فليجدد التوبة بعزم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزنا بعد التوبة من تلك الفاحشة، أرجو إفادتي وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الزنا من أعظم الذنوب وأقبحها، وقد حذر الله عز وجل منه في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وعلى من ارتكب هذه الفاحشة القبيحة أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، وأن يستتر بستر الله تعالى، ويكثر من أعمال البر والطاعات.
فإذا أخلص العبد التوبة لله تعالى تقبل منه وغفر سيئاته، كما قال سبحانه وتعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
ومن شروط صحة التوبة: الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم أن لا يعود لمثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(16/447)
موقف الشرع من قتل الزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أذكر الأدلة على عدم جواز قتل من تجده يزني بقريبتك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وجد غيره يزني بقريبته أو غيرها لا يجوز له أن يقدم على قتله لأمور ثلاثة:
الأول: أنه ليس كل زان يستحق القتل، والثاني: أن حد الزنا لا يثبت إلا بالإقرار أو بأربعة شهود، والثالث: أن إقامة الحد -لو ثبت- من حق السلطان ولا يجوز الافتئات عليه.
فأمر إقامة الحدود موكول إلى ولي الأمر لا إلى آحاد الناس، لأن جعله موكولاً إلى آحاد الناس يسبب فوضى ومفاسد وفتناً عظيمة.
كما أن جرائم الحدود من الزنا وغيرها لا بد فيها من دقة في الإثبات، لا يمكن تحقيقها على الوجه الشرعي إلا بأن يختص بذلك ولي الأمر أو من يقوم مقامه -ويعرف ذلك بالرجوع إلى كتب الفقه لمعرفة تفاصيل إثبات هذه الجرائم- فكيف بالقتل الذي قد يكون عدواناً محضاً وظلماً بيناً، كمن قتل الزاني البكر مع أن الله تعالى أمر بجلده ولم يأمر بقتله.
ويستثنى من عدم جواز مبادرة الزاني بالقتل قبل الرفع إلى الحاكم ما إذا وجد الزوج زوجته تزني فقتلها أو قتلهما وكان الزاني محصناً، فلا إثم عليه في ما بينه وبين الله، وفي وجوب القصاص عليه نزاع بين العلماء، وتفصيل ذلك يراجع في كتب الفقه، وراجع الفتوى رقم: 12315، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 18606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(16/448)
توبة من زنت فحملت ثم أجهضت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة، أعمل منذ 6 سنوات، للأسف الشديد أخطأت مع مديري وحملت منه وأجهضت الحمل واستمرت علاقتنا فترة طويلة، والآن أريد أن أتوب، وابتعدت عنه، فهل يقبل الله توبتي ويسامحني على ما فعلت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما أَقْدَمْتِ عليه إثم عظيم وَجُرْم كبير، وهو الزنا وأنت محصنة، والإجهاض.
قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الاسراء:32] .
وقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] .
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.. الحديث، رواه البخاري ومسلم.
وكذلك الإجهاض فإنه محرم، ويزداد تحريما إذا كان قد مر على الحمل مائة وعشرون يوما، لأنه يكون قد نفخ فيه الروح، فإسقاطه والحالة هذه، إزهاق لروح لم يأذن الله بإزهاقها، فالواجب عليك التوبة النصوح الصادقة، وذلك بالإقلاع عن هذا الذنب فورا ونهائيا، والندم على ما كان منكِ والعزيمة على عدم العودة إليه.
فإذ حقَّقْتِ هذه التوبة الصادقة، فإن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ [الشورى: ة25] .
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وقال تعالى: * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً الفرقان:70- 71] .
كما ينبغي أن تستري على نفسك، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألمّ بشيء منها، فليستتر بستر الله وليتب إلى الله.. الحديث. رواه الحاكم والبيهقي عن ابن عمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(16/449)
عليك بالتوبة والاستتار بستر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في سن ال20 السؤال هو: أنا قمت بممارسة الجنس مع عمتي وعمرها 15، حيث إداعبها بذكري بين فخذيها، وقد حصل هذا لعدة مرات، والآن تزوجت والله سترها، فما وجهة نظركم؟ ملاحظة: لم أدخل ذكري فيها أبداً وإنما مداعبة لإنهاء شهوتي؟
والسلام الرجاء لا تهملوا رسالتي وأنا بانتظار الجواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تبادر بالتوبة إلى الله، وتكثر من الاستغفار والندم على ما سلف، قال الله تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:39] .
وعليك أن تستر على نفسك وعمتك، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهاكم الله عنها، ومن أصاب شيئاً من ذلك فليستتر. رواه عبد الرزاق.
ولا تختلي بعمتك تلك في أي مكانٍ حذراً من الوقوع في المحذور، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28748، 15219، 30946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1424(16/450)
حكم منكر قبح الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[الزنا شيء طيب ما رأيك يا سماحة الشيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قائل هذه العبارة إن كان مسلما فقد ارتد وخرج -والعياذ بالله- من الملة، وذلك لسببين:
الأول: أنه كذَّب الله الذي وصف الزنا بالفاحشة وسوء السبيل، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
والثاني: أنه أنكر ما علم من الدين ضرورة، وهو قبح الزنا وتحريمه، إذ لا أحد سليم الفطرة يماري في أن الزنا من أقبح الآثام وأولاها بالتحريم.
ثم إن قائل هذه العبارة كاذب ومكابر، فبصرف النظر عن حرمة الزنا في جميع الشرائع السماوية، فقد شوهد من أضراره الصحية وغيرها ما يؤكد قذارته وقبحه وسفالة من يمارسونه.
وعليك -أيها القائل لهذه العبارة- أن تتوب إلى الله وتبادر إلى ذلك، فإنه َلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف: 99] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/451)
لا تأثير للغربة في تحريم الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للشخص عندما يكون في الغربة بعيدا عن الأهل والزوجة الزنا بنصرانية لمرة واحدة وإعطائها أجرها؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا من أقبح الكبائر وأشنعها، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الاسراء:32] . وقال: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2] .
ثم إنه لا تأثير للغربة والبعد عن الأهل والزوجة في تحريم الزنا، ومن زنى مرة واحدة، فقد عصى الله تعالى واستحق منه العقاب الشديد إذا لم يتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1424(16/452)
الرجم حق على من زنى إذا أحصن
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لو أن المرأة المطلقة مارست الجنس (الزنا) فما هو الحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المكلف إذا زنى فقد أتى فاحشة وإثماً مبيناً، قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وفي الحديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. متفق عليه.
ومما يترتب على هذه الفاحشة العقوبة الشرعية المذكورة في قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2] .
وهذا في حق من لم يتزوج، أما من سبق له أن تزوج وحصل دخول فحقه الرجم، سواء كانت الزوجية قائمة أم لا.
روى البخاري ومسلم من حديث عمر بن الخطاب قال: ... وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء..
وفي صحيح مسلم وسنن ابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.
قال النووي: وأجمع العلماء على وجوب جلد الزاني البكر مائة ورجم المحصن وهو الثيب. انتهى.
قال في شرح أبي داود: والمراد بالثيب المحصن وهو الحر المكلف الذي جامع في نكاح صحيح ثم زنى.... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(16/453)
تعظم حرمة الزنا في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة الزنا في شهر رمضان المبارك سواء كانت بعلم أو بغير علم لشخص مقيم في بلد أجنبي أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكفارة المجامع في نهار رمضان مبينة في الفتوى رقم: 1352، وذكرنا في الفتوى رقم: 2236، والفتوى رقم: 24032 أن الجهل لا يسقط الكفارة.
وذكرنا في الفتوى: 11181 بشاعة الزنا، وخصوصا في رمضان، فتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(16/454)
حكم الصبي إذا زنى قبل البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم على فتاة عمرها 8 سنوات مارست الزنا مع أخيها مع عدم معرفتها لما طلبه أخوها منها أو حكم الإسلام في ما تفعله وتوقفت عندما أدركت خطأ ما تفعله، فهل ينطبق عليها حكم الزنا؟ وهل يقبل الله توبتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس على هذه الفتاة شيء فيما حصل منها، لأن القلم مرفوع قبل البلوغ، قال صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم: الصبي حتى يحتلم. رواه أحمدوأبو داود وغيرهما
ولا يشملها حكم الزنا ولا تلزمها توبة، وراجع الفتوى رقم: 25761.
لكن نشير إلى أنه ينبغي عليها أن تذكر أخاها بالتوبة إن كان حينها بالغا، فإن كانت لا تستطيع ذلك بطريقة مباشرة فلتهد له شريطا أو كتيبا يتحدث عن ذلك، وكذلك نحذرهما من الخلوة لأن الشيطان قد يذكرهما بما مضى ويزينه لهما مرة أخرى والسلامة لا يعدلها شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(16/455)
مراودة زوجة الأخ من الموبقات
[السُّؤَالُ]
ـ[لديَّ جيران أعزهم وأحترمهم، ولديهم 3 أولاد أحدهم يتظاهر بحسن الخلق وجميع الصفات الحسنة، إلا أنني رأيته يراود زوجة أخيه فما استطعت إعطاءه أي نصيحة، فأرجو مساعدتي ببعض الأحاديث والآيات القرآنية كي أردعه عن فعل هذا حتى لا يقع بالفاحشة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تبذل النصح لهذا الأخ وتعلمه بخطورة هذه المعصية، ولتذكره بأن الشرع ما منع الدخول على النساء وخصوصاً زوجات الأقارب إلا للخوف من الوقوع في الفاحشة، فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو، قال: الحمو الموت. رواه البخاري ومسلم.
ولتخبره كذلك بأن المعصية مع الجارة من أعظم الذنوب والكبائر، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الذنب أعظم، قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك.
وذلك لأن الجار يتوقع من جاره الذود عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ويركن إليه، فالاعتداء على عرضه خيانة استحق المنتهك لها أن يكون ذنبه من أعظم الذنوب.
وننبه السائل إلى أنه يتحتم عليه الستر على هذا الإنسان بحيث لا يفشي بين الناس ما رأى منه، إذا لم يتكرر منه هذا الأمر ولم يكن مجاهراً به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(16/456)
الأدلة على انتفاء الإثم عن المكرهة على الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الفتاة المغتصبة، وهل هناك آيات وأحاديث بهذا الخصوص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على من ابتليت بهذا الفعل الشنيع الفظيع (الاغتصاب) أن تصبر وتحتسب وتستر نفسها بستر الله تعالى، ولتعلم أنه لا إثم عليها ما دامت مكرهة على ذلك الفعل القبيح، ولا حد عليها شرعاً.
وقد وردت نصوص من الوحي الكريم تبين أنه لا إثم على من أكره على الفعل، مادام يكره ذلك الفعل ولا يرضى به، قال الله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] .
ومن المعلوم أن الكفر بالله تعالى هو أعظم ذنب على وجه الأرض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 24683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1424(16/457)
حكم الشرع في الزنا بالمحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزنا بين أخ يبلغ من العمر12 عاما وأخته 14 عاما على الرغم من أن البنت بلغت الحيض والولد لم يبلغ، فما حكم الشرع في هذا؟ هل يعتبر زنا على الرغم من أن الله أنجاهم من هذا وتابا توبة نصوحا ولم يعد أحد منهم إلى ذلك ومر 9 أعوام أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب وأقبح المعاصي، ولهذا قال عنه المولى تبارك وتعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2] .
والزنا إن كان مع ذوات المحارم فإن تحريمه أشد وعقوبته أغلظ.
فقد روى الترمذي وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. فهذا هو حكم الشرع في الزنا إذا كان مرتكبه عاقلا، بالغا غير مكره.
وعلى من وقع في شيء من هذه القاذورات أن يستر نفسه بستر الله تعالى ويبادر إلى التوبة النصوح، ويكثر من أعمال الخير، ويحافظ على فرائض الله تعالى، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] .
وما دام السائلان قد تابا إلى الله توبة نصوحا والتزما أوامر الشرع، فنرجو الله تعالى أن يتقبل توبتهما وأن يبدل سيئاتهما حسنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(16/458)
الاغتصاب ليس موجبا لإزالة العصمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصبح الزوجة طالقة إذا اغتصبت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الاغتصاب ليس موجباً لإزالة العصمة بين المرأة وزوجها، ولكنه يترتب عليه أن لا يقربها زوجها حتى تستبرئ منه بثلاث حيضات، وعلى من أكرهها دفع المهر كاملاً لها، ولتراجع الفتوى رقم: 24127 لمزيد من الفائدة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1424(16/459)
نصيحة لمن أدمن على الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أقدر أمسك نفسي عن النساء ممكن تعطوني اقتراحا بأقصى سرعة ما عدا الصيام والزواج لأني لن أقدر على الزواج أرجو الرد في أقصى سرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدي قلبك ويشرح صدرك ويصرف عنا وعنك شر الشيطان ونزغاته.
أخي الكريم: اعلم أن غشيان الفاحشة من عظائم الذنوب، ورذائل الأخلاق ودناءات النفوس.
وقولك: لا أقدر أن أملك نفسي، هو من وساوس الشيطان يريد بذلك أن يضعف عزيمتك وينتصر عليك، فعليك بالتعوذ بالله منه، وإنما يحتاج الأمر منك إلى قليل من العزيمة والصدق والجد، وعليك باللجوء إلى الله بأن يذهب عنك ما أنت فيه، وعليك بمجالسة الصالحين والبعد عن البيئة التي تدعوك أو تذكرك بهذه الفاحشة، وإن استطعت أن تستدين لأجل الزواج فافعل، فإن لم تستطع فعليك بالصوم، فإنه لك وجاء، ولا ندري ما وجه استثنائك له في سؤالك مع أنه من أنجع العلاجات والحلول، فلعل الشيطان يثبطك عنه ويثقله على نفسك حتى تعطيه مراده، فاستعذ بالله ولا تعجز.
وعليك أولاً وآخرا بتذكر وقوفك بين يدي الله، فأعدد الجواب لتلك اللحظة المهيبة عندما يسألك الله يا عبدي لماذا؟ وتذكر ما أعده الله في النار لمن فعل هذه الفاحشة واقرأ ما قاله الله تعالى وما قاله رسوله صلى الله عليه وسلم عن هذه الفاحشة، واستعن على ذلك بالكتب والأشرطة، وتذكر أن هذه الفاحشة خزي وعار وشنار في الدنيا والآخرة.
وقانا الله وإياك شر الشيطان ونزغاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1424(16/460)
زنت ثم تابت
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى الشيخ الفاضل حفظك الله: عندي صديقة ظلمت نفسها، وكانت متزوجه وقارفت الزنا مرارًا، وقد شجعتها على التوبة ويعلم الله ما هي عليه من صدقٍ في التوبة وندم وعمل للصالحات. وعندي سؤال: هل التوبة النصوح تسقط العقوبة من الله؟ وهل لزوجها حقوق يجب أن يأخذها منها يوم القيامة؟ علماً أنها عرفت بعد طلاقها أنه كان يخونها أيضاً؟ وماذا عليها أن تعمل كي ترضي الله تعالى؟ وشاكرين لكم جهودكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على صديقتك أن تستتر بستر الله تعالى، ولا تخبر بما وقعت فيه من الزنا أحدًا قريبًا كان أم بعيدًا، لما ثبت من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. وقد سبق أن بيَّنَّاه في الفتوى رقم: 1095. ولتعلم أنها إذا صدقت في توبتها، فإن الله تعالى سيغفر لها ذنبها، بل قد يُبَدَّل سيئاتها حسنات. كما قال سبحانه في صفات عباد الرحمن: وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68 - 70] . وإن من حسن التوبة ومن علامة قبولها حسن الحال بعدها. كما هو مبين في الفتوى رقم: 5646 فكوني عونًا لصديقتك على الاستقامة والثبات على الحق، تنالي الأجر العظيم والثواب الجزيل من الرب الكريم. ولا شك أن هذه المرأة قد فرطت في حق من حقوق الزوج من حيث عدم حفظ فراشه، لكن يرجى أن لا يلحقها شيء من تبعات ذلك بعد أن تابت توبة نصوحاً. وكون زوجها كان يقترف الزنا فإن هذا أمر لا يعنيها، بل لا يجوز لها التلفظ بذلك، لئلا تقع في القذف إن لم تأت بالبينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1424(16/461)
الزنا بذات البعل أعظم إثما وجرما
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج من امرأة كان يعرفها قبل الزواج، وكان يعاشرها معاشرة الأزواج، علما بأنها كانت متزوجة، وكانت على ذمة زوجها، فلما حدث الطلاق وانتهت العدة تقدم وتزوجها، فدفع لها مهرا ومؤخر صداق، وله منها أولاد، فهل زواجهما صحيح؟ أرجو الإجابة مع توضيح ماذا يعمل شرعا إذا لم يكن صحيحا، ولكم الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى هذا الرجل أولاً أن يكثر من التوبة والاستغفار، والعمل الصالح؛ لوقوعه في هذه الكبيرة العظيمة، كبيرة الزنا وهتكه لعرض زوج هذه المرأة. وعليه أن يكثر من الحسنات استعدادًا لرد الحقوق إلى أصحابها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى": من تاب من ظلمٍ لم يسقط بتوبته حق المظلوم، لكن من تمام توبته أن يعوضه بمثل مظلمته، وإن لم يعوضه في الدنيا فلا بدّ له من العوض في الآخرة، فينبغي للظالم أن يستكثر من الحسنات حتى إذا استوفى المظلومون حقوقهم لم يبق مفلسًا.
وقال ابن القيم في "الجواب الكافي": فالزاني بالمرأة التي لها زوج أعظم إثمًا من التي لا زوج لها؛ إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه، وتعليق نسب عليه لم يكن منه، وغير ذلك من أنواع أذاه، فهو أعظم إثمًا وجرمًا من الزنا بغير ذات البعل.
وقال أيضًا: وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه وأن يستام على سومه، فكيف بمن يسعى بالتفريق بينه وبين امرأته وأمته حتى يتصل بهما.. ففي ذلك من إثم ظلم الغير ما لعله لا يقصر عن إثم الفاحشة إن لم يربُ عليها.. ولا يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة، فإن التوبة وإن أسقطت حق الله فحق العبد باقٍ له المطالبة يوم القيامة، فإن ظلم الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه أعظم من ظلمه بأخذ ماله كله؛ ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله، ولا يعدل ذلك عنده إلا سفك دمه، فيا له من ظلمٍ أعظم إثمًا من فعل الفاحشة.
والتوبة والإكثار من العمل الصالح في حق المرأة أوجب.
قال ابن القيم في "زاد المعاد": بدأ الله سبحانه في الحدِّ بذكر المرأة فقال: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور:2] ، وفي اللعان بذكر الزوج، وهذا في غاية المناسبة؛ لأن الزنا من المرأة أقبح منه بالرجل؛ لأنها تزيد على هتك حق الله إفساد فراش بعلها، وتعليق نسبٍ من غيره عليه، وفضيحة أهلها وأقاربها، والجناية على محض حق الزوج، وخيانته فيه، وإسقاط حرمته عند الناس، وتعييره بإمساك البغيّ، وغير ذلك من مفاسد زناها، فكانت البداءة بها في الحدِّ أهم.. اهـ
أما زواجهما فصحيح مادام بعد العدة وتوفرت فيه أركان النكاح الشرعي والتي تقدم ذكرها في الفتوى رقم: 18153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(16/462)
معنى
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الشافعي.. من يزن يزن به ولو بجداره.. كيف يزنى بالجدار؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد ورد هذا المعنى في حديث مرفوع رواه ابن النجار عن أنس رضي الله عنه، ولفظه: من زنى زني به ولو بحيطان داره. لكنه حديث موضوع، كما قال الألباني في السلسلة الضعيفة، حديث رقم: 724. قال المناوي في فيض القدير، في شرح هذا الحديث: (ولو بحيطان داره) يشير إلى أن من عقوبة الزاني ما لا بد أن يعجل في الدنيا وهو أن يقع في الزنا بعض أهل داره حتماً مقضياً، وذلك لأن الزنا يوجب هتك العرض مع قطع النظر عن لزوم الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة فيكون سيئة (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) [الشورى:40] ، فيلزم أن يسلط على الزاني من يزني به بنحو حليلته (وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) [آل عمران:4] ، فإن لم يكن للزاني من يزني به أو يلاط به من نحو حليلة أو قريب عوقب بوجه آخر، فقوله (زني به) من قبيل المشاكلة، إلا أن قوله (ولو بحيطان داره) ينبو عنه. والظاهر أن المراد بالحيطان مزيد المبالغة، ويحتمل الحقيقة بأن يحك رجل ذكره بجداره فينزل، وكما أن الزنا يهتك العرض فكذا مسح الذكر بالجدار وتلوّثه بالمني. وعلم مما تقرر أن المراد من الزنا في قوله (زني به) مكافأة الزاني بهتك عرضه بالزنا، هبه لنفسه أو لشخص من أتباعه. والظاهر أن المرأة كالرجل فإذا زنت عوقبت بزنا زوجها وحصول الغيرة لها ووقوع الزنا في أبويها ونحوهما. ورأيت في بعض التواريخ أن رجلاً حصره البول فدخل خربة فبال ثم تناول عظمة فاستجمر بها فبمجرد مسح ذكره بها أنزل فأخذها وعرضها على بعض أهل التشريح فقالوا: إنها عظمة فرج امرأة. فيض القدير (6/142) . ولا يخفى عليك ما تقدم من أن الحديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(16/463)
من وسائل الابتعاد عن الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
لي صديق ملتزم لا يصلي إلا بالمسجد، محب للطاعة والصيام والقيام والأذكار وتلاوة القران، ومحبوب، ويريد الزواج بأسرع وقت حفاظا منه على دينه، ولكن والديه يرفضان طلبه بشدة، لأنه طالب عمره 23 سنة، مع العلم بأن والده مقتدر جدا جدا جدا.
حتى وقع بالزنا قبل شهر مع خادمة المنزل الجميلة، وهي تسكن بطابق بمفردها دون رقابة عليها ولا على هذا الشاب من قبل الأهل.
نفسيته محطمة جدا، ويشعر بكره شديد لوالده، أرجوكم عجلوا لنا بأمره، وماذا يفعل مع الخادمة؟ لأنها مازالت في البيت وتراوده؟ وماذا يفعل مع والديه؟
وجزاكم الله كل الخير وآسف على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدي هذا الأخ، وأن يثبتنا وإياه على دينه حتى نلقاه، وأن يصرف عنا وعنه نزغات الشيطان.
ولا شك أن ما أقدم عليه هذا الشاب يعد ذنبًا عظيمًا وإثما جسيمًا، ومع ذلك فالله غفور رحيم، يتوب على من تاب. قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
فعليه أن يتوب إلى الله من فعلته هذه، وعليه أن يقطع وسائلها وذرائعها، ومن ذلك:
- إقناع والديك بالزواج بأي وسيلة، وليحاول أن يوسط لهما من له كلمة عليهما حتى يرضيا بذلك.
- فإن كان عنده القدرة على الزواج بمفرده دون احتياج إلى الوالدين، فليتزوج ولو بدون رضاهما؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
- فإن لم يستطع فليكثر من الصوم والأعمال الصالحة، ويكثر من مجالسة الصالحين والبعد عما يثير الفتنة.
- وعليه أن يسعى في إبعاد هذه الخادمة من البيت، فإن لم يستطع فليكن مسكنه في مكان بعيد عنها في مداخله ومخارجه، وليحذر غاية الحذر من الاختلاء بها أو النظر إليها، أو ما شابه ذلك من دواعي الفتنة.
نسأل الله أن يعصمنا جميعًا من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(16/464)
لا يحكم على مرتكب الزنا بالكفر ما لم يستحله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المسلم الذي يزني يعتبر كافراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا وإن كان من الكبائر العظيمة التي رتب الله عليها الحد في الدنيا أو العذاب في الآخرة لمن لم يتب منها، إلا أنه ليس بكفر يخرج من الملة، إلا إذا استحله الزاني؛ لأن الزنا من الذنوب، والذنوب لا يكفر صاحبها، خلافًا لمن يكفر بها من الخوارج ومن نحا نحوهم. أما أهل السنة والجماعة فقد حكى الإمام الطحاوي مذهبهم بقوله في العقيدة الطحاوية: ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 11344، والفتوى رقم: 33347.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(16/465)
شرط الإحصان الموجب للرجم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق وقع في الزنا وهو متزوج ولكن ليس مع زوجته لأنه يعمل ببلد آخر وهو من مصر ويعمل في الإمارات سؤالي هو: هل يقام عليه حد الرجم الذي للمحصن (مع أنه يعيش بمفرده وله 4 أشهر دون مجامعة أهله) أم يقام عليه حد الجلد؟ وهل المحصن الذي تزوج أم يشترط أن تكون معه زوجته؟ وإن كان لم تكن معه زوجته فما الفرق بينه وبين غير المحصن؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على هذا الرجل التوبة إلى الله تعالى والستر على نفسه في ذلك، ولا يجوز له أن يخبر أحدًا بما وقع فيه من الفاحشة، ولا يلزمه رفع أمره إلى القاضي ليقام عليه الحد، بل ستره على نفسه أولى مادام قد تاب توبة صادقة. وتراجع الفتوى رقم: 17021، والفتوى رقم: 28763.
وبخصوص الإحصان الذي يترتب عليه حد الرجم في الزنا فله شروط. جاء في شرح حدود ابن عرفة قوله: باب في شرط الإحصان الموجب للرجم. قال رحمه الله ما معناه: الوطء المباح بنكاح صحيح لا خيار فيه من بالغ مسلم حر.
ثم أورد بعده قول الناظم:
شروط الإحصان ست أتت ... فخذها عن النص مستفهما
بلوغ وعقل وحرية ... ورابعها كونه مسلما
وعقد صحيح ووطء مباح ... متى اختل شرط فلن يرجما
وهنالك خلاف بين الفقهاء في بعض هذه الشروط، والمقصود أن مجرد حصول هذا الإحصان يستحق الزاني الرجم، ولا يشترط لذلك بقاء الزوجة في عصمته، فلو طلقها أو ماتت فهو محصن أيضًا، وكذا لا يشترط وجوده معها، فلو كان غائبًا عنها فهو محصن كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(16/466)
الحد الشرعي لمن زنا بأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الابن الذي يضع لأمه منوما في الشاي حتى يجامعها وهي نائمة؟ وقد حدث ذلك ونشر بالصحف منذ فترة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من يقوم بمثل ما ذكرت يعتبر إنسانًا منتكس الفطرة فاسد الطبيعة، أوصله إغواء الشيطان واتباع الهوى إلى أسفل دركات السقوط ودناءة الهمة، فهذا أمر تقشعر الأبدان وتنفطر الأكباد عند مجرد التفكير فيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
والحكم الشرعي في مثل من عمل هذا العمل هو القتل كما سبق في الفتوى رقم:
17240.
ولكن يجب أن يعلم أن الحدود لا ينفذها إلا القاضي الشرعي بأمر من ولي الأمر، وذلك بعد أن يتثبت الحدُّ ببينة أو إقرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(16/467)
زنا بكافرة وحملت، هل له أن يتزوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم.
أنا شاب زنيت مع امرأة فحملت وولدت مولودا، ماذا علي أن أفعل؟ هل أتزوج هذه المرأة وأربي
ابني، أم أتركها؟ علما بأن المرأة ليست مسلمة، أفيدوني أفادكم الله وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى عن الزنا: إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء:32] فالواجب عليك قبل كل شيء هو التوبة الصادقة إلى الله تعالى. أما عن زواجك بهذه المرأة فإن كانت كتابية وتابت هي أيضًا فلا بأس عليك في الزواج بها، والأفضل ألا تفعل، وإذا كانت غير كتابية أو كانت كتابية ولم تتب من فعلتها، فإنه لا يجوز لك الزواج بها. أما الولد فهو ابن زنا ينسب إلى أمه. أما أنت فلست أباه شرعًا ولا علاقة لك به.
ولمزيد فائدة راجع الفتاوى رقم:
12263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(16/468)
الزنا بالمحارم عقوبته مضاعفة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من زنى بزوجة أبيه وفي رمضان مع العلم بأنني أخذت جزائي في الحين بحادث سير، وأنا أعاني من هذا إلى حد الساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جريمة الزنا من أكبر الكبائر وأقبح الذنوب، وتشتد حرمة الزنا، ويعظم جرمه إذا كان مع المحارم أو امرأة الجار. فقد روى الإمام أحمد عن المقداد بن الأسود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ما تقولون في الزنا؟ قالوا: حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره ... الحديث.
فإذا كانت عقوبة الزنا تضاعف عشرة أضعاف بامرأة الجار فما بالك بامرأة الأب؟ ويشتد التحريم وتعظم العقوبة إذا كان ذلك في رمضان. فعلى من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، ويندم على ما فات، ويعقد العزم ألا يعود إليه فيما بقي من عمره. فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
يقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [التحريم:8] .
وعليه كذلك الكفارة الكبرى - إذا كان زناه في نهار رمضان - مع القضاء، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وأما جزاؤه في الدنيا فهو إقامة الحد عليه بالجلد مائة جلدة إن كان بكرًا ورجمه بالحجارة حتى الموت إن كان محصنًا.
وأما عقوبته في الآخرة فهو في مشيئة الله تعالى إن شاء عاقبه بذنبه، وإن شاء عفا عنه. أما إذا كان قد أخلص التوبة فإن الله تعالى يقبل توبة التائبين، أو أقيم عليه الحد في الدنيا فإن ذلك كفارة لذنوبه، على الراجح من أقوال أهل العلم.
وننصح السائل الكريم بإخلاص التوبة والإكثار من أعمال الخير، وأن يستر نفسه بستر الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(16/469)
قتل الزوج زوجته الزانية لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... أما بعد:
موضوع السؤال: قتل الزوجة الزانية
هل يوجد دليل في القرآن أو السنّة بجواز قتل الرّجل زوجته إذا وجدها تزني ولم يكن له شهود، أفيدونا؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع الحكيم يقصد إلى إقامة المجتمع الإسلامي على أحسن سبيل وأقوم طريق، وإلى إبعاده عن الفوضى واضطراب الأمور، فجعل أمر تنفيذ الحدود إلى الحاكم، ولم يكل ذلك إلى عامة الناس، تحقيقاً لهذا المقصد، لذا فلا يجوز للرجل قتل زوجته إذا وجدها متلبسة بالزنا، بل الواجب في حقه اتباع ما جاء به الشرع، والذي قد سبق بيانه في الفتوى رقم:
12315.
وإذا ثبت القول بعدم الجواز دل ذلك على أنه لا يوجد دليل على جواز قتل الرجل زوجته الزانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(16/470)
يقيم علاقات غير مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي يحب النساء وإقامة علاقات جنسية مع العاهرات فما هو الحل؟ وهو من جت المثلث في فلسطين المحتلة داخل الخط الأخضر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يفعله صديقك محرم لا يجوز، وانظر الفتوى رقم: 18401.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(16/471)
الستر وعدم إبلاغ الحاكم هو الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لموضوع العار في وقتنا الحاضر، هناك كشف لستر الله وفيها عار وفتنة واحتمال يقتلونها هي وأولادها ولو علموا منها الشخص الذي زنا بها أيضا ممكن أيضا يقتلوه، هل يترتب علي أي ذنب في ما لو حصل هذا وما ذنب بعض الأولاد الذين هم من صلبي والعار الذي سيلحق بهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أغواه الشيطان فوقع في الزنا، فإن الواجب عليه التوبة الصادقة والإحسان فيما يستقبل، كما أن الأولى به أن يستر على نفسه، ولا يلزمه الإقرار بذلك عند الحاكم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
22413،، وليعلم أن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط الله وغضبه، لذا قد رتب الله عليه العقوبة في الدنيا والآخرة، فالواجب الحذر من الوقوع فيه، وإغلاق السبل الموصلة إليه.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 21212. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(16/472)
الرجم من تشريعات الإسلام العظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.... أما بعد:
نحن كجالية إسلامية هنا بهولندا نتلقى ردوداً سلبية عن رجم الزاني والزانية، فجزاكم الله خيراً كيف يجب أن نرد على هؤلاء بطريقة مقنعة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التصديق والإذعان للأحكام لا بد أن يكون صاحبه تابعاً فيه للعقيدة، فإذا وجدت هذه العقيدة في الإنسان كان عليه الانقياد لكل ما يصدر عن الله تعالى من تشريعات، ولهذا نرى القرآن الكريم عند ما يريد أن يصدر أمراً أو نهياً كثيرا ما يبدأ الخطاب بلفظ يأيها الذين آمنوا، كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:278] ، وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] ، وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج:77] .
وذلك لأن الإيمان يقتضي الطاعة وعدم العصيان في الأوامر والنواهي الصادرة عن الله عز وجل.
وبناء على هذا فإن المسلم لديه من النصوص الصحيحة والصريحة ما يثبت وجود الرجم في شريعته الإسلامية، وقد بيناها مفصلة والحكمة من وجودها في الفتوى رقم: 26483.
ومما يجدر التنبيه له هنا أن حكم الرجم ليس خاصاً بهذه الشريعة وحدها، فقد كان موجودا في شرائع الأنبياء السابقين، ونذكر منهما على الخصوص شريعة موسى عليه السلام ففي البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الرجم، فقالوا نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام أرفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(16/473)
قبح الزنا وخطورة أمره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أوجه سؤالي هذا إليكم طالبا من علمائنا الأجلاء وفقهم الله لإنارة الطريق للمسلمين بفتواهم.
السؤال: قصتي أنني تعرفت على فتاة ووقعت في حبها وهي كذلك ومع مرور الزمن وقعت في المحذور "الزنا" ولمدة طويلة ففقدت بذلك عذريتها معي ولم يعلم أحد بهذا الأمر ومازلنا على حبنا، ونود الارتباط على سنة الله ورسوله ولكن الوقت غير مواتٍ ماديا..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
فبين الله سبحانه أن الزنا بئس الطريق والمسلك، ونهى عباده عن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه، قال العلماء: قوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى أبلغ من أن يقول: لا تزنوا. فإن معناه: لا تدنوا من الزنا، ليشمل النهي عن الصداقة بين الرجل والمرأة في غير ظل الزواج الشرعي، والخلوة بها والنظر إليها، ونحو ذلك مما هو ذرائع للوقوع في الفاحشة.
والزنا من الكبائر، والأضرار والمفاسد التي تنشأ عنه أكثر من أن تحصى، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له. رواه ابن أبي الدنيا.
وفي صحيح البخاري -في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم الطويل- قال صلى الله عليه وسلم:...... فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته ناراً فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة ثم قال له الملكان: ... والذي رأيت في الثقب الزناة. وفي صحيح البخاري أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان كالظلة، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان. رواه أبو داود والترمذي والبيهقي واللفظ لأبي داود.
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي أمامة قال: إن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: أدنه، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك، قال: لا والله جعلني فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك، قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك، قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك، قال: لا والله جعلني فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك، قال: لا والله جعلني فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.
فهذه الأحاديث وغيرها تبين لك قبح الزنا وخطورة أمره، فبادر بالتوبة إلى الله واقطع هذه العلاقة المحرمة مع هذه الفتاة وابتعد عنها تماماً، فإن هذه العلاقة الآثمة هي التي أوقعتك وأوقعتها، في ما يسخط الله تعالى واحذرا سخط الله وعقابه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أمة محمد: والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً. متفق عليه، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5707، 17947، 26237، 26714، 25882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(16/474)
استر على نفسك وعلى من قارفت الفاحشة معها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت على علاقة مع فتاة ننوي الزواج فزنيت معها بعد ضغط شديد منها لي وإغراء شديد على أن أفعل ذلك، ثم اختلفنا، الآن ندمت على خطئي وأريد التكفير عنه حاولت أن أرجعها وأصلح خطئي فرفضت وخطبت لشخص آخر، وضميري يحثني أن أخبره أو أخبر أهلها نظراً للآية: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين)) ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك وعلى الفتاة التوبة إلى الله عز وجل من الزنا والندم على ما فات، والعزم على ترك الزنا وعدم العودة إليه مرة أخرى، وليس للزنا كفارة معينة سوى التوبة، وعليك أن تستر على نفسك وعلى الفتاة، ولا تعلم من أراد خطبتها ونكاحها بما قارفته معها، إلا إذا استُنصِحت فانصح بما تعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(16/475)
حكم اقتراف الزنا لسد الرمق
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال إن الزنا للمرأة في حالة عدم وجود عائل ولا مال لتصرف به على نفسها وإخوتها أو أبنائها جائز لأنه الحل الوحيد أمامها والسريع للحصول على المال، بدليل تلك المرأة مع ابن عمها في قصة الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار، وأنا لا أسأل عن ذلك لأستبيح لنفسي أوغيري لكن لأنه موضوع يطول الجدل فيه مع الأصحاب فأحببت أن يكون لي الرد المؤكد لإقناعهم بذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حرم الله تعالى الزنا وحرم كل الطرق المؤدية إليه من نظر وملامسة وغيرهما، قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] ، وقال جل وعلا: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وقد شدد الله تعالى العقوبة على فاعله في الدنيا بالجلد أو الرجم إذا كان محصنا، كما توعده بمضاعفة العذاب يوم القيامة إذا لم يتب، قال الله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] .
وإذا علم هذا.. فإنه لا يجوز لأي مسلمة تؤمن بالله تعالى أن تقدم على الزنا، فأحرى أن تجعله مكسبا تنفق منه على نفسها وذويها مهما كانت الظروف والأسباب، وذلك لأن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه. رواه أحمد وأبو داود.
وأشد أنواع الكسب حرمة مهر البغي؛ لما في صحيح مسلم عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام.
وقد أباح الله تعالى من أنواع الكسب ما يغني عن الوقوع في هذه المعصية التي تهدم الدين والأخلاق والمجتمع، لكن إذا اضطرت المرأة اضطراراً شديداً بحيث تخاف على نفسها الموت، فإنه والحالة هذه يجوز لها الزنا قياساً على حال المكره، قال صاحب التاج والإكليل نقلاً عن سحنون: وأما المرأة تخاف على نفسها الهلاك من الجوع ولا تجد من يسد رمقها إلا لمن يطلب منها الزنا، فإنه يسوغ لها ذلك للخوف على نفسها ويصير حالها حال المكره بتخويف القتل. انتهى.
ومن هذا الجانب يمكن أن نعتبر الحديث المشار إليه دليلاً لهذا، لأن حال تلك المرأة يدل على أنها كانت في حال اضطرار، بدليل أنها امتنعت أولاً من ذلك فلما أصابتها الفاقة وافقت، ويشهد لهذا قول ابن عمها في الحديث: فأردتها على نفسها فامتنعت مني، حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(16/476)
ترقيع البكارة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
باختصار مارست الجنس مع إحدى قريبات زوجتي والآن أفقنا بالأصح أفقت أنا ولا أدري كيف أصلح غلطي مع العلم بأنه لا يجوز لي الزواج بها لا أدري ماذا أعمل كي أصلح الخطأ؟
أفكر في أن أجري لها عملية ترقيع غشاء البكارة إن كان الأمر ليس فيه معصية لله تعالى وإن كان لا يصح ما الحل؟ وكيف عليها أن تتصرف مع من يتقدم لها؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً كيف أستطيع أن أكفر عن خطئي كي يقبل الله توبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا من المعاصي العظيمة التي تترتب عليها أوخم العواقب في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (الإسراء:32) ، وجعله سبحانه قرين الشرك وقتل النفس في قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (الفرقان:68) .
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. متفق عليه، ويعظم الإثم وتشتد الجريمة إذا كان الزاني متزوجاً، أو زنى بمن يحرم عليه الزواج منها، فبادر بالتوبة النصوح، وأكثر من الاستغفار والدعاء أن يعافيك الله من شؤم الزنا، وراجع الفتاوى التالية: 10108 29734 5871 2189
وقد فصلنا الكلام في حكم ترقيع البكارة في الفتوى رقم:
5047 ومنها تعلم أنه لا يجوز.
وهذه الفتاة تجب عليها التوبة إلى الله، فإن تابت وصدقت في توبتها فسيجعل الله لها فرجاً ومخرجاً، كما قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق:2]
وراجع للأهمية الفتاوى التالية: 20929 28784 5450
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1424(16/477)
نعت الفتيات الائي يحادثن الشباب بالعهر لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
إنني أعمل في شركة وفيها بنات وتصرفاتهن مزعجة وأحياناً تمس بسمعتهن ومن هذه التصرفات الأمور الغير أخلاقية في الإنترنت مثل الدردشة مع شبان وغيرها ولدي عمل على الإنترنت أهم من عملهم فأغضب كثيراً فأقوم بنعتهن بالعاهرات داخل قلبي وأحيانا بصوت منخفض هل تعتبر هذه غيبة وهل هناك غيبة للنصراني؟
وجزاكم الله خيراً للإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما تقوم به هؤلاء الفتيات محرم، والواجب عليك نصحهن وأمرهن بالمعروف ونهيهن عن المنكر بالوسائل الشرعية، ولا يجوز لك وصفهن بالعاهرات، لأن العهر هو الزنى ومجرد محادثتهن للفتيان والخوض في ما يدعو للفاحشة لا يعد زنا حقيقة، وإن كان هو زناً مجازاً، لما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما رأيت شيئاً أشبه باللَّمم -صغائر الذنوب- مما قال أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.
ولا يجوز لك القول بأن هؤلاء الفتيات عاهرات لا مع نفسك فقط، ولا مع غيرك، والمطلوب منك هو النصح والدعوة بالحسنى.
نسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق، ويهدي هؤلاء الفتيات على يديك.
وأما غيبة الكافر، ففيها تفصيل سبق ذكره في الفتوى رقم: 23256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(16/478)
إذا حبلت من لا زوج لها حدت ما لم تدع شبهة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة ظهر الحمل عليها فلما شرع في تطبيق الحد قالت بأن رجلا طرقها وهي نائمة فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاختلف أهل العلم في المرأة لا زوج لها وظهر عليها الحبل، فذهب أحمد والشافعي وأبو حنيفة إلى أنه لا يلزمها الحد بذلك، وعلل ذلك ابن قدامة فقال: ولنا أنه يحتمل أن يكون الحمل من وطء إكراه أو شبهة والحد يسقط بالشبهات، وقد قيل إن المرأة تحمل من غير وطء بأن يدخل ماء الرجل في فرجها إما بفعلها أو فعل غيرها. انتهى من المغني.
وذهب مالك إلى أن عليها الحد إلا أن تظهر عليها أمارات الإكراه، جاء في المنتقى شرح الموطأ: قال مالك الأمر عندنا في المرأة توجد حاملاً ولا زوج لها فتقول استكرهت أو تزوجت أن ذلك لا يقبل منها وإنما يقام عليها الحد، إلا أن يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة أو على أنها استكرهت، أو جاءت تدمي إن كانت بكراً أو استغاثت حتى أتيت وهي على ذلك، أو ما أشبه هذا من الأمر الذي تبلغ به فضيحة نفسها، قال: فإن لم تأت بشيء من هذا أقيم عليها الحد، ولم يقبل منها ما ادعت من ذلك. انتهى.
والراجح أنها تحد ما لم تدع شبهة، ومن الشبه أن تدعي أنها وطئت وهي نائمة، فإنه يتصور أن توطأ المرأة وهي نائمة فلا تشعر لثقل نومها.
قال في الإنصاف: وإن حملت من لا زوج لها ولا سيد لم تحد بذلك بمجرده.... وعنه تحد إذا لم تدع شبهة، اختاره تقي الدين، وهو ظاهر قصة عمر رضي الله عنه. انتهى.
وجاء في مطالب أولي النهى: وإن حملت من لا زوج لها ولا سيد لم تحد بمجرد ذلك ... فإن ادعت إكراهاً أو وطئاً بشبهة أو لم تقر بزناً أربعاً لم تحد، وروى سعيد أن امرأة رفعت إلى عمر ليس لها زوج، وقد حملت وسألها عمر فقالت: إني امرأة ثقيلة الرأس وقع علي رجل وأنا نائمة فما استيقظت حتى نزع، فدرأ عنها الحد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(16/479)
أقوال الفقهاء في المكرهة على فعل الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز للمكرهة على الفاحشة فعل ذلك بتهديد معتبر بقتل ولدها أو زوجها ونحو ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنى كبيرة من الكبائر، حرم الله تعالى قربها فضلاً عن فعلها، لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وهتك الأعراض وغير ذلك، قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم المدافع عن عرضه حتى الموت في مقام الشهداء، فقال:...... ومن قتل دون أهله فهو شهيد..... رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. وقال الترمذي حسن صحيح وصححه الألباني أيضاً.
والحديث لا يدل على وجوب ذلك عليه، بل هو للمشروعية، فقد قال في تحفة الأحوذي: المؤمن محترم ذاتاً ودماً وأهلاً ومالاً، فإذا أريد منه شيء من ذلك جاز له الدفع عنه، فإذا قتل بسببه فهو شهيد. انتهى.
وهذا يدل على أهمية الحفاظ على العرض، والحرص على صيانته والدفاع عنه، لكن قد يتعرض المرء أحياناً للإكراه على الأفعال المحرمة التي لا يرضى بفعلها حال السعة والاختيار، فإذا حصل ذلك، فإنه يُراعي أعلى المصلحتين، ويدفع أعلى المضرتين، فارتكاب الضرر الأدنى تفادياً للضرر الأعلى مما أقرته شريعة الإسلام، وارتضته العقول والأفهام، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] .
وليُعلم أن الإكراه المعتبر عند جمهور العلماء هو التهديد بإتلاف النفس أو الأعضاء، أو ما شابه ذلك مما يشق على النفس تحمله، أما مجرد الشتم والسب والتشهير، فليس ذلك من نوع الإكراه المعتبر عندهم، وجمهور العلماء على أنه تستوي مباشرة هذه الأمور على المكره مع توعده بها أو تهديده بفعلها، وهو ما ذهب إليه أحمد في رواية وبه يقول أبو حنيفة والشافعي، لأنه إنما أبيح له فعل المكره عليه دفعاً لما يتوعده به من العقوبة فيما بعد.
وللإكراه المعتبر شروط بيناها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24683، 23139، 19424.
هذا بالنسبة للمكره، أما إذا كان الوعيد أو الإتلاف لغير المكره، فقد اختلف الفقهاء في حكم المكره في هذه الحالة، فذهب بعض الحنفية إلى أن الوعيد إذا وقع على والد المكره أو ولده أو ذي رحم محرم، فإنه يحقق له الإكراه الذي يعذر معه بفعل المحرم.
قال ابن عابدين في رد المحتار: والإكراه بحبس الوالدين أو الأولاد لا يُعد إكراهاً، لأنه ليس بملجئ، ولا يُعدم الرضا بخلاف حبس نفسه. انتهى.
لكن في الشرنبلالية عن المبسوط: أنه قياس، وفي الاستحسان حبس الأب إكراه، وذكر الطوري أن المعتمد أنه لا فرق بين حبس الوالدين والولد في وجه الاستحسان، زاد القهستاني: أو غيرهم من ذوي رحم محرم، وعزاه للمبسوط. انتهى.
أما المالكية فيرون أن الوعيد ليس إكراها، لو وقع على أجنبي إلا الولد والوالد والأخ في بعض الأحوال.
قال الشيخ عليش في منح الجليل: لا يكون المكلف مكرهاً بخوف قتل شخص أجنبي أو أخذ ماله بالأولى، وتقدم في كلام ابن عرفة أن خوف قتل الوالد والأخ إكراه في بعض الأحوال، فيؤخذ أن المراد بالأجنبي ما عدا الولد والوالد والأخ في بعض الأحوال. انتهى.
ويتفق الشافعية مع بعض الحنفية في ما ذهبوا إليه، والذي وصفه بعضهم بالمعتمد كما سبق.
قال الشوبري في حاشيته على أسنى المطالب: وإتلاف الولد والوالد وذي الرحم المحرم أو إتلاف عضو أحدهم. انتهى.
يعني أن كل ذلك يعتبر إكراهاً للمكره، وإن وقع على غيره.
وذهب الحنابلة إلى أن الإتلاف إذا وقع على الولد أو الوالد، فإنه يكون إكراهاً، قال السفاريني في شرح منظومة الآداب: وإن أكرهه بتعذيب ولده، فقالت طائفة: لا يكون إكراهاً، والمعتمد في المذهب بلى. ويتجه مثل ولده كل من يشق عليه تعذيبه مشقة عظيمة من والد وزوجة وصديق كما في القواعد الأصولية لابن اللحام. انتهى.
وقال أيضاً: قال الشيخ تقي الدين -ابن تيمية- قدس الله روحه: إذا غلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو أهله أو ماله فإنه يكون مكرهاً، ولا فرق بين كون الإكراه من سلطان أو لص أو متغلب نص عليه. انتهى.
وما ذكره الحنابلة هو الراجح، لأنهم راعوا العلة وهي لحوق المشقة على النفس بوقوع الضرر، وهذا لا يحد المسألة في الوالد والولد فقط بل يتعداها إلى الزوج والأخ ونحوه.
وبناء على ذلك.. فإن المرأة إذا أكرهت على الزنا إكراهاً ملجئاً ولم تستطع الدفاع عن نفسها في مقابل افتداء نفس ولدها أو زوجها ونحوهما ممن تلحقها المشقة بإيذائهم، جاز لها ذلك، ويشرع لها الدفاع عن نفسها حتى الموت، كما يُشرع لزوجها وولدها كذلك، كما قدمنا في صدر الجواب، وقد نص بعض الفقهاء على هذه المسألة.. فقد قال الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته على شرح الخرشي لخليل: قوله: لا لمن يزني بها، فيباح لها، وتتناول ما يشبعها لا قدر ما يسد رمقها فقط، والظاهر أن مثل ذلك سد رمق صبيانها إن لم تجده إلا لمن يزني بها قياساً على قوله أو قتل ولده. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(16/480)
عقوبة من زنا بإحدى محارمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسان زنا بإحدى محارمه ما هو جزاؤه؟ وهل يستطيع أن يتوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا بإحدى المحارم من أكبر الكبائر وأفحش الفواحش، ومن أسباب سخط الرب تبارك وتعالى، وحدُّه هو القتل، سواء كان الزاني محصناً أو غير محصن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. أخرجه أحمد والحاكم.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 2376.
أما هل يستطيع أن يتوب؟ فالجواب: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، إذا أخلص لله، وندم على ما فات وأقلع عن جريمته وعزم ألا يعود إليها أبداً، وأتبع سيئاته بالحسنات، وأكثر الاستغفار والأعمال الصالحات، فعسى الله أن يتوب عليه فيقبل توبته، قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً* وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً [الفرقان] .
نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهداية والعصمة من أسباب الفتن وموجبات الغضب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(16/481)
إرادة النكاح لا تبيح المعاشرة ما لم يتم العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنني على علاقة برجل منذ 8 أشهر وهو مطلق ينتظر إتمام إجراءات الطلاق حتى يتزوجني، أقوم بواجباتي الدينية أقوم بصلاتي لكنه يريد معاشرتي معاشرة الأزواج، إنني حائرة ماذا أفعل، وهل أقبل وكيف أقنعه بأنه حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي -أيتها الأخت الطيبة- أنه لا يجوز أن تعاشري هذا الرجل المعاشرة التي يريدها منك، ولا معاشرة أخرى تفضي إلى الحرام، فالله تعالى يقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:30-31] .
فما دام غض البصر واجباً بينكما، ولا يجوز إبداء أية زينة قبل عقد الزوجية، فأحرى بكما أن تبتعدا عما هو أشنع وأقبح عند الله، ولينظر منك ما رخص الشارع في نظره دون قصد اللذة، الوجه والكفين أول مرة فقط، أخرج أحمد وأبو داود عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه لنكاحها فليفعل.
وفي أحكام القرآن للجصاص أنه الوجه والكفان....جـ5 صـ172.
ثم إن الطلاق لا يتطلب كل هذه المدة والإجراءات، فعليكما أن تعجلا بعقد النكاح بينكما لتبيح المعاشرة ويطيب اللقاء، وقبل ذلك يجب أن تقطعي العلاقة مع هذا الرجل، فلا تختلي معه ولا تكلميه إلا لحاجة ويكون ذلك بحضرة غيركما، ولا تخضعي له بالقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(16/482)
فروق شاسعة بين النكاح والزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الجماع أو المباشرة الزوجية زنى أم ماذا؟ وهل يجوز الاستحمام مع الزوجة أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يعتبر جماع الزوجة أو مباشرتها زناً، بل هو قربة عظيمة إلى الله جل وعلا، قال صلى الله عليه وسلم: وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر. رواه مسلم.
والبُضع هو الفرج، أما الزنا فهو جماع الرجل غير زوجته، وهو من أكبر الذنوب، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
ومدح الله المؤمنين بالبعد عنه فقال: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:5، 6] .
والفرق بين جماع الزوجة والزنا كالفرق بين السماء والأرض، فجماع الزوجة يحصل به غض البصر وإعفاف النفس وتحصين الفرج وتكثير الأمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة. رواه عبد الرزاق. إلى آخر ما في النكاح من مصالح.
أما الزنا فيحصل به جملة من شرور الدنيا والآخرة ومن غضب الباري جل جلاله، ومن ضياع الأسر واختلاط الأنساب، وانتهاك الأعراض، وكثرة أولاد الزنا الذين لا يجدون عائلاً ولا مأوى فيكونون نقمة على مجتمعهم، كما هو مشاهد في المجتمعات التي فشت فيها تلك الرذيلة، إلى آخر ما في الزنا من بلايا.
ولهذا قرن الله الزنا بالشرك وقتل النفس؛ فقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68 - 70] .
وأما الاستحمام مع الزوجة فهو جائز لما ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من قولها: كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد تختلف أيدينا فيه. متفق عليه. زاد مسلم: من الجنابة.
وتتميماً للفائدة انظر فتوى رقم:
21297.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/483)
الزنا بقريبة الزوجة جريمة تدل على خسة فاعلها.
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص ما عاقد قرانه على إحدى الفتيات كان يعاشرها قبل الزواج ثم في فترة قام بمعاشرة أختها في نفس الوقت الذي كان عاقداً لقرانه على اختها والفتاة المعقود قرانها بعد أن علمت بما حصل مع أختها تسأل ما هو حكم الشرع في حالتها.. وفقكم الله؟
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعله هذا الشخص مع أخت زوجته اعتداء عظيم، وجريمة من أكبر الجرائم وأقبحها، تدل على ضعف إيمان صاحبها وخسة نفسه ودنو همته، فأهل الجاهلية على كفرهم وجفائهم كانوا يأنفون من مثل ما أقدم عليه هذا الشخص، ويعيرون من يفعله.
وفي هذا يقول بعضهم: ومثلك قد أحببت ليست بكنة* ولا جارة ولا حليلة صاحب.
فكون أهل الجاهلية الذين لم يأتهم نذير ولم يسمعوا وحياً ولم يؤمنوا بجنة أعدت للمتقين ولا نار وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين والخارجين عن طاعة الله سبحانه وتعالى، يمنعهم حياؤهم ومروءتهم من الزنا بجاراتهم وقريبات زوجاتهم دليل واضح على أن الذي يفعل ذلك الفعل عادم الرجولة والمروءة.
أما بالنسبة لتأثير هذا العمل على عصمة هذا الزوج لكون من زنا بها أخت زوجته فنقول إنه لا يؤثر عليها لأنه زنا والحرام لا يحرم الحلال، وبخصوص علاقته بمن عقد عليها عقد القران، تراجع الفتوى رقم:
5859، والفتوى رقم: 7249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(16/484)
الستر أصون للابن إذا وقع في مستنقع الفاحشة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،
سؤالي هو كالآتي:
هناك صديق لي طلب مني أن أسألكم عن أمر يخص ابن أخيه الذي زنى أكرمكم الله مع امرأة برغبة منها وهو شاب في العشرين من عمره، وهي زميلته في الدراسة الجامعية، ولما حبلت منه وعلى غفلة من أهله وأهلها، طلب من والده أن يخطبها له، فتم له ما أراد وهي في شهرها الخامس أو الرابع، وأراد أن يضغط على أبيه وهو غني من أغنياء البلد بأن يجهر بزواجهما، فرفض بحجة أن ابنه أخفى عنه حقيقة الأمر، وخصوصا أن المرأة على وشك وضع وليدها، والسؤال فضيلة الشيخ هو: ما حكم هذا الفعل الذي أقبل عليه هذا الفتى، وما رأي الدين في إخفائه فعلته عن والده وطلبه الزواج من الفتاة، وما حكم المولود بعد الزواج أيعد ولد زنا أم ولدا لأبويه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً يجب على هذين الزانيين التوبة إلى الله سبحانه من فعلتهما وإذا صدقت توبتهما وأرادا الزواج فلا حرج عليهما في ذلك، وعلى أهلهما أن لا يمانعوا في ذلك بل هو أستر لابنيهما وأصون لهما، لكن هذا الولد الذي ستلده المرأة ولد زنا ينسب إلى أمه ولا ينسب إلى أبيه من الزنا، ولا يلحق به، ويعتبر أجنبياً عنه كما هو مبين في الفتوى رقم:
22196 فراجعها، وحكم الإقدام على الزواج بالحامل يراجع في الجواب رقم:
4115
وأما اخفاء الرجل جريمة الزنا عن والده فذلك مطلوب منه لأنه من الستر المأمور به كل من وقع في المعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1423(16/485)
توبة من وقع في زنا المحارم.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الذي يجب على من اعتدى على أخواته، أي على عرضه للرجوع إلى الله ولتغفر ذنوبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا كبيرة من الكبائر التي حرمها الله تعالى على عباده، بل حرم القرب منها والوقوع في دواعيها ومقدماتها، فقال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وإذا كان الزنا محرماً بين عموم الناس فإن حرمته أشد إذا وقع على المحارم، فقد روى أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. وقال الحاكم في المستدرك: صحيح ولم يخرجاه.
وقال ابن حجر في الزواجر عند سياق هذا الحديث: وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم. انتهى.
وذلك لأن المحرم مطلوب منه الحفاظ على عرض محارمه والذود عنه، لا أن يكون هو أول الهاتكين له المضيعين لأركانه.
والواجب على من وقع في هذه الفاحشة العظيمة أن يتوب إلى الله تعالى، بترك الذنب والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، مع التزام صحبة أهل الخير والصلاح، والحرص على القيام بالواجبات الدينية من صلاة وصيام ونحوهما، والتمسك بالاستغفار، والتشبث بنوافل العبادات، فإن ذلك مما يطمئن القلب ويصرفه عن دواعي الشر، مع الأخذ بعين الاعتبار الابتعاد عن مواطن فتنته السابقة، والانصراف عما يقرب إليها؛ لأن المقترب منها كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
ولمزيد من الفوائد والنصائح راجع الفتوى رقم: 2376، والفتوى رقم: 15674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1423(16/486)
من ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم العلاقة الجنسية خارج الزواج مع غير أهل الكتاب من قبل متزوج؟ هل هو بمستوى الزنا بالمسلمة أو الذمية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كل ما يطلق عليه الآن العلاقة الجنسية مع غير الزوجة والأمة هو زناً بغض النظر عمن حصل معه ذلك، لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5 - 7] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(16/487)
ليس هذا عذرا للوقوع في الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من كانت زوجته بعيدة عنه واقترف جريمة الزنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم -وفقنا الله وإياك- أن الزنا من كبائر الذنوب والمحرمات، ولا يقدم عليه المسلم إلا وقد وهى الإيمان في قلبه، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزانى حين يزني وهو مؤمن..... متفق عليه
ولقبح الزنا وسوء عاقبته، قال جل جلاله: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وجعل الله فيه الحد في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة، قال تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2] .
فهذا حدُ الزاني والزانية في الدنيا إذا كان لم يسبق لهما الزواج، فإن كانا متزوجين أو قد تزوجا ولو مرة في العمر بشرط أن يكون قد حدث وطء في نكاح صحيح، فإنهما يرجمان بالحجارة إلى أن يموتا، كما ثبت في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا عقاب الزنا في الدنيا، أما عقابهم في الآخرة فهو أدهى وأمر، ففي صحيح البخاري في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم: أنه جاءه جبريل وميكائيل قال: فانطلقنا فأتينا على مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا -أي صاحوا من شدة حره- فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الزناة والزواني -يعني من الرجال والنساء- فهذا عذابهم إلى يوم القيامة.
واعلم أن بعد الزوجة عن زوجها فتنة لكليهما، فكم من الأسر قد ضاعت وكم من البيوت قد تهدمت بسبب ذلك، ولكن ليس هذا عذراً للوقوع في الزنا ولا غيره مما حرمه الله. فينبغي لمن وقع في هذه الفاحشة أن يبادر بالتوبة قبل أن يختطفه الموت، قال صلى الله عليه وسلم: إذا زنى العبدُ خرج منه الإيمان فكان كالظلة على رأسه، ثم إذا أقلع رجع إليه الإيمان. رواه أبو داود والحاكم.
وتتميماً للفائدة انظر الفتوى رقم:
26714، والفتوى رقم: 10800، والفتوى رقم: 7308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(16/488)
المصير الأخروي للزاني المحصن التائب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل الزاني المحصن لكي يتوب؟ وهل سيدخل النار بعد التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] ، وقال جل وعلا: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:39] .
فمن رحمة الله تعالى أنه يغفر الذنوب كلها لمن تاب منها ولو كانت شركاً أو زناً أو غيره، كما قال سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ [طه: 82] .
فإذا تاب العبدُ توبة نصوحاً مخلصة غفر الله سيئاته، بل بدلها حسنات، كما قال تعالى: فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان: من الآية70] ، فمن غفرت ذنوبه، بل وبدلت حسنات لا يدخل النار، إلا إذا بقيت عليه ذنوب لم يتب منها، كمن تاب من الزنا ولم يتب من شرب الخمر، فهو تحت المشيئة إن شاء الله عاقبه وإن شاء غفر له؛ لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] .
وأما ما يفعله الزاني المحصن ليتوب فقد تقدم تفصيله تحت الفتوى رقم: 26714، والفتوى رقم: 7308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1423(16/489)
ترك الصلاة أعظم جرما من اقتراف الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت في التلفاز فتوى أن المرأة التي تزني علنا وتصلي أفضل من المرأة المحصنة التي لا تصلي؟
الرجاء الإيضاح؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا من كبائر الذنوب، ومن الفواحش الشنيعة، والرذائل القبيحة لا يقترفها ويصر عليها إلا من لا يؤمن حق الإيمان بوعيد الله تعالى وعذابه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم.
وهذه الجريمة والفاحشة قد أعد الله لمقترفها العذاب الأليم في الدنيا، وفي حياة البرزخ، وفي الآخرة، ولمعرفة قبح وجرم وحرمة هذه الرذيلة انظر الفتوى رقم:
14737.
لكن لا ريب ولا شك أن تارك الصلاة أعظم جرماً وأكبر مقتاً عند الله من إتيان الزنا.. وترك الصلاة إن لم يبلغ بصاحبه حد الكفر فلا أقل من أن يكون هو من أكبر الفاسقين، وأعظم المجرمين توعده الله بأشد العقوبات، وحكم عليه كثير من أهل العلم بالردة عن الإسلام والخروج من الملة كما هو مبين في الفتوى رقم:
6061.
لكن هذا القول لا يبرر اقتراف الزنا لأن المؤمن لا ينظر إلى تفاوت الذنوب في القبح وإنما ينظر إلى عظمة من عصى وشدة عذابه، والذنوب جراحات، ورب جرح وقع في مقتل، والزنا مما يصيب المقاتل وله عواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة.
وقد يدخل صاحبه النار، ويجلب له غضب الجبار، وإن كان من المصلين كما أن المصلي لا يقترف هذه الجريمة إلا نتيجة ضعف قيامه بحقوق الصلاة، لأن من أدى الصلاة على وجهها وقام بها حق القيام زجرته عن الفاحشة، ونهته عن المنكر، قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] .
فعلى المسلم إن كان يخاف الله ويرجو لقاءه أن يتوب إلى الله من ترك الصلاة، ومن جريمة الزنا، وينقذ نفسه من هذا المستنقع الآسن الذي يجلب عليه سخط الله وعقوبته في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(16/490)
توبة الزاني المحصن
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل الزاني المحصن لكي يتوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا من أقبح الفواحش وأكبر الذنوب، قال تعالى في شأنه والتحذير منه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وقد شدد الإسلام في عقوبة الزناة وأمر أن تقام عليهم الحدود على مرأى ومسمع من الناس وبحضورهم زيادة للعقوبة، وردعاً لضعاف النفوس، قال تعالى: وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2] .
ولكن باب التوبة مفتوح أمام العبد فمن تاب تاب الله عليه، ومن رجع إلى الله قبله وبدّل سيئاته حسنات، قال تعالى: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70] .
وأول ما يفعله العاصي أن يقلع عن الذنب، ويعقد العزم على ألاَّ يعود إليه فيما بقي من عمره، ويندم على فعله ويستعين بالله تعالى، ويخلص النية في عمله ويكثر من أعمال الخير وأولها الفرائض، وينبغي له أن يستر على نفسه بستر الله تعالى، ولا يرفع أمره للقاضي، ولا يحدث الناس بشيء مما فعل، فإن ذلك لا يجوز، وهو نوع من المجاهرة المحرمة.
فإذا فعل المسلم ذلك فنرجو الله تعالى أن يقبل توبته، فهو القائل في محكم كتابه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1095، والفتوى رقم: 6972.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(16/491)
إدخال الأصبع في الفرج هل هو زنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذهب شاب أعزب للقاضي واعترف بالزنا أكثر من مرة مع أكثر من امرأة ومع كل امرأة أكثر من مرة في مجالس متفرقة هل يقام عليه الحد بعدد المرات التي فعل بها الجريمة أم مرة واحدة وهل هذا كفارة له؟ وهل إدخال الأصبع أعزكم الله في الفرج المحرم يعتبر زنا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم حد من تكرر منه الزنا في الفتوى رقم: 12516.
والذي نود التنبيه إليه هنا أنه يجب على المسلم أن يبعد نفسه عن كل المحرمات، لكن إذا ابتلي الإنسان بشيء منها وكان يستلزم حدّاً فإنه يستتر بستر الله تعالى ولا يرفع أمره إلى القاضي ليقيم عليه الحد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقيم عليه كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
وانظر الفتوى رقم: 7308.
وسؤالك عن إدخال الإصبع في الفرج هل هو زناً أم لا؟
جوابه أنه ليس زناً؛ لأن الزنا الذي يترتب عليه الحدّ إنما هو إيلاج حشفة أو قدرها في فرج محرم لعينه مشتهى طبعاً بلا شبهة، وما عداه فإنه وإن سمي زناً إلا أنه لا حد فيه، لكن يلحق صاحبه الإثم؛ لما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(16/492)
هل يثبت حد الزنى بظهور الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحمل من امرأة غير متزوجة دليل زنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في ثبوت حد الزنا بوقوع الحمل من امرأة لا زوج لها ولا سيد، فذهب الجمهور إلى أنها لا تحد، قالوا: لجواز أن يكون من وطء شبهة أو إكراه، والحد يدرأ بالشبهة، وذهب المالكية في المشهور من مذهبهم إلى ثبوت حد الزنا بظهور الحمل من امرأة لا زوج لها، وأنها لا يقبل دعواها الغصب إلا بقرينة، ودليل هذا القول ما رواه البخاري ومسلم عن عمر رضي الله عنه قال: "والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو الحبل أو الاعتراف." والحبل: هو الحمل، وقد قال ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه.
واستدل الجمهور بما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وسعيد بن منصور في سننه والبيهقي في سننه: " أن عمر رضي الله عنه أتي بامرأة ليس لها زوج قد حملت! فسألها عمر؟ فقالت: إني امرأة ثقيلة الرأس وقع علي رجل وأنا نائمة فما استيقظت حتى فرغ، فدرأ عنها الحد "
ويدل لمذهب الجمهور تلقين علي رضي الله عنه للهمدانية عندما جيء بها إليه، فقال لها: لعل رجلاً وقع عليك وأنت نائمة، قالت: لا، قال: لعله استكرهك، قالت: لا. قال الإمام الزيلعي في نصب الراية: وحديث علي روي من وجوه.. أحدها عند أحمد والبيهقي فلو كانت هذه الأعذار غير مسقطة للحد لما لقنها علي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وإن حملت امرأة لا زوج لها ولا سبب حُدَّت إن لم تدعِ الشبهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(16/493)
أنواع الزنا المجازي وكفارته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هل يعتبر الحديث بين شاب وفتاة عن الجنس في الهاتف أو عن طريق الإنترنت زنا؟؟؟ حيث أنه فقط كلام ولكنه كلام بصيغة الفعل وإن كان يعتبر زنا فما هو كفارته؟؟!! أرجو الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يحرم الحديث عن الجنس مع الأجنبية سواء كان عبر الهاتف أو الإنترنت أو غير ذلك، ويعتبر ذلك من زنا اللسان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر وزنا اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أويكذبه.
وهذا النوع يسمى الزنا المجازي، قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: إن ابن آدم قدر عليه نصيبه من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقياً بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازاً بالنظر إلى الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو بتقبيلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا، أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك أو بالفكر بالقلب، فكل هذه أنواع من الزنا المجازي. انتهى
أما كفارته فتكون بالتوبة إلى الله عز وجل، توبة نصوحاً، وللاطلاع على كيفية التوبة وعلامات قبولها انظر الفتوى رقم: 5450، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
11286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(16/494)
قلما يسلم من الوقوع في الزنا الأكبر من أتى بمقدماته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يتمتع بفتاة لا تحل له بالضم والتقبيل وغير ذلك دون عمل فاحشة بحجة الخوف من الوقوع في الزنا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن يتمتع بفتاة لا تحل له بحجة الخوف من الوقوع في الزنا، إذ أنه بفعله ذلك قد وقع في نوع من أنواع الزنا، فقد أخرج البخاري ومسلم واللفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كتب على بن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
ومن ادعى أنه بفعله ذلك يدفع عنه الوقوع في الفاحشة الكبرى، وأنه واثق من نفسه أنها لن تتعدى ذلك، فدعواه كاذبة، فقلما يسلم من الوقوع في الزنا الأكبر من أتى بمقدماته على نحو ما جاء في السؤال، ومن خاف من الوقوع في الزنا حقاً وصدقاً فعليه أن يبتعد عن كل ما يثير شهوته وغريزته، ومن أعظم ذلك الخلوة بامرأة لا تحل له فضلاً عن أن ينظر إليها إلى غير ذلك، ثم اعلم أن الخوف من الوقوع في الزنا قاسم مشترك بين الناس جميعاً، فالكل مطالب بأن يخاف من الوقوع فيه، فلا يأمن أحد البلاء على نفسه، والمعصوم من عصمه الله، وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى التالية: 14334، 17642، 19260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(16/495)
كفارة فاحشة الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[زنيت أكثر من مرة قبل زواجي وذهبت إلى أداء العمرة وتبت توبة نصوحا وتزوجت ولله الحمد فماذا أفعل لأكفر عن هذا الإثم في الدنيا ليغفر الله لي؟ وهل لا بد للزاني أن يتزوج من زانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنرجو من الله تعالى أن يتقبل منك توبتك ويثبتك على صراطه المستقيم.
ثم اعلم أن كفارة هذا الذنب الذي اقترفت هي قصد الإنابة إلى ربك بالاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة لعل الله جل وعلا يتوب عليك ويتجاوز عن خطيئتك، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وقال الله سبحانه: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114] .
والظاهر من سؤالك أنك فهمت من قول الله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً [النور:3] .
أن من زنى فإنه لا يوفق إلا إلى الزواج من زانية، أو أن عقوبته أن يجعل تحته امرأة زانية، وليس الأمر كذلك، بل المراد من الآية أنه لا يُوافق على الزواج من الزاني المستمر على زناه إلا امرأة ترضى بالزنا وتقره، وانظر ما سبق من الفتاوى بالأرقام التالية:
2403 -
1106 -
22413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(16/496)
طلب معاشرة البنت أشنع الموبقات والكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للفتيات التحدث مع الخاطب حتى تتعرف على طباعه وتتناقش معه في الأشياء التي تخصهم وتعرف نفسيته عن طريق الهاتف وخاصة أن أباها لا يريدها أن تتزوج لأنه يخاف إذا تزوجت أن لا يجد من يخدمه وكما أنه يغار ويتمنى أن لا تتزوج ويقول أربي لغيري أنا أولى بكل هذا ويطلب مني أن أعاشره مثل زوجاته أرجو الرد بأسرع وقت والنصح للوالد والدعاء لكل فتاة تعاني مثل مشكلتي وماذا علي إذا طلب مني مقابل الزواج أن أعاشره وإلا فلن يزوجني مدى الحياة؟ ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما بالنسبة للتحدث مع الخاطب فهو مباح إذا كان بدون خلوة ودعت إليه الحاجة مع التقيد بالآداب الشرعية، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
24750.
واعلمي أنك ما دمت بحاجة إلى الزواج، وتقدم إليك من هو كفء لك ثم أبى أبوك أن يزوجك فلك أن ترفعي أمرك إلى القضاء لتحكم لك المحكمة بالزواج إن شاء الله تعالى، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
14222 - والفتوى رقم: 25011.
ومن عجب أن يمنعك أبوك من الزواج مدعياً أنه يغار عليك أو أنه لا يريد أن يربي لغيره!! فخالف بذلك المعقول والمنقول، وحسبنا أن نقول في هذا المقام ما قال الأول:
يغمى على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
وأما الطامة الكبرى فهو ما ذكرته من أنه يطلب معاشرتك كما يعاشر زوجاته! فأين بصره؟ وأين بصيرته؟ وأين دينه؟ وأين عقله؟ وأين قلبه؟ وأين فطرته؟ وأين نخوته؟ وأين مروءته؟
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ... إن كان في القلب إسلام وإيمان
ولمعرفة ما يتعلق بزنا المحارم راجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 2376 -
16574 -
17240.
وأما نصيحتنا لوالدك فنقول له: اتق الله، واعلم أن لحظة واحدة في النار تنسي أعظم نعيم يشعر به المرء في الدنيا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ فيقول: لا، والله يارب....... الحديث. رواه مسلم وأحمد من حديث أنس بن مالك
فكيف بمن ألقي فيها، قال الله تعالى: كَلَّا إِنَّهَا لَظَى* نَزَّاعَةً لِلشَّوَى* تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى* وَجَمَعَ فَأَوْعَى [المعارج] .
فعليك أن تفيق من غفلتك الآن قبل أن يفجأك الموت
يا من بدنياه اشتغل ... وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة ... والقبر صندوق العمل
وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ* إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34] .
والله نسأل أن يطهر قلبك ويحصن فرجك ويلهمك رشدك.
وإليك أيتها الأخت السائلة، وإلى كل من تعاني مثل مشكلتك نقول: لا ملجأ ولا مفر إلا إلى الله تعالى وحده، قال الله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ [الذاريات:50] .
ووالله إن من أحسن اللجوء إليه وصدق في توكله عليه، فلن يضام أبداً، ولن تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، ما دام هو يمشي ويدب على الأرض، وأخلصي الدعاء لله تبارك وتعالى، وألحي عليه سبحانه في الدعاء، واعلمي أن الفرج قريب فلا تيأسي، ورحم الله من قال:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه ... وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطئ ولكن ... لها أجل وللأجل انقضاء
وختاماً.. نحذرك تحذيراً شديداً من أن تمكني أباك من نفسك مهما كانت الأسباب، وإن ربط ذلك بموافقته على زواجك.. فلأن تعيشي عزباء عفيفة، وتموتي على ذلك خير لك من مواقعة الحرام مع أبيك وإن أعقب ذلك الزواج بمن تحبينه، ونسأل الله تعالى أن يعصمك من السوء والفحشاء ويغفر ذنبك، ويهدي أباك، ويعجل بزواجك بمن يكافئك من ذوي الخلق والدين، وإذا رأيت من أبيك إصراراً على ما يريد منك فهدديه بأنك سترفعين الأمر إلى السلطات المعنية، فإن لم ينته فارفعي أمرك إليها، ولا ذم عليك، ولا عار في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(16/497)
حكم من قتل متلبسا بالزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ينص القانون الجنائي الليبي على أن من يفاجأ بزوجته أو أخته أو أمه في حالة جماع غير مشروع فيقتلها هي أو شريكها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين ما حكم الشريعة الغراء في ذلك؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن قتل زانياً غير محصن، فإنه يقتص منه إلا أن يعفو أولياء الدم، وإن كان محصناً فيطالب القاتل بالبينة على أن الزاني ارتكب الزنا مختاراً، فإن أقام البينة أمام القضاء الشرعي فلا يلزمه شيء، ومن حق القاضي الشرعي تعزيره لافتياته على السلطان في إقامة الحدود، فإن لم يقم بينة على ذلك، فإنه يقتص منه إلا أن يعفو ولي المقتول، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1423(16/498)
القواد معاون على الإثم والعدوان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم القواد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي المعجم الوسيط: القواد: الساعي بين الرجل والمرأة للفجور. انتهى.
ولا يخفى أن هذا عمل محرم يدل على شدة جرم صاحبه، وفساد طبعه وسوء خلقه، فالزنا من أكبر الكبائر، وأقبح القبائح، قال عنه رب العالمين تبارك وتعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32]
وهذا القواد يزين له ويهيئ أسبابه، ويغري الشباب ذكوراً وإناثاً به، ويقربهم إليه بل يوقعهم فيه، والله سبحانه وتعالى قد توعد من يحب إشاعة الفاحشة في المسلمين بقوله إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النور: 19] ثم إن هذا العمل يشتمل على آثام وقبائح آخرى كالدلالة على الشر، والتعاون على الإثم والعدوان، والكسب الخبيث.
نسأل الله تعالى أن يطهر ديار المسلمين من أمثال هؤلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(16/499)
الزنا بين الأقارب أشد قبحا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في أحد الأيام عند صديق لي فأقسم علي أن أبيت عنده ففعلت فلما كان الليل استيقظت من نومي لأدخل الحمام فرأيت زوجته تفعل الفاحشة مع ابن أخيها فقررت قطع علاقتي بهما علماً أن زوجها مريض بالكبد وينام بمفرده فهل أنا على صواب؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة عظيمة وفاحشة شنيعة لا يفعلها مؤمن مصدق بوعد الله ووعيده، وتزداد حرمة هذه الجريمة وبشاعتها إذا كانت بين المحارم إذ لا زنا أفحش على الإطلاق وأجرم من زنا المحارم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2376.
ولإيقاف هذه الفاحشة وهذا المنكر العظيم يلزمك تذكيرهما ووعظهما وردعهما، ويجب عليك إخبار زوج المرأة وأهل الولد ليمنع الولد من الدخول عليها، والخلوة بها سداً للذريعة، ومنعاً من تكرار المنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(16/500)
الزنا ... تدرج في إنزال العقوبة لا في تحريمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرم الزنا على مراحل كالخمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يكن الزنا في يوم من الأيام مباحاً منذ أن خلق الله تعالى الخليقة؛ بل جميع الشرائع جاءت بتحريمه، ولذلك قال الله تعالى عن مريم عليها السلام عندما جاءت بعيسى إلى قومها حكاية عنهم: قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً* يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً [مريم:27-28] . فجعلوا ذلك أمراً عظيماً ومنكراً.
وقد تناهى قبحه حتى استقر فحشه في العقول حتى عند كثير من الحيوانات، كما ذكر البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودي قال: رأيت في الجاهلية قرداً زنا بقردة! فاجتمع القرود عليهما فرجموهما حتى ماتا.
وكان قبيحاً عند العرب قبل البعثة فلم يكن يرتكب الزنا إلا سفاسف الناس وأراذلهم من الإماء والعبيد، ولذلك لما بايعت هند بنت عتبه رضي الله عنها، النبي صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام في البيعة: ولا يزنين، قالت: أو تزني الحرة. وهذا دليل على أنه أمر مستنكر مستقبح حتى في الجاهلية وجاء الإسلام وشدد على حرمته فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء على قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الممتحنة:12] .
وقال سبحانه: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً* وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً [النساء:15-16] .
وقال في سورة الإسراء: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وقال في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:68-69] .
وقال عن المؤمنين: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُمَلُومِينَ [المعارج:29-30] .
والأدلة من الكتاب والسنة متضافرة على تحريمه مطلقا من أول وهلة.
ولم يحرم الزنا على مراحل مثلما حرم الخمر.. فقد تدرج الشارع في تحريم الخمر على عدة مراحل ولم يتدرج في تحريم الزنا لعظم قبحه وفحشه وكثرة أضراره وعواقبه، وإنما كان التدرج في إنزال العقوبة بفاعله، فكان في أول الأمر عقوبة الزنا بالإيذاء والتوبيخ والتعنيف بقول الله سبحانه وتعالى: وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً [النساء:16] .
ثم تدرج الحكم من ذلك إلى الحبس في البيوت بقول الله تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً [النساء:15] .
ثم استقر الأمر وجعل السبيل فجعل عقوبة الزاني البكر مائة جلدة والرجم للثيب حتى يموت، وكان هذا التدرج ليرتقي بالمجتمع، ويأخذ به إلى العفاف والطهر، وحتى لا يشق على الناس هذا الانتقال فلا يكون عليهم في الدين حرج، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبادة بن الصامت: خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم. رواه مسلم وأبو داود والترمذي.
قال الشوكاني رحمه الله في فتح القدير: في قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2] .
قال: وهذه الآية ناسخه لآية الحبس وآية الأذى اللتين في سورة النساء.
وقد نقل صاحب كتاب فقه السنة: أن كثيرا من الفقهاء يرون أن تقريرعقوبة الزنا كانت متدرجة كما حدث في تحريم الخمر، وكما حصل في تشريع الصيام، فكانت العقوبة أولاً بالإيذاء ثم الحبس ثم استقرت العقوبة الأخيرة التي هي الجلد مع النفي للبكر والرجم للثيب. انتهى
والآيات كما أسلفنا لا تدل على التدرج في التحريم، وإنما تدل على التدرج في العقوبة. وأما التحريم فهو أمر مقطوع به من أول الأمر، بخلاف الخمر وبخلاف فرضية الصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(16/501)
الرجم للزاني المحصن ثابت شرعا وعقلا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأدلة العقلية أو النقلية على حد الرجم؟ وجزاكم الله على حسن الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دل كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حد الرجم للزاني المحصن، فمن الأدلة ما أثبت الرجم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله في أخبار تشبه المتواتر، وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنزله الله تعالى في كتابه وإنما نسخت قراءته دون حكمه، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب.. فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل، ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، وقد قرأتها" الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته نكالاً من الله والله عزيز حكيم. متفق عليه
ومن الأدلة ما أخرجه البخاري عن جابر رضي الله عنه::أن رجلاً من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: إنه قد زنى فأعرض عنه فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات فدعاه فقال هل بك جنون؟ هل أحصنت؟ قال نعم فأمر به أن يرجم بالمصلى فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدرك بالحرة فقتل. وأخرج البخاري عن الشعبي لحديث علي رضي الله عنه حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت، قال: لا، يا رسول الله، قال: أنكتها! لا يكني، قال: فعند ذلك أمر برجمه.
وأخرج مسلم عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.
وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني قال عليه الصلاة والسلام: واغْدُ يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت.
وكذا رجمه صلى الله عليه وسلم الغامدية، واليهوديين اللذين زنيا.
وقد خفف الله الحد على البكر وشدده على المحصن، وعلة التخفيف على البكر هي علة التشديد على المحصن، فالشريعة الإسلامية تقوم على الفضيلة وتحرص على الأخلاق والأعراض والأنساب من التلوث والاختلاط، وتوجب على الإنسان أن يجاهد شهوته ولا يستجيب لها إلا من طريق الحلال وهو الزواج، كما توجب عليه إذا بلغ الباءة أن يتزوج حتى لا يعرض نفسه للفتنة أو يحملها ما لا تطيق، فإذا لم يتزوج وغلبته على عقله وعزيمته الشهوة فعقابه أن يجلد مائة جلدة ويغرب سنة، وشفيعه في هذه العقوبة الخفيفة تأخيره في الزواج الذي أدى إلى الجريمة، أما إذا تزوج فأحصن ثم أتى الجريمة فعقوبته الجلد والرجم لأن الإحصان يسد الباب على الجريمة، ولأن الشريعة لم تجعل له بعد الإحصان سبيلاً إلى الجريمة.. فلم تجعل الزواج أبدياً حتى لا يقع في الخطيئة أحد الزوجين إذا فسد ما بينهما، وأباحت للزوجة أن تطلب الطلاق للغيبة والمرض والضرر والإعسار، وأباحت للزوج الطلاق في كل وقت، وأحلت له أن يتزوج أكثر من واحدة على أن يعدل بينهن، وبهذا فتحت الشريعة للمحصن أبواب الحلال، وأغلقت دونه باب الحرام.. فكان عدلاً -وقد انقطعت الأسباب التي تدعو للجريمة من ناحية العقل والطبع- أن تنقطع المعاذير التي تدعو لتخفيف العقاب، وأن يؤخذ المحصن بعقوبة الاستئصال التي لا يصلح غيرها لما استعصى علىالإصلاح.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه أعلام الموقعين جـ2 صـ110: أما الزاني فإنه يزني بجميع بدنه، والتلذذ بقضاء شهوته يعلم البدن، والغالب من فعله وقوعه برضا المزني بها فهو غير خائف ما يخافه السارق من الطلب فعوقب بما يعم بدنه من الجلد مرة والقتل بالحجارة مرة، ولما كان الزنا من أمهات الجرائم وكبائر المعاصي لما فيه من اختلاط الأنساب الذي يبطل معه التعارف والتناصر على إحياء الدين، وفي هذا إهلاك الحرث والنسل، فشاكل في معانيه أو في أكثرها القتل الذي فيه هلاك ذلك فزجر عنه بالقصاص ليرتدع عن مثل فعله من يهم به، فيعوده ذلك بعمارة الدنيا وصلاح العالم الموصل إلى إقامة العبادات الموصلة إلى نعيم الآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(16/502)
الزانية المطاوعة لا حق لها.
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كان لدينا خادمة نصرانية عذراء غير متزوجة تعمل في بيت أبي، وقد كونت تلك المرأة علاقة لواط معي والعياذ بالله، واستمرت تلك الحال إلى أن طلبت منها أن أفض بكارتها فوافقت بسرعة من دون تفكير، ولما بدأت أنا بالشروع بفض البكارة رفضت هي أن أكمل ولكني أكملت عملي بالرغم من تألمها وتوسلها لي بعدم الإكمال ثم تبت ولله الحمد ولكن كيف أستطيع تحقيق الشرط المهم من شروط التوبة وهو رد المظالم إلى أهلها، وأقصد هنا بالمظالم هو فقدان العذرية، مع العلم أن تلك المرأة مازالت تعمل خادمة في بيت أهلي ويبدو عليها ظاهريا أنها غير متأثرة ولا أعلم ما في باطنها من حقد علي، وأنا لا أريد الزواج منها فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك قد اقترفت جرماً عظيماً وفعلاً شنيعاً يجب عليك أن تتوب إلى الله عز وجل منه وتستغفره وتستر على نفسك حيث سترك الله، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيها الناس: قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله فمن أتى من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله. رواه الحاكم عن ابن عمر، ومالك مرسلاً.
أما إزالة بكارة من رضيت بذلك فلا يترتب عليه أي التزام مالي لأن العلماء نصوا على أن الزانية المطاوعة لا حق لها.
وننصحك أخي الكريم بالزواج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، والابتعاد عن كل ما قد يجرك إلى ما كنت فيه، وراجع الفتوى رقم:
22413 - والفتوى رقم: 17992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(16/503)
مراعاة المصلحة في تقويم عوج الأخت الزانية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
كيف يتصرف أخ تجاه أخته التي ارتكبت فاحشة الزنا؟ هل يتركها تواصل فاحشتها أم يقاطعها ويطردها من المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على هذه الأخت أولاً أن تتوب إلى الله تعالى من هذه الفاحشة المنكرة التي نهى الله عن قربها فقال: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وتوبتها تتحقق بترك الذنب والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، قبل أن يفجأها الموت وهي على حالة لا يرضاها رب العالمين، فالعبد يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه.
والواجب عليك أيها الأخ الكريم، هو استخدام الأسلوب الأمثل في إصلاحها، والكف من جموحها، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فإن وجدت أن مقاطعتها، ستكون سبباً في استقامتها وصلاحها، فمقاطعتها أفضل، وإن وجدت أن التقرب منها والتودد إليها ومعاملتها بالمعروف ستكون سبباً في صلاحها، كان ذلك أفضل.
وإننا لننصحك بأن تستخدم معها الوسائل الدعوية المختلفة، كالشريط المرئي والمسموع، والكتيبات المختصرة المفيدة، والكلام الطيب اللين، مع التوجه إلى الله تعالى بالتضرع والدعاء، فعسى أن يكون ذلك سبباً في صلاحها واستقامتها، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية رقم:
14139 -
20400 -
21837 -
22411 -
24559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(16/504)
عقوبة الزاني الدنيوية والبرزخية والأخروية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الزاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا من كبائر الذنوب، وهو محرم في كافة الملل وذلك لما يجلب على المجتمعات من الأمراض القتالة كالإيدز وغيره، ويشيع بينهم البغضاء، ويتسبب في كثير من الجرائم، وبه تختلط الأنساب، وتضيع العفة، وقبل ذلك كله جالب لسخط الله وعقابه.
وقد رتب الله عليه عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة قال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً*يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا*إلا من تاب) [الفرقان:68-69] وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج -فيما رواه البخاري وغيره- رأى رجالاً ونساء عراة على بناء شبه التنور، أسفله واسع، وأعلاه ضيق، يوقد عليهم بنار من تحته، فإذا أوقدت النار ارتفعوا وصاحوا، فإذا خبت عادوا. فلما سأل عنهم؟ أخبر أنهم هم الزناة والزواني.
وهذا عذابهم في البرزخ حتى تقوم الساعة، وقد حذر الله من الزنا بقوله سبحانه: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً [الإسراء:32]
وعقوبة الزاني في الدنيا هي أنه إذا ثبت زناه عند الحاكم المسلم فيجب أن يقام عليه الحد، وهو جلد مائة جلدة للزاني البكر (الذي لم يسبق له الزواج) وينفى الرجل من بلده عاماً، وأما الزاني المحصن (الذي سبق له وطء زوجته في زواج صحيح) فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت، ويستوي في هذا الحد الرجل والمرأة، قال الله تعالى: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين [النور:2] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، وعلى الثيب الرجم." رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وهذا لفظ ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/505)
موقف الزوجة من زوجها الذي يخونها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يخونني وأنا دائما معه في مشاكل ويحب الحرام وأنا لم أعد أستحمل، ماذا أفعل بالله عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود بقولك (زوجي يخونني ويحب الحرام) فعل الزنا، فإن كان لديك يقين بذلك كاعتراف زوجك، فالواجب عليك مناصحته، وتخويفه بالله وبالعقاب الشديد الذي أعده الله للزاني في البرزخ وفي الآخرة، وأن الزنا من كبائر الذنوب، وبقوله تعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين [النور:3] أي لا يفعل ذلك الزنا إلا زان عاص لله بزناه، أو مشرك لا يرى تحريمه.
فإن استجاب وتاب فالحمد الله، والله يقبل توبته كما أخبر في سورة الفرقان: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً*يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً*إلا من تاب وآمن عمل عملاً صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً [الفرقان: 68-70]
وإن لم يستجب فلك طلب الطلاق منه، فإن أبى الطلاق فالقاضي يطلقك منه للضرر، ولا خير في البقاء مع زوج زان لا يراعي حرمات الله، ولا يراعي عشرة زوجته، ويخون الله ويخون زوجته، ولا خير في حياة زوجية قائمة على انعدام الثقة والتخوين والشقاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(16/506)
الإقدام على الفاحشة أم تحمل الفضيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم
رجل استكره على الزنى من قبل امرأة وخيرته بين أن يزني بها أو تفضحه: ما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المكره قد تعرض للإكراه بالضرب الفادح أو القتل من قبل ظالم ذي سطوة وقدرة يستطيع تنفيذ وعيده، ولم يملك المُكرَه أي حيلة للخلاص أو المقاومة، فإنه في هذه الحالة يسقط عنه الإثم في الجملة، لأن التكليف لا يكون إلا بما يدخل تحت القدرة.
وأما إذا أعطي فرصة ليختار بين الإقدام على الفاحشة أو تحمل عبء الفضيحة بأن تنسب إليه هذه الفعلة القبيحة، فليس أمامه سوى الصبر على ما ابتلي به، والكف عن التعرض لسخط الله تعالى، ويحتسب في ذلك الأجر عند الله، وينأى بنفسه عن مظان السوء، ومواقف التهم والريبة، لأن الراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فقد قال تعالى: ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون [يوسف:57] وقال تعالى: إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون [النحل:128]
وفقنا الله وإياك لطاعته.
آمين.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(16/507)
الزنا ... حكمه ... وما يترتب عليه من آثار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزنا؟ وما حكمه بعد الزواج؟ وما حكم ابن الزنا بعد الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حرم الله تعالى الزنا، وحرم الطرق التي تؤدي إليه في أكثر من آية.. قال سبحانه وتعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء:32] .
وقال جل ذكره: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) [النور:30] .
وقال جل ثناؤه: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور:2] .
وهذا الحد ثابت في حق البكر غير المحصن، وزادت السنة عقوبة أخرى هي تغريبه سنة عن المكان الذي زنا فيه، قال صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة" رواه مسلم.
أما الزاني المحصن فعقوبته الرجم حتى الموت رجلاً كان أو امرأة، وللإحصان شروط ذكرها أهل العلم من جملتها الوطء في القبل في نكاح صحيح حاصل من حر بالغ عاقل.
وقد اختلف الفقهاء هل يقتصر على الرجم فقط أو أنه يجلد ثم يرجم؟ حيث مال أكثرهم إلى الأول منهم: النخعي والأوزاعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وهو رواية عن أحمد. وذهب آخرون إلى القول الثاني منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو جار على الرواية الأخرى عن أحمد.
أما بخصوص الجنين الذي جاء نتيجة لارتكاب فاحشة الزنا، فهذا يحرم إجهاضه، فإذا خرج من بطن أمه حياً فليس بينه وبين أبيه من الزنا نسب ولا توارث، وإنما ينسب إلى أمه ويرث منها وترث منه، وذلك للقاعدة الفقهية التي تقول: المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(16/508)
أقطع هذه العلاقة المحرمة فورا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا على علاقه بفتاة تطورت العلاقه إلى حد الزنا أريد أن أنفصل عنها ولكن هناك عوائق
1- أنا أحبها جدا وهي الإنسانة الوحيدة التي تقف بجانبي
2- هل تركي لها حرام بعد ما حدث على العلم بصعوبة الارتباط في الوقت الحالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك قطع هذه العلاقة فوراً فإنها علاقة محرمة لا يحل لك التمادي فيها، وعليك التوبة والندم مما ارتكبته من الزنا، فالزنا من كبائر الذنوب الجالبة لغضب الله وسخطه، قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وفي الحديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. رواه البخاري.
واعلم أنه لا يحل لك الزواج من هذه الفتاة حتى تتوب هي من الزنا كما تتوب أنت، فإذا تبتما وأنبتما إلى الله فيجوز لكما عندئذ أن تتزوجا بشرط أن يوافق أولياؤها على ذلك، نسأل الله لكما الهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(16/509)
التوبة الصادقة من الزنا يقبلها الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة أبلغ 30 سنة وقد أخطأت في حق نفسي، وقد نتج عن ذلك الخطأ حمل وقد أجهضت الحمل بسبب المرض وقد حدث هذا منذ 9 سنوات، لكن ضميري غير مرتاح فما حكم الإسلام في هذا؟ جزاكم الله الخير وبارك الله فيكم....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على السائلة الصدق في التوبة إلى الله عز وجل، وذلك بالندم على ما فات، والعزم على عدم العود إلى الذنب مرة أخرى، والإقلاع في الحال، والزنى من كبائر الذنوب، وقد توعد الله أصحابه بالعذاب إلاَّ من تاب.
فننصح السائلة بصدق التوبة، ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتها.
وأما عن حكم الإجهاض، فقد سبق بيان ذلك في فتوى سابقة فلتراجع:
5920 -
6012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(16/510)
حرمان الزاني التائب من الحور العين في الجنة لا يثبت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من عقوبة الزنا حجب الحورالعين عن الزاني يوم القيامة؟ وهل إذا تاب إلى الله ولم يعد للزنا هل يرزقه الله الحور العين؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب توعد الله عز وجل أصحابه بالعذاب الشديد، قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] .
وقال سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
ولا نعلم حديثاً صحيحاً ورد فيه حرمان الزاني من الحور العين في الجنة إن دخلها، والسنة الصحيحة ناطقة بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما روى ذلك ابن ماجه في سننه وصححه الألباني.
ومما يؤكد هذا المعنى أن شارب الخمر في الدنيا توعد بالحرمان منها في الجنة إلا إذا تاب، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة؛ إلا أن يتوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/511)
هل يحرم الزاني التزوج بالحور العين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل التائب من الزنا يتزوج الحور العين أم لا يتزوجهن حيث إن الزاني ورد في أحاديث شريفة أنه لا يتزوج الحور العين هل يتزوجهن التائب توبة نصوحا؟ أفتوني جزاكم الله خيراً وأكثر منكم بإذن الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لا نعلم حديثاً ثابتاً يدل على حرمان من زنا في الدنيا من أن يتزوج الحور العين في الآخرة، والذي ورد في ذلك هو في الخمر والحرير.
-ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة.
وفي مسند الطيالسي وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو.
ومع ذلك فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
فمن تاب من الزنا توبة صادقة ودخل الجنة فإنه سيتزوج الحور العين بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(16/512)
الزوجة الزانية ... إمساك أم فراق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ 17 عاماً ولي أربعة بنات أكبرهن في الأول ثانوي والصغرى في الصف الأول الابتدائي المشكلة أن عملي كان يتطلب السفر بعيداً عن الأولاد ولكن لفترة قصيرة أسبوعين أو ثلاثه كحد أقصى ولمرة أو مرتين في السنة فقط.
المهم لاحظت وجود علاقه مريبة بين زوجتي وأحد أقاربي ومن ثم تأكدت من هذه العلاقة واكتشفت ويا للهول أنها وصلت إلى الزنا ومنذ زمن وأنا لا أدري حيث أن زوجتي في الظاهر متدينة وتصلي وتقرأ القرآن ولم أكن أشك فيها لحظة من قبل.
المشكلة ماذا أفعل ولدي بنات وليس لدي أخت تساعدني أو أهل فوالدي طاعن في السن وهو يحتاج للمساعدة وأمي كذلك فهل أبقي الزوجة الزانية أم ماذا أفعل ولدي خوف من ضياع الأولاد بكل الأحوال سواء بوجود أم فاسدة مثل أمهم أو بعدم حصولهم على الرعاية والحب الكافي بعد طلاقها وبالتالي التعرض للانحراف
ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى المنع من استدامة نكاح الزانية؛ لأن الله عز وجل إنما أباح نكاح العفائف، قال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة:5] .
وقال تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3] .
لأنها إذا كانت كذلك لا يؤمن أن تأتي بولد من الزنا فتلحقه به وتورثه ماله.
وعلى هذا؛ فإمساكك لتلك المرأة لا يجوز، وإمساكها في هذه الحالة يدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة. وذكر منهم: الديوث وهو الذي يقر الفاحشة على أهل بيته، والحديث رواه أحمد والنسائي:
وقد قال الله تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ [النور: 26] .
وإن وجود أم كهذه مع بناتك أفسد لهنَّ من عدمها، فعليك أن تبحث عن زوجة صالحة تقوم برعاية بناتك، وتدعو الله سبحانه أن يوفقك لاختيار الزوجة الصالحة، وأن يأجرك في مصيبتك ويخلفك خيراً منها، ويعوضك أنت وبناتك، وأن يحفظ بناتك ويجنبهنَّ الانحراف والضياع، واعلم - أخي الكريم - أن انحراف هذه الزوجة ربما كان نتيجة من نتائج الاختلاط الذي يتساهل فيه الكثيرون، وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إياكم والدخول على النساء، فقالوا: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
والحمو هو قريب الزوج، وأنصحك - أخي الكريم - أن تحافظ على بناتك وأن تلزمهنَّ بالحجاب الشرعي، وأن تمنعهنَّ من الاختلاط بغير محارمهنَّ من الرجال؛ لأن في ذلك مضيعة لهنَّ ولحيائهنَّ الذي فطرهنَّ الله عليه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1423(16/513)
ممارسة الجنس عن طريق الدردشه بالإنترنت -رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ممارسة الجنس عن طريق الإنترنت؟ وهذا يتم عن طريق الدردشة ويتم عن طريق الصوت وبعض الأحيان بالصوت والصورة، هل يعتبر زنا؟ وماذا يتوجب على فاعله للتوبة؟ وشكراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فممارسة الجنس عن طريق ما يسمى بالدردشة على الإنترنت محرم سواء كان بالصوت والصورة وهو أشد، أو بالصوت فقط، ويطلق على الكل زنا مجازاً لأنه مقدمة، وذريعة للزنى الحقيقي، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة: فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
قال النووي رحمه الله: معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقاً بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازاً بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يقبلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا أو النظر أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك أو بالفكر بالقلب فكل هذا أنواع من الزنا المجازي.... انتهى
والواجب التوبة من جميع أنواع الزنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(16/514)
تصرف الأهل تجاه ولدهم الذي يقارف الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هناك أم تشكو من ولدها الذي يدخل عليها في المنزل ومعه البنات ليمارس معهن الزنا وهذه الأم المسكينة زوجها توفي عنها وهي الآن تربي هذا الابن المراهق الذي عمره 18 سنه وقمت بمخاطبة الابن ونصحته لكن دون جدوى، أريد منكم النصح وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لهذه الأم أن تجتهد في نصح ولدها، وتذكيره بعقاب الله عز وجل للزناة والزواني، وينبغي أن تستعين بكل من يعينها على تحصيل هذا المقصود من الأقارب، وتحرص على أن توصل حال ابنها هذا إلى من في بلدها من أهل العلم والدعاة إلى الله عز وجل علهم أن يعينوها، فإن لم يُجْدِ معه ذلك كله ورأت أن من المصلحة هجره وطرده من البيت، وأن ذلك سيكون سبباً في ردعه عن جرائمه فعلت.
ولا ينبغي لهذه الأم أن تغفل الدعاء لولدها بالهداية والاستقامة وتحري أوقات الإجابة، ومما يعين الولد على ترك هذا الذنب العظيم تزويجه بامرأة يحبها، فإن رأت الأم أن الولد أهل لأن يتزوج، وكانت قادرة على إعانته على ذلك فينبغي أن تبادر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(16/515)
مساكنة الزناة لا تنبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[طالب اكترى شقة مع أخويّ اللذين يستخدمان غرفتيهما في الزنا، ولا مكان لي سوى معهما لأننا إخوة ولأن أفضالهما علي جمة. فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا من عظائم الذنوب وأراذل الفواحش، وهذا مما هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة.
فالواجب على أخويك أن يتوبا إلى الله تعالى من هذا الفعل الشنيع، ومن الواجب عليك أنت أن تنهاهما عن هذا المنكر، وأن تنصحهما وتذكرهما بالله وباليوم الآخر وبالوقوف بين يدي الله تعالى.
فإن استجابوا فذاك، وإلا فاترك العيش معهما فلعل عذاب الله ومقته وغضبه ينزل عليهم وأنت معهم وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2، 3] .
نسأل الله العفو والعافية.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
8740 -
1602 -
4822.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(16/516)
هل رجم عثمان امرأة ولدت بعد ستة أشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله،
شيخنا الجليل، أسأل الله لكم الفردوس بتكرمكم بالإجابة عن سؤالي، أحسن الله إليكم.
ما مدى صحة قصة رجم عثمان بن عفان للمرأة التي ولدت بعد ستة أشهر من زواجها؟ وكم أحب أن تكون ضعيفة، فقد ساءني رجم بريئة هكذا من طرف خليفة راشد.
لقد أعياني البحث ولم أستطع أن أحكم بشيء بعد جمع الروايات، فلم أعرف إن كان هناك اضطراب، أو أن الأحاديث تشهد لبعضها، فعندي بعض العلم بمصطلح الحديث، لكن ليس بدرجة القدرة على الحكم على الأحاديث.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
اعلم أن هذه القصة قد اختلف فيها العلماء اختلافاً كثيراً، قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: قال أبو عمر: يختلف أهل المدينة في رواية هذه القصة، فمنهم من يرويها لعثمان مع علي كما رواها مالك وابن أبي ذئب، ومنهم من يرويها عن عثمان مع ابن عباس، وأما أهل البصرة فيروونها لعمر بن الخطاب مع علي بن أبي طالب.
وأكثر الروايات أن الثابت أن عثمان رضي الله عنه لم يرجمها، أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال: رفعت امرأة إلى عثمان رضي الله عنه ولدت لستة أشهر، فقال عثمان: إنها قد رفعت إليَّ امرأة ما أراها إلا جاءت بشر، فقال ابن عباس: إذا كملت الرضاعة كان الحمل ستة أشهر؟ وقرأ: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الأحقاف:15] ،فدرأ عثمان عنها.
وهذه الرواية قال فيها حافظ المغرب الإمام ابن عبد البر: وهذا الإسناد لا مدفع فيه من رواية أهل المدينة. 7/492.
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن فايد بن عباس قال: أتى عثمان بامرأة ولدت في ستة أشهر، فأمر برجمها، فقال ابن عباس: إنها إن تخاصمك بكتاب الله تخصمك، يقول الله: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [البقرة:233] . ويقول الله في آية أخرى: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً فقد حملته ستة أشهر فهي ترضعه لكم حولين كاملين، فدعا بها عثمان فخلى سبيلها.
أما ما أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن بعجة بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منَّا امرأة من جهينة، فولدت له تماماً لستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان، فأمر برجمها، فبلغ ذلك عليّاً رضي الله عنه، فأتاه، فقال: ما تصنع؟ قال: ولدت تماماً لستة أشهر، وهل يكون ذلك؟ قال عليٍّ رضي الله عنه: أما سمعت الله تعالى يقول: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً وقال: حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ فكم تجده بقي إلا ستة أشهر؟ فقال عثمان رضي الله عنه: والله ما فطنت لهذا، عليَّ بالمرأة، فوجدوها قد فرغ منها. وكان من قولها لأختها: يا أخية لا تحزني فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره. قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به. قال: فرأيت الرجل بعد يتساقط عضواً عضواً على فراشه.
وروى مالك أيضاً هذه القصة على هذا النحو بلاغاً، الموطأ كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الرجم:
فالجواب عن هذه الرواية أنه على فرض صحتها، فليس في ذلك ما يقدح في عثمان رضي الله عنه، فهو قد اجتهد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد. متفق عليه.
وعثمان رضي الله عنه معذور، فإن الولادة لستة أشهر نادرة إلى الغاية، والأمور النادرة قد لا تخطر بالبال فأجرى رضي الله عنه ذلك على الأمر المعتاد المعروف في النساء.
وليس من شرط الخليفة الراشد ألا يخطئ في اجتهاده، بل وليس من شرطه العصمة من الذنوب كما يقوله أهل البدع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 35/69: وسائر أهل السنة والجماعة وأئمة الدين لا يعتقدون عصمة أحد من الصحابة ولا القرابة ولا السابقين ولا غيرهم، بل يجوز عندهم وقوع الذنوب منهم، والله تعالى يغفر لهم بالتوبة، ويرفع بها درجاتهم، ويغفر لهم بحسنات ماحية أو بغير ذلك من الأسباب، قال تعالى: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ [الزمر:33-35] . وهذا في الذنوب المحققة، وأما ما اجتهدوا فيه فتارة يصيبون وتارة يخطئون، فإذا اجتهدوا فأصابوا فلهم أجران، وإذا اجتهدوا وأخطئوا فلهم أجر على اجتهادهم، وخطؤهم مغفور لهم، وأهل الضلال يجعلون الخطأ والإثم متلازمين، فتارة يغلون فيهم ويقولون إنهم معصومون، وتارة يجفون عنهم ويقولون إنهم باغون بالخطأ، وأهل العلم والإيمان لا يعصمون ولا يؤثمون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(16/517)
زنى ثم تاب،، ثم زنى ويريد أن يتوب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو:
فعلت فاحشة وأنا متزوج وبعد ذلك حلفت بقولي (علي الحرام أن ألا أعود إلى هذا الأمر مرة أخرى) ولكن إبليس أغواني وفعلتها مرة أخرى وأنا تائب إلى الله توبة نصوحاً أريدا جواباً جزاكم الله خيراً وأخرجوني من الذي أنا فيه من الهم والغم.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا فاحشة عظيمة والواجب على من وقع فيها أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً صادقة بشروطها.
وراجع لزاماً الفتاوى التالية أرقامها: 5450 1095 20839 3150 1106
أما بالنسبة لقولك علي الحرام ... فراجع له الفتوى رقم:
14259
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(16/518)
معاشرة الخطيبين زنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة فقدت بكارتي مع خطيبي وسنتزوج عن قريب فما هو رأي الدين في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الرجل لم يعقد عليك عقد النكاح فإنه أجنبي عنك كغيره من الرجال، فلا يجوز الاختلاء به ولا الظهور عليه، وتمكينه من اللمس أو ما هو فوقه، وإنما رخص الشرع للخاطب أن ينظر إلى المرأة التي يريد خطبتها بقدر ما يرغبه في زواجها.
والسائلة قد جاوزت حدود الله عز وجل، وارتكبت ما حرم الله عليها بتمكينها هذا الرجل من نفسها حتى وقعا في الزنا، هذا ما فهمناه من السؤال: أنه خاطب فقط.
وعلى هذا فيجب على السائلة أن تبادر بالتوبة إلى الله عز وجل بالندم على ما فات والإقلاع عن الذنب، وذلك بالاحتجاب التام عن هذا الرجل حتى يتم العقد.
وقد سبق أن بيَّنَّا في فتوى سابقة برقم:
1151، ما يجوز للخاطب وما لا يجوز فليراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1423(16/519)
الربا والخمر والسرقة والزنا حال الضرورة ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التعامل بالقروض المصرفية حرام؟ إذا كان حراما فكيف يتم تحليله من قبل بعض الشيوخ مثل الدكتور شحاته والقرضاوي وشلتوت ومحمد عبده عند الضرورة؟ وإذا كان حلالا عند الضرورة قياسا على الميتة فهل الزنا وشرب الخمر والسرقة حلال عند الضرورة القصوى فهي أقل ذنبا من الربا؟
ولكم منا جزيل الشكر والعرفان والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل قرض اشترطت فيه الزيادة فهو ربا، سواء كان ذلك في معاملة مع مصرف أو غيره.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وكل قرض شُرط فيه أن يزيد فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. انتهى
وإذا كان من ذكرت من المشايخ قد أجازوا هذا القرض عند الضرورة، فلا إشكال في كلامهم، إذ الضرورات تبيح المحظورات، لقوله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) [الأنعام:119] .
لكن يقع الخلل عند بعض الناس في معرفة الضرورة وتحديدها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6501.
وشرب الخمر يباح عند الضرورة، فمن أشرف على الهلاك عطشاً، ولم يجد ما يشرب إلا الخمر، أبيح له ذلك بقدر ما يرفع الضرر.
وأما السرقة، فقيل لا تحل بالاضطرار، لتعلقها بحق الغير، وقيل تحل به وهو الصواب، فمن اضطر لطعام أو شراب أبيح له أكل الميتة وشرب الخمر، وسرقة ما يسد به جوعته، وإذا ثبت أنه سرق وهو مضطر اضطراراً يبيح أكل الميتة لم يقم عليه حد السرقة، وهذا هو السبب في تعطيل عمر لحدها عام الرمادة.
والزنا لا اضطرار في فعله، ولو أكره على فعله لم يجز له ذلك عند جمهور العلماء، وذهب بعضهم إلى أنه يجوز له الإقدام بشروط أهمها: أن لا تكون الموطوؤة مكرهة، ولا ذات زوج أو سيد، وأن يكون من أكرهه قادراً على تنفيذ ما هدده به من قتل -مثلاً-، ويعلم ذلك بقرائن الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/520)
هل يؤثر زنا احد الزوجين على رابطة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يفسخ زنا المحصن عقد زواجه الصحيح؟ وماذا لو أن هناك أولاداً؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى الرغم من حرمة جريمة الزنا وبشاعتها وعظم ذنبها، إلا أن وقوعه من الزوجين أو أحدهما لا يؤثر في صحة النكاح بينهما، لكن إذا حصل ذلك من المرأة حرم على زوجها أن يقربها حتى تستبرئ رحمها بالحيض ممن زنت منه إذا لم تكن حاملاً وقت الزنا، وإذا علمت صحة الزواج فالأولاد ينسبون إلى أبيهم. ولو كان زانياً، هذا إذا كان الذي زنا هو الرجل، وإذا كانت المرأة هي التي زنت فأولادها كذلك ينسبون إلى زوجها، لقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر رواه البخاري.
إلا إذا نفى الزوج الولد ولاعن أمه، فإنه عندئذ ينسب إلى أمه فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(16/521)
الزنا ... وصيام شهرين متتابعين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليم وسلم)
أرجو من سيادتكم الإفادة هل صيام كفارة الزنا
1-صيام شهرين متتالين.
2-إطعام 60 مسكينا.
3-أو عتق رقبة اذا أمكن.
وسؤالي قبل البدء في الكفارة هل يوجد أي دعاء أو ذكر معين لبدء الصيام، أي هل توجد شروط يجب اتباعها قبل الصيام مثلا.
أرجو من الله التوفيق وقبول الكفارة الواجبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وقع في الزنا والعياذ بالله فإن الواجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً مستوفية للشروط، ولا كفارة للزنا إلا ذلك وليكثر من الحسنات فإن الحسنات يذهبن السيئات، والكفارة المذكورة في السؤال ليست كفارة للزنا إلا إذا كان الزنى قد حصل في نهار رمضان، وكان الشخص قد أصبح صائماً وأفسد صومه بالوطء، ويستوي في هذا الزاني وغيره إلا أن الزنى أعظم إثماً، وعلى من فعل هذا أن يتوب، وأن يعتق رقبة، فإن لم يستطع فليصم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فليطعم ستين مسكيناً، وليس هناك ذكر أو دعاء معين يقال عند ذلك إلا سؤال الله المغفرة في كل آن.
وراجع الفتوى رقم 22413 والفتوى رقم 1602
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(16/522)
فتاوى في أحكام ولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أبحث عن الأحكام المتعلقة بولد الزنا?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم لنا عدة فتاوى فيها أحكام ولد الزنا فراجع الفتاوى التالية: 19104 22415 16897 10152 6940 4895 11106 22196
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(16/523)
تحريم الزنا سواء مع كافر أو مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عقاب الزانية مع غير مسلم وكيف تكون التوبة وهل تقبل التوبة؟
أرجو السرعة في الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالله تعالى حرم الزنا وعده من جملة الذنوب التي قرنها بالشرك به سبحانه، حيث قال: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ) [الفرقان:68] . فتوعد سبحانه الزاني ومن ذكر معه بالعذاب الأليم والمضاعف الذي لا ينقطع ما دام مصراً على تلك المعاصي، إلا أنه من فضل الله ورحمته ولطفه بعباده أنه فتح لهم باب التوبة والإنابة إليه، ووعدهم على ذلك إن أخلصوا التوبة أن يقبلها منهم، ويمحو عنهم ما اقترفوا من سيئات، ويبدلها لهم حسنات.. قال سبحانه: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:70] .
