من حلف أن يهب لشخص هبة ثم ردها المهدى إليه للمهدي
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ حوالي 7 سنوات قررت أختي دراسة الهندسة المعمارية.. فعارضنا نحن العائلة هذا الأمر ... وقلنا لها إنك لا تستطيعين دراستها لأنك ليس لديك قدرات في الرسم ... فقررت هي الالتحاق بالهندسة المعمارية وصممت على ذلك ,,فقلت لها والله لو تخرجتي من العمارة لما تتخرجي نشتري لك هدية (مكياج ماركة محددة) بقيمة 500 دينار ليبي , والحمد لله هي الآن مهندسة وتخرجت في الوقت المحدد ... وأنا لم ألتزم بالوعد السبب هو القيمة مرتفعة ونوع الهدية..علما بأني أعطيتها هدية أثناء وقت التخرج100 د. ل.... الحمد لله هي الآن عندها معاشها ومش محتاجة لهذه الهدية ... فقررت أن أعطيها 500 د. ل وهي أكيد لن تقبلهم يعني سترجعهم لي وسوف أقبلهم ... فهل هذا الحل يعفيني من الوعد والحلف ... وإن كان غير ذلك فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من حلف على إعطاء غيره مالا عند تحقق مقصود معين فإما أن يعطيه ذلك المال عند تحقق المقصود، وإما أن تلزمه كفارة يمين، وإذا أعطيت أختك تلك الهدية ثم ردتها إليه من غير اتفاق مسبق منكم جاز ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حلفت على إعطاء أختك هدية إذا تخرجت في التخصص الذي ذكرت، وبالتالي فعند تخرجها عليك القيام بأحد أمرين: إما إهداؤها تلك الهدية، أو إخراج كفارة يمين، ولا يسقط تلك الهدية كون أختك غير محتاجة إليها أو كونك قد دفعت لها وقت التخرج مائة دينار، فَبِرُّ يمينك يكون بإعطاء الهدية التي سميتها لا بغيرها، فإذا قمت بإعطائها تلك الهدية وتمكينها منه ثم ردتها إليك باختيارها من غير اتفاق منكما على الرد قبل ذلك فقد انحلت اليمين ولا كفارة عليك، وإن اتفقتما على استرجاع الهدية فلا تجزئ عنك، وعليك كفارة يمين. وراجعي الفتوى رقم: 34543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(19/286)
حكم حلف اليمين حال الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص سافر مع أهله ووالدته إلى الخارج وقد أصيب هذا الشخص ببعض الهموم والمضايقات وحلف على والدته بأنه لا يسافر معهم مرة أخرى لأي مكان وهو في حالة غضب، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يمينك منعقدة وتلزم الكفارة بالحنث فيها ما لم يسبق الكلام إلى لسانك بغير قصد لليمين، ولا أثر للغضب في الحكم، وإن رأيت أن الخير في السفر مع أهلك فسافر معهم وكفر عن يمينك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قصدت الحلف ولم يسبق الكلام إلى لسانك بغير قصد منك فهي يمين منعقدة تلزم الكفارة بالحنث فيها ولا يغير الغضب في الحكم شيئاً، ففي الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الغضبان مكلف في حال غضبه، ويؤاخذ بما يصدر عنه من كفر وقتل نفس وأخذ مال بغير حق وطلاق وغير ذلك من عتاق ويمين، قال ابن رجب في شرح الأربعين النووية: ما يقع من الغضبان من طلاق وعتاق ويمين فإنه يؤاخذ به. وقال ابن حزم في المحلى: والحالف في الغضب معقد ليمينه فعليه الكفارة.
وعلى أي حال فإذا رأيت أن السفر مع أهلك فيما بعد خير لك فسافر معهم وكفر عن يمينك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة، وراجع الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(19/287)
من حلف أن لا يكلم شخصا فكلمه اضطرارا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حلفت يمينا ثلاث مرات بأن لا أحكي مع شخص، وأنا متزوجة وقد دعوت الله أن لا أنجب أولادا إذا كلمته مرة ثانية، ولكن بعد شهرين اضطررت وكلمت هذا الشخص، لذا أريد فتوى بهذا الأمر؟ وجزاكم الله ألف حسنة.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من حلف عدة أيمان على أن لا يفعل أمراً ثم فعله حنث، سواء فعل ذلك اختياراً أو اضطراراً؛ إلا أن تكون له نية في تخصيص حالة دون أخرى فيعمل عليها، ومن جهة أخرى فلا ينبغي للمسلم أن يدعو على نفسه للنهي عن ذلك في الحديث الصحيح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السائلة قد حلفت عدة أيمان على أن لا تكلم شخصاً ما، ثم كلمته فإن الحنث يقع وتجب عليها كفارة واحدة بمجرد تكليمها له سواء كلمته اضطراراً أم لا، هذا إذا لم تكن لها نية عند اليمين بأن لا تكلمه في حالة الاختيار، فإن نوت ذلك فلا تحنث بكلامه اضطراراً، لأن النية في الأيمان معتبرة.
وما كان ينبغي لها أن تدعو على نفسها إلا بخير، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. رواه مسلم وغيره.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8226.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1428(19/288)
مبنى اليمين على نية الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت قد أقسمت ودعوت على نفسي بالمرض إن أنا دخلت مجددا إلى ما يعرف بغرف الدردشة، وأنا الآن على وعدي ولم أعد أدخل إليها أبدا، لكن أستاذنا أعطانا بريده الخاص إن نحن احتجنا إلى الاستفسار منه عن أشياء في مجالنا وهو الإعلاميات، وأنا فعلا أحتاج إلى مساعدته لأنه مجال صعب علي، فهل أنا إن تواصلت معه عبر بريده أكون قد نقضت وعدي، علما أن نيتي كانت عن الدردشة الفارغة والتي لا منفعة منها، سامحني الله تعالى، أرجوا الإجابة للضرورة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الني ة هي المرجع في الأيمان، فمن حلف على ألا يستعمل الإنترنت مثلا وأراد استعماله فيما لا يحل أو ما لا فائدة منه فلا يحنث باستعماله في مجال التعليم ونحوه مما فيه الفائدة، ومن جهة أخرى فلا ينبغي الدعاء على النفس للنهي عن ذلك في الحديث الصحيح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام القصد باليمين هو الامتناع عن الدردشة التي لا فائدة منها فإن الحنث لا يقع بمواصلتك مع أستاذك في التعليم لأن المرجع في الأيمان إلى النية.
قال في المغني عند قول الخرقي: ويرجع في الأيمان إلى النية. قال: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى يمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له. انتهى.
ثم إن الدعاء على النفس مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله كما في صحيح مسلم: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 51099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(19/289)
البر باليمين أو الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لكم جزيل الشكر على هذه النافذة القيمة، سؤالي هو أنني حلفت لصديق بالذهاب عنده في مدينة أخرى، لكنني كلما أردت الذهاب عنده يتذرع لي بأسباب وقد حاولت معه عدة مرات والآن قد انتقل إلى مدينة أخرى ولم تعد العلاقة بيني وبينه كما في السابق، فهل علي كفارة يمين، وإن كان كذلك فما هو مقدارها لأنني أتقاضى راتبا لا بأس به فقط من الدولة حوالي 2000 درهم في الشهر؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخ السائل مخير بين أمرين أحدهما أن يذهب إلى صديقه ويبر يمينه ولا يطالب بكفارة لعدم الحنث، الثاني إذا لم يذهب إليه فإنه يبقى مطالباً ببر يمينه، فإن قطع النظر عن الذهاب إليه أو انقطع أمله في إمكانية الذهاب إليه فليكفر كفارة يمين، وللمزيد من الفائدة والتفصيل في معرفة قدر الكفارة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10577، والفتوى رقم: 17345.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1428(19/290)
اختلاف العلماء في وجوب الكفارة في اليمين الغموس
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق وأن تقدمت للحصول على سكن وكنت أعتقد أن من شروطه الإقامة بالمنطقة خلال العشر سنوات، ولكن عندما قابلت اللجنة كان السؤال عن الإقامة مدة عشر سنوات كاملة وأجبت على كل الأسئلة ومن ضمنها هذا السؤال ولم أستطع التراجع عنه وكنت صادقة، ولكن وكان على اليمين، علما بأنني لم أستحق هذه القطعة لقلة نقاطي وأنا نادمة الآن وأستغفر الله كثيرا كل يوم سؤالي، فهل يعتبر هذا من قبيل اليمين الغموس لأنني لم أحصل على الشيء الذي حلفت من أجله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال فيه غموض ولكنا نقول إذا كنت قد حلفت على أمر تعلمين أنه غير صحيح فقد وقعت في معصية تعتبر من كبائر الذنوب وهي الكذب ثم الحلف عليه، وتسمى هذه اليمين، اليمين الغموس، وسميت بذلك لأنها تسبب لصاحبها الغمس في الإثم، أو الغمس في جهنم إن لم يتب منها، وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا كفارة عليه، إذ إنه أتى بذنب أعظم من أن تمحو أثره كفارة يمين.
وإنما الواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى مما ارتكبه وتجرأ عليه، وذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى وجوب الكفارة عليه إضافة إلى التوبة، لعموم قوله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ {المائدة:89} ، ولعل الجمع بين التوبة والكفارة أسلم وأحوط، وللمزيد من الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 72278، والفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(19/291)
حكم تأخير الكفارة وتقسيطها
[السُّؤَالُ]
ـ[قال تعالى:....... يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ.
فهل يجب تأخير كفارة حلف اليمين في حالة عدم وجود المال الكافي وذلك لإطعام المساكين بدلا من الصوم؟ وما هي الكمية المخصصة لكل فرد؟ وهل يجوز أن تكون بتقسيط وليس دفعة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من لزمته الكفارة إما أن يكون قادرا على الإطعام أو الكسوة أو العتق أو لا، فإن كان قادرا على واحدة من الخصال الثلاث كفر بها، وإن لم يكن قادرا كفر بصيام ثلاثة أيام بدلا من الإطعام وما في حكمه، وليس مطالبا بالتأخير لأجل وجود الإطعام وما في حكمه، بل متى ما أراد أن يكفر نظر في حاله فإن كان قادرا على الإطعام أو الكسوة أو العتق كفر، وإلا كفر بالصيام، هذا بناء على أن الكفارة واجبة على التراخي وليست على الفور إلا أن تكون بسبب معصية فتجب فورا كما ذكر النووي.
قال ابن قدامة في المغني: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدًا، أَجْزَأَهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ يَعْنِي إنْ لَمْ يَجِدْ إطْعَامًا، وَلَا كِسْوَةً، وَلَا عِتْقًا، انْتَقَلَ إلَى صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، إلَّا فِي اشْتِرَاطِ التَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهُ، كَذَلِكَ قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ. وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالصَّوْمِ مُطْلَقٌ، فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ. انتهى.
والإطعام، نصف صاع من الطعام لكل مسكين، وقدره كيلو ونصف تقريباً، ويجزئ عن ذلك إطعام كل مسكين وجبة غداء وعشاء ولا يجزئ غداء فقط أو عشاء فقط. ففي المدونة للإمام مالك بن أنس قال: وسألنا مالكا عن الكفارة أغداء وعشاء أم غداء بلا عشاء وعشاء بلا غداء؟ قال: بل غداء وعشاء. انتهى.
والكسوة تقدر عند جماعة من أهل العلم بما تجزئ الصلاة فيه.
أما عن تقسيط الكفارة فإن كان المراد به أن يطعم خمسة مساكين مثلا ثم بعد ذلك يطعم البقية فالظاهر أن هذا لا شيء فيه، فقد ذكر الفقهاء أن من أطعم كل يوم مسكينا أجزأه ذلك. قال ابن قدامة في المغني: وَمَنْ لَمْ يُصِبْ إلَّا مِسْكِينًا وَاحِدًا، رَدَّدَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَتِمَّةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُكَفِّرَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَجِدَ الْمَسَاكِينَ بِكَمَالِ عَدَدِهِمْ، أَوَّلًا يَجِدَهُمْ، فَإِنْ وَجَدَهُمْ، لَمْ يُجْزِئُهُ إطْعَامُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ إلى أن قال: وَإِنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، حَتَّى أَكْمَلَ الْعَشَرَةَ، أَجْزَأَهُ، بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَقَدْ أَطْعَمَهُمْ. انتهى. وقال أيض ا: َإِنْ شَاءَ كَسَا عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ; لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يُجْزِئُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْكِسْوَةَ أَحَدُ أَصْنَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِنَصِّ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهَا فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ كِسْوَتُهُمْ. وَلَا تَدْخُلُ فِي كَفَّارَةٍ غَيْرِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَلَا يُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْ كِسْوَةِ عَشَرَةٍ ; لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى: فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلَيْكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ. وَتَتَقَدَّرُ الْكِسْوَةُ بِمَا يُجْزِئُ الصَّلَاةُ فِيهِ; فَإِنْ كَانَ رَجُلًا، فَثَوْبٌ تُجْزِئُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً، فَدِرْعٌ وَخِمَارٌ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6602، 26595، 96808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(19/292)
حكم من حلف أنه إذا فعل كذا فهو كافر ثم فعله
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف غلام في سن الثالثة أو الرابعة عشر أنه إذا فعل ذنب كذا فهو كافر، ولكنه بعدها فعل هذا الذنب وندم ندماً شديداً، ولكن أفراد أسرته قالوا له إنه في سن صغيرة ولا يؤاخذ بهذا الحلف لأنه غير واع لما يقول، فاعتقد أن حلفه لا يؤاخذ به ولا يعتبر صحيحاً فاستمر في فعل الذنب حتى سن الثالثة والعشرين، عندها أفاق من غفلته وندم، ولكنه مضطرب ولا يعرف موقفه الآن، هل هو كافر بالفعل وخرج عن الملة، أم ماذا، وماذا عليه أن يفعل الآن إذا كان خرج من الملة بالفعل، أم أن كلام أهله صحيح وأنه عندما كان صغيرا وحلف فلا يؤاخذ به وحلفه باطل؟؟؟ أرجو سرعة الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حلف بأنه كافر إن فعل كذا ثم فعله فإنه قد ارتكب إثما عظيما بحلفه ولكنه لا يكفر بذلك، إلا إذا أضمر ذلك بقلبه، ولا كفارة عليه سواء كان مكلفا أو غير مكلف، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 55735، وفيها نقول عن أهل العلم.
وأما إن أضمر الكفر بقلبه عندما قال كلمته وكان مكلفا فإنه يكفر فيما يظهر من كلام أهل العلم، وإن كان غير مكلف فيجري فيه اختلاف الفقهاء في حكم ردة الصبي، وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى رقم: 20074.
وبما أن الشخص المشار إليه قد ندم على فعلته ويظهر من حاله أنه كان غير مضمر للكفر عندما نطق بكلمته فيجب عليه التوبة إلى الله تعالى من ذلك الذنب توبة نصوحا صادقة، ويبتعد عن هذا الحلف المنكر، ومن تاب تاب الله عليه، وانظر الفتوى رقم: 5450 وقد بينا حكم حلف الصبي في الفتوى رقم: 8539، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1428(19/293)
قول الرجل لزوجته (حرمتك على نفسي) يحتمل ثلاثة أوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستعلم عن حكم قول الرجل لزوجته إنني حرمتك على نفسي.. حيث إن أخي ونتيجة لمشاكل حدثت مع زوجته لم يرغب أن يتفوه بكمة الطلاق فقال لها إني حرمتك على نفسي.. ولقد تركت هذه الكلمة أثرا بالغا في نفس زوجته مما أدى إلى تردي الأمور بينهما أكثر.
سؤالي هنا ما الحكم في ذلك.. وهل عليه كفارة في حال صلح حالهما؟.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الرجل لزوجته حرمتك على نفسي قاصدا بذلك طلاقها لزمه الطلاق، وإن قصد الظهار لزمته الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز عنها صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينا، ويجب الابتعاد عن الجماع ومقدماته قبل إخراج الكفارة، وإن لم ينو شيئا فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة فإن عجز عن كل واحدة من تلك الثلاث صام ثلاثة أيام.
وراجعي الفتوى رقم: 26876، والفتوى رقم: 7438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1428(19/294)
نية الحالف تخصص لفظه العام وتقيد لفظه المطلق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد تحادثت مع صديق لي في موضوع لم أُبْد رأيي فيه، فبعد انصرافي حلفت أنني أول ما أراه ثانية سوف أبادر بطرح وجهة نظري في الموضوع.. لكن سبحان الله، أول مرة رأيته بعدها كنت ماراً من أمامه مستعجلاً فسلمت عليه وأكملت طريقي طبعا بدون أن أفتح معه الموضوع، مع العلم بأنني لما حلفت لم أتخيل هذا الموقف، بل قصدت أنني عندما أراه ويكون معنا فراغ لنتحدث.. فهل علي كفارة؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قاصداً في يمينك عرض وجهة نظرك في أول لقاء مع وجود فرصة مناسبة لذلك فلا كفارة عليك في هذه الحالة، لأن نية الحالف تخصص لفظه العام وتقيد لفظه المطلق، إذا توفرت الشروط لذلك، وراجع الفتوى رقم: 35891، والفتوى رقم: 6869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(19/295)
حكم من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها
[السُّؤَالُ]
ـ[استغضبت لشعوري بالظلم إثر احتجاجهم علي لاستعمال آلة وقليلا ما أستعملها. فأقسمت قسماً حلفتُ فيه بالله وألا يقبل مني كفارة بعدم استعمالها ولا غناء لي عنها.
أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حلف يمينا ثم ظهرت له المصلحة في تحنيث نفسه وفعل ما حلف عليه فليخرج كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وبالتالي، فلا مانع من تحنيث نفسك باستعمال تلك الآلة مع إخراج كفارة يمين؛ بل قد يكون هو الأفضل وخصوصا فيما إذا كان يترتب على عدم الحنث ترك قربة أو نحوها، وهذه الكفارة سبق بيان أنواعها في الفتوى رقم: 95847.
ودعاؤك بعدم قبول الكفارة منك هو من قبيل الدعاء على النفس، وهذا منهي عنه شرعا، وراجع الفتوى رقم: 75534، وينبغي لك مدافعة الغضب ومجاهدة النفس على الاتصاف بالحلم، وعلاج الغضب سبق بيانه في الفتوى رقم: 62950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(19/296)
كفارة اليمين على الفور أم على التراخي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم القسم بالله ثم عدم البر به، ولا أقدر على كفارتها، فالجو حار والنهار طويل، وأنا ليس أملك ثمن الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حلف على شيء ثم حنث فإن عليه كفارة وهي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله بأن يعطي الواحد منهم مد طعام وهو تقريباً سبعمائة وخمسة وسبعون جراماً من البر، أو كسوتهم بما يسمى كسوة، كأن يعطي كل واحد قميصاً أو إزاراً أو عمامة، فإن لم يجد ذلك بأن عجز عنه فإنه ينتقل إلى صوم ثلاثة أيام، ويندب عند كثير من أهل العلم أن تكون متتابعة.
واختلف أهل العلم في القيام بالكفارة بعد الحنث هل هو على الفور أو على التراخي؟ بعد اتفاقهم على تضيق وقت الأداء إذا أحس من نفسه عدم القدرة على أدائها لو أخر، والراجح التفصيل وهو أنه إن كان سبب الحنث معصية وجبت على الفور، وإلا استحب التعجيل بها إبراء للذمة ولم يجب، قال الإمام النووي رحمه الله: وأما الكفارة فإن كانت بغير عدوان ككفارة القتل خطأ وكفارة اليمين -في بعض الصور- فهي على التراخي بلا خلاف لأنه معذور، وإن كان متعدياً فهل هي على الفور أم على التراخي؟ فيه وجهان حكاهما القفال والأصحاب (أصحهما) على الفور. انتهى.
ومن صور الفور في كفارة اليمين أن يحلف أن لا يفعل معصية ثم يفعلها فإن الكفارة تلزمه على الفور، وهذا كله عند القدرة على القيام بها، أما لو عجز فتلزمه متى ما قدر.
وعليه؛ فإن عجزت فعلاً عن القيام بإحدى الخصال المكفرة فلا شيء عليك حتى تستطيع القيام بإحداهن فتلزمك. أعانك الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(19/297)
حكم قول الحالف (والله سوف)
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أراد الشخص أن يحلف فقال والله سوف ثم لم يكمل هل يعتبر حلفه موجوداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من قال والله وسكت فإن يمينه لم تنعقد لأنه لم يحلف على شيء، واليمين التي تجب بها الكفارة إما أن تكون يمين بر مثل أن يقول الحالف (والله لا أفعل كذا) فهو على بر حتى يفعل المحلوف عنه، أو يمين حنث وهي أن يقول (والله لأفعلن كذا) فهو على حنث ما لم يفعل المحلوف عليه، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 1638.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(19/298)
اليمين الكاذبة لإرغام الزوج على الإنفاق على أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[قصتى تبدأ منذ طلقني زوجي غيابيا منذ 3 سنوات وهو طبيب بالقوات المسلحة وقبل أن يطلقني وأنا كنت لا أزال على ذمته قام بعمل بلاغ في الشرطة العسكرية بأن يعمل إثبات منقولات وأتى بالعساكر بالمنزل وأدخلهم أثناء تواجدي أنا وبناتي بالمنزل، المهم ندم على هذا التصرف غير اللائق ولكن ندمه لم يتعارض مع استمرار الإجراءات فأرسلت لي النيابات العسكرية ببيان طلبي في س 3 نيابات المهم لم أعرف ماذا أفعل لأنه قد ترك المنزل وأقام في منزل والده وأنا لا أزال على ذمته، المهم فوكلت محاميا المحامي قال لي لا بد من عمل تصرف مضاد له وهو رفع قضية تبديد منقولات ضده المهم الموضوع تطور، ولكني أوقفت تطوره لأني لست من النوع الذى يميل للمشاكل وذهبت له بنفسي بعد أن طلقني وقلت له لماذا هذه المشاكل لأن الموضوع سوف يتطور ويسيء إليه هو في حياته ومستقبله، المهم تم قفل المحضر بعد سنتين قام برفع دعوى ضدي بأني أقمت عليه بلاغا كاذبا وذلك بسبب غيظه أني رفعت قضية نفقة للأطفال لم يقم بالصرف عليهم منذ طلاقي المهم كان رد الفعل من المحامي أن أعاد رفع قضية التبديد ضده في المحاكم المدنية، والآن الموقف أن القاضى يريد أن يقابلني شخصياً أكيد للسؤال والتأكد ولكن هو لم يقم بتبديد المنقولات ولكن المحامى قال لي لا بد من إقامة هذه الدعوى للرد على دعواه التي أقامها ضدي أولاً، وثانيا حتى يأتي ويقول إنه موافق على الإتفاق الودي بعيدا عن مشاكل المحاكم وننتهي من هذه القضية، ولكن لم تجر الرياح بما تشتهي السفن، وأنا طبعا عندما أذهب سوف أحلف اليمين وبذلك أكون قد حلفته كذبا وأنا محتارة، لأني إذا لم أذهب فسوف يقوم هو علي بدعوى مضادة مرة ثانية بالإدعاء الكاذب ولا أدري ما عاقبة ذلك فسوف يكون فيها مشاكل لي ولبناتي فماذا أفعل؟ أرجوكم سرعة الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف بالله كذباً من أخطر المحرمات وهو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، ولا سيما إذا تعلق به حق الغير، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس. رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو عليها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان. متفق عليه.
وبناء عليه فإنا نحذرك من الحلف الكاذب، وننصحك بأن تراعي حق الله في البعد عن جميع المحرمات وتتقيه في جميع أحوالك، وأن توقني أن من اتقى الله فرج أمره وأصلح حاله، فقد قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} ، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} ، وعليك أن تراعي حق العشرة السابقة بينك وبين زوجك السابق، وأن تراعي حق بناتك فإن في إحراج أبيهن نوعاً من الإحراج لهن وفي إيذائه إيذاء لهن، فقد رغب الله كلا من الزوجين بعد الطلاق في التسامح فيما بينهما من الحقوق وأن يتعاملا بالمروءة والإحسان، فقال الله تعالى: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة:237} ، وقال تعالى: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ {الطلاق:6} .
فعليك يا أمة الله أن تسعي في حل المشاكل بينكما بشكل ودي حفاظاً على سمعتكما وسمعة البنات، فحاولي توسيط أهل الخير بينكما ليقنعا الزوج بالاتفاق على سحب كل منكما دعواه، وأن يؤدي الزوج حق النفقة الواجبة عليه لأولاده، وإياك والانسياق وراء اقتراحات المحامي وقبول رفع الدعاوي الكاذبة، فإن المحامي قد يكون عنده قوة في المحاجة والخصام، ولكن هذا لا قيمة له عند الله الذي يعلم ما تكن الصدور وما تعلن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنا بشر. وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار. متفق عليه.
وعليك أن تحافظي على الصلاة والأذكار والتعوذات المأثورة والاستعاذة بالله من الظلم ومن شر كل ذي شر، ففي الدعاء المأثور عند الخروج: اللهم أني أعوذ بك أن أضل أو أُضل أو أزل أو أُزل أوأظلم أو أُظلم أو أجهل أو يُجهل علي. وفي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك من كل شيء. رواه الترمذي. وراجعي في ذلك كله الفتاوى ذات الأرقام التالية: 61490، 22133، 30557، 67765، 75388، 27641.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(19/299)
حكم من حلف عدة أيمان ثم حنث
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أن بلغت وأنا لا أعلم أنه يجب الغسل بعد الاستمناء، فكنت أصلي وأصوم وأنا أستمني ويمر علي رمضان وأنا أستمني في نهاره ولا أعرف أنه يفطر ولا أعرف أنه ينقض الطهارة فكنت أصلي وأصوم، وبعد ذلك عرفت أن الاستمناء يفسد الصوم ولم أكن أعرف أن إفساد الصوم يعني عدم صحته، بل كنت أظن أنه ينقص من الأجر فقط، ولكن وبعد حوالي 4 سنين عرفت أنه ينقض الطهارة ولا يصح الصوم ولا تصح الصلاة فأقلعت عن ذلك، فما حكمي في السنين الماضية من صلاة وصيام، وبعد علمي بأن الاستمناء ينقض والطهارة والصيام استمنيت في نهار رمضان حوالي يومين فما حكم هذين اليومين، مع العلم بأنها قبل حوالي سنتين؟ وجزاكم الله خيراً. سؤالي الثاني: أنني كنت أحلف أني لا أستمني أبداً، ثم أستمني بعد ذلك -لا أستطيع أن أمسك نفسي- ثم أحلف ثم أنقض يميني حوالي 20 مرة أو أكثر، فما الحكم في ذلك، مع العلم بأن هذه اليمين من قبل 6 سنوات، جزاكم الله خيرا أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أول ما يجب على المسلم بعد البلوغ أن يتعلم العقيدة الصحيحة، وأحكام صلاته وصيامه، وما يشترط لصحتهما وما يفسدهما، وما يجوز فيهما وما لا يجوز، فإن فرط في تعلم ذلك كان عاصياً، ولا سيما إذا كان ناشئاً في بلد من بلاد المسلمين، حيث يتيسر وجود من يفقهه في أحكام دينه، وعلى كل حال فإن الاستمناء حرام ويسبب أضراراً كثيرة، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 23868.
ثم إن من استمنى وخرج منه المني فقد وجب عليه الغسل، ولا تصح منه صلاة حتى يغتسل بنية الاغتسال من الجنابة أو رفع الحدث، وكذلك يفسد الصوم بالاستمناء في نهار رمضان إذا خرج المني. وعليه، فإن على الأخ السائل أن يتوب إلى الله تعالى من هذه الممارسة المحرمة فيما مضى، ويبتعد عنها في المستقبل، سواء في ذلك وقت الصيام وغيره، كما يجب عليه أن يعيد الصلوات التي كان يصليها وهو جنب، فإن جهل عددها فعليه أن يجتهد ويقضي ما يغلب على ظنه أنه قد برئت به ذمته، وبذلك تبرأ الذمة، ويقضي في اليوم ما يستطيع حتى يبرئ ذمته من هذه الفرائض. وكونه لم يعلم حكم ما يترتب على الاستمناء لا يعذر به في قضاء الصلاة. ولبيان كيفية قضاء الفوائت يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 70806.
أما الصيام فلا يطالب بقضاء ما فسد منه في الفترة التي كان يجهل فيها أن الاستمناء يفسده، وقيل يجب القضاء على كل حال، انظر الفتوى رقم: 79032 هذا عن الشق الأول من السؤال من السؤال الأول.
أما عن الشق الثاني منه فيجب قضاء اليومين الذي حصل فيهما الاستمناء بعد العلم بأنه مفطر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 7828.
وبالنسبة للسؤال الثاني فما دام الأخ السائل كان يحلف ثم يحنث ثم يحلف ويحنث وهكذا من غير أن يكفر -كما هو الظاهر- فإن عليه بكل حنث كفارة يمين، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 22027، والفتوى رقم: 11229، خلافاً للحنابلة ففي هذه الحالة لا تجب عندهم إلا كفارة واحدة، قال في مطالب أولي النهى ممزوجاً بمتن غاية المنتهى في الفقه الحنبلي: (ومن لزمته أيمان موجبها واحد ولو على أفعال) نحو: والله لا دخلت دار فلان، والله لا أكلت كذا، والله لا لبست كذا، وحنث في الكل (قبل تكفير) ، (فكفارة واحدة) نصاً، لأنها كفارة من جنس، فتداخلت كلها كالحدود من جنس-.. إلى أن قال: (وإن حنث في يمين واحدة وكفر عنها، ثم حلف) يميناً (أخرى، لزمته) كفارة (ثانية) وكذا لو كفر عن الثانية ثم حلف يميناً أخرى، لزمته كفارة ثالثة (وهلم جرا) لوجوب كل واحدة عليه بالحنث بعد أن كفر عن التي قبلها، كما لو وطئ في نهار رمضان فكفر، ثم وطئ فيه أخرى، بخلاف ما لو حنث في الكل قبل أن يكفر كما تقدم. انتهى. ولبيان كفارة اليمين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(19/300)
لو دخن وأخبرك فلا تلزمه كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن عمره أربعة عشر عاما وقد علمت بأنه يدخن السجائر، ولشدة غضبي منه وخوفي عليه من هذه العادة السيئة وكونه لا يزال صغيراً لم أدر كيف أتصرف معه، فما كان مني إلا أن جعلته يضع يده على القرآن الكريم ويقسم بأن لا يدخن أبداً وإذا أراد أن يفعل فعليه أن يخبرني قبل ذلك، إلا أن إحدى صديقاتي لامتني على هذا الشيء وقالت إنه لا يزال صغيرا وقد لا يحافظ على القسم, فأرجوكم أفيدوني هل ما فعلته صحيح أم خطأ, وإذا أخل الولد بالقسم هل يحاسب وإذا أرد أن يدخن مستقبلا (وأرجو من الله أن لا يفعل) فهل يكفي أن يخبرني ليكون حلا من هذا اليمين، فأرجو أن أجد عندكم الإجابة ليهدأ بالي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح ولدك، ويجنبه هذا التدخين الخبيث، ونسأله تعالى أن يجزيك خير الجزاء على حرصك على إبعاده عن ما يضره ديناً ودنيا، وأما معالجة هذا الداء فنرجو أن تتخذي الوسائل النافعة والأساليب الناجحة لإبعاده عنه تارة بالترغيب، وتارة بالترهيب، وتارة ببيان مضار التدخين، ومن ذلك ما بيناه في الفتوى رقم: 1671.
واحرصي على اختيار الأصحاب الذين يجالسهم، وادفعي به إلى حلقة تحفيظ القرآن أو درس علم عسى الله أن يجنبه هذا السوء، وأما تحليفه على المصحف بترك الدخان فأمر حسن ولا لوم عليك فيه، وإن كانت يمينه لا تنعقد لكونه صغيراً، ولا يأثم لو خالف ودخن قبل بلوغه، ولا كفارة عليه لو عصى ودخن بعد بلوغه على الصحيح من أقوال أهل العلم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 8539.
وننبهك إلى أن ولدك قد يكون بالغاً بعلامة أخرى من علامات البلوغ غير السن، وقد بيناها في الفتوى رقم: 10024، وفي هذه الحالة يمينه منعقدة يجب عليه أن يبر بها لأنه حلف على ترك معصية، ولكن لو أخبرك قبل أن يدخن -ونسأل الله أن لا يفعل- فإنه لا يحنث أي لا تلزمه كفارة اليمين وإن كان فاعلاً للمعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(19/301)
من مصارف كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا علي كفارة إطعام مساكين، ولكن لا أجد مواصفاتهم في بلدنا وأنا أعرف عن الناس أن لديهم الطعام والشراب، ولكن يوجد من عليه ديون للتسديد أو عليه دفع ضرائب أو مساعدة على الزواج ودفع الكهرباء وغير ذلك، فماذا أفعل في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكفارة تصرف للمحتاجين من الفقراء والمساكين، وهم من لا يجدون كفايتهم الكاملة، ومن كان محتاجاً لدفع فواتير الكهرباء أو ضرائب فرضت عليه أو لا يجد ما يتزوج به فإنه يعطى من الزكاة والكفارة لأنه محتاج، قال الله تعالى عن اليمين: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ... {المائدة:89} ، قال الجلال المحلي رحمه الله: والمسكين من قدر على مال أو كسب يقع موقعاً من كفايته، ولا يكفيه، كمن يملك أو يكسب سبعة أو ثمانية ولا يكفيه إلا عشرة ... والمعتبر من قولنا (يقع موقعاً من كفايته) المطعم والمشرب والملبس والمسكن، وسائر ما لا بد منه على ما يليق بالحال من غير إسراف ولا تقتير للشخص، ولمن هو في نفقته.
وقال الشهاب الرملي نقلاً عن ابن البزري: لو كان -الشخص- يكتسب من مطعم وملبس ولكنه محتاج إلى النكاح فله أخذها لينكح لأنه من تمام كفايته. انتهى.
فإن لم تتمكن من الحصول على المحتاجين فسلم الكفارة إلى جمعية خيرية أو شيخ موثوق وهو سيقوم بذلك بدلاً عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(19/302)
ما يجزئ في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حلفت قبل مباراة معينة في كرة القدم أنه بعد انتهائها لن أناقش مع زملائي عنها..
ولكنها انتهت وقمت بذلك فهل تجب كفارة يمين؟
وهل تجزيء الصدقة التي تعطى للمساكين في الشوارع عن إطعام المساكين الرسمية من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنتَ قد حلفتَ على عدم مناقشة شؤون تلك المباراة ثم فعلت ما حلفتَ على تركه فقد لزمتك كفارة يمين، وهذه الكفارة تقدم تفصيل أنواعها في الفتوى رقم: 204.
وعليه فإذا أردتَّ إخراج كفارة اليمين طعاما فيجزئك إطعام عشرة مساكين ولو كانوا من ضمن المساكين الموجودين في الشوارع بشرط أن تدفع لكل مسكين ما يجزئ من طعام وقدره كيلو ونصف تقريبا كما في الفتوى رقم: 10577.
كما يجزئك إطعامهم وجبة غداء وعشاء ولا يجزئ غداء فقط أو عشاء فقط
ففي المدونة للإمام مالك بن أنس:
قال: وسألنا مالكا عن الكفارة أغداء وعشاء أم غداء بلا عشاء وعشاء بلا غداء؟ قال: بل غداء وعشاء انتهى.
وفي المصنف لابن أبى شيبة: عن قتادة يغديهم ويعشيهم. عن الشعبي قال: غداء وعشاء. انتهى
وفي بدائع الصنائع للكاساني الحنفي:
وأما المقدار في طعام الإباحة فأكلتان مشبعتان غداء وعشاء، وهذا قول عامة العلماء. وعن ابن سيرين وجابر بن زيد ومكحول وطاوس والشعبي أنه يطعمهم أكلة واحدة , وقال الحسن وجبة واحدة , والصحيح قول العامة لأن الله - عز وجل - عرف هذا الإطعام بإطعام الأهل بقوله تعالى: مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ {المائدة: 89} } , وذلك أكلتان مشبعتان غداء وعشاء كذا هذا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(19/303)
لغو اليمين وكثرة الحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألني أخي ان أعيره بعض المال وقلت له لا أملك شيئا فطلب مني أن أحلف ففعلت ظنا مني أني لا أملك وبعد دقائق تذكرت أنه لدي بعض منه فقلت له خذ لقد وجدت بعضا المال فهل يجب علي أن أكفر عن ما حلفت عليه. وسؤال آخر في بعض الأحيان أحلف بدون شعور حيث أصبحت لدي عادة ثم أفكر أو أتذكر أنه ليس صحيحا فهل علي أن أكفر في كل مرة عن ما حلفت عليه؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي للمسلم أن يكون كثير الحلف، وإذا أراد أن يحلف حلف بالله تعالى، ثم إنه لا كفارة هنا بالنسبة لليمين الأولى عند أكثر أهل العلم لأنها من لغو اليمين.
قال ابن قدامة في المغني: (وَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ كَمَا حَلَفَ، فَلَمْ يَكُنْ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ) أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. انتهى.
وكذلك الأمر بالنسبة للشق الأخير من السؤال فإن الظاهر أن هذه الأيمان التي تأتي بدون شعور تعتبر من لغو اليمين ولا كفارة فيها، قال ابن قدامة في المغني: (وَالْكَفَّارَةُ إنَّمَا تَلْزَمُ مَنْ حَلَفَ يُرِيدُ عَقْدَ الْيَمِينِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْيَمِينَ الَّتِي تَمُرُّ عَلَى لِسَانِهِ فِي عَرَضِ حَدِيثِهِ، مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَيْهَا، لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّهَا مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: اللَّغْوُ عِنْدِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْيَمِينِ، يَرَى أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَالرَّجُلُ يَحْلِفُ فَلَا يَعْقِدُ قَلْبَهُ عَلَى شَيْءٍ. انتهى.
ولمزيد التوضيح تراجع الفتوى رقم: 11096، لكن على الأخت السائلة أن تحفظ يمينها فلا تحلف إلا عند الحاجة، ولا تحلف إلا على ما تعتقد صحته.
أما إن كانت تكثر الحلف بالله تعالى بقصد اليمين فهنا لا يخلو حالها من أن تحلف على شيء تظنه ثم يتبين خلافه، وهذا لا كفارة فيه؛ لأنه من لغو اليمين كما هو الحال في السؤال الأول، وكذلك لا كفارة في اليمين الكاذبة عند الجمهور وهي يمين الغموس. وإن كانت تحلف على فعل الأمر أو عدم فعله في المستقبل ثم يبدو لها العدول عنه فهنا إن حنثت وجبت عليها الكفارة، والحنث هو: فعل ما حلف ألا يفعله، أو ترك ما حلف أن يفعله. ولتنظر الفتوى رقم: 79783، ففيها بيان ما يترتب على تعدد الأيمان واتحاد المحلوف عليه أو تعدده أو اتحاد اليمين مع تعدد المحلوف عليه. ولبيان كفارة اليمين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(19/304)
حكم تأخير إخراج كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي كفارة يمين الطلاق، وهل يصح أن يخرجها الشخص بعد فترة طويلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تذكر لنا صيغة يمين الطلاق التي تلفظ بها الحالف، والأصل لزوم الطلاق إذا حنث الحالف به، ولا تترتب عليه كفارة، هذا مذهب جمهور أهل العلم، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحالف بالطلاق إن كان لا يريد وقوع الطلاق وإنما يريد الحث على فعل شيء أو المنع من فعله فإن هذا يمين تلزمه كفارة يمين فقط إذا حصل المعلق عليه، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 11592، وكفارة اليمين يجب إخراجها فوراً كما في الفتوى رقم: 42979.
لكن ننصح الشخص الحالف بالرجوع إلى المحاكم الشرعية للنظر في حقيقة يمينه وما يترتب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(19/305)
العاجز عن الكفارة بالمال أو الكسوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا التي أجبت عليها في السؤال حيث أجبرتني أمي على أن أحلف على شيء معين ثم رجعت إليه، لكن سؤالي يتعلق بكفارة القسم، فالشروط الثلاثة بأن أكسوعشرة فقراء او أطعم عشرة فقراء أو صيام ثلاثة أيام، لكن الآن أنا لا أشتغل لأني طالبة وليس لدى المال الكافي، فهل يمكن أن آخّذ من مال أبي وأمي ولهذا يكون خطأ، أو أصوم ثلاثة أيام كفارة عن هذا اليمين، فما الحل المناسب لي؟ أرجو الرد عليه. وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قال عن كفارة اليمين: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89} .
فعند العجز عن الثلاثة الأولى ينتقل إلى التكفير بصوم ثلاثة أيام، ومن لا يملك مالا يكفر به فليس له أن يأخذ من مال أبيه أو أمه أو غيرهما بغير رضاهم ليكفر، بل ينتقل في هذه الحالة إلى صوم ثلاثة أيام.
أما إذا أعطاه أبوه أو أمه أو غيرهما ما يكفر به فذلك يجزئه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(19/306)
إبرار المقسم مأمور به شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول بذمتك، وهل هي ملزمة للكفارة في حالة الكذب، وإذا قال لي شخص والله العظيم أن تقول لي الصدق، لكن أنا كذبت عليه، وهو لا يعلم فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يسأل عن حكم قول القائل: بذمتك وهل ينعقد بها يمين تلزم منه الكفارة؟ وإذا كان هذا هو قصده فإن الجواب عليه هو: أن هذه العبارة لا تنعقد بها يمين لأن اليمين التي تلزم منها الكفارة عند الحنث هي ما كان باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه. وانظر الفتوى رقم: 62337.
وبخصوص السؤال الثاني فإن هذا الفعل لا يجوز، فالكذب حرام ولا يرخص فيه إلا في حالة ما إذا تعين وسيلة إلى دفع ضرر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 39152.
وعلى المسلم أن يصدق في أقواله وأفعاله، ويتأكد الأمر إذا طلب منه ذلك أو حلف عليه أخوه أن يصدقه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإبرار المقسم في الأمور العادية فما بالك إذا كان ذلك في طلب الصدق، كما أن عليه أن يحذر من الكذب المذموم شرعاً وطبعاً، فقد ذم الله عز وجل الكذب في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وبين أنه يؤدي إلى اللعن والطرد من رحمة الله، وأنه سبب في دخول النار، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 26391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1428(19/307)
لا تلزم كفارة اليمين إذ لم يحدث موجبها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي حلف على أختي بعدم زيارة أمي وعدم زيارة أمي لها لمدة عامين وعدم رؤيتها بسبب أمه وأخواته، فما الحكم في ذلك حتى بعد رجوعه عن هذا اليمين بعد عامين متواصلين في عدم رؤية أمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال ثلاث مسائل:
* المسألة الأولى: منع الرجل زوجته من زيارة والديها، وقد سبق بيان هذه المسألة في الفتوى رقم: 7260.
* المسألة الثانية: منع والدي الزوجة من زيارة ابنتهما، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 20950.
* المسألة الثالثة: حكم هذه اليمين، والذي فهمناه من هذا السؤال أنه وقت هذا المنع بمدة عامين، ولم يقع من زوجته ما منعها من فعله طيلة هذه المدة، فإن كان الأمر كذلك فلا تلزمه كفارة إذ لم يحدث موجبها وهو الحنث في هذه اليمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(19/308)
حكم من حلف بحرمة حجه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من حلف وهو في وضعية غضب بحرمة حجه، إن لم يوقف كل ما تم الاتفاق عليه بخصوص التحضير لعقد قرانه ثم تراجع وأتم قرانه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلف الشخص المذكور بحرمة حجه يحتمل أمرين:
الأول: أن يحرم على نفسه الحج إن أتم تحضيرات عقد الزواج، وعلى هذا فإن خالف وأتمه فإنه لا يحنث ولا كفارة عليه لأن في هذه اليمين تغييرا للمشروع، وقد نص مالك والشافعي على عدم انعقاد يمين من حرم على نفسه مباحاً وقالوا لأن فيه قصد تغيير المشروع، وتحريم الطاعة أعظم تغييراً من تحريم المباح.
الثاني: أن يحلف بحرمة الحج فيقول (بحرمة حجي ما أتمم كل تحضيرات الزواج) ، فهي يمين غير منعقدة أيضاً لأنها يمين بغير الله تعالى، واليمين لا تنعقد إلا بالله تعالى أو بصفة من صفاته، قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج وهو يتكلم عن اليمين: لا تنعقد إلا بذات الله تعالى أو صفة له كقوله: والله رب العالمين، والحي الذي لا يموت، ومن نفسي بيده، وكل اسم مختص به سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(19/309)
حكم من حلف مع التورية
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث وشاهدت موقعا إباحيا والحمد لله لم أرجع لذلك مرة أخرى، ولكن لي زوجة تبحث ورائي في كل شيء ووجدتها تطاردني وتريدني أن أحلف لها على أنني لم أر هذا الموقع وطلبت أن أحلف على المصحف إن لم أشاهده فحلفت كذباً مع التورية ولكن ضميري يعذبني على هذا الحلف فلم أحلف على المصحف قبل ذلك أبداً كذباً فما هو الحل، فأفيدوني أكرمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول أولاً إنه ليس للزوجة أن تتجسس على زوجها لتكشف ستر الله عليه وليس من حقها تحليفه، والمسلم مطالب بإحسان الظن والستر على المسلمين، فكيف بالزوج الذي حقه أعظم الحقوق على الزوجة بعد حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأخ السائل قد ورى في يمينه ولم يكذب فإنه لا حرج عليه، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب، والحلف في مثل هذه الحال على نية الزوج الحالف لا على نية الزوجة المستحلفة، قال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: إذا حلفه الغريم أو غيره ممن ليس له ولاية التحليف ... فالعبرة بنية الحالف. انتهى.
والزوجة ليس لها ولاية التحليف، وأما إذا كذب ولم يورِ في يمينه فإنه تلزمه التوبة إلى الله تعالى لكذبه وحلفه كاذباً، وانظر الفتوى رقم: 4512 في بيان الفرق بين التورية والكذب، والفتوى رقم: 36839 في بيان بدعية الحلف على المصحف، والفتوى رقم: 6953 فيمن حلف لزوجته كاذباً ليستر نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(19/310)
هل تنعقد اليمين باللغة الفرنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حلف اليمين كما يقال بالفرنسية. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للشخص الذي يحسن اللغة العربية فالأفضل في حقه إذا أراد الحلف أن يحلف بالعربية، لكنه إذا حلف بلغة أخرى كالفرنسية مثلا ثم حنث فعليه كفارة يمين.
قال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي:
قال في مختصر الوقار: ومن حلف بالله بشيء من اللغات وحنث فعليه الكفارة. انتهى.
وفي فتوحات الوهاب لسليمان الجمل الشافعي:
فإن حلف بالفارسية لا يدخل بيتا لم يحنث بغير المبني؛ لأن البيت بالفارسية لا يطلق إلا على المبني. انتهى.
وفي فتح القدير لابن همام الحنفي:
قوله: ولو قال بالفارسية سوكندمي خورم بخداي يكون يمينا لأنه للحال؛ لأن معناه أحلف الآن بالله، انتهى
وعليه فاليمين تنعقد باللغة الفرنسية أو غيرها من اللغات، لكن ينبغي ترك الحلف بها في حق من يحسن اللغة العربية. وراجع الفتوى رقم: 13358، والفتوى رقم: 17504.
وما تنعقد به اليمين تقدم بيانه في الفتوى رقم: 62337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(19/311)
الحلف على الامتناع عن طعام معين
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 16 سنة، أنا حلفت أني ما آكل أكلة فهل يجوز حلفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمينك منعقدة لأنك بالغ، وكنا قد بينا علامات البلوغ في الفتوى رقم: 10024 فراجعها، وإذا كنت تعني أنك حلفت على ألا تأكل طعاماً معيناً فإن لك أن تمتنع عن ذلك الطعام، ولك أن تأكل فإذا أكلت فإنك تحنث بمجرد التناول من ذلك الطعام المحلوف عنه وتلزمك الكفارة، وإن كان المراد باليمين هو الامتناع من الأكل بصفة عامة، فإن هذا لا يجوز لما فيه من حمل النفس على الجوع المؤدي للتهلكة، وقد ثبت في الكتاب والسنة ما يدل على وجوب تجنب الضرر والحرص على ما يقيم البدن ويحافظ عليه، كقوله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة:195} ، وقوله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29} ، وعلى كل حال تجب الكفارة بالأكل على كلا الاحتمالين، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، ومن لم يستطع واحدة من هذه الثلاث فعليه صيام ثلاثة أيام.
لكن في حالة ما إذا كان المراد باليمين الامتناع عن الأكل بصفة عامة فإن الحنث واجب وإن كان المراد الامتناع عن أكلة معينة فقد يكون الحنث أفضل من عدمه وهو جائز أصلاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير. رواه مسلم. وانظر الفتوى رقم: 81043، والفتوى رقم: 18947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1428(19/312)
الحلف على ترك شيء والحنث فيه إذا تكرر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أحد حلف بالله وبالقرآن أن لا يفعل شيئا منكرا من المنكرات وفعله ثم حلف وفعله ثم حلف وفعله ثم حلف ولم يفعله يعني ما هو الحكم عليه؟ وشكراً.. وأرجو الرد سريعاً.. وبارك الله فيكم.. أحبكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور قد حلف باسم الله تعالى أو بالمصحف فيمينه منعقدة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 32303.
وإذا أقدم على الحلف على ترك منكر شرعاً وفعله ولم يكفر ثم حلف ثانية وثالثة.. فتلزمه كفارة لكل يمين عند أكثر أهل العلم وبعضهم يقول تلزمه كفارة واحدة ما دام المحلوف عليه شيئاً واحداً، كما تقدم في الفتوى رقم: 27058.
وعليه مجاهدة نفسه في سبيل الكف عن تلك المعصية ولا يلجأ إلى الحلف لقوله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224} ، وقوله أيضاً: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(19/313)
حكم من حلف بالله أنه يتذكر حياته قبل ميلاده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في رجل حلف بالله أنه يتذكر حياته قبل ميلاده واستند إلى قوله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرجل المذكور قد أقدم على يمين كاذبة تسمى يمين غموس، فعليه المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى والإكثار من الاستغفار، ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم، وإن كان الورع إخراج كفارة يمين خروجا من خلاف أهل العلم. وراجع الفتوى رقم: 80585.
ولم يذكر السائل ما استدل به الرجل المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(19/314)
مبنى اليمين على نية الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أقسمت ألا أقوم بعمل وكان قصدي عن شيء معين هل القيام بهذا العمل في مكان لم أخصه يعتبر نكثا باليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت غير مستحلف فإنك لا تحنث إلا بفعل ما نويت تجنبه عند اليمين لأن الايمان مبناها على القصد.
قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له. انتهى.
وقال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وخصصت وقيدت إن نافت أو ساوت. انتهى. أي خصصت لفظه العام وقيدت لفظه المطلق، وإن كنت مستحلفا أي طلب منك الحلف على أمر يتعلق بحق الغير ففي ذلك تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 78710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1428(19/315)
كفارة من حلف ألا يأكل ثم جاع فأكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسمت في لحظة غضب أن لا أذوق الطعام في البيت لمدة يومين، ثم أكلت ثاني يوم لأني جعت، فهل يوجد كفارة لقسمي، وما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحنث في هذه الحالة قد يصير واجباً إذا ترتب على ترك الطعام طيلة هذه المدة ضرر على النفس أو البدن أو ضعف عن أداء واجب، والحنث أولى من التمادي على ترك الطعام ولو لم يؤثر على الصحة، وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: أعتم رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله فوجد الصبية قد ناموا، فأتاه أهله بطعامه، فحلف لا يأكل من أجل الصبية، ثم بدا له فأكل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأتها وليكفر عن يمينه. أخرجه مسلم.
وعلى الأخت السائلة أن تخرج كفارة اليمين وهي مبينة في الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(19/316)
الحلف بما لا يطابق دعوى الخصم المحلوف له
[السُّؤَالُ]
ـ[يتحاكم الناس عندنا إلى سوالف البادية نسأل الله السلامة وأحيانا من أحكامهم أن يحلف الرجل يمينا بأنه لم يفعل (كذا) وأن يزكيه إخوانه أو أولاده أي يقسمون يمينا بالله بأن أبانا صادق أو أخانا صادق، ولا يجوز لهم أن يقولوا على حد علمنا وإلا أصبحت اليمين باطلة على حسب شرعهم، فما حكم الإسلام فى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليمين على نية الحالف إذا نوى غير ما أضمره، وكان لفظه يحتمل ما نواه فيقبل قوله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإنما لكل امرئ ما نوى. وهذا إذا لم يتعلق بيمينه حق لغيره.
أما إذا تعلق بها حق لغيره فإن النية فيها تكون حينئذ للمستحلف -أي: المحلوف له، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يمينك على ما يصدقك به صاحبك. وفي بعض ألفاظه: اليمين على نية المستحلف. رواه مسلم وابن ماجه.
وعليه فإذا كانت بقولك: يتحاكم الناس عندنا ... تقصد التحاكم الذي يترتب عليه إثبات الحقوق ونفيها، فليس لأحد ممن ذكرت أن يحلف إلا بما يطابق دعوى الخصم المحلوف له، ولا تفيده نيته في ذلك، فإذا كان من ذكرت من الحالفين لا يعلمون صدق من حلفوا على تزكيته، كانت يمينهم تلك يمين غموس، وقد تقدم حكمها، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 7258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1428(19/317)
أقوال العلماء فيمن حلف على غيره أن يدخل بيته فحلف الآخر لا دخلت
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن البدو عندنا إذا جاء ضيف نحلف عليه نقول والله الغداء عندي وهو يقول لا والله ما أجيك، بغيت أعرف ماهو الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه ينبغي للمسلم أن لا يكثر الحلف بالله سبحانه، لأن في ذلك ما يشعر بعدم تعظيمه الله، كما أن فيه نوع جرأة عليه سبحانه وتعالى، والله يقول: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224} ، ويقول: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89} ، ثم إذا حلف المرء على غيره فعليه أن يبر قسمه إذا لم يكن في ذلك عليه من حرج، ففي حديث متفق عليه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا: باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس. ونهانا عن: آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقسي، والإستبرق.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن الحالف هنا إما أن تكون اليمين جارية على لسانه من غير قصد، وإما أن يكون قاصداً لها بحلفه، فإن كان الأول فذاك هو يمين اللغو عند الشافعية والحنابلة، وقال به شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وابن حزم الظاهري، وهو الراجح لقول الله تعالى: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ {البقرة:225} ، ولما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها من قولها: أنزلت هذه الآية (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ) في قول الرجل لا والله وبلى والله. وعلى هذا التقدير فلا مؤاخذة على أي من الحالفين.
وإن كان الحالفان قد قصدا بحلفهما عقد اليمين، فإن حنث الضيف نفسه فواضح، وإن أصر على الرفض قضي بتحنيث الآخر، ما لم يكره الضيف، فإن أكره فلا حنث على أحد منهما، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وإن حلف صانع طعام على غيره لا بد أن تدخل فحلف الآخر لا دخلت حنث الأول. قال الشيخ الدردير: أي قضي بتحنيثه لحلفه على ما لم يملكه؛ بخلاف الثاني فإنه حلف على أمر يملكه إن لم يحنث الثاني نفسه بالدخول طوعاً وإلا فلا حنث على الأول، ولو أكره على الدخول لم يحنث واحد منهما.
وما ذكره الدردير هو الذي عليه أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا أو لا يفعل، أو حلف على حاضر فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه ولم يفعل، فالكفارة على الحالف، كذا قال ابن عمر وأهل المدينة وعطاء وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي، لأن الحالف هو الحانث فكانت الكفارة عليه كما لو كان هو الفاعل لما يحنثه، ولأن سبب الكفارة إما اليمين وإما الحنث أو هما، وأي ذلك قدر فهو موجود في الحالف.
ومن أهل العلم من فصل بين أن يكون الحالف يظن أن المحلوف عليه سيطيعه، وبين من لا يظن ذلك، فيحنث في الثاني دون الأول، جاء في الموسوعة الفقهية: ... وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية بين الحلف على من يظن أنه يطيعه، والحلف على من لا يظنه كذلك، فقال: من حلف على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل فلا كفارة لأنه لغو، بخلاف من حلف على غيره في غير هذه الحالة، فإنه إذا لم يطعه حنث الحالف ووجبت الكفارة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(19/318)
المرجع في الأيمان إلى النية
[السُّؤَالُ]
ـ[أمس في العشاء عزمت أصدقائي في المطعم وحلفت ما يدفع الحساب إلا أنا، لما ذهبنا المطعم لقينا أحدا من أصدقائنا فحلف أنه سوف يدفع الحساب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد بيمينك أن لا أحد من أصدقائك الذين هم معك وقت اليمين يدفع الحساب غيرك، فالظاهر أنك لا تحنث بدفع الشخص الذي جاء بعد ذلك، لأن المرجع في الأيمان إلى النية كما ذكر العلماء، قال ابن قدامة في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يتحمله انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقاً لظاهر اللفظ أو مخالفاً له. انتهى.
وإن كنت تقصد أن لا يدفع الحساب غيرك مطلقاً فإنك تحنث إذا لم تدفعه، وإذا حنثت لزمتك الكفارة، وانظر لبيان كفارة اليمين الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1428(19/319)
حكم من حلف أن يذكر الله قبل أن يولد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في واحد حلف أنه يذكر الله قبل ميلاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور قد قصد أنه يذكر الله تعالى الذكر المعهود قبل أن يكون حيا قادرا على ذلك فيمينه كاذبة، وتسمى يمين غموس. وعليه بالمبادرة بالتوبة والإكثار من الاستغفار ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم، وبعضهم يقول بلزوم كفارة يمين، وهذا أقرب إلى الورع والاحتياط في الدين كما في الفتوى رقم: 7258. وكفارة اليمين تقدم تفصيل أنواعها في الفتوى رقم: 26595.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(19/320)
حكم من حلف على ترك الزنا ثم وقع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من اليمن أسكن في أمريكا ولدي صاحبي كان يزني وأنا أقول له حرام وذات يوم حلفته على المصحف الشريف وحلف ألا يكررها وبعد شهر كررها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا من كبائر الذنوب، وأقبح الفواحش، وحرمته معلومة من الدين بالضرورة، واليمين على تركه منعقدة سواء كانت على المصحف أو بدون ذلك لكنها تتأكد على المصحف ويجب الوفاء بها، ولو خالف فعليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة ويكفر عن يمينه، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز عن أي واحد من الثلاثة فعليه صوم ثلاثة أيام.
ونوصيك بنصح صديقك، وتحذيره من هذه الفاحشة والبعد عن أسبابها ووسائلها المفضية إليها عسى الله أن يهديه وينقذه منها على يديك. وراجع الفتوى رقم: 36644.
فإن أصر على ارتكاب الفاحشة ولم ينفعه النصح فلا خير لك في مصاحبته، فصحبة الأشرار مضرة، والصاحب ساحب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(19/321)
حكم التوكيل في حلف اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عن حلف اليمين: اتهم شخص بالسرقة، وأراد صاحب المسروقات أن يحلف المتهم يمينا على أن يحلف رجل من أهله من أهل التقوى بدلا عنه حتى يصدق ذلك. ما الحكم وما يترتب على الشخص الذي حلف اليمين بعد أن تحقق من الشخص وحلف له بأنه لم يعلم ولم يسرق أي شيء؟
2- إذا تبين على المدى البعيد أنه هو السارق ماهو الإجراء الذي يتخذ من قبل الشخص الذي حلف اليمين وماذا عليه وماذا تنصحونه لأنه حريص على إظهار الحق ولو بعد حين؟
ملاحظة:- عندنا في العادات العشائرية إذا حلف اليمين شخص وتبين أن المسروقات تبينت عند شخص آخر / يطلب الذي اتهمه للحق عند قاضي العشائر حتى يغرمه ويجرمه ويمكن أن يحكم له بمبلغ من المال أضعاف أضعاف المبلغ المسروق، وما حكم أخذ هذه الأموال في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل السؤال على نقاط ثلاث هي:
· إرادة صاحب المسروقات تحليف المتهم.
· حلف شحص آخر بدل المتهم.
· الحكم فيما بعدُ إذا تبين أن الشخص المتهم كان -فعلاً- هو السارق.
وحول النقطة الأولى، فإن من حق من اتهم غيره بسرقة بعض ممتلكاته ولم يكن عنده بينة تشهد له بذلك أن يحلف المتهم إذا كان ثمت وجه لاتهامه، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. وفي رواية: واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره، وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
وهذا إذا كان المدعى عليه ممن يمكن اتهامه بالسرقة، وأما لو كان شخصا معروفا بالصلاح فإن المدعي من غير بينة يؤدب ولا يُمكَّن من تحليفه. قال في أقرب المسالك: (كمدعيه) : أي كما يؤدب من ادعى الغصب أو السرقة أو نحوهما (على صالح) مشهور بذلك لا يشار إليه بهذا.. .
وحول النقطة الثانية، فإن حلف شخص ليس هو المتهم لا يصح؛ لأن اليمين وما شابهها لا تصح فيها الوكالة. قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: صحة الوكالة في قابل النيابة من فسخ وقبض حق وعقوبة وحوالة وإبراء وإن جهله الثلاثة وحج ... لا في كيمين ومعصية: كظهار ...
اللهم إلا إذا كان هذا الحالف إنما يحلف على نفي علمه بأن المتهم هو السارق، فلا مانع حينئذ من حلفه على نفي علمه، ولا يترتب على ذلك شيء.
وحول النقطة الثالثة، فإن المتهم إذا تبين فيما بعدُ أنه هو السارق فإنما يترتب على ذلك تغريمه لما كان قد سرقه، وإقامة الحد عليه من طرف السلطة الحاكمة إذا كان قد استوفى شروط الحد، وإلا كان مستحقا للأدب. وأما تغريمه أكثر من ذلك فلا يجوز. وأما التغريم المذكور في الملاحظة الأخيرة في السؤال فالظاهر عدم جوازه لسببين:
الأول: أنه تغريم بمال وهو لا يجوز عند أكثر أهل العلم خصوصا في مثل هذه الحالة.
الثاني: أن الذي يقوم بهذا التغريم ليس محكمة شرعية فهو لا يجوز إذاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(19/322)
حكم من كفر اليمين بالصيام مع قدرته على الكسوة أو الإطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أكفر عن اليمين بالصيام دائما لجهلي بمسألة إعتاق رقبة أو الإطعام أو الكسوة مع قدرتي على ذلك، فكيف أكفر عما سبق وهي مسألة يصعب علي حصرها حيث إنها على مدار العشرين عاما الماضية وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفارة اليمين على التخيير بين الأنواع الثلاثة المذكورة في الآية الكريمة وهي:
إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وفى حالة العجز عن كل واحد من تلك الثلاثة يجزئ صيام ثلاثة أيام.
وعليه فما دمت قادرا على نوع واحد أو أكثر من تلك الأنواع الثلاثة فلا يجزئك الصيام، وبالتالي فكفارة الأيمان السابقة باقية في ذمتك، وإذا لم تضبط عدد تلك الكفارات فعليك الاحتياط في ذلك بحيث تخرج عددا يغلب على ظنك براءة الذمة. وراجع الفتوى رقم: 2053، والفتوى رقم: 75688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(19/323)
كفارة اليمين الغموس التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إفادتي حول هذا الأمر:
حدث لي مشكلة مع أحد الأصدقاء على أحد مواقع النت، وكانت علاقتي به جيدة جدا ملتزمة ومحترمة، أحسبه أخي وهو كذلك حسب علمي ...
حدث أن سألته سؤالا غضب منه وكنت قبل ذلك في إجازة، فلما قاطعني بسبب ذلك السؤال لم أجد مهربا إلا أن حلفت أنني كنت في إجازة وقت إرسال الرسالة إليه، وقد حلفت في نفسي على إجازتي الحقيقية ولكن المتلقي صدق الحلف على أنني آن إرسال الرسالة في إجازة ... لقد حلفت بالله كذبا وضميري يؤنبني بشدة حتى إنني لا أنام بشكل جيد منذ ذلك الحين ... وأشعر أن الله طردني من رحمته إلى الأبد والعياذ بالله، وأن صلاتي وحياتي كلها هباء ... أفيدوني كيف أكفر عن حلفي هذا وهل هو من اليمين الغموس؟؟؟ أرجو الرد سريعا لأنني دائمة التفكير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمينك هي يمين غموس، وهي معدودة من الذنوب العظام وجمهور أهل العلم على أن لا كفارة لها غير التوبة وذلك لعظم أمرها، وإن كان الاحتياط إخراج كفارة يمين عنها خروجا من خلاف أهل العلم وراجعي الفتوى رقم: 7258، والفتوى رقم: 25110.
وعليك أن تتوبي إلى الله تعالى من الإقدام على الحلف الكاذب إرضاء لمخلوق، كما أنه عليك أن تعلمي أن العلاقات التي تقام بين الرجال والنساء عبر النت لا تخلو من محاذير شرعية؛ لذلك يجب تجنبها والتوبة مما قد حصل من ذلك. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 10570، 62482، 30792.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(19/324)
من حلف بالمصحف هل يلزمه في كل آية كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون عاقبة زوجة وضعت المصحف الشريف بين فخديها قاصدة بذلك اليمين ألا تخون زوجها من تلقاء نفسها وأعادت القسم عدة مرات. وأنكرت هذا الحلف. وأنا أعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم من حلف بسورة من القرآن فليكفر عن كل آية من شاء بر ومن شاء كفر. إلا أن الزوج وجد هذ هـ الزوجة تزني /أقصد الخيانة الزوجية/]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي وضع المصحف بين الفخذين، ولا فيما هو مظنة الامتهان وإن لم يقصد فاعله ذلك. ومن حلف بالمصحف كمن حلف بالله، لأن القرآن كلام الله الذي هو صفة من صفاته. قال ابن قدامة في المغني: وكان قتادة يحلف بالمصحف، ولم يكره ذلك إمامنا، -أي أحمد بن حنبل- وإسحاق، لأن الحالف بالمصحف إنما قصد الحلف بالمكتوب فيه وهو القرآن، فإنه بين دفتي المصحف بإجماع المسلمين.
وأما حكم من حنث في يمينه وما يلزمه فينظر في ذلك الفتوى رقم: 6869، والحديث المذكور أورده البيهقي في سننه وابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما وتكرار الكفارة فيه محمول على الندب لا على الوجوب. قال ابن مفلح في المبدع: وإن حلف بكلام الله تعالى أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة. اهـ. وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: قال شيخنا: ويحتمل كلام أحمد أن في كل آية كفارة على الاستحباب لمن قدر عليه، فإنه قال عليه بكل آية كفارة، فإن لم يمكنه فكفارة واحدة، ورده إلى واحدة عند العجز دليل على أن ما زاد عليه غير واجب، وكلام ابن مسعود أيضا يحمل على الاختيار والاحتياط لكلام الله والمبالغة في تعظيمه؛ كما روي عن عائشة أنها أعتقت أربعين رقبة حين حلفت بالعهد وليس ذلك بواجب، فعلى هذا تجزئه كفارة واحدة؛ لقول الله تعالى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ {المائدة: 89} وهذه يمين فتدخل في عموم الأيمان المنعقدة؛ ولأنها يمين واحدة فلم توجب كفارات كسائر الأيمان.
ولكن مجرد وضع المصحف ليس يمينا ما لم تكن قد نطقت بصيغة اليمين. فإن كانت نطقت باليمين وقالت: وحق هذا المصحف أو ما فيه ونحو ذلك لا أخون زوجي أو نحوها من العبارات فقد حنثت بما ذكرت من خيانتها. وإن كان تكرارها لليمين على نفس ما أقسمت عليه سابقا وهو عدم الخيانة، وقصدت بذلك تكرار يمينها السابق ولم تقصد بها التأسيس -تجديد اليمين-، فهنا تجب عليها كفارة واحدة عن الأيمان كلها، لأنها بمنزلة يمين واحدة، ولتفصيل المسألة راجع الفتوى رقم: 8186، والفتوى رقم: 52623.
وعليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا لاقترافها تلك الفاحشة العظيمة والخيانة الجسيمة. ولمعرفة شروط التوبة النصوح وما ينبغي فعله تجاه الزوجة الخائنة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 296، 28258، 45552، 70858.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1427(19/325)
حكم يمين المكره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القسم الغصب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود السؤال عن حصول اليمين بسبب الإكراه عليه فهذا اليمين لا ينعقد ولا كفارة على الحالف عند جمهور أهل العلم؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 19185، لكن يشترط في هذا الإكراه أن يصل إلى درجة الإكراه الذي سبق تفصيله في الفتوى رقم: 24683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1427(19/326)
اليمين على نية المستحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل بشركة وكنت آخذ من صندوق المحاسبة أموالا لي دون علم أحد، وطلب مني أن أحلف يمينا بأنني لا آخذ المال وحلفت ونيتي أن أعيد المال، وحلفت خوفا من الفضيحة وتركت العمل ونيتي إعادة المال فماذا علي فعله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الأخ السائل ارتكب إثمين عظيمين:
الأول: أخذ مال الشركة والاعتداء عليه بدون وجه حق، وكان المفترض فيه أن يحفظ الأمانة التي اؤتمن عليها ولا يخونها، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}
الثاني: حلفه بالله تعالى أنه ما أخذ.. وقد أخذ، فهذه يمين فاجرة ولا تنفعه نيته أن يعيدها فيما يستقبل، فاليمين وقعت على ما مضى، ثم إنه لا تجدي التورية في مثل هذه اليمين، ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك. وفي رواية: اليمين على نية المستحلف.
قال النووي رحمه الله: هذا الحديث محمول على الحلف باستحلاف القاضي، فإذا ادعى رجل على رجل حقا فحلفه القاضي فحلف فنوى غير ما نوى القاضي انعقدت يمينه على ما نواه القاضي، ولا تنفعه التورية، وهذا مجمع عليه. اهـ
فالواجب على الأخ السائل التوبة إلى الله عز وجل والندم على ما مضى ورد المال إلى صاحبه بأي طريق يمكنه بحيث يتجنب الفضيحة بين الناس، ولا تبرأ ذمته إلا برد المال إلى أهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1427(19/327)
من حلف على أيمان كثيرة وحنث فيها فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى أن تجيبوا عن الاستفسارات الآتية:
حلفت بالله العظيم ونذرت مرات كثيرة بأن لا أرجع إلى هذا العمل مرة ثانية ورجعت إليه مرات كثيرة فماهي الكفارة في ذلك؟ فإذا حلفت مرات كثيرة بأن لا ترجع إلى عمل معين مرة ثانية ورجعت إليه مرتين أو مرات ولو كثرت فعليك كفارة واحدة وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، وهكذا كل يمين على فعل واحد أو ترك شيء واحد، ولو تكررت ليس فيها إلا كفارة واحدة إذا كنت لم تكفر عن الأولى منها، أما إذا كفرت عن اليمين الأولى ثم أعدت ومن لزمته أيمان موجبها واحد ولو على أفعال، نحو: والله لا دخلت دار فلان، والله لا أكلت كذا، والله لا لبست كذا، وحنث في الكل قبل التكفير فإن عليه كفارة واحدة نص على ذلك الإمام أحمد لأنها كفارات من جنس واحد فتداخلت كلها كالحدود من جنس اليمين فعليك كفارة ثانية إذا حنثت.
في السا بق عندما كنت أغضب كنت أحلف بقولي والله العظيم لن أفعل هذا، ولكني لم أكن أكفر عن حلفي، ولقد نسيت عدد هذه الأيمان فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.....
وعليك أخي الكريم أن تجتهد في معرفة عدد هذه الأيمان التي حنثت فيها وتكفر عنها، وإذا لم تصل إلى نتيجة محققة فينبغي لك أن تحتاط لها، ولمزيد من الفائدة فإذا كنت قد أقسمت أيماناً متعددة على عدة مواضيع وحنثت فيها فتلزمك كفارات بقدر الأيمان التي حنثت فيها، أوخالفت فيها ما حلفت على فعله أو تركه، أما كونك لا تتذكر كم مرة حنثت فيها، فالعبرة هنا بغلبة الظن. فإن غلب على ظنك أنها ثلاث فهي ثلاث، وهكذا حتى تبرأ الذمة. وصورة المسألة: لو أنك قلت مثلاً: والله لا آكل هذا الطعام، ووالله لا ألبس هذا الثوب، ووالله لا أذهب إلى هذا المكان. فإن أكلت، ولبست، وذهبت إلى المكان، فيلزمك ثلاث كفارات. وإن قلت: والله لا آكل، ولا ألبس، ولا أذهب… ثم حنثت في الجميع أو بعضه فتلزمك كفارة واحدة في هذه
وإذا كا ن المحلوف عليه شيئاً واحداً، وتكررت الأيمان قبل الحنث، فتلزم كفارة واحدة عنها.
أما إذا كان المحلوف عليه أشياء مختلفة، واليمين واحدة فلا تلزمه إلا كفارة واحدة
شكرا لتجاوبكم معي ولكن التبست على جميع الفتاوى فلم أعلم ما يجب على بالضبط المهم عند تصفحي للفتاوى التي أحلتموني إليها فهمت منها أن الأشياء المحلوف عليها مهما تعددت وكانت مختلفة بشرط أن تكون نفس صيغة الحلف كـ والله لا دخلت دار فلان، والله لا أكلت كذا، والله لا لبست كذا مهما اختلف المحلوف عليه ولكنه حمل نفس صيغة الحلف وهي والله فهنا يجوز أن أكفر عن الجميع بكفارة واحدة مالم أكفر من قبل علما أني عندما أغضب أحلف دائما بقول والله وجميع ما أحلف عليه يختلف عن الآخر باختلاف المواضع والأوقات
ثانياً
قلتم في الفتوى الثانية
أن تجتهد في معرفة عدد هذه الأيمان التي حنثت فيها وتكفر عنها فلم لم تقولوا للأول مثل ما قلتم للثاني هل لأنه أقسم ولم يحلف علما بأن كل منهما قال إنه لايذكر عددها مع أنكم تقريبا أعطيتموه نفس الأمثلة
أنا الآن اريد ان أفهم ما علي أن أفعل بالضبط لقد اختلطت على الفتاوى ولم أعلم ماذا علي
أعتذر على المقارنة ولكن فعلت ذلك من أجل أن أفهم فقط بشكل عام حتى أقارنها بحالتي وأرى ما يناسب وضعي فهل تكرمتم وشرحتم لي الموضوع بشكل مبسط؟
جزاكم الله خير وجعل ذلك في موازين حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم هذه المسائل يختلف باختلاف صيغ الأيمان كما هو مبين في الفتويين اللتين أوردهما الأخ السائل، وننبه هنا على أن الحلف والقسم بمعنى واحد، وكلاهما عبارة عن اليمين والحالف له حالات منها: أن يحلف أو ينذر أكثر من مرة أن لا يعود إلى فعل أمر معين ثم يعود إليه مرة أو أكثر ففي هذه الحالة عليه كفارة واحدة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وهكذا كل يمين على فعل واحد أو ترك شيء واحد ولو تكررت أو تكرر الحنث ليس فيها إلا كفارة واحدة، إلا إذا كفر عن الأولى منها ثم حلف وحنث مرة أخرى فعليه الكفارة عن الأخرى، ومنها: أن يحلف أيمانا متعددة على أشياء مختلفة مثل أن يقول والله لا آكل هذا الطعام والله لا ألبس هذا الثوب والله لا أذهب إلى مكان كذا فإنه إن حنث في الجميع كفر ثلاث مرات وإن حنث في واحدة كفرة مرة واحدة هذا قول أكثر أهل العلم، وقيل يكفر كفارة واحدة ما لم يكفر من قبل كما فهم الأخ السائل وهذا قول إسحاق وبعض الحنابلة، وقد ذكر ابن قدامة في المغني بعض هذه المسائل مع بيان ما اختلف فيه منها فقال: وإذا حلف يمينا واحدة على أجناس مختلفة فقال والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست فحنث في الجميع فكفارة واحدة، لا أعلم فيه خلافا لأن اليمين واحدة والحنث واحد فإنه بفعل واحد من المحلوف عليه يحنث وتنحل اليمين، وإن حلف أيمانا على أجناس فقال، والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا لبست فحنث في واحدة منها فعليه كفارة، فإن أخرجها ثم حنث في يمين أخرى لزمته كفارة أخرى، لا نعلم في هذا أيضا خلافا، لأن الحنث في الثانية تجب به الكفارة بعد أن كفر عن الأولى فأشبه ما لو وطئ في رمضان فكفر ثم وطئ مرة أخرى، وإن حنث في الجميع قبل التكفير فعليه في كل يمين كفارة هذا ظاهر كلام الخرقي ورواه المروذي عن أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم وقال أبو بكر: تجزئه كفارة واحدة، ورواها ابن منصور عن أحمد قال القاضي: وهي الصحيحة وقال أبو بكر ما نقله المروذي عن أحمد قول لأبي عبد الله، ومذهبه أن كفارة واحدة تجزئه، وهو قول إسحاق لأنها كفارات من جنس، فتداخلت كالحدود من جنس، وإن اختلفت محالها بأن يسرق من جماعة أو يزني بنساء، ولنا أنهن أيمان لا يحنث في إحداهن بالحنث في الأخرى فلم تتكفر إحداهما بكفارة الأخرى كما لو كفر عن إحداهما قبل الحنث في الأخرى وكالأيمان المختلفة الكفارة وبهذا فارق الأيمان على شيء واحد، فإنه متى حنث في إحداهما كان حانثا في الأخرى، فإن كان الحنث واحدا كانت الكفارة واحدة، وها هنا تعدد الحنث فتعددت الكفارات، وفارق الحدود فإنها وجبت للزجر وتندرئ بالشبهات بخلاف مسألتنا، ولأن الحدود عقوبة بدنية فالموالاة بينها ربما أفضت إلى التلف فاجتزئ بأحدها، وها هنا الواجب إخراج مال يسير أو صيام ثلاثة أيام فلا يلزم الضرر الكثير بالموالاة فيه ولا يخشى منه تلف. انتهى.
وسبب ذكرنا حكم الاجتهاد في كفارة الأيمان المجهولة العدد في الفتوى الثانية دون الأولى مع الاتفاق في بقية المحتوى هو أن صاحب السؤال الثاني قال إنه نسي عدد الأيمان، والسائل الأول لم يذكر ذلك، وكلاهما يحتمل أنه كان يحلف على أمر واحد بأيمان متعددة، أو كان يحلف على أشياء متعددة بيمين واحدة ويحتمل أنه كان يحلف بأيمان متعددة على أشياء مختلفة، ولهذا أجيبا على كل الاحتمالات، وزيد الثاني بحكم مسألة جهل عدد الأيمان. ولو تأمل المطالع وراجع الفتويين المذكورتين اتضح له ما أشكل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1427(19/328)
من حلف على التصدق بمال ثم أراد أن يتصدق ببعضه فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بشركة بمرتب معين وقد نويت وأقسمت إن جاءتني زيادة سأتبرع بها لأحد المساجد.... في أول شهر فقط والزيادة التي تأتينا مبلغ قليل جدا....
فتفاجأت حيث إن المبلغ الذي جاءني يفوق الزيادة المتعارف عليها ... بستة أضعاف
فهل أنا ملزم بها كلها أم بما كنت أتوقعه.....أي المبلغ المتعارف عليه....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أنه يلزم الأخ السائل التصدق بجميع الزيادة التي جاءته لأن لفظ اليمين الذي صدر عنه يتناول الزيادة كلها، ولم تكن له نية فيما ظهر من السؤال تعين مبلغا محددا حتى يمكن أن يقال إن هذا اللفظ ينصرف إلى ما نواه، فهو في حقيقة الأمر نوى أن يتصدق بالزيادة لا بجزء منها، وحلف على ذلك فيلزمه كل الزيادة إلا إذا كان حانثا في اليمين، وفي الحديث: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه.
وعليه، فإذا رأيت أنك بحاجة إلى هذه الزيادة وأن أخذك لها خير من التصدق بها فكفر عن يمينك واحتفظ بهذه الزيادة لنفسك، وانظر في كفارة اليمين الفتوى رقم: 2654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(19/329)
حكم القسم بلفظ (ورب البيت)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الحلف أو القسم بقول ورب البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في القسم بلفظ (ورب البيت) ونحوه لأنه إقسام باسم من أسماء الله تعالى وهو (الرب) ولا تضر إضافته إلى البيت، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول في ظل الكعبة: هم الأخسرون ورب الكعبة، قلت: ما شأني أيُرَى فِيَّ شيء؟ ما شأني؟ فجلست إليه وهو يقول: فما استطعت أن أسكت وتغشاني ما شاء الله، فقلت: من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: الأكثرون أموالا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا. يعني أنفق في سبيل الله، بل جاء في الآية: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {قريش: 3} ، والمنهي عنه الحلف بغير اسم الله أو صفة من صفاته، وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين: 39699، 19237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1427(19/330)
من حلف واستثنى بقلبه
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفتني عمتي أخت أبي على القرآن الكريم أن لا أكلم عدة أشخاص غير مقربين فقبل أن أحلف بالمصحف نويت أن أحلف لها أن لا أكلمهم ماعدا شخص واحد في نفسي وهي لاتدري فهل يجوز أن أكلم هذا الشخص الآن؟؟ وماذا إذا نقضت الحلف وكلمتهم مره أخرى كلهم وما عقابي؟؟ علما أنها دعت علي بالموت إذا رجعت وكلمتهم؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأشخاص أو الشخص المشار إليه ذكورا وكانوا أجانب عن الأخت السائلة فلا تجوز محادثتها لهم أو لأحدهم لأن محادثة المرأة لرجل أجنبي عنها لا تجوز إلا عند الحاجة ومن غير خضوع بالقول مع عدم خلوة وتبرج؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 51228، 1072، 20415.
وأما إذا كان الاشخاص المشار إليهم نساء أو محارم ولا محظور في محادثتهم فليس لعمتك حق في تحليفك ولا منعك من التكلم معهم.
وعلى كل حال فإنك إن حلفت واستثنيت بقلبك فلك ما نويت ولم تحنثي إذا كلمت من استثنيت، وقد نص الفقهاء على أن الحلف على نية الحالف لا المستحلف؛ إلا إذا حلفه القاضي أو صاحب حق فإن الحلف على نية المستحلف، وحملوا على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما اليمين على نية المستحلف. رواه مسلم وغيره.
كما أن يمين المكره غير منعقدة عند العلماء، فإذا كانت عمتك أكرهتك إكراها معتبرا بغير حق على الحلف فلا تلزمك كفارة إذا فعلت ما حلفت على تركه، وتراجع الفتوى رقم: 19185.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(19/331)
إخراج كفارة اليمين نقدا
[السُّؤَالُ]
ـ[كان علي ثلاث كفارات أيمان ولم أعلم كيف أخرجها فقمت بالاتصال على دار الفتوى في مدينتنا وقالوا لي إنه يجوز إخراجها نقداً وبالفعل أخرجتها نقداً كل كفارة لعشرة مساكين.. ولكن أعطيتها لهؤلاء المساكين دون أن أحدد لهم أن ينفقوها على الطعام أو الكسوة أخرجتها وفي نيتي أنما أنها كفارات.. ولكن بعدها سمعت أنه لا يجوز إخراجها نقداً ... وإذا أخرجتها نقداً فعليّ أن أحدد لهم مجال إنفقها للطعام أو الكسوة ... فهل عليّ إعادة هذه الكفارات، مع العلم بأني لم أفعل ذلك إلا حسب رأي دار الفتوى عندنا وأنا أعلم أنه من سأل أهل العلم وأفتوا له برأي لا إثم ولا حرج عليه فأفيدوني جزاكم الله كل خير ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في إخراج النقد في الكفارة بدلاً عن العتق والكسوة والإطعام فذهب أكثرهم إلى عدم الإجزاء، وذهبت طائفة إلى إجزاء ذلك ولم يشترطوا على المخرج أن يشترط على من دفعها إليهم أن يصرفوها في الطعام أو الكسوة، بل عدم الاشتراط هو الصواب لأن الاشتراط ينافي التمليك والذي نختاره أنه لا مانع من إخراج الكفارة نقوداً وعلى ذلك فكفارتك صحيحة ولله الحمد.
وننبهك إلى أن من استفتى أهل العلم الموثق بهم فأفتوه بشيء ثم علم من آخرين ما يخالف ذلك فلا يلتفت إليه، لأن ذلك يؤدي إلى الاضطراب وفي خلاف أهل العلم سعة على الخلق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الحاكم ليس له أن ينقض حكم غيره في مثل هذه المسائل، ولا للعالم والمفتي أن يلزم الناس باتباعه ... ولهذا لما استشار الرشيد مالكاً أن يحمل الناس على موطئه في مثل هذه المسائل منعه من ذلك، وقال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم.
وصنف رجل كتاباً في الاختلاف فقال أحمد: لا تسمه كتاب الاختلاف، ولكن سمه كتاب السعة، ولهذا كان بعض العلماء يقول: إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة.... لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة، وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه.
ولهذا قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره، إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(19/332)
حكم إخراج كفارة اليمين عن الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل على زوجته كفارة يمين فأراد زوجها أن يخرج عنها الكفارة (أي إطعام عشرة مساكين) ، فهل يخرجها عنها لأنه الملزم بنفقتها أم أنها تصوم لأنه أبلغ في ردعها. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجوب الكفارة على الزوجة وحدها، وهي مخيرة بين إطعام عشرة مساكين أوكسوتهم أو تحرير رقبة. فإن عجزت عن كل واحد من الثلاثة صامت ثلاثة أيام، ولا يجزئها الصيام مع القدرة على واحدة من المسائل الثلاثة السابقة، وراجع الفتوى رقم: 2053، ولا بأس في تولي الزوج إخراج الكفارة عن زوجته إن شاء بإذنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(19/333)
دفع كفارة اليمين للمؤسسات الخيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على ما تقدموه للمسلمين من نصح وإرشاد. سؤالى هو: هل يجوز لي أن أدفع لإحدى المؤسسات مبلغا من المال الخاص بكفارة اليمين لإطعام عشرة مساكين؟ ولو أن الجواب يجوز،،،فأرجو من سيادتكم إفادتى باسم هذه المؤسسه التى تقوم بهذه الخدمة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على من لزمته كفارة اليمين هو أن يطعم عشرة مساكين عن كل يمين حنث فيها، والواجب عند جمهور أهل العلم هو الإطعام لا دفع قيمة الطعام، وقد ذهب الحنفية وشيخ الاسلام إلى جواز إخراج القيمة لا سيما إذا كان أنفع للمساكين، ويكون مقدار المال بقيمة وجبة متوسطة مما يأكل المكفر وأهله، وعلى هذا القول يجوز إعطاء قيمة الكفارة إذا كان ذلك أنفع للفقراء، وعلى كل حال يجوز دفع ذلك إلى الجمعيات الموثوق بها هنا مثل مؤسسة عيد الخيرية أو جمعية قطر الخيرية لتتولى صرفها على مستحقيها، ولو تولى هو نفسه دفعها إلى الفقراء أجزأه ذلك بل هو الأولى، وتراجع الفتوى رقم: 42090، والفتوى رقم: 204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(19/334)
يكفر عن يمينه ويأت الذي هو خير
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اطرح عليكم مشكلتي وأتمنى أن تجيبوني الإجابة الشافية عنها وهي تتلخص في أنني امرأة متزوجة وأحب زوجي كثيراً وأحب أهلي كثيراً، حصل قبل فترة أن جاء أختي الصغرى التي هي في العشرين خاطب وهو يكبرها بعشر سنوات على الأقل ومتزوج ولديه من البنات ثمانية وتعيش معه أمه وزوجته ويريد أن ينجب ولداً، علما بأن أبي كان قد أعطى الخاطب كلمة بأن يأتي يوم السبت وإحضار الجاهة فما حصل هو أنني جن جنوني عندما علمت بذلك فرفضت هذه الزيجة وطلبت من أبي أن ينهي الأمر لأنني متأكدة أنه ليس في مصلحتها، علما بأن هذا كان رأي العائلة، لكن المشكلة تكمن في أنه لي أخت كبرى متزوجة شجعتها على هذه الخطوة وشدت على يدها هي وزوجها وعندما سألتني أختي الكبرى عن سبب قيامي بإنهاء الموضوع قلت لها بأنه غير مناسب فغضبت وقالت لي (لا أنا أختك ولا بتعرفيني) ، وقد تطور الموضوع إلى حد اتهامها زوجي بأنه كان متآمرا معي في إفساد الموضوع وشنت علينا حربا ليس لها من نهاية، علما بأن زوجي ليس له دخل في هذا الأمر وكان زوجي قد شرح هذا الشيء لأبي الذي يحبه كثيراً، ولكن أبي لم يتخذ أي إجراء يذكر بحق أختي الكبرى فصدم زوجي لموقف أبي فحلف يمينا بالله أنه لن يدخل بيت أهلي أبداً إلا لمجرد أن يأتي ليأخذني من هناك، علما بأنني لا أستطيع الذهاب إلى أي مكان في الدنيا إلا وهو معي، وكما تعلمون لم أعد أستطع أن أزور أهلي كثيراً لأنه يحضرني عند أهلي ويذهب وهو لا يعرف أحداً في المدينة التي يسكن بها أهلي مما يضطره إلى قضاء الوقت في الشارع ينتظرني إلى حين خروجي وكما تعلمون لا تقبل أي امرأة بهذا الوضع، فسؤالي هو: ما حكم إطاعة الزوج في هذا الأمر، علما بأنه كما أسلفت لم يمنعني من زيارة أهلي، وهل يجوز له هو أن يتصرف مثل هذا التصرف، وماذا تنصحوني أن أعمل؟ وجزاكم الله كل خير.. وعذراً على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما طاعة الزوج فهي واجبة ما لم يأمر بمعصية، ومما يجب طاعة الزوج فيه عدم الخروج من البيت إلا بإذنه ولو لزيارة الأهل، ويؤجر الزوج إذا أعان زوجته على صلة أهلها بتيسير أمر زيارتها لهم بالمعروف، وبناء عليه فلا ينبغي للزوج أن يحلف الحلف المذكور لما فيه من حصول عائق أمام زوجته من زيارة أهلها، وعلى كل حال فلا حرج عليه من الحنث في يمينه إن كانت بغير الطلاق، وذلك بالدخول إلى بيت أهل الزوجة، ثم التكفير عن يمينه بالكفارة المعروفة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 2654.
وعليك أيتها الأخت أن تعلمي عظم حق زوجك وعظم منزلته، وأن تقدري له قدره، وتتقربي إلى الله عز وجل بطاعته، أما عن أختك التي تسيء إليك وتقطعك فننصحك بمقابلة إساءتها بالإحسان وجهلها بالحلم وقطيعتها بالصلة، قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 31749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(19/335)
متى تتكرر كفارة اليمين ومتى لا تتكرر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو التالي: أنا حلفت أني عندما أكذب سأنفق مبلغا معينا حددته في محاولة للتخلص من هذه الآفة وقد نجحت في بداية الأمر وكنت عندما أكذب أنفق ذلك المبلغ، سؤالي هل أنا مجبر بدفع هذا المبلغ عند كل كذبة مدى الحياة أم أن دفعه واجب فقط عند الكذبة الأولى بعد اليمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد حلفت قائلا (والله عندما أكذب سأتصدق بمائة ريال مثلا) فهذه يمين يجب عليك إذا كذبت أن تتصدق بالمائة ولا يتكرر ذلك بتكرر الكذب لأن لفظة (عندما) لا تفيد من حيث وضعها اللغوي التكرار إلا مع القصد بخلاف كلما. قال علي الشبراملسي رحمه الله: ويتعدد اليمين أيضا فيما إذا قال والله كلما مررت عليك لأسلمن عليك. اهـ.
وعليه، فإذا قصدت التكرار فتلزمك الصدقة كلما كذبت لأن النية تجعل لفظ الكناية في حكم الصريح.
وقال الحطاب في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: وتكررت الكفارة إن قصد تكرر الحنث، يعني أن من حلف أن لا يفعل فعلا ففعله فإنما يحنث بفعله مرة واحدة ثم لا كفارة عليه فيما بعد ذلك؛ إلا أن يكون قصد تكرر الحنث كلما فعله فيتكرر عليه الحنث. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1427(19/336)
من حرم على نفسه زيارة بلد معين
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل.. حفظك الله وبعد
قبل عدة سنوات حصلت مشكلة بين زوجي وأهله وحلف على أثرها بهذه الصيغة [تحرم علي زيارة هذا البلد كما تحرم علي أختي ولن آتي إلى هنا إلا بعد موتي]
وللعلم نحن نعيش في قطر آخر..
وسبحان الله من عدة سنوات لم نزر البلاد أي لم ييسر لنا الله الظروف ويأتي مانع فيمنعنا.
فهل هذا بسبب ذلك القسم؟ وماذا على زوجي فعله؟
سددكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يحرم على الإنسان ما حرمه على نفسه إلا الزوجة، فلو حرم على نفسه دخول بيت أو بلد أو لبس ثوب، فإن ذلك لا يحرم عليه، وهل عليه كفارة يمين أم لا؟
فيه خلاف بين العلماء سبق ذكره في الفتوى رقم: 24416، قال العلامة الخطيب لشربيني الشافعي في مغني المحتاج: (ولو) حرم الشخص غير الأبضاع كأن (قال: هذا الثوب أو الطعام أو العبد حرام علي فلغو) لا كفارة فيه؛ بخلاف الأبضاع لاختصاصها بالاحتياط ولشدة قبولها التحريم بدليل تأثير الظهار فيها دون الأموال. اهـ
وعليه؛ فعلى زوجك أن يزور أهله، وأن لا يقطعهم، وخاصة أبوه وأمه وقرابته القريبة، فإن قطع الرحم من الذنوب التي يعجل على صاحبها العقاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(19/337)
الحلف على دفع مال إذا حنث في يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسمت بالله أن لا أقوم بعمل ما، ولتغليظ القسم زدت على القسم قائلا هذا قسم يلزمني دفع مبلغ من المال إن حنثت بقسمي. ولقد حنثت بقسمي فماذا عليَّ، هل كفارة، أم أنفق المال الذي أقسمت أن أنفقه إن حنثت بقسمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الأخ السائل قد فعل ما حلف على تركه فقد حنث، وعليه أن يدفع للفقراء والمساكين كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، هذا عن حنثه في اليمين بالله تعالى، كما يلزمه أيضا أن ينفق المبلغ الذي التزم إنفاقه إذا هو حنث أو يكفر كفارة يمين أخرى لأن التزامه هذا فيما يبدو هو ما يسمى بنذر اللجاج، وهو كما عرفه الفقهاء: أن يقصد الإنسان منع نفسه من فعل أمر أو يحثها عليه بتعليق التزام قربة بفعل ذلك الأمر أو تركه، ومن حنث في هذا النذر فهو مخير بين الوفاء بدفع ما التزم وكفارة اليمين، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع بعد ذكره الخلاف فيما يلزم من هذا النوع من النذر: قلت: والأصح التخيير بين ما التزم وكفارة اليمين، كما رجحه المصنف وسائر العراقيين. انتهى.
وقد سبق توضيح هذا المعنى في الفتوى رقم: 17762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1427(19/338)
إرسال كفارة اليمين إلى فلسطين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن إخراج كفارة اليمين (إطعام عشرة مساكين) لفلسطين، مع العلم بأن التبرع لفلسطين يشمل الدواء والغذاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للأخ السائل وغيره أن يرسل كفارة اليمين لمستحقيها من الإخوة في فلسطين، فقد نص أهل العلم على جواز نقل كفارة اليمين إلى غير فقراء البلد الذي وجبت فيه.
قال في الفروع لابن مفلح في المذهب الحنبلي: ويجوز نقل النذر والكفارة والوصية في الأصح. انتهى.
وقال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: قال أصحابنا: في نقل الكفارات والنذور عن البلد الذي وجبت فيه ونقل وصية أوصى للفقراء وغيرهم، ولم يذكر بلداً طريقان (أحدهما) وبه قطع جماعة من العراقيين لها حكم الزكاة فيجري فيها الخلاف كالزكاة وأصحهما عند الخراسانيين وتابعهم الرافعي عليه القطع بالجواز، لأن الأطماع لا تمتد إليها إلى امتدادها إلى الزكوات. وهذا هو الصحيح. انتهى.
لكن ما دامت التبرعات التي ترسل إلى الإخوة في فلسطين تشمل الغذاء فليجعلها طعاماً إن أمكن ذلك، ليخرج بذلك من الخلاف في وجوب إخراجها طعاماً، لأن جمهور الفقهاء لا يجزئ عندهم إخراجها قيمة خلافاً لأبي حنيفة وشيخ الإسلام حيث يجوز عندهما إخراجها قيمة إذا كان ذلك أنفع للفقير، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 42090، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 17345.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(19/339)
إما الكفارة أو تنفيذ ما ينبني على اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حلفت على أمر في طاعة الله ولكني لم أستطع الالتزام بما قلت ولقد وضعت على نفسي شرطا إن أنا كسرت الحلف وهو نص كما كتبته في مذكراتي حتى لا أنساه، لقد أقسمت بالله تعالى بأني سأبتعد عن أمر فيه معصية وإن عدت إليه فإني سأخسر كل رصيدي وأنا الآن كسرت الحلف ومحتارة كيف أفي بما قلت، حيث إني أملك رصيد 2000 دينار ومبلغا آخر خارج الرصيد موجود في مصرف الادخار لا أستطيع التصرف فيه إلا بعد 5 سنوات، ومبلغا آخر قد أقرضته لشخص كدين منذ 3 سنوات وحلفي هذا له أشهر فقط، وأنا الآن محتارة هل أخسر الرصيد فقط أم المبالغ الثلاثة وخاصة أني في حالة شك والشيطان يلعب بي فأنا لست متأكدة مما قصدت بكلمة الرصيد فأنا أحيانا أوسوس وأقول كل أموالي ومرات أقول يجب أن لا أستمع للشك وأتخلى عن الرصيد فقط ومازلت أوسوس أكثر بأن أقول في نفسي يجب أن أتخلى عن مالي عند الوفاء فإن كان في رصيدي مليونا فأنا عند الوفاء يجب أن أخسره وخاصة وأني بالوقت الحالي لا أستطيع الوفاء، هذه كلها وساوس لم أكتبها وإنما كتبت فقط بأني إن كسرت الحلف فأنا سأخسر كل رصيدي، فماذا أفعل عند إبراء ذمتي، هل أنفد المكتوب فقط أم ابن وفائي للحلف على الوساوس والأفكار التي تنتابني فأنا لست متأكدة من نيتي عندما كتبت كلمة الرصيد ماذا كنت أقصد، أنا أكاد أجن وأريد أن أبرئ ذمتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على الأخت السائلة أن تتقي الله تعالى وتقف عند حدوده، وتتجنب معصيته ولو لم تحلف على ذلك، ثم إن كانت تريد بقولها (سأخسر كل رصيدي) أنها ستتصدق به أو تهديه وأقسمت على ذلك إن هي فعلت الأمر المذكور ثم فعلته فإن أمامها في هذه الحالة خيارين، أحدهما: أن تتصدق برصيدها، أي ما يسمى عند الناس رصيدا حيث لم تستطع تحديد نيتها عند اليمين، ولا يدخل فيه الدين لأنه لا يسمى رصيدا عرفا حسبما نعلم.
الثاني: أن تختار الحنث فتكفر عن يمينها، وكفارة اليمين مبينة في الفتوى رقم: 2053.
وهذان الأمران أيهما فعلت فقد برئت ذمتها، ولتترك الوساوس والأفكار فإنها لا تفيد إلا الحيرة والشكوك، كما أنه لا داعي لكتابة مثل هذا الأمر لأنه أمر بين العبد وربه وهو مصدق في نيته، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 54604، والفتوى رقم: 21526.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(19/340)
ما يفعل للميت الذي حلف على يمين كاذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أعرف ما هي كفارة اليمين الكاذبة لشخص توفي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من الأيمان لا كفارة فيه عند أكثر أهل العلم وإنما تجب منه التوبة إلى الله تعالى، قالوا لأنه أعظم من أن يكفر، قال ابن قدامة في المغني: ومن حلف على شيء، وهو يعلم أنه كاذب، فلا كفارة عليه، لأن الذي أتى به أعظم من أن تكون فيه الكفارة. هذا ظاهر المذهب، نقله الجماعة عن أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم منهم ابن مسعود وسعيد بن المسيب والحسن ومالك والأوزاعي والثوري والليث وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي من أهل الكوفة، وهذه اليمين تسمى يمين الغموس، لأنها تغمس صاحبها في الإثم، قال ابن مسعود: كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها، اليمين الغموس، وعن سعيد بن المسيب قال: هي من الكبائر، وهي أعظم من أن تكفر، وروي عن أحمد، أن فيها الكفارة وروري ذلك عن عطاء، والزهري، والحكم، والبتي وهو قول الشافعي. انتهى.
فعلى مذهب الجمهور ينبغي أن تستغفروا لهذا الميت وتترحموا عليه من غير دفع كفارة عنه، ولو جمعتم بين الاستغفار والكفارة مراعاة لقول الشافعي ومن وافقه كان ذلك أحوط، كما وقد سبق أن بينا ما هي كفارة اليمين في الفتوى رقم: 29925، وتدفع الكفارة من تركة الميت كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 58005، ولو دفعها عنه أحد أقاربه أو غيرهم جاز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(19/341)
تذكير الناسي يمينه إذا هم بالحنث فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف أخي أن لا يذهب إلى مكان معين، وتفاجأنا أنه ذهب إلى المكان، وهو قد نسي بأنه قد حلف أن لا يذهب، فهل في هذه الحالة علي أن أذكره بيمينه أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 2526، خلاف العلماء في وجوب الكفارة على من حنث ناسيا وأن الأحوط هو إخراج الكفارة، وعلى القول بأنه يحنث فعلى من علم ذلك أن ينبهه على الحنث ليفعل ما يلزمه لأن هذا هو مقتضى النصح الواجب للمسلم نحو أخيه المسلم، فقد روى مسلم في صحيحه عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة قلنا لمن، قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. قال النووي رحمه الله تعالى عند شرح هذا الحديث: وأما نصيحة عامة المسلمين وهم من عدا ولاة الأمر فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم وكف الأذى عنهم، فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم ويعينهم عليه بالقول والفعل وستر عوراتهم وسد خلاتهم ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص والشفقة عليهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم وتخولهم بالموعظة الحسنة وترك غشهم وحسدهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1427(19/342)
بر اليمين وكفارة الحنث فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حلفت بالله العظيم إن توفي شخص كافر أن أذبح خروفا وأوزعه على المساكين أو أعزم عليه جماعتي، فهل يجوز هذا أم لا؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يقصد بيمينه موت شخص معين فإنه إذا حصل ذلك فعليه أن يبر يمينه بأن يذبح خروفاً ويوزعه على الفقراء أو يدعو إليه جماعته حسب يمينه، فإن لم يفعل ذلك حنث ولزمته كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز عن فعل واحد من الثلاثة صام ثلاثة أيام، قال الله تعالى في شأن كفارة اليمين: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89} ، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 29678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(19/343)
الأيمان الكثيرة التي حنث الحالف فيها ولم يكفرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبت بالوسواس ولكني ولله الحمد بدأت أتعافى بفضل الله ومن ثم فضل الدعاء ونصائحكم لي وخاصة المقاومة وأهم شي الثقة أن الله لا يضيع عبده ولكن سؤالي هو عندما أريد مقاومة الوسواس أحلف ولكن أحيانا لا أستطيع أن أوفي حلفي بعدم الالتفات له وتكرر هذا الأمر كثيرا علما بأنني أحلف وأعقد اليمين ولا أدري بكم يمين حنثت وأحيانا يطرأ علي هذا الأمر الآن وحتى بعد أن تماثلت للشفاء ولله الحمد فلا زال هذا الحلف وارد الحدوث عندي أحيانا رغم سعيي لتجنبه فكيف أكفر عن اليمين وأنا لا أعرف عددها أم أنني معذورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يمن عليك بتمام الشفاء, وأن يوفقك للاستقامة على طريق الخير والصواب؛ إنه سميع مجيب الدعاء.
وبالنسبة للحلف الذى تقدمين عليه تفاديا لعدم الالتفات إلى تلك الوساوس فإن تحققت من الحلف عدة مرات على عدم الالتفات إلى الوسوسة ثم رجعت إليها فتلزمك كفارة واحدة عند جمهور أهل العلم بشرط ألاتحنثي إلا بعد جميع الأيمان. أماإذا كنت تحلفين وتحنثين ثم تحلفين مرة أخرى وتحنثين وهكذا, فتلزمك كفارة لكل يمين. وراجعى الفتوى رقم: 11229.
وإذا جهلت عدد الكفارات التى تلزمك فأخرجى من الكفارات ما يغلب على ظنك أن ذمتك قد برئت مع الاحتياط فى ذلك. وكفارة اليمين سبق تفصيل أنواعها فى الفتوى رقم: 6602.
وإن كنت لم تتحققي من حصول الحلف أصلا بل الأمر مجرد شك ووسوسة فلا كفارة عليك ولا حرج، وننصحك بعدم الإقدام على الحلف لما قد يترتب عليه من حرج ومشقة, بل اجتهدى فى مقاومة تلك الوساوس مستعينة بدعاء الله تعالى والتضرع إليه ولا داعي للحلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1427(19/344)
النفي المؤكد بالقسم وحكم الإكثار من الحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا قول (ما تقدر والله) أم (والله ما تقدر) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان القسم تاكيدا لجواب منفي كأن يقول القائل أقدر على فعل كذا فينفى ذلك بنفي مؤكد بالقسم هكذا "لا والله" أو نقول "لا والله لا تقدر عليه " أو "والله لا تقدر عليه " وهكذا، فكل ذلك جائز في اللغة فيصح تقديم القسم وهو الأصل, ويصح تأخيره فيكون جوابه مقدرا أغنى عنه ماذكر قبله.
فلا حرج عليك في كلتا الصيغتين. ولكن ينبغي عدم الإكثار من الحلف بالله, وخاصة إذا لم يتأكد الحالف من البر بقسمه، ويدل لذلك قوله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89} . وقوله: وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:224} وقد ذم الله المكثرين من الحلف في قوله تعالى: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ {القلم:10} وللفائدة انظر الفتويين: 39030 / 50952.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(19/345)
الصيام في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على تعاونكم معنا ومساعدتنا على معرفة طريقنا الصحيح، وسؤالي هو أنني قبل عام (في رمضان الماضي) قال لي زوجي إنه يريد أن يسافر إلى السعودية ليعمل عمرة، وقلت له إنني أريد أن أذهب معه ورفض ذلك، فغضبت وقلت له حد الله بيني وبينك إذا ذهبت وتركتني فإما أن تأخذني معك أو أنك لا تذهب، ولكنه عمل ما يريد وذهب ليعتمر، وعندما رجع كانت علاقتي به طبيعية، ولكنني لم أنس أنني حلفت عليه (بأن حد الله بيني وبينه) ، وقلت إنني يجب أن أعمل كفارة فصمت ثلاثة أيام وانتهى الأمر، ولكن ضميري يعذبني حتى اليوم لأنني لا أعرف ما فعلته جائز أم لا؟ وجزاكم الله خيراً وجعلها في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نفهم ما هو مراد السائلة بقولها (حد الله بيني وبينك) حتى نعطيها عليه إجابة محددة، والذي يمكن أن نفيدها به هو أن الكفارة في الحنث باليمين بالله تعالى أو ما في حكمها لا يمكن أن يتنقل فيها إلى الصيام قبل العجز عن الإطعام أو الكسوة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(19/346)
لا يجزئ الصوم مع وجود رقبة أو كسوة أو إطعام.
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بصيام ثلاثة أيام كفارة اليمين وكنت أجهل أنه لابد من إطعام عشرة مساكين أولا فإن لم أجد فعلي بالصيام.. فهل أقوم بإطعام المساكين أم يسقط ذلك عني بجهلي وقتها؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل قادرا على الإطعام أو الكسوة أو العتق فلا يجزئه الصيام عن الكفارة, وإنما ينتقل إلى الصيام إذا لم يجد واحدا من هذه الثلاثة الإطعام أوالكسوة أو العتق، قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: فإن لم يجد من هذه الثلاثة واحدا أجزأه صيام ثلاثة أيام متتابعة، يعني إن لم يجد إطعاما ولا كسوة ولا عتقا انتقل إلى صيام ثلاثة أيام؛ لقول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ {المائدة: 89} وهذا لا خلاف فيه. انتهى.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ عند قول مالك: ومن حلف بيمين فلم يؤكدها ثم حنث فعليه إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، يريد من لم يجد شيئا مما ذكر فوق هذا فإنه ينتقل إلى الصيام، ولا يجزئه الصوم مع وجود رقبة أو كسوة أو إطعام. انتهى وانظر الفتوى رقم: 55615 والفتوى رقم: 2022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(19/347)
الحنث في اليمين لفعل ماهو خير
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل أرجو الإفادة من فضيلتكم، لي أخ دائم الخطوبة فقد اختار وخطب أكثر من ست بنات، ولكنه لم يتزوج إحداهن وفي آخر خطوبة وقبل الخطوبة بأيام قال إنه سوف يفسخ هذه الخطوبة فأنذرته إن ترك هذه الفتاة التي تتمتع بخلق طيب وتحفظ كتاب الله فلن نحضر له أنا وإخوته أي شيء آخر خاص بفرح أو خطوبة أو زواج وذلك على سبيل حثه على الجدية والالتزام، وقمت أنا وإخوتي بقراءة الفاتحة على هذا أمامه كنوع من التهديد، ولكنه فسخ الخطوبة، والآن وقد مر أكثر من عام على ذلك يريد أن يخطب والناس تلقي اللوم علينا أنه أصغرنا ولا نقف بجواره، فماذا نفعل وما هي كفارة الفاتحة التي قرأناها أنا وإخوته؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد تلاوة الفاتحة من قبلكم ليس يميناً حتى يحتاج إلى كفارة، فإن صحبها يمين وأردتم الذهاب معه ومساعدته فلكم ذلك وهو الأفضل خصوصاً إذا لمستم منه جداً، وعليكم حينئذ الكفارة وهذا لما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(19/348)
مسائل في أحكام اليمين وكفارته
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا جزاكم الله خيرا فيما تقدمونه لقد أفتيتموني في أسئلتي السابقة وهنالك بعض الاستفهام البسيط ألا وهو اولاً فأنا وقبل زواجي قد مارست العادة السرية وتبت وحلفت يمين بيني وبين نفسي ووعد الله بأن لا أعود ولكني عدت عدة مرات حتى تاب الله علي ومن على بالزواج وأقلعت والحمد لله وقد كفرت عن يميني بدفع ما قيمة ثلاثة أيام ككفارة ولم أكن أعرف عن الكفارة لعشرة مساكين أو عشرة أيام صدقة وأريد أن أعرف هل أتم ما تبقى من السبعة أيام أم أبدأ من جديد مع العلم أن هذا كان قبل زمن طويل وقد أعطيتها لمسكين واحد دفعة واحدة وفي فتواكم إنه لا يجوز دفعها في يوم واحد فما أفعل في ذلك هل أعيدها من البداية أم أتمم باقي الكفارة وهل أكفر عن كل يمين أم يعتبر يميناً واحدا وأيضا قمت بدفع قبل هذا قيمة كفارة كاملة لشخص واحد ودفعة واحدة أي بمعدل كفارة عن كل يوم لمدة فما أفعل في ذلك مع العلم بأن المبلغ المدفوع كبير جدا وكان كفارة مجامعة زوجتي قبل أن تغتسل وهو يعادل كفارة ستين يوماً أي شهرين سامحوني على إطالة السؤال وجزاكم الله خيراً لما تقدمونه لنا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لم تتلفظ بصيغة يمين وإنما عزمت في نفسك على عدم فعل تلك المعصية, فيمينك غير منعقدة ولا كفارة عليك. وراجع الفتوى رقم: 10716، كما أن صيغة الوعد ليست من صيغ اليمين ولا ينعقد بها كما سبق في الفتوى رقم: 23047 والفتوى رقم: 12762 وإن كنت قد نطقت بصيغة اليمين وحنثت فقد وجبت عليك الكفارة, وهذه الكفارة تكون بإطعام عشرة مساكين بإعطاء كل مسكين مدا من غالب طعام البلد, أو كسوتهم بإعطاء كل واحد ثوبا يستره, أو عتق رقبة مؤمنة, وعند العجز عن كل الأنواع الثلاثة يصوم الشخص ثلاثة أيام وراجع الفتوى رقم: 2022 والراجح من مذهب أهل العلم أن كفارة اليمين لا يجزئ دفعها إلا لعشرة مساكين كما سبق في الفتوى رقم: 6602 وبالتالي فإذا كنت قد دفعت لمسكين واحد ما يكفي لثلاثة مساكين فتكون قد أطعمت مسكينا واحدا فأطعم تسعة آخرين، وهذا بناء على أن دفع القيمة في الكفارة مجزئ, وعلى القول بعدم الإجزاء فأطعم عشرة مساكين، فدفع القيمة في الكفارة محل خلاف بين أهل العلم. وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز إخراج القيمة إذا ترتبت على ذلك مصلحة راجحة للفقير. وراجع الفتوى رقم: 6372 والفتوى رقم: 10577.
وإذا كنت تحلف ثم تحنث وهكذا فالواجب عليك كفارة لكل يمين. وإذا كنت لم تحنث إلا مرة واحدة بعد تكرير الأيمان فجمهور أهل العلم على لزوم كفارة واحدة؛ كما سبق في الفتوى رقم: 11229.
وأما ما ذكرت من كفارة الجماع فلا ندري ما مقصودك به, ولكن نقول: إن كان جماعك لزوجتك بعد انقطاع الحيض وقبل اغتسالها فهذا حرام وعليك أن تتوب إلى الله تعالى ولا تلزمك كفارة, وراجع الفتوى رقم: 6252 وإن كان أثناء الحيض فهو حرام أيضا، وبعض أهل العلم يقول بلزوم صدقة بدينار, وراجع الفتوى رقم: 44703 , والفتوى رقم: 13492. وما دفعته للمسكين المذكور كفارة عن جماع زوجتك لا يجزئ عن كفارة اليمين لأن الكفارة لا تجزئ بدون نية وأنت لم تنو الدفع عن كفارة اليمين, قال ابن قدامة في المغني: والنية شرط في صحة الكفارة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات انتهى. مع كون كفارة اليمين لا يجزئ دفعها لمسكين واحد كما تقدم.
والعادة السرية سبق بيان حكمها ومخاطرها في الفتوى رقم: 7170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(19/349)
مسائل حول كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستوضح عن لبس في الفهم ألا وهو بأنني لدي أربعة كفارات في أربعة أشياء مختلفة وهي أولاً الحلف بالله غير صادق، وثانيا تهديد الزوجة بالطلاق إذا فعلت كذا ولكن من غير النية بذلك، فقط مجرد تخويف لها، ثالثاً مجامعتها قبل أن تغتسل، رابعا وأخيراً القسم بين يدي الله بأن لا أعود لكذا ولكني عدت عدة مرات (فهل أكفر في كل مرة عدت فيها أم تكفي كفارة واحدة وهذا بالنسبة للسؤال الرابع) وإذا كانت الكفارة هل يمكن أن أعطيها لشخص واحد كل يوم بنية كل كفارة أم أكفر عن كل واحدة على حدة، واحدة تلو الأخرى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الحلف بالله كاذبا فتسمى اليمين الغموس، وسميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في الإثم، وجمهور العلماء أنه ليس فيها كفارة، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 50626، وأما تهديد الزوجة بالطلاق إن هي فعلت كذا كأنت طالق إن فعلت كذا فيقع الطلاق بفعل الزوجة المحلوف عليه عند جمهور أهل العلم، وعند بعضهم: لا يقع الطلاق ويلزم كفارة يمين، وبيانه في الفتوى رقم: 17824، أما جماع الزوجة قبل الاغتسال، فإن كان المقصود بذلك اغتسالها من الحيض فإن ذلك لا يجوز، وعلى من فعله أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه وليس عليه كفارة معينة في قول جمهور أهل العلم، وتراجع الفتوى رقم: 26798، ويلزم في الحنث في اليمين بالله المنعقدة كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم منه أهله أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. وتكفي كفارة واحدة في الحنث عدة مرات في اليمين على فعل شيء واحد أو تركه، وراجع الفتوى رقم: 8186، هذا في الكفارات من جنس واحد قياسا على الحدود، أما من لزمته كفارات من أجناس متعددة فلا تجزئه كفارة واحدة لاختلاف أنواع الكفارة وسبق بيانه في الفتوى رقم: 12993، ولا يجزئ إعطاؤها لأقل من عشرة مساكين على الراجح من أقوال العلماء كما تقدم في الفتوى رقم: 55355، وكذلك لا يجزئ إعطاء العشرة أكثر من كفارة في يوم واحد كما سبق في الفتوى رقم: 28568.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(19/350)
يمين الموسوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني أحيانا من الحبس والشعور بعدم القدرة عند البدء في الصلاة أو الوضوء، فأبدأ أستغفر وأقول في نفسي ما هذا قد نويت الصلاة أيضا لم يبق إلا التكبير ولكنني أشعر بالعجز ولا أكبر الا بشق الأنفس، وأحيانا أوغالبا أغضب أو كنوع من تحريض نفسي على تجاهل هذا الوسواس، أقول والله لا أتجاهله ولكني لا أستطيع علما بأن هذا الأمر *القسم* أصبح عادة حاولت التخلص منها ولكن لا جدوى فهل تجب علي الكفارة في كل مرة! وما حكم التبرع بالمبلغ الذي تحدده الجمعيات للكفارة لأناس فقراء هل هذا يجزئ وماذا لو وضعت هذا المبلغ في أحد الصناديق التابعة للجمعية المنتشره ولله الحمد،علما بأن المشاريع مكتوبة على الصناديق ولا أظن كفارة الحلف من ضمنها وجزيتم من الباري خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل جلاله أن يذهب عنك مرض الوسواس ويمن عليك بالشفاء العاجل إنه ولي ذلك والقادر عليه؛ لأن الوسواس مرض وله أسباب وعلاج، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51601، وأما اليمين التي تعقدينها على تجاهل الوسواس ثم تخالفينها فعليك في كل يمين تيقنت من عقدها والحنث فيها كفارة، والواجب عليك الابتعاد عن عقد اليمين مرة أخرى ما لم تكوني مغلوبة في عقد اليمين بحيث تعقدينها دون إرادة منك فلا يلزمك شيء لأن هذا خارج عن قدرتك، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وأما مصارف الكفارة فالمساكين، ويصح أن تعطيها للجمعيات الموثوقة بشرط أن تعلميهم بأنها كفارة أو تضعيها في صندوق خاص بالكفارة لتصرف، أما وضعها في الصناديق العامة أو في صناديق خصصت لمشاريع أخرى فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(19/351)
أحوال في إباحة الحلف كاذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من وقع في ورطة وحلف بالله كاذبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف على الكذب حرام، وهو من الكبائر بلا خلاف، لما فيه من الجرأة على الله تعالى.
ولا كفارة على متعمد الحلف على الكذب في قول الجمهور، فكل ما يجب إنما هو التوبة، ورد الحقوق إلى أهلها إن كانت هناك حقوق، ومقابل قول الجمهور وجوب الكفارة مع التوبة وتراجع الفتوى رقم: 7258.
وقد يخرج الحلف على الكذب عن الحرمة، إذا عرض له ما يخرجه عن ذلك، كالإكراه ونحوه؛ لقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ {النحل:106} .فإذا كان الإكراه يبيح كلمة الكفر، فإباحته للحلف على الكذب أولى.
وعليه, فنقول للسائل الكريم: إذا كان الحالف المذكور مظلوما وكانت الورطة التي وقع فيها تسبب له ضررا على نفسه أو ماله, ولم يمكن التخلص من هذا الضرر بالمعاريض والتورية فإنه لا يأثم بالكذب هنا والحلف عليه, إن لم يمكن خلاصه إلا بذلك؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 67765، 7432، 41794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(19/352)
وجه الفرق بين الجهل بكفارة اليمين والجهل بحكم تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألتكم في السابق عما إذا كان علي أن أقوم بإطعام مساكين عن أيمان كنت قد كفرت عنها بصيام ثلاثة أيام لجهلي بالحكم الصحيح وقد أحلتموني إلى عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 29838، والتي أفتيتم فيها -على ما يبدو- بعدم إجزاء الصوم في كفارة اليمين للجاهل بالحكم، سؤالي هو: لماذا يختلف حكم الجاهل في حكم كفارة اليمين عن حكم صلاة الجاهل في أحكام المسح على الخفين (الفتوى رقم 21497) ، وحكم صلاة الجاهل في حكم تكبيرة الإحرام (الفتوى رقم 19939) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلماء قد فرقوا بين الأمرين، وأما وجه الفرق فهو أنك لم تأت بما هو مطلوب منك أصلاً، فالمطلوب منك هو العتق أو الكسوة أو الإطعام ولا يطلب منك الصيام إلا عند العجز، أما أولئك فأتوا بالعمل ذاته وجهلوا ركنا من أركانه أو شرطاً من شروطه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(19/353)
إما الوفاء باليمين أو أداء الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف الحكم في هذه الحادثة، أنا شاب أعمل في شركة وفي يوم من الأيام أوقفت سيارتي في مواقف الشركة ووقف خلفي أحد الموظفين ولما أردت الخروج وجدت سيارته خلفي وجئت إليه وقلت له تعالى وأخرج سيارتك أريد أن أخرج فقال لي عادي بإمكانك أن تخرج من دون ما أن أحرك سيارتي، فقلت له ما يصير، قال لي وإذا أنا طلعتها، قلت له والله العظيم إذا طلعتها أعطيك مفتاح سيارتي حالك أقصد السيارة، ولكني ما حلفت إلا أني متأكد أنه ما يمكن أن تطلع من الموقف إلا بعد خروج سيارته، وبالفعل قام بإخراجها بطريقة فظيعة أقصد أنه محترف في السياقه، سؤالي هو: ما حكم حلفي الذي حلفته، وما الواجب علي فعله في هذا الموقف من الكفارة أو غير ذلك، أفيدوني أعانكم الله على فعل الخير وإرشاد الناس إلى الحق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل منك هو يمين معلقة على شيء ظننته بعيد التحقق في المستقبل وما دام قد تحقق فأنت بالخيار بين الوفاء بهذه اليمين وهو إعطاؤه السيارة أو عدم إعطائه والتكفير عن يمينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(19/354)
اليمين الغموس هل فيها كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على المصحف بأني لم آخذ مالا من جيب أحد أصدقائي مع العلم أني قد أخذت مالا لكني أرجعته إليه عن طريق صديق آخر قبل أن أحلف على المصحف فهل عليَّ إثم أو كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلفك على عدم أخذ مال من جيب صاحبك وأنت تعلم أنك قد أخذته، تعتبر يمينك غموسا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يمينك على ما يصدقك به صاحبك. وفي رواية: اليمين على نية المستحلف. أخرجهما مسلم، وما دمت قد أرجعت المال فعليك التوبة والاستغفار، ولا تلزمك الكفارة عند جمهور أهل العلم، وذهب الشافعية إلى وجوبها فلو أخرجتها فهو أولى بك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(19/355)
من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حلفت على المصحف بأني لن أتصل بصديق لي إلا بعد أن يتصل بي هو، ولكن الآن هو لديه مناسبة وأريد أن اتصل به، فماذا أفعل من فضلكم أرشدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتكفر عن يمينك وتعود إلى مواصلة صديقك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
مع التنبيه على أن المسلم لايجوز له هجر أخيه أكثر من ثلاث ليال، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لايحل لمسلم أن يهجرأخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذى يبدأ بالسلام. متفق عليه، وهذا اللفظ لمسلم.
والحلف بالمصحف يمين منعقدة شرعا كما تقدم في الفتوى رقم: 32303.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427(19/356)
الحلف على المصحف كذبا تجنبا لفسخ الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مضطرة للحلف على المصحف كذبا خوفا من فك خطوبتي، فهل يقبل ربي توبتي بعد اقترافي هذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك عدم الإقدام على الحلف كذبا سواء كان الحلف على المصحف أو غيره، وكونه على المصحف مما يزيده تأكيدا، واجتهدي في سبيل تفادي هذا الحلف كذبا عن طريق استخدام أساليب التورية والتعريض ما أمكن ذلك.
فإن كانت هناك ضرورة للحلف الكاذب بحيث يترتب على عدمه فسخ الخطبة، وكان ذلك سيترتب عليه ضرر معتبر شرعا، وكان حصول هذا الضرر مجزوما به أو مظنونا ظنا غالبا فيجوز حينئذ للضرورة كما تقدم في الفتوى رقم: 59523، والفتوى رقم: 6953، والتوبة من الذنب مقبولة إذا توفرت شروطها ولم يحصل ما يمنعها، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 5450.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(19/357)
إن تزوجتها فكفر عن يمينك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو
لقد أقسمت بأن لا أتزوج من امرأة بصفة أو صفات معينة وبعد مدة ظهرت لي امرأة فيها صفة أو صفات من تلك التي أقسمت عليها. فهل يجوز لي الزواج بها? وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رأيت في زواجك بتلك المرأة الخير، فلا ما نع من الزواج بها وعليك أن تكفر عن يمينك، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها, فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ونذكرك أخي الكريم بقوله صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه، وانظر الفتوى رقم: 70148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(19/358)
الأحوط في اليمين الغموس التوبة مع الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سأل شاب خطيبته عن ماضيها وحلفت باليمين أنها لم تخرج مع رجال ولقد كذبت، فهل عليها كفارة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وقع في ذنب فإنه ينبغي له أن يستر على نفسه كما حث الشرع على ذلك، فلهذه الأخت أن تستعمل من الكلام ما تحاول أن تفهم به خطيبها عدم خروجها مع الأجانب من غير وقوع في الكذب, بل تستعمل المعاريض, فإن تعين الكذب ولم تجد غيره جاز لها إن شاء الله، لكن من غير حلف.
أما الحلف على الكذب عمداً فلا يجوز وهو اليمين الغموس، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها من كبائر الذنوب، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ فذكر الحديث وفيه: اليمين الغموس ... . أخرجه البخاري.
وذكر العلماء أنها إنما سميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في النار أو في الإثم، عبروا مرة بالانغماس في النار، ومرة بالانغماس في الإثم، ولا منافاة ولا تعارض بين العبارتين، لأن الانغماس في الإثم سبب في الانغماس في النار. قال صاحب لسان العرب: واليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار.
وأما بالنسبة لما يترتب عليها من كفارة فمذهب الجمهور أنها لا كفارة فيها لأنها من الكبائر، وهي أعظم إثماً من أن تكفرها كفارة يمين، فلا كفارة فيها، وإنما الواجب فيها التوبة إلى الله تعالى. وذهب الإمام الشافعي إلى وجوب الكفارة فيها، وهو رواية عن الإمام أحمد، وبه قال ابن حزم، ولعل الجمع بين التوبة من هذه اليمين الفاجرة وبين تكفيرها أسلم، إعمالاً لأدلة كل من الفريقين، وخروجاً من خلاف من أوجبها، ولأنها داخلة في عموم اليمين وهو الأحوط،.
وعليه, فينبغي عليك إخراج كفارة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة, فإن عجزت عن واحدة منهن فصيام ثلاثة أيام.
وننبه إلى أنه ما كان ينبغي للخاطب ولا غيره أن يسأل عن هذه التفاصيل ولا أن يعتمد على الإجابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(19/359)
الحنث في اليمين برا ليمين الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في حلفي بالله أن لا أشتري بوتوجاز لأختي لزواجها، ولكن والدي حلف علي أن أشتري البوتوجاز وأطعت والدي واشتريت البوتوجاز حيث إنه مريض ومن كبار السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في طاعة والدك ونسأل الله جل وعلا أن يثيبك ويديم عليك نعمة البر به فإن ذلك من أعظم القرب إلى الله، وعليك كفارة يمين فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير وليترك يمينه. رواه مسلم، وفي لفظ: وليكفر عن يمينه. فكفر عن يمينك وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة فإن عجزت عن واحدة من هذه فعليك صيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(19/360)
حكم الحلف برحمة فلان
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم أن تخبروني هل يجوز الحلف برحمة فلان؟ كأن أطلب من شخص أن يقوم بعمل ما فأقول له: افعل كذا برحمة أبيك أو برحمة أمك. مع العلم أن الرحمة من صفات الله؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف برحمة الله جائز، وأما الحلف برحمة المخلوق فلا يجوز لأن رحمة المخلوق مخلوقة، والحلف بالمخلوق محرم؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 19237. وعليه, فإن كان يقصد بقوله (برحمة أبيك) أي برحمة الله لأبيك فهذا قسم برحمة الله وهو جائز، وإن كان يقصد بقوله (برحمة أبيك) أي برحمة المخلوق فهو قسم بمخلوق فهو غير جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(19/361)
هل يجزئ في كفارة اليمين إطعام أربعة مساكين فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[آمالي بأن تساعدوني لقد كنت من العوام ولكن الحمد لله تبت إلى الله لكن بلغت كفارات اليمين لدي أربعين كفارة كيف أتصرف وهل يجوز أن اطعم عائلة مثلا تتكون من 4 أشخاص مساكين وأعتبرهم كفارة واحدة وهكذا إلى أن تنتهي الكفارات وهل يجوز أن أتبرع بمبلغ من المال إلى بعض الجمعيات الخيرية التي تطعم الأيتام لتطعم عني مع إيفادي بأسماء بعض هذه الجمعيات التي تثقون فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الله كفارة اليمين في القرآن الكريم مفصلة فقال سبحانه: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89} والإطعام نصف صاع من الطعام لكل مسكين، وقدره كيلو ونصف تقريبا، وقيل قدر الإطعام مُدٌ ويساوي سبعمائة وخمسين جراما، والأول أحوط، وأما كيفية دفعها إلى المساكين فقد فصلناه تفصيلا تاما في الفتوى رقم: 6602، وقد ذكرنا فيها أن الراجح هو إطعام عشرة مساكين في كل كفارة وعليه فلا يجزئك أن تقتصر على إطعام أربعة مساكين، بل لا بد من استيفاء العدد المذكور في الآية لكن هؤلاء الأربعة يمكن إطعامهم من كل كفارة، ولك أن تدفع الكفارة إلى جمعية موثوقة، ويمكنك معرفة ذلك عبر سؤال المشايخ أو المراكز العلمية في بلدكم ليدلوك على الجمعية الموثوقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1427(19/362)
تحليف المرأة اليمين فيما يتعلق بالميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أحلف أنثى والدها متوفى في موضوع ميراث فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المراد من السؤال لكن إن كان المراد هو طلب اليمين من المرأة فلا حرج في تحليف المرأة في أمر يحتاج إلى تأكيده منها باليمين، سواء كان في الميراث أو غيره، ولكن جرت عادة بعض الناس أن يأخذ بيد الحالف عند حلف الآخر، وهذا لا يجوز في حق المرأة من قبل الأجنبي، بل يكفي أن يطلب منها اليمين دون الأخذ بيدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(19/363)
حكم الأيمان الكاذبة لدرء الفضيحة والفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أخطأت مع بنت عمي، والحمد لله لم تصل إلى درجة الزنا، تبت إلى الله وندمت واستغفرت الله كثيراً، كاد أمري أن ينفضح بين العائلة، فأقسمت متعمداً بأغلظ الأيمان أني بريء من هذه التهمة، لأستر على البنت وتفادي الفتنة وقطع الرحم، ثم قررت إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام في حين أني أقسمت عدة مرات في مناسبات مختلفة، وقد صدقني الجميع وانتهت المشكلة، ماذا أفعل جزاكم الله خيراً لأكفر عن هذه الأيمان، هل يكفي إطعام 10 مساكين مرة واحدة؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فاليمين المذكورة تعتبر في الأصل يمين غموس ولا كفارة فيها عند جمهور الفقهاء سوى التوبة، وذهب الشافعية إلى وجوب الكفارة فيها.
