نذره فأكثر أهل العلم يقولون إن عليه كفارة يمين واحدة ولو تكرر منه الفعل، وحمل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(19/1035)
لا نذر فيما لا يملك العبد.
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت نذر عليها أهلها من يوم كانت صغيرة بمهر بسيط جداً، هل يمكن أن يتغير المهر أم لا بد من تنفيذ النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزم أهل هذه الفتاة الوفاء بهذا النذر، لأنه نذر فيما لا يملكون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد. رواه مسلم.
وذلك لأن المهر ملك لهذه الفتاة وحدها دون أن يكون لأهلها فيه نصيب، قال صاحب تحفة المحتاج: الصداق ملك للمرأة، وليس لأحد ن ينتفع بملك غيره إلا بإذنه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(19/1036)
من أحكام الذبح بنية التقرب إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو منكم بيان حكم الفدو للذبائح، وهل يجوز الأكل منها مع الأقارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذبح إذا كان يراد به التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بنية إطعام المساكين ونحو ذلك، فهو مستحب كسائر القرب، فإن نذره الإنسان عند حدوث مصيبة ونحوها وجب عليه الوفاء به، وعليه أن يصرفه في المصرف الذي حدده في نذره، ولا يجوز له حينئذ الأكل منه، إلا إن يجري بذلك العرف في البلد، وراجع في هذا الفتوى رقم: 8048.
وأما إن كان الذابح متطوعاً بالفدو ولم ينذره، فله أن يوزع الذبيحة كيف شاء، وله أن يأكل منها، ويطعم أهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(19/1037)
حكم الإفطار في صيام النذر وكفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أفطر متعمداً في صيام النذر، أي أنني نذرت أن أصوم يوما وفي نصف النهار أفطرت؟
السؤال الثاني: لدي صديق عمل حادث بسيارة فماتت في السيارة أختان له، وهو الآن يريد أن يعرف ماذا يعمل في الصيام أو يتصدق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه، قال ابن قدامة في المغني: ولا يستحب لأن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه، وهذا نهي كراهة لا نهي تحريم، لأنه لو كان حراماً لما مدح الموفين لأن ذنبهم في ارتكاب المحرم أشد من طاعتهم في وفائه، ولأن النذر لو كان مستحبا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأفاضل أصحابه. انتهى.
وقال النووي في المجموع: يكره ابتداء النذر، فإن نذر وجب الوفاء به ودليل الكراهة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً إنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذا اللفظ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل. رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح، قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كرهوا النذر، قال ابن المبارك: الكراهة في النذر في الطاعة والمعصية، قال: فإن نذر طاعة ووفى به فله أجر الوفاء ويكره له النذر. انتهى.
وعند المالكية يستحب النذر المطلق الذي ليس بمعلق على شيء، واختلفوا هل يكره النذر المعلق أم لا، قال خليل في مختصره: وندب المطلق وكره المكرر وفي كره المعلق تردد. انتهى.
ومن نذر طاعة وجب عليه الوفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وعليه فما دمت قد نذرت صوم يوم ثم أفطرت فقد وجب عليك صيام يوم بدله لوجوب الوفاء بالنذر، وهذا إذا كان ذلك اليوم غير معين، أما إن كان ذلك اليوم معينا ففي وجوب قضائه خلاف، وانظر الفتوى رقم: 41168.
لكن لا يجوز لك الإقدام على إفساد صومك لما يترتب على ذلك من إبطال العمل، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ومن قطع نية صوم نذر أو كفارة أو قضاء ثم نوى صوما نفلا صح نفله جزم به في الفروع والتنقيح، وحرم القطع لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. والمقصود هنا التنبيه على حرمة قطع صوم النذر.
وما يحصل من وفيات للأشخاص بسبب حوادث السير إن كان سبب الحادث عائداً إلى السائق بسبب سرعة السير أو التقصير في صيانة السيارة مثلا، فإن القتل يعتبر خطأ، وبالتالي فالواجب على عاقلته دية كل من مات في ذلك الحادث من أشخاص، وتجب عليه هو كفارة القتل عن كل شخص، وكفارة القتل هي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجدها فليصم شهرين متتابعين، وراجع الفتوى رقم: 1834.
أما إذا كان السائق ملتزما بقواعد السير ولم يكن مفرطا في إجراءات السلامة، فلا دية على عاقلته ولاكفارة عليه، كما في الفتوى رقم: 26657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(19/1038)
الشك في النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا ولكنى غير متذكرة ما هو حيث مر زوجى بظروف صعبة ونذر أنها إذا فرجت سيقوم بذبح خروف كل شهر، ولكنى غير متذكرة تماما إذا كنت نذرت أن أذبح أنا شهر وهو شهر أم لا حيث إننى أعمل ولي دخل ثابت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تشكين أنك نذرت أن تتناوبي مع زوجك في ذبح الخروف حيث يذبح أحدكما شهراً والآخر شهراً فإن الواجب هو الاحتياط بالاتيان فيما شك فيه فإن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق،
والأحتياط في أمور الدين * من فر من شك إلى يقين. وعليك أن تتفاهمي مع زوجك في الموضوع.
فظاهر السؤال حسب فهمنا أن الزوج نذر فعلا ذبح خروف كل شهر، وأنك أنت تشكين في أنك نذرت التناوب معه، فإذا قبل هو ذبح الخروف كل شهر فإن الاحتياط أن ينوي في أحد الشهرين أنه يذبح الخروف عمن يلزمه الذبح منكما ولا بأس أن تساعديه بما تيسر، وإذا رفض الذبح كل شهر فإن الأحوط لك أن تذبحي أحد الشهرين حتى تتأكدي من قيامك بما نذرتيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(19/1039)
كفارة العدول عن النذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص نذر إن كتبت له عمرة فلن يأخذ معه أي شيء ولن يأتي من هناك بشيء من المتاع.. أي يجعلها عمرة خالصة محضة.. وقد كتب الله له اليوم هاته العمرة ولكن اجتمع عليه الأهل وكل يوصيه بأن يأتيه بشيء عند الرجوع.. فهل عليه أن يوفي بنذره ويعود كما ذهب أم أنه يمكنه أن يكفر بشيء ويجلب لهم بعض الهدايا..
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شراء الأشياء في الحج أو العمرة جائز للحاج أو المعتمر ولو كان للتجارة ولا يؤثر في عمله بدليل قوله تعالى وليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم {البقرة:} قال القرطبي: في هذه الآية دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادة، وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركاً ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص، المفترض عليه، إلى أن يقول ما معناه إن الحج دون التجارة أفضل لعروه عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيره، وإذا علمت أن شراء الأشياء في الحج والعمرة جائز ولو للتجارة فمن باب أولى الأشياء العادية مثل الهدايا أو نحوها، بل قد نص الفقهاء في باب الحج على استحباب استصحاب الهدايا لأجل إدخال السرور على الأقارب والجيران.
وحيث نذرت أن لا تاخذ معك أي شيء ولا تأتي بأي شيء فإن نذرك حينئذ يعتبر من نذر المباح فأنت مخير بين أن تفي بنذرك مع أنك كنت في غنى عن مثل هذا النذر، وبين أن تترك الوفاء به وتشتري الهدايا وتكفر كفارة يمين كما أوضحنا في الفتوى رقم 1125.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(19/1040)
من نذر ذبائح هل يستبدلها بمال
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذرت ذببح خمسة عجول في حال حصول أمر ما، وحصل هذا الأمر مع سفري خارج البلاد وعدم وجود أشخاص أو أهل لمساعدتي بهذا الموضوع، هل يجوز استبدال العجول بالمال وإرساله إلى البلاد لتوزيعها على المحتاجين؟ وشكراً أرجو الرد السريع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر منهي عنه لقوله صلى الله عليه وسلم في شأنه: إنه لا يرد شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
ويجب الوفاء بالنذر على حسبما التزم به المكلف، وبالتالي فالواجب عليك ذبح العجول المذكورة وتوزيعها على المحتاجين، ولا يجزئك استبدالها بشيء آخر، وبإمكانك تأجيل الوفاء بالنذر حتى الرجوع إلى بلدك لأن الوفاء به لا يجب على الفور إلا إذا كانت صيغته تقتضي ذلك، كما في الفتوى رقم: 21393.
كما يجوز لك توكيل من يتولى ذبح العجول عنك ببلدك، لأن المصلحة حاصلة بذلك وليست مرتبطة بفعل الناذر نفسه، قال القرافي في الفروق: الفرق العاشر والمائة بين قاعدة ما تصح النيابة فيه وقاعدة ما لا تصح النيابة فيه عند المكلف، هذا الفرق مبني على قاعدة وهي: أن الأفعال قسمان منها ما يشتمل فعله على مصلحة مع قطع النظر عن فاعله كرد الودائع وقضاء الديون ورد الغصوبات وتفريق الزكوات والكفارات ولحوم الهدايا والضحايا وذبح النسك ونحوها، فيصح في جميع ذلك النيابة إجماعا لأن المقصود انتفاع أهلها بها، وذلك حاصل ممن هي عليه كحصولها من نائبه ... انتهى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(19/1041)
من نذر أن يدرس بغير أجرة هل ينيب غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي تعثر في فترة الدراسة وهو في الجامعة ونذر أنه إذا تخرج سيقوم بالتدريس لمدة سنه كاملة للطلبة المحتاجين عاما كاملا لوجه الله حيث إنه مدرس ولكن بعد تخرجه لم يمكث طويلا لأداء هذا النذر وسافر وهو يفكر أن يكلف من يقوم بدلا عنه بهذا النذر حيث يقوم مدرس أو مدرسة حديث التخرج بالتدريس مجانا للطلبة المحتاجين ويقوم هو بدفع الأجر فهل هذا يجوز أم يقوم بالتدريس في البلد الذي مسافر إليه مع العلم بأنه لا يوجد الكثير من الطلبة هنا أم ينتظر حتى يعود نهائيا للوطن ويفي هذا النذر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر منهي عنه شرعا لثبوت ذلك في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل، وهذا لفظ البخاري، لكن من أقدم على نذر طاعة وجب عليه الوفاء بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
وعليه، فالواجب على زوجك الوفاء بنذره، وتجوز نيابة غيره عنه في التدريس المذكور إذا لم ينو مباشرة التدريس الذي نذر بنفسه، مادامت لمصلحة حاصلة بتلك النيابة. قال القرافي في الفروق: الفرق العاشر والمائة بين قاعدة ما تصح فيه النيابة وقاعدة ما لا تصح فيه النيابة عن المكلف.
هذا الفرق مبني على قاعدة وهي أن الأفعال قسمان: منها ما يشتمل فعله على مصلحة مع قطع النظر عن فاعله، كرد الودائع وقضاء الديون ورد الغصوبات وتفريق الزكوات والكفارات ولحوم الهدايا والضحايا، وذبح النسك ونحوها، فيصح في جميع ذلك النيابة إجماعا، لأن المقصود انتفاع أهلها بها، وذلك حاصل ممن هي عليه، لحصولها من نائبه. انتهى.
كما يجوز له تدريس الطلبة المحتاجين في البلد الذي سافر إليه إذا لم يكن نذره خاصا ببلد معين كالبلد الذي يسكن فيه وقت النذر، ولا مانع من تأخير الوفاء بالنذر إلى أن يعود إلى بلده، لأن الوفاء بالنذر لا يجب على الفور، إلا إذا كانت صيغة النذر تقتضي ذلك، ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 21393.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(19/1042)
الوفاء بالنذر يكون على حسب ما نذر الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال أو سؤالان وهو أني قلت إن زوجتي حملت أتصدق بخمسمائة ريال وبعد شهرين حملت زوجتي ولله الحمد وأنا عند وعدي ولكني لا أعلم هل قلت أتصدق بها بشراء ذبيحة وأوزعها أم أوزعها بالمال أو قلت لا أعلم ما هو الشيء الذي خصصته لها ولكني أقول الآن سوف أعطي نصفها مالاً والباقي أشتري به مواد غذائية وأتصدق بها على الفقراء هل هذا يكفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر منهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ومن نذر نذراً مما يعتبر قربة وطاعة لله تعالى فقد وجب عليه الوفاء به حسبما نذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره.
وعليه فما دمت قد نذرت التصدق بمبلغ معين فعليك الوفاء بذلك عن طريق توزيعه على الفقراء، ولا تشتري به ذبيحة ولا غيرها ما دامت صيغة نذرك تقتضي التصدق بالمبلغ المذكور، لأنه هو المتيقن وهو أنفع للفقراء، وراجع الفتوى رقم: 16384، والفتوى رقم: 44144.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(19/1043)
نذر اعتكاف عشرة أيام بمكة فاعتكف خمسا فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إذا تحقق ما أريد أن أعتكف في مكة عشرة أيام دون تحديد أي شهر أعتكف فيه وقد تم ولله الحمد ما أردت وذهبت إلى مكه في العشر الآواخر واعتكفت لمدة خمسة أيام ومن شدة الزحام خرجت وعدت إلى الرياض ومن بعدها لم أستطع الذهاب والاعتكاف هناك، سؤالي هل إن استطعت أن أذهب مرة ثانية أعتكف من جديد أو أكمل ما تبقى علي، وهل هناك كفارة لهذا النذر حيث إن عملي وارتباطاتي العائلية حالت دون ذلك؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر نذراً كالاعتكاف لزمه الوفاء به بلا خلاف بين أهل العلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذرأن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.
قال ابن قدامة: التزام طاعة في مقابل نعمة استجلبها أو نقمة استرفعها كقوله: إن شفاني الله فلله علي صوم شهر ... فهذا يلزم الوفاء به بإجماع أهل العلم. انتهى.
فالواجب عليك قضاء الخمسة أيام الباقية لأنك لم تشترط في نذرك اتصال العشرة أيام، ومن عجز عن الوفاء بالنذر عجزاً كلياً كفر كفارة يمين لحديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفارة النذر كفارة يمين. رواه مسلم، وهو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن لم تستطيع فصم ثلاثة أيام. مع العلم أننا لا نتصور أنك ستكون عاجزاً عجزاً كلياً مستمراً عن الوفاء بنذرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(19/1044)
هل يجزئ إخراج النذر عن الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على هذا السؤال: كنت قد نذرت أنه إذا تم ارتباطي بالشخص الذي أحبه فسوف أتبرع بمبلغ قد حددته مسبقاً إلى الفقراء والمساكين، فهل يجوز هذا النذر، وهل يجوز أن أتبرع بنصف هذا المبلغ إلى مسجد ما، لأني سمعت أنها تعتبر صدقة جارية، وبالتالي فهل يجوز لي أن أتبرع به إلى المسجد أم أنه تم تحديده إلى الفقراء فقط، وهل يجوز أن يعتبر بمثابة التكفير عن ذنب قد وقع سابقاً وتمت التوبة عنه، وهل يفرق إذا كان الذنب من الكبائر أم من الصغائر، أعني هل يجوز الجمع بين النذر وبين التكفير عن الذنب الكبير بهذا المبلغ أم لا، فقد سمعت حديثاً للرسول صلى الله عليه وسلم أن الصدقة تطفئ الخطيئة، أفيدوني رجاءاً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك صرف النذر إلى الفقراء ولا يجوز صرفه إلى مسجد لأن كل نذر يجب توزيعه حسب ما حدده الناذر أثناء نذره، وقد حددت في نذرك صرفه للفقراء والمساكين، ولا يجزئ إخراج هذا النذر عن الكفارة إذا كان عليك كفارة واجبة سواء كانت هذه الكفارة عن ذنب كبير أو صغير ولكن يكفر عنه بمال آخر إذا كان الذنب الذي ذكرت من الذنوب التي تلزم فيها الكفارة كتعمد الفطر في رمضان ونحوه، كما يشرع أيضاً الصدقة عن الذنب الذي لم تكن له كفارة محددة مع التوبة منه للحديث المذكور في السؤال، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 42626.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(19/1045)
نذر أن يصلي ركعتين إذا لم يصل فريضة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم من نذر أن يصلي كل صلواته المفروضة في المسجد، ومقابل كل صلاة لا يصليها في المسجد أن يصلي ركعتين، فهل هذا النذر مقبول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في المسجد مطلوبة شرعاً والتخلف عنها بغير عذر شرعي ممنوع على خلاف بين أهل العلم، وعليه فمن نذر أن يصلي الصلوات المفروضة في المسجد لزمه ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصه فلا يعصه. رواه البخاري.
إلا أن الشخص إن نذر ذلك بقوله: إن لم أصل الصلوات المفروضة في المسجد فعلي صلاة ركعتين قاصدا به منع نفسه من التكاسل عن الصلاة في المسجد، فنذره نذر لجاج وتكفيه كفارة يمين، وضابط نذر اللجاج هو: أن يمنع نفسه من فعل أو يحثها عليه بتعليق التزام قربة بالفعل أو بالترك، ولا حرج في أن يفي به ولكن لا يلزمه وتكفيه عنه كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(19/1046)
النذر المباح يمكن التراجع عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إذا رزقني الله مولوداً أن أسميه حمزة على اسم سيد الشهداء، وفعلا سميته كذلك في شهادة الميلاد ولكن أبي غضبان علي لدرجة أنه مرض لأنه كان يريد أن أسمي هذا الطفل على اسمه باعتبار أنه أول حفيد، فهل أغير اسم الطفل لإرضاء أبي أم ماذا أفعل حتى أنال الثواب من الله سبحانه وتعالى وحتى أكون وفيت بنذري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي الحرص على إرضاء الوالدين، فيما ليس فيه معصية لله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الله في رضى الوالد، وسخط الله في سخط الوالد. رواه الترمذي والبخاري في الأدب والحاكم.
وبناء عليه، فإنه يمكن أن ترضيه وتسمي الطفل باسمه تفاديا لغضبه ومرضه، ويمكنك أن تتراجع عما نذرت، لأنه من النذر المباح الذي لا ينعقد ولا كفارة فيه عند الجمهور، ولو أنك كفرت كفارة يمين عنه، كما قال الحنابلة فهو أحوط.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 51829، 49601، 20047، 25046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(19/1047)
حكم صيام يوم الجمعة أو السبت إذا وافقا نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله لقد قطعت على نفسي عهداً خاصاً بتقصيري في صلاة الفجر وهو صيام اليوم الذي لم أصل فيه الفجر وهذا نوع من المجاهدة التي أجاهد بها نفسي وأحياناً يأتي الصيام في يوم الجمعة أو السبت أو أي يوم آخر فهل هذا حرام شرعاً، ومخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، علماً بأني لا أقصد الصيام في هذه الأيام بالذات ولكني أصوم حسب اليوم الذي لا أصلي فيه الفجر عقوبة لنفسي حتى أستشعر قيمة صلاة الفجر؟ ورجاء الرد بسرعة، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قطعت على نفسك العهد المذكور بصفة النذر أو ما يدل عليه فهو نذر لجاج، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 29806 ما يجب على من نذر نذراً من هذا القبيل، وإن كنت لم تتلفظ بالعهد المذكور، وإنما حدثت به نفسك فذلك ليس نذراً وراجع الفتوى المشار إليها أعلاه أيضاً، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 17466.
ولا حرج في صيام الجمعة أو السبت إذا صادف نذراً أو قضاء كما بينا في الفتوى رقم: 2078، وإذا فاتتك صلاة الفجر وقررت الوفاء بالنذر وهو الصيام، فالواجب عليك صيام يوم آخر غير اليوم الذي فاتتك فيه الصلاة، لفوات تبييت النية بطلوع الفجر، وعلى كل حالٍ فالواجب عليك المحافظة على صلاة الفجر في جماعة وعليك أن تتخذ كل الأسباب وتأخذ بكل الوسائل التي تعينك على ذلك، فإن الصلاة شأنها عظيم، وخاصة الفجر، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1840، 2444، 4034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(19/1048)
هل يجب على الكافر الوفاء بنذره إذا أسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ
امرأة نذرت أن تذبح شاة لله كل عام وهي على الشرك ولم تذبح ولكن الآن هداها الله عز وجل فماذا تفعل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الكافر إذا أسلم الوفاء بما نذره من القربات حال كفره عند الجمهور، ولا يستحب ذلك عند الحنفية. قال الحصكفي رحمه الله في الدر المختار: لو نذر الكافر بما هو قربة لا يلزمه شيء.
وذهب المالكية والشافعية إلى استحباب الوفاء دون وجوبه. قال الخرشي رحمه الله وهو من المالكية في شرح المختصر: يشترط في الملتزم للنذر أن يكون مسلماً مكلفاً فلا يلزم الوفاء بنذره، لو أسلم ندب له الوفاء به.
وقال النووي رحمه الله وهو من الشافعية في المجموع: وأما الكافر ففي نذره وجهان: (الصحيح) أنه لا ينعقد (والثاني) ينعقد.
وقال الخطيب الشربيني رحمه الله: ولا يلزم الكافر وفاء ما نذره في كفره بعد إسلامه، وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه في نذر كان نذره في الجاهلية: أوف بنذرك. محمول على الندب. وحجة الجمهور أن النذر سبب وضع لإيجاب القربة فلم يصح من الكافر كالإحرام.
وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم وهو وجه عند الشافعية كما سبق إلى أن نذره صحيح يشرع له أن يفي به إذا أسلم، لما في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة، وفي رواية: يوما في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك.
قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف: يصح النذر من المسلم مطلقاً بلا نزاع ويصح من الكافر مطلقاً على الصحيح من المذهب. وعليه جماهير الأصحاب ... وقيل: بغير عبادة.
وقد بوب البخاري على هذه المسألة بقوله: باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنساناً في الجاهلية ثم أسلم. وقال الحافظ في الفتح: أي هل يجب عليه الوفاء أو لا، ثم قال: فمن نذر أو حلف قبل أن يسلم على شيء يجب الوفاء به لو كان مسلماً، فإنه إذا أسلم يجب عليه على ظاهر قصة عمر قال: وبه يقول الشافعي وأبو ثور كذا قال وكذا نقله ابن حزم عن الإمام الشافعي والمشهور عند الشافعية أنه وجه لبعضهم وأن الشافعي وجل أصحابه على أنه لا يجب، بل يستحب، وكذا قال المالكية والحنفية، وعن أحمد في رواية: يجب وبه جزم الطبري والمغيرة بن عبد الرحمن من المالكية والبخاري ودا ود وأتباعه قلت: إن وجد عن البخاري التصريح بالوجوب قبل وإلا فمجرد ترجمته لا يدل على أنه يقول بوجوبه، لأنه محتمل لأن يقول بالندب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(19/1049)
نذر ألا يفعل شيئا خلال فترة معينة وفعله قبل انقضائها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا لله ألا أفعل شيئا معينا لمدة شهر. ولكني وللأسف الشديد فعلت هذه الفعلة قبل انقضاء الشهر. وإني نادم أشد الندم على هذا وأخاف من غضب الله وعقابه وعذابه. فماذا أفعل؟ هل هناك كفارة على هذا الذنب؟ أرجو الرد في أسرع وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المسلم إذا نذر أن يفي بنذره ما لم يكن معصية، وبشرط أن يكون المنذور قربة. قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج: 29} . فإذا كنت عنيت شيئا تفعله كالصوم والصلاة والصدقة.. عندما تفعل الشيء الذي ذكرت فعليك أن تفي بنذرك، وتفعل تلك الطاعة، أما إذا كنت لم تسم شيئا من أعمال الطاعات والقرب.. فإن عليك كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين.رواه مسلم، وفي رواية الترمذي: كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين. وكفارة اليمين هي الواردة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ {المائدة: 89} . وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(19/1050)
يجب الوفاء بالنذر على الوجه الذي نذره
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل لي حادث فدعوت الله أن ينجيني منه ونذرت أن أتصدق بمبلغ من المال شكراً لله سبحانه وتعالى وخصصت ابن أخي بهذا المبلغ المنذور والحمد لله نجاني الله من السوء فله مزيد الحمد والشكر، الآن أود أن أوفي بالنذر وتبين لي أن ابن أختي في احتياج لبعض المال، فهل يجوز أن أعطيه جزءاً من النذر أم لا، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر قربة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها على الوجه الذي نذره، لما أخرجه البخاري وأصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.
وعليه، فإذا كنت حددت الجهة التي يصرف إليها النذر حين التلفظ به، فلا يجوز أن تغيري من ذلك شيئاً، والواجب أن تصرفيه إلى من حددته له، وإن كنت نذرت صدقة بمبلغ من المال من غير تحديد جهة الصرف، ثم بدا لك بعد ذلك أن تخصصيها لابن أخيك، ثم أردت إشراك ابن أختك معه فيه فلا مانع من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(19/1051)
من نذر صلاة ركعتين تطوعا إذا فاتته الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عاهدت الله على أن أي صلاة من الصلوات الخمس لم أصلها في المسجد وصليتها في المنزل فلا بد أن أصلي بعدها ركعتين تطوعاً مني، فهل هذا النذر جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الكلام على حكم النذر ووجوب الوفاء به في الطاعة في الفتاوى التالية: 11339، 23715، 49220، 50963.
وننبه إلى أن من نذر صلاة ركعتين بعد الفرض الذي فاته في الجماعة عليه أن يتحرى في الركعتين أوقات إباحة النفل، فلا يصليهما بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب، توقيا للوقوع في النهي عن النفل بعد الصبح والعصر المنهي عنه في حديث الصحيحين، ويدل لذلك ما في الحديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(19/1052)
حكم نذر صلاة ما يسمى بصلاة حفظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد صلاة اسمها صلاة حفظ القرآن وتوجد صديقه لي نذرت أنها تصليها طول العمر فهل ذلك يكون بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في صلاة حفظ القرآن حديث أخرجه الترمذي والحاكم في المستدرك، وهو حديث موضوع، ولا يشرع التعبد بما فيه، لا سيما مع تضمنه لصلاة غريبة ليس لها نظير في الصلوات المشروعة الثابتة، انظر نص الحديث والتعليق عليه في الفتوى رقم: 344.
فهذه الصلاة من البدع المحدثة، وما كان كذلك فلا يصح نذره، ونذره من قبيل المعصية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري. وقال: لا نذر في معصية الله. رواه أحمد ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(19/1053)
حكم قول المرء أعاهد الله على فعل كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا حيث قلت في سري دون أن ينطق لساني أعاهد الله تم قلت على فعل كذا وكذا فهل يعد هذا النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد النية بالنذر أو التفكير فيه والعزم عليه وحديث النفس به من غير نطق باللسان لا يلزم منه شيء. لما في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل.
وإذا قال الشخص: أعاهدك الله على فعل كذا، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يمين تلزم به الكفارة لمن حنث فيه وهو مذهب الأحناف ومن وافقهم.
وذهب المالكية في المشهور إلى أنه ليس بيمين.
وعلى هذا، فإذا كنت تلفظت بقولك: أعاهد على فعل كذا، فإذا كان ذلك في مباح أو طاعة أو قربة ولم تفعله فليس عليك كفارة يمين على قول المالكية، وإن كان الأحوط والأورع أن تكفر إذا حنثت في يمينك.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 29746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(19/1054)
حكم العدول عن النذر قبل تحقق المنذور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم (241868) بودي التأكيد بأن الإجابة غير كافية، فأنتم أرجعتموني إلى فتاوى سابقة تقول بأنهم يريدون العدول عن النذر بسبب عدم قدرتهم على تنفيذه والوفاء به، أما أنا فأستطيع تنفيذه والوفاء به ولكن أقول بأن حاجتي وطلبي لم يتحقق، فهل هذا سبب كاف يبرر عدولي وعدم وفائي بالنذر؟ بارك الله فيكم، لخدمة الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك السابق قد تضمن استفسارين هما: هل يجوز التراجع عن النذر؟ وإذا تراجعت عنه وتحققت حاجتك فهل يجب الوفاء به؟ فالاستفساران يؤديان تقريباً إلى نفس الشيء، وهو ما إذا كان للمرء أن يتراجع عن النذر أم لا؟ وما إذا كان هذا التراجع يبطل إذا تحققت الحاجة بعد ذلك أم لا يبطل؟.
وقد أحلناك على فتوى مصرح فيها بأن النذر لا يصح التراجع عنه، وإذا قلنا لا يصح التراجع عنه معناه بعد تحقق الحاجة، لأن الناذر قبل تحقق الحاجة التي علق عليها نذره لا يلزمه شيء حتى نقول إنه يتراجع عنه أو لا يتراجع.
والآن نؤكد لك من جديد أن النذر لا يصح التراجع عنه، وأنه متى تحققت الحاجة التي علقته عليها وجب عليك الوفاء به، إلا أن تكون في تعليقك حددت أجلاً، كأن تكون قلت مثلاً: إذا تحققت حاجتي خلال سنتين فعليّ كذا، ففي هذه الحال إذا مضت السنتان ولم يحصل لك ما علقت عليه انحل نذرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(19/1055)
حكم إتمام النذر بجزء من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي نذرت نذرا بذبح خروف ولكن المبلغ التي وضعته لهذا النذر لا يكفى ولديها مال سوف تطلع عليه زكاة هل يمكن أن تأخذ من زكاة المال وتضيفها على مبلغ النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأختك أن تأخذ من مال الزكاة لإتمام النذر الواجب عليها، لأن مال الزكاة حق لمستحقيه، يصرف لأحد الأصناف الثمانية المذكورين في الفتوى رقم: 27006 ولا ينتفع المزكي بشيء منها.
ويلزمها الوفاء بنذرها وهو ذبح شاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
فإن عجزت عن الوفاء بنذرها لقلة المال فإنها تكفر كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 2522 والفتوى رقم: 3274.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(19/1056)
نذر أن يقرأ كل يوم مدة محددة ولم يف
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت نذرا بأن أقرأ كل يوم ثلاث ساعات وقد حافظت على نذري ثم أخذني التقصير لثلاث مرات مرتان قرأت ساعة ونصف لكل مرة، ومرة لم أقرأ شيئا وفي الثلاثة أتكاسل حتى يغلبني النعاس هذا وكنت نذرت أن أقرأ فإن لم أقرأ أتصدق بمبلغ من المال عن كل مرة، فأفتوني مما علمكم الله هل أوفّي الساعات الناقصة وهو الأسهل لي أم أتصدق، مع العلم بأن المبلغ ليس قليلاً أم ماذا؟ جزاكم الله عني خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بالقراءة هو قراءة القرآن الكريم، فإن قراءته من القربات، وعليه فنذرك القراءة كل يوم ثلاث ساعات منعقد يجب عليك الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
فإن لم تف به، فإن عليك إخراج الصدقة التي حددتها بدلاً عن القراءة عند عدم الإتيان بها، فإن عجزت عن ذلك كله، فإن عليك كفارة يمين لما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفارة النذر كفارة اليمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(19/1057)
النذر بشيء من الفرائض أو الواجبات لا ينعقد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إفادتنا أنا نذرت أن ألبس النقاب عندما أحفظ القرآن ولكن عندما ألبسه اكتشفت أني لم أدخل أي مكان عام، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلبس الحجاب فريضة من فرائض الله على كل مسلمة، ولا يجوز لها تأخير لبسه بل الواجب عليها ارتداؤه فوراً، وكذلك ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه على الأصح من أقوال أهل العلم، وانظري الفتوى رقم: 4470.
وعليه؛ فنذرك النقاب عندما تحفظين القرآن وتركه قبل ذلك غير صحيح، ولو قدر أنك لم ترتديه فلا كفارة عليك لأن نذر الواجب لا ينعقد عند جماهير أهل العلم، قال الكاساني -رحمه الله وهو من الحنفية- في بدائع الصنائع: فلا يصح النذر بشيء من الفرائض سواء كان فرض عين كالصلوات الخمس وصوم رمضان، أو فرض كفاية كالجهاد وصلاة الجنازة، ولا بشيء من الواجبات سواء كان عينا كالوتر وصدقة الفطر والعمرة والأضحية، أو على سبيل الكفاية كتجهيز الموتى وغسلهم ورد السلام ونحو ذلك، لأن إيجاب الواجب لا يتصور.
وقال الدردير -رحمه الله وهو من المالكية- في الشرح الكبير: (وإنما) (يلزم به) أي بالنذر (ما ندب) أي طلب طلباً غير جازم. انتهى ممزوجا بكلام صاحب المختصر.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري -رحمه الله تعالى وهو من الشافعية- في فتح الوهاب: (و) شرط (في المنذور كونه قربة لم تتعين) .
وقال المرداوي -رحمه الله وهو من الحنابلة- في الإنصاف: لا يصح النذر في محال ولا واجب، على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب.
وأما قولك (ولكن عندما ألبسه اكتشفت أني لم أدخل أي مكان عام فماذا أفعل) ، فإننا نقول لك: أعانك الله على ما أنت فيه من البلاء، وكتب الله لك الأجر والثواب، ووفقك للثبات على الحق، وبالنسبة لحالتك فالجواب هو أنك إن استطعت الانتقال إلى بلد آخر وجب عليك فراراً بدينك، وحفاظاً على إيمانك وعفتك وعرضك، وإن لم تتمكني من ذلك، فالأمر فيه تفصيل.
فإن كان ارتداؤك للنقاب سيؤدي إلى ضرر في نفسك أو أعضائك أو عرضك أو عقلك، فعند ذلك يجوز لك كشف ما يدفع عنك ذلك، لأن الضرورات تبيح المحظورات خاصة ما كان منها محل خلاف قوي بين أهل العلم، وليكن ذلك بضوابط، منها: ألا تخرجي من بيتك إلا لضرورة، فإن لم توجد الضرورة وجب القرار في البيت اتقاء للمعصية بترك النقاب، وأن يكون الكشف في حدود ما يدفع عنك ذلك.
وأما إن كان لبسك للحجاب لا يؤدي إلى ضرر كبير، بحيث يمكنك تحمله مع المشقة والاغتمام، ولا يؤثر على حياتك أو عرضك أو أعضائك أو عقلك، فهذا لا يجوز لك معه خلع الحجاب، وعليك في هذه الحال أن تصبري ولك الثواب الجزيل، كما قال تعالى عمن أوذوا في سبيله: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللهِ وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ {آل عمران:195} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(19/1058)
عقد النية على فعل الخير لا يلزم منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد ذبح عقيقة عقدت النية لإعطاء شخص ما منها ولكن بالخطأ تم التصرف في نصيبه فما الحكم في ذالك؟
وجزاكم الله كل خير ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد عقد النية على فعل الخير أو الطاعة أو النافلة لا يلزم منه شيء، وخاصة إذا كان ذلك لم يتم فعله عن طريق الخطأ، فنرجو أن يكتب الله تعالى لك أجر ذلك العمل.
ففي الصحيحين وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ...
هذا إذا لم يصاحب تلك النية نذر، وهو ما لم يقع للسائل الكريم، ولو وقع نذر لوجب الوفاء به، لقول الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج: 29} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(19/1059)
حكم نذر الزوج ألا يلمس امرأته لمدة أسبوع
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدى كنت قد نذرت لزوجتي أن لا ألمسها لمدة أسبوع عندما نرتبط ببعض فهل هذا نذر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا من النذر المباح، وقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 20047، فارجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(19/1060)
هل يقدم صلاة السنن أم ما نذره من صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قد نذرت لله نذرا وهو أن أصلي ركعتين كل يوم طول العمر وهذا منذ 14عاما لكن هذا النذر يعيقني عن أداء كثير من السنن والنوافل حيث إنه يتراكم علي وأضطر إلى تأجيل السنن لأدائه فهل يحق لي أن أتوقف عن هذا النذر وأعمل له كفارة لكي أستطيع أداء السنن والنوافل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي للمسلم أن يوجب على نفسه ما لم يوجبه الله عليه أصلا، ومن ذلك هذا النوع من النذر وهو ما يسمى عند الفقهاء بالنذر المكرر، ولذلك فقد كرهه بعض العلماء معللا كراهة الإقدام عليه وإن كان قربة بصعوبة الالتزام به ولخوف التفريط في الوفاء به، لكنه يلزم الوفاء به بعد الوقوع.
ثم إن على السائلة الكريمة أن تعلم أن وفاءها بنذرها مقدم على السنن والرواتب، لأنه واجب، والسنن والرواتب غير واجبة، فإن تركت الوفاء بنذرها في وقته المحدد وفات بدون عذر أثمت وعليها القضاء، فإن فات بعذر لم تأثم، وعليها القضاء أيضا.
فإن تعذر الوفاء بالنذر وعجزت عنه عجزا كليا فعليها كفارة يمين، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 29377، 34135، 2522.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(19/1061)
هل يجوز نذر الولد كما فعلت امرأة عمران
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما قرأت من سورة آل عمران عندما قالت امرأت عمران:
بسم الله الرحمن الرحيم (رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم * فلما وضعتها قالت ربي إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم * فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا)
عند قراءتي لهذه الآيات سألت نفسي: لماذا اختار الله تعالى مريم رضي الله عنها واصطفاها على نساء العالمين؟ لأن أمها نذرت ما في بطنها وأعاذتها وذريتها من الشيطان الرجيم، وأيضاعندما تقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا.
لهذا بلغت الملائكة مريم (إذ قالت الملآئكة إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والأخرة ومن المقربين) .
كنت محتارة في هذا! والرجاء بأن تساعدوني على الإجابة على هذا السؤال.
وهل إذا فعلت مثلما فعلت ونذرت امرأة عمران هل يبلغني الله تعالى كما بلغت مريم وبشرها ربها بغلام؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يمكن لأحد اليوم أن يصل إلى ما وصلت إليه مريم أو يبلغ ما بلغت من المنزلة عند الله تعالى، وما فعلته مريم من نذرها لما في بطنها خالصاً مفرغاً لعبادة الله تعالى وخدمة بيته خاصاً لذلك لا يشوبه شيء من أعمال الدنيا ولا ينتفع والداه بشيء من عمله أو الأنس به ... كان جائزاً في شريعتهم.
وأما في شريعتنا فلا يصح نذر الوالد لولده لأنه حر، وعلى احتمال أن يكون عبداً فلا يمكن أن يكون عبداً لأبويه، ولا يصح النذر إلا أن يكون المنذور من الولد هو حظ الأبوين من الأنس به، فهذا نذر الأحرار من الأبرار. قاله ابن العربي.
ولأن العبادة في الإسلام لا تقتصر على الشعائر التعبدية أو خدمة بيوت الله تعالى ... وإنما تشمل مناحي الحياة كلها إذا وافقت الشريعة وصاحبتها النية الخالصة.
فلا ينبغي للمسلم أن يقصر نفسه على العبادة دون أن يسعى في الأرض ويبتغي من فضل الله، فذلك نوع من الرهبانية التي أبدلنا الله تعالى خيراً منها وهي الحنيفية السمحة.
ولا شك أن من سعى إلى الخير وربى أبناءه على الفضيلة وعبادة الله تعالى وتعلُّم العلم وتعليمه وخدمة المسلمين والسعي في مصالحهم أنه ينال منزلة عظيمة عند الله تعالى وعند عباده، وسيجد نتيجة ذلك في حياته وبعد مماته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ... ومنهم: ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
وأما قول السائلة الكريمة: لماذا اختار الله تعالى مريم ... ، فإن الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(19/1062)
هل تفي بنذرها من مال زوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتى عليها نذر قامت به قبل زواجي بها وهي الآن بصدد ايفاء هذا النذر لانه تحقق ووجب عليها فهل يمكن لزوجتي ايفاء نذرها هذا من مال زوجها أم يلزم أن يكون إيفاء النذر هذا من مالها الخاص علما بأنها لا تعمل ولديها مبلغ من المال خاص بها في أحد البنوك وهو يفي بالنذر ويزيد عليه.
سؤالي هل يجوز إيفاء نذر الزوجة من مال زوجها أم من مالها هي الخاص إن وجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الاجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 51335
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(19/1063)
حكم وفاء المرأة بنذرها من مال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة إيفاءالنذر الخاص بها قبل زواجها من مال زوجها بعد الزواج، وهل يتغير الحال إذا كان لها حفنة من المال خاصة بها تكفي لإيفاء النذر، فهل يجوز إيفاؤه من مالها هذا القليل أم من مال زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها بغير علمه ورضاه، إلا في ما تحتاجه من النفقة في حال تقصير الزوج في الإنفاق عليها، وانظر الفتوى رقم: 12968، والفتوى رقم: 17365.
وعلى هذا، فإنه يحرم على المرأة إيفاء نذرها من مال زوجها بدون إذنه ولو لم يكن لها مال، وإنما يتعين ذلك من مالها الخاص بها إن كان لها مال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(19/1064)
هل يجب الوفاء لمن نذر تسمية ولده باسم معين
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة حامل قالت إذا جاءها مولود ذكر أن تسميه على اسم سيدنا محمد , وفي الأشعة اتضح أنه مولود ذكر , وفي الشهر السابع لحملها توفي أخوها, الأقارب والأهل نصحوها بتسمية المولود باسم أخيها المتوفى
السؤال: هل ما قالته في مدة الحمل الأولى يعتبر نذرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة المذكورة إذا تلفظت بصيغة تدل على النذر والالتزام كأن تقول لله علي أو علي نذر بتسمية المولود محمدا مثلا ونحو ذلك من الصيغ فهذا يسمى نذرا معلقا يجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه وهو ولادة مولود ذكر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
والتسمية باسم محمد صلى الله عليه وسلم طاعة مستحبة، كما ذكر الإمام مسلم في صحيحه، حيث قال: باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته، وحمله إلى صالح يحنكه، وجواز تسميته يوم ولادته، واستحباب التسمية بعبد الله وإبراهيم وسائر أسماء الأنبياء عليهم السلام. انتهى.
أما إذا لم تتلفظ تلك المرأة بصيغة تدل على النذر بأن قالت إذا جاء مولود ونحو ذلك فهذا لا يعتبر نذرا ولا يلزمها الوفاء به، وبالتالي فلا مانع من تسمية المولود باسم أخيها المتوفى، وإن كان الأفضل تسميته بعبد الله أو عبد الرحمن ونحوهما، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 5526، والفتوى رقم: 35461.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(19/1065)
ماذا تفعل إذا نذرت صلاة ركعتين فنسيت
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ السؤال يقول: امرأة نذرت إذا شفى الله ولدها من الأمراض تصلي ركعتين بالليل أو النهار، فشفى الله ولدها وهي تصلي من ذاك الوقت حتى الآن، وهي خائفة إذا نسيت أن تصلي الركعتين، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً، وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر مكروه لثبوت النهي عنه، ففي الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر، قال: إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل.
ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وما صدر من هذه المرأة يعتبر نذرا معينا معلقا على حصول شيء وقد حصل فوجب عليها الوفاء به، وإذا نسيت صلاة الركعتين المذكورتين فعليها قضاؤها لأن النذر المعين لا بد من فعله مع القدرة عليه.
ففي المدونة: قال ابن القاسم في النذر: إنه من نذر أن يطيع الله في صلاة أو صيام أو عتق أو حج أو غزو أو رباط أو صدقة أو ما أشبه ذلك وكل عمل يتقرب به إلى الله، فقال: علي نذر أن أحج أو أصلي كذا وكذا أو أعتق أو أتصدق بشيء يسميه في ذلك فإن ذلك عليه ولا يجزئه إلا الوفاء به.انتهى.
وقال الباجي في المنتقى متحدثا عن نذر الصوم: فإن تعلق بزمن معين لم يجز له أن يصوم في غيره، فإن فعل أثم لأنه لم يف بنذره وكان عليه قضاء نذره لأنه قد ترك صومه مع القدرة عليه، فإذا مضى زمن النذر ولم يصمه لما ذكرناه تعلق قضاء صومه بذمته.انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وأما النذور المسماة إن كانت طاعة، فإن كانت غير مقدورة ففيها كفارة يمين، وإن كانت مقدورة وجب الوفاء بها سواء كانت متعلقة بالبدن أو بالمال.انتهى.
وفي الفتاوى الهندية: إذا قال لله علي أن أصلي ركعتين اليوم فلم يصلهما قضاهما.انتهى.
وعليه؛ فإذا نسيت هذه السيدة الركعتين المذكورتين فعليها قضاؤهما بعد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(19/1066)
كفارة النذر المبهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا كنت قد قلت (نذرت لله أن أترك معصية الاستمناء نهائياً) ، ولكني عدت، مع العلم بأني لم أسم شيئاً معيناً، أي أني لم أسم صياما ولا صدقة أو غير ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر الذي يخرجه المرء مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه غير قاصد للنذر ولا القربة فهذا حكمه حكم اليمين، فإذا لم يف بنذره لزمته كفارة يمين ويسمى نذر اللجاج والغضب.
وإذا كان النذر مبهماً وهو أن يقول لله علي نذر دون أن يسمي شيئاً، فهذا تجب به كفارة يمين عند أكثر العلماء، لما روى الترمذي عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين. وقال هذا حديث حسن صحيح غريب.
فالحاصل أن عليك كفارة يمين، وكفارة اليمين قد سبق ذكرها في الفتوى رقم: 459.
ولمعرفة حكم العادة السرية فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7170، 2179، 1087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(19/1067)
النذر والعقيقة عبادتان مقصودتان لذاتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل نذر لله إن حدث شيء أن يذبح لله، وفي نفس الوقت زوجته مقبلة على الوضع هل يجوز له أن يجمع بين النذر والعقيقة أفيدونا أثابكم الله.
أبو عقبة المصري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر المعلق مكروه، لثبوت النهي عنه بدليل ما في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر، قال: إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل. وهذا لفظ البخاري.
ومن نذر نذرا معلقا على حصول شيء، إذا حصل ذلك الشيء وجب عليه الوفاء بالنذر إذا لم يكن نذره معصية، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وإن لم يحصل الشيء المعلق عليه فلا يجب عليه الوفاء بالنذر، وفي حالة وجوب النذر عليه لحصول المعلق عليه فلا يجزئه أن يجمع بين النذر والعقيقة في ذبيحة واحدة لأن كلا منهما عبادة مقصودة لذاتها، فعبادة النذر قد ترتبت بسبب النذر، والعقيقة ترتبت بسبب ولادة المولود، فكل منهما عبادة مستقلة عن الأخرى ولا تندرج أي منهما تحت الأخرى. وراجع الفتوى رقم: 6579.
وللتعرف على تفاصيل أحكام العقيقة راجع الفتوى رقم: 49306.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(19/1068)
نذر أن يكون إنسانا صالحا تقيا إلى الأبد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب نذرت قبل تقديمي لامتحانات الثانوية العامة بأنه إذا نجحت في الامتحان أن أكون إنسانا صالحا وتقيا إلى الأبد وقد نجحت ولله الحمد في الامتحان لكنني تفاجأت بأن النذر الذي تلفظ به سوف يكون صعبا جدا علي حيث لا يمكنني أن أكون صالحا في كل معاملاتي وإلى الأبد، فأنا بصراحة أنظر إلى بعض المحرمات مثل النساء الأجنبيات أو ممكن أن أقصر في عبادة من العبادات، وحرصا مني قمت بعمل كفارة النذر وهي إطعام عشرة مساكين لعلها تكون تحلل لي من النذر، فهل ماقمت به صحيح؟ أفيدوني أفادكم الله وخلصوني من حيرتي والله من وراء القصد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أصلا أن يكون صالحا تقيا ما استطاع، وأن يلزم نفسه بأداء فرائض الله تعالى واجتناب نواهيه، ويتأكد الالتزام بذلك إذا كان نذره لله تعالى، وقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بالنذر فقال: [وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ] (الحج: 29) .
وذكر لنا من صفات الأبرار الذين يدخلون الجنة أنهم يوفون بنذورهم فقال تعالى: [إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا] (الإنسان:5- 7) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري. والصلاح والتقوى لا صعوبة فيهما، بل العكس فيهما سعادة المرء وطمأنينة قلبه، وما عليك إلا أن تمثتل أوامر الله تعالى ما استطعت وتجتنب نواهيه، فبذلك تكون من المتقين.
وما قمت به من إطعام عشرة مساكين فهو كفارة لمن حنث في يمينه.
ولا يكون كفارة للنذر إلا بالنسبة لمن عجز عن الوفاء بالنذر كمن نذر صوما فعجز عنه أو مرض أو ما أشبه ذلك.
وأنت غير عاجز ولله الحمد، والمطلوب منك أداء الفرائض واجتناب النواهي.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 18948، 1339، 18811.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(19/1069)
لا ينعقد النذر إلا باللفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الرد على سؤالي في أقرب فرصة ممكنة لأني أعيش بين الحياة والموت ولأن إنساناً ينتظر الجواب مني ليتزوجني، المهم عندما دخلت الوظيفة طلب هذا الشخص التقرب مني، وبعد ذلك لم يعد يهتم بي أبداً، المهم تألمت قليلاً وبعدها نسيت الأمر ثم أردت أن أنهيه من حياتي فجاءتني فكرة وخطرت ببالي ووقتها عندي وسواس من النذر فجاءتني فكرة صوم يومين في الأسبوع، فقلت في نفسي إن تزوجته على يومين صوم كل أسبوع قلت هذا ليس لأني أريد الزواج به، ولكن لكي أبعده عن تفكيري ولم أتذكر حتى أني قلت أو لا أو كيف قلت ولا أعرف إن كان هذا يعتبر نذراً أم لا، أرجوكم أريد حكم الله أريحوني لأني أعيش في دوامة وهذا الإنسان رجع وينتظر مني الرد لأنه تقدم لطلب يدي وأنا مازلت ممتنعة لأني أخاف أن يكون على نذر إن تزوجته ولهذا إن كان على نذر لن أتزوجه وأنا الآن أحبه ومشفقة عليه جداً، فهل يعتبر كلامي نذراً أم لا؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لا تجزمين بأنك تلفظت بالنذر فإنه لا يلزمك، لأن النذر لا ينعقد إلا باللفظ، والأصل البراءة، وما ذكرته في السؤال يدل على وسواس منك وشك في الموضوع، فهو بذلك يكون غير لازم، ولو افترضنا أنك تحققت من أنك قد نطقت به وكان قصدك منه هو إبعاد مسألة الزواج من الرجل المذكور عن تفكيرك كما ذكرت في السؤال فكأنك بذلك تقصدين اليمين على ترك الزواج منه، فهذا هو ما يسميه الفقهاء بنذر اللجاج، فنذر اللجاج هو الذي يخرج الناذر مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه غير قاصد النذر ولا القربة.
ونذر اللجاج منعقد عند المالكية يلزم الناذر فيه ما نذر إذا حصل المعلق عليه، قال خليل: النذر التزام مسلم كلف ولو غضبان. قال الشيخ عليش في منح الجليل: ومثل نذر الغضبان في الوجوب نذر اللجاج، وهو الذي يقصد به منع النفس من فعل شيء ومعاقبتها.
ولكن جمهور العلماء يخالفون المالكية في نذر اللجاج، فالحانث فيه مخير بين الوفاء بما نذر وبين أداء كفارة يمين، والمعتمد هو مذهب الجمهور، وراجع في نذر اللجاج الفتوى رقم: 17466.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1425(19/1070)
حكم من نذر أن يخصص يومين معينين لقراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من نذر أن يخصص يومين معينين لقراءة القرآن، علما أنني فهمت أن تخصيص يوم معين لقراءة القرآن يعتبر بدعة في الدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة القرآن مندوبة في كل وقت، فمن نذر تخصيص القراءة بيومين فقط في الأسبوع بمعنى أنه لا يقرأ في غيرهما كره له ذلك، لأنه نذر ترك مندوب، وفي هذا الحالة يستحب له أن يكفر كفارة يمين ويقبل على قراءة القرآن في كل وقت حسب قدرته، وأما إذا نذر القراءة في هذين اليومين دون أن ينوي في نذره الامتناع من القراءة في غيرها فلا شيء عليه ويجب عليه الوفاء بنذره لأنه نذر طاعة، ولا يعتبر هذا من التخصيص المنهي عنه لأنه جعل القراءة بالنذر واجبة في هذين اليومين ولم يمتنع في غيرهما، علما بأن النذر مكروه من أصله، وننبه هنا إلى أن النذر إذا كان على الاحتمال الأول وكان يسبب لناذره نسيان ما يحفظه من القرآن الكريم فإنه يجب عليه الحنث وكفارة يمين عنه، والإقبال على القراءة في سائر أيام الأسبوع للحفاظ على ما حفظه من كتاب الله لأن نسيان القرآن بتفريط معصية، بل عده بعضهم من كبائر الذنوب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فإن نسيان القرآن من الذنوب. قال ابن حجر في الفتح: واختلف السلف في نسيان القرآن، فمنهم من جعل ذلك من الكبائر، وأخرج أبو عبيدة من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفا قال: مامن أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه، لأن الله يقول: [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ] (الشورى:30)
ونسيان القرآن من أعظم المصائب، واحتجوا أيضا بما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أنس مرفوعا: عرضت علي ذنوب أمتي، فلم أرى ذنبا أعظم من سورة من القرآن أوتيها رجل ثم نسيها , وفي إسناده ضعف.
وقد أخرج ابن أبي داود من وجه آخر مرسل نحوه، ولفظه: أعْظِمْ من حامل القرآن وتاركه.
ومن طريق أبي العالية موقوفا: كنا نعد من أعظم الذنوب أن يعلم الرجل القرآن، ثم ينام عنه حتى ينساه. وإسناده جيد.
ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح: الذي ينسى القرآن كانوا يكرهونه، ويقولون فيه قولا شديدا.
ولأبي داود عن سعد بن عبادة مرفوعا: من قرأ القرآن، ثم نسيه لقي الله وهو أجذم، وفي إسناده أيضا مقال.
وقد قال به من الشافعية أبو المكارم والروياني، واحتج بأن الإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن، ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره.
وقال القرطبي: من حفظ القرآن أو بعضه، فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه، فإذا أخل بهذه الرتبة الدينية حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب على ذلك، فإن ترك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(19/1071)
نذر صيام الإثنين والخميس وأبوه لا يريده أن يصوم فهل يطيعه
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا أن أصوم كل يوم اثتين وخميس، لكن والدي نصحني أن لا أصوم اليومين فهل أستجيب لنصيحته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عنه، ولما قد يترتب عليه من الحرج، وما دمت قد نذرت صوم هذين اليومين فإنه يجب عليك الوفاء بنذرك، لأن نذر المستحب يجعله فرضا بعد أن كان مستحبا، ولا طاعة لوالدك في نهيه إياك عن الوفاء بهذا النذر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1425(19/1072)
من نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذراً وهو أن أقوم ليلتين من كل أسبوع لقراءة القرآن وأشك في أن ذلك قد يؤثر على دراستي، فهل علي الوفاء به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر غير مشروع في الإسلام لثبوت النهي عنه، ففي الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، قال: إنه لا يرد شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل.
ومع هذا فمن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره، ثم إذا قدرت على الوفاء بما نذرته من القيام لزمك الوفاء به، وإن تعذر عليك ذلك لزمتك كفارة يمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم وغيره.
وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين مسلمين أحراراً أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، أو صيام ثلاثة أيام إذا لم يوجد أحد الثلاثة السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(19/1073)
أثنى الله عز وجل على الموفين بنذرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذراً لله بأن أتصدق بنصف راتبي شهريا فهل النذر ُيذهب ثواب الصدقة؟ وهل للنذر ثواب كبير أم أنه غير مستحب؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا نذرت أن تتصدقي بنصف راتبك شهرياً فإنه يلزمك الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه. رواه البخاري
ولا شك أن المسلم إذا وفَّى بنذره مخلصاً لله سبحانه وتعالى فإنه يثيبه عليه، وقد أثنى الله عز وجل على الموفين بنذرهم، فقال: [يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً] (الإنسان:7) . وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان حكم النذر فنحيل السائلة إليها وهي برقم: 5526، 16705
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(19/1074)
ما يلزم من عجز عن الوفاء بنذر الطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نذرت نذرا بالرغم أني كنت لا أعرف ما هو النذر والنذر هو إذا نجحت في الثانوية العامة أن أصوم يومي الاثنين والخميس صمت فترة لكني تزوجت وبدأت بالتراخي عن الصيام لأسباب صحية وهي إنجاب الأطفال حيث إن صحتي لم تعد مثل الأول أفتوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر غير مشروع في الإسلام لثبوت النهي عنه، ففي الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: نهى صلى الله عليه وسلم عن النذر، قال: إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل.
ومن صدر منه نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء به، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وما دمت قد نذرت الصوم المذكور فإن قدرت على الصيام لزمك الوفاء بالنذر، وإن عسر عليك الوفاء به فعليك كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم وغيره، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين مسلمين أحرار أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(19/1075)
الوعد بالنذر لا يترتب عليه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... قمت بعمل فيه رياء في المسجد ثم ندمت فقلت سأنذر أن لا أصلي في هذا المسجد غدا ولكني من الغد نسيت وصليت فيه صلاة فماهو الحكم في ذلك؟ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بقولك سأنذر أنك ستقدم على نذر ترك الصلاة في ذلك المسجد فهذا وعد بالنذر فقط، ولم يحصل، وبالتالي، فلا شيء عليك.
وإن كنت تقصد بتلك العبارة النذر وكان بإمكانك أن تصلي جماعة في مسجد آخر فهذا يعتبر نذر لجاج ولكن قد صدر منك الحنث نسيانا، وقد اختلف أهل العلم هل النسيان يسقط الكفارة عن الحالف أم لا؟ ومن الاحتياط إخراج كفارة يمين خروجا من الخلاف، وراجع الفتوى رقم: 2526.
وللتعرف على خطورة الرياء وعلاجه راجع الجوابين التاليين: 8523، 10992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(19/1076)
العاجز عن الوفاء بالنذر عليه كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا وهو صلاة 100 ركعة شكر إذا نجحت وأخذت الشهادة من كليتي وكان ذلك منذ سنة ونصف تقريبا وبسبب التأخر أنا الآن أعاني من آلام بظهري ولا أستطيع الوفاء بالنذر وقرأت أنه إذا لم يستطع الإنسان الوفاء بنذره فليطعم 10 مساكين فهل هذا صحيح؟؟ وإذا فعلت ذلك أكون قد قضيت ووفيت بنذري؟؟ أم أن هناك قضاء آخر؟؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت عاجزة فعلا عن الوفاء بالنذر فعليك كفارة يمين، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمين أهلك أو كسوتهم، فإن لم تستطعي فصومي ثلاثة أيام، ولا شيء عليك غير ذلك، وقد روى أبو داود في سننه وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن نذر نذرا أطاقه فليف به. وليس عليك شيء آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(19/1077)
لا ينعقد نذر من شك هل حصل منه نذرأم لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا وقد نسيت ما إذا كنت نذرته في نفسي_وهنا كما عرفت منكم لا ينعقد النذر_ أو لفظت به وتكلمت به
والسؤال هل ينعقد النذر هنا أم لا؟ وشكرا جزيلا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أن ما حدث المرء به نفسه من نذر لا ينعقد ولا يلزم الوفاء به، وكنا قد ذكرنا ذلك في فتاوى سابقة، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 11044.
والظاهر والله أعلم أن مثل هذا في الحكم من شك فيما إذا كان حصل منه نذر أو لم يحصل، وذلك لأن الأصل في الأشياء العدم، ولا ينتقل عنه إلا بدليل، فإذا لم يترجح عندك أنك تلفظت بالنذر فأنت إذاً مستصحب للأصل الذي هو النفي والعدم، فلا ينعقد نذرك، ولكنك لو وفيت به إبراء لذمتك واحتياطا في دينك كان ذلك أحرى بالصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(19/1078)
نذرت إن شفى الله مريضها أن تسعى في الحمل فماذا عليها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى أهل الفتوى أرجو منكم إفادتي في أمري هذا، لقد رزقني الله سبحانه بولد هو الثالث بين إخوته اسمه أنس وجاء يعاني من مرض كما قال الأطباء إنه ضمور عضلات وأن هذا المرض ليس له علاج وأن الموت أو الشلل التام هو آخر ما سيصل في هذه الحالة وعندها لجأت إلى ربي بالدعاء والبكاء أن يشفي ابني ونذرت له نذراً قائلة يارب نذرعلي إن شفي ابني ومشى على الأرض سوف أحمل وألد ولم أكن أعلم حينها أني حامل بابنتي سارة من فوق المانع وقلت بعدها قدر الله وما شاء فعل ولم يكن مني إلا أن قبلت أمرالله وقال لي الأطباء يجب عليك فحص الطفل إن كان ولدا عليك تنزيله وإن كانت بنتا فلا بأس وعندها لم أفحص ما في بطني إلا في الشهر الثامن لأني لن أغضب ربي وأنا أرجوه أن يشفي ابني، وشاء الله أن يشفى ويمشى على الأرض وجاء وقت السداد بالدين فما هو رأى الدين في الوفاء بالنذر وهل له من كفارة مع العلم أن الأطباء قالوا لي أنه من الممكن فحص الطفل في أشهره الأولى وإن كان به خلل وجب تنزيله وإن حصل لا قدر الله أليس هذا قتل روح؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السعي في إيجاد النسل مستحب، والواجب هو الوفاء بهذا النوع من النذر، وراجع الفتوى رقم: 1125، لكن إذا عجز المرء عن الوفاء بهذا النذر فكفارته كفارة يمين، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 1339، ورقم: 2522.
وبناء على هذا فإن عجزت عن الوفاء بالنذر فعليك كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(19/1079)
يلزم الوفاء بالنذر المعلق بحصول المعلق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد اختلفت مع أسرة ابن خالي وهو في نفس الوقت أخو زوجتي بمناسبة فرح بمنزلهم وأنا رجل في الستين من العمر سمعت منهم كلاما نبيذا للغاية في تلك اللحظات نذرت على نفسي أن لا أدخل منزلهم حتى
تخرج الفتاة وأمها أو صيام ثلاثة شهور متتالية وكان هذا منذ 7 سنوات تقريبا وقد أرسلت لكم هذا
السؤال ولم أتحصل على إجابة....
لكم الشكر وجزاكم الله خيرا وجعل عملكم خالصايلزم الزفاء بالنذر المعلق بحصول المعلق عل لوجه الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أنك نذرت صيام ثلاثة أشهر متتابعة إن أنت دخلت منزل ابن خالك قبل أن تخرج منه الفتاة وأمها، وهذا نذر معلق يلزم الوفاء به إذا حصل المعلق عليه.
فإذا لم تدخل منزل ابن خالك فلا يلزمك شيء، وكذا لو دخلته بعد ما تخرج منه الفتاة وأمها، وأما لو دخلته قبل خروجهما منه، فإنه يلزمك الوفاء بما نذرت، وأنت أدرى بمقصودك من هذا هل خروجهما إلى الأبد أو لوقت قصير أو طويل أو غير ذلك.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 4241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(19/1080)
ما يلزم من عجز عن الوفاء بنذره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا قد نذرت عند زواجي من فلان أني سوف أقوم بصدقة وعمرة وصيام ثلاثة أيام وبعدها بفترة زدت فيها صلاة ركعتين عند الزواج التي هي من السنة أيضاً، صلاة الليل قبل أن أعرف أنها صلاة الوتر وبعدها بفترة زدت قراءة سورة البقرة كل أسبوع وشيئاً لم أذكر، هل أنا نذرته أم لا، بعدها أصبت بوسوسة في جميع عبادتي وأصبح يتهيا لي أني كلما أفعل شيئاً أني أنذره وبعدها شفيت وأصبح قلبي مليئاً بالهموم من تلك النذور علما بأني قلت في السابق إنه عند زواجي من أي أحد قبل أن أعلم حكم النذور والآن ماذا أفعل هل لي أن أكفر عن بعضها وأفعل الآخر أم ماذا، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.
السؤال بشكل أوضح: هل لي عندما أنذر عدة أشياء في حدود 6 أو 7 أشياء أفعال طول العمر هل لي أن أكفر عن بعضها أم لا، لأني أشعر أنها فوق طاقتي؟ وشكراً، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر لا يأتي بشيء لم يكن الله قدره من قبل، ففي صحيح البخاري وعند أصحاب السنن وأحمد من حديث أبي هريرة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له، ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدر له فيستخرج الله به من البخيل، فيؤتى عليه ما لم يكن يؤتى عليه من قبل.، وفي رواية الترمذي وأحمد:لا تنذروا....، وفي رواية: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر....
وعليه؛ فتعليق النذور على حصول أمر معين ليس من السنة، ولكن من فعله وجب عليه الوفاء به إن كان نذر طاعة، ففي البخاري وغيره من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه.... الحديث.، وراجعي في العجز عن النذر الفتوى رقم: 1339، وفي نسيان الشيء المنذور الفتوى رقم: 22714.
وأما إن شككت هل نذرت شيئاً أم لا فلا يلزمك الوفاء به لأن الأصل عدم النذر، وحاولي أن تفي بنذرك فيما نذرته، فلا يظهر أن فيه صعوبة إذ ليس فيه مما يتكرر سوى سورة البقرة كل أسبوع وصلاة الليل وهذه أمور خفيفة جداً، مع أن صلاة الليل ليست هي الوتر كما زعمت، بل الوتر من صلاة الليل، وإذا عجزت عن شيء مثلها فعليك فيه كفارة يمين كما في الفتوى المحال عليها.
وأما الصدقة وصيام ثلاثة أيام وركعتين عند الزواج فهذه أخف شيء يكون، وكذا العمرة لمن يسكن في السعودية، وعلى كل حال فأي شيء عجزت عنه من ذلك سواء كان مما يتكرر طول العمر أو الذي يفعل مرة واحدة فعليك فيه كفارة يمين وهي كما في الآية الكريمة: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(19/1081)
حكم تعليق النذر على الاستطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت نذرا\" وقلت فيه نذرت بأنه إذا تمكنت من صنع شيء ما أتمكن من خلاله من مساعدة أشخاص أعرفهم فسوف أصوم لله كذا وكذا وقد كنت أفكر في صنع شيء محدد ولا أدري هل ذكرته في النذر أم أنني قلت إن الله يعلمه فلا داعي لذكره، فهل إذا قمت بصنع شيء لأساعد به أولئك الأشخاص ولكنه غير الشيء الذي كنت أفكر فيه ويؤدي نفس النتيجة وهو مساعدة أولئك الأشخاص فهل يلزمني الوفاء به أم لا.. وشكرا\"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن علق نذرا على حصول أمر معين وجب عليه الوفاء بنذره إذا حصل المعلَّق عليه، لما في حديث البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه.... . الحديث، ويكفي في تقييد النذر نية صاحب النذر، لأنها تقيد الألفاظ المطلقة وتخصص العامة، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
وبناء عليه، فإن من نذر أنه إن تمكن من مساعدة أشخاص معينين مساعدة محددة فسيفعل كذا أو كذا مما يتقرب به إلى الله، فإنه بالتمكن مما حدده يلزمه الوفاء بما نذر.
وفي خصوص موضوعك هذا، فعليك أن تعودي إلى نيتك ومقصدك، فإن كنت لا تقصدين إلا إلى الشيء الذي حددت ولا تعنين غيره، فليس يلزمك الوفاء بما نذرت إلا إذا حصل المعلق عليه بذاته، وإن كنت إنما تقصدين فقط تحصيل النفع لأولئك الأشخاص، وقد حددت ما حددت لكونه الأولى عندك فقط، فإنك بما ذكرت قد لزمك الوفاء بنذرك، فمن قواعد الشريعة التي تكاد تكون محل اتفاق بين أهل العلم أن الأمور تتبع المقاصد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(19/1082)
تأخير النذر لا يجوز إلا من عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت ذبح خروف عندما أعرف أني حامل، هل يجوز تأخير ذلك إلى الولادة أم يجب أن أضحي قبل الولادة بسبب التأخيرإنني أعيش في دولة أجنبية وأرغب أن يستفيد أهل بلدي بالأضحية لأنهم أفقر حالاً من البلد الذي أعيش فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن علق نذر طاعة معينة على حصول أمر فإنه متى حصل المعلق عليه وجب عليه الوفاء بنذره، لما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه.... الحديث.
وعليه فمن نذرت ذبح خروف عندما تعرف أنها حامل فعليها أن تذبحه بمجرد تيقنها من حصول ذلك، إلا إذا كان في نيتها أصلاً أن تطعم اللحم لأهل بلدها، فعليها حينئذ التأخير بقدر ما تتمكن من إيصال اللحم إلى من نوى له.
وإن كانت أطلقت في نيتها ولم تحدد جهة معينة يصرف إليها فلها أن تصرفه إلى أي بقعة شاءت، ويمكنها إذا كانت تريد أن تخص به أهل بلدتها، أن ترسل ثمن الخروف إلى هناك، وتكلف بأمره من ينوبها في تقسيم لحمه، حتى لا يقع تأخير، لأن الوفاء بالنذر واجب على الفور ولا يجوز أن يؤخر إلا لعذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(19/1083)
نذر الصبي العاقل ينعقد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أنه إذا رزقني الله فسوف أعمل عمرة وكان هذا في سن صغيرة ولقد رزقني الله في سن الشباب قد أصبح الزواج من أولوياتي،
فهل أفضل النذر على الزواج أم أؤدي الكفارة أم أؤخر الزواج وجزاكم الله خيرا
ملحوظة: أرجو أن تبعثوا بالإجابة على الإيميل لأني لا أعرف كيف أصل إليها وسأكون شاكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان نذرك جرى في زمن الصبا بحيث لم تبلغ مبلغ الرجال، فإنه لم ينعقد ولا يصح إلا إذا كنت في ذلك الوقت مميزا وتعقل القربة، فيستحب لك الوفاء به، لأن نذر الصبي العاقل ينعقد ويندب له الوفاء به.
أما إذا كنت قد بلغت مبلغ الرجال فيجب عليك الوفاء بالنذر وأداء العمرة عند ما يتم ما علقتها عليه وهو حصول الرزق.
قال تعالى: [وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ] (الحج: 29) .
وقال تعالى: [يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً] (الإنسان:7) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
وعلامات البلوغ تكون بخروج المني أو نبات الشعر الخشن على العانة، أو بلوغ خمس عشرة سنة.
وبخصوص تقديم العمرة أو الزواج، فإذا لم يكن لديك من المال ما تغطي نفقاتهما معا، فإن كانت نفسك تتوق للزواج وتخشى الفتنة، فعليك أن تقدم الزواج، وإلا، فإنك تقدم العمرة.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم 11556 و 29181.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(19/1084)
مدى تعلق تأخير الوفاء بالنذر بتعويق الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسال فضيلة الشيخ
نذرت أمي حين ولدتني أنها ستذبح كبشاً وإلى الآن لم تف بالنذر لتعذر ذلك وعمري 25.
وأنا لم أتزوج إلى الآن رغم كثرة المتقدمين لكن لا أدري لم لا يحصل نصيب على أحدهم وأرفض دائما
هل عدم الوفاء بذلك النذر هو ما يعيق حصول النصيب؟؟؟ وماذا يجب علينا أن نفعل إن لم نستطع الوفاء به؟؟؟؟؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أمك الوفاء بنذرها لأنه نذر طاعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
لكن إن كانت عاجزة عن ذلك في الوقت الحالي ولا تأمل القدرة عليه في المستقبل فيكفيها كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة أو متفرقة، وانظري الفتوى رقم: 26871، والفتوى رقم: 3274.
أما بخصوص هل لتأخير الوفاء بالنذر في حال القدرة عليه من أمك سبب في تأخير زواجك، فالجواب: إن ذلك لا يمكن القطع به، وإن كان محتملاً، لأن الذنوب سبب كبير في مصائب العبد كما قال الحق سبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَي ْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (الشورى:30) ، وفي الحديث: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد والنسائي.
وينبغي للأخت السائلة أن لا ترد من تقدم لها ممن يرضى دينهم وخلقهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(19/1085)
لا يلزم الوفاء بنذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[وبعد أنا أختكم في الله، أرجو إفادتي في عمل قمت به
وهو أنني في الصلاة كثيرا ما أشعر بأنها غير صحيحة لأنني لا أخشع أبدا في
الصلاة أو قراءة القران لكن أبكي سريعا عند سماع قصص الأنبياء والصحابة، أنا أحب الله كثيرا لكن لا أستطيع القيام بالواجبات الدينية على وجه صحيح، لأنني أعاني من أمراض نفسية عديدة أثرت علي وعلى من حولي، وحتى أجبر نفسي على طاعة الله ولأنني كنت خائفة من الناس وأعرف أن التقرب إلى الله ينجيني من الهم، قمت بنذر وقلت نذر عليّ إن تركت الصلاة لأتبرعن بمالي
وأنا لدي مبلغ من المال في البنك جمعته من عملي وبعد هذا النذر تركت الصلاة فترة وعدت إليها، ماذا علي الآن وهل أستطيع إعطاءه إلى أخي أو أولاد أخي أو أختي وأنا لم أتصرف بالمال خوفا من أن الله سيعاقبني إن لم أوف به وأنا قلت إني سأتبرع فيه إلى اليتامى عندما نذرت هل أستطيع أن أعطيه إلى أخي ليتزوج أو أعطيه إلى أحد من أقاربي؟ علما بأنه ليس لدينا يتامى في العائلة
وإن نذرت النذر حتى أجبر نفسي على الصلاة لأن الشيطان أقوى مني لا أستطيع التركيز حاولت لم أستطع أقول دائما إني سأموت وأدخل النار
ماذا أفعل أرجوكم أفتوني جزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو الله أن يبعد عنك الوسواس ويعافيك مما أنت فيه، واعلمي أن التخلص من وسوسة الشيطان يحصل بالالتجاء إلى الله والاستعاذة به من الشيطان الرجيم والانشغال بأسباب الخشوع وقراءة المعوذتين ضمن أذكار الصباح والمساء، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص طريقة للتخلص من الوسوسة أثناء الصلاة حين جاءه، فقال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
أخرجه مسلم.
- وأما مسألة النذر، فالأصل أن الوفاء به واجب، فقد روى البخاري وأصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. ولكن ما فعلته أنت يسمى نذر اللجاج، وهو الذي يخرج مخرج اليمين يريد به صاحبه أن يمنع نفسه من فعل شيء معين، أو أن يحثها على شيء، وهذا النوع من النذر لا يلزم الوفاء به، وصاحبه مخير بين الوفاء به وبين إخراج كفارة يمين، وكفارة اليمين هي التي وردت في قوله تعالى: [فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ] (المائدة: 89) .
- ... واعلمي أن ترك الصلاة من أكبر الكبائر، وراجعي حكم ترك الصلاة في الفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(19/1086)
نذرت أن تحلق شعر وليدها عند مسجد الحسين
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة كانت لا تنجب فنذرت لله وقالت إن رزقني الله بمولود سوف أحلق له عند مسجد الحسين وأتبرع بمبلغ من المال هناك بالقاهرة وه] من محافظة سوهاج
أفيدونا هل توفي بالنزر وان لم تف به فهل عليها وزر؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنذر هذه المرأة نذر معصية لا يجوز لها الوفاء به، ذلك أن المشروع في زيارة القبور تذكر الآخرة والدعاء للميت والسلام عليه، وأما زيارة القبر للتبرك به والتماس الخير عنده وإنفاق الأموال على المزارات والأضرحة أو على من يكون عندها ترويجا للباطل، واعتقادا بأفضلية الإنفاق في ذلك المكان فبدعة وضلال.
ويزداد الأمر سوءا في حق هذه المرأة التي نذرت أن تحلق رأس مولودها عند القبر، فإن كانت تحلق رأسه تقربا إلى صاحب القبر، فهذا والعياذ بالله شرك أكبر، لأن الحلق يكون في بعض صوره عبادة، والعبادة لا تصرف إلا لله تعالى، وصرفها لغيره شرك.
أما إن كانت تحلق هذا تبركا، فبدعة شنيعة وضلال عظيم، فأي مزية للحلق عند المزار والضريح
ويضاف إلى ذلك أن زيارة المرأة للقبر مختلف فيها عند العلماء، بين محرم وكاره ومبيح، ولكنهم اتفقوا على أنها إذا علمت أنها إذا زارت القبر بدا منها ما لا يجوز من قول أو عمل، لم تجز لها الزيارة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا علمت المرأة من نفسها أنها إذا زارت المقبرة بدا منها ما لا يجوز من قول أو عمل، لم تجز لها الزيارة بلا نزاع. اهـ.
وجاء في الفروع لابن مفلح: من أنواع النذر قال: ومحرم (أي نذر محرم) من يعظم شجرة أو جبلا أو مغارة أو قبرا أو نذر له، أو لسكانه أو للمضافين إلى ذلك المكان لم يجز ولا يجوز الوفاء به إجماعا. اهـ.
وجاء في "أسنى المطالب" من كتب الفقه الشافعي: في العوام الذين ينذرون للقبور والأضرحة، فقال: وإن قصد به وهو الغالب من العامة تعظيم البقعة أو القبر أو التقرب إلى من دفن فيها أو نسب إليه، فهذا نذر باطل غير منعقد، فإنهم يعتقدون أن لهذه الأماكن خصوصيات لأنفسهم ويرون أن النذر لها مما يندفع به البلاء. اهـ.
وقال الرحيباني في "مطالب أولي النهى" قال الشيخ تقي الدين: يحرم الذبح والتضحية عند القبر، ولو نذره ناذر لم يقم به، لحديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. اهـ.
ولا يقل الحلق عن الذبح والتضحية، فالمقصود أن هذا النذر حرام ومعصية لا يحل الوفاء به، وعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(19/1087)
يجب الوفاء بالنذر على الكيفية التي نذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ عامين وفي أول عام مر علي دون إنجاب، نذرت أنني إذا حملت سأشترك في مشروع كفالة اليتيم، وقد أراد الله وأنجبت في العالم التالي ولداً ولكن حدث أن توفي زوج أخت زوجي ولديهم أطفال فقمنا بمساعدتهم مالياً أو عينياً ولكن ليس بصفة مستمرة وربما في المناسبات فقط، فهل هذا يغني عن الاشتراك في كفالة أخرى؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نذر نذراً من أنواع الطاعات وجب عليه الوفاء به بالكيفية التي نذر، روى البخاري وأصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
وعليه فمن واجبك أن تشتركي في مشروع كفالة اليتيم بالقدر الذي يعد مشاركة في عرف بلدكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(19/1088)
ادفع النذر إلى الجهة المسؤولة عن المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أدفع أو أضع مبلغاً من المال في مسجد معين، ولكني لم أفعل لعدم وجود صندوق للصدقات بهذا المسجد، وسؤالي هو: هل يمكن أن أدفع هذا المبلغ في أي مسجد آخر، أفيدونا أفادكم الله؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوفاء بالنذر واجب إن كان طاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
والوفاء به يكون على الوجه الذي نواه الناذر وقت عقد النذر، وعلى هذا فما دمت قد قصدت بنذرك الصرف على شؤون المسجد المذكور فإنه يجب عليك أن تدفع النذر وفق ما نويت، وكون المسجد لا يوجد له صندوق لا يعد عذراً يبيح لك تحويل النذر إلى غيره من المساجد، فإنه يمكنك دفع النذر إلى الجهة المسؤولة عن المسجد سواء كانت جهة رسمية أو غير رسمية، بشرط أن تكون جهة معروفة بالأمانة، فإن كانت غير أمينة ولم يمكنك أن تباشر به إصلاح المسجد وإضافة بعض الخدمات له جاز لك حينئذ بذله إلى غيره من المساجد، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 37057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(19/1089)
حكم الأكل من الذبيحة المنذورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سماحتكم إفادتي هل يأكل أهل البيت من النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ماذا تقصد بأهل البيت هل هم أسرة الناذر نفسه أو المراد بهم آل النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى كل فإن الحكم واحد، وهو جواز أكلهم من النذر ما لم يكن النذر لمعين، أو لموصوفين بوصف لا ينطبق عليهم، فيجب التقيد بذلك، وانظر الفتوى رقم: 8408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(19/1090)
الذبيحة المنذورة تذبح في البيت وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو حول النذر: حيث مرض ولدي مرضاً شديداً فنذرت إن شفي أن أذبح ذبيحة لوجه الله دون تحديد ما هي، وشفي ابني والحمد لله، الآن يجب علي النذر ولكن كيف سيتم توزيعه وأين يجب ذبحه في البيت أم خارجه، لأن البعض قال لي إنه لا يجوز ذبحه في البيت ... أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد بالذبيحة شاة أو بقرة أو بدنة لزمك ما نويت، ويشترط في الذبيحة سن الأضحية، كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 43197.
وإذا نويت ذبح شاة غير معينة -أي غير محددة- فلك أن تذبح بدلاً عنها ما يساويها أو ما هو أفضل منها من بقرة أو بدنة، وهذا ما ذكرناه في الفتاوى السابقة، وانظر الفتوى رقم: 38975.
ولمعرفة كيفية توزيع الذبيحة، انظر الفتوى رقم: 8048.
ولك أن تذبح الذبيحة في المكان الذي تحب داخل البيت أو خارجه، وما سمعت من قول البعض بمنع الذبح في البيت قول لا دليل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(19/1091)
نذر ألا يزني ثم زنا
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية أشكر كل الذين يساهمون في إنجاح هذا البرنامج.. وبعد:
أنا في سن 18 نذرت لربي إلا أقرب الزنا بأي شكل من الأشكال، وصمت3 أيام تأكيداً لذلك، إلا أني لم أستمر في الوفاء بنذري، فما حكم الشرع في ذلك، وبالرغم من أنني استغفرت وتبت لرب العالمين على صنيعي هذا إلا أنني أشك بأني فعلت أكبر كبيرة على وجه البسيطة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا يعد من عظائم الذنوب وكبائر الفواحش، قال الله تعالى عن الزنا: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32] ، ومن وقع فيه فعليه أن يتوب إلى الله تعالى مما صنع.
ومن نذر ألا يزني فإن نذره لا ينعقد في مذهب الجمهور لأن الزنا محرم بأصل الشرع، فنذر اجتناب الزنا تحصيل حاصل وتحصيل الحاصل محال، وذهب الحنابلة إلى أنه ينعقد وأن على من خالف نذره في ذلك كفارة ككفارة اليمين، وهذا القول أحوط، وعليه فالواجب عليك الآن هو التوبة والندم والاستغفار من الزنا، وإخراج الكفارة لمخالفة النذر.
وإذا تبت إلى الله توبة صادقة فإن الله غفور رحيم، يتوب على من تاب مهما بلغ الذنب ومهما عظم، فلا تقنط ولا تيأس من رحمة الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(19/1092)
لا تندرج عبادة النذر تحت الأضحية
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت أن أطعم فقراء ومساكين وأيتاماً فهل أضحية العيد التي وزعتها تجوز لقضاء النية أو النذر الذي نذرته أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت نذرت أن تذبح أو تطعم المساكين والفقراء، فيجب عليك أن تفي بنذرك، ولا يصح أن تذبح ذبيحة واحدة بنية الأضحية والنذر معاً، لأن النذر والأضحية عبادتان مستقلتان مقصودتان بذاتيهما، ولا تندرج إحداهما في الأخرى، فلا يصح أن تشتركا في نية واحدة.
وراجع الفتوى رقم: 6579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1424(19/1093)
يفي الناذر بنذره على وفق ما نذر
[السُّؤَالُ]
ـ[النذر.. بذبح خروف.. كيفية توزيع النذر في هذه الحالة وما هى دلائل الندر في الاسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر لله تعالى طاعة كالصيام والصلاة والصدقة أو نحوه، وجب عليه الوفاء بما نذر، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
وعليه، فالواجب على من نذر أن يذبح لله تعالى ذبيحة أن يفي بنذره على وفق ما نذر ويوزعها على الفقراء والمساكين.
وننبه إلى أنه إذا كان النذر المذكور نذر معصية، وهو ما يفعله بعض العوام من التقرب إلى من يظن أنهم من الأولياء والصالحين بالذبح، فهذا نذر معصية يحرم الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في بقية الحديث المتقدم: ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(19/1094)
لا يسقط النذر بطول السنين
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد امرأة كانت منتظرة مبلغا من المال فقالت لو أتى هذا المال سوف أخرج
حجة لأبي المتوفى ثم استلمت هذا المال من 17سنة تقريبا والحالة المادية
متيسرة وهى الآن تريد فعل ما نذرت به وهو إخراج حجة أبيها.هل يمكن فعل
ذلك بعد مرور سنوات على ما نذرت به؟ وهل يمكن أن توكل أحدا بالحج بدلاً
من أبيها المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المذكور يدخل ضمن نذر الطاعة الذي يجب الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه الجماعة إلا مسلما.
وعلى هذا، فالواجب عليك أن تفي بنذرك وهو الحج عن أبيك، فإن كنت غير مستطيعة ذلك فوكلي من يفعل ذلك عنك ولا يسقط عنك بطول السنين ما دمت قادرة على ذلك بدنيا أو ماليا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(19/1095)
من نذر أضحية وأراد أن يتصدق بثمنها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أذبح أضحية إن قضي أمر، وقد قضي هذا الأمر، فهل من الممكن ان أبعث بثمن هذه الأضحية للفقراء بدلا من أن أذبح أضحية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر طاعة لله تعالى فالواجب عليه الوفاء بنذره على الصفة التي نذرها ما دام ذلك ممكناً، ولا يجوز له الانتقال إلى بدل منها، روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
إذا ثبت هذا فالواجب عليك الوفاء بنذرك بذبح أضحية ما دام الأمر المعلق عليه النذر قد تحقق، ولا يجزىء عنك التصدق بثمنها، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2559، 16384، 11339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(19/1096)
يجب الوفاء بما عاهد عليه العبد ربه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من عاهدت الله عهداً مثل خدمة والدة الزوج بدون تأفف وبعدها لم تتمكن من ذلك بسبب حالتها النفسية نتيجة أمراض متعددة مصابة بها. إلا أن تأففها هذا لم تشعر به والدة الزوج. فهل تجب عليها كفارة؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عاهد الله تعالى على أمر وجب عليه الوفاء به، إن كان قربة، فإن لم يف به وجب عليه التوبة مع كفارة يمين، وقد ذكرنا هذا في الفتوى رقم: 7375، والفتوى رقم: 29057، والفتوى رقم: 32816.
وقد حصل منك مخالفة العهد الذي عاهدت عليه الله تعالى بعدم التأففمن والدة زوجك، وفي هذا مخالفة صريحة للأمر الذي علقته عليه، ولو كان ذلك بعيداً عن وجهها أو لم تسمع به، لحصول المخالفة الظاهرة للعهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(19/1097)
الإفطار هل يقطع تتابع نذر الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[في فتوى سابقة رقمها 42085 ورقم سؤالها 224444 أود أن أسألكم فيها ما يلي: هل إذا أفطرت بدون عذر علي ذنب، وهل إذا أفطرت بدون عذر أكمل صيامي ولا أعيده من البداية لأن نذري متتابعا، وهل إذا كفرت كفارة يمين عن هذا النذر مع قدرتي ووجود مشقة وتغير في نمط الحياة الاجتماعي وعناء يقبل الله تعالى مني ذلك ولا يعاقبني عليه أم أنه لا بد من الوفاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر صوماً متتابعاً فأفطر لعذر فلا ينقطع تتابعه، أما إذا أفطر لغير عذر، فإن تتابعه ينقطع، وعليه أن يستأنف المدة من أولها، وراجعي الفتوى رقم: 13108، والفتوى رقم: 2857.
وإذا كان الوفاء بالنذر المذكور في السؤال المشار إليه وهو صيام عشر سنوات متتابعة يشق عليك ويوقعك في الحرج في حياتك، أو كنت عاجزة عن الوفاء به فإنه لا يلزمك الوفاء به، وعليك أن تكفري عنه كفارة اليمين.
هذا إذا كان النذر المذكور نذر تبرر لا نذر لجاج وغضب، فإذا كان نذر لجاج وغضب فإنك مخيرة بين الوفاء به والكفارة، والفرق بين النذرين أن نذر اللجاج والغضب يراد به الحض أو المنع للنفس أو للغير، مثل أن يقول القائل: إن زرت فلاناً فعلي صيام كذا من الأيام، أو إن دخل فلان بيتي فعلي صيام كذا من الأيام، ونحو ذلك مما يراد به الحض أو المنع للنفس أو الغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(19/1098)
من نذر أن يعتمر هل يجزئه الجلوس بعد الفجر حتى الإشراق
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة نذرت بعمرة إذا تم كذا؟ وبإذن الله تم ذلك فأصبحت مكلفة بالعمرة حسب قول البعض، وبقول آخرين غير مكلفة، ويجزئها صلاة الفجر ثم الجلوس حتى تشرق الشمس وتركع ركعتين وتكون كأنما أعتمرت؟ فهل تكون ملزمه بالعمرة علما بأنها مقتدرة بدنيا، وماليا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أن هذه المرأة قادرة بدنياً ومالياً فإنه يلزمها الوفاء بنذرها فعليها أن تذهب لأداء العمرة، ولا يجزئها أن تجلس في المصلى بعد صلاة الفجر في جماعة حتى تطلع الشمس ثم تصلي ركعتين لأن الثواب المترتب على ذلك إنما هو من الجزاء لا في الإجزاء، ومن قال بأن ذلك يجزئها فقد أبعد النجعة وقال على الله بغير علم، وراجع الفتوى رقم: 11846، والفتوى رقم: 17018.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(19/1099)
النذر بلفظ الكناية ينعقد مع النية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قال شخص: إذا ملكت أرض كذا فسوف أبني عليها مسجدا، فلما ملكها كان بحاجة إلى قيمته، هل يلزمه أن تكون أرضا للمسجد أم يجوز الرجوع في ذلك، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الشخص قد قال هذا الكلام قاصداً النذر فإنه يلزمه الوفاء به، وذلك أن النذر ينعقد بالكناية مع النية باتفاق الفقهاء كما ينعقد باللفظ الصريح.
قال في مغني المحتاج عند كلامه على أركان النذر: وأما الصيغة فيشترط فيها لفظ يشعر بالتزام، فلا ينعقد بالنية كسائر العقود وتنعقد بإشارة الأخرس المفهمة، وينبغي كما قال الشيخ انعقاده بكناية الناطق مع النية، قال الأوزاعي وهو أولى بالانعقاد بها مع البيع. انتهى.
وأما إن لم يقصد بقوله هذا النذر، وإنما أراد مجرد الإخبار أو العزم بدون قصد النذر، فإنه لا يلزمه، والعلم عند الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(19/1100)
القول الراجح في نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت مرة قلت لن أفعل ذلك الشيء وإن فعلت ذلك الشيء سوف أصوم عشرة أيام فحنثت الحلف ولم أصم العشرة أيام.
فماذا أفعل الرجاء أن تفيدونى بشيء وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصدين أنك حلفت بالله تعالى أن الا تفعلي فعلاً معيناً، فهذه يمين منعقدة، فمتى حنثت فيها لزمتك كفارة يمين، وهي كما قال الله تعالى: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) (المائدة: من الآية89) .
وأما صيام الأيام العشرة فالظاهر أنك إنما التزمتها بغية حث نفسك على اجتناب المحلوف عنه، لا من أجل القربة، وهذا ما يسميه العلماء بنذر اللجاج، وقد اختلفوا فيه على مذاهب رجحنا منها قول من قال بأنه مخير بين الوفاء بالنذر، وكفارة يمين، وتمكنك مراجعة في ذلك في الفتوى رقم: 13998.
وإن كنت لم تحلفي بالله، وإنما قلت فقط إن فعلت كذا فعليَّ عشرة أيام أصومها مثلاً، فهذا هو نذر اللجاج الذي تحدثنا عنه، وفيه الخلاف المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(19/1101)
حكم من نذر أن يذبح عجلا فذبح جملا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت أن أذبح عجلا لو حصل كذا، وبالفعل حصل، ولكن الذي يذبح أبي ولست أنا، والذي ذبح قعود وهو صغير الجمل، فهل يعتبر النذر قد وفي، أم أنه لازال قائما علي ويجب الوفاء به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت لم تعين عجلا بعينه فلك أن تذبح بعيراً يساوي العجل في الثمن أو يكون أفضل منه، قال الإمام النووي في المجموع: لو نذر شاة فجعل بدلها بدنة جاز بلا خلاف، وهل يكون جميعها فرضاً؟ فيه وجهان مشهوران.... (أصحهما) يقع سبعها واجباً والباقي تطوعاً، والثاني: يقع الجميع واجباً، فإن قلنا كلها واجبة لم يجز الأكل منها إذا قلنا بالمذهب: إنه لا يجوز الأكل من الهدي والأضحية الواجبين، وإن قلنا: الواجب السبع جاز الأكل من الزائد، وقال الشيخ أبو حامد: يجوز أكل الزائد كله. انتهى.
فإذا حدد الناذر النذر ولم يعين سنه ووصفه، فهل يحمل على أقل ما أوجب الشرع من ذلك النوع؟ أو أقل ما يتقرب به، ذهب المالكية والشافعية إلى أن الواجب هو أقل ما أوجب الشارع في مثله، فيشترط فيه السن المجزئ في الأضحية والسلامة من العيوب.
قال النووي رحمه الله تعالى: إذا قال: لله علي أن أهدي بعيراً أو بقرة أو شاة، فهل يشترط فيه السن المجزئ في الأضحية والسلامة من العيوب؟ فيه القولان اللذان ذكرهما المصنف بدليلهما، وهما مبنيان على القاعدة السابقة أن النذر هل يحمل على أقل واجب الشرع من ذلك النوع؟ أو أقل جائزه وما يتقرب به؟ أصحهما على واجبه فيشترط سن الأضحية والسلامة، ولو قال: أضحي ببعير أو ببقرة ففيه مثل هذا الخلاف، قال إمام الحرمين: وبالاتفاق لا يجزئ الفصيل، لأنه لا يسمى بعيراً ولا العجل إذا ذكر البقرة، ولا السخلة إذا ذكر الشاة. انتهى.
وكلامنا هذا في ما إذا لم يعين، أما إذا عين شاة أو عجلا أو بعيراً صغر أم كبر فيلزمه ما عين، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: إذا نذر أن يهدي شاة بعينها لزمه ذبحها، فإن أراد أن يذبح عنها بدنة لم يجزئه، لأن الشاة تعينت فلا يجوز غيرها، كما لو نذر إعتاق عبد معين. والله أعلم. انتهى.
وننبه إلى أنه تشترط النية عند الوفاء بالنذر حتى يقع عن النذر، ولا حرج في أن يوكل الناذر من يذبح عنه كوالده أو ولده أو غيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(19/1102)
نذر أن يصلي السنن مع الفريضة فكيف يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت صلاة السنن مع الفروض، ولكني حتي لا أفوت الفرض في جماعة أصلي الفرض أولا ثم السنن مثل صلاة العصر والفجر، فهل يجوز ام اصلي السنة أولاً وبعد ذلك ألحق بالجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نذرت قربة فيجب عليك الوفاء بنذرك، وانظر في وجوب الوفاء بالنذر الفتوى رقم: 1125.
فإذا ضاق الوقت عن فعل السنة المنذورة بإقامة الصلاة المفروضة فقدم الفرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم وأحمد وغيرهما.
قال الإمام النووي في المجموع: سواء كانت سنة راتبة لتلك الصلاة أو تحية مسجد أو غيرها، لعموم هذا الحديث. انتهى.
ويزيد الأمر وضوحاً ما في مسند أحمد ومعجم الطبراني الأوسط عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا التي أقيمت.، وسكت الحافظ عن هذه الرواية في الفتح، وبين الإمام النووي في شرح مسلم أن المقصود بالمكتوبة الصلوات الخمس المفروضة.
ثم تؤدي ما فاتك من السنة المنذورة بعد الصلاة، ولو كان ذلك في وقت النهي كبعد الفجر وبعد العصر، وانظر الفتوى رقم: 28030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(19/1103)
نذر صلاة الفريضة والسنة المؤكدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي السنن المؤكدة للصلاة، حيث إنني نذرت صلاة الفرض وكذلك السنن المؤكدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نذر صلاة الفرض لا ينعقد، لأن النذر التزام ولا يصح التزام ما هو لازم، ويمكنك مراجعة ذلك في فتوانا المتعلقة بأنواع النذر، ورقمها: 1125.
وأما نذر السنن المؤكدة فهو منعقد لازم، وضابط السنة المؤكدة يتبين من كلام ابن عابدين نقلاً عن البحر: ما واظب عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن إن كانت لا مع الترك فهي دليل السنة المؤكدة، وإن كانت مع الترك أحياناً فهي دليل غير المؤكدة. رد المختار: 1/221.
والسنن المؤكدة يمكن إجمالها في ستة مواضع فراجعها في الفتوى رقم: 26921.
ومنها قسم ثان يصلى جماعة هو العيدان والاستسقاء والكسوف والخسوف، وراجع فيها الفتوى رقم: 2116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(19/1104)
من نذر الامتناع عن فعل بدعة جاهلا بدعيتها ثم فعل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذر شخص أنه إذا فعل بدعة معينة (جاهلا أنها بدعة ومعتقدا أنها عبادة تقربه إلى الله _تعالى_) فسيقوم بعمل معين
ثم بعد أن قام بالبدعة اكتشف أنها بدعة فهل يلزمه النذر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من السؤال أنك قصدت بهذا النذر المنع من عمل هذه البدعة التي لم تكن تعلم أنها بدعة ثم فعلتها وعلمت أنها بدعة.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا النذر يسمى نذر اللجاج والغضب، فإذا كان الفعل المعين الذي نذرته معصية، حرم الوفاء بهذا النذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا وفاء في معصية الله. رواه مسلم من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
وأما إن كان طاعة أو فعلا مباحا، فأنت مخير بين الوفاء به، أو أن تكفر كفارة يمين، وإن كان الفعل المنذور مكروها فيستحب أن تكفر كفارة يمين ولا تفعله، وإن فعلته، فلا كفارة عليك.
ولمزيد من الفائدة حول أقسام النذر، نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 1125 وانظر الفتوى رقم: 16705 لمعرفة حكم النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(19/1105)
يجوز تحويل النذر لجهة أخرى لمصلحة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت تقديم شيء وبمبلغ محدد لأحد المساجد، ولم أتمكن خلال الفترة الماضية لظروف مالية، ولأن الأشياء المحددة قد تم تركيبها بالمسجد من قبل آخرين.
هل يجوز تحويل المبلغ المحدد لمسجد آخر يستحق هذا الشيء أو اجراء صيانة له أو البدء في إقامة مسجد جديد بدولة أخرى على أن يطلق على اسمه اسم المسجد السابق الذي نذرت له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل هو وجوب الوفاء بنذر الطاعة للجهة التي عينها الناذر، إلا إذا تعذر ذلك، فيجوز حينئذ تحويل النذر لجهة أخرى حسب المصلحة الشرعية، وعليه، فلك أن تحول هذا النذر لجهة أخرى ما دام غيرك قد عمل ما نذرته للمسجد، ويمكن أن يكون ذلك بعمل صيانة له بنفس المبلغ أو بناء مسجد آخر، ولا يشترط إطلاق اسم المسجد الذي نذرت له على المسجد الجديد.
وللفائدة، راجع الفتاوى الآتية أرقامها: 6109، 2559، 30183، 27435.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(19/1106)
حكم من نذر أن يتزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أني إذا حصلت على عمل أن أتزوج ونذرت أني إذا وجدت فتاة تحبني أن أتزوجها فهل هذا نذر أم لا مع العلم بأنه حصل كل ماطلبت
فهل علي أن أوفي أم أنه ليس بنذر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أولاً أن النذر المعلق مكروه عند أهل العلم، لما روى الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل..
ثم إن النذر الذي يلزم به ما نذر هو أن ينذر الإنسان فعل أمر لا يصح إلا قربة، كالصلاة والصيام والصدقة والحج ونحو ذلك، وأما ما يصح وقوعه قربة، وقد لا يكون قربة، كالنكاح، فالعلماء مختلفون في صحة نذره، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 17721.
وبناء عليه، فإن وفيت بنذرك وتزوجت بمن أحبتك، فذلك، وإن لم تف به، فالأحوط أن تخرج كفارة يمين مراعاة لقول من يقول بصحة نذر المباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(19/1107)
الناذر يفي بنذره على الوجه الذي حدده
[السُّؤَالُ]
ـ[تبرعت أيام مذبحة جنين من أجل أهل جنين بثمن أضحيتين كانتا علي نذرا عن طريق السفارة الفلسطينية في أنقرة/تركيا رغم شكي في إيصالها إلى متضرري جنين وذلك لعدم وجود طريق آخر فهل تعتبر مقبولة أم علي إيجاد محتاجين آخرين ودفع هذا النذر من جديد. أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الناذر أن يفي بنذره على الوجه الذي حدده في نذره، ولا يجوز له العدول عنه إلى غيره إلا إذا استحال الوفاء به أو دعت إلى ذلك مصلحة، كأن ينذر توزيع الطعام أو ذبح حيوان وتوزيعه على المساكين، فيجد أن إعطاءهم نقوداً بقيمته أنفع لهم، فلا مانع حينئذ من إخراج قيمة النذر.
وعليه؛ فنقول للأخ السائل إن كنت نذرت أن تذبح ذبيحتين وتوزع لحمهما على الفقراء، ولم تحدد جهة الفقراء كفقراء تركيا أو استنبول مثلاً، فإنا نرجو أن تكون وفيت بنذرك بدفعك قيمة الذبيحتين إلى جهة يغلب على ظنك أنهم يوصلون هذا النذر إلى أهله، وإن لم يغلب على ظنك أنهم يوصلون ذلك فلا بد من إخراج النذر مرة ثانية للمستحقين، وكذا إن كنت نذرت لمعين فيلزمك إخراج النذر إلى هذه الجهة المعينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(19/1108)
الصائم نذرا هل يفطر إذا دعي إلى وليمة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الله تعالى (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) صدق الله العظيم
أنا دعيت إلى وليمة وكنت صائما لنذر فهل يجوز أن أفطر وأقضي يوما آخر
أفيدونا جزاكم الله خيرا والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للصائم فرضاً -سواء كان أداء أو قضاء أو نذراً- أن يفطر إذا دعي إلى وليمة أو غيرها بالاتفاق، أما إذا كان صومه تطوعاً، فقد اختلف أهل العلم هل له أن يفطر أم لا؟ والراجح جواز الفطر، كما بيناه في الفتوى رقم:
11515
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(19/1109)
نذرت صيام عشر سنين متتابعات فكيف تصومها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أصوم لله عشر سنين متتابعة إذا حدث أمر ما، وكنت قد سمعت حديثا" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه (لا صام من صام الأبد)
فهل نذري هذا داخل تحت هذا الحديث أم أنه يلزمني الوفاء به. وشكراً لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان قد تحقق لك ما علقت النذر عليه، فيلزمك الوفاء بنذرك على الوجه الذي ذكر في السؤال، وننبهك إلى أمور:
أولها: أنه يجب عليك صيام رمضان بنيته، فلا يصح صيامه بنية النذر أو التشريك بينه وبين النذر في النية.
ثانيها: أنه يجب عليك الإفطار أيام العيدين والتشريق والحيض والنفاس.
ثالثها: أنك إن كنت عينت زمناً لصيام السنوات العشر كأن تقولي أصوم العشر من أول السنة القادمة، أو أصوم العشر من أول شهر ربيع أومن الغد، ففي هذه الحالة لا يجب عليك قضاء الأيام التي وجب عليك فطرها، كالعيدين وأيام التشريق والحيض ونحوه، ولا قضاء الأيام التي صمتها من رمضان.
أما إن كنت نذرت صيام عشر سنوات غير معينة فيلزمك قضاء الأيام التي تفطرينها لمرض أو نفاس أو عيد، ويلزمك أيضاً قضاء الأيام التي تم صيامها بنية رمضان، وهذا مذهب جماهير الفقهاء.
رابعها: أنك إن أفطرت يوماً من السنوات العشر لغير عذر وجب عليك الاستئناف للصيام.
وأما الحديث المذكور في سؤالك، فلا علاقة له بنذرك، ولمزيد فائدة حوله راجعي الفتوى رقم:
23939
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(19/1110)
عين موضعا لذبح النذر ولم يمكنه
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أذبح خروفا إذا أخرجني الله من محنة، والآن لا توجد استطاعة مادية لأن أوفي النذر، فهل ممكن أن أؤجله حتى تتيسر أموري المادية، وهل ممكن أن أذبح الخروف في أي مكان، علما بأني نذرت أن أذبحه أمام بيتي، فهل ممكن أذبحه في مكان آخر لتعذر الذبح أمام بيتي؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تأمل القدرة على الوفاء بنذرك، فالواجب عليك فعل ذلك متى ما قدرت عليه، وانظر الفتوى رقم: 26871، والفتوى رقم: 34427.
أما بخصوص موضع الذبح فالأمر فيه واسع إذ يمكنك الذبح في أي مكان، قال في شرح البهجة: ولو نذر الذبح بالحرم وتفرقة اللحم على فقراء محل آخر، وفَّى بما التزم لأنه نذر نذراً مقيداً، وظاهر أنه لو نذر الذبح بمحل وتفرقة اللحم بآخر وكلاهما من غير الحرم، ذبح حيث شاء ولزمه التفرقة على فقراء الآخر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(19/1111)
حكم التراجع عن النذر بعد انعقاده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم أن تنذر أو تعد وفي نفس اللحظة تتراجع عنه لأنك تعلم أنك لا تستطيع تنفيذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر نذراً مما يتقرب به إلى الله لزمه الوفاء به بلا خلاف، قال الله تعالى مادحاً الذين يوفون بنذورهم: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وقال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] .
وروى البخاري وأحمد وأصحاب السنن من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
وبناء على ذلك فلا يجوز التراجع عن النذر بعد ما ينعقد، لكن المرء إذا كان -حقا- عاجزاً عن الوفاء بالنذر عجزاً لا يرجى زوله فإن عليه كفارة يمين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2522.
وأما حكم الوعد فقد تقدم في الفتوى رقم: 20417، فراجعه هناك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(19/1112)
نذر ألا يأكل ولا يشرب حتى يتخلص من الاستمناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في أمريكا، وقد نذرت أنه إذا عدت إلى العادة السرية أن أمتنع عن الطعام لمدة ثلاثة أيام بلياليهن، وقد سالت بعض الشيوخ الموجودين هنا فبعضهم قال إذا لم تستطيع الإيفاء بالنذر تجب عليك كفارة يمين، فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النذر لا ينعقد أصلاً ولا يجوز الوفاء به، وذلك لأن المنذور أمر لا يجوز شرعاً، إذ أن الامتناع عن الطعام والشراب تعذيب للنفس لا يرضاه الله تعالى، ثم إنه لو فرض قصد القربة بالوصال في الصيام، فإن الوصال في الصيام مكروه، ونذر المكروه لا يلزم الوفاء به، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 31406، والفتوى رقم: 3630.
ثم إننا ننبهك إلى أن الاستمناء محرم شرعاً، فالواجب عليك تركه وإن لم تنذر ذلك، وراجع الفتوى رقم: 1087 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(19/1113)
لا نذر في محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم وجزاء من نقض نذراً مع الله، بأن لا يمارس شهوته مع الحيوان مرة ثانية؟؟؟
ولكم خالص الشكر والاحترام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان الحيوانات من الفواحش المستقذرة التي تأباها النفوس السليمة، وقد أجمع العلماء على تحريمه؛ لقول الله تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن [الأعراف:33] ، وقد اختلف العلماء في عقوبة فاعله بين القتل أو التعزير أو إقامة حد الزنا عليه، وانظر ذلك في الفتوى رقم 39982
وأما النذر الذي نذرته فإنه غير منعقد أصلاً لأنه نذر ترك محرم، وترك المحرم واجب فلا معنى لإيجابه بالنذر، وقد تقدم لنا الجواب عن ذلك، فراجعه في الفتوى رقم: 34499، وإنما يلزم ناقض النذر هذا أن يتوب إلى الله من عدم الوفاء بنذره، ومن ممارسته تلك الفاحشة المنكرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(19/1114)
حكم من نذر أن يصلي قبل الفرض فصلى بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت نذرت أن أصلي ركعتين حمداً وشكراً لله قبل كل فرض طول عمري ولكن في يوم من رمضان كنت أصلي مع والدي ووالدتي جماعة واستعجلني للصلاة ولم أصل الركعتين قبل الصلاة ولكني صليتهما بعد الانتهاء من صلاة المغرب، فهل هذا ينفع أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلتيه من إعادة الركعتين هو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، وتلزمك كفارة يمين لفوات وقت النذر.
وننبه السائلة إلى مسألتين، أولاهما: أن النذر هذا إذا صادف وقت كراهة لا يلزمها الوفاء به، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم 34135
الثانية: أن صلاة الجماعة في حقها ليست بواجبة، وعليه فالواجب عليها مستقبلاً تقديم الوفاء بنذرها على صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(19/1115)
يجب الوفاء بالنذر المعلق بالملك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
اشتركت في مسابقة ونذرت أن أتبرع بالمبلغ لفلسطين، وقد رزقني الله وفزت فيها ولكن جدت ظروف أصبحت محتاجا لهذا المال، فهل يجوز أن أكفر عن النذر وآخذ المال أم يجب أن أتبرع به وإن أخذته يكون مالا حراما؟
أقتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد نذرت أن تصرف ما ستحصل عليه من مال المسابقة إن فزت فيها لصالح فلسطين، فيلزمك الوفاء بالنذر وصرف المال الذي حصلت عليه في هذه المسابقة لصالح فلسطين، ولا يجوز لك الانتفاع به، لأن هذا النذر صحيح والوفاء به لازم.