وقال سبحانه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53] .
وعليه، فعلى هذه المرأة المسؤول عنها أن تتوجه إلى الله بتوبة نصوح، وتكثر من الاستغفار والطاعات، وتغير من صحبتها وبيئتها إذا كان فيهما ما يشدها إلى المعصية، ويشجعها عليها، وتستبدلها بصحبة صالحة، وبيئة طيبة حتى تلقى الله وهي مستقيمة على ما يرضيه.
ويجب التنبه إلى أن الزنى محرم مع الكافر ومع المسلم، فحكمه فيهما سواء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(16/524)
مقدمات الزنا بالمحارم أشد جرما
[السُّؤَالُ]
ـ[سافر زوج أختي مدة ليست طويلة وجلست عندي وأنا غير متزوج وفي الليلة السابعة جاءت إلي وقد لبست ملابس مثيرة وقد أظهرت أغلب مفاتنها ونظرت إليها واشتهيتها ولم أصبر عن النظر إليها
فطلبت منها أن أداعبها فمكنتي من نفسها ولكن لم أزن بها علما بأن عمري 23 عاما فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أخي السائل أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى بالإقلاع عن هذه الجريمة النكراء التي ارتكبتها مع أختك التي حرمها الله عليك تحريماً أبدياً. ومع ذلك فقد خالفت الفطرة السوية ولم تراقب الله وباشرتها مباشرة آثمة حتى أو شكت على الزنى بها، وإن من توبتك أن تندم ندماً شديداً على ما جنته يداك، وأن تعزم عزماً أكيداً على ألا تعود إلى ما اقترفت من خطيئة، وعلى أختك كذلك أن تتوب إلى الله تعالى حيث أظهرت لك من زينتها ما لا يجوز لها أن تبديه إلا لزوجها، واستجابت لداعي الشيطان، ومكنتك من نفسها ولم تراع حرمة زوجها الذي غاب عنها، وعليكما أن تشكرا الله الذي عصمكما من الوقوع في الفاحشة الكبرى - الزنا- وإلا كان الخطب أعظم والمصيبة أشد، وإذا كنتما لا تزالان يجمعكما بيت واحد، ولا يزال زوجها مسافراً فلا نرى مناصاً لكما من أن تقترفا، وإلا فأغلب الظن أنكما ستعودان للفاحشة مرة أخرى، فإما أن تغادر البيت وتتركه لها، وإما أن تغادره هي إلى بيتها أو إلى مكان آخر تأمن على نفسها فيه من الفتنة وتنضبط فيه بضوابط الشرع المعروفة في غض البصر وعدم الخلوة ... إلخ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(16/525)
الزنا فاحشة سيئة، واللواط أقبح وأمر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تم استغلالي من طرف ابن جيراننا وأنا أبلغ من العمر 9سنوات وهو يأتيني من دبر ومن قبل فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا كبيرة من كبائر الذنوب، توعد الله أصحابه بمضاعفة العذاب في نار جهنم مع الإهانة والإذلال.
قال سبحانه (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (الفرقان:68) .
ويقول سبحانه:
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32) .
وأفحش منه وأقبح الإتيان من الدبر.
فعلى السائلة المبادرة بالتوبة إلى الله عز وجل قبل أن يفاجئها الموت وهي على هذه الحال، فتندم حين لا ينفع الندم، وعليها أن تعلم أن الاستمرار في هذا الطريق تدمير للحياة وقضاء على المستقبل، فإنه طريق مظلم يؤدي إلى سخط الله عز وجل وعقابه في الآخرة وإلى الحرمان من السعادة والاطمئنان في الدنيا.
والتوبة والإقلاع خير علاج فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه والتوبة تحصل باجتماع أمور ثلاثة: أولها: الندم على ما فات من الذنب. والثاني: الإقلاع عنه في الحال. والثالث: العزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل.
ونفتح للسائلة باباً آخر من أبواب الأمل في التخلص من الماضي البئيس.. وذلك بأن نقول لها: إذا لم تكن قد بلغت فإنه لا إثم عليها فيما مضى، وإنما الإثم على الفاعل بها ما فعل.
والبلوغ يحصل للفتاة بواحد من أربعة أمور: أولها: الاحتلام. وثانيها: نبات شعر العانة. وثالثها: الحيض. ورابعها: بلوغ خمسة عشر عاماً، فإذا حصل واحد من هذه الأربع فقد بلغت الفتاة وجرى عليها التكليف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(16/526)
في الحلال غنية عن الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من خمس سنوات ولي ابنة ولكني أميل إلى التعرف على فتيات أخريات وقد أقع في أشياء معهم وذلك لأنني وسيم ولازلت شابا فماذا أفعل هل أتزوج من أخرى فيها المواصفات الشكلية التي أحبها أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلاقات التي تنشأ بين الرجال والنساء بغير طريق الزواج المشروع أمر محرم شرعاً، سواء كان ذلك عن طريق الهاتف أو المقابلات أو غيرها، لما يصحب ذلك من أنواع الاستمتاع المحرم، ولأنه أمر محرم في ذاته أيضاً، فقد أمر الله المؤمنين بغض البصر، وحفظ الفرج، ورعاية حرمات الناس، ولمزيد من الفوائد راجع الفتاوى التالية: 11771، 21807، 21307.
وقد نظم الشرع إشباع احتياجات الإنسان من مأكل ومشرب وشهوة بالطرق المشروعة دون الممنوعة، فحث الشرع من لم يستطع الزواج مع احتياجه إليه على الصوم، لأنه مانع له من الوقوع في الحرام، وأباح للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة بشرط ألا يتجاوز أربعاً إذا كان قادراً على ذلك، مقيماً للعدل بينهن، وراجع في هذا الفتوى رقم: 9151، والفتوى رقم: 11717.
واعلم أيها السائل أن الميل الذي في قلبك يحتاج إلى علاج سريع قبل أن يفجأك الموت، وأنت على هذا الحال الشنيع الذي لا يحبه الله ولا يرضاه، فتلقاه بذنوب لا قدرة لك على تحمل عقابها، قال الله تعالى: (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ) [الأنعام:31] .
وقال تعالى: (خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً) [طه:101] .
ونقول لك: هل تحب أن يفعل الناس بأمك أو أختك أو ابنتك أو زوجتك ما تفعله أنت ببنات الآخرين وزوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم؟! سنترك لك الإجابة.
وإننا لنوصي الأخ السائل بأن يسارع بالتوبة إلى الله تعالى، فذلك واجب على كل عاصٍ لله عز وجل، ولا يتحقق ذلك منه إلا بترك هذه الذنوب، والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها أبداً، كما ننصحه بأن يقنع بزوجته التي تحته، فإن لم تكفه، فليسلك الطريق المشروع وهو الزواج بأخرى، وليكف نفسه عن التفكر في الحرام، والله تعالى نسأل أن يشرح صدره، ويهدي قلبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1423(16/527)
الاغتصاب ... وما يترتب عليه من أحكام شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي فيما ما يسمى بالاغتصاب؟ وما الذي يترتب شرعا على الطرفين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أعظم الذنوب والكبائر التي يحرم ارتكابها جريمة الزنا، وقد حرم الله سبحانه مقدماته، وكل ما يؤدي إلى فعله، فقال سبحانه ناهياً ومحذراً عباده: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء:32] .
وقال جل وعلا: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور:30-31] .
وقد جعل الله تعالى للزاني غير المحصن عقوبة هي الجلد مائة وتغريب سنة، قال سبحانه: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النور:2] .
أما الزاني المحصن، فعقوبته الرجم بالحجارة حتى الموت، وهذا في حالة حصل الأمر من الطرفين طواعية.
أما إذا حصل إكراه لهما، أو لأحدهما، فإن الإثم يكون منتف في حق المكرَه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه.
وبالجملة، فإن على من ارتكبت فاحشة الزنا التوبة إلى الله تعالى، والاستغفار، وعلى الرجل دفع المهر كاملاً لمن اغتصبها، وعليها هي أن تستبرأ بثلاث حيضات فيما ذهب إليه المالكية والحنابلة.
قال الدسوقي: إذا زنت المرأة أو اغتصبت وجب عليها الاستبراء بثلاث حيض إن كانت حرة.
وذهب الأحناف والشافعية إلى أن الزانية لا عدة عليها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1423(16/528)
لا إثم على الصغيرة إذا تحرش عديم الأخلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت في صغري كنت أذهب لشراء بعض اللوازم من البقالة ولكن صاحب البقالة كان يغريني بالحلوى ويأخذني إلى ركن في البقالة ويلعب بعضوي وأنا لم أكن أعرف ذلك حتى أنه أراد أن يخلو بي يوماً ولكني هربت فهل علي إثم أو شيء في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام هذا الأمر قد تم، وأنت صغيرة لم تبلغي الحلم، فلا إثم عليك، لأن القلم مرفوع عنك، ولكن كان الأولى بك، وبكل فتاة يقع لها مثل ما وقع لك أن تعلم أباها أو غيره من أوليائها بما يصنع بها هذا المفسد ليردعه عن سوء صنيعه، ويحفظها من الذهاب إليه مرة أخرى حتى لا يمارس معها الفاحشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(16/529)
معنى الزنى والعادة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو معنى الزنى والعادة السرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان معنى الزنا في الفتوى رقم:
8448، كما سبق بيان معنى العادة السرية في الفتوى رقم:
22095، ولمعرفة المزيد عن أحكامها راجع الفتاوى التالية أرقامها:
22206
5524
22083.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(16/530)
نكاح المرأة اثنين في آن واحد فجور
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة تزوجت برجل آخر في نفس الوقت حتى يتكفل بمصروفاتها هي وأولادها فما حكمها؟ وهل هناك كفارة لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن هذا يعد من الفجور، والعياذ بالله، وهي زانية، وعقوبتها في الدنيا الرجم إن أقرت بذلك أمام قاضي محكمة شرعية أو قامت عليها به بينة، والواجب عليها الآن قطع العلاقة مع الزوج الثاني فوراً، والتوبة والندم والإستغفار، ولا كفارة لها إلا ذلك.
أما أولادها فنفقتهم على أبيهم، فإن عجز، فعلى الأقرب، فإن كان لا معيل لهم، فلتعمل هي بعمل شريف لتنفق على نفسها وعيالها، فإن كانت غير مستطيعة، فلتخبر أهل الخير والفضل بحالها، فلن يقصروا إن شاء الله، بل لو اضطر الأمر إلى أن تسأل على أبواب المساجد فلتفعل.
وننبه إلى أن لهذه المرأة أن تطلب فسخ العقد بينها وبين زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(16/531)
هل يسقط الحد في الدنيا عقوبة الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجل الأعزب إذا زنى عقوبته الجلد المعروف في الدين.
السؤال: ما هي عقوبة الزاني في الآخرة، علماً بأنه أخذ عقوبته في الدنيا بالجلد؟ مثلاً رجل يزني ويجلد ويتوب ثم يرجع للزنا ثم يجلد ويتوب وهكذا تكون حاله؟ فجزاكم الله خيراً ... أفيدونا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، في مجلس فقال: تبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً، ولاتسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله، فأمره إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه.
هذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن من أصاب حداً من حدود الله وأقيم عليه الحد في الدنيا أن ذلك كفارة لذنبه ولاعقوبة عليه في الآخرة، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
7320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(16/532)
حكم زنا الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الزنا في الصغر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطفل قبل بلوغه غير مكلف بفعل الواجبات، ولا بترك المحرمات، ولا يكتب عليه ما ارتكبه من المحرمات الشرعية كالزنا والسرقة وغيرهما.
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثه: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أبو داود والترمذي.
وهذا الذي ذكرناه محل اتفاق بين العلماء، لكن لا يعني ذلك أن يترك أولياء الصغير الحبل له على غاربه، بل يجب عليهم منعه من المحرمات، والأخذ على يده في تركها، وأن يعودوه على فعل الطاعات ويرغبوه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(16/533)
خطيئة الزنا تغفر بالتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة، ارتكبت خطيئة مع زوجي، وهي أنني فقدت شرفي معه قبل الزواج، وبعد الزواج بدأنا نكفر عن خطيئتنا بالصوم والصلاة والاستغفار.
سؤالي هو: هل مثل هذه الخطيئة تغتفر من قبل الله سبحانه وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خطيئة الزنا تغفر بالتوبة، بنص قول الله تبارك وتعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:68- 70)
ولكن هذه التوبة وقعت بعد النكاح -كما هو ظاهر السؤال- فإن كان كذلك فإنه يجب عليكما تجديد عقد النكاح بولي وشاهدي عدل، لأن نكاح الزانيين لبعضهما لا يصح عند جماعة من أهل العلم، وهو الذي يؤيده النص الشرعي، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 11295
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(16/534)
عقوبة الزناة ... والمخول بإيقاع العقوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشريعة على المرأة التي حكم عليها في نيجيريا في قضية الزنا (غير متزوجة) ؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عقوبة الزاني والزانية هي الرجم إن كانا محصنين "والمحصن هو: من حصل منه أو له وطء في نكاح صحيح، سواء كان وقت زناه متزوجاً أو غير متزوج". والجلد إن كانا بكرين أي لم يسبق لهما زواج ودخول، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
19424
3163
1602.
والمخول بإقامة هذا الحد هو الحاكم، فلا يجوز لأحدٍ أن يقيم الحد على أحد، فإذا وصل الحد إلى الحاكم ولكنه لم يقمه، فلا يجب على الزاني أو الزانية إلا التوبة إلى الله تعالى، ومن ستره الله فالأفضل له أن يستر نفسه، والله تعالى يتوب عليه إن تاب وندم على ما فعل، وعزم على عدم العودة إليه أبداً، ولمعرفة ذلك بالتفصيل تراجع الفتاوى التالية أرقامها:
7940
2388
22413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(16/535)
موقف الشرع من أب لم يراع حرمة ابنته، وحكم منع الزوج من زيارتها له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تزوجت حديثاً وخلال حديثي مع زوجتي أباحت لي بسر وهو كان والدها وهي بعمر 14 عاماً يقوم بمداعبتها ولمسها بيديه على جميع جسمها ولغاية عمر 21 عاماً وكان يأتيها بالليل ولكن لم يمارس الجنس معها فقط كان يلامسها ويحسس في الأماكن الحساسة.الآن أنا في وضع صعب ولا أعرف ماذا أتصرف لا أريد أن أرى والدها أو يدخل بيتي ولا أن تذهب الى بيتهم، كما أود أن أعرف هل إذا قمت بطلاقها يلزمني الشرع بدفع المؤجل وهي معترفة بهذا، أو هل آخذ أعترافاً رسمياً مكتوباً بذلك لإثبات هذا الجرم. أنا في حيرة من أمري، لا أريد أن يكون أبنائي في المستقبل لهم أي تأثير. وجزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعله أبو زوجتك من المحرمات القطعية، فإن الله تعالى أمر المؤمنين بغض أبصارهم فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] .
واللمس أبلغ من النظر فيكون محرماً من باب أولى، وروى الطبراني في معجمه الكبير عن معقل بن يسار رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. وصححه الألباني.
وإذا كان النهي عن النظر واللمس متأكداً في حق عموم الناس، فلأن يزداد تأكداً عند فعله مع المحارم من باب أولى، لأن المحرم مأمور بالحفاظ على أعراض محارمه، والحفاظ عليها ينافي هتكها، فيكون هاتك حرمة محارمه قد وقع في مخالفة الأمر والنهي في وقت واحد، ولهذا كان التحريم في حقه أشد، وهذا ما يتناسب مع أصول الشريعة وقواعدها العامة، ويجب على هذا الوالد الذي فعل ما ذكرت، وعلى زوجتك أن يتوبا إلى الله تعالى، وذلك بالندم على ما حصل منهما، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، وكان الواجب على زوجتك أن تستر أباها ونفسها، فالله تعالى ستير يحب الستر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر. رواه أبو داود والنسائي.
وفي موطأ مالك من مرسل زيد بن أسلم: من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله. ورواه البيهقي والحاكم مرفوعاً.
ولأن هذا الأمر لا يؤثر على حياتكما الزوجية ومن المعلوم أنه ما من أحد إلا وله ذنب علمه من علمه وجهله من جهله، وفي الحديث: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
ولو أن كل زوجين افترقا لأجل ما ارتكب كل واحد منهما من المعاصي ما بقي على وجه الأرض زواج.
ولو حصل فراق بينكما فلزوجتك جميع حقوقها غير منقوصة، لحصول الدخول الحقيقي عليها، وهذا بلا خلاف بين العلماء، لأن ما حصل من أبيها معها لا يؤثر على المهر مقدماً كان أو مؤخراً، أما عن منع أبيها من زيارتها في المستقبل، فهذا أمر راجع إليك لأنك صاحب تقدير المصلحة والمفسدة في ذلك، فإذا وجدت أن زيارة أبيها لها تؤدي إلى مفسدة فلك منعه من ذلك، أما إذا لم يؤد ذلك إلى مفسدة فليس لك منعها من الذهاب إليه، وراجع في هذا الفتوى رقم:
20950.
وإننا نوصي الزوج بالحفاظ على حياته الزوجية قدر الإمكان ما دامت زوجته قد تابت، فقد قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128] .
وقال تعالى: إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً [النساء:35] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(16/536)
أحكام متعلقة فيمن تلذذ بابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل سلك مسلك الشيطان فأغواه حتى وقع في المحظور الذي حرمه الله فواقع ابنته الطفلة إلا إنه لم يصل إلى درجة إيلاج الحشفة وإنما مداعبة بين الفرجين ومن القبل والدبر - فإذا إراد هذا الإنسان أن يتوب - فهل عليه هنا أن يستتر بستر الله أم أن عليه أو على من يعلم عنه أن يبلغ القضاء؟ وإذا كان الجواب بالستر مع التوبة فما مصير الزوجة أي (أم الطفلة) هل تطلق منه بهذه المواقعة الخارجية؟ وماذا يترتب عليه هو تجاه نفسه وتجاه ابنته وزوجته؟ الرجاء الرد عاجلا جداً جداً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أغواه الشيطان والنفس حتى ارتكب هذا العمل الذي يدل على ضعف إيمان صاحبه، وانعدام مروءته، وانتكاس فطرته، فإنه يجب عليه أولاً أن يتوب لله تعالى توبة صادقة، ويحرم عليه أن ينشر هذا العمل المحرم بل يجب عليه ستره، وعدم تبليغ أي شخص به، أما زوجته فإنها لا تحرم عليه، إذ لا يحرم الحلال الحرام والمعدوم شرعاً كالمعدوم حساً، قال الإمام الشافعي في الأم: فلو أن رجلا ناك أم امرأته عاصيا لله عز وجل لا تحرم عليه امرأته.
والمشهور من مذهب المالكية أن من تلذذ بابنته عامداً لا تحرم عليه زوجته أمها، قال في شرح خليل للخرشي: وإن وقع الالتذاذ منه على الابنة عمداً جرى فيه الخلاف.. يعني الخلاف الذي في الزنا، والمعتمد عندهم أن الزنا لا يحرم مثل الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(16/537)
لا تقارن من وقعت في الحرام مكرهة ومن فعلته راضية
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا أحد يهتم بما يحدث في بنات الجزائر من خطف واغتصاب ثم رمي إلى الشوارع لتصبح إحدى الساقطات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حق المسلم على المسلم أن يهتم به، وأن يحزن لما أصابه، وأن يبذل ما في استطاعته لنصرته وحمايته، وهذا هو الولاء الذي جعله الله بين المؤمنين، كما قال سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] .
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره. رواه مسلم.
وما ذكرت عن خطف واغتصاب بعض المؤمنات في الجزائر، أمر يحزن القلب، ويؤلم النفس، ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظ نساء المسلمين في كل مكان، وأن يقيهن الفتن والشرور، وأن يكفَّ بأس المجرمين، وأن يسلط على هؤلاء المغتصبين ما يشغلهم في أنفسهم وأموالهم، إنه عزيز حكيم.
ومن ابتليت بشيء من هذا العمل الشنيع الفظيع، فلتصبر ولتحتسب، ولتعلم أنه لا إثم عليها ما دامت مكرهة على ذلك، وعليها أن تحذر من استدراج الشيطان لها لتصبح من الفاسقات بحجة أن عرضها قد انتهك، فإن هذا لن يرفع عنها الإثم في الدنيا، ولن ينجيها من عذاب الآخرة.
فلا مقارنة بين من وقعت في الحرام تحت الإكراه، ومن فعلته طائعة راضية، فإن الزنا من أقبح الجرائم، ولهذا كان عقوبة فاعله الجلد مائة جلدة إن كان عزبًا، أو الرمي بالحجارة حتى الموت إن كان محصناً..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(16/538)
زنا لا يوجب الحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم والرحمة:
أنا طالبة في الجامعة وعرض الدكتور علينا قضية الزنا (مع العلم أني أدرس شريعة) وأراد أن نجيبه عنه ألا وهو: (هل يعتبر من يقف عاريا أمام النساء أو العكس: زانيا؟ وما هو عقابه؟ وما يجب عليه ليكفر عن فعلته؟) وأشكركم على هذا الموقع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. متفق عليه
فالفعل المذكور في السؤال يعد من الزنا، ولكنه ليس من الزنا الذي يوجب الحد، وكفارة ذلك التوبة النصوح والإكثار من الأعمال الصالحة: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114] .
وعقوبة التعزير إذا لم يتب فاعله، وراجعي الفتوى رقم:
10892، وما فيها من الإحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(16/539)
غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت في الإسلام تزوجت في سن 13 عاماً وزنت عن جهالة وحملت سفاحا الآن تابت توبة نصوحاً الآن ابنتها في العشرين ولا أحد يعلم.. إنها ندمانة ولكن لا تدري ماذا تفعل هل يغفر الله لها؟ وبماذا تكفر عن ذنبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت هذه المرأة قد تابت إلى الله تعالى وندمت على ما ارتكبت من الزنى فإن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقد نص الله في كتابه الكريم على أن من أشرك بالله أو قتل نفساً بغير حق أو ارتكب الزنى ثم تاب إلى الله أن الله يغفر ذنبه، ويبدل سيئاته حسنات، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] .
والتائب حبيب الله كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222] .
وينبغي لها أن تستر على نفسها ولا تعلم أحداً بما صنعت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذا القاذورات فليستتر بستر الله جلا وعلا. رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
1117
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(16/540)
زنا دون زنا
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة كشفت عن صدرها لرجل لا يحل لها وقام بلمسها وتقبيلها بشهوة فهل تعتبر زانية وما حكمها نرجو منكم التفضل بالإجابة وجزاكم الله الخير على ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى لما حرم الزنا حرم كل الطرق والمنافذ المؤدية إليه، حيث حرم سبحانه الخلوة بالأجنبية، وأمر بغض البصر فقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون*َ وقل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) (النور30-31)
وحذر المؤمنين من اتباع سبل الشيطان ومكايده فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:21)
وعلى هذا فالواجب على هذين الشخصين التوبة إلى الله تعالى، ولا تكون التوبة صادقة ومقبولة عند الله عز وجل إلا إذا حصل إقلاع، وندم على ما فات من المعاصي، وعقد العزم على عدم العودة إلى المعصية ثانية.
إلا أنه لا يعد زناً يستوجب صاحبه الحد الذي أشارت إليه الآية من سورة النور، حيث قال سبحانه (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور:2)
وإن كان داخلاً في الزنى بمعناه الأعم. وراجع الجواب رقم 2054 والجواب رقم 4458
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1423(16/541)
التوبة من الفاحشة مقبولة بكل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
السؤال: لي صديق متزوج وقد أطغاه الشيطان لعنه الله؛ حتى زنى؛ وعندما أدعوه للتوبه؛ يجيب بأنه لا فائدة من التوبة الآن لأنه متزوج؟؟؟؟؟ فهل يغفر الله للزاني المتزوج إذا تاب؟ جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تاب تاب الله عليه مهما كان الذنب، ومن زنا ثم تاب تاب الله عليه وغفر الله له إن صدقت توبته سواء كان متزوجاً أو لا، وقول هذا الرجل لا فائدة من التوبة لأنه متزوج هو من وساوس الشيطان، فإنه يريده أن يتمادى في الحرام، وراجع لزاماً الفتاوى التالية أرقامها:
5523
3184
8065.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(16/542)
العاقل لا يقرب الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب جزائري كنت أحب جدا اللعب بالبنات ولكن عاهدت نفسي وقررت أن لا أعيدها أبدا لكن اشترطت على نفسي أن أجد فتاة تحبني حقا حتى أبتعد عن الطريق التي كنت فيها.
وجدت الفتاة التي كنت أحبها من كل قلبي غير البنات اللاتي تكلمت عنهن من قبل ولكن لم تطل حكايتنا وبدأت المشاكل
وجدت أن خال هذه الفتاة من أعز أصدقائي ولكني قد قررت أن لا أترك هذه الفتاة وقد قررت بيني وبين نفسي أن أذهب أنا وعائلتي لهذه الفتاة لأخطبها أعينها أولا
ولعلمك فإني قد تكلمت مع أمها إنها فتاة عاقلة خجولة تأخد برأيي أنا أبلغ من العمر 22 عاما وهي 17 عام
حكايتنا هذه دامت وأطلب من الله أن يدومها إنني ناويها للحلال لكان كتب ربي
أنا غير كل الشباب الآن الذين يلعبون ببنات الناس
أفيدوني بما هو فيه خير لي ولها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك فعل ما ذكرت، ويجب عليك التوبة والإنابة والاستغفار، واستشعر رقابة الله عليك واطلاعه على أفعالك، ولا تقدم على أمر فيه سخط ربك، وهذا الفعل الشنيع لا ترضاه لأمك ولا لأختك فكيف ترضاه لبنات المسلمين؟! واعلم أن ما تقوم به ليس هو من فعل أهل الرجولة والشهامة والخلق الرفيع، بل هو من فعل أهل الضلال والزيغ.
وعليك أن تقطع كل صلة بهذه الفتاة وغيرها، وائت البيت من بابه، وتوجه إلى ولي من تريد زواجها لطلبها زوجة وفق أدب الإسلام، ولا يخفى عليك أنه ينبغي أن تكون المرأة ذات دين وخلق، وانظر الفتوى رقم 10522 ورقم 4220
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(16/543)
من وقع في حد فستره الله ترجى له المغفرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص ارتكب الزنا ثم ندم على ما فعل يريد أن يعرف هل عليه شيء أو لا؟ وما هي عقوبة الزاني بالدنيا والآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة من الكبائر التي رتب الله عليها حداً في الدنيا، وعقاباً في الآخرة، أما الحد في الدنيا فإنه لا يثبت إلا بالبينة أو الإقرار، والأولى لمن لم تقم عليه البينة أن يستتر بستر الله تعالى ولا يفضح نفسه، فإن من ستره الله في الدنيا ستره في الآخرة، قال ابن حجر في فتح الباري: وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك.
وعليه بالتوبة إلى الله تعالى بترك المعصية والندم عليها والعزم على عدم العودة إليها أبداً، روى الإمام أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الندم توبة. وصححه الأرناؤوط.
وليعلم أن عقوبة الدنيا تسقط عقوبة الآخرة، ومن لم يعاقب في الدنيا نظراً لتعطل الحدود، أو عدم قيام البينة على الفاعل أو عدم إقراره على نفسه بذلك فالأولى أن يستتر بستر الله عليه، وهو تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، ففي صحيح البخاري من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وحوله عصابة من أصحابه: تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه.
قال ابن حجر: قال القاضي عياض: ذهب أكثر العلماء إلى أن الحدود كفارات واستدلوا بهذا الحديث. انتهى
وهذا الذي رجحه ابن حجر في الفتح، وقد وردت روايات أخرى تصرح بهذا، منها ما رواه أحمد في المسند عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أذنب في الدنيا ذنباً فعوقب به، فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنباً في الدنيا فستر الله عليه وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه. وحسنه الأرناؤوط.
وفي المسند أيضاً عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصاب ذنباً أقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته. وصححه الأرناؤوط.
ولمعرفة كيفية التخلص من وباء الزنا راجع الفتوى رقم:
16688.
ولمعرفة الكثير عن التوبة من الزنا راجع الفتوى رقم:
1095 والفتوى رقم:
1117.
وإننا ننصحك بصحبة الصالحين، والإكثار من النوافل من صلاة وصيام وصدقة وغيرها، والابتعاد عن مواطن المعاصي والفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(16/544)
حد الزاني غير المحصن
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص خطب عروسا وتم عقد القران في المحكمة الشرعية وخلال فترة الخطبة زنا بغير خطيبته، ما حكم الإسلام في مثل هذه المسألة؟ هل هو الرجم أم الجلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يعد من عقد على امرأة ولم يبن بها محصناً، لأن حد رجم المحصن لا يقام إلا على من توافرت فيه شروط وهي: أن يكون مكلفاً حراً وطئ حال الكمال بتكليف وحرية، في نكاح صحيح، ولو كان الوطء في عدة شبهة أو حيض أو إحرام، واشتراط الوطء في الإحصان متفق عليه عند المذاهب الأربعة.
والحد الشرعي في حق هذا هو الجلد مائة وأن يغرب عاماً، لقول الله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ...... [النور:2] .
وقد روى البخاري من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد.
وعليه أن يستتر بستر الله تعالى. وانظر الفتوى رقم:
12170 والفتوى رقم:
15003.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(16/545)
التعريف الشرعي للزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لقد داعبت امراة.. قبلتها ولمست جسدها بكل شهوتي بدون نزع ثيابها أي فوق ثيابها حتى خرج مني المني في شهر رمضأن هل هذا يعتبر زنى? وماهو المترتب علي في الشريعةالإسلامية وماهوالزنى في الشريعةالإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عرف بعض الفقهاء الزنا بأنه: وطء مكلف مسلم فرج آدمي، لا ملك له فيه ولا شبهة، متعمداً فإن هذا هو الزنا الذي يوجب الحد، وأما غيره من التقبيل واللمس ونحوهما فهي مقدمات الزنا يأثم فاعلها وتجب عليه التوبة، ومن فعل شيئاً منها في نهار رمضان فأمنى فيجب عليه القضاء دون الكفارة على الراجح من أقوال أهل العلم، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى رقم:
3950
7828.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(16/546)
وسائل تحصن من اقتراف الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أحب شاباً وأخرج معه إلى أن حدث بيني وبينه خلوة فقام بتقبيلي ثم بدأ بتقبيل كل جسمي وبمداعبة الفرج بيده دون أن يدخل عضوه الذكري وحتى دون أن يدخل يده أي أنني ما زلت فتاة وقد نزل منه السائل الأبيض وأنا لم أشعر بشيء أنا نادمة وقطعت علاقتي به هل ما جرى بيني وبينه زنا وكيف أستطيع أن أعلم أن الله غفر لي ذنبي وكيف أستطيع أن أثبت على قطع العلاقة خاصة أنني أحبه أرجوكم ساعدوني لأنني لا أريد أن أرتكب ذنبا مثل هذا مرة ثانية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي قلبك ويلهمك رشدك، ويغفر ذنبك، فإن ما وقعت فيه خطيئة هي من أعظم سبل الشيطان لإيقاع المرء في ما هو أكبر منها، وقد قال تعالى: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [البقرة:208] .
واعلمي أن الذي جرى بينك وبين هذا الشخص -هداه الله- ليس هو الزنا الذي يوجب الحد، وإن كان من جنس الزنا الأعم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. متفق عليه.
وكل هذه الأفعال التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم زناً، يترتب عليها عقاب في الآخرة إن لم يتب منها فاعلها، لكنه ليس كالعقاب المترتب على الزنا الموجب للحد، ولمعرفة المزيد عن هذه المسألة راجعي الفتوى رقم: 20208 والفتوى رقم: 20459، والواجب عليك الآن هو أن تتوبي إلى الله من هذا الذنب، وذلك لا يتم لك إلا بالإقلاع عنه، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه، ولمعرفة ذلك بالتفصيل راجعي الفتوى رقم:
3950 والفتوى رقم:
19812.
ولكي تسلكي سبيل التوبة وتسيري على ذلك، لابد من الأخذ بالأسباب المعينة عليه ... وأهمها قطع وسائل الاتصال بكل من يعين على هذه المعصية أو غيرها، واختيار الصحبة الصالحة التي تأمر بالخير وتحض عليه، والابتعاد عما يثير الشهوات، والتضرع إلى الله تعالى بالدعاء، والإكثار من النوافل التي تملأ عليك فراغك، لأن النفس إن لم يشغلها صاحبها بالحق شغلته بالباطل.
وننبه الأخت السائلة إلى أن التوبة إذا استكملت شروطها فهي مرجوة القبول، والله تعالى تواب رحيم، كما قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة:104] .
ولمعرفة شروط التوبة وعلامات قبولها راجعي الفتوى رقم:
5450، ولمعرفة حكم الحب راجعي الفتوى رقم: 4220، ولمعرفة علاج العشق ودواؤه راجعي الفتوى رقم:
9360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(16/547)
الزنا من الشيخ أشد قبحا وأكثر نكرا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشيخ الزاني والشاب الزاني إذا كان الشاب ليس لديه ما يتزوج به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا من أعظم الفواحش والمنكرات، والله قد حذر منه كل مسلم سواء كان شاباً أو شيخاً، فقال سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
ومن وقع في الزنا عوقب في الدنيا بإقامة الحد عليه إن استوفى شروط ذلك، فحد الزاني الذي لم يتزوج قط؛ وإن كان شيخاً مائة جلدة وتغريب عام، وحد الزاني المحصن الذي تزوج ولو طلق أو ماتت عنه زوجته الرجم حتى الموت ولو كان شاباً، أما في الآخرة فالنار وبئس القرار.
إلا أن الزنا في حق الشيخ يكون أكثر قبحاً وأشد جرماً منه في حق الشاب فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر.
رغم أن هذه الأفعال قد يشترك فيها من ذكروا في الحديث وغيرهم إلا أنهم خصوا بهذه العقوبة الزائدة، لما ذكره القاضي عياض قائلاً: سببه أن كل واحد منهم التزم المعصية المذكورة مع بعدها منه وعدم ضرورته إليها وضعف دواعيها عنده؛ وإن كان لا يعذر أحد بذنب، لكن لما لم يكن إلى هذه المعاصي ضرورة مزعجة ولا دواعي معتادة أشبه إقدامهم عليها المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى وقصد معصية لا لحاجة غيرها، فإن الشيخ لكمال عقله وتمام معرفته بطول ما مر عليه من الزمان وضعف أسباب الجماع والشهوة للنساء واختلال دواعيه لذلك عنده ما يريحه من دواعي الحلال في هذا، ويخلي سره منه، فكيف بالزنا الحرام! وإنما دواعي ذلك الشباب والحرارة الغريزية وقلة المعرفة وغلبة الشهوة لضعف العقل وصغر السن...... انتهى
فعلى كل من وقع في الزنا من شيخ أو شاب سرعة المبادرة بالتوبة إلى الله وحسن الإنابة إليه والاستغفار والندم على ما مضى.
وعدم المقدرة على الزواج لا يسوغ هذا الإثم والفجور، ومن لم يستطع الزواج فعليه بالصوم فإنه له وجاء، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم. وراجع الفتوى رقم:
1095 والفتوى رقم:
4079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(16/548)
حكم وطء البائنة بيننونة صغرى قبل تجديد العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجه منذ 6 سنوات ولدي طفلان ثم السنة الماضية طلبت الطلاق الخلعي لأنه كان لا ينفق علينا وينفق أمواله في الحرام وحصلت على طلاق وعلما أنه كان لا يريد ذلك. ومنذ 6أشهر عاد يبكي يريد الرجوع من أجل أولاده فتكلم مع أبي ووافق المشكلة أن أبي عاد إلى اسبانيا قبل عقد الزواج. لأنه في فرنسا يطلبون أوراقاً كشهادة ميلاد وأن يكون تاريخها جديداً وبعثناهذا الطلب إلى المغرب وأخذ وقتا طويلا فتجامعنا قبل عقد الزواج بشهر فما موقف الإسلام بهذا فهل هذا حرام وهل تجب الكفارة أم ماذا? وعلما أننا متزوجان عقداً الآن وشكراً على نصائحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أن الطلاق الذي صدر من زوجك عن خلع -كما فهم من السؤال- فإنك بمجرده تبينين من الزوج بينونة صغرى، وتصبحين منه كغيرك من الأجنبيات لا يجوز له أن يدخل عليك ولا أن يختلي بك، فضلاً عن غير ذلك.
وعليه، فما أقدمتما عليه قبل تجديد عقد النكاح هو من الزنى المحض الذي لم يستند إلى مايدرأ الحد فضلاً عن أن يرفع الإثم، ولكن إذا تبتما إلى الله عز وجل فلا حرج عليكما في تجديد العقد المستوفي للشروط من وجود ولي وشهود ومهر، ويكون ذلك بعد الاستبراء من الزنا لئلا يختلط ماء السفاح بماء النكاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(16/549)
حذار أن تلقى الله زانيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الرجل الذي يمارس الجنس مع امرأة لمدة طويلة وأراد أن يتزوج هذه المرأة؟ وهل يصح عقد الزوجية بدون التوقف عن هذا العمل؟
وماهو الحكم إذا توقف لفترة دورتين بالنسبة للمرأة أي شهر من بداية الدورة إلى نهايتها وعودتها مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنى من كبائر الذنوب التي توعد الله عز وجل أصحابها بالعذاب الشديد الذي يذيقهم ألوان الإهانة والعناء، قال سبحانه في وصف عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] .
وقال سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
ومن وقع في هذه الفاحشة فعليه أن يسارع بالتوبة قبل أن يوافيه الموت فيندم حين لا ينفع الندم، وللتوبة أركان لابد من استكمالها لمن أراد أن يتوب الله عليه، وهي:
الأول: الندم على ما فات من الذنب.
والثاني: ترك الذنب والاقلاع عنه في الحال.
والثالث: العزم المؤكد على أن لا يعود إليه في المستقبل.
وأما عن حكم تزوج الرجل بالمرأة التي زنى بها فقد تقدم بيانه في فتوى سابقة برقم:
1677 فليرجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(16/550)
شروط ثبوت الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: هل يجوز أن آخذ قضايا تحويل قاصرة لم تبلغ 18 من عمرها، بعد أن مارست الجنس مع الجاني عليها برضاها مرغمة على هذا للهروب من جبروت الجدة بما أنها تحت كفالتها لأن والديها مطلقان والأب هاجر البيت إلى الخارج وأهملها، علما أنني محامي بالجزائر.
وحسب القانون الوضعي المعمول به إذا تاب الجاني عن فعلته وأراد الزواج من القاصرة يفرج عنه مباشرة , رغما أني أرى أن القضية هي زنا ولكن حتى شرعا لا تتوفر الشروط لإقامة الحد عليهما.
الرجاء إفادتي بفتواكم حول هذا الموضوع خاصة وأني قد استفدت الكثير من فتاواكم القيمة حول مهنة المحاماة وأريد تطبيقها , فسأل لنا التوفيق والالتزام بشرع الله الرحمن، إني أحبكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا جريمة من أقبح الجرائم، ولهذا كانت عقوبة فاعله الجلد أو الرجم.
وما ذكرت في القضية المعروضة عليك زنا صريح، لكن إقامة الحد تتوقف على ثبوت هذا الزنا بالإقرار أو بالشهود الأربعة على ما هو مفصل في كتب الفقه.
وليس على الزاني دفع المهر ولا أرش البكارة هنا، لأن ذلك الزنا حدث برضا الفتاة مع بلوغها، إذ البلوغ يتحقق بتمام خمس عشرة سنة على الراجح، هذا إذا لم تكن قد ثبت بلوغها بالحيض أو غيره من علامات البلوغ. وانظر الفتوى رقم:
10024 والفتوى رقم: 20929.
وأما زواج الزاني ممن زنى بها، فلا حرج فيه إذا تابا من جريمتهما توبة صادقة، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
1677
1880
2403.
ونسأل الله أن يوفقك لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(16/551)
الزنا أخطر المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
عندي مشكلة وأريد لها حلاً، أنا شاب عمري 18 عاما وأريد الجماع الجنسي مع العلم أنني أعلم بأنه محرم ولكن هل يجوز القيام بهذا العمل ولو لمرة واحدة وماهي فتوى ذلك؟ وشكرا جزيلا
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حرم الله تعالى الزنا وجعله قرين الشرك به سبحانه، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وذلك حيث قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:68-69] .
وقد سمى الله تعالى الزنا في القرآن الكريم بالفاحشة ونهى المسلم عن الاقتراب منه فقال: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وأمر المؤمنين بغض البصر وحفظ الفرج فقال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [لنور:30] .
وبناء على هذا يكون قد اتضح لك بالأدلة الصريحة القاطعة خطورة هذه المعصية، وأنه إذا كان الله يؤاخذ على مجرد النظرة فما بالك بممارسة الفاحشة.
وعليه فننصيحتنا لك هي أن تتوب إلى الله تعالى إذا كنت قد تجرأت على هذه الكبيرة، ثم بالمبادرة إلى الزواج إذ فيه تسكين لشهوتك المتنامية، فإن لم يكن لك قدرة عليه فعليك بالصيام، لقوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه من حديث ابن مسعود.
ثم عليك بملازمة أهل التقوى والصلاح ومجانبة رفقاء السوء وسماسرة الرذيلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1423(16/552)
تقوى الله واستحضار هول عذاب الزناة يعصم من الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل من لا يستطيع الزواج ولا يستطيع الصوم وله رغبة شديدة في الزواج؟ وما حكم من يقع في الزنا في هذه الحالة؟ وماذا يفعل الرجل في هذه الحالة؟ وشكرا.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى الإنسان الذي هذه حاله أن يتقي الله تعالى، ولا يتجرأ على معصيته، وليعلم أن الله رقيب على أعماله، فإذا دعاه الشيطان وزين له المعصية، فليتذكر عقوبة الله، وطول الحسرة يوم القيامة، وما أعده الله للزناة في دار الآخرة من الخزي والإهانة.
وقد جاء في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ما يشبه التنور، وسمع فيه أصواتاً وعواء، فاطلع عليه، فرأى رجالاً ونساء عراة يأتيهم اللهب من أسفل منهم حتى يرقى بهم إلى أعلى التنور، ثم يهبط بهم، قال: "من هؤلاء، من هؤلاء" فقيل له: هؤلاء الزناة والزواني.
ثم إن نصيحتنا لك هي الاشتغال بطلب العلم، وصحبة أهل الفضل والصلاح، والإقلال من الأكل، والابتعاد عن كل المغريات التي تثير فيك غريزة الشهوة، كالنظر إلى النساء وصورهن في الجرائد والإذاعة المرئية وغيرها.
ثم عليك بالجد في العمل حتى ييسر لك الله مالاً تعف به نفسك عن الحرام.
أما حكم من يرتكب فاحشة الزنا فهو العقوبة في الدنيا بالرجم إن كان محصناً، والجلد والتغريب إن لم يكن محصناً، ثم العذاب الأليم يوم القيامة إذا لم يتب.
وراجع الفتوى رقم:
15649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(16/553)
تذكر الموقف بين يدي الله يجنب الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي عقوبة الزاني مع العلم أن الزاني في نيته التوبة لكنه لم يستطع إليها سبيلا فماهو الحل جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الزنى من أعظم الكبائر والذنوب التي استوجب صاحبها العقوبة من الله تعالى في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه وتعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ [النور:2] .
وأعظم أنواع الزنى هو الزنى بحليلة الجار، لحديث ابن مسعود المتفق عليه، قال.... أن تزني بحليلة جارك. إلا أنه ورغم عظم هذا الذنب فإن الله تعالى بمنه وكرمه فتح باب التوبة من جميع الذنوب بما فيها التوبة من الزنى، قال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
ويشترط لقبول التوبة ثلاثة أشياء: الإقلاع عن الذنب في الحال إن كان متلبسا به، والندم على ما فات منه، وعقد العزم على عدم العودة إلى المعصية في المستقبل.
وننبه السائل هنا إلى أنه يجب عليه ألا يترك الشيطان يلعب به حتى يأتيه الأجل وهو مصر على تلك المعصية فيستحق عقاب الله تعالى والتي لا طاقة له عليها، ولا سبيل لصرفها عنه إلا بامتثال أمر الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(16/554)
الشرع لا يلزم الزاني تسليم نفسه ليقام عليه الحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته وبعد:
حاك في نفسي سؤال ولم أتوصل للإجابه عليه وهو: إذا ارتكب شخص مسلم جريمة الزنا وكان متزوجا وأراد بعد ذلك أن يتوب إلى الله عز وجل علما بأنه يسكن في بلد عربي مسلم ولكن هذا البلد شأنه شأن معظم البلاد العربيه لا تقام فيه أحكام الشريعه من حدود وقصاص علما بأن الحد في هذه الحالة هو الرجم فهل يسلم نفسه للشرطه ليسجن أو ليدفع غرامة....إلخ من القوانين الوضعيه أم يهاجر إلى بلد يطبق أحكام الشريعه ليقام عليه الحد أم هناك حلول أخرى مثل الكفارة مثلا.....أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وقع في فاحشة الزنا ولم يرفع أمره إلى القضاء فإن عليه ألا يرفع أمره إلى جهة تقيم عليه الحد، بل عليه بالتوبة والاستغفار، وأن لا يطلع أحدًا على ذلك وليستتر بستر الله حتى ولو كان في بلد تطبق فيه الحدود.
كما هو مبين في الفتوى رقم:
1095 والفتوى رقم:
1106.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(16/555)
الإيلاج بالعازل الطبي ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا، هذا سؤال وسوس لي به أحدهم، وقد احترت فيه: ما هو ضابط الزنا الذي فيه الحد، هل هو الإيلاج أم اللمس، بمعنى هل إذا زنى أحدهم مستعملا عازلا طبيا يكون زناه لا يوجب الحد بما أن عضوه لم يلمس المرأة حقيقة أم أنه يستوجب الحد بما أنه أدخل عضوه؟ هب أني أناقش فقيها أصوليا، كيف أقنعه بالجواب مدعوما بالدليل النقلي الصحيح؟ وقد عثرت على فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتاب " لقاءات الباب المفتوح " يسأل فيها عن وجوب الغسل لمن جامع بالعازل الطبي ولم ينزل، فأجاب " أن الأحوط أن يغتسل، وأن بعض العلماء قالوا إنه لا غسل عليه لأن الختانين لم يلتقيا ". فلست أدري إن كان هذا يجيب عن هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أهل العلم - رحمهم الله - اختلفوا في الإيلاج بحائل، فالذي عليه المالكية وبعض من الحنفية أنه إذا كان كثيفًا يمنع اللذة فإنه لا يوجب غسلاً ولا يترتب عليه حد، بخلاف الحائل الرقيق الذي توجد معه اللذة وحرارة الفرج.
وذهب الشافعية في الصحيح من مذهبهم وبعض الحنفية إلى عدم التفريق بين الحائل الكثيف وغيره، واعتبروا الإيلاج كافٍ.
وقال المرداوي وهو حنبلي -عند كلامه على حكم تغييب الحشفة- فإن وجد حائل بأن لف عليه خرقة أو أدخله في كيس لم يجب الغسل على الصحيح من المذهب.. قدمه في الفروع.
وقيل: يجب أيضاً وهو كظاهر كلام المصنف، وأطلقهما في المستوعب والنظم وابن تميم.
وقال صاحب المبدع وهو حنبلي أيضاً - عند كلامه على موجبات الغسل: وهو تغييب الحشفة الأصلية، أو قدرها ... بلا حائل. وقيل: ومعه وإن لم يجد حرارة.
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين - عليه رحمة الله - عند كلامه على موجبات الغسل في شرحه لزاد المستقنع- خلاف العلماء في اعتبار الحائل الرقيق وعدم اعتباره، وقال: إن الأقرب والأحوط عدم اعتبار الحائل الرقيق. وبالتالي فهو كلا شيء هذا هو مراد الشيخ رحمه الله.
ومن خلال هذا العرض لمذاهب الأئمة في المسألة يتضح أنهم متفقون على أن الحائل الذي لا يمنع الحرارة وتوجد معه اللذة كلا شيء، باستثناء الخلاف عن الحنابلة في ذلك.
وعليه، فإن الزنا مع العازل الطبي الذي توجد معه اللذة لا فرق بينه وبين عدمه؛ إذ يحصل لصاحبه أقصى ما يحصل لكل مرتكب جريمة الزنا من انتهاك الحرمات والاعتداء على فرج غير مملوك له وكمال اللذة، هذا بالإضافة إلى أن النصوص الشرعية الواردة في الزنا الموجب للحد ظاهرها أن مناط الحكم هو الإيلاج، ولا شك أن مستعمل العازل يعتبر مولجاً عرفاً ولغةً، وهذا أمرٌ واضح لا ينبغي التشكيك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1423(16/556)
هل تنفع الصلاة صاحبها المقترف الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي ويفعل الكبائر كالزنا مثلا هل صلاته باطلة حقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصاحب الكبائر على خطر عظيم فإنه متوعَد بالعذاب الشديد. قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً *يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:68-69]
وعليه؛ أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل قبل أن يوافيه الموت وهو على تلك الحال فيندم حين لا ينفع الندم، وأما صلاة من يفعل الكبائر فصحيحة من حيث أحكام الدنيا أي أنه لا يطالب بإعادتها، ولكن هل تقبل أولا تقبل هذه مسألة أخرى، فإن الله عز وجل يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27] وعلى المسلم أن يكون على حذر من أن تردَّ عليه أعماله فإن نصوص الشريعة الكثيرة شاهدة على أن الحسنات والسيئات في تدافع يدفع بعضها بعضاً.
وننبه الأخ السائل إلى الحذر من منزلق خطير من المزالق التي يدعو إليها الشيطان وهو تصوره أن لا فائدة من الصلاة مع الإصرار على بعض الذنوب، ومن ثم فترك الصلاة أولى، هكذا يحسِّن الشيطان القبيح ويستدرج من لا علم عنده، والأمر على خلاف هذه الوسوسة، فإن الصلاة تنفع صاحبها وإن كانت له ذنوب، فالحفاظ عليها حفاظ على الإسلام، وهي كفارة لبعض الذنوب، وسبب للخروج من النار إلى غير ذلك من منافع الصلاة في الدنيا والآخرة، فالحذر الحذر من التهاون بها أو التكاسل عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(16/557)
الأدلة على أن مرتكب جريمة الزنا لا يعتبر كافرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الزاني كافرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا منكر من أعظم المنكرات، وكبيرة من أكبر كبائر الذنوب، إلا أن مرتكب جريمة الزنا لا يعتبر كافراً، ومن الأدلة على ذلك:
1- إجماع أهل السنة على أن مرتكب الكبائر لا يكفر؛ إلا بالشرك -ذكره النووي رحمه الله-
2- حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، في البيعة، وقد ذكر البيعة على أن لا تزنوا.. وفيه: ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً، ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه. متفق عليه، فلو كان كافراً لم يكن الحد كفارة له.
3- وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل عليه السلام، فبشرني أن من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق. رواه البخاري أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(16/558)
عدم إنزال المني لا عبرة به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إدخال فرج الرجل في فرج المرأة دون إنزال المني؟ مع العلم أنهما غير متزوجين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الفعل القبيح هو من صريح الزنى المحرم، ومن فعلا ذلك استوجبا أن يقام عليهما الحد الشرعي، وعدم إنزال المني لا عبرة به.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 12492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(16/559)
بعض الشر أهون من بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[المعروف أن جريمة الزنا درجات، وتمامها المواقعة المباشرة، فما حكم من عالج فتاة في ديار الغربة في لحظة ضعف وتلذذ بها وقبلها وأنزل ولكنه لم يضاجعها (أي إدخال العضو في الفرج) ثم تاب بعد ذلك وندم ولم يرجع لمثلها؟
أفتونا جزاكم الله خيراً والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى السائل الكريم أن يحمد الله تعالى أن وفقه للتوبة والندم على ما فعل مما حرم الله، وعليه أن يحمد الله تعالى أن جنبه جريمة الزنا الكبرى.
فقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه".
وحكم ذلك كله أنه حرام، ولكن بعض الشر أهون من بعض.
وعلى السائل الكريم أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يغادر بلاد الغربة في أقرب وقت ممكن، وأن يستجيب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو الدواء الشافي، والعلاج النافع، قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحص للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(16/560)
حد من وقع في مقدمات الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة الوقوع في الزنا الغير كامل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما السماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
وكفارة ذلك جميعاً هي التوبة النصوح إلى الله تعالى، والاستغفار، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار [التحريم:8] .
والتوبة النصوح هي التوبة الصادقة التي تحققت فيه شروط التوبة.
وأولها: الإقلاع عن الذنب، وترك المعصية حالا إن كان الشخص متلبسا بها، وأن يندم على ما صدر منه، وأن يعزم عزما صادقا وينوي نية خالصة ألا يعود إلى الذنب فيما بقي من عمره.
ويشترط لقبول التوبة أن تكون قبل الغرغرة.. أي قبل ظهور علامات الموت، وأن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها.
وينبغي أن تتبع بالأعمال الصالحة فإن ذلك يزيل أثرها ويطهر العبد من أدرانها ويبدلها حسنات، كما قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات [هود:114] . وقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً [الفرقان:68] . وقال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70] .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط.
هذه هي كفارة جميع الذنوب مع الإكثار من أعمال البر والنوافل، وفيما يخص الحد الوارد في قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2] .
فإن ذلك على من ارتكب جريمة الزنا المغلظة، أما مقدمات الزنا فإن فيها التعزير حسب اجتهاد الحاكم، وقال بعضهم إذا حصلت خلوة ولم يحصل زنا فيجلدان عشرة أسواط، وقيل غير ذلك.
والحاصل: أن كفارة هذه الأمور هي التوبة النصوح والإكثار من أعمال الخير وننصح السائل الكريم بالزواج، وصحبة أهل الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(16/561)
اقتراف الفاحشة لاختبار الصلاحية للنكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في الحقيقة عاجز جنسياً مع أنني في مقتبل الشباب فهل يجوز لي أن أجرب مقدرتي الجنسيه قبل أن أتزوج وأظلم زوجتي بعجزي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا نحذر الأخ السائل من الوقوع في شراك الشيطان، وربما ندم حين لا ينفع الندم، فإن الزنى من كبائر الذنوب التي توعد الله عز وجل أصحابها بمضاعفة العذاب، كما قال سبحانه في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً) [الفرقان: 68-70] .
والآيات والأحاديث في الترهيب من الزنى كثيرة، وما أوحاه الشيطان إلى الأخ السائل من الرحمة بالزوجة التي سيتزوجها ويخاف من ظلمها، إنما هو استدراج من الشيطان ليجره إلى المعصية، وتزيين للقبيح كما هي عادة الشيطان في الدعوة إلى الرذائل، فلينتبه الغافل.
وعلى الأخ السائل إن كان يرى من نفسه الرغبة في الزواج، والحاجة إلى الجماع أن يتزوج، ولعل الله أن يشفيه مما به، فإن كان ذاك فبها ونعمت، وإن رأى نفسه عاجزاً عن جماع المرأة، فهناك طريق للتخلص من الظلم وهو الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(16/562)
الزنا والاغتصاب وعقوبة كل منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الزنا والاغتصاب من حيث الحكم والعقوبة وغير ذلك؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنى الموجب للحد هو تغييب الحشفة أو قدرها من مقطوعها في فرج محرم مشتهى بالطبع من غير شبهة نكاح.
ويشترط في الزاني الذي يقام عليه الحد ويلحقه الإثم: أن يكون بالغاً عاقلاً مختاراً غير جاهل بتحريم الزنى. والزاني إما أن يكون بكراً، وإما أن يكون ثيباً، فالبكر الحر يجلد مائة جلدة، ويجمع إليه التغريب لمدة عام عند أحمد والشافعي.
وفرق مالك والأوزاعي بين الرجل والمرأة، فقالا بالتغريب في الرجل دون المرأة، وأرجع أبو حنيفة التغريب إلى تقدير الحاكم.
والزاني المحصن، وهو من وطئ في نكاح صحيح وهو حر مسلم، فحده الرجم بالحجارة حتى الموت، وذهب ابن حزم وإسحاق وغيرهما إلى الجمع بين الجلد والرجم فقالوا: يجلد مائة ثم يرجم.
والاغتصاب هو إكراه المرأة على الزنى، ويختلف حكمه عن الزنى بالنسبة للمكرهة، قال ابن قدامة في المغني: ولا حد على مكرهة في قول عامة أهل العلم، ولا فرق بين الإكراه بالإلجاء وهو أن يغلبها على نفسها وبين الإكراه بالتهديد بالقتل ونحوه. انتهى
أما المكرِه "المغتصب" فحده الرجم إن كان ثيباً والجلد إن كان بكراً، وزاد الشافعي ومالك والليث وغيرهم أن عليه صداق المثل.
يقول الشافعي: في الرجل يستكره المرأة أو الأمة يصيبها أن لكل واحدة منهما صداق المثل ولا حد على واحدة منهما ولا عقوبة، وعلى المستكره حد الرجم إن كان ثيباً والجلد والنفي إن كان بكراً. كتاب الأم.. مسألة المستكرهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(16/563)
لا أثر للزنا على رابطة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص متزوج وزنا وستر الله عليه ما الذي يترتب على علاقته بزوجته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هناك ارتباط بين زنا الزوج وعلاقته مع زوجته، فالواجب على من زنى التوبة إلى الله والاستغفار والندم والعزم على ألا يعود إلى هذه الكبيرة العظيمة، وعليه أن يستر نفسه ولا يفضحها.. لا لزوجة ولا لغيرها، وراجع الفتوى رقم:
1095 والفتوى رقم:
17021.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(16/564)
الحكمة من نسخ تلاوة آية الرجم مع بقاء الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قصة آية الرجم الواردة في الصحيح؟ وهل هي منسوخة؟ وما الحكمة من النسخ مع بقاء الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح السنة أن الله سبحانه وتعالى أنزل آية الرجم للزاني الثيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قرآناً تتلى فترة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسخ الله لفظها وبقي حكمها، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 5132، ولمزيد من الفائدة راجع أيضاً الفتوى رقم: 13919، والفتوى رقم: 1405.
أما الحكمة من نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فهي الابتلاء والاختبار لقوة إيمان هذه الأمة ومسارعتها إلى طاعة ربها، كما ذكر ذلك السيوطي في الإتقان، والزركشي في البرهان حيث نقلا أن ذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به، فيسرعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام، والمنام أدنى طريق الوحي. انتهى
ويؤيد ما ذكراه خشية عمر رضي الله تعالى عنه من أن يترك الناس العمل بهذه الآية التي نسخ لفظها، وبقي حكمها، كما سبق في الفتوى المحال إليها رقم: 5132.
وقد أجاب الزركشي عن الحكمة في بقاء التلاوة مع نسخ الحكم بقوله:
والجواب من وجهين أحدهما: أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به فيتلى لكونه كلام الله تعالى فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
وثانيهما: أن النسخ غالباً يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيراً بالنعمة ورفع المشقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(16/565)
حكم من قتل زانية: أبا أو غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قتل الأخت أو الابنة إذا زنت؟ وما حكم الشرع عند قتلها لهذا السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا ذنب كبير، وفاعله فاسق. لكن ليس لأي أحد إقامة الحد عليه، بل يرجع في ذلك إلى القضاء الشرعي.
فإن قام الأخ بقتل أخته الزانية، وكانت غير محصنة فهو آثم مرتكب لذنب عظيم، ويقتص منه إلا إذا عفا عنه أولياء الدم.
فإن عفوا عنه بدية أو بغيرها فلا يرفع ذلك عنه إثم القتل، فيجب عليه التوبة والاستغفار من هذا الذنب العظيم.
وأما إن كانت محصنة، فإنه يطالب قضاء بالبينة على أنها قد ارتكبت الزنا مختارة، فإن أثبتت البينة ذلك فلا تلزمه دية ولا قصاص ولا كفارة، ولكنه آثم لافتياته على السلطان، فعلى السلطان أن يعزره على افتياته في إقامة الحد. والبينة إما أن تكون بينة شاهدة على إقرارها هي بذلك إقرارا معتبرا شرعا وإما أن تكون أربعة شهود عدول رأوها ترتكب الفاحشة رؤية واضحة (إدخال الفرج في الفرج)
وأما الأب فلا يقتص منه في قتل ابنته الزانية أو غيرها، وللحاكم تعزيره على ذلك، لكن ذلك لا يرفع عنه الإثم.
وليعلم المسلم أن شأن القتل عظيم وجرمه كبير، ويكفي فيه قول الله عز وجل: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء:93] .
فعلى الإنسان أن يتقي الله في نفسه، ولا يقدم على مثل هذا الذنب العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(16/566)
علاقات جنسية دون نكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم شاب وشابة ليسا متزوجين ولهما علاقات جنسية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فان كان المقصود بالعلاقات الجنسية الزنا والعياذ بالله، فذلك من أكبر الكبائر، قال الله تعالى بعد أن ذكر الشرك والقتل والزنا: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:688-70] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" متفق عليه.
وأنظر الفتاوى التالي أرقامها: 1117، 3320، 2388.
وإن كان المقصود بالعلاقات الجنسية ما دون الجماع من زنى النظر أو زنى اللمس، فالواجب عليهما التوبة والاستغفار، وانظر الفتوى رقم: 14882، والفتوى رقم: 15995.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(16/567)
الأفضل إبقاء الزوجة التائبة من مقارفة الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة اعترفت لزوجها بممارسة الزنا مع شخص ولمدة زمنية طويلة بحجة أنها كانت واقعة تحت ضغوط وتهديد من هذا الشخص.ماهو الحكم الشرعي لعلاقتها مع زوجها بعد هذا الاعتراف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المرأة التي قارفت هذا الذنب العظيم أن تتوب مما فعلت وتندم ندماً شديداً على ما وقعت فيه من المعصية الشنيعة، والتهديد من هذا الرجل الفاجر مهما بلغ حجمه وقدره، فلن يساوي غضب الله تبارك وتعالى، ولو نفذ ما هددها به، فإنه لن يبلغ أدنى صور العذاب في نار الجحيم.
والحاصل أن المرأة إن تابت وندمت وأقلعت عن فعل تلك الكبيرة فلا مانع من إبقائها زوجة بل إن ذلك أولى من فراقها وعلى زوجها أن يحرص على تربيتها على الإيمان وخوف الله وكان الواجب على هذه المرأة أن لا تخبر زوجها بما حصل، وأن تستتر بستر الله ما دام الله قد سترها، وانظر الفتوى رقم:
2388
1095
1732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(16/568)
الأمصال الواقية من الوقوع في الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كلما رأيت فتاة أريد ممارسة الجنس معها وقد ابتليت بالعادة السرية.
فما الحل.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تتقي الله وتحذر من الوقوع في الفاحشة أو الاقتراب منها، فالزنا هو أكبر الكبائر بعد الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله.
وعواقب هذه الجريمة على فاعلها وخيمة في الدنيا والآخرة، فاستشعر الوعيد الأكيد والتهديد الشديد الذي توعد الله به مرتكبها، واستشعر أنك لا تحب أن يعتدى على عرضك أو أن ينتهك، فكيف تحبه وترضاه للآخرين؟!! وانظر الفتوى رقم: 5871.
وعليك أن تبادر إلى الزواج لإعفاف نفسك وبذل كل السبل الموصلة إليه، فإن تعذر ذلك فعليك بالصوم فإنه لك وجاء. كما هو مبين في الفتوى رقم: 17288، وابتعد عن مواطن وأسباب الإثارة، وغض طرفك ولا تطلقه في الحرام، ورافق أهل الخير والصلاح واشغل وقتك بالنافع من العلم والعمل. والأهم من ذلك كله استشعر مراقبة الله لك واطلاعه عليك في السر والعلن، فإن كنت تستحيي أن تفعل ما ذكرت أمام الناس فالله أحق أن يستحيى منه.
وأما الاستمناء فهو مما يهيج الشهوة ويثيرها. وانظر حكمه في الفتوى رقم:
7170.
ونسأل الله أن يحصن فرجك ويرزقك العفة والطهارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(16/569)
ستر المسلم على نفسه أولى له
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كان عمري 18 سنة قمت بخطيئة وهي الجماع من ابنة عمي من الخلف فهل يعتبر هذا العمل زنا وإن كان كذلك فماذا يترتب علي؟ للإشارة فقد مضى على هذه الخطيئة 10سنوات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي قمت بفعله يعتبر زنا والعياذ بالله، لأنه استمتاع بفرج محرم، فيجب عليك أولاً أن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره من هذه الجريمة، كما يجب عليك أن تستر على نفسك حيث سترك الله، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، فمن أتى من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله". رواه الحاكم عن ابن عمر ورواه مالك مرسلاً.
وإذا كان ستر المسلم على المسلم مأمورا به مرغبا فيه، فستر المسلم على نفسه أولى له، وليس عليك شيء آخر إذا كانت المرأة مطاوعة لك في الجريمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(16/570)
الزواج من الزانية بعد توبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله
لقد تعرفت علي فتاة مغربية وأنا مصري وأعيش في مصر وهي زنت كثيراً لأنها لا تجد عملا وقد شكت لي أنها تكره ما تفعل وتريد التوبة لكنها لا تستطيع بسبب مصاريف الدراسة ولا تجد عملا فعرضت عليها الزواج مني لأنها كما تقول تريد العفاف وتتمنى ذلك وهي فتاة رقيقة وحانية وأشعر أن الظروف هي التي أجبرتها على ذلك بل هي تفكر في الانتحار لأنها تشعر بأنها دنس وتكره نفسها وأنا أرى فيها الطيبة وقد يقع أحد في الخطأ فهل نجعله يستمر في الخطأ وننبذه أم ماذا وهي عمرها 19 عاما فقط فهل يجوز الزواج منها إن وجدت أنها فتاة طيبة أم لا يجوز أرجو أن تفترض أن كلامها صحيح مائة في المائة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وقرن الله جل وعلا الوعيد عليه بالوعيد على الشرك وقتل النفس، فقال سبحانه في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] .
ومهما كانت ظروف تلك المرأة فإن ذلك لا يبرر ولايبيح لها الزنا، لأن المسلمة لاتأكل بفرجها مهما ألجأتها الحاجة ونزلت بها الضرورة، وخصوصاً إذا كانت ضرورتها الدراسة ونحوها، لكن عليها أيضاً أن تعلم أن وقوعها في هذه الفاحشة الكبيرة لا يجوز أن يلجأها إلى ما هو أكبر منها وهو قتل النفس، فإن قتل النفس أكبر من الزنا كما هو مبين في الفتوى رقم:
5671 وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ل [الحجر:56] .
فانصح هذه المرأة بأن تعظم رجاءها في الله وأن توقن برحمته، وأنها إذا تابت توبة نصوحاً وأقبلت على طاعة ربها والتزمت بشرعه فإن الله يبدل سيئاتها حسنات، كما مر في الآية التي في صدر الجواب، والله يقول: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] .
ولاحرج عليك إن تحققت من توبتها في الزواج بها. مع مراجعة الفتوى رقم: 11295
والفتوى رقم: 9625 والفتوى رقم:
9644
واعلم أن علاقتك بهذه الفتاة والتحدث معها -كما ذكر في السؤال- محرم عليك لأن الشرع إذا حرم شيئاً حرم الطرق الموصلة إليه، فهو كما حرم الزنا حرم الخلوة بالأجنبية والنظر إليها والتحدث معها لغير حاجة، وأمرها بالحجاب وعدم الخضوع بالقول ونحو ذلك من الأحكام الشرعية التي تحدد علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية. فعليك بقطع علاقتك بهذه الفتاة، وإن أردت الزواج منها بعد تحقق توبتها فاتصل بوليها ليعقد لك عليها عقداً شرعياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(16/571)
عقوبة من وقع على ذات محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحدهم (قبحه الله) داعب ابنة أخية حتى حملت منه
ثم قام بإجاهضها خوفا من الفضيحة!! ماذا نفعل حياله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة من الكبائر توعد الله فاعلها بالعقوبة الشديدة، فقال سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] وقال سبحانه: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانا*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنً [الفرقان:68-70] .
فهذا عن مجرد الزنا بالمرأة الأجنبية. أما إذ كانت حليلة جارك، فإن الزنا بها من أعظم الذنوب بعد الكفر بالله وقتل الولد خشية الإطعام، لما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ قال أن تجعل له ندا وهو خلقك، قلت، ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك. فكان الزنا بحليلة الجار أشد قبحاً وجرماً من غيره لأن الجار يتوقع من جاره الذود عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ويركن إليه، فكان الاعتداء على عرضه خيانة منكرة وجرماً عظيماً، فما بالك بمن زنا بإحدى محارمه -كالحالة المذكورة في السؤال- فذلك أشد نكراً وفظاعة وإثماً، وإن المرء السوي ليصاب بالغم والهم الشديد عندما يسمع مثل ذلك، إذ كيف طابت نفس هذا الرجل بأن يقع على ابنة أخيه التي هي بمنزلة ابنته، ثم لم يكتف بجريمته الشنعاء حتى أضاف إليها جريمة أخرى وهي إجهاض ذلك الجنين من أجل التغطية على جريمته النكراء، والإجهاض قتل للنفس ولا يجوز بحال من الأحوال مهما كانت الدوافع النفسية والاجتماعية؛ إلا إذا كانت حياة الأم في خطر داهم إن لم يتم الإجهاض. وتشتد حرمة الإجهاض إن تم بعد نفخ الروح لأنه من الاعتداء على نفس مخلقة ظلماً وعدواناً.
هذا، وقد جعل الشارع الحكيم عقوبة رادعة لمن وقع على إحدى محارمه، فقد أخرج أحمد والحاكم وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. لكن مثل هذا الحكم لا يوقعه إلا السلطان، فإذا كان الأمر قد خرج عن الدائرة الضيقة وانتشر بين الناس فعليكم أن ترفعوا الأمر إلى القضاء الشرعي ليعاقبه بما يستحقه وفق ما يثبت عليه شرعاً، ومثله ابنة أخيه إن كانت طاوعته، أما إن كانت غير مختارة فلا إثم عليها ولا عقوبة تلحقها، وإن كان الأمر مازال محصوراً فيكم فننصحكم بالستر عليهما وبيان عظم المنكرين والجريمتين اللتين وقعا فيهما، مع حثه على التوبة والاستغفار، وحثه هو على مفارقة المكان الذي تسكنه من وقع عليها إلى بيئة صالحة يستأنف بها علاقته بالله. ويلزمه كذلك كفارة قتل الجنين وديته إن كان الإجهاض حصل بعد التخلق وهو بعد الأربعين يوماً، وإن كان قبلها فلا كفارة عليه إلا التوبة والاستغفار.
والمرأة إن كانت وافقته على الإجهاض فعليها ما عليه من التوبة والكفارة والدية لأنهما شريكان في الاعتداء على الجنين، كما هو مبين في الفتوى رقم:
13171.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(16/572)
نصائح تربوية علاجية لمن وقعت بنتها في الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[أغيثوني فقد اكتشفت أسوأ ما يمكن لأم أن تعلمه عن إحدى بناتها هل يجوز لي إخفاء الأمر عن والدها كي لا تفسد حياته مثلما أفسدت حياتي بعدما علمت؟ وهل يجوز تصحيح هذا الوضع لدى أحد الأطباء إذا لم يتزوجها الفاعل؟ أغيثوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول لهذه الأم المفجوعة ببنتها: أما وقد وقع المحذور، فليس أمامك إلا أن تعالجي الموضوع بحكمة وبصيرة، ونرى أن ذلك يتلخص في أمور:
1- مراجعة ومحاسبة نفسك، هل كان لك يد فيما حدث لابنتك؟ فإن كثيراً من الأمهات والآباء لا يلتفتون إلى أولادهم، ولا يحسون بذهابهم وإيابهم، ولا يبالون بأصدقائهم وأخلائهم، حتى إذا وقع أحدهم فيما حرم الله ندموا حيث لا ينفع الندم، فإذا وجدت أنك فرطت في الأمانة التي ائتمنك الله عليها وضيعت المسؤولية التي استرعاك الله، بقول رسوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته". أقول: إذا كان الأمر كذلك فالبدار البدار إلى التوبة، وإصلاح ما بقي قبل أن يتفاقم الأمر ويتسع الخرق.
2- معالجة هذه البنت بالحث على التقوى والخوف من الله، وإشعارها أن فعلها جريمة عظيمة وخطيئة كبيرة في حق الله قبل أن يكون فضيحة للأسرة، وأن عليها التوبة والاستغفار وتطهير نفسها من الرجس، والصدق في التوبة إلى الله بالندم واللجوء إلى كنفه وطلب المغفرة منه، فإن العبد إذا أذنب ثم تاب تاب الله عليه.
3- عليك أن تستري أمر ابنتك حتى عن أبيها، فالستر على المسلم غير المعروف ولا المشتهر بالمعاصي واجب، ففي الحديث: "من ستر مسلماً ستره الله." متفق عليه. وفي الحديث: "من أصاب من هذه القاذورات شيئاً، فليستتر بستر الله." كما في الموطأ.
فعدم إخبارك والدها يعتبر ستراً لها وهو واجب عليك، ثم إن في إخباره تنغيصاً وتكديراً لحياته بلا داع ولا موجب لذلك، وليست هناك مصلحة مترتبة عليه تقابل مفسدة الكشف.
وبالنسبة للفقرة الأخيرة من السؤال وهي قولك: هل يجوز تصحيح هذا الوضع؟ فإن كان قصدك ترقيع البكارة، فقد سبقت الإجابة عليه برقم: 5047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(16/573)
تائبون من الزنا ... هل يقيم بعضهم لبعض الحد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب مسلم أدرس في الخارج وقد فعلت الزنا وتبت إلى الله وأرجو منه أن يقبل توبتي ويوجد حوالي خمسة أشخاص مثلي ونريد أن نتطهر من ذنونا قبل أن نلاقي ربنا وإن كان الحكم أن يجلد كل منا 100 جلدة فنحن موافقون فهل من الممكن أن يجلد كل منا الآخر وإن لم يكن كذلك فما الحل؟ ونرجو من فضيلة الشيخ أن يراعي أننا لا نريد أن يفضح أمرنا بعد أن ستره الله الرحمن الرحيم! إن كان ممكنا ذلك فما هي طريقة الجلد؟ وما هي أوصاف الجالد؟ وإن كان غير ذلك أرجو أن تشرح لنا بالتفصيل.
ونرجو من الله أن يهدينا وييسر الهداية لنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولكم الهداية إلى طاعته والثبات على دينه، وحيث إنكم تبتم إلى الله وصدقت توبتكم، فلا يلزم إقامة الحد عليكم ما دام لم يرفع أمركم بعد إلى الحاكم الشرعي، ويجب عليكم أن تستتروا بستر الله عليكم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1095.
وننصحكم بكثرة الاستغفار والطاعات، فإن الله يقول: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء:110]
ويقول سبحانه: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) [طه:82]
ويقول سبحانه: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود:114]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(16/574)
الزوج الزاني ... معاشرة أم مفارقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لقد اكتشفت علاقة بين زوجي وامرأة أجنبية وأنها وصلت إلى الزنا فتركته إلى منزل أهلي أريد أن أعرف هل زوجي أصبح لا يحل لي حيث أنه أصبح زانياً والحق سبحانة يقول (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لاينكحها إلا زان أومشرك وحرم ذلك على المؤمنين) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تيقنت من أن زوجك يزني -وهو أمر صعب- فقد أحسنت صنعاً في هجره وذهابك إلى أهلك، وعليك أن تنصحيه وتخوفيه من الله تعالى وعقابه العاجل والآجل، فإن قبل النصح وتاب إلى الله تعالى وأقلع عن ذنبه رجعت إليه، وإلا فلا يجوز لك مقارنة هذا الزاني والبقاء معه، للآية المذكورة، ولقوله سبحانه: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) [النور:26] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أي: الرجال الطيبون للنساء الطيبات، والرجال الخبيثون للنساء الخبيثات. وكذلك في النساء، فإذا كانت المرأة خبيثة كان قرينها خبيثاً، وإذا كان قرينها خبيثاً كانت خبيثة. انتهى
وقال أيضاً: فأخبر تعالى أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين فلا تكون خبيثة لطيب، فإن ذلك خلاف الحصر، فلا تنكح الزانية الخبيثة إلا زانياً خبيثاً، وأخبر أن الطيبين للطيبات فلا يكون الطيب لامرأة خبيثة، فإن ذلك خلاف الحصر، إذ قد ذكر أن جميع الخبيثات للخبيثين فلا تبقى خبيثة لطيب ولا طيب لخبيثة، وأخبر أن جميع الطيبات للطيبين فلا تبقى طيبة لخبيث، فجاء الحصر من الجانبين موافقاً لقوله تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور:3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(16/575)
البعد عن أسباب غواية الشيطان أسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم من أغواه الشيطان في الزنا في محل تجارته وهل من المستحسن أن يترك هذا المحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من وقع في الزنا هو أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الجواب رقم: 1095.
وذكرنا في الجواب المذكور أنه مما يعين على التوبة البعد عن دواعي المعصية وأسبابها، إلى آخر ما هو مذكور في الجواب.
وعليه، فإنا نقول للسائل: إذا كان المحل التجاري الذي ذكرت من المحلات التي ترتادها النساء كثيراً لكون بضاعتها بضاعة نسائية أو نحو ذلك، فيجب عليك ترك هذا المحل، إذ لا تأمن على نفسك من العود مرة أخرى لما لا يرضي الله تعالى. أما إن كان الذي صار كان مسألة فلتة وقد لا يتكرر سببها، فلا داعي إذن لمغادرة المحل المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1423(16/576)
من وقع على ذات محرم فاقتلوه
[السُّؤَالُ]
ـ[أوقع الشيطان في نفسي الهوى تجاه شقيقتي المتزوجة حتى أننا نفكر في الزنا والعياذ بالله ودائما أحاول التحرش بدبرها عندما تبيت عندنا وأنام إلى جوارها بالرغم من أنها أكبر مني بأكثر من عشرين عاما وهي لا تصدني مما يقوي عندي هذه الشهوة الملعونة فماذا أفعل جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرته -أيها السائل- أمر خطير، والواجب عليكما الحذر من الوقوع فيه أو فيما هو أشد منه، إذ كيف يفكر الأخ بفعل المُحَرَّم مع أخته؟!! وكيف يستسلم كل منكما لوسوسة الشيطان، ويحصل التمادي في التجاوزات الشرعية لهذا الحدّ؟!! وعلى أية حال فالواجب عليك أن لا تختلي بها مهما كانت الظروف، وأن لاتنام معها في سرير واحد بل ولا غرفة واحدة، واعلم أنه لا يجوز لك النظر أو مسها ما دمت تميل إليها الميل المذكور، ولا تمانع هي في ذلك. والواجب على أختك أيضاً مثل ذلك، وأن تحفظ حرمة زوجها، وأن تمنعك من أسباب الفساد....
وأخيراً نذكرك بأن الزنا من أعظم الكبائر، وهو مع المحارم أشد، حيث إن فاعله يعاقب في الإسلام بالقتل، محصناً كان أو غير محصن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من وقع على ذات محرم فاقتلوه" رواه أحمد والحاكم.
ولا يخفى عليك أن الأخ مطالب بحماية أخته والذود عنها، وربما يفقد المرء حياته في الدفاع عن عرض أخته وشرفها، فلا يسوغ له بحال ولا يعقل أن يكون الأخ ذئباً يهتك عرضها.
وإليك بعض النصائح نوجزها لك في نقاط:
1- عليك بتقوى الله سبحانه والمحافظة على الفرائض، وأهمها الصلوات في أوقاتها جماعة في المسجد.
2- صاحب الأخيار والصالحين، واحرص على حضور مجالس العلم النافع.
3- ننصحك بالزواج إن كنت مستطيعاً، فإن لم تستطع فعليك بالصوم، كما في الحديث ... قال: صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري ومسلم، ومعنى (وجاء) وقاية من الزنا.
4- إذا دعتك نفسك إلى الريبة بأختك فتذكر أن الله مطلع عليك، وتذكر عواقب الزنا الوخيمة على المرء في الدنيا والآخرة، ويكفي أن الله نهى عباده عن الزنا وعن مقاربته ومخالطة أسبابه ودواعيه بقوله (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء: 32] .
قال أهل التفسير: " إنه كان فاحشة " أي ذنباً عظيماً، " وساء سبيلا"أي وبئس طريقاً ومسلكاً.
5-أكثر من الدعاء والالتجاء إلى الله أن يصرف عنك الفواحش، وأن يطهر قلبك وأن يحصن فرجك.
6-اشغل وقتك بالطاعة وتب إلى الله وأكثر من الاستغفار على ما اقترفته مع أختك، وعاهد الله على عدم تكرار ذلك.
وراجع الفتاوى السابقة التالية أرقامها:
14726 2376 5876
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(16/577)
الاستمتاع بالأجنبية بدون إيلاج لا يوجب الحد الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة كبيرة جدا وهي أني أخطب شابة منذ سنة وزواجنا بعد أسبوع من الآن وحدث أني قبلتها وداعبتها بالمس حتى بلغ الأمر أن نزل مني المني وتكرر ذلك أكثر من مرة (مع العلم أن كلانا بملابسه) وبعد كل مرة ضميري يحرقني جدا وأتوب إلى الله وأعزم عدم العودة إلى ذلك والمشكلة هي العودة إلى ذلك أكثر من مرة
أنا الآن زان وأريد أن يطبق علي الحكم الشرعي في ذلك وهو الجلد 80 جلدة والمشكلة أني لا أعرف من يقوم بذلك وأريد الحل مع العلم أن هذا الأمر أفسد حياتي
والرجاء أن يكون الرد غير الاسغفار والتوبة وعدم العودة إلى ذلك لأني أخاف من عقاب الله في الآخرة وأريد أن يطبق علي حكم الله في الدنيا حتى ألقاة نظيفا
وشكرا لسيادتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على رسوله الأمين وآله أجمعين أما بعد:
فلا شك أن ما أقدمت عليه يعد خيانة وإثما، وإذا كان الأمر كما ذكرت من أن ما حصل كان من وراء الملابس، يعني أنه لم يحصل إيلاج للحشفة في الفرج فإنه ليس في ذلك حد حتى ولو رفع أمرك إلى الحاكم، وإنما الواجب في ذلك هو التوبة الصادقة والاستغفار والندم، أما إذا حصل إيلاج للحشفة في الفرج فإن هذا هو الزنا، وإنما يجب فيه الحد إذا بلغ إلى الحاكم وشهد على ذلك أربعة شهود أو اعترف الزاني وشهد على نفسه أربع شهادات.
والأولى لمن ابتلي بذلك أن يستتر بستر الله عليه ولا يفضح نفسه، وتكفيه التوبة الصادقة. قال الله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر: 53] وقال سبحانه (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولايزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً *يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً *إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان: 68: 70] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله " رواه الحاكم والبيهقي، وصححه السيوطي وحسنه العراقي.
أما قولك: الرجاء أن يكون الرد غير الاستغفار والتوبة وعدم العودة، فهذا يدل على خوفك من الله وصدق توبتك وحرصك على الخير، ولكن تأكد أن هذا هو الحكم الشرعي في المسألة، وأن ذلك سيكفر عنك ذنبك وستلقى الله نظيفاً إن شاء الله إذا صدقت في توبتك، كما يجب أن تأمر خطيبتك بالتوبة الصادقة.
تنبيه: جلد الزاني البكر عند توافر الشروط هو: مئة جلدة وليس ثمانين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(16/578)
من تاب من الزنا تاب الله عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
ما قول الأئمة الكرام في من ابتلي بمعصية الزنا ودام عليها دهرا من الزمن ثم تاب لكن نفسه الأمارة والشيطان يراودانه للعودة ويأبى ما العمل كي ينسى؟
أفتوني مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تتذكر شؤم المعصية، وآثارها السيئة في الدنيا والآخرة، وأن تتذكر أنك لا ترضى لأختك أو لأمك أو عمتك أو خالتك أو غيرهن من قريباتك أن يمارسن هذه الفاحشة مع الآخرين، وأن تتذكر الأسقام والأمراض التي تعتري مقارفي هذه الجريمة، وأن لذة الدنيا فانية زائلة، وأن لذة الآخرة دائمة لا تنقطع، خالصة من شوائب الآلام والحسرات، وهناك وسائل تحصن بها نفسك من أعظمها الزواج، وغض البصر، وتجنب مواطن السوء وأهله، وملازمة الصالحين.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9062، والفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1423(16/579)
الرد على من أنكر الزنا بزعمه أن القرآن لم يحرمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لم ترد آية بتحريم الزنا؟ لأن أكثر الآيات كلها نهي. ثم على أي أساس يرجم الزاني المحصن حتى الموت؟ لا يوجد آية في القران تقر بذلك؟ فيدوني جزاكم الله خيراً. لا مانع من نشر السؤال والإجابة عليه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أعظم الفتن تحويل الأمور القطعية إلى أمور محتملة، وجعل الأمور المجمع عليها أمورًا مختلفًا فيها، وهذا يصدق على تحريم الزنا الذي أجمعت عليه الأمة الإسلامية جيلاً بعد جيل. وأصبح معلومًا من دين الإسلام بالضرورة، بحيث لا يستطيع المسلم دفعه عن نفسه، كوجوب الصلاة والزكاة، وكحرمة الخمر والربا. ومن الخطر أن ننقاد غافلين للهدامين الذين يريدون أن يجعلوا كل شيء في الدين - حتى الأصول والضروريات - محل بحث وجدال، وقيل وقال. وقد أجمع العلماء على أن من أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، ولم يكن حديث عهد بالإسلام، ولا ناشئًا ببادية أو ببلد بعيد عن دار الإسلام: فإنه يكفر بذلك ويمرق من الدين، وعلى الإمام أن يطلب منه التوبة والإقلاع عن ضلاله، وإلا طبقت عليه أحكام المرتدين.. وأما حديث العهد بالإسلام، والناشئ بالبادية ونحوهما، فيعرَّف الحكم ويبين له الصواب، فإن أصر على موقفه عُدَّ مرتدًا.
وحرمة الزنا ثابتة من عدة وجوه:
أولا: من القرآن الكريم: ودلالته على تحريم الزنا بينة، ولا يجهلها إلا من جهل اللغة والشرع، ومن زعم أن التحريم لا يستفاد إلا من لفظ (حرم) و (يحرم) فهذا جهل مركب، فإن التحريم - بإجماع العلماء - تدل عليه ألفاظ كثيرة، مثل: لعن فاعله، أو تشبيهه بالشيطان، أو الإخبار بأنه رجس أو فاحشة. . . إلخ.
على أننا نقول: إن القرآن الكريم نص على تحريم الزنا بلفظ التحريم أيضا، وذلك أن الله تعالى قال في سورة الأعراف (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق. . . الآية) وقال تعالى في سورة الأنعام (قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم أن لاتشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولاتقربوا الفواحش ماظهر منها وما بطن00) فالفواحش حرام بنص الآيتين، ثم قال تعالى في سورة الإسراء (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وسآء سبيلا)
قال البيضاوي: ولا تقربوا الزنا بالعزم والاتيان بالمقدمات فضلا عن أن تباشروه.
قال القرطبي في تفسيره: (قال ابن عباس: هذه الآيات المحكمات التي ذكرها الله في سورة آل عمران أجمعت عليها شرائع الخلق، ولم تنسخ قط في ملة. وقد قيل: إنها العشر كلمات المنزلة على موسى)
قال العلماء:ولا تقربوا الزنى أبلغ من أن يقول: ولاتزنوا، فإن معناه لا تدنوا من الزنى0
ثانيًا: من السنة: فقد روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن والإمام أحمد في المسند وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن"
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان" رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يلج الناس به النار؟ فقال: "الأجوفان: الفم والفرج" وسئل عن أكثر ما يلج به الجنة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسن الخلق"رواه أحمد
وعن سمرة بن جندب قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال: من رأى منكم الليلة رؤيا؟ قال: فإن رأى أحد قصها، فيقول: ما شاء الله! فسألنا يوما فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قلنا: لا. قال: لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة فإذا رجل جالس 000 قالا: انطلق فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة، فقلت: من هذا؟ قالا: انطلق فانطلقنا 000 قلت: طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت، قالا نعم 000 والذي رأيته في الثقب فهم الزناة)
وعن جابر أن رجلا من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: إنه قد زنى، فأعرض عنه، فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات، فدعاه فقال: هل بك جنون؟ هل أحصنت؟ قال: نعم فأمر به أن يرجم بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدرك بالحرة فقتل) رواه البخاري.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف. قال سفيان كذا حفظت، ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده) رواه البخاري.
وعن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة) رواه البخاري.
والأحاديث في ذلك كثيرة موفورة. ومن زعم أنه لا يقبل الاحتجاج بالسنة فقد كذب القرآن نفسه، الذي صرح بأن الرسول هو مبين القرآن وشارحه، قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) ولو رد الناس السنة اكتفاء بالقرآن ما عرفوا صلاة ولا زكاة ولا حجًا، فإنها كلها جاءت مجملة في القرآن، وإنما بينتها السنة. وقد قال رجل لمطرف بن عبد الله -أحد التابعين-: لا تحدثونا إلا بالقرآن. فقال له مطرف: " والله ما نريد بالقرآن بدلاً. . . ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا " يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن هنا كان أمر القرآن بطاعة الرسول، والاحتكام إليه، مقارنًا للأمر بطاعة الله، قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) ، (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ، (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) .
ثالثا: الإجماع: فإن علماء الإسلام في سائر الأعصار قد أجمعوا على تحريم الزنا، إجماعًا مؤكدًا لا شك فيه ولا جدال، حتى أصبح ذلك معلومًا من الدين بالضرورة0
رابعًا: قواعد الشريعة الكلية: فإنه لو لم يكن هناك نص ولا إجماع في المسألة لكانت قواعد الشريعة العامة، ومبادئها الكلية كافية في الدلالة على تحريم الزنا، فإن التحريم في الإسلام يتبع الخبث والضرر، فما تحقق ضرره بالفرد أو بالجماعة كان حرامًا، ولو لم يرد فيه نص بخصوصه. وضرر الزنا على الفرد في دينه وجسمه مما لا ريب فيه، وكذلك ضرره على الأسرة في تماسكها وترابطها، حيث نرى الزناة لا يقدرون مسئوليتهم عن زوجاتهم وأولادهم، فيهملون رعايتهم وتربيتهم بل النفقة عليهم، ومن وراء ذلك كله ضرر المجتمع كله بانتشار العربدة، وفساد الأخلاق وخراب البيوت، وانتشار الأمراض مما يؤدي في النهاية إلى التفسخ والانحلال العام، فأي إنسان له مسحة من عقل أو دين يدرك
الفساد العريض الذي يسببه الزنا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1423(16/580)
هذه الحالة لا تصل لدرجة الزنا، والكفارة التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... بسم الله الرحمن الرحيم
أقامت إحدى السيدات المتزوجات علاقة هاتفية مع أحد الرجال وحدث بينهما ما يغضب الله على الهاتف
أربع مرات وحدث أن تقابلا على خلوة مرتين وحدث بينهما كل شيء ما عدا الدخول الشرعي.
إن هذه السيدة تشعر بعظيم الندم والأسف وتريد التوبة النصوح وتسأل عن:
1-كيفية تعويض زوجها عما لحق به من أذى
2-كيفية التكفير عن الذنوب.
3-هل تعتبر أمام رب العالمين من الزانيات الذين يوقد تحتهم التنور يوم الحساب.
... وجزاكم الله عنها وعنا كل الخير......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما قامت به هذه المرأة مخالفة لأوامر ربها، وأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظلم لنفسها، وتعريض لهدم كرامتها، وطمس شرفها، وخيانة عظمى لزوجها.
لكن إذا كانت شعرت بخطورة ما ارتكبت، وتابت منه توبة خالصة، فإن الله تعالى يتوب عليها ويغفر ذنوبها بمنه وكرمه، أما التعويض للزوج فلا داعي له، وإنما الواجب طاعته في المستقبل، وعدم خيانته، ثم إن ما مارسته هذه المرأة حسبما ذكرت، لا يرتقي إلى درجة الزنا الذي يترتب عليه الحد الشرعي، وهو هنا الرجم، ولكنه ذنب وخيانة تجب منه التوبة، والتوبة تجبُّ ما قبلها.
ولله الحمد، وهو سبحانه أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(16/581)
الزنى وقت صلاة الجمعة أشد حرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أنا شاب في الجامعة عمري 22عاماً لي صديق عمره 22عاما يخرج كل جمعة بدل الصلاة يزني ويخرج عرياناً إلى الشارع؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة واجبة على المسلم الذكر المكلف المقيم، لقول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) [الجمعة: 9]
فالأجدر بالمؤمن أن يحافظ على صلواته كلها، ويحافظ على صلاة الجمعة، ويستريح في هذا اليوم، ويصل بعض أرحامه وأقاربه، ويلتزم بأوامر الله وحدوده.
أما الخروج عرياناً وممارسة الزنى فهذا من أقبح الأفعال، وهو حرام لا يجوز بحال من الأحوال، قال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا) [الإسراء:32] وقال تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) [النور:3] وقال في شأن ستر العورة (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم ووريشاً ولباس التقوى ذلك خير) [الأعراف:26] والزنى من الفواحش كما علمت، وقد نهى الله تعالى عن الفواحش عموماً فقال: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) [النحل:95] فترك الصلاة والخروج عرياناً والزنى كل هذه أمور منكرة شرعاً، فيجب الابتعاد عنها كلها فوراً، وننصح هذا الشخص بأن يتوب إلى الله تعالى، ويرجع إلى رشده، ويستر عوراته، ويحافظ على صلاته ودينه كله، وعليك أن توجهه، وتدعوه بالحكمة والموعظة الحسنة كما قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) [النحل:135] فإن أفاد ذلك فبها ونعمت، وإلا فتجنبه ولا تجالسه.
واحذر من عدواه، فإن قرناء السوء أشد ضرراً من الشيطان.
نسأل الله العافية.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1422(16/582)
الحد الشرعي لمن زنى عدة مرات
[السُّؤَالُ]
ـ[1ماحكم من يجامع كل يوم امرأة جديدة هل الحد عن كل امرأة مائة جلدة وما حكم من جامع امرأة واحدة أكثر من مائة مرة هل يجلد مائة جلدة عن كل مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن زنى مرتين أو أكثر بامرأة واحدة أو بأكثر من امرأة ولم يقم عليه الحد، فعليه حد واحد باتفاق الفقهاء، كما في الموسوعة الفقهية، وأما إذا زنى فأقيم عليه الحد ثم زنى مرة ثانية فعليه حد آخر، سواء كان المزني بها المرأة الأولى نفسها أم امرأة أخرى، وحد الزنى مائة جلدة وتغريب عام إذا كان بكراً.
والرجم حتى الموت إذا كان محصناً، وهو الحر البالغ الذي قد وطئ زوجة في قبلها في نكاح صحيح، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
1602
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1422(16/583)
تعريف الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما هي شروط وقوع الزنى؟
2- إذا ما استمنى الرجل عن طرق وضع عضوه في فم المرأة هل وقع في الزنى؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل يريد تعريف الزنى الموجب للحد، وهو كما قال العلماء: يتحقق بتغييب رأس الذكر في فرج محرم مشتهى بالطبع من غير شبهة نكاح، ولو لم يكن معه إنزال، فإذا اجتمعت هذه المذكورات كلها، وثبتت بإقرار أو بشهادة أربعة شهداء وجب الحد.
أما استمناء الرجل عن طريق وضع عضوه على فم الأجنبية أو غيره من بدنها فإنه محرم، ومن فعله فقد أتى منكراً كبيراً وإثماً مبيناً، وهو من الزنا، لكنه من الزنا الذي لا يوجب الحد، ولمزيد الفائدة انظر جواب رقم:
3950، 4458، 11038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1422(16/584)
حكم الصغير إذا ارتكب أمرا يوجب حدا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك إثم على من ارتكب محرماً من المحرمات مثل الزنا أو شرب الخمر ... وهو صغير لا يعلم ما حكم الإسلام في هذا الأمر كل ما يعرفه أنه عار وغير مسموح به بين الناس. بمعنى آخر ما هي السن الأدنى التي لا يحاسب فيها الإنسان.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن زنى أو شرب الخمر، أو فعل غير ذلك من المحرمات وهو صغير لم يبلغ، فهو غير مؤاخذ ولا معاقب عند الله، لما رواه أبو داود والترمذي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يعقل".
فمؤاخذة الإنسان على أعماله تكون بعد بلوغه، والبلوغ لا ينحصر في السن، بل بلوغ الصبي يحصل بواحد من ثلاثة:
1/ الاحتلام: وهو خروج المني من الرجل أو المرأة في يقظة أو منام لوقت إمكانه - استكمال تسع سنين - لقوله تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) [النور:59] .
ولحديث: "خذ من كل حالم ديناراً" أي: جزية. رواه الترمذي وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
2/ وظهور الشعر الخشن على العانة، لما رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح عن عطية القرظي قال: "كنت معهم يوم قريظة فأمرأن ينظر إليّ هل أنبت؟ فكشفوا عانتي فوجدوها لم تنبت، فجعلوني في السبي".
3/ بلوغ سن الخامسة عشرة، لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني للقتال، ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازني بأني بلغت.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: رد النبي صلى الله عليه وسلم سبعة عشر من الصحابة، وهم أبناء أربع عشرة سنة، لأنه لم يرهم بلغوا، ثم عرضوا عليه وهم أبناء خمس عشرة، فأجازهم منهم: زيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وابن عمر.
وتزيد الأنثى على الذكر بأمرين هما:
الأول: الحيض، لما رواه أبو داود والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" أي: إذا كانت تحيض، لا أنها تصلي وهي حائض.
الثاني: الحمل، لأن الله تعالى أجرى العادة أن الولد يخلق من ماء الرجل وماء المرأة، قال تعالى: (فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) [الطارق:5-7] . أي: صلب الرجل، وترائب المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(16/585)
احتضان وتقبيل الأجنبية ... هل هو زنا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم وأتجنب الاحتكاك بالفتيات ولكن في إحدى الفترات احتككت بإحداهن عن طريق الملامسة بالأيدي وقبلتها واحتضنتها حتى أمنيت ولكن بعد ذلك تبت واستغفرت وأوقفت المصافحة من ذلك اليوم وإنني أسأل هل الإمناء بالاحتضان بعتبر زنا وماذا يجب علي عمله حتى يغفر لي الله خطيئتي؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشارع الحكيم نهى عن كل ما من شأنه أن يفتح باب الفتنة بين الرجال والنساء، وأمر بسد الذرائع المفضية إلى ذلك الباب، فأمر بغض البصر، ونهى عن الخلوة بالأجنبية ومصافحتها، فالواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله تعالى، وأن يغض بصره، ويتجنب الخلوة بالأجنبية ومصافحتها امتثالا لأمر الله تعالى، وخوفاً من الوقوع فيما هو أعظم.
أما وقد وقع ما وقع من المصافحة والاحتضان، فما عليك إلا أن تستغفر الله تعالى، وتتوب إليه من هذه الخطيئة التي ارتكبت، وتكثر من الحسنات، فالله تعالى يقول: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) [هود:114] .
ولا يعتبر هذا الاحتضان زنى يترتب عليه الحد الشرعي، وإنما هو خطيئة من الخطايا يكفرها اجتناب الكبائر، والإكثار من الحسنات.
وارجع الجواب رقم: 2054، 3950، 4458، 8448.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(16/586)
الاستتار بستر الله أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
يوجد شاب عاش حياه الفسق لمدة أكثر من 5 سنوات وارتكب جريمة الزنا أكثر من مرة ولكنه الآن تاب إلى الله تعالى وقام بعمل عمرة فهل يجب أن يطبق عليه حد الزنا أم تكفي التوبة ولكنه بعد القيام بالعمرة شرب القليل من "البيرة "فهل هوبهذا العمل مازال عاصيا أمام الله؟ وهل توافق فتاة مسلمة ملتزمة الزواج منه أم هوبهذا الفعل مازال فاسقا؟
شكرا والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على من وقع في الزنا والخمر وغيرهما من المحرمات هو التوبة الصادقة والندم والاستغفار، ولا يلزمه أن يرفع أمره لإقامة الحد عليه بل الأولى له أن يستتر بستر الله، وراجع لذلك الفتوى رقم 1095 والفتوى رقم 1106 وأما الزواج بمن هذا حاله فلا بأس به بعد التوبة الصادقة، أما قبل التوبة فلا يجوز لأن الفاسق ليس كفؤاً لذات الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(16/587)
السبيل الذي اخترته داء وليس دواء
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا شاب أبلغ من العمر 28 سنة حاصل على دبلوم عال لكنني بدون عمل، وأنا فقير جداً لا أستطيع الزواج وقد صبرت حتى بدأت تظهر علي مشاكل صحية ونفسية صعبة وأنا الآن لدي عشيقة أزني بها ولم أفعل هذا من قبل حتى نفد صبري وتأكدت من أني لن أستطيع الزواج. من فضلكم انصحوني جزاكم الله خيرا والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنما أقررت أنك تفعله هو من أكبر الكبائر ومهلكات الذنوب، وبئس السبيل هو للخلاص مما ذكرت أنك تعاني منه، قال الله تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا) [الإسراء:32] وقال سبحانه وتعالى في معرض سرده لصفات المؤمنين الصالحين الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) [الفرقان:68،69]
فعليك أن تبادر إلى التوبة إلى الله تعالى وتكثر من الأعمال الصالحة قبل أن تهلك باستمرارك وإصرارك على هذه الكبيرة الشنيعة.
وإن شؤم المعصية أكبر وأخطر مما يبدو أنك تتصوره، لذلك استخففت بالأمر، وجعلت المعصية حلا لمشكلة قد شرع الله تعالى لها حلاً آخر لا إثم فيه ولا عنت، فتب إلى الله تعالى فوراً، واسأله بإلحاح أن يعينك على طاعته، ويحفظك من معصيته، واسع بصدق وجد في الزواج، فإنك لن تعدم من الله تعالى عوناً حقيقياً عاجلا، وعليك قبل حصول ذلك أن تكثر من الصوم والعبادة بكل أنواعها. واشغل نفسك بما ينفعك من أمر دينك ودنياك، واجعل نصب عينيك شؤم المعصية في العاجل والآجل.
ونوصيك أولاً وأخيراً أن تتقي الله تعالى حق تقاته، وأن تجعل مفزعك إليه، وإلى طاعته وابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، فإن في ذلك وحده حلا لكل مشاكلك وتفريجاً لكل همومك وغمومك، وتيسيراً لكل أمورك. وصلاحاً لكل أحوالك وظروفك.
يقول الله سبحانه وتعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب) [الطلاق: 2،3]
ويقول في نفس السورة أيضاً (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً*ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً) [الطلاق:4،5]
ويقول سبحانه وتعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) [الأعراف:96]
ويقول سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) [الأحزاب: 70،71]
ويقول سبحانه وتعالى: (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون) [النور:52]
ويقول سبحانه وتعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97]
ويقول سبحانه وتعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى*ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى) [طه:123،124]
والآيات في هذا الباب تكاد تخرج عن طوق الحصر، والأحاديث مثلها أو أكثر، نذكر منها ما في المسند والحاكم والسنن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب"
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(16/588)
وقع في الزنا تحت تأثير السحر.. ما العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل أتى الزنا عدة مرات تحت تأثير السحر وعمل له سحر للتفريق بينه وبين زوجته بدفن السحر تحت عتبة باب بيته فضاق صدرالزوجة فهي لا تتطيق البيت ولا الزوج ودائما ما تطلب الطلاق حتى من الله عليهم وعرفوا مكان السحر واستخرجوه وتخلصوا منه مع العلم أن من عمل هذا السحر هي نفس المرأة التي زنى بها الرجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحصن الحصين الذي يحتمي به المسلم هو ذكر الله تعالى والاعتصام به، وأن يلجأ العبد إلى ربه في كل أموره، ومن توكل على الله هداه وكفاه، وأما حكم ما وقع فيه من كبيرة الزنا فإن عليه أن يتوب إلى الله تعالى منه، ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، والله سبحانه واسع المغفرة.
ومن وقع في محرم تحت تأثير السحر الذي أفقده الاختيار في نفسه فهو إن شاء الله معفو عنه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه الطبراني في المعجم الكبير عن ثوبان، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم" رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن علي وعمر. ونصيحتنا لمن أصيب بالسحر سبقت في الفتوى رقم 2244 ورقم 5689
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(16/589)
المعاشرة بدون إيلاج زنا أصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق أحرجه أن يطرح مشكلته على إمام المسجد فاستخدمت الإنترنت لمساعدته ومشكلته هي
أنه تعرض لإغراء من قبل فتاة، وبحكم أنه كان آنذاك مراهقاً فإنه وافقها ووقع في الحرام،
يقول إنها رأت ولمست -أعزكم الله- قضيبه لكنه لم ير من عورتها سوى نهديها كما أنه لعقهما بلسانه وقبلها أي أنه لم يكن بينهما أي اتصال جنسي مباشر بين الأعضاء التناسلية
وهو يريد فتوى في مشكلته وهل هو واقع في الزنا أم لا وماذا عليه أن يفعل ليكفرعن دنبه. ... ... ...
وشكرا مسبقا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما فعله صديقك حرام، وأنه من الزنا الأصغر، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، واللسان يزني وزناه الكلام، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج، أو يكذبه".
والواجب عليه هو التوبة والاستغفار، وعدم القنوط من رحمة الله قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53] وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:68،69،70] وينبغي له الإكثار من الطاعات، قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود:114] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأتبع السيئة الحسنة تمحها" رواه أحمد، والترمذي، والدرامي من حديث أبي ذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1422(16/590)
تعظم جريمة الزنا باختلاف الفاعل والمفعول والزمان والمكان
[السُّؤَالُ]
ـ[الزاني المحصن وغير المحصن مختلفان فى الحد كالرجم والجلد فهل هما متساويان فى المسئولية أمام الله من هذا الزنا أم مختلفان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا من حيث هو فاحشة عظمى وكبيرة من كبائر الذنوب، ويكفي في بيان ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" أخرجه مسلم من طريق أبي هريرة.
إلا أن هذه الفاحشة تغلظ عقوبتها ويشتد إثمها اعتباراً بمن وقعت منه، وعلى من وقعت، فهي من المحصن أعظم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني ... الحديث" أخرجه مسلم عن عبد الله.
ففي هذا الحديث إثبات قتل الزاني المحصن، والمراد رجمه بالحجارة حتى يموت، وهذا يفيد أنه أعظم إثماً من الزاني غير المحصن، بدليل اختلاف حدّيهما، ولأن الإحصان بمعنى التزويج يمنع المكلف من عمل الفاحشة، فصار الإثم عليه أعظم.
وهي - أي الفاحشة- أيضاً بحليلة الجار أعظم، لحديث عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك ... الحديث، وفيه: ثم أن تزاني حليلة جارك".
وهكذا، فإن المعاصي تعظم باعتبار من صدرت منه- كالعالم مثلاً- وعلى من وقعت، وفي أي زمان أو مكان، فهي في الأزمان والأماكن المقدسة أعظم أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1422(16/591)
الزنا بالخالة فاحشة عظيمة منكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بما تنصحونني حيث إني أريد أن أدعو مسلما إلى البعد عن الزنا مع العلم أنه يريد أن يزني بخالته وهو يبيت في بيتها مع جده غير أنه ينام معها في نفس الحجرة ويفعل معها أفعال الزنا إلا أنه لم يدخل ذكره في فرجها وطلب مساعدته فماذا أفعل وماذا أقول له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا كبيرة عظيمة، وفاحشة شنيعة لا يصر عليها من آمن بوعد الله ووعيده، والزنا بالمحارم هو أعظم الزنا على الإطلاق وأشده فظاعة وإثماً.
وينظر في ذلك فتوى رقم: 2376.
وإن المرء السوي ليصاب بغم شديد عندما يفكر في حال هذا، وكيف طابت نفسه بأن يفعل هذا الفعل بخالته، وهي بمنزلة أمه، وعليك أن تبذل جهدك في تذكيره ووعظه وردعه، ويجب عليك إخبار أهله وولي خالته بذلك، وإن أظهر لك التوبة حتى يمنع من الدخول عليها، والنظر إليها، والخلوة بها للذريعة، ولئلا يقع هو في المنكر الأكبر وهو الزنا.
نسأل الله السلامة والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1422(16/592)
ما فعلته زنى صريح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة المشرفون على الإفتاء جزاكم الله خير الجزاء
أنا كانت لي علاقة بامرأة وكنا نعمل كل شي ولكني كنت لا أفضي بالمني في رحمها بل كنت أعزل
وبعض الأحيان ألبس الواقي حتى لا أفضي في بطنها وقد أفتاني أحد المفتين أني لم أصل لكبيرة الزنا بل أنا على خطأ ولكني لم أصل لكبيرة الزنا فكبيرة الزنا حسب قول هذا المفتي هي أني أفضي في رحمها ومادون ذلك يعتبر من الذنوب التي دون الكبائر
وقال إن كبيرة الزنا هي التي تخلط النسل وأنا لم أجئ بما يخلط النسل فما رأيك في هذا الأمر هل أنا أتيت كبيرة الزنا أو أنا دونها أرجو أن تفيدوني أفادكم الله وأنا بانتظار فتواكم على بريدي المسجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا الذي يترتب عليه الحد عرفه العلماء بأنه: وطء مكلف مسلم فرج آدمي لا ملك له فيه بلا شبهة تعمداً. وهنالك تعريف آخر له وهو أنه: إيلاج حشفة أو قدرها في فرجٍٍ محرم لعينه في وطء مشتهى طبعاً بلا شبهة. وبهذين التعريفين تعرف أن ما ارتكبته زنى صريح، وكبيرة من كبائر الذنوب، وجريمة من أبشع الجرائم، سواء أنزلت أم لم تنزل. وما أفتاك به مفتيك غير صحيح، فتجب عليك أخي التوبة من هذا العمل القبيح، والإقلاع عنه فوراً، قبل أن يفاجئك الموت، وأنت مصر على هذه الكبيرة العظيمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1422(16/593)
تفريط زوجك في حقك لا يبرر تجاوز حدود الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة منذ 30 عاما ومنذ الزواج لم يحسن زوجي عشرتي من جميع النواحى وكم غضبت فى بداية الحياة ولكن تدخل الأهل للأصلاح لأنه قريب لي وهكذا عشت أقاسي من سوء معاملته لي ومن ضمن النواحي التي يهملني فيها حق الفراش حيث يقضي غرضه ويقوم عنى مسرعا وظل على هذه الحالة طوال سنوات الزواج ولم أستطع أن أطلع أحد من أهلي على هذا السلوك الذي كثيرا ما آذانى.
وقد طوعت لي نفسي أن أسير في طريق الرذيلة لأعوض النقص لدي من جراء معاملة زوجي لي.
وزوجي قد توفاه الله منذ أسابيع قليلة فعلى من يقع الوزر على أم على زوجي وما الحكم الشرعى في مثل هذه الحالة علما بأني لم أقدم على مثل هذا العمل إلا بعد أن ضقت ذرعا بمعاملة زوجي لي وخاصة معاملة الفراش.
أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن ما تتحدثين عنه خطير جدا، وما كان ينبغي لمن تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدثها به نفسها، فضلا عن أن تمارسه أو تعزم عليه، وأي نقص يلحقك يا أمة الله من معاملة زوجك التي ذكرت حتى تلجئي إلى مثل هذا الفعل القبيح وتبرريه به؟! وأي تعويض تحصلين عليه -ويلك منه- إلا تدنيس العرض، وطمس الكرامة، والاعتداء على العفة والشرف، والرجم بالحجارة حتى الموت، ثم بعد ذلك تسئلين عمن يقع عليه الوزر؟! الوزر يقع على الوازر، فهو الذي وحده يتحمل مسئوليته، ويجني ثمرته، يقول الله تعالى: (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) [البقرة: 286] ويقول عز من قائل: (كل نفس بما كسبت رهينة) [المدثر: 38]
وهذا الزوج -غفر الله له- وإن كان ضيع حقا من الحقوق الواجبة عليه، إلا أن تقصيره هذا لا يبيح لك الوقوع في الحرام بحال، وكان يمكنك مصارحته، ومطالبته بحقك، أو طلب الطلاق منه، لا أن تدنسي نفسك بهذا العار والخزي والفاحشة المنكرة.
والواجب عليك الآن: أن تتوبي إلى الله تعالى توبة صادقة، تندمين بها على ما فات، وتعقدين العزم على عدم العود لذلك أبدا، لعل الله أن يتقبل توبتك، وأكثري من الأعمال الصالحة، فإن الله تعالى يقول: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) [طه: 82]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(16/594)
الزنا من الفواحش الكبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم من زنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن الزنى أكبر الكبائر بعد الشرك بالله والقتل، قال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما …) [الفرقان: 67/70] وقال تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) [الإسراء: 32] قال القرطبي: قال العلماء: قوله تعالى (ولا تقربوا الزنا) أبلغ من أن يقول: ولا تزنوا، فإن معناه لا تدنوا من الزنى.
وروى عبد الله بن مسعود قال، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك" قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك " أخرجه البخاري ومسلم
وقد أجمع أهل الملل على تحريمه، فلم يحل في ملة قط، ولذا كان حده أشد الحدود، لأنه جناية على الأعراض والأنساب، وتجب منه التوبة، وهي مقبولة منه ومن غيره إذا استكملت شروطها، ولبيان وجوبها منه وتفصيل شروطها، ينظر الجواب رقم 1106
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1422(16/595)
حد الزنا لا يغيره قضاء القاضي
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل زنى بامرأة وحكمت المحكمة في المغرب بأن يتزوجها أو يسجن خمس سنوات ما حكم الإسلام في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزاني إن اعترف أو شهد عليه أربعة شهود أنهم رأوه يمارس الفاحشة كالمرود في المكحلة، فإنه يجلد إن كان غير محصن وهو من لم يتزوج من قبل ويدخل، ويرجم حتى الموت إن كان محصناً وهو الذي قد تزوج ودخل بزوجته. ودليل ذلك قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2] وقوله صلى الله عليه وسلم:" واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها." متفق عليه.
وقد رجم صلى الله عليه وسلم ماعزاً والغامدية لما اعترفا.
وأما ما حكمت به المحكمة من إلزام الزاني بالزواج من هذه المرأة أو السجن فإنه إلزام بما لم يلزم به الله، ومناقض لحكم الله تعالى، والواجب هو امتثال شرع الله وحكم الإسلام في ذلك، ومع ذلك فلو أن المرأة تابت توبة نصوحاً من الزنا، وتاب منه الرجل توبة نصوحاً أيضاً، فلا يوجد مانع من زواجه بها، بعد أن تضع
حملها إن كانت حاملاً، أو تستبرأ بحيضة إذا لم تكن حاملاً، ويجب التنبه إلى أن هذا الرجل لا علاقة له بما تلده المرأة إن كانت حاملاً، فلا يتوارثون ولا يجوز للمولود الذكر أن يختلي ببنات الرجل ولا عماته، ولا يجوز لهن أن يعاملنه كما يعامل المحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1422(16/596)
ابذل غاية النصح عسى أن يرتدع عن الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أسألكم عمن كان صديقه يزني ونهاه عن الزنا ولم ينته فهل يجوز له أن يهدده مثلاً بإخبار والده بأنه يزني أو أشد من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تبذل غاية النصح لهذا الشاب، وتخوفه الله تعالى، وتبين له سوء الفعلة التي يمارسها، فهي من أكبر الكبائر وأشنعها وأفحشها، لما فيها من الجمع بين انتهاك أمر الله تعالى، والاعتداء على أعراض الناس، والتخبط في مستنقعات الفجور والرذيلة التي لا يرضى بها عاقل لنفسه.
قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء:32] .
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباًً) [الفرقان:68-71] .
وثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود أنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" قلت: ثم أي؟. قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك" قلت: ثم أي؟. قال: "أن تزاني حليلة جارك".
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن".
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث المحذرة من ارتكاب هذه الفاحشة، فلعلك إن بينت له ذلك يسمع نصحك، ويتوب إلى الله تعالى، ويعود إلى رشده، ويسلك سبيل المتقين.
أما إن أصر على ارتكاب الفاحشة، ولم يستمع إلى نصيحتك، فهدده أنك ستفضح أمره، وتنشره بين الناس بمن فيهم والده.
وليكن ذلك منك مجرد تهديد له، فلا تخبر أحداً بما يفعله، لأن ذلك من إشاعة الفاحشة، ولأن الستر مطلوب، خاصة إذا كان الإخبار لا يفيد إقامة حد ولا ردعاً مضموناً.
وعليك أن تهجره وتقاطعه، ولا تجالسه بعد أن تعلم أن النصح غير نافع له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1422(16/597)
الزنا: تعريفه العام والخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسال ماهو تعريف الزنا وكيف يكون الزنا حتى يعتبر أن هذا زنا فعلا
وشكرا لكم على هذا الموقع وإن شاء الله إلى أمام دائما
وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للزنا معنى عاماً، وهو: ارتكاب ما حرم الله تعالى من نظر أو مس أو غير ذلك، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، العينان: زناهما النظر، والأذنان: زناهما الاستماع، واللسان: زناه الكلام، واليد: زناها البطش، والرجل: زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه".
وله معنى خاص وهو إدخال الحشفة عمداً في فرج آدمي من غير زواج، ولا ملك، ولا شبهة. وغالب استعمال الفقهاء هو لهذا المعنى، وهذا النوع من الزنا هو الذي يوجب الحد. ولمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم: 3590 4458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1422(16/598)
هل يقيم الأب الحد على ابنته إذا زنت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الفتاه التي ثبت زناها وما يجب شرعا علي وليها الشرعي في وقت تعطل فيه إقامة الحدود وهل يجب عليه إقامه الحد بنفسه عليها أم يحبسها في بيته حتي يقضي الله أمرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه قبل أن نبين مسألة إقامة الحد على الزاني أو الزانية، ومن يقيمه، لابد أن نتأكد من ثلاثة أمور:
1/ أن لا تكون الفتاة مكرهة على الزنى، فإن أكرهت فلا شيء عليها.
2/ أن يكون هناك وطء حقيقي في الفرج قبلاً، أو دبراً، فما دونه ليس زنى.
3/ أن يثبت الزنى، وإثباته لا يكون إلا بأحد ثلاثة أمور:
- اعتراف الزاني نفسه بزناه، وإصراره على الاعتراف، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم أقام الحد على ماعزٍ والغامدية، لما أقرّا بالزنى، كما روى ذلك الشيخان، وأحمد، والترمذي، وغيرهم.
- شهادة أربعة رجال بأنهم شهدوا الوطء، لقوله تعالى: (لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء، فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون) [النور: 13] . وقوله عزّ وجلّ: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) [النساء: 15] .
- القرائن على الزنى، مثل: اكتشاف حمل امرأة لا زوج لها، ثم لم تنكر هي الزنى، ولم تكن بعدُ عذراء، فقد رُوي عن سعيد أن امرأة رُفعت إلى عمر ليس لها زوج وقد حملت، وسألها عمر، فقالت: إني امرأة ثقيلة الرأس، وقع علي رجل وأنا نائمة، فما استيقظت حتى نزع، فدرأ عنها الحدّ، ورُوي عن علي وابن عباس أنها قالا: إذا كان في الحد "لعل"، و"عسى" فهو معطَّل.
فإذا ثبت الزنى بواحد أو أكثر مما ذكرنا، فمن هو الذي يملك إقامة الحد؟
نقول: أجمع الفقهاء على: أن الحدود لا يقيمها إلا الإمام (الحاكم) ، أو نائبه، فلا يقيمها أب، أو زوج، أو قريب، أو جماعة.
فإن كانت الفاحشة المرتكبة حصلت برضا الفتاة - وهي بالغة مكلفة- فقد أثمت، وارتكبت كبيرة، قال تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32] .
وما على الفتاة إلا أن تتوب إلى ربها سبحانه توبة نصوحاً عسى الله أن يكفر عنها هذه الكبيرة، وأن تكثر من عمل الصالحات، فإن التوبة واجبة من كل ذنب، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً..) [التحريم: 8] .
وعلى الأب والأهل أو من اطلع على الأمر أن يستر فلا ينشر، ولا يفضح، فقد روى أبو داود بإسناد صحيح، وأحمد، والنسائي قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى حيي ستّير، يحب الحياء والستر.."، وقال صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" متفق عليه.
فمن لم يكن داعياً إلى الذنب: كأن يشرب مسكراً، أو يزني، أو يفجر متخوفاً متخفياً غير متهتك، ولا مجاهر، ولا معتاد، فإنه يندب له أن يستره، ولا يكشفه للعامة أو الخاصة، ولا للحاكم أو غير الحاكم.
وعلى ولي أمر الفتاة أن ينصحها - بغير فضيحة- ويخوفها من غضب الله، ويرغبها في عفو الله ومغفرته، ثم يبحث عن سبب وقوع الفتاة في هذه الجريمة، ويعالج الأمر بحكمة وتوكل على الله تعالى، ودعاء إليه بالحاح، فقد يكون هو - بإهمال أو نحوه- السبب في انحرافها.
قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(16/599)
زنا بزوجة أبيه ... وتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على من علمت بأن زوجها قد وقع في إثم من الكبائر كأن وقع على زوجة أبيه وهو عمره عشرون عاما أي قبل أن يتزوج وكان هذا بتحريض وإغراء من المرأة نفسها وكان جاهلا بفداحة ما حدث ولم يستطع إحكام شهوته ثم تاب إلى الله وأناب وحج بيته ثلاثة مرات وأدى الفريضة عن والديه المتوفيين وهو نحسبه على خير ملتزم ومحترم ولكن ذلك الذنب يؤرقه كثيرا
السؤال هو هل على زوجته ذنب في معاشرتها له بعد أن عرفت بما حدث بينه وبين تلك المرأة في الماضي؟ علما بأن لديها منه ثلاثة أولاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعله هذا الرجل شنيع وفظيع، وهو من أعظم المنكرات، وقد كان من أهل الجاهلية من إذا مات أبوه تزوج بامرأته إن لم تكن أماً له، فنعى الله عليهم ذلك قائلاً: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً) [النساء: 22] .
وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة لمن أقدم على الفعل معتقد الإباحة، فما بالك بمن أقدم وهو عالم بأنه قد زنى بمن هي شرعاً أمه.
ومع كل ذلك فإذا تاب من فعله هذا توبة نصوحاً، فإن الله يقبل التوبة عن عباده. قال تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات) [الشورى: 25] .
بل إن من سعة فضل الله ورحمته بعباده أنه يبدل تلك السيئات التي تاب منها العبد إلى حسنات. قال سبحانه: (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان: 68-80] .
والواجب أيضا ستر هذا الأمر وعدم إفشائه، والحرص كل الحرص على كتمانه، ولا يجوز للزوجة أن تترك زوجها بسبب ذنب وإن عظم، ما دام قد تاب منه واستقام حاله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1422(16/600)
التوبة من الزنا هل تسقط الحد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[علمنا أن الزنا له عقوبة فى الدنيا، فكيف تكون العقوبة فى الدنيا، وهل تطبيق الشريعة الإسلامية (حد الزنا) يلغى العقوبة الدنيوية، وهل يمكن للزانى تجنب العقوبة بالتوبة والاستغفار والندم، وما هو الموقف لو لم يتم تطبيق الشريعة الإسلامية لأنها غير مطبقة فى القوانين فى بلد ما.
أفيدونا أفادكم الله، مع خالص الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس، فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق، فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه" متفق عليه.
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحدود كفارات ومطهرات لمن اقترف هذه الكبائر، ومن ستره الله ولم تقم عليه هذه الحدود، ولم يتب فأمره مفوض لربه: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] ، أما من تاب واستغفر وأناب، فإن الله لا يتعاظم عنده ذنب أن يغفره، كما قال تعالى: (ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً) [الفرقان: 71] .
هذا إذا لم تصل الحدود إلى السلطان، أما إذا بلغت وكانت حقاً لله، كالزنى، والسرقة، فيجب إقامتها.
قال الفقهاء: الحد لا يقبل الإسقاط بعد ثبوت سببه عند الحاكم، وعليه بني عدم جواز الشفاعة فيه، ولذا أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد حين شفع في المخزومية حين سرقت، فقال: "أتشفع في حدٍ من حدود الله؟؟ ".. وقال: "لو أن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم سرقت لقطعت يدها" متفق عليه.
هذا ونسأل المولى عز وجل أن يعلي شريعته، ويقيم دينه، إنه على كل شيء قدير. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(16/601)
الوقوع في الزنا في رمضان أشد حرمة من غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الزنا في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا محرم، سواء وقع في رمضان أو في غيره من سائر الشهور، وهو فسق وفجور، قال تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً) [الإسراء:32]
غير أنه في رمضان أشد حرمة وأعظم إثماً، وإذا حصل منه وهو صائم في نهار رمضان وجب عليه مع القضاء الكفارة، وهي:عتق رقبَه، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/602)
صدق الالتجاء إلى الله والعبادة يبعد عن الزنا.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص أصلي وأقرأ القرآن ولكن عندي نقطة ضعف واحدة وهي الزنا فماذا أفعل أرجو أن يكون الرد منطقيا ودينيا وعلى حسب إمكانيتي البسيطة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول للأخ السائل: قد ذكرت أنك تصلي وتقرأ القرآن فأنت إذاً فيك خير، فعليك أن تلجأ إلى الله تعالى وتتوب إليه توبة نصوحاً لتكون خيراً كلك.
فالزم تلاوة القرآن وأداء الصلاة على الوجه الذي يرضي الله تعالى، واخشع فيها لتكون منهاة لك عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون) [العنكبوت:45] وتدبر كتاب الله تعالى وما فيه من وعيد بالعذاب الشديد لمن عصى الله تعالى واتبع هواه، وفيه من زجر وتهديد وتشنيع على مرتكبي فاحشة الزنا خصوصاً، قال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32] وقال تعالى في وصف عباد الرحمن المؤمنين (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان:68-71] .
فمن قرأ هذه الآيات وتدبرها وكان مؤمناً إيماناً صادقاً مصدقاً بوعد الله تعالى ووعيده فلا بد أن يرتدع عن هذه الفاحشة ويتوب إلى الله تعالى، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" كما في الصحيحين عن أبي هريرة، ثم إن الزنا يتنافى مع الخلق الرفيع والإنصاف من النفس، ولذلك ثبت في المسند عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: "ادنه" فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: "أتحبه لأمك"؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم"، قال: أفتحبه لابنتك"؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لبناتهم "، قال: "أفتحبه لأختك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك قال:" ولا الناس يحبونه لأخواتهم"، قال: "أفتحبه لعمتك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك قال: "ولا الناس يحبونه لعماتهم"، قال: "أفتحبه لخالتك؟ " قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: "ولا الناس يحبونه لخالاتهم"، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
وننصح السائل الكريم - علاوة على ما تقدم - بالمبادرة بالزواج، فإن كان غير قادر على ذلك، فعليه بمداومة الصيام إلى أن يفرج الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1422(16/603)
حكم من واقع أجنبية ظانا أنها زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم من واقع امرأة أجنبية دون علمه ظنًا أنها زوجته. وشكرًا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة يفترضها الفقهاء افتراضاً، ومن الصعب تصور وقوعها كما هو مفترض، وخاصة في زماننا هذا.
وعلى كل فإذ كانت مسألتك هذه واقعة عين فنرجو إخبارنا كيف تمت، وما هي ملابساتها، لنعلم هل هي طبق ما هو مقرر عند الفقهاء أم لا، فنجيبك على ضوء ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/604)
الرد على منكر الرجم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... ما ردكم على منكري الرجم مع الأدلة؟ وأرجوا أن ترشدوني إلى الكتب والمصادر لدراسة هذا الموضوع؟ والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرجم الزاني المحصن مما أجمع عليه أهل العلم، ولم يخالف فيه إلا الخوارج، ولا عبرة بخلافهم.
قال ابن قدامة في المغني (الكلام في هذه المسألة في فصول ثلاثة: (أحدهما) في وجوب الرجم على الزاني المحصن، رجلاً كان أو امرأة. وهذا قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار، ولا نعلم فيه مخالفاً إلا الخوارج فإنهم قالوا: الجلد للبكر والثيب) .
وقال مبينا أدلة الرجم (قد ثبت الرجم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، في أخبار تشبه التواتر، وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وقد أنزله الله تعالى في كتابه، وإنما نسخ رسمه دون حكمه، فروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل، أو الاعتراف، وقد قرأ بها (الشيخ والشيخة إذا زينا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم) متفق عليه.
وحكم الرجم وتقريره والرد على من أنكره مستفيض ذكره في مصنفات أهل العلم، ومن ذلك كتب التفسير، عند تفسير الآية الثانية من سورة النور، وكتب الحديث في أبواب الحدود والأحكام والاعتصام بالكتاب والسنة والنكاح. وكتب الفقه في باب حد الزنا، وفي بعض كتب العقائد، في معرض الرد على الخوارج.. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/605)
لا تسقط صفة الإحصان بأي أمر من الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صفة الإحصان تسقط عن المطلق؟ أعني إذا طلق الرجل زوجته هل يظل محصنًا أم تسقط مع الطلاق؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا تزوج الرجل بامرأة زواجاً صحيحاً ودخل بها فإنه يعد محصناً، وتعد هي محصنة، وتسري عليهما الأحكام المتعلقة بالمحصنين، ولا تسقط عن واحد منهما صفة الإحصان بطلاق، ولا عن الحي منهما بموت ولا بغير ذلك. ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/606)
الزنا حرام ولو مع غير المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المتزوج الذي زنى بمسيحية أو يهودية أو وثنية "متزوجة أو عزباء"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالزنا محرم قطعاً بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" رواه البخاري ومسلم. والزنا عاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة، وعلى المسلم التوبة إلى الله سبحانه من هذه الكبيرة العظيمة.
ولا فرق بين كون التي زُني بها: مسيحية أو يهودية، أو وثنية (متزوجة أو عزباء) فكله زنى محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/607)
حكم من زنى فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم على شخص زنى فسُجن أو أُعدم فهل يدخل الجنة أو النار؟ وجزاكم الله خيراً،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت وإن زنى وإن سرق، قال: وإن زنى وإن سرق. " متفق عليه. فمن مات من هذه الأمة مؤمناً فمصيره إلى الجنة، فإما أن يدخل النار ثم يخرج منها، وإما ألا يدخلها أصلاً. وهذا في حق من لم يتب من الذنوب، ومن لم يطهر بإقامة الحد عليه. أما من تاب منها- بشروط التوبة المعروفة - فلن يدخل- إن شاء الله النار، لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة وكذلك من أصاب حداً وأقيم عليه، لما في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت في البيعة وفيه: " فمن وفى منكم فأجره على الله تعالى، ومن أصاب من ذلك شيئاً فأخذ به في الدنيا فهو كفارة له وطهور، ومن ستره الله فذلك إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " وفي رواية لمسلم: "ومن أتى منكم حداً فأقيم عليه فهو كفارته " قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال القاضي عياض: ذهب أكثر العلماء إلى أن الحدود كفارات، واستدلوا بهذا الحديث.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/608)
الزنا الذي يوجب الحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا بالله عليكم ما هي كيفية الزنا الذي يوجب الحد. (الدخول التام) وإن كان لم يتم هذا الدخول ولكن تتم فقط ملامسات خارجية. ولكم جزيل الشكر والعرفان لتبيان أمور ديننا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا الذي يوجب الحد هو مغيب الحشفة ـ وهي رأس الذكر ـ في الفرج، فإن كان الزاني بكراً (لم يتزوج) جلد مائة وغرب عاماً، وإن كان ثيباً وهو الذي سبق له أن تزوج زواجاً صحيحاً ودخل، فحده الرجم بالحجارة حتى الموت. وإن كان الإيلاج في دبر فهو لواط، والعياذ بالله.
ولا يعني هذا أن ما سوى ذلك من ملامسة أو ضم أو تقبيل أو نظر محرم لا يسمى زناً، بل إنه زنا، وفاعله آثم إثماً كبيراً إن لم يتب منه ويستغفر الله تعالى. والله غفور رحيم.
وقد ثبت في الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه أنه النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه" وهذا الفظ مسلم.
ومن وقع في شيء من ذلك فعليه أن يبادر بالتوبة النصوح، وأن يكثر من الاستغفار والعمل الصالح، وأن يتنجب كل سبب يدعوه إلى ذلك من لقاء أو خلوة أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1421(16/609)
علة العقوبة الشرعية للزنا.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل العقوبة الشرعية المقررة للزنا هي بسبب جريمة الزنا بحد ذاتها أم لأن الشخص الذي زنى تجرأ على الله وكسر ستره لدرجة أن أربعة أشخاص شاهدوه واذا كان ذلك المقصود هل يستتر كل زان لم يفتضح أمره أم يجب على كل زان إبلاغ الجهات المختصة أرجو الإجابة على اعتبار أن هناك دولتين إسلاميتين إحداهما تطبق شريعة الله والأخرى لا تطبق ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن سبب العقوبة التي وضعها الله جل وعلا على الزاني هو: ارتكابه لجريمة الزنى منتهكاً بها ما علم هو أن الله قد حرمه عليه، فلهذا نص أهل العلم على أن من ارتكب هذه الفاحشة غير عالم بحرمتها، لكونه حديث عهد بإسلام، أو ولد في مكان بعيد عن أهل العلم والمعرفة، كالمولود في بعض الأدغال النائية - فإنه لا حد عليه.
أما مسألة التجرؤ على الله، فهي حاصلة ولو لم يشاهده أحد، لأن الله جل وعلا مطلع على الأمور لا يحتاج في إثباتها إلى إخبار أحد ولا شهادته، وإنما اشترط شهادة الأربع حفظاً لحق المشهود عليه، لأن النتيجة قد تكون قتله رجماً، فاشترط في الزنا من الشهود ما لم يشترط في غيره، كما اشترط في وسيلة التثبت فيه ما لم يشترط في وسائل التثبت في غيره، من رؤية الزاني والزانية على وضع معين، لا يحتمل بحال غير ارتكاب الفاحشة الكبرى.
هذا وعلى من ارتكب هذه الفاحشة، ثم ستره الله بستره، أن لا يهتك ستر الله عنه، فلا يبلغ أحداً - جهة مختصة أو غير مختصة - تقيم الحدود أو لا تقيمها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله ". رواه الحاكم من حديث ابن عمر، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن زيد بن أسلم.
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/610)
عقوبة الزنى بالمحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عقوبة من يزني بزوجة أبيه في الإسلام؟ هل هو القتل أم الجلد 100 جلدة. علماً بأن الشاب غير محصن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن من زنى - والعياذ بالله تعالى- بزوجة أبيه أو غيرها من محارمه، هو مثل من زنى بأجنبية، من حيث العقوبة المترتبة على ذلك في الدنيا، وهي الجلد مئة جلدة إن كان غير محصن، والرجم إن كان محصناً.
وقالت طائفة منهم: إنه يقتل على كل حال سواء كان محصناً أو غير محصن، واستدلوا بما في المسند والمستدرك والسنن عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وقع على ذات محرم فاقتلوه".
والراجح قول الجمهور لعموم الآية. والحديث ضعيف غير صالح لتخصيصها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/611)
الزنا الذي يوجب الحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك الزنا المباشر وهناك زنا العين وزنا الأذن هل كلاهما يستحق درجة العقوبة اي غير المتزوج يجلد والمتزوج يرجم حتى الموت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، يصدق ذلك الفرج ويكذبه"
ومعنى هذا أن الفاحشة العظيمة والزنا التام الموجب للحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة هو في الفرج، وغيره له حظ من الإثم، ولا حد فيه.
وقال المناوي في فيض القدير ما حاصله أن ذلك مقدماته من التمني، والتخطي لأجله، والتكلم فيه، طلباً، أو حكاية، أو استماعا، ونحوها.
فالزنا الذي يترتب عليه إقامة الحد إنما هو إيلاج حشفة أو قدرها في فرج محرم لعينه مشتهى طبعاً بلا شبهة، وعرفه بعضهم بأنه وطء مكلف مسلم فرج آدمي لا ملك له فيه بلا شبهة، تعمداً. وما عداه فإنه وإن سمي زناً إلا أنه لا حد فيه، ولكن يلحق صاحبه الإثم. ويستحق التعزير والتأديب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1421(16/612)
مقدمات الزنا أخطر مما يظن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم تحية طيبة لمن ساهم في بناء هذا المشروع الإسلامي الكبير وبارك الله لكل من يعمل فيه. أما بعد،،، أنا شاب عربي مسلم من بلد عربي عمري 29 سنة تعرفت من سنوات على فتاة مسلمة من بلدي وأعجبت بأخلاقها وتصرفاتها ورأيت فيها شريكة حياتي، ولكني كنت في بداية حياتي العملية واشتغل بجد حتى أحصل على المال الذي أكون به مستقبلي وأبني به أسرة كريمة. قويت أواصر الصداقة بيني وبين هذه الفتاة ورأيت فيها الزوجة المناسبة، وتعددت لقاءاتنا في أماكن العمل وغيره وكنا نتكلم بالهاتف، ومع مرورالأيام ووجودنا مع بعضنا وحدنا دخل الشيطان بيننا وبدأنا نتبادل القبلات، وتجاوز الأمر هذا الحد بكثير حتى وقعنا فيما لا تحمد عقباه، ولقد ندمنا أشد الندم على ذلك، ويشهد الله أن كلاً منا يريد الآخر بالحلال على سنة الله ورسوله. أعمل بكل جهدي حتى أوفر أبسط الأشياء لأتزوج هذه الفتاة بالحلال، ولكن تواجهنا العديد من الصعوبات والمشاكل، هل هي عقاب من الله سبحانه وتعالى على الذنب الذي اقترفناه، وماذا نفعل حتى نتوب إلى الله ونرجع إليه ليبارك خطانا؟ ما حكم الشرع في مثل هذه المسألة؟ أفيدونا أفادكم الله ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فاعلم ـ عصمنا الله وإياك من السوء ـ أن الله تعالى إذا حرم شيئاً، حرم الطرق الموصلة والمنافذ المؤدية إليه، فلما حرم الله الفاحشة (الزنا) حرم الله الخلوة بالأجنبية وأمر بغض البصر وأمر المرأة ألا تخضع بالقول، قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) [النور: 30-31] ، وأمر الله المرأة كذلك بالاحتجاب إلا عن محرم. وحذر الله من استدراج الشيطانِ العبدَ ليوقعه في شراكه، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) . [النور: 21] ، ولقد أخطأت خطأ كبيراً في فتحك الباب للشيطان حتى وقعت في الكبيرة المذكورة. وإن العبد إذا أذنب ذنباً فإنه قد يحرم به أشياء منها أن يحرم بعض الرزق وإن التوفيق في أمور العبد هو من الرزق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ". [رواه ابن ماجه وقال في الزوائد اسناده حسن، وصححه السيوطي] ، وذكر عن الفضيل بن عياض أنه قال: إني لأعصى الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي. فعليك أن تتوب إليه تعالى وأن تكثر من النوافل والطاعات وتندم على ما بدر منك وتعزم عزما صادقا على عدم مقارفة هذا الأمر مرة أخرى ولا أن تفتح لذلك الطريق باباً. وإن أردت أن تتزوج من هذه الفتاة فعليها كذلك مثل ما عليك. والله نسأل أن يصلح أحوالكما وأن يوفقكما للخير. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1421(16/613)
مخالطة النساء الأجنبيات نوع من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في مضاجعة النساء الأجنبيات دون زنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فمضاجعة النساء الأجنبيات محرمة تحريماً غليظاً، بل إن مجرد مصافحتهن محرم، بل إن النظر إليهن محرم بنص كتاب الله، قال تعالى: (وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وبحفظوا فروجهم * ذلك أزكى لهم * إن الله خبير بما يصنعون) . [النور:30-31] وكل ذلك من الزنى، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ". وفي رواية لمسلم " كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخُطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1422(16/614)
(الثيب بالثيب جلد مئة والرجم)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحديث الدال على الجلد للزاني المحصن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فالحديث المروي في جلد الزاني المحصن رواه الإمام مسلم رحمه الله عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم". هذا الحديث صحيح لكن الجمهور على أن الزاني المحصن حده الرجم فقط واستدلوا على ذلك بقصة الغامدية وماعز رضي الله عنهما حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها ولم يذكر عليه الصلاة والسلام الجلد، وقصتهما صحيحة. وكذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أنشدك بالله إلا قضيت لي بكتاب الله فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه نعم فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل! قال: "إن ابني كان عسيفاً (أي أجيراً) على هذا فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة فسألت أهل العلم فأخبروني إنما على ابني جلد مائة وتغريب عام وإن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله: الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها، قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله.. فرجمت. فعلم بهذا صحة ما ذهب إليه الجمهور من أن على الزاني المحصن الرجم وأن على البكر جلد مائة وتغريب عام. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/615)
الأفضل للزانيين ستر أنفسهما فإن رفعا للقاضي وجب الحد
[السُّؤَالُ]
ـ[اعترفت الزوجة وعشيقها بالزنا والحمل فما هو الحكم كامل التفاصيل والوثائق على العنوان المبين مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا وقعت المرأة أوالرجل في الزنا فالواجب على كل منهما التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن ذلك، والأفضل في حقهما أن يستترا بستر الله تعالى، فإن رفعا أمرهما إلى القاضي، أو شهد عليهما بالزنا -حسب الشهادة الشرعية المعتبرة- فإن حكم الزاني المحصن الرجم، وحكم الزاني غير المحصن الجلد، وهل يغرب سنة أم لا؟ فيه خلاف بين العلماء.
ورجم الزاني المحصن لا خلاف فيه بين أهل العلم، وقد روى البخاري ومسلم أن رجلا من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: إنه قد زنى. فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنحى لشقه الذي أعرض، فشهد على نفسه أربع شهادات، فدعاه فقال: " هل بك جنون؟ هل أحصنت"؟. قال: نعم. فأمر به أن يرجم بالمصلى. وفي الصحيحين أيضاً: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة"
وروى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً: البكر بالبكر جلد مئة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مئة والرجم، "
وجمهور أهل العلم على أنه لا يجمع بين الجلد والرجم في حق الثيب، لاقتصار النبي صلى الله عليه وسلم على رجم الثيب في أحاديث كثيرة منها قصة ماعز، وقصة المرأة الغامدية، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " أغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها " قال الجمهور: وحديث الجمع بين الجلد والرجم منسوخ فإنه كان في أول الأمر.
هذا ولا ترجم الحامل حتى تضع ويستغني عنها ولدها.
قال النووي رحمه الله في شرح حديث الغامدية: قوله لها: "حتى تضعي ما في بطنك"، فيه أن لا ترجم الحبلى حتى تضع، سواء كان حملها من زناً أو غيره، وهذا مجمع عليه لئلا يقتل جنينها، وكذا لو كان حدها الجلد وهي حامل لم تجلد بالإجماع حتى تضع ... ثم لا ترجم الحامل الزانية ولا يقتص منها بعد وضعها حتى تسقي ولدها اللبن أويستغني عنها بلبن غيرها. انتهى.
وإذا لم يرفع الأمر إلى القضاء، واعترفت المرأة لزوجها بذلك، فإن تابت وأنابت وندمت على فعلها، وأحب زوجها أن يمسكها فله ذلك، وهي زوجته، لكن لا يطؤها حتى تضع حملها من الزنا، ولا ينسب الولد له ولا للزاني، وإنما يختار له اسما مجهولاً كفلان بن عبد الله ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(16/616)
الفاحشة مع المحارم من أكبر الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ وأخت اكتشفنا أخيراً أن بينهما علاقة....... وجهوني جزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
إن أشد ما يؤلم النفس ويقض مضجعها أن يأتي البلاء ممن يؤمن جانبه، وأن يفتح باب الشر من كان مكلفاً بإغلاقه، ويتحول الحارس المفترض أن يكون أميناً إلى خائن آثم، والسبب في هذا كله هو غياب تطبيق النهج الربّاني في مناحي الحياة، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بالتفريق بين الأولاد في المضاجع إذا بلغوا سن العاشرة، لأن هذه السن هي بداية ميل كل جنس إلى الجنس الآخر. فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع". رواه أحمد وأبو داود.
وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات) . [النور: 58] .
فقد أمر الأطفال بنوع استئذان، وقد يكون من حكم الاستئذان: أن لا تقع أعينهم على ما يثير غرائزهم مع أنهم غير مكلفين.
فالحاصل أنه يجب على ولي أمر الأولاد - عامة - أن يؤدبهم بآداب الإسلام، وأن يحوطهم برعايته، وأن لا يأتي بالمفسدات والمغريات إلى البيت، فيتأثر أولاده بها فتفتك بأخلاقهم.
وننصح السائل للتغلب على هذه المشكلة بما يأتي:
أولاً: أن ينصح كلاً من هذا الولد وهذه البنت، وأن يبين لهما أن ما يفعلانه من أكبر الكبائر، ولهذا كان عقاب فاعله في الإسلام هو القتل، محصناً كان أو غير محصن، قال صلى الله عليه وسلم: "من وقع على ذات محرم فاقتلوه". رواه أحمد والحاكم.
ثانياً: لا بد من الفصل بينهما والحرص على ألا يجتمعا منفردين في مكان واحد أبداً.
ثالثاً: الحرص على تزويج كل منهما إن أمكن ذلك.
رابعاً: حثهما على الإكثار من الصوم فإنه يقطع الشهوة، وعلى غض البصر، وإبعادهما عن أي مؤثر كمشاهدة الأفلام والنظر في المجلات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع، فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/617)
القبلة المحرمة من زنا الجوارح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله:
هل تعتبر القبلة زنا؟ وهل الزنا على درجات وما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالقبلة لا تعتبر زنا أكبر وهي داخلة في الزنا الأصغر. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة: العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) . والزنا الحقيقي إنما هو إدخال ذكر الرجل في قبل امرأة على وجه مخالف للشرع، واللواط في حكم الزنا بل أشد، والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/618)
من وقع في الزنا فعليه أن يتوب بصدق ويكثر من الطاعات
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عشت في بلد أجنبية وكانت لي صديقة, أقمت معها علاقة غير شرعية وبعد فترة زمنية تزوجنا والآن نعيش في دولة عربية فما حكم الدين في ذلك؟ وكيف يمكن أن أكفر عن ذنوبي؟ وشكرأ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
الأخ السائل الكريم اعلم هداك الله أن الفعل الذي اقترفته فعل عظيم وهو وقوعك في هذه المعصية التي سماها الله في كتابه: فاحشة. فالذي ينبغي عليكما أنت وزوجك وقد ستركما الله أن تتوبا من هذه المعصية توبة نصوحاً وأن تكثرا من عمل الطاعات والاستغفار وتدعوا الله سبحانه أن يتقبل توبتكما. والتائب من الذنب كمن لا ذنب له والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/619)
عقوبة جريمة الزنى
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو جزاء الزاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنى حرام وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل، قال الله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفوراً رحيماً) . [الفرقان: 68-70] .
وقال تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) . [الإسراء: 32] .
وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: " أن تجعل لله نداً وهو خلقك ". قلت: ثم أي؟ قال: " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " قلت: ثم أي؟ قال: " أن تزاني بحليلة جارك ". متفق عليه.
وقد أجمع أهل الملل على تحريمه. ويتفاوت إثم الزنى ويعظم جرمه بحسب موارده، فالزنى بذات المحارم أو بذات الزوج أعظم من الزنى بأجنبية أو من لا زوج لها، إذ فيه انتهاك لحرمة الزوج وإفساد لفراشه وتعليق نسب عليه لم يكن منه، وغير ذلك من أنواع الأذى، عافانا الله الكريم من موجبات سخطه.
أما حد الزاني: فإذا كان الزاني حراً محصناً رُجم حتى الموت رجلاً كان أو امرأة، وهو محل إجماع. قال ابن قدامة: وأجمع عليه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وعن أحمد رواية أنه يجلد ويرجم، والمذهب الرجم فقط، كما اتفق الفقهاء على أن الزاني غير المحصن رجلاً كان أو امرأة يجلد مائة جلدة إن كان حراً، وأما العبد والأمة فحدهما خمسون جلدة سواء كانا بكرين أو ثيبين لقوله تعالى: (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) . [النساء: 25] .
ثم إن كان الزاني البكر حراً، فقد أوجب الشافعية والحنابلة تغريبه سنة عن مكانه الذي زنا فيه سواء كان رجلاً أو امرأة، ووافقهم المالكية في الرجل دون المرأة، ولعل الراجح الأول، لقوله صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ". ولم يفرق في البكر بين الرجل والمرأة، والحديث رواه مسلم في صحيحه من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/620)
عدم القدرة على الزواج دواؤها التعفف لا التجرؤ على ما حرم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع بالانسان الذي يمارس الجنس علماً أنه مطلق ولا يملك إمكانية الزواج مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
... فيقول الله تعالى:"والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فألئك هم العادون" نصت الآية الكريمة على أن كل أنواع الممارسة الجنسية غير هذين الطريقين: الزوجة، والجارية. والجواري الآن غير موجودات في العالم، فلم يبق إلا النكاح، أو أنه يكبح جماح شهوته بالصوم لقوله صلى الله عليه وسلم: " ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أي وقاية من الفاحشة فأكثر أخي الكريم من الطاعات وخاصة الصيام، ومن أراد أن ينجو من عذاب الله عزوجل فليحذر من أنواع الزنا فإن الزنا من موجبات النار في الآخرة إذا لم يتب العبد منه والعياذ بالله. يقول الله تعالى:"والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا" [الفرقان:68-69] .فلا مناص ولا خلاص من هذا الذنب والعظيم إلا بالتوبة. والرجوع إلى الله عزوجل وقد قرن الله الزنا بالقتل العمد كما رأيت. فنسأل الله السلامة من كل ذنب.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/621)
الزانية إن تابت توبة نصوحا قبلت توبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة التي أنجبت من الزنا ما حكم الإسلام فيها؟ وما حكم نسبة الطفل إلى غير أبيه؟ وهل لها من توبة؟ وكيف التوبة من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
...
فهذه المرأة قد أتت أمرا عظيما منكرا، وهتكت الستر الذي بينها وبين الله، نسأل الله لنا ولها العافية ولتعلم هذه المرأة أن الأمر الذي وقعت فيه قد سماه الله في كتابه " فاحشة" وعلى هذه المرأة أن تسأل نفسها كيف لو قبض الله روحها وهي على تلك الحالة فالواجب عليها أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً، تعزم فيها على عدم العودة إلى مثل هذا الذنب العظيم وعليها أن تكثر من الاستغفار والصدقة وإن تحافظ على الصلاة والدعاء عسى أن يتقبل الله توبتها، والواجب المتحتم عليها أن تستر نفسها ولا تخبر أحداً بالذي حصل ونسأل الله لنا ولها الستر في الدنيا والآخرة.
كما نحب أن نذكر هذه السائلة بأن نعم الله تستجلب بالطاعات، وتزول بالمعاصي والمنكرات كما أن الواجب على المسلمين عموما أن يشكروا الله على نعمه حتى يزيدهم منها، ويعملوا بطاعته فهذا هو حقيقة الشكر.
وبخصوص توبة هذه المرأة فنذكرها بقول الله: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) [الزمر:53-54] .
أما الولد الذي يأتي من الزنا فإنه ينسب لأمه إن كانت بلا زوج وقت زناها، وإن كان لها زوج نسب الولد إليه؛ للحديث: " الولد للفراش وللعاهر الحجر " رواه الجماعة إلا أبا داود. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/622)
التوبة من الزنا وشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للزاني من توبة خاصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
...
باب التوبة مفتوح ولله الحمد، للزاني وغيره. قال الله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم. وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) . [الزمر: 53-54] . ... وقال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) . [البقرة: 222] . وقال سبحانه: (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده) . [التوبة: 104] . وشرط التوبة النصوح: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العود. وفقنا الله جل وعلا وإياك لما يحبه ويرضاه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(16/623)
على من وقع في الزنا أن يتوب توبة صادقة ويستتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الزاني الأعزب والذي يريد أن يتوب توبة نصوحاً؟ وهل يمكن أن يقبل الله توبته.؟ علماً بأن حكم الجلد غير مطبق. كذلك الخشية من الفضيحة أمام البشر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
...
فالزنا من أعظم الفواحش عند الله جل وعلا وقد حذر منه في محكم كتابه فقال: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) . [الإسراء: 32] . ويجب على من ابتلي به أن يتوب الى الله جل وعلا توبة نصوحًا، وأن لا يطلع أحداً على ذلك، وليستتر بستر الله جل وعلا حتى ولو كان في بلد تطبق فيه الحدود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا". [رواه الحاكم والبيهيقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي] .
واذا تمت لك التوبة النصوح فان الله جل وعلا غفور رحيم. وقد قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم* وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) . [الزمر: 53] .
فاستر نفسك بستر الله جل وعلا وأنب اليه واعلم أن من شرط التوبة النصوح: أن تعقد العزم على أن لا تعود إلى هذه الفاحشة القبيحة.
ومما يعين على التوبة من المعصية البعد عن دواعيها وأسبابها، فلا بد من الابتعاد عن مواطنها، واجتناب أهلها، واستبدال ذلك بمخالطة الصالحين، والجلوس عندهم، والسماع منهم، كما جاء في حديث الذي أراد أن يتوب فقتل مائة نفس، فقال له العالم: " انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/624)
تعريف المحصن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم السؤال: عند كتب عقد الزواج بين الرجل والمرأة هل يصبحا محصنين أم لا؟ (عقد الزواج للمرة الاولى) مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... فالمحصن الذي حده الرجم هو الحر البالغ الذي قد وطئ زوجة في قبلها في نكاح صحيح. ولا يكون محصناً بمجرد عقد الزواج حتى يتم الدخول والوطء في القبل وتكون المرأة محصنة إذا اتصفت بمثل هذه الصفات، ولا يشترط أن يكون متزوجاً عند الوقوع في ما يوجب الرجم، فمن طلق أو ماتت زوجته فإنه محصن إذا توفرت فيه بقية الشروط، وكذا طلقت أو مات زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/625)
الحكمة من اشتراط أربعة شهود في إثبات الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي علم لابأس به في علوم الشريعة وأود توجيه هذا السؤال لكم سادة العلماء اشترط الاسلام وجود اربع شهود على الزنا فهل يمكن تطبيق هذا في هذا العصر او العصور الماضية اعرف مسبقا انكم ستقولون ان الاسلام يتشوف للستر وهذا حق لامرية فيه ان شاء الله ولكن سلوا انفسكم لو واجهتم اجنبيا يغزو عقر داركم ويعمل السوء هل ستظل لتحضر اربعة رجال وتتفق شهادتهم هذا الشرط صعب وسأضرب مثلا صغيرا على ذلك يشبه وجود اربعة شهود كشخص قال لزوجته إذا دخلت في محيط وبقيت خمس ساعات في الماء دون نفس فأنت طالق هذا الشرط لن يقع الا ان يشاء ربي شيئا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..... وبعد: أعلم أولاً أن هذه المسألة ثابتة بنص من كتابه الله تعالى صريح لا مجال للتشكيك فيه والاعتراض عليه. ومن فعل شيئاً من ذلك فهو مرتد والعياذ بالله. وقد عمل النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى هذه الآية كما في سنن ابن داود في قصة اليهودي الذي جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. كما عمل به أصحابه وخلفاؤه من بعده مما يدل على أن الحكم محكم. ثانياً أحكام الله تعالى حكيمة تؤدي الغرض المتوخى منها قطعاً ليست لها أي نتائج عكسية إطلاقا،وهي ممكنة التطبيق في كل الأزمان والأماكن وفي كل الظروف والأحوال. والله سبحانه وتعالى شرط هذه الشروط في الشهادة على الزنا خاصة تغليظاً على المدعي لأن شهادته قد يترتب عليها قتل وعار دائم وسترا على العباد لطفا من الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/626)
التوبة الصادقة تكفر الزنا بإذن الله
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا زنى الإنسان ثم تزوج ممن زنى بها، هل يعتبر ذلك كفارة له، وإن لم يكن فكيف تكون كفارة ذلك؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالزنا كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، كما قال تعالى:" ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً " [الإسراء:32] وكفارة الزنى: التوبة الصادقة إلى الله تعالى، بالندم والاستغفار والعزم الأكيد على عدم العود.
والحد في الدنيا تطهير للزاني، لكن من وقع في هذه الكبيرة فليستتر بستر الله تعالى. ولا يجوز أن يتزوج الرجل ممن زنى بها إلا إذا تابت إلى الله تعالى وحسن حالها واستقام أمرها، وتاب هو كذلك إلى الله، أما مجرد الزواج دون توبة إلى الله فليس بكفارة، وقانا الله وإياك شر ذلك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1422(16/627)
المعصية أشد إثما في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج وقع في الكبائر مع شاب في ليل رمضان بدون إيلاج. ما حكمه؟ وما هي الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدم عليه الرجل المذكور معصية شنيعة ومنكر عظيم وكان الأجدر به استغلال شهر رمضان للتنافس في الطاعات والإكثار من الأعمال الصالحة، وليس من شك في أن هذه المعصية أشد إثما في رمضان لأن المعصية يضاعف إثمها؛ كما يعظم ثواب الطاعة في الأزمنة والأمكنة الفاضلة.
وليس لهذا الفعل كفارة معينة غير الإكثار من الاستغفار مع التوبة الصادقة والتي تتضمن الإقلاع عن هذا الذنب والندم على فعله، مع العزم على عدم العودة إليه مستقبلا. وراجع التفصيل في الفتويين: 40239، 127207.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1430(16/628)
الزواج حصن حصين للمرأة من الوقوع في المحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: أريد أن أشكر الله على نعمة الصحة وأن بلغني رمضان لأتوب إليه.
لقد واجهت مشاكل كثيرة منها التحرش الجنسي منذ عمر 9 حتى عمر 15 من أقربائي وأخي، ولا أعلم ما إذا كنت فقدت عذريتي، فكرهت الرجال وأصبحت شاذة جنسياً بسبب ما عملوه أقربائي بي، ولكن أحببت رجلا أراد أن يتقدم لخطبتي ورفضت مع أني أحبه لكي لا تصبح فضيحة ويكتشف بأني لست عذراء، ومرة من أيام أرغمتني فتاة أمارس معها السحاق ومارسته معها، والآن أنا نادمة وأريد أن أكفر عن هذا الخطأ، أنا أخاف الله ورضيت بما كتب لي من نصيبي بالدنيا، وأرجو أن يعوضني بالجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسحاق محرم باتفاق العلماء، وقد عده العلماء من الكبائر، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 9006.
والواجب على من وقع في هذا الفعل أو غيره من الفواحش أن يتوب إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله، والعزم على عدم العود له، وينبغي للإنسان إذا وقع في شيء من ذلك أن يستر على نفسه ولا يخبر أحداً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:.. أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه مالك في الموطأ.
واعلمي أن ما حدث لك في الصغر ليس مسوغاً لعزوفك عن الزواج وخوفك منه، فإنه على فرض أنك قد فقدت عذريتك، فذلك ليس بمانع من الزواج، ولا يلزمك أن تخبري زوجك بسبب فقد البكارة، فمن المعلوم أنها تزول بأسباب كثيرة (كالوثبة الشديدة والحيضة الشديدة) ، وانظري لذلك الفتوى رقم: 8417.
فإذا تقدم إليك ذو خلق ودين فلا تترددي في قبوله، بل يجوز لك أن تعرضي نفسك على من ترين فيه الصلاح، فإنه لا حرج على المرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها، وذلك بضوابط وآداب مبينة في الفتوى رقم: 108281.
ونوصيك بالإقبال على الله، والحرص على مصاحبة الصالحات وسماع المواعظ النافعة، وكثرة الذكر والدعاء، واعلمي أنك إن توكلت على ربك وأحسنت الظن به فسوف يكفيك كل ما أهمك، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. {الطلاق:2} . وقال تعالى: ... وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ. {الطلاق:3} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(16/629)
حقيقة اللواط والسحاق وحكمهما
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي جزاكم الله خيراً: هل اللواط للرجال فقط أم للرجال والنساء؟ وهل يشترط على تائبة الحد أي إن الله لا يقبل توبتها إلا إذا أقيم عليها الحد أفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط هو وطء الذكر في دبره، وهو من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة، ولمعرفة حدّه انظري الفتوى رقم: 1869.
ويدخل في جنس اللواط وطء المرأة في دبرها فقد وردت تسمية هذا الفعل باللوطية الصغرى، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هي اللوطية الصغرى. يعني وطء النساء في أدبارهن. أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح والطيالسي والبيهقي. عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وأمّا مباشرة المرأة للمرأة فيسمى السحاق وهو محرّم باتفاق العلماء. وانظري الفتوى رقم: 9006.
والواجب على من وقع في اللواط أو غيره من الفواحش أن يتوب إلى الله، ولا يشترط لصحة التوبة إقامة الحدّ عليه، وانظري الفتوى رقم: 119198.
وإنما يشترط الإقلاع عن الذنب والندم على فعله، والعزم على عدم العود له، وينبغي للإنسان إذا وقع في شيء من ذلك أن يستر على نفسه ولا يخبر أحداً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 29785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(16/630)
لا يجوز لمس عورة الغير ولو مزاحا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يأثم الرجل اذا لمس مؤخرة رجل آخرعلى سبيل المزاح؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لرجل أن يلمس من جسد رجل آخر ما لا يجوز له النظر إليه منه، ولو كان ذلك من باب المزاح، وتكون الحرمة أشد إذا كان ذلك من العورة المغلظة أو للشهوة، ولذلك فإذا كان المقصود بالمؤخرة الإليتين وما حولهما، فإن فاعل ذلك يأثم وكذلك المفعول به إذا رضي ولو كان على سبيل المزاح، كما سبق بيانه في الفتوى: 55710، وما أحيل عليه فيها، فالمزاح لا يجوز فيه ما يخالف الشرع، كما سبق بيانه في الفتوى: 19225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1430(16/631)
النظر إلى الفتيان بشهوة حرام ومقدمة للفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن شخص يحب ويعشق ليس الرجال ولكن الفتيان، ولكن بدون شيء بينهم ـ فقط صور أو فيديوـ ولم يتعرض لأحد أبدا، يعني مثلا: الذين في أعمار الـ13 و 12 وأصغر،
وما هي الأمور التي في هذا الشأن وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد النظر بشهوة للفتيان أمر محرم في ذاته، بل عده بعض أهل العلم من أنواع اللوطية، ويشتد الأمر مع الإصرار والمداومة، وتزداد الحرمة إذا انضاف إليها ما فوق ذلك من الشهوات كالملامسة، قال ابن الحاج في المدخل: اللوطية على ثلاث مراتب:
طائفة تتمتع بالنظر، وهو محرم، لأن النظرة إلى الأمرد بشهوة حرام إجماعا، بل صحح بعض العلماء أنه محرم وإن كان بغير شهوة.
والطائفة الثانية يتمتعون بالملاعبة والمباسطة والمعانقة وغير ذلك عدا فعل الفاحشة الكبرى.
ولا يظن ظان أن ما تقدم ذكره من النظر والملاعبة والمباسطة والمعانقة أقل رتبة من فعل الفاحشة، بل الدوام عليه يلحقه بها؛ لأنهم قالوا: لا صغيرة مع الإصرار، وإذا داوم على الصغائر صارت كبائر، هذا الكلام فيمن داوم على الصغائر وصارت بدوامه عليها كبائر، والحكم في ذلك معلوم عند أهل العلم.
والمرتبة الثالثة فعل الفاحشة الكبرى. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: النظر إلى الأمرد بشهوة هو من هذا الباب، وقد اتفق العلماء على تحريم ذلك، كما اتفقوا على تحريم النظر إلى الأجنبية وذوات المحارم لشهوة. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على تحريم النظر إلى الأمرد عن شهوة أو بقصد التلذذ والتمتع بمحاسنه، ولا فرق بين الأمرد الصبيح وغيره، بل نص الحنفية والشافعية على أن النظر إلى الأمرد بشهوة أشد إثما من النظر إلى المرأة بشهوة، لأنه لا يحل بحال. اهـ.
وقد سبق لنا بيان ذلك مع بعض أقوال أهل العلم، في الفتاوى التالية أرقامها: 36109، 26446، 121740. كما سبق لنا بيان علاج العشق وعلاج الميل إلى المرادن، في الفتاوى التالية أرقامها: 71334، 9360، 56002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1430(16/632)
متى يجوز الستر على المذنب ومتى لا يجوز؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل: أعمل في مجال التحقيق بالشرطة، وفي إحدى القضايا كانت مشاجرة بين خمسة أولاد أحداث لا تتجاوز أعمارهم الخمس عشرة سنة، وأثناء التحقيق تبين لي أن نفس الأحداث سبق وأن مارسوا فيما بينهم اللواط، فتطرقت للموضوع، وبالتالي تم إحالتهم للنيابة، وتم حبسهم بتهمة اللواط، وعلم بذلك أهلهم، وأصدقاؤهم في المدرسة وصاروا حديثا- لست أنا من قام بالحديث عن القضية بل هم أنفسهم وأهليهم- وكان يمكنني أن أغض النظر عن قضية اللواط ولا أحد يعلم بذلك. فهل أكون هتكت ستر مسلم بذلك، بأن تطرقت للموضوع؟ وهل كان يتوجب علي عدم التعمق فيه والاكتفاء بالقضية المنظورة أساسا أمامي وهي المشاجرة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عليك حرج- إن شاء الله- فيما قمت به من تحويل هؤلاء الآثمين إلى القضاء بتهمة ممارسة الفاحشة، ما داموا هم الذين اعترفوا بذلك طائعين دون شبهة من ضغط أو إكراه، بل هذا هو الواجب عليك ولا يسعك غيره، خصوصا مع مثل هؤلاء الذين يظهر من حالهم أنهم أدمنوا الإجرام واستمرؤوا الإثم ودأبوا عليه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
فأمر صلى الله عليه وسلم الناس أن يتجاوزوا عن المخطىء قبل رفعه له؛ لأنه إذا آل الأمر إليه فقد وجب الحد، والحكام مثله في ذلك.
جاء في التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي: يعني الحدود التي بينكم ينبغي أن يعفوها بعضكم لبعض قبل أن تبلغني، فإن بلغتني وجب علي أن أقيمها، والحكام مثله في ذلك. انتهى.
علما بأن هذا الحديث خاص بمن لم يعرف بالأذى والشر، أما من دأب على ذلك فإنه يجب رفعه للسلطان بكل حال، ولا يجوز التستر عليه لأن هذا يزيده فجورا.
جاء في سبل السلام: ونقل الخطابي عن مالك أنه فرق بين من عرف بأذية الناس وغيره فقال لا يشفع في الأول مطلقا، وفي الثاني تحسن الشفاعة قبل الرفع. انتهى.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: ... فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة، لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات، وجسارة غيره على مثل فعله. انتهى.
وقد استحب بعض أهل العلم أن يلقن المتهم ما يجنبه إقامة الحد عليه، إذا لم يكن معروفا بالشر، وكان صدور الذنب منه على سبيل الهفوة، واستدلوا على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه ماعز معترفا بالزنا لقنه حجة لعله يتراجع عن اعترافه فيسقط عنه الحد فكان يقول له: لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت.
وهذا التلقين خاص بالحدود فيما يتعلق بحق الله، أما ما يتعلق بحقوق العباد وحقوق الله المالية كالزكاة والكفارات فلا يجوز التلقين فيها.
جاء في شرح النووي على مسلم: ففيه استحباب تلقين المقر بحد الزنى والسرقة وغيرهما من حدود الله تعالى وأنه يقبل رجوعه عن ذلك؛ لأن الحدود مبنية على المساهلة والدرء، بخلاف حقوق الآدميين وحقوق الله تعالى المالية كالزكاة والكفارة وغيرهما لا يجوز التلقين فيها ولو رجع لم يقبل رجوعه.
وقد جاء تلقين الرجوع عن الإقرار بالحدود عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم واتفق العلماء عليه. انتهى.
والحاصل، فلا حرج عليك فيما فعلت من تحويل هؤلاء إلى القضاء؛ لأن ضباط الشرطة نائبون عن السلطان في إقامة الأمن وضبط المجرمين، فلا يسعهم تعافي الحدود والعفو عن المجرمين، لأن الشرطة ولاية كسائر الولايات.
يقول ابن تيمية: وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، سواء في ذلك ولاية الحرب الكبرى، مثل نيابة السلطنة، والصغرى مثل ولاية الشرطة وولاية الحكم. انتهى.
علما بأن من بلغ من هؤلاء الصبية فعليه الحد، وأما من لم يبلغ فلا حد عليه، وإنما عليه التأديب فقط بما يراه القاضي رادعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(16/633)
نصائح للتخلص من جريمة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن من ارتكب جريمة عمل قوم لوط وهو شاب عزب. فهل له التوبة والرجوع إلى الله توبة نصوحا لينال عفو الله الأكبر؟ وهل التوبة واجب كلا الطرفين أم طرف واحد؟ ماهى نصيحتكم لترك هذه الفاحشة؟ أرجو منكم الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في قبح جريمة اللواط وشناعتها لما فيها من قلب للفطرة، واشتمالها على المفاسد العظيمة في الدنيا والدين.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ليس في المعاصي أعظم مفسدة من هذه المفسدة، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل كما سنبينه إن شاء الله تعالى، ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحدا من العالمين، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أحداً غيرهم، وجمع عليهم من أنواع العقوبات بين الإهلاك وقلب ديارهم عليهم، والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، فنكل بهم نكالا لم ينكله أمة سواهم، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السماوات والأرض خشية نزول العذاب على أهلها، فيصيبهم معهم، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها، وقتل المفعول به خير لمن وطئه، فإنه إذا وطئه قتله قتلا لا ترجى الحياة معه، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد، أو ربما ينتفع به في آخرته. انتهى.
ثم ساق الإمام المحقق أدلة ذلك فأطال وأطاب رحمه الله.
وقد سمى الله تعالى هذا الذنب بالفاحشة بالتعريف لتناهيه في القبح وتعاظمه في الفحش، وجعل عقوبة فاعل هذا الذنب أن يقتل بكرا كان أو ثيبا، كما هو قول الصحابة وكثير من أهل العلم، وفي إتيان الرجل الرجل قلب للفطرة وتنكيس لها حتى إن العقول السليمة والفطر المستقيمة لا تكاد تتصور أن هذا يمكن أن يقع.
ولذا قال الوليد بن عبد الملك أحد خلفاء بني أمية: لولا أن الله أخبرنا عن قوم لوط ما صدقنا أن الرجل يأتي الرجل.
فإذا علمت هذا كله، فاعلم أن الواجب على من ابتلي بهذا الفعل أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله، وعليه أن يعض أصابع الندم على ما اقترف من الفاحشة وفرط في جنب الله تعالى، ولا فرق في ذلك بين الفاعل والمفعول به إذا كان مختارا غير مكره، فإن كليهما شريك في الإثم مستحق للوعيد، ولذا كانت عقوبة الفاعل والمفعول به القتل كما صح بذلك الحديث: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
أما وقد ستره الله فعليه ألّا يفضح نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه، ويجتهد في إصلاح العمل فإن الحسنات يذهبن السيئات، ويخلص النية ويصدق التوبة، وليعلم أنه إن صدق في توبته، وندم على جريمته، ووفى التوبة حقها، وأقلع عن هذا المنكر، وعزم على عدم العودة إليه، فإن الله تعالى يقبل توبته، ويقيل عثرته، ويغفر زلته، فإن الله تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر: 53} .
وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. {الشورى: 25} . وقال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً. {النساء: 17} .
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. أخرجه ابن ماجه.
والآيات والأحاديث في الباب كثيرة جدا، وشرط قبول التوبة هو أن تكون مستوفية لشروطها من الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه كما قدمنا.
وأما النصيحة لترك هذا الفعل المنكر فهي أن يستحضر من تتوق نفسه إليه ما أعده الله من الوعيد لفاعليه من النكال والخزي اللاحق له في الدنيا والآخرة، وأن يتفكر في قبح هذه الجريمة، وأن الله لم يذم أحدا كما ذم من تلبس بها. وقد تقدم طرف من ذلك في كلام ابن القيم رحمه الله، وعليه كذلك إن أراد التخلص من هذا الداء أن يجتهد في الطاعات ويكثر من العبادات، فإن القلب إذا اشتغل بما يقرِّب إلى الله سهّلَ ذلك عليه ترك ما يسخطه ربه، وإذا امتلأ القلب بمحبة الله ومحبة ما يحبه فرغ من محبة أضّداد ذلك من الشهوات والمنكرات، ومن أكبر الأسباب المعينة على التخلص من هذا الداء العضال إدمان اللجوء إلى الله، والاجتهاد في دعائه أن يصرف عن عبده السوء، فإنه من لم يعنه الله فلن يعانِ. وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {النور: 21} .
ونسأل الله أن يرزق جميع المسلمين التوبة النصوح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(16/634)
حكم نظر الرجال بشهوة إلى الشباب والرغبة في تقبيلهم وضمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي رفيق كلما رأى شاباً يافعاً جميلاً تولدت لديه رغبة قوية بأن يداعبه ويقبله حتى يتم الاستمناء، دون رغبة بفعل اللواطة. فهل هذه الشهوة تعتبر شذوذا جنسيا، ما سببه؟ وهل هذه الشهوة بداية لطلب اللواطة؟
وهل فعلاً هناك خلل هرموني يدفعه لتلك الشهوة؟ كيف يمكن أن يتخلص من هذه الشهوة ويقوي ميله للجنس الأنثوي ويبتعد عن الميل للشباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النظر إلى الشباب بشهوة، والرغبة في ممارسات الفجور معهم من المحرمات، ومن الشذوذ الجنسي، وهو يفضي في الغالب إلى فاحشة اللواط، وهي من أفحش الفواحش وأشدها ميلا عن الفطرة وبعدا عن الشرع.
وقد نص الفقهاء على حرمة النظر إلى الأمرد بشهوة، ومن المحرمات كذلك الاستمناء.
وقد عد ابن الحاج في المدخل من أنواع اللواط أن يتمتع الإنسان بالنظر إلى الشباب، وذكر أنه محرم بالإجماع.
وأما التخلص من هذا العمل الشائن فمن أعظم وسائله استشعار مراقبة الله، وكثرة المطالعة في نصوص الوحي التي تتحدث عن وعد الله ووعيده، والتأمل في أحوال أهل القبور، وفي أهوال القيامة، وأخبار أهل الجنة والنار، ومنها البدار بالزواج والإكثار من صوم النفل، والحرص على عدم مخالطة المردان، والحفاظ على الصلاة في الجماعة، ومجالسة أهل العلم.
وأما عن مسألة وجود خلل هرموني فننصح باستشارة المتخصصين في هذا الأمر في قسم الاستشارات الطبية والنفسية بالموقع.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 61398، 72196، 71210، 4536، 59332، 107742.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(16/635)
هل فاعل اللواط لا تقبل له صلاة أربعين يوما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة فاعل اللواط؟ هل صلاته لا تقبل أربعين يوما أو ما شابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن جريمة اللواط من أعظم الجرائم وأقبحها وأشدها عقوبة، كما سبق بيانه في الفتوى: 1869.
ومع ذلك فإننا لم نقف على دليل شرعي يثبت عدم قبول صلاة صاحبه مدة أربعين يوما، ولذلك لا يجوز القول بمثل هذا القول إلا بدليل شرعي؛ لأنه من الأمور الغيبية التي يجب التوقف عنها ما لم يرد فيها نص من نصوص الوحي من القرآن أوالسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(16/636)
حكم الشذوذ الجنسي وكيفية التخلص منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الاسلام في الرجل الشاذ جنسيا، رغم أنه يدرك أنه محرم،ويعاني.
هل من الممكن أن يكون مسا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ولكن نقول إن اللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة، وقد أمر الشرع بقتله، فعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه الخمسة إلا النسائي.
أما عن إمكان كون ذلك بسبب المسّ، فالمسّ علاجه ميسور بإذن الله بالتوكّل على الله، والمحافظة على الأذكار والرقى المشروعة، وانظر الفتوى رقم: 2244، والفتوى رقم: 10981.
وننبه السائل إلى أن المبالغة والتسرّع في نسبة أسباب الأمور للمسّ، مسلك خاطيء، وإنما الواجب الأخذ بالأسباب للتخلص من هذا المنكر القبيح، وذلك بالاستعانة بالله ومجاهدة النفس، وتجنب صحبة الغافلين، والحرص على مصاحبة الصالحين، وحضور مجالس العلم والذكر، وسماع المواعظ النافعة، وشغل الأوقات بالأعمال المفيدة، مع كثرة الدعاء والتضرّع إلى الله.
وللفائدة راجع الفتويين: 1869، 6872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(16/637)
مصاحبة من يعين على المعصية ضياع للدين وفساد للأخلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 21 سنة أحب صديقي بطريقة جنونية، وأغار عليه، وأحبه لدرجة وصلت أن أطلب منه أن يمارس معي الجنس، وأنا أعلم أني بهذه الأفعال أني شاذ جنسيا. فأرجوكم أفيدوني بحل هذه المشكلة وبدون أي انفصال أنا وصديقي. وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبالغة في حب الأشخاص أمر غير محمود، فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. رواه الترمذي وصححه الألباني.
أما إذا كان بتلك الصورة التي ذكرت والتي تؤدي إلى الوقوع في فاحشة اللواط، فذلك بلا شك محرم، فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة،
فالواجب عليك أن تبتعد عن هذا الشاب، واعلم أن الصداقة التي تقوم على غير أساس من التقوى تكون عاقبتها وبالا في الدنيا والآخرة، وأن حرصك على مصاحبة من يعينك على المعصية إنما هو من تزيين الشيطان واتباع الهوى، الذي يؤدي إلى ضياع الدين وفساد الأخلاق، وسوف تنقلب تلك المودة يوم القيامة إلى عداوة، يوم لا ينفع الندم، قال تعالى: الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67}
فنوصيك بالتوبة إلى الله، والبعد عن مخالطة أصحاب السوء، واختيار الرفقة الصالحة، التي تعينك على طاعة الله، وأن تربط قلبك بالمساجد، ومجالس العلم والذكر، فعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة كالصلاة والصوم وبر الوالدين، وعليك بشغل أوقات فراغك بالأعمال النافعة، وممارسة الرياضة المفيدة، مع كثرة الدعاء والاستعانة بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(16/638)
حرمة اللواط مطلقا ولا ضرورة تلجئ إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وطء الغلام في حالة الضرورة وعدم وجود امرأة، كأن يكون في السفر مثلا؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز وطء الغلام مطلقا بحال من الأحوال، بل ولا الزنى مع المرأة لو وجدت دون عقد شرعي، حتى إن أهل العلم اختلفوا فيما لو أكره الرجل على الزنى هل يرفع ذلك عنه الإثم أم لا؟ لأنه لا يتحقق الإيلاج إلا بانتشار الذكر، والانتشار لا يتحقق إلا مع الرغبة، ومن كانت له رغبة فليس بمكره.
وأما مسألة الشبق فعلاجها الصوم لأنه يكسر حدتها كما قال صلى الله عليه وسلم: ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
ومن أهل العلم من رأى ارتكاب أخف الضررين عندئذ وهو العادة السرية لإزالة الشبق واستفراغ المستجمع من الشهوة.
وللفائدة انظر الفتاوى رقم: 16224، 51816، 52105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1429(16/639)
أخطأ مع قريبه فهجره وحمله هو وحده المسؤولية
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لدي قريب يصغرني سنا ببضع سنين وكان شابا طيبا ودودا وكان لديه تطلعات وطموحات ليست لأي شاب في سنه مثلها، المهم كان يبوح لي بكل أسراره ومشاكله لأنه وجد بي الشاب الذي يفهمه ومع الزمن حدث بيننا ود ومحبة أشهد الله أنها كانت من طرفي محبة في الله، وقررت أن أرفه عنه وأساعده فكنت أنصحه للخير وأنصحه ألا يقع في أخطاء وقعنا فيها ونحن في نفس سنه وكنت أصحبه معي للإنترنت كي أعلمه هذا العلم وأدخله على مواقع يستفيد منها ويتعلم منها ما ينفعه وكذلك تعلم مني احترام الآخرين وأسلوب الحديث وكنت دائما أنصحه ألا يترك الصلاة في أوقاتها مهما كان السبب، المهم استمر هذا الحال مدة طويلة وكنت فرحا جداً لأني كنت أساعده حتى لا يقع في الخطأ لأني كنت ألاحظ من خلال مشاعره أنه لديه إفراط في الحب والمحبة للبشر وخاصة مع الأصدقاء، استمررنا على هذا الحال ونتائج مساعدتي له كانت إيجابية ومشجعة ... إلى أن وقعنا في مكيدة من مكائد الشيطان اللعين الذي قال لرب العزة (وبعزتك لأغوينهم جميعا) فلقد التقينا ذات يوم وكنا وحيدين مع بعض وباح لي بحبه لي وأنه منذ زمن كان يحبني وثارت شهوتي وقبلته ولم يرفض بل وضممته لصدري ولم يرفض وأنا في النهاية بشر ولم أتمالك نفسي ووقعنا في المحظور حتى النهاية وبعد ذلك عدت لوعيي وعرفت أننا أخطأنا خطأ كبيراً وعرفت أن الشيطان ضحك علينا وتبت إلى الله عز وجل، وتفرقنا عن بعض أنا وصديقي الذي يبلغ من العمر 23 سنة، ولكن بقى ضميري يؤنبني ويعذبني بل لا أنام الليل من التفكير فيما حدث بيننا فلقد تحولت حياتي إلى جحيم لا يطاق وأكثر من هذا أن صديقي حملني المسؤولية كاملة عما حدث وكأنني اغتصبته وهذا لم يحدث أبداً فلقد كان موافقا على كل ما حدث بل كان يستمتع لدرجة أنه كان يبوح بكلام غريب يدل على الاستمتاع ولكنه قال لي أنت المسؤول وقال لي إنه لن يسامحني أبداً وهذا ما يعذبني ولا أنام الليل منه ... حاولت إقناعة بأن الشيطان ضحك علينا وأغوانا ويجب أن نتعاون لكي نكفر عن ذنبنا ولكنه مصر على موقفه، وللعلم أنا في كل مناسبة دينية أذهب له وأطلب منه المسامحة، حاولت إقناعه أنه لا حل إلا بنسيان الماضي والبدء بصفحة جديدة ولكنه لا يريد أن يفهم وأنا دائما أتحدث عنه بالخير أمام الناس وهو في بعض الأحيان يهينني وأنا لا أرد عليه لأني أريد الإصلاح، سؤالي هنا: كم قلت لكم أني أتعذب مما وقعنا فيه من ذنب عظيم فماذا أفعل حتى أرضي ربي وهل من واجبي أن أرضي هذا الصديق وكيف أقنعه بأننا أخطأنا نحن الاثنين معا وهل هو المظلوم وأنا الظالم أم أنني أنا المظلوم لأنه ساعدني في الوقوع في المعصية لأنه لو رفض فإني لن أستمر وأنا أعرف نفسي جيداً.... ساعدوني ساعدكم الله.... أريد إجابة مفصلة لأنني أريد أن أرتاح؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشيطان عدو الإنسان وهو له بالمرصاد، فإذا وجد منه غفلة أوقعه في الردى، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:6} ، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21} ، فما حدث منكما لا شك أنه من إغواء الشيطان، فالواجب عليكما المبادرة إلى التوبة، ومن صدق في توبته تاب الله عليه فرحمة الله واسعة.
والذي يبدو هو أن كلاً منكما مخطئ، فقد أقدم على هذا الفعل باختياره، فهو الذي جنى على نفسه، ولا ينبغي التلاوم أو اتهام أحدكما الآخر بأنه الظالم وأنه هو المظلوم، بل عليكما الإحسان في المستقبل والحذر مما قد يوقعكما في هذا الذنب مرة أخرى، ونوصيك بأن لا تشغل نفسك بهذا الشاب، بل عليك أن تقبل على ما ينفعك من أمر دينك ودنياك، وأن تحرص على مصاحبة الأخيار الصالحين. وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 112744، 105631، 98463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(16/640)
حرمة السحاق والاستماع إلى نساء يتحدثن بشأنه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ متزوج وهو في الأربعين من عمره الآن، يحب زوجته حباً شديدا ولا يستطيع الاستغناء عنها، مشكلته أنه يشتهي الحديث الذي يدور بين السيدات في موضوع الجنس، وقد طلب من زوجته أكثر من مرة أن تقوم بهذا تليفونيا مع إحدى الفتيات ووافقته مرة واحدة ثم أصبحت ترفض وبشدة حتى وإن وصل الأمر للطلاق..وبالتأكيد الرفض لسبب ديني، عندما سأل أخي عن حكم السحاق في أحد المواقع الإسلامية، أجابه الشيخ المنجد أنه يختلف عن اللواط، وأن الحكم يختلف من حالة لأخرى والفيصل بها القاضي وهنا الحكم يحدث ب: التعزيز. إذا الأمر قد يكون حلالا وقد يكون حراما، وإن كان حراما وهو أغلب الظن، يرى أخي من منظوره أنه حرام ليس بالكبير ونحن كل يوم نفعل الحرام فلما لا؟؟ إن كان هذا هو ماسيشبعني.
المشكلة الآن هي وجود فتاة دخلت حياة أخي كصديقة وهي لا تمانع أبداً في إجراء مثل هذه المكالمات، وهو يفكر جديا في الزواج منها.
أتمنى أن تجيبوني بالرد الشافي لأني أحاول إثناءه عن هذا، وبالرغم من اعترافه بخطأ الموضوع إلا أنه لا يجده من ضمن الكبائر مثلا وبالتالي فهو لا يزال مصرا على رأيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع العلماء قاطبة على حرمة السحاق بين النساء، وعدّوه من كبائر الذنوب. فقد جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر الكبيرة الثانية والستون بعد الثلاثمائة: مساحقة النساء وهو أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل. كذا ذكره بعضهم واستدل له بقوله صلى الله عليه وسلم: السحاق زنا النساء بينهن. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في أنّ السّحاق حرام لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: السّحاق زنى النّساء بينهنّ. وقد عدّه ابن حجر من الكبائر. انتهى
وقد حكى بعض المفسرين أن من أسباب هلاك نساء قوم لوط أنهن كن يفعلن هذه الفعلة الشنيعة، لأنه لما استغنى رجالهم بالرجال عن النساء، ولم تجد النساء من يقضي وطرهن من الرجال استغنى بعضهن ببعض عن الرجال.
جاء في تفسير الألوسي – رحمه الله –: وبدأ أيضاً السحاق في قوم لوط عليه السلام فكانت المرأة تأتي المرأة، فعن حذيفة رضي الله تعالى عنه إنما حق القول على قوم لوط عليه السلام حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال. وعن أبي حمزة رضي الله تعالى عنه: قلت لمحمد بن علي عذب الله تعالى نساء قوم لوط بعمل رجالهم فقال: الله تعالى أعدل من ذلك استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء. انتهى.
فتبين بهذا حرمة هذه الفعلة الشنيعة التي تخالف الفطرة السليمة والتي تنفر منها الأخلاق المستقيمة, ولا ينبغي لمسلم أن يشك في حرمة هذا الفعل, وكيف يشك في ذلك وقد اشتمل على جملة من كبائر الذنوب, فمن ذلك كشف العورات والنظر إليها بغير ضرورة ولا حاجة, ومنها اشتمالها على لمس العورة بشهوة، وهذا كله حرام بإجماع المسلمين.
ففي صحيح مسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضى الرجل إلى الرجل فى ثوب واحد، ولا تفضى المرأة إلى المرأة فى الثوب الواحد.
قال النووي رحمه الله: ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة، وهذا لا خلاف فيه. وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة، والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع، ونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى. انتهى.
أما ما قاله الشيخ المنجد – حفظه الله – فليس فيه من قريب ولا بعيد أن السحاق مباح أو حتى مختلف فيه, وما استنبطه أخوك من ذلك, إما ليٌّ لعنق الفتوى, وتحريف للكلم عن مواضعه حتى يوافق هواه ومشتهاه, وإما جهل وعدم تنبه لمقصود الكلام, فصحيح أن السحاق ليس مثل اللواط، لأن اللواط فيه إيلاج وهذا لا إيلاج فيه, وصحيح أن السحاق ليس فيه حد ولكن فيه تعزير, ولكن هذا كله لا يعني أنه ليس بحرام، ولا أنه من الصغائر كلا, فكم من الكبائر لم يوجب فيها الشرع الحد ولا خلاف في كونها من الكبائر, من ذلك على سبيل المثال لا الحصر: الكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور, فهل يقال في هذه الآثام إنها ليست من الكبائر لأنه لا حد فيها سبحانك هذا بهتان عظيم.
فتبين بهذا أن ما يقوم به أخوك وما يطلبه من استماع للنساء وهن يتحدثن عن هذه الفواحش ويصفنها بكلام مثير حرام لا خلاف في حرمته, وهو من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وتحريض على المحرمات وإغراء بها, والله سبحانه يقول: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور:19} .
وأما قوله إننا نفعل الحرام كل يوم فلم لا نفعل هذا أيضا؟ فهذا الكلمةعظيمة تتضمن الاستخفاف بالله وبآياته وبأوامره وبعذابه وبوعيده, وهذا دليل والعياذ بالله على خراب الدين وفساد القلب، نسأل الله السلامة والعافية.
فارتكاب المحرمات وانتشارها يوجب التوبة منها والندم على فعلها لا أنه يسوغ المزيد منها ويهون من شأنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(16/641)
تلذذ الذكر بتقبيل الذكر من مقدمات اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أقيم الصلاة وأحافظ على أوقاتها، أصوم رمضان وأعطي الزكاة وأنفق من دخلي الشهري، لكن عندي صديق عندما نلتقي ببعضنا نتبادل القبلة ونتلذذ بها كما بين الرجل والمرأة، لكن لا نمارس الجنس ولا أرى عورته ولا يرى عورتي، أهناك آيات أو أحاديت تنهى عن هذا، أهذا حرام؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا من الشذوذ المحرم وهو داع إلى فعل ما هو أسوأ منه، فيجب عليك أن تكف عنه، فإن الله تعالى يقول: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32} ، وقربان الزنى واللواط وغيره من المحرمات إنما يكون بفعل الأسباب والدواعي المفضية إليه، فوجب غض البصر وعدم الخضوع بالقول وحرمة الخلوة سداً لذلك الباب ... وقد جاء عند الترمذي وغيره من حديث أنس رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له، قال: لا، قال: فيلتزمه ويقبله، قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه، قال: نعم. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 72196، والفتوى رقم: 29622.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(16/642)
حرمة اتفاق الزوجين على الوطء في الدبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمرة 25 عاما، متزوج وأحب أن أعرف حكم ما لو زوجتي طلبت مني أني أجامعها من فتحة الشرج وأنا وافقتها، فما هو الحكم علينا مع العلم بأننا مؤيدان ذلك معاً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوجين يحرم على كل منهما أن يوافق الآخر على الإتيان في المأتى المحرم، فاتفاقهما على ذلك يعتبر من الاتفاق على أمر محرم ومن التعاون على الإثم والعدوان، بل إن الواجب عليهما البعد عن ذلك، وإذا طلب أحدهما الآخر أن يفعل ذلك نصحه ووعظه وبين له حرمة هذا الأمر وما يترتب عليه من اللعنة، فقد أخرج الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ملعون من أتى امرأته في دبرها.
وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أنهما يعزران، فإن لم ينزجرا فرق بينهما، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9063، 4340، 34015، 20430، 8130، 10455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(16/643)
فعل مقدمات اللواط ويريد التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص عمري 16 سنة فعلت مع ابن عمي شبه اللواط مصيت له ومص لي ولكن حاول أن يدخل ذكره في ولكن لم يستطع وأنا أريد التوبة إلى الله فماذا أفعل وما حكم الذي فعلته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة.
وما فعلته مع ابن عمك من مقدمات اللواط، فهو فعل فاحش منكر، وحكمه أنه حرام، يجب عليك أن تتوب منه، والتوبة تكون أولاً: بالإقلاع عن الذنب، وثانياً: بالندم على ما وقعت فيه، والإحساس بالحياء من الله الذي سترك بحلمه فلم يفضحك في الدنيا، فتصور لو رآك بعض أقاربك وأنت على تلك الحال، كيف يكون خجلك منهم، فكيف بنظر الله إليك؟
وثالثاً: بالعزم الصادق على عدم العود، والبعد عن أسباب هذا المنكر ودواعيه، وعليك بالبعد عن مخالطة أصحاب السوء، واختيار الرفقة الصالحة، التي تعينك على طاعة الله، وتربط قلبك بالمساجد، ومجالس العلم والذكر، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة كالصلاة والصوم وبر الوالدين، وعليك بشغل أوقات فراغك بالأعمال النافعة، وممارسة الرياضة المفيدة، مع كثرة الدعاء والاستعانة بالله، واحذر أن تخبر أحداً بما فعلته فإنه ينبغي للإنسان إذا وقع في شيء من الفواحش أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(16/644)
وجوب التنحي عن أماكن الشذوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[في المدرسة يقوم الطلاب بوضع أحد الأصابع في دبر أحد الزملاء من فوق الملابس.. ما حكم الإسلام في ذلك، وفي هذا السياق كنت أقف في أحد الطوابير في المدرسة وكان من خلفي أقصر مني وكنت كل مدة أشعر بلمسة خفيفة في مؤخرتي.. لا أدري عمداً أم ماذا وهل هو ذكره أم لا، ولم أكن أعرف شيئا.. والآن هل يمكن أن يكون هذا لواط.. أنا الآن أعيش في جحيم بهذا السبب؟ وشكراً على هذه الخدمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يقوم به هؤلاء الطلاب منكر عظيم وفعل قبيح، والواجب عليكم أن تحذروهم وتنصحوهم ... وعلى أولياء الأمور زجرهم وتأديبهم.
وأما ما كنت تحس به من لمس من وراءك أثناء الطابور ولم تدر ما هو.. فالواجب منع فاعله منه والتنحي عن ذلك المحل إذا لم يمكن تجنبه إلا بالتنحي عنه، ولا حرج عليك فيه ولا إثم، وليس هذا الفعل لواطاً، فلا داعي للقلق.. وإذا كان فيه إثم فهو على من فعله.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 55710، 8686، 32575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(16/645)
إتيان الذكور من أشنع الآثام
[السُّؤَالُ]
ـ[فعلت اللواط في رمضان ولم أكن وقتها صائما لأني كنت لا أصلي ولا أصوم ولكن لم أدخل مقدمة القضيب في فرج ذلك الولد ولم يحدث إنزال وماذا حكم ذلك الولد المنكوح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإتيان الذكران من أقبح الجرائم، وأشنع الآثام، لأنه قلبٌ للفطرة، وتدسية للنفس وتحقيرٌ لها، قال الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي: لولا أن الله أخبرنا عن قوم لوط، ما كنا نصدق أن الرجل يأتي الرجل.
ولأجل هذا استحق قوم لوط أشنع العقوبات وأفظعها، واتفق الصحابة على قتل من فعل فعل قوم لوط لحديثٍ ورد في ذلك، فعليكَ إن كنت ممن ألمّ بهذا الذنب أن تجتهد في التوبة إلى الله عز وجل، فإن غضب الله لايقوم له شيء، وليس من شك في أن ترك الصلاة والصيام من أكبر الكبائر، وقد قال بعض أهل العلم بكفر تارك الصلاة فإذا انضاف إلى ذلك فعل اللواط كان ظلمات بعضها فوق بعض.
فنصيحتنا لك أن تتدارك ذلك بالتوبة النصوح، وأن تعضَّ أصابع الندم على ما فرط منك من التقصير، فإذا فعلت فثق أن الله عز وجل سيغفر لك، فإنه عز وجل لا يتعاظمه ذنبٌ أن يغفره، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر 53} .
وأما ما مضى من الأيام التي أفطرتها فيجبُ عليك قضاؤها، وما فعلته مع هذا الغلام، ليس هو اللواط المعروف عند العلماء لأن الإيلاج لم يحصل، لكن ما فعلته محرمٌ يقينا، فإن الله عز وجل لم يأذن قط في أن يستمتع ذكرٌ بذكر، بل ذاك شيءٌ يقشعر له الجلد، نسأل الله العافية.
وأما هذا الغلام فإن كان مطاوعاً، وكان قد بلغ الحلم فعليه من التبعة مثلُ ما عليك، وعليه أن يتدارك ذلك الذنب بالتوبة النصوح، نسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(16/646)
اللواط وإتيان المرأة في دبرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قرأت الكثير والكثير حول موضوع الجماع من على موقع الشبكة والشبكات الأخرى ولكن لفت نظري إجابة حول هذا الموضوع:
إلى فضيلة الشيخ صالح الكرباسي وهى موضحه أدناه رجونا من سيادتكم تفسير الآيات الكريمة الواردة بشأن هذا الموضوع ولكم جزيل الشكر (ولكم الشكر على كل ما وضحتموه بشان هذا الموضوع وإجابتكم النموذجية فى طريقة الرد مع تكرار أغلب الأسئلة رجونا من الله دوام التوفيق التسلسل: 1258القراءات: 13928 تاريخ النشر: 2007-06-23 الإجابة للشيخ صالح الكرباسي الفرق بين جماع الزوجة في الدبر واللواط؟ :
ينبغي التنبيه هنا على أنه من الخطأ الفاحش عَدُّ هذا النوع من الممارسة لواطاً ومن أعمال قوم لوط، وهو نوع من المغالطة، وذلك لأن اللواط هو الاتصال الجنسي بين ذكرين لا بين ذكر وأنثى كما هو واضح، كما لا تسمى ممارسة الجنس بين أنثيين زناً ولا لواطاً، وإنما تُسمى سحاقاً.
ثم إن قوم لوط كما أشرنا كانوا يأتون الرجال في أدبارهم وليس النساء، ويدل على ذلك قول الله عز وجل في القرآن الكريم حكاية عن النبي لوط عليه السلام: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ، ومن الخطأ أيضاً أن يتصور بأن المقصود من قول الله عز وجل: ... فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ حرمة إتيان النساء من الدبر، بل المقصود منه من حيث أمركم الله تجَنُّبه في حال الحيض وهو الفرج، ويظهر هذا المعنى بملاحظة الآية بكاملها التي تتحدث عن اعتزال النساء حال الحيض، قال الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنفَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ.
قال المفسر الكبير العلامة الطبرسي رحمه الله في تفسير هذه الآية: ... فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ... [4] معناه من حيث أمركم الله تجنّبه في حال الحيض وهو الفرج، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع. وقيل: من قِبَل الطُهر دون الحيض، عن السدي والضحاك.
وقيل: من قبل النكاح دون الفجور، عن ابن الحنفية، والأول أليق بالظاهر قال الزجاج: معناه من الجهات التي تحل فيها أن تقرب المرأة، ولا تقربوهن من حيث لا يحب أي لا تقربوهن وهن صائمات أو محرمات أو معتكفات، وقال الفراء: ولو أراد الفرج لقال في حيث، فلما من حيث علمنا أنه أراد من الجهة التي أمركم الله بها هذا مضافاً إلى ما يُستدل بقول الله عز وجل حكاية عن النبي لوط عليه السلام: قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي، حيث إن لوطاً عليه السلام عرض عليهم بناته وهو يعلم أنهم لا يريدون الفروج.
القران الكريم: سورة الأعراف (7) ، الآية: 80 و 81، الصفحة: 160.
القران الكريم: سورة البقرة (2) ، الآية: 222، الصفحة: 35.
القران الكريم: سورة البقرة (2) ، الآية: 222، الصفحة: 35.
القران الكريم: سورة البقرة (2) ، الآية: 222، الصفحة: 35.
مجمع البيان: 1و 2 / 563.
القران الكريم: سورة هود (11) ، الآية: 78، الصفحة: 230.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
.فهذا تفسير مختصر للآيات الواردة في سؤالك.
الآية الأولى قوله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ. {الأعراف:80} .
قال القرطبي مفسرا لهذه الآية: يعني إتيان الذكور ذكرها الله باسم الفاحشة ليبين أنها زنى.. ولم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط وقوله (إنكم لتاتون الرجل شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون) أي في جمعكم إلى الشرك هذه الفاحشة. انتهى منه باختصار.
وأما قوله تعالى: وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ. {هود:78} .
قال الطبري: كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين فلما جاؤوه قالوا: أولم ننهك عن العالمين؟ أي: ألم نقل لك: لا يقربنك أحد فإنا لن نجد عندك أحدا إلا فعلنا به الفاحشة؟ قال: {يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} فأنا أفدي ضيفي منكم بهن ولم يدعهم إلا إلى الحلال من النكاح.
الآية الثانية قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ. {البقرة:222} .
قال الطبري: في تفسيره عند هذه الآية: فأتوهن من حيث أمركم الله: عن مجاهد قال: كانوا يجتنبون النساء في المحيض ويأتونهن في أدبارهن فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله: {ويسألونك عن المحيض} إلى {فإذا تطهرن فاتوهن من حيث أمركم الله} قال ابن عباس في الفرج لا تعدوه إلى غيره فمن فعل شيئا من ذلك فقد اعتدى.. انتهى منه باختصار.
وأما قوله تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ. {البقرة:223} .
أورد ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس قال: الحرث موضع الولد.. قال ابن جريج: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج، وعن عكرمة قال جاء رجل إلى ابن عباس وقال: كنت آتي أهلي في دبرها وسمعت قول الله {نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم} فظننت أن ذلك لي حلال فقال: يا لكع إنما قوله: {فاتوا حرثكم أنى شئتم} قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في أقبالهن لا تعدوا ذلك إلى غيره. انتهى منه باختصار.
فهذا هو مجمل معنى الآيات الواردة في سؤالك، ويمكنك الرجوع إلى شرحها مفصلة في كتب التفسير.
واعلم أن اللواط ليس خاصا بإتيان الذكر للذكر في دبره بل منه إتيان الذكر للمرأة في دبرها أيضا فإنه نوع من اللواط، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم إتيان الرجل زوجته في دبرها باللوطية الصغرى كما في المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هي اللوطية الصغرى يعني أن يأتي الرجل امرأته في دبرها، وقد دلت نصوص صريحة صحيحة من السنة المطهرة على حرمة ذلك الفعل، وإليك جملة من الآثار الواردة فيه:
قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر عن أبي صخرة جامع بن شداد رفعه قال كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن طاوس أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها؟ قال: إنما بدء قوم لوط ذاك صنعته الرجال بالنساء ثم صنعته الرجال بالرجال
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي أنه قال على المنبر: سلوني فقال ابن الكواء: تؤتى النساء في أعجازهن؟ فقال علي سفلت سفل الله بك ألم تسمع إلى قوله أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. انتهى.
وقال صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأة في دبرها. رواه أبو داود والنسائي وصححه السيوطي والألباني. وقال أيضاً: من أتى كاهنا فصدقه أو أتى امرأة في دبرها أو أتى حائضاً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وأصحاب السنن بألفاظ متقاربة وصححه الألباني.
وروى الترمذي والنسائي: لا ينظر الله الى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبرها. وحسنه الترمذي وصححه الألباني.
فالحاصل أن هذا الفعل محرم شرعا بل هو كبيرة من كبائر الذنوب وهو داخل في اللواط حقيقة لأن اللوطي هو الذي يفعل فعل قوم لوط وقد كانوا يأتون النساء في أدبارهن كما يأتون الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1429(16/647)
خطورة الشذوذ الجنسي ووجوب المبادرة إلى التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبحث عن دعواتك ياشيخ لأنني إنسان شاذ والعياذ بالله فأنا لا أترك صغيرا ولا كبيرا إلا وزنيت به، وصل بي المطاف حتى زوجات إخوتي، لهذا أرجو الإكثار لي من الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لنا ولك العافية من كل ذنب وخطيئة، ونسأله سبحانه أن يمن عليك بالهداية والتوفيق إلى التوبة، ونوصيك أنت أيضا بالإكثار من الدعاء وسؤال الله العافية، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اسألوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية. رواه الإمام أحمد والترمذي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
واعلم أن ما ذكرته من أمرك خطير جد خطير فالذنوب تفتك بدنيا المرء وآخرته، وهو سبب لسخط الله تعالى وعقابه العاجل والآجل، فقدر خطورة الأمر تقديرا سليما وأسرع في سبيل النجاة من مهالكه قبل فوات الأوان.
فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح وهي التي استوفت الشروط، وراجع فيها الفتوى رقم: 5450. واعلم أن إحساسك بهذا الذنب ومرارته هو بداية السير في الطريق الصحيح، وإنك إن صدقت الله تعالى في عزمك على تركه صدقك الله، فعليك أولا بتجنب جميع الوسائل التي قد تقودك إلى الوقوع في الفاحشة من النظر المحرم أو الخلوة بمن لا يحل لك الخلوة بها ولا سيما أزواج إخوتك، فقد روى البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من ألأنصار: يا رسول الله فرأيت الحمو، قال الحمو الموت.
وهنالك كثير من الوسائل التي تعين على علاج الشذوذ الجنسي وقد سبق ذكر شيء منها بالفتويين: 179، 5871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1429(16/648)
التوبة من ممارسة مقدمات اللواط عبر الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 20 سنة مشكلتي أنني منذ 7 أشهر وأنا أمارس الجنس مع الرجال عبر الانترنيت، ولا أدري لما أفعل ذلك، ولكن والحمد لله استفقت من تلك النزوات ولكن مشكلتي هي أنني لا أدري هل أصبحت من أهل اللواط أي لن أدخل الجنة؟
المرجو شرح حالتي وهل أنا من اللواط رغم عدم ممارستي للجنس مباشرة معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الفعل وإن لم يعتبر لواطا، إلا أنه من مقدمات اللواط، والله تعالى نهانا عن ذلك أيضاً فقال: وَلاَ تَقربوا الفواحش ما ظهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. {الأنعام:151} .
واعلم – أيها السائل - أن الفعل المحرم ليس هو فقط زنا الفرْج، بل هناك زنا اليد وهو اللمس المحرَّم، وزنا العين وهو النظر المحرَّم، وزنا اللسان وهو النطق، وإن كان زنا الفرْج وحده هو الذي يترتب عليه الحد, فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنَّى وتشتهي، والفرْج يصدق ذلك كله ويكذبه. رواه البخاري ومسلم.
قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله: سُمِّيَ النَّظَر وَالنُّطْق زِنًا لأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيّ, وَلِذَلِكَ قَال: وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أوَيُكَذِّبهُ. انتهى نقلا عن فتح الباري.
وما يقال عن الزنا يقال عن اللواط, لأنهما يشتركان في القبح بل اللواط أبشع وأشنع، ولا يغتر العاصي بأنه لن يقع في الفاحشة وأنه سيكتفي بهذه المحرمات عن الزنا، فإن الشيطان لن يتركه فهذه هي خطوات الشيطان التي أمرنا الله ألا نتبعها.
فعليك أخي بالتوبة إلى الله جل وعلا توبة صادقة نصوحا، والندم على تفريطك في حقه، واعزم على الإقلاع عن هذه المعصية، ومن تاب تاب الله عليه.
قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} .
وروى أحمد والترمذي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. حسنه الألباني.
ثم عليك بالإكثار من الأعمال الصالحة فهي مكفرات للذنوب, قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} .
وفي صحيح الترمذي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 7413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(16/649)
العواقب الوخيمة للدخول على مواقع الشذوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو مساعدتي في كيفية وطريقة التوبة لأني منذ فترة ليست قصيرة أعاني, كنت أدخل على أحد المواقع ووجدت نفسي في موقع خاص بالشذوذ للرجال ومن هذه اللحظة وأنا أجد نفسي أدخل على هذه المواقع وأقوم بمراسلة الرجال والشات معهم وأقوم بعمل العادة السرية وكدت أقع في إحدى المرات في خطأ أكبر عندما توجهت مع أحد الرجال إلى منزله ونزعت كافة ملابسي وأصبحت أنا وهو عاريان تماما ولكنى لم أقدر على أن أقوم بأي شيء أو أترك للرجل الفرصة لكي يلمسني ولبست ملابسي ورحلت ووجدت نفسي أبكي وألوم نفسي على ما فعلت وقررت أن لا أعود لهذا الخطأ مرة أخرى وأن أصوم وأصلي وأقرأ القرآن وامتنعت عن هذه الأفعال فترة كبيرة إلا أنني أجد نفسي من وقت لآخر أعيد التفكير في الأمر مرة أخرى وأقوم بعمل الشات وعمل العادة السرية من وقت لآخر ومواعدة الرجال لكني لآ أقدر ولا أقدم على مقابلتهم. أنا عارف أني مخطئ في هذا التفكير وفي ما أفعله وأنا أحس أني ممكن أكون أحسن من هذا، وأن أكون مؤمنا أكثر, وبقيت أبكي يوميا لأني لا أعرف ماذا أعمل؟ أرجوكم ساعدوني أنا عمري ما كنت هكذا ولا أريد أن أكون على الوضع الذي أنا فيه، لكن لا أجد أحدا يرشدني ويوجهني ولا أستطيع أن أتكلم مع أي أحد في هذا الموضوع. أرجوكم ردوا علي بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد أخطأت حين دخلت على المواقع التي تنشر الرذيلة وتدعو إلى الانحراف، فهذه المواقع أبواب للشياطين، تدعو إلى النار.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعن جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وعند رأس الصراط يقول استقيموا على الصراط ولا تعوجوا وفوق ذلك داع يدعو كلما هم عبد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام، وأن الأبواب المفتحة محارم الله، وأن الستور المرخاة حدود الله، والداعي على رأس الصراط هو القرآن، والداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن. رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.
وقد جرك هذا الأمر إلى الوقوع في العادة السرية، وهي عادة خبيثة منكرة لها آثارها السيئة على فاعلها، في دينه ونفسيته وصحته، ثم جرك ذلك إلى الاقتراب من فاحشة اللواط، وهو من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، ومن انتكاس الفطرة، وفاعله يستحق العذاب والخزي في الدنيا والآخرة، وقد عصمك الله من الوقوع فيه، وأراد بك الخير، وهذه نعمة من الله فلا تكفرها بإصرارك على المعصية، واحذر أن يغرك الشيطان، ويستدرجك، ليفسد عليك دينك، ويعرضك لسخط الله.
وعليك أن تحافظ على ما في قلبك من خير، فإن ندمك وحزنك على الوقوع في المعصية من علامات الإيمان، فاحذر أن يسلب ذلك منك باجترائك على معصية الله وعدم مبالاتك بنظره إليك، فبادر بالتوبة الصادقة، بالإقلاع عن الذنب فوراً، والندم على ما وقعت فيه، والعزم الصادق على عدم العود له، وذلك بترك اتباع خطوات الشيطان، والبعد عن كل ما يثير الشهوة، ومما يعينك على ذلك: الاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه، والتفكر في نعمه، وتذكر الموت وما بعده من أمور الآخرة، وتجنب صحبة العصاة والغافلين، والحرص على صحبة الصالحين، وكثرة الذكر والدعاء، وشغل الفراغ بالأعمال النافعة.
وعليك أن تبادر إلى الزواج إن استطعت، وإلا فإن عليك بالصوم، فإنه نعم الدواء، ولا تمل من دعاء الله وسؤاله الهداية، فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(16/650)
أباح الإسلام الزواج وحرم الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أتحدث عن مشكلة خطيرة نعيشها هنا، لدينا إمام كان محبوبا من الجميع لأدائه الرائع والمقنع, لكن بعد مدة كشفوا أنه يقوم بأعمال فظيعة مع الأطفال؛ فكانت ردة فعل المسيحيين كبيرة حتى المسلمين, فأود لو تتحدثون عن أهدافهم أعداء الإسلام كيف لنا أن نصدق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائلة بقولها: (أفعال فظيعة) . أي تحرش بالصبيان أو لواط فلا شك أن فعل ذلك الإمام لما ذكرت إن كان واقعا أمر يأباه الشرع وتأباه الفطرة السليمة، وله أثار سلبية على الدعوة إلى الله تعالى، ويتحملها ذلك الإمام، ولا تتحملها الشريعة، فالشريعة الإسلامية حرمت الفاحشة وسدت الطرق الموصلة إليها، وفتحت للناس جميعا حتى لرجال الدين الباب المباح لتلبية شهواتهم المركوزة فيهم، فلماذا تحمل الشريعة خطأ ذلك الإمام، والأولى بالنصارى الذين يستغلون مثل هذه الأخطاء للطعن في الشريعة الإسلامية الأولى بهم أن يطعنوا في شريعتهم المحرفة التي تمنع رجال الدين من الزواج فيقعون تبعا لذلك فيما اشتهر عنهم من الفضائح الجنسية فأي الشريعتين أولى بتحمل المسؤولية.
الشريعة التي أباحت لرجال الدين الزواج كغيرهم فوافقت وتماشت مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، أم الشريعة المزورة التي وقفت في وجه الفطرة التي فطر الله الناس عليها؟
والواجب على الرجل المشار إليه بالإمام أن يتوب إلى الله تعالى، كما يجب على من له صلة به من المسلمين أن يقوم بنصحه وتذكيره بالله تعالى وأليم عقابه، ويحثه على التوبة لعل الله أن يتوب عليه.
وينبغي لكم استبدال ذلك الإمام بآخر عدل إن أمكن.
وانظر الفتوى رقم: 56686. حول إمامة مقترف الفاحشة، والفتوى رقم: 1869، والفتوى رقم: 95066
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(16/651)
لا ينبغي السكن مع من يقترف فاحشة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العيش مع رجل يقوم بلواط القصر، مع العلم أنه من الأهل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط فاحشة من أشد الفواحش وأكبرها إثماً ويزداد قبحاً وسوءا إذا كان مع القاصرين فيجب نهي ذلك الرجل ووعظة وتخويفه من وزر فعله وعاقبته، فإن حده الشرعي هو القتل رجما، وقيل يرمى من شاهق ويتبع بالحجارة ليموت أسوأ ميتة؛ كما حدث لقوم لوط.
وينبغي تهديده بفضح أمره ورفعه إلى الجهات المسؤولة لترفع ضرره وتكف شره إن لم يتب من ذلك الفعل المشين، ولا تنبغي مساكنته لما يخشى من شروره ويجب هجره إن كان فيه مصلحة له، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48328، 59332، 1869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(16/652)
حكم تلذذ الذكر بإدخال أشياء في دبره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر إدخال أي شيء (غير العضو الذكري) كالأصبع أو حتى الخضار كالخيار مثلاً في المؤخرة لواطا ما دام لا يخرج منه السائل المنوي، وإن لم يكن لواطا هل يجب منه الاغتسال أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأي قبح أشنع وأي فعل أفظع من أن يتلذذ رجل كرمه الله بالذكورة وفضله بالرجولة بأن يؤتى كما تؤتى النساء، ولا يرتاب ذو عقل في أن فاحشة اللواط من أشنع الفواحش وأرذلها بل هي أقبح من الزنا ولذلك سماها الله (الفاحشة) بالتعريف في قول لوط لقومه: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ {النمل:54} ، وكانت عقوبة هذا الفعل قتل فاعله محصناً كان أو غير محصن لحديث ورد في ذلك ولاتفاق الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، ولا شك أن سد الذرائع إلى المحرمات واجب، وما سأل عنه السائل ذريعة قوية لارتكاب الفاحشة الكبرى التي هي اللواط.
بل هو محرم لنفسه أيضاً لا لكونه ذريعة فحسب لأن الله لم يأذن للرجال في أن يتلذذوا بمثل هذا الأمر، بل قد قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ {المؤمنون:5-6} ، فهذا الفعل المسؤول عنه وإن لم يبلغ أن يكون لواطاً لكنه محرم بلا شك للوجوه التي ذكرناه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 60159.
فعلى فاعل هذا أن يجاهد نفسه في ترك هذا المنكر، وأن يعلم أنه لا يليق بذوي المروءات فضلاً عن أهل الدين، وليتب إلى الله تعالى توبة نصوحاً فإن الله يقبل توبة من تاب إليه، وبالنسبة لوجوب الغسل من هذا الفعل فلا يجب ما لم ينزل المني، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا والمسلمين لما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1429(16/653)
متزوج فعل اللواط ويريد أن يقيم الحد على نفسه فما حكم ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بممارسة اللواط منذ الصغر, وبعد أن تزوجت ابتعدت عن هذه العادة السيئة وأنا الآن والد لبنتين ... قبل مدة 4 شهور وسوس لي الشيطان ومارست اللواط..أنا الآن عاهدت ربي ووضعت يدي على القرآن الكريم بأن لن أعود لهذا الشيء السيء ولكن الآن أنا أعاني نفسيا وأفكر في الانتحار وأفكر أن أقيم القصاص على نفسي بأن أرمي بنفسي من فوق بناية لأني قرأت أن هذا هو الحكم على من يقوم باللواط, أنا أعاني نفسيا فأفيدوني ماذا أفعل جزاكم الله خيرا, وأيضا اخبرني صديق بأن من يمارس اللواط وهو محصن أي متزوج تحرم عليه زوجته هل هذا صحيح؟ فانا شبه مريض نفسيا الآن وأتمنى مساعدة أهل العلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط من كبائر الذنوب ومن أفظع الفواحش، لكن الإنسان إذا تاب توبة نصوحاً من أي ذنب مهما عظم، فإن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أن يقبل توبته،، قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} الفرقان: 68-71}
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر 53}
لكن شرط قبول التوبة، الإقلاع عن الذنب، والندم، والعزم على عدم العود إلى الذنب، ويتأتى ذلك بالاستعانة بالله عز وجل والتوكل عليه والتعرف على أسمائه وصفاته، والتفكر في نعمه، وتذكر الموت وما بعده من أمور الآخرة، وتجنب صحبة العصاة والغافلين، والحرص على صحبة الصالحين، وكثرة الذكر والدعاء، وشغل الفراغ بالأعمال النافعة.
أما إقدامك على قتل نفسك بإلقائها من شاهق، بناء على قول من قال: إن هذه عقوبة اللواط في الدنيا، فإن ذلك غير جائز، فإن إقامة الحدود أمرها إلى الإمام، وأما إقامتك الحد على نفسك فهو قتل لنفسك وانتحار، ومعلوم حرمة ذلك وما جاء فيه من الوعيد، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا. رواه البخاري ومسلم.
بل ينبغي على الإنسان إذا وقع في شيء من الفواحش أن يستر على نفسه ولا يفضحها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ " رواه مالك في الموطأ.
أما ما أخبرك به صديقك أن من فعل اللواط وهو محصن فإن زوجته تحرم عليه، فهذا غير صحيح ولا دليل عليه.
وعليك أن تجاهد نفسك وتبتعد عن البيئة التي كانت سببا في وقوعك في هذه الفاحشة، وتسعى لكل ما يقربك إلى الله، وتحذر من اليأس، فإنه بغية الشيطان، وهو أمر مناف للإيمان، قال تعالى: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56} وقال تعالى: ... وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف 87}
نسأل الله لنا ولك الهداية والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1429(16/654)
التوبة من فعل مقدمات اللواط مقبولة بشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن عمري 20 عاما وقد فعلت من الذنوب الكثير ولكنى تبت إلى الله وعقدت العزم على تغيير حياتي وبدأت في حفظ القرآن ولكن قد ذكرني الشيطان اللعين بذنب فعلته في الصغر ولكنه كان بعد البلوغ وهو أنني استمتعت بأحد أصدقائي وهو ولد ولكن من الخارج فقط وهو يرتدى ملابسه دون أن تحدث ممارسة على الإطلاق فهل هذا لواط والعياذ بالله؟ وهل أنا بذلك قد ارتكبت كبيرة من الكبائر؟ وهل أنا بعد ذلك إنسان عادي؟ وهل يمكنني الزواج والعيش في راحة واطمئنان وتكوين أسرة أساسها الإسلام؟ هذا مع العلم أنه لم يكن في نيتي فعل أكثر من ذلك وكان وقتها عمري حوالي 15 عاما وكنت بالغا، أفيدوني في أسرع وقت ... وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية أسأل الله العظيم أن يتم عليك نعمته، ويديم عليك عافيته.. وأن تستقيم على ما بدأته من التوبة وتغيير حالك إلى ما يرضي الله تعالى.
ثم اعلم أخي الكريم أن هذا الفعل الذي تسأل عنه وإن لم يكن هو اللواط الذي يوجب الحد، إلا أنه مقدمة له وذريعة إليه، والشريعة قد جاءت بسد الذرائع إلى الحرام. ولا شك أنه من الفواحش التي حرمها الله.
وأما سؤالك عن الزواج والطمأنينة في العيش بعده، فهذا هو سنة المرسلين، كما قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ {الرعد: 38} وهذا هو وصية النبي صلى الله عليه وسلم القائل: مَنْ اسْتَطَاعَ منكم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ رواه البخاري ومسلم.
فلا شك ـ إن شاء الله ـ أنك إن استقمت على توبتك بدل الله سيئاتك حسنات وغفر لك ورحمك، قال تعالى: وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ {الأعراف: 153} وقال عز من قائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} وقال تعالى: ... إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70} .
فأقبل على الله يقبل الله عليك، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً. رواه البخاري ومسلم.
فإذا أصبحت من المؤمنين العاملين للصالحات فسينعم عليك بالحياة الطيبة، كما قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل: 97} .
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 57110، 62535،، 53099، 43447، 43946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(16/655)
جعل الابتلاء مبررا للشذوذ سلوك خاطئ
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل شاذ جنسيا لم أفعل الفاحشة من قبل حيث عصمني الله منها لكني مع الزمن لم أعد أحتمل شهوة الرجال ولا أريد الوقوع في المعصية. وقد قرأت فتاواكم وقررت الزواج من امرأة متدينة عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا. كما أن قراءة القرآن تساعدني كثيرا في حب الله وترك معاصيه والتقرب إليه.
ولكن تراودني بعض الأسئلة حول علاقتي بربي جل وعلا وبزوجة المستقبل إن شاء الله.
هل شذوذي ابتلاء من عند الله أم عقاب؟ وهل أكتب من الصابرين على البلاء إن شاء الله؟
هل يحبّني ربي رغم شذوذي لذلك ابتلاني بابتلاء عظيم وهل أعتبر من صفوة خلق الله وممّن فضلهم الله على كثير من المسلمين، فالله يبتلي صفوة عباده بما يشاء وشدة البلاء من شدة حب الله للعبد؟
هل إن عدم إمتاع زوجتي جنسيا فيه ظلم لها علما أنني لن أكون قادرا على ذلك لأني لا أنجذب الى النساء. فلا يكلف الله نفسا الا وسعها؟
هل يحرم علي مصافحة الرجال والاختلاء بهم؟
هل يحرم علي أن أحب أصحابي الرجال وأن أصاحبهم وماذا أفعل في حديث المصطفى حول حب الأصحاب وعدم هجرهم؟
وفي الختام أود أن ألفت انتباهكم أيها المشايخ الكرام وكذلك الشواذ الذين يقرؤون الرد على هذا السؤال أن مسألة الشذوذ هذه ظاهرة تتفاقم يوما بعد يوم وأن علماء الاسلام ركزوا على العقاب الذي ينتظر الشواذ الفجرة ولكنهم نسوا الوقاية من الوقوع في الحرام. فكون الانسان شاذا لا يعني كرهه واحتقاره بل يجب نصحه وإقناعه أن الله لا يمكن أن يظلم أحدا. فقد قال في سورة الكهف ولا يظلم ربك أحدا. بل إن الله تعالى كما أعطى للرجال العاديين نعمة حب النساء فقد أعطى للرجال الشواذ هذا الابتلاء حتى يرى كيف يتصرفون هل يشكرون أم يكفرون.
وفي اللأخير فان الله تعالى هو الحسيب الرقيب وهو أعلم بعباده من أنفسهم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
وأكون ممتنا جدا لو أجبتموني على كل الأسئلة الواردة.وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يذهب عنك هذا البلاء، ونوصيك بأن تتقي الله تعالى، وأن تحرص على البعد عن كل ما قد يدعوك للوقوع في الفاحشة.
ويحسن بنا أن نجمل جواب ما أوردت من أسئلة في النقاط التالية:
النقطة الأولى: أن هذا الأمر قد يكون مجرد ابتلاء من الله تعالى، وقد يكون عقوبة على ذنب، ولا ينبغي أن تشغل نفسك بالتفكير في مثل هذا، بل عليك أن تصرف همتك إلى جلب ما ينفعك ودفع ما يضرك، ولعلك إذا اتقيت الله تعالى وحفظت نفسك من الوقوع في الفاحشة أن تعطى ثواب الصابرين.
النقطة الثانية: إذا أحب الله قوما ابتلاهم، ولكن لا يلزم من هذا أن كل من ابتلاه الله تعالى أنه يحبه، وأما عجزك الجنسي عن إمتاع زوجتك فلا يعتبر ظلما منك لها. إذ لا يؤاخذ العبد بما ليس بقدرته واختياره.
النقطة الثالثة: أن محبة الرجل للرجل محبة لا تتنافى مع الشرع، وكذا صحبته له، أو مصافحته ونحو ذلك، فهي في أصلها مباحة، ولكن تحرم في حق من خشي أن يؤدي به ذلك إلى الفتنة.
النقطة الرابعة: أنه ينبغي نصح من ابتلي بالشذوذ الجنسي وتذكيره بالله تعالى والحرص على هدايته، ولكن لا ينبغي اتهام العلماء بالتقصير في بيان أسباب الوقاية من الوقوع في الحرام، فهم قد بينوا ذلك من خلال نصوص الشرع التي جاءت بسد الذرائع إلى الحرام، وقد يكون التقصير واقعا من الشخص نفسه في عدم حرصه على الاطلاع على كتب أهل العلم أو الاستماع إليهم أو سؤالهم.
النقطة الخامسة: أن كون هذا الأمر نوع من الابتلاء فنعم، ولكن لا يجوز أن نجعل هذا سبيلا لتبرير هذا الفعل، أو الاستكانة إلى الابتلاء به.
ولمزيد الفائدة نحيلك على الفتاوى: 59332، 57110، 95794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1429(16/656)
كيف كان بدء عمل قوط لوط
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف بدأ اللواط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي جاء به القران هو أن قوم لوط أول من فعل فاحشة اللواط، وأما كيف بدأ ذلك فقد ذكر المفسرون بعض الروايات عن ابن عباس تبين ذلك، ومنها ما ذكره السيوطي في كتابه المنثور حيث قال:
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال: كان الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنهم كانت لهم ثمار في منازلهم وحوائطهم وثمار خارجة على ظهر الطريق، وأنهم أصابهم قحط وقلة من الثمار، فقال بعضهم لبعض: إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل كان لكم فيها عيش، اجعلوا سنتكم من أخذتم في بلادكم غريباً سننتم فيه أن تنكحوه وأغرموه أربعة دراهم فإن الناس لا يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك، فذلك الذي حملهم على ما ارتكبوا من الأمر العظيم الذي لم يسبقهم إليه أحد من العالمين.
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق محمد بن إسحق عن بعض رواة ابن عباس قال: إنما كان بدء عمل قوط لوط أن إبليس جاءهم عند ذكرهم ما ذكروا في هيئة صبي أجمل صبي رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه فنكحوه، ثم جروا على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(16/657)
يريد علاج ميله للذكور بالمداعبة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 34 سنة متزوج وأب لـ 3 أطفال أعاني من مشكلة نفسية قاهرة جداً، أنا أميل لجنس الذكور مع العلم بأننى مارست مع شاب بدون إيلاج مداعبة فقط، حاولت كثيرا أن أترك هذا العمل لكن لا جدوى، أنا لي 7 سنوات لم أقرب فيها أي أحد إلا زوجتي فقط، لكن نفسيتي مدمرة جداً جداً أفكر في هذا الموضوع كثيرا وأحلم فيه الحلم وأنا متأكد إذا مارست المداعبة مع أي شخص حوالي سوف أستريح نفسياً جداً، أعينوني أعانكم الله فهل يجوز أن أداعب شخصا ما لغرض أني أحل هذه المشكلة للأبد المشكلة أثرت على علاقتي مع زوجتي لا يوجد عندي دافع جنسي إلا بعد فترات طويلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط من أكبر الكبائر ومن أعظم الذنوب، ومقترفها منتكس الفطرة غافل عن الله تعالى، ولهذا شدد الإسلام في عقوبة فاعلها والمفعول به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أحمد وأصحاب السنن، وانظر لذلك الفتوى رقم: 1869.
قال القرطبي: أهلك قوم شعيب ببخس المكيال والميزان، وقوم لوط باللواط، ودل هذا على أن المعاصي أقرب إلى عذاب الاستئصال في الدنيا من الشرك، وإن كان عذاب الشرك في الآخرة أصعب. انتهى.
وروى الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط..
وقال محمد بن سيرين: ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار.
وقال الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي: لولا أن الله عز وجل قص علينا خبر لوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً.
ومن العجب أن تسأل عن إباحة تلك الفاحشة لتكون دواء لك مما أنت فيه، وكيف يكون الدواء في انتهاك المحرمات والفواحش وفي فعل ما يجلب غضب الجبار؟
وقد روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها.
وروى مسلم عن طارق بن سويد الحضرمي أنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم: إن بأرضنا أعناباً نعتصرها فنشرب منها، فقال: لا. فراجعه وقال: إنا نستشفي للمريض، فقال: إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء.
واعلم أن الذي أوصلك لهذه الحالة من فساد قلبك وانتكاس فطرتك واشتهاء المنكر، وحبب تلك الفاحشة الكبرى مقارفتك لها أول مرة وتلذذك بكبيرة من أعظم الكبائر واستهانتك بمحارم الله، قال تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {الصف:5} .