وهي كفارة واحدة ولو تكررت اليمين، وقيل: لكل يمين كفارة إن قصد الاستئناف، وعليه فتكفيك كفارة واحدة، وأما الإثم فمرفوع إن شاء الله تعالى بالتوبة ما دمت قد تبت إلى الله مما صنعت، وكان الحامل لك على هذه اليمين هو لمُّ الشمل وتواصل الأرحام وستر الفضيحة، وكان يكفيك أن تنفي عن نفسك التهمة وتتبرأ منها دون اليمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(19/364)
حكم الحلف على جزء من القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على كتاب به سور قرآنية ليس مصحفا بالكذب ماهي الكفارة وما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 29925، ما يلزم من حلف بالله تعالى على أمر كذب، سواء كان واضعا يده على القرآن أم لا، فيرجى الاطلاع عليها وعلى الفتوى المحال عليها فيها، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 9181، والحلف على المصحف إنما هو لتغليظ اليمين ليعظم خوف الحالف أن يحلف بوجود القرآن، والظاهر أنه لا فرق بين أن يكون القرآن كاملاً أو بعضه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(19/365)
الأفضل الحنث في هذه الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[في مرة استدنت من أخي مبلغا من المال وحصل خلاف على موعد التسديد فحلفت بعدها أن لا أستدين منه أبدا.
ولا أدري ياشيخ هل قلت والله لا أستدين منه أو قلت علي الحرام لا أستدين منه وقد حلفت بهذا الحلف أمام أبي في بيتنا وقد سألته هل سمعتني قلت علي الحرام لا أستدين من أخي فكان شاكا مثلي ثم سألت أخي الذي توقعت أني حلفت أمامه أيضا هل سمعتني قلت علي الحرام لا أستدين من أخي فكان شاكا مثلي فما هو الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لم تحنث في يمينك هذه فلا شيء عليك، وإذا حنثت فيها فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة وقد سبق التفصيل في الفتوى رقم: 56416، وقد ذكرنا أن الراجح هنا هو لزوم كفارة يمين بالله تعالى فقط.
والذي ننصح به السائل الكريم هو أن يكفر عن يمينه هذه ويعود إلى معاملة أخيه والتقرب منه لما يترتب على ذلك من الألفة والمحبة بين الأخوين وهذا مقصد جليل أمر به الإسلام وحث عليه الإسلام، وعليه.. فالأفضل الحنث في هذه الحالة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(19/366)
من حلف في حال صغره وحنث في حال رشده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مقدار الصدقة لكل مسكين لمن عليه كفارة عشرة مساكين، والحقيقة أنا لا أقدر أن أصوم ولا أقدر أن أتصدق لأني لا أملك المال، مع العلم بأنني في مرحلة المراهقة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا علامات البلوغ في الفتوى رقم: 10024، فإن كان الأخ السائل قد حلف قبل البلوغ فإنه لا تجب عليه كفارة يمين؛ وإن كان قد حنث بعد بلوغه لأن يمين الصبي غير منعقدة كما صرح به أهل العلم في شروط الحالف، وفيما إذا حنث بعد بلوغه، قال في التاج والإكليل من كتب المالكية: واختلف فيما حلف عليه في حال صغره وحنث في حال رشده، والمشهور أنه لا يلزمه.
أما إن كان قد حلف بعد البلوغ ثم حنث فإنه ملزم بكفارة يمين، ولبيان ما يلزم فيها انظر الفتوى رقم: 20196، والفتوى رقم: 26595.
فإن عجز عنها استقرت في ذمته إلى وقت القدرة، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 42979، وإن كان سبب الكفارة غير اليمين فالرجاء بيان ذلك، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 27270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1427(19/367)
الجزاء الأليم لمن حلف بالله كاذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف زوج أختي على القرآن بأنه لم يلمس أختي بعد طلاقها بعدة أيام, وقال إنها كاذبة أمام القاضي حتى لا يرجعها إلى ذمته, وأختي تقول إنه لمسها وقبلها واستمتع بها ولكن لم يجامعها! ما جزاؤه في الدنيا والآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو أمر زوج أختك هذا في حلفه من أن يكون صادقاً فيه أو أن يكون كاذباً، فإن كان صادقاً فالأمر واضح، وينبغي لمن لا يعلم حقيقة الأمر أن يصدقه، لما روى ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن حلف له بالله فليرض. وأما إن كان كاذباً فيمينه يمين غموس يستحق صاحبها التعزير في الدنيا، وقد ورد في اليمين الغموس من عذاب الآخرة قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {آل عمران: 77} وبمعنى هذه الآية ورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم........ ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم. الحديث رواه البخاري
وبخصوص أصل القضية محل النزاع فبما أنها قد عرضت على القاضي فهو أولى بالنظر فيها وإصدار الحكم المناسب بناء على ما يثبت عنده من البينات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1426(19/368)
هذا القول لا يحرم عليك هذه الفتاة التي ترغب بنكاحها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتوى بخصوص هذا السؤال، أنا لدي بنت خالتي أصغر مني بسنتين وأنا أرتاح إليها لكي أتزوجها فأمي وأخواتي كل يوم يقولون لي سنزوجك إياها، فأنا لا أريد أن أبين لهم أني معجب بها حتى لا يقولوا أني أخفي عليهم حبي لها، فأنا وأنا غضبان قلت عن بنت خالتي هذه (حد الله ما بيني وما بينها) ، فأنا أريد أن أعرف رأي الدين في الجملة التي قلتها هذه، مع العلم بأني أريد الآن التقدم لخطبتها، فهل لو تقدمت لخطبتها هل سيكون ذلك حراماً لأني قلت حد الله ما بيني أو ما بينها، وكانت في لحظة غضب، أم ماذا أفعل في هذه المشكلة وأنا أريد زواجها، الرجاء الرد على رسالتي في أسرع وقت ممكن وإرسالها مشكورين، وجزاكم الله كل خير بإرسالها على البريد الموضح أعلاه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا أنا قصدت بقولك (حد الله ما بيني وبينها) تحريم هذه المرأة على نفسك، فقولك هذا لغو لا تحرم به المرأة عليك ولك الزواج بها، وعليك كفارة يمين، وهي المبينة في الفتوى رقم: 24416.
وإن كان لك أخي الكريم من عبارتك قصد آخر فبينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(19/369)
من حلف على مستقبل ظانا صدق نفسه فتبين بخلافه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يحلف على شيء دون أن ينذر في حلفه، مثال ذلك: والله سوف يخسر الفريق الفلاني وتأتي المبارة ويأتي عكس كلامي ويفوز الفريق ... أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حلف على أمر ممكن مما يتعلق بالمستقبل وهو يظن أنه صادق فيه فيتبين الأمر على خلافه، فأكثر أهل العلم على أنه تجب عليه الكفارة، واختار بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عدم وجوب الكفارة، ففي كتاب مطالب أولي النهى للرحيباني: وعن الشيخ تقي الدين: أو حلف على مستقبل ظاناً صدق نفسه فتبين بخلافه فلا تنعقد يمينه، وكحلفٍ عليه أي على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل فلا كفارة فيهما، لأنه لغو، قال الله تعالى: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ. والمذهب خلافه. انتهى.
وعلى كل حال فالأحوط الكفارة، فهي أبرأ للذمة، وأدعى للخروج من الخلاف، وننبه إلى بعض الأمور ومنها:
الأمر الأول: الحذر من الحلف قدر الإمكان، فإن الله تعالى يقول: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89} .
الأمر الثاني: أنه ينبغي للمسلم أن يشغل نفسه بما ينفعه في دينه ودنياه وأن يعرض عما دون ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 31499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1426(19/370)
نية الحالف تقيد يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شبخ فعل أخي أمر ضايقني وقلت له ترى الذي فعلته ضايقني، ولكن حلفت لأخي أن لا أقول إلى أحد هذا الموضوع وأنا عندما حلفت قصدت لا أحد يعلم من أصدقائنا بهذا الأمروأختي تسألني لماذا أنت متضايق فأقول ليس في شيء وهي لا تعلم عن هذا الأمر والله أعلم هى تقدر أن تحد من هذا الموضوع الذي يضايقني، السؤال هو: فهل إن أخبرت أختي أكون نقضت حلفي لأني أكثر من مرة قلت لأخي إن هذا الأمر يضايقني ويفعله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ما دام الأخ السائل قد قصد عند يمينه أن يكتم هذا الأمر عن الأصدقاء فقط، فإنه لا يحنث بإخبار غيرهم بما في ذلك أخته التي تسائله عما يضايقه، فيمكن أن يخبرها ولا يحنث بذلك لأن نية الحالف تخصص يمينه وتقيده كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 60448.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(19/371)
الحلف بفقد الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي حلفت بالله أن لا يدخل المنزل خادمة حيث قالت والله العظيم وإلا فقدت أولادي معاد تدخل الخادمة بيتي وبعد مدة قالت لقد تعبت من تربية الأطفال وشغل البيت أريد شغالة فقلت لقد أقسمتي بالله وفقد أولادك بعدم دخولها المنزل قالت استفت لي فأرجو الإفادة عن هذه الحالة وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف بفقد الأولاد ليس يميناً شرعاً ولا يجوز الحلف به ومن حلف به وحنث لم تلزمه كفارة وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، لأنه من الحلف بغير الله تعالى، والحلف بغير الله حرام كما سبق في الفتوى رقم: 41828، وخلاصة القول أن المعتبر فيما حلفت به زوجتك إنما هو اليمين بالله تعالى، وإذا أرادت أن تدخل خادمة عليها أن تكفر عن يمينها وكفارة اليمين مبينة في الفتوى رقم: 17345، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19237، 26378، 39030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(19/372)
مسألة في اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قامت مشادة بيني وبين زوجتي قمت على إثرها بحلف يمين عليها بعدم الخروج من البيت (النية عدم الذهاب إلى بيت أبيها) وحضر والدها وخالي أيضا وقامت مشادة بينهما حلف خالي أنها لن تخرج مع أبيها وحلف أيضا أبوها بأنها سوف تذهب معه وفي الآخر حدث صلح بين الجميع ولأجل اليمين الذي حلفه كل واحد مننا اقترح خالي أن يأخذني أنا وزوجتي ومعنا والدها ليوصل والدها إلى نصف الطريق لبيت والدها وأوصلناه إلى نصف الطريق ورجعنا أنا وزوجتي وخالي إلى البيت. فما حكم يمين كل منا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما يمين الزوج فقد برَّ به ولم يحنث فيها لأن الزوجة لم تذهب إلى بيت أهلها، أما يمين خال الزوج فقد حنث فيها لأنها خرجت مع أبيها إلا إن كانت نيته بالخروج الذهاب معه إلى بيته، وأما يمين الأب فقد حنث فيها كذلك وذلك أنه حلف على ذهابها معه إلى البيت وهي لم تذهب إلا أن تكون نيته ذهابها معه فقط دون تحديد مكان ما، فتكون قد ذهبت معه، وبالتالي لا يكون قد حنث في يمينه. ومن حنث يمينه لزمته كفارة يمين وهي مبينة في الفتوى رقم: 2022.
هذا، وإن استمرار الحياة الزوجية السعيدة تتطلب من كل من الزوجين أداء ما عليه من الحقوق مع التغاضي بقدر المستطاع عن هفوات الآخر وزلاته. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31962، 51743، 67343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1426(19/373)
عدم الوفاء بعهد الله وميثاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت وعدت زوجتي أن نحتفل بعيد الفطر هذه السنة في منزل والديها وطلبت مني أن أعطيها موثقا من الله على ذلك وفعلت. ثم قدرالله أنا احتجنا (دون ضرورة ملحة) أن نقضي العيد في منزل والدي أنا وطلبت منها بلطف أن تسمح لي بذلك وأن تتنازل عن العهد الذي أعطيتها فوافقت بطيب خاطر ولكني لا أدري هل علي كفارة ما عن العهد الذي أعطيتها والموثق من الله على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمرء أن يعطي عهد الله وميثاقه خشية ألا يفي به، وإنما يعطي عهد نفسه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في وصيته لأمراء جيوشه كما عند مسلم وغيره: وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله. قال النووي (ذمة الله أي عهده)
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من عدم وفائك بعهده وميثاقه، وإن كنت قصدت الحلف بذلك فقلت (علي عهد الله وميثاقه أو أحلف بعهد الله وميثاقه ونحوها) فالراجح من كلام أهل العلم أن عليك كفارة يمين قال ابن عبد البر في التمهيد: واختلفوا فيمن حلف بحق الله أو بعهد الله أو ميثاقه أو نحو ذلك فقال مالك من حلف بحق الله فهي يمين قال: وكذلك عهد الله وميثاقه وكفالته وعزته وقدرته وسلطانه وجميع صفات الله وأسمائه هي أيمان كلها فيها الكفارة وكذلك لعمر الله وأيم الله. وقال الشافعي: يمين إن نوى بها اليمين وإن لم يرد اليمين فليست بيمين. وقال أبو حنيفة: إن قال وحق الله فهي يمين فيها كفارة. انتهى منه بتصرف يسير
فإن كنت قصدت اليمين فعليك التوبة مع كفارة يمين، وإن لم تكن قصدت اليمين فإنما عليك التوبة فقط وليست عليك كفارة، وتستحب الصدقة في التوبة لأنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار كما قال صلى الله عليه وسلم. عند الترمذي وغيره.
وللاستزادة انظر الفتوى رقم: 10145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1426(19/374)
حلف المرأة بعدم قبول الخاطب إذا فعلت أمرا ما
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت تسأل وأرجو منكم الإجابة عن هذا السؤال قريبا إن شاء الله، وهو: خطبني شاب، وتمّ القبول به، وفي مرّة من المرّات حلفت وقلت: لو أفعل كذا وكذا لن أقبل بذلك الشاب وسأطلب منه الطلاق إن تمّ الزّواج، وأنا لحدّ الآن لم أفعل ذلك الأمر ولكنّني مضطرة إلى فعله، وأوّد أن أعرف هل إذا فعلت ذلك الأمر ولم أكفر سيكون زواجي باطلا، وهل يجوز لي أن أكفّر متى شئت ولو بعد الزّواج بزمن، وهناك ملاحظة هامّة: وهي أن أختي هذه موسوسة وتحلف كثيرا حضّا ومنعا لنفسها، أفيدونا؟ وبارك الله فيكم، وأدعو الله بأن ينجحكم في عملكم هذا ... آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا هل ما صدر من الأخت هو الحلف على أمر ما ثم عقبت وقالت لو أفعل كذا وكذا لن أقبل.... أو الواقع أنه لم يكن حلف، ولكن تعليق فقط.
فإذا كانت الصورة الأولى هي الواقعة فإن الأخت تعتبر حلفت على أمر ويترتب عليها ما يترتب على الحالف من الحنث إن كانت يمينه منعقدة، وإذا حنثت فعليها أن تخرج الكفارة، وقد يجب البر باليمين ولا يجوز الحنث كأن تكون حلفت على ترك محرم فيجب تركه أو حلفت على فعل واجب فيجب عليها فعله ولا يجوز لها الحنث في الصورتين.
والأولى والأفضل لها الحنث في اليمين إذا كان في حنثها خير كأن تكون أقسمت مثلاً أن لا تهدي لجارتها أو تقبل منها هدية ونحو ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليترك يمينه. متفق عليه واللفظ لمسلم. وفي رواية: وليكفر عن يمينه.
أما تعليق عدم قبول الخاطب أو طلب الطلاق منه إن عقد على فعل أمر ما فلا يلزم هو ولا يترتب عليه شيء لا كفارة ولا فساد نكاح ولا غيرها، ذلك إن وقع ما علق عليه ولا يمنع من فعل أمر مباح علق، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2654، والفتوى رقم: 6869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(19/375)
فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد نذرت ثلا ثة نذور وأدعو الله أن يوفقني للوفاء بتلك النذور بأن يستجيب دعائي الذي نذرت من أجله.
1) كنت أحب فلانة وقد أجبرت على الزواج من ابن عمها نذرت بأن لا أحلق لحيتي حتى تطلق ويتم زواجي منها بما يحب الله ويرضاه. هل يباح أن أنذر نذرا كهذا؟
2) وقد نذرت أيضا أن أصوم تطوعا لله شهرا كاملا متتاليا عند زواجي منها.
3) وأيضا حلفت يمينا بأن لا أنظف بيتي الذي أسكن بة حتى تأتي هي وتنظفه.
وإني أدعو الله في كل صلاة وكل ما تخطر في بالي أن لا يتمم زواجها الذي صار له أكثر من 6 أشهر، وأن يرحمها ويغفر لها ويخلصها من الظلم الذي هي به، وأدعو وأقول اللهم عليك بظالميها يا عزيز يا جبار يا منتقم يا رب المستضعفين مالك الملك يا الله.
أعينوني أعانكم اللة وأفتوني في وضعي هذا وما الحكم فيه.
وماذا علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوفير اللحية واجب وحلقها حرام عند جماهير أهل العلم، وقد قالوا إن من نذر فعل الواجب أو ترك المحرم فنذره لغو، وعليه فلا يلزمك في هذا النذر شيء، ولمزيد الفائدة عن هذا تراجع الفتوى رقم: 34499، وأما نذرك صوم شهر عند الزواج من تلك الفتاة فهو نذر معلق ويلزم الوفاء به إذا تحقق المعلق عليه وهو الزواج بتلك الفتاة، وإذا لم يحصل فلا شيء عليك.
وأما حلفك أن لا تنظف بيتك حتى تكون هي أول من تنظفه فإنها يمين منعقدة، وأنت مخير بين أن لا تنظفه حتى يتيسر لك الزواج منها وتكون هي أول من ينظفه، وبين أن تنظفه وتكفر عن يمينك وهو خير لك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم
وننبه إلى أن العلماء قد اختلفوا في حكم إجبار الأب ووصيه والجد للفتاة البكر بالزواج ممن هو كفء لها، فذهبت طائفة إلى المنع وهو الراجح عندنا كما في الفتوى رقم: 31582، وذهب آخرون إلى جواز ذلك.
وعليه.. فلو كان الولي واحداً ممن ذكرنا وكان آخذا بقول من أجاز ذلك فلا إثم عليه ولا يعد ظالماً ولا يحق لأحد الدعاء عليه بسوء، وأما إن كان يعتقد حرمة ذلك وأقدم عليه فهو آثم ظالم يحق للمظلوم أن يدعو عليه بقدر مظلمته وإن كان الصبر والعفو أفضل لقوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى: 43}
ولا علاقة لك أنت بالموضوع فننصحك بالتوجه إلى الله تعالى في أن يقدر لك الخير ويرزقك الزوجة الصالحة، فما قضاه الله عز وجل سيكون، فلا ترهق نفسك وتتعبها في هذا الأمر. كما ينبغي أن تعلم بأنه لا يجوز لأحد أن يفسد امرأة على زوجها فا صرف قلبك عن هذه المرأة، والنساء سواها كثير، ولا تتبع خطوات الشيطان. وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(19/376)
لا حرج على من حلف على أمر يعتقد صحته
[السُّؤَالُ]
ـ[وصل مالي صادر عن وزارة المواصلات يتعلق بسيارتي الخاصة. دفع هذا الوصل من قبل المالكين السابقين للسيارة ثم فقد منهم. رفضت وزارة المواصلات تجديد رخصة السيارة لحين إظهار الوصل أو حلف يمين بشهود أمام محكمة الصلح بأن الوصل قد فقد. وعند الرجوع لأصحاب السيارة السابقين قالوا بأن الوصل قد تاه بين هؤلاء الأشخاص ولم أستدل عليه. فما رأي الدين في حلفي لليمين لحل هذه المشكلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت متأكدا من ضياع الوصل على المالكين السابقين فلا حرج في الحلف أمام المحكمة بأنه ضاع بناء على كلامهم. لأن من حلف على شيء يعتقد أنه كما حلف لا حرج فيه في البداية، ولا كفارة عليه إن تبين بعد ذلك أنه مخطئ، ولو أمكن أن يحلف المالكون السابقون لكان أولى. وراجع الفتوى رقم: 32314.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(19/377)
من حلف أنه إذا فعل شيئا معينا سيدفع مبلغا من المال
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على أن أترك شيئا معينا ولو فعلت ذلك الشيء سوف أدفع 100 دينار ولكن فعلت ذلك الشيء، فالسؤال هو هل يجب أن أدفع100 أو أستغفر أو ماذا؟ أريد الإجابة في حالة التعمد؟ وفي حالة عدم التعمد؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حلف على ترك شيء معين وأنه إذا فعله لزمه دفع مبلغ معين فإنه إذا فعل ذلك الشيء المحلوف عنه لزمه دفع المبلغ المعين وإلا فقد حنث في يمينه، ولذلك، فإن عليك أن تدفع المبلغ الذي عينت عندما تفعل ما حلفت على تركه برا لحلفك وحفظا ليمينك. وقد قال الله عز وجل: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89} وقال: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ {البقرة: 224} ، وإذا لم تدفع المبلغ المحلوف عليه فإنك قد حنثت في يمينك وتلزمك الكفارة في هذه الحالة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإذا لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
هذا إذا كانت يمينك على الإطلاق أي أنك لم تقيد الفعل بحالة التعمد ولا غيره، أما إذا كان حلفك على عدم الفعل متعمدا فإنك إذا فعلته ناسيا فلا شيء عليك لأن الحلف إنما وقع على حالة التعمد دون النسيان.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى: 16553، 4932، 10595.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(19/378)
بر اليمين والحنث فيها والتحلل منها
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الحلف على القرآن أن يتزوج الشخص إنسانا ما ولا يستطيع الزواج منه لأنه لم يدخل بقلبه وينفر من هذا الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى لمن حلف على ما ليس بمعصية أن يبر بيمينه، فإذا كان المحلوف على الزواج منه صاحب خلق ودين فننصح الحالف أن يبر بيمينه، ولا أثر لما يجده في نفسه من كرهه الآن، قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} . وقد أخبر سبحانه أنه ينزل المودة بين الزوجين فقال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً {الروم: 21} .
وإذا لم يستطع الحالف أن يبر بيمينه فحنث فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام وتراجع الفتوى رقم: 2654.
قال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمنيه. رواه مسلم.
فإذا كانت الحالفة لا تطيق من حلفت على الزواج منه أو وجدت من هو خير منه في دينه وخلقه فلتكفر عن يمينها ـ وقد بينا الكفارة المشروعة في اليمين ـ وبذلك تتحلل منها ولا إثم عليها في عدم الزواج به أو في الزواج من غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(19/379)
هل تجوز اليمين الكاذبة للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت بطلب للحصول على قطعة أرض ضمن الخطة الإسكانيه في بلدي، قبل أن يتم منحي اشتريت أرضا في منطقة عشوائية من حر مالي، وعند ظهور اسمي ضمن المستحقين في الخطة أعلاه توجب أداء قسم بعدم امتلاكي قطعة أرض حتى في منطقة عشوائية، وأفتى لي البعض بجواز القسم وأقسمت، وبعدها أحسست بالندم ولم أكمل باقي الإجراءات وحتى الآن أنا فقط مستحقه مع العلم (أن صيغة القسم ليست موحدة للمستحقين بأحوال مماثلة)
افيدوني؟ ماذا افعل جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الكذب حرام لا يجوز للمسلم ارتكابه، وأشد منه حرمة وأكبر إثماً اليمين الغموس وهو الحلف على الكذب، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر فقال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس. رواه البخاري وغيره
فهذه الأمور لا يجوز للمسلم ارتكابها إلا في حالة الضرورة التي لا يجد عنها مندوحة من التورية أو غيرها.
ولهذا فإذا كنت يحق لك الحصول على قطعة الأرض المذكورة ولم تستطيعي الوصول لهذا الحق إلا بالكذب فإنه يجوز لك -والحالة هذه- الكذب للحصول على حقك إذا لم يكن الحصول عليه ممكناً بالتورية والمعاريض. وقد قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتويين: 53250، 4512، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(19/380)
الحلف في البيع بين الكراهة والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ألاحظ أن بعض البائعين يزيدون في ثمن الخضار وعندما تطالبهم بخفض الثمن لا يريدون ويحلفون. فهل أشتري من هذا البائع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف في البيع مكروه إن كان الحالف صادقا، أما إن كان كاذبا فهذا حرام. وفي الحديث: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للبركة. رواه البخاري.
يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري: باب ما يكره من الحلف في البيع أي مطلقا، فإن كان كذبا فهي كراهة تحريم. اهـ.
أما هل تشتري من هذا البائع أو لا؟ فالشراء منه جائز، ولكن إن وجد بائع لا يحلف ويلتزم في تجارته الصدق والأمانة فينبغي ترك الشراء من البائع الحلاف زجرا له وإنكارا عليه، والشراء من التاجر الصدوق الأمين الملتزم بالأحكام الشرعية في بيعه وشرائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(19/381)
ما يلزم من الحنث في اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما يلزم من الحنث في اليمين أنا شاب في 30 من عمري كنت أرتكب معصية مع أحد الاصدقاء، وفي يوم قررت التخلي عنها وحلفت على المصحف أني لا أعملها مرة ثانية، وللأسف الشديد عدت وعملت معه هذه المعصية، وهذا الشيء كان منذ سنوات. أرجوكم قولوا لي ماذا أفعل قصدي ماهي الكفارة التي تجب علي قولوا لي ماذا أفعل لكي أرتاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو التوبة إلى الله عز وجل توبة نصوحا بأن تعزم على ترك هذه المعصية مطلقاً، وتندم على ما فات، وعليك كفارة يمين وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 204.
وإن لم تستطع شيئا من ذلك فصم ثلاثة أيام، قال الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(19/382)
من حلف أنه لا يملك جنيها واحدا مع أنه يمتلك أكثر من ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله لنا فيكم أرجو الإفادة في رجل طلب من شخص مبلغا من المال مع العلم أن هذا الرجل معروف أنه لا يرجع المال أو يماطل في سداد هذا الدين فالمطلوب منه حلف بالله أنه لا يوجد معه جنيه (والله معيش ولا حتى جنيه) وفعلا لا يوجد معه جنيه بل أقل ورقة نقدية معه هي مائة جنيه ودولار فهل هذا من الحنث والحلف بالكذب؟ أم هو من التورية الجائزة؟ وإذا كان حنثا ما الكفارة المستحقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله تعالى أعلم- أن هذا الرجل إن استحضر عند يمينه هذا المعنى الذي أشار إليه وهو كونه ليس معه جنيه واحد، وهذا هو حاله كما ذكر.
أو كان يقصد بقوله ما معي شيء أنه ليس معه شيء يُطيِّب به نفس السائل المماطل فلا يحنث، لأن هذين المعنيين يحتملهما لفظه، ولا يأثم لأنه لم يحلف على كذب حسب نيته، بل وحسب ظاهر لفظه في قوله ولا جنيه واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(19/383)
هل يحنث من أقسم أن اسمه كذا وقد حذف بعض اسمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اسمي محمد أحمد هذا اسمي ووالدي اسمه علي أقسمت على المصحف بأني محمد على حاذفا اسم أحمد من اسمي وذلك لأني أريد استخراج جواز سفر بهذا الاسم حتى يتسنى لي السفر إلى أوروبا فقد كنت مضافا فى جواز والدي باسم محمد علي ولم يكتب اسم (محمد أحمد علي) ، أرجو منكم إفادتي بحكم الدين فى أمري هذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل قد استحلف على أن هذا هو اسمه الكامل وحلف على الصيغة المذكورة فقد حنث وعليه التوبة إلى الله تعالى لأن يمينه يمين غموس تجب التوبة منها، ولا كفارة فيها عند الجمهور، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25860.
وسواء أقسم مع وجود المصحف أم لا، إلا أن الإثم يعظم إذا أقسم بالله تعالى واضعاً يده مثلاً على كتابه، وكذلك إن حلف بالمصحف فإنها يمين منعقده، وإن كان قد طلب منه أن يقسم على أن هذا اسمه بغض النظر عن كونه اسمه الكامل أم لا فالظاهر أنه لا يحنث لأن هذا جزء من اسمه مع اسم والده، وهو الذي كان في جواز والده قبل أن يفصل عنه، هذا إذا لم يترتب على يمينه حق للغير، فإن ترتب عليها حق للغير وحلف على حذف بعض اسمه ليتخلص من هذا الحق حنث، قال الشوكاني في نيل الأوطار عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم: يمينك على ما يصدقك به صاحبك. وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره قال: فيه دليل على أن الاعتبار بقصد المحلف من غير فرق أن يكون المحلف هو الحاكم أو الغريم وبين أن يكون المحلف ظالماً أو مظلوماً صادقاً أو كاذباً وقيل مقيد بصدق المحلف فيما ادعاه، أما لو كان كاذباً كان الاعتبار بنية الحالف ... قال وقد حكى القاضي عياض الإجماع على أن الحالف من غير استحلاف ومن غير متعلق حق بيمينه له نيته ويقبل قوله، وأما إذا كان لغيره حق عليه فلا خلاف أنه يحكم بظاهر يمينه سواء حلف متبرعاً أو باستحلاف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(19/384)
من حلف ليقضين الدين فوهبه الدائن الدين فقبله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي:أنا موظفة وكنت كلما أحتاج أقترض م بلغا معينا من زميل لي في العمل، وكنت أكتب الدين في ورقة وأحلف يمينا بان أسدده إلى أن كثر المبلغ، والآن صاحب الدين قد سامحني في كل ما اقترضت، فماذا أعمل في حلف اليمين هل علي كفارة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف فيمن حلف ليقضين دائنه ثم وهبه الدائن الدين وقبله، هل يحنث بمجرد القبول أو لا يحنث إلا إذا حل الأجل ولم يقضه؟.
جاء في مواهب الجليل وهو مالكي شارحا لقول الشيخ خليل: وبهبته له، يعني إذا حلف ليقضين دينه فوهب الطالب الدين للحالف فإنه يحنث، قال في التوضيح: لعدم حصول القضاء، اللخمي هذا على مراعاة الألفاظ، وأما على مراعاة المقاصد لا يحنث لأن القصد أن لا تكون نيته لددا، وعلى الحنث فهل يحنث بنفس قبول الهبة وإن لم يحل الأجل؟ وإليه ذهب أصبغ وابن حبيب. أو لا يحنث حتى يحل الأجل ولم يقضه الدين، ولو قضاه إياه بعد القبول وقبل حلول الأجل لم يحنث، وهو ظاهر قول مالك وأشهب.
فالمسألة إذاً مسألة خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنه لا حنث أصلا إن لم يقع لدد ومطل لأن المراد باليمين عدم اللدد، ومنهم من يرى أن مجرد قبول هبة الدين يقع به الحنث لأن الحلف وقع على القضاء وقد تعذر، ومنهم من يرى أنه لا يحنث بمجرد القبول، ولا يحنث إلا إذا حل الأجل ولم يقضه.
وعليه؛ فالأحوط للأخت السائلة أن تقضي الدائن إذا كان الأجل لم يحل؛ وإلا فتكفر عن يمينها احتياطا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(19/385)
الحنث في الحلف على ترك التدخين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حلفت على المصحف ثلاثة أيمان على ترك شرب السجاير ولكن الشيطان لعنه الله وسوس لي بأنني لم أقلع عنه لأنني شربت الشيشة ثم عدت لشرب السجاير فهل لي من توبة وهل أنا خرجت من الإسلام وهل لي كفارة على ذلك؟ وأنا نادم على ذلك أشد الندم والله أعلم بذلك أفيدوني جزاكم الله خيراً بأسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يهديك ويوفقك لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب، وما ذكرته من قسمك على الامتناع عن شرب السجائر وحنثك في ذلك قد بينا حكمه في الفتوى رقم: 9302.
والحنث لا يخرجك من الإسلام، وقد بينا الكفارة الواجبة عليك في الفتاوى المحال إليها.
فاتق الله سبحانه وتعالى ودع عنك التدخين، ومن شروط التوبة النصوح الصادقة إقلاعك عنه وتركك له، واعلم أن من تاب تاب الله عليه مهما بلغت ذنوبه، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} .
مع التنبيه إلى أن الواجب عليك ثلاث كفارات عن أيمانك الثلاث إن كنت قصدت بكل واحدة منها التأسيس وحلفتها متفرقة، وأما إن كنت حلفتها مجتمعة وقصدت بها التأكيد فعليك كفارة يمين واحدة، وانظر الفتوى رقم: 21762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1426(19/386)
كفارة الحلف بلفظ علي اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة الحلف بالقول علي اليمين، أن تقول لشخص أن تعطيني هذه الورقة ولم يعطها لك مع العلم بأنه حصل معي هذا الموقف وكنت غاضباً من الشخص الذي أتعامل معه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أنك حلفت على شخص بقولك (علي اليمين لتعطيني هذه الورقة) ولكنه لم يعطك إياها، فإن كان الأمر كذلك فالجواب أنه كان ينبغي له أن يفعل ما طلبت منه.
وأما هل هذه اليمين تحتاج إلى كفارة؟ فالجواب أن هذه ليست يمينا ولا يلزم بالحنث فيها كفارة، كما سبق في الفتوى رقم: 59620.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(19/387)
حكم الحلف على شيء وهو ناس أنه عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت في صديق لي قولا لا يعجبه وبسؤاله لي (هل قلت في ذلك الحديث) أجبته وأنا في حالة غضب (والله الذي لا إله إلا هو تحرم علي صلاتي إن قلت فيك مثل هذا القول) وعندما ذهب عني الغضب واسترجعت الأحداث وجدت أني فعلا قلت فيه الحديث الذي ذكره لي مع العلم أنني فعلا كنت ناسيا القول الذي قلته فيه وكانت نيتي الصدق فما هو حكم هذا القسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حلف على شيء بأنه لم يعمله وهو ناس لعمله إياه يعد يمينه من لغو اليمين عند أكثر أهل العلم، وقد بينا القول في ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 11070، 31913، 32314، 59704.
وعليك أن تستغفر الله وتتوب إليه من كلامك في أخيك، وأن تحرص على الثناء عليه ومدحه في المجالس التي تكلمت عليه فيها.
وحاول أن تستعطفه بالإحسان إليه حتى يرضى عنك، فإن صفا الجو بينكما فيمكن أن تصارحه بالموضوع مع الاعتذار البالغ والاستسماح، وأما إن لم يصف الجو بينكما تماماً فالأولى كتم الموضوع عنه لئلا يزداد غيظاً عليك، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 2094، 18180، 65124، 60110.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(19/388)
الأصل حسن الظن بالمسلمين مالم يتبين خلاف ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[منعت زوجتي من بيت أخيها أو الخروج معه وأقسمت على ذلك يمينا والسبب هو أننا شاهدنا زوجة أخيه مع رجل غريب وأهلها حاولوا تبرير ذلك بأنه هو خطيب أخته كيف سأتعامل مع أهل زوجتي علمأ أننا مغتربون وما هو حكم الشرع بالنسبه لأبويها؟ وهل أستطيع منع زوجتي من زيارتهم؟ علمأ أن أخاها وزوجته دائمي الزيارات لأهله؟.
أرشددونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري حقيقة هذا اليمين التي حلفت على زوجتك هل هي يمين طلاق أو غيره.
وعلى كل، فإن كانت مجرد يمين بالله، فيجوز لك أن تكفر عن يمينك، وتسمح لزوجتك بزيارة أخيها ما دمت لا تخشى عليها فساداً في دينها وخلقها، وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: م ن حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير.
أما إن كانت اليمين يمين طلاق، فإن الطلاق يقع عند زيارتها لبيت أخيها لحصول المعلق عليه على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن اليمين إن كانت لمجرد المنع والتهديد، فلا يلزم من الحنث فيها طلاق، وإنما كفارة يمين.
وبخصوص منع زوجتك من زيارة أبويها أو نحوهما من القرابات، فراجع فيه الفتوى رقم: 21322، والفتوى رقم: 56314.
هذا، وننبه إلى أن أمور المسلمين تحمل على السلامة من الآثام ما لم يتبين خلاف ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(19/389)
حكم الحلف بالنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الحلف بالنبي دون قصد نية الحلف في اللغة العامة بين الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد اتفق الأئمة على أن القسم بالمخلوق منهي عنه، وأن هذا القسم غير منعقد. قال صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. ولم يتنازع العلماء إلا في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فإن فيه قولين في مذهب الإمام أحمد، وبعض أصحابه كابن عقيل طرد الخلاف في الحلف بسائر الأنبياء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وإيجاب الكفارة بالحلف بمخلوق وإن كان نبيا قول ضعيف في الغاية، مخالف للأصول والنصوص، والقول الذي عليه جمهور الأئمة كمالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم أنه لا ينعقد اليمين بمخلوق البتة، ولا يقسم بمخلوق البتة. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 26378، والفتوى رقم: 9245. ويستثنى من الحرمة ما لو سبق لسان الشخص فحلف بغير الله كالنبي صلى الله عليه وسلم بغير قصد فلا إثم عليه، ولكن المطلوب منه أن يتنبه ويحفظ يمينه إلا عند الحاجة فيحلف بالله سبحانه وتعالى لا بغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(19/390)
النية عند صوم الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة حلفت يمينا وحنثت وقد تكرر هذا الشيء 3 مرات وهي لم تكفر عنهم فما كفارتها علما أنها صامت عن يمين واحدة، ولكنها نسيت عما حلفت في المرتين المتبقيتين فهل تكون نية صيامها أن تنوي الصوم عن الشيء الثاني وبعد 3 أيام تنوي الصوم عن الثالث أم ماذا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء فيمن حلف أيمانا ثم حنث هل تتعدد في حقه الكفارة أم تلزمه كفارة واحدة، وقد بينا ذلك الفتوى رقم: 11229 والفتوى رقم: 8186 فليرجع إليهما.
والكفارة هي ما ذكره الله تعالى في قوله: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89} فلا يصح الانتقال إلى الصوم إلا بعد العجز عن الإطعام والكسوة والعتق.
وأما نية الكفارة فيكفي أن تنوي الكفارة ولا يشترط أن تعين ما تكفر عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(19/391)
متى تجب الكفارة على من حلف يمينا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة عن سؤالي هذا وجزاكم الله خير الجزاء.
السؤال: حلفت امرأة على أخيها أن يأخذ منها مبلغا من المال مقابل قطعة أرض اشترتها منه ولكن أخاها حلف أن لا يأخذ منها المبلغ وأن يهب لها الأرض مقابل مساعدات كانت الأخت قد ساعدت بها أخاها وبعد إصرار تدخل طرف ثالث بينهما وأخذ المبلغ وقام بتغييره وقسمه بينها بالتساوي فأجبرت الأخت على أخذ المبلغ وكفرت عن يمينها بصوم ثلاثة أيام (لكنها غير متتالية) ولم تقتنع بالصوم فقامت وتصدقت بمبلغ ألف ونصف ريال يمني (ما يعادل 7.8 دولار) فدفعت 1000 ريال لأحد الفقراء و500 ريال لفقير آخر فما حكم الشرع فيما عملته؟ وهل كفرت عن يمينها؟ وهل يلزمها شيء آخر؟
أفيدونا مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأخت المذكورة قد حنثت ما دام أخوها لم يقبل المبلغ كله، وبالتالي فقد وجبت عليها الكفارة، وهذه الكفارة سبق تفصيل أنواعها في الفتوى رقم: 26595.
وقد أوضحنا فيها أن الصوم لا يجزيء إلا في حالة العجز عن الإطعام أو الكسوة أو العتق، وبالتالي فلا يجزئ الصيام عن تلك الأخت في حال قدرتها على واحد من الأمور الثلاثة المتقدمة.
كما أن دفع الكفارة لا يجزئ إلا لعشرة مساكين عند جمهور أهل العلم، كما سبق في الفتوى رقم: 6602.
وعليه، فالكفارة باقية في ذمة تلك الأخت في حال قدرتها على غير الصيام، ودفع النقود في كفارة اليمين جائز إذا ترتب على ذلك حصول مصلحة راجحة للفقراء، كما تقدم في الفتوى رقم: 54178.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1426(19/392)
حكم الحلف كذبا لتفادي مشكلة زوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[نفيدكم بأنني رجل متزوج وتعرفت في الفترة الأخيرة على فتاة قد تكون زوجتي يوما ما (الثانية)
ولقد حست زوجتي بأنني متغير قليلا وأن لدي فتاة أخرى في حياتي ولكن حتى الآن لم أحدد موقفي من الفتاة الجديدة حتى أعرف عنها كل شيء وتعرف عني كل شي وبحكم أنني لا أستطيع مقابلتها ولكن أتكلم معها طوال اليوم بالتلفون وزوجتي حست بالأمر وأحضرت المصحف وقالت لي احلف بأنك لا تعرف أي بنت أخرى فإذا أعلمتها قد تترك المنزل وتذهب ونحن لدينا طفلان وأهدم منزلي فاضطررت أن أحلف لها كاذبا كي لا يكبر الموضوع فهدأت الأمور الآن ولكن ماذا أفعل باليمين الذي أديته وهل علي أي كفارات وأنا مازلت أتحدث مع الفتاة وإذا صادفتني مشكلة كهذه مرة أخرى ماذا أفعل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجدر التنبيه أولا إلى أن محادثتك مع تلك الفتاة أمر محرم شرعا حتى يحصل بينكما عقد نكاح شرعي، وراجع الفتوى رقم: 48990 والفتوى رقم: 30792.
وكان عليك عدم الإقدام على الحلف كاذبا، وما دمت قد أقدمت على تلك اليمين فالواجب عليك أن تكثر من الاستغفار، فهذه تسمى يمين غموس ولا كفارة فيها عند كثير من أهل العلم، لكن الاحتياط في الدين إخراج كفارة يمين خروجا من خلاف أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 21841 والفتوى رقم: 6953.
وإذا وقعت في موقف مماثل فاجتهد في تفادي اليمين الكاذبة بكل وسيلة ممكنة، فإن عجزت عن ذلك وكان عدم اليمين سيترتب عليه ضرر معتبر شرعا فيجوز لك حينئذ الحلف كاذبا نظرا للمصلحة الراجحة، وراجع الفتوى رقم: 59523 والفتوى رقم: 7432.
والواجب عليك قطع العلاقة المحرمة بتلك الفتاة حتى يحصل بينكما عقد نكاح شرعي.
واعلم أن تعدد الزوجات مباح بشروط معروفة عند أهل العلم سبق بيانها في الفتوى رقم: 1342 والفتوى رقم: 1660 وإن قررت الإقدام على ذلك فتوخ الحكمة وحاور زوجتك الحالية وبين لها أن هذا أمر أباحه الله لك بل رغب فيه الشرع، وأنه لا يحق لها أن تعترض على أمر الله تعالى لعلها تقتنع بذلك من غير أن يحصل ضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(19/393)
غضب الله جزاء من حلف على يمين يقتطع بها مال غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[نشأ خلاف بيني وبين زوجتي بسبب سيارة قمنا بشرائها سويا ودفعت أنا 60% من قيمة هذه السيارة وقمت بتسجيلها باسمها لتسهيل الإجراءات وكان أبوها شاهدا على عملية الشراء والآن عندما طالبتهم برد ما دفعت أنكروا أني قد دفعت 60% من قيمة السيارة. والآن طلبت من القضاء توجيه اليمين الحاسمة لزوجتي وأبيها في المحكمة. فما هو الحكم إن أنكرا هذا أمام القاضي. وما هو جزاء من يحلف بالله كذبا وهو يعلم. وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من البلاء أن يصل الأمر بالزوجين إلى المقاضاة والجحود والمخاصمة، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، هذا وإذا صح أن الزوج اشترك مع زوجته في شراء هذه السيارة وسجلها باسمها ثم جحدته حقه فيها فإنها ارتكبت بذلك إثما عظيما بغصبها ماله بغير حق، وإذا لم تكن للزوج بينة على تملكه جزءا من السيارة فليس أمامه إلا أن يطلب اليمين من المنكر لحديث: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. رواه الترمذي فإذا حلفت زورا لتأخذ ما ليس لها فيصدق عليها قوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو عليها فاجر لقي ربه وهو عليه غضبان. متفق عليه.
ونصيحتنا للأخ السائل أن يبادر إلى نصح زوجته وتذكيرها بالله تعالى وعقابه، ويذكرها العشرة والمعروف قال تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة: 237} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(19/394)
ترويج السلع باليمين الكاذبة.. آثاره.. وأحكامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول البائع للمشتري إن القطعة أصلية ويحلف بأغلظ الأيمان، وهي عكس ذلك، وهل يتحمل مسؤولية القطعة، من الناحية المادية، أي المال والشرعي والعطل الناتج عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اليمين الكاذبة التي يحلفها صاحبها لينفق سلعته تعد كبيرة من كبائر الذنوب، والأحاديث في الزجر عن ذلك كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. رواه مسلم.
وذلك أيضاً من الغش والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من غش فليس منا. رواه مسلم.
وذلك أيضاً سبب في محق البركة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. رواه البخاري ومسلم.
ولكن هذا الحلف الكاذب في البيع وإن كان صاحبه آثماً عاصياً لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لا يؤثر على صحة العقد، فالعقد صحيح تترتب عليه آثار العقد الصحيح فينتقل به المال إلى البائع وينتقل المبيع إلى المشتري ولو كان المشتري مغبوناً، إلا أن له الخيار فله أن يمضي العقد وله أن يفسخه.
قال النووي في المجموع: إن باع ولم يبين العيب صح البيع مع المعصية، قال الشافعي رحمه الله في المختصر: وحرام التدليس ولا ينقض به البيع. وجملة القول في ذلك أن البائع إذا باع سلعة يعلم أن في ها عيباً، فإما أن يشترط فيها السلامة مطلقاً أو عن ذلك العيب، وإما أن يطلق، فإن أطلق واقتصر على كتمان العيب وهي مسألة الكتاب، فمذهبنا وجمهور العلماء أن البيع صحيح، ونقل المحاملي والشيخ أبو حامد وغيرهما عن داود أنه لا يصح، ونقله ابن المغلس عن بعض من تقدم من العلماء أيضاً.
واحتج أصحابنا بحديث المصراة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مشتري المصراة بالخيار إن شاء أمسك وإن شاء رد مع التدليس الحاصل من البائع بالتصرية، وهي عيب مثبت للخيار بمقتضى الحديث، فدل على أن التدليس بالعيب وكتمانه لا يبطل البيع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(19/395)
دعوة الشخص على نفسه لا تأخذ حكم اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب من حضرتكم الإجابة علي هدا السؤال في أسرع وقت وجزاكم الله خيرا
شخص أدمن على الحشيش وهو يجاهد نفسه على تركه بسبب كثرة مناصحته من قبل أصحابه المتدينين علما بأنه مصل فقال يوما لأصحابه وكان يصدق في ذلك قال أشهد الله وأقسم علي الله وأسأل الله أنه لو شربت الحشيش أنه يخلدني في جهنم وان لا يقبل مني صلاة ولا صوما ولا أي عبادة لو شربته بعد هدا اليوم،وفعلا تركه وتعالج ومضت مده معالجته وبعد أن شفي منه تماما عاد إليه أكثر من مرة من غير أن يكون محتاجا إليه وهو الآن ضميره يؤنبه وترك الصلاة تماما ويقول كل ما أصلي أشعر أن الله لا ينظر إلي ويقول إنه يصلي مثلا الصبح وينسى باقي الصلوات وأحيانا لا يصلي أياما بحجه أنه ينساها تماما فما حكم هذا القسم وماذا عليه؟ أتقبل منه التوبة علما بأنه قال هدا الكلام أكثر من مرة، وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء المرء على نفسه خوفا من الوقوع في المعصية غير مشروع لثبوت النهي عن دعاء الشخص على نفسه، كما سبق في الفتوى رقم: 10859 وقسمه على الله تعالى أن لا يتقبل منه عبادة.. إلى آخر ما قال كل هذا لا تنعقد به يمين شرعية، وبالتالي، فلا تلزم فيه كفارة يمين.
قال الحطاب في مواهب الجليل: أو قال: هو يأكل لحم الخنزير والميتة ويشرب الدم أو الخمر أو يترك الصلاة أو عليه لعنة الله أو غضبه أو أحرمه الله الجنة أو أدخله النار وكل ما دعا به على نفسه لم يكن بشيء من هذا يمينا. انتهى.
ولكن عليه أن يعلم أن شرب الحشيش وغيره من كل مسكر كبيرة من كبائر الذنوب، وجريمة شنيعة، وقد بينا حكم هذه المسألة وعقوبة مرتكبيها وذلك في الفتوى رقم: 17651 والفتوى رقم: 39293.
كما أن ترك الصلاة معصية قبيحة ومن تركها جاحدا لوجوبها فهو كافر بإجماع أهل العلم.
وتاركها تكاسلا وتهاونا فهو على خطر عظيم، والواجب عليه أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى قبل أن يدركه الموت وهو مصر على هذه المعصية الشنيعة.
كما يبادر بقضاء جميع الصلوات التي تركها ويقضيها بحسب استطاعته حتى يغلب على ظنه براءة ذمته من جميعها.
وتركه للصلاة بحجة أن الله تعالى لا يتقبل منه فإن ذلك من مكايد الشيطان ووساوسه لكي يترك المسلم هذه الفريضة العظيمة، وتنبغي مراجعة الأجوبة التالية: 512، 1145، 61320.
وليعم الشخص المذكور أن الله تعالى يقبل توبة عبده المسلم ويفرح بها مهما عمل من الجرائم والمنكرات. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى: 25}
وأن باب التوبة مفتوح ما دام المسلم لم يصل إلى مرحلة خروج الروح من جسده عند الموت، فليبادر قبل أن يفجأه الأجل مقيما على مبارزة الله بالمعصية، وليراجع الفتوى رقم: 30031.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(19/396)
شروط صحة الاستثناء في اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان شخص يحلف كثيرا وينفذ ما يحلف به، ولكن ذلك يسبب له حرجا كأن يقول مثلا لزوجته والله لن تذهبي لأمك وهو في حالة غضب فهو يخشى من كثرة حلفه
فهل يمكن أن يقول لزوجته أن أي حلف بعد الآن يكون معلقا على إذنه، فمثلا إذا قال \\\"والله لن تذهبي لأمك\\\" فهذا معناه أنك لن تذهبي إلى أمك إلا إذا وافقت وأذنت لك.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم لا ينبغي له الإكثار من الحلف لأن الله تعالى قال: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ {البقرة: 224} . وقال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89} وللمزيد راجع الفتوى رقم: 6869.
كما ينبغي للمسلم الاتصاف بالحلم والبعد عن أسباب الغضب والتغلب عليه، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 24820 والفتوى رقم: 8038.
وقول الرجل لزوجته: إذا قلت لك دائما والله لا تذهبي لأمك فمعناه إلا إذا وافقت على ذلك، فهذا القول إذا كان يقصد به أنه استثناء لما سيأتي من اليمين فهذا لا ينفعه لتقدم الاستثناء على اليمين.
والاستثناء لا يفيد إلا بشروط مذكورة في كتب أهل العلم، ومن بين هذه الشروط أن يكون الاستثناء متصلا باليمين مباشرة، أو منفصلا عنه لعارض لا يمكن رفعه كعطاس مثلا.
ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي مبينا شروط الاستثناء في اليمين:
ثم أشار لشروط الاستثناء الأربعة بقوله: إن اتصل الاسثناء بالمستثنى منه فإن انفصل لم يفد كان مشيئة أو غيرها إلا لعارض لا يمكن رفعه كسعال أو عطاس أو انقطاع نفس أو تثاؤب، لا لتذكر ورد سلام ونحوهما فيضر ونوى الاستثناء أي نوع النطق إلا إن جرى على لسانه سهوا فلا يفيد مشيئة أو غيرها، وقصد به حَلَّ اليمين ولو بعد فراغه من غير فصل ولو بتذكير غيره له لا إن قصد التبرك بإن شاء الله أو لم يقصد شيئا بها أو بغيرها من كإلا ونطق به وإن سرا بحركة لسان. انتهى.
أما إذا كان وقت الحلف ملاحظا في نيته تقييد الحلف بموافقته فتكون هذه النية مخصصة ليمينه، فإن لم تحصل هذه النية قام مقامها البساط وهو السبب الذي حمله على اليمين فينفعه ذلك ولا يحنث، وراجع الفتوى رقم: 53941.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(19/397)
مبنى اليمين على نية الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم لو أقسمت على عدم فعل شيء ثم فعلته دون قصد، مع العلم بأنني نويت استثناء عدم القصد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت حلفت ألا تفعل كذا ونويت عند اليمين (إلا من غير قصد) فإنك لا تحنث بفعل الأمر المذكور، من غير قصد لأن اليمين على نية الحالف، قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت إليه سواء كان ما نواه موافقاً لظاهر اللفظ أو مخالفاً له. انتهى.
وقال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت أو ساوت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(19/398)
دفع كفارة اليمين لزميل العمل الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ليه أن أدفع كفارة يمين لزميلي في العمل قهوجي حيث إن ظروفه المادية سيئة للغاية، مع العلم بأن عليه عدة كفارات يمين ... فأرجو أن تفتوني جزاكم الله ألف خير.
(وأرجو تفصيل كفارة اليمين بأن أستطيع أن أدفعها نقوداً أي إذا كان علي خمس كفارات وعلى زوجتي كفارتان فكم أدفع) والله من وراء القصد
أخوكم في الله / أبو أسامة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب على سؤالك فيه تفصيل:
أولا إذا كان زميلك فقيرا مسكينا جاز دفع الكفارة إليه , وراجع في كيفية إخراج كفارة اليمين، وهل يجوز إخراج القيمة فيها الفتوى رقم 459 والفتوى رقم: 6372.
ثانيا: الكفارة على الحانث نفسه، فلا يلزمك دفع كفارة زوجتك إلا أن تتبرع بذلك عنها.
ثالثا: إذا تكرر اليمين وحصل الحنث في كل يمين فإن الكفارة تجب عن كل يمين حصل فيه حنث، إلا إذا كان المحلوف عليه شيئا واحدا ولم تقصد بتكرار اليمين التأسيس وتجديد اليمين بل قصد التأكيد، فهنا يجب عليه كفارة واحدة، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 8186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1426(19/399)
تحريم الحلال في منظور الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ضمن نقاش مع الأهل حول منزل ودخولي إليه قلت يحرم علي المنزل كما تحرم علي فلانة التي هي خطيبتي المعقود القران عليها ما الحكم الشرعي في حال الدخول للمنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أنك علقت تحريم زوجتك التي عقدت عليها عقدا صحيحا على دخول المنزل فإن دخوله يترتب عليه التحريم المذكور، والراجح من كلام أهل العلم أن تحريم الزوجة تترتب عليه كفارة ظهار، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 7438.
وإن كان المقصود أنك حرمت على نفسك دخول المنزل المذكور ثم قمت بتحريم زوجتك بعد ذلك، فنقول: إن تحريم دخول المنزل هو من باب تحريم الحلال، وهي مسألة اختلف فيها أهل العلم.
فعند المالكية والشافعية: لا يترتب عليه لزوم شيء، وعند الحنفية والحنابلة: تلزم فيه كفارة يمين.
قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: إذا قال: هذا علي حرام لشيء من الحلال عدا الزوجة فإنه كذبة لا شيء عليه فيها، ويستغفر الله، ولا يحرم عليه شيء مما حرمه، هذا مذهب مالك والشافعي وأكثر الصحابة، وروي أنه قول يوجب الكفارة، وبه قال أبو حنيفة. انتهى.
وفي تبيين الحقائق ممزوجا بكنز الدقائق للزيلعي الحنفي: من حرم على نفسه شيئا مما يملكه بأن يقول: مالي علي حرام أو ثوبي أو جاريتي فلانة أو ركوب الدابة لم يصر محرما عليه لذاته لأنه قلب للمشروع وتغييره ولا قدرة له على ذلك؛ بل الله تعالى هو المتصرف في ذلك بالتبديل. قال رحمه الله: وإن استباحه كفَّر، أي إن أقدم على ما حرمه يلزمه كفارة اليمين، لأنه ينعقد به يمينا فصار حراما لغيره. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: ولو قال: فراشي علي حرام، فإن نوى امرأته فظهار، وإن نوى فراشه فيمين. نقله ابن هانئ واقتصر عليه في الفروع. انتهى.
أما تحريم الزوجة بعد ذلك فالراجح كما سبق أنه ترتب عليه كفارة ظهار، وهذه الكفارة مفصلة في الفتوى السابقة التي أحلنا إليها.
وكفارة اليمين تقدم تفصيلها أيضا في الفتوى رقم: 2053 وإن كان قصد السائل غير ما فهمنا فليوضح مراده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(19/400)
لا تنعقد اليمين إلا بأسماء الله أو صفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم فيمن يذكر اسمه أو اسم عزيز عليه إذا أراد أن يؤكد كلاما له،، مثل أن يقول:.......... وأنا فلان. أو............. وأنا ابن فلان أو أخو فلان.
فهل ذلك من المحظور شرعا لما فيه من الشبه بالحلف بغير الله وتعظيم النفس.. وقد قيل في تعريف القسم أو اليمين بأنه توكيد خبر بذكر معَظَّم؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليمين شرعا عرفها أهل العلم بأنها تأكيد وتثبيت أمر غير واجب الوقوع عقلا أو عادة.
ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي: اليمين تحقيق أي تقرير وتثبيت ما ـ أي أمر ـ لم يجب عقلا أو عادة. انتهى.
وفي الغرر البهية لزكريا الأنصاري الشافعي: اليمين تحقيق ما لم يجب وقوعه ماضيا كان أو مستقبلا نفيا أو إثباتا. انتهى.
واليمين شرعا لا ينعقد إلا باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته؛ كما سبق في الفتوى رقم: 59934.
وإذا احتاج الإنسان إلى الحلف لتأكيد مسألة ما فليحلف باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
والعبارات التي ذكرها السائل لا تنعقد بها اليمين شرعا ولا يقصد بها اليمين حسبما وقفنا عليه من معلومات، بل قد يراد بها تأكيد الخبر أو الفعل بذكر ما يفتخر به كالانتساب إلى فلان، وقد تستعمل لغير ذلك من المقاصد. وبالتالي، فليست يمينا. وينبغي الابتعاد عن التلفظ بها إذا كانت لفخر أو كانت مشتملة على تزكية النفس المنهي عنها في قوله تعالى: فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم: 32} وراجع افتوى رقم: 51277.
وللتعرف على حكم الحلف بغير الله تعالى راجع الفتوى رقم: 19237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(19/401)
هل يطعم من صام كفارة ليمين ثم أيسر
[السُّؤَالُ]
ـ[من كان عليه كفارة يمين وكفرها بصيام ثلاثة أيام وبعد الصيام بثلاثة أيام قدر على إطعام عشرة مساكين فهل يجزئ الصيام أو أقوم بإطعام عشرة مساكين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عجز عن كفارة اليمين بواحدة من خصال الكفارة الثلاثة المخير فيها وهي الإعتاق والإطعام والكسوة فصام ثلاثة أيام وأتمها ثم أيسر بعد ذلك فلا يجب عليه أن يعود للتكفير بواحد منها باتفاق العلماء، لأنه قد برئت ذمته من الكفارة بالتكفير بالصوم وهذا واضح جلي قال الله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ {المائدة: 89} . واختلف العلماء فيمن شرع في الصوم فقدر على غيره قبل إتمامه قال ابن قدامة في المغني: إذا شرع في الصوم ثم قدر على العتق أو الإطعام أو الكسوة، لم يلزمه الرجوع إليها. روي ذلك عن الحسن وقتادة، وبه قال مالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر. وروي عن النخعي والحكم أنه يلزمه الرجوع إلى أحدها، وبه قال الثوري وأصحاب الرأي؛ لأنه قدر على المبدل قبل إتمام البدل فلزمه الرجوع ثم قال رحمه الله: إن أحب الانتقال إلى الأعلى فله ذلك في قول أكثرهم ولا نعلم خلافا إلا في العبد إذا حنث ثم عتق. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1426(19/402)
كفارة اليمين الغموس والمنعقدة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بسيط: عندما كنت أقيم فى الأردن كنت إنسانا منحرفا وكنت زانيا وكنت نصابا وكنت مقامرا ولكن بعد أن أتيت إلى أمريكا أصبحت إنسانا أفكر فى الدين وعبادة الله ... وأصبحت أخاف الله، سؤالي أخي الكريم: لقد حلفت عدة أيمان زور وأقسمت بالله ولم أف بوعدي، هل يجوز لي أن أطعم عشرة مساكين أو أصوم ثلاثة أيام، أو أحرر رقبة، هل يجوز، أريد أن أتوب إلى الله بارك الله فيكم يا ملائكة الرحمة، صدقوني بعد أن عرفت هذا الموقع تحسنت نفسيتي كثيراً وعلمتموني ما معنى عدم اليأس، ولولاكم كنت أفكر فى الانتحار.. لأننى عانيت من مرض نفسي وكنت أفكر أن حياتي انتهت وقلت لنفسي إني سأموت، ولكن ما عجز عنه الدكاترة فى أمريكا أنتم فعلتموه أنا وزجتي نشكركم بشدة على هذا الموقع الكبير.. وصدقوني حتى الأمريكان هنا معجبون بهذا الموقع لأن الدكتور سألني كيف تحسنت إلى هذا الحد قلت له اذهب إلى هذا الموقع وستعرف السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك أخي الفاضل ونفعنا الله وإياك بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ورزقنا التمسك بهما قولا وعملا وثبتنا على ذلك حتى الممات، والحمد لله الذي وفقك للعودة إلى التمسك بشرعه، ففيه الأمن والراحة والطمأنينة وفي غيره العناء والشقاء وصدق الله إذ يقول في كتابه الكريم: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى {طه:124-125-126} ، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97} .
أما ما ذكرت من ارتكاب المعاصي من الزنى ونحوه فالتوبة النصوح وهي الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات والعزم على عدم العود للذنب تمحو كل ما فات فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب حبيب الله تعالى، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222} ، إلا إذا كان عليك حقوق للآدميين فإن عليك أن تردها لهم حسب قدرتك، وبالطرق والوسائل المناسبة. وأما الأيمان التي كنت حلفتها ولم توف بها فإن عليك لكل يمين كفارة وهي: إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوة عشرة مساكين أو تحرير رقبة مؤمنة، وهذه الثلاثة على التخيير فمن فعل واحدة منها أجزأته عن الباقي، فإذا عجز عن هذه الثلاثة انتقل إلى صيام ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89} ، وهذا في اليمين المحققة (المنعقدة) وهي: أن يحلف على أمر في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله، فإذا حنث وجبت عليه الكفارة، والحنث هو: فعل ما حلف ألا يفعله، أو ترك ما حلف أن يفعله. أما اليمين الغموس فهي عند جمهور العلماء اليمين التي يحلفها على أمر ما كاذبا عالما، وفي وجوب الكفارة في هذا النوع خلاف: فذهب جمهور العلماء إلى عدم وجوب الكفارة، وإنما عليه التوبة والاستغفار، وذهب الشافعي إلى وجوب الكفارة وهو رواية عن أحمد وهو الأحوط.
وننبهك -بارك الله فيك- إلى لفظة في سؤالك لعلها زلة لسانٍ وهي قولك "يا ملائكة الرحمة"، فنحن لسنا ملائكة، وإنما نحن من جملة أمة محمد صلى الله عليه وسلم نسعى بتوفيق الله إلى أن ننفع إخواننا المسلمين فيما يتعلق بأمر دينهم، فنسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(19/403)
من مسائل اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على صبي في محلي أنه إذا رأيت أو سمعت بأنه أدخل أشخاصا إلى داخل محلي للجلسة واللعب فإني سأطرده وإذا بي أفاجأ بشخص في المحل نهيته عنه.
فعندما غضبت عليه قال لي إن هذا الشخص يعرف أني حلفت ومع هذا تعمد الدخول علماً بأنه يكون ابن صاحب العقار الذي أجره لي.
فماذا تقولون في هذا هل تلزم الكفارة أم لا؟ أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تبين أن هذا الصبي لم يدخل هذا الشخص باختياره ولم يرض بدخوله فإنه لم يحصل ما علقت عليه اليمين، فلا يلزمك طرد هذا الصبي أو كفارة يمين، لأن الدخول حصل بغير اختياره، ويمينك معلقة على إدخاله هو له ولم يدخله هو كما ذكر ذلك لك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(19/404)
أحوال كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل شجار عائلي مع أهل زوجتي وحلفت أن لا أدخل بيتهم ثانية، هل يقع، وما هي كفارة اليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد حلفت على عدم دخول بيت أهل زوجتك فإنك تحنث إذا دخلت وعليك كفارة يمين، وهي أحد أربعة أمور:
1- إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أنت وأهلك، ولذلك عدة صور -منها أن تعطي كل واحد منهم مدا من غالب قوت أهلك، ومنها أن تغديهم أو تعشيهم كذلك، ومنها أن تدفع لهم قيمة الطعام إن كان ذلك أصلح للفقراء.
2- كسوة عشرة مساكين.
3- عتق رقبة عبدا أو أمة، وهذه الأمور الثلاثة على التخيير، يفعل الحانث أيها شاء فإن عجز عنها جميعاً انتقل إلى الأمر الرابع وهو:
4- صيام ثلاثة أيام، وهذه الكفارة بأقسامها الأربعة مذكورة في كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89} .؟
وإذا كان الخير في دخولك بيت أهل زوجتك فالتكفير خير من التمادي عن الامتناع، فقد روى مسلم في صحيحه عن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا حلف أحدكم على يمين فرأى خيراً منها فليكفرها وليأت الذي هو خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(19/405)
واجب وكفارة من حلف على معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[حينما كانت أختي تعد لنا طعام السحور في أحد أيام شهر رمضان المبارك طاحت في الدرج وهي تحمل إبريق الشاي والقهوة وهما ساخنان جدا فانزلقا عليها فصرخت من شدة الألم حيث سببا لها حروقا شديدة في أجزاء متفرقه من جسمها وحينما رآها والدي لم يتمالك أعصابه ومن شدة الغضب حلف وقال والله إنني لن أصوم بقية أيام رمضان وفطر اليوم التالي ولكنه بعد ذلك استعان بالله ثم عاد وصام بقية الأيام السؤال يافضيلة الشيخ هل يجب عليه أن يقضي اليوم الذي أفطره فقط أم ماذا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لمسلم أن يحلف على أن يترك ما فرض الله عليه، وإن حلف فقد عصى الله تعالى فعليه التوبة ولزمه الحنث، فلا بد أن يصوم البقية من رمضان في مسألة السائل ولزمته كفارة اليمين ـ ووجب عليه قضاء اليوم الذي أفطر فيه، وقد عصى الله أيضا في فطره هذا اليوم ـ فعليه التوبة من ذلك كما أوضحنا في الفتوى رقم: 12069. قال الزيلعي في نصب الراية: ومن حلف على معصية ينبغي أن يحنث ويكفر أي يجب أن يحنث لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية الله، ولا في قطيعة رحم. رواه أبو داود. وقال في دقائق أولي النهي: ومن حلف على فعل محرم أو ترك واجب وجب حنثه لئلا يأثم بترك الواجب أو فعل المحرم، وحرم بره. انتهى.
ولبيان كفارة اليمين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2022. ومن جهة أخرى فإنه لا يجوز للمسلم أن يتسخط على أقدار الله تعالى، وعليه إذا وقع في مثل هذه الأمور أن يحمد الله أن الأمر ليس أعظم من هذا، ويسأل الله العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(19/406)
لا تنعقد اليمين بمجرد نية القلب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقع اليمين بالتلفظ بالقلب بدون التلفظ فيها جهرا؟ وهل تقع اليمين بمجرد التلفظ بالقسم (المقسوم به كلفظ الجلالة) من دون ذكرالمقسوم عليه أي الأمر الذي يقسم عليه، أم لا بد من القسم التلفظ بالمقسوم به والمقسوم عليه.
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اليمين لا تنعقد بمجرد نية القلب، بل لا بد من تلفظ اللسان بالمقسم به كقولك: والله، والفعل كقولك: لأفعلن كذا، أما إذا قلت: والله، ولم تتلفظ بالمقسم عليه فلا تكون يمينا إذ لايكفي التلفظ بأحدهما، ولا بد أيضا أن يكون اللفظ بصوت يسمع به نفسه لو كان صحيح السمع ولا عارض يمنع من السماع كاللغط ونحوه، لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست ـ أو حدثت ـ به نفسها، مالم تعمل به، أو تتكلم. قال الكرماني: فيه ـ أي الحديث ـ أن الوجود الذهني لا أثر له، وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات، والعملي في العمليات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(19/407)
إبرار قسم الأب بعد مماته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق متزوج منذ 20 سنة ورزقه الله بطفل هو في الثامنة عشرة من عمره وحدثت في بداية زواجه مشاكل مع والده وزوجته وكان نتيجتها ان أقسم والده يمينا أن لاتدخل زوجة صديقي البيت في حياته وبعد مماته يقصد بيته هو وصديقي يعمل فى بلدة خارج المدينة التي فيها بيت الزوجية وحدثت نتيجة هذه الخلافات أن انفصل هو وزوجته وعاشت هي تربي ابنها وهو يقوم المصروف ومن حوالي سنوات قليلة وبعد وفاة والده رجع هو وزوجته ولكن يعيشون في شقة أخرى غير شقة والده ولما كان هذا محل الإقامة الأساسي وخوفا من ضياع الشقة اضطر صديقي للعيش بمفرده في شقة والده رحمه الله وزوجته وابنه في شقة أخرى مما أثر على نفسية ابن صديقي فأصبح بعد الالتزام يسهر ليلا ويتأخر كثيرا وعندما عنفه والده على ذلك حدث للولد تشنجات وآثار نفسية قوية جعلته يدخل المستشفى ليعالج فطلبنا منه أن يصطحب زوجته وابنه ليعيشا معا في بيت والده فافاد بأن والده أقسم وهو يريد أن يبر بقسم والده وكذلك إخوته لم يقتنعوا بحنث يمين والدهم رحمه الله
وهو الآن بين أمرين: أن تضيع الشقة أو أن يفقد ابنه نريد الآن أن نعرف هل يبر بقسم والده بعد وفاته أو ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإبرار القسم مندوب غير واجب، ولمزيد فائدة تراجع الفتوى رقم: 17528، وعليه فلا حرج على هذا الرجل أن يسكن بزوجته في البيت الذي ورثه من أبيه، وننبه إلى أن ما ورثه من أبيه لا يفقده بسكنه في غيره فله المطالبة به ولو بعد حين، وبهذا يعلم أن هذا الرجل باستطاعته أن يعيش مع زوجته وأولاده إما في البيت المستأجر أو في البيت الموروث، فلا يوجد ما يبرر أن يعيش الرجل في بيت وزوجته وولده في بيت آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(19/408)
التراجع عن اليمين لمصلحة أكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد حلفت بالله (أقسمت بالله) لخطيبتي أنني سوف لن أعطيها أكثر من 100000 ديناراكصداق لها ,لكن بعد شهور رأيت أنني مضطر لأعطيها 120000 دينار ’وذلك لتداول هذا المبلغ كصداق في بلدتنا ولأسباب أخرى. فهل يجوز لي أن أراجع قسمي قبل تنفيده ,وكيف هي الكفارة لذلك إن راجعت قسمي ومنحتها المبلغ الثاني كصداق.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمينك التي أقسمتها لا يمكنك التراجع عنها ولا التحلل منها إلا بأداء كفارتها التي قد سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 2654، فإن كانت المصلحة تقتضي تحنيث نفسك فافعل ذلك امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(19/409)
اليمين على نية الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل د. عبد الله الفقيه حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
أسأل الله تعالى أن يحفظ الشيخ وأن يعز به دينه وأن يعينه على الصدع بالحق وأن يقيه كل شر وبلاء ومكروه
السؤال: حلفت بالله على ابني أن لا يعمل صيانة لدراجته المفككة ولا يلمسها وذلك خوفا من العبث بملابسه وجدران البيت وكانت صيغة الحلف هي والله يا فلان لو تصينها أو تقربها أو تلمسها لأكسرها وأنا أقوم بصيانتها لك في مكان صيانة الدراجات أرخص لي من عبثك بملابسك وعبثك بالبيت والذي حصل هو أنه أخرج الدراجة خارج البيت وعمل لها صيانة خارج البيت ظنا منه أن ذلك لم يكن في مضمون الحلف.
نريد أن نعرف ما هو الحكم الشرعي المترتب على هذا اليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للسائل الكريم جزاه الله خيرا: إن اليمين على نية الحالف، فإن النية تخصص اللفظ العام وتقيد اللفظ المطلق، فإن كانت نيتك باليمين عدم إصلاحه لدراجته داخل البيت خاصة فإنك لم تحنث والحالة هذه، وأما إن كانت نيتك عدم إصلاحه للدراجة بنفسه داخل البيت أو خارجه فهنا إما أن تبر يمينك فتكسر الدراجة، وإما أن تحنث، ولا شك أن الحنث في هذه الحالة متعين إذا كان تكسير تلك الدراجة فيه إفساد وإضاعة للمال. وعليك حينئذ أن تخرج كفارة يمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم. وكفارة اليمين مبينة في الفتوى رقم: 26595.
قال ابن قدامة في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت إليه. انتهى. وقال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وخصصت نية الحالف وقيدت. انتهى.
وإننا ننصح الأخ الكريم وغيره من المسلمين بعدم التسرع في الأيمان، فإن الله سبحانه وتعالى قد أمر بحفظها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(19/410)
الوفاء بعهد الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هي فتاة متدينة جعلت من شخصي شابا صالحا إن شاء الله. أخرجتني من مستنقع المعصية والفساد. كانت سببا بأن أطهر نفسي وأعود تائبا إلى الله عز جلاله. بمرور الوقت نشأت بيننا علاقة مودة طاهرة, علاقة تكامل, أحببتها في الدين وأردت منها الزواج الحلال. ولكن ما راعني إلا أنها عارضت ولم تقبل رغم أنها كانت تقاسمني نفس الرغبة. ولعل السبب أنها في وقت سابق, وفي لحظة ضعف, سمحت لنفسها بأن يلمسها شخص وعدها بالزواج ويعدها حاليا بالزواج. هذه الحادثة خلقت كرها وحقدا شديدين من الفتاة نحو هذا الشخص ولكن وجدت نفسها سجينته وذلك لأنها قطعت عهدا مع الله عز جلاله أنها لن تكون زوجة إلا لمن كانت معه الخطيئة.
السؤال هنا هو هل أن هذه الفتاة ليس لها حل إلا أن تتزوج ممن كانت معه الخطيئة وهي في حالة كره له ومتأكدة أنها لن تذوق طعم السعادة معه, أم أنها يمكن أن تعيد بناء حياتها من جديد مع شخص آخر علما أنها قطعت عهدا مع الله؟ وكيف السبيل إلى تبرئة هذا العهد؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعهد مع الله يجب الوفاء به؛ لقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ {النحل: 91} . وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء: 34} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا دين لمن لا عهد لا له. رواه أحمد.
ولكن في العهد تفصيل وهو أنه إن كان عاهد الله على قربة وطاعة فهي نذر ويمين، وإن عاهد الله على ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر، وإلى هذا التفصيل ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.
وعليه؛ فمعاهدة هذه الفتاة الله تعالى أن تتزوج الرجل المذكور يستحب لها الوفاء به، فإن رأت أن الأفضل لها في دينها أن لا تتزوج من هذا الشخص فتكفر عن يمينها، ولا يلزم من وقعت في خطيئة وفاحشة مع رجل أن تتزوج به، والذي يلزمها التوبة إلى الله من هذه الخطيئة؛ بل لا ينبغي للمرأة اختيار مثل هذا الرجل للزواج، فقد حث الشرع على اختيار صاحب الدين والخلق. مع التنبيه إلى عدم جواز إقامة علاقة مع رجل أجنبي قبل الزواج. ويرجى الاطلاع على الفتاوى التالية: 30003، 46632.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(19/411)
اليمين المنعقدة يتحلل منها بالكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس للمرحلة الثانوية ونظراً لأن بعض الطلاب لديهم شغب فقد أقسمت لهم أن أضع برنامج خصم نصف درجة لكل من أضع أمامه علامة، وقد قمت بذلك ولكنني رأيت أن هذا يضرهم من خصم درجاتهم لأن منهم من تجاوز أكثر من أربع علامات وأنا أريد أن أتراجع عن هذا، فهل يجوز لي ذلك وأكفر عن يميني أم أن الحلف معفي عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد رأيت أن المصلحة تقتضي الحنث في يمينك فلك الحنث وعليك الكفارة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه. رواه مسلم وغيره.
ويمينك لازمة لا يمكن التحلل منها إلا بالكفارة، التي سبق تفصيل أنواعها في الفتوى رقم: 2654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1426(19/412)
حكم من حلف أن لا يكلم زميله بالمسنجر فكلمه بالهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم: هناك شخص كان مع الماسنجر يتحدث مع آخر ولكن لم يرد عليه في الكلام، وقال له إنه يريد أن يقفل النت لأنه مشغول، ولكن الآخر أرسل إليه وقال أقسم بالله إن قفلت فلن تسمع ولن أتحدث معك ولن أرسل لك، وتاكيداً لحلفه لم يفتح الماسنجر الخاص به الذي يعرفه الآخر، ولكن بعد فتره اتصل الثاني به عبر الهاتف فلم يستطع رده وتحدث معه، فطبعا عليه كفارة يمين لكن هل يفتح الماسنجر وأكيد سوف يكتب له، وهل يمكن إخراج الكفارة التي هي 2 كيلو ونصف من الأرز لعائلة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشخص الذي حلف أن لا يكلم زميله إن فعل كذا، وفعل زميله ذلك الأمر يعتبر حانثا بمجرد تحدثه مع زميله في الهاتف، إلا إن نوى وقت الحلف أنه لن يتحدث معه في الماسنجر، فالنية تخصص العام وتقيد المطلق.
وإذا حنث فعليه كفارة واحدة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو صيام ثلاثة أيام وليست كفارة اليمين كما في السؤال، ولتوضيح كفارة اليمين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 22807.
هذا إذا لم يقصد بيمينه أنه كلما تحدث معه أو أرسل له رسالة لزمه الحنث، فإن نوى هذا المعنى فإنه يحنث كلما كلمه أو أرسل له رسالة، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل بن إسحاق المالكي عند قوله وتكررت إن قصد تكرر الحنث، قال: يعني أنه إذا حلف مثلاً ألا يكلم زيدا ونوى أنه كلما كلمه لزمه الحنث فإنه يلزمه كفارة يمين كلما كلمه. انتهى.
والحالف أدرى بما نوى وما قصد، ثم إنه إن تحدث معه أو استمع له إن كان حلف ألا يستمع له أو أرسل له رسالة لزمته كفارة واحدة ما دامت اليمين واحدة، كما يحنث بواحدة من الثلاث المحلوف عنها وهي: التحدث معه والاستماع له وإرسال الرسالة له، قال في المغني: وإذا حلف يمينا واحدة على أجناس مختلفة فقال والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست فحنث في الجميع فكفارة واحدة لا أعلم فيه خلافا؛ لأن اليمين واحدة والحنث واحد، فإنه بفعل واحد من المحلوف عليه تنحل اليمين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(19/413)
حفظ الأيمان وكفارة الحنث فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حلفت على ابني علي البارحة أن يستحم وقلت (والله إذا لم تستحم وخليك تنام وأرميك في الحمام الله يعزكم وأفتح عليك الدش) ، المهم أني شغلت البارحة وهو استغفلني وراح نام وأنا ظننت أنه استحم ونام وفجأة اليوم في الصباح عند سؤال أخته أين علي قالت إنه يستحم،، المهم ماذا أفعل هل الصيام يكفر ذلك الحلف أم ماذا أفعل مع أنني أعرف أن الحلف الكثير حرام.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ما دامت السائلة الكريمة قد حلفت على فعل أمر ولم يحصل فعليها كفارة اليمين وهي مفصلة في الفتوى رقم: 28392، والفتوى رقم: 26595، وننصح الأخت السائلة بعدم التسرع في الأيمان فقد أمر الله بحفظ الأيمان فقال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89} . وكثرة الحلف أمر منهي عنه شرعا ـ هذا إذا كانت تقصد إن لم يستحم هذه الليلة فإن لم تقصد الليلة التي وقع الحلف فيها بأن حلفت عليه أن يستحم في نفس الليلة أو في صبيحتها أو نحو ذلك فإنها لم تحنث أصلا لأنه استحم بنفسه وبالتالي فلا حنث عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(19/414)
من أقسم مرارا على شيء وحنث
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بالحلف بالله العظيم مرات عديدة تقريبا 500 مرة (خمسمائة مرة) وأنا نادمة جدا على هذا، وليس لدي مال كثير جدا للتكفير عنها، ولكنني أعمل مدرسة وأتقاضى راتبا متوسطا كما أن الصيام أيضا سيكون خيارا صعبا، فهل يمكنني الاستغفار والتوبة فقط مع العلم بأنني نادمة جدا وناوية على عدم تكرار ذلك، وإن لم يمكن ذلك فما هو الحل؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليمين تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: يمين لغو: وهي كقول الرجل: لا والله، وبلى والله من غير أن يقصد اليمين، أو أن يحلف عل شيء يظنه كما حلف فتبين أن الأمر على خلاف ما يعتقده، فهذه اليمين لا كفارة فيها عند أكثر أهل العلم، كما في المغني لابن قدامة.
الثاني: يمين منعقدة: وهي أن يحلف أن يفعل شيئا فلم يفعله أو لا يفعل شيئا ففعله، فعليه الكفارة. قال ابن قدامة في المغني: لا خلاف في هذا عند فقهاء الأمصار.
الثالث: اليمين الغموس: وهي أن يحلف على شيء وهو يعلم أنه كاذب، فهذه لا كفارة فيها عند جمهور العلماء. أخرج البيهقي في السنن تحت باب: في اليمين الغموس.. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها اليمين الغموس.
وذهب الشافعي إلى وجوب الكفارة فيها، والراجح قول الجمهور.
واعلمي أن من حلف أن لا يفعل شيئا ثم فعله فإنه يكون قد حنث وتلزمه الكفارة، فإن أخرجها ثم عاد فحلف أن لا يفعله ثم فعله حنث، وعليه كفارة أخرى باتفاق العلماء.
وأما إذا حلف أن لا يفعل شيئا ولم يحنث ثم حلف مرة ثانية ثم حنث فللعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال.. أرجحها أنه لا تجب عليه إلا كفارة واحدة لأدلة منها ما رواه عبد الرزاق والبيهقي وابن حزم بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا أقسمت مرارا فكفارة واحدة. وروى عبد الرزاق أيضا وغيره عن مجاهد قال: زوج ابن عمر مملوكه من جارية له فأراد المملوك سفرا، فقال له ابن عمر: طلقها، فقال المملوك: والله لا أطلقها، فقال له: ابن عمر والله لتطلقنها، كرر ذلك ثلاث مرات، قال مجاهد لابن عمر: كيف تصنع؟ قال: أكفر عن يميني، فقلت له: قد حلفت مرارا. قال: كفارة واحدة.
ولعله بهذا التفصيل تكون قد خفت عنك الكفارات، وما لزمك منها حسب التفصيل السابق فلا بد له من الكفارة، فإن عجزت عن واحد من العتق أو الإطعام أو الكسوة فعليك صوم ثلاثة أيام لكل يمين حنثت فيها، والأفضل تتابع الأيام الثلاثة، ولا يشترط ذلك، بل يجوز صومها مفرقة، فالأمر فيه سعة ولله الحمد.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(19/415)
هل تنعقد اليمين بقول حد بيني وبين كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص كان في مناسك الحج وهو في الحرم قال حد بيني وبين المحل الذي كنت أشتغل فيه
أن أرجع إليه. وهو محل مواد تنظيف. وبعد رجوعه من مناسك الحج إلى أهله رجع إلى المحل
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نطق به الشخص المذكور لا يعتبر يمينا منعقدة، وبالتالي، فلا تلزمه كفارة، لأن اليمين إنما تنعقد باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته. قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج وهو يتكلم عن اليمين: لا تنعقد إلا بذات الله تعالى أو صفة له كقوله والله رب العالمين والحي الذي لا يموت، ومن نفسي بيده، وكل اسم مختص به سبحانه وتعالى.
وعليه، فهذا اللفظ المذكور لا يعتبر قسما ولو حصل في الحرم أثناء الحج. وراجع الفتوى رقم: 14172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(19/416)
تدفع كفارة اليمين من مال الحالف الخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن كفارة اليمين. لا زلت أدرس وأعيش مع والدي فهل أخرج الكفارة مما في بيتنا من طعام أم من مصروفي الشهري الخاص.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوجب على الأخت السائلة أن تدفع كفارة اليمين من مالها الخاص، فإن لم تستطع فعليها أن تصوم ثلاثة أيام، وكنا قد ذكرنا مقدار كفارة اليمين وما يجب فيها في الفتويين التاليتين: 204، 20196. فليرجع إليهما، فإن أذن لها أبوها في إخراج الكفارة من ماله فلا حرج في ذلك، وإن لم يأذن فلا يجوز إخراجها من ماله، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. رواه الدارقطني في سننه، والحديث في سنن البيهقى بلفظ: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(19/417)
لغو اليمين لا كفارة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد،،
أقسمت يمينا بالله على أمر أني لم أفعله وكنت ناسية، ولكني تداركت ذلك بعد وقوع اليمين. فهل علّى كفارة؟ وهل أصحح أقوالي بعد تداركي للخطأ أم أصمت لأن الأمر قد مر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد فعلت ذلك الأمر، ثم حلفت ناسية فعله فهذا من لغو اليمين عند أكثر أهل العلم، ولا كفارة فيه.
قال الخرقي: ومن حلف على شيء يظنه كما حلف فلم يكن فلا كفارة عليه، لأنه من لغو اليمين. قال ابن قدامة شارحا له: أكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها، قاله ابن المنذر، يروى هذا عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي مالك وزرارة بن أوفى والحسن والنخعي ومالك وأبي حنيفة والثوري.
وممن قال إن هذا من لغو اليمين: مجاهد وسليمان بن يسار والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه. وأكثر أهل العلم على أن لغو اليمين لا كفارة فيه، وقال ابن عبد البر: أجمع المسلمون على هذا. انتهى
وعليه، فلا كفارة عليك في هذا اليمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(19/418)
الحلف على المصحف يزيد اليمين تأكيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت على علاقة مع بنت الجيران، وكنت أقبلها مرة مرة عند كل لقاء وبعد مدة بدأت أشعر بالذنب فأقسمت ويدي محطوطة على القرآن الكريم على أن لا أقبلها مرة أخرى إلا بالحلال، ولكن بعد مدة رجعت إلى نفس العادة أي أقبلها مرة أخرى عند كل لقاء والآن ابتعدت عنها بصفة نهائية ولكن أشعر بألم في ذراعي الأيمن والرأس منذ أن أقسمت، أرجوكم أن تعطوني حلا لهذه المشكلة؟ وشكرا جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك ربط علاقة محرمة مع البنت المذكورة بما في ذلك النظر إليها أو الخلوة بها وغير ذلك، وراجع الفتوى رقم: 1151.
وقد حنثت في يمينك، وكونها على المصحف مما يزيدها تأكيداً، فتجب عليك كفارة يمين واحدة ولو كررت ما حلفت عنه، إلا إذا نويت في يمينك تكرر الكفارة كل ما فعلت المحلوف عليه، وراجع الفتوى رقم: 10595.
وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجزت عن أي واحد من الثلاثة تصوم ثلاثة أيام، وشعورك بالألم قد يكون عقوبة لك على تلك المعصية التي ارتكبتها، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة، وقد قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30} .
فالحل لما وقعت فيه يكون بالمبادرة إلى الإكثار من الاستغفار، وتحقيق التوبة الصادقة، والاتصاف بتقوى الله تعالى، قال الله تعالى: ومن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} ، وراجع الفتوى رقم: 5091، والفتوى رقم: 27048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(19/419)
أقوال العلماء فيمن حلف على ترك المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[من يحلف بأن لا يقوم بذنب ما لأنه يعلم يقينا أنه السبيل الوحيد للإقلاع عنه، ورغم ذلك تغلبه نفسه ويفعله،
من يحلف بأن لا يقوم بذنب ما حتى تاريخ معين لأنه يعلم يقينا أنه السبيل الوحيد للإقلاع عنه لمدة معينة (خلال التاريخ الذي حدده الشخص) كأن يقول: والله لن أكذب حتى يوم السبت مثلا، ورغم ذلك تغلبه نفسه ويفعله،
السؤال: ما الحكم في السيئات، وما تعليقكم، هل يجوز القسم بهذه الطريقة أي تحديد مدة للإقلاع عن ذنب، في السؤال هل اليمين هنا يمين لغو، أريد شرحا مفيداً من فضلكم وأن تراعوا حالتي، فأنا أتخبط ولم أجد طريقة للإقلاع أو قل الإنقاص من هذا الذنب إلا القسم المحدد بمدة، وحتى هذا النوع من القسم لا يفيدني دائما بل أحيانا فقط؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من وقع في ذنب أن يتوب إلى الله تعالى منه توبة نصوحا، وذلك بالإقلاع عنه، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه مطلقاً، ويتوجه إلى الله تعالى بصدق وإخلاص في أن يثبته على التوبة، ويكثر من ذكر الله تعالى وقراءة القرآن، والابتعاد عن المواطن والأشياء التي تسبب له الوقوع في هذه المعصية، وننصحك بصحبة الصالحين فهم خير معين لك على الطاعة والاستقامة.
وأما اليمين على ترك المعصية مطلقاً أو فترة من الزمن فإنها لا تعدو أن تكون مجرد تأكيد لأن ترك المعصية واجب شرعاً، ومع هذا فإنه إذا أخل بها هل عليه كفارة أم لا؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم، فذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا كفارة عليه، لأن ذلك كان واجباً عليه أصلاً والنذر لا يكون في الواجب، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه عليه كفارة يمين، نسأل الله جل وعلا أن يشرح صدرك وينور قلبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(19/420)
هل يقع بلفظ (علي اليمين) طلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق يسأل عن الموضوع الآتي:
أنه متزوج حديثاً, حصل خلاف مع أحد الأصدقاء على موضوع مالي بينهم، واضطر أن يكذب على صاحبه وهو يطالب بالمال بحيث قال لصديقه إن هناك ناسا يطالبونه هو أيضا بمبالغ مطلوب سدادها وهذا غير حقيقي مما دعاه أن يخرج من حلف، وقال وهو لا يقصد ولا متعمد الحلف بالمعنى الفعلي له, علي اليمين أن الناس يطالبونني بالمبلغ وهذا غير صحيح والمطلوب هو أن تغيثوه بالحكم الديني لهذا الموضوع, هل تعتبر طلقة أم لا, وإنه الآن شديد القلق على ما حصل ويؤكد أنه لا يقصد ولا متعمد أن يحلف بالمعنى، ولكن دون إدراك منه لأنه كان يردد هذا قبل الزواج، أغيثوه رحمكم الله؟ بسرعه أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب العلم أن الحلف كذبا يسمى يمين غموس، سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم، وذلك لأنها من أكبر الكبائر، كما بينا في الفتوى رقم: 30557.
أما هل تقع طلاقاً؟ فإن كان قول (علي اليمين) بمعناها الشرعي وهو الحلف بالله سبحانه، فهذا يمين ولا يقع به الطلاق بل هو يمين غموس، وليس له كفارة على الراجح، وعليه التوبة إلى الله تعالى منها.
أما إذا كانت الصيغة المذكورة حسب العرف هناك يقصد بها الحلف بالطلاق، فقد سبق في الفتوى رقم: 1673 وحكمها.
وعليه؛ فإن كان كلمة اليمين عندكم يقصد بها الطلاق -كما هو الظاهر- فإن ما صدر منك يعتبر طلاقاً، لأنه طلاق معلق على نفي أمر واقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(19/421)
اليمين الكاذبة لتفادي وقوع الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ أريد أن أعرف ما حكم من حلف على المصحف كذبا أي ما حكم أم أخبرتها ابنتها عن إعجاب رجل بها ورغبته بالمجيء لخطبتها ولكن بعد أن يتخرج فوعدتها أمها بأن لا تخبر أباها حتى يأتي لخطبتها مع العلم بان هذه الفتاة لم تعد ترى هذا الرجل أبدا وقالت له لن يكون بيني وبينك كلام حتى تأتي لخطبتي ولكن الوالد علم بالصدفة وحلف زوجته على المصحف إن كانت تعرف فكذبت وقالت لا تعرف خوفا من أن يطلقها زوجها لأنه سبق أن قال لها لو علمت بأنك تخفين عني شيئا سوف أطلقك وهي خافت أن تقول للوالد لأنه كثير الشك وخافت أن يبدأ بالشك بابنتها رغم أن ابنتها ملتزمة جدا جدا أرجو أن تقولوا لي ما حكم التي تحلف على المصحف كذبا خوفا من الطلاق أو من أذية أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمادامت يمينك المذكورة بقصدالمحافظة على العلاقة الزوجية فهذا مقصد شرعي، ولا حرج عليك إن شاء الله، وإن كان الأولى في حقك اللجوء إلى التورية في اليمين حتى تسلمي من الإقدام على الحلف الكاذب، وراجعي الفتوى رقم: 34426.
واليمين الكاذبة لتفادي ضرر معتبر يحصل للشخص مباحة نظرا للمصلحة الراحجة، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 7432.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(19/422)
حكم الحلف بالأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[فمن المعلوم أنه لا يجوز الحلف بغير الله (من كان حالفا فليحلف بالله..الحديث)
لكن سؤالي هو:هل يدخل في الحلف بغير الله المناشدة بغير الله....كأن تقول (بجاه النبي عندك إلا زرتني..)
مع الأخذ بعين الاعتبار آية النساء (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) وهي المناشدة التي استخدمها عتبة بن ربيعة في قصته المشهورة في كتب السير حين قال -مناشدا الرسول عليه الصلاة والسلام- ناشدتك الله والرحم أن لا سكت.. نرجوالتوضيح وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الحلف بغير الله في الفتوى رقم: 19237. جاء في الموسوعة الفقهية: ثم يقول ابن تيمية: والحلف بالمخلوقات حرام عند الجمهور، وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وقد حكي إجماع الصحابة على ذلك، وقيل هو مكروه كراهة تنزيه، والأول أصح.. أما التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرشد أمته إليه ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ولمزيد فائدة راجع الفتاوى: 4413، 4416، 16690، 56494.
وأما آية النساء: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء: 1} . فقال ابن كثير: أي اتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها، ولكن بروها وصلوها. قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن والضحاك والربيع وغير واحد. اهـ.
وقال القرطبي: قال القشيري: وقد قيل هذا إقسام بالرحم، أي اتقوا الله وحق الرحم، كما تقول: افعل كذا وحق أبيك، وقد جاء في التنزيل: والنجم، والطور، والتين، لعمرك. وهذا تكلف. قلت: لا تكلف فيه، فإنه لا يبعد أنه يكون والأرحام من هذا القبيل، فيكون أقسم كما أقسم بمخلوقاته الدالة على وحدانيته، وقدرته تأكيدا لها حتى قرنها بنفسه. والله أعلم. ولله أن يقسم بما شاء ويمنع ما شاء ويبيح ما شاء، فلا يبعد أن يكون قسما، والعرب تقسم بالرحم. اهـ.
ومن هنا تعلم أنه لا اعتبار بالآية فيما ألمحت إليه لأنها إما أنها لا قسم فيها على ما فسره ابن كثير وغيره، وإما أنها قسم من الله تعالى بالأرحام، ولله تعالى أن يقسم بما شاء على ما يشاء، على ما بينه الإمام القرطبي رحمه الله.
وأما قول عتبة بن ربيعة فغاية ما فيه إثبات أن القسم بالرحم من عادات العرب قبل الإسلام، لأن عتبة قالها للنبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ عليه سورة فصلت، فلما وصل إلى قوله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ {فصلت: 13} . أمسك عتبة على فمه وناشده الله والرحم. أخرجه أبو يعلى الموصلي وعبد بن حميد والبيهقي. وقد قدمنا قول القرطبي: والعرب تقسم بالرحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(19/423)
من حلف بالله ألا يفعل شيئا ففعله
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حلفت بالله أني لن أقود سيارة والدي، وكذلك حلفت أن لا أستعمل العادة السرية ولكن في العادة السرية حنثت من يميني، فماذا أفعل؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حلف بالله على ألا يفعل شيئاً ثم فعله فعليه الكفارة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإذا لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام، وعليه فإن عليك كفارة يمين لأنك حنثت في يمينك، وانظر الفتوى رقم: 12551.
وعليك أن تبتعد عن ممارسة العادة السرية إطلاقاً فإنه لا يجوز للمسلم استعمالها، ولمعرفة الدليل على تحريمها وكيفية التخلص منها، نحيلك إلى الفتوى رقم: 1087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(19/424)
مات وعليه كفارة يمين لم يخرجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم لو مات الحالف قبل إخراج الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص الذي مات بعد أن لزمته كفارة يمين، فإنها تخرج من تركته قبل قسمها، ففي أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري الشافعي: لو مات الحر، وعليه كفارة يمين، فهي دين الله وحقوق الله تعالى مقدمة على حقوق الآدمي، فتخرج قبله من تركته، سواء أوصى بها أم لا لخبر فدين الله أحق أن يقضى. انتهى
وفي فتح الجليل للشيخ محمد عليش المالكي أثناء ذكره بعض الحقوق المتعلقة بتركة الميت: ثم حقوق الآدميين من الديون الثابتة بالبينة أو بإقراره بها في صحته أو في مرضه لمن لا يتهم عليه ثم حقوق الله تعالى من الزكوات والكفارات والنذور. انتهى
وفي الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي: ومن مات أو قتل، وعليه كفارة يمين لا تسقط. انتهى
وراجع الفتوى رقم: 21998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(19/425)
أحكام التعهد بالزواج من فلانة
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأجلاء العلماء نفعنا الله وإياكم بما علمنا وعلمنا بما ينفعنا، الموضوع إنني والله أعلم محافظ على الصلوات الخمس، وأحمد الله على ذلك داعياً الله أن يديمها علي نعمة، وملتزم قدر استطاعتي عليها، عمري اليوم 32 عاماً قمت بخطبة فتاة وإلباس الشبكة لها والدخلة إن شاء الله تعالى في شهر 6 القادم أهم حاجة بيننا هي المحافظة على الصلاة، وهذا كان أول طلب لي إليها أتصلي أم لا، وصرت أعاتبها إذا تركت أي فرض إلى أن أصبحت كما تخبرني لا تترك أي فرض والله أعلم، إلى أن وصل الحب بيننا إلى أقصاه ولكن بحدود، والدها يعمل بالقوات المسلحة لو طلبت منه عقد القران سوف يرفض إلى أن أصبحت الفتاة تعيد على مسامعي أنها خائفة أن أضيع منها أو أن يحدث أي شيء يعوق زواجي بها، فقلت لها اطمئني أنا إن شاء الله لن أتركك أبداً ما استطعت لأنني أحبها فقمت بكتابة ورقة لها أتعهد بموجبها الزواج منها ولأن النية صافية قمت بوضع بصمة يدي عليها ووضع صورتي الشخصية وصورة بطاقتي وقمت بإعطائها الورقة كي يطمئن قلبها، أنني سأتزوجها بل وتعهدت أمام الله في الصلاة أن أتزوجها، ودعوت الله أن يزوجني إياها هذا كله ليس لغرض في نفسي أو أنال منها شيئاً، أريد أن أعرف موقف الإسلام من هذه الورقة هل هي حرام أم لا، أم وقع بها الزواج أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الورقة التي تعهدت فيها لخطيبتك بالزواج بها، لا حرج فيها، ولا يتم بها الزواج، فإن الزواج عقد لا يتم إلا بشروط وأركان، سبق بيانها في الفتوى رقم: 7704.
فالخطبة سواء وثقت بورقة أو لم توثق وعد يطلب حفظه والوفاء به، وإذا عاهد المسلم أخاه المسلم على شيء فينبغي له أن يفي له بهذا العهد امتثالاً لأمر الله تعالى، فإن إخلاف العهد منهي عنه شرعاً ومذموم طبعاً، وهو من صفات المنافقين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقا خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا ائتمن خان. رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو.
وأما تعهدك أمام الله بالزواج بها إن كان باللفظ فهو يمين يجب الوفاء به أو التكفير عنه، لقول الله تعالى: وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {النحل:91} ، قال ابن قدامة كما في الشرح الكبير: وإذا قال: علي عهد الله وميثاقه لأفعلن، أو قال: وعهد الله وميثاقه لا أفعل، فهو يمين. انتهى، وكفارة اليمين سبقت في الفتوى رقم: 204.
وينبغي الحرص على الوفاء بالعهد مع الله عز وجل، قال ابن قدامة في المغني: قال الإمام أحمد: العهد شديدة في عشرة مواضع من كتاب الله: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً. ويتقرب إلى الله تعالى إن حلف بالعهد وحنث، ما استطاع، فإن عائشة رضي الله عنها أعتقت أربعين رقبة، ثم كانت تبكي حتى تبل خمارها وتقول: واعهداه. انتهى، يعني عندما عاهدت الله ألا تكلم ابن الزبير ثم رجعت وكفرت.
ولكن ننبه إلى أن الكلام في الصلاة عمدا في غير مصلحة الصلاة مما يبطل الصلاة، ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 6403.
تنبيه: قولك "الله ورسوله أعلم" لمعرفة حكمه يرجى، مراجعة الفتوى رقم: 15926، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(19/426)
لا كفارة على الناسي يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف رجل على شيء ونسى أنه حلف وبعد زمن أتى الذي حلف عليه فأخبروه أنك حلفت عليه قال لهم لا أتذكر، هل عليه كفارة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حلف ألا يفعل شيئاً ثم فعله ناسياً أو جاهلاً بأنه هو الذي حلف على عدم فعله، فلا كفارة عليه، كما سبق في الفتوى رقم: 52402.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(19/427)
كفارة الحلف بالله كاذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في المملكة العربية السعودية وكان لي زميل متعدد الأخطاء وسليط اللسان وأحمق وكنت أتجنبه وعلاقاتنا محدودة إلى أن أخطأ خطأ جسيماً في عملنا الحساس جداً والذي يتعلق بالقضاء وحقوق الناس ودمائهم وأعراضهم.. فأبلغت المسؤولين سراً وثبت صدقي وعوقب الزميل بما يتناسب وجسامة خطئه المشكلة أنني أقسمت بالله لزميلي أنني لست المبلغ عنه وكان ذلك اضطرارا أمام بعض الزملاء..فماذا أفعل للتكفير عن ذلك القسم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمينك المذكورة تسمى يمين غموس، لا يجوز الإقدام عليها، لاشتمالها على الحلف كذبا، فتجب المبادرة إلى الاستغفار والتوبة الصادقة منها، والتي من شروطها العزم على عدم العودة إلى مثل هذا الأمر مستقبلا، والأحوط أن تكفر عنها كفارة يمين.
وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 50626.
وكان الواجب عليك أن تتخلص من إخبار صاحبك بحقيقة ما حصل بتورية أو كلام عام لا يشتمل على كذب صريح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(19/428)
الحلف بالتوراة أو الإنجيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في بعض كتب المالكية أن سحنون وابن القاسم أجازا الحلف بالإنجيل والتوراة على أنهما من الكتب المقدسة مثل القرآن – وليس فقط بنية الكتاب المحرف الحالي وقالوا بالكفارة في الحنث في هذا اليمين. فهل هذه الوجهة مقبولة شرعا، أنه كما أجيز الحلف بالقرآن على أنه كلام الله يجوز الحلف بالإنجيل بنية الكتاب المقدس الذي أنزل على عيسى؟
أرجو التفصيل والتأصيل في المسألة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف بالتوراة والإنجيل صحيح عند أهل العلم، وليس عند سحنون وابن القاسم فقط، وذلك لأن المقصود بالتوراة والإنجيل كلام الله المنزل على موسى وعيسى عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وليس المقصود منهما الكتب المحرفة والمبدلة.
وكلام الله صفة من صفاته، والقسم بصفة الله كالقسم بأسمائه.
قال خليل ابن إسحاق المالكي: اليمين تحقيق ما لم يجب بذكر اسم الله أو صفته ...
وقال ابن قدامة في المغني: والقسم بصفات الله تعالى كالقسم بأسمائه.
وفي متن الإقناع: وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن أو بسورة منه أو آية أو بحق القرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة. وكذا لو حلف بالتوراة أو الإنجيل ونحوهما من كتب الله.
قال في كشاف القناع: لأن إطلاق اليمين إنما ينصرف إلى المنزل من عند الله دون المبدل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(19/429)
حكم الحلف على عدم قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من حلف يمينا أن لا يفعل شيئا، وعدم فعله لهذا الشيء حرام شرعا كأن يحلف بأن لا يقرأ القرآن (مثلا) مع العلم بأنه قد عقد الأيمان؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حلف على يمين فرأى أن الحنث فيها خير من البر فيها فليفعل ما هو خير وليكفر عن يمينه، هكذا أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
وعليه، فمن حلف على أن يترك واجبا أو على أن يفعل محرما وجب عليه الحنث في يمينه فيفعل الواجب ويترك المحرم، وعليه كفارة يمين.
وهكذا من حلف على ترك مستحب أو فعل مكروه فإنه يستحب له أن يحنث نفسه بفعل المستحب وترك المكروه، ويكفر عن يمينه.
هذا، ولتعلم أن الحلف على عدم قراءة أي شيء من القرآن لا يجوز، لأنه يقتضي عدم قراءة الفاتحة وهي واجبة في الصلاة، ولأن فيه إعراضا عن كتاب الله تعالى وهجره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(19/430)
هل تتعدد الكفارة مع تعدد الأيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه أجمعين.
كل عام وأنتم بألف خير
أتابع على الإنترنت تقارير تحذر من أن الهاتف الجوال (الموبايل) يتسبب على المدى البعيد بالإصابة بسرطان الدماغ بالإضافة إلى الأضرار الأخرى الناتجة عن الموجات الكهرومغتاطيسية نفسها أثناء عملية الاتصال. وكنت قد سمعت منذ سنوات نفس الكلام أيضا, قد قرأت تقرير على الإنترنت يقول إن 30% من مستخدمي الجيل الأول لهذه الأجهزة قد أصيبوا بسرطان الدماغ.
الحقيقة أنني في حيرة.. خاصة أنني ولحد الآن لا أملك هذا الجهاز خوفا من أن أكون قد أدخل في باب إلقاء النفس إلى التهلكة والعياذ بالله وبالتالي قد أتسبب أيضا في قتل النفس والعياذ بالله.
وإني قد حلفت مرات عديدة لدرجة أنني لم أعد أتذكر كم مرة حلفت نفس اليمين بأنني لن اشتري هذا الجهاز طالما كنت حيا بإذن الله.
سؤالي: كيف يمكنني التأكد بالدليل القاطع من أن الموبايل ليس له علاقة بسرطان الدماغ والنقطة المهمة التي أود السؤال عنها: أنه لو تأكدت من ذلك ونويت شراء الجهاز فهل يعد اليمين الذي حلفته مرات عديدة - وأود أن أنوه أنه كان نفس اليمين أي أنه بخصوص نفس الموضوع وهو أنني لن أشتري الجهاز مادمت حيا بإذن الله - أقصد هل يعتبر اليمين يمينا واحدا وبالرغم أنني حلفته نفسه عدة مرات أي هل كفارة هذا اليمين تكون باعتباره يمينا واحدا أم أنه يجب على أن أحصي عدد المرات التي حلفت فيها نفس اليمين وكل مرة تعتبر يمينا مستقلا وكل واحد له كفارته؟
بماذا تنصحوني؟
جزاكم الله كل الخير وتقبل صيامكم وبلغكم رمضان في العام المقبل إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يثبت لنا أن الهاتف المحمول يسبب سرطان الدماغ، ولو ثبت ذلك عن الأطباء الموثوق بهم فلا يجوز استعماله، ويكون ذلك حينئذ من الإلقاء باليد إلى التهلكة، قال الله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29} . وقال الله تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة: 195} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أبو داود وغيره.
ولكن ما يشاع بين الناس من هذه الأمور إنما هو مجرد احتمالات لا قطعيات، فأهل الاختصاص لا يزالون مختلفين في الأضرار التي يسببها الهاتف المحمول، فمنهم من يثبت بعض الأضرار، ومنهم من ينفيها، فلا يزال في الأمر غموض، ومع هذا، نقول: يجب طرح الأمر على أهل الاختصاص.
وأما شراؤك الجوال بعد أن حلفت أن لا تشتريه فإنك تحنث به وتجب عليك الكفارة عند بعض الفقهاء، وذهب بعضهم إلى أنه يراعى في هذه اليمين بساطها وهو الحامل لك عليها وهو سماعك أنه يسبب ضررا، فإذا تبين لك أنه لا يسبب ضررا فلا كفارة عليك في شرائه، والقول الأول أحوط.
وقد اختلف الفقهاء فيمن حلف أيمانا ثم حنث هل تتعدد في حقه الكفارة أم تلزمه كفارة واحدة؟
1- ... ... فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأيمان المكررة على شيء واحد لا تلزم فيها عند الحنث إلا كفارة واحدة، واستدلوا بما رواه عبد الرزاق والبيهقي وابن حزم بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا قسمت مرارا فكفارة واحدة.
هذا إذا كنت تكرر الأيمان على شيء واحد ولم تحنث بعد، أما إذا حلفت ثم حنثت فإنها تلزمك كفارة، فإن عدت وحلفت ثم حنثت لزمتك كفارة أخرى، وهكذا، خلافا للمعتمد عند الحنابلة، فإنهم يوجبون كفارة واحدة في هذه الحالة أيضا.
2- ... ... وذهب الحنفية في المعتمد إلى أنها أيمان متعددة، فتجب كفارة لكل يمين.
3- ... ... وذهب بعض المالكية وبعض الشافعية إلى أنه إن قصد الحالف التأكيد فعليه كفارة واحدة، وإن قصد الاستئناف فعليه كفارة لكل يمين.
والقول الأول هو الراجح لأثر ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(19/431)
شك هل حلف بالله أم بالطلاق فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حلف شخص على شيء ما وكان عاقد العزم على عدم فعل هذا الشيء بينه وبين الله وفعل هذا الشيء وهو غير متذكر تماماً وإطلاقاً بماذا حلف ربما حلف بالله وربما حلف بالطلاق وقال علي الطلاق لا أفعل هذا الشيء بينه وبين نفسه أو زوجته.... إلخ، من أيمان الطلاق وهو يخاف أن يحلف بهذا اليمين، والشيطان ونفسه يوسوسان إليه بالحلف بيمين الطلاق، فهل يقع اليمين أم لا ليس للزوجة شأن بهذا الأمر، وهناك أمور متضاربة في هذا الأمر ففي كتاب الفتاوى للأزهر الشريف باب طلاق الناسي والساهي يقع اليمين قضاء فقط وما معنى يقع قضاء فقط، وبسؤالنا مجموعة شباب من خريجي الجامعة للهاتف الإسلامي وبعض شيوخنا للأزهر الشريف، وعلماؤنا قالوا ليس يمينا ويجب الكفارة فقط، كفارة يمين فنحن نحتاج إلى الرأي الأصوب أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا بعد البحث في كلام أهل العلم في مسألة من شك في تعيين يمينه التي حنث فيها هل هي يمين بالله تعالى أو بالطلاق أو غير ذلك لم نجد من قال منهم بوقوع الطلاق قضاء، ولكن وجدنا منهم من قال إنه يؤمر بكفارة يمين وبالطلاق والعتاق، ومنهم من يفهم من كلامه أن حلفه هذا باطل، ومنهم من قال يقرع بين الأيمان التي شك فيها فأي يمين وقعت عليها القرعة فهي المحلوف بها.
ومنهم من قال تلزمه كفارة يمين، وعلل أصحاب هذا القول قولهم بأن الحلف بالعتاق والطلاق غير مشروع، فيجب حمل المسلم على الإتيان بالمشروع دون المحظور، ونحن نرى أن هذا القول والله أعلم هو الأرجح.
وقد سئل شهاب الدين الرملي عن هذه المسألة فأجاب فيها: بأن الزوج يتوقف عن زوجته حتى يتبين الحال، فإن كانت رجعية راجعها وكفى، وقد يتخلص بيقين. انتهى كلامه بمعناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(19/432)
ما يترتب على الحلف بالإنجيل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الحلف بالإنجيل غير المحرف على أنه كتاب من عندالله كما نحلف بالقرآن على أنه كلام الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف بالإنجيل إذا كان سالما من التحريف لا بأس به، وتنعقد به اليمين لأنه كلام الله تعالى.
قال البهوتي في "كشاف القناع" وهو حنبلي: وكذا الحلف بالتوراة ونحوها من كتب الله كالإنجيل والزبور، فهي يمين فيها كفارة لأن الإطلاق ينصرف للمنزل من عند الله تعالى، لا المغير والمبدل، ولا تسقط حرمة ذلك بكونه نسخ الحكم بالقرآن كالمنسوخ حكمه من القرآن، وذلك لا يخرجه عن كونه كلام الله تعالى. انتهى.
وقال زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب": إذا حلف المسلم بآية منسوخة من القرآن أو بالتوراة أو بالإنجيل انعقدت يمينه، لأنه كلام الله ومن صفات الذات. انتهى.
وقال خليل المالكي في مختصره عاطفا على ما تنعقد به اليمين: والقرآن والتوراة والإنجيل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(19/433)
النهي عن الحلف على إثم أو قطيعة رحم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أقسم خالي بأن لا يزور أخته حتى تزوره هي وزوجها ولفظ القسم هو \\\" بالحرام لا أذهب حتى تأتي هي \\\"
مع العلم أن هذا القسم في بلادنا يعني أن زوجته عليه حرام إذا ذهب إلى أخته
1- هل يجوز القسم بهذه الصيغة
2- هل يجوز القسم على قطيعة الرحم
هل هناك من حل
وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يبتعد عن كثرة الحلف عموما. قال الله تعالى: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ {القلم:10} . فهذا ذم لكثرة الحلف.
ويتأكد النهي إن كان الحلف بغير الله تعالى. ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. ويتأكد النهي أكثر إذا كان الحلف على إثم أو قطيعة رحم.
وأما الحلف بالحرام فقد اختلف أهل العلم فيما يترتب عليه فذهب بعضهم إلى أنه يحرم الزوجة، وذهب بعضهم إلى أنه يلزم منه كفارة الظهار وهو الراجح إن شاء الله تعالى.
ولتفاصيل ذلك وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 7438.
وعلى ذلك.. فإذا حنث خالك في يمينه بأن زار أخته قبل أن تزوره فعليه كفارة الظهار وهي المذكورة في قول الله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة: 3-4} .
ولهذا ننصح هذين الأخوين بالتصالح ونبذ الخلاف والمسارعة إلى فعل الخير وصلة الرحم، فقد قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
كما نحث الأخت بالخصوص أن تكسر حاجز المقاطعة وتزور أخاها رفعا لحرج هذه اليمين الغليظة وما يترتب عليها، فهذا أحسن حل لما وقعا فيه.
نسأل الله تعالى التوفيق للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(19/434)
الحنث في اليمين أحيانا يكون أفضل من المضي فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي حيال يمين أقسمه والدي لأختي أنه لن يزوجها إلى ابن عمها الذي ترغب فيه زوجا لها إضافة إلى أنه حلف بالطلاق على ذلك وأنها إن تزوجته فلن تدخل بيته بتاتاً بخير أو خلافه رغم ثقة والدي أن ابن عمي ليس أهلا للزواج ويرغب بستر ابنته الآن وعدم حرمانها وتزويجها من ابن عمها الذي تريده زوجها لها لأن قطار الحياة يمر مسرعا ويجب أن يرضخ لرغبة ابنته التي تقدم لها عريس مناسب ولم ترض به؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا رأى والدك أن تزويج بنته من ابن عمها أولى بها وأحسن، فينبغي أن يزوجها، فإن الحنث في اليمين قد يكون في بعض الأحيان أفضل من المضي فيها، ففي الصحيحين عن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا حلف أحدكم على يمين فرأى خيراً منها فليكفرها وليأت الذي هو خير.
وأما عن حلفه بالطلاق على عدم تزويجها منه، فإن أهل العلم اختلفوا فيما إذا كان الطلاق يلزمه إذا حصل الحنث أم لا يلزمه، ومذهب الجمهور أنه لازم وخالف في ذلك شيخ الإسلام وبعض العلماء، وراجع في تفصيل هذا الموضوع فتوانا رقم: 11592.
وعليه، فإذا أقدم أبوك على تزويج ابنته من ابن عمها، فإن زوجته تطلق منه في قول أكثر أهل العلم، وله أن يرتجعها إن لم يكن طلقها قبل ذلك مرتين، وإن كان طلقها مرتين، فإنها تبين منه بينونة كبرى على المذهب الأول، وهو الأحوط، وعلى كلا القولين تلزمه كفارة يمين، وننصح بطرح هذا الأمر على الجهة المعتبرة عندكم للفتوى أو على المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(19/435)
الأيمان التي لا يعرف عددها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالحقيقة أنا مسلمة قد قمت حنث في أيام كثيرة منذ 4 أعوام من الآن لدرجة أني لا أذكر كم يمينا قد حنثت وكم يوما يتوجب علي صيامه كفارة لتلك الأيمان التي لا أذكر عددها لكثرتها، وأعترف أني الآن أصبحت أكثر التزاما بالدين وإن شاء الله لن أقسم بالله سوى على الأمور الهامة، وسألتزم به، لكن أريد أن أعرف كيف أكفر عن تلك الأيمان التي كنت أقسم بها في الماضي
2- السؤال الثاني: أنا أعلم أن التوبة لتكون مقبولة يجب أن تكون نصوحا دون العودة إلى الأمر الذي أتوب عنه, لكن لضعف نفسي وإيماني فيما مضى كنت أستغفر الله وأتوب عن أمر ما لكني أعود وأكرره ثم أستغفر الله من جديد وأتوب ومن ثم أعيد الكرة أما الآن فالحمد الله أصبح إيماني أقوى وأقيم الصلاة بوقتها دون انقطاع وأكثر من الدعاء وقراءة القرآن وبإذن الله لن أعود لفعل أشياء كنت قد تبت عنها, لكني خائفة من عدم قبول الله عز وجل لتوبتي هذه المرة من كثرة ما أخطأت بالماضي واستخدامي الخطأ لمفهوم التوبة مع العلم أني كنت أعرف أن من شروط التوبة عدم تكرار الأمر أرجو معرفة الطريقة التي أكفر بها عن ذنوبي إذا لم يكن وضعي ميؤوسا منه وخاصة لأني ارتكبت هذه الأخطاء وأنا أعلم أنها خطأ. وشكرا لتعاونكم وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن لا يكثر الحلف بالله سبحانه وتعالى، لأن ذلك يشعر بعدم تعظيمه لله، وفيه جرأة عليه، والله تعالى يقول: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ {البقرة: 224} . ويقول: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة: 89} . وورد ذم كثرة الحلف في قول الله عز وجل: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ {القلم: 10-13} . فجاء ذكر الحلاف مع هذه الصفات المذمومة، فدل ذلك على ذمه.
وفيما يتعلق بكفارة هذه الأيمان التي تجهلين عددها فالواجب التكفير عن أكبر عدد يغلب على الظن أنه احتياط في قدرها.
والكفارة بالصيام إنما تكون عند العجز عن الأمور الأخرى. قال تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ {المائدة: 89} .
والحاصل في المسألة أن عليك أن تحتاطي في عدد الأيمان التي حنثت فيها وتكفري بالإطعام أو الكسوة أو العتق، فإن عجزت عن الثلاثة فلك أن تصومي ثلاثة أيام عن كل يمين.
وعليك أن لا تيأسي من قبول التوبة، فإن التوبة النصوح ليس معناها أن لا يرجع التائب إلى الذنب، بل من شروطها أن يعزم عدم الرجوع إلى الذنب. وقد روى أبو داود والترمذي والبزار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة. وراجعي الفتوى رقم: 31318.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(19/436)
من حلف أن يصوم يوما كلما فعل معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت في أحد الأيام بالقسم على أحد المعاصي التي كنت أقوم بها, لئن رجعت لها لأصومن يوما كلما فعلت تلك المعصية. في الأول نجحت في تطبيق ما أقسمت به ولكن ما لبثت أن عدت إليها ولكن المشكل هو شق علي الصوم.
يا شيخ أريد أن أتوب لله وقد أعدت تلك المعصية عدة مرات, أريد أن أتوب لله فأرجوكم أن تفتوا لي ماذا أفعل
وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود كونك حلفت على عدم فعل تلك المعصية وإذا أقدمت عليها تصوم يوما فتلزمك كفارة يمين إذا فعلتها ولم تصم ذلك اليوم، فإذا لم تفعلها فلا كفارة عليك، وكذلك لا كفارة عليك إذا فعلتها وصمت يوما.
وإذا كان المقصود أنك نذرت صيام يوم كلما أقدمت على المعصية المذكورة فهذا يسمى نذر لجاج وغضب، وجمهور أهل العلم على أن صاحبه مخير بين الوفاء بما التزمه من صيام أو يكفر كفارة يمين، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 17466.
وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أوكسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجزت عن أي واحد من الثلاثة تصوم ثلاثة أيام.
وإذا كانت المعصية المقصودة هنا هي العادة السرية فهي حرام في رمضان وغيره، وتكون خطورتها أشد في رمضان، وهي مبطلة للصيام إذا فعلت في نهار رمضان، وراجع الفتويين التاليتين: 30006، 7170.
ثم إن الواجب عليك المبادرة إلى التوبة الصادقة من تلك المعصية وغيرها من المعاصي، فإن التوبة النصوح مكفرة لما قبلها، وجاهد نفسك واستعن بالله بالالتجاء إليه والاستغاثة حتى يكفيك شرور الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، مع استشعار سعة رحمة الله تعالى وعظيم عفوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(19/437)
حلف على صديقته ألا يتصل بها فهل عليه كفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت في نقاش مع صديقة لي وكنت غاضباً منها جداً فقلت لها والله لن أتصل بك مرة أخرى وإذا أردت أن أحلف لك بالطلاق ثلاثة سوف أحلف لك فلا تستفزيني أكثر من هذا، فهل أعتبر قد حلفت بالله أم بالطلاق، وما الحكم في ذلك؟ ولكم مني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً على حرمة مصادقة المرأة الأجنبية لما يترتب على ذلك من الضرر الخطير والفساد العظيم، فقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء حيث قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41151، 11945، 18118.
وقولك "والله لن أتصل بك" يمين بالله تعالى والحنث فيها معلق على الاتصال بالمرأة المذكورة، فإذا حصل الاتصال فقد وجبت عليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة فإن عجزت عن أي واحد من الأنواع الثلاثة تصوم ثلاثة أيام.
ولا تعتبر يمينك حلفاً بالطلاق لأنك وعدت به ولم يصدر منك، والوعد بالشيء لا يدل على وجوده.
فالواجب عليك إذاً البعد عن مصادقة المرأة المذكورة بما في ذلك الكلام معها والخلوة بها والنظر إليها، وأن تبادر إلى التوبة إلى الله تعالى عسى أن يمحو ما صدر عنك من معصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1425(19/438)
مسألة حول اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف أبوي عدة مرات على أنه مايلبس ثوباً جديداً عند صلاة التراويح.أبوي رجل متقدم في السن ودائما يحلف ويرجع في كلامة إلا هذه المرة..أعطيتة ثوباً جديداً وقلت له إن الحلف على ذمتي.
... ... ... ... ... ... ... ... ... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإذا كان الثوب الذي يذهب فيه والدكم إلى المسجد ثوباً عادياً يليق به فلا حرج في ذهابه به ولا ينبغي إحراجه ولا حمله على ما لا يريده إذ لا يشترط الثوب الجديد في جميع الصلوات، وإن أراد أن يكفر عن يمينه وينزل عند رغبتك فله ذلك، ويمكن أن تدفعي عنه الكفارة بموافقته أويدفعها عن نفسه، ويتأكد هذا إذا كان الثوب لا يليق به، لقوله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
رواه مسلم.
ولمقدار الكفارة يرجى مراجعة الفتوى رقم 2654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(19/439)
الترتيب واجب في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلفى ليمين على طبيب فى مستوصف, فقد حلفت على أن لا أدخل عنده للمعاينة , ثم ذهبت للمستوصف ولم أعرف من هو الطبيب إلا عند دخولي حجرة الكشف, فهل أعتبرقد حنثت في اليمين؟ وفى حالة قضاء الكفارة ما الأفضل الصدقة أم الصوم علماً بأنه لا يوجد عندي دخل مادي. وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت علمت بأن الطبيب الذي دخلت عليه للعلاج هو الطبيب الذي حلفت ألا تدخلي عليه للعلاج، ثم رضيت بالعلاج عنده فقد حنثت ولزمتك الكفارة، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمي أهلك أو كسوتهم، وأنت بالخيار في هذه الثلاثة، فإذا عجزت عن واحد منها فتنتقلي إلى صوم ثلاثة أيام لأن الله تعالى لم يجوز الانتقال إلى الصوم إلا عند العجز عما قبله قال:
لا يؤاخذكم الله في اللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم.
{المائدة:89}
وبهذا تعلم السائلة أنها في حالة الحنث يجب عليها الإطعام أو الكسوة لأنهما الممكنان حالياً، أما الصيام فلا يصح ولا يجزئها ما دامت قادرة على الإطعام أو الكسوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(19/440)
عاهدت نفسها ألا تصافح امرأة ثم صافحتها فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عاهدت نفسي على أن لا أقوم بالسلام باليد على امرأة والسبب هو أنها نعتتني بأني غير حاجة وبأنني كافرة ولا أخاف ربي رغم أني لم أكلمها أو أسىء إليها وما قمت به سوى أن أردت حل مشكلة بينها وبين امرأة أخيها ولكن بعد أيام التقت بي في نفس البيت ومدت يدها إلي فقمت بمد يدي لها أيضا رغم عهدي لأني أخاف ربي فما الحكم في هذا العهد ?وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مصافحتك لأختك المسلمة أمر مرغب فيه شرعاً، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 5579. وقد أحسنت في مصافحتك إياها، ولا يلزمك شرعاً الوفاء بهذا العهد، ولا يترتب على ذلك شيء من الإثم أو الكفارة. وننبه إلى أن الواجب على المسلم أن يصون لسانه عن الفاحش من القول ولاسيما التكفير فهو أمر خطير، وتراجع الفتوى رقم: 721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(19/441)
مسائل حول كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[علي كفارة يمين إطعام عشرة مساكين وإطعام الفرد المتوسط هنا في السعودية يكلف حوالي 6 ريال (ربع دجاجة مع الأرز) وتوجد بجوارنا أسرة تتكون من 4 أفراد وهم محتاجون جداً فهل يجوز أن أشتري بمبلغ 60 ريال لهم أرز وزيت ودقيق وأعطيهم إياه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكفي في إطعام المسكين الواحد إعطاؤه كيلو ونصف من الطعام أرزاً كان أو غيره، وعلى هذا تحسب كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين، ولا يجزئ إعطاؤها لأقل من عشرة على الراجح من أقوال العلماء، فالواجب إعطاؤها لعشرة مساكين امتثالاً للنص القرآني، فإن لم يجد عشرة، فليخرجها على العدد المتيسر في أيام متعددة، ويجب أن تكون الكفارة طعاماً عند جماهير العلماء، وذهب بعضهم إلى جواز إخراج القيمة، وهو مذهب أبي حنيفة -رحمه الله- والراجح هو جواز إخراج القيمة إن كان ذلك للمسلمين أنفع وله أعون، فإن لم تكن ثم فائدة من إخراجها قيمة كان الواجب هو البقاء على الأصل، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25415، 6602، 48423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(19/442)
كفارة الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم كذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن الحلف بغير الله لا يجوز ولكن إذا حلف أحد بالنبي وكان كاذبا هل عليه كفارة هكذا أفتى أحد العلماء، فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم منهي عنه ولا ينعقد به اليمين، ولا كفارة فيه وهو قول جمهور أهل العلم مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه وهو الراجح، والرواية الأخرى تنعقد اليمين به خاصة دون غيره، واستدل الجمهور بأدلة منها حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. ورواه مسلم بلفظ: من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله. ومنها ما رواه الترمذي وأبو داود عن ابن عمر: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإيجاب الكفارة بالحلف بمخلوق وإن كان نبياً قول ضعيف في الغاية مخالف للأصول والنصوص. انتهى.
وقال ابن قدامة: ولا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق كالكعبة والأنبياء وسائر المخلوقات ولا تجب الكفارة بالحنث فيها هذا ظاهر كلام الخرقي وهو قول أكثر الفقهاء وقال أصحابنا الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم يمين موجبة للكفارة.
وعليه فمن حلف بالنبي كاذباً فعليه التوبة، وأما الكفارة فلا تجب إلا في اليمين المنعقدة عند الحنث، ومن أفتى بوجوب الكفارة فلعله مقلد لمذهب الحنابلة كما سبق في كلام ابن قدامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(19/443)
من قال (الحلال علي حرام)
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو معرفة كيفية التوبة من حلف بأنه إذا فعل شيئا ما فإنه يكون محرما عليه دينه أي أنه أقسم (علي الحرام من ديني ألا أفعل كذا وهو يريد أنه يفعله) فماذا عليه أن يفعل وما حرمة هذا القسم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي اطلعنا عليه أن العبارة المذكورة تعني في عرف بلدك (أن الحلال عليك حرام) ، فإذا كان الأمر كذلك فنقول: إذا قال الشخص الحلال علي حرام ألا أفعل كذا، وفعل ذلك الشيء، فالذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أن اللازم في هذا كفارة يمين، وإن كفر الشخص كفارة ظهار فهذا أحسن، ولأهل العلم أقوال في هذه المسألة راجع تفصيلها في الفتوى رقم: 31141.
وكفارة اليمين: هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز عن أي واحد من الثلاثة صام ثلاثة أيام، وكفارة الظهار هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا.
والحلف بغير الله تعالى من الشرك الأصغر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله فقد أشرك. رواه أبو داود وغيره وصححه الشيخ الألباني.
فعلى المسلم أن يعود لسانه على عدم اللجوء إلى الحلف ولو كان الحلف بالله تعالى، لقول الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224} ، فإن احتاج إلى الحلف أقسم باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
فينبغي تعويد اللسان على عدم الحلف بغير الله تعالى، وإذا حلف بغير الله تعالى فعليه أن يقول: لا إله إلا الله بعد ذلك، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 26378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(19/444)
مسائل في أحكام اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً حلف يميناً في حالة غضب قصوى، بأنه إن فعل فلانا فعلته وأنا غير راض، سأفعل كذا وكذا ... والحمد لله أن الطرف الثاني لم يفعل فعلته، وفي نفس الوقت، تراجعت أنا عن يميني ... فهل علي كفارة، وما هو حكم الشرع إذا كان يمين الطلاق، وفي حالة الكفارة هل من الجائز أن أكتفي بالنية وأعطي أحد من المساكين مبلغا من المال عن 6 مساكين؟ أفيدوني بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الشخص الآخر لم يفعل ما علقت عليه يمينك، فلا كفارة عليك، لأن الكفارة موجبها الحنث، ولا تحنث إلا إذا فعل الشخص فعله، ولم تفعل أنت ما حلفت عليه، وقول السائل: وما هو حكم الشرع إذا كان يمين طلاق؟ فالجواب: أن من حلف على فلان أن يفعل شيئاً أو أن لا يفعل شيئاً وعلق الطلاق بذلك ثم فعل المحلوف عليه ما حلف الحالف عليه تركا كان أو فعلاً فله حالتان:
الأولى: إن كان الشخص الآخر ممن يمتنع بيمينه ويقصد منعه كالزوجة والولد فحلف بالطلاق أن لا يفعل كذا، ففعله ناسياً أو جاهلاً أو متعمداً حنث في الطلاق والعتاق فقط.