قال البهوتي في "كشاف القناع": قال الشيخ تقي الدين: تعليق النذر بالملك نحو إن رزقني الله مالا فلله علي أن أتصدق به أو بشيء منه، يصح اتفاقا، وقد دل عليه قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ... [التوبة: 75] . وعليه، فالواجب عليك صرف هذا المال، فلو أخذته فهو حرام، وهذا كله إذا كانت المسابقة التي اشتركت فيها شرعية، أما إذا كانت تحتوي على القمار، فالمال من أصله حرام ولا يجوز النذر حينئذ ولا ينعقد، ويجب عليك التخلص منه، وأهل فلسطين من أحق الناس بصرفه لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(19/1116)
الوفاء بالنذر يجب إذا حصل ما علق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذر الشخص إن وقاه الله من مكروه يوشك أن يقع به، أن يصوم ثمانية أيام مثلا، ما الذي يجب عليه إن وقع به ذاك المكروه؟ وما الذي يجب عليه إن لم يقع عليه ذاك المكروه؟ أتمنى الإجابة بالتفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر إذا علق على شيء وجب الوفاء به عند حصول ما علق عليه، وإن لم يقع المعلق عليه لم يلزم شيء، ويدل لوجوب الوفاء به، عند حصول المعلق عليه قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الانسان:7] ، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25617، 17463، 4241، 36635.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(19/1117)
تقديم صيام النذر أم صيام الستة من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل شهر رمضان حوالي أربع مرات أو خمسة وأنا أنذر أن أصوم الاثنين أو الخميس، لكنني لم أقم بقضائها حتى الآن، فهل أقضيها أولاً ثم أصوم الست من شوال أو العكس؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوفاء بالنذر واجب لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره، قال ابن حجر في فتح الباري: وأما المستحب من جميع العبادات المالية والبدنية فينقلب بالنذر واجباً، ويتقيد بما قيده به الناذر. انتهى.
فإذن عليك تقديم صيام النذر لوجوب الوفاء به، أما صيام الستة من شوال فليس بواجب، ولكنها مرغب في صيامها لما رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر.
لكن إذا كنت قد نذرت صيام يوم خميس أو اثنين بعينه، فهذا يسمى نذراً معيناً يحرم تأخيره عن وقته، وتترتب على تأخيره كفارة يمين على الراجح من أقوال العلماء، مع وجوب صومه أيضاً.
وإن كان نذرك صوم يوم خميس أو اثنين مع عدم تعيينه، فالصوم واجب ولا إثم في تأخيره ولا كفارة، وراجع الفتوى رقم: 6189.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(19/1118)
حكم قطع صيام النذر المتتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قطع صيام النذر بعد صيام يوم منه إلى ما بعد رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الناذر قد نذر صيامه متتابعاً في شهر معين (وهو شعبان في هذا السؤال) فالواجب على الناذر أن يصومه في شهر شعبان، فإن قطعه بعد صيام بعضه بسبب دخول شهر رمضان، فالواجب عليه أن يستأنف صيامه بعد ذلك، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والشافعية -وهو الذي نرجحه- لأنه كان يمكنه صيامه متتابعاً في شهر شعبان، وقبل رمضان، ومتى لم يحصل المطلوب الشرعي مع إمكان الإتيان به، وجب الإتيان به من جديد، وراجع في هذا الفتويين رقم: 6526 ورقم: 14184
ولا يجب على فوات المحل كفارة عند من ذكرنا، وعلى هذا دلت نصوص كتبهم، قال في الفتاوى الهندية -وهو حنفي-: (إذا قال: لله علي أن أصلي ركعتين اليوم فلم يصلهما قضاهما) ا. هـ، ولم يوجب عليه كفارة لفوات المحل.
وقال المواق في التاج والإكليل نقلاً عن ابن القاسم: (وإن أفطره متعمداً -يريد أو نسياناً- قضى عدد أيامه) .ا. هـ، ولم يوجب عليه كفارة أيضاً.
وقال في نهاية كلامه: (فالحاصل أنه لا يقضي المعين إن أفطره لمرض أو حيض، ويقضيه إن أفطره نسياناً أو سفراً أو عمداً) .
وقال ابن المقري في روض الطالب: (فلو شرط فيه التتابع فأفطر فيه استأنف ويقضيه متتابعاً) ا. هـ، ولم يذكر كفارة.
وذهب الحنابلة إلى وجوب كفارة يمين عليه مع إتمام الصيام بعد ذلك، ودون أن يستأنف، وإنما قالوا بالكفارة لفوات محل الصيام، قال البهوتي في كشاف القناع: (نذر أياماً معينة كالعشر الأخيرة من رمضان فعليه قضاء ما ترك، ليأتي بالواجب، وعليه كفارة يمين لفوات المحل) .ا. هـ
أما إذا كان النذر مشروط التتابع لكنه غير معين بزمن، كشهر معين أو أسبوع معين، فالواجب على من قطع التتابع فيه أن يستأنف صيامه متتابعاً في أي وقت، ولا كفارة عليه عند الجمهور.
أما الحنابلة فلا يوجبون عليه سوى إتمام الصيام دون استئناف ودون كفارة لعدم فوات محله.
وراجع الفتويين رقم: 28536 ورقم: 7004
وللفائدة راجع الفتويين رقم: 12441 ورقم:
15446 وإذا كان الصيام المنذور لم يشترط فيه التتابع فلا شيء عليك في كل حال سوى الوفاء ببقية النذر عند الاستطاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(19/1119)
حكم الصدقة المعلقة على فعل معين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. كنت أدخن والحمد لله أقلعت عن التدخين وعاهدت نفسي أن أتصدق في المسجد لو دخنت سيجارة بعشرة جنيهات عن كل سيجارة.. ما حكم الصدقه المعلقه على فعل معين؟ .. وما الحكم لو قمت بالفعل ولم أتصدق بما عاهدت نفسي عليه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم الصدقة المعلقة على فعل معين حكم النذر، وقد فصلنا الكلام في حكم النذر وأنواعه في الفتوى رقم: 1125، وننبهك -وفقك الله- إلى أنه عليك أن تمتنع عن التدخين، سواء عاهدت نفسك على تركه أو لم تعاهدها، لأن التدخين حرام على كل حال، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 1671، والفتوى رقم: 20739.
ووجوب امتناعك عن التدخين يتأكد بمعاهدة نفسك على الإقلاع عنه، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:3] .
قال الإمام الجصاص: يحتج به في أن كل من ألزم نفسه عبادة أو قربة وأوجب على نفسه عقدا لزمه الوفاء به، إذ ترك الوفاء به يوجب أن يكون قائلا ما لا يفعل، وقد ذم الله فاعل ذلك.
ومحل تأكد الوجوب، ما إذا كنت قد تلفظت بهذا العهد، أما إن كان حديث نفس، فلا حكم له، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به. متفق عليه.
وإذا كان هذا العهد بصيغة النذر أو ما يدل على ذلك، فهو نذر لجاج وغضب، فإن دخنت فأنت مخير بين أن تتصدق بعشر جنيهات أو تكفر كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم: 13349، فإن دخنت ولم تفعل واحدا من هذين الأمرين، بؤت بإثم عدم الوفاء بالنذر وإثم التدخين، وإن لم يكن هذا العهد بصيغة النذر أو ما يدل عليه ودخنت أثمت من جهة عدم الوفاء بالعهد ومن جهة تعاطي الدخان المحرم، ولكن لا تجب عليك كفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(19/1120)
نذرت نذرا ثم نسته فما الحكم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذراً ولكني نسيت ماذا نذرت ولكني أظن أنني نذرت الصوم، مع العلم بأنني عندما نذرت كنت متشككة أي النية غير مستقرة بنفسي فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ظنك غالباً أنك نذرت الصوم فعليك الصوم، وإن كان الظن مرجوحاً أو متساوياً فعليك في هذه الحالة كفارة يمين، وراجعي الفتوى رقم: 2343.
أما الشك في النية فلا يؤثر في الحكم ما دمت قد تلفظت بالنذر قاصدة لذلك، وراجعي الفتوى رقم: 34075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(19/1121)
نذر صوم الدهر ثم عجز عن الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت للرحمن صوماً ما دمت حياً) هذا عندما كنت شاباً وقادرا، ً ولكني الآن كبير في العمر ولا أستطيع أن أوفي بهذا النذر، فماذا أعمل؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى القول بجواز نذر صوم الدهر، قال في أسنى المطالب: فصل ويصح نذر صوم الدهر لأن الصوم عبادة.، وقال في الإنصاف: لو نذر صوم الدهر لزمه صومه على الصحيح من المذهب.
وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا لو نذر صوم الدهر صح نذره بلا خلاف، ولزمه الوفاء به بلا خلاف، وتكون الأعياد وأيام التشريق وشهر رمضان وقضاؤه مستثناة.
إلا أنه في حال عجز الإنسان عن مواصلة الصوم لكبر أو مرض مزمن لا يرجى شفاؤه منه لزمته كفارة يمين عوضاً عن صومه، قال ابن قدامة في المغني: من نذر طاعة لا يطيقها أو كان قادراً عليها فعجز عنها، فعليه كفارة يمين.
واختلف هل يلزمه مع ذلك إطعام مد لمسكين عن كل يوم أفطر فيه، وهو الصحيح عن أحمد، أولاً يلزمه شيء سوى اليمين، وبه قال ابن عباس، أما إن كان العجز يرجى زواله كالمرض أو نحوه انتظر زواله، ولا تلزم كفارة ولا غيرها لأنه لم يفت الوقت.
والحاصل أنه إذا كان هذا التقدم في العمر الذي ذكره السائل وصل إلى حد الشيخوخة والعجز المستمر، فإنه يجوز له والحالة هذه ترك الصوم والاكتفاء بكفارة يمين، وإن أطعم عن كل يوم أفطره مداً لمسكين كان ذلك أحسن، وإلا فلا يجوز له الفطر وإنما عليه مواصلة الصوم وفاء بنذره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(19/1122)
نذر قربة في مكان ما ثم عجز عن الذهاب إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أنذر شيئا لله في مكان ما، فتعثر علي الذهاب هناك، فهل يجوز أن أخرج هذا النذر لمكان آخر؟ وإذا تيسر لي أن أذهب هناك أخرج جزء آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الشيء الذي نذرته قربة، كأن نذرت أن تتصدق على أهل بلدة معينة أو أن توزع عليهم لحم ذبيحة، انعقد النذر ولزم الوفاء، أو نذرت ذبح شاة ببلدة كذا ولم تتعرض للتصدق بلحمها، لم يلزمك الوفاء، لأن الذبح وحده مباح ليس فيه قربة، وقيل بل يتعين الذبح فيه، لحديث ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة.. والحديث مذكور بتمامه في الفتوى رقم: 449 قال الإمام النووي في شرح المهذب: إذا نذر أن يهدي شيئا معينا من ثوب أو طعام أو دراهم أو عبيد أو دار أو شجر أو غير ذلك، لزمه ما سماه، ولا يجوز العدول عنه ولا إبداله، فإن كان نذر أن يهديه إلى مكان معين واحتاج إلى مؤنة لنقله لزمه تلك المؤنة من ماله، لا من المنذور، بل وإن كان مما لا يمكن كالدار والشجر والأرض وحجر الرحى ونحوها، لزمه بيعه ونقل ثمنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. اهـ.
وعليه، فيلزمك النذر إن كان قربة في المكان الذي نذرته، فإن عجزت، بقي في ذمتك إلى أن يتيسر لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(19/1123)
أد نذرك إذا تيسرت أمورك
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أذبح خروفا وأوزع لحمه إذا حصل أمر لي، وقد حصل لي ما طلبت والآن أنا لا أستطيع لظروفي المادية أن أوفي بالنذر، فماذا أفعل الآن لكي أخلي طرفي أمام الله عزوجل تجاه هذا النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تتوقع أن تتيسر أمورك ولو بعد حين، فإن النذر يظل دينا في عنقك تؤديه متى استطعت، ما لم تحدده بوقت معين، وإن عجزت عنه عجزا كليا، فتلزمك كفارة يمين.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتوى رقم: 26871، والفتوى رقم: 34427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(19/1124)
حكم الاقتراض للوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذر أحد بأن يتصدق بمال معين في رمضان ولكن حين أتى رمضان لم يكن بحوزته المبلغ. هل يجوز له أن يقترض المبلغ ويرده لاحقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت ترجو سداد دينك، فيجوز أن تقترض للوفاء بنذرك قبل خروج رمضان، وإن عجزت عن الوفاء بالنذر في وقته، فعليك كفارة يمين، وراجع في ذلك الفتاوى: 30990، 3274، 3457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(19/1125)
يحب الوفاء بالنذر ولو بعد مدة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله نذراً (ذبح شاة أن حدث كذا، وبفضل الله حدث) ولا أستطيع تنفيذ النذر الآن، ولكنني أخاف من عقاب الله لعدم تنفيذه، وضميري يؤنبنى، وسمعت عن كفارة اليمين فأرجو إفادتي أفادكم الله عن طريقتها وعن مشروعيتها؟ جزاكم الله خيراً (أرجو إرسال إيميل لي من فضلكم بالرد) وسمعت عن عدم تأدية النذر وحدوث مصائب فى الدنيا بسبب عدم تأديته، أرجو إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبخصوص النذر راجع الفتويين التاليتين: 3155، 34427.
وخلاصتهما أنه إن أمكنك الوفاء بنذرك وجب عليك الوفاء ولو بعد مدة، ما لم تكن قد حددته بوقت معين، وإن عجزت عجزاً كاملاً عن الوفاء فعليك كفارة يمين.
أما حصول المصائب في الدنيا لعدم الوفاء بالنذر، فلم يثبت فيه نص من القرآن أو السنة نعلمه، ولكن بلا شك هو من جملة المعاصي التي يعاقب عليها العبد في الدنيا والآخرة ما لم يعف الله عنه، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(19/1126)
نذر اللجاج تترتب عليه كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ نذرت أني إذا فعلت معصية (أود الاحتفاظ بها في نفسي) أصوم يوما من الأيام الثلاثة التي بعدها، ولكن ما أفعل إذا فعلت تلك المعصية في رمضان؟ هل أصوم بعد العيد أم ماذا؟
والله يجازيكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النذر الذي صدر منك هو نذر اللجاج، وتترتب عليه كفارة يمين على الراجح من كلام أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 30392، ومن أهل العلم من قال: هو مخير بين الكفارة والوفاء بالنذر.
وكفارة اليمين قد ذكرت أنواعها في الفتوى رقم: 9302.
أما المعصية في رمضان، فإنها أشد خطورة من غيرها، لأن المعصية يعظم إثمها بحسب الزمان والمكان.
فعلى المسلم المبادرة بالأعمال الصالحة وخصوصا في هذا الشهر الكريم الذي هو فرصة لاكتساب الأجور من الله تعالى ومغفرة الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم في شأنه: ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له. رواه الترمذي وأحمد في المسند.
فعليك يا أخي الكريم بالإقبال في هذا الشهر الكريم على أنواع الطاعات من صيام وقيام، وتلاوة لكتاب الله تعالى، وابتهال إليه، ليوفقك للبعد عن هذه المعصية وغيرها من مخالفات شرعية.
وإذا كانت هذه المعصية ما يسمى بالعادة السرية وفعلتها في رمضان، فصومك باطل، ويجب عليك قضاء اليوم أو الأيام التي حصل فيها الفعل، وراجع الفتوى رقم: 32452.
وحاصل الأمر: أن كفارة النذر المذكور هي كفارة يمين، سواء صدرت منك المعصية في رمضان أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(19/1127)
نذر أن يسمي ولده محمدا فسماه اسما مركبا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت اسم محمد لمولودي، وبعد أن أنجبت طفلي سجلته في شهادة الميلاد محمد علي، فهل هذا يؤثر على النذر؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تسمية الوالد ولده باسم محمد علي -وهو اسم مركب- لا يؤثر في نذره، إلا إذا نواه علماً مفرداً (محمد) ، فإن نواه علماً مفرداً فإن عليه أن يفي بنذره ويعدّل اسم ولده.
والتسمية باسم محمد مستحبة، فقد بوب النووي في شرحه على مسلم بابا في استحباب التسمية بأسماء الأنبياء، فهي طاعة يلزم الوفاء بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(19/1128)
نذرأن يصوم لله ما دام حيا ثم عجز فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت للرحمن الصوم ما دمت حيا، هذا عندما كنت شاباً وقادراً ولكني الآن كبير في العمر ولا أستطيع أن أوفي بهذا النذر، فماذا أعمل؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر طاعة لله وجب عليه الوفاء بها، قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] .
وقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وأخرج البخاري وأصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
وأخرج ابن ماجه وأبو داود من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به.
وبناء على جميع ما تقدم فإن الواجب عليك أن تفي بنذرك ما دمت مستطيعاً، فإذا عجزت سقط عنك الصوم ولزمتك كفارة يمين.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب عليك مع الكفارة أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، قال البهوتي الحنبلي رحمه الله في كشاف القناع: وإن نذر صياماً فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، أو نذره أي الصيام في حال عجزه، أطعم لكل يوم مسكيناً وكفر كفارة يمين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(19/1129)
حكم دفع النذر للأخت الفقيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله نذراً على مبلغ من المال إن أعطاني الولد، وقد حصل ولله الحمد هل أدفع المبلغ المذكور لإحدى
أخواتي حيث إنها لا تعمل ولا ولد لها وهي مطلقة، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا نذرت أن تتصدق بمبلغ من المال إن إعطاك الله الولد، وجب عليك الوفاء بهذا النذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
ولا حرج عليك أن تدفع هذا المبلغ إلى أختك إذا كانت فقيرة، بل هذا مستحب لأنه صدقة وصلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(19/1130)
لا يحق التصرف في المنذور إلا بالأصلح لجهة النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أخي في الله لقد قمت بنذر كل ذهبي لوجه الله تعالي وأنا في كندا وحيث إنني لم أستطع بيع الذهب في السوق للتبرع بثمنه إلي المحتاجين أو إلي المسجد فقمت بعرضه علي صديقاتي ولكن بخسن كثيراً من سعره ولأنني خجلت من ردهن قمت ببيع بعضه لهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا النذر الذي نذرته يسمى عند الفقهاء بنذر التبرر وهو واجب الوفاء، وراجعي لذلك الفتوى رقم: 18948.
وعليه يجب عليك إخراج هذا الذهب كاملاً وفاء بالنذر، ولا يحق التصرف فيه إلا بالأصلح لجهة النذر، وما بعته منه بأقل من سعره أو أهديته يجب عليك أن تدفعي كامل قيمته للجهة التي نذرت لها الذهب، وكان الأولى أن تدفعي الذهب ذاته إلى المحتاجين أو تسلميه إلى جهة خيرية تثقين بها تقوم بتوزيعه أو تسوقه لصالح الفقراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(19/1131)
الوفاء بالنذر من صفات عباد الله الصالحين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت صغيرا كثير النذرللصيام، ولما كبرت أردت صيام ما نذرته، ولعدم تأكدي من عدد الأيام التي نذرتها حسبت بالزيادة القصوى، فهل علي من إثم في تأخيري هذا الصيام؟ وهل الموفي بالنذر مأجور عليه، وهل لصيام أيام النذر بالزيادة نفس أجر النذر؟ أو أكثر؟ وهل علي إخراج زكاة الفطرأو كفارة أو ما أشبه ذلك بعد الانتهاء من صيام النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد بقولك "كنت صغيرا" أي غير بالغ، فإن نذرك في ذلك الوقت لا يلزم الوفاء به، لحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ. . . وراه أحمد.
وأما إن كان نذرك بعد البلوغ، فإن الوفاء به من صفات عباد الله الصالحين.
قال تعالى عنهم: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الانسان:7] .
والوفاء بالنذر واجب، وصاحبه مأجور مثاب، هذا، وإذا كنت نذرت صوم أيام بعينها، أو وقتا معينا، فلا يجوز تأخير الصيام بغير عذر شرعي، وتأخيره بلا عذر إثم، ويجب الوفاء به ولو فات وقته، مع كفارة يمين لتأخير النذر عن وقته المحدد، في مذهب الإمام أحمد وبعض أهل العلم.
وذهب الشافعي إلى أن عليه القضاء فقط، وانظر الفتوى رقم: 13657.
وأما إذا كان هناك عذر كمرض ونحوه، فلا إثم عليه، وإنما يجب عليه الوفاء، وهل يكفِّر معه؟ روايتان عند الحنابلة.
قال في "المغني": وقال أبو الخطاب: من ترك الصيام المنذور لعذر، فعن أحمد فيه رواية أنه لا كفارة عليه. اهـ.
وإن كنت نذرت مطلقا، فلا حرج في تأخيره، لكن ينبغي للمسلم أن يبادر للوفاء، فهو من المسارعة إلى الخيرات.
وأما قولك: "هل لصيام النذر مع الزيادة نفس الأجر أو أكثر".
فنقول: إن احتياط المسلم لدينه أمر مطلوب، يدل على كمال إيمانه وخشيته من الله عز وجل، وهو مثاب بهذا ولا شك، ثم هو يؤجر بالزيادة على نذره، فإن الله لا يضيع عمل عامل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(19/1132)
تأخرت في الوفاء بنذرها لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[كان زوجى بدون عمل فترة طويلة، وكان يلح بأن انجب طفلا جديداً ظنا منه أن الرزق يأتى مع الطفل، ثم نذرت أنه إذا استلم عملاً أن أزيل وسيلة منع الحمل، والحمد لله فقد رزق بعمل لكني لم أف بنذري إلا بعد ثلاثة شهور، لأنه كان مشغولا بأخذي للطبيبة، فهل علي شيء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الامتناع من الإنجاب بسبب الفقر غير مشروع، لأن الله تعالى هو رازق الأبناء والآباء، قال الله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [العنكبوت:60] ، وقد نهى عن قتل الأولاد خشية الفقر، فقال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الولد يكتب له رزقه وهو في بطن الأم، كما في حديث مسلم، وليرجع في إبطال فكرة ترك الإنجاب أو تأخيره بسبب الفقر إلى الفتوى رقم: 14262، والفتوى رقم: 5536، والفتوى رقم: 636.
ولتراجع شروط جواز منع الحمل وحكم استعمال اللولب على الخصوص في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18375، 22504، 22784، 25831، 4219.
وأما وفاؤك بهذا النذر ففيه تفصيل، فإن كان الزوج أمرك بإزالة مانع الحمل فتجب عليك طاعته، وعلى هذا تكونين قد نذرت ما هو واجب عليك، وقد سبق بيان رجحان عدم انعقاده في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12288، 34499، 15049.
وإذا كان لم يصدر من الزوج أمر بإزالة المانع فيكون النذر من النذر المباح، وقد سبق الكلام عليه في الفتوى رقم: 20047.
وعلى القول بانعقاد النذر فلا نرى أن عليك إثما في التأخير، إذا كان سبب التأخير عدم تيسر وسيلة -في ظنك- للوفاء بالنذر، وأما على القول بعدم انعقاد النذر فإن انتفاء الإثم أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(19/1133)
من نذر أن لا يتزوج حتى يكمل حفظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن لا أتزوج حتى أحفظ القرآن كاملا، لكن لم أحفظه كاملا إلى الآن، فأنا أحفظ خمسة أجزاء فقط، وأيضا لم أتزوج، ولكن أريد أن أتحلل من هذا النذر، لأني أشعر أحيانا أن سبب تأخري في الزواج هو نذري هذا، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا نذرت أن تحفظي القرآن كاملا قبل الزواج، وجب عليك الوفاء بهذا النذر، لأن حفظ القرآن كاملا طاعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه الجماعة إلا مسلما.
فيجب عليك الوفاء بهذا، ولا يلزمك أن تؤخري الزواج، لأن تأخيره ليس بقربة،
وعليك أن تجتهدي في الحفظ.
وإذا لم تستطيعي الوفاء بهذا النذر وعجزت عنه، لزمتك كفارة يمين، لما رواه مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفارة النذر كفارة اليمين.
وروى أبو داود عن ابن عباس مرفوعا: ومن نذر نذرا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين.
قال الحافظ: أخرجه ابن أبي شيبة موقوفا، وهو الأشبه.
وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجدي، فعليك صيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(19/1134)
حكم صيام النذر في النصف الثاني من شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وسلم وبعد إن لي صديقا نذر أن يصوم خمسة عشر يوما، وفي الخامس عشر من شهر شعبان رأيت الرجل وكان صائما النذر، مع العلم بأنه كان يوم سبت، وسيستمر إلى رمضان، وقلت له: هذا لا يجوز، فقال لي: ليس لي مجال سوى هذه الأيام، ما حكم هذا العمل؟ هل يؤجر أم يؤزر؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم الصوم بعد منتصف شعبان في الفتوى رقم: 11549 فلتراجع، وفيه بينا أن من عليه صوم نذر، فله أن يصومه في النصف الثاني من شعبان، حتى عند القائلين بكراهية الصيام فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(19/1135)
حكم النذر حالة الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد علمت أن الناذر في حالة الغضب لا يلزمه الوفاء بنذره، فهل الغضب هو أي غضب
أم الغضب الذي يفقد العقل
وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في النذر أن يلنزم الناذر قربة لله تعالى، دون تعليق على تحقيق غرض معين، أو بدافع من الخصومة أو الغضب.
فإذا كان الباعث على النذر غضبا، فهو نذر لجاج وغضب، وحكمه حكم اليمين، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 13349.
هذا إن كان صاحب الغضب مدركا لما يقول حال غضبه، أما إن كان غير مدرك، فلا شيء عليه في ذلك النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(19/1136)
لا يلزم النذر إلا بنطق اللسان
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا في نفسي دون أن ينطق لساني، وذلك لظرف أنني كنت جالسا مع جماعة،
فهل ينعقد النذر؟ أيشترط أن ينطق لساني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزم النذر إلا بنطق اللسان، وانظر الفتوى رقم: 15534، والفتوى رقم: 11044، والفتوى رقم: 34075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(19/1137)
النذر يحمل على أقل واجب من نوعه
[السُّؤَالُ]
ـ[مرحبا ... زوجي عليه نذر منذ كان بالثانوية العامة أن يذبح (بدون تحديد ما الذي سيذبحه) فأريد أن أسألك على من يجب توزيع ذبيحة النذر (من يجب أن يأكل منها) ، وأمر آخر هو الفدية هل يجوز أن أفدي عني وعن زوجي معاً ذبيحة واحدة لأننا متعثران في حياتنا كثيراً ونوينا أن نفدي فدية لوجه الله تعالى ومن يجب أن يأكل من الفدية أرجوك حدد لي إجابتك لا تتركني أفكر أين الجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يذبح ذبيحة ولم يحدد نوع الذبيحة أجزأه أقل ما يجزئ في الأضحية، وهي من الضأن ما استكمل سنة ودخل في الثانية، ومن المعز ما استكمل سنتين، وهذه المسألة راجعة إلى قاعدة:"أن النذر يُحْمل على أقل واجب من ذلك النوع" قال النووي في المجموع: النذر هل يحمل على أقل واجب بالشرع من ذلك النوع؟ أو أقل جائزه وما يتقرب به؟ أصحهما على واجبه، فيشترط سن الأضحية والسلامة. انتهى.
وأما عن كيفية توزيع الذبيحة المنذورة فقد تقدم الكلام عنه في الفتوى رقم: 8048.
وأما عن الذبيحة المسماة الفدية فقد تقدم الكلام عن حكمها وما يتعلق بتوزيعها وذلك في الفتوى رقم: 20900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(19/1138)
النذر لا ينعقد في واجب والكفارة أحوط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان مدخن في يوم ما كنت متوترا فاستمعت إلى شريط ديني فتأثرت منه فقطعت نذرا بأن أمتنع عن التدخين ولكن أستغفر الله لم أصمد إلا يوماً واحداً فقط وبعدها رجعت للتدخين.
أفيدوني جزاكم الله خيرا في نذري ماذا يجب علي أن أفعل ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالامتناع عن التدخين واجب، وجمهور أهل العلم يرون أن النذر لا ينعقد في واجب، لأن النذر أن تلزم نفسك قربة غير لازمة.
والواجب لازم، ولا يصح التزام ما هو لازم.
وعليه؛ فلا شيء على السائل لأنه نذر أن يترك محرماً يلزم تركه، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى وجوب الكفارة، قال في كشاف القناع: وقال في الاختيارات ما وجب بالشرع إذا نذره العبد أو عاهد الله عليه، أو بايع عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أو الإمام، أو تحالف عليه جماعة، فإن هذه العقود والمواثيق تقتضي له وجوباً ثانياً غير الوجوب الثابت بمجرد الأمر الأول، فيكون واجباً من وجهين، ويكون تركه موجب الترك الواجب بالشرع والواجب بالنذر، وهذا هو التحقيق، وهو رواية عن أحمد وقاله طائفة من العلماء. ا. هـ
وما ذهب إليه شيخ الإسلام من إخراج كفارة يمين أحوط وأبرأ للذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1424(19/1139)
بين نذر اللجاج والغضب ونذر الطاعة والتبرر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت أنه إذا قال الإنسان: لإن حصل كذا فلله علي كذا يعتبر نوعاً من نذر اللجاج والغضب
والسؤال هو: هل يعتبر نذراً من نوع اللجاج حتى ولو قالها الإنسان وهو في رضا تام؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيغة إن حصل كذا فلله علي كذا تصلح لأن تكون نذر لجاج وغضب، وتصلح لأن تكون نذر طاعة وتبرر، والذي يفرق بينهما هو قصد النذر والقربة في التبرر، والمنع من شيء أو الحض على فعله في اللجاج والغضب.
قال في المغني ... وفارق (نذراللجاج والغضب) نذر التبرر لكونه قصد به التقرب إلى الله تعالى والبر ولم يخرجه مخرج اليمين. انتهى.
وعليه فإذا كان قائل ذلك يقصد القربة والطاعة فنذره نذر تبرر، وإذا كان يقصد المنع والحض، ولم تخطر على باله القربة والطاعة فنذره نذر لجاج وغصب.
وأما رضاه بالمنذور فإنه متصور في الصورتين ولا يتعلق به فرق، وانظر أحكام النذر وأنواعه في الفتوى رقم: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(19/1140)
النذر المباح يخير فيه فاعله بين أمرين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أمي نذرت أن تحتفل بنجاح أختي بعد تخرجها من الكلية ولكن بعد التخرج لم تستطع لعدم توفر المال اللازم لذلك مع العلم بأنها حددت المكان الذي ستقيم فيه الحفلة وهي الآن لا تعرف متى سوف يتوافر لها المال ماذا تفعل؟.... قيل لها يجب عليك كفارة يمين فما هي كفارة اليمين؟
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننبه السائل أولاً إلى أن النذر في أصله مكروه، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل.
ثانياً: ما نذرته أمك من الاحتفال بنجاح أختك هو من النذر المباح، حيث إن الاحتفال بنجاح ونحوه أمر مباح، والنذر المباح يخير فيه فاعله بين الوفاء به وبين كفارة اليمين.
وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى: ايُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ (المائدة: من الآية89) .
فتطعم عشرة مساكين أو تكسوهم أو تعتق رقبة، فإن لم تستطع أو لم تجد فتصوم ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(19/1141)
من نذر نذرا ولم يجد وفاءه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذر شخص لآخر بإهدائه جملا في مناسبة ما، وعندما جاء موعد هذه المناسبة لم يكن مع الشخص الذي أراد إهداء الجمل ثمن هذا الجمل، فهل سقط عنه النذر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنذر الهدية يجب الوفاء به، لأنها (الهدية) من الأمور المستحبة بين الإخوان والأقارب.
فقد روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء.
وعليه، فمن نذر أن يهدي لأخيه في مناسبة معينة، وجب عليه الوفاء بنذره، فإذا لم يستطع في ذلك الوقت، وكان يُرجى زوال عذره وأن يفي بنذره على النحو الذي نذر، فعليه أن ينتظر حتى يتيسر أمره ويقدر على الوفاء بالنذر، فإذا عجز عن أدائه بالكلية، فعليه كفارة يمين.
وعلى هذا، فإن كان الرجل الذي نذر إهداء الجمل يُرجى أن يقدر على الوفاء في المستقبل، فلا يسقط عنه النذر، وعليه أن ينتظر حتى يقدر فيفي بنذره.
وإن كان لا يُرجى زوال عذره، فعليه كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن نذر نذرا لم يطقه، فكفارته يمين. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(19/1142)
التتابع ينقطع برمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص نذر أن يصوم شهراً متتابعاً إذا فعل العادة السرية ... ولكنه فعلها ثم نذر أن يصوم شهرين متتابعين، إذا فعلها ولكنه فعلها ... فماذا عليه، علما بأنه ينذر حتى لا يفعل هذه المعصية ولكن الشيطان يوقعه فيها، وإذا كان عليه الصيام فهل له أن يصوم شهر شعبان ورمضان متتاليين لأنه لم يحدد وقت الصيام؟ والله يحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر الأصل فيه أن يكون تبرُّرا، بمعنى أنه يقصد به البر والتقرب إلى الله، وما فعله هذا الشخص يسمى بنذر اللجاج أو الغضب، وهو الذي يخرج مخرج اليمين بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئاً أو يحث به على شيء.
وهذا لا يلزم الوفاء به، وصاحبه مخير بين الوفاء به وبين أن يكفر كفارة يمين، وهذا هو مذهب الشافعي ومشهور مذهب أحمد وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة وهو الراجح، وتلزمه هنا كفارتان عن النذرين.
هذا؛ وإذا أراد الوفاء بهذا النذر فإنه يلزمه صيام ثلاثة أشهر، شهراً فرداً وشهرين متتابعين، ولا يصح أن يكون رمضان منهما لأنه لا يسع لغيره، ولا يصح كذلك أن يصوم شعبان وشوالاً لأن التتابع ينقطع برمضان، وعلى ذلك يصوم شهرين متتابعين قبل رمضان أو بعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(19/1143)
لا نذر في معصية الله
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت زوجتي وبدون علمي أنه لو رزقنا الله بولد فإنها ستقوم بعمل ما نسميه في بلدنا (مولد) ، وهو عبارة عن دعوة لمجموعة من الأشخاص ويجلسون فيذكرون الله تعالى، وفيهم من يقوم بإحضار منشدين دينيين للإنشاد، ونقوم فيها بتوزيع نوع خاص من الحلوى (الملبس) ، سؤالي هو: هل إذا نذرت زوجتي نذراً بدون علمي وجب علي تنفيذه وهل ما نذرته صحيح أم لا؟ وجزاكم الله خيراً عن كل المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المولد من البدع المحدثة، وما كان كذلك فلا يصح نذره، ونذره من قبيل المعصية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
وقال: لا نذر في معصية الله. رواه أحمد ومسلم.
وأما إذا نذرت زوجتك نذراً شرعياً فإنه يجب عليها الوفاء به ولا يجب على غيرها، سواء علمت -أنت- بذلك أم لم تعلم، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6891، 1888، 32494، 1319.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(19/1144)
يلزم الوفاء بالنذر على حسب ما نذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما الحكم في من ينذر برأس غنم هل يجوز له التصدق به حيا؟ وهل يجوز له أن يتصدق به على ابنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر نذرا مما يعتبر قربة، فهذا النذر يلزم الوفاء به حسب ما نذر، لحديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري
وعليه، فهذا الشخص يلزمه الوفاء بنذره حسب ما نذر، فإن كان نذر أن يتصدق بالخروف حيا، لزمه، وإن نذر أن يذبحه لزمه الذبح، وله أن يعطيه ولده إن كان محتاجا ما لم يعين عند النذر جهة معينة، فيجب إخراجه لهذه الجهة، وإذا لم يعين جهة، فمصرفه مصرف الصدقة، وراجع الفتاوى رقم: 23540، و 2559، 8048،و 29476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(19/1145)
حكم تقسيم النذر على اثنين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقسيم النذر على 2 يعيشان في نفس المنزل وقد قام الاثنان بنفس النذر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود أن كل واحد من الناذرين قد نذر شيئاً فيكونان قد نذرا شيئين، وسؤالك هو: هل يجوز أن يخرجا شيئاً واحداً بدل الاثنين، فالجواب: أن ذلك لا يجوز، بل يجب على كل واحد أن يفي بما نذر كاملاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه مسلم.
وإذا كان المقصود أن كل واحد منهما قد نذر النصف مثلاً، فإنه لا بأس بأن يخرج الاثنان شيئاً واحداً باعتبار أن نصفه من أحدهما والنصف الآخر من الثاني، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 27782، وإن كنت تقصد غير هذا فبينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(19/1146)
ما صرحا به لا يعتبر نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته.
سبق أن أبي وعمتي قالا لي ((إن نجحت ودخلت الجامعة سنأخذك للعمرة))
هل يعتبر هذا نذر؟ وإن كان نذرا ووفّى به أبي هل يجوز أن تكفر عنه عمتي أو بالعكس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما صرح به أبوك وعمتك لا يعتبر نذرا، لعدم اشتماله على صيغة نذر، وإنما وعد فقط لا يجب الوفاء به، وإنما يستحب على الراجح من كلام أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 12729.
وإذا قام أحدهما بالوفاء بالوعد، كان ذلك هو الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(19/1147)
يندب الوفاء بوعد النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي منذ فترة وكان يعمل في دولة عربية، وكان قد حدث حادث له ونجا منه، وقال عندما أرجع إلى مصر سأقوم بذبح خروف أو ما شابه ذلك ولم يوف بهذا النذر، الآن بعد وفاته، ما الأفضل أن نقوم بعمل النذر أم بثمنه نقوم بعمل صدقة جارية له؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من السؤال أن الصيغة الواردة فيه ليست من صيغ النذر، وإنما هي صيغة وعد إذا كان ذلك اللفظ هو لفظ الناذر، وعليه فلا يلزم منه شيء إذ النذر لا بد فيه من صيغة أو ما في حكمها تشعر بالتزام المكلف قربة، ولكن يندب له الوفاء بما وعد، ولذا فلا مانع من الوفاء به احتياطاً عن والدك، وذلك منك على سبيل الاستحباب لا الوجوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(19/1148)
المبادرة بالوفاء بالنذر عند الاستطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته
لدي أخت نذرت نذراً بأنها إن أنجبت وشفيت من مرضها أن تصوم ثلاثة أشهر متتالية وبحمد الله عز وجل وبفضله شفيت وأنجبت طفلة وتريد الآن أن توفي بنذرها لله عز وجل ولكنها الآن في حالة رضاعة للطفلة وتستمر هذه الرضاعة حولين فمتى تستطيع الصوم وهي تريد أن تصوم ولكن متى تصوم؟
وبارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على أختك الوفاء بنذرها، وتندب لها المبادرة بذلك متى استطاعت، لأنها لم تحدد ثلاثة أشهر معينة، ولا سنة معينة، وعليها أن تتحين الزمن الذي يمكنها فيه صيام الأشهر الثلاثة متتابعة، دون أن يفصل بينهما فطر واجب كالعيدين وأيام التشريق.
أما الفطر بالحيض فلا يؤثر في التتابع، بل تواصل الصوم بعده حتى تكمل ثلاثة أشهر، وكذا تتحين زمناً يسع صوم نذرها قبل دخول شهر رمضان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1424(19/1149)
نذر نذرا إلى أجل ثم لم يف به في أجله
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذرت نذراً بأجل ثم مضى الأجل المعين ولم أوف ثم وفيته بعد الوقت المعين هل عليّ شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نذر نذراً محدداً بوقت يلزمه الوفاء بالنذر في ذلك الوقت الذي حدده، فإن مضى الوقت ولم يف بالنذر وجب قضاؤه في أقرب فرصة، وكان آثماً بالتأخير إن لم يكن له عذر، وبقي دينا في ذمته حتى يقوم به إن كان مما يطاق فعله، فإن مات قبل القيام به أداه عنه وليه.
ويدل لذلك حديث الشيخين عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج، ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته، اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء.
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث، ويلتحق بالحج كل حق ثبت في ذمته من كفارة أو نذر أو زكاة، أو غير ذلك.
وعلى هذا، فإنه لا شيء عليك غير التوبة لسبب التأخير عن الوقت المحدد إن لم يكن لك عذر في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 7004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1424(19/1150)
نذرت صيام أيام متتاليات فصامت منها وأفطرت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخى الكريم ... زوجتي كان لها نذر لقد نذرت أن تصوم عددا من الأيام متتاليات وللأسف لم توف بنذرها أي أنها لم تصمها متتاليات، هل عليها أن تصوم هذه الأيام من جديد متتاليات أم صومها السابق يفى بالنذر؟
لقد حلفت القسم كذبا وصامت 3 أيام هل تكفى هذه الكفارة.. مع أن هذا القسم كان مع أخيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان نذر زوجتك لأيام معينة من شهر بذاته فصامت بعضها وأفطرت الأخرى من غير عذر، فالواجب عليها في هذه الحالة أن تقضي ما أفطرته فقط، ولزمتها مع ذلك كفارة يمين عند الحنابلة، وانظر الفتوى رقم 6189
أما إن كانت نذرت صيام أيام متتاليات من غير تحديد فحكمها أن تعيد صيام نذر الأيام وفق نذرها من جديد، وتلغي ما سبق ذلك من صيام، ولا كفارة عليها.
أما بخصوص اليمين التي حلفتها كذباً، فالواجب عليها التوبة منها لأنها يمين غموس، وقد ورد الوعيد الشديد في حلفها كذباً كما في البخاري وغيره.
وليس في هذه اليمين كفارة عند أكثر أهل العلم، وراجع الفتوى رقم 21841
مع التنبه إلى أن من حنث في يمينه لم يجزئه الصيام، إلا إذا عجز عن الإطعام والكسوة والإعتاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(19/1151)
حكم من نذر ختم القرآن في ليلة واحدة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بنذرِ نذرٍ لله جزء منه قيام ليلة أصلي فيها، ولكن لم أحدد عدد ركعات فصليت على قدر استطاعتي ولكن حددت القرآن كله، فقمت هذه الليلة وصليت فيها، ولكني لم أستطع غير قراءة نصف القرآن في هذه الليلة، وقمت بتكملته في باقي الليالي، فما الحكم؟ هل أعتبر مقصرا؟ وإذا كنت كذلك، فماذا أفعل إذا؟ وشكراً.
أفادكم الله فضيلة الشيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت لا تستطيع الوفاء بنذرك -وهو قراءة القرآن في ليلة واحدة في الصلاة- فعليك كفارة يمين، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1339، 3274، 3155.
أما إن كنت تستطيع ذلك فالواجب عليك الوفاء به في المستقبل، وذلك لعدم تحديدك القيام بليلة معينة، وبناء عليه فكل الليالي صالحة للوفاء بنذرك، ولا يضر عدم قدرتك عليه في الليلة المذكورة، ما دمت لم تحدد ليلة بعينها، علماً بأننا قد بنينا الحكم على القول بعدم كراهة ختم القرآن في أقل من ثلاث -وهو الذي نرجحه- قال المرداوي في تصحيح الفروع مبيناً أن الصواب عدم تحديد ختم القرآن بأيام معينة: قلت: الصواب أن المرجع في ذلك إلى النشاط، فلا يُحد بحد. انتهى.
وقال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف، فليقتصر على قد ما يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مُرْصَدُُ له، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه، من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1152)
نذر قراءة سورة من القرآن كل يوم صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[نذر شخص قراءة سورة يس يوميا" لحدوث شيء، وبعد حدوث الشيء واظب على القراءة قبل النوم لفترة، وحدث يوما" أن ذهب للنوم ونسي القراءة، وبعد أن غفل لفترة قصيرة تذكر فكسل عن القيام، ولكنه قرأ الجزء الذي يحفظه فقط ثم نام، ما الحكم في هذه الحالة؟ وكيف له أن يتحلل من هذا النذر أو يأتي منه بما يستطيع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر طاعة لله تعالى فالواجب عليه الوفاء بنذره، لثبوت الأمر بالوفاء به في الكتاب والسنة، كما هو مبين في الفتويين: 29377، 29484. إذا ثبت هذا، فإن الواجب على هذا الشخص الوفاء بقراءة هذه السورة يوميا، وقد أساء بتكاسله عن القيام بذلك، ولا تجزئ عنه قراءته لجزء منها، فالواجب عليه قضاء ما فاته.
قال العلامة ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج شرح المنهاج في فقه الشافعية:
ونذر قراءة جزء قرآن أو علم مطلوب كل يوم صحيح، ولا حيلة في حله، ولا يجوز له تقديم وظيفة يوم عليه، فإن فاتت قضى. اهـ.
فعليه استئناف قراءة هذه السورة يوميا، ولا سبيل للتحلل من هذا النذر بالكفارة ما دام قادرا على الوفاء به.
وننبه إلى أن مثل هذا النوع من النذر الذي يقع على سبيل المجازاة مكروه ابتداء، إلا أن الوفاء به واجب إذا وقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(19/1153)
صيام النذر واجب بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيما يخص النذر
لو فرضنا أن شخصا نذر إن حصل شئ ما أن يفعل كذا وكذا أو مثلا أن يصوم لمدة شهر..
وحصل ما قد تمنى.. هل يعتبر صيامه تكفيرا للنذر أم أنه يعتبر تطوعا؟؟ .. وما حكم النذر في مثل هذه الحالات؟؟
وجزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا حكم النذر في الفتوى رقم: 23715 فلتراجع، ومن نذر أن يطيع الله عز وجل بصيام أو غيره وجعل نذره معلقا على حصول شيء، فإذا حصل ما علق نذره عليه، وجب عليه الوفاء بالنذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره وصومه في هذه الحال صوم واجب بالنذر، وليس تطوعا، فيأخذ أحكام الصيام الواجب بالشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(19/1154)
حكم تحويل النذر إلى إلى جهة أخرى مشابهة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أتبرع لمسجد بمبلغ من المال فاتضح لي أن المسجد لا يستفيد من وضع هذه الأموال على هيئة أشرطة إسلامية فهل يجوز أن أضعها في مسجد آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المرء إذا نذر أن يفي بنذره على الوجه الذي حصل منه ساعة النذر، ولا يجوز له تحويل النذر من الجهة التي خصه بها إلا إذا تعذر الانتفاع به فيها، فيجوز حينئذ تحويله إلى جهة أخرى مشابهة، ولا حرج عليه في ذلك، لما فيه من منفعة تتفق في الأصل مع قصد الناذر من نذره.
قال ابن قدامة في المغني: وما فضل من حُصُر المسجد وزيته، ولم يحتج إليه، جاز أن يُجعل في مسجد آخر، أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم، وكذلك إن فضل من قصبه أو شيء من نقضه. قال أحمد في مسجد بني فبقي من خشبه أو قصبه أو شيء من نقضه، فقال: يُعان في مسجد آخر. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل: ما كان لله فلا بأس أن يستعان ببعض ذلك على ما النفع فيه أكثر والناس أحوج إليه. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 6109.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(19/1155)
نذر تعليم الولد العلم الشرعي يلزم الوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.... وبعد:
نذرت إن أعطاني الله ولداً أن أعلمه العلم الشرعي وأتكفل به موجهاً إياه لهذا الأمر، راجيا الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين، فهل هذا نذر؟ وهل يجوز لي تعليمه أي علم آخر مع العلم الشرعي لينفع الإسلام والمسلمين؟ وإن لم أستطع ذلك فهل علي من كفارة؟ يرجى سرعة الرد، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر هو التزام المسلم المكلف طاعة لم تكن واجبة عليه قبل النذر، قال خليل: النذر التزام مسلم كلف ولو غضبان.... وإنما يلزم به ما ندب.
وعليه فتعليم الولد العلم الشرعي وتوجيهه إليه نذر يجب الوفاء به.
وأما عن سؤالك الثاني، فإن النذر تابع لنية صاحبه، فإن كنت نويت تعليمه العلوم الأخرى إلى جانب العلم الشرعي، فلك ذلك، وإن كنت إنما قصدت العلم الشرعي فقط، فإنه لا يجوز لك حينئذ صرفه عن العلوم الشرعية إلا إلى ما تتوقف عليه معرفتها، كعلم النحو والتصريف والمعاني والبيان والحساب ونحو ذلك.
وأما عن سؤالك الثالث، فإن النذر إذا عُجز عن الوفاء به فكفارته كفارة يمين، وانظر ذلك في الفتوى رقم:
33444.
ولكن اللازم لك بالنذر هو مجرد التوجيه، والعجز عنه غير متصور إلا في حالة ما إذا فقد الابن ولم يمكنك العثور عليه، لا قدر الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(19/1156)
اللفظ الموضوع للنذر لا يحتاج إلى نية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أتحدث مع نفسي بصوت لا يسمعه إلا أنا بأنه إذا أكرمني الله بمولود لأصومنّ الاثنين والخميس من كل أسبوع مدى الحياة ولم تكن نيتي النذر بل كانت نيتي الشكر لله فهل هذا يعتبر نذراً رغم عدم نيتي ومقصدي النذر؟ وماذا عليّ إذا لم أستطع الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر هو: التزام الفعل بالقول مما يكون طاعة لله عز وجل، من الأعمال قُربة. ذكره ابن العربي في أحكام القرآن.
وقال صاحب مطالب أولي النهى: والنذر في الشرع، إلزام مكلف مختار، ولو كان كافرًا بعبادة، لحديث عمر: إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك. اهـ
وقال الرملي في نهاية المحتاج: وشرعًا: الوعد بخير بالتزام قربة على وجه يأتي. اهـ.
فهذه التعريفات للنذر في مختلف المذاهب تدل على أن النذر فيه التزام ما ليس بلازم من القرب، وحاصل ما في السؤال يدل على ذلك، سواء نوى السائل النذر أو نوى الشكر، لأن اللفظ الذي ألزم به نفسه لفظ نذر، واللفظ الموضوع للنذر لا يحتاج إلى نية لقوة دلالته على المطلوب. قال التفتازاني في شرح التلويح على التوضيح: الكلام موضوع للنذر وهو إنشاء فيثبت الموضوع له وإن لم ينو. اهـ
وقال شيخي زاده في مجمع الأنهر: النذر لا يثبت بإرادته، بل بصيغته، لأنها إنشاء للنذر، سواء أراد أو لم يُرد. اهـ
وكون السائل جمع بين لفظ النذر ونية الشكر، لا ينفي كون كلامه هذا نذرًا؛ لأن نية الشكر بيان للباعث على النذر، لا أنها تنفي التزام القربة.
ولذا فإنه يجب على السائل الوفاء بنذره للنصوص الدالة على ذلك، فإذا عجز عن الوفاء به، كانت عليه كفارة يمين وبها يتحلل من نذره، وقد مضى بيان كثير من الأحكام المتعلقة بهذا السؤال في الفتاوى التالية: 17463، 3723، 4241، 34106، 34472.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(19/1157)
نذر المباح على التخيير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
نذرت أن أقيم حفلة عند تخرج أبنائي والآن تخرج أبنائي فما رأيكم أن أدفع مصاريف الحفلة لأقاربي حيث أنهم محتاجون للأموال جداً؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر يدخل في النذر المباح، والراجح فيه عند أهل العلم أن الناذر مخير بين الوفاء بنذره أو تركه، لكن في حالة حصول الترك له تجب فيه كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 34427.
والذي ننصح السائل به هنا هو أن يكفر عن يمينه، ثم يتصدق على إقاربه بما رصده من مال لتلك العزومة، وذلك لما في الصدقة على القريب المحتاج من عظيم الأجر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه الترمذي وحسنه، ولأن إقامة الحفلة أمر غير مطلوب شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1424(19/1158)
النذر المعلق على موت عدو للإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن ينذر المرء نذرا يؤديه إذا مات عدو من أعداء الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم النذر بين قائل بالكراهة وآخر بالإباحة وثالث بالتحريم، والأصل في ذلك ما روي في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئاً إنما يستخرج به من البخيل.
وعلى كل الأقوال، فإن الوفاء به لازم متى حصل المعلّق عليه إذا كان المنذور طاعة، وذلك لما أخرجه البخاري وأصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
والحاصل أن الذي نذر نذراً وعلقه على موت عدو من أعداء الإسلام، فإذا حصل موت من علق النذر على موته وجب أداء النذر إن كان طاعة، وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(19/1159)
يلزمك قضاء الأيام المنذورة إذا صادفت عذرا على الراجح
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد خروجي من البيت سالمة من الزلزال نذرت أن أصوم الاثنين والخميس ما دمت حية إذا كنت مريضة هل يجوز أن لا أصوم؟ وهل يجب القضاء عن الأيام التي أفطرت فيها لتعب أو مرض أو بسبب الدورة الشهرية أي الحيض؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب الوفاء بنذر الطاعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ الله فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَر أنْ يَعْصِي الله فلا يَعْصِهِ رواه البخاري.
ولا إثم عليك في عدم الصوم أثناء مرضك أو وجود الدورة الشهرية، ويلزمك قضاء هذه الأيام على الراجح من أقوال العلماء، كما في الفتوى رقم: 17880.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(19/1160)
يجوز إخراج قيمة المنذور إذا تعذر الوفاء بعين النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إن شفى الله ابنتها أن تتصدق بثلاث حلي من الذهب الذي تملكه وشفى الله ابنتها ولكنها كانت قد باعت هذا الذهب وكان ذلك عام 1997 فهل تؤدي ما عليها بسعر الجرام في عام97 أم في الوقت الحالي؟ وإذا لم تستطع فهل يسقط عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم كراهة الإقدام على هذا النوع من النذر، لأنه في الحقيقة لا يقدم شيئا من قضاء الله تعالى ولا يؤخره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: النذر لا يقدم شيئا ولا يؤخره، وإنما يستخرج به من البخيل. رواه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
لكن إذا وقع وجب الوفاء به إذا لم تكن فيه معصية لله عز وجل، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
وعلى هذا، فالواجب على هذه المرأة الوفاء بنذرها هذا، وحيث أنه تعذر الوفاء به على الوجه الذي حددته، جاز لها إعطاؤه بقيمته يوم حصل ما علق عليه، ونعني به شفاء ابنتها.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 27360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1424(19/1161)
نذر التبرر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أسأل عن النذر بالإسلام هل هو حلال أم حرام؟ أعلم أنه لا يمكن أن أشارط رب العالمين، أي أن أقول إذا نجحت سأذبح خروفا لوجه الله، لكن إذا تعرضت إلى حادث سير والله نجاني والحمد لله ألا يمكنني بعد الحادث أن أنذر بذبح خروف وتوزيعه على فقراء المسلمين؟ الرجاء إعلامي عن كل ما يختص بالنذر وشكرا جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر هو التزام طاعة لم تتعين كالصدقة وصيام التطوع، وله أقسام أوصلها بعض الفقهاء إلى سبعة تمكنك مراجعتها وبقية ما يتصل بالنذر في كتب الفقه، مثل كتاب "المغني" لابن قدامة.
ونذرك الذي ذكرته هنا يسمى نذر التبرر أو الطاعة، وحكم الوفاء به الوجوب، وعليه الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ الله فَلْيُطِعْهُ ومَن نَذَر أنْ يَعْصِي الله فلا يَعْصِهِ. رواه البخاري ومالك وأصحاب السنن.
قال البيجرمي في حاشيته على المنهج: وثانيهما (نذر تبرر بأن يلتزم قربة بلا تعليق كعلي كذا) وكقول من شُفي من مرض: لله عليَّ كذا، لِمَا أنعم الله عليَّ من شفائي من مرض (أو بتعليق بحدوث نعمة أو ذهاب نقمة، كأن شفى الله مريضي فعليَّ كذا فيلزمه ذلك) أي ما التزمه (حالاً) إن لم يعلقه (أو عند وجود الصفة) إن علقه للآيات المذكور بعضها في أول الباب. اهـ
فهنا ذكر الشيخ -رحمه الله- قسمي النذر من حيث الإطلاق والتقييد، وكلاهما يجب الوفاء به؛ لأنه نذر طاعة، مع أن النذر المقيد بشرط الممثل له بقوله: إن شفى الله مريضي فعليَّ كذا وكذا. مكروه في الأصل على الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم: النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخر، وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 3630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(19/1162)
استفت نفسك
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أصلي 12 ركعة شكرًا لله إذا حملت، ولم أحمل هذا الشهر الذي نذرت فيه، فهل وقع عليَّ النذر؟ وعلي الصلاة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحكم في هذا يرجع إلى نيتك عند وقوع النذر، فإن كنت نويت الإطلاق أي الوفاء بالنذر متى ما وقع الحمل دون تقييد ذلك بزمان معين فإنك يلزمك الوفاء عند تحقق المنذور. وإن كنت نويت تحديد ذلك بالشهر الذي وقع فيه النذر، فلا يلزمك حينئذ الوفاء مادام الحمل لم يحصل في هذا الشهر المحدد.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 31911.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(19/1163)
النذر بين مجاهدة النفس وتعذيبها
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت معصية فتبت لربي فقلت يا رب إني أنذر بأن لا أنام من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس طوال عمري عقوبة لنفسي. وبعد فترة أستصعب الأمر، فهل على الاستمرار والصبر؟ أم يجوز أن أتوقف وأتصدق على 10 مساكين؟ أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لابد من أن نلفت انتباهك إلى ما يلي:
أولاً: أنك إذا تبت توبة صادقة بعد فعل المعصية، فإن الله تعالى يقبل توبتك إن شاء الله، لقوله تعالى: َهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25] . وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل توبة العبد مال يغرغر رواه أحمد والترمذي.
ثانياً: إذا كنت تقصد بالنذر المذكور مجاهدة النفس، وتعمير الوقت المذكور بالعبادة، فقد نذرت طاعة الله تعالى، لقول صلى الله عليه وسلم: من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تامة تامة تامة رواه الترمذي وغيره.
وهذه الطاعة يلزمك الوفاء بها ما دمت قادراً عليها، ولو حصلت مشقة تستدعي الصبر.
وإن كنت تقصد بالنذر عقوبة نفسك وتعذيبها، فهذا ليس بمقصد شرعي، بل هو معصية يُنهى عن الوفاء بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه رواه البخاري وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(19/1164)
لا يلزم في الكفارات الإطعام في وقت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم اله الرحمن الرحيم، لقد نويت إطعام 60 مسكينًا في حال وفقني الله ونجحت في امتحانات آخر السنة والحمد لله استجاب الله لدعائي، ولكن ما يحيرني هو صعوبة توفر 60 مسكينًا في آنٍ ومكان واحدٍ، لذلك أسألكم إن كان بالإمكان تعويض هذه الصدقة بمالٍ أو بصدقة أخرى؟ أرشدوني جازاكم الله خيرًا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحصيل ستين مسكينًا ليس لازمًا في وقت واحد، ولا في مكان واحد. فإن كان ما نويت مجرد نية الصدقة من غير نذر أو صيغة تدل على الالتزام، فإنه لا يلزم الوفاء، إلا أنه من أعمال الطاعات الفاضلة. قال تعالى في وصف الأبرار: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً [الإنسان:8] . وراجع الفتوى رقم: 19270.
وأما إن كنت أتيت بصيغة تفيد التزامك بالإطعام، كنذر لله أو نحو ذلك، فيجب الوفاء بالنذر حسب ما نذرته إن كنت قادرًا عليه، لما في حديث الصحيحين: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
ولكنه لا يلزم القيام بإطعامهم في وقت واحد، كما لا يلزم الإطعام في كفارة الظهار وغيرها في وقت واحد. وراجع الفتوى رقم: 35169.
وراجع في العدول عن الإطعام إلى غيره الفتوى رقم: 27269، والفتوى رقم: 29377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(19/1165)
هل يجزئ ذبح بقرة أو ماعز لمن نذر شاة، وحكم أكل الناذر منها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
تزوجت ولم أنجب لمدة عام تقريبا فنذرت أن أذبح خروفاً إذا أعطاني الله ولداً ومنّ الله علي بالولد فقلت وأزيد أخرى على النذر وسوف أذبح شاتان لأن الله رزقني ولداً إن شاء الله ليصبح المجموع أربعة
والسؤال: هل يجوز أن أذبح عن ذلك كله بقرة بنفس سعر الأربعة لتعم الفائدة؟ وهل يجوز أن آخذ منها لنفسي أم أتصدق بها جميعا؟ وهل يجوز لي أن أشتري ذكر الماعز بدلاً من الخرفان؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر ليس بمطلوب شرعًا لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه، كما في الحديث المتفق عليه: نهى صلى الله عليه وسلم عن النذر. قال: إنه لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل.
لكن من نذر طاعة لله تعالى لزمه الوفاء بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وعليه، فإنك قد نذرت ذبح شاة عند ما ترزق مولودًا ذكرًا، وقد حصل ذلك والحمد لله، وزدتَ شاة أخرى تطوعًا.
أما الشاة الأولى فتنطبق عليها أحكام النذر، فيجب عليك الوفاء بها على ذلك الوجه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
ولا يكفيك ذبح بقرة أو ذكر الماعز أو غيرهما، لأنك نذرت طاعة معينة فعليك الوفاء بها. كما في الفتويين التاليتين: 2559، 27360.
أما الأكل من الشاة المنذورة فجائز إذا لم تكن نويت التصدق بها على المساكين فقط. أما إذا نويت الصدقة بها على المساكين فقط فلا يجوز الأكل منها ولا أي استفادة؛ لأنها خاصة بهم، نظرًا لما ذكر ابن أبي شيبة في المصنف عن عطاء قال: ما كان من جزاء صيد أو نسك أو نذر للمساكين، فإنه لا يأكل منه. اهـ
أما الشاة الثانية فهي زيادة تطوعاً منك تتصرف فيها حسب ما تريد.
أما الشاتان الباقيتان فهما عقيقة عن المولود، والعقيقة لها أحكام تتعلق بها مفصلة في الفتوى رقم: 2287.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(19/1166)
كل أحد مسؤول عن الوفاء بنذره
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أني إذا حملت سوف أتبرع للجامع بمبلغ قدره بين 1000و 2000 ليرة سورية، وكان زوجي أيضا قد نذر ودفع لوحده، فهل أدفع أنا لوحدي مرة أخرى، وهل يجوز على دفعات مثلا كل فترة أدفع مبلغا حتى ينتهي النذر وهذا بعد أن ولدت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تدفعي ما نذرت أن تدفعيه من الليرات، وليس يغنيك عن ذلك ما دفعه زوجك؛ لأن كل واحد منكما صدر منه نذر مستقل. وقد أخرج البخاري وأصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
وأما تقسيط الدفع فلا حرج فيه؛ لأن الوفاء بالنذر واجب، ولكنه ليس على الفور ما لم تكوني نذرت إخراج ذلك في دفعة واحدة.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21393.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(19/1167)
مذاهب العلماء فيمن حنث في نذره ناسيا.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
شخص نذر أنه سيصوم ثلاثة أيام إذا فعل معصية، وقد فعلها سهوا، وبعد فعله إياها تذكر نذره فهل يجب عليه القضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النذر من جنس نذر اللجاج والغضب، وقد سبق بيان الحكم فيه في الفتوى رقم: 13998.
ويبقى النظر فيمن حنث ناسيًا، وما يترتب عليه، فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة، وتفصيل أقوالهم على النحو التالي:
- فقد ذهب الأحناف والمالكية إلى أن النسيان موجب للحنث، واستثنى المالكية حالة التقييد بأن قال: ما لم أنس، فلا يحنث حينئذ.
- وذهب الشافعية إلى أنه لا يحنث مطلقًا. وهو رواية عن أحمد.
- وذهب الحنابلة في المشهور من مذهبهم إلى أنه لا يحنث إلا في الطلاق والعتاق.
إذا ثبت هذا فإن الأحوط الوفاء بالنذر، أو التكفير عن اليمين، خروجًا من خلاف من ذهب إلى أن النسيان موجب للحنث. ولتراجع الفتوى رقم: 2526.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(19/1168)
من نذر شيئا لمسجد فأبدله بشيء غيره أكثر فائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد:
جزاكم الله خيراً على ما تبذلونه من جهد في سبيل إنارة الطريق لكل سائل عن أمر دينه أما سؤالي فهو: إني نذرت مبلغاً من المال لله أشتري به نجفة لأحد المساجد فهل يجوز لي أن أتبرع بهذا المبلغ لمستوصف المسجد ذاته حيث أنه يحتاج إلى أجهزة وأسرة للمرضى؟ أو هل يجوز لي أن أتبرع به أو ببعض منه لمسجد آخر يحتاج لبعض الصيانة والتي يتم عملها من خلال التبرعات والجهود الذاتية؟
أفيدوني جزاكم الله عنا خيراً وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نذر طاعة وجب عليه الوفاء بها، لما في حديث الصحيحين: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
وعليه فإن كان المسجد الذي نذرت له لا يزال محتاجًا للنجفة، فيجب صرفها له. وإن لم يكن محتاجاً إليها، فلا بأس بصرف تلك الأموال لمصلحة غيره من المساجد، فإن كان ريع المستوصف يصرف في مصالح المسجد، فلا بأس بشراء الأسرّة له منها، أو غيرها من الأجهزة. وإن لم يكن ريع المستوصف يصرف في مصالح المسجد فلا يجوز صرف ما نذر للمسجد فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(19/1169)
حكم إخراج النذر على مراحل
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت مبلغا لوجه الله عند تعييني في إحدى الوظائف المرموقة، وكان هذا المبلغ من أول راتب لي، فدفعت نصف ما نذرت، والباقي سدده لي والدي، وعند رد المبلغ المتبقي علي إلى والدي أخذه ثم رده لي ثانية، مع العلم بأن المبلغ الذي تم نذره أخرج بالكامل والحمد لله فهل أكون ملزما بإخراج ما تبقى علي وسدده لي والدي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد كان من الواجب عليك أن تدفع نذرك من أول راتب كما نذرت؛ لأن النذر يجب الوفاء به على الوجه الذي التزمه الناذر إن كان ذلك ممكنًا. وانظر الفتوى رقم: 12609.
أما وقد فات ذلك وتم إخراج النذر بالكامل، فليس يلزمك غير ذلك، واستغفر الله مما قصرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(19/1170)
هل يعتبر نذرا من قال لنفسه سأفعل كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نجحت قلت لنفسي إن شاء الله سأصلي ركعتين شكرا لله بعد كل فريضة إن لم أكن مرهقة مثلا أو متعجلة، فهل أستمر على ذلك العمر كله؟ علما بأني لا أصلي السنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان ما قلتِ لنفسكِ تلفظت به بلسانك وكنت تقصدين بذلك النذر، فإنه يلزمك أن تصلي بعد كل فريضة تحل بعدها النافلة ركعتين؛ لأن ذلك يعد نذرًا يجب الوفاء به.
أما إذا لم تتلفظي وكان ذلك مجرد عزم أو حديث نفس أو نية للفعل المذكور ولم تنوِ به نذرًا فإنه لا يوجب عليك شيئًا، ولكن ينبغي لك أن تحافظي على ما نويت من باب الالتزام بالطاعة والدوام عليها، فإن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومه وإن قلّ، ولا يعتبر ذلك نذرًا.
وننبه السائلة الكريمة إلى أهمية السنن الراتبة والدوام عليها في حياة المسلم، فبها يجبر ما نقص من الفرائض، وبها يزداد العبد قربًا من الله تعالى وحبًّا له.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة والتفصيل في الفتوى رقم: 1821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(19/1171)
أقوال العلماء فيمن نذر صوم يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
ما حكم من نذر صوم يوم الجمعة كل حياته إذا شفى الله أمه وقد شفيت، هل يصطدم بكراهة النهي عن إفراد صوم يوم الجمعة، وماذا لو صادف يوم العيد، وإن عجز لمرض أوكبر سن فماذا عليه، وهل من وسيلة للتخلص من هذا النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب الحنفية والمالكية إلى مشروعية صوم الجمعة مفرداً ولزوم صومه على من نذر صومه لأنه نذر طاعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى كراهة إفراد الجمعة بصيام، وهو الراجح لما رواه مسلم عن محمد بن عباد بن جعفر: سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو يطوف بالبيت: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الجمعة؟ فقال: نعم، ورب هذا البيت.
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصومنَّ أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده. وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه على مسلم: وفي هذه الأحاديث الدلالة الظاهرة لقول جمهور أصحاب الشافعي وموافقيهم، وأنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يوافق عادة له، فإن وصله بيوم قبله أو بعده، أو وافق عادة له، بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه، فوافق الجمعة، لم يكره لهذه الأحاديث، وأما قول مالك في الموطأ: "لم أسمع أحداً من أهل العلم والفقه ومن به يقتدى نهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه".
فهذا الذي قاله هو الذي رآه، وقد رأى غيره خلاف ما رأى هو، والسنة مقدمة على ما رآه هو وغيره، وقد ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة، فيتعين القول به، ومالك معذور فإنه لم يبلغه، قال الداودي من أصحاب مالك: لم يبلغ مالكاً هذا الحديث، ولو بلغه لم يخالفه. ا. هـ
واختلف الشافعية والحنابلة في لزوم الوفاء على من نذره، فذهب الشافعية إلى أن من نذر صوم يوم الجمعة مطلقاً أو مضافاً على غيره لزمه الوفاء به، وفرقوا بين قولهم بانعقاده ولزومه مع كراهته، وبين تصريحهم بعدم انعقاد صوم المكروه بأمرين:
الأول: أن الكراهة في صومه مفرداً ليست ذاتية وإنما هي لعارض الإفراد، ولذلك لو قيد نذره بصومه مفرداً، كأن قال: "نذرت صوم الجمعة مفرداً لم ينعقد بخلاف الإطلاق فينعقد لأن الإطلاق لم يتعين للإفراد المكروه، لجواز أن يضم إليه غيره."
الثاني: أن محل كراهة إفراد صومه إنما هو في النفل لا في الفرض.
وذهب الحنابلة إلى أن من نذر صوم يوم الجمعة مفرداً استحب له أن يكفر كفارة يمين ولا يفعله، لأن ترك المكروه أولى من فعله، وإن فعله أجزأه، فلا كفارة عليه.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور وهو لزوم الوفاء به، إلا عند العجز فتجزئه كفارة يمين، لما رواه مسلم عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفارة النذر كفارة اليمين.
وإذا وافق يوم الجمعة يوماً يحرم صومه كالعيدين وجب الفطر والقضاء، قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: ومن نذر أن يصوم يوم الجمعة فوافق يوم فطر أفطره وقضاه.
وأما عند العجز عن الوفاء بالنذر فتجزئ عنه كفارة يمين كما سبق، وأما مع القدرة على الوفاء به فليست هناك وسيلة للتخلص منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(19/1172)
حكم تقسيم المال المنذور عند الوفاء.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في تأخير الوفاء بالنذر إذا تعثر الإنسان؟ وهل من الممكن في هذه الحالة أن يقسم النذر إذا كان نوع النذر هو إنفاق مبلغ معين من المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا النذر مؤقتًا بأجل، وقد حصل الناذر على بعض هذا المال عند حلول الأجل فإنه يتصدق بما قدر عليه، ويكفر عن الباقي كفارة يمين لعجزه عنه. قال الرحيباني في "مطالب أولي النهى": كأن نذر حجات وقدر على بعضها أتى بما يطيقه من الحجات المتعددة وكفر للباقي الذي لم يطقه اهـ
وإن كان هذا النذر مطلقًا عن التوقيت، فإن كان قد نوى صرفه دفعة واحدة فإنه ينتظر حتى يحصل عنده هذا المال كاملاً، وإن كان الناذر قد نوى تفريقه وقد حصل على بعضه فإنه يتصدق بما قدر عليه، وما بقي يكون في ذمته فيتصدق به متى ما قدر عليه. قال الدسوقي في حاشيته - وهو يتكلم على من نذر بدنة فعجز عنها وعن بدلها من الغنم- قال: فلو قدر على دون السبعة من الغنم فإنه لا يلزمه إخراج شيء من ذلك كما هو ظاهر كلام المؤلف والمواق، بل يصبر لوجود الأصل أو بدله، أو بدل بدله بتمامه. وقال بعضهم: يلزمه إخراج ما هو قادر عليه ثم يكمل ما بقي عند اليسر، وهو ظاهر لأنه ليس عليه أن يأتي بها كلها في وقت واحد. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(19/1173)
ما يلزم من نوى الوفاء بنذرته ومنعته ظروف طارئة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي يتلخص في الآتي: نذرت زوجتي نذرا لله (حيث إنها كانت مريضة) بأن إذا شفاها الله ستوزع مالا على فقراء المسلمين، فلما شفاها الله سبحانه وتعالى أرادت أن تفي بالنذر، ولكن قد طرأت ظروف الله أعلم بها، حيث أن تلك الظروف قد حالت دون الإيفاء بالنذر حالا، فهل من الممكن أن أؤخر ذلك إلى أن ييسر الله علي تلك الظروف وأفي بهذا النذر؟ أفيدونا أفادكم الله وزادكم الله في العلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت زوجتك قد عينت أو نوت تحديد وقت لإخراج النذر وهو كأن تكون نوت أو عينت وقت حصول الشفاء فعليها إخراجه بعد الشفاء مباشرة، فإن كانت حينها عاجزة فعليها كفارة يمين، وأما إذا لم تكن حددت زمن الإخراج فعليها الوفاء بما نذرته متى ما قدرت على ذلك، فإن استمر بها العجز وغلب على ظنها عدم زواله فإن الواجب عليها كفارة يمين.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
7004، والفتوى رقم: 21234.
واعلموا أن شأن النذر عظيم. وراجعوا الفتوى رقم:
2522، والفتوى رقم: 12396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(19/1174)
حكم الشك بعد الفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
سؤالي هو: لقد نذرت صوم يومين أو ثلاثة إذا تحقق أمر معين وتحقق هذا الأمر وأذكر أني صمت ولكن لا أذكر كم يوماً فهل أصوم ثلاثة أيام مرة أخرى أم ماذا أفعل؟
أفيدوني وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد فرغت من الوفاء بنذرك، ثم شككت في عدد الأيام التي صمتها فليس عليك إعادة ولا إتمام؛ لأن الشك في العبادة بعد الفراغ منها لا يؤثر.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في قواعده: القسم الثالث: ما عمل فيه بالظاهر ولم يلتفت فيه إلى الأصل، وله صور، منها: إذا شك بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركن منها، فلا يلتفت إلى الشك؛ وإن كان الأصل عدم الإتيان به وعدم براءة الذمة، لكن الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أنها تقع على وجه الكمال، فيرجح هذا الظاهر على الأصل. اهـ.
وقال الزركشي في "المنثور في القواعد": ثانيها: الشك بعد الفراغ من العبادة. قال: ابن القطان في المطارحات: فرّق الإمام الشافعي بين الشك في الفعل، وبين الشك بعد الفعل، فلم يوجب إعادة الثاني؛ لأنه يؤدي إلى المشقة ... إلخ. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(19/1175)
نذر ترك المحرمات لايصح
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إذا نجحت أن أتوقف عن إحدى العادات السيئة، ونجحت فعلا، لكني لم أتوقف، ما هو ذنبي وكفارتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصد بالعادة السيئة أمرًا محرمًا شرعًا، فإن هذا النذر لا ينعقد؛ لأن ترك الحرام لازم بإلزام الشرع، ولا يحتاج إلى نذر، كما أنه لا يصح نذر فعل الواجب لأنه واجب على المكلف ابتداءً بحكم الشرع.
جاء في الأشباه والنظائر: القاعدة الخامسة والعشرون: ما ثبت بالشرع مقدم على ما ثبت بالشرط، ولهذا لا يصح نذر الواجب. اهـ
وجاء في أسنى المطالب: وأما الطاعة فشرطٌ في انعقاد النذر، لكن لا يصح نذر الواجبات منها، وكذا تركُ، أي نذرُ تركِ المحرمات لأنها قد لزمت بإلزام الشرع ابتداءً فلا معنى لالتزامها. اهـ
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 15049.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(19/1176)
من مات وعليه نذر صيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
علي نذر صوم ثلاثة أيام وأنا صمت يوماً واحداً وبقي علي اثنان هل يجوز لي أن أخرج مالاً مقابل عدم قدرتي على الصيام؟ وكم مقدار المال الذي يجب أن أدفعه مقابل اليومين؟ رغم أنني إن شاء الله بمجرد ما أنجب سوف أصوم اليومين ولكن أخاف أن أموت ولم أوف ديني أعينوني أعانكم الله على فعل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر إن لم يحدد وقت للوفاء به وعرض عارض دونه فلا مانع من تأخيره حتى يزول هذا العارض.
وعليه، فإن عليك أن تؤخري صوم اليومين حتى تنجبي، وليس عليك إخراج مال عنهما، وإذا كان هناك عجز مؤبد فعليك كفارة يمين، لما في صحيح مسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. ولما في حديث أبي داود والبيهقي: ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين. روي موقوفا عن ابن عباس رضي الله عنهما وروي مرفوعا، وضعف الألباني المرفوع.
قال ابن قدامة في المغني: وإن عجز لعارض يرجى زواله من مرض أو نحوه انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها، لأنه لم يفت الوقت فيشبه المريض في شهر رمضان، فإن استمر عجزه إلى أن صار غير مرجو الزوال صار إلى الكفارة.
هذا ونسأل الله لك المواظبة على طاعة الله وأن يختم لك بخير، ولكن لو قدر الله لك الوفاة، فإنه يستحب لأحد أوليائك أن يصوم اليومين الباقيين نيابة عنك.
فقد ذكر ابن قدامة في المغني: أن من نذر صوما فمات فعله الولي عنه.
واحتج له بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت: نعم، قال: فصومي عن أمك رواه البخاري ومسلم.
واحتج له بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة: استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فأفتى له أن يقضيه عنها، فكانت سنةً بعد. رواه البخاري.
واحتج له بما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(19/1177)
ما عجزت عنه فكفري عنه كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
أنا للأسف نذرت نذورا فوق استطاعتي وكانت كثيرة علي، ولم أستوف منها إلى الصيام وأنا أحس بذنب، وودي أنكم تفتوني وتجدون لي الحل، وجزاكم الله عني ألف الجزاء.
نذوري هي:
نذرت صيام شهرين، ولله الحمد استطعت أن أوفي بنذري، لكن نذرت أن أتصدق ب 25 ألف ريال، ونذرت أني أذبح من الإبل عشرا وأن أعمل وليمة عشاء كبيرة إذا انفرج الهم الذي أنا فيه، ولله الحمد انفرج ولكن لم أستطع إلا الصيام، وأنا موظفة لا أدخر من مالي ولا عندي أي دخل، فأفتوني جزاكم الله خيرا، وأخرجوني من همي، ابنتكم الفقيرة لربها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر إذا كان طاعة فيجب الوفاء به، وهو يشمل فيما ذكرت نذر الصيام ونذر الصدقة، أما الصيام فقد وفيت به والحمد لله، وأما الصدقة فإن كنت قد عجزت بحيث لا يمكنك توفير هذا المال شيئًا فشيئًا فإنه تلزمك حينئذ كفارة يمين. وأما نذرك ذبح عشر من الإبل، أو عمل وليمة فهو من نذر المباح، والراجح أن الناذر له مخير فيه بين الوفاء وبين الترك والتكفير عن يمينه، فعلى هذا فإنه يلزمك بكل نذر منهما كفارة يمين أيضًا.
وننبهك إلى أن النذر الذي يقع على سبيل المجازاة قد ورد النهي عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
28918، والفتوى رقم: 26871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(19/1178)
يلزم النذر بالصفة التي نذها الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم عن امرأة كانت مريضة وقد نذرت إذا شفيت من مرضها بأنها سوف تذبح بقرة وتوزعها وعندما شفيت طلبت من زوجها أنها توفي بالنذر ولكنه رفض.. بعد ذلك دفعت 1200 ريال قطري ووزعتها على الفقراء وفي ذلك الوقت لم تكن تعرف ما معنى النذر وقد سمعت من بعض المشايخ أنه يجب أن توفي بالنذر الذي نذرته ماذا تفعل الأن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً: النذر لا ينبغي للمسلم أن يلزم نفسه به، لأنه إلزام بشيء لم يُلزم به الله ولم يوجبه، ولهذا جاء النهي عن النذر. وقال صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج من البخيل رواه البخاري عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم.
وأما إذا نذر المسلم طاعة من الطاعات لله عز وجل من صيام أو صلاة أو صدقة ونحوها، فإنه حينئذ يلزمه الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. وما دُمْتِ قد نذرتِ أن تذبحي بقرة إن شُفِيت، ثم شُفيت فيلزمك أن تذبحي بقرة وتوزعيها كما نذرتِ.
وما ذكرتِه من أنك تصدقت بـ1200 ريال قطري، فإن هذا لا يُسقط نذر الذبح مادمت تستطعين ذبح بقرة، ولا يكفي التصدق بالمبلغ المذكور، لكن فيه خير وأجر إن شاء الله. ثم إن كنت نذرت أن تذبحي البقرة في زمن معين ثم فات الوقت ولم تفعلي فليزمك مع النذر كفارة يمين بدل التأخير، وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(19/1179)
هل يجوز تغيير النذر عما حدده الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أذبح بقرة عند ولادتي ولادة سليمة والحمد لله تم بفضل الله ذلك، والسؤال هو: لو ذبحت عجلاًً فهل يجزئ ذلك رغم أن ثمن العجل في بلادي أرخص من البقرة، ولكن الناس في بلدي يفضلون لحم العجل على لحم البقر، وهل يجوز إهداء أمي وأخواتي شيئا من لحم هذا النذر حيث أقيم أنا معهم في فترة ذبح النذر؟ وهل يجوز لزوجي وأولادي الأكل من هذا اللحم عن طريق الجزء المهدى لأهل زوجي. وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الناذر يلزمه ما سمى إذا كان فيه طاعة وتقرب إلى الله تعالى، ولا يجوز تغييره مادام الوفاء به على الوجه المنذور ممكناً، لما روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. أخرجه البخاري وأصحاب السنن وأحمد ومالك. وعليه فإنه يلزمك أن تذبحي البقرة التي نذرت، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 16384 وأما ما سألت عنه من إهداء بعض هذا اللحم إلى قرابتك وزوجك، فما دمت لم تحددي جهة يصرف إليها، فلك أن تهدي منه إلى من شئت. وانظري الفتوى رقم: 27782. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(19/1180)
حكم نذر النفل في أوقات الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أصلي ركعتين لله بعد كل صلاة مدى الحياة وعلمت مؤخراً أنه لا يجوز الصلاة بعد الفجر إلى الشروق فهل أصلي ما نذرت بعد صلاة الفجر أم لا يجوز؟ وأصليه بعد بقية الصلوات فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتلزمك الركعتان اللتان نذرت، إلا في وقت النهي عن النافلة، وهو ما بعد صلاة العصر وما بعد صلاة الفجر.. ففي هذين الوقتين لا يلزمك الوفاء بنذر الصلاة فيهما لمصادمته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها. قال الدردير شارح مختصر خليل وهو مالكي عند قول خليل: وإنما يلزم به ما ندب.
قال: فلا يلزم به لمباح كنذر على أن أمشي في السوق إذا لا قربة فيه، والمكروه أحرى كنذر على أن أصلي نفلاً بعد العصر.
وقال صاحب روض الطالب، وهو شافعي: ولا ينعقد نذر الصوم والصلاة في يوم الشك والأوقات المكروهة.
وهل يجوز الوفاء بنذر المكروه أو لا يجوز، في ذلك خلاف، والأولى تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(19/1181)
هل ينعقد النذر بالتلفظ بدون نية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
هل يلزم لصحة وقوع النذر وجود النية، يعني إذا نطق الشخص كلمة نذرتُ سهوا دون وجود نية للنذر يكون هل يقع عليه ويصبح ملزما به لمجرد زلل اللسان بهذا اللفظ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمتلفظ بالنذر إما أنه تلفظ به من غير قصد التلفظ به أصلاً، كأن يريد أن يقول شيئاً فسبق لسانه بلفظ النذر، فهذا لا يلزمه شيء.
وإما أن يقصد اللفظ دون المعنى، يعني قصد التلفظ بلفظ النذر دون أن ينوي النذر، كالهازل واللاعب، فإنه ينعقد نذره، ذلك أنه أتى بالقول قاصداً له، فإذا أتى بالسبب لزمه حكمه شاء أم أبى، جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن عمر أنه قال: أربع جائزة في كل حال: العتق والطلاق والنكاح والنذر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(19/1182)
مخير بين الوفاء بالنذر أو كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.... أما بعد:
إني أسأل الله العظيم أن يجزيكم جزيل الثواب على ما تبذلون من مجهود في سبيل نشر العلم وتوجيه المسلمين ونصحهم.
السؤال: إني نذرت نذرا، فقلت: إن فعلت كذا (وعينت أمراً) فعلي أن أصوم 7 أيام متتالية، وغلبت علي
شقوتي ففعلت ذلك الأمر مرات عديدة (6 مرات) ولم أوفي بالنذر الذي نذرته، وإني عازم إن شاء الله على تسديد ما علي من دين، وأسأل يمكنني أن أصوم الأيام التي علي متفرقة (أصوم يوماً، يومين ... حتى
أتم ما علي من صوم) أو يجب علي الصيام بصفة متواصلة، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من سؤالك أن النذر الذي نذرته هو نذر لجاج، ويفسره الفقهاء -رحمهم الله- بأنه الذي يقصد الناذر من ورائه حث النفس أو منعها من شيء ولا يقصد به البر -أي فعل الطاعة- وقد سبق بيان حكم هذا النوع من النذر وما على من نذره في الفتوى رقم: 29806، والفتوى رقم: 17466.
ومن خلال الجوابين يتبين لك أنك مخير بين الوفاء بنذرك أو كفارة يمين، كما هي موضحة في الفتوى رقم:
2053.
وفي حال اختيارك للوفاء بنذرك فإن طريقة الوفاء عائدة إلى نيتك، فإن كنت نويت تتابع السبعة -كما قلت- لزمك صيامها متتابعة وإلا فلا يلزمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(19/1183)
حديث نفسك لا يترتب عليك منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[الآن أنا قلت لماذا أدخل الكلية التي في نفسي سوف أذبح ذهبنا إلى الجزار فذبحنا خروفاً ولكن لم نأخذ الخروف كله فقط اشترينا اللحم والرأس والفرو، وباقي الأشياء غير اللحم أخذناها ما الحكم إذاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا قد وقع في نفسك دون التلفظ به فإنه لا يترتب عليك منه شيء، لأن حديث النفس غير مؤاخذ به لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست- أو حدثت - به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم ".
وقد بينا هذا في الفتوى رقم 11044 والفتوى رقم 23184 وإن كنت قد تلفظت به ونويت بهذا اللفظ النذر فيلزمك الوفاء بهذا النذر طبقاً لما نويته، فإن كنت قد نويت التصدق بلحم خروف دون النظر إلى اعتبار آخر أجزأك ما قمت به، وإن كنت نويت بذلك شراء خروف وذبحك له أو ذبح غيرك له فلا تبرأ ذمتك إلا بذلك.
وراجع الفتوى رقم 1423 ولتعلم أن هذا النوع من النذر مكروه ابتداء، وقد ورد النهي عنه في السنة الثابتة الصحيحة، كما في الفتوى رقم 17463
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(19/1184)
من نذر أن يقوم بأمر مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال واحد فقط والله يعطيكم العافية:
لقد كان لدي ابن عم وكان مسجوناً في رقبة والحمد لله خرج من السجن، وقد نذرت قبل أن يخرج من السجن بأنه إذا خرج سوف أذبح ذبائح وأعشي الكتيبة حيث أنني عسكري في حفر الباطن، وقد ترقيت ونقلت إلى تبوك ولم أوف بنذر، وقد نقلت الكتيبة من حفر الباطن إلى الرياض ونقلت بعد ذلك إلى مدن كثيرة. فماذا أفعل هل أكفر عن ذلك أم ماذا أفعل دلوني جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنذرك هذا من النذر المباح، وقد اختلف العلماء في انعقاده، فذهب أحمد إلى أن من نذر أن يقوم بأمر مباح أنه مخير بين فعل ما نذر أو إخراج كفارة يمين.
وذهب غيره كالمالكية إلى أن هذا النوع من النذر لا ينعقد ولا يلزم فيه شيء، وهذا هو الصحيح، قال الدسوقي في شرح مختصر خليل: وإنما يلزم به ما نُدب يعني: مما لا يصح أن يقع إلا قُربة، وأما ما يصح وقوعه تارة قربة وتارة غيرها فلا يلزم بالنذور وإن كان مندوباً. انتهى.
وإطعام الزملاء والأصدقاء من هذا النوع، وعليه فلا تلزمك كفارة ولا الوفاء بما نذرت، ولو أخرجت كفارة يمين خروجاً من الخلاف كان ذلك أحوط وأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1424(19/1185)
حكم نذر تسمية المولود باسم معين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد اتفقت مع زوجتي على أن أسم أول مولود إن شاء الله هو عبد الله وبعد فترة ندرت لله أن يكون اسم المولود إن حملت زوجتي محمد وقد حملت بعدها لكنها لا تزال تريد أن يكون الاسم عبد الله ونحن في خلاف دائم فما هو الحل والحكم الشرعي في المسألة وهي الآن على وشك الولادة؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنذر تسمية المولود باسم معين من النذر المباح، وقد سبق حكمه في الفتوى رقم:
20047
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(19/1186)
من كان مطيقا للوفاء بالنذر فلم يفعل أثم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته الذي لم يفِ بالنذر فما عقابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد مدح الله المؤمنين بأنهم يوفون بنذورهم فقال تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً) ، وقد نص أهل العلم على أن النذر الذي يجب الوفاء به هو نذر الطاعة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " رواه البخاري وأبو داود، ونذر الطاعة، نذر الصلاة والصيام والحج والصدقة وما في هذه المعاني، سواء نذره مطلقاً أو علقه على حصول شيء، نحو قوله: إن شفاني الله أو شفى فلاناً أو سلم مالي الغائب ونحو ذلك، فإذا تحقق الشيء الذي أمل أو كان نذره مطلقاً وجب عليه الوفاء بما نذر إن استطاع، فإن لم يستطع فعليه كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة أو صيام ثلاثة أيام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذراً أطاقه فليف به " رواه أبو داود وابن ماجه. ومن كان مطيقاً للوفاء بنذر الطاعة فلم يفعل أثم بذلك وعرض نفسه للعقوبة العظيمة التي جعلها الله لمن عصاه، ولا سيما أن عدم الوفاء بالنذر من سمات المنافقين قال تعالى (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) ، وراجع للأهمية الفتوى رقم 1125، والفتوى رقم 5526 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1424(19/1187)
تلزمك كفارة يمين إن عجزت عن الوفاء بنذرك أو يمينك
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت بأنني سأقدم عدة أشياء لأشخاص معينين عندما أعمل، والآن أرى أنني غير قادرة على تنفيذ ذلك والبعض الآخر من الأشياء قد نسيتها، فماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت نذرت فقلت مثلاً "لله علي أن أعطي فلاناً كذا أو فلاناً كذا إذا عملت"، فإنه يلزمك الوفاء بهذا النذر إذا عملت لأنه تحقق ما علق عليه النذر، فإن لم تقدري على الوفاء لزمتك كفارة يمين، وكذا إذا حلفت كأن قلت مثلاً "والله لأعطين فلاناً كذا وفلاناً كذا إذا عملت" فالأفضل لك أن تبري بقسمك وتعطيهم ما حلفت عليه، فإن لم تعطهم لعجز أو غيره لزمتك كفارة يمين أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(19/1188)
نذر أداء صلاة الصبح يزيد الأمر تأكيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم.
فضيلة الشيخ لدي بعض الأسئلة، منها أني في أحد الأيام أعطيت وعدا لربي بعد أن أشفى من مرضي بأن أقوم لصلاة الصبح، وبالفعل شفيت من المرض وصرت أقوم قبل الشفاء وبعده لقيام صلاة الصبح، لكن بمرور الأيام بصراحة تكاسلت عن قيام صلاة الصبح، وبالتالي فأنا قد أخلفت وعدي لله عز وجل، ماذا أفعل حتى يغفر الله لي ذنبي وحتى أعود لقيام صلاة الصبح وهل عدم القيام لصلاة الصبح من الدنوب التي لا تترك الشخص يؤم للصلاة - وهذا على حسب ما سمعت.
السؤال الثاني:
هناك موقع يسمى "raf7" وهو موقع خاص بالحياة الزوجية وعربي، أرجو فضيلة الشيخ أن تنصحنا بخصوص هدا الموقع، لأنني أشكك فيه.
السؤال الثالث:
هل يجوز للزوجات أن ينقصن من حواجبهن وإن كان لأزواجهن حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الصبح فرض بالأصل، ونذر أدائها أو معاهدة الله ووعده بذلك يزيد الأمر تأكيداً.
وقول الشخص: إذا شفاني الله فعليّ أن أفعل كذا، يعد نذرا وليس مجرد وعد، والفرق بين الأمرين، أن الحنث في النذر يوجب كفارة ككفارة اليمين، بخلاف الوعد، فالواجب على السائل الآن هو أن يتوب إلى الله، وأن يؤدي صلاة الفجر في وقتها، ومع جماعة المسجد إن كان رجلا، وأن يكفر عن نذره، ويستعين بما يوقظه للفجر من قريب أو صديق أو جهاز تنبيه أو غير ذلك، وعدم القيام لصلاة الفجرلغير عذر يعد من الذنوب التي لا ينبغي لمن تلبس بها أن يؤم الناس، لأن ذلك من الفسق الظاهر عند الإصرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(19/1189)
من عجز عن الوفاء بنذره فعليه كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر ثلاثة وعشرين، نذرت إن الله شفاني من مرض أن أدخل التحفيظ، وأنا لم أف بنذري والسبب أني لا أحب الخروج من البيت، والآن أريد أن أحفظ في البيت، هل علي شيء؟ وشكراً، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى أوجب الوفاء بالنذر ومدح الموفين به، قال الله تعالى في وصف الأبرار: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بالنذر إذا كان طاعة قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
وهذا الأمر محمول عند العلماء على الوجوب، إلا أنه كره النذر المعلق على غير معصية لما في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: أنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم.
ومع أن الإقدام على هذا النوع من النذر مكروه فإن الوفاء به واجب.
على هذا فإن كان مكان التحفيظ قريباً أو تيسر لها وجود محرم يحملها إليه ويردها فعليها أن تذهب لمكان التحفيظ، ولعلها تجد هناك رفيقات ينشطنها وينافسنها، وبهذا تكون قد عملت بمقتضى نذرها، وإن كان في الأمر مشقة وحرج عليها أو محظور شرعي مثل خوفها على دينها، فلا مانع أن تواصل حفظها في البيت وتستعين بالأشرطة في تصحيح وتجويد القراءة، أو من تيسر لها من المحارم.
وذلك أن ظاهر هدفها من دخول التحفيظ هو حفظ القرآن وهذا ممكن في البيت، وقد نص الفقهاء على أن من نذر نذراً لا يطيقه تجزئه عنه كفارة يمين، قال ابن قدامة في العمدة: من نذر طاعة لزمه فعلها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
فإن كان لا يطيقها كشيخ نذر صياماً لا يطيقه فعليه كفارة يمين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1424(19/1190)
من نذر حفظ القرآن في فترة معينة ولم يف
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي كفارة النذر؟ كأن ينذر الشخص بحفظ جزء معين من القرآن في وقت محدد ولم يوف؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تحمد الله تعالى على أن وفقك للاهتمام بحفظ القرآن الكرم، وعليك أن تبذل جهدك في ذلك قدر المستطاع، ولو أمكن أن تحافظ كل يوم على حفظ آيتين أوثلاث أو ما أمكن، فهذا حسن، ولن تمر عليك مدة إلا وقد حفظت بعض كتاب الله تعالى.
ولا داعي لأن تقوم بنذر حفظ جزء منه في وقت محدود، فإن ذلك قد يشق عليك أو تشعر بالملل فيدعوك ذلك للانقطاع عن الحفظ، خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن النذر لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل.
لكن ما دمت قد وقع منك نذر، وعجزت عن الوفاء به، فعليك حينئذ كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين.
وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقمة مؤمنة، فإن عجزتَ عن هذه الثلاثة، فصم ثلاثة أيام.
وللمزيد من التفصيل، راجع الجوابين التاليين: 3630، 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1424(19/1191)
مادون شاة الأضحية لا يجزيء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا نذرت وقلت لو ترقيت في الوظيفة التي أعمل بها سوف أذبح شاة لله، وبحمد الله ترقيت، فهل أستطيع أن أذبح جديا أم لابد أن أذبح شاة لله؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تفي بنذرك كاملا وعلى أحسن ما تستطيع، فإن النذر أمره عظيم، والله تعالى أمر بالإحسان في كل شيء فقال تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. [البقرة: 195] ومدح عباده الأبرار بصفة الوفاء بنذرهم فقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً. [الانسان:7]
وقال صلى الله عليه وسلم: ومن نذر نذرا أطاقه فليف به. رواه النسائي وابن ماجه.
وعلى هذا، فإن عليك أن تذبح شاة لله تعالى كما نذرت، ولا يجزئ الجدي، لأن الجدي لا يسمى شاة في العرف ولا في الشرع..
وقد ذكر شراح الرسالة لابن أبي زيد المالكي في باب الأيمان والنذور عند قوله: فإن حلف بنحر ولده.. وتجزئه شاة. أنها لا بد أن تكون مجزئة في الأضحية، والحالف كالناذر.
وعلى ذلك، ولا تجزئ عنك إلا شاة في المفهوم العرفي والشرعي، سواء كانت ذكرا أو أنثى.
وعليه، فما دون شاة الأضحية فلا يجزئ.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
3155، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(19/1192)
القربان - معناه وأحكامه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي جزاكم الله خيراً هو كالتالي: هل النذر جائز أو منهي عنه أو مكروه، وكيف أستطيع تقديم قربانٍ إلى الله لقضاء حاجتي؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم النذر بأقسامه، فتجده مفصلا في الفتوى رقم:
5526،.
وأما القربان، فهو كل طاعة يتقرب بها إلى الله تعالى كالصلاة والصيام والصدقة والذبح، ولكن لكثرة إطلاقه على الذبح، صار يعرف به، وقولك (تقديم قربان) تفعلها بين يدي حاجتك شكرا لله عليها، فإن كان نذرا معلقا بشرط حصول الحاجة، فله أحكام النذر، وإن كان قربة مجردة، فلا بأس به، أي أن تقدم بين يديك قربة كأن تتصدق بمال وتسأل الله قضاء حاجتك، وهو من الوسيلة المشروعة، أو تسأل الله تعالى أن يقضي حاجتك، فإذا قُضِيتْ فعلتَ قربة كذبح أو صيام أو نحوهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(19/1193)
الوعد بالصدقة لا يعد نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عند زوجتي ذهب فقالت إذا بعته سوف أتصدق بثمنه، أي صدقة جارية، فهل هذا يعتبر نذراً؟ وهل يجوز لها أن تشتري سهم الجمعيات التعاونية وأن تتصدق فيما بعد بأرباح الأسهم بقيمة الذهب المباع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يعتبر قول زوجتك هذا نذرا، بل هو وعد بالتصدق بقيمة الذهب، ولو لم تفعل لم يلحقها إثم، والأولى بمن وعد بفعل خير أن ينجزه.
ويجوز شراء أسهم في جمعية تعاونية ثم التصدق بأرباح الأسهم إذا كانت أنشطة الجمعية التعاونية مشروعة، ولا تقرض أو تقترض بالربا.
ولو عجلت بإخراج ما نوت إخراجه من با ب المسارعة إلى فعل الخير كان ذلك أولى، قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُ مْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. [آل عمران:133-134] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(19/1194)
كفارة من لم يستطع الوفاء بنذره
[السُّؤَالُ]
ـ[التحلل من نذر قام به فرد وجهر به؟ وهل يجوز عمل التحلل لاحقا لعدم وفرة المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نذر نذراً وجب عليه الوفاء به، وإذا لم يطقه لعدم توافر المال أو لغير ذلك فعليه كفارة يمين، أخرج أبو داود في سننه وابن ماجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين.
وزاد ابن ماجه في روايته: ومن نذر نذراً أطاقه فليف به.، انظر الفتوى رقم: 29377.
وأما قولك في الفقرة الأولى من السؤال: التحلل من نذر قام به فرد وجهر به؟ فإنا لم نفهمه، فالرجاء توضيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(19/1195)
إن قصد الإطلاق أجزأ وإلا فلا
[السُّؤَالُ]
ـ[نذر زوجي ذبح خروف فلما أراد أن يوفي عجز ولم يجد الشجاعة، فأخذت منه السكين واستلمت الخروف وذبحته بيدي نيابة عنه، فهل وفى بنذره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعتبر في هذا النذر نية زوجك لأنه الناذر، فإن قصد بذلك أن يلي الذبح بنفسه لم يجز عنه ما وقع منك من ذبح، إذ يتعين الوفاء بالنذر وفقاً لما قصد الناذر، وإن قصد بذلك حصول الذبح دون النظر إلى فاعله أجزأ عنه ذبحك له، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 8989.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(19/1196)
حكم من نذر أن يعتمر عن غيره فلم يستطع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
نوى أبي أن يقوم بعمرة بعد أن ينتهي من حل مشكلة ما، وقد قام بأكثر من عمرة من قبل، ولكنه توفي قبل أن يوفق إلى ذلك -رحمه الله وغفر له- فنذرت بأن أقوم بعمرة وأهبها له، فهل يجوز ذلك شرعا وهل إن لم أستطع القيام بذلك بنفسي أن أوكل غيري بالقيام بذلك عني على أن أتكفل أنا بنفقة السفر والعمرة كاملة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر أمره عظيم، ويجب على من نذر طاعة أن يفي بها على النحو الذي نذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وقد كره أهل العلم القدوم على النذر لأنه زيادة في التكاليف، وإلزام المكلف بواجب لم يكن واجباً عليه في الأصل، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم.
وعلى كلٍ.. فيلزمك الوفاء بهذه العمرة التي نذرت إلا إذا عجزت عن أدائها، فإن كان عجزك مؤقتاً يرجى زواله فلك أن تنتظر حتى يزول عذرك، وإن كان لا يرجى زواله فعليك أن تنيب من يقوم بها عنك بأجرة أو بغير أجرة، فإن لم يتهيأ لك ذلك فتلزمك كفارة يمين، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 11846.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(19/1197)
النذر قبل البلوغ لا يلزم الوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: أرجو أن تنوروني بالموضوع التالي أنا نذرت يوما بشيء إن تحقق أن أذبح صغيرا للدجاجة (صوصي) وهو كائن صغير لا يؤكل وأخاف أن يكون ذبحه غير جائز أي حراما يذبح ويرمى قصدي، وكنت في المراهقة أيامها، وكنت أمزح بنذري فأخبرني صديقي بأنه حسب عليك نذرا، فما هو الحل؟ .والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام هذا النذر صدر منك قبل بلوغك، فلا يلزمك الوفاء به، لحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم. رواه أحمد
وننبهك إلى أن أكل ولد الدجاجة (الفرُّوج) جائز لا حرج فيه، وفي الحديث ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عنها، قيل وما حقها يارسول الله قال يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها ويرمي بها. رواه النسائي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(19/1198)
نذر نذرا لأجل أن يحقق الله له شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعجبني شيء فأردت الحصول عليه، فنذرت لله نذرا ابتداء من ذلك اليوم وبدأت أنفذه فيه، مع العلم بأن الشيء الذي أرغب فيه لم يتحقق حتى الآن، هل تعتبر هذه الطريقة صحيحة (أن أقوم بالعبادة حتى يحقق الله ذلك الشيء) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يطيع الله فليطعه سواء كان النذر مطلقاً أو مقيداً وسواء في المقيد أن يكون النذر بعد حصول الشرط أو إلى حصول الشرط كما هو الحال في مسألتنا، ولمعرفة حكم النذر في الأصل راجع الفتوى رقم: 23715، والفتوى رقم: 25617.
ومن نذر أن يقوم بعبادة معينة ليتحقق له غرض معين فعسى أن يكون ذلك وسيلة إلى الله ليحقق له غرضه، وإذا كان قصد السائل أنه نذر نذراً معلقاً بشرط ويريد أن يفي بالنذر قبل حصول الشرط، فإنه لا بأس بذلك ولكنه لا يلزمه إلا بحصول الشرط بناء على قاعدة يجوز تقديم العبادة بعد السبب وقبل الوجوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(19/1199)
نذر صوم أسبوعين وأفطر يوما خلالهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسمت أن أصوم أسبوعين وخلال الأسبوعين أفطرت يوماً فهل علي ذنب وهل صوم يوم السبت مقبول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم صوم السبت منفردا في الفتوى رقم: 2078.
وأما قسمك على صوم أسبوعين فإن قصدت صومهما متواليين تعين عليك أن تصومهما كذلك، أما إن قصدت صوم أربعة عشر يوما ولم تنو شرط توالي أيامها، فلا حرج عليك في إفطار يوم في أثنائها ثم تكمل العدد بعد ذلك.
وراجع موضوع كفارة اليمين في الفتوى رقم: 26595.
هذا وينبغي التنبه إلى أن صوم السبت أثناء تتابع صيام الأسبوعين لا حرج فيه اتفاقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(19/1200)
حكم من نذر إلى فقراء فأصبحوا أغنياء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ 12 سنة كنت أعرف أناساً أصحاب أمي كانوا فقراء ونذرت إذا عملت عندما أكبر سوف أعطيها 500 درهم لكن الآن عندها المال الكثير وهي ليست محتاجه إلى هذا المال وانقطعت علاقتها بها وأعتقد إذا أعطيتها سوف ترفض لأننا نحن من زمان انقطعت علاقتنا بها هل يجوز أن أتصدق بهذا المبلغ إلى أناس يستحقونه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر هو: أن يلتزم الإنسان قربة لله تعالى غير لازمة شرعاً بلفظ يدل على ذلك، والإسلام يحث على الوفاء بالنذر وإن كان النذر ابتداء غير مطلوب، فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر فقال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه.
لكن إذا نذر المسلم طاعة لله تعالى فإنه يُطْلَب منه الوفاء بها طلبا جازما، قال الله تعالى في صفات الأبرار المتقين: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
فأنت إذن أيها السائل عليك الوفاء بنذرك إذا كنت قد حصلت على عمل وقدرت على المبلغ الذي نذرت، فعليك أن تسلمه إلى الناس الذين ذكرت ولو كانوا أغنياء، وإن كانوا أيضاً قد انقطعت علاقتهم بكم، فإذا رفضوا قبول المبلغ فينبغي أن تتصدق به على مستحقه وتكون قد أديت نذرك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(19/1201)
هل يشتري أشياء للمسجد بالمبلغ المنذور؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت ندراً عليّ أن أضع في المسجد مبلغاً من المال، فهل يجوز أن أخرج عن هذا المال أشياء مثل أن أشتري كتباً للمكتبة وقبقاباً للحمام وما شابه ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب عليك الوفاء بالنذر كما نذرت، فأعطي هذا المبلغ لناظر المسجد وهو بدوره يشتري للمسجد ما يراه الأنفع والأصلح، فإن لم يكن للمسجد ناظر فلك أن تشتري للمسجد ما هو الأصلح والأنفع، فإن كان ما ذكرته في السؤال هو أصلح شيء للمسجد وأنفعه فإنه لا بأس عليك في شراء ذلك بقدر المبلغ المنذور، وراجع الفتوى رقم:
19270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1424(19/1202)
لا يصح التصدق على الفقير بدل النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الإسلام بعدم الوفاء بالنذر، وهل تجوز الاستعاضة عنه بالتصدق للفقراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم وفقني الله وإياك لطاعته أن الوفاء بالنذر واجب، ولا تجوز الاستعاضة عن النذر بالتصدق على الفقراء، إلا أن الناذر إذا عجز عن الوفاء بنذره فإنه حينئذ يخرج كفارة يمين، ولتنظر الفتوى رقم: 29377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(19/1203)
أمر النذر راجع إلى ما نويت
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت مشكلة بيني وبين زوجي وهددني بالطلاق ونذرت لله إن لم يحصل الطلاق أن أصوم يوم الخميس مدى الحياة ولم يحصل الطلاق وبدأت بصوم الخميس، ولكن رجعت المشكلة وحصل الطلاق وبعد20 يوما أرجعني زوجي والسؤال هل يلزمني صيام الخميس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأمر هذا النذر راجع إلى نيتك، فإن نويت تعليق الصيام بعدم حدوث الطلاق في تلك اللحظة أو ذلك الوقت الذي كان الطلاق متوقعاً فيه، فلم يحدث فيه طلاق لزمك صوم الخميس أبداً، ولا يسقط عنك الصيام بحدوث الطلاق بعد ذلك.