فالواجب عليك أن تسارع بالتوبة إلى الله وتعقد العزم على عدم العودة إلى ذلك أبداً، وأن تندم على ما فرطت في جنب الله تعالى من قبل أن يدهمك الموت وأنت مقيم على معصية الله، فتندم حين لا ينفع الندم. وفي الفتاوى ذات الأرقام التالية بعض التدابير المعينة على الخلاص من تلك الفاحشة: 57110، 59332، 60222، 6872، 56002، 5453، 7413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(16/658)
ما دام لم يحصل إيلاج فلا يعتبر ما حصل من اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مررت بتجربة غريبة في حياتي منذ 7 سنوات حيث إني كنت أعرف صديقا في الجامعة ثم دعاني ذات يوم لزيارته وبينما كنا نتحدث أثناء الليل ونحن نشاهد فيلما فإذا به يفاجئني ويأتي لفراشي ثم يخلع ملابسه وهو منتصب وأتذكر أني كنت مستلقيا على ظهري وليس بطني طبعا ولكنه جلس بين أرجلي ولم يبد أي محاولة تحرش ولكن في قرارة نفسي بدأ الوسواس يتسرب إلى نفسي لأني أعتقد أن ذكره كان مواجها لدبري بين الذراعين وبدأت أتخيل أو لا أدري إن كانت حقيقة بأن هناك شيئا يلمسني من تحتي على الرغم من أني كنت بكامل ملابسي ولكن المعروف من ما قرأت في تعريف اللواط أنه مجرد إذا دخلت الآلة في الدبر حتى من وراء الملابس فقد حدث اللواط. فوالله العظيم بأني نهضت من مكاني خوفا في أن يفكر في فعل شيء ولكن الآن تسربت إلي هذه الخواطر ماذا إن كان فعلا قد لمسني أثناء جلوسه قربي هل هذا يعني بأني أصبحت لوطيا.....والله إني منذ 7 سنوات وأنا أفكر هل لمسني أم لا؟.......لكن لم أعرف.....هل أصبحت لوطيا؟ ا......وإني متأكد بأني إذا سألته هو نفسه فهو قد لا يعرف إذا كان قد لمسني أم لا؟.....أرجوكم أفيدوني فأنا سأموت إذا ثبت لي أن شيئا قد حدث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للإنسان أن يجالس أمثال هذا القرين السيء الفاحش كما هو الظاهر من أمره.
ومحاولته عمل الفاحشة معك تعتبر بداية للشر لولا أن الله نجاك من ذلك، ولا يعد هذا لوطية لأن اللواط إيلاج في دبر ذكر. ولم يحصل ذلك، وإنما يعتبر هذا مقدمة من مقدمات هذه الجريمة الشنيعة التي لعن الله فاعلها وأهلك أمة بأسرها لأجلها. وبندمك على ما مضى من ذلك الفعل الذي وصفت يعد يقظة في ضميرك وندما على تفريطك بمجالسة مثل هذا الصديق السيء، وما تحس به من تألم يدل على ما فيك من خير فاستغفر الله. واعلم أنك لم تعمل عمل قوم لوط، فلا يوسوس لك إبليس هذا الوساوس ويملأ صدرك ليقودك إلى طريق اليأس والقنوط من رحمة الله، ويدخلك في معصيته. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 54144، 54210، 18521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(16/659)
علاج الشذود الجنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 20 سنة, أصلي وأقيم واجباتي الدينية والحمد لله ولكني ومنذ صغري وفي حدود الخامسة من عمري كنت أشعر بشهوة جنسية تجاه الأولاد من ذوي جنسي, نما في هذا الشعور إلى الآن وأنا لم أبد يوما أي اهتمام جنسي تجاه الجنس الآخر, حاولت الآف المرات التخلص من هذا التفكير الشاذ ولكن دون جدوى , الحمد لله أني لم أمارس الجنس أبدا وأنا من عائلة متدينة, قرأت كل الفتاوى في هذا الشأن ولم أجد الجواب لأسئلتي,
فهل هذا ابتلاء من الله وهل صبري عليه يدخلني الجنة؟ هل يحاسبني الله على تفكيري الشاذ الذي لا أتحكم فيه والذي نما فيا منذ الصغر، أليس من الظلم أن أتزوج فتاة لا أشعر تجاهها بشيء، هل أنا بتفكيري هذا من اللوطية الذين ذكرهم الله والرسول صلى الله عليه وسلم؟
الرجاء إجابتي على أسئلتي الأربعة ولو باختصار]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ميل الشخص إلى جنسه يعتبر انحرافا خطيرا، وعليه أن يبادر بعلاجه قبل فوات الأوان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أصابك هو ابتلاء من الله تعالى وعليك بعلاجه بما سنذكره، وأنت مأجور على الصبر عليه إن شاء الله تعالى إذا احتسبت الأجر عنده – سبحانه وتعالى – لأنه صبر عن المعصية.
ولن يحاسبك الله عز وجل على مجرد الميل ما لم تتكلم به أو تعمل بمقتضاه أو تسترسل فيه؛ لما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.
وزواجك من فتاة مستقيمة ذات خلق ودين يعتبر جزءاً من الحل – ولو كنت لا تشعر بحبها – لأن الحب يطرأ ويزول.
وأما التفكير في الفاحشة فإذا كان مجرد خاطر ولم يتماد فيه صاحبه أو يصاحبه هم أو عزم فنرجو ألا يكون من الذين توعدهم الله تعالى بالعقاب..
ولا شك أن ميل الشخص إلى جنسه بشهوة يعتبر انحرافا خطيرا عن الفطرة السليمة، وأول علاج أن يلجم العبد نفسه بتقوى الله تعالى، وأن يجدد التوبة دائما ومن وقت لآخر، وأن يشغل ذهنه وبدنه بطاعة الله تعالى وبما ينفعه في دنياه، وأن يصاحب أهل الخير والصلاح ويداوم على مجالس العلم والذكر، وأن يغض بصره عن كل ما حرم الله وخاصة ما يميل إليه، وأن يبادر بالزواج، وقبل ذلك وبعده الإكثار من ذكر الله تعالى ودعائه وخاصة في أوقات الإجابة.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل انظر الفتاوى التالية: 71282، 6872، 71334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(16/660)
التوبة من اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في سن 21سنة لقد ارتكبت المعصية وأسأل الله العفو.. مارست أنا الجنس مع صديق لي نعم مع صديق، في ليلة 27 من شهر رمضان الفائت مع قرب صلاة الفجر، وفي طريقي للصلاة أحسست الجو متغيرا، وكما سمعت من كثير من الناس إنها ليلة القدر هي صحيح أنها غير معروفه هذه الليلة العظيمة لكن انتابني شعور أنها هي فعلا، وأحسست بالخوف إلا هذا اليوم والله والله إني نادم علي ما فعلت وأتمني من الله العفو، والذي أريد أن أعرفه ما الذي يتوجب علي فعله، مع العلم بأني في تلك الليلة أفطرت من النجاسة، أريد أن أبتعد عن هذا الصديق ولم أقدر لأنه كانت علاقتي به إنسانية لأنه معاق فأحبني أبوه وأمه وأهله وكل ما أبتعد عنه يتصل أبوه أو تتصل أمه وتصالحنا مع بعض، وأنا والله لا أدري ماذا أفعل أنا حاسس بالذنب، فأرجو الرد على أسئلتي في أسرع وقت ممكن وما الذي يتوجب علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن تتوب من هذا المنكر العظيم، توبة صادقة وتبذل الأسباب المشروعة في البعد عن هذه الرذيلة، فتزوج إن أمكنك، وإلا فأكثر الصوم وجالس أهل العلم، وواظب على الأذكار والصلاة في المسجد، كما يجب عليك البعد عن لقاء هذا الصديق فيخشى عليك عند التواجد معه أن يستهويك الشيطان ويجرك للفاحشة معه مرة أخرى.
هذا وننبه إلى أن الأهل يحرم عليهم تمكينك من لقائه، إن علموا أنه يمكنك الوقوع في الرذيلة معه، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71210، 63864، 62535، 47684، 40239.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(16/661)
اللواط والزنا يوجبان المقت، واللواط أشد الفاحشتين جرما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل اللواط أم الزنا إذا كان الشخص لا بد أن يعمل هذه الفاحشه لأسباب عدة منها أن بلدنا تؤمن بالشيوعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم أن يبتعد عن الفواحش جميعاً لقوله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ {الأنعام:151} ، ولقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ {الأعراف:33} ، وعليه أن يتخذ التدابير اللازمة التي تعينه على البعد عن هاتين الفاحشتين، ولا شك أن اللواط أخطر شأناً من الزنى وأعظم قبحاً وشناعة وإثماً، ولكن كلا من الرذيلتين فيها خطر شديد في الدنيا والآخرة.
فعلى المسلم أن يستعف عنهما ويبتعد عما يؤدي لهما ويقطع شهوته بالنظر في الوعيد المترتب عليهما، ويستعين بصوم النفل والزواج وغض البصر وصحبة أهل الخير والهجرة عن بيئات الفساد، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72497، 77980، 96257، 6872، 57110.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1428(16/662)
حكم تتبع المسلم أخبار الشواذ
[السُّؤَالُ]
ـ[نعيش في دولة عربية مسلمة وأصحابنا نعيش ظواهر غريبة أذكر منها انتشار زواج الشواذ، والمحزن هو أن هذه الظواهر تنشرها وسائل الإعلام، فما حكم الشرع من الذي يتتبع هذه الأخبار وكيف يمكن لنا كمسلمين التعامل مع هذا الوضع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الشذوذ الجنسي من البلاء العظيم، وانتشاره في مجتمع المسلمين من الخطورة بمكان، وإن حدث فعلاً وقوع ما يسمى (زواج الشواذ) وهو في الحقيقة ليس بزواج، فالواجب الإنكار على من يفعل ذلك أو يعمل على نشره، ولا ينبغي للمسلم أن يقصد إلى تتبع أخبار هؤلاء الشواذ، لأن هذا قد يكون ذريعة للفتنة، إلا أن يكون له في ذلك غرض صحيح من تتبع أخبارهم.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 76686، والفتوى رقم: 9358.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(16/663)
القرائن هل تكفي لاتهام المسلم بفعل اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مقيما مع إنسان في سكن نأكل ونشرب سوياً، نحافظ على الصلاة، وتجمعنا الصداقة.
لكنني فوجئت يوماً عندما استقيظت من نومي أني أجد في سروالي الداخلي دم. لم أقتنع أن يكون هذا الشخص الذي تجمعنا هذه الصداقة والأكل والشرب والعشرة أن يكون خانني في نومي، واعتدى علي، استبعدتُ هذا الأمر نهائياً. ولكن منذ فترة بدأت المؤشرات تظهر أنه اعتدى علي. علماً بأنني كنت أرسلتُ بسؤال بخصوص هذا الأمر إلى موقعكم الموقر فأفادني المجيب بأنً هذه الدماء قد تكون ناتجة عن بثور.
أنا الآن في أحلك الأيام وأصعبها أعاني من حدوث هذا الأمر الذي أصاب شرفي، وتراودني فكرة الثأر ولو بالقتل لهذا الذئب الذي خانني. كما أنّ خوفي من افتضاح أمري سكاكين تقطّع في جسدي وأنا لست أدري ماذا أفعل: فلا أنا عارف أنام أو آكل أو أشرب. لدرجة أخشى على نفسي من الشرك أوالوقوع فيما لا يرضي الله. علماً بأنني محافظ على صلاتي ولكن هذا الأمر نار لا أستطيع مقاومتها والشعور بالذل والمهانة أمام نفسي. كما إني لا أستبعد أن يكون هذا الشخص قد أخبر أحداً بهذا الأمر. حائر وفي قمة الحزن الذي ملأ عليّ حياتي منذ أن تاكدت أن هذا الشخص الذي كنت أثق فيه يفعل معي هذا الأمر. وكما أسلفت فكرة الانتقام تلح علي بشدة حتى ولو فقدت معها حياتي. ماذا أفعل أو كيف أواجه هذا الأمر، أوأتقبّله خائف من معصية الله ولكنني أعاني من الشعور بالذل والمهانة. أكتب إليكم ودمعي يسيل، وكلما خلوت بنفسي أجد الأفكار وهذا الحدث يطعن شرفي. فبالله عليكم دلوني على حل يرضي الله ويخلصني من هذه النيران. علما بأني في الأربعين من عمري وقد تركت هذا الشخص منذ ثلاث سنوات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمؤشرات والقرائن لا تفيد اليقين، ولا تكفي للقذف وإثبات تلك الفعلة الشنيعة، وكان عليك أن تتأنى في الأمر وتعلم أنه من الشيطان لينزغ بينكما، ويسول لك اتهامه دون بينة، بل وقتله كما ذكرت عياذا بالله. قال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا. {سورة الإسراء 53} .
فاحذره واتخذه عدوا، واتق الله تعالى في نفسك وفي عرض أخيك، ولا تتهمه بما ليس عندك فيه بينة وبرهان وأشد ذلك وأكبر جرما أن تؤذيه بالقول والفعل بناء على تلك الخيالات، فالمرء يكاد يجزم بعدم إمكانية حصول ذلك دون شعور به حتى إنك ذكرت أثر الدم وكيف يحصل ذلك بك وأنت في نوم دون أن تحس بشيء وعلى فرض أنه حصل فعلا فقد مضى والإثم على مرتكبه وإعلانه منك وتحدثك به إنما يفضحك أولا فتصبح حديث الناس بينما لا يعلم أحد الآن بالأمر غيرك.
فلا تفضح نفسك ولا توبقها بارتكاب أشد الجرائم وأفظعها ألا وهو قتل نفس مؤمنة، قال تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا. {سورة النساء 93}
وانظر إلى الفتوى رقم: 65219.
وإذا ثبت لديك حصول ذلك من زميلك وآثرت أخذ حقك في الدنيا ومعاقبته فليس لك ذلك مباشرة، وإنما عن طريق المحكمة، فترفع الأمر إليها وهي حينئذ تفعل ما تراه بناء على ما يتقرر عندها، وانظر الفتوى رقم: 23376، ولمعرفة حكم القذف وخطورته انظر الفتوى رقم: 97927.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(16/664)
اللواط وهل للمفعول به توبة
[السُّؤَالُ]
ـ[مارست اللواط وكنت المفعول به من قبل ابن عمتي، ولكني كنت صغيراً ولا أدري ما هذا وأنا الآن أعاني من حالة نفسية صعبة حيث إني أشعر بنقص في رجولتي وأعاني من القنوط من التوبة لأني قرأت أنه لا توبة للمفعول به حتى لو تاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن ما أقدم عليه ابن عمتك هو جريمة كبيرة ومنكر عظيم، فاللواط خروج على الفطرة وشذوذ عن الطريق السليم الذي جعله الله لتفريغ الشهوة، يقول الله تعالى منكراً على الشواذ: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ {الشعراء:165-166} ، ولكنك إذا كنت قد فعل بك هذا وأنت صغير قبل أن تبلغ الحلم، فإنه لا ذنب عليك لأنك ممن رفع عنهم القلم، فقد ثبت في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل.
فأبعد عنك هذه الحالة النفسية التي قلت إنك تعيش فيها، فإنه لا لوم عليك فيما حدث ولا نقص في رجولتك، كما أنه غير صحيح أنه لا توبة للمفعول به ولو تاب، فقد قال الباري جل ذكره: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} ، وروى الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه وابن ماجه والحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. وروى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(16/665)
كيفية نصح الأب المرتكب للفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[يشرفني أن أستفيد وأفيد غيري من إجابتكم، أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة ولدي 3 إخوة وأختان ووالداي على قيد الحياة، وللأسف أبي أكرمكم الله يمارس اللواط بدون توقف وأنا وكل العائلة نعلم ذلك وكل من يعرفه يعلم ذلك ولقد نصحه جميع الناس ولكن بدون جدوى حتى وصل الأمر أني صارحته شخصيا وأمام كل العائلة وأكدت أني رأيته يزني ويقوم باللواط حتى أن الناس لا يريدون نسبي نظراً لأخلاق والدي الذي يبلغ من العمر 55 سنة، السؤال هو: هل يجب هجره إن لم يتوقف عن فعل ذلك، وماذا يجب علي أن أفعل أنا والعائلة، وما حكم ذلك، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً فأنا في هاجس لا أعرف الخروج منه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن اللواط من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش ولهذا شدد الإسلام في عقوبته فجعلها القتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أبو داود والترمذي ... وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: ملعون من عمل عمل قوم لوط. رواه أحمد وغيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 42914.
وكان عليك أن تنصح والدك على انفراد وتبين له خطورة هذه الجريمة في الدنيا والآخرة وشؤمها عليه شخصياً وعلى سمعة العائلة كلها، والذي عليك الآن ألا تيأس من نصحه لعل الله تعالى أن يهديه على يديك فتنال بذلك خيري الدنيا والآخرة، ويمكن أن تستعين عليه بمن يمكن أن يؤثر عليه من الصالحين، وأن تبين له الأحاديث الواردة في عقوبة مرتكب هذه الفاحشة، وتستعمل كل وسيلة مشروعة تراها مناسبة وخاصة الدعاء له في أوقات الإجابة.
ومع ذلك فحق الأبوة من البر والإحسان والطاعة بالمعروف يبقى ثابتاً له على كل حال، فقد أوصى الله عز وجل بالوالدين ولو كانا مشركين، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت:8} ، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 29475 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1428(16/666)
الصلاة الخاشعة تنهى عن اقتراف الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخجل مما سوف تقرؤون:
أنا شاب تميل مشاعري وشهوتي إلى الرجال منذ طفولتي مع العلم أنني لم أمارس اللواط مع أحد بتاتا، وأنا والحمد لله معتمر وأصلي وأصوم وأقرأ القرأن ولكن مع الوقت تزداد شهوتي فماذا أفعل؟
هل أنا أعتبر من الجهنميّين؟ ما هي كفّارة العادة السريّة التي أمارسها؟
هل حلال إذا مارست اللواط وأنا مواظب على صلاتي أم حرام؟
أرجو المساعدة قبل فوات الأوان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يجوز فعله أبدا ولو كان الفاعل مواظبا على الصلاة، بل لو كان مواظبا على الصلاة حقا فإن صلاته ستنهاه عن اقتراف هذه الكبيرة الفاحشة، قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت: 45} فاتق الله أيها السائل واعلم أن غمسة واحدة في نار جهنم تنسي صاحبها الدنيا ولذاتها وشهواتها، فاحذر أن توقع نفسك فيها، وما دمت لم تفعل ذلك الذنب فأنت على خير إن شاء الله إن حرصت على الابتعاد عنه.
وأما كفارة العادة السرية فكفارتها التوبة منها.
وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان تحريم اللواط والعادة السرية وطرق الخلاص منها وعلاج الشذوذ.
فانظر الفتوى رقم: 6872، والفتوى رقم: 57110، والفتوى رقم: 1869، والفتوى رقم: 1087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1428(16/667)
حكم طلب الزوج من زوجته إدخال شيء في دبره للاستمتاع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آسف على هذا السؤال، أنا متزوج ودائما أحب أن زوجتي تضع لي شيئا في الشرج وأحيانا أطلب منها بأنها هي التي تجامعني فى شرجي بأي شيء مقل قلم أو أي شيء، وأنا أكون في قمة نشوتي بهذا وبالتالي ينعكس على علاقتي معها أثناء الجماع، فهل هذا حرام، فأرجو الإفادة والإحاطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإدخال الرجل لأصبعه أو أصبع زوجته أو غيرها كقلم في دبره لا يجوز، لأنه يدعو إلى فاحشة اللواط لمن اعتاده، قال الإمام ابن الحاج في المدخل: يحذر أن يدخل أصبعه في دبره فإنه من فعال أشرار الناس، وهو منهي عنه، لأنه يفعل بنفسه، وذلك حرام. ولما قد يترتب على ذلك من ضرر، أضف إلى ذلك أنه من سفاسف الأمور التي لا يفعلها أهل الشهامة والرجولة، وفي مثل هذه الحالة يؤدي إلى سقوط هيبة الرجل عند امرأته، فمجموع هذه الأمور يقضي بمنع ممارسة هذا الفعل. وعليه فننصحك بالبعد عنه فوراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(16/668)
الترهيب من الاعتداء على أعراض الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخوكم قي الله أريد فتوى في مسألتي وهي:
عمري26 سنة والحمد لله مسلم ومؤمن بقضاء الله وقدره أخافه خوفا عظيما وأخاف وعيده ولكن القصاص قي الدنيا حق وهنا بيت القصيد، عندما كان عمري لا يتجاوز 12 اغتصبني لا أقول إنسان ولكن وحش لأنه لو كانت عنده ذرة من الإنسانية لكان أجدر به أن يموت على أن يفعل ذلك الفعل وأحيطكم علما انه والله على ما أقول شهيد لم يمسسنى بشر إلا هذا الجبان الذي ضيع مستقبلي ولم يكتف ويخجل من فعلته بل بدأ يخبر الناس بها ومن تلك اللحظة بدأت حياتي قي التدمير وما أصعب نظرات الناس والأصدقاء إليك والله إني ف ي بعض الأحيان أفضل الموت والعياذ بالله أفتونى هل قتله حلال عند الله أم حرام لأن الله أنذر لقاتلي النقس أم أصبر وأحتسب وأوكل ذا العرش العظيم، وأقول لكم إخواني ف ي الله ما أصعب اختبارات الله ومهما قلت أو وصفت معاناتي أكون قد وصفت جزء من 100 جزء وأخيرا أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع الذي يزيح الألم عن القلوب وينير الطريق ويساعد جميع المسلمين على التفقه قي الدين، جزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين كل خير يا حماة دينه من غلو وأطماع الكفار، اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخيرا أرجو منكم أن تقرؤوا الفاتحة على روح أبي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وتدعو له بالرحمة والغفران ويرحم جميع موتانا ويغفر لهم ويدخلهم مدخل خير إن شاء الله، إنه هو العزيز الغفور، وأدعو لي أن يزيل عنى ما حل بي ويعوضني أحسن منه يا رب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يفرج همك ويرحم والدك، ونفيدك أن الصبي المغتصب في الصغر قبل البلوغ لا إثم عليه فيما حصل له لأنه مكره ولأنه لم يبلغ الحلم، وأما المجرم الذي اعتدى عليه فهو مؤاخذ إن كان بالغا، كما أنه مؤاخذ بحديثه عن إجرامه وإيذائه بالقول لمن اعتدى عليه، ويمكن إنذاره وتخويفه من الحديث في هذا الموضوع؛ كما تمكن الشكوى منه إلى السلطات لتحجزه وتعاقبه على إجرامه.
وأما الإقدام على قتله فلا يشرع لأن تطبيق الحدود موكول إلى الحاكم أو من ينوبه، وعليك بالالتجاء إلى الله والإكثار من دعائه، وراجع للمزيد في الأمر الفتاوى التالية أرقامها: 94654، 29819، 63640، 68152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(16/669)
التوبة من الفواحش وعلاج ميل الرجل إلى الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[أتصرف كالرجال عادي في كل شيء لكن في داخل نفسي أحس بشهوة الرجل وأميل للرجال وأجد نفسي وحدي مع من تعشقه عيني في الليل طبعاً هذا وأنا وحيد وأتصرف معه كأنني امرأة وكأنه بجنبي مللت من هذه العيشة وخاصة عمري 37سنة ولا أستطيع الزواج لأنني آتي الرجال شهوة دون النساء، مع العلم بأنني أصلي لكن لا أحترم المواقيت، قمت في المدة الأخيرة بالرقية مرتين أحس بشيء هادئ لكن عندما يمر الأسبوع أعود إلى نفسي، لعلمكم لي صديق يكبرني سنا متزوج أحبه وأكره له السوء وفي نفس الوقت أحتلم به في الليل كأنه زوجي وأنا زوجته، للعلم حدث لنا ما كنت أتمناه منه مرة واحدة، من يومها أكد لي أن هذا الشيء لن يحدث مرة أخرى بعد ذلك اليوم أصبحت تائها لا أحب عملي قط أصبحت أرى كأن الدنيا انتهت وأصبحت أكثر شهوانية للرجال وأصبحت أبحث عنهم وأقضي حاجتي منهم وأتذكر صاحبي الأول عند كل عملية تحصل، فقط أقول لكم إن صاحبي ما زال يرافقني في كل مكان أذهب معه أحس به لكن أصبحت أخافه أن يغضب مني ويغيب عني للعلم هو أيضا يحبني ولا يجد راحة إلا معي، قررت يوما أن أبتعد منه طالت المدة، لكن في الأخير رجعت كررت هذه العملية مراراً، لكن لم تأت بنتيجة، الآن أصبح عندي بعض الأصحاب أذهب عندهم أحس بهم وهم أيضا، لكن دائما أحب وأجد نفسي مع صاحبي الأول، كرهت كل شيء لو تراني ما تقول أنني خنثى أتصرف كالرجال، لكن في داخل نفسي نفس امرأة لهذا أحس كأنني اثنان في أي مكان في العمل في الشارع في البحر في ... عندما أرى رجلا بالمواصفات التي أحبها فيه تراني أهيج وأجد نفسي تحن لهذا الرجل حتى والله أتقرب إليه بدون أن يشعر وأضيع حتى أشغالي في بعض الأوقات، لهذا فكرت في الرحيل عن المنزل حتى لا أنكشف عند أهلي وهم في هذه الأيام يكثرون علي موضوع الزواج، أنا أعرف نفسي لا أتقرب ولا أحس بشهوة النساء، للعلم قمت بعملية الزنا 3 مرات هذا فقط لأجد نفسي فيهم لكن بدون نتيجة وكأنني مع جماد لم يتحرك في نفسي شيء لهذا زادت كآبتي وزادت شهوانيتي مع الرجال، للعلم صديقي الذي أحبه دائما أفعل معه أشياء -هو زوجي وأنا زوجته- قبل النوم وكل يوم طبعا في التخيل عندها أقول له -تصبح على خير- ثم أنام بعد كل عملية احتلام معه. أعرف أن ما أقوم به هو حرام قبيح شيء من أفعال قوم لوط، لكن والله أفعله بدون ما أتحكم فيه قلت لكم إنني عادي مع كل الناس لا أحد يعرفني في بلدتي إلا هذا صاحبي والآخرون بعيدون عن منزلي وأنا أذهب عندهم.، أتمنى أن أجد نفسي واحدا لا اثنين، في الأخير شكر خاص لهذا الركن الخاص بالفتاوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن نفسك من إحساس بشهوة وميل إلى الرجال، وما فصلته من الممارسات التي قمت بها، من بين اللواط والزنا، وما ذكرته من عدم احترام مواقيت الصلاة وغير ذلك مما سردته ... نقول: إن هذه الممارسات وهذه السيرة التي ذكرتها عن نفسك تدل على مجاراة لشذوذ مخالف للفطرة التي فطر الله الناس عليها.
وعليك أولاً أن تسارع إلى التوبة من جميع ما ارتكبته من الفواحش، وأن تندم على ذلك وتعقد العزم على أن لا تعود لمثلها، ثم عليك بالابتعاد عن أولئك الرفقاء الذين يظهر أنهم رفقاء سوء، وعليك الالتزام بالصلاة، وأدائها في أوقاتها، فقد قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {العنكبوت:45} ، ولعلاج هذا الشذوذ الذي أنت مصاب به ندعوك إلى مراجعة الفتوى رقم: 6872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1428(16/670)
طريق نهايته اقتراف فاحشة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مداعبة الأولاد البالغين الجدد دون فعل اللواط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل يقصد بمداعبة الأولاد البالغين ... قصد تلذذ بعض الأولاد البالغين من بعضهم، وهذا الفعل يعتبر من المحرمات المؤكدة الداخلة في قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون:5-6-7} ، كما أن مثل هذا الفعل هو سبيل إلى فعل اللواط وإلى الشذوذ الجنسي ومخالفة الفطرة، ومثله إنما يريده الرجل من زوجته لا من رجل مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(16/671)
كيف يستسمح ممن اقترف معه فاحشة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ارتكبت اللواط عدة مرات في شخص واحد في فترة المراهقة وحتى عمر20 وبعدها ندمت ندما شديداً وتركت مجموعة الفساد وأصبحت أدوام على الصلاة لمدة خمس سنوات، والآن هاجرت إلى الدول الأوروبية لطلب العلم والشغل، السؤال: هل لا بد أن أتسامح من الشخص الذي عملت عليه اللواط وأنا خاف أن يتذكر ما فعلت به وبعدها يتضايق وأخاف أن لا ينام، والمشكلة أيضا أني في دولة بعيدة فماذا أفعل؟ هل الله سوف يقبل التوبة مني أم لا، والله إني أدعو لهذا لشخص في كل صلاة، ودائما أفكر ولا أنام من هذه الحادثة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك بالتوبة من هذه الفاحشة العظيمة الشنيعة، وعليك بالحرص على البعد عن جميع الأسباب التي تؤدي لها ولغيرها من المنكرات، والحرص على ما يساعدك على مواصلة التوبة، فواظب على العبادات وصحبة أهل الخير والزواج وصوم النفل والإكثار من الذكر والاستعاذة من الشيطان.
أما استسماح الشاب فالأحسن أن يكون على سبيل الإجمال ولا تذكره بالصريح بما سبق، وراجع في هذا وفي الوسائل المساعدة على الاستمرار في التوبة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57479، 66235، 59332، 60129، 62535، 47684.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(16/672)
حكم من اتهموا شخصا أنهم فعلوا معه فاحشة اللواط وهو منكر
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص اتهمه أشخاص آخرون أنهم مارسوا معه اللواط (عافانا وعافاكم الله) وهو منكر لذلك، فما حكمه وحكمهم، علماً بأن عدد الأشخاص يتجاوز الأربعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط هو إحدى الفواحش النكراء التي عابها الله على قوم لوط، قال الله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ {الأعراف:80} ، وقال: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ {الشعراء:165} ، وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
فهؤلاء الذي أقروا أنهم مارسوا اللواط مع شخص آخر، قد استحقوا عقوبتين: إحداهما: هي القتل المأمور به في الحديث السابق، وهذه الفاحشة تثبت بالإقرار الذي لم يرجع عنه صاحبه، أو بينة من أربعة عدول يشهدون بدخول الفرج في الدبر كالمرود في المكحلة.
والعقوبة الثانية: هي حد القذف وهو ثمانون جلدة، عملاً بقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4} ، وقاس أهل العلم المحصنين على المحصنات، وهذه العقوبة قد استحقوها بقذفهم لذلك الذي أقروا أنهم مارسوا معه تلك الفاحشة وهو منكِر، ولا يكون بلوغ العدد المذكور أكثر من أربعة بينة يستحق بها المنكر للحد، لأن المقرين فساق بما أقروا على أنفسهم به من الفعل، وبالتالي فشهادتهم لا تقبل في هذه المسألة، وإنما هم مؤاخذون بإقرارهم، ما لم يرجعوا عنه، فإن رجعوا أخذوا بحد القذف، والجدير بالملاحظة أن صاحب الاختصاص في تنفيذ مثل هذه الحدود إنما هو السلطان أو نائبه، وليس ذلك لأحد آخر غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(16/673)
من اغتصب وهو صغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم عمري 29 سنة أقطن بالخارج حوالي 6 سنوات. أنا أعاني من مشكلة حطمت حياتي, أنا جد معقد. عندما كنت صغيرا عمري آنذاك حوالي 6 سنوات, قام الوحش عمي باغتصابي لا أذكر بالذات كم من مرة. لقد دمر مستقبلي، لا أحد يعلم بأمري سوى الله سبحانه وتعالى. لقد فقدت كل شيء. امتنعت عن الزواج لأنني جد متردد. كيف سأجد فتاة تقبل بوضع زوجها اغتصب وهو صغير. أنا الآن أخطط لقتله لأنه حكم علي بالعذاب في الدنيا. لقد فقدت الأمل في كل شيء. أرجوكم أن تساعدوني, أنا أتعذب وأبكي كلما أصلي. ماذا سأفعل لكي أنسى. إنه أمر صعب. هل أخبر أهلي بما حصل؟ من فضلكم أغيثوني من هذا العذاب. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن ييسر أمرك، وأن يقدر لك الخير حيثما كنت، ونرجو منك أن تهون على نفسك، وأن تتروى في أمرك، إذ لا ذنب لك ولا لوم عليك فيما حدث لك من قبل عمك -إن ثبت فعله ذلك- فإنك لم تكن في سن التكليف، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي.
ويغلب في مثل هذه الخواطر -التي ذكرت أنها تنتابك- أن تكون من وساوس الشيطان لينكد عليك حياتك، ويحزن قلبك، ولا سيما ما ذكرت من التفكير في قتل عمك، بل ولا يجوز لك أن تفعل ذلك، ثم إن مثل هذا التصرف قد يؤدي بالناس للبحث عن حقيقة ما حدث لك، وفي هذا من الفضيحة ما لا يخفى، هذا مع العلم بأن الواجب عليك أن تكتم هذا الأمر عن الناس فلا تخبر به أحدا، سواء كان من أهلك أو غيرهم.
فالذي نوصيك به أن تستعيذ بالله تعالى، وأن تكثر من ذكره إذا عرض على قلبك مثل تلك الخواطر السيئة، واحرص على أن تملأ فراغك بكل ما هو نافع، وأن تصحب الصالحين الأخيار، ولا ينبغي أن تتردد في الإقدام على الزواج من امرأة صالحة، فهو مما قد يعينك في نسيان ما مضى، ولا يجوز لك أن تذكر لزوجتك حقيقة ما حدث لك، فلعلك أن تعيش حياة سعيدة إن عملت بهذه التوجيهات وأمثالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(16/674)
هذه الأمور من أنواع المساحقة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت أختا في الجامعة لكي تساعدني في الطاعات خاصة في أمور الدعوة مرت الأيام فما وجدت الذي أنتظر منها ولكنها تأتي إلي وتقبلني وتعانقني بشدة وتضع رأسي على صدرها وتقول إن هذه الأمور من الإسلام عندما تفعل هذه الأشياء يسيل من فرجي شيء فهل علي الغسل؟ وأنا أيضا قبلتها مرتين ونحن على سرير واحد، فمرة هي كانت مريضة وكانت تشكو إلي مرضها فأخذت رأسها ووضعته على صدري حنانا بها كأني أختها الكبيرة هل هذا حرام؟ ثم هي وضعت رأسها وجسدها على جسدي مدة ساعة وكنت أدعو لها وحزنت لمرضها عندما عرفت ذلك قبلتني كثيرا هل هذه الأمور مقبولة في شرعنا الإسلامي؟ أفيدوني بفتواكم هل أتركها وأهجرها نهائيا وكنت أوقظها لصلاة الفجر وأقرأ الأشياء وأقول لها وأذكرها عن هدفي فلهذا اخترتها أختا في الله لأن أهدافي سامية هي الخدمة لدين الله عندما أكرر هذا هي تقول لا تسبني فأعذرها لمرضها، وأحيانا تأتي إلي وتقول لا أستطيع المراجعة ... وأسألها لماذا هل أنت حزينة أو مريضة هي تقول لا أدري.. ثم تقبلني مرارا تضع صدرها علي. الآن أخاف لأني ما وجدت أي مساعدة لخدمة دين الله ولكني أشعر كأني ضيعت الأوقات بالتقبيل والمعانقة هل أستمر أساعدها في الطاعات فقط أو أتركها نهائيا وبهذا الترك هل أنا من أصحاب الأخلاق السيئة، هي تلامسني كثيرا هي تقول هذه عادتها ولكني عندما تفعل هذه الأشياء أنا لا أستطيع أن أقرأ الكتب ولا أي شيء، فالآن أكرهها كرها شديدا عندما تذكرتها أتضايق وأندم بما كنت معها وبعد ذلك لا أستطيع المراجعة ولا أي شيء وأكره نفسي كأني أهلكت نفسي أنا ماذا أفعل؟؟ أحيانا تأتي إلي لتدرس معي تضع رأسها على كتفي وأجسادنا ملتصقة مع بعض، وإذا كنت بعيدا عنها تضربني وتلامسني ولو برجلها، لأي سبب تصدر هذه الأفعال هل هذه عادات الناس أم هذه من الأشياء المحرمة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعاون على الطاعات عمل عظيم ويدل لأهميته قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
وعلى المسلم أن يظل دائما حريصا على البعد عن كل ما فيه ريبة أو شبهة فساد، فيراقب الخطرات والحركات والنظرات.
فإذا أحست الصديقة أنها تلتذ بمعانقة أو تقبيل صديقتها تعيَّن عليها منعها من عناقها وتقبيلها والخلوة بها والمضاجعة لها لأن كل هذه الأمور تعتبر من أنواع المساحقة المحرمة شرعا.
فعليك بالبحث عن صديقات ملتزمات يساعدنك على الطاعات ويتعاونَّ معك على البر والتقوى وخدمة الدين والدعوة إليه ومراجعة الدروس الجامعية، وعليك أن تبيني للصديقة التي عاملتك بهذه المعاملة أن ما تفعله محرم ويجب عليها تركه وأنك لا تريدين ملاقاتها ولا صحبتها إن عاودت لمثل هذه الأفعال المحرمة.
واحرصي على مواصلة دراسة العلم الشرعي وعلى مراجعة دروسك، وإن أحسست بملل أو فتور فعليك بسماع القرآن أو مطالعة بعض كتب السيرة والقصص المفيدة.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 71712، 8424، 71334، 26241، 36179، 19964، 69212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(16/675)
شذوذ قد يفضي إلى الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لعق رجل لجسد رجل آخر لواط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 93534، 32575، 55710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(16/676)
حكم المباشرة بين الرجلين إذا لم تبلغ حد اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم أن يلعب الرجلان معا جنسيا دون أن يرتكبا اللواط بمعناه الواضح والصريح أن يجلسا في أحضان بعض إلى أن يأتيهما الطهر؟؟؟؟؟ أرجو الدقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ملاعبة الرجل لرجل آخر أو مباشرة أي جزء من بدنه للتمتع به يعتبر من عمل قوم لوط الذي هو أقبح الفواحش وأغلظها تحريما ولا يفعله إلا من فسد طبعه وانتكست فطرته.
وعلى من فعل ذلك أو فعل به أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى.
وقد بينا ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتاوى التالية: 28167، 8686، 55710. نرجو أن تطلع عليها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1428(16/677)
من أسباب انتشار اللواط وطرق الوقاية
[السُّؤَالُ]
ـ[أسباب انتشار اللواط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أسباب انتشار هذه الجريمة بين الناس تسلط الشياطين عليهم بالإغواء وتزيين الوقوع في الفواحش وتوفر المغريات، فقد فُقد في الشباب التمعدد والخشونة، وكثر فيهم الترف والتزين والميوعة، وأخطر من هذا انتشار أخبار وصور اللوطية في الوسائل والمواقع المتوفرة حديثاً ينشرها شياطين الإنس ويروجونها بين الناس، ويتناقلها رفقاء السوء وينشرونها بين رفاقهم، ومن الوسائل أيضاً ضعف الوازع الديني وضعف التربية على الهدى والإيمان وعدم استشعار مراقبة الله تعالى، وعدم تعاون المجتمع على توفير الوسائل المعينة على استخدام الشباب طاقاتهم وغرائزهم الجنسية استخداماً صحيحاً نظيفاً، فقد كثرت المعوقات عن البدار بالزواج كغلاء المهور والتكلف في الحفلات والولائم والشقق السكنية.
ولكن أهم ما يعني المسلم تجاه تلك الظاهرة ليس معرفة الأسباب فحسب بل إن الأهم من ذلك معرفة العلاج عن طريق علماء الشرع وعلماء الطب النفسي، والسعي في تسلية الشباب عنها بتوفير البدائل الشرعية كالزواج، والترغيب في الصوم، وشغل الأوقات والطاقات بما ينفع من علم نافع أو عمل صالح أو رياضة مباحة مسلية إضافة إلى السعي الشديد في تقوية الإيمان والترهيب منها وبيان حرمتها. وراجع للاطلاع على العلاج لها في الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 59332، 57110، 56002، 63864، 66971، 71210، 66434، 47684، 27438، 11322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(16/678)
إجماع العلماء على حرمة إتيان البهائم بما فيهم النووي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مغربي أدخل إلى منتدى لشرح الإسلام للناطقين بالفرنسية
اعترضتني مشكلة هذا اليوم وهي كالتالي
أريد أن أعرف موقف الإمام النووي بخصوص وطء البهيمة حيت إن تصفح كتابه حول الطهارة يعطي الانطباع بأنه مع حلية هدا الفعل المشين.
أرجو الجواب بسرعة مع تحياتي. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإتيان البهائم من المحرمات والقبائح التي تنفر منها الطبيعة السليمة، ولا يميل إلى هذا النوع من العمل إلا من خبثت نفسه وتلوثت فطرته ...
وقد أجمع العلماء على تحريم إتيانها لقول الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ {الأنعام: 151} . ولما رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد واللفظ له عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة.
وقد تتبعنا كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى في طائفة من كتبه فوجدناه يحكي الخلاف فيما يترتب على هذا الوطء من حيث القتل وفساد الصوم والحج ووجوب الكفارة ونحو ذلك، وليس في التحريم.. ومن ذلك قوله في المجموع: وأما إتيان البهيمة في دبرها أو قبلها ففيه طريقان حكاهما المصنف والأصحاب:
أصحهما: القطع بوجوب الكفارة فيه -أي على الصائم-. وهذا هو المنصوص في المختصر وغيره وبه قطع البغوي وآخرون.
والثاني: فيه خلاف مبني على إيجاب الحد به إن أوجبناه وجبت الكفارة، وإلا فلا، حكاه الدارمي عن ابن خيران وأبي إسحاق المروزي. قال الماوردي: هذا الطريق غلط ; لأن إيجاب الكفارة ليس مرتبطا بالحد، ولهذا يجب في وطء الزوجة الكفارة دون الحد، وسواء في هذا كله أنزل أم لا، إلا أنه إذا قلنا في إتيان البهيمة لا كفارة، لا يفسد الصوم أيضا كما قاله المصنف، هذا إن لم ينزل، فإن أنزل أفسد، كما لو قَبَّل فأنزل.
فتأمل خلافه الذي حكاه تجده فيما يترتب على إتيان البهيمة وليس في حرمة ذلك أو عدمها؛ إذ لم يقل أحد من أهل العلم بجواز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1427(16/679)
فتاوى في حرمة اللواط والتوبة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أعرف حقيقة كيف أبدأ؟ فموضوعي محرج , ولا أعرف كيف ستتقبلون هذا الكلام؟ ولذلك أطلب منكم المعذرة والسماح , وادعوا الله لى بالمغفرة
الموضوع باختصار هو أنني ابتليت منذ طفولتى بحب الشذوذ الجنسي وكنت أمارسه مع أصدقائي وأقاربي وظلت هذه الحالة معي حتى وصلت إلى سن البلوغ بل استمررت إلى الآن وعمري قد جاوز ال25 سنة. المشكله التي أردت أن أحدثكم فيها هي أنني في الفترة الأخيرة هذه وتقريبا منذ 3 سنوات اتجهت إلى شيء حقير وخسيس أيضا وهو ممارسة الجنس مع أصدقائي وأحبابي وهم نائمون ودون علمهم وهم يظنون بي خيرا ويحبونني وأنا أحبهم أيضا , وسؤالي هنا أنني أحس بالخزي والأسى ومشفق على نفسي من هذا الظلم العظيم فأريد أن أعرف من فضيلتكم أمرين: الأول- هو ما واجبي تجاه إخواني هؤلاء الذين مارست معهم الجنس دون علمهم وكيف أتحلل من هذا الوزر مع العلم أنني لن أستطيع مواجهتهم وطلب العفو منهم؟
الثاني- أنا مللت من هذه الحياه الشاذه فما السبيل إلى الخلاص والرجوع إلى الله رب العالمين قبل مداهمة الموت لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب سؤالك الفتاوى التالية أرقامها: 59332، 71210، 66235، 69212، 62535، 57479، 57110، 56747، 43033، واستر نفسك، واحرص على طلب السماح من زملائك بشكل عام دون أن تصرح لهم بما حصل منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1427(16/680)
من أنواع العشق المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لفتاة في العشرين أن تمص صدر أمها أو أحد أقاربها أو صديقة لها علما بأن لا يوجد حليب ولكن لتشعر بشيء من الحب والحنان؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب في مثل ما ذكرتِه من مص الفتاة لصدر أمها أو أحد أقاربها أو صديقة لها، أن يكون باعثه الشذوذ، لا سيما إذا كانت في السن التي ذكرتِها، وهي تشعر في هذا الفعل بشيء من الحب.
فهذه الظاهرة تعتبر نوعا من العشق المحرم، ولها مفاسد ومضار متنوعة..
منها: أنها تستدعي صورا من الحرام، كالنظر واللمس والتقبيل بشهوة، وربما قاد ذلك إلى السحاق، والعياذ بالله.
ومنها: أنها تؤدي إلى ضعف الرغبة الجنسية الطبيعية، وقد يؤدي هذا إلى إخفاق المرأة في العلاقة مع زوجها، وتوقان نفسها لما اعتادته من الحرام.
ولهذا، فإننا ننصح تلك الفتاة بالابتعاد عن هذا الفعل، وأن تقبل على ربها تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(16/681)
اللوم على المعتدي وليس عليك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكل عقد حياتي. قصتي كالتالي عندما كنت صغيرا تعرضت لاغتصاب وقح من طرف عمي، وقتها كان عمري حوالي 7 سنوات، لقد كنت ضحية لم أستطع الدفاع عن نفسي لأنني لم أدر ماذا كان يفعل بالتحديد. الآن أنا عمري 29 سنة وأقيم بالخارج كل هذه السنين أبكي وأتعذب خفية، لا أحد يعلم بالأمر سوى الله سبحانه وتعالى، فكرت في الانتحار ولكن امتنعت خشية من الله, أنا الآن أفكرفي طريقة للانتقام لرد الاعتبار، فهل أنا مخطئ أم محق. لقد حطم حياتي, جعل حياتي معقدة. أنا الآن أرغب في الزواج وأنا جد متردد لأنه عندما تعلم زوجتي بالأمر ستتركني. أرجوكم ساعدوني ماذا سأفعل، هل أنا رجل يمكنه ممارسة حياتي بشكل طبيعي. أرجو وأتوسل بإجابة سريعة تخرجني من الكآبة؟
وشكرا كثيرا. فلان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط من أقبح الجرائم وأشنعها وأقذرها. وقد أنكر الله تعالى على قوم لوط ما كانوا يمارسونه منه، وبين أنه لم يفعل هذه الفعلة قبل قوم لوط أحد من العالمين. قال جل من قائل حكاية عن لوط عليه الصلاة والسلام: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ {الأعراف: 80} .
فعلى عمك هذا أن يبادر إلى التوبة من هذا الإثم الكبير والفاحشة النكراء.
أما أنت فإنه لا لوم عليك فيما حدث، ومن الممكن أن تمارس حياتك بشكل طبيعي، لأنك لم تكن تعرف شيئا عما فعله بك عمك، ولأنك حينئذ في سن لست مكلفا فيها، ولا إثم عليك في ذلك الأمر، ففي الحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد والترمذي.
وعليك أن تستمر في ستر هذا الأمر كما كنت، وأن تحاول نسيانه.
ولا تقلق فإنه أمر قد فات، والحمد لله أنك كاره له، وعمك لن يحدث به أبدا؛ لأن المعرة والإثم فيه عليه هو وحده.
ثم لا تفكر في الانتحار، فإن الإثم فيه أكبر من الإثم في اللواط، ولا تفكر أيضا في الانتقام، فإنك إذا سعيت في الانتقام فقد يكون ذلك سببا للبحث عن موجب انتقامك، وبالتالي يكون فيه إفشاء لما كنت تكتمه من السر.
ومن الحسن أن تبادر إلى الزواج؛ فهو مرغب فيه لما يشتمل عليه من غض البصر وتحصين الفرج، ولأنه سيخفف عنك وطء هذا الأمر الذي أصابك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(16/682)
لا يقام الحد على غير البالغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حد شرعي أو كفارة لصبي عمره دون العاشرة مارس اللواط مع أخيه وعمره دون الثامنة؟ وما هو العلاج النفسي لتفادي تذكر هذه الجريمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يقام حد اللواط على غير البالغ، ولا تجب عليه كفارة مخصوصة قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (السياسة الشرعية) عن اللوطيين: فيرجم الاثنان سواء كانا حرين أو مملوكين، أو كان أحدهما مملوك الآخر، إذا كانا بالغين.. ولا يرجم إلا البالغ. اهـ.
وقد وردنا منك سؤال مماثل، وذكرنا في إجابته بعض التوجيهات فراجعها، ونضيف هنا فنقول: إن هذا الشخص إن احتاج إلى مراجعة طبيب نفسي ثقة ليعينه في علاج الآثار النفسية التي أصابته فلا حرج عليه، ولا يفشي له مما يجب كتمانه من منكر فعله إلا ما تقتضيه الضرورة وتراجع الفتوى رقم: 7518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(16/683)
لا مؤاخذة قبل البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يحاسب الإنسان نفسه، وكيف أتخلص من فكرة تطاردني مضمونها أننا مارسنا اللواط أنا وأخي بينما كنت صغيراً وأنا أجزم أن هذا فرضا لو حدث حدث قبل العاشرة بسنوات، حيث إنني أتذكر ما بعد العاشرة والغريب في هذا الهاجس المتعلق بحادث اللواط هذا أني لا يذكرني بأنني وضعت أي شيء في الدبر بمعني أن وضع العضو الذكري خارج الدبر، وأحيط علمكم الكريم أن أول إنزال للمني حدث لي بعد تعدي سن 13 سنة، ولكن أخاف أن يكون نبت شعر عانتي قبل هذا بسنوات (أتذكر أن شعر عانتي في عمر 13 كان قصيرا) ، فأكون قد ارتكبت منكر كبيرا وأنا بالغ، أفيدوني لأني أصبح بيني وبين أخي فتور في العلاقة الأخوية وأخاف أن أعصي الله بذنب عظيم وهو قطع صلة الرحمة علاوة لأنني لا أنام من هذا الهاجس؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحاسبة النفس تكون بلومها على ما وقع منها من تقصير في فعل شيء من الطاعات، أو تقصير بفعل بعض المعاصي، وينبغي أن تكون هذه المحاسبة دافعاً للمرء للمزيد من الاستقامة، لا هاجسا يطارده، وقد يقعده في طريق سيره إلى الله تعالى، ومما يعينه في هذا السبيل صدقه وإخلاصة لله، وحسن ظنه به، وتراجع للمزيد الفائدة الفتوى رقم: 46837، والفتوى رقم: 53444.
ونوصيك بأن تهون على نفسك فإن هذا الفعل على فرض حدوثه منك فإن ما يقع من المرء من ذنوب قبل البلوغ لا يؤاخذ بها لكونه غير مكلف، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 37005.
وإنبات شعر العانة وإن كان علامة للبلوغ على الراجح من أقوال العلماء إلا أن ما يسميه العلماء زغب الشعر وهو الصغير منه والذي قد ينبت للصغير ليس علامة للبلوغ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 61573.
ولو قدر أن وقع منك ذلك بعد البلوغ فمن تاب تاب الله عليه، وهذا فيما إذا كنت على يقين من حدوث ذلك منك، فكيف وأنت تشك في وقوعه أصلاً، فاستأنف حياتك مع أخيك على أحسن حال ولا تدع للشيطان سبيلاً لتكدير صفوها فيقع ما لا تحمد عقباه من قطيعة للرحم ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(16/684)
فتاوى في اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت الكثير من الفتاوي لديكم وهذا الموقع موقع فوق الممتاز وسؤالي ينص على: لي قريب يعاني من تعب نفسي منذ فترة طويلة ومشكلته كما ائتمنني عليها هو أنه مارس اللواط مع أخيه وهما دون سن البلوغ وذلك قبل بلوغ أحدهما التاسعة والآخر قبل بلوغه السابعة على الحد الاقصى في ذاكرته فما هو الحل في هذه المشكلة؟ علما بأنه أحيانا يقاطع أخاه من جراء هذه المشكلة وقد أخبرته أن القلم مرفوع عنه فما النصيحة التي أستطيع من خلالكم توجيهها إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 43845، 57479، 78713، 23392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(16/685)
ما يفعل مع من تبين أنه يمارس مقدمات اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد:
الرجاء منكم قراءة كل ما يلي وأن تجيبوني إجابة كافية خاصة بهذه المشكلة, ما قولكم في شخص يحفظ الستين وما لا يحصى من الأحاديث وله من العلم ما يجعله مميزا في مدينته ومرجعا لكل المدينة, ولكن ولا حول ولا قوة إلا بالله تبين أنه حين يختلي بأحد الأخوة بعد مجالس العلم التي كان ينظمها فيضطره إلى مقدمات اللواط بطريقة قذرة, تكررت هذه الأشياء مرارا، ولكن كل شخص كان يتستر ولا يستطيع أن يحكي والحمد لله التقى أربعة إخوة في الله صارت معهم هذه الحكاية فكان فصارحوا بعضهم ففؤجئوا بأن نفس ما جرى مع أحدهم حصل مع الآخرين, فحضروا له كمينا واجتمعوا عليه بالقوة فاعترف بكل ذلك وحلف على المصحف أنه تاب ولن يعود إلى ذلك, ولكنه الآن في هذا الشهر الفضيل تبين أنه عاود هذا الفعل مع آخرين فما العمل، مع العلم بأننا في دولة لا تحكم شرع الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أولاً أن الأصل في المسلم السلامة فلا يجوز الإقدام على اتهامه بما يشين إلا ببينة، وقد سبق أن بينا هذا الأصل في عدة فتاوى تراجع منها الفتوى رقم: 51474، وهذا من جهة العموم.
وبخصوص هذا الرجل المذكور فإن ثبت عنه فعل مقدمات اللواط فلا شك أنه مسيء مرتكب إثماً ولا يليق بمثله أن يفعل ذلك وهو قدوة للناس، والواجب على من اطلع منه على شيء من ذلك أن ينصحه ويذكره بالله تعالى وبسوء عاقبة مثل هذا الفعل في الدنيا والآخرة، والواجب الستر عليه ما دام ليس مجاهراً بذلك، ولكن لا بأس بتهديده بفضحه، لعل ذلك يكون عوناً له على التوبة والصلاح، ولا يجوز أن يمكن من الخلوة بأحد من هؤلاء الطلاب أو غيرهم، ولتراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 26164.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(16/686)
فتاوى حول اللواط وحقيقته وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تفسير الآية التي تقول: إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء وهل المقصود الإيلاج أو أي شيء آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 59332، 22549، 72191، 61398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(16/687)
وسائل إصلاح المبتلى بالشذوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في حقيقة الأمر أتحرج من هذا السؤال ولكن لا حياء في الدين، إن الله تعالى جعل في كل بشر شهوة تجاه النساء وهذا أمر ثابت ولكن بعض الرجال لديهم شهوة تجاه الرجال وهذه من فطرة الله تعالى أي أنه ولد وهو هكذا فعندما تريد أن تصلح الجنس الأول وهو شهوة النساء تخبره بأن الله تعالى قد أعد له جنات فيها أنهار وأزواج مطهرة ولكن الجنس الآخر بماذا تصلحه أو بتعبير آخر، ماذا أعد الله تعالى له في الجنة إن صبر ولم يرتكب إثما، نوروني يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المبتلى بهذا الذنب العظيم يبين له ما فيه من الوعيد، ويستدل له بما صح من الأدلة في ذلك، مع بيان خطورة هذا العمل على صحته وعلى مستقبله وعلى أخلاقه، وأن يبين له وجوب التوبة وأهميتها.
وقد بسطنا الكلام على ذلك في عدة فتاوى، فراجع منها الفتاوى التالية أرقامها: 69212، 71210، 63864، 54638، 32581، 28181.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(16/688)
المترجلة من النساء ملعونة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي تظن نفسها رجلاً بسبب شذوذ لديها، , وهل يتصرف النساء معها كرجل أم امرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشذوذ الجنسي مرض قلبي وميل شيطاني، يجب على العبد دفعه عن نفسه بالبعد عن أسبابه واجتناب دواعيه، والنساء إذا تشبهن بالرجال كن ملعونات على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما رواه أحمد وأصحاب السنن عن ابن عباس قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء. وفي رواية: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. وواجب المسلم رجلاً كان أو امرأة أن يتجنب هذا النوع من الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(16/689)
حكم تقبيل الرجل الرجل في فمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ضم صديق صديقه وقبله من فمه وكل جسمه فهل هذا لواط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل تقبيل فم الرجل، وكذا تقبيل المرأة فم المرأة، وكذا المعانقة مع مماسة الأبدان دون حائل، وذلك كله إذا كان على وجه الشهوة، وهذا بلا خلاف بين الفقهاء لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن المكامعة وهي: المعانقة بلا حائل بينهما، وعن المعاكمة وهي: التقبيل. رواه ابن أبي شيبة وغيره، وفي لفظ لأحمد: نهى عن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار, وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار. قال الأرناؤوط: صحيح لغيره.
قال الزيلعي في نصب الراية: والمعاكمة أن يلثم الرجل فاه صاحبه يعني بفيه مأخوذ من كعام البعير وهي أن يشد فاه إذا هاج. انتهى
ولا يعد هذا لواطا موجبا للحد فاللواط شرعا هو: تغييب الحشفة في دبر الذكر، ذكره صاحب الفواكه الدواني وغيره.
والحشفة هي الآلة الحاسة في الذكر وبها الالتذاذ، وتكون في مقدمته، أما إن كان التقبيل على وجه المبرة والإكرام فجائز، والقبلة التي سأل عنها السائل يتعذر نسبتها إلى المبرة والإكرام بل الغالب أن تكون لحظ النفس، وإن لم تصحبها شهوة، وادعاء عدم صحبتها للشهوة مردود على مدعيه إذ الغالب على مثل هذه القبلة أن تكون لذلك.
وقد ذكر العلماء أن ذلك من الاستمتاع المباح بين الرجل وزوجته بل هو من الأشياء التي ينبغي فعلها قبل الجماع، وراجع الفتويين رقم: 48196، 70382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(16/690)
المداعبة بين شابين بغير إيلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المداعبة بين شابين دون إيلاج لواط، وما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط شرعا هو تغييب الحشفة في دبر الذكر، ذكره صاحب الفواكه الدواني وغيره.
والحشفة هي الآلة الحاسة في الذكر وبها الالتذاذ وتكون في مقدمته، ومن تعريف اللواط يتبين لنا أن الملامسة بين الرجلين بالصورة الواردة في السؤال ليست لواطا موجبا للحد وكذا إيلاج جزء من الحشفة أو إيلاجها في أنثى لا يعد لواطا شرعا، -وهو اللواط الموجب للحد- وهذا لا يعني أنه جائز بل هو من المحرمات المؤكدة الداخلة في قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون: 5-7}
كما أن الفعل المذكور في السؤال فيه من الشذوذ ومخالفة الفطرة ما هو كاف للصدود عنه والانزجار عن فعله فالرجل بفطرته يطلب مثل هذا من زوجته لا من رجل مثله.
وراجع للفائدة والتفاصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28167، 22549، 6872، 8686، 19385، 71334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(16/691)
الزواج المثلي خروج عن الدين والفطرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد رأيت في بلاد الغرب ظاهرة غريبة ألا وهي زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، ما حكم الشرع في هذه الظاهرة، وما هو علاجها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الظاهرة خروج عن الدين والفطرة السليمة، وهدم للأخلاق، وانسلاخ من معاني الإنسانية، وحكم الشرع في ذلك معلوم ومعروف، ومن فعل ذلك من المسلمين مستحلا له فهو كافر خارج من ملة الإسلام، وأما علاج ذلك فهو الرجوع إلى الإسلام وتعاليمه وأخلاقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(16/692)
علاج ميل المرء إلى جنسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الميل الجنسي هو من عند الله تعالى. وكيف يتصرف من ابتلي بميل إلى جنس من نفس جنسه. وهل يجوز البوح بمشاعر الحب إلى الشخص الذي هو من نفس جنسك. وماهو الحل حسب الشريعة الإسلامية للزواج في هذه الحالة؟
ولا حول ولا قوة إلا بالله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما من شيء إلا ويحصل بتقدير الله تعالى، خيراً كان هذا الشيء أم شراً، فإن الله تعالى خالق هذا الكون فلا يقع فيه شيء إلا بإذنه، ويدخل في ذلك ما سألت عنه وهو الميل الجنسي، وراجع في تفصيل هذه المسألة الفتوى رقم: 47818، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 18046.
ولا يخفى أن ميل الرجل إلى الرجل أو المرأة إلى المرأة في ممارسة الفاحشة فما دونها من أمور منكرة شيء تستنكره العقول السليمة وتأباه الفطرة المستقيمة، وهو من فعل قوم لوط الذين مقتهم الله عليه، وأهلكهم بسببه، وراجع الفتوى رقم: 28972، وقد جعل الشرع سبلاً لعلاج من ابتلي بمثل هذا البلاء وقد سبق أن ذكرنا جملة من هذه السبل بالفتوى رقم: 59332، والفتوى رقم: 60129، ومن سبل العلاج ما أشرت إليه من أمر الزواج كما ذكرنا بالفتويين المشار إليهما قريباً، إن كنت تعني الزواج الشرعي المعروف، وأما إن كنت تسأل عما يسمى زوراً ((بزواج المثليين)) فليس بزواج بل هو نوع من اللواط والشذوذ الجنسي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(16/693)
بالتقوى يتخلص المرء من الميل إلى جنسه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت فتاواكم عن الشذوذ الجنسي. وهي كلها متشابهة. فالمشكلة أنكم تعتقدون أن الشاذ هو المخطئ في حين أن هذا من عند الله تعالى فمنذ البلوغ يحس الشاذ بمشاعر الحب تجاه أبناء جنسه. فإذا كان مصادقة النساء حرام ومصادقة الرجال حرام لأنه يمكن أن تحب واحدا منهم فهل الحل هو العزلة التامة أو الانتحار؟ علما أن الزواج ليس حلا لأني لن أسعد مع من سأتزوجها وسأعيش منافقا معها ولا أستطيع أن أحبها كما يحب الرجل زوجته. وقد دعوت الله ومازلت أدعوه أن يعصمني من الوقوع في المعصية. أنا أتعذب. فقد أحببت شابا لسنوات ولم أفصح لأحد عن ذلك وكان السبيل الوحيد هو أني قطعت كل اتصال به حتى أنساه وقد استغرب من ذلك. والآن أنا لا أخالط النساء ولا أخالط الرجال حتى لا يتكرر الأمر. وعائلتي تريدني أن أتزوج وأنا ليس لدي أي رغبة في النساء. لقد كرهت هذه الحياة. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الشاذ الذي يجاري شذوذه مخطئ عاص لله ورسوله، بل ومخالف للفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالشذوذ بهذا المعنى شهوة من الشهوات المحرمة كغيرها من الشهوات. قال الله تعالى عن قوم لوط: أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ {النمل: 55} والفطرة السليمة تأبى أن يقع منها مثل هذا بين رجلين أو امرأتين، وقد قال أحد خلفاء بني أمية: لولا أن الله قص علينا قصة قوم لوط ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا,.
وحل انتكاس الفطرة واتباع الشهوة ليس الانتحار ولا العزلة التامة عن البشر، لأن الانتحار كبيرة من الكبائر، واعتزال الناس دون فائدة غير مرغوب شرعا، بل قد يكون محرما إذا أدى إلى فوات الواجب، والحل الصحيح الموافق للمعقول والمنقول هو تقوى الله عز وجل، وذلك هو الذي أعان الصحابة الكرام والذين اتبعوهم بإحسان على ترك كثير من مألوفات حياتهم وشهوات نفوسهم، ولا يتأتى ذلك إلا بحصول أسباب وانتفاء موانع، وقد بينا ذلك واضحا جليا في الفتاوى التالية أرقامها: 6872، 16534، 28972، 43527.
وننبه الأخ السائل شرح الله صدره وألهمه رشده إلى أننا لا ننكر ما يلم بالمرء من الشهوات بين الحين والآخر، لكننا ننكر عليه التمادي فيه والسعي لإطفائه بما لا يحل، وما أحسن ما قال الناظم:
ولا ترُم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النهم
وإننا لننصح أخانا السائل بطلب ما يعانيه عند طبيب نفسي مسلم ثقة، ويستعين على صرف فكره عنها بلسان ذاكر، وقلب متفكر، وغض للبصر، وصيام دائم. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 21807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(16/694)
العلاج الشرعي لمقترف فاحشة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم علاج اللواط للمسلم وغير المسلم؟.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، وفاعلها منتكس الفطرة غافل عن الله تعالى، ولذلك شدد الإسلام في عقوبة مقارفها سواء أكان فاعلا أو مفعولا به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قول لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أحمد وأصحاب السنن، وانظر الفتوى رقم: 1869.
وعلى ذلك، فإن الواجب على من ابتلي بهذا الداء أن يسعى جاهدا في صرف هذا التفكير عنه ويتناسى تلك الصورة السيئة، وإن كان قد وقع في ذلك مختارا غير مكره فليبادر بالتوبة إلى الله تعالى من ذلك الذنب العظيم من قبل أن يدهمه الموت وحينئذ لا ينفعه الندم، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 57110، 59332، 60222، 6872، 56002، 7413، 5453، 30444، 53157.
ولا مانع بعد الاطلاع على هذه الفتاوى التي تفي بالعلاج الشرعي للواط أن نتعرف من خلال الخبرات العملية لعلاج الوباء عن طريق علماء الطب النفسي ما دام ذلك لا يخرج عن إطار الشرع أو ينافيه، وذلك نافع إن شاء الله للمسلم وغير المسلم، بشرط أن يكون الطبيب النفسي المعالج مسلما ثقة. ونسأل الله تعالى أن يرفع البلاء عن الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(16/695)
حكم ذبح اللوطي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن اللوطي في بعض آراء العلماء أنه يذبح بالسكين أو يرمى من أعلى بناية في المدينة، وسؤالي هو عن ذبحه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن ذكرنا عقوبة اللواط في الفتوى رقم: 1869 والفتوى رقم: 53740 وهي القتل رميا بالحجارة، ومن أهل العلم من قال إن صاحب اللواط يلقى من فوق أبعد الأماكن ارتفاعا ثم يتبع بالحجارة، وأما ذبحه بالسكين فهو مخالف للشرع ولم يقل به أحد من العلماء فيما نعلم. وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 26148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1426(16/696)
نصائح للذكر المبتلى بالميل للذكر دون الأنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[فإني أشكركم جزيل الشكر حيال ردكم على سؤالي حيال اللواط ولكن لفت نظري القول بأن الإنسان خلق على فطرة حب الذكر للأنثى والعكس، حسنا إليك التفاصيل لعل الله يسهل علي وعليكم بالإجابة الواضحة: عمري 23 سنة, أنا منذ أصبحت في الخامسة من عمري كنت أقع في شهوة أصدقائي حتى أني مارست مع أحدهم ليس بشهوة الشباب ولكن بحب الأطفال لذلك وبقيت كذلك دون أن أمارس مع أحد آخر بعد ذلك, أنا كنت أكره نفسي وشكلي بالنسبة لغيري فأنا كنت أحب جمالا معينا لست عليه فعندما كنت انظر إلى فتى في عمري ويحمل تلك المواصفات كنت أعجب به وبقيت على هذه الحال إلى أن تأزمت الأمور عند سن البلوغ في 14 من العمر, مع أني آمنت بخلقة الله عز وجل عندما عييت ذلك, وأنا أصلي منذ العاشرة من عمري وأنا وأهلي ملتزمون ولا أقرأ أو أسمع إلا القرآن وأنا الآن مؤذن ذو صوت طيب في الأذان والتلاوة جعل الناس الذين لا يرتادون المسجد يرتادونه لأجل ذلك وصاحب نشاطات والعالم من حولي يحبونني حبا غريبا إلا أني لا أظهر أي من تلك العوارض أمامهم ولا أجرؤ, أولاً لأني لا أريد أن أسيء إلى الإسلام بأي سمعة عاطلة تصدر مني لأني أعتبر نفسي قدوة للشباب المسلم، ولكن المشكلة تزداد سوءاً معي لأن لا ألاقي إلا الشباب والفتيان الذين يثيرون شهوتي, حاولت أن أجد المسبب لعلتي فوجدت أنها معي منذ صغري وليست استثنائية وقلت إنها ربما تكون بالوراثة لأني علمت أن أحدا من أقاربي مثلي ولا أجد أني أميل إلى النساء أبدا, لست متزوجا ولكن لا أريد الزواج دون أن تشدني رغبتي بذلك كي أتفادى المشاكل في المستقبل وأني كلما حلمت في نومي أمارس مع امرأة لا أشعر بأي لذة وكلما حلمت أني أمارس مع فتى شعرت باللذة واستيقظت محتلما وشهوتي قوية فإني مجرد ما أنظر إلى أحدهم أبدأ بالارتجاف وأنشد إليه حتى ولو كان ذو 5 سنوات وإني دائما أدعو الله أن يخلصني وأتوب إليه, أقع في بعضهم أحيانا دون وعي وأعود وأتوب وأقول لنفسي لن أفعلها مرة أخرى، ولكن لا جدوى فإنها معي في حياتي اليومية وفي نومي, أمارس العادة السرية كي أتخلص من ذلك، ولكن لا فائدة فإني وإن لمحت أحدهم حتى في الإعلانات فإني أتهيج, ما هو تحليل ذلك, هل تكون فطرة وأنا كذلك منذ وعيي للدنيا، أم أن تلك العوامل أثرت في بنيتي الجنسية، أو أنها ابتلاء لسبب شذوذ أقرب المقربين لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن هتك عرض الإنسان حتى لو في جدار داره، ما هو الحل الجذري لذلك، الآيات تتكلم عن أن قوم لوط اخترعوا اللواط, أما أنا فعليه لست لأني جربته وأعجبت به بل أهواه من طفولتي، ما عساي أن أفعل وأنا أرى جمالهم الذي لا أستطيع مقاومته خاصة أن أهل بلادنا يتمتعون بالجمال، أعتذر على الإطالة عليكم، ولكن أهمية الموضوع والتخلص من ذلك مفيدة لكي أشعر مثل غيري من الشباب الطبيعيين وأعتذر إذا صدر أي كلام سيء مني؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد فطر الله الإنسان على أن يميل الذكر للأنثى والأنثى للذكر، ومن خرج عن هذا الأصل كان خارجاً عن الفطرة، وقد دلت النصوص الصحيحة على ذلك، قال الله تعالى: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا {الروم:30} ، وقال صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. متفق عليه.
وفي الحديث القدسي: وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم.... رواه مسلم.
ومن تأمل هذه النصوص علم يقينا أن الله تعالى خلق الخلق أسوياء على الفطرة، وأن من تنكب عن هذه الفطرة فبما كسبت يداه، وبتفريط منه باتباعه خطوات الشيطان، أو بسبب ما يحيط به من مؤثرات وعوامل بيئية فاسدة مفسدة.
وعليه فما ذكرته في سؤالك من أنك منذ السنة الخامسة من عمرك كنت تقع في شهوة أصدقائك حتى مارست مع أحدهم، وتقول إنه ليس بشهوة الشباب، ولكن بحب الأطفال لذلك، وأنك بقيت كذلك دون أن تمارس مع أحد آخر بعد ذلك، إلى أن تأزمت الأمور عند بلوغك الرابعة عشرة من العمر ... إلى آخر ما ذكرته، كلها أدلة واضحة على أنك عشت الفترة الأولى من صباك في بيئة هي التي أورثتك هذا الخلق.
واعلم أن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر في القبح والفظاعة كما قال أهل العلم، وربما كانت أعظم من القتل، ولم يفعل هذه الفعلة قبل قوم لوط أحد من العالمين، قال الله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ {الأعراف:80} ، وقال تعالى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ {الشعراء:165} .
وقد قال أحد خلفاء بني أمية: لولا أن الله قص علينا قصة قوم لوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً.
فبادر إلى التوبة وجاهد نفسك للتغلب على هذا الخلق الذميم، والمعصية القبيحة، واسلك السبل الصحيحة اللازمة لتركه.
وعلاج ما أنت فيه يكون بأمور:
- أن تتوب إلى الله توبة صادقة، وتندم على تفريطك في حق الله، وتعزم على الإقلاع عن هذه المعصية، ومن تاب تاب الله عليه.
- أن تشغل وقتك بطاعة الله، وكثرة ذكره سبحانه وتعالى.
- أن تصاحب الصالحين وتتقرب منهم ومن مجالسهم، وتترك مخالطة أهل البطالة والسوء.
- أن تسد جميع المنافذ والأبواب الموصلة إلى تلك الفاحشة، ويكون ذلك بغض البصر عن المردان، فإن النظر إلى الشاب الأمرد بشهوة يحرم باتفاق أهل العلم.
- أن تتزوج، فالزواج وسيلة ناجحة لعلاج المشكلات الجنسية، إذا تهيأت الأسباب المعينة على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
ثم عليك بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، والانكسار أمام الخالق، وتذكر القبر وعذابه ويوم الحساب، فإن من تذكر القبر ويوم الحساب، وتذكر الوقوف بين يدي الخالق الجبار رادعاً لك عن المعصية، وراجع للمزيد من الفائدة فتوانا رقم: 7413.
والله نسأل أن يثبت فؤادك ويصرف عنك السوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(16/697)
هل تبقى الزوجة مع زوج لوطي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت تبلغ الخامسة والثلاثين من العمر، تزوجت قبل ثلاث سنوات ونصف من ابن عم لنا، وبعد سنتين اكتشفت وبطريق الصدفة ومن خلال الانترنيت أن زوجها عنده شذوذ جنسي وعلى علاقة بأصدقاء له كان يمارس معهم اللواط قبل الزواج وهو المفعول به أعاذنا الله، قرأت رسائله مع أصدقائه بكلام فاضح ونظر أحدهما إلى الآخر إلى ما حرم الله من خلال الكاميرا وممارسة هذه الأفعال وهما عن بعد فكيف وإن اجتمعا؟ وعلى أثر ذلك طلبت الطلاق.
حاول عدة مرات إرجاعها ولكن كان هذا مرفوض بشكل قاطع من قبل والدي ووالدتي وأخي وأنا مع العلم أن إخوته يعلمون عن شذوذه هذا وأخفوا ذلك عن الجميع وهو الآن مع أختي وأهلي جميعا يقيمون في بلد آخر غير بلد تواجد أصدقائه في السوء وأهله.
قبل أسبوعين عادت أختي له وهي زوجته على ذمة الله ورسوله بعقد قران جديد ولكن كان هذا بدون علم الجميع. غضب أهلي جميعاً، وأوصى والدي بعدم السماح لها بدخول البيت وعدم حضور جنازته وفاتحته أطال الله في عمره.
أخي يهدد بإفشاء سر زوجها حيث حافظ الجميع على الكتمان إكراماً لطلب أختي مقابل الابتعاد عنها ولكنه حاول بشتى الطرق إرجاع العلاقة فيما بينهما والتي انتهت بالزواج. أختي ملامة لأنها سمحت له بذلك وأخفت الأمر عنا لتعلقها به.
نحن جميعاً طلبنا منها الطلاق مرة أخرى بالرغم من ادعاء أختي بأنه تاب الى الله وكانت هذه نزوة وكان قبل سنين قد وعد والدته بذلك وهي على فراش الموت ولم يف بوعده.
هل طلبنا منها الطلاق يتعارض والشريعة الإسلامية ونأثم على ذلك؟ وهل بقاؤها معه سليم شرعاً بالرغم من أن الجميع سيعلم بذلك بسبب تهديدات أخي لهما بالفضيحة؟ وهل إن بقيت معه ووالداها غير راضيين (أبي يبلغ 82 سنة وهو مريض) ستسعد بحياتها؟ وما مصير الأولاد إن رزقها الله بهم ووالدهم له هذا الماضي المشين؟
الرجاء من فضيلتكم الإجابة على السؤال لأنها اقتنعت مضطرة بالانفصال عنه ووعدتنا بذلك خلال هذين اليومين.
وفقكم الله ولكم جزيل الشكر والامتنان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففهمنا من كلام السائلة أن الزوجة قد طلقت من الزوج، وأنها عادت إليه بعقد قران جديد دون علم أهلها، وهذا لا يصح، لأن الزواج بدون ولي باطل.
فإذا كان هذا ما تقصده السائلة فهذا حكم النكاح، ويجب على المرأة مفارقة الرجل، وعلى أوليائها السعي في التفريق بينهما، أو إجراء عقد جديد بشروطه، ومنها الولي.
وأما إذا لم يكن هناك طلاق، أو كان، ولكن راجعها الزوج في العدة، فهي على زواجها الصحيح بالعقد السابق، وسؤال الأخت هل طلبنا منها الطلاق يتعارض والشريعة الإسلامية ونأثم على ذلك؟ نقول:
إذا تاب الزوج من المعصية المذكورة فحينئذ لا يجوز للمرأة ولا لأوليائها طلب الطلاق من أجل معصية قد تاب منها، وإذا لم يتب من تلك المعصية، فيجوز للزوجة ولأوليائها طلب الطلاق.
وسؤالها هل بقاؤها معه سليم شرعاً؟ جوابه أن بقاءها معه وإن لم يتب لا يؤثر على صحة الزواج، فالردة فقط هي التي تؤثر على صحة الزواج.
وسؤال السائلة عن حكم بقائها معه ووالداها غير راضيين عن ذلك نقول:
طاعة الوالدين واجبة في المعروف، فإذا لم يتب الزوج فيجب عليها طاعتهما في طلب الطلاق، وأما إذا تاب فلا يجب عليها طاعتهما، فإنما الطاعة في المعروف، وإنما يطاع الوالد في فراق الزوج إذا كان لمسوغ شرعي، أما إن كان لغير عذر شرعي فلا طاعة له، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جوابا على سؤال رجل يطلب منه والده أن يطلق امرأته ما يلي:
" عليك إقناع والدك بعدم طلاق زوجتك، فإن أصر وجب عليك أن تطلقها إذا كان ذلك لأمر شرعي، أما إن كان أمره لك بطلاقها بغير مسوغ شرعي فإنه لا يلزمك طاعته في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. والواجب عليك أن تجتهد في إرضاء والدك وطلبه السماح، لعل الله أن يهديه ويسمح لك بعدم طلاقها "انتهى
وأما الأولاد فينسبون إليه، ونسبتهم إليه صحيحة، تبعا لصحة النكاح
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1426(16/698)
كيفية التخلص من فاحشة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل: سؤال يقلقني كثيراً الرجاء المساعدة
إذا ابتلي الشخص بمرض اللواط سواء هو الفاعل أو المفعول به، وهذا الشخص من المعروفين بالصلاح والاستقامة، ولكنه في الخفاء نفسه تتشهي هذا بستمرار، وهو قد فعل هذا ولا يستطيع الخلاص منه فكيف الخلاص بارك الله فيكم، ثم هل علاج الكي بالنار علاج ناجح، وأين موضعه في الجسم، هذا السؤال مهم وعاجل الرجاء العناية به تماماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط من أكبر الكبائر ومن أعظم الذنوب، ومقترفها منتكس الفطرة غافل عن الله تعالى، ولهذا شدد الإسلام في عقوبة فاعلها والمفعول به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أحمد وأصحاب السنن، وانظر الفتوى رقم: 1869.
وعلى من ألم بتلك الفاحشة العظيمة أن يسارع بالتوبة إلى الله ويعقد العزم على عدم العودة إليها أبداً، ويندم على ما فرط في جنب الله تعالى من قبل أن يدهمه الموت وهو مقيم عليها، فيندم ولا ينفعه الندم حينئذ، وفي الفتاوى ذات الأرقام التالية بعض التدابير المعينة على الخلاص من تلك الفاحشة: 57110، 59332، 60222، 6872، 56002، 5453، 7413.
وأما الكي بالنار فهو في الجملة أحد العلاجات التي أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار. رواه البخاري ومسلم، وانظر الفتوى رقم: 28323.
وأما كون الكي نافعاً للمبتلى بتلك الفاحشة وموضع الكي من البدن، فذلك لا علم لنا به، والمرجع فيه إلى أهل الطب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(16/699)
التوبة من جريمة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فى السابعة والثلاثين من عمري وقد أديت فريضة الحج قبل ثلاث سنوات، أنا متزوج ولي بنتان وولد، أمارس اللواط الإيجابي والسلبي ذهبت لأحد الشيوخ المعالجين طالبا العلاج فأخبرني بأن السبب فى ذلك جان سفلي وأكد لي بأنه سيعالجني منه وطلب مني مبلغ سبعمائة دولار أمريكي، سؤالي هو: هل تفسير هذا المعالج صحيح أم لا، علما بأنني أعيش فى قلق دائم وأريد العلاج بأسرع فرصة وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأقبح الفواحش، وفاعلها منتكس الفطرة غافل عن الله تعالى، وقد شدد الإسلام في عقوبة مقارفها، سواء أكان فاعلاً أو مفعولاً به، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أحمد وأصحاب السنن، وانظر الفتوى رقم: 1869.
وعلى ذلك فإن الواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من ذلك الذنب العظيم من قبل أن يدهمك الموت وأنت قائم عليه، وحينئذ لا ينفع الندم، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57110، 59332، 60222، 6872، 56002.
وأما كون أحد الجن قد تلبس بك، فهذا لا علم لنا به، ونحذرك من المعالجة عند المشعوذين الذين لا يعرفون بالديانة وتقوى الله، واعلم أن ما بك من بلاء بحب تلك الفاحشة سببه ضعف إيمانك، فهذا الذي ينبغي أن تهتم بعلاجه، أما أن تلقي تبعة انحرافك على جن يتلبس بك وتستسلم لذلك فهذا تهرب من الاعتراف بالذنب وعدم استشعار بالمسؤولية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(16/700)
فاعل اللواط منتكس الفطرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاذ جنسياً وهذه هي المشكلة الوحيدة التي أعاني منها، والحقيقة أنني أرغب في أن يأتيني الرجال في دبري أما أنا فأتحاشى أن آتي أحداً لمعرفتي أنه محرم أصلي خمس صلوات وأصوم رمضان ولكن هذه هي المشكلة الوحيدة التي أنا فيها وعندما كنت صغيراً اغتصبني بعض الناس وهذه الصورة التصقت في ذهني إلى هذا الوقت وأريد حلاً حتى أتخلص منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، وفاعلها منتكس الفطرة غافل عن الله تعالى، ولذلك شدد الإسلام في عقوبة مقارفها سواء أكان فاعلاً أو مفعولاً به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أحمد وأصحاب السنن، وانظر الفتوى رقم: 1869.
وعلى ذلك، فإن الواجب عليك أن تسعى جاهداً مجداً في صرف هذا التفكير عنك وتتناسى تلك الصورة السيئة، وإن كنت قد وقعت في ذلك مختاراً غير مكره فبادر إلى التوبة إلى الله تعالى من ذلك الذنب العظيم من قبل أن يدهمك الموت وحنيئذ لا ينفعك الندم، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 57110، 59332، 60222، 6872، 56002.
ففيها كيفية علاج هذا الداء الخبيث، وبيان مضاره ومفاسده فإن معرفة ذلك يعين على تجنبه إذا كان الشخص صادقاً مستعيناً بالله حقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(16/701)
استسمح على سبيل الإجمال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على من فعل اللواط بمراهق -ولكنه موافق- من حق لأبويه، مع العلم أنهما مهملان له ومطلقان،
وأنا تبت إلى الله، فهل لهم حق عندي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن افتراق الأبوين لا يسقط حقهما في الولد ولا حقه في رعايتهما، كما أن موافقة المراهق غير البالغ على الفعل لا عبرة بها، وبالتالي فإن عليك التوبة الصادقة من هذا الفعل وستر نفسك، والحرص على استسماح من اعتديت على ابنهم قبل بغت الموت، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا ينبغي أن يصارح من اعتدي على أهله بالحقيقة بل يستسمح على سبيل الإجمال لا على سبيل التفصيل.
وذلك لأن التصريح بما ذكر قد يغضبه ويسبب مشاكل أعظم، وراجع الفتوى رقم: 47684، والفتوى رقم: 59332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(16/702)
التوبة النصوح تمحو الذنوب بل تبدلها حسنات
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ أنا شاب ملتزم منذ مدة سنة وعمري 21سنة تقريبا وتبت عما فعلت بالماضي المظلم الذي كنت فيه، وعندي بعض الذنوب المخيفة ولا أعرف إن كان الله قد غفر لي أم لا، وإحداها أنني كنت أحب الأولاد الذين أشكالهم جميلة أو الولد الأمرد ومارست اللواط وكنت فاعله ولست مفعولا به فهل التوبة عن اللواط كافية أم يجب إقامة الحد فيه, وأيضا كنت قد قذفت عدة فتيات ولا أستطيع أن أعترف لهن بهذا لأنه ربما أقتل من أهلهم فكيف أتوب, وأيضا أنا الآن من بعد توبتي أصبحت أعيش بجو مليء بالمعاصي من أهلي بسبب الأغاني ونصحتهم ولكنهم لا يقتنعون وبسبب هذا أشعر دائما بضيق في الصدر وعندما أرتكب أي ذنب لا أستطيع الندم عليه فماذا أفعل....وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة قبل أن يدهمك الموت، وأبشر فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويفرح بهم إذا جاؤوه نادمين ذليلين منكسرين، بل إنه من رحمته سبحانه يبدل سيئات عباده التائبين حسنات، قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:104} . وقال أيضا: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى: 25} . وقال سبحانه:.. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الفرقان:70} . وانظر الفتوى رقم: 7549، واعلم أن التوبة كافية في محو الذنوب ولا يشترط لمحوها إقامة الحدود على مرتكبيها، وذلك بشرط أن تستوفي التوبة شروط قبولها، وانظر شروط التوبة النصوح في الفتويين: 9694، 5450، وأما الفتيات التي قذفتهن، فإن من تمام توبتك أن تبرئهن عند من قذفتهن أمامه فتكذب نفسك وتخرج مما قلت، إن أمكن ذلك، فإن لم يمكن ذلك فأكثر من الدعاء لهن والاستغفار. وانظر الفتوى رقم: 7017، ورقم: 24940. وبالنسبة لأهلك الواقعين في الذنوب والمعاصي، فلا تكف عن نصحهم والإنكار عليهم رحمة بهم وشفقة عليهم من أن ينالهم من عذاب الله على تفريطهم في جنبه تعالى، وترفق في نصحهم وأمرهم ونهيهم فإن ذلك أدعى لقبولهم، ونوع في طريقة نصحهم، فتارة بالنصح المباشر وتارة بإسماعهم شريطا أو محاضرة فيها النهي عما هم واقعون فيه، وتارة بتمكينهم من قراءة بعض المطويات والرسائل الدعوية ونحو ذلك. هذا، وللمحافظة على توبتك ننصحك بأن تتخذ رفقة صالحة من الشباب المستقيم المتمسك بدين الله تعالى، فإن صحبتهم من أعظم أسباب الاستقامة بعد الله تعالى، فاعبد الله معهم وتعاون معهم على فعل الخيرات وطلب العلم النافع فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية. هذا، واعلم أن الندم عمل قلبي وشعور داخلي بالتفريط في حق الله ويتولد عن ذلك الأسف والحزن كلما تذكر العبد تفريطه وينتابه بسببه الخوف من أن يناله عقاب الله تعالى، وهذا الندم هو أهم شروط التوبة من الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. فاجتهد في تحصيل الإشفاق من الذنوب وتوابعها لتحقيق الندم على أي ذنب تقع فيه. واجتهد فيما يقوى إيمانك وراجع الفتوى رقم: 10800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(16/703)
التحرش بالأطفال غير البالغين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر التحرش بالأطفال غير البالغين وممارسة الجنس معهم زنا!
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتحرش بالأطفال غير البالغين وممارسة الجنس معهم يعتبر زنا إذا كان المفعول بها أنثى، وإن كان المفعول به ذكرا فهو يسمى لواطا وهو أعظم وأشنع من الزنا، ولم يكن يفعله قبل قوم لوط أحد من العالمين. قال تعالى: وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ {لأعراف:80} . ولك أن تراجعي في موضوع اللواط فتوانا رقم: 1869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(16/704)
أفلام ثقافية أم أفلام إباحية؟ وحكم من وقع على بهيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت في فلم ثقافي حيوانات مع أناس فهل يحدث بينهم تلقيح؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شدد الإسلام في عقوبة من يرتكب جريمة الزنا عموماً وبالبهائم خصوصا، لما في ذلك من خسة الفاعل وانتكاس فطرته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد وغيره: من وقع على بهيمة فاقتلوه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ملعون من وقع على بهيمة. رواه أحمد وغيره.
فمن وقع على بهيمة فهو ملعون، ويقتل بغض النظر عن حصول التلقيح أو إمكانه.
ثم لتعلم أنه لا يجوز للمسلم مشاهدة الحرام ولو كان في أفلام يدعى زوراً أنها أفلام ثقافية، وحقيقتها أنها أفلام إباحية خليعة تدمر الدين والأخلاق والفضيلة، وتقتل الحياء والمروءة والرجولة في مشاهديها، ولهذا ننصح السائل بالابتعاد عن هذا النوع من الأفلام، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 28444، 3605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(16/705)
لم يثبت ما يفيد اهتزاز عرش الرحمن بفعل اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن من يفعل معصية اللواط يهز عرش الرحمان؟ أم أن هذي المعصية شبيهة بذلك؟ وما الدليل على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط من أقبح الجرائم وأشنعها وأقذرها. وقد أنكر الله تعالى على قوم لوط ما كانوا يمارسونه منه. قال جل من قائل حكاية عن لوط عليه الصلاة والسلام: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ {الأعراف: 80} .
ومع ذلك فلم نقف على نص في أن فعله يهتز له عرش الرحمن، ومثل هذا لا يمكن القول فيه إلا بدليل من الشارع، لأنه من الأمور الغيبية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(16/706)
الأمراض التي تنتقل عن طريق الشذوذ الجنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 13_12 وأواجه مشكلة في الشهوة، أنا أنكح دائما وأحاول الابتعاد لكنني لا أستطيع ولدي إخوه صغار ولد وبنت عمرهما لا يتجاوز 8 سنوات، وهم نائمون أفعل الفاحشه معهم ولا أستطيع الابتعاد عن ذلك وأواجه مشكلة أني أترك الصلاة دائما، هل يمكنك نصحي أو أن أفعل أي شيء لأبتعد عن هذه الشهوة، أو ادع لي من عند الله أرجوك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط وفاحشة الزنا من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، وعقوبتها شديدة في الدنيا والآخرة، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1869، 1602، 26511، 32647.
واعلم أن عقوبة فعل الفاحشة بالمحارم كالأشقاء ونحوهم أشد عقوبة وأغلظ ذنباً، وانظر الفتوى رقم: 2376، والفتوى رقم: 30946.
ومع حرمة فعل الفاحشة وتوعد الله لفاعليها، فإن فاعلها عرضة لأمراض جنسية متعددة، قال الدكتور محمود حجازي في كتابه (الأمراض الجنسية والتناسلية) وهو يشرح بعض المخاطر الصحية الناجمة عن ارتكاب اللواط: إن الأمراض التي تنتقل عن طريق الشذوذ الجنسي (اللواط) هي:
1- مرض الأيدز، وهو مرض فقد المناعة المكتسبة الذي يؤدي عادة إلى الموت.
2- التهاب الكبد الفيروسي.
3- مرض الزهري.
4- مرض السيلان.
5- مرض الهربس.
6- التهابات الشرج الجرثومية.
7- مرض التيفوئيد.
8- مرض الأميبيا.
9- الديدان المعوية.
10- ثواليل الشرج.
11- مرض الجرب.
12- مرض قمل العانة.
13- فيروس السايتو ميجالك الذي قد يؤدي إلى سرطان الشرج.
14- المرض الحبيبي اللمفاوي التناسلي.
هذا وإن الواجب على من وقع في شيء من هذه الكبائر المسارعة بالتوبة إلى الله تعالى من ذلك الذنب العظيم، وعقد العزم على عدم العودة إليه أبداً، والندم الشديد على تفريطه في جنب الله، كما ينبغي له أن يكثر من فعل الأعمال الصالحة، فإن الحسنات يذهبن السيئات، واعلم أنك إن تبت توبة نصوحاً ولم ترجع لتلك الفاحشة مرة أخرى فإن الله يفرح بتوبتك ويقبلها منك ويغفر لك ما كان منك، وانظر الفتوى رقم: 1882، والفتوى رقم: 3184.
ومع توبتك إلى الله فإننا نحذرك من الاختلاء بشقيقيك ومن عدم النوم معهما في غرفة واحدة أبداً، فنم في غرفة أخرى بعيدة عنهما، ولو في المجلس، ولا تمس أحداً من إخوتك بيدك أبداً ولو للمصافحة إذا كان ذلك يثير شهوتك، كما ننصحك بتجنب كل ما يثير الشهوة من النظر إلى المجلات الهابطة والمناظر الخليعة في التلفاز ونحوه، ومن إطلاق البصر إلى ما حرم الله النظر إليه، فقد قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} ، وأكثر من الصيام، فإن له تأثيراً بالغاً في كبح جماح الشهوة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
وتذكر حين يأتيك هاجس المعصية، ووسوسة الشيطان باقتراف المعصية أن جوارحك هذه ستشهد عليك يوم القيامة بهذه المعصية، ألا تعلم أن هذه الجوارح وهذه الفتوة والنشاط نعمة من الله عز وجل عليك؟ فهل من شكر نعمة الله أن تصرفها في المعصية والتمرد على أوامر الله عز وجل؟
ثمة أمر آخر جدير بك أن تتفطن له، اقرأ معي هذه الآية: حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {فصلت:20-21} ، فعن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال: هل تدرون مم أضحك؟ قال: قلنا الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بعداً لكنَّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل. رواه مسلم.
ابتعد عن الخلوة بنفسك فإنها مدعاة للتفكير في الشهوة، وحاول أن تملأ وقتك بما يفيدك من الأعمال الصالحة، من قراءة القرآن، والذكر والصلاة، والتحق بمركز لتحفيظ القرآن، وكن مع الشباب الصالحين واشترك معهم في الأنشطة والرحلات.
واجتنب مصاحبة الأشرار الفساق الذين يطرقون هذه المواضيع، ويتحدثون فيما يثير الشهوة ويهون المعصية ويجرئ عليها، وعليك بصحبة الأخيار الذين يذكرونك بالله تعالى، ويعينونك على طاعته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه الترمذي، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وأسأل الله كثيراً أن يرزقك العفاف وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتحر في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة، كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وفي السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي الصيام وعند الفطر في اليوم الذي تصوم فيه، ونحو ذلك من الأوقات التي هي أرجى من غيرها في إجابة الدعاء، وأد الصلاة على وقتها واجتهد في أدائها في جماعة، واحذر ترك الصلاة، فإن تاركها جحوداً كافر كفرا أكبر مخرجا من الملة، ويحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وأمية بن خلف وأبي جهل، وتاركها تكاسلاً كافر أيضاً عند كثير من أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 6061.
هذا وننصحك باستماع الأشرطة الإسلامية عموماً، وخاصة الأشرطة التالية (توبة صادقة) للشيخ سعد البريك، و (اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله) للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، و (على الطريق) للشيخ علي القرني، وشريط (جلسة على الرصيف) للشيخ سلمان العودة، وهذه الأشرطة تجدها على موقع طريق الإسلام www.islamway.com
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1426(16/707)
مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أوضح شيئا، أنا طالب تخرجت من المرحلة الثانوية وكانت حياتي في هذه المرحلة مقتصرة على الدراسة والمذاكرة والصلاة والذهاب إلى ندوات دينية إلى أن تخرجت وقبلت في إحدى الجامعات في مدينتي وبدأت الدراسة وبدأ الاختلاط والتعارف مع الزملاء الجدد في الدراسة واشتدت العلاقة مع الطلاب وبدأت حياتي تتغير مع الأصحاب إذ بي تركت الندوات شيئا فشيئا وتركت الصلاة في المسجد وبدأ السهر والخروج والتأخير وبدأت علامات الشباب الضائعة تتحقق علي وأنا والحمد لله ميسور الحال واشتريت سيارة كبيرة وفخمة ومن هذه اللحظة بدأت المشاكل إذ بأصحاب جدد ظهروا وأصحاب اختفوا لأنهم يقولون بدأت أتكبر عليهم ألخ ... المشكلة يا إخواني ليست هنا المشكلة كان لي صديق من الثانوية لم أكن أعرفه جيداً وازدادت العلاقة كثيراً بعد التخرج ورأيت فيه صفات حميدة وطيبة لمدة سنة بعد التخرج ونحن أصدقاء وتركت جميع الأصدقاء وبدأت أحس أننا لن نفترق وأننا لبعضنا وأننا لن ندع أحدا يتدخل في حياتنا ولا نريد أحدا معنا وأننا نعز ونحب بعضنا كثيرا وبدأ صديقي يتغير في حركاته إذ بصديقي ظهرت عليه آثار غريبة وحركات غريبة وكلام غريب وبدأت علية جلسات وحركات وكلام وأسلوب في الكلام وبدأ يبيت عندي في البيت وأنا في شك كبير من الموضوع هل أن هذه الحركات مقصودة أم لا، إذا بيوم من الأيام اكتشفت أن صديقي منحرف شاذ سابقاً وترك هذه الأشياء في أول سنة في التخرج عندما اشتدت علاقتي به وليس كما كان على بالي من نقاء في الصداقة والتعامل إلا أنه كان يريدني من الثانوية إلى أنه مهد الطريق وسلكه لكي يحصل علي وبدأت أنا المعارك النفسية وبدا معي بالعلاقة المنحرفة والشاذة وأنا وأشهد الله أنا لا أريد أن أفعل شيئا لكن ماذا أفعل قلبي تعلق به لا أريد أن أخسره عاش معي سنة متواصلة ونحن لا نفترق فسمحت لنفسي وله وأغضبت ربي وربه وسمعت كلاما وما صدقته وسألت نفسي هل أحبه وطمس على قلبي وقلبه وما كان الذنب يعني شيئا لي وله ومرت السنين على نفس حالي وحاله، أقول يارب ماذا أفعل إن لم تغفر لي وتغفر له حياتي بدت جحيما أعوذ بالله من إغوائه تركته بعد فترة طويلة فعاد لي يرجوني لصالح نفسه وعاد الكرة مرة أخرى وأنا معه غلطت غلطة أدعو له ساعده يا ربي تركت الصلاة ومزاولة بيته فتركني أغرق في بحره سلبت مني طموحاتي والهدف
وتركت بيدي حياة الترف غلقت أبواب الدراسة في وجهي وقلت لا بد أن أستحي على وجهي فبدأت أعمل والحياة صعبةُ وتركت الحياة في المدينةُ وهربت من حياتي السابقة وتركت أهلي البارحة وها أنا أعيش بدون صاحبٌ ولا مع أهل ساكنٌ أحاول أن أكسب لقمة عيشٍ وليس للعيش لي نفسٍ أمنيتي أن أقتل نفسي قيل النفس أمانة عندي فرجعت لربي والصلاة وأحبيت ربي والزكاة وقدوتي وحبيبي محمدأ لن أترك الصلاة أبداً والآن وجدني بنفوذه قلت ماذا تريد منه صديقي السابق قد أنتحرا وأنا حديث المولدا قال لا أريد القديم ولا الجديد قال أهلك يريدونك من بعيد أرجع لهم فليس لهم قريب أما أنا لا تظنني الحبيب تركت حياة الصياعة وأكملت حياتي براحة وقلت له تركتني في مناحة وكل شيء ضاع قال لي بقي تعلق الأمل بالله فقلت لا هذا ليس أنت والله قال ربي هداني والصراط المستقيم أمامي قال لي هيا بنا نبدأ مع من جديد ونقويك كالحديد أرجع لأهلك سالماً فأنا لست إلا مراسلاً بحثت عنك حتى وجدتك والآن لا تريد أن تنفك، قال فكر فماذا قلت والبيت وها أنا أفكر هل هذه فرصة بها حظيت ساعدوني لأجل رب البيت وسامحوني لأني كثر وبقيت وأخذت من وقتكم الكثير بعدما ذهب مني الكثير أحبيت أنا أكتب جملا بالقوافي لأنها خرجت من قلب طافي فربي أوصلها على قلب فاهم واستشارته علي ناعم هل أرجع مرة أخرى وماذا أفعل إذا عاد الكرة أو أتركه على حالي وحاله أو أستعيد صداقته
وآسف كثير الأسف على التطويل؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط عظيمة، وهي من كبائر الذنوب، وقد قال بعض العلماء: إن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من القتل، ولذلك كان عقوبة فاعلي هذه الفاحشة من أعظم العقوبات. وانظر لزاماً الفتوى رقم: 62499 وما تفرع عنها من فتاوى.
والذي ننصحك به هو التوبة النصوح والعودة إلى أهلك، مع قطع العلاقة نهائياً مع ذلك الشخص الذي زين لك المعصية، حتى لو أظهر التوبة وكذلك لا تتصل بمن يأتيك بخبره حتى تنسى ذلك الماضي الأليم، وانظر الفتوى رقم: 9360، فإن فيها بيان داء العشق ودوائه، وانظر شروط التوبة النصوح في الفتوى رقم: 9694، والفتوى رقم: 5450.
وفي المقابل اجتهد في البحث عن رفقة صالحة من أصحاب الوجوه المتوضئة، فإنهم خير معين بعد الله تعالى على الاستقامة على دينه، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، فإذا وجدت بعض هؤلاء الشباب الصالحين، فتعاون معهم على طلب العلم النافع وفعل الخيرات.
وننصحك كذلك بالتعجيل بالزواج من امرأة صالحة دينة، فإنها خير متاع الدنيا، ومن أعظم أسباب العفاف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
واحذر كل الحذر من التفكير في الانتحار فإنه ليس حلا بل هو الطامة الكبرى والمشكلة العظمى التي لا نهاية لها، وراجع الفتوى رقم: 10397، والفتوى رقم: 22853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(16/708)
هل ينال الثواب من كان مبتلى باللواط ويعلم القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس للقرآن ن الكريم، والحمد لله أصلي وأزكي، ولكنني أمارس شيئا واحدا لم أستطع التخلص منه وهو ممارسة اللواط، أريد أن أسأل هل أتحصل على الأجر من تدريسي للقرآن أم لا طبقا للآية الكريمة \\\" إن الحسنات يذهبن السيئات \\\"، مع التذكير بأني تركت هذا العمل المشين ولله الحمد، ولكني أسأل عن الفترة التي أمارس فيها هذا العمل وأدرس القرآن.... أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحامل القرآن ومدرسه أولى بالطاعة والبعد عن المعصية من غيره. ففي مجمع الزوائد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى برجل يوم القيامة ويمثل له القرآن قد كان يضيع فرائضه ويتعدى حدوده ويخالف طاعته ويركب معاصيه، فيقول: [يعني القرآن] أي رب حمَّلت آياتي بئس حامل، تعدى حدودي وضيع فرائضي وترك طاعتي وركب معصيتي، فما يزال عليه بالحجج حتى يقال فشأنك به، فيأخذ بيده فما يفارقه حتى يكبه على منخره في النار.
وكان سالم مولى أبي حذيفة إذا قال له المسلمون يا سالم إنا نخاف أن نؤتى من قبلك، يقول: بئس حامل القرآن أنا إن أتيتم من قبلي.
وإنك في الحقيقة قد ارتكبت ذنبا كبيرا وجرما عظيما. فالحمد لله الذي منَّ عليك بنعمة التوبة قبل أن يدهمك الموت ولا ينفعك الندم حينئذ.
واعلم أن الشأن في المؤمن أن لا ينسى ذنوبه، وإن بعد عهده بها، بل إنه يراها كجبال توشك أن تقع عليه، فهو مع توبته منها دائم الوجل والخوف من عواقبها، ويرجو من الله أن يغفرها له.
واعلم كذلك أن العبد إذا أذنب ثم تاب إلى الله توبة نصوحا فإن الله يقبل توبته ويغفر ذنبه. قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 104} . وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه بل إن الله يبدل سيئات التائب حسنات، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70} .
وعليه فإذا كنت قد تبت إلى الله توبة نصوحا فنرجو الله تعالى أن لا يضيع عملك من تدريس القرآن وغيره، وأن يبدل لك سيئاتك حسنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(16/709)
التوبة من اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: أنا شاب عمري 34 سنة مارست اللواط منذ عمري 13 سنة تبت إلى الله عدة مرات ثم أعود إلى نفس العمل تزوجت عسى أن يذهب هذا الشعور للواط ولكن نفس الشئ سافرت إلى بلد آخر وغيرت الأصدقاء لكن نفس الشعور ما زال موجودا كلما مارست الجنس مع شاب أحس بالذنب وأيضا خوفا من المرض الجنسي فقدان المناعة وأتوب وأطلب من الله التوبة ولكن بعد شهر أو شهرين بعد أن أحصل على النتائج كل شيء جيد أرجع إلى نفس الشيء هل تقبل توبتي لقد قررت أن اذهب إلى الحج السنة القادمة عسى أن يذهب هذا الشعور بعمل اللواط هل تقبل توبتي إذا أصبت بفقدان المناعة أرجوك ساعدني إني أعيش في جحيم علما أني أعيش في الغرب وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط عظيمة، وهي من كبائر الذنوب، وقد قال بعض العلماء: إن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من القتل، ولذلك كانت عقوبة فاعلي هذه الفاحشة من أعظم العقوبات، وانظر الفتويين: 6872، 1869
واعلم رحمك الله أن الموت يأتي بغتة، ولا يمهل الإنسان ليتوب، فبادر الآن قبل أن لا ينفع الندم وتب إلى الله، واندم على ما فرطت في جنبه تعالى، واعقد العزم على عدم العودة إلى تلك الفاحشة أبدا.
واعلم أن الله يقبل توبة عبده ويغفر له ذنبه إذا جاءه نادما منكسرا ذليلا، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره. قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 104} وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} بل إن من واسع رحمته سبحانه أنه يبدل سيئات التائب حسنات، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70}
هذا، ولا فرق بين توبة من أصيب بالإيدز بسبب انحرافه وبين توبة غيره، فمن استوفت توبته شروط قبولها فإن الله تعالى يقبلها منه، وانظر الفتوى رقم: 1882، وانظر شروط قبول التوبة في الفتويين: 9694، 5450.
وكذلك نرجو أن يكون أداؤك لفريضة الحج سببا في تكفير ذنوبك السالفة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. رواه البخاري ومسلم.
هذا، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 57110، 59332، 56002، 60222، فإن فيها وسائل نافعة لعلاج الشذوذ ونصائح مفيدة للاستقامة على طريق الهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1426(16/710)
السحاق تدمير لبيوتات الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ومشكلتي أحب السحاق كثيرا وحتى لا أقع بالحرام قلت لزوجتي أن تتكلم مع فتاة بالإنترنت عن الجنس، وقد وافقت لأجلي رغم أني عملت هذا الاسم وأنا الذي أتكلم معها بالسحاق حتى لا أقع بالحرام فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق بيان حرمة السحاق في الفتوى رقم: 16204، ولذا فلا يجوز لك أخي الكريم الحث عليه ولا إشاعته ولا الترويج له؛لما في ذلك من حب إشاعة الفاحشة بين المؤمنين، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور:19} .
كما أن في ذلك أيضاً سعياً في تدمير حياتك الأسرية بتعليم زوجتك هذه الرذيلة التي طالما دمرت بيوتا، ولذا فعليك أيها الأخ الكريم أن تترفع عن تلك القبائح وتتوب إلى الله تعالى قبل أن يفجأك الموت وأنت على هذه الحال السيئة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28972، 26241، 31003، 26714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1426(16/711)
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز أنا أريد التوبة لقد ابتليت بملاحقة الشاذين جنسيا حتى أنني وقعت متلبسا في يد رجال الأمن ومعي احد الشاذين جنسيا والطامة الكبرى أن الذي أمسك بي من رجال الأمن يعرف أبي، هذه الكارثة التي لا تفارق خيالي والكارثة الأخرى أن ابن عمي يعمل مع هذا الشخص وهذه كارثة أخرى كيف يا إخواني أستطيع تجاوز هذه المرحلة العصيبة التي أخشى من خلالها من الفضيحة على الرغم أنني أحاول التوبة والرجوع إلى الله بعد تلك الفضيحة التي شغلت بالي ولم ترحه ولم تجعلني أهنأ بعدها وجعلتني أخاف وأتمنى من مواجهة ابن عمي حيث إنني أصبحت انطوائيا وأتمنى موته لكي لا أنفضح أتمنى وقفة صادقة منكم في محنتي هذه العصبية التي أعتبرها ضربا من ضروب الخيال ولا أدري كيف تحققت على أرض الواقع يا لها من كارثة أصبحت شارد الذهن غبيا في معظم تصرفاتي لا أفهم جيدا عكس السابق أصبت بغباء شديد لدرجة أن من حولي بدؤوا يشككون في مقدرتي العقلية ويجاملوني في معظم الأحيان أنا في معظم الحالات البسيطة لا أستطيع حلها والسبب بعد تلك الفضيحة اللعينة التي أتمنى أن يسترني الله بسترة وان يتجاوز عن سيئاتي بحسنات يا إخواني إنني أفكر جيدا بالالتزام حفظا لماء الوجه أفكر جيدا بالتوبة إلى الله التوبة التي طالما حلمت بها يا إخواني آمل آمل آمل آمل من الله العلي القدير ثم منكم توجيهي حيث إنني أعاني ما الله به عليم أعاني أعاني أعاني حتى من الهمز واللمز أشك بنفسي أريد علاجا أرجوكم أريد علاجا لو بمال الدنيا كله أرجوكم ساعدوني أرجوكم أنقذوني ... ... ... ... ... ... المحتار]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فاحشة اللواط عظيمة، وهي من كبائر الذنوب، وقد قال بعض العلماء: إن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من القتل، ولذلك كانت عقوبة فاعلي هذه الفاحشة من أعظم العقوبات، وانظر الفتويين: 6872، 1869
واعلم رحمك الله أن الموت يأتي بغتة، ولا يمهل الإنسان ليتوب، فبادر الآن قبل أن لا ينفع الندم وتب إلى الله، واندم على ما فرطت في جنبه تعالى، واعقد العزم على عدم العودة إلى تلك الفاحشة أبدا.
واعلم أن الله يقبل توبة عبده ويغفر له ذنبه إذا جاءه نادما منكسرا ذليلا، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره. قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 104} وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} بل إن من واسع رحمته سبحانه أنه يبدل سيئات التائب حسنات، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70}
هذا، وننصحك بأن تجعل رجوعك إلى الله واستقامتك على أمره خالصين لوجهه الكريم، لا حفظا لماء الوجه ولا السمعة ولا نحو ذلك من المقاصد الباطلة التي تحبط العمل وتحول دون قبوله، فالدنيا كلها لا تساوي عند الله شيئا، وسخط الناس لا يقارن بسخط الله، فاجعل الله والدار الآخرة أكبر همك.
ولعل ما أنت فيه من البلاء مكفرا لبعض سيئاتك وماحيا لبعض ذنوبك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري ومسلم.
هذا، وحذار من صحبة أهل الريبة الذين انتكست فطرتهم فاشتهوا الرجال من دون النساء، فإن صحبة هؤلاء مردية وهم يزينون المعاصي كفعل الشياطين.
وابذل الوسع في تغيير نفسك فالزم الخشونة وتجنب الميوعة واحذر من التكسير في الكلام الذي يطمع فيه أهل الريب، وتشبه بفحول الرجال، ومن ذلك إعفاء اللحية وغيرها من المظاهر الدالة على الفتوة، ولا بأس في الاستعانة بطبيب مختص بالصحة النفسية، وهون على نفسك مما تخافه من الفضيحة، فلعل الرجل لا يخبر أحدا، وإن أخبر فأطلع من اطلع منهم على توبتك وتغير حالك، وقد تاب كثير من ذنوب أعظم من ذلك وكانت التوبة شرفا لهم، ولا ينبغي أن تحرص كثيرا على رضا الناس، واجعل غاية مطلوبك رضا الله عز وجل، وهو يحب التوابين كما أخبر في كتابه، وانتفع بالنصائح الواردة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57110، 59332، 60222، 56002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(16/712)
أنواع اللوطية ومراتبها وسبل تجنبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من فلسطين وأبلغ من العمر 17,6 عاما، تركت التعليم في سن الـ 15 لأساعد أمي على تربيتنا ومن ثم عدت إلى دراسة الصحافة في سن الـ 17 التي لطالما تمنيت أن أتخرج من جامعة الصحافة، لدي سؤال أو أكثر أرجو الإجابة عليها وبسرعة لو سمحتم، أكون ماشيا في الطريق فيناديني أحد المعارف أو الأصدقاء لأتكلم معه في محله أو بيته أو سيارته, وبعد مضي نحو عشر دقائق أشعر بل ويكون حقيقة بأن عضوي الذكري قد تمدد ويستمر هكذا في بعض الأحيان إلى ربع أو ثلث ساعة مما يجعلني أخجل من القيام والوقوف للذهاب إلى متابعة يومي، وبعد عدة شهور وبعد فقد الأمل بدأت بالنظر إلى بقية الشباب الذي حولي بل وأنظر إلى فروجهم لأرى إن كان يحصل لهم ما يحصل لي، بل وفي عدة مرات أقوم بسؤال أصحابي عن الموضوع، ولكن لا أقول عن نفسي شيئاً، وبسبب هذه المشكلة أصبحت لا أذهب إلى الرحلات أو الأفراح أو الصلاة، فأرجو الإجابة بأسرع وقت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يتبين من سؤالك هو أنك تتلذذ بلقائك مع أصدقائك من الرجال، وقد تكون هذه اللذة تحصل بنظرك إلى أبدانهم وأشكالهم أو بالاستماع إلى أصواتهم أو بالمصافحة معهم وملامسة أجسادهم ونحو ذلك، وكل هذه الأمور تعتبر أنواعاً من اللوطية، قال ابن الحاج المالكي في المدخل: اللوطية على ثلاث مراتب.... طائفة تتمتع بالنظر وهو محرم، لأن النظرة إلى الأمرد بشهوة حرام إجماعاً، بل صحح بعض العلماء أنه محرم، وإن كان بغير شهوة.
والطائفة الثانية: يتمتعون بالملاعبة والمباسطة والمعانقة وغير ذلك عدا فعل الفاحشة الكبرى، ولا يظن ظان أن ما تقدم ذكره من النظر والملاعبة والمباسطة والمعانقة أقل رتبة من فعل الفاحشة، بل الدوام عليه يلحقه بها، لأنهم قالوا: لا صغيرة مع الإصرار، وإذا دوام على الصغائر وصلت بدوامه عليها كبائر، والحكم في ذلك معلوم عند أهل العلم.
والمرتبة الثالثة: فعل الفاحشة الكبرى.
وعليه.. فما فعلته من تجنب مخالطة الرجال في الأفراح والرحلات ونحو ذلك هو الصواب ما بقيت معك هذه الحالة، وأما الصلاة فلا يصح للمسلم ترك الذهاب إليها، فإن كان بالإمكان فعلها في المساجد دون حصول ما ذكرته من عادة فذلك واجب، وإن لم يمكن ذلك فالقاعدة أن ترك الحرام أولى من فعل الواجب، فعليك إذاً أن تؤديها في أي مكان تجنبك ما ذكرته.
ونوصيك بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم معاشر الشباب بأن تتزوج إن كنت تستطيع الباءة، لأنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(16/713)
عقوبة المريض بالشذوذ الجنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أسأل عن الأشخاص المصابين بالمر ض النفسي الذي يدعى بالشذوذ الجنسي نحن نعلم أن الإنسان له احتياجات ومنها الجنس فكيف يتصرف هولاء الأشخاص وخاصة أن من هولاء الأشخاص من لا يستطيعون الصبر والتحمل
وأريد أن أسال هل الله يحاسب هولاء الأشخاص على أفكارهم يعني إذا فكروا بالجنس بالطريقة الشاذة هل يحاسبون على هذه الافكار وهل يعاقب من أتى هذه الفاحشة بنفس الدرجة إذا فعلها الإنسان الطبيعي يعني ألا يخفف عنه الحساب يوم القيامة باعتباره مريضا وكما هو معرف أنه هو لم يضع نفسه بهذا الظرف يعني بل ظروف خارجية أثرت على ميوله الجنسية والذي أتى الفاحشة من هذا النوع وأراد أن يتوب هل هناك خطوات يجب أن يتبعها؟
ولكم جزيل الشكر.