الثاني: إن كان الشخص الآخر ممن لا يملك منعه فحلف أن لا يفعل شيئاً ففعل حنث مطلقاً في الطلاق وغيره، وهذا مذهب الحنابلة.
والحاصل أنه يقع الطلاق في كلا الحالتين، سواء كان على المحلوف له ممن يملك منعة أو لا، ومن لزمته الكفارة فلا تجزئ النية وإعطاء نقود بدلاً عنها كما في الفتوى رقم: 10577، وانظر كيفية كفارة اليمين في الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(19/445)
حكم دفع الكفارة بغير إذن الحانث
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل حنث في يمين ولا يريد أن يكفر عنها فهل لزوجته أن تطعم من ماله بغير علمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجزئ دفع الكفارة عن الغير إلا بإذنه سواء كان ذلك من ماله أو من مال الحانث لأن الكفارة عبادة، ومن شروط صحتها النية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات.. متفق عليه. وعليه فينبغي لزوجة هذا الرجل أن تقنعه بلطف ورفق وحكمة بأن الكفارة واجبة عليه فإما أن يخرجها وإما أن يأذن لها بإخراجها من ماله أو من مالها، نسأل الله لنا ولكم وللجميع التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(19/446)
حكم إخراج القيمة في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الله إني أحبك في الله هل يجوز التكفير عن إطعام 10 مساكين؟ بأن أعطي عن كل واحد قيمته مبلغ (قيمتها زكاة الفطر) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من سؤالك أنك تقصد هل يجوز إخراج مبلغ عن كفارة اليمين، وهذا المبلغ مساو لقيمة زكاة الفطر، فإذا كان الأمر هكذا فنقول:
إنه من باب الاحتياط والورع عدم إخراج مبلغ عن كفارة اليمين، بل تطعم عشرة مساكين أو تكسوهم أو تعتق رقبة مؤمنة، كما في الآية الكريمة، فإن عجزت عن أي واحد من تلك الأنواع الثلاثة تصوم ثلاثة أيام، فإذا كانت هناك مصلحة راجحة تترتب على إخراج الكفارة نقوداً، فلا حرج إن شاء الله تعالى.
وكون المبلغ الذي يعطى لكل واحد من المساكين مساوياً لقيمة زكاة الفطر، فهذا غير لازم لأن زكاة الفطر قدرها ثلاثة كيلو، وما يعطى لمسكين واحد من الكفارة هو كيلو ونصف، وراجع الفتويين التاليتين: 204، 26376.
وإن تطوعت بإخراج ما زاد عما يجب عليك، ففي ذلك مزيد أجر ومثوبة إن شاء الله تعالى، ويجزيك عن الكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(19/447)
حكم من حمله السبب على اليمين فزال السبب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يحلف الإنسان وهو ساجد في صلاته على أن لا يقوم بعمل لكونه حراما ثم يتبين له أنه ليس حراما فهل يستطيع أن يقوم به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يجب التنبيه إلى أمر وهو أن اليمين لا ينعقد إلا بالصيغة مثل قول: والله لا أفعل كذا وكذا، ومعلوم أن الكلام لا يجوز داخل الصلاة، وهو مبطل للصلاة، ففي حديث مسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
أما بشأن سؤالك فبالنظر والتأمل في هذا الحلف نجد أن الحامل عليه أو الداعي له هو ظن الحالف حرمة ما حلف على أن لا يقوم به، ولهذا السبب حلف أن لا يقوم بهذا الأمر، وعليه فإن هذا الحالف لا يحنث إذا زال السبب المحلوف عليه وهو التبين أن هذا الأمر ليس حراما بل هو حلال، وهذا السبب هو المسمى عند علماء المالكية ببساط اليمين، وعند الحنابلة بالمهيج لليمين، وتعريفه: أنه هو السبب الحامل على اليمين أو المهيج لليمين.
وجاء في الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير عند قول: ثم بساط يمينه ... ثم إن عدمت النية أو لم تضبط، خصص اليمين وقيد بالبساط، وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية وليس هو انتقالا عنها، ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا فوجد عليه الزحام، فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم، وبعد قليل خفت الزحمة أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه فاشتراه، فإنه لا يحنث، لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام وقد زال.
وقال ابن عبد البر في الكافي: الأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر في بساط قصته وما أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين بعد أن ذكر أقوال العلماء ونقل نصوصهم الدالة على اعتبار البساط، قال رحمه الله تعالى: والمقصود أن النية تؤثر في اليمين تخصيصا وتعميما، والسبب يقوم مقامها عند عدمها، ويدل عليها فيؤثر ما تؤثره، وهذا هو الذي يتعين الإفتاء به.
وبساط اليمين يجري في جميع الأيمان سواء كانت بالله تعالى، أو بطلاق، أو عتاق. وبناء على ما تقدم، فإن اليمين لا يقع إذا زال سبب الحلف به الذي هو الحامل عليه أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(19/448)
ما يلزم من قال: عليه لعنة الله إن فعل كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[علماؤنا الأفاضل: هل يجوز أن أقول لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين، وهل هذا حلف بغير الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه البزار.
وقول الإنسان لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ليس من الحلف بالله أو بغير الله، بل ليس بيمين، ومن حنث فيه فلا كفارة عليه، ففي منح الجليل عند قول خليل: أو هو يهودي، قال: أو نصراني أو مجوسي أو مرتد.. أو عليه غضب الله ولعنة الله إن فعل كذا أو إن لم يفعله ثم حنث فليس بيمين..
وفي الفتاوى الهندية: ولو قال عليه لعنة الله إن فعل كذا، أو قال عليه عذاب الله، أو قال أماته الله إن فعل كذا لا يكون يميناً، كذا في فتاوى قاضي خان.
وكفارة هذا النوع من التلفظ هي الاستغفار فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(19/449)
(أستحلفك بالله) هل فيها قوة اليمين، وأحكام قول (بالله على من يسمعني أن يدعو لي)
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تصفحي الفتاوى على الشبكة الإسلامية وجدت سؤالا لامرأة كانت قد استحلفتكم أن تقرؤوا رسالتها كاملة رغم طولها, وأنا أسأل عندما يقول المرء لأخيه أستحلفك أن تفعل كذا وكذا هل هذا يعني بالله افعل كذا وكذا, وأيا كان المعنى فإن لم تكن هناك استجابة فعلى من يقع الوزر؟ سمعت في إحدى القنوات فتاة فلسطينية تصرخ وتقول بالله على كل من يسمع ندائي أن يدعو لنا. فهل كل من لم يدعو لها تتحمل هي الوزر أم يتحمله الشخص السامع خاصة أنه يستطيع أن يبر القسم؟ وهل يوجد فرق بين أن تحلف على شيء قابل للتنفيذ وآخر غير قابل مثال أن تقول نفس الطفلة الفلسطينية بالله على كل من يسمع ندائي أن ينقذنا ويأتي لنجدتنا؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعبارة أستحلفك ليس معناها بالله افعل كذا. ولا هي في قوة اليمين، لأن أستحلفك معناها أطلب منك الحلف، مثل أستشيرك معناها أطلب منك الإشارة، وأستكتبك أطلب منك الكتابة، فالسين والتاء قال أهل اللغة إنهما للطلب.
وعليه.. فلا وزر في عدم الاستجابة على المستحلِف بكسر اللام، ولا على المستحلَف بفتحها.
وأما الذي قال بالله على كل من يسمع ندائي أن يدعو لنا، فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يجب على من يسمعه أن يدعو له من باب وجوب إبرار القسم أم أن ذلك مستحب فقط وليس واجبا؟ والذي اعتمده جمهور العلماء هو الندب، وراجع فيه فتوانا رقم: 17528. وعلى القول بأن إبرار القسم واجب فإن الإثم يكون على المقسم والمحنث، ولكن الكفارة تختص بالمقسم. والإثم على القول به لا يقع إلا فيما هو مقدور عليه، وأما ما لا يستطاع فلا إثم فيه. قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} . وقال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج ٍ {الحج: 78}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(19/450)
تلزم الكفارة من أقسم على ترك شيء ثم فعله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل في القطاع الخاص وقد تلقيت مكاملة من شخص مجهول فهمت منه أنه يتصل بخصوص وظيفة كنت قد تقدمت إليها في القطاع الحكومي وأخذ يسأل أسلئة عن الشهادات التي حصلت عليها والخبرة العملية والاسم بالكامل ثم توجه إلى أسئلة شخصية مما جعلني أشك فيه وأسئلته عن اسمه ومن هو وقال أن غرضه شريف وأقسم بالله بأن الحديث الذي دار بيني وبينه لا أحد سوف يعلم به وطلب بالمقابل مني أن أوعده أمام الله وأن أقسم ألا أخبر أحدا بالموضوع الذي يريد أن يحدثني فيه وكان بالقرب مني شخص أثق فيه وقد استمع إلى المكالمة وطلب مني أن أجايره في الحديث وأحلف وبالفعل وعدته وأقسمت بالله ألا أخبر أحد وسألني إذا أحد بالقرب مني فنكرت وقال بأنه شخص يخاف الله سبحانه وتعالى وأنه يريد أن يساعدني في الحصول على الوظيفة وفي حالة لم أحصل عليها سوف يبحث لي عن وظيفة أخرى في القطاع الحكومي وقال سوف يعاود الاتصال بي بعد أن ينظر في الموضوع وذكرني مرة أخرى بالقسم وأني لا أخبر أحدا بهذا الاتصال حتى لو تم الموضوع على خير علماً بأني لا أعرف هذا الشخص ولا أثق به وعندما سألته عني قال بأنه لا يعرفني أبداً وإنما هي صدفة الاتصال حيث استدرجني في الحديث لكي يأخذ تلك المعلومات وبعد إغلاق الخط أخبرت الشخص الذي بجانبي عما حدث وأنني لا أثق بذلك الشخص كوني أمراة وأخاف على سمعتي ونصحني بألا أتكلم معه في حال إذا أتصل مرة أخرى، لذا أرجو من فضيلتكم إفادتي بخصوص القسم الذي أديته ماذا يوجب علي؟ وهل أخطأت عندما أخبرت الشخص الذي أثق فيه بما دار في المكالمة؟ علماً بأنني أردت النصح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أقسم على ترك شيء ثم فعل المحلوف عنه، فقد حنث وتلزمه كفارة هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإذا لم يستطع شيئاً من ذلك فصيام ثلاثة أيام، قال تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89} .
وقد يكون الحنث في اليمين أفضل من المضي فيها، روى مسلم في صحيحه عن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا حلف أحدكم على يمين فرأى خيراً منها فليكفرها وليأت الذي هو خير.
وعليه، فإنما تلزمك الكفارة بواحد من الأمور السابقة، ولست مخطئة في إخبارك الشخص الذي تثقين به طالما أنك تريدين منه النصح، بل إخبارك له في هذه الحالة هو الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(19/451)
متى تتكرر كفارة اليمين ومتى لا تتكرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل هل إذا حلف شخص على أمر بأن لا يرجع له، وإن حدث ورجع له فسوف يصوم 3 أيام كنوع من العقاب، ولقد تكرر ذلك من الشخص أي رجع للأمر أكثر من مرة وكان حصيلة الصيام ما يقارب 12 يوماً أو أكثر بعدد المرات التي رجعها، فهل يجب عليه صيام كل تلك الأيام، أم هناك حل آخر، ففي الحقيقة أريد أن أحظى بصيام بعض الأيام في شهر رجب كأجر ولكن في نفس الوقت أريد أن أرتاح من كاهل هذه الأيام أولاً، فأسعفوني بالرد أكرمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السائلة الكريمة تعني أنه إذا حلف شخص بالله تعالى ألا يفعل أمراً وإن فعله فسوف يصوم ثلاثة أيام، فإن الواجب عليه إن رجع إلى ذلك الأمر أن يصوم ثلاثة أيام، فإن لم يصمها كفر كفارة يمين، ولا يتكرر عليه الصوم ولا الكفارة بتكرر رجوعه للأمر المذكور.
ولو فعله مراراً كما في السؤال فليس عليه إلا صوم ثلاثة أيام؛ إلا إذا كانت صيغة اليمين تفيد التكرار، أو قصد بيمينه تكرر الكفارة بتكرر الحنث، قال في مواهب الجليل شرح مختصر خليل بن إسحاق المالكي عند قوله: (وتكررت إن قصد تكرر الحنث أو كان العرف) يعني أن من حلف ألا يفعل فعلا ففعله فإنما يحنث بفعله مرة واحدة ثم لا كفارة عليه فيما بعد ذلك، إلا أن يكون قصد تكرر الحنث كلما فعله، فيتكرر عليه الحنث، قال ابن عرفة: وحنث اليمين يسقطها، ولذا لا يتعدد ما يوجبه الحنث بتكرر موجبه إلا بلفظ أو نية أو عرف. انتهى.
ومن الألفاظ التي تدل على التكرار كلما أو مهما، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 11229، والفتوى رقم: 10595.
وإن كان المراد بالحلف النذر بأن نذر أنه إن رجع إلى أمر ما فعليه صيام ثلاثة أيام فيجب عليه الوفاء بالنذر إن حصل المعلق عليه، ولا يتكرر عليه أيضاً بتكرر الحنث إلا أن يقصد ذلك في يمينه أو كانت صيغة النذر تفيد التكرار، كما بينا في الفتوى رقم: 8533.
ومما يجب التنبيه عليه هو أن ما ورد في فضل صيام رجب بخصوصه قد ضعفه العلماء، وعليه فإنه لا خصوصية له إلا ما ورد في الأمر بصوم الأشهر الحرم، ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 24232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(19/452)
ناسي اليمين لا يحنث
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ ست سنوات تقريبا قال شخص لأمي هل ستزوجيني ابنتك على سبيل المزاح وعندما أخبرتني أمي أقسمت على أن لا أتزوجه ولم يكن الأمر جديا والآن تزوجت من شخص وبدأ تراودني الذكرى بأنه هو الذي أقسمت على أن لا أتزوجه علما بأني لا أتذكر الشخص وعندما أخبرته بهذا قال إنه لا يذكر أن كلم والدتي في هذا الأمر فماذا يجب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك شيء إن كان قد تم الزواج به في حال نسيان اليمين أو جهل أن هذا الرجل هو من حلفت أن لا تتزوجيه.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شرح الروض: لا يحنث ناس ليمينه وجاهل بأن ما أتى به هو المحلوف عليه، ومكره عليه في يمين بالله تعالى وطلاق وعتق لخبر: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وابن حبان والدارقطني والطبراني والبيهقي، وحسنه النووي رحمه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(19/453)
حكم تأخير كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[علي كفارة يمين لكنني لا أستطيع الإطعام إلا على مدة تراوح
4 أشهر وذلك أن مجموع كفاراتي إطعام30 مسكينا كذلك أرجو منكم أن تدلوني على حساب جاري لأحد الجمعبات الخيرية المختصة بإطعام المساكين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفارة اليمين على التخيير بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عدم الثلاثة فصيام ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: [فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] (المائدة: 89)
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز تأخير كفارة اليمين، وأنها تجب بالحنث على الفور، لأنه الأصل في الأمر.
وعليه، فإن كنت غير قادر على الإطعام أو الكسوة أو العتق فورا وجب عليك صيام ثلاثة، وإن كان عليك أيمان متعددة وكنت قادرا على الإطعام أو الكسوة أو العتق على الفور عن بعضها دون بعض تعين عليك الإطعام أو الكسوة أو العتق فيما كنت قادرا عليه وتعين عليك الصيام عن ما كنت فيه غيرقادر على الإطعام أو الكسوة، أو العتق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(19/454)
حلف بالله كاذبا لإنقاذ نفسه من السجن
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخوة الأفاضل أرجو أن توضحوا لي حكم الشرع في المسألة التالية:
شخص ادعت عليه امرأة لدى المحكمة زورا وبهتاناً فلم يجد طريقة لإنقاذ نفسه من السجن إلا أن يحلف يميناً كذباً لينقذ نفسه من الحبس ومن شر هذه المرأة. ماذا عليه أن يفعل الآن.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1ـ فقد تقدمت الاجابة على هذا السؤال تحت رقم: 7228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(19/455)
التكفير عن الحنث بالصيام من غير عذر لا يجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي بنتان أعمارهم مابين 11و9 سنوات والمشكلة أنه كلماغضبت منهما أو لم يسمعوا كلامي حلفت أنهم لن يخرجوا أو يلعبوا بشيء يحبونه ثم أتراجع عن كلامي وأصوم ثلاثة أيام. ولكنني عرفت لاحقآ أن الصوم يأتي ثانيا في الكفارة ولقد كنت قد حلفت كثيرا وقد صمت نصف الأيام التي حلفت بها وبقي الآخر أي أنني حلفت حوالي سبع مرات في أيام مختلفة. سؤالي هل أطعم عشرة مساكين على كل حلف من جديد أم منذ عرفت مع العلم أنني ربة بيت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لك حفظ يمينك لأن الله جل وعلا أرشد إلى ذلك بقوله سبحانه: [وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] (المائدة: 89) . وأما اليمين الذي ذكرت فإنها تعتبر يمينا معلقة الحنث فيها على خروج بناتك ولعبهن على نحو ما ذكرت، فإذا لم تكن لك نية تخالف ظاهر يمينك فإنك تحنثين بخروجهن، وعليك كفارة يمين وهي المذكورة في قوله تعالى: [لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] (المائدة: 89) . وواضح أن الله تعالى خيَّر الحانث في الكفارة بين ثلاثة أشياء وهي: العتق، والكسوة، والإطعام، فإن عجز عن التكفير بواحد منها أجزأته الكفارة بالصيام، وأما التكفير به مع عدم العجز فغير مجزئ، بل لا بد من إخراج الكفارة بواحد من الثلاثة مرة أخرى عن كل يمين عقدها الشخص ثم حنث فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1425(19/456)
تزكية النفس بالحلف بين الإباحة والحرمة الغليظة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز فقهيا\"ورود الألفاظ التي تشير إلى تخلّق الحالف بصفات الفضيلة المطلقة في صياغة اليمين
كقوله:
أحلف بالله بأني- صالح - ومدرك وملتزم بالحقوق والواجبات الشرعية- ومتبني للضوابط السلوكية الإسلامية.
بالنظر إلى مخالفة المضمون القطعي لهذه العبارات لما يقبله العقل السليم من المبادئ العرفية المتعلقة بكون -كل ابن آدم خطاء- كما ورد في الحديث ورواه الحاكم وصححه.
وقد جاء في كتاب الله - فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى- إن الإنسان لربه لكنود- وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا.
وقد استأثر الله بالثناء المطلق لذاته العلية في قوله -الحمد لله-
مع توثيقنا أنّ الصالح والمتبني للضوابط السلوكية الإسلامية يتدبر آيات الله وما ورد في السنّة النبوية فلا يحلف مثل هذه اليمين إلا في حدود صياغة نسبية معينّة كقوله مثلا\":
أحلف بالله بأني فعلت ما في وسعي لكي أكون كرجل صالح....ولا يكلف الله نفسا\" إلا وسعها.
ألتمس الإجابة مع جزيل الشكر_علما\"بأنّ هذه الصياغة وردت في سياق دعوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما أشار السائل الكريم لا ينبغي للمسلم أن يزكي نفسه ويمدحها، فقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (لنجم: 32)
وكان الصحابة والسلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ يبتعدون عن ذكر مآثرهم ـ وهي كثيرة ـ وعن تزكية نفوسهم وهم الذين زكاهم الله تعالى ورضي عنهم.
ولكن الشخص إذا حلف أنه متحل بالصفات المذكورة حسب اعتقاده وفيما يزعم فإنه لا كفارة عليه ولا إثم إلا من باب تزكية النفس؛ لأن هذا من لغو اليمين الذي قال الله تعالى فيه: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (البقرة:225)
فقد فسر مالك لغو اليمين بأنه حلف المرء على ما يعتقده فيظهر خلافه، وراجع الجواب: 11070
وأما إن كان حلفه على أنه متصف بالصفات المذكورة كذبا وهو يعلم أنه عار عنها، فإن هذا من اليمين الغموس المحرم الذي يغمس صاحبه في الإثم أو في النار، وهو من كبائر الذنوب والعياذ بالله تعالى
فقد عد النبي صلى الله عليه وسلم اليمين الغموس من الكبائر مع الاشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس؛ كما في البخاري وغيره
ولهذا فهي أعظم من أن تكفرها كفارة اليمين فلا تكفر إلا بالتوبة النصوح هذا مذهب الجمهور، ويرى الشافعية أنها تلزم فيها كفارة اليمين.
وينبغي للمسلم أن يتواضع لله تعالى ويقدره حق قدره ويعرف قدر نفسه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" وما تواضع أحد لله إلا رفعه " رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(19/457)
اليمين الغموس واللغو
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي زميلي بالمكتب إن جهاز التبريد لا يبرد جيدا لكني قلت له لم ألاحظ ذلك وقلت: والله بردت منه وهني طفيته، وما كنت أقصده أن تبريده جيدا وعادي، وفعلا أنا طفيته لكن بالطبع لم أبرد منه كما حلفت بوالله بردت منه وخرج مني الحلف عفوا، والذي كنت أقصده أن أقول له إن تبريده جيد.
فماذا يسمى هذا اليمين وهل علي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لم تصب بالبرد من جهاز التبريد، وحلفت على أنك أصبت بذلك منه فهذه يمين على كذب، وتسمى اليمين الغموس، وسميت بذلك لأنها تسبب لصاحبها الغمس في الإثم، أو الغمس في جهنم إن لم يتب منها.
وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا كفارة عليه، إذ أنه أتى بذنب أعظم من أن تمحو أثره كفارة يمين، وإنما الواجب عليه أن يتوب لله تعالى مما ارتكبه وتجرأ عليه.
وذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى وجوب الكفارة عليه إضافة إلى التوبة، لعموم قوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ [سورة المائدة: 89] .
ولعل الجمع بين التوبة والكفارة أسلم إعمالا للنصوص كلها وخروجا من خلاف أهل العلم، ولأن كلا من موجب التوبة وموجب الكفارة قائم فلا يغني أحدهما عن الآخر.
وهذا كله؛ إذا كنت قاصدا عقد اليمين عند قولك: والله، أما إذا جرى اللفظ على لسانك من دون قصد فإن عليك إثم الكذب دون إثم اليمين، فلا إثم فيها ولا كفارة لأنها لغو. ويراجع الجواب 1638.
وننصحك بحفظ يمينك استجابة لقول الله جل وعلا: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [سورة المائدة: 89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(19/458)
حلف ألا ينظر إلى المواقع الإباحية فهل يحنث بالنظر إلى التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في العشرين من عمري , متدين , ولكن منذ حوالي سنتين ونصف ابتليت بمعصية كبيرة وهي الدخول على المواقع الإباحية (بعد ما كنت أدخل على المواقع الدينية والرياضية) وتطور معي الأمر إلى العادة السرية وفي كل مرة أنوي التوبة وعلى عدم العودة وتستمر حالتي مستقرة لمدة شهر أو أكثر ثم أقع مرة أخرى في نفس المعصية ثم أتوب ثم أعود, وهكذا أنا في عذاب مستمر على الرغم من أنني في رمضان أكون في أحسن حالا أقوم الليل وأقرأالقرآن ولكن بعده لا أعلم ماذا يحصل لي, وفي مرة من المرات قررت أن أقطع خط الرجعة فأمسكت المصحف وأقسمت على عدم العودة إلى هذين الذنبين وجاءت بنتيجة معي ولكن أريد أن أسأل: 1-أحياناً وأنا أشاهد التلفاز أو أسير فى الطريق يقع نظري على النساء فأحاول أن أغضه ولكن أحياناً لا أستطيع فهل بذلك قد حنثت بيميني (علماً بأني قد قرأت في كتب الفقة أن اليمين يكون محدداً بنية الحالف أي أنني حلفت على عدم فتح هذه المواقع لكني لم أحلف على عدم النظر إلى النساء) ؟ -2-أنا أحب مشاهدة الأفلام الأجنبية ونادراً ما يكون بها مشهد عار يقع نظري عليه فهل بذلك قد حنثت بيميني؟ -3- أرشدني إلى طريق الثبات حتى أعود إلى ما كنت عليه؟ -4-وأخيرأ أريد أن أعرف هل تجوز كفارة اليمين مالاً أدفعه للمسجد وكم يكون المقدار (غير الصوم) ؟ ومعذرة للإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى كافة المؤمنين والمؤمنات بغض البصر عن كل ما يحرم النظر إليه، فقال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [سورة النور: 31،30] . وقال صلى الله عليه وسلم: يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وحسنه الألباني.
ثم من الواجب عليك مجاهدة النفس في سبيل الإقلاع عما صدر منك من محرمات، ففيما يتعلق بالعادة السرية نحيلك للتعرف على حكمها والتخلص منها إلى الفتوى رقم: 7170. كما نحيلك فيما يتعلق بمشاهدة التلفاز إلى الفتوى رقم: 1886. وراجع حكم مشاهدة الأفلام المحرمة في الفتويين التاليتين: 26411 و 25078.
وحلفك المذكور إن كنت تقصد في نيتك أنك حالف عن مشاهدة المواقع والعادة السرية فقط فلا تحنث بمشاهدة الصور المحرمة في التلفازأو الأفلام أو رؤية النساء مباشرة لأن نيتك حينئذ مخصصة ليمينك، وإن كنت حالفا عن مشاهدة الصور المحرمة مطلقا فتحنث بمشاهدة أي نوع منها، فالأمر في ذلك راجع إلى نيتك، وراجع الفتوى رقم: 35891.
وكفارة اليمين إذا لزمتك لا يجزئ دفعها مالاً لمصالح المسجد، بل هي ثلاثة أنواع على التخيير:
1- إطعام عشرة مساكين أحرارا مسلمين. 2- كسوتهم. 3- عتق رقبة مؤمنة.
فإن عجزت عن كل واحدة من تلك الثلاث تصوم ثلاثة أيام.
ومن الجدير أن ننبه على ضرورة مجاهدة النفس في سبيل التخلص مما أنت مقيم عليه من محرمات، فعليك بغض البصر عن كل ما يحرم النظر إليه، واعلم أن البصر نعمة أنعم الله عليك بها فاستعملها فيما يرضي الله تعالى، وسيشهد عليك يوم القيامة بما استعملته فيه. قال تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سورة النور:24] .
هذا؛ إضافة إلى أن الله تعالى قد يعاجلك بعقوبته حيث يحرمك من هذه النعمة العظيمة فتندم على ذلك حين لا ينفع الندم.
وللتعرف على عوامل الثبات على دين الله والاستقامة على شرعه، وعلاج ضعف الإيمان نحيلك إلى الفتويين التاليتين: 15219 و 10800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(19/459)
يحلف كثيرا ويقول في حلفه علي الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دائما أحلف ولا أفي بحلفي فبعض المرات أقول علي الحرام ما يصير كذا وبعد ذلك أفعل ما حلفت عليه ولا أعرف كم مرة حلفت وفجرت السؤال أنا إن شاء الله أحاول أن أتوب من هذه العادة الذميمة لكن أريد أن أعرف كيف أفي بأيماني السابقة مع العلم بأنني لا أعرف عددها بالتحديد وأيضا لا أستطيع الصيام أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإكثار من الحلف قد يوقع في الحرج أو الاستهانة بالحلف بالله، ولذلك فقد أمر الله تعالى بحفظ الأيمان فقال جل من قائل " ((واحفظوا أيمانكم)) ، وذم المكثرين الحلف فقال: ((ولا تطع كل حلاف مهين)) ، ثم إن الحلف بغير الله لا يشرع، فمن احتاج إلى الحلف لأمر يستدعي ذلك أو لمقام يقتضيه، فليحلف باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
وعليه، فالحلف بالحرام غير مشروع، فينبغي لمن حلف به أن يبادر إلى الإكثار من الاستغفار والتوبة الصادقة التي من شروطها الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه.
فعلى السائل العزم على عدم العودة إلى هذا الحلف لأن ذلك من تمام توبته، ثم إن الحالف بالحرام إن كانت له زوجة فالمسألة محل خلاف بين أهل العلم، والراجح أنه يعتبر مظاهرا من زوجته، كما في الفتوى رقم:: 22979، والفتوى رقم: 29374.
فإن تكرر الحلف بالحرام قبل إخراج كفارة الظهار فتكفي كفارة واحدة عن تلك الأيمان كلها، سواء عرفت عددها أم لم تعرف عددها.
ففي الموطأ قال مالك في الرجل يتظاهر من امرأته في مجالس متفرقة قال: ليس عليه إلا كفارة واحدة، فإن تظاهر ثم كفر ثم تظاهر بعد أن يكفر فعليه الكفارة أيضا. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وإذا ظاهر من زوجته مرارا فلم يكفر فكفارة واحدة هذا ظاهر المذهب، سواء كان في مجلس أو مجالس ينوي بذلك التأكيد أو الاستئناف أو أطلق، نقله عن أحمد جماعة واختاره أبو بكر وابن حامد والقاضي، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال عطاء وجابر بن زيد وطاوس والشعبي والزهري ومالك وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور، وهو قول الشافعي في القديم. انتهى.
وكفارة الظهار سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 17483، التي سبقت الإحالة إليها، وإن كان الحالف لا زوجة له فعند المالكية لا يحرم عليه شيء، وعند الجمهور تلزمه كفارة يمين، وهو الراجح.
وراجع الفتوى رقم: 12763.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1425(19/460)
حكم تكرير اليمين بالله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القسم بـ (والله العظيم ثلاثة) ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي الإكثار من الحلف لغير سبب يقتضيه أو أمر يستدعيه، لأنه قد يوقع الإنسان في الحرج وقد يؤدي إلى الاستهانة بأسماء الله تعالى وصفاته، والله تعالى يقول: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .
وإذا حلف الشخص فلا يحلف إلا بالله، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت.
وأما صيغة القسم المذكورة في السؤال، فإن كان يقصد بها تكرير اليمين بالله تعالى مثل ما في السؤال فلا شيء فيه، بل جاء في بعض الأحاديث الحلف بالله مكرراً منها حديث أخرجه البخاري، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن. قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه.
ومن كرر اليمين على شيء واحد، وحنث فعليه كفارة واحدة. قال في مواهب الجيل عند قول خليل المالكي: والله ثم والله، وإن قصده يعني أن الحلف بالله أو بشيء من أسمائه أو صفاته إذا كرر اليمين على ذلك الشيء بعينه، فإنما عليه كفارة واحدة. انتهى، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 8186.
وإن كان يقصد بالصيغة المذكورة شيئاً آخر فليبينه حتى يتسنى لنا الإجابة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(19/461)
أقوال العلماء فيمن انقطع تتابع صيامه بسبب المرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذي عليه صيام 3 أيام كفارة اليمين، ولم يكمل اليوم الثالث بسب أنه كان مريضا في اليوم الثالث.
سؤالي: هل يعيد الصيام من جديد للكفارة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيام لا يجزئ في الكفارة إلا بعد العجز عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فبعد العجز عن الثلاثة المذكورة يجزئ صوم ثلاثة أيام، ويجب تتابعها عند الإمام أحمد وأبي حنيفة، ويستحب عند مالك والشافعي في رواية.
لكن إذا انقطع التتابع بسبب المرض، فقد رجح ابن قدامة أن ذلك لا تأثير له، بل يصوم الحانث يوما مكان اليوم الذي أفطر فيه لمرض، حيث قال في المغني: وإن أفطرت المرأة لمرض، أو حيض أو الرجل لمرض لم ينقطع التتابع، وبهذا قال أبو ثور وإسحاق. وقال أبو حنيفة ينقطع فيهما لأن التتابع لم يوجد، وفوات الشرط يبطل به المشروط،. وقال الشافعي ينقطع في المرض في أحد القولين ولا ينقطع في الحيض. ولنا أنه عذر يبيح الفطر أشبه الحيض في كفارة القتل.انتهى. وراجع الفتوى رقم: 10567.
وعليه؛ فعليك صيام بدل اليوم الذي أفطرت فيه لمرض ولا يلزمك ابتداء الصيام من جديد للكفارة على مذهب من لا يرى وجوب تتابع الصيام في كفارة اليمين، وعلى ما رجحه ابن قدامة في المغني، وإن كان الاحتياط أن تبدأ الصيام من جديد خروجا من خلاف أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(19/462)
هل يكون صيام كفارة اليمين متتابعا أم متفرقا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سادتي العلماء: أفتوني في مسألة كفارة اليمين هل يجوز للحانث في يمينه أن يصوم الأيام الثلاثة متفرقة أم لا بد أن يصومها مجموعة. وبالمقابل إذا ما أراد أن يكفر بإطعام عشرة مساكين، هل من الضروري أن يكون الإطعام في يوم واحد أم يجوز له أن يقسمه على عدة أيام حسب استطاعته أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحانث في يمينه لا يجزئ عنه الصيام إلا بعد العجز عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة، فإذا عجز صام ثلاثة أيام متتابعة وجوبا عند الحنابلة وبعض أهل العلم، ويستحب التتابع عند البعض الآخر.
قال ابن قدامة في المغني: وظاهر المذهب اشتراطه، كذلك قال إبراهيم النخعي والثوري وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي، وروي نحو ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال عطاء ومجاهد وع كرمة. وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى أنه يجوز تفريقها وبه قال مالك والشافعي في أحد قوليه، لأن الأمر بالصوم مطلق ولا يجوز تقييده إلا بدليل ولأنه صام الأيام الثلاثة فلم يجب التتابع به.انتهى. وراجع الفتوى رقم: 10567.
ويجوز التفريق في الكفارة بالإطعام، قال ابن قدامة في المغني أيضا: وإن أطعم كل يوم مسكينا حتى أكمل العشرة أجزأه بلا خلاف نعلمه لأن الواجب إطعام عشرة مساكين، وقد أطعمهم.انتهى.
وعليه؛ فمن الورع والاحتياط في الدين تتابع صيام الأيام الثلاثة خروجا من خلاف من يرى وجوب التتابع، ولا حرج عليك في التفريق فيما يتعلق بالكفارة بالإطعام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(19/463)
اليمين على ما يصدقه به المستحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سيارة أنقل عليها أي شيء يحدده مكتب النقل وكان اسمي يتأخر عدة أيام لكثرة المسجلين بالمكتب وذات مرة حصلت حمولة من خارج مكتب النقل وذهبت إلى المكتب كي يعطوني ورقة خروج من المدينة ورفض مدير المكتب أن يعطيني إلا إذا حلفت أن السيارة التي أقودها هي تبع الشركة فقلت والله إنها تبع الشركة، وكنت أنوي في قلبي الحمولة لا السيارة وهو كان يقصد السيارة وبعد أن حلفت أعطاني ورقة الخروج فهل يميني غموس أم ماذا، وما كفارتها أفتوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يمينك على ما يصدقك به صاحبك. وفي رواية: اليمين على نية المستحلف. أخرجهما مسلم.
وهما يدلان على أن النية في الحلف على نية المستحلف، وعليه فمن استحلفه غيره على أمر، فإن النية في هذا اليمين يرجع فيها إلى نية المستحلف إلا إذا كان الحالف مظلوماً فإن اليمين تكون على نيته عند أكثر أهل العلم على تفصيل في بعض الصور.
وعليه فإن كان مدير المكتب غير ظالم لك بل هو متبع لنظام يضبط العمل فإن عليك التوبة من هذه اليمين الغموس التي نص كثير من أهل العلم على أنها أعظم من أن تكفر بما تكفر به اليمين غير الغموس وذهبت طائفة أخرى إلى أنها تكفر مثل غيرها، والكفارة هي المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(19/464)
حكم ترديد الأناشيد التي في لفظها نذر أو قسم
[السُّؤَالُ]
ـ[ترديد بعض الأناشيد التي في لفظها قسم أو نذر هل يعتبر يمينا منعقدة أو نذرا يجب الوفاء به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترديد بعض الأناشيد التي في لفظها نذر أو قسم على سبيل الحكاية لا يلزم به شيء، أما إذا نوى مع اللفظ النذر أو القسم انعقد نذره أو قسمه، ومثل ذلك حكاية قول الكفر أو الفسق أو غير ذلك لغرض صحيح ومعتبر شرعاً، لا يؤاخذ به الإنسان إلا مع النية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1425(19/465)
كفارة اليمين الغموس
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لفضيلتكم ...
أنا قد قمت بالحلف كذبا ولم أكفر عن ذلك وأريد منكم كيف تكون هذه الكفارة؟؟ وأريد أن أعرف ماهي كفارة اليمين بوجه عام؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف على الكذب هو ما يسمى عند العلماء باليمين الغموس، وسميت بذلك قيل: لأنها تغمس صاحبها في النار، وقيل: تغمسه في الإثم، ولا منافاة بينهما، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم اليمين الغموس من الكبائر حيث قال: الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس. أخرجه البخاري وغيره من حديث عبد الله بن عمرو.
وهذه اليمين لا تكفر عند جمهور العلماء، وإنما يلزم صاحبها التوبة فقط. أخرج الحاكم بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نعد الذنب الذي لا كفارة له: اليمين الغموس. وذهب الشافعية إلى أنها تكفر.
ولعل الأحوط فيها للمرء أن يجمع بين التوبة منها والكفارة، وراجع في الكفارة الفتوى رقم: 34211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(19/466)
مسائل في اليمين والمزاح
[السُّؤَالُ]
ـ[نود منكم إعطاءنا إجابة شافية لهذا السؤال وهو كالآتي: مجموعة اجتمعت لوليمة ثم أخذوا في الضحك واللعب والمزاح منها مزحوا على شخص من الأول على سبيل المزاح في بيع سيارة وشراء ثم تطورت الحكاية وأخذ صاحب السيارة وبدأ يتكلم بجدية على أساس يريد المبلغ وهو في الحقيقة المبلغ خيالي وهذا ليس ثمن السيارة فقام الطرف الآخر يتكلم فقال: له أنت تمزح معي فقال له لا أريد السعر الذي دفعت للسيارة فتوسط الحاضرون وقالوا له الموضوع من الأساس مزاح، ثم رد الشخص الموكل لصاحب السيارة فقال للشخص الذي دفع المبلغ الخيالي للسيارة ليس لديك كلمة رجل فتعصب الشخص وحلف اليمين وهو والله العظيم سوف أدفع لك المبلغ هذا، وتعصب كثيراً وقال نحن نمزح، فقال له لا نمزح ادفع المبلغ ثم تدخل الحاضرون وحلوا المشكلة وانتهت، الشخص الذي حلف اليمين وهو والله العظيم سوف أدفع المبلغ ما حكمه في الشريعة هل عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام أو يعتبر اليمين لغوا، نرجو منكم الرد على سؤالنا وبالتدقيق كيف إذا تم اختيار أحد الأمور الثلاثة؟ ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بالمزاح، والمزاح لا ينبغي الإكثار منه، ولا يجوز أن يكون فيه كذب، ولا أن يكون سبباً في القطيعة والتباغض، وقد تقدم الكلام عن آداب المزاح وذلك في الفتاوى التالية: 11614، 12643، 10123.
والأمر الثاني: ما يتعلق بالشخص الذي حلف بالله ثم أخلف ما حلف عليه، وهذا تلزمه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإذا لم يجد فليصم ثلاثة أيام، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 6602، والفتوى رقم: 26595.
والأمر الثالث: ما يتعلق بيمين اللغو، وهي أن يحلف المرء على شيء دون أن يقصد اليمين، كقوله: لا والله، وبلى والله، أو أن يحلف على شيء يظنه كما حلف، فيتبين أن الأمر على خلاف ما يعتقده.
وما فعله صاحبك ليس من هذا، بل هو يمين منعقدة، وللفرق بين اليمين المنعقدة ويمين اللغو راجع الفتوى رقم: 44446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(19/467)
حكم دفع كفارة اليمين للكافرين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع كفارة اليمين إلى غير المسلم. وهل يجوز دفعها إلى الجمعيات الخيرية إنسانية كانت أم دينية؟ علما بأني لا أجد في بلدي مساكين من المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن كفارة اليمين كغيرها من الصدقات الواجبة لا تعطى للكفار، واختلف قول الأحناف فيها.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: ويجوز إعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات والنذور وغير ذلك إلا الزكاة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله.
وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يجوز إلا النذور والتطوع ودم المتعة. وجه قوله أن هذه صدقة وجبت بإيجاب الله عز شأنه، فلا يجوز صرفها إلى كافر كالزكاة بخلاف النذر، لأنه وجب بإيجاب العبد. وعليه، فلا يجوز دفع كفارة اليمين إلى غير المسلم على القول الصحيح.
ولا يجوز كذلك أن تدفع إلى جمعيات غير مسلمة، لأنها قد لا تدفعها في مصارفها الشرعية، وأما دفعها لجمعيات خيرية إسلامية فلا بأس به إذا علم أنها ستدفعها إلى المساكين المسلمين، وراجع فيه الفتوى رقم: 204
وكونك في بلد لا يوجد فيه مساكين مسلمون لا يسوغ دفعها لغيرهم، فما أكثر المساكين في بلاد المسلمين، وما أيسر دفعها إليهم عبر الجمعيات الخيرية الموثوق بها، بل وعبر الأفراد الموثوق بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(19/468)
هل يباح الحلف كذبا لمصلحة معتبرة شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت في يوم من الأيام أن أمي سامحها الله تكلم شخصاً ما على الهاتف بغرض التسلية وأمي من النوع العصبي ويصعب التفاهم معها لذلك قررت أن أمنعها من غلطها فقمت بإرسال علامات لها على الموبايل وتخويفها وتهديدها وأرسلت لها صديقتي لتحدثها عن طريق الهاتف وتحذيرها
المهم أمي شكت بي وغضبت علي وقالت أنت التي كنت تفعلين ذلك وأنا غاضبه عليك ليوم الدين
فبكيت لها وأخذت أحلف أني لم أفعل شيئا مع أني فعلت هذا الشيء وقمت بإرضائها بعد أن أكدت لها
أني لم أفعل هذا وحلفت لها لكي تصدق فما حكم الدين علي وعلى حلفي وكل غرضي رضى أمي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتخويف الأم بالطريقة المذكورة بغية إرجاعها إلى الصواب وإبعادها عن المعصية يعتبر درجة جيدة من البر بها، فما فعلته ـ إذاً ـ فعل حسن، ونرجو الله أن يجزل لك الثواب به.
وأما الأيمان التي ذكرت أنك حلفتها على أنك لم تفعلي ما اتهمتك به أمك، ولا تقصدين بها إلا إرضاءها، فنرجو أن لا يكون عليك فيها إثم، فقد رخص أهل العلم في الحلف على الكذب إذا كان لجلب مصلحة معتبرة شرعا، أو دفع مضرة معتبرة كذلك، ولم يمكن تحققها بغير ذلك.
وراجعي فيه الفتوى رقم: 7228، والفتوى رقم: 1126.
ولا كفارة عليك في هذه الأيمان لأنها أيمان غموس تعلقت بالماضي.
قال الناظم:
كفر غموسا بلا ماض تكون كذا لغو بمستقبل لا غير فامتثلا.
وقال الشافعي: إن يمين الغموس تلزم فيها الكفارة، كما هو مبين في إحدى الفتويين السابقتين.
والأحسن في مثل هذه الحالة أن تلجئي إلى المعاريض وهي التورية.
قال عمر بن الخطاب وابن عباس وغيرهما: أما في المعاريض ما يكفي الرجل عن الكذب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(19/469)
عاهدت الله على ترك معصية ثم ارتكبتها فماذا عليها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الكرام في الشبكة الإسلامية حفظكم الله أجمعين
سألتني إحدى الأخوات أنها عاهدت الله تعالى على أن لا تفعل معصية من المعاصي عادت ووقعت في هذه المعصية. وسؤال هذه الأخت هو الآتي: هل يجب عليها هنا كفارة اليمين؟
وما حكم المرأة التي تحرم على نفسها الأكل والشرب من بيت أهلها وهي غير متزوجة وتعيش مع أهلها؟؟؟
وتفضلوا بقبول فائق الشكر والاحترام.
وكلنا أمل أن يصلنا جوابكم في أسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يجتنب المعاصي ما ظهر منها وما بطن، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأنعام: 151] .
ومن عاهد الله تعالى على ترك معصية أو الالتزام بواجب فإن هذا العهد لن يعدو أن يكون مجرد تأكيد لأن ترك المعصية وفعل الواجب أمران محتمان شرعا، ومع هذا فإنه إذا أخل بهذا العهد فهل عليه كفارة؟ ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا كفارة عليه لأن ذلك كان واجبا عليه أصلا والنذر لا يكون في الواجب، وذهب شيخ الإسلام وبعض المحققين من أهل العلم إلى أن عليه كفارة يمين.
وعلى ذلك فعلى هذه الأخت أن تلتزم بالكف عن معصية الله تعالى كما أمرها الله تعالى، وإن عادت وفعلتها فعليها الكفارة لما عاهدت عليه الله تعالى على ما ذهب إليه شيخ الإسلام ومن وافقه.
وأما مجرد تحريم الأكل والشرب من بيت الأهل فإنه لغو لا يحرم ما أحل الله تعالى، ولمزيد من التفصيل وأقوال العلماء نرجوا الاطلاع على الفتوى رقم: 15049، والفتوى رقم: 12763.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1425(19/470)
ائت الذي هو خير وكفر عن يمينك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج أقيم في أوروبا وزوجتي وابني يقيمان في مصر أتصل بهم دائما حتى أخفف عليهم وعلى نفسي الفراق تشاجرت معها في التليفون ولم ترد على كلامي وتتابع معي الاتصال أقسمت لها إن لم ترد لن أتصل بها إلا بعد فترة 3 أسابيع فلم تبال ولم تسمع كلامي فهل أبر بقسمي عقابا لها على استهانتها بقسمي مع العلم أنني كنت أعني قسمي جدا أوهل تنفيذ قسمي يعتبر تقصيرا في واجبي كزوج وأب مع العلم أنني لا أغيب عنها أكثر من 5 أشهر. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ينبغي أن تعلم أن كثرة الحلف مما نهينا عنه، فقد قال الله تعالى: [وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ] (البقرة:224)
ثم إن الأولى بالرجل الصبر على أخلاق أهله وعدم التسرع في الغضب والعقوبة خشية أن يتطور الأمر إلى ما لا تحمد عقباه مستقبلا من الخصام والطلاق.
وعلى هذا؛ فالذي ننصحك به هو العودة إلى الاتصال بأهلك والتكفير عن يمينك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم.
ثم انه ينبغي أن تعلم زوجتك بوجوب طاعتك عليها في المعروف، ومن جملة ذلك إجابتك إلى ما تطلبه منها من الرد على اتصالاتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(19/471)
حكم من قال (علي مائة يمين لا أفعل كذا)
[السُّؤَالُ]
ـ[عمتي حلفت وقالت: علي مائة يمين ما أوصل أمي ولا أمشي في جنازتها وكذا وكذا ... ، وهي استغفرت الله وتابت وتريد أن تعرف ماذا تعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته عمتك خطأ من ناحيتين:
الأولى: أن الحلف بالكيفية التي فعلت فيه عدم تعظيم لليمين بالله، ولا شك أن ذلك لا يجوز، قال الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] ، وقال تعالى: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .
والثانية: أنها حلفت على قطيعة أمها حية وميتة، وفي ذلك من الإثم ما لا يخفى.
وقد أحسنت إذ استغفرت الله مما فعلت وتابت منه، والذي عليها أن تفعله هو أن تترضى أمها بأي وجه مباح يمكنها وتطلب منها الصفح عازمة على أن لا تعود إلى مثل ما فعلته.
أما عما يلزمها فقد اختلف أهل العلم في مثل الصيغة التي حلفت بها عمتك هل هي يمين تكفر أم لا؟ فرأى المالكية والأحناف وبعض الحنابلة أنها يمين تكفر، وصرح المالكية بأن اللازم فيها من الكفارات هو بحسب عدد ما التزم الحالف من الأيمان، قال في بلغة السالك لأقرب المسالك: أو اشتمل لفظه على جمع للكفارة أو اليمين، نحو: إن كلمته فعلي كفارات أو فعلي أيمان.... فإذا كلمه لزمه أقل الجمع.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن: ولو قال علي يمين وحنث لزمته كفارة، ولو قال علي يمينان لزمته كفارتان إذا حنث....
ويرى الحنابلة والشافعية أنها ليست يمينا، قال ابن قدامة في المغني: ولو قال علي يمين ونوى الخبر فهي كالتي قبلها، وإن نوى القسم، فقال أبو الخطاب هي يمين، وهو قول أصحاب الرأي، وقال الشافعي ليس بيمين لأنه لم يأت باسم الله تعالى المعظم، ولا صفته، فلم يكن يمينا كما لو قال حلفت، وهذا أصح إن شاء الله، فإن هذه ليست صيغة اليمين والقسم.....
وقال النووي في المجموع: فلو قال: فعلي يمين أو فلله علي يمين فوجهان. الصحيح أنه لغو وبه قطع الأكثرون لأنه لم يأت بنذر ولا صيغة يمين.
وعلى كل؛ فإن الذي نراه هنا أصوب هو الأخذ بقول الشافعية والحنابلة -وهو عدم انعقاد اليمين- وذلك لسببين الأول: أن هذا اللفظ خال من ذكر اسم لله أو صفة من صفاته، ولا تنعقد الأيمان التي ليست باسم من أسماء الله ولا بصفة من صفاته.
الثاني: أن في الزامها بالتكفير على مذهب المالكية ومن وافقهم ما يغلب على الظن أنه مشقة قصوى لأنها ستكفر مائة يمين، وكفارتها إطعام ألف مسكين أو كسوتهم أو تحرير مائة رقبة، فإن لم تستطع صامت ثلاثمائة يوم، والله جل وعلا قد قال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] ، ومن كان عاجزا عن الإطعام والكسوة والعتق هنا -والعجز أمر متوقع- جدا فإن إلزامه بأن يصوم ثلاثمائة يوم أمر عسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(19/472)
من حلف يمينا لا يطيقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نذرت وقلت لصاحبي -والله سيارة الزفة حق زواجك علي وتكون bmw آخر موديل-!! هل يجب علي الوفاء بالنذر مع العلم بأنه من الصعب أن آتي بهذه السيارة إلا عن طريق الإيجار، وكذلك صعب ولم أخبر صاحبي بشيء إلى الآن، مع العلم بأن موعد زواجه قد اقترب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما قتله لصاحبك هو يمين وليس بنذر، ويجب أن تعلم أنك لست مطالباً بما لا تستطيعه، قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة:286] ، وعلى افتراض قدرتك فإن لك ألا تفعل، ومتى حصل الزفاف ولم تفعل فإنه تلزمك كفارة يمين لحنثك، قال خليل: وحنث إن لم تكن له نية ولا بساط بفوت ما حلف عليه. وراجع في كفارة اليمين فتوانا رقم: 28055.
واعلم أن الحكم لا يختلف عما ذكرناه لو كان ما صدر منك في الحقيقة نذرا وليس يمينا وكنت عاجزا عن الوفاء بالنذر، لما رواه أصحاب السنن من حديث ابن عباس مرفوعاً: ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(19/473)
تلزم الكفارة في كل يمين منعقدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أناكثير الحلف بالله فهل أدفع كفارة على كل حلف؟ أم أنه يجوز لي أن أدفع كفارة واحدة جامعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي للمسلم أن لا يكثر من الحلف لقوله تعالى: [وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ] (المائدة: 89)
وأما من حصل منه حلف كثير فإن كان يحلف على الشيء دون قصد اليمين مثل قول المرء لا والله أو بلى والله أو كان يحلف على شيء يظنه كما حلف فيتبين أن الأمر على خلاف ما كان يعتقده فإن هذا النوع من الحلف يمين لغو لا كفارة فيها.
قال الله تعالى: [لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ] (المائدة: 89) .
وأما إن كان حلف على فعل شيء ما أو على عدم فعله فحنث فإنه تلزمه الكفارة عن كل يمين حنث فيها وهذا مما لا خلاف فيه كما ذكر ابن قدامة في "المغني" ويدل له قول الله تعالى: [وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ] (المائدة: 89) ومن هذا تعلم أن كل يمين حلفتها من هذا النوع الأخير تلزمك فيها كفارة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(19/474)
حلف بالله أنه سيقتص من أبويه وخاله الذين يمنعونه من إطلاق الحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجدوني أنجدكم الله أنا أكاد أبكي وأنا أسألكم، سأحكي لكم كنت جالساً أنا وأبي وأمي وأخي ويتحدثون إلى في مسألة إعفاء اللحية، وكنت مصراً أنها فرض فوافقوني ولكن عارضوني في تربيتها أو إعفائها، لظروف البلد السياسية، حيث هذا الأمر به لبث، فغضبت فقلت لهم لا طاعة لمخلوق في معصية الله، ولكني لا أحب الشر لأحد، وإذا بي زلة لسان وأحلف كثيراً بالله، أني سأقتص منهم أمام الله، وقد أنبت نفسي كثيرا وبكيت بداخلي وبظاهري على هذا، فقلت لنفسي سأصوم 3 أيام، لأكفر الحلفان، ولكن جاء خاطر ببالي يقول وما يدريك سيقبل منك، فارتعدت هل سأتي بأبي وأمي وأخي وخالي أمام الله لاقتص منهم هل أفعل هذا، وتكون لهم حسنة وآخذها منهم ويدخلون النار، فاتصلت بأحد أصحابي فقال لي مثل الكفارة الماضية فقلت أسألكم، علما بأني طالب لا أملك سوى مصروفي البسيط الذي ينفق على المواصلات، حيث إني لا استطيع إطعام مساكين أو غير الصوم، ممكن أصوم ولكن هل يتقبل مني، أرجوكم إني أتقطع عندما أتذكر هذا، فأنا أعلم بأنها سجلت علي، ماذا أفعل أفتوني؟ الله يرحمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حلق اللحية فسبق في الفتوى رقم: 14055.
وأما بشأن اليمين فكفر عنها إن كانت منعقدة وأردت الرجوع عنها والكفارة مبينة في الفتوى رقم: 2654، علما بأن السؤال غير واضح.
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك رفع صوتك على أبويك بل الواجب إجلالهما وبرهما، وهما لم يأمراك بما ذكرت إلا خوفا عليك ومحبة لك، فكن بهما شفيقا رفيقا، وبين لهما الحكم الشرعي بحكمة ولطف ولا تطعهما في معصية، وراجع الفتوى رقم: 15719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(19/475)
عاهد الله على الزواج من يتيمة فلم يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتى في الله
إن سؤالي هو أني قد عاهدت الله على أن اتزوج من يتيمة وأخلفت هذا الوعد وتزوجت من غير يتيمة
فهل علي شيء من كفارة أو توبة وهل يعتبر هذا العهد نذرا أم ماذا؟
وماذا علي أن أفعل لأكفر عنه؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن الله عز وجل أمر بالوفاء بالعهد وحث عليه في القرآن الكريم في عدة مواضع وأكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: [وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ] (النحل: 91)
وقال تعالى: [وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً] (الاسراء: 34)
وقال صلى الله عليه وسلم: لا دين لمن لا عهد له. فعلى المسلم أن يرعى عهده وأن يحفظه مادام في غير معصية، ولا سيما إذا كان ذلك العهد مع الله تعالى،
لذلك فإنا نقول للسائل إن أمكنك أن تفي بعهدك فتتزوج بيتيمة إذا كان ذلك العهد لغرض شرعي كالقيام بكفالتها أو رعايتها أو غير ذلك مما يهدف إليه الشرع ويدعو إليه فأوف بعهدك ولا تنقضه، فإذا لم تف به فالظاهر والله أعلم أن عليك كفارة يمين.
وتراجع الفتوى رقم: 29746، في هذا الموضوع ففيها تفصيل كلام العلماء في العهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(19/476)
مبنى اليمين على نية الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: في البداية أشكركم على الفتوى رقم: 48540 بخصوص (حكم من قال علي الطلاق ثلاثا كلما تحلي تحرمي) ، فضيلة الشيخ: أفيدكم أنني أطلعت على فتواكم جزاكم الله خيراً، ولكن لدي سؤال مهم أرجو التكرم بالإفادة عليه وهو: أنني أقوم بإعطاء زوجتي مصروفاً شهرياً، فهل يمكن لها شراء دخان من هذا المصروف أم لا، وفي حالة قيامها بشراء الدخان من المصروف لم يقع عليها الطلاق، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القصد بيمينك أن لا تشتري لها الدخان، بمعنى أن لا تذهب وتشتريه لها من فلوسك كما هو الظاهر فإنك لا تحنث ولا تطلق بشرائها لنفسها ولو من المصروف الذي تعطيه لها، وإن كنت تقصد منعها من شراء الدخان من ما تملكه أنت وما تدفعه لها، فإن الطلاق يقع عليها بمجرد شراء الدخان من المبلغ الذي تدفعه لها لأن المرجع في الأيمان على النية، قال في المغني عند قول الخرقي: ويرجع في الأيمان إلى النية قال: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف فإذا نوى يمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له. انتهى.
ولك أن تمنعها من شراء الدخان ولو من المصروف الذي تدفعه لها لأن ذلك يضر بجسمها، قال في المغني: وإذا دفع إليها نفقتها جاز لها التصرف فيها بما أحبت من الصدقة والهبة والمعاوضة (يعني البيع ونحوه) ما لم يعد ذلك عليها بالضرر في بدنها وضعف جسمها لأنه حق لها فلها التصرف فيه بما شاءت كالمهر، وليس لها التصرف فيها على وجه يضر بها لأن فيه تفويت حقه منها ونقصا في استمتاعه. انتهى. ولموضوع تعليق الطلاق واختلاف العلماء فيه راجع الفتوى رقم: 1673، والفتوى رقم: 30708.
وننبه الأخ الكريم أن شأن الطلاق خطير لا تكفي فيه فتوى قد لا يحيط فيها المفتي بملابسات الطلاق، ولذا فعليه بمراجعة المحاكم الشرعية فإنها أقدر على الإحاطة بملابسات الموضوع ثم إصدار الحكم الصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1425(19/477)
أقسمت مرات كثيرة على ألا تحضر عرس ابنها فكبف تكفر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أشكركم على الجهود التي تبذلونها، أريد رأيكم السليم في المسألة الوالدة أطال الله عمرها، أقسمت بأن لا تحضر عرس ابنها إذا تزوج الفتاة التي اختارها بنفسه، وذلك لأنه كلمها قبل الخطبة أو الزواج وهناك سبب آخر وهو أنها لا تحمل الجنسية، نحن طلبنا منها أن تكفر وهي أصرت على أمرها وقالت إنها أقسمت كثيراً وتخاف على ذلك، فهل لو كفرت عن ذلك أو لأنها أقسمت كثيراً لا يجوز، وهل يجوز للأم أن تقسم حتى لا تفعل هذا الشيء لتكون حجة أتمنى أن تفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان الأولى لوالدتك ألا تلجأ إلى اليمين ولا إلى تكريره لأن ذلك إما أن يؤدي إلى الحنث أو إلى القطيعة، وقد كانت في غنى عن ذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] ، قال القرطبي: أي بالبدار إلى ما لزمكم من الكفارة إذا حنثتم، وقيل بترك الحلف فإنكم إذا لم تحلفوا لم تتوجه إليكم هذه التكليفات.
أما بعدما حلفت فإن الأفضل أن تكفر عن يمينها كفارة واحدة ما دامت لم تحلف إلا على شيء واحد وهو عدم حضور عرس ابنها ولو كررت الأيمان، وكفارة اليمين مفصلة في الفتوى رقم: 2053.
وقد روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله.
قال القرطبي: اللجاج في اليمين هو المضي على مقتضاه أي الأصرار على عدم الحنث في اليمين، قال وإن لزم من ذلك حرج أو مشقة أو ترك ما فيه منفعة عاجلة أو آجلة فالأولى له تحنيث نفسه وفعل الكفارة ولا يعتد باليمين بدليل قوله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليترك يمينه. رواه مسلم.
ولا ينبغي لوالدتك أن تعارض في زواج ابنها بهذه الفتاة بحجة أنها لا تحمل الجنسية، فإن ذلك غير قادح فيها ما دامت مرضية الدين والخلق والعفاف وغير ذلك، لاسيما والشاب المذكور يرضاها ويريدها هذا مع أن الابن يجب عليه في حال ما إذا أصرت والدته على عدم زواجه بهذه الفتاة أن يمتثل أمر والدته ويطيعها إذ قد يوجد غيرها، وطاعة الأم واجبة، والزواج بهذه الفتاة بعينها غير واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1425(19/478)
من حلف على صديقه ولم يبر قسمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ركب معي أحد من أصدقائي وهو يعمل في بقالة وأوصلته إلى بقالته وعندما وصلنا دفعت له الدراهم لكي أشتري بطاقة هاتف وعندما أعطاني البطاقة حلف لي أنه لا يأخذ مني أي درهم وأنا حلفت له باليمين أن يأخذ الدراهم وأرجعت البطاقة فوق الطاولة وأخذ البطاقة والدراهم ووضعها في جيبي
ما حكم حلفي باليمين له]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من حلفك هذا أنك تريد من صديقك أخذ الدراهم في الحال. وعليه، فإذا كان قد أصر على رفضها وبقيت عندك فإنك حنثت في يمينك، فتلزمك كفارة.
قال خليل بن إسحاق: وحنث إن لم تكن له نية ولا بساط بفوت ما حلف عليه. وراجع في هذا الفتوى رقم: 23136.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(19/479)
الحلف لترويج السلعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يحلف بشدة من أجل أن يبيع أكبر قدر ممكن من بضاعته وأحيانا يحلف كذبا، وما حكم من يعمل عنده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم الإكثار من الحلف؛ لقول الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] .
هذا إذا كان الحالف صادقاً، إما إذا كان كاذباً من أجل ترويج سعلته فقد ارتكب إثما عظيماً يترتب عليه محق البركة من صفقته تلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما.
وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا.
وقال صلى الله عليه وسلم: اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للكسب. رواه أحمد في المسند وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
فعلى من يعمل مع الشخص المذكور أن يواظب على نصحه مبينا له خطورة الإقدام على هذا الأمر وكونه وبالاً على صاحبه، وينبهه على ضرورة الابتعاد عن الحلف مطلقا خصوصا إذا كان على أمر كذب، ويوضح له الثواب الذي أعده الله تعالى للتاجر الصدوق، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء. صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، وصحيح الترغيب والترهيب.
ولا يجب على من يعمل مع الشخص المذكور ترك ذلك العمل بل إن فعل فهو من باب الورع والاحتياط في الدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه. متفق عليه، ولكن عليه أن لا يعينه على غشه وكذبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(19/480)
حكم الحلف بحياة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الحلف بحياة لله \" كالقول بحياة الله \"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف بأسماء الله مشروع، لما في الصحيحين من حديث ابن عمر وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. والحلف بصفات الله مثل الحلف بالله، والحياة صفة من صفات الله قال البهوتي في كشاف القناع: وإن قال لعمر الله كان يمينا، أقسم بصفة من صفات الله تعالى فهما كالحلف ببقاء الله تعالى وإن لم ينو لقوله لعمر الله اليمين، لأنه صريح ومعناه الحلف ببقاء الله وحياته، لأن العمر بفتح العين وضمها الحياة.. (6/231) . وبناء عليه، فلا مانع من أن يحلف الحالف بحياة الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(19/481)
إطعام المسكين في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أعاني من الوسوسة في العبادات منذ مدة. وقد تعودت دائما على أن أحلف في الوضوء وفي النية للوضوء والصلاة كأن أقول \"والله لا أعيدها\"أعني النية أو غسل العضو مما سبب لي الحنث في عدة مرات حيث تراكمت علي كفارات اليمين ربما العشرات. فماذا أفعل؟ وكيف يكون إطعام العشرة مساكين يعني هل أطعمهم طعاما جاهزا أم أعطيهم مقدارا من المكون الأساسي له (علما بأني طالب أسكن مع طلاب) ؟ ووجبة واحدة أم وجبتين (أي غداءا وعشاء) ؟ وماذا إن لم أجد المساكين هل أعوضهم بأفقر من أجد؟ أم علي الصيام في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الكلام عن الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى سابقة، منها الفتاوى التالية: 1406، 2082، 2860، 3086، فنرجو الاطلاع عليها.
ويكفي في إطعام المسكين إعطاؤه كيلو ونصف من الطعام أرزا أو غيره، ولو قدمت له وجبتين غداء وعشاء كفى ذلك، وتفعل هذا للمساكين العشرة، ويكفي في الكسوة ثوب تصح فيه الصلاة، وقد مضى تفصيل الكلام في كفارة اليمين في الفتوى رقم: 6602، فارجع إليها.
والمسكين من لا مال له أو له مال لا يكفيه هو ومن يعول وليس عنده من يعوله، وإن لم تجد من هذا حاله فعليك بالانتقال إلى صيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(19/482)
حلفت كاذبة خشية أن يتدنس عرضها فما حكمها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قد حلفت يمينا على المصحف وأهلى أجبرونى بعد أن وشى بي من عصيت معه الله فيما فات، وأنا مقبلة على الزواج بغية الإفساد على وأنا تائبة ولا أريده فقال لأهلي إنه زنى بي وليس له دليل وما كان منهم إلا أن أتوا بالمصحف وحلفونى فأنكرت وحلفت أنه لم يلمسني فذهب لحال سبيله وخلوا عنى وأنا الآن أعد لزواجي ولا أعرف ما أفعل بضميري أعينوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما حصل بينك وبين الرجل المذكور قد وصل إلى مرحلة الزنا
فاعلمي ـ أنك قد اقترفت ذنبا عظيماً وفاحشة شنيعة ـ قال تعالى (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا)
وقال:" الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ". ومن فظاعته أن من ثبت عليه فعله وهو محصن يرجم بالحجارة حتى يموت.
فتوبي إلى الله مما ارتكبت والله تعالى:" يحب التوابين ويحب المتطهرين ".
وللتوبة شروط هي: الإقلاع عن الذنب والندم على ما مضى من فعله والعزم أن لا يعاد إليه، ومن تحققت توبته مخلصا لله فإن الله يتوب عليه.
روى ابن ماجه عن عبيدة بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله ـ صلى عليه وسلم ـ قال:" التائب من الذنب كما لا ذنب له ".
وأما ما سألت عنه من اليمين الكاذبة في المصحف، فكان الأولى لك أن لا تتركى التورية، بأن تقصدي في يمينك أنه لم يلمسك لمسا مباحا له ونحو ذلك فإن في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
كما أخرجه البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح موقوف على عمر كما قال الألباني
ومادام الموضوع قد فات، وكنت فعلته محافظة على عرضك أن لا يتدنس فهذا مقصد شرعي، وعسى أن لا يكون عليك فيه إثم. ولكن بادري إلى التوبة وإلى أعمال البر، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(19/483)
وهب مالا لأخي صديقه وحلف عليه أن يأخذه فنسيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم أعطيت صديقي نقودا لأخيه الصغير فرفض صديقي قبول هذه النقود فحلفت بالله أني لن أخذ النقود فتركت النقود في مكانها على الطاولة ثم نسي صديقي أن يأخذها وهي موجودة في مجلسهم فهل علي أنا شي أفتونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المبلغ الذي أعطيته لأخي صديقك له حكم الهبة، وقد اشترط جمهور العلماء لصحة الهبة الإيجاب والقبول، ويشترط في الإيجاب والقبول أن يكون باللفظ عند الجمهور، والذي نرجحه أن الإيجاب والقبول يحصل باللفظ أو ما يقوم مقامه، وهذا هو مذهب الحنابلة.
قال المرداوي في "الإنصاف": وتحصل الهبة بما تعارفه الناس هبة، من الإيجاب والقبول والمعاطاة المقترنة بما يدل عليها، هذا المذهب اختاره ابن عقيل. اهـ.
قال ابن قدامة: قال ابن عقيل: إنما يشترط الإيجاب والقبول مع الإطلاق، وعدم العرف القائم بين المعطي والمعطى، لأنه إذا لم يكن عرف يدل على الرضا، فلا بد من قول دال عليه، أما مع قرائن الأحوال والدلائل، فلا وجه لتوقيفه على اللفظ، ألا ترى أننا اكتفينا بالمعاطاة في البيع واكتفينا بدلالة الحال في دخول الحمام، وهو إجارة وبيع أعيان، فإذا اكتفينا في المعاوضات مع تأكدها بدلالة الحال، وأنها تنقل الملك من الجانبين فلأن نكتفي به في الهبة أولى. اهـ.
وفي سكوت صديقك عندما وضعت النقود على الطاولة دليل على قبوله الهبة لأخيه، وبناء على ذلك، فإن يمينك صحيحة معقودة، وأنت غير حانث فيها إن شاء الله، وراجع الفتوى رقم: 9148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(19/484)
عليه ثلاثون يمينا لم يكفرها فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من الوسوسة منذ مدة وقد سبب لي ذلك الحنث في اليمين في عدة مرات (أكاد لا أحصيها) من ذلك أني أقول عندما أنوي الصلاة\"والله لا أعيدها\"ثم أعيدها وخاصة عند الوضوء حيث أغسل العضو أو الجزء منه ثم أقول \"والله لا أعيده\" ثم أعيده حتى أصبحت هذه الكلمة عادة في فمي الآن لقد تراكمت علي ولو قدرتها لناهزت ال30 كعدد احتياطي. فكيف رجاءا أكفر عن هذه الأيمان خصوصا وأني طالب وكيف أقوم بإطعام 10 مساكين؟ أين أجدهم؟ وهل أطعمهم طعاما جاهزا أم مقدارا من المكون الرئيسي له؟ وهل الإطعام يكون بوجبة واحدة أم وجبتين (غداء وعشاء) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حنث في يمينه يجب عليه أن يكفر بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجز عن واحدة من هذه بسبب فقره فعليه أن يصوم ثلاثة أيام، ويدل لذلك قول الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ (المائدة: من الآية89) ، ويمكن إطعام المسكين طعاماً جاهزاً بقدر ما يشبعه، ويمكن إعطاؤه أرزاً أو براً أو غير ذلك من أوسط طعام أهل البلد، وإن لم يجد المساكين فيمكن أن يدفع الكفارة لإحدى الهيئات الخيرية لتعطيها لمستحقيها.
فإن لم يستطع بسبب فقره أن يطعم أو يكسو المساكين أو يعتق الرقبة، فليصم ثلاثة أيام عن كل يمين حنث فيها.
وقد ذهب الجمهور إلى عدم اشتراط التتابع في صيام كفارة اليمين.
وعليه فإن من حافظ على صوم الإثنين والخميس من كل أسبوع فستنتهي كفارة ثلاثين يميناً في عشرة أشهر ونصف بإذن الله.
وذهب الأحناف وبعض الحنابلة إلى وجوب التتابع، وعليه فمن حافظ على ثلاثة أيام في كل أسبوع فسيقضي ما عليه في سبعة أشهر.
وراجع للزيادة في الموضوع، وفي علاج الوسوسة الفتاوى التالية أرقامها: 6602 / 32708 / 4814 / 5734 / 204 / 2022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(19/485)
حلفت على شيء وزعم والدا زوجها أنها حلفت على شيء آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة في موضوعي وجزاكم الله خيرا
أعمل طبيبة تخدير وزوجي جراح ويأخذني معه في بعض العمليات لكي أخدرها له ويعطيني الأجر بالكامل ولا يبخس حقي والحمد لله وإن كنت أشترك معه بهذه النقود في مصاريف الأولاد
وحدثت مشادة بيني وبينة وذهبت أشتكيه لأبيه وأمه وبعد شهرين قالوا له إني شكوت أنه لا يعطيني نقودا حين أعمل معه في العمليات وأقسموا على ذلك وهم غير مشهورين بالكذب ولكني والله العظيم ما قلت ذلك وما كانت شكوتي لهم عن أي شيء يتعلق بالماديات لقد حلفت له على المصحف أنى لم أقل ذلك ومن شدة تمسكهم بكلامهم شككت في نفسي زوجي واقع في حيرة لا يعلم من يصدق؟ فأفيدوه
وأنا أخاف أن يكون حلفي يمين غموس فيهوى بي في النار؟
ماذا أفعل وأنا أحب زوجي وأخاف على بيتي وأشفق عليه من حيرته وأنا متأكدة أني لم أقل هذا
ماذا نفعل؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما يمينك فلا تعد يمين غموس لأنك تظنين صدق نفسك، بل هي من لغو اليمين. قال ابن قدامة في "المغني": وفي الجملة لا كفارة في يمين على ماض، لأنها تنقسم ثلاثة أقسام: ما هو صادق فيه فلا كفارة فيه إجماعا، وما تعمد الكذب فيه، فهو يمين الغموس لا كفارة فيها، لأنها أعظم من أن تكون فيها كفارة، وما يظنه حقا، فيتبين بخلافه، فلا كفارة فيه، لأنه من لغو اليمين. انتهى.
فاليمين على ما خالف الواقع إن كان الحالف بها كاذبا عمدا تسمى (اليمين الغموس) لأنها تغمس صاحبها في الإثم وإن كان الحالف بها معتقدا صدقها غير أنه أخطأ في اعتقاده لم تكن غموسا ولا صادقة، وإنما تكون (لغوا) على بعض الأقوال.
وأما بشأن ما تفعلين إزاء حيرة زوجك وحرصك على بيتك، فعليك أولا باللجأ إلى الله سبحانه ودعائه بأن يظهر لزوجك صدقك. ثانيا: توددي إلى زوجك وتلطفي إليه واجعليه ينسى الموضوع ويغض الطرف عن ما جرى.
ثالثا: الإحسان إلى أبويه وعدم مؤاخذتهم وحث زوجك على البر بهما والإحسان إليهما، فبذلك تزول إن شاء الله الوحشة وسوء الفهم والحيرة، وبإمكانك فعل غير ذلك من الأسباب بحكم معرفتك بزوجك مما يعيد المياه بينكما إلى مجاريها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(19/486)
حكم الحلف كذبا للستر على مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني لا أنام الليل وإن ضميري يؤنبني لا أعرف هل ما قمت به خير ويرضي الله أم علي ذنب أفيدوني جزاكم الله خيرا قد حلفت بالله العظيم وأجبرت على أن أمسك المصحف وحلفت وأنا كاذبة ولكن حلفي أريد به الستر على فتاة وامرأة متزوجه فلو تكلمت الصدق سوف تتضرر الفتاة وتتلوث سمعتها والمرأة تطلق وتنهدم أسرة ويضيع أبناؤها والسبب امرأة ائتمنتها بسر وأفشته ولا أحد صدقها فجمعتني بأم الفتاه على أن أقول بأنها صادقه ولكنني كذبتها فأنا ضميري يعذبني وقد صمت 3 أيام وأطعمت 10 مساكين وأستغفر الله وأرجوه بأن يغفر لي ذنبي أفيدوني جزاكم الله خيرا ماذا أفعل وهل علي ذنب وجزاكم الله خيرا*]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في ستر المسلمين فقال: ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
وكان الواجب عليك أن تستري المرأتين ابتداء وأن لا تخبري هذه المرأة التي أفشت السر.
كما كان الأولى بك أن لا تحلفي كاذبة، وأن توَرِّي في الحلف، ففي التورية مندوحة عند الكذب.
قال النووي رحمه الله تعالى: والكذب واجب إن كان المقصود واجبا، فإذا اختفى مسلم من ظالم وسأل عنه وجب الكذب بإخفائه وكذا ... إلى أن قال: ولو استحلفه عليها لزمه أن يحلف ويُوَرّي في يمينه، فإن حلف ولم يورِّ حنث على الأصل، وقيل لا يحنث. اهـ.
وبما أنك كفرت عن يمينك، فنرجو لك من الله عز وجل المغفرة نظرا لحسن نيتك، وللفائدة، نحيل السائلة إلى الفتوى رقم: 7228، و 39929، و 6953.
علما بأن كفارة اليمين هي أحد ثلاثة أمور، على التخيير أيتها فعل الحانث برئت ذمته، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يستطع أحد هذه الثلاثة صام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(19/487)
حكم حلف الأولاد لإنجاء أبيهم المسن من السجن ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تعرضنا لعملية احتيال من قبل أحد الأشخاص فقد قام والدي بحسن نية بإعطاء السائق عقد الضمان حتى يعرضه على محامي قبل أن يوقع عليه، وفي اليوم التالي أعاده موقعاً ولم يتوقع والدي ذي السبعين عاماً أي خديعة، وبعد سنة من ضمانه لسيارتنا أخل بشروط الضمان ولم يدفع ما عليه فقمنا برفع قضية ضده في المحكمة وأبرزنا العقد الذي بيننا، فما كان منه إلا أن تنكر للعقد ولم يعترف بشيء، وقال هذا ليس توقيعي ولا أعلم عنه شيئاً وأكد خبير الخطوط أنه ليس توقيعه فقد أخذ العقد وجعل شخصاً آخر يوقعه وأعاده في اليوم التالي موهما إيانا بأنه هو من وقع عليه، والآن والدي متهم بتهمة التزوير والسجن ثلاث سنوات، فهل يجوز أن نحلف أنا وأخي أننا رأينا الرجل يعطي العقد موقعاً لوالدي، علماً بأننا لم نره وذلك حتى ندفع تهمة التزوير والسجن ظلماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك سيسجن ظلماً بسبب تزوير ذلك الشخص عليه، وأنتم تعلمون يقيناً أنه مظلوم فإن لكم أن تحلفوا كذباً لإنقاذه، وإذا أمكن استعمال التورية في اليمين لم يجز الكذب فيها، وإذا لم يمكن فلا مانع من الحلف كذباً لهذا الغرض، ذلك أن الكذب وإن كان محرماً من جهة الأصل فإنه قد يكون مباحاً أو واجباً حسب الأحوال، يقول ابن مفلح في الآداب الشرعية: ويحرم الكذب لغير إصلاح وحرب وزوجة.... قال ابن الجوزي: وضابطه أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح إن كان المقصود مباحاً وإن كان واجباً فهو واجب وهو مراد الأصحاب، ومرادهم هنا لغير حاجة وضرورة فإنه يجب الكذب إذا كان فيه عصمة مسلم من القتل ... ومهما أمكن المعاريض حرم ...
ولو احتاج إلى اليمين في إنجاء معصوم من هلكة وجب عليه أن يحلف، قال في المغني: لأن انجاء المعصوم واجب وقد تعين في اليمين فيجب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(19/488)
لا يحلف بالله لمجرد الهزل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يحلف زوجته على القرآن لكلمة قالتها يعني الأمر ليس جدياً ولا يضر بدون قيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحلف بالقرآن يمين منعقدة، سواء كان الحالف قال في صيغتها والقرآن لأفعلن كذا أو لا فعلت كذا، أو كان حلف بالله واضعا يده على القرآن، والحنث في هذه اليمين كالحنث في سائر الأيمان، وإن كان الحالف حلف على شيء كذب فهي اليمين الغموس، وراجع فيها الفتوى رقم: 29925.
وسؤالك عما إذا كان للزوج أن يحلف زوجته بهذه الطريقة، فجوابه: أن له ذلك إن كان لأمر له فائدة أو اعتبار، وأما إن كان لمجرد الهزل وليس جديا -كما ذكرت في السؤال- فالصواب أن يصان اسم الله وصفاته عن ذلك، قال الله تعالى: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(19/489)
ما يلزم من عاهد الله على قيام الليل وغلبه النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد عاهدت الله على قيام الليل ولكن غلبني النوم رغما عني في بعض الليالي فهل علي كفارة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تلفظت بكونك تعاهدين الله على المواظبة على قيام الليل، فإن هذا يعتبر نذرا أو يمينا على الراجح من أقوال أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 29746.
وبالتالي، فتلزمك كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(19/490)
عاهد الله على المصحف أن يترك التدخين ثم عاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 29 عاماً، وأدخن وعاهدت الله على المصحف أني لن أدخن لكي أتركه ورجعت أدخن وسألت شيخاً وقال عليك كفارة يمين، ومع ذلك عاهدت الله على المصحف مرة ثانية ورجعت أدخن ... أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم التدخين ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 1671.
ومعاهدتك لله إن كانت بصيغة يمين كأن تقول علي عهد الله أن لا أدخن فهذه تعتبر يميناً إذا حنث الحالف بها لزمته كفارة يمين، قال العلامة خليل المالكي وهو يعدد صيغ اليمين: ... وكعزة الله وأمانته وعهده وعلي عهد الله....
ويتأكد موضوع اليمين إذا وقعت على المصحف، أما إن كان العهد مجرداً عن اليمين، فإنه لا تلزم فيه كفارة اليمين بالحنث، ولكنه معصية شنيعة، وراجع فيه وفي كفارة اليمين الفتوى رقم: 6938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(19/491)
من تعمد ألا يكفر عن يمينه فهو آثم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عقوبة الذي يحلف بالله ولا ينفذ ما حلف عليه ولا يكفر عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فإن من حلف وحنث في يمينه فعليه أن يخرج الكفارة وإلا كان آثماً، مع أن الكفارة لا تسقط عنه ولو طال الزمن، هذا إذا لم يكن متعمداً الكذب في حلفه، وأما من حلف متعمداً الكذب فيمينه هي المسماة بالغموس ولا تكفر، وقد سميت بهذا الاسم لكونها تغمس صاحبها في النار، وهي من أكبر الكبائر ففي صحيح البخاري وغيره من حديث ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس.، وفي رواية: إن من أكبر الكبائر....، وأوجب الشافعي الكفارة في يمين الغموس، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 6869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(19/492)
حكم قول (لعمري)
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعودت ألسنتنا على قول والنبي أفعل أو والنبي لا تفعل فهل يعد هذا قسما بغير الله وبالتالي شركا به تعالى، ولقد قرأت في كتاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عندما ولى أسامة بن زيد قيادة جيش المسلمين وهو صغير السن وتذمر بعض المسلمين من ذلك لعمري إنه لخليق بالإمارة وإن كان أبوه لخليقا بها فهل (لعمري) قسم به صلى الله عليه وسلم، وهل صحيح أن الإمام أحمد بن حنبل أجاز القسم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما الدليل على ذلك إن كان صحيحاً؟ وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف بغير الله شرك، روى الترمذي وأبو داود وأحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك.
فلا يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بغيره، وكنا قد أصدرنا فتاوى بذلك، فراجع منها الفتوى رقم: 19237.
ثم ما ذكرت من أن الإمام أحمد أجاز القسم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم نقف عليه، وإنما قال بعض الحنابلة إن الحلف به صلى الله عليه وسلم يمين منعقدة توجب الكفارة عند الحنث، وضعف أهل العلم هذا القول، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9245.
ثم إنا لم نقف على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعمري في قصة إمارة أسامة، وإنما الذي وجدناه في الصحيحين وغيرهما أنه قال: وايم الله إن كان لخليقا للإمارة.
وقد اختلف العلماء في جواز قول لعمري، فكرهه مالك لأنه من تعظيم غير الله ومضاهاته بالحلف بغيره، ومع ذلك فقد أخرج الإمام أحمد من حديث جابر في قصة بيعه جمله من النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعمري ما نفعناك لننزلك عنه، وهذا الحديث صحح الأرناؤوط إسناده، فلعله لم يبلغ مالكاً أو لم يصح عنده، ويؤيد الجواز أنه قد صح عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قول لعمري في أحاديث مخرج بعضها في الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1425(19/493)
من حلف على أمر ففعل خلافه
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت بالله على أن لا أصلح اثنين وبعد ذلك قمت بإصلاحهم
ما حكم هذا الحلف؟ وماذا أفعل؟
نرجو الإجابة أفادكم الله وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في إصلاحك بين الناس، ولو كان على خلاف يمينك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا حلف أحدكم على اليمين فرأى خيرا منها فليكفرها وليأت الذي هو خير. رواه مسلم.
ومن حلف على أمر ثم أخلفه فإنه يلزمه أن يكفر عن ذلك بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإذا لم يجد فليصم ثلاثة أيام، وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 2654، 2022، 8784.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(19/494)
حكم من حلف أن يصلي ما فاته قبل البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاة أبلغ من العمر14 عاما لم أبلغ إلا منذ عام ومن وقتها وأنا والحمد الله أصلي وأصوم، ولكني حلفت بالله أن أصلي ما قبل أن أبلغ ولكني الآن لا أقدر أصليه لأنه ليس بفرض علي لأنه قبل أن أبلغ، فهل لي تكفير لهذا الحلف مثل صوم ثلاثة أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي سنن أبي داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل.
وعليه؛ فالصلاة غير واجبة عليك قبل البلوغ؛ بل الخطاب متوجه إلى ولي أمرك من أب أو غيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود وأحمد في المسند.
ثم إذا كانت يمينك بعد البلوغ وكنت لا تستطيعين الوفاء بما حلفت عليه، أو تستطيعينه ولكنك لا تريدين فعله، فتجب عليك كفارة يمين لحنثها، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن عجزت عن واحدة من الثلاث تصومين ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(19/495)
حلف على أمه أنها لم تفهمه وقد فهمت بعض ما يريد فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن القسم (الحلف) .
كنت أتناقش مع أمي في أمر هام واشتد بيننا النقاش وهي من النوع الذي يتسرع في الحكم وبعد مناقشتها تكتشف أنها كانت على خطا.
المهم في أثناء مناقشتها قلت أقسم بالله العظيم أنت مش فهماني اصبري حتى أفهمك وبعدين اتكلمي وأخبرتها بوجهة نظري في موضوع النقاش وأنا صدقوني لم أكن أقصد الكذب وأنا لم أكذب فعلا ولكن الأمر كان فيه كلام هي تقول أنت عايز تعمل كذا علشان كذا وأنا حلفت لأنها مش فهماني لأنه كان برأسي شيء آخر وإن كان من ضمنهم ما ذكرت لكن لم يكن الأساس ولم أحلف حتى أقول لها إنها خاطئة ولكن لتوضيح أن هذا ليس كل ما برأسي وبعدها وضحت لها وجهة نظري وإن كان كما قلت فيها شيء مما قالت لكن تفاهمنا في الآخر وانتهى الموضوع.
هل أنا هكذا أحتاج لكفارة يمين؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت صادقاً في ما حلفت عليه وكانت أمك فعلاً لم تفهم وجهة نظرك تامة في الموضوع الذي يدور فيه النقاش فلا شيء عليك، وأما إن كنت حلفت على أنها غير فاهمة له وتبين أنها فاهمة له فعلاً فإن عليك كفارة يمين، أما إذا كنت تعلم أن أمك فاهمة للأمر وحلفت على عدم فهمها له فهذه يمين غموس، والواجب عليك التوبة منها ولا كفارة فيها عند جمهور أهل العلم، كما بينا في الفتوى رقم: 20864.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(19/496)
لا كفارة على من حلف قاصدا الإكرام لا الإلزام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الكفارة على من يحلف يمينا حتى ولو كان شرعيا، مثل دعوة شخص على تناول أكلة معينة كمن يقول: والله العظيم يجب أن تأكل يا فلان. أفيدونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجب الكفارة على من حنث في يمين منعقدة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 34211.
وأما من حلف على شخص أن يأكل، فلم يأكل، فإن كان قاصداً إلزامه بالأكل فلم يفعل، فقد وجبت على الحالف كفارة يمين، وأما إن كان قاصداً إكرامه، ففي وجوب الكفارة خلاف، والراجح -والله أعلم- عدم وجوبها، لأن الإكرام قد حصل بأمره بالأكل، فلم يقع حنث، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا حنث عليه إذا حلف على غيره لفعلته فخالفه إذا قصد إكرامه لا إلزامه ... وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام هنا يقال له التخصيص بالنية، والتخصيص بها مذهب كثير من أهل العلم، بل إن هؤلاء يخصصون بما يعرف عند بعضهم بالبساط وهو السبب الحامل على اليمين، وإذا لم يقع حنث فلا تجب الكفارة، كما هو معلوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(19/497)
قرنت اسم الله بلفظة سوقية في يمينها فما حكمها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في زوجة أقسمت على زوجها في شهر رمضان بيمين فاجرة مقرنة اسم الله جل في علاه بلفظة سوقية مع العلم أنها تصلي وتصوم وقد قالت أفعل (اللفظة سوقية) بربي, أن لا أذهب إلى ذلك المكان معك ثم ندمت فهي تطلب رأي أهل العلم في ذلك، وجزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تذكر اللفظة التي صدرت من المرأة المذكورة، ومع ذلك فإننا ننبه إلى ما يلي:
أولاً: ما قالته لا يعتبر يميناً شرعياً، لأن اليمين الشرعي إنما يكون باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
وراجع الفتوى رقم: 19237.
ثانياً: تجب على هذه المرأة المبادرة إلى التوبة الصادقة مما صدر منها، فإن الله تعالى يقبل توبة من تاب كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ (الشورى: من الآية25) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. رواه مسلم وغيره.
وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه والبيهقي في سننه.
ثالثاً: كما يجب على هذه المرأة أيضاً عدم الإقدام على مثل هذه العبارات المستبشعة، فعليها أن تمسك لسانها إلا عن الكلام في ما يفيد في دينها ودنياها.
رابعاً: يرجى حضورها للقاضي الشرعي وأن تبين له بالتفصيل ما صدر منها، حتى يحكم في ذلك على وفق أوامر الشرع الكريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(19/498)
الحلف بعدم عودة الزوجة إلى البيت.. يمين أم طلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على زوجتي بأنها إذا ذهبت لعند أختها أنها لن ترجع إلى منزلي قلت لها (والله العظيم إذا ذهبت عند أختك لن تعودي إلى منزلي) قال لي أحد المشايخ هنا إنه يجب أن أطعم 10 مساكين تكفيرا عن اليمين حتى تستطيع زوجتي الذهاب إلى أختها ففعلت وذهبت زوجتي إلى أختها
أريد أن تفتوني في كفارة يميني جزاكم الله خيرا وماذا أفعل كي يرضى الله عني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحلف يمين يكفر بكفارة يمين، وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 2053، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 26267، ومحل هذا ما لم تكن نويت بقولك: "لن تعودي إلى منزلي" الطلاق، فإذا كان الأمر كذلك فهذا طلاق معلق، وفيه خلاف معروف عند أهل العلم، قد ذكرناه في الفتوى رقم: 7665، والفتوى رقم: 34206
والذي ننصحك به هو أن تراجع المحاكم الشرعية لتحكم بما تراه مناسباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(19/499)
تلزم الكفارة إذا حنث في يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الكفارة على من يحلف يمينا حتى ولو كان شرعيا مثل دعوة شخص على تناول أكلة معينة، كمن يقول: والله العظيم يجب أن تأكل يا فلان، أفيدونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حلفت يميناً على غيرك لتناول طعام مثلاً فلم يفعل فعليك كفارة يمين لحصول الحنث، والكفارة هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجزت عن فعل واحد من الثلاثة تصوم ثلاثة أيام، وعلى المسلم ألا يكون كثير الحلف بالله، لقول الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224] .
وعلى الشخص الذي أقسم عليه غيره أن يبر قسم الحالف ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لأن هذا من حق المسلم على أخيه المسلم، ففي الحديث المتفق عليه واللفظ لمسلم: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار القسم أو المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(19/500)
هل تطيع أمها في الحلف على عدم فعل شيء ما؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تريد أن تجعلني أحلف اليمين على القرآن على موضوع لا يمكنني أن أحلف بعدم تنفيذه علماً بأن هذا الموضوع ليس في تنفيذه فعل حرام فماذا أفعل..هل أحلف إرضاء لها ومن ثم أدفع الكفارة أم لا أحلف؟.. وهل يجوز للمرأة أن تحلف وهي حائض؟؟ افتوني سريعا أفادكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء
أختكم في الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر الذي ذكرت ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: إذا كان مما يجب فعله فعليك الحلف إرضاء لأمك ثم تخرجين كفارة يمين لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليفعل. متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
القسم الثاني: إذا كان محرماً فيجب عليك الابتعاد عن فعله، واليمين مؤكدة للبعد عنه والنفور منه، ويترتب على فعله الإثم وكفارة اليمين بسبب الحنث.
القسم الثالث: إذا كان الأمر مباحاً فتحلفين على عدم فعله ثم تجاهدين نفسك على تركه براً بأمك، فإن صدر منك فتجب عليك كفارة يمين.
أما حلف المرأة حال حيضها فلا إثم فيه وتلزمها الكفارة إذا حنثت، هذا إذا لم يلزم من ذلك مس القرآن، فإن لزم مسه فلا يجوز ذلك لأنه لا يمسه إلا طاهر، والأولى بالمسلم أو المسلمة عدم اللجوء إلى الحلف مطلقاً إلا إذا ظهرت مصلحة تقتضي ذلك لقوله تعالى: ولا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ (البقرة: من الآية224) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(19/501)
اشترى وكيله ممن حلف ألا يشتري منه فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حلفت بالله أن لا أشتري من أحد التجار بضاعة ما ولكن أعطيت أحد الأشخاص مبلغاً لشراء البضاعة من نفس التاجر.
فهل هذا يكون حنث؟؟.. افتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ىله وصحبه، أما بعد:
فإن من حلف بالله أن لا يشتري من أحد التجار بضاعة معينة، ثم وكل شخصاً ليشتريها له منه، فإن كانت نيته أن لا يباشر هو الشراء بنفسه، فإنه لا يحنث بالوكيل، هذا مذهب المالكية وبمثله قال الحنابلة، وذهب الشافعية إلى أنه لا يحنث بفعل الوكيل مطلقاً، وإن كان له سبب حامل له على اليمين، وزال ذلك السبب كأن يكون هو من ذوي الهيئات ولا يحب أن يرى في ذلك المحل مثلاً، أو يكون الحامل له على اليمين أن التاجر سيبيع له بلا مسامحة، ولا يفعل ذلك مع الآخرين، فهذا أيضاً من بساط اليمين الذي يخصصها ويقيدها، وينتفي به الحنث، قال خليل: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت وساوت ... ثم بساط يمينه. وإن لم تكن له نية، ولا بساط فإنه يحنث بشراء الوكيل له، قال خليل: وفي لا باع منه أوله بالوكيل. أي أنه يحنث إذا باع أو اشترى من وكيل المحلوف عليه، فأحرى أن يشتري له وكيله من ذات الشخص المحلوف عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1424(19/502)
يلزم قيام المرء بما أقسم عليه ما لم يكن إثما
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلتني رسالة في الإيميل وكان ضمن الرسالة قسم بالله بأني أقوم بإرسال الرسالة إلى جميع أصدقائي، سؤالي هل يجب علي فعلا تنفيذ القسم رغم أني تلفظت به بدون رغبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم محتوى الرسالة التي أرسلت إليك، وعليك أن تنظر في محتواها.
فإن كانت تحتوي على بعض الأشياء التي ينشرها بعض الناس، من الأوامر التي تترتب عليها وعود كثيرة لمن أرسلها ووعيد لمن تساهل في نشرها، فإنه ليس لك أن ترسلها لأصدقائك، لأنها من نشر الباطل والعون على الإثم، وعليك أن تكفر عن قسمك عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير. رواه البخاري ومسلم.
وإن كانت تحتوي على بعض الأشياء المفيدة والنصائح النافعة، فلعل مرسلها قصد بها نشر الخير والحض على نشره، فعليك أن تساعده في ذلك واحتسب فيه الأجر عند الله.
وبالجملة، فإنه يلزمك القيام بما أقسمت عليه إن لم يكن إثما، وإن لم تفعل لزمتك كفارة اليمين، وإن كان مما لا يجوز الوفاء به، لزمتك الكفارة ولا يؤثر في هذا الحكم ما سميته أنت بعدم الرغبة عند التلفظ باليمين، هذا إذا لم تكن تقصد بعدم الرغبة أنك نطقت به بدون قصد الحلف، فإن كنت نطقت به بدون قصد الحلف فلا يعد يمينا يجب الوفاء بها، بل هو من يمين اللغو التي نفى الله المؤاخذة بها في قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ (المائدة: 89)
وراجع الجواب: 1638 والجواب رقم: 13304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(19/503)
أقسم أنه سيضحي ثم لم يفعل فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الإخوة سؤالنا هو: ماهو حكم الذي نوى أن يذبح الخروف في العيد وقد أقسم بالله على ذلك ثم تراجع عن نيته بسبب أن المبلغ الذي خصص لهذا الغرض حول إلى غرض آخر مستعجل، نرجو الإجابة السريعة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأضحية سنة مؤكدة على الراجح من أقوال أهل العلم وهو مذهب الجمهور، وهذه اليمين التي تلفظت بها يمين منعقدة تلزمك بالحنث فيها كفارة يمين، وهي على التخيير بين خصال ثلاث: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد صمت ثلاثة أيام، لقول الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(19/504)
تلزمك كفارتا يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت عملا ثم حلفت بأني لا أعمله مرة ثانية، وكان نص اليمين كما يلي (والله الذي لا إله إلا هو إني لا أعود لفعل هذا العمل وإن عدت لفعله لا تجزئني كفارة وإنما أتصدق بمبلغ.... وذكرت قدر المبلغ وهو مبلغ كبير لا أقدرعليه، وقلت ولا يمضي أسبوع إلا وقد أديته، وبعد فترة عملت هذا العمل (( ( ... فما الحكم جزاكم الله ألف خير ... )) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل هذا اللفظ على أمرين:
الأمر الأول: يمين منعقدة، وقد حنثت فيها بعودك لهذا الفعل، فتلزمك بذلك كفارة يمين.
الأمر الثاني: نذر اللجاج والغضب، وهو الذي يخرجه صاحبه مخرج اليمين للحث على فعل الشيء أو الامتناع عنه من غير قصد النذر أو القربة، وهذا في قولك: (إن عدت لفعله لا تجزئني كفارة وإنما أتصدق بمبلغ) وحكم هذا النذر حكم اليمين إن لم يوف صاحبه بنذره.
فتبين بذلك أنك تلزمك كفارتا يمين، وكفارة اليمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم تجد صمت ثلاثة أيام متفرقات أو متتابعات.
وننبهك في ختام هذا الجواب إلى الآتي:
أولا: إن هذا الأمر المحلوف عليه إن كان محرما في أصله، فالواجب عليك اجتنابه ولو لم تحلف، وإنما يزيد الحلف تأكيد اجتنابه.
ثانيا: عدم التسرع إلى التلفظ باليمين، لقول الله تعالى: " وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ "، ولما يترتب على ذلك من الوقوع في الحرج.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتويين: 9302، 17466.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(19/505)
كفارة اليمين لا تدفع إلا في مصرفها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: علي إطعام مساكين هل يجوز أن أتبرع بالمال للمسجد بدل المساكين؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع إذا حدد مصرفاً تصرف فيه الكفارة لم يجز العدول بها عنه إلى غيره، فإذا وجب عليك إطعام مساكين لم يجز لك صرفها إلى غيرهم، جاء في المدونة: قلت: أرأيت إن أعطى من كفارة يمينه في ثياب أكفان الموتى أو في بناء المساجد أو في قضاء دين أو في عتق رقبة أيجزئه في قول مالك؟ قال: لا يجزئه عند مالك ولا يجزئه إلا ما قال الله: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [المائدة:89] . انتهى.
وجاء في كشاف القناع: والكفارة كالزكاة فيما تقدم، فلا يجوز دفعها إلا لمن يعلمه أو يظنه من أهلها، وإن دفعها إلى من لا يستحقها لم تجزئه إلا لغني إذا ظنه فقيراً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(19/506)
حكم الالتزام بالقسم قبل مطالعة السي دي
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت في cd شرح الحديث للشيخ العثيمين رحمه الله لمؤسسة فيصل وأنه لقراءة هذا القرص يجب عليك أن تحلف بالله بأن هذه النسخة صحيحة؟ ما رأيكم في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس للشركة المنتجة إلزام الناس باليمين على الأمر المذكور، وما دامت النسخة التي بين يديك أصلية فلا يضرك أن تحلف أولا تحلف، أما إذا كانت النسخة غير أصلية، فقد بينا حكمها في الفتوى رقم: 6421، والفتوى رقم: 21093.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(19/507)
حكم الحلف بالله كذبا إذا اضطرإليه الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[أخطأت خطأ دون علم زوجي ليسامحني الله عليه
لو علم زوجي قد يؤدي دلك إلى طلاقي وعندي 3 أطفال
هل يجوز لي أن أقسم بالقرآن حتى لو غير حقيقي وكذب
أريد دعاء ليغفر الله لي وآخر لكي لا يعلم زوجي
للعلم الخطأ لا يصل للكبائر والعياذ بالله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخطأ من ابن آدم وارد، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن كل ابن آدم خطاء، ولكن العيب كل العيب في التساهل في الوقوع في المحرمات أو الإصرار على الخطايا والوقوع فيها.
روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه الترمذي وابن ماجه.
لذا، فإنا نهنئ السائلة على ندمها على خطئها، لأن التوبة ندم ونسأل الله أن يثبتنا وإياها على الحق.
ثم إن من غلبه هواه وزينت له نفسه الوقوع في الذنب، فإنه يجب عليه مع التوبة أن يستر على نفسه ولا يخبر بذلك الذنب أحدا، لا زوجا ولا غير زوج، وليكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، لقول الله تعالى:
إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود: 114] . والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله عز وجل يمحو السيئ بالحسن.
أما عن الحلف على الكذب، فإذا كان هو وحده الوسيلة التي تخلصك من الطلاق أو من ضرر محقق ولم تتمكني من التعريض، فالظاهر أنه لا إثم عليك فيه حينئذ، وقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 8997 والفتوى رقم: 7432.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(19/508)
استكتمه سرا واستحلفه عليه ثم أذن له بنشره لأخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرني أحد أصدقائي بسر خطير وقال لي قل (حرام وطلاق) ما تقوله لأحد، وبعد يوم أستأذنت من صديقي أن أخبر أخاه الكبير فأذن لي أن أخبر أخاه، فأخبرت أخاه بالسر فهل تعتبر طلقة مني وما الواجب عمله؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أنك لا تحنث بإخبارك أخا من استكتمك سراً واستحلفك على كتمانه، ما دام هذا الذي حملك على اليمين قد رضي بأن تخبر أخاه الكبير، فالسبب الذي حلفت من أجله قد زال بالنسبة لأخي المستحلف فقط.
فلا تحنث إذن بتكليمه، وهذا هو ما يسميه بعض الفقهاء ببساط اليمين، فهو نية ضمنية صالحة للتخصيص، وراجع في الموضوع الفتوى رقم: 35705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(19/509)
أقسمت على ترك شرب القهوة ثم شربتها
[السُّؤَالُ]
ـ[-أريد أن أسأل عن الحلف بالله.
حيث إنى أشرب القهوة بشكل مستمر وهي تسبب لي إرهاقاً تحت عيوني شديداً كلما يراني أحد يقول لي اتركي المنبهات ولكني أعاهد نفسي أكثر من مرة أن أبطل شرابها ولكن دون جدوى وفي يوم حلفت وقلت: أقسم بالله لن أشربها مرة أخرى ومرت أيام ثم رجعت إلى شرابها.
فماذا أفعل؟ الرجاء أن تفيدونى بشيء وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد أتيت ما أقسمت على تركه وهو شرب هذه القهوة، فإنه تلزمك بذلك كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 20864، والفتوى رقم: 25394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(19/510)
اليمين المنعقدة تجب المبادرة إلى تكفيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[قد تكون قصتي سخيفة، ولكنني فعلا أرجو أن تتفضلوا بالرد عليها.. القصة هي كالتالي وأرجو من فضيلتكم بيان الحكم في ذلك ... : منذ بضعة أيام كانت صديقتي مرهقة بشكل شديد ولم تأكل شيئا منذ الصباح ... وكان الوقت بعد صلاة العصر.. فحلفت لها أنني لن أضع لقمة طعام في فمي ما لم تقم لتأكل، وما فعلت ذلك إلا لأحثها على القيام للأكل ... ثم بعثت لي رسالة قصيرة على الجوال أن بإمكاني أن آكل الآن.. فأكلت ... وفي المساء قالت لي إنها لم تكن قد أكلت شيئا وقت ذاك ... فما الحكم الذي يقع علي؟؟ هل لا بد لي أن أقوم بكفارة الحلف أم ليس علي شيء في ذلك؟ أشكر فضيلتكم جزيل الشكر لتكرمكم بالرد على هذا الاستفسار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه يمين منعقدة، وبالتالي فإن ما قمت به من الأكل يعد موجباً للحنث حقيقة، ولا يشفع لك كون زميلتك كذبت عليك في هذا الأمر، وعليه فالواجب عليك المبادرة إلى أداء هذه الكفارة وهي أحد أربعة أمور، سبق بيانها في الفتوى رقم: 26595.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(19/511)
هل تجب كفارة اليمين على الفور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وقد حلفت اليمين على أن لا أفعل محرماً (العادة السرية) ولكنني في كل مرة أعود إلى فعلها، وهكذا يتكرر معي هذا الأمر (الحلف ثم الحنث) ، ولم أكفّر عن هذه الأيمان (لم أقم بالإطعام ولا بالصيام) إلى يومنا هذا (تراكمت علي هذه الأيمان التي حنثت فيها) ، ولكنني الآن تبت توبة نصوحا، والسؤال هو أنني قد قرأت حكم مسألة كفارة اليمين (قرأت ذلك في هذا الموقع) كالتالي:
- بعض المذاهب تقول إنه يجب عليّ التكفير عن كل يمين حنثت فيه.
- ويوجد أحد المذاهب يقول إنه يمكنني أن أقوم بكفّارة واحدة تنوب عن كل الكفارات، فإذا أردت أن آخذ بالقول الثاني (كفارة واحدة تنوب عن جميع الكفارات) فهل يصح ذلك، وهل هذا التأخير في أداء الكفارة فيه إثم رغم أنني تبت إلى الله، وفي كيفية أداء الكفارة، أعلم أن إطعام عشرة مساكين أولا, فإن لم أستطع فصيام ثلاثة أيام متتالية, والسؤال هو: لو أردت أن أصوم ثلاثة أيام متتالية رغم أنني أمتلك المال لإطعام المساكين, فهل يجوز ذلك؟ (المال الذي أمتلكه أحتاجه في قضاء أشياء أخرى) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف أيماناً متعددة على شيء واحد وحنث فيها، فإن عليه كفارة بقدر ما حنث من الأيمان على ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، وذهب بعضهم إلى أنه لا تلزمه إلا كفارة واحدة للجميع إذا لم يكن سبق له أن كفر عن شيء مما تقدم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 27058.
والذي به الفتوى عندنا هنا هو مذهب الجمهور، أما بخصوص تأخير الكفارة فهو غير مشروع لأنها تجب على الفور عند موجبها، قال في كشاف القناع وهو حنبلي: تجب كفارة يمين ونذر على الفور إذا حنث، لأنه الأصل في الأمر المطلق. انتهى.
وقيد الشافعية ذلك بما إذا كان الحنث معصية، قال صاحب تحفته المحتاج: فرع: هل يجب إخراج الكفارة على الفور؟ قال في التتمة إن كان الحنث معصية فنعم، وإلا فلا.
أما في ما يتعلق بالكفارة، فقد تقدم حكمها في الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(19/512)
حكم دفع قيمة كفارة اليمين بدلا من الإطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطعام عشرة صائمين بدلا من مساكين في كفارة الحلف، فهل يمكنني أن أكفر حلفي بإطعام عشرة مساكين، وذلك عن طريق دفع ريالين عن كل واحد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من أراد التكفير بالإطعام في كفارة اليمين أن يطعم عشرة مساكين وليس عشرة صائمين، إلا إذا كانوا مساكين فلا حرج في ذلك، والواجب عند جمهور أهل العلم إطعامهم لا إعطاؤهم قيمة الطعام، ولكن ذهب الحنفية وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز إخراج القيمة إذا كان أنفع للمساكين، ويكون مقدار المال بقيمة وجبة متوسطة مما يأكل المكفر وأهله، ولا يكفي دفع ريالين لكل مسكين إذا كانت لا تعدل قيمة وجبة، وهو الغالب المعروف في المملكة العربية السعودية التي تقطنها، ولذا فالواجب عليك إذا لم تطعمهم أن تسأل عن قيمة الطعام، وتعطي كل مسكين ما يساوي قيمة الطعام، وما نرى أنه يقل عن عشرة ريالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(19/513)
أحكام متعلقة فيمن حلف بغير الله فحنث
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حلفت صديقتي على المصحف لزوجها برأس عيالها أنها لن تستخدم الكمبيوتر، والآن وبعد أن تطلقت من زوجها وأصبحت تشعر بفراغ تريد أن تستخدمه وتدخل النت بعد أن تؤدي كفارة اليمين وهي إطعام30 مسكينا ولكنها تخاف لأنها حلفت برأس عيالها، وتخاف أن يلحق بهم أذى حتى لو دفعت الكفارة.. فماذا تفعل؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من الشرك الخفي الحلف بغير الله، روى الترمذي وأبو داود وصححه الحاكم وابن حبان من حديث عمران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك.
وعلى صديقتك إذ حلفت برأس عيالها أن تتوب إلى الله مما صنعت مع الندم على فعلها ذاك، والعزم أن لا تعود إليه، ومن حلف بغير الله فحنث فلا تلزمه كفارة ولو كانت قد حلفت على المصحف بأن فتحته حين نطقها باليمين أو وضعت عليه الأصبع.
ثم إن كفارة اليمين ليست إطعام ثلاثين مسكيناً، بل هي كما قال الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] .
ثم لتعلم صديقتك أن الحلف برأس العيال -وقد ذكرنا أنه شرك- فإنه مع ذلك لا يغير شيئاً مما هو مقدر، قال تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التوبة:51] .
وروى الترمذي وأحمد من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.... واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.
فما أصاب أولادها لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم.
ثم لتعلم أيضاً أن ما يسمى بالنت سلاح ذو حدين، صالح للخير صلاحيته للشر، فإذا كانت لا تستخدمه إلا للخير كمتابعة الأخبار المهمة، ومطالعة المقالات والكتب المفيدة، والمراسلة بما هو مباح، فلا مانع من اتخاذه، وإن كان في الإمكان أن تشاهد فيه هي أو غيرها تلك البرامج الماجنة والصور الخليعة ونحو ذلك فلا يباح لها اتخاذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(19/514)
محل إباحة الحلف كذبا لدفع الأذى عن المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت جهة ما بطلب حلف اليمين على المصحف لزيد من الناس، مع علمه المسبق بأنه إن أجاب بصدق فإن في ذلك جلب مضرة لأحد الناس ممن هم على استقامة، فحلف اليمين وأجاب كاذبا، فما حكم يمينه وماذا يجب عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يكذب، إلا إذا كانت في الكذب مصلحة شرعية لا تتحقق إلا بالحلف فيجوز حينئذ، كما بيناه في الفتوى رقم: 7432.
ومن المصالح المعتبرة شرعاً الكذب لدفع الأذى عن المسلم، ولكن لا يجوز له الكذب ما دام يستطيع الدفع عنه بالتورية والتعريض، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 37533.
لأن الموري والمعرِّض صادق في ما قال؛ لما رواه أحمد واللفظ له وأبو داود وابن ماجه عن سويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له فتحرج الناس أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي فخلى عنه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: أنت كنت أبرَّهم وأصدقهم، صدقت. المسلم أخو المسلم.
وعليه؛ فلا حرج على هذا الشخص في كذبه وحلفه عليه لدفع الأذى عن أخيه المسلم المظلوم، إذا لم يستطع دفع الأذى عنه إلا بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(19/515)
حلف على ندمه على فعل ما ثم فعله، هل يلزمه شيء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف شخص على أنه ندم على عمل، وبعد ذلك فعل هذا العمل مرة أخرى، هل عليه كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان مقصود السائل البعد عن العمل المذكور وعدم فعله مرة أخرى ثم عاد إليه، فعليه كفارة يمين لحنثه، وإن كان المقصود أنه حلف على اتصافه بالندم وقت الحلف وهو كذلك متصف به، ثم فعل العمل المذكور بعد ذلك، فلا كفارة عليه.
لأن الإنسان قد يدركه الندم على فعل ثم يغلبه الهوى أو الشيطان أو النفس الإمارة بالسوء فيعود إلى ذلك الفعل أيضا، وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة، وعند العجز عن أحد الثلاثة يصوم ثلاثة أيام، وراجع الفتوى رقم: 24190، والفتوى رقم: 26864.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(19/516)
قيمة إطعام عشرة مساكين
[السُّؤَالُ]
ـ[أًفتيت بأن أكفر عن يميني بإطعام عشرة مساكين، فكم يلزمني من مال لإطعامهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكلام عن كفارة اليمين، وهل يصح إخراج قيمة الطعام أو الكسوة بدلاً عن الطعام والكسوة، سبق في الفتوى رقم: 17345، والفتوى رقم: 18052.
وعلى القول بجواز إخراج القيمة، فانظر إلى حالك وقدر أوسط طعامك بكم يكون، ثم ادفعه إلى المساكين، وذلك يختلف من بلد إلى بلد ومن شخص إلى آخر، فلا يمكننا تحديد ذلك بالريال أو غيره من العملات، وانظر الفتوى رقم: 25219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(19/517)
إبليس اللعين هو أول من حلف بالله كذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[من اول من اقسم بالله كذبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أن أول من أقسم بالله كذباً هو إبليس لقول الله تعالى: وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ [الأعراف:21] .
جاء في تفسير البغوي: عند قوله تعالى: وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ، ... وإبليس أول من حلف بالله كاذباً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(19/518)
حلف الضامنين كذبا هو يمين غموس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
اقترض أحد الأشخاص مبلغا من المال على أن يقوم
بتسديده فى فتره لاتزيد عن 3 شهور وكان معه شخصان
ضامنان فى المديونية وقام الشخصان الضامنان بالحلف على كتاب الله أنهما ردا المبلغ قبل الموعد
المحدد ولم يفيا بالسداد فما حكم الشرع في هذا
المو ضوع؟ وهل يعتبر من الناحية الشرعية هذا يمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلف هذين الشخصين الضامنين بأنهما ردا المبلغ لصاحبه وهما في الحقيقة لم يرداه يمين غموس وهي من كبائر الذنوب، وسبب لغمس صاحبها في النار والعياذ بالله، والواجب على هذين الشخصين التوبة إلى الله عز وجل من هذا الفعل القبيح الذي جمع بين الحلف على الكذب وتضييع حقوق الآخرين، والواجب على المقترض رد المال لصاحبه.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
7258
علماً بأن اليمين وحدها لا تكفي لإبراء ذمة قد شغلت بحق ثابت بل لا بد معها من شاهد عدل في الحقوق المالية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(19/519)
تلزم الكفارة لمن عقد يمينه ثم حنث
[السُّؤَالُ]
ـ[من قال لصاحبه والله لا أكلمك هل تلزمه كفارة يمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه اليمين التي حلفتها مصحوبة بنية، فهذه يمين منعقدة تلزم فيها الكفارة إذا حصل منك كلام لصاحبك، وإن كنت حلفت من غير عقد للنية، فهي لغو يمين لا يلزم منها شيء، وانظر تفصيل أقسام اليمين في الفتوى رقم: 20864، والفتوى رقم: 11096.
والذي نرشد السائل إليه هنا، هو أنه ينبغي أن يكفر عن يمينه ويكلم صاحبه، لما روى مسلم في صحيحه عن عدي قال: قال رسو الله صلى الله عليه وسلم: إذا حلف أحدكم على اليمين فرأى خيرا منها فليكفرها وليأت الذي هو خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(19/520)
حلف بغير الله كاذبا فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل لي موقف مع زميل لي، حيث حلف علي أن أتناول العشاء معه فحلفت أنا على أني مشغول ولا أستطيع تلبية دعوته -مع العلم بأني كنت مشغولا فعلا- ولكني العذر الموجود في الحلف كان كذباً فقد قلت (وبصومي وصلاتي في هذا الشهر الفضيل إني كذا وكذا -والأصل خلاف ذلك مع أني كنت مشغولا في شيء آخر-) فما الحكم جزاكم الله عني خير الجزاء؟؟
واذا لزمني كفارة فما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحكم أنه تجب عليك التوبة إلى الله عز وجل مما بدر منك لاشتماله على محظورين:
الأول: الحلف بغير الله عز وجل، حيث إنك حلفت بالصلاة والصيام.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله فقد أشرك رواه أبو داود وغيره من حديث ابن عمر واللفظ له.
وقال صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت رواه البخاري.
الثاني: الكذب، وذلك أنك كذبت في عذرك، وكان الواجب عليك أن تصدق في الكلام.
وأما الكفارة فلا كفارة عليك لأمرين:
الأول: أن الحلف بغير الله محرم ولا تجب فيه الكفارة، وإنما الواجب التوبة.
الثاني: أن اليمين التي حلفت عليها ليست يميناً منعقدة، وهي التي قصد عقدها على أمر مستقبل ممكن.
وإنما حلفت على أمر مكذوب.
وانظر المزيد في الفتوى رقم:
26378
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(19/521)
من صور الإطعام في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي عليها كفارة يمين، ونعرف عائلة فقيرة تتكون من 10 أفراد، فهل يجوز إعطاؤهم كيساً من الأرز، ويكون مجزياً عن إطعام عشرة مساكين؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجزئ إعطاء الكفارة بالصفة المذكورة، إذا كان محتوى الكيس يكفي لإطعام عشرة مساكين، وكان جميع العشرة يتصفون بالمسكنة، وراجع خلاف العلماء في إعطاء الكفارة لشخص واحد في الفتوى رقم: 6602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(19/522)
الغضبان في وعيه مخاطب بما يخاطب به غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم ما حكم الحلف في حالة الغضب، هل تلزم كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغضبان في حالة وعيه مخاطب شرعاً بما خوطب به غيره، فإذا حنث لزمته الكفارة، وراجع الفتوى رقم: 17345.
وراجع أحكام الكفارة في الأيمان في العرض الموضوعي في موقع الشكبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1424(19/523)
كفارة اليمين الغموس
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي كفارة من يحلف بالله كذباً يستر على نفسه من الفضيحة، فقد حلفت بالله تقريبا 3 مرات كذباً، ساعدوني بالله عليكم؟ وجزاكم الله كل خير، وشكراً، أتمنى أن تردوا علي بأسرع وقت وخصوصا ونحن داخلون على الشهر المبارك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه اليمين تسمى باليمين الغموس، ولذا فالواجب عليك الآن هو التوبة الصادقة والندم والاستغفار من ذلك، لأن اليمين الغموس تعد من كبائر الذنوب وفي المعاريض مندوحة عن الكذب، كأن يقول: يعلم الله ما عملت من ذلك من شيء، والأحوط لك أن تخرج كفارة اليمين عن كل يمين حلفتها خروجاً من خلاف من أوجبها، وراجع التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7228، 36458، 34179، 7258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(19/524)
حكم الحلف على ترك محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب في المسجد أود أن أسأل سؤالاً: لقد حلفت مازحا أن لا أشتري كاسيتات غناء، والآن أود أن أشتري، ولا أعرف ماذا أفعل، قال لي أستاذي إن هذا يمين غموس أو وعد غموس لا يمكن التراجع عنه، فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أخي الكريم شراء أشرطة الغناء المحرم، حلفت على عدم الشراء أم لم تحلف، وانظر الفتوى رقم: 5282، والفتوى رقم: 19463.
وأما اليمين على ترك محرم، فانظر حكمها في الفتوى رقم: 9302، والفتوى رقم: 21014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(19/525)
لا يعتبر طلب الزوجة الطلاق بلا مبرر يمينا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي.. زوجتي عند حدوث أي مشكلة ولو بسيطة تطلب مني أن أطلقها، وعندما تهدأ تعود إلى ما كانت عليه وتطلب مني أن أسامحها فما هو الواجب عمله أو هل لذلك كفارة أو رد لليمين أم لا؟ أشكركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطلب المرأة الطلاق من زوجها من غير بأس حرام لا يجوز، لما جاء في الحديث: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه.
وإذا كانت هذه حال زوجتك فنوصيك بالصبر عليها ومداراتها، وتذكيرها بالله عز وجل، وأن ما تطلبه لا يحل لها بغير سبب شرعي.
هذا؛ وليس طلبها الطلاق بلا مبرر يميناً حتى تكفر كفارة يمين، وإنما عليها التوبة منه والعزم على عدم العود إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(19/526)
هل يلزم من تحريم ما أحل الله تعالى شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قامت أمي منذ فترة ليست بالبعيدة بتحريم أكل (الدجاج الذي يربى في البيت) للمنظر الذي رأته وهو أكل هذه الدجاج للأوساخ.
ولكننا الآن نربي هذا الدجاج في البيت، ونريد السؤال هل يجوز لها الأكل من دون كفارة أو أي شيء؟
وإذا كان الجواب بالنفي، فماذا عليه أن تفعل؟ علما بأنها نادمة، ولكنها كانت في حالة لايرثى لها.
أرجو الإجابة بسرعة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحريم ما أحل الله تعالى كالدجاج ونحوه، لغو لا يلزم به شيء.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: ومذهب مالك والشافعي والجمهور: إن قال هذا الطعام حرام علي، أو هذا الماء وهذا الثوب، أو دخول البيت، أو كلام زيد وسائر ما يحرمه غير الزوجة والأمة، يكون هذا لغوا لا شيء فيه، ولا يحرم عليه ذلك الشيء، فإذا تناوله فلا شيء عليه.
وعليه، فلا حرج على أمك في أكل الدجاج، ولا تلزمها كفارة، ولكن ينبغي لها ألا تعود لمثل ما فعلت من تحريم الحلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(19/527)
لا ينبغي الإكثار من الحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحلف حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف في توكيد الأمور المهمة، فيقول: "والذي نفس محمد بيده".
وقد استنبط العلماء من ذلك جواز الحلف من غير استحلاف، إلا أنه لا ينبغي الإكثار منه، وخاصة إذا لم يتأكد الحالف من البر بقسمه، ويدل لذلك قوله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة: 89] .
كما يدل له ذم المكثرين من الحلف في قوله تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ [القلم:10] .
هذا في الحلف بالله، وأما الحلف بغير الله، فقد ثبت النهي عنه في الأحاديث، وتسميته شركا.
ففي الحديث: من حلف بغير الله فقد أشرك. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وفي الحديث: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(19/528)
اليمين المعلقة واليمين المشروطة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين اليمين المعلق واليمين المشروط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتعليق هو: ترتيب أمر لم يوجد على أمر يوجد، ويكون بإن الشرطية أو إحدى إخواتها، والشرط هو: التزام أمر لم يوجد في أمر يوجد بصيغة مخصوصة، هكذا فرق الفقهاء بين التعليق والشرط، وهو فرق دقيق كما ترى.
أما بخصوص الفرق بين اليمين المعلقة واليمين المشروطة، فلم يظهر لنا فرق بينهما من الناحية العملية التي يترتب عليها أثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1424(19/529)
من حلف على صحة أمر وتبين خطؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قام أحدهم بحلف اليمين على المصحف على حدث معين وهو غير متذكر نهائياً لما حدث على الرغم من وقوع الحدث تماماً، فما حكمه؟ علماً بأني أذكر هذا الحدث تماماً وذكرته به ولكنه لم يتذكر، فبماذا تنصحون؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف على شيء وهو يعتقد صحة ما حلف عليه، وتبين أنه مخطئ حقيقة، يعتبر يمينه هذا يمين لغو على الراجح ولا كفارة عليه، كما نسبه ابن عبد البر وابن المنذر وابن قدامة للجمهور.
وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11070، 6644، 34211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(19/530)
من حنث في يمينه وجبت عليه الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي يا فضيلة الشيخ هو: ما حكم من يحلف بكتاب الله ولا يوفي بوعده أو يواعد وعدا ويقسم بالله بأنه سوف يفعله ولم يفعله ماحكم الدين في ذلك؟ وما عقاب من يفعل هذا الشيء؟ أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يكون كثير الحلف، فقد ذم الله تبارك وتعالى من اتصف بكثرة الحلف فقال تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ [القلم:10] .
وقال تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة: 224] .
وقال تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة: 89] .
ومن حلف على شيء باسم من أسماء الله تعالى، أو بكتابه، أو بصفة من صفاته وحنث في يمينه، وجبت عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإذا لم يجد شيئا من ذلك، وجب عليه صيام ثلاثة أيام.
وأما الوفاء بالوعود والتعهدات، فإنه مطلوب من المسلم إذا استطاع، وأقل درجات طلبه الاستحباب.
قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الاسراء: 34] .
والوفاء بالوعد من شيم المؤمنين، وإخلافه من صفات المنافقين.
ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر. متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو.
ومن أقسم بالله تعالى على الوفاء بوعده ولم يف به، وجبت عليه كفارة يمين.
والحاصل: أن المسلم ينبغي له أن يحفظ يمينه ويفي بوعده، وإذا حنث في يمينه وجبت عليه الكفارة.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 9302.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1424(19/531)
حكم الحلف كذبا على غير ملة الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[من حلف بأن لا يرتكب معصية، وفي حالة ارتكابها فهو مشرك،. إذا وقع في المعصية فهل هو مشرك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن قول المسلم إن فعلت كذا وكذا فانأ كافر أو يهودي أو نصراني ونحو ذلك، من الأيمان والأقوال المنكرة، المستبشعة، ففي الحديث: من حلف بملة غير ملة الإسلام كاذباً فهو كما قال. رواه أبو داود وصححه الألباني.
قال الحافظ في الفتح: غير ملة الإسلام، صفة له، كأن يقول إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني..
وقال القسطلاني في قوله: فهو كما قال، ظاهر أنه يكفر بذلك، قال الحافظ: ويحتمل أن يكون المراد بهذا الكلام التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم. انتهى من عون المعبود شرح سنن أبي داود.
وعلى كل فإن الواجب على من حلف بمثل هذه الأيمان التوبة والاستغفار والعزم على عدم العودة لمثله، وأما كفره فمختلف فيه، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 20908.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1424(19/532)
ما يجب على من حلف عدة أيمان ثم حنث
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لقد حلفت بالله عدة مرات أن لا أعود إلى الاستمناء ونسيت كم حلفت من مرة وأريد أن أتوب ما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف عدة مرات على شيء واحد لزمته كفارة واحدة. نص على ذلك جمع من أهل العلم.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وليس على من وكد اليمين فكررها في شيء واحد غير كفارة واحدة.
قال النفراوي في شرح الرسالة: ومقتضى كلامه أنه لو قصد التأسيس أوْ لا قَصْدَ له تتعدد عليه الكفارة وليس كذلك؛ بل المعتمد أنه لا تتعدد عليه، ولو قصد التأسيس والإنشاء، وأولى إن لم يقصد شيئاً.. وسواء كانت الأيمان في مجلس أو في مجالس ...
وقال خليل المالكي في المختصر عاطفاً على ما فيه كفارة واحدة: ووالله ثم والله.. وإن قصده. أي التأسيس. ونقل الحطاب عن ابن رشد أنها لا تتعدد عند مالك وأصحابه.
ونقل صاحب مسالك الدلالة على الرسالة: أن سحنون روى عن عطاء في رجل حلف عشرة أيمان ثم حنث قال: إن كان في أمر واحد فكفارته واحدة، وأخرج عن عروة وابن جريج نحو ذلك.
وقال البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الإرادات: ومن لزمته أيمان موجبها واحد ولو على أفعال، نحو: لا دخلت دار فلان، ولا أكلت كذا ولا لبست كذا وحنث في الكل "قبل تكفير فكفارته واحدة.
وبهذا تعلم أن عليك كفارة واحدة في جميع الأيمان التي حلفت إذا لم تكن كفرت عن بعضها، ولا عبرة بعددها، أما إذا كنت قد كفرت ثم حلفت بعد ذلك فتلزمك كفارة عن الأيمان الجديدة، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم إن شاء الله تعالى، ولتفاصيل أحكام الكفارة وأنواعها وقدر ما يدفع أو قيمته ولمن تدفع؟ نحيلك إلى الفتوى رقم: 6602، والفتوى رقم: 8186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(19/533)
الحيلة المباحة مندوحة عن الحلف الكاذب
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت مشكلة بسيطة كنت السبب فيها دون قصد مني والله الشاهد على هذا، ولكن عندما سألني زوجي اضطررت للكذب وحلفت بالله العظيم أنه لم يحدث مني ما حدث، وذلك تلافياً لمشكلة أكبر ستحدث بيني أنا وزوجي، فما هو التكفير لحلفي بالله كذبا؟ مع العلم بأنه كان دون قصد مني لخلق مشكلة وكان تلافياً مني لما كان سيحصل لو عرف زوجي بالحقيقة، أفيدوني جزاكم الله عني ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان من الواجب في حقك عدم الإقدام على الحلف الكاذب، وكان بإمكانك استعمال حيلة مباحة تكون سببا لخروجك من هذه الورطة ويقتنع بها زوجك، ولكن ما دمت قد أقدمت على الحلف على الكذب مع وجود حيلة أخرى، فعليك المبادرة إلى التوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة.
وراجعي الفتوى رقم: 6988.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(19/534)
حكم الحلف بوضع اليد على المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الحلف على القرآن، أي بوضع اليد عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحلف بوضع اليد على المصحف لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، فهو من البدع التي استحدثها القضاة تغليظاً لليمين، ليكون أشد ردعاً للظلمة وأكثر تخويفاً لهم من الكذب.
قال الحطاب في مواهب الجليل: ... وأما التغليظ بالتحليف على المصحف، فقال ابن العربي هو بدعة لم يرد عن أحد من الصحابة، وقد أجازه الشافعية، انظر الأحكام في سورة المائدة. 6/217.
هذا بالنسبة للتحليف عند الخصومات، وأما فعل الشخص ذلك من تلقاء نفسه، فهو كسائر الأيمان، وإن كان فاعله صادقاً فلا شيء عليه، وإن كان كاذباً فهي اليمين الغموس التي تجلب لصاحبها آثاماً كثيرة، وفي كفارتها خلاف بين العلماء، وانظر الموضوع في الفتوى رقم: 29925.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(19/535)
الأصل المبادرة إلى التكفير عن اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حلف أحد ثم حنث في يمينه فهل يجب أن تكون الكفارة في الحال أم يجوز تأخيرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في الأمر اقتضاء الفورية، ولا يجوز تأخير فعل المأمور به إلا بدليل، إذا ثبت هذا فإن الأصل المبادرة إلى التكفير عن اليمين، ما لم يحصل ما يقتضي تأخيرها، هذا بالإضافة إلى أن المبادرة إلى التكفير عن اليمين أدعى لبراءة الذمة، كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 10595.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1424(19/536)
لا أثر لليمين ما دام الرفض لم يكن منك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الحلف أو القسم على القرآن الكريم
لقد كنت أحب شابا أدى بي الأمر بالحلف على القرآن على أن لا أتخلى عنه أبدا، وعندما طلبت منه خطبتي رفض لسبب أنه يريد إكمال دراسته وليس له المال لخطبتي، وبعدها اتضح أنه مخادع، وهذا جرى في سن المراهقة بعدها تعرفت على شاب أحبه ويحبني وتمت الخطبة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تعارف عليه بعض الناس من الحب قبل الزواج أمر في غاية الخطورة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 4220.