وإن كنت نويت تعليق الصيام بعدم حدوث الطلاق في الحال أو الاستقبال، فحدث الطلاق في أي وقت سقط عنك الصوم لحظة حدوثه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(19/1204)
من نذر ألا يفعل معصية فوقع فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
أنا شاب في العشرينيات..عندما كنت في الصف الثالث متوسط أو الثالث ثانوي لا أذكر با لتحديد كرهت مداومتي المستمرة على العادة السرية....فقررت أن أنذر نذرا ... فقلت لنفسي إني سأتصدق بعشرة ريالات عن كل مرة أعمل فيها العادة السرية في محاولة لإبعاد نفسي عن ممارستها ... والحقيقة لا أدري إن كان هذا يعتبر نذرا أو عهدا في الشريعة ... لكني كنت أقصد النذر....والآن مرت سنوات طويلة ولم أستمر على دفع المبلغ بل تناسيت هذا الأمر تماما..ولا أدري كم عدد المرات التي مارست فيها العادة السرية ... فهل علي شيء أو كفارة لأتخلص من النذر أو العهد, ... أم أنني كنت صغير السن لا أميز أو أعرف عواقب الأمور ...
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قد تلفظت بما ذكرته، ولم يكن مجرد حديث نفس فإنه يعد نذر لجاج، فأنت مخير فيه بين الوفاء والكفارة، وإذا شككت في عدد المرات التي عُدت فيها إلى الاستمناء فاعمل بغلبة الظن والأحوط.
أما إذا كان مجرد حديث نفس فإنه لا يلزمك شيء، وكونك صغير السن لا تعرف عواقب الأمور لا يؤثر ما دمت بالغاً.
وراجع لنذر اللجاج الفتوى رقم: 12399 والفتوى رقم: 13349 وراجع للعادة السرية الفتوى رقم: 7170
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(19/1205)
من نذر ذبيحة ثم توفي قبل الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ذبح النذر قبل أربعين يوماً على وفاة من نذره وهل يجوز لأهل المتوفى أن يتناولوا منه الطعام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم يسأل عن شخص نذر ذبيحة، وقبل ذبحها وفاء بنذره توفي، فهل يجوز ذبحها قبل أربعين يوماً من وفاته؟
فإذا كان الأمر كذلك فلا مانع من ذبحها قبل ذلك أو بعده، وإن كان الأفضل التعجيل بها، لأنه من باب المسارعة إلى الخيرات.
وأما بخصوص أكل أهله منها فنحيلك على الفتوى رقم:
8048
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(19/1206)
من نذر شيئا فلا يجوز له تغييره أو دفع قيمته
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: النذر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت لا أعمل، وفي حينها نذرت إن عملت أن أذبح (ماعزاً أو خروفاً) ، وقد وفقني الله وعملت، فهل يجب علي النذر؟ وما هي مواصفات الذبيحة؟ وهل يجوز أن أعطي بدل الذبيحة ما يقابلها من مال للمحتاجين أو لبيت من بيوت الله؟ فإذا كان الجواب بنعم، فما مقدار هذا المال؟
يرجى الإفادة بالسرعة الممكنة، وفقكم الله لما فيه خير الإسلام والمسلمين والبشرية جمعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد الفتاح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر قربة فإنه يجب عليه الوفاء بما نذر، ولا يجوز تغييره إلى غيره أو قيمته، هذا هو مذهب الجمهور خلافاً للحنفية، وراجع الفتوى رقم:
16384.
ومن نذر أن يذبح بعيراً أو بقرة أو شاة فهل يشترط في ذلك شروط الأضحية من السن والسلامة من العيوب؟ فيه خلاف للعلماء.
والصحيح أنه يشترط ذلك وهذه المسألة مبنية على قاعدة "هل يحمل النذر على أقل الواجب في الشرع من ذلك النوع، أو على أقل ما يتقرب به، أو أقل ما يجوز؟
والصحيح أنه يحمل على أقل الواجب، وانظر المجموع للنووي 8/459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(19/1207)
من علق نذره على فعل محرم بقصد تركه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب دائما أندم على فعل المحرمات، فقبل أربع سنوات عزمت على ترك فعل شيء معين وهو محرم أصلا، ولتأكيد ذلك نذرت أن أصوم ثلاثة أيام مقابل كل فعل إلى زمن معين، مثلا من اليوم الذي عزمت فيه إلى عشرسنوات، وللأسف الشديد لم أستطع ذلك التغلب على الشيطان والنفس وفعلت الشيء نفسه 66 مرة خلال أربع سنوات فلزمني بذلك صوم 198 يوما ولا أستطيع ذلك ففررت إلى الله ثم إليكم لعلي أجد حكما أجهله وإلى الآن ما ظهر لي الحكم واضحا مع أني اطلعت على فتوى رقم: 9302 و13349 و17466 سؤالي هو: هل يمكن لي أن ألغيه بعد الكفارة قبل الزمن المحدود؟ والشيء المهم توضيحه أكثر هو هل أكفر مقابل كل فعل فعلته من قبل أي (أكفر66 كفارة مقابل 66 فعلاً فعلته) أم أعتبره 66 فعلاً مقابل كفارة واحدة؟؟؟ وما حكم إعطاء عشرة مساكين بسعر واحد كيلو ونصف من قوت البلد (بالثمن) لكل مسكين؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ورد من إجابة في الفتوى رقم:
17466 مطابق لسؤالك ولزيادة الأمر وضوحاً نقول لك:
من علق نذره على فعل محرم بقصد تركه، فهو مخير بين الوفاء بنذره أو أن يكون كفارة يمين، وهذا ما صرح به الحنفية والشافعية، قال الحصكفي في الدر المختار مع تنوير الأبصار: فإن علقه بشرط يريده كأن قدم غائبي أو شفي مريضي يوفي وجوباً إن وجد الشرط، وإن علقه بما لم يرده كإن زنيت بفلانة -مثلاً- فحنث وفَّى بنذره أو كفر ليمينه على المذهب لأنه نذر بظاهره، يمين بمعناه، فيخير ضرورة. انتهى.
وقال في مغني المحتاج: يشبه النذر من حيث إنه التزام قربه، واليمين من حيث المنع، ولا سبيل إلى الجمع بين موجبيهما، ولا إلى تعطيلهما فوجب التخيير. انتهى.
وبناء على هذا.. فإنه لا يجب عليك الوفاء بهذا النذر، لكنك مخير بينه وبين كفارة يمين، فأيهما فعلت أجزأك.
وننبه الأخ السائل إلى أن المنذور يتكرر وجوبه بتكرر الفعل لأنه علقه بلفظ "كل" وهي تفيد التكرار، أي كلما فعلت الذنب، فأنت مخير بين الوفاء بنذرك وبين كفارة يمين، علماً بأنه لا يمكنك إلغاء هذا النذر قبل انتهاء مدته المحددة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 9302.
وإننا لنوصيك بتقوى الله تعالى، وصحبة أهل الخير والصلاح، وتجنب مواطن الفتن والمعاصي، فلا سعادة ولا عز إلا في طاعة الله، ولا تعاسة ولا ذل إلا في معصيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1424(19/1208)
حكم من نذر صوما فعجز عنه أو عجز عن التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم بعد التحية
سؤالي ياشيخ هو: والدتي نذرت صيام شهر متواصل منذ فترة قد تكون بعيدة وهي الآن بالوقت الحالي لا تستطيع لأن معها الضغط والسكري فإذا صامت يوماً لا تستطيع متابعته بيوم آخر، وهي نذرت صيامه متواصلاً فهل يجوز لي أن أصوم عنها وإذا كان لا يجوز فما أفعل.. أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر نذر طاعة لزمه الوفاء به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره.
وهذه المرأة التي نذرت صيام شهر متتابعاً لزمها الصيام والتتابع، فإن عجزت عن التتابع بسبب المرض، فلا حرج عليها في أن تفطر الأيام التي لا تقدر على صيامها ثم ترجع إلى الصيام، وهكذا حتى تتم الشهر، وعليها أن تكفر مع ذلك كفارة يمين لفوات التتابع.
وهذا الذي قلناه من عدم قطع المرض للتتابع ووجوب الكفارة لفوات التتابع هو مذهب الحنابلة رحمهم الله، قال صاحب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى وهو يعد ما لا ينقطع به التتابع: وحيض ونفاس وجنون وإغماء ومرض مخوف، لأن الحيض وما بعده لا يمكن التحرز منه. انتهى.
ووافقهم الشافعي في قوله القديم في عدم قطع المرض للتتابع، وقال عن الكفارة لفوات التتابع: وإن قطعه لعذر يخير بينه -أي الاسئناف- بلا كفارة لفعله المنذور على وجهه، وبين البناء على ما مضى ويتم ثلاثين يوماً، ويكفر لفوات التتابع. انتهى.
هذا كله إذا كانت هذه المرأة قادرة على الصيام لكنها عاجزة عن التتابع، أما إن كانت عاجزة عن الصيام جملة فإن عليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً وتكفر مع ذلك كفارة يمين، وهذا مذهب الحنابلة أيضاً، قال صاحب المطالب: ومن نذر صوماً فعجز عنه أطعم لكل يوم مسكيناً وكفر كفارة يمين حملاً للمنذور على المشروع، وسبب الكفارة عدم الوفاء بالنذر، وسبب الإطعام العجز عن واجب الصوم، فاختلف السببان واجتمعا فلم يسقط واحد منهما لعدم ما يسقطه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(19/1209)
حكم من نذر ذبح ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد تعرضت لمصائب شديدة فنذرت إن زالت أن أذبح ابني بيدي بالسكين كما أذبح الشاة وفعلا زالت هذه الشدائد وأردت أن أفي بنذري فشحذت السكين لأذبح ابني غير أن أختي قالت لي إنه لا يجوز لي أن أفي بنذري وقصت لي قصة امرأة نذرت أن تذبح ابنها بيدها فقضي لها بالكفارة وعدم الوفاء لكن ماذا يترتب علي لو أصررت على الوفاء وأخذت ابني وذبحته بيدي وهذا ما أنويه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً وبارك في رجوعك لأهل العلم وسؤالهم في هذا الأمر الخطير وحرصك على إبراء ذمتك مما قد تعاقب عليه يوم القيامة.
أما جواب سؤالك فاعلم أخي الكريم أن العلماء اتفقوا على حرمة الوفاء بنذر ذبح الولد؛ بل فعل ذلك من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب لأنه قتل نفس بغير حق، وقد قال الله تعالى (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) ولا وفاء بهذا النذر لأنه نذر محرم. وقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه ".
وأما أمر الله تعالى لإبراهيم بذبح ولده فهو خاص به للابتلاء والاختبار، كما قال تعالى (إن هذا لهو البلاء المبين* وفديناه بذبح عظيم) ولا يتعداه إلى غيره.
ولذا فالحذر الحذر من تنفيذ هذا النذر، وهو نذر لاغ لا يلزمك به شيء، وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن عليك ذبح شاة كما فعل إبراهيم الخليل، وهو ما أفتى به ابن عباس رضي الله عنهما.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(19/1210)
من نذر نذرا لم يطقه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
نذرت بعد وفاة الوالدة أن أتصدق عنها كل شهر بمبلغ محدد، ولم أف بنذري بسبب الديون، ولكني الآن أشعر بالذنب فبدأت بوفاء النذر شهريا، ماذا عما مضى من عدم الوفاء وتمتد لسنوات، وإلى متى يجب أن أستمر في الوفاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الحديث الذي رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
وأنت نذرت طاعة فيجب عليك الوفاء بهذا النذر، فإذا عجزت عن الوفاء به فعليك كفارة يمين، لما روى أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين.
وبخصوص السنوات التي مضت ولم تف فيها بنذرك فيلزمك الوفاء متى قدرت، فإن تبين لك أنك لا تستطيع أن تفي بنذرك فلتخرج كفارة يمين عن كل شهر.
وأما إلى متى تستمر في هذا النذر فحسب ما نذرت، فإن كنت نذرت سنة أو عشر سنين، أو كنت نذرت أبداً، فيلزمك حسب ما نذرت، والصيغة التي ذكرت تفيد التأبيد، بمعنى أنه يجب عليك التصدق بالمبلغ الذي حددت كل شهر طيلة حياتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(19/1211)
تعجيل القضاء أم وفاء نذر الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل التعجيل بقضاء رمضان أو النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل تقديم قضاء رمضان على صوم النذر عند اتساع الوقت لهما، بل ذهب الحنابلة إلى وجوب تقديم القضاء على صوم النذر.
قال ابن قدامة في المغني: وإن لزمه قضاء رمضان أو كفارة قدمه على النذر، لأنه واجب بأصل الشرع فقدم على ما أوجبه على نفسه كتقديم حجة الإسلام على المنذورة....
وقال المرداوي في الإنصاف: لو اجتمع ما فرض شرعاً ونذر بدئ بالمفروض شرعاً إن كان لا يخاف فوت المنذور، وإن خيف فوته بدئ به، ويبدأ بالقضاء أيضاً إن كان النذر مطلقاً.
وعند تزاحمهما يقدم القضاء، مثل أن يكون عليه -مثلاً- عشرة أيام من رمضان، ونذر أن يصوم عشرة أيام من شعبان، ولم يبق سوى العشرة فيصومها عن قضاء رمضان لتعين الوقت لها، كما قاله الرحيباني في مطالب أولي النهى وقال: ومقتضى تعليلهم -الحنابلة- آنفاً باتساع الوقت أنه يقدم القضاء على النذر عند تزاحمهما في الوقت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1212)
حكم النيابة في النذر وكفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نذرت أمي أن تعد وليمة لأحد الأساتذة الذين كانوا يدرسونني لو أني نجحتُ، وقد منَّ الله عليّ بالنجاح، ولكن جاء موعد النتيجة في ظروف مؤلمة غير مناسبة لإعداد مثل تلك الوليمة، وبعد أن هدأ الحال أصبح من المتعسر الإيفاء بالنذر، وخاصة أنني فتاة، فهل يجزئ عن مثل هذا النذر كفارة اليمين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر يندرج تحت ما يسمى عند الفقهاء بنذر المباح، وقد اختلفوا في حكمه، والراجح أن الناذر يخير بين الوفاء به وعدم الوفاء، والأحوط في حالة عدم الوفاء أن يكفر عنه كفارة يمين، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
16155.
ويجوز للأم أن تنيب ابنتها عنها في الوفاء بهذا النذر أو في كفارة اليمين، إلا أنها لا تكفر عن أمها بالصيام لأن الصيام لا تدخله النيابة، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن ينوب عنه في الصيام بإذنه ولا بغير إذنه، لأنه عبادة بدنية، فلا تدخلها النيابة. انتهى.
هذا فيما إذا كانت الأم حية، فإن كانت ميتة، استحب لابنتها النيابة عنها، ولو لم يكن ذلك بأمر منها، فتنوب عنها في الوفاء بالنذر أو في كفارة اليمين أيضاً، وذلك بالإطعام أو الكسوة أو العتق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(19/1213)
إذا لم يحدد الناذر مصرفا فإنه يصرف في مصارف الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي إني قد نذرت لله تعالى نذراً وقلت إنني أنذر لله تعالى مبلغ كذا من المال وصيام ثلاثة أيام وسؤالي:
هل يجوز أن أعطي هذا المال لأحد أفراد أسرتي مثل والدتي أو إحدى أخواتي البنات أم هذا المبلغ من حق الفقراء والمساكين فقط. وهل يجوز أن أعطي المبلغ على دفعات مثلاً إن كان المبلغ 1000 ليرة فهل يجوز أن أعطيه على دفعتين مثلاً.
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر إن لم يحدد له الناذر مصرفاً معيناً يصرف في مصارف الزكاة المذكورة في القرآن، وأما إعطاؤك أمك أو إحدى أخواتك فراجع فيه الفتوى رقم: 21113
وأما تقسيط المبلغ وإعطاؤه دفعتين فلا مانع منه، إن لم تكن حددت وقتاً لدفعها لأن الوفاء بالنذر ليس واجباً على الفور، وراجع الفتوى رقم: 21393.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(19/1214)
نذر اللجاج لا يجب الوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب نذرت نذرا بصوم شهرين إن أنا فعلت هذه المعصية ولكن نفسي فعلتها بعد ضغط شديد وخالفت الشرط وارتكبت المعصية فهل واجب عليّ صوم شهرين؟ علماً أني نذرت هذا النذر لإبعاد نفسي عن فعل المعصية فما الحل؟ علما بأنه شاق علي صوم شهرين.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر الأصل فيه أن يكون تبرراً، بمعنى أنه يقصد به البر والتقرب إلى الله، وما فعلته أنت يسمى بنذر اللجاج أو الغضب، وهو الذي يخرج مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئاً، أو يحث به على شيء.
وهذا لا يلزمك الوفاء به، فأنت مخير بين الوفاء به وبين أن تكفر كفارة يمين، وهذا هو مذهب الشافعي ومشهور مذهب أحمد وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة وهو الراجح.
واعلم أن شؤم ارتكاب المعاصي عظيم على العبد في الدنيا والآخرة، فالحذر الحذر والبدار البدار بالتوبة النصوح، وخذ بالأسباب المعينة لك على ترك المعاصي، ولا تسمح لنفسك بأن تمر بك حالة ولو لدقيقة واحدة تكره أن يأتيك الموت عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(19/1215)
حكم النذر إذا فات بعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أصوم 13- 14- 15 من كل شهر هجري، ولكن ولاعتمادنا على التقويم الميلادي غالبا، وبسبب النسيان أحياناً أنسى الثلاثة أيام أو بعضاً منها، أفيدوني؟ جزاكم الله عنا كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليك أن تفي بنذرك وتصوم الأيام التي نذرت صومها، وإذا لم تصمها بسبب النسيان أو غيره من الأعذار فإن عليك أن تقضي بدلها أياماً أخرى لأنها أصبحت فرضاً عليك بعدما نذرتها والتزمت بصومها، والفرض إذا فات بعذر أو غيره يجب قضاؤه، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم إن شاء الله تعالى، ولمزيد من التفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 17880.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(19/1216)
لا تجزئ الذبيحة بنية الأضحية والنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن تكون الأضحية نذرا أرجو الإفادة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرء أن ينذر أن يضحي، وتجب عليه الأضحية والحالة هذه بلا خلاف وتجزئه عن الأضحية؛ لكن ليس له أن يأكل من هذه الأضحية التي نذرها. قال صاحب مجمع الأنهر –وهو حنفي-: (ولو نذر أن يضحي ولم يسم شيئاً يقع على الشاة، ولا يأكل الناذر منها ولو أكل فعليه قيمة ما أكله، لأن سبيلها التصدق، وليس للمتصدق أن يأكل من صدقته.) انتهى.
أما إن كنت تقصد السؤال عن حكم الجمع بين قربتي الأضحية والنذر في نية واحدة، فلا يصح أن يذبح العبد ذبيحة واحدة عن الأضحية والنذر لكونهما عبادتين مستقليتن مقصودتين بذاتيهما ولا تندرج إحداهما في الأخرى، فلا يصح تشريكهما في نية واحدة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 6579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(19/1217)
من أحكام النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[في سن المراهقة نذرت عدة نذور لا أدري هل هي نذر أو نذران ولكني لم أفِ بالنذر ولم أعد أذكر ما هو أو ما هي مناسبته فما العمل حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا النذر صدر منك قبل البلوغ فلا يلزمك شيء لأن النذر لا يصح من الصبي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ." رواه أبو داود وغيره.
قال في الإنصاف: (ولا يصح –أي النذر- إلا من مكلف مسلماً كان أو كافراً.) انتهى.
وانظر في علامات البلوغ الفتوى رقم: 10024
وأما إن كان صدر منك بعد البلوغ فإنه يجب عليك الوفاء بالنذر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 26871
وإذا عجزت عن تذكر ما نذرته فعليك أن تكفر كفارة يمين بعدد النذور التي غلب على ظنك أنك كنت نذرتها، وانظر الفتويين: 2522 2343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(19/1218)
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذرت صيام شهر لله إذا حدث شيء معين وبعد أن تحقق هذا الشيء لم أوف بالنذر هل يكون ذلك سبباً لغضب الله علي فى نفس الشيء الذي نذرت فيه وحرماني منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك الوفاء بنذرك، لأن من نذر فعل طاعة وجب عليه الوفاء بها ويأثم بتركها، وانظر الفتوى رقم: 13425 والفتوى رقم: 4241
ولا نعلم دليلاً خاصاً يفيد أن ترك الوفاء يؤدي إلى الحرمان مما علق عليه النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(19/1219)
حكم العهد إذا كان بصيغة النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
كنت في بداية توبتي إلى الله قد عاهدت نفسي أمام الله أن أصوم 10 أيام إذا ارتكبت معصية الاستمناء ومع الأسف فقد ارتكبتها، فهل يلزمني أن أصوم؟ خاصة وقد شق علي الأمر، ولقد من الله علي بتوبة حيث إنني تركت هذه المعصية منذ سنة تقريباً وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان العهد المذكور قد تم بصيغة النذر أو ما يدل عليه، كأن تقول: لله عليَّ إن استمنيت أن أصوم ... إلخ، فهذا نذر لجاج وغضب، وقد نص العلماء على أن فاعله مخير بين الوفاء بما التزم به أو أن يكفِّر كفارة يمين، على ما مضى بيانه في الفتوى رقم:
17466.
أما إذا كان العهد المذكور مما حدثت به نفسك دون التلفظ به فلا تلزمك كفارة إذا أخلفته، لكن كان يجب عليك الوفاء به، لوجوب الامتناع عن المحرمات، وعموم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالعهد، كقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91] وقال تعالى وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34] وقال تعالى وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا [البقرة:177] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(19/1220)
حكم التحلل من النذر بحجة صعوبة الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النذر المشروط (كأن أقول لو أن الله نجحني سوف أفعل كذا) ؟ وهل هناك كفارة لهذا النذر إذا استحال تحقيقه لأي سبب؟ وهل يجوز التحلل من هذا النذر بالكفارة من غير استحالة لمجرد الصعوبة (وقد تكون بسيطة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر نذر طاعة لله عز وجل وجب عليه الوفاء بنذره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وأصحاب السنن.
فإن تعذر عليه الوفاء بنذره سقط عنه، ولزمته كفارة يمين؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم.
وكفارة اليمين هي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد شيئًا من ذلك صام ثلاثة أيام.
أما كونه يتحلل من نذره ويكفر عنه بمجرد صعوبة يجدها في الوفاء به، ولا تعذر ولا استحالة فلا يجوز، وهو من التهاون بما أوجب الله وتعدٍّ لحدود الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(19/1221)
لا تستبدل بالخرفان غيرها إلا إن عدمت
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت ذبح خروف كل عام تم الذبح عامين وبعد ذلك لم أذبح طيلة 10 سنوات فهل أذبح عجلا أفضل من 10 خرفان أم حسب ما نذرت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك الوفاء بما نذرت، فإن كان تأخيرك لعذر فلا إثم عليك ويلزمك أن تذبح ما فاتك، وإن كان لغير عذر فعليك أن تتوب لتفريطك فيما وجب عليك، ولا تستبدل بالخرفان غيرها إلا إن عدمت، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 27360، 19865، 11339، 7004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(19/1222)
كفارة النذر المحتمل لعدة أمور
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
امرأة نذرت أنها لو حدث ذلك الشيء فإنها (ستعطي كل شيخ وعده) وقد حدث ذلك الشيء فعلا، وهي لا تدري بالضبط ما معنى مقولتها التي قالتها. فماذا يجب عليها أن تفعل؟ وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول هذه المرأة في نذرها "سأعطي كل شيخ وعده" قول محتمل لعدة أمور، ومادامت لم تنو شيئاً معيناً أو نوت لكنها نسيت فإن عليها كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(19/1223)
نذر الولد لله ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أودُّ إعلام فضيلتكم أنني أرجو بأسئلتي هذه الورع والتقوى
ماذا تعني كلمة (نذرت ولدي لله) وإن قلت إنني نذرت ولدي لله أو ولدي وقفٌ لله فما الذي عليَّ فعله حتى أُطبّق القول بالفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر ولده لله لم يصح نذره ولم ينعقد ولم يلزمه منه شيء؛ لأن النذر يوجبه الإنسان على نفسه فيما يملك ويقدر عليه، ونذر الإنسان لولده نذر في ما لا يملكه، وإيجاب لطاعة وقربة على غيره، فعند أبي داود يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وفاء بالنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملكه ابن آدم.
وأما قول أم مريم بنت عمران: رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً [آل عمران:35] ، فإنها نذرته عتيقاً خالصاً لله تعالى خادماً لبيت المقدس حبيساً عليه مفرغاً لعبادة الله تعالى. وهذا كان جائزاً في شريعتهم.
قال القرطبي: وكان ذلك جائزاً في شريعتهم، وكان على أولادهم أن يطيعوهم. وقال الشوكاني: وهذا النذر كان جائزاً في شريعتهم.
وفي شريعتنا لا يجوز، قال ابن العربي: فلا خلاف أن المرء لا يصح له نذر ولده كيف ما تصرفت حاله. انتهى.
وقد اختلف العلماء فيما يجب على من نذر أن ينحر ولده.
فذهب الحنفية ورواية عن الحنابلة إلى أنه يلزمه ذبح شاة.
وذهب المالكية إلى أنه يلزمه ذبح شاة إن نواه هديًّا، وإلا عليه كفارة يمين.
وذهب الحنابلة إلى لزوم كفارة اليمين.
وذهب الشافعية إلى أنه معصية يستغفر الله منها ولا يلزمه فيها شيء، وهو الصواب؛ لأن ذبح المرء لولده محرم في شريعتنا، ولا وفاء في معصية الله، وكذلك قول الرجل: ولدي وقف لله، لا يصح وقفه لأن الوقف من شروطه أن يكون مما يملكه الواقف، وأن يكون مما يجوز بيعه، وهذا منتفٍ في الولد.
ومن فعل ذلك لم ينعقد وقفه ولا يلزمه فيه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(19/1224)
حكم النذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي الوالدة كانت حامل ونذر الوالد"إن رزقها الله بولد" أن يدفع لها 5000 ريال ورزقت بولد والحمد لله ولم يفِ بنذره منذ عشر سنين..... فما الحكم في ذلك جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر يدخل في نذر المباح، وحكمه أن صاحبه مخير بين الوفاء بنذره وبين عدم الوفاء به مع كفارة اليمين، ولمن يريد فائدة عن حكم النذر يراجع الفتوى رقم: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(19/1225)
الوفاء بالنذر واجب عند الاستطاعة؛ وإلا فكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله أما بعد:
نذرت ثلاث مرات في ثلاثة مواقف مختلفة والآن أريد أن أفِ الثلاثة أيام بالصوم ولكن هل يجوز أن أدفع فلوساً بدل الصوم وكم أدفع إن جاز علماً بأنني نذرت ثلاث مرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا النذر صوماً أو غيره من الطاعات فإنه يلزمك الوفاء به، فإن حال بينك وبين الوفاء به عذر طارئ يرجى زواله فإنك تنتظر زواله ثم تفِ بنذرك بعد ذلك، وإن كان هذا العذر مستمراً فإن الواجب عليك كفارة يمين وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن لم تجد صمت ثلاثة أيام متتابعة أو مفرقة، ويلزمك في هذه الحالة كفارة يمين عن كل نذر نذرته.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى تحت الأرقام التالية: 2522، 3274، 24077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(19/1226)
يجب الوفاء بالنذر معلقا أو مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النذر
زوجتي تنوي الحج عن أبيها ووالدها متوفى ولكن قد حجت من قبل ولكن نذرت لشيء ما ولكن هي قد سمعت أن النذر تطاول على الله وهي تريد أن تحج أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر المعلق على شرط مكروه على الراجح من أقوال أهل العلم ولكنه مع ذلك يلزم الوفاء به، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
3723، والفتوى رقم: 4727.
وعليه فيلزم هذه المرأة أن تحج عن أبيها إذا حصل ما علقت عليه النذر، هذا إذا كان نذرها معلقاً، أما إن كان غير معلق فلا كراهة فيه ويجب الوفاء به بالأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(19/1227)
ما يلزم من العجز عن النذر لعارض
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجوالإجابة على سؤالي للأهمية فأنا قد نذرت أن أعتكف يوماً لله إذا الله أنجاني من ضائقة كانت والحمد لله انفرجت الضائقة وأنا إلي يومي هذا لم أستطع الاعتكاف فالرجاء أفيدوني هل أستطيع أن أصوم أو أتصدق دون أن أعتكف ولكم مني جزيل الشكر؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب عليك الوفاء بنذرك ولا يصح تغييره إلى نذر طاعة أخرى، فإن عجزت عن أدائه لعارض يرجى زواله فعليك أن تنظر حتى يزول وتفي بنذرك.
قال في المغني: وإن عجز لعارض يرجى زواله من مرض أو نحوه انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها.
أما إن كان عجزك لا يرجى زواله فعليك كفارة يمين فقط. قال في المغني: وإن نذر غير الصيام فعجز عنه كالصلاة ونحوها فليس عليه إلا الكفارة؛ لأن الشرع لم يجعل لذلك بدلاً يصار إليه فوجبت الكفارة لمخالفته نذره فقط. انتهى
وكفارة اليمين: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(19/1228)
حكم من نذر صوم يوم معين وأفطر فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إذا نجحت في مادة ما أني أصوم الأيام البيض من شهر 4 أو شهر 5 وصمت من شهر 5 يومي 13 و14 ولم أصم يوم 15 ولم يكن هناك عذر أفطر من اجله. فما الحكم في ذلك جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على السائل هو قضاء ذلك اليوم الذي نذر صيامه ولم يفعل، قال صاحب أسنى المطالب: " تنبيه، قال الجرجاني: من لزمه صوم يوم بالنذر فأفطر فيه لزمه القضاء إلا في نذر صوم الدهر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(19/1229)
التفريط في صيام النذر لا يسقطه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ14 عاماً كنت بالمرحلة الجامعية وفي العام الثاني الجامعي نذرت نذرا إذا تحققت أمنية لي أن أداوم على صوم يومي الخميس والجمعة مع ثلاثة أيام من كل شهر خلال فترة الدراسة الجامعية علما بأني منذ العام الأول الجامعي وأنا أصوم معظم أيام الخميس والجمعة وبعد النذر كنت لا أصوم بعض الأيام فما هو الواجب علي تجاه هذه الأيام التي لم أصمها بعد النذر علما بأني لا أعرف عددها الآن؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليك هو أن تقضي هذه الأيام التي نذرت صومها ولم تفِ بذلك، وإذا كنت لا تعرف عددها بالضبط فإن عليك أن تقدرها وتحتاط لها، فإذا شككت في العدد فلتأت بالمشكوك فيه، فإن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق:
والاحتياط في أمور الدين ... من فرَّ من شك إلى يقين
ولتعلم - أخي الكريم - أن النذر أمره عظيم فهو فريضة ألزم الإنسان بها نفسه فيجب الوفاء بها إن كانت في طاعة الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصه. رواه البخاري.
وقد مدح الله تعالى عباده المؤمنين بقوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
والحاصل أن الوفاء بالنذر واجب، ولا يسقط بطول العهد، وأن على المسلم أن يأتي بما شك فيه حتى يطمئن قلبه وتبرأ ذمته.
ولمزيد من الفائدة نرجو منك الاطلاع على الفتوى رقم:
7004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(19/1230)
نذر نذورا لا يعرف عددها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أنذر نذوراً كثيرة ولا أفي بها الآن ما أعرف كم نذر علي وكيف أني أكفر عنها ... أرجو إفادتي أفادكم الله ... وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المسلم إذا نذر طاعة لله تعالى أن يفي بنذره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه". رواه البخاري هذا إذا كان يعلم ما نذر، أما إذا نسيه فإن عليه أن يتحرى ويجتهد حتى يتبين له ما نذره.. فإن غلب على ظنه أنه صلاة أو صيام -مثلاً- أتى بما ظن ولا شيء عليه إن شاء الله تعالى.
أما إذا لم يتبين له شيء فإن عليه كفارة يمين، وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم.
ولمزيد من الفائدة والأدلة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم 22714
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(19/1231)
حكم من نذر صوما ودخل رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ندرت صوم ثلاثة أيام ولم أصم حتى أتى رمضان ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت عينت لصيام هذه الثلاثة الأيام زمناً محددا فلم تصمها فيه فعليك القضاء والكفارة، قال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: وإن نذر صوم شهر معين كالمحرم فلم يصمه قضى وكفر سواء تركه لعذر أو غيره لتأخير النذر عن وقته.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 19796
أما إن كنت نذرت أياماً غير معينة، فإنه ينبغي عليك أن تبادر إلى صيامها، ولا كفارة عليك لعدم صيامك إياها قبل دخول شهر رمضان. والكفارة التي تجب عليك هي كفارة يمين وذلك لما أخرجه مسلم من حديث عقبة بن عامر مرفوعاً: "كفارة النذر كفارة اليمين".
وهي عتق رقبة أو طعام عشرة مساكين أو كسوتهم فمن لم يجد صام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(19/1232)
ما يفعل من عجز عن الوفاء بنذر العتق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت بأن أعتق رقبة وأن أصوم ثلاثة أيام فهل يجوز أن أؤخرها حتى أتمكن من توفير المبلغ المطلوب في عتق الرقبة أفيدوني أفادكم الله وجزاكم عنا خيرا....ً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم تعذر الوفاء بنذر العتق في هذا الزمان لعدم وجود الرقاب، فلا يلزمك على هذا الوفاء بنذر العتق، وقد نص فقهاء الشافعية على أن الإنسان لو نذر عتق رقبة معينة ثم تلفت أو أتلفها قبل الإعتاق لم يلزمه إبدالها، ذكره في حاشية الجمل.
لكن لو كفرت كفارة يمين فهو أحوط، فقد نص الفقهاء الحنابلة على لزوم كفارة اليمين عند تعذر الوفاء بالنذر، ففي كتاب المغني لابن قدامة عن أحمد رحمه الله، أنه قال فيمن نذر عتق عبد بعينه فمات قبل أن يعتقه: تلزمه كفارة يمين ولا يلزمه عتق عبد، لأن هذا شيء فاته على حديث عقبة بن عامر، وإليه أذهب في الفائت وما عجز عنه. انتهى
وحديث عقبة المشار إليه قد أخرجه مسلم وأحمد والترمذي وغيرهما، ولفظ مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفارة النذر كفارة يمين.، ولفظ الترمذي: كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(19/1233)
حكم نذر الصلوات المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي قريبة نذرت أن تصلي حتى تلزم نفسها بعدم ترك الصلاة ولكنها لم تستطع الالتزام بهذا النذر فتركت الصلاة.
فما حكم هذا النذر وما هي كفارته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ* فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ* مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر] .
وقال صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
فلتتق الله قريبتك هذه، ولتعلم أن مذهب جماعة كبيرة من أهل العلم أن تارك الصلاة كافر كفراً أكبر، والصلاة واجبة عليها سواء نذرت أن تصلي أم لم تنذر، فلتحذر أن تكون من الخاسرين بتضييعها للصلاة، قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
وقال جل وعلا: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً [مريم:59-60] .
فلتتب إلى الله قبل أن يباغتها الأجل ويختم لها بسوء العمل، ولتراجع الفتوى رقم: 6061، والفتوى رقم: 4307.
وأما ما يتعلق بنذرها الصلاة المفروضة وكفارته، فهذه مسألة نذر ما هو واجب بأصل الشرع، وقد سبق الكلام عنها في الفتوى رقم: 11288، والفتوى رقم: 15049.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(19/1234)
حكم نذر المرأة للصوم دون إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة نذرت للرحمن صوماً ولم تستأذن زوجها هل هي أثمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة النذر بالصوم بغير إذن زوجها، وينعقد النذر بذلك، إذ أن الأصل أن المرأة كالرجل في الأحكام؛ إلا ما خصها به الدليل كمنعها من التطوع بالصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه، قال ابن حزم في المحلى: ونذر الرجل والمرأة البكر ذات الأب وغير ذات الأب، وذات الزوج، وغير ذات الزوج، والعبد والحر، سواء في كل ما ذكرنا، لأن أمر الله تعالى بالوفاء بالنذر وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك عموم لم يخص من ذلك أحد دون أحد: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً [مريم:64] . انتهى هذا حكمه من حيث الابتداء.
أما الوفاء به ففيه تفصيل.. قال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ: الأمر عندنا في نذر المرأة أنه جائز عليها بغير إذن زوجها يجب عليها ذلك ويثبت إذا كان ذلك في جسدها, وكان ذلك لا يضر بزوجها، وإن كان يضر بزوجها كان ذلك عليها حتى تقتضيه. انتهى
قال القرطبي في المنتقى في شرحه لهذه العبارة: وأما ما يتعلق بجسدها كالصلاة والصيام والحج فإنه على ضربين:
أحدهما: أن يضر بالزوج ككثير الصيام والحج.
والثاني: لا يضر به كصلاة ركعتين وصيام يوم، فإن كان ذلك يضر بزوجها منعها منه، لأن حقه قد تعلق بالاستمتاع بها، فليس لها أن تأتي بما يمنع منه، ولكن ذلك يبقى بذمتها حتى تجد إلى أدائه السبيل، وإن كان ذلك مما لا يضر بالزوج كان لها تعجيل فعله، ولم يكن للزوج منعها منه. انتهى
وننبه في ختام الجواب إلى أن النذر في أصله مكروه كما هو مبين في الفتوى رقم:
3630 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(19/1235)
متى ينتقل إلى الكفارة في النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[عليّ نذر صيام شهر لله وقد صمت أكثر من نصف المدة فهل يجوز دفع كفارة أم لا؟ وكم هي الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يصوم شهراً، فإنه يلزمه الوفاء به، ولا يجوز له الانتقال إلى الكفارة إلا في حالة العجز الدائم عن الوفاء لكبر أو مرض مزمن، أو نحو ذلك من الأعذار.
فإن عجز العجز المذكور، فعليه أن يكفر عن نذره ككفارة اليمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة:89] .
وإذا كان العجز مؤقتاً، فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 25843، والفتوى رقم: 19796، وراجع أيضاً الفتاوى التالية: 1125، 3274، 10904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(19/1236)
لا يجزئ الوفاء بالنذر قبل تحقق المشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي ابن ورزقه الله بثلاث بذرات فتوفاهم الله برحمته، فنذرت عليه بصوم فات عليه ست سنوات فلم يرزقهم الله، هل إذا رزقهم الله ببنت أو ولد يجوز علي أن أصوم مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قد صمت قبل أن يتحقق الشرط وهو إنجاب الولد، فإن هذا الصوم لا يجزيء عن الوفاء به بعد تحقق هذا الشرط.
قال الكاساني في بدائع الصنائع، وهو يتحدث عن أنواع النذر: وإن كان معلقاً بشرط نحو أن يقول: إن شفى الله مريضي، أو إن قدم فلان الغائب فلله عليّ أن أصوم شهراً أو أصلي ركعتين أو أتصدق بدرهم، ونحو ذلك فوقته وقت الشرط، فما لم يوجد الشرط لا يجب بالإجماع، ولو فعل ذلك قبل وجود الشرط يكون نفلاً. انتهى
فعلى هذا، فإنه يلزمك الصوم مرة أخرى إذا رزق الله تعالى ابنك بمولود، ولا يجزيء الصوم الأول عن هذا الصوم، وقد كتبنا هذا الجواب وفقاً لما فهمناه من سؤالك، فإن كان هنالك مقصود آخر من السؤال فنرجو توضيحه للإجابة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1423(19/1237)
تعليق النذر بالمشيئة..رؤية فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أكرمني الله بشراء سيارة ومنزل جديد (ولقد قلت إن شاء الله عند سكني في المنزل الجديد سوف أذبح عن المنزل الجديد والسيارة الجديدة) فهل يجوز لنا أهل المنزل أن نأكل من هذه الذبيحة - وهل يجوز أن نعطي الأقربين من الذبيحة هذا بعد أن توزع على المساكين والعاملين عليها، وهل يجوز الذبح بعد سكني في المسكن الجديد - وهل يشرط أن يتم الذبح في المنزل الجديد أم يجوز الذبح في أي مكان؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك "إن شاء الله عند سكني في المنزل الجديد سوف أذبح عن المنزل الجديد والسيارة الجديدة" يعتبر نذراً معلقاً على مشيئة الله. وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تعليق النذر بالمشيئة هل يسقط عن الناذر ما نذره أم يلزمه الوفاء بما نذر به؟ ولا عبرة بالاستثناء.
فذهب أكثر العلماء وهم الحنفية والشافعية وهو المذهب عند الحنابلة إلى عدم لزوم المنذور مع الاستثناء.
وذهب المالكية في المشهور عندهم وهو قول عند الحنابلة إلى وجوب الوفاء بالنذر، ولو علقه على مشيئة الله.
قال السرخسي في المبسوط: وإذا حلف على يمين أونذر وقال: -إن شاء الله- موصولاً فليس عليه شيء عندنا. وقال مالك: يلزمه حكم اليمين والنذر لأن الأمور كلها بمشيئة الله تعالى ولا يتغير بذكره حكم الكلام، ولكنا نستدل بقوله تعالى: قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً [الكهف:69] .
ولم يصبر ولم يعاتبه على ذلك.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما الذي يرجع إلى نفس الركن، فخلوه -أي النذر- عن الاستثناء فإن دخله أبطله.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: إن علق النذر بمشيئة الله أو مشيئة زيد فلا يصح وإن شاء زيد لعدم الجزم اللائق بالقُرب، ومثله في مغني المحتاج للخطيب الشربيني.
وقال المرداوي في الإنصاف: وإن حلف فقال إن شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان متصلاً باليمين، يعني بذلك في اليمين المكفرة كاليمين بالله والنذر والظهار ونحوه لا غير وهذا هو المذهب، قال الزركشي: هذا المذهب المعروف ويحتمله كلام الخرقي وجزم به في المحرر والوجيز وقدمه في الشرح والفروع والنظم وأصول ابن مفلح.
وقال الخرشي في شرحه على مختصر خليل: وأما إن علق النذر على مشيئة الله كإن كلمت فلاناً فعلي المشي إلى مسجد مكة أو علي الحج إن شاء الله ثم كلمه لزمه ذلك على المشهور.
وقال عليش في منح الجليل على شرح مختصر خليل: وإن قال المسلم المكلف علي كذا إلا أن يبدو لي أن لا أفعل أو إلا أن يشاء الله فالمشيئة لا تفيد في النذر غير المبهم مطلقاً على المشهور لأنه نص المدونة خلافاً لما في الجلاب من قوله تنفعه المشيئة، وأما المبهم فكاليمين في المشيئة بالله. انتهى
ونذرك أخي الكريم معين، وليس مبهماً، وعليه.. فلا بأس بالوفاء بما نذرته، ولاحرج عليك في عدم الوفاء كما هو قول أكثر العلماء، وإذا وفيت به فلا بأس أن تأكل منه أنت وأقرباؤك، وتوزع على المساكين والجيران وغيرهم، ويصح ذبحها في المنزل الجديد أو غيره.
إلا أننا ننبهك إلى أنه يجوز هذا الذبح إذا كان المقصود منه شكر نعمة الله تعالى، والفرح بإتمام البيت، وشراء السيارة، ويحرم إذا كان المقصود منه دفع الجن عن سكن البيت أو دفع العين كما هو مشهور في كثير من البلاد الإسلامية، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(19/1238)
النذر.. حكمه.. ومصارفه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النذر وكيفية التصرف من خلاله؟ وهل يجوز توزيعه على الإخوة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم النذر بين قائل بالكراهة، وقائل بالإباحة، وثالث يقول: بالتحريم.
والذي يترجح من أقوالهم القول بالكراهة، ودليل ذلك ما روه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمر رضي الله عنها قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: "إنه لا يرد شيئاً، إنما يستخرج به من البخيل" هذا في إنشاء النذر وابتدائه.
وأما إذا نذر، فإنه يلزمه الوفاء بنذره، إلا إذا كان نذر معصية، فلا يجوز له الوفاء به، قال صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه".
ومن نذر التصدق بصدقة ولم يحدد لها أشخاصاً أو جهة أثناء التزامه بالنذر جاز له أن يصرفها إلى من شاء.
أما من حدد الجهة أو الشخص أو صفته، كأن ينذر صدقة للفقراء أو الايتام ونحو ذلك، فلا يجوز له أن يصرف النذر عنهم، إلا عند تعذر إيصاله إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1423(19/1239)
لا يصح التزام ونذر ما هو لازم أصلا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم من نذرت لله أن تصلي حتى تضمن لنفسها عدم ترك الصلاة التزاما بالنذر ولكنها لم تستطع المداومة وتركتها، وما كفارتها؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة هي الركن الثاني في الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة، فإن هي صلحت نظر في باقي أعماله، وإن هي فسدت ردت عليه ولم ينظر فيها.
وقد توعد الله تعالى تارك الصلاة بالويل والغي، وهما واديان في نار جهنم، قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
وقال جل ثناؤه: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] .
وقد جاء في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أن تارك الصلاة كافر، منها قوله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة. رواه مسلم.
وعلى ضوء هذه الأحاديث ذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بأن تارك الصلاة تكاسلاً هو كافر. نسأل الله تعالى العافية، وعلى هذا فالواجب على هذه الأخت أن تتوب إلى الله تعالى، وتبادر إلى إقامة الصلاة قبل أن تدركها المنية وهي على هذا الحال من تضييع هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، فتكون بذلك عرضت نفسها لغضب الله وعقوبته، وهذا ما لا نرجوه لها بل نتمنى لها الصلاح والاستقامة على الصلاة وغيرها من الأعمال الواجبة والفاضلة حتى تلقى الله وهي على طاعته، فتفوز برحمة الله تعالى ورضوانه.
أما بخصوص ما سألت عنه من نذر فهو غير لازم، لأن النذر التزام ولا يصح التزام ما هو لازم أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1423(19/1240)
يتعين الصرف إلى الجهة التي حددها الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: النذر
السؤال: نذرت امرأة نذراً إذا حقق الله لها شيئا أن تخرج طعاما للجيران والمساكين وهي امرأة كبيرة في السن وتريد أن توفر على نفسها عناء تحضير الطعام بأن تشتري فرشا لمسجد بدلا من الطعام فهل يجزئها ذلك للوفاء بالنذر علما بأن فرش المسجد سوف يكلفها أكثر وجزاكم الله خيراً....؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
اعلم -وفقك الله- أن كل من نذر عبادة أو قربة لزمه الوفاء بها، قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] .
وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
وأثنى الله على من صدق وعده ووفَّى بنذره، فقال الله تعالى: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا [البقرة:177] .
وقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وذم الله سبحانه، الناكل عن الوفاء بعهده فقال: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ [التوبة:75-77] .
ومتى عين الناذر جهة معينة لصرف نذره تعين الصرف إليها، ولم يجز الصرف إلى غيرها، لعموم قول الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29]
فيجب على هذه المرأة أن توفي بنذرها وتقوم بتوزيع طعام على الجيران والمساكين، وإذا كان إعداد الطعام يشق عليها فلها أن توكل من يعده عنها ولو بأجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(19/1241)
حكم إخرج قيمة النذر لو تعذر الوفاء بعين المنذور
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي نذر أن نذبح خاروفا ونوزع لحمه على الفقراء في بلدي ولم تسمح لنا الظروف بإيفاء النذر هل يجوز توزيع ثمن الخروف على الفقراء ونكون بذلك وفينا النذر جزاكم الله كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من نذر نذراً مشروعاً أن يفي به على الوجه الذي نذره، ولا يجوز له أن يخرج بدلاً منه إلا في حالة عجزه عن الحصول عليه.
وبناء على ذلك فلا يجوز لكم إخراج قيمة الخروف، ويجب عليكم ذبحه إلا إذا تعذر عليكم الحصول على الخروف، فالقيمة حينئذ مجزئة، قال تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: من الآية286) وقال تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) (الطلاق: من الآية7) وانظر الفتوى رقم 2559
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(19/1242)
العدول عن قيمةالنذر إلى غيره يجوز بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغيير قيمة النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الناذر أن يفي بنذره على الوجه الذي حدده في نذره، ولا يجوز له العدول عنه إلى غيره، إلا إذا دعت إلى ذلك مصلحة راجحة، كأن ينذر توزيع الطعام على المساكين، فيجد أن إعطاءهم نقوداً بقيمته أنفع لهم ... ونحو ذلك، فلا مانع حينئذ من إخراج قيمة النذر، أما إذا لم يكن ثم فائدة تعود للمساكين من دفع القيمة بدلاً من المعين، فلا يجوز حينئذ دفع القيمة ويجب الوفاء بما عينه الناذر، وراجع في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 11339 -
19270 -
20916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1423(19/1243)
يجوز الذبح نذرا عند الانتقال لبيت جديد؛ لكن شكرا أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن النذر (وهو ذبح شيء لله) فهل يمكن أن ننذر شيئا عند الانتقال إلى منزل جديد أو خلافه فهل هذا النذر صحيح أم خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره لكم النذر ابتداء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه الشيخان وهذا لفظ لمسلم: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يُستخرج به من البخيل.
ويشرع لكم الذبح شكراً لله وإظهاراً للفرح بنعمة الله عليكم بالانتقال للمنزل الجديد.
أما إذا حدث أن نذرتم ذلك فيجب عليكم الوفاء به، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه الشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها.
وننبه إلى أن الذبح عند الانتقال إلى المنزل الجديد يشرع إذا كان شكراً لله وإظهاراً للفرح أو إكراماً للمهنئين كما سبق.
أما إن كان لدفع العين أو الجن فهو محرم تحريماً غليظاً، بل الذبح للجن شرك أكبر مخرج من الملة، عياذاً بالله من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(19/1244)
حكم نذر الفعل المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت (وبلفظ نذر) بأن أشتري سيارة جديدة والتي تعجبني إذا حصلت على وظيفة ومن أول راتب لي وعن طريق البنك الإسلامي. لكن المشكلة هي أنني لم أكن أظن بأنني سأحصل على راتب أقل من 5000 درهم. والوظيفه الآن تشترط علي أن أعمل لمدة 3 أشهر براتب شهري 1800 درهماً وبعد ذلك سوف يتحسن الراتب..ماذا أفعل الآن..هل علي أن أفي بالنذر (والمال لا يكفي) أم توجد كفارة لذلك وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر الذي نذرته من جنس نذر الفعل المباح، والراجح -والله أعلم- أن نذر المباح لا ينعقد، ولا يجب على من لم يف به كفارة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وراجع في ذلك الفتوى رقم:
20047 ورقم: 23715
وبهذا يتبين لك أنه لا شيء عليك إذا لم تشتر هذه السيارة في الموعد المحدد، أو لم تشترها أصلاً، وإن كان الأفضل عند عدم الوفاء أن تكفر كفارة يمين خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(19/1245)
الوفاء بالنذر واجب على الهيئة التي حددها الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،، وبعد
رزقني الله ولله الحمد بطفلة وهي أول مولود وولدت وبها عدة عيوب خلقية ونذرت أنه بعد شفائها إن شاء الله سوف أقوم بصيام أسبوع كامل عقب نهاية العلاج وهي الآن عمرها عام وقد أجريت آخر عملية لها منذ أسبوعين وكنا نعتقد أن هذه هي نهاية العلاج ولكن ظهرت لنا مشاكل أخرى لم تكن في الحسبان وهي أن لها متابعة علاج لمدة سنة قادمة على الأقل. فدلوني ماذا أفعل جزاكم الله خيراً. وكل عام وأنتم بخير-]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوفاء بالنذر واجب على الهيئة التي حددها الناذر، ونذرك بالصورة المذكورة هو أحد أنواع النذر التي ذكرها العلماء، وهو نذر الطاعة والتبرر، وهذا يجب الوفاء به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه الجماعة إلا مسلماً.
وقد سبق بيان أنواع النذر في الفتوى رقم:
1125.
والظاهر من المذكور في السؤال، أن الأمر الذي علق عليه النذر وهو شفاء الطفلة لم يحصل إلى الآن، وبناءً على ذلك فلا يجب عليك الصيام المنذور حتى يتم الشفاء تماماً، فإذا تم الشفاء، وجب عليك صيام أسبوع كما نذرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(19/1246)
ماذا يلزم من تأخير الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
ماذا عن تأجيل النذر وهل يمكن.. وإذا كان النذر ذبيحة لوجه الله هل من الواجب أن يكون ثمنها من المال الشخصي أو سلفة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوفاء بالنذر واجب.. والوفاء من شيم عباد الله الصالحين والأبرار المقربين، قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] .
وقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
فمن نذر طاعة ونوى أداءها في وقت معين فلا يجوز تأخيرها عنه بلا عذر شرعي، فإن أخرها عن وقتها المحدد لها من غير عذر أثم ووجب عليه الوفاء بنذره ولو بعد فوات وقته، كما يجب عليه أن يكفر كفارة يمين لتأخيره النذر عن وقته المحدد، فإن كان تأخيره لعذر شرعي كمرض ونحوه فلا إثم عليه ولا كفارة، وليس عليه إلا الوفاء بنذره.
أما إن كان النذر مطلقاً أي لم ينو له وقتاً محدداً فلا حرج في تأخيره. لكن ينبغي للمسلم أن يبادر للوفاء بنذره فهذا من باب المسارعة إلى الخيرات.
ولا مانع من أن يأخذ الشخص سلفة لشراء ما لزمه من النذر، إن ظن من نفسه القدرة على أدائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(19/1247)
لا يسقط النذر إلا بالعجز الكامل عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[للأسف إني حملت نفسي نذوراً كثيرة وأرجو أن تفتوني فيها:
أولا: نذرت إن تحقق لي الذي تمنيته أن أصرف 25ألف ريال في وجه الله والمشكلة أني ما أقدر
على هذا المبلغ وليس لي أي دخل مادي إلا المصروف الذي يعطيني زوجي وهو قليل 800 ريال
فما أدري ماهو الحل؟!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بد أن تعلمي أن النذر المعلق مكروه شرعاً، ودليل كراهته ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل.
ولكن من نذر شيئاً فلا بد أن يوفي به ما دام أنه نذر طاعة، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. أخرجه البخاري
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وأما المستحب من جميع العبادات المالية والبدنية فيقلب بالنذر واجباً ويتقيد بما قيده به الناذر، والخبر صريح في الأمر بوفاء النذر إذا كان في طاعة، وفي النهي عن ترك الوفاء به إذا كان في معصية.
وعلى هذا؛ فإذا تحققت أمنيتك فالواجب عليك أن تنفقي الخمسة والعشرين ألفاً في أوجه الخير، ولا يسقط عنك ذلك إلا إذا عجزت، بحيث لا يمكن أن توفري هذا المبلغ، ولو شيئاً فشيئاً.
وفي حالة العجز يلزمك كفارة يمين، لما رواه أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(19/1248)
أقوال العلماء فيمن نذر صياما ولم يف به لغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أقارب الثلاثين من العمر تعلمت العادة السرية منذ كنت صغيراً من بعض أصدقاء السوء من حوالي سبعة عشر عاما تقريبا ولم أستطع الإقلاع عنها رغم العهود والأيمان والنذور
حتى إنني نذرت أن أصوم يوما عن كل مرة أفعلها وذلك خلال أسبوع من فعلتي، في البداية كنت أفي بنذري، إلا أن الأيام تراكمت علي بعد أن صرت أترك بعض الأيام بسبب الإرهاق ثم تركت هذا الصوم بالكلية وما عدت أدري عدد الأيام التي علي أن أصومها وفاء لنذري وهل ينفع فيها القضاء بعد أن حددت أو عينت النذر بأن أصوم خلال أسبوع فما الحكم فيما مضى من الأيام وفيما يأتي منها علما بأني أفعل هذه العادة مرة أو مرتين أسبوعيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أخي السائل أن تتقي الله تعالى وأن تتوب إليه سبحانه توبة نصوحاً من هذه العادة السرية القبيحة المحرمة، والتوبة النصوح تقتضي من العبد أن يقلع عن الذنب وأن يندم عليه وأن يعزم عزماً أكيداً على ألا يعود إليه مرة أخرى، واعلم أن سؤالك عن حكم عدم الوفاء بنذرك فيما يأتي من الأيام ينافي الشرط الثالث الذي هو العزم الأكيد على عدم العودة إلى الذنب، فاصدق الله أخي السائل، واعلم أنك إن صدقته صدقك، وإن تبت إليه تاب عليك، وإذا تقربت إليه تقرب إليك.. كما روى البخاري عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، يرويه عن ربه قال: إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني مشياً أتيته هرولة.
وهناك أمور تعين على التخلص من العادة السرية تجدها مفصلة في الفتوى رقم: 7170.
وأما بالنسبة للصيام الذي نذرته ولم تفِ به لغير عذر.. فاعلم أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة على أقوال: فذهب الحنابلة إلى وجوب القضاء مع كفارة يمين، قال المرداوي في الإنصاف: قوله: وإن نذر صوم شهر معين فلم يصمه لغير عذر فعليه القضاء وكفارة يمين بلا نزاع، وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء بلا نزاع، وفي الكفارة روايتان.... انتهى.
وذهب المالكية والشافعية إلى وجوب القضاء بلا كفارة يمين، قال في المدونة: قلت أرأيت لو أن رجلاً قال: لله علي أن أصوم كل خميس يأتي، فأفطر خميساً واحداً من غير علة؟ فقال: قال مالك: عليه القضاء. انتهى.
وقال النووي في المجموع: ولو عين في نذره يوماً كأول خميس من الشهر أو خميس هذا الأسبوع تعين على المذهب الصحيح وبه قطع الجمهور -أي جمهور الأصحاب من الشافعية- فلا يصح الصوم قبله، فإن أخره عنه صام قضاء سواء أخره بعذر أم لا؛ لكن إن أخره بغير عذر أثم، وإن أخره بعذر سفر أو مرض لم يأثم. انتهى.
وقال الأحناف بمثل ما قال المالكية والشافعية، إلا أنهم قالوا: إذا نوى بنذره اليمين فعليه كفارة يمين مع القضاء وإلا فلا، قال السرخسي في المبسوط: رجل جعل لله عليه أن يصوم كل خميس يأتي عليه فعليه القضاء وكفارة اليمين إن أراد يميناً. انتهى.
وذهب ابن حزم إلى أنه ليس عليه قضاء ولا كفارة يمين فقال رحمه الله في المحلى: مسألة: ومن أفطر في صوم نذر عامداً أو لعذر فلا قضاء عليه إلا أن يكون نذر أن يقضيه فيلزمه، لأنه إذا لم ينذر القضاء فلا يجوز أن يلزم ما لم ينذره، إذ لم يوجب ذلك نص. انتهى.
وأقرب الأقوال للصواب قول من أوجب القضاء فقط بلا كفارة يمين، إذ ليس هناك نص صحيح ثابت يدل على وجوب الكفارة، وأما وجوب القضاء فلكونه قد ترك صياماً واجباً في وقت معين فلزمه القضاء.
وعلى هذا فعليك أن تتوب إلى الله من تقصيرك في الوفاء بنذرك، ثم عليك أن تجتهد في تحديد عدد الأيام التي أفطرتها، ثم تصومها كلها بغير نقصان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1423(19/1249)
حكم من نذر صوم أشهر وشك هل نواها متتابعة أم متفرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[نّذرت أن أصوم ثلاثة أشهر، وحل الميعاد ولكني لا أتذكر إن كانت منفصلة أم متصلة فلقد كنت مترددا بين أن تكون منفصلة أم متصلة آنذاك ولا أذكر ما انتهيت إليه، فهل أصومها منفصلة أم متصلة؟ شكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمع ترددك هل نذرت صيام الثلاثة أشهر متتابعة أو متفرقة؟ لا يلزمك التتابع، لأن الأصل براءة ذمتك منه، والأحوط أن تصومها متتابعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه أحمد.
واعلم بأن النذر مكروه، فقد روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً، إنما يستخرج به من البخيل.
ومتى ما نذر الناذر طاعة وجب عليه الوفاء بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(19/1250)
حكم توزيع النذر على ذي الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[الوفاء بالنذر هل يمكن أن يأخذ منه الأقارب المحتاجون جدا والذين يتلقون المساعدات من الأهل وغير الأهل كما في حالات الشلل (وهو العجز الكلي عن العمل) والشيخوخة مع المرض (العجز التام عن العمل) ؟ نرجو سرعة الإجابة أفادكم الله وجزاكم كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت نذرت أن توزعي على الفقراء بعض الأشياء، فيمكن أن تعطيه أقاربك المحتاجين، بل قد يكون ذلك أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم صدقة وصلة." رواه أحمد والنسائي وابن حبان والترمذي وحسنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(19/1251)
النذر لا ينعقد إلا بالألفاظ الجازمة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قلت إنني سوف أصوم كل شعبان ولم أصم هل هناك كفارة بدون أن أقول نذرت فقط قلت لأصحابي سوف أصوم كل شعبان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر لا ينعقد إلا بالألفاظ الجازمة كـ لله علي كذا، أما مجرد العزم، أو قول الإنسان سوف أو غيرها مما ليس فيه الالتزام القطعي، فليس نذراً، ولا يجب به شيء
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(19/1252)
من كان على فراش الموت فتحقق نذره المعلق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة فضيلةالشيخ إنه عندما قبلت في إحدى الوظائف وكانت هذه الوظيفة لا تتم إلابعد دورة قرابة تسعة شهورعلمت جدتي بذلك وقالت لي عندما تتخرج من هذه الدورة سوف أقوم بذبح ذبيحتين أوخروفين لا أذكر ولكن عندما تخرجت من الدورة كانت جدتي ترقد على فراش الموت ولا تعلم هل أنا تخرجت أم لا واستمرت على هذه الحال قرابة ستة شهور؟ فضيلة الشيخ ماذا يجب علي أن أفعل؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السائل الكريم إن كان يقصد أن جدته نذرت أن تذبح بعد تخرجه، ولم يتحقق ما علقت عليه النذر إلا بعد أن رقدت على فراش الموت، وفقدت الإدراك فلا شيء عليها، لأنها وقت الوجوب لم تعد من أهل التكليف، أما إن كان تخرجه قبل فقدانها لعقلها، ولكنها لم تعلم لمرضها فإن ما نذرت يخرج من تركتها إن كانت لها تركة، وإلا فيندب له وغيره من أولادها الوفاء به، وذلك لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه؟ فأفتاه أن يقضيه، فكانت سنة بعد. متفق عليه.
وكذلك ما روي عنه أيضاً أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختي نذرت أن تحج وأنها ماتت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟ ." قال: نعم، قال: "
فاقض الله فهو أحق بالقضاء." رواه البخاري
قال ابن قدامة في المغني: وجمهور أهل العلم على أن ذلك ليس بواجب على الولي، إلا أن يكون حقاً في المال، ويكون للميت تركة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم محمول على الندب والاستحباب.
أما إن كانت لا تريد النذر وإنما تريد إقامة مأدبة تذبح فيها خروفين فرحاً بنجاحك، فمثل هذا لا يترتب عليه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(19/1253)
أقوال العلماء فيمن نذر صوم شهر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي نذرت قبل 32سنة صيام شهرشعبان والآن هي مريضه بالسكر والضغط ولا تستطيع الصيام علما أنها قد صامت شهرا متقطعاً وهي الآن لا تستطيع صيام شهرين متتابعين شعبان ورمضان فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نذر صوماً مشروعاً وعجز عن الوفاء به لكبر سن أو لوجود مرض لا يرجى برؤه، له أن يفطر ويكفِّر كفارة يمين، وقال العلماء: إن نذر ما يؤدي للحرج والمشقة من صلاة وصوم مع القدرة عليه مكروه، أما نذر ما لا يطيقه فمعصية. قاله القرطبي.
وإذا فات وقت النذر ففي سقوطه بخروج وقته، ولزوم قضائه قولان للعلماء، هذا على وجه العموم.
أما بخصوص السؤال فنقول: إذا كان شعبان الذي نذرت والدتك صومه شعبان معينًا بأن قالت: علي نذر شعبان القابل، ولم تصمه، فالذي عليه الجمهور أنها عليها القضاء سواء فاتها صومه لعذرٍ أو لغير عذر ويلزمها الكفارة عند الحنابلة زيادة على القضاء، والمراد عندهم بالكفارة: كفارة اليمين.
وقال المالكية: إذا فاتها لعذر من حيض أو مرض فليس عليها شيء، وإذا قلنا بلزوم القضاء فالأمر واسع، فأي شهر صامته أجزأها، ولا يلزم أن يكون شعبان، أما إذا كانت نذرت أن تصوم شعبان دون تعيين فأي شعبان صامته أجزأها، وإذا كانت لا تطيق صيام شعبان هذا فلها أن تؤخره إلى شعبان القابل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(19/1254)
من لم يدرك ما علق عليه المنذور لم يلزمه الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نذرت نذرا عندما كنت في أيام الامتحانات وكان كالتالي إذا طلع معدلي في الثانويه فوق 75 فسوف أصلي 100 ركعة لكن المعدل 73 الرجاء منكم الافتاء ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عقد النذر مكروه، لما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل.
لأن البخيل هو الذي لا يصرف شيئًا إلا في مقابل شيء آخر، ووجه بخل الناذر أنه لم يصرف عبادته إلا في مقابل أن يحقق الله له شيئًا ما.
وحُمل هذا النهي على الكراهة؛ لأن الله عز وجل أثنى على الموفين بالنذر فقال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.
فدل الأمر بالوفاء بالنذر، ومدح الموفين به على أن ما ورد فيه من نهي محمول على الكراهة، إذ لو كان حرامًا لما جاز الوفاء به، فضلاً عن الأمر به، ومدح الموفين به.
هذا، ومن التزم طاعة مما له أصل في الوجوب بالشرع كالصوم والصلاة والصدقة، لزمه الوفاء بها بإجماع أهل العلم إن أدرك ما أمَّل بلوغه من ذلك، فإن لم يدرك ما علق عليه المنذور على الوجه الذي ذكر لم يلزمه الوفاء، ولا شك أن السائل لم يدرك الدرجة التي عينها، وبالتالي فلا يلزمه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(19/1255)
أحكام تتعلق بالنذر غير المحدد الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[من كان عليه صيام لنذر نذره ولم يحدد توقيتا لصيام ذلك النذر أو كان عليه حلف فلم يؤده ثم دخل عليه رمضان فهل عليه عن كل يوم يصومه إطعام مسكين مع الصوم أم فقط إطعام مسكين ويسقط عنه الصوم؟ أم يصوم متى شاء وليس عليه الأطعام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر صوم يوم أو شهر ولم يسمه أو سماه ولم يحدد زمن صومه له، كأن قال: نذرت صوم يوم، أو نذرت صوم شهر، أو يقول: نذرت صوم يوم خميس، أو نذرت صوم شهر رجب.. وجب عليه الوفاء بنذره، ويستقر في ذمته إذا مرت مدة يمكنه فيها صيام ما نذر ولم يصم، أو مر مسمى ما نذره ولم يصم.
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ولو نذر صوم خميس ولم يعين كفاه أي خميس كان، وإذا مضى خميس أي يمكنه صومه أخذاً مما مر في الصوم استقر في ذمته حتى لو مات فُديَ عنه. وليس عليه من الصوم كفارة ولو مرت عليه عدة رمضانات، ولا يطعم إلا إذا عجز عن الصوم بعد استقراره في ذمته.
أما إذا لم يستقر الصوم في ذمته بأن لم تمضِ مدة يمكنه فيها الصيام فلم يصم وعجز عن الصيام فعليه كفارة يمين فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(19/1256)
صوم النذر بعد رمضان ومسائل أخرى في صوم النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل صيام أيام النذر يجوز بعد رمضان وأرجو أن تفيدوني ببعض الشروحات عن صيام النذر؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن صيام النذر بعد رمضان في الفتوى رقم:
6189.
أما بالنسبة لشرح أحكام صيام النذر فإنه طويل، ويمكن للسائل الرجوع إلى كتب الفقهاء "باب النذر" كما يمكنه الدخول على البحث الموضوعي من مركز الفتوى "باب النذر" كذلك، وعلى سبيل المثال راجع الفتاوى التالية أرقامها: 17880 -
2522 -
7004 -
10904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(19/1257)
النذر لمعين يلزم لذلك المعين
[السُّؤَالُ]
ـ[عقدت النية أنه عندما يتوفر لدي مبلغ من المال بأني سوف أتبرع لإخواني الفلسطينيين وقد توفر لدي المبلغ الآن ولكن وجدت من أقاربي من هو في حاجة له فهل أتبرع للشعب الفلسطيني أم لأقاربي علماً بأني لا أستطيع إلا التبرع لأحدهم؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوفاء بالنذر من صفات عباد الله الأبرار، وقد مدحهم الله تعالى بهذه الصفة في قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] .
والنذر بالمال في وجوه البر يلزم صاحبه الوفاء به، ولا شك أن إخواننا في فلسطين يحتاجون منا الدعم والمساندة، وهم أهل للزكاة والصدقة والنذر، والنذر إذا كان لمعين لزم لذلك المعين، حتى قال العلماء: ولو نذر لمعين.... كان له مطالبة الناذر بما نذر إن لم يعطه.
وعلى هذا فإنه يلزمك أن تفي بنذرك للجهة التي عينتها.
وأما صلة الأرحام والأقارب فإن لها فضلاً عظيماً وفيها خير كثير.. فإذا استطعت أن تصلهم بما تيسر من غير النذر المعين فأنت مأجور ومشكور، وأما إذا لم تستطع فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(19/1258)
إذا تحقق شرط الناذر وجب الوفاء، وإلا فلا
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إذا رجع لي ابني أن أصوم شهر رجب.
انتظر حتى يرجع أم أصوم مسبقا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا نذر معلق بشرط، فإذا تحقق الشرط وجب الوفاء به، وإلا فلا، وعلى هذا فليس عليك أن تصومي شهر رجب عن النذر إلا إذا رجع لك ولدك، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم 4241 والفتوى رقم 17463
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(19/1259)
حكم من نذر أن يطوف مائة شوط في يوم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت منذ عامين أن أطوف بالمسجد الحرام مائة مرة أي مائة شوط في يوم واحد وللأسف إلى الآن لم أقم بالنذر فماذا أفعل هل يجب الوفاء بهذا النذر أم له كفارة؟ أفيدونا أفادكم الله..... وشكراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يفي بما نذر من الطاعات فإن النذر في الشرع أمره عظيم.
قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] ، وقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه. رواه البخاري.
والطواف بالبيت الحرام من الطاعات الفاضلة والتي إذا نذرها المسلم وجبت عليه بالكيفية التي شرعها الله تعالى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
وما دمت تتمتعين بقواك العقلية والبدنية فالواجب عليك الوفاء بما نذرت ولكن ذلك يكون سبعة أشواط ثم سبعة ثم سبعة أشواط وهكذا إلى أن يتم ما نذرت وهو مائة شوط فيكون الجميع أربعة عشر طوافاً.
يبقى شوطان الأحوط أن تجعلي عليهما خمسة حتى تتم سبعة أشواط. وقال بعض أهل العلم بسقوط ما دون سبعة أشواط لأن الطواف المعتبر شرعاً هو ما كان بسبعة أشواط وما دون ذلك فلغو.
وذلك لما رواه الدارقطني: أن كبشة بنت معدي كرب قالت: يا رسول الله، إني آليت أن أطوف بالبيت حبواً، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، طوفي على رجليك سَبْعَيْن، سبعا عن يديك، وسبعا عن رجليك.
وفي سند هذا الحديث ضعف، ولكن الفقهاء استدلوا به في هذا الموضع.
وقال الخطاب: إن نذر صوم بعض يوم أو بعض صلاة أو طواف شوط أتى بعبادة كاملة، وقيل لا شيء عليه.
والحاصل أن على السائلة أن تطوف أربعة عشر طوافاً كل طواف سبعة أشواط، ولها أن تلغي ما بقي لأنه لم يتم عبادة، وقال بعض أهل العلم بإكمال ما بقي وهو الصحيح إن شاء الله تعالى والأحوط، وعليه فتتم خمسة عشر طوافاً وهي مائة وخمسة أشواط، وإذا كانت تجد مشقة معتبرة في جمعها فلها أن تفرقها وتستريح بينها حتى تكملها.
أما إذا عجزت عن أداء الطواف بالكلية بعجز لا يرجى زواله فعليها كفارة يمين، لما رواه أبو داود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليأت به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(19/1260)
حكم من نذر صيام أيام ونسي عددها
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله نذرا بالصوم منذ زمن والآن أريد أن أتذكر كم يوماً ولا أستطيع أن أتذكر فما الواجب علي؟؟؟ وفقكم الله وجزاكم الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر طاعة لله كالصوم وجب عليه الوفاء بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري عن عائشة.
وحيث إنك نذرت صومًا لأيام لا تتذكر عددها فيلزم الاجتهاد في معرفتها، فإن لم تستطع تحديد عدد الأيام بدقة فصم من الأيام ما يغلب على ظنك أن ذمتك تبرأ به.
هذا إذا كان نذرك صوم أيام مطلقة غير محددة، أما إذا كانت أيام معينة وفات عليك صيامها من غير عذر فيلزمك قضاؤها وإخراج كفارة يمين.
وإن كان الفوات لعذرٍ من مرض أو سفرٍ أو نسيانٍ أو حيضٍ ففي المسألة خلاف بين العلماء، والراجح لزوم القضاء فقط كما هو مبين في الفتوى رقم:
17880.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(19/1261)
كيف يوزع المنذور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ماحكم النذر وكيف يوزع، ولكم جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاختلف العلماء في حكم النذر، والراجح كراهته كما هو مبين في الفتوى رقم:
5526، لكن من نذر طاعة لزمه الوفاء بها.
وتوزيع النذر يتم حسب ما حدده الناذر أثناء نذره، فإن لم يحدد جهة جاز له في أي وجه من وجوه البر والخير وليتحرَّ الجهة الأحوج إلى مثل نذره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(19/1262)
لماذا النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما العبرة من النذر وما حكمه؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 3630 حكم النذر وتعريفه فليرجع إليه.
وأما لماذا النذر؟ فإن الناذر يتوهم أنه إن نذر ربما حصل له ما علق النذر عليه، وهذا وهم جاء الشرع بإبطاله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر، فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج" رواه مسلم.
والشرع لم يمدح النذر، وإنما مدح الموفين بالنذر، فمن وفى بنذره مدح شرعاً، لأنه أدى ما وجب عليه، ولكنه لا يمدح لإيجابه ذلك الواجب على نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(19/1263)
من مات وعليه نذر
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كنا نعده من الصالحين فمات وعليه نذر ولم يكن له أهل يقضون عنه فما الحل؟ وهل يكون محجورا عن جزائه يوم القيامه؟
أفيدونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر الذي على الميت لا يخلو من واحد من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون مالاً نذره.
الأمر الثاني: أن يكون عبادة محضة من صوم أو حج، أو نحو ذلك.
فإذا كان هذا النذر عبارة عن مال نذره الشخص في حياته، ثم مات قبل الوفاء به، فإنه يخرج من تركته قبل قسمتها على الورثة إن كان ترك مالا، لأنه من جملة الديون المقدمة على الوصية وعلى الورثة.
أما إذا كان هذا النذر عبارة عن صوم أو حج أو عبادة محضة، فإنه يطلب من وليه أن يقضي عنه.
قال البخاري: باب (من مات وعليه نذر) : وأمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء، فقال: صلي عنها.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه".
وعلى كل حال، فمن لزمه نذر، ثم مات قبل التمكن من أدائه، فنرجو من الله أن لا يحلقه إثم، ولا تبعة منه لعدم تفريطه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(19/1264)
أقوال العلماء فيمن نذر نذرا محرما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: نذرت أني لن أتحدث مع شخص أبداً وفي يوم تحدثت معه هل تجب علي الكفارة وما هي الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هجر المسلم طوال الدهر لمجرد حظ النفس -وهو ما لم يكن الباعث عليه هو الدين- حرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" رواه مسلم.
وعليه، فمن نذر هجر مسلم أبد الدهر فهو نذر محرم، وقد اختلف العلماء فيه، فقال بعضهم: ينعقد النذر، ولايجوز له الوفاء به، ولكن عليه كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة يمين" رواه مسلم.
ومنهم من قال: لا ينعقد النذر، ومن ثم فلا يجوز أن يفعل المحرم، ولا تلزمه كفارة.
والأخذ بالقول الأول أحوط، وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن لم يجد، فيصوم ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(19/1265)
هل يصح اعتبار النذر صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
أسأل حضرتكم أنا نذرت إلى الله بأنه إذا رضي أهلي عن الوظيفة وحصلت عليها فإني سأقوم بخصم عشرين دينارا من مرتبي كل شهر وأتبرع به لمن يحتاج وبعد أن نلت مرادي هل بإمكاني أن أسمي هذا التصرف اليوم بأنه صدقة لوجه الله أم أنه لا يتعدى أن يكون وفاء نذر ولا أحصل سوى على أجر الإيفاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى مدح الموفين بنذورهم، فقال: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) [الإنسان:7] .
وذم النبي صلى الله عليه وسلم الذين ينذرون ولا يوفون، فقال: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم ينذرون ولا يفون.." رواه البخاري.
وما دام الوفاء بالنذر فرضاً مؤكداً، فلا يعقل أن تكون الصدقة التي هي تطوع أعظم منه أجراً، ولا أجلب لحب الله ورضاه، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: "وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(19/1266)
كفارة النذر الذي لايستطاع تنفيذه
[السُّؤَالُ]
ـ[كان من غير المتوقع أن يحدث شيء فنذرت نذراً لا يمكن تنفيذه وحدث الشيء غير المتوقع فما كفارة هذا النذر أو كيف أوفيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وصف الله تبارك وتعالى عباده الأبرار الذين يدخلون الجنة بصفات كانوا يتصفون بها في الدنيا، ومن أبرز هذه الصفات الوفاء بالنذر، فقال جل وعلا: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) [الإنسان:7] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصه" رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
وبهذا تعلم أن عليك الوفاء بنذرك إلا إذا كان معصية، أو كان الوفاء به غير ممكن، فهذا النوع من النذر قال بعض أهل العلم: إنه لا ينعقد أصلاً، وبالتالي فلا يلزم منه شيء، وقال بعضهم: إنه منعقد، وفيه كفارة يمين، واستدلوا لذلك بما رواه مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كفارة النذر كفارة اليمين".
وهذا القول الأخير هو الراجح.
وعلى هذا، فإن عليك كفارة يمين إذا كان الوفاء بما نذرت غير ممكن، والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم تجد، فصيام ثلاثة أيام.
ولمزيد من التفصيل عن أحكام النذر يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(19/1267)
حكم التحلل من النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إني قد نذرت أني إذا أنهيت تعليمي وعملت سوف أجعل مبلغاً من مال راتبي للأيتام وحفظة القرآن. أنا مازلت أدرس وأريد أن أتحلل من النذر مع العلم أن وقته لم يحن بعد..اني أريد أن أجعل مساعدتي لهم غير إلزامية يعني النية موجودة إذا حسنت الظروف لكني أخاف الإلزام ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يطيع الله فليطعه، ولا يجوز له أن يتحلل من النذر إلا عند العجز عنه فمن عجز فعليه كفارة ككفارة اليمين، وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 19407 18948 11339 3723 1125
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1423(19/1268)
حكم من عجز عن القيام بالنذر عجزا مؤقتا أو دائما
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت فتاة في الثالثة عشر من عمرها إن شفاها الله من مرض ألم بها أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر ثم تزوجت في الخامسة عشر من عمرها ومع الدراسة والحمل والولادة المتكررة وأعمال البيت شق عليها الصيام في شهور كثيرة وخصوصا مع أعباء البيت والزوج والأطفال علما بأنها كانت عندما نذرت قد بلغت ولكن سنها صغيرة ولا تعلم عن أعباء البيت والزوج وقد شق عليها الصيام فهل سنها سن تكليف وهي تريد رأي العلماء خصوصا أن صيامها مع حالتها الصحية (تشعر بآلام في مفاصلها وعظامها حال صومها مع الدوار وعدم قدرتها على العمل في البيت والقيام باحتياجات الزوج) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد نذرت وأنت بالغة نذر طاعة، وهو صيام ثلاثة أيام من كل شهر إذا شفاك الله من المرض، وتحقق لك الشفاء، فإنه يلزمك الوفاء بهذا النذر، وإذا عجزت عن القيام عجزاً غير مستمر لمرض أو لقيامك بأعباء البيت والأطفال والزوج، فإن عليك الانتظار إلى حين زوال العذر، وقضاء ما فاتك من الأيام التي لم تصوميها في بعض الشهور عند القدرة، وصيام الأيام المنذورة في المستقبل لكل شهر، وأما إذا كان عجزك عجزاً مستمراً، فإن عليك كفارة يمين وهي: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تَطْعمين أو كسوتهم، فإن لم تستطيعي فصيام ثلاثة أيام، ولا يلزمك إطعام مسكين لكل يوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر نذراًَ أطاقه، فليف به".
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب إطعام مسكين لكل يوم، قال في كشاف القناع: "وإن نذر صياماً، فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أو نذره أي الصيام في حال عجزه أطعم لكل يوم مسكيناً، وكفر كفارة يمين، لأن سبب الكفارة عدم الوفاء بالنذر، والإطعام للعجز عن واجب الصوم، فقد اختلف السببان واجتمعا فلم يسقط واحد منهما، لعدم ما يسقطه، وإن عجز الناذر عن الصوم لعارض يرجى برؤه انتظر زواله كالواجب بأصل الشرع، ولا يلزمه كفارة ولا غيرها إذا لم يكن النذر معيناً، فإن كان معيناً وفات محله، فعليه الكفارة كما تقدم، وإن صار المرض غير مرجو الزوال صار الناذر إلى الكفارة والفدية في الإطعام لكل يوم مسكيناً كما لو كان ابتدأ بذلك." انتهى.
والصحيح أنه تكفيه كفارة يمين عند العجز، ولا يلزمه الإطعام كالعجز عن الوفاء بالنذر في غير الصيام، وهذه رواية عن أحمد رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(19/1269)
من نذر ترك المعصية فلم يف بنذره ...
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت زوجة أحد الأصدقاء في المستشفى لوضع مولود وكان هذا الصديق دائم مشاهدة الأفلام الجنسية في الدش ونذر لو قامت زوجته بالسلامة بعد الوضع أنه سوف يمتنع عن هذه المشاهدة ولكنه لم يمتنع، فما هو حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يترك معصية الله ثم لم يفعل، فقد ازداد إثماً بعدم وفائه بنذره فوق إثمه بارتكاب المعصية، وراجع الفتوى رقم:
13425، وعلى صاحبك أن يبادر إلى التوبة قبل أن يفجأه الموت، وعليه بالإكثار من الصالحات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وراجع الفتوى رقم: 10803، والفتوى رقم: 2862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(19/1270)
نذر صياما ولم يستطع وفاء.....
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لقد نذرت أن اتطوع إذا نجحت فى الدراسة ولقد نجحت ولكن لم أستطيع التطوع - فماذا علي أنا أفعل أتصدق أم ماذا أفعل؟؟ والرجاء النصح جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر نذر طاعة وجب عليه الوفاء، فإن عجز عن الوفاء به لسبب ما لزمته كفارة يمين، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(19/1271)
حكم عقد النذر والوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا بعض العلماء اتفقوا على كراهية النذر رغم أن الآية واضحة (والذين يوفون بالنذر) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن عقد النذر مكروه، والوفاء به واجب، وهذا إذا كان المنذور طاعة لله رب العالمين جمعًا بين الآية الكريمة التي فيها الثناء على المؤمنين بالنذر، وبين حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل.
ويجب التنبه إلى أن النذر لا ينعقد إلا فيما كان قربة، فناذر الحرام يلزمه عدم الوفاء بما نذر ولا كفارة عليه؛ لأن نذره غير منعقد، وناذر المكروه يكره له الوفاء به، ولا كفارة عليه؛ لأنه غير منعقد أيضًا، وناذر المباح غير مطلوب بالوفاء هو الآخر ولا كفارة عليه أيضًا.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
1125، والفتوى رقم:
11339، والفتوى رقم:
16705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(19/1272)
النذر فريضة لا يجوز تركه إلا لعاجز
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت منذ 15 عاماً بأن أصوم رجب وشعبان من كل عام لو تحقق أمر وقد تحقق وكنت فتاة لم أتزوج ولم أكن متفقهة في الدين بدرجة كافية ولم أدر صعوبة تنفيذ ذلك حيث إنني متزوجة ولست في حكم نفسي الآن وأنا الآن حالتي النفسية صعبة جداً خوفا من الله سبحانه وتعالى؟ أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
وقد مدح الله عز وجل عباده الأبرار ببعض صفاتهم في الدنيا، فقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
فإن كنت مطيقة للصيام أو راجية أن تطيقيه في المستقبل، فيجب عليك أن تفي بنذرك، ولا يحل لك العدول عنه، فإن النذر أمره عظيم، والزواج لا يمنع من صوم الفريضة، والنذر فريضة لا يجوز تركه إلا لعاجز، فإذا عجز الشخص لمرض مزمن جاز له أن يكفر عنه، ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 19796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(19/1273)
حكم دفع المال المنذور للولد ...
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا عند حدوث شىء سأتصدق بمبلغ معين وبالفعل حدث ما أردت ولكني وجدت ابني في احتياج شديد للمال وهو مطالب بدفع مبالغ إلى أشخاص فماذا أفعل في المال أفِ بالنذر أم أعطيه لابني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أنك لم تعين شخصاً بعينه أو جهة ما، فلا مانع من دفع الصدقة لابنك الغارم أو المحتاج.
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي يزيد معن بن يزيد السلمي قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن.
قال الحافظ في الفتح: كأنه كان لا يرى الصدقة على الولد تجزئ، أو يرى أن الصدقة على الأجنبي أفضل، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن له ما نوى لأنه كان ينوي أن يتصدق بها على محتاج، وابنه يحتاج إليها، فوقعت موقعها، وإن كان لم يخطر بباله أنه يأخذها، وبين لابنه أن له ما أخذ لأنه أخذه بحقه محتاجاً إليه.
فتحصل من هذا أن صدقة التطوع أو النذر لغير المعين يجوز دفعها للأولاد المحتاجين بل هم أولى بها من غيرهم، ولاسيما إن كانوا مدينين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(19/1274)
نذرت تسمية ابنها باسم معين هل يجب الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لقد اتفقت أنا وزوجتي قبل أن تحمل على اسم للولد واسم للبنت ولكنها من شدة رغبتها في الحمل نذرت زوجتي بدون أن تشعر وبدون قصد اسما آخر للولد، فهل يجب الوفاء بهذا النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر بتسمية المولود باسم معين هو من النذر المباح، والنذر بالمباح لا يجب الوفاء به، وراجع الفتوى رقم 20047
وعليه، فإنه لا يجب عليكم تسمية المولود بالاسم الذي نذرته زوجتك، ولكم تسميته بما تم الاتفاق عليه مسبقاً، والأحوط إخراج كفارة ككفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(19/1275)
يصرف النذر لفقراء آخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إن حصلت على وظيفة أن أتبرع للبوسنة بمبلغ من المال وبعد أن حصلت عليها تقاعست حتى انتهت مأساة البوسنة، والآن ماذا أفعل؟ خاصة بعد أن تغير الوضع في البوسنة وصاروا يحاربون المنظمات الخيرية الإسلامية فيها؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تفي بنذرك، وتتدارك ما فعلت من التأخير، وقد أثنى الله تعالى على عباده الأبرار، وذكرهم بأبرز صفاتهم في الدنيا، فقال تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (الإنسان:7) ، فإذا كان باستطاعتك أن ترسل هذا النذر إلى مستحقيه في البوسنة، فهذا هو الواجب، وإذا لم تستطع أو علمت أنه لا يصل إلى مستحقيه فعليك أن ترسله إلى غيرهم من فقراء المسلمين ممن هم على الوضع الذي كان عليه أهل البوسنة وقت لزوم النذر لك، وما أكثرهم! فعندك فلسطين والشيشان وكشمير وكوسوفا وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(19/1276)
حكم من نذر شيئا ونسي هذا الشيء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل نذر نذرا لله أن إذا شفاه الله يفعل كذا وقد شفاه الله، ولكنه نسي ما هو هذا الشيء الذي سيفي به نذره، فماذا عليه أن يفعل، أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر ثم شك أو نسي نوع المنذور به.. أهو صلاة أم صيام أم صدقة أم غير ذلك؟ فإنه يجتهد حتى يغلب على ظنه نوع منها فيفعله، فإن اجتهد ولم يظهر له نوع النذر، فمن العلماء من قال: عليه أن يفعل الجميع، وهذا ما استحسنه جماعة من فقهاء الشافعية كالإمام الرملي والعبادي، وقالوا: لا يتم له الخروج من واجبه يقينا إلا بفعل الكل. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه تلزمه كفارة يمين لأن الشك في المنذور كعدم تسميته، ولأنه بعجزه عن تحديد نوع النذر شابه من نذر أمراً ثم عجز عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين. رواه الترمذي.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(19/1277)
حكم النذر بما وجب شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة مسلمة والحمد لله ولكن كنت في السابق أتهاون في أمر الحجاب فكنت أكشف وجهي وعندما حصلت حادثة لأخي الصغير ونجا منها والحمد لله نذرت ألا أكشف وجهي مرة أخرى (النذر)
والآن أنا أدرس في منطقة حارة جدا (السودان) هل أستطيع أن أكشف وجهي وماذا علي إن كشفت وجهي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب واجب لأنها منهية عن إبداء زينتها، قال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] .
وقد سبق أن بينا هذه المسألة بأدلتها وذكرنا أقوال العلماء فيها في فتوى برقم: ... 4470.
فلترجع إليها.
وإذا كان الأمر كذلك فإن الأخت تكون قد نذرت الالتزام بما لزمها شرعاً فيتأكد الوجوب، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فيصبح واجباً بالشرع وواجباً بالنذر فلا يجوز تركه، والمسلم مطالب بالصبر على الطاعات التي أمره الله بها والصبر على اجتناب المحرمات التي نهاه الله عنها، وعاقبة هذا الصبر الفوز والفلاح والظفر برضى الله عز وجل ومحبته، قال الله سبحانه: وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر] .
وعلى الأخت أن تعلم أن ارتفاع درجات الحرارة في الحجاز وقت وجوب الحجاب لا يقل عن ارتفاعها في السودان الآن ومع ذلك فقد بادر نساء المسلمين إلى امتثال هذا الأمر.
وعلى الأخت أن تتذكر حر نار جهنم كلما حدثتها نفسها بالسفور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(19/1278)
ما يلزم من نذر صوم يوم معين ولم يصمه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة نذرت إن حدث أمر ما أن تصوم اليوم الذي يليه فحددت النذر باليوم الذي يليه، ولكنها لم تصمه وليس عندها عذر فما الذي يلزمها؟ الكفارة فقط، أم القضاء أيضا على الرغم من أنه فات محله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر صوم يوم معين أو محدد ولم يصمه من غير عذر فإنه يلزمه القضاء والكفارة، وهي ككفارة اليمين، وراجع الفتوى رقم:
2670
أما إن كان له عذر ففيه خلاف للعلماء، وراجع الفتوى رقم: 17880
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 4241 والفتوى رقم: 1125
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(19/1279)
الوفاء بالنذر هل يجب على الفور أم على التراخي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نذرت عندما أنجح في الامتحان أن أحفظ ماتيسر لي من القرآن هل علي شيء لو أخرت في التنفيذ وما هي أفضل سورة للحفظ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يطيع الله فإنه يلزمه أن يوفي بنذره، ولا يجوز له أن يخلفه إلا إذا عجز عنه، ويكفر عندئذ كفارة ككفارة اليمين.
وحفظ القرآن من أفضل الطاعات، فيجب عليك الوفاء بنذرك، وإن كنت قد حددت سوراً أو أجزاء معينة فإنه يجب عليك حفظها بعينها. أما إذا لم تكن حددت سوراً أو أجزاء، ولكنك حددت قدراً معيناً فإنه يلزمك أيضاً، فإن لم تكن حددت شيئاً بأن قلت -مثلاً- إن نجحت في الامتحان فلله علي أن أحفظ ما تيسر من القرآن أو نحو ذلك، فإنه يجزئك أن تحفظ ما تيسر لك قلَّ أو كثر. وحاول أن تحفظ أكبر قدر ممكن.
ولاحرج عليك في أن تؤخر الوفاء بنذرك حتى تجد الفرصة المناسبة‘ لأن الوفاء بالنذر ليس واجباً على الفور إلا إذا كان كانت صيغة النذر تقتضي الفورية.
وليس هناك سورة مفضلة للحفظ دون غيرها، إلا أن حفظ الفاتحة فرض على كل مسلم مكلف، وننصحك بالبدء بحفظ قصار السور لسهولتها، ثم تنتقل بعد ذلك لغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1423(19/1280)
فتاوى في النذر وكفارته
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت نذراً بصيام يوم عن كل يوم أستيقظ فيه وأجد أحداً من أهلي مستيقظا وذلك أثناء قيامي لصلاة الفجر لما أشعر به من خوف شديد أثناء قيامي للصلاة. لكن تكاثرت علي الأيام. فمنذ أن انتظمت في صلاة الفجر، انتظم البيت كله – بفضل الله – في القيام لأداء صلاة الفجر. سؤالي هو: هل ما نذرت به نذراً حقاً يجب علي الوفاء به رغم كل شيء؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر المعلق على حدوث أمر معين يجب الوفاء به عند وقوعه، فيلزمك على هذا صيام يوم عن كل يوم تستيقظ فيه وتجد أحداً من أهلك مستيقظاً، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
4241.
وإن عجزت عن الصيام لعذر كمرض لا يرجى الشفاء منه فإنه يسقط عنك وتطعم عن كل يوم مسكيناً، وتكفر كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم:
3274 والفتوى رقم:
3155 والفتوى رقم:
2670.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(19/1281)
حكم إعطاء الأم من النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد نذرت أن أدفع (اثنين ونصفا بالمئة) من المبلغ الذي ستحكم لي المحكمة به في قضية مالية رفعتها. وذلك على سبيل تزكية ما ستحكم لي المحكمة به.
هل يجوز لي أن أعطي لوالدتي المحتاجة، أو لأخي المحتاج من هذا النذر؟؟؟ وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوفاء بالنذر واجب شرعاً، وقد مدح الله تعالى عباده المقربين بأنهم كانوا يوفون بالنذر في الدنيا، فقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7] .
وما دمت لم تعين لهذا النذر شخصاً معيناً أو جهة خاصة فلك أن تدفعه لكل فقير أو مسكين، ولا شك أن الفقراء الأقربين أولى بذلك وخاصة الأخ.
أما الأم فلا يجوز أن تدفع لها من النذر ما ستصرفه فيما كان واجباً عليك لها، كالنفقة والكسوة ونحوهما نظراً لوجوب نفقتها عليك إذا كانت محتاجة.
وإذا كنت تقصد بقولك: تزكية المال تطهيره من الشبهة، بإخراج النذر منه أو الصدقة.... فإن ذلك لايبيح ماحرم الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(19/1282)
الحكم الشرعي للنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة أعيش ببلد قد منحنا أنا وزوجي وأولادي جنسيته ثم توقف تجديد جوازاتنا قرابة ثلاث سنوات حيث كنا لا نستطيع الخروج أو الدخول إلى البلاد فنذرت بنفسي أنه إذا تجددت الجوازات سوف أصوم ثلاثة أيام من كل شهر وبالفعل تجددت الجوازات ووفيت النذر لكن بعد سنتين توقف التجديد مرة أخرى فهل علي مداومة نذر الصيام؟ أم أستطيع إيقافه؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر يجب الوفاء به، وهو وإن كان جائزاً في الإسلام إلا أنه لا يستحب، وخاصة النذر المعلق، فقد كرهه كثير من أهل العلم، لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقال: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل".
وذلك لئلا يعجز عنه الإنسان أو يتكاسل، فيتوجه إليه الذم والعقاب إن كان قادراً على الوفاء.
والنذر المشروط يجب الوفاء به عند حصول الشرط، كما هو الحال بالنسبة للسائلة الكريمة، فإنها علقت نذرها صيام ثلاثة أيام بتجديد الجوازات، وجُددت فعلاً، فعليها أن تفي بنذرها، وتصوم ثلاثة أيام من كل شهر، كما ورد في عبارتها، وهي لم تستثن ولم تحدد ذلك بمدة معينة، اللهم إلا إذا كانت نوت مدة صلاحية الجوازات.
وبناءً على ما سبق، فإن عليها أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر وفاءً بنذرها، قال تعالى في سياق مدح الأبرار، وما أعدّ الله لهم من النعيم في الآخرة بأنهم كانوا في الدنيا: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (الإنسان:7) .
إلا إذا عجزت لمرض أو كبر سن، فإن لها أن تفطر، وتكفر كفارة اليمين.
وراجعي الفتوى رقم: 3274.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(19/1283)
نذر القربة تجب فيه الكفارة بخلاف النذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أقوم بدهان صندوق التبرعات بالمسجد ولكنى لم أستطع القيام بذلك، فهل يجوز دفع قيمة الدهان نقدا للقائم على خدمة المسجد أو إيداع هذا المبلغ فى الصندوق.أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الدهان لا يعود على الصندوق بالنفع فإن هذا من النذر المباح، وقد اختلف العلماء في انعقاده، وما يجب فيه كما هو مبين في الفتوى رقم:
20047، والراجح عدم انعقاده، ولا يلزمك فيه شيء.
وإن كان دهن الصندوق يعود عليه بالنفع فإنه نذر قربة يلزمك الوفاء به، وبما أنك تملك ما تشتري به الدهان فلا نظن أن قيامك بدهان الصندوق أمر متعسر عليك، إلا إذا حال بينك وبين ذلك أمر خارج عن قدرتك واستطاعتك، فعليك كفارة يمين كما هو مبين في الفتوى رقم:
2522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(19/1284)
حكم دفع قيمة النذر من عملة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا أنني سوف أقوم بدفع مبلغ 10 دينارات كويتية لصالح إخواننا في فلسطين من راتبي الشهري ولكني الآن في شهور العطلة الصيفية في مصر فهل يجوز تحويل المبلغ بالجنيه المصري وهل يجوز إعطاء المبلغ لجهة أخرى مثل معهد السلطان مثلا؟ وهل يكون علي كفارة من أجل ذلك التحويل إن كان يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم إذا نذر طاعة وجب عليه أن يؤديها كما نذرها، قال الله تعالى في وصف عباده الأبرار، وما أعد لهم من نعيم الجنة -عن حالهم في الدنيا-: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً* عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً* يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً [الإنسان:5-7]
فالوفاء بالنذر من صفات الأبرار المتقين، فيجب أن تدفعي هذا المال للأخوة الفلسطينيين فقط ما دمت قد خصصت لهم هذا المبلغ بلفظ النذر، ولا يجوز أن تدفعيه لمعهد، ولا لأي جهة أخرى، ويجوز أن تدفعيه لهم بأي عملة أخرى أليق بهم وأيسر للاستفادة سواء كان جنيهاً مصرياً أو غيره، لكن بشرط ألا ينقص ذلك عن قيمة المبلغ المحدد أصلاً.
وإذا تحول إليهم المبلغ كاملاً غير منقوص فلا حرج، ولا كفارة لأن المطلوب هو الوفاء بالنذر كاملاً وقد حصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(19/1285)
ما لم تكن نية فلا يأخذ الفعل حكم النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته:
نوى زوجي أن يذبح شاة بعد شرائنا لسيارة جديدة وأن يوزعها مثل توزيع العقيقة والأضحية (الثلث لنا والثلث للأقارب والثلث للفقراء) وبالفعل تم ذلك ثم قالت لي إحدى صديقاتي إن هذا بمثابه نذر وكان يجب توزيعه كله للفقراء. ولكن لم يكن فة نية زوجي أن يكون هذا نذرا وإنما بمثابة فدو للسيارة الجديدة لكي يباركها الله لنا. فما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن من حلت به نعمة لزمه أن يشكر ربه على ذلك، والبذل والصدقة عند تجدد النعم يدخل في عموم الشكر لله.
لكن تقييد ذلك بالذبح حتى أصبح عادة كما هو معروف وشائع عند كثير من الناس يعتبر بدعة، حيث لم يرد في تقييد ذلك نص من كتاب، ولا سنة، ولا عمله أحد من السلف الصالح، ويصاحب ذلك اعتقاد خاطئ عند كثير ممن يفعلون ذلك، وهو أنهم إن لم يفدوا بالذبح عن أنفسهم، أو عن بيوتهم، أو عن أولادهم، أو عن دوابهم، أو نحو ذلك فإنها ستلحقهم مصيبة في ذلك، وهذا لا أساس له في الشرع.
أما إن كان زوجك لا يعتقد مثل هذا الاعتقاد، ولا يعتقد تقيد شكر النعمة بالذبح وأخرجها على أنها قربة لله فإنه مأجور على ذلك، وله أن يوزعها كيف أراد، وبالكيفية التي يراها، ولا يلزمه أن يخرجها جميعا للفقراء مادام لم يجعلها نذرا لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1423(19/1286)
لا يسقط النذر بالتقادم
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري الآن 34 سنة عندما كان عمري 15 سنة قلت لن أدخل قاعة سينما وإن فعلت فسوف أصوم شهرا متتابعا. وللأسف دخلت بعدها إلى قاعات السنيما ولم أصم. فكيف تصنفون هذا وما علي أن أفعل وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك الآن هو التوبة إلى الله تعالى توبة نصحوحاً من دخول تلك القاعات التي يعرض فيها كل ما حرم الله تعالى والتي هي بؤر الفساد وأوكار الرذيلة. وراجع الفتوى رقم:
14814.
وعليك أن تفي بنذرك الذي نذرت فهو من النذر الذي يجب الوفاء به فبادر إلى ذلك قبل أن يباغتك الأجل أو تعجز عن الوفاء به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(19/1287)
هل يصح صرف النذر للأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا بأنني إذا حصلت على وظيفة سأقوم بتوزيع راتب الشهر الأول..ولقد حصل ذلك وقمت بتوزيع الراتب حيث كان ألف ريال من نصيب أخي فهل هذا جائز..بمعنى هل يجوز إعطاء النذر لأهلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعله السائل من الوفاء بنذره هو الصواب، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
وقال الصنعاني في سبل السلام نقلاً عن ابن رشد ما نصه: وقع الاتفاق على لزوم النذر بالمال إذا كان في سبيل البر وكان على جهة الجزم، وإن كان على جهة الشرط فقال مالك: يلزم كالجزم إلا إنه إن نذر بجميع ماله لزم ثلث ماله إذا كان مطلقاً، وإن كان معيناً المنذور به لزمه وإن كان جميع ماله.
وأما ما ذكرته من إعطاء نذرك لأخيك فلا حرج فيه، إلا إذا كنت نذرت لمعين أو كان أخوك غير محتاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(19/1288)
مذاهب الفقهاء في ما يجب في النذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: نذرت امرأة على أن تسمي باسم أخيها وكانت حاملاً آنذاك وولدت ولدا ولم تسمي باسم أخيها؟ مالحكم في هذا النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر الذي نذرته من جنس نذر الفعل المباح، وهذا النوع من النذر، قد اختلف العلماء في انعقاده ولزومه لمن نذره.
فذهب الحنابلة إلى أنه ينعقد، ولكن يخير صاحبه بين الوفاء به أو إخراج كفارة يمين، قياساً على اليمين، قال ابن قدامة في المقنع: نذر المباح، كقول: لله علي أن ألبس ثوبي، أو أركب دابتي، فهذا كاليمين، يتخير بين فعله وبين كفارة يمين، قال المرداوي: وهذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. انتهى
وذهب غيرهم كالمالكية والشافعية والحنفية إلى أنه لا ينعقد، قال ابن نجيم في البحر الرائق: فيحرم عليه الوفاء بنذر معصية، ولا يلزمه بنذر مباح من أكل وشرب ولبس وجماع. انتهى
وقال في مغني المحتاج: الأصح كما في الروضة والشرحين وصوبه في المجموع، أنه لا كفارة فيه لعدم انعقاده. انتهى
والقول الثاني هو الراجح عندنا إن شاء الله.
وبناءً عليه، فإنه يجوز لك العدول عن تسمية الولد بالاسم الذي نذرته، ولا شيء عليك، فإن كفرت كفارة يمين فهو أفضل خروجاً من الخلاف، وكفارة اليمين قد مضى بيانها في الفتوى رقم:
204 والفتوى رقم:
2022.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم:
17721 والفتوى رقم: 3630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(19/1289)
التأخر بوفاء النذر لا يسقطه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله أما بعد:
لقد وعدت أنني إذا وفقني الله في أمر كنت أبتغيه أن أخرج صدقة ولقد وفقني الله في ذلك وهذا منذ أكثر من خمس سنوات ولحد الآن لم أفِ بوعدي فما حكم الشرع؟ وما المطلوب مني؟
أفيدوني أفادكم الله والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يلزمك الوفاء بنذرك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" رواه البخاري.
ومضي هذه المدة لا يسقط عنك ما تعلق بذمتك من وجوب الوفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(19/1290)
العجز عن فعل النذر قسمان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد توجهت بهذا السؤال سابقاً ولكن لم أعرف كيفية الوصول إلى الإجابة لعدم وضوح الجواب، هو أني نذرت أن أصوم شهرين متتابعيين إن حصل أمر ما وقد حصل، وأنا شاب عمري 32 سنة معافى والحمد لله ولكن عملي فيه عمل ميداني كثير وخاصة في المزارع فهل يمكن إبدال الصوم بأمر آخر. جزاكم الله خيرأً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك -أخي السائل- أن تفي بنذرك لأن الصيام طاعة لله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، فإن عجزت عن الصيام، فإما أن يكون عجزك مؤقتاً، وأما أن يكون عجزاً دائماً، فإن كان العجز مؤقتاً، فعليك أن تنتظر حتى يزول، ثم تؤدي ما عليك من صيام، وإن كان العجز دائماً، فعليك كفارة يمين وإطعام مسكين عن كل يوم نذرت أن تصومه.
قال ابن قدامة في المغني: وإن عجز لعارض يرجى زواله من مرض أو نحوه، انتظر زواله ولا تلزمه كفارة ولا غيرها، لأنه لم يفت الوقت فيشبه المريض في شهر رمضان، فإن استمر عجزه إلى أن صار غير مرجو الزوال، صار إلى الكفارة والفدية.
ودليل الكفارة حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين. رواه أبو داود وابن ماجه.
وأما بخصوص الفدية فقال ابن قدامة: وإن كان صياماً فعن أحمد روايتان: إحداهما يلزمه لكل يوم إطعام مسكين، قال القاضي: وهذه أصح لأنه صوم وجد سبب إيجابه عيناً، فإذا عجز عنه لزمه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً كصيام رمضان. انتهى
فائدة: قال ابن قدامة: فإن كان العجز المرجو الزوال عن صوم معين -بمعنى أن يكون الناذر قد حدد صيام شهر بعينه-، فات وقته انتظر الإمكان ليقضيه، وهل تلزمه لفوات الوقت كفارة؟ على روايتين، ذكرهما أبو الخطاب إحداهما: تجب الكفارة لأنه أخل بما نذره على وجهه فلزمته الكفارة، كما لو نذر المشي إلى بيت الله الحرام فعجز، ولأن النذر كاليمين، ولو حلف ليصوم في هذا الشهر فأفطره لعذر لزمته كفارة، كذا ههنا، والثانية: لا تلزمه لأنه أتى بصيام أجزأه عن نذره من غير تفريط منه فلم تلزمه كفارة يمين، كما لو صام ما عينه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(19/1291)
ماهية النذر الذي يجب الوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أستطيع الوفاء بالنذور وهي كثيرة دائما أنذر بعدم الأكل لمدة أسبوع ولكن لا يمضي 3 أيام ثم لا أستطيع وكثيراً ما حلفت على المصحف بأن أقوم بشيء معين ولكن لا أقوم به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أن النذر الذي يجب عليك الوفاء به هو ما تعلق بمندوب، كأن تنذري أن تصومي تطوعاً أو تتصدقي أو تقرئي كذا جزء أو سورة من القرآن، فهذا الذي يلزمك أن تفي به، فإن لم تفعلي فعليك الكفارة.
أما نذر ما ليس بطاعة كالمباحات، كمن نذر أن يقعد أو يقوم أو لا يأكل أو يصمت أو أن يسكن في كذا أو يلبس أحسن ثيابه ونحوه، فهذا لا يلزم الناذر به شيء.. لا الوفاء ولا الكفارة على الصحيح، وقد نقل القرطبي الإجماع على أن هذا النذر لا يلزم، فقال: وأما نذر المباح فلم يلزم بإجماع الأمة.