وأعتذر عن الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم ملزم بتكاليف الشرع محاسب عليها ما دام عاقلا، وراجع في علاج هذا الموضوع والتوبة منه ومن الفواحش كلها الفتاوى التالية أرقامها: 179، 6872، 7123، 59332، 57426، 16534، 7549، 30425، 32928، 34932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(16/714)
التوبة من اللوطية الصغرى
[السُّؤَالُ]
ـ[إني بعد الزواج قمت باللواط ثم تاب الله علي ثم تفاجئت بعد فترة بمن يخبرني بأن امرأتي قد أصبحت طالقا مني بعد ما فعلت، فسؤالي هل فعلا اللواط يؤدي إلى طلاق المرأة شرعا؟ وكيف السبيل لعودتها لو كان؟.
وجزاكم الله عني كل خير. علما أني لم أعد أفعل ذلك. بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيظهر من كلام السائل أنه قام باللواط مع زوجته، واللواط بالزوجة وهو إتيانها في دبرها منكر عظيم وفعل قبيح، وهو اللوطية الصغرى، كما جاء في مسند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هي اللوطية الصغرى، يعني أن يأتي الرجل امرأته في دبرها. ويقول صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأته في دبرها. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما. أما أن اللواط -سواء كان معها أو مع غيرها- يؤدي إلى طلاق المرأة شرعا فغير صحيح، ولم يقل به أحد، وراجع الفتوى رقم: 3909، والفتوى رقم: 1410. ونسأل الله عز وجل لأخينا الثبات على التوبة، ونوصيه بالإكثار من الأعمال الصالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(16/715)
حكم التلذذ بوضع أشياء في الدبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبعث سؤالي هذا وأنا في شدة الخجل مما ارتكبت في نفسي، فأنا قد مارست اللواط منذ عدة سنوات لمدة عدة أيام ثم عافاني الله الكريم من ممارسة هذه الفاحشة مع رفيق سوء، ولكن نفسي تشتاق من حين لآخر لممارسة هذه الرذيلة فأقوم بوضع أحد الأشياء المستديرة في دبري حتى أشبع رغبتي، فهل هذا لواط، علماً بأني أقوم بهذا تجنبا لممارسة الفاحشة مع رفيق سوء، علما بأنني ضعيف أمامي شهوتي، أرجو توضيح الحقيقة لي وكيف أستطيع أن أحمي نفسي حيث إنني أسعى جاهداً للزواج وأنا خاطب لبنت متدينه، أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي عافاك من ارتكاب فاحشة اللواط، فإن عقاب الله لمرتكبها أليم شديد، وانظر الفتوى رقم: 6872، والفتوى رقم: 1869.
واعلم أن وضع الأشياء في الدبر -وإن كان دون اللواط- إلا إنه محرم لأنه ذريعة لفعل الفاحشة واعتداء وتلذذ بما لم يأذن به الله، قال تعالى في صفات المؤمنين: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون:5-6-7} .
وعلى ذلك فإن الواجب عليك ترك ما تفعله من التلذذ بوضع أشياء في دبرك والانقطاع عن ذلك نهائياً والندم على ما فرطت في جنب الله وعقد العزم على عدم العودة إليه مرة أخرى، كما ننصحك بالمسارعة إلى إتمام الزواج بهذه المرأة الصالحة، فإن في ذلك تحصيناً لفرجك وكفا لك عن المحرمات، وإلى أن يتم الزواج عليك بكثرة الصيام، فإن له تأثيراً بالغاً في كسر الشهوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه.
كما ننصحك بالانقطاع عن رفقاء السوء الذين يزينون لك المعصية ويهونونها عليك، فإن صحبتهم مردية، واستبدلهم بصحبة من الصالحين المتمسكين بدين الله، فإن صحبتهم من أعظم وسائل الثبات على دين الله، واطلب معهم العلم النافع واعبد الله معهم.
ولا تجعل قلبك يفرغ عن ذكر الله مطلقاً، خاصة الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء، وبعد الصلاة وعند النوم وتجدها في كتاب (حصن المسلم) للقطحاني، وحافظ على وضوئك بقدر المستطاع، وادع الله أن يرزقك العفاف وأن يكره إليك هذه الأفعال المحرمة ويصرفها عنك، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 59114، والفتوى رقم: 56002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(16/716)
كيفية تغلب الرجل على آفة الميل إلى الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن الميل للرجال جريمة كبرى ولكني ابتليت بهذا الداء وأنا والحمد لله ملتزم بصلاتي ولا أرضى لنفسي الوقوع في الرذيلة. حاولت حل المشكلة بالزواج وللأسف كانت النتيجة سلبية. ماذا أفعل لكي أشعر بالاستقرار. أعلم أنني مبتلى وأتمنى من الله عز وجل أن يدخلني الجنة بغير حساب. المشكلة أنني أضطر إلى القيام بالاستمناء, فأنا لا أرى أي أمل لي في حياة جنسية مثل الآخرين ورغم أني قررت تعطيل حياتي الجنسية إلا أنني في قمة شبابي وبداخلي طاقة جنسية يجب تفريغها.والأمر الآخر أن الكل حولي يضغط علي بالزواج ويقترحون أسماء علي يوما بعد يوم، لقد نفد صبري فلا يشعر أحد بما بداخلي ورغم أني أقرأ القرآن وأحافظ على الأذكار إلا أن هذه المشكلة اللعينة تجعلني عصبيا يوما تلو الآخر.أما بالنسبة لعلاج المشكلة نفسيا فقد حاولت كثيرا لكن بدون فائدة............. أحيانا كثيرة أتمنى الموت وأحيانا أتمنى فعل الفاحشة. أنا في صراع مستمر ماذا أفعل.
أخبروني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بمجاهدة نفسك للتغلب على هذا الخلق الذميم، وأن تشغل وقتك بالطاعات، فقد قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97} . وعليك بمجالسة أهل الصلاح والخير، وترك مخالطة أهل الفساد والشر، فإن الجليس يؤثر في جليسه ولا بد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود والترمذي وهو حديث حسن. كما ننصحك نحن أيضا ـ مثل ما نصحك غيرنا ـ بالزواج، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. رواه الجماعة. وقد سبق أن أجبنا على مثل سؤالك، فللمزيد من النصائح في علاج الشذوذ الجنسي راجع الأجوبة التالية: 3867، 5453، 6872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1426(16/717)
ما ينصح به كل تائب من الفاحشة وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على الرد هل تقبل التوبة من فعال اللواط إذا أحس بالذنب من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من ساءتة سيئته وسرته حسنته ضمنت له الجنة، شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله يقبل توبة عبده من اللواط ومن غيره من الفواحش والذنوب إذا جاءه تائبا نادماً معترفاً عازماً على عدم العودة لذنبه، بل إن الله يفرح بتوبة عبده ويغفر له ذنبه فيعود كمن لا ذنب له، بل إنه من رحمته سبحانه أنه يبدل سيئات العبد التائب إلى حسنات يجدها في صحيفة أعماله يوم يلقاه، وانظر أدلة ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1836، 16907، 18059، 9024، 21743، 23150.
ولكن اعلم أن للتوبة النصوح شروطاً انظرها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9694، 5450، 29785.
والحديث الذي أشار السائل له لفظه: من سرته حسنته وساءته معصيته فذلكم المؤمن. وهو حديث صحيح رواه الترمذي وأحمد، وفي هذا الحديث صفة المؤمن كامل الإيمان، فإنه يسر إذا فعل الحسنة، ويحزن إذا وقعت منه السيئة، وذلك بعكس المنافق الذي لا يبالي بما وقع منه لضعف يقينه بالبعث بعد الموت، وسؤال الله له عما جنته يداه في هذه الدنيا.
هذا، ومما ينصح به كل تائب اتخاذ رفقة صالحة من المؤمنين تشد من أزره، وتعينه على الثبات على دين الله، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وفي المقابل الابتعاد عن رفقاء السوء وعن كل ما يذكر بالمعصية. وانظر الفتاوى التالية، فإن فيها بعض أسباب تقوى الله وخشيته والثبات على دينه. 24565، 10800، 1208، 59729. وإن مما يبغض في هذه الفاحشة معرفة عقوبة فاعلها في الدنيا وما توعده الله به، وانظر الفتاوى التالية أرقامها فإن فيها بيان ذلك، وفيها سبل التخلص منها بإذن الله: 1869، 12840، 24298، 3867، 43447، 22005.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(16/718)
من يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو هل إذا كان الأب لوطيا يحاسب الله الأولاد على ذنوب والدهم أو لاتزر وازرة وزر أخرى، علما بأن الأم ملتزمة دينيا وتربي أطفالها تربية دينية صحيحة، كما أن الأم لا تربطها أى علاقة جنسية بزوجها بعد معرفتها بالأمر، أرجو الرد السريع فى هذه الكارثة التي ليس لها حل، والله معنا ليحفظ الأولاد، علما بأن الأولاد أكبرهم تسع سنوات والطريق طويل أمام الأم لتكافح في وجود هذا الخوف والطلاق مشكلة أخرى لأن الأم لا تستطيع أن تعيش وحدها مع أطفالها بعد أن توفي والداها، أرجو إفادتي والرد بطريقة مفصلة حتى أعرف ما يجب عمله من أجل الأطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علاقة للأولاد بذنب أبيهم، فالله تعالى يقول: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} ، وعلى الأم أن تربي أولادها على تعاليم الإسلام، وتدفع بهم إلى المحاضن التربوية النافعة كتحفيظ القرآن، وتوصي بهم من تعرف من أهل الخير من الأقربين أو أهل الصلاح، وتطلب منهم أن يتوجهوا لنصح هذا الرجل وتذكيره بالله تعالى وقبح ما هو عليه، ووجوب التوبة قبل أن ينزل به هادم اللذات ومفرق الجماعات، ويندم حيث لا ينفع الندم في يوم يشيب فيه الولدان، وتضع كل ذات حمل حملها، وانظري الفتوى رقم: 6872، والفتوى رقم: 24788.
وأما ما يتعلق بمقام الزوجة مع زوجها الواقع في ما ذكر فسبق في الفتوى رقم: 26179.
وينبغي للمرأة أن تكون عونا لزوجها في ترك هذه الموبقة العظيمة والجريمة الفاحشة بالكلمة الطيبة، والتجمل له، وفعل ما يمكنها من ذلك. وأما علاقة الأولاد مع أبيهم فسبق في الفتوى رقم: 31961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(16/719)
حكم استمرار صحبة من يمارس اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركا ته
تأكدت والله أعلم من أن صديقا لي (gay,homosexual) \"يمارس اللواط\" أنا محتار ومصدوم ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأكدت أن صديقك مبتلى بهذا الأمر ولا يزال مصرا عليه، فإن الواجب عليك نصحه وتخويفه بالله الذي يراه ولا يغفل عنه، وذكره بالموت وأنه يأتي فجأة، وأنه سيقف بين يدي الله فيسأله عن الصغير والكبير والنقير والقطمير. قال تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ {الصافات: 24} . وقال أيضا: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {الحجر: 92-93} .
وذكره بأن كل لذات الدنيا وما يحصله فيها الإنسان من شهوة ينساه مع أول غمسة يغمسها في النار.
كما ننصحك بسؤال الله أن يهديه، وأن يلهمه رشده، ويصرفه عن هذا البلاء.
واجتهد أن تدل عليه أهل الصلاح من الشباب الطيب المتمسك بالدين، فينظمونه في سلكهم، ويشركونه في أنشطتهم، ويتعهدون إيمانه.
واجعله يستمع للمحاضرات التالية: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي و" التوبة الصادقة" للشيخ سعد البريك. و" جلسة على الرصيف" للشيخ سلمان العودة. و" على الطريق" للشيخ علي القرني، وتجدها كلها على موقع ISLAMWAY.COM على الإنترنت، فإن باءت جميع محاولاتك في إصلاحه بالفشل، ولم يجد معه النصح، واستمرأ فعل الفاحشة فإياك وإياه، وانصرف عنه، ولا خير في صحبة رجل هذه صفته، واحذره، فإن المعاصي تعدي كالجرب، وانظر الفتوى رقم: 57110.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1425(16/720)
العلة فيك وليست فيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نفس الشخص الذي طرحت هذا السؤال 255700.. وبعد قراءتي لجوابكم الفضيل تذكرت أني نسيت نقطة هامة جداً جداً جداً جداً في سؤالي وهي أن أصحابي هؤلاء المردان ليسوا عاصين لله بل من الطائعين المحافظين على الصلاة وممن خلقهم حسن..أرجو التعليق على الإضافة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون هؤلاء المردان ـ الذين نهيناك عن مصاحبتهم ـ من أهل الطاعة والصلاح ـ لا أثر له فيما أمرناك به إذ العلة فيك وليست فيهم. هذا، ونحذرك من اتباع الهوى، فإن عاقبته وخيمة. والله نسأل أن يبغض إليك الحرام وأن يصرف عنك أسبابه إنه جواد كريم. كما نفيدك أن الدعاء مع الرجاء سبب لجلب النفع ودفع الضر وذلك إذا استوفى شروط إجابته ولم تكن ثمت موانع منها، وانظر شروط قبول الدعاء وآدابه وأوقات إجابته في الفتاوى: 23599، 17449، 32655، 8581. إلا أنه يجب عليك أن تبدأ بتغيير نفسك وتترك صحبة المردان حتى يغير الله ما بك، فقد قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ {الرعد:11} . وقال أيضا: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} . فلا بد أن تجاهد نفسك مع الاستمرار في الدعاء. واحذر فجاءة الموت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1425(16/721)
شروط قتل اللواطيين، والمخول بتنفيذ الحد
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الفنادق في إحدى الدول الإسلامية كان معي رجل شاب في نفس الغرفة حيث إن الغرفة كانت مخصصة لمنام شخصين وبأسرة منفصلة أي كان يوجد فيها سريران منام منفصلان أنا على سرير وهو على السرير الآخر والمسافة بيننا كانت أكثر من مترين، وفي إحدى الليالي طلب مني الرجل الشاب أن أمارس الشذوذ الجنسي معه أي عمل قوم لوط ولكنني قلت له اتق الله تعالى وتركت الغرفة في نفس الليلة وطلبت من أصاحب الفندق إعطائي غرفة أخرى وإنني لم أكن أحمل أي سلاح معي وإلا كنت قتلته في نفس الليلة. السؤال هل الخلوة بين الرجل ورجل آخر محرمة في الإسلام؟ نحن نعلم بأن الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية أي غيرالمحرمة هي محرمة في الإسلام، هل هناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يحرم الخلوة بين رجلين، وماذا أعمل إذا صادفت رجلا آخر له نفس السلوك في المستقبل هل إن قتله حرام أم حلال؟ وهل يحاسبني الله تعالى إذا كنت قد قتلته على هذا العمل والسلوك الشاذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتقبل منك عفتك وغيرتك للدين، ونحمد الله أن عصمك من تلك الفاحشة النكراء التي عابها الله على قوم لوط. قال تعالى: وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ {الأعراف:80} . وقال: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ {الشعراء:165} . والتي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
ولكن اعلم أن هذا القتل المأمور به في الحديث إنما هو من اختصاص السلطان أو نائبه، وبشرط أن يثبت بالإقرار الذي لم يرجع عنه صاحبه، أو بينة من أربعة عدول يشهدون بدخول الفرج في الدبر كالمرود في المكحلة.
ومن ذلك تعلم أنه لا يجوز لك أن تقتل من علمت أنه يمارس اللواط، وإن قتلته من غير أن يثبت عليه كنت مستحقا لأن يقتص منك. وأما لو قتلته بعد أن ثبت عليه فعل الفاحشة بإقرار أو بأربعة شهود على النحو السالف فإنك تأثم من باب الافتيات على الإمام ولكن لا قصاص عليك.
وتحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية هو لسبب خوف الفتنة والفساد، فإذا خشي مثل ذلك بين الرجال حرمت الخلوة أيضا، فإن من أهل العلم من يجعل الرجل الذي يشتهي مثل المرأة تماما. وربما تكون الخلوة به أبلغ في التحريم إذا لم يؤمن الوقوع في اللواط. وراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 18605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(16/722)
هل من تمام التوبة طلب العفو ممن اقترف معه الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أن تفيدوني عندما كان عمري تقريبا 14 أو أقل قمت بفعل اللواط مع ولد صغير تقريبا 11 أو 10 لا أذكر بالتحديد كنت جاهلا سامحوني بالسؤال السؤال هو هل لي من توبة؟ وهل لازم أبحث على الشخص الذي قمت معه بفعل اللواط وأستسمح منه وأطلب العفو منه أم ليس من شروط التوبة أن أطلب السماح من الولد وهل التوبة في هذه الحالة ناقصة إذا لم أطلب عفوه أم تكفي التوبة بدونه والله إني متندم وناوي التوبة لكن الشيطان يقول لي اذهب وفتش عن الولد واطلب منه العفو لأنه حق العباد وإلا مالك توبة دلوني أرجوكم استحلفكم بالله أن ترسلوا لي هذا الجواب في أسرع وقت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللواط محرم بإجماع الأمة، وهو مناف للفطرة السليمة. قال تعالى في أصحابه: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ {الشعراء: 165-166} .
ولكن رحمة الله واسعة، وقد وعد بها التائبين والمستغفرين. قال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء: 110} . وقال عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} . وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وقال صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث ابن مسعود.
فبادر أيها الأخ الكريم إلى التوبة ولا تتردد. وشروط التوبة هي الندم، والنية أن لا تعود إلى الفعل، وأن تقلع عنه مع الإخلاص لله في ذلك.
وأما طلب العفو ممن فعلت به الفعل فإن كان طائعا به فليس عليك أن تطالبه بالمسامحة، وإن كنت أكرهته عليه، فإن من تمام توبتك أن تطلب منه العفو إن أمكن وجوده.
ونذكر أن جميع ما ذكرناه هو على تقدير أنك بلغت حد الخطاب الذي هو الحلم أو الإنبات أو بلوغ خمسة عشر عاما من العمر. وأما إذا لم يكن حصل شيء من ذلك قبل فعلك ذلك، فلا شيء عليك. روى أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(16/723)
وسائل نافعة لعلاج الشذوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة في موقع الشبكة الإسلامية،،،
السلام عليكم وبعد: ـ
أولاً: أود أن أشكركم علي جهودكم المبذولة في هذه الشبكة الموقرة من مواد مختار ة نافعة إن شاء الله.
ثانياً: لدي أنا شخصيا معضلة إذا لم تجدوا لي حلا فسوف يوقعني الشيطان الرجيم فيها وأنا ـ قاب قوسين أو أدنى من فعلها ـ وأرجو من فضيلة الشيخ المفتي أن يتحفظ على البريد الالكتروني أو مشرف الشبكة السؤال يا فضيلة الشيخ:
أنا شاب عمري قرابة الثلاثين سنة وظروفي المادية صعبة وليس لدي حيلة لكي أتزوج، وأنا أصبت بشي لم يكن في ألا وهو أعزك الله ـ حبي الشديد للواط ـ عافاك الله يا شيخ ـ هذا المرض والله شوش علي وجعلني في حالة وحيد عن الناس، ولا نفكر إلا فيه مع المحافظة عن الصلاة ولكن الشيطان يتخبطني يا شيخ، لذا أنا قمت بالعرض علي الطيب النفساني دون جدوى، ولكن أخشي أن أقع فيه فأفضح أمام الله ثم أمام الناس، مع العلم يا شيخ بأني إن لم تجد لي أنت حلا فإن حياتي كلها قد ضاعت والعياذ بالله وأنا ليس لدي أي ميول للنساء بل نحب الشباب بدل الناس والعكس يا شيخ أريدهم أن يفعلوا في لا أن أفعل فيهم ـ أرجو أن تسامحني يا شيخ ولكن هذه هي الحقيقة ـ حتى يكون واضحا أمامك، لأني أريد أن أشخص لك الحالة تماماً.
وختاماً:،،
شيخنا الفاضل/ أنا في انتظار الرد في أسرع وقت ممكن. مع توفير علاج طبي إذا كان هناك علاج طبي على علمك أنت، حتى وإن كلف الأثمان الباهظة فسوف أشتريه لكي أبرئ ذمتي أمام الله ثم أمامكم.
يرجي الرد اليوم ضروري يا شيخنا الفاضل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أنك لا تزال تدرك قبح هذه المعصية الكبيرة المردية، ونسأله سبحانه أن يصرف عنك هذا البلاء.
اعلم أخي الكريم أن هذا الداء الذي تشكو منه داء خطير، ولقد عذب الله قوم لوط عذابا شديدا أليما لما مارسوه ووقعوا فيه.
وما من داء إلا وله دواء، ولكن الشيطان يأتي للإنسان فيقنطه ويقطع عنه الطمع في رحمة الله وسعة فضله، فلا تيأس من العلاج، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لم ينزل داء إلا نزل معه دواء، جهله من جهله وعلمه من علمه. رواه ابن حبان وصححه.
وإن من تأمل حال التائبين وجد أن أكثرهم قبل التوبة يقولون لا نستطيع التخلص مما نحن فيه، ولكن الله منَّ عليهم بالتوبة لأنهم راجعوا أنفسهم وقوي عندهم إيمانهم لحظة التوبة وأخلصوا في طلبها.
ولعلاج هذا المرض أسباب منها:
1- ... مراقبة الله والعلم بأنه ناظر إليك، فذلك حري أن يجعلك تستحي منه سبحانه، ثم تذكر أن الدنيا كلها بملذاتها وشهواتها ينساها الإنسان مع أول غمسة يغمسها في النار عياذا بالله.
2- ... الشعور بدنو الموت، فتنظر كيف يكون حالك إذا قبض الله روحك وأنت مقيم على هذه المعصية، ويا لها من سوء خاتمة!!
3- ... شعورك بمفسدة فاحشة اللواط، فقد قال بعض العلماء: إن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر، وربما أعظم من القتل، ولم يفعل هذه الفعلة قبل قوم لوط أحد من العالمين. قال تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ {الأعراف: 80} . وقال: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ {الشعراء: 165} .
وقد قال أحد خلفاء بني أمية: لولا أن الله قص علينا قصة قوم لوط ما ظننا أن ذكرا يعلو ذكرا.
وقال ابن عباس: ينظر أعلى ما في القرية من بنيان أو جبل فيرمى اللوطي من فوقه منكسا. وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول. رواه أصحاب السنن. وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عمل قوم لوط ثلاثا، ولم يلعن أحدا من أهل الكبائر ثلاثا إلا من فعل هذا.
وقد عاقب الله عز وجل قوم لوط بعقوبة مزدوجة فخسف بهم الأرض، فجعل عاليها سافلها، ثم أرسل عليهم حجارة من سجيل منضود، مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد.
في حين عاقب فرعون وقومه بالغرق فقط، وعاقب عادا بالريح فقط، وثمود بالصيحة فقط، وفي هذا دليل على قبح المعصية وشناعتها.
4- ... التضرع إلى الله والإلحاح عليه في الدعاء بذل ومسكنة، فتلك حال يحب الله أن يراها من عبده، فاسأله سبحانه أن يصرف عنك هذا البلاء وأن يهدي قلبك ويرزقك العفة.
5- ... سرد الصيام الطويل، فإن له تأثيرا بالغا في كسر الشهوة وضبطها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.
6- ... سد المنافذ والأبواب الموصلة إلى تلك الفاحشة، فلا تصاحب العصاة قليلي الدين أبدا، ولا تختل بواحد منهم.
7- ... في المقابل اصحب الصالحين وتقرب من مجالسهم وتعاون معهم على الخير من طلب العلم وتلاوة القرآن ونحو ذلك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(16/724)
اللواط من أقبح الجرائم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مع شخصية أجنبية كمدبر منزل وهذا الرجل يحبني كثيرا من قوله وفي يوم وقبل رمضان الماضي بعشرة أيام
حدث إنى كنت عمل له مساجا واستدرجني الشيطان إلى أن أقع في ذنب عظيم هو اللواط وعلى علمي أن هذه الجريمة لا تكون إلا بتغيب الحشفة وأنا غير متأكد من هذا وبعد أن انتهيت من هذه الفعلة بكيت بكاء شديدا لأنها كانت أول خطيئة لي في حياتي واغتسلت بعدها واستغفرت الله كثيرا وصليت لتكفير الذنب على العلم أنني محافظ جدا على أمور ديني من فرائض ونوافل وقرأت في فقه السنة بعدها وعلمت أنه لابد من تغييب الحشفة لإقامة الحد وهذا ما أشك فيه فسألت فيه الشخص الذي فعل فيه بصراحة فقال لي إن هذا لم يحدث وهو متأكد من ذلك وإلا كان سيصرخ وفى اليوم التالي قررت الذهاب لأعتمر في وقت أنا اشد حاجة للمال حيث إنني غير متزوج ولكن قررت أن أذهب حتى أدعو الله بالمغفرة وذهبت والحمد لله والتزمت أكثر من الأول وأعفيت اللحية حتى أتقرب أكثر إلى الله فأرجو أن تفيدوني أجاركم الله هل هذه الفعلة ستوجب الحد أم لا وهل إن الله سيقبل توبتي أم لا؟. وهل هذا لواط أم لا؟.أريد الإجابة بتفصيل عن هذه النقاط بإفاضة وأن لا تحيلوني لفتوى أخرى. والله إني أحبكم في الله ومن اشد المعجبين بهذا الموقع وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تحمد الله حمدا كثيرا أن وفقك للتوبة من هذا الذنب العظيم، فإن اللواط من أقبح الجرائم وأشنعها وأقذرها. وقد أنكر الله تعالى على قوم لوط ما كانوا يمارسونه منه. قال جل من قائل حكاية عن لوط عليه الصلاة والسلام: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ {الأعراف: 80} .
واعلم أن التوبة تكفر الذنب كيف كانت درجته. روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن آدم: لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. الحديث.
ثم إن الزنا الذي يوجب الحد إنما هو إيلاج الحشفة أو قدرها في فرج محرم لعينه مشتهى طبعا بلا شبهة، وعرفه بعض العلماء بقوله: وطء مكلف مسلم فرج آدمي لا ملك له فيه بلا شبهة تعمدا.
وعليه، فإذا لم تكن الحشفة منك قد غابت بالفعل فلا حد عليك، وعلى كل حال، فالحد إنما يجب إذا ثبتت الفاحشة بشهادة أربعة عدول أو بإقرار الشخص على نفسه، والواجب على المرء في مثل حالتك هذه أن يستر على نفسه ويتوب من فعلته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم والبيهقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(16/725)
من وقع في القاذورات فليستر على نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أنا عمري 25 سنة وقبل تقريباً 10 سنوات قمت بفعل اللواط مع ولد صغير يصغرني بـ سنتين طبعاً أنا جاهل أيامها، فهل يقام علي حد ولا تقبل توبتي ومن سيقيم الحد، وهل إذا لم يقم علي الحد فتوبتي ناقصة، وهل الحد لازم، وهل يسقط الحد عني بعد التوبة، أعطوني حديثاً بالله عليكم، وأرجوكم أن لا تتأخروا علي بالإجابة فأنا معذب؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللواط كبيرة من الكبائر، وقد حرمها الله تعالى، وبين قبحها في كتابه العزيز، وهي فضلا عن ذلك منافية للفطرة السليمة، قال الله تعالى عن قوم لوط: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ {الشعراء:165-166} .
وإذا ندم المرء على معصيته وأقلع عنها وعزم على أن لا يعود إليها فإن ذلك تتم به توبته ويمحى ذنبه، قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82} ، وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وعليك بالستر على نفسك، فإن الحد لا يقام عليك إلا إذا أعلنت عن ذنبك، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أمر من وقع في هذه القاذورات بالستر على نفسه، قال في حديثه الشريف: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى وليتب إلى الله تعالى، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه الحاكم، فلا تفكر أبداً في أن تخبر أحداً بما حصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(16/726)
حكم مس ذكر الغير من فوق الملابس
[السُّؤَالُ]
ـ[من باب المزاح هل يجوز لمس قضيب صديقي
من فوق ملابسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لرجل أن يلمس من جسد رجل آخر ما لا يجوز له النظر إليه منه، ولو كان ذلك من باب المزاح، لأن ذلك يفضي إلى محظورات كثيرة أدناها حصول الفتنة وإثارة الشهوة، فضلاً عما يتبع ذلك من تلذذ ولواط ونحوهما.
وتتأكد الحرمة إذا كان هذا اللمس بغرض تلذذ اللامس أو إثارة الملموس، وراجع في هذا الفتوى رقم 32575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(16/727)
التائب من الذنب كمن لا ذنب له
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي هذا: إذا أذنب العبد ذنبا وكان هذا الذنب من الكبائر (السحاق) ثم تاب توبة نصوحة وندم ندما شديداً واستغفر الله ولكن بقيت تراوده المخاوف من عقاب الله وأن توبته غير مقبولة لفداحة الذنب الذي ارتكبه وبقيت تراوده كلمة إن (الله يمهل ولا يهمل) فهل معنى هذا أن الله آجلا أم عاجلا سيعاقب المذنب حتى بعد توبته وأنه مهما أمهله وحقق له أمنياته فسوف يعاقب على ذنبه، وهل صحيح أن العقاب يكون من جنس العمل المرتكب أي من نفس الذنب المرتكب سواء به أو بأي أحد يقرب له حتى بعد التوبة الصادقة؟ أرجو الإجابة، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله يقبل توبة من تاب من الذنوب توبة نصوحا مهما كانت الذنوب إذا استوفيت شروط التوبة، ويدل لهذا قول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ {الشورى:25} ، وقوله تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:54} ، كما يدل له ما في حديث مسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. وما في حديث الترمذي: أن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.
وعلى التائب أن يبتعد عما يجره للرذيلة من أصدقاء السوء ومن المثيرات وأن يكثر من الأعمال الصالحة، قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ {هود:114} ، وقال تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39} .
وأما مقولة أن الله يمهل ولا يهمل فهي صحيحة المعنى ولكنها في حق المصر على المعاصي ويدل لصحتها قول الله تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ {إبراهيم:42} ، وقوله تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى {فاطر:45} ، وفي حديث مسلم: أن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته.
ولكن من تاب إلى الله توبة نصوحا فإن المأمول من الله أنه يعفو عنه ويتقبل توبته ويرحمه ويبدل سيئاته حسنات، وأما كون العقاب من جنس الذنب فهذا قد يقع في بعض الذنوب دون بعض وقد لا يقع أصلاً، فقد يبتلى العاق بعقوق أبنائه له وقد يبتلى الزاني بخيانة أهل بيته نعوذ بالله، ولكن التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في حديث ابن ماجه وحسنه ابن حجر.
فمن نتائج غفران الله له أن يسلم من العقوبة في الدنيا والآخرة، ويدل لهذا أن الله منع السلطان من التعرض للمحاربين والبغاة إذا تابوا إلى الله تعالى، قال الله تعالى في شأن المحاربين: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:34} ، وقد ذكر أهل العلم أن من مستلزمات العلم بمغفرة الله ورحمته المذكورين في الآية أن لا يعاقب هؤلاء بعد التوبة، وراجعي في حرمة السحاق وفي قبول التوبة وشروطها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9006، 15483، 26965، 29785، 35478، 8424، 21210، 1836، 9024، 19031.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(16/728)
طريق الخلاص من الجار الشاذ جنسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جار شاذ جنسياً وقد تأذت به العمارة الساكن بها هذا الشخص، مع العلم بأنه شخص مسن تعدى الستين سنة، فما حكم الدين، وكيف معاملة هذا الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشذوذ الجنسي خلق سيئ وعادة مذمومة تنوقلت عن قوم لوط عليه الصلاة والسلام وقد عذب الله أولئك الذين كانوا يمارسونها عذابا شديداً، فرفعهم إلى السماء الدنيا ثم رماهم إلى الأرض على رؤوسهم والعياذ بالله.
وإذا كان الشذوذ الجنسي يصدر ممن تقدمت به السن كان ذلك أشد في القبح وأبلغ في الإثم، روى الإمام مسلم وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر.
فعليك -أيها الأخ الكريم- أن تسعى في نصح جارك هذا بالابتعاد عما حرمه الله، وتدله على الرفقة الصالحة، وتستعين في توجيهه ودعوته بأهل الفضل والصلاح، دون أن تشيع أفعاله، وأن تدعو له بظهر الغيب بأن يهديه الله ويقوده إلى الخير، وتهدي له الكتب والأشرطة التي تحتوي على المواعظ وتذم مثل تلك الأفعال القبيحة.
وإذا عجزت عن التأثير فيه فعليك أن تعتزله لئلا يؤثر في طباعك أو طباع بعض أفراد أسرتك، وإذا خشيتم ضرره فينبغي أن تستعينوا بمن له سلطان لدفع ضرره عنكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(16/729)
حول عقوبة اللواط في القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أسأل لماذا لم تنزل عقوبة اللواط في القرآن أيضا؟ وما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحد اللواط في أصح الأقوال هو القتل رميا بالحجارة، وقد ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم. وراجع فيه الفتوى رقم: 1869.
وقد قال الله تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر: 7} وروى أبو داود من حديث المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه. وروى الترمذي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله. وبهذا تكون عقوبة أهل اللواط قد نزلت في القرآن، لأنها وردت في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(16/730)
لا تعالج جريمة اللواط بالانتحار
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد صديق لي محترم وابن عائلة فوجئت به منذ عدة أيام يقول لي إنه كان يمارس اللواط في نفسه منذ سنوات وأصيب بأمراض عضوية ونفسية، وهو استغفر الله وندم كثيراً، لكنه لم يجد علاجاً لمرضه العضوي والنفسي، هو يعرف أن حد الله هو القتل وحاول العلاج في بلدان بعيدة عن بلده فلم يجد علاجاً، لهذا فضل حتى لو كان لهذا المرض اللعين عملية علاجية أو ما شابه لكانت الفضيحة الكبرى لأهله وإخوته، مع العلم بأنه من عائلة محترمة ومتدينة ولو طلب تطبيق الحد فمن سيطبقه فيه، وأيضاً ستكون فضيحة لأهله وربما تسبب في طلاق أخواته من أزواجهم طلب مني أن أقتله فرفضت فيسألني هل ينتحر، مع العلم بأنه يتعذب من مرضه العضوي والنفسي، والقتل فيه حلال شرعاً فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط فاحشة نكراء ومعصية من أقبح المعاصي، وحد فاعلها هو القتل كما ذكرت، روى أصحاب السنن من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
ولكن ليس يلزم أن يقدم المرء نفسه ويعترف بجريمته، بل الأولى له أن يستتر بستر الله ويتوب من ذنبه، روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله.
وأما أن ينتحر المرء فهذا جرم ما فوقه جرم، وصاحبه في نار جهنم خالداً مخلداً، روى الشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعاً: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا.
فليتجنب صديقك التفكير في مثل هذا الأمر، واحذر أنت من أن تستجيب لطلبه، فإن القتل وإن كان يفعل كفارة في بعض الحدود، فإن الذي له الحق في إقامته هو السلطان أو نائبه لا غيرهما من سائر أفراد المسلمين، وتكفيه التوبة فإنها تجب ما قبلها، ففي سنن ابن ماجه: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وليعلم صديقك أن ما يعانيه من العذاب لا يعادل شيئاً في مقابل عذاب الآخرة إن هو أقدم على قتل نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(16/731)
اللواط في الأماكن الفاضلة أعظم إثما وجرما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عملت اللواط في المسجد من غير شعور وأنا تبت إلى الله وأريد أن أعرف ما علي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك ارتكبت إثماً عظيماً وفاحشة كبيرة حرمها الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله، وأجمعت الأمة على تحريمها، ولقد حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على من قارفها بأن يقتل مطلقاً، بكرا كان أو محصناً، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقلتوا الفاعل والمفعول به. وإن هذه الفاحشة لا يفعلها إلا من خبثت نفسه وانتكست فطرته.
ثم اعلم أن الذنوب والمعاصي يزيد إثمها وسخط الله على فاعلها إن كانت في زمان فاضل كرمضان، أو في مكان فاضل كمكة والمدينة والمساجد. وعلى ذلك فإن الواجب عليك أن تتوب إلى الله مما فعلت، وأن تندم ندماً شديداً، وأن تعقد العزم على عدم العودة إلى هذه الفاحشة أبداً.
واعلم أن من رحمة الله تعالى بنا أن جعل باب التوبة مفتوحاً لمن جاءه نادماً، فالله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار، ليتوب مسيء الليل، وراجع الفتاوى: 26148، 27438، 45315 فإنها مهمة جداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(16/732)
اليأس من غفران الذنب من مكايد الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب التزمت منذ عام وقد كنت قبل ذلك لي شهوة تجاه الرجال وأتمنى أن أعاشر رجلا عن المرأة ولكني لم أفعل الفاحشه والتزمت وكسرت الفاكس حتى لا أدخل على تلك المواقع مرة أخرى ولكن تم تجديد الجهاز بعد ستة أشهر من التزامي وتم شراء فاكس وكاميرا ووجدت نفسي أنغمس في غرف الشات بالكاميرا وأفقد نفسي شيئا شيئا ولم أعرف سبيلا للتوقف وفي نفس الوقت أعمل في طريق الدعوة وجاء يوم كنت في إيمانيات عالية ودخلت أحد المنتديات ورددت على شخص في حالة ركود إيماني فنصحته وقبل أن أخرج من النت وجدت نفسي أدخل غرفة الشات وتعرفت على شاب أردني وهو جار لي وقال لي تعال حالا ووجدت نفسي أذهب له في نفس الوقت الذي يؤذن المؤذن للعصر ولكني ذهبت وانتهى كل شيء وتمت الفاحشة بيننا وبعد ذلك أحسست أني حطام إنسان وأني ملعون ولن يقبل مني عمل وأني انتهيت وبكيت في قيامي وبكيت وبكيت وأرجو مغفرة الله ولكني عندما قرأت في كتب التوبة لم أجد سابقة مثل عملي فقد ارتكبت الفاحشة في عز إيماني وأشعر أنه ليس لي توبة كما أن حد القتل لا أعرف هل يلزم تنفيذه أم يسقط عني بتوبتي أرجو الرد علي فأنا محطم وأشعر أني مهما فعلت فذنبي أثقل من ذلك علما بأن عملي الدعوي قد زاد جدا وأصبح أكثر فاعلية بعد إحساسي بذنبي كما أني عزمت على عدم القرب من هذه الفاحشة بأي عمل وقررت مقابلة الشاب لدعوته للتوقف عن ذلك الأمر وقابلت هذا الشاب ثانية وتكلمنا في ندمنا ووجدته قد تاب عنه بالفعل أريد ردكم في أمر توبتي وفي أمر الحد وماهي السبل لذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حذر الله تعالى من اتباع خطوات الشيطان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ {النور: 21} . وإن المواقع الإباحية في الإنترنت لهي خطوة من خطوات الشيطان.
وإن فاحشة اللواط بين الرجلين لَمِنْ أنكر الفواحش وأقبح الآثام، فبادر إلى التوبة من الانغماس في غرف الشات، ومما كنت فيه من الشذوذ الجنسي.
واعلم أن المسلم إذا تاب إلى الله توبة صادقة فإن الله يغفر له ما صدر منه من الذنوب. قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
والشعور بالذنب إذا دعا إلى حسن العمل والفرار من المعاصي وحمل على صدق اللجوء إلى الله طمعا في رحمته وخوفا من عقابه فإنه يكون محمودا نافعا.
واعلم أن اليأس من غفران الذنب إنما هو وسوسة من مكايد الشيطان يريد بها أن يظل المرء قانطا من الرحمة ومنغمسا في المعاصي، فأبعد عنك تلك الهواجس.
واستر نفسك فإن الحد إنما يجب لمن أعلن عن ذنبه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بستر المرء ما اجترح من السيئات فقال: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله، فإنه من ُيبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(16/733)
حكم الزواج من أخت الفاعل للفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت من إحدى الفتاوي جواز النكاح من أخت المفعول به إذاتاب فماحكم الزواج من أخت الفاعل إذا كان كليهما عاقلين بالغين بعد التوبة الصادقة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخت الفاعل لا علاقة لها بما ارتكب أخوها من قبيح الذنوب وعظيم الكبائر مما يستحق صاحبه الرجم إن كان بالغا.
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. أخرجه أحمد والأربعة.
وإن كان الذي يريد أن يتزوجها هو المفعول به وكان مكرها على ذلك إكراها حقيقيا فلا ذنب عليه، وعليه أن يبتعد عن قرناء السوء والمواطن التي يمكن أن يتعرض فيها لمعصية الله تعالى، وإن كان المفعول به مطاوعا فعليه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا ويقلع عن ممارسة الفاحشة ويندم على الماضي ويعزم على أن لا يعود وليستكثر من الحسنات لأنه بفعله يعتبر زانيا والعياذ بالله، ولكنه إن تاب تاب الله عليه، ففي سنن ابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ثم بعد توبته إن أراد أن يتزوج أخت الفاعل فلا حرج عليه في ذلك، ولا مانع منه شرعا إذا لم يكن هناك مانع شرعي آخر.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 30611، 1869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(16/734)
شروط إقامة حد اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي عقوبة من قال بأن فلانا قد قام باللواط مع علان. وأتى عليه بأربعة شهود. وأن علان أراد حقه من تشويه السمعة الذي لحق به من نشر الخبر بين الناس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط من أشنع الجرائم وأقبحها، ومن ثبت عليه فحده أن يقتل رجما؛ لما صح من حديث الترمذي وأبي داوود وابن ماجه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
وراجع فيه الفتوى رقم: 1869.
واللواط في هذا الباب مثل الزنا لا يثبت إلا بأربعة عدول. قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً (النور: من الآية4)
وعليه؛ فإذا كان الشهود الأربعة الذين شهدوا على هذه الفاحشة عدولا كلهم، وصرحوا بأنهم شاهدوا دخول فرج أحد الرجلين في دبر الآخر، كدخول المرود في المكحلة، ولم يشك أحد منهم في ذلك، ولم يرجع أي منهم عما شهد به، كان الرجلان مستحقين للحد المذكور إذا كانا مكلفين، وإلا استحقه المكلف منهما، وسقط حد القذف عن القاذف، وإن كان فيهم من هو غير عدل أو لم تكن الرؤية التي أخبر عنها دقيقة كدخول المرود في المكحلة، أو رجع أحد منهم عن شهادته فإنهم يحدون جميعاً حد القذف.
قال في تحفة المحتاج: لو شهد بزنا ثم رجع فيحد للقذف.
وفي المبسوط وهو حنفي: أربعة شهدوا على عبد أن مولاه أعتقه وأنه قد زنى وهو محصن فرجم ثم رجعوا عن شهادتهم فعليهم ضمان القيمة.. ويضربون الحد.
وفي المغني: وإن رجعوا عن الشهادة أو واحد منهم فعلى جميعهم الحد في أصح الروايتين.
وفي شرح مخصتر خليل للخرشي: لو شهد أربعة على شخص بالزنا ثم رجعوا عن شهادتهم فإنهم يحدون حد القذف..
وهو ثمانون جلدة كما بينته الآية السابقة، ويسقط الرجم عن المشهود عليهما باللوط.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 35488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1425(16/735)
كيفية التصرف مع من يلوط ببنت أخته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الرجل الذي يزني ببنت أخته (اللواط) ، وكيف يتصرف الأهل معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط عمل محرم شرعاً، ومستهجن طبعاً ولا بسمى لواطا فى عرف الشرع إلا ما يقع بين الرجل والرجل، وفاعله ملعون بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله من عمل عمل قوم لوط. رواه أحمد. أما ماورد فى السؤال فهومن الزنا والزنا محرم وقبيح.
ويعظم قبح الزنا وتشتد عقوبته إذا كان بين المحارم لأن ذلك يتنافى مع الفطرة السوية والمروءة الإنسانية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم.
أما كيف يتصرف الأهل معه:
فأولاً: ينصح هذا الرجل ويبين له أن ما يفعله من أكبر الكبائر، ولهذا كان عقاب فاعله في الإسلام هو القتل محصناً كان أو غير محصن، كما في الحديث السابق.
ثانياً: إبعاد هذه البنت عنه وعدم تمكينه من الخلوة بها أو بغيرها.
ثالثاً: الحرص على تزويجه إن لم يكن متزوجاً، وإبعاد المؤثرات عنه كمشاهدة الأفلام والنظر في المجلات وغيرها.
رابعاً: يؤذى ويغلظ له في القول ويهجر ويعامل معاملة قاسية من جميع أفراد البيت حتى يتوب من معصيته تلك.
خامساً: إن لم يجد كل ذلك فآخر الدواء الكي، فيمكن الإبلاغ عنه إلى الجهات الرسمية لكي تخلصكم منه بحبسه أو غير ذلك، فإن في بقائه في البيت خطراً على جميع أفراده، فلا يؤمن بعد فعله وجريمته هذه أن يفعل أي جريمة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(16/736)
التقبيل والضم بين الرجال طريق إلى اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في برج وعندما أصعد في المصعد أركب مع شخص وفي بعض الأحيان عندما نكون وحدنا يقبلني ويأخذني بالحضن فقلت له مرة أن لا يفعل ذلك فاستمر بما هو عليه وأحيانا يوسوس لي الشيطان بان هذا لواط افهل لهذه الوسوسة شيء من الصحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس التقبيل والضم بين الرجال من اللواط، ولكنه قد يكون وسيلة له وخطوة من خطوات الشيطان إليه خصوصا إذا كان في الأمر ريبة كما هو الحال في مسألتنا، ولذا فإننا ننصح الأخ السائل بأن يزجر هذا الشخص بشدة وتعنيف، ويذكره بالله واليوم الآخر، وألا يمكن هذا الشخص من التقبيل والضم عند ما يريد أن يصنع ذلك، بل يمتنع بقوة قبل وقوع الفاحشة الكبرى.
ولمزيد فائدة راجع الفتاوى التالية: 35464، 45481، 34604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(16/737)
أمور تعين على استمرارية توبة من وقع في اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبعد: أنا شاب ملتزم ولكن أوقعتني نفسي والشيطان في معصية شنيعة وهي جريمة اللواط، فهل لي من توبة أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً، رغم أني تبت أكثر من مرة ورجعت إلى المعصية فهل من توبة أفيدوني وهل الإنسان يصبح بلا فائدة يعني أنه لا يستطيع أن يجامع زوجته رغم أني عازب فهل هذه حقيقة أي أن الذي ارتكبت به هذه الفاحشة إذا تزوج لا يستطيع معاشرة زوجته وما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنك قد أتيت ذنباً عظيماً وجرماً خطيراً يجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح، وهي كما قال العلماء: الإقلاع عن الذنب في الحال والندم على ما فات وعقد العزم على عدم العود إليه، فإن حصلت منك توبة على هذا النحو فاعلم أن الله تعالى بمنه وكرمه وعد التائبين بقبول توبتهم وغفران ذنوبهم، فقال الله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] ، ثم إننا ننصحك بعده أمور:
1- الإكثار من الطاعات لقول الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه الترمذي.
2- مرافقة أهل الخير والصلاح ومجانبة أهل الفسق والفجور.
3- المسارعة إلى الزواج إن كنت مستطيعاً وإلا فعليك بالصوم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه، وانظر الفتوى رقم: 26148، والفتوى رقم: 27438.
أما أضرار هذه الفاحشة الصحية فهي كثيرة متنوعة منها الإصابة بمرض الإيدز نسأل الله السلامة والعافية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28972، والفتوى رقم: 43033، ومن تأمل هذه الأمراض يدرك أثرها السيء على علاقة الرجل بزوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(16/738)
يريد أن يقتص ممن لاط به وهو صغير
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة في حياتي وهي أني اغتصبت وأنا صغير واليوم تعقدت حياتي وأريد أن أثأر لنفسي هل لي حق في القصاص وكيف؟
أقسمت عليك يا سيدي أن تعينني على الخروج من هذه الدوامة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللواط عمل محرم شرعا، ومستهجن طبعا، وفاعله ملعون بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله من عملا عمل قوم لوط. رواه أحمد.
لكن إن كان الفاعل والمفعول به غير بالغ، فلا إثم عليه إن شاء الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. رواه النسائي.
أما بخصوص اقتصاصك ممن فعل بك ذلك، فهو أمر محرم وكبيرة من أشد الكبائر، وقد نص الفقهاء على أن من لاط شخصا فمات بسببه، فإنه لا يقتص منه بمثل فعلته، قال خليل بن إسحاق: وقتل بما قتل ولو نارا إلا بخمر أو لواط. قال الدسوقي: أي أنه إذا أقر بأنه لاط به فمات وثبت ذلك الإقرار بالبينة فلا يقتل به، بل بالسيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(16/739)
مثل هذه الخطوات تجر إلى جريمة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على رجل عمره 45 سنة وهو متزوج ولديه أطفال في خارج البلد الذي أنا فيه من خلال عملي في الشركة وهو يعمل في نفس مجالي مندوب الشركة في السفارات وأنا عمري 28 سنة ملتزم والحمد لله، ومن خلال معرفتي البسيطة بهذا الرجل في نفس الوقت كنت قد قررت أن أترك السكن الذي أنا فيه إلى مكان آخر وكنت أسكن مع زميلي في العمل فتركته لأنني لم أكن أرتاح إليه بسبب كثرة شكواه للأمور الموجودة في السكن مع أنها أمور بسيطة لا تستأهل كل هذا التعقيد من التشكي، فعرف صاحبي الجديد بأنني أريد أن أترك السكن القديم، فعرض علي أن نبحث عن سكن أنا وهو فقط فحصل ذلك لا أدري ما الذي جذبني إلى هذا الرجل فهو محبوب من الجميع والكل يحسدنا على وجودنا مع بعض في سكن واحد حتى إنه كل من يراني أو يراه يسأله هل مازلت تسكن مع فلان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ في بداية الأمر عندما سكنا مع بعض في أول يوم كنا نريد أنا وهو أن ننام فمد لي صاحبي قبل أن ينام قال لي أعطني يدك أنا أرتاح جدا عندما أمسك يدا فمسك يدي فنام ونمت أنا أيضا، فنمنا ونحن نمسك أيادي بعض، وفي المساء في نفس اليوم كنت أتفحص أوراق العمل في المنزل في غرفة النوم كان موجودا على فراشه، فقال لي: عندما تنتهي أريدك فذهبت إليه فقال لي نم معي على نفس الفراش فقلت له لا يمكن فقال لي لا تخف لن أفعل ولا تسئ فهمي، فنمت ولكنه بدا يمسك ذراعي فقال لي احضني فحضنته ارتاح كثيرا عندما حضنته، وفي اليوم التالي سألته لماذا تفعل معي ذلك قال لي: أنت صديقي وأنا أرتاح إليك كثيرا، فعلا أنا كذلك أرتاح إليه كثيرا فهو طيب القلب، لا يتكلم مع أحد ولا يبوح بأسراره الخاصة حتى لأخيه الصغير الموجود في نفس البلد الذي تركه وسكن معي، وطيب المعشر، يصلي، وكل سنة نحج مع الشركتين اللتين نعمل فيها، المهم بعد ذلك بدأ يعمل تصرفات غريبة معي وهي: بدأ يقبلني، ويتحسس جسمي فقط لا غير وأنا كل مرة أنهاه عن فعل ذلك إلا أنه يقنعني بأنه لا يفعل ذلك إلا لأنه يحبني جدا وأنني صديقه الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وذا تريدون الصراحة أنا أرتاح جدا عندما أحضن ذلك الرجل كأنني أحضن أبي أو أخي الكبير ولا أحس بأي شيء آخر إلا الراحة والأمان والآن أريد منكم النصيحة ماذا أفعل مع صاحبي هذا الذي يحبني بجنون، وأنا أيضا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو البعد عن هذه الصديق فورا، فهو صديق سوء وفساد، ومثل هذه الخطوات التي يتدرج فيها معك لا تخفى حرمتها وجرها إلى جريمة اللواط وسوء الأخلاق، فالحب الذي بينكما حب محرم، فاتقوا الله تعالى واحذروا خطوات الشيطان، فقد قال الله جل وعلا: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ] (النور: 21) .
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(16/740)
عقوبة اللواط في البرزخ والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي عقوبة اللواط في حياة البرزخ؟ وماهي العقوبة في الآخرة؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 1869، عظيم قبح جريمة اللواط وعقوبة فاعلها في الدنيا فلتراجع.
وأما عذابه في البرزخ ويوم تقوم الساعة إن مات بلا توبة، فإنه متوعد بالعذاب الأليم بل عذابه أعظم من عذاب الزناة، لأن اللواط أعظم إثماً من الزنا، قال المهلب: لا خلاف بين الأمة أن اللواط أعظم إثماً من الزنا. انتهى من فتح الباري بشرح البخاري.
ومفاسد اللواط أعظم من مفاسد الزنا، وقد ذكر الفقهاء أن العذاب في الآخرة مرتب على رتب المفاسد في الدنيا، جاء في قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: عذاب الآخرة مرتب على رتب المفاسد في الغالب. انتهى.
وعلى كل فالعذاب في حق من ارتكب جريمة اللواط لا يقل عن عذاب الزناة إن لم يك أعظم وأشد منه، وراجع في العذاب البرزخي والأخروي للزناة الفتوى رقم: 26237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(16/741)
جريمة اللواط أخطر من جريمة الزنا وأقبح وأشد نكرا مع المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فعلت أفعالا لوطية مع أخي حينما كان عمره 7 سنوات وأنا 14 سنة ,هل هذا زنا أم مما ملكت يميني؟ وأستغفر الله إن كانت زنا ,إن كان كذلك: زنا, فكيف يمكن لي أن أكفر هذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن اللواط من أقبح القبائح وأعظم المنكرات، ولا ريب أنه إن ارتكب في حق الأخ كان أعظم وأنكر، ولعظيم قبح هذا المنكر عذب الله أول من ارتكبوه بعقوبة شديدة، وجمع عليهم من ألوان العذاب ما لم يجمعه على أمة، فقلب ديارهم وخسف بهم ورجمهم بالحجارة من السماء وطمس أعينهم، وما ذاك إلا لعظيم مفسدة هذه الجريمة البشعة.
قال تعالى: فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (هود:82-83) .
وليعلم أن جريمة اللواط أخطر من جريمة الزنا وأقبح، ولهذا اتفق الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به دون النظر إلى كونه متزوجا أو غير متزوج، وهذا بخلاف الزاني، فإنه لا يرجم إلا المحصن.
واللواط على ثلاث مراتب كلها محرمة شنيعة، تراجع هذه المراتب في الفتوى رقم: 28167.
وأما قولك هل هذا مما ملكت يميني؟ فشيء لا ينقضي منه العجب، فأي علاقة بين ملك اليمين وبين فاحشة اللواط، وأصدق ما يقال هنا قول الشاعر:
سارت مشرقة وسرت مغربا ... شتان بين مشرق ومغرب
وراجع في معنى ملك اليمين الفتوى رقم: 8720.
هذا، وإذا كانت الأفعال الشنيعة تلك صدرت منك وأنت بالغ -وعلامات البلوغ الشرعية هي الاحتلام أو ظهور شعر العانة أو بلوغ سن خمس عشرة سنة قمرية،- فالواجب عليك أن تتوب إلى الله وتندم وتستغفر الله، وهذه كفارتك.
وإن كانت صدرت منك وأنت دون البلوغ، فلا تلزمك التوبة، فإن الإثم مرتفع عن الصبي حتى يحتلم، كما في الحديث: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(16/742)
من شروط إقامة حد اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط الفاعل والمفعول به في اللواط؟ هل (الحرية تقبل العقوبة) ؟ أو تنبه الفاعل الغافل الذي يتزوج بعد اللواط؟ أو (عدد مرات عملية اللواط) ؟ أو دخول الحشفة في الدبر) ؟ شروط في الفتوى لقتل؟ بالمختصر المفيد، وتوفي أبي منذ ولادتي، ابن عمي أكبر مني بـ 8 سنوات، حاول ثلاث مرات معي بدون دخول الحشفة عندما كان عمري 7 سنوات، وأنا حاليا 25 سنة وطالب جامعي، وابن عمي لا له أي مستوى وله حالة سيئة حتى بعد الزواج وهو الشذوذ الجنسي، ويزور بيتنا، والحمد لله أنا عندي شخصية وملتزم وحاول عمي أن أتزوج من ابنته وأنا أسأل هل لي حق الزواج أو القتل أو الفتاة الزانية؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا إثم ولا حد عليك فيما فُعل بك وأنت ابن سبع سنين لما في الحديث: رفع القلم عن ثلاثة، عن الصغير حتى يحتلم ... رواه الحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.
ولا حرج عليك في الزواج بابنة عمتك كما سبق موضحا في الفتوى رقم: 30611.
ثم إن اللواط الذي يقتل فاعله لا بد فيه من دخول الحشفة في الدبر، وإذا انطبقت شروط إقامة الحد، فإنه يقتل الفاعل والمفعول به إذا كان المفعول به مكلفا طائعا، سواء كانا حرين أم لا، تكررت الفاحشة أم لا.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22549، والفتوى رقم: 1869.
إلا أنه لا يطبق الحد إلا إمام المسلمين أو من ينوبه، كما سبق في الفتوى رقم: 42914.
والله نسأل أن يرد الأمة إلى رشدها وأن يرزقها بأئمة يعملون بفرائض الله، ويطبقون حدود الله، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إقامة حد من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
ثم إننا ننصحك بالستر على نفسك وابن عمك، وأن تحمد الله على ما أعطاك من النعم، وأن تحرص على هداية ابن عمك، واستعن على ذلك بالدعاء له وإعارة ما تيسر من الرسائل والأشرطة النافعة له، وحض من يناسبه سناً من أهل الخير على الالتقاء به ونصحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(16/743)
من له الحق بتنفيذ عقوبة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قلق بسبب التفكير بقتل الشخص الذي له الشذوذ الجنسي, الذي قام باللواط في سنوات (17) الماضية، أنا أريد صراحة الفتوى بالقتل حتى لا يراه أحداً أبداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللواط من أعظم الجرائم وأكبر المنكرات ولذا كانت عقوبة مرتكبه القتل، كما في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
وأمر تنفيذ هذه العقوبة موكول إلى السلطات المختصة لا إلى آحاد الناس، فلا يجوز للمسلم أن يفتات عليها ويقوم بتنفيذ هذه العقوبة بنفسه، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 1869، والفتوى رقم: 38473.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(16/744)
يفكر في قتل نفسه هربا من الشذوذ المبتلى به
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل الدين رحمة حيث حدد (العمر أو الرضى فى العملية وفى إقامة الحد) إقامة الحد لقتل المفعول به فى اللواط أنا راض بهدا القرار حتى أتخلص من العداب النفسى (شدة الخوف والحياء القاتل والجبن الزائد عن الحد والشذوذ الجنسى والحركات العشوائية والعجيبة) ؟
2- هل لى حق حتى ان أتزوج بأخت المفعول به ابنة (عمى) ولا يعلم الذى بين ابنه وبينى وللعلم هو زوج وله بنات وأيضا له نفس الصفات ويشعر بذنب في بعض الأحيان والشذوذ فى بعض الأحيان وحاول أن يقوم بصلة الرحم وأنا غاضب منه وأفكر بقتله علما بـ:
1- أنا أكبر من إخوانى.
2- وفاة أخو أبي المفعول (ابى) .
3- انا فى مكان آخر بعيدا عن أمى وإخوانى وأخواتى.
4- الشيطان اللعين ينصحنى بقتل نفسى ويقو أنت ليس لك شرف , وداخل جيبى السكين بشكل مستمر.
5- أنا فى نهاية الدراسة الجامعية.
6- عدم احترامى لأى شخص.
7- الإرهاق النفسى وتفكك تفكيرى.
8- عدم العلاقة مع الزملاء.
مع العلم أمى مريضة بسببى.
أريد الحل؟
... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفكر فيه من القتل قتل نفسك أو الفاعل ليس حلاً بل هروب من الحل، والحل في الرجوع إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، الحل في ترك الشذوذ والفرار إلى الله عز وجل، الذي يقبل التائبين ويتوب عليهم، ويفتح لهم باب الأمل على مصراعيه، فإن التائب الصادق ينقلب شخصاً جديداً كيوم ولدته أمه، فيغفر الله له ذنبه ويتوب عليه، ألم تسمع إلى الله تعالى يناديك وينادي أمثالك بقوله: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر:53) فمهما كانت ذنوبك ومهما يكن فيك من الشر فإنه بمجرد أن تصدق مع الله وتلجأ إليه سيأخذ بيدك، وينتشلك من وحل الشذوذ والفحش، وتعود الفطرة التي تجعلك هادئ البال مرتاح الضمير، ولكي تنجح في التوبة عليك أن تأتي أسباب نجاحها، ومنها الابتعاد عن موطن الفتنة والإغراء، وعن الأشخاص الذين كانوا سبباً أو مشاركين في هذه الفاحشة العظيمة، ثم الانصراف إلى ما ينفعك، والاهتمام بدراستك الجامعية مع التضرع الكامل والتذلل بين يدي الله عز وجل أن يصرف عنك السوء والفحشاء، وأن يتقبلك في عباده الصالحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(16/745)
مقترف الفواحش تكفيه التوبة الصادقة مع كثرة فعل الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[قال تعالى: (أتأتُونَ الذُكرَانَ مِن العَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُم رَبُكُم مِن أَزوَاجِكُم بَل أَنتُم قَومٌ عَادُونَ) [166.165] سورة الشعراء، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا ينظر الله عز وجل إلى رجلٍ أتى رجلاً , أو امرأة في دبرها} رواه الترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سمواته، وردد اللعنة على واحد منهم ثلاثاً: ولعن كل واحد منهم ثلاثاً قال:
ملعونٌ من عمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ , ملعونُ من عمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ , ملعونُ من عمِلَ عَمَلَ قومِ لوطٍ، ملعونٌ من ذبح لغير الله، ملعونٌ من أتى شيئاً من البهائم، ملعونٌ من عق والديه، ملعونٌ من جمع بين امرأة وابنتها، ملعونٌ من غير حدود الأرض، ملعونٌ ملعون من ادعى إلى غير مواليه} رواه الطبراني في الأوسط
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [أربعة يصبحون في غضب الله , ويمسون في سخط الله, قلت من هم يارسول الله؟ قال: المتشبهون من الرجال بالنساء، المتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجال] رواه الطبراني.
وروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ثلاثة لا تقبل لهم شهادة أن لاَ إِلهَ إِلاَ اللهُ، الرَاكِبُ والمَركُوبُ، وَالرَاكِبَةُ وَالمَركُوبَةُ، والإمامُ الجَائِرُ} رواه الطبراني.
من جميع ما سبق يتبين لنا فظاعة عملَ قوم لوط، وأنه عمل شاذ منافٍ للدين والأخلاق وللصحة، أخوك في الله قد سبق له ووقع في هذا الذنب العظيم –أسأل الله أن يغفر لي– ليست مرة ولا اثنتين ولا.. ولا.. بل أكثر من تسع مرات.. قرابة العشر.. من بينها وأنا فتى جاهل ومن بينها وأنا بالغٌ لم أُحصن بعد..
وليس ذلك فقط بل وزنيت مرة واحدة وأنا لست محصناً بعد.. ومضت سنين على هذه الأفعال وأنا تبت منها ولله الحمد والمنة ... ومؤخراً وقع بين يدي كتاب أوضح لي الأدلة السابقة الذكر ... فتذكرت ما مضى وبكيت بحرقة
وتمنيت ... لكن لا يفيد التمني.
تبين لي يا فضيلة الشيخ فظاعة ما فعلت, وأنني استحققت اللعن والغضب والسخط وعدم نظر الكريم إلي بل ولا تقبل لي شهادة، يا ترى هل تُقبل توبتي بعد ما أذنبت ... هل يغفر لي الله؟ لم يذكر ذلك في الأدلة الماضية هل لي توبة؟ أم أنا ملعون؟ وهل هنالك من عمل أعمله ليغفر الله لي؟ هل أقدم نفسي للقضاء ليفصل في أمري وأفضح نفسي بعد أن سترني الله ... مستعد لذلك ويشهد الله على ذلك ... من أجل المغفرة.. هل أذهب للجهاد في سبيل الله؟ فالمجاهد يغفر الله له مع أول دفقة دم تخرج منه.. هل أُحدُ نفسي قياساً بغيري ممن أذنب؟
أريد كفارة لذنبي يا شيخ.. أريد أن أتقي النار ... أعلم أنك أيها الشيخ ربما اشمأززيت من فعلي (لك الحق في ذلك) بل وربما اشمأززت مني.. لكن يشهد الله أني تبت إليه توبة نصوحاً، عسى الله أن يغفر لي..أرشدني يا شيخ جزاك الله خيراً، ولا تأخُذكَ رأفة في دين الله.. وإن أردت أن تقيم علي الحد فأنا جاهز لذلك..أرسل لي رسالة تبين لي كيف أقابلك لتقيم الحد، جمعني الله وإياك في مستقر رحمته.. (آمين)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الذنب الذي ارتكبته عظيم وكبير، ولكن الله أعظم وأكبر فهو سبحانه يتوب على من تاب مهما بلغ الذنب ومهما عظم، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] ، وقال سبحانه في الحديث القدسي: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان ولا أبالي. رواه الترمذي.
فالواجب عليك الآن هو التوبة الصادقة فحسب وليس عليك شيء مما ذكرت في سؤالك، إلا أننا ننصحك بالإكثار من الأعمال الصالحة لأن الحسنات يذهبن السيئات، وراجع لزاماً الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26148، 7549، 27438.
ونبشرك بأنك ما دمت وصلت إلى هذه المرحلة، فإن هذا دليل على أن أمرك صائر إلى خير، ويكفي التائب بصدق أنه حبيب لله، فالله يحب التوابين.
وننبهك إلى أنه يجب عليك أن تستر نفسك، ولا يجوز لك أن تطلع أحداً على ما حصل منك، وراجع الفتوى رقم: 1095.
ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتوب علينا وعليك، وأن يغفر لنا ولك، وأن يعصمنا وإياك من الزلل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1424(16/746)
حد اللائط البكر والثيب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
نوعية القتل؟ من يقوم بالقتل؟ علماء الدين أو ما رأيكم في هده الفتوى:
أنا مسلم ملتزم، وأسلمت قبل فترة طويلة، تم التحرش بي جنسياً وأنا طفل، وأصبحت الآن أُثار غريزيّاً للرجال والنساء، وهذا شيء أجده في نفسي، لا أدري كيف أتخلص منه، أنا لا أفعل المعصية دائماً ولكنني أفعلها أحياناً وأندم على فعلها لأن الله لا يحب هذا الانحراف الجنسي، والمشكلة أنني لا أستطيع ولم أستطع أن أساعد نفسي، حاولت كثيراً أن أتغير ولكن دون فائدة، طلبت من الله المعونة واعترفت لبعض المسلمين لكي يساعدوني وذهبت للطبيب النفسي، أحب الله وأحب دينه وتصرفاتي تعكس هذا الحب، ودائماً أحاول التقرب لله، حيث إنني وقعت في هذا المرض، فقد عرفت لماذا أمرت الشريعة بقتل اللوطي، جميع أصدقائي مسلمون ومتمسكون بالدين، ولكن الشيطان قد يحاول أن يدمر إيماني أنا وأصدقائي، أرجو أن تساعدني وتخبرني بالحل ولو تكلف هذا ذهابي لأي مكان في العالم لأنني لا أريد أن أقترف هذا الذنب مرة أخرى، ولا أريد أن أكون خطراً على أي شخص من عباد الله.
الجواب:
الحمد لله
سنتكلم معك في نقاط أربعة ولن نزيد عليها، فنرجو منك الانتباه والقراءة بتمهل وتمعن، وهذه النقاط الأربع هي: قبح وشناعة فاحشة اللواط، والآثار المترتبة عليها من حيث المخاطر الصحية، وبيان سعة رحمة الله للتائبين، وطرق العلاج لمن ابتلي بهذه الفاحشة.
أما الأمر الأول:
وهو قبح وشناعة فاحشة اللواط: فقد قال ابن القيم –عن قوم لوط-:
قال أصحاب القول الأول -وهم جمهور الأمة، وحكاه غير واحد إجماعاً للصحابة-: ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل -كما سنبينه إن شاء الله تعالى- قالوا: ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوطٍ أحداً من العالمين، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمَّة غيرهم، وجمع عليهم أنواعاً من العقوبات: من الإهلاك، وقلب ديارهم عليهم، والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، وطمس أعينهم، وعذَّبهم، وجعل عذابهم مستمراً، فنكل بهم نكالاً لم ينكله بأمَّة سواهم، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة، التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شهدوها خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها.
وقتْل المفعول به خيرٌ له من وطئه، فإنه إذا وطأه الرجل قتله قتلا لا تُرجي الحياة معه، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد، وربما ينتفع به في آخرته، وقال: وأطبق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله، لم يختلف منهم فيه رجلان، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله، فظنَّ بعض الناس ذلك اختلافاً منهم في قتله، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابة، وهي بينهم مسألة إجماع، ومن تأمل قوله سبحانه {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً} الإسراء: 32، وقوله في اللواط: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} الأعراف:80، تبين له تفاوت ما بينهما؛ فانه سبحانه نكَّر الفاحشة في الزنا، أي: هو فاحشة من الفواحش، وعرَّفها في اللواط، وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة ... ثم أكد سبحانه شأن فحشها بأنها لم يعملها أحد من العالمين قبلهم فقال: {ما سبقكم بها من أحد من العالمين} ، ثم زاد في التأكيد بأن صرَّح بما تشمئز منه القلوب، وتنبو عنها الأسماع، وتنفر منه أشد النفور، وهو إتيان الرجل رجلا مثله ينكحه كما ينكح الأنثى، فقال: {أئنكم لتأتون الرجال} ، ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر عليه الرجال، وقلبوا الطبيعة التي ركَّبها الله في الذكور، وهي شهوة النساء دون الذكور، فقلبوا الأمر، وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء، ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها، وكذلك قلبهم، ونكسوا في العذاب على رؤوسهم، ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن حكم عليهم بالإسراف وهو مجاوزة الحد، فقال: {بل أنتم قوم مسرفون} .
فتأمل هل جاء ذلك –أو قريبٌ منه- في الزنا، وأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله {ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث} ، ثم أكَّد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح فقال: {إنهم كانوا قوم سوء فاسقين} الأنبياء:74، وسماهم مفسدين في قول نبيهم فقال: {رب انصرني على القوم المفسدين} الأنبياء:75، وسماهم ظالمين في قول الملائكة لإبراهيم عليه السلام: {إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين} العنكبوت:31.
فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ومن ذمه الله بمثل هذه الذمات، وقال: ذهبت اللذات، وأعقبت الحسرات، وانقضت الشهوات، وأورثه الشقوات، تمتعوا قليلاً، وعُذبوا طويلاً، رتعوا مرتعاً وخيماً، فأعقبهم عذاباً أليماً، أسكرتهم خمرة تلك الشهوات، فما استفاقوا منها إلا في ديار المعذَّبين، وأرقدتهم تلك الغفلة فما استيقظوا منها إلا وهم في منازل الهالكين، فندموا والله أشد الندامة حين لا ينفع الندم، وبكوا على ما أسلفوه بدل الدموع بالدم، فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين إطباق الجحيم وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم، ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون:"ذوقوا ما كنتم تكسبون" {اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون} الطور:16. (الجواب الكافي ص 240 – 245) مختصراً.
وأما الأمر الثاني: فهو ما تسببه هذه الفاحشة من مضار صحيَّة:
قال الدكتور محمود حجازي في كتابه (الأمراض الجنسية والتناسلية) -وهو يشرح بعض المخاطر الصحية الناجمة عن ارتكاب اللواط-:
إن الأمراض التي تنتقل عن طريق الشذوذ الجنسي (اللواط) هي:
1. مرض الأيدز، وهو مرض فقد المناعة المكتسبة الذي يؤدي عادة إلى الموت.
2. إلتهاب الكبد الفيروسي.
3. مرض الزهري.
4. مرض السيلان.
5. مرض الهربس.
6. التهابات الشرج الجرثومية.
7. مرض التيفوئيد.
8. مرض الأميبيا.
9. الديدان المعوية.
10. ثواليل الشرج.
11. مرض الجرب.
12. مرض قمل العانة.
13. فيروس السايتوميجالك الذي قد يؤدي إلى سرطان الشرج.
14. المرض الحبيبي اللمفاوي التناسلي.
ثالثاً: ومما سبق يتبين عظم وقبح وشناعة هذه الفاحشة، وما يترتب على فعلها من آثار ضارة، ومع ذلك فالباب مفتوح لتوبة العاصين، والله تعالى يفرح بتوبتهم، وتأمل قول الله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ولا يزنون* ومن يفعل ذلك يلق أثاماً* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً} الفرقان:68–70.
وعند التأمل في قوله تعالى: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} يتبين لك فضل الله العظيم، وقد قال المفسرون هنا معنيين للتبديل: الأول: تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة كإبدالهم بالشرك إيماناً وبالزنا عفة وإحصاناً وبالكذب صدقاً وبالخيانة أمانة وهكذا.
والثاني: تبديل السيئات التي عملوها بحسنات يوم القيامة.
فالواجب عليك التوبة إلى الله توبة عظيمة، واعلم أن رجوعك إليه سبحانه هو خير لك ولأهلك ولإخوانك وللمجتمع كافة، واعلم أن الحياة قصيرة، وأن الآخرة خير وأبقى، ولا تنس أن الله تعالى أهلك قوم لوط بما لم يهلك بمثله أحداً من الأمم غيرهم.
رابعاً: وأما العلاج لمن ابتلي بهذه المصيبة:
1- الابتعاد عن الأسباب التي تيسر لك الوقوع في هذه المعصية وتذكرك بها مثل:
- إطلاق البصر، والنظر إلى النساء أو الشاشات.
- الخلوة بأحد من الرجال أو النساء.
2- اشغل نفسك دائماً بما ينفعك في دينك أو دنياك كما قال الله تعالى: (فإذا فرغت فانصب) فإذا فرغت من عمل في الدنيا فاجتهد في عمل من عمل الآخرة كذكر الله وتلاوة القرآن وطلب العلم وسماع الأشرطة النافعة ... وإذا فرغت من طاعة فابدأ بأخرى، وإذا فرغت من عمل من أعمال الدنيا فابدأ في آخر ... وهكذا، لأن النفس أن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فلا تدع لنفسك فرصة أو وقت فراغ لتفكر في هذه الفاحشة.
3- قارن بين ما تجده من لذة أثناء هذه الفاحشة، وما يعقب ذلك من ندم وقلق وحيرة تدوم معك طويلاً، ثم ما ينتظر فاعل هذه الفاحشة من عذاب في الآخرة، فهل ترى أن هذه اللذة التي تنقضي بعد ساعة يقدمها عاقل على ما يعقبها من ندم وعذاب، ويمكنك لتقوية القناعة بهذا الأمر والرضا به القراءة في كتاب ابن القيم (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) فقد ألفه رحمه الله لمن هم في مثل حالك –فرج الله عنا وعنك-.
4- العاقل لا يترك شيئاً يحبه إلا لمحبوب أعلى منه أو خشية مكروه، وهذه الفاحشة تفوت عليك نعيم الدنيا والآخرة، ومحبة الله لك، وتستحق بها غضب الله وعذابه ومقته، فقارن بين ما يفوتك من خير، وما يحصل لك من شر بسبب هذه الفاحشة، والعاقل ينظر أي الأمرين يقدّم.
5- وأهم من ذلك كله: الدعاء والاستعانة بالله عز وجل أن يصرف عنك هذا السوء، واغتنم أوقات الإجابة وأحوالها، كالسجود، وقبل التسليم من الصلاة، وثلث الليل الآخر، ووقت نزول المطر، وفي السفر، وفي الصيام، وعند الإفطار من الصيام.
نسأل الله أن يلهمك رشدك، وأن يتوب عليك، ويجنبك سوء الأعمال والأخلاق.
والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأرجح الروايات في حد اللائط أنه الرجم بالحجارة حتى يموت بكراً كان أو ثيباً، وهذا قول علي وابن عباس وجابر بن زيد وعبد الله بن معمر، والزهري، وأبي حبيب، وربيعة، ومالك، وإسحاق، وهو رواية عن كل من الشافعي وأحمد.
وقد روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. وهو حديث صحيح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1869.
أما الذي يقوم بالقتل، فإنه الحاكم، فالله تعالى يريد إقامة المجتمع الإسلامي على أحسن سبيل، فلم يتركه للفوضى واضطراب الأمور، ولذلك جعل أمر تنفيذ الحدود إلى الحاكم، فلا يجوز أن يقوم بها غيره، وراجع فيه الفتوى رقم: 23258.
ثم إن الفتوى التي تسأل عنها فتوى صحيحة من حيث المضمون، جيدة من حيث المنهج والأسلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(16/747)
إقامة حد اللواط ليس موكولا إلى آحاد الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
أنا قلق بسبب تفكيري في قتل شخص له شذوذ جنسي قام ب (اللواطة) فى سنوات (17) الماضى. أنا أريد صراحة الفتوى لقتله حتى لا يراه ابدا.]ـ
[الفَتْوَى]
فاللواط محرم بالكتاب والسنة والإجماع، واختلف العلماء في حد اللائط، والصحيح قتله بكل حال، محصنا أو غير محصن، فاعلا أو مفعولا به، بشرط أن يكون حين ارتكابه لهذه الفاحشة مكلفا، أي بالغا عاقلا مختارا، ومع ما تقدم، فإن تنفيذ هذا الحد موكول إلى ولي الأمر أو نائبه (الحاكم والقاضي) وليس إلى آحاد الناس، وإلا لعمت الفوضى ولزهقت الأرواح البريئة.
قال الإمام النووي: أما الأحكام، فإنه متى وجب حد الزنا أو السرقة أو الشرب، لم يجز استيفاؤه إلا بأمر الإمام أو بأمر من فوض إليه الإمام النظر في الأمر بإقامة الحد. اهـ.
فعلى السائل أن يقلع نماما عن هذا التفكير، وأجدر به أن يكون مساهما ومشاركا في استئناف الحياة الإسلامية وإقامة حكم الله في الأرض حتى تقام الحدود ويعم الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(16/748)
المبتلى باللواط كيف يتجنبه
[السُّؤَالُ]
ـ[إني مريض بداء وهو اللواط، وكل مرة أحاول الابتعاد عن هذه الخبائث فلا أستطيع الرجاء إعطائي الحل وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يتوب عليك واعلم أنك على خطر عظيم، فتدارك نفسك قبل فوات الأوان ونزول العقاب، وتأمل كيف يكون حالك يوم تقف بدون توبة بين يدي الواحد القهار فيسألك عما صنعت، فبماذا تجيب؟
وراجع لزاماً الفتاوى التالية أرقامها: 1869 / 179 / 32581 / 7123 / 28972
وعليك أن تستعيض عن الحرام بالحلال، فننصحك بالزواج واجتناب الرفقة السيئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(16/749)
فعل اللواط في رمضان أشد عقوبة وأعظم حرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف أن اللواط حرام ولكن أريد أن أستفسر عما إذا فعل شخص هذه الفاحشة في ليل رمضان وليس نهاره أي بعد الفطور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن اللواط من أقبح الجرائم وأشنع الفواحش، ولهذا قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أصحاب السنن.
فهو محرم في كل زمان وفي أي مكان، ولكن فعله في رمضان أشد تحريماً، وأغلظ عقوبة لما لهذا الشهر المبارك من الحرمة.
ومن فعله في رمضان بعد الفطور، فقد فعل كبيرة يستوجب بها العقوبة في الدنيا بالقتل والعياذ بالله تعالى، وعرض نفسه لغضب الله تعالى وعقابه ما لم يبادر إلى التوبة النصوح.
وأما من فعله في نهار رمضان فلا صوم له.
ولمزيد من التفصيل نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 1869 / 16224
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(16/750)
الشعور العاطفي تجاه الإخوة والأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: عبارة عن شعور عاطفي؟ هل هناك حدود في العلاقه الأخوية والحب بين الإخوة؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسؤالك غير واضح عندنا، لكن إن كنت تقصد بالشعور العاطفي تجاه إخوانك وأخواتك، هو ذلك الميل الجنسي الذي يعتري بعض ضعاف النفوس، الذين يميلون إلى جنسهم من الذكور، أو يميلون إلى محارمهم من الإناث، فهذا شعور شيطاني، نهايته الفواحش والمنكرات، ولا يجوز بحال التمادي فيه بعد حصوله، بل الواجب الإقلاع عنه، والنفور منه، وتلافي أسبابه الموصلة إليه، وراجع الفتوى رقم: 18594.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(16/751)
اللواط من أشنع الجرائم وأقبحها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بالمتوسطة، وعندنا مدرس دين يفعل اللواط مع الطلاب، وبعض الطلاب يريد إخبار المدير ولا يقدرون، هل يجوز فضحه وضربه من إخواني الكبار وهو مدرس توحيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللواط من أشنع الجرائم واقبحها، ولذلك استحق فاعله القتل، وانظر الفتوى رقم:
1869.
وعلى هذا فالواجب على من علم من الطلاب بحال هذا الأستاذ أن ينصحه ويبين له خطورة هذا الذنب، وما توعد به الله تعالى صاحبه في الدنيا والآخرة من العقوبة، فإذا رجع وتاب فبها ونعمت، وإلا لزم إبلاغ المسؤولين عن هذه المدرسة، حتى يتخذوا الوسائل اللازمة لردع هذا الرجل، الذي خالف بفعله هذا لشنيع الشرع والطبع.
والذي لا يمكن وصفه ما دام على هذا الحال بالمتدين، ويجب إبعاد هذا المدرس وأمثاله عن مهنة التدريس، وأن لا يولوا أمراً من شأنه أن يمكنهم من ممارساتهم الخبيثة، نسأل الله عز وجل أن يولّيِ أمورنا خيارنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(16/752)
حكم اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تبادل القبلات بين الزوجين وما حكم اللواط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لكل واحد من الزوجين أن يستمتع بالآخر كما يحب ويريد ما عدا الوطء في الدبر أو في القبل زمن الحيض، وتبادل القبلات بين الزوجين مباح بلا خلاف، إلا إذا منعه أمر عارض كالإحرام، وانظر الفتوى رقم: 2902
ثم إن اللواط من أقبح الجرائم وأشنعها، وفاعله والمفعول به يستحق كل منهما القتل، روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قول لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
وقد سبقت أحكام اللواط مفصلة مع أدلتها في الفتوى رقم: 1869 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1424(16/753)
إتيان الرجل امرأة في دبرها منكر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي غريب بعض الشيء ولكن أتمنى أن يصلني الحكم. ما حكم أن يدخل رجل العضو الذكري خلف امرأة يريد الزواج منها قبل ليلة الدخلة؟ مع العلم بأنه لا خطوبة بينهما أو ملكة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان الرجل امرأة في دبرها منكر عظيم وإثم كبير، قد رتب عليه الشرع الوعيد الشديد بلعن فاعله، وحرمانه من نظر الله إليه يوم القيامة. كما هو مبين في الفتوى رقم: 4340.
وهذا الإثم والوعيد حاصل وإن كانت المرأة زوجته، فما بالك إذا كان لم يعقد عليها بعد. فالواجب على من فعلا ذلك المبادرة إلى التوبة الصادقة، بالإقلاع عن هذه المعصية، والندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليها في المستقبل. هذا من حيث أصل المعصية، وأما النكاح فلا يتزوج الزاني بمن زنا بها إلا إذا تابا. كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 2403، والفتوى رقم: 1591.
ثم إننا ننبه إلى أن زواج الرجل من امرأة لا بد أن يتم عبر أوليائها، فلا نكاح إلا بولي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(16/754)
أصابتك ضراء فاصبري فهو خير لك
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت أنا وصديقتي في معصية قبل 3 سنوات وعلمت بعدها أن ما وقعنا فيه يسمى اللواط والحمد لله أدركنا الخطأ وابتعدنا عن فعله وتبنا سؤالي: كيف تكون التوبة الصحيحة؟ وهل إصابتي بمصائب نوع من الابتلاء لما فعلته؟ حيث أنني أعاني من ضيق نفسي وابتعاد أعز صديقاتي عني من دون سبب (هي من وقعت معها في المعصية ولكن تابت هي أيضا) .
ولكم جزيل الشكر وسامحوني على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان المرأةِ المرأةَ وهو ما يسمى بالسحاق، أمر محرم ومعصية للرب تبارك وتعالى. وقد سبق أن بيَّنَّا ذلك في الفتويين: 9006، 31003.
ولا شك أنكما قد أحسنتما في المبادرة إلى التوبة منه، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منكما، وأما شروط التوبة الصحيحة من مثل هذا الذنب المتعلق بحق الله تعالى، فهي الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه. وإن كان الذنب متعلقًا بحق لمخلوق في عِرْضٍ أو مال أو نحوهما فالواجب استحلاله منه.
وأما المصائب فلا ريب أن المعاصي قد تكون سببًا فيها، إلا أن كون المعصية من هذا الذنب أو ذاك لا ينبني على معرفته كبير فائدة، لكن اعلمي أن المصائب مكفرات للذنوب إذا صبر المسلم عليها، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده، حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة.
وإن ما تشعرين به من ضيق الصدر وهم النفس علاجه في السنة النبوية، في ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الكرب، وفي دعاء الهم والغم، وقد سبق ذكرهما مع غيرهما في الفتوى رقم: 9347.
ثم إننا ننصحك بالإكثار من تلاوة القرآن، ومصاحبة الصالحات حتى يكنَّ عونًا لك على الطاعة. ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 5646.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(16/755)
معنى اللواط وحكم مقترفه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أرسلت لكم فتوى برقم81235 ولقد أجبتم عنها ولكن زميلي أضاف بعض النقاط التي أردت إضافتها حسب روايته وهي: أنه مارس اللواط مرات كثيرة ولكن لم يدخل (ذكره) في (دبر) المفعول به فهل ذلك يعتبر لواطا أم يقاس عليه كما هو في الزنا وأنه من مقدمات اللواط والعبرة بالوطء كما في الزنا؟ مع العلم بأنه أفضى حسب رواية زميلي.
والرجاء التعريف باللواط ومتى يقع ويعتبر لواطا مع الشرح؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتعلم أن ما قام به زميلك حرام ومن الذنوب الغليظة التي يجب على المسلم أن يخلص التوبة منها لله تعالى؛ فقد نهى الله سبحانه وتعالى عن الاقتراب من الزنا، فقال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
ومن المعلوم أن اللواط أشد تحريمًا وأغلظ عقوبة، وقد أمر الله تعالى بحفظ الفرج عن كل شيء غير الزوجة وملك اليمين؛ فقال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:5، 6] .
وقال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] .
وما دام زميلك قد تاب من ذلك العمل، وتزوج، وأناب إلى الله تعالى، فعليه أن يكف عن الحديث في هذه الأمور، ويستتر بستر الله تعالى، ويكثر من أعمال الخير والطاعات حتى يبدل الله سيئاته حسنات.
وأما الحديث عن ذلك والدخول في تفاصيله لغير مقصد شرعي فإنه لا ينبغي؛ لأنه بذلك يصبح نوعًا من المجاهرة المنهي عنها شرعًا.
وأما اللواط فهو مباشرة الرجل للرجل في دبره. ولتعريفه وتفاصيل أحكامه نحيلك إلى الفتوى رقم: 22549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(16/756)
من تاب من اللواط تاب الله عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[من عمل عملا مثل قوم لوط له توبة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تاب من اللواط تاب الله عليه كما في الفتوى رقم:
7549،.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 11138،.
وما فيها من الإحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1424(16/757)
حكم وعقوبة إتيان البهائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في ممارسة الجنس مع الحيوانات (سيدة مع كلب أو حصان - ذكر مع نعجة ... ألخ) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإتيان الرجل بهيمة أو تمكين المرأة نفسها من حيوان، حرام كحرمة الزنا، ويندرج تحت قوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. [الأنعام:151] .
ولا يميل إلى هذا إلا ذو طبع خبيث وفطرة منتكسة، والحامل عليه نهاية السفه وغلبة الشبق، ولهذا لم يؤمر الناس بستر فروج البهائم لأنه لا يميل إليها أحد من العقلاء، وإنما يشتهي ذلك من سفه نفسه، وهذا الفعل يستوجب عقوبة صاحبه، والعلماء مختلفون في نوع هذه العقوبة، مع إجماعهم على تحريمه كما نقل ذلك الشوكاني في نيل الأوطار، وقال هناك: وقد ذهب إلى أنه يوجب الحد كالزنا الشافعي في قول له والهادوية وأبو يوسف، وذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي في قول له والمرتضى إلى أنه يوجب التعزير فقط. انتهى كتاب الحدود، وجاء في شرح غاية المنتهى من كتب الحنابلة: ومن مكنت منها قرداً حتى وطئها عزرت تعزيراً بليغاً كواطئ البهيمة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(16/758)
علاج عشق المردان واللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحفظ القرآن كله والحمد لله رب العالمين، لكن لدي مشكلة عظيمة إن لم يتدراكني الله برحمته وهي مسألة عشق المردان واللواط وأعوذ بالله، حاولت أن أتركها مرة ومرة لكني في كل مرة أعود، مع العلم بأني فقير لذا لا أستطيع الزواج أعينوني وأرشدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدي قلبك ويشرح صدرك ويصرف عنا وعنك شر الشيطان ونزغاته.
أخي الكريم: اعلم أن التعلق بالمردان وغشيان الفاحشة من عظائم الذنوب ورذائل الأخلاق ودناءة النفس، والقرآن الذي تحمله في قلبك حري أن يدفع عن قلبك هذا التعلق لو صدقت مع الله.
أخي الكريم: اعلم أن قولك حاولت ... لكني أعود، هو من وساوس الشيطان يريد بذلك أن يضعف عزيمتك وينتصر عليك، فعليك بالتعوذ بالله منه، وإنما يحتاج الأمر إلى قليل من العزيمة وتستطيع بإذن الله أن تتغلب عليه، وعليك باللجوء إلى الله بالدعاء بأن يذهب ما بك، وعليك بمجالسة الصالحين والبعد عن البيئة التي تدعوك أو تذكرك بهذه الفاحشة، وإن استطعت أن تستدين لأجل الزواج فافعل، فإن لم تستطع فعليك بالصيام فإنه لك وجاء.
وعليك أولاً وأخيراً تذكر وقوفك بين يدي الله فاعدد الجواب لتلك اللحظة العظيمة المهيبة عندما يسألك الله لماذا يا عبدي؟!
وعليك أخي الكريم أن تراجع لزاماً الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5453، 3867، 27438، 16224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(16/759)
اللوطية على مراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
أنا كمراهق أريد أن أسألك سؤالا: لقد لاحظت في المدرسة انتشار ظاهرة التلميس أو بمعنى أن يأتي أحد ويقوم بلمس عضو الآخر على سبيل المزاح، فهل هذا يعتبر من اللواط أو الشذوذ الجنسي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لرجل أن يلمس من جسد رجل آخر ما لا يجوز له النظر إليه منه ولو كان من باب المزاح، ويتأكد هذا في العورة المغلظة.
وإن كان هذا من باب التلذذ فهو حرام إجماعاً فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أن التلذذ بلمس الأمرد والنظر إليه حرام باتفاق المسلمين.
وقال صاحب مغني المحتاج: ويحرم نظر الأمرد بشهوة بالإجماع، ولا يختص هذا الأمر بالأمرد، بل النظر إلى الملتحي وإلى النساء المحارم بشهوة حرام مطلقاً.
وهذا العمل من الشذوذ الجنسي ولكنه لا يبلغ درجة اللواط الموجب للحد، وقد ذكر ابن الحاج في المدخل أن اللوطية على مراتب، فمنهم من يتمتع بالنظر وهو محرم لأن النظر إلى الأمرد بشهوة حرام إجماعاً، ومنهم من يتمتع بالمعانقة والملاعبة وغير ذلك، ومنهم من يفعل الفاحشة الكبرى.
قال: ولا يظن ظان أن ما تقدم من الملاعبة والنظر أقل رتبة من فعل الفاحشة بل الدوام عليه يلحقه بها، لأنهم قالوا: لا صغيرة مع الإصرار، وإذا داوم على الصغائر وصلت بدوامه عليها كبائر.
هذا وينبغي لأولياء أمور المراهقين أن يعتنوا برقابة أخلاقهم وتربيتهم، ويمكن أن يراجع في هذا كتاب تربية الأولاد في الإسلام لعبد الله ناصح علوان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(16/760)
عقوبة مقارفة السحاق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عقوبة السحاق في الدنيا أي هل عليه حد كحد الزنا أو اللواط. وما عقوبته في الآخرة؟ وهل ذنبه يتساوى إذا كانت المرأة محصنة أو غير محصنة؟ وإذا كانت العلاقة الجنسية حقيقة في الواقع أو عن طريق الهاتف أو ما شابه هل يختلف الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح عند أهل العلم أن السحاق لا يترتب عليه حد الزنى، لكنه محرم، وتعاقب صاحبته في الدنيا بالأدب الموجع، من ضرب أو سجن أو نحو ذلك، مما يرى ولي الأمر أنه زجر وردع للعامة عن ارتكاب هذا الفعل المحرم الذي يدل على أن مرتكبته لا تخلو من شذوذ وانتكاس في الفطرة. قال ابن عبد البر في الكافي: وعلى المرأتين إذا ثبت عليهما السحاق الأدب الموجع.
أما العقوبة في الآخرة ففاعلته على خطر عظيم إذا لم يمنَّ الله تعالى عليها بالتوبة الصادقة، فعلى من ابتليت بهذه الجريمة الاستغفار والإكثار من الطاعات.
وعقوبة السحاق لا فرق فيها بين المحصنة وغيرها، لأن السحاق لا حد على من ارتكبته، وإنما تختلف عقوبة المحصنة عن غيرها بالنسبة للحد.
وتحرم العلاقة غير الشرعية سواء كانت مباشرة أو عن طريق الهاتف ونحوه، لأن كلتيهما انتهاك لحرمات الله تعالى، لكن العلاقة المباشرة أشد خطراً وضرراً، إذ قد يكون معها النظر أو ما هو أشد خطورة، فيجب على الجميع الابتعاد عن كل علاقة تخالف شرع الله تعالى، لأنها ستكون وبالاً على من ارتكبها، ولن يفلت من عقوبة الله تعالى في الدنيا وفي الآخرة.
ويمكن الرجوع إلى الفتاوى التالية أرقامها:
9006 16204 16297
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(16/761)
الشذوذ الجنسي من أقبح العادات وأعظم المحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرضت للاغتصاب وأنا في السادسة من عمري وعندما أصبحت شابا صرت شاذا جنسيا، فهل من مخرج من هذه الورطة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشذوذ الجنسي من أقبح العادات وأعظم المحرمات التي يمارسها المرء في حياته، فعليك أن تبادر إلى التوبة منه فوراً قبل أن يأخذك الله وأنت على هذا الخلق الذميم، ولتراجع الفتوى رقم: 179 لتجد العلاج الذي يخرجك من هذه الورطة بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(16/762)
العلاج متوفر لمن يمارس رذيلة اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمارس اللواط يومياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللواط جريمة كبرى، وفعل شنيع ينافي فعله الطباع السليمة والفطر المستقيمة، ولذلك قال الله تعالى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ [الشعراء:166] .
والواجب على من ابتلي بهذا الوباء المشين أن يسارع بالإقلاع عنه، والندم على ما مضى منه، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، لتتحقق توبته، ويستدرك ما فاته، قبل أن يفجأه الموت وهو على تلك الحال التي لا يرضاها الله، ولا يرضاها مؤمن لنفسه.
وإننا لننصح الأخ السائل بترك مواطن المعصية وما يهيجها، مع اتخاذ الصحبة الصالحة التي تعينه على الخير، والحذر من قرناء السوء، مع المداومة على ذكر الله تعالى، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1869، 7549، 21807، 22413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(16/763)
الشذوذ الجنسي وأضراره
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا من الحرام أن يكون هناك علاقة جنسية بين الجنس الواحد؟ الرجل والرجل والمرأة والمرأة؟ مع العلم أن لا توجد أي أضرار صحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع الحكيم قد حرم اللواط بين الرجال والمساحقة بين النساء، وهو ما كان عليه قوم لوط من قبيح الفعال، بين النساء مع النساء والرجال مع الرجال كما ورد في بعض الآثار، وقد دل على تحريمه الكتاب والسنة والإجماع.
وإذا ثبت كون الشيء محرماً دل ذلك على قبحه وعظيم ضرره، لأن الأحكام الشرعية صادرة عمن أحاط علمه بكل شيء، قال الله تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] .
فإذا حرم الشرع شيئاً ما تيقنا أنه اشتمل على الضرر المحض، أو على بعض المنفعة، مع المضرة الراجحة، وقد يكشف الله لخلقه بعض هذه الأضرار، ويخفي عنهم كثيراً منها، فلا يسع المؤمن إلا التسليم لحكم الله وشرعه كما قال الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] .
وهذا التسليم لا يعني عدم البحث عن حكمة وأسرار التشريع في تحريم ما ذكر، لأن معرفة الحكمة تبعث في النفس اليقين والطمأنينة، وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك بشهادة الأطباء غير المسلمين فضلاً عن الأطباء المسلمين ما في مثل هذه العلاقات من الإصابة بالأمراض كالإيذر وغيره.
هذا بالإضافة إلى أن عمل قوم لوط مخالف للفطرة السليمة، إذ أن من المعلوم أن الرجل لم يخلق لهذا أي اللواط، وأن المرأة لم تخلق لتفعل السحاق، فالقيام بمثل هذه الأفعال دليل على انتكاس الفطرة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
6872، والفتوى رقم: 9006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(16/764)
ملعون من وقع على بهيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعزكم الله
هل يرضى عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأني ممن يلعب ببوله أو بمنيه أي إني لم أزن لكن عملت بالحيوانات؟ أريد نصيحتكم..
هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إتيان البهيمة كبيرة من كبائر الذنوب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرضى عمن اقترف كبيرة من الكبائر، كيف وهو القائل فيما خرجه أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه معلون من ذبح لغير الله ملعون من غيَّر تخوم الأرض ملعون من كَمَه أعمى عن طريق ملعون من وقع على بهيمة ملعون من عمل بعمل قوم لوط. وإسناد الحديث حسن.
وأخرج أحمد وغيره من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة. قال شعيب الأرناؤوط: إسناده جيد.
فيجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً بأن تقلع عن الذنب، وأن تندم على ما فعلته، وأن تعزم على ألا تعود إليه مرة أخرى حتى يتوب الله تعالى عليك فيرضى عنك.. وننصحك بالزواج حتى تعف نفسك عن اقتراف الحرام، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الشباب إلى الزواج لما فيه من غض للبصر وإحصانٍ للفرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه
فإن لم تستطع الزواج فأكثر من الصيام فإنه خير وسيلة لصد رغبة النكاح لما فيه من تضييق لمجاري الشيطان وإضعاف للنفس بالجوع والعطش، وراجع الفتوى رقم:
9195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(16/765)
الأدلة على حرمة السحاق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أختي امرأة في الاربعين من عمرها، متزوجة ولها أربعة أولاد، حجت البيت هي وزوجها قبل عدة سنوات، وتعزم الاعتمار قريبا عن إيمان، التناقض يأتي بأنها تفعل أفعالاً سحاقية مع أخت زوجها المطلقة والتي شاء القدر أن تسكن معهم في نفس الدار، المشكلة أنها تجادل زوجها في تحريم السحاق مستندة إلى عدم ورود التحريم في القرآن الكريم، كيف يرد إمامنا على ادعائها الفاسد، على تفسيره للتحريم يردها عن الفحشاء وينقذ زوجها المهجور من احتمال الطلاق، وما هو حل المشكلة وحدها بالإسلام؟ أرجو الاهتمام بالأمر لأنه مصيري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين العلماء في حرمة السحاق، بل عده كثير منهم من الكبائر، ولا يحل للمرأة فعله، والواجب على زوجها أو وليها منعها منه دون أي توقف أو تردد.
ولا عبرة بقولها إنه لم يذكر تحريمه في القرآن لأمرين:
أولهما: أنها ليست أهلاً للنظر في الشرع حتى تقول هذا الكلام وأمثاله، فإنما يفتي في هذا أهل الاختصاص، وليست هي منهم.
والثاني: أنه قد ثبت في القرآن والسنة تحريمه، وعليه أجمع أهل العلم كما سبق. أما دليل القرآن، فقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون:5-7] .
فهي بنص القرآن معتدية.
وأما السنة، فما رواه الطبراني في الكبير، وأبو يعلى وحسنه السيوطي عن واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السحاق بين النساء زناً بينهن".
ولذا، فالواجب على الزوج منع زوجته من السحاق، وتأديبها بما يردعها عن قبيح فعلها، وعليه أن يمنع أخته كذلك من هذا الفعل الشنيع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1423(16/766)
حلول مقترحة للمصاب بحب المرد
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبتي.. أنا إنسان ملتزم ولكن مغرم بحب المرد لأن الشيطان يسول لي يقول ماهي إلا مماشاة لهم ثم الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وأنا وللأسف صاحب محل إسلامي ولدي كتب كثيرة فانصحوني ودلوني على الكتب التي من شأنها مساعدتي في حل مشكلتي ويا حبذا طرح أشرطة ومحاضرات عن هذا الموضوع لأن الشباب وخاصة في اليمن مصابون بهذا الداء الخطير أنقذوني قبل أن أقع؟ وجزاكم الله خيراً.. وجعلكم ذخراً للإسلام..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيمكنك الرجوع إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3867 -
7413 -
18605 للجواب على سؤالك، وقد بالغت في قولك إن الشباب في اليمن يعانون مما تعاني منه.. بل لا نظن في الشباب، وخاصة الملتزم منهم إلا كل خير، وإذا حدث مثل ذلك فهو نادر -إن شاء الله- فالواجب إحسان الظن بشباب المسلمين لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12] .
وأما الكتب والأشرطة المقترحة فيمكنك أن تقرأ في كتاب الحدود -من كتاب فقه السنة- المجلد الثاني صفحة 417، عن اللواط حكمه وأضراره، وهناك كتب أخرى كتبت حول موضوع النظر المحرم وموضوع اللواط وخطره، يمكنك الرجوع إلى المكتبات لأخذ تلك المؤلفات، وكذلك الأشرطة فإن بالإمكان الرجوع إلى التسجيلات الإسلامية ليعطوك الأشرطة المناسبة لعلاج ما تجد، وجماع ذلك كله مراقبة الله تعالى، والحرص على رضاه والجنة، والخوف والحذر من سخطه والنار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(16/767)
اللوطية على ثلاث مراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مص الرجل العضو الذكري لرجل آخر هل يعتبر لواطاً ومتى يعتبر الأمر لواطا وما حكم الشريعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففاحشة اللواط من أعظم المنكرات عند المسلمين، وعند أهل الكتاب وغيرهم، وحرمتها معلومة ضرورة من دين الإسلام، ودين سائر الأمم بعد قوم لوط، ولهذا بين الله في كتابه أنه لم يفعلها قبل قوم لوط أحد من العالمين، وقد عذب الله المستحلين لها بعذاب ما عذبه أحداً من الأمم، حيث طمس على أبصارهم، وقلب مدائنهم فجعل عاليها سافلها، وأتبعهم بالحجارة من السماء.
ولقد اتفق الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ومقدمات هذه الفاحشة محرمة بالإجماع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك مقدمات الفاحشة عند التلذذ بقبلة الأمرد ولمسه، والنظر إليه هو حرام باتفاق المسلمين.
وما ذكره السائل من أفحش وأقبح مقدمات اللواط، بل هو من اللواط لكنه لا يوجب الحد، وإنما كان من اللواط فعل هذا، لأن اللواط مراتب.
قال ابن الحاج المالكي في المدخل: اللوطية على ثلاث مراتب.. طائفة تتمتع بالنظر وهو محرم، لأن النظرة إلى الأمرد بشهوة حرام إجماعاً، بل صحح بعض العلماء أنه محرم؛ وإن كان بغير شهوة. والطائفة الثانية يتمتعون بالملاعبة والمباسطة والمعانقة وغير ذلك عدا فعل الفاحشة الكبرى، ولا يظن ظان أن ما تقدم ذكره من النظر والملاعبة والمباسطة والمعانقة أقل رتبة من فعل الفاحشة، بل الدوام عليه يلحقه بها، لأنهم قالوا: لا صغيرة مع الإصرار، وإذا دوام على الصغائر وصلت بدوامه عليها كبائر، والحكم في ذلك معلوم عند أهل العلم، والمرتبة الثالثة فعل الفاحشة الكبرى.
فإذا كانت المعانقة والملامسة حكمها ما ذكر، فما بالك فيما ذكر في السؤال الذي يدل على خبث نفس فاعله ورداءتها وسفالتها، ولا يفعله إلا شخص يقبل اللواط، ولا يرضى به إلا شخص يفعل اللواط، عياذا بالله من حال الهالكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(16/768)
لا إثم على الطفل المفعول به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 23 عاماً مازلت في مقتبل العمر كانت طفولتي تعيسة فقد استغل ضعاف النفوس طفولتي وعلموني على ما هو منكر وفساد وهو اللواط فقد غرروا بي وأنا لا زلت لا أفهم شيئاً فكانوا يفعلون بي هذه الجريمة اللعينة وأنا لا أدري ماذا يفعلون وكانوا يفعلون ذلك كل يوم فتعودت على هذا الشيء وكلما جاء أحد لا أرفضه والآن كبرت وعرفت كل شيء وقاطعت هذه الشلة الفاسدة وندمت على ما فات لكن عندي مشكلة هو أنه كلما تذكرت ما جرى ذهبت ومارست العادة السرية لكي أخفف من حجم المعصية وأنا الآن أريد نصيحتكم لي ماذا أفعل حتى يتوب الله علي من هذه العادة؟ وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللواط من كبائر الذنوب وفاعله ملعون بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله من عمل عمل قوم لوط. رواه أحمد والحاكم.
ولو كان المفعول به طفلاً فلا إثم عليه، وطالما أنك تبت من هذا العمل، وندمت عليه وقاطعت من كان يفعله بك، فالحمد لله ونرجو لك الخير، والله يوفقك للاستقامة.
أما فعلك للعادة السرية "الاستمناء" فهو حرام وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
7170 - والفتوى رقم: 4033.
وينبغي لك أن تستتر بستر الله وأن لا تخبر أحداً بماضيك، وننبه الأخ السائل إلى أن استخدام التلميح أولى من التصريح عند السؤال إن أدى الغرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(16/769)
نصائح لمن تاب من اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مراهق في السادسة عشر من عمري ارتكبت معاصي منها: اللواط وأريد أن أتوب إلى الله فبماذا تنصحوني!.
جزاكم الله خيراً والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جريمة اللواط من أكبر الذنوب وأقبح الفواحش وأسوأها.... ولها عواقب وخيمة وقبيحة في الدنيا والآخرة، ومن وقع في هذه القاذورات فعليه بالتوبة النصوح.
ومن تاب بصدق وإخلاص تاب الله عليه، قال الله تعالى بعد ذكر بعض المعاصي الكبيرة: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان] .
وننصحك بتقوى الله عز وجل، والخوف من غضبه وعقابه في الدنيا والآخرة، وأن تغض بصرك عما حرم الله عز وجل، وأن تصاحب الأخيار، وتبتعد عن الأشرار، وأن تعجل بالزواج من امرأة صالحة تعينك على طاعة الله تعالى، وأن تتعلم ما يجب عليك تعلمه من فرض العين، وأن تقضي وقتك في النافع والمفيد في دينك ودنياك، ولمزيد من الفائدة والتفصيل نحيلك إلى الفتوى رقم:
12840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(16/770)
مسخ المساحقة ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن السحاقية تنخسف خنزيرة بالقبر، أرجو البحث والتحري قبل الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نعثر على حديث يدل على أن المرأة المساحقة لمثلها تمسخ خنزيرة في قبرها سواء ماتت بالخسف أو بغيره، إلا أن المساحقة معصية باتفاق العلماء، وعدها بعضهم من الكبائر، وقد يعاقب الله تعالى من تقارفها بالمسخ على هيئة خنزير في الدنيا أو في البرزخ عقوبة لها على سوء صنيعها، وفي صحيح البخاري عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري رضي الله عنه قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري- والله ما كذبني- سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم -جبل- يروح عليهم بسارحة له يأتيهم -يعني الفقير- لحاجة فيقولون ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله ويضع العلم -أي يهلكهم بليل بوقوع الجبل عليهم- ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة." أي يبقون على هيئة القردة والخنازير في قبورهم بعد موتهم إلى قيام الساعة؛ لا أنهم يبقون في الدنيا يتوالدون، لأن الممسوخ لا عقب له كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لم يجعل لمسخ نسلاً ولا عقباً، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك." وهذا الحديث يدل على أن الممسوخ يبقى على مسخه حتى يبعث.
وعليه، فقد تمسخ المساحقة في الدنيا أو في قبرها، وتبقى على هيئة ما مسخت إليه، لأن المسخ عقوبة على فعل الذنوب والمعاصي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(16/771)
لا تحرم الزوجة بسبب اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل تحرم على المحصن زوجته عندما يرتكب فاحشة قوم لوط (اللواط) ؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففاحشة اللواط جريمة كبرى، وإثم عظيم، وتدل على ضعف إيمان مرتكبها، وانعدام مروءته، وانتكاس فطرته، ويلزم من وقع فيها التوبة إلى الله توبة صادقة، ويكثر من الاستغفار والصالحات، فإذا صدق في ذلك تاب الله عليه، قال سبحانه: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) [طه:82] .
أما زوجته، فإنها لا تحرم عليه بسبب ذلك، وإن كان محصناً، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(16/772)
هل تقبل التوبة من اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مارست عادات ذميمة في صغري ومنها اللواط وهذا عن جهل والآن نادم أشد الندم ماذا أفعل وأنا لا يمكنني نسيان تلك الأيام القذرة؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففعل اللواط كبيرة من الكبائر التي حرمها الله تعالى، وبين قبحها في القرآن، وذم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلها، وأجمعت الأمة على تحريمها كذلك، وقد سبق بيان ذلك مع عقوبة فاعله وكيفية التخلص منه في الفتاوى التالية: 1869، 24298، 3867، 22005.
وفضلاً عن حرمتها فهي أمر مناف للفطرة، معاكس للطبيعة، ولذلك قال تعالى منكراً على فاعلها: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ [الشعراء:166] .
ولكن من فضل الله ورحمته، أن جعل لكل ذنب يذنبه العبد باباً يتوب إلى الله منه، ولو عظم جرمه وكبر إثمه، وما ذلك إلا لسعة رحمة الله تعالى، ومزيد إحسانه، فسبحانه وتعالى على حلمه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، قال عز وجل: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:110] .
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وقال صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث عبد الله بن مسعود.
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على أن من أذنب وجب عليه أن يتوب، وقد وعد الله تعالى بقبول توبة التائبين؛ فقال: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة:104] .
وللتوبة شروط لا تتم إلا بها راجعها في الفتوى رقم: 5450، والفتوى رقم: 22293.
وإياك أيها الأخ الكريم واليأس من روح الله، فإن اليأس يورث القنوط، والله تعالى نهى عن القنوط من رحمته، فهو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وملجأ العالمين.
ثم إن محل وجوب التوبة عليك هو حيث كنت بالغاً عند قيامك بهذا الفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1423(16/773)
الفضيحة أم الاستمرار في المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا عندي مشكلة أنا كنت مع أصدقاء السوء ويوماً من الأيام اتفقوا على أن يغتصبوني وأرغموني على الاغتصاب وأخذو يهددوني بالفضح ومشكلتي أني لا أريد إغضاب الله ولا أريد أن أفتضح فماذا أفعل جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي أقدمت عليه بمطاوعتك هؤلاء على ما أرادوا، جريمة كبيرة ومنكر عظيم، فاللواط خروج على الفطرة وشذوذ عن الطريق السليم الذي جعله الله لتفريغ الشهوة، يقول الله تعالى منكراً على الشواذ: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ [الشعراء:165-166] .
والذي جرك إلى هذه الورطة الكبيرة هو صحبتك لهؤلاء الأشرار، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من صحبة مثل هؤلاء فقال: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد والترمذي.
فالواجب عليك التوبة إلى الله مما فعلت والتضرع بين يديه أن يتوب عليك، ويكشف عنك هذا الكرب.
وكذلك يجب عليك قطع علاقتك بهؤلاء وهجرهم، ثم عليك بالاستعانة بأهل الخير والتقى الذين يمكنهم مساعدتك في هذه المشكلة دون فضيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(16/774)
الموقف الشرعي في فعل الشذوذ تحت تهديد السلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[ذات يوم ونحن جلوس إذ دخل علينا مجموعة إجرامية فخيروني بين اختيارين أولاهما أن يفعلوا بي اللواط أمام أعين عائلتي والثاني أن يفعلوا ذلك بأبي أو يقتلوا عائلتي.
ملاحظة: عدد المجموعة عشرون فردا كلهم متعطشون لذلك، ولقد اخترت شيئا استحييت أن أقوله لك
أفتونا وجزاك الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يقول في محكم كتابه: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286] .
ويقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] .
والتهديد بالقتل أو الضرب الفادح من قبل ظالم يستطيع تنفيذ وعيده بغية حمل المسلم على إتيان الفاحشة أو التمكين من نفسه يخرج الإنسان عن اختياره وإرادته، وبالتالي ترتفع عنه المؤاخذة والإثم، لأن التكليف لا يكون إلا فيما يندرج تحت قدرة المكلف، ويملك فيه حرية الإقدام أو الإحجام، وفي الحديث: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه.
وهذا فيما دون القتل، أما لو هدد إنسان بالقتل أو بما دونه على قتل غيره، فإنه يحرم عليه فعل ذلك، وإن أدى ذلك إلى قتله، فإنه حينئذ لا يملك غير الصبر على البلاء، واحتساب الأجر عند الله تعالى، لكن عليه أن يكون حذراً من السقوط في أيدي العصاة الفجرة في كل زمان ومكان، ولا سيما في هذا الظرف الزمني الذي نما فيه الجهل، وعبادة الهوى، واستبيحت فيه المحارم، وأصبح فيه الإسلام عند أكثر أتباعه مجرد شعار يجمعون به غرض الدنيا، ويخدعون به الآخرين، وأهم سلاح يصحبه المسلم لحماية نفسه وأهله هو تعلم دينه والتقيد به، والصدق مع خالقه، وتطهير سريرته، وصقل بصيرته، وأن يستشعر أن أعداءه يتربصون به الدوائر، وأنهم إن ظفروا به في غرة فلن يرحموه.
والله يوفقنا وإياك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(16/775)
فاحشة اللواط وعواقبها الوخيمة....
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والعياذ بالله من الأنا حصل لي اغتصاب عندما كنت صغيراً والآن عمري 22 سنة واشتاق لهذا النوع وأجاهد نفسي مع العلم أنني مواظب على الفروض وأود الخلاص من ذلك فماهو الحكم في ذلك وكيف الخلاص؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن ممارسة هذه الفاحشة القبيحة والجريمة الخبيثة محق للرجولة، وبعث للبلادة، وسبب لشرود الذهن، وظهور الأمراض والأسقام المستعصية، وفضيحة وتدمير للحياة في الدنيا، ووبال على صاحبها في الآخرة، فاربأ أن تكون شراً من الخنازير والقردة وأراذل الدواب التي تنأى بنفسها عن مقارفة هذه الأفعال، وأي شهامة وشجاعة تبقى عند من أصبح يوطأ كالأنثى!! فاتق الله، واعلم أن النفس أمارة بالسوء، وداعية إلى الطغيان، فحاربها تفلح واعصها تنج وتزك، ولا تطعها فتضل وتهلك، قال تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:39] . وقال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:7-10] .