وعليه، فالواجب عليك التوبة والاستغفار من ذلك.
أما بخصوص اليمين التي حلفتها فالظاهر من السؤال أنه لا حرج عليك فيها لأن الرفض لم يكن من جهتك وإنما جاء من قبل الشاب الذي تعاهدت معه على ذلك باليمين، وما دمت قد أصبحت في حل من يمينك فمن حقك أن تقبلي شخصا آخر يتقدم للزواج منك، وهذا ما أشرت إلى حصوله بالفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(19/537)
شروط التوبة من اليمين الغموس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد لليمين الغموس توبة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اليمين الغموس كبيرة من كبائر الذنوب، ولكنها كغيرها من سائر الذنوب إذا تاب العبد منها توبة صادقة، فإن الله تعالى يقبل توبته ويتجاوز عنه، ولكي تكون التوبة مقبولة لابد من توافر شروط الصحة فيها، وهي كما قال العلماء: الإقلاع عن الذنب في الحال، والندم على ما فات منه، وعقد العزم على عدم العود إليه ثانية، وينضاف إلى ذلك رد المظالم إلى أصحابها، ومن ذلك: إذا كانت هذه اليمين اقتطع بها حق لمسلم وجب رده إليه.
وانظر في هذا كله الفتاوى التالية: 30557، 33977، 7258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(19/538)
حكم النيابة في توزيع الكفارات
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً
أنا علي كفارات وعلمت أن هناك مطاعم توزع الكفارات هل أعطيها النقود على حسب الكفارات أم أوزعها بنفسي؟ وهل في وقت واحد أم في أوقات مختلفة بعدة أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت على يقين من أن المطاعم تؤدي الكفارات كما أمر الشارع أن تؤدى، أو غلب ذلك على ظنك، فلا مانع من أن تعطيها النقود لتقوم نيابة عنك بتوزيع الكفارات على مصاريفها. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 30473.
وإن كنت لا تتحقق من أنها تفعل ذلك، أو لم يغلب ذلك على ظنك، فيجب عليك أن توزعها بنفسك؛ لأن الذمة لا تبرأ إلا بيقين.
وعن سؤالك الثاني فإنه لا يشترط في الكفارة أن تطعم المساكين في وقت واحد، بل الواجب أن تكمل العدد الذي لزمك، ولو في أوقات مختلفة. قال العدوي: فإن أعطى لدون ستين -مسكينًا- استرجع من كل واحد منهم ما زاد على المد إن كان بيده وكمّل الستين. (1/465) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(19/539)
من حلف فحنث ولم يستثن لزمته الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مريضة بالوسواس القهري وأحاول أن أعالجها بالثقة في نفسها أو أن أحلف بالله أن لا تغير قميصها طول اليوم ولكنها بدافع الوسوسة غيرت قميصها!!! هل يقع علي هذا اليمين أم لا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف يميناً وحنث فيها وجبت عليه الكفارة إلا أن يستثني، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين، فقال إن شاء الله فلا حنث عليه. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وعليه، فما دمت قد حلفت، ولم تستثن، وقد حنثت في يمينك، فعليك كفارة يمين.
وكفارة اليمين هي المذكورة في قول الله تبارك وتعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1424(19/540)
لا تصرف كفارة اليمين لمن تجب نفقته على المكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أحلف بيمين في وقت العصبية وأقول لن أتزوج والآن على وشك الزواج والكفارة اليمين إذا أطعمت ناس من الأهل فقراء عدد عشرة هل تكون صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف على أن لا يتزوج ثم بدا له بعد ذلك أن يكفِّر عن يمينه ويتزوج فقد فعل ما هو الأفضل له إن شاء الله تعالى؛ لأن الزواج من سنن المرسلين وأتباعهم، بل قد يجب في بعض الحالات.
وقد سبق في الفتوى رقم: 17345 هذا الحكم مع بيان كفارة اليمين، ونضيف هنا أن المساكين الذين يطعمون في كفارة اليمين يجب أن لا يكونوا ممن تجب نفقتهم على المكَفِّر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1424(19/541)
لا يقع الحنث حتى يوجد الفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم لقد كنت وأصدقائي عند صاحب لنا وأتى صديق لنا معروف والحمد لله بالتزامه، وهو ما شاء الله أكثرنا التزاما، وعندما دخل ارتجفت لأنني كنت أشاهد برنامجا على التلفاز واسمه سوبر ستار، وبعد حديث بيني وبين أصدقائي حول متابعة هذا البرنامج فاجأتهم بأنني قلت حرفيا: أقسم بالله العظيم أني لن افتح التلفاز على برنامج سوبر ستار، ولكن ما يحصل أنني وبينما أتواجد في المنزل يأتي وقت البرنامج ويأتي أهلي هداهم الله فيفتحون التلفاز. وحتى إن كنت خارج المنزل، فغالبا يصادف وقت عودتي مع وقت البرنامج وبيتنا صغير المساحة، حيث إن صوت التلفاز يصل لكل الغرف. فماذا عساي أفعل إن كان يصلني صوت البرنامج؟ . وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قصدت بيمينك الشمول، أي بمعنى أنك لا تباشر فتح التلفزة عن البرنامج ولا تشاهده ولا تسمعه، فلا شك أنك تحنث عند حصول شيء من ذلك، وتلزمك بذلك كفارة، وهي المبينة في الفتوى رقم: 2053.
أما إن أردت مجرد الامتناع عن فتح التلفزة فقط - وهذا هو المتبادر من سؤالك - فلا تحنث بمشاهدة البرنامج ولا سماعه؛ لأن اليمين لا تتناوله، وعليه فإن يمينك مازالت على حالها. قال ابن جزي الكلبي في القوانين: فكل من حلف على ترك شيء أو عدمه فهو على بر حتى يقع منه الفعل فيحنث. اهـ
وننبه إلى أن البرنامج المشار إليه لا تجوز مشاهدته ولا الاستماع إليه، إن كان فيه ما يخالف الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(19/542)
المرجع في الأيمان إلى النية
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت يمينًا على زوجتي بأن أدفع مبلغًا من المال إلى والدي، وقمت باستدانة المبلغ من شقيقي وأعطيته لوالدي، فرفض المبلغ وقام بإعطائه لشقيقي كتبرع مني ومنه لمساعدته في إعمار البيت، وقام أخي بمسامحتي في المبلغ، فهل توجد علي أي كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك حلفت يمينًا على زوجتي يحتمل أن يكون يمينًا بالله ويحتمل أن يكون يمينًا بالطلاق، فإن كان بالله فقد بررت بيمينك بدفع المبلغ لأبيك، ولا يضرك عدم قبوله للمبلغ أو بعضه؛ لأنك حلفت على الدفع، وقد حصل، إلا إن كنت تنوي القبول، فتحنث وتجب الكفارة ما لم يقبل. قال الصاوي المالكي، في حاشيته على الشرح الصغير: من حلف ليشترين دار فلان فلم يرض بثمن مثلها، فأقوى القولين عدم الحنث، وكذا ليبيعنَّ فأعطي دون ثمن المثل. اهـ
ومثل ذلك يجري إن كان الحلف بالطلاق، فإن كنت لم تنوِ قبول والدك بل أطلقت فإنك قد بررت بيمينك بمجرد الدفع، وإن كنت نويت القبول فقد حنثت ووقع الطلاق، إلا أن يقبل؛ لأن النية تخصص العام وتقيد المطلق. قال ابن قدامة في المغني: (ويرجع في الأيمان إلى النية) وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ أو مخالفًا له، فالموافق للظاهر أن ينوي باللفظ موضوعه الأصلي قبل أن ينوي باللفظ العام العموم، وبالمطلق الإطلاق، وبسائر الألفاظ ما يتبادر إلى الأفهام منها، والمخالف يتنوع أنواعاً: أحدها أن ينوي بالعام الخاص.. ومنها أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقًا وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه، ومنها أن ينوي بيمينه غير ما يفهمه السامع منه - كما ذكرنا في المعاريض - ومنها أن يريد بالخاص العام ... اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(19/543)
تجب كفارة اليمين على الرجلين
[السُّؤَالُ]
ـ[1- تشاجر رجلان أمام المسجد في شهر رمضان، أحدهما يمنع الصبيان من دخول المسجد، وقال والله لا يدخل صبي المسجد اليوم، فأتى الرجل الآخر ووجد الأولاد أمام المسجد، ووجد معهم أخاه فقال له تعال وادخل المسجد، فقال الرجل الآخر والله لا يدخل، فقال أخ الولد والله حتى أنت لا تدخل، فعندما قامت الصلاة دخلا وصليا، فهل على أخ الولد كفارة يمين عندما قال للرجل والله حتى أنت لا تصلي؟
2- رجل أخذ قرضا من المصرف، فيه ربا، وقبل أن يأخذه وهو يعلم أنه فيه ربا، ولكن يقول الله غالب وأنا محتاج إليه، ويقول ابن هذا الرجل ما حكم هذا المال؟ وكيف يحلل منه؟ أو ما هي الكفارة؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا دخل الصبيان في ذلك اليوم المسجد فيجب على الشخص الذي حلف على عدم دخولهم فيه كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم: 459 وتجب الكفارة أيضًا على الشخص الذي حلف ألا يدخل الشخص المانع للصبيان إذا دخل المسجد، إلا إذا قصد أنه لن يدخل إذا لم يدخل الصبيان ودخل الصبيان، فلا شيء عليه.
وتراجع الفتاوى التالية أرقامها: 8648، 16099، 24060، 33169.
وأما الاقتراض بالربا فحرام ولا يجوز إلا عند الضرورة وبقدرها. كما سبق في الفتاوى التالية: 1420 1431، 4546.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(19/544)
إبرار المقسم واجب ما لم يكن حرج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
شخص حلف على شيء تحت يد غيره بأنه سيستعمله، ولم يعطه الإذن في استعماله وقد قال والله سأستعمله الليلة جهرا بصوته ثم قال إن شاء الله سرا ماذا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من قال إن شاء الله يقصد بها الاستثناء فلا حنث عليه، سواء كان جهر بها أو أسر، وقد سبق حكم الاستثناء بإن شاء الله في الفتوى رقم: 29383 فراجعها.
ثم إن من حلف على غيره، فعلى ذلك الغير أن يبر المقسِم ما لم يكن في إبراره إحراج. روى البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد من حديث البراء قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، ورد السلام، ونصر المظلوم، وإبرار المقسِم ... الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(19/545)
المعاريض تكفي المسلم الكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اليمين كذبا بنية الستر على معصية قديمة قد تبت عنها مع ندم ومرارة ودون رجعة أتعذب أرجوكم أفيدوني وهل هناك كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكذب محرم، ويتأكد تحريمه إذا حلف الإنسان عليه، وقد قال تعالى في بيان الوعيد المترتب على ذلك: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [المجادلة:14 - 16] .
واعلم أنه يجب على الإنسان أن يستر نفسه لما في الحديث: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله. رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
وإذا تعين الكلام في نفي شيء من هذا القبيل فيمكن أن يستعان بالتعريض والتورية، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب. رواه البخاري. في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وقال عمران بن الحصين: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وأما حلفه بالكذب فهو يمين غموس لا تلزم فيها كفارة عند الجمهور، وأوجبها الإمام الشافعي، ولو أنك كفَّرت لكان أحوط لك، وتجب التوبة منها.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 33977، 29579، 7228، 30557، 29579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(19/546)
حكم من كفر عن يمينه في غير بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يقبل الله من كفَّر عن أيمانه في بلد غير بلاده لأي سبب كان؟ وكيف يكون التكفير في الكسوة هل يكون في أي نوع كان من الملابس أم من نفس نوع الملابس التي ألبسها؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجبت الكفارة عليه في بلد غير بلده هو مقيم فيه وبه ماله، فلا نعلم خلافًا في جواز دفعها لفقراء البلد الذي هو فيه.
وأما إن نقلها من بلده لبلد آخر فالمسألة محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من منعها قياسًا على الزكاة، إلا إذا لم يوجد ببلده من تدفع له، أو كان له أقرباء بالبلد الآخر فدفعها لهم أولى. ومنهم من أجازها وهو الراجح، وهو قول الجمهور، وللشافعية طريقان أصحهما الجواز، كما ذكر النووي في المجموع، وعند الحنابلة وجهان: المنع والجواز، والمصحح عندهم الجواز. قال المرداوي في الإنصاف: يجوز نقل الكفارة والنذر والوصية المطلقة إلى بلد تقصر فيه الصلاة على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب وصححوه. اهـ
أما الكسوة فتكون من اللباس الوسط عند الناس، وإن كانت الملابس التي تلبسها أفخر وأردت أن تخرج منها الكفارة فهذا أفضل؛ لأنه إحسان، ويحسن أن تراجع الفتوى رقم: 2022 لمعرفة شروط الكسوة المجزئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(19/547)
ما يلزم من اليمين بصيغة نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت فتاة واتفقنا على الزواج، ولكن أبي رفض وحلفت بالله أمامه ألا أقابلها وأن أصوم ثلاثة أيام عن كل مرة أقابلها فيها، ولكني قابلتها بعد عدة مرات، فماذا أفعل؟ هل أصوم ثلاثة أيام عن كل مرة؟ أم أن هذا يعتبر نذرا وعليّ القضاء مرة واحدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حق الوالد على ولده بره له وطاعته له فيما أمره به مما لا يتصادم مع الشرع، وعليه فإنا ننصح السائل بطاعة والده وامتثال أمره وتجنب ما يسخطه.
ثم إننا ننبه السائل إلى خطورة الاختلاط بالأجنبيات والخلوة بهنَّ أو نحو ذلك من كل وسيلة تجر إلى ما لا تحمد عقباه.
ثم نقول له: مادمت قابلت الفتاة التي حلفت أن لا تقابلها، فقد لزمتك كفارة يمين، وهي:: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.
على التخيير بين الثلاثة، فمن لم يستطع واحدة منها فليصم ثلاثة أيام. أما صوم ثلاثة أيام فلا يلزمه لا عن مقابلة واحدة ولا عن مقابلتين، وذلك لأنه التزمه بصيغة ما يسمى بنذر اللجاج، وقد سبق ما يلزم منه في الفتوى رقم: 17466.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(19/548)
حكم من حلف ألا يفعل أمرا ولم يفعله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أنا حلفت ألا أعمل كذا ... وأنا كنت في حالة غضب ولم أفعل هل علي كفارة؟
أرشدوني جزاكم الله خير بأسرع وقت.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا كفارة على من حلف على عدم فعل أمر ولم يفعله لأنه لم يحنث، ولكنا نلفت انتباهك إلى أنه إذا كان ما حلفت على تركه ممنوعًا شرعًا أو جائزًا، فقد أصبت في البر بقسمك، وإن كان ما حلفت على تركه من أفعال الخير، فالأفضل لك أن تكفِّر عن يمينك وتفعل ما هو خير، قال الله تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ [البقرة:224] .
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: لا تجعلن عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير، ولكن كفِّر عن يمينك واصنع الخير.
واستدل بحديث الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها.
واستدل بحديث الصحيحين أيضًا: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فأتِ الذي هو خير وكفِّر عن يمينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(19/549)
حكم من حلف على شيء ثم أكد بالحلف أن لا يتحلل منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسمت أن لا أتكلم مع صديق لي طول عمري وكررت هذا القسم عدة مرات فقال لي صم ثلاثة أيام فأقسمت أن لا أصوم كي أحل قسمي وأنا لا أريد أن يصيبني إثم بقطيعتي لأخي المسلم فماذا أعمل لأكون في حل من قسمي؟
أرجو إجابتي بسرعة أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هجران المسلم فوق ثلاثة أيام لا يحل. روى أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. متفق عليه.
وعليه.. فالواجب عليك أن تنهي قطيعة أخيك المسلم وتكفِّر عن يمينك، فقد أخرج الإمام مسلم عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله منها فليأت التقوى.
وفي رواية للنسائي وابن ماجه والدرامي وأحمد: فليأت الذي هو خير، وليكفِّر عن يمينه.
والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة. فإذا عجزت عن هذه الثلاثة أمكنك أن تصوم ثلاثة أيام. ولا تتكرر عليك الكفارة بتكرارك القسم، إلا إذا حلفت بعد إخراجك الكفارة، فإنك حينئذ إذا حنثت تلزمك كفارة أخرى. وانظر كل ذلك في الفتوى رقم: 8186.
ثم إذا كان قسمك أن لا تصوم تقصد منه أن لا تكفر عن يمينك مطلقًا، فإنك إذا كفَّرت لزمتك كفارة ثانية، وإن كنت إنما تحلف عن التكفير بالصوم فقط، فلا تلزمك هذه الكفارة الثانية إلا إذا كفَّرت بالصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(19/550)
الحلف بالمصحف يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي: أنا حلفت على المصحف الشريف بوضع يدي على المصحف وقلت والله العظيم أني لن أشرب الخمر مرة ثانية ثم رجعت وشربتها بعد الحلف بشهر تقريبا وبعد ذلك تبت هل علي كفارة؟ أم توبتي تكفي؟
وشكراً وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحلف بالمصحف يمين يجب على من حلف به ثم حنث كفارة يمين، ويتأكد ذلك إذا اجتمع مع الحلف بالله العظيم. فيجب عليك التوبة من شرب الخمر. كما تجب عليك كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، يخير الحانث بين هذه الثلاثة، ثم إن لم يستطع واحدًا منها صام ثلاثة أيام، كما قال تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .
وراجع في خطورة الخمر والوعيد المترتب على شربها الفتوى رقم: 1108، والفتوى رقم: 23674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(19/551)
من حلف على ترك حرام فوقع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار من كثرة عودتي للنظرة الحرام بعد كل مرة أتوب وأندم فيها وأظن أنه من المستحيل العودة مرة أخري رأيت أنه يجب وضع حد لهذه المعاناة وقررت أن أقسم على نفسي ألا أعود وبالفعل التزمت ولكن كان القسم عاماً علي أي وسيلة لرؤية أي شيء لا يصح رؤيته وليس بالتحديد شيء جنسي ولا أعرف ما أفعل فأنا قد وقعت في القسم وهل يمكن التحلل من القسم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف على فعل واجب أو ترك حرام، فإنه لا يجوز له الحنث في يمينه، ويزداد بذلك الواجب وجوبًا، والحرام تحريمًا، لكن إذا فرض أن هذا الحالف خالف ذلك فترك الواجب أو فعل الحرام، فيلزمه شيئان:
الأول: التوبة والندم والاستغفار.
والثاني: التكفير عن هذا اليمين.
وعليه، فإنه لا يجوز لك التحلل من اليمين التي حلفت فيها بترك النظر للحرام، ويجب عليك الوفاء بها، ولمزيد فائدة راجع الفتاوى التالية: 9302، 3840، 19075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(19/552)
حكم قول المرأة لزوجها: أنت علي حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
- قالت لي زوجتي في حالة غضب:" من الآن أنت علي حرام"
فأجبتها من بعد: "أنت طالق"
وبعد 24 ساعة عادت الأمور إلى طبيعتها ووقع الصلح.
فماذا يترتب على هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول الرجل لزوجته: أنتِ عليَّ حرام. يقع طلاقًا إن نواه، ويقع ظهارًا إن نواه، وإن نوى تحريم عينها أو تحريم وطئها فهو يمين، وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
26876 30708.
وأما قول المرأة لزوجها: أنتَ عليَّ حرام. فلا يقع طلاقًا ولا ظهارًا. لكن إن نوت تحريم جماعه لها أو تحريم عينه وقع قولها يمينًا، واليمين يصح من الرجل والمرأة. قال ابن الهمام الحنفي في فتح القدير: وإن قالت لزوجها أنتَ عليَّ حرام أو حرمتك يكون يمينًا، فلو جامعها طائعة أو مكرهة تحنث. اهـ
وأما قولك لها: "أنت طالق" فطلاق صريح، فإن كانت هي الطلقة الأولى أو الثانية فلك مراجعتها، وإن كانت الثالثة فلا تحل لك حتى تنكح زوجاً آخر نكاح رغبة، ويدخل بها، فإن طلقها واعتدت جاز لك الزواج بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(19/553)
هل تتكرر كفارة اليمين بتكرر الفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حلفت بالله على أن لا أفعل شيئا معينا، ولكن فعلته وتكرر نفس الشيء مرة أخرى، فماذا أفعل؟
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الإجابتين التاليتين:
2022، 4932.
واعلم بأن تكرار فعلك الشيء الذي حلفت ألا تفعله لا يترتب عليه تكرار الكفارة، إن لم تأت في حلفك بصيغة تفيد التكرار مثل: كلما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(19/554)
تلزم الكفارة من حنث في يمينه وإن كان جاهلا بوجوبها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن أكفر عن أيماني التي حنثتها؟ مع العلم بأني لم أكن أعلم عند عهدي بالله والقسم به أن الكفارة هي إطعام عشرة مساكين ولم أحسب حساب إطعام عشرة مساكين عند كل حنث.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف بالله تعالى على شيء وحنث فيه لزمته كفارة، وهي كما في الآية: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] . وانظر الفتوى رقم: 459.
ولا يشترط في لزوم الكفارة كون الحالف عالمًا بقدر الكفارة أو جاهلاً به. وبخصوص تكرر الأيمان وتعددها، راجع فيه الفتوى رقم: 21762، والفتوى رقم: 11229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(19/555)
ما يترتب على تأكيد الوعد باليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الذي يعد باليمين في عيد الأضحي ولا يوفي بعهده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قد سبق أخي الكريم أن العلماء أجمعوا على مشروعية الوفاء بالوعد، ثم اختلفوا في الحكم، فقال الجماهير بندبه وهو الراجح، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17057.
فإن حدث أن أكد الوعد باليمين في عيد الأضحى أو غيره وكان ما وعد به برًّا وطاعة، فقد تأكد استحباب الوفاء بالوعد باليمين، فإن وفَّى فقد فعل ما هو الأفضل، ولا كفارة عليه، وإلا وجبت عليه الكفارة المبينة في الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(19/556)
حكم اليمين كذبا لسلامة العلاقة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجة، وأعمل في مكان مختلط. وأنا ملتزمة بالزي الإسلامي. وقد حدث في يوم ما أن سألني أحد زملاء العمل "من أي بلد أنتم؟ " فاضررت لإجابته. وفي هذه الأثناء دخل زوجي فجأة إلى المكتب في زيارة مفاجئة، ورآني أتبادل الحديث مع ذلك الزميل، فغضب مني واتهمني بأنني أخلفت وعدي له بأنني لن أتكلم مع أحد في غير حدود العمل. فقلت له إن ما كان يدور بيني وبين ذلك الزميل هو حول العمل فقط. فطلب مني زوجي أن أحلف يميناً بالله أنه كان كذلك فحلفت كذباً، لأنني لو لم أفعل ذلك لفقد زوجي ثقته بي في العمل، ولأصبح كثير الظنون والشكوك، وقد يظن أنني أتبادل الأحاديث دوما مع الزملاء. لم يصدقني زوجي وطلب مني أن أقسم بالله العظيم أنني صادقة فيما قلت له فأقسمت. ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى البعد عن محادثة الرجال الأجانب والاقتصار على ما دعت إليه الضرورة من ذلك من غير خلوة. أما بالنسبة ليمينك كاذبةً فالأجدر بك أن تلجئي إلى التورية وعدم الإقدام على اليمين. لكن مادمت قد حلفت كاذبة محافظة على سلامة العلاقة مع زوجك فهذا مقصد شرعي، ونرجو أن لا يكون عليك إثم منه، مادامت نيتك الإبقاء على العلاقة الزوجية والرغبة في استمرارها.
وعليك أن لا تعودي إلى مثل هذا، مع البعد دائمًا عن مواطن الشك والريبة التي تدعو إلى ما لا تُحمد عقباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(19/557)
الواجب عليها أن تكفر عن يمينها
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب رجل من زوجته طلبا فحلفت ألا تفعله فأصرالرجل أن تفعله ففعلت، فما الواجب وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على الزوجة أن تكفر عن يمينها بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام، لقوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ (المائدة: من الآية89) .
وننصح الزوجة بطاعة زوجها ما لم يأمرها بمعصية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صلت المرأة خمسها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت. أخرجه أحمد وغيره.
وعن حصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة، فقال: أي هذه! أذات بعل؟ قلت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه -أي ما أقصر في طاعته وخدمته- إلا ما عجزت عنه، قال: انظري أين أنت منه، فإنه جنتك ونارك. أخرجه أحمد والنسائي بإسنادين جيدين.
وقد أحسنت الزوجة في رجوعها عن إصرارها، طاعةً لزوجها، ونزولاً على أمره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما رواه مسلم في صحيحه: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(19/558)
اليمين الغموس لا كفارة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت ذات مرة لأبي عن شيء (حدث فعلا) أنه لم يحدث
من غير أن أشعر، وفي الحقيقة كنت أريد أن أتفادىغضبه على أختي فيحصل ما لا يرضي الله ورسوله -فلو قلت له الحقيقة لقاطعها- فماهو رأي الشرع فيها أنا أبحث عن كفارة ذلك؟ ولا أخفي عليكم أني سألت الشيخ عبد الرحمن خليف بالقيروان عن ذلك، ومن إجابته فهمت أنه أجابني عن السؤال في النصف الأول ولم يطلع على الملابسات والظروف!
فأجابني بأنها يمين غموس ولا كفارة فيها
سوى الاستغفار وعدم الرجوع إلى ذلك!
والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه اليمين التي حلفتها كذباً هي كما قال لك الشيخ يمين غموس سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم، وذلك لأنها من أكبر الكبائر، كما بينا في الفتوى رقم 29579 والفتوى رقم 30557
وعلى هذا فالواجب عليك التوبة والاستغفار من هذه المعصية، وما ذكرته من الخوف من غضب أبيك ليس مبرراً للحلف كذباً إذ كان بإمكانك اتخاذ المعاريض، وذلك لأن طاعة الله مقدمة على رضا الوالدين لعموم قوله صلى الله عليه وسلم " لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل " رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
أما بخصوص الكفارة من عدمها، فالذي عليه جمهور أهل العلم أنه لا كفارة فيها وراجع الفتوى رقم 7258
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(19/559)
حكم تحريم الزوج على زوجته بلد أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[صدر مني يمين على زوجتي بمنعها من الذهاب إلى المدينة التي يعيش فيها والدي ووالداها بقولي إنها محرمة عليها حتى يصيرعندي منزل خاص بي وحدي، وكان ذلك في حالة غضب مني، علما بأنه قد مر على ذلك أكثر من سنة؟ ولكم جزيل الشكر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحريمك على زوجتك بلد أهلها أو غيره يدخل في باب تحريم الحلال، وقد تقدم في الفتوى رقم: 24416، أن تحريم الشخص الحلال لا يجعل ذلك الشيء محرماً، وراجع تفصيل ما يترتب عليك في الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(19/560)
إذا لم تفعل ما حلفت عليه فعليك كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً وقبل كل شيء أود أن أشكركم جزيل الشكر على هذه الخدمة الجليلة، وأسأل الله أن يجازيكم عنا خير الجزاء، كما أتقدم بخالص شكري وامتناني للجنة المكلفة بالإجابة، راجيا من الله أن يتسع صدرها لإستفساراتنا وتساؤلاتنا.
استفساري كالتالي: أنا شاب مسلم في مقتبل العمر، غير متزوج، أقطن الديار الهولندية، ابتليت منذ سن البلوغ بعادة قبيحة والمسماة بالعادة السرية (الاستمناء) ولا زلت أمارسها إلى يومنا هذا، حفظنا الله وإياكم وسائر المسلمين من كل بلوى وبلاء.
وكخطوة عملية للتغلب على هذه العادة، قطعت على نفسي عهداً على شكل قسم ونصه كالآتي:
أقسم بالله العلي العظيم لن أفعلها أبداً (وتذكرت قسمي هذا وعلى ما أقسمت) لأصومن ثلاثة أيام كفارة عن قسمي، وأصوم 20 يوما نافلة، وأحفظ حزبا من القرآن الكريم كفارة لذنبي، والله المستعان والله على ما أقول شهيد.
قد كان هذا نص القسم، وعلى شدته للأسف الشديد جرفني تيار الشهوات فعاودت ممارستها ولمرات عدة وصلت 58، ولا أخفي عنكم أني أتوجس خيفة من أن يصل الستين مرة أو يجتازها، وأود أن أحيطكم علما بأني كنت أحفظ 5 أحزاب من القرآن الكريم أو يزيد قبل أن أقطع على نفسي هذا القسم.
الآن سؤالي هو: كيف يجب أن أتعامل مع هذا الموضوع حاليا، وكيف أتعامل مع مسألة حفظ القرآن في حالة إذا ما تجاوز الرقم الستين لا قدر الله، علما بأن المشقة بادية وجلية بمسألة حسابية بسيطة في حالة الإقدام على البر بالقسم، لا سيما أن اليوم يزيد على 17 ساعة من الفجر إلى الغروب، ويزداد طولا إلى أن يجتاز 19 ساعة، وفقكم الله لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين؟
والسلام ختام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
نشكر السائل الكريم على اهتمامه وحسن تقديره، ونسأل الله لنا وله التوفيق، ولعله لا يحتاج إلى تنبيه أو تذكير بحرمة ممارسة العادة السرية كما هو واضح من سؤاله.
وفي ما يخص القسم الذي أقسمه فهو يمين بر منعقدة فإذا حنث لزمه فعل ما حلف عليه، وهو صيام ثلاثة أيام وعشرين يوماً أخرى وحفظ ما ذكر من القرآن الكريم.
فإذا لم يفعل ما حلف على فعله من الصوم والحفظ لزمته كفارة يمين، وهي على التخيير، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد شيئاً من ذلك فعليه أن يصوم ثلاثة أيام.
كما ننبهك إلى أن أفضل طريق للوقاية من العادة السرية هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(19/561)
معاهدة الله هل هي يمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا عاهدت الله على أن لا أفعل شيئا ما ولم أكن أعلم أن عليّ حنث اليمين (كفارة) ، فأنا مفرط بالحنث وكثيراً ما أحنث اليمين مما يجعلني أكفر دائما، وعندما عاهدت الله لا أتذكر بأني تلفظت بل بالسر وليس بالعلانية وأنا أعتقد ذلك، ولا أعتقد بأني عاهدت الله بصفة من صفاته أو باسمه وأعتقد أني قلت: أعاهدك يا ربي على أن لا أفعل كذا، فالمسألة مسألة نسيان، فهل إذا حنثت اليمين على هذا العهد يجب أن أكفر؟
وسؤالي الآخر: إذا كانت علي كفارة فهل أستطيع أن أتأخر بالتكفير أم تجب علي المبادرة بالتكفير قبل التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم من عاهد الله على شيء ماذا يلزمه؟ وهل يعد ذلك يميناً أولاً؟ وذلك في الفتوى رقم: 10145، والفتوى رقم: 7375.
وتقدم الكلام عن حكم تأخير الكفارة، وذلك في الفتوى رقم: 19994.
واعلم أن معاهدة الله لا تنعقد يميناً -بالشروط المذكورة في الفتاوى السابقة- إلا إذا تلفظ بها العبد وتحرك بها لسانه، سواء كان ذلك سراً أو جهراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(19/562)
الوقوع في ما حلف عليه الشخص يوجب الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سؤالي هو: حلفت باليمين بعدم الدخول إلى المواقع الإباحية إلا أنني فتحت إحدى هذه المواقع وأخذت نظرة خاطفة وقمت بإقفال الموقع؟ هل علي الكفارة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمتى ساورتك نفسك بالاطلاع على الحرام فتذكر اطلاع الله عليك وعلمه سبحانه بحالك، وتذكر يوم يبعثر ما في القبور ويبلى ما في الضمائر والصدور، وللتوبة شروط انظرها أخي الكريم في الفتوى رقم: 7007.
وعليك كفارة يمين بفتح الموقع المذكور، وكفارة اليمين موضحة في الفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(19/563)
الأفضل في إخراج كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أقسمت وعلي كفاره إطعام عشرة مسكين أو صيام ثلاثة أيام صح السؤال يا شيخ المساكين لا أعرف منهم أحدا إلا عمال البلدية أو البنغال فهل يجوز إعطاء كل واحد منهم عشرة ريالات وهل العشره تكفي الكفارة؟ والشكر والرجاء الإجابه بأسرع وقت ممكن فضلا لا أمراً، جزاك الله بالخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك مخير في الكفارة عن يمينك بين ثلاثة أشياء: أن تطعم عشرة مساكين، أو تكسوهم، أو تعتق رقبة، فإن عجزت عن الأنواع الثلاثة أمكنك أن تصوم ثلاثة أيام.
وتحديد قدر الواجب إخراجه يُرجع فيه إلى عرف البلد، فيطعم من أوسط ما يطعم أهله قدراً ونوعاً، وانظر تفصيل كل ذلك في الفتوى رقم:
6602
ثم إن الريالات العشرة التي تسأل عن دفعها لكل مسكين بدل الإطعام أو الكسوة مختلف في إجزائها بين العلماء، فالأحوط لك أن تخرج ما اتُّفق على أنه مجزئ، وانظر الفتوى رقم: 204 والفوى رقم: 6372
وليس يلزم أن يكون المساكين من عمال البلدية أو البنغال، بل المهم أن يكونوا من المحتاجين المسلمين، قال ابن حزم في المحلى بالآثار: الفقراء هم الذين لا شيء لهم أصلاً، والمساكين هم الذين لهم شيء لا يقوم بهم. 4/272.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(19/564)
مفاوى في أحكام اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[قولي والله لا أعمل شيئا معينا ثم أعمل هذا الشيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع حكم من حلف على أن لا يفعل أمراً ثم عمله وكفارة ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22480، 2654، 26163.
وراجع حكم من حنث ناسياً يمينه في الفتوى رقم:
2526.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1424(19/565)
من مسائل الحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
أما سؤالي فهو: أن لي صديق مدخن وفي كل مرة يجزم ألا يدخن ويحلف على نفسه ألا يدخن بعد اليوم تأتيه فترات ضعف ويدخن مرة أخرى، وقد حدثت أكثر من مرة أنه يحلف على نفسه بألا يدخن مرةً أخرى ولكن تأتيه فترات ضعف ويدخن، وهو يريد بذلك ترك التدخين، فما هو الحكم هنا هل يُكفر عن كل مرة يدخن فيها بعد أن حلف على نفسه ألا يدخن مع العلم بأنها تكررت كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن مسألة الحلف على ترك التدخين، وذلك في الفتوى رقم: 9302.
وكذا قد سبق بيان ما يلزم من الكفارة عند تكرر الأيمان على الشيء الواحد في الفتوى رقم: 11229.
ثم إننا ننبهك إلى وجوب الحذر من مصاحبة من يعينك على معصية الله تعالى، ونوصيك بالحرص على مصاحبة أهل الخير والصلاح الذين يعينونك إذا ذكرت، ويذكرونك إذا نسيت، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 1208، والفتوى رقم: 9163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(19/566)
تأخير الكفارة ذنب يحتاج إلى توبة
[السُّؤَالُ]
ـ[س1 كنت قد حلفت ثلاث مرات علما بأنها يمين واحدة أي متفرقة ثم حنثت في اليمين، وكنت قد كتبت في ورقة هذه الأيمان حتى لا أنساها، ولم أصم لأنه كان لدي مال، ولكن أخرت هذه الكفارات تارة ناسيا وتارة رجاء حتى بلغت المدة إلى ما بين خمسة أشهر وعام ونصف، فماذا علي الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف عدة أيمان على شيء واحد ثم حنث في يمينه، فإنه تلزمه كفارة واحدة عند الجمهور، وعند المالكية تلزمه كفارات بعدد أيمانه إلا أن يريد التأكيد.
قال ابن رشد الحفيد: واختلفوا إذا حلف على شيء واحد بعينه مراراً كثيرة، فقال قوم: في ذلك كفارة يمين واحدة، وقال قوم: في كل يمين كفارة إلا أن يريد التأكيد، وهو قول مالك. انظر بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2/1033،وانظر الفتوى رقم: 11229.
وأما تأخيرك الكفارة هذه المدة التي ذكرت فليس فيه شيء سوى التوبة والاستغفار، ولا تسقط الكفارة بموجبه لأنها حق للمساكين ترتب في ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(19/567)
حكم اليمين بصيغة الاستعطاف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيرا سؤالي هو: هل يجوز للمرأة أن تقول لزوجها بحق حبي لك اعمل كذا أو اترك كذا؟ وهل يجوز لأي شخص أن يقول للشخص الذي يحبه بحق حبي لك اعمل كذا أو اترك كذا؟ وهل يجوز أن نقول: أتوسل إليك يا فلان لا تعمل كذا أو اعمل كذا؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ف إن كان ذلك بقصد الحلف، فإنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحلف بغ ير الله تعالى، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفاً، فليحلف بالله أو ليصمت.
وأما إذا كان ذلك بقصد جعل حب الزوج وسيلة للحصول على الغرض المطلوب، فإنه لا مانع م نه -إن شاء الله تعالى- فيكون بمعنى الرجاء والإلحاح في الطلب والاستعانة على تلبيت هـ بالاستعطاف والتذكير بالمحبة.
وهكذا الاستعطاف بالرحم أو التوسل بالقرابة لشخص ما ليعمل كذا أو لا يعمل، فلا حرج ف ي ذلك -إن شاء الله تعالى- إن كان من هذا القبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(19/568)
من حرم على نفسه شيئا من الحلال
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي سكن معي في بيتي، وفي حالة غضب قال (يحرم علي بيتك إذا دخلته مرة ثانية أو قعدت فيه) فخرج قليلا ثم عاد فما رأي الشرع في هذا؟ وماذا يتوجب عليه أو علي إزاء هذا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول زوجك "يحرم علي بيتك أو دخوله أو القعود فيه"، تحريم لشيء حلال، ومن حرم على نفسه شيئاً من الحلال فإنه يصير في حقه محرماً، وعليه أن يكفر كفارة يمين إن حنث، وهذا مذهب أبي حنيفة، وهو الراجح لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [التحريم:1-2] .
فسمى الله التحريم للحلال يميناً، وذهب أكثر أهل العلم إلى أن تحريم الحلال لغو لا يترتب عليه شيء، وانظري ذلك في الفتوى رقم:
24416.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(19/569)
لا بد لليمين والنذر من صيغة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحلف والنذر بالقلب واجب على الإنسان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا تنعقد اليمين ولا يصح النذر بالقلب، بل لا بد لكل منهما من صيغة كما سبق في الفتوى رقم: 11382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(19/570)
التفكير في الحنث لا يحنث به صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم من عاهد الله على أن لا يفعل فعلة لكنه فكر في القيام بها ولم يفعلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عهد الله تعالى بمنزلة اليمين، فمن عاهد الله تعالى على شيء بقوله: وعهد الله، وحنث فيه فعليه كفارة يمين، هذا مذهب مالك وجمع من السلف لقول الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل:91] .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك ليس بيمين إلا أن ينوي اليمين، قال الشافعي في الأم: ولو قال علي عهد الله وميثاقه فليست بيمين إلا أن ينوي يميناً ...
ومجرد التفكير في القيام بفعل يؤدي إلى الحنث لا يحنث به صاحبه ما لم يعمل بمقتضاه.
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به.
وعلى هذا فمجرد التفكير أو حديث النفس لا يترتب عليه حكم شرعي، ولا يحنث به من حلف على يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1424(19/571)
أحسنت بعدولك ولتكفر عن يمينك
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء شجار دار بيني وبين زوجتي بسبب الأولاد أقسمت أن أخبر أخي بالموضوع، لأنها كانت قد غلطت في حقي، ولكن بعد فترة قصيرة أحست بخطئها فجاءت واعتذرت وطلبت مني أن أسامحها، وفعلا تم ذلك ولم أخبر أخي بالموضوع حرصا على العلاقة بينهما، فهل علي كفارة اليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحسنت في عدو لك عن إخبار أخيك بكلام الزوجة، وعليك الكفارة، لما في صحيح مسلم:
من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه.
وراجع الفتاوى التالية في تفصيل أحكام الكفارة: 2654، 2053، 26595.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(19/572)
كن على حذر من إخلاف عهدك مع الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام عليكم، بالسابق عندما أريد الاستمناء أنظر لمشاهد عادية بالتلفاز (بمجرد الرؤية للجنس الآخر) لكني عاهدت الله أني إذا فكرت في الاستمناء أن لا أرى تلك المشاهد لأن الاستمناء ليس للتلذذ،
السؤال: هل إذا شاهدت مشاهد عادية كالمسلسلات ونيتي المتابعة يعني أنني حنثت وتلزمني كفارة؟ وهل إذا شاهدتها بنية الاستمناء لكني تراجعت يعني أني حنثت أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العبد إذا عاهد ربه على فعل الشيء أو تركه، فحكمه حكم اليمين على الراجح كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم 10145، فعلى هذا فإن شاهدت هذه المسلسلات بنية إثارة الشهوة للوقوع في الاستمناء، فتلزمك حينئذ كفارة يمين، لأن هذا هو مقتضى اليمين، وإن كنت شاهدت هذه المسلسلات لمجرد الاطلاع، فلا تلزمك كفارة يمين، ثم إننا ننبهك إلى عدة أمور:
الأول: أن مشاهدة هذه المسلسلات والأفلام لا يجوز مطلقا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1791.
الثاني: أن الاستمناء محرم على الراجح من أقوال العلماء كما سبق بيانه في الفتوى رقم
2179.
الثالث: أن الوفاء بالعهد واجب ولو كان مع خلق الله، فكيف إذا كان هذا العهد مع الخالق، فقد ذم الله تعالى قوما عاهدوه ثم نكثوا عهدهم حيث قال عنهم: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ *فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ [التوبة:75 -77]
فكن على حذر من إخلاف عهدك مع الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(19/573)
ما يلزم من نسي عدد الأيمان التي حلفها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ماذا علي أن أفعل إذا عاهدت الله بأن لا أفعل أمراً محرما وقمت بفعله لأكثر من مرة! وإذا كانت هناك كفارة فكم مرة أكفر فأنا نسيت عدد المرات التي لم أكفر عنها، وكم يكون مبلغ الشخص الواحد إذا أردت أن تكون كفارتي إطعام عشرة مساكين، وهل من الممكن أن أدفع مبلغ الكفارة كصدقة؟ وهل تقبل توبتي قبل أن أطعم عشرة فأنا تبت ولم أطعم إلى الآن لكنني أنوي أن أطعم عشرة؟ أرجو الإجابة فأنا في أمس الحاجة للرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوفاء بعهد الله الذي عاهد الإنسان به ربه واجب، ونقضه محرم، وتجب التوبة منه، ما لم يكن المقصود بالعهد والمعاهدة اليمين، فإن كان مقصودك بقولك (عاهدت الله) اليمين، أي حلفت ألا تفعل شيئا محرما، ثم فعلته، ففي هذه الحالة مع التوبة تلزمك كفارة اليمين، وهي المبينة في الآية الكريمة من سورة المائدة: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .
والإطعام أو الكسوة أو التحرير على التخيير، فمن لم يجد ذلك صام ثلاثة أيام.
وما دمت قد حلفت عدة مرات ثم حنثت، فعليك كفارات متعددة، قال في حاشيتي قليوبي وعميرة: لو كرر اليمين على شيء واحد، فسيأتي فيه ما في الإيلاء، وهو أنه إن قصد الاستثناء أو أطلق وتعدد المجلس، تعددت الكفارة، وإلا فلا انتهى.
وما دمت قد نسيت عدد المرات التي حنثت فيها بيمينك، فقدر عدداً من الكفارات ترى أن ذمتك تبرأ به، وكان الواجب عليك إحصاء العدد لأنه متعلق به حق شرعي، أما الإطعام فهو نصف صاع لكل مسكين من غالب الطعام في البلد الذي أنت فيه، ومقداره كيلو وربع تقريبا من القمح الجيد، أما القيمة، فتختلف باختلاف البلدان، ولك إخراجها حسب سعر اليوم في بلدك، ولمزيد من الفائدة، راجع الفتوى رقم: 10145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(19/574)
الأصل في البر والحنث اتباع مقتضى اللفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
قامت جبهة العمل الإسلامي في الأردن بتنظيم مهرجان البراءة من الكفار والأشرار، وأقسمنا في هذا المهرجان بأن لا نستخدم ولا نوالي البضاعة الأمريكية وأنا أقسمت معهم، ولكن هناك امتحان لشهادة الأوراكل وهي شركة أمريكية يجب أن أتقدم له وأدفع لهم مبلغاً من المال وذلك للحصول على وظيفة، فهل أتقدم لهذا الامتحان أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب جماهير العلماء أن نية الحالف إذا لم يكن مُسْتحلَفاً تخصص العام وتقيد المطلق إذا كان اللفظ صالحاً لذلك، وبعضهم يخص هذا بالعام المذكور، قال صاحب المبسوط من الحنفية: ولو حلف لا يأكل طعاماً ينوي طعاماً بعينه أو حلف لا يأكل لحماً ينوي لحماً بعينه فأكل غير ذلك لم يحنث. انتهى.
وقال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت وساوت.
قال شارحه صاحب مواهب الجليل: يعني أن النية تخصص العام وتقيد المطلق إذا صلح اللفظ لها.
وقال زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: أو حلف لا يكلم أحداً وقال أردت زيداً -مثلاً- لم يحنث بغيره عملاً بنيته. انتهى.
وفي أصل الروضة: الأصل في البر والحنث اتباع مقتضى اللفظ، وقد يتطرق إليه التخصيص والتقييد بنية تقترن به أو باصطلاح خاص أو قرينة. انتهى.
وقال صاحب كشاف القناع الحنبلي: وإذا حلف ليفعلن شيئاً ونوى وقتاً بعينه كيوم أو شهر أو سنة تقيد به لأن النية تصرف ظاهر اللفظ إلى غير ظاهره. انتهى.
وعلى هذا نقول للأخ السائل: لا يخلو يمينك من أحد احتمالين:
الأول: أن تكون نويت به مقاطعة جميع المنتجات الأمريكية دون تخصيصه بنوع دون آخر، وهنا تلزمك مقاطعة جميع البضائع الأمريكية، ومنها هذا المنتج الذي ذكرته في السؤال.
لكن إن كان في حنثك في هذه اليمين مصلحة لك وللمسلمين فينبغي أن تحنث وتكفر عن يمينك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأتها وليكفر عن يمينه. رواه مسلم.
الثاني: أن تكون نويت وقت اليمين تخصيصها بنوع دون آخر من البضائع، كأن تكون مستحضراً وقت اليمين أن الأوراكل غير داخل في يمينك، وفي هذه الحال لا تحنث إذا دفعت مالاً في هذا المنتج لأن يمينك لا تتناوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(19/575)
حكم الحلف على فعل أمر مندوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلم لقد حلفت إذا نقلت إلى مدينتي أن أعطي ابن عمي هدية بمناسبة النقل، هل أكفر؟ أم أوفي بالحلف لأن الهدية غالية الثمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا يسر الله أمرك وانتقلت إلى بلدك ندب لك البر بيمينك ومنح ابن عمك الهدية، لأنها مندوبة والوفاء بالمندوب مندوب، وإذا لم تبر بيمينك حنثت ولزمتك كفارة يمين، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 29678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(19/576)
الحلف على المصحف يمين منعقدة
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على المصحف أني لن أقبل خطيبي لكني فعلت ذلك، فما هي كفارة ذلك وأنا في أشد الندم على ما قلت أرجوكم أفيدوني؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحلف بالمصحف يمين منعقدة، وتجب الكفارة على من حنث فيها كما نص عليه خليل في مختصره فقال: وبالقرآن والمصحف.
ونص عليه ابن قدامة في المغني ونسبه لعامة أهل العلم وقال صاحب المبدع: وإن حلف بكلام الله أو بالمصحف أو بالقرآن فهو يمين في قول عامتهم.
وبناء عليه فإنه تجب الكفارة بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يستطع فعل أحد هذه الثلاثة صام ثلاثة أيام، قال الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
هذا وننبه إلى أن الشرع حض على الزواج فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة فليتزوج..... رواه البخاري ومسلم.
ونظراً لكون النساء أقل قدرة على الزواج فلا ينبغي لمن تقدم إليها من يرتضى خلقا ودينا أن ترفضه وتحلف على عدم قبول الزواج به، ففي الحديث: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقد ندب الشرع إلى تكفير من حلف على أمر غيره أفضل منه وعدوله عما أقسم عليه ففي الحديث: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(19/577)
من أحكام أيمان البيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول "علي بالملازيم" وهي تقال عادة للتأكيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم لا يجوز له أن يحلف بغير الله تعالى أو صفة من صفاته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري وغيره.
وهذه العبارة التي ذكرها السائل لا ندري ماذا يقصد بها وما هو معناها عرفاً عنده؟ والأيمان مبناها غالباً على الأعراف والمقاصد.
فقد يُقْصِد بها جميع الأيمان اللازمة أو ما يسمى جامع الأيمان أو أيمان البيعة.. فإذا كان السائل لم يعرف هذا المعنى أو عرفه ولم يقصد اليمين فلا شيء عليه إن شاء الله تعالى، قال ابن قدامة في المغني: وأيمان البيعة هي التي رتبها الحجاج يستحلف بها عند البيعة والأمر للمهم للسلطان، وكانت البيعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين بالمصافحة، فلما ولي الحجاج رتبها أيمانا تشتمل على اليمين بالله والطلاق والعتاق وصدقة المال، فإن لم يعرفها لم تنعقد يمينه بشيء مما فيها لأن هذا ليس بصريح القسم، والكناية لا تصح إلا بالنية، ومن لم يعرف شيئاً لم يصح أن ينويه، وإن عرفها ولم ينو عقد اليمين بما فيها لم يصح أيضاً لما ذكرناه.
وقال الإمام النووي في المجموع: إذا قال أيمان البيعة لازمة لي فإن لم يرد الأيمان التي رتبها الحجاج لم يلزمه شيء، وإن أرادها نُظِر: إن قال فطلاقها وعتاقها لازم لي انعقدت يمينه بهما ولا حاجة إلى النية، وإن لم يصرح بذكرهما لكن نواهما انعقدت يمينه أيضاً، بهما لأنهما ينعقدان بالكناية مع النية.
وإذا كانت هذه العبارة لا تقصد بها عادة اليمين فليست بيمين ولا شيء عليك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(19/578)
حكم من حلف على شيء يظنه كما حلف فتبين خلافه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خير الجزاء وزادكم من فضله وأكرمكم بالصحه والعافية أنا أحبكم فى الله وأريد أن أتواصل معكم دائما ولا أقدر أن أستغنى عنكم ولي سؤال أحببت أن تجيبوا عليه والله يحفظكم:
سؤالي عن الحلف أو اليمين عندما يحلف شخص بالله فوق الختمة على شيء نسي أنه عمله أو اضطر لأنه خائف من التهديد ما حكمه؟ وماذا يعمل الإنسان أمام هذه الأشياء؟
الله يزيدكم من فضله وكما أني أحب هذه الشبكة أحب أن أعرف أين مقرها بالضبط؟ وشكرا لكم على الاهتمام بنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقد الكلام عمن حلف على شيء يظنه كما حلف فتبين أن الأمر ليس كذلك، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6644، 10577، 11070.
وتقدم الكلام عمن حلف كاذباً لدفع الضرر عن نفسه، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7432، 6953، 7228، 23758.
وأما عن موقع الشبكة فهو دولة قطر حيث إن الموقع تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(19/579)
من شك في وقوع الحلف فلا شيء عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي هو وأنا صغيرة في المرحلة الإعدادية حلفنا أنا وأصدقائي علي المصحف علي شيء أن لا نخبره لأحد وهذا كل ما اتذكره ولكن لا اتذكر أن كنت قلته لأحد أم لا فهل أكفر عن هذا الحلف أم لا وإن كفرت عنه فبماذا أكفر؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شك هل فعل شيئاً أم لا فالأصل أنه لم يفعل حتى يتقين أنه فعله. وعليه، فلا كفارة عليك في هذه اليمين، لأن الأصل براءة الذمة فلا تجب بالشك. جاء في الموسوعة الفقهية في موضوع الشك في اليمين: إما أن يكون الشك في أصل اليمين هل وقعت أو لا كشكه في وقوع الحلف أوالحلف والحنث فلا شيء على الشاك في هذه الصورة، لأن الأصل براءة الذمة واليقين لا يزول بالشك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(19/580)
حكم قول القائل: "علي الحرام لا أفعل كذا"
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في يوم من الأيام حلفت وقلت: علي الحرام أني ما أسوي (وذكرت شيئاً) مع العلم أني متزوج ما كفارة هذا الحلف؟
مشكورين وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف على تحريم الحلال، فإما أن يحلف على شيء معين كأن يقول: هذا الشيء حرام عليّ إن فعلت كذا.
فإذا كان هذا الشيء غير الزوجة فهو لغو، ولا يلزمه شيء، وهذا مذهب مالك والشافعي.
وقال غيرهما هو مخيَّر إن شاء ترك ما حرمَّه على نفسه، وإن شاء كفرَّ، كفارة يمين.
أما إن حلف بالتحريم وأطلق، كأن قال: ما أحلَّ الله عليَّ حرام إن فعلت كذا وكذا، أو الحرام يلزمني لا أفعل كذا، وكان له زوجة، فقالت المالكية إن الطلاق يلزمه، إلا أن يستثني زوجته بلسانه أو نيته.
جاء في المدونة: قلت: أرأيت إن قال كل حلال عليَّ حرام. قال: قال مالك: تدخل امرأته في ذلك إلا أن يحاشيها بقلبه فيكون له ذلك.
وذهب الحنابلة إلى أنه ظهار تلزمه فيه كفارة الظهار إن نوى تحريم المرأة، وقال بعضهم هو كناية، فيكون طلاقاً بالنية.
جاء في كشاف القناع: ولو قال: عليّ الحرام، أو يلزمني الحرام ... فلغو لا شيء فيه مع الإطلاق، لأنه لا يقتضي تحريم شيء مباح بعينه، ومع نية تحريم الزوجة، أو قرينة تدل على إرادة ذلك فهو ظهار.
قال في تصحيح الفروع: الصواب أنه يكون طلاقاً إن نوى به طلاقاً. ا. هـ
أما الحنفية، فذهبوا إلى أن من قال: كل حِلَّ عليَّ حرام، أنه لا تدخل زوجته في هذا التحريم إلا بالنية، فإن نوى طلاقاً كان طلاقاً، لكن إن تعارف الناس على أن هذا اللفظ طلاق فهو طلاق، وإن زعم أنه لم ينو طلاقاً.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن اللازم له هو كفارة يمين، ولو كفر كفارة ظهار كان أحسن، قال في فتاويه: وأما إذا حلف بالحرام، فقال: الحرام يلزمني لا أفعل كذا، أو الحِلّ عليَّ حرام لا أفعل كذا ... وله زوجة، ففي هذه المسألة نزاع مشهور بين السلف والخلف، لكن القول الراجح أن هذه يمين لا يلزمه بها طلاق، ولو قصد بذلك الحلف بالطلاق.
ثم ذكر في موضع ثانٍ: فإذا قال: الحلال عليّ حرام لا أفعل كذا ... أجزأه في ذلك كفارة يمين، فإن كفر كفارة ظهار فهو أحسن. ا. هـ
ولعل هذا القول الأخير هو الأقرب إلى الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(19/581)
حكم تصديق الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على الرسول الكريم وبعد:
هل أنا آثم في عدم تصديقي للحالف بالله على شيء وهو لا يصلي يعني أنه لم يحترم ولم يلتزم مع رب الكون الذي أنعم وأسبغ عليه بكل نعم الحياة فكيف سيلتزم معي وأنا عبد مثله؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم عدم الإكثار من الحلف بالله عز وجل ولو كان صادقاً، لأن ذلك ينافي التوقير، ويدل على التهاون باليمين، وقد قال الله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ.
وقال سبحانه: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ [القلم:10] .
ولا شك أن الحالف إذا كان كاذباً كان ذلك غاية في الحرمة، ويشتد الجرم ويعظم الإثم إذا كان ذلك لغرض دنيوي، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم، قلنا: من هم يا رسول الله؟ فقد خابوا وخسروا، فقال: المنان، والمسبل ازاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. رواه الترمذي وصححه.
أما بخصوص تصديق الحالف أوعدمه، فليس بلازم إلا أن اليمين إذا صدرت من فاسق كان ذلك أدعى لعدم تصديقه، و62960
من عرف عنه تضييع الصلاة أو غيرها من الواجبات لايستغرب منه التهاون باليمين.
نسأل الله العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(19/582)
مخلفة اليمين توجب الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[- حلف رجل وقال: والله لا أعطيك سيجارة دخان ثم أعطاه فهل عليه كفارة يمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التدخين المعروف لدى الناس محرم، لما فيه من الضرر المؤكد على الأبدان، والإضاعة الواضحة للأموال، والإفساد البيِّن في أرض الله، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1671.
فمن حلف على ألا يشرب الدخان، أو ألا يعطي لأحد منه شيئاً فقد أكد بحلفه هذا ترك المحرم والإقلاع عنه، فإن خالف يمينه فشربها أو أعطاها لغيره، فالواجب عليه أن يكفر كفارة يمين، وقد مضى بيانها في الفتوى رقم: 204.
وعليه التوبة من التدخين وإعانته عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(19/583)
من حلف على صوم يوم إذا فعل شيئا ما
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حلفت يمينا أني إذا عدت إلى العادة السرية سوف أصوم يوما، وعدت إليها كم يوما يجب أن أصوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعلك تعرف أن العاد السرية لا تجوز وهذا ما يفهم من سؤالك، وإذا حلفت على صيام يوم معين وفاتك صيامه فقد حنثت في يمينك وعليك أن تكفر عنها بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة إن وجدت فإن لم تجد فعليك أن تصوم ثلاثة أيام.
قال الله تعالى في شأن كفارة اليمين: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:89] .
أما إذا لم يكن اليمين على يوم معين فإن الحنث لم يقع وعليك أن تصوم يوماً براً ليمينك، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 26786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(19/584)
حكم من حلف أن لا يدخل مكانا ما
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حلف الإنسان ألا يدخل سوقا أو مركزاً تجاريا لسبب ما ثم احتاج شراء شيء من ذلك السوق فما واجبه تجاه الحلف الذي حلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان السبب الذي حلفت لأجله ألا تدخل السوق لا يزال قائماً، ولكنك تريد أن تدخله فهذا داخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه. رواه مسلم وغيره.
وقد مضى بيان ذلك مع ذكر مقدار الكفارة في الفتوى رقم:
2654، والفتوى رقم: 9148.
وبناءً على هذا، فإن كان السبب لا يزل قائماً وكانت لديك مصلحة تحتاج إليها من هذا السوق، ولا يمكن قضاؤها إلا من المركز أو السوق الذي حلفت عليه، فلا مانع والحال كذلك ـ أن تذهب إليهما وتكفر عن يمينك، أما إذا كان السبب الذي حلفت لأجله ألا تدخل السوق قد زال، فلا مانع في هذه الحالة من دخول السوق ولا شيء عليك، نظراً لزوال السبب الذي حلفت من أجله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(19/585)
حكم من حلف على القرآن كاذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الحلف على القرآن بالكذب مع العلم؟ وما هي الكفارة؟ وأيضا الحلف بالله؟ وهل حتى لو كفَّر عن ذلك نتجنبه أو ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف بالقرآن فقال: والقرآن، أو وضع يده على القرآن وحلف بالله تعالى كاذباً، فقد باء بإثم عظيم، وهذه هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار والعياذ بالله، وفي الحلف بالله على المصحف تغليظ لليمين وزيادة في الإثم إن كان الحالف كاذباً، وعليه التوبة والاستغفار وكفارة يمين عند بعض أهل العلم، وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم الرجل أهله، أو كسوتهم، فإن لم يستطع واحداً من هذه الثلاثة صام ثلاثة أيام، ولمزيد من الفائدة عن هذا تراجع الفتوى رقم: 7228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(19/586)
من كفر عن اليمين بالصوم جاهلا بالترتيب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أقسمت يميناً ثم حنثت فيها ولم أكن أعلم أن كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين وكنت أظنها صيام ثلاثة أيام فصمت ثلاثة أيام ثم علمت بعد ذلك أن الكفارة إطعام عشرة مساكين فهل يجب عليّ الآن أن أطعم عشرة مساكين أم يجزئ الصوم؟..جزاكم الله خير الجزاء..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجزئ التكفير بالصوم في كفارة اليمين مع القدرة على إطعام أو كسوة عشرة مساكين أو عتق رقبة تتميماً للفائدة انظر الفتوى رقم:
28392، والفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(19/587)
الأيمان مبناها على القصد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطتني صديقة لي هدية وأقسمت على عدم أخذها ومع إصرارها أخذتها على أن أعطيها غيري صدقة فهل علي أن أكفر عن اليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قصدت باليمين عدم أخذ تلك الهدية بحال لا للتملك ولا للتصدق بها -وهو الظاهر من خلال السؤال- ثم قمت بأخذها فهذه يمين معقودة يجب عليك فيها كفارة، والكفارة مبينة في الفتوى رقم: 2053، والفتوى رقم: 2022.
وإن كان قصدك عند إطلاق اليمين عدم أخذها للتملك جاز لك أخذها للتصدق ولا كفارة عليك؛ لأن الأيمان مبناها على القصد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(19/588)
عهد الله تارة تكون يمينا ونذرا وتارة يمينا فقط.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التراجع عن عهد لله في غير ما يغضب الله وكانت الصيغة (أعاهد الله على كذا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صيغة "أعاهد الله على كذا" فذهبت الحنفية إلى أنها من الأيمان، لأن اليمين هي عهد الله على تحقيق شيء أونفيه، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:91] .
فجعل العهد يميناً، قال صاحب الاختيار من الحنفية: ولو قال لعمر الله.... أو عهد الله، ... فهو يمين.
وللمالكية قولان كما في مختصر خليل: وفي أعاهد الله قولان.
وقال الدردير في شرحه: أظهرها ليس بيمين. وسلم له ذلك الدسوقي في حاشيته.
أما الحنابلة فمذهبهم أنها يمين، قال ابن قدامة في المغني: إذا حلف بالعهد أو قال عهد الله وكفالته، فذلك يمين يجب تكفيرها إذا حنث فيها.
وإما الشافعية فذهبوا إلى أنها لا تكون يميناً إلا بالنية كما في تحفة المحتاج وغيره، وهذا رواية عن أحمد، كما في الإنصاف، والراجح أنها تارة تكون يميناً ونذراً وتارة يميناً فقط، فإن التزم بها قربة وطاعة فهي نذر ويمين، كما لو قال "أعاهد الله أن أحج هذا العام"، وكما في قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ [التوبة:75] .
وإن التزم بها ما ليس بقربة فهي يمين لا نذر، كما لو قال "أعاهد الله ألا أكلم فلاناً" وإلى هذا التفصيل ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فقال رحمه الله: فإذا قال أعاهدُ الله أني أحج العام فهو نذر وعهد ويمين وإن قال لا أكلم زيداً فيمين وعهد لا نذر.
وثمرة هذا التفصيل أن ما كان نذراً وأمكنه فعله لزمه ذلك ولم تجزه كفارة يمين، أما ما كان يميناً فهو مخير بين أن يمضي -إن كان في غير معصية- أو يكفر كفارة يمين.
وينبغي هنا أن ننبه إلى أن شأن العهد عند الله عظيم، قال الإمام أحمد: العهد شديدة في عشرة مواضع من كتاب الله: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34] .
ويتقرب إلى الله تعالى إن حلف بالعهد وحنث، ما استطاع، فإن عائشة رضي الله عنها أعتقت أربعين رقبة، ثم كانت تبكي حتى تبل خمارها وتقول واعهداه، يعني عندما عاهدت الله ألا تكلم ابن الزبير ثم رجعت وكفرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(19/589)
الحلف كاذبا يمين غموس كفارتها التوبة النصوح.
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء تحاورنا عن الكبائرادعي البعض أنه لم يرتكب جريمة الزنا أو شرب الخمر أو غيرها من الكبائر، وفجأة قام بعض الحاضرين بطلب القسم منه أنه لم يرتكب هذه الفواحش، فأقسم بأنه لم يرتكب الزنا وباح لي بأنه فعل ذلك من أجل أن يستر نفسه وفقا لمعني الحديث القدسي: (كل أمتي معافى يوم القيامة إلا المجاهرين) هل في قسمه هذا شيء إن كان يريد ستر نفسه وعدم الجهر بالمعصية أم أن عليه شيء أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المسلم إذا وقع في ذنب أن يستر على نفسه إلا إذا كانت هناك مصلحة في التحدث به كأن يخبر من يثق في علمه ودينه مستفتياً أو مستنصحاً.
وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في جملة من أحاديثه مثل الحديث الذي أورد السائل بعضه وهو عن أبي هريرة رضي الله عنه: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه.
وليس من حق إنسان أن يطلب من آخر أن يحلف بالله له أنه لم يفعل كذا وكذا من الذنوب إلا القاضي في الدعوى بشروطه، ولا يجب على المطلوب منه الحلف أن يحلف.
أما حلف هذا الرجل كاذباً بأنه لم يفعل الزنا أو يشرب الخمر فهو يمين غموس كفارتها التوبة النصوح فقط على الصحيح، فعليه أن يتوب مما ارتكب من الزنا وغيره، وأن يتوب من الحلف بالله كاذباً، وكان يسعه عدم الخوض في مثل هذا الكلام ابتداء أو استعمال المعاريض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1424(19/590)
تجزئ كفارةاليمين في أي بلد شاء مخرجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في بريطانيا وأريد أن أخرج كفارة يمين هل يجوز أن أدفعها في الأردن؟ وأحسبها بقيمتها في الأردن أم بريطانيا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكفارة اليمين قد بينها الله تعالى بقوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
فعليك إما أن تطعم عشرة مساكين بأن تعطي لكل واحد منهم مُداً أو أن تكسوهم، ويكفي في الكسوة ثوب تصح فيه الصلاة، أو تعتق رقبة، وهذا أصبح متعذراً بسبب قلة الرقاب، فإن كنت عاجزاً عن الإطعام والكسوة والرقبة، فالواجب عليك صيام ثلاثة أيام، والأحوط أن تكون متتابعة للخروج من خلاف من أوجب فيها المتابعة، وسواء كفَّرت في بريطانيا أو الأردن، فالواجب ما ذكرنا من الإطعام أو الكسوة أو تحرير الرقبة، ولا يجوز إخراج قيمتها عند جمهور العلماء كبديل عن الإطعام أو الكسوة أو عتق الرقبة، لكن لك أن توكل إحدى الجمعيات الخيرية في بريطانيا أو الأردن فتدفع لهم مالاً ليقوموا نيابة عنك بالإطعام أو الكسوة، وتحديد قدر ذلك المال أو الإطعام أو الكسوة يرجع فيه لأوسط ما تطعمه أهلك وتكسوهم، ليس الأعلى ولا الأدنى ولكنه الوسط لما تقدم من الآية الكريمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1423(19/591)
من قال إن شاء الله قاصدا الاستثناء فقد استثنى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع.. وبعد:
فقد أقسمت أكثر من قسم على أني سأفعل أمراً ولم أفعله ولكن حين أقسمت أعتقد أني قلت إن شاء الله ولكن لست جازما على أني قلتها وكنت حينئذ واثقاً من أني سأفعل الأمر فهل علي كفارة وإن كانت فكم أخرج رغم أنى لا أعرف كم مرة أقسمت أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم الأيمان المتعددة في الفتوى رقم:
9208، والفتوى رقم: 2022.
ومن حلف فقال إن شاء الله وقصد الاستثناء فقد استثنى، قال ابن قدامة رحمه الله: وأجمع العلماء على تسميته استثناء، وأنه متى استثنى في يمينه لم يحنث فيها، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث. رواه الترمذي. انتهى.
وعليه فما غلب على ظنك أنك استثنيت فيه من الأيمان فلا حنث عليك ولا كفارة ومالا فالأصل عدم الاستثناء وتلزمك الكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1423(19/592)
من لا يستطيع دفع الكفارة حالا، وحكم دفعها لشخص واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أسرف في حلف الأيمان والآن أقلع ويقدر عدد الأيمان التي حنث فيها بعشرة أيمان وهو لا يستطيع إخراج مبلغ الكفارات كاملاً دفعة واحدة فهل يجوز له إخراجها على دفعتين أو ثلاثة وهل يجوز إعطاؤها لشخص واحد؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت لا تستطيع دفع الكفارة في وقت واحد فيجوز لك أن تدفعها على فترات حسب استطاعتك ووسعك، قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
وأما دفعها لشخص واحد فإنه لا يصح ولا بد من توزيعها على عشرة مساكين كما ذهب إليه جمهور أهل العلم.
وهو ما يؤيده ظاهر الآية: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [المائدة:89] .
ولمزيد من التفصيل والفائدة نحيلك إلى الفتوى رقم: 4932، والفتوى رقم: 6602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1424(19/593)
كفارة نقض العهد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا عاهدت شخصاً على الصداقة بإشهاد اللهّ تعالى، ثم رأيت في تصرفات هذا الشخص ما لا يتوافق مع شخصيتي بل رأيت في ذلك أيضا ما يريب من حيث هدفه من هذا العهد الذي كان هو من عرضه علي هل أواصل الالتزام بهذا العهد وإن كان علي نقضه فماذا أفعل للتكفير عن هذا النقض أفيدوني؟ جزاكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان العهد بمعنى التلفظ باليمين ولم تتلفظ باليمين لكنك أضفت العهد إلى الله كأن قلت: عهد الله أن أفعل كذا وكذا، فإنك بمخالفتك له تحنث ويلزمك كفارة اليمين وهي: إطعام عشرة مساكين من أوسط طعامك، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
وإن كان العهد مجرداً عن اليمين فإن الإخلال به من مساوئ الأخلاق، فالوفاء بالعهد واجب ما لم يكن إثماً، ولكن لا يلزمك كفارة.
وعلى كل حال إذا كان الالتزام بهذا العهد يضر بدينك أو أخلاقك فيجب عليك إلغاؤه لقوله صلى الله عليه وسلم: ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1423(19/594)
خذ باليقين وكفر عن اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أما بعد ...
فأنا شاب في سن السابعة عشر وكنت كثير الحلف والكذب ومنذ بلوغي بلغت عدد كفارات اليمين الواجبة علي أداء حوالي 20 كفارة وأنا أحصل على مصروف شهري 200 ريال وأضع كل شهر في ظرف 50 ريالا حتى تتجمع وتصبح 2000 ريال أكفر بها فهل أستمر على هذه الطريقة حتى يتم تكفيره بعد زمن طويل؟ أم أنتقل مباشرة إلى الصوم
وهل يمكن بي أن أصوم الثلاثة أيام متفرقة سبت واثنين وخميس مثلا أم يجب أن تكون متتالية علما بأني لا أعرف عدد الكفارات ولكن تخمين بأنها 20 كفارة فما الحل؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اليمين على ثلاثة أقسام:
يمين لغوٍ: وهي التي لا يقصد قائلها اليمين كقول الرجل: لا والله، وبلى والله. فهذه لا كفارة فيها.
ويمين منعقدة: وهي الموجبة للكفارة عند الحنث فيها.
ويمين غموس: وهي اليمين الكاذبة، وهذه لا كفارة فيها على الراجح.
وقد سبق بيان أنواع الأيمان في الفتوى رقم:
11096.
وإنما ذكرنا أنواع الأيمان لتراعي عند حساب عدد الأيمان التي وجبت فيها الكفارة.
وننبهك إلى أمرين:
الأمر الأول: أن اليمين التي ذكر الحالف فيها الاستثناء -أي قول: إن شاء الله- لا تجب فيها الكفارة ولو حنث فيها.
الأمر الثاني: أن الأيمان المتكررة على شيء واحد تجب فيها كفارة واحدة عند الحنث فيها على الراجح. كما هو مبين في الفتوى رقم:
11229.
فعلى هذا نقول للسائل: إن عليك الاحتياط في حساب هذه الأيمان وتحديدها، بحيث تأخذ باليقين، فإذا ثبت لديك عدد معين من الأيمان التي تستوجب الكفارة فإنك تقوم حينئذ بأداء الكفارة فوراً حسب استطاعتك، فتكفِّر بالإطعام أو الكسوة بما عندك من المال، فإن استنفدت ما عندك من مال وقد بقي عليك شيء من الكفارات فإنك تنتقل إلى صيام ثلاثة أيام عن كل كفارة، متتابعة صمتها أم متفرقة فالأمران جائزان، وإن طرأت عليك قدرة مالية انتقلت إلى الإطعام أو الكسوة، وهكذا الحال حتى تبرأ ذمتك من هذه الكفارات.
وفي ختام هذا الجواب ننبهك إلى الحذر من الحلف لا سيما إن كنت كاذباً لخطورة اليمين الغموس، فإنها سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في النار، وعليك بالتوبة مما وقع منك من ذلك.
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(19/595)
حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها
[السُّؤَالُ]
ـ[مر علي موقف صعب كنت فيه خائفة وهو أنني عندما كنت أستخدم المصعد للذهاب إلى الطابق الثاني ولكن فجأة توقف المصعد وانحبست فيه ولكن عندما فتح المصعد أقسمت أن لا أستخدمه ثانية لأني كنت في حالة خوف أي لست أدري ما أقول ولكن بعدها اضطررت لاستخدامه لأنه أقرب للصف الذي أدرس فيه حتى أصل في الوقت بدل أن استخدم الدرج ولكني أشعر بالخوف فيما إذا كنت قد أغضبت ربي في القرار الذي اتخذته فأرجو منكم النصيحة؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصعودك في المصعد مرة أخرى بعد أن أقسمت أن لا تصعدي يوجب عليك كفارة يمين، ولا حرج عليك أن تصعدي بعدها، وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أعتم رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله فوجد الصبية قد ناموا، فأتاه أهله بطعامه، فحلف لا يأكل من أجل الصبية، ثم بدا له فأكل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأتها وليكفِّر عن يمينه. أخرجه مسلم.
والكفارة: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/596)
مجرد تحريم المرء على نفسه شيئا لا يوجب كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الدين في أنني حرمت الزواج على نفسي بأن لا أتزوج غير الشاب الذي تقدم لخطبتي بقولي يحرم الزواج علي من غيره مثل حرمة أبي وأخي ثم شاءت الأقدار بأن أتزوج من آخر احتراما لعائلتي وحفاظي على الأسرة لاكتشافي بأن الشاب غير مناسب لي وزواجي منه سيدمر أسرتي وإقناع والدي لي بأنه غير مناسب لنا ما حكم الدين وهل علي كفارة أنا متزوجة وعندي أطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في مجرد تحريم المرء على نفسه شيئاً حلالاً غير الزوجة هل يوجب ذلك كفارة يمين أم لا؟ فالجمهور على أن مجرد التحريم لا يوجب كفارة ولا يحرم عليه شيء، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا [المائدة:87] . فذم الله المحرّم للحلال ولم يوجب عليه كفارة.
وذهب الأحناف والحنابلة إلى وجوب كفارة اليمين واستدلوا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1، 2] .
قالوا: فقد سمّى الله التحريم يميناً وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم على نفسه شرب العسل، أو حرّم على نفسه سريته ماريةن فعاتبه الله في ذلك.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن مجرد التحريم لا يوجب الكفارة، وأما ما استدل به الأحناف والحنابلة في قوله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ بعد قوله: تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ فقد ورد في القصة التي ذهب أكثر المفسرين إلى أنها سبب نزول الآية أنه صلى الله عليه وسلم حرّم أولاً ثم حلف ثانياً، كما روى ذلك الضياء المقدسي في المختارة، وعليه فلا يلزمك كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(19/597)
لا يكلم الله من حلف كذبا لترويج السلعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما بعت سيارتي أقسمت للشخص الذي اشتراها وقلت بالحرف" أقسم بالله العظيم أن شخصاً دفع لي مبلغ 25000درهم"، وذلك نفس المبلغ الذي يريد هذا الشخص أن يشتريها به، وذلك من أجل أن يشتريها بنفس الثمن الذي حددته، ولكن في الحقيقية لا أحد دفع لي ذلك المبلغ، أرجو من سماحتكم إخباري بما أفعل؟. مع الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكذب في الحلف لاستنفاق السلعة وبيعها من أعظم الآثام، وقد ورد في ذلك الوعيد الشديد، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئًا إلا مِنَة، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره.
فيجب عليك التوبة إلى الله تعالى، وأن تستسمح هذا المشتري فيما وقع منك من تقصير في حقه إن كنت تعرف مكانه، وإلا فادع له بخير، وما تم من بيع فهو صحيح لتوفر شروطه وأركانه.
راجع في ذلك الفتوى رقم:
7961.
وننبهك إلى أن الحلف الكاذب لا كفارة فيه على الراجح من أقوال أهل العلم، وذلك لأنه يمين غموس لا تكفرها إلا التوبة الصادقة، كما هو مبين في الفتوى رقم:
25110.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(19/598)
حكم من حلف على حسب نية المحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[سرق أحد أصدقائي مرة ورقة امتحان وكنت أراهم وعند التحقيق طلب مني أن أحلف على المصحف بأنني لم أسرق الامتحان وحلفت ولكنني لم أسرق الامتحان بالفعل ولكن أخذته منهم وكنت قريبا من مسرح الجريمة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما وصفت فلا يلزمك شيء في هذه اليمين إذا لم تكن لمن حلَّفك نية تخالف ظاهر اللفظ المحلوف عليه وهو عدم السرقة؛ لأنك بالفعل لم تسرق وبالتالي كنت صادقاً في يمينك.
وأما إذا كنت مشاركاً لزملائك في السرقة فإن يمينك هذه تعد يمينا غموسا، وقد ورد في الحديث أنها من كبائر الذنوب. وعليه فتجب عليك التوبة منها ومن الخيانة والغش اللذين وقعت فيهما وراجع الفتوى رقم 2937
أما بالنسبة للزوم الكفارة وعدمه فراجع الفتوى رقم 7258
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(19/599)
حكم إعطاء المسكين أكثر من كفارة في اليوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع ثلاث كفارات مختلفة لبيت واحد إذ فيه عشرة مساكين، علما أنها على شخص واحد هذه الكفارت؟ شكر الله لكم.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكفارة اليمين لا يجوز دفعها إلى مسكين واحد، بل لا بد من أن تدفع إلى عشرة مساكين، كما هو مبين في الفتوى رقم:
6602.
وأما إعطاء المساكين العشرة أكثر من كفارة في نفس اليوم فلا يجزئ إلا عن كفارة واحدة كما هو مذهب أبي حنيفة ووجه عند الحنابلة، فمن لزمته عدة كفارات وأراد إخراجها كلها إلى عشرة مساكين فليطعمهم إحدى الكفارات، وفي اليوم الثاني الكفارة الثانية وهكذا.
قال ابن قدامة في المغني: إن أطعم واحداً من كفارتين في يومين جاز أيضاً بغير خلاف نعلمه، فلو كان على واحد عشرة كفارات وعنده عشرة مساكين يطعمهم كل يوم كفارة يفرقها عليهم جاز؛ لأنه أتى بما أمر به فخرج عن عهدته.. والحكم في الكسوة كالحكم في الطعام. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(19/600)
تكرر الكفارة بتكرر الحنث في اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلا م عليكم وبعد:
لقد ابتلاني الله بعادة الاستمناء باليد وفي يوم أقسمت على أنني لن أعود إليها وإن عدت إليها لن أصوم ولن أدفع للمسا كين وللأسف فعلتها وأقسمت مرة أخرى نفس القسم وأيضا فعلتها وعلى هذه الحال خمس مرات فماذا أفعل!!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام قد وقع منك الحنث بعد كل يمين عقدتها فيلزمك بكل يمين كفارة على الراجح من قولي الفقهاء في هذه المسألة. وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
11229.
ثم إننا ننبهك إلى أنه تجب الكفارة بالحنث في اليمين، وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد فعليك صيام ثلاثة أيام متتابعة أو متفرقة.
كما ننبهك إلى عقد العزم على عدم الوقوع في معصية الاستنماء دون اللجوء إلى اليمين؛ لأن الله تعالى قال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .
ولما في الحنث في اليمين من الوقوع في الحرج بلزوم الكفارة، ولتسترشد بوصية النبي صلى الله عليه وسلم التي رواها البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والاستقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(19/601)
كفارة اليمين على التخيير أم على الإلزام
[السُّؤَالُ]
ـ[الحنث باليمين له كفارة صوم ثلاثة أيام أو إطعام..... كم مسكين؟
وإذا أردت أن أطعم ولا أصوم هل هذا جائز؟ أنا ميسور الحال والحمد لله ولكن أريد الإطعام بدلاً من الصوم؟ فهل أنا ملزم قطعا بالصوم وإذا لم أستطع بإطعام المساكين؟
أذكر أنني حنثت بأيمان كثيرة منذ درست حكم الحنث باليمين بالمدرسة، فماذا يجب علي عمله في هذه الحالة؟
أفيدونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكفارة اليمين الذي يحنث فيه حالفه على التخيير بين ثلاثة أشياء، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجز عن هذه الثلاثة، وجب عليه صيام ثلاثة أيام، فلا يجوز للحانث أن يكفر بالصوم مع القدرة على أحد الأمور الثلاثة الأولى، فإن فعل لم يجزئ عنه، وقد مضى بيان ذلك مفصلاً في الفتاوى:
26595 -
25219 -
2053.
أما عن كيفية تقدير قيمة الإطعام، فانظرها في الفتوى رقم:
25415.
ولمعرفة حكم يمين اللغو، واليمين المعقودة راجع الفتوى رقم:
1638.
وإذا تكررت منك الأيمان ثم حنثت فيها، ولم تكفر عنها، فعليك في كل يمين كفارة مستقلة، إلا إذا كان المحلوف عليه واحداً، ولم يكن القصد من تكرار اليمين التأسيس، فإنه لا يجب عليك إلا كفارة واحدة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
21762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(19/602)
هل يجوز الحلف كذبا لمن لا يتوصل لحقه إلا به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم من أدَّى اليمين الحاسمة في دعوى أقيمت عليه منكراً ما للمدعي بذمته بسبب أنه هو أيضا أي المدعى عليه له بذمة المدعي مبلغا يستغرق ما أدعى به في دعواه هذه من الناحية الحسابية. الحالف مطمئن أن ذمته غير مشغولة للمدعي واستناده إلى المقاصة وحسن النية في عدم الاعتداء على أي حق من جهة وحماية حقه من المدعي حيث خشي إن رد حلف اليمين عليه أن يؤديها المدعي ظلما وعلى ذلك قرر تأدية اليمين ما الحكم وما المفروض أن يحصل على كل الأحوال الإجابة أفادكم الله وحفظكم آمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من أُقيمت عليه دعوى، أن يصدق في اليمين إذا طلبه منه القاضي، ومن كذب في يمينه ليضيع حق المدعي فهو داخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين يستحق بها مالاً هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان. رواه البخاري وغيره.
لكن إذا كان للمدعى عليه حق عند المدعي فغلب على ظنه أنه سيجحده، جاز له أن يجحد حقه هو الآخر ولو كان ذلك باليمين، بشرط أن يقصد بيمينه التورية لا الحقيقة، وبهذا قال المالكية والشافعية، كما نص على ذلك ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج قال: وله جحد من جحده، إذا كان له على الجاحد مثل ما له عليه أو أكثر منه، فيحصل التقاص وإن لم توجد شروطه للضرورة، فإن كان له دون ما للآخرين عليه جحد من حقه بقدره. انتهى
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: إذا كان شخصان لكل منهما حق على الآخر، فجحد أحدهما حق صاحبه، فللآخر جحد ما يُعادله، وله أن يحلف ويُحاشي -أي يوري-. انتهى
والأصل في جواز ذلك قوله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40] ، وقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل:126] .
وإنما قلنا بالتورية لورود الأحاديث الآمرة بذلك، والتي عنون لها الإمام البخاري بقوله: باب المعاريض مندوحة عن الكذب. انتهى
وقال ابن القيم رحمه الله: يجوز كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه. انتهى
أما إذا لم يغلب على ظنك أنه سيجحد حقك، فلا يجوز لك جحود حقه لعدم الاضطرار لذلك، وعملاً بالأصل المذكور في صدر الجواب، وإن كنا نرى أن الأفضل لك هو أن تصدق القاضي، ولا توري خروجاً من الخلاف، وجرياً على قاعدة التسامح والعفو.
والأصل في ذلك، قول الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] .
وقوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(19/603)
حكم من حلف على أمر ثم عاد إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
أريد أن أسأل عن أمر، أنا فتاه وللأسف كنت منذ الصغر أفعل العادة السرية وعندما كبرت وبدأت أفهم أن الأمر مضر ومحرم حاولت أن أتركها ولكني وفي كل مرة أعود للأمر نفسه وأندم ندما شديداً لعلمي بأن الله يرى ولم أخجل منه كبرت ولله الحمد لست كالسابق ولكن ما بين ثلاث إلى أربع أو خمس أشهر أعود إليها وأندم حتى أني صرت أحلف بأن لا أعود لهذه الفعلة لأخاف من الحلف ولكن دون فائدة الآن أنا لا أعلم كيف أكفر عن الحلف وهل هذا الحلف يعتبر يمين غموس وعلى الرغم من أنني أحاول أبعد نفسي عن كل ما يثيرني ولكن لا فائده فأنا لا أشاهد التلفاز وأنا متحجبة ولله الحمد وأكره الاختلاط ولكن لا أعلم لماذا أعود لهذه الفعلة كلما أحسست أني أتقرب من الله وكأن الشيطان يدفعني للابتعاد من خلال هذه الفعلة ولأنها نقطة الضعف في نفسي ماذا أفعل بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعادة السرية محرمة، ولها أضرار بالغة، فالواجب عليك التوبة الصادقة النصوح منها، وعدم العودة إليها، وعليك الاستعانة في ذلك بالله تبارك وتعالى، وسؤاله أن يطهر قلبك، ويحصن فرجك، واستعيني بما ذكرناه في الفتوى رقم:
5524.
وأما حلفك على عدم العودة إلى هذه العادة ثم عودك إليها بعد ذلك فالواجب عليك كفارة لكل يمين حنثت فيها عند أكثر أهل العلم، وذهب بعضهم إلى أنه إذا حلف المرء على شيء ثم حنث فيه ولم يكفر وتكرر منه ذلك أن عليه كفارة واحدة ما لم يكن قد كفر من قبل، وهذا هو المذهب عند الحنابلة وأحد الأقوال عند الحنفية بناء على أن الكفارات تتداخل، والقول الأول أصوب وأحوط.
ويمينك هذه لا تعتبر يميناً غموساً لأن اليمين الغموس هي الحلف على شيء مضى كذباً كمن رأى شخصاً في مكان فسئل هل رأيت فلاناً في مكان كذا؟ فيقول والله لم أره ونحو ذلك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(19/604)
الأخ الفقير يعطى كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ وهو كفارة يمين فهل يجوز أن أعطيه أخي الذي هو أصغر مني لأنه يريد أن يذهب به عمرة ولا يملك ولا ريال؟
وأرجو الرد بسرعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مصرف كفارة اليمين هم المساكين؛ لقوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]
والذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجوز صرفها قيمة، وعلى هذا فلا بد أن تخرج الكفارة كما أمر الله، إما إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن كان أخوك مسكيناً وكان ممن لا تلزمك نفقته فلا بأس أن تعطيها إياه وإلا فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(19/605)
حديث النفس بحلف اليمين لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقسمت بالله أني ما أرتكب ذنباً معينا بيني وبين نفسي وارتكبته، ما أدري ماذا علي من تكفير للذنب أفيدوني جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان السائل يقصد أنه تلفظ باليمين ولم يسمعه أحد منه، وإنما حلف وأسمع نفسه فيلزمه كفارة اليمين، كما هي موضحة في الفتوى رقم:
204 أما إن كان حدثته نفسه فقط دون أن يتلفظ باليمين فلا كفارة عليه.
ولكن يجب عليه في كلتا الحالتين أن يتوب إلى الله عز وجل من الذنب الذي ارتكبه، ويمكن الاطلاع على كيفية التوبة وشروطها في الفتوى رقم: 5450
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(19/606)
كفارة اليمين ثلاثة أمور على التخيير؛ وإلا فالصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[في الشتاء الماضي وخلال موجة غضب حلفت ألا أقوم بالسلام على قريب لي خلال مناسبة ما، وحرصاً مني على عدم اتخاذها عادة عندي أود أن أكفر عن يميني، وكما أعرف أن لكفارة اليمين عدة اوجه وأولها إطعام 60 مسكينا من أوسط ما نأكل-1 -، وسؤالي هو هل يمكن أن أخرج الكفارة مالاً لأيتام أم حدد الشرع أن يكون طعاماً للمساكين وحسب.
شاكرةً لكم جهودكم وجزاكم الله كل خير وسدد خطاكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
وحيث إنك عدلت عن العمل المشتمل على الهجر والقطيعة المحرمة فقد هديت إلى الصواب ويلزمك كفارة يمين، وليس في كفارة اليمين إطعام ستين مسكيناً -كما ذكرت- وإنما هي أحد أربعة أمور:
1- إطعام عشرة مساكين سواء كانوا أيتاماً أم لا، من أوسط ما تطعمين أنت وأهلك، ولذلك عدة صور منها: أن تعطي كل واحد منهم مداً من غالب قوت أهلك، ومنها: أن تغديهم أو تعشيهم، ومنها: أن تدفعي لهم قيمة الطعام إن كان ذلك أصلح لهم.
2- كسوة عشرة مساكين يعطى كل واحد منهم ثوباً.
3- عتق رقبة.
وهذه الأمور الثلاثة على التخيير، فإن عجز عنها جميعاً انتقل إلى الأمر الرابع وهو صيام ثلاثة أيام، وذلك لقول الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1423(19/607)
من أطعم عشرة مساكين في حفل زفافه بنية كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم من كفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين في حفل زفافه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد أنك قد دعوت عشرة مساكين إلى حفل زفافك، وأطعمتهم، ونويت ذلك كفارة يمين فلا مانع من ذلك، أما إن لم تنو ذلك فلا يصح لك احتساب ذلك كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1423(19/608)
الحلف بغير الله.. حكمه والهدي النبوي للإقلاع عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن تفيدوني بإجابه لسؤالي جزاكم الله خيرا،
هل الحلف بغير الله محرم أو يعد شركاً علماً بأن الحالف لا يقصد أبداً الشرك بالله وهو يؤمن بأن لا إله سواه وإنما تعود لسانه بأن يحلف بالنعمه أو بأولاده أو ما شابه، شكراً لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الحلف بغير الله تعالى لما رواه سعد بن عبيدة أن ابن عمر رضي الله عنهما سمع رجلاً يقول: لا، والكعبة. فقال ابن عمر: لا يحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه الألباني.
والحلف بغير الله شرك أصغر لا يخرج عن ملة الإسلام إلا إذا قصد الحالف بحلفه تعظيم المحلوف به كتعظيم الله فإنه يصير بذلك شركاً أكبر مخرجاً من الملة والعياذ بالله، وأما من تعود لسانه على أن يحلف بغير الله فعليه أن يعود لسانه إذا حلف بغير الله أن يقول: لا إله إلا الله، وقد ثبت واقعياً أن من عود نفسه على ذلك فإنه يتخلص بإذن الله من الحلف بغيره سبحانه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق. رواه أحمد والبخاري وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال ابن العربي: من حلف بها جاداً فهو كافر، ومن قالها جاهلاً أو ذاهلاً يقول: لا إله إلا الله يكفر الله عنه ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر ولسانه إلى الحق وينفي عنه ما جرى به في اللغو. انتهى. نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
وفي جميع الأحوال أنت مطالب أخي السائل بأن تجاهد نفسك حتى تنزه لسانك عن الحلف بغير الله تعالى، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ولكن قد يقول بعض الناس إن الحلف بغير الله قد جرى على لسانه ويصعب عليه أن يدعه فما الجواب؟ نقول: إن هذا ليس بحجة بل جاهد نفسك على تركه والخروج منه، وأذكر أنني قد نهيت رجلاً يقول: والنبي، فقال: والنبي لا أعود لها. فهو قالها على أساس أن يؤكد أنه لن يعود لها لكنها تجري على لسانه. فنقول: حاول بقدر ما تستطيع أن تمحو من لسانك هذه الكلمة لأنها شرك، والشرك خطره عظيم. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(19/609)
حذار من الاستخفاف باليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي اشترى أرضاً مع شريك وحلف يميناً (عليها وجه الله إذا تنازل الشريك عن حصته سأكتب حصته باسمك)
ولم يفعل ويقول ويقول رأسمالها كفارة يمين هل هذا صحيح ويخليه من وعده لي؟
وشكراً.
((]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الفعل الذي أقدم عليه الزوج من إخلاف الوعد الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبر أنه من علامات النفاق؛ ففي صحيح مسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، وإذاخاصم فجر.
وعليه؛ فمن وعد وعداً فإنه يطلب بالوفاء به إلا لعذر، وأما اليمين فإن كان حال حلفه ناويا الخلف فهو آثم وإن كفر عنها، لأنه جعل الله تعالى عرضة ليمينه، وقد قال الله تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224] .
وإن حلف وهو عازم على ما وعد به ثم طرأ له الخلف بعد ذلك فالكفارة تكفر اليمين. لكن ليعلم أن قوله (رأسمالها كفارة) ينبئ عن استخفافه باليمين، وهذا لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون.
ولأنه لم يقدر الله حق قدره، قال تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91] .
فليحذر الزوج من هذا الفعل، ولا يعد إلا وهو يعلم أنه سيفي بما وعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(19/610)
الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما حكم العادة السرية؟
2- ما حكم الزنا؟
3- أنا زنيت ماذا أفعل؟
4- كيف يقام حمام الجنابة
أرجوك جاوبني يا شيخ والنبي على هذه الأسئلة أرجوك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما أجوبة أسئلتك، فانظر لها الفتاوى التالية: 7170، 1602، 1095، 6133.
وننبه الأخ السائل الذي ختم سؤاله بقوله: جاوبني يا شيخ والنبي..
أن الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من البشر لا يجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(19/611)
كفارة الحنث في اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[قام زوجي بالحلف فلفظ لفظ (علي اليمين) أن المكيف لن يتم تركيبه ولكن بعد ذلك تم تركيبه فعندما سألته على يمينه قال لي: عادي فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان زوجك حلف بالله تعالى أو بصفة من صفاته أو القرآن الكريم.... على شيء، وحنث في ذلك، فإن عليه الكفارة، والكفارة هي:
1- إطعام عشرة مساكين من وسط الطعام الذي يطعم أهله.
2- كسوتهم للرجل قميص وإزار، وللمرأة جلباب وخمار.
3- تحرير رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، فإذا لم يجد شيئاً من ذلك صام ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(19/612)
حكم الحلف كذبا لتخفيف الضرائب
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن بالسودان يتم فرض ضرائب على العاملين بالخارج وعند إدخال النظام الآلي لاول مرة طلب منا تحديث البيانات على أن تحلف بالله أن المعلومات أدناه صحيحة ولتقليل مبلغ الضريبة كانت ظاهرة الحلف على المصحف كذبا، المهم أنا عند التحري معي لتقليل المبلغ ودون أن أشعر حلفت أثناء حديثي بقولي (والله) ، فكتب المحاسب المعلومات أدناه تحت القسم علما بأنني لم أمس المصحف ولم أكن متوضئا، فهل هذا يعتبر يمين غموس؟ السلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الضرائب والتهرب منها وذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
10709 -
592 -
5107 -
5458 -
11198 -
20261.
أما ما أقدمت عليه من اليمين الغموس فإنه يجب عليك التوبة من ذلك. وراجع الفتوى رقم:
24936 - والفتوى رقم: 15936.
ولا يلزم من اليمين الغموس أن تكون على المصحف، ولكن الحلف على المصحف يزيدها إثماً، وكذا لا يلزم أن يكون الحالف متوضئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(19/613)
إذا تعارض العرف واللغة في اليمين قدم العرف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
رجل حلف ألا يأكل اللحم فأكل السمك ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلو حلف شخص إلا يأكل لحماً لم يحنث إذا أكل سمكاً وإن كان قد سماه الله لحماً في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً [النحل:14] .
وذلك لأن الشارع حين سماه لحماً لم يعلق بالتسمية حكماً، فالتسمية هنا عارية عن الحكم.
والعرف لا يسمي لحم السمك لحماً، فالعرف حينئذ متعارض مع تسمية القرآن لحم السمك لحماً فيقدم العرف حينئذ فلا يحنث الحالف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(19/614)
الحلف بدون قصد يعتبر لغوا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أرجو منكم فضيلة الشيخ إفادتي بحلول لهذه الأسئلة من خلال فتاوى الدين التي تفيدوننا بها:
اقترضت من شخص قليلاً من المال وكنت في أشد الحياء في أن أقول له أقرضني بعض من المال فلما قلت له إنني بحاجة لذلك المال قال لي سأقرضك هذا المبلغ إلا أنني على وشك السفر فقلت له وأنا في أشد الاستحياء لا وشكرا بالرغم من أنني في أمس الحاجة إليه فقال تفضل فقلت لا والله شكراً إلا أنني في حقيقة الأمر أريد فعلاً أن أقترض هذا المال إلا أنه أقرضني إياه ماذا عليّ عندما حلفت بالله وأنا محرج أي أنا بسبب الإحراج تلفظت بالحلف؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر من حال السائل أن يمينه لغو، واليمين اللغو لا كفارة فيه، وقد مضى بيانه مفصلاً في الفتوى رقم: 11096.
وهذا الذي يظهر لنا؛ لأن اليمين خرج من غير قصد منك له، أما إذا كان اليمين قد خرج عن قصد منك، فهو يمين معقود تجب عليك الكفارة عند الحنث فيه، وقد حنثت، والكفارة قد بيناها في الفتوى رقم: 23614، والفتوى رقم: 204.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 1638.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(19/615)
تقدير قيمة الإطعام في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[إطعام عشرة مساكين بما يقدر من الطعام ومن النقد في المملكة العربية السعودية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإطعام عشرة مساكين في كفارة اليمين يكون بإعطاء كل مسكين مداً، وهوملء يدي الرجل المتوسط خلقة، وتقديره بالوزن الحالي نصف كيلو وعشرة جرامات تقريباً.
والطعام يكون من أوسط ما يطعمه الرجل أهله سواء كان برّاً أو أرزاً أو غير ذلك.
وتختلف قيمة كل صنف مما ذكر، وتختلف قيمة الصنف الواحد من وقت لآخر ومن بلدٍ لآخر، والطريقة الصحيحة لمعرفة القيمة النقدية هي أن تسأل عن قيمة خمسة كيلو جرام ومائة جرام من الطعام الذي تطعمه أهلك، وبذلك تعرف القيمة النقدية التي تجزئك إخراجها بدل الطعام، إلا أن أكثر العلماء لا يجيزون إخراج القيمة النقدية بدل الطعام، والصحيح جواز إخراجها بدله للمصلحة، وذلك حيث إخراجها أنفع للفقراء، وهذا هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(19/616)
الحلف حنث أو ندم.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاماً ولدي مشكلة أرجو منكم حلها وهي أنني كثيرة الحلف بالله أي عندما أتخاصم مع أخي على أي شيء، أحلف بأنني لن أفعل له كذا وكذا ولكنني أتراجع عن كلامي وأفعل له الشيء الذي كان يريده مع صيام ثلاثة أيام ... لم أستطع أن أمتنع عن هذه العادة فماذا أفعل؟؟؟ فأنا أحلف وبعد الحلف أضطر أن
أفعل مع صيام ثلاثة أيام.... وأنا لا أريد أن أحلف كثيراً وهل كثرة حلفي فيها ذنب؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يكثر من الأيمان، ودليل ذلك قوله تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الحلف حنث أو ندم. رواه ابن حبان في صحيحه، ولأنه ربما يعجز عن الوفاء بما حلف عليه.
فإن حلف على أشياء متعددة مختلفة لزمه عن كل يمين كفارة، وإن تكررت أيمان على فعل أو ترك شيء واحد، ولم يكفر عمَّا مضى كفته كفارة واحدة عن الجميع.
والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، والمكفر مخير في أن يفعل أي الثلاثة شاء، فإن لم يجد ذلك كله فعليه صيام ثلاثة أيام، ولا يجوز له أن ينتقل إلى الصيام إن قدر على فعل واحد من الثلاثة السابقة.
وانظر الفتوى رقم:
18070 - والفتوى رقم:
8186.
ونعود فنقول: إن كثرة الحلف أمر مكروه، فإن حنث في يمينه فهو آثم، وطريق إقلاعك عن كثرة الأيمان ضبط لسانك، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: الحلف حنث أو ندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(19/617)
إخراج كفارة اليمين في مكان الحلف أم في مكان الحالف
[السُّؤَالُ]
ـ[عاهدت الله ونقضت العهد في بلدة غير التي أقيم فيها أصلا فهل الكفارة التي هي إطعام عشرة مساكين تقدر بصرف البلد التي أقيم فيه أساسا أم البلد الذي نقضت العهد فيه حيث أنني عاهدت الله في البلد الذي أقيم فيه أساسا ونقضت العهد في البلاد الأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق تفصيل حكم معاهدة الشخص لربه ومتى يكون يميناً، ومتى لا يكون يميناً، وذلك في الفتوى رقم: 10145
وعليه فإذا كان عهدك مقترناً بلفظ اليمين فالواجب عليك كفارة يمين بعد الحنث، كما قال تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] .
والإطعام -كما هو مبين في الآية- يكون من أوسط ما يطعمه الرجل أهله في أي بلد كانوا يعيشون فيه وقت إخراج الكفارة، وأما إذا كان عهدك غير مقترن بيمين فلا كفارة عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(19/618)
المرجع في الحنث في اليمين يرجع للنية والعرف
[السُّؤَالُ]
ـ[- ماهو حكم صلاة التسابيح وهل بها أحاديث صحيحة؟
- حلفت على زوجتي بالله العظيم أن لا تذهب لبيت أهلها لمدة شهر لأنها تقسو على طفلتي في تربيتهم ولها أخت لها بيت في نفس البناء يعلو بيت أهلها فهل لها زيارته؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم الصلاة التسابيح في الفتوى رقم: 2501.
أما بالنسبة ليمينك فعلى زوجتك أن تطيعك فيها ولا تتسبب في حنثك، أما كون بيت الأخت داخلاً في هذا أو لا؟ فهذا يرجع فيه إلى نيتك وإلى العرف عندكم، فإذا كنت نويت بالأهل بيت أبيها وأخواتها أو كان العرف عندكم يعني ذلك، فإنها إن دخلت بيت أختها المذكور تحنث بذلك، وإن لم تكن نويت ببيت الأخت ولم يكن العرف سائداً بدخول بيت الأخت في لفظ بيوت الأهل فلا تحنث بدخول زوجتك إلى بيت أختها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(19/619)
الأيمان التي يكفر عنها حسب أقوال الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[من عدة سنوات كنت أقسم بالله كثيرا. وفي أحوال كثيرة يكون القسم كاذباً والآن قد تبت إلى الله عن هذا الأمر وحاولت أن أحصي عدد الأيمان الكاذبة فوجدتها تجاوزت 200 يميناً.
المشكلة أنني مقدم على الزواج الآن وأحتاج بشدة إلى الأموال. هل يجوز لي أن أكفر عن تلك الأيمان بالصيام أم يجب التكفير عنها بإطعام المساكين أولا حتى ينفذ ما لدي من مال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تكفِّر عن تلك الأيمان بالإطعام أولاً، فإن لم تستطع فبصيام ثلاثة أيام عن كل يمين إذا كان المحلوف عليه أشياء مختلفة، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6869 والفتوى رقم: 7631
ولا يلزمك أن تكفِّر حتى تستنفد كل ما في يدك من المال، بل لك أن تبقي من المال ما يقوم بضروراتك وحاجاتك، ومن ذلك الزواج إن تاقت نفسك إليه، وما بقي من الأيمان فيمكنك التكفِّير عنها بالصيام. وهذا في اليمين المعقودة.
أما اليمين الغموس وهي أن يحلف على أمرٍ ماضٍ كاذباً عامداً فإنها يمين بالله ولا تنعقد؛ لأن الحنث اقترن بها ظاهراً، وكذا باطناً على الأصح.
وتوسع المالكية في تفسير اليمين الغموس فأدخلوا فيها من حلف على أمرٍ ماضٍ شاكّاً أو ظانّاً. قال الدرديري: وفسرها بقوله: بأن شك الحالف في المحلوف عليه أو ظنّ ظنّاً غير قوي، وأولى إن تعمد الكذب.
وهل تجب الكفارة في اليمين الغموس أم لا؟ في ذلك خلاف معروف، فمذهب الجمهور: أنها أعظم من أن تكفَّر، بل الواجب فيها التوبة فقط، واحتجوا بما يلي:
أولاً: أنها يمين غير منعقدة؛ لأنه لا يتأتى فيها البر أصلاً.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين للمتلاعنين وجوب الكفارة على الكاذب منهما.
وذهب الشافعية إلى وجوب الكفارة في اليمين الغموس واستدلوا بما يلي:
أولاً: قوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225] .
فنفى المؤاخذة في يمين اللغو وأثبتها فيما كسب القلب، ويمين الغموس من ذلك، والمؤاخذة المبهمة في الآية مفسرة في الآية الأخرى بالكفارة، قال تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] .
ثانياً: جعل الله الكفارة على الأيمان كلها واستثنى يمين اللغو، وذلك في قوله تعالى: ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة:89] فمن ادعى تخصيص العموم فعليه الدليل.
والأخذ بمذهب الشافعية هو الأحوط، وإن كان مذهب الجمهور أقوى دليلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(19/620)
ما يلزم من نقض العهد المقترن باليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[المشايخ القائمون على هذا المنبر ـ بارك الله فيكم ـ السؤال: رجل عاهد الله وعاهد نفسه على أن يصلي يومياً اثنتا عشرة ركعة في كل ليلة وذلك بعد توبته إلى الله تعالى ـ عسى الله أن يتقبل منه..آمين ـ وظل على هذا الحال حتى بعد فترة أصبح ينام ولا يقوم الليل وبدأت نفسه الأمارة بالسوء تضعف ويعود لقيام الليل طوال أسبوع ثم يتركه شهراً وشهرين، والآن عقد العزم على مواصلة ما قد بدأه قبل ثلاث سنوات، فهل عليه قضاء ما فات من ركعات، أم يحسن النية والتوبة الخالصة لله تعالى ويقيم الليل بـ12 ركعة مثل ما ظل يصلي ثلاث سنوات وهو يقوم الليل، وما هي نصيحتكم لهذا الرجل الذي إن طلع عليه الصبح ندم على فوات قيام الليل وإن جن عليه الليل أصابه الخمول والكسل. شكراً لكم ونسأل الله العلي القدير المجيب أن يجمعنا وإياكم في جنة الفردوس..آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على هذا الشخص أن يفي بما عاهد عليه، وإن كان عهده هذا مقترناً بلفظ اليمين، فإنه يجب عليه كفارة يمين لعدم وفائه بيمينه في بعض الأحيان، ولا قضاء عليه لما تركه من الصلوات، وإن كان عهده غير مقترن بيمين فلا كفارة عليه، وينبغي له القيام بما عاهد الله على القيام به في المستقبل حسب قدرته.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
6938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(19/621)
حكم من أقسم على شخص أن يفعل أمرا فأبى
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أقسمت على شخص لكي يفعل شيئاً ما فلم يستجب فهل يجب علي كفارة يمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أقسم بالله تعالى أو بصفة من صفاته على غيره ليفعلن أمراً ما فلم يفعله أو لا يفعله ففعله فإن الحالف تلزمه الكفارة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
8973، والفتوى رقم:
204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1423(19/622)
حكم الحلف بـ (يمين الله)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
يكثر في هذه الأيام الحلف بقول" يمين الله "
"يمين الله أنك كذا " فما الحكم في هذا اللفظ في الحلف وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحلف بصيغة " يمين الله " يمين منعقدة عند جمهور العلماء، والحنث فيه موجب للكفارة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف كما في حديث " وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " رواه البخاري ومسلم.
قال ابن قدامة: واختلف في اشتقاقه (ايم الله) فقيل هو جمع يمين وحذفت النون فيه في البعض تخفيفاً لكثرة الاستعمال. وقيل هو من اليمين فكأنه قال: ويمين الله لأفعلن. وألفه ألف وصل. .
هذا؛ والمشروع للمسلم حفط اليمين، وعدم الإكثار منها ما لم تكن مصلحة شرعية، قال الله تعالى (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) (المائدة: من الآية89) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(19/623)
كفارة التحريم كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
حرمت أمي على نفسها زيارة الجيران ولبس الذهب وتريد زيارة الجيران ولبس الذهب فماذا عليها..جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على أمك كفارة يمين، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التحريم:1)
فسمي التحريم يميناً، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ... الآية) (المائدة:89) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(19/624)
من أقسم على مقاطعة نصراني ثم عدل رأيه فعليه كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق لي أقسم على مقاطعة صديق له نصراني، ثم تراءى له بعد ذلك أن يعود في قراره هذا، فهل مقاطعة النصراني أمر باطل وبالتالي يسقط قسمه (كالذي يقسم على مقاطعة المسلم) أم أنها أمر غير باطل ويلزم لقسمه كفارة ليعود إلى مخاطبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام بين ضوابط علاقة المسلم بغيره، وهي موجودة في الفتوى رقم:
1234
وفيما يخص اليمين فإن المسلم إذا حلف على يمين ورأى غيرها أحسن منها، فعليه أن يكفر عن يمينه ويأت الذي هو خير.
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " والكفارة هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإذا لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام.
وبناء على ما مضى فإذا كان صديقك يرغب في مواصلة ذلك الرجل النصراني فعليه أن يكفر عن يمينه.
ولكن هذه المواصلة يجب أن تكون حسب الضوابط الشرعية كما هو مبين في الفتوى المحال إليها.
والخلاصة أن من أقسم على مقاطعة نصراني أو غيره ثم عدل رأيه وأراد مواصلته فعليه أن يكفر عن يمينه، ولو كانت المقاطعة غير مشروعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(19/625)
أقوال أهل العلم فيما يترتب على تحريم الحلال
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالدة حرمت على نفسها زيارة الجيران بسبب مشاكل عائلية ولبس الذهب أيضاً وهي الآن تريد زيارة الجيران فماذا عليها؟ علماً بأنها لا تملك مالاً لأنها لا تأخذ من مال أحد أبدا حتى أبي..
أفتونا مأجورين.
جزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحريم الشخص الحلال على نفسه لا يجعل ذلك الشيء محرماً.
وقد اختلف أهل العلم فيما يترتب على تحريم الحلال، فذهب بعضهم إلى أن تحريم الحلال لا يترتب عليه شيء، فهو لغو؛ إلا في تحريم الزوجة، فإنه يحرمها.. هذا ما قاله المالكية، ومن معهم.
قال في مختصر خليل المالكي: وتحريم الحلال في غير الزوجة والأمة لغو.
وذهب بعضهم إلى أن تحريم الحلال تترتب عليه كفارة يمين، وإلى هذا ذهب الأحناف ومن وافقهم.
قال الجصاص في أحكام القرآن: إذا قال: حرمت هذا الطعام على نفسي فلا يحرم عليه، وعليه الكفارة إن أكل منه.
والراجح وجوب الكفارة، لأن الله تعالى سمى التحريم يميناً، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم:1-2] .
وعلى هذا، فإن على والدتك أن تزور جيرانها، وأن تلبس الذهب إذا شاءت، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه" رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والأحوط لها أن تكفر كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد، فصيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(19/626)
حلف ألا تبيت زوجته معه في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تشاجر مع زوجته وفي الوقت الذي تدخل فيه الجيران من أجل تهدئة الوضع , أقسم الرجل بالله على زوجته ألا تبيت معه في البيت , ومع مرور الوقت وسكون الطرفين, عادت الحياة بين الزوجين إلى الحالة الطبيعية. ما موقف الشرع من هذا؟ أفيدونا بالتفصيل والبيان.
جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الحلف على ليلة معينة وخرجت الزوجة ولم تبت معه في البيت تلك الليلة ثم بعد ذلك عادت إليه فهذا لا شيء عليه لأنه لم يحصل منه حنث، وأما إذا كان أطلق الحلف قاصداً أنها لا تبيت معه أبداً في البيت، ثم بعد ما هدأ عادت إليه، فإنه تلزمه كفارة يمين بالله تعالى وهي: (الكفارة) إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1423(19/627)
أحكام تتعلق باليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[في كفارة اليمين هل للمذنب الخيار في التكفير عن ذنبه كأن يطعم عشرة مساكين بدل صيام ثلاثة أيام.
وهل للمذنب الحق في أن يدفع للعشرة مساكين ثمن الإطعام (نقدا) بدل أن يعطي لهم الطعام.
أفيدوني أيها العلماء الأفاضل أفادكم الله؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كفارة اليمين على التخيير بين أمور ثلاثة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.
فمن لم يجد واحدة من هذه الثلاثة فإنه يكفر بصيام ثلاثة أيام، فعلى هذا.. فإن على السائل الإطعام أو الكسوة أو العتق ما دام مستطيعاً، ولا يذهب إلى البدل الذي هو الصيام.
هذا فيما يتعلق بالجزء الأول من السؤال، أما الجزء الثاني: وهو إخراج القيمة بدلاً من الإطعام، فإن الأصل أن تدفع كفارة اليمين على الوجه الذي جاء به الشرع.
وهذا هو الأحوط والأبرأ للذمة، ولأن في الإطعام أو الكسوة خروجاً من خلاف العلماء حيث منع أكثرهم من دفع القيمة، وأجاز البعض ذلك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
7086.
علماً بأن الحنث في اليمين لا يستلزم الذنب بل إن الحنث في بعض الحالات قد يكون هو الأفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: وإني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. متفق عليه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(19/628)
كفارة الحنث في اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة أخي حلفت عليه يميناً إذا سافر وحده لن تجلس في بيته وبعد ذلك سأل أخي أحد الشيوخ وقال له عليها كفارة اليمين واستعد نيابة عنها بالكفارة وسافر قبل أن يكفر ورجع ولم يكفر ومضى على هذا أكثر من ثلاثة أشهر حتى إعداد هذا السؤال لكم 00 أفيدونا جزاكم الله خيراً00 والكفارة هل هي فعلا إطعام 10 مساكين فقط00 أثابكم الله0000000]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على زوجة أخيك أن تكفِّر عن يمينها، وإن أخرج زوجها الكفارة عنها بإذنها فلا حرج.
والكفارة هي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز عن الإتيان بواحد من الثلاثة صام ثلاثة أيام، قال تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
ويكفي في إطعام المساكين أن تغديهم أو تعشيهم، أو أن تعطي كل واحد منهم كيلو ونصف الكيلو من الطعام أرزًا أو غيره. ويكفي في الكسوة ثوب تصح فيه الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(19/629)
اليمين على نية الحالف أم على نية من حلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وفعلت شيئاً من المحرمات وندمت واعترفت لزوجي فانهار وأصبح في حالة نفسية سيئة فأنكرت وقلت كنت أمزح معك وفي اليوم التالي قال لي قولي الحقيقة وإلا تكونين طالقاً بالثلاثة مني فقلت له أنا قلت لك كل شيء ولا عندي غيره (وكانت نيتي ما حكيته بالسابق وكان نيته أني انكرت) ،
فهل أنا طالق أم كلامي الذي أنكرته يعتبر الحقيقة الذي أرادها. أفتوني رحمكم الله مع العلم أني لدي طفلين ومن عائلة كبيرة وأن هذا الحديث منذ سنتين تقريباً. وأنا تبت إلى الله.
والله أعلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، ويتقبل منك توبتك، ولتعلمي أنه من الواجب على المرء إذا ابتلي بذنب من الذنوب أن يستر نفسه، ولا يطلع أحدًا على ما حصل له، ولو كان أحد الزوجين، وقد سبق بيان ذلك وافيًّا في الفتاوى التالية أرقامها:
20880
17992
22413.
وبناء على ذلك يتبين لك أن إخبارك لزوجك بما فعلت مخالف للصواب، أما عن تعريضك له بالكلام الذي يحتمل أمرين:
أحدهما: نويته في نفسك، والآخر: فهمه هو من ظاهر الكلام، فهو أمر مشروع في الجملة إذا كان الغرض منه مشروعًا، وهو كذلك هنا.
قال الإمام البخاري في صحيحه: باب المعاريض مندوحة عن الكذب، وقال إسحاق: سمعت أنسًا قال: مات ابن لأبي طلحة، فقال: كيف الغلام؟ قالت أم سليم: هدأ نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أنها صادقة ...
هذا من حيث جواز التعريض في مثل هذا الأمر وعدم جوازه.
أما عن وقوع الطلاق بالصورة المذكورة، فالجواب أنه لا يقع؛ لأن الزوج هنا ظالم في سؤاله، إذ ليس لأحد أن يجبر أحدًا على ذكر معاصٍ فعلها في الماضي، ولو كان الزوج.
وقال الزركشي في المنثور - شافعي -: اليمين على نية الحالف، سواء اليمين بالله تعالى أو بالطلاق أو بالعتاق، فإن حلفه الحاكم بالله تعالى فعلى نية الحاكم، إلا في صورة، وهي: ما إذا كان مظلومًا. انتهى
وقال ابن عابدين في رد المحتار: والفتوى على اعتبار نية الحالف إن كان مظلومًا، لا إن كان ظالمًا. انتهى
ومن فروع هذه المسألة ما ذكره ابن قدامة في المغني: وكذلك لو سرقت امرأته منه شيئًا فحلف عليها بالطلاق: لتصدقني، أسرقتِ مني أم لا؟ وخافت أن تصْدُقه، فإنها تقول: سرقتُ منك ما سرقتُ منك، وتعني الذي سرقت منك. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(19/630)
كفارة اليمين المنعقدة وكيفية إخراجها
[السُّؤَالُ]
ـ["سيدي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: علمت أن كفارة اليمين (إذا أقسمت على شيء أن أفعله ثم لم أفعله) هي إعتاق رقبة (ولم يعد هذا متاحا في هذا الزمان) أو صوم 60 يوما متصلة (وليس لي طاقة بصوم شهرين متتابعين) أو إطعام ستين مسكينا من ما تطعمون منه أهليكم، وعلمت أيضا أن كفارة النذر مثل كفارة اليمين أيضا السؤال هو أرجو من سياداتكم توضيح سمة هذا الطعام وكيفية إطعام هؤلاء المساكين وهل يمكن إخراج المال بدلا من ذلك وإن كان ممكنا فإلى أي جهة وما قيمة المال عن كل رأس وهل يعتبر التبرع لموائد الرحمن (في شهر رمضان الكريم والتي تقام في مصر) مجزئا عن هذه الكفارة برجاء الإفادة وجزاكم الله خيرا "]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك: علمت أن كفارة اليمين هي عتق رقبة أو صيام ستين يوماً متصلة أو إطعام ستين مسكيناً خطأ ظاهر؛ بل كفارة اليمين هي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم الرجل أهله، أو كسوتهم، وهو مخير بين فعل واحد من هذه الثلاثة، فإن عجز عن واحد منها صام ثلاثة أيام، قال الله تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ
أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ
أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون) [المائدة:89] ولما كانت الرقبة في هذا العصر تكاد تكون معدومة، فأنت بالخيار بين أمرين:
أولهما: الإطعام، وهو أن تجمع عشرة مساكين وتغديهم أو تعشيهم، أو تعطي كل واحد كيلو ونصف تقريباً من البر أو الأرز أو الذرة أو غير ذلك من أوسط قوت البلد الذي تطعم منه أهلك، وجوز جماعة من أهل العلم دفع الطعام نقداً إلى المسكين بدل دفعه إليه إذا كان ذلك أنفع له وأصلح.
والثاني: الكسوة، وتجزئ بإعطاء كل مسكين ثوباً يغطي عورته، وتصح صلاته به، فإن عجزت عن الإطعام والكسوة صمت ثلاثة أيام، وبهذا تبرأ ذمتك، هذا عن كفارة اليمين.
وأما كفارة النذر، فهي مثلها أيضاً إلا أنه لا يجوز للشخص أن يكفر عن النذر إلا إذا عجز عن الوفاء به إذا كان نذره نذر طاعة، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
2522 والفتوى رقم: 1339
وأخيراً نود أن ننبهك إلى أمرين وردا في سؤالك:
أولهما: قولك: وهل يعتبر التبرع لموائد الرحمن في شهر رمضان الكريم، والتي تقام في مصر مجزئاً عن هذه الكفارة؟ والجواب نعم إذا كان المتناولون لهذه الموائد مساكين، ويفون بالعدد المشترط في الكفارة.
والثاني: قولك: وهل يمكن إخراج المال بدلاً من ذلك أي من الإطعام والكسوة، وإن كان ممكناً فإلى أي جهة وما قيمة المال عن كل رأس؟ والجواب أنه قد تقدمت الإشارة إلى أن الأصل هو العتق أو الإطعام أو الكسوة، ولكن لو كانت القيمة أنفع للفقراء، فلا بأس بها عند جماعة من أهل العلم، كما سبق، وأما الجهة التي تصرف إليها الكفارة فهم المساكين، وأما قيمة الطعام أو الكسوة، فليست محددة بل تختلف من بلد إلى بلد، ومن وقت لآخر، والوصول إلى معرفتها سهل والحمد لله، وذلك بأن تسأل عن قيمة كيلو ونصف من الطعام في بلدكم ثم تعطي قيمته للمساكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(19/631)
فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو (في أحد الأيام اختلفت مع زوجتي في موضوع وكنت أرغب في الجماع فرفضت بشدة وحلفت أن لا تمكنني منها إلا بعد شهر ولكن ذلك حصل في اليوم الآخر هل يترتب على ذلك شيء كفارة يمين أو غير ذلك وجزاكم الله عنا كل خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الزوجة طاعة زوجها بالمعروف، كما يجب عليها أن تمكنه من نفسها إذا أراد الاستمتاع بها، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وعلى الرجل أن يعين زوجته على طاعته، ويعلم أن عليه من الحقوق لزوجته ما له عليها.
قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف [البقرة:228] .
وأما زوجتك فإن عليها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم تستطع واحدا من الثلاثة فإن عليها صيام ثلاثة أيام.
وهذا هو المطلوب شرعاً، لقوله عليه الصلاة والسلام: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(19/632)
إبرار المقسم أفضل من التمادي
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مبلغاً من المال من ابني وأقسمت بالله أنني سأسدده ولكن الابن رفض أن يأخذ المال فهل أصوم ثلاثة أيام وهل أقبل المبلغ وهل أعطيه المبلغ ثم يعود ليعطيني براً بالقسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم ألاَّ يكثر من الحلف ولا يعوِّد نفسه على ذلك، امتثالاً لقول الله تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] .
وإذا حصل من مسلم يمين تحض على شيء أو تمنع منه، وكانت قسماً على الغير، فيستحب للمقسَم عليه أن يبر قسم أخيه، لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه المتفق عليه، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع وذكر منها "وإبرار المُقْسِم".
وعلى هذا.. فعلى ولدك أن يبرَّ قسمكَ لحق الأبوة وحق الإسلام، فيأخذ منك دينه ثم لا حرج بعد ذلك في أن يهدي لك ما شاء، سواء كان مساويًا لقدر الدين أو أكثر منه، ويكون بذلك قد برَّ قسمك وسلمكَ من الحنث.
فإذا ما أصرَّ على عدم القبول، فإن الكفارة لازمة لك لعدم حصول المحلوف عليه، فقد نصَّ مختصر خليل وهو مالكي على أن: من حلف ليقضين داينه إلى أجل كذا ثم وهب الدائن الدين للمدين أنه يحنث بذلك وتلزمه الكفارة. والكفارة هي كما قال الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(19/633)
حلف بالكفر أن لا يشاهد الصور الإباحية ثم شاهد!
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا إنسان ابتلي بحب مشاهدة الأفلام والصور الإباحية سواء على أشرطة الفيديو أو بواسطة الإنترنت وكنت قد تبت إلى الله عز وجل ووعدت ألا أعود إلى ما كنت عليه. وكنت دائما أردد أثناء سجودي في الصلاة " يوم سأعود إلى رؤية هذه المنكرات فسأكون قد كفرت بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وفي يوم من الأيام ذهبت إلى ناد للإنترنت ليس بنية زيارة موقع إباحي ولكني سقطت في الزلل وأنساني الشيطان وعدي لربي وزرت العديد من المواقع الإباحية فأحسست بقدرة الله وأن الله غضبان علي ووقع في قلبي أنني خرجت من زمرة المسلمين وكفرت بربي عن يقين. فهل أنا كافر لأنني لم أبر بقسمي وعلي أن أجدد إسلامي لله عز وجل أم مذنب فما الذي يجب علي فعله ليغفر لي ربي عز وجل؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن مشاهدة الصور الإباحية في الفتاوى التالية:
6617
2778
11995
15463
10299.
وتقدم الكلام عمن حلف بالكفر في الفتوى رقم:
20908 والفتوى رقم:
2042.
فالواجب عليك الآن هو أن تتوب إلى الله من هذين الذنبين العظيمين توبة نصوحاً، واعلم أن الله غفور رحيم مهما عظم الذنب وكثر، وراجع الفتاوى التالية:
16907.
2969
1836.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(19/634)
كفارة الأيمان المتعددة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لقد حلفت في الماضي عدة أيمان وحنثت بها (لم اوف بها) ولكني لا أعلم عدد هذه الأيمان المنقوضة
فما كفارة هذه الأيمان التي لا أعرف عددها (دون العشرة)
علما أني قد اقلعت عن كثرة الحلف
أرجو الإفادة.... جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الإيمان التي حلفتها على شيء واحد فهذه تلزمك عنها كفارة واحدة، لما قرر أهل العلم من أن الأيمان المكررة على شيء واحد لا يلزم فيها عند الحنث إلا كفارة واحدة، والدليل ما رواه عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا أقسمت مراراً فكفارة واحدة.
وإذا كنت قد حلفت أيماناً على أشياء مختلفة فتلزمك كفارة عن كل نوع إذا كنت تعرف عدد الأيمان التي حنث فيها، وإلا لزمك الاحتياط.
وانظر الفتوى رقم 11229
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(19/635)
كفارة الأيمان المجهولة العدد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في السا بق عندما كنت أغضب كنت أحلف بقولي والله العظيم لن أفعل هذا، ولكني لم أكن أكفر عن حلفي، ولقد نسيت عدد هذه الأيمان فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المسلم أن يحفظ لسانه من كثرة الحلف بالله تعالى، فإن كثرة الحلف بالله تذهب عظمة الله ومهابته من القلب، وذهابها منه هو أخطر ما يصيب العبد لما ينشأ عن ذلك من يسر وقوعه في المعاصي، وتفريطه في الطاعات، وقد قال تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ [البقرة:224] .
وقال تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .
وقد قرن الله جل وعلا كثرة الحلف بأوصاف قبيحة، فقال تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ.... [القلم:12] .
وعليك أخي الكريم أن تجتهد في معرفة عدد هذه الأيمان التي حنثت فيها وتكفر عنها، وإذا لم تصل إلى نتيجة محققة فينبغي لك أن تحتاط لها، ولمزيد من الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
9208 والفتوى رقم:
6869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(19/636)
هل يصح صوم الكفارة بنية رمضان، وهل كفارة واحدة عن عدة أيمان تكفي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في المرحلة الثانوية أقسمت عدة مرات على ترك شيء ما ثم عدت لذلك وطبعا علي كل مرة إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام فهل يجب الإطعام عندما أملك مالا ولو يسيرا (مصرفي الأسبوعي 5 دينار ليبي) وهل يجوز صيام ثلاثة أيام بنية 12 يوما كفارة؟ وهل يجوز صيام الكفارة مع أيام رمضان بنية صيام رمضان وصيام الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف على شيء أكثر من مرة ثم حنث فإن له حالات:
الأولى: أن يحلف اليمين الثانية بعد الحنث في الأولى والتكفير عنها، فهذا تلزمه كفارة ثانية.
والثانية: أن يحلف اليمين الثانية بعد الحنث في الأولى وقبل التكفير عنها، فهذا تلزمه بكل حنث كفارة.
والثالثة: أن يحلف اليمين الثانية قبل الحنث باليمين الأولى، فهذا عليه كفارة واحدة على الراجح من أقوال العلماء. وراجع الفتاوى التالية:
12551
10595
9302.
ومن لزمته كفارتان أو أكثر فإنه لا يجزئه أن يطعم أو يصوم عن كفارة واحدة بنية كفارتين، بل لابد من التكفير لكل يمين، ومن كان غير قادر على الإطعام وانتقل إلى الصيام فإنه لا يجزئه أن يصوم رمضان بنية رمضان والكفارة، بل لا بد من صيام ثلاثة أيام متصلة بنية الكفارة.
ولا يجوز الانتقال إلى الصيام إلا في حالة العجز عن الإطعام أو الكسوة أو العتق، ومن كان لديه مال ولكنه محتاج له في ضرورياته فإنه ينتقل إلى الصيام، ولكن لا بد أن يصوم عن كل كفارة ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(19/637)
كفارة اليمين الغموس
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة حلفت على المصحف كذباً وهي حائض فما كفارتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحلف إن كان بلفظ المصحف أو بالقرآن فهو يمين منعقده كما هو مبين في الفتوى رقم:
9573.
وإن كان بلفظ آخر مما تنعقد به الأيمان لكن على المصحف فلا حرج في ذلك، ويعتبر ذلك تأكيداً لليمين.
لكن المرأة الحائض لا يجوز لها مس المصحف سواء عند حلفها أو غيره، وإن فعلت ذلك فهي آثمة كما هو مبين في الفتوى رقم:
12845.
ولا أثر لحيضها على اليمين، ويلزمها فيه ما يلزم غير الحائض.
وبما أنها حلفت كاذبة فإنها وقعت في كبيرة من كبائر الذنوب، وهي اليمين الغموس.
فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس.
وسميت بالغموس لأنها تغمس صاحبها في نار جهنم، وهذه اليمين لا كفارة لها عند كثير من العلماء إلا التوبة والاستغفار؛ لكن إن أخرجت كفارة يمين أيضاً فهو الأحوط كما هو مبين في الفتوى رقم:
7258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(19/638)
تكرر الأيمان وما يلزم فيها من الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة اليمين، وإذا كان المكفر يشتغل ويتقاضى أجراً فهل يجوز إخراجها من قوت أسرته علما بأنه غير متزوج، كذلك هل يكفر عن الأيمان التي يحنث فيها مع بعض؟ أم كل واحدة على حدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كفارة اليمين هي المذكورة في قول الله تبارك وتعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة:89]
وتُخرج الكفارة من وسط ما يطعم به الشخص نفسه وأهله، يعني من غالب عيش أهله، كما قال تعالى (من أوسط ما تطعمون أهليكم)
والكفارة على الحانث نفسه يخرجها من حرِّ ماله، سواء كان متزوجاً أو غير متزوج، ولتفاصيل أحكام الكفارة وأنواعها وقدر ما يدفع أو قيمته ولمن تدفع ... نحيلك إلى الفتوى رقم:
2053 والفتوى رقم: 6602
وإذا تكرر اليمين وحصل الحنث في كل يمين، فإن الكفارة تجب عن كل يمين حصل فيه حنث؛ إلا إذا كان المحلوف عليه شيئاً واحداً، ولم يقصد بتكرار اليمين التأسيس -تجديد اليمين- بل قصد به تأكيد الأيمان الماضية، فهنا تجب عليه كفارة واحدة عن الأيمان كلها، لأنها بمنزلة يمين واحدة، ولتفصيل المسألة راجع الفتوى رقم: 8186 والفتوى رقم: 6869
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1423(19/639)
حكم من حلف التصدق بجميع ماله وأراد الحنث
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت بالله العظيم أن أتصدق بمالي كله لوجه الله تعالى فهل هذا الحلف يعد نذرا وما آثاره وعواقبه في حالة عدم الوفاء بالحلف؟ وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا اللفظ يمين يمكن أن تكفر كما يكفر غيرها من الأيمان، وذلك فيما إذا حنث الحالف في يمينه.