ويقول ابن حزم: فإن نذر ما ليس طاعة ولا معصية كالقعود في دار فلان أو أن يأكل خبزاً مأدوماً أو ما أشبه هذا، لم يلزمه، ولا حكم لهذا إلا استغفار الله تعالى منه، لأن إيجاب النذر شريعة، والشرائع لا تلزم إلا بنص، ولا نص إلا في نذر الطاعة فقط. المُحلّى 4/النذر.
وأما حلفك على المصحف على أن تفعلي شيئاً، ثم لا تفعلينه، فانظري الفتوى رقم: 6869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(19/1292)
الخلط بين الزكاة والنذر لا يسوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المصارف الشرعية للزكاة؟ وهل من الممكن أن أضيف أموال الزكاة إلى نذر لكي أضخم النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت مصارف الزكاة في الفتوى رقم: 3317، والفتوى رقم: 369.
أما عن إضافة الزكاة إلى النذر ليتضخم فإنه لا يجوز، لأن الزكاة شيء، والنذر شيء آخر، فلا يجوز الخلط بينهما.
ولكن لا بأس أن تصرف الزكاة في مصرف النذر إذا كان مما يجوز صرف الزكاة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(19/1293)
إهداء ثواب النذر نسكا للميت لازم الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله تعالى إن وفقني لبناء ثلاثة طوابق أن أذبح عجلا عن روح أمي وأبي وعن الثلاثة طوابق. فهل هذا جائز في الشرع؟
أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسائل الكريم نذر إن وفقه الله لبناء ثلاثة طوابق أن يذبح عجلاً ويهدي ثواب الصدقة لأبيه وأمه، والذبح طاعة. قال تعالى: فصل لربك وانحر والصدقة عن الميت طاعة، لما رواه أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم.
وهذا النذر يلزم الوفاء به عند عامة أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري ومسلم عن عائشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(19/1294)
لا ينعقد النذر إلا بلفظ يشعر بالالتزام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو حكم الشرع في شخص نوى أن يبني مسجداً على قطعة أرض في القاهرة يملكها ولكنه لا يملك تكاليف البناء فهل تعتبر نيته نذراً لا يستطيع تغييره كأن يبيع الأرض وتوجيه ثمنها في بناء مساجد أخرى في بلاد أخرى والتبرع بالباقي لوجه الله؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر هو التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع، ولا ينعقد إلا بلفظ يشعر بذلك، فما دام هذا الشخص لم يتلفظ بالنذر فلا يلزمه شيء، وله أن يفعل بقطعة الأرض ما شاء، لكن الأولى ألا يستعملها إلا فيما هو من جنس ما كان ينوي أن يجعلها فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(19/1295)
حكم التحول عن عين المنذور إلى قيمته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم -السلام عليكم:
السوءال الإول: نذرت لله إن رزقني بولد ذكر أن أقدم مبلغا معينا من المال إلى مسجد في طريق الإنجاز وبالفعل فقد رزقني الله بولد والحمدلله- هل يجوز لي أن أقدم هذا المبلغ على قسمين وبارك الله فيكم؟ السوءال الثاني: قررت أن أشتري مصحفا كلما تلقيت مرتبي -كل شهر- وأقدمه كل مرة لمسجد من المساجد ولكن بعد ذلك تبين لي أن أقدم قيمة المصحف نقدا لهذه المساجد-هل يصح لي ذلك وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يطيع الله فليطعه، وعليه فإنه يلزمك أن تعطي المسجد المبلغ المنذور دفعه واحدة إن كنت مستطيعاً لذلك، فإن عجزت فلا بأس أن يكون على دفعتين أو حسب الاستطاعة.
أما عن الجواب على السؤال الثاني: فإذا كان هذا القرار نذراً، بأن قلت: لله علي كلما استلمت مرتبي أن اشتري مصحفاً لأحد المساجد، فإنه يلزمك الوفاء بذلك، ولا يجوز لك أن تستعيض عن ذلك بدفع قيمة المصحف لهذه المساجد إلا في حالة استغناء المساجد عن مصحفك.
أما إذا كان الأمر مجرد نية وعزم في القلب أو قراراً باللسان على غير صيغ النذر، فإنه لا يلزمك الوفاء، ولكن ذلك من أعمال البر المرغب فيها، وعندئذ فلا بأس في أن تستعيض عن ذلك بدفع قيمة المصحف للمسجد المذكور. وراجع الفتوى رقم:
2559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(19/1296)
نذر التبرر يجب الوفاء به
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذورا مطلقة على أن أفعلها كل يوم فهل يجوز لي التكفير أخذا برأي قرأته مع العلم بأنه غير صحيح لكن فقط آخذ به في الماضي أما المستقبل فلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود بالنذر المطلق النذر الذي لم يعلق على حصول نعمة أو اندفاع نقمة كأن يقول: لله عليَّ أن أصوم كل يوم اثنين، أو نذرت أن أتصدق كل يوم بدينار أو ما شابه هذا، فإن هذا النذر يسميه أهل العلم: نذر التبرر، والوفاء به واجب، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.، ولا تجزئ الكفارة عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(19/1297)
نذر حفظ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مريضة وقبل الدخول إلى العملية قلت إذا خرجت سأحفظ القرآن كاملاً وأنا أخاف أن لا قدر الله أن أموت ولا أحفظه فهل يعد هذا نذراً؟
ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما حصل منك يعد نذراً، والواجب عليك الوفاء به، وعليك الآن الاجتهاد في حفظ القرآن والأخذ بأسبابه قدر المستطاع، واعملي لنفسك برنامجاً وخطة زمنية للحفظ، فإذا جاء أجل الله قبل إتمام الحفظ، فأوصي بأن يُكَفر عن نذرك ككفارة اليمين.
وراجعي الفتوى رقم: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(19/1298)
أقوال العلماء فيمن نذرت صوم يوم معين فوافاها الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[قد نذرت صيام الثلاثة الأيام البيض من كل شهر ولكن سبحان الله أتتني العادة الشهرية في هذه الأيام هل علي قضاء لهذه الأيام في أيام أخرى؟ أم أن النذر إن كان صوم لا قضاء له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذرت صوم يوم أو أيام معينة فوافقت حيضها أو نفاسها فقد اختلف أهل العلم فيما يلزمها.
فمذهب مالك وهو الصحيح من مذهب الشافعي ورواية لأحمد أنه لا يجب عليها شيء لا قضاء ولا كفارة، لأن النذر صوم أيام معينة وقد فات بفوات زمانه، وذهب الحنابلة -في الصحيح عندهم- إلى أنه يلزمها القضاء مع يمين الكفارة.
ومذهب الحنفية وهو قول آخر للشافعي ورواية أخرى عن أحمد أنه يلزمها القضاء فقط وهو الراجح، لأن صيام النذر أصبح كالفرض، والفرض إذا منع منه مانع شرعي تجب فيه عدة من أيام أخر، لقوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ [البقرة:185] .
وعليه، فإنه يلزمك صيام هذه الثلاثة الأيام في وقتها، فإن وافقت أيام حيضك أو نفاسك قضيتها في غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(19/1299)
القول الراجح في نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أنني إن فعلت معصية ما فسوف أتصدق بكل الأموال التي سأحصل عليها منذ يوم فعل المعصيه وحتى يوم معين، ولم أستطع أن أتمالك نفسي وفعلت المعصية ولكني لم أخرج المبلغ الذي نذرت أن أخرجه لأني لم أستطع العيش لهذه الفتره بدون أي أموال، ولكني قمت بحساب المبلغ الذي كان علي إخراجه على أن أخرجه حين يتيسر لي المال الكثير ... فهل ما فعلته جائز؟ وماذا علي لو لم أخرج المبلغ إطلاقا وصمت بدلا من ذلك ثلاثة أيام؟ وماالحكم إذا كنت أحتاج هذا المبلغ ولا أستطيع إخراجها في أي وقت حتى عند اليسر مع العلم بأن المبلغ الذي نذرته كبير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر الأصل فيه أن يكون تبرراً، بمعنى أنه يقصد به البر والتقرب إلى الله. وما فعلته أنت يسمى بنذر اللجاج أو الغضب وهو الذي يخرج مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئاً أو يحث به على شيء.
وهذا لا يلزمك الوفاء به فأنت مخير بين الوفاء به وبين أن تكفر كفارة يمين، وهذا هو مذهب الشافعي، ومشهور مذهب أحمد، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة، وهو الراجح.
وعليه، فلا حرج عليك أن تكفر كفارة يمين.
واعلم أن شؤم ارتكاب المعاصي عظيم على العبد في الدنيا والآخرة، والمعصية تجر إلى الأخرى فالحذر الحذر، والبدار البدار بالتوبة النصوح، وخذ بالأسباب المعينة لك على ترك المعاصي، فإن لم تكن متزوجا فتزوج وإن كنت في بلد تيسر فيه المنكرات فهاجر منه إلى بلد لا تيسر فيه، ولا تسمح لنفسك بأن تمر بك حالة -ولو لدقيقة واحدة- تكره أن يأتيك الموت عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(19/1300)
هل يلزم نذر النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أتزوج إذا نجحت ولم أف به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في من نذر أن يقوم بأمر مباح، فذهب الإمام أحمد إلى أنه يخير بين فعل ما نذر، وإخراج كفارة يمين قياساً على اليمين، وذهب غيره من أهل العلم إلى أن نذر الأمر المباح لا ينعقد ولا يلزم فيه شيء، ورأينا من أصحاب هذا القول من المتقدمين من مثل بالنكاح. قال الدسوقي في حاشيته عند قول صاحب المختصر: وإنما يلزم به ما نُدِب. ابن عاشر يعني: مما لا يصح أن يقع إلا قربة، وأما ما يصح وقوعه تارة قربة وتارة غيرها فلا يلزم بالنذور، وإن كان مندوباً كالنكاح والهبة.
واختلف فقهاء الشافعية في نذر النكاح: هل يلزم به أو لا؟ فبعضهم قال بلزوم النكاح، وبعضهم قال: بعدم لزومه. انظر أسنى المطالب عند كلامه على النذر.
وبهذا يعلم السائل أنه لا يلزمه النكاح بنذره، ولو أخرج كفارة يمين كان أولى مراعاة لمذهب الإمام أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(19/1301)
ما يلزم في الحنث بنذر اللجاج والغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت لله عز وجل أن أصوم يوماً عن كل مرة أقوم فيها بالعادة السرية؟ يرجى الإفادة عن مدى صحة هذا النذر؟ وكيف يمكنني إلغاءه؟
شاكرين إفادتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إفراغ الشهوة بطريقة غير مشروعة يعد اعتداء على أمر الله تعالى وحدود شرعه، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) [المؤمنون:5-7] .
فكل استمتاع جنسي يحصل للرجل بغير الزوجة وملك اليمين، أو يحصل للمرأة بغير زوجها داخل في هذه الآية، ومنه العادة السرية كما نص على ذلك المحققون من أهل العلم من جميع المذاهب، ولمعرفة طريقة للتخلص من العادة السرية راجع الفتوى رقم: 2179.
ولتعلم أن نذرك الذي نذرته هو نذر اللجاج والغضب، وقد نصّ جمهور العلماء على أن صاحب هذا النذر إذا حنث، فإنه مخير بين الوفاء بما التزم به وهو الصيام، أو أن يكفر كفارة يمين، قال صاحب الدار المختار: لأنه نذر بظاهره يمين بمعناه فيُخير ضرورة. ا. هـ
وقال صاحب مغني المحتاج: يشبه النذر من حيث إنه التزم قربة، واليمين من حيث المنع، ولا سبيل إلى الجمع بين موجبيهما، ولا إلى تعطيلهما، فوجب التخيير. ا. هـ
وراجع الفتوى رقم: 12399.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(19/1302)
القول الراجح في حكم النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم النذر؟ وهل نستطيع التبرع بقيمته لفلسطين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم النذر بين قائل بالكراهة، وقائل بالإباحة، وثالث يقول بالتحريم.
والذي يترجح من أقوالهم القول بكراهته، ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: "إنه لا يرد شيئاً، إنما يستخرج به من البخيل" هذا في إنشاء النذر وابتدائه.
وأما إذا نذر، فإنه يلزم الوفاء بنذره؛ إلاَّ إذا كان نذر معصية، فلا يجوز له الوفاء به، قال صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه".
ومن نذر التصدق بصدقة ولم يحدد لها جهة أثناء التزامه بالنذر جاز له أن يصرفها إلى أي بقعة شاء، ولا شك أن أهل فلسطين الآن أولى من غيرهم.
أما من حدد الجهة أثناء الالتزام، فلا يجوز له أن يصرف النذر عنها، إلا عند تعذر إيصاله لها أو استغنائها عن المنذور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1423(19/1303)
الموقف الشرعي من النذر في الأماكن المقدسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهوموقف الإسلام من النذورفي الأماكن المقدسة والذبح فيها دون ذكراسم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، وعليه كفارة ككفارة اليمين، يستوي في ذلك الأماكن المقدسة وغيرها، إلا أن الأجر أوالإثم يتعاظم في الأماكن المقدسة، هذا إذا كان المقصود بالأماكن المقدسة مكة المكرمة. أما إذا كان المقصود بها هو قبور الأولياء والصالحين ونحو ذلك من المزارات فإنَّ نذر الذبح في هذه الأماكن قسمان:
القسم الأول: أن يكون النذر والذبح لصاحب القبر، فهذا شرك مخرج من الملة- والعياذ بالله.
القسم الثاني: أن يكون النذر والذبح لله، ولكن جعله في هذه الأماكن تبركاً فهذا من البدع والمحدثات.
أما بالنسبة لحكم الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها: فإذا كانت قد أهل بها لغير الله فإنه لا يجوز الأكل منها. قال تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) [المائدة:3] .
وإذا لم تكن كذلك فهي قسمان:
القسم الأول: أن تترك التسمية سهواً، فجمهور العلماء على أنه لا بأس بالأكل منها، لقوله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) [البقرة:286] ، وقوله صلى الله عليه وسلم "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ... " رواه أبو داود وغيره.
القسم الثاني: أن تترك التسمية عمداً، وجمهور العلماء على عدم جواز الأكل منها، لقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) [الأنعام:121] ، وذهب الشافعية إلى جواز الأكل منه لأن التسمية عندهم مستحبة والراجح مذهب الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1423(19/1304)
توكيل من يقوم بالنذر على نية الناذر في غير بلده (فلسطين مثلا)
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذر أبي أن يذبح بقرة ويتصدق بها على الفقراء إن تحقق له أمر ما ونظراً لما يعانيه الإخوة في فلسطين فقد اقترح عليه بعض الإخوة أن يبيع هذه البقرة ويرسل ثمنها للإخوة الفلسطينيين فهل هذا جائز؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يطيع الله فليطعه، فالوفاء بالنذر واجب على ما نذر الناذر، ولا يجوز تغييره إلا عند العجز عن الوفاء على الوجه المنذور، فالواجب على أبيك أن يذبح البقرة ثم يوزعها على الفقراء كما نذر، وإن استطاع إرسال قيمة البقرة إلى من يثق فيه في فلسطين من أجل أن يشتري بقرة ويذبحها هنالك ويوزعها على فقرائهم فلا شك أن ذلك أولى، وإلا فليذبح البقرة حيث تيسر له.
أما إخواننا في فلسطين فالواجب علينا هو مناصرتهم بقدر المستطاع بالنفس والمال والدعاء ونشر قضيتهم وتوعية الأمة بها، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1423(19/1305)
حصول المنذور يوجب الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم امراة نذرت أن تذبح ذبيحة لله تعالى إذا طلقت ابنتها لسوء معاملة زوج ابنتها مع ابنتها
مع الشكر جازاك الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فإذا استمر الخلاف والشقاق وسوء المعاملة بين الزوجين ولم يبق سبيل للتوفيق بينهما فالطلاق حينئذ دائر بين الوجوب والاستحباب. وإذا نذرت أم هذه الزوجة أو غيرها ذبح ذبيحة لله تعالى عند تحقق الطلاق فنذرها صحيح يجب عليها الوفاء به إذا حصل الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(19/1306)
صيغة النذر الواجبة التنفيذ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد من فضيلتكم أن توضحوا لي مسألة وهي:
أحياناً كثيرة أقول: سأتبرع بكذا أو ساُصلي كذا. هل هذا يعد نذراً أم لا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر: هو التزام مسلم مكلف قربة من القرب، ويشترط أن يكون بالنطق للقادر، أو بالكتابة أو الإشارة للعاجز عن النطق، وليس للنذر صيغة معينة خاصة به، بل يصح بكل قول يشعر بالالتزام كقولك: لله عليّ أن أنحر بدنة، ولئن شفى الله مريضي لأتصدقن بثلث مالي، ونحو ذلك ...
وأما اللفظ المذكور في السؤال، فلا يعد نذراً لأنه لا يشعر بالالتزام، لكنه لا ينبغي للمسلم أن يقول بلسانه ما لا ينفذه في عمله، لأن هذه صفة ذميمة في الشخص ينبغي للمسلم الابتعاد عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1423(19/1307)
طريقة الوفاء بالنذر بالشاة الحامل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل نذر أن يذبح لابنه شاة حالما يحفظ القرآن لكنها حملت وولدت هل يذبحها نفسها أم ولدها أم غيرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر بالذبح بنية الإطعام نذر طاعة، ومن نذر أن يطيع الله فليطعه.
وعليه، فمن نذر أن يذبح شاة معينة إذا حفظ ولده القرآن ثم ولدت هذه الشاة، فإنه يذبح الشاة مع ولدها وجوباً.
-هذا هو مذهب جمهور العلماء.
-وقال المالكية: إن ذلك مستحب.
-وقالت الظاهرية: لا يلزم ذبح ابنها.
والأظهر هو: ذبحها مع ولدها.
أما إذا كانت الشاة غير معينة فإنه يذبح أي شاة، ولا يلزمه أن يذبح ولدها.
وراجع لحكم النذر الفتوى رقم:
3630
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1423(19/1308)
دفع النذر للأخ الفقير أفضل ما لم يكن الناذر حدد جهة ما
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت عند تعييني عضو هيئة تدريس بالجامعة أن:-
1- أن أقوم بالتصدق بالزيادة التي ستحدث في راتبي لوجه الله تعالى.
وأنا لي أخ يكبرني ولا يعمل منذ عامين حيث هو في معظم الوقت لا يكون عنده مال وعليه دين فهل لو أعطيته هذه الزيادة كلها لسداد دينه ويعيش بها وبخاصة أنه متزوج يكون ذلك صحيحاً؟
وأخيراً تقبلوا مني كل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نذرك الذي نذرت صحيح يجب الوفاء به، ويجوز لك دفعه إلى أخيك أو إلى غيره، ودفعه إلى أخيك أولى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على الرحم ثنتان، صدقة وصلة. رواه الترمذي وحسنه.
وسواء سددت منها دينه الذي عليه، أو أعطيته إياها يتصرف فيها، فلا حرج عليك، إلا إذا كنت حددت واحداً معيناً، أو جهة معينة، أو طائفة معينة في نذرك، فإنه يجب عليك الوفاء بنذرك على ما حددت، لأن الوفاء بالنذر لا يتم إلا إذا فعل الناذر نذره على الصورة التي حددها في نذره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1423(19/1309)
ما يجب في نذر الطاعة المعلق على فعل معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاجرت مع أختي فنذرت أنني إذا دخلت بيتها سأصوم شهرا متواصلا ,فهل أنا آثم بهذاالنذر؟ وما الذي يجب علي عمله؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر إن كان المقصود منه الحث على فعل شيء أو ترك شيء فإن العلماء يسمونه نذر اللجاج -أي الغضب- ثم اختلفوا بعد ذلك -رحمهم الله- في ما يجب على من نذر هذا النوع من النذر إذا حنث على أقوال ثلاثة:
الأول: يلزمه كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة يمين" رواه مسلم. ولأنه إنما قصد الحث أو المنع ولم يقصد القربة، وهذا أحد أقوال الشافعي، وهو مذهب الحنابلة.
الثاني: يلزمه الوفاء بما نذر، وهو مذهب المالكية وبعضهم قال بالقول الأول.
الثالث: أنه مخير بين كفارة يمين وبين الوفاء بما نذر، لأن هذا النوع من النذر مشبه لليمين من حيث الحث أو المنع، ومشبه للنذر من حيث التزام القربة، وهذا ما رجحه النووي -رحمه الله- من الشافعية، ولعله هو الراجح إن شاء الله تعالى.
وبعد هذا نقول للأخ السائل: إن هذا النذر الذي نذرته هو نذر لجاج، ولكنه نذر طاعة معلق على فعل معصية، فالواجب عليك أمران:
الأول: الحنث فيه، وذلك بأن تصل رحمك.
الثاني: كفارة يمين، أو الوفاء بالنذر وهو صيام شهر أنت مخير في أيهما شئت.
وقد سبق بيان كفارة اليمين في جواب سابق برقم: 204 وآخر برقم: 2053 فليراجعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(19/1310)
الوفاء بنذر المعصية لم يأذن به الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت قبل فترة حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض الأشخاص لم يكن يعلم سنده ولا صحته ولذلك أسألكم عن صحة هذا الحديث
وقال (جاءت امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له إنها نذرت إن تحقق لها الأمر الذي نذرت له لتزني فلما وقع لها هذا الأمر ذهبت للرسول صلى الله عليه وسلم وسألته ماذا تفعل فقال لها صلى الله عليه وسلم أن تفعل ذلك، ولكن بمرورها على مجموعة من الرجال وترفع بشيء بسيط عن ساقها فهي كذلك كأنها زنت) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما سأل عنه السائل ليس بحديث، ولا أصل له، ومن نذر معصية حرم عليه الوفاء بنذره، فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يطيع الله، فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه".
وروى مسلم في صحيحه من حديث عمران: "لا وفاء لنذر في معصية".
فناذر المعصية لا يلزمه شيء سوى التوبة إلى الله، وهذا هو مذهب الشافعي ومالك وجمهور العلماء.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه تلزمه كفارة يمين محتجاً بحديث: "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين" رواه النسائي.
أما الوفاء بنفس المعصية التي نذر فعلها، فلا قائل به، ولا يمكن أن يصدر من عاقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1311)
كفارة من وقع في نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
لي سؤال:
لقد حلفت بالله بأنني سأقلع عن التدخين وفي حالة رجوعي إليه سأصوم شهرا
وفعلا أقلعت عنه إلا أنني رجعت للتدخين مرة جديدة
سؤالي هل فعلا أصوم شهراً كما حلفت أو علي كفارة يمين؟؟
أفيدوني أفادكم الله وافتوني الفتوى الأسهل والأصح
وأكون شاكرا لكم إذا أعلمتموني باسم الشيخ صاحب الفتوى
وجزاكم الله عنا كل خير
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن قال: إن فعلت كذا فعلي صيام شهر -مثلاً- فمذهب أكثر العلماء أن هذا هو نذر اللجاج والغضب، ويجزئه فيه كفارة يمين، هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة يمين" رواه مسلم.
وقد سبق بيان كفارة اليمين مع حكم الحلف على ترك المعصية في جواب سابق برقم:
9302
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(19/1312)
يجب الوفاء بالنذر على الوجه الذي التزمه الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بنذر نذر وليكن ذبح رأس ماشية كل عام إذا تحقق لي شيء ما، وقمت في العام الأول بتنفيذ ذلك، ولكن في العام الثاني قمت بتوزيع قيمة رأس الماشية على الفقراء فهل يجوز ذلك بديلا عن الذبح؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر إذا كان طاعة من جنس الطاعات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل فإنه يجب الوفاء به، فقد امتدح الله تعالى الذين يوفون بالنذر، حيث قال جل من قائل: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً) [الإنسان:7]
وقال صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" رواه البخاري.
وقال تعالى: (وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) [الحج:33] إلى غير ذلك من الأدلة التي تدل على مشروعية النذر وفضله ووجوب الوفاء به إذا كان طاعة.
ونذر هذا السائل من جنس القرب التي يتقرب بها إلى الله كالأضاحي والهدي ونحو ذلك فيجب الوفاء به على الوجه الذي التزمه، فهو أكمل له من التصدق بثمنه، لأنه نذر ذبحاً، وهو إراقة دم في سبيل الله، وهو أفضل من مجرد الصدقة، ونذر هذا السائل مشروط ومكرر، والنذر المعلق بشرط يكره عند بعض العلماء، ويباح عند بعضهم، وعلى كل فيجب الوفاء به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(19/1313)
هذه الصيغة تحتمل النذر أو اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت بالصيام شهراً متصلاً إذا فعلت العادة السرية مع العلم أني حلفت حتى أجبر نفسي علي أن لا أعود لفعل العادة السرية ولكن إبليس أعاذنا الله منه لم يتركني وفعلت العادة السرية فما الحكم هل أصوم؟
وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الصيغة التي أراد السائل أن يمنع بها نفسه من المعاودة إلى ذلك العمل المحرم هي قوله بالله، أو نحو ذلك لأصومن شهراً إن عدت، فهذه صيغة يمين بالله تعالى متعقدة، فيلزمه برها، وهو صيام شهر إن فعل ما حلف على تركه، فإن لم يصم لزمته كفارة يمين.
أما إذا كان السائل لم يحلف بالله تعالى، وإنما ألزم نفسه صيام شهر إن عاود إلى فعل العادة السرية بقصد منعها، فهذا يعتبر من نذر اللجاج، وهو ما يقصد به الناذر منع نفسه من شيء ما، وحكمه أنه إذا وُجِدَ الشرط - وهو هنا المعاودة - يخير بين ما التزم وهو صيام شهر متتابع، وبين كفارة يمين بالله تعالى. مع أن المسألة فيها خلاف، ولكن ما ذكرناه هو الذي نراه صواباً، وهو مشهور مذهب الإمام أحمد، ثم إننا ننبه السائل إلى أن أفضل طريقة إلى منع النفس من هواها وكبحها عن ارتكاب المحرم من شهواتها هو: المراقبة لله تعالى، واستحضار كونه مطلعاً على ما يسر وما يعلن، وأن هناك حفظة موكلين به لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة إلا سجلوها عليه، ومن أفضل طرق الوقاية من هذا العمل الزواج أو الصوم، فقد أرشد إليهما رسول الله صلى الله عليه بقوله: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وانظر الجواب رقم: 7170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(19/1314)
هل يوجد تعلق بالتفريط في أداء النذر وعدم الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم فضيلة الشيخ
لقد نذرت على أن أقوم بالعمرة عندما أتزوج ولكن لم أستطع ليس من حيث المادة ولكن الظروف لم تسمح والنذر طال سنتين وزوجتي حملت ثالث شهر من الزواج ثم طرحت بعد شهرين من الحمل ولم تحمل بعد ذلك فهل هذا عقاب النذر؟
أفيدونا جزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قصدت بالنذر أداء العمرة عند الزواج أي وقت ما تتزوج، فإن هذا نذر مؤقت كان يلزمك أداؤه عند حلول وقته، ولا يجوز لك تأخيره إلا بعذر من مرض أو نحوه، فإن أخرته من غير عذر أثمت بالتأخير، ويلزمك الآن المبادرة بفعل المنذور قبل أن يداهمك الموت وهو في ذمتك.
وإن كنت قصدت بأداء العمرة بعد الزواج في أي وقت، فهذا نذر غير مؤقت، إلا أن عليك أن تبادر بأدائه، ولا إثم عليك في التأخير وإن كان المستحب التعجيل في أول وقت الإمكان والمسارعة في ذلك، واعلم أن أمر النذر عند الله عظيم، وراجع في ذلك الجواب رقم: 1339.
وأما ما حدث لزوجتك، فقد يكون عقاباً بسبب تفريطك في أداء النذر، وقد يكون مجرد ابتلاء يرفع الله به درجاتك ودرجات زوجتك، ويكفر به سيئاتكما، وعلى كل فمتى صبرتما واحتسبتما، فإن مآل الأمر خير، والله جل وعلا يبتلي عباده بالسراء والضراء لحكم بالغة قد لا يدركها المرء لأول وهلة، وقد قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة:155-157] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(19/1315)
حكم الإنابة لمن نذر العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت أختي مريضة جدا العام الماضي وقامت بعملية صعبة جدا وكانت حالتها سيئة جدا ونذرت أمي أنها ستذهب للعمرة عندما يشفي الله أختي 000 وقد من الله عليها بالشفاء والحمد الله ولكن أمي حاليا مريضة وهي تريد الذهاب للعمرة في رمضان هذا وهي لا تحب تأخير العمرة أكثر من ذلك ولكنها مريضة ولا تستطيع أداء مناسك العمرة لمرضها فهل يمكن أن أقوم عنها بالعمرة؟؟ وهل يجب عليها عند استطاعتها أن تقوم بالعمرة مع العلم أن أمي تشكو من متاعب بالقلب 000وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يطيع الله فإنه يلزمه أن يفي بما نذر، فإن لم يستطع فعليه كفارة ككفارة اليمين.
وعليه فيلزم والدتك الذهاب إلى العمرة إن كانت تستطيع ذلك، فإن كانت لا تستطيع لمرض غير مزمن، فإنها تنتظر الشفاء، ثم إذا شفيت فعليها أن تبادر بالوفاء بالنذر، وإن كان المرض مزمناً فإنها تنيب من يعتمر عنها، فإن الإنابة تلزم في حج الفريضة فكذلك في عمرة النذر، وإن قمت أنت عنها بذلك أجزأ، فإن كانت لا تستطيع الإنابة لعدم امتلاكها للنفقة، ولم تجد من يقوم عنها بذلك تطوعاً، فإنه يلزمها كفارة ككفارة اليمين.
وراجع الجواب رقم:
3274
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1422(19/1316)
النذر إذا لم يعين وقته ينفذ في أي وقت
[السُّؤَالُ]
ـ[1-عندما كنت طالبة نذرت لله إذا نجحت بنسبة معينة أن أذبح حاشي وأفرقه على زميلاتي وبتوفيق الله نجحت بنفس النسبة التي نذرت عليها ولكن لم أف بالنذر والآن مضى خمس سنوات ولم أعد أعرف من زميلاتي اللاتي يشملهن النذر إلا عدداً بسيطاً وأنا أريد أن أف بالنذر فكيف يكون؟ وجزاكم الله خيراً أريد الفتوى عاجلا لكي أرتاح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكان الأولى بك والأبرأ لذمتك أن تبادري بتنفيذ النذر في أقرب وقت يتواجد فيه جميع زميلاتك اللاتي يشملهن النذر، ولكن ما دمت لم تحددي مدة معينة لذبح المنذور، فيجب عليك الآن ذبحه، وتفريقه على بقية زميلاتك، لأن هذا هو ما في وسعك، والله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(19/1317)
هل يجب الوفاء فيمن نذر أن يحفظ سورة معينة من القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت أن أحفظ سورة البقرة وآل عمران وخشيت أن لا أتمكن من ذلك وأرغب في تغيير النذر إلي شيء أستطيعه علما بأن موضوع النذر لم يتم بعد جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنذرك أن تحفظ سورتي البقرة وآل عمران نذر طاعة يجب عليك الوفاء به، سواء كان مطلقاً أو معلقاً، إلا أن المعلق لا يجب الوفاء به إلا إذا تحقق لك ما علقته به، ففي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه"
ولا يصح تغييره إلى نذر طاعة أخرى، سواءً كان مطلقاً أو معلقاً، وسواءً خشيت العجز عن الوفاء به، أو تيقنته، والواجب عليك عند حصول العجز بالفعل هو أن تحوله إلى كفارة يمين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين" رواه أبو داود وابن ماجه، ولم يقل فليغيره إلى غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(19/1318)
نذر غير البالغ
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كان عمري 11 عاما نذرت صيام شهر فصمت أسبوعاً ولم أستطع أن أكمل وأخرجت مالاً عن باقي الأيام فهل هذا جائز؟ أم يجب القضاء؟ علما أن عمري الآن 25 عاماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحسن التنبيه أولاً: إلى أن الفقهاء قد نصوا على أن البنت إذا رأت إحدى علامات البلوغ عند النساء، فإنه تجري عليها أحكام البالغات، والعلامات هي:
1/ الاحتلام هو: خروج المني منها يقظة أو مناماً وهو (ماء رقيق أصفر) .
2/ الإنبات، وهو: ظهور شعر خشن حول القبل، وهو ما يعرف بشعر (العانة) .
3/ نزول دم الحيض. فلا تعد بالغة حتى ترى إحدى تلك العلامات المذكورة، ولو بلغت إحدى عشرة سنة.
كما يحسن التنبيه ثانيا: إلى أن نذر البالغ ينعقد، ويجب عليه الوفاء به - إذا كان نذر طاعة - وإن لم يستطع، فعليه كفارة يمين، وأما الصبي غير البالغ: ذكراً كان أو أنثى، فإن نذره ينعقد إذا كان يعقل القربة، ولا يجب عليه الوفاء، ولكن يستحب في حقه، لئلا يتعود النكوث في ذلك.
وراجع الفتوى: 2522
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(19/1319)
النذر واليمين لا ينعقدان إلا بلفظ ظاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحلف وأنذر بعض الأحيان بيني وبين نفسي لكن من دون صوت أي بدون جهر ولا أوفي لا الحلف ولا النذر سواء كان النذر مختصا بالعبادات أم لا فهل عليه دفع كفارة أم لا أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجرد تحديث النفس بالنذر أو اليمين لا يتعلق به حكم لتوقف انعقاد النذر واليمين على وجود اللفظ الظاهر، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست -أو حدثت- به أنفسها، ما لم تعمل به، أو تتكلم". قال الكرماني: (فيه -أي الحديث- أن الوجود الذهني لا أثر له، وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات، والعملي في العمليات) لاسيما إذا كان حديث النفس ممن هو مبتلى بالوسواس) .
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية (أثر الصيغة هو ما يترتب عليها من أحكام، وهو المقصد الأصلي للصيغة، إذ المراد من الصيغة التعبير عما يلتزم به الإنسان من ارتباط مع الغير، كصيغ العقود، من بيع، وإجارة، وصلح، ونكاح، وغير ذلك. أو ارتباط مع الله سبحانه وتعالى، والتقرب إليه، كالنذر، والذكر، أو التعبير عما هو في الذمة، أو لدى الغير من حقوق كالإقرارات) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1422(19/1320)
من نذر شيئا معينا لزمه ولا يجزئ عنه غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وزادكم الله علماً ونفع به المسلمين في أرجاء المعمورة وبعد.
السؤال: شخص من الذين أنعم الله عليهم كثيراً ما يقوم بالنذر بأنه سيجنب جزءا من المال- المعلوم- كلما نجحت إحدى صفقاته، وفعلاً يقوم بما ينذر به ويقوم بتجنيب المال ويصرفه في أوجه الخير، ولما كانت خدماته التي يقوم بها ذات علاقة بمتطلبات الأشياء المطلوبة للأعمال، فهل يجوز تقديم الخدمات منه ويستقطع قيمة الخدمة من المال المجنب.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عقد النذر مكروه، لما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: "لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل" لأن البخيل هو الذي لا يصرف شيئاً إلا في مقابل شيء آخر، ووجه بخل الناذر أنه لم يصرف عبادته إلا في مقابل أن يحقق الله له شيئاً ما.
وحُمل هذا النهي على الكراهة، لأن الله عز وجل أثنى على الموفين بالنذر فقال: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) [الانسان:7] .
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" فدل الأمر بالوفاء بالنذر ومدح الموفين به على أن ما ورد فيه من نهي محمول على الكراهة، إذ لو كان حراماً لما جاز الوفاء به، فضلاً عن الأمر به، ومدح الموفين به.
ومن نذر مالاً وجب عليه إخراجه، ولا يجوز له أن يجعل مكانه خدمة يقدمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1422(19/1321)
حكم نذر ما هو لازم بالشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[نصرانية متزوجة من مسلم نذرت نذرا أن إذا أنجبت ولدا أن تصوم رمضان (5خمس سنين) (أي 5 مرات..) ثم بعد ذلك دخلت في الإسلام وأرادت أن تفي بنذرها.. لكنها الآن لا تستطيع الصيام.. فما حكم ذلك؟ وماذا عليها أن تفعل؟ وما حكم أن ينذر الإنسان عملا هو بالأصل فرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنذر الكافر صحيح يجب عليه إذا أسلم أن يفي به، لما في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة، وفي رواية: يوماً في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أوف بنذرك".
وأما نذر الإنسان فعل ما هو واجب عليه، كالصيام والصلاة وغيرهما، فلا يصح ولا ينعقد عند الفقهاء، وذلك لأن النذر التزام، ولا يصح التزام ما هو لازم، إذ هذه الأمور واجبة بإيجاب الشرع، فلا معنى لالتزامها، ولا كفارة - حينئذ - على القول الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الشافعية كما قطع به صاحب المهذب وجمهور الشافعية، وهو مذهب الحنابلة وغيرهم.
وعليه، فلا يلزم هذه المرأة شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1422(19/1322)
التلفظ بالنذر شرط لوجوبه
[السُّؤَالُ]
ـ[تراودني الكثير من الوساوس وحديث النفس في الصلاة وبينما كنت أتوضأ نذرت في نفسي وقلت إنني إذا سافرت دون محرم أصوم خمسة أيام ثم قلت بل إذاسافرت بمحرم أصوم خمسة أيام علماً بأنني أريد السفربمحرم للدراسة ولكن والدي لايستطيع لظروف عمله هل يقع النذر أم هو حديث نفس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يتعلق بالوسواس في الصلاة وغيرها فقد سبق تفصيله في الفتوى رقم: 2083
وما يتعلق بحكم سفر المرأة بدون محرم فقد سبق في الفتوى رقم: 6015
وأما حديثك في نفسك بنذر صوم خمسة أيام بدون نطق باللسان، فلا يتعلق به حكم، لأن النذر لا بد له من صيغة يلفظها الناذر بلسانه، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست -أو حدثت- به أنفسها، ما لم تعمل به، أو تتكلم". قال الكرماني: (فيه -أي الحديث- أن الوجود الذهني لا أثر له، وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات، والعملي في العمليات) لاسيما إذا كان حديث النفس ممن هو مبتلى بالوسواس) .
وفي الموسوعة الفقهية: (أثر الصيغة هو ما يترتب عليها من أحكام، وهو المقصد الأصلي للصيغة، إذ المراد من الصيغة التعبير عما يلتزم به الإنسان من ارتباط مع الغير، كصيغ العقود، من بيع، وإجارة، وصلح، ونكاح، وغير ذلك. أو ارتباط مع الله سبحانه وتعالى، والتقرب إليه، كالنذر، والذكر، أو التعبير عما هو في الذمة، أو لدى الغير من حقوق كالإقرارات) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1422(19/1323)
من نذر أن يصوم شهرا.. هل يلزمه التتابع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيام النذر متتالي أم متفرق.. إذا كان النذر شهرا كاملا دون تحديد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يصوم شهراً فلا يخلو أمره من أحوال ثلاثة:
الأول: أن ينذر صوم شهر معين كرجب أو شعبان.
الثاني: أن يقول: نذرت صيام شهر من الآن، فيلزم التتابع. في الحالين.
الثالث: أن ينذر شهراً غير معين، ففيه قولان:
الأول: يلزمه التتابع وهذا مذهب الحنابلة.
الثاني: لا يلزمه التتابع إلا أن ينويه، وهذا مذهب الحنفية والشافعية والمالكية.
فعلى مذهب الجمهور يكون مخيراً بين التتابع والتفريق، فإن اختار أن يصوم شهراً مفرقاً لزمه أن يصوم ثلاثين يوماً.
وإن اختار أن يصوم متتابعاً: فإن بدأ صيامه أول الشهر الهلالي صامه إلى آخره وإن كان الشهر تسعة وعشرين، وإن بدأ صيامه أثناء الشهر لزمه أن يصوم ثلاثين يوماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1422(19/1324)
ما يلزم من نذر بينه وبين نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذي يحلف أو ينذر بينه وبين نفسه يجب أن يدفع كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد نية الفعل أو العزم على عمل الطاعة لا يوجب كفارة، إلا أنه ينبغي لمن نوى فعل الخير أن يفعله.
أما من حلف تحقيقاً بأن أتى بصيغة اليمين المكفرة ثم حنث فإن الكفارة تلزمه بلا خلاف.
وكذلك من تلفظ بصيغة النذر، كقوله: لله علي أن أصوم يوما -مثلا- أو أتصدق، أو أذكر الله، ونحو ذلك. فهذا نذر طاعة، يجب الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1422(19/1325)
الوفاء بالنذر يلزم كلما تكرر شرطه
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إن فعلت ذنباً ما أن أصلي عشر ركعات في المسجد النبوي الشريف، وكنت أسكن في المدينة المنورة، والآن أسكن على بعد 200 كلم منه، إلا أنني أذهب إلى المدينة كل شهر تقريباً، ولم أصل أي ركعة منذ 1988 إلا أنني في الفترة الأخيرة بدأت أصلي ما أستطيع صلاته في البلد الذي أسكن فيه.
فبم تنصحونني أريد أن أوقف ذلك النذر؟
هل يمكنني أن أصلي الركعات في بلدي الحالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر أمره عظيم عند الله تعالى، والوفاء به واجب متحتم، ومن نذر أن يفعل قربة من القرب إن حصل أمر معين وجب عليه الوفاء بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" أخرجه البخاري وغيره. وقد بين الله تعالى في محكم كتابه أن الوفاء بالنذر من أخص الصفات الموجبة لدخول الجنة، والنجاة من النار، قال الله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) [الإنسان:5-7] .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم من أخبره من أصحابه أنه نذر أن يفي بنذره، في وقائع كثيرة مشهورة، فعليك أن تحافظ على الوفاء بنذرك، وعلى الشرط الذي اشترطت، وهو صلاة الركعات في المسجد النبوي الشريف، ولا يجزئك أن تصليها في غيره، لأن للصلاة في ذلك المسجد مزية ليست لغيره من البقاع، إلا المسجد الحرام، ولذلك لو كان الوصول إلى المسجد الحرام أيسر عليك، فصل فيه ولا حرج، وتكون قد أتيت بما عليك وزيادة.
ففي المسند وسنن أبي داود أن رجلاً قال يوم الفتح: يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: "صل هاهنا" فسأله، فقال: "صل هاهنا" فسأله، فقال: "شأنك إذن".
وقد قالت ميمونة رضي الله عنها لامرأة أخبرتها أنها نذرت - إن برئت من مرض أصابها - أن تصلي في بيت المقدس: اجلسي فكلي ما صنعت، وصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا مسجد الكعبة" أخرجه الإمام أحمد في المسند، ومسلم في الصحيح.
فإن عجزت عجزاً حقيقياً عن الوصول إلى أحد المسجدين - المسجد النبوي والمسجد الحرام - فصل الركعات في المكان الذي أنت فيه، وعليك كفارة يمين عن كل مرة لزمك فيها النذر، لأن نذرك مشتمل على قربتين: الصلاة، وكونها في المسجد النبوي، فإن عجزت عن إحداهما، فافعل المستطاعة، وكفر كفارة يمين عن غير المستطاعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به" كما في سنن ابن ماجه.
وليس بالإمكان أن توقف هذا النذر، ولكن عليك أن تتقي الله تعالى ولا تعصه، فإن ارتكاب المعصية محرم وإن لم يحصل منك النذر، وعليك أن تستغفر الله تعالى، وتتوب إليه مما مضى، وتسأله الحفظ فيما بقي من عمرك، فهو سبحانه وتعالى تواب غفور رحيم مجيب الدعاء جواد كريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1422(19/1326)
هل تكرر كفارة النذر بتكرر الفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الذي عاهد الله على شي إذا فعله أن يصوم ثم فعله حتى بلغ عدد أيام الصيام خمسة وأربعين، هل يصوم أوعليه شي من المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لهذه المسألة حالتان:
الأولى: أن يقول كلما فعلت كذا فعلي صوم يوم، أو يكون قاصداً لمعنى ذلك، وفي هذه الحالة يجب عليه صيام الأيام بعدد تكرر الفعل منه، لأن ذلك هو الذي يقتضيه قوله وقصده، سواء كثرت تلك الأيام أم قلت، ما دام مستطيعاً للصوم، فإن عجز عنه عجزاً كلياً، فعليه كفارة يمين وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد شيئاً من ذلك، فصيام ثلاثة أيامٍ.
وذلك أن الناذر إذا عجز عن الوفاء بنذره كفر عنه كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين" رواه أصحاب السنن، وراجع الفتوى رقم: 2522.
الحالة الثانية: أن يقول: إن فعلت كذا فعلي صوم يوم، ولم يكن قاصداً تكرر النذر إذا تكرر الفعل، وفي هذه الحالة يجب عليه صوم يومٍ واحدٍ، لأن ذلك هو الذي يقتضيه قوله وقصده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(19/1327)
ما يترتب على من نذر نذورا مكررة وحنث بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد على حلفت على أمر أكثر من مرة وفي كل مرة أغير ما سأفعل إن حنثت به، فمثلا أقول إن فعلته فإني سوف أفعل كذا، وعدة مرات إن فعلته فإني سوف أفعل كذا (في كل مرة فعل مختلف) وكل هذا حتى أردع نفسي عن الحنث به، وإني الآن لا أتذكر ماذا سأفعل إن حنثت به، فهل هذا حلف واحد أم عدة حلفان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول الإنسان: إن فعلت كذا، فإني سوف أفعل كذا على سبيل الإلزام لنفسه يعد نذراً.
ويسمى: نذر اللجاج والغضب عند الحنابلة، وهو: تعليق الناذر النذر بشرط يقصد المنع منه، أو الحمل عليه، كقوله: إن كلمتك، أو إن لم أضربك، فعلي الحج أو صوم سنة، أو عتق عبدي، أو إن لم أكن صادقاً فعلي صوم كذا.
والمذهب - عندهم - أنه يخير بين فعله، أو كفارة يمين إذا وجد الشرط، ودليلهم على ذلك ما رواه النسائي وأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين".
ويرى الحنابلة أن من نذر نذوراً مكررة، فإنه يجزئه كفارة واحدة، كقولهم فيمن حلف أيماناً، ثم حنث ولم يكفر، فإنه يلزمه عندهم كفارة واحدة.
والذي ننصحك به هو: ألا تقدم على النذر، لما فيه من الإلزام والإيجاب على النفس، وقد يعجز الإنسان عن الوفاء فيدخل عليه الحرج.
ونرى أن تجتهد في عمل ما تتذكره من المنذورات مع إخراج كفارة يمين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1422(19/1328)
نذر شاة فهل يأكل منها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[طريقة توزيع النذرإذا كان شخض نذر بأن يذبح شاة وقدره الله على ذلك فماهي طريقة توزيع هذه الشاة هل هي مثل الأضحية؟ وهل يجوز لصاحب النذر أن يأكل منها شيئاً؟
جزاكم الله خيراً لإفادتنا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نذر الطاعة يصرف في الجهة التي نواها الناذر، فإن نويت به الفقراء والمساكين وجب توزيع الشاة على الفقراء والمساكين، وإذا نويت قرابتك وأهل بيتك أخذت منها كواحد منهم، إلا أن يكون العرف جارياً بإخراجك، أو تكون قد نويت إخراج نفسك.
وإذا لم تحدد جهة معينة وأطلقت النذر، فمصرفها مصرف الصدقة، كمصرف الفقراء والمساكين، ولا تأكل منها، إلا أن تكون العادة جارية في بلدك بأن الشخص إذا نذر شيئاً تناوله النذر، وجاز له الأكل منه، فيكون العرف - في هذه الحالة - مخصصاً للجزء المباح لك أكله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(19/1329)
النذر إما مؤقت أو غير مؤقت، وكلاهما لا يسقط بالتقادم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم تأخير قضاء النذر لمدة قد تزيد عن 10 سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر لا يخلو من حالين.
إما أن يكون مؤقتاً أو غير مؤقت.
فالنذر المؤقت كمن نذر أن يصوم أول خميس من كل شهر، فيتعين عليه صومه، فإذا أخرّه لزمه القضاء، لكن إن أخره بعذر، كمرض لم يأثم، وإن أخره بغير عذر أثم.
وإما أن يكون نذراً غير مؤقت، فيستحب تعجيله في أول وقت الإمكان، كمن نذر أن يصوم خميساً غير معين، فليصم أي خميس شاء،
فإذا مضى أول خميس استقر النذر في ذمته ولزمه الوفاء به، فإن مات قبل أن يوفي به صامه عنه وليه لقوله صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه " متفق عليه، من حديث عائشة رضي الله عنها. وعليه فإن كان نذرك مؤقتاً وعدلت عن صومه في وقته من غير عذر فإنك آثم، ويلزمك التوبة والقضاء، وإن كان نذرك غير مؤقت لزمك الوفاء به ولا إثم عليك، وإن كان الأفضل والمستحب تعجيله في أول وقت الإمكان. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(19/1330)
حكم تأجيل صيام النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن تأجيل صيام النذر إلى بعد شهر رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوفاء بالنذر واجب إذا كان نذر طاعة، أما إذا كان نذر معصية فلا يجوز الوفاء به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" رواه البخاري. وإذا كان النذر مؤقتاً فلا يجوز تأخيره عن وقته بلا عذر، فإن أخره عن وقته المحدد له أثم ووجب عليه كفارة يمين للتأخير، مع القيام بالنذر. كمن نذر أن يصوم الخميس الأول من الشهر القادم مثلاً، فأتى عليه الوقت ولم يفعل من غير عذر، وجب عليه الوفاء والكفارة للتأخير هذا مذهب الإمام أحمد وبعض أهل العلم. وإن كان غير مؤقت فلا حرج في تأخيره، لكن النذر - بقسميه المؤقت وغير المؤقت - لا يجوز الإتيان به في رمضان، لأن صوم رمضان ألزم من كل صوم، ولا يجوز صوم العيدين، أيضاً، وصومهما محرم بالإجماع. وبناء على ما سبق فإننا ننصح السائل الكريم أن يبادر بالوفاء بنذره بعد شهر رمضان، من باب قوله تعالى: (فاستبقوا الخيرات) [المائدة: 38] والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1421(19/1331)
حكم النذر بقسميه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النذر في القرآن الكريم؟ هل هو مكروه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر عبادة قديمة، وقد ذكره القرآن الكريم في عدة مواضع، فأخبر أن أم مريم نذرت ما في بطنها. فقال: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني إنك أنت السميع العليم) [آل عمران: 35] .
وأمر به مريم فقال: (فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوماً) [مريم: 2] .
وقال: (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه) [البقرة: 270] .
وقال: (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) [الحج: 29] .
وفي الحديث المتفق عليه "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصه فلا يعصه" فهذه الآيات وهذه الأحاديث تدل على مشروعية النذر في الإسلام، وهو ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: نذر يلتزم صاحبه بحصوله على غرضه مالاً يخرجه أو ذبحاً يذبحه. وهذا النوع مكروه، ومن العلماء من قال بتحريمه. والدليل على كراهته أو حرمته حديث ابن عمر المتفق عليه وهو أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن النذور وقال: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل". فقوله صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يأتي بخير" يصير إخراج المال فيه من باب إضاعته وهي محرمة كما هو معروف.
القسم الثاني من أقسام النذر: هو ما كان كالصلاة أو الصيام أو الزكاة أو العمرة أو نحو ذلك من أنواع الطاعات. وهذا لا يدخل في النهي، يدل عليه ما أخرجه الطبراي بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى: (يوفون بالنذر) [الإنسان: 7] .
قال: كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم.
فسماهم الله تعالى أبراراً.
والوفاء بالنذر بقسميه واجب، وترك الوفاء به محرم، إلا نذر المعصية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" فقوله: فليطعه أمر، وهو للوجوب. وقوله: فلا يعصه. نهي وهو للتحريم.
والأولى بالمسلم أن يجتنب إلزام نفسه بما قد يعجز عنه. وما يتوهمه بعض الناس من أن النذر يحقق له ما لا يتحقق بدونه من شفاء مريض أو رد غائب أو نحو ذلك غير صحيح. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1332)
لا يلزم الوفاء بنذر زال سببه قبل حصول المطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته امرأة كانت قد نذرت أن تذبح كبشا وتفرقه على الفقراء إذا انفرجت أزمة يعاني منها زوجها والآن انفرجت الأزمة التي كان يعاني منها إلا أنها ليست في عصمته وقد وقع الطلاق قبيل انفراج الأزمة فهل عليها الوفاء بالنذر أم هناك حل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأقول أولاً إن هذا النوع من النذور منهي عنه، لأنه لا يجلب نفعاً ولا يدفع ضرراً ولا يرد قضاءً، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: " إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل ". ولكن يلزم الوفاء به عند حصول المطلوب، لما في البخاري عن عائشة مرفوعاً: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" أما بخصوص السؤال المطروح فالجواب عنه أن هذا النذر إن كان سببه الشفقة على الزوج لكونه أباً لعيال صاحبة النذر وابن عم لها مثلاً، أو نحو ذلك من أحواله الشخصية التي لا تفارقه، فالوفاء به لازم، لأن الحامل على النذر مازال قائماً، والمطلوب حصل، وإن كان سببه التعاطف الزوجي والود والرحمة التي جعلها الله بين الزوجين، فلا يلزم الوفاء به حينئذ، لأن سببه زال قبل حصول المطلوب بقطع العلاقة الزوجية، ومثله ما لو حلف رجل على زوجته ألا تخرج من الدار ثم خرجت منها بعد ما بانت منه بسبب آخر فإنه لا يحنث.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1333)
يلزم الوفاء بالنذر المعلق إن حصل ما علق به.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص نويت أن أصوم إذا تحقق لي غرض معين؛فهل يسقط عني هذا النذر إذا لم يتحقق لي ما كنت أرغب فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر المعلق على حدوث أمر معين ينقسم إلى قسمين.
الأول: أن يكون معلقاً على حصول الأمر في وقت محدد، كأن يقول: إذا جاء فلان غداً أو في هذا الأسبوع مثلاً فعلي صوم يوم، فإن جاء في الوقت المحدد لزمه الصوم، وإن مضى ذلك الوقت ولم يأت فلا يلزمه شيء.
الثاني:
ما لم يؤقت بوقت، فمتى ما حصل الأمر المعلق عليه لزم الوفاء بالنذر.
واعلم أن النذر منهي عنه، وأنه لا يرد قضاء الله تعالى ولا يقدم شيئاً ولا يؤخره، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: "إنه لا يرد شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل" وفي رواية "النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخر……" ومع ما فيه من كراهة فإن فيه زيادة واجبات على المرء قد لا يتمكن من الوفاء بها، أو يتساهل فيها، فيكون مذموماً عند الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1334)
الوفاء بالنذر واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة , كنت قد نذرت بيني وبين نفسي أنه عند كل مكافأة أحصل عليها من عملي كل أخر عام أعطي الخمس لله وأنا الآن في حيرة من أمري فأنا الآن علي ديون ماذا أفعل هل أخرج الخمس؟ أم أسدد الديون؟ أفيدوني مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، واعلم أن النذر لا يقدم ولا يؤخر شيئاً من قضاء الله وقدره، فلا يقع به ما لم يكن في قضاء الله وقدره أنه سيقع، ولا يدفع به ما كان واقعاً، وفي صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: "النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، وإنما يستخرج به من البخيل" وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنذروا" فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً" ولذلك كره الإقدام عليه كثير من أهل العلم إلا أنه إن صدر من أحد فعليه الوفاء به إذا لم تكن فيه معصية لله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه". كما في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها.
وقد قال الله تعالى مستعرضاً صفات أهل الجنة: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً) [الإنسان: 7]
وإذا تقرر هذا فاعلم أنه يجب عليك أن تفي بنذرك أولاً لأنه في حكم النذر المعين ثم تسدد بما تبقى عندك الديون المستحقة عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1335)
النذر وأحكامه والنذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو النذر؟ وما أحكامه؟ نذرت امرأة حامل إن وضعت ذكراً أن تسميه محمداً، ولكنها وجدت أن حماتها تحب أن تسمي غير هذا الاسم. المرأة تريد إرضاء زوجها الذي لا يريد أن يعترض على اختيار أمه. هل على هذه المرأة كفارة لنذرها إن غيرت الاسم، أم يجب عليها الوفاء بنذرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر هو إلزام المسلم نفسه فعل ما لم يكن ملزماً به شرعاً، سواء كان ذلك الالتزام منجزاً كأن يقول: لله علي أن أصلي ركعتين مثلاً، أو كان معلقاً بحدوث أمر كأن يقول: علي لله صيام ثلاثة أيام إن شفاني من مرضي. أو: لله على أن أتصدق بدرهم أو أذبح شاة إن حصل كذا، وصيغه التي ينعقد بها: نذرت لله، أو لله علي، أو علي لله أو نحوها. والراجح من أقوال أهل العلم أنه يكره الإقدام عليه لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: "إنه لا يرد شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل. وفي رواية – النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخر…". ولأن فيه زيادة واجبات على المرء قد لا يتمكن من القيام بها أو يتساهل فيها فيكون مذموماً عند الله ومن نذر ما فيه طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء، ومن نذر ما فيه معصية لله تعالى حرم عليه الوفاء بذلك النذر لما في صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه". ولا يجوز النذر لغير الله تعالى لما فيه من التقرب الذي لا يجوز صرفه لغير الله تعالى. ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر من موضع في الفتاوى إجماع المسلمين على ذلك. وقال إنه شرك. وللنذر أحكام كثيرة مبسوطة في كتب الفقه فليراجعها من أراد التوسع، وأما بخصوص النذر الذي ذكرت فإن على هذه المرأة أن ترضي زوجها وتسمى ابنها بالاسم الذي تختاره أمه، لأن استرضاء زوجها أمر مطلوب منها مؤكد عليها فيه، والنذر الذي نذرته من جنس نذر الفعل المباح، وهذا قد اختلف العلماء في انعقاده ولزومه لمن نذره. وإن كفرت عن نذرها هذا كفارة يمين فذلك أحوط. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(19/1336)
كفارة النذر إذا فات أو عجز عنه كفارة يمين.
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت قبل عدة سنوات أنه إذا حقق الله لي أمراً أن أجاهد في حرب البوسنة وتحقق بفضل الله ماتمنيت، وعندما أردت أن أنفذ مانذرت لم أستطع بسبب إنتهاء الحرب وتهاوني في ذلك قليلا، والآن أنا في هم وكرب عظيم لعدم الوفاء بما نذرت وخوفاً من عقوبة ذلك من الله. وسؤالي ماذا علي أن أفعل؟ .جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فاعلم وفقك الله أن الوفاء بنذر الطاعة واجب على الفور، فيلزمك التوبة والاستغفار إن كان ما علقت عليه النذر قد تحقق لك، مع وجود فرصة الذهاب إلى الجهاد وتحقيق النذر.
وأما بعد انقضاء الحرب فالواجب عليك كفارة يمين، لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كفارة النذر كفارة اليمين" رواه مسلم.
قال الإمام أحمد فيمن نذر عتق عبد بعينه فمات قبل أن يعتقه: تلزمه كفارة يمين، ولا يلزمه عتق عبد لأن هذا شيء فاته، على حديث عقبة بن عامر، وإليه أذهب في الفائت وما عجز عنه. نقله ابن قدامة في المغني.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1337)
من عجز عن وفاء نذره فعليه كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا ولا أستطيع الوفاء به فما هي الكفارة؟ وما معنى "ما لم يسم" في حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" [رواه ابن ماجه والترمذي وصححه] وجزاكم الله خيرالجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: ... ... ...
فإن كان الأمر كما يقول السائل بأنه لا يستطيع الوفاء بنذره فكفارته كفارة يمين. روى أبو داود في سننه وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر نذراً ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين". زاد ابن ماجه في روايته: "ومن نذر نذراً أطاقه فليف به". وأما عن الحديث الذي ذكره السائل فنصه: "عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر إذا لم يسمِّ كفارة يمين" [رواه بن ماجه والترمذي وصححه] وفيه دليل على أن كفارة اليمين إنما تجب فيما كان من النذور غير مسمى ـ أي غير معين فإذا عين وجب الوفاء به، كأن يقول علي نذر أن أذبح هذه النعجة للفقراء مثلاً. فيتعين عليه ذلك فإن عجز عجزاً كلياً عن الوفاء فعليه كفارة يمين لحديث ابن عباس السابق والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1338)
إذا عجزت عن الذبح فعليك كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله سؤالى عن نذر نذرته بذبح ذبيحة فى حدود مبلغ معين ولكنى "لضيق ذات اليد" قمت بذبح حيوان فى حدود نصف المبلغ فى ذلك الحين وقد توفر لدى الآن المال فهل لى أن أخرج باقى المبلغ فى شكل نقدى بدلاً من الذبح مرة أخرى؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر أمره عظيم والوفاء به متحتم شرعاً وقد امتدح الله تعالى أهل الجنة بالوفاء به قال تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً) [الإنسان:7] وفي صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه " [] والذي كان ينبغي أن تفعله هو أن توفي بنذرك كاملا إن استطعت فإن لم تستطع في الحال فعليك أن تنتظر حتى تتاح لك الفرصة وتستطيع فتوفي بنذرك. فإن تبين لك أنك لن تستطيع أبداً فعليك كفارة يمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذراً أطاقه فليف به " رواه النسائي وابن ماجه عن ابن عباس. والذي عليك الآن أن تذبح ذبيحة على الصفة التي نذرت، ولا تخصم من قيمتها ما دفعته في الأولى وأما الذبيحة السابقة فنسأل الله تعالى أن يجعلها في ميزان حسناتك وإن كانت لا تبرأ بها ذمتك. فإنه يقول: (وما يفعلوا من خير فلن يكفروه) [آل عمران:115] والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1339)
من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت نذرت أن تصوم كل اثنين وخميس إن شفيت والدتها ولكن شق عليها أن توفي بنذرها فما هو الحل في رأيكم فهي لا تستطيع أن توفي بنذرها لظروف عملها وغيره؟ أفيدونا أفادكم الله والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فمن نذر طاعة لزمه فعلها لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه". [رواه البخاري] . وإن كان لا يطيق هذا النذر - كشيخ أو مريض نذر صياماً - فعليه كفارة يمين لقوله صلى الله عليه وسلم: " من نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة اليمين". وأما مشقة العمل فإنها لا تنضبط بضابط، ولا يجوز أن تفطر من أجل ذلك إلا إن بلغت مشقة العمل مبلغها بحيث لا تستطيع معها الصيام. وللعلماء مذهبان في وجوب قضاء ما أفطر من صوم النذر لعذر مانع شرعاً من الصوم كالحيض، أما ما تعمدت فطره لغير عذر فالراجح وجوب قضائه.
والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1422(19/1340)
لا يجوز للناذر إخراج بديل عن النذر إن وجده
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا إن حقق الله لي أمرا بأن أذبح عجلا فهل يجوز إن تحقق هذا الأمر أن أخرج ثمن هذا العجل مالا بدلا من الذبح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الوفاء بالنذر واجب مؤكد فعليك أن تفي بنذرك حسب ما نذرت – إن تحقق الأمر الذي علقته عليه – ولا يجوز لك إخراج بديل عن النذور إن وجدته. لقول النبي صلى الله عليه وسلم. (ومن نذر نذرا لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا أطاقه فليف به. كما في السنن. وفي البخاري وغيره قوله صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه) . ... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(19/1341)
من نذر نذرا لم يطقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا أطاقه فليف به
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أصوم شهرا إذا تحقق حدث معين وعندما تحقق الحدث لم أستطع الصيام فهل يمكن أن أخرج مالا عن كل يوم؟ وما مقدار هذا المال؟ وما حكم من نذر عدة نذور ونسيها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فالوفاء بالنذر واجب وجوبا مؤكدا، وهو من صفات أهل الجنة المؤمنين قال تعالى (وليوفوا نذورهم) [الحج:29] وقال تعالى: (يوفون بالنذر) [الإنسان:7] وقال صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه ومن نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصه أخرجه البخاري وغيره. فمن نذر أن يطيع الله تعالى وجب عليه أن يفي بنذره طبقا لما نذر إن استطاع وإن لم يستطع فعل ما نذر فعليه كفارة يمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة أو صيام ثلاثة أيام. لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ومن نذر نذرا لم يطقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا أطاقه فليف به) رواه أصحاب السنن. فإن كنت مطيقا الصيام أو راجيا أن تطيقه في المستقبل فلا يجوز لك العدول عنه فإن أمر النذر عظيم، وإن عجزت عنه عجزا مستمراً فلك العدول إلى كفارة اليمين المذكورة، والله أعلم. ...
وأما من نذر عدة نذور ونسيها، فإنه يحسب هذه النذوربما يغلب على ظنه، فإن شك أنها ثلاثة او أربعة، فليجعلها أربعة أخذاً بالاحتياط، ثم يوفيها إن استطاع، فإن لم يستطع كفرعن كل نذر كفارة يمين: (إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) [المائدة:89]
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1422(19/1342)
يجوز إعطاء ما تبقى من النذر لزوج أختك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. لقد نذرت لله تعالى عدد 10 خراف إذا أتم الله نعمته عليَ وشفى ابنتي من مرضها. الحمد لله رب العالمين على نعمه جميعاً، فقد شفيت ابنتي، وبدأت بتنفيذ النذر, وذبحت خاروفين, ولم اّكل منهما شيئا, وحتى أهلي لم يذوقوا منها شيئا. ولكن وجدت أن أختي الكبيرة وعندها قد مرض زوجها ولم يستطع العمل, وليس لهم مصدر للعيش سوى الإحسان من أخي الكبير, الذي يعطيها بعض المال الذي يعفيها من السؤال. هل يجوز لي أن أعطيها المبلغ المتبقي من النذر, ويسقط عني - أي أعتبر أني وفيت النذر لله تعالى؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
فالنذر يوفى به بالطريقة أو الكيفية التي نذرها صاحب النذر. وعليه فلا يمكنك إخراج القيمة عن بقية الخراف، بل الواجب إخراج الخراف الثمانية الباقية. وإن كانت النية ذبحها وتوزيعها لزم ذلك، وإن كانت النية مجرد الإخراج أجزأك إعطاؤها أو إعطاء شيء منها إلى زوج أختك لينتفع بها أو يتولى بيعها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1343)
من نذر نذرا ثم عجز عن الوفاء به في بعض الأحيان متكررا كالصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أصوم خمسة أيام من كل شهر في حالة شفاء الوالد، وكان هذا قبل حوالي سنتين وأنا حاليا أصوم هذه الأيام ولكن في بعض الأحيان لا أستطيع الصيام مع العلم أنني لم أحدد أي مدة للصيام فما الحكم في ذلك وماذا افعل اذا لم استطع الوفاء بالنذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فمن نذر نذرا مما يعتبر قربة كالصوم لزمه الوفاء به بلا خلاف، وقد امتدح الله عباده الموفيين بالنذر،قال تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) -[الإنسان:7] ، وقال تعالى: (وليوفوا نذورهم) [الحج:29] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه،ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"- رواه البخاري.
فعليك أن توفي بنذرك إلا أن يحول بينك وبين الوفاء به عذر من مرض أو عجز مستمر فيسقط عنك، وتكفر كفارة يمين، فإن زال العذر رجعت إلى الوفاء به مرة أخرى. وفقك الله إلى بر أبويك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1344)
حكم تأخير النذر والكفارات
[السُّؤَالُ]
ـ[اخي الكريم ... ماهو حكم تأخير النذور والكفارات عن موعدها وهل هناك موعد لتنفيذ النذور وجزاك الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
النذر إن كان مؤقتاً فلا يجوز تأخيره عن وقته بلا عذر. فإن أخره عن وقته المحدد له -إن كان مؤقتاً بوقت- أثم ووجب عليه كفارة يمين للتأخير مع القيام بالنذر. كمن نذر أن يصوم الخميس الأول من الشهر القادم مثلاً أو نذر أن يذبح شاة للفقراء في محرم القادم فأتى عليه الوقت ولم يفعل من غير عذر وجب الوفاء والكفارة للتأخير هذا مذهب أحمد وبعض أهل العلم وأما إن كان من عذر فعليه الوفاء بالنذر فقط. وذهب مالك والشافعي إلى أن عليه القضاء فقط. والكفارات موسع في أدائها إلا أن الأولى المبادرة إلى فعلها لأنه لا يدري متى يوافيه أجله وقد قال تعالى: (فاستبقوا الخيرات) [المائدة: 38] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/1345)
إظهار الزينة للأجانب نوع من التبرج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.....
أود أن أسأل حضرتكم عن حكم الإسلام في المحجبات اللواتي يضعن المساحيق التجميلية على وجوههن أو ما يعرف بالميكياج، أليس هذا نوعاً من التبرج والإهانة للإسلام.......... وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المكياج نوع من الزينة، ومعلوم أنه يجوز للمرأة التزين على وجه لا يطلع عليها فيه الأجانب، فإن تزينت به في بيتها، أو استترت عند خروجها من بيتها، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وإن كان ذلك على وجه يطلع عليها فيه الأجانب فلا يجوز، ولتراجع الفتوى رقم: 4052
ولا شك أن خروج المرأة من بيتها مبدية زينتها نوع من التبرج، لأن في ذلك إبرازاً للزينة لمن لا يحل له الاطلاع عليها، وأما كون ذلك إهانة للإسلام فلا، بل يكفي أن نقول إنه معصية من المعاصي، إذ أن إهانة الإسلام كفر بالله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(20/1)
سن الخمسبن ليست هي الضابط في كون المرأة من القواعد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المنقبة كشف الوجه عند الخمسين من العمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى قد أباح للقواعد من النساء: أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ والمراد بالثياب هنا: الثياب الظاهرة أي العباءة والجلباب، وليس المراد كشف العورة.
وقد عّرف ابن قدامة القواعد بقوله: وهن اللواتي قعدن عن الحيض وعن الولد، فليس فيهن رغبة لكل أحد، ولا يتعلق بهن القلب في نكاح. المغني ج 3 ص 419.
وفي تفسير القرطبي قال ربيعة: هي التي إذا رأيتها تستقذرها من كبرها. انظر الفتوى رقم: 11518.
وبذلك تعلمين أيتها السائلة أن سن الخمسين ليست هي الضابط لأن تكون المرأة من القواعد من النساء، فقد تتجاوز المرأة الخمسين ويكون فيها أرب للرجال.
فالضابط لما يبيح للمرأة كشف الوجه هو أن يستقذرها الرجال ولا يميلوا إليها، ومع ذلك لو بلغت السن المرخص فيها، فإن الأفضل لها أن لا تأخذ بالرخصة، قال الله تعالى: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(20/2)
حكم لبس ملابس النساء بدون قصد التشبه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ضعف جنسي بسبب مرض، والملابس الناعمة تثيرني عند الجماع، هل يجوز ارتداء شيء من ملابس الزوجة مثل عباءة أو شورت واسع عند الجماع بهدف المداعبة، ودون قصد التشبه؟ علما بأني سمعت من متخصص شريعة أزهري بجواز ذلك. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرجل منهيّ أشدّ النهي عن التشبّه بالنساء. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري.
ومن التشبه بالنساء لبس الملابس الخاصة بهن، فعن أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل. رواه أبو داود وصحّحه الألباني.
وإذا كانت الملابس الناعمة تثيرك، فينبغي أن تلبسها لك زوجتك لا أن تلبسها أنت، فإن ذلك من انتكاس الفطرة، كما أنّه ذريعة للتخنّث، فإن الشرع نهى الرجال عن التشبه بالنساء لأن التشبه يؤدي إلى تشابه في الصفات والأخلاق، فلا يجوز لك لبس ملابس زوجتك، سواء قصدت بذلك التشبه بالنساء أم لم تقصد، فإن فعل ما هو مختص بالنساء لا يشترط في منعه قصد التشبّه.
وقال ابن تيمية في الكلام على التشبه بالكفار: وسواء قصد المسلم التشبه بهم أو لم يقصد ذلك بحكم العادة التي تعودها فليس له أن يفعل ما هو من خصائصهم. اهـ
وقال ابن عثيمين: إذا حصل التشبه حصل المحذور وثبت حكمه سواء بقصد أو بغير قصد. اهـ
وننصح السائل بالسعي في وسائل العلاج المشروعة عند المختصين، مع كثرة الدعاء فإنّ الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(20/3)
حكم لبس المسلم للصليب
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة في مركز الفتاوى
أسألكم عن حكم المسلمات اللاتي يلبسن الصليب ليحميهم من الأرواح الشريرة والشياطين والجن، وما موقف الإسلام من تقديس الصليب تحديداً؟
وفقكم الله وأشكركم وأتمنى لكم طول العمر وموفور السعادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم لبس ما يختص به الكفار من لباس أو يتميزون به من شعار كما نص على ذلك أهل العلم.
وتشتد الحرمة ويعظم الإثم إذا كان ذلك صليباً لما فيه من إقرار أهل الباطل على كذبهم والرضى بشركهم. ومن فعل ذلك على هذا الوجه فهو مرتد خارج من ملة الإسلام، كما قال العلامة خليل المالكي في المختصر: الردة كفر المسلم بصريح أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه ...
ومن الأمثلة التي ذكرها على ذلك قوله: " وشدِّ زنّار " قال شراحه: والمراد به ملبوس الكافر الخاص به، إن لبسه محبة أو ميلاً لأهله، فإذا كان ذلك في لبس الزنار ـ الذي هو خيوط م لونة يلبسها الرهبان ورجال الدين ـ فما بالك بالصليب نفسه الذي هو رمز الشرك والكفر وتكذيب نصوص القرآن الكريم.
ولذلك فإن على هؤلاء المسلمات أن يبادرن بالتوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن هذه الفعلة القبيحة ... وليعلمن أن هذا النوع من الأعمال مجلبة للخوف والرعب وتسلط الشياطين والوساوس والأوهام..، وذلك لما يتضمنه من الشرك وفساد العقيدة. وقد قال تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ {آل عمران: 151} .
وموقف المسلم من تقديس الصليب وغيره من مظاهر الشرك هو الرفض والبعد عنها ...
وننبه هنا إلى أننا إذا قلنا إن هذا الفعل ردة أو أن من فعله مرتد ... فإننا لا نحكم بذلك على شخص بعينه بالردة، فإن ذلك من اختصاص القضاء، ولا بد فيه من إقامة الحجة على الشخص بالبيان.. وتوفر الشروط وانتفاء الموانع.
وللمزيد الفائدة نرجوا الاطلاع على الفتويين: 19337 // 25725.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(20/4)
حكم الألبسة التي عليها ماركات تجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قميص في ساعده رسم كبير نوعا ما للعلامة التجارية ل (كابّا) وقميص فيه رسم للعلامة التجارية ل (بيما) هل يمكن لبسهما والصلاة بهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم إذا أراد الصلاة أن يتجنب كل ما يشغله أو يشوش على ذهنه ويقلل من خشوع قلبه وتدبره لما يتلوه من قرآن وأذكار وأدعية في الصلاة، سواء كان ذلك في لباسه أو فراشه. وقد نص أهل العلم على كراهة الصلاة في الأماكن التي فيها ما يلهي أو يشوش على المصلي حتى ولو كان سترة المصلي المأمور بها شرعا، ولذلك، فلا ينبغي لك أن تلبس هذا النوع من الثياب في الصلاة. ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة ذات أعلام فنظر إلى أعلامها فلما قضى صلاته قال: اذهبوا بها إلى أبي جهم بن حذيفة وائتوني بأنبجانية، فإنها ألهتني آنفا في صلاتي.
أما إذا كانت العلامات المذكورة فيها شعار للكفار أو أشكال الصلبان فإنه لا يجوز للمسلم لبسها في الصلاة ولا في غيرها.
وننبه السائل الكريم إلى أنه ينبغي أن يحافظ على نوعية ملابسه ويجنبها الصور والرسومات والعلامات التجارية والرياضية، فبعض الشباب -هداهم الله- مولعون بهذا النوع من اللباس تقليدا أعمى لغير المسلمين حتى أصبح الواحد منهم كأنه لوحة إعلان للشركات التجارية والملاعب الرياضية، نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(20/5)
علة كراهة الانتعال قائما
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الحديث \"أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ينتعل الرجل قائما\" فهل يحرم هذا أم يكره فقط؟ وهل قال أحد إنه حرام؟ وهل لو لم يجد الرجل مكانا يجلس فيه هل يجب عليه أن يجلس ولو على الأرض؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه كراهة الانتعال حال القيام، ولكن أهل العلم فسروا الكراهة بخشية المشقة أو العنت؛ كما جاء في مصنف عبد الرزاق قال: إنما يكره أن ينتعل الرجل قائما من أجل العنت.
وذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية عن الإمام أحمد أنه قال: الانتعال قائما لم يثبت فيه شيء، ثم قال: وروى أبو محمد الخلال عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتعل قائما وقاعدا.
وعلى هذا، فالأمر واسع، وبإمكان المسلم أن ينتعل قائما ولو كان يجد مكانا يجلس فيه للاتتعال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(20/6)
حكم تشمير الأكمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد فى السنه المطهرة ما يدل على كراهة أو تحريم تشمير الأكمام؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 17710
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(20/7)
لبس الملابس الممزقة هل يجلب الفقر والنحس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح بأن لبس الملابس الممزقة يجلب الفقر والنحس للشخص، ما حكم لبس البنطلون تحت العباءة، ما حكم من تكلمت مع شخص بالهاتف بحكم الصداقة دون علم زوجها والعكس بالنسبة للزوج، هل لبس النقاب فرض كالحجاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على أثر يدل على أن لبس الملابس الممزقة يجلب الفقر والنحس للشخص، ولكن لبس الملابس الحسنة مأمور به شرعًا، قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] ، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله جميل يحب الجمال. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا وسع الله عليكم فأوسعوا.
وراجعي حكم لبس البنطلون للمرأة في الفتوى رقم: 5521.
وصلة المرأة بالرجل الأجنبي والرجل بالمرأة الأجنبية لا تجوز، إلاَّ لحاجة تدعو إلى ذلك، وسواء كانت الصلة مباشرة أو عبر الهاتف، وراجعي الفتوى رقم: 7396.
وإذا كان الموضوع يتعلق بصداقة آثمة بين امرأة ورجل، فإن ذلك يكون أشد تحريمًا، ولا سيما إذا كانت المرأة متزوجة، وراجعي الفتوى رقم: 1072.
وراجعي الفتوى رقم: 42 في موضوع لبس المرأة للنقاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(20/8)
لا عورة للبنت الرضيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أكتب لحضراتكم لكي أسأل لماذا لم يأتني جوابكم عن عدد من الأسئلة التي أرسلتها لكم قبل تقريبا شهر اسمي أم محمد وعنوان بريدي الإلكتروني هو؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله تعالى- عليك إذا خرجت هذه البنت الصغيرة التي هي في سن الرضاع إلى أبيها أو غيره من الرجال عارية لأنها لا عورة لها في هذه السن.
ولهذا أجاز العلماء أن يغسل الرجال البنت الرضيعة وما قاربها ممن لا تميل لها النفس بشهوة، قال خليل في مختصره -وهو مالكي-: ورجل كرضيعة -أي يجوز غسله لها-.
والحاصل أنه لا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى- وإن كان الأفضل والأولى أن تحافظي على ستر عورتها بل وجميع بدنها حتى تتعود على ذلك وتتربى على التستر والحياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(20/9)
حكم ما صنع من جلود حيوانات غير مأكولة اللحم.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي: ما حكم لبس الألبسة المصنوعة من جلود حيوانات غير مأكولة اللحم؟
وهذا سؤال يحيرني أنا ومجموعة من الأخوات فنرجو إجابة وافية منكم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في لبس ما صنع من جلد كل ميتة إذا دبغ، سواء كان الحيوان مأكول اللحم أم لا، وسواء كان في أصله نجساً أو لا، لأن الراجح أن جلد الميتة يطهر بالدباغ بما فيها ميتة الخنزير والكلب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
172.
وننبه إلى أن هذا الجواز مقيد بالضوابط الشرعية الواجب توفرها في اللباس، والتي قد سبق بيانها في الفتوى رقم:
13027.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(20/10)
" إزرة المؤمن إلى نصف الساق "
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهو حكم نصف الساق وماهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم "من جر ثوبه خيلاء" ... ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب أن يكون إزار المؤمن وثوبه إلى نصف ساقيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إزرة المؤمن إلى نصف الساق، ولا حرج أو لا جناح في ما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جرّ ثوبه بطرا لم ينظر الله إليه. رواه أبو داود.
والخيلاء الكبر قال في النهاية في غريب الحديث والأثر: من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه، والخُيلاء والخِيلاء بالضم والكسر الكبر والعجب يقال اختال فهو مختال وفيه خُيلاء ومخيلة أي تكبر. انتهى.
وقد سبق بيان حكم جرّ الثوب أسفل من الكعبين في الفتوى رقم: 29002، والفتوى رقم: 21266، والفتوى رقم: 20389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(20/11)
حكم لبس قمصان الفرق الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس قمصان الفرق الأجنبية إذا كانت خالية من الاسم والرقم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لبس قمصان الفرق الأجنبية جائز إذا كانت خالية من الاسم والرقم، ولم يكن فيها تشبه بالكفار، ولا ميل لهم.
انظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(20/12)
تشبه المرأة بالرجال كبيرة من الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلم عليكم ورحمة الله وبركاته..
علمت أن التشبه بالجنس الآخر حرام أنا فتاة متحجبة أقوم أحيانا برفع شعري بحيث يبدو كالأولاد وأقوم برسم الشارب والسكسوكة وألبس ملابس الصبيان وذلك فقط لمدة قصيرة أي عندما أنهي ذلك أقوم بخلعها فوراً فلا يراني أحد سوى أفراد أسرتي وأحيانا ألتقط صورة وأنا على تلك الهيئة فهل يعد ذلك من التشبه بالرجال؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس للمرأة أن تتشبه بالرجال، ولو استغرق ذلك زمناً يسيراً، لعلمها وعلم من يراها في هذا الزمن اليسير أنها متشبهة بالرجال.
وقد روى أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء. قال: فقلت: ما المترجلات من النساء؟ قال: المتشبهات من النساء بالرجال".
فتشبه المرأة بالرجال كبيرة من الكبائر، وإذا علم هذا فكيف تقدم المرأة على ذلك؟! وأي هدف أو مصلحة تجنيها من وراء ذلك إلا رضا الشيطان وسخط الرحمن!!.
وإذا انضاف إلى ذلك التقاط صورة لك على هذه الهيئة كان الأمر أشد وأعظم، فإن هذا إصرار على المنكر، وتثبيت له مع ما في تصوير ذوات الأرواح -بصفة عامة- من الخلاف، وقد بيناه في الفتوى رقم: 1935، 10888.
فالواجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى، وأن تقلعي عن هذا العبث المحرم رجاء أن يتجاوز الله عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1423(20/13)
اللباس المشتمل على رموز الكفر لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم أشتغل مع الصليب الأحمر الهولندى كمترجم متطوع وقد أضطر في المستقبل إلى لباس سترة أو قبعة تحمل شعار الصليب.. ما قول الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يلبس زي المشركين، فقد روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى المسلمين المقيمين ببلاد فارس: إياكم وزي أهل الشرك.
وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها".
وروى أبو بكر الخلال أن حذيفة بن اليمان أتى بيتاً، فرأى شيئاً من زي العجم، فخرج وقال: من تشبه بقوم فهو منهم.
وقال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: وأكره الصرار (وهو نوع من أحذية العجم) ، وقال -رحمه الله-: هو من زي العجم.
ومما سبق يعلم أنه لا يجوز للمسلم أن يلبس زي المشركين، فكيف إذا اشتمل هذا الزي على شعار الكفر كالصليب، فلا شك أن الأمر سيكون أشد حرمة.
هذا وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بنقض التصاليب.
فلا تلبس مثل هذه الملابس المشتملة على شعار الكفر، وإن اضطروك إلى لبسها فلا تفعل حتى لو أدى بك ذلك إلى ترك العمل.
ويفيد هنا أن ننقل لك فتوى اللجنة الدائمة في السعودية في حكم تكفير من لبس الصليب، وهذا نصها:
اختلفنا في المسلم الذي يلبس الصليب شعار النصارى، فبعضنا حكم بكفره بدون مناقشة، والبعض الآخر قال: لا نحكم بكفره حتى نناقشه، ونبين له تحريم ذلك، وأنه شعار النصارى، فإن أصر على حمله حكمنا بكفره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
التفصيل في هذا الأمر وأمثاله هو الواجب، فإذا بين له حكم لبس الصليب، وأنه شعار النصارى ودليل على أن لابسه راض بانتسابه إليهم، والرضا بما هم عليه، وأصر على ذلك حكم بكفره، لقوله عز وجل: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة:51] . والظلم إذا أطلق يراد به الشرك الأكبر.
وفيه أيضاً إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى عليه الصلاة والسلام، والله سبحانه قد نفى ذلك وأبطله في كتابه الكريم، حيث قال عز وجل: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) [النساء:157] .
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود ... ... ... عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(20/14)
الآيات التي ذكر فيها الحجاب واللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الآيات التي ذكر فيها الحجاب في القرآن، والآيات التي ذكر فيها اللباس في القرآن وما معناها؟
شكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي القرآن ثلاث آيات، هي آيات الحجاب، وهن قوله تعالى: وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ. {الأحزاب: 53} .وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ. {الأحزاب: 59} . وقوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا. {النور: 31} .
وأما الآيات التي ذكر فيها اللباس في القرآن، فهي أنواع: فمنها ما يتعلق بستر العورات وبعض الحقوق الخاصة وبعض الكفارات، وهي: قوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ. {لأعراف:26} . وقوله تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ. {النحل:81} . وقوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. {المدثر:4} . وقوله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... {البقرة:233} . وقوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً. {النساء:5} وقوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. {المائدة:89} . وهناك آيات ذكر فيها لباس أهل الجنة: أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً. {الكهف:31} . وقوله تعالى: يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ. {الدخان:53} ، وقوله تعالى: عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً. {الانسان:21} . وهناك آيات ذكر فيها لباس أهل النار والعياذ بالله: قوله تعالى: سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ. {إبراهيم:50) ، وقوله تعالى: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ. {الحج:19} .
وأما عن معناها فيراجع لها التفاسير المشهورة كابن جرير الطبري، وابن كثير والقرطبي وغيرها من التفاسير وهي متوفرة على موقعنا في هذا الرابط: http://www.islamweb.net/newlibrary/bookslist.php?subject =تفسير20 القرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(20/15)
حكم ارتداء لباس لاعب مشهور والصلاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني أريد أن أشتري فنيلة لاعب من بلد أوروبي، وهذا اللاعب مسلم وهو يقول: إن الاسلام هو: أفضل الديانات، فهل يجوز لي أن ألبس فنيلة أو قميص هذا اللاعب إذا كان القميص مكتوبا فيه اسمه؟ وإذا كان يجوز لبسها، فهل تجوز الصلاة فيها؟.
باختصار: ما هو حكم لبسها في الملعب أو الحي وغير ذلك. إلخ. وما هو حكم لبسها في الصلاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الغالب على اللاعبين في هذه الأندية الفسق والفجور، ومن كانت هذه هي غالب أحوالهم لم يجز التشبه بهم، وقد سبق أن بينا حكم التشبه بالفساق والمنافقين في لباسهم، في الفتوى رقم: 56757.
ومن جهة أخرى فمن المعروف أن مثل اللباس المسئول عنه يكون ثمنه أعلى من سعر مثله بأضعاف مضاعفة، لا لشيء إلا لكونه لفلان من اللاعبين المشهورين، وشراء مثل هذا إضاعة للمال وإنفاق له في غير محله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. متفق عليه. قال النووي: إِضَاعَة الْمَال: صَرْفه فِي غَيْر وُجُوهه الشَّرْعِيَّة، وَتَعْرِيضه لِلتَّلَفِ، وَسَبَب النَّهْي أَنَّهُ إِفْسَاد، وَاَللَّه لَا يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ. اهـ.
وقال ابن حجر: الأكثر حملوه على الإسراف في الإنفاق، وقيده بعضهم بالإنفاق في الحرام، والأقوى أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعا سواء كانت دينية أو دنيوية فمنع منه، لأن الله تعالى جعل المال قياما لمصالح العباد، وفي تبذيره تفويت تلك المصالح، إما في حق مضيعها وإما في حق غيره، ويستثنى من ذلك كثرة إنفاقه في وجوه البر لتحصيل ثواب الآخرة ما لم يفوت حقا أخرويا أهم منه. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في ـ اللقاء الشهري: والذي أشير به على إخواننا هؤلاء أن يقاطعوا هذه الألبسة نهائياً، وأن يكتفوا بالألبسة التي تفصَّل هنا على الطراز الإسلامي الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وعلى ذلك فننصح الأخ السائل بالإعراض عن هذا الشراء، وأن يكون اهتمامه بالتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في لباسه وغير ذلك من أمور معاشه.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين رقم: 10883، 66769.
ثم ننبه على أن هذا الأمر قد يكون أشد سوءا إذا لبست هذه الملابس في الصلاة، فإنه ينبغي للمصلي أن يلبس حال الصلاة أحسن ثيابه وأجملها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من تزين له. رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي، وصححه الألباني. وقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف: 31} .
وقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما الزينة بالثياب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1430(20/16)
لبس الرجل ملابس النساء ذريعة إلى التخنث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع كلا الزوجين لبس ملابس الآخر فقط قبيل المعاشرة ملابس شفافة؟! في غرفة النوم لتغيير الروتين فيما بينهما هذا لن يكون في جميع المرات حالها حال أي تغيير.. ووضع أصبع الزوجة في فتحة مؤخرة زوجها ومص ثدييه. شاكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن يلبس الملابس التي تختص بالنساء، ولا للمرأة أن تلبس الملابس المختصة بالرجال، فإن ذلك من التشبّه المنهيّ عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. صحيح البخاري، وعن أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل. رواه أبو داود وصحّحه الألباني.
ولبس الرجل ملابس النساء ولو مرات متباعدة ذريعة إلى التخنث، والرغبة في التغيير في أمور الاستمتاع بين الزوجين تكون بالأمور المباحة وليس بما يخالف الشرع والفطرة السوية.
وكذلك لا يجوز للزوجة وضع أصبعها في دبر زوجها، فإنّه فعل قبيح وهو مخالف للشرع والفطرة ومناف للمروءة والرجولة، وانظري الفتوى رقم: 97085.
أمّا مصّ الزوجة ثدي زوجها فلا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(20/17)
حكم لبس القبعة الرياضية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم لبس القبعة الرياضية المعروفة عند البعض باسم (الكاب) فقد سمعت أن بعض العلماء الموثوقين (ابن عثيمين عليه رحمة الله تعالى) أفتى بحرمتها لما فيها من التشبه بالكفار، فأريد أن أستفسر عن:
1- صحة نسبة الفتوى لابن عثيمين رحمة الله عليه.
2- حكم لبس الكاب.
3- إن كان الحكم بالتحريم فما وجه التحريم، وإن قيل إن فيها تشبها بغير المسلمين فهذا أمر غير مسلم به حيث إن الكاب أصبح من لباس المسلمين حاله حال البنطال والقميص ونحوه؛ وأكثر ما يقال فيه أنه مما عمت به البلوى هذا في حال التسليم بأن لبسه خطأ وهل الأولى تركه إن كان الحكم بجوازه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة لفتوى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ فالذي وقفنا عليه خلاف ما ذكر السائل، فقد سئل الشيخ عن ذلك في (لقاء الباب المفتوح) فأجاب قائلا: أعطيك قاعدة - بارك الله فيك - الأصل في لبسها الحل نوعاً وكيفية، فأي إنسان يقول: هذا لباس حرام إما لنوعيته أو لكيفيته فعليه الدليل، فلبس البرنيطة من هذا الباب. إذا كان هذا من عادة النصارى والكفار فإنه حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) . وإذا لم يكن من عادتهم بل كان شائعاً بين الناس يلبسه الكفار والمسلمون فلا بأس. لكني أخشى أن اللابس لها يكون في قلبه أنه مقلد لهؤلاء النصارى أو الكفار فحينئذٍ يمنع من هذه الناحية، من كونه يعظم الكفار فيقلدهم اهـ.
وهذا كلام محكم، وفيه تفريق بين ما يختص به الكفار من القبعات، وبين ما انتشر وشاع بين المسلمين، ولم يكن مختصا بالكفار، وهذا هو ضابط التشبه المنهي عنه، أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به، فما كان من الألبسة خاصا بالكفار فلا يجوز للمسلم لبسه، كبعض أنواع القبعات وبعض الثياب التي يتميز بها القساوسة والرهبان والكهنة. أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار، فإن لبسه لا يعد تشبها، وقد سبقت بعض الفتاوى في بيان معيار التشبه المنهي عنه، منها الفتويان: 64256، 3310. وهذا هو معنى ما جاء في الفتوى رقم: 32516 من أنه لا حرج في لبس القبعة إلا إذا كانت من زي المشركين.
وأما بخصوص الأولى فهو التشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في لباسه وزيه، وإلا راعى المرء أحوال عامة المسلمين في كل بلد في زيهم وعاداتهم طالما أنها لا تخالف الشرع، وقد نبه الشيخ ابن عثيمين أيضا على ذلك فقال رحمه الله في (اللقاء الشهري) : ينبغي أن نقابل الذين يلبسونها باللين واللطف ونقول: لا ينبغي أن تخرج عن عادة البلد دون الإنكار عليه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(20/18)
حكم لبس الثوب المتنجس خارج الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عندما أغير ملابسي الداخلية للصلاة أن أتوضأ في الحمام، وأرجع الملابس التي ربما يكون قد علق بها ما ينقض الوضوء حتى الذهاب إلى غرفتي، ثم أغيرها، ثم أصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكِ في لُبس ثيابك التي تشكين في أنه قد علق بها ما ينقض الوضوء، ثم تغيرينها بعد ذلك إن شئتِ، وإن شئت ألا تغيريها وتصلي فيها فإن ذلك جائزٌ لكِ، إذا كنت تشكين في أنه قد أصابها شيءٌ مما ينقض الوضوء، لأن الأصل طهارةُ الثوب وأنه لم تصبه نجاسة، فيستصحب هذا الأصل حتى يحصل يقين بخلافه، وانظري الفتوى رقم: 60663.
فإذا تيقنتِ أن هذه الثياب قد أصابها ما ينقض الوضوء، فإن كان هذا الناقضُ طاهراً كرطوبات الفرج، فإنها طاهرة على الصحيح كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 110928. فلا حرج عليكِ كذلك في لُبس هذه الثياب، والصلاة فيها.
وأما إن كان هذا الناقضُ الذي أصاب الثياب نجساً كبول أو مذي، وتيقنتِ من أن الثياب قد تنجست به، فيجوزُ لكِ لُبسه خارج الصلاة ونحوها إذا كان الثوب جافاً، وكان بدنك جافاً. قال ابن حجر المكي في تحفة المحتاج:
ويحل للآدمي- لبس الثوب النجس- أي المتنجس لما يأتي في حل جلد الميتة- في غير الصلاة ونحوها- كالطواف وخطبة الجمعة، وسجدة التلاوة والشكر إن كان جافا وبدنه كذلك؛ لأن المنع من ذلك يشق. انتهى.
ولا تجوزُ لك الصلاة فيه إلا أن تغسلي موضع النجاسة، لأن اجتناب النجاسة في الثوب شرطٌ من شروط صحة الصلاة عند الجمهور.
وأما إذا كان ثوبك أو بدنك رطبا أو مبتلاً فلا يجوزُ لك لُبس الثوب والحالُ هذه، لئلا تتلطخي بالنجاسة من غير حاجة، قال الفقيه ابن حجر:
وَكَمَا وَجَبَ السَّتْرُ خَارِجَ الصَّلَاةِ حُرِّمَ التَّضَمُّخُ بِالنَّجَاسَةِ خَارِجَهَا وَإِنْ قَلَّ وُقُوعَهُ. انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 51944.
فإن ملاقاة الطاهر للنجس وأحدهما رطبٌ أو مبتل يتنجسُ بها الطاهر عند كثيرٍ من العلماء. وقد بينا مذاهب العلماء في هذه المسألة في الفتوى رقم: 116329.
وأما إن كان قصدك السؤال عن ملامسة ما ينقض الوضوء لبدنك، هل ينتقض بها وضوؤك؟ فالجواب: أن ملامسة النجاسة ليست من نواقض الوضوء، وإن حصل تنجس للبدن، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 115116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(20/19)
حكم لبس الثياب السوداء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لباس الأسود في الإسلام، وهل فيه تشبه ببعض أهل البدع إذا لبست كامل ملابسي سوداء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لبس الثوب الأسود مباح كما يباح غيره إن لم يكن ثوب شهرة أو يقصد به اللابس قصداً سيئاً، ويدل لإباحته ثبوت لبس النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين للثياب السوداء، ففي صحيح مسلم عن عمرو بن حريث قال: كأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه.
وقالت أم سلمة رضي الله عنها: لما نزلت يدنين عليهن من جلاببيهن خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36548، 74703، 118530.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(20/20)
لبس البياض وإرخاء طرف العمامة بين الكتفين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سدل طرف من العمامة على مؤخرة الرأس من السنة، أم أنه من الأعمال العادية التي اقتضتها طبيعة المنطقة الحارة؟ وكذلك استحباب البياض هل هو من سنن العادات وأنه لا يستحب لبسه في المناطق الباردة لأن ذلك من شؤون الدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتم بعمامةٍ سوداء وأرخى طرفها بين يديه. وفي رواية. أرخى طرفيها بين كتفيه. وسبق بيان ذلك في الفتوى: 40595.
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم لبس الألوان كلها، ولكنه كان يفضل البياض، فقد روى الترمذي وأبو داود وغيرهما، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البسوا من ثيابكم البياض، فإنها خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم.
ولذلك استحب بعض أهل العلم لبس البياض وإرخاء طرف العمامة بين الكتفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(20/21)
حكم الإسبال وهل يسوغ بدعوى عدم قصد الخيلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أسألكم عن المسبل ازاره تحت الكعبين.
هل يحرم ذلك عليه؟ ولماذا استثني سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه من التحريم؟ وهل من يكون مثل أبي بكر الصديق من المستثنين كذلك؟ ورجائي منكم ذكر المراجع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على تحريم الإسبال إذا كان للخيلاء وعدوا ذلك من كبائر الذنوب، واختلفوا في الإسبال من غير خيلاء، وقد سبق أن أصدرنا فتاوى بينا فيها أن القول الراجح عندنا هو التحريم مطلقا، سواء كان بخيلاء أو بغير خيلاء، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتويين: 21266، 3900.
وأما لماذا استثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه من التحريم، فنقول: إن فعل الصديق رضي الله عنه لم يدخل في التحريم أصلا حتى يستثنى منه، فالتحريم ورد للمتعمد ذلك، أما أبو بكر رضي الله عنه فلم يكن متعمدا للإسبال وإنما كان بغير قصد منه، ولعذر ليس بيده، وهو نحافة جسم أبي بكر رضي الله عنه، وهذا ما وضحه الحديث نفسه، فالرسول صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ. رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث في الفتح: وَكَانَ سَبَب اِسْتِرْخَائِهِ نَحَافَة جِسْم أَبِي بَكْر.
قَوْله: إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَد ذَلِكَ مِنْهُ. أَيْ يَسْتَرْخِي إِذَا غَفَلْت عَنْهُ, وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مَعْمَر عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عِنْد أَحْمَد إِنَّ إِزَارِي يَسْتَرْخِي أَحْيَانًا. فَكَأَنَّ شَدّه كَانَ يَنْحَلّ إِذَا تَحَرَّكَ بِمَشْيٍ أَوْ غَيْره بِغَيْرِ اِخْتِيَاره, فَإِذَا كَانَ مُحَافِظًا عَلَيْهِ لَا يَسْتَرْخِي لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَادَ يَسْتَرْخِي شَدَّهُ. وَأَخْرَجَ اِبْن سَعْد مِنْ طَرِيق طَلْحَة بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر عَنْ عَائِشَة قَالَتْ: كَانَ أَبُو بَكْر أَحْنَى لَا يَسْتَمْسِك إِزَاره يَسْتَرْخِي عَنْ حَقْوَيْهِ. وَمِنْ طَرِيق قَيْس بْن أَبِي حَازِم قَالَ: دَخَلْت عَلَى أَبِي بَكْر وَكَانَ رَجُلًا نَحِيفًا. قَوْله: لَسْت مِمَّنْ يَصْنَعهُ خُيَلَاء. فِي رِوَايَة زَيْد بْن أَسْلَمَ: لَسْت مِنْهُمْ." وَفِيهِ أَنَّهُ لَا حَرَج عَلَى مَنْ اِنْجَرَّ إِزَاره بِغَيْرِ قَصْده مُطْلَقًا. انتهى.
ففرق كبير بين من يتعمّد إرخاء ثوبه تحت الكعبين، وبين من يسترخي إزاره، ثم يتعاهده ويرفعه.
وأما عن سؤالك: وهل من يكون مثل أبي بكر الصديق من المستثنين كذلك؟ فالجواب: أن من كان معذورا بعذر نحو عذر أبي بكر رضي الله عنه وكان ثوبه يرتخي منه من غير تعمد، وإذا استرخى رفعه، ولا يستطيع أن يحافظ عليه دائما مرفوعا فوق الكعبين، فهو معذور، لا أن يتعمد إطالة الثوب ثم يقول: أنا لست ممن أفعله خيلاء، فإن أبا بكر إنما زكاه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشهد لنفسه بذلك، فمن يزكي غير أبي بكر على أنه لا يفعله خيلاء؟!
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: لَا يَجُوز لِلرَّجُلِ أَنْ يُجَاوِز بِثَوْبِهِ كَعْبه وَيَقُول لَا أَجُرّهُ خُيَلَاء، لِأَنَّ النَّهْي قَدْ تَنَاوَلَهُ لَفْظًا وَلَا يَجُوز تَنَاوُله لَفْظًا أَنْ يُخَالِفهُ إِذْ صَارَ حُكْمه أَنْ يَقُول لَا أَمْتَثِلهُ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّة لَيْسَتْ فِيَّ فَإِنَّهَا دَعْوَى غَيْر مُسَلَّمَة, بَلْ إِطَالَة ذَيْله دَالَّة عَلَى تَكَبُّره. اِنْتَهَى من عون المعبود شرح سنن أبي داود حديث رقم: 4085.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في قوله: لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ: المراد بذلك أن من استرخى إزاره بغير قصد وتعاهده وحرص على رفعه لم يدخل في الوعيد لكونه لم يتعمد ذلك، ولم يقصد الخيلاء ولم يقصد ذلك بل تعاهد رفعه وكفه. وهذا بخلاف من تعمد إرخاءه فإنه متهم بقصد الخيلاء وعمله وسيلة إلى ذلك، والله سبحانه هو الذي يعلم ما في القلوب، والنبي صلى الله عليه وسلم أطلق الأحاديث في التحذير من الإسبال وشدد في ذلك ولم يقل فيها إلا من أرخاها بغير خيلاء. انتهى من مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء بالسعودية.
وقد ذكرنا أن الراجح عموم التحريم، وأن التقييد بالخيلاء لا مفهوم له، في الفتاوى المشار إليها في صدر الفتوى فراجعها، وانظر الفتوى رقم: 29002 ففيها بيان أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن مسبلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(20/22)
الثوب الأسود هل يعد نوعا من الفأل السيء
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت حديثا؛ وبما أنني مغربي فعادتنا تفرض علينا لباس الجلباب سواء بالنسبة للرجل أو المرأة؛ لكنني لقيت عتابا شديدا لأنني اشتريت جلبابا أسود لزوجتي؛ وقال بعض أفراد أسرتي إن في ذلك نوعا من الفأل السيئ؛ فما حقيقة ذلك شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الثوب الأسود ليس فيه شيء من الفأل السيئ، إن لم يكن صاحبه قصد بذلك شيئا، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس بعض الثياب السوداء ففي صحيح مسلم عن عمرو بن حريث قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبرظ، وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفيها بين كتفيه.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 74703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(20/23)
حكم ارتداء الزي الخاص بالتخرج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حضور حفل التخرج دكتوراه المقام في دولة غربية، ولبس الزي الخاص الكاب والقبعة والتصوير للذكرى بهما، علما بأن حضوره ليس ضرورة، وممكن الحصول على الدرجة بدونه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما زي التخرج فإنه إن كان خاصا بالكفار أو شعارا لهم، فإنه لا يجوز لبسه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ تشبَّهَ بقوْمٍ فهُو مِنهُم. رواه أبو داود، وصححه الألباني.
وإن كان لا يخصهم وليس شعارا لهم، بل هو معروف ومشهور في مثل هذه الجامعات، فلا حرج في ارتدائه، وإن كان الأولى أن يبتعد عنه المسلم؛ لأن أصل الفكرة تقليد للغرب، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 799.
وقد نبهنا في الفتوى رقم: 97336، على بعض المنكرات التي قد تصاحب هذا النوع من الاحتفال فإن وجدت فإنه لا يجوز حضورها إذ لا يجوز للمسلم حضور المنكر؛ لقول الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا {النساء:140}
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها بالخمر. كما سبق في الفتوى رقم: 104204.
أما تصوير هذا الحفل للذكرى، فإن كان تصويرا مرئيا (فيديو) فهو جائز على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7896.
وأما إن كان تصويرا فوتغرافيا فهو محل خلاف بين أهل العلم، وقد قدمنا أن القول بمنع ما لا تدعو الضرورة أو الحاجة الملحة إليه من هذا النوع من التصوير قول له حظ كبير من النظر، وتقدم النصح بعدمه؛ خروجا من الخلاف، واستبراء للدين، وبعدا عما يريب. كما سبق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10888، 17712، 1935.
ولما تقدم فإننا ننصح بعدم حضور هذا الحفل على أية حال، ما دام أنه ليس ضروريا، كما ذكر السائل الكريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(20/24)
حكم ارتداء الرجل عقدا أو سوارا من فضة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسر عن حكم ارتداء الرجال لعقد أو سوار من الفضة، أنا أرتدي عقدا لمحبتي له ليس لأي سبب أو تشبها بأحد، كما أني أخفيه تحت ملابسي, لأني أرتديه لنفسي واحتراما لمشاعر البعض، كما أن ارتداء الزينة للرجال أمر طبيعي جدا بوطني الأم، والموضوع أصبح شائعا جدا وطبيعي لشريحة كبيرة من الناس ببلد الإقامة. وأريد أن أشير إلى أن تحديد التشبه بالنساء يعتمد على العرف, والعرف أضحى على شفير النهاية، فلبس الرجال للون الوردي المحسوب على النساء أصبح طبيعيا من ما ضرب العرف بعرض الحائط. فما الحكم, وأرجوك الإجابة على أساس الدين وليس التقاليد البالية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ضبط ابن دقيق العيد ما يحرم على الرجال التشبه بالنساء فيه، بأنه ما كان مخصوصا بهن في جنسه وهيئته أو غالبا في زيهن، يعني أن المنهي عنه من تشبه الرجال بالنساء هو ما كان مختصا بهن، فيخرج بذلك ما كان مشتركا بينهم من الهيئات أو الصفات في الملبس أو الزينة أو غيرهما. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36376.
وعليه، فالمسؤول عنه من أنواع الزينة مما يختلف حكمه من بلد إلى بلد، بحسب العرف السائد فيه، وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 102468 بيان أن المرجع في تحديد ما تختص به النساء إلى العرف، فالعرف هنا هو المعتبر، وهذا معنى القاعدة الفقهية: العادة محكمة.
وقال ابن حجر الهيتمي في عد الكبيرة السابعة بعد المائة: تشبه الرجال بالنساء فيما يختصصن به عرفا غالبا من لباس أو كلام أو حركة أو نحوها.
قال العيني: تشبه الرجال بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء مثل لبس المقانع والقلائد والمخانق والأسورة والخلاخل والقرط ونحو ذلك مما ليس للرجال لبسه ... وهيئة اللباس قد تختلف باختلاف عادة كل بلد فربما قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم لكن تمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار.
وأفاد الإسنوي أن العبرة في لباس وزي كل من النوعين حتى يحرم التشبه بهن فيه بعرف كل ناحية. وقال الجمل والشرواني: هل يثبت في كل إقليم ما جرت عادة أهله به، أو ينظر لأكثر البلاد؟ فيه نظر، والأقرب الأول.
وكون لبس السلاسل والأساور والقلائد من خصائص النساء في أغلب البلدان أمر لا يستنكر، وعليه فلا يجوز للرجل في هذه البلدان لبسها، سواء كان من أهلها أو مقيما فيها وراجع الفتويين: 6148، 26475.
وأما إن كان التزين بهذه الأشياء لا تختص به النساء في بلدٍ ما ـ وهذا أمر مستبعد ـ فلا ينهى عنه بعلة التشبه بالنساء حينئذ. ولكن يبقى أن أغلب الظن أن من يتزين بهذه الأشياء من الذكور يكونون من المتخنثين أو المعروفين بالميوعة أو الفجور أو المعاصي، فإن صح هذا الظن فلا يجوز أيضا التشبه بأهل الفسوق والعصيان، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 56757.