وقال تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف:53] .
وعليك بالبعد عن مجالس أهل الفسق والمجون، فهم من أكبر الأسباب التي توقع في هذه الفاحشة، وقد سبقت لنا فتاوى فيها كيفية التخلص من الميل إلى الفاحشة منها الفتوى رقم:
179، والفتوى رقم:
7413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1423(16/776)
السعي للبعد عن الشذوذ الجنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
أعاني منذ زمن من مشكلة الشذوذ الجنسي وأكاد أصل إلى حالة من اليأس أحاول جدا أن أتخلص من هذا الهاجس ولم أستطع مع العلم أنني لم أمارس هذا الأمر منذ 5 سنوات
وأشعر الآن بإحباط وعدم ثقة بالنفس وكره للدنيا بسبب المتاعب والعقبات الموجودة أمام الزواج أرجو المسارعة بالحل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللواط أو ما يعرف بالشذوذ الجنسي من أشنع الجرائم وأقبحها وأرذلها؛ إذ هو خروج على الفطرة السليمة، وشذوذ عن الطريق الصحيح الذي جعله الله تعالى لتفريغ هذه الشهوة، يقول الله تعالى منكراً على الشواذ شذوذهم (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) (الشعراء:165، 166) ، فعلى السائل أن يتوب إلى الله ويستعين به وينصرف عن كل ما من شأنه إثارة غريزته المنحرفة، ويسعى بكل جهد لتذليل العقبات أمام زواجه ويستعين بإخوانه من أهل الخير والصلاح، ويكثر من الصوم ويشغل نفسه بالنافع فإن النفس إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر.
نسأل الله لك العافية من هذا البلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(16/777)
وسائل البعد عن اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[أين كرامة الإسلام في هذا الوقت؟ وكيف نبتعد عن اللواط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجنب اللواط يتحقق بالابتعاد عن كل المثيرات والمغريات، ومن ذلك مشاهدة المواقع الإباحية، والصور العارية، ومصاحبة قرناء السوء، والغفلة عن مراقبة الله عز وجل، وما أعد لأصحاب المعاصي من العذاب في الآخرة والهوان والمصائب في الدنيا. نسأل الله العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/778)
التعريف الشرعي للواط
[السُّؤَالُ]
ـ[لا حياء في الدين في مسألة مختلف فيها أنا وإخواني في الله عن اللواط هل هو إتيان الدبر نفسه أو ماحوله أيضا من الفخذ وغيرها يعتبر لواطا أفيدونا جزاكم الله كل خير في إتيان هذاالموقع العظيم لما فيه من فوائد الدنيا والآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللواط شرعاً هو: تغييب الحشفة في دبر الذكر، ذكره صاحب الفواكه الدواني وغيره.
والحشفة هي الآلة الحاسة في الذكر وبها الالتذاذ، وتكون في مقدمته.
ومن تعريف اللواط يتبين لنا أن الملامسة للدبر من الخارج، أو ملامسة ما حوله، أو إيلاج جزء من الحشفة، أو إيلاجها في أنثى لا يعد لواطاً شرعاً، وهذا لا يعني أنه جائز، بل هو من المحرمات الداخلة في قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:7] .
وفاعل اللواط بالمعنى الشرعي الذي ذكرناه يستحق القتل، لأدلة ذكرناها في الفتوى رقم:
1869.
أما ما سوى ذلك مما لا يعد لواطاً، مما ذكرناه سابقاً، فلا يحد فاعله حد اللواط، بل له أحكام أخرى ليس هذا موضع بسطها. ولمعرفة المزيد من أحكام اللواط راجع الفتوى رقم:
21843 والفتوى رقم:
4575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(16/779)
كل المنافذ المؤدية للواط مغلظ تحريمها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ما حكم التحرش الجنسي بالأطفال الذي لا يصاحبه لواط (أعاذنا الله منه) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التحرش الجنسي بالأطفال وإن لم يصل إلى اللواط فإنه وسيلة إليه، واللواط من أكبر الكبائر، وأقبح الفواحش، وصاحبه منتكس الفطرة، غافل عن الله تعالى.
ولهذا شدد الإسلام في عقوبة فاعله والمفعول به، وقال صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به. رواه أحمد وأصحاب السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقد نهى القرآن الكريم عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الوقوع في الزنا، واللواط نوع من أقبح أنواع الزنا، فقال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وقال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] .
والحاصل أن التحرش المذكور محرم يجب الكف عنه، والابتعاد عن مواطنه ودواعيه، ولمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم:
1869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(16/780)
لا تكن عونا للشيطان على أخيك
[السُّؤَالُ]
ـ[لوأذنب الرجل وفعل لواطا في السابق ثم تاب ولكن الناس أو أصحابه يلقبونه بلوطي وهذا غير صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أن يعاب الشخص بسبب ذنب قارفه في الماضي وقد تاب منه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
وينبغي للمسلم أن يكون عوناً لأخيه المسلم على الخير، وعلى ترك المعاصي، وكل ما يجر إليها، أو يذكر بها، ولا يجوز لأصحاب هذا الرجل وصفه بهذا الوصف خصوصاً أنه قد تاب منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(16/781)
خير ما يوصى به المخنث
[السُّؤَالُ]
ـ[ياشيخ أنا مخنوث وفي نفس الوقت معاق وأريد أن أتوب أوصوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم المخنث بأصل خلقته، والمخنث الذي يقصد التخنث ويتكلفه في الفتوى رقم:
19112.
وإننا لننصح السائل بالتوبة إلى الله تعالى، وقد بينا شروط التوبة وما يعين عليها في الجواب رقم:
5450.
وجماع ذلك، أن تتعلم العلم الشرعي الذي يرغبك في الطاعة، وينفرك من المعصية، وأن تلزم الصحبة الصالحة التي تحضك على الخير، وتعينك عليه، وأن تعتبر وتتعظ بما ابتلاك الله به من الإعاقة التي تمنعك من أشياء كثيرة تتمناها نفسك، ولو أنك صبرت عليها وأطعت ربك وتجنبت معصيته، فسيعوضك الله خيراً منها، وإن لم تفعل ذلك، فلتعلم أن أعظم الناس خسارة الذي يخسر دنياه وأخراه، وعليك بالإكثار من الدعاء فهو باب لتحقيق الأماني والوصول إلى ما عزمت عليه من التوبة والإنابة، والله يوفقك لما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1423(16/782)
طرائق انتشال الزوجة لزوجها من الولوغ في الشذوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ثلاثة أطفال هم كل شيء في حياتي مشكلتي بدأت عندما اكتشفت عند زوجي أشرطة إباحية علماً بأنه لا يترك فرضاً وفي رمضان يصلي التراويح والتهجد، ولكن هذه الأشرطة فيها من يشبهون قوم لوط، صدمت ولا أعرف ماذا أفعل، واجهته ولكن كانت النتيجة بأنه كرهني وأصبح ينكد علي، وأصبح يخلق الخلافات، مع العلم أنه هجرني في الفراش منذ السنة الثانية من زواجنا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني مشاكل نفسية ولا يأتي إلي إلا حين حاجته ولا يهتم بي وكل اهتمامه بأولاده، وقاطع أهلي وأصبح لا يكلمهم، مع العلم بأنهم لا يعرفون شيئاً، ولكن أهلي أتوا إليه فرفض أن يكلمهم، وأنا الآن غادرت بلدي، وذهبت معه إلى بلد آخر بغرض أن يأخذ جنسية أخرى، ولكن أنا في حيرة ماذا أفعل علماً بأنه أمام الناس يظهر بأنه ملاك، ولكن معي أنا لا يقول لي كلمة حلوة، علماً أن عمري 26 وهو عمره 38 ولكن أحبه ولا أستطيع أن أتركه، ولكن أشك في تصرفاته الغامضة، وهو يكلم أصدقاءه ولديه صور وعناوين هؤلاء ومواقعهم على الإنترنت، علما أننا في بلد عندهم هذا الشيء مباح، لكني مسيرة ولست مخيرة، وأني أطيعه في كل شيء إلا معصية الله، هل آثم في سكوتي علماً بأني لا حول لي ولا قوة أفيدوني جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما يقوم به زوجك من اقتناء لهذه الأشرطة أمر سيء وعادة قبيحة، إذ أنها من فعل قوم عذبهم الله عذاباً شديداً، فهو بهذا على خطر كبير وفي إثم عظيم. وكذا ما وقع منه من سوء معاشرتك، والإساءة إلى أهلك، فنصيحتنا له أن يتقي الله عز وجل في هذا كله وأن يتوب، قبل أن يحل به عذاب من الله، أو يفاجئه الموت وهو على هذا الحال.
وأما نصيحتنا لك أيتها الزوجة، فهي السعي إلى إصلاح حال هذا الزوج، ما دام محافظاً على الفرائض، ويصلي التراويح والتهجد، ولكنه مبتلى -والعياذ بالله- بما ذكرت، فكوني عوناً له للتخلص من هذه الظاهرة وذلك بالآتي:
أولاً: التزين وحسن التبعل للزوج، وجذب انتباهه إليك بأحسن الزينة الجائزة شرعاً، وبألطف الأقوال والألفاظ.
ثانياً: إخبار خطيب المسجد بدون ذكر اسم الزوج ليتناول هذه المواضيع من خلال خطبة الجمعة أو المواعظ بالمسجد.
ولا إثم عليك إن شاء الله في السكوت والحالة هذه، إذ أن غيره قد يؤدي إلى مفسدة أعظم، والأولى السعي إلى الإصلاح بالطرق العملية السالفة الذكر.
كما أن الإقامة في بلاد الكفر سبب أساسي في حدوث مثل هذه المشاكل ويترتب عليها ضرر عظيم، فلا تجوز إلا لضرورة، فالواجب عليكم تركها والعودة إلى ديار المسلمين، ولتراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5045
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(16/783)
مشكلة نفسية خطيرة ... لكن لها علاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في ال 19 من عمري لدي مشكلة أني عندي مرض نفسي خطير هو حب تعذيب النساء كلذة جنسية وذلك أكثر لذة عندي من الجنس.. المشكلة أن ذلك المرض قد يتفاقم إلى الشذوذ الكامل وبالتالي كارثة
الحل الطبي هو مشاهدة أي نوع من أنواع المثيرات الجنسية الطبيعية أو سماعها سواء كانت كارتون ورسومات أو حقيقية هل يجوز ذلك في حالتي؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام دين شامل كامل يحقق التوازن بين مطالب المادة والروح، وما من معضلة كيف كانت سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية أو خلقية إلا ولها حل في الإسلام علمه من علمه وجهله من جهله.
ونبشر السائل الكريم بأن هذا الداء العضال الذي ألمَّ به له حل، فما من داء إلا وله دواء، فعن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أنزل الله داء إلا أنزل له الدواء. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وليس علاجك فيما ذكرت من استخدام المؤثرات الجنسية فإن ذلك حرام كما لا يخفى، والعبد إذا أراد أن يتداوى فإن عليه ألا يتداوى بمحرم فإنه داء وليس بدواء، وإن مثله حينئذ كمثل المستجير من الرمضاء بالنار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام. رواه أبو داود من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وليعلم الأخ السائل أنه إنما أتي من قبل إبليس اللعين، فإن له مدخلين عظيمين ينفذ منهما إلى ابن آدم، وهما مدخل الشهوات ومدخل الشبهات، وقد أصابك عن طريق الشهوات ذلك لأنك حين تلجأ إلى تعذيب النساء إنما تفعل ذلك عن شهوة تجد منها لذة تفوق -كما ذكرت- لذة الاستمتاع الجنسي، وكل ذلك من إغواء الشيطان لك.
وأول طريق للعلاج هي: أن تلجأ إلى الله مستعيذاً به من الشيطان الرجيم، وهو القائل سبحانه: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200] .
واعلم أنك وقعت فيما وقعت فيه لأنك قد فتنت بالنساء، وذلك إنما يحدث غالباً إذا كان المرء لديه فضول نظر واختلاط بالنساء الأجنبيات عنه، فعليك أخي السائل أن تتذكر أن الله تعالى قد أشار إلى خطورة فتنة النساء، لأن نفس الرجل مجبولة على حبهن، فقال عز وجل: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران:14] .
وقال تعالى بعدها: قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:15] .
وقال صلى الله عليه وسلم محذراً كذلك من فتنتهن: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فعليك أن تحذر من فتنة النساء، ويعينك على ذلك أن تلتزم بالأوامر الشرعية التي أمر الله بها والتي تسد باب الفتنة بهن، ومن ذلك أن تغض بصرك. وتأمل قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] .
ومن ذلك ألا تخلو بامرأة أجنبية عنك. وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما. رواه الطبراني عن بريدة رضي الله عنه.
وبالجملة فإن علاجك -أخي السائل- في اللجوء إلى الله تعالى والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، وتجنب المثيرات الجنسية، والحذر كل الحذر من فتنة النساء، وسد المنافذ الموصلة إلى ذلك، وذلك بغض البصر وعدم الخلوة بهن والاختلاط وما إلى ذلك، فإن فعلت فسيعصمك الله بإذنه، وهو سبحانه على كل شيء قدير، ونسأل الله سبحانه أن يتوب عليك، ويذهب بأسك ويحصن فرجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(16/784)
البعد عن تزيين الشياطين واختيار الصالحات يجنبك المنزلق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمة أخاف الله وأؤدي ما يتوجب علي من الصلاة في وقتها وأداء النوافل وصيام التطوع والتصدق في السر ولكن لدي صديقة أحبها في الله وعند اجتماعنا نلعب معا وتطرق الأمر إلى اللعب بأعضاء بعضنا وأحسست بذنب كبير لما أفعله فأرجوكم أنقذوني من تأنيب ضميري وأرشدوني إلى سبيل الخير ومع العلم بأنني أبلغ من العمر 33 ولم أتزوج الرجاء سرعة الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي حصل بينك وبين صديقتك، حرام بلا خلاف وهو من مقدمات السحاق، والسحاق هو: أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل، والواجب على من استدرجه الشيطان إلى الوقوع في هذا الذنب وأمثاله، أن يسارع بالتوبة إلى الله تعالى، والتوبة النصوح لا تتحقق إلا بترك الفعل والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، ومما يعين على ترك الذنب البعد عن مواطنه وأسبابه التي تؤدي إليه، وترك الصحبة التي تعين عليه، والاستعانة بصحبة الصالحين الذين إذا رآهم الشخص ذكر الله، وإذا ذكر الله أعانوه، وإذا غفل ذكروه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة. متفق عليه.
وراجعي الفتوى رقم:
8547 والفتوى رقم:
8424 والفتوى رقم:
9006، ولمعرفة التوبة وشروطها وما يعين عليها راجعي الفتوى رقم:
6826 والفتوى رقم:
8065 والفتوى رقم:
5091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(16/785)
الهدي النبوي في عقوبة المخنث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قتل المخنثين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمخنث هو الذي يشبه النساء في أخلاقه وكلامه وحركاته، فإن كان من أصل الخلقة لم يكن عليه لوم، وعليه أن يتكلف إزالته، وإن كان بقصد منه وتكلف له، فهو مذموم، بل هو من الكبائر، قال في بدائع الصنائع -حنفي-: ولا عدالة للمخنث، لأن فعله وعمله كبيرة. انتهى
ويُطلق عليه اسم المخنث سواء فعل الفاحشة أو لم يفعل، فإن فعل الفاحشة (اللواط) وثبت عليه ذلك بالبينة، فحكمه القتل، ودليل ذلك ما رواه أبو داود في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به. وصححه الألباني.
ولمعرفة المزيد عن حد اللواط راجع الفتوى رقم:
1869.
وإن لم يفعل الفاحشة، فإنه يعاقب على تخنثه بالنفي، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، أُتي بمخنث، قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال هذا؟ فقيل: يا رسول الله يتشبه بالنساء، فأمر فنفي إلى النقيع، فقالوا: يا رسول الله ألا نقتله؟ فقال: إني نهيت عن قتل المصلين. وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله- والنقيع -بالنون- موضع ببلاد مزينة على ليلتين من المدينة.. هكذا قال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود.
ولا بد أن يكون النفي محققاً للمصلحة المرجوة منه، وهي حماية الناس من فتنته وشره، فإذا وجدنا أن نفيه إلى أي مكان آخر سيكون سبباً في فتنة الناس، حبسناه في مكان واحد ليس معه فيه غيره.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وإن خيف خروجه، فإنه يُقيد، إذ هذا هو معنى نفيه وإخراجه من بين الناس. انتهى
وراجع الفتوى رقم:
13711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(16/786)
حكم معاشرة الألعاب الجنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم استخدام اللعبة الجنسية وحكم معاشرتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:7] .
قال الإمام الشنقيطي -رحمه الله- في أضواء البيان: ذكر جل وعلا في هذه الآيات الكريمة: أن من صفات المؤمنين المفلحين الذين يرثون الفردوس ويخلدون فيها حفظهم لفروجهم: أي من اللواط والزنى، ونحو ذلك، وبين أن حفظهم فروجهم، لا يلزمهم عن نسائهم الذين ملكوا الاستمتاع بهن بعقد الزواج أو بملك اليمين، والمراد به التمتع بالسراري، وبين أن من لم يحفظ فرجه عن زوجته أو سريته لا لوم عليه، وأن من ابتغى تمتعاً بفرجه وراء ذلك غير الأزواج والمملوكات فهو من العادين، أي المعتدين المتعدين حدود الله، المجاوزين ما أحله الله إلى ما حرمه الله. انتهى كلامه.
ومن هنا تعلم أخي السائل أنه لا يجوز لك معاشرة هذه الألعاب الجنسية، وعليك أن تحفظ فرجك كما أمرك الله إلا عمن استثناهم الله من الزوجة وملك اليمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(16/787)
كل ما يجر للواط حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اللواط من خلف السروال حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن هذا عمل قبيح محرم، وهو من مقدمات اللواط، وطلب له عياذاً بالله من كل ذلك.
وفعل ذلك، والرضا به دال على خبث ودناءة نفس الفاعل والمفعول به، والواجب على المسلم الإقلاع عن هذا المنكر، كما هو مبين في الفتوى رقم: 8686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(16/788)
التشبه بالجنس الآخر ... أسبابه ... ومخاطره
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو السلوك الشاذ وما هوالانحراف لماذا يتجه الرجال إلى السلوك النسائي ولماذا يتجه النساء إلى السلوك الرجالي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال من الأمور المحرمة المنكرة التي يستحق صاحبها اللعنة، كما في حديث ابن عباس: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. رواه البخاري.
ولا شك أن هذا شذوذ وانحراف عن الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، فإن الرجل ينبغي أن يعتز برجولته، وأن يأنف من مشابهة المرأة. والمرأة كذلك ينبغي أن تعتز بأنوثتها، وأن تأنف من محاكاة الرجال ومشابهتهم.
وهذا الانحراف الخلقي له أسباب كثيرة: منها سوء التربية، ومنها ضعف الإيمان، ومنها أمراض وعقد نفسية يشعر معها الإنسان بالنقص، فيحاول لفت الأنظار إليه ولو بهذا السلوك الشائن.
ومنها ما هو خارج عن اختيار الإنسان، وهذا يرجع إلى طبيعة تكوينه الخلقي، وهذا إن صبر واحتسب وجاهد نفسه على لزوم سلوك بني جنسه وعدم التشبه بالجنس الآخر فلا إثم عليه، كأن يكون صوت الرجل ناعماً كصوت الإناث، أو أن يكون شديد الرقة والنعومة ونحو ذلك، وإنما المحرم الممنوع هو تعمد ذلك وتطلبه.
وهذا الانحراف يبلغ ذروته ومداه إذا ترتب عليه الوقوع في محرمات أخرى كاللواط والسحاق، عياذا بالله من ذلك، فهذا هو الهلاك المحقق، وقد سبق الكلام على هذا النوع من الشذوذ وبيان طرق علاجه في الفتوى رقم:
179 والفتوى رقم:
7123 والفتوى رقم:
7413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(16/789)
الشذوذ الجنسي علاجه ميسور
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكلة الشذوذ الجنسي وسمعت من بعض الأطباء النفسانيين أنه لا علاج لهذا المرض
علما أني لم أمارس هذه العملية منذ ما يزيد على ست سنوات
إلا أنني أشعر أحيانا برغبة لممارستها
أرجو المسارعة في الإجابة والردو جزيتم كل خير
دمشق 14- 2 -1423
26- 4 -2002]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما سمعته من بعض الأطباء مجانب للصواب فما من مرض ولا داء إلا وله علاج، مع أن الشذوذ الجنسي ليس مرضاً حقيقياً بقدر ما هو إغواء من الشيطان.
وعلاجه أن ينتبه المرء لنفسه ويتوب إلى ربه ويستعين به، ويستعيذ من الشيطان الرجيم ومن إغوائه وتضليله وتزينه للفاحشة.
وليستحضر المرء مراقبة ربه دائما واطلاعه على العبد، وأنه راجع إليه ومحاسبه ومجازيه، إن خيراً فخير وإن شراً فشر. وراجع الفتوى رقم: 179
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(16/790)
معنى السحاق وحكم ارتكابه
[السُّؤَالُ]
ـ[معنى السحاق وحكم فاعلته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسحاق هو أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صوره ما يفعل بها الرجل، ولا خلاف بين العلماء أن السحاق محرم، بل عده كثير منهم من الكبائر، والتي تفعله مرتكبة لكبيرة يلزمها التوبة والاستغفار، والإقلاع عنها.
وانظر الجواب رقم: 9006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(16/791)
اللواط أقبح الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يمارس اللواط ولو لمرة واحدة أو ينوي ذلك أو يفكر به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللواط من أعظم العظائم ولو فعل مرة واحدة، وراجع الفتوى رقم:
1869، فلا يجوز للمرء أن يفكر به أو ينوي فعله، وعليه أن يجاهد نفسه وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن وساوسه وتزيينه، كما يجب عليه أن يتذكر وقوفه بين يدي الله وليعدَّ الجواب لذلك، وليتذكر أيضاً أن الله مطلع عليه يراه في كل حين وعلى كل حال، فليحذر من أن يراه الله وهو على هذا الفعل الشنيع، وليتذكر أيضاً أن هذا الفعل عار وشنار وخزي في الدنيا والآخرة، نسأل الله العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(16/792)
السحاق ... تعريفه..وحكم مقارفته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. أرجو الإفادة عن الحكم الشرعي في السحاق (زنى النسوة) وهل يجب فيه الحد، علما أن الآية الكريمة لا تفرق في أنواع الزنا لدى ذكر الحد والله تعالى أعلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن السحاق محرم وعده أهل العلم من الكبائر. وانظر الفتوى رقم:
9006، وليس فيه حد عند العلماء قاطبة، ويظهر الفرق بينه وبين الزنا من خلال التعريف بكل منهما:
فالزنا هو: إيلاج حشفة أوقدرها في فرج محرم لعينه مشتهى طبعاً بلا شبهة.
والسحاق هو: فعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل، فالسحاق لا إيلاج فيه بخلاف الزنا، وليس مشتهى طبعاً؛ وإن فعل فإنما يفعل شذوذا، وهذا كله بخلاف الزنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(16/793)
لعن الله المخنثين من الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ في الله وقع ضحيّة تربية الأسرة حيث تمت تربيته في محيط نساء أي مع أخواته الفتيات مما سبّب لهذا الشّاب عدّة مشاكل في طبيعته كرجل أي أنّه أصبح شبه متخنّث حيث أنّه يعاني من هذه المشكلة خاصّة في تعامله مع فئة معيّنة من الشّباب والرجال مما أدّى إلى وقوعه في فاحشة اللّواط - ولا حول ولا قوّة الاّ بالله - فأرشدوني عبر مراحل للإصلاح يرحمكم الله.
وجازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك بنصحه بالكف عن هذا السلوك المشين المضر بدينه ودنياه، والتخلق بأخلاق الرجال وعاداتهم، مع ذكر ما ينفر من سلوك وأحوال المخنثين، ورؤية المجتمع لهم، وعاقبتهم في الآخرة، إذ أن هذا السلوك موجب اللعن لصاحبه، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المخنثين من الرجال" رواه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما، واصبر على صديقك وعلاجه، واستعن بما في الجواب رقم: 6872.
فإن استجاب لك وأقلع عما هو فيه، فذلك المطلوب، وإلا فاهجره وابتعد عنه صوناً لدينك وعرضك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/794)
أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون
[السُّؤَالُ]
ـ[-لدي صديقة تخرج مع الرجال الأجانب لكي يعاشروها من الخلف وتكون كالزوجة معهم دون أن يقترب من فرجها والآن هي تائبة ولا تعرف ما تفعل لكي يسامحها الله على فعلتها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما كانت تقوم به صديقتك في منتهى المنكر والفجور، فهذا العمل الذي تمارسه محرم مع الأزواج، فكيف به مع الأجانب؟ فهو إذن من أكبر الكبائر وأبشع المنكرات، ولو ماتت وهي مصرة على ممارسته ماتت فاسقة فاجرة، عديمة الأخلاق.
أما الآن وقد منَّ الله عليها بالتوبة قبل فوات أوانها فما عليها إلا أن تخلص لله تعالى في توبتها، وتستقيم عليها، والله تعالى بمنه وكرمه يقبل توبة التائبين، ويغفر ذنوبهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، فله الحمد وله الشكر.
ولتراجع الجواب رقم:
5450
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1422(16/795)
زواج الرجل بالرجل كبرت فاحشة!!!
[السُّؤَالُ]
ـ[-ما حكم زواج الرجال بالرجال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان يقصد بزواج الرجال بالرجال إتيان الرجل الرجل، وارتكاب الفاحشة معه مع الإقرار بحرمة ذلك، وإقرار الفاعل بالمعصية، فذلك كبيرة من كبائر الذنوب، وفاحشة من أعظم الفواحش، وقد تقدم الكلام عن حكمها، وكلام أهل الإسلام فيها في أجوبة ماضية منها الجواب رقم:6872
وأما إن كان القصد بأن يتزوج الرجل الرجل هو: أن يجري بينهما عقد زواج ويشهر ذلك، أو أن يفجر الرجل بالرجل على جهة الاستحلال فهذا كفر -والعياذ بالله- لأنه إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة، وقد روى أبو داود وغيره عن البراء بن عازب أنه قال: لقيت عمي ومعه راية، فقلت له: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه، وآخذ ماله" فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ماله فيئاً، معاملاً له معاملة المرتد. هذا، وقد تزوج بامرأة من المحارم، فكيف بزواج الرجال بالرجال.
نسأل الله العافية.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(16/796)
يستحب لمقترف الفاحشة أن يستبدل المكان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم غافر الذنب قابل التوب
أما بعد:
أنا شاب صغير في مقتبل العمر قاربت على إنهاء تعليمي بعد شهور قليلة إن شاء الله لقد تعودت منذ صغري حيث كان عمري حوالي 14 عام وحتى الأن أن أمارس الأفعال الفاضحة الجنسية مع أطفال صغار في منطقتنا السكنية إما رغبا وإما غصبا عنهم ... وبعد شقاء وعناء شديد ومشاكل لا حصر لها أنعم الله علي بأن هداني وأنتهيت عن ذلك الآن وأنا عمري الآن 21 عاماً ولكني لا أعرف كيف أتوب وأستغفر الله عن تلك الأفعال وما هي كفارة ذلك الذنب؟ وهل من الكبائر أم لا؟ وإني لأخجل أن أعيش في ذلك المكان بعد الآن فكيف أعيش فيه ويراني هؤلاء الأطفال بعد ذلك؟ فهل لي أن أترك بلدتي وأهاجر لمكان آخر لأبدأ حياتي من جديد؟
بالله عليكم أكاد أفقد عقلي أو أقتل نفسي من شدة شعوري بالذنب فأفيدوني أفادكم الله.
السؤال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العمل الذي كنت تمارسه من أكبر الكبائر، وأبشع الجرائم عند الله تعالى، فهو فوق الزنا.
أما وقد منّ الله عليك بالتوبة منه، فالله تعالى يكفره عنك، ويتجاوز عنه بمنه وكرمه، "فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له" كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه.
والشروط التي إذا توفرت في الشخص تكون توبته صادقة هي: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما حصل منه في الماضي، والعزم على عدم العود إليه في المستقبل، هذه الشروط الثلاثة إذا توفرت في الشخص، وكان ذنبه لا يتعلق بحقوق المخلوقين، فإن توبته تكون صادقة يمحو الله عنه بها الخطايا، ويغفر له بها الزلات؛ وإن عظمت، حتى ولو لم يخرج من البلد الذي كان يعصي الله تعالى فيه، ولكن لا شك أن مفارقة التائب للمواضع التي أصاب فيها الذنوب ومقاطعته للأخدان المساعدين له على ذلك، واستبدالهم بصحبة أهل الخير مما يؤكد التوبة، ويبعد عن البيئة الأولى، ويساعد على الاستقامة، ويرفع الحرج الحاصل بالنظر إلى الأطفال المغتصبين.
وقد أخذ العلماء استحباب مفارقة التائب للبيئة التي عصى الله فيها، ومقاطعته لأصدقائه الأولين من الحديث الذي في صحيح مسلم، والذي فيه قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، فأرشد إلى أن ينطلق إلى أرض بها أناس يعبدون الله تعالى، وأن لا يرجع إلى أرضه، فكان ذلك سبباً في رحمة الله له، ودخوله الجنة.
وعليك أن تنتبه إلى أن هذه المغادرة لا تكون على حساب الإخلال بواجب، كأن يكون لك والدان أو أحدهما أو جدود أو إخوان تقوم بما يحتاجون إليه، وستؤدي مغادرتك لهذه البلدة إلى ضياعهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(16/797)
هذا الفعل محرم ويفضي إلى اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يدخل أصبعه في دبره ويجد متعة في ذلك وقد نصحته بالابتعاد عن ذلك دون فائدة. فما هو حكم ذلك؟ وهل تجب معاقبته على ذلك؟ جوزيتم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن هذا عمل قبيح محرم، لما فيه من ملامسة النجاسة بغير حاجة، وابتغاء اللذة في غير ما أباح الله تعالى، وكونه ذريعة إلى فعل فاحشة اللواط وطلبها، عياذا بالله من ذلك كله.
وهذا المنكر يدل على خبث النفس ورداءتها، فإن النفوس السوية لا تقبل على شيء من ذلك، بل ولا يمكنها التفكير فيه.
ولا ندري كيف سوغت له نفسه أن يبوح لك بهذا الأمر الشائن القبيح، وحيث إنك علمت بهذا الأمر، فالواجب عليك نصحه وتذكيره بخطورة هذا العمل، ثم يلزمك بعد النصح ألا تصغي لشيء من حديثه المتعلق بهذا الانحراف، وأن تهجره وتفر من مجالسته إن تبين لك استمراره عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1422(16/798)
حد من وطئ أجنبية في دبرها
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حكم الرجل الذي وطئ امرأة في دبرها، وهل حده مثل حد الزاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من وطئ أجنبية في دبرها يجب عليه حد الزنى، وهو الجلد مائة والتغريب عاماً إن كان بكراً، والرجم إن كان محصناً، لأنه وطء في فرج محرم شرعاً، يقول ابن قدامة رحمه الله:
وسواء كان الفرج قبلاً أو دبراً، لأن الدبر فرج مقصود فتعلق الحد بالإيلاج فيه كالقبل، ولأنه إذا وجب الحد بالوطء في القبل -وهو مما يستباح- فلأن يجب الوطء في الدبر الذي لا يستباح بحال أولى. انتهى.
ولأن الله سبحانه وتعالى سمى الزنى فاحشة في قوله: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء:32]
وسمى الوطء في الدبر فاحشة أيضاً في قوله: (ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) [الأعراف:80]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1422(16/799)
إسداء النصح لمن وقع في فاحشة الزنا أو اللواط
[السُّؤَالُ]
ـ[لديّ أخ أثناء تحدّثي معه ليلة الجمعة2/شعبان/1422 كشف لي من خلال سرده لهمومه عن شيء صدمني صدمة شديدة ويتمثّل فعله هذا في ارتكابه لفاحشة كبيرة منذ سنين ولا يزال يرتكب هذه الفاحشة إلى يومنا هذا، وإنّي لأظنّه يمارس اللّواط أو الزّنا أو إحدى الكبائر الأخرى، نعوذ بالله منها رغم أنّ أغلب صفات الإنسان المسلم تتوفّر فيه فأرشدوني يرحمكم الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أخي الكريم أن تسارع في إخراج أخيك من هذه الهوة السحيقة، وإنقاذه مما وقع فيه من ورطة، وتذكيره بالله العظيم، وسريع انتقامه، وشديد بطشه، وتبين له حجم المعصية التي وقع فيها، وما يتوقع أن يترتب على استمراره في ممارسته من آثار مدمرة -من (سيدا) وغيره من الأمراض الفتاكة- والحرمان من التوفيق في شتى شؤون الحياة، وفي الأخرى من التعرض لمقت الله وعذابه.
وعليك أن تراعي في خطابك له الرفق، والرحمة، فهذا خلق الأنبياء في دعوتهم لأقوامهم، فقد جاء على لسان جماعة من الأنبياء (إني أخاف عليكم) ثم اتخذ أكثر من وسيلة وأسلوب، ومن ذلك:
1- دلالته على الرفقة الصالحة، ففي صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، ولا يعدمك من صاحب المسك إما أن تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد: إما يحرق بيتك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحاً خبيثةً".
2- تسليط بعض الصالحين عليه ممن لهم مكانة في نفس أخيك ليحيطوا به وينصحوه.
3-إهداؤه بعض الأشرطة التي فيها المواعظ المؤثرة، والكتب التي فيها التذكير والتخويف بالله.
4-الدعاء له بظهر الغيب أن يهديه الله ويوفقه إلى الخير والهدى، ويجنبه طُرق الغواية والردى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(16/800)
العقوبة الدنيوية لمن أتى امرأته في دبرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حد إتيان الزوجة في الدبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس على من أتى امرأته في الدبر حد معين، ولكنه يعزر ويؤمر بالكف عن هذا العمل القبيح، ولا يجوز لامرأته أن تطاوعه فيه، فإن طاوعته عزرت هي أيضاً، وإذا لم يكفا فرق بينهما. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومتى وطئها وطاوعته عزرا جميعاً، فإن لم ينتهيا بعد التعزير فرق بينهما، كما يفرق بين الفاجر ومن يفجر به. وانظر ما كتبناه مما ورد في شؤم هذا الفعل في الإجابة رقم 4340
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(16/801)
طلب المرأة من زوجها أن يأتيها في الدبر منكر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في الزوجة التي تحب أن تنكح أحيانا من الخلف أي في الشرج من زوجها؟ وقد يحدث هذا عندما تأتيها العادة الشهرية فقط وهل تعتبر طالقا وتحرم علي زوجها إن فعل معها هذا النكاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها أن يأتيها في دبرها، ولا يجوز له هو أن يلبي لها هذا الطلب، كما لا يجوز له هو أن يطلب ذلك منها، وإذا طلبه فلا يجوز لها تلبية طلبه لأنه أمر محرم شرعاً، وهو مستهجن طبعاً، ومخالف للفطرة السليمة والأذواق الطبيعية.
وإن فعلا ذلك فعليهما أن يتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحاً ويقلعا عنه ولا يعودا إليه أبداً.
وعلى السائل أن يراجع الأجوبة التالية أرقامها: 1410 4340 8130
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1422(16/802)
علة تحريم السحاق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة وسلام على رسولنا الكريم. أما بعد: ... ... ... ...
هل ذكر السحاق فى القرآن الكريم، أو في أحاديث الرسول الكريم عليه الصلاة وأتم التسليم. ...
أرجو منكم دعمي بأدلة كافية. ... ... ...
جزاكم الله عنا خير الجزاء. ... ... ...
والسلام عليكم ورحمة وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء قاطبة على حرمة السحاق بين النساء، وعدوّه من كبائر الذنوب.
وليس في القرآن ذكر لهذه الجريمة.
أما السنة فقد ورد فيها حديث تكلم فيه العلماء بين مصحح ومضعف، وهو ما أخرجه الطبراني في الكبير وأبو يعلى عن واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "السحاق بين النساء زنا بينهن". فقد قال الهيثمي في المجمع رجاله ثقات، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير، وأسند الخطيب البغدادي بعد روايته للحديث في تاريخ بغداد إلى النسائي وابن معين أنهما ضعفا بعض رواته،
ونقول: إنه وإن قيل بضعف الحديث، فإن السحاق محرم لما يشتمل عليه من كشف العورات ومسها بشهوة، ولما فيه من التهييج على الفاحشة، وغير ذلك مما يعلم تحريمه ضرورة من دين الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1422(16/803)
مباشرة الرجل الرجل من فوق الملابس منكر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اثنين من الشباب المسلم الذين يعيشون في جو ملئ بالبنات اللواتي يغرين الشباب بمفاتنهن الجذابة بأن يقوما بممارسة الجماع أو ما يشبه الجماع مع بعضهم ولكن فوق الملابس من أجل تجنب الوقوع في الزنا ومن أجل إفراغ الشهوة مع العلم بأننا نحاول تجنب مفاتن النساء ولكن لا نستطيع ولولا رحمة الله بنا لكنا من شدة الشهوة أن نجامعهن في الشارع ولكننا لا ننقاد إلى اللواط لأن اللواط حرام.
علما بأننا نحب بعضنا أكثر مما يحب الرجل زوجته.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي شباب المسلمين جميعاً رجالاً ونساءً إلى الالتزام بشرع الله تعالى، وأن يعصمهم من مخالفة أمره وارتكاب نهيه.
ثم اعلما أن ما تقومان به محرم تحريماً غليظاً لا يجوز بأية حال من الأحوال، وهو من جنس اللواط ويفضي - لا محالة- إلى ذلك الذي تعتقدان أنه هو اللواط فقط.
وعليكما أن تتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحاً عاجلة غير آجلة، وأن تلتزما بشرع الله تعالى، وتمتثلا أمره وأن تغضا البصر عما لا يحل لكما النظر إليه، وأن تحفظا فروجكما من الحرام، فذلك أزكى لكما وأطهر، قال الله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) [النور: 30] واعلما أنه إذا عصت الفتيات ربهن وتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، فلا يبرر ذلك لكما أن تعصيا الله تعالى، وترتكبا ما حرم عليكما.
ولكن عليكما أن تسمعا وتعيا وتمتثلا أمر نبيكما ونصيحته الناصعة للشباب حيث قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أخرجه البخاري ومسلم، وعليكما أن تقطعا ما بينكما من صلات وإذا استطاع كل منكما ألا يرى الآخر أبداً فافعلا، وعليكما أن لا تختليا بحال، وليسع كل منكما في أن يتزوج في أسرع وقت ممكن.
فالزواج هو خير علاج لما أنتما فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1422(16/804)
الاغتصاب في هذه الحالة لا مؤاخذة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشرح لكم مصيبتي عسى أن أجد لها حلا لديكم عندما كنت طفلا صغيرا قام أحد أقاربي باغتصابي ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش العذاب النفسي حيث أن الموت أرحم لي من الحياة ولأن الشرف عزيز وخوفا على سمعة الأهل الذين لم يعرفوا هذا الأمر إلى هذا اليوم وفي ظل هذا الصراع النفسي فكرت.. بالانتحار كثيرا ولكن الخوف من الله هو الذي جعلني أعاني أكثر.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
2-
3-]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الانتحار بقتل النفس من الكبائر الموجبة للخلود في النار، قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [البقرة: 195] ، ويقول: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) [النساء: 29] ، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً".
وعن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكيناً فحزّ بها يده، فما رقأ الدم حتى مات. قال الله تعالى: (بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة) " رواه البخاري.
وروى البخاري عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعنها في النار".
والمنتحر فاسق وباغ على نفسه، ولعظم ما اقترف قال بعض أهل العلم: لا يغسل ولا يصلى عليه، كالبغاة، وقيل: لا تقبل توبته تغليظاً عليه. وبالجملة فالانتحار من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله تعالى، ولا يجوز الإقدام عليه مهما عظم البلاء، سواء كان في النفس، أو العرض. ثم عليك أن تعلم أنك لست مؤاخذاً بما جرى لسببين: الأول: أنه تم وأنت صبي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل" رواه أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها.
الثاني: أنك مكره عليه، فلم تفعله باختيارك ولا شك أنه لا ذنب أعظم من الكفر بالله، وقد نص تعالى في القرآن على أن من أكره على الكفر، فلا شيء عليه إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، قال تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) [النحل: 106] ، وإذا كان هذا فيمن أكره على الكفر، فما بالك بمن أكره على ما دونه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1422(16/805)
التائب من الشذوذ الجنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أرجو منكم المعذرة لإطالتي عليكم وذلك لأني كنت أبحث عنكم منذ 3 شهور مضت
فقد طلب مني أحد الاصدقاء أن أسال له فقال لي
بأنه قد مارس اللواط والعياذ بالله منذ أكثر من عامين أكثر من مرة وأنه قد تاب إلى الله عن فعلته هذه، ويتساءل هل يغفر الله له وهل هناك من كفارة؟ وجزاكم الله خيرا وهو يرجو منكم الإجابة سريعا وذلك لأنه نادم أشد الندم ويريد أن يغفر الله له]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يتقبل توبة التائبين إليه، ثم اعلم أن رحمة الله واسعة، وأن باب التوبة مفتوح، وأن الله لا يتعاظم عنده ذنب أن يغفره، فهو القائل مبشراً للعاصين برحمته: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) [الزمر:53] والآيات والأحاديث في الدلالة على ذلك كثيرة جداً، فليبشر صاحبك وكل تائب بتوبة الله وغفرانه. إذا صدق مع الله واستوفى شروط التوبة، وأهمها الإقلاع عن الذنب ومجانبة أسبابه، والندم على ما بدر منه، والعزيمة الصادقة على عدم الرجوع إليه.
أما هل يلزمه كفارة عن فعلته، فلا يلزمه شيء، لكن يندب له الاكثار من الطاعات من صلاة وصيام وصدقة، فالله تعالى يقول: (إن الحسنات يذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين) [هود:114] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(16/806)
أسباب الشذوذ الجنسي وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما متزوج وعندي ثلاث أطفال المشكلة التي عندي هي الميل إلى أبناء جنسي لا أدري لماذا حاولت كثير أن أتخلص من هذه الظاهرة بدون فائدة وكان آخرها بأني مارست الجنس مع شاب ولقد ندمت ندما شديدا وتبت توبة نصوحا وعاهدت الله بأن لا أعيدها فهل يتقبل اللة توبتي وسمعت بأن من يفعل ذلك تكون زوجته محرمة عليه ارجوكم أفيدوني
مع العلم بأني أقوم بواجباتي الدينية وأشكركم جدا. أرجو الرد بسرعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
اعلم أخي وفقني الله وإياك أن هذه المعصية ناتجة عن فراغ لا يشغله الإنسان بالنافع من العمل، أو تعريض الإنسان نفسه للمثيرات، وقد يكون ذلك لخبث في نفس الإنسان، فعلى المرء أن يكثر من طاعة الله، ويكثر من ذكره تعالى، وأن يسأله العصمة من الزلل، ويتقرب إلى مولاه بشتى القرب.
ثم اعلم عصمك الله أن مفسدة اللواط من أعظم المفاسد، ولذلك كانت عقوبته من أعظم العقوبات، ولقد فطر الله الإنسان على أن يميل الذكر للأنثى، والأنثى للذكر، ومن خرج عن هذا الأصل كان خارجاً عن الفطرة.
بل قال بعض العلماء: إن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من القتل، ولم يفعل هذه الفعلة قبل قوم لوط أحد من العالمين.
قال تعالى: (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) [الأعراف:80] .
وقال تعالى: (أتأتون الذكران من العالمين) [الشعراء:165] .
وقد قال أحد خلفاء بني أمية: لولا أن الله قص علينا قصة قوم لوط، ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكراً.
وقد ثبت عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه وجد في بعض المناطق رجلاً ينكح كما تنكح المرأة، فكتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فاستشار أبو بكر الصديقُ الصحابةَ رضي الله عنهم، فكان علي رضي الله عنه أشدهم قولاً فيه فقال: ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة، وقد علمتم ما فعل الله بها، أرى أن يحرق بالنار، فكتب أبو بكر إلى خالد فحرقه.
وقال ابن عباس ينظر أعلى ما في القرية من بنيان أو جبل، فيرمى اللوطي من فوقه منكساً.
وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول" رواه أصحاب السنن، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عمل قوم لوط ثلاثاً، ولم يلعن أحداً من أهل الكبائر ثلاثا إلاّ من فعل هذا.
وقد عاقب الله عز وجل قوم لوط بعقوبة مزدوجة، فخسف بهم الأرض، فجعل عاليها سافلها، ثم أرسل عليهم حجارة من سجيل منضود، مسومة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيد.
في حين عاقب فرعون وقومه بالغرق فقط، وعاقب عادا بالريح فقط، وثمود بالصيحة فقط. وفي هذا دليل على قبح المعصية وشناعتها، ومخالفتها للفطرة.
قال تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) [الروم: 30] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" متفق عليه.
وفي الحديث القدسي: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ... " رواه مسلم.
ومن تأمل النصوص السابقة يعلم يقيناً أن الله تعالى خلق الخلق أسوياء على الفطرة، وأن من تنكب عن هذه الفطرة فبما كسبت يداه، وبتفريط منه باتباعه خطوات الشيطان، وبسبب ما يحيط به من مؤثرات وعوامل بيئية فاسدة مفسدة.
فإذا كان الذي أنت عليه خلقاً، فاعلم أن الأخلاق أكثرها مكتسب، وقد روى البيهقي في شعب الإيمان عن أبى الدرداء قال: "إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه".
ومن أكثر من شيء عرف به، ولذلك عليك بمجاهدة نفسك للتغلب على هذا الخلق الذميم، والمعصية القبيحة، واسلك السبل الصحيحة اللازمة لترك هذا الخلق.
وإذا كان هذا مرضاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فليس من داء إلا وله علاج، إلا داء الهرم وهو: الشيخوخة.
وعلاج ما أنت فيه يكون بأمور:
1/ أن تتوب إلى الله توبة صادقة، وتندم على تفريطك في حق الله، وتعزم على الإقلاع عن هذه المعصية، ومن تاب تاب الله عليه.
2/ أن تشغل وقتك بطاعة الله، وكثرة ذكره سبحانه وتعالى، فبطاعة الله يحيا المرء حياة طيبة، ومن كان مع الله كان الله معه. قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) [النحل: 97] .
وقال تعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) [طه: 123] . وبذكر الله يعمر القلب ويطمئن. قال تعالى: (فاذكروني أذكركم) [البقرة: 152] .
وفي الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" متفق عليه.
3/ أن تصاحب الصالحين وتتقرب منهم ومن مجالسهم، وعليك بترك مخالطة أهل البطالة والسوء، فإن المرء يتأثر ـ ولابد ـ بأخلاق من يخالطه. قال صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما: أن تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد: يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحاً خبيثة" رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.
4/ سد المنافذ والأبواب الموصلة إلى تلك الفاحشة، ويكون ذلك بغض البصر عن المردان، فإن النظر إلى الشاب الأمرد بشهوة يحرم باتفاق أهل العلم. قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) [النور: 30] . وعدم الخلوة بهم، والبعد عن المثيرات.
5/ عليك بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، والانكسار أمام الخالق، وتذكر يوم الحساب، فإن في تذكر يوم الحساب، وتذكر الوقوف بين يدي الخالق الجبار رادع لك عن المعصية.
6/ زيارة القبور وتذكر الموتى، وتخيل نفسك وأنت في عدادهم، وقد فارقت الدنيا، وتركت لذاتها وشهواتها، وفني كل ذلك وبقي الإثم والعار.
وننبهك إلى أن الإقدام على هذا الشذوذ مع أنك متزوج وعندك ثلاثة أطفال أعظم وأشد جرماً، مع العلم بأن من يفعل اللواط لا تكون زوجته محرمة عليه.
وما دمت أنك قد ندمت ندماً شديداً، وتبت توبة نصوحاً، فنسأل الله أن يثبتك على الخير، ويتقبل توبتك، وأن لا تعود إلى ذلك أبداً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(16/807)
كيف يعالج الإسلام المشاكل الجنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني صديق مهتم بالإسلام عن ماهو الحل الإسلامي لمشكلة الشذوذ الجنسي المنتشر في أوربا وأمريكا في الفترة الأخيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن علاج هذه المشكلة وغيرها في تلك المجتمعات، بل في جميع المجتمعات لا يمكن أن يكون علاجاً منفصلاً عن علاج النظام الاجتماعي الذي يسود تلك البلدان، هذه المشكلة وغيرها نظام اجتماعي منحرف فلابد من النظرة الشاملة في العلاج، وذلك بسد الطرق ومنع الوسائل المفضية إلى تلك المشاكل والمصائب، فكيف يتأتى العلاج لهذه المشكلة في مجتمعات تتبنى وتحتفي بالوسائل الموصولة إليها؟ مثل تبرج وسفور النساء، واختلاط الرجال بهن، ورعاية الإعلام الماجن، وانعدام أواصر الأسرة، وغياب القيم والأخلاق والسلوك الحميد، وغيرها من المفاسد.
فأولاً لابد من تجفيف منابع الفساد. فالله سبحانه إذا حرم شيئاً حرم كل طريق ووسيلة تفضي وتؤدي إليه، تحقيقاً لتحريمه، وتثبثتاً ومنعاً أن يرعى حماه. ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضاً للتحريم وإغراء للنفوس به، وحكمة الله وعلمه تمنع ذلك. ولذا جاء الإسلام موافقاً للفطرة، فسمح بقضاء الشهوة لكنه لم يفلت زمامها، بل هذبها وأرشدها إلى ما يحفظها سوية معتدلة وفق حدود حدها وشرائع بينها.
أما أولئك الذين أفلتوا الزمام لشهواتهم وتركوها تسرح في كل واد، وملؤوا مجتمعاتهم بكل مثير، وجعلوا دفعات الدم تستثار في كل لحظة فإنهم وصلوا إلى حد طاشت فيه غرائزهم، وجنت شهواتهم فلم تشبع ولم تمتلئ بما كانت تعرف، فلجئوا يبحثون عما يشبعها فوقعوا في الشذوذ، ولم يجدوا فيه بغيتهم، بل زادهم انتكاساً وبؤساً، ومن ثم أخذوا يهربون عن نطاق حياتهم فلجئوا إلى المخدرات وغيرها من المسكرات، بل وصل بهم الحال إلى البحث عن الموت وما وسائل الانتحار المنتشرة في تلك البلاد إلا شاهد على ذلك، وكل هذا بسبب انحراف تلك المجتمعات عن منهج الله، وصدق الله حيث يقول: (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكلوا الأنعام والنار مثوى لهم) [محمد:12] فلا خلاص من هذه المشكلة ولا علاج لها ولغيرها من مشكلات المجتمعات إلا بالعودة إلى منهج الله، والدخول في دينه، وذلك يكون ببيان مفاسد وأخطاء تلك النظم الفاسدة التي يخضعون لها، مع بيان مزايا وخصال النظام الاجتماعي الإسلامي، وتقديم الإسلام الصحيح بحكمة وعلم، فإذا غرست وجدوا تقوى الله والخوف من عذابه في نفس الإنسان، وعرف أنه سيلقى ربه ويحاسبه على عمله صغيراً أو كبيراً، وأنه مأمور بحفظ فرجه وبصره عن الحرام، ومأمور بتأسيس أسرة قائمة على التقوى وحفظ النسل والحرث، وعرف الأمراض والمعضلات المترتبة على هذا الانحراف، امتلأت حياته بحب الخير، والدعوة إليه ونشره، وحمل الناس عليه، وحينئذ فإن مثل هذه السلوكيات المنحرفة لاشك أنها لن تجد إلى نفسه سبيلاً، ولن تجد لها في المجتمع سوقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1421(16/808)
نصائح لعلاج الشذوذ الجنسي، وعقاب مرتكبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر الثلاثين ولكن مشكلتي أني شاذ جنسياً وحاولت أن أعالج نفسي بشتى الطرق ومنها معاشرة النساء ولكني فشلت ولو حتى واحدة في المائة. وسألت أطباء نفسيين وقالوا: ليس لديهم علاج لهذا المرض بحيث هذه هي الطبيعة الخلقية لدى الشخص وذهبت لشيخ دين وقرأ علي ولكن بلا فائدة. والمشكلة أني أتعذب، أنا شخص عادي ومحترم ومن عائلة معروفة لكن هذا يحدث رغما عني أحاول أن أمنع نفسي لكني أحب الشباب ... ما أدري ما هو العمل وما هو موقف الدين مني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
اعلم أخي الحبيب وفقني الله وإياك أن هذه المعصية ناتجة عن فراغ لا يشغله الإنسان بالنافع من العمل، أو تعريض الإنسان نفسه للمثيرات، وقد يكون ذلك لخبث في نفس الإنسان، فعلى المرء أن يكثر من طاعة الله، ويكثر من ذكره تعالى، وأن يسأله العصمة من الزلل، ويتقرب إلى مولاه بشتى القرب. ثم اعلم عصمك الله أن مفسدة اللواط من أعظم المفاسد، ولذلك كانت عقوبته من أعظم العقوبات، ولقد فطر الله الإنسان على أن يميل الذكر للأنثى والأنثى للذكر، ومن خرج عن هذا الأصل كان خارجاً عن الفطرة.
بل قال بعض العلماء: إن مفسدة اللواط تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من القتل، ولم يفعل هذه الفعلة قبل قوم لوط أحد من العالمين.
قال تعالى: (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) [الأعراف:80] .
وقال تعالى: (أتأتون الذكران من العالمين) [الشعراء:165] .
وقد قال أحد خلفاء بني أمية: لولا أن الله قص علينا قصة قوم لوط ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكراً.
وقد ثبت عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه وجد في بعض المناطق رجلاً ينكح كما تنكح المرأة، فكتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فاستشار أبو بكر الصديقُ الصحابةَ رضي الله عنهم، فكان علي رضي الله عنه أشدهم قولاً فيه فقال: ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة، وقد علمتم ما فعل الله بها، أرى أن يحرق بالنار. فكتب أبو بكر إلى خالد فحرقه، وقال ابن عباس ينظر أعلى ما في القرية من بنيان أو جبل، فيرمى اللوطي من فوقه منكساً.
وقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول" رواه أصحاب السنن، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عمل قوم لوط ثلاثاً، ولم يلعن أحداً من أهل الكبائر ثلاثا إلاّ من فعل هذا.
وقد عاقب الله عز وجل قوم لوط بعقوبة مزدوجة، فخسف بهم الأرض، فجعل عاليها سافلها، ثم أرسل عليهم حجارة من سجيل منضود، مسومة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيد.
في حين عاقب فرعون وقومه بالغرق فقط، وعاقب عادا بالريح فقط، وثمود بالصيحة فقط. وفي هذا دليل على قبح المعصية وشناعتها.
وما قاله لك الأطباء النفسيون مجانب للصواب، وعار عن الصحة، ومخالف لقواعد الدين والطب.
قال تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) [الروم: 30] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" متفق عليه.
وفي الحديث القدسي: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ... " رواه مسلم.
ومن تأمل النصوص السابقة يعلم يقيناً أن الله تعالى خلق الخلق أسوياء على الفطرة، وأن من تنكب عن هذه الفطرة فبما كسبت يداه، وبتفريط منه باتباعه خطوات الشيطان، وبسبب ما يحيط به من مؤثرات وعوامل بيئية فاسدة مفسدة.
فإذا كان الذي أنت عليه خلقاً، فاعلم أن الأخلاق أكثرها مكتسب، وقد روى البيهقي في شعب الإيمان عن أبى الدرداء قال: "إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه".
ومن أكثر من شيء عرف به، ولذلك عليك بمجاهدة نفسك للتغلب على هذا الخلق الذميم، والمعصية القبيحة، واسلك السبل الصحيحة اللازمة لترك هذا الخلق.
وإذا كان هذا مرضاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فليس من داء إلا وله علاج، إلا داء الهرم وهو: الشيخوخة.
وعلاج ما أنت فيه يكون بأمور:
1/ أن تتوب إلى الله توبة صادقة، وتندم على تفريطك في حق الله، وتعزم على الإقلاع عن هذه المعصية، ومن تاب تاب الله عليه.
2/ أن تشغل وقتك بطاعة الله، وكثرة ذكره سبحانه وتعالى، فبطاعة الله يحيا المرء حياة طيبة، ومن كان مع الله كان الله معه. قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) [النحل: 97] .
وقال تعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) [طه: 123] . وبذكر الله يعمر القلب ويطمئن. قال تعالى: (فاذكروني أذكركم) [البقرة: 152] .
وفي الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" متفق عليه.
3/ أن تصاحب الصالحين وتتقرب منهم ومن مجالسهم، وعليك بترك مخالطة أهل البطالة والسوء، فإن المرء يتأثر ـ ولابد ـ بأخلاق من يخالطه. قال صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما: أن تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد: يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحاً خبيثة" رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.
4/ سد المنافذ والأبواب الموصلة إلى تلك الفاحشة، ويكون ذلك بغض البصر عن المردان، فإن النظر إلى الشاب الأمرد بشهوة يحرم باتفاق أهل العلم. قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) [النور: 30] . وعدم الخلوة بهم، والبعد عن المثيرات.
5/ عليك بالزواج، فالزواج وسيلة ناجعة لعلاج المشكلات الجنسية، إذا تهيأت الأسباب المعينة على ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه. فالمرء من روح وجسد، وقد شرع الله من الأحكام ما يرتفع بالروح والجسد إلى أسمى مراتب الفضيلة، ولذا شرع الزواج، وجعل مجامعة الرجل لأهله صدقة، قال صلى الله عليه وسلم: "وفي بضع أحدكم صدقة" رواه مسلم.
فالغريزة الجنسية أمر مفطور عليه ابن آدم، فتوجه لحفظ النسب، وإنجاب النسل الصالح، وتحقيق السكون والمودة والرحمة، إرضاء لله تبارك وتعالى، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [الروم: 21] .
6/ عليك بالدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، والانكسار أمام الخالق، وتذكر يوم الحساب، فإن في تذكر يوم الحساب، وتذكر الوقوف بين يدي الخالق الجبار رادع لك عن المعصية.
7/ زيارة القبور وتذكر الموتى، وتخيل نفسك وأنت في عدادهم، وقد فارقت الدنيا، وتركت لذاتها وشهواتها، وفني كل ذلك وبقي الإثم والعار.
وفي الأخير ننبهك إلى أنك ذكرت في ثنايا سؤالك أنك قمت بمحاولة معاشرة النساء فلم تستطع، وتعقيباً على هذا نقول: إن كانت المحاولة مع من تحل لك (زوجتك) ، فلعلك لم تأخذ قبل ذلك ببعض الأسباب التي أشرنا إليها آنفاً. وإن كانت مع غير الزوجة فقد ارتكبت إثماً مبيناً، وأقدمت على ذنب عظيم، وعليك أن تستغفر الله جل وعلا منه هو الآخر.
والله نسأل أن يثبت فؤادك، ويصرف عنك السوء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(16/809)
حكم من فعل الفاحشة جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماالحكم الشرعي فيمن فعل فا حشة بجهل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من فعل فاحشة بجهل فإنه يعذر إن كان مثله يجهلها كأن تكون من المحرمات غير المشهورة، أما إذا كانت مما علم من الدين بالضرورة كالزنا وشرب الخمر ونحو ذلك فلا يعذر بها إلا إذا كان قريب عهد بإلإسلام، وفائدة عذره سقوط الحد عنه، لأن الحدود من خطاب التكليف وليست من خطاب الوضع، والفرق بينهما أن خطاب التكليف لا يتوجه إلا على المكلف العالم بالتحريم المختار غير المكره.
أما خطاب الوضع فهو يتناول جميع الناس سواء المكلفين وغيرهم، والمخطئين وغيرهم.
وذلك كضمان المتلفات من الأموال أو الأنفس، فالصبي مثلاً إذا سرق لا تقطع يده، لأن القطع من خطاب التكليف وهو غير مكلف، لكن يغرم ما سرق من الأموال، لأن ضمان المتلفات من خطاب الوضع. ومنه لزوم الدية على المخطئ وعصبته.
ثم إن من فعل فاحشة جهلاً وكان مثله يجهلها فإنه يعذر في جانب الحدود، لكن تلزمه التوبة إلى ربه لقوله تعالى (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) [النحل:119] وقد قال العلماء: إن التوبة تطلب من كل مرتكب للذنب عالماً أو جاهلاً، لقوله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنين لعلكم تفلحون) [النور31] وللتوبة شروط يرجع فيها إلى الجواب رقم 3546
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/810)
الزواج هو العلاج الناجع لمشكلتك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أنا شاب وعمري 19 عاما، أقوم بواجباتي الدينية ولكنني أجد في نفسي أني شاذ جنسيا. فأنا أميل للأولاد ولا أميل للبنات، أي أني أشتهي الذكور دون النساء. وأنا على هذا الحال منذ أن بلغت 11 عاما تقريبا.
لقد وجدت نفسي مختلفا عن البقية وظننت أنها ستكون فترة عابرة لا أكثر، فالتزمت الصمت والكتمان محاولا في الوقت ذاته أن أحرك شهوتي نحو النساء طوال السنين التالية ولكن دون جدوى، وجهازي التناسلي لم تتحرك مشاعره حتى وإن رأيت صور نساء عاريات، ولكنه يهيج فور رؤيتي وجه صبي وسيم.
كنت وقتها في مدرسة مختلطة بين البنين والبنات ولما بلغت 15 عاما نقلني والدي إلى مدرسة للبنين فقط. إن والدي رجل ملتزم بالدين وقال إني أصبحت كبيرا ولا يجب أن أخالط النساء. لقد صعقني هذا الخبر، فأنا بالكاد أستطيع تحمل أن أكون مع الأولاد، فكيف سأتحمل رؤية الأولاد وهم سيكونون حولي في كل مكان ألتفت إليه.
لم أشأ أن أخبر والدي بعدم رغبتي في دخول مدرسة للبنين خشية أن يوبخني على أني أعارضه في الفصل بين الرجال والنساء، وفي الوقت نفسه لم أرغب أن أخبر والدي أني أميل للرجال لعل عقابه لي سيكون أشد. فلم أجد مخرجا إلا الخضوع لرغبة الوالد العزيز.
خلال تلك السنين التي قضيتها في مدرسة البنين تعلمت حكم الإسلام في اللواط وما شابهه ولكنني لم أعد أحتمل فالأولاد من خلفي وأمامي ويميني ويساري.
عندما بلغت 16 عاما تعرفت على فتى يصغرني ببضع سنين وكان جميلا جدا أصبحنا أفضل صديقين. وذات يوم دعوته إلى منزلي ولم يكن فيه أحد سواي، فجلسنا وتحدثنا، أفضيت له ما كان في جوفي من مشاعر تجاهه، ودأبت أداعبه فهاجت شهوتي، فاعتديت على عرضه رغم تمنعه في البداية ولكن لم يستطع أن يقاومني. فخرج بعدها من منزلي محمر الوجه، فأدركت عندها ما فعلت وندمت ندما عظيما، ولم أستطع النوم ثلاثة أيام بلياليها، وكان حزني عميقا وأنا أفكر في خطيئتي, فقررت بعد مرور عدة أيام أن أزور صاحبي وأن أعتذر إليه وأطلب من الله ومنه السماح. عندما رآني احمر وجهه, فأجهشت بالبكاء أمامه فدعاني إلى غرفته, وأخبرته عن ندمي، فتفهمني وهدأني وعاهدته على أن لا أفعلها مرة أخرى, فسامحني وعلمني الاستمناء ولم أكن أعرف عنه شيئا. ولقد أراحني الاستمناء كثيرا. نصحني بالاستمناء قبل أن آتي إليه ونختلي في الغرفة، حتى لا أرتكب فعلتي الشنيعة.
أما اليوم، وبعد مرور أربع سنوات، لازلت أنا وهو صديقين حميمي، ودخلنا جامعة مختلطة بعد أن ظللت مدة طويلة محاولا إقناع والدي بأن هذه الجامعة هي الأفضل لي من ناحية الدراسة. وها أنا أعترف لنفسي أنه لا فائدة من محاولتي تغيير ميولي الجنسي أإني شاذ جنسيا فهكذا أنا وهكذا كتب علي الله بان أشقى في حياتي ولا شيء يبعدني عن الأولاد إلا خوفي من عصيان أوامر الله وعهدي لصديقي والاستمناء.
وللعلم فإني قد رجعت إلى الكتب العلمية وكتب الطب النفسي وكلها تؤكد عدم وجود سبب للشذوذ الجنسي بل إنه من الفطرة وعلى الإنسان ألا يحاول أن يغير ما هو عليه.
هذه حالي ولدي بعض الأسئلة:
هل أكون مذنبا بمجرد تفكيري أو ميولي للذكور؟
هل لي أن أتابع الاستمناء بعد أن علمت أن هناك من حرمها؟ مع العلم أنها تحول بيني وبين الوقوع في جريمة أخرى؟
هل من الممكن أن أتزوج مع أني قد لا أشتهي زوجتي؟ وهل يجب إخبارها بحالي قبل الزواج؟
هذه قصتي فهل من نصيحة؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد التفكير والخاطر العابر لا يؤاخذ الإنسان بمقتضاه، لأنه ليس في وسعه التحرز منه. وقد قال تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286] .
إنما المؤاخذة على العزم والتصميم على فعل المعصية. فمن هم بمعصية وصمم على فعلها يعتبر عاصياً بذلك الهم والعزم المصمم، وإن لم يعمل المعصية بسبب مانع حال بينه وبينها ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قيل هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه" الحديث متفق عليه. وفيه التصريح بأن الحرص على المعصية معصية يعاقب عليها.
وأما الاستمناء ـ وهو ما يسمى بالعادة السرية ـ فإنه حرام عند جمهور علماء المسلمين لقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) [المؤمنون: 5، 6، 7] .
وما دمت أيها السائل ابتليت بما ذكرت ـ نسأل الله السلامة والعافية للجميع ـ فنحن نوجهك إلى ما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ذوي القدرات الجنسية والمادية في قوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" الحديث رواه الجماعة. فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أرشد من لم يستطع الجماع بطريقه المشروع وهو الزواج لعجزه عن مئونته، أرشده إلى متابعة الصوم ليدفع به شهوته ويكسر حدتها، كما يقطعه الوجاء، فالصوم هو وحده البديل عن الزواج، وليس الاستمناء، لكن إذا استحكمت الشهوة وبلغت مبلغها بحيث لا تستطيع دفعها، ولم يبق إلا الاستمناء أو الفاحشة، فلا شك أن ارتكاب أخف المفسدتين وهو هنا الاستمناء أهون من ارتكاب الفاحشة الكبرى، وليس معنى هذا أن الاستمناء جائز، ولكن معناه أنه دون فاحشة قوم لوط التي عاقب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتكبيها بأغلظ عقوبة في الدنيا وهي: التحريق أو الرمي من أعلى قمة جبل، أو بنيان في البلد، وهم منكسوا الرؤوس، وهي عقوبة لم يوقع مثلها على الشيخ الزاني ولا المرابي ولا السارق ولا غيرهم، وهي عقوبة تناسب الشذوذ وانتكاس الفطرة.
فالطريق الوحيد لحل مشكلتك هو أحد أمرين إما أن تلازم الصوم.
وإما أن تتزوج لعل الله تعالى يرزقك مكان الشذوذ الجنسي الذي ابتليت به الرغبة العادية في النساء، فيستقيم سلوكك، وتعود إلى طبيعة أبناء جنسك، مع العلم بأنه لا يلزمك إخبار الزوجة المتوقعة بحالك، ما دمت ترى أنك قد تقوم بالحد الأدنى من حقها في الاستمتاع الذي هو أحد الأهداف المقصودة من الزواج، وننصحك بعدم الخلوة بالشباب حسان الوجوه، وحاول أن تصطفي لك أصدقاء يكبرونك سناً من ذوي الصلاح. وابتعد كل البعد عن وسائل اللهو من الأغاني ومشاهدة الأفلام والصور، فإنها من أكبر أبواب الفتنة وإثارة الغريزة، ولتخبر أباك ولو بطريق غير مباشرة بأنك لا تطيق البقاء بغير زواج، فهو الحل العملي الوحيد أمامك والله نسأل أن يحصن فرجك ويغفر ذنبك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/811)
أصل تسمية اللواط ونسبته
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا سمي اللواط بهذا الاسم؟ وهل هو نسبةالى لوط عليه السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عرف عند الناس من يعمل عمل قوم لوط ـ فاعلاً أو مفعولاً به ـ باللوطي نسبة إلى قوم لوط، وهذا اللفظ مركب تركيباً إضافياً، وقد قسم علماء اللغة والنحو المنسوب إليه في المركب تركيباً إضافياً إلى أقسام:
وذكروا منها أن الأول من المتضايفين، إذا كان لا يتعرف إلا بالثاني منهما عدل عن النسبة إليه أي الأول ونسب إلى الثاني يقول ابن مالك:
... ... ... ... وانسب لصدر جملة وصدر ما ... ... ... ... ركب مزجاً ولثان تمما
... ... ... ... إضافة مبدؤة بابن أو أب ... ... ... ... ... ... أو ما له التعريف بالثاني وجب
فالنسبة هنا إلى قوم لوط وليست إلى لوط، وننبه السائل إلى أن لفظ اللواط المذكور في السؤال مصدر من "لاوط": عمل عمل قوم لوط وليس نسبة، ثم ننبهه أيضا إلى أن علاقة لوط بهذا الأمر هي علاقة الناهي عنه المنكر له قال تعالى: (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وانتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم أنهم أناس يتطهرون) [النمل: 54، 55] وقال في آية أخرى في شأن إهلاكهم: (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد) [هود: 82، 83] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/812)
أصل تسمية اللواط ونسبته
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا سمي اللواط بهذا الاسم؟ وهل هو نسبةالى لوط عليه السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد عرف عند الناس من يعمل عمل قوم لوط ـ فاعلاً أو مفعولاً به ـ باللوطي نسبة إلى قوم لوط، وهذا اللفظ مركب تركيباً إضافياً، وقد قسم علماء اللغة والنحو المنسوب إليه في المركب تركيباً إضافياً إلى أقسام:
وذكروا منها أن الأول من المتضايفين، إذا كان لا يتعرف إلا بالثاني منهما عدل عن النسبة إليه أي الأول ونسب إلى الثاني يقول ابن مالك:
... ... ... ... وانسب لصدر جملة وصدر ما ... ... ... ... ركب مزجاً ولثان تمما
... ... ... ... إضافة مبدؤة با بن أو أب ... ... ... ... ... ... أو ما له التعريف بالثاني وجب
فالنسبة هنا إلى قوم لوط وليست إلى لوط، وننبه السائل إلى أن لفظ اللواط المذكور في السؤال مصدر من "لاوط": عمل عمل قوم لوط وليس نسبة، ثم ننبهه أيضا إلى أن علاقة لوط بهذا الأمر هي علاقة الناهي عنه المنكر له قال تعالى: (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وانتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم أنهم أناس يتطهرون) [النمل: 54، 55] وقال في آية أخرى في شأن إهلاكهم: (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد) [هود: 82، 83] .والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/813)
يقتل الفاعل والمفعول به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع فى مرتكب جريمة اللواط؟ وهل هي أقل من الزنى كما يروج البعض لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
...
فجريمة اللواط من أشنع الجرائم وأقبحها وأقذرها.
وهي مخالفة للفطرة السليمة، فلا يرتكبها إلا أصحاب الشذوذ الذي ما بعده شذوذ.
وصدق الوليد بن عبد الملك حيث يقول إنه لولا أن الله تعالى ذكر قصة قوم لوط في كتابه العزيز لما تخيلت أن رجلاً يأتي رجلاً. وللفقهاء في مرتكب هذه الجريمة مذاهب: الأول أنه كالزاني فيرجم المحصن ويجلد البكر مع التغريب. واستدلوا بما في البيهقي من حديث أبي موسى (إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان) وهو حديث ضعيف. ... ولو كان صحيحاً لما كان يدل على أن حد مرتكبه كحد الزنا وإنما يدل على أنه من جملة الزناة. الثاني: وهو الراجح أنه يقتل الفاعل والمفعول به مطلقاً لما في الترمذي وأبي داود وابن ماجه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) وهو حديث صحيح صريح في عقوبة مرتكب هذه الجريمة. ويشترط في المفعول به أن يكون قد ارتكب معه ذلك الفعل وهو طائع. وهنالك قول بأن يلقى من فوق أبعد الأماكن ارتفاعاً: من جبل، أو عمارة ثم يتبع بالحجارة وهو مروي عن علي رضي الله عنه محتجا بفعل الله بقوم لوط (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) [الحجر:74] .
وهناك قول بمجرد التعزير وبه قال أبو حنيفة وعطاء وقتادة، ولكن الراجح من هذه الأقوال القول الثاني والحديث فيه صحيح والنص فيه صريح فلا معدل لأحد عنه يضاف إلى ذلك أن هذه الجريمة أخطر بكثير من جريمة الزنى، ويستحق الزاني الإعدام رجما إذا كان قد تزوج من قبل ودخل بزوجته دخول شرعياً. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(16/814)
علاج الشذوذ الجنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما العلاج الإسلامي للشذوذ الجنسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الشذوذ الجنسي: خلق سيئ وعادة قبيحة ورثها الناس من قوم لوط وقد عذب الله هؤلاء القوم بعذاب شديد ذكره الله في كتابه وهو أنه رفعهم جبريل إلى السماء الدنيا ثم رماهم إلى الأرض على رؤوسهم نسأل الله العافية، وكفى بمثل هذا العذاب رادعاً. وبالنسبة للعلاج فإن علاج مثل هذه الأمراض والبلايا يكون كالتالي:
1ـ تقوى الله والخوف من عذابه.
2ـ الخوف من سوء الخاتمة وأن يسأل الإنسان نفسه كيف سيقابل الله لو قبض الله روحه وهو يعمل هذه الرذيلة.
3ـ أن يحفظ بصره ويغضه عما حرم الله.
4ـ الزواج.
5ـ تذكر الأمراض المترتبة على مثل هذا الشذوذ. وغير ذلك.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(16/815)
اتهام المسلم بالفاحشة بدون بينة من الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اتهمني شخص باللواط وأنا لم أفعله. فماذا أفعل علماً بأنه أخبر الجميع بأني فاعل اللواط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز اتهام المسلم بالفاحشة من غير بينة، فذلك من كبائر الذنوب، وقد شدد الشرع في أمر الأعراض، فحكم على القاذف بالجلد ووصفه بالفسق ورد شهادته، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. {النور:4} . فينبغي أن ينصح هذا الشخص الذي اتهمك باللواط، ويبين له خطر الخوض في الأعراض، أما أنت فلك رفع الأمر للقاضي الشرعي ليقيم عليه حد القذف إن كان لديك بينة بقذفه لك، وإن رأيت أن تعفو عنه فلك ذلك، والعفو أفضل إن كان هذا الرجل سيصلح ويتوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(16/816)
الاتهام بالفاحشة من غير بينة من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لكم: سكن بقرب بيتنا في العاصمة السورية ابن عم والدي دكتور يختص عيون وقريب زوجتي لمدة سنتين تقريباً، كان متزوجا وترك زوجته بعد سبع سنوات وله منها طفل دخل بيتي وأكل وشرب بها وأصبح بالنسبة لي مثل أولادي. منذ حوالي ستة شهور طلب أحد بناتي للزواج بدون علم أهله قال إنهم إذا سمعوا سوف يخربون، ولم أمانع، فقام بتجهيز أوراق الزواج وأثناء التجهيز سمع أهله فأوقفها بعد أن وقعت عليه البنت وأنا وأخوها، منذ شهرين طلب الزواج أيضاً، وقال إن ظروفه صعبة ولا يريد أن يخبر أحدا بذلك، لم أوافق، لكن زوجتي وابنتي كانتا تريدان وبشدة، فوافقت على نيتي لا أعرف شيئا ولم آخذ منه مهرا على أساس أن يشتري لها بمبلغ ستين ألف ذهب ويجهز لها بيت، استأجر شقة وتزوجا فيها، عندما يسأله أهله أو أي أحد يقول لم أتزوج، وبعد ثلاثة أيام أتفاجأ بأنه قام بتسفيرها إلى خالتها التي تبعد عنا 600 كم تقريباً، اعترف أخيراً بالزواج لكنه لا يريدها بعد الآن، وحدثت مشاكل بيني وبين عائلتي كيف لم أخبرهم بهذا الزواج؟ وبين عائلتي وبين أهله الذين يرفضون هذا الزواج وانتشر الخبر في قرينتنا وأصبح على كل لسان يريدون منا الآن أن يحكم الشرع بيننا؟
أنا كل خوفي أنه قام بفعل الفاحشة ثم أراد أن يغطيها بهذا الزواج وهذا متردد على لسان أغلب الناس في القرية، زوجتي تقول لا لم يحدث هذا بنتي تقول نفس الكلام، ولكن الظاهر يعني للجميع أنه فعلها. ما حكم الشرع في هذه الحالة أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز اتهام المسلم بالفاحشة من غير بينة، فذلك من كبائر الذنوب، وقد شدد الشرع في أمر الأعراض، فحكم على القاذف بالجلد ووصفه بالفسق ورد شهادته، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. {النور:4} .
فالواجب عليك الإعراض عن أقاويل الناس وشائعاتهم، فكل من خاض في هذا الحديث بغير بينة ظاهرة فإنّه كاذب بنصّ القرآن، قال تعالى: لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ. {النور: 13} .
وننبّهك على أنّ الشرع قد احتاط في أمر التعامل بين النساء والرجال الأجانب فمنع النظر إلى الأجنبية والخلوة بها، والانبساط إليها حتى مع الأقارب، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ. متفق عليه
الحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(16/817)
القذف.. أقسامه.. وحكم كل قسم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كلمات القذف العرفي توجب الحد؟ مثل كلمة: إنسان فلتان، أو فلتانة، أو امرأة سمعتها فاحت وتمشي على حل شعرها، علما أن الشخص قالها في لحظه غضب ولم يقصد بها الزنا الصريح، بل القصد الشتم فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قسم العلماء ألفاظ القذف إلى ثلاثة أقسام: صريح وكناية وتعريض.
فالصريح: هو اللفظ الذي يقصد به القذف ولم يحتمل غيره، مثل: يا زان، ويا زانية.
والكناية: هي اللفظ الذي يفهم من وضعه احتمال القذف، مثل: يا فاجر يا فاسق يا خبيث، ويا خبيثة يا فاجرة يا فاسقة، وفلانة لا ترد يد لامس، وفلانة تحب الخلوة، ونحو ذلك.
والتعريض: هو اللفظ الذي يفهم مِنْهُ الْقَذْفُ بِغَيْرِ وَضعه، مثل: يا ابن الحلال، ولست زان ولا أمي زانية.
وقد اتفق العلماء على وجوب الحد بصريح القذف.
واختلفوا في كناياته، فذهب بعضهم إلى وجوب الحد بها أيضا، لكن إذا أنكر القاذف إرادته للقذف، قبل منه ذلك بيمينه، لكنه يعزر على تفصيل في ذلك.
وذهب بعضهم إلى عدم وجوب الحد بذلك، لكن يعزر.
وأما التعريض بالقذف: فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يحد, وإنما يعزر.
ومنهم من ذهب إلى أنه إذا عرَّض بالقذف غير أب، يجب عليه الحد إن فهم القذف بتعريضه بالقرائن، أما الأب إذا عرض لولده، فإنه لا يحد.
وذهب آخرون إلى أن التعريض بالقذف ليس بقذف وإن نواه.
وقيل: هو كناية عن القذف، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: القذف على ثلاثة أضرب: صريح، وكناية، وتعريض، فاللفظ الذي يقصد به القذف: إن لم يحتمل غيره فصريح، وإلا فإن فهم منه القذف بوضعه فكناية، وإلا فتعريض.
واتفق الفقهاء على أن القذف بصريح الزنا يوجب الحد بشروطه.
وأما الكناية: فعند الشافعية والمالكية: إذا أنكر القذف صدق بيمينه، وعليه التعزير عند جمهور فقهاء الشافعية، للإيذاء، وقيده الماوردي بما إذا خرج اللفظ مخرج السب والذم، فإن أبى أن يحلف، حبس عند المالكية، فإن طال حبسه ولم يحلف عزر، ولكنهم اختلفوا في بعض الألفاظ.
وعند الحنفية والحنابلة: لا حد إلا على من صرح بالقذف.
لكنه عليه التعزير لأنه ارتكب حراما، وليس فيه حد مقدر ولأنه ألحق به نوع شين بما نسبه إليه، فيجب التعزير، لدفع ذلك الشين عنه.
وأما التعريض بالقذف: فقد اختلف الفقهاء في وجوب الحد به: فذهب الحنفية: إلى أن التعريض بالقذف، قذف، كقوله: ما أنا بزان، وأمي ليست بزانية، ولكنه لا يحد، لأن الحد يسقط للشبهة، ويعاقب بالتعزير، لأن المعنى: بل أنت زان.
وذهب مالك: إلى أنه إذا عرض بالقذف غير أب، يجب عليه الحد إن فهم القذف بتعريضه بالقرائن، كخصام بينهم، ولا فرق في ذلك بين النظم والنثر، أما الأب إذا عرض لولده، فإنه لا يحد، لبعده عن التهمة، وهو أحد قولين للإمام أحمد، لأن عمر ـ رضي الله عنه ـ استشار بعض الصحابة في رجل قال لآخر: ما أنا بزان ولا أمي بزانية، فقالوا: إنه قد مدح أباه وأمه، فقال عمر: قد عرض لصاحبه، فجلده الحد.
والتعريض بالقذف عند الشافعية، كقوله: يا ابن الحلال، وأما أنا فلست بزان، وأمي ليست بزانية، فهذا كله ليس بقذف وإن نواه، لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي، ولا دلالة هنا في اللفظ، ولا احتمال، وما يفهم منه مستنده قرائن الأحوال، هذا هو الأصح، وقيل: هو كناية، أي عن القذف، لحصول الفهم والإيذاء، فإن أراد النسبة إلى الزنا فقذف، وإلا فلا وسواء في ذلك حالة الغضب وغيرها، وهو أحد قولي الإمام أحمد. هـ بتصرف.
ومما سبق يتضح أن الألفاظ المذكورة في السؤال قد تكون من قسم الكنايات، وعليه.. فإذا كان المتكلم لم يقصد بها الرمي بالزنا وإنما قصد الشتم فقط، فلا حد عليه، لكنه يستحق أن يؤدبه الحاكم بما يردعه عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(16/818)
قذف المسلم البريء من الموبقات وفاعله مستحق للعقوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك إعلامي مصري مشهور يدعى عمرو أديب، يقدم برنامجا شهيرا اسمه: القاهرة اليوم. وهذه المرة الثالثة التي يتهم فيها منتخب مصر لكرة القدم بأنهم مارسوا الرذيلة بعد أو قبل مبارياتهم، ومنتخب مصر معروف بأنه منتخب الساجدين عقب كل هدف يسجلوه، ومعروف أنهم لا يضيعون أي فرض من فروض الله، ويسجدون عقب كل هدف يسجلونه، ومعروف عنه بين المجتمع والناس الصلاح والأخلاق بشكل عام. لكن هذا الرجل المدعو عمرو أديب والمعروف بحلقاته الساقطة، واستضافته للفنانين والفنانات، دائما ما يحب ترويج الشائعات والطعن بالناس، والتشكيك بهم، مستغلا صيته الكبير وحصانته كمذيع برامج هو الأشهر في العالم العربي. فما حكم تشهير عمرو أديب بسمعة منتخب كامل، بل بسمعة وطن برمته من دون أن يجد شهودا على ما يقول؟ أعرف أنه سؤال غريب ولكن أرجو تبيان فتواكم في ذلك. فالموضوع الآن هو موضوع الشارع وموضوع الساعة؟ وشكرا وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المسلم السلامة والصيانة، والأصل في عرضه الحرمة، فلا يجوز لأحد الإقدام على اتهامه بسوء إلا ببينة ظاهرة، وإلا فإن من يتهم المسلمين في أعراضهم دون حجة ظاهرة فإنه غوي مبين.
فإذا كان هذا الاتهام بجريمة الزنا، فإن الإثم يعظم؛ لأن القذف بهذه الجريمة الشنيعة له أثر عظيم في إلحاق الفضيحة والعار بالمقذوف وبسائر أهله، من أجل ذلك شدد الشرع في أمر القذف واعتبره من كبائر الذنوب، بل عده موبقة من الموبقات السبع، فقال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. رواه مسلم.
ويستوي في ذلك قذف الرجل وقذف المرأة. فمن قذف مسلماً حراً بالغاً عاقلاً عفيفاً عن الفاحشة التي رمي بها، فقد استحق حد القذف، وللمقذوف مطالبة الحاكم بإقامة الحد عليه، وعلى الحاكم أن يطبق عليه الحد ما لم يعف المقذوف عنه، وراجع الجواب رقم: 8191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(16/819)
لا يقال عن المرأة عاهرة مهما بالغت في التبرج لأنه من ألفاظ القذف
[السُّؤَالُ]
ـ[من ألقى جلباب الحياء لا غيبة له. من القائل؟
هل تجوز غيبة المرأة التي تلبس ملابس غير محتشمة، وغير معتادة حتى عند من لا يرتدين الحجاب الشرعي مثل التنورات القصيرة، والملابس الشفافة، والشعر المنفوش المصبوغ بطريقة فاقعة وغيره؟ هل يجوز ذكرها في غيبتها بما تلبس والتعجب منه وإنكاره للأم والأخوات وغيرهن من القريبات؟ بعض الناس في بلادنا ينعت مثل هذه المرأة بالعاهرة، وعندما أقول بأن هذا قذف وحرام يقولون لي لا، إنها كذلك لأنها تتشبه بالعاهرة. أقول بأنها فاسقة وليست عاهرة. فمن منا على حق؟ أفيدونا بالصحيح بحسب الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البيهقي في شعب الإيمان عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ألقى جلبابا فلا غيبة له.
وقال: هذا إن صح في الفاسق المعلن بفسقه، وفي إسناده ضعف. اهـ.
ورواه ابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، وقال: هذا الحديث من جنس ما سبق ـ يعني حديث لا غيبة لفاسق، وفيه متروكان الربيع، وأبان. اهـ.
وضعفه الألباني جدا في السلسلة الضعيفة.
وقال الفيروزآبادي في رسالة في بيان ما لم يثبت فيه حديث من الأبواب: باب: ليس للفاسق غيبة، وما في معناه لم يثبت. اهـ.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث: لا غيبة لفاسق. فقال: أما الحديث فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال: أترغبون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه بما فيه يحذره الناس. وفي حديث آخر: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء، أحدهما أن يكون الرجل مظهرا للفجور، مثل الظلم والفواحش والبدع والمخالفة للسنة. اهـ.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 39027. كما سبق بيان أن من مواضع جواز الغيبة ذكر المجاهر بفسقه في ما جاهر به، فراجع الفتويين: 6082، 6710. وكذلك سبق في الفتوى رقم: 17373 بيان أن ذكر الفاسق بما فيه للتحذير منه جائز.
فالحاصل أن ذكر هذه المرأة بما جاهرت به من فسق ـ وهو تبرجها ـ جائز. وهذا هو ما يعرف بمسألة التشهير، فمن كان مجاهرا بالمعصية فإنه يجوز التشهير به وفضح أمره وذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 21816.
فعدم الستر على المجاهر بمعصيته أو منكره تحذيرا منه أو تعزيرا له، لا حرج فيه.
جاء في الموسوعة الجنائية الإسلامية: المجاهر بالمعصية يجوز التشهير به؛ لأن المجاهر بالفسق لا يستنكف أن يذكر به، ولا يعتبر هذا غيبة في حقه؛ لأن من ألقى جلباب الحياء لا غيبة له. اهـ.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 123513.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 117405، 34205.
أما وصف هذه المرأة بالعاهرة فلا يجوز، وقد اختلف أهل العلم هل يعد السب بهذه الكلمة قذفا أم لا؟ وبالتالي هل يوجب الحد أم التعزير؟
وقد سئل الرملي الشافعي عن رجل قال لامرأة: يا عاهرة. هل يكون صريحا في القذف أو كناية؟ فأجاب: بأن فيه وجهين بلا ترجيح، وأصحهما أنه صريح فيه لأن المفهوم في اللغة هو الزنا، يقال: عهر فهو عاهر، وفي الصحيحين: الولد للفراش وللعاهر الحجر. فإن قال الرجل: لم أعلم كونه قذفا ولم أنوه به، قبل قوله؛ لخفائه على كثير من الناس. اهـ.
وقال الماوردي في الحاوي الكبير، وفي الأحكام السلطانية: إذا قال: يا عاهر، فقد ذكرنا فيه وجهين: أحدهما: يكون قذفاً صريحاً لقوله: وللعاهر الحجر. والوجه الثاني: يكون كناية، إن أراد به القذف حُدَّ، وإن لم يرده عزر.اهـ.
وفي الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة: ألفاظ القذف تنقسم إلى صريح وكناية، فالصريح قوله: يا زاني، يا عاهر.. مما لا يحتمل غير القذف، فلا يقبل قوله بما يحيله؛ لأنه صريح فيه فأشبه التصريح بالطلاق. اهـ.
وكذا في الإنصاف للمرداوي وقال: هذا المذهب، وعليه الأصحاب. ولا يقبل قوله: أردت يا عاهر اليد. وقال في التبصرة: لم يقبل مع سبقه ما يدل على قذف صريح، وإلا قبل. اهـ.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى، والبعلي في كشف المخدرات: أصل العهر إتيان الرجل المرأة ليلا للفجور بها، ثم غلب على الزنا، سواء جاءها أو جاءته، ليلا أو نهارا ... (فإن قال أردت عاهر اليد لم يقبل منه) ذلك، لأنه خلاف الظاهر ولا دليل عليه (وحُد) لإتيانه بصريح القذف. اهـ.
وعلى أية حال فمثل هذا السب لا يجوز، ولو لم يكن قذفا موجبا للحد، وقد سبق أن بينا أن ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية، في الفتوى رقم: 49170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(16/820)
الرد على من زعم أن بعض الفاضلات الصحابيات زنين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح ما تدعيه بعض الفرق الضالة من أن:
1-النابغة سلمى بنت حرملة قد اشتهرت بالبغاء العلني ومن ذوات الأعلام وهي أم عمرو بن العاص.
2-هند بنت عتبة وقد اشتهرت بالبغاء السري في الجاهلية هي زوجة أبي سفيان, وابنها معاوية.
3-ميسون بنت بجدل الكلبية هي أم يزيد بن معاوية, كانت تأتي الفاحشة سرا مع عبد لأبيها ومنه حملت بيزيد.
4-أمنة بنت علقمة بن صفوان هي أم مروان بن الحكم كانت تمارس الزنا مع أبي سفيان فولدت مروان.
أرجو الرد على السؤال لكي أتمكن من الرد عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن من رأى الزنا بعينيه ولم يكتمل معه نصاب الشهداء الأربعة أنه يحرم عليه الكلام بما رأى وتيقن، فإن شهد به في هذه الحال فحكمه عند الله أنه كاذب، كما قال تعالى: لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ. {النور:13} . فما بال من يرمي الناس بالإفك ويشهد بما لم يره، فهذا حكمه بينه الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. {النور:4} . وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. {النور:23} .
والاتهام بالزنا يستلزم الطعن في الأنساب، وهذا من أمور الجاهلية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة. رواه مسلم.
ومما يبين كذب هذه الدعاوى أنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما قال لهند بنت عتبة: أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني. قالت: أو تزني الحرة؟ ! رواه أبو يعلى وابن سعد وأبو نعيم وغيرهم من عدة طرق، ذكرها ابن الملقن في البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير، وابن حجر في الإصابة، وفي تلخيص الحبير، وفي بعضها قالت هِنْدُ: أو تعلم في نِسَاءِ قَوْمِك من هذه الْهَنَاتِ شيئا. اهـ.
قال ابن القيم في زاد المعاد: البغاء إنما كان على عهدهم في الإماء دون الحرائر ولهذا قالت هند وقت البيعة: أو تزني الحرة. اهـ.
وذكر العراقي في طرح التثريب عن عمر قوله: لو كانت قلوب نساء العرب على قلب هند ما زنت منهن امرأة قط. اهـ.
وعلى أية حال فالكذب ليس له سقف ينتهي إليه، والدعاوى التي لا تقوم عليها البينات أصحابها أدعياء، ورحم الله عبد الله بن المبارك القائل: إن الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء!.
وقد سبق بيان حكم من سب الصحابة في الفتوى رقم: 2429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(16/821)
خطورة الاتهام بالزنا بدون بينة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله، مشكلتي أن أبي زان لم أره بعيني ولكن أجد منشطات جنسية في جيبه- أمي متوفاة ودخله الشهري كبير ولكن دائما يطلب المال منا ومن كل الأقارب والأصحاب، رآه بعض الناس بصحبه امرأة اتضح بأنها عشيقته لأنه لم ينكر ذلك يصرف عليها كل ماله.
اتبعنا كل الطرق ليتوب ولكنه مازال يجري وراء شهواته. أصبحت أخاف أنا وأخواتي على أنفسنا من الناس، لم يتقدم أحد إلينا أصبحنا عوانس لأن أبي لم يحترم حرمة بناته ونحن الآن نشتغل لنعطيه المال ليبحث هو عن مبتغاة حسبي الله ونعم والوكيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج عنك وعن أخواتك الكرب وأن ييسر لكن أزواجا صالحين وأن يهدي أباكم سواء السبيل، إنه سميع مجيب.
فوصيتنا أولا هي التوجه إلى الله تعالى وسؤاله المبتغى من خير الدنيا والآخرة ومن ذلك الدعاء لوالدكم بالهداية.
ومن ذلك دعاؤه بشأن تيسير الزواج، هذا مع العلم بأنه لا حرج شرعا على المرأة أن تبحث عن رجل صالح يتزوجها أو تستعين في ذلك ببعض صديقاتها، وانظري الفتوى رقم: 68662.
واعلمي أن الاتهام بالزنا من غير بينة أمر خطير، وإذا كان المتهم بذلك هو الأب فالذنب أعظم، ووجود شيء من الحبوب المنشطة في جيبه أو إخبار بعض الناس عنه بأنه يخادن امرأة ليس بكاف في اتهامه بذلك، فالواجب التوبة والحذر من الوقوع في ذلك في المستقبل. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 29732.
ومن رأى أباكم على منكر فينبغي أن ينصحه برفق ولين وأن يبين له خطأ ما يفعل، وينصحه بالإقدام على الزواج بدلا من اتخاذ العشيقة، لأن هذا أمر محرم، وراجعي فيه الفتوى رقم: 24284.
وإن كان يسأل الناس مالا من غير حاجة تدعوه إلى ذلك فينبغي أن ينصح بهذا الخصوص أيضا، وراجعي في أمر سؤال الناس الفتوى رقم: 100239.
وقد سبق أن أوضحنا أنه يجب على الولد مواساة أبيه من ماله، والقيام بالإنفاق عليه إذا احتاج لذلك. وأن للأب أن يأخذ من مال ابنه ما يحتاج إليه، ويتصرف فيه من غير سرف ولا إضرار بالولد، وأنه إذا كان الوالد سينفق ما يأخذه من الولد في السرف، أو كان ما يأخذه يلحق الضرر بالولد، فإنه ليس له تمكين الأب من الأخذ من ماله لئلا يعينه على باطل. فراجعي الفتوى رقم: 7490.
وينبغي على كل حال التعامل مع هذا الأمر بشيء من الحكمة ومداراة مثل هذا الأب اتقاء لحدوث مشاكل معه لا تحمد عقباها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(16/822)
حكم قول الزوج لزوجته أنت فاجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الشرع في رجل يقول لزوجته (أنت فاجرة) ؟
وزوجة تقول لزوجها (بيني وبينك الله) في لحظة غضب. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيمن قال لامرأة سواء كانت زوجته أو غيرها يا فاجرة، فذهب المالكية إلى أن هذا من القذف الموجب للحد، جاء في شرح الخرشي على خليل: وكذلك يحد من قال لامرأة: يا قحبة وهي الزانية، ولا فرق في ذلك بين زوجته والأجنبية، ومثله يا فاجرة يا عاهرة. انتهى.
وذهب الحنابلة إلى أنه يرجع إليه في تفسير هذا اللفظ، فإن فسره بالزنا فهو قذف وعليه الحد، وإن فسره بغير الزنا فلا حد عليه، جاء في المغني: وكلام الخرقي يقتضي أن لا يجب الحد على القاذف إلا بلفظ صريح لا يحتمل غير القذف وهو أن يقول: يا زاني أو ينطق باللفظ الحقيقي في الجماع، فأما ما عداه من الألفاظ فيرجع فيه إلى تفسيره لما ذكرنا في هاتين المسألتين، فلو قال لرجل: يا مخنث أو لامرأة: يا قحبة، وفسره بما ليس بقذف مثل أن يريد بالمخنث أن فيه طباع التأنيث والتشبه بالنساء، وبالقحبة أنها تستعد لذلك فلا حد عليه، وكذلك إذا قال: يا فاجرة يا خبيثة. انتهى.
وقريب من مذهب الحنابلة ذهب الشافعية، فقد جاء في إعانة الطالبين: والثاني: هو ما احتمل القذف واحتمل غيره كقوله زنأت بالهمز في الجبل أو نحوه فهو كناية؛ لأن ظاهره يقتضي الصعود، وكقوله لرجل يا فاجر يا فاسق يا خبيث، ولامرأة يا فاجرة يا خبيثة يا فاسقة وأنت تحبين الخلوة أو الظلمة أو لا تردين يد لامس، فإن نوى به القذف حد وإلا فلا، وإذا ادعي عليه بأنه أراده وأنكره صدق بيمينه في أنه ما أراده. انتهى.
والراجح هو ما ذهب إليه الحنابلة والشافعية، ولكن ليس معنى عدم وجوب الحد عليه إذا لم يقصد القذف أنه يترك هكذا، بل يؤدب ويعزر بما يراه السلطان رادعا له إذا كان قد قال ذلك دون موجب ولا سبب.
وبناء على ذلك، فلو كان هذا الرجل قد قال لزوجته هذه الكلمة دون سبب، فهذا حرام، بل هو من الفسوق لأن سباب المسلم فسوق.
أما إن كان قد قالها بسبب وموجب كأن تكون قد نشزت أو خالفت طاعته الواجبة فالظاهر أنه لا شيء عليه في قوله هذا، إذا لم يكن قد قصد به القذف بالفاحشة، قال سبحانه: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا. {النساء: 148} جاء في تفسير الطبري: وقرأ ذلك آخرون بفتح الظاء: (إِلا مَنْ ظَلَمَ) ، وتأولوه: لا يحب الله الجهرَ بالسوء من القول، إلا من ظلم فلا بأس أن يُجْهر له بالسوء من القول.
وأما قول الزوجة لزوجها (الله بيني وبينك) فلا شيء عليها في ذلك، خصوصا إذا كان هذا في موطن الرد على ظلمه أو عدوانه كما لو ردت عليه في قوله لها يا فاجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(16/823)
حكم اتهام الزوج لزوجته بفعل الفاحشة كذبا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اتهام الزوجة بفعل الفاحشة أو لقاء شخص كذباً دون وجه حق بقصد إيذائها وتشويه سمعتها وهو لم يقع هذا الأمر، إنما هو تبلي عليها بسبب مشاجرة كأي مشاجرة بين زوجين وتسرع في الطلاق وتبرير ذلك بوجودها مع شخص غريب، مع العلم أنه كذب بوجود طفلين، فما الفتوى لو طلب للشهادة وحلف اليمين بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رمي المسلمة بالزنا حرام وهو من كبائر الذنوب التي توجب الفسق والعقوبة البليغة في الدنيا، والعذاب العظيم في الآخرة، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ {النور: 4} .
وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
{النور:23} .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات.
قال الإمام النووي: المحصنات: العفائف، الغافلات: عن الفواحش وما قذفن به، والقذف هو الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.
وتزداد هذه الجريمة قبحا وشناعة إذا كانت في حق الزوجة التي أوجب الله سبحانه لها المعاملة بالحسنى والمعاشرة بالمعروف , قال سبحانه " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ , وقال – صلى الله عليه وسلم –: واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم. أخرجه الترمذي وغيره وحسنه الألباني.
وأما اتهام الزوجة كذبا بلقاء شخص آخر فهو أيضا حرام وهو من البهتان الذي حرمته الشريعة المباركة , كما جاء في صحيح مسلم وغيره أنه – صلى الله عليه وسلم – قال: أتدرون ما الغيبة؟ ذكرك أخاك بما يكره إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته.
جاء في عون المعبود: (فقد بهته) بفتح الهاء المخففة وتشديد التاء على الخطاب أي قلت عليه البهتان وهو كذب عظيم يبهت فيه من يقال في حقه. انتهى.
ألا فليتق هذا الزوج ربه وليحذر عقوبته وعذابه فقد قال – صلى الله عليه وسلم –: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني , وردغة الخبال هي: عصارة أهل النار.
وليعلم أنه إذا حلف أمام القضاء أو غيره على هذا الاتهام الكاذب, فقد ضم إلى جريمته وبهتانه جريمة أخرى شنيعة وهي اليمين الغموس.
فقد جاء في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله– صلى الله عليه وسلم – قال: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وواليمين الغموس.
وهذه الكبيرة مع ما أعده الله لفاعلها من العقوبة الشديدة في الآخرة فإن شؤمها يلحق صاحبها أيضا في الدنيا بالدمار وخراب الديار كما جاء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع. أخرجه البيهقي وصححه الألباني.
جاء في فيض القدير: واليمين الفاجرة أي الكاذبة (تدع) أي تترك (الديار بلاقع) بفتح الباء واللام وكسر القاف جمع بلقع وهي الأرض القفراء التي لا شيء فيها يريد أن الحالف يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق، وقيل: هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه. انتهى.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 67746 , 113313 , 61445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(16/824)
الترهيب من قذف الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعرف فتاة ومتعلق بها وهي كانت متعلقة بي وكان الزواج من بعضنا أكبر همنا وكنا نحث بعضنا على الصلاة والصوم وغيره من العبادات ولم يتعد ما بيننا سوى مكالمات الهاتف، أما غيرها لا ولقد توفيت رحمة الله عليها وكانت والدتي على علم بذلك فهل يجوز أن أتصدق عنها أو أزور قبرها وما حكمها ولقد توفيت بحادث مروري ليلة الجمعة ولقد ذكر لي بعض الناس أنها زانيه والعياذ بالله، فأرجوكم قولوا لي وهونوا مصيبتي بكلام الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الحديث عن حكم الحب قبل الزواج في الفتوى رقم: 4220، ولا بأس بزيارة قبر هذه المتوفاة إذا كان ذلك على سبيل الاعتبار وللدعاء لها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 7410، والفتوى رقم: 31401.
ويجوز لك أيضاً أن تتصدق عنها وأن تهب لها ما تشاء من ثواب الأعمال الصالحة كقراءة القرآن ونحو ذلك، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2288، 102162، 8042.
أما هذا الشخص الذي أخبرك أنها زانية فقد أساء أيما إساءة ووقع في كبيرة من كبائر الذنوب التي توجب لعنات علام الغيوب وهي القذف، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23} ، فالإسلام قد حرم القذف تحريماً قاطعاً، وجعله كبيرة من كبائر الذنوب وأوجب على القاذف ثمانين جلدة ورد شهادته، وحكم عليه بالفسق واستحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ما لم يأت بما لا يتطرق إليه الشك من إقرار، أو ظهور حمل ممن لم يكن لها زوج، أو شهادة أربعة شهود على حالة قلما تتحقق، قال سبحانه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:4-5} ، وقد زاد من عظم هذه الجريمة وبشاعتها كونها في حق شخص متوفى لأن في هذا انتهاك لحرمة الميتة وسب لها بأبشع السباب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. رواه البخاري وغيره.
وقد كان بعض السلف يلعنون من يستحق اللعن في حياته فإذا مات أمسكوا عنه، جاء في فتح الباري: وقد عملت عائشة راوية هذا الحديث بذلك في حق من استحق عندها اللعن فكانت تلعنه وهو حي، فلما مات تركت ذلك ونهت عن لعنه كما سأذكره. انتهى..
فعلى هذا الشخص أن يتقي الله ربه، وأن يستغفر لذنبه، وأن يكثر من الترحم والدعاء لهذه المتوفاة لعل هذا أن يكفر ذنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(16/825)
التوبة من قذف المحصنة بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت مرة بقذف واحدة بالكلام بدون نية، ولكني الآن نادمة، فهل أذهب إليها وأخبرها أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على الاستبراء لدينك، أما ما يتعلق بالسؤال، فقولك: من غير نية إن كنت تقصدين به أن ذلك حدث منك خطأ أي زلة لسان دون قصد اللفظ، فإن هذا معفو عنه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وأما إن كان قصدك أنك قصدت اللفظ دون المعنى فهذا إثم يحتاج إلى التوبة، فإن كنت تقصدين بالقذف معناه المعروف عند الفقهاء وهو: رمي المحصن بالزنا، فهذا من كبائر الذنوب، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:4-5} ، وقال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم ٌ {النور:23} ، وقد اشترط بعض العلماء للتوبة من القذف أن يكذب القاذف نفسه، قال ابن قدامة في المغني: ظاهر كلام أحمد والخرقي، أن توبة القاذف إكذاب نفسه، فيقول: كذبت فيما قلت. وهذا منصوص الشافعي واختيار الإصطخري من أصحابه، قال ابن عبد البر: وممن قال هذا سعيد بن المسيب، وعطاء وطاوس والشعبي، وإسحاق، وأبو عبيد وأبو ثور لما روى الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. قال: توبته إكذاب نفسه. انتهى.
ومعنى ذلك أن يخبر القاذف من سمعه حال القذف أنه كان كاذباً، أو ينفي ما قاله ويقر بأنه أخطا في ذلك، وأما إن كنت تقصدين بالقذف بغير الزنا فإن ذلك من الغيبة المحرمة أو البهتان الذي هو أشد منها، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات:12} ، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.
وكل ذلك من الذنوب التي تتعلق بحقوق الآدميين وهي تحتاج في التوبة منها إلى التحلل من حق الآدمي، بجانب الإقلاع والندم والعزم على عدم العود، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.. وقال الإمام الغزالي: وأما العرض فإن اغتبته أو شتمته أو بهته فحقك أن تكذب نفسك بين يدي من فعلت ذلك عنده وأن تستحل من صاحبك إذا أمكنك إذا لم تخشى زيادة غيظ وتهييج فتنة في إظهار ذلك وتجديده فإن خشيت ذلك فالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ليرضيه عنك. انتهى نقلاً عن الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي.
فإذا كانت السائلة تستطيع أن تخبر هذه المرأة وتتحلل منها من غير أن يتسبب ذلك في إيقاع العداوة والبغضاء بينهما، فإنه يتعين على السائلة أن تخبرها بذلك وتتحللها، وأما إن كان في إخبارها بذلك ضرر، وإيقاع للعداوة والبغضاء، فإن على السائلة أن تستغفر الله عز وجل وتسأله العفو والصفح وتكثر من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} ، وعليها أن تذكر من اغتابتها بما فيها من خير لا سيما في الموضع الذي سبق أن اغتابتها فيه، وأن تدعو لها بظهر الغيب وتستغفر لها، وقد روي في ذلك أحاديث ضعيفة فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول: اللهم اغفر لنا وله. رواه البيهقي في الدعوات الكبير، وقال: في هذا الإسناد ضعف ... ونسأل الله لنا ولك العفو والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(16/826)
حكم اتهام الزوجة لزوجها بالفاحشة اعتمادا على الظن
[السُّؤَالُ]
ـ[صدرت من زوجي بعض السلوكيات في الآونة الأخيرة جعلتني أرتاب في ارتكابه الفاحشة مما دفعني إلى التجسس عليه, وقد وجدت ما يؤكد ظنوني وبعدها علمت من موقعكم المفضل أن التجسس على الزوج حرام وكففت عن ذلك، وأنا الآن أخاف من عواقب انتقال الأمراض المعدية, كما علمت أنه لا خير في زوج زان, فهل يجوز لي ونحن في بلد غريب لا أعرف فيه أحدا ولا وسيلة للتأكد من ذلك إلا بالتجسس فهل يجوز لي ذلك والحالة هذه؟ أي أنني أنوي دفع الضر عن نفسي لا التشهير به أو فضحه؟ وإن كان غير جائز دلوني على المخرج الشرعي من هذه الورطة فأنا في حيرة وغم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اتهام المسلم بفعل الفاحشة من أخطر الأمور، ولذا شدد الشرع في أمر إثبات ذلك فاشترط أربعة شهود يرون الأمر على حال لا يبقى معه شك في وقوعها، ومن هنا فلا يجوز للزوجة تتبع عورات زوجها والبحث عما إذا وقع في الفاحشة أم لا، فلا شك أن هذا من التجسس المحرم، والتحدث بذلك من غير بينة قذف تستحق به المرأة الحد، فالواجب الحذر والتوبة مما قد حصل، وحرصك على دفع الضرر عن نفسك لا يسوغ لك التجسس وتتبع العورات.
رواجعي الفتويين: 10849، 51558.
وأما بخصوص المرض فإن غلب على ظنك عن طريق وجود أمارات واضحة تدل على أن زوجك قد أصيب بمرض معد فلك الحق في طلب الطلاق دفعا للضرر عن نفسك.
وراجعي الفتوى رقم: 4977.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(16/827)
حماتها لا تحبها وتقذفها في عرضها فماذا تفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[حماتي لا تحبني ولا تحب أهلي تريد من زوجي أن يتركني عند أهلي, وساعة تتهمني بالزنا, وساعة بأني أمشي مع أمي بلا نقاب, وتتهمني بأنني غير صالحة لتأخذ مني أولادي. وطبعا والحمد لله زوجي يتقي الله ويعرف من أنا وما أنا, ولكنها تصر وتغضب عليه وتدعي علي حتى إنها تريد أن تطلق أباه بحجة أن نفسيتها تعبانة من ابنها لتضغط على زوجي. ضقت ذرعا مللت من القلق والخوف بما تقوم به وإخوته يريدونه أن يطيعها.كي تكون أمه منتصرة. فهي تقول إنني في حرب ويجب أن أنتصر. ما الحل معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلمي أن ما يصيبك من ابتلاء الله تعالى لك، فقابلي ذلك كله بالصبر لله ودفعه بالتي هي أحسن، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34_35} وطالما أن زوجك يعرف لك قدرك ولم يصغ لما يقال عنك، فهذا من فضل الله عليك، فينبغي أن تكثري من شكره سبحانه ثم شكر زوجك على ما يبديه تجاهك. واعلمي أنك منصورة إن لازمت الصبر وتقوى الله تعالى: فقد قال سبحانه: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا {آل عمران:120}
وتلطفي بزوجك أن ينصح أمه أن ما تقوله عنك إنما هو من القذف الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر فقال: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ". (رواه الشيخان) فلتتق الله تعالى في زوجات أبنائها ليحفظ الله عليها بناتها. ثم على زوجك أن ينصح إخوته ألا يوافقوا أمهم على أفعالها وظلمها، فلن يجنوا من ذلك سوى إعانتها على ظلمها ويبوؤا هم بالوعيد الشديد، الذي رواه الطبراني في الأوسط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أعان ظالما بباطل ليدحض بباطله حقا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله.
وأن يعظوها في الله، وينصروا أمهم على نفسها كما جاء في حديث: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا كيف ننصره ظالما، قال صلى الله عليه وسلم: تكُفه عن ظلمه. وكونها أمهم لا يسوغ لهم أن يطيعوها في الظلم، فلا بِرَ إلا في الطاعة. هدانا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(16/828)
سب الأم والأخت هل يعد قذفا للمحصنات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في الانترنت والمحادثات وغرف الدردشة:
يقوم بعض الأشخاص بسب وشتم الآخرين ويذكرون الأم والأخت هل هذا يعتبر قذف محصنات أم لا وما حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقذف هو اتهام شخص بالفاحشة وهو بريء منها، فإذا لم يتضمن السب هذا المعنى فلا يعتبر قذفا.
ويحرم على المسلم أن يسب أخاه المسلم بأي نوع من أنواع السب أو يسب أمه أو أخته أو نحو ذلك.
وراجع الفتوى رقم: 32178.
وننبه الذين يستخدمون الانترنت إلى أنه ينبغي لهم الاستفادة منه في الخير والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 98230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(16/829)
وصف فتاة بأنها تلبس ملابس بطريقة معينة ليس من القذف
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بحد القذف.
حيث إني كنت أتحدث مع زميل لي ومن ضمن كلامي معه كنت أحكي له عن فتاة شاهدتها تسير في الطريق العام وقلت له إن هذه الفتاه كانت تلبس ملابس بطريقة تقول إنها كذا وكذا،،، ففهم من كلامي أني أقصد أنها زانية،،، فرد علي وقال لي إنك بهذه الطريقة قد قذفتها بالزنى ويجب عليك أن تأتي بأربعة شهداء على ذلك وإلا الجلد.
أريد أن أعرف هل كلامه صحيح؟ مع العلم أني لا أعرف هذه الفتاة وهو أيضاً لا يعرفها فهي مجرد فتاة عابرة في الشارع وأنا فقط الذي رأيتها وليس هو، ولم أكن أقصد أن أقذفها ولكنه مجرد لغو من الشيطان وقع على لساني والحمد لله تبت منه وأرجو من الله أن يتقبله مني.
أرجو الإفادة بالتفصيل هل كلامي هذا قذف لها؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقذف من السبع الموبقات، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات، وعد منهن ... قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
والقذف هو: رمي الغير بالزنا صراحة أو ضمنا. ومثال الصريح منه أن يقول: يا زان أو يا زانية، ومثال الضمني أن يقول: هذا الولد من غير زوجك، أو لست عفيفة الفرج ونحو ذلك ...
وما ذكرته من أن الفتاة كانت تلبس ملابس بطريقة معينة ليس من القذف الصريح ولا الضمني، ولا ندري من أين فهم زميلك أنك تقصد أنها زانية.
وعلى أية حال، فإن على الرجل أن يغض بصره عن الفتيات لما يخشى من الافتتان بهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(16/830)
القذف هو اتهام الذكور والإناث بالفاحشة (زنا أو لواط) دون بينة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لكبيرة قذف المحصنات.. هل يقاس عليها الاتهام باللواط؟؟ حيث إنه بلغني عن شاب قتل في بلادنا أنه قتل بسبب فعل اللواط، وقد نقلت هذه الرواية لآخرين ولكن تداركت نفسي وقلت إن هذه الرواية حسب ما بلغني دون جزم مني. فهل يعتبر ذلك قذفا مني لذلك الشاب خصوصاً أنه متوفى؟؟ وما الحكم في استعجالي هذا ثم تداركي للأمر؟؟ وهل إذا كنت متأكداً تماماً ولكن بدون أربعة شهود يعتبر أيضاً قذفا قياساً على أحكام قذف المحصنات؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القذف يشمل اتهام الذكور والإناث بالفاحشة دون بينة، سواء قذف بالزنى واللواط، وهل تناولت آية النور التي تحدثت عن قذف النساء المحصنات اتهام الرجال بالنص أو القياس محل خلاف عند المفسرين كما ذكره القرطبي وابن العربي، ولا يليق بالمسلم أن يتكلم بكل ما سمع دون تأكد فإن ذلك يلحق بالكذب المحرم، لما في الحديث: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. رواه مسلم. ولاسيما إذا تعلق الأمر بقذف مسلم، ومعلوم أن مسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش الذين جلدهم النبي صلى الله عليه وسلم حد القذف في حادثة الإفك المعروفة لم يكن منهم إلا التكلم بما كان يلقيه المنافقون حول عائشة رضي الله عنها من الكلام الباطل.