فيجوز لك أيها السائل الحنث في يمينك، وعدم التصدق بشيء من مالك، والواجب عليك حينئذ كفارة يمين، لقوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] .
وننبه السائل إلى عدم الاستعجال إلى الحلف بالله تعالى لما فيه من الوقوع في الحرج عند عدم البر بالقسم، ولما قد يترتب على كثرة الحلف من عدم التعظيم للرب العظيم، ولذا قال تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُم [المائدة:89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(19/640)
حكم من أجبر على فعل ما حلف أن لا يفعله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته....
ما الحكم في أنني حلفت بالله على عدم عمل شيء وقد قمت مكرهة على عمل هذا الشيء ... أرجوكم الرد السريع على سؤالي.. جزاكم الله خيراً على كل جهودكم.. والله لأنه مفخرة لي بأن أنتمي إلى هذا الدين العظيم حتى لوكنت غير عربية.. والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف على يمين ثم حنث فعليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، ومن لم يستطع واحدة من هذه الثلاث فعليه صيام ثلاثة أيام.
وقد يكون الحنث في اليمين أحيانًا أفضل من المضي فيها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفِّر عن يمينه وليأتِ الذي هو خير.
وأما من أكره على فعل ما حلف أن لا يفعله، وتحققت شروط الإكراه من كون المكرِه قادراً على تنفيذ ما هدد به، وكان المهدد به إتلاف النفس، أو العضو، أو المال، ونحو ذلك مما يشترطه العلماء لحصول الإكراه، إن حصل هذا النوع من الإكراه، ثم فعل الحالف ما كان قد حلف أن لا يفعله فإن هذا ليس حنثاً، ولا تلزمه كفارة، وإن لم يتوفر الإكراه بتلك الشروط فعليه كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(19/641)
حكم كثرة الحلف بـ (والله) للتأكيد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كثرة استخدام كلمة والله للتأكيد وليس بقصد القسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حلفك بالله تعالى بقصد التأكيد، هو اليمين المعقودة التي قال الله فيها: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ. [المائدة:89] ، فالعلماء يعرفون اليمين بقولهم: هو توكيد حكم بذكر الله تعالى، أو صفة من صفاته، وما يلحق بذلك على وجه مخصوص. اهـ.
وبناءً على ذلك، فإن يمينك بالله للتأكيد معقودة، ويترتب عليها ما يترتب على اليمين عند الحنث، وقد سبق بيان هذا النوع في الفتوى رقم:
1638 والفتوى رقم:
8452، ولمعرفة مقدار الكفارة عند الحنث في اليمين راجع الفتوى رقم:
204، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 11096
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1423(19/642)
فتاوى في أنواع وأحكام اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز الحلف على المصحف على أن أترك معصية معينة ولا أرجع إليها؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب هو البعد عن المعصية سواء حلف الشخص على تركها أو لم يحلف، وإذا حلف على تركها فإن الأمر يزداد تأكيداً، فإذا كان الحلف على المصحف، فإن التأكيد يزداد أكثر، وقد تقدم الكلام عن الحلف على المصحف في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
10577
3840
10951
2476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(19/643)
حكم من حلف بالكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أخت لي حلفت ذات مرة قائلة (أموت كافرة إن أفعل كذا) ولم تفعل الشيء الذى حلفت عليه للمصلحة العامة حيث إن فعل هذا الشيء كان سيعود بالضرر على أختها ومر على هذا الموضوع أعوام كثيرة فهل على هذه الأخت عمل تقوم به حتى يغفر الله لها؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يحلف بغير الله تعالى فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لأنه يقتضي تعظيم المحلوف به، والله تعالى أحق بالتعظيم.
والحلف بغير الله تعالى من كبائر الذنوب.. وأشد منه تحريماً وأكبر منكرا الحلف بالكفر والعياذ بالله تعالى.
فعن ابن عمر - رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " رواه البخاري ومسلم
وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من حلف بغير الله فقد أشرك "
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف باللات والعزى! فليقل: لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق "
أما من حلف بالكفر أو أنه يهودي أو نصراني أو أنه بريء من الإسلام.. فهذا أشد تحريماً وأعظم عقوبة، روى أبو داود والنسائي عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف فقال: إني بريء من الإسلام! فإن كان كاذباً فهو كما قال (عقوبة له على كذبه) وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الإسلام سالماً " وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف بملة غير ملة الإسلام فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنم " رواه البخاري ومسلم.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن هذا النوع من الأيمان لا كفارة له لعظمه وتغليظ تحريمه، وذهب جماعة إلى أن فيه كفارة يمين، وبه قال أحمد والأحناف وإسحاق وسفيان والأوزاعي.
وننصح السائلة الكريمة أن تبتعد عن هذا النوع من الأيمان، وأن تكفر عن هذا اليمين احتياطاً وأخذا بالرأي القائل بذلك، وأن تكثر من التوبة والاستغفار وأعمال الخير.
ومن تاب تاب الله عليه. وقد قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) (الزمر:53)
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(19/644)
يستحب الحنث في اليمين إذا رأى غيرها خير له
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتيالأعزاء /لكم التحية والاحترام
ما حكم من أدى القسم بوضع يده على المصحف بأن لا يقبل أي شخص، ولكن بعد مرور الزمن تزوج فهل يصح لة تقبيل زوجته أم لا؟ للعلم كان القسم في حالة غضب. ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الشخص يجوز له تقبيل زوجته ويحنث حينئذ في يمينه فتلزمه كفارة اليمين.
وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام. بل يستحب له الحنث في هذا اليمين، لما في التقبيل للزوجة من مصلحة حسن المعاشرة الزوجية، وقد روى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير "
ولا عبرة بوقوع ذلك في حالة الغضب لأن الظاهر أنه قد كان يعي ما يقوم به من تصرف، بدليل وضعه ليده على المصحف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(19/645)
أقوال العلماء في من حرم على نفسه شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم امرأة قالت في حق نفسها: حرام عليّ أن آكل كذا في بيتي؟ مع العلم بأنها قالتها وهي في حالة عصبية سيئة إثر خلاف حصل بينها وبين بناتها وماذا تفعل إن قررت تناول هذا الشيء؟ وهل عليها في هذه الحالة كفارة؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حرم على نفسه شيئاً -غير تحريم الرجل زوجته- وذلك بأن يقول: هذا الشيء عليّ حرام، فقد اختلف أهل العلم هل هذا يمين أم لا؟ على قولين:
فذهب المالكية والشافعية -رحمهم الله- إلى أن ذلك ليس بيمين، لأنه قصد تغيير المشروع فلغى ما قصده، فإن استباح ما كان حرمه لم يلزمه شيء، وعليه الاستغفار لإثمه بهذه الألفاظ.
وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن ذلك يمين، فإن استباح ما حرمه على نفسه كفر كفارة يمين، واستدل أصحاب هذا القول بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التحريم:1] .
وقد نزلت بسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى زوجاته: "شربت عسلاً عند زينب بنت جحش، ولن أعود له" فجعل الله عز وجل تحريم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه ما أحله الله له يميناً، وأرشد إلى الكفارة.
وهذا القول أظهر -والله أعلم- فإذا أرادت السائلة أن تأكل ما حرمته، فعليها كفارة يمين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(19/646)
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله {صلى الله عليه وسلم}
كنت قد حلفت على ألا أتصل بشخص هاتقيا حتى يتصل بي ولكنني بعد أن تأخر اتصلت به هل علي كفارة اليمين مع العلم أنني لا أستطيع إطعام مساكين فما العمل؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حلف أن يفعل شيئاً فلم يفلعه، أو ألا يفعل شيئاً ففعله، فعليه الكفارة، قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف في هذا عند فقهاء الأمصار.
وحكى ابن عيد الإجماع على وجوب الكفارة في مثل حالتك.. نقله عنه ابن قدامة، فعلى هذا فما دمت قد فعلت ما حلفت عليه، فإنه يلزمك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فتصوم ثلاثة أيام، لقوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] .
وبما أنك غير مستطيع للإطعام أو الكسوة أو العتق، فعليك أن تصوم ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(19/647)
الإسراع بأداء الكفارات هو الأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير أداء كفارة اليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الواجبات المسارعة إلى أدائها، لأنها أمور تعلقت بالذمة، فوجب فعلها على الفور تبرئة للذمة، وقد قال تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) [المائدة:48] .
لكن إذا كان التأخير لعذر كعدم وجود المال، أو عجزه عن الصيام لمرض أو سفر، ففي هذه الحالة لا باس في التأخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(19/648)
من حلف بغير الله فقد أشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[بما أن الشهيد حي وخالد فهل يجوز لنا أن نحلف بحياته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من المقرر شرعاً أنه لا يجوز الحلف بمخلوق، لا بحياة الشهداء ولا حياة أي مخلوق آخر حتى الأنبياء عليهم السلام مع فضلهم ومكانتهم، وقد ذكر النووي -رحمه الله- في كتاب رياض الصالحين: باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والسماء والآباء والحياة......
وأورد في هذا الباب حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه. وأورد أحاديث أخرى.
ومن الأدلة على خطورة الحلف بغير الله حديث ابن عمر أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد أشرك. رواه أحمد والترمذي والحاكم بإسناد صحيح.
وحياة الشهداء حقيقة واقعة، ولكن أين الدليل على جواز الحلف بحياتهم؟!! لا دليل، بل الدليل على عكس ذلك كما تقدم، وبهذا يتبين للسائل أن الشهيد وإن كان حيا لكن لا يجوز الحلف بحياته، ولا بذاته، لأن الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(19/649)
حكم يمين المكره
[السُّؤَالُ]
ـ[معي عمتى في المنزل أجبرتني على أن أحلف بكتاب الله على أن لا أتكلم مع ابن خالي أو أحد أصدقائي وأنا تكلمت فما الحكم في ذلك؟ ..
وجذاكم الله خيرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لأي فتاة أو امرأة إقامة ما يعرف بعلاقات التعارف أو الصداقة بأي صورة من الصور مع أحد من أقربائها أو زملائها أو غير ذلك ما لم يكن زوجاً أو محرماً لها، وانظري الفتوى رقم:
9431 والفتوى رقم:
1072.
وحيث إنك حلفت بكتاب الله، فقد انعقدت يمينك لأنه كلام الله الذي هو صفة من صفاته، ومن حلف أن لا يكلم شخصاً ما، ثم كلمه فقد حنث في يمينه ويلزمه كفارة اليمين المبينة بالفتوى رقم:
2022.
ومن أكره شخصاً على يمين فلا تنعقد يمين الحالف ولا يحنث بها على مذهب جمهور العلماء، خلافاً لأبي حنيفة.
ولكن الإكراه المعتبر هو الإكراه الملجئ بالتهديد بالضرب أو نحوه مما يتأذي منه عادة، وراجعي الفتوى رقم:
2022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(19/650)
ما يترتب على من طلق وأقسم أن لا يرجعها فراجعها
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتطليق زوجتي وأقسمت على ألا أرجعها ثم حدث الصلح وتراجعنا فما علي أن أفعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فعلته من مراجعتك لأهلك هو الصواب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير. رواه مسلم وغيره.
ففي هذا الحديث دليل على أن الحنث في اليمين أفضل من التمادي إذا كان في الحنث مصلحة، وأي مصلحة أعظم من مراجعة الرجل أهله، وفيه أيضاً دليل على وجوب الكفارة مع إتيان الذي هو خير، فالذي يلزمك هو كفارة اليمين وهي المذكورة في قول الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة:89] .
والكفارات الثلاث الأول على التخيير بالإجماع، فإن شئت أطعمت المساكين وإن شئت كسوتهم وإن شئت اعتقت رقبة، فإذا لم تجد طعاماً ولا كسوة ولا رقبة وجب عليك صوم ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(19/651)
أحسن في الإصلاح وأساء في الحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلف بيمين لغرض تجنب طلاق بين زوجين؟ وهل عليه كفارة وما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مقاصد الشرع العظيمة أن يتآخى المسلمون ويترابطوا فيما بينهم برباط واحد، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم" متفق عليه من حديث ابن عمر.
ولذلك فقد حرم الإسلام كل ما يفسد العلاقة بين المسلمين بعضهم البعض من الغيبة والنميمة وما إلى ذلك، ودعا المسلمين إلى نبذ الفرقة والاختلاف، وإلى الإصلاح فيما بينهم، قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:114] .
بل بلغ من حرص الإسلام على الألفة والوئام بين المسلين أن رخص في الكذب للإصلاح بين الناس كما في حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً" متفق عليه.
وفي رواية مسلم زيادة، قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث، تعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل لامرأته، وحديث المرأة زوجها.
وقد أحسن السائل الكريم بإصلاحه بين الزوجين، ولكنه أساء بحلفه اليمين، فإذا كان قد حنث فيها -وهو الظاهر من كلامه- فعليه كفارة يمين على نحو ما جاء في قوله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ) [المائدة: 89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(19/652)
كفارة اليمين على التخيير والترتيب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة اليمين؟ وهل هي على الترتيب أم على التخيير؟ لأنه فيه خلاف فأرجو التوضيح بالتفصل أي ذكر وجهة نظر القولين مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكفارات على ثلاثة أقسام:
قسم على التعيين -الترتيب- مطلقاً ككفارة القتل والظهار.
وقسم على التخيير -عدم الترتيب- مطلقاً كجزاء الصيد، وكفدية حلق الرأس في الإحرام لمن برأسه أذى.
وقسم على التخيير والترتيب وهي كفارة اليمين، فيخير المكفر بين العتق والكسوة والإطعام. فإن عجز عن واحدة منها صام ثلاثة أيام.
قال ابن حزم: وما نعلم في هذا خلافاً. انتهى.
وقال الكاساني: وأما الثالث فهو كفارة اليمين لأن الواجب فيها أحد الأشياء الثلاثة باختياره فعلاً غير عين، وخيار التعيين إلى الحالف يعين أحد الأشياء الثلاثة باختياره فعلاً، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة في الأمر بأحد الأشياء أنه يكون أمراً بواحد منها غير عين وللمأمور خيار التعيين. وقالت المعتزلة: يكون أمراً بالكل على سبيل البدل. انتهى.
وقالوا: يعني المعتزلة: لا معنى للوجوب مع التخيير. وهذا باطل لمناقضته صريح القرآن بالتخيير فإنه أوجب الكفارة وخيَّر المكلف في اختيار واحد من خصالها ولم يخيره بين التكفير وعدمه حتى يقال إن التخيير مبطل للوجوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(19/653)
حكم إخراج القيمة في الكفارات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد:
ما القول في قيمة إطعام المسكين في الكفارة
الجزائر ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء هل يجوز إخراج ثمن الطعام في الكفارات إلى المساكين بدلاً عن الطعام، والراجح جواز ذلك للحاجة أو للمصلحة أو للعدل، كما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية. وهو مبين في الفتوى رقم:
6372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(19/654)
إبرار القسم بين الوجوب والترغيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عليك أن تلتزم بأداء ما طلب منك إذا ما قال لك شخص ما "بالله عليك أن تجلب لي كذا وكذا ورأيت أنه كثير القسم حتى على الأمور الصغيرة وعلى أشياء ترى أنه ليس من الصالح فعلها؟
أفيدونا جزاكم العلي القدير عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إبرار القسم أمر مرغب فيه، ففي الحديث المتفق عليه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا: باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس. ونهانا عن: آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقسي والإستبرق".
وأخرج الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح إلا شيخه، وهو ثقة على كلام فيه قاله ابن حجر الهيتمي في (الزواجر) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله، ما لم يسأل هجراً".
وفي سنن أبي داود عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسأل بوجه الله إلا الجنة". وفي مسند أحمد وسنن أبي داود من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه".
وقد حمل جمهور العلماء الأمر بإبرار القسم على الندب، وكذا إجابة من سأل بالله.
وظاهر حديث البراء السابق يفيد وجوب إبرار القسم، لكن اقترانه بما هو متفق على عدم وجوبه كإفشاء السلام قرينة صارفة عن الوجوب.
ومما يدل على عدم الوجوب أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبر قسم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقد روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه رؤيا، فطلب أبو بكر رضي الله عنه أن يعبرها، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال أبو بكر رضي الله عنه بعد ذلك: بأبي أنت أصبت أم أخطأت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً، قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت، قال: لا تقسم".
قال الإمام النووي في شرح مسلم: هذا الحديث دليل لما قاله العلماء أن إبرار القسم المأمور به في الأحاديث الصحيحة إنما هو إذا لم تكن في الإبرار مفسدة ولا مشقة ظاهرة، فإن كان لم يؤمر بالإبرار. ا. هـ
وقال الإمام ابن الحجر الهيتمي رحمه الله في (الزواجر عن اقتراف الكبائر) في الكبيرة الثامنة والتاسعة والثلاثين بعد المائة بعد أن ساق الأحاديث قال: لكن لم يأخذ بذلك أئمتنا، فجعلوا كلا من الأمرين مكروهاً ولم يقولوا بالحرمة فضلاً عن الكبيرة، ويمكن حمل الحديث في المنع على ما إذا كان لمضطر، وتكون حكمة التنصيص عليه أن منعه مع اضطراره، وسؤاله بالله أقبح وأفظع، وحمله في السؤال على ما إذا ألح وكرر السؤال بوجه الله حتى أضجر المسئول وأضره، وحينئذ فاللعن على هذين.
وانظر الفتوى رقم: 8973، والفتوى رقم: 6869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(19/655)
أقوال الفقهاء في التكفير عن اليمين قبل الحنث
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة وسلا م على رسول الله أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما أتذكر أن عندي دينا من صيام حلف قد حلفته ولكن لا أتذكر على أي شيء حلفت هل أصومه بدون أن أعرف عل أي شيء حلفت أم لا؟
أفدوني يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت متقيناً من اليمين والحنث فيه، وجب عليك أن تكفر عن يمينك؛ وإن لم تتذكر ما حلفت عليه، لأن المعتبر في وجوب الكفارة هو وجود اليمين المنعقد والحنث فيها.
وإن كنت متيقناً من اليمين ولم تحنث فيها، لكنك نسيت ما حلفت عليه، فإنه يجوز لك أن تكفر عنها بناءً على القول بجواز التكفير عن اليمين قبل الحنث فيها عند جمهور العلماء من الحنابلة والمالكية والشافعية، وبهذا تخرج من إشكال النسيان لما حلفت عليه، لأن هذه الكفارة تجزئ عنك، سواء أكنت قد حنثت أم كنت لم تحنث وتخشى أن تقع في الحنث لعدم تذكر المحلوف عليه.
هذا ويجب التنبيه إلى أن الصيام في كفارة اليمين لا يجزئ إلا بعد العجز عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أما من كان مستطيعاً لأحد هذه الثلاثة فلا يجزئ عنه الصوم. وراجع الفتوى رقم: 2022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1423(19/656)
أقوال العلماء في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت بالله بأنني لن أفعل ذلك الشيء وأنا في حالة غضب شديد وفعلته وقمت بالتكفير عن ذلك بإخراج الصدقة لعشرة مساكين فهل علي الصيام لمدة ثلاث أيام وجزاكم الله كل خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعل السائل الكريم من الحنث في اليمين إن كان لمصلحة هو الحكم إن شاء الله تعالى، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين ثم أرى خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. ففي هذا الحديث وغيره يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المسلم إذا حلف على يمين ورأى غيرها خيراً منها فليكفر عن اليمين ويأتي الذي هو خير، سواء كان ذلك في حالة الرضا أو الغضب -كما هو حال السائل الكريم- والكفارة التي أمرنا الله تعالى بها هي:
1- إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام.
2- كسوة عشرة مساكين.
3- تحرير رقبة مؤمنة.
وهذه الثلاثة على التخيير فمن فعل واحدة منها أجزأته عن الباقي، فإذا عجز عن هذه الثلاثة انتقل إلى صيام ثلاثة أيام.
قال الله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:89] .
وبهذا يتبين أن السائل ليس عليه صيام ثلاثة أيام إذا كانت الصدقة التي ذكر هي إطعام أو كسوة المساكين العشرة أو قيمة ذلك على خلاف في مسألة دفع قيمة كفارة اليمين، فإن الأئمة الثلاثة ذهبوا إلى عدم إجزاء القيمة، وذهب الأحناف إلى إجزائها، وذهب المالكية إلى عدم جمعها وقالوا: لا بد من تفريقها على عشرة -كما هو ظاهر الآية- ولا يجزئ جمعها فيما دون العشرة. فلينتبه الأخ السائل لكل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(19/657)
الحلف على ترك المحرم إضافة لما وجب بالشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان كثير الحلف ودائماً أحلف على شيء حتى أقلع عنه مثلاً أقول والله لا أسمع الأغاني بعد اليوم أو والله لا أرى التلفاز بعد اليوم وأرجع وأسمع الأغاني وأرى التلفاز وأحيانا أقول نذرت أن لا أسمع الأغاني وأسمعها فماذا عليّ من كفارة علماً بأن هذه الأيمان تنكرر مني؟
أرجو منكم الدعاء لي وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فترك المحرمات واجب بأصل الشرع، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] .
فإذا حلف المسلم على ترك بعض المحرمات كالغناء والموسيقى، فقد أضاف إلى الواجب بأصل الشرع ما أوجبه على نفسه من البعد عنها، لأنه يجب عليه البر في يمينه، ولمعرفة مقدار كفارة اليمين راجع الجواب رقم: 2022، ورقم: 2053.
مع العلم بأن هذه الأيمان إذا تكررت منه ولم يكفر عنها، فإنه تجزئ عنه كفارة واحدة، لأنها كفارات من جنس واحد، وهذا مذهب الحنابلة.
أما من نذر ترك المعاصي، فقد سبقت الإجابة على ما يلزمه برقم: 12398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1423(19/658)
لا تمتنع عن شيء من المكارم تعللا بأنك حلفت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أريد أن أعرف ماحكم الإسلام في زوج عندما يحلف اليمين على تركيب جهاز التلفون بالمعنى الليبي (علي اليمين مايتركب تلفون في البيت) وهو قد تراجع عن هذا الأمر لأهمية التلفون وكذلك يريد أن يعرف ماحكم الإسلام على زواجها أرجو الرد بسرعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشخص إذا حلف بالله تعالى على أمر ثم بدا له الرجوع عنه لغرض صحيح فلا مانع من ذلك، وليكفر عن يمينه، فقد قال تعالى (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:224] .
قال العلماء معناه: "لا تمتنعوا عن شيء من المكارم تعللاً بأنا حلفنا ألا نفعل كذا" انظر تفسير القرطبي. وفي صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك"
وعلى هذا فنقول للسائل: إذا كنت تحتاج إلى تركيب تليفون فلا حرج عليك في تركيبها وتلزمك كفارة يمينن، وهي المذكورة في قوله تعالى (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) [المائدة:89] .
هذا إذا لم تكن الصيغة المذكورة حسب العرف هناك يقصد بها الحلف بالطلاق، أما إن كانت يقصد بها الطلاق فما صدر منك يعتبر طلاقاً معلقاً على أمر وهو تركيب التليفون فعندما تركب التليفون يحصل الطلاق المعلق عند جمهور أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(19/659)
لا ينبغي للمسلم الحلف على ألا يأكل من طعام أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلف اليمين بعدم تناول الطعام عند شخص معين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من الأخلاق الرفيعة أن يمتنع المسلم من تناول طعام أخيه المسلم إذا دعاه إلى تناوله، حيث لا ضرر عليه في ذلك، -فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الخلق العظيم والأدب الرفيع- يقول: "ولو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت". رواه البخاري وغيره.
وعلى هذا، فنقول للسائل: إذا كان امتناعك من تناول طعام هذا الشخص المعين يؤدي إلى قطيعة الرحم بينكما والتدابر والتنافر، ونحو ذلك مما لا يرضاه الشرع ولا يقره لكونه جاراً أو أخاً أو نحو ذلك، فكفر عن يمينك إذا كانت من الأيمان التي تكفر، ثم تناول من الطعام، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأتها وليكفر عن يمينه" رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(19/660)
اليمين على نية المستحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق أن أحداً قال لي كلاماً، وقال لي: احلف ما تقول لأحد وحلفت، لكن قلت لأحد، ثم صمت ثلاثة أيام فهل يكفي؟
مع العلم أنه لو يدري في الوقت الذي قلت كلامه هذا للشخص لعذرني، لأن كلامه لا يريد أن يخرج مؤقتاً، أما الوقت الذي تكلمت فيه لا يحزنه فما الحكم؟
وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك".
وفي رواية: "اليمين على نية المستحلف" أخرجهما مسلم.
فهذا الحديث كما هو واضح يبين أن النية في الحلف على نية المستحلف.
وعليه، فمن حلف لغيره على أمر، فإن النية في هذا اليمين والقصد منه يرجع فيهما إلى المستحلف، فإذا كانت نيته تخصص ظاهر اليمين بزمن دون زمن، أو شخص دون آخر، أو مكان دون مكان، فلا يحنث الحالف له إلا بما يخالف نية المستحلف، وإذا لم تكن له نية، وكانت هناك قرائن تدل على تقييد اليمين بزمن أو شخص أو مكان، فإن اليمين أيضاً تتقيد بتلك القرينة.
لذا، فنقول للسائل: إذا كانت هناك قرينة تدل على أن المستحلف كان يريد الامتناع من التحديث بالشيء المذكور فترة محددة، فلا تحنث إذا لم تفعل المحلوف في تلك الفترة.
أما إذا لم يكن هناك قرينة ولا نية للمستحلف، فإنك تحنث لظاهر اليمين، ومن حنث فعليه كفارة يمين، وقد ذكرناها في الجواب رقم: 2053.
ولا يجزئ الصوم إلا لمن يجد غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(19/661)
من حلف بالأمانة فليس منا
[السُّؤَالُ]
ـ[-ما حكم قول أمانة مع التفصيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان يقصد بقوله: (أمانه) اليمين فلا يجوز له ذلك، لما رواه أبو داود عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بالأمانة فليس منا" قال صاحب عون المعبود: (فليس منا: أي ممن اقتدى بطريقنا. قال القاضي: أي من ذوي أسوتنا، بل هو من المتشبهين بغيرنا، فإنه دين أهل الكتاب، ولعله أراد به الوعيد عليه، قاله القاري) انتهى.
وإنما نهي عن الحلف بها لأنها ليست من أسماء الله ولا من صفاته، ولا يجوز لأحد أن يحلف بغير أسماء الله وصفاته، ولذلك عد ابن حجر الهيتمي الحلف بالأمانة الكبيرة الثانية عشرة بعد الأربعمائة في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) وإن حلف بقوله: أمانة الله، فقال أبو حنيفة: إنها يمين، وقال الشافعي: لا تعد يميناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(19/662)
لا ينعقد اليمين بنية القلب
[السُّؤَالُ]
ـ[1-إذا حلفت في قلبي أن لا أعمل شيئاً ما بدون تلفظ اليمين بكلام مسموع فهل ينعقد اليمين وتجب
الكفارة عند الحنث أم أن اللفظ شرط لانعقاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اليمين لا تنعقد بمجرد نية القلب، فلا بد من تلفظ اللسان بذلك، ولا يلزم أن يكون بصوت مسموع، بل يكفي جريان اللسان بألفاظ اليمين.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(19/663)
من حلف على أمر عدة مرات فكم كفارة تلزمه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أما بعد: ما الحكم فيمن حلف على نفسه بألا يفعل العادة السرية لمدة معينة ثم فعل العادة قبل انتهاء المدة،،، وفعل هذا الشيء مرة أخرى وبنفس الطريقة. ففي هذه الحالة كم كفارة تلزمة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف ألا يفعل العادة السرية أو غيرها لمدة ثم فعلها قبل انتهاء المدة فقد حنث، ولزمته الكفارة، فإن أخرجها ثم عاد فحلف ألا يفعلها، ثم فعلها، حنث وعليه كفارة أخرى، باتفاق العلماء.
وأما إذا حنث ولم يكفر ثم حلف وحنث لزمته كفارتان عند أكثر أهل العلم وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى أن عليه كفارة واحدة.
وأما إذا حلف ألا يفعل شيئا ولم يحنث، ثم حلف مرة ثانية، ثم حنث، فللعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا تجب عليه إلا كفارة واحدة، وهذا هو القول الراجح، وإليه ذهب جمهور أهل العلم لأدلة، منها ما رواه عبد الرزاق والبيهقي وابن حزم بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (إذا أقسمت مراراً فكفارة واحدة)
وروى عبد الرزاق أيضاً وغيره عن مجاهد قال: زوج ابن عمر مملوكه من جارية له، فأراد المملوك سفراً، فقال له ابن عمر: طلقها. فقال المملوك: والله لا أطلقها. فقال له ابن عمر: والله لتطلقنها. كرر ذلك ثلاث مرات، قال مجاهد لابن عمر: كيف تصنع؟ قال: أكفر عن يميني. فقلت له: قد حلفت مراراً. قال: كفارة واحدة.
القول الثاني: تجب كفارة لكل يمين، وهو قول الحنفية.
القول الثالث: إن قصد الحالف التأكيد فعليه كفارة واحدة، وإن قصد الاستئناف فعليه كفارة لكل يمين، وبه قال بعض المالكية والشافعية.
والراجح هو القول الأول كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1422(19/664)
أقوال الفقهاء فيمن حلف عدة أيمان على شيء واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم لقد أقسمت أكثر من يمين بالله العظيم على شيء ثم أقسمت يميناً آخر على أن لا يكسر اليمين الأول وأقسمت أكثر من يمين وكسرهذا اليمين فما هو الحكم في ذلك وشكراً لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحلفك أكثر من مرة على هذا الشيء الواحد يعتبر يميناً واحدة، وكذلك حلفك عدة مرات أن لا تحنث هذه اليمين يعتبر يميناً واحدة هو الآخر.
وما دمت خالفت ما حلفت عليه، فالواجب عليك كفارتان: كفارة لليمين على ذلك الشيء الذي أقسمت عليه، ثم حنثت فيه، وكفارة للأيمان المكررة على أن لا تحنث في هذا اليمين.
وقد اختلف الفقهاء فيمن حلف أيماناً ثم حنث هل تتعدد في حقه الكفارة أم تلزمه كفارة واحدة:
1- فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأيمان المكررة على شيء واحد لا تلزم فيها عند الحنث إلا كفارة واحدة، واستدلوا بما رواه عبد الرزاق والبيهقي وابن حزم بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا أقسمت مراراً فكفارة واحدة.
هذا إذا كنت تكرر الأيمان على شيء واحد ولا تحنث. أما إذا حلفت ثم حنثت، فإنك تلزمك كفارة، فإن عدت وحلفت ثم حنثت لزمتك كفارة أخرى وهكذا، خلافاً للمعتمد عند الحنابلة فإنهم يوجبون كفارة واحدة في هذه الحالة أيضاً.
2- وذهب الحنفية في المعتمد إلى أنها أيمان متعددة، فتجب كفارة لكل يمين.
3- وذهب بعض المالكية وبعض الشافعية إلى أنه إن قصد الحالف التأكيد، فعليه كفارة واحدة، وإن قصد الاستئناف، فعليه كفارة لكل يمين.
والقول الأول هوالراجح لورود الدليل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1422(19/665)
فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف والدي بعدم فعل أمر من أمور الدنيا المباحة (إضافات بالمنزل) ما دام حيا ًفما هو العمل إذا أراد أن يفعله الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لوالدك أن يفعل الأمر المذكور ويكفر عن يمينه، بل إن ذلك قد يكون هو الأفضل، وراجع الجواب رقم:
2654 والجواب رقم: 9148
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(19/666)
هذه الحالة لا تدخل في أحكام اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[من استحلف رجلاً على أمرٍ فأجاب بالإثبات (نعم) أو بالنفي (لا) حسب ظنه فتبين الأمر خلافه هل تعتبر الإجابة يميناً، وإن كانت يمينا فهل هي يمين لغو أم يمين معقودة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإجابة (بنعم) أو (لا) لا تعتبر يميناً أصلاً، لعدم وجود محلوف به، وإنما يترتب عليها الوصف بالصدق أو الكذب، فإن طابق الجواب الواقع، فهو الصدق، وإن لم يطابق فهو الكذب، ومن قال شيئاً يعتقد صدقه فتبين أن الواقع خلاف ذلك، فلا إثم عليه إن شاء الله.
أما ضابط اليمين اللغو فتجد الجواب عليه في الفتوى رقم: 6644.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(19/667)
حلف ألا يأ خذ مالا.. بعد أن تغيرت قيمة المال
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل اختلاف على مبلغ من المال بيني أنا ووالدي وكل واحد منا حلف أنه ما يأخذ المبلغ وهو الآن مع الأخ الأكبر فهل يجوز لي أن أتصدق بالمبلغ لوالدي مع العلم أنه حلف أن لا يأخذه بعد ماتم تغير القيمة وكذلك الفلوس الورقيه بأخرى. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصدك هو أن تتصدق بالمبلغ عن أبيك فلا حرج في ذلك، ولا يلزمك أنت ولا أبوك كفارة إذا كان مراد كل منكما عند عقد اليمين هو أن لا ينتفع بالمال انتفاعاً مباشراً. أما إن كان قصدك هو أن تعيد المال إلى أبيك على وجه التصدق به عليه، فلا يخلو الأمر من احتمالين:
الأول: أن يكون أبوك قد حلف ألا يأخذ هذا المبلغ لكونه قد تغيرت قيمته، أو لتبدل العملة، أو نوى ألا يأخذه على هذه الصفة، فله أن يأخذ المبلغ على صفته الأولى قبل التغيير، دون أن يحنث في يمينه.
الثاني: أن يكون قد نوى بحلفه ألا يأخذ المال مطلقاً، ولو أعيد إلى صفته الأولى، فحينئذ يأخذه، ويلزمه كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1422(19/668)
تكرار الحنث في القسم.. وما يترتب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسمت علي أن لا أمارس معصية ما وللأسف حنثت في قسمي أكثر من مرة، فهل أكفر عن كل حنث أم أنه تكفيني كفارة واحدة؟
وإذا كنت لا أستطيع التكفير عن يميني إلا بالصوم فهل أستطيع أن أصوم تطوعاً؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحالف بيمين واحدة لا تلزمه إلا كفارة واحدة إذا حنث هذا هو الأصل، إلا إذا نوى بيمينه تكرر الكفارة بتكرر فعل المحلوف على تركه، وعلى هذا فمن أقسم بالله تعالى ألا يمارس معصية، ثم تجرأ على الله تعالى وفعل ما حلف على تركه، فعليه كفارة واحدة، ولو عصى الله تعالى مرات، لأن يمينه انحلت بفعل أول معصية فلم يلزمه أكثر من كفارة واحدة، إلا إذا نوى تكرر اليمين بتكرر الحنث.
ثم إننا ننبه السائل ونذكره بخطورة المعاصي والتمادي فيها، والإصرار عليها، كما ننبهه أيضاً إلى أهمية حفظ الأيمان، وأنه لا يجوز التلاعب بها، قال تعالى: (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ) [البقرة:224] .
ومن لزمته كفارة يمين وعجز عن الإطعام والكسوة وعتق الرقبة أجزأه الصوم. وقول السائل: فهل أستطيع أن أصوم تطوعاً؟ لم يتضح لنا مراده منه، لكن إذا كان المراد: هل يجوز لمن عليه صوم من كفارة يمين أن يتطوع بالصوم قبل أن يكفر؟ فنقول - والله تعالى أعلم -: لا يجوز ذلك، لأن وجوب الكفارة على الفور، فيجب على من حنث في يمينه أن يبادر بتكفيرها، ولا يجوز التأخير، لأن المرجح عند أهل الأصول - أو أكثرهم - أن الأمر يفيد الوجوب على الفورية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1422(19/669)
الأصل في كفارة اليمين أن لا تقدر بالنقود
[السُّؤَالُ]
ـ[كم تبلغ كفارة الحلف بالله علماً بأن العملة الحالية للبلد التى أقيم فيها هى الدينار
وماحكم من حلف على المصحف؟
أرجو منكم أن تبينوا لنا الفتوى في ذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأيمان أقسام:
1-اليمين الغموس: وهي أن يحلف الشخص على شيء كاذباً، وهو يعلم أنه كاذب، وهذه من كبائر الذنوب، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الكبائر: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس" رواه البخاري عن ابن عمر، وسميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار، ولا كفارة لهذه اليمين إلا التوبة، والندم، والاستغفار. فهي أعظم عند الله من أن تكفر بإطعام، أو كسوة، أو عتق أو صيام.
2- اليمين اللغو: وهي ما يجري على اللسان من غير قصد اليمين، كقول الشخص: بلى والله. وكلا والله. وهي المقصودة بقوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) كما قالت عائشة رضي الله عنها، ومنها أيضاً أن يحلف الشخص على ما يعتقده، فيظهر الأمر على خلاف ذلك، وعلى كل، فيمين اللغو لا كفارة فيها، ولكن لا ينبغي أن يعوِّد الشخص لسانه عليه، قال تعالى: (ولا تجعلو الله عرضة لأيمانكم)
3-اليمين المعقودة: وهي أن يحلف على أن يفعل شيئاً في المستقبل، فإن فعله فلا كفارة، وإن شاء ألا يفعله فله تركه وعليه الكفارة، وكذا إذا حلف أن لا يفعل فله أن يفعل وعليه كفارة، وكفارة اليمين بينت في قوله تعالى: (فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام..)
والأصل في هذه الكفارة هو أن لا تقدر بالنقود، بل إن أكثر أهل العلم ذهب إلى أن إخراج القيمة نقوداً لا يجزئ عن الإطعام، لأن الله إنما ذكر الإطعام والكسوة والعتق ولم يذكر القيمة.
والإطعام نصف صاع من الطعام لكل مسكين، وقدره كيلو ونصف تقريباً، والكسوة تكون بقميص وإزار ورداء، ومن أجاز إخراجها قيمة قال: ينظر إلى قيمةالطعام الواجب، فتدفع للفقير يشتري بها الطعام، وتلك القيمة تختلف من بلد إلى آخر، ويجدر التنبه إلى أن الطعام والكسوة يعتبر فيهما -أو في إخراج قيمتهما عند من قال بجواز القيمة- حال الحالف، لا حال من تدفع إليه الكفارة، يبين ذلك قوله تعالى: (من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم..)
وأما الحلف على المصحف فلا بأس به، وهو يزيد اليمين تأكيداً وتعظيماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1422(19/670)
الصوم المتتابع أفضل في كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حلفت يمينا وأريد أن أعرف كفارة اليمين من الصوم ثلاثة أيام وإذا صمت ثلاثة أيام هل يجوز أن أصومها يوما وراء يوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كفارة اليمين جاءت مفصلة في قوله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة:89] .
فصيام الثلاثة أيام لا يصار إليه إلا بعد العجز عما قبله، فإذا لم يستطع الشخص غير الصوم صام الأيام الثلاثة، وصامها متتابعة على رأي الإمامين أبي حنيفة وأحمد، وذهب بعض العلماء إلى عدم وجوب التتابع، وقال: إنه يستحب فقط.
ولكن لاشك أن التتابع أفضل من عدمه لما فيه من المسارعة إلى الخيرات، والمبادرة بامتثال الطاعة، والخروج من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1422(19/671)
اليمين على نية المستحلف
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلب مني شخص أن أحلف على شىء ما ثم حلفت بالفعل ولكن على شىء آخر بداخلى وصدقنى هو على أساس أني حلفت على ما يريده هو فهل الحلف يؤخذ على النية أم على ما هو يريده المستحلف وهل أعتبر كذبت فى هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن من استحلف لرد دعوى وجهت إليه، أو لإثبات حق يدعيه على غيره، فإن نيته في حلفه تكون لصاحب الحق الذي استحلفه، لقوله صلى الله عليه وسلم:"يمينك على ما يصدقك به صاحبك." وفي رواية:" اليمين على نية المستحلف" أخرجهما مسلم.
وما دامت النية للمستحلف، فلا يجوز للحالف أن يوري في يمينه، ولا أن ينوي فيها غير ما يريده ويقصده صاحب الحق، لأن النية في اليمين له، أما إذا كان الحلف في غير حق، فإن النية فيه للحالف، وله أن ينوي في يمينه غير ما أظهره مما يحتمله لفظه، ولا يعتبر كاذبا، لقوله صلى الله عليه وسلم: " وإنما لكل امرئ ما نوى".
وبهذا يعلم أن من استحلفه غيره لحق له فلا يجوز له أن يحلف إلا على ما يريده ذلك الشخص ويتطابق مع مطلوبه، فإن حلف على نيته هو فلا تنفعه توريته، ويعد كاذباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1422(19/672)
اليمين الكاذبة أعظم من أن تكفرها كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي الصلوات الخمس بالمسجد ثم يسب الناس.
ما حكم من حلف بالله كاذبا وهو يصلي.
ماحكم من يقاطع أحد إخوانه في البيت بسبب أنه دائما يتكلم على الناس ويشتمهم.
وبارك الله فيكم وجزاكم الله كل الخير والسلام عليم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن سب الناس والحلف على الكذب من الخصال المذمومة شرعاً التي لا يليق بمن يحافظ على الصلاة أن يمارسها، ولا أن تكون خلقاً له، فإن الصلاة المؤداة على وجه كامل يجب أن تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) [العنكبوت 45]
ثم ليعلم المصلي أن سب الناس أمره عظيم وخطره كبير، فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا،وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار."
وكذلك الحلف على الكذب فهو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، ولذلك لا كفارة لها عند جماهير العلماء لأنها من الكبائر. كما ثبت ذلك في حديث الأعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فعدها منها، والحديث أخرجه البخاري.
فهي إذاً أعظم من أن تكفرها كفارة يمين.
أما مقاطعة من يسب الناس ويشتمهم فهي مطلوبة شرعاً، وخاصة إذا كانت ستردع الساب والشاتم عن فعله ذلك، ويجب على من سب أمامه مسلم أو شتم أن يرد عن عرض ذلك المسلم، وينصح الساب ويحذره من ذلك وينهاه عنه، فإن لم ينته وجب عليه أن يفارق ذلك المجلس لئلا يسمع ذلك السب والشتم، فيكون مشاركاً في الإثم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1422(19/673)
اقبل الهدية ... وليكفر صاحبك عن يمينه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حلف شخص بأن لا أعطيه هدية مرة أخرى وأردت بعد فترة أن أشتري له هدية يحتاجها ولا يستطيع أن يشتريها وهو في حاجة لها وأنا قادرة فكيف أتصرف في قسمه فهل يتوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي ينبغي أن تفعل لهذا الشخص الذي حلف أن لا يقبل منك هدية، هو نصحه بأن المشروع في حقه أن يكفر عن هذه اليمين، ويقبل منك هديتك إذا كانت مصلحته في ذلك، كما إذا كان محتاجاً، أو كان عدم قبوله لهذه الهدية يؤدي إلى جفاء أو قطيعة رحم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير، وليترك يمينه".
وننصح هذا الحالف أنه إذا رأى أن الخير والأفضل له هو قبول هذه الهدية أن يأخذها، ويكفر عن يمينه، كما في الحديث، وللسائل أن يعرض على الحالف - مع الهدية - قيمة كفارة اليمين، أو يلتزم له بأن يدفعها عنه للفقراء، وإذا فعل ذلك برئت ذمة الحالف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1422(19/674)
لابد من التوبة ... وكفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أحلف دائما على الإقلاع عن الدخان والشيشة لكني لا أبر بيميني هل تنفع توبة نصوح من غير كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشيشة حرام والإقلاع عنها واجب، ولمعرفة حكم التدخين بجميع أنواعه بما فيها الشيشة، يرجع إلى الجواب رقم: 1671،
ثم إن من حلف على الإقلاع عن التدخين، فلا يجوز له أن يحنث في يمينه لأن الإقلاع عنه واجب أصلاً كما قدمنا، والحالف أكد وجوبه بيمينه، فإذا شربه بعد حلفه عنه، فإنه يقع في الإثم من جهتين:
الجهة الأولى: ارتكابه لما حرم الله تعالى.
والجهة الثانية: الحنث في هذا النوع من الأيمان، وهو أن يحلف الإنسان على فعل واجب أو ترك محرم، فيحنث في يمينه فيترك الواجب أو يفعل المحرم، وعليه أيضاً كفارة يمين إن كانت يمينه بالله تعالى.
وكفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة على التخيير بين الثلاثة، فمن لم يجد، فصيام ثلاثة أيام، قال تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة:89] .
وتجب عليه التوبة النصوح المتضمنة للإقلاع عن التدخين، وجميع ما حرم الله تعالى، ولا تسقط التوبة عنه الكفارة، لأن التوبة من شروط صحتها أداء الحقوق، خصوصاً الحقوق المتعلقة بالذنب الذي تاب منه، والكفارة حق واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(19/675)
الأيمان المتعددة ... وما يتعلق بها من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسمت اليمين على عدة مواضيع، ولكن لا أذكر كم مرة اثنتين أو ثلاث مرات، فعلى أي أساس سوف تكون الكفارة؟
وهل يجوز التبرع بهذه الكفارة للجمعيات الخيرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قد أقسمت أيماناً متعددة على عدة مواضيع وحنثت فيها فتلزمك كفارات بقدر الأيمان التي حنثت فيها، أوخالفت فيها ما حلفت على فعله أو تركه، أما كونك لا تتذكر كم مرة حنثت فيها، فالعبرة هنا بغلبة الظن. فإن غلب على ظنك أنها ثلاث فهي ثلاث، وهكذا حتى تبرأ الذمة. وصورة المسألة: لو أنك قلت مثلاً: والله لا آكل هذا الطعام، ووالله لا ألبس هذا الثوب، ووالله لا أذهب إلى هذا المكان. فإن أكلت، ولبست، وذهبت إلى المكان، فيلزمك ثلاث كفارات. وإن قلت: والله لا آكل، ولا ألبس، ولا أذهب… ثم حنثت في الجميع أو بعضه فتلزمك كفارة واحدة في هذه الحالة، لأن اليمين هنا لم تتعدد وإنما هي يمين واحد. بخلاف الصورة الأولى. انظر المغني لابن قدامة (13/474) . ولا مانع من دفع الكفارة لإحدى الجمعيات الخيرية الموثوق بها لتتولى إعطاءها للفقراء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1422(19/676)
التزام كفارة اليمين عن الغير جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلحت بين اثنين، قال الآخر أناحلفت قلت له: أنا أكفرعن حلفك، وهو مقتدر فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإصلاحك بين المتخاصمين من أجلَّ القربات، وأعظم الطاعات، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات:10] .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
والتزامك الكفارة التي وجبت على أحدهما بسبب صلحه مع الآخر يجعل أداءها واجباً عليك، وإذا أديتها برئت ذمته هو منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1422(19/677)
كفر عن يمينك، وأت ما هو خير لك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان الإنسان في لحظة انفعال وكان عليه أن بفعل شيئا معينا كأخذ شيىء من شخص آخر ولكن فى لحظة الانفعال حلف ألا يأخذ هذا الشيىء ولكن بعد أن هدأ رأى أنه ماكان عليه أن يحلف بعدم أخذ الشيىء علماً بأن هذه ليست أول مرة ولا يأخذ الشيى لكي لايكون دين الصوم في رقبته فهل يجوز أن يأخذ الشيء بعد أن هدأ الموقف وماحكمكم ونصائحكم لنا بذلك؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير وليترك يمينه" رواه مسلم، وفي لفظ: " وليكفر عن يمينه".
وبناء على ذلك، فإن رأيت أن الخير والأفضل لك عدم تركك هذا الشيء، فلك أخذه، وعليك كفارة يمين، فإن شئت كفرت قبل أن تأخذه، وإن شئت كفرت بعده.
وأما مقدار الكفارة فقد سبق بالفتوى رقم: 2053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1422(19/678)
من حلف على فعل شيئ، ولم يفعله ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف بأن كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين ولكن ما هوالحلف الذي أدفع عنه فمثلا إذا قلت لأولادي مثلا والله العظيم سأعلم والدكم بما فعلتم وهذا يحدث دائما- ولكني لا أعلم والدهم نسيانا مني في هذه الحالة هل علي كفارة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن كثرة الحلف لا تليق بالمسلم، لأنها دليل على ضعف الإيمان، قال تعالى: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) [القلم:10] .
فمن حلف بيمين مكفرة، ثم حنث وجبت عليه الكفارة، لقوله تعالى: (ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ) [المائدة:89] .أي إذا حصل منكم الحنث.
إلا أن جمهور الفقهاء جعلوا - الذكر - شرطا في لزوم الكفارة إذا حصل الحنث من الحالف بفعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله.
فإذا فعل المحلوف عليه نسيانا لم يحنث، لعموم الأدلة الدالة على عذر الناسي والمخطئ.
وبما أن السائلة - هنا - تركت فعل المحلوف عليه نسيانا، فلا كفارة عليها على الراجح والمشهور.
ولكن عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وتجاهد نفسها على ترك الإدمان على الحلف بالله، لقوله تعالى: (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ) [البقرة:224] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1422(19/679)
ما يترتب على من كان سببا في حنث غيره في اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم المحنث بكسر النون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمحنث (بضم الميم وفتح الحاء مع كسر النون) هو: كل أحد تسبب في حنث آخر.
ومن حق المسلم على أخيه إبرار قسمه، مالم تكن على محرِّم، فعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع فذكر: "عيادة المريض، ورد السلام، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإبرار المقسم" متفق عليه.
ومن كان سببا في حنث رجل بيمينه، فالإثم على المحنث، والكفارة المترتبة على اليمين على المقسم (الحانث) .
قال صلى الله عليه وسلم: "أبريها، فإن الإثم على المحنث" رواه أحمد. هذا في إثم المحنث.
وأما الكفارة، فقال ابن قدامة (المغني: 11/248) : (فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو لا يفعل، أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه، ولم يفعل، فالكفارة على الحالف. كذلك قال ابن عمر وأهل المدينة وعطاء وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي، لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه، كما لو كان هو الفاعل لما يحنثه، ولأن سبب الكفارة: إما اليمين، وإما الحنث، أو هما، وأي ذلك قدر فهو موجود من الحالف) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1422(19/680)
يجب الحنث والكفارة وزيارة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أخبرت أمي بموضوع وحلفت لها إن هي أخبرت أبي أني لن أزورهم ثلاثة أشهر واشترطت عدم التكفير إن هي أخبرته ومع ذلك أخبرته واتصل بي أبي وأعلمني، ماهو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تزور والديك وتكفر عن يمينك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه" رواه مسلم.
وامتناعك عن زيارة والديك ثلاثة أشهر عقوق محرم.
وأما قولك: واشترطت عدم التكفير، فإن أردت تغليظ الأمر، وإلزام نفسك بعدم الحنث، فلا عبرة بهذا، ويلزمك الحنث كما سبق.
وإن كنت حلفت ألا تكفر، فيلزمك كفارتان:
كفارة الحنث الأول: وتجب لحصول الزيارة.
وكفارة الحنث الثاني: وتجب لعدم بر اليمين الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1422(19/681)
غير البالغ ... وكفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت عمرها اثنتى عشرة سنة ما الواجب عليها في كفارة الحنث في اليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه البنت لم تبلغ بعد، فيمينها غير منعقدة أصلاً، فإن حنثت قبل بلوغها، فلا كفارة عليها إجماعاً، لأن اليمين إيجاب أمر معين، وغير البالغ لا يجب عليه شيء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم" كما في المسند والسنن، وقد اختلف أهل العلم في الصبي إذا حلف قبل بلوغه، ثم حنث بعد بلوغه هل تلزمه كفارة أم لا؟ والجمهور على أنه لا تلزمه كفارة، لأن يمينه غير منعقدة أصلاً، فلا يترتب عليها حكم.
أما إن كانت هذه البنت قد حلفت بعد بلوغها، وحنثت فعليها كفارة يمين، وهي مبينة في الفتوى رقم: 2022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(19/682)
تترتب الآثار على اليمين حسب النية
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت لزوجتي في إحدى الليالي أثناء المداعبة والله لن أجامعك أو لن أجامعك الليلة، ثم جامعتها - ثم عرفت بعد ذلك أنه يجب علي كفارة يمين - ثم سافرت للعمل في السعودية وأرسلت لوالدي مبلغا من المال لكي يخرج الكفارة. وقد قام والدي بالتبرع بالمبلغ لصالح إنشاء مكتب بريد لخدمة المواطنين وخاصة الأرامل الذين يصرفون منه مساعدتهم الحكومية. فهل هذا التصرف جائز شرعي وما هو مطلوب مني الآن حيث صدر مني هذا القسم أثناء المداعبة وكنت حديث عهد بالزواج 3 شهور تقريبا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت لم تقصد - وقت التلفظ باليمين - عقد اليمين، وإنما كان حلفك مجرد سبق لسان، فإن يمينك التي حلفت لغو لا كفارة فيها أصلاً قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم، والله غفور حليم) [البقرة: 225] .
وقال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) [المائدة: 89] .
وروى أبو داود وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: "هو - أي يمين اللغو - كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى والله" ورواه البخاري موقوفاً على عائشة رضي الله عنها.
وإن كنت قصدت عقد اليمين، فإن الكفارة لازمة لك، وما قام به والدك من التبرع لصالح المشروع المذكور لا تسقط به كفارة لازمة، لأن الله جل وعلا حدد مصرفها، فقال: (فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ممن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) [المائدة: 89] .
وعليه، فالواجب عليك هو إخراج كفارة من جديد على النحو الوارد في الآية. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1422(19/683)
ما يلزم الحالف والناذر عدة مرات
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت بالله العظيم ونذرت مرات كثيرة بأن لا أرجع إلى هذا العمل مرة ثانية ورجعت إلية مرات كثيرة فماهي الكفارة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا حلفت مرات كثيرة بأن لا ترجع إلى عمل معين مرة ثانية ورجعت إليه مرتين أو مرات ولو كثرت فعليك كفارة واحدة وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام، لقوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم وكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا خلفتم واحفظوا أيمانكم) [المائدة: 89] .
وهكذا كل يمين على فعل واحد أو ترك شيء واحد، ولو تكررت ليس فيها إلا كفارة واحدة إذا كنت لم تكفر عن الأولى منها، أما إذا كفرت عن اليمين الأولى ثم أعدت اليمين فعليك كفارة ثانية إذا حنثت.
والواجب في الإطعام لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريباً. وفي الكسوة ما يجزئه في الصلاة كالقميص (الثوب) أو الإزار والرداء، وإن عشاهم أوغداهم كفى ذلك لعموم الآية الكريمة.
وفي مطالب أولى النهى في شرح غاية المنتهى - من كتب الحنابلة- ما ملخصه: ومن لزمته أيمان موجبها واحد ولو على أفعال، نحو: والله لا دخلت دار فلان، والله لا أكلت كذا، والله لا لبست كذا، وحنث في الكل قبل التكفير فإن عليه كفارة واحدة نص على ذلك الإمام أحمد لأنها كفارات من جنس واحد فتداخلت كلها كالحدود من جنس.
وقال بخصوص النذر: لو حلف بنذور مكررة على أن لا يفعل كذا وفعله، أجزأه كفارة واحدة لأن الكفارة للزجر والتطهير فهي كالحدود بخلاف الطلاق.
وعلى هذا فكيفيك كفارة واحدة لحنثك في النذور المكررة. ولكننا نوصيك بالبعد عن كثرة الحلف، وكثرة النذر لقوله تعالى: (واحفظوا أيمانكم) [المائدة: 89] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(19/684)
ما يلزم الحالف والناذر عدة مرات
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت بالله العظيم ونذرت مرات كثيرة بأن لا أرجع إلى هذا العمل مرة ثانية ورجعت إليه مرات كثيرة فماهي الكفارة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا حلفت مرات كثيرة بأن لا ترجع إلى عمل معين مرة ثانية ورجعت إليه مرتين أو مرات ولو كثرت فعليك كفارة واحدة وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام، لقوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا خلفتم واحفظوا أيمانكم) [المائدة: 89] .
وهكذا كل يمين على فعل واحد أو ترك شيء واحد، ولو تكررت ليس فيها إلا كفارة واحدة إذا كنت لم تكفر عن الأولى منها، أما إذا كفرت عن اليمين الأولى ثم أعدت اليمين فعليك كفارة ثانية إذا حنثت.
والواجب في الإطعام لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريباً. وفي الكسوة ما يجزئه في الصلاة كالقميص (الثوب) أو الإزار والرداء، وإن عشاهم أوغداهم كفى ذلك لعموم الآية الكريمة.
وفي مطالب أولى النهى في شرح غاية المنتهى - من كتب الحنابلة- ما ملخصه: ومن لزمته أيمان موجبها واحد ولو على أفعال، نحو: والله لا دخلت دار فلان، والله لا أكلت كذا، والله لا لبست كذا، وحنث في الكل قبل التكفير فإن عليه كفارة واحدة نص على ذلك الإمام أحمد لأنها كفارات من جنس واحد فتداخلت كلها كالحدود من جنس.
وقال بخصوص النذر: لو حلف بنذور مكررة على أن لا يفعل كذا وفعله، أجزأه كفارة واحدة لأن الكفارة للزجر والتطهير فهي كالحدود بخلاف الطلاق.
وعلى هذا فكيفيك كفارة واحدة لحنثك في النذور المكررة. ولكننا نوصيك بالبعد عن كثرة الحلف، وكثرة النذر لقوله تعالى: (واحفظوا أيمانكم) [المائدة: 89] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(19/685)
من حلف على شيء أكثر من مرة لزمته كفارة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[حلفت على مصحف مرتين وكلتا المرتين نفس الموضوع الذي حلفت عليه ولكن أنا مرغوم على هذا الحلف وكان من قبل زوجتي لكي تصدق وإلا ستنهدم حياتي الزوجية والحلفان ما إذا كان بيني وبين إنسانة معينةأي علاقة عاطفية وهذه الإنسانة نعرفها نحن الاثنان فزوجتي كان الشك يراودها فيما أن بيني وبيها أي علاقة عاطفية ولكني لا أنكر ذلك فكان ظرف صعب أمر به وزوجتي لم تتفهمني فوجدت هذه الإنسانة أقرب لي من زوجتي فجأة والآن رجعت وعرفت بأنها كانت مجرد نزوة عابرة أو هروب أو أي شئ خطأ ولكن لم يكن بيني وبينها سوى الكلام العاطفي أو اللمسات العادية جدا ولا تعتبر خطأ شنيعا.
ولكني تبت وندمت على هذا الحلف وأسأل الله أن يغفر لي ولجميع المسلمين.
فماذا يتوجب علي فعله لكي يغفر الله لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من حلفك مرتين كاذباً، ومن إقامتك هذه العلاقة مع امرأة أجنبية عنك.
ومن تاب تاب الله عليه وغفر له، وبدل سيئاته حسنات.
وقد ذهب الإمام الشافعي رحمه الله إلى أن اليمين الغموس (الحلف الكاذب) فيه كفارة يمين، لدخوله في عموم الأيمان.
ومن حلف مرتين واتحد سبب اليمين دون أن يكفر عن يمينه الأول لزمه كفارة واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1422(19/686)
هل يجوز الحلف كذبا للضرورة والحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جارة ظروفها المادية صعبة جداً فراتب زوجها 1800 درهم وإيجار البيت الذي يسكنونه 1000 درهم وينفق على مواصلاته من البيت إلى مقر عمله حوالي 400 درهم أي يتبقى من الراتب 400 درهم ولديهم من الأبناء خمسة أكبرهم عمره حوالي 12 سنة لذلك فظروفهم صعبة جداً وهذه المرأة كانت متزوجة من قبل برجل من مواطني الدولة وأنجبت له اثنان من الأبناء وتقدمت لوزارة الشؤون الاجتماعية لتحصل على معونة قدرها حوالي 1300 درهم ولكن من ضمن الشروط لكي تحصل على هذه المعونة هي أن تحلف بالله أنها لم تتزوج بعد طلاقها من الرجل الأول. لذلك فهي تسأل هل يجوز لها أن تحلف كذبأ لإنقاذ عائلتهاأم أنه حرام حتى في مثل حالتها ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكذب من الذنوب العظيمة، والأخلاق الذميمة، وهو من صفات المنافقين التي وصفوا بها في القرآن الكريم، والحديث النبوي، ويعظم إثمه ويزداد بشاعته إذا انضم إليه توكيده بالحلف بالله تعالى، كما قال عز وجل: (ويحلفون على الكذب وهم يعلمون) [المجادلة: 14] .
وقد جاء في صحيح مسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً أو ينمي خيراً، قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها"، فأول هذا الحديث نفى الكذب -أي المؤاخذة عليه- إذا كان بقصد الإصلاح بين الناس، وإشاعة الخير بينهم، لكنه سد باب الكذب سداً، إلا في الحالات الثلاث المذكورة فيه، وقد ألحق العلماء بها ما إذا دعت ضرورة وحاجة ماسة مثل: إنقاذ نفس المسلم، أو ماله، أو نحو ذلك، فأباحوا الكذب لهذه الأمور نظراً للمصلحة الراجحة.
قال الإمام النووي: إن الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب ... إلى آخر كلامه.
انظر رياض الصالحين: باب 253 ص: 459.
وعلى هذا فلا حرج على من خشيت على نفسها، أو عيالها الضياع أن تكذب، وأن تحلف عليه إذا لم يمكن لها أن تصل إلى ما أعد للفقراء والمحتاجين من الأموال العمومية إلا بالكذب، لكن الأحوط لها أن تورّي في كلامها، فالأصل في الأيمان الكاذبة المنع إلا إذا ترتب عليها دفع ضرر أكبر وأعظم من ضرر الكذب. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(19/687)
نقض العهد كفارته كاليمين مع التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال: أعاهد الله على أن لا أفعل كذا ثم فعله؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عاهد الله عهداً، فإنه يجب عليه الوفاء به، قال تعالى: (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً) [النحل: 91] .
وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) [المائدة: 1] . والعقود هي: العهود.
فإن فعل ما عاهد الله على ألا يفعله، فقد نقض العهد الذي بينه وبين الله، والواجب عليه في ذلك التوبة، وكفارة يمين.
قال ابن قدامة في الشرح الكبير: وإذا قال: عليَّ عهد الله وميثاقه لأفعلن، أو قال: وعهد الله وميثاقه لا أفعل، فهو يمين.
والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجز عن واحدة من الثلاثة صام ثلاثة أيام.
قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم، واحفظوا أيمانكم) (المائدة: 89] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(19/688)
من وجبت عليه كفارة يمين وهو معسر فأخرها حتى أيسر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ماحكم من أخر كفارة أيمان عليه لأكثر من سنة حيث يأمل أن يجد عملا ليكفر بالمال بدلا من الصيام مع أنه قادر على الصوم ولكن الأيمان كثيرة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حنث في يمين وجبت عليه الكفارة حسب حاله التي هو عليها من يسار أو إعسار. قال تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة:286] ولأنه لا يأمن أن يدركه الأجل قبل أن يكفر عن يمينه.
فإن أخر الكفارة -من كان معسراً إلى أن أيسر- فله أن يكفر بإحدى الثلاث: الإطعام أو الكسوة أو تحرير الرقبة، ويجزئه أن يكفر بالصوم لوجوب الصوم عليه حال حنثه باليمين. قال الشافعي رحمه الله في الأم: (ولو أنه حنث معسراً ثم لم يصم حتى أيسر أحببت أن يكفر ولا يصوم، من قِبَلِ أنه لم يكفر حتى أيسر، وإن صام ولم يكفر أجزأ عنه لأن حكمه حين حنث الصيام) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(19/689)
قدر أقل قيمة للمسروقات وأثبت حقك باليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم لقد اضطررت إلى أن أقسم اليمين أمام قاضي المحكمة بسبب أن منزلي قد سرق وكانت المسروقات من الذهب. فقد قرر القاضي أن أقسم اليمين على قيمة الذهب الحقيقية وأنا لا أعلم قيمتها بالتحديد لانه قد مضت عليه سنوات فقد أقسمت على مبلغ قدرته فما رأيكم في ذلك؟ وفي هذا القسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يحلف على أمر لا يقين عنده عليه، ويزداد ذلك حرمة إذا كان سيفضي إلى اقتطاع حق الغير، فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله: (إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) [آل عمران: 77] ".
ومن هذا تعلم أنه ليس لك أن تقسم على أمر إلاّ وأنت على يقين من مطابقته للواقع الحقيقي.
وكان عليك ـ لما وجه القاضي اليمين إليك ـ أن تتحرَّى أقل ما يمكن أن يكون قيمة لما سرق منك، ثم يكون اليمين على ذلك النحو.
والآن بعد أن حصل ما حصل، فإن كنت أقسمت على ما يمكن أن يكون أكثر من القيمة الحقيقية لما سرق منك، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وترد ما زاد على القيمة المحققة إلى من أخذ منه. واعلم أن المسلم إذا دار الأمر بين أن يرزأ في دنياه، وبين أن يرزأ في دينه، فعليه أن يختار ما يصيبه في دنياه تفادياً أن يصاب في دينه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1421(19/690)
اليمين على نية المستحلف أم على نية الحالف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الحلف بنية الحالف أوبنية المحلوف له؟ وهل يجوز التورية بالحلف؟ آمل منكم التفصيل في المسألة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اليمين على نية الحالف إذا نوى غير ما أضمره، وكان لفظه يحتمل ما نواه فيقبل قوله، لقوله صلى الله عليه وسلم "وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا إذا لم يتعلق بيمينه حق لغيره، أما إذا تعلق بها حق لغيره فإن النية فيها تكون حينئذ للمستحلف - أي: المحلوف له- لقوله صلى الله عليه وسلم "يمينك على ما يصدقك به صاحبك" وفي بعض ألفاظه " اليمين على نية المستحلف" رواه مسلم وابن ماجه.
وذهب بعض العلماء إلى أن اليمين على نية الحالف مطلقاً إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه، ولكن ألفاظ العموم في الحديث السابق ترد عليهم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1421(19/691)
ما يترتب على من يكثر الحلف بالله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثير الحلف بالله ولا أفي بما أقول (مثلا: والله سوف أفعل هذا الشيء ولا أقوم بفعله)
أرجو أن تفيدوني ماذا أفعل خصوصا أنها أصبحت عادة على لساني وهل علي كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم أن لا يكثر الحلف بالله سبحانه، لأن في ذلك ما يشعر بعدم تعظيمه الله، كما أن فيه نوع جرأة عليه سبحانه وتعالى، والله يقول: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ... ) [البقرة: 224] ويقول: (واحفظوا أيمانكم) [المائدة: 89] .
وقد ذكر الله من يكثر الحلف وأدرج وصفه ضمن أوصاف غير محمودة كالمشاء بالنمية والهماز وغيرهما، قال تعالى: (ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم) . [القلم:]
أما ما يترتب على كثرة الحلف، فإن الحالف في مثل الحال المسؤول عنها لا يخلو من إحدى صورتين، الأولى: أن يقسم على ما يعقد عليه العزم بقلبه، فهذا إن حنث لزمته الكفارة، فيما إذا كان قسمه قسم طاعة أو مباح بالإجماع، وفيما إذا كان حلف على فعل محرم في الراجح، وإن لزمه الترك.
وإذا كا ن المحلوف عليه شيئاً واحداً، وتكررت الأيمان قبل الحنث، فتلزم كفارة واحدة عنها.
أما إذا كان المحلوف عليه أشياء مختلفة، واليمين واحدة فلا تلزمه إلا كفارة واحدة أن يكون القسم مجرد لفظ باللسان دون قصد لمعناه، فهذا من لغو اليمين الذي لا كفارة فيه.
أما إذا كان حالفاً على أمر يعتقد أنه غير صحيح فهذه هي اليمين الغموس سميت بذلك لكونها تغمس صاحبها في النار وهي أعظم عند الله من أن تكفر، والواجب فيها هو التوبة منها وأوجب فيها الشافعي الكفارة مع التوبة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1421(19/692)
هل يجوز دفع الكفارة لشخص واحد أو شخصين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع كفارة اليمين لشخص واحد وأعني بكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين وهي حسب علمي ما يعادل 2,5 كيلوجرام من الأرز للشخص الواحد يعني طعام عشرة مساكين ما يعادل 25 كيلوجرام هل يجوز أن أعطيها لشخص واحد أوشخصين وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف وحنث في يمينه وجبت عليه كفارة اليمين، فإن شاء أطعم عشرة مساكين، وإن شاء كساهم، وإن شاء أعتق رقبة، فأي ذلك فعل أجزأه، فمن لم يجد وجب عليه صيام ثلاثة أيام، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم، والأصل في ذلك قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) [المائدة: 89] .
وقد أجاز الأوزاعي دفع الطعام أو الكسوة إلى مسكين واحد، وقال الحنفية بالجواز، وهو رواية عن أحمد، لكن إذا دفعت لمسكين واحد في عشرة أيام، ولا يجوز دفعها إليه في يوم واحد.
وذهب جمهور أهل العلم كمالك والشافعي وأحمد في الصحيح عنه إلى أنه لا يجوز أن تدفع إلى أقل من عشرة مساكين لنص الله تعالى على عددهم، وهو الراجح.
فإن لم يجد عشرة مساكين: فقال مالك والشافعي وأحمد في رواية لا يجزئه إلا كمال العدد.
وذهب أحمد في الرواية الأخرى والثوري إلى أنه إن لم يجد عشرة مساكين يرد على الموجود منهم في كل يوم حتى يتم العشرة، فإن لم يجد إلا واحداً ردد عليه تتمة عشرة أيام، وإن وجد اثنين ردد عليهما خمسة أيام، ولعل هذا هو الراجح لقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16] .
وقد أجاز الأوزاعي والحنفية إخراج قيمة الطعام أو الكسوة بدلاً عنهما، ومنع ذلك الجمهور بمن فيهم الأئمة الثلاثة وهو الراجح، وننبه إلى أن الطعام الواجب في كفارة اليمين لكل مسكين ليس كما ورد في السؤال، بل تحديد جنس الطعام وقدره يرجع فيه إلى العرف، فيطعم من أوسط ما يطعم أهله قدراً ونوعاً، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، إذ آثار الصحابة في ذلك مختلفة فيصار إلى إطلاق الآية، والمطلق على لسان الشارع يرجع في تفسيره إلى العرف، وإذا أخرج مداً من قوت أهله لكل مسكين فهو إطعام، والمد هو ملء يدي شخص وسط.
واختلف أهل العلم فيمن وجب عليه الصوم هل يجوز له أن يفرق الثلاثة الأيام أم لا؟
فمذهب مالك وظاهر قول الشافعي ورواية عن أحمد أنه يجوز تفريقها، واحتج لهم بأن الأمر بالصوم مطلق ولا يجوز تقييده إلا بدليل، وقال مالك: (وأحب أن يكون ما سمى الله في القرآن يصام متتابعاً) . واشترط الأحناف التتابع وهو ظاهر مذهب أحمد وقول للشافعي والنخعي والثوري وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومجاهد وعكرمة، وروي عن علي بن أبي طالب وهو الراجح لقراءة أبي وابن مسعود: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" فهذا وإن لم يكن قرآناً إلا أنه له حكم الخبر المرفوع.
قال ابن قدامة: "وعلى هذا إذا أفطرت المرأة لمرض أو حيض أو الرجل لمرض لم ينقطع التتابع، وبهذا قال أبو ثور وإسحاق"، وهذا يعني أن التتابع لغير المعذور واجب مشروط. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(19/693)
حكم من يحلف على شيء ثم يعود إليه.
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أحلف بالله على بعض الأمور التي أردت أن أبتعد عنها وكنت ألتزم باليمين وأمتنع عن تلك الأمور ولكن إلى حين فأرجع وأحلف اليمين وأمتنع بعض الوقت ولكن لا أستطيع المقاومة فأحلف مرة أخرى وستمر الوضع كذللك حتى إني لا أعرف عدد المرات بالضبط التي حلفت فيها ونكثت وأنا طالب آخذ مالي من أبي فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تحلف على أمر ونيتك أنك لا تفعله إطلاقاً، بمعنى أنك لم تنو في اليمين تركه لبعض الوقت بل إنك تريد تركه أبداً، ثم بعد ذلك فعلته- وهو ظاهر كلامك- فإنه في هذه الحالة تلزمك الكفارة، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وإذا كنت حنثت في عدة أيمان ولا تدري كم هي فحاول أن تميز عددها ولو فيما يغلب على ظنك ثم كفر عنها وأخبر والدك بأمرهذه الأيمان واطلب منه المساعدة في الإطعام، فإن استجاب فالأمر واضح وإلا فعليك أن تصوم عن كل يمين ثلاثة أيام والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(19/694)
التكفير عن اليمين.
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسمت بالله على المصحف الشريف بأن لا أقوم بفعل المنكر وهو الاستمناء ولكني كسرت هذا القسم, وإنني الآن نادم جداً على مافعلت ولم أستطع النوم بالأمس من شدة تأنيب الضمير مع العلم أنني أصلي ماذا علي ان أفعل للتكفير عن ذلك.؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً وتستغفره كثيراً، وتكثر من الأعمال الصالحات، وعليك أن تكفر عن يمينك بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام الموجود، أو بكسوتهم، أو بعتق رقبة، فإن لم تستطع شيئاً من ذلك فعليك أن تصوم ثلاثة أيام لقول الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم) [المائدة: 89] أما القسم مع إحضار المصحف أو في مكان فاضل كأن يكون عند الكعبة أو في المسجد بعد صلاة أو نحو ذلك فإنما هو لتعظيم اليمين وتوثيقها في قلب المقسم ليكون ذلك أدعى له إلى البر وعدم الحنث، ولا أثر لذلك في الكفارة.
ويجب عليك أن تقلع عن ممارسة الاستمناء فإنه لا يجوز، وله أضرار كثيرة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/695)
من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها.
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في حالة غضب شديد، وأقسمت أنني سوف أقوم بعمل معين، وكان هذا العمل فيه بعض الخطأ. ولكنني عندما هدأت لم أنفذ ما أقسمت عليه. فهل علي كفارة؟ وإذا كان علي كفارة، فما هو مقدارها. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه"
وحيث أنك عدلت عن العمل المشتمل عل الخطأ، فقد هديت إلى الصواب، ويلزمك كفارة يمين.
والكفارة إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، ومن لم يجد شيئاً من ذلك صام ثلاثة أيام لقوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون) [المائدة:89] ويجزئ في الإطعام دفع كيلو ونصف من القمح أو الأرز أو نحوهما إلى كل مسكين، أو إطعامهم في الغداء أو العشاء، ويكفي في الكسوة ثوب يجزئ في الصلاة، ويقي الحر أو البرد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(19/696)
حكم من حنث في يمينه ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حلفت يميناً على ان لا افعل شيئا (معينا او مخصوصا) ، ولكن فعلته وقد نسيت اني حلفت باني لن افعله مجددا، فما الحكم؟ هل يجب علي صيام ثلاثة ايام كفارة، ام تسقط عني إذا تم الأمر نسياناً؟ أفتوني جزاكم الله خيرا،،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم هل يحنث الحالف بفعل المحلوف عنه ناسياً أنه حلف أم لا يحنث؟، فذهبت طائفة منهم إلى أنه لا يحنث بذلك وأنه معذور بالنسيان ولا كفارة عليه، واستدلوا بقول الله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً) [الأحزاب: 5] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ قول الله تعالى: (ربنا لا تؤا خذنا إن نسينا أو أخطأنا) [البقرة: 276] . قال: "قال الله: قد فعلت".
وقالوا: إن الكفارة لرفع الإثم، والإثم منتف هنا.
وذهبت طائفة أخرى إلى أنه يحنث بفعل المحلوف عليه ناسياً وعليه الكفارة. وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن لم يجد شيئاً من ذلك صام ثلاثة أيام. ودليل هؤلاء أن الحالف لما كان عامداً للفعل الذي هو سبب الحنث لم يعذر بنسيان أنه حلف فلزمته الكفارة.
والأحوط أن تكفر عن يمينك خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1422(19/697)
تجب الكفارة على من حلف ألا يعود إلى فعل محرم ثم عاد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: ماهو حكم الشرع في من أقسم بالله على المصحف الشريف بأن لايرجع إلى فعل عمل محرم لكنه كسر ذلك القسم وفعل ذلك العمل.,وهو الآن نادم جدا على ذلك.,ماذا يجب عليه للتكفير عن هذا؟.أرجو منكم سرعة الرد وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليه الاستغفار والتوبة من الوقوع في المحرم والحنث في اليمين، وعليه كفارة يمين، وهي كما قال الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون) [المائدة: 89] .
وقد سبق الكلام على الكفارة مفصلاً برقم:
204
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(19/698)
كفارة اليمين على الترتيب المذكور في الآية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله منذ فترة حلفت يمينا فقلت: والله العظيم لن أذهب إلى ذلك المكان ثم حنثت في اليمين وذهبت إلى نفس المكان وأنا أريد أن أفدي اليمين ولكن كيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
كفارة اليمين هي أحد أربعة أمور:
1 – إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أنت وأهلك ولذلك عدة صور- منها أن تعطي كل واحد منهم مداً من غالب قوت أهلك، ومنها أن تغديهم أو تعشيهم كذلك، ومنها أن تدفع لهم قيمة الطعام إن كان ذلك أصلح للفقراء.
2 – كسوة عشرة مساكين يعطي كل واحد منهم ثوباً.
3 – عتق رقبة عبدًا أو أمةً. وهذه الأمور الثلاثة على التخير، يفعل الحانث أيها شاء فإن عجز عنها جميعًا انتقل إلى الأمر الرابع وهو:
4 – صيام ثلاثة أيام. وهذه الكفارة بأقسامها الأربعة مذكورة في كتاب الله تعالى، قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبةٍ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم) . [المائدة: 59] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/699)
كيف يكفر عن اليمين التي حنث فيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حلفت يمينا فقلت: والله العظيم لن أذهب إلى ذلك المكان. ثم ذهبت إلى المكان بعد ذلك ولا أعرف كيف افدي ذلك اليمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكفارة اليمين بينها الله في سورة المائدة. قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون) . فكفارة اليمين تكون كالتالي: - إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من الطعام من غالب قوت البلد أو كسوتهم، والكسوة ما يلبسه أوسط الناس مما يستر العورة، ويقي الحر، والبرد. أو تحرير رقبة، وهي غير موجودة الآن. - فمن لم يجد أحد هذه الثلاثة أو لم يستطع واحدا منها انتقل إلى صيام ثلاثة أيام ولا يشترط فيها التتابع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1422(19/700)
لا يقوم إطلاق أسر حيوان مقام عتق رقبة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل إطلاق أسر حيوان بمثابة إعتاق رقبة؟ ... مع تحياتي للجميع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
وليس إطلاق أسر حيوان ما بمثابة عتق الرقبة الوارد في الشرع.
وإنما المقصود شرعاً بعتق الرقبة: أن يكون الشخص يملك عبداً فيعتقه، أو أمة فيعتقها، في كفارة أو نذر، أو تطوعاً ابتغاء وجه الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/701)
كفارة يمين أولى من طلاق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قال لزوجته " والله لأطلقنك " أي يقصد بها في المستقبل، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: من قال لزوجته (والله لأطلقنك) ولم يتلفظ به أي لم يطلقها فلا شيء عليه، ولا يقع الطلاق ما دام لم يفعل، ولكن إن كان معقداً اليمين ولم يطلقها والأولى له ألا يطلقها، لقوله صلى الله عليه وسلم "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". [رواه أبو داود وغيره] . فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فهو مخير في فعل واحد من الثلاثة فإن عجز عن أحد الثلاثة فعليه صيام ثلاثة أيام لقوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم) . [المائدة: 89] ، وفقك الله لصلاح أمرك وسدد خطاك. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/702)
من أقسم على فعل شيء أو تركه ثم حنث فإنه تلزمه الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[الله يعطيكم العافية: سؤالي هو: منذ فترة حاولت منع أمي من أكل نوع من الطعام لأني أعلم أنه يسبب لها السمنة التي هي في غنى عنها حلفت عليها إن هي حاولت أكله وأكلته لن يدخل بطني فامتنعت عنه لفترة لكنها عادت إليه فقطعته مما سبب لي الضعف العام،وكذلك ضعف في شعري وقد تقدمت لي عدة نصائح أنه مفيد جدا لي وأنه لابد أن أعود إليه فما هي الكفارة حتى أستطيع العودة إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: كفارة اليمين هي كما قال الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم) . [المائدة: 89] . فتطعم عشرة مساكين، أو تكسوهم، وقيمة الإطعام تدفع للفقراء والمساكين، أوللجمعيات الخيرية على أمر يبين لهم أنها كفارة يمين، فإن لم تستطع إطعاماً ولا كسوةً، فتصوم ثلاثة أيام، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/703)
الكفارة إطعام أو كسوة عشرة مساكين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي القيمة المادية لكفارة اليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
كفارة اليمين هي كما قال الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون) [المائدة: 89] . ويكفي في إطعام المسكين إعطاؤه كيلو ونصف من الطعام أرزا أو غيره، ولو أطعمته مرتين غداء وعشاء كفى ذلك، وتفعل هذا للمساكين العشرة، ويكفي في الكسوة ثوب تصح فيه الصلاة.
فإذا لم تجد مساكين تدفع إليهم ذلك، جاز لك أن توكل إحدى الجمعيات الخيرية لتقوم نيابة عنك بالإطعام أو الكسوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(19/704)
حكم دعوة الناس للعبادة وإجراء مسابقة لذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا عاهدت نفسي أو نذرت أصوم 15 يوما الأولى من شعبان مع قيام ليلها 11 ركعة، وختم القرآن الكريم، والمواظبة على صلاة الصبح في المسجد. هل يعتبر هذا العمل بدعة أو فيه أي مخالفة لشرع الله؟ وهل يجوز أن أشرك معي إخوتي في الله من باب المنافسة في الطاعة وأعمل تحديا بينهم على تنفيذ ذلك البرنامج من صيام وقيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصيام في شعبان مشروع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم في شهر كما كان يصوم في شعبان. وسأله أسامة بن زيد كما عند النسائي بسند حسن عن سر إكثاره من الصيام في شعبان، فقال: ذاك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، ترفع الأعمال فيه إلى الله عز وجل، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. والقيام بإحدى عشرة ركعة مشروع لقول عائشة رضي الله عنها: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة. متفق عليه.
وقراءة القرآن وختمه ممّا لا شك في مشروعيته وعظيم فضله، وصلاة الصبح في المسجد من أهم خصال أهل الإيمان في شعبان وغيره، وقد أوجب بعض أهل العلم الجماعة في المسجد، فظهر لك أن جميع ما ذكرته ممّا نذرته أو عاهدت نفسك على فعله من الأمور المشروعة التي يثاب فاعلها، وليس ذلك من البدع بحال، وقد بين ابن رجب في لطائف المعارف أن السلف رحمهم الله كانوا يجتهدون في الطاعات في شعبان تأهبا لرمضان، ومن ثم فالواجب عليك الوفاء بهذا النذر إذا كنت قد تلفظت به بلسانك، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. أخرجه البخاري.
وأما دعوتك إخوانك إلى هذا وإجراؤك ما يشبه المسابقة بينهم فلا نرى أن تفعله، فإن الأصل في العبادات أن يجتهد المسلم في إخفائها حرصا على تحصيل الإخلاص وسدا لباب الرياء، قال تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. {الأعراف: 55} .
ونقل ابن كثير في تفسيرها عن الحسن قال: إنْ كانَ الرجل لقد جمع القرآن، وما يشعر به الناس. وإن كان الرجل لقد فقُه الفقه الكثير، وما يشعر به الناس. وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزُّوَّر وما يشعرون به. ولقد أدركنا أقوامًا ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر، فيكون علانية أبدا. ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يُسمع لهم صوت، إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. وذلك أن الله ذكر عبدًا صالحا رَضِي فعله فقال: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا. [مريم:3] .
وقد دلت النصوص الشرعية على مشروعية إظهار العمل الصالح، فمن يأمن على نفسه من الرياء وكان محلا للاقتداء ليقتدي به الآخرون في الخير، ولكن هذه مرتبة قد يعسر تحقيقها في حق كثير من الناس.
ومن ثم فالذي ننصحك به هو أن تذكر إخوانك بفضيلة الطاعات في هذه المواسم المباركة، وتحثهم على الاجتهاد في العبادات في شعبان تأهبا لرمضان، وتدعوهم إلى بذل الوسع فيما يقربهم إلى ربهم جل وعلا، وفقنا الله وإياك لما فيه مرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(19/705)
كراهية الإقدام على النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل جائز أن أنذر أنه إذا شفاني الله من البوليميا أن أصوم شهرا وأن أتصدق بمبلغ معين من المال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الإقدام على النذر مكروه مطلقاً، والنذر المعلق على الشفاء من مرض -مثلاً- يجب الوفاء به إذا تحقق الشفاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه؛ كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 56564.
وبناءً عليه؛ فيكره لك الإقدام على النذر المذكور، لكن إذا أقدمت عليه فنذرت ثم شفيت من مرضك وجب عليك صيام شهر والتصدق بالمبلغ الذي حددته، لأن النذر المعلق يجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، وإذا لم يحصل الشفاء فلا يجب عليك شيء مما سبق، وراجع الفتوى رقم: 17463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(19/706)
وجوب الوفاء بالنذر لغير العاجز
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت الخروج في سبيل الله 3 أيام إذا نجحت وأعطاني ربي مرادي، فهل يجوز أن أبدل الخروج بالصوم 3 أيام، فأرجو الرد؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر لا يأتي بشيء لم يقدره الله تعالى، ولذا فينبغي للأخت السائلة أن تعلم أنه إن كان الله عز وجل قد قدر لها النجاح فإنها ستنجح سواء نذرت أم لم تنذر، وإن لم يكن قد قدر ذلك فلن يفيدها النذر شيئاً، أما عن حكم ما يلزمها الآن، فإن كانت تعني بالخروج أن تخرج للتعلم والتفرغ لعبادة الله تعالى والدعوة إليه ولم يترتب على ذلك محظور من تضييع حق واجب أو ارتكاب محرم، فالظاهر أن عليها أن تفي بنذرها حسبما نذرت، ولا يجوز لها العدول عنه إلى الصيام ولا غيره، فإن منعها منه مانع يرجى زواله فهو في ذمتها عليها الوفاء به عند ما تتمكن من ذلك، وإن لم يرج زواله فإن عليها كفارة يمين لحكم العجز، وإليك كلام الفقهاء في هذا الموضوع.
قال ابن قدامة في المغني في معرض كلامه عن العجز عن الوفاء بالنذر: وإن عجز لعارض يرجى زواله، من مرض، أو نحوه انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها لأنه لم يفت الوقت، فيشبه المريض في شهر رمضان، فإن استمر عجزه إلى أن صار غير مرجو الزوال، صار إلى الكفارة والفدية. انتهى.
وقال أيضاً: وجملته أن من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادراً عليها، فعجز عنها، فعليه كفارة يمين لما روى عقبة بن عامر قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيته، فقال: لتمش، ولتركب. متفق عليه. ولأبي داود: وتكفر يمينها. وللترمذي: ولتصم ثلاثة أيام. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نذر في معصية الله، وكفارته كفارة يمين، قال: ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين. رواه أبو داود. وقال: وقفه من رواه عن ابن عباس، وقال ابن عباس: من نذر نذراً لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً يطيقه فليف الله بما نذر. انتهى.
وفي الموطأ عن مالك رحمه الله تعالى أنه قال: الأمر عندنا في نذر المرأة أنه جائز عليها بغير إذن زوجها يجب عليها ذلك ويثبت إن كان ذلك في جسدها، وكان ذلك لا يضر بزوجها، وإن كان يضر بزوجها كان ذلك عليها حتى تقتضيه. انتهى.
قال في المنتقى عند شرحه لهذه العبارة: وأما ما يتعلق بجسدها كالصلاة والصيام والحج، فإنه على ضربين: أحدهما: أن يضر بالزوج ككثير الصيام والحج. والثاني: لا يضر به كصلاة ركعتين وصيام يوم، فإن كان ذلك يضر بزوجها منعها منه لأن حقه قد تعلق بالاستمتاع بها، فليس لها أن تأتي بما يمنع منه، ولكن ذلك يبقى بذمتها حتى تجد إلى أدائه السبيل، وإن كان ذلك مما لا يضر بالزوج كان لها تعجيل فعله، ولم يكن للزوج منعها منه. انتهى. وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34245، 47974، 55019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1428(19/707)
النهي عن النصح بالإقدام على النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: زوجتي تقوم دائما بالدعاء على نفسها بالموت أثناء الغضب وأردت ردعها عن ذلك بأن تحلف بنذر بأن لا تدعو على نفسها ولم أحدد مدة النذر فما الحكم في ذلك وما السبيل لإبطال ذلك النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك تدعو على نفسها بالموت وهي تتمتع بعقلها فهذا أمر لا يجوز الإقدام عليه، ومن أهل العلم من صرح بكراهة ذلك كما فعل النووي، ومنهم من رأى فاعل ذلك عاصيا كما قاله ابن عبد البر رحمه الله كما سبق في الفتوى رقم: 8729، وكان الأجدر بك أن تجتهد في نصحها بترك ذلك، ولا يشرع لك أن تنصحها بالإقدام على النذر لثبوت النهي عنه كما تقدم في الفتوى رقم: 56564، وإذا كانت قد نذرت أنها كلما دعت على نفسها لزمها نذر فهذا يسمى بنذر اللجاج، والراجح من كلام أهل العلم أن فيه كفارة يمين فقط ولو تكرر الحنث من صاحبه كما تقدم في الفتوى رقم: 70051، وعليه فزوجتك تلزمها كفارة يمين في هذه الحالة، ولا يجوز لها الإقدام على الدعاء على نفسها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(19/708)
حكم الانتفاع بما نذر لغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[علماً بأن النذر لغير الله في كافة أشكاله حرام وشرك، لكن هل المنذور إذا كان غير حيوان فهل يصير حراماً ويحرم أكله أو مصرفه والاستفادة منه، علماً بأن بعض المفسرين يعممون آية (وما أهل به لغير الله) وعلى هذا الأساس يحكمون بحرمة أكل ذلك الشيء، وهكذا حرمة الاستفادة منه حيواناً، كان أم غير حيوان، مأكولاً كان أو غير مأكول، أرجو منكم جواباً شافياً مفصلاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم الوفاء بالنذر إلا إذا كان قربة لله تعالى, وأما النذر لغير الله فلا يجوز ويكون شركاً ولا يحل الانتفاع به إذا كان ذبيحة وقد تم ذبحها لغير الله بل ترمى للكلاب ونحوهم.
وأما إذا كانت لم تذبح بعد؛ فلا حرج في الانتفاع بها ببيع أو ذبحها لله وأكلها، وكذا إذا كان غير ذبيحة فلا بأس بالانتفاع به على غير الوجه الذي نذر به.
ومثل النذر ـ فيما سبق ـ الذبح لغير الله، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع 8/ 386: قال الرافعي: واعلم أن الذبح للمعبود وباسمه نازل منزلة السجود، وكل واحد منهما من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى، الذي هو المستحق للعبادة فمن ذبح لغيره من حيوان أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة لم تحل ذبيحته وكان فعله كفراً كمن يسجد لغير الله تعالى سجدة عبادة، فكذا لو ذبح له أو لغيره على هذا الوجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو الحجة 1426(19/709)
من نذر صوما لزمه الوفاء إلا من عجز لا يرجى زواله فيكفر عن يمين ويطعم بعدد مانذر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت في الصف التاسع وكان قد مضى على بلوغي حوالي 8أشهر. وعند إعلان نتائج الامتحانات كنت خائفا من النتيجة فنذرت نذرا. وهو صيام سنتين في حال كانت النتيجة جيدة ولم أحدد أن تكون متتالية أو متقطعة ولكن لا أعرف كيف أبدأ به أو وجود كفارة له أوقد يداهمني الموت قبل إنجازه كيف الحل والرجاء الإجابة وماهو حكم دخول رمضان علي وأنا على نذر أرجو المساعدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر مكروه في الأصل لثبوت النهي عنه، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي لله عنهما قال: نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل. وهذا لفظ البخاري. ومن نذر طاعة لله كصلاة وصوم ونحوهما وجب عليه الوفاء بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره. وما دمت قادرا على الوفاء بنذرك وجب عليك ذلك، فإذا طرأ عجز لا يرجى زواله فعليك كفارة يمين وإطعام مسكين عن كل يوم من أيام النذر، وراجع الفتوى رقم: 19796. ولا يجب عليك تتابع صوم النذر ما لم تكن قد نويت ذلك كما هو مذهب جمهور أهل العلم، وراجع أيضا الفتوى رقم: 10904. كما لا يجب عليك الوفاء بالنذر فورا إذا لم تكن صيغة النذر تقتضي ذلك، بل بإمكانك تأخيره إلى وجود فرصة مناسبة، وإن كان الأولى في حقك المبادرة إلى الوفاء به مخافة حصول مانع منه من مرض أو موت أو نحوهما، وإذا استهل رمضان فابدأ بصوم رمضان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(19/710)
حكم الإقدام على النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشكركم على تعاونكم مع المسلمين الذين يحبون أن يطلعوا على أمور دينهم الحنيف، وجزاكم الله الخير الوفير وأسكنكم فسيح جناته وجميع المسلمين.
هل يجوز أن ينذر الشخص أن يصلي لله عشر ركعات من كل شهر زيادة على الفروض والنوافل عشر ركعات خالصة لله أو شكرا له أو لضيق في نفسه فنذر أن يصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء اختفلوا في الإقدام على النذر هل هو جائز أو مكروه؟ لكنهم اتفقوا على وجوب الوفاء به إذا وقع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري، وللوقوف على تفصيل الكلام في حكم النذر راجع الفتوى رقم: 5526.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(19/711)
إبطال النذر لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من فلسطين أل (48) . قبل 5 سنوات عبرت حادث طرق صعب جدا ويحق لي بموجب القانون في إسرائيل أن أتقاضى تعويضا ماديا عن الإصابة لكن المحكمة هي التي تقرر حجم مبلغ التعويض وكنت قد نذرت نذرا لأختي بأني سوف أعطيها مبلغا من المال في حال تلقيت هذا التعويض من شركة التأمين والحقيقة أن المبلغ الذي نذرته لها كبير وقد يؤثر على برنامجي المستقبلي في حال لم أحظ بمبلغ يتلاءم مع متطلباتي وهذا النذر في آن واحد. فهل أستطيع أن أغير في هذا النذر أو أن أبطله طالما هو لم يقع بعد ولم أتقاض أي مبلغ ولا يزال النذر معلقاً؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نذر أن يطيع الله فليطعه، فيجب عليك الوفاء بالنذر، ولا يجوز لك إبطاله إلا أن تعجز، فإذا عجزت عنه لزمتك كفارة ككفارة اليمين، وليس من العجز تأثير الوفاء بهذا النذر على برنامجك المستقبلي. ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 1125 والفتوى رقم: 3723 والفتوى رقم: 11339
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(19/712)
النذر المعلق بشرط ... حكمه وما يترتب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندما يريد إنسان أن ينذر. فهل هناك طريقة للبدء بالنذر. كأن يصلي ركعتين ومن ثم يتلفظ بالنذر. وهل يجوز أن أقول إذا تزوج فلان أو فلانة فإنني سأنفق مبلغا من المال في سبيل الله. هل هذا النوع من النذر جائز. وهل يجب إخراج المال في حال لم تتحقق الأمنية.. أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر يسمى النذر المعلق بشرط، وهو مكروه. فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنه لا يرد شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري وغيره، ويجب الوفاء به إن حصل المطلوب المعلق عليه وإلا فلا يجب على الناذر شيء في حال عدم تحقق الأمر الذي علق عليه، فإذا قال الشخص -مثلا- إن قضى الله حاجتي فعلي كذا في سبيل الله، وبعد ذلك قضيت له تلك الحاجة فيجب عليه الوفاء بما قال، وإن لم تتحقق حاجته فلا شيء عليه، ولا خلاف بين العلماء في وجوب الوفاء في هذا النوع من النذر إن حصل ما علق عليه الشخص نذره، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره.
ولعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] ولأن الله تعالى قد مدح بالوفاء به فقال "يوفون بالنذر"، وأما كيفية النذر وهل هناك طريقة للبدء به؟ فالجواب عن هذا أن النذر هو التزام المكلف قربة لله عز وجل غير واجبة أصلاً ولا بد فيه من صيغة تفيد الالتزام، ولا تشرع الصلاة لأجل النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(19/713)
النذر المباح ... تعريفه..حكم لزومه وكفارته
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا وثبت على الخير خطاكم..
سؤالي بعد السلام..كانت زوجتي متعلقه بمدرسة لها وهي في الصف الثاني متوسط (عمرها حينذاك 14 عاما تقريبا) ، فنذرت أنها إذا تزوجت وأنجبت فتاة ستسميها باسمها. والآن أنا لا أرغب بهذا الاسم وهي ليست متحمسة له كذلك.
هل يجب الالتزام بذلك وهل على زوجتي إذا ما لم نسم بهذا الاسم أي شيء؟؟؟
حفظكم الله ورعاكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنذر هو: - إلزام المسلم نفسه فعل ما لم يكن ملزماً به شرعاً، وهو عدة أقسام منها:
نذر المباح: كلبس الثوب أو ركوب الدابة أو تسمية المولود باسم معين، ولزوم مثل هذا النذر مختلف فيه بين العلماء، والراجح - والله أعلم - أن الناذر مخير فيه بين الفعل والترك؛ ولكن الأفضل أن يكفر إذا ترك كفارة يمين خروجاً من الخلاف، وكفارة اليمين هي: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وراجع الجواب رقم:
3630 والجواب رقم: 1125
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(19/714)
نذر اللجاج مخير فيه بين الوفاء أو كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أفعل ذنبا وتبت منه، ونذرت إن فعلته مرة أخرى أن أصوم 5 أيام، ثم فعلته وبالفعل صمت 5 أيام، وفعلته مرة أخرى وصمت 5 أيام. فهل يجب علي كلما فعلته أن أصوم 5 أيام؟ وهل لي أن أغير النذر أى بأن أقول كلما فعلت هذا الذنب أن أدفع مبلغا من المال ويسقط عني الصيام؟ أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النذر الذي صدر منك يعتبر نذر لجاج، وتترتب عليه كفارة يمين على الراجح من كلام أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 30392. ومن أهل العلم من قال: هو مخير بين الكفارة والوفاء بالنذر.
ولذلك، فإن عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، والإقلاع عن هذا الذنب وغيره، ولك أن تختار بين فعل ما نذرت أو كفارة يمين، فأيهما فعلت أجزأك.
وإذا كنت أتيت بصيغة تفيد تكرار النذر بأن قلت: كلما فعلت هذا الشيء أو مهما فعلته فعلي أن أصوم،، فإن النذر مستمر كلما فعلته فعليك الكفارة، أو الصوم، وإن كنت قلت إن فعلت كذا فعلي أن أصوم ونحو ذلك مما لا يفيد التكرار، ولم يكن قصدك تكرر النذر إذا تكرر الفعل، فإن نذرك ينحل بالمرة الأولى، وتكون عليك كفارة واحدة، وسبق بيان ذلك شيء من التفصيل في الفتويين: 8533، 31601.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 39967، 78902، 124164، 105296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(19/715)
نذر الواجب لا ينعقد ولا تلزم فيه كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: نذرت أن أحافظ على صلواتي لكني لم أصلها متعمدا، والصلوات التي لم أصلها أكثر من 9 شهور، ولكني كتبتها في ورقة، وسوف أبدأ أصلي صلواتي كلها ـ إن شاء الله ـ وسوف أقضي هذه الصلوات، لكني أريدأن أعرف الحكم فيما فعلته؟ وإذاكانت تلزم منه كفارة فما هي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه من ترك الصلاة هذه المدة ذنب عظيم وإثم كبير، والواجب عليك التوبة النصوح من هذا الذنب الذي هو من أكبر الكبائر، بل ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير فاعله ـ والعياذ بالله ـ والواجب عليك عند أكثر أهل العلم المبادرة بقضاء هذه الصلوات التي تركتها، فإنها دين في ذمتك لا تحصل لك البراءة إلا بفعلها، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 6061، 15037، 12700، وأما بخصوص هذا النذر، فقد اختلف أهل العلم هل هو نذر منعقد تلزم به الكفارة أو لا؟ ومذهب الجمهور أن هذا النذر ـ أي نذر الواجبات ـ لا ينعقد ولا تلزم فيه الكفارة.
قال ابن أبي عمر في الشرح الكبير: فإن نذر واجبا كالصلاة المكتوبة فقال أصحابنا لا ينعقد نذره وهو قول أصحاب الشافعي، لأن النذر التزام ولا يصح التزام ما هو لازم له، ويحتمل أن ينعقد نذره موجبا لكفارة يمين إن تركه كما لو حلف لا يفعله ففعله فإن النذر كاليمين، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم يمينا. انتهى.
وقد رجحنا مذهب الجمهور في الفتوى رقم: 112019، وبناء على القول الراجح فإنه لا يلزمك في ترك الوفاء بهذا النذر شيء، وإنما تلزمك التوبة إلى الله تعالى كما قدمنا، ولك أن تحتاط فتعمل بالقول الثاني والذي ذكره ابن قدامة احتمالا، فتكفر كفارة اليمين وقد بينها الله تعالى في قوله: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ {المائدة: 89} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1430(19/716)
العجز المستمر عن النذر كفارته كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم التكرم عليّ بإعطائي الفتوى.
عمري 30 عاماً، مطلقة وليس لي أبناء، عندما كنت في 17 من عمري كنت متزوجة وظننت بأني قد حملت من زوجي فنذرت إن لم أكن حاملاً:أن أتصدق بذهبي ـ ولله الحمد ـ لم أكن كذلك، لأنني كنت أريد الطلاق وبقيت معلقة وترددت في التصدق بالذهب لسببين: أني سأواجه من الجميع انتقادات لاذعة، أيضا والدي أعاد الذهب لطليقي عندما طلقني، وقبل الطلاق سألت شيخاً بأني لن أستطيع التصدق بذهبي فأفتاني بأن أعطي كفارة يمين، فوضعت الكفارة في صندوق تبرعات ولم أكن وقتها أعلم بأنه يجب علي أن أعطيها للجنة كي توزعها على عشرة مساكين، فماذا يجب عليّ؟.
أرجو من حضرتكم مساعدتي فهذا الموضوع له ما يقارب العشر سنوات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوفاء بالنذر واجب على الكيفية التي نذره بها صاحبه، فقد قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
ولذلك فإن عليك في هذه الحالة أن تتصدقي بذهبك الذي نذرت، وإذا كان خرج عن ملكك فعليك أن تتصدقي بمقابله، وإذا لم يتيسر لك فإن النذر يبقى في ذمتك حتى تقدرين عليه، وإذا كنت عاجزة عجزا لا يرجى زواله فعليك أن تنتقلي إلى كفارة يمين، وقد سبق بيان حكم العجز عن الوفاء بالنذر، ومتى ينتقل العاجز إلى الكفارة بدله في عدة فتاوى، بإمكانك أن تطلعي على بعضها في الفتويين رقم: 3274، ورقم: 28055، وما أحيل عليه فيهما.
وبخصوص وضع الكفارة في صندوق التبرعات فإنه لا يجزئ لأنه قد يصرف لغير المساكين، ولأن الكفارة لابد أن تكون طعاما أو كسوة ولعشرة من المساكين خاصة، كما نص عليه القرآن الكريم، وهو مذهب جمهور أهل العلم، وذهب بعضهم إلى جواز دفع قيمتها وإعطائها لغير العشرة، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 50669، فنرجو أن تطلعي عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 101546.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(19/717)
العجز عن النذر كفارته كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ حوالي 5 سنوات تعرضت لوسوسة شديدة وصعبة إلى درجة أصبحت فيها أشك في كل شيء: في إيماني، في القرآن، في كلام الصحابة، حتى في كلام الناس، ثم انقطعت عن الصلاة لعلي أنسى هذا الوسواس وأرجع، لكن دون جدوى، وفي أحد شهور رمضان قررت أن ألتجئ إلى الله رغم شكوكي به، وصرت أصلي بالليل وأقرأ القرآن رغم وسوستي به وأبكي، وأصبحت لا أريد شيئا من الدنيا، أصبح كل همي: هو أن أعود للإيمان أتذوق حلاوته وانشراحه وبكاءه، وفي أحد الأيام صليت ودعوت وأنا أبكي ثم قلت إن شفيت سأستيقظ طول عمري 3 ساعات قبل الفجر وما كنت أعلم كراهية النذر، والآن ـ والحمد لله ـ شفاني الله من الوساوس وأنا الآن أعمل طول النهار وبين العشاء والفجر حوالي 5 ساعات، وما استطعت الوفاء حتى لو نمت 5 ساعات واستيقظت للفجر، والله لا يفارقني النوم رغم خروجي للمسجد.
فهل هذا عذر يقبله الله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالشفاء من هذا المرض الخطير، وعليك أن تحمد الله تعالى وتسأله المزيد من إنعامه والعون على شكره، وقد سبق بيان علاج الشك والوسوسة وترك الصلاة لأجل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 19691، 103400، 117216، 22162، 62683.
وبخصوص النذر فإن على المسلم الوفاء به على النحو الذي نذره عليه، لقوله الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذز أن يطيع الله فليطعه. الحديث رواه البخاري.
إلا إذا عجز عنه فإن عليه كفارة يمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم.
فالحاصل أن عليك أن تفي بنذرك إذا كنت تستطيع، فإن عجزت عنه أو شق عليك مشقة لا تستطيع تحملها فعليك أن تخرج كفارة يمين، وهي المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ {المائدة:89} .
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 28918، ورقم: 47377.
هذا، وننبه إلى أن الصيغة المذكورة في السؤال ليست نصا في النذر فهي إلى الوعد أقرب منها إلى النذر، فإن كانت هي التي صدرت منك بنصها، ولم تقصد بها أنك تلتزم لله إن شفاك أن تقوم ثلاث ساعات إلخ، فلا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(19/718)
نذر اللجاج يخير فيه بين الوفاء به أو الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل ست سنوات نذرت لله نذرا وهو: لو عدت إلى سماع الأغاني سوف أصوم عن كل أغنية ثلاثة أيام وأصلي ركعتين، وأتصدق على المساكين. وحددت عددا من المساكين الآن لا أتذكره. ورجعت أسمع أغاني كثيرا-الآن لا أستطيع أن أحصى عددها. ماهو الحكم في النذر؟ والآن أنا تبت إلى الله تعالى، الله يتقبل مني. ولكن لو رجعت أسمع أغاني أو اضطررت لسماعها في المناسبات. ماهو الحكم في النذر بمعنى هل هو مستمر لكل أغنية أسمعها؟
جزاكم الله الفردوس الأعلى من الجنة، واللهم صل وسلم على حبيبنا محمد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل تو بتك. ولتعلمي أن أهل العلم نصوا على كراهة القدوم على النذر لما قد يترتب عليه من الإحراج وعدم الوفاء، وعلى المسلم أن يبتعد عما حرم عليه سواء نذر أو لم ينذر.
والأصل في النذر أن يكون تبررا وتقربا إلى الله تعالى، وأما ما جعل وسيلة ضغط أو ردع عن فعل شيء أو دفع إلى فعله، فهذا يسمى عندهم بنذر اللجاج، وصاحبه مخير بين الوفاء بنذره أو بين أن يكفر كفارة يمين كما سبق ترجيحه وبيان أقوال أهل العلم فيه وأدلتهم في الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 8336، 30392، 43225، 58168، 58924، 78902. وما أحيل عليه فيها.
وعلى ذلك، فعليك أن تختاري بين فعل ما نذرت أو كفارة يمين، فأيهما فعلت أجزأك. وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم تجدي فصيام ثلاثة أيام.
وإذا كنت قصدت التكرار أي كلما سمعت الأغاني، فإن النذر مستمر كلما سمعتها فعليك الكفارة، أو فعل ما نذرت، وسبق بيان شيء من ذلك في الفتويين: 8533، 31601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(19/719)
حكم نذر الحائض نذرا مباحا وهل هو نذر منعقد
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن لا أدخل غرفة الضيوف إذا انتهت الامتحانات لمدة أسبوعين, وكنت حائضا عندما نذرت وقلت: (لله علي نذر أن لا أدخل غرفة الضيوف لمدة أسبوعين بعد الاختبارات) فهل ينعقد وأنا كنت حائضا عندما نذرت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه السائلة إلى أنه لا أثر لكون النذر وقع في حال الحيض أو الطهر، فلا فرق بين الحالين في النذر وفي اليمين، لا نعلم في ذلك خلافا بين أهل العلم.
ثم هذا النذر من نذر المباح، وهو نذر ما لم يرد فيه ترغيب من قبل الشارع، كالأكل والشرب والركوب والقيام والقعود والنوم وما أشبه هذه الأمور.
وقد اختلف العلماء في انعقاد هذا النوع من النذر ولزومه، وجمهور العلماء على أنه لا ينعقد ولا يصح التزامه، ولا كفارة في تركه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ. رواه البخاري. فخص نذر الطاعة وهو بمفهومه يخرج نذر المباح.
ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا نَذْرَ إِلَّا فِيمَا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ رواه أبو داود وأحمد وحسنه الألباني.
وقد حدث في عصر النبي صلى الله عليه وسلم بعض النذور في المباح فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتركها ولم يأمر فيها بكفارة، والقاعدة أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فدل ذلك على أنه لا كفارة فيه، ومن ذلك ما رواه ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ. رواه البخاري.
وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. رواه البخاري ومسلم.
وذهب الإمام أحمد إلى أن هذا النوع من النذور منعقد وصحيح، إلا أنه لا يلزمه الوفاء به، بل يخير فيه بين الفعل والترك، وكفارته كفارة يمين وعليه، فالأحوط وليس بواجب أن تكفر السائلة كفارة يمين إذا لم تف بنذرها، خروجا من الخلاف.
وقد سبقت بعض الفتاوى في مذاهب الفقهاء في ما يجب في النذر المباح، فراجعي فيها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20047، 20942، 36764، 26991، 38653.
وأما كفارة اليمين فهي على التخيير بين ثلاث خصال: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجدي صمت ثلاثة أيام، لقول الله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89} . وقد سبقت بعض الفتاوى في بيان كفارة اليمين انظري: 61678، 26595.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(19/720)
لا بد للنذر كي ينعقد من شروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا التاركة عمري 22 سنة منذ شهور حدث لي أمر كنت في قمة الرعب والقلق منه كنت من شدة خوفي من هذا الأمر كنت أقول يا رب لو هذا الأمر صار (أعني ما كان يقلقني يزول) سوف أترك أمر ما، وبين فترة وأخرى أجدد هذه الدعوة ولكن بترك أمر آخرآ والآن ما كنت أتمناه زال ولكن تشاكلت علي الأمور التي هممت أن أتركها بعضها لا يجوز وبعضها يجوز، هي أمور من الحياة حاليا تركت نصفها وما شككت به مازلت مستمرة فيه، ما الحل أفيدوني جزاكم الله الجنة ويسر لكم الخير أينما كنتم، أختكم التاركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر كما يعرفه الفقهاء هو التزام مسلم مكلف قربة من القرب، ويشترط أن يكون بالنطق للقادر أو بالكتابة أو الإشارة للعاجز عن النطق، وليس للنذر صيغة معينة خاصة به في قول جمهور أهل العلم، بل يصح بكل قول يشعر بالالتزام كقولك: لله علي أن أنحر بدنة، ولئن شفى الله مرضي لأتصدقن بثلث مالي ونحو ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: وصيغة النذر أن يقول: لله علي أن أفعل كذا. وإن قال: علي نذر كذا لزمه أيضا لأنه صرح بلفظ النذر، وإن قال: إن شفاني الله فعلي صوم شهر كان نذرا.. انتهى.
وعليه؛ فالصيغة التي وردت في السؤال لا تعد نذرا لأنها لا تشعر بالالتزام، وانظر الفتوى رقم: 15024 في صيغ النذر، علما بأن النذر المعلق مكروه عند جمهور الفقهاء، ومنهم من كره النذر على أي حال لما في الصحيحين من النهي عنه.
قال ابن قدامة: ولا يستحب، لأن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر، وقال: إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه. وهذا نهي كراهة لا نهي تحريم، لأنه لو كان حراما لما مدح الموفين لأن ذنبهم في ارتكاب المحرم أشد من طاعتهم في وفائه، ولأن النذر لو كان مستحبا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأفاضل أصحابه. انتهى.
هذا، ويستحب للمسلم إذا عزم على فعل أو إحسان أن يمتثل ما عزم عليه، فإذا تلفظ بما عزم عليه فأحرى به وأجدر الامتثال والطاعة. قال تعالى: فَأَوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ {محمد: 20-21} وقال عز وجل: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ {البقرة: 177} وإذا كان ما عزم عليه فعل مكروه أو محرم أو ترك مستحب أو واجب فإنه لا يمضي في ذلك.
ولمزيد فائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية 102449، 15534، 3274، 1339، 20417، 33474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(19/721)
قوله أصبح واجبا في حقي كذا هل يعد نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[نمت يوما عن صلاة الفجر فقلت لأكفر عن تقصيري أصبح واجبا في حقي أن أنهض عند الأذان الأول للفجر. فهل أصبح واجبا كالنذر وماهي كفارة عدم الالتزام به في حال وجوبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك أصبح واجبا في حقي أن أنهض عند الأذان الأول للفجر إذا كنت تقصد بهذا القول الإنشاء وأنك قد أوجبت على نفسك النهوض مستقبلا ـ تكفيراعن نومك عن الصلاة كما يظهرمن السؤال ـ فهي صيغة تدل على الوجوب والالتزام، وبالتالى فينعقد بها النذر إذ لا يشترط في صيغته ذكر لفظ النذر بل يكفي فيه ما يدل على الالتزام والوجوب وراجع في ذلك الفتوى رقم: 102449.
وإذا نويت ـ وقت التلفظ بالنذرـ أنك قد ألزمت نفسك دائما بهذا الاستيقاظ فتلزمك كفارة يمين كلما غلبك النوم عن الاستيقاظ الذي قصدت، ونظير هذا في اليمين إذا نوى الحالف أنه كلما فعل الشيء المحلوف عنه لزمته كفارة يمين فتلزمه كلما فعله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52623.
وإذا لم تنو إلزام نفسك بهذا الاستيقاظ دائما فتلزمك كفارة يمين إذا غلبك النوم أول مرة ولاكفارة عليك بعد ذلك، وراجع الفتوى رقم: 8533 والفتوى رقم: 50963.
وكفارة اليمين تقدم بيانها في الفتوى رقم: 204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(19/722)
حكم نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أرجو منكم الإجابة على سؤالي هذا: أنا أحضر للدكتوراه والآن في العام الأخير في الفترة الماضية أحسست أني أضيع الوقت فنذرت أن كل نصف ساعة أضيعها أصوم عليها يوما وذلك إلى أجل غير محدد بعد مدة أحسست بأن نذري هذا صعب الوفاء به لأني لم أحدد فيه الوقت المضيع ما هو، سؤالي: هل هذا الذي فعلته يعتبر نذراً وإذا كان كذلك فهل يمكن إيقاف النذر أو الخروج منه وماذا أفعل إن كنت قد ضيعت ساعات هل أصوم أم لا أم أستغفرالله وأتوب إليه وهل هناك كفارات، ف أفيدونا أفادكم الله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما وقع منك فهو نذر لجاج لا يلزم الوفاء به، ويخير صاحبه بين الوفاء به وبين كفارة اليمين، فيكفيك أن تكفر كفارة يمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد قصدت بنذرك هذا حث نفسك على المذاكرة ولم تقصد القربة بهذا النذر فهو نذر لجاج لا يلزم الوفاء به، فيكفيك أن تكفر كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم: 75629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو الحجة 1428(19/723)
حكم نذر الواجب ونذر المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[مثلا لو أخذت دينا من شخص ونذرت نذرا على نفسي أمام الشخص بأني سوف أرجع له المبلغ وأعطيه مبلغا فوق حقه كنذر علي فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النذر لا ينعقد لأن الناذر نذر أمرين: أحدهما نذر الواجب، وهو هنا أداء الدين فإنه واجب سواء نذر أم لا، والثاني نذر المعصية وهي هنا الزيادة على الدين عند أداء القرض، فإن التزام المدين لصاحب الدين دفع مبلغ زائد على دينه يعتبر سلفا بالزيادة وسلفا جر نفعا، وهذه معصية. وعليه، فالنذر غير منعقد عند الجمهور ولا يلزم الناذر بسببه شيء، وإليك التفصيل مع بيان الأدلة على أن النذر في المسألتين غير منعقد عند جمهور الفقهاء، قال ابن قدامة في المغني وهو يذكر أقسام النذر: القسم السادس: نذر الواجب، كالصلاة المكتوبة، فقال أصحابنا: لا ينعقد نذره وهو قول أصحاب الشافعي، لأن النذر التزام ولا يصح التزام ما هو لازم. انتهى، وقال عن نذر المعصية: الرابع نذر المعصية، فلا يحل الوفاء به إجماعاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، ولأن معصية الله لا تحل ويجب على الناذر كفارة يمين، إلى أن قال: وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا كفارة عليه، فإنه قال في من نذر ليهدمن دار غيره لبنة لبنة لا كفارة عليه، وهذا في معناه، وروي هذا -أي أنه لا كفارة في نذر المعصية- عن مسروق والشعبي وهو مذهب مالك والشافعي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد. رواه مسلم.
ومن أدلة ذلك ما روى أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس فسأل عنه قالوا هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، قال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه. والحديث صححه الألباني.
قال في عون المعبود على شرح سنن أبي داود عند الكلام على هذا الحديث: قال القرطبي في قصة أبى إسرائيل هذا أعظم حجة للجمهور في عدم وجوب الكفارة على من نذر معصية أو ما لا طاقة فيه، قال مالك لم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة، قال الخطابي: قد تضمن نذره نوعين الطاعة والمعصية فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بما كان منها من طاعة وهو الصوم وأن يترك ما ليس بطاعة من القيام في الشمس وترك الكلام وترك الاستظلال بالظل وذلك أن هذه الأمور مشاق تتعب البدن وتؤذيه وليس في شيء منها قربة إلى الله تعالى. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 52319.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1428(19/724)
لا تكرر الكفارة في نذر اللجاج إلا إذا دل لفظه على التكرار
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن نذر اللجاج، ذكرتكم فضيلتكم نصّ جمهور العلماء على أن صاحب هذا النذر إذا حنث، فإنه مخير بين الوفاء بما التزم به وهو الصيام، أو أن يكفر كفارة يمين، فهل عندما أؤدي هذه الكفارة مرة واحدة يعتبر النذر قد سقط عني أم كل مرة أفعل هذا الذنب يجب علي الكفارة؟
وجزاكم الله خيرا أفيدوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه سواء كان نذر لجاج أو غيره، وصاحب نذر اللجاج عند جمهور أهل العلم مخير بين الوفاء بنذره أو إخراج كفارة يمين كما ذكرت في سؤالك، وإنما تلزمك كفارة واحدة ولو تكرر منك فعل ذلك الذنب ما لم يكن لفظ النذر يدل على التكرار، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 17466، والفتوى رقم: 56906.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1428(19/725)
بيان أقسام النذر السبعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قد سألت من قبل عن النذور وقد تفضل الشيخ مشكورأ بالإجابة أن هناك سبع مجالات للنذر أرجو شرح الأبواب السبعة.
وتفضلوا بقبول جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء قد قسموا النذور إلى سبعة أقسام، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن النذر سبعة أقسام:
أحدها: نذر اللجاج والغضب وهو الذي يخرجه مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه غير قاصد به للنذر ولا القربة فهذا حكمه حكم اليمين،
والقسم الثاني: نذر طاعة وتبرر، وهذا القسم ثلاثة أنواع: أحدها: التزام طاعة في مقابلة نعمة استجلبها أو نقمة استدفعها؛ كقوله: إن شفاني الله فلله علي صوم شهر، فتكون الطاعة المتلزمة مما له أصل في الوجوب بالشرع كالصوم والصلاة والصدقة والحج، فهذا يلزم الوفاء به بإجماع أهل العلم. النوع الثاني: التزام طاعة من غير شرط، كقوله ابتداء: لله علي صوم شهر فيلزمه الوفاء به في قول أكثر أهل العلم، النوع الثالث: نذر طاعة لا أصل لها في الوجوب كالاعتكاف وعيادة المريض فيلزم الوفاء به..
القسم الثالث: النذر المبهم، وهو أن يقول لله علي نذر، فهذا تجب به الكفارة في قول أكثر أهل العلم، وروى ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعائشة وبه قال الحسن والقاسم وسالم والشعبي ومالك والثوري ومحمد بن الحسن. قال: ولا أعلم له مخالفاً إلا الشافعي قال لا ينعقد نذره ولا كفارة فيه، لأن من النذر ما لا كفارة فيه، ولنا ما روى عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر إذا لم يسمه كفارة اليمين. رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح غريب، ولأنه نص وهذا قول من سمينا من الصحابة والتابعين ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفاً.
القسم الرابع: نذر المعصية، فلا يحل الوفاء به إجماعاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، ولأن معصية الله لا تحل ويجب على الناذر كفارة يمين، روي نحو هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حصين وسمرة بن جندب وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا كفارة عليه، فإنه قال في من نذر ليهدمن دار غيره لبنة لبنة لا كفارة عليه، وهذا في معناه وروي هذا (أي أنه لا كفارة في نذر المعصية) عن مسروق والشعبي وهو مذهب مالك والشافعي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد. رواه مسلم.
وذكر رحمه الله الأحاديث الصحيحة الدالة على أنه لا نذر في المعصية وقال: ولم يأمر بكفارة.
القسم الخامس: المباح كلبس الثوب وركوب الدابة وطلاق المرأة على وجه مباح فهذا يخير الناذر فيه بين فعله فيبر بذلك، وإن شاء تركه وعليه كفارة يمين.. إلى أن قال: وقال مالك والشافعي: لا ينعقد نذره لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله تعالى.
القسم السادس: نذر الواجب، كالصلاة المكتوبة، فقال أصحابنا: لا ينعقد نذره وهو قول أصحاب الشافعي، لأن النذر التزام ولا يصح التزام ما هو لازم.
القسم السابع: نذر المستحيل كصوم أمس، فهذا لا ينعقد ولا يوجب شيئاً، ولا يتصور انعقاده ولا الوفاء به، فلو حلف على فعله لم تلزمه كفارة فالنذر أولى. انتهى من المغني بتصرف
وللفائدة يرجى الإطلاع على الفتوى رقم: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(19/726)
نذر اللجاج مخير فيه بين الوفاء والكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص نذر أن يصوم ثلاثة أيام عندما يقدم على ذنب معين كالتدخين مثلا وصيغة النذر الذى نذر هي: لله علي أن أصوم ثلاثة أيام كلما فعلت ذلك -لا على سبيل الكفارة وإنما طاعة لله وتأنيبا لنفسه- هذا ما تفوه به لكنه كان يضمر في قلبه أن تكون هذه الأيام متوالية ولم يتفوه بذلك وبالفعل كان كلما أقدم على ذلك الذنب صام ثلا ثة أيام متوالية إلا أنه في الآونة الأخيرة تراكم عليه منها ما يناهز 30 يوما وهو الآن يسأل:
1-ما مدى جواز هذا النذر؟
2-هل عليه أن يصومها ثلاثا ثلاثا أم تجزئ بأي طريقة كانت؟
3-هل يمكن تقديم فدية بدل ذلك؟
4-هل يمكنه قضاء ما عليه والرجوع في النذر بعد ذلك أم أنه قد (قضي الأمر الذى فيه تستفيان) ؟
5-هل يجوز الاقتباس المبين بالطريقة أعلاه؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره أهل العلم النذر المكرر، ونهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الشريف: إنه لا يرد شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري وغيره.
وهذا النذر الذي نذرته يسمى عند الفقهاء نذر اللجاج، وهو كونك نذرت أن تصوم ثلاثة أيام كلما أقدمت على ذلك الفعل.
ونذر اللجاج مخير صاحبه بين أن يفي بما التزم به، وبين أن يكفر كفارة يمين، وكنا قد بينا هذا الحكم في فتاوى سابقة، فراجع فيه فتوانا رقم: 17466.
وفي هذا جواب عن سؤالك الثاني والثالث والرابع، ولا حرج في الاقتباس من القرآن لمقاصد تضاهي مقاصد القرآن، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 39018.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(19/727)
ماهية النذر المخير فعله
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت حاملا نذرت أني إذا رزقت بنتا أسميها فاطمة الزهراء
وعندما ولدت جاءتني البنت وسميتها بتول والآن عمرها ست سنوات
ما هو حكم الشرع في ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا النذر هو نذر المباح والراجح في نذر المباح أن الناذر مخير بين فعله وبين تركه ولا يلزمه فعله والاولى أن يكفر كفارة يمين كما هو مبين في الفتوى 20047 والفتوى رقم 16155
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(19/728)
نية النذر المجردة لا اعتبار لها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا نوت الأم بداخلها أثناء حملها أن تهب مولودها إذا كان ذكراً لله معنى ذلك أن نتيجة هذا المولود إلى التعليم الأزهري ولكن نسيت الأم ذلك واتجه إلى نوع آخر من التعليم فهل هذا نذر وما كفارته؟ ولكم جزيل الشكر.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجرد نية النذر لا يعد نذراً، لأن النذر لا بد له من صيغة يتلفظ بها الناذر، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست -أو حدثت- به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم.
قال الكرماني: فيه -أي الحديث- أن الوجود الذهني لا أثر له، وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات والعملي في العمليات.
لاسيما إذا كان حديث النفس ممن هو مبتلى بالوسواس.
وفي الموسوعة الفقهية: أثر الصيغة هو ما يترتب عليها من أحكام، وهو المقصد الأصلي للصيغة، إذ المراد من الصيغة عما يلتزم به الإنسان من ارتباط مع الغير كصيغ العقود من بيع وإجارة وصلح ونكاح وغير ذلك، أو ارتباط مع الله سبحانه وتعالى والتقرب إليه كالنذر والذكر أو التعبير عما هو في الذمة، أو لدى الغير من حقوق كالإقرارات.
وعليه، فما ذكر في السؤال ليس نذراً، ولا يلزم هذه المرأة فيه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(19/729)
صيغ النذر المنعقد
[السُّؤَالُ]
ـ[في كثير من الأحيان أقول (لوحدث ما أريد سأفعل كذا) فهل هذا يعد نذرًا أم لا علمًا بأنني أخاف أن يكون هذا القول نذرا أقول سواء حدث ما أريد أو لم يحدث لن أفعل شيئاً. أرجو الإفادة هل أنا آقع في النذر أم لا وشكرًا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أركان النذر التي لا ينعقد مع عدمها: الصيغة، والصيغة لا تصح إلا بألفاظها، مثل قولك: علي نذر كذا، أو لله علي أن أفعل كذا، أو إن حدث لي كذا فعلي عبادة كذا.
وأما قولك: لو حدث ما أريد أفعل كذا. فليس من صيغ النذر، ولا يلزمك بذلك شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(19/730)
النذر بهذه الكيفية ... نذر لجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[1-عاهدت الله على ترك معصية معينة، وقلت في عهدي إن وقعت فيها أدفع مبلغا معيناعلى الفور، وحصل أن وقعت في هذا الذنب ولم أف بعهدي فكيف أكفر عن هذا الذنب؟ سيما وقد مضى زمن الوفاء وهو التصدق عقب هذا الذنب
وهل هذا العهد يلزمني مدة حياتي؟.
وإذا شعر الشخص بأنه قد أرهق نفسه بأمر لم يكلفه الله به أن يدفع مبلغا كلما اغتاب أو نظر إلى حرام أو غير ذلك ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترك المعصية واجب بأصل الشرع فلا يجوز تعدي الحدود التي حدها الله عز وجل لعباده، فإن حلف المسلم أو نذر ليترك المعصية فقد تأكد عليه الترك، ولا يجوز له الحنث في هذا اليمين، وقد سبق بيان هذا كله في جواب رقم:
9302 فليراجع.
وأما عن حكم المسألة فإن أكثر أهل العلم يقولون: إذا قال الرجل إن فعلت كذا فعلي أن أتصدق بكذا أو أصوم شهراً أو أحج أو ما شابه ذلك، يقولون: إن هذا هو نذر اللجاج والغضب.
فإذا حنث -أي فعل ذلك الأمر- فعليه كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة يمين" رواه مسلم.
وقد سبق بيان كفارة اليمين في الجواب المشار إليه سابقاً، والحانث إذا كفر عن يمينه فقد انحلت يمينه، فلا تجب عليه كفارة أخرى إذا ما وقع في ما حلف أن لا يفعله، إلا إذا حلف يميناً ثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(19/731)
أنواع النذر وكفارته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للنذر كفارة؟ وإن كان فما هي كفارتها؟ شكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
...
فقد ذكر أهل العلم أن النذر سبعة أقسام:
1ـ نذر اللجاج والغضب، الذي يخرجه مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه غير قاصد للنذر ولا القربة، وهذا حكمه حكم اليمين. فإذا لم يوف بنذره لزمته كفارة يمين.
2ـ نذر طاعة وتبرر مثل أن يقول: لله على أن أصوم كذا من الأيام أو إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا أو صوم كذا. فهذا يجب الوفاء به. لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من نذر أن يطيع الله فليطعه". [رواه الجماعة إلا مسلما] .
3ـ النذر المبهم وهو أن يقول لله على نذر، فهذا تجب به كفارة يمين عند أكثر العلماء. لما روى الترمذي عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" وقال هذا حديث حسن صحيح غريب.
4ـ نذر المعصية، وهذا لا يحل الوفاء به إجماعا، كأن ينذر شرب خمر أو أذى مسلم، ويجب على الناذر كفارة يمين، روى هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حصين. وهو مذهب أبي حنيفة، لما رواه أحمد وأبو داود "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين". [صححه الألباني] .
5ـ نذر المباح، كلبس الثوب وركوب الدابة، فهذا يخير فيه الناذر بين الوفاء، والترك مع الكفارة.
6ـ نذر الواجب، كالصلاة المكتوبة، فلا ينعقد نذره لأن النذر التزام، ولا يصح التزام ما هو لازم له.
7ـ نذر المستحيل كأن ينذر صوم أمس، فهذا لا ينعقد ولا يوجب شيئا.
وحيث قلنا بالكفارة، فهي ككفارة اليمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "كفارة النذر كفارة اليمين" [رواه مسلم] . وكفارة اليمين: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. فمن لم يجد شيئا من ذلك صام ثلاثة أيام. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1422(19/732)
نذرت أن تدرس التفسير إن تخرجت من الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة نذرت لله نذراً إن تخرجت من الجامعة ـ ولم أف به ـ وهذا النذر هو: أنني إن تخرجت من الجامعة سأدرس تفسير القرآن الكريم، ولكنني لا أتذكر إن كان النذر للدورة التكميلية أو الدورة الأولى، فكيف يمكنني أن أفي بنذري؟ هل بطريقة أخرى كدفع مبلغ من المال أو أية طريقة أخرى؟ فأنا أشعر أن أموري متعسرة كثيراً بعد الجامعة.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم الوفاء بنذره على الكيفية التي نذره عليها، امتثالاً لأمر الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. الحديث رواه البخاري.