ويجب التنبه هنا إلى أنه فيما عدا الخاتم وتحلية السيف وشد الأسنان بالفضة، قد اختلف أهل العلم في جواز استعماله للرجل فهذا يجب أن يضاف لما سبق من مسألة التشبه.
ثم نذِّكر السائل الكريم بفضيلة الاعتدال في الزينة ونبذ التوسع في التنعم، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْأَرْضِ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْإِرْفَاهِ. قَالَ: فَمَا لِي لَا أَرَى عَلَيْكَ حِذَاءً؟ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا. رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه الألباني. والإرفاه من الرفاهية وهي السعة والدعة والتنعم.
ويمكن للفائدة في ذلك مراجعة الفتوى رقم: 97793.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1430(20/25)
هل ثوب الزفاف الغالي يعد من ثياب الشهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو ثوب الشهرة؟ وهل تعتبر فساتين الزفاف وملابس الأفراح الغالية الثمن أثواب شهرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فثوب الشهرة قال ابن الأثير في جامع الأصول: هو الذي إذا لبسه الإنسان افتضح به واشتهر بين الناس، والمراد به ما ليس من لباس الرجال، ولا يجوز لهم لبسه شرعا ولا عرفا. وقال في النهاية: الشُهْرة ظُهور الشَّيء في شُنْعة حتى يَشْهَره الناس.
وقال ابن تيمية في الفتاوى: وتكره الشهرة من الثياب وهو المترفع الخارج عن العادة، والمتخفض الخارج عن العادة، فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين المترفع والمتخفض، وبنحو ذلك قال ابن القيم في زاد المعاد والمناوي في فيض القدير.
وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 3442.
وعليه فالثوب الخاص بالزفاف ليس من ثوب الشهرة، فقد جرت به عادات الناس وأعرافهم. ولمزيد الفائدة عن ثوب الشهرة يمكن الاطلاع على الفتويين رقم: 68029، 107346.
وأما كون الثمن غاليا فهذه مسألة أخرى، ينبغي أن يراعى فيها العرف الجاري بين الناس، كما ينبغي أن لا يحصل إسراف ولا تبذير، لقوله صلى الله عليه وسلم: كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ. رواه النسائي وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
وقد سبق الكلام على الإسراف والتبذير في الفتويين رقم: 31942، 12649.
وينبغي أن يراعى فيه الحشمة والستر أيضا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1843.
ولمزيد الفائدة عن ثوب الزفاف يمكن الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9235، 46432، 19106.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1430(20/26)
حكم لبس الرجل للملابس الخاصة بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشكلتي العادة السرية واللبس الحريمي الداخلي كله لا أستطيع ترك العادة أكثر من 10 أيام واللبس تأتيني رغبة أني ألبسه وبالفعل أرتديه وأعيش كأني فتاة ... النصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعادة السرية عادة قبيحة محرمة، لها أضرار بدينة ونفسية كثيرة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 7170، كما سبق بيان الأسباب المعينة على تركها في الفتويين: 1087، 5524.
وكذلك لبس الرجل للملابس الخاصة بالنساء داخلية كانت أو خارجية، عادة قبيحة شائنة، فيها تخنث وتشبه بهن، وهذا محرم في الشريعة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 44935، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(20/27)
حكم لبس الويز المشتمل على صورة نابليون
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار حول الويز بما أنه في كل واحدة مرسوم فيها شخصية نابليون والمعروف أنه كان رجلا طاغية وقتل المسلمين زيادة على ذلك الصورة في الإسلام غير مقبولة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم لبس ذهب الويز على أنه مجرد عملة ذهبية، فحكمه كحكم بقية الذهب، يحرم لبسه على الرجال ويجوز للنساء، وبيان ذلك في الفتوى رقم: 112563.
فإذا ثبت ما ذكره السائل من كون هذه العملة تحمل صورة آدمي فلا يجوز لبسه ولا التزين به، وتشتد الحرمة إذا كانت صورة لعدو مشهور من أعداء المسلمين الذين سفكوا دماءهم وهدموا مساجدهم واحتلوا أرضهم ونهبوا ثرواتهم، فكيف يسوغ لمسلم حمل هذه الصور والتزين بها!! وقد سبق بيان حكم الصور في الفتوى رقم: 14721، وما أحيل عليه فيها.
هذا بخلاف التعامل بها كنقد من النقود، فقد سبق أن بينا أن الفقهاء قد نصوا على أن الصور التي كانت على الدنانير الرومية تدخل في باب الصور الممتهنة التي لا يحرم استعمالها على الراجح، وذلك في الفتوى رقم: 15639.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(20/28)
كفت الثياب والإسبال
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت من أحد الإخوان أن كفت البنطلون أو ثنيه لكي لا يكون هناك إسبال منهي عنه كما هو منهي عن الإسبال فما حكم الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنهي عنه من كفت الثياب أو الشعر، هو ما كان في الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب والشعر. وراه البخاري ومسلم وغيرهما. وفي لفظ: ولا أكف ثوبا ولا شعرا.
وأما كفت الثياب والشعر أو غيرهما في غير الصلاة فلا حرج فيه، وينبغي كفت البنطلون والإزار وغيرهما إذا كان مسترخيا تحت الكعبين، سواء كان ذلك في الصلاة أو غيرها، لأن الإسبال منهي عنه شرعا في الصلاة وخارجها، كما بينا في الفتوى رقم: 3900، والفتوى رقم: 5943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(20/29)
لبس الذهب الويز في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم لبس الذهب (الويز) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي علمناه عن ذهب الويز هذا هو أنه عملة ذهبية، فهو ذهب حقيقي، وإذا كان الأمر كذلك فحكمه كحكم بقية الذهب، يحرم لبسه على الرجال ويجوز للنساء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي وحل لإناثهم. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، واللفظ لأحمد، وإذا لبس الرجل الذهب المشار إليه في السؤال وجعله على شكل قلادة فقد ارتكب محظورين لبس الذهب والتشبه بالنساء، وانظر الفتاوى رقم: 27045، 63995، 53606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(20/30)
تحريم اللباس المشتمل على شعار عبدة الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت بدلة لولدي وكان عليها رسم جمجمة وعظمتين فتبين لي لاحقاً أنها رمز عبدة الشيطان فأرجو إفادتي بالحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يلبس زي المشركين، فقد روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى المسلمين المقيمين ببلاد فارس: إياكم وزي أهل الشرك. وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها.
وبهذا يعلم أنه لا يجوز للمسلم أن يلبس زي المشركين، فكيف إذا اشتمل هذا الزي على شعار مثل شعار عبدة الشيطان هؤلاء، فلا شك أن الأمر سيكون أشد حرمة، فالواجب على الأخت السائلة أن تتخلص من هذه الثياب عن طريق ردها إلى البائع، وأن تخبره أنه يحرم عليه بيع مثل هذه الثياب، أو عن طريق تمزيقها، وإذا كان بالإمكان إزالة هذا الرمز المختص بهذه الطائفة بحيث لا يبقى منه ما يدل على هذا الرمز، فإنه يجوز حينئذ لبس هذه الثياب لأنها ليست محرمة لذاتها بل محرمة لما فيها من شعار الكفرة، فإن زال هذا الشعار زالت الحرمة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 19337، والفتوى رقم: 100144.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1429(20/31)
حكم لباس على صفة مشهورة لشخص معين معروف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في لبس التيشرت للاعب الكرة الأجنبي اليهودي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التشبه بالكفار محرم في الشرع، وهذا إنما يكون فيما يختص به الكفار، فإذا انتشر شيء بين المسلمين بحيث لم يعد يتميز به الكفار فإنه يخرج من معنى التشبه المحرم، وإن كان مأخوذاً من الكفار في الأصل.. ولكن قد يظهر في بعض الأحيان قصد التشبه والتقليد لاشتهار بعض الكفار بشيء معين، فحينئذ يحرم هذا الشيء لظهور قصد التشبه، فهو لا يلبسها إلا مقلداً لهم، فهذا وأمثاله حرام، لقوله صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.
وعليه؛ فلبس ما يسمى (بالتيشرت) وإن كان في الأصل جائزاً، إلا أنه لو كان على صفة مشهورة لشخص معين معروف فإنه يأخذ حكمه من حال هذا الشخص، فإن كان كافراً أو مسلماً ولكنه مشهور بالفسق أو الفجور أو الظلم أو الابتداع في الدين فالتشبه به حرام؛ للحديث السابق.
ومما يعرف به شيء من حكمة النهي عن التشبه بهؤلاء ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة.
وقد سبقت بعض الفتاوى في بيان معيار التشبه المنهي عنه فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64256، 3310، 12438، 21112.
كما سبقت فتوى في حكم التشبه بالفساق والمنافقين في لباسهم في تحت الرقم: 56757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(20/32)
حكم لبس ثياب عليها صور لذوات الأرواح
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا في الجامعة انتخابات طلابية، ويقوم الطلبة بتعليق صور مرشحيهم على ثيابهم، ومن الملاحظ أيضا تعليق الفتيات لصور المرشحين، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
سبق في الفتوى رقم: 4371، بيان أن الصحيح من أقوال أهل العلم حرمة لبس الثياب المشتملة على صور لذوات الأرواح، فراجعها.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتويين: 26175، 46703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(20/33)
لبس الشخص ملابس ينفرد بها عن سائر الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص من فلسطين وعندنا يلبسون البنطلونات وأنا ألبس الدشداش فهل هذا لباس شهرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما ينفرد به الشخص عن الناس من اللباس ينبغي تجنبه لما فيه من الشهرة والتميز من بينهم، فيكون أشبه بلباس الشهرة المنهي عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يتجنب لباس الشهرة وذلك لما رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة. حسنه الألباني وغيره ... وجاء في كتاب عون المعبود عند شرح هذا الحديث: الشهرة ظهور الشيء والمراد أن ثوبه يشتهر به بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم فيرفع الناس إليه أبصارهم ويختال عليهم بالعجب والتكبر ... وقد يحصل ذلك لمن يلبس ثوباً يخالف ملبوس الناس من الفقراء ليراه الناس فيتعجبوا من لباسه.
وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ويكره شهرة وخلاف زي بلده، وقيل: يحرم.
وعلى هذا فإن كان الثوب الذي تلبسه يخالف لباس أهل البلد الذي تسكن فيه كلهم، فإنه لا ينبغي لك الانفراد بلباسه لما في ذلك من الشهرة ولفت انتباه العامة، فلباسه حينئذ يكون أشبه بلباس الشهرة المنهي عنه شرعاً، وعليك أن تلبس ما يلبسه الناس مع مراعاة أوامر الشرع في ذلك من الستر وعدم الإسبال، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 107346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(20/34)
لبس ما فيه صورة للحرمين والمسجد الاقصى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لباس القمصان التي بها صورة للحرمين والمسجد الأقصى في الصدر، علماً بأنها اقتنيت من السعودية أثناء موسم الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في لباس الأقمصة التي توجد بها صور المساجد، لأن صورة ما لا روح له لا حرج فيها شرعاً، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 581، 14116، 63235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(20/35)
غطاء الرأس المختص بالمصلين هل يعد لباس شهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تغطية الرأس واجب في الصلاة أم سنة وهل لبس (عرقجين) غطاء للرأس تمييزا عن باقي الناس، علما بأني أسكن في منطقة جميعهم مسلمون حيث يقوم البعض بوضع غطاء للرأس لكي يعرف بإنه إنسان مصل ويخاف الله، علما بأني أخشى من لبسه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم من لبس لباس الشهرة ألبسه الله لباس الذل يوم القيامة، وهل هذا اللباس من ضمن لباس الشهرة، علما بأن عادة القوم عدم لبسه إلا المصلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تغطية الرأس بالنسبة للرجل ليست واجبة، ولكنها مستحبة في الصلاة كما نص على ذلك بعضهم، وإذا كانت عادة أهل تلك البلاد أن غطاء الرأس زي الذين يلتزمون بالصلاة، فالظاهر أنه ليس لباس شهرة، لأن ثوب الشهرة هو الثوب الذي يلبسه الشخص ويخالف فيه الناس ليشتهر بينهم ويتميز عليهم.
أما ما جرت العادة باختصاصه ببعض فليس لباس شهرة فيما يبدو، ثم إن نص الحديث المشار إليه في السؤال كما في سنن ابن ماجه هو: من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة. حسنه الألباني، ورواه أبو داود بلفظ: من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله زاد عن أبي عوانة ثم تلهب فيه النار. وحسنه الألباني أيضاً.
وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51784، 14805، 41456.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(20/36)
لا يجوز ارتداء الملابس المكتوب عليها شعارات الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس ملابس مكتوب عليها أسماء بلدان مع العلم بأن تلك الأسماء تحمل معاني الكفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يلبس الملابس التي تحتوي على ما يتنافى مع عقيدته، وهذا ليس خاصاً بالملابس فكل شيء يحمل معاني الكفر لا يجوز للمسلم شراؤه ولا اقتناؤه فضلاً عن استخدامه، وقد سبق أن أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 57846.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1428(20/37)
حكم الألبسة التي تحمل شعارات خاصة بالكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس ساعات أو أقلام أو أزرة عليها نجمة داود، وهل الصلاة بهذا اللبس تعتبر صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لبس أو استعمال الأشياء التي تحمل الشعار المذكور.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم لبس الأشياء التي تحمل الشعارات الخاصة بأعداء الله من اليهود والنصارى، ومن فعل ذلك حباً لأهله وميلا إليهم وموالاة لهم فقد خرج من الملة، لا صلاة له ولا عبادة حتى يتوب إلى الله ويعود إلى الإسلام من جديد، وأما فعله لغير ذلك فهو حرام؛ لكن لا يكفر به.
وإذا صلى به فقد اختلف أهل العلم في صحة الصلاة وبطلانها، فالجمهور أنها صحيحة كما قال خليل في مختصره: عصى وصحت صلاته. وما ذكرنا من كفره وعدمه نص عليه أهل العلم، قال العلامة الدردير عند قول خليل المالكي في المختصر: الردة كفر المسلم بصريح أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه كإلقاء مصحف بقذر، وشد زنار.. قال: والمراد به ملبوس الكافر الخاص به، أي إذا فعله حباً فيه وميلا لأهله، وأما إن لبسه لعباً فحرام وليس بكفر.
وما يسمى نجمة داود ويسميه اليهود خاتم سليمان ودرع داود يعتبر من أهم رموز اليهود، وقال بعض أهل العلم: إنه كان يستخدم قبل اليهود كرمز للعلوم الخفية التي كانت تشمل السحر والشعوذة، وتم استعماله أيضاً من قبل الهندوسيين وغيرهم وفي عام 1948م ومع إنشاء دولة إسرائيل تم اختياره ليكون الشعار الأساسي على العلم الإسرائيلي، وعلى هذا فإن هذا الشعار لا خير فيه لأنه رمز للشر، ولا يجوز للمسلم استعماله بحال من الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1428(20/38)
ما تلبسه المرأة بحضرة أخي زوج ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في بريطانيا
السؤال هو هل يجوز لأم زوجتي أن تضع ثيابها غير متبرجة بزينة أمام أخي الذى يعيش معنا مع زوجته, أنا وأخي وزوجاتنا في العشرينات وأم زوجتي فوق الخمسين وهي بمثابة الأم بالنسبة لأخي..]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كانت المرأة ممن تشتهي الرجال ويشتهونها فالواجب عليها ارتداء الحجاب بحضرة الرجال الأجانب، أما إن كانت عجوزا فانية بحيث لا حاجة للرجال فيها جاز لها كشف وجهها وكفيها فقط أمام الرجل الأجنبي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أم زوجتك فوق الخمسين سنة وكانت مما يشتهى مثلها فالواجب عليها ارتداء الحجاب بحضرة أخيك فإن جسدها كله عورة بالنسبة له، وإن كانت تلك المرأة قد أصبحت عجوزا فانية لا تشتهي الرجال ولا يشتهونها فلا يجب عليها ستر وجهها وكفيها بحضرة أخيك وغيره من الرجال الأجانب، ولا يجوز له نظر ما زاد على ذلك، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 11518.
هذا وننبه كذلك إلى الحذر وأخذ الحيطة من الاختلاط المحرم الذي يحصل غالبا عندما تكون العائلات تسكن في بيت واحد لما ينشأ عن ذلك من فساد وبلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(20/39)
ما تلبسه الزوجة بحضرة أبناء زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن ألبس ملابس بحرية في بيتي مع أولاد زوجي علما بأنني معهم منذ فترة طويلة وينادونني ماما وأعتبرهم مثل أولادي.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
للولد أن يرى منك ما يظهر غالبا وللبنت أن ترى منك ما فوق السرة وتحت الركبة على ألا تكون الثياب ضيقة تحدد العورة ولا شفافة تصفها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للصبي فأنت من محارمه فله أن يرى منك ما يظهر غالبا كالوجه والرقبة واليدين والرجلين على أن تكون الثياب غير ضيقة ولا شفافة، وأما البنت فعورتك بالنسبة لها ما بين السرة إلى الركبة فلك أن تلبسي أمامها من الثياب ما يستر ما بين السرة والركبة على ألا تكون ضيقة تحدد العورة ولا شفافة كما تقدم.
وراجعي لمزيد فائدة الفتاوى التالية: 12428، 27315، 30594، 20487، 26315، 27707. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(20/40)
حكم وضع شيء على الرقبة أو في اليد به صورة أو كلام متضمن ذكر لله
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على ما تقومون به في خدمة الإسلام والمسلمين أما بعد ... ما حكم من يضع خيطا في رقبته من الرجال والشباب سواء أكان لا يحمل أي صورة أو يحمل صورا لأشخاص صالحين ومنهم شهداء، وما حكم من يضع في يده قماشة أو (عصبة) من قماش من الرجال والشباب مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله أو لا تحمل أي كتابة أو وضع مطاطة على المعصم؟ جزاكم الله خيراً.. وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا -والله أعلم- أنه ليس في أي من هذه الأفعال حرج، وهذا فيما إذا لم يصحبها محظور شرعي من تشبه بالنساء أو تشبه بالكفار أو اعتقاد فاسد في هذا الملبوس أو فيمن وضعت صورته ونحو ذلك.
وبخصوص حكم الصور وأنواعها راجع الفتوى رقم: 680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(20/41)
حكم ارتداء الرجل النحيف ما يداري به نحافته
[السُّؤَالُ]
ـ[هو نحيف الجسم نوعا ما ويرتدي الكثير من الملابس فوق بعضها ليداري نحافته هل هذا حرام أو هو تغيير لخلق الله أو عدم رضاء بقضاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعا شرعيا من ارتداء الشخص النحيف لعدة ملابس ليتجمل بها ويغطي بها ما يكره من النحافة أو يسوؤه منها، وليس في ذلك تغيير لخلق الله تعالى، فقد امتن الله تعالى على عباده بالزينة واللباس فقال تعالى: يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا {الأعراف: 26} فالأصل جواز لباس ما يشاء المسلم من اللباس ما دام ذلك مضبوطا بالضوابط الشرعية، ومالم يترتب عليه غش أو تدليس على من يتعامل معه على أنه صحيح البدن قوي البنية، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغش فقال: من غش فليس منا. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(20/42)
حكم لبس الملابس الكثيرة لمداراة نحافة الجسد
[السُّؤَالُ]
ـ[هو يلبس الكثير من الملابس ليظهر أنه ذو جسم ممشوق علما أنه رفيع الجسم. هل هذا حرام أو هذا عدم رضاء بقضاء الله أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرء إن شاء الله في أن يلبس من اللباس المباح ما يظهر به على الحال التي يرى أنها أجمل وأكمل، وليس في هذا الفعل بمجرده منافاة للرضا بالقضاء، ولكن إن ترتب على فعله هذا مخادعة لأحد فقد يأثم من هذه الجهة.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 8658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(20/43)
لبس ثياب عليها كتابة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لباس ثياب عليها كتابة من الخلف، وهل ورد ذلك في الأحاديث المتواترة، وإن كان اجتهادا فما هي الحجة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه ليس من اللازم في ثبوت الأحكام أن يرد فيها حديث متواتر، بل وليس من اللازم أن يرد فيها خبر خاص عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو غير متواتر. نعم، لو وجد في المسألة حديث متواتر أو حديث آحاد لكان الاحتجاج به أولى من الاحتجاج بغيره.
وإذا لم يوجد شيء من ذلك، فإن اجتهاد أهل العلم الراسخين بإلحاق ما لم ينص عليه بما نص عليه حجة. فهذا أعلمُ الأمة بالحلال والحرام معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يقول عند سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله. رواه أبو داود والترمذي.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن لبس ثياب عليها كتابة من الخلف أو من أي جهة أخرى لم يرد فيه دليل، لكن هذه الكتابة إن كانت مما يعظمه الشرع كالقرآن والحديث وأسماء الله الحسنى وأسماء الأنبياء والملائكة ونحو ذلك فالواجب صيانتها عن كل ما ينافي تعظيمها وتعريضها للإهانة.
قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30) . وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج: 32} . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يذكر اسم الله إلا على طهارة، كما في حديث المهاجر بن قنفذ: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقال بعض أهل العلم إن الحروف مطلقا لها حرمة، قال الدسوقي: قال الشيخ إبراهيم اللقاني: محل كون الحروف لها حرمة إذا كانت مكتوبة بالعربي؛ وإلا فلا حرمة لها إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله، وقال عج (أي علي الأجهوري) الحروف لها حرمة سواء كتبت بالعربي أو بغيره وهو ما يفيده ح (أي الحطاب) وفتوى الناصر قال شيخنا وهو المعتمد. اهـ
ولا شك في أن لبس الثوب والتعرق فيه والاضطاع به في الأماكن التي قد تكون نجسة أو قذرة يتنافى مع تعظيم ما هو مكتوب فيه.
وعليه، فإذا كانت الكتابة المذكورة هي مما يعظمه الشرع، فقد علمت ما في لبسها من النهي، وإن لم تكن مما يعظمه الشرع، فالأحوط أيضا تجنب لبسها خروجا من الخلاف ما لم يشق ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(20/44)
لبس الساعة المشتملة على شعار الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترينا ساعة يد مكتوب عليها بالإنجليزي فرحة مسيحي، هل يجوز أن نلبسها علما ًاني لم أكن أعلم عند شرائها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يسوغ للمسلم أن يلبس ما هو شعار للكفار خاص بهم أو ما يلبسونه في حفلاتهم وأفراحهم، بل عليه أن يتميز عنهم على الأقل بترك ما هو من خصائصهم المميزة لهم، فقد حض الشرع على عدم التشبه بهم وعدم تقليدهم، وبناء عليه فلا نرى أن لك لبس هذه الساعة إلا إذا أزلت المكتوب عليها، ويمكنك التخلص منها ببيعها لأحد النصارى، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 21839 / 40738 / 19337 / 5810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1427(20/45)
لبس ماركات الجينز وآخر الموضات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم ولكن مع طغيان الثقافة الغربية على مجتمعاتنا أصبحت أجد في نفسي حبا لكل أشكالها، واتباعها لا إراديا مع العلم المسبق أن بعض جوانبها لا يجوز شرعا، وهنا هل أحاسب على اتباع تلك الأنماط من باب الترويج لها كلبس ماركات الجينز وآخر الموضة، ومن جهة أخرى ما مدى تواطؤ بعض المسؤولين العرب أصحاب القنوات الفضائية في الترويج لمثل تلك الأنماط وتغريب مجتمعاتنا، وهل أهل الدعوة يأخذون على أيدي هؤلاء المسؤولين أم يخافون سيوفهم
أفيدونا أفادكم الله....... أبن الإسلام المعذب والضائع بين الثقافات]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى بالمسلم أن يكون صاحب عاطفة ربانية لا يتعلق قلبه إلا بما هو محمود شرعا حتى يكون مأجورا على اتباع الشرع فيما يستحب اتباعه من الهدي الإسلامي في اللباس وغيره.
ولا يليق بالمسلم الذي جعله الله تعالى من خير أمة جعلها الله وسطا خيارا أن يظل تبعا للذين هم أخس خلق الله تعالى، كما أخبر سبحانه وتعالى عنهم في قوله: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ {لأنفال:55}
ثم إنه ينبغي أن يعلم أن الحكم الشرعي من حيث الجواز وعدمه في اللباس أن الأصل هو جواز لبس كل ما لم يكشف العورة أو يكن فيه تشبه الرجال بالنساء أو العكس، والممنوع في التشبه هو مشابهتهم فيما اختصوا به ولم يشاركهم فيه غيرهم إلا ممن هو متأثر بهم، فما كان شعارا لهم تمنع مشابهتهم فيه وما ليس كذلك فالأصل فيه الجواز وإن كان الأولى للمسلم لبس ملابس المسلمين، والأصل كذلك في لبس آخر الموضات هو الجواز لمن يستطيع شراءه إلا أن الأولى هو عدم التكلف في الأمور لما في الحديث: نهينا عن التكلف.
فقد يجد المسلم ثوب الموضة أغلى بكثير مما يساويه في الحسن والقوة من الملابس التي لم تعد موضة، فالأولى أن لا يتكلف في شراء ما هو غال، وينفق الثمن الزائد على أقاربه وأرحامه وعلى ضعفة المسلمين وأيتامهم، فالإنفاق على هؤلاء أولى بكثير من التهالك في اتباع آخر المستحدثات والموديلات.
ويتعين على الدعاة التناصح مع جميع أفراد المجتمع المسلم، والسعي في حمل جميع مؤسساته على اتباع طريق الهدى وأن لا يخافوا في الله لومة لائم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 21112، 56757، 39291، 11223، 33346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(20/46)
حكم استعمال ثياب الكفار بعد غسلها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم اقتناء الملابس المستعملة خاصة أنها ترد علينا من البلدان الغربية، علما بأن أسعارها بخسة وتتميز بالإتقان والجودة مقارنة بما هو معروض في المغازات علما بأنني أحسن غسلها وكيها قبل الاستعمال. أفتوني أرجوكم فأنا وكل أفراد عائلتي نستعمل هذه الملابس بنسبة 80%؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم ثياب الكفار، فمنهم من حملها على الطهارة، ومنهم من حملها على النجاسة، ومنهم من فصل، فقال بطهارة ثياب بعض الكفار دون بعض، ومنهم من قال بطهارة الثياب الفوقانية التي لا تحاذي فروجهم وبنجاسة ما يحاذي فروجهم منها، وعلى كل حال فهم متفقون على أنها إذا غسلت جاز استعمالها لأنها صارت طاهرة، والخلاف بينهم في طهارتها ونجاستها قبل الغسل، فإذا غسلت فلا حرج في استعمالها بلا خلاف، ولمزيد من الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 49790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(20/47)
قاعدة عامة في اللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ارتداء الثياب الحمراء والصفراء للرجل، وهل هناك فرق في الحكم في حال كون هذه الثياب لها لون واحد أو متداخلة الألوان؟
وما هو حكم لبس هذه الثياب للفتاة؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل جواز لبس جميع الثياب للرجال والنساء بلون واحد أو ألوان مختلفة ما لم يكن فيها تشبه أحد الجنسين بالآخر، أو تكون لباس شهرة أو إسراف ومخيلة، أو تكون حريرا بالنسبة للرجال خاصة. فقد روى الإمام أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ومخيلة.
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة لبس الأحمر والمعصفر، والراجح جواز لبسهما ما لم يكن هناك مانع خارجي كما أشرنا، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 3442 / 42567 / 3442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(20/48)
التشبه بالنساء في البلاد التي اعتيد فيها ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.... أما بعد:
من المعروف أن تشبه الرجال بالنساء حرام والعكس أيضاً حرام ... البعض يقول بأن الرجل إذا ذهب إلى بلاد الكفر أو أي بلد اعتيد فيها للرجال بأن يلبسوا الأساور والحلق والخواتم (غير التختم) والسنسال يجوز لهم ذلك.. لأنه ليس فيه تشبه بالنساء (في تلك البلد) ولأن لبس مثل هذه الزينة أمر عادي عند الرجال (في تلك البلاد) ... فما حكم الشرع في ذلك؟ وبارك الله فيكم، ووفقكم إلى ما فيه عزة ونصر للإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجل ولا للرجل أن يتشبه بالمرأة، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء, والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري والترمذي وأبو داود. وروى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل. وهذا دليل على أن التشبه المذكور من الكبائر، عافانا الله جميعاً.
وكما أنه لا يجوز تشبه أي من الجنسين بالجنس الآخر، فإنه كذلك لا يجوز التشبه بالكفار أو الفساق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. وفي رواية: حشر معهم. رواه أحمد وأبو داود. وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا النصارى. الحديث.
قال صاحب عون المعبود: قال القاري: أي من شبه نفسه بالكفار مثلاً في اللباس وغيره أو الفساق أو الفجار أو بأهل التصوف والصلحاء الأبرار فهو منهم، أي في الإثم والخير. وقال العلقمي: أي من تشبه بالصالحين يكرم كما يكرمون، ومن تشبه بالفساق لم يكرم.
وبناء على هذا، فالرجل إذا ذهب إلى بلاد الكفر أو أي بلد أعتيد فيها للرجال بأن يلبسوا الأساور والحلق والخواتم أو أي حلية أخرى مما خص الشرع لبسه للنساء، فليس له أن يلبس ذلك. لأنه لا يخلو من أن يكون متشبها بالنساء أو بالكفار والفساق، وكل ذلك حرام، وقد بينا من قبل ما يجوز للرجل لبسه من الحلي، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 6148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(20/49)
لبس شعار الجامعة الأجنبية والصلاة به
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ذهبت إلي كندا عن طريق الشركة التي أعمل بها وهناك أهدونا شعارا لجامعة في مونتريال هو حرف لاسم الجامعة يتم تعليقه في الجاكيت أي البدلة التي أذهب فيها إلي العمل، سؤالي هو: هل تعليقه في البدلة والصلاة وهو معلق حلال أم حرام؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشعار يحتوي على كتابة حروف اسم الجامعة ويعلق على الثوب للدعاية أو لتمييز من ينتسب إلى هذه الجامعة عن غيرها ونحو ذلك فلا مانع منه لأنه ليس شعاراً خاصا بالكفار ولا رمزاً دينياً، وإنما هو علامة دالة على الجامعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1426(20/50)
حكم لبس الخاتم في أصبع البنصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع الخوصة في إصبع البنصر، وهل ذلك من تقليد النصارى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد بالخوصة الخاتم، والأصل أن يلبس الخاتم في الخنصر من اليد اليسرى، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، كما في صحيح مسلم وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التختم في الأصبع الوسطى والسبابة، كما في صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في أصبعي هذه أو هذه، فأومأ إلى الوسطى والتي تليها.
وأما البنصر فلم نقف على نهي عن وضع الخاتم فيه، كما ننبه إلى أنه لا يجوز للرجال التختم بخاتم الذهب أو لبس خاتم الفضة أو غيره بقصد التشبه بالكفار، ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 5080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(20/51)
اللباس الإسلامي في بلاد الكفر ليس لباس شهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الفاضل ما حكم اللباس الإسلامي في أورباهل يعد من لباس الشهرة علما بأنه لباس يلفت النظر.الرجاء الرد علي البريد الالكتروني. شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لباس المرأة المسلمة يجب أن يكون ساترا لجميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، فقد اختلف أهل العلم في وجوب سترهما، فهذا حكم الإسلام في لباس المرة المسلمة سواء كانت في أوربا أو في غيرها.
وليس ذلك من لباس الشهرة المذموم شرعا، فقد عرف أهل العلم لباس الشهرة بأنه الثوب الذي يشتهر به صاحبه بين الناس لمخالفة لونه وشكله ثيابهم، ويختال فيه صاحبه عليهم عجبا وتكبرا.
أما اللباس في الإسلام فلا يتميز عن لباس الناس إلا بأنه ساتر صفيق غير محدد، فلا يأخذ شكلا معينا ولا لونا خاصا ولا يتميز عن لباس عامة الناس إلا بالمواصفات الشرعية.
وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى: 59751، 49795، 48916، نرجو الاطلاع عليها وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(20/52)
صفات البردة التي كان يلبسها صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أر جوكم التكرم من شمائل النبي عليه السلام بردته الشريفة (حضرمية يمنية) أوصافها الكاملة كما في الأحاديث؟
شكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الطبري في خلاصة سيرة سيد البشر في وصف لباسه صلى لله عليه وسلم: وكان يلبس الصوف وينتعل المخصوف ولا يتأنق في ملبسه، يلبس ما وجد، مرة شملة، ومرة بردة حبرة، ومرة جبة صوف. قال: والبردة ثوب مخطط وكساء أسود مربع فيه صغر. والبردة الحبرة من برود اليمن. وكان أحب اللباس إليه الحبرة، وهي من برود اليمن فيها حمرة وبياض. وكان يلبس يوم الجمعة برده الأحمر؛ كما عند أبي داوود وأحمد من حديث عمار المزني. انتهى
وذكر ابن الجوزي في الوفا قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد أحمر يلبسه في العيدين. وكذا عند الطبراني في الأوسط والبيهقي: أنه كان له برد أحمر يلبسه يوم العيد. وفي تاريخ دمشق أن عائشة رضي الله عنها قالت: صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فلبسها فأعجبته. وعند البخاري: جاءت امرأة ببردة فأهدتها للنبي صلى الله عليه وسلم. قال سهل: تدرون ما البردة؟ قال: هي الشملة منسوخ في حاشيتها. وعنده: أنه كان يلبس نمرة. والنمرة بردة مخططه يلبسها الأعراب كأنها أخذت من لون النمر كما ذكر ابن حجر، وقد عقد بابا في الفتح فقال (باب البرود) أورد فيه ما ذكره البخاري من الأحاديث فيها وهي ستة، وذكر فيه قول الجوهري في الحبرة قال: هي برد يمان. وقال الهروي: موشية مخططة. وقال الداوودي: لونها أخضر لأنها لباس أهل الجنة. وقال ابن بطال: هي من برود اليمن تصنع من قطن وكانت أشرف الثياب عندهم. وقال القرطبي: سميت حبرة لأنها تحبر أي تزين، والتحبير التزيين والتحسين. هذا هو ما اطلعنا عليه من صفات البردة التي كان يلبسها صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(20/53)
حكم التختم بخاتم البلاتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدبلة البلاتين حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 2033، أنه يجوز للرجل اتخاذ الخاتم من البلاتين وغيره من المعادن سوى الذهب، وأما المرأة فيجوز لها اتخاذ الحلي من جميع المعادن حتى الذهب، كما بينا في الفتوى رقم: 876، وانظر الفتاوى التالية في حكم لبس الدبلة عند الخطوبة: 5080، 31984، 33893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(20/54)
حكم الصلاة في الثوب الذي عليه صورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في الملابس التي عليها صور؟ وما الحكم إذا اشتريتها وبعد ذلك رأيت الصور فيها؟ علماً بأن الصور بها تحوير لا يظهر إلا بالتدقيق؟ وما حكم شراء الملابس التي عليها صور للأطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم شراء اللباس الذي فيه تصاوير في الفتوى قم: 4371 وبينا أنه لا يجوز لبسه لا للكبار ولا للصغار، ومن اشتراه للصغار فعليه إثم ذلك، لأن الصغير لا إثم عليه وإنما إثمه على مناوله، ومن اشترى ثيابا ووجد بها تلك التصاوير فليعدها إلى صاحبها، فإن لم يتيسر ذلك طمس ما فيها من الصور واستعملها.
وأما حكم الصلاة في اللباس المشتمل على التصاوير، فقد بيناه في الفتوى رقم: 474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(20/55)
اللباس الحسي واللباس المعنوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من قسم اللباس إلى قسمين هما حسي ومعنوي من الآية (ولباس التقوى ... ) وينقسم إلى لباس الضرورة ولباس الكمال، فأرجو منكم أن تفيدوني بهذا، ومن قسمه مع ذكر المرجع؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا التقسيم واضح من النص القرآني، فاللباس الحسي هو اللباس الذي يواري العورة ويتجمل به، وهو ينقسم إلى لباس الضرورة وهو: ما يستر العورة، ولباس الكمال وهو: الريش الذي يتجمل به، واللباس المعنوي هو لباس التقوى، وراجع كتب التفسير للاطلاع على كلام أهل العلم في الآية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1426(20/56)
لبس الأساور للرجال والذكور المميزين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الأساور بكافة أنواعها للرجال والمميزين من الأبناء؟ وما هي النصيحة التي تقدمونها لأولياء الأمور تجاه أبنائهم غير البالغين حول لبس الأساور الذهبية والفضية والبلاستيكية والمطاطية وكافة الأنواع؟
علما بأن هذه الأساور وخاصة الفضية منها والبلاستيكية المطاطية أصبحت منتشرة بشكل واسع وهناك نوع من التقليد الأعمى في لبسها والتباهي بشرائها لدرجة أنك قد تجد بعض الشباب المميزين يرتدون أكثر من إسورة، وتقوم بعض الهيئات بتوزيعها هدية مقابل تبرعهم ويقوم الأبناء بلبسها في أيديهم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجال لبس الأساور من أي نوع كانت، لما في ذلك من التشبه بالنساء وبغير المسلمين، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري وغيره.
ويتأكد التحريم ويشتد الإثم إذا كان ذلك من النقدين الذهب والفضة.
وقد سبق أن بينا حكم لبس الأساور وغيرها في الفتويين: 6148، 21424 نرجو الاطلاع عليهما للمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم.
والذي ننصح به أولياء الأمور هو تقوى الله تعالى وتربية أبنائهم التربية الصحيحة الموافقة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا الذي يجعل منهم رجالا في المستقبل، يتحملون المسؤوليات، وينفعون آباءهم وأمهاتهم ومجتمعاتهم، وهو الذي ينجيهم أمام الله تعالى ويسعدهم في الدنيا والآخرة.
أما التربية على الميوعة والتشبة بالنساء وبالكفار فإنها تفريط في الأمانة، ومعصية لله تعالى، وندامة في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(20/57)
لبس الكلاسين للرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس كلاسين سلب للرجال والنساء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لبس هذا النوع من الثياب تحت ملابس ساترة مباح للرجال والنساء، وأما لبسه وحده والظهور أمام الناس به فإنه لا يكفي في ستر العورة، ويضاف إلى ذلك أنه محدد للعورة فتعين البعد عنه، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32227، 33557، 36210، 3884، 12629، 6745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(20/58)
لبس الخفين وستر العورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لباس الخفين يدخل في نطاق ستر العورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لباس الخفين لا يدخل في باب ستر العورة بالنسبة للرجل، لأن عورته ما بين سرته وركبتيه، كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 15390.
وأما بالنسبة للمرأة فستر قدميها واجب في الصلاة كما صححه جمهور أهل العلم وعند الأجانب، ولكن لا يتعين عليها لباسهما لستر قدميها بل لها سترهما بغير ذلك، ولو لبستهما للستر أجزأها ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(20/59)
حكم لبس سروال الدجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لبس سروال الدجين حرام؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من لبس سروال الدجين أو غيره من أنواع القماش ما لم يكن حريرا بالنسبة للرجال، أو ضيقا يحدد العورة، أو رقيقا يصفها، وليس فوقه شيء، أو يكون أسفل من الكعبين.
وأما المرأة فلا يجوز لها لباسه إلا إذا كان فوقه ملابس واسعة تستر جميع بدنها.
وللمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 11223، 56045.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(20/60)
حكم اغتسال اللاعبين عراة
[السُّؤَالُ]
ـ[عبد الله هذا طالب في ألمانيا وصديق لي يلعب في فريق ألماني لكرة القدم وبعد الانتهاء من اللعب يذهبون جماعة إلى الحمام إلا أنهم يغتسلون عريا أجلكم الله, وصديقي هذا يريد أن يعرف ما يقول شرع الله في هذا. أرجو من فضيلتكم أن تفتوني في أمري هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يستر عورته، ويحرم على الإنسان أن ينظر إلى عورة غيره. قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور: 30} . وقال: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {الإسراء: 36} .
وكنا قد بينا من قبل الشروط التي يباح معها مشاهدة مباريات كرة القدم، وذكرنا فيها ستر العورة، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 453.
وبناء على هذا، فما يفعله اللاعبون من الاغتسال عراة إذا كانوا يفعلونه في مكان واحد بحيث يرى بعضهم عورة البعض، فإن هذا محرم، وإن كانوا يستحمون منفردين كل في حمام لا يراه غيره فلا حرج في تعري أجسامهم وقت الاستحمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(20/61)
حكم ارتداء الألبسة ذات الماركات الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا في فرنسا يرتدي الشباب الملتزمون زياً يتكون من قميص أوجلباب طويل إلى ما قبل الكعبين التزاما بالسنة في عدم جر الجلباب ولكن الذي أريد أن أسأل عنه هو ما حكم لبس هؤلاء للماركات مثل (نايك - لا كوست - ريبوك - وغيرها) من المركات الأجنبية والدعاية لها والذي يتمثل في بيعهم لها فتجدهم أكثر الناس ارتداء لهده المركات مع الجلباب الطويل إلى الكعبين وترك الجوارب التي تكون عادة إحدى المركات المشهورة مكشوفة للعيان للتباهي بها علما بأنهم ملتزمون جدا دينيا
1- ماحكم ارتداء المركات؟
2- ماحكم بيعها والتجارة بها؟
3- ماحكم حب هذه المركات وتفضيلها ووضعها في مرتبة عالية وخاصة؟
4- أريد من حضرتكم كلمة موجه إلى هؤلاء الشباب في هذا الموضوع.
ملاحظة ... إن استطعتم أن يكون جواب هذا السؤال في نسخة عربية وأخرى فرنسية نكون لكم شاكرين وجازاكم الله عنا خير الثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الألبسة أو العلامة المذكورة تدل على شعار الكفار أو فيها ما يتنافى مع عقيدة المسلم.. فإنه لا يجوز ارتداؤها ولا بيعها أو ترويجها والتنويه بها لما في ذلك من التشبه بالكفار والرضى بالباطل والتعاون على الإثم والعدوان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم وفي رواية حشر معهم رواه أبو داود وغيره، وقال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
أما إذا لم يكن فيها ما يتنافى مع الشرع من شعار الكفار وخصوصياتهم والترويج لعقائدهم وأفكارهم - فإنه لا مانع من ارتدائها وبيعها - والذي ننصح به هؤلاء الشباب هو تقوى الله تعالى والالتزام بدينهم والاعتزاز به والدعوة إليه بلسان حالهم ومقالهم، فهم واجهة الإسلام والمسلمين في تلك البلاد التي شوه فيها الإسلام وأهله، فعليهم أن يكونوا قدوة حسنة لغيرهم في الأخلاق والمعاملات والصدق والأمانة والإحسان في كل شيء.
نسأل الله تعالى الثبات والتوفيق والسداد للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(20/62)
العمامة في الصلاة وخارجها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أسئلة حول العمامة أريد الإجابة عنها: ما حكم تغطية الرأس في الصلاة وغيرها، هل كانت العمامة من عادة الناس قبل البعثة، هل كانت عمامة النبي صلى الله عليه وسلم من عادة قومه أم من سننه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لبس العمامة في الصلاة وخارج الصلاة هو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفعلية، فقد روى أصحاب السنن من حديث المغيرة، قال: ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه.
وليست تغطية الرأس من سنن الصلاة بالنسبة للرجل، وإنما يستحب ذلك لمن كان من عادته التجمل بالعمامة، لقول الله عز وجل: خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31} .
ولقد كانت العمامة من سنن العرب قبل البعثة، وقد وردت فيها أخبار ضعيفة، مثل حديث: العمائم تيجان العرب.
لكنها يشهد لها ما روي في القصص وكتب التاريخ عن بعض العلماء أنهم كانوا يقولون إن العمائم كانت عند العرب في القديم وكانت بمثابة التيجان بالنسبة لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(20/63)
لباس المجتمع واللباس الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال: عندما أرى أغلبية الشباب الذين نحسبهم ملتزمين ولا نزكي على الله أحدا أن لديهم لبسا خاصا وهو جلابية ذات ألوان غريبة مثل الأسود والبني الداكن وليس الأبيض كما هو معروف في السنة ويضعون قبعة صوفية ليست حسب ما هو معروف في لبس أهل البلد وتراث البلد وأنهم يمتازون بلباسهم من بين الناس وأنهم لافتون للنظر سؤالي هل من الدين أو السنة شيء من هذا؟ حيث لم أرتد ملابس أنا مثلا كبدلة أو الملابس المعروف الآن لأ ن عملي لا يسمح بارتداء غير ذلك أجدهم ينظرون إلي وكأنهم ينكرون ذلك وألبس الملابس العربية في فراغي البيضاء أو لون أخر أنيقة وأرتدي قبعة بيضاء تراث بلدي مع معرفتي اللبس الشرعي الذي هم لا يريدون أن يرتدوه. أرجو إفادتي.وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في اللباس أن يلبس المسلم ما يلبسه المجتمع الذي يعيش فيه إذا لم يكن فيه ما يخالف الشرع من عدم الستر، أو الإسبال والخيلاء والشهرة، أو التشبه بمن نهينا عن التشبه بهم.
وعلى ذلك، فلا ينبغي للشباب المسلم أن يتميز عن غيره في اللباس والعادات ما لم تخالف الشرع.
والذي ينبغي أن يتميز به هو الالتزام بدين الله تعالى، والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالعلم والمعرفة، وخدمة مجتمعهم، والسعي فيما ينفع الناس.
وبالنسبة لك فلا مانع شرعا من ارتداء البدلة أو ملابس العمل.. وغيرها بالضوابط التي أشرنا إليها.
ولا ينبغي أن يكون ذلك محل نزاع، لأن الأمر فيه واسع والحمد لله.
نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق.
ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 14805، 48916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(20/64)
حكم التشبه بالفساق والمنافقين في لباسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دليل شرعي يحرم على المسلم المؤمن أن يتشبه في لباسه بالمسلمين الفاسقين أو المنافقين أو العاصين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج الإمام أبو داود في سننه والإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تشبه بقوم فهو منهم. وقال صاحب عون المعبود في شرح الحديث: قال القاري: أي من شبه نفسه بالكفار مثلاً في اللباس وغيره أو الفساق أو الفجار أو بأهل التصوف والصلحاء الأبرار فهو منهم، أي في الإثم والخير، قاله القاري.
وقال العلقمي: أي من تشبه بالصالحين يكرم كما يكرمون، ومن تشبه بالفساق لم يكرم ...
فقد تبين من هذه النصوص أن التشبه بأهل العصيان والفسوق لا يجوز، ولكن التشبه المذموم إنما هو في فعل ما كان من خصائص أهل الكفر والفسق والعصيان، وأما ما كان يرتديه الفساق من الزي، ولكنه ليس خاصاً بهم، فإنه لا يحرم لبسه.
وأما المنافقون فلا يتصور أن يكون لهم زي يميزهم، لأنهم يظهرون الإسلام، ولا يعترفون بما هم عليه من الكفر وسوء الطوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(20/65)
حكم بيع النعال ذات الكعب العالي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع الأحذية ذات الكعب العالي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم بيع هذه الأحذية فرع على حكم انتعالها، فحيث جاز انتعالها جاز بيعها وحيث حرم انتعالها، حرم بيعها، والأصل في ذلك قوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، وإذا تقرر هذا فحكم انتعالها فيه تفصيل:
فإن كانت تحدث ضررا لمنتعلها فلا يجوز انتعالها، سواء كان المنتعل رجلا أو امرأة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك.
وإن كانت لا تحدث ضررا فلا حرج على الرجال في انتعالها، أما النساء فيشترط إضافة إلى انتفاء الضرر، ألا تكون هذه الكعوب سببا في جذب أنظار الرجال الأجانب، بصوت عند المشي أو لون، والأصل في ذلك قوله تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ {النور:31} ، فمنعهن سبحانه من الضرب بالأرجل -وإن كان جائزاً في نفسه- لئلا يكون سببا إلى سماع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك الشهوة عند الرجال، ففي ذلك تنبيه على أن المرأة منهية عن جذب أنظار الرجال إليها بأي طريقة، سواء أكان ذلك بسبب صوت حذائها عند المشي أو لونه أو تبرجها وإبدائها ما لا يحل إبداؤه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(20/66)
حكم لبس قميص مكتوب عليه كلمة (الأقصى)
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدي قميص مكتوب عليه كلمة \"الأقصى\" فقط ولكن من يقرأها سيتبادر إلى ذهنه أنها تقصد \"المسجد الأقصى\" فهل يجوز لبسه مع تعرضه للعرق وخلافه، أم لا يجوز لعدم تعرض الكلمة للامتهان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من لبس هذا القميص، لعدم ما يدل على الامتهان للمسجد الأقصى، ولأن كلمة (الأقصى) لفظ مشترك بين كونه من القرآن أو من كلام البشر، ولا يمكن القطع بنسبته للقرآن إلا إذا قُرن بما يدل على ذلك، كأن يكون المكتوب "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" أو جزء من هذه الآية، وما دام لابس هذا القميص لا يقصد إهانة الاسم لكونه لفظا من القرآن، أو لكونه يدل على المسجد الأقصى فلا شيء في لبسه له، وراجع الفتوى رقم: 23572.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(20/67)
حكم استخدام قلم الذهب في الكتابة وقبوله هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام القلم المذهب في الكتابة؟ وما حكم قبوله كهدية والاحتفاظ به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتحلي بالذهب والتزين به مباح للنساء وحرام على الرجال، روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بسند جيد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخذ حريرا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبا فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي. زاد ابن ماجه: حل لإناثهم. هذا بالنسبة للتحلي، وأما استعمال الذهب لغير الحلية البدنية كالقلم والمحبرة والمرآة والمشط والمكحلة وما شابه ذلك فإنه لا يجوز للرجال ولا النساء. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ويحرم عليهما تحلية دواة ومحبرة ومقلمة ومرآة ومشط ومكحلة وشربة ومرود وكرسي وآنية وسبحة ومحراب وكتب علم بذهب أو فضة. وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 11876. وإذا قلنا بحرمة تحلية القلم بالذهب فإنه لا يجوز استخدامه في الكتابة. ولا مانع من قبوله هدية لاستخلاص ما فيه من ذهب والانتفاع بذلك إن كان ممكنا، وإن لم يمكن فصل الذهب عن بقية المعادن التي صنع منها القلم، فقال بعض أهل العلم إنه حينئذ مباح لأن عدم إمكانية الفصل دليل على قلة نسبة الذهب، وراجع الفتوى رقم: 14943. وعلى القول بالتحريم فلا يجوز قبول الهدية به إلا لإتلافه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(20/68)
حكم لبس المرأة الفانيلة الداخلية الرجالية
[السُّؤَالُ]
ـ[الملابس الداخلية للنساء (الفنايل) تكون علاقية لا تحتوي على (نصف كم) ، وأنا لا أحب هذا النوع لأن ملابسنا في الكلية بيضاء فتشف ما تحتها ولم أجد ملابس داخلية نسائية كما أحب، فاشتريت فنيلة داخلية
(رجالية) لها نصف كم, وذلك حتى أستر يدي، فهل لبسها حرام ويعتبر من التشبه بالرجال، أم يجوز لي لبسها، مع العلم بأني والله لا أريدها إلا للتستر، فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في لبس هذه الفنيلة الرجالية حيث لم يكن القصد هو التشبه بالرجال.
إذ أن التشبه المنهي عنه هو كما قال الإمام محمد الغزي الشافعي: التشبه عبارة عن محاولة الإنسان أن يكون شبه المتشبه به، وعلى هيئته وحليته ونعته، وصفته، وهو عبارة تكلف ذلك وتقصده وتعلمه.
وقال الأستاذ جميل اللويحق: ويمكن القول في تعريف التشبه بعبارة موجزة أنه: تكلف الإنسان مشابهة غيره في كل ما يتصف به غيره أو بعضه. ثم شرح هذا التعريف فقال: فقوله: تكلف الإنسان أي أن يقصد ذلك ويتعمده، فيخرج بذلك ما يقع بدون قصد، كمشابهة الرجل للمرأة في الحركة والصوت بطبيعة الخلقة بدون نية، كما يخرج كذلك ما يقع من التشبه على سبيل الاضطرار، أو لدفع مفسدة عظمى، وذلك كالمكره، وكتشبه المسلم المقيم في بلاد الكفار المحاربة بالكفار في صفاتهم الظاهرة، ليسلم من أذاهم. انظر: التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي. تأليف: جميل اللويحق، رسالة ماجستير.
ومن هذا التعريف يتبين للأخت الفاضلة أن لبس هذا النوع من اللباس (الفنيلة) لا حرج فيه، ولا يعد من التشبه بالرجال، ما دامت نيتها وقصدها ما ذكرت، وخاصة أن هذه الفنيلة مستورة لا تظهر.
ونسأل الله لها ولجميع أخواتنا المسلمات المزيد من الحرص على الستر والحجاب ونشيد ونثمن للأخت تحريها ما يجوز وما لا يجوز من اللباس، والسؤال عن ما أشكل عليها في ذلك، وهذا دأب المؤمنات الصالحات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1425(20/69)
هل يلبس الرجل والمرأة اللباس الباكستاني؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اللباس المسمى (اللباس الباكستاني) وهو قميص فضفاض يصل للركبتين وبنطال، هل هو لباس شرعي للرجل والمرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللباس الشرعي بالنسبة للمرأة هو ما توفرت فيه شروط سبق بيانها في الفتوى رقم: 6745، فإذا توفرت تلك الشروط فلا حرج أن يكون على هيئة اللباس الباكستاني أو غيره.
وأما الرجل فكل لباس ساتر لعورته، ولم يكن لباس شهرة ولا من حرير، وليس فيه تشبه بالنساء ولا تشبه بلباس الكفار الخاص بهم فهو لباس شرعي يجوز له لبسه، واللباس الباكستاني المعروف يعد لباساً شرعياً للرجل والمرأة بالشروط المبينة في الفتوى المشار إليها، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 14805.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(20/70)
توضيح حول قاعدة الخاص مقدم على العام
[السُّؤَالُ]
ـ[القاعدة الفقهية تقول: الخاص مقدم على العام، وكما في الحديث الذي يقول: توضؤوا مما مسته النار، والحديث الثاني: من أكل لحم جزور فليتوضأ. إذن الخاص مقدم على العام ولكن هناك حديثان هما: المسبل إزاره في النار، والثاني يقول: إن الله لا ينظر إلى من جر ثوبه بطرا أي خيلاء، فلماذا لا تستعمل هذه القاعدة هنا. لأني سألت الشيخ ابن باز، فقال: إنه للخيلاء وعدم الخيلاء. فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن القواعد الأصولية: أن الدليلين إذا أمكن الجمع بينهما بالتخصيص أو التقييد أو غير ذلك وجب المصير إليه. فالعام يحمل على الخاص، والمطلق يحمل على المقيد، والمجمل يحمل على المبين....
ولكن حديثي الوضوء مما مسته النار، والوضوء من أكل لحم الجزور ليسا من هذا القبيل، لأن لحم الجزور ينقض الوضوء عند القائلين به سواء كان نيئا أم مطبوخا. وكنا قد بينا ذلك في فتاوى سابقة، فراجع فيه الفتوى رقم: 2062.
وأما الوضوء مما مسته النار، فقد صح الأمر به من حديث مسلم وغيره أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: توضؤوا مما مست النار. ولكن العمل به ترك، إما لكونه نسخ، أو لكون المقصود به غسل الفم والكفين لا الوضوء الشرعي. قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأجابوا ـ يعني جمهور العلماء ـ عن حديث الوضوء مما مست النار بجوابين، أحدهما: أنه منسوخ بحديث جابر رضي الله عنه قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، وهو حديث صحيح. والجواب الثاني: أن المراد بالوضوء غسل الوجه والكفين.
وأما ما أردته من حمل عموم النهي في حديث الإسبال على قصد الخيلاء الوارد في الحديث الثاني فلا يصح، لورود الأحاديث المصرحة برفع الجناح عما كان بين نصف الساق وبين الكعبين، وبأن ما كان أسفل من ذلك ففي النار، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 3900، وبها تعلم صحة ما أفتاك به الشيخ ابن باز رحمه الله رحمة واسعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(20/71)
حكم لبس البنطلون
[السُّؤَالُ]
ـ[2- ما حكم البنطلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
2 سبق بالأرقام التالية: 3884، 32227، 26847.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(20/72)
حكم لبس العدسة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز لبس العدسة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1 سبق بالأرقام التالية: 14465، 12560، 4972.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(20/73)
الثوب المطابق للسنة لا يعتبر لباس شهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على النبي الكريم وبعد: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من لبس ثوب شهرة ... ، فإذا كان الإنسان في منطقة أهلها غير مهتمين بالسنة من جهة الملابس، فهل يعتبر هذا الإنسان الذي يلبس لباساً مطابقاً للسنة لباسه لباس شهرة، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور رواه الإمام أحمد في المسند، وأصحاب السنن وحسنه الألباني، وهو من رواية ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة.
وثوب الشهرة هو الذي يلبسه الشخص ليتميز به عن غيره من الناس فيشتهر به ويعرف على جهة التكبر والخيلاء..
وأما من لبس ثوباً مطابقاً للمواصفات التي جاءت في السنة فإنه لا يعتبر لباس شهرة، بل يعتبر متمسكاً بالسنة داعيا إليها، وقد قال جل وعلا: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108] ، فمن كان هذا حاله فهو في أعلى درجات الاتباع، فإذا كان الشخص في بيئة يُسبلون ثيابهم إلى أسفل من الكعبين وكان هو لا يلبس الثياب التي تتجاوز الكعبين فإن هذا لا يعتبر لباس شهرة وليس هو المقصود من الحديث.
وينبغي للمسلم أن يلبس زي المجتمع الذي يعيش فيه حتى لا يتميز عن قومه وأهل بيئته بزي يلفت الانتباه ويؤدي إلى الشهرة، وليحذر من الإسبال ولباس الشهرة، وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 14805.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(20/74)
معنى الثوب في اللغة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بالبنطال الأحمر؟
وهل النهي يخص الثوب فقط؟
وما يعني لفظ الثوب في اللغة؟
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في البنطال جائزة إذا كان ساترا ما بين السرة والركبة وكان صفيقا يستر لون البشرة، وراجع التفصيل في هذا في الجوابين التاليين: 4186، 11164، ولبس الثوب الأحمر موضع خلاف بين أهل العلم، وقد وردت أحاديث في النهي عن لبسه، وجاءت أحاديث أُخَر بالجواز، وقد فصل الحافظ ابن حجر تفصيلا واضحا في هذه المسألة، ونحيلك عليه في الجوابين التاليين: 27674، 18563.
والثوب في اللغة العربية يطلق على ما يلبس مطلقا.
قال ابن منظور في لسان العرب: والثوب اللباس، واحد الأثواب، والثياب، الجمع أَثْوُب، وبعض العرب يهمزه فيقول: أثؤب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(20/75)
ألوان مستحسنة بالشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي خير الألوان أو أفضل الألوان؟ هل هو اللون الأحمر أم الأبيض أم الأسود أم غيرها من الألوان؟ أرجو التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالألوان التي ورد في الشرع استحسانها والثناء عليها هي الأبيض والأخضر، كما ذكرنا ذلك ضمن الفتوى رقم: 19905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(20/76)
لبس ملابس النساء تشبه بهن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يرتدي الملابس الداخلية للنساء إن لم تكن مصنوعة من الحرير؟
وماعقوبته؟
وماذا عليه من كفارة إن وجدت؟
وكيف يمكنه أن يربي نفسه على عدم العودة لهذاالفعل؟
... ... ... ... ... ... ... ... جزاكم الله خيرا عني وعنه
وسوف أعاود الدخول لموقعكم مرة أخرى لأرى الإجابة وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلبس الملابس الخاصة بالنساء داخلية كانت أو خارجية تشبه بهن، وقد نهى حبيبنا صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وانظر الفتوى رقم: 6148، والفتوى رقم: 12329.
والعقوبة هي اللعنة واللعنة، هي الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
وكفارة ذلك التوبة، فالتوبة تهدم الذنب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(20/77)
السنة في لبس النعلين وخلعهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه من السنة عند لبس الحذاء أو النعال أن نبدأ باليمنى وعند الخلع أن نبدأ باليسرى؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنه قالت: كان النبي صلى الله عليه يعجبه التيمن في تنعُّله وترجُّله وطهوره وشأنه كله، وهذا لفظ البخاري، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وفيه البُداءة بالرِّجل اليمنى في التنعل، وفي إزالتها باليسرى، وفيه البداءة باليد اليمنى في الوضوء، وكذا الرِّجل. انتهى.
وعليه؛ فالسنة في لبس النعلين البدء باليمنى، وفي حالة الخلع يكون البدء باليسرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(20/78)
الإسبال يكون في جميع الثياب
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد يا شيخنا الفاضل هل هناك إسدال للكم من الثوب يعني لا بد ان يكون فوق الكف أو لا باس باسداله تحت الكف والشئ الاخر لو عرفت مثلا باب الوضوء وأحكامه وخلاف العلماء والراجح هل لي أن أفتي بما اراه الصواب وإن لم اعلم أحكام الحج او الصيام ونحوه أم لا بد أن أعرف كل ابواب الفقه من غير الاصول حتى أفتي فيما أعلم وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في فتوى سابقة برقم: 5943 أن الإسبال يكون في جميع الثياب.
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" بعد ذكره حديث ابن عمر: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.
قال: والحديث يدل على عدم اختصاص الإسبال بالثوب والإزار، بل يكون في القميص والعمامة.. وتطويل أكمام القميص تطويلا زائدا على المعتاد من الإسبال، وقد نقل القاضي عياض عن العلماء كراهة كل ما زاد على المعتاد من اللباس في الطول والسعة. اهـ.
فعلم بما تقدم أن الكم يكون حسب ما اعتاده الناس، ولا يحد بأن يكون فوق الكف أو دونه، فإن جعله إلى الرسغ فحسن للاتباع، ففي الترمذي: كان كم يد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ.
قال الجزري: فيه دليل على أن السنة أن لا يتجاوز كم القميص الرسغ، وأما غير القميص، فقالوا السنة فيه ألا يتجاوز رؤوس الأصابع من جبة وغيرها اهـ.
ونقل المباركفوري شارح الترمذي عن شرح السنة أن أبا الشيخ ابن حبان أخرج بهذا الإسناد (أي إسناد الحديث المتقدم) بلفظ: كان يد قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل من الرسغ.
وروى الحاكم: كان كمه مع الأصابع، ثم قال: ففيه أنه يجوز أن يتجاوز بكم القميص إلى رؤوس الأصابع. اهـ.
وأما إجابة الشق الثاني من السؤال، فراجع الفتويين رقم: 16518، 37492.
والله أعلم. ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(20/79)
حكم لبس ملابس منتخبات الدول الغير مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس ملابس منتخبات الدول الكافرة وأنديتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كانت هذه الملابس ساترة للعورة من السرة إلى الركبة فلا مانع من لبسها، لأن هذه الملابس ليست من الزي الخاص بالكفار، وانظر الفتوى رقم: 3310 والفتوى رقم: 12438 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/80)
حكم لبس الساعة في اليد اليمنى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله.
هل لبس الساعة في اليد اليمنى يعتبر من مخالفة اليهود والنّصارى؟ وهل له أجر إن كانت نيّته مخالفتهم؟
فما رأي الشرع في هذا؟ أفتونا جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فضابط التشبه الذي ورد النهي عنه في ما يتعلق بالتشبه باليهود والنصارى هو في ما كان مختصاً بهم أو كان شعاراً لدينهم، فما كان كذلك وجبت مخالفتهم فيه، وليس من ذلك لبس الساعة في اليد اليسرى، ولكن مع هذا كله فإن لبس الساعة في اليد اليمنى أولى وأفضل، ويؤجر عليه الإنسان إذا قصد بذلك اتباع السنة في التيامن، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 29936 والفتوى رقم:
11321
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(20/81)
أفضلية اللون الأبيض
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد العامة أن الله يفضل اللون الأبيض وأن هناك في القرآن آية تدعم هذا القول]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللون الأبيض المعتدل أفضل من غيره، ويدل على ذلك وصف الله تبارك وتعالى للحور العين بذلك. قال تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49] ، وكذا وصف غلمان أهل الجنة بذلك، فقال تعالى: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ [الطور:24] . أي كأنهم لؤلؤ في بياضه وصفائه، مكنون يعني مصون في كنّ، فهو أنقى له وأصفى لبياضه. ولا شك أن أهل الجنة يدخلونها على أكمل صورة وأتمها، فهو دليل على فضل اللون الأبيض على غيره، ووصف الله وجوه المؤمنين بالبياض ووجوه الكافرين بالسواد يوم القيامة؛ فقال سبحانه وتعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران:106] . وننبه هنا إلى أن هذا البياض يكون للمؤمن، ولو كان لونه في الدنيا أسود. والخلاصة أن البياض المعتدل من الجمال والحسن الذي يهبه الله لمن يشاء من عباده، ولا يجوز لمن رزق ذلك أن يحتقر الآخرين ويزدريهم؛ لئلا يفوزوا يوم القيامة بالبياض الدائم وينقلب هو إلى السواد الدائم. وقد جاء في السنة تفضيل اللون الأبيض في اللباس، فقد روى الترمذي وأبو داود وغيرهما، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البسوا من ثيابكم البياض، فإنها خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(20/82)
حكم لبس دبلة الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[دبلة الزفاف هى عادة إغريقية ثم مسيحية، فما حكم ارتدائها للمسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لبس ما يسمى (دبلة الزفاف) لما فيه من التشبه بالكفار، وقد سبق بيان حكم التشبه بالكفار في الفتوى رقم 3310 والفتوى رقم 12438
وسبق ما يتعلق بلبس الدبلة يوم الزفاف في الفتوى رقم 31984
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(20/83)
حكم الرجل يلبس لبسة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل حقيقي ولكن أحب أن ألبس الملابس الداخلية للمرأة (تحتية وليس الصدرية) وهل أكون من المتشبهين للمرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن لبس الرجل ملابس النساء من التشبه المحرم الملعون صاحبه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل.
فعليك التوبة إلى الله من هذا الفعل المشين، بالاقلاع عنه فوراً، والندم على ما سلف، والعزم على عدم العود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1424(20/84)
حكم لبس القبعة للرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى أصحابه أجميعن
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
1- من فضلك شيخنا الكريم ما حكم لبس برنيطة (قبعة) لا للتزيين وإنما فقط للحفظ من الشمس، فهل يعتبر من التشبه بالكفار؟ أفيدونا من فضلكم وجزاكم الله بجنة الفردوس آمين.
2- مع الاسف الشديد الكثير من الناس يسيّدون بعضهم لبعضاً بمعنى سيدي فلان، أو للا فلانة، أو مولاي فلان فهذا حرام أليس كذلك؟ نرجو الإفادة وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تسألين عن حكم لبس القبعة للنساء، فلا يجوز إلا إذا كانت ساترة وليست من زي المشركين، وراجعي الفتوى رقم: 799، والفتوى رقم: 9621.
وإن كنت تسألين عن حكم لبس القبعة للرجال فلا حرج فيه إلا إذا كانت من زي المشركين؛ لما رواه مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها.
أما بالنسبة لسؤالك عن حكم المناداة بلفظ "يا سيد" أو "يا سيدي" فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 27822، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
29153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(20/85)
ينبغي للمصلي أن يكون على أحسن هيئة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الصلاة بالدشداشة بدون ملابس داخلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الدشداشة ساترة للعورة لا تشف عما تحتها، فلا بأس بالصلاة فيها، ولمعرفة عورة الرجل والمرأة في الصلاة تراجع الفتوى رقم: 10696.
ولكن ينبغي للمصلي أن يتجمل باللباس ويكون على أحسن هيئة في الصلاة، لقول الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] .
وانظر تتميماً للفائدة الفتوى رقم:
4186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1424(20/86)
حكم لبس الثوب المكتوب عليه لفظ الجلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
كنت أمارس العادة السرية لمدة طويله جداً وبعد أن هداني الله واتبعت صلاتي حدثت لي حادثة بسيطة جداً نتج عنها شيء غريب جداً جداً وهو عندما وقعت عندما كنت أصعد السلّم كتب لي في المكان الذي أصبت به على البنطلون كلمة (لله) في مربع أبيض وكأنها منقوشة وعندما رأيت هذه الكلمة بكيت كثيراً وكانت تحديداً قبل عيد الأضحى بثلاثة أيام، والسؤال: ما معنى هذا؟ وهل يجوز لي أن أرتدي هذا البنطال مرة أخرى علما بأنه يمكن أن أدخل به إلى المرحاض أو يحدث به جنابة أو إلى ذلك من الأمور فهل يجوز ارتداؤه أم لا؟ أرجو الإفادة للضرورة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعادة السرية محرمة وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3650.
فاحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة واسأله الثبات حتى تلقاه.
وأما ما ذكرته من شأن الحادثة التي وقعت لك، فلعل هذا تنبيه لك إلى ملازمة التوبة والاستقامة، وأما حكم لبس البنطلون أو الثياب المكتوب عليها لفظ الجلالة، فلا ينبغي لما في ذلك من تعريضها للامتهان والدخول بها في الأماكن غير اللائقة كأماكن الخلاء، فإن استطعت أن تصونها عن الامتهان فلا بأس بلبسها، وراجع الفتوى رقم:
10882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(20/87)
لا ينتفع بثوب فيه علامة الصليب حتى تزال
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
اشتريت حلة من دولة إسلامية عربية وهى مطرزة بالخيط العادى واكتشفت أن إحدى الرسومات تحت المرفق على شكل الصليب، ولا أدرى إن كان المقصود بها الصليب أم لا فهل ألبس هذه الحلة ثانية أم لا ألبسها؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلامة الصليب عند النصارى هي ما يشير إلى إنسان مصلوب فتكون من عمودين متقاطعين أحدهما رأسي والآخر عرضي، ويكون جزء العمود الرأسي من أعلى أقصر منه من الأسفل لكنها الآن كثيراً ما ترسم مستوية الأطراف كما هي علامة الصليب الأحمر الدولي.
وعليه فإذا كانت هذه العلامة موجودة في الملابس فلا يجوز لبسها على الصحيح من قول أهل العلم كما هو مبين في الفتوى رقم:
8015، والفتوى رقم: 19337.
وعليك أن تزيلها من الثياب بأي طريقة لينتفع بالثياب دون أن ترمى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1423(20/88)
صفة اللباس المنهي عنه شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس الملابس الرياضية لفرق أوربية من دون القصد بالتشبه بهم لأن هذا الزي يمثل الفريق ولا يمثل اللاعبين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لبس الملابس الرياضية التي تستر العورة لا مانع منها شرعاً ولو كانت لفرق غير مسلمة.
فما دام المسلم لا يقصد بذلك الموالاة والتشبه بالكفار فليس حراماً، والمنهي عنه اللباس أو الزي الذي يحمل شعار دين معين، ويمثل العلماء لذلك: بشد الزنار وهو الخاص بالرهبان، والقساوسة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن تشبه بقوم فهو منهم. رواه أحمد وأبو داود.
والأولى للمسلم أن يتميز عن الكفار في كل شيء، ولا يكون إمعة يقلد غيره في المظهر والمخبر.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: خالفوا المشركين. متفق عليه، وقال: خالفوا المجوس. رواه مسلم، وقال: خالفوا اليهود. رواه أبو داود.
والحاصل: أن الأصل في اللباس الإباحة وأنه لا مانع من لبس ملابس الرياضة ما لم يقصد بها التشبه، أو لم تكن ساترة للعورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(20/89)
ضابط اللباس خلوه من الإسراف والمخيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم لبس الأزارير (تركيبة) في الثوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأزرار في الثوب إذا لم تكن من الذهب أو الفضة فلا مانع من استعمالها ما لم يكن فيها إسراف أو تبذير أو مخيلة..
ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة" وكان ابن عباس يقول: كل ما شئت، والبس ما شئت ما اخطأتك اثنتان: إسراف أو مخيلة.
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه، وذهباً فجعله في شماله ثم قال: " إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها " رواه أبو داود والترمذي
وبخصوص هذا النوع من الأزرار التركيبية الذي ذكره السائل الكريم فلا نعرفه، ولكن الضابط في الحكم هو ما في الحديثين المذكورين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1423(20/90)
حكم المتاجرة بألبسة فيها تصاوير والبنطلونات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو رأي الشرع في تجارة الألبسة التي تستعملها النساء المتبرجات، حتى وإن أصبحت هذه المظاهر غير مستنكرة لدى أغلب الناس. وكذا الألبسة الرجالية التي حرمها بعض العلماء كالبنطلون.
وكذا الألبسة التي تحمل رموزاً وتصاوير، ونذكر هنا أن رمزاً مثل FILA إذا بأسفل حذاء يعكس كلمة إله على الأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم بيع الألبسة الفاتنة التي تلبسها النساء في فتوى سابقة برقم:
13364 فليراجع.
وأما البنطلون للرجال فيجوز بيعه لأنه ليس حراماً عليهم إذ لم يعد من خصائص الكفار حتى يكون لابسه من المتشبه بهم، وهذا إذا لم يكن شفافاً واصفاً للبشرة، أو ضيقاً محدداً للعورة.
وأما ما فيه التصاوير فإن كانت صوراً لما فيه روح فلا يجوز بيعها لورود النصوص النبوية الكثيرة في المنع من التصوير، والوعيد عليه بالنار.
وأما الرمز الذي ذكره السائل وزعم أنه يعكس كلمة إله على الأرض فلم يظهر لنا ذلك، ولا ينبغي أن يقع المسلم أسيراً للأوهام فيحرم الحلال بناءً على أوهامه، ولكن إذا وجد ما يتضمن إساءة إلى الذات الالهية من استهانة أو استهزاء أو سب أو ما شابه ذلك فإن ذلك لا يجوز بيعه، والرضى به كفر. نسأل الله االعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(20/91)
الهدي النبوي في اللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة ارتداء ملابس معينة؟ أرجو ذكر ذلك مع الدليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على استحباب لبس الأبيض من الثياب، لما رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي، وصححه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خيركم ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم".
وروى أحمد والنسائي والترمذي، وصححه ابن حجر عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البسوا ثياب البياض، فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم".
قال الشوكاني -رحمه الله-: وأما كونه أطيب، فظاهر، وأما كونه أطهر، فلأن أدنى شيء يقع عليه يظهر، فيغسل إذا كان من جنس النجاسة، فيكون نقياً، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في دعائه: "ونقني من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس".
ونقل عن عمر استحباب لبس الأبيض لقارئ القرآن.
وذهب بعض الفقهاء إلى استحباب لبس الأخضر، لأنه لباس أهل الجنة، كما ذكر في آيات كثيرة منها قوله تعالى: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) [الإنسان:21] .
ولما رواه أبو داود والترمذي وحسنه عن أبي رمثة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران.
وروى الطبراني في الأوسط وابن السني وأبو نعيم في الطب والبزار والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الألباني عن أنس رضي الله عنه قال: كان أحب الألوان إليه - أي رسول الله - الخضرة.
قال الشوكاني -رحمه الله-: ويدل على استحباب لبس الأخضر، لأنه لباس أهل الجنة، وهو أيضاً من أنفع الألوان للأبصار، ومن أجملها في أعين الناظرين.
وكذلك استحب جماعة لباس الحبرة، وهي ثياب من كتان أو قطن محبرة أي مزينة، لأن التحبير هو: التزيين والتحسين.
ودليل الاستحباب ما رواه البخاري ومسلم عن قتادة قال: قلت لأنس بن مالك أي اللباس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: الحبرة.
قال النووي في شرح مسلم: فيه دليل لاستحباب لباس الحبرة، وجواز لباس المخطط، وهو مجمع عليه.
وقالت أم سلمة: كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص. رواه أبو داود والترمذي، ووجه استحبابه، لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار.
ويباح للإنسان أن يلبس ما شاء من الثياب، لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [البقرة:29] .
ويجتنب الآتي:
1/ لبس ما نص الشرع على تحريمه كالحرير للرجال، أو ما فيه تصاوير ذوات الأرواح، ويستوي في هذا الرجال والنساء.
2/ لبس ما يشف أو يصف الجسم، كالرقيق والضيق.
3/ لبس الرجل ما فيه تشبه بالنساء، والعكس.
4/ لبس ما فيه تشبه بالكفار، وذلك بلباس الثياب الخاصة بهم.
5/ لبس ثوب الشهرة، وهو الذي يخالف عادة الناس وعرفهم في اللباس في ذلك البلد.
وما سوى ذلك، فالأصل الحل مهما كانت المادة التي صنع منها، وبأي لون كان؛ إلا ما ورد النهي عنه إما نهي تحريم كما سبق مثاله في الحرير، أو نهي كراهة كلبس الأحمر، وخصه بعضهم بالأحمر الخالص.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 16909، والفتوى رقم: 3442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(20/92)
معنى كف الثوب وحكمة النهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مفهوم كف الثوب في الصلاة حسب واقعنا اليوم في الثياب المعروفة أو القمصان المعروفة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أسجد على سبعة، لا أكف شعراً، ولا ثوباً.
وقد سبق الجواب عن حكم كف الثوب في الصلاة، في الفتوى رقم:
17710.
وليعلم أن النهي عن الكف هنا يشمل كفه في أثناء الصلاة، وكفه قبلها، قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: ويكره له أيضاً عقص شعره وكف ثوبه، وتشمير كمه، ولو لعمل قبل الصلاة. انتهى
والمقصود بكف الثوب، هو ضمه عند الركوع أو السجود، وكذلك شد وسطه بشيء يجعل ثوبه لا يلمس الأرض، وكذلك تشمير كمه، لأن تشمير الكم وكف الثوب وعقص الشعر يمنعه من السجود معه.
قال في المنهاج: وحكمته منع ذلك من السجود معه. انتهى
لأن بعض الناس يفعل ذلك كبراً، قال في العناية شرح الهداية: ولا يكف ثوبه، لأنه نوع تجبُّر. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(20/93)
حكم لبس المرأةالملابس المشتركة بين الرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك الآن بعض الملابس المشتركة بين الرجال والنساء ولا فرق بينها مثل (التي شيرت) و (الجزم والملابس الرياضية - التريننج) و (البنطلون الجينز) فهل لبس هذه الملابس للمرأة في المنزل أو تحت عباءة فيه تشبه بالرجال وحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تلبس الملابس التي اختص بها الرجال، لما في ذلك من التشبه المنهي عنه.
أما الملابس التي صارت مشتركة بين الرجال والنساء، فلا مانع للمرأة من لبسها بشروط يمكن التعرف عليها بمراجعة الجواب رقم: 3982، والجواب رقم: 5521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(20/94)
الملابس الشفافة هل لها صفة اللباس الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل موظفة في شركة ومتحجبة وأرتدي الجوارب النسائية الشفافة ولكن في فصل الصيف لا أحتمل الجوراب ورائحة العرق هل من الضروي لبسها في الصيف؟ مع العلم أن الشرع لا يمنع من أن يكشف عن الوجه والكفين والرجلين يعني هل حرام لو اأرتديت الحذاء في فصل الصيف بدون جوراب خصوصاً وأني أعمل في مكان به رجال؟
أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم عمل المرأة في جواب سابق برقم: 5181 فليراجع.
كما تقدم أيضاً الجواب عن حكم كشف اليدين من المرأة أمام الأجانب في جواب برقم: 648.
وأما حكم ستر الرجلين فقد تقدم أيضاً برقم: 5777، ونزيد هنا أن بيان ستر الرجلين بالملابس الشفافة التي تصف ما تحتها ليس ستراً شرعياً، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره أنه قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما: نساء كاسيات عاريات ... " الحديث.
فوصفهن بأنهن كاسيات عاريات في آن واحد، والمعنى أن المرأة منهن تلبس شيئاً يشف عما تحته.
وأما كشف وجه المرأة أو تغطيته، فقد تقدم الجواب عنه برقم: 1111 فليراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1423(20/95)
معنى "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الحديث التالي: (كل مسبل في النار) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم حديثاً بلفظ: "كل مسبل في النار".
وإنما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إزرة المؤمن من إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه ما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين في النار، يقول ثلاثاً: لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي سعيد.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما أسفل من الكعبين من الإزار، ففي النار" رواه البخاري عن أبي هريرة.
قال الخطابي في معنى الحديث: يريد أن الموضع الذي يناله الإزار من أسفل الكعبين في النار، فكنى بالثوب عن بدن لابسه، ومعناه أن الذي دون الكعبين من القدم يعذب عقوبة، وحاصله أنه من تسمية الشيء باسم ما جاوره أو حل فيه. انتهى
وأخرج عبد الرزاق عن عبد العزيز بن أبي رواد أن نافعاً سئل عن ذلك؟ فقال: وما ذنب الثياب، بل هو من القدمين.
ولا مانع من حمل الحديث على ظاهره، بأن تكون ثياب المسبل في النار هي أيضاً، لما رواه الطبراني عن ابن عمر قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم أسبلت إزاري. فقال: "يا ابن عمر كل شيء يمس الأرض من الثياب في النار". وروى أحمد مثله.
قال ابن حجر: فعلى هذا لا مانع من حمل الحديث على ظاهره، ويكون من وادي: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء:98] .
أو يكون في الوعيد لما وقعت به المعصية إشارة إلى أن الذي يتعاطى المعصية أحق بذلك. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1423(20/96)
مخالفة عرف البلاد في اللباس ... رؤية اجتماعية شرعية أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عيكم ورحمة الله أما بعد:
ما حكم من يخالف عرف البلاد التي يسكن فيها كاللباس الأفغاني للنساء والرجال وهل مخالفة العرف حرام مع العلم أن الزي المغربي فيه المواصفات الشرعية؟
وجزاكم لله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأعراف والعادات والتقاليد في اللباس وغيره لها حالات، ولكل حالة حكمها:
الحالة الأولى: أن توافق هذه العادات الشرع بمعنى أنه يأمر بها، فعندئذٍ يتأكد الأخذ بها والعمل بمقتضاها.
الحالة الثانية: أن تخالف الشرع، وعندئذٍ لا يجوز الأخذ بها ولا العمل بمقتضاها، وقد كان حجة المشركين في رد الحق قولهم: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف:23] . وقولهم: (قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ... ) [لقمان:21] .
الحالة الثالثة: ألا توافق الشرع ولا تخالفه بمعنى أنها مسكوت عنها، وعندئذٍ يشرع موافقتها، لأن الله يقول: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) [الأعراف: 199] .
وما سمي المعروف معروفاً إلا أنه متعارف عليه بين الناس، وقد كان صلى الله عليه وسلم يوافق عادة العرب في لبسه، وكثير من أمور حياته ما لم تخالف الشرع، ومن القواعد الفقهية الكبرى التي ذكرها الفقهاء قاعدة (العادة محكمة) ومن المعلوم أن العلماء كانوا يأمرون بالمحافظة على المروءة، بل عدها أكثر علماء الحديث شرطاً في قبول رواية الراوي، كما عدها كثير من الفقهاء في قبول شهادة الشاهد والمروءة هي: ترك ما يذم عرفاً.
فالخلاصة: أنه يشرع لكل أهل بلد أن يلبسوا ما تعارف عليه الناس في نفس البلد، ويكره لهم مخالفته، بل قد يحرم، وذلك إذا وصل إلى حد يكون به لباس شهرة، ففي سنن ابن ماجه وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة".
وثوب الشهرة هو الثوب الذي يلبسه الشخص ويخالف فيه الناس ليشتهر بينهم ويتميز عليهم، قال ابن الأثير: المراد أن يعرف به ويشتهر بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم، فيرفع الناس إليه أبصارهم، ويختال عليهم بالعجب والتكبر. أ. هـ.
وقال صاحب عون المعبود: الحديث يدل على تحريم لبس ثوب الشهرة، وليس هذا مختصاً بنفس الثياب، بل قد يحصل ذلك لمن يلبس ثوباً يخالف ملبوس الناس من الفقراء ليراه الناس فيتعجبوا من لباسه، قاله: ابن رسلان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(20/97)
حكم رفع الإزار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع الإزار؟ هل يعتبر جهاز الكمبيوتر ملهيا عن ذكر الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..... وبعد:
إسبال الازار بحيث يكون تحت الكعبين سواء كان الإزار ثوباً أو سراويل أو بنطالاً حرام ولا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أسفل من الكعبين من الازار في النار) رواه البخاري. وأخرج مسلم في صحيحه قوله عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وذكر منهم المسبل إزاره) . والأحاديث في هذا الباب كثيرة. فعلى المسلم أن يلتزم بالهدي النبوي فهو خير له في الدنيا والآخرة. وقد كان الصحابة يتواصون بهذا الأمر فقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه دخل عليه شاب وهو في مرض موته فقال له عمر: (أرفع ثوبك فإنه أتقى لثوبك وأرضى لربك) . وأما ما يسمى بالكمبيوتر فهو جهاز يستخدم في الخبر وقد يستخدم في الشر واستخدامه في الشر شر كله واستخدامه في الخير خير. إن ضبط ذل الاستخدام بضوابط الشرع فلا يؤدي إلى إضاعة صلاة ولا فواتها في جماعة ولا إضاعة حقوق والدين أو زوجة أو أولاد وأن لا يؤدي إلى الانقطاع عن قراءة القرآن وحلق العلم النافع ومجالس الذكر وصلة الأرحام.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/98)
حكم لبس الرجل سروالا قصيرا من الحرير الصناعي
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتفصيل (شورت) من قماش ملون ناعم من الحرير الصناعي بتفصيل على النمط الرجالي من أجل لبسه داخل غرفة النوم. فهل في هذا حرام أو شبهة؟ أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 7829، أن الحرير الصناعي لا يأخذ حكم الحرير الطبيعي؛ ولذلك فلا حرج إن شاء الله تعالى في لبسه داخل البيت أو خارجه.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 36376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(20/99)
قواعد في لباس الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتداء بنطلون الجينز والتيشرت والقميص والبدلة أوأي لباس آخر ـ غير الجلباب ـ حرام؟ وهل لابد أن لا يتعدى طوله الكعبين؟ وهل هناك ألوان مكروهة؟ وهل لابد من أن يكون الثوب قصيرا لا يتعدى الكعبين أثناء الصلاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في اللباس وغيره من أمور العادات هو الإباحة فلا يحرم منها إلا ما قام الدليل على تحريمه، ومن ثم فأنواع الثياب التي ذكرتها ليس لبسها محرما، ولا يجب لبس القميص الطويل الذي سميته أنت جلبابا وإن كان من أحسن الثياب، لكونه كان من أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: أما لبس البنطلون والبدلة وأمثالهما من اللباس: فالأصل في أنواع اللباس الإِباحة، لأنه من أمور العادات، قال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ {الأعرَاف: 32} .
ويستثنى من ذلك: ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة، لكونه شفافاً. انتهى.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 69445، وينبغي أن يكون البنطلون واسعا فضفاضا لا يصف حجم العورة، وبخاصة إذا أريدت الصلاة فيه، لأن الصلاة في الثياب الضيقة مكروهة، وانظر الفتوى رقم: 4186، ولا يكره شيء من الألوان في الثياب، لما قدمنا من أن الأصل الإباحة، وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة اللون الأحمر للرجال، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 35661 ولكن يجب مراعاة الضوابط العامة في الثياب من كون الثياب لا تشبه ثياب النساء ولا تشبه ثياب الكفار المختصة بهم وأن لا تكون ثياب شهرة ونحو ذلك من الضوابط.
وأما الإسبال وإطالة الثوب أسفل من الكعبين، فالراجح عندنا تحريمه مطلقا، وإن كان كثير من أهل العلم ذهبوا إلى كراهته فقط إذا لم يكن الإسبال عن خيلاء، وانظر تفصيل القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 21266، ولا فرق في المنع من الإسبال بين الصلاة وغيرها، وحال الصلاة أولى بالامتناع عن الإسبال، وقد ورد في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمر مسبلا بإعادة الصلاة وعلل ذلك بأن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل. صححه النووي في رياض الصالحين، وضعفه الألباني، وانظر الفتوى رقم: 1633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1430(20/100)
الإسبال يتناول جميع أنواع اللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك حديث للنبي الأكرم حول تحريم إسبال الثوب تحت الكعبين وكل ملابس اليوم تقريبا من بنطلونات وبدلات رسمية وجينز تصل إلى ما تحت أو مستوى الكعبين. فهل نأثم للبسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت عدة أحاديث تفيد النهي عن إسبال الثياب والوعيد عليه، ومن ذلك حديث البخاري: ما أسفل الكعبين ففي النار.
وهو يتناول جميع أنواع اللباس؛ لما في الحديث: الإسبال في الإزار والقميص والعمامة: من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. رواه أبو داود.
وأما ما سوى الكعبين فهو مباح؛ لما في الحديث: أزرة المومن إلى نصف الساق، ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين. رواه أبو داود.
واختلف العلماء في تحريم الإسبال هل هو مقيد بالخيلاء أم مطلقا؟ الأكثر على أنه مقيد بالخيلاء، وراجع تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 21266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(20/101)
حكم لبس الرجل الثياب المطرزة بتطريز ملون
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الثياب الجديدة التي تعرض حالياً في معرض سندي في جده، مع العلم أنها تحتوي على تطريز بيضاء في ثياب بيضاء، وثياب ملونة بلونين لون خاص بالتطريز واللون الثاني هو الأساسي أو الكلي، وهذه التطريزات قريبة كل القرب من مثيلاتها في ثياب النساء؟ وأتمنى من فضيلتكم الاطلاع عليها فهي منشورة في بعض المنتديات تحت مسمى ثياب سندي ولها موديلات كثيرة. أتمنى من فضيلتكم الإجابة لما فيها من تلبس علينا في قضية التشبه بالنساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد وجود التطريز في الثياب أو الاشتراك في لون ما أو صفة لا يصل إلى درجة التشبه بالنساء ما دام الثوب المطرز من ثياب الرجال.
وأما لبس الملابس الخاصة بالنساء للرجال أو العكس فهو ممنوع؛ لما في الحديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل. رواه أبو داود وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(20/102)
الحد الشرعي في طول الثوب واللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ، ما هو رأيك في قضية النصف ساق، وتربية اللحية وعدم إنقاصها أو حلقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل يقصد بقضية النصف ساق، تقصير الملابس إلى نصف الساق، فنقول وبالله التوفيق:
في هذه المسألة تفصيل: فالملابس لا تخلو من أن تكون: إزارا أو ثوبا أو ما يشبه أحد ذلك.
فالقدْرِ المستحبِّ فيما ينزل من طرف الإزار إلى الساق فيه ثلاث سُننٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم جمعها في حديث واحد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى عَضَلَةِ سَاقَيْهِ ثُمَّ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ ثُمَّ إِلَى كَعْبَيْهِ فَمَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّارِ. رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
وعضلة السَّاقين أَعلى من أَنصاف الساقين بقليل و (العَضَلَةُ) بفتحات: كُلُّ عَصَبَةٍ معها لحمٌ غليظ، وَوَسطُهَا يعلو نصف السَّاق بقليل.
وهذا الحديث الصحيح صريح بأَن كل المواضع الثلاثة في حد الإِزار طولاً يطلق عليه: إِزرة المؤمن. ومندوب إليها وهذا مِنَ التَوْسِعَةِ لهذه الأُمَّةِ، وَتَنوُّعِ العباداتِ من جنسٍ واحد.
وهذا الحديث ونحوه ورد في الإزار، فهل يأخذ الثوب حكم الإزار فيستحب تقصيره إلى عضلة الساق أو نصفه أيضا؟ أجاب على هذا السؤال العلامة بكر أبو زيد رحمه الله فقال: وإِذا تبينت هذه المواضع الثلاثة، فاعلم أَنَّها سُنَّةٌ في: (الإِزار) أَمَّا في (الثوب) أَي: (القميص) فَنَصِيبُهُ منها السُّنة الثالثة، وهي: من تحت نصف الساق إِلى الكعبين … ولهذا لما قال البهُوتي الحنبلي – رحمه الله تعالى -: (ويُكره كون ثيابه فوق نصف ساقه) قال ابن قاسم رحمه الله تعالى في (حاشيته) : (لأن ما فوقه مجلبةٌ لانكشاف العورة غالباً، وإِشهارٌ لنفسه، ويتأذَّى الساقان بحرٍ أَو برد، فينبغي كونهُ من نصفه إِلى الكعب؛ لبُعْدِهِ من النَّجاسةِ والزهوِ والإِعجابِ. انتهى.
قال السفاريني – رحمه الله تعالى - في غذاء الأَلباب: وقال أَبو بكر عبد العزيز – أَي: غلام الخلال -: يُستحب أَن يكون قميص الرجل إِلى الكعبين، وإِلى شراك النعل. انتهى.
ولهذا فَلاَ يُسَنُّ تقصيرُ الثوب إِلى عضلة الساق, ولا إِلى نصف الساق, وهذا بخلاف الإِزار, إِضافة إِلى أن حُسن الهيئة مطلب شرعي, فالإِزار إِلى عضلة الساق, أَو نصفه, مع الرداء, لباس في غاية التناسب, وحُسن اللبسة, وفي (الثوب) ليس كذلك, مع تأديته إلى كشف العورة. والله سبحانه قد أَمرَ بقدرٍ زائدٍ في الصلاة على ستر العورة. وهو: أَخذ الزينة, فقال سبحانه: يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ. {الأعراف: 31} .
فَعَلَّق الأَمَر باسم الزينة لاَ بِسَتْرِ العورة, إِيذاناً بأَن العبدَ ينبغي له أَن يلبسَ أَزيَنَ ثيابه وأَجْمَلَهَا في الصلاةِ, للوقوفِ بينَ يديه تباركَ وتعالى والتذللِ له, والخضوع لجلاله.
ولهذا والله أَعلم فإِنَّ أَلفاظ الروايات بجعل الإِزار إِلى عضلة الساقين أَو إِلى أَنصاف الساقين, كلها بلفظ: (الإِزار) ولم أَقف على شيء منها بلفظ: (الثوب) , فَلْنَقِفْ بالنَّص على لفظه, ومورده, وأَما فيما تحت نصف الساق ففي بعض أَلفاظها إِطلاقٌ, يشملُ الإِزار, والثوب وغيرهما.
وهذه الحدودُ الثلاثةُ الشرعيةُ لموضع طول (الإِزار) , والحدُّ الشرعيُّ لموضعِ طول (الثوب) تَعْنِي التَشْمِيرَ, المستحبَّ شَرْعاً. انتهى باختصار من رسالة: حَدُّ الثََّوبِ وَالأُزْرَة وتَحْرِيمُ الإِسْبَالِ وَلِبَاس الشُّهْرَة. للشيخ بكر أبو زيد ويراجع تمام كلامه لنفاسته.
وأما إسبال الملابس حتى تجاوز الكعبين فقد بينا حكمه وأحواله في الفتوى رقم: 5943 فراجعها.
وأما عن توفير اللحية فإنه واجب ويحرم حلقها أو أخذ شيء منها على الصحيح من مذاهب العلماء اللهم إلا ما زاد على القبضة منها، وقد بينا هذا بأدلته في الفتويين: 2711، 263. فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(20/103)
لا يجوز إسبال الثوب إلى ما تحت الكعبين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تقصير الثوب إلى تحت الكعبين بقليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم إسبال ثوبه أو إزاره إلى ما تحت الكعبين، وذلك لما رواه البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتويين: 15431، 31463. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(20/104)
لباس المشايخ يختلف باختلاف أزمنتهم وأحوالهم وبلدانهم.
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى المشايخ معظمهم يرتدون الجلباب والغطرة فهل هذا الزي واجب على كل المسلمين ارتداؤه أو أنه سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في اللباس ما هو واجب شرعا أو سنة متبعة، ولذك فينبغي للمسلم أن يلبس لباس قومه وأهل بيئته ما دام ليس فيه نهي شرعي، كلباس الشهرة والإسبال والحرير بالنسبة للرجال، ولهذا فإن لباس المشايخ يختلف باختلاف أزمنتهم وأحوالهم وبلدانهم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 66769، 106788، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(20/105)
تغطية الكعبين ليست داخلة في وعيد الإسبال
[السُّؤَالُ]
ـ[علما أن الإسبال محرم مطلقا فأود أن أعرف موضع السروال المسموح به. الإشكالية هي هل يجوز تغطية الكعب بحيث يصبح السروال موازيا له ودون أن يكون تحته؟ أم يجب أن يكون فوقه؟ الحديث النبوي ينص على أن ما تحت الكعبين هو المخصوص بالوعيد، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ما تحت الكعبين من الإزار في النار، كما أنه يقول: لا حق للكعبين في الإزار، وكما جاء في كتاب اللباس للترمذي: هذا موضع الإزار، فإن أبيت فأسفل، فإن أبيت فلا حق للإزار فيما دون الكعبين. والتعارض واضح في هذه الأحاديث فيما إذا كان الكعبان داخلين في الوعيد أم لا. فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم إسبال الثياب واختلاف أهل العلم في كون التحريم للخيلاء فقط أو مع غير الخيلاء، انظر تفاصيل ذلك وأقوال أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 5943، بخصوص الكعبين نفسهما فالظاهر- والله أعلم- أن تغطيتهما لا حرج فيها، وأن النهي والوعيد هو على تغطية ما أسفل منهما لقوله صلى الله عليه وسلم: ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار. أخرجه البخاري وغيره.
وفي رواية لأحمد صححها الأرناؤوط: فإن أبيت فلا حق للإزار فيما دون الكعبين، وفي رواية: فلا حق للإزار فيما أسفل من الكعبين، وفي رواية.. إلى الكعبين لا خير فيما أسفل من ذلك، صححه الألباني، وللطبراني من حديث ابن عباس: رفعه كل شيء جاوز الكعبين.. وقد قال النووي.. الإسبال تحت الكعبين..
وهذا تفسير من أهل الاختصاص بأن الإسبال المحرم هو تطويل الثوب وإرساله إلى ما تحت الكعبين، وبالنظر إلى تفسيرهم لأحاديث هذا الباب نجد أنهم لم يمنعوا تغطية الكعبين، وإنما منعوا ما تحتهما وهو ما يرجح رواية: ما تحت الكعبين.. كما يرجحها رواية: ما أسفل من الكعبين.. التي في صحيح البخاري وهي مطابقة لها في المعنى.
وأما رواية: لا حق للكعبين في الإزار، وإن كانت صحيحة فإنها ليست في الصحيحين ولا في أحدهما.
ومن المعلوم في محله عند أهل الأصول أن ما في الصحيحين أو في أحدهما يكون أرجح مما في غيرهما فيقوى به عند التعارض وتعذر الجمع.
قال صاحب المراقي:
وكونه أودع في الصحيح * لمسلم والشيخ ذي الترجيح.
قال شراحه: يعني أنه يقدم الخبر المودع في الصحيحين أو في أحدهما على الخبر المودع في غيرهما، لأن ما فيهما أو في أحدهما أصح مما في غيرهما لتلقي الأمة لهما بالقبول.
وأما رواية: فلا حق للإزار.. فلا تعارض بينها وبين الرواية الراجحة.
والحاصل أنه لا حرج في تغطية الكعبين- إن شاء الله تعالى- ما لم يتجاوزهما الملبوس.
ثم إن النهي عن الإسبال يتناول كل ما يلبسه الرجل سروالا كان أو غيره، ولا يقتصر التحريم على الإزار أو القميص.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 31463 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(20/106)
حكم لبس الرجل ملابس أسفل الكعبين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أنه حرام أن تتعدى ملابسي أسفل الكعب، ولكن بدون قصد وهذا خارج عن إرادتي، فإن ملابسي الكثير منها هكذا حتى وأنا أصلي، ولا أستطيع أن أقصرها وإلا سوف أفقدها.
فكيف أتصرف في ذلك وما حكم ذلك؟ مع العلم أني لا أتعمد هذا، ولكن هذا ناتج عن أن وزنى ثقيل ولا أجد مقاسي في الملابس غير ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان التفصيل في حكم من يجر ملابسه لغير خيلاء في الفتوى رقم: 5943، والفتوى رقم: 21266.
وأما التصرف المناسب لحل المشكلة فهو أن تفصل ملابس على قدر حاجتك، أو أن تشتري ملابس عادية ثم تطلب من الخياط تقصيرها حتى تكون في حدود الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(20/107)
حكم إسبال البنطال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب إسبال الملبس مع الجلباب والبنطلون أيضا؟ فأنا أعمل في مجتمع مدني ولا أرتدي الجلباب بالمرة
وطول البنطلون طبيعي بحيث إنه ليس طويلا بابتذال ولا قصيرا فيلفت النظر، فأنا لا أفعل ذلك تكبرا لأن طبيعة ارتداء البنطالون على شكله الطبيعي الذي يراه الجميع في الشوارع، ومع العلم أن البنطلون يرفعه الحذاء ويمكن التحكم في محيطه لأنه على الساق، ويمكن التحكم فيه وقليل الاتساخ بعكس الجلباب الذي محيطه الجسم ككل ولا يمكن التحكم فيه ويتسخ بسرعة.
فالمسلم يجب أن يكون انعكاسا جيدا للمسلم أمام الجميع شكلا وموضوعا، بالذات ونحن نعيش مع بعض الفئات التي تترصد لكل ما هو مسلم أي اختلال للتعليق بأي شكل ممكن.
فما رأي الدين في إسبال الملبس في ظل ما أشرت إليه سابقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال يشتمل على شيء من الغموض، ولعل قول السائل: هل يجب إسبال الملبس. هو سبق قلم منك، وتريد أن تقول: هل يجب ترك الإسبال؟ إذ الواجب على الرجل ترك الإسبال، وراجع الفتوى رقم: 3900.
ثم إن لبس البنطال بضوابطه الشرعية لا حرج فيه، وإن كان لبس القميص أولى كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 70781، 8788.
والإسلام يدعو إلى النظافة والجمال. قال عليه الصلاة والسلام: إن الله جميل يحب الجمال. رواه مسلم.
إلا أن ميزان الجمال هو موافقة الشرع.
كما أن إسبال البنطال وغيره مختلف فيه بين أهل العلم. وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الفتويين رقم: 5943، 21266.
وقد سبق في الفتوى رقم: 1633. بيان أن البنطال وغيره في ذلك سواء.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 15082
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(20/108)
مقياس الجمال والقبح في اللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم إطالة البنطلون بشكله الطبيعي، هل هو حرام أم غير مستحب أم ليس فيه شيء؟ علما بأني أشتري ملابسي بشكلها العادي لأني لا أحب الابتذال والحمد لله في الملابس. لكن سؤالي عن شيء مثل البدلة عندما أقص البنطلون فوق العظمتين لن يكون الشكل العام جيدا أمام الجميع بالذات غير المسلمين أو المسلمين أصحاب الأراء البعيدة عن الصحة، وتتحجج بأمور كتلك وهو ما يتنافى أيضا مع هيئة المسلم التي يجب أن يكون عليها من هندام وأناقة، فعلى حد علمي القليل سمعت نصوص دينية فيما معناها تقول أن الله يحب كل جميل وطاهر ونظيف، وأوضح هنا ليس كلامي بقصد الجدال لكني أشرح شيئا أشعر فيه أن من رد على الفتوى السابقة أني لم أستطع أن أوصل له كلامي بشكل جيد، الخلاصة: مقصدي أن طول البنطلون بصفة خاصة يكون في شكله العادي وليس مبالغا فيه بالتقصير أو التطويل، بالإضافة أن الحذاء نفسه لو كان بالملابس طول زائد فهو يرفعه وليس في نيتي شيء من الخيلاء أو شيء من قبيل التكبر. وهل اختلاف الوضع العملي للجلباب عن البنطلون لأن البنطلون محيط على كل قدم على حده بعكس الجلباب الذي محيطة الجسم ككل ولا أستطيع التحكم فيه فيجمع الاتساخات بسرعة يؤثر في حكم قضية الإسبال، وهل عدم وجود البنطلون أيام الرسول صلى الله عليه وسلم كان سينطبق عليه نفس حكم الجلباب، لذا أرجو أن توضحوا لي الأمر بالتفصيل أفادكم الله؟
وجزاكم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت الشريعة بأحكام اللباس وفيها كثير من التفصيل من حيث القدر الواجب ستره، والمستحب من اللباس، والمحرم، والمكروه، والمباح، كل ذلك في دائرة قاعدة الشرع المطهر: الاعتدال والوسطية في جميع موارده، ومصادره وأوامره ونواهيه، ومنها اللباس.
وبالنسبة لحكم إسبال البنطال فإنه لا فرق بينه وبين إسبال القميص والإزار، والعلماء مختلفون فيه وجمهورهم على أنه مكروه بدون خيلاء، وذهب البعض إلى حرمته، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية وما أحيل عليها فيها: 1633، 5943، 12984، 31463، 44520، 71556، 71633.
والذي أخبرنا بأن الله يحب الجمال كما في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال. رواه مسلم. هو الذي أخبرنا أن الله يحكم تحريماً أو كراهة الإسبال، فيجب أن يكون مقياس الجمال والقبح هو المقياس الشرعي وليس أهواء المسلمين أو غير المسلمين، والواجب هو إعمال جميع النصوص الشرعية فنحب الجمال والنظافة في ضوء النصوص الشرعية، وننصح بمراجعة رسالة الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: حد الثوب والأزرة وتحريم الإسبال ولباس الشهرة. وقد بين فيها باستفاضة مفاسد الإسبال ولو لغير الخيلاء، وجمع بين الأدلة بما لا مزيد عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(20/109)
من حكم تقصير ثوب الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من لبس القصير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يقصد الحكمة من تقصير الثوب إلى منتصف الساق أو إلى ما فوق الكعبين ... فالحكمة هي أن إطالته إلى ما تحت الكعبين من الخيلاء أو سبب فيه، ومن ثم كان تقصير الثوب أتقى لله وأنقى للثوب، ومن هنا قال عمر رضي الله عنه لذلك الشاب الذي رآه مسبلاً ثوبه: ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك. رواه البخاري.
مع العلم بأنه ليس كل حكم معللا أو له علة ظاهرة، والحكمة العامة في جميع أحكام الشرع هي أن هذا قضى به الشرع، فقد روى البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية ولكني أسأل، قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. فنبهتها إلى أن هذا حكم الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1430(20/110)
حكم تفصيل الخياط لثوب يجاوز الكعبين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في فتح محل تفصيل خياطة رجالية تسمى عندنا جلابيبة وفي الخليج بالثوب فهل يلزمني عدم تفصيل أي ثوب أسفل الكعبين علماً بأنه يحضر بعض الزبائن وعند أخذ مقاس الخياطة يرغب في أن يكون الثوب أسفل الكعبين، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحب الثوب الذي يريد من الخياط تنزيله عن الكعبين أو جره يفعل ذلك خيلاء، فيحرم على الخياط إعانته على ذلك لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، وكذلك إذا لم يكن يفعله على وجه الخيلاء على الراجح من أقوال أهل العلم.
وبناء على ذلك فإنه لا يجوز للخياط النزول عند رغبة الزبون بتنزيل ثوبه أسفل من الكعبين ولو لم يقصد به الخيلاء، إلا إذا كان يريده لغيره ممن هو أطول منه. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا كان لغير الخيلاء لا حرج فيه، ولكن الراجح ما قدمنا، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 42035 وما أحيل عليه فيها.. وسبق بيان حكم الإسبال بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 5943، والفتوى رقم: 26639.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(20/111)
جواب شبهة حول تحريم الحرير على الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول أحد عوام الناس إن لبس الحرير مكروه وليس حراما ويستدل بالشوكاني رحمه الله ويقول إن النبي خرج وعليه ديباج مستدل بهذا الحديث (بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية فهو يقسمها فاذهب بنا إليه فذهبنا فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم في منزله فقال لي يا بني ادع لي النبي صلى الله عليه وسلم فأعظمت ذلك فقلت أدعو لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال يا بني إنه ليس بجبار فدعوته فخرج وعليه قباء من ديباج مزرر بالذهب فقال (يا مخرمة هذا خبأناه لك) ، فأعطاه إياه فيقول إن النبي خرج وعليه ديباج وبالتالي فهو يدل على أنه مباح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لبس الحرير حرام على ذكور هذه الأمة على لسان نبيها صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم. وصححه غير واحد من أهل العلم. قال الترمذي في سننه: وفي الباب عن عمر وعلي وعقبة بن عامر وأنس وحذيفة وأم هانئ وعبد الله بن عمرو وعمران بن حصين وعبد الله بن الزبير وجابر أبي ريحان وابن عمر وواثلة بن الأسقع.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ومن الحرام لبس الحرير والذهب مثلاً بالنسبة للرجال ولو بحائل بينه وبين بدنه، ما لم يدع إلى لبسه ضرورة، أو مرض كحكة به فيلبس الحرير لذلك، لما روي عن علي رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حريراً فجعله في يمينه، وذهباً فجعله في شماله، فقال: إن هذين حرام على ذكور أمتي. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم. وهذا ما عليه عامة الفقهاء.