وعليه، فإذا كنت قد نسبت بنفسك هذا الشاب إلى فعل اللواط بناء على ما سمعت فهذا قذف محرم، ولو تداركت بعد ذلك وقلت حسب ما بلغني، أما إذا كنت قد أخبرت أن بعض الناس يقولون إنه قتل بسبب اللواط فهذا نقل لما يقوله بعض الناس وليس بقذف، ولكنه مع ذلك لا يجوز نظرا لما فيه من الإساءة إلى هذا الميت وأهله، ومعلوم أن ما يقوله هؤلاء لو كان حقا لكان الواجب ستره وعدم إشاعته فكيف وليس عليه بينة، وقد قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النور:19} قال ابن كثير: هذا تأديب لمن سمع شيئا من الكلام السيئ وتكلم به فلا يكثر منه ويشيعه ويذيعه، فقد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا أي تختارون ظهور الكلام عنهم بالقبيح، لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وقال ابن عاشور: ومن أدب هذه الآية أن شأن المؤمن أن لا يحب لإخوانه المؤمنين إلا ما يحب لنفسه، فكما أنه لا يحب أن يشيع عن نفسه خبر سوء لذلك يجب عليه أن لا يحب إشاعة السوء عن إخوانه المؤمنين.
وقال السعدي: فإذا كان هذا الوعيد لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة واستحلاء ذلك بالقلب فكيف بما هو أعظم من ذلك من إظهاره ونقله، وسواء كانت الفاحشة صادرة أو غير صادرة.
واعلم أن الوقوع في فاحشة الزنا أو اللواط لا يثبت إلا بأربعة شهود يرونه عيانا، فلا ينفع تأكدك من حصوله دون تحقق هذه البينة.
فالواجب هو ترك الحديث عن الموتى لأنهم أفضوا إلى ما قدموا، وراجع في كيفية التحلل منهم وفي المزيد فيما ذكرنا الفتاوى التالية أرقامها: 42517، 97420، 94285، 95091، 10849، 94656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1428(16/831)
الترهيب من القذف بدون بينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش مع شخص وكانت بيننا صحبة على الخير والمودة , علما بأننا نحافظ على طاعة الله.
وكل منا يعيش في غرفة مستقلة , وذات يوم استقيظت من نومي نهاراً فوجدت دماء في سروالي الداخلي وما يشبه الإفرازات التي تخرج من الدمامل , ومشكلتي الآن هي أنه يسيطر علي إحساس أني تعرضت لاغتصاب من هذا الإنسان الذي ذكرته آنفاً أثناء نومي , وعندما يلح عليّ هذا الإحساس أستنكره لأنني لم أشعر بأي آثار مؤلمة ولكن الشيطان يصور لي أني تعرضت للخيانة من هذا الأخ. وأنا الآن في حيرة من أمري , هل يمكن أن يتعرض الإنسان للاغتصاب دون أن يشعر؟ وإن لم يكن هذا اغتصاب فما تأويله؟ الرجاء الإفادة بشكل سريع لأن هذا الأمر يجعلني أعيش في حيرة تامة. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك قذف صديقك واتهامه لأن ما ذكرته لا يقطع بحصول ذلك الفعل منه، فقد فهمنا من سؤالك أنك لم تشعر أثناء نومك بأي حركة تدل على اغتصاب، ويبعد حصول ذلك في نومك دون شعور به إلا أن تكون قد خدرت، ولعل ما وجدته في ثيابك إنما هو إفرازات منك أو أثر بثرة كانت في جسدك وانفجرت دون أن تشعر بها ونحو ذلك، فابتعد عن الوساوس والتخوف الوهمي مما لم تتأكد منه عن طريق الفحص الطبي الموثوق فيه، واعلم أن اتهام صديقك بذلك دون بينة قذف له، والقذف دون بينة حده ثمانون جلدة ويسقط العدالة، وذلك لما فيه من اتهام البريء وإشاعة الفاحشة والمنكر، وقد قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً {الأحزاب:58}
وانظر الفتوى رقم: 94656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(16/832)
خطورة الاتهام بالزنى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ 13 سنة ولي بنتان 11 سنة و8 سنوات، زوجتي دائمة الشك في تصرفاتي وغيورة وعصبية جداً، ولكن الأخطر أنها كل فترة (عدة شهور) اكتشف حدوث مكالمات تليفونية طويلة المدة ومجهولة سواء على تليفونها المحمول والمنزل والأخطر هو خروجها من المنزل بدون علمي وعندما أواجهها إما أن تنكر أو ترد بتبريرات واهية، أشتكيت لأهلها دون جدوى نظرا لإصرارها الدائم علي نفي أي خطأ، أخيراً تلقيت عدة مكالمات تليفونية على محمولي تفيد أنها سرقت مبلغا كبيرا من المال من عشيقها ثم قابلني هذا الشخص وادعي أنه زنى بها مرات عديدة داخل منزلي ووصف لي البيت وغرفة النوم بدقة وأنها سرقت منه المال، الأدهى أنها لا تزال تصر علي النفي دون إبداء أي تفسير عن تلك المعلومات السليمة والمفصلة! وترفض الطلاق على اعتبار أنها ضحية مكيدة من هذا الرجل وتظهر التوبة والتدين! ورأي أهلها المعلن أنها بريئة! الآن أنا لا أريد الإبقاء عليها كزوجة وعليه ليس أمامي إلا التفاهم معها على الطلاق بالتراضي، ولكن شروطها المالية مبالغ فيها جداً على اعتبار أنها بريئة ولا تريد الطلاق أو أن أطلقها غيابياً وما يتبعه من نفقة متعة للمطلقة وهي في مصر مرتفعة جداً، حالتي النفسية سيئة جداً وكذلك مستوى أدائي في العمل، فما هو رأي الدين في ما حدث وبماذا تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المسلمات براءة الأعراض حتى يثبت ما يفيد اقترافهن المعاصي، والأصل حسن الظن بهن وعدم تجريمهن بغير دليل، فالشرع لا يجرم من اتهم بالزنى إذا كان المخبر شخصاً واحداً؛ بل يعاقب المخبر بجلد القذف إن لم يأت معه بالنصاب الكافي من الشهداء على أنهم رأوا الفعل كالمرود في المكحلة، ويلزم الزوج إذا اتهم زوجه أن يلاعنها وإلا أقيم عليه الحد، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ* وَيَدْرَأُ عَنْهَا العَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ* وَالخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ {النور} ، وقال تعالى: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ* لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الكَاذِبُونَ {النور:12-13} ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6} ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات:12} .
وبناء عليه.. فننصحك بالتريث واستعمال العقل والموازنة بين المصالح والمفاسد في أمورك كلها، واستعن بالله تعالى واسأله السداد والتوفيق للرشاد في جميع تصرفاتك، فإن أمكن أن تمسك عليك زوجك وتحافظ عليها وتسعى في وقايتها ووقاية بناتك من النار بتعليمهن الدين وحضانتهن ورقابة أجهزة الاتصال ومنعهن من الخروج لما فيه ريبة فهو أولى لك من أن تفقد زوجك وتتشتت أسرتك ويفقد بناتك رعاية الأبوة، وما تدري هل تتزوج الأم فيفقدن حنان الأمومة ويتعرضن للضياع، ويمكن أن تراجع قسم الاستشارات بالشبكة لعلهم يفيدونك في الموضوع أكثر، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57330، 61445، 71866، 67746، 57860، 51465، 75457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(16/833)
هل التهمة بالتعري أمام الأجانب تعد قذفا
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل شجار بين امرأتين وكثر اللعان والشتم, فقالت إحداهن للأخرى: أنت تلبسين بنطالا وتذهبين إلى محل الغسال المجاور وتكشفين له عورتك, تعتقدين أنه لا يخبرنا بذلك! قالت هذا الكلام أمام مرئى ومسمع جمع كثير من النساء والصبيان والشباب، السؤال: هل يعتبر هذا قذفا ويتعين على المرأة صاحبة هذا الكلام أن تثبت قولها، أو هل هناك حكم شرعي في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قالته هذه المسلمة عن أختها المسلمة محرم لا يجوز ولو كانت صادقة فيما ذكرت، إذ الواجب على المسلم أن يستر أخاه المسلم، ولأن ذكر هذا لا يترتب عليه مصلحة بل مفسدته متحققة، وأما إذا كانت كاذبة فالأمر أشد حرمة، وهذا اللفظ ليس قذفاً لأن القذف هو الرمي بالزنا، إما باللفظ الصريح، أو الكنائي، قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: والكناية مثل.... فلانة تحب الخلوة ولا ترد يد لامس. لاحتمال كل منها القذف وغيره. انتهى.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: (وكل ما لا يجب الحد بفعله لا يجب على القاذف به كوطء البهيمة والمباشرة دون الفرج والوطء بالشبهة وقذف المرأة بالمساحقة أو) قذفها (بالوطء مكرهة و) ك (القذف باللمس والنظر) لأن ذلك ليس رمياً بالزنا. انتهى.
ولكن من حق من اتهمت بأنها تتعرى أمام الأجانب أن تطالب من رمتها بذلك بالإثبات، فإن أثبتت وإلا استحقت التعزير، والتعزير عقوبة يقدرها الحاكم لا تبلغ حد القذف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(16/834)
الترهيب الشديد لن يطعن في عرض المؤمنات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسانة مخدوعة من شخص خطبني وكذب علي وعاشرني بحجة كتب الكتاب وأنني زوجته شرعاً وعندما ظهر بعدم قدرته على الإيفاء بوعده وهو تأمين المنزل الشرعي لإتمام الزواج بدأ بالحديث عني وعن شرفي وأخلاقي ليجدد مبررا لفك الخطبة. الرجاء إفادتي ماذا أفعل بأقصى سرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ذلك الرجل قد عقد عليك عقد نكاح شرعي، وهو ما توفرت فيه الشروط المبينة في الفتوى رقم: 964 فهو زوجك، ولا إثم عليكما فيما فعلتما، وليس له فسخ ذلك إلا بالطلاق، وإن فعل فلك مهرك كاملا إن كان سمى لك مهرا، وإلا فلك مهر مثيلاتك. ولا يجوز له الوقيعة في عرضك وتشويه سمعتك بالحديث عنك، وعليه أن يعلم أن عورات المسلمين وأعراضهم حرمتها عظيمة. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الغَافِلَاتِ المُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23} وقوله: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58} وقوله: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور:19} . وروى الإمام أحمد في مسنده عن ثوبان رضَي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم، طلب الله عورته، حتى يفضحه في بي ته. وفي الترغيب والترهيب عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل حالت شفاعته دون حد من حدود الله لم يزل في غضب الله حتى ينزع. وأيما رجل شد غضبا على مسلم في خصومة لا علم له بها فقد عاند الله حقه وحرص على سخطه وعليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة. وأيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها بريء سبه بها في الدنيا كان حقا على الله أن يذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال
وروى الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة.
فعليه أن يكف لسانه عما يخوض فيه، كما ننصحكم بالتخفيف عنه من أعباء تكاليف الزواج إذا كانت هي سبب عزمه على الفراق فلا تكلفونه ما لا يطيق. ففي المسند عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.
ولعل ذلك يثنيه عن عزمه على الطلاق. وينبغي أن تخبري أهلك بما حصل من معاشرة لما ينبني عليه من أحكام.
وهذا على فرض أن العقد الشرعي قد تم بينكما وهو ما فهمناه من قولك: كتب الكتاب، وقوله: بأنك زوجته شرعا. وأما إذا كان الأمر مجرد خطبة فإنها ليست عقدا شرعيا فلا تبيح أمرا محرما. وبناء عليه، فإنكما قد وقعتما في إثم عظيم وفاحشة كبيرة، وعليكما أن تتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحا، وينبغي ستر بعضكما لبعض، ويمكنك توجيه من له وجاهة عنده من طلبة العلم والدعاة، أو من له سلطة عليه ونفوذ عنده ليكف أذاه عنك وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15706، 64008، 57601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(16/835)
الأمر بحفظ الأعراض من محاسن الشريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد زميل لي خالته ارتكبت الزنا (كما سمع) فكيف يتعامل معها، وهو الآن مقاطع لها ويأمرها بعدم الخروج، علماً بأن زوجها مسافر من 8 سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخالة بمنزلة الأم، فيجب عليه أن يحترمها وأن يحفظ حقها، وأن يصلها ويحسن إليها، وأما بشأن ما بلغه من أمرها فلا يجوز له أن يصدق ذلك إلا إذا قامت البينة على ذلك، فإن أعراض الناس ليست كلأً مباحاً، وقد قال الله تعالى: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ {النور:12} ، فهذه الآية تحثنا على أن يظن بعضنا ببعض خيراً، وأن نقول عند سماع التهم: هذا إفك مبين.
فالشريعة أمرت بحفظ الأعراض أن تمس وأن ينال منها إلا بالبينة الواضحة التي لا تدع مجالاً لمن يحب أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين.
وعليه، فالاتهام بالزنا دون بينة جريمة نكراء، كما سبق في الفتوى رقم: 10849، وعليه فلا يجوز له أن يهجر خالته بسبب تلك الإشاعات، كما سبق في الفتوى رقم: 73740.
ولكن إن ظهر من خالته ما يدعو إلى الريبة فلا مانع أن ينظم أمر دخولها وخروجها، وأن يفعل ما يراه أصلح لحالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(16/836)
الاتهام بالسحاق هل له حكم القذف بالزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر اتهام امرأتين بالسحاق حكم القاذف للمحصنات المؤمنات، أرجو التوضيح في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرمي بالسحاق للمحصنة الغافلة المؤمنة بهتان وإثم مبين، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} ، ولكنه ليس له حكم القذف بالزنى من حيث ترتب حد القذف عليه؛ لأن القذف شرعاً هو الرمي بالزنى. وراجع الفتوى رقم: 93577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(16/837)
قذف المحصن كقذف المحصنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تستحق تلك الزانية التي ترمي بلاءها على رجل متعبد لله يعيش في وحدة ويخاف الله، مع العلم بأنه يفضل الموت على أن يتزوج بزانية، والتي لغتها التي تتعامل بها مع الآخرين هي لغة الزنى، كما أنها لا تخاف الله في أي شيء؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك أنها قذفته وزعمت أنه فعل معها الفاحشة والعياذ بالله فقد ارتكبت جرماً عظيماً ووزراً كبيراً، وحسبنا في ذلك قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4} ، وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23} .
قال الفتوحي في حسن الأسوة: والذين يرمون المحصنات.. أي النساء العفيفات بالزنى وكذا المحصنين وإنما خصهن بالذكر لأن قذفهن أشنع والعار فيهن أعظم، ويلحق الرجال بالنساء في هذا الحكم بلا خلاف بين علماء هذه الأمة.
وقال القاري في عمدته: ذكر هاتين الآيتين لأن الأولى تدل على بيان حكم حد القذف والثانية تدل على أنه من الكبائر ... وناب فيها ذكر رمي النساء عن ذكر رمي الرجال إذ حكم المحصنين في القذف كحكم المحصنات قياساً واستدلالا وأن من قذف حراً عفيفاً مؤمناً عليه الحد ثمانون كمن قذف حرة مؤمنة.
وكونها رمته بالزنى لا يثبته عليه فلا بد أن تثبت ذلك بالبينة أو تحد حد القذف، ولا يجوز له أن يتزوجها إلا إذا تابت وأنابت إلى الله، وحتى لو فعلت ذلك فلا ننصحه بالزواج بها أيضاً لئلا يظن به السوء وأنها ربما كانت صادقة فيما ادعت، وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17640، 1117، 1677، 2403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(16/838)
فتاوى في حكم قذف المحصن
[السُّؤَالُ]
ـ[من رمى محصنا بالزنا أو شهد عليه به فلم تكتمل الشهادة (أي أربعة شهود) ، فكيف يكون حكم القاضي عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في حكم قذف المحصن الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10849، 24552، 29732، 71974، 17567.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(16/839)
القذف.. تعريفه.. حكمه.. وجزاؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة أخبروني أنها تنتمي إلى بعض الطوائف المبتدعة ولكني لا ألحظ ذلك عليها فهل يعتبر ذلك من قذف المحصنات الغافلات (قولنا إنها مبتدعة) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الكلام لا يعتبر قذفا لأن القذف عرفه أهل العلم برمي المكلف حرا مسلما عاقلا عفيفا بنفي نسب أو بزنا. كما قال صاحب الكفاف في تعريف القذف:
القذف أن يرمي حرا محصنا * بنفيه نسبه أو بزنى
وهو عاقل عفيف أو جهل * وإن بتعريض به لا يحتمل
وهو كبيرة شنيعة من أشنع الموبقات، ففي الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
قال الإمام النووي: المحصنات: العفائف، الغافلات: عن الفواحش وما فذفن به، والقذف هو الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ {النور:4}
هذا، وننبه إلى أن الأصل إحسان المسلم الظن بأخيه، وعدم اتهامه بالابتداع من دون بينة، ويتعين على المسلم اختيار أحسن الأصدقاء وأشدهم ورعا واستقامة، وأن يبتعد عن مخالطة المنحرفين من الناس، فإن الطباع تسرق من الطباع، والقرين بالقرين يقتدي، والمرء على دين خليله؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا بليغا للصاحب الصالح والصاحب السيء فقال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(16/840)
هزل المرأة في أمور الزنا وترويع الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حُكم امرأةٍ قالت لرجل: (سأخبر أهلك أن الذي في بطني هو ابنك، وسأشهّر بك وأفضحك) ، ثم لمّا روجعت في ذلك قالت: (كنتُ أمزح، ولستُ بحبلى أصلاً) فما حُكم تلك المرأة؟ هل عليها حد القذف لقولها هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قالته هذه المرأة منكر لا يحل لها قوله، وهو يدل على الاستهتار بتعاليم الشرع وبضعف الإيمان عند هذه المرأة، ولا شك أنها تأثم بذلك ولما فيه من ترويع المسلم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما. رواه أبو داود وغيره، وفي رواية: لاعبا ولا جادا. فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى وتستسمح من هذا الرجل الذي جرحت شعوره وروعته بهذه المقولة، وإن كان الأمر لا يصل إلى حد القذف أو التعريض به، فقد عرف ابن جزي المالكي القذف بقوله: هو الرمي بوطء حرام في قبل أو دبر أو نفي من النسب للأب بخلاف النفي من الأم، أو تعريض بذلك ... كقوله: ما أنا بزان، وما أنا زان.. وعلى هذا فهي لم ترمه بالزنى وإنما أخبرته بأنها ستخبر أو تقول، ولم تقل ذلك ولم تخبر به أحدا، وما دامت لم تخبر بذلك ولم تقله لأحد فإنها لا تعتبر قاذفة، ولكنها تعتبر كاذبة ومستهترة ومخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم ولذلك ليس عليها حد القذف ويمكن لولي الأمر أن يؤدبها بما يراه مناسبا، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتويين: 29732، 34262.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(16/841)
رمي المسلم في شرفه إثم مبين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أذهب لزيارة أحد أقربائي يتهمني أنني أزني بابنه، وأنظر إلى ابنته وبعدها جاء إلى عندنا وأبلغ أمي أنه لا يريدني أن أذهب إلى بيتهم فامتنعت من الذهاب بعد ذلك ولم أذهب بعد ذلك إليهم، فهل أكون قاطعاً لصلة الرحم، علماً بأنه يكون خالي أي أخو أمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم ذهابك في هذه الحالة ليس قطعاً لصلة الرحم، بل هو أمر لازم صيانة لعرضك، وقطعاً للفتنة التي قد يثيرها خالك، ويمكنك مع الأيام تبيين وجهة نظرك، وأنك بريء مما رميت به، وأنه لا يجوز لمسلم أن يرمي مسلماً بمثل هذه التهم الشنيعة إلا إذا كان على يقين مما يقول، ونذكر خالك بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} ، وأي أذية أعظم من رمي مسلمٍ في عرضه وشرفه، ونوصيك أخي الكريم بالصبر والتحمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(16/842)
رمي المؤمنة المحصنة بالزنا من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة ولكني كان عندي مشكلة فلم أستطع الجماع مع زوجي، وهذا لأنه كان عندي عقدة نفسية من الجماع وحاولت جاهدة علاجها وذهبت إلى 3 أطباء دون جدوى، ولكني حملت من زوجي بدون جماع كامل وأنجبت ولكني تعرفت على شخص في التليفون وكنت أتحدث معه حتى تجاوز بيننا الحوار في التليفون فقط، والله لا أعلم كيف، فأنا أصلي وأقرأ القرآن، ولكن زوجي علم بذلك وطردني هو ووالده فوالده كان يتصنت على المكالمات وأخذ والد زوجي يسبني ويقول لي يا زانية يا بنت الزانية وغيرها في الشارع ورفع ضدي دعوى زنا، ولكني لم أزن والله، وعندما ذهبت لطبيب نفسي أخبرني بأن هذا حدث نتيجة عقدة نفسية أني غير قادرة على الجماع في الواقع وإن هذا حدث لا شعوري مني وهو الآن يذيع هذه التسجيلات على من نعرفهم ومن لا نعرفهم رغم أن زوجي يعلم جيداً بالعقدة التي لدي، ولكنه أطاع أباه ورفع ضدي دعوى زنا وأحضر شهود زور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأخت التوبة إلى الله مما حصل منها من تعد لحدوده في الكلام مع هذا الرجل الأجنبي، أما رميها بالزنا لمجرد ذلك فلا يجوز، فإن رمي المؤمنة المحصنة من كبائر الذنوب، ويوجب على القاذف ثمانين جلدة ويمنع شهادته، ويحكم عليه بالفسق واللعن واستحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة ما لم يأت بما لا يتطرق إليه الشك من إقرار أو شهادة أربعة شهود على حالة قلما تتحقق.
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:54-55} ، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النور:23-24} .
ولا يجوز التشهير بالمسلم العاصي إذا لم يكن مجاهراً بمعصيته، بل يجب ستره، فمن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة، فننصح الأخت بالتوبة وبتقوى الله عز وجل وسيجعل الله لها مخرجاً، وتظهر براءتها بإذنه تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(16/843)
توبة من ظلم مسلما في عرضه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتوب من ظلم مسلماً في عرضه، ولكنه لم يزن، حيث إنه يشعر أنه قد أغضب الله غضباً شديداً وهو لم يفعل ذلك من قبل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قذف المسلم واتهامه بارتكاب فاحشة الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
ومن قذف مسلماً بريئاً فقد استحق حد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:4-5} .
ولكن إقامة الحدود على أهلها هي مما اختص به الحاكم المسلم، قال ابن العربي المالكي عند تفسير قوله تعالى: فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ... المسألة السادسة: لا خلاف أن المخاطبة بهذا الأمر بالجلد الإمام ومن ناب عنه.
وما دام هذا الشخص قد شعر بأنه قد أغضب الله غضباً شديداً، فإن ذلك هو بداية التوبة. وإذا تاب وأناب إلى الله وصدقت توبته، فإن التوبة تجب ما قبلها، وقد قال تعالى بعد ما ذكر حد القذف في الآية التي ذكرناها: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:5} ، وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وغيره.
فعليه بالتوبة النصوح الصادقة أولاً، والندم على ما فعل والعزم على عدم العودة إليه، والإكثار من الاستغفار والطاعة ومجالسة الصالحين، والبعد عن رفقاء السوء، كما أن عليه أن يستسمح الشخص الذي ظلمه في عرضه ويستحله مما ارتكب في حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1427(16/844)
حكم من افترى على زوجته وقذفها بما هي بريئة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[اتهم زوج زوجته بالزنا ليأخذ مستحقاتها وهي لم تزن، ما حكم ذلك في الإسلام؟ وماذا تفعل الزوجة وقد أخذ منها ابنتها أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الزوج قد افترى على زوجته وقذفها بما هي بريئة منه، وأخذ حقها وبنتها، فإنه بذلك قد فعل ذنوبا عظيمة يجب عليه التوبة منها، ومن التوبة أن يكذب نفسه، وأن يعطيها حقوقها، وأن يرد إليها ابنتها، ومن حق الزوجة أن ترفع أمرها للقضاء مطالبة بحقوقها، ومن ذلك إقامة حد القذف على الزوج إن لم يلاعن، وقد بينا خطورة رمي الزوجة بالزنا في الفتوى رقم: 7331، والفتوى رقم: 17640، والفتوى رقم: 61445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1427(16/845)
وجدت زوجها يزني وليس لديها شهود
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة وجدت زوجها يزني في فراشها، فرفعت دعوى إلى القاضي، فماذا تقول له وليس لها شهود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا شاهدت المرأة زوجها يزني فعليها أن تنصحه وتستر عليه، فإن أرادت أن توصل أمره إلى القضاء فيلزمها أن تقيم البينة على ذلك، والبينة في هذا الباب الخطير لا تثبت إلا بأربعة شهود عدول من الرجال، فإن رمت المرأة زوجها بالزنا ولا بينة عندها على ذلك، استحقت حد القذف، وكذا الرجل لو رمى زوجته ولا بينة عنده، فعليه حد القذف؛ إلا أن يلاعن، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56914، 53851، 48031.
وجعل الإسلام الملاعنة حقاً للرجل حفظاً للأنساب حتى لا تُدخل المرأة على زوجها من ليس منه، وانظر الفتوى رقم: 55312.
وعليه؛ فإن المرأة لا ينبغي أن ترفع إلى القاضي ما شاهدت إلا إذا كان معها البينة على ذلك، فإن نصحته ولم يتب ويقلع عن فعله، وكرهت المقام معه، فلها أن تطلب الطلاق أو الخلع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(16/846)
اتهام الناس والقدح في أعراضهم بدون تثبت أمره عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ سنتين تعرضت زوجتي إلى محاولة اغتصاب من طبيب وهو صديق الصغر وزوج أختي وجاري، وقد حاول عند الفشل وخوفا على مكانته العمليّة قلب الحقائق وللأسف وقفت معه أمّي وزوجته وقد سمعنا من أطراف أخرى أنّه قال:\"عائلة...... شديدة الالتحام ولن يفرّقها إلا أنا....\" صارت علاقتي مع أختي سطحيّة وبعض أبنائها لا يكلّمونني، ردّ فعلي أنّني دعوته إلى الخالق لا أدري هل هذا الردّ لإيماني بالله أو لضعفي أمام هذا الموقف، علما بأننّي محبوب في كامل القرية وكلّ الناس أصدقائي وأقوم بواجباتي الدينيّة أفضل من كثير من الناس وأقلّ من البعض الآخر، حسب علمي، المشكلة: منذ معرفة الحقيقة دخل قلبي الحقد وأعتقد أنّني خسرت رمضان هذه السنة والسنة الماضية، لسبب الحقد، والله أعلم، برغم اجتهادي الكبير في هذا الشهر المفضّل، ماذا أفعل، لا أطيق مسامحته لا أنا ولا زوجتي، وقد أصبحت العلاقة في العائلة، أمّي وإخوتي مكهربة ولم نعد نجتمع كما كنا من قبل؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحكم أخي الكريم بستر الأمر وعدم إظهاره، لأن في إظهاره مفاسد كثيرة، ومنها تشويه سمعتكم وافتضاح أمركم بين الناس، ثم إن الأمر يحتاج إلى تثبت فإن اتهام الناس والقدح في أعراضهم ليس بالأمر الهين، فلا يجوز لك أن تتهم زوج أختك إلا بأمر ناصع واضح، فإن أعراض الناس مصونة، وقد يكون الخبر الذي ساقته زوجتك إليك فيه بعض الملابسات أو بعض المبالغات أو غير ذلك، لكن إن تأكد الأمر عندك فلا حرج عليك في مقاطعة هذا الرجل وهجره، فإن تاب وظهر ندمه فننصح بمواصلته حفظاً للصحبة، ولأن في مواصلته مواصلة لأختك وصلة لرحمك.
وأما وقوف أمك وأختك معه فقد يكون لظنهم أنه مظلوم، أو أن الأمر لم يثبت عليه
وعليه؛ فلا يجوز قطع رحمك لموقفهم الذي ذكرت، وعموماً فننصح بالعفو والصفح، ونوصيك بحق أمك فحقها عليك عظيم، فلا يجوز لك التفريط في حقها وإن أخطأت في وقوفها مع زوج ابنتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(16/847)
لا ينبغي للأم أن تسيء إلى أبنائها بالطعن في أعراضهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تؤذي زوجتي وزوجة أخي في عرضهما وتتهمهما بإحضار رجال أغراب إلى البيت في غيابنا وهي تفعل ذلك لجعلهما دائما في حالة توتر ودفاع عن النفس وذلك لاعتقادها أننا نحن أبناءها نحتاج للحماية من الزوجات. فشلنا في إقناعها بالعدول عن هذه العادة. فهل يجوز مقاطعتها وتوبيخها مع العلم أنني وأخي في سفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يُعلَم أن الأصل في المسلم السلامة، فلا يجوز الإقدام على الظن به سوءاً واتهامه بما يشين دون بينة، ولا سيما إن كان الأمر يتعلق بالعرض. وتراجع الفتوى رقم: 19659.
فإذا كانت أمك على ما ذكرت من اتهامها زوجتك وزوجة أخيك في عرضهما من غير بينة فقد أساءت، فيجب نصحها وتذكيرها بالله تعالى وبوجوب إحسان الظن بالمسلم، وأنها بهذا التصرف تسيء إلى ولديها اللذين هما زوجان لهاتين المرأتين، وينبغي الترفق في نصحها ودعاء الله تعالى لها أن يصلح شأنها، فإن انتهت عن تلك التصرفات فبها ونعمت، وإن استمرت على ذلك الحال فينبغي الصبر عليها، وأما هجرها فلا يجوز بحال، لأن إساءة الأم لا تسقط برها ولا تسوغ هجرها، وتراجع الفتوى رقم: 21916، والفتوى رقم: 20947.
ولا شك أن بعدكما عن زوجتيكما من أسباب مثل هذه المشاكل، فينبغي أن يسعى كل منكما في أن تقيم زوجته معه حيث أقام، فهذا مما قد يعين في حل هذه المشكلة. وينبغي أن يبذل كل منكما النصح لزوجته بأن تتقي الله تعالى وتجتنب مواطن الريبة، وأن تبتعد عما يكون سبباً في إساءة الظن بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(16/848)
من قال لرجل عربي يا هندي
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قال رجل عربي لرجل عربي آخر كلمة يا هندي أي أنت هندي أو من نسب الهنود، هل يقام حد القذف أي ثمانون جلدة على الرجل الأول على اعتبار أنه قذف والدة الرجل الثاني بالزنا مع الهنود وأنجبت من هذا الزنا الرجل الثاني الذي قيل له يا هندي من قبل الرجل الأول، لأن النسب إلى الإنسان يرجع إلى الأب أو الوالد فإذا قال له هندي أي أنت هندي ولست عربي فهذا يعني أن والدته هي زانية وحملت من الهنود وأنجبت هذا الهندي منهم، فهل يقام حد القذف على الرجل الأول الذي هو ثمانون جلدة لأنه قذف والدة الرجل الثاني بالزنا مع الهنود وأنجبت منهم هذا الرجل الثاني الذي قيل له يا هندي، يرجى الإجابة؟ وجزاكم الله تعالى خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقذف هو: اتهام الغير بالزنا، صراحة أو ضمنا، ومثال الضمني أن يقول: هذا الولد من غير زوجك، أو نسبة من هو من قبيلة معينة إلى قبيلة أخرى ونحو ذلك، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله يعدد أنواع القذف:..... أو (قال) لعربي ما أنت بحر، أو يا رومي ...
وفي المغني لابن قدامة: وإذا نفى رجلا عن أبيه، فعليه الحد. نص عليه أحمد. وكذلك إذا نفاه عن قبيلته، وبهذا قال إبراهيم النخعي، وإسحاق، وبه قال أبو حنيفة، والثوري، وحماد، إذا نفاه عن أبيه وكانت أمه مسلمة، وإن كانت ذمية أو رقيقة فلا حد عليه، لأن القذف لها، ووجه الأول ما روى الأشعث بن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: لا أوتى برجل يقول: إن كنانة ليست من قريش إلا جلدته.
وعليه، فمن قال لرجل عربي يا هندي، فقد قذف أمه بالزنا، وبالتالي فعليه الحد، وهذا إذا كان قصده نفي النسب، أما إذا كان يقصد أنت من هؤلاء في أخلاقك أو نحو ذلك، فالظاهر أنه لا حد عليه إذ لم يقصد القذف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(16/849)
حكم اتهام الزوج امرأته بالفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي ينهرني بالفاحشة، ماذا أفعل??????]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت السائلة تقصد أن زوجها يرميها ويتهمها بالزنا، فإن هذا حرام ومن كبائر الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات.
قال الإمام النووي: المحصنات: العفائف، الغافلات: عن الفواحش وما قذفن به، والقذف هو الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.
فعليها أن تنصحه بأن يكف عن رميها بالفاحشة، وأن يتوب إلى الله من هذه المعصية الكبيرة، فإذا لم ينته ووجد قاض شرعي، فلها أن ترفع أمرها إليه، ليقيم عليه الحد.
وإن كانت تعني غير الذي أجبنا عليه فلتوضح سؤالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(16/850)
التوبة النصوح تمحو الذنوب بل تبدلها حسنات
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ أنا شاب ملتزم منذ مدة سنة وعمري 21سنة تقريبا وتبت عما فعلت بالماضي المظلم الذي كنت فيه، وعندي بعض الذنوب المخيفة ولا أعرف إن كان الله قد غفر لي أم لا، وإحداها أنني كنت أحب الأولاد الذين أشكالهم جميلة أو الولد الأمرد ومارست اللواط وكنت فاعله ولست مفعولا به فهل التوبة عن اللواط كافية أم يجب إقامة الحد فيه, وأيضا كنت قد قذفت عدة فتيات ولا أستطيع أن أعترف لهن بهذا لأنه ربما أقتل من أهلهم فكيف أتوب, وأيضا أنا الآن من بعد توبتي أصبحت أعيش بجو مليء بالمعاصي من أهلي بسبب الأغاني ونصحتهم ولكنهم لا يقتنعون وبسبب هذا أشعر دائما بضيق في الصدر وعندما أرتكب أي ذنب لا أستطيع الندم عليه فماذا أفعل....وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة قبل أن يدهمك الموت، وأبشر فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويفرح بهم إذا جاؤوه نادمين ذليلين منكسرين، بل إنه من رحمته سبحانه يبدل سيئات عباده التائبين حسنات، قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:104} . وقال أيضا: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى: 25} . وقال سبحانه:.. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الفرقان:70} . وانظر الفتوى رقم: 7549، واعلم أن التوبة كافية في محو الذنوب ولا يشترط لمحوها إقامة الحدود على مرتكبيها، وذلك بشرط أن تستوفي التوبة شروط قبولها، وانظر شروط التوبة النصوح في الفتويين: 9694، 5450، وأما الفتيات التي قذفتهن، فإن من تمام توبتك أن تبرئهن عند من قذفتهن أمامه فتكذب نفسك وتخرج مما قلت، إن أمكن ذلك، فإن لم يمكن ذلك فأكثر من الدعاء لهن والاستغفار. وانظر الفتوى رقم: 7017، ورقم: 24940. وبالنسبة لأهلك الواقعين في الذنوب والمعاصي، فلا تكف عن نصحهم والإنكار عليهم رحمة بهم وشفقة عليهم من أن ينالهم من عذاب الله على تفريطهم في جنبه تعالى، وترفق في نصحهم وأمرهم ونهيهم فإن ذلك أدعى لقبولهم، ونوع في طريقة نصحهم، فتارة بالنصح المباشر وتارة بإسماعهم شريطا أو محاضرة فيها النهي عما هم واقعون فيه، وتارة بتمكينهم من قراءة بعض المطويات والرسائل الدعوية ونحو ذلك. هذا، وللمحافظة على توبتك ننصحك بأن تتخذ رفقة صالحة من الشباب المستقيم المتمسك بدين الله تعالى، فإن صحبتهم من أعظم أسباب الاستقامة بعد الله تعالى، فاعبد الله معهم وتعاون معهم على فعل الخيرات وطلب العلم النافع فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية. هذا، واعلم أن الندم عمل قلبي وشعور داخلي بالتفريط في حق الله ويتولد عن ذلك الأسف والحزن كلما تذكر العبد تفريطه وينتابه بسببه الخوف من أن يناله عقاب الله تعالى، وهذا الندم هو أهم شروط التوبة من الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. فاجتهد في تحصيل الإشفاق من الذنوب وتوابعها لتحقيق الندم على أي ذنب تقع فيه. واجتهد فيما يقوى إيمانك وراجع الفتوى رقم: 10800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(16/851)
حرمة الطعن في عرض المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي أخ متزوج ولديه ثلاث بنات ومنذ أن تزوج وهو على علاقة بفتاة أخرى من المنحرفات وفض غشاء البكارة لديها وقام بعمل ترقيع للغشاء لدى طبيب وتزوجت هذه الفتاة ولكن فضلت تعاشر أخرى وأنجبت ولدا وبنتا والله أعلم إن كانوا من أخي أو من زوجها ثم طلقت من زوجها وتزوجها أخي وفى يوم قالت إحدى الجيران لأختي أنه تزوج وكلمته أختي فلم ينكر ذلك وقال إنه تزوجها لأنه يريد الولد وطلب منها أن لا تخبر زوجته وقالت لي أختي وأنا لا أعلم ماذا أعمل هل أبلغ زوجته أم أسكت أفيدوني أفادكم الله، مع العلم أن أخي يعاشر هذه الفتاة أيضا من خلال فتحة الشرج ونحن نرى أن هذا هو السبب الأساسي في زاوجه هذا ولأن زوجته لا ترضى بهذا لكي لا تخالف شرع الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من مقاصد الشريعة الإسلامية حماية أعراض المسلمين وصيانتها، ولهذا حرمت الطعن في عرض المسلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. رواه مسلم، فلا يجوز اتهام المسلم بالفواحش لمجرد الظنون والأوهام، والنبي يقول: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا ولا تحاسدو، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا. رواه البخاري ومسلم
وهذه الاتهامات المذكورة في السؤال قد توجب حد القذف خاصة أنه يصعب التثبت منها، ولكن إذا كان ما ذكرت ثابتا على أخيك فيجب نصحه لأنه قد وقع في معاصي وآثام عظيمة يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى منها ويسأله العفو والمغفرة قبل أن يفاجئه الموت وهو مصر عليها، ومن هذه الكبائر الزنا، وقد بينا في الفتوى رقم: 9731 والفتوى رقم: 26237 أن الزنا من أكبر الكبائر، ويزداد الزنا قبحا وجرما إذا كان مع امرأة متزوجة لما في ذلك من تدنيس لفراش الزوجية وخيانة للزوج وخلط للأنساب وإلحاق للأبناء بغير أبيهم وغير ذلك من المفاسد العظيمة، ومن هذه الكبائر أيضا إتيان الزوجة في الدبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ملعون من أتى امرأته في دبرها. رواه أحمد وأبو داود والنسائي في السنن الكبرى. وصححه الألباني، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 4340 والفتوى رقم: 8130.
وقد سبق لنا أن بينا عدم جواز ترقيع البكارة في الفتوى رقم: 5047.
وأما عن زواج أخيك دون إخبار زوجته فقد بينا في الفتوى رقم: 3628 أنه لا يجب على الزوج استئذان زوجته إذا أراد أن يتزوج بأخرى، فإن أخبرها كان ذلك من حسن العشرة، وأما بخصوص سؤالك عن إخبار زوجته الأولى فإننا ننصحك بعدم إخبارها لأن ذلك قد يزيد من تفاقم المشاكل، نسأل الله الهداية للجميع.
وننبه على أن ما أنجبته هذه المرأة وهي في عصمة زوجها الأولي ينسب إليه ولا يجوز نسبته إلى غيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. رواه البخاري ومسلم. معنى الولد للفراش أن الولد للرجل الذي المرأة فراشا له أي زوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1426(16/852)
زوال البكارة والعفة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت حديثا بفتاة فلم تعط بكارتها دما بل واشتبه علي الأمر إن كانت مفضوضة أم لا. أما بعد دخولي بها فتأكدت عن طريق الفحص الطبي أنها مفضوضة. السؤال هل إذا أبقيت عليها سيجازيني الله أم هو بمثابة تستر على مجرمة سألقى حسابا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم نزول الدم لا يعتبر دليلا على نفي البكارة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19950، وزوال البكارة من أصلها لا يعد برهانا على عدم عفة المرأة وطهارتها؛ بل اتهامها بتقيض ذلك من غير بينة قاطعة كأربعة شهود كبيرة من أكبر الكبائر الموبقات. قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور: 4-5} .
وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
أما إن ثبت زوال البكارة بزنا وتابت المرأة من ذلك توبة صادقة فيقبل قولها، ويعتبر إبقاؤها سترا لها، وقد ورد في فضل ستر المسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. رواه البخاري.
هذا، وننبه إلى أمرين:
1- أن الإقدام على هذا النوع من الفحوص لا يجوز، لما فيه من النظر إلى العورات من غير ضرورة، وهتك شنيع لأعراض المسلمين التي جاء الإسلام بصيانتها. وانظر الفتوى رقم: 20244 والفتوى رقم: 46607.
2- أن نتيجة هذه الفحوص لا ينبني عليها حكم شرعي من إثبات الزنا بها وما يترتب على ذلك، لأن البكارة قد تزول بغير الوطء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(16/853)
القذف لا يحرم المرأة على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قذف زوجته بالزنا، ثم طلقها، ثم طلب منها أن تحلف اليمين على براءتها فأقسمت على ذلك، وذهبت إلى بيت أبيها، في اليوم التالي ندم الرجل على ما بدر منه، فطلب من أهلها إرجاعها إليه، فذهبوا إلى إمام مسجد قريتهم وطلبوا منه الفتوى في هذا الموضوع، فأفتى بإرجاع الزوجة إلى زوجها فرجعت. هل هذه الرجعة صحيحة؟ أم أن الزوجة تحرم على زوجها لأنه قذفها بالزنا؟ مع العلم بان الملاعنة لم تتم بين الزوجين ولم يعرض الموضوع على قاض. أفتونا أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقذف المسلم كبيرة من كبائر الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، إلى قوله وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات رواه مسلم، وانظر حكم القذف وعقوبته في الفتوى رقم
17640
إلا أنه لا يحرم على الزوج مراجعة زوجته التي قام بقذفها، وليس القذف محرما للمرأة على زوجها مالم يقع لعان بينهما، وعليه فهذه الرجعة صحيحة
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(16/854)
الاتهام بدون بينة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج بأسبانية وهي لا تقطن معه وهو يشك في أنها تقيم علاقات جنسية مع آخرين ولا يريد أن يطلقها ويطلب من مسلمة الارتباط به شرعا ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة الأسبانية مسلمة، فالأصل أن المسلمين تحمل أمورهم على السلامة، وبالتالي فلا يجوز اتهامها بما يناقض الطهر والعفاف ما لم يكن هناك دليل كمشاهدتها تمارس الحرام.
أما إن كانت غير مسلمة كالكتابية (يهودية أو نصرانية) وهي الوحيدة التي يجوز للمسلم الزواج بها من نساء الكفار، فهذه لا ينبغي اتهامها لأن الأصل أن الزواج تم بها على أساس طهرها ما لم توجد بينة تخالف ذلك.
وإن كانت هذه المرأة غير مسلمة ولا كتابية، فالزواج بها باطل من أصله، لأن الله تعالى يقول: وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ {البقرة: 221} .
هذا فيما يتعلق بهذه المرأة المذكورة، أما بخصوص الزواج عليها فلا حرج فيه، لأن الشرع أباح للمسلم التزويج من أربع نسوة لكن بشرط العدل والقدرة على القيام بحقوق الزوجات المعدد بهن، وتراجع الفتوى رقم: 1469.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(16/855)
شروط شهود الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا رأيت بعيني رجلا يزنى بامرأة أخى كيف أتصرف هل أذهب إلى المحكمة وأنا لا أستطيع إحضار الشهود؟ أم أخبر أخي بما رأيت وأنا أعلم تماماً بأنه سيصدق ما أقوله؟ أم أصمت؟ أفيدوني مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الزنا ليس كغيره من الأمور، وموضوعه خطير للغاية، ففعله إحدى الكبائر، ولكن رمي الشخص به من غير أن تتوفر شروط ثبوته هو من الموبقات التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتنابها. قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور: 4} . وقال تعالى: لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ {النور: 13} . وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات.. وعد منها: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
وشهود الزنا يجب أن تتوفر فيهم سبعة شروط هي: كونهم أربعة، وكونهم رجالا، وكونهم أحرارا، وكونهم عدولا، وكونهم مسلمين، وأن يصفوا الزنا فيقولوا: رأينا فرجه في فرجها كالمرود في المكحلة أو كالرشا في البئر، وأن يجيء الشهود كلهم في مجلس واحد. انظر المغني لابن قدامة: 9/65.
وبناء على هذا، فإن إخبارك المحكمة بالموضوع من غير أن تتوفر هذه الشروط يعتبر خطأ كبيرا تستحق به حد القذف. وواجبك إنما هو أن تحول دون وقوع الفاحشة إن أمكنك ذلك وأن تنصح الشخصين وتذكرهما بالله وتعظهما، فإذا تابا وانتهيا فالأفضل الستر عليهما، وإن تماديا على ذلك فالأصوب حينئذ إخبار أخيك ليصون محله ويتدبر أمره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(16/856)
يعتبر من الرمي بالزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: أنا دكتور وكانت امرأة مريضة تراجعني بين الحين والآخر لأجل علاجها لكي تنجب، وبالفعل حصل ذلك -أي حملت المرأة- المشكلة تكمن في أني فحصت زوجها وتبين لي أنه غير قادر على الإنجاب بتاتاً، السؤال هو: هل أخبر زوجها بهذا الأمر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يفهم من قولك إن نتائج فحص زوج المرأة تثبت أنه غير قادر على الإنجاب هو أنك تعتقد أن المرأة إنما حملت من زنا، وأن زوجها ليس هو صاحب هذا الحمل، وهذا خطير للغاية، وإن نطقت به كان قذفاً لتلك المرأة، وقد قال الله تعالى في القذف: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4} ، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23} .
وعد النبي صلى الله عليه وسلم القذف من الموبقات السبع، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر.... إلى قوله: وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
وعليه، فلا يجوز لك أن تخبر زوج المرأة بما ذكرت؛ لأنه أولاً: قذف للمرأة، ولأنه ثانياً: سيؤدي إلى الفساد بينهما، ولأنه ثالثاً: أمر غير محقق؛ لأن نتائج الفحوص تكون في الغالب ظنية وليست قطعية، مع أنها لو افترضنا قطعيتها لما كان ذلك مبيحا لما ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(16/857)
القذف والاتهام بما يدنس العرض أعظم في شأن الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أنا سيده عمري 33 سنة متزوجة منذ 6 سنوات ولدي طفلان، وأعمل بهيئة مرموقة ونعيش بمستوى اجتماعي مرموق والحمد لله، مشكلتي أن زوجي (40 سنة) يشتم كثيرا بسبب وبدون سبب، فمثلا عندما أجهز له الطعام يقول لي أين المياه يا غبية أو يا حمارة، ويمكنك القياس على هذا في كافه نواحي الحياة، وعندما أغضب وأتحدث معه بأن هذا الأسلوب يثيرني ويضايقني بشدة يقسم لي أنه يحبني جدا وأنه كان يمزح معي كنت أتساهل معه لكي تستمر الحياة وتسير، المشكلة أن الشتائم زادت عن الحد لدرجة أنه في إحدى المشاجرات قال لي باللفظ عندما كنت أتناقش معه (بلاش شغل التعريس ده) وكذلك يا (وسخه) ناهيك عن شتائم أخرى، سيدي أنا منذ هذه المشاجرة لا أتحدث معه وعندما يحاول أن يكلمني أرد عليه باقتضاب وباختصار شديدين وذلك لكي أحد من هذا السيل من الشتائم ولأني كرهت الكلام معه، أرجوك أن تساعدني وتنصحني ماذا أفعل معه علما بأني كلمته كثيرا في هذا الموضوع دون الوصول لنتيجة تذكر وتوصلت لقرار أن علاقتي به ستقتصر على مناقشه شؤون الأولاد فقط وذلك حفاظا علي ما بقي لي من كرامة علما بأن زوجي يترك مسؤوليه الأولاد بالكامل على كاهلي وإذا طلبت منه إحضار ابنه من المدرسة مثلا لظرف طارئ في عملي أو الذهاب بأحدهم للطبيب يكون نصيبي سيل من الشتائم وهو لا يعطيني مصروفا إطلاقا سواء لي أو للأولاد علما بأنه يصلي وملتزم. أرجو معرفه ردكم في أقرب فرصة ومعاملتي له ستستمر على هذا المنوال حتى يصلني ردكم وسآخذ به إن شاء الله
شكرا على مساعدتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول لهذا الرجل أولا: إن حماية أعراض المسلمين والمحافظة على سمعتهم وصيانة كرامتهم مطلب من مطالب الإسلام، وغاية من غاياته، ولهذا، فالشرع يسد الباب أمام الذين يلتمسون العيب والنقيصة للبشر، فيمنعهم من أن يجرحوا مشاعرهم ويلغوا في أعراضهم، ويحظر أشد الحظر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ويحرم القذف تحريما قاطعا، ويجعله كبيرة من كبائر الذنوب، ويوجب على القاذف ثمانين جلدة، ويمنع شهادته ويحكم عليه بالفسق واللعن واستحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ما لم يأت بما لا يتطرق إليه الشك من إقرار أو ظهور حمل ممن لم يكن لها زوج، أو شهادة أربعة شهود على حالة قلما تتحقق. أو الملاعنة في حق الزوجة.
وبهذا يعلم حرمة أعراض المسلمين عموما، وخطورة انتهاكها، ولا شك أن القذف والاتهام بما يدنس العرض أعظم في شأن الزوجة، لأن الله عز وجل أمر بمعاشرتها بالمعروف، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بها في أكثر من حديث، وقد بينا حرمة سب الزوج لزوجته وكيفية علاج مثل هذه الأمور في فتاوى كثيرة، منها الفتوى رقم: 54632، والفتوى رقم: 9560. والفتوى رقم: 55702
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(16/858)
زنا الزوج والقذف والبينة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي المفتي جزاكم الله خيراً وبعد: امرأة قذفت زوجها بالزنا أمام أهله وذلك في شجار دار بينهما بعد مدة من الخلافات بينهما وهي الآن تطلب الطلاق وتقول بأن صبرها عليه قد نفد لأنها كانت تجد علامات في لباسه الداخلي وكذلك شكوى أكثر من امرأة من جاراتها منه وأنه يتحرش بهن وقد صبرت عليه كثيراً لعل الله يهديه ولكنه لم يتغير بل وزاد أنه صارحها أنه يخونها وأما الزوج فهو ينكر ذلك كله فهل يعد ذلك قذفا؟ وهل من حقها طلب الطلاق حيث إنه رافض لذلك ويقول إنه سوف يرفع عليها قضية قذف وإن عليها أن تخلعه إن أرادت الطلاق وما يكون مصير الأولاد ونفقتهم وسكنهم؟ علما بأن منهم من هو بالغ ومنهم من هو دون الثلاث سنوات. أفتونا أثابكم الله خير الدنيا وثواب الآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على المسلم أن يقذف المسلم إلا إذا قامت عنده البينة على ذلك، ولا يكفي في ذلك القرائن المتوهمة كوجود أثر المني على ثوبه.
وأما الواجب على من قذف غيره من زوج أو زوجة أو أجنبي أن يقيم على ذلك البينة، وهي واحد من أمرين:
1- الاعتراف من المقذوف بالزنا والإقرار به.
2- الشهود بأن يشهد أربعة رجال على أنهم شاهدوا الأمر، كما يشاهد الميل في المكحلة، والزوج إن قذف زوجته وليس له شهود، فقد شرعت له الملاعنة.
فإن لم يقم القاذف البينة على ذلك، فمن حق المقذوف أن يطالب بإقامة حد القذف على من قذفه، ويطلب منه البينة بأن يشهد اثنان على أنه قذفه.
أما كيفية تعامل المرأة مع زوجها الذي يمارس الزنا، فسبق جواب ذلك في الفتوى رقم: 8946، والفتوى رقم: 53851، والفتوى رقم: 51937 ز
والذي ننصح به أن تعالجي الموقف بلطف ويسر، وأن تواصلي نصح زوجك وتخويفه بالله تعالى، وبخطورة الزنا والعياذ بالله، ويمكنك أن تستعيني بالفتوى رقم: 26237.
وأما بشأن الحضانة في حال حدوث الطلاق، فأنت أحق بالحضانة ما لم تتزوجي إن توفرت فيك شروط الحضانة، وتفصيل هذا الموضوع سبق في الفتوى رقم: 6256، والفتوى رقم: 9779.
وأما نفقة الأولاد، فواجبة على الأب حدث الطلاق أم لم يحدث كانوا في حضانته أم في حضانة الأم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(16/859)
عقوبة القذف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما جزاء من قدف شخصاً آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقذف لغة: الرمي مطلقا. وفي اصطلاح الشرع: هو رمي مكلف حرا مسلما بنفي نسب أب أو جد أو بزنا. ومعلوم أن القذف بهذا المعنى يعد كبيرة من أعظم الكبائر لما فيه من انتهاك عرض المقذوف المعروف بالعفة، ولخطورة هذا الأمر جعل الإسلام سياجا منيعا دونه، ومن ذلك أنه شدد العقوبة على فاعله في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا جعل عقوبته الجلد ثمانين جلدة لا فرق في هذا بين الأزواج أو غيرهم ما لم يأت القاذف ببينة تدل على صدقة، فإن لم تكن له بينة وكان زوجا درأ الحد عنه باللعان، قال ابن قدامة في المغني: إذا قذف الرجل زوجته المحصنة وجب عليه الحد وحكم بفسقه ورد شهادته؛ إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن، فإن لم يأت بأربعة شهداء أو امتنع عن اللعان لزمه ذلك كله. هـ. وانظر الفتوى رقم: 15776.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(16/860)
تحريم شرب الخمر من المعلوم من الدين بالضرورة وبيان حرمة قذف المسلمة بغير بينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة، وزوجي يشرب يوميا الخمر، وحاولت إقناعه بتركه بجميع الطرق لكنه يرفض مدعيا أنه ليس حراما هل صحيح ما يدعيه، سوالي الثاني هو: أنه يشك دائما بتصرفاتي وأخلاقي وقد اتهمني بالفساد مع أقرب الناس لي (ابن أختي) والعياذ بالله مدعيا أنه رجل غريب، فما حكم الشرع في هذا الصدد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فإن شرب الخمر حرام بل كبيرة من الكبائر، وقد دل على تحريم الخمر القرآن والسنة وإجماع المسلمين، أما القرآن فقد قال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90} ، وأما السنة: فقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم الخمر ولعن شاربها، وترتيب العقوبة عليها، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، وإن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار. رواه مسلم.
وأجمع المسلمون على تحريم الخمر، وقد عد العلماء تحريم الخمر من المعلوم من الدين بالضرورة، ومن فعل ذلك استحلالا أو رداً وجحودا فهو كافر، وإلا فهو مسلم فاسق على خطر عظيم، لذا فحاولي إقناع زوجك بتركه بعد أن تبيني له حكمه وما توعد الله به أهله، وما نظن أحداً يعيش بين المسلمين يجهل حكم الخمر، فإذا اقتنع فبها ونعمت وإلا فلك أن تطلبي منه الطلاق.
2- فلا يحل لهذا الزوج أن يوجه التهم إلى زوجته من غير برهان ولا حجة وأن يرميها بما هي منه براء، فإن ذلك عظيم عند الله، قال الله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ {النور:15} .
وابن الأخت من المحارم وليس رجلا غريباً واتهامه لك بالفساد معه إن وصل إلى حد الاتهام بالزنا فهذا قذف، وقذف المسلم كبيرة من كبائر الذنوب، بل هو موبقة من الموبقات السبع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. رواه مسلم، ويستوي في ذلك قذف الرجل وقذف المرأة، ومن قذف مسلماً عفيفا عن الفاحشة التي رمي بها فقد استحق حد القذف، وللمقذوف مطالبة الحاكم بإقامة الحد عليه، وعلى الحاكم أن يطبق عليه الحد ما لم يعف المقذوف عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(16/861)
حكم من يطعن في شرف أولاده ويتكلم عنهم بالسوء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التصرف الصحيح مع أب يتكلم بالسوء عن أولاده أمام الأقارب والجيران ويتكلم في شرفهم وشرف بناته ويظن السوء بالناس ويتهمهم بأعراضهم وهم أبرياء تماما مما يدعيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب أن يتكلم بالسوء عن أولاده لا أمام الأقارب والجيران ولا أمام غيرهم، وفعل ذلك يعتبر من الغيبة التي نهى الله عنها في قوله تعالى: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات:12} ، فالغيبة هي ذكر المرء أخاه بما يكره من العيوب.
روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: قيل: ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره ... الحديث.
هذا إذا كان الذي يتكلم به الأب عن أولاده واقعاً فعلاً، وأما إذا كان غير واقع فهو بهتان، ففي بقية الحديث السابق: قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول: قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته.
وقولك: ويتكلم في شرفهم وشرف بناته إن كنت تقصدين أنه يقذفهم بالزنا، فهذا أمر محرم وهو إحدى الموبقات التي ورد الأمر باجتنابها في الصحيحين وغيرهما، واختلف أهل العلم فيما إذا كان عليه في هذه الحالة حد القذف أم لا؟ فعند المالكية في ذلك وجهان: قال خليل: وله حد أبيه وفسق. والمعتمد عندهم أنه ليس له ذلك. قال الدردير في أقرب المسالك: وليس له أي لمن قذفه أبوه أو أمه تصريحا حد والديه على الراجح.
أما المذاهب الثلاثة فمتفقة على أن ليس للولد حد أبيه.
ومن الإثم كذلك وقوع هذا الأب في أعراض الناس وظنهم بالسوء، ومع كل هذا فواجب على أبنائه أن يبروه ويحسنوا إليه، وما هو فيه من المخالفة لا يسقط حقه عنهم، قال تعالى في شأن الوالدين: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، ومن برهم به أن ينصحوه بترك أعراض الناس، ويكون ذلك في رفق ولين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(16/862)
من قذف زوجته المحصنة العفيفة بالزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى منزل والدي بإذن زوجي بسبب مرضي وأنا حامل في الشهر الرابع وزوجي مسافر وبينما أنا هناك حدثت مشاكل كثيرة بسبب كثرة أقاويل أهله وانسياق زوجي وراءها ولقد طعنني في شرفي بدون دليل وبعد ذلك طلب مني الذهاب لمنزل الزوجية فأبيت خشية علي نفسي من الأقاويل إذ طعنني في شرفي وأنا عند والدي فماذا يفعل إن مكثت في المنزل بمفردي وهو مسافر ولقد قال لي إني زوجة ناشز وامتنع من النفقة علي وعلى ابني الذي صار عمره عاماً الآن وأريد أن أعلم ما حكم الرجل الذي يطعن زوجته في شرفها بدون دليل؟ وهل أنا هكذا أصبح ناشزا بعدم رجوعي لمنزله؟ مع العلم بأنه غائب عني منذ عام وسبعة أشهر ولقد طلبت منه النزول وحل ما بيننا من مشاكل فلم يكن رده إلا أنه حلف علي بالطلاق أنه لن يأتي إلي وأرسل لي في خطاب يقول علي الطلاق ما أنا جاي وآخذك من بيت أبوك وهو بوضعه هذا تاركني كالمعلقة لا أنا بالمتزوجة ولا بالمطلقة وأريد أن أعلم هل إن أتى إلي ليصالحني اعتبر ساعتها طالقا أم أن هناك كفارة لهذا اليمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المرأة يجب عليها طاعة زوجها بالمعروف كما بينا في الفتوى رقم: 1780، والفتوى رقم: 9218.
وعليه؛ فالواجب عليك الرجوع إلى بيت زوجك ما دام أنه طلب منك ذلك وإلا كنت في حكم الناشز، وقد مضى حكمها في الفتوى رقم: 11797.
لكن إن كان يلحقك ضرر على نفسك أو عرضك بسكناك لوحدك أثناء غياب زوجك فلا يجب عليك امتثال أمره في الذهاب إلى البيت، وبالتالي لا تعدين ناشزاً بهذا العصيان، وبخصوص ما ذكرت من حلف زوجك بالطلاق فالواضح فيه أنه طلاق معلق وحكمه أنه متى حصل المعلق عليه وقع الطلاق عند جمهور أهل العلم، وهو هنا أخذه لك من بيت أبيك، ولا فرق بين أن يكون قصده بذلك الطلاق أو التهديد به، وذهب بعض العلماء إلى أنه إن قصد به مجرد التهديد فلا يلزمه إلا كفارة يمين، وانظري الفتوى رقم: 1956، والفتوى رقم: 3795.
وننبه في الأخير إلى أن قذف الرجل زوجته المحصنة العفيفة بالزنا هو معصية كبيرة وأمارة على فسقه إذا لم تكن له بينة، قال ابن قدامة في المغني: إذا قذف الرجل زوجته المحصنة وجب عليه الحد وحكم بفسقه ورد شهادته إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن، فإن لم يأت بأربعة شهداء أو امتنع عن اللعان لزمه ذلك كله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(16/863)
الرمي بالزنا من غير توفر الشروط أمره عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: والدي تزوج بعد وفاة أمي وخلف من هذه المرأة أربعة أبناء وبنت ثم انتقل إلى رحمة الله، بعد ذلك ارتكبت هذه المرأة الزنا مع أحد الأقارب حيث رأيتها بعد أن دخلت البيت في وقت متأخر، لأني كنت أشعر أن لها علاقات مشبوهة، وقد كدت أن أقتل نفسي أو أقتلها وذلك الرجل من شدة المنظر الذي رأيت ولكنني تمالكت أعصابي، فما هو رأيكم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الزنا ليس كغيره من الأمور وموضوعه خطير جداً، ففعله كبيرة من الكبائر، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32] .
ورمي الشخص به من غير أن تتوفر الشروط لذلك أمر عظيم جداً، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] .
فالواجب عليك هو السعي في نصح هذه المرأة وتحذيرها من عذاب الله وعقوبته إذا استمرت على هذه الأفعال ويكون ذلك بتسليط النساء الصالحات عليها، ونصح قريبك بالكف عن هذه العلاقة، ولا تفكر أبداً في ذبح نفسك أو ذبح المرأة أو الرجل، فإنك إن ذبحت نفسك كنت بذلك مستحقاً لما يستحقه قاتل نفسه من العذاب، وراجع فيه الفتوى رقم: 10397.
وإن قتلت المرأة أو الرجل كنت مستحقاً بذلك أن يقتص منك أولياء المقتول، قال الله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(16/864)
قول الأب لأبنائه إنهم أبناء حرام.. رؤية أدبية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عقوبة الأب الذي يقول لأولاده أنهم أولاد الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يعود لسانه على القول الطيب، لقول الحق سبحانه وتعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: 83] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. متفق عليه.
وخاصة إذا كان المتكلم أباً، لأن الأبناء في الغالب ينظرون إلى آبائهم على أنهم المثل الحسن من حيث القدوة والاتباع مما يحتم عليهم الحرص على الالتزام بالشرع والأخلاق الحميدة، والبعد عن الألفاظ البذيئة والمشينة حتى لا يتربى أبناؤهم على ما لا ينبغي قوله أو فعله، فيتسببوا في انحراف أبنائهم عن الدين والخلق الرفيع، فيكونوا بذلك قد فرطوا في المسؤولية التي أوكل الله إليهم في تربية أبنائهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته. رواه البخاري.
ولا شك أن من الألفاظ القبيحة المحرمة قول الأب لأبنائه إنهم أبناء حرام، وذلك أن هذا اللفظ كناية، فإن قصد صاحبه القذف كان قذفاً، ولا يخفى ما في القذف من التحريم، وإن قصد به الشتم والسب فقط لا يعتبر قذفاً لأن ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية.
قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حُلِّفَ أنه لم يرد القذف ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حد، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد. كما لو قال له: يا ندل، فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة فلا حد به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(16/865)
عقوبة من اتهم شخصا بالزنا في وسائل الإعلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من اتهم آخر بالزنا عن طريق الوسائل الحديثة كالصحف، مع الأدلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قذف المسلم واتهامه بارتكاب فاحشة الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
ومن قذف مسلماً بريئاً فقد استحق حد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النور:4-5] ، وسواء كان الاتهام لرجل أو امرأة، وسواء كان بالتصريح أو التلويح ... على الراجح من أقوال أهل العلم.
فقد روى الإمام مالك في الموطأ أن رجلاً عرَّض بآخر فقال: والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية ... فاستشار في ذلك عمر رضي الله عنه أصحابه فقال قائل: مدح أباه وأمه ... وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، نرى أن تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين.
والاتهام بالزنا في وسائل الإعلام أشد حرمة وأعظم انتشاراً وأكثر تشهيراً وفضيحة للمتهم، فينبغي التعزير عليه زيادة على الحد لأنه إشاعة للفاحشة في المجتمع المسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(16/866)
ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبتي عندما تمزح معي تقول لي ولد الحرام أو اليهودي، عندما أقول لها اتقي الله ماذا تقولين لي والله إنني أضحك فقط، ما ردكم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يعود لسانه على قول الخير من ذكر الله تعالى ومن الألفاظ الطيبة البعيدة عن السب والشتائم والقذف، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول كما في الحديث الصحيح: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أوعلى مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
ولله در القائل: عود لسانك قول الخير تحظ به إن اللسان لما عودت يعتاد..
أما بالنسبة لكلمة ولد الحرام، فإنها من أخطر كنايات القذف إن لم تكن صريحة فيه من حيث الأصل، فيجب على الإنسان أولاً أن يجنبها لسانه ولا يعوده النطق بها، فالله عز وجل يقول: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة:83] ، ولكنها -والله تعالى أعلم- في عرف الناس اليوم لا تعتبر قذفا يوجب الحد، إذ المعروف اليوم أنها تحمل من معاني التنقيص والعيب أكثر مما يحمله ظاهرها من القذف، ولذلك ترى الناس إذا أرادوا أن يثنوا على أحد لصفاته الحميدة مثل كرمه أو وفائه يقولون: والله ابن حلال والعكس صحيح.
والفقهاء رحمهم الله قد نصوا على أن ألفاظ القذف تابعة للاستعمالات العرفية والقرائن الحالية، قال القرافي في الذخيرة: وضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية، فمتى فقدا حلف أنه لم يرد القذف ولا يحد، ومتى وجد أحدهما حُدَّ، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد، كما لو قال له يا ندل فإنه في الأصل زوج الزانية، والآن اشتهر في عدم الكرم أو عدم الشجاعة فلا حد به. انتهى من الفواكه الدواني.
ولا يخفى أن صدور هذه الكلمة من الخطيبة لخاطبها في مقام المزح قرينة حالية على عدم إرادة القذف، أما قول يا يهودي لمسلم فهو الآخر منكر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. متفق عليه.
فلا يخفى ما في هذا الحديث من الوعيد الشديد على قائل هذه الكلمة لأخيه المسلم، وقد ذكر أهل العلم أن قائلها يعزر ردعاً له ولأمثاله عن إطلاق ألسنتهم بمثل هذا الكلام القبيح.
هذا وفي الأخير ننبه إلى أن الخطيبة أجنبيه من خطيبها فلا يجوز له الخلوة بها، ولا يجوز لها الكشف أمامه إلا بقدر ما يتعرف به على حسنها من عدمه فيتقدم لنكاحها أو يكف عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(16/867)
الخبرالذي ليس فيه تصريح بممارسة الزنا لا يعد قذفا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أرى فتاة تتحدث مع شاب لا يربطها به أي علاقة شرعية بصورة متكررة وأخبرت أحد أصدقائي بالأمر فهل هذا قذف للمحصنات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المسلم إذا رأى أخاه يعمل شيئاً محرما أن ينصحه ويوجهه ويستر عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.
فإذا تكرر الأمر من العاصي فيجب لمن علم به أن ينصحه ويعظه فإذا لم يرتدع وكان المنكر خطيراً بحيث تترتب عليه مفاسد كالزنا أو نحو ذلك رفع أمره إلى الحاكم ليردعه.
وعلى هذا فكان من الأولى بك أن تقوم بنصح هذا الشاب وتلك الفتاة مباشرة وتبين لهما حرمة ما يقومان به فإن لم ينتهيا كان عليك أن تخبر أبا الفتاة بتصرفات ابنته إذا علمت منه تقبلا لذلك.
وعلى كل فمجرد إخبارك الغير بتلك العلاقة الآثمة من غير التصريح بأنهما يمارسان الزنا لا يعد قذفاً لأن أهل العلم عرفوا القذف بأنه نفى نسب المقذوف أو اتهامه بالزنا، قال خليل بن إسحاق المالكي: قذف المكلف حرا مسلما بنفي نسب عن أب أو جد.، قال شارحه الحطاب نقلا عن ابن عرفة: القذف الأعم نسبة آدمي غيره لزنا أو قطع نسب مسلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(16/868)
التوبيخ والظن السيئ هل يقع في دائرة القذف
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي رأى السائق قد وصل وظن أن الخادمة لم تدخل وأنها تأخرت معه في الخارج ولكنها في الواقع كانت قد دخلت للمنزل وهو لم يرها.....
كلم السائق ... وأخذ بتوبيخه وقال له إن الخادمة كانت واقفة معه في الخارج مع أن الواقع غير ذلك فهي كانت قد دخلت ولكنه ظن أنها واقفة معه وقال للسائق المسلم الذي عرف بالخير (نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً) كلاماً مؤلماً منها أسئلة كماذا كنتم تفعلون ماذا كنت تفعل مع الخادمة؟ أين كنتم؟ ومن هذا القبيل الذي يعرف معناه واضحاً.... ووبخ الخادمة التي أيضاً عرف عنها الصلاح والحجاب الشرعي والعباءة على الرأس (نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحداً) وأخذ يحكي ما حدث لنا أنا وأخوتي الحادثة....فهل هذا من باب القذف؟ وهل عليه أن يستغفر الله طالما انه لا بينة لديه ولا أربعة شهداء مع العلم بأنه لم يصرح بلفظ قذف (كالزنا أو الفجور)
فهل ما حدث هو باب من أبواب القذف؟
ارجو الافادة فالموضوع مهم فأبي رجل محافظ على صلاة المسجد ورجل صالح نحسبه كذلك والله حسيبه وأنا في الحقيقة أخشى عليه جدا ان يكون هذا من أبواب القذف الذي هو من السبع الموبقات
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على كل مسلم التثبت في الأخبار والوقائع، والتحري وعدم مؤاخذة أو محاسبة الناس بالظن والأوهام.
قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ] (الحجرات: 12)
وقال سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ] (الحجرات:6) .
والذي وقع من أبيك هو من هذا القبيل وهو التسرع بالظن السيئ، وكان الواجب عليك أن تنبهي أباك أن الخادمة قد دخلت، وأنه لا يجوز اتهام الناس بالظنون ومحاسبتهم وتوبيخهم.
والأحكام التي تتعلق بالقذف يجب على الإنسان معرفتها ومن أهمها: أنه لا يجوز قذف المحصن رجلا كان أو امرأة، والمحصن هو من لم يثبت عليه فعل الفاحشة، فكيف بمن هو ظاهر الصلاح، وقد ذكرت أنهما (السائق والخادمة ظاهرا الصلاح) كما تقولين، فالواجب على أبيك التوبة إلى الله والاعتذار منهما وطلب المسامحة، لأن من شروط التوبة الندم والإقلاع والعزم ورد المظالم، وهذا الاعتذار وطلب المسامحة من رد المظالم، وبما أن السائلة لم تذكر لنا الألفاظ التي حكى لها والدها، فلا نستطيع الحكم عليها بأنها ألفاظ قذف يترتب عليها الحد أو ليست كذلك، وأما سؤاله للسائق ماذا كنت تفعل ونحوه، فليس قذفا إذ هو مجرد سؤال مبني على ظن خاطئ، فهو إذا ليس قذفا يحد عليه؛ وإن كان فيه سوء ظن بمسلم صالح وجرح لشعوره، وهما محرمان تحريما شديدا وإن كانا لا يصلان إلى درجة القذف، والتراجع الفتاوى التالية: 32178، 8191، 17915.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(16/869)
يوقع الحد على من نفى رجلا عن أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[1/لدي ذو رحم خدش في نسبي من غير وجه حق اعتباطاً، فهل يحق علي أن أخاصمه؟ وهل هنالك خصومة شرعية؟ علما بأنه كان في حالة انفعال.؟
2/ ماحكم مسلم ذهب مع مسيحية إلى الكنيسة بغرض تأديتها للصلاة؟ علما بأنه لايربطها بها أي رابط شرعي أي ليس هو زوجها ولا أخاها، بل زميلها فقط في الدراسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان كلامه فيه تصريح بنفي نسبك لأبيك، فإن هذا يعتبر قذفا يوجب جلده ثمانين جلدة، ويجوز لك أن ترفع أمره إلى المحكمة الشرعية –إن وجدت- لتقيم عليه الحد، قال ابن قدامة في "المغني": إذا نفى رجلا عن أبيه، فعليه الحد، نص عليه أحمد، واحتج ابن قدامة لهذا الحكم بقول ابن مسعود لا جلد إلا في اثنتين: رجل قذف محصنة، أو نفى رجلا عن أبيه.
وليس هذا مذهب الإمام أحمد وحده، بل هو مذهب جميع العلماء من السلف والخلف، نص على ذلك ابن عبد البر في "الاستذكار"، حيث قال: قال أبو عمر: لا خلاف بين السلف والخلف من العلماء فيمن نفى رجلا عن أبيه، وكانت أمه حرة مسلمة عفيفة أن عليه الحد ثمانين جلدة، واختلفوا إذا كانت أمة أو ذمية.
وأما سبه بمثل ذلك فإنه لا يجوز، لأنه يستلزم قذف أمه التي لم يصدر لك منها أي سوء، كما لا يجوز لك أن تطبق عليه الحد بنفسك، لأن ذلك من اختصاص السلطان، ولا يجوز الذهاب للكنيسة مع المسيحية، لأن صلاتها ضلال وباطل لا تجوز الإعانة أو التشجيع عليه، بل يخاف على صاحبه أن يكون راضيا بكفر الكفار، وقد عد العلماء ذلك كفرا، وراجع للزيادة في الموضوع وفي حكم الذهاب للكنيسة وصداقة المرأة الكافرة من غيرها الفتاوى التالية: 24552، 8191، 15776، 8327، 9431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(16/870)
اتهام المسلم بارتكاب الفواحش من الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود معرفة الحكم الشرعي لمقاطعة ذوي الأرحام (زوجة الخال) إن ثبتت عليها تهمة الزنا (طبقا لقانون البلد الذي نعيش فيه دون أربعة شهود) فهل علي وزر إن قاطعتها؟ مع العلم بأنني لا أرتاح لها منذ زمن بعيد، لأني أستشعر فيها قلة الحياء، وهل إذا أقرت بجريمة الزنا الموجهة لها أستحق بذلك حد القذف (لعدم توفر الشهود؛ ولكنها قبض عليها في بيت مشبوه وبه رجال؛ وهي المرة الثانية، فقد اتهمت بذلك أيضا منذ15 عاما في إحدى الدول العربية)
فهل أنا قاذفه؟؟؟ وهل أنا قاطعة للرحم؟؟؟
وهل يحاسب الإنسان إذا قطع من لا يرتاح له قلبه؟؟؟ أم يصله على كره؟
آسفة سيدي إن سقت إليك تلك الكلمات؛ وجزاك الله خيرا لرحابة الصدر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فرض الله سبحانه وتعالى على عباده صلة الرحم، وحرم عليهم قطعها.
قال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ [الرعد:21] .
وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] .
والرحم التي تجب صلتها ويحرم قطعها: الآباء والأجداد وإن علوا.. والأبناء وأبناؤهم وإن نزلوا، والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ومن في منزلتهم من المحارم.
وما عدا ذلك فتستحب صلته، ولا تجب على الراجح من أقوال أهل العلم.
وعليه، فزوجة خالك ليست من ذوي الأرحام التي تجب صلتها -إذا لم تكن لها قرابة أخرى تستحق بها وجوب الصلة- وإنما تستحب صلتها.
وأما قذف المسلم واتهامه بارتكاب الفواحش، فإنه من كبائر الذنوب وعظيم الموبقات، فقد قرنه النبي صلى الله عليه وسلم بالشرك والسحر وقتل النفس وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف، جاء ذلك في الصحيحين، مما يدل على أن هذا الأمر عظيم ولا يجوز للمسلم أن يتلفظ بشيء من ذلك، ما لم تكن هناك بينة واضحة لا تحتمل التأويل.
ولهذا خص الله تعالى الحكم على هذا النوع من الجرائم برؤية أربعة شهداء رؤية لا تحتمل التأويل.
وننصح الأخت السائلة بكف لسانها وصونه عما لا ينبغي، لأن الحديث عنه فيه من الضرر عليها وعلى المجتمع ما لا يخفى.
وإذا كانت لا ترتاح لخالة زوجها لقلة حيائها أو ما أشبه ذلك، فعليها أن تتجنبها.
نسأل الله لنا وللجميع الهداية والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(16/871)
حكم التعريض بالقذف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما جزاء من يتهم الرجل بالفعل القبيح أو يتهم المحصنين من الرجال بالسوء؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حماية أعراض المسلمين وصيانة كرامتهم مطلب من مطالب الإسلام، والشرع يسد الباب أمام الذين يلتمسون العيب والنقيصة ويلغون في أعراض الناس - أهل العفة - ويحظر أشد الحظر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19] . والذي يتهم الرجل بالفعل القبيح أو يتهم المحصنين من الرجال بالسوء.. فإن كان في تهمته تصريح بنسبة الزنا إليهم فلا خلاف بين الأمة في أنه استحق حد القذف وهو ثمانون جلدة. انظر ذلك في الفتوى رقم: 15776.
وأما لو كان يُعَرِّض بهم ولا ينسب لهم الزنا بصراحة فقد اختلف في لزوم الحد له وعدم لزومه. قال ابن قدامة في المغني: واختلفت الرواية عن أحمد في التعريض بالقذف مثل أن يقول لمن يخاصمه: ما أنت بزانٍ، ما يعرفك الناس بالزنا، يا حلال بن الحلال. أو يقول: ما أنا بزانٍ، ولا أمي زانية. فروى عنه حنبل: لا حد عليه. وهو ظاهر كلام الخرقي، واختيار أبي بكر، وبه قال عطاء وعمرو بن دينار وقتادة والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وابن المنذر.. وروى الأثرم وغيره عن أحمد أن عليه الحد، وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه، وبه قال إسحاق؛ لأن عمر حين شاورهم في الذي قال لصاحبه: ما أنا بزانٍ ولا أمي بزانية. فقالوا: قد مدح أباه وأمه. فقال عمر: قد عرض بصاحبه. فجلده الحد. وقال معمر: إن عمر كان يجلد الحد في التعريض ... (9/81) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(16/872)
التعرض لعرض من ولدت على فراش الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أنجبت طفلة غير شرعية (من غير زوجها) باعتراف الأم، وهذه الطفلة من أغلى الأطفال على زوجها حيث أنه يحبها كثيراً، وهو في حقيقة الأمر لا يعلم بما فعلته زوجته، ما هي الطريقة حتى يتم إخبار زوجها بهذا الأمر، ساعدنا؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن لأعراض المسلمين من الحرمة ما يمنع التدخل في هتكها، فإن كان السائل مجرد شخص سمع المرأة أو أمها تتحدث بشيء، فليعلم أن هذه البنت ولدت على فراش هذا الزوج، ولا يمكن التعرض لعرضها إلا إذا نفاها الزوج بلعان. واعلم يا هذا بأن الشرع حض على ستر المسلمين كما في الحديث: ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر، ورواه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة. وقد حرم الشرع هتك عرض المسلم؛ كما في الحديث: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا. رواه مسلم. واعلم أن من نفى نسب شخص يعتبر قاذفاً يجب عليه إثبات ما قال وإلا جلد ثمانين جلدة، قال صاحب الكفاف في تعريف القذف: القذف أن يرمي حرا محصنا ... بنفيه نسبه أو بزنى وهو عاقل عفيف أو جهل ... وإن بتعريض به لا يحتمل فإذا تقرر هذا.. علمت أنك لا يحق لك إخبار زوج المرأة بأي شيء. هذا وننبه إلى خطورة الزنا بالمرأة المتزوجة لما فيه من زيادة ذنب آخر على ذنب الزنا، وهو تخبيب المرأة على زوجها، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أبو داود والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني. ولما فيه من اختلاط الأنساب الذي هو أحد علل تحريم الزنا، ويزداد الأمر خطراً إذا كانت الخيانة من الجار، لما في حديث ابن مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: أن تدعو لله ندا وهو خلقك، قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قال: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك. رواه البخاري. كما ننبه على خطورة خيانة المرأة لزوجها، لما في الحديث: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. ومن حق الزوج على الزوجة أن لا تدخل أجنبياً بيته، وأن لا توطئه فراشه؛ كما في الحديث: فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون. رواه الترمذي من حديث عمرو بن الأحوص وقال: حديث حسن صحيح. وفي الحديث: لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة. وننصح الأم إذا كان الأمر واقعياً أن تستر نفسها وتتوب إلى الله، وتستسمح زوجها من دون تصريح له بما حصل، ويستحسن أن تزوج بنتها عند بلوغها برجل يبعدها عن الاتصال بأعمامها، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لسودة في حق أخيها الذي ألحق بأبيها لكونه ولد على فراشه وكانت القافة تشهد بإلحاقة بعتبة بن أبي وقاص الذي ادعاه: الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة. رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة. ولو قيل إنه يستحسن أن ترغبها بلطف عند وفاة الزوج في التنازل لبقية الورثة عن حقها في الميراث لما كان ذلك ببعيد عن الصواب، نظراً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لسودة بالاحتجاب من ذلك الرجل مع أنه قد حكم شرعاً بأنه أخوها، وللمزيد في موضوع الستر والإلحاق بالزوج راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29434، 13390، 6280، 1117، 30061. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(16/873)
قذف المحصنات الغافلات من السبع الموبقات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى (قذف المحصنات الغافلات) ؟ وجزاكم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاءت هذه الكلمات ضمن الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات.
قال الإمام النووي: المحصنات: العفائف، الغافلات: عن الفواحش وما قذفن به، والقذف هو الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1424(16/874)
الزنا محرم، ويتوب الله على من تاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في من فعل فاحشة مع فتاة وبعد ذلك فضحها هل يكون لا عقاب له في الشريعة؟ وهل
يرضى الله عن هذه الفعلة؟ وارجو من حضرتكم أن تذكروا لي الآيات والأحاديث الدالة على أن هذا الشيء حرام أم حلال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن زنا بامرأة، فقد فعل منكراً عظيماً، وأتى كبيرة من كبائر الذنوب التي ثبت تحريمها بالأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان هذه الأدلة بالفتوى رقم: 1602.
والواجب على من فعل هذه الفاحشة التوبة إلى الله تعالى، ولا يجوز لمن فعل ذلك أن يجاهر بذلك، سواء عن نفسه أو عمن زنى بها، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.
وأما فضح هذه المرأة هل يكون قذفاً يترتب عليه الحد الشرعي؟ فقد نص الفقهاء على أن من شرائط إقامة حد القذف على القاذف العفة عن الزنى، ومعناها أن لا يكون المقذوف قد وطىء في عمره وطئاً حراماً، فإن فعل ذلك سقطت عفته.
فعلى هذا، فلا حد على من قذف هذه المرأة، لكونها غير عفيفة إذا ثبت ذلك.
وأما رضا الله تعالى، فإنه يتحقق بصدق التوبة بالإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه، ويتوب الله على من تاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(16/875)
ارتكاب الكبائر لا يبرر ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي يريد أن يصلي لكنه قذف عدة مرات النساء المحصنات ويسأل كيف تمكنه التوبة من هذا لأنه قرأ عن حديث السبع الموبقات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصديقك هذا على خطر عظيم إن لم يتداركه الله برحمة منه فيوفقه لأداء الصلاة وترك قذف المحصنات، فترك الصلاة منكر عظيم يصل بصاحبه إلى الكفر، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بين الرجل والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
ويقول عمر رضي الله عنه: أما إنه لا حظَّ في الإسلام لمن ضيع الصلاة.
فليتق الله صاحبك وليبادر إلى أداء الصلاة كما أمره الله وليقلع كذلك عن قذف المؤمنات المحصنات فإنه من الكبائر والموبقات، وكمال توبته من هذا الذنب أن يكذب نفسه أمام من رمى المحصنات عندهم، ويستسمح ممن رماهن، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:4-5] .
فإذا لم يكذب نفسه ويستسمح ممن رماهن بالبُهتان، خشية ضرر أو إثارة عداوة ونحو ذلك، فيكفيه أن يحسن حاله، ويصلح عمله، ويندم على ما فرط منه، ويستغفر الله من ذلك، ويعزم على ترك العود إلى مثله.
وننبه إلى أن ارتكاب الكبائر لا يبرر للشخص ترك الصلاة، فمهما يكن من ارتكاب الشخص للموبقات والكبائر، فإنه يصلي ولا يترك الصلاة لأجل ذلك، وعسى صلاته أن تنهاه عن هذه المحرمات، قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] .
قال البيضاوي في تفسيره: بأن تكون "الصلاة" سبباً للانتهاء عن المعاصي حال الاشتغال بها وغيرها من حيث أنها تذكر بالله وتورث النفس خشية منه، وروي أن فتى من الأنصار كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدع شيئاً من الفواحش إلا ارتكبه، فوصف له عليه الصلاة والسلام، فقال: إن صلاته ستنهاه، فلم يلبث أن تاب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(16/876)
حكم من قال أخبرني فلان أن فلانا وفلانة أخبراه بأنهما زنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اتهمت رجلاً وزوجته بفعل الزنا قبل زواجهما بناءً على إفشائهما بسرهما لأحد الأشخاص الموثوق في صدقهم الذي أخبرني بذلك في السر، ولقد قمت بنقل هذا الخبر لشخص آخر, فهل أكون قد وقعت في كبيرة القذف؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للشخص أن يقذف محصناً – رجلاً أو امرأة- بالزنا إلا إذا كان معه ثلاثة شهود؛ لقول الله تعالى عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:4- 5] .
وفي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد أبا بكرة وشبل بن معبد ونافعا بقذف المغيرة بن شعبة ثم استتابهم، وقال من تاب قبلت شهادته، قال ابن قدامة: (وكان بمحضر من الصحابة فلم ينكره أحد.) انتهى.
وعليه؛ فإذا كنت قلت "فلان زنى بفلانة قبل زواجها" فهو قذف تجب عليك التوبة منه، وللمقذوف المطالبة بإقامة حد القذف عليك.
وأما إذا كنت قلت: أخبرني فلان أو أشهدني أن فلاناً وفلانة أخبراه بأنهما زنيا قبل زواجهما فلا تعد قاذفاً ولا من أخبرك بذلك عنهما، قال ابن فرحون اليعمري المالكي: (وإن شهد واحد على الإقرار حُدَّ، فإن نقل ذلك عن غيره ففيه خلاف، قال ابن القاسم: يحد، وقال محمد: لا يحد إذا قال أشهدني فلان؛ إلا أن يقول: هو زانٍ أشهدني، وهذا أحسن لأنه حقق عليه، فإذا لم يثبت حد.) انتهى.
وقال الشربيني في مغني المحتاج: (ولو شهد واحد على إقراره بزناً فلا حد عليه جزماً لأن من قال لغيره قد أقررت بأنك زنيت وهو في معرض القذف والتعيير لا حد عليه.) انتهى.
وننبه هنا إلى أمرين:
أولهما: أنه ما كان ينبغي للرجل والمرأة أن يفشيا معصيتهما وقد سترها الله عليهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا." رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي.
والثاني: أنه ما كان ينبغي لك ولا لمن أخبرك أن تخبرا بهذا الأمر لاسيما من أخبراه وطلبا منه الستر عليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(16/877)
القذف هو رمي الغير بالزنا صراحة أو ضمنا.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
السؤال: هل يجوز شرعا فحص DNA لدي الأبناء لمن عنده شك في زوجته، وهل يعتبر هذا الفحص قذفاً حتى ولو تم سراً؟ وهل من الممكن الحصول على رقم هاتف المفتي؟
وجزاكم الله خيراً ... والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقذف هو: رمي "اتهام" الغير بالزنا، صراحة أو ضمناً، ومثال الصريح منه أن يقول يا زان أو يا زانية، ومثال الضمني أن يقول: هذا الولد من غير زوجك، ونحو ذلك وبناء على ذلك فإذا حصل الاختبار المذكور بموافقة الزوجة ورضاها فلا يعتبر قذفاً لعدم التصريح أو التلميح به لأحد على ما سيأتي من تفصيل، والقذف لغير الزاني حرام، بل هو من السبع الموبقات، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات، وعدَّ منهن ... قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
والواجب على من أراد إثبات الزنا من الأزواج أن يكون متيقناً مما يقول، كتيقنه من رؤية الشمس في الظهيرة، أما إذا كان القاذف بالزنا غير الزوج فلا يجوز له القذف إلا إذا اجتمع معه ثلاثة من الشهود الذين ثبت لديهم الأمر كما ثبت لديه، قال الله تعالى: لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور:13] . هذا في حالة اليقين، والشاهد في هذا بيان خطورة الأمر وحساسية الأمر الذي يجعل الإقدام على اتهام الزوجة أو غيرها من المحصنات أمراً خطيراً جداً وكل من أقدم عليه بدون البينة السابقة يكون ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب والموبقات ويستحق بذلك اللعن والحد وهو هنا ثمانون جلدة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] .
ويقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:23] .
لكن نقول للأخ السائل لا تقدم على هذا الأمر أبداً لا سراً ولا جهراً ولو وافقت الزوجة لأنه لا فائدة في نتائجه شرعاً إذ لا يترتب عليه نفي الولد ولا إلحاقه، وبالتالي فإنه يصبح مدعاة للوساوس والشكوك والمرء في غنى عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(16/878)
تطبيق حد القذف هل من اختصاص أفراد الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هناك شخص ادعى الزنا بأختي وأنها حملت منه وتمت عملية إجهاض وأجرينا الكشف الطبى بواسطة طبيبة مسلمة وأكدت لنا أنها مازالت عذراء ولم يحدث شيء من هذا- نحن في بلد لايطبق حدود الله - فهل لي أن أطبق الحد عليه بنفسي - وكيف يكون القصاص - الرجاء الرد قبل مايتمكن مني الغضب وأفعل به شيئا - جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الذي فعله ذاك الرجل هو قذف لأختك يستوجب الحد، وهو ثمانون جلدة، كما جاء في كتاب الله قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:4)
وحيث إن الحدود ليست مطبقة في بلادكم فليس لأحد سواء كان أنت أو غيرك أن يقيم عليه الحد، وليس معنى ذلك أن ذاك الشخص قد أفلت بفعلته، فلئن فاته عقاب الدنيا فلن يفوته عقاب الآخرة، قال تعالى (وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) (طه: من الآية127) إلا إذا تاب وأناب إلى الله وصدقت توبته، فإن التوبة تجب ما قبلها، وقد قال تعالى بعد ما ذكر حد القذف في الآية التي ذكرناها: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:5)
والذي ننصحك به أخي السائل هو أن تكل أمره إلى الحَكَم العدل يحكم فيه سبحانه بما يشاء، وعليك أن تتحلى بالحلم وضبط النفس فلا تحملك الحمية والرغبة في الانتقام على أن تفعل ما تندم عليه بعد ذلك، وعليك أن تحمد الله تعالى حيث ثبتت براءة أختك وعفافها، وإلا فكيف يكون حالك إذا ثبت عكس ذلك، نسأل الله تعالى أن يفرج كربك وأن يذهب غمك وأن يهيئ لك من أمرك رشداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(16/879)
(سترت عليك لعدم تيقني من عذريتك) هل هذا قذف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم من اتهم زوجته بأنها غير بكر نظراً لعدم نزول الدم؟ وهل يعتبر قذفا أن ذكر لها بأنه قد ستر عليها لعدم تيقنه من عذريتها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدم نزول الدم ليس دليلاً على عدم وجود غشاء البكارة لأسباب كثيرة، ذكرناها في الجواب رقم: 19950.
وبناء على ذلك، فلا يُحكم بعدم وجود بكارة المرأة بناءً على هذا المقياس، ولا يجوز للزوج ولا لغيره اتهام المرأة بالزنا بدون توفر الشروط اللازمة لصحة هذا الاتهام، ولمعرفة شروط ثبوت الزنا والحكمة منها راجع الأجوبة التالية: 685، 20147، 21307.
وأما عن قول الزوج لزوجته: (قد سترت عليك لعدم تيقني من عذريتك) فلا يكون قذفاً إلا إذا كان العرف عندكم يعد هذه الجملة قذفاً، والغالب الذي نعلمه أن يقصد بهذه الجملة أنه أخفى عدم بكارتها عن الناس براً بها، وإكراماً لها، لا أنه يتهمها بالزنا، ومع هذا فالأمر يخضع للعرف عندكم، ولمعرفة حد القذف وأحكامه تراجع الفتوى رقم: 15776، والفتوى رقم: 17640، والفتوى رقم: 8191.
وإننا لننصح الزوج بإمساك زوجته، والحرص عليها ما دامت حسنة العشرة، متمسكة بدينها، مرضية السيرة، وليمسك لسانه عن مثل هذا الكلام الذي يجرح المشاعر ويؤلم النفس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(16/880)
رمي الناس في أعراضهم دون بينة قاطعة يستوجب اللعن و ...
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجة أخ سيئة السمعة وزانية وبما أني قد تصديت لها وأخبرت أخي بفعلتها فقد هددت بأنها ستفرق بيني وبين زوجي والعلاقة بيني وبين زوجي في الوقت الحاضر في حالة احتضار بسبب ما لفقته لي ولأهلي. في الوقت نفسه عندي بعض الأدلة التي قد تتسبب في فصلها من عملها وهي أوراق مزيفة قد قدمتها للحصول على الوظيفة وبما أنني قد تضررت ضرراً كبيرا منها فهل تنصحوني بأن أرد عليها بالمثل.
وجزاكم الله خيرا ,,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حماية أعراض المسلمين، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، مطلب من مطالب الإسلام، وغاية من غاياته. ولهذا فالشرع يسد الباب أمام الذين يلتمسون العيب والنقيصة للبشر، فيمنعهم من أن يجرحوا مشاعرهم، ويلغوا في أعراضهم، ويحظر أشد الحظر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ويحرم القذف تحريماً قاطعاً، ويجعله كبيرة من كبائر الذنوب، ويوجب على القاذف ثمانين جلدة، ويمنع شهادته، ويحكم عليه بالفسق واللعن واستحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ما لم يأت بما لا يتطرق إليه الشك من إقرار، أو ظهور حمل ممن لم يكن لها زوج، أو شهادة أربعة شهود على حالة قلما تتحقق.
كل هذا يدل أختي السائلة على أن ما قمت به أولاً من إخبار أخيك عن زوجته أمر خطير، وما كان من حقك أن تقدمي عليه إلا بعد التحقق منه بإحدى الوسائل السابقة ما لم تكن هي فعلته مجاهرة به، أما الآن وقد وقع فعليك أن تسمتسمحي هذه المرأة، وتترضيها، وتتوبي إلى الله تعالى من ما بدر منك تجاهها، ولعلها هي تتراجع، وتتوب إلى الله تعالى من عملها.
أما أن تنتقمي منها بالتسبب في ما يضرها أو يفصلها من عملها فهو أمر لا ينبغي، إذ قد يترتب عليه ضرر كبير لها، ولمن حولها من أولاد وأقارب.
والله عز وجل يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [المؤمنون:96] .
ويقول: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1423(16/881)
القذف بالألفاظ الدالة عليه تخضع لعرف البلد
[السُّؤَالُ]
ـ[قال: إن فلاناً متزوج من فلانة زواجا غير رسمي وأنهما يعيشان معا كزوجين خلافا للحقيقة هل هذا قذف للمحصنات؟
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزواج العرفي عند أكثر الناس هو النكاح الذي استوفى جميع الشروط: من ولي وصداق وشهود، إلا أنه لم يدون في الدوائر الرسمية.
وعليه، فإن كان هذا هو الذي وصف به الشخص زواج محصنة أو محصن، فإنه لا يعد قاذفاً بذلك لأنه زواج صحيح لا يخل بعفة ولا كرامة.
أما إن جرى عرف بلد السائل أن الزواج العرفي شيء آخر، وأن الرمي به يخدش من عرض وعفة من رمي به، فإنه يدخل في دائرة القذف، وذلك لأن القذف بالألفاظ الدالة عليه تخضع لعرف البلد ومصطلحاته، فما جرى في العرف أنه يقصد به القذف والنيل من العفة عد قذفاً، وراجع الفتوى رقم: 3329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(16/882)
حكم بعض ألفاظ الشتم التي قد تعتبر قذفا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الشرع في الشخص الذي عندما كان يسب زوجته يقول لها ياقحبة، ياشرموطة يا عايبة يابنت العايبة مع العلم أن هذا الشخص توفي نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة مع العلم أن هذا السباب كان في حالة الغضب وليس عن اقتناع. وهل يعتبر هذا الشيء من قذف المحصنات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الميت قد أفضى إلى ما قدم، فينبغي الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وعدم التفتيش والبحث فيما قدمه من أوزار.
وأما الشتم بلفظ "ياقحبة" فهو قذف عند بعض العلماء، ومنهم من يراه من ألفاظ الكناية، فإن فسره صاحبه بما ليس قذفاً كأن يقول: إن مراده أنها تستعد لذلك لا أنها وقعت في الحرام، لم يحد.
والواجب على المسلم الحذر من استعمال هذه الألفاظ المنكرة، ولو غاب عن ذهنه قصد القذف بالفاحشة، فليس المؤمن بالطعان ولا بالفاحش البذيء.
ونسأل الله أن يرحم هذا الشخص ويتجاوز عنه، وينبغي لامرأته أن تعفو عنه وأن تحلله من هذا السب رجاء أن يعفو الله عنها، كما قال الله: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:22] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(16/883)
القذف ... حكمه وعقوبته
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يقال عن الإنسان زان؟ ومتى يقال عنه خائن بالنسبة للعلاقه الزوجية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حماية أعراض المسلمين، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، مطلب من مطالب الإسلام، وغاية من غاياته، ولهذا فالشرع يسد الباب أمام الذين يلتمسون العيب والنقيصة للبشر، فيمنعهم من أن يجرحوا مشاعرهم، ويلغوا في أعراضهم، ويحظر أشد الحظر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ويحرم القذف تحريماً قاطعاً، ويجعله كبيرة من كبائر الذنوب، ويوجب على القاذف ثمانين جلدة ويمنع شهادته، ويحكم عليه بالفسق واللعن واستحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ما لم يأت بما لا يتطرق إليه الشك من إقرار، أو ظهور حمل ممن لم يكن لها زوج، أو شهادة أربعة شهود على حالة قلما تتحقق.
وعلى هذا، فلا يجوز أن يقال عن شخص إنه زان ولو بعبارة غير صريحة ما لم يكن معروفاً بالزنى مجاهراً به، ومن رماه بالزنا جلد ثمانين جلدة، ولا فرق في هذا بين الأزواج وغيرهم، فكل من رمى شخصاً بالزنا وهو غير مجاهر به استحق الجلد ما لم يأت ببينة -مما قدمنا- تدل على صدقه، إلا الزوج وحده فإنه إذا تحقق من زنا امرأته ولم يجد أربعة شهود ورماها بالزنى، فإنه يدرأ عنه حد القذف أن يلاعنها، واللعان هو المذكور في سورة النور عند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [النور:6-9] .
والرمي بالخيانة الزوجية يدخل في القذف إذا كانت حسب العرف تقتضي زنا أحدهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(16/884)
قذف المسلم من الكبائر الموبقات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقذف الإ نسان بالزنى ويناديه بالزاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقذف المسلم كبيرة من كبائر الذنوب، بل هو موبقة من الموبقات السبع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " رواه مسلم ويستوي في ذلك قذف الرجل وقذف المرأة.
ومن قذف مسلماً حراً بالغاً عاقلاً عفيفاً عن الفاحشة التي رمي بها فقد استحق حد القذف، وللمقذوف مطالبة الحاكم بإقامة الحد عليه، وعلى الحاكم أن يطبق عليه الحد ما لم يعف المقذوف عنه وراجع الجواب رقم:
8191
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(16/885)
الاتهام بالزنا دون بينة جريمة نكراء
[السُّؤَالُ]
ـ[وأنا صغير كانت والدتي تعزم رجلا في بيتها وقد عرف أنهما كان معهما الشيطان وزنا بها. وأنا صغير وكنت أخاف من كل شيء وكرهتها ولا أدري ماذا أعمل؟ وهي التي ربتنا بعد موت أبي وبعد أن كبرت يطاردني هذا العمل في كل وقت، أريد حلا. وشكرً. ا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز إطلاق القول بأن فلاناً قد زنى، أو فلانة قد زنت بمجرد الظن، أو التخمين، أو الإشاعة، أو القول بأنه عرف ذلك، وقد اشترط الشارع لثبوت هذه الجريمة شروطاً مشددة. قال الإمام ابن رشد: (وأجمع العلماء على أن الزنى يثبت بالإقرار وبالشهادة. واختلفوا في ثبوته بظهور الحمل في النساء غير المزوجات إذا ادعين الاستكراه) بداية المجتهد (4/1725) وقال أيضاً (وأما ثبوت الزنا بالشهود: فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنا بالشهود، وأن العدد المشترط في الشهود أربعة، بخلاف سائر الحقوق، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور:4] .
ومن صفتهم أن يكونوا عدولاً، وأن من شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها، وأنها تكون بالتصريح لا بالكناية) ومن هنا وجب الحذر من اتهام الآخرين دون بينة أو قرار، ويعظم الأمر أكثر إذا اتهم الابن أمه بذلك بمجرد الظن أو الشك، فضلاً عن كونه قذفاً محرماً، وعلى أية حال، فالزنا من كبائر الذنوب، وعواقبه وخيمة في الدنيا والآخرة، والواجب على من ابتلي بذلك أن يتوب إلى الله توبة صادقة، وأن لا يعود إليه أبداً، وعلى افتراض أن هذه المرأة وقعت فيه فلعلها قد تابت من ذلك، فإن تابت فذلك خير، وإن لم تتب فالواجب عليك هو نصحها، وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، وعليك أن تعلم أن ما يصدر من الوالدين من مخالفات شرعية لا يسقط حقهما في البر مهما كانت هذه المخالفات؛ ولو وصلت إلى حد الكفر بالله، قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [لقمان:14،15] .
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1422(16/886)
قول الرجل: يابنت الحرام ... قذف يوجب الحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال لزوجته يا بنت الحرام هل لها أن تطالب بالحد أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن قول الزوج أو غيره لزوجته أو لغيرها: يا بنت الحرام! قذف لوالديها، ومعنى القذف: رمي (اتهام) الغير بالزنا صراحةً، أو ضمناً.
والقذف حرام، وهو من الكبائر السبع الموبقات (المهلكات) ، فقد روى البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "اجتنبوا السبع الموبقات"، وعدّ منهن "قذف المحصنات (العفيفات) المؤمنات الغافلات"، وقد توعد الله تعالى من قذف غيره باللعن، وبالعذاب الشديد، قال تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعنوا في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب عظيم، يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) [النور: 23-24] .
ومن قذف غيره، ولم يُثبت اتّهامه بالزنا بأربعة شهود يرون الفرج في الفرج، كما يدخل المرود في المكحلة، ورُفع أمره إلى الحاكم، عُوقب بجلده ثمانين جلدة حدّاً، قال تعال: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون) [النور: 4] .
فعلى هذا الذي رمى أهل زوجته بالزنا أن يتوب إلى ربه، ولا يعود للقذف مرة أخرى، قال تعالى في حقّ التائبين من القذف: (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) [النور: 5] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1422(16/887)
الحد الشرعي بالجلد لمن يقذف المحصنات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
في شبابي ومقتبل عمري كنت أجالس بعض الذين تهمهم معرفة وتتبع الشهوات من نساء وغير ذلك وكان يدور في مجالسنا أحاديث عن أهم المغامرات التي يعملها كل منا مع النساء وبفضل الله لم يكن لدي مغامرات ولكن حتى أجاريهم وأبين لهم أن لي مقدرة كان يعرف بقريتنا امراة جميلة وعاقلة وكل واحد يتمنى القرب منها وحدثتهم أنني عملت معها وعملت وهذا افتراء والله يعلم أنها بريئة من ذلك، وما قلت ذلك إلا مجاراة لهم.
أفيدوني ما أعمل فأنا محتار وأرغب بالتكفير عن خطيئتي؟.
أسال الله العظيم أن يجزيكم خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وقعت في منكر عظيم وقبيحة فظيعة اشتملت على أكثر من معصية من جلوسك إلى قرناء السوء، وخوضكم في أعراض الناس، والكذب والبهتان إلى غير ذلك من المعاصي.
فأولاً: أسأت إلى نفسك بأن اتهمتها بهذا المنكر، ورضيت أن توصف بالمعصية، وجاهرت بها أمام الناس، وفي الصحيحين عن
أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كل أمتي معافي إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول يافلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه ".
فيكف ترضى بنفسك أن تفاخر بالمنكر، وتقع في هذا المجون والتهتك، فبدلاً من أن تستحي من الخطيئة وتندم على فعلها- إن فعلتها - وتستتر منها، وترجو رحمة ربك، بدلاً من هذا كله تقع في خلافه، لا لغرض إلا لتظهر بين قرناء السوء بقدرتك على ارتكاب المنكرات.
ثانياً: أنك وقعت في الكذب الذي هو سبيل الفجور، والفجور سبيل النار، وقد توعد النبي صلى الله عليه الذي يكذب ليضحك الناس بالويل، فعن أبي داود والترمذي وأحمد عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ويل لمن يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له " وهذا لمن يكذب على القوم لمجرد إضحاكهم، فيكف بما يترتب عليه من الخدش في أعراض الآخرين، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال " وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم". وإن أقبح الكذب اتهام البرآء بما ليس فيهم، وأقبح ذلك منه وأبشع اتهامهم بالفاحشة لما فيه من ظلم وعدوان على أعراضهم، وإشاعة للفاحشة بين الناس، وتهوين أمرها، وتشجيع الناس عليها، ولذلك اعتبرها الإسلام كبيرة من الكبائر، وجعلها من المهلكات لصاحبها، ووضع لها عقوبة في الدنيا، وهي حد القذف ثمانون جلدة فقال سبحانه وتعالى (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون* إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) [النور: 4-5] . وتوعد القرآن قاذف المحصنات باللعن وتقريرالعذاب العظيم، فقال سبحانه (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) [النور 23-24] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله وسلم قال " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ".
وأخرج أحمد عن ابن عمر أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال " ومن قال في مؤمن ما ليس فيه سقاه الله من ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارج " وردغة الخبال عصارة أهل النار.
وانظر إلى ما يترتب عليه كلامكم من تشويه سمعة تلك المرأة المؤمنة التي تلوك عرضها الألسنة ظلماً وزوراً.
فعليك بالتوبة النصوح الصادقة، أولاً والندم على ما فعلت وعدم العودة إليه، والإكثار من الاستغفار والطاعة ومجالسة الصالحين، والبعد عن رفقاء السوء، كما أن عليك أن تذهب إلى كل من كلمته بخبر هذه المرأة، وتذود عن عرضها، وتقول لهم: إنك في قولك السابق كنت كاذباً، وإنها طاهرة مبرأة مما قلت وانصح رفقاءك السابقين بالتوبة والاستغفار أيضاً. ونسأل الله أن يعينك على ذلك، وأن يغفر لك وللمسلمين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1421(16/888)
تجب التوبة من شرب الخمر حتى تقبل الأعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[والنبي أحد يسمعني، أنا ـ وللأسف ـ شربت خمرا قبل رمضان بأيام بسيطة، ولا أعرف ماذا أعمل؟ من أجل أن يتقبل الله صلاتي وصيامي.
والنبي أحد يجيبني، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن شرب الخمر من المنكرات الكبيرة والذنوب العظيمة، وقد وردت نصوص كثيرة في تحريم الخمر وذمها وذم شاربها، وارجع في ذلك الفتوى رقم: 1108، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوما. رواه النسائي، وصححه الألباني.
فمن مصائب شرب الخمر منع قبول الصلاة التي هي أجل العبادات، وإن ردت الصلاة فغيرها من الأعمال الصالحة أولى، كما ذهب إلى ذلك طائفة من أهل العلم، قال القاري في المرقاة: قال الأشرف: إنما خص الصلاة بالذكر، لأنها أفضل عبادات البدن، فإذا لم يقبل منها فلأن لا يقبل منها عبادة أصلا كان أولى. انتهى.
والمخرج من هذا أن يتوب الشارب توبة نصوحا، فإن التوبة تجب ما قبلها، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر شربة لم تقبل توبته أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه. رواه النسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني. قال القاري: فإن تاب أي بالإقلاع والندامة تاب الله عليه قبل توتبه. انتهى.
ولهذا يجب على السائل أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وأن يكثر من الاستغفار وأنواع الطاعات، ولمعرفة المقصود بعدم قبول عبادة شارب الخمر يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 28752.
ثم ننبه الأخ السائل إلى أن قوله ـ والنبي ـ يعد حلفا، والحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من البشر لا يجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. رواه البخاري.
وراجع في ذلك ـ للأهمية ـ الفتاوى التالية أرقامها: 49565، 55250، 26378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(16/889)
مضار ارتياد أماكن اقتراف المنكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب أبلغ من العمر 25 سنة وأعمل في شركة لمراقبة الحسابات منذ 4 أشهر وقد نظمت الشركة سهرة في أحد المطاعم وبه حانة وألحوا على حضور الجميع بدعوى الاندماج مع الزملاء في العمل، فحضرت معهم لكن جلست بعيدا عن شاربي الخمر في مائدة ليس بها خمر مع أناس لا يشربون، فما حكم هذه السهرة جزاكم الله خيرا؟ والآن أنا ندمت ندما شديدا وقررت عدم معاودة هذه السهرات ولو كلفني دلك فقدان عملي؟ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد ارتياد هذه الأماكن منهي عنه، لا سيما لمن ليس له سلطان في إنكار المنكر؛ لما في ذلك من تكثير سواد الفسقة، وإظهار الرضى بصنعهم، وتعريض النفس للتهمة والريبة، ولأنه يخشى عليه أن يألف تلك المنكرات، فلا يتمعر وجهه إن رآها مرة أخرى، وغير ذلك من المفاسد، وقد قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا {النساء: 140} .
وقال تبارك وتعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام: 68} .
قال السعدي: يشمل الخائضين بالباطل، وكل متكلم بمحرم، أو فاعل لمحرم، فإنه يحرم الجلوس والحضور عند حضور المنكر، الذي لا يقدر على إزالته. انتهى.
هذا مع ورود النهي الصريح عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها بالخمر. رواه الترمذي وحسنه، وأحمد. وحسنه الألباني.
وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4899، 29511، 7179، 3069.
وقد أحسنت بندمك على ما مضى فالندم توبة كما ورد بذلك الحديث، ومن التوبة أن تعزم على عدم العود على مثل ذلك الذنب في المستقبل، ومن تاب من ذنبه تاب الله عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين: 64636، 18355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(16/890)
سبب عدم قبول صلاة من شرب الخمر أربعين صباحا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من يشرب الخمر يبقى غير طاهر فترة 40 يوما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشربُ الخمر من أكبر الذنوب وأعظم الكبائر، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 1108. وأما كون شارب الخمر يبقى نجس العين أربعين يوما فليس بصحيح، فالخمرُ وإن كانت نجسة العين وهي تنجسُ فمَ شاربها، ويجبُ عليه تقيؤها وغسلُ فمه من أثرها، لكنه طاهرُ العين لا ينجس بمعاقرتها، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المؤمن لا ينجس. متفقٌ عليه.
ولعل منشأ هذا القول هو فهمٌ خاطيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وغيره: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا.
وعدمُ قبول صلاته في هذه المدة ليس لكونه نجساً، ولكن لكون هذا الذنب الغليظ إذا قابل طاعته في تلك المدة أحبطها، وليس معنى هذا أن يترك شارب الخمر الصلاة، فإن تركه الصلاة أعظم من شرب الخمر، فعلى شارب الخمر أن يتوبَ إلى الله عز وجل توبةً نصوحاً، فإن من تاب تاب الله عليه، وهو إذا تاب وأقلع عن شربها رفع الله عنه عقوبته وبقيَ له ثواب عمله موفرا.
وننبه إلى أن من أهل العلم من ذهب إلى أن شارب الخمر إن لم يتقيأ الخمر مع إمكان التقيؤ فإنه مأمور بإعادة الصلاة التي صلاها في المدة التي تبقى الخمر فيها في جوفه.
قال العلامة الدسوقي في حاشيته على شرح متن خليل المالكي: وإلا يتقيأه مع الإمكان وجب عليه الإعادة أبدا أي في الوقت وبعده، فكل صلاة صلاها مدة ما يرى بقاء النجاسة في جوفه ولو شكاً يعيدها في الوقت وبعده. انتهى.
ولم يقيد هؤلاء الفقهاء هذه المدة بكونها أربعين صباحا فهذا فهم خاطئ للحديث؛ كما أسلفنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(16/891)
حرمة تناول الحشيشة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والدي ووالدتي متزوجان منذ 36 سنة، وبقيت له سنة ويكون في التقاعد أي 60 سنة وهو حنين ولكنه يعاملنا معاملة سيئة لا ندري سببها، فأمي عانت معه الكثير ولاسيما في موضوع المال حيث يخفي مرتبه، علما أن زوج أختي يشتغل معه في نفس الشركة ونعرف كم من المفروض أن يكون مرتب أبي، ولكننا لا نجد منه إلا شيئا بسيطا.
السؤال الأول: يخص أبي وهو أن أمي دائما تجد معه قطعة من السم الذي يسمى الحشيشة ولا نعرف كيف نعمل علما أن أبناءه كبروا وهو يصلي الفجر في وقته ويؤم المصلين في بعض الأحيان.
السؤال الثاني: أبي عينه زائغة ويشتكي من أمه في موضوع المعاشرة، وقد أمر أختي أن تكلم أمي في الموضوع لكنها لم تستطع ولكن قالت له كلمها أنت فهل بعد هذا العمر الطويل من حق؟
السؤال الثالث: والدي إذا حصلت أي مشكلة يقول أنتم تعرفون أنه بقيت لي سنة وتعلمون ما سأعمل وهو ليس بعيب ولا حرام يشير إلى أنه سيتزوج، ونحن نشك في أنه قد تزوج بالفعل، علما أن أختي واجهته بذلك فأنكر وقال إن ذلك لا يمكن بعد هذه العشرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن والدك – هداه الله وغفر له – خالف الشرع وحاد عن الصراط السوي في هذه الأمور:
أولا: معاملته السيئة لأمكم، وذلك لأن الله سبحانه أمر الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف حتى ولو كان يكرهها، قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} .