ودراسة تفسير القرآن الكريم من أعظم القرب التي يجب الوفاء بنذرها، فإذا كنت نسيت نوع الدراسة، فإن عليك أن تجتهدي في تذكرها، فإذا لم تعلميها فخذي بما هو أحوط، فإذا كانت الدورة الأولى أوسع أو أشمل، فإن عليك أن تأخذيها احتياطاً وإبراء لذمتك من هذا النذر، ولا يصح لك تغيير النذر إلى الكفارة ما دمت قادرة على الوفاء به.
أما إذا عجزت عن الوفاء به عجزاً لا يرجى زواله، فإن عليك ـ حينئذ ـ كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم وغيره.
وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى التالية أرقامها: 36870، 21393، 123036، 37057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(19/733)
هل يقع النذر بمجرد حديث النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت في نفسي نذرا: إن زوجتي لو حملت فسوف أذبح خروفين، وفعلا ـ بحمد الله ـ تم الحمل
فهل هذا يعتبر نذرا يجب أن أفي به؟ مع أنني أريد أن أذبح حين تتحسن الأمور المادية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل الكريم أولا: إلى أن الإقدام على النذر المعلق مكروه، ولا يغير شيئا من قضاء الله تعالى، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج من البخيل. رواه البخاري.
وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 56564.
والنذر في هذه الحالة هو من قبيل النذر المعلق، وقد بينا وجوب الوفاء به على الكيفية التي نذره بها صاحبه وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 12609، 29357، 34245.
هذا إذا كان النذر قد صدر منك لفظا وبصيغة الالتزام، أما إذا كان ذلك حديث نفس أو مجرد نية، فإنه لا يلزم منه شيء، لأن النذر لا بد فيه من صيغة يتلفظ بها الناذر، ففي صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم.
وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 23184.
وعلى ذلك، فإذا كان ما صدر منك مجرد نية أو حديث في نفسك، فإنه لا شيء عليك، أما إن كان ذلك بصيغة النذر، فإنه يلزمك ويبقى في ذمتك ويجب عليك الوفاء به عند ما تقدر عليه، وراجع الفتوي رقم: 96225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(19/734)
كفارة من أخل بالنذر المعين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت نذرا بأن أصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع لشيء معين وقد تحقق، المهم أني أصوم فعلا، ولكن في بعض الأحيان لا أقدر على الصوم وأفطر، فهل هناك كفارة لذلك؟ أم أن هناك كفارة للنذر نفسه حيث أنني أعلم بأهمية الوفاء بالنذر. أرجو من سيادتكم الرد علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يفي بنذره على الكيفية التي نذره بها امتثالا لقول الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29}
وهذا النذر يعتبر من النذر المعين، فإذا كان فواته للعجز عنه بمرض أو نسيان فإنه لا كفارة فيه ولا قضاء.
قال النفراوي المالكي في شرح الرسالة: ولا قضاء في الزمن المنذور المعين يفطر فيه ناسيا أو يفوت صيامه لحيض أو نفاس أو لمرض، وهو المشار إليه بقول خليل: إلا المعين لمرض أو حيض أو نسيان. اهـ
أما إذا كان الفطر فيه لغير عذر فيجب قضاؤه كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1430(19/735)
الوفاء بالنذر المؤقت وغير المؤقت
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي نذرت نذرا وهي الآن حامل. فهل تؤجل النذر إلى ما بعد الولادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماءُ في وجوب الوفاء بالنذر غير المؤقت هل هو على الفور أو على التراخي؟ والراجح أنه على التراخي كما سبق بيانه في الفتوى: 105084.
ولا شك أن المبادرة إلى الوفاء به أفضل لمن يستطيع خروجا من هذا الخلاف.
ولا حرج في تأخير الوفاء به إن كان ذلك لضرورة أو حاجة حتى توجد الفرصة المناسبة.
ولذلك لا حرج على زوجتك أن تؤخر الوفاء بنذرها حتى تضع حملها وخاصة إذا كان الوفاء يشق بها زمن الحمل أو لم تكن نذرته على الفور، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 21393، 123789، 19796.
هذا إذا كان النذر غير محدد بيوم أو زمن معين فإن كان محددا بزمن كنذر صوم الأيام البيض من شهر كذا أو عمرة في رمضان مثلا فإن هذا النوع من النذر يفوت بفوات زمنه إذا كان الفوات بعذر كالمرض والحيض والنفاس والسفر فإنه لا يلزمها قضاؤه.
قال مالك في المدونة: وإن نذرت صوم الخميس والإثنين فحاضت فيهن أو مرضت فلا قضاء عليها.
وهو ما درج عليه خليل في المختصر فقال: إلا المعين لمرض أو حيض أو نسيان. قال شراحه والمعنى أن النذر المعين إذا أفطر فيه لعذر كمرض أو حيض أو إغماء أو إكراه فإنه يفوت بفوات زمنه ولا قضاء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1430(19/736)
نذرت إذا خطبت أن تعطي كل محتاج في طريقها ما تيسر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد مساعدتكم فى استفسار: لقد نذرت إذا خطبت بأن أعطي لكل محتاج فى طريقي ما تيسر لي وذلك لمدة شهر، ولكن لم أستطع الوفاء بهذا النذر لمكوثي فى البيت. فهل أستطيع أن أوكل أمي عني بأن تعطي كل محتاح تصادفه ما أعطيه لها وذلك من مالي الخاص حيث إنني لا أخرج إلا نادراً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر يسمى النذر المعلق بشرط، وقد نص العلماء على كراهته لنهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عنه وقوله: إنه لا يرد شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري وغيره.
ويجب الوفاء به إن حصل المطلوب المعلق عليه، قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ.. {الحج:29} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره. فإذا لم تشرطي للصدقة المذكورة خروجك أنت بنفسك لزمك إخراجها سواء خرجت أم لم تخرجي، وفي هذه الحالة يجوز لك أن توكلي أمك أو غيرك في أداء الصدقة عنك للمحتاجين، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(19/737)
علق النذر على وصوله هو وصاحبه فوصل وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[نظرا لعدم توفر فرص العمل قررت أنا وأحد الأصدقاء الهجرة ولم نستطع السفر بالطرق الرسمية، ووجدنا إحدى الطرق الملتوية وفيها قدر من الخطورة والمجازفة، وعندما عزمنا على السفر نذرت على نفسي أن أقوم كذا وكذا إذا وصلنا نحن الاثنين إلى البلد المقصود، وسافرنا ولسوء الحظ تم اكتشاف صديقي في المطار وأعادوه إلى لبنان ووصلت أنا بمفردي. السؤال من حضراتكم هو: هل يتوجب علي الوفاء بالنذر أم لا؟ علما أنني لحد الآن لم أوف النذر لأننا لم نصل معا؟ وإذا كان يتوجب علي ذلك هل أستطيع دفع كفارة ذلك؟
أفتوني وفقكم الله وسدد خطاكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر يسمى النذر المعلق بشرط،، ويكره القدوم عليه، ولا خلاف في وجوب الوفاء به إذا حصل ما علق عليه وكان المنذور طاعة لله تعالى لعموم قول الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ. {الحج: 28} . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره.
وإذا لم يحصل ما علق عليه النذر وهو: ما شرطه الناذر عند نذره فإنه لا يلزمه شيء.
فإذا كان السائل علق نذره بوصوله هو وصديقه وشاء الله تعالى أن يصل هو ويبقى صديقه فإن ما علق عليه النذر لم يتم ولذلك لا يلزمه الوفاء بهذا النذر.
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى: 17463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(19/738)
نذر أن يكسر هاتفه الجوال إن أعاده إليه صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[تراهنت أنا وصديق لي مقابل جوالاتنا وفاز هو بالرهان وبجوالي وأراد إرجاعه لي فقلت نذر إن رجعته سأكسر الجوال، وتدخل أصدقاء لنا كانوا معنا مباشرة وقالوا استغفر الله واستغفرت الله.
وردوا لي الجوال. فهل عليه كفارة أو ماذا علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل الكريم إلى أن الرهان بمال إنما يكون مشروعا فيما دل الدليل الشرعي على الإذن به كما سبق بيانه بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتاوى: 78432، 30673، 5822، 11604.
وبخصوص ما نذرت فإن هذا النوع من النذر يعتبر نذر معصية، لما فيه من الفساد وإضاعة المال المنهي عنها شرعا فلا يجوز الوفاء به على كل حال. والواجب عليك هو كفارة يمين، وذلك لما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما: لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين. صححه الأرناؤوط والألباني.
وللمزيد انظر الفتوى: 1125.
وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(19/739)
التتابع في صوم النذر بين الوجوب وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت لله صوم ثلاثة أيام، فهل يجب أن تكون متتابعة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد نويت صيام هذه الأيام متتابعة لزمك تتابعها، قال عليش المالكي في منح الجليل: أما التتابع فلا بد منه عند نيته.
وإذا لم تنو شيئا فلا يلزمك التتابع ويجزئك صومها متتابعة ومتفرقة، كما جاء في منح الجليل: ومن نذر صوم سنة مبهمة، أو شهر كذلك، أو أيام كذلك، فلا يجب عليه تتابع الصوم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 119098.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(19/740)
نذرت أن توزع حلوى في المولد النبوي إذا رزقها الله بيتا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت عن أمري ولم يجبني أحد جوابا شافيا وأرجو أن لا تحيلوني على أجوبة سابقة فلم أفهم منها شيئاً جزاكم الله خيراً، قصتي كالتالي: كنت قد بعت داري لأشتري غيرها ولم يتيسر لي ذلك لأشهر حتى خفت على مالي، لأن قيمته تنقص ولم أشتر بيتا حتى جاءتني جارتي في يوم مولد النبي عليه الصلاة والسلام وقدمت لي حلويات وحينها قلت في نفسي وهذا نص نذري تماما ـ يا ربي لو رزقتني بيتا وخلصتني من مشكلتي لأوزعن في يوم مولد نبيك حلويات كل عام ـ إن كنت ميسورالحال ـ شكراً لك على ما رزقتني ـ قلت هذا النص بالضبط واخترت مولد النبي صلى الله عليه وسلم لا لشيء، وإنما لأنني قررت النذر في ذلك اليوم وليس لأنه مولد النبي صلى الله عليه وسلم ـ لأنني أعلم أن الاحتفال فيه حرام ـ وأنا مستمرة على الإيفاء بنذري منذ أعوام بعد أن رزقني الله بيتا، فهل ما أفعله حرام لكوني أوزع الحلويات في مولد النبي صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان كذلك، فهل يجوز أن أوزعه في يوم آخر؟ لأنني أخاف أن لا أفي بالنذر فيحاسبني الله، وهل يجوز أن آكل منها أنا وأولادي؟.
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لم تتلفظي بذلك، وإنما قلته في نفسك فهذا ليس بنذر ولا يلزمك فعله، لقوله عليه الصلاة والسلام: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
أما لو تلفظت بلسانك فهذا نذر منعقد يجب الوفاء به، وننبه إلى أن النذر المعلق أوالمشروط مكروه، بل حرمه بعض أهل العلم، وانظري لذلك الفتويين رقم: 17463، ورقم: 5526.
وأما اختيارك يوم المولد للوفاء بالنذر، فإذا كان غير مقصود لذاته وليس على سبيل الاحتفال بالمولد فلا بأس بذلك، إلا أنه كان من الأولى اختيار يوم غيره، للبعد عن مشابهة المبتدعة، ولئلا يسبب ذلك لبساً عند البعض وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 103741.
وأما الأكل منها فهذا بحسب نيتك، فإن نويت توزيعها كلها على جهة معينة كالفقراء والمساكين فيجب توزيعها عليهم ولا يجوز لك ولا لأولادك ـ حينئذ ـ الأكل منها، وإذا لم تكن للنذر جهة معينة فلا مانع من أكلك وأولادك منها، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 69172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(19/741)
نذر مالا للأيتام فهل له إنفاقه في إعمار المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قبل ظهور نتيجتي الدراسية نذرت لله نذرا على أنني إن نجحت فسوف أنفق في سبيل الله 200 جنيه
عبارة: عن 100جنيه للمساجد وإعمارها، و100 جنيه كفالة يتيم، لكن لظروف معينه أنققت ال200جنيه في إعمارالمساجد، فما العمل الآن؟ وهل علي أن أدفع 100 جنيه لكفالة الأيتام؟ أم أكتفي بأنني أنفقت 200جنيه في سبيل الله فقط؟.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل وجوب الوفاء بالنذرعلى الكيفية التي عينها صاحبه أوحددها له ولا يجوز له العدول عنه أو تغييره لغير ضرورة، كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتويين رقم: 95674، ورفم: 29752.
ولذلك، فإن عليك أن تفي بنذرك على الكيفية التي نذرته بها وهي إنفاق إحدى المائتين في كفالة الأيتام كما نذرت ولا يجزئ عنها الصرف على عمارة المساجد أوغيرها، جاء في نظم التزامات الحطاب للمايابي:
فإن يكن لرجل بعينه فهو بحكم القاضي مثل دينه
وما لنحو الفقراء يلزم لكن بذاك ليس يقضي الحكم.
وعليه، فإن نذرك لم يتم الوفاء به وذمتك لم تبرأ منه حتى تفي للأيتام بما نذرت لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1430(19/742)
نذرت صيام شهر إن مارست العادة السرية فلم تف
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في سن صغيرة ومارست العادة السرية ولم أكن أعرف بأنها حرام ولم أخبر بها أحدا، ولكنني شعرت بخطئي فحاولت الابتعاد عن هذا المنكر في بداية سن بلوغي، فنذرت أن أصوم شهرا كاملا في كل مرة أقدم فيها على هذه الفعلة ـ وللأسف ـ قمت بفعلها مرات عديدة، ولا أعرف كم شهرا علي؟ والآن تبت إلى الله ولم أعد أفعل هذا المنكر، فهل علي صيام النذر؟ مع العلم بأنني كنت في عمر13 سنة، وأنا الآن في عمر 17سنة ولا أعرف، كم مرة قمت بها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في عدة فتاوى أن العادة السرية من المحرمات المضرة التي يجب على المسلم الابتعاد عنها، وقد أحسنت عندما تبت منها إلى الله تعالى نسأل الله تعالى أن يقبل توبتك وأن يثبتك على طريق الحق، وبخصوص نذرك، فإن هذا النوع من النذر يسمى عند أهل العلم بنذر اللجاج، وقد نص جمهورالعلماء على أن صاحب هذا النذر إذا حنث فيه، فإنه مخير بين الوفاء بما ألتزم به ـ وهو الصيام ـ أو أن يكفر عنه كفارة يمين، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتاوى التالية أرقامها: 17466، 30392، 32708، فنرجو أن تطلعي عليها وعلى ما أحيل فيها.
ولذلك، فإن عليك الآن ـ مع التوبة ـ أن تكفري عن هذا النذر كفارة يمين، وهي مبينة في الفتاوى المحال عليها أو تصومي ما نذرت حتى يزول الشك وتتيقني براءة ذمتك، مع ملاحظة أنك لست مؤاخذة بشيء مما ذكر إن كان صدر منك قبل البلوغ، وراجعي في علامات البلوغ الفتوى رقم: 10024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1430(19/743)
من نذر نذرا ثم نسيه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي نذر قديم لا أتذكر، ماذا نذرت؟ وماهو السبب؟ وما هي كفارته؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم من نذر نذرا ثم نسيه ولم يغلب على ظنه بالاجتهاد تذكر ما نذره وذكرنا أن قول الجمهورأن عليه كفارة يمين، وذلك في الفتوى رقم: 22714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(19/744)
هل ينعقد نذر ما هو واجب بأصل الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني: إن تعبت يوما من الأيام ونذرت على نفسي أني إذا تعافيت غداً أترك العادة السرية لمدة شهرين، وفعلاً بحمد الله تعافيت، ولكن مرت الأسابيع ولم أستطع التحمل فوسوس الشيطان ففعلت العادة السرية يوم الخميس القادم. وسؤالي هو: ما هي كفارة نذري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أنك تعلم حكم العادة السرية وأنها حرام، ولذلك فالواجب عليك هو الإقلاع عنها على كل حال، وقد تأكد ذلك من جهتين، من جهة أصل الشرع ومن جهة النذر. وقد اختلف أهل العلم في حكم نذر ما هو واجب بأصل الشرع، فالجمهور على أنه لا ينعقد، وذهب بعضهم إلى انعقاده. وقد ذكرنا ذلك في الفتويين: 11288، 15049.
وعلى ذلك فالواجب عليك أن تحمد الله تعالى على العافية، وأن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، والإقلاع عن هذه العادة، ودفع كفارة يمين -على قول بعض أهل العلم- احتياطاً وخروجاً من الخلاف. والكفارة هي المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ. {المائدة:89} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(19/745)
إن قصرت في أمر سأتصدق بمبلغ كذا.. هل يعتبر نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخ يحفظ فتاة القرآن بالضوابط الشرعية، وحينما قصرت فى الحفظ والتسميع قال لها: ضعي لك عقابا إن قصرت فى الحفظ. قالت: اليوم الذى أقصر فيه ولم أحفظ أتصدق بمبلغ كذا، مبلغ بسيط. فهل هذا يعتبر نذرا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن قول الشخص: إن قصرت في الحفظ سأتصدق بمبلغ كذا. لا ينعقد به نذر، لأن هذا اللفظ لا يفهم منه الالتزام الجازم.
والنذر كما قال خليل المالكي في المختصر هو: التزام مسلم مكلف.
وليس هذا اللفظ من ألفاظ أو صيغ النذر التي ذكرها أهل العلم.
قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: وصيغة النذر: كقوله: لله علي كذا. ويجب الوفاء به سواء ذكر لفظ النذر أو لم يذكره إلا إن قصد الإخبار فلا يجب عليه شيء.
وقال ابن قدامة في المغني: وصيغة النذر أن يقول: لله علي أن أفعل كذا. وإن قال: علي نذر كذا لزمه أيضا لأنه صرح بلفظ النذر، وإن قال: إن شفاني الله فعلي صوم شهر كان نذرا.
ولذلك فإن هذه الفتاة لاشيء عليها إلا إذا كانت نوت باللفظ المذكور النذر فإنه يكون كناية ويلزمها به نذر ما ذكرت.
وللمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم عن النذر وما ينعقد به انظر الفتاوى التالية أرقامها: 15024، 102449، 102882، 105771، 106076، 17057.
وقد سبق بيان الضوابط الشرعية التي يجب على المرأة التزامها إذا أرادت التعلم عند رجل أجنبي وذلك في الفتوى: 25343. فنرجو أن تطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(19/746)
حكم من نذر أن يذبح عند القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أحدهم أصيب بمرض شديد كاد يموت وهو في هذا الحال: نذر لو شافاه الله من هذا المرض سيذبح في كل سنة 7 من القرابين تحت قدمه وفي مراقد الأئمة ـ وحدد الدولة والمكان، وهو إلى حد العام الماضي كان ملتزما ولكنه الآن أصبح لا يقدرعلى الذهاب إلى المكان المحدد بسبب المال، فهل يستطيع الذبح في دولة أخرى؟ علما أن الذبح في المراقد حرام، فهل يستطيع الذبح في مكان آخر؟ ويوكل أحدا أخر مكانه.
أرجو التفصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذبح للمقبور شرك أكبر، لأن الذبح عبادة وصرفها لغير الله شرك، وأما الذبح لله تعالى عند قبر من القبور سواء كان صاحبه من الصالحين أو من عموم المسلمين فمحرم، ولا يحل الوفاء به لمن نذره، ومن نذر واحدا منهما فعليه كفارة يمين على الراجح، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 59768، ورقم: 68541.
والواجب أن يُنصح صاحب هذا النذر ويبين له خطورة الشرك بالله تعالى، وأن النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ شرك ومعصية، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 34816 وما أحيل عليه فيها.
وننبه على أن القبور التي يطاف بها ويستغاث بأصحابها وينذر لهم وغير ذلك من أنواع الشرك، هذه القبور مجرد زيارتها لا تجوز إلا لمن يستطيع أن ينكر ما يُفعل عندها من المنكرات، وراجع الفتوى رقم: 23433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(19/747)
من نذر ذبيحة لا يجوز له العدول عنها بصرف ثمنها لفقراء أو مرضى
[السُّؤَالُ]
ـ[كان علي دين كبير ووفقني الله في سداده، وكان ابني مريض فشفاه الله، وكنت قلت عندما أسدد ديني ويشفى ابني سوف أذبح لله ثمن هذه الذبيحة من 3000 إلى4000 جنيه، فهل هذا المبلغ يتم تخصيصه للذبيحة؟ أم الأفضل أن يخرج منه جزء للفقراء وجزء لمستشفى السرطان؟.
جزاكم الله كل خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نذر أن يذبح ذبيحة تقربا لله تعالى بإطعام لحمها يجب عليه الوفاء بما نذر ولا يعدل عنه لغيره، وعليه فيجب عليك ذبح ذبيحة، ولا يجزئ دفع ثمنها للفقراء ولا للمستشفى، ولو أنك وجدت ذبيحة مرضية بثمن أرخص من المبلغ المذكور، فلا حرج عليك بالتصدق بالفاضل عن ثمنها، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 29476، 31642، 38975، 43197.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(19/748)
إذا انعقد النذر فلا يصح التراجع عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من سماحتكم حكم التراجع في الشيء المنذور وذلك قبل أن يحصل، مع العلم أنه أقسم بتحقيقه وقرنه بشيء، في حالة عدم الوفاء بالنذر كقولي مثلا عدم دخولي للجنة وأنا الآن خائفة من عدم استطاعتي لأن أوفي وهل علي كفارة يمين؟ والرجاء منكم إفتائي بالتفصيل وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر إذا انعقد لا يصح التراجع عنه، ولو كان ذلك قبل حصول المعلق عليه، فيجب الوفاء به إذا تحقق ما علق عليه، إلا إذا كان الشخص قد حدد لتحققه فترة معينة وانتهت هذه الفترة قبل تحققه، ففي هذه الحالة لا يلزمه الوفاء لعدم تحقق نذره في الفترة المحددة. ويسقط عنه الوفاء أيضا إذا كان عاجزا عجزا لا يرجى زواله، وفي هذه الحالة تكون عليه كفارة يمين كما سبق بيانه بالأدلة في الفتاوى التالية أرقامها: 53176، 41844، 117230، 120512.
وبهذا تعلم أنه لا يجوز لك التراجع عن نذرك بعد انعقاده، لاسيما وأنك أكدت الوفاء به بالقسم، فإذا تحقق فعليك الوفاء إلا إذا عجزت عنه عجزا لا يرجى زواله، فإن عليك بدله كفارة يمين كما سبقت الإشارة إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(19/749)
سداد الأقساط أم الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج ولي بنتان، قبل عامين كنت ساكنا بالإيجار ومرضت زوجتي مرضا شديداً، ونذرت على نفسي نذرا معلقا بأنه إذا شفيت زوجتي أن أذبح ذبيحة، وكانت ظروفي المالية صعبة جدا وبعد فترة قال لي صاحب البيت أنه علي أن أخرج من البيت لأنه سيبيعه، وكانت ما زالت أزمة السكن في غزة لا توصف بسبب الحصار ومنع مواد البناء من الدخول، فقررت شراء المنزل، وبالفعل استدنت مبلغا من المال بالإضافة إلى ما مع زوجتي من ذهب وقمت بشراء البيت، والآن أسدد المبلغ بالتقسيط وأقوم بتسديد الأقساط. فهل علي أن أسدد الأقساط أم أن أوفي بنذري مع العلم أنني ملتزم بتسديد مبلغ معين كل شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينكم ويحفظكم، وإذا كان نذرك محددا بزمن معين نصا أو عرفا أو نية فيجب عليك الوفاء به في وقته المحدد له، ما لم تكن عاجزا، وإذا لم يكن للنذر وقت معين ولم يجر العرف بأن المراد المبادرة فور تحقق المعلق عليه وهو شفاء الزوجة، أو كنت ناويا ذلك، فيجب الوفاء به على التراخي ولكن تستجب المسارعة بالوفاء.
وبناء على ما تقدم، فإن كنت تستطيع الجمع بين سداد الأقساط في وقتها مع الوفاء بالنذر فعليك أن تفعل، وإلا فإن عليك أن تقدم تسديد الأقساط إذا كان لها وقت محدد لأن حقوق الناس مبنية على المشاحة، وحق الله مبني على المسامحة، وخاصة إذا لم يكن للنذر وقت محدد نصا أو عرفا أو نية. وانظر الفتوى رقم: 471. للمزيد من الفائدة.
هذا وننبهك إلى أن النذر المعلق مكروه، فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه.
قال العلماء: وهذا النهي نهي كراهة لا نهي تحريم، ويجب الوفاء به، ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 78491 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(19/750)
حكم من نذر ترك محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[مثلا نذرت ألا أدخل على المواقع الإباحية وبعد مدة دخلت وقمت بأداء كفارة النذر، هل إذا دخلت إلى موقع إباحي ثانية علي كفارة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدخول إلى المواقع الإباحية لا يجوز فى أصل الشرع ولذلك يجب الامتناع من الدخول إليها أصلا، وقد اختلف أهل العلم في من نذر ترك محرم أو فعل واجب فمذهب أكثرهم على أن عليه التوبة والامتناع عن فعل المحرم ولا كفارة عليه، وذهب بعضهم إلى أن عليه الكفارة، وهو نذر لجاج، وهو الذي يريد به صاحبه أن يمنع نفسه من فعل شيء معين، أو أن يحثها على فعله، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 15049.
وعلى ذلك فإن عليك كفارة واحدة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 56906 إلا إذا نذرت مرة أخرى ثم دخلت عليها، أو كانت صيغة النذر هي أن عليك نذر كلما دخلت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(19/751)
نوى أن يعتمر إذا أنجبت زوجته.. هل يجوز التأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى العمرة السنة الماضية أنا وزوجتي، ودعونا الله عز وجل أنه إذا رزقنا بمولود أو مولودة سوف نذهب به إلى العمرة، وبعد أن رجعنا حملت زوجتي وأنجبت طفلة بولادة متعسرة أخضعت زوجتي لعملية قيصرية والحمد لله. السؤال: البنت الآن في بداية الشهر الثالث وبعد أن تكمله نريد أن نذهب إلى العمرة. فهل من حرج على الطفلة أو الأم أن نذهب هذه السنة أو نؤجل بسبب عملية الأم والمولودة لم تكمل إلا الشهر الثالث؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهرُ أن هذا القول الذي قلته وهو قولك: ودعونا الله عز وجل أنه إذا رزقنا بمولود أو مولودة سوف نذهب به العمرة، ليس له حكم النذر، لأنه لم يشتمل على لفظ يدل على التزام الطاعة، وإن كان الأولى والأفضل أن تفعل ما نويت فعله وعزمت عليه، ولكن ذلك لا يلزمك، فإن بادرت بفعله فحسن، وإن أخرت فعله فلا شيء عليك.
وأما إن كنت قد تلفظت بلفظ يدل على التزام العبادة فهذا هو ما يسمى بالنذر المعلق، وهو مكروهٌ ويجبُ الوفاء به إذا وقع ما عُلق عليه، وانظر الفتويين رقم: 106240، 4241.
وقد اختلف العلماءُ في وجوب الوفاء بالنذر هل هو على الفور أو على التراخي؟ وقد بينا خلافهم في الفتوى رقم: 118385. والذي ينبغي لك الخروج من هذا الخلاف، وأن تبادرا بالذهاب إلى العمرة مع زوجتك وابنتك، ولا حرج في ذلك، فإن ابنتك وإن كانت غير مميزة، فإن عمرتها صحيحة، وتثاب أنت إن شاء الله على الاعتمار بها.
وإن كان ثم مانعٌ يمنعك من الذهاب كالخشية على الأم أو على الطفلة فلا نرى حرجاً من تأجيل العمرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(19/752)
يزول النذر بزوال سببه
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي نذرت لله أن تتصدق بأول راتب لها على امتداد سنة كل شهر جزءا، فرزقها الله عملا وبفضل الله بادرت بالوفاء بالنذر في الشهر الأول والثاني، ولكن أتيحت لها فرصة لتكمل دراستها فهل عليها، إذا انقطعت عن العمل بمحض إرادتها لتكمل الدراسة أن تخرج ما تبقى أم تؤجله حتى تتحصل على عمل آخر؟ أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر يلزم الوفاء به على الكيفية التي نذره بها صاحبه، وذلك لما في البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: من نذر أن يطيع الله فليطعه. وقد أحسنت أختك عندما بادرت بتنفيذ الوفاء بالنذر حال عملها، وبانقطاع هذا العمل يتوقف تنفيذ ما بقي من النذر حتى تبدأ عملا آخر، فتبدأ بإكمال ما بقي عليها منه، فبسبب زوال سبب النذر وهو العمل يزول النذر حتى تبدأ عملا جديدا، ولذلك فالظاهر- والله أعلم- أنه لا يلزمها إخراج ما بقي عليها من النذر حتى تشتغل من جديد. وانظر الفتوى رقم: 113960 وما أحيل عليه فيها.
هذا، وننبه إلى أن هذا النوع من النذر (النذر المعلق) كرهه أهل العلم لأنه لا يجلب نفعاً ولا يدفع ضرراً، ولا يرد قضاءً، وربما أدى إلى الحرج والعنت وعدم الوفاء. ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(19/753)
قول المرء سأصلي لله كذا هل يعد نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قلت ما دمت بصحتي سأصلي لله بعد المغرب أربع ركعات ركعتين ركعتين- وما قلت نذر علي..
ولكن أحيانا أكون تعبانة أو خارج المنزل وفي عجلة من أمري ماذا علي؟
هل أصليها بعد المغرب مباشرة؟ أو متى ما تيسر لي؟ وهل ألزم نفسي بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك سأصلى لله بعد المغرب.... إلخ هذه الصيغة لا تعتبر نذرا يجب الوفاء به فيما نرى إذا لم تنوي بها النذر. والنذر ينعقد بكل صيغة تدل على الالتزام مثل (لله علي) ونحو ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 102449.
وليست الصيغة المشار إليها دالة على الالتزام فهي أشبه ما تكون بالوعد ومع هذا فإن الإتيان بما ورد بها مطلوب شرعا، ولكنه طلب غير جازم بحيث لو تركه الشخص عمدا واختيارا فإنه غير إثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1430(19/754)
نذرت أن يعتمر خلال مدة معينة ولم يستطع خلالها
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أؤدي مناسك العمرة خلال مدة معينة، ولكن نظرا لانشغالي خلال هذه المده لم أستطع أن أؤديها. فما نوع هذا النذر؟ وهل أأثم على ذلك؟ وهل علي كفارة؟ وهل يجب أن أؤديها خلال مدة معينة أم أؤديها وقتما أشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر هو النذر المطلق، وهو مستحب في الأصل، ويجب الوفاء به على الوجه الذي نذره الناذر، لحديث البخاري: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
وكان من المتعين عليك أن تؤدي النذر في الوقت الذي حددته، وأما إذا انشغلت في ذلك الوقت فاحرص على البدار بأدائه في أقرب فرصة تتيسر لك.
وراجع الفتويين رقم: 12396، 32880.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(19/755)
لا يصح تغيير النذر للقادر على الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟ يعني قلت: إذا حملت سأقوم بوضع زير ماء أمام مسجد، فقمت بوضعه أمام منزل. فهل يجوز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم الوفاء بنذره على الكيفية التي نذره عليها امتثالا لأمر الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ. {الحج: 28} . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. الحديث رواه البخاري.
ولا يصح تغيير النذر للقادر على الوفاء، ولذلك لا يصح لك وضع الماء الذي نذرت أمام البيت أو في أي مكان آخر غير المكان الذي نذرت له أصلا وهو المسجد.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى الآتية أرقامها: 112739، 45605، 119564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(19/756)
قول اللهم اشفنى حتى أصلي الجماعة وأحج هل يعد نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مرض في بطني، كثرة غازات وسلس بول تجعلني أحس بالحرج في صلاتي، كنت أدعو الله وأقول يا ربي إنني راغبة في الذهاب إلى الحج، اللهم اشفني لكي أستطيع الصلاة في المسجد جماعة، ولكي أستطيع الذهاب إلى الحج، فهل هذا يعتبر نذرا أم لا؟ وهل علي شيء إذا أنا قررت في حال شفائي عدم الذهاب إلى الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللفظ المذكور في السؤال لا يعتبر نذرا؛ لأن النذر اللازم هو أن يوجب المسلم المكلف على نفسه فعل قربة لله تعالى ليست بواجبة، لأن الطاعة الواجبة لا تأثير للنذر فيها.
وما ذكرته السائلة ليس فيه التزام بل هو من باب الدعاء وسؤال الله تعالى الشفاء من المرض المذكور حتى تستطيع أداء فريضة الحج أو نافلته والصلاة في المسجد مع الجماعة، وإذا كان الحج نافلة فلا حرج عليك في عدم الذهاب إليه، ولو كان ذلك بعد الشفاء التام. أما إذا كان فرضا فيبقى الذهاب إليه واجبا عند الاستطاعة. ولمزيد من الفائدة انظري الفتاوى التالية: 61913، 70513، 15534.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(19/757)
نوى صيام شهر مدى الحياة وصام بعضه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نذرت نذراً وهو صيام شهر، وقلت أنا نويت صيام شهر على مدى الحياة، وأنا صمت تسعة أيام فقط، فهل يمكن لباقي الأيام كفارة أم أنه لا يعد نذرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب في نذر القربات الوفاء بها على النحو الذي نذره صاحبه كما أمر الله تعالى بقوله: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ.. {الحج:29} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
ولذلك فإن عليك أن تفي بنذرك وتصوم شهراً قمرياً كاملاً كما نويت، فإن بدأته من بداية الشهر أنهيته بنهايته ولو قصر الشهر وكان تسعة وعشرين يوماً، وإن لم تبدأه من بداية الشهر أكملت ثلاثين يوماً، وتعيد الأيام التسعة إذا كانت نيتك عند النذر تتابعه ولا كفارة في ذلك إلا في حالة العجز المستمر فيسقط عنك حينئذ، وتلزمك كفارة يمين، وذلك لما رواه أبو داود عن ابن عباس مرفوعاً: ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين.
فإن زال العذر بعد ذلك واستطعت الصيام رجعت إلى الوفاء به مرة أخرى كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1339.
وأما قولك على مدى الحياة فإن كان قصدك به أن الشهر يكون مفرقاً على مدة حياتك (غير متتابع) فلا يلزمك تتابعه، ولكن يكفيك أن تصوم ثلاثين يوماً متفرقة أو شهراً كاملاً متتابعاً، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 42085، والفتوى رقم: 94446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(19/758)
نذرت أن تصوم بدون استئذان زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت زوجتي أنها إن سهلت عملية الولادة في ابنتي ستصوم كل يوم اثنين وخميس مدى العمر، وقد سهلت عملية الولادة، علما بأنها لم تستشرني في نذرها هذا. فما الحكم هل عليها أن تصوم أم تدفع فدية عن كل يوم يجب أن تصومه أم تترك الأمر وتستغفر الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يكن ينبغي لزوجتك أن تنشئ هذا النذر دون أن تستأذنك، وما دامت قد فعلت فإن أذنت لها في الوفاء بالنذر وجب عليها الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.أخرجه البخاري.
وإنما مُنعت من الوفاء به لأجل حقك، فإن أذنت لها فلا مانع، وأما إن لم تأذن لها، وأردت منعها من الوفاء بالنذر فهذا جائزٌ لك، ولا يجوزُ لها الوفاء بهذا النذر إذا منعتها لتقدم حقك على النذر.
جاء في حاشية الدسوقي: قوله: وإن أذن لعبد أو امرأة إلخ. حاصله أن السيد إذا أذن لعبده الذي تضر عبادته بعمله أو لزوجته التي يحتاج لها في نذر عبادة من اعتكاف، أو صوم، أو إحرام في زمن معين فنذراها فليس له بعد ذلك منع الوفاء بها، وإن لم يدخلا في تلك العبادة بأن لم يحصل دخول المعتكف، ولا تلبس بالصوم، ولا بالإحرام، بل حصل النذر خاصة إلا أن يكون النذر الذي أذنا فيه مطلقا غير مقيد بأيام معينة فله المنع ولو دخلا في العبادة، ومن باب أولى ما إذا نذرا بغير إذنه معينا أم لا. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وما أوجبته المرأة على نفسها بنذر، فإن كان بغير إذنه فله أن يمنعها منه، وهذا باتفاق. وإن كان بإذنه، فإن كان في زمان معين فليس له منعها منه. وإن كان في زمان مبهم، فله المنع عند المالكية إلا إذا دخلت فيه، وهو على وجهين عند الشافعية والحنابلة. انتهى.
فإن منعتها من الوفاء بهذا النذرِ فعليها قضاؤه متى قدرت، وزال المانع، قال أبو الوليد الباجي: وأما ما يتعلق بجسدها كالصلاة والصيام والحج فإنه على ضربين:
أحدهما: أن يضر بالزوج ككثير الصيام والحج.
والثاني: لا يضر به كصلاة ركعتين وصيام يوم، فإن كان ذلك يضر بزوجها منعها منه، لأن حقه قد تعلق بالاستمتاع بها، فليس لها أن تأتي بما يمنع منه، ولكن ذلك يبقى بذمتها حتى تجد إلى أدائه السبيل. انتهى.
وهل تلزمها كفارة يمينِ لفوات التعيين أو لا؟ في ذلك قولان للعلماء، فقياسُ مذهب الحنابلة وجوبها، ومذهب الجمهور أنها لا تجب، قال ابن قدامة في المغني: الحال الثاني، أفطر لعذر، فإنه يبني على ما مضى من صيامه، ويقضي ويكفر. هذا قياس المذهب.
وقال أبو الخطاب: فيه رواية أخرى، أنه لا كفارة عليه. وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي عبيد ; لأن المنذور محمول على المشروع، ولو أفطر رمضان لعذر لم يلزمه شيء. ولنا: أنه فات ما نذره، فلزمته كفارة ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأخت عقبة بن عامر: ولتكفر يمينها. وفارق رمضان ; فإنه لو أفطر لغير عذر، لم تجب عليه كفارة إلا في الجماع. انتهى.
فإن عجزت عن الوفاء والقضاء، فلا يلزمها إلا كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. أخرجه مسلم.
وقد بينا حكم النذر المعلق على شرط، وأنه مكروه في الفتوى رقم: 106240.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(19/759)
صيام النذر في السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت صيام يومين من كل أسبوع مدى الحياة وأنا الآن على سفر. فهل يجوز لي الصيام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوزُ لك أن تصومي صومك المنذور في السفر، ولا حرج عليكَ في ذلك، فإن الصوم في السفر جائزٌ لمن لم يتضرر به، سواء كان الصوم فرضا أو نفلا، وقد دلت على ذلك أحاديثُ كثيرة، فعن حمزة بن عمر والأسلمي قال: يا رسول الله إني أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل علي جُناح؟ فقال رسول الله صلى الله علي وسلم: هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جُناح عليه. أخرجه مسلم.
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ. متفق عليه.
وعن أنس بن مالك قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. رواه البخاري.
وأما حديث: ليس من البر الصيام في السفر. متفق عليه. فإنه واردٌ في حق من شق عليه الصوم، حتى تضرر به، ويومئ إلى هذا سبب ورود الحديث.
قال النووي:
مَعْنَاهُ: إِذَا شَقَّ عَلَيْكُمْ وَخِفْتُمْ الضَّرَر، وَسِيَاق الْحَدِيث يَقْتَضِي هَذَا التَّأْوِيل. فالْحَدِيث فِيمَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ. انتهى.
وقال ابن القيم في تهذيب السنن:
وَأَمَّا قَوْله: لَيْسَ مِنْ الْبِرّ الصِّيَام فِي السَّفَر. فَهَذَا خَرَجَ عَلَى شَخْص مُعَيَّنٍ، رَآهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، وَجَهِده الصَّوْم، فَقَالَ هَذَا الْقَوْل، أَيْ: لَيْسَ الْبِرّ أَنْ يُجْهِد الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ حَتَّى يَبْلُغ بِهَا هَذَا الْمَبْلَغ، وَقَدْ فَسَّحَ اللَّه لَهُ فِي الْفِطْر. انتهى.
ثم اعلمي أنك إن ترخصت بالفطر في السفر، فعليكَ قضاء اليوم الذي أفطرته، لأنه صومٌ تعين بالنذر فلزمكَ قضاؤه. قال النووي رحمه الله:
ولو عين في نذره يوما كأول خميس من الشهر، أو خميس هذا الأسبوع تعين على المذهب، وبه قطع الجمهور فلا يصح الصوم قبله، فإن أخره عنه صام قضاء، سواء أخره بعذر أم لا، لكن إن أخره بغير عذر أثم، وإن أخره بعذر سفر أو مرض لم يأثم. انتهى.
ويرى الحنابلةُ أن عليك مع القضاء الكفارة، لإخلالكَ بصوم اليوم المعين، قال ابن قدامة في مسألة من نذر أن يصوم شهرا بعينه ثم افطر في أثنائه:
الحال الثاني: أفطر لعذر، فإنه يبني على ما مضى من صيامه، ويقضي ويكفر. هذا قياس المذهب. وقال أبو الخطاب: فيه رواية أخرى، أنه لا كفارة عليه. وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي عبيد ; لأن المنذور محمول على المشروع، ولو أفطر رمضان لعذر لم يلزمه شيء. انتهى.
ثم اعلمي أن بعض أهل العلم قد ذهبوا إلى عدم جواز الفطر في صوم النذر المعين، لأجل السفر، والمعتمد عند الشافعية هو الجواز. جاء في حاشية الرملي:
أما القضاء الذي هو على الفور فالأصح أنه لا يباح فطره في السفر، وكذلك من نذر صوم شهر فسافر فيه لا يباح له الفطر قاله البغوي في فتاويه ثم توقف فيه، وفي الأنوار أنه لو نذر صوم شهر معين ثم اتفق أي السفر فيه جاز له أن يفطر. انتهى. والمعتمد الجواز في المسألتين. انتهى.
ولو احتاط الإنسان فلم يفطر لكان حسناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(19/760)
ما يلزم من نذرت صوما فمنعها زوجها من الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله صوم الأيام البيض من كل شهر طيلة أيام عمري إن حقق لي الله أمرا. وتحقق الأمر وأعطاني الله ما أريد، واشترطت لهذا الصوم عدة شروط وهي: صوم الأيام البيض كل شهر ما لم يكن عندي ضيوف وعزومة، أو أن زوجي في عطلة من عمله، أو إذا حدث ظرف معين، أو أكون معزومة عند أحد الأقارب ولكن زوجي غضب من هذا النذر لأنني لم أطلب الإذن منه قبل أن أنذر، وأنا محتارة بين تنفيذ النذر وبين طاعة زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة الله تعالى وعلق نذره على أمر ووقع ذلك الأمر، فإنه يجب عليه أن يوفي بنذره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وأهل السنن.
وهذا النذر يسميه الفقهاء بالنذر المعلق على شرط، وإذا وجد الشرط وجب على الناذر الوفاء بنذره، قال صاحب الروض:
كقوله: إن شفى الله مريضي، أو سلم مالي الغائب، فلله علي كذا من صلاة أو صوم ونحوه، فوجد الشرط لزمه الوفاء به.. انتهى.
ولكن بما أن السائلة ذكرت أن زوجها لم يأذن لها، فإنها إن كانت تعني بقولها في النذر حدث ظرف معين أي ظرف يحول بينها وبين الصيام فإنها تفطر إذا لم يأذن لها زوجها ولا يلزمها شيء لدخول منع الزوج لها في ذلك القيد، ثم تعود للوفاء بنذرها عند عدم منع زوجها لها وعدم وجود ما يمنعها من الصيام. أما إن قصدت بذلك ظرفا بعينه وليس أي ظرف يمنعها من الصيام فإن منعها زوجها من صيام يوم معين من الأيام التي نذرتها فإنها تفطر لأن حق الزوج مقدم على إيجاب النذر المذكور، وتصوم مكانه يوما آخر ولا تلزمها كفارة يمين لأنها معذورة في ترك الصيام، ولو كفرت احتياطا لكان أفضل أخذا بإحدى الروايتين. جاء في الشرح الكبير لابن قدامة فيمن نذر صوما معينا ولم يصمه لعذر:
وإن لم يصمه لعذر فعليه القضاء لأنه واجب أشبه رمضان، وفي الكفارة روايتان: إحداهما تلزمه لتأخير النذر، والأخرى لا تلزمه لأنه أخره لعذر أشبه تأخير رمضان لعذر. انتهى.
والمهم أنها متى زال العذر الحائل دون الصيام فإنها تعود لصيام الأيام المستقبلة المنذورة، وكفارة اليمين هي: عتق رقبة مؤمنة، أو تطعم عشرة مساكين لكل واحد منهم نصف صاع من بر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد، ومقداره بالكيلو: كيلو ونصف الكيلو، أو كسوتهم، فإن لم تستطع فتصوم ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1430(19/761)
حكم تأخير النذر وتعجيله
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد تقدمت لإحدى الوظائف، ونذرت إن زاد راتبي فيها عن 5000 ريالاً فسوف أتصدق بهذه الزيادة في وجه بعينه من وجوه الخير، والحمد لله تم قبولي بالوظيفة براتب 5500 ريالاً، ونظراً لأن هذا الوجه من وجوه الخير يحتاج لمبلغ كبير، فقد أعتدت على إخراجه مجمعاً كل عدة أشهر، وأنا لم أخرج هذا النذر منذ 7 أشهر، وأريد أن أخرج النذر الآن عن 12 شهراً، أي عن الأشهر الـ 7 الماضية ومعها نذر 5 أشهر قادمة، فهل في هذا حرج شرعي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت حددت وجهاً معيناً من وجوه الخير لتصرف فيه ما نذرت فإنه يشرع تأخير الأمر حتى يجتمع ما يمكن تأدية المطلوب به، وذلك لأن النذر لا يجب الوفاء به على الفور إذا لم تكن الصيغة تقتضي الفورية، ولا حرج كذلك في تعجيل الخمسة الأشهر الباقية من السنة. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 73108، 21393، 99475.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(19/762)
متى يجب الوفاء بالنذر المعلق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشخص الذي ظن أنه مصاب بمرض ما، فنذر لله نذرا معينا إذا شفي من مرضه لكن تبين أنه لم يكن مريضا وهو مجرد وسواس فهل عليه أن يقضي النذر هنا أم لا، وفي حال كان مريضا لكن مرضه لا يرجى له شفاء فهل يقوم بما قد نذر أم لا؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النوع من النذر يعرف بالنذر المعلق، ولا يجب الوفاء به إلا إذا تحقق الأمر الذي علق عليه، وفي الحالة المسؤول عنها فإذا لم تكن مريضا المرض الذي نذرت للشفاء منه فلا يلزمك الوفاء بما نذرت، وإذا كنت مريضا ولم تشف من مرضك فلا يلزمك أيضا الوفاء بما نذرت، لأن الوفاء بالنذر المعلق لا يجب إلا إذا حصل ما علق عليه، كما بينا في فتاوى كثيرة سابقة منها على سبيل المثال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41469، 17463، 15602، 4241.
ومما ينبغي معرفته أن هذا النوع من النذر مكروه عند أكثر أهل العلم مع أن الوفاء به واجب عند الجميع إذا حصل ما علق عليه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 26871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(19/763)
حكم إطعام العمال من كفارة النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند كفارة النذر إطعام بعض العمال فى مكان عملي. فهل هؤلاء يعدون من المساكين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفارة النذر الذي عجز صاحبه عن الوفاء به هي مثل كفارة اليمين قدرا ونوعا وجهة صرف، تدفع للفقراء والمساكين لقول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. {المائدة:89} .
ولذلك، فإذا كان العمال من الفقراء والمساكين- كما هو غالب حالهم- فإن الكفارة تدفع لهم.
أما إذا كانوا أغنياء ولا يحتاجون إليها؛ فإنها لاتدفع لهم؛ فالعبرة بوصفهم لا بكونهم عمالا أم غير عمال.
وللمزيد انظري الفتويين رقم: 27782، 44144.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(19/764)
إذا أكلت من الطعام المذكور يلزمك كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ نذرت على نفسي أني ما آكل الهمبرجر ومشتقاته لمدة شهر؛ لأني أريد أن أقلل وزني وهذا هو النذر الذي قلته (أنذر على نفسي أني ما آكل الهمبرجر ومشتقاته طول الشهر) فقط ما زدت ولا نقصت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر يعتبر من نذر المباح، وهو نذر صحيح عند بعض أهل العلم ولزومه مختلف فيه بينهم، والراجح - والله أعلم - أن الناذر مخير فيه بين الالتزام والترك؛ ولكن الأفضل أن يكفر عنه إذا تركه كفارة يمين خروجاً من الخلاف.
وعلى ذلك؛ فإن عليك إذا أكلت من الأكل المذكور ومشتقاته كفارة يمين كما أشرنا.
والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة، فإذا لم تجد فعليك صيام ثلاثة أيام.
ولا شيء عليك إذا التزمت بما نذرت فتوقفت عن الأكل طوال الشهر.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 16155، 20047، 70514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(19/765)
نذرت نذرين فهل يجزئها ذبيحة واحدة عنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت امرأة نذرا لابنتها عند ولادتها أن تذبح وتعمل عقيقة ولم تستطع ذلك فى وقتها، ثم أنجبت ولدا ومرض، ونذرت عند شفائه نفس النذر. فهل يمكن أن تكون العقيقة لكليهما؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر المعلق على شرط كشفاء مريض أو حصول مولود. حكمه الكراهة عند أكثر أهل العلم، ويجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه لقول الله تعالى: وليوفوا نذورهم. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. الحديث رواه البخاري.
ولذلك؛ فإن على هذه المرأة أن تفي بنذرها المعلق بولادة ابنتها، كما أن عليها أن تفي بنذرها الثاني المعلق على شفاء ابنها إذا تم شفاؤه؛ فكلاهما يجب الوفاء به، ولا يمكن أن تجزئ عنهما ذبيحة واحدة لانفصالهما واستقلال كل واحد منهما عن الآخر في السبب والوقت.
وعدم استطاعتها في وقت الأول أو الثاني لا يسقط عنها وجوب الوفاء عند الاستطاعة؛ فمتى قدرت وجب عليها الوفاء، ولا يسقط النذر إلا بالعجز التام، وفي حالة العجز تلزمها كفارة يمين، وذلك لما رواه أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين.
هذا وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتاوى التالية أرقامها: 106240، 50937، 117889، 26871، 38621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1430(19/766)
واجب من نذر مكروها
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 11 سنة نذرت نذراً- إن نجحت في تلك السنة سوف أصلي ركعتين دبر كل صلاة فرض - ولم أتذكر المدة التي حددتها لهذا النذر، فأنا قلت خمسة، فلم أتذكر هل هذه الخمسة قصدت بها الصلوات الخمس أم النذر لمدة خمسة أيام لم أتذكر, وبعد النذر علمت أن النذر مكروه، وعلمت أيضاً أن الصلاة بعد العصر والفجر مكروهة.
فأصبحت أصلي ركعتي النذر الخاصتين بصلاة العصر والفجر قبل الصلاة بنصف ساعة يعني: ركعتي النذر الخاصتين بصلاة العصر قبل العصر بنصف ساعة, وركعتي النذر الخاصتين بصلاة الفجر بنصف ساعة، وأريد أن تجيبوني هل ما أفعله صحيح أم لا؟ وإن كان غير ذلك فبينوا لي ما هو الصحيح، وماذا أفعل؟ وهل أقضي ما فاتني من النذر في أيام العذر الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع الحال ما ذكرت من أنك نذرت أن تصلي ركعتين بعد كل فريضة إن نجحت، فإنه يلزمك الوفاء بهذا النذر إن نجحت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه مالك والبخاري.
وما دمت لم تتيقني ولم يغلب على ظنك أنك نذرت ما يزيد على خمسة أيام، فالذي نراه أنه لا يلزمك، لأن الأصل براءة ذمتك فلا تشغل الذمة بمشكوك فيه، والمتيقن هو الخمسة أيام فليزمك الوفاء بالنذر بأن تصلي ركعتين بعد كل فريضة لمدة خمسة أيام، وما فاتك من الصلوات المنذورة ولم تصلها فإنه يلزمك قضاؤها.
جاء في الفتاوى الهندية: إذا قال لله عليَّ أن أصلي ركعتين اليوم فلم يصلهما قضاهما ... انتهى.
ولا تقضى الصلوات التي فاتتك بسبب الحيض أو النفاس فهما ليستا بأوكد من الفريضة، والفريضة لا تقضيها الحائض والنفساء، وأما الركعتان بعد الفجر وبعد العصر فإنه لا يلزمك الوفاء بهما ولا قضاؤهما لأنهما من قبيل نذر المكروه، ونذر المكروه يخير صاحبه بين الوفاء به أو كفارة يمين، والأولى أن يكفر، فالصلاة بعد الفجر وبعد العصر مكروهة، وقد نص الفقهاء على أنه يستحب لمن نذر مكروها أن لا يفعله ويكفر كفارة يمين، قال صاحب الزاد: وإن نذر مكروها من طلاق أو غيره استحب أن يكفر ولا يفعله ... انتهى.
وصلاتك قبل الفجر وقبل العصر لا تعتبر وفاء بالنذر لكونهما وقعتا في غير الوقت المنذور، وعليه فما فاتك من الركعتين بعد العصر وبعد الفجر تكفرين عنهما كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(19/767)
النذر المعلق على أمر يجب الوفاء به عندما يحصل
[السُّؤَالُ]
ـ[أم نذرت أن تذبح بعيرا إذا توفقت ابنتها وهي تقصد بذلك زواج ابنتها، وقد تزوجت ابنتها، ولكنها تطلقت بعد بضعة أسابيع من الزواج، فماذا يلزم الأم علما بأن الأم لا تملك ما يمكنها من شراء البعير حاليا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن هذه الأم عندما نذرت لم تشترط استمرار الزواج، وإنما علقت النذر على حصول الزواج فقط، ولذلك؛ فإن الواجب عليها أن تفي بنذرها وتنحر بعيرا كما نذرت لحصول ما علقت عليه نذرها، وهو مطلق زواج ابنتها.
فقد قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج} وقال صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.. متفق عليه.
وإذا عجزت عن الوفاء بالنذر فلم تستطع أداءه في الوقت الحاضر؛ فلها أن تنتظر حتى يتيسر لها ما تستطيع به الوفاء؛ لأن عجزها ها هنا يرجى زواله، أما إذا كان من النوع الذي لا يرجى زواله؛ فإن عليها كفارة يمين.
وسبق بيان كفارة اليمين بسبب العجز عن الوفاء بالنذر في الفتويين رقم: 28918، 47377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(19/768)
حكم نذر الرجل أن لا يمس زوجته أبدا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أترك زوجتي الأجنبية، التي سببت لي مشاكل لا حصر لها، منها طبعا أنها كانت تشرب المخدرات، نهيك عن العادات والتقاليد التي لا تناسبنا نحن المسلمين. فكنت قد نذرت أن لا ألمسها أبدا إذا لم تكن حاملا ولم يكن نذري أن أتركها لأني لا أستطيع أن أتركها أصلا الآن لأني في طريقي للحصول على الجنسية وتصريح العمل في الولايات المتحدة الامريكية. فأنا إذا تركتها فالأغلب أني لن أستطيع الحصول على تصريح العمل أبدا في هذا البلد. للحقيقة كنت قد نذرت هذا لأني تأكدت من أن بقائي معها هو شر لي، لأنه ربما تحمل ويأتي طفل يربى في بيئة كهذه، وللأسف أن يكون له أم أعتقد أنها لن تستطيع أن تربي قطة. ناهيك عن ما اكتشفته بعد الزواج، والله قد تزوجتها بنية سليمة، فالذي دفعني للنذر هو أني كنت في حاله نفسية سيئة وقلت والله إن نجاني ربي من هذه المصيبة أن تكون حاملا لن أمسها أبدا، وهذا ما حصل ولكني أسكن معها وطبعا كل يوم آتي بحجة جديدة حتى لا أقربها، فأنا كما ذكرت لا أستطيع أن أتركها. السؤال هنا هل يعتبر هذا نذر محرم (لأني نذرت أن لا أقربها) ؟ مع العلم يا شيخ أنه كما تعلم أن الزواج من الأجنبيات يؤدي إلى ما أنت أعلم به مني فقلبي يحدثي بالبعد عنها حتى لو كان فيه ضرر علي في مسألة الإقامة والعمل هنا، فهذا أفضل من أن أخسر الآخرة. فما رأي سيادتكم. وعذرا للإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين إن كانت هذه المرأة مسلمة أم كافرة، وإن كانت كتابية أم غير كتابية، فإن كانت كافرة غير كتابية فزواجك منها باطل من أصله بالإجماع، فتجب عليك مفارقتها، وإن كانت كتابية فزواجك منها صحيح، وراجع الفتوى رقم: 2779، وكذا إن كانت مسلمة فزواجك منها صحيح. ولكن إن كانت كتابية أو مسلمة وتزوجتها بغير إذن وليها فزواجك باطل على الراجح، ويجب فسخه. وانظر الفتوى رقم: 3395.
وعلى فرض كون الزواج صحيحا، فإن كانت هذه المرأة على هذه الحالة من السوء، فالأولى أن تطلقها خاصة وأنك لم تنجب منها بعد، فمثلها لا يمكن أن تربي الأبناء على الخير، كما ذكرت، وخاصة في مثل تلك البلاد التي تنطوي الإقامة فيها على مخاطر على الآباء والأمهات، فضلا عن الأبناء. ومن هنا فإن لم تكن بك ضرورة أو حاجة معتبرة للإقامة هنالك، فالأولى بك أن تهاجر إلى بلد مسلم للإقامة فيه. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 2007.
وأما نذر الرجل أن لا يمس زوجته أبدا فهو من جنس النذر غير المنعقد، ومع هذا فالأحوط أن تكفر عنه كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(19/769)
نذر صدقة لا يعرف مقدارها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مصري، عندما كنت في المرحلة الجامعية كنت عند كل امتحان أنذر لله عز وجل نذرا، إذا نجحت في مادة امتحان ما أنني سوف أتبرع لوجه لله بمبلغ معين. وفي بعض الأحيان كنت أنذر أنني سوف أصلي عددا معينا من الركعات، إذا وفقني الله في النجاح. وبالفعل مرت الأيام وبكرم من الله نجحت في المواد التي قد كنت نذرت فيها لله المال بالتصدق أو بالصلاة، ولكن مع مرور الأيام غلب علي الشك، فلم أعد أتذكر بالضبط المبلغ المطلوب الوفاء به للنذر، وكذلك لم أعد أتذكر بالضبط عدد الركعات التي قد كنت نذرت أن أصليها. فما الحل في ذلك؟ حيث إن هذا الأمر يتعبني، وأود أن أوفي بالنذر، مع العلم بأنني أعتقد أنني على علم بالحد الأدني الذي نذرته، ولكن لا أتذكر النذز بالفعل، ولكن مجرد أرقام تقارب الحقيقه أي كان حال لساني يقول إن المبالغ التي نذرت أن أتصدق بها ما بين كذا وكذا، ولا أتذكر المبلغ بالضبط وكذلك الأمر في عدد الركعات، فإنني أقول إنني نذرت بين عدد كذا وكذا، ولا أتذكر العدد بالضبط. فأرجو الإفادة. ما الحل في ذلك؟ وهل هناك أمر من الممكن أن أقوم به لكي أكفر عن كل هذا، فأرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى كراهة النذر المعلق على شرط، وإن كان الوفاء به واجباً إذا حصل الشرط.. وانظر لذلك الفتوى رقم: 106240.
وأما ما نذرته من صدقة لا تعرف مقدارها أو صلاةٍ لا تدري عددها تحديداً، فالواجب عليك أن تجتهد وتتحرى لتصل إلى العلم بمقدارها، فإن تعذر عليك ذلك فالواجب عليك أن تصلي من الركعات وتتصدق من المال بما تتحقق به من براءة ذمتك بيقين أو ما يغلب على ظنك حصول براءة ذمتك به، وانظر لذلك الفتوى رقم: 25019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(19/770)
المستطيع الوفاء بنذره على الكيفية التي نذرها لا يجزئ عنه غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[في يوم من الأيام مرضت أختي الصغرى فتوقعت أنها ستموت، فنذرت: إن بقيت حية سأصوم شهرا.
وها قد مر على مرضها ثلاث سنوات تقريبا ولم أصم، فهل أصوم أم أدفع مالا، مع أن صحتي بخير، مع أني حامل في شهري السابع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النذر المعلق على شرط مكروه، وهو الذي قال فيه النبي –صلى الله عليه وسلم- إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من مال البخيل.
واتفق العلماء على أنه إذا حصل ما عُلِق عليه النذر لزم الوفاء به، لحديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه0 أخرجه البخاري.
وعليه، فالواجب عليك الوفاء بنذرك، وأن تصومي هذا الشهر عند قدرتك على صيامه, وقد رجحنا في الفتوى رقم: 96225 أن النذر غير المحدد بوقت لا يلزم على الفور. ولا يلزمك التتابع في صوم هذا الشهر عند الجمهور خلافا للحنابلة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 119098.
ولا يجوز لك العدول إلى الإطعام ما دمت تقدرين على الوفاء بنذرك, فإن الكفارة لا يعدل إليها في نذر الطاعة إلا عند العجز عن الوفاء به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(19/771)
عاهد الله على الصيام ثم عجز عنه فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترك الصيام بعد التعهد به إلى الله، وقد كان سبب تركه عدم القدرة على الجهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من عاهد الله على فعل طاعة على وجه الالتزام بها كان هذا نذراً يجب الوفاء به، وهذا إذا كان تلفظ بلسانه بلفظ العهد ونحوه. وأما إذا كان مجرد حديث نفس دون نطق باللسان أو نطقه بما ليس فيه التزام فلا يلزم من ذلك شيء. وقد ذم الله المنافقين بإخلافهم ما عاهدوا الله عليه، قال تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ {التوبة: 75- 77} قال القرطبي رحمه الله: العهد والطلاق وكل حكم ينفرد به المرء ولا يفتقر إلى غيره فيه فإنه يلزمه ما يلتزمه بقصده وإن لم يلفظ به. قاله علماؤنا (أي المالكية) وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يلزم أحدا حكم إلا بعد أن يلفظ به وهو القول الآخر لعلمائنا. انتهى.
وعلى هذا فالواجب على من عاهد الله على الصيام أن يفي بما عاهد عليه الله، فإن عجز فحكمه حكم من عجز عن الوفاء بالنذر فتلزمه كفارة يمين. وانظر الفتوى رقم 94446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(19/772)
من قال: إذا أخذت شيئا من تركة أبي تكون وقفا
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي طلق والدتي من عام 1975، وأنا ولدت سنة 1972 وكنا لا نراه إلا قليلا جدا فهو غير مسئول عنا في أي شيء، فهو متزوج وعند امرأته بنت رباها ودرسها، وأصبح مسؤولا عنها ونسي أولاده السبعة، فمن أربع سنوات ذهب للحج وبدأ يحضر عندنا مرة في الشهر ثم في كل ثلاثة أشهر، ثم في كل خمسة أشهر وهكذا، وكنا نتكلم على الهاتف ونتشاجر مع امرأته وابنتها وجلس عندنا شهرا أو أكثر وهنا بدأ يتحدث عن ابنتها بأنه بعد هذه التربية رفعت النعل عليه وكانت تؤذيه وكان يحاول أن يرجع لوالدتي، تخيل بعد أربعة وثلاثين عاما من العذاب، الله يعلم كم تعذبت أمي في تربيتنا، طبعاً رفضت وأنا أيضاً لم أتقبل هذه الفكرة، أنا آسفة إذا قلت لك أني كنت أخجل من أجلس وحدي معه لأني لا أحس أنه أبي إلا بالهوية، لكن من الواجب علي احترامه ومساعدته، وبعد عودته لمنزله أخذ يطلب مني أن أذهب إليه وأنظف منزله الذي تسكن به امرأته قلت له: أبي على رأسي أخدمك مجبرة لكن أخدم زوجتك وابنتها آسفة، اسكن في أي منزل مؤجر وأنا وأخوتي مجبرون علي خدمتك، طلب من بقية إخوتي هذا الطلب لكن لم يقبل أحد منهم، وكان الجواب نفسه، مع العلم أن وضعهم المادي جيد وأكثر، وانتهى الموضوع واقتنع وأخذ يطلب منا الأشياء الخاصة به واستمراتصالنا بالهاتف، وآخر فترة كل اتصال كان يحاول أن يبغضني بأمي وجدتي وأنا أدافع عنهم وأعطيه أدلة على غلطه، تخيل أمي زوجت إخوتي وآخر أخ زوجته باعت آخر قطعة أرض كي تشتري منزلا له، ونقص المبلغ ثلاثمائة ألف فطلبت من أبي أن يساعده فقال: ليس معي شيء، كانت أول طلب منه وآخر طلب، لم أتجرأ على طلبه إلا بعد أن عرفت أنه باع قطعة أرض وقبض مبلغ تسعمائة ألف، قال لنا عمي -والحمد الله- لم نحتجه ودبرنا المبلغ وبقينا على اتصال به، وقام بمحاولته تبغيضنا بوالدتنا على الرغم أنهم تزوجوا بعد قصة حب وما زالت رسائله لها موجودة، أمي ضحت لأجلنا بكل شيء بالمال والعمر، كانت موظفة صباحاً وتأتي للمنزل بعمل إضافي على الآلة الكاتبة وغيرها من أعمال، فكانت تكفينا ماديا ومعنويا لوحدها دون وجود مساعدة إلا من جدتي، فكان أبي لا وجود له إلا على الهوية -أتعبتك- وبالنهاية كان لأبي اتصال بأختي الكبيرة وأخبرها أنه سوف يحضرعندها فاستعددت لاستقباله، وكان متشاجرا مع زوجته وابنتها، لكن للأسف لم يأت فقد أخذ الله أمانته، هنا بكيت وبكيت، لا أعرف بكيت على نفسي، كان لي أب ولم يكن، أم بكيت عليه لأنه لم يشعر بطعم الأبوة. المهم بإذن واحد أحد قمنا بواجبه وتمنينا أن يغفر الله لنا وله.
والسؤال: أصبح له عام متوفى وأنا لا أريد أن أخذ أي ليرة منه مع العلم أني بحاجة لكن أقول: الذي لم يعطنا في حياته، كيف نأخذها بعد وفاته، وكنت أقول: إذا أعطتنا زوجته أي شيء حصتي تكون للأوقاف هذا صحيح أم لا؟
لقد دمرني يمكن أنا حساسة زيادة عن اللزوم فقد كرهني بالارتباط والتعامل مع الجنس الآخر فالجميع أنظر لهم بنفس النظرة طبعا أنا مسامحته بكل شيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمهما كان حال الوالد من الظلم والتقصير في حق زوجنه وأولاده، فإن ذلك لا يسقط حقه في البر والطاعة في المعروف.
أما عن سؤالك، فاعلمي أنه بمجرد موت والدكم قد أصبحت كل ممتلكاته حقاً لجميع ورثته الشرعيين بعد سداد ما كان عليه من الديون ودفع ما أوصى به من الوصايا، فنصيبك من تركته حق خالص قرره لك الشرع ونصيب فرضه لك الله تعالى، وليس هو عطاء من أحد حتى تتحرجي من أخذه.
أما عن قولك أنك إذا أخذت شيئاً من تركته تكون وقفاً، فإذا كنت تلفظت به بهذه الصيغة دون أي لفظ يفيد الإلزام والإيجاب، أو كان ذلك مجرد نية دون تلفظ فلا يلزمك شيء به، ولك أن تتصرفي في حصتك كما تشائين، وأما إذا كنت قد تلفظت بما يُشعر بالإلزام كقول: لله عليّ أو نحو ذلك، فذلك نذر يجب عليك الوفاء به، لكن إذا كان هذا المال هو كل ما تملكين فلا يلزمك الصدقة به كله، وإنما يكفيك التصدق بثلثه.
قال ابن قدامة: ولو نذر الصدقة بكل ماله فله الصدقة بثلثه ولا كفارة عليه؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي لبابة حين قال: إن من توبتي يا رسول الله أن أنخلع من مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجزيك الثلث. انتهى الشرح الكبير لابن قدامة.
أما عن كون أخذك للتركة أو تركك لها يؤذي والدك، فلا أثر لذلك عليه، لكن ينفعه إن تصدقت عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن سعد بن عبادة رضي الله عنه توفيت أمه وهو غائب عنها، فقال يا رسول الله: إن أمي توفيت وأنا غائب عنها أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: نعم، قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(19/773)
الحامل إذا نذرت أن تصوم يوم الاثنين طوال حياتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: نذرت يوما أن أصوم الاثنين طوال حياتي، وأنا الآن في فترة حمل، هل يجوز لي أن أتوقف عن النذر في فترة حملي؟ أم هناك فتوى أخرى. أرشدوني من فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره أهل العلم القدوم على النذر، وذلك لما قد يترتب عليه من الحرج وعجز الناذر.
ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي لله عنهما قال: نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل.
وبخصوص صيام يوم الاثنين زمن الحمل وفاء بالنذر؛ فإن كان يترتب عليه ضرر عليك أو على الحمل فإنه يجوز لك الفطر فيه، فإذا زال عذرك عدت إلى صيامه كما نذرت، وإذا لم يترتب على صيامه ضرر فيلزمك متابعة صيامه.
وقد اختلف أهل العلم في لزوم قضاء ما أفطرت منه بعذر؛ فذهب الحنابلة والحنفية إلى لزوم القضاء، وذهب المالكية والشافعية إلى عدم لزوم القضاء.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر مع شرحه:.. إلَّا الْمُعَيَّنَ: لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ قال شراحه: هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا.. وَالْمَعْنَى: أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِعُذْرٍ: كَمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ، إغْمَاءٍ، أَوْ إكْرَاهٍ فَإِنَّهُ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. اهـ
وقد رجح الإمام النووي هذا المذهب، وكذا لو وقع يوم العيد يوم الاثنين، فالأصح أنه لا قضاء أيضا، وأيام التشريق كالعيد بناء على المذهب، وهو أنها لا تقبل الصوم، ولو صدر هذا النذر عن امرأة، وأفطرت بعض الأثانين بحيض أو نفاس، فالمذهب أن القضاء على القولين كالعيد، وبهذا قطع الجمهور. وقد سبق بيانه في الفتوى: 102606.
ولو قضيت احتياطا وخروجا من الخلاف فلا شك أن ذلك أفضل، علما بأن بعض أهل العلم يوجب مع القضاء كفارة يمين في مثل هذه الحالة، كما في الفتوى رقم: 17880.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى: 11288.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(19/774)
هل يلزم التتابع إذا نذر الصوم وأطلق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب المتابعة في صوم النذر إذا لم تشترط في البداية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين، فمذهب الجمهور أن من نذر الصوم وأطلق لم يلزمه التتابع، قال النووي في شرح المهذب: ولو أطلق فقال أصوم شهراً فله التفريق والتتابع.
وذهب الحنابلة إلى اشتراط التتابع في من نذر صوماً وأطلق، قال البهوت ي في الروض المربع: ومن نذر صوم شهر معين كرجب أو مطلق لزمه التتابع لأن إطلاق الشهر يقتضي التتابع.
وقال في الحاشية: وعنه لا يلزمه التتابع، وفاقاً لأكثر أهل العلم، فيما إذا لم يعين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1430(19/775)
من نذر أن يسكن بالمدينة المنورة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: وفقه الله
في غمرة الغضب ولكن أدرك ما أقول، ومن أجل أن أؤكد لنفسي ولأهلي بأنني عازم على تنفيذ ما أريد وحتى يتوقفوا عن المعارضة نذرت وقلت: علي نذر أن ننتقل إلى المدينة المنورة وأقصد السكنى هناك.
نيتي خلال تلفظي بالنذر كنت أنوي أن أنتقل بأهلي إلى هناك.
وكنت بنذري أريد أن أفهمهم أن الانتقال سوف يكون العام القادم، لكنني كنت مترددا في التلفظ بهذا حتى لا يلزمني، لكنني لم أكن متأكدا من نيتي في تحديد الزمن بالذات.
السؤال:
1. هل يجب علي الانتقال العام القادم رغم أن الوضع بالنسبة لي الآن صعب ومحرج جداً، أم يمكن أن أؤجل حتى تخرج أولادي بعد 4 سنوات؟
2. وهل يمكن أن أسكن في المدينة شهرا أو شهرين ثم أعود ويعتبر انتقالا؟
وفقكم الله وكتب ذلك في موازين حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك بنذرالسكنى بالمدينة التقرب إلى الله بالمجاورة بها فهذا من نذر التبرر والطاعة، فيلزمك الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. أخرجه البخاري، والراجح أن التقرب إلى الله بالمجاورة بمكة والمدينة مشروع.
قال النووي في المجموع: اختلف العلماء في المجاورة بمكة والمدينة؛ فقال أبو حنيفة وطائفة: تكره المجاورة بمكة، وقال أحمد وآخرون: تستحب، وسبب الكراهة عند من كره خوف الملك وقلة الحرمة للأنس وخوف ملابسة الذنوب، فان الذنب فيها أقبح منه في غيرها، كما أن الحسنة فيها أعظم منها في غيرها. ودليل من استحبها أنه يتيسر فيها من الطاعات ما لا يحصل في غيرها من الطواف وتضعيف الصلوات والحسنات وغير ذلك. والمختار أن المجاورة مستحبة بمكة والمدينة إلا أن يغلب على ظنه الوقوع في الأمور المذمومة أو بعضها، وقد جاور بهما خلائق لا يحصون من سلف الأمة وخلفها ممن يقتدى به. انتهى.
وأما إن كان مقصودك مجرد السكنى دون نية القربة، فهذا من نذر المباح، وأنت مخير عند الحنابلة بين الوفاء به وبين كفارة يمين.
قال ابن قدامة رحمه الله: نذر المباح كلبس الثوب وركوب الدابة فهذا يتخير الناذر فيه بين فعله فيبر بذلك، وإن شاء تركه وعليه كفارة يمين. انتهى.
وعند الجمهور أن نذر المباح لا ينعقد. وانظر الفتوى رقم: 113579، والفتوى رقم: 16155. فإن قلنا بانعقاده ولزوم الوفاء به لكونه نذر قربة، فقد اختلف العلماء في الوفاء به هل هو على الفور أو على التراخي، فالجمهور أنه على التراخي، وذكر في الإنصاف أن أحمد نص على أن الوفاء بالنذر يجب على الفور وهو قول الشافعية، وقد رجحنا في الفتوى رقم: 96225. أن الوفاء به على التراخي.
فإذا كان من نيتك حين النذر أنك تنتقل من العام القادم فإنه يلزمك الانتقال في الوقت الذي نويته، وأما إقامتك بالمدينة شهرا أو شهرين ثم تعود إلى وطنك فلا يكفي لأنك ذكرت أن قصدك هو السكنى هناك وذاك يفيد الإقامة الدائمة وهذا من قبيل الحيل الباطلة في الشرع، ولكنك إذا عجزت عن الوفاء بنذرك فعليك كفارة يمين.
ولا يجوز لك التأخر عنه لأنك قد عينت له وقتا فيجب الوفاء بالنذر في الوقت المعين. وأما إذا كنت حال النذر مترددا وليست لك نية جازمة في وقت الانتقال فالحكم في هذا ينبني على الخلاف المتقدم ذكره في لزوم الوفاء بالنذر هل هو على الفور أو على التراخي، فإن قلنا هو على الفور لزمك الانتقال مباشرة، وإن قلنا هو على التراخي لم يلزمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(19/776)
هل يلزم النذر بمجرد تحريك الشفتين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعانى من وسوسة في العبادات، وخاصة في النذر، وفي إحدى المرات كانت أمي جالسة بقربي، فأردت أن أجرب صيغة النذر بتحريك الشفتين، ثم طلبت منها هل سمعت شيئا، فقالت لا، وسؤالي هل تحريك الشفتين دون خروج أدنى صوت يعتبر تلفظا ينعقد به النذر، والنذر المطلق هل يجب الوفاء به فورا، كما قرأت للعثيمين؟ وإن كان الوفاء به فورا هل تعتبر الدراسة والامتحانات عذرا لتأخير الوفاء بالنذر إن كان صياما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 11044، أن النذر لا ينعقد إلا بالتلفظ به، وأقل ما يكون من التلفظ هو أن يسمع نفسه عند انتفاء العوارض، ويرى شيخ الإسلام أن إسماع النفس ليس شرطا، بل المشترط عنده هو أن يخرج الحروف من مخارجها، فإذا كنت قد أسمعت نفسك صيغة النذر، فقد انعقد نذرك ولزمك الوفاء به، وإن لم تكوني أسمعت نفسك وكنت أخرجت الحروف من مخارجها، فقد انعقد نذرك عند شيخ الإسلام، وإذا شككت فالأصل براءة الذمة، فإن النذر لا ينعقد بالشك. وانظري الفتوى رقم: 113956.
ونصيحتنا لك أن تتركي إنشاء النذر، وألا تستسلمي للوسواس، فإن أمر النذر خطير، وشأنه شديد، فليس هو من الأمور التي تخضع للتجربة، وقد بينا في الفتوى رقم: 34075، أن النذر ينعقد بمجرد التلفظ به ولو بغير نية.
وأما هل الوفاء بالنذر المطلق يجب على الفور أو على التراخي، فمسألة خلاف بين أهل العلم.
فذهب الأحناف والمالكية وبعض الحنابلة إلى أن الوفاء به على التراخي، وعمدتهم أن له حكم الواجب الموسع. قال في منح الجليل: فإن كان النذر مبهم الزمن فله المنع لأنه ليس على الفور. انتهى.
وأطال الكاساني في بدائع الصنائع في الانتصار لهذا القول.
والقول الثاني: أن الوفاء به يجب على الفور قال الدمياطي الشافعي في إعانة الطالبين: وإذا انعقد لزمه ما التزمه فورا في النذر المنجز، وعند وجود المعلق عليه في المعلق. انتهى.
وذكر في الإنصاف أن أحمد نص على وجوب الوفاء بالنذر فورا.
وعمدة هذا القول مطلق الأمر والخروج من عهدة الواجب. وهذا ما رجحه الشيخ العثيمين في الشرح الممتع.
ولا شك في أنه أحوط وأبرأ للذمة، والقول الأول له قوة واتجاه.
وللمزيد انظري الفتوى رقم: 471، 21393.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(19/777)
نذر أن يقوم بعمل وأن يقترض إذا لم يجد مالا للوفاء بنذره
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد أكرمني الله بأن حقق لي مرادي بأمر ما، وكنت قد نذرت أن أقوم بعمل ما يحتاج لمبلغ مالي، وكان من ضمن نذري أني سأقترض المال في حالة عدم توفره لدي للإيفاء بنذري شكراً لله على هذه النعمة. فهل هناك تحلة لهذا النذر أم علي الوفاء به عندما يتيسر معي المال؟ أم أقوم بالاقتراض للوفاء بالنذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا مراراً حكم النذر المعلق، وأنه مكروهٌ لا ينبغي الإقدام عليه. وانظر الفتوى رقم: 106240.
وبينا كذلك أن الاقتراض للوفاء بالنذر مباح، وانظر الفتوى رقم: 40201.
ولم يتبين لنا أيها الأخ ما هو المنذور حتى يتبين هل يلزمك الوفاء به أم لا، فإن كان ما نذرته قربة لله تعالى فإنه يلزمك الوفاء، فإن لم يقدر عليه في وقته الذي حددته ثبت في ذمتك إلى وقت القدرة.
فإن اقترضت ووفيت بنذرك كان ذلك حسناً ما دمت ترجو الوفاء، ولا يلزمك الاقتراض وإن نذرته لأنه مباح، والنذرُ المباح لا ينعقد عند الجمهور، وعليه فمتى تيسر لك المال وفيت بنذرك، وعند أحمد رحمه الله أن نذر المباح ينعقد ويلزم في ترك الوفاء به كفارة يمين لعموم حديث: كفارة النذر كفارة يمين. أخرجه مسلم.
فالأحوط أن تكفر كفارة يمينٍ إن تركت الاقتراض لكن عليك الوفاء بنذرك على ما بينا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(19/778)
نذر إذا حلت مشكلته أن يعتمر فهل له أن يؤجلها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد تعرضت لمشكلة وقررت إن الله يوفقني في حلها أذهب عمرة مولد النبي. لكني كجزء من حل مشكلتي اضطررت لشراء شقة، وبناء عليه أصبح علي أقساط مرهقة، وأتعرض كذلك لأزمة مالية. هل يمكن تأجيل العمرة لحين سداد الأقساط والانتهاء بإذن الله من الأزمة المالية؟ أم لا بد من إيفائها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر فعل عبادة من العبادات في زمن معين وعلق نذره على حصول أمر ما ووقع ما علق نذره عليه، فإنه يجب عليه الوفاء بذلك النذر في نفس الزمن الذي عينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.. رواه البخاري. فيجب على السائل أن يعتمر في نفس الزمن الذي عينه في نذره، هذا إن نذر العمرة في زمن معين، أما إن نذر من غير تعيين زمن، وإنما نذر العمرة مطلقا، أو نذرها في زمن ولم يعينه كأن يقول في شوال مثلا، ولم يقصد شوال سنته، فإن له حينئذ أن يؤخر أداء العمرة إلى ما بعد سداد الأقساط، وأخيرا ننبهه إلى أمرين:
الأول: أن الأقوال تعددت في تحديد اليوم الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: لليلتين خلتا من ربيع الأول، وقيل: ثامن ربيع الأول وقيل: عاشر ربيع الأول وقيل: ثاني عشر ربيع الأول وهذا هو المشهور وقال الزبير بن بكار: ولد في رمضان، ولم يثبت بنص صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم تاريخ اليوم والشهر الذي ولد فيه.
الثاني: على القول بأنه ولد في ثاني عشر ربيع الأول كما هو مشهور فإن العمرة في هذا اليوم لا مزية لها على العمرة في غيرها من الأيام كما بيناه في الفتوى رقم: 73116، وانظر أيضا الفتوى رقم: 39493، حول الاحتفال بالمولد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(19/779)
نذر ألا يمر من الأماكن التي تنتشر فيها الزانيات
[السُّؤَالُ]
ـ[نظرا لانتشار بائعات الهوى في بعض الطرق وتأجيرهم لبعض البيوت فقد نذرت لله وحرصا على العفة أن لا أمر بالشوارع المعروف أن بها بيوت هؤلاء الزانيات، أريد أن أعرف هل هذا النذر صحيح وهل يجب الالتزام به وإذا مررت نهارا وأنا راكب لسيارة ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن عدم المرور من هذه الطرق مع وجود هذه الموبقات بها مما يُتقرب به إلى الله، فإن اجتناب مواطن الريب وأماكن الفتن أمر مطلوب شرعا؛ سدا للذرائع وقطعا لوساوس النفس.
وعليه فنذر السائل الكريم نذر طاعة وتبرر، وهذا النوع من النذر يجب الوفاء به، فإن لم يستطع الناذر الوفاء وجبت عليه كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين رواه مسلم.
وكفارة اليمين: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم. فمن لم يجد شيئا من ذلك صام ثلاثة أيام.
وأما مسألة المرور بالسيارة نهارا، فالحنث بهذا الأمر في النذر، يكون باعتبار نية الناذر نفسه عندما نذر، فإن كان قد نوى عدم المرور مطلقا من هذه الطرق فإنه يحنث بهذا المرور فيه.
وإن كان نوى عدم المرور في أوقات وأحوال معينة فلا يحنث بالمرور في غيرها من الأوقات والأحوال. والظاهر هو الثاني لأن ترك المرور بهذه الطرق غير مقصود لذاته، وإنما لتجنب الفتن وتحصيل عفة النفس والخاطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(19/780)
هل يجب الوفاء بالنذر على الفور
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء مرض زوجتي نذرت أنها إذا شفيت أن أذبح سبعة خراف في يوم ذكرى زواجنا، وسؤالي هو: هل يجب أن أذبح الخراف في ذكرى الزواج القادم مباشرة أم يجوز التأجيل إلى سنوات أخرى؟ وإذا تم التأجيل هل يترتب علي شيء آخر، وهل تجوز التجزئة.. أي في كل سنة أذبح عددا من الخراف حسب مقدرتي، وهل يجوز لي الأكل منها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر لا يلزم الوفاء به إلا إذا كان قربة غير واجبة، ومجرد الذبح ليس قربة، أما إن كان للتصدق بلحمه فهو قربة، وعليه فإذا لم يكن ما يفيد أن ذبحك هذا قربة لله عز وجل وباللفظ كقولك صدقة أو لتوزيع لحمه للفقراء أو نحو ذلك، أو بالنية فإن النذر لا ينعقد لأنه من نذر المباح.
وأما إذا تلفظت بكونه قربة أو نويت ذلك فإنه نذر منعقد يجب الوفاء به، قال ابن حجر في الفتاوى الفقهية الكبرى: قد صرحوا بأنه لو نذر الذبح بمصر مثلاً ولم يتعرض لتفرقة اللحم على أهلها بلفظ ولا نية لم ينعقد نذره خلافاً للمزني وأبي إسحاق. فإن ذكر لفظ التصدق أو نواه أو لفظ الأضحية تعين الذبح بها وتفرقته على فقرائها. انتهى.
وإذا لزمك الوفاء فلا بأس في أن تذبح في العام القادم ما استطعت، وتؤخر الباقي إلى العام التالي إذا لم تكن حددت عاماً معيناً لهذا النذر، حيث لا يجب المبادرة بالوفاء بالنذر، كما تقدم في الفتوى رقم: 105084.
ولا يترتب عليك شيء من هذا التأخير؛ لأنك ذبحت في اليوم الذي نذرت الذبح فيه، وإن تعددت الأعوام، وإن كانت المبادرة للوفاء بالنذر أفضل؛ كما في الفتوى المحال عليها.
وننبهك إلى أن الاحتفال بمناسبة ذكرى الزواج أو الميلاد أو غيرهما من سنن الكفار، والمسلم مطالب بمخالفتهم. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 28778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1430(19/781)
نذر مالا لكفالة الأيتام فهل يخرجه لأهل غزة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أخرج مبلغا من المال إذا شفيت من مرضى، وأن أضعها في كفالة الأيتام، وقد شفاني الله والحمد له، وحدثت الحرب على غزة. فهل يجوز لي إخراجها لمساندة غزة بدلا من كفالة الأيتام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر عبادة أو قربة لزمه الوفاء بها، قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} . وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ {النحل:91} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري. وإذا عين الناذر جهة معينة لصرف نذره تعين الصرف إليها، ولم يجز الصرف إلى غيرها، لعموم قول الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} فيجب عليك أن توفي بنذرك، وتصرف هذا المبلغ لصالح الأيتام، ويمكنك أن تصرفه لصالح أيتام غزة، فإنهم أحوج إليه من غيرهم، وهناك جهات تستقبل هذه الأموال وتوصلها إلى حيث يطلب الناذر، وعليك أن تتحرى أوثقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(19/782)
حكم دفع النذر للمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نذرت مبلغا من المال وقلت إن شاء الله إذا يسر لي ربي هذا العمل سوف أتبرع ب 5000 ريال وتحقق الوعد وحتى الآن لم أدفعه، كذلك نحب أن نستفسر هل يمكن أن يوضع هذا المبلغ في المسجد، وكذلك إذا تأخرت في الدفع هل يكون علي وزر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر لا ينعقد إلا بصيغة تدل على الالتزام مثل: لله عليَّ كذا، أوعليَّ نذرُ كذا.
وكذا النذر المعلق بمشيئة الله لا يلزم الوفاء به عند أكثر أهل العلم كما بيناه في الفتوى رقم: 27989، والفتوى رقم: 102071، ولكن الأفضل أن يفعل ما نواه ويفي بما وعد به.
وفي حالة الوفاء بهذا النذر فيجب أن يتبرع السائل الكريم بهذا المبلغ للجهة التي نواها عند وعده هذا، فإن لم يكن نوى جهة معينة أجزأه أن يخرجه للفقراء أو لمسجد أو أي شيء في سبيل الله تعالى.
ثم ننبه السائل الكريم على أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(19/783)
هل ينعقد النذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت بعد زواج صديقتي أنها إذا حملت سوف أقوم بحمية كي أكون أقل عنها وزنا وشكلاً.. وقلت لها إذا رأتني سوف ترى الفرق ولأنه مرت الشهور وحملت ونسيت النذر نوعا ما وتذكرت عندما قالت لي إنها في شهرها الأخير فماذا علي، هل أستطيع أن أكمل نذري حتى ما بعد ولادتها وإن لم تستوف شروط النذر التي أخبرتها بها في الفترة السابقه، أننا لست متأكدة حق التأكد لا أتذكر إن كانت هناك نية أم أن الأمر مزحة، فماذا علي هل أستطيع زيارتها وأنا كما أنا أم أنتظر حتى أكون كما قلت لها.. فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد صرحت بلفظ النذر فقد انعقد نذرك عند من يقول بانعقاد النذر المباح وهم الحنابلة وسواء في ذلك أكنت مازحة أم لا، والجمهور على أن نذر المباح لا ينعقد فلا يلزم شيء، وقد فصلنا أقوالهم في الفتوى رقم: 20047.
ورجحنا قول الجمهور فعلى قول الجمهور لا شيء عليك إذا لم تفي بهذا النذر، وعند الحنابلة أنك إذا لم تفي بنذرك فعليك كفارة يمين وإن وفيت به فلا شيء عليك، والأحوط العمل بقول الحنابلة واخراج الكفارة، وهي كفارة يمين عند عدم الوفاء بالنذر؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. أخرجه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(19/784)
نذر أن يذبح في زمن محدد إن شفى الله زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء مرض زوجتي نذرت أنها إذا شفيت أن أذبح سبعة خراف في موعد ذكرى زواجنا.
سؤالي: هل يجب أن أذبحها في ذكرى الزواج القادم مباشرة أم يجوز التأخير إلى سنوات قادمة، وهل يجب ذبحها جميعها مرة واحدة، أم يجوز تجزئتها في كل سنة عدد حتى أتم السبعة، وهل يجوز لي الأكل منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر المنعقد هو ما كان بقصد التقرب إلى الله تعالى، فإذا كان السائل قصد بهذه الذبائح التقرب إلى الله فيجب عليه الوفاء، والوفاء بالنذر إنما يكون بالطريقة التي قصدها الناذر نفسه، فإن أقته بوقت معين فلا يجوز تأخيره عن هذا الوقت بغير عذر، فإن أخره عن وقته المحدد له أثم ووجب عليه كفارة يمين للتأخير، مع بقاء وجوب الوفاء بالنذر.
وعليه فإن كنت نويت ذبح النذر في الذكرى القادمة مباشرة ــ وهذا هو الظاهر ــ فلا بد من الالتزام بذلك وإلا وجبت الكفارة للتأخير.
وإن كنت قصدت موعد الذكرى في أي سنة كانت فيتحقق الوفاء بالنذر إذا ذبحت في هذا الموعد في أي سنة كانت إلا أن المبادرة أولى بلا شك، إبراء للذمة، ومخافة انقضاء الأجل قبل الوفاء.
وكذلك الحال في مسألة ذبح الخراف السبعة جميعا أو تفريقها، ومسألة أكل الناذر منها وعدمه، كل هذا بحسب نيته، فإن نوى ذبحها جميعا وجب ذلك، وإن نوى مجرد إكمال هذا العدد على أي وجه كان جاز تفريقها.
وإن كان نوى صرف النذر كله لجهة معينة وجب صرفه لها، ولا يجوز له عندئد الأكل منه، وإذا لم تكن للنذر جهة معينة فلا مانع من أكله منه.
وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 471، 71886.
ثم نود أن ننبه السائل الكريم إلى أمرين، الأول: أن الإقدام على هذا النذر المشروط مكروه، وقد حرمه بعض أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5526.
والثاني: أن اختيار موعد ذكرى الزواج إن كان على سبيل الاحتفال به وجعله عيدا، فليس هذا من عادات المسلمين، ولا من هدي السلف الصالحين.
وفي هذه الحالة ينبغي تعجيل الوفاء بالنذر عن هذا الوقت، وإن كان مجرد كون هذا الموعد مناسبا من حيث تحصيل المال أو تواجد الأهل أو غير ذلك مما لا يقصد لذاته فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(19/785)
من أخبر عما حدثته به نفس من نذر هل يكون ناذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعاني من وسواس في جميع العبادات، وفي إحدى المرات جاء في بالي صيغة النذر كاملة بصوم الدهر كله ثم أخبرت والدتي بذلك، وعند إجابتي لأسئلتها نطقت بصيغة النذر وهى نذرا لله علي أن أصوم الدهر كله وكان ذلك بنية أن أخبرها بمشكلتي، ثم قرأت فتوى لكم تقول إن من تلفظ بالنذر قد انعقد نذره ولو لم ينو ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 11044، أن المعتبر في النذر هو التلفظ به، ولا ينعقد النذر بحديث النفس، وأما إخبارك لأمك بما دار في نفسك فليس هو نذراً لأنك لم ترد به إنشاء النذر، وإنما أردت إخبارها عما حدثت به نفسك، وهذا لا ينعقد به النذر، وأما ما ذكرناه من أن التلفظ بالنذر لا يُشترط له النية كما في الفتوى رقم: 34075. فمرادنا به من أنشأ النذر ولو هازلا ابتداءً/ فإنه لو قال: لم أنو النذرَ، فلا اعتبار بقوله، وأما من أخبر عما حدثته به نفسه فلا يكونُ ناذراً، كما لو أخبرَ بما حدثته به نفسه من الوساوس في ذات الله عز وجل، وإن تضمنت كفراً فلا يكون بإخباره بها كافراً.
وأما إذا كنت أردت إنشاء النذر فإنه يلزمك الوفاء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 40417، فراجعها.
وأما الوساوس فقد بينا في فتاوى كثيرة أن الذي ينبغي على العاقل أن يُعرض عن جميع الوساوس، وألا يُلتفت إليها لئلا تُفسد عليه أمر دينه ودنياه. وانظر الفتوى رقم: 112217.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(19/786)
التراجع عن النذر أو الانتقال عنه إلى كفارة يمين
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا أنه كلما الله سبحانه وتعالى يزيد لي في مالي وتجارتي سآخذ نسبة من الربح وأتصدق بها لوجه الله سبحانه وتعالى والحمد لله كسبت لكن كنت في سفر وصار حادث شنيع بالسيارة وقدر الله سبحانه وتعالى لي النجاة اللهم لك الحمد ولك الشكر يا رب, وخسرت خسائر كثيرة في الحادث وحالتي المادية تدهورت كثيرا ولكن اللهم لك الحمد ولك الشكر الحين تتحسن قليلا, سألت شيخا عندنا فقال لي أخرج كفارة عن النذر وبذلك ينفك عنك النذر ولا تخرج شيئا، والآن إن كان لي فلوس قبل الحادث وفيها مكسب ولكن هي في السوق ولكن سأحصل عليها بعد فترة إن شاء لله هل لي أن أخرج النسبة التي نذرتها أم أن الكفارة تنهي إخراج النسبة التي نذرتها..؟
وهل على أي إثم إن نذرت لأني كنت فقط أرغب في زيادة مالي وأن أتصدق لأني الحمد لله أحب أن أتصدق أسأل الله القبول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله على سلامتك ونسأل الله لنا ولك العافية.. ولتعلم أن ما يصيب المسلم في هذه الحياة خير له إذا صبر وشكر كما صح عن نبينا- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.
وبخصوص سؤالك؛ فإن عليك الوفاء بنذرك على الكيفية التي نذرته بها؛ فقد أمر الله عز وجل بالوفاء بالنذر فقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ. {الحج:29} ، ومدح الأبرار من أهل الجنة لأنهم كانوا يوفون بما نذروا لله في الدنيا، فقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان:7} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.. الحديث متفق عليه.
ولذلك لا يجوز التراجع عن النذر أو الانتقال عنه إلى كفارة يمين.. لأنه مقدور عليه على كل حال ما دام نسبة من الربح.
وبوفائك بنذرك تجمع بين طاعة الله ونفع عباده وسد خلة الفقراء بالصدقة فتزداد بذلك خيرا وثوابا..
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن هذا الموضوع في الفتاوى التالية أرقامها: 5526، 27782، 30183.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(19/787)
نذر أن يدعو شخصا في مناسبة فمضت ولم يدعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن شخص نذر منذ زمن أنه سوف يرسل دعوة لشخص ما في مناسبة معينة، وجاءت المناسبة ومرت ولم يرسل دعوة إلى هذا الشخص، وتلك المناسبة لن تتكرر ثانية يعنى ليس بالإمكان الوفاء بالنذر نهائيا فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النذر يعتبر من النذر المباح، وهو غير منعقد عند جمهور أهل العلم. وراجع في حكمه وما يلزم به الفتاوى التالية أرقامها: 33907، 19753، 29270، 113579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(19/788)
نذرت صيام شهرين فهل يلزمها التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت تسأل قبل زواجها نذرت على نفسها إن تزوجت بالشخص الذي في بالها ستصوم شهرين، علما بأنها لما نذرت على نفسها هذا النذر لم تكن تعلم بأحكام أو عقوبة ترك النذر، والآن بعد أن تزوجت بذلك الشخص تشعر بفتور لصوم هذين الشهرين، وسؤالها هو: هل هناك عقوبة إن لم تصم هذين الشهرين، وإذا قررت أن تصوم الشهرين هل يلزم عليها أن تصومهما متتاليين أم متقطعين؟ جزاكم الله خيراً، فأفيدوني في هذا الموضوع فالأخت في حيرة من أمرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر المعلق على شرطٍ مكروه وهو الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل، واتفق العلماء على أن من علق نذر التبرر على شرط ثم حصل الشرط لزمه الوفاء بهذا النذر لما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يُطيع الله فليطعه. فعلى هذه الأخت أن تتقي الله تعالى، وأن تفي له بما نذرت وأن تجعل الوفاء بهذا النذر شكراً لنعمته تعالى عليها.
وهذا النذر باق في ذمتها حتى تفي به ما دامت غير عاجزة عن الصوم، وأما عن اشتراط التتابع فمذهب الجمهور أن من نذر صوماً مطلقاً ولم يشترط فيه التتابع لم يلزمه، وإنما يلزم التتابع إذا شرطه أو نذر صوم زمن معين، قال الشيرازي في المهذب: وإن نذر سنة غير معينة فإن لم يشترط التتابع -جاز متتابعاً ومتفرقاً- لأن الاسم يتناول الجميع. انتهى.
فإذا كان هذان الشهران غير معينين كما هو ظاهر السؤال فلها صومهما متتابعين أو متفرقين، فإذا صامت بالأهلة أجزأها صيام شهرين، وإن نقص الشهر عن ثلاثين يوماً إذا تابعت صومه، وأما إذا لم تصم بالأهلة فلا بد من أن تصوم ستين يوماً، وهذا قول عامة العلماء، وانظري الفتوى رقم: 10904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(19/789)
لا يسقط نذرك إلا إذا عجزت أن تحج بوالدتك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عن النذر بالحلف، أنا حلفت بالله أنه إذا كانت دورتي بمنطقة معينة أحجج أمي بالحج هذه السنة، ولكن والحمد لله تم ذلك ودورتي في المنقطة التي كنت أريدها، فهل لا بد أن أحججها بالحج، ورغم أني قلت لها يا أمي إذا أردت الحج أنا مستعد أدفع لك المبلغ وتحجين، فهي مترددة نوعا ما وتقول لي نفسي أحج من أجل نذرك ليعفى عنك، وقلت لها: الرأي رأيك أنت إذا حججتي دفعت لك المبلغ، وإذا لم تحجي فيعفى عني الذنب بإذن الله،
فهل هذا صحيح؟ أم لا بد أن تحج لكي يسقط عني النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر هو التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع، ولا ينعقد إلا بلفظ يشعر بذلك، فإذا كان الأخ لم يتلفظ بالنذر أو بما يدل على الالتزام كأن يقول: لله علي أن أفعل كذا مثلاً، بل اقتصر على قوله: والله سأفعل كذا، وهذا هو ظاهر السؤال، فإن ما قال يمين وليس بنذر، ويجب فيه أحد أمرين: إما فعل المحلوف عليه، وإما الكفارة عند الحنث (عند مخالفة اليمين) وكفارة اليمين سبق بيانها في الفتوى رقم: 204.
وأما إذا كان قد تلفظ بصيغة النذر أو ما يشعر بالالتزام فلا بد أن يوفي به ما دام أنه نذر طاعة، إذا حصل ما علقه عليه، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. أخرجه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وأما المستحب من جميع العبادات المالية والبدنية فيقلب بالنذر واجباً ويتقيد بما قيده به الناذر، والخبر صريح في الأمر بوفاء النذر إذا كان في طاعة، وفي النهي عن ترك الوفاء به إذا كان في معصية. اهـ
وعلى هذا، فإذا تحققت رغبتك فالواجب عليك أن تفي بنذرك، ولا يسقط عنك ذلك إلا إذا عجزت، بحيث لا يمكن أن تحج بوالدتك، ففي هذه الحالة يلزمك كفارة يمين، لما رواه أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 15534.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1430(19/790)
نذرت صيام أيام كثيرة وزوجها يمنعها من الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كثيرة النذر بالصيام حتى وصل إلى 350 يوما رغم أنني من داخلي لا أريد النذر وكأن شيئا يدفعني لذلك وأنا متزوجة وأصوم من دون علم زوجي لأنه يرفض إذا علم فهل أستمر في الصيام بدون علمه أم أخرج كفارة عن كل نذر مثلا نذرت 40 يوما إذا شفاني الله من مرض وفعلا شفيت فهل أطعم عن كل يوم مسكينا أم أطعم 10 مساكين عن النذر كله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يكن ينبغي لكِ الإقدامُ على النذر بغيرِ إذن زوجك، فقد ذهبَ بعض أهل العلم إلى منع ذلك لأنه يؤدي إلى تفويت حق الزوج.
وإن كنا قد رجحنا جوازَ إنشاء المرأة النذر بغير إذن زوجها، ولزوم الوفاء به، كما في الفتوى رقم: 28156.
وأما وفاؤكِ بالنذر بغير إذن زوجك فلا ينبغي أيضاً، لأن النذر واجبٌ على التراخي، فحقُ الزوج مقدمٌ عليه، قال النووي في شرح مسلم: إن سبب هذا التحريم أن للزوج حق الاستمتاع بها في كل وقت، وحقه واجب على الفور؛ فلا تفوّته بالتطوع ولا بواجب على التراخي والتقييد. اهـ
ولزوجكِ منعكِ من إتمام النذرِ لأن حقه مقدم، جاء في الموسوعة الفقهية: وما أوجبته المرأة على نفسها بنذر، فإن كان بغير إذنه فله أن يمنعها منه وهذا باتفاق، وإن كان بإذنه فإن كان في زمان معين فليس له منعها منه. وإن كان في زمان مبهم فله المنع عند المالكية، إلا إذا دخلت فيه وهو على وجهين عند الشافعية والحنابلة. انتهى.
والخلاصة: أن هذا النذر قد استقر في ذمتك، وأن عليكِ الوفاء به ولا تجزئكِ الكفارة مع قدرتك على الوفاء لما ثبت في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
فإما أن تستأذني زوجك في الوفاء بالنذر، وإما أن تنتظري حتى يُمكنكِ الصوم لغيبته عن البيت أو لسببٍ آخر، فإذا عجزتِ عن الوفاء بالنذر فعليك الكفارة حينئذٍ أي كفارة اليمين عن ما صدر منك من لفظ النذر، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، عن كل نذرٍ على حدة، فإن عجزتِ فعليكِ صيام ثلاثة أيام عن كل نذر، ومع الكفارة السابقة تلزمك الفدية وهي إطعام مسكين عن كل يوم للعجز عن الصوم.
وننبهكِ ها هنا إلى أن النذر لا يلزم إلا بالتلفظ به، ولا ينعقد بمجرد النية، وننبهكِ أيضاً إلى أن النذر لا يأتي بخير كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كره كثيرٌ من أهل العلم النذر مطلقا، وخص بعضهم الكراهة بالنذر المعلق على شرط لما فيه من سوء الأدب مع الله.
وانظري الفتوى رقم: 56564، فإذا استحضرتِ هذا المعنى سَهُل عليكِ بإذن الله تركُ الإقدام على النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(19/791)
نذر أن يذبح عجلا في العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو معرفه النصاب الشرعي للضحية وهي عبارة عن عجل نذرت ذبحه فى العيد إذا تم موضوع ولقد سهل لي الأمر المراد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت نذرت الذبح وتلفظت بما يفيد أنه قربة كقولك أضحية أو صدقة أو لتوزيع لحمه للفقراء أو نحو ذلك، فإنه نذر منعقد يجب الوفاء به، وأما إذا كنت نذرت مجرد الذبح دون التلفظ بما يفيد أن هذا الذبح قربة وطاعة لله فإن النذر لا ينعقد لأنه من نذر المباح، وفي حال كنت نذرت الأضحية أو القربة فالأضحية إذا كانت من البقر لا بد أن يكون سنها سنتين فأكثر، فلا يجزئ التضحية بعجل سنه أقل من ذلك، وراجع التفصيل في ذلك الفتوى رقم: 28467.
والنذر يجعل المستحب واجباً، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وأما المستحب من جميع العبادات المالية والبدنية فيقلب بالنذر واجباً ويتقيد بما قيده به الناذر، والخبر صريح في الأمر بوفاء النذر إذا كان في طاعة، وفي النهي عن ترك الوفاء به إذا كان في معصية. هذا كله إذا لم تعين المذبوح، أما إذا عينته بأن نذرت أن تذبح هذا العجل بعينه فعليك ذبحه وإن لم يكن بصفة الإجزاء، قال النووي: إذا نذر التضحية بحيوان معين فيه عيب يمنع الإجزاء لزمه أو قال جعلت هذه أضحية لزمه ذبحها لالتزامه ويثاب على ذلك وإن كان لا يقع أضحية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1430(19/792)
نذرت أن تذبح عجلا إذا ولدت فهل يجزؤها أي عجل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هو والدتي نذرت إذا أنجب أحد أخوتي طفلا ستذبح عجلاً فهل يشترط أن يكون العجل مر عليه سنتان لذبحه أم يجزئ أن تذبح العجل حين يولد بشهر أو بشهرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد ذبح العجل ليس قربة، فإن كان مقصود أمك ذبح عجل من غير النظر إلى كونه صدقة ونحو ذلك فلا يلزمها الوفاء بهذا النذر، وأما إن قصدت بذلك التقرب إلى الله بذبحه أو التصدق به على الفقراء والمساكين فيلزمها حينئذ الوفاء به إذا تحقق ما نذرت لأجله. وإن كانت قد نذرت ذبح عجل معين لزمها ذبح ما نذرت صغيرا كان هذا المنذور أم كبيرا، وأما إذا لم تعين عجلا محددا ففي الواجب في مثل هذه الحالة خلاف بين العلماء، والراجح أنه يجب ذبح ما يجزئ في الأضحية وهو ما بلغ السن المجزئ وسلم من العيوب. والسن المجزئ في الأضحية من البقر ما بلغ سنتين فأكثر، وراجع الفتويين: 43197، 657. ففيهما ذكر الخلاف المشار إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1429(19/793)
نذرت أن تعطي حلوى لمدرسها فأبى أن يأخذها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة من فلسطين أبلغ من العمر 24 في الجامعة وكان عندي آخر امتحان في الجامعة وحكيت إذا نجحت في الامتحان سأبعث للمدرس علبة شوكلاتة وبعثت له علبة شوكلاتة لكنه لم يأخذها وأنا اعتبرتها نذرا فماذا أعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الذي صدر منك هو مجرد نية، أو حكاية من غير التزام فإن ذلك لا يعتبر نذرا ولا يلزم الوفاء به، وأما إن كنت قد التزمت ذلك على سبيل التقرب إلى الله بأن قصدت الصدقة على الأستاذ أو الإهداء إليه فإنه نذر، وعليك الوفاء به على الكيفية التي نويت، وإذا كان المدرس قد امتنع من أخذه فإن عليك أن تعطيه للفقراء والمساكين.. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 32318.
كما ننبهك إلى أن النذر المعلق لا ينبغي فقد كرهه أهل العلم مع لزومه وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه.
كما أن النذر للمدرس عند النجاح إذا قصد به الرشوة لم يلزم لأنه بمعصية وليس بطاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(19/794)
الجمع بين نية صوم النذر ورمضان أو صيام التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن النذر، فقد وعدت الله عز وجل أن لا أعود لمعصية كنت أفعلها وإن عدت وعدته أن أصوم 100يوم، واستفتيت أحد المفتين حول ما إذا كان يجوز لي أن أطعم 60 مسكينا مكان الصوم 100 يوم، فأخبرني المفتي أنه يجب علي أن أصوم إن كنت أستطيع، وأنا لا أخفي عليكم شاب والحمد لله أستطيع الصوم، سؤالي هو: هل يجوز عند صيامي لرمضان أن أنوي نية مزدوجة (نية صيام رمضان- ونية صيام النذر) وبالنسبة لصيام 6 أيام من شوال والأيام البيض ويوم عرفة وعاشوراء وغير ذلك من الأيام المسنون صيامها، فهل يجوز لي أن أشرك مع نية صيامها نية صيام النذر؟ وجزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم اجتناب المعاصي بكل حال خوفاً من الله عز وجل وفرقاً من عقابه، ثم إن كان ما ذكرته من أنك وعدت الله على ترك هذه المعصية نية في قلبك ولم يحصل منك ما يدل على الالتزام لفظا بالصوم المذكور إن عدت للمعصية، فليس عليك شيء في قول الجمهور، لأن النذر بمجرد النية لا يلزم ولأنه لا بد فيه من التصريح بما يدل على التزام كـ (لله علي) مثلاً، وقد ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل به أو تكلم به.
وأما إن كان ما صدر منك هو التزام صريح بصوم مائة يوم، إن أنت عدت للمعصية فإنه يكون حينئذ نذراً وهو من نذر اللجاج والغضب، والواجب عليك فيه أحد شيئين إما فعل المنذور وهو هنا صيام مائة يوم، وإما كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجزت صمت ثلاثة أيام، وهذا على الراجح من أقوال العلماء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: موجب نذر اللجاج، والغضب عندنا أحد شيئين على المشهور: إما التكفير، وإما فعل المعلق، ولا ريب أن موجب اللفظ في مثل قوله: إن فعلت كذا فعلي صلاة ركعتين، أو صدقة ألف، أو فعلي الحج، أو صوم شهر، هو الوجوب عند الفعل، فهو مخير بين هذا الوجوب وبين وجوب الكفارة، فإذا لم يلتزم الوجوب المعلق ثبت وجوب الكفارة، فاللازم له أحد الوجوبين، كل منهما ثابت بتقدير عدم الآخر، كما في الواجب المخير. انتهى. وانظر لذلك الفتوى رقم: 78902.
فإن أردت فعل المنذور على افتراض وجوبه فالواجب عليك صيام مائة يوم بنية النذر، ولا يجوز لك التشريك بين نية صيامها ونية صيام رمضان، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 112711.. ولا يجوز لك كذلك التشريك بين نية صيام النذر وصيام تطوع كالست من شوال وأيام البيض ونحوها كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 29870.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(19/795)
ول القائل: يا الله أنقذني أكن لك من الذاكرين هل يعد نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[مسلم استصعب عليه شيء ما فقال بطريقة عفوية أي بدون نية يالله أنقذني أكن لك من الذاكرين هل يعد ذلك نذرا يجب الوفاء به؟ هل إذا كان نذرا يكفي صلاة الفرائض الخمس باعتبار الآية: لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، بعض المفسرين قال المقصود بها الصلوات الخمس، وبالتالي أداؤها يعد أداء الفرائض وأيضا الوفاء بالنذر.
وإذا شك الشخص بعد ما ما قالها مباشرة أنها يمكن أن تكون نذرا فقال بسرعة إن شاء الله يسقط النذر بهذه الطريقة أم ماذا يفعل حتى لا يكون نذرا وكيف يجب الوفاء به؟
كذلك مسلم استصعب عليه شيء ما فقال يالله أنقذني أكن لك من الشاكرين ولا يعرف نيته هل نذر أم مجرد شكر أو أي شيء آخر هو لا يعرف لأنه لم يضع نية عند قولها هل يعد نذرا أو أي شيء آخر وإذا قال الحمد لله مرة واحدة هل يكفي أم يجب عليه شيء آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا - والله أعلم - أن هذا اللفظ لا ينعقد به النذر، لأنه مجرد وعد، ومثل هذا الوعد لا يجب الوفاء به كما بينا بالفتوى رقم: 41451.
وعلى فرض كونه نذرا أو الأخذ بالاحتياط في الوفاء به، فإن هذا الوفاء يمكن أن يتحقق مثلا بالقيام من الليل بعشر آيات.
فقد روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين.
ورواه الدارمي في سننه موقوفا على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال في روايته: من قرأ في ليلة عشر آيات كتب من الذاكرين.
وأما الصلوات الخمس فلا يتبادر إلى الذهن أن يكون الناذر قد قصدها حين قال: أكن لك من الذاكرين، خاصة وأن المفترض فيه أنه مسلم يصلي أصلا.
وأما الاستثناء فإنه يشترط لصحته أن يكون المستثني قد قصده حين تلفظه به، إضافة إلى أنه يشترط فيه أن يكون متصلا باليمين أو العهد بحيث لا يفصل بينهما كلام أجنبي. وهذا فيما يخص السؤال الأول.
وأما بخصوص السؤال الثاني فإن لم تكن له نية كما ذكرت فالأصل عدم إرادة النذر، والأصل براءة الذمة حتى يثبت خلاف ذلك.
وعلى فرض إرادة النذر فيمكن أن يتحقق الوفاء بالشكر بالثناء على الله تعالى على نعمه، ويمكن أن يستأنس لهذا بحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان عن علي رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية من أهله فقال: اللهم إن لك علي إن رددتم سالمين أن أشكرك حق شكرك، قال: فما لبثوا أن جاءوا سالمين. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله على سابغ نعم الله، فقلت: يا رسول الله ألم تقل إن ردهم الله عز وجل أن أشكره حق شكره؟ قال: أو لم أفعل.
وقد ذكر أهل التفسير أن نوحا عليه السلام سماه الله في القرآن عبدا شكورا لأنه كان إذا أكل حمد الله تعالى وإذا شرب حمد الله تعالى.
وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم أن يدعو الله تعالى إذا استصعبت عليه بعض الأمور، وهنالك بعض الأدعية بهذا الشأن يمكنك أن تراجع فيها الفتوى رقم: 49676.
وينبغي الحذر من النذر وجعل ذلك على سبيل المجازاة على تحقيق المطلوب، فقد ورد النهي عن نذر المجازاة، ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 29596.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(19/796)
نذرت أن تأخذ ابنها للحج ولم تعين باللفظ أو النية وقتا
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت والدتي باصطحاب أخي الكبير للحج منذ أن كان صغيراً، وهي حالياً بصدد أداء فريضة الحج لهذا العام، وكما تعلمون فإن تكاليف أداء هذه الفريضة مرتفعة كثيراً ووالدتي لا تعمل، وأخي عمره الآن 30 تقريباً وعمله لا يسمح له بأداء هذه الفريضة لهذا العام، ف ماذا يجب على والدتي أن تعمل تجاه هذا النذر، فأ فيدونا بالجواب الكافي ولكم الأجر، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر نذراً مما يعتبر قربة لزمه الوفاء به بلا خلاف، وقد امتدح الله عباده الموفين بالنذر، قال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان:7} ، وقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
فإذا كانت أمك قد نذرت اصطحاب أخيك للحج ولم تعين باللفظ أو النية وقتاً لذلك، فإن لم تستطع الوفاء به هذه السنة فإنه يبقى في ذمتها، فمتى وجدت القدرة المادية وسمح عمل أخيك بأداء الحج لزمها الوفاء بنذرها، وإن عينت وقتاً كهذا العام أو في حجتها هذه فعليها أن تفي به، فإن عجزت مادياً أو لم يسمح لأخيك بالذهاب لزمها بدله كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به. أخرجه أبو داود وابن ماجه.
وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم به الشخص الحالف أهله أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن لم يجد شيئاً من ذلك صام ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(19/797)
وجوب الوفاء بالنذر بالكيفية التي نذرها صاحب النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت طالبة في الجامعة نذرت لقريبة لي أن أعطيها أول راتب أستلمه إذا تيسرت لي وظيفة؟ وأنا الآن تخرجت وأتدرب في الجامعة لمدة سنة وأتقاضى لقاء هذا التدريب مكافأة شهرية؟ هل يجب أن أعطيها مكافأة أول شهر؟ وإذا توظفت بعد التدريب هل يجب أن أعطيها أول راتب كما هو أو يجوز تقسيط مبلغ النذر بحيث عندما تأتي يكون المبلغ كاملاً خاصة أن قريبتي مسافرة ولا يمكنني رؤيتها إلا مرة في السنة؟ ولا يوجد طريق لإيصال المال لها؟ وهل يجب أن أعطيها أول راتب أتقاضاه في أي وظيفة فيما لو توظفت في مكان آخر فيما بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النذر واجب الوفاء، والوفاء بالنذر يكون بالطريقة أو الكيفية التي نذرها صاحب النذر، فإن كنت قصدت بأول راتب: أول ما تحصلين عليه من مال مطلقا، سواء كان من وظيفة أو غيرها كالتدريب المذكور في السؤال، فيتعين إعطاؤها أول مكافأة تحصلين عليها.
وإن كنت قصدت بنذرك خصوص الوظيفة التي تتسم بالدوام والاستمرار، فالواجب حينئذ أن تعطيها أول راتب إذا توظفت بعد التدريب.
وكذلك مسألة دفع الراتب كاملا كما هو، أو ادخار قيمته بالتقسيط، يرجع ذلك إلى نية الناذر نفسه، فإن كنت نويت إعطاء هذه المرأة قيمة الراتب بغض النظر عن كونه كما هو أو مجموعا على أقساط، فلا بأس بتقسيطه، وإن لم تنو ذلك فالواجب إعطاؤها أول راتب كما هو، جريا على ظاهر اللفظ. وإن كانت قريبتك مسافرة ولا يمكن رؤيتها إلا مرة في السنة ولا يوجد طريقة لإيصال هذا المال إليها ـ كما ورد في السؤال ـ فالواجب عليك أن تحفظيه لها كما هو.
أما بالنسبة للسؤال الأخير فظاهر اللفظ أنك نويت أول راتب من أول وظيفة، ولم تقصدي أول راتب من كل وظيفة، فإن كان كذلك فيجزئك للوفاء بنذرك دفع أول راتب من أول وظيفة فقط. وإلا فالوفاء بالنذر يكون بالطريقة والكيفية التي قصدها ونواها صاحب النذر نفسه، كما سبق.
ثم ننبه السائلة الكريمة إلى أن هذا النوع من النذر يسمى النذر المعلق بشرط، وهو مكروه، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتوى رقم: 17463، والفتوى رقم: 5526.
كما ننبه على أن عمل المرأة وإن كان جائزا في ذاته، إلا أن له ضوابط وآداب لا بد من مراعاتها، وهذا قد سبق بيانه أيضا في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5181، 522، 19929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(19/798)
مذاهب العلماء في النذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[وعدت أخا زوجتي بأن أهديه بموبايل وقلت له لما يتم الله بخير وتقوم زوجتي بالسلامة أعطيك أحسن موبايل فقال لي نذر قلت له نذر فهل يحق لي لن أعطيه شيئا آخر غير الموبايل إن هو وافق بذلك بعد أن عرضت عليه هذا الأمر وهل يحق لي أن أتراجع عن النذر أرجو الإجابة بوضوح قاطع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقدام على النذر مكروه، فعن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ. رواه البخاري ومسلم.
وإذا أقدم الإنسان عليه وجب عليه الوفاء به إن كان طاعة لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ رواه البخاري.
وإذا كان النذر معلقا وجب الوفاء به عند حصول المعلق عليه، ولا يجوز استبدال النذر بغيره ولا الرجوع عنه بعد انعقاده.
وأما نذر المباح المسؤول عنه هنا فقد اختلف العلماء في انعقاده، فذهب المالكية إلى عدم انعقاده، وذهب الإمام أحمد إلى أن ناذره مخير بين الوفاء بنذره أو إخراج كفارة يمين، والصحيح المذهب الأول كما في الفتوى رقم: 33907.
وبناء على الصحيح فإنه لا يلزمك الوفاء بنذرك هذا لأنه من باب نذر المباح، وإن وفيت به كان في ذلك خروج من الخلاف وهو مستحب.
وللمزيد راجع الفتاوى: 4241، 29184، 106064.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(19/799)
نذر أن يتصدق بمبلغ معين فهل له أن يقلله
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت نذرت إن رزقني الله بعمل ما أهب مبلغا كل شهر للأيتام والمحتاجين. وفيت نذري شهرين, ونفسي تحدثني بتقليل المبلغ لكي يكون ثقيلا على نفسي. فهل هذا جائز مع العلم أن أحد أصدقائي نصحني بتقليل النذر حيث إنه حاليا=13.7% من الراتب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لك أن تنذر هذا النوع من النذر، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر المعلق، كما جاء في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال إنه لا يرد شيئا ولكنه يستخرج به من البخيل.
ولهذا كره أهل العلم هذا النوع من النذر، ولكن الوفاء به واجب على الكيفية التي نذره بها صاحبه؛ فقد أمر الله تعالى بالوفاء بالنذر في محكم كتابه وعلى لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. متفق عليه.
وعلى ذلك؛ فالواجب عليك الوفاء بنذرك على الكيفية التي نذرته بها، ولا يجوز لك النقص منه، وما أشار عليك به صديقك غير صحيح كما رأيت، اللهم إلا أن تكون وقت النذر لم تحدد شيئا باللفظ أو النية فإنك إذا تستطيع تقليل المبلغ أو تكثيره لأنه ليس محددا أصلا.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 105296، 34233، 34757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(19/800)
حكم بيع الذبيحة المنذورة واستبدالها بغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل نذر ذبيحة لله وبعد فترة أراد بيعها ليستبدلها بأخرى لعدم قدرته حتى تعطي إنتاجا أكثر ويصبح قادرا على الوفاء بنذره فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم الوفاء بنذره على الكيفية التي نذره، ولا يجوز أن يستبدله بغيره، فقد جاءت نصوص الوحي من القرآن والسنة بالأمر بالوفاء بالنذر.
قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29}
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
ولذلك؛ فلا يجوز لهذا الرجل بيع الذبيحة التي عين للنذر أو استبدالها بغيرها.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 11339، 34233، 39700.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(19/801)
نذر ألا يلعب لعبة الجنجفة
[السُّؤَالُ]
ـ[عيدكم مبارك وتقبل الله طاعتكم أنا كنت ألعب جنجفة وفي اللعبة تعصبت ونذرت أني ما ألعب جنجفة في الدوانية هل علي كفاره أم ما علي؟ أرجوكم المساعدة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر الذي يجب الوفاء به-عند جمهور أهل العلم- هو ما تعلق بمندوب، ونذرالمباح مختلف فيه بين العلماء، والراجح - والله أعلم - أن الناذر مخير فيه بين الفعل والترك؛ والأفضل أن يكفر عنه إذا تركه كفارة يمين خروجاً من الخلاف، وكفارة اليمين هي: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وعلى ذلك فإذا كانت اللعبة المذكورة مباحة؛ فأنت مخير بين إمضاء النذر أو فعله مع كفارة اليمين احتياطا كما ذكرنا.
وإذا كانت لا تجوز فالواجب عليك تركها والابتعاد عنها نهائيا، ولا يجوز لك فعلها ولو فعلتها لزمتك كفارة يمين على قول بعض أهل العلم وذلك لما رواه أحمد وأبو داود: لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين. صححه الألباني.
وللمزيد انظر الفتوى: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(19/802)
حكم نذر المرأة ترك الرقص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النذر بعدم الرقص للنساء؟ وما الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الرقص بالتفصيل في الفتوى: 23822 وما أحيل عليه فيها، ونذر ترك الرقص من النذر الذي لا ينعقد لأن الرقص إذا كان حراما فتركه واجب بالأصل ونذر تركه لا فائدة فيه؛ فهو تحصيل حاصل، وإن كان الرقص من النوع المباح فإنه لا يلزم؛ لأنه ليس بقربة.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر مع شرحه: (وإنما يلزم به) أي بالنذر (ما ندب) أي طلب طلبا غير جازم فيشمل السنة والرغيبة. انتهى.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن نذر المباح يخير صاحبه بين أن يفعله أو يكفر عنه كفارة يمين، وسبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16155، 19753، 3630.
وعلى ذلك؛ فإذا كان الرقص المذكور من النوع المباح؛ فإن صاحبه مخير بين تركه وبين أن يفعله ويكفر عن نذره كفارة يمين من باب الاحتياط فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(19/803)
نذرت أن تؤلف كتابا في الإعجاز العلمي في الزراعة
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ خمس سنوات تقريبا نذرت أن أكتب كتابا عن الإعجاز العلمي في الزراعة إذا قبلت في كلية الزراعة والحمد لله قبلت فيها وقد تخرجت منها، ولكني لست قادرة على كتابة هذا الكتاب ولا أدري ماذا علي فعله، وهل علي ذنب أو دفع كفارة، وما هي كفارتي، فافتوني؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يفي بنذره ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بنذرهم وامتدح الأبرار منهم للوفاء، فقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} ، وقال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ {الإنسان:7} ، والأصل فيما نذرته أنه يدور بين أن يكون من المباح الذي ليس بقربة وبين أن يكون قربة، وقد اختلف أهل العلم في من نذر أن يقوم بأمر مباح، فذهب الحنابلة إلى أنه يخير بين فعل ما نذر وإخراج كفارة يمين قياساً على اليمين.
وذهب غيرهم -من أهل العلم- إلى أن نذر الأمر المباح لا ينعقد ولا يلزم فيه شيء، ومنهم من يقول إنه لا يلزم منه شيء ولو كان يقع تارة للإباحة وتارة للقربة.
قال الدسوقي المالكي في حاشيته عند قول صاحب المختصر: وإنما يلزم به ما ندب. ابن عاشر يعني: مما لا يصح أن يقع إلا قربة، وأما ما يصح وقوعه تارة قربة وتارة غيرها فلا يلزم بالنذور، وإن كان مندوباً كالنكاح والهبة.
وتأليف كتاب في الإعجاز العلمي في الزراعة ... وبيان قدرة الله تعالى في النبات من مختص.. وإن كان في الأصل دائرا بين أن يكون قربة وبين أن لا يكون كذلك فإنه في هذا الزمان لا يقل عن الاستحباب والقربة، إن لم نقل إنه فرض كفاية، وذلك لما يغلب على الناس من عدم الاهتمام بغير ما هو علمي وعدم التصديق بغير الماديات ... وعلى ذلك فإن ما نذرته هو من النذر اللازم، ولكنك إذا كنت عاجزة عن كتابة هذا الكتاب عجزاً لا يرجى زواله فإن عليك كفارة يمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين. رواه أصحاب السنن، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(19/804)
حكم النذر الذي يخرج مخرج اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال فقهي أود أن أطرحه على فضيلتكم وهو يقول: حصل معي أمر جعلني أحلف يمينا بألا أضع أي كريم أو مرطب أو أي شيء لبشرة وجهي إلا إذا سألت طبيبة مختصة مع العلم أنني قلت ذلك اليمين بصيغت نذر أي قلت أنذر لله بأني لن أفعل كذا هل يجوز لي أن أتراجع عن يميني تلك وآتي ما حلفت عليه ثم أخرج الكفارة التي هي الإطعام علما بأن عملية إخراج الكفارة ستتأخر قليلا لأني أنوي إرسالها إلى مساكين في بلدتي؟ أرجو إفادتي مع العلم بأنني قد بحثت عن جواب لمثل سؤالي في ركن الفتاوى فلم أجد.وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النذر هو المعروف عند الفقهاء بنذر اللجاج، وهو الذي يخرج مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه أو غيره من شيء، أو يحث نفسه أو غيره على شيء، وهذا النذر لا يلزم الوفاء به، وإنما تلزم فيه كفارة يمين عند وقوع ما علق عليه، وهو هنا وضع الكريم ومرطبات الوجه. وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 70350، 17762، 38872.
وأما مسألة نقل الكفارة إلى بلد آخر فلا بأس بها، فإن الكفارة تجزئ في أي بلد شاء مخرجها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 29385، ولكن الإشكال إنما هو في تأخيرها، فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز تأخير كفارة اليمين، وأنها تجب بالحنث على الفور؛ لأنه الأصل في الأمر المطلق. وذهب الشافعية إلى أن كفارة اليمين تجب على ما لم يكن الحنث معصية لله تعالى. وقد سبق ذلك في الفتوى رقم: 42979.
وعليه، فإن كان إرسال الكفارة إلى مساكين بلدتك يترتب عليه تأخيرها، فالأولى إخراجها حيث تعيشين تعجيلا لإخراجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(19/805)
قد وفيت بنذرك.
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت نذرا وهو أن أصوم 30يوما متواصلة وأن أصلي فيهم الفجر في وقته وأن أقرأ كل يوم جزءا من القرآن.
ظل هذا النذر لم أف به لمدة طويلة ثم بعد أن التزمت علمت أنه يجب أن أفي بالنذر طالما أنا قادرة على أن أفي به. وفعلا بدأت أصوم وأحرص على صلاة الفجر وقراءة القرآن ولكن في أثناء وفائي للنذر ذات يوم استيقظت بعد الشروق، وقد حدث ذلك مرتين فقط خلال وفائى بالنذر ولكن على أيام متباعدة وليس يومين متتالين، على الرغم أنى كنت مستعينة بالله قبل أن أنام وكنت ضابطة المنبه ولكن قدر الله أني لم أسمعه.أخذت أبكي ذلك اليوم وكنت قد اقتربت من نهاية الشهر فقلت هل أقطع صيام النذر وأبدأ أصوم من الأول لكي يتحقق التواصل في النذر أم أكمل. فكملت الصيام ولكن هذا اليوم الذي لم أصل فيه الفجر في وقته أكملته صائمة ولكن لم أحتسبه من أيام النذر (يعنى إن كان مثلا اليوم الذي لم أدرك فيه صلاة الفجر هو اليوم ال 15من النذر احتسبت اليوم الذي يليه هو اليوم 15) وأكملت صيام النذر والحمد لله أكملت صيام الشهر. فهل أنا بذلك وفيت بالنذر بطريقة صحيحة أم يجب علي إعادته مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن النذر المشروط مكروه، ويجب الوفاء به كما تقدم في الفتوى رقم: 23715.
وبخصوص نذرك بأن تصلي الفجر في وقتها فإنه غير منعقد لأن صلاة الفجر في وقتها واجبة، ولا نذر في واجب على قول جمهور الفقهاء، وعليه فالإخلال به هو إخلال بما وجب بأصل الشرع، وليس إخلالا بالنذر الذي أوجبه المرء على نفسه. وراجعي الفتوى رقم: 98197.
والذي فهمناه من السؤال أنك صمت ذلك اليوم ولم تغيري النية فيه إلى صوم نافلة بل أكلمت صيامه إلا أنك زدت عدد الأيام التي نذرت صيامها، وبناء عليه فتكونين قد وفيت بنذرك.