وأما الحديث المذكور فحديث صحيح رواه البخاري ولكن أهل العلم أجابوا عنه بعدة إجابات؛ منها: أن ذلك كان قبل التحريم ... قال الحافظ في الفتح: فخرج وعليه قباء من ديباج مزرر بالذهب: هذا يحتمل أن يكون وقع قبل التحريم، فلما وقع تحريم الحرير والذهب على الرجال لم يبق في هذا حجة لمن يبيح شيئاً من ذلك، ويحتمل أن يكون بعد التحريم فيكون أعطاه لينتفع به بأن يكسوه النساء أو ليبيعه كما وقع لغيره، ويكون معنى قوله فخرج وعليه قباء أي على يده فيكون من إطلاق الكل على البعض. اهـ
وعلى هذا فالحديث لا حجة فيه لمن قال بالإباحة أو الكراهة، لأن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، ولاتفاق أهل العلم على التحريم كما حكاه غير واحد من أهل العلم، والأخذ بالأحاديث الصريحة الصحيحة المشار إليها.
وأما ما ذكر عن الشوكاني فإن كان يقصد أن الشوكاني يقول بإباحة لبس الحرير للرجال فهذا غلط عليه رحمه الله فإنه مصرح بحرمة ذلك، وأجاب عن الأحاديث التي قد توهم خلافه، وحكى الإجماع على التحريم كما في نيل الأوطار، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 26909، والفتوى رقم: 75817.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(20/112)
لبس الرجل العباءة في يد دون الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[نلاحظ أن بعض المشايخ والعلماء يلبسون الجلباب في يد واحدة والأخرى تبقى خارج الجلباب ... ! فهل هذا العمل من السنة، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم سنة فيما ذكرت، ولعل ما يفعله بعض المشايخ راجع إلى عادة قومهم وزي بلدهم، فإن أكثر أمور اللباس ترجع إلى العادة، ولا حرج في عادة لا تخالف شرع الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1429(20/113)
الإسبال من المسائل الخلافية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من يجيز الإسبال في الثياب لا يعد من أهل السنة؟، وهل هذه المسألة فيها خلاف؟، أريد أن أعرف أقوال المذاهب الأربعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن إسبال الرجل الثياب تحت الكعبين حرام مطلقا ولو لغير الخيلاء على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهذا هو المفتى به عندنا، ولكن من أجاز إسبال الثياب لغير الخيلاء لا يعد خارجا من أهل السنة والجماعة وإلا لحكمنا بخروج جمهور العلماء، لأن مذهب الجمهور جواز الإسبال لغير الخيلاء؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 21266.
وهذه المسألة ليست من الأصول والكليات التي يعد المخالف فيها خارجا عن أهل السنة، وإنما هي من المسائل الخلافية كما هو معروف لدى أهل العلم.
وانظر الفتوى المشار إليها آنفا، والفتوى رقم: 26639، ففيهما تفصيل لأقوال الفقهاء في حكم الإسبال، وانظر ضابط الحكم بالخروج عن أهل السنة في كلام الإمام الشاطبي في الفتوى رقم: 5608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1429(20/114)
القميص ليس من لباس الشهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق لكم في فتاوى سابقه أن قلتم أن لباس القميص أي الدشداش في بلدنا فلسطين مخالف لأهل البلد ولكن عندنا بارك الله فيكم العلماء والمشايخ وجماعه التبليغ ومن هم على منهج السلفية يلبسون الدشداش في بلدنا فلسطين، فهل لهم حكم خاص وهل لبس الدشداش اقتداء بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام للحديث الوارد: كان أحب الثياب إ لى الرسول عليه الصلاة والسلام القميص، فهل لبسه سنة أم اقتداء، الرجاء منكم الإسراع بالإ جابة، بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفتوى التي أشار إليها السائل هي برقم: 107985، ولم نقل فيها أن لبس القميص مخالف للبس أهل البلد في فلسطين، وإنما السائل هو الذي ذكر معنى هذا، ونحن قلنا حرفيا: فإن كان الثوب الذي تلبسه يخالف لباس أهل البلد.. فعلقنا الحكم الذي ذكرناه على ذلك الشرط ولم نقل إنه مخالف للبس أهل البلد، وفرق بين التعبيرين، وإذا كان ما ذكره السائل صحيحا من أن لبس القميص منتشر ويلبسه العلماء وغيرهم فإنه حينئذ لا يعتبر لبسه من لباس الشهرة، ولا سيما وأن بعض الفقهاء نص على استحباب لبس القميص؛ كما قال في كشاف القناع: ويسن لبس القميص. فلبس القميص ليس داخلا في لباس الشهرة لأن ضابط لباس الشهرة عند العلماء هو مخالفة لباس أهل بلده بلا عذر، كما قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: وخلاف زي بلده بلا عذر ... وبعض العلماء أضاف قيد القصد في لبس ثوب الشهرة؛ كما قال شيخ الإسلام: يحرم شهرة. وهو ما قصد به الارتفاع وإظهار التواضع. انتهى من الإنصاف للمرداوي.
ومن لبس القميص تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو مأجور إن شاء الله حتى وإن كان الناس لا يكثرون من لبسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(20/115)
خاتم الزواج وحكم لبس الرجل خاتم الفضة في يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا بارك الله لكم وفيكم ونفع بكم.
أود السؤال عن حكم لبس خاتم الزواج من فضة للرجل بنية التقليل من الإزعاج في العمل والشارع، وهل لوضعه في اليمنى، إن جاز طبعا، بغرض مخالفة الآخرين بأس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن لبس خاتم الزواج المعروف بالدبلة فيه نوع تشبه بالكافرين، وأنه ليس من عادة المسلمين كما في الفتوى رقم: 105761.
ولكن إذا الأخ السائل لا يلبسه بمناسبه الخطبة فإننا لا نرى أن فيه المحذور المشار إليه لا سيما وأن السنة جاءت يجواز لبس الرجل لخاتم الفضة كما في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة في يمينه فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي كفه ...
فلا بأس على الأخ إن شاء الله تعالى في لبس خاتم الفضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1429(20/116)
ستر الرأس بالعمامة وحكم إمامة حاسر الرأس
[السُّؤَالُ]
ـ[ستر الرأس بالعمامة أو بغيرها هل هي ثقافة العرب أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل يحصل فضيلة الجماعة لمن يقتدي بالإمام الذي لم يستر رأسه، ما هو رأي الأئمة الأربعة في هذا الخصوص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فستر الرأس بالعمامة عادة من العادات العرفية عند العرب، ولا زالت إلى الآن في قبائلهم المختلفة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولبسه للعمامة أمر عرفي يؤخذ منه أن السنة موافقة العرف واتباع عادة الناس التي لا تخالف الشريعة، فإذا حصل أن تغيرت العادة مثلاً كانت السنة موافقة عرف الناس وعدم مخالفتهم.
وأما هل تحصل فضيلة الجماعة لمن يقتدي بإمام لم يستر رأسه، فالجواب: تحصل فضيلة الجماعة ولا مدخل للعمامة في زيادة الأجر والفضل ولم يثبت في ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا رأي سائر المذاهب، فقد أجمع أهل العلم على صحة صلاة كاشف الرأس، أما الاستحباب فقد نقل في الموسوعة الفقهية، اتفاق الفقهاء على استحباب ستر الرأس في الصلاة للرجل بعمامة وما في معناه لفعله صلى الله عليه وسلم وكره الحنفية أن يصلي الرجل حاسر الرأس إذ كان تكاسلاً لترك الوقار لا للتضرع والتذلل، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6050، 33741، 45149.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(20/117)
ضابط لباس الشهرة عند العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت عند بعض الشباب المنتسبين الى المنهج السلفي ظاهرة لبس سروال قصير يرتفع فوق الكعبين ببعض السنتيمترات وذلك تفاديا للإسبال لدرجة أن هذا اللباس أصبح علامة مميزة لهؤلاء حتى أنه من الطرائف أن أعوان أمن الدولة -والتي تحارب المنهج السلفي عموما- يصطادونهم في الشوارع بسهولة. بدا لي والله أعلم أن هذا اللباس ربما يكون لباس شهرة خاصة وهو مناف للسنة حيث إن إزار الرجل إلى نصف ساقه مع مخالفته للعرف طبعا. هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن حرمة الإسبال عند جمهور العلماء مقيدة بالخيلاء كما صرح بذلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من العلماء. فهل أنا محق في ما ذهبت إليه ولكم الشكر سلفا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع الثياب إلى ما فوق الكعبين قليلا ليس منافيا للسنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ما أسفل من ذلك ففي النار، ما أسفل من ذلك ففي النار، لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا. رواه أحمد وأبو داوود ومالك واللفظ له.
وفي سنن النسائي ومسند أحمد: ولا حق للكعبين في الإزار.
فدل هذا على استحباب رفع الثياب إلى نصف الساق، وإباحة كونها دون ذلك إلى فوق الكعبين، والمنع من كون الثياب من الكعبين وما دونهما. ولا يصح أن يقال إن رفعهما فوق الكعبين قليلا داخل في لباس الشهرة لكون الناس لا يفعلونه، لأن ضابط لباس الشهرة عند العلماء هو مخالفة لباس أهل بلده بلا عذر؛ كما قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: ... وخلاف زي بلده بلا عذر.
ولا شك أن مخالفة الناس للسنة ووقوعهم في المنهي عنه لا يسوغ موافقتهم على ذلك، والعبرة بموافقة السنة والبعد عن المنهي عنه لا مخالفة السنة لأجل موافقة الناس، ولو قيل إن كل لباس مخالف لعادة أهل البلد يدخل في الشهرة الممنوعة لصار الحجاب في المجتمع المتعري لباس شهرة، ولا يقول هذا عاقل.
وقول السائل الكريم ( ... حرمة الإسبال عند جمهور العلماء مقيدة بالخيلاء..) هذا صحيح، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 5943 وأن الراجح المنع مطلقا للخيلاء وغير الخيلاء، ومع ذلك فإن من أخذ بقول الجمهور معتقدا صحته فلا حرج عليه إن شاء الله، ومن عمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية فهو مأجور إن شاء الله، وقد كان إزاره صلى الله عليه وسلم إلى نصف ساقيه كما يدل عليه الحديث الذي رواه الترمذي في الشمائل والنسائي في السنن الكبرى وجود إسناده الحافظ في الفتح، وقد قال ابن عبد البر المالكي: جر القميص وغيره من الثياب مذموم على كل حال.
ومن خاف على نفسه ضررا ممن يحارب السنة فلا حرج عليه في الإسبال ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(20/118)
أحكام في لباس البنطلون
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسال سؤالا مهما جدا أنا أشتغل في شركة وطبيعة العمل لا تخولني بأن ألبس الثوب فاضطر للبس البنطلون والجنز سؤالي أنا ألبس البنطلون وهو طويل قليلا يصل للكعب لكن لا يلمس الأرض بحيث لا يتنجس البنطلون وعند الصلاة أرفع البنطلون فوق الكعب فهل هناك أي شي غير صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البنطلون المذكور يصل إلى الكعب فما فوق فلا يعتبر لبسه من الإسبال، وإن كان يصل إلى أسفل من الكعب ولم يكن ذلك بقصد الخيلاء والتكبر فأكثر أهل العلم على عدم حرمة لبسه. وراجع أقوال أهل العلم مع الأدلة مفصلة وذلك في الفتوى رقم: 21266.
وإذا كان البنطلون ساترا للعورة غير ضيق بحيث لا يكون محددا للعورة فلا كراهة في الصلاة فيه، وإن كان ساترا للعورة ضيقا محددا لحجم الأعضاء فالصلاة به مكروهة، وإن كان رقيقا بحيث تمكن معه رؤية العورة المغلظة فالصلاة به غير مجزئة. وراجع في ذلك الفتويين التاليتين: 4186، 32093.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(20/119)
مسائل في العمامة والغترة والطيلسان
[السُّؤَالُ]
ـ[. ما هو حكم لبس " الغطرة "، وهل الغطرة هي نفسها الطيلسان المنهي عنه كما سمعت بدافع مخالفة اليهود والنصارى؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه لبس الغطرة؟ انا في جلّ ما قرأته في سيرته أنّه كان يرتدي العمامة وأحيانا القلنسوة. فلماذا لا نجد من علمائنا المعروف عنهم اتباعهم للسنّة والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم المحبّين له بصدق متابعة له في لبس العمامة التي ورد فيها وصفٌ واضح جليّ، وربما الغطرة أو الطيلسان لم يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في هجرته. فأنا تساءلت ربما لديهم روايات لم أسمعها فأرجو منكم الفائدة في هذا الموضوع.
وإذا كنت لا أثقل عليكم أرجو أن تصفوا لي لباس النبي صلى الله عليه وسلم فأنا قرأت الكثير من الأحاديث ولكنّ فيها بعض الكلمات الصعبة غير المفهومة في زماننا وأيضًا أي الألوان كان يلبس يعني ماذا كان لون ثيابه وكل هذه الأمور المتعلّقة بلباس النبي صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن السنة في اللباس هو لبس ما تيسر مما يوافق أهل عصرك وبلدك من المسلمين ما لم يرد أمر بلبس معين- كلبس الأبيض من الثياب كما أرشد إليه النبي، فيستحب، أو لبس الإزار والرداء في الإحرام- فيجب للرجل، أو يرد نهي عن لبس معين كلبس الرجل لبس النساء أو العكس، وكلبس ما فيه تشبه بالكفار، أو لبس المعصفر من الثياب فيحرم أو يكره حسب الحكم المقرر في كل حالة كذلك.
وأما بخصوص العمامة فاعلم أنه لم يثبت شيء في فضلها، وكل ما ورد في ذلك ضعيف أو موضوع.
قال المباركفوري في شرح الترمذي: لم أجد في فضل العمامة حديثاً مرفوعاً صحيحاً، وكل ما جاء فيه فهي إما ضعيفة أو موضوعة. اهـ
وأما الغطرة فلم يرد أنه صلى الله عليه وسلم لبسها.
ومما سبق يتبين لك سبب عدم تقيد العلماء بالعمامة ولا بالغترة لأنه ليس في ذلك سنة ثابتة، ولكل قوم لبستهم وزيهم الذي يناسبهم.
ومع أنه قد نص فقهاء الشافعية والحنابلة على أنه يسنّ له أن يعتم ويرتدي اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ لما رواه عمرو بن حريث - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء.
. لكن الصحيح من كلام العلماء أن ذلك لا على سبيل السنة الراتبة في اللباس، وإنما على سبيل الاقتداء بالنبي حتى في أمور العادات حبا له صلى الله عليه وسلم.
وأما بالنسبة للطيلسان فليس هو الغترة ولا يشبهها بل هو نَوْعٌ مِنْ الْأَرْدِيَةِ..
وفي فتح الباري لابن حجر: وَالطَّيَالِسَة جَمْع طَيْلَسَان وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي لَهُ عَلَم وَقَدْ يَكُون كِسَاء ... وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر عِنْد مُسْلِم أَنَّهَا " أَخْرَجَتْ جُبَّة طَيَالِسَة كِسْرِوَانِيَّة فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
واختلف في كراهية لبسها ففي عمدة القاري شرح صحيح البخاري عن أبي عمران قال: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة فقال كأنهم الساعة يهود خيبر، قال القاري: قوله:كأنهم أي كأن هؤلاء الناس الذين رأى عليهم الطيالسة يهود خيبر. وهذا إنكار عليهم لأن التشبه بهم ممنوع وأدنى الدرجات فيه الكراهة. وقد روى ابن خزيمة وأبو نعيم أن أنسا قال: ما شبهت الناس اليوم في المسجد وكثرة الطيالسة إلا يهود خيبر.
وقال بعضهم: ولا يلزم من هذا كراهية لبس الطيالسة. قلت: لا نسلم ذلك لأنه إذا لم يفهم منه الكراهة فما فائدة تشبيهه إياهم باليهود في استعمالهم الطيالسة.
وقال أيضا: وقيل: إنما أنكر ألوانها. قلت: ومن هو قائل هذا من العلماء حتى يعتمد عليه. ومن قال إن اليهود في ذلك الزمن كانوا يستعملون الصفر من الطيالسة أو غيرها، ولئن سلمنا أنها كانت صفراء فلم يكن تشبيه أنس رضي الله تعالى عنه لأجل اللون. اهـ
وأما صفة لباس النبي فنحيلك على كتب السيرة النبوية والهدي النبوي ككتاب زاد المعاد لابن القيم ففيه فصل مفيد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في اللباس، وكذا وكتب شروح الحديث والفقه باب اللباس والزينة لعدم مناسبة المقام لبحث هذا. وقد سبق بيان شيء من ذلك فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19905، 74415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(20/120)
الدليل على حرمة لبس الرجال للسلاسل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد رأيت الكثير من الفتاوى التي تحرم لبس السلسلة على أساس أنه تشبه بالنساء، ولكن لم أجد أي دليل شرعي على كلامهم، أي أنني لم أجد أي دليل شرعي يقول إن لبس السلسلة هو تشبه بالنساء بغض النظر عن المادة المصنوعة منها هذه السلسلة إلا الذهب طبعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تعني بسؤالك السلاسل، فإذا كان الأمر كذلك فإن المرجع إلى العرف في تحديد كون لبس هذه السلاسل مما اختصت به النساء أم لا، والعرف هنا هو المعتبر، وهذا معنى القاعدة الفقهية: العادة محكمة، وهي واحدة من القواعد الفقهية الخمس التي قررها أهل العلم، ويمكنك مراجعة هذه القواعد في الفتوى رقم: 27000، وكون لبس السلاسل من خصائص النساء أمر لا ينكر، وعليه فلا يجوز للرجل لبسها ولو كانت من غير الذهب كما هو مبين في الفتوى رقم: 6148، والفتوى رقم: 26475.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(20/121)
الإسبال داخل البيت كخارجه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يختلف حكم الإسبال في المنزل عن خارجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسبال ممنوع شرعاً على كل حال سواء أكان في المنزل أم كان خارجه، ولم نجد بعد البحث أحداً من أهل العلم خص المنع من الإسبال بكون المسبل خارج داره أو بيته، وقد يكون الإسبال خارج المنزل أشد حرمة لما فيه من المجاهرة بالمعصية، وانظر الفتوى رقم: 31463 والفتاوى المرتبطة بها حول حكم الإسبال والراجح من أقوال الفقهاء فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(20/122)
حكم الصلاة بثوب مرسوم عليه علم دولة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أصلي وأنا أرتدي قميصا مرسوما عليه علم دولة كافرة مثل أمريكا أو غيرها؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
تجوز الصلاة بقميص مرسوم عليه علم دولة كافرة أو غيرها والأولى تجنب ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز الصلاة بالثوب المشتمل على الرسم الذي ذكرت، وإن كان الأولى اجتناب ذلك لما قد يترتب عليه من انشغال المصلي بمشاهدة تلك الرسوم، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 26175.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1428(20/123)
حكم لبس رابطة العنق وحلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف طلب مني رئيسي وبشكل محترم جدا أن أرتدي الزي الرسمي والذي يتضمن ربطة العنق وخاصة عند الذهاب إلى الإدارات التابعة لوزارتنا.
أنا لست مقتنعا بربطة العنق ولا بالبدلة الرسمية حيث إنني متأكد أنني لن أرتاح في ارتدائهما.
وما أخشاه أيضا أن ينتقل من المطالبة بالبدلة الرسمية إلى المطالبة بأشياء أخرى كحلق اللحية إلى آخره.
كيف أتصرف وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ما نع شرعا من لبس ربطة العنق لمن كان قصده التجمل ولم يقصد بها التشبه بالكفار، وإن كان الأصل فيها أنها من حضارة غير المسلمين ولكنها دخلت في عادة كثير من المسلمين وغيرهم حتى أصبحت عادة للجميع ولا خصوصية فيها لأحد فهي من جملة الزينة المباحة شرعا.
وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتوى: 579.
وأما حلق اللحية فإنه محرم ويجب توفيرها ولا طاعة لرئيس ولا لغيره في معصية الله تعالى لما ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف.
وعلى ذلك فلا مانع من طاعة رئيسك في لباس البدلة وربطة العنق وغير ذلك مما ليس فيه معصية.
وإذا أمر بحلق اللحية فلا طاعة له إلا إذا ترتب على ذلك ضرر لا يمكن تحمله كما بينا في الفتوى: 6717.
وإن علم أنه يتدرج مع الموظف من أسوإ إلى الأسوإ فالأولى ترك العمل معه والبحث عن آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1428(20/124)
الحرير المحرم على الرجال هو الطبيعي الخارج من دود القز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أسماء أنواع الحرير المحرم الموجودة بالأسواق اليوم، وهل البوليستر والمخلوط منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا ندري ما هي أسماء الحرير الموجود في الأسواق، ولكننا نقول إن الحرير الذي ورد النص الشرعي بتحريمه على الرجال هو الحرير الأصلي الطبيعي الذي يخرج من دود القز، وأما النوع المذكور وغيره من المصنوعات فلا يدخل في النهي، وأما المخلوط فيجوز منه ما كان دون النصف، ويمكن أن تطلع على المزيد في الفتوى رقم: 7829، والفتوى رقم: 428.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(20/125)
حكم لبس رابطة العنق على اختلاف أشكالها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الـ (ببيون) وليس الكرافتة لأن الببيون على شكل وردة توضع على العنق وحسبما علمت أنه رمز ديني له علاقة بالحروب الصليبية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الببيون -فعلا- رمزا من رموز الحروب الصليبية فلا يجوز للمسلم لبسه لما في ذلك من التشبه بالكفار وهذا أمر منهي عنه شرعا، وربطة العنق من المسائل المنتشرة في بلاد المسلمين بحيث خرجت عن الخصوصية بالكافرين، وبالتالي فلا حرج في لبسها إلا إذا قصد الشخص بلبسها محبة الكافرين والتعلق بتقليدهم فلا يجوز ذلك لأن من أحب قوما فهو منهم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 5828، 579، 3310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1428(20/126)
حك لبس الرجل أساور من قماش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الرجل الذي يرتدي سواراً من القماش على يده مثل ما يلبسه الرياضيون على أيديهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجال لبس الأساور من أي نوع كانت؛ لما في ذلك من التشبه بالنساء وأهل الفسق والعصيان ... فقد: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري وغيره. وقال صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أحمد وأبو داود ... وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 56757، والفتوى رقم: 62711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(20/127)
حكم الأخذ بفتوى جواز إسبال السروال لغير الخيلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعد الأخذ بفتوى إسبال السروال بابا من اتّباع هوى النّفس أم يعد ذلك إتيان رخصة لا يأثم بها العبد وما حدود الرخص التي يمكن للمسلم العمل بها؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم إسبال الثياب وأقوال أهل العلم في ذلك، وأن الراجح من أقوالهم هو المنع مطلقا في الفتوى رقم: 5943، نرجو أن تطلع عليها؛ ولذلك فالقول بجواز الإسبال لغير الخيلاء قول مرجوح وليس برخصة؛ إلا إذا كان صاحبه فعله لضرورة؛ لأن الرخصة استثناء من العزيمة لعذر طرأ على المكلف؛ كقصر الصلاة للسفر، وأكل الميتة للمضطر ...
ولذلك فالأخذ بذلك القول الضعيف أو بغيره يختلف باختلاف الناس، فيمكن أن يكون اتباعا للهوى بالنسبة لبعضهم، ويمكن أن يكون عن قناعة بصحته بالنسبة لبعض.
وأما الرخصة فقد عرفها بعض أهل العلم بقوله: إنها الحكم الوارد على فعل لأجل العذر استثناء من العزيمة؛ كالإفطار للمسافر والمريض..
قال صاحب المراقي:
والرخصة حكم غيرا * إلى سهولة لعذر قررا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(20/128)
حكم لبس الرجل ساعة من الفضة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الساعة الفضة للرجال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلبس الرجل ساعة من فضة ونحوها محل خلاف بين أهل العلم وتفصيل في ذلك في الموسوعة الفقهية الكويتية على النحو التالي: وللحنابلة ثلاثة أقوال في تحلي الرجال بالفضة فيما عدا الخاتم وحلية السلاح أحدها: الحرمة. والثاني: الكراهة، والثالث: ما قاله صاحب الفروع: لا أعرف على تحريم لبس الفضة نصا عن أحمد وكلام شيخنا (يعني ابن تيمية) يدل على إباحة لبسها للرجال إلا ما دل الشرع على تحريمه، أي مما فيه تشبه أو إسراف أو ما كان على شكل صليب ونحوه. واستدلوا لذلك بالقياس على خاتم الفضة فإنه يدل على إباحة ما هو في معناه، وما هو أولى منه، والتحريم يفتقر إلى دليل والأصل عدمه. وذهب المالكية إلى تحريم حلي الفضة للرجال عدا الخاتم وحلية السيف والمصحف ولم نجد للحنفية تصريحاً في هذه المسألة. وذهب الحنفية وهو المرجح عند الحنابلة إلى إباحة يسير الذهب في خاتم الفضة للرجال شريطة أن يقل الذهب عن الفضة وأن يكون تابعاً للفضة، وذلك كالمسمار يجعل في حجر الفص. والمعتمد عن المالكية أنه يكره. أما فيما عدا خاتم الفضة من الحلي للرجال كالدملج، والسوار، والطوق، والتاج، فللشافعية فيه وجهان: الأول التحريم، والثاني الجواز ما لم يتشبه بالنساء. لأنه لم يثبت في الفضة إلا تحريم الأواني، وتحريم الحلي على وجه يتضمن التشبه بالنساء. انتهى.
وعليه فمن الورع والاحتياط في الدين عدم اتخاذ الرجل ساعة من فضة خروجا من خلاف أهل العلم القائلين بتحريمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1428(20/129)
ستر لاعب الكرة عورته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رجل لاعب الكرة عورة، وإن كانت فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على لاعب الكرة أن يستر عورته عن من لا يحل له النظر إليها وجوباً سواء كان ذلك أثناء اللعب أو خارجه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ... احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. رواه الترمذي.
وحد العورة الواجب سترها بالنسبة للرجال هو ما بين السرة إلى الركبة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بين السرة والركبة عورة. رواه أبو داود.
وسبق بيان حكم لعب الكرة وما يتعلق به في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7161، 57855، 453، 12629 نرجو الاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1428(20/130)
لبس الرجل القميص وهل هو واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبي يقول إن بارتدائه للقميص الكثير لن يتقبلوا منه وسيفرون منه. هل هذا الكلام وجيه؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القميص كان أحب الثياب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لباسه غير واجب شرعا، فلو كان الرجل في بلد لا يلبس أهله القميص فلا حرج عليه أن يلبس مثل زي أهل بلده مادام ذلك الزي وافيا بمتطلبات اللباس الشرعي. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 19905، 10005، 33557، 70781، 54173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(20/131)
توضيح حول حرمة اتخاذ الرجل ساعة جيب من الذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[فالسؤال عن جواز اتخاذ ساعة جيب من ذهب، مع العلم بأني مصاب بالفصام الحاد فساعة أفكر أني ولد الله الوحيد وروحي مخلوقة من نور وجه الله، تعالى الله أن يتخذ ولدا سبحانه وعقلي بين الجنون زواله يتقلب مع الساعات والدقائق وقد تعلق قلبي بساعة جيب من ذهب، مع العلم بأني لا أملك الكثير من المال فلتوفير ثمنها أحتاج إلى سنة وقد أجاب فضيلتكم عن سؤالي في السابق حيث قلتم إن مثل هذه الساعة لا تجوز لكونها تكسر قلوب الفقراء، مع العلم بأن الكثير من العلماء ردوا على هذه الحجة بأن ما هو أثمن من الذهب كالجواهر مباح ولا يستطيع أحد أن ينكر إباحته لذلك فهذه ليست بحجة ولو كنت دوما بعقلي ما فكرت بها وإن كانت مباحة فأنا طالب علم يبحث عن أعلى المنازل في الجنة وما أنا من هواة الدنيا مع العلم بأني أسكن السويد وليس هنا فقير أكسر قلبه فإن لم يوجد نص صريح أو قياس صحيح في التحريم فبلغوني بالإباحة لاجتناب المشكلة وإن برهن التحريم فلا أدري كيف أعمل إن إشتريتها في وقت جنوني لسبب أن بيعها بعد زوال الجنون وذلك لا يتجاوز الساعة أحيانا سيكلفني خسارة نصف الثمن أو أكثر كذلك بعد توفر المال من جديد تستجد المشكلة وهذه الأنواع من الساعات تطلب توصية خاصة بعد رؤيتها في الصورة ثم دفع الثمن فيقوم البائع بالاتصال لشحنها إليه حين ذاك وبأقل من نصف ساعة يقضى الأمر ولا عودة لي في مثل تلك المتاجر إذا شحنت الساعة فإن كانت محرمة أو أضعها جنبا لأوقات الجنون أفتوني وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللجواب على هذا السؤال نشير إلى الأمور التالية:
1- أن تحريم الذهب على الرجال قد ورد صريحاً في السنة، فقد روى أصحاب السنن إلا الترمذي أن ابن زرير الغافقي سمع عليا رضي الله عنه يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه وأخذ ذهباً فجعله في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي. ورواه الإمام أحمد أيضاً في المسند، وروى الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم.
2- أن علة تحريم الذهب على الرجال ليست كسر قلوب الفقراء فقط، بل من أهل العلم من قال إن علة التحريم هي الإسراف والخيلاء، وإنما رخص للنساء لحاجتهن إلى التزين لأزواجهن.
3- قولك إنك تسكن السويد وليس فيها فقير تكسر قلبه يتعارض مع قولك إنك لا تملك الكثير من المال، ولتوفير ثمن هذه الساعة تحتاج إلى سنة.
4- أنك إذا اشتريتها في وقت جنونك لا يلزم أن تبيعها بعد زوال الجنون، بل يمكنك أن تهبها لزوجتك أو أختك أو غيرهما من قرابتك، وإذا لم تكن تريد ذلك فيمكنك الاحتفاظ بها إلى أن تبيعها بالسعر الذي تريده، أو تستخدمها في الوقت الذي لا تكون فيه مكلفاً (أي وقت الجنون) ، إذ ليس من المحرم أن يمتلك الرجل ذهباً للاتجار أو للعاقبة ... وإنما المحرم استعماله كما تستعمله النساء.
5- أنك وقت الجنون لا تعي شيئاً من أفعالك، ولا يستبعد -والحالة هذه- أن تضيع منك الساعة، فتخسر ثمنها كله، ولا شك أن ذلك أشد من خسران نصف ثمنها.
6- أنك إذا كنت طالب علم تبحث عن أعلى المنازل في الجنة، وأنك لست من هواة الدنيا، فينبغي أن تقنع بما قنع به سائر المسلمين من هواة الدنيا وغيرهم، وتعلم أن الورع هو ترك جميع الشبهات ولو افترضنا أن القول بالتحريم ضعيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1428(20/132)
إيضاح حول فتويين في الإسبال
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في فتواكم رقم 21266 أن أكثر أهل العلم يقولون إن الإسبال المحرم هو ما كان فيه خيلاء، أما لغير الخيلاء فهو مباح أو مكروه. في حين ورد في فتواكم رقم 29002 أن الإسبال محرم قطعا سواء كان للخيلاء أم لا.
أرجو أن توضحوا لي هذا الاختلاف الواضح بين الفتوتين.
وهل إذا عملت بفتوى أكثر أهل العلم وأسبلت لغير الخيلاء كما يفعل الأغلب اليوم، هل علي شيء.
أفيدونا أفادكم الله، ولا تنسونا من الدعاء، جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يوفق الأخ السائل ويهديه لما يحبه ويرضاه وأن يزيده حرصا على معرفة الحلال من الحرام، ثم إن الفتوى المشار إليها أولا قد تضمنت قولي أهل العلم في مسألة الإسبال، القول بتحريم الإسبال إن كان للخيلاء وهو قول أكثر أهل العلم، والقول الآخر وهو حرمة الإسبال مطلقا سواء أريد به الخيلاء أم لا، وذكرنا من ذهب إلى ذلك من أهل العلم، وهذا القول هو الذي اقتصر عليه في الفتوى الثانية.
وعليه؛ فليس هناك اختلاف بين الفتويين إلا أن الأخيرة اقتصرت على أحد القولين تغليبا لجانبه، حيث إنه لا خير في الإسبال مطلقا، أما من أسبل ثوبه إلى ما تحت الكعبين من غير خيلاء فعلى القول الأول لا يأثم إلا أنه فعل مكروها، وينبغي للمسلم ترك الإسبال ولو لم يقصد به الخيلاء نظرا للقول بالحرمة مطلقا، فقد ذكر أهل العلم أن الورع هو الخروج من خلاف العلماء ولو كان خلافا ضعيفا، فما بالك بقول تشهد له ظواهر الأحاديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(20/133)
لبس الفضة للرجال وهل للخاتم وزن محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن حكم ارتداء الفضة للرجال وفق المحاور التالية:
الوزن المسموح به إن وجد؟ ارتداء البلاك وهو يشبه السوار؟ وعن حرمة تزيين المعصم فنحن نزينه بالساعات الفاخرة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم ارتداء الفضة للرجال هو المنع على الراجح، كما يمنع استعمالها في الأدوات التي تستخدم عادة على العموم، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6148.
ويستثنى من ذلك الخاتم وتحلية المصحف والسيف واتخاذ العضو كالأنف والسن.
قال العلامة خلي ل في المختصر وهو مالكي المذهب: وحرم استعمال ذكر محلي.... ثم استثنى من هذا العموم فقال: إلا المصحف والسيف والأنف وربط سن مطلقا وخاتم الفضة.
وأما مقدار ما يستعمل الذكر من الفضة فقد حدده بعض أهل العلم بالنسبة للخاتم بمثقال، وبعضهم بما لا يصل إلى مثقال، وبعضهم ما لا يتجاوز درهمين شرعيين، وقد روى الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل عليه خاتما من حديد: مالي أرى عليك حلية أهل النار؟ ثم قال له: اتخذ خاتما من ورق (فضة) ولا تتمه مثقالا. والحديث ضعيف؛ ولذلك أرجع بعضهم تحديد الخاتم إلى العرف ما لم يكن فيه إسراف.
وأما ارتداء البلاك أو غيره بحيث يجعله أساور أو خاتم أو قلادة أو خلاخل فكل ذلك لا يجوز للرجال لأن هذا من شأن النساء.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، ولا اعتراض على هذا بجواز لبس الرجال للساعات الثمينه، لأن هذه ساعات وليست أساور، ولكن لا يجوز أن تكون ساعات الرجال من أحد النقدين الذهب والفضة.
وأما المرأة فيجوز لها الملبوس عموما. قال العلامة خليل: وجاز للمرأة الملبوس مطلقا ولو نعلا.
وللمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم نرجو أن تطلع على الفتاوى: 30025، 21424، 21424.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(20/134)
الحكمة من نهي الرجال عن إطالة الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من تقصير الثوب وهل يشمل حتى السروال لأني سمعت أنه في عهد الرسول عليه السلام الذي له قميص طويل له مكانة ورفعة وذو شأن كبير وذو همة عالية لذا أمرهم الرسول علية الصلاة والسلام بتقصير الثوب حتى يتساوى الناس ولا يكون بينهم اختلاف.هل هذا صحيح؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن ينقاد لحكم الشرع ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه بغض النظر عن معرفة الحكمة منه أو جهلها، كما قال الله تعالى في شأن المؤمنين: وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {البقرة: 285} وقال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36} فالإسلام أساسه الاستسلام والانقياد لأحكام شريعته، وللمسلم بعد ذلك أن يبحث عن الحكمة منها لأن أحكام الشريعة قائمة على الحكمة منزهة عن العبث وقد ينص الشرع على الحكمة أو يطلع عليها الناس أو بعضهم وقد لايطلعون عليها ولا يعني ذلك خلو الأحكام من الحكمة ولكن ذلك عائد إلى عجزنا نحن البشر هذا على العموم، وبخصوص النهي عن إسبال الثوب إلى ما تحت الكعبين فإنه يشمل جميع الملابس من السروال والإزار والسلهام وغيرها كما هو مبين في الفتوى رقم: 1633، وهو خاص بالرجال دون النساء، ولعل من الحكمة منه أن الملابس إذا نزلت تكون معوقة للحركة والنشاط والرجل مطلوب منه أن يتحرك ويعمل، وما أسفل من الكعبين من الرجل لا يحتاج إلى ستر، وإذا احتاج إليه فبالإمكان أن يستر بالخفين والجوارب وغيرها مما لا يعوق الحركة، ولعل منها كذلك أن في الإسبال تعريض الملابس للتلف وإصابتها بالقاذورات. ومعلوم أن الشرع يحافظ على النظافة وحفظ المال، هذا فضلا عن كونه مدعاة للفخر والخيلاء والكبر والرياء عند بعض الناس. وأما كون الحكمة من النهي عن الإسبال هي طلب المساواة بين الناس فلم نقف عليه، ولكن المساواة لا تتحقق بعدم إسبال الثياب دون نوعها فسيبقى الناس متفاوتين ولو كانت حدود ثيابهم متساوية فقد قال الله تعالى: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ {النحل: 71} وقال تعالى: نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ {الزخرف: 32} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1427(20/135)
حكم صلاة من جاوز ثوبه الكعبين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعلم أن موضوع الإسبال فيه اختلاف بين العلماء والأرجح هو عدم الإسبال
سؤالي: إذا كان الرجل مسبلا ولكنه يرفع البنطال وقت الصلاة (أخف الضررين) ، فهل يجوز رفع البنطال من الخارج أي لفه من الخارج فلقد سمعت أنه يترك البنطال مسبلا أفضل من رفعه أو أنه يجب رفعه من الداخل أي لا تظهر العقدة من الخارج ولقد سمعت ذلك أيضا بالنسبه للقميص لا يجوز رفعه، أفيدونا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسبال منهي عنه مطلقاً لما رواه البخاري وأحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3900، والفتوى رقم: 5943.
والمطلوب من المسلم رفع ثوبه إلى ما فوق الكعبين لا سيما في الصلاة، فعن أبي هريرة قال: بينما رجل يصلي مسبلا إزاره إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ، فذهب فتوضأ ثم جاء، ثم قال: اذهب فتوضأ، فذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال له رجل: يا رسول الله ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ فقال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره. رواه أبو داود بإسناد صحيح كما قال الإمام النووي رحمه الله.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: وجه هذا الحديث -والله أعلم- أن إسبال الإزار معصية، وكل من واقع معصية فإنه يؤمر بالوضوء والصلاة. فإن الوضوء يطفئ حريق المعصية. انتهى، وقد ذكرنا كلام أهل العلم في هذا الحديث في الفتوى رقم: 1633 فراجعها.
وعليه.. فمن أقبل إلى الصلاة وثوبه تحت الكعبين فإن عليه أن يرفعه إلى ما فوقهما سواء كان لف عقده من جهة الداخل أو الخارج، وأما الحديث الذي في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والرجلين وأطراف القدمين ولا نكفت الثياب ولا الشعر.
وفي رواية عن ابن عباس: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة، ونهى أن يكف شعره أو ثيابه. فمعناه جمعه وضمه فيما سوى ذلك، قال الإمام النووي رحمه الله: والكفت الجمع والضم.... واتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه، أو رأسه معقوص، أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك، فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء، وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته، واحتج في ذلك أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بإجماع العلماء، وحكى ابن المنذر الإعادة فيه عن الحسن البصري، ثم مذهب الجمهور أن النهي مطلقاً لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أم كان قبلها كذلك لا لها بل لمعنى آخر. وقال الداودي: يختص النهي بمن فعل ذلك للصلاة، والمختار الصحيح هو الأول، وهو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم. انتهى، وتراجع الفتوى رقم: 21465.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(20/136)
حكم لبس ثوب الحرير المخلوط بمادة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أهديت إلي ثياب مصنوعة من نسيج مركب من 35% حرير و 65% مادة أخرى. فما حكم لبس هذه الثياب؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمادام الثوب المذكور مخلوطا من حرير وغيره ونسبة الحرير أقل من غيره فلبسه جائز لأن العبرة بالأغلب والأكثر فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير. راوه أبو داود والبيهقي وغيرهما وصححه النووي رحمه الله.
قال الإمام النووي رحمه الله: المشهور وبه قطع العراقيون وجمهور الخراسانيين أن الاعتبار بالوزن فإن كان الحرير أقل وزنا حل وإن كان أكثر حرم، وإن استويا فوجهان الصحيح منهما عند المصنف وجمهور الأصحاب الحل؛ لأن الشرع إنما حرم ثوب الحرير وهذا ليس بحرير، وقطع به الشيخ أبو حامد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(20/137)
ألوان الثياب المحرمة على الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي ألوان اللباس المحرمة على الرجال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فألوان الثياب لا يحرم منها شيء، فيجوز للمسلم أن يلبس ما شاء من الألوان ما لم يكن في ذلك تشبه بالجنس الآخر أو شهرة أو لباس حرير بالنسبة للرجال، ومن أفضل الألوان اللون الأبيض، وقد سبق بيان ذلك وأدلته في الفتاوى رقم: 3370 / 3442 / 27674 / 42567 / 74415. ونرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(20/138)
حكم لبس الأسود للرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لباس السواد بالنسبة للرجال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في لبس السواد للرجال ما لم يكن ثوب شهرة، أو قصد صاحبه التشبه بالكفار أو أصحاب البدع، أو لبسه الرجل تشبها بالنساء ونحوه, فإن خلا من تلك المقاصد فلا حرج فيه؛ لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود. أخرجه مسلم في صحيحه, وعنده أيضا من حديث جابر رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء.
فأخذ الفقهاء من ذلك جواز لبس السواد بلا كراهة، فإن قصد لابسه شيئا مما ذكرناه من المقاصد المحرمة حرم عليه لذلك القصد فحسب. وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36548 / 3442 / 57350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(20/139)
لماذا كره رسول الله اللباس المطرز
[السُّؤَالُ]
ـ[تقول صديقتي قرأت أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحب اللباس غير المزركش، فهل التطريز (الزخرفة) على القماش حرام، أرجو من فضيلتكم توضيح ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التطريز والزخرفة على القماش وغيره ليست من الحرام بل هي من الزينة التي أباحها الله سبحانه وتعالى لعباده وأضافها لنفسه، فقال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ {الأعراف:32} .
وإذا كان التطريز على القماش أو غيره وكان بالذهب أو الفضة أو الحرير فإنه يجوز لبسه للنساء دون الرجال، وذلك لما رواه أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخذ حريراً فجعله في يمينه وذهبا فجعله في شماله ... ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي. وفي رواية: حل لإناثها.
وما ذكرته صديقتك من كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم للباس المطرز فإن ذلك كان في الصلاة لأنه يشغل عن الخشوع فيها، ففي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في خميصة ذات أعلام فنظر إلى أعلامها، فلما قضى صلاته قال: اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة، وأتوني بأنبجانية، فإنها ألهتني آنفا في صلاتي. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 21365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(20/140)
حكم لبس الرجل ساعة مرصعة بالإلماس
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أهديت لي ساعة مرصعة بالألماس، هل يجوز لي بيعها، السؤال هو: هل يجوز للرجل لبس الألماس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بلبس الرجل لهذه الساعة المرصعة بالماس، إذا كانت خالية من الذهب عند جمهور أهل العلم، وإن كان الأولى ترك لبسها، لأن بعض أهل العلم قد كره ذلك، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 62620، والفتوى رقم: 14943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(20/141)
ربطات العنق من الريش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستاذ، أهداني بعض آباء التلاميد (3) ربطات عنق (cravates) غير أنني لما لبستها اكتشفت أنها مصنوعة من الحرير 100%، فهل أواصل لبسها (ربطات العنق) أم أخلعها، إذا طرحتها أليس في هذا فساد وخاصة أنني لم أشترها وإنما أهديت إلي، ثم ما الفرق بين اللباس والريش، هل (ربطات العنق) مثلاً تدخل في اللباس أم في الريش؟ جزاكم الله خيراً على خدمة الإسلامة بهذه الوسيلة المتطورة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت ربطات العنق المذكورة مصنوعة من الحرير الأصلي الخالص فإنه يحرم لبسها على الرجال، لما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخذ حريراً فجعله في يمينه، وذهبا فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي. وفي رواية: حل لإناثها.
أما إذا كانت من الحرير الصناعي أو كان الحرير أصلياً لكنه قليل فإنه لا مانع من لبسها، وقد سبق بيان بتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 4490، والفتوى رقم: 428 فنرجو الاطلاع عليهما، وفي حال تحريمها وعدم جواز لبسها للرجال، فلا داعي لطرحها وعدم الانتفاع بها لأن بالإمكان تفكيكها وجعلها في لباس النساء مثلاً.
وأما الفرق بين اللباس والريش: فهو أن اللباس من الضرورات، والرياش من الكماليات والتحسينات، فاللباس ما يستر العورة ويكسو الجسم، والريش ما يتخذ للزينة ويلبس للتجمل، وربطات العنق من النوع الأخير الذي هو الريش، فقد قال الله عز وجل: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ {الأعراف:26} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1427(20/142)
هل يجوز للمسئول إلزام موظفيه بلبس البنطال
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ / أنا موظف في إحدى الإدارات الحكومية، ومسؤلنا المباشر يجبرنا للبس البنطلون (يونيفارم) ، لحجة أن هذا اللبس لباس العصر والتطور، وأنا معترض بأن هذا اللبس في بلدنا هذا (قطر) لا حاجة له ولا فائدة، بل هذا تقرب إلى عادات الكفار والتشبه بهم. ما نصيحتكم لهذا المسؤول وهل المسؤول مسؤول يوم القيامة عن ترويج هذه العادة وأمثالها وهل هو آثم إذا غش أو كذب لمصلحة العمل أو ظلم على موظف بغير العمد؟ جزاكم الله خيرا.....وإذا ممكن ابعثوا لي الإجابة على البريد الالكتروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل حكم لبس البنطلون، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 33557، وفتوانا رقم: 32227.
وأما التشبه بالكفار، فإنه ممنوع في اللباس وغيره. وضابط التشبه ـ كما ذكر أهل العلم ـ أن يفعل المتشبِه ما يختص به المتشبَه به. فما كان من الألبسة خاصا بالكفار فلا يجوز للمسلم لبسه، كبعض القبعات التي توضع على الرأس، وبعض الثياب التي يتميز بها القساوسة والرهبان والكهنة.
أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار، فإن لبسه لا يعد تشبها، كالبنطال والجاكيت ونحوهما ...
وعليه، فإذا كان المسؤول المباشر لكم يجبركم على لبس البنطلون، بحجة أن هذا اللبس لباس العصر والتطور، فلا نرى مانعا من الاستجابة لما يريده منكم، إذا لم يكن فيه موجب للتحريم ككونه لا يستر العورة ونحو ذلك.
وأما الكذب فقد بينا من قبل ما يباح منه وما لا يباح، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 35822.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(20/143)
إسبال البنطال إلى أسفل من الكعبين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبلغ من الطول 190 سم مما يسبب لي الكثير من المشاكل من أجل الحصول على ملابس لي علما بأن معظم ملابسي وإن لم تكن كلها طويلة جدا وهي عبارة عن بنطال طويل يمتد إلى كعبيّ فهل هذا يفسد طهارة الملابس لأداء الصلاة بالمسجد؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإسبال القميص أو الإزار أو البنطال إلى أسفل من الكعبين مختلف فيه بين أهل العلم هل هو حرام أو مكروه والراجح أنه محرم، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار. رواه أحمد وغيره.
والواجب عليك أن تشتري ما لا يجاوز الكعبين من الثياب والحصول على ذلك سهل إن شاء الله، ولو قدر أنك لم تتمكن في بعض الأحيان من الحصول على ذلك ولبست ما جاوز الكعبين فلا إثم عليك للحاجة، لاسيما وأكثر الفقهاء لا يرون حرمة الإسبال إلا إذا كان بقصد الخيلاء. وأما الصلاة فصحيحة إلا إذا كان الثوب الذي صليت فيه قد أصابته نجاسة فلا تصح الصلاة به إلا بعد غسله بالماء أو إبداله بغيره. وإذا شككت هل أصابته نجاسة أم لا فالأصل الطهارة، ولا يزول اليقين بالشك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(20/144)
حد الإسبال تجاوز الكعبين ولو لم يلامس الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة في السروال ? وهل يجوز ثنيه من تحت لإظهار الكعبين؟
وهل لبس سروال يتجاوز الكعبين لكنه لا يلامس الأرض يعتبر إسبالا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 55496، حكم الصلاة في السراويل فيرجى مراجتعها، وقد اختلف أهل العلم في إسبال الثوب أسفل الكعبين هل هو حرام أو مكروه؟ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 12984، فيرجى الاطلاع عليها. وعلى القول بالتحريم فيجب على الأخ السائل أن يثني سراويله أو يقصرها حتى لا تتجاوز الكعبين؛ لأن حد الإسبال هو تجاوز الكعبين؛ كما بينا في الفتوى رقم: 31463، سواء لامس الأرض أم لا، وإذا لم يفعل ذلك فإنه يأثم.
ولبيان صحة صلاة المسبل راجع الفتوى رقم: 48362، وللمزيد من التفصيل في حكم الإسبال عند أهل العلم راجع الفتوى رقم: 21266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(20/145)
من رخص له النبي صلى الله عليه وسلم بلبس الحرير
[السُّؤَالُ]
ـ[لمن حلل لبس الحرير عند الصحابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم لبس الحرير للرجال والنساء، وذكرنا أنه يباح للنساء ويحرم على الرجال إلا لضرورة، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 21365.
ولذلك رخص النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في لبس قميصين من حرير لحكة كانت بهما، كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميص من حرير من حكة كانت بهما.
وهذان هما اللذان رخص لهما النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولم نقف على أحد غيرهما فيما اطلعنا عليه، والمهم أن لبس الحرير لا يجوز للرجال إلا للضرورة، أما النساء فهو مباح لهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(20/146)
لبس الرجل للبنطلون لا يدل بالضرورة على ضعف الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا فضيلة الشيخ حول القميص نحن نعرف أنه غير واجب إلا أن بعض الإخوة هنا في أروبا يعتبر أن عدم لبس القميص من ضعف الإيمان وذلك لأن أحد الوعاظ هنا في أوروبا عندما أراد الخروج إلى الشارع ليتمشى قليلا نزع القميص وارتدى البنطلون لأنه يتضايق من النظر إليه في الشارع لأن في هذا البلد عدد المسلمين قليل مقارنة بدول أوربية أخرى كفرنسا أو ألمانيا فأنكر هذا الأخ وقال هذا من ضعف الإيمان فهل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يلبس من الثياب ما يستر به عورته عمن لا يحل له النظر إليها من قميص أو إزار أو سراويل وأفضلها القميص؛ لما رواه أبو داود والترمذي من حديث أم سلمة قالت: كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم القميص. وصححه الألباني.
قال الشوكاني رحمه الله: والحديث يدل على استحباب لبس القميص، وإنما كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار اللذين يحتاجان كثيرا إلى الربط والإمساك وغير ذلك بخلاف القميص.
وقال ابن قدامة: والقميص أولى من الرداء لأنه أعم في الستر.
وأما حكم لبس البنطلون فإنه إذا كان فضفاضا ويستر ما بين السرة والركبة، وكان صفيقا غير شفاف جاز لبسه، وليس في ذلك تشبه بالكفار فيما نرى، لأن ضابط التشبه بالكفار كما ذكر أهل العلم هو أن يفعل المرء ما يختص به المتشبه بهم ولم يكن يشاركهم فيه غيرهم، فما كان من الألبسة خاصا بالكفار فلا يجوز للمسلم لبسه كبعض القبعات التي توضع على الرأس، واللباس الذي يتميز به القساوسة والرهبان والكهنة، ومثل ذلك ارتداء أي لباس بطريقة تختص بالكفار.
وأما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يختص بالكفار فإن لبسه لا يعد تشبها كلبس البنطلون أو غير ذلك مما لم يعد يخص أهل الكفر، ولو كان ذلك زيًا لهم في سالف الزمن. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإن قلنا: النهي عنها -أي عن المياثر الحمراء- من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية؛ لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة.اهـ
فإذا تقرر هذا فلا يجوز اتهام من لبس البنطلون بالضوابط السابقة بضعف الإيمان؛ بل أقصى ما يقال أن لبسه للقميص أولى من لبسه البنطلون كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1426(20/147)
لا حرج في إدخال القميص في البنطلون
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في مصر نرتدي القميص والبنطلون ولكن القميص وهو القميص القصير، فهل يجوز إدخال القميص في البنطلون حيث إني سمعت أن هذا من التشبة بالكفار، فهل هذا صحيح وفي حالة لبس الجاكت الطويل يمكن إدخال القميص في البنطلون تحت الجاكت أو جاكتة البدلة، ولو أمكن آراء العلماء في القميص والبنطلون، والصلاة فيهم والهيئة المناسبة للبسهم؟ وجزاكم الله كل خير عن هذا الموقع، ونسألكم أن تدعو الله لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فضابط التشبه بالكفار -كما ذكر أهل العلم- هو أن يفعل المرء ما يختص به المتشبَه به ولم يكن يشاركه فيه غيره، فما كان من الألبسة خاصا بالكفار فلا يجوز للمسلم لبسه، كبعض القبعات التي توضع على الرأس، وبعض الثياب التي يتميز بها القساوسة والرهبان والكهنة، ومثل ذلك ارتداء أي لبس بطريقة يتميز بها الكفار.
وأما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار، فإن لبسه لا يعد تشبهاً، كإدخال القميص في البنطلون، أو غير ذلك مما لم يعد يخص أهل الكفر، ولو كان ذلك زيًا لهم في سالف الزمن، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإن قلنا: النهي عنها (أي: عن المياثر والأرجوان) من أجل التشبه بالأعاجم، فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة. انتهى.
وعليه.. فلا نرى حرجا في إدخال القميص في البنطلون إذا كان ذلك ساتراً، ولم يكن محدداً للعورة، وأما حكم الصلاة في القميص والبنطلون، فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 4186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1426(20/148)
ارتداء الرجل الملابس الضيقة تشبه بالمخنثين والفسقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشاب الجميل جدا الذي يرتدي الملابس الضيقة المغرية ليفتن بها الناس من حوله لكي لا يكون الكلام إلا عليه.
وما حكم من يجالسه ويخالطه وهو جميل وفتان جدا، وعندما أنصحهم بالابتعاد عنه يقولون إن الله جميل يحب الجمال أو يقولون إنني لا أنظر إليه بشهوة.
وهل يجوز لي مقاطعته مع العلم أنه جاري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن يلبس من الثياب ما يجسد عورته ولا ما فيه تشبه بالمخنثين أو الفسقة أو الكافرين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو داود، ومن وقع في ذلك فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وعلى من يجالسه أن يبذل له النصيحة، فإن الدين النصيحة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وينبغي الحذر من صحبة المردان والولدان الحسان والمخنثين والخلوة بهم، فإن هذا قد يكون طريقا للمعصية من النظر إليهم بشهوة والتلذذ بذلك، بل قد يوقع فيما هو أكبر من ذلك. وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى مفصلة في ذلك وهي برقم: 18605، وانظر كذلك الفتوى رقم: 29622، والفتوى رقم: 9360.
وأما قول السائل: هل يجوز لي مقاطته؟ فجوابه أن هجر المسلم لا يجوز من غير مسوغ شرعي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام رواه البخاري
وعدم الهجر لا يعني الإكثار من المخالطة والصحبة، بل أعطه حقه كمسلم وكجار في غير إكثار خلطة، ويتأكد تحريم الهجر إذا كان بين الأقارب أو الجيران؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 47724.
وإن وجد مسوغ شرعي فلا مانع من هجره كأن يكون مخنثا أو فاسقا لا يقبل النصح، أو خفت على نفسك الفتنة من صحبته ولم تتمكن من الأمن على دينك إلا بالهجر، وانظر الفتوى رقم: 28565 حول الضوابط الشرعية لهجر أهل المعاصي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(20/149)
لباس الرجل.. الجائز والمحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو وبدون إطالة عليكم ... يتحدث عني الآخرون بأن لي أكثر من وجه أي أني منافق أو أني باللغة العامية ألعب على كل الحبال ... مثلا: مع الشباب الذين يلبسون الثياب ألبس مثلهم ومع الشباب بالجنزات ألبس مثلهم، مع كل الأحوال، يقول الشباب لماذا لا تحدد لك أستايل واحد ... أقول لهم أحب التنويع، أرجو أنكم تفهمتم سؤالي، الميزة أني أحب أن أرى ابتسامة أخي المسلم على شفتيه ... أسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يستقيم على أمر الله تعالى، وأن يتمسك بدينه سبحانه، فلا يترك الواجبات ولا يقع في المحرمات.
واعلم أن جميع أنواع اللباس مباحة في الإسلام إلا ما ورد النهي عنه، كالثوب من الحرير للرجال، أو ما فيه تشبه بالكفار أو تشبه بالنساء، أو ما كان مسبلاً للخيلاء، أو ما كان يصف العورة أو يشف عنها ونحو ذلك.
واحذر من مصاحبة الفساق، فإن صحبتهم مردية، ومخالطتهم تقسي القلب وتصيب بالغفلة، ومجالسهم غير عامرة بذكر الله، وفي المقابل اصحب الصالحين، وتشبه بفعالهم، فإن صحبة الصالحين تغري بالصلاح، فالطباع سراقة، والصاحب ساحب، وقد قال الله تعالى: الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67} ، وقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. رواه الترمذي وأبو داود، وانظر الفتوى رقم: 480.
واجتهد أيها الأخ الكريم في إصلاح نفسك وتزكيتها، وخذ بوسائل تقوية الإيمان، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 1208، 16610، 12744، 21743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(20/150)
حب الرجل للجديد من الملابس والأزياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مؤمن وملتزم لكن أعشق الموضة وأتابعها في كل شيء، لكن المشكلة أن الموضة الأجنبية تكون مع التعري بالصور وأنا الحمد لله لست من ذوي الميول الشاذة وأنزعج جداً من الوساوس، ما الحل خاصة أني معتمر وأحياناً اتبع الموضة في كيفية اللبس والتعري أمام المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك بعشق الموضة ... حب الجديد من الملابس والأزياء.. فلا مانع من ذلك شرعاً ما لم يكن فيه تشبه بالكفار وأهل الفجور.. فيما يختصون به من أزياء وشعارات، أما إذا كان في ذلك تشبه بالأجانب فيما يختصون به فإن ذلك لا يجوز للمسلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ... ومن تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو داود وغيره.
وقد جعل أهل العلم ضوابط للباس المسلم منها أن يكون ساتراً وألا يكون فيه تشبه بما يختص به غير المسلمين أو تشبه أحد الجنسين بزي الآخر وألا يكون لباس شهرة أو مخيلة أو إسراف أو حرير بالنسبة للرجال خاصة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة. رواه البخاري ومسلم. وقال ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: إسراف أو مخيلة.
ولذلك فلا يجوز لك اتباع الموضة إن كان في ذلك تعر.. وعليك أن تقلع عن ذلك وتتوب إلى الله تعالى وتستغفره، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وللمزيد عن تتبع الموضة وتحديد عورة الرجل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 54754، والفتوى رقم: 15390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(20/151)
فتاوى في حكم لبس الطاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يضع غطاء على رأسه من عمائم وغيرها هل تعتبر الطواقي العصرية اتباعا لسنة النبي صلى الله عيله وسلم ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا فتوى في حكم لبس الطواقي، وهل هو سنة أم لا، برقم: 18850 فراجعها. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: 57793 و 41456 و 5362.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(20/152)
ضوابط لبس الألوان للرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت في خطبة الجمعة حادثة في عهد رسول الله أن أحد الصحابة كان يرتدي لباسا أحمر اللون أو يغلب عليه اللون الأحمر فنهاه رسول الله عن لبسه وقال له أعطه لأهل بيتك ورأيت في قناة اقرأ أحد الشيوخ الأفاضل يتكلم عن خضاب رسول الله باللون الأحمر ثم تطرق إلى أن الصحابه كانوا يفضلون ارتداء اللون الأصفر وأن علي بن أبي طالب كان ينتعل نعلا أصفر فما هذا!! هل هناك ألوان مستحبة وألوان مكروهة أو محرمة؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في الشرع لون معين يجب على المسلم استخدامه، وليس فيه لون معين يحرم عليه استعماله، بل يجوز للمسلم أن يلبس ويستخدم كل الألوان ما لم يقصد بذلك التشبه بالكفار أو الشهرة.
صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البسوا من ثيابكم البيض، فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم. رواه أحمد وغيره، وصححه الأرناؤوط وغيره.
فالبياض من خير الألوان، ولهذا فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس اللون الأحمر والأسود...........، وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 3370، 3442، 48142.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(20/153)
جواز العمامة السوداء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك كراهة في تغطية الرأس للرجل في أثناء الصلاة أو في غيرها بشيء لونه أسود كعمامة أو طاقية مثلا؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا كراهة في تغطية الرأس في الصلاة ولا غيرها بالعمامة السوداء، ومثلها الطاقية، فقد روى ابن حبان في صحيحه عن جابر بن عبد الله أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء.
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي عبيد قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائماً يصلي معتماً بعمامة سوداء مرخ طرفها مصفر اللحية، فذهبت أمر بين يديه فردني ... إلى آخر الحديث. وحسنه شعيب الأرناؤوط.
وعطاء هذا من التابعين روى عن أبي أيوب وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وغيرهم، وروى عنه محم د بن شهاب الزهري وغيره، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 41456، والفتوى رقم: 32516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(20/154)
تختم الرجال بالياقوت وهل تختم به علي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن سيدنا علي بن أبي طالب كان تختم بالياقوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه من كتب السير والتاريخ أن عليا رضي الله عنه اتخذ خاتماً من ياقوت، مع أنه لا مانع من ذلك عقلاً ولا شرعاً، فإنه يجوز للرجل اتخاذ الخاتم من جميع المعادن ما عدا الذهب لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من النهي عن اتخاذ خاتم الذهب بالنسبة للرجال، ففي حديث البراء رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع وعددها حتى بلغ ونهانا عن التختم بالذهب. متفق عليه، وقد نزع صلى الله عليه وسلم خاتماً من الذهب كان في يد أحد الصحابة وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة فيضعها في يده. أخرجه مسلم بمعناه.
وقد اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة: فكان في يده ثم كان في يد أبي بكر ثم كان في يد عمر ثم كان في يد عثمان حتى وقع منه في بئر وقد كان نقشه محمد رسول الله. متفق عليه، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم فضة في يمينه فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي كفه. متفق عليه.
فيجوز اتخاذ خاتم الفضة والنحاس والياقوت وجميع المعادن،وقد رويت بعض الآثار في فضل خاتم الياقوت منها: تختموا بالزمرد فإنه يسر لا عسر فيه. قال ابن حجر: موضوع. ومنها: من تختم بالعقيق لم يزل يرى خيراً. وفي إسناده أبو بكر بن شعيب عن مالك ويروي عنه ما ليس من حديثه.
ومنها حديث: تختموا بالياقوت فإنه ينفي الفقر. قال الشوكاني في إسناده وضاع، وفي لفظ: من اتخذ خاتما فصه ياقوت نفى الله عنه الفقر. قال ابن عدي وابن حبان باطل ونحو ذلك من الآثار إلا أنها كلها ضعيفة أو موضوعة، كما قال السخاوي في المقاصد الحسنة.
وبعض هذه الآثار يروى عن علي رضي الله عنه قال العجلوني في كشف الخفاء وروي عن عبد خير عن علي قال: التختم بالياقوت ينفي الفقر قال: وسمعته يقول التختم بالعقيقة بركة. وأما كونه رضي الله عنه اتخذ خاتماً من ياقوت فلم نقف على نص بذلك ولا مانع أن يكون اتخذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(20/155)
لبس الرجال الأحجار الكريمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسوله الكريم
الإخوة المفتون في موقع الشبكة الإسلامية حفظهم الله ورعاهم
الموضوع: طلب فتوى عن الأحجار الكريمة.
وسؤالي هو، هل الأحجار الكريمة منصوح بلبسها للرجال في الدين الإسلامي، وسمعت أن لبسها سنة، وأن من يلبسها بالصلاة يضاعف له ثواب الصلاة، وأن لها خواص علاجية، ولبسها خير ويجلب الخير وتحمي لابسها من الشياطين ومنها ما يعالج العين ويحمي من الإصابة منها وأنها تحمي من السحر. وان الأحجار الكريمة جيدة من التأثيرات السلبية للكواكب.
فهل ممكن أن تفتوني،هل ما ذكرته يؤيده الدين والعلم، أو لا يؤيده الدين والعلم.
وإذا كان ما ذكرته صحيحا أي أن الأحجار الكريمة يسن لبسها، فأي منها يفضل لبسها من حين لآخر.
دمتم ذخرا للإسلام والمسلمين
وجزاكم الله كل خير على تنويرنا مما لديكم من علوم الدين والدنيا
خليل الكومي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على نص في أن لبس الحجر الكريم سنة للرجل، ولا أن لبسه في الصلاة يضاعف به الأجر. وإنما المنصوص عن أهل العلم أنه مباح لهم فقط. وقال بعض العلماء بكراهته لما فيه من التحلي بزي النساء، أو أن فيه سرفا وخيلاء. قال الشافعي في الأم: ولا أكره للرجل لبس اللؤلؤ إلا للأدب, وأنه من زي النساء لا للتحريم, ولا أكره لبس ياقوت, ولا زبرجد إلا من جهة السرف أو الخيلاء. أهـ
ولم نقف كذلك على أن لبسها يضاعف أجر الصلاة، ولا على أن لها خواص علاجية، أو أن لبسها خير ويجلب الخير، أو أنها تحمي لابسها من الشياطين، أو أن منها ما يعالج العين، أويحمي من الإصابة منها، أو أنها تحمي من السحر، أو أنها جيدة في التأثيرات السلبية للكوكب.
فهذه كلها أمور لا تدخل ضمن اختصاصنا.
واعلم أن علم الكواكب والتنجيم محرم، لما روى الإمام أحمد وابن ماجه وأبو داود واللفظ له: من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(20/156)
توضيحات حول الإسبال
[السُّؤَالُ]
ـ[بيّنتُ لأحد الإخوة حكم الإسبال، والوعيد الذي ورد فيه، وأنه يقتضي أن الإسبال كبيرة من الكبائر؛ واقتنع ــ بفضل الله تعالى ــ وانتهى. ثم ناقش أحد الإخوة فأورد له شبهات حيرته، وطلب مني ردوداً وأجوبة تطمئنه؛ فأخبرته أنني لن أرد أو أجيب من تلقاء نفسي وإنما سأرجع لأهل الذكر من المشايخ والعلماء.. متمثلاً ــ بفضل الله تعالى ورحمته ــ قول الإمام أحمد: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام. والشبهات هي:
(1) ما رُوي من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يسبل ثوبه: أما لك فيّ أسوة.
فيقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزجر الرجل ولم ينهه.. مما يدل ــ هكذا يقولون ويزعمون ــ على أن النهي والوعيد الوارد في الأحاديث الأخرى يحمل على استحباب ترك الإسبال أو بمعنى آخر كراهة الإسبال.
وكأنهم يريدون أن يزعموا أنه منسوخ؛ هداهم الله.
(2) يقولون: إن الجمهور على أن الإسبال مكروه. ولا أدري من أين لهم هذا؟
(3) في قصة استشهاد عمر رضي الله تعالى عنه: (عند البخاري رحمه الله تعالى)
... … وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة. قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك.
فيقولون: إن هذا يدل على أن سيدنا عمر ــ رضي الله تعالى عنه ــ لم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ولو كان صغيراً أو حتى مكروهاً ــ كما هو دأب الصحابة.. رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ــ أو إنه رأى شيئاً في قلب أو حال الشاب يندفع برفع الثوب.
سبحان واهب العقول.
(4) يقولون: كيف يستوي الإسبال مع شرب الخمر مثلاً.. في أنهما من الكبائر؟
(5) يقولون: إن الشهيد ــ لا شك ــ أنه من أهل الجنة، ومع ذلك فإنه قد يكون مسبلاً. فكيف يتحقق فيه الوعيد الوارد في الأحاديث \" فهو في النار \" ــ \" لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم \" مع أنه من أهل الجنة؟
يبدو أنهم تناسوا أنه يغفر للشهيد في أول دفعة من دمه.
(6) ورد عن معمر أنه قال: عاتبت أيوب على طول قميصه، فقال: إن الشهرة فيما مضى كانت في طوله، وهي اليوم في تشميره.
فيقولون: لو كان الإسبال حراماً أو كبيرة ما أطال أيوب قميصه.
(7) ما ثبت عن الصديق ــ رضي الله تعالى عنه ــ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: \" إنك لست ممن يفعله خيلاء \"
فيقولون: هذا يدل على أن الوعيد الوارد في الأحاديث يتعلق بمن يفعله خيلاء.
سبحان الله! رغم أنهم قالوا ــ في الشبهة الأولى ــ باستحباب ترك الإسبال أو كراهة فعله، فعلام يكون الوعيد هنا؟ أمر عجاب.
... أرجو الله أن نتلقى ردوداً وأجوبة تشفي الصدور لينتهي أخونا وغيره مطمئنين، وينظرون عمن يأخذون دينهم. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على تحريم الإسبال إذا كان للخيلاء وعدوا ذلك من كبائر الذنوب، واختلفوا في الإسبال من غير خيلاء، وقد سبق أن أصدرنا فتاوى بينا فيها أن القول الراجح عندنا هو التحريم مطلقا، سواء كان بخيلاء أو بغير خيلاء، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 21266، 3900، 29002 فلا نعلم أحدا من أهل العلم عد الإسبال من غير خيلاء من الكبائر.
أما الأدلة المذكورة في السؤال فقد احتج ببعضها جمهور أهل العلم القائلون بكراهة الإسبال وليست هي شبهات كما ظننت، وقد أجبنا على أكثرها في الفتاوى المحال عليها سابقا، وأما أثر عمر بن الخطاب وإنكاره على ذلك الشاب فإن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ليس مكلفا شرعا بأكثر مما فعل عمر رضي الله عنه
أما قولهم: كيف يستوي الإسبال مع شرب الخمر؟ فالجواب أنهما لا يستويان، لأن بعض المعاصي أكبر من بعض، وكذلك الكبائر تتفاوت، فالقتل والزنا وشرب الخمر والعقوق أكبر من غيرها، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله: قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور. متفق عليه، وراجع الفتوى رقم: 55926.
وأيضا دل الدليل على أن الشهيد يغفر له جميع ذنوبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم. فيدخل في ذلك إن شاء الله إذا كان مسبلا أو شارب خمر.
وننبه الأخ السائل إلى أنه يجب علينا جميعا السعي في جمع كلمة المسلمين، ونشر روح الحب والرحمة بينهم، والتعاون على البر والتقوى، والتعامل مع المخالف في إطار الأخوة والنصح ما دامت المسألة مختلفا فيها فليسعنا ما وسع السلف الصالح. قال الإمام أحمد: لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على قوله. وليحذروا من الخلاف لغير سبب معتبر شرعا، فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: الخلاف شر. رواه أبو داود، وراجع الفتوى رقم: 43417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(20/157)
لبس العمامة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[حسب علمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلبس عمامة فلماذا نجد كثيرا من العلماء والدعاة لا يلبسونها بل يلبسون لباس آبائهم وأجدادهم فإن لم يلبس ورثة الأنبياء على السنة فمن سيلبس على السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في السنن وكتب السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس العمامة وربما مسح عليها، كما في حديث المغيرة، ولكن هذه السنة من السنن الفعلية العادية فقد لبس صلى الله عليه وسلم القلنسوة وغيرها.
ولا شك أن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء من أموره ولو كانت عادية لا شك أنها أفضل وأدل على محبته صلى الله عليه وسلم، التي لا يكمل إيمان المؤمن حتى يكون أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه.
ولكن الدعاة والعلماء وغيرهم من عموم المسلمين ليسوا مطالبين باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله العادية التي تمليها جبلته البشرية أو تقتضيها حالته البيئية، فاللباس ومنه العمامة يختلف من بيئة لأخرى، والسنة في ذلك أن يلبس المسلم ما يلبسه الناس من غير مخيلة ولا إسراف ولا شهرة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم أتباعه بلباس معين.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 52688، 51780، 52924، 55388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1426(20/158)
لا حرج في وصول الإزار إلى الكعبين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي ولباسه موازي للكعبين أو أسفل بقليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار. وفي سنن أبي داود من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار. وصححه الشيخ الألباني.
وعليه، فلا إثم على من كان إزاره يصل إلى كعبيه، أما ما كان أسفل من الكعبين فهو الذي يتناوله الوعيد في الحديثين، والصلاة صحيحة في كلتا الحالتين، وراجع تفصيل المسألة في الفتوى رقم: 7445، والفتوى رقم: 48362.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(20/159)
إسبال الإزار داخل البيت أو خارجه سواء في الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[إسبال لإزار من المحرمات ولكن هل إسباله عندما يكون الإنسان وحده في بيته أو مع زوجته وأولاده أو مع بعض أفراد عائلته المقربين يدخل في هذا الباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم إسبال الإزار في الفتوى رقم: 21266، وهذا حكم عام في صفة إزار المسلم، سواء في بيته أو خارجه، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 35422.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(20/160)
الذهب محرم على الرجال ولو كان خفيفا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لبس الذهب مثل الخواتم والأساور التي لا تحدث أصواتا وتكون بشكل بسيط غير ملفت للنظر حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل لبس الخاتم أو الأساور من الذهب ولو كان كل منهما خفيفا، لما ثبت من تحريم الذهب على الرجال. فقد قال صلى الله عليه وسلم: أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها. رواه البيهقي في سننه والنسائي وصححه الشيخ الألباني.
وراجع تفاصيل كلام أهل العلم في هذه المسألة، راجع الفتوى رقم: 10915.
كما يحرم على الرجل كل ما اشتمل على تشبه بالنساء، لما ثبت في ذلك من الوعيد الشديد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ففي صحيح البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 6148 والفتوى رقم: 27045.
هذا بالنسبة للرجال، أما المرأة فيباح التحلي بمختلف أنواع الحلي من الذهب أو الفضة أو غيرهما، ما لم يصل إلى حد الإسراف والتبذير، وراجع الفتوى رقم: 876، لكن يتأكد على المرأة ستر زينتها عن الرجال الأجانب وبعدها عن كل ما يثير شهوتهم، ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 1611 والفتوى رقم: 3427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(20/161)
حكم العمل في محل يبيع الملابس الرجالية الضيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل لدي محل تجاري يبيع الملابس الرجالية الضيقة مثل الجينز والقمصان المخصرة أو الضيقة، فما الحكم في هذا العمل، وماذا أفعل هل أكمل العمل هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره للرجل أن يلبس الملابس الضيقة التي تصف حجم العورة، وعلى هذا دلت نصوص الفقهاء، ومنها ما ذكره المرداوي في الإنصاف قال: يكره لبس ما يصف البشرة للرجل والمرأة الحي والميت. انتهى، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22943، 4044، 32227.
لكن قد يحرم لبس هذا النوع من اللباس إذا كان فيه تشبه بالكفار، أو كان في لبسه فتنة، كما بيناه في الفتاوى المحال عليها، ومع ما تقدم فإننا لا نرى ما يمنع من العمل في مثل هذا المحل وإن كان الأولى العمل في غيره، وذلك بشرط التحرز من بيع هذه الملابس إذا كانت بالوصف المحرم الذي بيناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(20/162)
حكم الصلاه بالبنطلون
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بالبنطلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة تصح بالبنطلون إذا كان ساترا للعورة غير شفاف يكشف البشرة. وإن كان الأفضل أن يلبس المسلم أجمل ثيابه عند الصلاة كما قال سبحانه وتعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف: 31} . وقد سبقت الإجابة بتفصيل أكثر على حكم الصلاة بالبنطلون في الفتوى رقم: 4186، نرجو الرجوع إليها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(20/163)
حكم لبس الرجل ربطة العنق الحرير أو المخلوطة به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم لبس الرجال الكرفتة الحرير المصنوع 100 % أو الحرير المخلوط بألياف صناعية، وهل يجوز إهداء الكرفتة الحرير إلى أحد الأقارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن لبس ربطة العنق في الفتوى رقم: 579.
وتقدم الكلام عن لبسها إذا كانت مصنوعة من حرير، أو مخلوطة بالحرير، وذلك في الفتوى رقم: 4490.
وإن كانت ربطة العنق من الحرير الطبيعي، فلا يجوز إهداؤها لأحد من الرجال ليلبسها، لأن ذلك من الإعانة على الحرام، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(20/164)
الاختلاف في الحكم بين الحرير الطبيعي والصناعي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أهدي إلي فرش من حرير فهل يجوز استخدام مفارش الحرير والجلوس والصلاة عليها؟ وهل هناك فرق إذا كان الحرير طبيعيا أو صناعيا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للرجل أن يستعمل الحرير في اللباس ولا في الجلوس عليه، وسواء في الصلاة أو خارجها، بل إن بعض أهل العلم يقول ببطلان صلاة الرجل إذا صلى في ثوب الحرير كما هو المعروف عند الحنابلة.
قال النووي رحمه الله تعالى معلقا على قول صاحب المهذب: ويحرم على الرجل استعمال الديباج والحرير في اللبس والجلوس وغيرهما، لما روى حذيفة قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه. وقال: هو لهم في الدنيا ولكم في الآخرة. والحديث في الصحيحين.
قال: فيحرم على الرجل استعمال الديباج والحرير في اللبس والجلوس عليه والاستناد إليه والتغطي به واتخاذه سترا وسائر وجوه استعماله ولا خلاف في شيء من هذا إلا وجها منكرا حكاه الرافعي.. إلى أن قال: هذا مذهبنا، فأما اللبس فمجمع عليه، وأما ما سواه فجوزه أبو حنيفة، ووافقنا على تحريمه مالك وأحمد، ومحمد (يعني ابن الحسن) وداود وغيرهم. انتهى.
فإذا علمت أن لبس الحرير محرم على الرجل باتفاق العلماء وأن باقي استعماله محرم عليه أيضا عند أكثر أهل العلم فالواجب عليك اجتناب الفرش المذكور في الجلوس والصلاة وغيرهما، هذا إذا كان حريرا طبيعيا، وأما الحرير الاصطناعي فلا يحرم استعماله، وقد تقدم الكلام عنه في الفتوى رقم: 7829
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(20/165)
كيف يحتاط الشاب الوسيم من أهل الريبة من الجنسين
[السُّؤَالُ]
ـ[فأنا والحمد لله منحني الله حسن خلقة وأنا أصبحت أعاني بسببها فكلما تكلمت مع فتاة التصقت بي. وأما في هذه الأونة أصبح كلما رأني رجل أصبح يريد أن يتكلم معي ليقول أود أن أستمني لك. وهذا أقل ما قيل سواء أن أعرفه أولا أعرفه. فأطرده من شدة الغضب أو الخجل أو الخوف من الله أو أذكره بالله. وأنا شاب في مقتبل العمر وأخاف على نفسي أن أفتن، فأرجو أن تدلني كيف أعمل للمصابين بهذا المرض، وكيف أدعوهم إلى الله والأغرب من ذلك والذي فجأني حتى الذين أعرفهم أصبحوا يتمنون أن يستمنوا لي؛ فأنا في حيرة من أمري وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يحسن خلقك كما حسن خلقتك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم. هذا، وإن الواجب عليك عدم الاختلاط بالنساء، إلا بمراعاة ضوابط وآداب، منها: غض البصر، وعدم الخلوة، وعدم المصافحة باليد، ونحو ذلك مما حرم الله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 8890، 8924، 2412. وكذلك ينبغي أن تحذر من مخالطة ضعاف الإيمان وفاقدي المروءات من الرجال، وأن تتوقى الخلوة بهم، وأن تكون جاداً في كلامك، وأن تتجنب التكسر واللين عند مخاطبة الرجال، وأن تتجنب لبس الملابس الضيقة التي تجسم العورة وتظهرها. كما يجب عليك أن تلتزم بآداب الإسلام الواجبة، كإعفاء اللحية. ثم إننا نوصيك بتقوى الله ليجعل لك مخرجاً مما أنت فيه، واستعن به، واسأله أن يرفع عنك البلاء، وأن يحفظك من أهل الريب. وإذا ابتليت بمن لا خلاق له، فلا تتردد في إبعاده والإغلاظ له، ولك أن تخوفه بالله وأليم عقابه، وأنه مطلع على عباده لا تخفى عليه منهم خافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(20/166)
حكم ارتداء الرجل البدلة والقميص
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الدين قبل ذلك سالت سؤالاً عن لبس البدل والبنطال والقميص عامة ولم تفيدوني بشيء وأرسلتم لي أحاديث أنا أعرفها لكن لا أفهمها، أريد المفروض علي أو على أي مسلم فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ارتداء البدلة والبنطلون والقميص القصير لا حرج فيه إذا كان ساتراً للعورة بغير تحديد، مع مراعاة عدم الإسبال في البنطلون، وراجع الفتوى رقم: 11164، الفتوى رقم: 16909.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1425(20/167)
\"صلوا كما رأيتموني أصلي\" لا يدل على لبس نوع لباسه عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي شخص إن بعض العلماء أفتوا بأن الصلاة لا تجوز في البنطلون استنادا للحديث\\\" صلوا كما رأيتموني أصلي\\\" فقد كان الرسول يصلي وهو يرتدي الجلباب كما أنهم يرون أن فيه تجسيما للعورة. فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم الصلاة في البنطلون في الفتوى رقم: 32227.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي رواه البخاري فلا يدل على وجوب أو اشتراط لبس نوع من اللباس الذي كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة؛ بل هو أمر بالصلاة كما يصلي عليه الصلاة والسلام، وليس كما يلبس
وينبغي للمصلي أن يلبس حال الصلاة أحسن ثيابه وأجملها؛ لقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31} . قال ابن عباس رضي الله عنه: المراد بالزينة الثياب.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(20/168)
حكم لبس العمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[العمامة. هل هي من السنة؟ , ما الأدلة القوية فيها, وهل هي مشروعة للعلماء والدعاه والعوام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن العمامة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الفعلية فقد كان صلى الله عليه وسلم يلبس العمامة والقلنسوة. وفي حديث المغيرة: ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه. رواه أصحاب السنن ولهذا استحب بعض أهل العلم لبس العمامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1425(20/169)
ارتداء الساتان للرجال جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتداء الساتان للرجال حرام مثل الحرير أم أنه غير الحرير؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الساتان ليس حريرا ولا يأخذ أحكام الحرير، وبالتالي، فإنه لا يحرم لبسه على الرجال، كما قدمنا في الفتوى رقم: 7829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(20/170)
هل يشترط للإمام والخطيب لباس معين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الإمام أو خطيب الجمعة لباس معين مثل العمامة والعباءة أم يمكن أن يؤم الناس بالبدلة العادية جاكيت وبنطال.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا خلاف بين أهل العلم في استحباب التجمل في الصلاة عامة وفي الجمعة خاصة، سواء في ذلك الإمام أو الخطيب أو غيرهما، والتجمل مطلوب في اللباس والتطيب وغير ذلك مما تحسن به هيئة المصلي. ولا يشترط في الإمام ولا الخطيب لباس معين ولا تجب عليهما العمامة، لكن يستحب لهما تغطية الرأس سواء بالعمامة أو غيرها، فإن صلى كل منهما حاسر الرأس فصلاته وصلاة من صلى خلفه صحيحة باتفاق العلماء، كما بينا في الفتوى رقم: 37471، 3132.
وكذلك لباس العباءة فإنه لا يشترط في الصلاة للإمام ولا غيره؛ لكن إذا كان عادة أهل بلد أنهم يلبسونها تجملا فهي مستحبة.
وعليه؛ فلا بأس بصلاة الإمام أو غيره في الجاكيت والبنطال إذا لم يكن هذا الأخير ضيقا يحدد أعضاء الجسم التي يجب سترها، فإن كان البنطال ضيقا فإن الصلاة فيه مكروهة؛ إلا إذا كان الجاكيت أو القميص نازلا بحيث يغطي ويستر ما يجب ستره فلا كراهة حينئذ وللفائدة راجع الفتوى رقم: 32227.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1425(20/171)
حكم لبس العروس البنطال والجاكيت وربطة العنق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتداء البدلة الرسمية التي يلبسها العريس في عرسه (بنطال وجاكيت وربطة عنق) هل هي حرام؟ وإن كان كذلك, أرجو بيان الدليل الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت لنا عدة فتاوى تبين حكم لبس الرجل الجاكيت والبنطال وربطة العنق، ولا فرق في الحكم بين العروس وغيره. فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 579 و 12438 و 8672 و 16909 و 32227.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(20/172)
يلبس سلسلة غير ذهبية في رقبته
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندساً وأحتاج دائماً إلى حمل سي دي خاص بالبرامج فعلقتها في رقبتي بسلسلة غير ذهبية هل هذا تشبه بالنساء، وما حكم الشرع في ذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء وعكسه، قال ابن عباس: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات بالرجال من النساء والمتشبهين بالنساء من الرجال. أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد.
وضابط التشبه بالنساء هو فعل ما هو مختص بهن، وقد كنا بينا ضابط التشبه المنهي عنه في حق الرجال والنساء، فراجع فيه فتوانا رقم: 36376.
ومما تختص به النساء عادة تعليق السلاسل في الرقبة ولو كانت من غير الذهب والفضة، فهو إذا من التشبه المنهي عنه، فالابتعاد عنه واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(20/173)
حكم اتخاذ الرجل خاتما من الذهب الأبيض
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع.
1-هل يجوز لبس خاتم من الذهب الأبيض (بلاتين) للرجل أم لا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل اتخاذ خاتم من ذهب، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقد روى الترمذي والنسائي من حديث أبي موسى مرفوعا: أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي وحرم على ذكورها.
والمحرم على الرجال هو الذهب أيا كان لونه ونوعه فلا يجوزأن يتخذ منه الرجل خاتما، أما غير الذهب من المعادن فليس محرما اتخاذ الخاتم منه على الرجال إلا إذا كان في ذلك تشبه بالنساء أو غير المسلمين وراجع في ضابط التشبه الفتوى رقم: 30277، والفتوى رقم: 1387.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(20/174)
كان عليه الصلاة والسلام ينتعل تارة ويحتفي أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يذهب لصلاة الفجر حافيا (بدون أن يلبس حذاء) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج أبو داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حافيا ومنتعلا.
وفي سنن النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا، ويصلي حافيا ومنتعلا، وينصرف عن يمينه وعن شماله.
وفي مجمع الزوائد للهيثمي عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي حافيا وناعلا، ويشرب قائما وقاعدا، وينفتل عن يمينه وعن يساره، ويصوم في السفر ويفطر. قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله ثقات.
فهذه الأحاديث تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان ينتعل تارة ويحتفي تارة أخرى، وكان يفعل ذلك في مشيه وفي حال صلاته.
أما تخصيص مشيه حافيا بصلاة الفجر فلم نطلع على قول لأحد ينص عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(20/175)
حكم الإسبال خوفا من أذية الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لدي مسألة مهمة في الإسبال هل يشمل الإسبال: الثوب والإزار والبنتلون. هذا ونحن نعيش في دولة كافرة وبالأحرى في روسيا وبدأ في الأزمنة المتأخرة هجوم على الملتزمين والتضييق عليهم فهل يأثم المسلم إذا أسبل خوفا من أذية الكفار، وهل له أجر إذا قصر وتعرض لأذى الكفار. ماذا علينا أن نتوكل على الله أم نسبل.
وكذلك هل صح حديث في أنه لا تقبل صلاة المرء إذا كان مسبل الثياب، وما نصه يا فضيلة الشيخ علما بأنه ليس لدي كتب متوفرة، الرجاء منكم كتابة النص وتخريجه وفي أي كتاب نجده.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أسفل الكعبين ففي النار)) ، هل هذا مخلدا أم مؤقتا، وما المراد بدخول النار، هل هذا يشمل الكعبين أم الإنسان كله.
وهل هذه المسائل من المسائل الثانوية، خاصة لمن يعيش في دولة كافرة، أليس الاعتناء بمسائل العقيدة أهم أو كل هذا مهم لأن فيه ذكر النار. أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا، لأن هذا مما تعم البلوى للمسلين، وجزاكم الله خيرا وننتظر الجواب في أسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم الإسبال وأن ذلك يشمل البنطلون أيضاً والثوب والإزار، ونقلنا أقوال أهل العلم في ذلك. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1633، 31463. والفتاوى المرتبطة بها.
وأما حديث: إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل. فقد رواه أبو داود في سننه وغيره، وقد صححه بعض أهل العلم كالنووي، وضعفه آخرون كالألباني -رحمه الله- لأن فيه أبا جعفر الراوي عن عطاء وهو مجهول من أهل المدينة، ويحيى بن أبي كثير مدلس وقد عنعن.
والأحوط أن لا يصلي المسلم وهو مسبل إزاره بل يرفعه قبل الصلاة.
وأما عن الإسبال خوفا من أذية الكفار. فإذا غلب على ظنك أنك ستتعرض للأذى من المشركين أو أنهم يلصقون بك التهم الخطيرة لمجرد رفع إزارك، فقد قال تعالى: [لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا] (البقرة: 286) وقال تعالى: [فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ] (البقرة: 173)
فإذا ضطر المسلم إلى إسبال إزاره خوفاً من الأذى فنرجو أنه لا حرج عليه إن شاء الله تعالى.
قال الحافظ: ويستتثنى من إسبال الإزار مطلقاً ما أسبله لضرورة كمن يكون بكعبه جرح يؤذيه لذباب -مثلاً- إن لم يستره بإزاره حيث لا يجد غيره. والشاهد قوله: لضرورة. وانظر الفتوى رقم: 16950.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ما أسفل من الكعبين ففي النار. فلا يعني هذا أنه مخلد، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هو مخلد، وإنما يعذب في النار بقدر المعصية ثم يخرج منها المؤمنون ويبقى فيها المشركون.
والمراد بقوله: ففي النار هو أن ما دون الكعبين من قدم المسبل في النار عقوبة له على فعله وانظر الفتوى رقم: 31463.
وإذا قلنا يجوز للمضطر أن يسبل إذا خاف على نفسه لا يعني هذا أن مسألة الإسبال من المسائل الثانوية. وهل هناك شيء ثانوي يكون سبباً في دخول النار. نسأل الله السلامة والعافية.
وإنما علينا أن نطيع الله عز وجل ورسوله ونجتنب ما نهانا عنه.
كما قال تعالى: [وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ] (الحشر: 7)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(20/176)
حول متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في اللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان حب الرسول صلى الله عليه وسلم للشيء لا يعني أنه سنة، فلماذا الجلباب سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم مسألة الجلباب يختلف بحسب المراد بالجلباب إذ هو يطلق على الإزار والرداء والقميص وملحفة المرأة؛ كما أفاده صاحب اللسان.
وعلى هذا؛ فإن الواجب في لباس المرأة هو ما كان ساتراً لها على وجه لا يكون فيه شفافاً ولا ضيقاً محدداً، ويشرط فيه أيضاً أن لا يكون زينة في نفسه، ولا يشترط في ذلك أن يكون أسود ولا بجلباب.
وأما بالنسبة للرجال فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لبس الرداء والإزار والقميص، كما ثبت عنه أنه اشترى سراويل كما رواه النسائي وأبو داود بسند صحيح.
وقد أذن للمحرم الذي لا يجد إزارا أن يلبس سراويل كما في حديث الصحيحين، وهذا يفيد مشروعية الجميع والتوسعة فيه، ولكن هذا الموضوع بالنسبة للرجال يعتبر من سنن العادات، وحبها من الحب الجبلي، وهو لا يعتبر سنة تتأكد متابعتها ويعتبر تاركها مخالفاً ومقصراً.
ولكن تشرع متابعته صلى الله عليه وسلم فيها كما تابعه أنس بن مالك في حب الدباء، كما في حديث البخاري ومسلم عن أنس أنه قال: إن خياطاً دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزاً ومرقاً فيه دباء وقديد، فرأيت رسول الله يتتبع الدباء من حوالي القصعة، قال: فلم أزل أحب الدباء من يومئذ. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48104، 24214، 22618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(20/177)
لا حرج في كون الرجل حاسر الرأس في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد يا شيخا الفاضل أريد لو سمحت التفصيل في مسالة لبس القبعة في الصلاة وخارج الصلاة فهل من التشبه بالكفار أن يكون رأسي حاسرا خارج الصلاة كما نص عليه الألباني رحمه الله وماذا كان يضع الرسول وصحابته على رؤوسهم وهل ثبت أن أحدا منهم كان حاسر الرأس وهل كان يلبس الحبيب الغترة البيضاء أو الحمراء التي كان يلبسها إمامنا ابن باز رحمه الله أم هذه فقط عادة وماذا كان يلبس فوق الكندوره أي الثوب هل نفس ما كان يلبس ابن باز رحمه الله ورحمنا الله تعالى وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يلبس المرء القبعة في الصلاة أو خارج الصلاة، وكنا قد ذكرنا حكم لبس القبعة في فتاوى سابقة، فراجع منها الفتوى ذات الرقم: 32516.
- ... ثم لا مانع كذلك من أن يكون الرجل حاسر الرأس في الصلاة، وأحرى خارج الصلاة، وليس فيه تشبه بالكفار، وراجع الفتوى رقم: 3132.
- ... ثم ما سألت عنه مما كان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة يغطون به رؤوسهم، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس العمامة ويرخيها بين كتفيه، قال ابن القيم في "زاد المعاد": كانت له عمامة بين كتفيه، كما روه مسلم في صحيحه عن عمرو بن حريث.. وفي مسلم أيضا عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء.. . (1/135) .
ولا شك أن الصحابة كانوا يلبسون العمامة والقلنسوة اقتداء به، فهم أحرص الناس على اتباع هديه.
وليس لنا علم بما كان صلى الله عليه وسلم يلبسه فوق ثوبه، ولا مشابهة ذلك لما كان يلبسه العلامة ابن باز رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(20/178)
حكم بيع ولبس ملابس [blue jeans] .
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد تفصيلا في حكم بيع ولبس سروال جينس [blue jeans] .
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للباس الشرعي ضوابط معينة، سواء بالنسبة للرجل أو المرأة، وقد سبق ذكر هذه الضوابط في الفتوى رقم: 4044، والفتوى رقم: 3884، وعلى هذا، فإذا كان هذا البس المذكور في السؤال على الصفة الشرعية فيجوز لبسه، وكذا بيعه وشراؤه، إلا أن الواجب التنبيه إلى أنه لا يجوز للمرأة الخروج بهذا البنطال إلا إذا كان ملبوسا تحت ملابس ساترة، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 22943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(20/179)
تغطية الرأس للرجل وكشفه سواء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تغطية الرأس أفضل أو كشفه؟ وما حكمه في الصلاة وغير الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكشف الرأس وتغطيته بالنسبة للرجل كل ذلك جائز، والأمر فيه واسع بل المسألة خاضعة لعادة المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان.
وللتعرف على حكم تغطية الرأس بالعمامة وغيرها راجع الفتوى رقم: 33741.
وبالنسبة لكشف الرأس في الصلاة راجع أيضاً الفتوى رقم: 6050
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(20/180)
حقيقة الإزار
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الإزار وماذا يفرق عن ملابسنا العاديه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإزار هو الثوب الذي يستر وسط الجسم وما دونه، وانظر الفتوى رقم: 17969، وعليه، فما كان ساترا للنصف الأسفل من البدن وشد على الحقو غير البنطال، فهو إزار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(20/181)
لا دليل على لبس "الطاقية" في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حديث حول لبس "الطاقية" في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم حديثاً يدل على استحباب أو إيجاب الصلاة بالطاقية، إلا أن بعض الفقهاء ذهب إلى كراهة صلاة حاسر الرأس، وهو قول الأحناف، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في جواز ذلك وأنه جائز باتفاق العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/182)
قد يتخلف الوعيد لبعض الأسباب
[السُّؤَالُ]
ـ[كثير من الناس يقولون إن إسبال الإزار جائز، لأن علة تحريمه هو أن الناس في ذلك العصر يفعلونه خيلاء والآن لا يفعل ذلك خيلاء، ايضا كيف تحكم بأن أغلب الأمه في النار إذا كانوا مسبلين بغير خيلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على تحريم إسبال الإزار مع الخيلاء، واختلفوا فيما إذا أسبله لغير الخيلاء، فذهب قوم إلى تحريم، وقال آخرون بالكراهة، والقول بالتحريم هو الأرجح لأدلة ذكرناها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3900، 1633، 2135، 26639.
ولا نعلم أحداً ذهب إلى الجواز مطلقاً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الشرع هو الذي حكم بتحريم الإسبال لغير الخيلاء، للأدلة التي أشرنا إليها سابقاً، فتبين أننا لم نذكر هذا الحكم من غير مستند شرعي، ثم إنه لا يلزم الحكم على شيء بكونه حراماً أن يدخل صاحبه النار بسببه، إذ من المعلوم عند أهل العلم أن نصوص الوعيد قد تتخلف لبعض الأسباب، من توبة صادقة أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو شفاعة مثبتة، أو غير ذلك من الأسباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(20/183)
حكم إسبال الثوب في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إسبال الثوب حرام أم مكروه؟
وهل إسبال الثوب في الصلاة يبطلها؟
وجزاكم الله عنا كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسبال الذي يفعله الإنسان تكبراً وخيلاء محرم اتفاقاً، وأما إذا لم يكن للخيلاء ففيه خلاف بين أهل العلم.
ولكن الصلاة لا تبطل على الراجح في كلا الاحتمالين.
وراجع للمزيد من التفصيل وذكر الأدلة أقوال أهل العلم في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 32479 / 14417 / 5943 1633 26639 21266
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(20/184)
حكم لبس بنطلون الجينز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخ: أنا واحد منَّ الله علي بالهداية ولله الحمد.
ولكن لدي مشكلة هي: أنني لدي بعض بنطلونات الزينة (الجينز) ولا أدري كيف أتصرف بها، وأخاف إن أعطيتها لشخص أن يستخدمها استخداما سيئا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه البنطلونات واسعة وليست ضيقة، بحيث تجسم العورة، وليس فيها تشبه بالمشركين، فيجوز لك لبسها أو إعطاؤها أو بيعها، وغير ذلك من أنواع التصرف.
أما إذا كانت ضيقة، بحيث تجسم العورة، أو كان في لُبْسِها تشبه بالمشركين أو الفسقة، فلا تعطها لأحد، وإن استطعت أن تستغلها في أمر مباح، فهو أولى من إتلافها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(20/185)
تقصير الثياب سنة بكل حال وفاعلها مأجور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقصير الثوب (القميص) فيه ثواب، مع العلم بأن التقصير لم يبلغ منتصف الساق، بل تقصير فوق الكعبين بنصف شبر مثلا؟ أرجو الأهتمام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 21266، ذكر اختلاف العلماء في حكم تطويل الثوب تحت الكعب، من قائل بحرمة ذلك مطلقاً، وقائل بالتحريم إذا كان خيلاء مع الكراهة، وقائل بالإباحة إذا لم يكن خيلاء.
وعلى كل حالٍ فالمقصر لثوبه مأجور؛ لإنه إما تارك لحرام أو لمكروه، وترك الحرام والمكروه بنية الامتثال يثاب فاعله.
حتى ولو قيل بأن تطويل الثياب مباح إذا خلا من خيلاء، فإن المقصر لثوبه مأجور أيضاً؛ إذ تقصير الثياب سنة بكل حال وفاعل السنة بقصد الاتباع مأجور.
هذا وليعلم السائل أن من قصر ثوبه فوق كعبه فقد أتى بالسنة، ولا يلزم أن يبلغ به نصف ساقه، وللفائدة راجع الفتوى المذكورة أعلاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(20/186)
الحكمة من تحريم الحرير على الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من تحريم الحرير؟ أصحيح أنه قد ثبت علمياً أن الحرير يزيد من هرمونات الأنوثة لدى الرجال؟ وشكراً
على فكرة أنا أقيم في قطر، غير أني لم أجدها في القائمة أعلاه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حرم الله على رجال أمة النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبسوا الحرير إلا إذا احتاجوا إليه، كما في حالة الحرب لإرهاب العدو، أو المرض كمن به حكة ونحوها، وقد مضى بيان هذا في الفتاوى التالية أرقامها:
10914 / 26909 / 428 / 4490
وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم من خالف هذا الأمر بأنه يحرم منه في الآخرة فقال: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" متفق عليه.
ومن الحكم التي نص عليها العلماء لتحريم الحرير هي الخيلاء، والخيلاء محرم، فما أدى إليه يكون محرماً كذلك، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: (فإن قيل قد عُرف مما سبق في فصول الطب في التداوي بالمحرمات أن لباس الحرير أعدل اللباس وأوفقه للبدن، فلم حرمه الشرع؟ قيل: لتصبر النفس عنه فتثاب، ولها عوض عنه، وقيل: في إباحته مفسدة تشبه الرجال بالنساء، وقيل: لما يورث لبسه من الأنوثة والتخنث كما هو معروف ضد الشهامة والرجولية، وقيل: لما يورثه لبسه من الفخر والعُجب) أ. هـ
أما عن كون الحرير يضر الرجال إذا لبسوه فلا علم لنا بذلك، لكن يمكنك مراجعة قسم الاستشارات الطبية بالشبكة، فلعلهم يفيدونك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1424(20/187)
حكم سجاد الحرير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وضع السجاد الحرير أو المخلوط في نسيجه حرير بالمنزل.
جازكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز وضع السجاد الحرير أو المخلوط في نسيجه حرير بالمنزل أو غيره إذا كان المستعمل لذلك رجالا، وكان الحرير المخلوط أكثر من النصف، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي، وحل لإناثهم. رواه أحمد والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه.
وراجع الفتوى رقم: 10914، 7829
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(20/188)
لبس الرجل للقلائد والأساور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرام لبس القلائد والسوار بالنسبة للرجال، حتى وإن كانت من الفضة؟ أيضا هل حرام لبس الرجال للودعة {قلادة من أفريقيا السوداء} ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للرجل لبس القلائد والأساور سواء كانت من الفضة أو غيرها، لما فيه من التشبه بالنساء، كما هو مفصل في الفتوى رقم:
6148.
وأما الودعة (القلادة من أفريقيا السوداء) فتأخذ نفس الحكم، لكن إذا صاحبت لبسها عقيدة، كأن يرجو بذلك الحظ أو دفع العين فإن الأمر يكون أشد، فقد روى أحمد وابن حبان والحاكم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(20/189)
لا حرج في لبس الإزار إلى الكعبين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتم الإسبال على مستوى الكعبين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المنهي عنه في ما يتعلق بالإزار في حق الرجال هو ما زاد على الكعبين، إذ لا حرج في لبسه إلى الكعبين، كما هو مفهوم النصوص الواردة في ذلك، ولتراجع هذه النصوص في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3900، 24109، 25062.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1424(20/190)
من ضوابط اللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لباس الجلباب السكروته محرم
وما السبب في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لا نعلم ما هو (الجلباب السكروته) الذي تسأل عنه، ولكن قد تقدمت لنا فتوى برقم: 6745، وفيها ذكر الضوابط الشرعية لحجاب المرأة.
وإذا كان هذا اللباس للرجال فلا بأس به ما لم يكن حريرًا، وما لم يكن فيه تشبه بالنساء أو الكفار؛ لحديث: الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي وحِلٌّ لإناثهم رواه أحمد، ولحديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء رواه البخاري وغيره، ولحديث: ومن تشبه بقوم فهو منهم رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(20/191)
علة تحريم الإسبال
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي العلة في تحريم الإسبال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في علة تحريم الإسبال، فذهب بعضهم إلى أن علة التحريم هي الخيلاء والبطر والكبر، فإذا وجدت هذه العلة وجد التحريم وإذا انتفت انتفى التحريم. قال النووي في شرح مسلم: إن الإسبال يكون في الإزار والقميص والعمامة، وإنه لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء، فإن كان لغيرها فهو مكروه، وظواهر الأحاديث في تقييدها بالجر خيلاء تدل على أن التحريم مخصوص بالخيلاء، وهكذا نص الشافعي على الفرق كما ذكرنا.
وذهب بعضهم إلى أن العلة ليست الخيلاء فقط، وإن كان الإسبال للخيلاء أشد تحريمًا وأغلظ عقوبة.
وذكروا أن الإسبال للرجال مظهر من مظاهر الترف والبذخ والإسراف والتبذير.. وهذه الأمور كلها ممقوتة في شرع الله تعالى. قال الله تعالى: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً [الإسراء:26، 27] ، وقال تعالى: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141] ، وقال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ [الواقعة:45] .
ولهذا فقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم الإسبال لم يذكر فيها الخيلاء. قال ابن العربي: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ولا يقول لا أجره خيلاء، لأن النهي قد تناوله لفظاً ولا يجوز لمن تناوله لفظاً أن يخالفه، أو هو للتعبد؛ والتعبد ما أمر به الشارع ولم تظهر لنا علته.
والحاصل أن علة تحريم الإسبال هي الخيلاء والتبذير والإسراف، أو هو أمر تعبُّدي.
ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 5943، 3900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1424(20/192)
تحريم الإسبال يتناول كل ثوب يلبسه المرء
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"ما أسفل الكعبين في النار"
ومن الوارد والمعروف أن هذا يخص الرجال دون النساء، ولكن ما أريد معرفته هو ما المقصود من هذا الحديث، وما الطريق لامتثال ما جاء في هذا الحديث؟ وهل يقصد بهذا الحديث الرجال الذين يلبسون سواء الأثواب أو البناطيل التي تغطي الكعبين على الرغم من أن الأغلبية بل أكثر من ذلك هم ممن لا يكون لباسهم فوق الكعبين؟
أرجو إفادتي وتوضيح الأمر والحل، إذ أنني بعد ما علمت بالحديث والموضوع يؤرقني إذ أرى أهلي وأقاربي بل أكثرية رجال المسلمين ممن لا يكون لباسهم فوق الكعبين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المذكور في السؤال دال على تحريم الإسبال على الرجال. وقد بيَّنَّا معنى الإسبال وحكمه في فتاوى سابقة فليراجع السائل الرقمين التاليين: 31463، 5943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(20/193)
صفة العمامة المسنونة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي خصائص العمامة؟ وهل يجوز السجود عليها كليا أم يجب أن يمس ولو الشيىء اليسير من الناصية الأرض
وهل حكمها ينطبق على القلنسوة وغيرها مما يستر الرأس مثل الغترة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما بالنسبة لخصائص العمامة فقد قال العلامة السفاريني في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: وقال أشهب: كان مالك رحمه الله تعالى: إذا اعتم جعل منها تحت ذقنه وأسدل طرفها بين كتفيه.
ثم قال السفاريني رحمه الله: مطلب صفة العمامة المسنونة.
وقال الحافظ عبد الحق الأشبيلي: وسنة العمامة بعد فعلها أن يرخي طرفها ويتحنك به، فإن كان بغير طرف ولا تحنيك فذلك يكره عند العلماء، والأولى أن يدخلها تحت حنكه فإنها تقي العنق الحر والبرد وهو أثبت لها عند ركوب الخيل والإبل والكر والفر، قلت: وقال هذا علماؤنا.
وقال في الهدى: كان صلى الله عليه وسلم يتحلى بالعمامة تحت الحنك. انتهى.
وقد أطنب ابن الحاج في المدخل لاستحباب التحنك ثم قال: وإذا كانت العمامة من باب المباح فلا بد فيها من فعل سنن تتعلق بها من تناولها باليمين، والتسمية والذكر الوارد إن كان مما يلبس جديداً، وامتثال السنة في صفة التعميم من فعل التحنيك والعذبة وتصغير العمامة بقدر سبعة أذرع أو نحوهما يخرجون منها التحنيك والعذبة فإن زاد في العمامة قليلاً لأجل حر أو برد فيتسامح فيه. انتهى.
ولا يجوز إسبال العمامة لما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر منها شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.
قال الإمام السندي في شرح سنن النسائي: والعمامة الإسبال فيها بإرسال العذبات زيادة على العادة عدداً وطولاً وغايتها إلى نصف الظهر والزيادة عليه بدعة كذا ذكروا والله تعالى أعلم. انتهى.
واعلم أنه لم يثبت شيء في فضلها، وكل ما ورد في ذلك ضعيف أو موضوع.
قال المباركفوري في شرح الترمذي: فائدة أخرى، لم أجد في فضل العمامة حديثاً مرفوعاً صحيحاً، وكل ما جاء فيه فهي إما ضعيفة أو موضوعة. انتهى.