ونسأل الله عز وجل أن يتقبل منك ويجعلك ممن قال عنهم: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً. {الإنسان:7} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(19/806)
نذرت أن تكلم صديقتها كل يوم
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت بأن أكلم صديقتي كل يوم لأني أفضل البعد لكثرة الخلافات التي بيننا ولا أكلمها إلا لنذري فقط فماذا أفعل؟ أرجوكم أفيدوني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر المذكور في السؤال من نذر المباح، وهذا يخير فيه الناذر بين الوفاء وبين الترك، وهو غير منعقد عند جماهير أهل العلم، وقال بعضهم بانعقاده لذا نرى من الحسن لمن لم يف به أن يخرج كفارة يمين خروجا من الخلاف وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجدي فصيام ثلاثة أيام؛ وهذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ. رواه مسلم.
وقد سبق بيان كفارة العدول عن النذر المباح في الفتويين: 55590، 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(19/807)
حكم الوفاء بالنذر إذا زال سببه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: نذرت أن أذبح لزملائي في العمل إذا وصل سعر سهم الكهرباء إلى 200 ريال فوصل السهم إلى هذا السعر ولكنني بعت السهم قبل وصوله لهذا السعر. فما أفعل علما بأنني لا أستطيع الذبح لظروفي المادية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نريد أولا التنبيه إلى أن النذر لا تأثير له على رفع الأسهم أو جلب شيء ليس مقدرا لك فعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه.
وفي خصوص ما سألت عنه تقول إنك ما دمت قد بعت أسهمك قبل بلوغها للسعر الذي علقت النذر عليه فلا يلزمك شيء، فلا يلزم الوفاء بنذر زال سببه قبل حصول المطلوب. وقد سبق الكلام على هذا في الفتوى رقم: 4727. فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(19/808)
الشك في التلفظ بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[حالتي هي كالآتي: من شدة استقذاري وكرهي لنظام التعليم الجامعي قررت أن لا أعمل مهندسا مدنيا عندما أتخرج وعاهدت نفسي على ذلك، وبما أني موسوس وسوست أني قلت الآتي (أعاهد الله أن لا أعمل مهندسا مدنيا ومع أني لم أقل ذلك وأساسا لا أتصور نفسي وأنا أقولها إلا أن الفكرة ظلت تلاحقني هل عاهدت الله أم لا، وظلت نفسي تحدثني أنه من الممكن أن أكون حلفت ولكن لا أظن أني عاهدت الله، وهنا ظهرت وسوسة أخرى هل أنا حلفت أم لم أحلف، واجترتني الأخيرة إلى أن أحلف فعلا ومرتين أن لا أعمل مهندسا مدنيا، فقلت إذا حتى أستطيع أن أعمل علي كفارة العهد وكفارة اليمينين ولكني كلما قرأت الآيه (ومنهم من عاهد الله) قلت إنه لا يجوز لي أن أرجع عن عهدي، وحتى الآن أنا في الجامعة ولم أعمل مهندسا بعد ولكن فكرة أني عندما أنهي دراستي لن أعمل تجعلني بلا حافز للدراسة وتجعلني كالسجين مصابا بالإكتئاب، وإن قلتم لماذا ستكمل دراسة إن لم تكن ستعمل قلت أكمل طاعة لأبي وأمي، وأنا أكتب الآن ظهرت وسوسة أخرى أني من الممكن أن أكون عاهدت الله أن لا أعمل مهندسا بشكل عام مدني أو غيره، علما بأني في قسم مدني وهذه الوسوسه الأخيرة أصابتني بالإضطراب لأنني ربما إن لم أضعها في اعتباري فربما يكون تكفيري عن عهدي غير صحيح ولا أدري لماذا، فما الحيلة وأرجو أن لا تكون الإجابه بصورة عامة بل خصصوها علي حتى لا تدعوا مجالاً لتفكيري الوسواسي أن يوسوس لي في الإجابه وهل إذا عملت مهندسا مدنيا بدون تكفير عن السابق فهل ستكون أموالي حراما، إن كانت الإجابه ستكون مبنية على أني موسوس، فأرجو أن تجيبوا إجابه أخرى مبنية على أني لست موسوسا، وذلك لأني لا أعلم إن كنت موسوسا أم لا.. تحملوني قليلاً؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أنك لم تتلفظ بالعهد الذي أصابتك الوسوسة فيه فإنه لا يلزمك النذر ما دمت لم تتلفظ به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.. رواه البخاري ومسلم.
والشك في التلفظ بالنذر لا يلزم به النذر لأن الأصل عدمه، وإذا حلفت على عدم العمل في مهنتك ثم عملت بعد تخرجك فإنه يلزمك كفارة يمين فقط، وليس كفارتين أو ثلاثاً لأن المحلوف عليه أمر واحد وتكرار الحلف إنما هو للتأكيد فلا تتعدد الكفارة به، وإن لم تكفر عن يمينك فالمال الذي تكسبه من العمل مال مباح وليس حراماً، ولكن تبقى في ذمتك الكفارة ويلزمك إخراجها.
ثم إننا ننصح السائل الكريم بأمرين:
الأول: أن لا يشغل نفسه بشيء لم يقع بعد، فلا يشغل نفسه بما سيفعله بعد التخرج، وقد كان السلف الصالح يكرهون الأسئلة عما لم يقع، فإذا سئلوا عن شيء لم يقع يقولون: دعوه حتى يقع.
الثاني: أن يعلم أن الوسوسة شرها مستطير وتدع صاحبها كأنه لا عقل له وفي مصاف المجانين، فاتق الله تعالى ولا تفتح على نفسك باب شر قد يصعب عليك إغلاقه، ولا بأس بأن تعرض نفسك على طبيب نفسي، فربما كان وسوستك المفرطة ناتجة عن حالة نفسية، وقد جاءت الشريعة بالأمر بالتداوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(19/809)
من نذر أن يصلي الضحى ويقوم الليل كل يوم ثم ترك
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لو أن إنسانة نذرت أو عهدت مع الحق سبحانه أن تصلى صلاة الضحى وقيام الليل يوميا وكان نيتها أن لا ترجع في هذا النذر أو العهد ولكن حنثت ولم تصل الضحى ولا القيام وتريد أن تتحلل من هذا النذر لأنها تشعر بأنها لا تريد أن تكون ملزمة إذا أرادت أن تصلي فتأخذ أجر الصلاة وإذا لم ترد لم يكن عليها ذنب فهي تشعر بالراحة في ذلك أكثر فماذا تفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العهد وقع بصيغة الالتزام فهو نذر، والواجب على من نذر أن يصلي الضحى ويقوم الليل كل يوم أن يوفي بنذره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه رواه مالك والبخاري وأبو داود والترمذي.
ومن نذر ذلك وترك الوفاء بالنذر في بعض الأيام وجب عليه قضاء ما تركه منه ما دام قادرا على القضاء ولا يسقط النذر بعدم الوفاء؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 50963.
وبناء عليه؛ فيجب على الأخت السائلة أن تقضي تلك الصلوات التي نذرتها ولم تصلها، ويجب عليها أن تصلي الضحى وتقوم الليل كل يوم وليلة.
وبالنسبة لقيام الليل إن لم تنذر زمنا معينا من الليل ولا عددا معينا من الركعات فيكفيها أن تقوم بركعين في أي وقت من الليل ولو من أوله، وانظري للأهمية الفتوى رقم: 106899، والفتوى رقم: 110211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(19/810)
عين وقتا للوفاء بالنذر فلم يلتزم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كانت أمي مريضة وقد نذرت إذا صحت أن أتصدق بمبلغ من المال كاملا، وقد تعذر علي التصدق به كاملا، بعدها تصدقت بنصفه على ابنة أختي أمها مطلقة والباقي تصدقت به على أنصاف للفقراء، هل يجوز ذلك بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهكَ أولاً إلى أن النذر المعلق على شرط مكروه لما فيه من سوء الأدب مع الله عز وجل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يأتي بخير إنما يُستخرج به من البخيل. متفقٌ عليه.
وقد حملَ جمعٌ من المحققين هذا الحديث على النذر المعلق.
وأما بالنسبة لسؤالك فالوفاءُ بالنذر واجبٌ بلا ريب؛ لحديثِ عائشة رضي الله عنها: من نذرَ أن يطيعَ الله فليطعه. رواه البخاري.
فإذا كنت قد عينت وقتاً لهذه الصدقة ثم لم تؤدها فيه، فعليك مع الوفاء به كفارةُ يمين، وإذا كنت لم تعين وقتاً -كما هو الظاهر- نظرنا في قولك بمبلغٍ من المال كاملاً، فإن كانت نيتك أن تتصدق به على فقيرٍ واحد فلا زال النذرُ باقياً في ذمتك، وذمتكَ لم تبرأ بهذه الصدقة التي فرقتها في جماعةٍ من الفقراء لأن انتفاع الفقير بجميع المال أكبرُ من انتفاعه ببعضه، وأما إن كانت نيتك هي الصدقة فقط فقد أديتها وأبرأت ذمتك فلا شيء عليك.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11818، 99672، 78491.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(19/811)
نذرت هدية للفقراء فهل يجوز دفع قيمتها لمريض فقير
[السُّؤَالُ]
ـ[لو نذرت نذر تقديم هدية للفقراء بشكل معين ثم تبين لي أن هناك مريضا فقيرا في حاجة إلى المساعدة، فهل أقدم قيمة النذر لذلك المريض أم أنه لا يجوز، فهذا شيء والنذر أمر آخر لا يجوز تبديله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك أنك نذرت نذراً معيناً لم تحدد جهة صرفه، ثم علمت بمريض وأردت صرف قيمة النذر عليه، لأنه غير محتاج إلى عينه ... فالجواب هو أن على المسلم أن يفي بنذره على الكيفية التي نذره بها وللجهة التي نذره لها، وقد سبق بيان هذا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 12609، والفتوى رقم: 31642 فراجعيها.
وعلى ذلك فإنه لا يصح لك تقديم قيمة النذر المعين للمريض المذكور ولا لغيره، وإنما تقدمينه على الكيفية التي نذرته بها، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز إخراج القيمة بدلاً عن النذر.
وإن كان قصدك أنك نذرت تقديم هدية لفقراء معينين فإن هؤلاء الفقراء يملكون هذا النذر بمجرد التعيين لهم ولا يجوز لك صرفه لغيرهم.
قال الهيتمي الشافعي في شرح المنهاج: فلو قال علي أن أتصدق بعشرين ديناراً وعينها على فلان أو إن شفي مريضي فعلي ذلك فشفي ملكها وإن لم يقبضها.. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 25218.
وأما إذا لم يكن هناك تعيين وإنما كان النذر لوصف الفقراء فيجوز بل والأولى لك صرفه على المريض الفقير المحتاج لأنه داخل في وصف الفقراء وزائد عليهم بالمرض والحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(19/812)
نذرت أن تصوم ستا من شوال أبدا ثم عجزت
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي نذرت منذ 36سنة صيام ستة أيام من شوال وداومت عليها وهي الآن مريضة ولن تستطيع الآن الصيام لمرضها فهل عليها كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسألُ الله أن يبارك في أمك وأن يزيدها حرصاً على الخير وأن يرزقها الشفاء العاجل، والواجبُ عليها إذا عجزت عن الوفاءِ بنذرها أن تكفرَ كفارة يمين وهي إطعامُ عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجزت فعليها صيامُ ثلاثة أيام، وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: كفارةُ النذر كفارة يمين. رواه مسلم.
قال ابن قدامة في المغني: مَن نذر طاعة لا يطيقها أو كان قادرا عليها فعجز عنها فعليه كفارة يمين. انتهى.
فإن عوفيت بعدُ قضت تلك الأيام ثم استأنفت نذرها.
قال ابن قدامة في المغني: فيمن نذر أن يصوم كل خميس أبداً ثم أفطر عدة أيام: يقضي نذره ويكفِّر ... , وإن فاتته أيام كثيرة لزمته كفارة واحدة عن الجميع فإذا كَفَّر ثم فاته شيء بعد ذلك لزمته كفارة ثانية. نصّ عليه أحمد. اهـ.
ثم مال ابن قدامة رحمه الله بعد ما ذكر هذ إلى أنه لا تلزم كفارة ثانية بل من فاته من نذره أيام بعد أن كفر مرة إنما عليه قضاء تلك الأيام بلا كفارة.
قال رحمه الله: لأن وجوب الكفارة الثانية لا نص فيه ولا إجماع ولا قياس فلا يمكن إيجابها بغير دليل. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 1339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(19/813)
نذرت أن لا تلبس البنطال وترغب بالعودة للبسه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في اتجاهي لغرفة العمليات من أجل ولادة ابني وأنا في ضيق شديد قلت يا رب إن نجوت أنا وابني من العملية لن أعود للبس البنطلون، علما بأنني محجبة ألبس قيمصا طويلا وبنطلونا والآن فقط ألبس تنانير، ولكن طبيعة عملي الآن تقتضي النزول إلى الميدان والركوب في السيارات العالية، فهل يجوز الرجوع عن هذا الكلام السابق وأنا التزمت به مدة 4 سنوات، فهل يجوز لي أن أعود للبس البنطلون مع قمصان طويلة، مع الشكر فأرجو السرعة في الإجابة للحاجة الماسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو لبسك لما سميته بالبنطلون من أن يلبس على وجه مباح أو على وجه محرم، فإن كنت تلبسينه على وجه محرم بأن لم تتحقق فيه الشروط التي سنذكرها فإن الوفاء بهذا النذر واجب لأنه نذر طاعة، أما إذا كان لبسك له على وجه مباح أي وفق الشروط التي سنذكرها فإنه نذر لمباح، والنذر المباح يخير فيه الناذر بين الوفاء والترك، وفي وجوب الكفارة عند الترك خلاف مشهور، والأحوط أن تكفري كفارة يمين، وقد ذكرنا أنواع النذر وكفارته ومذاهب الفقهاء في ما يجب في النذر المباح وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1125، 16155، 20047، 26991 فلتراجع.
وعلى هذا فيجوز لك لبس البنطال إن كان البنطال الذي تلبسينه مما يجوز لبسه للمرأة، وهو ما تحققت فيه هذه الشروط:
أولاً: أن يكون ملبوساً تحت ملابس ساترة فضفاضة.
ثانياً: أن لا يكون فيه تشبه ببنطال الرجال.
ثالثاً: أن لا يكون القصد منه التشبه بما تلبسه الكافرات.. فإذا توفرت هذه الشروط جاز لك لبس البنطال، أما إذا لم تتوفر فلا يجوز لك أن تلبسيه. وقد ذكرنا ما يشترط في لباس المرأة الذي تخرج به ومتى يسوغ لها لبس البنطال وصفته وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5521، 12895، 14407، 26847 فراجعيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(19/814)
حكم عدم الوفاء بالنذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وأنا عندي ولد صغير وقد نذرت إن أتاني ورث اشتريت له دبابا، ولأن الولد عمره 17 سنة لا يناسبه الدباب فماذا علي في نذري لأن الورث لم يأتني إلا متأخراً بعد ما كبر ابني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا النذر من أنواع نذر المباح الذي لا يلزم منه شيء على الراجح من أقوال أهل العلم فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل وجوب الوفاء بالنذر على الكيفية التي نذرها بها صاحبه إذا كان قربة، قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} .
وقال تعالى في وصف عباده الأبرار: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ {الإنسان:7} .
أما نذر غير القربة كنذر الأمور المباحة -كما هو الحال في نذرك- فإنه لا يلزم به شيء على ما رجحه جمع من أهل العلم.
قال مالك في الموطأ عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من نذر أن يعصي الله فلا يعصه: أن ينذر الرجل أن يمشي إلى الشام أو إلى مصر أو إلى الربذة أو ما أشبه ذلك مما ليس لله بطاعة إن كلم فلانا أو ما أشبه ذلك فليس عليه في شيء من ذلك شيء ...
وقال صلى الله عليه وسلم في الذي نذر أن يصوم ويقف في الشمس: مروه فلليتكلم وليستظل وليجلس وليتم صيامه. قال مالك: ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم ما كان لله طاعة ويترك ما كان لله معصية. انظر الموطأ برواية الليثي.
وهذا ما درج عليه العلامة خليل وغيره قال في المختصر مع شرحه: (وإنما يلزم به) أي بالنذر (ما ندب) أي طلب طلباً غير جازم فيشمل السنة والرغيبة.
والهبة من غير قصد ثواب الآخرة داخلة في قسم المباح فلا تلزم بالنذر، قال صاحب الفردوس:
وناذر الهبة والنكاح * ليس بلازم له يا صاح
إذ كل ما يمكن فيه أن يقع * بغير قربة فنذره امتنع.
فانظره في البناني ...
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن نذر المباح يخير صاحبه بين أن يفعله أو يكفر عنه كفارة يمين، وسبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16155، 19753، 3630 ...
وعليه فإنه لا يلزمك شيء في هذا النذر وإن أخرجت عنه كفارة يمين كان ذلك أحوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(19/815)
حكم تعجيل النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذه الخدمة المميزة
أنا امرأة متزوجة ومصابة بعدة أمراض وقد نذرت أن أذبح عند الشفاء وقد كانت النية أن أذبح فرحا بهذا الشفاء، ثم قررت أن أذبح شفيت أم لا حتى لا يكون وكأنه تشرط على الله، وقد كنت أعتقد أن الذبيحة إلى حد معين من المال ولكن كان سعرها أغلى (مثلا اعتقدت أنها 200د وهي 400د) ، السؤال: هل يجب علي الذبح (مع العلم أني لم أشف بعد ولكني أريد الذبح) ؟ أم أنه يمكنني التصدق بالقيمة المالية للذبيحة على اعتقادي الأول؟ أم أذبح بالتشارك مع أحد آخر مثل زوجي؟
كما أني أريد الاستفسار هل يجوز تأخير أداء النذر حتى يستطيع أداءه؟
وجزاكم الله خيرا......]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
الواجب عليك الوفاء بنذرك على الكيفية التي نذرت بها عندما يتم شفاؤك لأنه في الأصل نذر معلق، وإذا لم يتم شفاؤك فإنه لا شيء عليك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله عز وجل بالوفاء بالنذر فقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} وقال صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. . الحديث رواه البخاري..
ولذلك فإن الواجب عليك الوفاء بنذرك على الكيفية التي نذرت بها عند ما يتم شفاؤك لأنه في الأصل نذر معلق، وإذا لم يتم شفاؤك فإنه لا شيء عليك، وإذا قررت تقديم الوفاء به قبل الشفاء فلا مانع من ذلك لأن ذلك ليس إنشاء نذر جديد طالما أنه لم يكن بصيغة التزام، والناذر إذا أراد تعجيل نذره فإن ذلك يصح فيما كان نحو الصدقات. قال زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب: وإن نذر صدقة لا صوما وصلاة في وقته بعينه جاز تعجيلها كما لو عجل الزكاة بجامع أن كلا منهما عبادة مالية.
ولا يصح استبدال الذبح بالقيمة ولا المشاركة فيها مع الزوج أو غيره إلا إذا كان يريد أن يساعدك في ثمنها هبة منه فلا مانع.
ولا حرج في تأخير الذبح عند عدم القدرة عليه في الوقت الحاضر حتى تتمكني من أدائه عند القدرة في المستقبل إن شاء الله تعالى كما نص عليه أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(19/816)
المبادرة بالوفاء بالنذر مستحبة وتأخير الوفاء به خلاف الأفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النذر ... لقد نذرت أن أصوم أسبوعا إذا نجحت بالامتحان ... ومضى على هذا النذر سنتان.. فعندما أصوم سوف آخذ أجر الصائم أم أن النذر يجب تنفيذه ولا ثواب منه، ولم أحدد موعدا لتنفيذه.. هل التأخير مكروه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوفاء بالنذر واجب لقوله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.. أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، وابتداء النذر منهي عنه إن كان معلقاً على شرط، فالأحاديث الواردة في النهي عنه الصحيح فيها أنها محمولة على النذر المعلق على شرط.. قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في الأضواء: والظاهر لي في طريق إزالة هذا الإشكال الذي لا ينبغي العدول عنه أن نذر القربة على نوعين، أحدهما: معلق على حصول نفع كقوله: إن شفى الله مريضي فعلت لله نذر كذا، وإن نجاني الله من الأمر الفلاني المخوف فعلي لله نذر كذا ونحو ذلك.
والثاني: ليس معلقاً على نفع للناذر، كأن يتقرب إلى الله تقرباً خالصاً بنذر كذا من أنواع الطاعة. وأن النهي إنما هو في القسم الأول لأن النذر فيه لم يقع خالصاً للتقرب إلى الله بل بشرط حصول نفع للناذر، وذلك النفع الذي يحاول الناذر هو الذي دلت الأحاديث على أن القدر فيه غالب على النذر، وأن النذر لا يرد فيه شيئاً من القدر. انتهى.
وبه تعلم أن ما أقدمت عليه من تعليق النذر مكروه، ومع هذا فالوفاء بهذا النذر واجب قطعاً، وأنت تؤجر إن شاء الله على صومك لأن الصوم عبادة مأمور بها محبوبة لله عز وجل، وإن كان إقدامك على النذر مكروهاً، فالإقدام على النذر هو المكروه لا الوفاء به، وكونك أخرت الوفاء بالنذر لا يسقط عنك وجوب الوفاء به، بل هو في ذمتك إذ أنك لم تحدد له وقتاً معيناً.. والمبادرة بالوفاء بالنذر مستحبة وتأخير الوفاء به خلاف الأفضل، لقوله تعالى: فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ.. {البقرة:148} ، ومبادرة بإبراء الذمة، فالذي ينبغي لك الآن أن تسارع بصوم هذا الأسبوع الذي نذرته وألا تقدم على تعليق النذر على شرط مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(19/817)
هل تجزئ الكفارة عن النذر مع القدرة على الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للشخص أن يكفر عن نذر مع قدرته على الوفاء به، يعني الشخص قادر على الوفاء لكنه لا يريد, فهل دفع الكفارة يسقط عنه النذر، أرجو الإجابه بوضوح؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الكفارة لا تجزئ عن نذر الطاعة المعلوم إذا كان صاحبه قادراً على الإتيان به على الكيفية التي نذره بها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان ينبغي للسائلة الكريمة أن تبين أي نوع من أنواع النذر تقصد، وعلى كل حال فإن الكفارة لا تجزئ عن النذر إذا كان نذر طاعة وكان معلوماً وصاحبه قادراً على الوفاء به، فهذا هو الأصل لقول الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
فيجب على المسلم الوفاء بنذر الطاعة المعلوم على الكيفية التي نذره بها ولا تكفي عنه الكفارة ما لم يكن عاجزاً عن الإتيان به عجزاً تاماً لا يرجى زواله، ففي هذه الحالة تلزم بدله كفارة يمين، وإن كان النذر نذر لجاج -وهو الذي يقصد منه حث النفس على فعل أمر أو المنع منه- فالمرجح من كلام أهل العلم أن صاحبه مخير بين الوفاء به أو كفارة يمين، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 66773، وكذا نذر المباح، ويمكن أن تراجع فيه الفتوى رقم: 16155.
وأما إن كان النذر نذر معصية فإنه يحرم الوفاء به قطعاً، وعلى صاحبه كفارة يمين، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(19/818)
حكم النذر إذا عجز الناذر عن تحديد جنس المنذور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نذرت نذرين لأمرين مختلفين فتحقق أحد الأمرين ولم يتحقق الآخر، فانا لا أدري ما الذي نذرته للأمر الأول وما الذي نذرته للأمر الثاني فماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تجتهدي حتى تتذكري ما نذرت، فإذا تبين لك أو غلب على ظنك لزمك الوفاء به، وإذا لم يتبين لك شيء فقد ذهب جماعة من فقهاء الشافعية إلى أن الواجب عليك الوفاء بهما معاً، لأن الوفاء بالنذر واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، قال الهيتمي في تحفة المحتاج: ... فإن اجتهد ولم يظهر له شيء وأيس من ذلك فالأوجه وجوب الكل إذ لا يتم له الخروج من واجبه يقيناً إلا بفعل الكل وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وذهب الجمهور إلى أن اللازم في هذه الحالة كفارة يمين لأن الشك في المنذور كعدم تسميته، ولأن العجز عن تحديد نوع النذر شابه من نذر أمراً ثم عجز عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين. رواه الترمذي..
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 22714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1429(19/819)
قول القائل لو فعلت كذا فسأتصدق بكذا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فعلت شيئا وقلت لو فعلت هذا الشيء مرة أخرى سوف أتصدق بقدر من المال على أساس أنني كنت أظن أن هذا الفعل حرام ولكن عند بحثي واستفساري اكتشفت أنه موضع خلاف بين العلماء من تحريم وكراهة وإباحة..فهل إذا فعلت هذا الشيء علي أن أتصدق بقدر من المال أخدا برأي العلماء الذين يحلونه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول القائل: إن فعلت كذا، فإني سوف أتصدق بكذا يعتبر نوعا من النذر وهوً نذر اللجاج؛ قال الدردير المالكي في الشرح الكبير: ومنه- أي النذر- نذر اللجاج وهو أن يقصد منع نفسه من شيء ومعاقبتها.. وهو من أقسام اليمين عند ابن عرفة، والمصنف يرى أنه من النذر..
والواجب في نذر اللجاج هو أحد أمرين هما الوفاء بما التزم كما هو، أو الكفارة عنه كفارة يمين- كما رجحه بعض المحققين من أهل العلم- لقول النبي- صلى الله عليه وسلم- كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم.
وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتويين: 13998، 13381.
وكفارة اليمين هي المذكورة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ {المائدة:89} .
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 8336.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(19/820)
نذر أن يذبح ماعزا إذا رزق بطفل غير معاق
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أذبح ماعزا إذا رزقت بطفل سليم. ورزقني الله بطفل يعاني من إعاقة خفيفة على مستوى الساق اعوجاج الأصابع وأنا بصدد معالجته مما يكلفني مالا كثيرا. فهل يجب علي الوفاء بالنذر مع العلم أن ابني يمكن أن يشفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الناذر نذرا معلقا لا يجب عليه شيء إلا إذا حصل ما علق عليه نذره، فإذا نذرت الذبح عندما ترزق بطفل سليم وكانت هذه الإعاقة تنافي السلامة، فالظاهر أنه لا يجب عليك شيء إلا إن كنت نويت السلامة من غير هذه الإعانة ونحوها، واعلم أن النذر المعلق مكروه عند أهل العلم لما في حديث الصحيحين: نهى عن النذر وقال إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل.
وراجع الفتوى رقم: 57509.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(19/821)
الوفاء بالنذر يكون بالكيفية التي حددها الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت بأن أذبح لكي أعزم أصدقائي وأقاربي، ونذر أخي أيضا بأن يذبح فدية لكي يوزع جزءا منها فهل يجوز أن نتشارك الذبيحة أو هل يجوز لأي منا أن يشترى لحما بدلاً من الذبح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تفي بنذرك طاعة لله تعالى على الكيفية التي حددتها وهي الذبح وإطعام الأقارب والأصدقاء ... فقد قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ... الحديث رواه البخاري.
ولا يجوز لك إشراك صاحب الفدية ولا غيره فيها، كما لا يجوز لك شراء لحم بدلها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 109396.
وأما نذر الفدية فلم يتضح لنا المقصود به، فإن كان نذراً شرعياً ففيه ما سبق، وإن كان لجبر نقص في حجه أو عمرته، فإن الواجب عليه أن يذبحه بمكة وهو خاص بفقراء الحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(19/822)
مسائل حول النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت لله صلاة ركعتين نافلة بعد صلاة العشاء شكراً لله بعد ما تحقق لي أمر، بسورتي الفتح والإخلاص يوميا، وكذا قراءة ثانية كل ركعة بالفاتحة وسورة الإخلاص لأي صلاة مفروضة أو سنة أو نافلة لحبي لهذه السورة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ (قل هو الله أحد) ، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك. فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه. متفق عليه.
فعسى أن تكون بحبك لسورة (قل هو الله أحد) ملحقاً بهذا الصحابي إن شاء الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، فيجب عليك الوفاء بنذرك صلاة هاتين الركعتين بعد العشاء كما دل عليه هذا الحديث.
ويلزمك قراءة ما عينت من سور فيها لأنك نذرت طاعة موصوفة بصفة فيلزمك الوفاء بها على ما وصفت، قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: ولو نذر أن يصلي صلاة يقرأ فيها سورة معينة لزمه الصلاة وقراءة السورة. انتهى.
وقال العلامة ابن مفلح رحمه الله تعالى في الفروع: وإن نذر أن يصلي صلاة ويقرأ فيها سورة بعينها لزمه الجمع. انتهى.
وأما نذرك أن تقرأ في الركعة الثانية من كل صلاة بالفاتحة والإخلاص فمحل نظر هل يلزم الوفاء به لأنه طاعة أم لا يلزم لأنه تغيير لما وضعه الشرع، صحح النووي رحمه الله الأول وحكى الثاني وجهاً في مذهب الشافعية، فقال في شرح المهذب: فلو أفردت الصفة بالنذر وكان الأصل واجباً شرعاً كتطويل القراءة والركوع والسجود في الفرائض أو أن يقرأ في الصبح مثل سورة كذا وجهان أصحهما لزومها لأنها طاعة. والثاني: لا، لئلا تغير مما وضعها الشرع عليه. انتهى.
والذي نميل إليه هو الوجه الثاني وهو أنه لا يلزمك الوفاء بالنذر في هذه الصورة لما فيه من تغيير للسنة في هذه الصلوات وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1429(19/823)
حكم من نذر أن يبول في ساحة عامة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في الجامعة في السنة الثالثة وقد تعرضت للمضايقة من قبل الأساتذة ونظام الجامعة فنذرت عندما أتخرج أن أتبول في الساحة الخارجية للجامعة ولم أحدد متى سيتم في الليل أم النهار، وتخرجت الحمدلله وتوظفت ولم أف بالنذر، فأرجو منكم إفادتي في هذا النذر وماذا علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم أخي السائل أن نذرك هذا هو نذر معصية لا يجوز الوفاء به بإجماع الفقهاء. قال ابن قدامة في المغني ــ أثناء كلامه على أنواع النذورـ: الْقِسْمُ الرَّابِعُ، نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يَحِلُّ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا. انتهى.
وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه أحمد والبخاري وأبو داود وغيرهما.
ومما يدل على أن نذرك هذا نذر معصية، هو نهيه صلى الله عليه وسلم عن البول في قارعة الطريق، فعن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتّقوا الملاعن الثّلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطّريق، والظّلّ.
وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتّقوا اللّعّانين، قالوا: وما اللّعّانان يا رسول الله؟ قال: الّذي يتخلّى في طريق النّاس أو في ظلّهم. رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني.
وفى صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا اللعانين، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم.
وأما قارعة الطريق قال النووي في المجموع: فأعلاه، قاله الأزهري والجوهري وغيرهما، وقيل: صدره، وقيل: ما برز منه. اهـ
ولا شك أن الساحة الخارجية للجامعة من قارعة الطريق، وإذا ثبت هذا للأخ السائل فإن الفقهاء اختلفوا فيمن نذر نذر معصية هل عليه كفارة لنذره أم لا؟
القول الأول: أن ناذر المعصية لا يلزمه شيء سوى التوبة إلى الله، وهذا هو مذهب الشافعي في أظهر قوليه ومالك ورواية عن أحمد وجمهور العلماء.
قال ابن رشد في بداية المجتهد: اختلفوا فيمن نذر معصية، فقال مالك والشافعي وجمهور العلماء: ليس يلزمه في ذلك شيء. اهـ
قال الشربيني في مغني المحتاج: (وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ) كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ، لِحَدِيثِ {لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى} رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْمَارِّ {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ} ، فَلَا تَجِبُ كَفَّارَةٌ إنْ حَنِثَ. اهـ
والقول الثاني: أنه يجب في نذر المعصية كفارة يمين وهو مذهب أبو حنيفة وأحمد
قال ابن قدامة في المغني: نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يَحِلُّ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ} وَلِأَنَّ مَعْصِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَحِلُّ فِي حَالٍ، وَيَجِبُ عَلَى النَّاذِرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ.اهـ
واحتجوا بما رواه النسائي عن عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين. والحديث اختلف في إسناده فضعفه النووي وصححه الألباني.
والقول الثاني هو الأحوط. فعلى الأخ السائل التوبة والكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(19/824)
الوفاء بالنذر المعلق
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا كنت دائما أقول يا رب إذا صار هذا الشيء سوف أصلي لك ركعتين وثلاث ركعات أو عشر ركعات يعني كنت أنذر لكن ما كنت أصلي والحين يمكن علي 100 ركعة وما أدري ماذا أفعل هل أدفع كفارةأم أصليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، والنذر المعلق يجب الوفاء به إذا حصل الشيء المعلق عليه. وبالتالي فإذا كنت أحيانا تقولين نذرت صلاة ركعتين أو ثلاث إذا حصلت على كذا، فإن لم يحصل فلا يلزمك شيء، وإن حصل وجب عليك ما نذرته من صلاة، ولا يسقط بتقادم الزمن، بل يجب عليك الآن المبادرة به، وعليك الاحتياط في قدر الصلوات التي قد نذرت إذا لم تتحققي من ضبط عددها، ولا يجزئ إخراج الكفارة عن النذر إلا في حالة العجز المستمر الذي لا يرجى زواله، وبإمكانك الإتيان بتلك الصلوات المنذورة تدريجيا بحيث تصلين كل يوم عددا تستطيعينه. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(19/825)
حكم عدم الوفاء بالنذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال إذا سمحتم يقول كنت قد وضعت على وجهي دواء طبيعيا مغذيا فعمل لي حساسية ومن خوفي دعوت الله أن يشفيني من تلك الحساسية ووضعت يدي على المصحف الشريف وقلت أنذر لله أني لن أضع أي شيء على وجهي إلا إذا سألت طبيبا سؤالي هو، كيف لي أن أتحلل من هذا النذر، فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استشارة الطبيب فيما ذكر ليست قربة ولا طاعة بل هي من الأمور المباحة، فمن شاء فعلها ومن شاء تركها، ونذر المباح فيه مذهبان لأهل العلم أحدهما أن صاحبه مخير بيه فعله ولا كفارة عليه.. أو تركه مع كفارة اليمين، والثاني أنه لا ينعقد ولا كفارة فيه وهو الذي عليه جمهور أهل العلم وهو الراجح إن شاء الله تعالى.
ولذلك فإنه لا شيء عليك في هذا النذر، ولو أخرجت كفارة يمين احتياطاً وخروجاً من الخلاف لكان أفضل، وللمزيد من الفائدة والتفصيل انظري الفتوى رقم: 20047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(19/826)
مسائل حول الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أذبح خروفا نذرا، وأختي تريد ذبح فدا. هل يجوز أن أشترط عليها ما أريد أن آخذه من الفدا. مع العلم أنه سنذبح في نفس الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا مراد السائلة بقولها: هل يجوز أن أشترط عليها ما أريد..
أما ما يخص نذرك فالواجب عليه الوفاء به، كما سبق بيانه والأدلة عليه في الفتوى رقم: 29476.
وإن كان قصدك بالفدا الذي تريد أختك ذبحه أنها قد لزمها دم لجبر خطأ في الحج أو العمرة فهذا خاص بفقراء مكة.
وإن كان قصدك أنه صدقة فبإمكانها أن تذبحه في أي مكان كما سبق بيانه في الفتويين: 56709، 9533.
هذا وبإمكان السائلة أن تعيد صياغة سؤالها وتعيد إرساله مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(19/827)
حكم نذر الصلاة المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت لله أن أبدأ صلاة الفرض إن نجحت في الامتحانات والحمد لله وفقني الله ولكن هل أنا الآن أصلي وفاء لنذري أم أصلي كباقي المسلمين وماذا أفعل في هذه الحال وكيف تكون النذور، أرجو الرد فقد سألت سؤالا غير هذا من قبل ولم يصلني الرد أرجو أن تتحققوا منه: 2197063، وإن أمكن دليل من القرآن الكريم أو من السنة
وشكرا مسبقا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا النذر لا يلزم منه شيء وعليك بتقوى الله والمحافظة على فرائضه، وينبغي أن تحافظ على ما تقدر عليه من النوافل وأعمال الخير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نذر الصلاة المفروضة أو غيرها من الفرائض لا معنى له؛ لأنه تحصيل حاصل والتزام لازم أصلا، وقد نص بعض أهل العلم على كراهة الإقدام على هذا النوع من النذر أو تحريمه؛ كما في العدوي المالكي على شرح الرسالة حيث قال:.. وَقُلْنَا الْمَنْدُوبَةِ احْتِرَازًا عَنْ نَذْرِ الْوَاجِبِ فَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ وَانْظُرْ حُكْمَ الْإِقْدَامِ وَاسْتَظْهِر التَّحْرِيمَ، وقال الخرشي: وَهَلْ الْقُدُومُ عَلَى نَذْرِ الْوَاجِبِ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى.
ولذلك؛ فإن نذرك هذا لا ينعقد، وسبق بيان ذلك بالتفصيل فانظره في الفتويين: 27472، 43147. وبذلك يتبين لك أن ما تؤديه من الصلوات هو الصلوات المفروضة عليك أصلا كغيرك من المسلمين.
وعليك بتقوى الله تعالى والمحافظة على فرائضه وعمل ما استطعت من النوافل وأعمال الخير.
وبخصوص سؤالك السابق فقد أجبنا عليه في الفتوى رقم: 111695.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(19/828)
نذرت نذورا كثيرة وقد نسيت كثيرا منها فما العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أني دائمة النذر بأن أقوم بطاعات معينة مثل الصلاة والصيام وحفظ القرآن، ولكن وجدت نفسي قد نسيت الكثير من هذه النذور التي نذرتها إن شاء الله وأكرمني بمسألتي ووجدت نفسي لا أستطيع الإيفاء بها فماذا أفعل، وما الحل في هذا الأمر؟ أنا طالبة وعمري 20 عاما، فأ رجو الرد علي في أقرب وقت.. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت النذور التي صدرت منك معلقة على حصول أمر معين وقد حصل، أو لم تكن النذور معلقة على شيء أصلاً فقد ترتبت في ذمتك، لكن ما كنت ضابطة له من تلك النذور -بمختلف أنواعها- قادرة على الوفاء به وجب عليك أن تفي به حسب استطاعتك، وما عجزت عنه عجزاً لا يرجى زواله فأخرجي عن كل واحد منه كفارة يمين وكذلك الحكم أيضاً في شأن ما تم نسيانه من تلك النذور، أي ما تتذكرين أنك نذرت فيه لكن نسيت المنذور فهو بمثابة المعجوز عنه، وأخرجي من الكفارات حتى يغلب على ظنك براءة الذمة.
مع التنبيه إلى أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه فابتعدي عن الإكثار منه، بل لا تقدمي عليه مطلقاً وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22714، والفتوى رقم: 106725.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(19/829)
نذر ترك المعصية أو معاهدة الله على ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قلت أنوي إذا انقبلت لجامعة سأترك مشاهدة الأفلام الإباحية، تركتها نصف سنة ثم يعد ذلك رجعت، وأنا قد وعدت الله أن أتركها، فماذا أعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أنه يجب عليك أن تترك مشاهدة تلك الأفلام المحرمة سواء وعدت بتركها أو لم تعد، ويلزمك التوبة إلى الله تعالى من مشاهدتها، وإن لم تتب فلن تجني من مشاهدتها إلا ظلمة القلب وضيق الصدر واستحواذ الشيطان والبعد عن الله تعالى، وإن لم يتداركك ربك برحمته قد تخسر دنياك وآخرتك والعياذ بالله، فاتق الله ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك.
وأما عن قولك فإنه لا يعتبر نذرا لأن تلك الصيغة ليست من صيغ النذر إلا إذا كنت نويت به النذر فيصير واجبا عليك ترك مشاهدة تلك الأفلام من ناحيتين، من جهة أصل الشرع ومن جهة النذر، وللعلماء خلاف في حكم نذر ما هو واجب بأصل الشرع، فالجمهور على أنه لا ينعقد، وبعضهم يرى انعقاده، وقد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 11288، والفتوى رقم: 15049، وانظر أيضا للأهمية الفتوى رقم: 93857.
ونسأل الله أن يطهر قلبك ويحصن فرجك ويصلح أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(19/830)
النذر بلفظ الكناية ينعقد مع النية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قلت أنا إذا أخذت رخصة سياقة أريد أن أحفظ سورة الكهف، لكن يا شيخنا السورة طويلة وصعبة وتريد وقتا, وأنا بفترة امتحانات وأريد أن أعرف ماذا أفعل، وهل يوجد حل ثان أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الشخص: إنه ينوي أن يحفظ سورة كذا إذا أخذ الرخصة هذا لا يعتبر نذراً -إلا إذا نوى به النذر- لأن النذر له أركان لا ينعقد بدونها، ومن أركانه الصيغة، والصيغة لا تصح إلا بألفاظها، مثل قولك: علي نذر كذا، أو لله على أن أفعل كذا، أو إن حدث لي كذا فعلى عبادة كذا، وأما مجرد قولك: لو حدث ما أريد أفعل كذا بدون قصد النذر، فليس من صيغ النذر ولا يلزمك بذلك شيء، ولكن إن نويت بذلك القول النذر فيلزمك الوفاء به، لأن النذر ينعقد بصيغة الكناية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 43335، والفتوى رقم: 102449.
وفي هذه الحال يلزمك الوفاء بنذرك فتحفظ سورة الكهف، ولا يلزمك حفظها في يوم واحد، ولك أن تحفظها على أيام، وليست سورة الكهف صعبة، وقد قال الله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ {القمر:17} ، قال ابن كثير: أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ...
وقال القرطبي: ... أي سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب لحفظه فيعان عليه ... انتهى. وإذا تعذر عليك حفظها ويئست من ذلك فإنه حينئذ تلزمك كفارة يمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(19/831)
ما يلزم من حنث في نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 28 سنة وغير متزوج وبفضل الله ومنه علي أني متدين منذ الصغر وحتى لا أوقع نفسي في المحارم فقد نذرت أن أصوم شهرين متتابعين إن فعلت (العادة السرية) وذلك لكبح جماح نفسي عن هذه الشهوات ولكن أخذتني شهوة وصرت أضغط على أسفل بطني حتى لا أنزل المني ولكنه نزل ولم أفعل ذلك باليد فهل علي الوفاء بهذا النذر أم لا؟. وجزاكم الله كل خير..
والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعادة السرية محرمة وليس فعلها مقتصرا على الفعل باليد، بل لفعلها عدة وسائل وكلها داخلة في مسمى العادة السرية كما فصلناه في الفتوى رقم: 78683.
وإن كان السائل يعني أنه لم يتجاوز التفكير والتخيل ومع ذلك أنزل فإن هذا لا يعد من العادة السرية كما بيناه في الفتوى رقم: 101100.
والنذر الذي نذرته يدخل في نذر اللجاج والغضب والذي هو تعليق الناذر نذره بشرط يقصد المنع منه أي من الشرط المعلق عليه أو الحمل عليه أو التصديق أو التكذيب، وهذا النوع يخير فيه الناذر بين الوفاء بالنذر وبين أن يكفر كفارة يمين كما قال في المغني: فهذا يمين حكمه أنه مخير بين الوفاء بما حلف عليه فلا يلزمه شيء، وبين أن يحنث فيتخير بين فعل المنذور وبين كفارة يمين ويسمى نذر اللجاج والغضب، ولا يتعين عليه الوفاء به ... انتهى.
وعليه؛ فإن كنت قد حنثت في نذرك فأنت مخير بين الصيام الذي نذرته وبين أن تكفر كفارة يمين وتلزمك التوبة إلى الله تعالى.
وانظر الفتوى رقم: 76495، حول ذكر بعض الوسائل الناجعة في التخلص من تلك العادة القبيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(19/832)
نذر صيام عشرة أيام إذا نجح وقد نجح فهل له تأخير صومها
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق لي نذر أن يصوم عشرة أيام إذا نجح وخصوصا أن نقاطه كانت ضعيفة جداً هذه السنة، ولكن الحمد لله قد نجح وبمعدل جيد وهذا بفضل الله سبحانه وتعالى وهو يريد أن يفي بنذره، ولكن نحن الآن في وقت الصيف والأيام طويلة ولا يرغب بأن يصوم تلك الأيام في هذا الفصل ويريد أن يصومها فقط عندما تكون الأيام قصيرة بعض الشيء، فهل من حرج في ذلك أم لا؟ أي هل يجوز التأخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على صديقك أن يفي بذلك النذر لحديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
وطالما أن هذه الأيام العشرة غير معينة فيجوز له تأخيرها حتى يصومها في الأيام القصيرة، ففي صحيح البخاري في قصة الحديبية أن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألست كنت تحدثنا أنا نأتي البيت ونطوف به، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: بلى، فأخبرتك أنك تأتيه العام، قال: لا، قال: فإنك آتيه مُطوف به.
قال الحافظ ضمن سياق فوائد هذا الجزء من الحديث: وأن من حلف على فعل شيء ولم يذكر مدة معينة لم يحنث حتى تنقضي أيام حياته. انتهى.
والنذر واليمين بابهما واحد، لكن الأفضل له أن يبادر بصيام هذه الأيام ليعجل بإبراء ذمته، وقد قال تعالى: فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ {البقرة:148} .
ونحب أن ننبهك هنا إلى أن هذا النوع من النذر -نعني النذر المعلق على شرط- مكروه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يأتي ابن آدم بشيء إلا ما قدر له ولكن يغلبه القدر ما قدر له فيستخرج به من البخيل فييسر عليه ما لم يكن ييسر عليه من قبل ذلك، وقد قال الله أنفق أنفق عليك. صححه الألباني في صحيح ابن ماجه وهو ثابت في الصحيح بمعناه، وفي هذا النوع من النذر لون من سوء الأدب مع الله عز وجل ولهذا كره، وبهذا يحصل الجمع بين الأدلة المرغبة في النذر والناهية عنه.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في الأضواء: والظاهر لي في طريق إزالة هذا الإشكال الذي لا ينبغي العدول عنه أن نذر القربة على نوعين.
أحدهما: معلق على حصول نفع، كقوله: إن شفى الله مريضي فعلي لله نذر كذا، وإن نجاني الله من الأمر الفلاني المخوف فعلي لله نذر كذا ونحو ذلك.
والثاني: ليس معلقاً على نفع للناذر، كأن يتقرب إلى الله تقرباً خالصاً بنذر كذا من أنواع الطاعة، وأن النهي إنما هو في القسم الأول؛ لأن النذر فيه لم يقع خالصاً للتقرب إلى الله بل بشرط حصول نفع للناذر، وذلك النفع الذي يحاول الناذر هو الذي دلت الأحاديث على أن القدر فيه غالب على النذر وأن النذر لا يرد فيه شيئاً من القدر ... اهـ
وهذا الذي قاله الشيخ الشنقيطي رحمه الله هو ما قاله كثير من الفقهاء من أن النذر المكروه إنما هو النذر المعلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(19/833)
الوفاء بالنذر حسب ما قصده صاحب النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت امرأة مبلغا من المال مقابل قراءة القرآن - كونها أمية- فعلقت في نذرها أن يوزع المبلغ في المسجد النبوي لا في بلدها. فما هو الواجب عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
وبناء على ما تقدم فإن كانت تلك المرأة قد علقت في نذرها أن المبلغ المذكور يوزع في المسجد النبوي على من يقوم بتلاوة القران أو بعضه وجب عليها الوفاء بنذرها بواسطة إرسال المبلغ المذكور مع ثقة ليوزع على من يقرأ في المسجد النبوي؛ لأن الوفاء بالنذر لا بد أن يكون على الطريقة التي قصدها صاحب النذر لأن الوفاء بالنذر لا بد أن يكون على الطريقة التي قصدها صاحب النذر.
قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج: أو نذر التصدق على أهل بلد معين لزمه.
هذا وننبه إلى أن السؤال فيه غموض فإن كان ما فهمناه هو المراد فذلك، وإلا فليبين لنا السائل المراد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(19/834)
الوفاء بالنذر على الوجه المنذور
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أخرج مبلغا معينا كل أول شهر عن أحد أبنائي كي يصلح الله من حاله وجاء في لحظتها في خاطري سيدة مسكينة توفي زوجها وقلت خلاص سأعطي لها هذا المبلغ طول حياتي كل شهر - ولقد تحسن حالها الآن ويوجد غيرها الكثير فهل أعطي هذا المبلغ لغيرها؟ أم أظل على ما أنا عليه وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها على الوجه الذي نذره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.
وعليه، فإن كنت قد خصصت هذه المرأة بهذا النذر فيجب صرفه إليها، وكون الباعث لتخصيصك إياها كونها مسكينة، وقد تحسن حالها، فلا عبرة بذلك بل يدفع هذا النذر إليها، إذ لا تأثير للسبب الباعث في أمر النذر إليها وقد نقل فقهاء الحنابلة عن الإمام أحمد ما يدل على هذا، فقد ذكر ابن قدامة في المغني عن الإمام أحمد أنه قال في من قال: لله علي أن لا أصيد في هذا النهر لظلم رآه فتغير حاله، فقال النذر يوفى به. انتهى
فلم يعتبر السبب الباعث على النذر كما هو معتبر في اليمين، لأن النذر إنما يكون في القرب فيجب الوفاء على كل حال وليس كذلك اليمين.
ويمكنك أن تراجع لمزيد الفائدة في هذا إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(19/835)
نذر ليتيم معين فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[إني نذرت أن أتصدق بنفقة ليتيم معين، ومات ذلك اليتيم، كيف أتصدق بها؟. هل أنفق المال ليتيم آخر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كنت نذرت نفقة ليتيم بعينه فمات؛ فإن النذر ينتقل لورثته، وإذا كان قصدك أي يتيم؛ فمات الذي كنت تنفقين عليه أو تريدين الإنفاق عليه؛ فإن النفقة تنتقل إلى يتيم آخر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله عز وجل بالوفاء بالنذر فقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج: 29} .
والوفاء بالنذر من صفات عباد الله الصالحين، قال تعالى في وصف عباده الأبرار: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان: 7} .
وإذا كان النذر أو النفقة لشخص معين (يتيم أو غيره) فمات؛ فإن ذلك ينتقل إلى ورثته؛ كما جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي الشافعي: وسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ: نَذَرْت لَك بكذا.. ثُمَّ مَاتَ الْمَنْذُورُ لَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ النَّذْرُ أَوْ يُسَلِّمُهُ لِوَرَثَتِهِ؟ (فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ: لَا يَبْطُلُ النَّذْرُ بِمَوْتِهِ بَلْ يُسَلِّمُهُ لِوَرَثَتِهِ.
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولو مات الموهوب له كان للورثة القيام فيها على الواهب.
أما إذا كان النذر أو النفقة لوصف معين كاليتم أو الفقر.. فإن النذر ينتقل إلى غيره ممن يتوفر فيهم الوصف المقصود.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى: 23276.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(19/836)
ينعقد النذر بالكنايات مع النية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة خالى كانت لاتذهب إلى حماتها بسبب بعض المشاكل، وحماتها قالت اذا جاءت زوجة ابني إلى المنزل فسوف أدعو أهل البيت على طعام معين فهل هذا يعتبر نذرا، وهل يجوز أن نأكل منه على أساس أننا المدعوون 0
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر هو أن يُلزِم المكلف المختار نفسه لله تعالى بالقول شيئا غير لازم عليه بأصل الشرع، والنذر يتحقق بكل صيغة تفيد التزام المتكلم بما قال، نحو: لله علي أن أصوم يوم كذا. أو لئن شفاني الله لأتصدقن بكذا وكذا.
واللفظ المذكور في السؤال لا يفيد الالتزام، وبالتالي لا يعد نذرا، ولا يجب الوفاء به كنذر، إلا إذا كانت القائلة نوت النذر فإنه يصير نذرا لأن النذر ينعقد بالكنايات مع النية، كما بينا في الفتوى رقم: 43335، وعلى فرض أنها لم تنو النذر فإنه وعد فيستحب الوفاء به، ولا تأثم بتركه عند جمهور العلماء، لكنه يستحب استحبابا أكيدا، وتركه مكروه كراهة شديدة، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ {الصف: 2-3} ومدح الله نبيه إسماعيل فقال: إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا {مريم: 54} .
وعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم إخلاف الوعد من خصال النفاق فقال: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ. رواه البخاري ومسلم.
وقد سبقت بعض الفتاوى المتعلقة بصيغة النذر، فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15534، 61913، 15024.
وبالنسبة لأكلكم منه فلا حرج فيه على أية حال، لأنه لو افترضنا أنه نذر فقد جعلته زوجة خالك لأهل البيت، وهم أنتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(19/837)
هل يجوز لمن لم يحدد وقتا لفعل النذر تأخيره
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 4 سنوات نذرت نذراً وهو أن لو أبنائي اجتازوا المرحلة الثانوية سوف أقوم بذبح خروف لكل واحد منهم على حدة وهما اثنان ولم أحدد وقتا للنذر، أولاً: هل قيامي الآن بالذبح جائز أم لا، ثانياً: لو تم الذبح فهل أهل البيت يأكلون من هذه الذبيحة، مع العلم بأني نذرت أنها لله، فأفيدوني برأيكم؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر إذا كان طاعة من جنس الطاعات التي شرعها الله عز وجل فإنه يجب الوفاء به؛ لمدحه سبحانه الذين يوفون بالنذر في قوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً {الإنسان:7} ، ولقوله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ. رواه البخاري ... ومن علق نذر الطاعة على حصول شيء فإنه يجب الوفاء بالنذر إن حصل الشيء المعلق عليه، وإلا فلا يجب على الناذر شيء في حال عدم تحقق الأمر الذي علق عليه.
وفي السؤال هنا إن كان الأبناء قد اجتازوا المرحلة الثانوية، فيجب ذبح خروف لكل واحد منهم، وإذا لم تكن صيغة النذر تقتضي الوفاء بالنذر فورا، ولم تحدد له زمنا فبإمكانك تأخيره إلى وجود فرصة مناسبة، والأولى المبادرة إلى الوفاء به مخافة حصول مانع يمنع من ذلك.
وأما عن حكم الأكل من النذر فإن كنت قد حددت له جهة كالمساكين فليس لكم أن تأكلوا منه وإن لم تحدد له جهة جاز لكم الأكل منه عند بعض أهل العلم كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 107402، والأولى ترك الأكل من النذر خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(19/838)
حكم جمع صيام النذر والستة من شوال في صوم واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إن تجدد لي شيء معين أن أصوم سبعة أيام متواصلة, هل يجزئ عن ذلك صيام ستة أيام من شوال -لتحصيل أجرها- وزيادة يوم لتكون سبعة أيام أصومها جميعا متتابعة وفاء بالنذر؟
وهل هناك ضابط فقهي لهذه المسألة بحيث يقاس عليها مسائل أخرى مثل اجتماع صوم النذر مع صوم النفل أو مع صوم الفريضة وما أشبه؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن السؤال ينبغي أن يعلم الأخ السائل أن الإقدام على النذر غير مستحب على الراجح، وأنه لا يغير من قضاء الله وقدره شيئا، فإذا أراد الله حصول أمر ما وقع ذلك الأمر على وفق ما أراد سواء كان هناك نذر أم لا، لكن من نذر طاعة وجب عليه الوفاء بها، وإن كان النذر معلقا على حصول أمر -كما هو الحال في نذر السائل- فيجب الوفاء به إن حصل ما علق عليه.
وفيما يتعلق بجمع صيام النذر والستة من شوال في صوم واحد فإن الأولى والأفضل أن يصوم النذر وحده ويصوم الأيام الستة من شوال بنية النذر، فقد ذكر بعض أهل العلم أنه يحصل له صيام النذر وصيام الستة معا، لكن لا يحصل له ثواب من صام الستة من شوال استقلالا.
ففي الغرر البهية على البهجة الوردية في الفقه الشافعي ما نصه: اعتمد شيخنا الشهاب الرملي أنه لو صام ستة من شوال عن نحو نذر أو قضاء، حصل مع ما نواه ستة شوال أيضا. انتهى.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6579.
ولا يمكن الإشراك بين صيام النذر وغيره من الصوم الواجب لأن كلا منهما عبادة مستقلة، وكذلك النفل المقصود لذاته لا يمكن إشراكه مع صوم النذر، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 102377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(19/839)
نذرت ألا تستعمل موانع الحمل ولم تف بنذرها
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا إن رزقني الله بالذرية لن أستعمل موانع الحمل لتكون الولادات متباعدة. فرزقني الله عز وجل ببنت رائعة بعد سنتين من الزواج ثم رزقت بولد بعد سنتين ونصف ثم رزقني الله سبحانه وتعالى بولد آخر بينه وبين أخيه 13 شهرا فتعبت في تربيتهم والظروف اضطرتني لاستعمال وسائل مختلفة حتى لا يحصل حمل آخر وأتمكن من تربية أبنائي خاصة أنني أشتغل مدرسة ثم رزقني الله ببنت بعد 3 سنوات. في خضم معترك الحياة نسيت ما نذرته، اليوم أتألم كثيرا لأنني لم أف بما نذرته فماذا عساي أفعل حتى يعفو الله عني. أعلمكم بأن أبنائي تفوقوا في دراستهم حصلوا على شهادات جامعية وما شاء الله أخلاقهم عالية جدا، لكن ابنتي الكبرى كلما تقدم إليها عريس لم يحصل نصيب والرفض منها وليس ممن يتقدم إليها إنها مهندسة متخلقة أدت عمرة جميلة ولكن إلى حد الآن لم تجد فيمن يتقدم إليها المواصفات التي تنشدها في زوجها المستقبلي، ألا يكون ذلك بسبب الخطأ الذي ارتكبته أنا أي في عدم وفائي للنذر. أتعذب بسبب ما يحصل لابنتي وألوم نفسي وأشعر بأنني أستحق هذا العذاب. أرشدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن نذرك بعدم استعمال موانع الحمل هو من قبيل النذر المباح وليس من نذر الطاعة، والنذر المباح لا يلزم فاعله الوفاء به وهو مخير بين الوفاء بالنذر وبين أن يكفر كفارة يمين كما فصلناه في الفتوى رقم: 16155، والفتوى رقم: 1125.
وبما أنك لم تفي بذلك النذر فإنه تلزمك كفارة يمين، ونرجو أن لا إثم عليك في عدم الوفاء بنذرك، وانظري الفتوى رقم: 26595. حول كفارة اليمين.
وأما بخصوص ابنتك فلا علاقة فيما نظن بين عدم الوفاء بالنذر وبين عدم تيسير زواجها، ونسأل الله أن يرزقها زوجا صالحا يكون لها عونا في دينها ودنياها.
وننصحها أن لا تكثر من الاشتراطات التي قد لا توجد مجتمعة في شخص واحد، والشرط الأهم والذي إن وجد فما دونه شروط تكميلية هو الدين والخلق.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1429(19/840)
حكم من نذر أن يصوم يوم وفاة قريبته كل عام
[السُّؤَالُ]
ـ[علي أثر وفاة إحدى الأقارب قررت أن أصوم يوم وفاتها من كل سنة صدقة لها، فما حكم هذا الصوم، وهل أصبح نذراً وما علي إذا لم أصم في إحدى السنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتخصيص يوم وفاة قريبتك بالصيام كل سنة أمر لا دليل عليه ويدخل في ضابط البدعة الإضافية، وبالتالي فهو من الأمور المبتدعة التي يتعين تركها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17613.
وإذا تقرر أنه بدعة فإنه لا يلزم الوفاء إذا نذر، لأن النذر إنما يلزم الوفاء به إذا كان قربة، كما أن النذر لا ينعقد إلا بصيغة تفيد الالتزام كقول الشخص (لله علي كذا مثلاً) وبالتالي فلا يكون صيامك هذا نذراً يتعين الوفاء به دائماً إذا لم تتلفظ بصيغة تدل على النذر والالتزام، لأن النذر لا ينعقد بالنية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 94580.
والميت يصله ثواب الدعاء والصدقة بالاتفاق، واختلف أهل العلم في وصول ما سواهما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 78955.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1429(19/841)
نذر ذبح خروف فهل يجزؤه أن يشتريه مذبوحا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي هل يجوز لمن نذر ذبح خروف والتصدق به للفقراء والمحتاجين أن يشتري هذا الخروف أو الذبيحة من المسلخ مذبوحة (الناذر لم يقم بفعل الذبح، الذبيحة ناقصة أجزاء منها كالرأس والأحشاء والجلد) ، وفي حال جواز هذا الأمر وبسبب ضيق الحال هل يجوز له الإيفاء ب نصف نصف أي نصف ذبيحة كل فترة (العدد الذي تم النذر به كبير نسبيا)
لكم جزيل الشكر..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذا الشخص أن يفي بنذره وفقا لما التزم به، فإذا التزم ذبح خروف لزمه ذلك، ولا يجزئه أن يشتري خروفا مذبوحا لأن حقيقة ما يفعل حينئذ هو شراء لحم وليس ذبح خروف.
ويلزم هذا الشخص الوفاء بالنذر متى ما تيسر له ذلك إن لم يحدد وقتا معينا، فإن عجز عن الوفاء به عجزا مستمرا لزمته كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم: 3274.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1429(19/842)
حكم قول (بالكفارة وصيام العام أنا لن أفعل كذا)
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص حلف على النحو التالي: بالكفارة وصيام العام أنا لن أفعل ذلك الأمر ... وسماه ثم فعله سهوا أو متعمدا فما حكم ذلك أفيدونا أفادكم الله وجزاكم كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الشخص: [بالكفارة وصيام العام لن أفعل كذا] لا تعتبر صيغة يمين منعقدة شرعا وليست صيغة نذر إذ ليس فيها ما يدل على الالتزام، أما لو أتى بصيغة تدل على الالتزام كقوله عليَّ صوم عام لن أفعل كذا قاصدا منع نفسه من الفعل المذكور فهذا مخير بين عدم فعل الشيء المذكور ولا شيء عليه وبين فعل ذلك الشيء ثم يخير بين فعل المنذور [صوم السنة] وبين كفارة يمين وبهذا قال فقهاء الحنابلة واختاره النووي من الشافعية.
قال ابن قدامة في المغنى: وجملته أنه إذا أخرج النذر مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئا، أو يحث به على شيء، مثل أن يقول: إن كلمت زيدا، فلله علي الحج، أو صدقة مالي، أو صوم سنة. فهذا يمين، حكمه أنه مخير بين الوفاء بما حلف عليه، فلا يلزمه شيء، وبين أن يحنث، فيتخير بين فعل المنذور، وبين كفارة يمين، ويسمى نذر اللجاج والغضب، ولا يتعين عليه الوفاء به، وإنما يلزم نذر التبرر، وسنذكره في بابه. وهذا قول عمر، وابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وحفصة، وزينب بنت أبي سلمة. وبه قال عطاء. انتهى
وعند المالكية يلزمه صيام سنة إذا نذره وحنث، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: عليه أن يصوم سنة كاملة في قوله: لله علي صوم سنة، أو إن فعلت، أو إن لم أفعل كذا فعلي صوم سنة وحنث. انتهى.
ومن حنث متعمدا فقد لزمته الكفارة. ومن حنث نسيانا فلا كفارة عليه عند الشافعية ورواية عند الحنابلة. ويحنث عند الحنفية والمالكية غير أن المالكية يقيدون الحنث بالنسيان إذا لم يقل: ما لم أفعل الشيء المحلوف عليه نسيانا، وراجع في ذلك: 35495.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(19/843)
نذر أن يطعم في كل يوم جمعة وعجز في بعض الجمع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نذرت إذا نجحت من الدور الأول أن أقوم بصنع نوع من الخبز ونوع من الحلوى وأوزعه أو أقسمه على الجيران كل يوم جمعة وفي يوم جمعة لم أستطع فعل ذلك بسب عدم وجود زيت في البيت ولم أستطع شراءه، فهل علي شيء أو كفارة فأرجوكم أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها، وما أقدمت عليه من قبيل النذر المعلق الذي يجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 17463.
وإذا كان عدم وفائك بالنذر في اليوم المذكور راجع إلى سبب قاهر فلا إثم عليك، لكن يجب قضاء ذلك الإطعام الواجب في يوم آخر غير يوم جمعة، ولا كفارة عليك عند بعض أهل العلم، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 26768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1429(19/844)
مصرف الذبيحة المنذورة
[السُّؤَالُ]
ـ[قد وهب زوجي ذبيحة إن وهبه الله الشفاء وقد شفي والحمد لله والآن نحن نعيش بالخارج، فهل يجوز أن نرسل ثمنها إلى أبيه، وأن يفرقها في بلدنا.. والسؤل الأهم كيف يتم توزيعها، وهل لأهل البيت من نصيب منها، وكم لهم، وماذا نفعل بالجلد والرأس والأمعاء؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائلة بقولها (وهب زوجي ... ) أي نذر أن يذبح لله، فإن الواجب عليه أن يوفي بنذره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه..
ويجب عليه أن يوفي بنذره على وفق ما نذره، فإن نذر أن يذبح لزمه الذبح ولا يجزئه أن يتصدق بثمن الذبيحة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 98187، والفتوى رقم: 34245.
وإذا كان زوجك لم ينذر أن يباشر ذلك بنفسه فيجوز له أن يرسل ثمن الذبيحة إلى والده أو غيره ويوكله في شرائها وذبحها.
وأما كيف يتم توزيعها فإن نذر الطاعة يصرف في الجهة التي نواها الناذر، فإن نوى به الفقراء والمساكين وجب توزيع الشاة على الفقراء والمساكين، وإذا نوى أقرباءه وأهل بيته صرفها إليهم، وإذا لم يحدد جهة معينة وأطلق النذر فمصرفها مصرف الصدقة، أي إلى الفقراء والمساكين، والجلد والرأس والأمعاء كاللحم يتصدق بها.
وانظري الفتوى رقم: 76298 حول حكم دفع النذر للأهل، والفتوى رقم: 103264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(19/845)
الواجب إخراج المال المنذور بغض النظر عن قيمته بأي عملة أخرى.
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا قبل سنة ولكن لم أوف به فما حكمه، النذر كان من مال حكمت لي به المحكمة ولقد صرفته، والآن موجود عندي مال غيره، النذر كان ما يساوي 350 دولار والآن يساوي550 دولار، فكيف الحل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
وإذا كانت صيغة نذرك فيها تعيين وقت لهذا النذر وجب الوفاء به في ذلك الوقت بتنفيذه، وتأخيره مع القدرة على تعجيله في وقته معصية لله تعالى، فعليك إن فعلت ذلك المبادرة بالتوبة إلى الله مع إخراج النذر، وإن كان صيغة النذر لا تعيين فيها لوقت فلا حرج عليك في تأخيره بناء على قول من قال من أهل العلم بعدم وجوب تعجيل الوفاء به كما تقدم في الفتوى رقم: 105084.
وإذا كان المنذور مبلغاً معيناً من المال -كما هو الظاهر من السؤال- فالواجب إخراج قدره الذي نذرته ولو تغيرت قيمته بسعر الدولار -كما ذكرت- لأن الواجب عليك هو إخراج قدر المال الذي نذرت فقط بغض النظر عن قيمته بأي عملة نقدية أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(19/846)
حكم من توقف عن الوفاء بالنذر لعارض ثم عاود الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت خالتي أن تصوم أياما معينة طول حياتها وأن تصلي عددا معينا من الركعات إذا تزوج ابنها وقد قامت والحمد لله بهذا النذر وما زالت تقوم به إلا أنها تعذرت عن أدائه عند وفاة زوجها وأيضا ابنها ثم رجعت مرة أخرى لأدائه بعد أن تحسنت الظروف، فهل ما فاتها حرام وما كفارة كل ما فاتها من صوم وصلاة فى هذه الحالة فأرجو الرد....]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يكره الإقدام على النذر ابتداء، لكن إن حصل النذر وجب الوفاء به إن كان طاعة، وحيث إن خالتك توقفت عن الوفاء بنذرها في بعض الأيام، فإن كان ذلك لعذر قاهر فلا إثم عليها، وعليها قضاء الصلاة والصيام، وإن لم يكن لعذر فعليها التوبة إلى الله تعالى مع القضاء، ولا كفارة عليها لأنها تستطيع القضاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن السؤال نود أن ننبه إخواننا وأخواتنا على أنه لا ينبغي الإقدام على النذر، لأنه مكروه على الراجح، قال النووي في المجموع: يكره ابتداء النذر، فإن نذر وجب الوفاء به، ودليل الكراهة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً إنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذا اللفظ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل. رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كرهوا النذر. انتهى.
ومع ذلك فإذا نذر المسلم طاعة لله عز وجل من صيام أو صلاة، فإنه حينئذ يلزمه الوفاء به على نحو ما نذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وحيث إن خالتك توقفت عن الوفاء بنذرها في بعض الأيام، فإن كان ذلك لعذر قاهر فلا إثم عليها، وعليها قضاء الصلاة والصيام وإن لم يكن لعذر فعليها التوبة إلى الله تعالى مع القضاء ولا كفارة عليها، لأنها تستطيع القضاء..
قال ابن قدامة في المغني في معرض كلامه عن العجز عن الوفاء بالنذر: وإن عجز لعارض يرجى زواله من مرض أو نحوه، انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها لأنه لم يفت الوقت، فيشبه المريض في شهر رمضان، فإن استمر عجزه إلى أن صار غير مرجو الزوال صار إلى الكفارة. إلى أن قال: وإن نذر غير الصيام فعجز عنه كالصلاة ونحوها فليس عليه إلا الكفارة لأن الشرع لم يجعل لذلك بدلاً يصار إليه، فوجبت الكفارة، لمخالفته نذره فقط، وإن عجز عنه لعارض فحكمه حكم الصيام سواء فيما فصلناه. انتهى بتصرف.
وانظري الفتوى رقم: 24077، والفتوى رقم: 107452.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(19/847)
دفع قيمة النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أريد أن أطيل عليكم، مرة في يوم من الأيام رفعت قضية ضد مصحة ونذرت نذرا بأن لو ربحتها سأشتري تذكرة سفر للسعودية لشيخ في الجامع خطيب الجمعة.
كانت تذكرة السفر تساوي 350 دولار، وحينها أبلغت أحد الأصدقاء أن يتكلم مع الشيخ لكي أعطيه له ولم يهتم بالأمر لأني لم أقل له إ نه ندر، أما بعد فترة من الزمن أصبحت التذكرة الآن تساوي550 دولار ولم أشترها للشيخ، وإلى حد الآن لم أقدر أن أذهب للشيخ وأقول له هذه قيمة تذكرة سفر أو أعمل أي شيء، ومرت لغاية الآن أكثر من سنة على ما أذكر.
أولا: ما هو الصحيح مع أن المال الذي ندرت به تم صرفه.
ثانيا عندي القدرة على شراء التذكرة ولا أعرف كيف توصل هذه المعلومة إلى الشيخ، ما العمل
أفيدوني إفادة تامة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد كسبت القضية وأنت قادر على شراء التذكرة أو دفع قيمتها فيجب عليك الوفاء بنذرك بشراء التذكرة أو بدفع قيمتها يوم حصول المعلق عليه وهو كسب القضية، لأن ذلك هو وقت وجوب النذر.
قال صاحب الدر المختار في فقه الحنفية: وجاز دفع القيمة في زكاة ونذر وتعتبر القيمة يوم الوجوب. انتهى. بتصرف يسير.
هذا ولم يتضح لنا مراد السائل من قوله مع أن المال الذي نذرت إلى آخره مع أنه قال إنه قادر على الوفاء بنذره.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 36226، وإذا لم يحصل المعلق عليه فلا يجب الوفاء بالنذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(19/848)
الوفاء بالنذر وهل ثوابه أفضل من الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت عندما أتحصل على الباكلوريا أنه إذا وفقني الله ونجحت في الجامعة واًصبح معلما أن أتصدق بجزء من مرتبي كل شهر وقد وفقني الله وأصبحت معلما، وأنا أعمل منذ سنتين ونصف وأفي بنذري غير أنني سمعت بأن النذر المشروط مكروه وهو لا يأتي بخير وفيه اشتراط على الله وأنا في حيرة من أمري فهل أستمر أم ماذا أفعل، وهل أجازى على النذر كأجر الصدقة وأيهما أفضل، أرشدوني من فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه من قبيل النذر المعلق وهو مكروه، لكن الوفاء به واجب إذا حصل الشرط المعلق عليه، كما تقدم في الفتوى رقم: 17463.
وبالتالي فيجب عليك الاستمرار في الوفاء بهذا النذر ولست مخيراً في ذلك، ولا يجوز لك ترك الوفاء به ما دمت تستطيع ذلك، وثواب الوفاء بالنذر بعد ثبوته أفضل من ثواب الصدقة؛ لأن الوفاء به واجب والصدقة مستحبة، وثواب الواجب أعظم من ثواب المندوب، وأما قبل الإقدام على النذر فالصدقة أفضل لأنها مستحبة مرغب فيها والإقدام على النذر منهي عنه شرعاً مكروه مطلقاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(19/849)
نذرت أن تذبح شاة من مال أبيها إذا نجحت
[السُّؤَالُ]
ـ[يتعلق بالنذر لقد نذرت عندما كنت في الثانوية أني عندما أنجح يعطيني أبي شاة أذبحها وأعمل عزومة لأقاربي أعمامي وعماتي وبعض صديقاتي طبعا العزومة معها الفاكهة والعصائر ورفض أبي أن يعطيني شاة، وفي ذلك الوقت لم أكن أعرف معنى النذر ولم أقصد النذر بحد ذاته والآن مر حوالي عشرة سنوات وكبرت العائلات وتفرعت كثيرا فما الحكم؟ وما العمل؟ شاة واحدة الآن لاتكفي. فهل أقسمها وأرسلها؟ أم هل أعطيها للفقراء؟ أرجو أفادتي بالتفصيل؟ أم هل أذبح أكثر من شاة لتجزي؟ هل يجوز أن أذبح الشاة في مناسبة فرح وأنويها لنذري؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الذي فهمناه من السؤال أنك نذرت ما لا تملكين؛ فإن كان الأمر كذلك فإنه لا يلزم منه شيء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن يفي المسلم بنذره على الحالة التي نذره بها لقول الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج29}
وقوله تعالى في وصف عباده الأبرار: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان:7}
وقال صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره
هذا من حيث العموم، وبخصوص سؤالك فلم يتضح لنا المقصود من قولك: يعطيني أبي شاة. ..؛ فإن كان قصدك تعليق النذر بإعطاء أبيك الشاة وما إليها ولم يعطها لك فلا يلزمك شيء لأن المعلق عليه لم يتم،وعليه فلا يلزمك شيء
وإن كان قصدك أن تفي بنذرك من مال أبيك الذي لا تملكينه فهذا لا يصح ولا يلزم منه شيء كذلك؛ لأنه نذر لما لا تملكين؛ قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة "ومن نذر صدقة مال غيره أو عتق عبد غيره لم يلزمه شيء"، وفي الصحيحين وغيرهما أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْسَ عَلَى ابن آدم نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ"
وإذا لم يكن الأمر على ما ذكرنا فإن بإمكانك كتابة السؤال بصيغة أوضح وإعادته مرة أخرى.
كما أن بإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتويين: 76702، 64411.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(19/850)
أكل الناذر وأهل بيته من النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أطعم أقاربي من ذبح كنت ندرته أو أدخل منه إلى بيتي علما بأن أقاربي وأنا غير محتاجين..
والحمد لله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، ومن نذر طاعة الله تعالى وجب عليه الوفاء بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
وإذا كنت قد نويت صرف نذرك للفقراء فلا يجوز أن يأكل منه أقاربك الأغنياء ولا أن تأكل أنت منه ولا أحد من أهل بيتك، وإذا لم تنو صرف النذر إلى جهة محددة جاز لك ولأقاربك الأغنياء الأكل منه عند بعض أهل العلم، والأولى اجتناب ذلك.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 71886، والفتوى رقم: 35568.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(19/851)
نذر أن يدهن قبلة مسجد فوجدها قد دهنت فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت مبلغا من المال لدهان قبلة مسجد كنت أصلي فيه كانت فى حاجة إلى دهانات إذا كسبت قضية وبعد أن كسبت القضية كان المسجد قد تم تجديده بالكامل فما حكم هذا المبلغ الذي نذرته؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من نذر دهان قبلة مسجد إذا هو كسب قضية وبعد أن كسبها وجد المسجد قد تم تجديده فله أن يصرف النذر في مصالح المسجد الأخرى من منارة أو فرش ونحو ذلك مما يحتاج إليه، فإن لم يكن المسجد في حاجة لشيء من ذلك كله فليصرف المبلغ في مصلحة مسجد آخر. ومن الفقهاء من يرى أنه يتعين الاحتفاظ بالمبلغ حتى يحتاج إليه المسجد الذي عين للنذر فيصرف فيه ولا ينقل لغيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان النذر قد تم بالنية فقط فإنه غير لازم ولا منعقد، وإن تم بالقول فيجب الوفاء به بصرفه للجهة التي نذر صرفه فيها، وحيث إن المسجد الذي هو جهة النذر هنا تم استغناؤه عن الدهان المذكور في الوقت الحالي على الأقل، فلك أن تجعل النذر في مصالحه الأخرى مثل المنارة أو الفرش ونحو ذلك مما يحتاج إليه، فإن لم يكن المسجد في حاجة لشيء من ذلك كله فلتصرف المبلغ في مصلحة مسجد آخر، ففي كشاف القناع ما نصه: ويجوز صرف الموقوف على بناء المسجد لبناء منارته وإصلاحها، وبناء منبره وأن يشترى منه سلم للسطح وأن يبنى منه ظلة، لأن ذلك من حقوقه ومصالحه. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى ممزوجاً بمتن غاية المنتهى: وما فضل عن حاجة نحو مسجد (كرباط) ومدرسة (من حصر وزيت ومغل وأنقاض وآلة) جديدة (وثمنها) ، أي: هذه الأشياء إذا بيعت (يجوز صرفه في مثله) فإن فضل عن مسجد صرف في مسجد آخر. انتهى.
وفي التاج والإكليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: ما كان لله فلا بأس أن يستعان ببعض ذلك على ما النفع فيه أكثر والناس أحوج إليه. انتهى.
ومن الفقهاء من يرى أنه يتعين الاحتفاظ بالمبلغ حتى يحتاج إليه المسجد الذي عين للنذر فيصرف فيه ولا ينقل لغيره، ففي الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي مجيباً من سأل عمن نوى أو نذر أن يعمر مسجداً معيناً وجمع لذلك آلات فلم يتيسر له فهل له أن يعمر مسجداً آخر ... أم لا (فأجاب) : لا يجوز صرف تلك الآلات التي قد يحتاج إليها مسجدها في عمارة مسجد آخر ولا يبيعها بل يجب على الناظر حفظها لحاجات ذلك المسجد ولو نذر أن يعمر مسجداً معيناً أو في موضع معين لم يجز له أن يعمر غيره بدلاً عنه هذا إن تلفظ بالنذر، فإن قصد ذلك لم يلزمه بمجرد القصد شيء، ولا يجوز استعمال حصر المسجد ولا فراشه في غير فرشه مطلقاً، سواء أكان لحاجة أم لا ... ولو في مسجد آخر. انتهى. وللفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 43097، والفتوى رقم: 37057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(19/852)
يجب قضاء الصلاة المنذورة طيلة فترة التوقف عنها للعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لما كان عمري 16 سنة نذرت أنه إذا حصل لي شيء سأزيد على ركعات السنن النافلة التي بعد كل صلاة ركعتين دائما وبالفعل زدت ركعتين لكن أجريت عملية جراحية فتركت صلاة النوافل مدة من الزمن واكتفيت بالصلاة المفروضة وأنا جالسة فقمت بصيام 3 أيام لأنني لم أف بالنذر ثم رجعت أصليهم، فهل يكون لي ثواب عندما أصليهم أم لأنني أصليهم وفاء بالنذر لا أثاب، خصوصا بأن الشيطان يوسوس لي بأنه ليس لي ثواب، وهل إذا تركت صلاتهم أأثم مع أنني صمت الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
وما أقدمت عليه من قبيل النذر المعلق فيجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه وعلى الطريقة التي قصدتها، ويجب عليك قضاء الركعتين المنذورتين طيلة الفترة الزمنية التي توقفت فيها عن صلاتهما لعذر، ولا إثم عليك ولا كفارة عليك أيضاً عند بعض أهل العلم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 26768.
وإذا لم تضبطي تلك المدة فواصلي القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، ولا يكفيك صيام ثلاثة أيام أو أكثر عن قضاء هذا النذر.
والوفاء بالنذر واجب وفيه ثواب عظيم حيث يعتبر الوفاء من صفات عباد الله المتقين الذين مدحهم الله تعالى بذلك، حيث قال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان:7} ، وما تشعرين به في نفسك من عدم الثواب هو من وساوس الشيطان ومكايده لتثبيطك عن الوفاء بالنذر ولإدخال الحزن إلى قلبك، وإذا تركت صلاة تلك الركعتين مع القدرة فأنت آثمة، ولا يكفيك الصيام الذي قمت به، فإن عجزت عن صلاتهما لعذر لا يرجى زواله فتكفيك كفارة يمين وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة على التخيير، فإن عجزت عن جميع الأنواع الثلاثة فعليك صيام ثلاثة أيام، وراجعي الفتوى رقم: 24077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(19/853)
مسائل حول النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في البيت كل فترة يعملون أرزا بالبن ويقولون سنفرقه لله لأننا نذرناه في الأصل، فقلت لهم ينبغي أن تدفعوا هذه المبالغ التي تشترون بها الأرز واللبن إلى من هو محتاج يستفيد منها هو وأولاده، فقالوا إن الأرز باللبن جيد، ثم قالوا لي لو نذر أحد أن يذبح حاجة لله فإن أهل البيت لا يجوز لهم أن يأكلوا منها أبدا، قلت لهم أنا سأسأل لكم، فهل أهل النذر لا يجوز لهم أن يأكلوا من النذر، وهل الأرز باللبن جائز أم هو بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نذر شيئا معينا كإطعام طعام معين أو ذبح شاة فإنه يجوز له العدول عما نذر بإعطائه ثمن الطعام أو الشاة إذا كان أنفع للفقراء، وإذا كان الناذر حدد جهة للنذر فإنه يصرف إليها ولا يأكل منها هو ولا أهله.
وإذا كان لم يحدد جهة له فقد ذكر أصحاب الموسوعة الفقهية: أنه يجوز الأكل منه عند المالكية وبعض الشافعية خلافا للجمهور.
وأما حكم النذر فهو الكراهة إن كان معلقا عند الجمهور، ويجب الوفاء به بعد النذر، واختلف في النذر المطلق فذهب الجمهور إلى كراهته، وخص المالكية الكراهة بما كان مكررا، وذهب بعض أهل العلم إلى استحبابه، ويلزم الوفاء به عند الجميع كما هو مبسوط في كتب أهل العلم.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 69172، 56564، 27269، 27782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(19/854)
نذرت حفظ سورة مريم فحفظتها ثم نسيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أحفظ سورة "مريم" وحفظتها وقرأتها على أخي, ولكني نسيتها فهل علي أن أعيد حفظها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قمت بحفظ السورة المنذور حفظها فقد برئت ذمتك، ووفيت نذرك، ولا يلزمك نذر آخر بسبب نسيانها إذا لم تكوني نذرت عدم نسيانها.
لكن يجب عليك تعاهد ومراجعة ما حفظت من القرآن لأن نسيان القرآن معصية.
وانظري الفتوى رقم: 19089.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1429(19/855)
الوفاء بالنذر واجب في حق من صدر منه فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم، أرجو إفتائي في التالي: نذرت إخراج ألف دينار من مال المؤسسة التي أديرها مع إخوتي إذا تحققت صفقة، وبحمد الله تمت الصفقة ولكن حينما قلت لأخي بأني نذرت قال إنهم غير مسؤولين! فماذا علي، وهل يمكن إخراجها على دفعات، وبالمقابل هناك فواتير بمبلغ ألف دينار مستحقة على والدي وسوف تسددها المؤسسة فهل لي أن أنويها نذرا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الإقدام على النذر مكروه، والنذر المعلق على شرط يلزم الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، وبالتالي فالواجب على السائل الوفاء بنذره من ماله الخاص، ولا يلزم إخوته ما نذره لأن النذر لا يشملهم، ولا يجزئ صرف النذر في قضاء دين أبيك الذي ستسدده المؤسسة، ولا يمكن اعتبار ما تسدده المؤسسة وفاء لنذرك لأن شركاءك يرفضون ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره..
وما أقدمت عليه من قبيل النذر المعلق على شرط ويجب الوفاء عند حصول الشرط، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17463.
والوفاء بالنذر واجب في حقك أنت فقط فتنفذه من مالك أنت لأنه صدر منك ولا يلزم إخوتك الوفاء به، ولا تملك الحق في إلزامهم بذلك، ولا مانع من إخراج النذر على دفعات إذا لم تنو إخراجه دفعة واحدة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 80249.
وإذا كانت المؤسسة ستسدد دين أبيك فقد وجد وفاء لدينه، وبالتالي فلا يعتبر عاجزاً عن قضائه، وعليه فلا يجزئ إخراج النذر قضاء عن دينه، ولا يمكن اعتبار ما تسدده المؤسسة عنه وفاء للنذر، وقد سبق لإخوتكم رفض المشاركة في الوفاء بنذرك من مال المؤسسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1429(19/856)
نذرت لزوجها نصف مرتبها ثم بدا لها أن تتراجع
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة نذرت أن تساعد زوجها بنصف مرتبها طول عمرها، وهي غير متأكدة من صيغة النذر فربما تكون قد نذرت أن تشارك في مصاريف البيت بنصف مرتبها، فهل يعد هذا النذر نذر مباح أم نذر طاعة، أي أنه هل يجب عليها الوفاء بالنذر أم يجوز لها إخراج كفارة يمين لأنها ندمت على هذا النذر، كما نرجو منكم توضيح الفرق بين النذر المعلق على فعل شيء يفعله الإنسان والنذر المعلق على حدوث أمر من عند الله، يعني إذا نذر شخص أنه لو فعل كذا فسيفعل كذا فهل حنثه في هذا النذر مثل حنثه في نذره أنه لو رزقه الله بكذا فسيفعل كذا؟، ونريد أن نوضح لكم بأن السيدة التي نذرت النذر المتعلق بمساعدة الزوج أصبحت مهمومة بسبب أنها أصبحت تشعر بأنها حرّمت مالها الحلال على نفسها، وأنها أخبرت زوجها فقال لها إذا كان النذر يتعلق به هو وليس بالمشاركة في مصاريف البيت أو إذا كان النذر يستطيع أن يسامح هو فيه أو يتنازل عنه حتى لو تعلق بمصاريف البيت فإنه يسامحها تماما ولا يريد منها شيئا، إذا كان هذا يعتبر مخرجا لها من هذا النذر، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النذر يعتبر نذر طاعة وليس نذر مباح فقط سواء كانت صيغته مساعدة الزوج أو مشاركته في مصاريف البيت بنصف الراتب لأنه في الحالتين آيل إلى الزوج وذلك من إعانة المسلم ومساعدته فهو في معنى الصدقة فيجب الوفاء به على نحو ما نذر ولا يجوز العدول عنه ولا تجزئ عنه الكفارة إلا في حالة العجز الذي لا يرجى زواله؛ لكنه إن كان معلقا على حصول أمر فلا يجب الوفاء به إلا عند حصول المعلق عليه
ثم إن النذر المعلق على فعل الإنسان إذا كان يقصد به منع نفسه من فعل أو حثها عليه يسمى نذر اللجاج، وصاحبه مخير بين الوفاء به أو إخراج كفارة اليمين على الراجح
أما النذر المعلق على حصول نعمة أو اندفاع نقمة مثل إن شفى الله مريضي أو إن نجحت في كذا ونحو ذلك فيجب الوفاء به إن حصل المعلق عليه ولا تجزئ فيه الكفارة.
ثم إنه ما كان ينبغي لهذه السيدة أن تقدم على النذر لأنه غير مستحب ولذلك قد يندم الناذر حين لا ينفعه الندم ولا يستطيع التخلص مما ألزم به نفسه. لكن لا ينبغي أن تهتم كثيرا فإنها لم تذهب بعيدا بنذرها فهي إنما جعلته في مساعدة زوجها ومصاريف بيتها وهي ناحية يستحب أن تساعد فيها من غير نذر، وستجد جزاء ذلك عند الله تعالى وسيبارك لها في الباقي لأن الصدقة وإن كانت تنقص المال في الظاهر فإن البركة تبقى كاملة بإذن الله تعالى.
أما فيما يتعلق بتنازل الزوج عن النذر فإن نذر الطاعة إذا تم لزم الوفاء به ولا يمكن حله ولا التراجع عنه ولو رضي بذلك الشخص الذي جعل له النذر لأن الحق هنا لله تعالى، هذا إذا كان الزوج يحتاج المساعدة بأن كان فقيرا، إما إن كان غنيا فقد اختلف العلماء في صحة النذر للغني بين قائل بصحته وجوازه وقائل بعدم صحته.
فقد قال العلامة أحمد الرملي الشافعي في حاشيته على أسنى المطالب: لو نذر التصدق على أهل بلد معين لزمه شمل ما لو كانوا أغنياء أو فقراء، أو أغنياء وفقراء لأن الصدقة على الأغنياء قربة
وذهب بعض الفقهاء إلى أن النذر للأغنياء لا يصح إلا إذا كانوا أبناء سبيل. ففي البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم في الفقه الحنفي ما نصه: وفي القنية: نذر إن يتصدق بدينار على الأغنياء ينبغي أن لا يصح. قلت: وينبغي أن يصح إذا نوى أبناء السبيل لأنهم محل الزكاة ولو قال: إن قدم غائبي فله علي أن أضيف هؤلاء الأقوام وهم أغنياء لا يصح.
فينبغي للأخت السائلة أن توفي بنذرها عملا بصحته وتحتسب أجرها على الله ولن يضيع الله أجرها فان أعطاها زوجها شيئا من المال هبة منه فلها قبوله.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 15024، 41844، 75629، 77841، 69172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1429(19/857)
لا يشترط في وجوب الوفاء بالنذر ملاحظة نية التقرب إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو أن تخبرونا بحكم من ينذر نذورا في عقله دون التفوه بها ولكنه يوميء برأسه للدلالة على الموافقة عما بباله، أو أنه يتلفظ بكلمة نعم للدلالة على الموافقة على النذر الذي بباله، أو يقول باللفظ وعد يا رب أن الذي ببالي سأفعله، أو يقسم بالله العظيم بنية أنه سينفذ النذر الذي بباله مع تلفظه بكلمة نعم، فهل هذه النذور تعد نذورا؟ أم أنه يجب أن يقول صيغة معينة؟ وأيضا أنا أعلم أن النذر الواجب الوفاء هو نذر الطاعة فقط أو النذر الذي يراد به التقرب إلى الله فهل كل نذر غير ذلك النذر يجوز الكفارة عنه وليس الوفاء به واجب؟ فمثلا إذا نذر الإنسان أن يتصدق ولكن ليس بنية التقرب وإنما نذر ذلك لأي سبب آخر المهم أنه تلفظ بالنذر فهل يجب الوفاء به؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
النذر لا ينعقد إلا بصيغة تفيد الالتزام كقول الشخص: لله علي صدقة، ولا ينعقد بمجرد النية.
والوعد لا يعتبر نذرا ولا يجب الوفاء به بل يستحب عند جمهور أهل العلم.
وإذا حلف الإنسان على تنفيذ ما نواه في قلبه ولم يفعل فقد لزمته كفارة يمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر لا ينعقد إلا بصيغة تفيد الالتزام كقول الشخص، لله علي صدقة، أو نذرت ذبح شاة إن شفى الله مريضي ونحو ذلك وراجع الفتوى رقم: 102449.
وعليه؛ فما نواه الشخص في قلبه لا يعتبر نذرا ولو تلفظ بعده بعبارة نعم أو أومأ برأسه للدلالة على الموافقة وراجع الفتوى: 23184.
وقوله: وعد يارب سأنفذ ما نويته. لا يعتبر هذا من باب النذر بل هو من باب الوعد الذي يستحب الوفاء به ولا يجب عند جمهور أهل العلم كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 17057.
والحلف على تنفيذ ما نواه الشخص في قلبه يعتبر يمينا وليس من باب النذر، وبالتالي فإذا لم يقم بما نواه فتلزمه كفارة يمين، وهذه الكفارة تقدم بيان أنواعها وذلك في الفتوى رقم: 204.
وأنواع النذر سبق ذكرها في الفتوى رقم: 1125.
والنذر لا يشترط في وجوب الوفاء به ملاحظة نية التقرب إلى الله تعالى؛ بل متى نذر فعل طاعة لم تكن واجبة عليه قبل النذر وجب الوفاء بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(19/858)
من نذر أن يصلي ركعتين عن كل سيجارة يدخنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت على نفسي عهدا أنني إذا عدت للتدخين مرة أخرى أن أصلي ركعتين عن كل سيجارة أدخنها وقد عدت مرة أخرى للتدخين بواقع سيجارة واحدة أو اثنتين، فهل جائز شرعا أن أفي بعهدي أم لا، لأني أعلم أن أصل العبادات مبنية على التحريم، وأرجو منكم أن تدعو لنا بأن نترك هذه العادة الذميمة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن كان هذا العهد بصيغة النذر أو ما يدل عليه من صيغ الالتزام فهو نذر لجاج يخير صاحبه بين الوفاء به وبين كفارة اليمين، وإن لم يكن بصيغة النذر أو كان مجرد حديث نفس فلا شيء فيه، والتدخين محرم فيجب عليك اجتنابه على كل حال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو هذا النذر من ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون بصيغة النذر أو ما يدل عليها، فيكون حينئذ نذر لجاج وغضب، فأنت مخير فيه بين الوفاء بالنذر أو كفارة اليمين.
الثانية: أن لا يكون بصيغة النذر أو ما يدل عليها.
الحالة الثالثة: أن يكون مجرد حديث نفس من غير تلفظ، فهذا لا يترتب عليه شيء في الحالتين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 73152.
واعلم أن التدخين محرم فيجب عليك الإقلاع عنه ولو لم يكن منك عهد بتركه، والعهد يزيد الأمر تأكيداً، وبالصدق مع الله تعالى وصدق العزيمة تستطيع ترك التدخين بإذن الله، وانظر الفتوى رقم: 20739 نسأل الله لنا ولك العافية.
والذي فهمناه من قولك إن أصل العبادات مبنية على التحريم أنك تعني أنها لا تلزم إلا بدليل الشرع اعتراضاً على إيجابها في حالة النذر، والجواب هو أنه في حالة النذر يجب الوفاء بها لكون الناذر ألزم بها نفسه، ولم يجب الوفاء هنا نعني في نذر اللجاج والغضب لكون صاحبه يقصد به المنع لا فعل القربة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(19/859)
نذر مالا لمعين فأضله فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أعطي 100 دينار إلى أحد ولكن لم أجده وكذلك نسيت وجه الرجل فماذا أفعل؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من نذر دفع مبلغ لرجل ولم يجده ولم يعد يميزه عن غيره فهو بمثابة العاجز عن الوفاء بنذره وبالتالي فليخرج كفارة يمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره. وعليه فإذا كنت عاجزاً عن الوفاء بنذرك لعدم وجود الرجل الذي نذرت دفع المبلغ إليه وعدم معرفة شخصه فيكفيك إخراج كفارة يمين، فقد قال بعض أهل العلم بلزوم كفارة اليمين فيما يشبه هذه المسألة، قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد، فيمن نذر عتق عبد بعينه، فمات قبل أن يعتقه، تلزمه كفارة يمين، ولا يلزمه عتق عبد، لأن هذا شيء فاته، على حديث عقبة بن عامر، وإليه أذهب في الفائت، وما عجز عنه. انتهى.
وفي القواعد لابن رجب: لو نذر عتق عبد معين فمات قبل أن يعتقه لم يلزمه عتق غيره ولزمه كفارة يمين نص عليه أحمد لعجزه عن النذور. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3274.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1429(19/860)
حكم صرف المنذور للأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قلت يا رب لو حدث شيء معين سأخرج مبلغا من المال لوجه الله فهل يجوز إخراج هذا المبلغ إلى أحد الأقارب كالأخ أو الأخت أو الأب أو الأم أو كيف يمكن إخراجه؟ وما حكم ما فعلته من نذر لإخراج مال إذا حدث شيء معين؟ يرجى الإفادة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا نذر معلق وهو مكروه عند أهل العلم، وإذا حصل المعلق عليه وجب الوفاء به، ولا مانع من إعطاء المبلغ للقرابة إذا لم تكن ثمت نية تخرجهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن قولك: يا رب لو حدث شيء معين فسأخرج مبلغا من المال لوجه الله.. هو نذر معلق على حصول ذلك الشيء.
والإقدام على النذر قد كرهه أهل العلم لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 56564.
ومن نذر طاعة لله تعالى معلقة على حصول أمر معين وجب عليه الوفاء بها إذا حصل المعلق عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وإذا تحقق ما علق عليه النذر فلا مانع من إعطاء المبلغ للأقارب كالأخ والأخت والأب والأم وغيرهم ... إذا لم تكن حددت في نيتك أنه لغيرهم.
وراجع الفتوى رقم: 27782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1429(19/861)
النذر الصادر من شخص لديه وسواس قهري
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يؤثر الوسواس القهري على حكم النذر أي أنه إذا كان هناك شخص لديه وسواس قهري وهو كثير النذور فهل يراعى ذلك في حكم النذر؟
وما حكم المال مثل المرتب الذي ينذره إنسان ثم يحنث في نذره ولا يفي به فهل يعتبر هذا المال مالا حراما على صاحب النذر أي هل يعتبر هذا الشخص أنه يأكل مالا حراما أم يعتبر أنه أذنب ذنبا عظيما بعدم وفائه بالنذر دون أن يتعلق هذا الذنب بالمال نفسه يعني هل أنه لو كفر كفارة يمين على أنه حنث بالنذر ثم أكل من ماله ذاك فهل يكون أكله لذلك المال حراما؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا عبرة بالشك في حصول النذر، ومن تحقق من صدور النذر منه لزمه الوفاء به ولو كان مريضا بالوسواس ومن نذر شيئا معينا مثل الراتب أو غيره فليس له الانتفاع به لأنه صار ملكا للجهة التي تم نذره لها إلا إذا كان ما نذر هو جميع ماله فقد قال كثير من أهل العلم يكفي للوفاء بالنذر في هذه الحالة أن يخرج ثلث ماله، وقال البعض منهم يجب الوفاء بنذره على نحو ما نذر، ثم إن الكفارة لا تجزئ عن الوفاء بالنذر إلا في حال العجز الذي لا يرجى زواله إلا أن يكون نذره نذر لجاج فيخير بين الوفاء به وبين الكفارة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوسواس يتعلق بالنذر أي أن الشخص يشك في حصول النذر فإنه لا عبرة بالنذر المشكوك في حصوله لأن الأصل براءة الذمة منه أما من كان مبتلى بالوسواس لكنه تيقن صدور النذر منه فإنه يلزمه الوفاء به مادام قادرا ولو كثرت نذوره
ومن نذر شيئا معينا مثل الراتب أو غيره لزمه الوفاء به ولا يجوز له الانتفاع بالمال الذي نذر لأنه صار للجهة التي تم نذره لها إلا إذا كان ما نذر هو جميع ماله فقد قال بعض أهل العلم أنه يكفي للوفاء بالنذر في هذه الحالة أن يخرج ثلث ماله وقال البعض منهم يجب الوفاء بنذره على نحو ما نذر. قال ابن قدامة في المغني: جملة ذلك أن من نذر أن يتصدق بماله كله أجزأه ثلثه وبهذا قال الزهري ومالك، إلى أن قال: وقال النخعي والبتي والشافعي: يتصدق بماله كله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه. ولأنه نذر طاعة فلزمه الوفاء به، كنذر الصلاة والصيام. انتهى.
ثم إن من نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها ولا تجزئه الكفارة عن الوفاء إلا في حال العجز الذي لا يرجى زواله إلا أن يكون نذره نذر لجاج أي نذر غضب بأن أراد منع نفسه من فعل شيء أو حثها على فعل فيخير بين الوفاء به وبين الكفارة على الراجح وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 25218، 102321، 75629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(19/862)
هل تكفي النية في انعقاد النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[إليكم سؤالي باختصار أنا تزوجت منذ عام جلست خمسة شهور في انتظار الحمل وفي شهر من الشهور تأخر نزول الحيض عني وقلت إذا أراد ربى عز وجل وكتب لي أن احمل هذا الشهر سأذبح خروفا وكان هذا على سبيل النذر ولكن لم يرد الله عز وجل أن أحمل في هذا الشهر ولا حتى الشهر الذي يليه ولكن كان إيماني بالله كبيرا وقلت في نيتي إذا ربنا أراد لي أي شهر أن أحمل فسأذبح خروفا إن شاء الله على أي حال ولكن لم تكن بنية النذر مثل الشهور السابقة وأراد الله عز وجل أن احمل في شهر لم أنو فيه أن أذبح وأنا الآن حامل في الأسبوع السابع والعشرين أي يعنى شهري السادس فهل يجب على أن أذبح خروفا فعلا وهل أنا غير موفية للنذر حتى الآن مع العلم أني أملك نصف مبلغ الخروف في الوقت الحالي ولا أملك الباقي وعندي أموال أخرى ولكن أدخرها لولادتي أرجو نصحي هل أنا الآن وجب علي ذبح خروف أم لا وهل يعتبر نيتي على ذبح الخروف نذر أم لا وإذا كانت إجابتكم أنه نذر هل يمكن تلبية النذر بعد الولادة أم يجب تلبية النذر الآن؟ أرجو الإجابة على سؤالي بالتحديد وأشكركم لسعة صدركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن السؤال لتعلم الأخت السائلة أن النذر غير مستحب على الراجح وأنه لا يغير من قضاء الله وقدره شيئا فإذا قضى الله حصول أمر ما وقع ذلك الأمر في الوقت الذي أراده الله سبحانه وتعالى سواء كان هناك نذر أم لا أما فيما يتعلق بنذرها فمادام الحمل لم يقع في الشهر الذي حددته للنذر فلا يلزمها شيء بسبب حصول الحمل بعد ذلك ولا عبرة بالنية بعد ذلك لأن النذر لا ينعقد بالنية بل لا بد فيه من لفظ يدل على الالتزام، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 94580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(19/863)
مسائل حول النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ابلغ من العمر20 عاما كنت بصحة جيدة وقبل عام أصابني مرض في المعدة، وبعد فترة أصابني وآخر شيء وصف لي الطبيب دواء رفع الهرمونات في جسمي، المهم كنت في حالة يرثى لها، طبعا لكن المعدة ما أقدر آكل وحتى أتنفس، المهم كنت أدعو ربي وقلت يارب تشفيني وإن شاء الله ما يكون ورما خبيثا أو سرطان، وبعد ذلك قلت سأكون من عبادك الصالحين وسأحاول صوم الإثنين والخميس وأصلي سنن الصلوات أنا كنت أصليها قبل لكن السنن التي قبل الظهر والعصر ما أصليها طيب لما قلت هذا الشيء ماقصدت الصلوات التي مع الصلاة بدون الشفع والوتر وصلاة الضحى والشروق،أنا اصلي الوترمن قبل طيب إذا ما صليت الشفع والشروق والضحى يصير علي شيءهل يعتبر الذي قلته نذرا، المهم طلع الورم حميد الحمد لله والحين تحسنت حالتي شيئا ما لكن ماراح هذا الشيء مني للحين موجود والمعدة خفت علي بعض الشيء لكن بعض الأحيان ترجع إلي فلو أفطر في هذين اليومين الإثنين والخميس علي قضاء
هل الصيغة التي قلتها صيغة نذر كنت ما أدري أنه نذر فما كنت أصوم ولا أدري كم يوم ما صمتهم؟
إذا كان النذر نذر طاعة هل له كفارة، إذا كان بسبب مرض مثل مرض في المعدة، هل هناك صيغ معينة للنذر، وإذا واحد نذر شيئا لكن ما يتذكر هذا الشيء الذي نذره الصراحة أنه صار لي كم شهر صائمة كل قضاء وكفارة حلف تقريبا من شهر سبعة إلى اليوم والكلام قلته يمكن من شهر 9؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الصيغة التي أتيت بها لا ينعقد بها النذر؛ لأنها مجرد إخبار عما تنوين فعله، وليس فيه التزام بفعل شيء.
فإذا حصل الالتزام على النحو الذي ذكره العلماء، وكان ذلك في طاعة فإنه يجب الوفاء فإن حصل عجز عنه وجبت كفارة يمين. راجعي الفتوى رقم: 1125.
وأما إن نذر شخص شيئا ثم نسي ما نذره أهو صلاة أم صيام أم صدقة أم غير ذلك؟ فإنه يجتهد حتى يغلب على ظنه نوع منها فيفعله، فإن اجتهد ولم يظهر له نوع النذر، فمن العلماء من قال: عليه أن يفعل الجميع، وهذا ما استحسنه جماعة من فقهاء الشافعية كالإمام الرملي والعبادي، وقالوا: لا يتم له الخروج من واجبه يقينا إلا بفعل الكل. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يلزمه إلا كفارة يمين لأن الشك في المنذور كعدم تسميته، ولأنه بعجزه عن تحديد نوع النذر شابه من نذر أمراً ثم عجز عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين. رواه الترمذي.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به. رواه أبو داود.
وللفائدة راجعي الفتاوى: 43194، 25019، 47377، 105334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(19/864)
حكم النذر المعلق على شرط
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء حملي في ابني قلت لو رزقني الله بولد سوف أذبح خروفا وبعدها سمعت من أحد الشيوخ أن هذا النذر المشروط هو حرام فهل هذا صحيح؟ وهل علي كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
النذر المعلق على شرط كحصول مولود مثلا حكمه الكراهة عند أكثر أهل العلم، ومنهم من قال بتحريمه، وعلى كل فيجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، وإن لم يحصل فلا يلزم شيء لا كفارة ولا غيرها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر المعلق على شرط كحصول مولود أو شفاء مريض مثلا ونحو ذلك حكمه عند أكثر العلماء الكراهة وليس التحريم ففي فتح الباري للحافظ ابن حجر: وَقَدْ ذَكَرَ أَكْثَر الشَّافِعِيَّة - وَنَقَلَهُ أَبُو عَلِيّ السِّنْجِيّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيّ - أَنَّ النَّذْر مَكْرُوه لِثُبُوتِ النَّهْي عَنْهُ وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْمَالِكِيَّة وَجَزَمَ بِهِ عَنْهُمْ اِبْن دَقِيق الْعِيد، وَأَشَارَ اِبْن الْعَرَبِيّ إِلَى الْخِلَاف عَنْهُمْ وَالْجَزْم عَنْ الشَّافِعِيَّة بِالْكَرَاهَةِ، قَالَ: وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَيْسَ طَاعَة مَحْضَة لِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ خَالِص الْقُرْبَة وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنْ يَنْفَعَ نَفْسه أَوْ يَدْفَعَ عَنْهَا ضَرَرًا بِمَا اِلْتَزَمَهُ. وَجَزَمَ الْحَنَابِلَة بِالْكَرَاهَةِ، وَعِنْدهمْ رِوَايَة فِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَتَوَقَّفَ بَعْضهمْ فِي صِحَّتهَا، إلى أن قال: وَجَزَمَ الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " بِحَمْلِ مَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيث مِنْ النَّهْي عَلَى نَذْر الْمُجَازَاة فَقَالَ: هَذَا النَّهْي مَحَلّه أَنْ يَقُول مَثَلًا: إِنْ شَفَى اللَّه مَرِيضِي فَعَلَيَّ صَدَقَة كَذَا، وَوَجْه الْكَرَاهَة أَنَّهُ لَمَّا وَقَفَ فِعْلَ الْقُرْبَة الْمَذْكُور عَلَى حُصُول الْغَرَض الْمَذْكُور ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّض لَهُ نِيَّة التَّقَرُّب إِلَى اللَّه تَعَالَى لِمَا صَدَرَ مِنْهُ بَلْ سَلَكَ فِيهَا مَسْلَك الْمُعَارَضَة، وَيُوَضِّحهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْفِ مَرِيضه لَمْ يَتَصَدَّق بِمَا عَلَّقَهُ عَلَى شِفَائِهِ، وَهَذِهِ حَالَة الْبَخِيل فَإِنَّهُ لَا يُخْرِج مِنْ مَاله شَيْئًا إِلَّا بِعِوَضٍ عَاجِلٍ يَزِيد عَلَى مَا أَخْرَجَ غَالِبًا. وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُشَار إِلَيْهِ فِي الْحَدِيث لِقَوْلِهِ " إِنَّمَا يُسْتَخْرَج بِهِ مِنْ الْبَخِيل مَا لَمْ يَكُنْ الْبَخِيلُ يُخْرِجهُ " قَالَ: وَقَدْ يَنْضَمّ إِلَى هَذَا اِعْتِقَاد جَاهِل يَظُنّ أَنَّ النَّذْر يُوجِب حُصُول ذَلِكَ الْغَرَض، أَوْ أَنَّ اللَّه يَفْعَل مَعَهُ ذَلِكَ الْغَرَض لِأَجْلِ ذَلِكَ النَّذْر، وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيث أَيْضًا " فَإِنَّ النَّذْر لَا يَرُدّ مِنْ قَدَر اللَّه شَيْئًا " وَالْحَالَة الْأُولَى تُقَارِب الْكُفْر وَالثَّانِيَة خَطَأ صَرِيح. قُلْت: بَلْ تَقْرُب مِنْ الْكُفْر أَيْضًا. ثُمَّ نَقَلَ الْقُرْطُبِيّ عَنْ الْعُلَمَاء حَمْل النَّهْي الْوَارِد فِي الْخَبَر عَلَى الْكَرَاهَة وَقَالَ: الَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيم فِي حَقّ مَنْ يُخَاف عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاعْتِقَاد الْفَاسِد فَيَكُون إِقْدَامه عَلَى ذَلِكَ مُحَرَّمًا، وَالْكَرَاهَة فِي حَقّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِد ذَلِكَ. انتهى. وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ، وَيُؤَيِّدهُ قِصَّة اِبْن عُمَر رَاوِي الْحَدِيث فِي النَّهْي عَنْ النَّذْر فَإِنَّهَا فِي نَذْر الْمُجَازَاة. انتهى
وعليه، فإذا رزقت بمولود وجب عليك ذبح خروف كما نذرت، وإن لم ترزقي بولد فلا يلزم شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1429(19/865)
نذر صلاة السنن الرواتب وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت في سن الزواج، أدعو الله دائما أن يرزقني بزوج صالح يعينني على طاعة الله ويقربني إليه ويكون مآلنا الجنة سويا بإذن الله فأنا أعيش في مجتمع صعب جدا إيجاد شخص بهذه المواصفات فيه. نذرت لله أن أصلي عشرة ركعات سوى الفريضة كل يوم أتبعها بما تيسر من الدعاء كي يقضي الله لي حاجتي (أربع ركعات قبل الظهر، اثنتان قبل العصر، اثنتان بعد المغرب واثنتان بعد العشاء) . فهل إذا زدت على ذلك ركعتين أكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها:"من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة"؟. أفيدوني من فضلكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان المراد بالنذر السنن الرواتب فيجب الوفاء به، ويسن للسائلة أن تأتي بالباقي من الرواتب وهو ركعتان بعد الظهر لتنال جزاء من صلى لله اثنتي عشرة ركعة من غير الفريضة، وقيل: لا تجب هذه السنن بالنذر، وإن لم تقصد السنن وجب عليها الوفاء بالنذر أيضا، وتبقى مطالبة استحبابا بالسنن الرواتب كاملة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزق الأخت السائلة زوجا صالحا يعينها وتعينه على طاعة الله تعالى كما تتمنى. ثم إن الركعات الواردة في بعض الأحاديث المقصود بها السنن الراتبة كما بينا في الفتوى رقم: 18174. وهي أربع قبل الظهر، واثنتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل صلاة الفجر، وإذا كانت تقصد بالنذر السنن الرواتب فيجب عليها الوفاء به، ويسن لها أن تأتي بالباقي من الرواتب وهو ركعتان بعد الظهر لتنال جزاء من صلى لله اثنتي عشرة ركعة، وقيل لا تجب هذه السنن بالنذر.
قال النووي في المجموع: ولو نذر فعل السنن الراتبة كالوتر وسنة الصبح وسنة الظهر فعلى وجهين الأصح اللزوم. انتهى.
وإن كانت تقصد بنذرها غير السنن فيجب عليها الوفاء بنذرها، وتطالب بالرواتب أيضا على وجه السنة. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 33755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(19/866)
ينعقد النذر بكل قول يشعر بالالتزام
[السُّؤَالُ]
ـ[الفتوى رقم 104644 الخاصة بالنذر لست من أرسل السؤال لكن أريد التوضيح:
مثلا من قال إن شاء الله سوف أخرج جزءا من المرتب.
أو قال سوف أخرج جزءا من المرتب.
أو قال لئن عينت في وظيفة كذا سوف أخرج جزءا من الراتب.
في الحالات السابقة هو لم يذكر صيغة النذر ولم يقل: لله علي، هل يعتبر ذلك نذرا؟ أم لا يمكن الحكم ويجب النظر للنية؟ وإذا استخدمنا النية سنجد هي نفسها ما قال؟
إذا لم يرد إخراج أي مبلغ من الراتب مثلا لأنه قليل ويحتاجه الشخص هل يصح كفارة إطعام عشرة مساكين أو اعطاؤهم القيمة نقدا استنادا للحديث من نذر ما لا يطيق يكفر كفارة يمين.
أريد شيئا من التوضيح حول كل من قال لئن تحقق لي كذا سوف أعمل كذا بدون قول كلمة نذر وبدون قول لله على.
ومن قال لئن نجحت صليت عشرين ركعة لله هو لم يقل نذرت لكن قال لئن نجحت سوف أصلى وإذا قال هذه العبارة في نفسه أو ما شابهها فى نفسه دون النطق باللسان هل هو نذر وهل أصلا النذر لابد فيه من النطق أي لو في نفسه نوى لأن حصل على الوظيفة أخرج كذا نوى دون النطق هل يجب الوفاء به (إنما الأعمال بالنيات ... )
وهل يجب عليه صلاة عشرين ركعة أو يصح استبدالهم بعشرين سجدة شكر لأن ما نوى مخالف للشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليست الصيغ المذكورة في السؤال من صيغ النذر لعدم وجود ما يدل على الالتزام فيها إلا إن قصد بها النذر فعند ذلك ينعقد ويلزم الوفاء به على نحو ما نذر، فإن عجز الناذر عجزا مؤقتا لم يلزمه شيء حتى يستطيع فيفي بنذره، وإن عجز عجزا لا يرجى زواله لزمته كفارة يمين فقط، وإن قصد الاستثناء في الصيغة التي بدأها بـ إن شاء الله سوف أفعل كذا، لم ينعقد النذر. ولا شيء على من نوى صلاة عشرين ركعة إن نجح، إلا أن النذر لا ينعقد بالنية المجردة من اللفظ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بد لانعقاد النذر من صيغة تشعر بالالتزام، وليس له صيغة معينة خاصة به، بل يصح بكل قول يشعر بالالتزام كقولك: لله علي أن أتصدق بكذا، ولئن وقع كذا لأتصدقن بثلث مالي، ونحو ذلك. ولا يشترط أن يتلفظ بكلمة (نذر) في قول جمهور أهل العلم، وعلى هذا فإن هذه الصيغ المذكورة في السؤال ليس فيها ما ينعقد به النذر لعدم وجود ما يدل على الالتزام مثل (لله) أو (علي) ونحوهما، إلا إذا قصد قائلها النذر فعند ذلك ينعقد بها لأنها من ألفاظ الكناية التي إن نوى قائلها بها النذر لزمه وإلا فليس بنذر، ومن المعلوم أن صيغة النذر منها ما هو صريح فيه ومنها ما هو كناية.
وإذا كانت نية النذر أي نية الالتزام موجودة عند النطق بهذه الصيغ فيجب الوفاء به على نحو ما نذر ولا يجوز العدول عنه ولا استبداله بشيء آخر، وما دام قد نذر التصدق بجزء من الراتب فإنه يجزئه -والله أعلم- التصدق بجزء منه ولو كان يسيرا ما دام مما يتمول. هذا في غير الصيغة التي بدأها بالاستثناء بقوله إن شاء الله سوف أخرج جزءا من المرتب أما في هذه فإن قصد الاستثناء لم ينعقد نذره لحصول الاستثناء المتصل به. قال ابن قدامة في المغني: يصح الاستثناء في كل يمين مكفرة كاليمين بالله تعالى، والظهار، والنذر إلى أن قال: ولا فرق بين تقديم الاستثناء وتأخيره في هذا كله انتهى.
وإذا لم يقصد النذر بهذه الصيغ فإنها تكون حينئذ وعدا يستحب الوفاء به عند الجمهور، ثم إن من نوى أنه إن نجح صلى عشرين ركعة لا يجب عليه شيء بذلك لأن النذر لا ينعقد بمجرد النية، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 103934، 17057، 102449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(19/867)
هل يمكن التحلل من النذر المعلق
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إن حملت زوجتي أن أذبح عجلا عن كل مولود وكان هذا من حوالي 8 سنوات ولم يتحقق ولادة ولا حمل حتى الآن 0فهل يجوز أن أتحلل من النذر حيث لم يقع الحمل حتى الآن؟
علما أننا ننوى أن نعمل عملية طفل أنابيب.
جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم: [من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه] رواه البخاري وغيره
ونذرك الذي التزمته هو من قبيل النذر المعلق يجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه ولا يصح منك التحلل منه وإذا لم يحصل مولود فلا يلزمك شيء.
وعملية طفل الأنابيب جائزة بضوابط شرعية تقدم بيانها في الفتوى رقم: 5995
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(19/868)
حكم من نذر أن يذبح إذا توظف في سلاح الحدود فتوظف في الجيش
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذر أحد الشباب وقال في نذره إن توظفت في سلاح الحدود سوف أذبح ذبيحة والذي حصل أنه لم يتوظف في سلاح الحدود وتوظف في الجيش هل هو ملزم بالوفاء بنذره أم ليس عليه شيء؟ .
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
الإقدام على النذر المعلق مكروه، والنذر المعلق يلزم الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، فمن نذر ذبح ذبيحة إذا أصبح موظفا في حرس الحدود وقصد هذه الوظيفة بعينها فلا يلزمه الوفاء بنذره إذا صار موظفا في الجيش في غير تلك الوظيفة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.
وما أقدم عليه الشاب المذكور هو من قبيل النذر المعلق الذي يلزم الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، ولا شيء فيه إذا لم يحصل.
وعليه؛ فإذا كان ذلك الشاب قد نذر ذبح ذبيحة إذا حصل على هذه الوظيفة بعينها وهي حرس الحدود ولم يحصل عليها فلا يلزمه شيء، وإن قصد وجود وظيفة في الجيش مطلقا ووجدها فالاحوط أن يفي بنذره خروجا من خلاف العلماء. فمنهم من يرى أن النية تعمم اللفظ الخاص، ومنهم من لا يرى ذلك. قال السيوطي في الأشباه والنظائر: قال الرافعي: وتبعه في الروضة: النية تخصص اللفظ العام ولا تعمم الخاص ... إلى أن قال: قال الإسنوي: وفي ذلك نظر لأن فيه جهة صحيحة وهي إطلاق اسم البعض على الكل. انتهى. ولهذا القول انتصر فقهاء الحنابلة كما فعل ابن قدامة في المغني. وراجع الفتوى رقم 17463.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(19/869)
هذه العبارة لا تعتبر نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر قولي أوعدك ياربي أن أخرج من كل 500 ريال 100ريال من صيغ النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه العبارة لا تعتبر نذرا؛ لأن النذر لا بد فيه من صيغة تدل على الالتزام، ولكنها وعد، والوعد يستحب الوفاء به عند جمهور أهل العلم. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 17057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(19/870)
هل ينعقد النذر بحديث النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن تفيدوني جزاكم الله بكل خير عندما كنت أدرس قلت ما بيني وبين نفسي أنه إذا نجحت وتخرجت وإذا فتحت صيدليتي سأطلق عليها اسم سبيل الله أريد معرفة ما إذا كان هذا نذرا وهل يجب علي الوفاء به وهل إذا لم أطلق عليها ذلك الاسم أكون قد ارتكبت إثما؟ وجزاكم الله بكل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
النذر لا ينعقد إلا بوجود صيغة تفيد الالتزام ولا ينعقد بمجرد حديث النفس، ثم هذا الفعل ليس من القرب فلا يلزم وإن نذره ناذر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر لا ينعقد إلا بصيغة تفيد الالتزام كقول الشخص: لله عليَّ صدقة أو ذبيحة ونحو ذلك، وبالتالي فما حدثت به نفسك لا يعتبر نذرا لأنه خال من هذه الصيغة، ولو وجدت الصيغة فإنه لا يلزم الوفاء به لأنه ليس قربة، والنذر إنما يلزم بالتزام قربة غير واجبة.
وعليه؛ فلا إثم عليك في عدم تسمية الصيدلية بـ[سبيل الله] وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 102449.
مع التنبيه على أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(19/871)
النذر لا ينعقد بمجرد النية
[السُّؤَالُ]
ـ[قلت في نفسي لكي أتخلص من هذه الوساوس نويت صيام يوم الاثنين والخميس ما حييت من أجل التقرب من الله سبحانه وتعالى، وأنا في تلك اللحظة لم أنو النذر ولم أفكر في حالي عندما أحمل ولا في أيام الصيف نويت صدقة وأصوم كما أريد لأنها نافلة، وكذلك الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يصومهما حتى جاءت عندي قريبة زوجي قالت هذا نذر ومن تلك اللحظة وأنا في حيرة من هذه المسألة حتى يوم الذي أصوم فيه أكون فيه مترددة؛ وإن كان كذلك ماذا أفعل لإبطال هذا، مع العلم لا أستطيع الصيام في الصيف لطول النهار والحر الشديد وإذا كنت في حالة الحمل فماذا أفعل وفي بعض الأحيان لا أرغب في الصيام بدون سبب فأخاف من الله أن يعاقبني في الدنيا والآخرة، أريد الجواب من فضلكم؟ وبارك الله فيكم. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر لا ينعقد بالنية؛ بل لا بد لانعقاده من اللفظ الدال على الالتزام، مثل: لله علي أو علي لله أن تصدق بكذا مثلاً ونحو ذلك، وما ذكر في السؤال إنما هو مجرد نية ولا يعتبر نذراً، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 102449، والفتوى رقم: 26398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(19/872)
ما يجب عند عدم الوفاء بالنذر المباح أو الواجب أو نذر ترك المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت حاملا ونذرت لو رزقني الله بالولد سأترك حواجبي وتركت حواجبي ولكن ساء شكلي لثخن حواجبي، فهل يجوز عمل حواجبي وما كفارة اليمن وهل سيأتي بالسلب على ابني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بعمل الحاجبين ترقيقها بالنتف فإن ذلك حرام لأنه من النمص، وإن كان عملهما أو إصلاحهما بالحف أو بالقص فقد اختلف في جواز ذلك بين أهل العلم والأولى تجنبه، إلا إذا دعت له حاجة، مثل أن يكون شعرهما زائداً زيادة مشينة بحيث تصل إلى حد التشويه، فيجوز الأخذ منهما بقدر ما يزيل التشوه، ويكون ذلك بالحف أو القص لا بالنتف.
وبناءً على ما سبق فإن كانت السائلة في حالة يباح لها الأخذ من حاجبيها فلها أن تأخذ منهما بقدر الحاجة، ونذرها غير منعقد عند الكثير من الفقهاء لأنه من النذر المباح، وإن لم تكن في حالة تبيح لها الأخذ من حاجبيها فإن نذرها من النذر الواجب أو من نذر ترك المعصية وكلاهما غير منعقد أيضاً؛ إذ يجب عليها أن تتركهما ولا تأخذ منهما لغير ضرورة سواء نذرت أم لا، ومن أهل العلم من يرى التخيير في نذر المباح بين الوفاء به ودفع كفارة اليمين.
ثم إن النذر لا يغير من قضاء الله وقدره شيئاً، كما أن أخذها من حواجبها أو عدم أخذها منهما قد لا يؤثر على الطفل ولا على حياته؛ لأن الله أعطاها إياه تكرماً وفضلاً، مثل سائر نعمه عليها، وليس مكافأة ولا استحقاقاً منها، غير أن تقوى الله تعالى ولزوم طاعته واجتناب معصيته من موجبات دوام النعمة وحفظها والعكس بالعكس ... نسأل الله العافية. وللمزيد من الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1007، 20494، 59368، 34499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(19/873)
الوعد هل يعتبر نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ابلغ من العمر 20 عاما منذ عام تقريبا كنت مريضة بالمعدة ثم بعد فترة ظهر لي ورم، المهم كانت حالتي النفسية سيئة جدا فدعوت الله وقلت يارب تشفيني إنشاء الله ما يكون عندي ورم خبيث أو سرطان ليمفاوي طيب وأعدك أن أكون من عبادك الصالحين الذين يجتنبون المعاصي ويمتثلون لأوامرك طيب سؤالي هل يعتبر هذا نذر، وهل النذر عبارة وعد مع الله طيب،أنا لم احدد نوع الطاعة أو المعصية فمعناها جميع الطاعات والمعاصي للأسف بسبب جهلي طبعا من المستحيل أن أفي بهذا الأمر لأنه مو شيء واحد ربما ارتكب الكثير من المعاصي والأخطاء ولا أعلم ذلك ولا أدري كم من الأمور فعلت حتى لو قلت سأخرج كفارة أموال عايلتي ما راح تكفي، بالتكلم عن نفسي شوي انه أؤدي الصلاة في أوقاتها مع السنن وأصوم وملتزمة بالحجاب الشرعي ولكني لا اعتقد أن هذا كافي ومعناه أني إنسانة عادية، طبعا اني أشاهد التلفاز واستمع إلى الأغاني مع أني اتركها ثم ما البث أن أعود إليها مرة أخرى حتى لو تركتها مشيت في الشارع أو في المجمع الأخرين مشغلينا راح اسمعها صح غير الكذب والنميمة والغيبة والتنابز
والاهم جامعة مختلطة لأنه بلدنا ما فيها جامعة للبنات اعتقد انه من آخر المستحيلات انه الواحد يجتنب كل هذا الأشياء أو انه يسوي كل الطاعات الا اذا زاهد ومتدين جدا هذه الأشياء يمكن أسويها في اليوم ولكن باطلع كفارة مو فلوس عايلتي بتخلص فلوس البلد اللي انه عايشه فيه ما راح تكفي هل يصير اني ادفع كفارة وحدة ويطيح عني هذا الشيء وارتاح واقدر انام وقلبي مطمئنة وله ادفع الثمن طول عمري عيش في حزن ويزيد علي مرضي، اهو المرض للحين ما راح ويعاود بين فترة وفترة قصدي المعدة، أما الورم كان حميد وما كان فيني سرطان ليمفاوي بس ما اختفى مارح الورم لازال موجود ابي شيء يريحني اشعر بالخجل لما فعلت على العلم اني اعاني من الوسواس والخوف من الموت المرضي وهذه الأشياء تؤرقني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا وعد منك ومجرد الوعد لا يعتبر نذرا لكن فعل الطاعات الواجبة وترك المعاصي واجب شرعا، فلو لم يكن نذرا فعليك فعل ما أوجبه الله من الطاعات والالتزام بها والبعد عن المعاصي والسيئات وإن حصل منك زلل وخطأ فيجب عليك التوبة من ذلك ولا كفارة عليك لما ذكرنا من أن الوعد ليس نذرا ما لم يقصد به النذر وعلى فرض قصد النذر فلا تلزمك إلا كفارة واحدة عند عدم الوفاء به فينحل بذلك لكن يظل الواجب هنا واجبا والمحرم محرما لأن ذلك بأصل الشرع لا من النذر، وأما الجامعة المختلطة فيجب عليك تركها لحرمة الدراسة المختلطة إذا كان الاختلاط متضمنا لحرام، وأما الشعور بالخوف ونحوه فينبغي أن تصرفيه عنك بإحسان الظن بالله والإقبال عليه وإن كان المؤمن مطالبا في هذا الدنيا بأن يكون بين الخوف والرجال فلا يغلب أحدهما على الآخر، وللمزيد انظري الفتاوى رقم: 8346، 15049، 33474، 31656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(19/874)
تغيير النذر بعد عقده
[السُّؤَالُ]
ـ[ألح شخص علي أن أنذر بالتصدق بنسبة من راتبي شهرياََ، فنذرت أنها للمحتاجين عموماًَََ، فألح علي أن أغير صيغة النذر وأجعلها للفقراء في بلده، ففعلت على أن أسلمه المبلغ شهرياًَ، اكتشفت بعدها عدم أمانة هذا الشخص، السؤال: كيف أتصرف بهذه النسبة من المال مع العلم أني لا أعرف أناس ثقات في بلده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لك أن تخضع لإلحاح الشخص المذكور لأن النذر ليس مستحبا على الراجح، وحيث إنك نذرت نسبة من راتبك للمحتاجين فلا يصح العدول عن ذلك ولا تغييره ويجب عليك الوفاء بما نذرت أولا، ولا عبرة بالتغيير الذي طرأ بعد ذلك من تعيين فقراء بلد معين بل يكفيك أن تدفع المبلغ الذي نذرت لأي محتاج من المسلمين حيثما وجدته لأن هذا هو مقتضى النذر حسب السؤال.
وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 56564، 31642، 34233.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(19/875)
الزوجة إذا ألزمت نفسها بنذر من صيام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد راجعت تقريبا كل الفتاوى الخاصة بالتكفير عن إسقاط الجنين وبما أني أسقطت جنينا -حوالي شهرين ونصف- منذ 10 سنوات بإلحاح وضغط شديد من زوجي غفر الله لي وله، نذرت إلى الله صوم شهرين متتاليين قد بدأت ذلك منذ أسبوع إلا أن زوجي رافض الكفارة بالصيام ويبحث عن طرق أخرى ومن رأيه الاستغفار وعدم تكرار العملية كافيان للتكفير عن ذلك فالرجاء النصيحة للهداية وما موقفي أن أتابع الصيام بدون موافقة زوجي وقد نذرت هذا النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من طبيب مأمون موثوق بخبرته، فإن ما قمت به أنت وزوجك يعتبر أمرا محرما، إذ لا يجوز له أن يأمرك بذلك، ولا تجوز لك طاعته؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وحيث إن الأمر قد وقع ولم تذكر ضرورة معتبرة شرعا فعليكما التوبة إلى الله تعالى من الاعتداء على هذه النسمة بغير حق شرعي.
وعلى من باشر إسقاط الجنين بعد تخلقه غرة عبد أو أمة، أو عشر دية أم الجنين، ومن أهل العلم من أوجب مع ذلك كفارة وهي صيام شهرين متتابعين، ومنهم من يرى أن ذلك مستحب. وهذه الغرة أو الدية تقسم بين ورثة الجنين، ولا يرث منها المباشر للجريمة. ولمزيد الفائدة والتوضيح فيما ذكرنا يراجع الفتوى رقم: 103077. والفتوى رقم: 13171.
هذا ما يجب في مسألة الإجهاض، ولا يجب نذر بسبب الوقوع في هذا الخطأ، لكن إن كانت تقصد بالنذر صيام الكفارة فقد تقدم حكمه، وليس عليها صيام آخر، وإن نذرت بالفعل صياما لم يأذن لها فيه زوجها فله منعها منه؛ لأنه لم يجب عليها أصلا، وقد أوجبته على نفسها من غير إذنه، فكان له منعها منه.