وأما حكم السجود على العمامة وعلى القلنسوة والغترة فانظره في الفتوى رقم:
18709
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(20/194)
محل كراهة لبس البنطلون الضيق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتداء البنطلون الضيق الطويل حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج على الرجل في لبس البنطلون لكن بشرط أن يكون ساتر العورة، ويكره إن كان محدداً لها، قال في منح الجليل عند قول خليل بن إسحاق المالكي: وكره محدد، أي مظهر حد العورة لرقته أو ضيقه وإحاطته أو باحتزام عليه، ولو بغير صلاة لإخلاله بالمروءة، إلى أن قال: وقيدت كراهة لبس المحدد بعدم لبس شيء آخر عليه مانع من ظهور حدها كقميص أو قباء أو برنس. انتهى.
وبهذا يتضح للسائل جواز لبس الرجل للبنطلون إذا كان سالماً من المآخذ المتقدمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(20/195)
المشردون تعتبر ثيابهم طاهرة رفعا للحرج
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف علينا أن نتعامل مع المعتوه أو بعض المتشردين الذي تكون ثيابهم بالية ووسخة جداً وحتى أجسامهم وسخة إذا دخلوا المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ثياب الأشخاص الذين لا يتحرزون غالباً من النجاسة مثل المعتوهين وغيرهم يكون الغالب فيها أنها نجسة، لكن بما أنهم يخالطون غيرهم دائماً فحينئذ تحصل المشقة، ومن قواعد الشرع الحكيم رفع المشقة والحرج دائماً لطفاً بالعباد، فرفع هذا الحرج واعتُبِرت ثيابهم طاهرة تغليباً للنادر على الغالب، هذا ما ذكره العلامة أحمد بن أدريس القرافي في كتابه أنوار البروق في أنواع الفروق، ضمن أمثلة للمسائل التي يغلب فيها النادر على الغالب، حيث قال: الثالث عشر: ما يلبسه الناس ويباع في الأسواق ولا يعلم لابسه كافر أو مسلم يحتاط ويتحرز، مع أنه الغالب على أهل البلاد العوام والفسقة وترك الصلاة فيها ومن لا يتحرز من النجاسات، فالغالب نجاسة هذا الملبوس والنادر سلامته، فأثبت الشارع حكم النادر وألغى حكم الغالب لطفاً بالعباد. انتهى كلامه.
فظهر من هذا أن هؤلاء الأشخاص تعتبر ثيابهم طاهرة رفعاً للحرج عن غيرهم ممن يخالطونهم في المسجد وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1424(20/196)
حكم لبس الرداء في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
فأريد أن أجعل خاتما في يدي اتباعا للسنة فكيف يجب أن تكون نوعية هذا الخاتم وفي أي الأصابع يكون، وهل الرداء سنة وكيف يجعل إذا كان كذلكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام عن السنة في لبس الخاتم في الفتوى رقم: 24299، والفتوى رقم: 30025، والفتوى رقم: 5775.
وأما الرداء، فهو ما يوضع على العاتق أو بين الكتفين من الثياب على أي صفة كان، قال الحافظ في الفتح: وقد نص الفقهاء على استحباب لبس الرداء في الصلاة، ومن أولئك الكاساني الحنفي في البدائع، والدردير المالكي في شرحه الكبير، وكذا الدسوقي في حاشيته عليه، وابن القاسم الشافعي في حاشيته على تحفة المحتاج، والبهوتي الحنبلي في كشاف القناع، على تفصيل عندهم يرجع إليه في مكانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1424(20/197)
حكم لبس البنطال الضيق للرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يوجد نهي عن ضيق البنطلون (السروال) ؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت النصوص الشرعية الآمرة بستر العورة، وحفظ الفرج، وحرمة النظر إليهما، وانظر الفتوى رقم: 21786.
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة، فلا يكفي ثوب رقيق يشاهد من ورائه سواد البشرة أو بياضها، ولا يكفي أيضاً الغليظ المهلهل النسج الذي تظهر العورة من خلاله، فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوهما صحت الصلاة فيه لوجود الستر. انتهى.
وقال الإمام السفاريني الحنبلي في شرح منظومة الآداب: وفي غاية العلامة الشيخ مرعي رحمه الله تعالى: وكره لهما يعني الذكر والأنثى لبس ما يصف البشرة، ولها يعني وكره للمرأة لبس ما يصف الحجم. ا. هـ
وقال الإمام الدسوقي المالكي في حاشيته: ومحل كراهة لبس المحدد للعورة ما لم يلبس فوق ذلك المحدد شيئاً كقباء وإلا فلا كراهة. ا. هـ
وعليه، فلبس البنطال أو السروايل الضيق الذي لا يشف مكروه ما لم يكن فوقه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(20/198)
السروال الضيق لبسه مكروه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بالسّروال الضّيق، مع العلم أنّ من المصلّين من يظهر شكل بويضتيه أثناء السجود.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم الصلاة في السروال غير الضيق ورد في الفتوى رقم: 4186.
وأما السروال الضيق جداً فإن لبسه مكروه ولو خارج الصلاة، قال الدردير في الشرح الكبير: وكره لباس محدد للعورة بذاته لرقته، أو بغيره كحزام ... أو لضيقه وإحاطته كسراويل ولو بغير صلاة.... ج1ص217-218.
وإذا كان هذا اللباس مكروها خارج الصلاة، فلا شك أن كراهته في الصلاة أكبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(20/199)
الحد الذي ينبغي الوقوف عنده هو الكعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن معنى إسبال الإزار على وجه الدقة علماً بأن طبيعة عملي تفرض عليّ ارتداء البدلة باستمرار، وتقصير البنطلون على نحو لافت أمر لم نعتده؟
ولله الأمر وبه التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن منظور في لسان العرب: أسبل فلان ثيابه إذا طولها وأرسلها إلى الأرض. انتهى.
وقال السندي في شرح سنن النسائي: الإسبال بمعنى الإرخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده. انتهى.
والحد الذي ينبغي الوقوف عنده هو الكعبان، لما رواه البخاري وأحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار.، ومعنى الحديث كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أي ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل فهو في النار عقوبة له على فعله. انتهى.
والحديث يدل على تحريم الإسبال، وهو ما قررناه في عدة فتاوى سابقة فراجع منها الفتوى رقم: 3900، والفتوى رقم: 5943.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى: 16909، والفتوى رقم: 579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(20/200)
جواز لبس الساعة في اليد اليسرى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم لبس الساعة في اليد اليسرى هل فيه تقليد للكفار؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لبس الساعة في اليد اليمنى وفي اليد اليسرى وهي أشبه ما تكون بالخاتم، وقد روى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى.، وروى مسلم أيضاً عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة في يمينه ...
وليس في لبس الساعة في اليد اليسرى تشبه بالكفار، لأنه ليس من خصائصهم، بل شاع بين أوساط المسلمين لبسها في اليد اليسرى، وننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 12438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(20/201)
حكم حج حالق اللحية والمسبل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله..... أما بعد:
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
ماحكم من يحج وهومسبل الثياب وحالق اللحية؟ وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف أن حلق الرجل للحيته من غير عذر وإسباله للثوب تكبرًا من المحرمات شرعاً، وسبق لنا بيان حكمهما في الفتوى رقم:
3198، والفتوى رقم: 263.
ورغم عظم هاتين المعصيتين فإن مرتكبهما يظل فرداً من أفراد المسلمين يجب عليه الحج إن استطاع إليه سبيلا، ولا يبطل حجه بارتكابهما، سواء حصل ذلك في أثنائه أو بعده إلا أنه إن ارتكبهما أو أحدهما - أعني الإسبال بثوب مخيط، وحلق اللحية - في أثناء الإحرام فإنه تلزمه فدية لكل من الأمرين وهي دم يذبح ويعطى لفقراء الحرم، وصيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين.
هذا؛ وننصح من يقوم بهذه الأعمال بالتوبة إلى الله تعالى، والرجوع إليه، وأن يتقي الله عز وجل، وأن لا يفرط فيما أعد الله تعالى لمن حافظ على حجه، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من حجه كيوم ولدته أمه. وفيها أيضاً: والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. والحج المبرور هو الذي لم يخالطه شيء من الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(20/202)
هل كان أبو بكر يسبل إزاره
[السُّؤَالُ]
ـ[قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : >. رواه البخاري هل المقصود بهذا الحديث أن إسبال الثوب من دون قصد الخيلاء لا بأس به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحريم جر الإزار ليس مقيداً بالخيلاء، بل يحرم ولو كان لغير الخيلاء، إلا أنه بالخيلاء أشد حرمة وأعظم عقوبة.
وأما أبو بكر فإنه لم يكن يسبل ولم يتعمد ذلك، بل كان يرفع إزاره إلى فوق الكعب ثم يسترخي عنه لنحالة جسمه من غير قصد منه، ومن كان حاله كذلك لم يدخل في النهي ولم يلحقه الوعيد، ولم يكن ممن يجر ثوبه خيلاء. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة ابن عمر رضي الله عنهما: قلت: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخراً فتركه متعين ولو كان من غير ذهب ولا حرير، فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية الصوف بفرو من أثمان أربع مئة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برفق كابر وقال: ما في خيلاء ولا فخر، وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه، وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه وقيل له: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار. يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء وأنا لا أفعل خيلاء، فتراه يكابر ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري، فقال: لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء. فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولاً على كعبيه أولاً، بل كان يشده فوق الكعب ثم فيما بعد يسترخي، وقد قال عليه السلام: إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين. ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطيًّا لكعابه، ومنه طول الأكمام زائداً وتطويل العذبة وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس، وقد يعذر الواحد منهم بالجهل، والعالم لا عذر له في تركه، الإنكار على الجهلة. انتهى.
ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم:
5943، والفتوى رقم: 26639، والفتوى رقم: 21266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(20/203)
حكم لبس الثوب المنسوج بالذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العباءة الرجالية (البشت) التي يستخدم في تزيينها الخيوط المغموسة في الذهب المذاب أي أن اللون الذهبي فيها ليس صبغا بل من الذهب الحقيقي ولو بمقدار طلاء الخيوط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذ الذهب كثيرا حرم على الذكور باتفاق العلماء، وإن كان يسيراً فقد اختلف العلماء فيه على قولين:
الأول: الجواز إذا كان الذهب قدر أربعة أصابع، وإلى هذا ذهب الحنفية، وأحمد في رواية، قال في كنز الدقائق: الثوب المنسوج بالذهب لا يكره إذا كان قدر الذهب قدر أربع أصابع.
واحتجوا بما روى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعاً. رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: وبهذا الحديث احتج الإمام أحمد -يعني في الرواية المتقدمة- وفسر قوله إلا مقطعاً باليسير، كما احتجوا بالقياس على يسير الحرير الذي وردت به الرخصة.
الثاني: التحريم، وإلى هذا ذهب الشافعية والحنابلة والمالكية: قال في حاشية قليوبي وعميرة: ما طرز أو طُرِّف بذهب وفضة فحرام مطلقاً.
أما مذهب المالكية فقال خليل: وحرم استعمال ذكر محلى.
وقال في الشرح: المراد بالمحلى ما جعل فيه شيء من الذهب أو الفضة متصل كنسيج أو طراز أو منفصل.
وهذا ما يفهم من كلام صاحب الشرح الصغير من المالكية حيث جعل في سلوك الذهب في الثوب الزكاة مع قولهم بأن المباح من الحلي لا زكاة فيه، وقال في الإنصاف: المذهب يحرم نص عليه".
واستدلوا بعموم النهي عن لبس الذهب، وبالقياس على تحريم اليسير من الذهب في الآنية.
والراجح: أن لبس الثوب الذي فيه شيء من الذهب محرم مطلقاً سواء كان كثيراً أو يسيراً، وهذا لوجوه:
الأول: عموم النهي عن لبس الذهب للرجال، وليس هناك مخصص يصلح لتخصيص هذا العموم، وهذا يظهر بالوجه الثاني.
الثاني: أن الحديث الذي استدل به الحنفية ومن وافقهم، يتطرق إليه احتمال أن يكون ذلك خاصاً بالنساء، وإلى هذا ذهب الخطابي في المعالم وجعل هذا الاستثناء خاصا بالنساء قال: لأن جنس الذهب ليس بمحرم عليهن كما حرم على الرجال قليله وكثيره.
على أن هذا الحديث لو أخذ بعمومه فلا فرق بين الكثير واليسير، وأيضا فليس فيه ما يدل على التحديد بأربعة أصابع.
الثالث: لا يصح قياس يسير الذهب في الإباحة للذكور على يسير الحرير، لأن تحريم الذهب على الرجال أغلظ من تحريم الحرير، ألا ترى أن الحرير يباح للحاجة كما لو لُبس للحكة كما رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم لذلك، أما الذهب فإنه لا يباح إلا للضرورة.
الرابع: أن لبس الرجال لمثل هذه الأنواع من الثياب، قد يجر إلى المخيلة المنهي عنها، كما قد يدخل في لباس الشهرة وهذا من المحرمات، وقد تجر إباحة يسير الذهب في الثوب إلى تعاطي الكثير المحرم بالاتفاق، كما هو معروف، فيحرم ذلك سداً للذريعة إلى الحرام.
وبعض هذه الوجوه يكفي في التحريم، فكيف بها إذا اجتمعت؟
إذا تقرر هذا فاعلم أن لبس أو شراء البشوت التي وقع السؤال عنها، لا يجوز.
والأولى بالمسلم أن ينزه دينه وعرضه عن مثل هذه الألبسة، وفي المباح الذي لم يختلف فيه ما يغني عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(20/204)
لبس الأحمر بين الجواز والمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: هل يوجد حديث يحرم لبس الرجل القميص الأحمرالفاقع وما هو هذا الحديث؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم لبس الثوب الأحمر على أقوال أوصلها الحافظ في الفتح إلى سبعة أقوال أو ثمانية يرجع الخلاف فيها إلى الخلاف في مفهوم الأحاديث الواردة بشأنها، فقد روى البخاري ومسلم -واللفظ للبخاري - عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً وقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئاً أحسن من.
فظاهر هذا الحديث جواز لبس الأحمر، وقد ترجم عليه البخاري في صحيحه "باب الثوب الأحمر" وترجم عليه الترمذي "باب ما جاء في الرخصة في الثوب الأحمر للرجال".
ووردت أحاديث أخرى ظاهرها النهي عن لبس الثوب الأحمر، ومن ذلك ما رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نهيت عن الثوب الأحمر، وخاتم الذهب، وأن أقرأ وأنا راكع.
وقد ذهب أهل العلم مذاهب شتى للجمع بين هذه الأقوال، ورجح الحافظ في الفتح القول بكراهته إن كان للزينة والشهرة، وجوازه إن كان في البيوت والمهنة، ونسب هذا القول إلى ابن عباس رضي الله عنهما، وكذا نسبه إلى الإمام مالك رحمه الله، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
19905 - والفتوى رقم: 3442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(20/205)
لبس الحرير الطبيعي والصناعي للرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتداء الملابس الداخلية المصنوعة من الحرير حرام، حتى إذا كان للنفس دون أن يرني أحد، أي ليس للمنزرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه الملابس مصنوعة من الحرير الطبيعي الذي يخرج من دودة القز فإنه يحرم عليك لبسها مطلقاً سواء كان يراك أحد أو لا يراك.
لما ثبت في مسند أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: أخذ ذهباً بيمينه وحريراً بشماله ثم رفع بهما يديه فقال: هذان حرام على ذكور أمتي.
أما إن كان الحرير اصطناعياً فإنه لا يأخذ حكم الحرير الطبيعي ولا يحرم، لكن إن كان يشابهه مشابهة قوية فالأولى تركه للرجال لاحتمال وجود العلة التي من أجلها حرم الحرير الطبيعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(20/206)
الموقف الشرعي من إسبال الإزار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكمة هذا الحديث: (ما أسفل من الكعبين فهو في النار) لو كان للكبر والخيلاء.. ماذا لو كانت نيته ليست الكبر والافتخار بطول لبسه فهذا يجعلنا غير مقبولين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت الأحاديث الصحيحة في النهي عن الإسبال.. منها ما أخرجه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، قال أبو بكر: يا رسول الله، إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لست ممن يصنعه خيلاء.
وخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر من إزاره بطراً. وخرج أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار.
فاختلف العلماء رحمهم الله في هذه الأحاديث فمنهم من قال: يحمل المطلق على المقيد فيقيد حديث ما أسفل من الكعبين ففي النار بحديث من جر ثوبه خيلاء، فقال: إنما المحرم إذا كان للخيلاء.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري جـ10 صـ324: وفي هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة، أما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضاً؛ لكن استدل بالتقييد في هذه الأحاديث بالخيلاء على أن الإطلاق في الزجر الوارد في ذم الإسبال محمول على المقيد هنا فلا يحرم الجر والإسبال إذا سلم من الخيلاء.
قال ابن عبد البر: مفهومه أن الجر لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد؛ إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم على كل حال، وقال النووي رحمه الله: الإسبال تحت الكعبين للخيلاء، فإن كان لغيرها فهو مكروه. وهكذا نص الشافعي على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء، قال: المستحب أن يكون الإزار إلى نصف الساق، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم إن كان للخيلاء؛ وإلا فمنع تنزيه لأن الأحاديث الواردة في الزجر عن الإسبال مطلقة فيجب تقييدها بالإسبال للخيلاء. انتهى
والصحيح أن الإسبال محرم على كل حال سواء كان للخيلاء أولغير الخيلاء، ولا يمكن أن يحمل المطلق على المقيد هنا، وذلك لاختلاف السبب والحكم، وقد اتفق العلماء على أنه إذا اختلف الحكم والسبب فلا يحمل المطلق على المقيد كما نقل الاتفاق الشوكاني في الإرشاد، واختلاف السبب والحكم هنا ظاهر، أما اختلاف الحكم ففي حديث ابن عمر الوعيد بعدم نظر الله إليه، وفي حديث أبي هريرة الوعيد بدخول النار.
وأما اختلاف السبب ففي حديث ابن عمر سبب الوعيد الخيلاء، وفي حديث أبي هريرة سببه كونه أسفل الكعبين، فيكون الوعيد متناولاً من جره خيلاء أو لغير خيلاء.
وهذا مع ما في جره من محاذير أخرى:
1- منها أن جره فيه تشبه بالنساء في كونهن مأمورات بجر أذيالهن، وقد صحح الحاكم من حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الرجل يلبس لبسة المرأة.
2- ومنها أن لابسه لا يأمن تعلق النجاسة به: وفي قصة قتل عمر أنه قال للشاب الذي دخل عليه: ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك.
3- ومنها إن الإسبال مظنة الخيلاء، قال ابن العربي رحمه الله: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول: لا أجره خيلاء لأن النهي قد تناوله، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكما أن يقول لا أمتثله لأن تلك العلة ليست فيّ.. فإنها دعوى غير مسلمة، بل إطالته ذيله دالة على تكبره.
قال ابن حجر رحمه الله: وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء. ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه: وإياك وجر الإزار فإن جر الإزار من المخيلة.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر لست ممن يصنعه خيلاء فليس فيه دليل على أنه إذا كان لغير الخيلاء جاز لأن أبا بكر لم يقصد جر الإزار لأنه كان كلما استرخى تعاهده كما في الحديث، وانظر الفتوى رقم: 21266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(20/207)
حكم لبس الشورت
[السُّؤَالُ]
ـ[تحيه طيبه وبعد
سؤالي هو: هل يجوز حلق شعر الجسم ولبس (المايوه) كما يفعل عارضو كمال الأجسام.....لأنها من إحدى هواياتي وأتمنى أن أصبح بطلا..... وما الحكم في لبس الشورت أثناء التدريب لأن البنطلون يعيق تدريبي ... أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي -حفظك الله ووفقك لكل خير- أنك عبد لله تعالى يجب عليك طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وفي ذلك فوزك بجنة عرضها السماوات والأرض، ونجاتك من نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى.
واعلم أن الله أحل لك كل ما تهوى من الأطعمة، وحرم عليك خبيثها، وأحل لك ما يعجبك من اللباس وحرم عليك كشف عورتك وهي: ما بين السرة إلى الركبة. ولمعرفة حكم ممارسة رياضة كمال الأجسام انظر الفتوى رقم: 5921.
وقد بينا حكم ستر العورة في الفتوى رقم:
21786 - والفتوى رقم: 1969 - والفتوى رقم: 8905.
ولا يفوتنا أخي أن ننبهك إلى أنه ينبغي للمسلم أن يكون ذا همة عالية وأمنية سامية مترفعاً عن سفاسف الأمور، فنتمنى أن تغير أمنيتك وهوايتك إلى أن تكون عالماً هادياً للأمة إلى ربها، أو مجاهداً حامياً لحمى الإسلام، ونحو ذلك من المقاصد الرفيعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(20/208)
ارتداء القميص غير واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتداء القميص واجب وما هو الدليل؟
أما أنا فأرتدي بنطلوناً واسعاً فهل أنا آثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلبس القميص مستحب وليس بواجب، ويجوز لبس الإزار، والرداء، والبنطال الواسع، وغير ذلك مما يستر العورة، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10005 والفتوى رقم: 19905
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(20/209)
حكم لبس الثياب التي عليها صور اللاعبين وصور للصليب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إلى شيوخ الأمة هل يجوز لبس لباس فيه أسماء اللاعبين الأوروبيين على الظهر علما أن بعضهم كفار وهل يجوز لباس الذي فيه الصليب في الصدر علما أن الصليب يكون غير ظاهر نوعا ما أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على المسلم لبس ما فيه صورة لذوات الأرواح لعموم الأدلة الدالة على تحريم التصوير، وتعظم الحرمة إذا كانت هذه الصور لنساء سافرات أو شخصيات معظمة أو كافرة أو فاسقة حقها أن توضع، ولا ترفع.
فلبس الثياب المشتملة على مثل هذه الصور منكر لما فيه من تعليق القلوب بها، وتذويب لعقيدة الولاء والبراء، وتعظيم ما أهان الله تعالى.
وأما لبس ملابس عليها صليب فهو أشد حرمة، وأعظم جرماً لأن الصليب شعار الكفار ورمز كذبتهم التي يزعمون فيها أن المسيح صلب عليه.
فكيف يحل لموحد مسلم أن يلبس شعار الكفر، ويوافقهم على ما زعموه من قتل عيسى عليه السلام، والله تعالى قد نفى ذلك وأبطله كما قال: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء:157] .
وذهب أهل العلم -كما أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- إلى أن المسلم إذا بين له حكم لبس الصليب، وأنه شعار النصارى، ودليل على أن لابسه راض بما عليه فأصر أنه يحكم بكفره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(20/210)
حول إسبال الإزار
[السُّؤَالُ]
ـ[قال عليه الصلاة والسلام: "ما أسفل الكعبين من الإزار في النار" رواه مسلم، لدي مشكلة مع بعض الناس عن تقصير السروال وقيل لي إن الحديث غير كامل أرجو من سماحتكم توضيح هذا الأمر.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث رواه البخاري: ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار. والحديث مكتمل الألفاظ في هذه الرواية وليس فيه نقص، ولكن لعل مراد من قال إن الحديث غير كامل الإشارة إلى أحاديث أخرى ورد فيها تقييد الوعيد على الإسبال بالخيلاء، كقوله صلى الله عليه وسلم: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة." رواه البخاري.
وقد بينا أقوال أهل العلم في هذه المسألة في جوابين سابقين:
5943 12984
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1424(20/211)
يجوز لبس (السترتش) بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس الشورت القصير ولكن تحته سترتش
أثناء لعب الكرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعورة الرجل المسلم هي ما بين السرة والركبة ولا يجوز له كشفها أمام الرجال الآخرين كما هو مبين في الفتوى رقم 1969 وستر العورة يكون بثوب صفيق لا يشف وواسع لا يصف وما يسمى بالاسترتش يكون لاصقاً بالجسم فيصف بذلك العورة، وعليه فلا يجوز لبسه إلا وفوقه ساتر فضفاض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1423(20/212)
الإسبال في الإزار والقميص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسبال في اليد والرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم الإسبال المنع، لما في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار "
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " روه أبو داود.
ولمزيد من الأدلة وأقوال العلماء والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم 12984
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(20/213)
القول بأن البنطال لا يجوز إطلاق في غير محله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع ملابس الرجال غير الإسلامية مثل البنطلون وغيرها؟ وما حكم العمل في هذا المجال؟ أفيدونا أثبكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن البنطال من الملابس التي يجوز للرجال لبسها ما لم تكن ضيقة أو شفافة تصف العورة، وليست من ملابس الكفار الخاصة بهم، ولذلك فإن إطلاق القول بأن البنطال من الملابس غير الإسلامية بالنسبة للرجال إطلاق في غير محله، وعليه فيجوز العمل في مجال بيعها وشرائها ما لم تكن على الصفة الممنوعة التي سبق ذكرها، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
8672، والفتوى رقم:
6140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1423(20/214)
يراعي الرجل آداب مجتمعه في لباسه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم لبس الملابس الساترة ولكن يده قصيرة إلى مافوق المرفقين؟ افتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان تحديد عورة الرجل في الفتوى رقم:
19890، وعليه فاللازم على الرجل هو سترها دون غيرها، ولكن هنالك أداب عامة تنبغي مراعاتها فإذا كان الشخص مثلاً في مجتمع عادة الرجال فيه ستر المرافق والسواعد فينبغي له التزيي بزيهم، وعدم مخالفتهم، لما فيها حينئذ من معنى الشهرة المذمومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(20/215)
حكم لبس الرجل الثوب المطرز
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم لبس الثوب المطرز إذا عمله دون علمه بتحريم لبسه فهل يلبسه أم يرميه"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الثوب المطرز إما أن يكون مطرزاً بالنقدين (الذهب، الفضة) فهذا لا يجوز لباسه للرجال مطلقاً، ويجوز لباسه للنساء مطلقاً.
أو يكون مطرزاً بالحرير فهذا يجوز لبسه للنساء مطلقاً، ويجوز لبسه للرجال لضرورة أو حكة، وكذا إذا كان ما فيه من الحرير قليلاً، وحدُّ القليل موضع أربع أصابع، لما رواه مسلم في صحيحه عن عمر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير؛ إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع.
قال النووي: وفي هذه الرواية إباحة العَلَم من الحرير في الثوب إذا لم يزد على أربع أصابع، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وعن مالك رواية بمنعه، وعن بعض أصحابه رواية بإباحة العلم بلا تقدير.... وهذان القولان مردودان بالحديث الصريح.
وعلى هذا، فإذا كان التطريز لا يتجاوز قدر أربع أصابع مثل ما يكون في فتحة الجيب أو الكم فهذا لا بأس به، وكذلك الخيوط النازلة، والضابط: ألا يتجاوز موضع أربع أصابع.
وأما المطرز بما عدا النقدين والحرير فلا بأس به للرجال والنساء، وهو داخل في الزينة التي أذن الله تعالى فيها بل أمر بالأخذ بها في بعض المواطن، قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31] .
وقال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32] .
وقال صلى الله عليه وسلم: كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة. رواه البخاري عن ابن عباس.
والحاصل أن المرأة لها الملبوس مطلقاً، وأنه لا يجوز للرجل لبس النقدين والحرير، ويستثنى من الحرير ما كان لضرورة، أو كان قليلاً لا يتجاوز قدر أربع أصابع.
ولا يجوز للرجل لبس ما هو محرم ولا يجوز له كذلك أن يرميه لأنه مال يجب حفظه وبإمكانه أن يبيعه بثمنه أو يهديه لامرأة أو يتصدق به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1423(20/216)
إسبال الإزار ... بين الإباحة والكراهة والتحريم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإن قول الرسول صلى الله عليه وسلم من يلبس تحت الكعبين هو في النار لأن في الجاهلية كانوا يتكبرون بهذه الهيئة ولم تكن في ذلك الزمان طرق معبدة ففيها حكمة وهي منع لصق الأوساخ أما في وقتنا الحالي لبس تحت الكعبين ليس تكبرا؟ وشكراً على المجهودات المبذولة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ذهب إليه أكثر أهل العلم أن أحاديث النهي عن الإسبال مقيدة بالخيلاء، فإذا انتفى الخيلاء لم يكن الإسبال محرماً، واختلفوا بعد ذلك في الكراهة وعدمها، وممن ذهب إلى عدم التحريم إذا لم يكن للخيلاء: الشافعي وأحمد، وممن ذكر ذلك من المالكية: سليمان بن خلف الباجي في كتابه المنتقى شرح الموطأ والنفرواي في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
ومن الشافعية: الإمام النووي وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري والإمام شهاب الدين الرملي والحافظ ابن حجر الهيتمي وغيرهم كثير.
وممن نص على ذلك من الحنابلة: الإمام ابن قدامة في المغني وشيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة والرحيباني في مطالب أولي النهى وابن مفلح في الآداب الشرعية والمرداوي في الإنصاف.
وإليك طرفاً من أقوالهم في المسألة، قال الباجي في المنتقى: وقوله صلى الله عليه وسلم الذي يجر ثوبه خيلاء يقتضي تعليق هذا الحكم بمن جره خيلاء، أما من جره لطول ثوب لا يجد غيره، أو عذر من الأعذار، فإنه لا يتناوله الوعيد.
وتعقب العراقي ابن العربي حيث ذهب إلى تحريم الإسبال مطلقاً بخيلاء أو بغير خيلاء، فقال العراقي: وهو مخالف لتقييد الحديث بالخيلاء.
وقال ابن قدامة: ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برفع الإزار، فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حرام.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وقد عرفت ما في حديث الباب من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء وهو تصريح بأن مناط التحريم الخيلاء، وأن الإسبال قد يكون للخيلاء، وقد يكون لغيره، فلابد من حمل قوله"فإنها من المخيلة" في حديث جابر بن علي أنه خرج مخرج الغالب، فيكون الوعيد المذكور في حديث الباب متوجهاً إلى من فعل ذلك اختيالاً، والقول: بأن كل إسبال من المخيلة أخذاً بظاهر حديث جابر ترده الضرورة، فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله.
ثم قال: وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في الصحيحين.
ثم قال: وحمل المطلق على المقيد واجب، وأما كون الظاهر من عمرو أنه لم يقصد الخيلاء فما بمثل هذا الظاهر تعارض الأحاديث الصحيحة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة 4/363: وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة، والمطلق منها محمول على المقيد، وإنما أطلق ذلك؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة.
ثم قال: ولأن الأحاديث أكثرها مقيدة بالخيلاء فيحمل المطلق عليه، وما سوى ذلك فهو باقٍ على الإباحة، وأحاديث النهي مبنية على الغالب والمظنة.
ثم قال: وبكل حال فالسنة تقصير الثياب، وحدِّ ذلك ما بين نصف الساق إلى الكعب، فما كان فوق الكعب فلا بأس به، وما تحت الكعب في النار.
ومن العلماء من فهم من نصوص النهي تحريم الإسبال مطلقاً، ومنهم: الإمام ابن العربي والإمام الذهبي، والإمام ابن حجر العسقلاني وهو قول له حظ كبير من النظر، وإن قل القائلون به؛ لأن النهي عن الكل ورد في حديث واحد، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه ما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين في النار" يقول ثلاثاً: "لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه واللفظ له.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (وفي هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة، وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضاً) .
وقال ابن العربي رحمه الله: (لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه، ويقول: لا أجره خيلاء، لأن النهي تناوله لفظاً، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول لا أمتثله، لأن العلة ليس فيَّ، فإنها دعوى غير مسلمة، بل إطالته ذيله دالة على تكبره) انتهى.
وقد نقله ابن حجر رحمه الله، وعلق عليه بقوله: (وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه: "وإياك وجر الإزار فإن جر الإزار من المخيلة" وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء قد أسبل، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله، ويقول: "عبدك وابن عبدك وأمتك" حتى سمعها عمرو فقال: يا رسول الله إني حمش الساقين فقال: "يا عمرو إن الله قد أحسن كل شيء خلقه، يا عمرو إن الله لا يحب المسبل" الحديث.
وأخرجه أحمد من حديث عمرو نفسه، لكن قال في روايته: "عن عمرو بن فلان" وأخرجه الطبراني أيضاً فقال: "عن عمرو بن زرارة " وفيه ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أصابع تحت الأربع، فقال: يا عمرو هذا موضع الإزار، الحديث، ورجاله ثقات، وظاهره أن عمراً المذكور لم يقصد بإسباله الخيلاء، وقد منعه من ذلك لكونه مظنته.
وأخرج الطبراني من حديث الشريد الثقفي قال: أبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد أسبل إزاره فقال: "ارفع إزارك" فقال إني أحنف تصطك ركبتاي، قال: "ارفع إزارك فكل خلق الله حسن" وأخرجه مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة من طرق عن رجل من ثقيف لم يسم وفي آخره: "وذاك أقبح مما بساقيك" انتهى كلام الحافظ رحمه الله.
وهذه الأحاديث كما قال الحافظ ظاهرة في تحريم الإسبال، ولو كان لغير الخيلاء.
وإذا كان الإسبال مظنة الخيلاء، وكان غالب الناس يفعلونه خيلاء كما سبق في كلام شيخ الإسلام وغيره، كان الإفتاء بمنعه وتحريمه قولاً قوياً مؤيداً بما سبق من الأحاديث.
ومن أسبل ثوبه ثم زعم أنه لا يفعله خيلاء لم يسلَّم له ذلك، فإن الإسبال يستلزم الخيلاء كما سبق، وأما فعل أبي بكر رضي الله عنه فتوجيهه كما قال الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء (3/234) : (وكذلك نرى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية -نوع من اللباس- تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار" يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء وأنا لا أفعله خيلاء. فنراه يكابر ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: (إنه يا رسول الله يسترخي إزاري) فقال: "لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء" فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولاً، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعدُ يسترخي. وقال عليه الصلاة والسلام: "إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين" ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطياً لكعابه، ومنه طول الأكمام زائداً، وتطويل العذبة، وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس، وقد يعذر الواحد منهم بالجهل، والعالم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة) انتهى كلام الذهبي رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(20/217)
إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في أن يقوم أحد الناس بلبس الملابس والمقصود بها الرجال في توحيد لون الشماغ والثوب والنعل بلون موحد وإن كان الشخص عليه ظاهر الالتزام؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله- في إن يلبس الرجل من الثوب أو النعل أو غيرهما ما يكون موحداً في لونه طلباً للحسن، إذا كان ذلك في حدود الشرع، ولم يكن فيه طلب شهرة، وسَلِم من التشبه بالكفار أو المبتدعة أو الفسقة.
فقد ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"ّ قال رجل: إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنة. قال: "إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس".
وورد في مسند أحمد وسنن أبي داود وسنن ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة" واللفظ لأحمد.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم، فهو منهم" رواه أبو داود من حديث ابن عمر.
والأولى ألا يكون هذا اللبس الموحد من شأنه دائماً، لما في ذلك من الذريعة إلى الشهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(20/218)
هل يجوز إسبال الإزار خوفا من الظلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا فضيلة الشيخ:- لقد قرأت في الحديث بما معناه أن الرسول قال ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة وذكر من بينهم المسبل إزاره وسمعت أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان قد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني أسبل إزاري يارسول الله فقال له أنت لا تقصد الخيلاء فهل يجوز أن نسبل الإزار إن كنا لا نقصد الخيلاء وإن كانت في بلدنا لا توجد الحرية المطلقة لفعل ذلك وكانت في فترة من الفترات محاربة نظراً لخوف الدولة من الجماعات الإسلامية المتشددة؟ أفيدونا رحمكم الله تعالى......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم الإسبال بالتفصيل في الفتاوى التالية:
5943
16950
13180.
أما الإسبال خوفاً من الظلمة والطواغيت، فإذا كان هذا الخوف حقيقياً وليس مجرد وهم فإنه لا حرج فيه دفعاً للضرر المحقق منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(20/219)
حالات اللباس للرجال..استحباب وجواز وحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الثياب الطويلة (كالبناطلين) ؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في اللباس بالنسبة للرجال أن له حالين: حال استحباب وهو الاقتصار باللباس إلى أنصاف الساقين، وحال جواز وهو إلى الكعبين، ففي سنن أبي داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه".
وقد اتفق أهل العلم على تحريم جر الثياب بقصد الخيلاء، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جر ثوبه مخيلة لم ينظر الله إليه يوم القيامة" متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وقد اختلفوا فيمن جر إزاره من غير خيلاء، والراجح المنع، وراجع الفتوى رقم: 3900، والفتوى رقم: 5943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1423(20/220)
الإجماع منعقد على حرمة الذهب للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الذهب للرجال؟ مع العلم بأن بعض الناس يقولون إنه ليس حراماً إذا كان للإشهار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للرجال لبس الذهب والتحلي به بحال، ولا خلاف في ذلك بين علماء المسلمين قال النووي في المجموع: أجمع العلماء على تحريم استعمال حلي الذهب على الرجال.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 1703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(20/221)
حكم لبس الطاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم لبس القبعة البيضاء؟ هل هو سنة أم شيء آخر؟
أفيدونا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلبس القبعة ذات اللون الأبيض مباح، وكذا غيره من الألوان على خلاف في اللون الأحمر، وسواء في ذلك ما كان منها على هيئة القلنسوة (الطاقية) أو غيرها، لأن الأصل الإباحة بشرط أن لا تكون مما اختص الكفار بلبسه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خالفوا المشركين" رواه البخاري ومسلم.
وروى أبو داود في سننه وأحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تشبه بقوم فهو منهم".
وليعلم أن ما يختص به الكفار يختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان، فينبغي عند إصدار الحكم مراعاة ذلك.
إلا أن لبس الطاقية قد يصل إلى درجة الندب، إذا احتاج إليها المسلم عند دخوله الخلاء، فقد نص كثير من العلماء على ندب تغطية الرأس في هذه الحالة بعمامة أو طاقية أو غيرها.
قال في الشرح الكبير عند ذكر مندوبات دخول الخلاء: وتغطية رأسه ولو بكمه أو طاقية، فالمراد أن لا يكون مكشوفاً وقت قضاء الحاجة. ا. هـ
وذهب الحنابلة إلى استحباب تغطية الرأس عند الجماع، وكذلك قال المرداوي في الإنصاف: يستحب تغطية الرأس عند الجماع، وكذلك الوقاع وعند الخلاء. ذكره جماعة ا. هـ
والحاصل أن الطاقية مباحة في الجملة، وقد يقترن بها وبغيرها من أغطية الرأس من الأحوال ما يجعلها تصل إلى درجة الاستحباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(20/222)
لبس الأحمر الخالص للرجل جائز في حالة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل لبس الأحمر الخالص، مع دليل إن وجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاختلف العلماء في لبس الثوب الأحمر على سبعة أقوال، ذكرها الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح فقال: وقد تلخص لنا من أقوال السلف في لبس الثوب الأحمر سبعة أقوال: الأول: الجواز مطلقاً.. والثاني: المنع مطلقاً.. والثالث: يكره لبس الثوب الأحمر المشبع بالحمرة دون ما كان صبغه خفيفاً.. والرابع: يكره لبس الأحمر مطلقاً لقصد الزينة والشهرة ويجوز في البيوت والمهنة (وهذا الذي مال إليه الحافظ واختاره) فقال بعد سرد الأقوال السبعة: والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار فالقول فيه كالقول في الميثرة الحمراء "وهي من مراكب العجم من ديباج وحرير" يعني: لا يجوز لبس الأحمر تشبهاً بالكفار إذا اختص بهم، وإن كان من أجل أنه زي النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء فيكون النهي عنه لا لذاته، وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث وقع ذلك، وإلا فيقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت. انتهى 10/378 فتح الباري
وعلى هذا فالراجح جواز لبس الثوب الأحمر الخالص في البيوت والمهن دون المحافل إذا سلم من أن يكون من ثياب الكفار المختص بهم، أو يكون فيه تشبه بالنساء، أو يكون فيه شهرة، أو مخالفة لزي أهل بلده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(20/223)
لبس الإزار غير واجب، أما القميص فمستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إلازار فرض.
إذا كان فرضاً لماذا أكثر أهل العلم لا يلتزمون بذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم قائلاً من أهل العلم بوجوب لبس الإزار، والواجب هو لبس ما يستر العورة من قميص أو إزار أو سراويل، وأفضلها القميص. ففي الترمذي وأبي داود من حديث أم سلمة قالت: كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم القميص.
قال الإمام الشوكاني - رحمه الله-: والحديث يدل على استحباب لبس القميص، وإنما كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار اللذين يحتاجان كثيراً من الربط والإمساك وغير ذلك، بخلاف القميص. والإزار هو الذي يشد في الوسط (الحقو) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(20/224)
النظرة الاجتماعية والشرعية في لبس العباءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم من لا يصلي بسترة - عباءة- وإن كان ذلك ما الحكمة فيها؟ وهل الإسبال شرط من شروط صحة الصلاة؟
شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن ستر العورة شرط لصحة الصلاة، لقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31] ، وفسرت الزينة هنا بما يستر العورة، وهي من الرجل ما بين السرة والركبة عند أغلب أهل العلم، لما روى أحمد بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على معمر وفخذاه مكشوفتان، فقال: "يا معمر: غط فخذيك، فإن الفخذين عورة".
وعورة الأمة مثل الرجل - وأما المرأة الحرة فكلها عورة ما عدا وجهها وكفيها، لقول الله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) [النور:31] . قال المفسرون: لا يظهرن مواضع الزينة إلا الوجه والكفين.
وعليه، فإنه لو صلى الإنسان في ثوب واحد يغطى جميع عورته أجزأه ذلك، لما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في ثوب واحد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أو لكلكم ثوبان؟! ".
ولا شك أنه إذا كان عند المصلي ثوب آخر، فإنه يستحب له أن يصلي في ثوبين أو أكثر، وأن يتجمل ويتزين ما أمكنه ذلك، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان لأحدكم ثوبان، فليصل فيهما، فإن لم يكن له إلا ثوب واحد فليتزر به، ولا يشتمل أحدكم اشتمال اليهود". كما في سنن أبي داود وغيره.
قال التميمي: الثوب الواحد يجزئ، والثوبان أحسن، والأربع أكمل قميصاً وسراويل وعمامة وإزار.
وروي عن عمر أنه قال: إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا.
وبناء على ما تقدم، فإنما سألتم عنه من ترك العباءة في الصلاة لا أثر له في صحتها، ولكن إذا كان عادة أهل البلد لبسها تجملاً، فهي مستحبة، لما روي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما: أنه كان إذا قام إلى الصلاة لبس أحسن ثيابه، فسئل عن ذلك؟ فقال: إن الله جميل يحب الجمال، فأتجمل لربي، وهو يقول: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف:31] .
وأما بخصوص الإسبال، فالظاهر لنا فيه هو أنه لا يجوز للرجل إسبال القميص والإزار والسراويل ولو لم يكن بقصد الكبر، فإن أسبل كبراً فإن الحرمة تزداد وتشتد، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه".
أما بالنسبة للمرأة، فقد أجمع العلماء على مشروعية الإسبال للنساء، كما نص على ذلك النووي، وانظر الفتوى رقم: 8116 والفتوى رقم: 5777
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(20/225)
حكم إسبال الإزار تحت ظرف الضغوط والعنت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنني أعاني المشاكل العديدة والكثيرة سواء في بيتي وعائلتي وخاصة والدي أو عند ذهابي لدراستي أو غير ذلك من الأماكن بسبب لبسي الإزار الشرعي وأنا مهدد بالطرد من منزلي الذي أسكن فيه مع والدي. أفتونا أفادكم الله وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
تعمد إسبال الإزار أسفل الكعبين محرم، للحديث الصحيح ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار. رواه البخاري.
ولا شك أن السائل مأجور -إن شاء الله- على تمسكه وتحمله كل هذه المتاعب في سبيل انقياده وطاعته لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، لكن إن اضطر إلى الإسبال تحت هذه الضغوط في هذه البيئة التي صار المعروف فيها منكراً والمنكر معروفاً، فلا حرج عليه أن يسبل، فإن الله تعالى لم يجعل علينا في الدين من حرج، والشريعة جاءت لرفع المشقة والعنت، والله أمرنا بطاعته قدر طاقتنا واستطاعتنا. قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا
ولعل مما يخفف على الأخ هو أن طائفة من أهل العلم يرون أن الإسبال بدون خيلاء مكروه فقط.
وعلى الأخ أن يراجع الفتوى رقم:
3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(20/226)
حكم لبس بدلة (الجاكيت)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس البدلة الأجنبية المعروفة بالجاكيت؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في اللباس أنه من الأمور المباحة حتى يرد دليل على التحريم، وذلك للقاعدة الشرعية العامة: الأصل في الأشياء الإباحة.
وقد ذكر أهل العلم ضوابط عامة للباس الرجال، من هذه الضوابط:
أولاً: ألا يكون فيه تشبه بالنساء، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل". رواه أبو داود بسند صحيح.
ثانياً: ألا يكون ضيقاً فيصف.
ثالثاً: ألا يكون خفيفاً فيشف.
رابعاً: ألا يشابه لبس الكفار، لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها". رواه مسلم.
خامساً: ألا يكون ثوب شهرة، ففي حديث ابن عمر في سنن أبي داود بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لبس ثوب شهرة، ألبسه الله يوم القيامة ثوباً مثله، ثم يلهب فيه النار".
فإذا تحققت هذه الشروط في أي نوع من اللباس كان مباحاً، فالجاكيت الأصل فيه أنه مباح، والقول بتحريمه لمشابهة الكفار لا يمكن الجزم به، لأنه لا مانع من أن يكون -أصلاً- من زي المسلمين، فقد قيل إن أصلها من لبس الأتراك وهم مسلمون، فيكون من نوع الزي الذي يفعلونه هم أيضاً.
قال ابن تيمية -رحمه الله- وهو يتحدث عن ضوابط مشابهة الكفار: النوع الثاني: ما ليس في الأصل مأخوذاً عنهم، لكنهم يفعلونه أيضاً، فهذا ليس فيه محذور المشابهة، ولكن قد يفوت فيه منفعة المخالفة، فتتوقف كراهة ذلك وتحريمه على دليل شرعي وراء كونه من مشابهتهم، إذ ليس كوننا تشبهنا بهم أولى من كونهم تشبهوا بنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(20/227)
الأصل في لبس الأشياء الحسنة الجواز إذا خلا من محظور شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الجليل، أسأل الله أن يحفظكم، وأن ينفع بكم.
أرجو إفادتي بالجواب عن السؤال الآتي:
لقد حرم الله إسبال الإزار لأنه من مظاهر الكبر، ومنعه حتى على من لا يقصد بإسبال إزاره كبرا.
وفي عصرنا نرى أن الإسبال صار نادرا جدا أن يكون من مظاهر الكبر، لكن صارت هناك أشياء عديدة أخرى تستعمل من أجل الكبر والفخر، مثل لبس بعض الأنواع من النظارات الشمسية الفاخرة، وغير ذلك، فهل يمكن – قياسا على الإسبال – القول بتحريم مثل هذه الأشياء العصرية ولو لم يكن المقصود منها كبرا؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكبر من المحرمات التي جاء الزجر عنها والتوعد لمرتكبها، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " سواء عبر عنه بلبس الفاخر أو بغير ذلك، ولكن الكبر كما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث هو " بطر الحق وغمط الناس " أي دفع الحق وعدم قبوله، واحتقار الناس. أما لبس الملابس الفاخرة والنظارات الجميلة الثمينة فالأصل فيه الجواز إذا خلا من الإسراف لقوله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبادة والطيبات من الرزق) [الأعراف:32] ولعل ما دار في خلد السائل من أن استعمال الأشياء الثمينة مظهر من مظاهر الكبر قد فهمه السائل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع الوعيد الوارد في الكبر قائلا: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، عندها أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن الله جميل يحب الجمال " والخلاصة من هذا كله أن الملابس والنظارات الثمينة، جائزة الاستعمال إذا خلا ذلك من الإسراف، ولم يكن القصد من لبسها الكبر، وهذا لا يخص الأشياء الثمينة بل كل أمر قصد من ورائه الكبر فإنه محرم ولو كان رخيصاً لا قيمة له. ولا يصح أن تقاس هذه المذكورات على الإسبال بوجه من الوجوه، وذلك لأن الإسبال جاء النص بتحريمه جاء مطلقاً وجاء مقيداً وانظر، ما كتبناه في الجواب رقم:
3900
أما هذه المذكورات فتبقى على أصلها الذي هو الجواز حتى يتحقق من قصد صاحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1423(20/228)
الإسبال في الصلاة وخارجها حكمه سواء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رفع السروال فوق الكعبين في الصلاة واجب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإسبال السروال تحت الكعبين حرام في الصلاة وخارج الصلاة، وقد سبقت الإجابة عن حكم الإسبال في أجوبة سابقة، فليراجع منها الجواب رقم:
5943 ومع أن الإسبال حرام فإن الصلاة بما جاوز الكعبين صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1423(20/229)
أحكام تتعلق في إزار المرأة والرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم الإزار؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في لبس الإزار للرجل ما لم يكن حريراً، أو ثوب شهرة، أو فيه إسبال، وراجع الفتوى رقم: 3900، والفتوى رقم: 10005.
أما المرأة، فلا يحرم عليها الحرير، ولها أن ترخي إزارها ذراعاً تحت نصف الساق، إلا أنه يشترط في إزار المرأة إذا ظهرت به أمام غير المحارم ما يشترط في الحجاب ومن ذلك:
1- ألا يكون زينة في نفسه.
2- ألا يكون ضيقاً يصف الجسم.
3- ألا يكون شفافاً يشف عما وارءه.
4- ألا يكون مطيباً.
5- ألا يكون مشابهاً لثياب الكافرات، أو الفاجرات.
6- ألا يكون ثوب شهرة.
7- ألا يكون مشابهاً لباس الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1422(20/230)
الإسبال بين المانعين والمبيحين
[السُّؤَالُ]
ـ[1سؤالي حول الحديث الذي يقول فيه النبى صلى الله عليه وسلم"ما أسفل الكعبين من الإزار في النار" إذا صح لفظ الحديث وكذلك الأحاديث المشابهة
نريد تعريفاً للإزار وهل السراويل العادية هي من ضمن الإزار المنهي عنه في الأحاديث
2-وهل النهي في الأحاديث مقيد بالخيلاء.. فمثلا أنا ألبس السراويل المعتادة ولا أقصد الخيلاء إن شاء الله ولا أزكي نفسي على الله.. فهل أنا من الذين يشملهم الحديث.. 3-وهل هذه المسألة الفقهية خلافية يجوز فيها اختيار الرأي الذي ترتاح له النفس أم نأخذ بالرأي الذي في ظاهر الحديث؟ وبكل رضى نقصر السراويل.. وإزارنا الذي نود تعريفاً له..
بعد هذا السؤال الطويل نود منكم الإجابه الشافية لأننا على ثقة تامة فى علمكم
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" حديث صحيح رواه البخاري، ومثله ما رواه أبو عوانة وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: مررت برسول الله صلى الله عليه سلم وفي إزاري استرخاء، فقال: "يا عبد الله، ارفع إزارك" فرفعته، ثم قال: "زد" فزدته، فما زلت أتحراها بعد، قال بعض القوم أين؟ قال: أنصاف الساق. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر برفع إزاره، وإخباره بأن ما أسفل من الكعبين في النار، دليل على تحريم الإسبال مطلقاً، لأن ابن عمر وأمثاله لا يفعلون هذا خيلاء وتكبراً.
والإزار: هو عبارة عن ثوب يربطه الإنسان في وسطه ويرخيه إلى أسفل، وحكم السروال والقميص وغيرهما حكم الإزار، فلا يجوز إرخاء شيء من ذلك إلى أسفل من الكعبين، سواء قصد صاحبه الخيلاء أو لم يقصد، على القول الراجح من أقوال العلم، فالمسألة خلافية.
وقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى منع جر الإزار وغيره إذا كان بقصد الخيلاء، وكراهة ذلك إذا لم يكن عن خيلاء.
ولا يجوز للشخص أن يختار من أقوال العلماء ما تشتهيه نفسه، ويوافق هواه، ولذا قال بعض العلماء: (من تتبع رخص العلماء تزندق) بل الواجب عليه أن يأخذ من أقوالهم أقربها للدليل الشرعي، وحول هذا الموضوع تراجع الفتويان رقم:
3900 1633
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(20/231)
حكم لبس جلود ما لا يؤكل لحمه
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما حكم لبس جلود الثعابين أو السباع في الأحذية وغيرها كالحزام والبالطو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجلد إذا كان من مباح مذكى فلا حرج في الانتفاع به في مثل صنع الأحذية منه، والأحزمة ونحو ذلك، لأن الانتفاع به من المنافع التي أباحها الله لنا.
أما غير المباح وغير المذكى أو المختلف في إباحته كالسبع، فإن العلماء اختلفوا في الانتفاع بجلده، لورود بعض الأحاديث الدالة على الانتفاع به، وبعض الأحاديث الدالة على النهي عنه.
فقد روى أبو داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع.
وروى أبو داود والنسائي نهى رسول الله عن لبس جلود السباع والركوب عليهما.
فهذه الأحاديث تدل على أن جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها، قال الشوكاني في نيل الأوطار: وهذه النصوص تمنع استعمال جلد ما لايؤكل لحمه في اليابسات، وتمنع بعمومها طهارته بذكاة أو دباغ.
وعلى هذا يكون استخدام ما لا يؤكل لحمه في الأحذية ونحوها جائز على ما ذهب إليه بعض العلماء ترجيحاً لظواهر هذه الأحاديث المتقدمة، ومما لا يؤكل لحمه الثعابين على رأي بعض أهل العلم أيضاً، فالذي ننصح السائل به هو الابتعاد عن لبسها تورعاً وخروجاً من الخلاف، وانظر الجواب رقم:
172
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(20/232)
حكم لبس قليل الحرير للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو رأي الشرع في لباس الرجل للحرير ولو بكميات ليس من شأنها إثارة الفتنة التي من أجلها حرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت النصوص الشرعية على إباحة لبس الرجال يسير الحرير دون الخالص منه، واليسير المباح هو ما كان مفرقاً في غيره، تابعاً غير مستقل بنفسه، وذلك كالكم والجيب ونحوهما، لما ثبت في المسند عن معاوية رضي الله عنه "نهى عن الحرير إلا مقطعاً." قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لو لبس ثياباً، في كل ثوبٍ حرير يسير، بحيث لو جمع ما في جميعها صار ثوباً، جاز ذلك الحرير، وإن لم يجز لبس ذلك الحرير لو جمع ونسج ثوباً على حدة، لأن هذا هو معنى قوله نهى عن الحرير إلا مقطعاً، فإنه إذا فرق في الثياب صار مقطعاً" انتهى.
ومن الأدلة على إباحة يسير الحرير للرجال، ما ثبت في المسند وصحيح مسلم من أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج.
ومن الأدلة أيضاً ما ثبت في صحيح مسلم "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع."
وهذه الإباحة إباحة مطلقة غير مقيدة بحاجة كالمرض، أو مصلحة كالحرب، ولكن يشترط في كمية الحرير في الثوب الواحد ألا تزيد على ما نسج معه، بل إن غلب الحرير في الثوب حرم كالخالص، وإن استويا في المقدار فقولان في مذهب أحمد: أحوطهما المنع تغليباً لجانب الحظر على الإباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1422(20/233)
ارتداء الثياب المحتوية على شعار أهل الكفر لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق مسلم لاعب كرة قدم محترف اشتراه ناد آخر ليلعب ضمن صفوفه إلا أن هذا الفريق [المشتري] يوجد بشعاره صورة صليب فهل يمكنه من ارتداء غلالة هذا الفريق؟ وما حكم الممرضين والأطباء والمنخرطين في صفوف عسكر الدول التي تتخذ من صورة الصليب شعارا لها تعلق على الملابس الرسمية التي يرتدونها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاحتراف الرياضة واللعب لا ينبغي أن يكون وسيلة المسلم للتكسب، وانظر فتوى رقم: 7161 ولا يجوز للمسلم أن يرتدي ثياباً عليها صليب النصارى، أو أي شعار ديني لأي ملة كافرة، سواء كان لاعباً أم ممرضاً أم عسكرياً، وانظر الفتوى رقم: 8015 كما لا يجوز له أن يعمل في جيوش وعسكر الدول الكافرة مهما كانت الأسباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1422(20/234)
القميص ... وحكم لبسه مع البنطال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هوحكم القميص والبنطلون؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فالواجب على المسلم أن يلبس من الثياب ما يستر به عورته عمن لا يحل له النظر إليها، والقميص على النحو المعروف الآن في بعض البلاد غير القميص الذي كانت تعهده العرب، وذكره أهل اللغة والفقه.
فهو بمعناه عند الأقدمين ثوب طويل يبلغ قريبا من الكعبين، أما بالمعنى الآخر فهو ثوب قصير يبلغ الحقوين.
قال ابن قدامة: والقميص أولى من الرداء لأنه أعم في الستر، وثبت فيما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص " ويعلل الشوكاني ذلك بقوله: لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار.
وعلى كل فلا حرج على من لبس القميص بمعناه عند الأقدمين؛ بل إن لا بسه بنية التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم قد ينال أجر فاعل السنة، وكذلك لا حرج عليه في لبس القميص الآخر والبنطال، ما لم يكونا واصفين للعورة محددين للأعضاء، أو يكونا مصنوعين من حرير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1422(20/235)
لبس الشماغ وغيره مما كتب عليه عبارة (إنجليزي أصلي) هل يدخل في التشبه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن الإسلام حرم التشبه باليهود والنصارى وذلك حسب اعتقادي لكيلا يفضل المسلم هيئة من هيئاتهم على هيئته فيقلدها وعندنا في الخليج بشكل عام يحرص الجميع بما فيهم المطاوعة على أن يكون اللباس الذي يرتدونه أجنبيا ًمن الشماغ إلى الحذاء ويجعل الماركة ظاهرة (إنجليزي أصلي) مثلاً أليس في هذا تفضيل لهم أليست العلتان متشابهتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلاشك أن المخالفة لليهود والنصارى، ومن على شاكلتهم أمر مقصود للشارع، وأن التشبه بهم منهي عنه في عامة أمورهم الدينية والدنيوية، فقد جاء في الأحاديث الصحيحة الأمر بمخالفتهم، والنهي عن التشبه بهم، إذ "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أبو داود وأحمد وحسنه السيوطي، وصححه الألباني.
لكن ما ذكره السائل من ارتداء الثياب التي نسجوها، ولبس الأحذية التي صنعوها ليس من التشبه، ما دامت هذه الثياب، وهذه الأحذية تختلف عن زيهم الخاص بهم، وإنما هو من باب التعامل معهم والاستبضاع منهم، وهو أمر جائز، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعامل مع اليهود بيعاً وشراء، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل.
مع أن الأولى بالمسلمين أن تكون جميع احتياجاتهم من ملبس ومطعم وغير ذلك من صنعهم وإنتاجهم، لما في ذلك من التعاون بينهم، وربط العلاقات وتنميتها، ومن صفات المؤمنين أنهم يشد بعضهم بعضاً، كما في الحديث الصحيح، ولا شك أن استيراد بضائع الكفار والرغبة فيها مع وجود البديل عنها عند المسلمين، ينافي ما وصف به المسلمون من التعاون والتراحم، وشد بعضهم لبعض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1422(20/236)
القميص يحقق الستر أكثر من غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من لبس القميص في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلبس القميص أولى من غيره، لأنه أعم وأستر للبدن، قال ابن قدامة رحمه الله في (الكافي: 1/226) : (والقميص أولى من الرداء لأنه أعم في الستر) .
وقد كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص، فعن أم سلمة قالت: "كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
قال الشوكاني رحمه الله في تعليقه على هذا الحديث: والحديث يدل على استحباب لبس القميص، وإنما كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1422(20/237)
لبس الجاكيت والبنطال جائز إذا خرج عن حد التشبه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل لباس اللباس العصري البنطال والجاكتة جائز بالنسبة للرجال
مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلبس البنطال والجاكيت لم يعد مما يتميز به قوم عن قوم، ولذلك لا يعد من لبسه متشبها بالكفار، لخروج ذلك عن الاختصاص بهم.
ولكن قد تكون بعض هيئات اللبس مما يقلد فيه بعض المسلمين غيرهم ممن يلبسها.
فهو لا يلبسها إلا مقلداً لهم، فهذا وأمثاله يحرم عليهم، ذلك لنهيه صلى الله عليه وسلم المسلمين عن التشبه بالكفار. قال صلى الله عليه وسلم: "ومن تشبه بقوم فهو منهم" رواه أحمد وأبو داود. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(20/238)
البس ما شئت ... ما لم يخرج عن هذه الضوابط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإسبال في الثياب وهل يعاقب صاحبه؟ أريد بعض الإيضاحات بالنسبة للباس في بعض الأعمال داخل الإدارات؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يحدد الإسلام نوعاً من اللباس ينبغي لبسه، سواء كان ذلك أثناء العمل، أم كان خارجه، إلا أنه وضع ضوابط يجب توفرها في لباس المسلم وهي: أن يكون ساتراً للعورة وغير مجسم لها، ومرتفعاً عن حد الإسبال، وأن لا يكون ثوب شهرة، وألا يكون مما يلبس للتشبه بالكفار أو من عرفوا بارتكاب بعض المنكرات، وألا يكون فيه إسراف. فإذا توفرت هذه الضوابط في الملبوس فليلبس الشخص منه ما يتناسب مع عرفه ويقتضيه عمله. وراجع الجواب برقم 5943
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1422(20/239)
وجوب تمييز غير المسلمين في المجتمع الإسلامي باللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قرار السلطات الأفغانية بفرض زي خاص لغير المسلمين؟ هل يقبل هذا النوع من التصرف في العصر الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نقل الإمام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى 28/651) إجماع العلماء على وجوب أن يلبس أهل الذمة لباساً أو علامة تميزهم عن المسلمين، وقد اشترط عمر رضي الله عنه على نصارى الشام أن لا يتشبهوا بالمسلمين، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، فلم ينكروه، فكان ذلك إجماعاً، وعلى ذلك مضى عمل الخلفاء من بعده، والحكمة في ذلك ظاهرة بينه - والحمد لله - وهي أن أهل الذمة الذين يعيشون مع المسلمين، ويختلطون بهم في نواديهم وأسواقهم لا يختلفون في أحكامهم وحقوقهم العامة عن المسلمين، لكن المسلمين مخاطبون بأحكام الشريعة، ومؤاخذون بها في القانون الإسلامي، في العبادات والمعاملات، مما هو من خصائص أهل الإسلام دون غيرهم، فوجب تميزهم لأمور منها:
1/ حماية جناب الشريعة، وتحقيق مقاصدها، بظهور خصائص الإسلام وتعاليمه على أشخاص المسلمين وفي واقع حياتهم، ومنع أسباب التمازج المفضي إلى وجود الذريعة للفسقة والمنافقين للتملص من قيود الشرع وتكاليفه.
2/ الحفاظ على خصوصية المجتمع المسلم، ومنها مطالبته بالتزام الزي الموافق لهدي الإسلام، ومنعه من تقليد غير المسلمين، مما يكون سبباً في ذوبان الشخصية، ولهذا لو تنازل المسلمون عن لباس الحشمة، وتشبهوا بلباس غير المسلمين، لم يطالب أولئك بالتميز عنهم.
3/ التفريق في الأحكام أثناء تطبيق قوانين الشريعة، خاصة في الأحكام التي تندرج تحت عمل الحسبة، وفي أعمال البيع والتجارة، فيؤخذ المسلمون بما هو من دين الإسلام، ولا يطالب غيرهم بما تكفلت الشريعة بإسقاطه، أو عدم مؤاخذتهم به، كالجهاد والصلاة والصيام، وكدخول الكنائس والعمل فيها، وكأكل الربا والخنزير، وشرب الخمر، لو عثر عليهم متلبسين بشيء من ذلك.
ثم إننا نرى أن غير المسلمين في بلادهم لا يحترمون مشاعر المسلمين وخصوصياتهم الدينية، ألا ترى العالم قد فضل عطلة اليهود والنصارى السبت والأحد على عطلة المسلمين الجمعة، ولم يرفع رأساً بأعيادهم، ولا تأريخهم الهجري، ولم يمتنع من المجاهرة بشرب الخمر، والزنا، والربا، والتعري.. وكلها محرمة في دين المسلمين، ولم يقل أحد بأن ذلك غير لائق في العصر الحاضر، وهذه الأمور التي يفعلها غير المسلمين لأشد ضرراً على المسلمين من دعوة غير المسلمين إلى الامتياز بزي معين، روعيت فيه مصالح الطرفين، وكان القصد الأول منه الحفاظ على هوية المجتمع المسلم، وليس انتقاص غيرهم، أو الإساءة إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1422(20/240)
الإسبال في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب في الصلاة لبس لباس فوق الكعبين؟ وما الدليل؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز في لباس الرجل أن يجاوز الكعبين، لا فرق في ذلك بين اللباس في الصلاة واللباس خارجها.
وراجع الفتوى رقم: 5943، 3900
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1422(20/241)
حكم الجلوس مع لابس البنطال الضيق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الجلوس مع من يلبس بنطالا ضيقا يحدد العورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء حرموا النظر إلى العورة التي لا يكون عليها ما يغطيها، وكرهوا النظر إلى عورة من عليه ثوب يحددها، فإن كان "البنطال" الضيق الذي يحدد العورة ساتراً، كان الجلوس مع لابسه، والنظر إليه مكروها.
وإن كان خفيفاً يبين لون الجلد من ورائه، فيعلم بياضه، أو حمرته، كان الجلوس مع لابسه حراماً، لأن مجالسة الشخص، ومعاشرته تستلزم النظر إليه. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1422(20/242)
هل يأخذ الحرير الصناعي حكم الحرير الطبيعي بالنسبة للرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لبس الحرير الصناعي محرم على الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النصوص الشرعية التي وردت في تحريم الحرير على الرجال إنما هي في الحرير الطبيعي الذي يخرج من دودة القز. أما الحرير الصناعي فإنه لا يأخذ حكمه ولا يحرم بتحريمه لكن إذا كان يشابه في هيئة ومادة الحرير الطبيعي مشابهة قوية فإن الأولى للرجال تركه، لاحتمال وجود العلة التي من أجلها حرم الحرير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1422(20/243)
حكم لبس البنطال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس البنطلون هل هو من التشبه بالكفار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن التشبه بالكفار المنهي عنه هو: ما كان تشبها فيما اختصوا به من شعائر دينهم وعاداتهم كلبس الصليب، والاحتفال بليلة عيد الميلاد (عيد الكرسمس) . أما ما كان الأمر فيه مشتركاً عمله بين المسلمين والكفار، من أكل ولبس، ومنه لبس البنطلون، فهذا خارج نطاق التشبه، إلا أن يلبس على هيئة يختص بها الكفار أو كان لباسا يميزهم، مثل طاقية اليهود، فيكون حينئذ تشبها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1421(20/244)
حكم الصلاة والرأس مكشوف ليس عليه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل تجوز الصلاة والرأس مكشوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كشف الرأس في الصلاة جائز، ومن صلى بدون عمامة فصلاته صحيحة، ولا خلاف في ذلك عند أهل العلم، لكن هناك من يكون من عادته كشف الرأس، فإذا جاء وقت الصلاة وضع على رأسه شيئاً من أجل الصلاة، مما يوهم أن الصلاة بدون عمامة لا تنبغي أو أن الصلاة بالعمامة خير من الصلاة بغير عمامة، وهذا غير صحيح، فكل ما رود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل الصلاة بالعمامة لا يثبت.
فمن أراد التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في لبس العمامة ـ وهو الأفضل ـ فليلبس العمامة في كل أحواله الاعتيادية، ومنها الصلاة، لأن لبس العمامة من سنن العادات.
ومن كانت عادته أن يكون حاسر الرأس، فإذا جاء إلى الصلاة فليصل على حاله، ولا يخص الصلاة بلبس العمامة، فإن لبسها من باب أخذ الزينة لا لذات العمامة فلا بأس. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/245)
حكم إسبال الثياب خيلاء وغير خيلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إسبال اللباس ولو لغير تكبر ولا خيلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم إسبال الثياب لحديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قلت: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا؟ فأعاد ثلاثاً. قلت من هم خابوا وخسروا؟ قال: "المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أو الفاجر" رواه مسلم.
وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار" ولأبي داود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه: "إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار". والكعبان هما العظمان الناتئان على جانبي الرجل، قاله أبوعبيد وغيره.
فهذه النصوص دالة على تحريم الإسبال ولو لغير الخيلاء، والخيلاء مع الإسبال وزر زائد عليه. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلاً في الوعيد المذكور في الحديث الذي رواه الجماعة عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. فقال أبوبكر: إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء"، قال ابن عبد البر: مفهومه أن الجارَّ لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أنه مذموم. قال النووي: إنه مكروه وهذا نص الشافعي. وقال البويطي في مختصره عن الشافعي: لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء. ولغيرها ـ الخيلاء ـ خفيف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر. انتهى.
والصحيح أن الإسبال محرم كما تقدم ـ ولو ظن المسبل في نفسه أنه لا يسبل خيلاء. قال ابن العربي المالكي: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ولا يقول لا أجره خيلاء لأن النهي قد تناوله لفظا ولا يجوز لمن تناوله لفظا أن يخالفه.. بل إطالة ذيله دالة على تكبره، وحاصل ذلك أن الإسبال يستلزم جر الثوب وجر الثوب استلزم الخيلاء ولو لم يقصده اللابس، ولو جر ثوبه وقال لا أفعله خيلاء كما كان أبوبكر يفعله لغير الخيلاء احتاج إلى من يزكيه كما زكى النبي صلى الله عليه وسلم أبابكر. ويدل على عدم اعتبار التقيد بالخيلاء ما رواه الأربعة إلا ابن ماجه عن جابر بن سليم وفيه: "وارفع إزارك إلى نصف الساق فإن أبيت فإلى الكعبين وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة".
ولا يقال: إن قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أسفل من الكعبين ففي النار" مطلق، مقيد بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: "من جر ثوبه خيلاء"، لأنه قد جمع بينهما النبي صلى الله عليه وسلم في نص واحد، هو قوله: "إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين. ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
فلما اختلفت العقوبتان، امتنع أن يحمل المطلق على المقيد لا سيما مع ورودهما في حديث واحد.
والإسبال يتناول كل ثوب يلبسه المرء، ولا يقتصر على الإزار أو القميص فقط لما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسبال في الازار والقميص والعمامة، من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة". والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1421(20/246)
لا يجوز للمسلم أن يلبس شعار الكفر.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الملابس التي تحمل شارة nike]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أن يلبس المسلم ما يدل على شعائر الكفر لنهي الشارع أن يتشبه المسلم بغير المسلمين. قال صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" وفي رواية: "حشر معهم" رواه أحمد وأبو داود.
ففي هذا وعيد شديد وتهديد لمن تشبه بالكفار في أفعالهم وأقوالهم ولباسهم وأعيادهم وعبادتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها.
وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من كل مسلم أقام بين الكفار فلم يتميز عنهم بهيئته وبفعاله وأخلاقه وعبادته، فكيف بمن حمل شارة الكفر؟. روى أبو داود في سننه عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر الكفار" قالوا: يا رسول الله لِمَ؟ قال: "لا تراءى ناراهما".
وهذه العلامة التي تحملها كثير من الملابس والتي يلبسها المسلمون -ولا حول ولا قوة إلا بالله- ترمز إلى آلهة النصر عند الإغريق وابنة العملاق بالامس من نهر ستايكس الباطن (الجهنمي) هكذا هي عندهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/247)
اللباس الإسلامي للسباحة وحكم لبس المايوه.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في لبس كل من: * البنطلون * وما هو اللبس الإسلامي للسباحة؟ * وهل هو مباح لبس (المايوه) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الرجل والمرأة ستر العورة، وقد أجمع العلماء على وجوب ستر القبل والدبر، وأما الفخذ فمختلف فيه والصحيح أنه عورة، وبناء على ذلك فإن اللباس الإسلامي للسباحة هو كل لباس يستر العورة (ما بين السرة والركبة) على الصحيح من أقوال أهل العلم. هذا بالنسبة للرجل. وأما المرأة فكلها عورة، فلا يجوز أن تسبح أمام الرجال. خشية انكشاف شيء من عورتها، أما إذا كانت المرأة تسبح أمام النساء، ولا يراها إلا النساء فيجب عليها ستر ما بين السرة والركبة. أما (المايوه) فغالباً ما يكون قصيراً يكشف معظم الفخذ، وربما يكشف العورة المغلظة فلا يجوز لبسه أمام الآخرين، عدا الزوجة لزوجها، أو العكس.
وقد سبق الجواب عن لبس البنطلون برقم 54.والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/248)
أحكام اللباس الذي فيه صور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
أنا تاجر أستورد ملابس نسائية وملابس أطفال عليها صور المشاهير، فهل ما أفعله حرام؟ وهل هذا الكسب كسب حرام؟ ولدي الآن بضاعة مكدسة من هذا النوع فماذا أصنع بها إن كان بيعها حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم لبس ما فيه صورة لذوات الأرواح من إنسان أو طير أو حيوان على الصحيح من أقوال أهل العلم، ولو كانت الصورة خيالية لا حقيقة لها، كرجل له منقار، أو فرس له جناحان، أو ما يشبه الدببة وبعض الحيوانات، أو غير ذلك مما يتخيل؛
لعموم الأدلة الدالة على تحريم التصوير لما ذكر، وعلى أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، ولما ثبت في الصحيحين من هتك النبي صلى الله عليه وسلم للسترة المشتملة على الصور، وهذا لفظ البخاري: عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صور، فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه، وقالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور." والقرام: ستر رقيق من صوف ذو ألوان.
وحيث كان التصوير ولبس ما فيه صورة ممنوعاً كان بيع ذلك ممنوعًا أيضاً، من باب تحريم الوسائل المعينة على الحرام، ولأن الله تعالى إذا حرم شياً حرم ثمنه.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى إباحة لبس ما فيه صور لكونها تمتهن باللبس، وليس الأمر كذلك فإن الصور توضع في الملابس احتراماً وتفخيماً لأهلها، ولذا يختارون من ذلك صور المشاهير كما في السؤال.
ثم اعلم -وفقك الله - أنه قد تعظم الحرمة إذا كانت هذه الصور لنساء سافرات، أو لشخصيات معظمة، وحقها أن توضع، كصور الكفرة والفساق، لما في ذلك من تعليق القلوب بهم، وتذويب لعقيدة الولاء والبراء.
وحيث إن لديك بضاعة مكدسة من هذه الملابس فإنا نشير عليك بردها إلى مصادرها، واستبدالها بغيرها، ولو بالتنازل عن شيء من قيمتها، فالإقالة ليست بيعاً عند جماعة من أهل العلم، وإذا لم يمكن ذلك، فلا أقل من أن توقف استيراد مثلها بعد الانتهاء مما بين يديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1422(20/249)
صفة اللباس الشرعي للرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي مواصفات اللباس الشرعي للرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللباس الشرعي بالنسبة للرجل يشترط فيه:
1- أن يكون ساتراً ما بين السرة والركبة.
2- أن لا يكون شفافاً بحيث تبدو بشرة العورة تحته بدون تأمل.
3- أن لا يكون ضيقاً بحيث يصف أعضاء العورة.
4- أن لا يكون فيه تشبه بالنساء.
5- أن لا يكون فيه تشبه بالكفار.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/250)
الإسبال لا يصح حتى ولو لم يقصد منه الخيلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن استفسر عن ماهية الإسبال؟
ملاحظه: هل هنالك قاعده اصوليه تقول: (إذا بطلت العلة بطل الحكم) فإن كانت صحيحة هل يمكن الاخذ بها في أن الإسبال علته هي (الكبر والمفاخرة بين الناس) وهذه العلة غير موجودة الآن في مجتمعنا الأردني فهل يجوز إطالة الثوب إلى ما تحت الكعبين بقليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ثوب جاوز الكعبين فقد ارتكب صاحبه إثما، سواء كان ذلك لكبر أو خيلاء أم لا، لكن إن كان لكبر أو خيلاء فالإثم أعظم والوعيد أشد، ومن فهم أن مفهوم حديث: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" المتفق عليه. مقيد للحديث الذي خرجه البخاري: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"، فقد أبعد النجعة وجانب الصواب. والدليل على ذلك: أن النهي عن الكل ورد في حديث واحد: روى مالك وأحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه ما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين في النار، يقول ثلاثاً: لا ينظر الله إلى من جر ثوبه بطراً". أما بالنسبة للقاعدة (إذا بطلت العلة بطل الحكم) ، فإن كان قصدك هو أنه: إذا فقدت العلة فقد الحكم بمعنى أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإن العلماء فصلوا في ذلك بين ما كانت علته قطعية فيدور معها. وجوداً وعدماً، وما كانت علته ظنية فلا يتخلف الحكم بتخلفها. وقد تبين لك أن العلة ليست الخيلاء بل الإسبال مع الخيلاء أشد إثماً.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1422(20/251)
لباس الشهرة والكلام على ألوان الثياب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك مايسمى بلباس الشهرة والذي يدخل النار من لبسه؟ وماهي مواصفاته؟ وهل هناك ألوان يحرم أو يكره على الرجال لبسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء النهي عن لباس الشهرة في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها:
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، والنسائي، ورجال إسناده ثقات كما قال الشوكاني في نيل الأوطار.
وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من عبد لبس ثوب شهرة إلا أعرض الله عنه حتى ينزعه، وإن كان عنده حبيباً ". قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: رواه ابن ماجه من حديث أبي ذر بإسناد جيد، دون قوله:" وإن كان عنده حبيباً". وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة، ثم يلهب فيه النار " أخرجه أبو داود، وابن ماجه، وحسنه السيوطي، والألباني. إلى غير ذلك من الأحاديث.
ومعنى الشهرة كما قال ابن الأثير: ظهور الشيء، والمراد أن ثوبه يشتهر به بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم، فيرفع الناس إليه أبصارهم، ويختال عليهم بالعجب والتكبر.
وقوله " ثوب مذلة " أي: ثوباً يوجب ذلته يوم القيامة.
إذاً: فالأحاديث تدل على تحريم لباس ثوب الشهرة، وليس هذا مختصاً بنفس الثياب بل قد يحصل ذلك كما قال الشوكاني لمن يلبس ثوباً يخالف ملبوس الناس من الفقراء، ليراه الناس، فيتعجبوا من لباسه ويعتقدوه.
وإذا كان اللبس لقصد الاشتهار في الناس، فلا فرق بين رفيع الثياب ووضيعها والموافق لملبوس الناس والمخالف، لأن التحريم يدور مع الاشتهار، والمعتبر القصد، وإن لم يطابق الواقع.
وعلى هذا فالواجب على المسلم أن يبتعد عن اللباس الذي يميزه عن غيره من الناس، لأن هذا التميز قد يؤدي به إلى العجب، والتكبر، والخيلاء.
والواجب على المسلم أيضاً أن يبحث عن اللباس الموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان الرسول متواضعاً في ملبسه بعيداً عن الخيلاء، وقد قال: " كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا،في غير إسراف ولا مخيلة " أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه، والحاكم.. وصححه السيوطي. وقال:" البذاذة من الإيمان"، أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم، وصححه السيوطي.
ومعنى البذاذة:رثاثة الهيئة، أراد بذلك التواضع في اللباس وترك التبجح به.
وأما بالنسبة لسؤالك عن الألوان التي يحرم أو يكره على الرجال لبسها؟
فالأصل أنه يجوز للرجل لبس جميع الألوان إلا ما ورد النهي عنه، فإنه يحرم أو يكره بحسب الحال، فيجوز للرجل أن يلبس الأسود، والأخضر، والأصفر، والأزرق، وما نسج من قطن أو كتان وغير ذلك إلا الحرير، ويستحب لبس الأبيض من الثياب للحديث: " البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها أمواتكم " أخرجه أبو داود.
وأما الثوب المعصفر، (المصبوغ بالعصفر) فقد اختلف العلماء في حكم لبسه، فمنهم من قال بتحريمه، ومنهم من قال بكراهيته، ومنهم من قال بجوازه،
وقد جاء النهي عن لبس المعصفر في صحيح مسلم وغيره.
فعن عبد الله بن عمرو قال: رأى رسول الله عليَّ ثوبين معصفرين فقال:" إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها". وعن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي والمعصفر" قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: واختلف العلماء في الثياب المعصفرة وهي المصبوغة بالعصفر، فأباحها جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم،. وبه قال الشافعي، وأبو حنيفة ومالك لكنه قال: غيرها أفضل منها، وفي رواية عنه أنه أجاز لبسها في البيوت وأفنية الدور، وكرهه في المحافل والأسواق، ونحوها.
وقال جماعة من العلماء: هو مكروه كراهة تنزيه، وحملوا النهي على هذا، لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة، وقال الخطابي: النهي منصرف إلى ما صبغ من الثياب بعد النسج، فأما ما صبغ غزله ثم نسج فليس بداخل في النهي. وحمل بعض العلماء النهي هنا على المحرم بالحج أو العمرة، ليكون موافقاً لحديث ابن عمر رضي الله عنه: نهى المحرم أن يلبس ثوباً مسه ورس أو زعفران. … إلى آخر كلام النووي رحمه الله.
والحق أن العلماء قد اختلفوا أيضاً في لبس الثوب الأحمر اختلافاً كبيراً أوصله الحافظ ابن حجر إلى سبعة أقوال.
والراجح والله أعلم جواز لبس الأحمر والمعصفر، ولكن الأولى تركه، وبالله التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1422(20/252)
يجوز للرجل أن يلبس ما شاء من ألوان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك ألوان يحرم أو يكره لبسها للرجال؟ وما حكم لبس القميص الأحمر الملقم وكذلك لبس الشماغ الأحمر الذي يغطي الرأس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ليس هناك لون محرم أو مكروه على الرجل لبسه، فيجوز له أن يلبس الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وما نسج من قطن وكتان وغير ذلك إلاّ الحرير. إلا أنه يستحب أن يلبس الثياب البيض لقوله صلى الله عليه وسلم: "البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم " [رواه أبو داود والترمذي] . والقميص الأحمر والشماخ الأحمر كذلك يجوز للرجل أن يلبسهما، فقد وردت السنة بما يدل على جوازه، فعن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعاً ولقد رأيته في حله حمراء ما رأيت شيئاً قط أحسن منه ". [متفق عليه] . وبوب البخاري باباً فقال: باب الصلاة في الثوب الأحمر وساق حديثاً عن أبي جحيفة وفيه: "وخرج صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء مشمّرا". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/253)
لا بأس بصلاة الرجل كاشف الرأس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الرجل كاشف الرأس؟ وهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلى كاشف الرأس سواء صلاة مكتوبة أو غير مكتوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لا بأس بصلاة الرجل كاشف الرأس، إذ إن الرأس ليست بعورة لا في الصلاة ولا في غيرها بالنسبة للذكور بالغين أو غير بالغين. وستر الرأس بما جرت به العادة - ولا مخالفة فيه للشرع - من باب الزينة، فيحسن ستره عملاً بقوله تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) . [الأعراف:31] . ويتأكد ذلك في حق أهل الفضل كالعلماء والأئمة ونحوهم. وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم - ولا ريب - وهو كاشف الرأس حال إحرامه، وأما في غير الإحرام فلا نعلم خبراً يفيد ذلك، وإن كان عموم الأخبار تدل على جوازه، وقد أجمع أهل العلم على صحة صلاة كاشف الرأس. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/254)
حدود العورة في المسبح كحدودها في غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وبعد.. ما هي حدود العورة للرجل, وهل يجوز له الدخول إلى المسابح إذا أمكن بأن يكون هنالك يوم مخصص للرجال وقد يكون داخل المسبح من لا يرتدى اللباس الذي لا يستر العورة. ودمتم ذخراً للأسلام والمسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: 1. فقد حدد جمهور العلماء العورة بأنها: ما بين السرة والركبة وليست السرة والركبة داخلتين في العورة، واستدلوا بأحاديث، منها ما رواه أبو داود وابن ماجه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبرز فخذيك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت". وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وفخذه خارجة. فقال: "غط فخذيك، فإن فخذ الرجل من عورته". وروى مالك في الموطأ وأحمد وأبو داود والترمذي بسند حسن عن جرهد الأسلمي رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ بردة قد انكشفت عن فخذي، فقال: "غط فخذك فإن الفخذ عورة". وأما دخولك المسبح فإن كان المسبح خالياً من النساء وليس فيه إلا الرجال وهم ساترو عوراتهم وكنت أنت ساتر عورتك فلا حرج فيه. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/255)
تحريم الذهب على الرجال ثابت في السنة النبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الآية القرآنية التي تحرم الذهب على الرجال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... لم يأت تحريم الذهب في القرآن الكريم وإنما جاء تحريم الذهب في السنة الشريفة، وما حرم رسول الله كما حرم الله تعالى، لقوله جل ذكره: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [الحشر: 7] وقال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً) [النساء: 8] . وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ألا إن ما حرم رسول الله كما حرم الله" [رواه الترمذي وحسنه] وروى الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أبى رافع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ألفينّ أحدكم متكئا على أريكته يأتيه أمر أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه": قال أبو عيسى حديث حسن صحيح. وأما دليل التحريم أيها السائل الكريم من السنة فقد روى أصحاب السنن إلا الترمذي أن ابن زرير الغافقي سمع عليا رضي الله عنه يقول: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي". ورواه الإمام أحمد أيضا في المسند. وروى الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم". قال النووي رحمه الله: وأما خاتم الذهب فهو حرام على الرجل بالإجماع. والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(20/256)
شرح حديثين من أحاديث رياض الصالحين في الإسبال
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد حديثان في كتاب رياض الصالحين رقم 795 و797 بشأن الإسبال في الإزار والقميص والعمامة فهل البنطلون ينطبق عليه الإسبال والمقصود بالبنطلون هو الرداء الذي يرتديه الموظفون في المصالح الحكومية أي رداء الفرنجة مع شرح للحديث رقم 797 من كتاب رياض الصالحين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإليك أيها السائل الكريم نص الحديثين وقد ذكرهما المؤلف في كتاب اللباس باب صفة طول القميص والكم والإزار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء. فالأول: عن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، ومن جر شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" رواه أبو دود والنسائي بإسناد صحيح. والثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل يصلي سبل إزاره قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اذهب فتوضأ، فذهب فتوضأ ثم جاء فقال: اذهب فتوضأ، فقال له رجل يا رسول الله مالك أمرته أن يتوضأ. ثم سكت عنه؟ قال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل" رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم. كذا قال النووي في رياض الصالحين، وقال ابن مفلح في الآداب: إسناده صحيح، مع أن فيه يحيى بن أبي كثير مدلس وقد عنعنه، وأبو جعفر مجهول.
وكل ما جاوز الكعبين من قميص وإزار وسروال فهو من الإسبال المحرم ومنه البنطال لأنه أشبه ما يكون بالسروال. وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " ما أسفل عن الكعبين من الإزار فهو في النار" رواه أحمد وقال صلى الله عليه وسلم: " إزرة المؤمن إلى نصف ساقيه ولا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار" رواه أبو داود وابن ماجه ومالك. وقد علل بعض العلماء أمر النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل المسبل بالوضوء -على فرض صحة الحديث- بأن الإسبال إثم، والوضوء تكفر به الذنوب ولذلك لم يأمره بإعادة الصلاة لأنها صحيحة مستوفية الأركان والشروط ومعنى قوله: إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل" فالمراد أنه لا يكفر ذنوبه ولا يطهر قلبه من الآثام وإن أسقطت عنه المطالبة بالصلاة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1422(20/257)
يحرم لبس العقال المصنوع من الحرير الخالص
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما حكم لبس العقال المصنوع من خيوط حريرية طبيعية؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
1. فإذا كان العقال مصنوعاً من حرير خالص أصلي فلبسه حرام، ولا يمكن للمسلم لبسه، لما رواه أبو داود والترمذي بإسناد حسن عن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال رأيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أخذ حريراً فجعله في يمينه وذهباً فجعله في شماله ثم قال: "إن هذين حرام على ذكور أمتي". زاد في رواية ابن ماجة "حل لإناثها". 2. وإذا كان مخلوطاً بخيوط أخرى كالصوف والقطن والكتان وغير ذلك ولا يبلغ الحرير إلى النصف، أي 50بالمائة فيجوز لبسه تبعاً لغيره.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(20/258)
حكم لبس المرأة بلوزة طويلة تحتها بنطلون ضيق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس بلوزة طويلة طولها إلى حد الركبة، وتحتها بنطلون ضيق. أرجو التوضيح إذا كان فيه خلاف بين العلماء لأن أمي تريد مني أن ألبسها أفتوني مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا اللباس بالهيئة المذكورة في السؤال لباس محرم، لأن من شروط اللباس الشرعي أن يكون واسعاً فضفاضاً لا يصف ولا يشف، أما اللباس الضيق الذي يصف بدن المرأة فهو حرام لا خلاف في حرمته بين أهل العلم جميعاً، وقد بينا شروط اللباس الشرعي مفصلة وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 6745، 9428، 13914.
وكل ما خالف هذه المواصفات فهو من التبرج، والتبرج كبيرة من كبائر الذنوب، كما بينا ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 66102، 115873، 34838.
وعليه فلا يجوز لأمك أن تأمرك بهذا اللباس لأنه مخالف لشرع الله، ولا يجوز لك أن تطيعيها في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(20/259)
هل يوصل أمه وأخواته مع كونهن لا يغطين أيديهن
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبتي إذا كان أهلي (والدتي أو أخواتي) يلبسن عباءة محتشمة على الرأس خالية من الزينة وجوارب، لكن لا يلبسن القفازات، هل أمتنع عن إيصالهن إلى السوق مثلا؟ وهل أنا آثم إذا أخرجتهن بغير قفازات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في فتاوى سابقة أن تغطية المرأة يديها عند الخروج من البيت واجبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، فراجع الفتوى رقم: 4470.
ولا يلزم تغطية اليدين بالقفازات بل يكفي سترهما بكل ما يعد ساترا، والمرأة إذا خرجت من البيت كاشفة يديها كانت آثمة، والواجب الإنكار عليها برفق ولين. ومن أعانها في الخروج من البيت على هذا الحال فقد أعانها على المنكر. والله سبحانه وتعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}
ولمزيد الفائدة راجع الفتويين: 111177، 66027.
وأما إن استطاعت ستر يديها بأي شيء من ثيابها فإنها لا تعد مخالفة، وبالتالي فلا مانع من إيصالها إلى السوق أو إلى أية جهة أخرى لا يترتب على خروجها إليها أمر محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(20/260)
وجوب تغطية وجه المرأة وسبب اختلاف الأئمة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً قرأت أن أصحاب المذاهب الأربعة (الشافعية, الحنابلة, الحنفية, المالكية) أو أغلبهم قد اتفقوا على عدم وجوب تغطية وجه المرأة فهل هذا صحيح، وإذا كان هذا صحيحاً فأنا في حيرة يا شيخ! كيف قد أباح أئمتنا كشف الوجه على الرغم من وجود أدلة كثيرة تظهر بأنها تدعو أو تأمر بتغطيته!! مثال.. {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} ، آخر.. (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ، آخر.. (عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان -تعني الحجاج- يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات.. فإذا حاذوا بنا سدلت أحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزناه كشفناه) آخر.. عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال.. وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام، فكيف نجمع بين رأي الأئمة بإباحة الكشف وبين الأدلة السابقة، وهذه الأدلة قد نقلتها من كتيب الشيخ محمد العريفي (في مطعم الجامعة) فأ رجو الإجابة على تساؤلي؟ وجزيتم كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول باتفاق الأئمة الأربعة على عدم وجوب تغطية وجه المرأة غير صحيح، بل مذهب الإمام أحمد والصحيح من مذهب الإمام الشافعي هو وجوب تغطية وجه المرأة، هذا عند صلاح الزمان، أما الآن فالمفتى به هو وجوب تغطية وجه المرأة على المعتبر من المذاهب الأربعة، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل مع ذكر الأدلة وذلك في الفتوى رقم: 4470، والفتوى رقم: 50794.. وقد سبق بيان أسباب اختلاف العلماء في حكم النقاب في الفتوى رقم: 41704.
وبخصوص الأدلة الواردة في السؤال فالذين يبيحون كشف الوجه يفسرون كلمة (يدنين) بما رواه أبو داود في مسائله عن عبد الله بن عباس أنه قال: تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به. وفي الدر المنثور في تفسير آية الإدناء: أن تقنع وتشد على جبينها. أخرجه ابن جرير وابن مردوية عن ابن عباس، وقد ذكره ابن جرير في تفسيره تحت قوله: (وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن) .
وأما الجلباب فهو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها، فيكون معنى الآية يشددن جلابيبهن على جباههن وليس على وجوههن، وأما الحجاب في الآية الثانية فالمقصود به احتجاب المرأة في دارها عند التخاطب مع الرجال الأجانب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن. وأما أثر عائشة وأثر أسماء رضي الله عنهما فهو مجرد أفعال لصحابيات ولا تدل على الوجوب ولكنها تدل على المشروعية، فهم إذاً لا ينكرون هذه الأدلة إنما يخالفون في فهمها وتفسيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(20/261)
حكم كشف المرأة كفيها لإنجاز العمل بحضور الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة فى بكالوريوس هندسة، وبفضل الله لبست النقاب منذ حوالي سنة، المشكلة أن أغلب الأعمال التي تطلب منا هي أعمال يدوية من مكيتات وغيره, وهي تحتاج إلى دقه في تركيب الأشياء بأطراف الأصابع ومواد لاصقة مما يصعب عليّ إنجازها بسبب القفاز. فهل أكون آثمة إن خلعته أثناء هذه الأعمال فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على ما أنعم الله تعالى به عليك من نعمة ستر الوجه والكفين، ونسأل الله تعالى أن يحفظك ويزيدك هدى وتقى وصلاحاً، وتغطية الوجه والكفين واجبة على الراجح من أقوال العلماء، ولذلك لا يجوز للمرأة أن تكشف يديها بحضور الرجال الأجانب إلا لضرورة، ولا ضرورة لتعلمك هذا العلم، ولذا فلا يجوز لك كشفهما بحضرة الأجانب وإلا كنت آثمة. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 4470.
اللهم إلا أن تكوني في أمس الحاجة إلى هذه الدراسة ولم تجدي وسيلة لإنجاز الأعمال المذكورة بدون كشف اليدين، فلا مانع حينئذ من كشفهما مع الاحتياط ما أمكن في تجنب أن يراهما أجنبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(20/262)
رغبي ابنتك باثواب العظيم المترتب على لبس الحجاب وأداء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي تبلغ 12 سنة وهي ليست منتظمة في صلاتها، علما أنني حرصت على تعليمها الصلاة منذ سن ال7سنوات، أيضا منذ أن بلغت حرصت أن تتحجب ففعلت دون اقتناع كبير اقتنيت لها ملابس-برضاها- مناسبة لسنها وساترة للعورة لكنها الآن تغطي شعرها إلا أن ملابسها تصف إلى حد كبير نهديها لكنها لم تمتثل كما هو الحال في الصلاة، ابنتي ترى صاحباتها متبرجات ولا يكترثن بأمور الدين فتريد التقليد، علما وأن في بلادي وللأسف يحارب الحجاب ويشرب الخمر على قارعة الطريق وهو بلد إسلامي، اضطرت ابنتي أن تخلع الحجاب في باب المدرسة لأن المدير أمرها بذلك وطبيعي أن تمتثل لأنها صغيرة وقد هددها بالطرد والشرطة وهي ابنة 12 وفي أول يوم لها في المعهد وكل زميلاتها بالصف متبرجات لأنه يخشى على نفسه. ما علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب الشرعي واجب على المرأة إذا بلغت المحيض، لا خلاف في هذا بين أهل العلم كما بيناه في الفتوى رقم: 5413.
لكن اختلف الفقهاء في الوجه والكفين هل يجب سترهما أم يستحب؟ والمفتى به عندنا هو وجوب سترهما خصوصا في مثل هذه الأزمان التي غلب فيها الشر والفساد كما بيناه في الفتاوى: 4470 , 5224 , 8287.
وعلى ذلك فإنه لا يجوز لابنتك أن تخلع حجابها استجابة لهؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا. وإذا وصل الأمر إلى الاختيار بين الحجاب والتعليم فالحجاب واجب والتعليم بخلافه، وراجعي فتوانا رقم: 32107.
أما ما تشتكين من تهاون ابنتك في الصلاة ومخالفتها للمواصفات الشرعية للحجاب فهذا لا سبيل إلى معالجته إلا بالحكمة واللطف في دعوتها إلى الخير والعفاف، وتعليمها أمور دينها وتذكيرها بعظم قدر الصلاة وتحبيبها في فعل الخير, ثم بمنعها من صديقات السوء اللاتي يزين لها التبرج والسفور بأقوالهن وأفعالهن, فإن لم تستجب لذلك فعليك منعها من هذا اللباس المخالف ولو بالقوة إن لم يترتب على ذلك مفسدة أكبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(20/263)
الحجاب عفة وطهارة والتبرج معصية ومهانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والحمد لله متدينة وملتزمة، أحافظ على الصلوات ويعينني الله بإذنه علي بعض النوافل، ولكن ما يضايقني ويؤرقني أنني لا أستطيع أن أرتدي الحجاب الشرعي عن اقتناع (مع العلم أني أرتدي الآن الحجاب الشرعي) ولكني أجبر نفسي عليه وأكاد أن أتمزق داخليا، فأنا أكرهه بشدة، فأنا أرى أنه يطفئ جمال المرأة، فكيف تتزوج الفتاة وهي بالمقارنة بالأخريات المتبرجات أقل جمالا! كيف تحصل علي إعجاب أي شاب وهي أقل جمالا من الأخريات؟ حتى لو كانت أكثر جمالا، فإن الحجاب أشعر بأنه يطفئ جمال المرأة؟ أعلم أنه تنكح المرأة لدينها وجمالها....إلى آخر الحديث، ولكن لا يمكن لشاب أن يتقدم لفتاة لا تعجبه حتى لو كانت متدينة وما يفعله الحجاب الشرعي أنه يقلل من جمال الفتاة لتصبح أقل من الأخريات (وأقصد بالحجاب الشرعي الذي ينطبق عليه شروط الحجاب من أنه لا يكون زينة في نفسه ولا يشف ولا يصف ... يعني حتى أنه يكون زينة مرفوض أي يجب أن لا يكون جميلا بالمرة ... كيف أستطيع أن أظل متمسكة بحجابي وأنا أرى زميلاتي المتبرجات يحصلن على وظائف مرموقة جدا، ويتزوجن أما الملتزمة فيقل الإقبال عليها، وتصبح عانسا وأكثر العانسات هن أكثر الملتزمات اللاتي عرفتهن في حياتي؟؟؟؟؟؟؟؟ كان لي صديقة ترتدي الحجاب الشرعي في ذلك الوقت كانت لا تعمل ولا يتقدم إليها أحد ... ولكنها بدأت تدريجيا في التخلي عن مواصفات الحجاب حتى أصبح الآن مبهرجا قصيرا لا يمت للحجاب الشرعي بصلة وبدأت تحتك بالشباب وتصادقهم وكنت أنا انصحها أن ترجع لما كانت عليه، فكانت تقول لي بعدما أتزوج سألبس الحجاب الشرعي ... تصوروا هي الآن حصلت على وظيفة ما كنت أنا احلم بها وتزوجت شابا رائعا وارتدت الحجاب الشرعي الآن؟؟ للأسف الشباب أنفسهم هم سبب لتبرج الفتيات، فهم دائما ما تشدهم الفتاة المتبرجة آخذين في الاعتبار أنهم سيجبرونها على الحجاب الشرعي بعد الزواج، وهل هذا جزاء الملتزمة؟؟ وفي الآخر يعيبون علي الفتيات في تبرجهم....كيف أستطيع الثبات علي ديني..أنا أتمنى أن أعيش حياة سعيدة، وأيضا أن أرضي ربي ولا أخسر الآخرة ... كيف أظل على حجابي ولا أقع في الفتن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب فريضة رب العالمين، وهدي سيد المرسلين، وقد أمر الله تعالى بالحجاب في آيات كثيرة فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ {الأحزاب:59} . وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}
والعبد لا يكمل إسلامه إلا بامتثاله لأمر ربه ورضاه به تصديقا لقوله تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء: 65} .
فإذا ثبت عندك أن الحجاب هو شريعة رب الأرباب فكيف تكرهينه أم كيف تضيق نفسك به, وأنت تعلمين علم اليقين أن الله هو أحكم الحاكمين وأن أحكامه كلها صادرة عن علم محيط وحكمة بالغة, وأن عقول البشر لا تحيط بحكمته ولا تبلغها.
ومع هذا فإن الحجاب فيه من العفة والكرامة والصيانة وموافقة الفطرة السليمة والأخلاق الفاضلة ما لا يخفى على أحد, وكفى المرأة المتحجبة أنها التزمت أمر ربها وأرضته, وخالفت الشيطان وعصته, وصانت نفسها عن ضعاف النفوس وسفهاء الناس وهملهم, وكفى المتبرجة هوانا وخسرانا أنها أغضبت ربها وأسخطته, وأطاعت الشيطان واتبعته, وبذلت جسدها سلعة رخيصة يقلبها ضعاف النفوس في الطرقات ظهرا لبطن وهل بعد هذا خزي ومهانة, نسأل الله العافية والسلامة.
أما ما تذكرين مما يفتح على المتبرجات من أبواب الرزق من عمل وزواج ونحو ذلك، فهذا من مكر الله بهن واستدراجه لهن قال تعالى: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ {الأنعام: 44}
وقال سبحانه: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ {الأعراف: 182، 183} , جاء في تفسير الألوسي: واستدراجه تعالى إياهم بإدرار النعم عليهم مع إنهماكهم في الغي، ولذا قيل: إذا رأيت الله تعالى أنعم على عبد وهو مقيم على معصيته فاعلم أنه مستدرج.
ثم إن ما تذكرين من تفضيل الناس للمرأة المتبرجة على المحجبة غير مسلّم، فإن أهل الإيمان والطاعة لا يرضون بالمرأة المتبرجة زوجة أبدا, بل إن كثيرا من أهل الانحراف والعصيان لا يرضون أيضا بالمرأة المتبرجة زوجة، وإنما يرضون منها بالابتذال ليتمتعوا بالنظر إليها في الشوارع –والعياذ بالله - أما أن يرضوا بها زوجة فلا لما يعلمونه من عدم استقامتها وقلة حيائها, ولا يضعون ثقتهم الحقيقية إلا في المرأة الصالحة المحتشمة.
وإن كنا لا ننكر أن هناك من يتزوج المتبرجة ويفرح بها، ولكن هؤلاء غالبا ما يدفعون ضريبة ذلك بسبب شؤم المعصية وسوء عاقبتها والعياذ بالله, ومن تأمل حال أكثر هؤلاء وجد أنما فرحهم يقتصر على فترة التعارف والخطوبة وأياما بعد الزواج قليلة، ثم ينزل بهم بعد ذلك بأس الله بصور شتى، وغالبا ما يكون في صورة خلافات كبيرة وشقاقات واسعة تشتت شمل أسرتهم وتمزقها تمزيقا, وكثيرا ما ينتهي الأمر بهم إلى الطلاق أو أن يعتزل الرجل زوجته دون طلاق على أن يعيش كل منهم حياة بائسة نكدة, ثم إن قدر لهما ولد فغالبا ما ينشأ على العقوق والعصيان وقلة الدين والحياء, وصدق الله تعالى إذ يقول: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124} , وقد قال الله سبحانه: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا {النساء: 123}
ورحم الله ابن الحاج حيث قال وهو يتحدث عن المعاصي التي يقع فيها الزوجان وما ينتج عنها من الآثار السيئة: لا جرم أن التوفيق بينهما قل أن يقع وإن دامت الألفة بينهما فعلى دخن وإن قدر بينهما مولود فالغالب عليه إن نشأ العقوق وارتكاب ما لا ينبغي، كل ذلك بسبب ترك مراعاة ما يجب من حق الله تعالى منهما معا. انتهى
ثم إذا افترضنا جدلا أن الأمر على ما تقولين، وأن المرأة المتبرجة هي التي يتيسر لها أمور الدنيا من عمل وزواج ونحوه, فماذا بعد ذلك، وماذا يغني عنها المال والزوج وقد أغضبت ربها وأسخطته, وهل يدفع ذلك عنها شيئا إذا أرادها الله بمصيبة في الدنيا من مرض ونحوه؟ وهل يدفع عنها ذلك حينما تنفرد في قبرها وحيدة فريدة بعد موتها؟ وهل يغني ذلك شيئا عنها عندما تلقى الله يوم القيامة وقد حاربته بنعمه واستعملت ما وهبها الله من جمال وزينة في معصيته وإغواء خلقه؟
والتي تزعم أنها ستترك الحجاب إلى أن تتزوج ثم تلبسه بعد ذلك لا شك أنها جاهلة مغرورة، وهذا من تلاعب الشيطان بها وإلا، فمن ضمن لها أن تعيش إلى أن تتزوج, ثم من ضمن لها بعد الزواج أن توفق للحجاب وقد تركته أول الأمر, وترك امتثال الأمر أول مرة قد يكون سببا في الخذلان فلا يلتزم به صاحبه أبدا كما قال سبحانه: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {الأنعام: 110} , ثم إذا وفقت للحجاب فمن ضمن لها على ربها أن يغفر لها ما كان منها من إثم التبرج والسفور.
فاتقي الله أيتها السائلة وانظري بعين البصيرة وراقبي نهايات الأمور ومآلاتها، واعلمي أن كل ما في الكون إنما يجري بتدبير الله وقدره , وأنه لا تستجلب المعاصي ولا تستدفع النقم بمثل طاعة الله وتقواه, قال الله جل وعلا: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2، 3} , قال ابن تيمية رحمه الله: قد روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم} وقوله: (مخرجا) عن بعض السلف: أي من كل ما ضاق على الناس. انتهى
وقال سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {نوح: 10 – 12}
ونوصيك بكثرة التضرع إلى الله ودعائه والإلحاح عليه أن يصرف عنك السوء والفتن، وأن يحبب إليك الإيمان ويزينه إلى قلبك، ومن آثار ذلك أن يحبب الحجاب إليك، وأكثري من التوبة واستغفار الله سبحانه. نسأل الله أن يهديك سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1430(20/264)
حكم لبس السروال والقميص للمرأة إذا منعت من الحجاب في الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس ببلاد عربية، ولكنها تمنع الحجاب الشرعي في الكليات فقط. فهل يجوز لي أن أذهب للكلية بسروال فضفاض جدا وقميص يصل إلى الركبتين، مع العلم أنني أرتدي هذا اللباس لأتقي شر ذوي الشر، والأمر الثاني هو أن يسمح لي بالدخول إلى الكلية وأمنع من المضايقات؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القميص واسعا لا يصف حجم البدن وكذلك السروال، فلا بأس في الخروج به. وانظري لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 51651. وما أحيل عليه فيها. وكذلك الفتوى رقم: 5521.
ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يهدي القائمين على أمورهم، وأن يثبتك على الحق، ويعيذك من نزغات الشيطان واستدراجه واتباع خطواته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(20/265)
حكم لبس المرأة الملابس الشفافة أمام أبنائها الذكور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في أسرة عائلها ينهر ابنته وزوجته لارتدائهم ملابس شفافة داخل شقتهم فى الصيف ولا أحد يراهم سوى أولادهم الذكور علما بأن أعمارهم من 8 الى 14 عاما؟ أفيدونا رجاء لإنهاء المشاكل بينهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على زوجة هذا الرجل وابنته طاعته فيما يأمرهما به فإنّ طاعة الزوج وطاعة الوالد واجبة في المعروف، وينبغي لهذا الرجل أن يكون رفيقاً بهما في أمره، ويبين لهما أنّ المرأة لا يجوز لها أن تبدي ما تشاء من عورتها أمام النساء والمحارم، وإنما الذي يجوز أن يظهر منها أمامهم هو الرأس والرقبة والكفان والقدمان. وانظر حدود عورة المرأة أمام المحارم في الفتوى رقم: 599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1430(20/266)
وجوب ستر المرأة وجهها أمام الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النقاب واجب مع أنه يضايق النساء كثيراً ويعتقدون بأن خلعه سيغضب الله عز وجل وسيدخلون جهنم بعملهم هذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المرأة أن تستر وجهها أمام الرجال الأجانب على الراجح من أقوال العلماء، لأدلة سبق بيانها في الفتوى رقم: 4470. ولا يجب على المرأة لبس النقاب بل لها أن تستر وجهها بالنقاب أو بغيره كأن تسدل شيئاً على وجهها ونحو ذلك.
وإطلاق القول بأن النقاب يضايق النساء غير مرضي، فقد تجد بعض النساء راحتها في تغطيتها وجهها لطاعتها لربها وعفتها لنفسها، وإن كان للمرأة ظرف خاص تتضرر معه من لبسه ضرراً لا يحتمل، فالضرورات تبيح المخظورات، والضرورة تقدر بقدرها، وبالتالي فلها أن تتركه في الأوقات التي تتضرر به فيها، علماً بأنه لا يجب إلا في الوقت الذي تكون فيه عرضة لأن يراها الأجانب.
وأما كون خلعه قد يغضب الله تعالى ويكون سبباً في دخول المرأة النار فنعم، فإن هذا فرع عن القول بوجوبه، فتعريف الواجب عند الأصوليين: ما يذم تاركه شرعاً، ويقول بعضهم: هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(20/267)
التضرر الصحي من النقاب هل يبيح خلعه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي مريضة بالقلب وارتداء النقاب يسبب لها تعبا وإرهاقا لا تطيقه، مع العلم أنها ترتدي الحجاب الشرعي والزي الإسلامي الواسع والفضفاض والحجاب ولا يظهر منها سوى الوجه، مع العلم أنها في سن الـ 55، فهل تكون آثمة إن لم تلبس النقاب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزي أمك خيرا على حرصها على الالتزام بالحجاب ونسأله سبحانه أن يرزقها الصحة والعافية وأن يشفيها شفاء تاما لا يغادر سقما، وقد سبق لنا بيان أن تغطية المرأة وجهها واجب على الراجح من أقوال العلماء، فانظر الفتوى رقم: 4470.
فعلى أمك أن تحرص على الجمع بين سترها وجهها واجتناب الضرر بأن ترخي على وجهها من الخمارعلى وجه لا تتضرر منه، وإن كان الضررلازما على كل حال، فلا حرج عليها في كشف وجهها، فالمشقة تجلب التيسير، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} .
وقال تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {البقرة:185} .
وما ذكرناه من وجوب تغطيتها وجهها فيما إذا لم تصل إلى درجة لا تشتهي فيها الرجال، ولا يشتهيها فيها الرجال، وأما إذا وصلت إلى هذه الدرجة فقد أباح الله تعالى لها حينئذ وضع خمارها من غير تبرج بزينة كما بينا بالفتوى رقم: 11518، وقد ذكرنا فيها أن بلوغ المرأة سنا معينة لا يعني دخولها في مسمى القواعد من النساء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1430(20/268)
المسلمة تلبس الحجاب ابتغاء مرضاة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ارتديت الحجاب تحت ضغط من خطيبي السابق وأنا أعلم جيداً أن الحجاب فرض، ولكنه أصابني باكتئاب شديد لأقصى درجة فقد أصبحت عصبية وسريعة الانفعال بدرجة كبيرة وأصبحت أكره شكلي بدرجة كبيرة لدرجة تجعلني أتجنب حتى النظر إلى المرآة وأنا محجبه منذ 4 سنوات وطوال هذه الفترة وأنا أحاول جاهدة أن أصبر لأنه فرض، ولكنني حاليا أصبحت منهارة تماما، ولا أدري ماذا أفعل؟ قرأت العديد من الكتب الدينية وأدعو لنفسي بالهداية أثناء الصلاة، ولكن بلا جدوى والمشكلة أنني الآن أصبحت ـ على ما أعتقد ـ ضحية الشرك الخفي فأنا أخشى خلع الحجاب حتى لا أتعرض لكلام الناس، فأنا أحتاج للمساعدة فعلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر أهون من أن تحملي نفسك بسبب هذا الموضوع ما لا تحتمل، والعلاج يسير ـ إن رغبت في ذلك ـ والحمد لله أنك على قناعة بأن الحجاب فرض عليك، إذن فالمطلوب منك الآن أولاً أن تجعلي لبسك الحجاب ابتغاء مرضاة الله تعالى لا من أجل خطيبك، لتنالي بذلك الأجر من الله تعالى وتجتنبي ما ورد من وعيد في حق النساء المتبرجات.
ويبدو أنك تهتمين لأمر المجتمع ونظرته السيئة للمحجبات، فإذا كان الأمر كذلك فلا تفعلي، فإن المؤمنة ينبغي أن تكون غايتها رضا ربها، وعليها أن تعلم أن إرضاء الناس غاية لا تدرك وقد تكون عاقبتها سخطاً عليها، وتدبري الحديث الذي رواه الترمذي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.
وراجعي الفتويين رقم: 33184، ورقم: 39004.
واعلمي أنك إذا ارتديت الحجاب من أجل الله هان عليك الأمر، بل ولن ترضي بغيره بديلاً، ولا شك أن الالتفات إلى الناس في فعل الطاعة أو تركها طلباً لمدحهم أو خوفاً من ذمهم نوع من الشرك الخفي، وكما بينا سابقاً أنه يمكن تغيير النية وجعل الإخلاص بديلاً للرياء، ومما يمكن أن يساعدك في ذلك استحضارعظمة الرب تعالى والخوف من عذابه إضافة إلى مصاحبة الصالحات والبعد عن الفاسقات، ونوصيك بالاستمرار في الدعاء ولا تيأسي، وراجعي الفتويين رقم: 1208، ورقم: 12744، وهما عن وسائل الاستقامة على الطاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(20/269)
حكم خلع المسلمة حجابها في بلاد الكفر للعمل ولتفادي الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة محجبة، اضطررنا أنا وزوجي للجوء إلى أميركا وتكساس تحديداً، ولم نكن نعرف أنه يوجد في هذه الولاية تعصب من ناحية الحجاب، لا يعطونني وظيفة للعمل أو حتى أن يتركونني بحالي في الشارع، يضايقونني كلما خرجت من المنزل، ومن ناحية العمل لا تتوفر فرص عمل للمحجبات، قدمت على أكثر من مكان للعمل لكنهم يرفضونني، وقد قدمت آخر مرة لعمل حاضنة أطفال قالوها لي بصرحة العبارة: لا نستطيع أن نجعلك تعملين معنا وأنت ترتدين الحجاب، فكرت في أن أعدل شهادتي وأكمل دراستي في المنطقه التي فيها الكلية والجامعة، وهي الوحيدة التي داخل المدينة، وقد تعرضت مسلمات فيها إلى الاغتصاب والضرب والقتل، والمعاملة هنا للمحجبات سيئة جداً.
أريد أن أعمل لأن الحياة هنا ليست كما كنا نتصور مكلفة جداً، ولا أعرف ما الحل، قالو لي: البسي الباروكة واستري رقبتك لكني لا أعرف ماذا أفعل؟ أنا مسجونة داخل البيت، أتمنى من شخصكم الكريم الرد علي بأقرب وقت ممكن وإجابتي؛ لأني لا أعرف ماذا أفعل؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن لا يستطيع إقامة شعائر دينه في بلاد الكفر وجب عليه الهجرة منها، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 12829.
فإذا كنت لا تستطيعين لبس الحجاب فلا تجوز لك الإقامة في هذه الولاية، بل تجب عليك الهجرة منها، ولا بأس بأن تهاجري أنت وزوجك إلى ولاية أخرى تأمنون فيها على دينكم، ولا توجد فيها مثل هذه المضايقات. وإذا لم تكن بكم ضرورة أو حاجة شديدة للإقامة في بلاد الكفر عموماً فالأولى بكم العودة إلى بلدكم أو إلى أي بلد من بلاد المسلمين، تتمكنون فيها من الحصول على فرص للعمل من غير ارتكاب محظور شرعي، وفي كثير من بلاد المسلمين الكثير من الخير.
وعلى فرض أن بكم ضرورة للإقامة في بلاد الكفر، وكان لبس الحجاب يتنافى مع قوانين العمل فلا يجوز ترك الحجاب لأجل العمل، فإن الحجاب فريضة شرعية لا يجوز التهاون فيها، وزوجك هو المكلف شرعاً بالإنفاق عليك، ولست مكلفة بذلك. فالذي ننصحك به هو الصبر، وأن تتذكري أن سلامة الدين لا يعدلها شيء، ثم إنه يمكنك أن تحاولي أن تمارسي بعض الأعمال التي لا تتطلب الخروج من البيت كالخياطة ونحوها. وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 23057.
وأخيراً لو قدر وجود ضرورة للخروج للعمل فيجوز للمرأة أن تكشف فقط من جسدها ما تقتضيه الضرورة، وإذا ألزمت بكشف شعرها فلا بأس بأن تلبس الباروكة في مثل هذه الحالة لإخفاء شعرها الحقيقي، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 63115. ولمعرفة حد الضرورة التي تبيح ارتكاب المحظور انظري الفتوى رقم: 79890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1430(20/270)
حكم تزين المرأة يوم عرسها بإبداء شيء من صدرها أمام النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت فتاة تحب الدين ولكن عائلتها ليست بملتزمة، وكان أملي الوحيد في الفتاة أنها مطيعة وقد وعدتني إذا تزوجنا أن نكون أحرارا في ديننا حتى إننا فكرنا في الهجرة، وقبيل أن أعقد عليها صارت بعض النزاعات مع أهلها على كيفية الاحتفال بالعقد، فأرغموني على الاختلاط فرضيت، ولكن حين أدخلوني على النساء لأرى زوجتي مررت بنساء عاريات ووجدت زوجتي قد زينت نفسها وخلعت حجابها وبان قليل من صدرها فصدمني ما رأيت فخرجت كالمجنون، علما أنه لم يرها إلا محارمها، ولكن كان هناك من الفتيات من يأخذن صورا لها وهي عارية، فحين خرجت لحقني والدي غضبان قائلا لي ستفسد الزواج، صارت مفاسد كبيرة وغضب مني الجميع وأهانوني ووصفوا التزامي بالتعصب والتخلف والرجعية، وأذلوني بطلب العفو من أهل العروسة، والآن سنقيم ـ إن شاء الله ـ الزفاف بعد سنة وهم مصرون على الاختلاط، وها أنا أجد نفسي وحيدا ضعيفا، فكيف العمل؟ وهل نرضى بالدنية في ديننا تجنبا للمفاسد؟ أنا وزوجتي في الاستماع لكم وأنني أطمع في كرمكم أن تجيبونا بالعربية وبالفرنسية، فإن زوجتي لا تحسن العربية لعيشها في فرنسا 10 سنين، وهذا أمر يقلقني كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت أولا بحرصك على الزواج من امرأة مستقيمة، وحرصك أيضا على أن يكون هذا الزواج خاليا من المخالفات الشرعية، ولكنك في المقابل قد أسأت حين رضيت بالدخول على النساء لأجل رؤية زوجتك، خاصة وأن النساء قد كن في حالة من التبرج كما ذكرت، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول الرجال على النساء فقال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت.
وعورة المرأة المسلمة مع المرأة المسلمة من السرة إلى الركبة، وأما أمام الكافرة فجميع جسدها ما عدا الوجه والكفين، فإبداؤها صدرها إن كان أمام بعض المسلمات فلا حرج في ذلك، وإن كان الأولى بها ستره، ولكنها أخطأت حين سمحت لبعض النساء بتصويرها فهذا لا يجوز، لأن مثل هذه الصور قد تقع في يد من لا يجوز له الاطلاع عليها، فالواجب أن تنبه من أخذن الصور بإزالتها، ولا تألوا جهدا في ذلك.
ولا يجوز لك ولا لزوجتك الموافقة على إقامة زواج مشتمل على الاختلاط أوالغناء والموسيقى، ولا بأس بمحاولة إقناع أهل الزوجة بإقامة احتفال يستقل فيه الرجال عن النساء، وما كان بين النساء، أو بين الرجال من الغناء بكلام مباح ليس فيه فحش ولا بذاءة وبدون مزامير وموسيقى فهو مباح، روى البخاري وغيره عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها: أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو.
وإن أصر أهل زوجتك على إقامة احتفال مشتمل على شيء من المنكرات فلا توافقهم على ذلك، ويجب عليك أنت وزوجتك اجتناب حضور هذا الاحتفال، ولا تلتفتا إلى ما يحدث من أذى أو إهانة لهذا السبب، ونذكركما بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.
واعلم أن هذه الضغوط التي تمارس عليك لارتكاب المخالفات الشرعية، ما هي إلا ثمرة للإقامة في بلاد الكفر
فالواجب أن تحرص على الانتقال من بلاد الكفر، وتبحث عن بلد تستطيع فيه عبادة الله وحده على الوجه الصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(20/271)
حكم لبس المرأة للثياب المطرزة والملونة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت تسأل: خالتي تمتلك أثوابا فلسطينية مطرزة بألوان والتطريز خفيف، وتريد أن تعطيها لامرأة كبيرة في السن يعني من القواعد لكي ترتديها، علما بأن هذه المرأة تلبس مثل هذا اللباس أصلاً، فما حكم ذلك؟ مع ذكر الدليل. أرجوكم حتى لا نقع في الحرام، وجزاكم الله عني خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا بالأدلة والتفصيل أن المعتبر في لباس المرأة المسلمة هو الستر بغض النظر عن اللون والتطريز، وانظري لذلك الفتوى رقم: 65221، وما أحيل عليه فيها.
ولذلك لا حرج على هذه الأخت في هبة الملابس الملونة أو المطرزة لهذه المرأة أو لغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1430(20/272)
التشبه المنهي عنه هو ما كان في أمر من خصوصيات الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[عند ارتدائي حجابا قصيرا يظهر مني أكثر مما يخفي، ووالدي غير موافق على النقاب، فارتديت حجابا طويلاً جداً من الأمام ـ حتى إنه يخفى البلوزة التي أرتديها ـ وطويل من الخلف أيضا، ولكنني سمعت حديثا فيه نهي عن تشبه المسلمات بالراهبات فى إطالتهن لحجابهن من الخلف -أنا أطيلها من الأمام كثيراً ولكن ليس بنفس طول الخلف - فهل علي أن أقصره مخالفة لهن؟ إنني أبحث عن احترامي لنفسي فقط.
وجزاكم الله الجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب فرض على المرأة المسلمة يتعين عليها الحرص عليه وعدم طاعة الخلق في تركه، ويتعين على الأب أن يكون عوناً لبنته على الالتزام بالستر والبعد عن التبرج، عملاً بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} .
وأما البعد عن مشابهة الكفار فهو واجب أيضاً، ولكن المنهي عنه في التشبه هو ما كان خاصاً بهم فيمنع قصد مشابهتهم فيه، وأما ما لم يكن خاصاً بهم ولم يقصد به التشبه بهم فلا حرج فيه، ومن المعلوم أن كثيراً من المسلمات يصل خمارهن إلى الظهر وإلى أسفل منه، ولباس الراهبات أبيض فلو لبست المرأة لوناً آخر لم يعد هناك تشبه، والله نسأل أن يوفر للمسلمين ما يعين على تمسكهم بدينهم وحيائهم، وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 3310، 111186، 116909.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(20/273)
حكم الكلام والارتباط بامرأة محجبة تظهر وجهها وتزينه بالمكياج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يرتبط بامرأة محجبة ولكنها تضع المكياج خارج بيتها؟ مع العلم أنها على قدر كبير من الاحترام في المكان الذي تتواجد فيه، وهل يمكن أن أتكلم معها في مكان الدراسة دون أن أتقدم لخطبتها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب الشرعي هو ما ستر جميع البدن ـ بما في ذلك الوجه والكفين ـ على الراجح من كلام أهل العلم وعلى ذلك، فإن الواجب على هذه المرأة أن تغطي وجهها وكفيها ولا تظهرهما ولو بغير زينة. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4470.
ولتعلم هذه المرأة أن خروجها بهذه الزينة حرام، ولم يقل بجوازه أحد من أهل العلم أبدا حتى على القول بجواز كشف الوجه والكفين، فإن أصحابه يشترطون عدم الزينة.
وأما عن الزواج من هذه المرأة، فإن كان الأصل فيها غلبة الخير وحب الله ورسوله والاستجابة لأوامر الشرع، فلا حرج عليك في أن تتقدم لخطبتها بعد الاستخارة، ثم تعلمها بحرمة هذا الذي تفعله، فإن تابت إلى الله سبحانه أو علمت من نفسك القدرة على إلزامها بالشرع وترك هذه المعصية، فيجوز لك الزواج منها على ما بيناه في الفتويين رقم: 48640، 13096.
أما إن أصرت على هذه المعصية فينبغي أن تنصرف عنها لأن هذا أمارة سوء وشر.
أما الحديث معها دون ضرورة أو حاجة معتبرة فهو غير جائز لأنه باب عظيم من أبواب الفتنة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 21582.
لكن إن وجدت ضرورة أو حاجة فلا حرج في التحدث إليها عند أمن الفتنة بقدر هذه الحاجة مع التزام الضوابط الشرعية من اجتناب الخلوة وغض البصر وترك الخضوع في القول ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(20/274)
أسباب فتنة التبرج عند النساء المسلمات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو السبب الوحيد في فتنة التبرج عند بنات المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن التبرج إثم عظيم، وقد جاء الوعيد الشديد لمن تفعل ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 115873.
وهذه المعصية لها أسباب متعددة تساعد عليها ومنها:
1- اتباع العادات, فإن الفتاة التي تنشأ في أسرة غير ملتزمة بالحجاب تخرج في الغالب متبرجة.
2- اتباع الشهوات وحب التقليد, فكثير من نساء المسلمين ينظرن إلى النساء الكافرات وهن في زينتهن نظرة إعجاب فيقودهن ذلك إلى تقليدهن, وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه. قلنا: يا رسول الله؛ اليهود والنصارى؟ قال: فمن. متفق عليه.
3- الجهل بأحكام الدين وتكاليف الشريعة، فبعض النساء المسلمات يخيل إليهن من فرط جهلهن أن الالتزام بالدين محصور في الصلاة والزكاة والصيام وسائر الشعائر.. أما أمر اللباس فإنهن فيه بالخيار, فتراهن يخرجن من بيوتهن كاسيات عاريات مائلات مميلات وربما كنّ - مع هذا – محافظات على الصلاة وتلاوة القرآن والحج والعمرة, وهذا من الجهل العظيم فإن الحجاب فرض عظيم من فرائض الدين ومن أنكر وجوبه كفر وفارق جماعة المسلمين, وقد بينا أدلة وجوبه في الفتوى رقم: 4470.
4 - أما السبب الرئيس وراء هذه المعصية المنكرة فهو ضعف دين المرأة وقلة يقينها, ولو أنه قوي وقار الله في قلبها وعظمت أوامره لما أقدمت على هذا الفعل، والغالب أنها ما تقدم على هذه المعصية إلا بسبب ذنوب سلفت منها فحرمها الله عز وجل بهذه الذنوب بركة الحجاب والعفة, وأسلمها ذنبها إلى أعدائها من شياطين الجن يتلاعبون بها ويسلمونها سلعة رخيصة إلى شياطين الإنس في الشوارع والطرقات يقلبونها بأبصارهم ظهرا لبطن, ولو أنها عزّت عليه سبحانه لصانها عن مثل هذا.
وصدق الحسن البصري رحمه الله حيث قال: هانوا عليه فعصوه، ولو عزّوا عليه لعصمهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(20/275)
لبس المرأة ملابس الرجال من التشبه المذموم ولو كان بغير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أنا الآن أرتدي ملابس رجال، ولكن ليس القصد هو التشبه بهم إطلاقا، بل لأنها مريحة جدا وواسعة وخاصة أنني أرتدي تي شيرتات والدي - حفظه الله- وسراويله، ومن رآها لن يجزم بأنها لذكر. فهل أعتبر متشبهة وخاصة أنني أرتاح بها كثيرا، وكما سبق وذكرت أن نيتي ليست تشبها بهم وخاصة أنني أرتديها أمام أهلي معظم الأحيان فأشعر بأنها أستر من الملابس النسائية؟ وغير هذا أنني فكرت بأن أذهب لمتاجر بيع الملابس الرجاليه وشراء الجينزات والسراويل منها، وأيضا الأحذية الرياضية وارتدائها أثناء خروجي وأثناء ممارستي للرياضة لأنني نادرا ما أرى بنطالا نسائيا فضفاضا ومريحا؟؟ ولكنني سأراعي أن من يرى البنطال لا يدري أنه للرجال. أرجو أن تكونو فهمتموني. فهل أنا آثمة؟ أرجو التفصيل في إجابتكم وأن تسرعوا في الإجابة أرجوكم فقد أذهب للسوق بعد أيام معدودة إن شاء الله تعالى؟ وأسأل الله تعالى أن يفتح بوجوهكم كل أبواب رحمته ويغلق عنكم كل أبواب عذابه. هذا وصلى الله على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاه وأتم التسليم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أمّا عن لبس الملابس التي يلبسها الرجال، فما كان منها مشتركاً بين الرجال والنساء وليس مختصاً بالرجال فلا حرج عليك في لبسه ما دام لا يخالف شيئاً مّما يشترط في لباس المرأة المسلمة، وأمّا ما كان من الملابس مختصا بالرجال فلا يجوز لك لبسه ولو لم تقصدي التشبه، فإنّ التشبه يحصل ولو بغير قصد، وانظري الفتوى رقم: 12329.
وتشبّه المرأة بالرجال منهيّ عنه أشدّ النهي. فعن أبي هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل. رواه أبو داود وصحّحه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(20/276)
حكم ترك النقاب خوفا على مصير الأسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بفضل الله تعالى التزمت ومقتنعة بلبس النقاب جداااااا وأنه واجب فى هذا الزمان، ولكن أبي يعارض بشدة وللأسف هو لا يصلى وليس من الذاكرين، ويرى أن الأفلام والمسلسلات حلال، والحمد لله أنا أعامله بالحسنى لكني أتجنبه فى الأمور الدينية لأنه عمل مشاكل كثيرة عندما ألححت على أمي للبس النقاب وأجبرها على خلعه. وأنا الآن أتمنى أن ألبسه لكني أخاف على مصير الأسرة. والمشكلة أني أخرج كثيرا لأن كليتي عملية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن ييسر لك خيري الدنيا والآخرة، وأن يثبتك على الحق ويصرف عنك مضلات الفتن.
واعلمي أيتها السائلة أنه يلزمك القيام بواجب النصح لوالدك فتذكريه بالله وحقه عليه في إقامة الصلاة، وترك هذه المنكرات من الأفلام ونحوها, على أن يكون ذلك كله بأسلوب لين رقيق, ثم أعلميه بعزمك على لبس النقاب بعد أن تذكري له وجوبه وحتميته خصوصا في مثل هذه الأزمان, فإن قابل كلامك بالرفض وغلب على ظنك أن لبسك له رغما عنه سيوقعك فيما لا تستطيعين تحمله كأن يطردك من البيت مثلا فلا حرج عليك في تركه, وليس عليك إثم في ذلك - إن شاء الله – بشرط أن يستند خوفك إلى سبب موجود لا إلى مجرد أوهام. وعليك أن تلتزمي الضوابط الشرعية في باقي اللباس بأن يكون ساترا لسائر البدن بما في ذلك الكفين، غير شفاف ولا ضيق، ولا مزين. إلى غير ذلك من الشروط المبينة في الفتاوى التالية: 6745 , 9428 , 13914.
فإن يسر الله لك مخرجا من سلطان أبيك بنحو الزواج فبادري حينئذ إلى لبس النقاب.
أما إن كان الأذى الذي سيلحقك من أبيك بسبب النقاب أذى يسيرا كالتوبيخ ونحوه فلا يسعك حينئذ تركه بل عليك بارتدائه، وقابلي هذا الأذى بالصبر والصفح.
وننبهك إلى أن الدراسة في الأماكن المختلطة لها ضوابط شرعية سبق بيانها في الفتوى رقم: 5310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(20/277)
حكم لبس عباية قبعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس عباية قبعة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المراد بعباية قبعة، وإذا كان المقصود بها عباية الرأس، فإن حكم لبسها الجواز كغيرها من أنواع لباس المرأة الساتر، وهي أبلغ في الستر وأولى من غيرها.
فالواجب على المرأة المسلمة أن تستر جميع بدنها عن أعين الأجانب وبما لا تشبه فيه بالرجال وبما لا يحدد أعضاءها أو يصف بشرتها، وقد سبق بيان ذلك والضوابط الواجب توفرها في لباس المرأة المسلمة، في الفتاوى التالية أرقامها: 6745، 13256، 55984، 97027، فنرجو أن تطلعي عليها، فإذا توفرت هذه الشروط فلا يلزم المسلمة الالتزام بعباءة معينة ولا بغيرها من اللباس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(20/278)
حكم كشف الرأس أمام المرأة الكافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم عدم تغطية شعر المرأة أمام المسيحيين؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يختلف الحال في تحريم كشف المرأة عن شعر الرأس بالنسبة للرجال كفارا كانوا أو المسلمين، وأما كشف الرأس أمام المرأة الكافرة فمختلف فيه بين أهل العلم، وقد بسطنا الكلام في الخلاف في المسألة في الفتاوى التالية أرقامها: 31009، 46795، 7254، 40656، 45279، 75488، 58234، 97556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1430(20/279)
حكم لبس المرأة حذاء يكشف أصابع قدميها
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى فضيلة الشيخ السؤال: هل يجوز للمرأة المتحجبة أن تلبس في رجلها حذاء كاشفا لأصابع قدميها دون أن ترتدي في رجلها شرابات؟ وهذا نظرا إلى الطقس الحار جدا.
وشكرا لتعاونكم معنا ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المرأة أن تغطي قدمها ولا تكشف منه شيئاً، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبراً، فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن، قال: يرخينه ذراعاً لا يزدن عليه. رواه أحمد وأصحاب السنن، وغيرهم، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال أحمد: كل شيء منها عورة حتى ظفرها.
ومعلوم أن كل ما يطلق عليه اسم عورة فالواجب ستره وتغطيته، قال تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
{النور:31} .
وعلى ذلك فلا يجوز للمرأة لبس حذاء يكشف عن شيء من قدمها أمام الرجال الأجانب إلا إذا ارتدت معه ما يستر قدمها من جورب أو غيره مما يستره ولو بإرخاء لبسها عليها.
ويمكنها لبس جوارب وأحذية مصنوعة من خامات لا تسبب حرارة للقدم.
وعليها أن تتقي الله وتستتر، وأن تتذكر قوله تعالى: قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ {التوبة:81} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(20/280)
لماذا أتحجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في السادسة عشرة، ارتديت الحجاب السنة الماضية لكن أزلته ولم يعرف أحد لأني سافرت. أنا أريد أن أتحجب في الجامعة فأنا لبسي محترم ولا أخرج إلا مع أمي وأبي، ولكن أيضا أنا لست مقتنعة بالحجاب في أي عمر. وقد قرأت إجابتكم عن هذا ولكن لا جدوى فساعدوني فلماذا أتحجب؟ ولماذا لا يظهر من البنت شيء إلا لأقاربها أو زوجها؟ ماذا سيحدث إذا ارتدت البنت زيا محترما ليس حجابا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب فرض لازم على البنت بمجرد بلوغها لا يجوز لها أن تؤخره، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 5413.
ولا ندري -أيتها السائلة- مقصودك بقولك: إن لبسك محترم. فإن كنت تقصدين أن لبسك يحقق المواصفات الشرعية للحجاب المذكورة في الفتاوى التالية: 6745، 9428، 13914. من كونه ساترا لجميع البدن غير رقيق ولا ضيق وغير ذلك من الشروط، ولكنه ليس على الهيئة المتعارف عليها للحجاب في هذا الزمان فلا حرج عليك في ذلك، لأن الحجاب ليست له هيئة معينة بل أي لباس تحققت فيه هذه المواصفات فهو لباس شرعي.
أما إن كان لباسك لا يحقق هذه المواصفات فإنه لا يجوز لك لبسه والظهور به أمام الأجانب.
أما قولك: لماذا أتحجب؟ فنقول لك: امتثالا لأمر الله بالحجاب، فإن الغاية الكبرى من التكاليف الشرعية هي الامتثال فقيامك بالحجاب كإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وغير ذلك من الواجبات.
ثم اعلمي أن المرء لا يكون مؤمناً إيمانا كاملا لا خدش فيه ولا نقص إلا إذا حكّم شرع الله في حياته وانقاد إليه، ولم يبق في نفسه حرج من ذلك، قال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً. {النساء:65} . وقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. {النور: 63} . وروى ابن خزيمة في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رغب عن سنتي فليس مني.
وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى.
فهذه النصوص وغيرها صريحة في وجوب الانقياد لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وما دمت أيتها الأخت الكريمة قد علمت فريضة الحجاب مما ورد في صريح القرآن وصحيح السنة فأي عذر لك بعد ذلك في تركه؟!.
ثم لا يخفى على منصف ما في الحجاب من مصالح عظيمة معقولة المعنى زيادة على مجرد التعبد، وذلك أن الله جل وعلا قد ركب في الذكر والأنثى ميل كل واحد منهما لصاحبه وهذا مشاهد معلوم، ومما لا شك فيه أن المرأة إذا خرجت متبرجة كاشفة عن مفاتنها فإن هذا سيثير شهوات الرجال ويحرك غرائزهم، وهذا فيه ما لا يخفى من المفاسد للرجل والمرأة والمجتمع كله، وقد سمعنا وما زلنا نسمع ما ترتب على خروج النساء متبرجات من مفاسد عظيمة حتى وصل الأمر في بعض البلاد الإسلامية إلى تحرشات جماعية في الشوارع ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم كيف ترضى الفتاة لنفسها أن تخرج من بيتها كاشفة عن مفاتنها فتصير بذلك سلعة رخيصة ينظر إليها أصحاب القلوب المريضة ويكادون ينفذونها بأبصارهم، فتستثير شهوات ذوي القلوب المريضة، وتفتن أهل الخير والصلاح فترجع إلى بيتها وقد حملت أوزار إضلال الناس وصدهم عن سبيل الله.
فاتقي الله أيتها السائلة واعلمي أنك لن تتحققي بالإسلام على الحقيقة ولن تذوقي طعم الإيمان إلا إذا امتثلت لحكم الله سبحانه وقابلت أوامره كلها بالانقياد والتسليم، حتى وإن كانت على خلاف هواك.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 124404. ففيها بيان وجوب الحجاب على الفتاة سواء خرجت بمفردها أم مع عائلتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(20/281)
تنقبي مع الحرص على التخلق بأخلاق المؤمنات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن أتصف بصفات معينة حتى أتنقب أم أن النقاب سوف يهذب الأخلاق والصفات؟ لأني أرى منقبات يسئن إلى سمعة النقاب، ومنقبات رمز مشرف للإسلام.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المؤمن المبادرة بالطاعات الواجبة والمسارعة فيما يقدر عليه منها، ولا يجوز التخلّف عن طاعة الله ورسوله بحجّة عدم الاتصاف بصفات تناسب هذه الطاعة، أو لسوء أخلاق من يقوم بها، ففي كلّ عصر يوجد من المصلّين من لا يتصّف بصفات المؤمنين، فهل يجوز لمسلم أن يقول لا أصلي حتى أتصف بصفات المؤمنين؟ وهل هؤلاء المسيؤون يسيؤون إلى الصلاة؟ وهل المنتقبات المسيئات يسئن إلى النقاب؟
كلّا، إنّ هؤلاء يسيؤون إلى أنفسهم، فإنّ الصلاة أو النقاب ليس هو الذي حملهم على الأخلاق السيئة، وحاشا أن يكون شيء من شرع الله كذلك، بل إنّ كل ما شرعه الله يحمل على كل صفة حسنة وخلق جميل، مثل هذه الأفكار تلبيس من الشيطان وتشويش من أهل الجهل والضلال، يريدون بها تخذيل المسلمين عن الطاعات وتثبيطهم عن الواجبات، ثم إن من يفعل ما أوجب الله عليه محسن في ذلك غير مسيء وإن قصر في جانب آخر فيحمد على ما أحسن ويذم على ما ترك.
فعليك بطرح مثل هذه الترهات والمبادرة بالستر والاحتشام والتشبّه بأمهات المؤمنين، مع الحرص على التخلّق بأخلاق المؤمنات والتحلّي بصفات الصالحات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(20/282)
حكم تقديم صور قديمة قبل التحجب لأجل الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[إن النظام الدراسي التونسي يفرض على الطالبة تقديم صور شمسية يظهر فيها الشعر والأذنان، وأنا أحتفظ بصور لي قبل التحجب لهذا الغرض، فهل تجوز الاستجابة لمطالبهم? أو تقديمها في حالات أخرى كاشتراك الحافلة أو اشتراك المكتبة العمومية؟ جزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحاولي أن تقنعي المسؤولين بالاكتفاء بصورة لا يظهر فيها إلا الوجه والكفان، كما هو الحال في غيرها من الدول، فإن اقتنعوا بذلك وإلا فلا يجوز لك الاستجابة لمطالبهم، اللهم إلا إذا كنت مضطرة لذلك، وراجعي للفائدة في ذلك الفتويين رقم: 123469، ورقم: 93971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(20/283)
خلع النقاب في بلاد الغرب لخوف الأذى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس مصري وعندي بعثة لهولندا للدراسة لمدة سنتين ـ لدراسة الدكتوراة ـ ومعي أسرتي، هل يمكن لزوجتي أن تخلع النقاب هنا لما نتعرض إليه من نظرات الاستغراب والخوف من بعض الأطفال وحتى نتمكن من إرسال ابنتي الصغيرة للمدرسة؟ حيث إنني أخاف على زوجتي من تعرض بعض المتعصبين لها بالاذى، كما حدث أخيرا بألمانيا، حيث قتل بعض العنصرين سيدة بسبب ارتداء الحجاب، مع العلم أننا متمسكون أشد التمسك بالحجاب والزي الاسلامي.
سمعنا الكثر من الفتاوى لأهل المهجر بخصوص جواز خلع النقاب، استنادا إلى قوله تعالي: ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، والأذى يحدث في هذه البلاد بارتداء النقاب وقد تزيد معه النظرة السيئة للإسلام والمسلمين، خاصة وأن الكثير من الأطفال الهولنديين يفزعون عند رؤية النقاب، وزوجتي هي الوحيدة التي ترتديه في هذه المدينة مما يجعلني في غاية القلق عليها أن يحدث لها مكروه أثناء غيابي في عملي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لزوجتك أن تخلع النقاب لأجل هذه الأسباب المذكورة، لأن النقاب فرض متحتم على المرأة على الراجح من كلام أهل العلم، خصوصا في مثل هذه الأزمان التي بلغ فيها الفساد المدى وجاوز الحد، وقد بينا وجوب النقاب على المرأة في الفتوى رقم: 4470
إضافة إلى أن خلع النقاب لن يدفع عن زوجتك ما تخافه من أذى هؤلاء القوم إن أرادوها – لا قدر الله - بسوء، لأن عداوة الكافرين للمسلمين لا تتوقف على النقاب ولا غيره، ولكم سمعنا عن حوادث اعتداء على المسلمين في بلاد الكفر تمت لمجرد لون البشرة، وأكبر دليل على ذلك ما ذكرت من أمر هذه المرأة المسلمة التي قتلت داخل قاعة المحكمة في ألمانيا فإنها لم تكن منتقبة، ولكنها ذبحت بهذه الطريقة الهمجية واتهمت بالإرهاب والتطرف لمجرد تغطية شعرها.
ثم إنا ننبهك على أن المحافظة على الدين هي أعظم مقصود للمسلم وأنه ينبغي التضحية في سبيل ذلك بما دونه من الأمورالدنيوية, فإن كانت دراستك في مثل هذه البلاد ستقودك إلى التخلي عن بعض شرائع الدين، فإنا ننصحك بترك هذه الدراسة والبحث عن مكان آخر في بلد مسلم تتم فيها دراستك، وراجع حكم الدراسة في بلاد الكفر في الفتاوى التالية أرقامها: 34751 , 20969 , 31862 , 76312.
أما إن كنت تقدر على توقي هذه الفتن وتحققت فيك شروط السفر المذكورة في الفتاوى المحال عليها فلا مانع من السفر لإكمال دراستك، وحينئذ فإن تحققت أو غلب على ظنك أن النقاب سيجلب على زوجتك الأذى فلا مانع من خلعها له دفعا لهذا الضرر، ولكن عليها حينئذ أن تقلل خروجها للشارع قدر المستطاع تقليلا للمفسدة الحاصلة بخروجها كاشفة لوجهها.
أما الاستدلال بهذه الآية على خلع النقاب فهو استدلال في غير محله، لأن الآية الكريمة ترشد المؤمنات إلى الحشمة والحجاب ليتميزن بذلك عن الفاجرات، فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، لأن أهل الفجور والشهوات إذا قابلوا امرأة محتشمة محجبة فإنهم يهابونها ولا يجرؤون على مراودتها أو التحرش بها، أما إذا وجدوا امرأة متهتكة متبرجة فإنهم يطمعون فيها، قال الألوسي ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية: وقال أبو حيان: أي ذلك أولى أن يعرفن لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن ولا يلقين بما يكرهن، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها، بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(20/284)
من شروط اللباس الشرعي للمرأة ألا يكون زينة في نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محجبة وزوجي يجبرني على لبس الملابس التي تساير الموضة، وهو يغضب لرفضي طلباته، علما بأن ما ألبس لا يخرج عن الحجاب ولكن ممكن أن يلفت الأنظار. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب الشرعي ليست له هيئة معينة، ولكن له شروط ومواصفات سبق بيانها بالتفصيل في الفتاوى التالية: 6745، 9428، 13914.
فإن تحققت هذه المواصفت في لباس ما فهو اللباس الشرعي، وإن تخلف بعضها فليس بشرعي.
والظاهر من كلامك أن ما يطلبه منك زوجك فيه شيء من الزينة وهذا غير جائز إلا في داخل البيت، وبشرط ألا يراك فيه إلا النساء أو الزوج أو من ذو محرمية مؤبدة كالأخ مثلا، لأن من شروط اللباس الشرعي ألا يكون زينة في نفسه، وعلى ذلك فلا يجوز لك طاعته في ذلك، وعليك أن تعلميه بلطف وتودد أن هذا لا يجوز وأن أمر الله سبحانه ينبغي أن يقدم على كل أمر، ويمكنك أن تعرضي عليه فتوانا هذه أو غيرها مما يبين صفة الحجاب الشرعي فربما كان غافلا عن مواصفاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(20/285)
حكم تصفيف الشعر على هيئة الكعكعة بوجود الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي: أردت أن أسألكم: عن حكم رفع شعري وأنا لا بسة العباءة ـ وإذا لم تفهموني ـ فحين ألم شعري كله ـ وشعري طويل ـ ثم أضعه بتسريحة تسمى: الكعكة ـ أي أنه ملموم بشكل دائري ولا أتركه مرتفعا جدا ثم ألبس عباءة الرأس، فهل ما أفعله يشابه ما ذكره حبيبنا ـ اللهم صل وسلم عليه ـ بأسنمة البخت؟ أم ماذا؟ مع العلم أنني لا أرفعه كثيرا، بل يصل إلى منتصف مؤخرة رأسي، ومعظم الأحيان يكون أعلى قليلا من المنتصف فقط ـ أي أنني لا أضعه فوق رأسي ـ فهل علي شيء في ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمع الشعر بما هو معروف عند النساء ـ بالكعكة ـ لا يدخل فيما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من صفات مذمومة لبعض نساء أهل النار في قوله: صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا. رواه مسلم.
فقوله: رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ: معناه ـ والله أعلم ـ أنهن يعظمن رءوسهن بالخمر والعمائم أو بصلة الشعور حتى تشبه أسنمة البخت في ارتفاعها، وقيل: يجوز أن يكن يطمحن إلى الرجال لا يغضضن أبصارهن ولا ينكسن رءوسهن من قلة الحياء. تفسير غريب ما في الصحيحين ـ البخاري ومسلم للحميدي ـ وبمثل هذا فسره ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين.
وقال النووي: وَمَعْنَى: رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت، أَنْ يُكَبِّرْنَهَا وَيُعَظِّمْنَهَا بِلَفِّ عِمَامَة أَوْ عِصَابَة أَوْ نَحْوهمَا. شرح صحيح مسلم للنووي.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْبُخْت جَمْع بُخْتِيَّة وَهِيَ ضَرْب مِنْ الْإِبِل عِظَام الْأَسْنِمَة ـ وَالْسَنَام هُوَ أَعْلَى مَا فِي ظَهْر الْجَمَل ـ شِبْه رُءُوسهنَّ بِهَا لِمَا رَفَعْنَ مِنْ ضَفَائِر شُعُورهنَّ عَلَى أَوْسَاط رُءُوسهنَّ تَزْيِينًا وَتَصَنُّعًا، وَقَدْ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ بِمَا يُكْثِرْنَ بِهِ شُعُورهنَّ. فتح الباري لابن حجر.
وقال ابن العربي: وهذا كناية عن تكبير رأسها بالخرق حتى يظن الرائي أنه كله شعر وهو حرام. فيض القدير للمناوي.
وخلاصة القول: أن تسريح المرأة لشعرها على هيئة ـ الكعكة ـ المعروفة في بيتها أو وهي خارجة مع سترها بالحجاب جائز وليس داخلا في الحديث السابق، ولمزيد من التفصيل راجعي الفتوى رقم: 3611، ففيها حكم تصفيف الشعر على هيئة ـ الكعكعة ـ وذيل الحصان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(20/286)
هل تظهر المرأة بزينتها أمام النساء إذا خشيت من احتمال تصويرها
[السُّؤَالُ]
ـ[بين في الفتوى رقم 123959 أنه لا بأس في عدم التزام المرأة باللباس الشرعي في الأماكن المخصصة للسيدات بشروط أحدها أن لا يكون هناك نساء فاسقات ينقلن ويصفن العورات.
وسؤالي هو: أنني لا أعلم أجناس النساء هناك، ولا أعلم إن كنّ فاسقات أم لا؟ فهل يجوز لي أن أذهب أم أمتنع عن الذهاب بحجة أنني لست متأكدة من طبائع تلك النساء أو أخلاقهن؟
وماذا عن التصوير؟ فصحيح أنه يمنع التصوير في تلك الأماكن ولكنني لا أستطيع التأكد 100% من عدم وجود أي كاميرات فهناك دائما احتمال بسيط ولو 1% بأن يكون هناك من لا يخاف الله ويصور أعراض النساء دون علمهن. فهل عليّ الاحتياط بعدم الذهاب أم أذهب وليس علي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى المذكورة التنبيه على أنّ مجرد توهم وجود كاميرات مراقبة ما دام لم يستند إلى دليل فلا يؤثر في الحكم المذكور، ما لم يكن ذلك مستندا إلى دليل.
فإذا كان الغالب على الظنّ أنّ المكان خالٍ عن الفاسقات اللاتي يصفن العورات وآمن من اطلاع الرجال والتصوير، فلا مانع من ظهور المرأة بزينتها مع ستر عورتها التي لا يجوز كشفها أمام النساء، ولا اعتبار بالاحتمالات الضعيفة التي لا دليل عليها.
وليس من شرط معرفة خلوّ المكان من الفاسقات أن يتمّ التأكد من عدالة الحاضرات كلهنّ، وإنما يكتفى بظاهر الحال، فإنً الأصل في المسلمين السلامة.
علما بأن الاحتياط في كل ذلك هو الأفضل والأقرب للورع فقد ورد في الحديث الشريف: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1430(20/287)
حكم لبس المرأة الشال ورابطة العنق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس المرأة للشال- الكوفية- والكرفته، لأن هذه هي الموضة المنتشرة حاليا بين النساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشال الذي تلبسه المرأة لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون نوعه خاصا بالرجال لا يلبسه غيرهم، أو أن تلبسه على الهيئة التي يلبسها الرجال بحيث تبدو وكأنها رجل، فهذا لا يجوز؛ لأن المرأة لا يجوز لها أن تتشبه بالرجل، حيث لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: المتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 14669، 1776. كما سبق أيضا أن بيَّنا ضابط التشبه المنهي عنه في حق الرجال والنساء، في الفتوى رقم: 36376.
الثانية: أن يكون نوعه خاصا بالنساء أو مشتركا بينهن وبين الرجال، أو أن تلبسه على هيئة ليس فيها تشبه بالرجال، فهذا يبقى على أصل الجواز، ما دام ليس فيه محذور آخر كإبداء الزينة للرجال الأجانب.
وقد سبق التنبيه على نحو هذا في الفتويين: 118429، 123516. وتراجع للفائدة الفتويين: 28622، 6745.
أما ربطة العنق-الكرفتة- فهي لباس خاص بالرجال، فلا يجوز للمرأة أن تلبسه على أية حال؛ للحديث السابق.
وإننا ننصح بصفة عامة أن تبتعد المرأة المسلمة عن الموضات التي تقرب من لباس الرجال وهيئتهم؛ لأن في هذا كسرا لحاجز التشبه بالرجال شيئا فشيئا، وننصح كذلك بمراعاة العادات والأعراف في الملابس إذا كانت لا تخالف الشرع، فلا تخرج المسلمة في لبسها عن المألوف في العرف عند مجتمعها ما دام منضبطا بضوابط الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(20/288)
يجب على الرجل أن يأمر زوجته بلبس الحجاب ويلزمها طاعته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أمر زوجته بأن تلبس حجابا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمر الزوج زوجته بالحجاب ليس بجائز فقط، بل هو واجب شرعا، ويجب عليها طاعته في ذلك، ولا يجوز التقصير في أمرها بالحجاب؛ لأن ذلك تفريط في المسؤولية المنوطة بهذا الزوج، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6} . وراجع في ذلك الفتوى رقم: 117090.
والأدلة على وجوب الحجاب بالنسبة للمرأة واضحة وكثيرة، سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 4470.
علما بأن المختلف فيه إنما هو النقاب، أما الحجاب فلا خلاف في وجوبه بين أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1430(20/289)
حكم خروج المرأة متزينة بدون حجاب في حفلات الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للنساء المتحجبات الخروج بينهن في حفل زفاف غير متحجبات ويحملن زينة مع العلم أنه لا يوجد بينهن رجال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مقصودك السؤال عن حكم وضع المرأة المتحجبة لحجابها أثناء المشاركة في الزفاف، فهذا لا حرج فيه بشروط:
1 – أن تأمن اطلاع الرجال الأجانب عليها.
2- أن تأمن التصوير الشائع في مثل هذه المناسبات فربما صورتها إحدى النساء ثم وقعت هذه الصور في يد من لا يجوز له الاطلاع عليها.
3- أن يكون ذلك بإذن زوجها إن كانت متزوجة.
4- أن تحافظ على ستر عورتها مع النساء، وقد بينا حدود عورة المرأة مع المرأة في الفتويين: 7254، 114005.
ولا يخفى على السائلة أن خروج المرأة إلى الشارع دون حجاب لا يجوز مطلقا سواء كان خروجها في زفاف أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(20/290)
موقف المسلمة من قانون منع لبس النقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[فرنسا ستصدر قانونا يمنع النقاب. ماذا أفعل؟ والله العظيم إني أتألم عظيما وأنا مرضت جدا أعينوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري إن كنت تعنين أنك تقيمين هنالك أم ماذا؟ وعلى كل حال فإن ستر المرأة المسلمة وجهها أمر مشروع، وهو واجب على الراجح من أقوال العلماء، بل قد اتفق الفقهاء على وجوبه عند وجود خوف الفتنة، وراجعي الفتوى رقم: 50794. مع إحالاتها، ولا يجوز للمرأة المسلمة طاعة من يريد منعها من ستر وجهها إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
وإذا كان المسلم لا يستطيع إقامة أمور دينه وإظهار شعائره وجبت عليه الهجرة عن بلاد الكفر. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا. {النساء: 97} .
وإذا كانت بالمرأة المسلمة ضرورة للإقامة هنالك ولم يكن بإمكانها الهجرة فعليها أن تتقي الله ما استطاعت، وعليها أن تلزم بيتها فلا تخرج منه إلا لأمر لا بد لها منه، فإذا قضت أمرها عادت إلى بيتها فذلك أصون لعرضها وأبعد لها عن الوقوع في الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(20/291)
حدود عورة المسلمة مع النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة الظهور بملابس المنزل كعباءة منزلية في منزل صديقتها؟ أريد معرفة هل يجوز ذلك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعورة المرأة مع مثيلاتها ما بين السرة إلى الركبة، فيجوز لها أن تكشف أمام النساء المسلمات عن رأسها وساقها وصدرها وغير ذلك ما عدا عورتها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1265.
وعلى ذلك، فإن كانت هذه العباءة المنزلية تستر هذه العورة فلا بأس أن تلبسها عند صديقتها، وذلك بشرط الأمن من اطلاع الرجال الأجانب عليها، إن كان لا تتوفر فيها الشروط الواجب توفرها في لباس المرأة عند الرجال، والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 6745. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 55984.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(20/292)
الحجاب واجب على المرأة سواء خرجت بمفردها أم مع عائلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ارتديت الحجاب في رمضان، ثم أزلته ولم يعرف أحد لأني سافرت، ودائما أفكر ماذا أفعل عندما أرجع؟ أألبس الحجاب مرة أخرى أم لا؟ فإني لا أريد أن ألبسه الآن وأنا مازالت في المدرسة، وأنا لا أخرج إلا مع عائلتي، لكني أريد أن ألبسه في الجامعة، مع أنني غير مقتنعة تماما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفتاة إذا راهقت الحلم وأحرى إذا بلغته فلا يجوز لها أن تؤخر الحجاب أبدا، لأن الحجاب فريضة محكمة من لدن حكيم خبير، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 123610.
أما فترة الصبا فيما دون مقاربة البلوغ فإنها غير مكلفة بالحجاب فيها، وليس معنى ذلك أن يتركها أهلها تخرج كاسية عارية، بل عليهم أن يعودوها الحشمة والتستر حتى إذا ما بلغت الحلم لم يكن الحجاب غريبا عليها، وهذا في الأحوال العادية المألوفة.
ويتأكد هذا إذا كانت الفتاة قد بلغت حدا من النضج تتعلق به نفوس الرجال وشهواتهم، فحينئذ يجب على أهلها أن يلزموها الحجاب، حتى ولو كانت لا تزال صغيرة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 39008.
فالواجب عليك أيتها السائلة إن كنت قد بلغت مرحلة التكليف أن تتوبي إلى الله تعالى مما كان منك من التبرج ونزع الحجاب، فإنه من كبائر الإثم والفواحش، ثم عليك أن تبادري بلبسه طاعة لله واستجابة لأمره سبحانه.
أما قولك إنك ـ غير مقتنعة ـ فلم يتضح لنا مقصودك منه، فإن كنت تقصدين أنك غير مقتنعة بتأخيره، فقد صادف اقتناعك الصواب، وهذا مزيد حجة من حجج الله عليك، فإن تركك للحجاب والحال هذه من قبيل كفران نعمة الهدى التي أودعها الله قلبك.
وأما إن كنت تقصدين أنك غير مقتنعة بلبس الحجاب قبل دخول الجامعة فهذا اقتناع باطل من وحي الشيطان ولا يجوز لك متابعته، فالمسلم يجب عليه أن يتبع أمر الله سبحانه وشرعه لا ما تتبعه نفسه ويمليه عليه هواه، وهذا هو مقتضى عقد الإيمان ودين الإسلام، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36} .
هذا مع التنبيه على أن فرضية الحجاب لا تختلف بخروج المرأة بمفردها أو مع أرحامها ومحارمها، فالحجاب واجب في كل حال مادامت المرأة في مكان هي فيه عرضة لأن يراها من الرجال من ليس زوجا ولا محرما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(20/293)
مسائل في لباس المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أن أبدأ أحببت أن أنوه بأن حجابي هو عباءة على الرأس واسعة فضفاضة وما يسمى (بالبرقع) وبنطال واسع وطويل والذي عندي قناعه 100% بأنه أستر لي من كل شيء، ولا يخرج مني سوى كفي وعيني وجزء صغير من قدمي؟؟
فأسألتي هي كالتالي:
1) ما حكم لبسي البنطلون عند خروجي برغم أني كما سبق وقلت بأنه ساتر جدا وأشعر براحه شديدة عند لبسه أكثر من أي شيء؟؟
2) أنا الآن أريد أن أضع زينة من الخارج على عبائتي ككريستال وخرز أسود وتطريز أسود، وربما أضعه ملونا (ولكن بشكل خفيف) فهل علي شيء أو حرام؟ خاصة وأن إحدى صديقاتي - أدخلها ربي الجنة!! قالت بأني إذا وضعت هذه الزينة من الخارج وافتتن بها الرجال فسأقع بذنب؟ كيف يفتتنون بتطريز من الخارج ولن يكون مبالغا فيه؟؟ الله اعلم!!
3) سمعت بأن من تخرج عينيها أو كفيها حرام فهل هذا الكلام صحيح!!! وماذا يجب علي ستره عند الخروج من منزلي؟
4) أنا فتاة من ذوات الذوق الغريب وأحب الألوان الفاقعة والمبهرجة. ولدي حذاء ذو لون أصفر وسأشتري حقيبة صفراء أو حمراء يعني ألوان ملفتة!! فهل علي إثم أن البس في خارج منزلي ألوان فاقعة برغم أن ذوقي هكذا، وهكذا أشعر بالاناقه أم ماذا؟؟
5) ما حكم لبس الكعب "ليس طويلا كثيرا" (برغم أني حقيقة لا أحتاج للبسه على الإطلاق، فقد وهبني ربي من الطول ما يكفيني ما شاء الله. وهل صوت الكعب يقوم بمقام صوت الخلخال؟؟
6) ما حكم النظر للبائع عند مناقشته قي بضاعة معينة؟
بعد أن أنهيت أرجوكم رجاء خاص أن تجيبوا على كل أسئلتي، فأنا نادرا جدا ما تسمح لي ظروفي أن أدخل النت الساعة 8 صباحا.. وأرجوكم أكثر وأكثر أن تكون إجابتكم واضحه يعني حلال أم حرام ... وغير كذا وأهم شيء أن تستعجلوا في الإجابة فأنا أنتظر ردكم بفارغ الصبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرع أمر المرأة بالحجاب، ولم يحدد لها لباساً معيناً، وإنما ذكر العلماء شروطاً إذا توفرت في أي نوع من أنواع اللباس فهو الحجاب الذي أمرت به، وهي:
استيعاب جميع البدن، أن لا يكون زينة في نفسه، أن يكون صفيقا لا يشف، أن يكون فضفاضا غير ضيق، أن لا يشبه لباس الرجل، أن لا يشبه لباس الكافرات، أن لا يكون لباس شهرة. وانظري الفتوى رقم: 6745.
فإذا كان البنطال الذي ترتدينه ساتراً، وكنت تلبسين عباءة فضفاضة فلا مانع منه. وانظري شروط جواز لبس البنطال في الفتوى رقم: 5521.
- وأمّا وضع زينة لافتة للنظر على العباءة فهو غير جائز، وكذلك لبس الألوان اللافتة للنظر لا يجوز، وانظري الفتوى رقم: 119336.
والواجب على المرأة عند خروجها ستر بدنها كله (على خلاف في جواز كشف الوجه والكفين) ، أمّا القدمان فلا خلاف في وجوب سترهما، والمفتى به عندنا وجوب ستر الوجه والكفين، وأمّا ظهور العينين فهو جائز إذا كان لا يتجاوزهما. وانظري الفتوى رقم: 1560.
وأمّا لبس الحذاء العالي فلا يجوز إذا كان يصدر صوتاً لافتاً، أو كان يؤدي إلى التمايل والتكسّر في المشية، وإلّا فلا حرج فيه، وانظري الفتوى رقم: 65556.
وأمّا عن النظر للبائع عند الشراء فهو جائز بغير شهوة، وانظري الفتوى رقم: 37795.
واعلمي أنّ الله قد أمر المرأة بالحجاب لتخفي زينتها عن الأجانب، صيانة لها، وحفاظاً على طهارة المجتمع وعفته، والمرأة بطبيعتها تحبّ أن تظهر محاسنها، وتلفت الأنظار إليها، لكن الواجب على المؤمنة أن تقدّم أمر ربها على رغبات نفسها، وأن تعلم أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، وأنّ مخالفة هواها لإرضاء ربها، هو سبيل سعادتها في آخرتها ودنياها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(20/294)
هل يقبل الزواج بمن تشترط عليه ألا تلبس النقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم شخص لخطبة امرأة، واشترطت عليه أنها لن تلبس النقاب بعد الزواج، وأنها ستكتفي بالحجاب فقط. هل من الأفضل أن يتركها ويتزوج بأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل يعتقد وجوب النقاب على المرأة، فلا يجوز له أن يسمح لزوجته بكشف وجهها أمام الأجانب، سواء اشترطت عليه أم لم تشترط، وإذا اشترطت عليه ترك لبسه فهو شرط باطل؛ لأنّه يحلّ حراماً، وفي هذه الحالة ننصحه بترك هذه المرأة، والبحث عن غيرها من ذوات الدين، وأمّا إذا كان يعتقد جواز كشف المرأة وجهها، كما هو مذهب المالكية والحنفية بشرط أن لا تكون مخشية الفتنة، وإذا كانت هذه المرأة ذات دين، فلا مانع من الزواج بها والالتزام بشرطها، ويمكنّه أن يرّغبها في لبس النقاب ويعرّفها بفضله.
وننبّه إلى أنّ الأصل أنّ طاعة الزوجة لزوجها في لبس النقاب واجبة، رغم الخلاف في وجوبه، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 62866. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 37070.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(20/295)
هل للزوج إجبار زوجته على النقاب إذا شرطه عليها للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص ملتزم والحمد لله، تزوجت من امرأة وقد اشترطت عليها النقاب بشكل شفهي، وتمت الموافقة على ذلك الشرط على أساس أني أتركها لقناعتها فترة، لاحظت العديد من القصور من ناحية الاحتكاك بالأهل الأجانب وعدم الدقة في الحجاب نفسه، ولا أجد عندها أي رغبة في التنقيب مطلقا. فهل لي أن أجبرها على النقاب؟ وفي حال لم تستجب هل لو طلقتها وأثبت ذلك الشرط يكون هذا السبب لصالحي. علما بأنها حامل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ستر الوجه والكفين واجب على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد بينا هذا بالدليل في الفتوى رقم: 4470.
إضافة إلى أن جمهور من قال بجواز كشفهما قد أفتى بوجوب الستر عند خوف الفتنة بالمرأة أو عليها، ولذلك فالمفتى به الآن- في ظل فساد الزمان- وجوب تغطية الوجه والكفين على المعتبر من المذاهب الأربعة، هذا على سبيل العموم.
فإذا انضم إلى ذلك كون المرأة زوجة يأمرها زوجها بالنقاب فقد تأكد الأمر حينئذ؛ لأن الزوجة لا يسعها ترك النقاب إذا أمرها زوجها به، على ما بيناه في الفتويين رقم: 97067، 113811.
فإذا زاد على ذلك اشتراط النقاب عليها عند العقد فقد تأكد في حقها النقاب أيما تأكد، وصار واجبا عليها من ثلاث جهات: من جهة كونه أمرا من عند الله، ثم من جهة أمر زوجها لها به، ثم من جهة اشتراطه عليها في العقد. وهذا الشرط يجب الوفاء به.
وعلى ذلك فإنه يجوز لك أن تجبرها على لبس النقاب، ولا يجوز لها أن تؤجل ذلك بحجة أن الشرط قد تم على أساس إمهالها بعض الوقت، لأن هذا الإمهال وإن ساغ من ناحية الشرط فإنه غير سائغ شرعا، ومعلوم أن الشرط إذا كان مخالفا لحكم الله فهو لغو ولا يجوز الاعتداد به؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط. رواه الطبراني والبزار. وصححه الألباني.
وهذا الشرط بتأجيل النقاب مخالف لحكم الله لما تبين من أدلة وجوب النقاب المشار إليها في الفتوى رقم: 4470.
اللهم إلا إذا كان تركها للنقاب من باب تقليد بعض أهل العلم القائلين بعدم وجوبه، ولم يكن بدافع الهوى والتشهي، فعند ذلك يجب عليك إمهالها على ما تم اشتراطه، ولا يجوز لك أن تجبرها على ذلك حتى ينتهي أمد هذه المهلة التي وقع عليها الشرط في العقد إن كانت مؤقتة، فإن لم تكن مؤقتة فإنه يرجع في توقيتها للعرف، فإذا انقضت مدة يحكم العرف بأنها كافية للنظر والتروي، فعند ذلك يجوز لك أن تجبرها على لبسه، فإن امتنعت عنه فهي ناشز، فيسلك معها الخطوات الشرعية في علاج النشوز، والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 119105.
فإن أصرت على امتناعها فيجوز لك حينئذ أن تطلقها، أو تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك بمال. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 76251
وكونها حاملا لا يؤثر في شيء مما ذكرنا سواء في الطلاق أو الخلع.
أما قولك إن هذا يكون في صالحك فلسنا ندري مقصودك منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(20/296)
حكم عدم التزام المرأة الحجاب الكامل في الأماكن المخصصة للسيدات
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد العديد من الأماكن المخصصة للسيدات فقط مثل الصالونات، والأندية الرياضية، وصالات الأفراح وغيرها من الأماكن التي لا نحرص فيها نحن النساء بالالتزام بالحجاب الكامل لأن المكان ليس به أي رجل. فهل يجوز الذهاب إليها أم نمتنع بحجة وجود شك ولو بسيط بوجود كاميرات مراقبة؟ علما بأن القانون يمنع وجود الكاميرات في تلك الأماكن وهو مجرد ظن، فهل هو صائب أن نمتنع عن أشياء تحل لنا وتسرنا بمجرد الشك بوجود شيء يحرمه -الكاميرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في الفتوى رقم: 72966. بيان أن المرأة إذا علمت أن هذه الأماكن آمنة من التصوير ومن اطلاع الرجال، ولم يكن ثمة نساء فاسقات ينقلن ويصفن العورات، فلا بأس حينئذ من ظهور المرأة أمام النساء المسلمات وهي ساترة لما بين السرة والركبة، كما في الفتوى رقم: 1265.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 45266، 6063.
والشك المذكور في السؤال إن لم يكن له ما يبرره فلا يتغير الحكم به، أما إن وجد ما يبرره كأن يُكتشف بالفعل وجود تلك الكاميرات في بعض هذه الأماكن، فالاحتياط عندئذ واجب، وراجعي الفتوى رقم: 11213.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(20/297)
مقدار الشبر الذي ترخيه المرأة في لباسها وبدايته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِى عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ ذَكَرَ الإِزَارَ فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: تُرْخِى شِبْرًا. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِذًا يَنْكَشِفُ عَنْهَا. قَالَ: فَذِرَاعًا لاَ تَزِيدُ عَلَيْهِ. والذي ورد في سنن أبي داود. وما مقدار الشبر أو الذراع الذي ترخيه المرأة؟ ومن أين يبدأ احتساب هذا الشبر أوالذراع هل من نهاية القدم أم من منتصف الساق؟ وهل ملزم في الصلاة هذا المقدار وفي الخروج من المنزل أم في الصلاة فقط؟
وهل يلزم ارتداء جوارب في المنزل للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور حديث صحيح رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
وأما مقدار الشبر فهو المسافة بين رأس أصبع اليد الوسطى وإبهامها وهو نصف ذراع، والذراع من رأس الوسطى إلى المرفق، ويقدر بنصف متر تقريبا.
وبداية الشبر تكون من عقبها، لما رواه الطبراني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبر لفاطمة من عقبها شبرا وقال: هذا ذيل المرأة.
وستر القدمين لازم في الصلاة، وفي الخروج من المنزل. وهذا هو المقصود سواء تم ذلك بذراع أو بما دونه. وأما الاقتصار على ستر القدمين بالجوارب فلا ينبغي لتحديده، وقد نص أهل العلم على كراهة المحدد للأعضاء.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتويين: 110502، 24370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(20/298)
حكم لبس المرأة الثياب الخاصة بالرجال في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة لبس ثياب الرجال في البيت بوجود محارمها فقط، وكذلك عندما تصلي في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لُبس المرأة ثياب الرجال المختصة بهم حرام وهو من كبائر الذنوب، لثبوت الوعيد الشديد فيه، وقد وردت في ذلك عدة أحاديث تنهى كلاً من الجنسين عن التشبه بالآخر فيما يختص به.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل. رواه أحمد وأبو داود.
وأخرج أبو داود عن عائشة أنها قالت: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجلة من النساء.
وعن ابن عباس قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. أخرجه البخاري.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنه رأى امرأة متقلدة قوسا وهي تمشي مشية الرجل فقال: من هذه؟ فقيل: هذه أم سعيد بنت أبي جهل فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ليس منا من تشبه بالرجال من النساء.
وهذه النصوص عامة، فتشملُ جميع أنواع التشبه وأحواله، فلا يجوزُ للمرأة أن تلبس ثياب الرجال المختصة بهم، ولو كان ذلك في بيتها، كما لا يجوز لها أن تلبسها في الصلاة لعموم النهي، ولا نعلم أحداً من العلماء، فرق بين أحوال التشبه فرخص فيه في حال دون حال، بل كلامهم يدلُ على المنع من ذلك مُطلقا.
قال الشوكاني رحمه الله: قوله - لبس المرأة ولبس الرجل- رواية أبي داود لبسة في الموضعين، والحديث يدل على تحريم تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء لأن اللعن لا يكون إلا على فعل محرم وإليه ذهب الجمهور. وقال الشافعي في الأم: إنه لا يحرم زي النساء على الرجل وإنما يكره فكذا عكسه. انتهى. وهذه الأحاديث ترد عليه ولهذا قال النووي- وهو من كبار الشافعية- في الروضة: والصواب أن تشبه النساء بالرجال وعكسه حرام للحديث الصحيح. انتهى. وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المترجلات: أخرجوهن من بيوتكم. انتهى.
وإنما قيدنا ذلك بما يختص بالرجال من الثياب، لأن ما كان مشتركاً بين الجنسين فلا يحرمُ على الآخر لبسه.
قال الحافظ في الفتح: قال الطبري: المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس، قلت: وكذا في الكلام والمشي، فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار. انتهى.
وبما تقدم يظهر أن المرأة إذا لبست ثياب الرجال في بيتها، أو صلت فيها فإنها آثمةٌ عاصيةٌ لربها بذلك، وأما صلاتها فصحيحة إذا كانت الثياب التي لبستها ساترة لما يجبُ ستره في الصلاة عند الجمهور الذين لا يشترطون أن يكون الساتر مباحاً، خلافاً لمن اشترط ذلك من فقهاء الحنابلة.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: إذا كان الثوب الذي تلبسه المرأة من الثياب الخاصة بالرجال فإن لبسها إياه حرام، سواء كان في حال الصلاة، أو في غير حال الصلاة، وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال، ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء. فلا يحل لامرأة أن تلبس ثوباً خاصاً بالرجل، ولا يحل للرجل أن يلبس ثوباً خاصاً بالمرأة، ولكن يجب أن نعرف ما هي الخصوصية؟ ليست الخصوصية في اللون، ولكنها في اللون والصفة، ولهذا يجوز للمرأة أن تلبس الثوب الأبيض إذا كان تفصيله ليس على تفصيل ثوب الرجل، وإذا تبين أن لبس المرأة ثوباً يختص بالرجل حرام فإن صلاتها فيه لا تصح عند بعض أهل العلم الذين يشترطون في السترة أن يكون الساتر مباحاً، وهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم. فمن العلماء من اشترط في الثوب الساتر أن يكون مباحاً، ومنهم من لم يشترط ذلك، وحجة القائلين باشتراطه: أن ستر العورة من شروط الصلاة، ولابد أن يكون الشرط مما أذن الله فيه فإذا لم يأذن الله فيه لم يكن ساتراً شرعاً لوقوع المخالفة، وحجة من قالوا بصحة الصلاة فيه مع الإثم: أن الستر قد حصل، والإثم خارج عن نطاق الستر وليس خاصاً بالصلاة، لتحريم لبس الثوب المحرم في الصلاة وخارجها، وعلى كل حال فالمصلي بثوب محرم عليه على خطر في أن ترد صلاته ولا تقبل من هـ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1430(20/299)
حكم كشف المرأة وجهها في مكتب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا امرأة ملتزمة ولله الحمد وأرملة وأعول ابنتي وأمي وقد عرضت علي أكثر من وظيفة براتب جيد، ولكن طلبهم الأساسي: هو إبعاد البرقع أو الغطوة عن وجهي ولكني في كل مرة أرفض وأقول: من ترك شيئا لله عوضه , المهم حالياً أشتغل في شركة تتبع مجموعة من الشركات في بلدي ودوامي متعب جداً من 7.30 إلى 4 عصراً وأصل بيتي على الساعة الخامسة عصراً وحالتي حالة، والراتب زهيد جدا مقارنهً بساعات العمل التي نعملها، ومنذ فترة عرض علي عمل براتب جدا ممتاز مع مكتب محترم جداً لكن أصحابه من دول عربية، ومديره مصري لكنه ملتزم ومحترم ولكن مدراءه طلبوا ضرورة إبعاد البرقع ولكني رفضت، ولكن رجع العرض مرة ثانية قبل أسبوع، وقال المدير المصري: ادخلي إلى مكتبك وأنت ملثمة أو لابسة البرقع وبعده اخلعيه واقعدي في مكتبك ولا أحد يدخل عليك، وعندما تخرجين البسيه مرة ثانية , ما أكذب عليك يا شيخ أنا ما أقدر، أحس بصعوبة جدا مع أني محتاجة جدا للوظيفة والراتب جيد جداً لكن خائفة أغضب ربي رغم أن كثيرات يقلن لي إنه ليس حراما وقد اختلف العلماء في تغطية الوجه. فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى العلي الكريم أن ييسر أمرك، وأن يفرج كربك، وأن يجزيك خيرا على حرصك على الاستقامة على طاعة ربك، وحذرك من الوقوع فيما يسخطه.
وقد أحسنت بعدم موافقتك على الالتحاق بمثل هذا العمل الذي يستوجب كشف الوجه، فإن تغطية الوجه واليدين بالنسبة للمرأة أمام الرجال الأجانب واجب شرعي باتفاق فقهاء المذاهب الأربعة حيث خيفت الفتنة والحال الذي أنت سائلة عنه لا تؤمن معه الفتنة فيما يبدو في مثل الظروف المعاشة حالياً، وراجعي الفتوى رقم: 4470.
وإذا أمكنك أن تؤدي العمل في هذه الشركة داخل مكتبك من غير أن يدخل عليك رجل أجنبي فلا حرج عليك في الالتحاق به، ويجوز لك أن تكشفي وجهك في المكتب في هذه الحالة.
ولكن كوني على حذر من أن يكون في هذا الأمر استدراج لك للوقوع في التساهل في كشف الوجه مستقبلا، وإن رأيت شيئا من الريبة في ذلك فيجب عليك ترك هذا العمل. والتحاقك بعمل تكسبين منه أجرا زهيدا مع محافظتك على دينك خير لك من عمل تكسبين منه أجرا كبيرا تفقدين معه شيئا من دينك، وإذا اتقيت الله تعالى يسر أمرك، قال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2، 3} .
وروى الإمام أحمد عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمنى مما علمه الله فكان فيما حفظت عنه أن قال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله تبارك وتعالى إلا آتاك الله خيرا منه.
وننصحك في ختام هذا الجواب بأمرين:
أحدهما: البحث فيما إذا كان بالإمكان أن تجدي بعض الأعمال التي يمكن ممارستها من البيت، والتي يمكن أن تجدي منها شيئا من العائد المجزئ.
الثاني: البحث عن زوج صالح، وهذا قد يغنيك عن أمر الخروج للعمل، وهذا مع العلم بأنه لا حرج على المرأة في عرض نفسها على الأزواج إذا انضبط ما يتعلق بالعرض بالضوابط الشرعية كما هو مبين بالفتوى رقم: 18430. ويمكنك أن تستعيني أيضا في هذا السبيل ببعض صديقاتك الصالحات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(20/300)
كيف تأمر ابنتك بلبس الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[المشكلة تتعلق بابنتي التي تبلغ من العمر 13 عاما وقد بلغت حديثا: يحاول والدها أن يجعلها تلتزم بالحجاب إجبارا، وهو ما أحاوله أنا ولكن باللين وانتظار أن تقول هي نعم. نحن من عائلة ملتزمة، ونتيجة لمغامرات والدها وهو صغير حيث تربى بعيدا عن الدين والالتزام والاحتشام، فهو يخاف عليها وأعتقد أن هذا هو سبب محاولته إجبارها. هي قد وعدتنا أنها ستلتزم به في بداية شهر رمضان القادم إن شاء الله. ولكن والدها مصر على ارتدائها الحجاب الآن وخلال نهاية الأسبوع، وبالتالي اضطررت أن أخبره أنه خارج الموضوع وابنتي أتحمل مسؤوليتها الدينية أمام ربنا تعالى، وأنه لا شيء يأتي بالغصب. فهل أتحمل وزرا؟ أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب فرض لازم على البنت بمجرد بلوغها، ولا يجوز لها أن تؤخره، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 5413.
وإذا كان الأصوليون قد اختلفوا في الأمر هل هو للفور أو التراخي إلا أن هذا الخلاف لا يتأتى هنا،لأن ترك الحجاب يستلزم التبرج، والتبرج محرم منهي عنه نهيا واضحا صريحا في قوله سبحانه: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى. {الأحزاب: 33} . وقوله سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا. {النور:31} . والنهي مقتضاه الفور.
جاء في إرشاد الفحول للشوكاني: الفور في النهي ضروري؛ لأن المطلوب الترك مستمرًا على ما مر، بخلاف الأمر. انتهى.
ولا يمكن الانتهاء عن التبرج إلا بفعل الحجاب، فوجب كون الحجاب مطلوبا على سبيل الفور.
جاء في التقرير والتحبير لابن أمير الح اج: الأمر نهي عن الأضداد وهو -أي النهي- للفور فيلزم فعل المأمور به على الفور ليتحقق امتثال النهي عنها. أي أضداد المأمور به. انتهى.
وعلى ذلك، فإن عليكم أن تأمروا ابنتكم هذه بالحجاب باللطف واللين ابتداء، وأن تعلموها أن هذا فرض متحتم عليها لا يسعها تركه, وأن ترغبوها فيه بكل سبيل، فإن أبت فعليكم أن تجبروها على لبسه عند أول خروج لها من البيت، أو ظهور لها أمام الأجانب، ولا يجوز لكم أن تؤخروا هذا لا إلى شهر رمضان كما تقول هي، ولا إلى نهاية الأسبوع كما يقول أبوها, فإن الأب يجب عليه أن يلزم أولاده بالطاعة وأن يجنبهم المعاصي ولو قسرا.
جاء في الفروع لابن مفلح: وظاهر كلامهم: يؤدب الولد ولو كان كبيرا مزوجا، منفردا في بيت، لقول عائشة لما انقطع عقدها وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بالناس على غير ماء: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي. ولما روى ابن عمر: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله: قال ابنه بلال: والله لنمنعن فسبه سبا سيئا وضرب في صدره.
قال ابن الجوزي في كتاب السر المصون: معاشرة الولد باللطف والتأديب والتعليم، وإذا احتيج إلى ضربه ضرب، ويحمل على أحسن الأخلاق ويجنب سيئها. انتهى بتصرف يسير.
أما قولك لزوجك إنه خارج الموضوع فهذا خطأ عظيم، مخالف للشرع والواقع، إذ كيف يكون الأب خارج الأمر وهو الراعي الأول للأسرة والمسؤول عنها أمام رب العالمين, فقد قال صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم.... الحديث رواه البخاري ومسلم.
وكيف يكون الأب خارج الأمر وقد خوطب من قبل الله سبحانه بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. {التحريم: 6} .
قال القرطبي رحمه الله: فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية. ففي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم. وعن هذا عبر الحسن في هذه الآية بقوله: يأمرهم وينهاهم. وقال بعض العلماء لما قال: قُوا أَنْفُسَكُمْ. دخل فيه الأولاد؛ لأن الولد بعض منه، كما دخل في قوله تعالى: وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ. فلم يفردوا بالذكر إفراد سائر القرابات. فيعلمه الحلال والحرام، ويجنبه المعاصي والآثام، إلى غير ذلك من الأحكام. انتهى.
فالواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتتوبي إليه مما كان منك، وأن تكوني عونا لزوجك على تنشئة أولاده على شعائر الدين وواجباته لا أن تكوني حجر عثرة أمامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(20/301)
لباس المرأة داخل المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[لباس الفتاة المسلمة في المنزل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلباس المرأة داخل المنزل يختلف بحسب الأحوال، فإن لم يوجد معها غير نساء مسلمات فعورتها معهن ما بين السرة والركبة، وإن وجد بعض محارمها من الرجال فلها كشف أطرافها من رأس وذراعين وقدمين. وبحضور رجل أجنبي يجب عليها ارتداء الحجاب الكامل، وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 7254، 599، 5413.
ومن الأفضل ستر العورة مطلقا، وعدم كشفها ولو كان الشخص مفردا، سواء كان رجلا أو امرأة كما تقدم في الفتوى رقم: 70132. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 121815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1430(20/302)
حكم لبس المرأة الشماغ النسائي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الشماغ النسائي للمرأة؟ خاصة أنها تضعه على الرقبة فقط وهو بألوان مختلفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشماغ ستلبسه المرأة على هيئة تخالف هيئة لبسه للرجال، وليس فيها تشبه بهم، وسيكون هذا في مجتمع نسائي، ولن يؤدي إلى محذور آخر، كإبداء الزينة به للرجال من غير محارم المرأة، فالأصل جواز لبسه. وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 118429، فلتراجع.
على أننا ننصح بالابتعاد عن الموضات التي تقرب من لباس الرجال وهيئتهم؛ لأن في هذا كسر لحاجز التشبه بالرجال شيئا فشيئا، وننصح كذلك بمراعاة العادات والأعراف في الملابس إذا كانت لا تخالف الشرع، فلا تخرج المسلمة في لبسها عن المألوف في العرف عند مجتمعنا ما دام منضبطا بضوابط الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(20/303)
لباس الإسدال للمرأة هل فيه تشبه بالمبتدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لباس الإسدال للمرأة تشبه ببعض المبتدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إسبال المرأة شيئا من ثيابها لستر قدميها يعتبر من السنة إذا كان شبرا أو ذراعا، وليس من البدعة، ولا يعتبر تشبها بأهلها. فعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر الإزار: فالمرأة يا رسول الله قال: ترخي شبرا. قالت أم سلمة إذا ينكشف عنها- وفي رواية ينكشف قدمها- قال فذراعا لا تزيد عليه. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.
وللمزيد من الفائدة عن لباس المرأة نرجو أن تطلع على الفتويين: 110703، 119046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(20/304)
هل للفتاة إذا بلغت أن تؤجل الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة من الجزائر، عمري 13 سنة، أدرس في الصف الثاني الإعدادي غير متحجبة، وقد أدركت سن البلوغ الشهر الماضي، ولكن بما أني في الشهر الأخير من الدراسة ومدارسنا مختلطة، فإني أحرجت أن أتحجب في آخر أيام الدراسة، وأيضا فإننا في بداية الصيف، والصيف في الجزائر حار جدا، فقد نصحتني خالتي ببدء الحجاب مع العام الجديد المقبل، وأخبرتني بأن الحجاب إنما فرض من أجل رد الفتنة، وأنا صغيرة وضعيفة وليس في ما يثير الفتنة. أما أمي وأبي فتركا الخيار لي-ولذلك لم أتحجب، ولكن لم يطمئن قلبي، وأردت استشارة أهل العلم علما أنني لم أترك أي فرض منذ كان عمري 10 سنوات وأصوم وأحب الله سبحانه ورسوله -فهل لدي الخيار أم لا؟ علما أن ثلاثة أرباع النساء هنا بدون حجاب أو بحجاب تقليدي، فأنا حائرة وغير مطمئنة. فهل الحجاب فرض واجب علي؟ وإذا كان واجبا فهل سآثم على عدم لبسه في الشهر الماضي؟ أفتوني سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك لحرصك على التمسك بدينك ومعرفة أحكامه ونرجو أن تكوني ممن ينشأ في طاعة الله ومحبته. وأما بخصوص سؤالك فالحجاب فريضة على البنت البالغة بلا خلاف، فإذا كنت قد بلغت فلا يجوز لك الظهور أمام الأجانب بلا حجاب، ولا يثنيك عن هذا الواجب ما يشيع في مجتمعك من التبرج، ولا تخجلي من الاستجابة لأمر الله والالتزام بشرعه الحكيم الذي يضمن لك العفة والطهر والكرامة، وقد كان الواجب على والديك أن يأمراك بالحجاب، لا أن يخيّراك، فليس في أوامر الشرع تخيير، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا {الأحزاب:36} .
كما أن الواجب على المسلم أن لا يؤجّل أو يسوّف ما أمره الله به، بل يبادر بطاعة الله، كما فعلت نساء المهاجرات حين علموا الأمر بالحجاب بادروا بالطاعة فوراً، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَى جُيُوبِهِنّ} . شققن مروطهن فاختمرن بها. رواه البخاري. مروطوهن: جمع مرط وهو الملاءة.
فالواجب عليك المبادرة بالحجاب الشرعي، وأمّا عن الشهر الذي مضى دون أن تلبسي فيه الحجاب مع علمك بوجوبه عليك فهذا ذنب يحتاج إلى توبة، واذا حصلت منك والتزمت الحجاب، فإن التوبة تمحو ما قبلها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
وانظري في حكم الدراسة بالمدارس المختلطة الفتوى رقم: 31656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(20/305)
تغطية المرأة وجهها هل تقلل من فرص زواجها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو كالتالي: نعلم أن الله أمر نساء المومنين بالحجاب الشرعي، المتزوجة وغير المتزوجة. بالنسبة لغير المتزوجة كيف يمكن أن تتزوج؟ علما أنها أولا لم يرها أحد، وثانيا على اعتبار أن قليلا من الناس الذين ينتظرون إلى الخطبة لينظروا وذلك مخافة الحرج عند عدم إعجابه بها أليست قصة الرجل الذي كان يختبئ ليرى البنت تدل على أنها كانت غير متنقبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجوب الحجاب الشرعي على المرأة لا خلاف فيه، وإنما اختلف العلماء في وجوب ستر الوجه والكفّين مع اتفاقهم على أنّه مطلوب، وانظر الفتوى رقم: 5413.
وقد أذن الشرع لمن يريد خطبة امرأة أن ينظر إليها بإذنها أو بغير إذنها، وإذا لم يتمكن من النظر إليها فيمكنه أن يبعث امرأة تنظر إليها.
قال الشيخ زكريا الأنصاري: فَإِنْ لم يَتَيَسَّرْ نَظَرُهُ إلَيْهَا بَعَثَ امْرَأَةً أو نَحْوَهَا تَتَأَمَّلُهَا وَتَصِفُهَا له، لِأَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ وقال: اُنْظُرِي عُرْقُوبَيْهَا، وَشُمِّي عَوَارِضَهَا. رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. وَيُؤْخَذُ من الْخَبَرِ أَنَّ لِلْمَبْعُوثِ أَنْ يَصِفَ لِلْبَاعِثِ زَائِدًا على ما يَنْظُرُهُ هو فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ ما لَا يَسْتَفِيدُهُ بِنَظَرِهِ.أسنى المطالب في شرح روض الطالب.
والقصة التي ذكرت لا تدل على أنّها كانت تكشف وجهها، بل إن الظاهر من ذلك أنّها كانت تغطي وجهها ولذلك احتاج أن يختبئ لها ليراها، فإنها لو كانت تكشف وجهها لما كان بحاجة إلى الاختباء لها، وهذا واضح في رواية ابن ماجه لهذا الحديث، فقد جاء فيه: خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى نظرت إليها في نخل لها. فهو قد نظر إليها في بستانها وليس في طريق عام، والمعتاد أنّ المرأة إذا كانت في بيتها أو بستانها لا تغطي وجهها إن لم يكن لها علم بوجود رجال بالقرب منها.
وعلى أية حال، فإن تغطية المرأة وجهها ليس فيه تقليل لفرص زواجها، بل إنّ الواقع يشهد أنّ كثيراً ممن يلتزمن تغطية الوجه تكون فرص زواجهن أكثر من غيرهنّ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(20/306)
هل يجوز للمرأة المسنة كشف شعرها أمام الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المسنة كشف شعرها عند الخروج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسنة كشف شعرها عند الخروج، وإنما يجوز لها إذا بلغت حداً من الكبر لا تشتهى معه في الغالب أن تخفف من الثياب الظاهرة التي لا يفضي وضعها لكشف العورة كالجلباب، والرداء، والقناع الذي فوق الخمار بعد أن تكون مغطاة الرأس، وكذلك يجوز لها كشف الوجه واليدين، مع أن تسترها أولى، وقد سبق الجواب المفصل عن ذلك في الفتوى رقم: 11518 فأرجع إليها للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(20/307)
موقف الزوج من امرأته المصرة على عدم لبس الجلباب في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وأقيم في أوروبا، زوجتي لا تلبس الجلباب، وأنا قد طلبت ذلك منها أكثر من مرة، وأدى الموضوع إلى المشاكل، لا تريد أن تلبس الجلباب أو النقاب لأنها تقول إنه سيكون صعبا عليها كونها تقيم في أوروبا. قلت لها إني لست راضيا عن لبسها ومصر على أن تلبس الجلباب، وهي تقول إنه مستحيل أن تلبسه في أوروبا. الرجاء أن تفيدونا وتنصحوني ماذا أفعل لأني تعبت وأريد حلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الله للزوج حق القوامة علي زوجته، والقوامة تعني رعاية المصالح الدنيوية والدينية، فمن القوامة أن يحملها على أداء الفرائض واجتناب المحرمات، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34}
قال السعدي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ
وقد أوجب الله على الزوجة طاعة زوجها في المعروف، ولا شكّ أنّ الحجاب واجب على المرأة، ولا يجوز للزوج أن يسمح لزوجته بالخروج دون التزام بالحجاب، لكنّ الحجاب الواجب ليس مقصوراً على لباس معين للمرأة، وإنما ذكر العلماء شروطاً إذا توفّرت في أي نوع من أنواع اللباس فهو الحجاب الذي أمرت به، وراجع الفتوى رقم: 6745.
فإذا كانت زوجتك تخرج بملابس تخالف شروط الحجاب الشرعي فلا يحل لك إقرارها على ذلك، ويجب عليك أن تلزمها بلبس الحجاب الشرعي.
أمّا بخصوص النقاب فقد اختلف العلماء في وجوبه، ولكن على القول بعدم الوجوب فإن طاعة الزوج في لبسه واجبة، وانظر الفتوى رقم: 62866.
والذي نوصيك به أن تسلك مع زوجتك طريق الحكمة، وتطلعها على كلام أهل العلم بشأن الحجاب والستر ووجوب طاعة الزوج، وتجتهد في إعانتها على تقوية صلتها بربها، بمصاحبة الصالحات، وسماع المواعظ النافعة، والاجتماع على الذكر وتلاوة القرآن، ونحو ذلك.
وإذا كان لبسها للنقاب يسبب لها مشقة كبيرة في هذه البلاد، فلا نرى مانعاً من الأخذ بقول من يقول بجواز كشف الوجه، مع التنبيه على أنّ الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا في حالات معينة وبضوابط مبينة في الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 18523.
ومن منعت من ستر ما يجب عليها ستره من نحو رأسها وذراعيها وجب عليها فراق ذلك البلد الذي يمنع فيه من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(20/308)
حكم خلع المرأة الإسدال للمناسبات أو التسوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من مصر وزوجتي تلبس الإسدال، وتريد أن تلبس ما يسمى بالتييرات- جيبة وبلوزة- في الأفراح أو المناسبات خارج المنزل، مع العلم أن هذه المناسبات يوجد بها رجال سواء في قاعات الأفراح أو في المنزل، وهي تقول أنه عادي فالإسدال أو غيره شيء عادي وأنا في حيرة من أمري! ولم أستطع إقناعها. فهل يجوز خلع الإسدال للمناسبات أو التسوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان الشروط اللازمة في اللباس الشرعي للمرأة في الفتوى رقم: 6745
فحيثما وجدت هذه الشروط في لباس فهو اللباس الشرعي سواء كان إسدالا أو غيره, وحيثما انتنفت عنه فهو غير جائز.
وعلى ذلك نقول: فإن كان هذا الذي تريده زوجتك يحقق هذه المواصفات وأهمها أن يكون واسعا فضفاضا، لا يصف ما تحته من تفاصيل بدن المرأة, والتزمت مع ذلك بستر وجهها وكفيها فهو جائز, وإن كنا نستبعد ذلك، لأن هذا الذي يعرف بـ: التايير. غالبا ما يكون ضيقا يصف تقاطيع بدن المرأة, ولا شك في حرمته في هذه الحالة حتى ولو سترت المرأة معه وجهها وكفيها.
مع التنبيه إلى أن الحجاب الشرعي لا يجوز خلعه أمام الرجال الأجانب مطلقا، وأحرى إن كان ذلك حال المناسبات، والتسوق وغيرهما من الحالات التي يوجد فيها اختلاط بين الرجال والنساء.
ومن هذا يتضح لك أنه لا يجوز أن تأذن لزوجتك فيما تريده من خلع الإسدال في المناسبات، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. {التحريم:6} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(20/309)
انتقاب المرأة بغرض الأمن من خداع التجار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في من تلبس النقاب لتتسوق بحجة أنها بالنقاب لا تستغل أما بدونه فان التجار يزيدون عليها في السعر؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تلبس النقاب لهذا الغرض، لأن لبس النقاب مشروع للمرأة في كل الأحوال، وينبغي أن تنصح هذه المرأة بلبس النقاب بقصد التقرب إلى الله تعالى وطلبا للعفاف، وكفا لأسباب الفتنة، فإنها إذا كانت بلبسها له قد تحقق شيئا من المصلحة الدنيوية فلبسها إياه ابتغاء مرضاة الله تعالى تنال به خير الدنيا والآخرة، فتغطية الوجه لاسيما حال الفتنة أمر واجب.
وللمزيد بهذا الخصوص نرجو مراجعة الفتوى رقم: 4470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(20/310)
هل يطاع الزوج في لبس ما يخالف الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هل لي أن أطيع زوجي في وضع الحجاب على طريقة البنطلون وقميص طويل يغطي الخصر، وفي بعض الأحيان يصل إلى الركبتين، أو وضع كذلك تنورة طويلة، حيث لا ترى مفاصل الجسم؛ لأنني أقيم في بلد أوروبي ويريدني أن ألبس ستيل (على المودا) وفي نظره لا أجلب الأنظار وإذا كان لا، هل يجوز لي وضع حجاب طويل مع خمار طويل (أي الدرع) في الجزائر يسمونه بالحجاب الشرعي لأنه لا يريدني أبدا بالجلباب في نظره كوننا نعيش في بلد أوروبي يجذب الأنظار وهو لا يريد ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحجاب الشرعي للمرأة له شروط وصفات سبق ذكرها بالتفصيل في الفتاوى رقم: 6745، 9428، 13914.
فحيثما تحققت هذه المواصفات فهو اللباس الشرعي، سواء سماه الناس قميصا أو درعا أو جلبابا أو غير ذلك، وإذا لم تتحقق هذه المواصفات فليس بحجاب شرعي، وإن سماه بعضهم حجابا، من هنا يتبين أن لبس ما ذكرت مما يسمى في بعض البلدان بالدرع جائز ما دام قد تحققت فيه هذه الشروط، ولكن لا بد معه من ستر الوجه والكفين فإن سترهما واجب على الراجح من كلام أهل العلم.
وأما لبس المرأة لما يسمى بالبنطالون فيجوز بشروط سبق بيانها في الفتوى رقم: 5521.
وإذا تأملت هذه الشروط علمت أنه لا يجوز للمرأة أن تلبس البنطالون وتخرج به للشارع هكذا دون أن يكون فوقه ما يستره، لأنه يظهر تقاطيع بدن المرأة ويسبب الافتتان بها، وهي مأمورة بستر بدنها بما لا يصف بدنها ولا يشف عن بشرتها، هذا بالإضافة إلى ما في لبسه من تشبهها بالرجال، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 3884.
ولا يفيدك أيتها السائلة ما ذكرت من كونه تحت قميص يغطي الخصر ويصل أحيانا للركبتين، لأن المرأة مأمورة أن تكون ثيابها طويلة سابغة بحيث تستر قدميها، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرا، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه. رواه الترمذي، ومثله أيضا حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ذيول النساء شبرا فقالت عائشة: إذا تخرج سوقهن، قال: فذراع. رواه أحمد وابن ماجه.
من هنا يتبين لك أن ما يطلبه منك زوجك لا يجوز لأنه لا يحقق شروط اللباس الشرعي، ولا يجوز لك أن تطيعيه في ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أما بخصوص ما يتحرج منه من إظهار بعض شعائر الدين بسبب إقامتكم في بلاد غير المسلمين حتى لا يلفت الأنظار إليه، فهذا لا ينبغي لأن المؤمن معتز بدينه دائما مفتخر به أبدا، فإذا كانت إقامته في بلاد غير المسلمين ستجره إلى شيء من التحرج من شعائره فهنا يجب عليه الخروج منها، وقد بينا أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا بشروط سبق ذكرها في الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(20/311)
حكم كشف المرأة المحجبة أكمامها أمام الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد الكثير من البنات المحجبات هذه الأيام يلبسون ثيابا عادية ساترة، ولكن يرفعون أكمامهم أحيانا في العمل أو خارج المنزل، فأنا أرى أن هذا يفسد الحجاب لأنني أرى الحجاب أبيضا أو أسودا فقط. فهل هذا حرام أم أنه مكروه. وما هو عقابهم في رفع الأكمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط للباس لون معين، ولكن هنالك شروط للحجاب الشرعي، وما أسميته ثيابا عادية إن كانت تتوفر فيها هذه الشروط كانت حجابا شرعيا. ويمكنك مراجعة هذه الشروط بالفتوى رقم: 6745.
ومن أهم مقاصد الحجاب الستر، فلا يجوز للمرأة أن تكشف أمام الرجال الأجانب ما لا يجوز لها كشفه من جسدها، سواء كانت الأكمام أم غيرها، وسواء في أماكن العمل أم في غير ذلك.
وأما بالنسبة لعقابها في الآخرة فإن ذلك من أمر الغيب الذي لا يصح الكلام فيه إلا بتوقيف من الشارع، ولا يبعد فيمن تظهر شيئا من جسمها أمام الرجال الأجانب – ولو كانت الأكمام فقط – ربما كان لها نصيب من الوعيد الوارد في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا.
وينبغي أن ينصح أمثال هؤلاء بأسلوب طيب بالحرص على ستر أكمامهن أمام الأجانب، وأنه ينبغي أن يكن قدوة صالحة لغيرهن. وكونهن على هذا الحال أفضل من أن يكن سافرات يفتن الناس.
والله أعلم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(20/312)
لا تجد رغبة صادقة بارتداء النقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[دائما ما أسمع خلاف العلماء في حكم ارتداء النقاب وجواز كشف الوجه والكفين. فأنا لا أرفض النقاب وأعلم أنه كان زي أمهات المؤمنين وأحيانا أفكر في ارتدائه. ولكني مترددة ولا أشعر بصدق نيتي ورغبة صادقة في ارتدائه مكتفية بذلك بارتدائي الملحفة. وقناعتي بمن قالوا بجواز كشف الوجه والكفين. فهل هذا يعد نقصا في إيماني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجوب ستر الوجه والكفين من المسائل الخلافية بين أهل العلم، والخلاف فيها سائغ معتبر كما بيناه في الفتوى رقم: 4470. ولكن جمهور من قال بجواز كشفهما قد أفتى بوجوب الستر عند خوف الفتنة بالمرأة أو عليها.
والمراد بالفتنة بها: أن تكون المرأة ذات جمال فائق، والمراد بخوف الفتنة عليها أن يفسد الزمان، بكثرة الفساد وانتشار الفساق. ولذلك فالمفتى به الآن – في ظل الفساد في هذا الزمان - وجوب تغطية الوجه والكفين على المعتبر من المذاهب الأربعة.
أما ما تشعرين به من تردد وعدم صدق في النية فهذا لا يسوغ لك ترك النقاب، بل عليك أن تبادري بلبسه، وأن تستحضري في فعلك هذا ابتغاء رضوان الله وقصد الستر، ولا معنى للنية الصالحة إلا هذا, بل لو لم تجدي نية في أول الأمر فبادري بلبسه وسيرزقك الله من فضله إن شاء النية الصالحة.
وراجعي أدلة وجوب النقاب في الفتوى رقم: 8287.
ولكن مع هذا فنرجو ألا يلحقك إثم ولا حرج من ترك النقاب ما دمت تفعلين هذا تقليدا لمن يصح تقليده من أهل العلم الثقات, ولم يكن هذا بدافع الهوى أو التشهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(20/313)
حكم وضع المرأة ثيابها أمام المعاق ذهنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل لي أن أحتجب أمام أخ زوجي فهو معاق ذهنيا أي أن لديه تأخرا في نمو عقله، والأطباء يقولون إن نسبة إعاقته 80 بالمئة، مع العلم أنه يبلغ من العمر49 سنة، وحسب الأطباء فإنه لا يمكن لشخص مثله أن يتزوج، وهل لي أن أبقى معه وزوجي في مهمة خارج المدينة، مع العلم أنه مريض بداء السكر لا يمكن أن يبقى وحده وتجب العناية به، مع العلم أن لديه إخوة بنات ورجال، مع العلم أنني إنسانة ملتزمة وأقيم بفرنسا؟ إذا كان الجواب نعم أرجو منكم أن تفيدوني بدليل لكي أتمكن من إقناع زوجي لأنه يرى أنني لا أريد أخاه في المنزل وما هي إلا حجة احتج بها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب ونهاهن عن إبداء الزينة إلا لمن استثنى في قوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ {النور: 31} .
وقد استثنى الله عز وجل فيمن استثنى التابعين غير أولي الإربة من الرجال أي من لا أرب له في النساء, وقد اختلف العلماء في تعريفه, قال القرطبي رحمه الله:
واختلف الناس في معنى قوله: أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ فقيل: هو الأحمق الذي لا حاجة به إلى النساء. وقيل الأبله. وقيل: الرجل يتبع القوم فيأكل معهم ويرتفق بهم؛ وهو ضعيف لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن. وقيل العنين. وقيل الخصي. وقيل المخنث. وقيل الشيخ الكبير، والصبي الذي لم يدرك. وهذا الاختلاف كله متقارب المعنى، ويجتمع فيمن لا فهم له ولا همة ينتبه بها إلى أمر النساء. انتهى.
والإعاقة الذهنية في حد ذاتها لا مدخل لها في جواز كشف المرأة حجابها أمام الرجل، وإنما مناط ذلك هو اشتهاء الرجل للنساء وخبرته بأمرهن من عدمها.
وعلى ذلك، ينبغي النظر في حال أخي زوجك فإن كانت إعاقته هذه لا تمنعه من اشتهاء النساء والتطلع لهن فلا يجوز لك أن تظهري أمامه بزينتك، ولا أن يختلي بك بل يعامل في ذلك كله معاملة الصحيح السوي.
أما إذا أثرت إعاقته على ذلك ولم يكن له حاجة للنساء ولا يعبأ بهن أصلا، بل شأنه في ذلك شأن الأطفال الذين لا تمييز معهم فهو ممن استثنى الله فلا يلزمك حينئذ الحجاب منه. مع العلم أنه لا يجوز لك ملامسة بدنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(20/314)
حكم لبس النقاب الذي يظهر موضع العينين
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيبة محجبة -مغطية للوجه والكفين- ولكنها منتقبة أي تظهر العينين لأن عملها يتطلب ذلك للنظر بوضوح لمكان المرض والتشخيص الصحيح للمرض، مع العلم بأن الفتحة بمقدار العين فقط وبمقدار ما يتيح لها النظر بوضوح فهل يجوز لها ذلك؟ وإن كانت خارج العمل هل تغطي وجهها بالكامل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في لبس النقاب الذي يظهر موضع العينين فقط لتتمكن المرأة من النظر، جاء في تفسير القرطبي في قول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. {الأحزاب:59} : قال ابن عباس وقتادة: ذلك أن تلويه فوق الجبين وتشده ثم تعطفه على الأنف وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه. انتهى.
وسواء في ذلك وقت الحاجة لكشفهما في نحو العمل أو غيرها، وإن سترتهما بساتر خفيف خارج العمل كان أولى وأفضل، لكن يجب الحذر من كشف العينين بصورة تدعو للفتنة، وينبغي أيضاً الحذر من النقاب الذي انتشر في هذه الأيام، مما يبدو منه أجزاء كبيرة من محاجر العينين والخدين فهذا لا يجوز، لما فيه من إبداء الزينة التي أمر الله بإخفائها، بل هو زينة في نفسه وملفت للأنظار ومصيدة لقلوب الرجال. وراجع في ذلك الفتويين رقم: 21690، 21261.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(20/315)
الستر تحمد عليه المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يتشابه لباس العباءات عند السنة وعند الشيعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمر الستر تحمد عليه المرأة التي تفعله من أي طائفة كانت، والمطلوب في لباس المرأة سواء أكان عباءة أم غيرها أن تتحقق فيه صفة الستر وعدم لفت الأنظار إليها، وباستقراء النصوص الشرعية خرجت عدة شروط تشترط في لباس المرأة حتى تكون ملتزمة بالحجاب الذي أمرت به كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. {الأحزاب:59} .
وقد ذكرنا هذه الشروط بأدلتها في الفتوى رقم: 6745. فراجعيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(20/316)
تنوي لبس الخمار وتشعر أن نيتها ليست لله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن ألبس الخمارالذي يغطي الوجه، ولكن أحس أن نيتي ليست لله، يعني أغلب رغبتي في لبس الخمار هو أنني أريد حجب أشعة الشمس عن وجهي، لكن أحاول أن أجعلها خالصه لله ولكن لا أعرف كيف؟ صليت الاستخاره ونويت أن أذهب لشراء خمار ولكن لم يتيسر لي الذهاب ولكن سأحاول مرة أخرى، ولكن الشعور بأن عملي هذا ليس لله يؤرقني ويجعلني مترددة في لبس الخمار، ماذا أفعل؟ أرجو منكم النصح، والدعاء لي بالهدايه والصلاح والثبات، إذ غالبا ما تواجه الفتاة صعوبات ومشاكل مع عائلتها عند لبس الخمار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لكِ الهداية وأن يرزقك الصبر والثبات على الحق، ثم اعلمي أن العلماء مختلفون في وجوب ستر المرأة وجهها، والمفتى به عندنا هو الوجوب كما بينّا ذلك في الفتوى رقم: 5224.
فالواجب عليكِ أن تبادري بامتثال أمر الله عز وجل وأن تستري وجهك عن أعين الرجال الأجانب، واجتهدي في تحقيق الإخلاص لله عز وجل وابتغاء مرضاته بذلك فهو أكمل لثوابك وأوفر لأجرك، وإن ضممتِ إلى نية التقرب إلى الله عز وجل نية تحصيل أمر مباح كستر أشعة الشمس عن وجهك فهذا لا يقدح في الإخلاص ولا يحبط العمل، وقد بينّا في الفتوى رقم: 119732، أن فعل العبادة بنية التقرب إلى الله ونية تحصيل أمر مباح لا يبطلها، وإن كان الأكمل والأفضل أن تكون النية ممحضة للقربة والطاعة.
فنصيحتنا لكِ ألا تترددي في ارتداء ما تسترين به وجهك إذ هو واجب عليكِ على الراجح عندنا، ولا تشرع صلاة الاستخارة في مثل هذا، فإن الواجبات يجب امتثالها ولا تصلّى لها صلاة الاستخارة، وانظري الفتوى رقم: 114660.
وعليكِ أن تجتهدي في تحقيق الإخلاص، وأن تبتغي بعملكِ مرضاة ربك راجية ثوابه خائفة من عقابه، وعليكِ أن تتحلي بالصبر في مواجهة ما تلقين من عقبات، واستعيني على ذلك بالدعاء وإدامة اللجوء إلى الله تعالى فإنه تعالى مقلب القلوب.
وفقنا الله وإياكِ لما فيه مرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(20/317)
حكم لبس الشال المزين بحبات الخرز اللامع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس المرأة للشال مع وجود إستراس- خرز لامع- عليه والخروج فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمواصفات الشرعية للثوب الذي تخرج به المرأة قد تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 6745.
وبناء على ذلك فإذا كان الشال المذكور به زخرفة وزينة تلفت انتباه الناظر إليه، فلا يجوز للمرأة الخروح به، بل تلبسه داخل بيتها وبين محارمها فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(20/318)
خلع النقاب لأجل الرزق.. وهم كبير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في كلية الهندسة، وأريد أن ألبس النقاب لكن أخاف أن ألبسه وبعد ذلك أخلعه بحكم طبيعة دراستنا العملية، وأيضا لأن المعروف أن فرص العمل تكاد تكون منعدمة للمنتقبه وكثيرين قالوا لي لا تتسرعي في لبسه لأنه سوف تواجهك عقبات كثيرة وساعتها تضطري لخلعه، لكن أنا فعلاً عندي رغبه شديدة في ارتدائه وخاصة أني في كلية مشتركة، وألاحظ أني ألفت نظر عدد ليس بالقليل من الشباب، لا يعني ذلك أني جميلة ولكني ألاحظ ذلك، وأخشى أن أكون أتحمل ذنب أني كشفت وجهي للذي ينظر إليه، ينظر بحرية، وأتمنى أن ألبس النقاب اقتداء بأمهات المؤمنين، فهل فكرة العمل وأنني لن أعمل بالنقاب فكرة تجعلني أتراجع عن ذلك، فأرجو الإفادة؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النقاب واجب متحتم على المرأة لا يجوز تركه على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد ذكرنا الأدلة على ذلك مفصلة في الفتوى رقم: 5224.
وعلى ذلك فلا يجوز لك التواني ولا التسويف في تغطية الوجه والكفين، ولا تلتفتي إلى كلام هؤلاء الذين لو عظم وقار الله في قلوبهم لما قالوا ما قالوا، فإنا لا ندري ما هي العقبات التي يتحدث عنها هؤلاء، وهل فوات عرض دنيوي زائل، أو فوات وظيفة من الوظائف يصلح عذراً في ارتكاب ما حرم الله، وترك أوامره سبحانه.
فأعرضي عنهم وعن كلامهم، وبادري إلى امتثال أوامر الله سبحانه، فإنه لا اختيار للمرء معها، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا. {الأحزاب:36} .
وثقي أن الله سبحانه هو الرزاق ذو القوة المتين، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو الذي يرزق العصاة والكافرين، فكيف يضيع عباده المؤمنين الذين آثروه وآثروا مرضاته!! وهو القائل: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ. {الأعراف:96} ، وقال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ* وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. {الطلاق:2-3} ، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. {الطلاق:4} .
ولا تجزعي من أمر الرزق فإنه يطلب صاحبه كما يطلبه أجله، وأن نفساً لن تموت حتى تستوعب رزقها، كما جاء في الحديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم والطبراني والبزار، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(20/319)
حكم ترك النقاب خشية الإحالة إلى أعمال إدارية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي نذرت أن تلبس النقاب فى حال رزقنا الله بالخلف الصالح، وهي الآن تلبس لباسا شرعيا أيضا ولكن بدون النقاب، وهي تعمل مدرسة للصم والبكم، والآن بالمدارس يقومون بتحويل أغلب المنتقبات إلى أعمال إدارية أو إلغاء العقد لهن، والتعنت معهن فى أمور كثيرة، وهي تعمل بالعقد، وتحب عملها جداً، نظراً لمساعدة هؤلاء الأطفال، وتقوم بعمل دراسات عليا لهذه الفئة، وقد من الله عليها بالحمل، وتنتظر إن شاء الله المولود الأول، ولا تدرى ماذا تفعل. فهل يمكن أن تكفر عن هذا النذر. ادعوا لنا أن يتم الله حملها على خير، وأن يرزقنا ذرية صالحة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنقاب واجب على المرأة، لا يسعها تركه على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد سبق ذكر ذلك بالتفصيل والدليل في الفتوى رقم: 5224.
فالواجب على زوجتك أن تبادر بلبس النقاب دون حاجة إلى نذر يلزمها بذلك، لأن النقاب واجب بالشرع، وما تخافه من تعنت أو غيره من جهة العمل لا يسوغ لها ترك النقاب، فإن الأرزاق بيد الله وحده وهو وحده سبحانه النافع الضار، وقد تكفل الله لمن التزم أوامره وأحل حلاله وحرم حرامه أن يفتح له أبواب الرزق والبركة، قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ {الأعراف:96} ، وقال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3} ، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} .
واعلم أيها السائل أن الرزق مكتوب، وأنه يطلب صاحبه كما يطلبه أجله، وأن نفساً لن تموت حتى تستوعب رزقها كما جاء في الحديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم والطبراني والبزار وصححه الألباني.
أما بخصوص نذرها فقد اختلف العلماء في نذر الواجب، فذهب جمهورهم إلى أنه لا ينعقد، لأن النذر أن تلزم نفسك قربة غير لازمة، والواجب لازم ولا يصح التزام ما هو لازم، وعليه فلا شيء على من ترك الوفاء به، وذهب جماعة من الفقهاء إلى انعقاده ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية على ما بيناه في الفتوى رقم: 38935.
وعليه، فيلزم الكفارة من ترك الوفاء به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(20/320)