ففي الموسوعة الفقهية ما نصه: وما أوجبته المرأة على نفسها بنذر، فإن كان بغير إذنه فله أن يمنعها منه، وهذا باتفاق. وإن كان بإذنه فإن كان في زمان معين فليس له منعها منه. وإن كان في زمان مبهم، فله المنع عند المالكية إلا إذا دخلت فيه، وهو على وجهين عند الشافعية والحنابلة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(19/876)
نذر صيام نصف شهر فهل يصومه متفرقا
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت بأن أصوم لله نصف شهر إذا طلعت الثاني بالجمهورية فطلعت الثاني دون أن يطلع اسمي في الجريدة الرسمية -طالب مهني- وبعد ذلك قلت إذا حصلت على منحة أصوم نصف شهر ثان في الدولة التي أبعث إليها----فحصلت على كل ذلك ---ففي الأول صمت أحدا عشر يوما وليس كما نويت نصف شهر، أصوم يوما وأفطر يوما، وفي الثانية سافرت للخارج فصمت أربعة أيام، والآن أنا محتار في الصيام فهل أصوم يوما وأفطر يوما حتى أكمل باقي الأيام أم ماذا أفعل؟ وشكرا، وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، والنذر المعلق يلزم الوفاء به عند حصول المعلق عليه، ومن نذر صياما ولم ينو تتابعه فلا حرج عليه في صيامه غير متتابع، وإن نوى تتابعه وصام بعضه فقط فصيامه السابق غير مجزئ، وليبتدئ صيام الجميع ولا كفارة عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، وما أقدمت عليه هو من قبيل النذر المعلق يجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، وراجع الفتوى رقم: 17463.
وإذا كنت لم تنو كون الصيام متتابعا في نذرك الأول والثاني فأكمل ما بقي منه ولاشيء عليك، وإن نويت كونه متتابعا فاستأنف الصيام لكلا النذرين ولا كفارة عليك عند الجمهور وراجع الفتوى رقم: 41168.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1429(19/877)
المبادرة بالنذر بين الوجوب والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي نذرت إذا حملت أن تصلي في المسجد الحرام وهي الآن حامل في الشهر الثاني ولله الحمد والشكر وتريد أن توفي بالنذر ولكن الأطباء نصحوها بعدم ركوب السيارة في الأشهر الأولى وهي خائفة من الزحام في الحرم ولا تستطيع أن تمشي كثيرا فما الحكم في ذلك؟
ملاحظة: أختها تسكن في حي العزيزية في مكة فهل يجوز أن تصلي زوجتي عند أختها في المنزل بحكم أن العزيزية من حدود الحرم وتوفي بنذرها أم لا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز تأخير الوفاء بالنذر ولا سيما عند الحاجة إلى ذلك، ويجب الالتزام به في المكان المعين بالنذر إذا كان له فضل على ما سواه، والحرم يأخذ حكم المسجد الحرام عند طائفة من أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب المبادرة بالوفاء بالنذر فذهب الحنابلة إلى وجوب ذلك.
قال البهوتي في كشاف القناع: وإن قال: إن ملكت مال فلان فعلي الصدقة به، فملكه، فكمالِه، وتجب كفارة النذر على الفور، وتقدم آخر كتاب الإيمان. وكذلك نفس النذر بجب إخراجه فورا. وتقدم في غير موضع. انتهى
وذهب أكثر أهل العلم إلى عدم وجوب ذلك. قال النووي في روضة الطالبين -فقه شافعي-: إذا لزمه صوم يوم النذر استحب المبادرة به، ولا تجب المبادرة؛ بل يخرج عن نذره بأي يوم كان ما يقبل الصوم غير رمضان. انتهى
قال الكاساني في بدائع الصنائع -فقه حنفي-: وهو الصحيح؛ لأن الأمر بالفعل مطلق عن الوقت، فلا يجوز تقييده إلا بدليل، فكذلك النذر؛ لأن النصوص المقتضية لوجوب الوفاء بالنذر مطلقة عن الوقت، فلا يجوز تقييدها إلا بدليل، وكذا سبب الوجوب وهو النذر وجد مطلقا عن الوقت، والحكم يثبت على وفق السبب، فيجب عليه أن يصوم شهرا من عمره غير معين، وخيار التعيين إليه إلى أن يغلب على ظنه الفوت لو لم يصم فيضيق الوقت حينئذ. انتهى
وعليه فلزوجتك أن تؤخر السفر للوفاء بنذرها خاصة مع نصح الأطباء لها بتجنب ركوب السيارة وخوفها من التضرر بشدة الزحام وعدم القدرة على المشي الكثير.
وأما صلاتها في غير المسجد الحرام بذاته أو صلاتها بالعزيزية باعتبارها من حدود الحرم ... فاختلف العلماء في إجزاء ذلك عن نذرها.
قال الصنعاني في سبل السلام: وقد ذهب مالك والشافعي إلى لزوم الوفاء بالنذر بالصلاة في أي المساجد الثلاثة، وخالفهم أبو حنيفة فقال: لا يلزم الوفاء، وله أن يصلي في أي محل شاء، وإنما يجب عنده المشي إلى المسجد الحرام أو عمرة. انتهى
وقال الشربيني في مغني المحتاج -فقه شافعي-: واختلفوا في المراد بالمسجد الحرام الذي يتعين في النذر ويتعلق به زيادة الفضيلة، قيل: الكعبة والمسجد الذي يطاف فيه حولها، وبهذا جزم المصنف في المجموع في باب استقبال القبلة، وقيل: إنه الكعبة وما في الحجر من البيت، وهو اختيار صاحب البيان، وقيل: جميع بقاع الحرم، وهو الذي نقله في البيان عن شيخه الشريف العثماني، والقلب إلى هذا أميل. انتهى
والذي نرى أن تحرص زوجتك – ما أمكنها – على الوفاء بالنذر بأداء الصلاة في المسجد ذاته أول ما يتيسر لها ذلك، فهو أبرأ لذمتها وأحوط لدينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(19/878)
نذرت أن تقرأ سورة يس كل يوم وجاءتها الدورة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت تلاوة سورة يس كل يوم وقد نسيت الدورة الشهرية، فماذا أفعل رغم أني لم أتوقف عن قراءتها في أيام الدورة، ولكن في قلبي دون أن أمس القرآن فقد حفظت السورة والحمد لله فهل أستمر بقراءتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نذر قراءة سورة معينة كل يوم يعتبر من نذر التبرر ويجب الوفاء به، ولا حرج على السائلة في قراءتها أثناء الدورة لجواز قراءة القرآن للحائض على الراجح، مع التنبيه على أن النذر لا يغير شيئاً من قضاء الله تعالى وقدره، وللمزيد من الفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 36169، والفتوى رقم: 77919.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1429(19/879)
عاقبة عدم الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقطع الصلة بين الله وعبده إذا نذر ولم يوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
وعليه، فمن نذر طاعة لله تعالى فليف بها إن استطاع، فإن عجز عن الوفاء عجزا لا يرجى زواله فعليه كفارة يمين.
فإن قدر على الوفاء ولم يفعل فقد عصا الله تعالى، ولم نقف على دليل يفيد بقطع الصلة بينه وبين الله تعالى، بل إن الله تعالى غفور رحيم لا تنقطع رحمته عن عباده، لكن على المرء الحذر من عقوبة الله تعالى وسخطه، وليعلم أنه معرض للمحاسبة على تلك المعصية، وأن المعاصي والذنوب لها أضرار جسيمة وعواقب وخيمة. وراجع الفتوى رقم 41620، والفتوى رقم: 26871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1429(19/880)
نذرت أن تترك حواجبها فاحتاجت لقصها فماذا تفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت حاملا ونذرت لو رزقنى الله بالولد سوف أترك حواجبى ورزقنى الله بالولد وتركت حواجبى ولكن ساء شكلي لثخن حواجبى فهل يجوز لى عمل حواجبى وما كفارة النذر وهل سيأتي بالسلب على ابني الذي تمنيته من الله، الرجاء كتابة الرقم المشابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد مدح الله الموفين بالنذر، وذكره من شيم الصالحين والصالحات، وأمر النبي من نذر أن يطيع الله أن يطيعه ومن نذر أن يعصيه ألا يعصيه كما في صحيح البخاري، ومع ذلك كره بعض أهل العلم إنشاء النذر لما فيه من مشقة الالتزام به غالبا، وقد ورد في الصحيحين: نهيه صلى الله عليه وسلم عن النذر. وراجعي الفتوى رقم: 3630، والفتوى رقم: 16705.
ثم إن عملك في حواجبك من قص أو نمص إما أن يكون جائزا أو غير جائز، وراجعي الفتوي رقم: 13654. فإن كان جائزا للحاجة إليه كإزالة تشوه ونذرت تركه فقد أخذت بالعزيمة وتركت الرخصة فيكون من نذر المباح، وقد اختلف العلماء في انعقاده، والراجح أنه ينعقد ويخير المرء بين الوفاء أو الترك مع الكفارة،
وإن كان النمص غير جائز فالترك واجب وتكونين نذرت فعل واجب، واختلف العلماء في انعقاد هذا النذر أيضا والراجح أنه لا ينعقد.
قال في منح الجليل - وهو مالكي -: وإنما يلزم به (يعني النذر) ما ندب قال: واحترز بما ندب عن الواجب، فلا يجب بالنذر، لأنه تحصيل حاصل. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: فلا يصح النذر بشيء من الفرائض، سواء كان فرض عين كالصلوات الخمس وصوم رمضان.... انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: وهو حنبلي: لا يصح النذر في محال ولا واجب على الصحيح من المذهب. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 64423، والفتوى رقم: 1125.
وأما أثر ذلك على ولدك أو غيره فلا نستطيع الجزم بعلاقته بالنذر، وكل شيء بقدر من الله، غير أن تقوى الله والحرص على طاعته والوفاء بعهده من أسباب فلاح الذرية وحفظها كما قال عز وجل: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا. {الكهف82} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(19/881)
عاهد نفسه بأن يتصدق بثلث راتبه فهل يلزمه الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عاهدت نفسي بأن أتصدق بنسبة ثلث راتبي كل شهر، والاَن راودتني فكرة أن أدخر هذه النسبة إلى أن يكتمل مبلغ جيد، ثم أستعمله كرأس مال أدخل به شراكة مع نفسي بالنصيفة بصفتي موظف لهذا المال. هل يجوز هذا العمل؟ وفقكم الله للخير والصلاح.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان العهد المذكور وقع بصيغة النذر فليس لك اتخاذ أي إجراء ينافيه، وإذا لم يكن كذلك فلك أن تفعل بالجزء المذكور من راتبك ما تشاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن هذا العهد الذي عاهدت به نفسك إذا كان قد تم بصيغة النذر أو ما يدل عليه، كأن تقول: لله علي أن أتصدق بثلث راتبي كل شهر، ونحو ذلك ... فإن هذا يعتبر نذرا يجب عليك الوفاء به ما دمت تستطيع ذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره.
وعلى هذا التقدير، فإن ثلث راتبك قد أصبح حقا للفقراء أو لمن نويت التصدق به عليهم وليس لك أن تتصرف فيه على وجه آخر يخالف ما نذرته.
وأما إذا كان العهد المذكور هو مما حدثت به نفسك دون التلفظ به على وجه ينعقد بها النذر فإنه لا يلزمك فيه شيء، ولك الحق في أن تفعل بالجزء المذكور من راتبك ما أردته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1429(19/882)
نذرت استئجار قارئ لختم القرآن فهل يلزمها الوفاء بنذرها
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إحدى البنات أن تستأجر قارئاً لختم القرآن إذا نجحت في الاختبارات، فنجحت فعلاً في الاختبارات واستفتت في هذه المسألة وعلمت أن هذا العمل يعني استئجار قارئ القرآن بدعة مذمومة شرعاً، فهل يسقط عنها النذر إذا تصدقت بهذه الأجرة التي نوتها في بداية الأمر للقارئ، وماذا تفعل إذا كان التصدق بهذه الفلوس لا يسقط النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يشرع نذر الاستئجار على مجرد القراءة ولا الوفاء به إن نذر، ولا كفارة فيه عند جمهور أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستئجار على القراءة مختلف فيه بين الفقهاء فمنهم من يرى أنه غير جائز وهو مذهب الأحناف والحنابلة وعلى هذا القول لا يشرع نذره لأنه من نذر المعصية، ومنهم من يرى أنه جائز وهو مذهب المالكية والشافعية، وعلى قولهم يكون نذر استئجار القارئ من النذر المباح ونذر المباح لا يصح عند هؤلاء، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الاستئجار على مجرد القراءة لم يقل به أحد من الأئمة وإنما اختلفوا في الأجرة على التعليم، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ما نصه: والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الائمة، وإنما تنازعوا في الاستئجار على التعليم. انتهى.
ونقله عنه المرداوي في الإنصاف والرحيباني في مطالب أولي النهى، وفي الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في جواز الاستئجار لقراءة القرآن وأخذ الأجرة عليها، فذهب المالكية والشافعية إلى جواز الاستئجار على قراءة القرآن. قال الشافعية: وإذا قرأ جنبا ولو ناسياً لا يستحق أجرة. وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا يصح الاستئجار على القراءة. قال ابن عابدين: والاستئجار على التلاوة وإن صار متعارفاً فالعرف لا يجيزه، لأنه مخالف للنص، وهو ما استدل به أئمتنا من قوله عليه الصلاة والسلام: {اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكبروا به} . والعرف إذا خالف النص يرد بالاتفاق والذي أفتى به المتأخرون جواز الاستئجار على تعليم القرآن لا على تلاوته خلافاً لمن وهم. انتهى.
وخلاصة القول في هذه المسألة أن الاستئجار على مجرد القراءة غير جائز عند بعض أهل العلم ويجوز عند بعضهم، وأن نذره غير مشروع عند الجميع، لأنه عند القائلين بعدم الجواز من قبيل نذر المعصية وعند القائلين بجوازه من نذر المباح وهو غير منعقد عنهم أيضاً. وعلى هذا فلا يشرع الإقدام عليه ولا الوفاء به إن نذر ولا كفارة فيه إلا على قول أبي حنيفة القائل بلزوم الكفارة في نذر المعصية، لكن الجمهور يخالفوه في ذلك، كما سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 13567، والفتوى رقم: 20047، ثم إنه لا مانع من التصدق بالمبلغ الذي نذر، لكن لا يطالب بذلك ولا يسقط الكفارة عند القائل بها أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(19/883)
نذر أن يصلي لله مائة ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أصلي 100 ركعة لله، فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأصل أن الإقدام على النذر مكروه ولكن من أقدم على مثل هذا النذر الذي ذكر وجب عليه الوفاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز النذر بكل ما هو قربة إلى الله عز وجل، لكن الصحيح أن إنشاء النذر مكروه، لما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً، إنما يستخرج به من البخيل. وراجع الفتوى رقم: 16705، والفتوى رقم: 25617.
فإذا نذر وجب الوفاء ما لم يكن في معصية.. وعلى ذلك يجب عليك صلاة المائة ركعة، على أن تؤدي ذلك ركعتين ركعتين.
قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: ولا يصح النذر بما ليس بقربة، والدليل عليه ما روي أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، أني نذرت إن فتح لك مكة أن أصلي مائتي ركعة في مائة مسجد، فقال عليه الصلاة والسلام: صلي في مسجد واحد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(19/884)
قال إن عملت بالخارج فسأخرج كذا من المال فهل يعد نذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام.... لي سؤال هام أرسلته أكثر من مرة ولم يتم الرد حتى الآن، فلقد قال زوجي يوما بينه وبين نفسه إذا أكرمنى الله بفرصة للعمل بالخارج سوف أقوم بإخراج 10% من راتبى لوجه الله، ثم قال بعدها ولم أنتظر الفرصة سأبدأ من الآن، وبالفعل قام بذلك أكرمه الله، ولكن أحيانا نحتاج لشراء أشياء لا غنى عنها كملابس للشتاء أو مكنسة كهربائية تساعدني في أعباء المنزل، فهل يجوز أن نأخذ من هذه الـ 10% عند الضرورة أم أن هذا الكلام وبهذه الصيغة بالتحديد تصبح نذرا لله تعالى ... أدعو الله ألا تهملوا الرسالة وأرجو الإفادة وملاحظة أنه قال الصيغة التي ذكرتها لكم بالضبط؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يشترط في النذر صيغة تشعر بالتزام قربة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر هو التزام مسلم مكلف قربة من القرب، ويشترط أن يكون بالنطق للقادر أو بالكتابة أو الإشارة للعاجز عن النطق، وليس للنذر صيغة خاصة به بل يصح بكل قول يشعر بالالتزام كأن يقول لله علي أن شفي مريضي لأتصدقن بكذا، فلا يشترط في صحة النذر أن يتلفظ بكلمة (نذر) في قول جمهور أهل العلم، بل يصح بكل كلمة تدل على الالتزام والوجوب، جاء في الموسوعة الفقهية: ولا خلاف بين الفقهاء في أن من نذر فصرح في صيغته اللفظية أو الكتابية بلفظ النذر أنه ينعقد نذره بهذه الصيغة، ويلزمه ما نذر.
وإنما الخلاف بينهم في صيغة النذر إذا خلت من لفظ النذر كمن قال لله علي كذا، ولم يقل نذراً وعما إذا كان ينعقد نذره بهذه الصيغة، ويلزمه ما نذر أم لا؟ على قولين. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: وصيغة النذر أن يقول لله علي أن أفعل كذا، وإن قال علي نذر كذا لزمه أيضاً لأنه صرح بلفظ النذر وإن قال إن شفاني الله فعلي صوم شهر كان نذراً ... انتهى.
وقال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: ... وأما الصيغة فيشترط فيها لفظ يشعر بالتزام فلا ينعقد بالنية كسائر العقود. جاء في نهاية المحتاج وهو يتكلم عن صيغة النذر فقال: تشعر بالتزام كبقية العقود ومن صيغ النذر: لله علي أن أفعل كذا أو علي نذر كذا ونحو ذلك من الصيغ.
والذي يظهر أن قول زوج السائلة إذا أكرمني الله بفرصة للعمل بالخارج سوف أقوم بإخراج 10 من راتبي لوجه الله، لا يعتبر نذراً لخلو اللفظ من صيغة النذر، ومن صيغة تشعر بالالتزام ... وعليه لا يلزمه شيء.
وما تقدم من التفصيل فيما إذا كان الزوج تلفظ بالنذر أو بما في معناه، أما إذا كانت المسألة حديث نفس بدون تلفظ فإنه لا يترتب عليه شيء، وفي الحديث: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(19/885)
من ذنر نذرا ويريد التحلل منه ولا يستطيع الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت نذراً بأداء ركعتين شكرا واستغفارا لله بشكل يومي وما زلت ملتزمة بأدائهما، ولكن ماذا علي إن أردت التوقف عن أدائهما وأنا لا أملك إلا مصروفي الأسبوعي وأستخدمه في قضاء احتياجاتي الخاصة وإن ادخرته لإطعام مساكين كفارة للنذر سيحرمني ذلك من قضاء حاجاتي تلك التي أشتريها به وسيتطلب ذلك وقتا طويلا لأدخر ما يكفي للكفارة، فهل يرخص ذلك لي صيام ثلاثة أيام للقضاء أم يلزم علي إطعام مساكين للكفارة أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السائلة نذرت أن تصلي ركعتين يومياً شكراً لله تعالى فيجب عليها الوفاء بما نذرت ولا يجوز لها التوقف عنه يوماً واحداً؛ لأن من نذر لله طاعة وجب عليه الوفاء بها، فإن عجزت عنهما يوماً أو أياماً أو تركتهما لغير عذر وجب عليها القضاء، وتأثم بتركهما من غير عذر، وإن عجزت عجزاً لا يرجى زواله، فعند ذلك تكفر كفارة يمين، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من الطعام من غالب قوت البلد أو كسوتهم، والكسوة ما يلبسه أوسط الناس مما يستر العورة، ويقي الحر والبرد، أو تحرير رقبة، وهي غير موجودة الآن.
فمن لم يجد أحد هذه الثلاثة أو لم يستطع واحداً منها انتقل إلى صيام ثلاثة أيام، فإن عجز عن ذلك كله فإن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولتنظري الفتوى رقم: 98411، والفتوى رقم: 50963، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 8523.
ثم إننا ننصح إخواننا وأخواتنا بعدم اللجوء إلى هذا النوع من النذور، لأنه ليس مستحباً، وقد يفرط الناذر في الوفاء به بعد أن ألزم به نفسه وبذلك يكون قد أدخل نفسه في مخالفة كان في غنى عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(19/886)
نذر أن يتبرع بربع أرباحه للفقراء والمحتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أشكر جميع القائمين على هذا الموقع حيث إنهم عودونا دائماً أن يكونوا بمثابة الصديق والأخ والأب الناصح فلكم جزيل الشكر....
ويوجد عندي استفسار صغير، منذ فترة قررت وبإذن الله افتتاح شركة خاصة لي والحمد لله تم الأمر وقد كنت قد نذرت لله تعالى ربع أرباحي للفقراء والمحتاجين ولكن الإيرادات التي تأتيني من ريع المشاريع التي أقوم بها لم تغطِ النفقات حتى الآن فهل يجب علي توزيع ربع إيراداتي الآن أم ربع أرباحي حينما تتحقق بإذن الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعروف أن الربح هو ما يتبقى للتاجر أو صاحب المشروع بعد خصم جميع نفقات وتكاليف المبيع أو المشروع، وعليه فإذا لم تكن تقصد غير هذا المتعارف فلا يلزمك بسبب النذر المذكور غير ربع الناتج من المشروع بعد خصم نفقاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(19/887)
مسائل حول النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قال زوجي يوما بينه وبين نفسه إذا أكرمني الله بفرصة للعمل بالخارج سوف أقوم بإخراج 10% من راتبي لوجه الله، ثم قال بعدها ولم أنتظر الفرصة سأبدأ من الآن، وبالفعل قام بذلك أكرمه الله، ولكن أحيانا نحتاج لشراء أشياء لا غنى عنها كملابس للشتاء أو مكنسة كهربائية تساعدني في أعباء المنزل،، فهل يجوز أن نأخذ من هذه ال 10% عند الضرورة أم أن هذا الكلام وبهذه الصيغة بالتحديد يصبح نذرا لله تعالى ...
أرجو الإفادة وملاحظة أنه قال الصيغة التي ذكرتها لكم بالضبط.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائلة بقولها (.. لقد قال زوجي يوما بينه وبين نفسه..) أي أنه لم يتلفظ بذلك وإنما هو حديث نفس فهذا ليس بنذر ولا يلزمه الوفاء به، وكذا إن كان قد تلفظ به ولم ينو به النذر لم يلزمه الوفاء به لأن الصيغة المذكورة صيغة وعد وليست صيغة نذر، ولكن يندب له الوفاء بما وعد.
وأما إن كان قد تلفظ به ونوى النذر فإنه يصير نذرا إذا، لأن النذر ينعقد بلفظ الكناية كما بيناه في الفتوى رقم: 43335، ويلزمه الوفاء بهذا النذر إذا وقع ما علقه عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.... رواه البخاري، ولا يلزمه النذر قبل أن يقع ما علقه عليه وهو الحصول على العمل في الخارج.
ولكن يبقى النظر هل يلزمه إخراج القدر المذكور من كل راتب أم من راتب شهر واحد؟ ! اللفظ المذكور يصدق على إخراج النسبة من راتب شهر واحد، فإن كان نوى بنذره أن يخرج المقدار المذكور من راتب شهر واحد فهو على ما نواه، وإن نوى أن يخرج المقدار المذكور من كل راتب يتسلمه فيجري فيه خلاف العلماء فيمن نذر نذرا ونوى في نفسه أكثر مما يتناوله اللفظ المذكور، قال ابن رجب الحنبلي في القواعد فيمن نذر الصدقة بمال ونوى في نفسه قدرا معينا: إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالٍ وَنَوَى فِي نَفْسِهِ قَدْرًا مُعَيَّنًا، فَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ، وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ اللُّزُومَ قَالَ: وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً وَنَوَى فِي نَفْسِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَا نَوَاهُ، وَهَذَا مِثْلُهُ.... إنتهى.
وأما هل يصرف النذر لأهل بيته كزوجته وأولاده، فإذا لم يحدد الزوج جهة معينة بل أطلق النذر، فمصرفه مصرف الصدقة، كمصرف الفقراء والمساكين، ولا يصرفها لأهل بيته الذين تلزمه نفقتهم.
وانظري الفتوى رقم: 15024، والفتوى رقم: 33474 والفتوى رقم: 29806.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(19/888)
نوى إخراج شيء للفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت سيارة جديدة وقد نويت أن أخرج شيئا للفقراء، فهل يجوز أن يكون طعاما أو مالا أم يجب أن أذبح شيئا، وهل يجوز أن يكون بعد أن أشتريتها بمدة أم يجب أن يكون في وقتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نوى إخراج شيء للفقراء أو نذره يجوز أن يخرج لهم طعاماً أو نقوداً أو يذبح لهم، وإن لم يكن حدد له وقتاً معيناً فلا حرج في إخراجه بعد وقت نيته بزمن، وذلك أن كلمة شيء كلمة مطلقة تشمل جميع ما ذكر وغيره، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 98415، 102301، 24328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1428(19/889)
النذر.. معناه.. صيغته.. حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصيغة السليمة للنذر فماذا أقول تحديداً إذا أردت أن أنذر نذراً لله فقد سمعت أني إذا قلت إن قضيت لي هذه الحاجة فسأقوم بعمل كذا (أي أمر أقوم بنذره) لله، فهل هذا يعد كأني أشترط على الله وهل هذه الصيغة ليست من الأدب مع الله، أريد الصيغة الصحيحة للنذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
النذر هو إلزام المسلم نفسه طاعة لا تجب عليه شرعاً، سواء كان ذلك الالتزام منجزاً؛ كأن يقول: لله علي أن أصلي ركعتين مثلاً، وهذا هو النذر المطلق أو المنجز، أو كان معلقاً بحدوث أمر؛ كأن يقول: علي لله صيام ثلاثة أيام إن شفاني من مرضي، أو لله علي أن أتصدق بدرهم أو أذبح شاة إن حصل كذا، وهذا هو النذر المعلق.
وصيغ النذر التي ينعقد بها هي كل صيغة تفيد الالتزام، نذرت لله، أو لله علي، أو علي لله أو نحوها.. وليست هناك صيغة من صيغ النذر مفضلة على غيرها، وقد كره بعض أهل العلم الإقدام على النذر من أصله، وفرق بعضهم بين النذر المطلق والنذر المعلق، فاستحب الأول وكره الثاني، وقد علل ذلك بعضهم بأن الناذر بها كأنه أتى بها على سبيل المعاوضة لا على سبيل القربة المحضة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر إلزام المسلم نفسه طاعة لا تجب عليه شرعاً، سواء كان ذلك الالتزام منجزاً؛ كأن يقول: لله علي أن أصلي ركعتين مثلاً، وهذا هو النذر المطلق أو المنجز، أو كان معلقاً بحدوث أمر؛ كأن يقول: علي لله صيام ثلاثة أيام إن شفاني من مرضي، أو لله علي أن أتصدق بدرهم أو أذبح شاة إن حصل كذا، وهذا هو النذر المعلق.
وصيغ النذر التي ينعقد بها: نذرت لله، أو لله علي، أو علي لله، أو نحو ذلك مما يفيد الالتزام، ثم إن الإقدام على النذر غير مستحب، بل صرح بعض أهل العلم بكراهته، ومن أهل العلم من فرق بين النذر المطلق والمعلق فاستحب الأول وتردد في كراهة الثاني، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 56564.
ومع ذلك لو نذر أحد طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بنذره، وليست هناك صيغة مفضلة، فإن كان النذر معلقاً على حصول نعمة أو دفع نقمة وجب الوفاء بالنذر عند حصول ما علق عليه، والصيغة التي أشارت إليها الأخت السائلة من قبيل النذر المعلق، وقد كرهها بعض أهل العلم للعلة السابقة التي ذكرناها، علماً بأن هناك من يقول بكراهة النذر مطلقاً؛ كما سبق.
ولبيان صيغة النذر يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 15024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1428(19/890)
يجب الوفاء بالنذر على حسب نية الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذراً على أن أبني حائطا واقيا من الانزلاق لجاري في حالة التحقت للعمل بالخليج وكانت نيتي عندها أن يكون المقدار حوالي 1000 دينار أو يزيد قليلا، وبالفعل فقد التحقت للعمل بالخليج والحمد لله، وأردت البدأ في تنفيذ المشروع إلا أني فوجئت بأن السعر يصل إلى 14000 أي 14 ضعف السعر الذي كان ببالي، أنا الآن محتار بين الوفاء بالنذر من جهة وغلاء القيام به من جهة أخرى، فالرجاء إفادتي؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره أهل العلم النذر المعلق لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم.
ومع أن الإقدام على هذا النوع من النذر مكروه فإن الوفاء به واجب، وأنت في هذا النذر إما أن تكون نيتك أن تصرف في بناء الحائط المذكور ألف دينار أو مع زيادة قليلة، ولا تزيد على ذلك كيفما كانت تكلفة الحائط، وإما أن تكون نيتك أن تبني الحائط، ولكنك تحسب أن تكلفته هي ألف دينار أو تزيد قليلاً، فإذا كان الاحتمال الأول -وهو في رأينا مستبعد- فإنه لا يجب عليك إلا تلك الألف أو مع الزيادة التي يمكنك أن تجتهد في قدرها، وإذا كان الاحتمال الثاني -والراجح عندنا أنه هو الذي كان في نيتك- فالواجب أن تبني الحائط، كيفما كانت تكلفته، لوجوب الوفاء بالنذر على الوجه الذي حدده الناذر في نذره، فقد جاء في الحديث الشريف: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
ولا يجوز لك العدول عما نذرته إلا لعجز عن الوفاء بذلك أو ضرر معتبر شرعاً، وإذا كنت عاجزاً عن الوفاء في ذلك الوقت، وكنت ترجو زوال عذرك فعليك أن تنتظر حتى يتيسر أمرك وتقدر على الوفاء بالنذر، فإذا عجزت عن أدائه بالكلية فعليك كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين. رواه أبو داود وابن ماجه.
وراجع الفتوى رقم: 33453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1428(19/891)
نذرت صيام يومين في الأسبوع ما بقيت وأفطرت لأجل الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت صيام يومين في الأسبوع مدى الحياة حين أفطر في أيام العذر الشرعي هل علي رد تلك الأيام أم لا؟
لأني أقوم بذلك منذ 4 سنوات ولا أعلم بأنه يجب علي القضاء وعندما حسبت المدة وجدتها 96 يوما التي يجب علي قضاؤها خلال 4 سنوات إن كان هناك قضاء؟ أرجو الرد بسرعة لأني بدأت في القضاء والمدة طويلة جدا وإن كان هناك فدية أقدمها بدل الصيام وما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن نذرت السائلة أياما معينة في الأسبوع ولم تصمها لأجل الحيض فلا قضاء عليها عند الجمهور، وإن قضت تلك الأيام فذلك أحوط، وإن لم تقض فنرجو أنه لا حرج عليها، وأما إن لم تعين أياما معلومة ولم تطل حيضتها بحيث تمكنت من الصيام ولم تفعل فيلزمها القضاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأخت السائلة قد نذرت صيام يومين معينين من الأسبوع، كالاثنين والخميس مثلا، أو أطلقت من غير تعيين، وكانت حيضتها أكثر من خمسة أيام بحيث لا يصفو لها يومان تصومهما في الأسبوع الذي تحيض فيه، ولم تصم بعض تلك الأيام لكونها حائضا فيلزمها قضاء تلك الأيام عند الحنابلة والحنفية، ولا يلزمها قضاؤها عند المالكية والشافعية، وإليك بعض النقول في ذلك:
قال النووي الشافعي رحمه الله تعالى فيمن نذر صوم كل يوم اثنين:.. لو صدر هذا النذر عن امرأة وأفطرت بعض الأثانين (جمع الاثنين) بحيض أو نفاس، فالمذهب أن القضاء على القولين كالعيد. وبهذا (أي بعدم القضاء) قطع الجمهور..اهـ، وقد ذكر قبل ذلك أنه لو وافق يوم الاثنين يوم عيد أنها لا تقضي في الأصح، فقال: لو وقع يوم العيد يوم الاثنين فالأصح أنه لا قضاء أيضا..اهـ، فالأصح عند الشافعية أنها لو أفطرت لأجل الحيض لا قضاء عليها عند الجمهور كما لو أفطرت لأجل العيد، لأن يوم العيد يحرم صومه، فكذا يوم الحيض.
وجاء في التاج والإكليل لمختصر خليل -وهو من كتب المالكية-:..قال مالك: وإن نذرت صوم الخميس والاثنين ما بقيت فحاضت فيهن أو مرضت فلا قضاء عليها ... ، وهذا أحد الأقوال في مذهب الحنابلة؛ كما جاء في الإنصاف للمرداوي: ... وقيل: لا قضاء ولا كفارة مع حيض وعيد..اهـ
وذهب الحنفية والحنابلة في المعتمد عندهم في المذهب أنها يلزمها القضاء، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وإن نذر صوم الخميس فوافق يوم عيد، أو حيض، أفطر وقضى وكفر. هذا المذهب ... اهـ، وقوله كفر أي أخرج كفارة يمين لفوات محل النذر.
وجاء في الدر المختار للحنفية: ... ولو نذرت عبادة كصوم وصلاة في غد فحاضت فيه يلزمها قضاؤها لأنه (يعني الحيض) يمنع الأداء لا الوجوب..اهـ
وبهذا تعلم الأخت السائلة أن المسألة خلافية ولو قضت احتياطا فهذا أحسن (والكفارة التي نص عليها الحنابلة أمرها بعيد ولا دليل عليها فيما نعلم) ولو لم تقض فنرجو أنه لا حرج عليها.
وأما إذا نذرت صوم يومين في الأسبوع من غير تعيين، وكانت حيضتها خمسة أيام فأقل بحيث يصفو لها يومان للصوم في الأسبوع الذي تحيض فيه، ثم لم تصم ذانك اليومين فإنه يلزمها القضاء لأنها تمكنت من نذرها وثبت في ذمتها ولم تفعله، وانظري للأهمية الفتوى رقم: 2522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(19/892)
صيغ النذر وحقيقته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن النذر، هل النذر لا يجب إلا بلفظ معين كالقول مثلاً نذرت أي أنه إذا قال رجل مثلا إنه إذا شفي فلان سأذبح شاة، فهل هذا يعتبر نذراً يثبت بحق القائل فأرجو توضيح المسألة وأقوال العلماء فيها إن وجد؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنذر هو التزام مسلم مكلف قربة من القرب، ويشترط أن يكون بالنطق للقادر، أو بالكتابة أو الإشارة للعاجز عن النطق، وليس للنذر صيغة معينة خاصة به، بل يصح بكل قول يشعر بالالتزام كقولك: لله علي أن أنحر بدنة، ولئن شفى الله مريضي لأتصدقن بثلث مالي، ونحو ذلك.
فلا يشترط في صحة النذر أن يتلفظ بكلمة (نذر) في قول جمهور أهل العلم، بل يصح بكل صيغة تدل على الالتزام والوجوب، جاء في الموسوعة الفقهية: ولا خلاف بين الفقهاء في أن من نذر فصرح في صيغته اللفظية أو الكتابية بلفظ (النذر) أنه ينعقد نذره بهذه الصيغة، ويلزمه ما نذر.
وإنما الخلاف بينهم في صيغة النذر إذا خلت من لفظ (النذر) كمن قال لله علي كذا، ولم يقل نذراً وعما إذا كان ينعقد نذره بهذه الصيغة ويلزمه ما نذر أم لا؟ على اتجاهين الاتجاه الأول: يرى أصحابه أن النذر ينعقد ويلزم الناذر وإن لم يصرح في صيغته بلفظ النذر، إذا أتى بصيغة تفيد التزامه بذلك، روي هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما إذ قال في رجل قال علي المشي إلى الكعبة لله، هذا نذر فليمش، وقال بمثل قوله سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد ويزيد بن إبراهيم التيمي، وإليه ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وحكاه ابن قدامة عن جماعة من العلماء وقال أصحاب هذا الاتجاه إن عدم ذكر لفظ النذر في الصيغة لا يؤثر في لزوم النذر إذا كان المقصود بالأقاويل التي مخرجها مخرج النذر، وإن لم يصرح فيها بلفظ النذر. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وصيغة النذر أن يقول لله علي أن أفعل كذا، وإن قال علي نذر كذا لزمه أيضاً لأنه صرح بلفظ النذر، وإن قال إن شفاني الله فعلي صوم شهر كان نذراً ... انتهى.
واللفظ الذي ذكره السائل (إن شفي فلان فسأذبح شاة) ليس فيه ما يشعر بالالتزام كلفظ (لله) أو (علي) ونحوهما، فهو من ألفاظ الكناية فإن نوى قائلها بها النذر لزمه وإلا فليس بنذر، ومن المعلوم أن صيغة النذر منها ما هو صريح فيه ومنها ما هو كناية.
قال الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج: ... والنذر صيغة التزام يدخلها الصريح والكناية ... انتهى.
والكناية منها تنعقد مع النية، قال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: ... وأما الصيغة فيشترط فيها لفظ يشعر بالتزام فلا ينعقد بالنية كسائر العقود ... وينبغي كما قال شيخنا انعقاده بكناية الناطق مع النية، قال الأذرعي وهو أولى بالانعقاد بها مع البيع.. انتهى.
والخلاصة أننا نرى أن الصيغة التي ذكرها السائل هي من صيغ الكناية في النذر وتنعقد نذراً إن نوى بها قائلها النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(19/893)
مسائل حول النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نذرت صيام كل خميس من الأشهر الحرم لما بقي من حياتي سؤالي: إذا صادف الخميس يوم عرفة أو أحد أيام التشريق، إذا مرضت أو سافرت وشق علي الصيام يوم الخميس فما العمل هل أقضي بالأشهر الحرم غير يوم الخميس أم أقضي يوم الخميس بغير الأشهر الحرم وهل علي من كفارة؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من نذر صيام كل يوم خميس من الأشهر الحرم وصادف أحد أيام التشريق فليصمه ويجزئ عنه، وإذا صادف يوم عرفة فليصمه أيضاً ولا يحسب له صيام يوم عرفة إذ لا يجزئ التشريك بينهما، لأن كليهما مطلوب صيامه بمفرده، وإذا تعذر صيام يوم الخميس المنذور لمرض ونحوه فيجب قضاؤه بدون كفارة على الراجح ويجزئ قضاؤه في كل وقت يباح صيامه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، كما تقدم في الفتوى رقم: 56564، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
وبالتالي فقد لزمك الوفاء بالنذر المذكور، وإذا صادف نذرك أحد أيام التشريق فعليك صيامه وهو مجزئ عنك، قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: ولو نذر صيام سنة بعينها صامها إلا رمضان فإنه يصومه لرمضان ويوم الفطر والأضحى وأيام التشريق ولا قضاء عليه فيها، وإن نذر سنة بغير عينها قضى هذه الأيام كلها. انتهى.
وكذلك إذا صادف يوم الخميس المذكور يوم عرفة فصمه، لكن لا يحسب لك صيام يوم عرفة لأن كلا منهما مطلوب صيامه بمفرده، فلا يجزئ التشريك بينهما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29870.
وإذا تعذر عليك صيام يوم نذرك لمرض أو سفر فعليك القضاء فقط دون كفارة، وراجع الفتوى رقم: 26768، ولا يجزئك القضاء في يوم الخميس من الأشهر الحرم لأنه يوم نذرك ويجزئك القضاء في غير ذلك اليوم من الأشهر الحرم، كما يجزئ القضاء في يوم الخميس من غير تلك الأشهر فالقضاء المذكور مترتب في ذمتك فيجزئ في كل وقت يباح صيامه، قال الباجي في المنتقى: فإذا مضى زمن النذر ولم يصمه فيه لما ذكرناه تعلق قضاء صومه بذمته وكان حكمه حكم النذر الذي لم يتعين بزمن معين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(19/894)
من شك هل صدر منه نذر أم لا، أو شك في نوعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من شك أنه نذر لله نذراً ولا يقدر على الوفاء به؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجب النذر بالشك، فمن شك هل صدر منه نذر أم لا ليس عليه شيء لأن الأصل براءة الذمة، أما إذا تحقق من النذر وشك في نوعيته فتلزمه كفارة اليمين على الراجح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد الشك في حصول النذر أصلاً بأن شك هل نذر أم لا؟ لم يجب عليه شيء لأن الأصل براءة الذمة، ففي قواعد الأحكام في مصالح الأنام لعز الدين بن عبد السلام ما نصه: ومنها استصحاب الأصول، كمن لزمه طهارة أو صلاة أو زكاة أو حج أو عمرة أو دين لآدمي ثم شك في أداء ركن من أركانه أو شرط من شرائطه فإنه يلزمه القيام به، لأن الأصل بقاؤه في عهدته، ولو شك هل لزمه شيء من ذلك أو لزمه دين في ذمته، أو عين في ذمته، أو شك في عتق أمته أو طلاق زوجته، أو شك في نذر أو شيء مما ذكرناه فلا يلزمه شيء من ذلك، لأن الأصل براءة ذمته، فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. انتهى.
وإن كان المراد الشك في المنذور هل كذا أو هو كذا؟ مع التحقق من النذر ففيه كفارة اليمين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22714. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 47377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(19/895)
النذر المتصل بالمشيئة وحكم تأخير الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل ولادتي دعوت الله أن يأتي طفلي صحيحا معافى كامل الخلقة وإن شاء الله سوف أصلي 100 ركعة لوجه الله مرة واحدة وبعد الأربعين مباشرة والذي حصل الآن أنا ولظروفي لم أستطع الصلاة بعد الأربعين ولم أستطع أن أصليها مرة واحدة، فهل أستطيع أن اصليها متقطعة، وأيضا قد مضى وقت الأربعين ماذا أفعل؟ وكيف أوفي نذري لأني أريد الوفاء به؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لاينعقد النذر إلا بصيغة تدل على الالتزام كـ (لله عليَّ كذا أوعليَّ نذرُ كذا)
وإذا قال الشخص عليَّ نذر كذا إن شاء الله متصلة، فلا يجب عليه الوفاء بنذره عند أكثرأهل العلم، وعدم الوفاء بالنذرالمؤقت فى وقته لاتترتب عليه كفارة عند أكثرالعلماء، ومن عجزعن الوفاء بالنذرعجزا مؤقتا فلينتظرالوقت الذى يستطيع فيه الوفاء، وإن كان عجزه لأمر لا يرجى زواله فتكفيه كفارة يمين، والوعد بفعل طاعة لله تعالى يستحب الوفاء به ولايجب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه كما تقدم فى الفتوى رقم: 56564.
ومن أركان النذرالتى لا ينعقد إلا بها الصيغة الدالة على الالتزام كـ (لله عليَّ كذا أو عليَّ نذرُ كذا) قال ابن قدامة فى المغنى: وصيغة النذر أن يقول: لله علي أن أفعل كذا. وإن قال: علي نذر كذا. لزمه أيضا؛ لأنه صرح بلفظ النذر. وإن قال: إن شفاني الله فعلي صوم شهر. كان نذرا. وإن قال: لله علي المشي إلى بيت الله. قال ابن عمر في الرجل يقول: علي المشي إلى الكعبة لله. قال: هذا نذر، فليمش. انتهى
وعليه، فإذا تلفظت بمثل هذه الصيغة فالنذرمنعقد، وإن قلت:إن شاء الله متصلة، بالنذر فلا يجب الوفاء به عند أكثرأهل العلم كما سبق بيانه فى الفتوى رقم: 27989.
وإن لم تتلفظي بمشيئة الله تعالى أصلا أو تلفظت غير متصلة بلفظ النذر فيجب الوفاء بالنذرفي وقته؛ لكن تأخيره عن ذلك لاتترتب عليه كفارة عند أكثر أهل العلم كما تقدم فى الفتوى رقم: 41168.
لكن النذر باق فى ذمتك ويجب الوفاء به على الطريقة التى نذرتها، ولايجزئك أداء تلك الصلاة متقطعة، ولك انتظار الوقت الذى تستطيعين فيه الوفاء، فإن عجزت عنه عجزا لايرجى زواله فعليك كفارة يمين فقط. وراجعى التفصيل فى الفتوى رقم: 24077.
وإن لم تتلفظي بصيغة النذر أصلا وإنما تلفظت بعبارة تدل على الوعد فلا يجب الوفاء بل يستحب فقط. وراجعى الفتوى رقم: 17057.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(19/896)
ألزم نفسه بالتبرع لجهة معينة ويريد التراجع
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك جهة إسلامية ألزمت نفسي بالتبرع لها (ليس على سبيل النذر) بمبلغ شهرياً من باب البر، وبسبب انقطاع الرواتب لمدة سنة تقريباً كنت أسجل المبالغ المتراكمة كل شهر لأقوم بتسديدها عندما يتيسر الأمر، والآن تجمّع مبلغ كبير وأريد أن أتراجع عن سداده لأنه في الأصل تطوع مني وليس إلزاماً، فهل يجوز لي ذلك؟ وإذا كانت تندرج تحت باب الهبة فهل لي التراجع عنها وأنا لم أدفعها أصلاً وإنما أسجلها كدين إلى أن يتيسر؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التزامك بالتبرع لهذه الجهة بدون أن يصاحب هذا الالتزام صيغة النذر الشرعية لا يعد نذرا، فالنذر لا بد له من صيغة تشعر بالتزام المكلف قربة كما جاء في نهاية المحتاج وهو يتكلم عن صيغة النذر فقال: تشعر بالتزام كبقية العقود ومن صيغ النذر: لله علي أن أفعل كذا أو علي نذر كذا ونحو ذلك من الصيغ.
وعليه، فإذا كان الذي صدر من الأخ السائل ليس نذرا وإنما كان مجرد وعد بالبر أو وعد بالهبة ثم أراد التراجع فله ذلك وإن كان الأولى بمن وعد بفعل الخير أن يفعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(19/897)
من نذر حلق رأسه لحصول أمر ما
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أحلق رأسي كاملاً إذا حصلت على معدل مرتفع في الثانوية العامة والحمد لله حصلت على المعدل هل من اللازم حلق رأسي كاملا؟ مع العلم أنني نذرت من باب المزح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نذر حلق الرأس يعتبر من نذر المباح، وقد ذكر النووي في المجموع: أن نذر المباح لا ينعقد عند الشافعية والمالكية والحنفية والظاهرية وأنه ينعقد عند أحمد، وحجة الجمهور هي قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
والحنابلة يرون انعقاده، ولكنهم لا يوجبون الوفاء به، وإنما اختلف في وجوب الكفارة إذا تركة.
والأولى ترك الوفاء بما نذرت، والتكفير لأن حلق الرأس كله لغير نسك مكروه عند أهل العلم، وكفارة اليمين فيها مخرج من النذر، وقد رجح وجوبها عند عدم القيام بنذر المباح بعض أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(19/898)
العاجز عن الوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[كان هناك سوء تفاهم بيني وبين صديقة أعرفها معرفه قوية وتعهدت أنها ما تكلمني نهائيا وإذا كلمتني تتصدق بمبلغ 3000 ريال، وبعد فترة أنا بينت لها أني لست غلطانة وأنها فهمت غلطا ورجعت لي.. والحين ما عندها المبلغ ل تتصدق فيه..فما يمكنها أن تفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن كان هذا العهد مجرد عهد منها مع نفسها ولم يكن عهدا مع الله فلا يلزمها شيء، وإن كان عهدا مع الله، فهو بهذه الصيغة نذر معلق على حصول شيء وقد حصل، فيلزمها الوفاء بالنذر، وإن عجزت بالكلية عن الوفاء به فتلزمها كفارة يمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا العهد من هذه الفتاة مجرد عهد منها مع نفسها ولم يكن عهدا مع الله فلا شيء عليها. وأما إن كان عهدا مع الله فهو بالصيغة المذكورة بالسؤال نذر معلق، أي علقت هذا النذر على تكليمها لك، وبما أنها قد كلمتك فعلا فقد وقع ما علق عليه النذر، والأصل أنها يلزمها الوفاء به.
ولكن إن كان الواقع ما ذكر من كونها عاجزة عن الوفاء به فيلزمها كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 47421، وينبغي أن يعلم أن العجز الذي يسوغ الانتقال إلى كفارة اليمين هو العجز الكامل بأن لا يكون هنالك من سبيل للوفاء بالنذر، وليس كل عجز يسوغ ذلك، كما بينا بالفتوى رقم: 26871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(19/899)
ما يجب في العجز عن النذر المباح
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت يائسا من الزواج، إلى الدرجة التي جعلتني أرد على أحدهم بالنذر أني إذا تزوجت فسأحمل عروسي من بيت والديها إلى بيتي، وتزوجت فعلا! هذا أمر بالغ الصعوبة كما هو بالغ الحرج، ومع ذلك هل يمكن أن يكون الحمل في سيارة مثلا علما أني لا أملك واحدة ولا أقودها، وهل يمكن لي كفارة ارجو الافادة لما يسببه لي الامر من أرق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر يدخل في النذر المباح، وعلى مذهب جمهور العلماء لا يترتب على النذر المذكور لزوم شيء، وعند الحنابلة يخير الناذر بين الوفاء بالنذر أو إخراج كفارة اليمين، وارجع تفاصيل كلام أهل العلم في الفتوى رقم: 20047. ... ...
وعلى قول الحنابلة فما دام حمل الزوجة على الوجه الذي قصد في النذر متعذرا فعلى الأخ السائل أن يكفر كفارة اليمين، وهي مبينة في الفتوى رقم: 26595.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(19/900)
لا تلازم بين عدم الوفاء بالنذر وبين الابتلاء والمرض
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لله أن أحفظ نصف القرآن من ثلاث سنوات وحتى الآن لم أحفظ إلاً القليل.
وقد مرضت ثم يشفيني الله وما لبثت أن أمرض ثم يشفيني الله وهكذا على التوالي وأشعر بالتقصير وربطت بين النذر والمرض.
حتى أن ولدي الصغير دائما يتعرض لحوادث نتيجة اللعب ومعظمها إما غرز بالوجه وإما يقع على خشمه وإما نزلات برد نفس الشيء على التوالي يمرض حتى ضعف جسمه. وأنا والحمد لله أصلي وأصوم وأؤدي الفرائض وإن شاء الله عزمت على الحج هذا العام.
ماذا أفعل أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على المسلم الوفاء بنذر الطاعة إن قدر على ذلك، ولا حرج عليه في تأخير الوفاء به ما لم يكن في صيغة النذر ما يدل على الإتيان به في وقت محدد، وإلا وجب الوفاء به في تلك المدة، فإن عجز عن الوفاء به كفر كفارة يمين، ثم إنه لا تلازم بين عدم الوفاء بالنذر أو تأخيره وبين ما يصيب المسلم من أمراض أو بلاء، فإن المرء يصاب ويمرض وليس عليه نذر أصلا، والمصائب كلها سواء كانت في النفس أو المال أو الولد من قضاء الله وقدره، وهي من مكفرات الذنوب فعلى المسلم أن يصبر ويسأل الله العافية، ويكثر من الصدقة وصلة الرحم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حفظ القرآن من أفضل الطاعات وأجلها، ومن نذر أن يطيع الله وجب عليه الوفاء بما نذر؛ لذا فإن على السائل أن يفي بنذره إن استطاع ذلك، ولا يجوز له أن يخلفه إلا إذا عجز عنه، ويكفر عندئذ كفارة ككفارة اليمين. لكن لا حرج في تأخير الوفاء بالنذر حتى يستطيع ذلك؛ لأن الوفاء بالنذر ليس واجباً على الفور إلا إذا كانت صيغة النذر تقتضي تحديد فترة معينة فعند ذلك يجب الوفاء بمقتضى النذر، فإن عجز كفر كفارة يمين كما تقدم.
ثم إنه لا تلازم بين عدم الوفاء بالنذر والمرض ولا غيره، فإن المسلم يمرض ويبتلى ويصاب مع أنه ليس عليه نذر، ثم إن كل ما يصيب المسلم من مرض أو بلاء في نفسه أو غيرها من قضاء الله وقدره ومن أسبابه الذنوب. فعلى الأخ الكريم أن يصبر ويسأل الله العافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، ويكثر من الصدقة وصلة الرحم. قال في فتح القدير: وقد أخرج أحمد وابن راهويه وابن منيع وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم عن علي بن أبي طالب قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها رسول الله (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) وسأفسرها لك يا علي: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم، والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة، وما عفا الله عنه في الدنيا، فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه. وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر، وقرأ: وما أصابكم ... الآية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(19/901)
حكم الوفاء بالنذر الواقع في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[حلمت في المنام أن شيئا سيحصل لأطفالي فنذرت صيام أسبوع وأنا في الحلم، فهل أصوم الأسبوع كما نذرت وأنا في الحلم أم ماذا أفعل، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
النائم مرفوع عنه التكليف حتى يستيقظ، وما صدر عنه من نذر حال نومه فهو غير منعقد ولا يلزم فيه شيء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنائم مرفوع عنه التكليف حتى يستيقظ لقوله صلى الله عليه وسلم: رُفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل. رواه أصحاب السنن وغيرهم، واللفظ للترمذي وصححه الشيخ الألباني.
وعليه فإنك إذا كنت قد تلفظت بالنذر حال النوم ولم تتلفظ يقظة فهو غير منعقد، وبالتالي فلا يلزمك صيام أسبوع وأولى بعدم الانعقاد كونك رأيت في المنام أنك نذرت.
والرؤية المفزعة في النوم سبق بيان ما ينبغي فعله تجاهها، وذلك في الفتوى رقم: 42221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(19/902)
الأدلة على تحريم الوفاء بالنذر والذبح لغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الأربعين من عمري هداني الله للإسلام وأتبع كل ما في القرآن وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وأعاني الكثير مع أبناء قومي اللذين يدينون بالمذهب الدرزي ومع علمي أني لا أهدي من أحب بل يهدي الله من يشاء لكني لا أستطيع أن أرى الخطأ وأقف مكتوف اليدين وقد استفدت كثيراً من موقعكم وألجأ إليه كلما صعب علي أمر ما.
وسؤالي اليوم يتعلق بالنذر للمقامات مع أني لا أؤمن بالمقامات ولا أزورها وكثيرا ما يغضب مني المقربون لأني لا أذهب معهم لزيارة المقامات التي اعتادوا على زيارتها فإذا تزوج المرء أول زيارة يجب أن تكون لمقام وإذا أشترى سيارة يجب أن تزور المقام وإذا نذر النذر يجب أن يذبح في المقام ومن هذه الأحداث هذه الحادثة التي أود أن تفتوني بها فتوى صريحة حتى تراها أمي لعلها تقنع.
بينما كانت أمي عائدة من لبنان إلى سورية بعد أن نشبت حرب 1967 وقد كان والدي على الجبهة مرت على مقام اسمه (البراقي) فقالت دخلك يا البراقي رجع لي زوجي سالماً وسوف أزورك حافية القدمين وأذبح لك ذبيحة واليوم أمي كبيرة في السن وتنوي أن توفي بالنذر وقد قلت لها إن ما نذر لغير الله فهو باطل فلم تقنع وقالت إنها تخشى من (الهو) إذا لم تف بالنذر أرجو إفتاءنا فتوى صريحة لهذه الحادثة بكل تفاصيلها علماً أني حدثت أمي عن موقعكم وطلبت مني سؤالكم ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز النذر ولا الذبح لغير الله تعالى، ولا يلزم الوفاء به لما فيه من التقرب الذي لا يجوز صرفه لغير الله تعالى. ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر من موضع في الفتاوى إجماع المسلمين على ذلك. وقال إنه شرك.
ومن نذر ما فيه معصية لله تعالى حرم عليه الوفاء بذلك النذر، فأحرى إن كان شركا لما في صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه ".
والذبح لغير الله من الشرك الأكبر كما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام: 162-163}
قال مجاهد والسدي (نسكي) ذبحي، وقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله من ذبح لغير الله. رواه مسلم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فالذبح للمعبود غاية الذل والخضوع له، ولهذا لم يجز الذبح لغير الله، ولا أن يسمى غير الله على الذبائح.
وقال الإمام الرافعي رحمه الله: واعلم أن الذبح للمعبود وباسمه نازل منزلة السجود، وكل واحد منهما من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة، فمن ذبح لغيره من حيوان أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة لم تحل ذبيحته، وكان فعله كفرا كمن يسجد لغير الله سجدة عبادة، فكذا لو ذبح له أو لغيره على هذا الوجه. اهـ من المجموع للإمام النووي -رحمه الله.
وأما إقامة المقامات على الأضرحة فهو من البدع المؤدية للغلو وقد تفضي للشرك.
قال الإمام ابن القيم: " ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تعلية القبور ولا بناؤها بآجر، ولا بحجر ولبن، ولا تشييدها، ولا تطيينها، ولا بناء القباب عليها، فكل هذا بدعة مكروهة، مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم. وقد بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن، ألا يدع تمثالا إلا طمسه، ولا قبرا مشرفا إلا سواه" رواه مسلم.
فسنته صلى الله عليه وسلم تسوية هذه القبور المشرفة كلها، " ونهى أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يكتب عليه " وكانت قبور أصحابه لا مشرفة ولا لاطئة، وهكذا كان قبره الكريم وقبر صاحبيه، فقبره صلى الله عليه وسلم مسنم مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء لا مبني ولا مطين، وهكذا كان قبر صاحبيه، وكان يعلم قبر من يريد تعريف قبره بصخرة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واشتد نهيه في ذلك حتى لعن فاعليه، ونهى عن الصلاة إلى القبور، ونهى أمته أن يتخذوا قبره عيدا، ولعن زوارات القبور. وكان هديه أن لا تهان القبور وتوطأ، وأن لا يجلس عليها، ويتكأ عليها، ولا تعظم بحيث تتخذ مساجد فيصلى عندها وإليها، وتتخذ أعيادا وأوثانا) اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1428(19/903)
حكم الوفاء بالنذر من مال الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي تعيش مع حماتها وزوجها، حماتها نذرت إن هي ولدت أن تتصدق بخروف فلما ولدت أختي طلبت حماتها من أختي المال لتشتري الخروف، مع العلم بأن حماتها لديها المال فأعطت أختي لها المال لشراء الخروف، فهل يجوز هذا؟ وهل ثواب الصدقة هي لأختي أم لحماتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن النذر الذي نذرته هذه الحماة مكروه، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3630.
لكن ما دامت قد نذرت أن تذبح خروفاً فيلزمها الوفاء بالنذر -عند تحقق الأمر الذي علق النذر على حدوثه- من مالها هي لا من مال غيرها، لأن الوفاء بهذا النذر واجب عليها لا على غيرها، اللهم إلا إذا وهب لها الغير ثمن هذا الخروف عن طيب نفس منه فيجوز ذلك؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه. رواه الدارقطني.
وإذا أعطت أختك لحماتها هذا المبلغ هدية عن طيب نفس منها طلباً للمودة والمحبة بينهما كان لها ثواب الهدية لا النذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(19/904)
توضيح حول الوفاء بالنذر المؤقت بزمن معين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنا صاحبة السؤال رقم 2158796 وكنت قد سألتكم فيه عن النذر وكانت إجابتكم بعد أسبوع مختصرة جداً لدرجة أنني لم أفهم ما هي الفتوى بالضبط فأنتم تقولون إنه يجب عليه الوفاء ويلزمه كفارة يمين وفي نفس الوقت تقولون إن كونه لم يحدد وقتا للذبح فلا يجب عليه الوفاء به.. أرجوكم أريد إجابة شافية لما يفعل زوجي بالضبط وبالسرعة الممكنة لو سمحتم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفتوى السابقة وهي بالرقم: 99672 واضحة، ولعلك لم تتبينيها جيداً، وحاصلها أنه ما دام قد تحقق هذا الأمر وهو الحمل فالواجب على زوجك الوفاء بهذا النذر، ولأنه لم يحدد وقتاً للوفاء به فلا يلزمه الوفاء به في وقت معين، بمعنى أنه إذا أخره فلا شيء عليه، والأفضل أن يبادر للوفاء به حسب استطاعته، لأن هذا أبرأ لذمته.
وتنبهي إلى أن عبارتنا بالفتوى المشار إليها هي: (وما دام زوجك لم يحدد في نذره زمناً للذبح، فإنه لا تجب عليه المبادرة به) ، وهي موافقة لما ذكرنا هنا، وأما العبارة التي نقلتها عنا بهذا السؤال فمختلفة تماماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(19/905)
يجب الوفاء عند تحقق النذر سواء استمر وجوده أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الإنسان نذر شيئا لله وتحققت، وثاني يوم ذهبت مني، فهل أوفي النذر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من علق النذر على حصول أمر ثم حصل وجب عليه الوفاء بنذره سواء استمر وجود الأمر المعلق أم زال وذهب بعد حصوله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد أنه نذر لله طاعة إن حصل على أمر ما ثم حصل عليه فيجب عليه الوفاء بالنذر عند تحقق ما علق عليه النذر، وهو الحصول على ذلك الأمر سواء استمر وجوده أم لا، لأن ذلك لا علاقة له بالنذر وقت التزامه وانعقاده، وقد أثنى الله على عباده الذين يوفون بالنذر، فقال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان:7} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري.. وانظر لذلك الفتوى رقم: 41469.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(19/906)
النذر المؤقت يجب الوفاء به في وقته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات ولم يحصل لي حمل فنذر زوجي أنني إذا حملت سوف يذبح ذبيحتين لوجه الله تعالى وها أنا قد حملت ولله الحمد منذ خمسة أشهر ولكنه إلى الآن لم يذبح، فهل عليه شيء كونه قد تأخر، وهل يجوز أن يؤخر الوفاء بالنذر إلى ما بعد الولادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن النذر مكروه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 16705، ومع كونه مكروهاً فالوفاء به واجب، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 3723، والنذر المؤقت يجب الوفاء به في وقته، فإذا أخره لغير عذر لزمه مع الوفاء به كفارة يمين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 471، وما دام زوجك لم يحدد في نذره زمناً للذبح فإنه لا تجب عليه المبادرة به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(19/907)
من أحكام النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 3 أعوام كنت قد قدمت على عمل جديد، ونذرت إن زاد راتبي في هذا العمل عن 5000 (خمسة آلاف) درهماً سأخرجه صدقة لمساعدة الشباب الفقراء على الزواج نظراً لتأخرى فى الزواج وقت النذر بسبب العائق المادى، واشترطت في النذر أن يكون بأكمله لغير أهلي على أساس أن نفقة أهلي واجبة علي، علماً بأنني ما زلت غير متزوج ولا خاطب حتى الآن وعمري 33 (ثلاثة وثلاثون) عاماً، والحمد لله وجدت راتبي 5500 درهماً، وأنا أخرج المبلغ مجمعاً كل سنة، وقد أخرجت حتى الآن نصف هذا النذر فقط رغم أني أملك إخراج المبلغ كاملاً، وسؤالي كالتالي: هل يجوز أن أنتظر إخراج بقية المبلغ بعد زواجى نظراً لأن ما أملكه قد لا يوفي زواجي إن اشترط علي أهل من سأتزوجها شقة غير التي أعددتها للزواج نظراً لكونها في مكان شعبي، هل الأولى أن أساعد إخوتي على الزواج من هذا النذر رغم أنني اشترطت فيه أن يكون بأكمله لغير أهلي، علماً بأن لي أخا مقبل على الزواج وعمره 29 (تسعة وعشرون) عاماً وأخا آخر عمره 20 (عشرون) عاماً، وكلاهما يحتاج لمساعدة في مصاريف الزواج، علماً بأن نيتي في النذر كانت أن يكون النذر لمن حالهم أفقر من حال إخوتي، وهل يجوز لي أخيرا الوفاء بالنذر لمساعدة والدي وزوجته (فهي التى ربتني منذ طفولتي وفضلها علي كبير بعد وفاة والدتي رحمها الله) ، وإذا كانت أي من الحالات السابقة جائزة، فهل يعد علي النذر بمثابة دين علي أن أوفيه كاملاً فيما بعد إذا سمحت ظروفي المادية بحيث أحسب القيمة من بداية التحاقي للعمل حتى الوقت الذي تسمح فيه ظروفي بالإخراج أم أحسب القيمة منذ مقدرتي على الإخراج فقط، بغض النظر عن جواز أحد الحالات السابقة من عدمه، فكيف يكون النذر إذا راتبي فيما بعد، نفسي دائماً (وهي أمارة بالسوء أسأل الله أن يعيننى عليها) تحدثني بالفقر حتى لا أوفي بنذري، مما يجعلنى أفكر كثيراً في أمر هذا النذر، ولكني عازم إن شاء الله على مخالفتها، فهل ينقص ذلك من أجري، كما أنني لا أشعر بالسعادة والفرح عند الإخراج نظراً لنفسي الأمارة بالسوء، فهل ينقص ذلك أيضاً من أجري؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
النذر المعلق يلزم الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، لكن لا يجب الوفاء به على الفور إذا لم تكن صيغة النذر تقتضي ذلك ولم يكن لشخص معين، ولا يجزئ صرف النذر لمن نوى الناذر عدم صرفه لهم، ومجاهدة النفس والانتصار عليها للوفاء بالنذر فيها مزيد أجر ومثوبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه كما تقدم في الفتوى رقم: 56564، وما أقدمت عليه هو من قبيل النذر المعلق يلزم الوفاء به إذا حصل المعلق عليه كما سبق في الفتوى رقم: 17463.
وعليه فيجب عليك الوفاء بنذرك، وإذا كانت صيغته لا تقتضي الوفاء به على الفور فلا يلزمك تعجيل الوفاء وبالتالي فيجوز لك تقديم شؤون الزواج أو مساعدة والدك وزوجته، وراجع الفتوى رقم: 73108، والفتوى رقم: 21393.
ولا يجزئ صرف النذر لإخوتك أو غيرهم من الأهل الذين نويت عدم صرفه لهم، والنذر دين في ذمتك بداية من التحاقك بالعمل الذي زاد فيه راتبك على الخمسة آلاف وليس من الوقت الذي يتهياً لك فيه الوفاء بالنذر، وإذا نذرت الصدقة بالزيادة الحاصلة في الراتب مطلقاً فيلزمك التصدق بكل زيادة حصلت مهما كان حجمها وإن قصدت الزيادة على الراتب الأول فقط، فلا يلزمك غيرها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 98903.
ومجاهدتك للنفس الأمارة بالسوء والانتصار عليها للوفاء بالنذر وغيره من الطاعات مما يزيد الأجر وليس مما ينقصه، كما أن عدم الارتياح عند إخراج النذر لغلبة النفس لا ينقص الأجر إن شاء الله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 3293، والفتوى رقم: 56410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(19/908)
نذر أن يتصدق بما يزيد عن مبلغ معين من راتبه فهل يلزمه التصدق بكل زيادة مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عدة سنوات تقدمت للحصول على فرصة عمل لدى إحدى الهيئات، وكنت قد نذرت بأن ما يزيد عن الـ 5000 درهم من راتبي سأخرجه صدقة، وقد أكرمني الله تعالى وحصلت على العمل براتب 5500 درهماً، والحمد لله أقوم بإخراج 500 درهماً لقضاء هذا النذر.
ملحوظة أنا أقوم بإخراج النذر مجمعاً كل عدة أشهر لظروف تتعلق بكوني أعمل في بلد غير بلدي الأصلي.
وسؤالي كالتالي:
أكرمني الله بعد 3 سنوات بزيادة في راتبي، فهل يصبح كل ما يزيد عن الـ 5000 درهما هو نذر، أم فقط الـ 500 درهم التي هي زيادة عن راتبي في بداية عملي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اللازم هو أن تصرف أي زيادة على خمسة آلاف درهم تحصل في راتبك ما لم تكن قد نويت الزيادة في الراتب الأول الذي يحدد عند التوظيف فقط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن النذر قد ثبت النهي عنه في الإسلام، ففي الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: نهى صلى الله عليه وسلم عن النذر، قال: إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل.
ومن صدر منه نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء به، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وما دمت قد نذرت أنك ستخرج من راتبك ما زاد منه على 5000 درهم صدقة، فإنه يصير من الواجب عليك أن تخرج أي زيادة حصلت في راتبك على هذا المبلغ، سواء كان ذلك في بداية توظيفك أو فيما بعدُ، ما لم تكن قد نويت حين النذر أنك تقصد -فقط- الزيادة في الراتب الأول الذي يحدد عند التوظيف وذلك لأن الأصل أن اللفظ يبقى على ظاهره ما لم توجد نية تصرفه عنه أو يجري عرف يخصصه أو يقيده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(19/909)
نذر عمل طاعة لمدة معينة ونسي تحديد المدة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أنني اعتدت أن أنذر لله عز وجل في بعض الأحيان نذورا مختلفة مثل أن أصلي ركعتين مدة 15 يوما أو أصلي 4 ركعات لأسبوع مثلا..وأكتب النذر على دفتر مخصص لذلك مع ذكر المدة والتفاصيل كي لا أنسى ... ولكن هذه المرة نذرت لله ان أصلي 4 ركعات لله تعالى كل يوم ونسيت كتابة المدة وأنا لم أكن أقصد أن أصليها العمر كله وعندما تحقق ما نذرت له صرت أصليها من الشهر الرابع الميلادي السنة الفائتة حتى اليوم لأنني لا أدري ماذا أفعل هل لأنني نسيت أن أكتب المدة يجب أن أصليها العمر كله؟ ام أن تلك المدة تكفي؟ أفيدوني أفادكم الله ماذا علي أن أفعل؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن الإقدام على النذر مكروه ولا ينبغي للشخص أن يلزم نفسه ما لم يكلف به شرعا إذ قد لا يستطيع الوفاء، وقد يخل به فيرتكب بذلك مخالفة شرعية كان في غنى عنها، والنذر لا يأتي بما لم يقدر الله ولا يدفع ما قدره الله تعالى، ومع ذلك يجب الوفاء به إن كان نذر طاعة وحصل المعلق عليه في النذر المعلق، وأما بخصوص سؤالك فإن كنت أخي السائل حين نذرت لا تقصد أن تصلي لله أربع ركعات كل يوم وإنما تقصد مدة معينة فتلفظت أو سبق إلى لسانك ما لم تنوه بقلبك فلا يلزمك والحالة هذه إلا ما نويته بقلبك، ففي الفواكه الدواني للنفراوي رحمه الله قال: قال خليل: وما سمي وإن معينا أي على الجميع، وأما لو نوى بقلبه شيئا أو تلفظ بغيره فالمعتبر ما نواه بقلبه لا ما تلفظ به بلسانه كالمخالفة عند الإحرام لصلاة أو حج. اهـ.
واعلم أخي السائل أن من عجز عن الوفاء بنذره عجزا مؤقتا لزمه القضاء، وإن عجز عجزا لا يرجى زواله لزمته كفارة يمين، وإليك التفصيل، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادرا عليها، فعجز عنها، فعليه كفارة يمين لما روي عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا نذر في معصية الله، وكفارته كفارة يمين. قال: ومن نذر نذرا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين. رواه أبو داود، وقال: وقفه من رواه عن ابن عباس. وقال ابن عباس: من نذر نذرا لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا يطيقه، فليف الله بما نذر. فإذا كفر، وكان المنذور غير الصيام، لم يلزمه شيء آخر إلى أن قال وإن عجز لعارض يرجى زواله، من مرض، أو نحوه انتظر زواله، ولا تلزمه كفارة ولا غيرها لأنه لم يفت الوقت، فيشبه المريض في شهر رمضان، فإن استمر عجزه إلى أن صار غير مرجو الزوال، صار إلى الكفارة، إلى أن قال: وإن نذر غير الصيام، فعجز عنه، كالصلاة ونحوها، فليس عليه إلا الكفارة لأن الشرع لم يجعل لذلك بدلا يصار إليه، فوجبت الكفارة ; لمخالفته نذره فقط وإن عجز عنه لعارض، فحكمه حكم الصيام سواء، فيما فصلناه. انتهى بتصرف.
وقال النووي في المجموع: يكره ابتداء النذر، فإن نذر وجب الوفاء به، ودليل الكراهة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئا إنما يستخرج به من البخيل، رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذا اللفظ. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح، قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كرهوا النذر. انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(19/910)
الكفارة والإطعام على من عجز عن الوفاء بنذر الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة نذرت أن تصوم ستا من شوال كل عام ولا تستطيع الآن، فهل الفدية كل عام أم مرة واحدة.
أفتونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر نذرا مما يعتبر قربة كالصوم لزمه الوفاء به بلا خلاف، فعلى المرأة المذكورة أن تفي بنذرها كما نذرت فتصوم هذه الأيام كلما دارت عليها، فإن عجزت عن صيامها لعذر من مرض أو عجز مستمر فعليها أن تكفر كفارة يمين وتطعم عن كل يوم مسكينا، فإن زال العذر رجعت إلى الوفاء به مرة أخرى.. وإليك التفصيل وبيان كلام الفقهاء في هذه المسألة:
فقد امتدح الله عباده الموفين بالنذر، قال تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً {الإنسان:7} ، وقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري.
قال في كشاف القناع مموزجا بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: و َإِنْ نَذَرَ صِيَامًا فَعَجَزَ عَنْهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ نَذَرَ الصِّيَامَ فِي حَالِ عَجْزِهِ أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ لِأَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ وَالْإِطْعَامِ لِلْعَجْزِ عَنْ وَاجِب الصَّوْمِ , فَقَدْ اخْتَلَفَ السَّبَبَانِ وَاجْتَمَعَا فَلَمْ يَسْقُطْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهُ، وَإِنْ عَجَزَ النَّاذِرُ عَنْ الصَّوْمِ لِعَارِضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ انْتَظَرَ زَوَالَهُ كَالْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَا غَيْرُهَا إذَا لَمْ يَكُنِ النَّذْرُ مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَفَاتَ مَحَلَّهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ صَارَ الْمَرَضُ غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ صَارَ النَّاذِرُ إلَى الْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ فِي الْإِطْعَامِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا كَمَا لَوْ كَانَ ابْتَدَأَ بِذَلِكَ. انتهى. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2522.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(19/911)
من عجز عن الجمع بين الوفاء بنذره وقضاء ديونه
[السُّؤَالُ]
ـ[رزقني الله واشتريت شقة تمليك ولم يكن معي مبلغها كاملا فأخذت سلفة من العمل ومن بعض الأصدقاء وأنا الآن أنفذ التشطيبات اللازمة لهذه الشقة لأسكن فيها أنا وأسرتي.. وقد كنت نذرت منذ عدة سنوات أن أخرج ثلث المال الذي يأتيني من أي عمل خارجي (أي غير مرتبي الأساسي) لله.. وسؤالي هو: فهل يجوز لي في الوقت الحالي أن أتوقف مؤقتاً عن إخراج النذر الذي نذرته حتى أسدد ما علي من ديون والتزامات ... وهل لي أن أنفق المال الذي يرزقني الله إياه من أي عمل خارجي على تشطيب الشقه للسكن فيها ... علماً بأني أسكن حالياً في شقه بعقد محدود المدة وإيجار شهري كبير (عقد إيجار جديد كما نسميه هنا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
والوفاء بالنذر واجب على الفور إذا كانت صيغة النذر تقتضي ذلك، فإذا عجزت عن الجمع بين الوفاء بنذرك وقضاء ديونك سواء كانت أقساطاً أوغيرها فيتعين حينئذ تقديم قضاء ديون الآدميين، لأن حقوقهم مبنية على المشاحة؛ بخلاف حقوق الله تعالى فهي مبنية على المسامحة، وبالتالي فلك إنفاق جميع المال في قضاء الأقساط المترتبة عليك من تلك الشقة وتأخير الوفاء بالنذر إذا كنت لا تستطيع الجمع بين الوفاء به وقضاء الديون، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71030، 94928، 58467.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(19/912)
مدى الارتباط بين عدم الوفاء بالنذر وعدم استجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي نذر أن يصوم شهرين متتابعين وهو في سن الخامسة والعشرين ولم يف بذلك وهو الآن في سن السابعة والثلاثين فهل يعد ذلك سببا لعدم الاستجابة للدعاء وماهي الآثار المترتبة على عدم الوفاء.
... ... ... ... ... ... ... جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره، مع التنبيه على أن الإقدام على النذر مكروه كما في الفتوى رقم: 56564.
وعليه؛ فالواجب على زوجك الوفاء بنذره إن استطاع ذلك، وإن كان نذره مؤقتا بحيث نذر صيام شهرين معينين على وجه الفور فلا يجوز له تأخير الصيام مع القدرة عليه، ويترتب على ذلك الإثم مع لزوم كفارة يمين للتأخير مع الصيام أيضا عند بعض أهل العلم؛ كما تقدم في الفتوى: 6189.
وإن كان نذره للصيام غير مؤقت فيستحب له تعجيل الوفاء به ولا يجب عليه ذلك؛ كما في الفتوى رقم: 7004.
وفي حال عصيانه بتأخير النذر وإصراره على عدم الوفاء فقد يكون ذلك سببا من أسباب عدم استجابة الدعاء لأنها من نعم الله تعالى، والمعاصي سبب للحرمان من النعم وزوالها، وراجعي الفتوى رقم: 56637.
وإن كان عاجزا عن الوفاء بالنذر فقد سبق تفصيل حكم ذلك في الفتوى رقم: 19796.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 34236، والفتوى رقم: 35121.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(19/913)
يجب الوفاء بالنذر على الصفة التي ذكرتها في نذرك
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إن تزوجت هذا العام أن أصلي بزوجتي بسورة البقرة كاملة ليلة الزفاف ثم يسر الله الأمور وسأتزوج خلال هذا العام ثم سمعت من أحد العلماء أن الركعتين سنة الزواج خفيفتين، فهل يجوز أن نصلي ركعتين خفيفتين ونقرأ السورة أو أصلي بالسورة بأكثر من يوم مع اعتبار مشقة الصلاة بالسورة كاملة خاصة في تلك الليلة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، كما تقدم في الفتوى رقم: 56564، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
وعليه.. فالواجب الوفاء بالنذر على الصفة التي ذكرتها في نذرك ولا يجزئك صلاة ركعتين خفيفتين أو الصلاة بسورة البقرة تدريجياً في يوم أو أقل، وليست تلك المشقة هنا بمبيح للتحلل من النذر أو تغييره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34233.
ولا يلزم زوجتك مشاركتك في الوفاء بالنذر لأن الوجوب لا يشملها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك. متفق عليه واللفظ للبخاري. وإن كان الأفضل في حقها مساعدتك في الوفاء بنذرك لأن ذلك من التعاون على الطاعة والخير كما أمر الله تعالى بقوله: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، وللفائدة في الموضوع راجع الفتوى رقم: 10267، والفتوى رقم: 2521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(19/914)
لا يلزم شيء إن لم يتحقق المنذور
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت لله على شيء إذا تحقق أن أذبح 6من المواشي كل سنة وبعده لم يتحقق (فشعرت أنه صعب لي) سؤالي هو هل أستطيع أن أبدل بين 6 من المواشي إلى 3 قبل أن يتحقق الشيء الذي أريده ... أرجوكم ساعدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النذر إذا انعقد لا بد من إمضائه ولا يصح استبداله أو الرجوع عنه؛ فمن نذر شيئا مما يتقرب به إلى الله تعالى لزمه الوفاء به، فقد أمر الله عز وجل بالوفاء بالنذر، فقال تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج: من الآية29} ومدح عباده الأبرار وذكر بعض صفاتهم فقال تعالى: ... يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً {الإنسان:7} .
ولذلك لا يصح لك الرجوع عن النذر الأول إلا إذا كنت قد عينت له وقتا محددا ولم يتحقق في هذا الوقت فإنه يعتبر منتهيا ومنحلا بانتهاء الوقت المحدد فلا يلزمك شيء.
وللمزيد انظر الفتويين: 41844، 53176.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1428(19/915)
من نذر أن يرسل عدة أشخاص للعمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت بأن أرسل والدي ووالدتي وخالتي وزوجها لأداء مناسك العمرة، وهدفي من ذلك إصلاح الجميع مع بعضهم البعض ومتمنياً الأجر والثواب من الله تبارك وتعالى، فأفيدوني بارك الله فيكم وجزاكم كل خير، في حال عدم تمكني بالوفاء بهذا النذر بسبب عدم توفر الإمكانيات المادية، هل يسقط عني هذا النذر أم يبقى معلقاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 56564، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري. وبالتالي فالواجب عليك الوفاء بنذرك، لكن إن عجزت عن الوفاء به عجزاً مؤقتاً فانتظر حتى تجد الاستطاعة، وإن كان عجزك هنا لا يرجى زواله فيكفيك إخراج كفارة يمين، كما في الفتوى رقم: 32880.
وهذه الكفارة سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 95847، وإصلاح ذات البين ثوابها عظيم. وراجع فيه الفتوى رقم: 53747.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(19/916)
مسائل في النذر ومصارفه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل:
لقد نذرت بأن أصوم خمسة أيام وأن اذبح خروفين إذا تحقق لي أمر والآن بفضل الله تحقق الأمر الحمد لله حمداً كثيرا طيبا مباركا وصمت الخمسة أيام الحمد لله ولكن بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع من تحقق هذا الأمر، فهل فى ذلك شيء، أما بخصوص الخروفين فلم أنو أن أذبحهما بنفسي وإنما نويت أن أذبحهما فى سبيل الله، فهل يمكن أن أرسل ثمن الخروفين لأخي فى بلدي الأصلي (علما بأنني أقيم فى بلاد الغرب) وهو يقوم بالذبح عني وكيف يتم توزيعهما وهل يمكن لأهلى أن يأكلوا منهما، أم أقوم بدفع ثمن الخروفين للإغاثة الإسلامية فى البلد الذي أقيم فيه وهي تتولى الأمر، وهل يمكن أن أتصدق بثمن الخروفين لأهلي، علما بأن والدي متوفى رحمة الله عليه وقال لي أخي بأنهم منذ خمسة أشهر لم يدفعوا إيجار البيت الذي يسكنون فيه، علما بأنني أمتلك مبلغا من المال يمكنني من القيام بالأمرين معا، اعذروني على كثرة الأسئلة أريد أن أعرف أفضل وسيلة حتى يتقبل الله مني وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في النذر المعلق الكراهة على الراجح؛ لحديث الصحيحين: عن عبد الله بن عمر: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً، ولكنه يستخرج به من البخيل.
. ولكنه لو نذر العبد نذراً معلقاً وجب عليه الوفاء به عندما يحصل المعلق عليه، وأن يكون الوفاء حسب الصفة التي وقع النذر عليها إن أمكن فعله على تلك الصفة، وبناء عليه فيتعين ذبح الخروفين، ولا يسوغ العدول عنه ما دام ممكنا.
وأما مصرف لحم الخروفين الذين نويت ذبحهما في سبيل الله فهو المحتاج من فقراء المسلمين، ولا يتقيد ببلد لأنك لم تقيده، فلو أرسلت لأخيك ليذبحهما نيابة عنك في بلدك الأصلي ويوزعها على أقاربك لكان في ذلك أداء الواجب إن شاء الله تعالى، وكذا لو أعطيت جهة إسلامية موثوقاً بها.
وإذا استفاد إخونك من لحم الخروفين بأن أكلو منه أو باعوا ما وصل إليهم فإن ذلك لا يغني عما هو مطلوب منك من مساعدتهم في إيجار البيت.
ثم إننا ننبه إلى أن نفقة الأهل قد تجب وتشمل توفير المسكن والملبس والطعام خصوصاً إذا كانوا محتاجين عاجزين عن توفير هذه المسائل، ويتأكد الأمر إذا كان ضمن الأسرة الأبوان أو أحدهما، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76298، 39717، 26432، 14451، 3630، 58400، 55181، 35568، 27782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(19/917)
الوفاء بالنذر لا يجب على الفور ما لم يحدد بزمن
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عملت بعض الفحوصات الطبية ونذرت إن كانت جيدة سأصوم يومين متتاليين وفوجئت بالطبيب يقول لي إن فحوصاتي جيدة والحمد لله وأني بفضل الله تعالى ومنه حامل وأنا لم أنذر الصيام للحمل لأنني أجهضت مرتين وأخاف على حملي وقد كنت قبل ذلك قد نذرت نذراً آخر للحمل، والآن الحمد لله أوفيه، بالنسبة للصيام قلت حين نذرت أن أصوم بعد الميعاد حتى ولو بيومين، فماذا يجب علي فعله الآن، علما بأني آخذ دواء مرتين يومياً، فهل يجوز لي تأخير الإيفاء بالنذر فقط حتى يثبت الحمل، وهل علي كفارة إن أجلته؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك الوفاء بالنذر وهو صوم يومين متتاليين إذا ثبت بعد إجراء الفحوصات أن صحتك جيدة؛ لأنك علقت نذرك على ذلك وقد تحقق، والوفاء بالنذر لا يجب على الفور إلا إذا حدد بزمن، فإذا حدد به وجب الوفاء به فيه دون تأخير وقولك: أصوم بعد الميعاد حتى ولو بيومين لا يجعله محدداً بوقت بحيث يجب عليك الصوم بعد يومين من الموعد للفحوصات لأن الصيغة لا تدل على التحديد، وإنما تدل على الإسراع بالصوم بعد الموعد.
وعليه فتأخير الصيام من أجل تناول الحبوب جائز. وعليك الوفاء به متى تمكنت من ذلك ولا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(19/918)
الناذر يفي بنذره كما نذره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
شيوخنا الأفاضل لقد نذرت أن أصوم خمسة أيام وأن أذبح خروفين فى سبيل الله (لا أقصد أن أذبحهم بنفسي) إذا تحقق لي شيء معين والحمد لله حمداً كثيراً طيبا مباركا تحقق هذا الشيء بفضل الله سبحانه وتعالى، والآن والحمد لله قضيت جزءا من النذر (الصيام) وبقي الذبح، فهل يمكن أن أرسل ثمن الخروفين لأخي فى بلدي الأصلي، علما بأنني أقيم فى بلاد الغرب وهو يقوم بذبحهما وكيف يتم توزيعهما، وهل يحق لأهلي الأكل منهما أم أقوم بدفع ثمن الخروفين للإغاثة الإسلامية فى البلد الذي أقيم فيه وهي تتولى الأمر أم أتصدق بها لأهلي، علما بأن والدي متوفى رحمة الله عليه وأخي قال لي بأنهم منذ خمسة أشهر لم يدفعوا إيجار البيت الذي يسكنون فيه، علما بأنني الحمد لله أملك بعض المال يمكنني من الذبح ودفع الإيجار، فأفيدونا ما هي أفضل وسيلة حتى يتقبل الله مني (أتمنى أن لا تحيلوني إلى سؤال سابق حتى أفهم الإجابة بدقة) ؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي حقق لك المراد ونسأله سبحانه أن يديم عليك النعمة ويرزقك شكرها، والواجب عليك الوفاء بالنذر وهو صوم خمسة أيام والذبح، أما الصوم فحكمه واضح عندك، وأما الذبح فنقول يلزمك أن تفي به كما نذرته ولا يجزئك أن تدفع مالاً بدل الذبح، ويمكنك أن تذبح بنفسك أو توكل من يشتري لك الشاتين سواء كان أخاك أو هيئة إغاثة ونحو ذلك، ويذبحهما عنك سواء كان ذلك في البلد الذي أنت فيه أو في غيره كبلدك الأصلي، ويجوز أن تعطي منهما إخوانك لأنهم فقراء -كما ذكرت- لأن نفقتهم غير واجبة عليك وهم إن أعطوا الوالدة من ذلك شيئاً إذا كانت لا تزال على قيد الحياة فلا بأس بذلك، أما أنت فلا يجوز لك إعطاؤها لأن نفقتها واجبة عليك، وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 21113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(19/919)
صرف النذر إلى أهل بلد غير الذين عينهم الناذر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت نذرت أثناء أزمة اللبنانيين في العام الماضي أن أدفع لهم 500جنيه، ونذرت أن أدفعها خلال سنة، وإن شاء الله سيحين أوان دفعها الشهر القادم، وقد أخبرتني أمي بأن لنا أقرباء فقراء في الصومال هم في أمس الحاجة إلى المساعدة نظرا للأوضاع الراهنة هناك، فهل سأعتبر ناقضة لنذري إن دفعت المبلغ لهؤلاء الصوماليين بدلا ممن نذرت لهم في الأصل من أهل لبنان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو أنه لا حرج على الأخت السائلة أن تصرف الصدقة التي نذرتها على إخوانها في الصومال بدلاً من أهل لبنان الذين عينتهم في النذر أخذاً بقول من أجاز ذلك من العلماء.
قال ابن الهمام الحنفي في فتح القدير: " ولو نذر أن يتصدق على فقراء مكة فتصدق على غيرهم جاز، لأن لزوم النذر إنما هو بما هو قربة وذلك بالصدقة...." أ. هـ.
ولو صرفتها على أهل لبنان الذين عينتهم في نذرها فهذا أحوط وأبرأ للذمة لأن من العلماء من منع من صرف النذر في غير من عينهم الناذر.
جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي الشافعي:" ... لو نذر أن يتصدق بكذا على أهل بلدٍ عينه وجب أن يتصدق به عليهم...." أ. هـ. مختصراً. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1428(19/920)
الوعد بالنذر وتوكيل الغير بإيصاله إلى مكانه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حصلت لي مشكلة بسيطة وقلت لو مرت هذه المشكلة على خير سوف أنذر للرحمن 200 دولار أمريكي أعطيها للمنكوبين بسبب الزلزال في باكستان والحمد لله مرت المشكلة على خير وعندما أردت أن أدفع المبلغ لم أعرف كيف أوصله إلى باكستان علما أني عايش بأمريكا فما هو الحل هل أعطيها للمسجد الذي عندنا وهم يتصرفون بمعرفتهم أو أفرقها للفقراء والمساكين؟ أفيدوني افادكم الله. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك (لو مرت هذه المشكلة على خير سوف أنذر للرحمن 200 دولار) ليس نذرا لازما، ولكنه وعد بالنذر يندب لك الوفاء بما وعدت به وعزمت عليه.
والوفاء يكون بنفسك أو بتوكيل من يقبل بإيصاله إلى باكستان، فإن لم تتمكن ولم تجد من يوصله وهذا بعيد لتيسير وسائل الإيصال في هذا العصر فيجزئك أن تصرفه للفقراء والمساكين المسلمين في البلد الذي أنت فيه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 37057.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(19/921)
إبراء الذمة والوفاء بالنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم فى شخص أخذ مالاً ليتبرع به لشخص مريض ولكن أخذته الدنيا ولم يعطه للمريض وتوفي هذا المريض وبعدها نذر هذا الشخص أن يخرج أول مرتب له كله عندما ينتقل لعمل أكبر، فاذا كان هذا الشخص يملك مالا الآن ويستطيع أن يخرج المال منه، ولكنه لا يعرف ماذا يفعل في النذر، فأرجو الإجابة فإن هذا الشخص يشعر أنه بعيد عن الله بسبب هذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذا الشخص مع التوبة إلى الله أن يرد هذا المال إلى الجهة التي حصل عليه منها، فإن تعذر ذلك فيجب عليه صرفه إلى مريض آخر يكون محتاجاً إليه، والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
ويجب عليه أيضاً أن يوفي بنذره، فقد قال الله تعالى في صفات أهل الجنة: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان:7} ، وقال صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري، وراجعي في ذلك للأهمية الفتوى رقم: 9034.
وإذا كان لا يمكنه الجمع بين إبراء ذمته بإخراج المال الذي عليه للمريض والوفاء بنذره قدم إخراج المال الذي للمريض على الوفاء بالنذر لأن هذا المال من حقوق العباد المبنية على المشاحة وهي مقدمة -عند التعارض وعدم إمكانية الجمع- على حقوق الله تعالى المالية كالنذور والكفارات المبنية على المسامحة، فإن الله تعالى واسع الفضل والرحمة وهو الغني الحميد، أسمح الغرماء وأكرم الكرماء قد يعفو عن حقه مع التوبة وبدونها، أما حقوق العباد فلا يتم العفو والتخلص منها إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها.
وإلى هذا ذهبت لجنة الفتوى بالأزهر فقالت: لو تعلق بذمة الإنسان حقان ماديان، أحدهما لله والثاني للعباد ولا يملك إلا ما يوفي واحداً منهما قدم حق العباد على حق الله، فمن كان عليه دين لإنسان، وقبل أن يؤديه نذر بناء مسجد أو التصدق على الفقراء، والمال الذي عنده لا يكفي لقضاء الدين والوفاء بالنذر، فالواجب أن يؤدى الدين أولاً، وأما النذر فيكون الوفاء به عند القدرة التي لا توجد إلا بعد قضاء الدين والالتزامات الأخرى، والقدرة وقتها متسع وعند نية الوفاء يرجى عفو الله عند التعذر، فهو سبحانه واسع الرحمة والمغفرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(19/922)
هل يلزم النذر بالنية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في ال 20 من العمر وأريد طلب الاستشارة منكم وأرجو منكم أن تفيدوني بجواب بأسرع وقت ممكن
لقد كان عندي امتحان مهم جدا مصيري إن صح القول وبدونه لا أستطيع أن أتابع دراستي وكنت قد أعدته مرتين ولم أنجح فيه وفي المرة الثالثة قلت بيني وبين نفسي إني إن نجحت به سأقوم بما يلي
أن أصوم ثمانية أيام متتالية وأختم القرآن مرة وأدفع مبلغا من المال وأداوم على الصلاة وأقلع عن معصية أقوم بها ولكني نادمة عليها حقا (أرجوكم لا تأخذوا عني أي فكرة وإنما أجيبوني عسى أن يهديني الله على أيديكم)
وبعد أن نجحت تحدثت إلى أخي عما نويت وللأسف لم أكن أعلم أي شيء عن النذر وعن موقف نبينا الحبيب والشرع منه ولم أسأل أحدا قبل القيام بالأمر وظننت أني أفعل خيرا.
ولكن....ااااااااخ بعد نجاحي بالامتحان وحديثي مع أخي أوضح لي كل ذلك وأنه ممكن أن تكون فيه نية المقايضة مع الله عز وجل والعياذ بالله.
وللأسف كنت قد قمت بالمعصية مرة بعد نجاحي ولكني والله والله نادمة على ما فعلت وأعيش في حالة مزرية أتمنى منكم إجابتي على أسئلتي التالية وان تستوضحوا لي رأيكم فيما فعلت
ترى هل علي الكفارة وما هي الكفارة وان لم يكن باستطاعتي القيام بها وأنا أشعر باني أسأت فيما فعلت وأشعر كمن عليه ديون كثيرة أثقل بها على نفسه.
أرجوكم أريد حلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك: قلت بيني وبين نفسي إني إن نجحت سأقوم بما يلي:
أن أصوم ثمانية أيام متتالية وأختم القرآن مرة وأدفع مبلغا من المال وأداوم على الصلاة وأقلع عن معصية كنت أقوم بها ولكني نادمة عليها حقا ...
ثم قولك بعد ذلك: وبعد أن نجحت تحدثت إلى أخي بما نويت ... ، كلها أمور تفيد أنك لم تنطقي بما أردته من الالتزام، وإنما اقتصرت على نية فعله فقط.
والنذر لا يلزم بالنية في قول كثير من أهل العلم. فقد جاء في المجموع للنووي وهو من كتب الشافعية: قال أصحابنا: يصح النذر بالقول من غير نية، كما يصح الوقف والعتق باللفظ بلا نية. وهل يصح بالنية من غير قول أو بالإشعار أو التقليد أو الذبح مع النية؟ فيه الخلاف الذي ذكره المصنف. (الصحيح) باتفاق الأصحاب أنه لا يصح إلا بالقول ولا تنفع النية وحدها.. .
وجاء في الإنصاف، وهو من كتب الحنابلة: ولا يصح [يعني النذر] إلا بالقول ... هذا المذهب، وعليه الأصحاب. قال الزركشي: وهو المذهب المجزوم به لعامة الأصحاب. وجزم به في الوجيز وغيره. وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم ...
وللمالكية قولان في المسألة، فقد جاء في مواهب الجليل للحطاب: هل ينعقد النذر بالكلام النفسي وحده أو لا ينعقد أو يدخله الخلاف كما في اليمين ... ؟
ولم نقف على شيء صريح في المسألة في الفقه الحنفي، ولكن قواعد مذهبهم تفيد أنه لا يلزم بالنذر إلا ما كان ملفوظا. جاء في نصب الراية: (ولو قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله تعالى فلا شيء عليه) ؛ لأن التزام الحج أو العمرة بهذا اللفظ غير متعارف ...
وعليه، فلا نرى أن عليك شيئا فيما التزمت به، طالما أنك لم تتلفظي به، وأنه كان مجرد كلام نفسي.
ولكن لا بأس بالوفاء بهذا الالتزام، وإن عجزت عن ذلك فلا بأس بدفع كفارة يمين، مراعاة لمن يقول بلزوم النذر في مثل حالتك.
وعلى أية حال، فإنا ننصحك بالابتعاد عن مثل هذه الالتزامات، لما ورد فيها من النهي، كما ننصحك بالابتعاد عن المعصية، والحذر من خطوات الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(19/923)
حكم العجز عن الوفاء بنذر االصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت لابنى أنه لو دخل كلية الهندسة سوف أصوم اثنين وخميس، وقد قمت بالفعل بذلك لمدة ستة سنوات متواصلة، وفي فترة من الفترات قمت بإجراء عملية جراحية لم أصم لمدة سبعة أشهر فترة المرض ثم واصلت الصيام بعد ذلك وقد سألت أحد الشيوخ عن كفارة هذا النذر وأني أتعب من الصيام بعض الأيام فقال لي أطعمي عشرة مساكين وقد أديت الكفارة والآن أقوم بصيامهم مرة أخرى لتشكيك بعض الشيوخ لي في هذه الكفارة
والآن أنا أتعب في بعض الأيام، الرجاء أن تفيدوني برأيكم في ذلك (مواصلة الصيام أم الكفارة صحيحة)
وإذا توفاني الله فهل يقع الصيام على أحد من بعدي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نذر طاعة كالصوم وعلقها على حصول أمر مباح فينعقد نذره وعليه الوفاء به إلا إذا عجز عن الوفاء فعليه كفارة يمين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم، أي كفارته عند العجز، وروى أبو داود عن ابن عباس مرفوعا: ومن نذر نذرا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين.
ونذرك للصوم معلق على أمر مباح وهو دخول ولدك في كلية الهندسة فعليك الوفاء به إلا عند العجز فتجزئك عنه كفارة يمين.
ولو كنت عند أداء الكفارة التي أخرجتها عاجزة عن الصوم فقد أجزأتك، وإلا فهي غير مجزئة وعليك قضاء الصوم الذي تركته مع القدرة عليه لأن الكفارة لم تصادف محلا صحيحا، فإذا عجزت عن الصيام عجزا مستمرا فعليك الكفارة.
وينتهي النذر بالوفاة فلا يلزم أقاربك شيئا تجاه هذا النذر إلا إذا كنت قد أفطرت أياما مع القدرة على الصيام ولم تقضها قبل الوفاة فإنه يخرج من تركتك إطعام مسكين بدل كل يوم أو يصوم عنك أحد أقربائك لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه، هذا كله بحسب ما فهمنا من السؤال أنك نذرت صيام الإثنين والخميس من كل أسبوع، أما ظاهر قولك (اثنين وخميس) أنه مرة واحدة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(19/924)
من علق نذره على أمر ولم يقع
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي أخفت عن أبي أنها رسبت في مادة في الفصل الدراسي الأول ونذرت إذا نجحت ستخبره بذلك، علماً بأن هذا من الممكن أن يؤدي إلى غضبه، فماذا تفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على أختك إن شاء الله في إخفاء أمر رسوبها في الدراسة عن والدها، بل لعل هذا هو الأفضل، فإن من بر الوالد عدم إغضابه، وإذا نجحت مستقبلاً فهي مخيرة في نذرها بين الوفاء به بأن تخبر والدها أو تكفر كفارة يمين كما في الفتوى رقم: 38653.
وإن كان المقصود أنها نذرت إذا نجحت ستخبره والآن لم تنجح فإنه لا يلزمها شيء لأنها علقت نذرها على أمر ولم يقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(19/925)
لا تأثير للنذر فيما قدره الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن الذي يريد ولدا ذكرا ينذر لله أن يسميه محمدا، فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الأمر غير صحيح، والنذر لا تأثير له في المقدورات، وإنما تنال المرغوبات بالدعاء، ففي الحديث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه، وفي رواية أنه: لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53934، 79093، 79641، 70670، 49867، 39792، 15268.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(19/926)
هل يلزم الوفاء إذا نذر الصوم إن أعطي بيتا فأعطي مالا واشترى بيتا
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أصوم ثلاثين يوماً إذا الدولة أعطتني بيتاً، ولكن الدولة أعطتني مالاً واشتريت به البيت، فهل يلزمني الإيفاء بالنذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تفي بالنذر بعد حصولك على ما علقته عليه وهو الحصول على البيت من طرف الدولة إذ لا فرق في الحقيقة بين أن تعطيك بيتاً أو تعطيك المال لتشتري أنت البيت، اللهم إلا إذا كانت نيتك عند النذر تخص إعطاءك ذات البيت فعند ذلك لا يلزمك الوفاء بالنذر إذ لم يحصل ما قصدته بنيتك، لكن هذا أمر مستبعد، وأنت تعلم ما كنت تقصد. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 4241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(19/927)
نذر المازح
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا عن طريق المزاح حيث إني لي عم وأنجب طفلا وذبح له عقيقة وهي خروف وأتى لنا بشيء قليل منها فقلت لو أن الله رزقني بطفل لذبحت عجلا والعجل عندنا ثمنه كبير غالي الثمن فماذا أفعل وظروفي لا تسمح بشراء عجل في الوقت الحالي وللعلم زوجتي حامل بطفل. أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تلفظ بالنذر انعقد نذره ولو كان مازحا. قال الإمام النووي رحمه الله: قال أصحابنا: يصح النذر بالقول من غير نية كما يصح الوقف والعتق باللفظ بلا نية.
وقال بدر الدين الزركشي في المنثور: من الأعمال ما يحصل بغير نية كالطلاق بالصريح والعتق والنذر.
واللفظ الذي تلفظت به من ألفاظ النذر. قال العلامة البهوتي: أو علق النذر بشرط وجود نعمة يرجوها، أو دفع نقمة يخافها كقول: إن شفى الله مريضي أو سلم مالي لأتصدقن بكذا، فوجد شرطه لزمه الوفاء بنذره نصا، أي نص عليه الإمام أحمد.
وعليه، فإن عجزت عن الوفاء بالنذر بعد ولادة زوجتك فإن عليك أن تكفر كفارة يمين؛ لما روى أبو داود في سننه وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا لم يطقه فكفارته كفارة يمين. زاد ابن ماجه في روايته: ومن نذر نذرا أطاقه فليف به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1428(19/928)
حكم دفع بدل ما حدده الناذر في نذره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في دولة أوروبية ونذرت لله تعالى أن أشتري مصحفا وأضعه في المسجد ولكن إمام المسجد قال لي بأن السفارة السعودية تزود المساجد بالعدد الكافي من المصاحف وليسوا بحاجة إلى المزيد.
السؤال: هل لي أن أضع نقودا في المسجد بدل المصحف وخاصة أن المسجد بحاجة ماسة للفلوس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن الناذر يجب عليه أن يفي بنذره على الوجه الذي حدده في نذره، ولا يجوز له العدول عنه إلى غيره ما دام قادرا على الوفاء به، هذا مذهب جمهور الفقهاء، وعلى هذا، فإن على الأخ السائل أن يفي بنذره ولو كان في المسجد مصاحف أخرى، إذ إنه لا بد من حصول الانتفاع به في بعض الأحيان، لكن قد أجاز بعض أهل العلم إخراج القيمة في النذر، فعلى هذا القول لا بأس بإخراج القيمة نقودا لاسيما إذا كان المسجد محتاجا إلى الفلوس في إصلاحه أو إنارته أو نحو ذلك مما يحتاجه المصلون من الأمور الضرورية وفيه من المصاحف ما يكفي. ففي متلقى الأبحر في الفقه الحنفي: ويجوز دفع القيم في الزكاة والعشر والخراج والكفارات والنذر وصدقة الفطر. انتهى. وفي الموسوعة الفقهية: ويجوز الانتقال من الأصل إلى البدل إذا كان في البدل مصلحة ظاهرة شرعا، فيجوز عند بعض الفقهاء الحنفية دفع بدل الواجب في الزكاة والصدقة وزكاة الفطر والنذر والكفارة. انتهى. وقد سبقت لنا فتاوى تفيد هذا المعنى تحت الأرقام التالية: 42626، 80719، 19270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(19/929)
نذر المال للفقراء هل يجزئ عنه إخراج كوبونات إفطار صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد إذنك ممكن أستفسر بخصوص إني نذرت نذراً إن الله شفاني أن أتبرع بمبلغ للفقراء والمحتاجين، والحمد الله الله شفاني وعافاني، سؤال بالنسبة للنذر يوم رحت أوفي نذري إلى الجمعيات تعمل بطاقات وأدور ولا لقيت أي كوبونات مكتوب عليها للفقراء والمحتاجين، فسألت المسؤول قال لي إن العمل حسب النية فتبرعت فيهم على شكل كوبونات إطعام صائم، سؤالي هو: هل وفيت بالنذر أم أن الوفاء بنذري غير صحيح، وهل الله يتقبل مني؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأخت السائلة قد نذرت أن تتصدق على الفقراء بمبلغ من المال أي الفلوس إن شفاها الله تعالى ثم حصل الشفاء، فإن عليها أن تفي بنذرها حسبما نذرت ولا يجوز لها أن تدفع غير الفلوس لا طعاماً ولا غيره، ومن أهل العلم من جوز إخراج القيمة، قال ابن نجيم الحنفي: والحاصل أن الحي إذا نذر بالتصدق بمال نفسه فتصدق بمثله أو قيمته ففيه روايتان. انتهى من البحر الرائق شرح كنز الرقائق.
فإن كانت الجمعية التي دفعت لها المبلغ مأمونة موثوقاً بها وأخبرت الأخت المسؤولين عن الجمعية أنها نذرت أن تدفع الفلوس، وأخذوها منها على هذا الوجه فإن هذا يعتبر كافياً للوفاء بالنذر ولو كانت الكوبونات التي أخذت عليها إفطار صائم، لأن هؤلاء صاروا وكلاء على صرف هذا المال للجهة المعينة في النذر وهم مؤتمنون على ذلك ما داموا محل ثقة، كما هو الحال في الزكاة، إلا إذا كان أخذ الكوبونات التي عليها إفطار صائم يعني أنهم سيخرجون النذر طعاماً، فإن ذلك غير مجزئ في حق من نذر أن يخرج فلوساً، عند من يشترط ذلك كما تقدم، ولتنظر في الفتوى رقم: 67854.
وإن كان قصدها عند النذر أن تدفع للفقراء شيئاً فلوساً أو غيرها فعند ذلك يجزئها إخراج الطعام وغيره، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: ولو قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أتصدق بشيء صح نذره ويجزئه التصدق بما شاء من قليل وكثير. انتهى.
مع أنها لو دفعت المال بنفسها إلى الفقراء كان ذلك أبلغ في الاطمئنان على إيصال الحق إلى أهله، ثم إن قبول العمل أمر غيبي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، لكن إذا توفرت في العمل شروط القبول التي منها أن يكون الباعث عليه ابتغاء مرضاة الله تعالى، وكان المال المنفق حلالاً طيباً، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. ومع أن قبول الأعمال أمر غيبي فإن المؤمن مطالب بالحرص على أن يكون عمله مقبولاً عند الله تعالى ويأخذ بأسباب ذلك، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومن الأخت السائلة صالح الأعمال، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27782، والفتوى رقم: 28592.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(19/930)
إذا تصدق المرء فهل يجزئه أن يحتسبها وفاء لنذر نذره
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أنتظر تحقيق أمر مهم في حياتي فنذرت نذرا إن تحقق لي ذلك أن أخرج مبلغ 1500 دولار. تحقق لي هذا الأمر بفضل الله. وسؤالي؟ اختلط علي، فصرت أقول بأن المبلغ هو3500 وليس1500 ثم إني أخرجت مالا دون أن أنوي أنه جزء من النذر وأتذكر بعد ذلك أن علي نذرا، فهل يجوز أن أعتبر هذا المال الذي أخرجته جزءا من النذر؟ وهل يمكن إخراج النذر على دفعات؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت متيقنا أو غلب على ظنك أن قدر النذر هو (1500) دولار فالواجب عليك إخراجه دون زيادة، لأن الأصل براءة ذمتك من الزائد، واعلم أنه لا بد للنذر من نية، فلا يجزئ اعتبار المال الذي تصدقت به دون أن تنوي به النذر عن نذرك، بل لا بد من إخراجه كاملا بنية، ويجوز إخراج النذر على دفعات إذا لم يحدد لإخراجه زمنا معينا ولم يكن نذره على الفور كما بيناه في الفتوى رقم: 71030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(19/931)
من نذر أن يتعلم العلوم الشرعية ودخل كلية غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب نذر أنه إذا تحصل على شهادة البكلورية سوف يدرس العلوم الشرعية لكن عندما نجح دخل معهد الحقوق مع العلم أن الحقوق علوم شرعية (وضعية)
والمصيبة أن الشاب الآن وبعد أكثر من 6 سنوات لم يتحصل على دبلوم أو أي شهادة أخرى فما العمل ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بالعلوم الشرعية تعلم القرآن وعلومه والحديث وعلومه والفقه وما يتعلق بذلك، فقد ذكر العلماء أن تعلم ما زاد على فرض العين من هذه العلوم من فروض الكفاية، وفرض الكفاية لا ينعقد نذره عند الجمهور، وينعقد عند الشافعية؛ كما سبق تحريره في الفتوى رقم: 60650.
وعلى هذا؛ فليس على الشاب المذكور نذر لأن نذره غير منعقد عند أكثر الفقهاء، وكذلك لا ينعقد نذره من باب أولى إذا نذر تعلم ما يجب عليه تعلمه من الأحكام العينية من العقيدة والفقه في حكم ما تصح به طهارته وصلاته وصيامه وغير ذلك مما لا يسع المسلم جهله لأن ذلك واجب أصلا، نذر أو لم ينذر، مع التنبه على أن القوانين الوضعية ليست من العلوم الشرعية، وغاية أمرها أن تكون من المباح إذا لم تصادم شرع الله تعالى، كما ننصحه بتقوى الله تعالى والاستعانة به وبالاجتهاد والمثابرة في طلب العلم، فبذلك يصل إلى مراده إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1427(19/932)
حكم من ترجح عنده ما نذره مدة عمره
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت إن تزوجت فلان بن فلان سأصوم اثنين وخميس ولم أحدد مدة معينه وأرجح أني ربما حددت العمر كله ولكني أشك في التحديد. وتزوجت هذا الشخص ولي الآن معه 19 عاما ومنذ 3 سنوات بدأت في صيام النذر.
السؤال:1/ ما حكم تأخري بالوفاء بالنذر؟ وماذا أفعل؟
2/ماذا أفعل في المدة الأولى التي لم أصم فيها {16سنه} ؟ وما كفارتها رغم أنني أصوم لأحاول أن أقضي المدة الفائتة مع الوفاء بالنذر حاليا لأنني بدأت في صوم النذر اثنين وخميس منذ 3 سنوات ووصلت في قضاء النذر الفائت من السنوات الماضية 30 يوما وم ازلت مستمرة علما بأنني لا أعاني من مرض معين ولكن هذا الصيام يأخذ مني جهدا كبير ويسبب لي إرهاقا علما بأنني لدي 6 عيال 3 كبار و3 صغار وزوج وبيت وهذا يأخذ مني جهدا كبيرا في قضاء حوائجهم.
أرجو الإجابة علي بالتفصيل يا فضيلة الشيخ مع مراعاة ما أنا فيه من ظروف نفسية مع وجود المشاكل باستمرار وظروف جسمية وواجبي نحو أسرتي وبيتي ومواصلتي للناس.
*هل هناك كفارة تعفيني من هذا الصيام؟
* هل هناك حل للسنوات الماضية التي لم أصمها؟ ماذا أفعل في معاملته السيئة لي وللعيال.أرجو الدعاء لي يا شيخ والإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد ترجح عندك نذرالصيام المذكور مدة العمر، فالواجب عليك الوفاء بهذا النذر لأن من نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها.
وإن كان تأخيرك للوفاء بالنذر بلا عذر فهذه معصية لله تعالى وعليك المبادرة بالتوبة الصادقة. وهذا التأخير قد اختلف أهل العلم هل تترتب عليه كفارة أم لا؟ وقد ذكرنا أن الأقرب للصواب عدم لزوم الكفارة؛ كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 26768.
لكن يجب عليك القضاء عن جميع المدة الزمنية التي تركت فيها الصيام المنذور، كما يجب عليك الوفاء بالنذر مستقبلا ما دمت تستطيعين الصيام، وليس الشعور بالإرهاق والمشقة بمبرر للتحلل من النذرالذى ترتب في ذمتك. وراجعي الفتوى رقم: 29377، والفتوى رقم: 54874.
مع التنبيه على أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.
وإن كانت المعاملة السيئة لك ولعيالك صادرة من الزوج فينبغي نصحه والصبر على أذاه والمواظبة على الدعاء له دائما. وراجعي الفتوى رقم: 56314. والفتوى رقم: 65284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1427(19/933)
من نذر صلاة ركعتين قبل العصر فهل يقضيهما بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وعدت الله بصلاة ركعتين قبل صلاة العصر لكن في بعض الأحيان تفوتني صلاة الجماعة بسبب صلاتي لهما، فهل يجوز لي صلاتهما بعد صلاة العصر مباشرة.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الذي صدر منك مجرد وعد وليس بنذر، أي ليس بصيغة تفيد الالتزام كأن تقول لله علي أن أصلي أو نذرت أن أصلي ونحو ذلك فلا يجب عليك الوفاء به، بل يستحب ذلك فقط كما تقدم في الفتوى رقم: 20417 والفتوى رقم: 17057.
وإن كنت قد أقدمت على نذر فالواجب عليك الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
ولمعرفة ما ينعقد به النذر راجع الفتوى رقم: 43335.
وإذا أقيمت صلاة الفريضة قبل صلاة الركعتين المذكورتين فتقدم الفريضة كما في الفتوى رقم: 43194.
وبعد الفريضة تقوم بقضاء نذرك وراجع الفتوى رقم: 28030.
وقد اختلف أهل العلم هل تلزمك كفارة يمين في هذه الحالة وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 26768، أن الأقرب للصواب عدم لزومها.
مع التنبيه على أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 56564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1427(19/934)
فتاوى في النذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنذرت أن أرضع ولدي إلى أن يدخل المدرسة والحين عمره ثلاث سنوات وقد مللت من الرضاعة ولم يعد في الحليب المفيد له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجعي في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 26871، 19796، 39785، 33849، 29377، 32978، 30990.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1427(19/935)
عاهدت ربها ألا تخلع حجابها إلا أمام زوجها ثم رآها غيره فماذا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لو عاهدت ربنا على أني لا أخلع الحجاب أبدا إلا أمام زوجي وخلعته أمام شخص عاهدني أمام ربنا أنه سيتزوجني فهل هذا حرام وهل له كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدها أن لا يراها من لا تحل له رؤيتها من الأجانب وهو المتبادر فلا إثم عليها في رؤية الخاطب لأن رؤيته مشروعة فلا تنقض عهدها، وأما إن كان قصدها الإطلاق بأن لا يراها أحد من الرجال غير زوجها، فلا يراها أبوها ولا محارمها فتحنث برؤية الخاطب لأنه ليس زوجا ما لم يعقد، ولكن هذا الاحتمال بعيد، وعهد الله نذر وكفارته كفارة يمين، لكن أهل العلم اختلفوا في من عاهد الله تعالى على ترك محرم أو فعل واجب هل ينعقد نذره وتلزمه الكفارة فيما لو أخل به أم لا، وقد فصلنا القول ذلك في الفتوى رقم: 15049.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(19/936)
مذاهب الفقهاء في الوفاء بالنذر قبل حصول المنذور
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت نذرا مقيدا لكنه لم يحصل وحولته إلى نذر مطلق هل هذا جائز أم لا وبدأت الوفاء بما نذرت إذا هذا الوفاء يلزمني أم لا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقدام على النذر مكروه على الراجح كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 16705، ومع ذلك فلو حصل النذر وجب الوفاء به إن كان طاعة، لكنه إن كان مقيدا أي معلقا على حصول أمر لم يجب الوفاء به قبل حصول ما علق عليه، ولو وفى به قبل تحقق ما علق عليه فقد وقع النزاع بين أهل العلم هل يجزئ أو لا يجزئ، فالأكثرون يقولون بإجزائه سواء كان عبادة مالية أو بدنية، وهذا مذهب الحنابلة والمالكية، وذهب الشافعية إلى الإجزاء إن كانت العبادة مالية، وذهب الحنفية إلى عدم الإجزاء مطلقا؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 27991، ثم إن النذر لا يمكن التراجع عنه بعد انعقاده.
وعليه، فنقول للأخ السائل: ما دمت قد نذرت معلقا فلا يجب عليك الوفاء به ما لم يحصل المعلق عليه، فإن تطوعت ووفيت به قبل الوجوب جاز ذلك، فإن أردت أن تنذر نذرا آخر مطلقا وجب الوفاء به أيضا إذا كان طاعة. ولبيان أقسام النذر طالع الفتوى رقم: 64423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1427(19/937)
ما يفعل من قطع على نفسه وعدا بفعل شيء ثم أراد أن يعود فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قطعت على نفسي وعدا كبيرا وأنا في حالة غضب شديد على أن أشتكي - بكتابة تقارير - بمدير مدرسة أولادي لأنه لم يستجب لمحاولات نقل ابني إلى فصل آخر ثم وبعد مدة تراجعت عن هذا الأمر لما فيه من شبهة فكيف يمكن الخروج من هذا الإشكال؟ وما العمل؟ والحال أني أخاف أن أرتكب إثما أحاسب عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك قطعت على نفسي وعدا كبيرا فيحتمل أنك عزمت جازمة في نفسك على الشكاية بالمدرس المذكور دون التلفظ بشيء. ويحتمل أنك حلفت على الشكاية به. ويحتمل أنك نذرت فقلت إن لم أشتك به فعلي كذا من الصوم أو الصدقة ونحو ذلك.
فإن كان الاحتمال الأول هو المراد فلا شيء عليك. وإن كان الثاني فعليك كفارة يمين وإن لم تفعلي ما حلفت عليه، ومن حلف على يمين فرأى أن الخير في تركها فليكفر عن يمينه. وإن كان الثالث فأنت بالخيار بين الوفاء بما نذرته إذا كان ما ستكتبينه عن المدرس المذكور حقا لا ظلم فيه وبين كفارة يمين لأن هذا النذر يسمى نذر لجاج وهو أن يكون قصد الناذر منه حث النفس أو منعها من شيء ولا يقصد به البر أي فعل الطاعة. قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: يشبه النذر من حيث إنه التزم قربة واليمين من حيث المنع ولا سبيل إلى الجمع بين موجبيهما ولا إلى تعطيلهما، فوجب التخيير. اهـ. أي بين الوفاء بما نذره أو عدم الوفاء وإخراج الكفارة بدلا عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(19/938)
هل يلزم الوفاء بما شك أنه نذره
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ في الأعوام الماضية نذرت لله نذرا وقد تحقق المراد والحمد لله - وكان هذا النذر - إن تحقق الله مرادي أن أتصدق كل عام بأضحيتين لفقيرين كل عام ولم أتذكر هل لفظت بهذه العبارة أم لا وعلى أية حال فقد وفيت بما نذرت والحمد لله وهو على المنوال التالي؛
عندما أكون في بلدي أقوم بصرف المبلغ إلى المسكين أو الفقير وعندما أكون هنا في أوروبا أدفع المبلغ إلى الجمعيات الإسلامية كالإغاثة الإسلامية أو مؤسسة الأقصى إلى تقوم بدورها بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين في فلسطين أو الصومال أو غيرها وهذه الجمعيات تقول مثلا ان في فلسطين ثمن الكبش 75 أورو وفي بلد آخر يكون الثمن 140 أورو والبلد الآخر60 أورو وأنا دائما أختار الثمن المناسب لي والبلد هل ما أقوم به صحيح أم لا ولا أتذكر إن كنت قد تلفظت بهذا النذر أم لا وأدامكم فضيلة الشيخ في خدمة الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل عدم حصول النذر، ولا يلزم الإنسان الوفاء بما شك هل نذره أم لا، إلا إذا تحقق من حصوله بشروطه وأركانه، ومن شروطه التلفظ به، فمن شك هل حصل منه تلفظ بالنذر أو لم يحصل فلا يلزمه الوفاء؛ لأن الأصل العدم، ولكنك لووفيت به احتياطا لدينك كان ذلك أحرى بالصواب، وهو ما حصل منك بالفعل. فنسأل الله تعالى أن يثيبك على حرصك ومن نذر قربة لزمه أن يوفي بالنذر على الصفة التي نذرها، فمن نذر أن يضحي لم يجز له إخراج القيمة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 34245، لكن لو وكل شخصا ليقوم بشراء الأضحية وذبحها فلا بأس. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 47771.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(19/939)
من نذر أن يطلق زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل نذر أن يطلق زوجته فهل له أن يتراجع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نذر المكروه لا يلزم الوفاء به، بل ولا ينعقد أصلاً عند جمهور العلماء خلافاً للحنابلة، وقد سبق في الفتوى رقم: 64423 أنواع النذور، وذكرنا كلام الإمام ابن قدامة وفيه: القسم الخامس: المباح كلبس الثوب وركوب الدابة وطلاق المرأة على وجه مباح فهذا يخير الناذر فيه بين فعله فيبر بذلك، وإن شاء تركه وعليه كفارة يمين.... إلى أن قال: وقال مالك والشافعي: لا ينعقد نذره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله تعالى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(19/940)
حكم تغيير النذر أو استبداله
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أن أصوم شهرا اثنين وخميس وفي نيتي أن يكون لفظ شهر ثلاثين يوما السؤال: هل أستطيع أن أصوم غير هذين اليومين (الاثنين والخميس)) لتكملة هذا الشهر وهل يمكن إعطاء فدية بدل الصوم نتيجة ظروف اجتماعية تمنعني من متابعة الصوم؟
ولكم كل التقدير والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن الإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه كما تقدم في الفتوى رقم: 56564، ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها على الطريقة التي حصل بها النذر، ولا يجزئه تغيير هذا النذر أو استبداله.
وبناء عليه؛ فلا يجزئك غير صيام يومي الاثنين والخميس كما نذرت، ولا يجزئ استبدالهما بغيرهما بإخراج فدية ونحوها، لكن لا مانع من تفاوت الصوم المذكور إذا كانت صيغة النذر لا تقتضي الفور تفاديا للحرج والمشقة، وراجعي الفتوى رقم: 21393، مع التنبيه على أن من عجز عن الوفاء بالنذر عجزا مؤقتا فله الانتظار حتى يستطيع الوفاء به، وإن كان العجز مستمرا لا يرجى زواله ففي هذه الحالة تكفي كفارة يمين كما تقدم في الفتوى رقم: 24077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(19/941)
نذر صيام أيام معينة ليمنع نفسه من ارتكاب المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يمنع الشخص نفسه من معصية يعتادها بأن ينذر أنه إذا وقع فيها فسوف يصوم 3 أو 5 أو 10 أيام تكفيراً عن هذا الذنب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقدام على النذر مكروه كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 56564.
والواجب على المسلم أن يتقي الله تعالى ويبتعد عن معصيته ويحذر من عقوبته سواء نذر أو لم ينذر، ثم إن هذا النوع من النذر هو ما يسمى نذر اللجاج، وإذا حصل النذر وحنث دفع كفارة اليمين بدلاً من الصيام على الراجح من كلام أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 30392. ومن أهل العلم من قال: هو مخير بين الكفارة والوفاء بالنذر.
وكفارة اليمين قد ذكرت أنواعها في الفتوى رقم: 9302، ثم إن الوفاء بالنذر سواء كان صياماً أو كفارة يمين لا يكفر الذنب الذي ارتكب، بل إن فعل ذلك واجب للوفاء بالنذر، أما الذنب فلا بد من التوبة منه بأن يقلع عنه، ويندم على صدوره منه، ويعزم على أن لا يعود إليه أبداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(19/942)
ما يلزم عند الحنث في نذر اللجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص دائم النذر فنذر صوما وقراءة قرآن ردعا لمعصية كان يأتيها وقال إني نذرت أن أصوم ثلاثة أيام وقراءة كتاب الله عز وجل إذا أتيت هذه المعصية ثم عمل هذه المعصية مرات عديدة إلى حد أن هذا الشخص ما عاد يعرف كم عليه صوم وكم عليه قراءة قرآن، فما يلزم عليه؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر هو ما يسمى نذر اللجاج، وقد أوضحنا في الفتوى رقم: 71832 ما يترتب على الحنث فيه، فالرجاء مراجعتها، ومراجعة الفتاوى المحال عليها فيها للمزيد من الفائدة.
ثم إن كان يقول عند نذره، كلما فعلت كذا فعلي صوم ثلاثة أيام وقراءة القرآن، أو يكون قاصداً لمعنى ذلك ففي هذه الحالة يجب أن يخرج كفارة اليمين بعدد تكرر الفعل منه، لأن ذلك هو الذي يقتضيه قوله وقصده، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد شيئاً من ذلك فصيام ثلاثة أيام، فإن لم يعلم عدد الحنث اجتهد وكفر حتى يغلب على ظنه أنه كفر عن الجميع وبذلك تبرأ ذمته إن شاء الله تعالى لأنه لا يستطيع غير ذلك، والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها.
وأما إن كان يقول عند نذره إن فعلت كذا فعلي صوم ثلاثة أيام وقراءة القرآن، ولم يكن قاصداً تكرر النذر إذا تكرر الفعل، ففي هذه الحالة تجب عليه كفارة واحدة لأن ذلك هو الذي يقتضيه قوله وقصده، وقد قدمنا في الفتوى المشار إليها أعلاه أن الواجب في الحنث في نذر اللجاج هو كفارة اليمين.
وليحذر الأخ السائل من الإقدام على معصية الله تعالى ومن الرجوع إليها بعد أن نذر تركها لأن من نذر أن يترك معصية الله ثم لم يفعل، فقد ازداد إثماً بعدم وفائه بنذره فوق إثمه بارتكاب المعصية، وعليه أن يبادر إلى التوبة إلى الله تعالى قبل فوات الأوان، وعليه بالإكثار من الأعمال الصالحة، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(19/943)
الوفاء بالنذر عند تحقق ما علق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ أنا نذرت أنه عندما أتوظف أعطي شخصا كل شهر مبلغا من المال ولحد الآن لم أحصل علي وظيفة اتصلت بي إحدى الجهات للتدريب فقط، وليس للتوظيف مع إعطائي مكافأة مالية خلال التدريب، فهل وجب علي الوفاء بالنذر من هذا المبلغ وأنا لم أتوظف للآن أفيدوني فالمكافأة ضئيلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك الوفاء بالنذر إذا تحقق ما علقت عليه النذر وهو الحصول على وظيفة؛ لأنه نذر طاعة، وقد أثنى الله على عباده الذين يوفون بالنذر، فقال: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا {الإنسان:7} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره.
وأما الحصول على عمل تدريب لفترة محددة مقابل مكافاة فليست هذه وظيفة موجبه للوفاء بالنذر؛ لأن مسمى الوظيفة في العرف لا ينطبق عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(19/944)
ما يلزم من عجز عن الوفاء بالنذر في وقته المحدد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت لو أتم الله علي شيئاً اليوم سوف أضع مبلغاً معيناً في الجامع في نفس اليوم، والحمد لله أتمه الله، لكن لم أستطع أن أضع هذا المبلغ في نفس اليوم، فهل علي كفارة النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لثبوت النهي عنه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 56564، وما أقدمت عليه هو من قبيل النذر المعلق الذي يجب الوفاء به إذا حصل المعلق عليه، وبالتالي فكان من الواجب عليك الوفاء بالنذر المذكور في وقته المحدد فإن عجزت عن ذلك فأوفي به بعد ذلك، ولا شيء عليك.
وإن كنت قادرة على الوفاء في وقته ولم تفعلي فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى وتفي بالنذر وتخرجي أيضاً كفارة يمين بسبب ذلك التأخير، وقد سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 204، وراجعي أيضاً في ذلك الفتوى رقم: 26910، والفتوى رقم: 61676.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(19/945)
نذر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدد معين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نذرت أن أوفي 1500من اللهم صل وسلم علي سيدنا محمد لكن في بعض الأحيان أقول اللهم صل وسلم هل تلزمني كفارة أم أن العبارة المذكورة تكفي ولا يلزمني شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر هو ما يسمى بنذر التبرر أو نذر الطاعة، وقد أو ضحنا معناه وصيغته ووجوب الوفاء به في الفتوى رقم: 36169، والصيغة التي لم يذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم غير مجزئة لأنها ناقصة المعنى، وعليه فلا بد من إتمام العدد المنذور من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لأجل الوفاء بالنذر ولا كفارة عليك، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 15149، والفتوى رقم: 3881.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1427(19/946)
الواجب فعله لمن أكل مما نذره
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي وهي صغيرة قامت بعملية لها في القلب وأنا نذرت لله عند شفائها أن أذبح خروفا لله وأوزعه على الفقراء، وعندما شفيت والحمد الله أخبرت زوجي بهذا النذر فقال لي إنه هو الآخر نذر نفس الندر، فقمنا بذبح خروف واحد وأكلنا أيضا نحن منه فهل هذا صحيح أم أنه كان يجب علينا أن نذبح خروفين؟ وهل يجوز أن نأكل من النذر أم لا؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على كل واحد منكما أن يذبح خروفا، ولا يجزئ ذبح خروف واحد عنكما لأن كل نذر مستقل عن الآخر، وأما الأكل من النذر المذكور فلا يجوز لأمرين:
الأول: أنه نذر مجازاة، ومعنى نذر المجازة أن يعلق على شفاء مريض أو غيره فيتحقق المعلق عليه.
الثاني: أنه قد عين صرفه للفقراء. قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في تحفة المحتاج: ولا يجوز الأكل من نذر المجازاة قطعا لأنه كجزاء الصيد وغيره من جبران الحج. وروى ابن أبي شيبة في المصنف عن عطاء قال: ما كان من جزاء صيد أو نسك أو نذر للمساكين فإنه لا يأكل منه. أهـ.
وفي حالة الأكل منه فإنه يضمن للفقراء بدله، قال الشيرازي رحمه الله في المهذب: وإن كان نذر مجازاة كالنذر لشفاء المريض وقدوم الغائب لم يجز أن يأكل منه، لأنه جزاء فلم يجز أن يأكل منه كجزاء الصيد، فإن أكل شيئا منه ضمنه، وفي ضمانه ثلاثة أوجه:
(أحدها) يلزمه قيمة ما أكل كما لو أكل منه أجنبي.
(والثاني) يلزمه مثله من اللحم لأنه لو أكل جميعه ضمنه بمثله، فإذا أكل بعضه ضمنه بمثله.
(والثالث) يلزمه أن يشتري جزءا من حيوان مثله ويشارك في ذبحه. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(19/947)