ثانيا: إن كان راتبه كبيرا ويبخل عليكم به، ولا يعطيكم ما يكفيكم، فهذا من الظلم والعدوان، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
ثالثا: تناوله للحشيشة فهذا من الكبائر وفاعله فاسق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: هذه الحشيشة الصلبة حرام سواء سكر منها أو لم يسكر. والسكر منها حرام باتفاق المسلمين.
وقال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: ولا يباح أكل الحشيشة المسكرة.
والواجب عليك – أيتها السائلة – تجاه هذه المخالفات أن تذكريه بحق الله عليه، وأن تخوفيه بأسه وشديد عقابه وأليم عذابه, واحرصي كل الحرص على التلطف واللين معه, فحق الوالد عظيم حتى وإن كان عاصيا.
فإن تذكر ورجع فبها ونعمت، وإلا فيمكنك الاستعانة بأهل العلم والخير في بلدكم فتخبريهم بذلك، إن لم يترتب على ذلك مفسدة، أما إن كان ذلك سيفتح عليك بابا للمفاسد كغضب الوالد وسخطه فاكتفي بالتذكير والدعاء له لعل الله أن يصلح له الحال والبال.
أما بالنسبة لأمر الفراش ومجامعة زوجته فهذا حق كفله له الشرع ولم يحدده بوقت ولا سن معين، بل هذا حقه في كل وقت ما لم يوجد مانع شرعي كصيام الفريضة والإحرام في الحج أو العمرة والاعتكاف والحيض، ونحو ذلك، فلا يحق لأمك أن تمتنع منه، فإن فعلت فهي آثمة عاصية لربها، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها.
وأما بالنسبة لحديثه عن الزواج بامرأة ثانية فلا ندري لماذا كل هذا الغضب والخوف من إقدامه على هذا الأمر! وهذا أمر قد أباحه له ربه، قال سبحانه: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ {النساء:3} ، فمن ذا الذي يملك أن يحرم ما أباحه الله، بل إن من يجد في نفسه حرجا من حكم الله سبحانه عليه أن يراجع أصل إيمانه، وحكم الله في الزواج من أربع هو الحل والإباحة بشرط العدل بينهن والقدرة على القيام بحقوقهن، فلا داعي لمثل هذه التوجسات التي هي من وحي الشيطان وإغواء النفس الأمارة بالسوء.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24171، 1994، 68777، 1660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(16/892)
البنزين والديتول لا تشابه الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل سؤالي عن نجاسة الخمر.. قال النبي عليه الصلاة والسلام أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام
ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن شرب الخمر حرام ومن الكبائر، ولكن في زمننا هذا يستخدم الكحول في صناعة أشياء كثيرة ليست للشرب مثل العطور والمنظفات وللتطهير الطبي وقرأت فتواكم أن الكحول نجس وحرام الإستعمال ولو لغير الشرب، لكن نحن نستخدم أشياء كثيرة غير الكحول ولها أيضا تأثير على العقل..على سبيل المثال: البنزين لا نشربه ونستخدمه في السيارات وأحيانا في تنظيف البقع الصعبة، لكن إذا شربه أحد عن طريق الخطأ فسوف تظهر عليه أعراض ضارة على قلبه وصدره أي رئتيه ومعدته وإضطراب في عقله فيصاب بالدوخة وقد تصل إلى الغيبوبة، ومثال آخر الديتول ويستخدم في تنظيف وتطهير الملابس والحمامات والأسطح والأدوات المنزلية ولا نشربه لكن عند شربه عن طريق الخطأ يؤثر ذلك على عقله باضطراب وقد تصل لفقدان الوعي، فهل أي مادة نستخدمها في غير الشرب ولكن لها تأثير على العقل إذا شربت خطأ تكون نجسة وبالتالي حرام استخدامها، وإذا كانت هذه المواد غير نجسة وحلال فما الفرق بينها وبين الكحول، شيء آخر السائل الذي يحتوي على نسبة كحول أكثر من 3-4 % يكون مسكراً والذي يحتوي على نسبة كحول أقل من 3 - 4 % لا يكون مسكراً، وبالتحليل الكيميائي وجد أن أي عصير (عصير تفاح -برتقال - قصب) يحتوي على نسبة قليلة جداً من الكحول بعد عصرها مباشرة وهي نسبة أقل من 0.5 % وهي غير مسكرة بطبيعة الحال ... فكيف يكون الكحول نجسا وهو موجود بكمية قليلة جداً في أغلب ما نشرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخمر نجسة عند الأئمة الأربعة وعامة أهل العلم، وقد ورد الأمر الصريح بغسل الأواني من أثرها وهو دليل واضح على نجاستها، ففي سنن أبي داود أن أبا ثعلبة الخشني سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنا نكون بأرض قوم أهل كتاب وهم يأكلون في آنيتهم الخنزير ويشربون فيها الخمر أفنأكل في آنيتهم؟ فقال: لا؛ إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها. وأصله في البخاري.
فهذا الحديث مع وصف الخمر في آية المائدة بأنها رجس كافٍ في الدلالة على مذهب الجماهير، والخمر هي ما تخمر من عصير العنب وغيره، وهي معروفة لا يحتاجُ تعريفها إلى مزيد بيان، وهي ما أذهب العقل على وجه اللذة والطرب، فما ذكرته من مواد (كالبنزين والديتول) لا يصدق عليه حد الخمر لا لغة ولا شرعاً، وكونه يُحدث بعض آثارها ليس كافياً في إطلاق اسمها عليه.
وعليه؛ فاستخدام هذه المواد جائز يقيناً إذ ليست خمراً وقد عرفت الفرق بينها وبين الخمر، وأما كون الخمر (الكحول) تُستعمل في كثير من المواد كالمنظفات والمطيبات فليس استعمال الناس لها دليلاً على جوازها، والواجب على المسلم أن يعدل عنها إلى البدائل المباحة وهي كثيرة.
وأما ما ذكرت عن العصير فطالما أنه لم يتخمر فهو مباح حلال شربه وبيعه، فإذا خرج إلى حد الإسكار واستحال خمراً صار حراماً، ولو لم يسكر إلا القدر الكبير منه، فما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(16/893)
أصل كل ما يضر المنع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أؤمن بالقياس والاجتهاد، وأن المخدرات الإسلام لم يحرمها، فنحن لا نعلم هل هي حرام أم مكروهة أم لها حكم آخر، هل هذا الكلام صحيح؟ وكيف حرم الإسلام المخدرات ولم يقل الرسول ذلك ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المخدرات محرمة لما فيها من الضرر والإفساد والخبث، ويكفي دلالة على هذا عموم حديث الموطأ: لا ضرر ولا ضرار. وعموم قوله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ {الأعراف:157} ، وعموم الأحاديث الناهية عن كل مسكر ومفتر، وفي القاعدة الأصولية التي ذكرها صاحب المراقي:
وأصل كل ما يضر المنع
وقد نقل صاحب عون المعبود في شرح حديث أبي داود: نهى عن كل مسكر ومفتر.
ذكر عن الطيبي أنه قال: لا يبعد أن يستدل به على تحريم البنج والشعثاء ونحوهما مما يفتر ويزيل العقل لأن العلة وهي إزالة العقل مطردة فيها، وذكر عن السيوطي أن رجلا من العجم طلب الدليل على تحريم الحشيشة وعقد لذلك مجلس حضرة العلماء فاستدل الحافظ زين الدين العراقي بهذا الحديث فأعجب الحاضرين. انتهى.
وراجع للمزيد من البسط في الموضوع وفي حجية القياس والاجتهاد الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71099، 17651، 45536، 8001، 1994، 2673، 34462، 59676.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(16/894)
جوزة الطيب من المسكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتوى من الشيخ. لقد اشتريت علبة أعشاب خليط من جنسنج والعسل والزنجبيل وحبة البركه وغذاء الملكات وحبوب اللقاح+ جوزة الطيب، أنا متزوج منذ 7 سنوات اشتريتها لعل الله يجعلها سببا لعلاجي، فهل جوزة الطيب محرمة بكمية قليله لا تزيد عن ملعقه بعد سمعي بأن المواد المذكورة تساعد، لأنني عندي مشكلة لا يوجد حيوانات -حية-ميتة- وأنا عملت أطفال أنابيب ولكن دون جدوى، والدكتور قال صعب علينا وجود الحيوان وقال لي الدكتور تريد تغذية.... إلخ، الرجاء الإفادة، كمية المخلوط من جوزة الطيب وحبة البركه ربما لا يتعدى معلقة صغيرة، كل الخليط 14 كيلو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء العاجل والاستغناء بالحلال عن الحرام، وبخصوص سؤالك عن جوزة الطيب.. فإن ابن حجر الهيتمي نقل عن شيخ الإسلام ابن دقيق العيد أنها مسكرة أو مخدرة. وبناء على ذلك حكم بتحريمها وهو ما قرره كثير من أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام. متفق عليه. وأيضاً: ما أسكر كثيره فقليله حرام. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. وسبق بيان ذلك في فتوى ابن حجر المشار إليها في الفتوى رقم: 16440 فنرجو أن تطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(16/895)
مناقشة حسن الترابي في آرائه الشاذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن اسأل سماحتكم عن رأيكم في الشيخ الدكتور حسن الترابي والفتاوى المقيتة التي أفتاها.....
*الخمر حلال ما دام شاربها مسالما لا يؤذي أحدا ولا يتخطى القانون
*الحجاب لامشروعية له ولا دليل عليه من القرآن إلا ستر الصدر بدليل آية (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) أما الآية في سوره الأحزاب رقم 58 فهي تتكلم عن نساء النبي فقط ولا دخل لها بباقي النساء
*أن من حق المرأه أن تؤم المصلين لو كانت أعلم، وأن النساء مثل الرجال والمسأله فريي free وأن شهادة الرجل كشهادة المرأة وأن على المرأة أن تنطلق بقى والحياة تبقى حلوة.....
وأن هناك شيخا مصريا أخزاه الله هو وباقي المصريين أمثاله مع العلم أني مصري ... اسمه جمال البنا.
الأخ يقول إن الإسلام شرع الحجاب للحفاظ على رأس المرأه من الشمس والأتربة وأنه لامشروعية له
وهو مساند لكل ما قاله الترابي بالكامل، فما رأيكم في الترابي علما أني قرأت مقالة تكاد تعظم الترابي في الموقع لديكم ... فما رأيكم الآن في الترابي وإن كان رأيكم هو أنه مخطئ أرجو تصحيح المقال لديكم وإظهار حقيقته.
أما السؤال الثاني فمن هو الشيخ جمال البنا هذا إن كنتم تعرفونه فافيدونا
شكرا لكم على تعاونكم معنا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقديما قالوا من اشتغل بغير فنه أتى بالعجائب، وكم ينطبق هذا القول على كثير ممن ينسب إلى العلم وهو ليس من أهله، لفقده الأسس التي يعتمد عليها من أراد التصدي للكلام في الأمور الشرعية، فإن كان ثمة غرض من إثارة مثل هذه المسائل فالمصيبة أعظم والمحنة أكبر. ولا شك أن الواجب على العلماء نشر العلم الشرعي الصحيح المستمد من نور الوحي وبفهم سلف الأمة الصالح، إذ بقصورهم في ذلك يجد أمثال هؤلاء "المفكرين" -زعموا- مرتعا خصبا لنشر أباطيلهم وترهاتهم، وما أحسن ما ذكر الألوسي في تفسيره " روح المعاني " حيث قال: ولله تعالى در القائل: من الدين كشف الستر عن كل كاذب، وعن كل بدعي أتى بالعجائب، فلولا رجال مؤمنون لهدمت صوامع دين الله من كل جانب. اهـ
ومركز الفتوى بالشبكة الإسلامية ليس معنيا بتقييم الأشخاص، وإنما يهدف إلى تبصير المسلمين بما يحتاجونه من أمر دينهم، ومن هنا فإننا سنقف فقط عند المسائل التي وردت بالسؤال، وبنوع من الاختصار.
المسألة الأولى: استحلاله الخمر: ولا ندري إن كان هذا القول ثابت عنه أم لا؟ إذ المنقول عنه في ذلك أنه قال: الخمر لا تصبح أمر قانون إلا إذا تحولت لعدوان، أي حد الخمر. وسواء قال هذا أو هذا فهو مخالف لإجماع الأمة على أن الخمر محرم، قال ابن قدامة في المغني: الخمر محرم بالكتاب والسنة والإجماع فذكر أدلة التحريم ثم قال: فانعقد الإجماع فمن استحلها الآن فقد كذب النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه علم ضرورة من جهة النقل تحريمه، فيكفر بذلك ويستتاب، فإن تاب وإلا قتل. اهـ وتراجع الفتوىرقم: 12750، والفتوى رقم: 7740، وأما تقييده إقامة حد الخمر بشرط العدوان فقول ليس له فيه سلف، وقد عرف عنه حطه لفقه السابقين واجتهاداتهم، ويوصم هذا بالفقه الموروث متنقصا له، ومن أراد أن يطلع على قوله في ذلك فليراجع كتابه: تجديد الفكر الإسلامي. وكتابه: تجديد أصول الفقه. ونصوص السنة وكلام علماء الأمة ترتب حد الخمرعلى مجرد شربها. روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين، وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانين فأمر به عمر. وفي رواية أخرى في صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه قال: وكلٌ سنة، وهذا أحب إلي. يعني الأربعين، وروى مالك في الموطأ عن السائب بن يزيد أنه أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج عليهم فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب، فزعم أنه شرب الطلاء وأنا سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته، فجلده عمر الحد تاما. قال الباجي في المنتقى في شرحه لهذا الأثر: وقوله: فإن كان يسكر جلدته ظاهر في أن ما يسكر عندهم يجب به عندهم الحد، وإن لم يبلغ الشارب حد السكر، فكيف يقال لا يحد إلا إذا سكر واعتدى، والعدوان نفسه جريمة يستحق صاحبها العقاب ولو لم يكن شاربا للخمر.
المسألة الثانية: زعمه أن الحجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه تغطية للصدر فقط، يقول الترابي في كتابه المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع: الحجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم لأن حكمهن ليس كحكم أحد من النساء، ولا يجوز زواجهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فإن آية الحجاب نزلت في السنة الخامسة للهجرة ولم يتأثر بها وضع سائر المسلمات. وقد سبق أن بينا بالفتوى رقم: 25323، أن فرض الحجاب عام على جميع المسلمات وليس خاصا بنساء النبي صلى الله عليه وسلم فلتراجع. وأما آية سورة النور: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ {النور: 31} وإن كانت دالة بطريق النص على تغطية الصدر فهي دالة على تغطية الرأس بطريقة الالتزام، بل قال ابن كثير عند تفسيره هذه الآية: والخمر جمع خمار وهو ما يخمر به أي يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع. اهـ وإنما نص على الصدر لكون نساء الجاهلية كن يظهرن صدورهن ولا يغطينها بشيء؛ كما ذكر ذلك أهل التفسير، والصدر من أعظم مواضع الفتنة.
المسألة الثالثة: إمامة المرأة للرجال ووقوفها معهم في صف واحد بلا التصاق: أما إمامة المرأة للرجال فلا تجوز، وقد بسطنا القول فيها بأدلته بالفتوى رقم: 60328، وأما وقوفها بجانب الرجل فلا يجوز، التصقت به أم لا، فقد دلت النصوص على تأخير صفوف النساء في المسجد، وهي مذكورة بالفتوى السابقة.
المسألة الرابعة: شهادة المرأة وأنها كشهادة الرجل في كل شيء، وهذا قول مصادم لما جاء به القرآن الكريم وصحت به سنة النبي الأمين، وتراجع الفتوى رقم: 16032، ففيها بيان حكمة الشرع في التفريق بين الرجل والمرأة في بعض أمور التشريع، ومنها شهادة المرأة على بعض الأمور، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 33323.
المسألة الخامسة: خروج المرأة من بيتها: لقد عرف عن الترابي التوسع في القول بجواز حضور المرأة محافل الرجال ومخالطتهم، وراجع في هذا كتابه: المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع. وهذا مخالف لما جاء به الشرع من أن الأصل قرار المرأة في بيتها وعدم خروجها منه إلا لضرورة أو حاجة معتبرة شرعا. وتراجع الفتوى رقم: 34612، والفتوى رقم: 7996،
وأما هذا الكلام المنسوب إلى جمال البنا من قوله إن الإسلام شرع الحجاب للحفاظ على رأس المرأة من الشمس والأتربة إن ثبت عنه فهو قول ساقط، وحكايته تغني عن الرد عليه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(16/896)
قتل تجار المخدرات في ميدان عام.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح إعدام تجار المخدرات في ميدان عام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن المخدرات شر عظيم وفساد مستطير، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: تناول السكر من الخمر والحشيشة يحرم بلا نزاع بين المسلمين، ومن استحل السكر من هذه الأمور فهو كافر. والواجب على الحاكم محاربة هذا الداء، لأن فشوها وانتشارها مضرة على المسلمين، وقد بسطنا القول في مضارها في الفتوى رقم: 8001، والفتوى رقم: 17651، فراجعهما.
وأما قتل مروجيها أمام الناس، فالأصل فيه قوله تعالى في حد المحاربين: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {المائدة: 33} قال ابن كثير في تفسيره: المحاربة هي المضادة والمخالفة، وهي صادقة على الكفر وعلى قطع الطريق وإخافة السبيل، وكذا الإفساد في الأرض يطلق على أنواع من الشر. ولا ريب في أن تجارة المخدرات من الإفساد العظيم الداخل في تلك الأنواع من الشر، وقد بين العلماء أن فسادها أعظم من فساد الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج حتى يصير في متعاطيها تخنث ودياثة وغير ذلك من الفساد، وللمزيد من التفصيل حول معنى هذه الآية راجع الفتوى رقم: 13010، والصلب الوارد في الآية معناه التعليق على خشبة ونحوها، ليراه الناس، ليرتدعوا ويزدجروا ويشيع حديثه فيعتبر به من بعده، وهو أيضاً خزي لهؤلاء المعاقَبين؛ كما قال تعالى: ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {المائدة: 33} وذلك لشناعة ما قاموا به وعظم ضرره، وقد جاء في فتوى لهيئة كبار العلماء بالمملكمة العربية السعودية برقم: 138 وتاريخ 20 / 6 / 1407 هـ ما يلي: بالنسبة لمهرب المخدرات فإن عقوبته القتل لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم لا يقتصر على المهرب نفسه، وأخطار جسيمة، وأخطار بليغة على الأمة بمجموعها، ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدرات من الخارج يمون بها المروجين.
والحاصل أنه لا باس بقتل تجار المخدرات في ميدان عام، بل هو مشروع ليرتدع الناس وينزجروا عن تلك التجارة الخبيثة التي تفسد البلاد والعباد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(16/897)
حكم الإقامة في الفنادق التي يتواجد فيها الخمر والأكل في مطاعمها
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم -أرجو الإجابة عن سؤالي هذا بالتفصيل ومعذرة للتدرج في السؤال حيث إن هذا الموضوع يشغلني ولم أصل فيه إلى رأي قطعي، فهناك فارق كبير بين الفقه والورع، أرجو أن لا تستاء من طول السؤال: هل يجوز التواجد في مكان عام (فندق مثلا) تقدم الخمر في إحدى أفنيته أو حجراته بحيث تكون العلة من التواجد واحدة مما يأتي:
1- بعثة خارجية وتم الحجز في فندق وجميع فنادق أوروبا بها خمور
2- مؤتمر علمي في مصر ولست مضطرا للحضور ولكنه مفيد والقاعة التي بها المؤتمر ليس بها خمور
3- دورة تدريبية تابعة للعمل في محافظة أخرى من مصر وتم الحجز في فندق به خمور وفي بعض الأحيان أجد خمورا في المطعم ولكن على منضدة أخرى
4- مثل الذي قبله ولكن مع مقاطعة المطعم واستبداله بالأكل خارج الفندق إن أمكن
5- الذهاب إلى رحلة ترفيهية والإقامة في فندق به خمور ومقاطعة المطعم الذي تشرب فيه الخمر
6- لماذا نتحدث عن الخمر خاصة وعدم ذكر أهل المعاصي الأخرى كتارك الصلاة وكالمتبرجة وإلى غير ذلك من أهل المعاصي من مجالسة ومخالطة لهم والتواجد معهم في مكان واحد
أرجو أن لا أكون أطلت ولكن هذا الموضوع محير ومن سألتهم عن هذا من علماء نحسبهم على خير، ولكن الإجابة كانت تميل إلى الظن وليست قطعية بالحل أو بالتحريم، أعلم أن اتقاء الشبهات واجب ولكن يجب أن يختلف رد الفعل باختلاف الموقف وإعمال قواعد المصالح والمفاسد بناء على ذلك والله الموفق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولاً: لا يجوز لك أن تجلس على مائدة يشرب عليها الخمر، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما بينا ذلك في فتاوى سابقة منها الفتوى رقم: 3069، والفتوى رقم: 29511.
وثانياً: الفنادق والمطاعم التي يعلن فيها شرب الخمر، لا يجوز لك الإقامة ولا الأكل فيها إلا إذا لم تتمكن من السكن أو الأكل في غيرها، وبشرط أن تكون بحاجة للسكن فيها، مثل الحالات التي ذكرت في السؤال، لحضور مؤتمر أو دورة تدريبية أو الالتحاق ببعثة خارجية أو نحو ذلك، فإذا كنت في حاجة لذلك ولم تتمكن من السكن أو الأكل في أماكن أخرى ليس فيها هذه المنكرات، فسكنت في مثل هذه الفنادق فاطلب إبعاد الخمر عنك سواء في الفندق أو المطعم.
أما إذا كان في إمكانك السكن أو الأكل، أو الأكل فقط، في غيرها فإن هذا هو الواجب في حقك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) : في معنى هجر المنكرات: يراد به أنه لا يشهد المنكرات لغير حاجة، مثل قوم يشربون الخمر، يجلس عندهم، وقوم دعوا إلى وليمة فيها خمر وزمر، لا يجب دعوتهم، وأمثال ذلك، بخلاف من حضر عندهم للإنكار عليهم، أو حضر بغير اختياره.
وقد سبق الكلام عن المنكرات في الفنادق في الفتوى رقم: 46263 فراجعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1426(16/898)
معنى مدمن الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو بالتحديد مدمن الخمر الذي لا ينظر الله له يوم القيامة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المدمن للشيء هو المداوم عليه، كما في كتب اللغة. قال في القاموس: أدمن الشيء أدامه.
وقال السندي في شرح سنن ابن ماجه: مدمن الخمر الذي يلازمها.
وفي تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: فمات وهو يدمنها: أي يداوم على شربها بأن لم يتب عنها حتى مات على ذلك.
وعلى هذا، فإدمان الخمر هو تناولها بالدوام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(16/899)
هل تبلغ الجهات المسؤولة عمن يتاجر بالمخدرات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مدير في العمل حشاش، هل أبلغ عنه مكافحة المخدرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسكرات والمخدرات ومنها الحشيش حرام بدلالة النصوص الشرعية المتواترة، روى الشيخان وأحمد والنسائي وغيرهم، من رواية غير واحد من الصحابة، منهم جابر وأبو هريرة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر حرام. وفي رواية: وأنا أنهى عن كل مسكر.
والمسكر هو كل ما إذا تناوله الإنسان غطى عقله وأفقده التمييز، وبناء على هذا فالواجب عليك أن تنصحه أولاً إن أمكنك ذلك، وتبين له خطورة عمله هذا، فإن لم يرعو أو لم يمكنك نصحه لخوف التضرر منه، فعليك أن تبادر إلى إبلاغ المسؤولين عن مكافحة المخدرات ولا تتوان، فإن ما يفعله وبال على الفرد والمجتمع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(16/900)
التائب من شرب الخمر لا يناله الوعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح الحديث الذي يقول ما معناه: من شرب الخمر في الدنيا لا يشرب خمر الجنة والعياذ بالله
وأنا شربت البيره بالكحول مرة واحدة قبل أن أسمع هذا الحديث ومنذ يوم سمعته لم أشربها أبداً، فهل ينطبق علي هذا الحديث؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد تبت إلى الله عز وجل فإنه لا ينطبق عليك الحديث المذكور، كما بيناه في الفتوى رقم: 281
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(16/901)
نصوص الكتاب والسنة تأمر باجتناب الخمر مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما هو الحديث الشريف أو النص القرآني الذي يدل على الابتعاد عن الخمور قبل شهر رمضان بأربعين يوماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نصوص الكتاب والسنة تأمر بالابتعاد عن الخمر مطلقاً وليس قبل رمضان بأربعين يوماً فقط.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (المائدة:90) فلم يقل فاجتنبوه قبل رمضان!
فالواجب على من ابتلي بشرب الخمر أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يبتعد عن الخمر أم الخبائث، وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم شارب الخمر بقوله: وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار. أخرجه مسلم والنسائي. وأخبر صلى الله عليه وسلم أن شارب الخمر لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، رواه الترمذي وغيره.
ولمزيد من الفائدة حول هذا الموضوع نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 1108 والفتوى رقم: 10053 والفتوى رقم: 35610
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(16/902)
فتاوى متعلقة بمجالسة معاقري الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مع أجانب في وليمة غداء، بعد الغداء ونحن نتحدث كل واحد خرج من حقيبته قارورة خمر وبدأ يشرب، فماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك حينها هو نهيهم عن ارتكاب هذا المنكر بحضرتك، فإن أبوا فيجب عليك الانصراف، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى التالية: 7179 / 37503 / 10327 / 16109
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(16/903)
حكم تعاطي القات والاتجار به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مضغ (أو كما يسمونه تخزين) القات أو الاتجار به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم ما يسمى بالقات، وأن الراجح تحريمه، لما يترتب على تعاطيه من أضرار، وقد ذكرنا ذلك كله في الفتوى رقم: 13241.
وإذا تقرر القول بتحريم تعاطيه، حرم تبعاً لذلك الاتجار فيه بيعاً أو شراء، وذلك لأن الشرع قد حكم بأن الشيء إذا ثبتت حرمته حرم ثمنه.
روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(16/904)
حكم صلاة شارب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شخص شرب الخمر في الليل، وفي الصباح اغتسل وصلى الصبح، ما حكم الصلاة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شرب الخمر في الليل أو النهار ثم صلى بعد شربه الخمر صلاة مستوفية الشروط والأركان، فإن ذمته تبرأ من تلك الصلاة، فلا يطالب بإعادتها، ولكنه لا يجد لها ثوابًا ما لم يتب. روى الترمذي وأحمد من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا ... الحديث.
قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي: والمعنى لم يكن له ثواب وإن برئ الذمة وسقط القضاء بأداء أركانه مع شرائطه ... (5/488)
علمًا بأن شرب الخمر ليس من أسباب الغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(16/905)
حال صلاة وصيام شارب الخمر خلال أربعين يوما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شرب الخمر يبطل الصلاة والصوم لمدة أربعين يوماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن شارب الخمر لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، وتقدم ذلك في الفتوى رقم: 1108 فراجعها.
ولا شك أن من لم تقبل صلاته أحرى بأن لا يقبل صيامه، لأن الصلاة هي أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة.
روى الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/906)
مخاطر شارب الخمر تشمل الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شربت مع زوجي الخمر مرة واحدة في أول أيام زواجنا وكانت أوقات نومنا غير منظمة نوعاً ما فكنا ننام بعد أن نصلي الفجر ونستيقظ ما بين الظهر والعصر فنصلي الظهر حاضراً متاخراً عن أول وقته وفي يوم شربنا الخمر ولم يتغير شيء فشربناها بعد الفجر واستيقظنا كالعادة فهل هذا حرام؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شرب الخمر من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وروى الإمام أحمد والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال. قيل لعبد الله بن عمرو - وهو راوي الحديث -: وما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النار.
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرًا، فقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر ولعن شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها رواه أبو داود والحاكم.
وأما تأخير الصلاة عن وقتها لغير عذر فإنه لا يجوز، فقد حدد الشرع أوقاتًا للصلاة، وفرض على المسلم أداءها في تلك الأوقات المحدودة. قال الله تعالى: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
وعلى هذا، فإن عليكما المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، والبعد عن أم الخبائث، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، واتخاذ الوسائل المنبهة من النوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(16/907)
حكم صلاة شارب الخمر وأعماله الصالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
إخواني الأعزاء
أصلي أوقاتي والحمد لله ولكن أشرب الخمر بين فترة وأخرى، هل صلاتي وأعمالي الصالحة لا تقبل مني وجزاكم الله الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن شرب الخمر من أكبر الذنوب وأعظم المعاصي، وتحريمه معلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم، لكثرة نصوص الوحي الواردة في ذمه وتحريمه. فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرًا فقال: لعن الله الخمر ولعن شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها. رواه أبو داود والحاكم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة. رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال. أي صديد أهل النار. رواه الترمذي، ومثله عند أبي داود والنسائي.
وعلى هذا فإن من شرب الخمر لم تقبل أعماله الصالحة أربعين صباحًا.
والحديث نص في عدم قبول الصلاة التي هي أم الدعائم وعماد الدين. أما غيرها من الأعمال الصالحة فلا نعلم هل يقبل من شارب الخمر أو لا؟ ولكن يكفي المسلم في الردع والتنفير من شرب الخمر أن صلاته، التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام وعمود الدين، لا تقبل منه مادام مصرًّا على شرب الخمر.
ومن هنا ننصح السائل الكريم أن يتقي الله تعالى ويبتعد عن أم الخبائث، وأن يحافظ على إقامة الصلاة والذكر لله تعالى، ليصدق فيه قول الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] .
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
1108
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(16/908)
الرد على من زعم أن الإقلاع عن المخدرات غير ممكن
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الشباب الذين يتعاطون المخدرات فمنهم من يريد الإقلاع لكن بعد فوات الأوان فلقد انتحر كثير منهم خوفا على آبائهم من مشاكلهم، فما حكم ذلك مع العلم بأنهم حاولوا جاهدين الإقلاع لمعرفتهم بالأضرار ولكن بعد فوات الأوان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المخدرات محرمة بإجماع المسلمين، فلا يجوز تعاطيها بحال من الأحوال، ذلك أن فيها تغييب العقل الذي هو أعز نعمة أنعم الله بها على الإنسان وفضله بها على سائر الحيوانات، وانظر الفتوى رقم: 1994.
وأما الانتحار فأمره أشد وأفظع، قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] .
وروى ثابت بن الضحاك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. متفق عليه.
فأي بلاء أعظم من هذا والعياذ بالله؟ وأي مشاكل يخافون على آبائهم منها أخطر من الخلود الذي ينتظرهم هم أنفسهم في نار جهنم؟.
فعلى هؤلاء الشباب أن يتوبوا من ذنوبهم ويرجعوا عن غيهم قبل أن يستغيثوا فلا يغاثوا، وليس صحيحاً أن الإقلاع عن تعاطي المخدارت مستحيل بعد ما تستحكم في الشخص، بل إن كثيرين ممن كانوا غارقين فيها وفي غيرها من الآثام قد أنابوا إلى الله وحسنت توبتهم، فالقول بأن الإقلاع غير ممكن من كيد الشيطان، وقد قال الله تعالى: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(16/909)
لا يجوز الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أما بعد: ففي عملي أحيانا يجب علي مجالسة أجانب وهم يشربون الخمر ولكن الحديث يكون في إطار العمل،
هل يجوز ذلك شرعا وهو شيء من الضرورة لأنني أخاف أن أفقد العمل ... ؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الجلوس على الموائد التي يشرب عليها الخمر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يُشرب عليها الخمر. رواه أحمد والدارمي عن جابر رضي الله عنه.
لأن ذلك المكان يُعصى فيه الله تعالى، ويسكت الحاضرون فيه عن المنكر، ولربما وقعوا في هذا المنكر مع فاعليه ولو بعد حين، فقد رفع إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز جماعة شربوا الخمر بينهم صائم فأمر أن يضرب الحد مثلهم وتلا قول الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء:140] .
ولا يجوز لك أيها الأخ السائل أن تعمل في هذا العمل الذي يضطرك لمخالفة الشرع، والوقوع في معصية الله تعالى، ويجب عليك تركه والبحث عن غيره، لكن إن استطعت أن تتجنب الجلوس معهم أثناء شرب الخمر، ثم تجلس معهم بعد ذلك لإنجاز العمل، فلا مانع من البقاء في هذا العمل، والأفضل في هذه الحالة أن تبحث عن عمل غيره، كما أنه يجوز لك كذلك البقاء فيه حتى تجد غيره إن كنت مضطراً للعمل فيه وفاءً بما يجب عليك من نفقات لا تستطيع الوفاء بها إلا عن طريق عمل ما، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 2، 3] .
وراجع الفتوى رقم:
3069، والفتوى رقم: 7179.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1423(16/910)
تعاطي المخدرات ... الأسباب والعلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاة عمري 27 سنة والدي متوفى وأعيش مع إخوتي وأقوم حالياً بتربيتهم وأحاول قدر المستطاع أن أعرفهم أمور دينهم ولكن عندنا مشكلة ولا أستطيع علاجها وهي أن أحد إخوتي يأخذ مخدرات وحاولت معه كثيراً ولكن لم أستطع منعه من هذا للأسف وحولت وفكرت في أن أبعثه إلى العمرة في شهر رمضان ولكن مع الأسف لم أستطع بسبب الأحوال المادية عندي أرجوكم المساعدة. وهل تربيتي لإخوتي فيه أجر. وشكراً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشكر الله لك رعايتك لإخوتك والقيام بحقوقهم ونسأل الله لك التوفيق والإعانة، ولا شك أن لك أجراً عظيماً في تربية هؤلاء، ففي الحديث: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بإصبعه السبابة والوسطى. رواه البخاري.
وأما ما ذكرتيه عن أخيك الذي ابتلي بتعاطي المخدرات، فلعلاجه ينبغي أن تنظري في الأسباب التي أدت به إلى تعاطي المخدرات ثم تسعي لإزالتها، ومن أهم الأسباب التي تؤدي إلى ذلك: الفراغ والصحبة السيئة والإعلام السيء والبيئة التي يعيش فيها، فعليك أن تسدي عليه هذه الأبواب فلا تجعلي له فرصة للفراغ، واشغلي وقته بالمفيد النافع، وأبعديه عن رفقة السوء، وحاولي إحاطته برفقه صالحة تعينه على الخير وتذكره به، وأبدليه عن الإعلام الفاسد بإعلام صالح يحثه على الفضيلة، وينهاه عن الرذيلة من أشرطة فيديو أو كاسيت مفيدة، وكذا الصحف والمجلات الإسلامية، واشتري له الرسائل التي تروي قصص التائبين من المخدرات والعائدين إلى الله تعالى، وإن كنت في بلد به لجان خير لمكافحة المخدرات فاجعليه يتصل بهم أو اطلبي منهم أن يتصلوا به، ونسأل الله أن يعينك ويوفقك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(16/911)
القات ... حقيقته، وحكم الشرع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهو حكم تعاطي القات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقات شجرة ابتلي بمضغ ورقها بعض أهل البلاد كاليمن، وجنوب الجزيرة العربية، وبلاد القرن الإفريقي وما جاورها.
حيث يظلون يلوكونها لساعات طويلة لما تجلبه لهم - كما يقولون - من راحة، وتطييب أنفسهم، وذهاب أحزانهم، وتقوية أفكارهم، وتنشيط جوارحهم، وائتلاف جمعهم، بل إن بعضهم بالغ، فادعى أنها تعينه على الطاعة، كقراءة القرآن، ومراجعة العلم، وقيام الليل.
وقد ذكر بعض من جربها، وعرف كل أمرها عن قرب أنها تسبب أضراراً كثيرة، بل إن من هؤلاء من ادعى أنها مسكرة، ومن الناس من نفى عنها كل ذلك، ولهذا اختلف العلماء في الحكم عليها، وممن ذكر اختلافهم ابن حجر الهيثمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) حيث قال: (وقد ألفت كتاباً سميته "تحذير الثقات عن استعمال الكفتة والقات" لما اختلف أهل اليمن فيه، وأرسلوا إلي ثلاثة مصنفات: اثنان في تحريمه، وواحد في حله، وطلبوا مني إبانة الحق فيها، فألفت ذلك الكتاب في التحذير عنها، وإن لم أجزم بحرمتهما) . انتهى.
وسبب اختلافهم في تحريمها هو الخلاف في إثبات ضررها من عدمه. قال ابن حجر الهيثمي في كتابه "تحذير الثقات": (والظاهر أن سبب اختلافهم ما أشرت إليه من اختلاف المخبرين، وإلا ففي الحقيقة لا خلاف بينهم، لأن من نظر إلى أنه مضر بالبدن أو العقل حرمه، ومن نظر إلى أنه غير مضر لم يحرمه، فهم متفقون على أنه إن تحقق فيه ضرر حرم، وإلا لم يحرم، فليسوا مختلفين في الحكم، بل في سببه، فرجع اختلافهم إلى الواقع) . انتهى.
ومن خلال معرفتنا لهذه الشجرة ومخالطتنا لمتناوليها سنين عديدة، وفي أحوال ومناطق كثيرة أدركنا أنها تسبب أضراراً لا ينكرها من جربها، أو عاش في مجتمع يتناولها، ومن هذه الأضرار:
أنها تغيب العقل، حتى يتصرف صاحبها تصرف السكران أو المجنون، لكن هذا التغير في العقل لا يحدث باطراد، ولا في عموم متناوليها، وإنما يحدث نادراً وأحياناً.
ومن هذه الأضرار ما هو متحقق في عموم متناوليها، وهي أضرار في البدن والمال والوقت والدين، منها: أن تناولها يقلل شهوة الطعام، ويضعف القدرة على النكاح، ويديم نزول الودي عقب البول، ويخفف رطوبة الجسم، ويسبب القبض، وبخر الفم (تنتن رائحته) ، وفساد وصفرة الأسنان، وبعد الانتهاء منها يطول السكوت، وتتراكم الهموم، وتتزاحم الغموم، ويتغير المزاج، وينعدم النوم، وبعد ذلك بساعات يكثر النوم، ويتضاعف الكسل، وبهذا تضيع أثناء تناولها وبعده كثير الأموال، وطويل الأوقات فيما لا فائدة فيه، بل جلها يضيع في القيل والقال، والخوض في أعراض الناس، إلى غير ما تسببه من منظر مزرٍ لصاحبها وهو يتناولها يترفع عنه كل ذي مروءة، هذا بالإضافة إلى ما ينشأ عن تناولها من تعطيل لرعاية الأولاد لانشغال رب أسرتهم عنهم بمجالس القات، ومن أعظم مصائبها أن تصد غالب متناوليها عن ذكر الله وعن الصلاة.
إلى غير ذلك من الأضرار الطبية والاجتماعية، والتي ألفت فيها بحوث من قبل مختصين في كل من الطب، وعلوم الاجتماع، وأكثر هذه المؤلفات والبحوث كان من المختصين في الطب، فلهذا كله وغيره نجزم بتحريم تعاطيها مهما ذكر من منافعها، فلا يقابل ضررها بحال. وقد جزم بذلك العلامة الفقيه أبوبكر بن إبراهيم المقرئ الحرازي الشافعي في مؤلفه في تحريم القات حيث قال: - وهو ممن جربها وأكلها - إني رأيت من أكلها الضرر في بدني وديني فتركتها، فقد ذكر العلماء أن المضرات من أشهر المحرمات، فمن ضررها أن آكلها يرتاح ويطرب، وتطيب نفسه، ويذهب حزنه، ثم يعتريه بعد ساعتين من أكله هموم متراكمة، وغموم متزاحمة، وسوء أخلاق.
وحدثني عبد الله بن يوسف المقري عن العلامة يوسف بن يوسف المقري أنه كان يقول: ظهر القات في زمن فقهاء لا يجسرون على تحريم، ولا تحليل، ولو ظهر في زمن الفقهاء المتقدمين لحرموه.. انتهى.
وجزم بتحريمها الشيخ محمد بن سالم البيحاني اليماني في كتابه (إصلاح المجتمع) حيث قال: وهنا أجد مناسبة وفرصة سانحة للحديث عن القات والتنباك، والابتلاء بهما عندنا كثير، وهما من المصائب والأمراض الاجتماعية الفتاكة، وإن لم يكونا من المسكر فضررهما قريب من ضرر الخمر والميسر، لما فيهما من ضياع الأموال، وذهاب الأوقات والجناية على الصحة، وبهما يقع التشاغل عن الصلاة، وكثير من الواجبات المهمة، ولقائل أن يقول هذا شيء سكت الله عنه، ولم يثبت على تحريمه والامتناع منه أي دليل، وإنما الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، وقد قال جل ذكره: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة:29] .
وقال تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ) [الأنعام:145] .
وصواب ما يقول هذا المدافع عن القات والتنباك، ولكنه مغالط في الأدلة، ومتغافل عن العمومات على وجوب الاحتفاظ بالمصالح، وحرمة الخبائث، والوقوع في شيء من المفاسد، ومعلوم من أمر القات أنه يؤثر على الصحة البدنية، فيحطم الأضراس، ويهيج الباسور، ويفسد المعدة، ويضعف شهية الأكل، ويدر السلاس - الودي - وربما أهلك الصلب، وأضعف المني، وأظهر الهزال، وسبب القبض المزمن، ومرض الكلى، وأولاد صاحب القات غالباً يخرجون ضعاف البنية صغار الأجسام والقامة قليلاً دمهم، مصابين بعدة أمراض خبيثة، وهذا مع ما يبذل أهله من الأثمان المحتاج إليها، ولو أنهم صرفوها في الأغذية الطيبة، وتربية أولادهم، أو تصدقوا بها في سبيل الله لكان خيراً لهم ... وإنهم ليجتمعون على أكله من منتصف النهار إلى غروب الشمس، وربما استمر الاجتماع إلى منتصف الليل يأكلون الشق، ويفرون أعراض الغائبين، ويخوضون في كل باطل، ويتكلمون فيما لا يعنيهم، ويزعم بعضهم أنه يستعين به على قيام الليل، وأنه قوت الصالحين.
ومن الشيوخ الذين قضى القات على أضراسهم من يدقه، ويطرب لسماع صوت المدق، ثم يلوكه، ويمص ماءه، وقد يجففونه، ثم يحملونه معهم في أسفارهم، وإذا رآهم من لا يعرف القات سخر بهم وضحك منهم. انتهى.
وقد عقد بالمدينة المنورة تحت رعاية الجامعة الإسلامية المؤتمر العالمي لمحاربة المسكرات والمخدرات والتدخين، وصدر قراره بالإجماع بإدخال القات ضمن المواد المشمولة بالمنع، وتلحق بالمخدرات والتدخين، رغم اعتراض كثير من مشايخ اليمن على ذلك.
وأقل أحوال القات أن يكون من المشتبهات التي ما يليق بالمسلم اقترافها. قال ابن حجر الهيثمي: والحاصل أني وإن لم أجزم بتحريمه على الإطلاق.. أرى أنه لا ينبغي لذى مروءة أو دين أو ورع أو زهد أو تطلع إلى كمال من الكمالات أن يستعمله، لأنه من الشبهات، لاحتماله الحل والحرمة على السواء، أو مع قرينة أو قرائن تدل لأحدهما، وما كان كذلك فهو مشتبه أي اشتباه، فيكون من الشبهات التي يتأكد اجتنابها.. وإذا تقررت لك هذه الأحاديث، وعلمت أن غاية أمر هذه الشجرة أنها من المشتبهات تعيَّن عليك - إن كنت من الثقات والمتقين - أن تجتنبها كلها، وأن تكف عنه، فإنه لا يتعاطى المشتبهات إلا من لم يتحقق بحقيقة التقوى، ولا تمسك من الكمالات بالنصيب الأقوى ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(16/912)
يشرب الخمر ... ويحافظ على الصلاة والصيام!!
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في رجل يحافظ على الفرائض الصلاة والصوم والصدقة إلى آخره ولكنه يشرب الخمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن شرب الخمر كبيرة عظيمة توجب الحدّ في الدنيا، ويترتب عليها العقاب الشديد في الآخرة إذا مات العبد ولم يتب منها، ويكفي في الزجر عن شرب الخمر قوله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام، وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار" رواه مسلم.
فالواجب على من ابتلي بشرب الخمر أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً صادقة، وأن لا يعود إلى الشرب مرة أخرى، وليتدبر قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة:90-91] .
فقد صدَّر الله جل وعلا هذا التنبيه بذكر الخمر، فقدمها على الميسر والأنصاب والأزلام، وذلك لما لها من آثار مدمرة على النفس والمجتمع، فكم سببت من جرائم ومصائب، وجرت إلى زنا وقتل وسرقة، وغير ذلك من الموبقات، فهي أم الخبائث بلا منازع، وكون الشخص يحافظ على الفرائض من صلاة، وصوم، وصدقة، ويستمر مع كل ذلك على شرب الخمر أمر مشكل، والواجب عليكم هو أن تذكروه بالله تعالى، وتحضوه على التوبة، ولا تجعلوه يقنط من رحمة الله، وبينوا له أن عليه أن يسلك الطرق الموصلة للتوبة، ولا يترك الصلاة، ولا باقي الفرائض، بل عليه أن يجعل صلاته وعبادته وسيلة للتخلص من الخمر، لقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت:45] .
ومما يعين على التوبة مرافقة الصالحين، والبعد عن قرناء السوء، وتعلم العلم النافع، والتدبر في عواقب الأمور والالتجاء إلى الله بالدعاء أن يخلصه من ذلك، مع تغيير البيئة المحيطة به، والبحث عن بيئة صالحة.
وراجع الجواب رقم: 1108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1422(16/913)
مقدار الجلد في حد شارب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[حدّ شارب الخمر هل كان أربعين جلدة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكم يجلد شارب الخمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أُُتي برجل قد شرب الخمر فضربه أربعين، ففي صحيح مسلم أن علياً رضي الله عنه أمر عبد الله بن جعفر أن يجلد الوليد بن عقبة فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد، النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانيين، وكل سنة وهذا أحب إلي".
وفي مسلم أيضاً عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين.
واتفق الفقهاء على وجوب حد شارب الخمر، وعلى أن حده الجلد، ولكنهم مختلفون في مقداره، فذهب الأحناف ومالك إلى أنه ثمانون، وذهب الشافعي إلى أنه أربعون، وعن أحمد روايتان، قال في المغني: وفيه روايتان إحداهما أنه ثمانون، وبهذا قال مالك والثوري وأبو حنيفة ومن تبعهم، لاجماع الصحابة فإنه روي أن عمر استشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعله كأخف الحدود ثمانين- فضرب عمر ثمانين وكتب به إلى خالد وأبي عبيدة بالشام. وينظر الجواب رقم 3173
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(16/914)
يحد من كان عالما بحرمة شرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم شارب الخمر حديث الإسلام؟
وما هي عقوبته هل الجلد أم التعزير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فمن شرب الخمر وكان حديث العهد بالإسلام فإنه لا شيء عليه إذا كان لا يعلم حرمتها في الإسلام، لأن من شرط العقوبة المقررة على من شرب الخمر أن يكون عالماً بالتحريم لما روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا لا حد إلا على من علمه.
وإن كان يعلم بالتحريم فعليه العقوبة المقررة في الشرع وهي الجلد حدا على من شرب من المسكر قليلاً أو كثيرا لقوله صلى الله عليه وسلم: (من شرب الخمر فاجلدوه) رواه أبو داود وغيره.
وقدر الحد ثمانون جلدة وهو قول جمهور أهل العلم لفعل عمر رضي الله عنه وإجماع الصحابة على ذلك في عصر خلافته هو وإن كان البعض رجع عن ذلك القول بعد موت عمر وقال إن الحد في الخمر أربعون جلدة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(16/915)
لا يحد من لا يعلم حرمة شرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[من شرب الخمر ورفع أمره إلى الحاكم، فهل يقام عليه الحد مع العلم أنه حديث العهد بالإسلام وما هي الأدلة على ذلك؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإذا كان هذا الرجل حديث عهد كما ذكرت وادعى أنه لم يكن يعلم حرمة شرب الخمر ولا الحد المترتب عليها فإنه لا يحد. لأن احتمال جهله بالحرمة وارد ويعذر بذلك، ونقل ابن قدامة في المغني ذلك عن عمر وعثمان رضي الله عنهما. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(16/916)
شرب الخمر من الكبائر وعقوبته أليمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شارب الخمر؟ هل صحيح أن الله عز وجل لا يتقبل صلاته أربعين يوما؟. وماذا يفعل هذا الإنسان حتى يكفر عن ذنبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: ...
فشرب الخمر كبيرة من الكبائر، يجب البعد عنها واجتنابها، لقول الله جل وعلا (يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) . [المائدة: 90-91] . وقد جاء في ذم شارب الخمر وعقابه أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم:" كل مسكر حرام، وإن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار". [أخرجه مسلم والنسائي] .
ولا تقبل صلاته أربعين صباحا، لقوله صلى الله عليه وسلم. " من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه. فإن عاد لم يقبل الله صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه. فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال" أي: صديد أهل النار. [أخرجه الترمذي بسند حسن. ومثله عند أبي داود والنسائي] .
فالواجب على من ابتلي بشيء من ذلك أن يبادر التوبة إلى الله، وشرط التوبة الصحيحة: الإقلاع عن الذنب. والندم على ما فات. والعزم على عدم العودة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1422(16/917)
الواجب التحلل من السرقة بأدائها لصاحبها إلا أن يسامحه
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ رجل سألني سؤالا وياليتكم تفيدونني: يقول هذا الرجل إنه كان يسرق من والده وإخوانه وكان يشحن جواله ببطاقات الشحن ويتحدث مع مكاتب العقار والعقاريين ويشتغل في سمسرة العقارات، فهل لو الله وفقه ببيعه يعتبر هذا المال حلالا أم حراما؟ وإذا كان حراما، فهل من الممكن أن يصبح حلالا بمصارحة والده وإخوانه؟ وهل يجب عليه أن يبلغهم أنه ربح أم لا؟ أويكتفي بإبلاغهم أنه سرق منهم فقط، دون أن يبلغهم أنه ربح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذا الرجل أولاً هو أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك الفعل ويرد ما سرقه من أبيه أو إخوانه إليهم إلا أن يبرئوه منه، ولا يلزمه أن يخبرهم بما استخدم فيه تلك البطاقات أو ذلك المال الذي سرقه منهم، ولا تأثير لتلك السرقة على ما ربحه من عمله في المقاولات أو البعثة الدراسية أو غيرها ولو كان يستخدم في اتصالاته تلك البطاقات التي كان يسرقها، لأن المال تعلق بذمته، فالواجب عليه إذاً هو التحلل مما سرقه بأدائه إلى من سرقه منهم إلا أن يبرئوه منه ويسامحوه فيه، وبذلك تبرأ ذمته ويطيب ماله.
جاء في الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(16/918)
هل يجوز لمن له مال لدى شخص وأنكره أن يحلف أنه سرقه منه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مبلغ مالي عند شخص وهو ينكر ويقول ليس لك مال عندي، لذلك بعد كل المحاولات السلمية كنت مضطراً لأن أتهمه بسرقة المال وأن أحلف أنه سرق مني هذا المبلغ، حتى يتسنى لي الحصول عليه عن طريق القضاء فهل علي إثم؟ مع العلم بأنني فعلت ذلك حتى أسترد حقي بالضبط ودون أي زيادة أو نقصان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يوضح لنا الطريقة التي وصل بها المال لهذا الشخص، ولكن إن كان استقرض منك أو استعار مالاً ثم جحده، فلا حرج في حلفك على سرقته منك، لأن الكذب على الحصول على الحق أجازه كثير من أهل العلم، والأولى في هذا اللجوء إلى التورية والتعريض إن أمكن، ولأن بعض أهل العلم ومنهم الإمام أحمد يرون أن جاحد العارية يعتبر سارقاً وتقطع يده.
ومن الحجة لذلك حديث الصحيحن عن عائشة قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها.
ومذهب الجمهور أنها سرقت فعلاً واستدلوا بقوله: إذا سرق فيهم الشريف تركوه. وفي رواية: أهمهم شأن المخزومية التي سرقت؟ .
وراجع بحث الاستدلال بالحديث على ذلك ونقاش الجمهور فيه في الاستذكار لابن عبد البر والمحلى لابن حزم وبداية المجتهد وطرح التثريب للعراقي ومشكل الآثار للطحاوي ونيل الأوطار للشوكاني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(16/919)
يدفع المال المسروق للورثة في حال وفاة صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنة أخذت من أموال الأم الكثير دون علمها، ثم من الله عليها بالتوبة وأرادت أن ترد الدين، فكانت لا تعلم كم المال بالضبط، وأرد الله أن تتوفى الأم، فقامت الفتاة بتخمين المبلغ تقريبا وأعطته كصدقه لخالتها،وقالت لها هذه أموال أمي ولكن لم تقل أنا كنت أخذتهم منها. فهل هكذا تكون قد سددت ما أخذته؟ وإن لم يكن فالأم عليها دين والبنت قامت بتسديد مبلغ كبير من الدين ولكن المصدر كان ميراث الأم. فهل هكذا رفع عنها ما أخذته وردت حق أمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لهذه الأخت التوبة ونسأل الله أن يتجاوز عنها ويغفر لها، ثم الواجب عليها أن توفي التوبة أركانها من الإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة إليه والندم على ما فرط منها، وعليها كذلك أن ترد الحق إلى مستحقه لأن الذنب إذا كان متعلقا بحق آدمي لم يبرأ آخذه إلا برده إليه، وإذ قد توفيت أمها رحمها الله فالواجب عليها دفع ذلك المال إلى ورثتها فإنه من تركتها.
قال النووي في المجموع: فرع: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه، فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله، فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه. انتهى.
فالواجب على هذه البنت أن تدفع المال إلى ورثة أمها حسب حصصهم من التركة، ولها أن تأخذ حقها منه لأنها من الورثة، ولا يجزئها دفع المال إلى خالتها ولا تبرأ ذمتها بذلك، ولها أن تسترد هذا المال منها مادامت قد أخبرتها بأنه مال والدتها وتخبرها بأنه حق الورثة، ولا يلزمها أن تخبر بكيفية أخذها المال من أمها إذ المقصود أن ترد الحقوق إلى أصحابها، وانظري الفتاوى ذوات الأرقام التالية، 99131، 107614، 124084، 98718.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(16/920)
لا تجوز السرقة من أموال المسلمين ولا المسالمين أو المعاهدين من الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم السرقة لشخص متزوج وعنده كم هائل من الأولاد لا يوجد شيء ليطعمهم. هل السرقة حلال لأنه لا يوجد بديل؟ وأيضا هل سرقة اليهود حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة من كبائر الذنوب المحرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وتحرم السرقة من أموال المسلمين وكذلك المسالمين أو المعاهدين من الكفار، سواء كانوا أهل ذمة أو مستأمنين، فالواجب على الشخص المذكور أن يجتهد في البحث عن عمل مباح ينفق به على نفسه ومن يعول، فإن لم يجد فليبحث عمن يقرضه، وإن لم يجد ما يطعم به أولاده جاز له الأخذ من الزكاة أو أموال الصدقة، وإن فرضنا أنه قد سلك السبل المذكورة ولم يجد ما يطعم به نفسه وأولاده وخشي عليهم من الهلاك جاز له أن يسرق ما يرد به جوعه، ومحل هذا إذا خشي المرء على نفسه الهلاك وليس مجرد الجوع العادي.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الاضطرار شبهة تدرأ الحد، والضرورة تبيح للآدمي أن يتناول من مال الغير بقدر الحاجة ليدفع الهلاك عن نفسه، فمن سرق ليرد جوعا أو عطشا مهلكا فلا عقاب عليه. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 24830، 62687، 73748، 80991، 101776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(16/921)
ستر السارق أم الإخبار عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت سارقا يسرق في وقت الفجر، ولا أحد يراه غيري، فهل أقول لصاحب الفاكهة التي يسرقها أني رأيته يسرق، مع العلم أني صورته وهو يسرق، فماذا أفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليك حين رأيت هذا السارق أن تبلغي من يمنعه من السرقة، إلا أن يكون عليك ضرر في ذلك، قال النووي في الكلام على حكم من رأى رجلاً على معصية: فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك، ولا يحل تأخيرها، فان عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة. اهـ من شرح النووي على مسلم.
والذي ينبغي عليك الآن هو إبلاغ صاحب الفاكهة، إلا أن يكون عليك ضرر في ذلك.
قال الصنعاني: وأما إذا رآه يسرق مال زيد، فهل يجب عليه إخبار زيد بذلك أو ستر السارق. الظاهر أنه يجب عليه إخبار زيد، وإلا كان معينا للسارق بالكتم منه على الإثم. والله تعالى يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. اهـ من سبل السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(16/922)
يطلب منه صاحب الشركة تحميل رمل مسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يعمل فى شركة سائق نقل، ويطلب منه صاحب الشركة تحميل رمل من مكان آخر ليس ملكا له على سبيل السرقة، فهل عليه ذنب؟ وماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تطيع صاحب الشاحنة في جلب ذلك الرمل المسروق؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان. قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ {المائدة:2} .
وإذا فعلت ما أمرك به فإنك أنت المباشر للسرقة وعليك ضمان ما سرقته. قال ابن قدامة في المغني: ومتى اجتمع المباشر مع المتسبب كان الضمان على المباشر دون المتسبب.
فعليك أن لا تطيع صاحب السيارة فيما يأمرك به، وإن فعلت فأنت آثم وضامن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(16/923)
يرد المال المسروق لورثة المسروق منه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ فترة عمل صديقي في محل، ونظرا لضغوط العمل وعدم تكافئها مع راتبه واحتياجاته وتأخر راتبه، فقد اضطر لأخذ مبلغ صغير (سرقة) من المحل، والآن هل يجوز التبرع به لأحد المحتاجين؟ أم يجب رده لصاحب المحل؟ وهل نفس المبلغ أم بزيادة؟ علما بأن صاحب المحل قد توفي، والورثة مختلفون، لكن المحل يمارس نشاطه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على صديقك المبادرة إلى التوبة النصوح، ومن شروط التوبة أن يقوم برد المال الذي سرقه إلى ورثة صاحب المحل مع إخبارهم أنه مال مورثهم حتى يقتسموه بينهم بحسب القسمة الشرعية، أو يرده إلى المحل المملوك للورثة إن كان مشتركا بينهم جميعا. والواجب هو رد قدر المال بلا زيادة.
وننصح صديقك بكثرة الاستغفار والإكثار من الحسنات، ونسأل الله عز وجل أن يتقبل توبته. ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 6022، 64078.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(16/924)
هل يستوفي حقه من أخيه السارق أم يعفو عنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ سرقت من أخي، عندما أذهب لزيارة أهلي، وتكررت هذه الحالة لفترة طويلة، وبعد فترة شككت به، ووجدت بعضا من نقودي عنده، وواجهته بالأمر، فاعترف وقال: إني أتعمد أذيتك، ولم يؤلمني ما سرق بقدر الألم الذي سببه كلامه، فأوضحت الأمر لأهلي، ولكن لم يكن بتصرفهم معه شيء يمنعه من السرقة مرة أخرى، فقررت أن يرد لي المبلغ على دفعات من راتبه بحيث يدفع لي كل مرة جزءا قليلا منه إلى أن يدفع ما عليه لي، وأنا يا شيخ بصراحة حاولت أسامحه وأقول صلة رحم، ولكن بداخلي لا أقدر بما سببه لي من ألم، وأدخلني ببوابة أني كنت أبيع ما عندي حتى أسد حاجتي وحاجة عائلتي. فالسؤال هو هل بسداده المبلغ لي على شكل دفعات يكون لي حلالا أو حراما؟ شكرا جزيلا، وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القصد هو أن أخاك كان يسرق منك دائما، وليس القصد أنك أنت سرقت منه أولا بشكل متكرر، فلا حرج عليك في مطالبته بما سرق منك، وأخذه منه دفعة واحدة أو تقسيطه عليه. ولا تلزمك مسامحته فيه سيما مع تبجحه بقصد إيذائك. لكن لو سامحته وأحسنت إليه فلك الأجر والمثوبة عند الله عز وجل لقول الله تعالى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35} . ولحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويُسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل - الرماد الحار - ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. وفي المسند والسنن عن أبي كبشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث أقسم عليهن: ما نقص مال من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 104582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(16/925)
وسائل رد المال المسروق بدون فضح النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالسرقة من بعض الزميلات في العمل بسبب تعرضي للابتزاز، والآن لدي مبلغان متوفران من جملة المبالغ، أود أن أرجعهم للمعنيات، كيف أفعل ذلك بدون أن يعلم أحد عني، مع العلم بأني أعلم مكان عملهم، أخاف أن أموت ولهم علي حق وأعلم أن الله يغفر ما يكون بينه وبين العبد من معاصي، ولكن لا يغفر ما بين العبد وباقي عباده، واعلم أني ظلمتهم فأرجوكم أريد أن أنام براحة.... أنتظر الرد بالتفصيل حتى لو كان عن طريقكم سيتم التوصيل، فهل من الممكن أن تساعدوني بالفتوى وبطريقة إيصال المبالغ؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة من الكبائر التي تستوجب التوبة، وللتوبة شروط وهي:
1- الإقلاع عن المعصية.
2- الندم على فعلها.
3- العزم على عدم العود لمثلها ...
وإن تعلقت بحق آدمي، فيزاد شرط رابع وهو: أن يخرج التائب من حقه إما بأدائه وإما باستحلاله منه بعد إعلامه به، لقوله عليه السلام فيما رواه البخاري عن أبي هريرة: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه.
وإن كنت تخشين الفضيحة عند رد المال بطريقة مباشرة فعليك أن تحتالي بطريقة ما لإيصال المال إلى من يملكه، كأن ترسليه إليهن عن طريق رسالة بدون ذكر اسم وتخبريهن أن هذا المال مالهن، أو تدفعي إليهن المال في صورة هدية بأن تعطيهن المال نفسه لا قيمته، أو غير ذلك من الطرق التي يمكن بها رد المال إلى صاحبه بدون أن تفضحي نفسك.
أما نحن هنا فليس من عملنا إيصال مثل هذه الحقوق إلى أهلها، وإنما عملنا بيان الأحكام الشرعية فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(16/926)
سبيل التوبة من السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أني في يوم سرقت مالا من بيت خالتي وبعدها عرفت خطئي وتبت إلى الله وقررت أن أرجعه بعد أن أحصل على راتب شهري ثابت أي بعد أن أتعين لدى الدولة لكن دون أن يعرفوا من الذي سرقهم ومن الذي أرجعه خوفا من الفضيحة، لكن بعدها اكتشفنا أنهم قاموا بسرقة شخص من أقاربهم واعترفوا بالسرقة وأن ابنتهم تزوجت دون علمهم وسافرت إلى خارج البلد للحاق بزوجها، والآن رجعت لهم واحتضنوها وأيضا قاموا بالاتهامات المتكررة لعدد من الأشخاص الذين لا يحبونهم أي تشويه لسمعة هذا الشخص وتلك البنت وهكذا حياتهم معتمدة على الغش والخداع والمراوغة والسحر والجدل والشعوذة. وبعدها قرر والدي قطع العلاقة بهم لأنهم لا يستحقون حتى النظر لهم فأنا متحيرة هل لو تمكنت من جمع المال هل أرجعه لهم أم أعطيه لأي شخص فقير يستحق. أرجوكم أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة من كبائر الذنوب لما فيها من الاعتداء على أموال الناس وإذلال النفس بارتكاب فعل قبيح شرعا وعقلا وعادة، لذلك تضافرت النصوص المحذرة منها في الكتاب والسنة, ورتب الشرع عليها حد القطع، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. {المائدة:38} , وقال صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ. رواه البخاري ومسلم.
ويجب على من ارتكب السرقة أن يتوب إلى الله وأن يرد ما سرقه إلى مالكه؛ لما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
وبناء على هذا فإنه تلزمك التوبة إلى الله, ومن مقتضياتها رد ما سرقت إلى مالكه, ويمكن أن ترديه خفية خوفا من كشف أمرك, ولا يسوّغ لك ما يوجد في أهل بيتها من مخالفات أن تعطي المال المسروق لشخص آخر لأن ذلك من التصرف في أموال الناس بغير حق.
وللأهمية راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 3051، 94379، 5450.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(16/927)
سرقت من بيت قريبتها ثم علمت أنهم يسرقون.. هل ترد ما سرقته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 26 سنة قبل سنة تقريبا اضطررت لسرقة المال من بيت خالتي لكن قررت بعد أن تبت إلى الله أن أرده حالما أحصل على راتب ثابت أي أتوظف لدى الحكومة لأني خريجة وبانتظار التعيين لكن بطريقة لا يعرفون بها أني أنا المذنبة. لكن بيت خالتي تفككوا الآن بسبب اكتشافهم بأنهم يقومون بالسرقة وقد قاموا بسرقة مبلغ كبير من المال من أحد أقاربهم سؤالي هو هل أنا ملزمة برد المال لهم أم توزيعه للفقراء؟ أرجوكم أفيدوني لكي أستمر بطريق الرشاد جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو التوبة من هذه الكبيرة التي قمت باقترافها، ومن شروط التوبة رد المظالم إلى أهلها أو التحلل منها، فيجب عليك رد المال الذي أخذته من بيت خالتك أو مثله إن كنت قد أنفقته. وإن كنت لا تملكين مالاً الآن فيلزمك الرد متى أمكنك ذلك.
أما كون بيت خالتك قد قاموا بسرقة المال من أقاربهم فيجب عليهم التوبة وإن أمكنك نصحهم في ذلك فافعلي، وإن علمت أن المال الذي أخذته منهم ليس ملكاً لهم فلا ترديه لهم ورديه إلى صاحبه، فإن تعذر معرفة صاحب المال فتصدقي به عنه؛ لكن متى ما ظهر صاحبه خير بين أن يرد عليه مثل ما أخذ منه وبين أن يقبلها صدقة عنه.
ونوصيك بكثرة الاستغفار والإكثار من الحسنات، ونسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك ويوفقك إلى الخير والصلاح.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 3051، 6022، 20311، 23322، 28499، 40782، 73131.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(16/928)
كيفية حد السارق مقطوع اليد اليمنى في سرقة سابقة وهل تقطع يده اليسرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حد السارق إن قطعت يده اليمنى ثم سرق, فهل تقطع يده اليسرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال ابن قدامة في المغني: لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى، من مفصل الكف ... وإذا سرق ثانياً قطعت رجله اليسرى، وبذلك قال الجماعة إلا عطاء، حكي عنه أنه تقطع يده اليسرى، لقوله سبحانه: فاقطعوا أيديهما. ولأنها آلة السرقة والبطش، فكانت العقوبة بقطعها أولى، وروى ذلك عن ربيعة وداود, وهذا شذوذ يخالف قول جماعة فقهاء الأمصار من أهل الفقه والأثر من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقد روى أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في السارق: إذا سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله. ولأنه في المحاربة الموجبة قطع عضوين، إنما تقطع يده ورجله، ولا تقطع يداه، فنقول: جناية أوجبت قطع عضوين، فكانا رجلاً ويداً، كالمحاربة ولأن قطع يديه يفوت منفعة الجنس، فلا تبقى له يد يأكل بها، ولا يتوضأ ولا يستطيب، ولا يدفع عن نفسه، فيصير كالهالك، فكان قطع الرجل الذي لا يشتمل على هذه المفسدة أولى. وأما الآية: فالمراد بها قطع يد كل واحد منهما، بدليل أنه لا تقطع اليدان في المرة الأولى. وفي قراءة عبد الله (فاقطعوا أيمانهما) وإنما ذكر بلفظ الجمع لأن المثنى إذا أضيف إلى المثنى ذكر بلفظ الجمع كقوله تعالى: فقد صغت قلوبكما.
إذا ثبت هذا فإنه تقطع رجله اليسرى، لقوله تعالى: (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ) .
ولأن قطع اليسرى أرفق به، لأنه يمكنه المشي على خشبة ولو قطعت رجله اليمنى لم يمكنه المشي بحال، وتقطع الرجل من مفصل الكعب في قول أكثر أهل العلم، وفعل ذلك عمر رضي الله عنه. انتهى.
فإن عاد فسرق بعد قطع يده اليمنى ورجله اليسرى فقد اختلف فيه الفقهاء، قال ابن قدامة: إذا عاد فسرق بعد قطع يده ورجله، لم يقطع منه شيء آخر وحبس، وبهذا قال علي رضي الله عنه والحسن والشعبي والنخعي والزهري وحماد والثوري وأصحاب الرأي.
وعن أحمد أنه تقطع في الثالثة يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى، وفي الخامسة يعزر ويحبس وروى عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما قطعا يد أقطع اليد والرجل وهذا قول قتادة ومالك والشافعي وأبي ثور وابن المنذر، وروي عن عثمان وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز أنه تقطع يده اليسرى في الثالثة، والرجل اليمنى في الرابعة ويقتل في الخامسة، لأن جابراً قال: جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسارق، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله، إنما سرق. فقال: اقطعوه، قال: فقطع، ثم جيء به الثانية، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه فقطع، ثم جيء في الثالثة، فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه، قال: ثم أتى بعد الرابعة، فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول الله إنما سرق. قال: اقطعوه. ثم أتى به الخامسة، قال: اقتلوه، قال: فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر. رواه أبو داود. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في السارق: (وإن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله) . ولأن اليسار تقطع قوداً فجاز قطعها في السرقة، كاليمنى ولأنه فعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ... انتهى من المغني. وفي المسألة تفصيلات أخرى راجع للفائدة في ذلك الموسوعة الفقهية الكويتية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(16/929)
سرق وتاب ولا يستطيع رد المسروقات لفقره
[السُّؤَالُ]
ـ[فتوى لإحدى الأخوات تسأل لها قريبة تحب المال جداً وتحب الدنيا ولكن ربنا هداها وقبل الالتزام سرقت كثيرا من المرات وأخذت مال بهدف مشروعات خيرية وصرفته على نفسها وسرقت من القريب والغريب وهي الآن تابت والحمد لله ولكن ليس لديها شجاعة أن تصارح الناس بالسرقة وفي نفس الوقت لا تجد مالا ترده لصعوبة حالتها المادية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أراد أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً من السرقة فلا بد أن يرد المسروقات إلى أصحابها، لأن من شروط التوبة إرجاع الحقوق إلى أهلها أو ورثتهم إن كانوا هم قد ماتوا، فإن لم يرجعها إليهم لفقره، فعليه أن يستحل منهم فإن أحلوه منها فهو كمن أرجعها، وإن لم يحلوه بقيت في ذمته وهو في حكم الغارم، يأخذ من الزكاة ما يقضي به ديونه، مع ما يجب عليه من الاستغفار والدعاء لهم في مقابل ما أخذه من حقوقهم، وعليه أن يكثر من أعمال البر، فإن أصحاب الحقوق قد يطالبونه بها يوم القيامة، والله حكم عدل فقد يوفيهم إياها من حسناته، فعليه أن يكثر من الحسنات.
أما إذا كان قادراً على أدائها ولكنه لا يعرفهم ولا ورثتهم، أو لا يعرف أماكن وجودهم فإن عليه أن يتصدق بها عنهم، مع صدق التوبة والإكثار من فعل الحسنات، وعلى كل فمتى ما قدر ما على إرجاعها بأي وسيلة مشروعة وجب عليه ذلك، وإن لم يقدر وكان أحسن التوبة فيما بينه وبين الله فنرجو الله جل وعلا أن يقبل توبته، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(16/930)
الواجب في التوبة من السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[إلي والدنا العزيز وشيخنا الفاضل عمر عبد الكافي
من ابنتك التي تبحث عن السعادة عن طريق السعادة الحقيقية وترجو من الله أن يهدي قلبها الحائر إلى الإيمان شيخنا الفاضل أريد أن ترد على هذه الرسالة بكل تكتم لأنني ارتاح لحكمك وعلاجك الصارم
المسالة صارت مند سنوات (35سنة) أبي تزوج بغير رضى أمي ولكن المشكلة أن أخي الأكبر قد سرق الحلي (ذهبا وفضة) الخاص بزوجة أبي انتقاما منه وذلك بغير علم أمي لكنها تقبلت ذلك عند علمها
فقذف أخي الحلي الفضي في البحر وغير الحلي الذهبي وسلمه لأمي فكانت الضحية أختي الكبرى التي اتهمت بالسرقة وهي ذات 15 سنة فقام أبي بفصلها عن الدراسة وهي من المتفوقين وأخدها إلى الشرطة للاعتراف (ضربت وأهينت وقيدت..) وهي لا تعلم شيئا ولازال أبي لوقتنا هدا على يقين من أنها هي الفاعلة وحتى لو أخبرناه بالحقيقة لن يصدق لكثرة حبه لأخي الأكبر
وبعد عدة سنوات أطلعت أمي بعض إخوتي بالحقيقة منها أنا وأختي الكبرى
علما بأن أمي لم تكن بحاجة إلى المال ولكنها احتفظت بالحلي وبعدها كل من يحتاج إليه (أولادها) تبيع منه وتفك أزمته (عمل. زواج ... ) أما أنا فأهدتني يوم زفافي قطعة منه (المسروق) وعندما فقد زوجي العمل وأصبح فقيرا وله دين أعطتني مبلغ 20.000دج (من السرقة) سددت الدين عن زوجي بغير علمه بمصدره فكذبت وقلت إنها لأختي ووعدت نفسي أن أتصدق بالمبلغ إن توفر لي ذلك
والآن قلنا لامي أن تعيد السرقة بأي طريقة والمشكلة أننا لا نعرف كمية الحلي المسروق وكيفية التصرف في وزنه سابقا واليوم
وقد توفيت زوجة أبي ولها أولاد من زوجين آخرين (ليس أبي) ونخاف أن يعرفوا بالأمر فهل يجوز التصدق بالمبلغ للفقراء? وما هي الطريقة الصائبة لحل هذه المشكلة?
علما أن الحلي ليس لزوجة أبي فقط بل كان لزوجة عمي قليل منه وهي على قيد الحياة
وهل علي أن أرد هدية أمي عند زواجي أو بالأحرى كيف أتصرف بها?إن ضميري يؤنبني.
بالإضافة إلي أن أمي تنوي الحج بثمن الحلي الخاص بها (ليس مسروقا) وأمي مترددة في إرجاع السرقة ونحن نريد أن نساعدها للرجوع إلى الله وهي صادقة.
أما بالنسبة لأخي الأكبر فهو لم يندم على فعلته وقال لو وجدت أكثر لأخدته علما بأنه لم يستفد منه ولو بشيء قليل (أعطاه كله لأمي)
فارجو من الله أن تسعفنا بالحل ولا تنسانا بالدعاء أنا وأهلي وبناتي وزوجي وخاصة إلى ابنة أختي الكبرى التي شجعتني علي مراسلتك وكتابة هده المشكلة وجميع المسلمين بنيل الفردوس الاعلى
((دعاء خاص لأبي ليصلح حاله ويتوب إلى الله ويصبح يصلي ولكي يقوم بالفرائض ويحنن قلبه علينا ويهدي أمي لما فيه خير لها)) .]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اعلمي أن من حق أبيكم أن يتزوج من امرأة ثانية، ولا يشترط رضى أمك بهذا الزواج، لأنه أمر أباحه الله له. وإن صح ما ذكرت من كون أخيك قد سرق شيئا من مجوهرات زوجة أبيكم وزوجة عمكم فهو آثم، ويشترك معه في الإثم كل من أخذ شيئا من هذه المجوهرات وهو يعلم أنها مسروقة، فالواجب على الجميع التوبة إلى الله تعالى. ومن تمام هذه التوبة رد المسروق إلى صاحبه ولو من طريق غير مباشر، ومن مات يرد ماله إلى ورثته. ولا يجزيء التصدق بقيمة المسروق ما دام صاحبه معلوما، وما كان موجودا من هذه المجوهرات يرد بعينه إلى صاحبه، وما لم يوجد منه ترد قيمته بسعر يوم السرقة. وينبغي السعي في رفع الظلم عن أختكم هذه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لأبيك الصلاح والتوبة وأداء الصلاة والمحافظة على الفرائض، وأن يرزق قلبه العطف والحنان نحوكم، ونسأله سبحانه أن يهدي أمكم لكل خير.
واعلمي أن من حق أبيكم أن يتزوج من امرأة ثانية، ولا يشترط رضى أمك بهذا الزواج، لأنه أمر أباحه الله له.
وإن صح ما ذكرت من كون أخيك قد سرق شيئا من مجوهرات زوجة أبيكم وزوجة عمكم فهو آثم، ويشترك معه في الإثم كل من أخذ شيئا من هذه المجوهرات وهو يعلم أنها مسروقة، فالواجب على الجميع التوبة إلى الله تعالى. ومن تمام هذه التوبة رد المسروق إلى صاحبه ولو من طريق غير مباشر، وإن كان قد مات يرد ماله إلى ورثته. ولا يجزئ التصدق بقيمة المسروق ما دام صاحبه معلوما.
وما كان موجودا من هذه المجوهرات يرد بعينه إلى صاحبه، وما لم يوجد منه ترد قيمته بسعر يوم السرقة. وراجعي الفتوى رقم 79649.
وينبغي السعي في رفع الظلم عن أختكم هذه، ويمكنكم في هذا السبيل الاستعانة ببعض العقلاء وأهل الفضل، ويمكنكم الالتزام له برد هذا المال إلى ورثة زوجته، وردها لازم أصلا كما ذكرنا، ولكن لا تخبروه بمن قام بسرقة هذا المال، لأن إخباره بالحقيقة قد تترتب عليه مفاسد أعظم.
وليس لهذا الموقع علاقة بالشيخ عمر عبد الكافي ويمكنك الكتابة إليه من خلال موقعه وهو www.abdelkafy.com
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(16/931)
الواجب في رد السرقة إن تعذر وجود المسروق منه
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أن ألتزم كنت قد سرقت مالا من رجل كافر ومن المستحيل أن ألقاه مرة أخرى
أحس بذنب عظيم الآن , فهل من الممكن أن أعطي نفس القدر من المال لمسكين كي أتخلص من هذا المال الحرام. وأرجو الله ان يغفر لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين علماء المسلمين في تحريم سرقة الأموال المعصومة سواء كان أصحابها من المسلمين أو من الكافرين.
والواجب عند التوبة من السرقة هو رد المسروق إلى صاحبه إن أمكن أما إن تعذر رده لفقد المسروق منه أو التعذر الوصول إليه أو إلى ورثته فإنه يتصدق بالمال المسروق في وجوه الخير ومصالح المسلمين أو بإنفاقه على الفقراء والمساكين.
وهذا التصرف يكون بينة التخلص منه وهو مخير متى ما ظهر بين إمضاء الصدقة وبين أن يدفع له حقه، فإن دفع له كان أجر الصدقة للسائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1429(16/932)
واجب من أخذ من مال البلدية بدون عداد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ماعز وابنها موجودان في أرض وهذه الأرض فيها خط مياه بلدية ولكن من غير عداد وتشرب من هذا الماء وأقوم أنا بدفع مبلغ معين في وجه خير بدل سعر المياه الذي تشربه الماعز , فهل يجوز هذا؟ وما حكم شرب الماعز من هذا الماء؟ وماذا أفعل أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مياه البلدية من المياه العامة التي لا يجوز الاعتداء عليها والانتفاع بها بدون إذن من البلدية، ولا فرق بين أن ينتفع بهذه المياه الشخص نفسه أو يسقيها غنمه، ومن فعل ذلك فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل والإقلاع الفوري عن فعله هذا، مع لزوم دفع ثمن الماء إلى البلدية المعنية بهذه المياه، وإذا كان يجهل قدر الماء الذي انتفع به بدون إذن عمل في ذلك بغالب ظنه، ولا يصح أن يدفع هذا المبلغ إلى جهة غير الجهة المعنية؛ لأن هذه الجهة هي صاحبة الحق في هذا المال فلا يصح صرفه إلى غيرها مع وجودها وإمكان دفعه إليها، وفي حال كانت غير موجودة أو استحال الرد إليها فإنه يتصدق بقدر ذلك في وجوه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(16/933)
السرقة والحلف كذبا لاتهام الغير بها..ظلمات بعضها فوق بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[رب العمل الذي أعمل لديه اكتشف سرقتي للمال وعندما تهربت طويلا من الاعتراف واتهام الغير قرر وبعد ثلاثة أشهر أن يأخذني ومن اتهمته إلى شيخ يقرأ بطريقة ما حسب تجربة سابقة له معه، ولكن من قبل يجب أن نحلف على القرآن الكريم أنا والشخص الآخر وهذا لم أكن أتوقعه، فماذا أفعل يرحمكم الله. علما بأنني أشعر بأن الله قد قبل توبتي لأنني هذه المرة أخبرت زوجتي وأخبرت والدي وأمي ظنا مني إن شاء الله بأن ذلك سيساعدني لأن الله وللمرة الثالثة لن يتخلى عني وسيسترني إن شاء الله، وجزاكم الله خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن السؤال أربعة أمور:
1. ما مارسته من السرقة.
2. إخبارك والدك وزوجتك بالسرقة.
3. تحويل التهمة عنك إلى الغير.
4. قرار رب العمل الذهاب بك إلى شيخ يقرأ من أجل اكتشاف السارق.
5. حلفك على المصحف ...
وحول النقطة الأولى، فإن السرقة تعتبر من كبائر الذنوب والآثام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ... ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، واللفظ للبخاري.
فالواجب أن تبادر إلى التوبة من هذا الذنب، بالندم والعزم أن لا تعود إلى مثله، مع رد جميع المسروقات إلى صاحبها بأية طريقة ممكنة.
وليس من شروط التوبة مصارحة الناس بالسرقة، بل المشروع هو أن يستر المرء على نفسه ولا يفضحها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم والبيهقي.
وفي هذا رد على النقطة الثانية.
ومسألة تحويل التهمة عنك إلى الغير تعتبر خطأ قد لا يقل في الإثم عن سابقه؛ لأنك به قد كذبت، وأوقعت أناسا برآء في العنت، فتب إلى الله من ذلك أيضا.
وحول النقطة الرابعة، فإن ما يريده رب العمل من استرجاع المسروقات عن طريق ذلك الشيخ لا يجوز؛ لأنه من الكهانة، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 4987.
ثم إن من حلف بالله تعالى كاذبا، فقد باء بإثم عظيم، وهذه هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار والعياذ بالله. وفي الحلف بالله على المصحف تغليظ لليمين وزيادة في الإثم.
فالحاصل -إذاً- أن واجبك هو التوبة من جميع ما ارتكبته، والامتناع من الذهاب إلى الشيخ المذكور، ورد المسروقات، مع محاولة الستر على نفسك إن أمكن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1429(16/934)
العقوبة الدنيوية والأخروية لمن سرق من كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أخذ من كافر ومن أهل كتاب شيئا، أو سرق منه شيء أو أخذ أي شيء منه ظلما في يوم القيامة، فهل يسلب إيمانه منه، ففي يوم القيامة لا ظلم فكيف يوفي الله حق هذا الكافر، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين علماء المسلمين في تحريم سرقة أموال المسالمين أو المعاهدين من الكفار، سواء كانوا أهل ذمة أو مستأمنين، والمسلم إذا سرق من الذمي أو المستأمن فإن يده تقطع متى تحققت شروط القطع المعروفة، نقل هذا الاتفاق ابن قدامة في المغني فقال: ويقطع المسلم بسرقة مال المسلم والذمي، ويقطع الذمي بسرقة مالهما، وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه خلافاً. 8/368 المغني.
هذا بالنسبة لعقوبته في الدنيا، وفي الآخرة يفعل به ما يفعل بالمعتدين على غيرهم، لا فرق بين أن يكون الاعتداء على مسلم أو على كافر طالما أنه اعتداء محرم، وأما الكافر المعتدَى عليه فليس له من نصيب في الآخرة، لأن الله تعالى يعجل له حسناته في الدنيا، سواء كانت تلك الحسنات من فعله هو أو من فعل الغير له، فقد ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.. وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيراً. رواه أحمد وابن حبان وغيرهما وصححه الألباني.
ومن هذا تعلم أنه ليس من اللازم في الاعتداء على الكافر أن يسلب المؤمن إيمانه في الآخرة، وأنه لا ظلم على الكافر في شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(16/935)
الأخذ من مال الأخ لمصارف الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي تزعجني وأحسها كالجبل على صدري لا أريد أن أطيل عليكم فهي أني أنا وأخت لي في الجامعه نأخذ مالا من أخي دون علمه وبقينا على هذا الحال مدة طويلة لا أعرف بالضبط كم هي، ولكن الذي يدفعنا لنأخذ منه هي الحاجة لهذه النقود فنحن نأخذها مواصلات ونأخذ ما يسد الحاجة للمواصلات والأكل في الجامعة يعني تقريبا نأخذ 20 شيقلا في اليوم، المصيبة أني ما زلت آخذ منه أحيانا أنا وأحيانا أختي وما زلنا حتى اليوم وفي رمضان وأشعر بالضيق من ذلك أقسم بالله لولا أني أحتاج هذه النقود للمواصلات ما أخذتها منه، لا أستطيع أن أقول له بأننا نأخذ منه وفي ذات الوقت ولا يعطينا وإذا أعطانا ليوم أو يومين لا يعطينا في بقية الأسبوع وأنا يجب أن اذهب للجامعة ولحضور المحاضرات لعلكم تتساءلون وأين أبي من هذا كله أبي يعطينا ولكن الشيء القليل الذي لا يكفي ولا نستطيع أن نتجادل معه وذلك لأننا نخاف منه جدا على سبيل المثال الآن أذهب للجامعة أنا وأختي منذ شهر وأبي لا يسألنا من أين تذهبون ومن يعطيكما ولا كأن له صلة بالموضوع أعاني جدا فمن أين آتي بالنقود لكي أذهب للجامعة وخاصة أنني على وشك التخرج لا سبيل أمامي إلا أن آخذ بدون علم أخي أعتبرها سرقة وهذا الموضوع يضايقني ويكدر علي حياتي فماذا أفعل أريد أن أقول شيئا آخر وهو أن أمي تعلم بهذا الأمر وموافقة عليه ماذا نفعل أقول في نفسي إذا أكرمني الله بعمل سأرد له ما أخذته منه على سبيل الهدية ولكن ماذا لو لم أعمل فمن أين أعيدها له وكيف سأخبره بأنني كنت آخذ منه دون علمه أحس بأن صلاتي وعبادتي غير مقبولة بسبب هذا الشيء حتى الدعاء لا يقبل وأنا بحاجه لأن أدعو الله رجاء ماذا أفعل سامح الله أبي لولاه ما مددت يدي وأقسم بهذا...........]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على السائل التوبة إلى الله عز وجل وترك السرقة فورا ورد الحق إلى صاحبه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن السرقة من الكبائر التي تستوجب التوبة إلى الله عز وجل، والسرقة لا تباح إلا عند الضرورة، وحد الضرورة أن يبلغ المكلف حدا إذا لم يتناول الحرام هلك أو قارب على الهلاك، وبهذا تعلمين أن حاجتك إلى مصاريف الجامعة لا تبيح لك ولا لأختك السرقة والاعتداء على مال أخيك، كما أن إهمال والدك ورضى والدتك بما تفعلين لا يسوغ هذا الفعل المحرم، فالواجب عليك وعلى أختك أن تتوبا إلى الله تعالى فورا من هذا الذنب وأن تردا ما أخذتما إلى أخيكما بطريق أو بأخرى عند القدرة على الرد أو تستسمحا منه، ولا يصح أن يكون الرد بأن تشتريا هدية لأخيكما لأن الواجب عليكما رد ما أخذتما لا أن تشتريا بالمال شيئا، وتدفعانه إلى صاحبه، ويمكنكما دفع هذا المال في صورة هدية وبه تبرأ الذمة.
وليعلم أن تمول الحرام في المأكل والمشرب والملبس من موانع استجابة الدعاء إلا أن يتكرم الله تعالى بالاستجابة على من حاله كذلك، فلتبادرا إلى التوبة النصوح عسى الله أن يتوب عليكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(16/936)
حكم من كان ينقل لشخص أشياء وعلم أنها مسروقة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني أحد الأصدقاء أن أقله بسيارتي لجلب بعض أغراض لعمله وبينما كان يحمل هذه الأغراض علمت أنها مسروقة وعرفت ممن سرقت، ولكني حملت هذه الأغراض، ف ماذا علي أن أفعل؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي كان عليك أن تفعله -وقد ذكرت أنك قد عرفت صاحب الأغراض المسروقة- هو أن تنصح صديقك بإرجاع المسروقات إلى صاحبها، وإذا لم يفد فيه النصح ذكرت له أنك ستفضح أمره إذا لم يستجب، ثم بعد ذلك تخبر صاحب الأغراض ليسعى في تخليصها، وعدم قيامك بهذه الخطوات لا يفيتها، فما زال في إمكانك الآن أن تسعى في إرجاع الأغراض إلى صاحبها، وإن لم تفعل كنت ضامناً لها عند من يرون أن الترك فعل.
قال الخرشي: ... والمعنى أن من قدر على خلاص شيء مستهلك من نفس أو مال لغيره بيده، كمن محارب أو سارق أو نحوهما أو شهادته ... وكتم الشهادة أو إعلام ربه بما يعلم من ذلك حتى تعذر الوصول إلى المال بكل وجه ضمن دية الحر وقيمة العبد..3/21.
ولو افترضنا أنه لم يكن متاحاً لك إعلام صاحب الأغراض، فإنه كان عليك -على الأقل- أن لا تحملها، لأنك بحملها له صرت متعاوناً معه على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(16/937)
الاحتيال لاستخدام الكهرباء بدون ثمن لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام الأجهزة الكهربائية الموصولة بكهرباء محتال على عدادها لكي لا يحسب ما استخدمت تلك الأجهزة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز استخدام هذه الأجهزة ما دامت موصلة بهذه العددات لما في ذلك من التهرب من دفع قيمة الكهرباء التي تستهلكها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 8936.
وما دام هناك عقد مع شركة الكهرباء أو الجهة المسؤولة عن توفيرها على أن تمد بالكهرباء مقابل تكلفة معينة، فلا تجوز مخالفة هذا الاتفاق؛ لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 51962.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(16/938)
حكم أكل مال الكافر بالباطل
[السُّؤَالُ]
ـ[المشايخ الأفاضل..... لدي أحد أقاربي يملك محل إنترنت وهو رافضي أسمعه أحيانا حتى يسب الله عز وجل والعياذ بالله وهو سائق في دائرة مال عام يقوم بأخذ الوقود من سيارة العمل لمحله، لكنه ليس حربيا وأحد الإخوة يعمل لديه في المحل الخاص به وصاحب المحل لا يتواجد صباحا لذهابه إلى عمله وجلوسي في محله لا يقبل أن يأخذ المال مقابل تصفحي في محله وكما قلت إنه ليس متواجداً صباحاً، فهل يجوز أن آتي وأستخدم الإنترنت عنده صباحا حيث لا يكون هو متواجدا، مع أنني أيضا صباحا لا أدفع المال إذا أردت الاستخدام للإنترنت حيث قال للأخ الذي يعمل لديه بعدم أخذ المال مني، لم أجرب معه النصح، لأنه رافضي لا آمن أن يستخدم التقية وأقولها متيقنا، فهل يجوز لي أن أستخدم الإنترنت خصوصا أني أريد أن أستخدمه في كسب الأجر إن شاء الله؟ وجزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم.. ونفع بكم وبعلمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ، وهذا عام في أكل المال بالباطل، سواء كان صاحب المال كافراً أو مسلماً براً أو فاجراً.
وإن تصفح الإنترنت في محل الشخص المذكور بدون إذن منه يعد أكلاً لماله على وجه غير مشروع، وعليه فلا يجوز لك فعل ذلك مهما يكن حال الرجل المذكور، ومن واجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تنهاه عن المنكر الأكبر وهو سب الله تعالى، وهو أكبر أنواع الكفر وأشنعها وأشدها قبحاً، وفي الحديث: من رأى منكم منكراً فليغيره.... رواه البخاري ومسلم.
وأي منكر أعظم من سب خالق الأرض والسماء، فالواجب عليك إذا سمعته يفعل ذلك أن تنهاه وتزجره، أما سرقة ماله فلا تجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(16/939)
لا بد من رد الحقوق إلى أهلها لصحة التوبة من السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[يفترض أن أكون خجلة من هذا السؤال ولكني لا أستطيع مصارحة طرف آخر سواكم، أنا فتاة اقترفت ذنب السرقة منذ صغري وعلى مستويات مختلفة من سرقة والدي التي كشفت وكنت بعمر 10 سنوات ثم التحقت بالجامعة في دولة أخرى وقمت أيضا بالسرقة من بيت عمي وخالتي وصديقاتي في السكن والجامعة دونما أي ندم وقتها، وأنا تخرجت منذ 10 سنوات وتبت إلى الله توبة نصوحا من هذا الذنب ونادمة أشد الندم، أهلي لا يعلمون بالموضوع وصدقوني لقد تبت تماما وأديت فريضة الحج في العام الماضي مع أهلي وأصلي وأصوم النوافل وألتزم بها وأحاول جاهدة التقرب إلى الله بشتى الطرق، المهم عرفت منذ فترة أن ذنب السرقة لا يغفر إلا إذا ردت المسروقات إلى أصحابها والمشكلة أنني لا أستطيع أن أفضح نفسي الآن وأكشف المستور عني برد المسروقات إلى أقاربي مثلاً، علما بأنني والله لا أعلم بعناوين سكن معظم من سرقت منهم أو كيفية الوصول إليهم خاصة وأنهم في دولة أخرى لا أستطيع السفر إليها للبحث عنهم حاليا بدون محرم بعد التزامي وأفكر برد قيمة المبالغ المسروقة إلى أقاربي على شكل هدايا مثلا خاصة وأنني حاليا موظفة وأستطيع تحمل عبء هذه النفقات وحدي، المشكلة أنني سرقت أشياء عينية لا نقودا من المعظم فكيف أقدر ثمنها وكذلك للأسف لا زلت أحتفظ ببعض المسروقات والتي أحاول التخلص منها بتوزيعها على أي أحد دون أن ألفت نظر أهلي للموضوع حيث إنهم يستغربون لماذا أقوم بتوزيعها وهي مستعملة في البيت حيث إنهم يعتقدون أنها ملكاً لي ولهم بالحلال، فهل الصدقة كفيلة بأن تكفر عن ثمن السرقات التي لا أستطيع ردها إلى أصحابها والله معظمهم لا أعرفهم أصلا، فماذا أفعل أرجوكم أفيدوني أنا أشعر بقهر شديد من هذا الموضوع ولا أريد أن أفضح نفسي، والله لقد تبت ولا أعرف كيف كنت أقوم بهذا العمل المشين، ولكن هذا ما حدث وأريد أن يمحى هذا الذنب عني وأتخلص من توابعه للأبد، دائما أدعو الله أن يقبل توبتي ويعينني على التخلص من توابع ذنب السرقة فوالله أنا قد تغيرت وأسعى دائما للتقرب إلى الله وطلب المغفرة منه، فأرجوكم أرشدوني لا أعرف كيف أتصرف؟ وجزاكم الله خيراً. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من شروط التوبة من السرقة رد الحقوق إلى أصحابها حسب الإمكان، ولا يلزم إخبارهم بالسرقة، وما لم يعلم صاحبه من الحقوق يتصدق به عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك نعمة التوبة والاستقامة على طاعة الله، ونسأله سبحانه أن يعيننا وإياك على الثبات، والأمر على ما ذكرت من أن من تمام التوبة من حقوق الناس ردها إلى أصحابها، والأمر في هذا هين، إذ المهم أن يصل الحق إلى صاحبه ولا يلزم إخباره بأمر السرقة ونحو ذلك، ولكن يلزم أن تكون النية رد الحق إليه لا مجرد الإهداء، وراجعي الفتوى رقم: 23322.
وما لم يعلم صاحبه من الحقوق فيجب التصدق به عنه، وتراجع الفتوى رقم: 58530، والفتوى رقم: 30788، وهذه الأمور العينية فالأصل ردها بعينها إذا أمكن ذلك دون حصول مفسدة راجحة، وإذا كان قد حدث فيها ما يمنع ردها بعينها كاستهلاكها أو تغيرها تغيرا بينا يخرجها عن اسمها فيلزم ضمان مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن كانت مقومة، وانظري الفتوى رقم: 64078.
وننبه إلى أن التوبة في الصغر قبل البلوغ وإن كانت لا يترتب عليها إثم إلا أنها يلزم فيها الضمان، كما بينا في الفتوى رقم: 63974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(16/940)
إثم السارق ووجوب التوبة من السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا سرقت فكم آخذ من السيئات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة جريمة من أقبح الجرائم وكبيرة من كبائر الذنوب، وصاحبها ملعون على لسان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده.
ولذلك فإن على من ابتلي بها أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى ويرد المسروق إلى صاحبه فإن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد عن هذا الموضوع في الفتوىرقم: 40782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(16/941)
ضرب السارق بالحجارة لاسترداد المال المسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا رأيت رجلا يسرق مالا من سيدة وقذفت عليه حجارة وأخذت مال السيدة وأعطيته لها، فهل علي سيئات لأني ضربته بالحجارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت عندما قمت بإنقاذ مال المرأة من السارق، فقد نص أهل العلم على وجوب إنقاذ المسلم وماله على المستطيع ممن يريد أخذه ظلما.
كما أوصانا النبي- صلى الله عليه وسلم- بالضعيفين وحرج في حقهما فقال: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه أحمد وغيره.
وكان ينبغي لك أن ترد للمرأة مالها دون قذف السارق بالحجارة إذا كان ذلك ممكنا..
وإذا لم تستطع رده أو أخذ المال منه إلا بتلك الوسيلة فنرجو ألا يكون عليك إثم في ذلك إن شاء الله تعالى.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين: 80014، 93006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(16/942)
حكم استعمال مياه البلدية بدون علمها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: لي صديقه يقوم أهل زوجها برزاعة خضروات ويسقونها بمياه من البلدية دون علم البلدية، لذلك نصحت صديقتي أهل زوجها بأن هذه سرقة، فقد قالوا لها على العكس فنحن نستهلك القليل من الماء فاحتارت من ذلك واختارت السكوت، فأرجو المساعدة وإيضاح ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استعمال هؤلاء لمياه البلدية بدون إذن منها يعد اعتداء على المال العام بدون وجه حق، ولا فرق بين الكثير والقليل منه، والاعتداء على المال العام لا يقل عن الاعتداء على المال الخاص إن لم يك أعظم.
وعليه؛ فالواجب على هؤلاء التوبة إلى الله عز وجل والإقلاع الفوري عن هذا الذنب، ويلزمهم دفع ثمن ما استهلكوه من مياه البلدية إليها ما لم يعف عنهم من هو مسؤول مخول بالعفو، وراجعي للمزيد من الفائدة في ذلك الفتوى رقم: 74993.
وأما عن موقف صديقة الأخت السائلة فهو موقف النصيحة فإن استجابوا لها فذلك المطلوب، وإلا أخبرت الجهة المعنية عن هذا الاعتداء بطريقة لا تعود عليها بالضرر، لأن هذا منكر، وفي الحديث: من رأى منكم منكراً فليغيره...... رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(16/943)
من سرق ذهبا وباعه كيف يرده
[السُّؤَالُ]
ـ[شغالة بالمنزل، كنا نعاملها أفضل معاملة ونعطيها دائماً أكثر من حقوقها (مال وملابس وهدايا ومأكولات) سرقت خاتمين ذهبا من حقيبة الذهب لسيدة المنزل، واعترفت بالسرقة بعد التهديدات وتضييق الخناق عليها، وأخبرت الشغالة أنها باعت الذهب لمحلين وعندما ذهبنا لهذين المحلين لاسترجاعهما كان قد تم بيعهما ولم نتمكن من استعادتهما، ولحل هذا الموضوع طلبت من الشغالة شراء خاتمين ذهبا بالشكل الذي تختاره صاحبة المنزل على أن تتكلف الشغالة قيمة جرامات الذهب الجديد (سعر شراؤه +المصنعية) ، المساوية فقط لنفس عدد جرامات الذهب المسروق وماذا عن وزن الذهب المسروق تدفعه صاحبة المنزل (سعر الشراء + المصنعية) ، فمثلاً إذا كان الذهب المسروق القديم 100 جرام والذهب الذى نريد شراءه 150 جراما، فعلى الشغالة أن تشترى ما وزنه 100 جرام وعلى صاحبة المنزل أن تشترى ما وزنه 50 جراما (ما زاد عن وزن الذهب المسروق) ، علماً بأن نتيجة ذلك أن الشغالة تكون مثلا باعت الذهب بـ 1000 جنيه مصري (لأن الصائغ يشترى قيمة الذهب فقط) ، وما ستتحمله (نفس الوزن المسروق) ، عند شرائها لنفس الوزن المسروق سيكلفها 1100 جنيه مصرى (لأن الصائغ يبيع قيمة الذهب مضافاً إليها المصنعيه وضريبة المبيعات) ، أفيدوني بالله عليكم هل هذا التصرف حلال، وإذا لم يكن حلالاً، فماذا يجب علي أن أفعل؟
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من أخذ شيئاً بغير حق (سرقة أو غيرها) أن يرده إلى من أخذه منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
وإذا تلفت الذات المسروقة ضمن السارق قيمتها لصاحبها، وعليه فالواجب على الشغالة هو دفع قيمة الخاتمين يوم السرقة من عملة البلد الذي حصلت فيه السرقة، ولا يجب عليها غير ذلك.
وأما هذه الصورة التي قلت إنه يراد بها حل هذا الموضوع فإن كانت على سبيل إجبار الشغالة عليها، فإنه لا يجوز جبرها عليه، وإن كان على سبيل الصلح فالصلح جائز ما لم يؤد إلى حرام، ومما لا يجوز في الصلح أن يقع على مؤخر، لأن ذلك يؤدي إلى بيع الدين بالدين.
قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وإن صالح بمؤخر عن مستهلك لم يجز إلا بدراهم كقيمته فأقل أو ذهب كذلك، وهو مما يباع به ... فالحاصل أن الصورة التي ذكرت أنه يراد بها حل الموضوع لا يجوز أن تكون الشغالة مجبرة عليها، كما أنه لا يجوز أن تكون مؤخرة عن الوقت الذي يتم فيه الصلح، وما سوى ذلك فلا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(16/944)
حكم التلاعب بعداد الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نستعمل الماء من وراء العداد فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التلاعب بعداد الماء وبالتالي استعمال الماء بدون ثمن أمر لا يجوز وإثم تجب التوبة منه؛ لأن دفع هذا المال في مقابل هذه الخدمات أمر واجب، واستهلاك الماء من وراء العداد يعد اعتداءا على مال الغير بدون وجه حق، والله تعالى يقول: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: من الآية188} ولا فرق بين أن يكون هذا الغير شخصا أو جهة عامة.
وعليه، فمن فعل ذلك فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل. ومن تمام التوبة إبراء الذمة من هذا المال. وهو إما أن يكون لمالك معين كأن تكون هذه الشركة شركة خاصة، فلا بد من رد هذا المال إليها، ويبقى دينا في الذمة، وإما أن يكون من المال العام فيجب التخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير إن تعذر رده إلى هذه الجهة، أو خشي أن يتلاعب به بعض المتلاعبين بالمال العام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(16/945)
حكم الإسلام فيمن يسرقون المصلين في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن أولئك المسلمين الذين يسرقون الناس في المساجد يوم الجمعة فرغم سعادتي بهجرتي إلى بلد مسلم وبأني قد أصبحت قادرا على الصلاة في أي مسجد أريد إلا أنني قد رأيت أناسا أغلبهم من الشباب المسلمين يسرقون الناس في المسجد يوم الجمعة أثناء الخطبة، كما أنهم يسرقون الناس في صلاة الفجر، بل يجبروننا على تسليم أي نقود في حوزتنا، إن ردود أفعالي وتصوراتي حاضرة إذا كان من يفعل تلك التصرفات ضد المسلمين مشركا أو كافرا، فهل ما زال هؤلاء الفتية يعتبرون مسلمين رغم أفعالهم الشنيعة ضد أبناء دينهم؟ علما بأن بعض كبار السن أصبحوا يخشون من الذهاب إلى المساجد في صلاة الفجر بسبب هؤلاء الفتية، أرجو نصيحتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما ذكره الأخ السائل شيء يُحزنُ القلب لاشتماله على عدة محاذير منها: السرقة، وما يترتب عليها من ترك الناس الصلاة في المساجد خوفاً على أنفسهم وأموالهم ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد سبق أن بينا حرمة السرقة وعقوبة السارق في الإسلام في الفتوى رقم: 89476، والفتوى رقم: 86096.
ويجب على ولاة الأمور أن يتقوا الله تعالى ويأخذوا على أيدي أولئك اللصوص ويزجروهم عن الإجرام الذي يمارسونه في حق الناس.
وأما هل يعتبر أولئك السراق مسلمين فجوابه أن من استحل السرقة فهو كافر لأنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة وهو حرمة السرقة.
وأما من سرق وهو عالم بحرمة السرقة فهو وإن كان ظالماً فاسقاً مرتكباً لكبيرة من كبائر الذنوب إلا أنه لا يكفر بذلك لأن السرقة لا تصل بصاحبها إلى حد الكفر ولذا كانت عقوبة السارق قطع اليد بينما كانت عقوبة المرتد هي القتل ولكن كل من الحكمين لا ينفذه إلا الإمام العام أو من ينوب مكانه بتفويض منه هو، وإنما لم يترك ذلك لأفراد الناس لما ينجر عنه من فوضى ولأنه لا بد عند تطبيق الحدود من توفر شروط وانتفاء موانع، ولا يتأتى الاطلاع على ذلك إلا للقضاة المختصين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(16/946)
مذاهب العلماء في الجمع على السارق بين القطع والضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[رد المسروقات لصاحبها هل يعفي من إقامة حد السرقة وهو قطع اليد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسارق إذا توفرت فيه شروط القطع في السرقة وجيء به إلى الإمام وجب قطعه، لقول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} ، ولا يسقط هذا الحد برد المسروقات أو عدم ردها، ولكن رد المسروقات واجب آخر، يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
ولم يختلف أهل العلم في وجوب قطع السارق إذا توفرت فيه شروط القطع، ولا في رد المسروق إذا كان قائماً، ولا في ضمانه إذا لم يقطع السارق لأي سبب، وإنما الخلاف فيما إذا كان يجوز الجمع على السارق بين القطع والضمان فيما إذا تلف الشيء المسروق، فذهب الحنفية في المشهور من مذهبهم إلى عدم الضمان، ورأى المالكية ضمان المسروق -إن تلف- بشرط أن يكون السارق موسراً من وقت السرقة إلى وقت القطع، وذهب الشافعية والحنابلة وأكثر أهل العلم إلى وجوب الضمان مطلقاً، سواء كان السارق موسراً أو معسراً، وسواء تلف المسروق بهلاك أو استهلاك، وسواء أقيم الحد على السارق أو لم يقم، فالقطع والضمان يجتمعان، لأن القطع لحق الله تعالى، والضمان لحق العبد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(16/947)
عقوبة السرقة عن طريق بطاقات الائتمان
[السُّؤَالُ]
ـ[سرقة بطاقات الائتمان عبر شبكة الإنترنت هل تعتبر سرقة بالمعنى المعروف عند الفقهاء بحيث يجب فيها الحد إذا ثبتت الجريمة على الجاني بأي طريق من طرق الإثبات؟ وفقكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة بالمعنى الشرعي لها ضوابط وشروط مرعية، سبق وأن ذكرناها في الفتوى رقم: 47390، والفتوى رقم: 55277.
وأما التوصل إلى بطاقة الائتمان للآخرين وشراء أشياء باسمهم أو سحب أموالهم بهذه الطريقة فهو احتيال واعتداء على أموال الغير بدون وجه حق، وعقوبته في الشريعة عقوبة تعزيرية حسب تقدير القاضي الشرعي لهذا الجُرم وآثاره.
ولعلّ الذي يخرج هذا العمل المذكور عن أن يكون سرقة بالمعنى الخاص هو أن السرقة أخذ المال من حرز في الخفاء، والذي يأخذ أموال الناس بالحيلة المتقدمة يفعل ذلك مع الشركات والبنوك بدون خفاء، فهو يزعم أنه صاحب البطاقة، وإن كان يفعل ذلك في خفاء عن صاحب البطاقة وعلمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(16/948)
ترد المسروق لصاحبه وتسترد ثمنه من السارق
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت سنة 2003 خاتما ذهبيا قصته كالآتي: كنت بحاجة لأقدم هدية لأختي بمناسبة زواجها فصادفت شخصا يبيع خاتما ذهبيا وبثمن منخفض فسألته من أين مصدره فقال هو لأخته سقط منها في الحقل وهو وجده فلم يرده إليها وقرر بيعه فاشتريته منه، ولكن بعد مدة بدأ ضميري يؤنبني وقررت أنه عندما يرزقني الله بعمل سآخذ الخاتم من أختي وأبيعه وأتصدق بالمبلغ في سبيل الله وأعوض أختي خاتما آخر وقد عرضت عليها القصة فوافقت وأنا الآن الحمد لله، فهل أصوم ثلاثة أيام كفارة للنذر لأنني أشعر وكأني اشتريت شيئا مسروقا، تساؤلات كثيرة: لماذا اشتريته، لماذا لم أرده لصاحبته أو ربما ليس لأخته، ماذا أفعل لأكفر عن هذا الخطأ؟ بارك الله فيكم أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت عندما اشتريت شيئاً تعلم أنه مسروق، فشراء السرقة حرام لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، وأخذ أموال الناس بغير حق شرعي، وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 42686، والفتوى رقم: 3824.
وعليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، وتأخذ الخاتم من أختك وترده إلى صاحبته إن علمتها، وتطالب السارق بالثمن الذي أخذه منك، ولا يجوز لك الانتظار حتى تحصل على عمل أوغير ذلك، بل الواجب عليك المبادرة برد الحقوق إلى أهلها، وإذا لم تكن تعلم صاحبة الخاتم فعليك أن تتصدق به أو بثمنه عنها، ويبقى حقك على السارق الذي دفعت له الثمن حتى يؤديه إليك، وليس عليك صيام ثلاثة أيام ولا غيرها إلا إذا كنت نذرتها، وإنما عليك التوبة ورد المسروق إلى صاحبته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(16/949)
هل ينتفع السارق بما سرق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل السرقة؟ صديق لي سرق شيئا من أحد المحلات وأنا لم أكن موجودا معه ولا أدري من أين سرق ثم ذهبنا إلى إحدى المحلات فبعناه بأقل من سعر الجملة ثم قاسمنا المبلغ وأنا أريد الآن أتصدق بهذا المبلغ فهل فعلي صحيح مع العلم أنا لا أدري من أين سرق. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، قال الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} وقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. متفق عليه.
فيجب عليك مع التوبة إلى الله أن تنصح صديقك هذا وتخوفه بالله، وتطلب منه أن يتوب إلى الله ويرد قيمة هذه المسروقات إلى مالكها أو ما قدر عليه منها، ولو كان الرد بطريقة غير مباشرة. وتبين له أنه لا يجوز لك أو له أن تنتفعوا بشيء من هذه المسروقات أو ثمنها، فإن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به. رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وإن لم يجبك صديقك إلى التوبة ورد قيمة هذه المسروقات إلى مالكها فاقطع علاقتك به، وأبلغ عنه من يستطيع كفه ومنعه من السرقة، وحاول أن تتعرف على مالكها ورد ما بيدك من قيمة إليه، وإن لم تعرفه فتصدق بها عنه على نحو ما هو موضح في الفتوى رقم: 3051، وراجع الفتوى رقم: 9163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(16/950)
حكم قتل السارق أو إصابته بعاهة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قتل أو التسبب في عاهة لشخص دخل إلى بيتي لغرض السرقة مع العلم أني لو أمسكت به وقمت بتسليمه إلى السلطات فلن تقوم بتطبيق القانون عليه بل يتم الإفراج عنه في نفس اليوم أحيانا وهذا مما جعل جرأة السارقين أكبر. فما القول في ذلك؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة إذا ثبتت على شخص بالبينة أو الإقرار، فعلى السلطة أن تقيم عليه الحد، وهو قطع اليد؛ لقول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} .
وليس لأحد من أفراد المسلمين أن يقتل السارق أو يتسبب له في عاهة، لما سيترتب على ذلك من انفلات الأمن وانتشار الفوضى.
وكون السلطات لن تقوم بتطبيق القانون على السارق، وإنما يتم الإفراج عنه في نفس اليوم، هو أخف بكثير مما سيسود من الفوضى بين الناس إذا ترك لكل فرد تطبيق الحد أو معاقبة المجرم بنفسه.
ولو قُدِّر أنك أردت منع السارق من السرقة فقاوم ولم تجد وسيلة لصده إلا بالقتل أو إلحاق ضرر آخر به، فإنه حينئذ يجوز لك ذلك فيه فيما بينك وبين الله، ومع ذلك فإنك ستحتاج إلى أن تثبت اعتداءه عليك أمام السلطات وإلا كنت أنت الظالم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(16/951)
من تمام توبة السارق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد سرقت أغراضا من شقة جاري وذلك قبل أن يتوب الله تعالى علي ويمن علي بالهداية، أما الآن فلا أدري كيف أرد هذا المال لصاحبه -مع العلم بأنه مبلغ يقدر بحوالي 4000 جنيه مصري- فالرجل لا يأتي بيته فهو على سفر مستمر ثم إنه على فرض مجيئه لا أدري كيف أصارحه ولا أدري ما هو رد فعله فربما ينشر سري بين الجيران أو يبلغ الشرطة فستكون مشكلة، كيف أرد هذا المبلغ، لتبرأ ذمتي، هل يجوز التصدق به له، ولو جاز هل إذا عاد لزمني دفعه له مرة أخرى -مع كبر المبلغ- وقد فكرت في فكرة لا أدري هل تجوز أم لا، الرجل لا يدفع القسط الشهري لصيانة المصعد وحجته أنه على سفر دائم فلا يستخدمه فلا أدري هل تهربه من الدفع صحيح، فإذا وجب عليه الدفع مثلا، فهل يجوز أن أدفع أنا بالنيابة عنه بطريقة أو بأخرى فأكون قد وفيته ماله، أفيدوني رحمكم الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة من الكبائر العظمى وقد رتب الله عليها قطع اليد، فقال: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} ، وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن السرقة تدل على نقص الإيمان، فقال: لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.... رواه البخاري ومسلم.
فالحمد لله على أنك تبت إلى الله، وعليك أن تكثر من الأعمال الصالحة، قال الله تعالى بعد أن ذكر حد السارق: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39} ، ومن تمام التوبة أن ترد المال إلى من أخذته منه بأي طريقة تراها مناسبة، ولا يكفي أن تتصدق به عنه ما دمت تجد وسيلة لرده إليه.
وفيما يتعلق بموضوع امتناعه من دفع القسط الشهري لصيانة المصعد، فإن كان يستغل هذا المصعد ولو فترة قصيرة من الزمن، فمن الواجب عليه أن يشارك فيما يدفع لصيانته، ولكن لا ينبغي أن يكون قسطه منه مساوياً لأقساط أولئك الذين يستغلونه استغلالاً كبيراً، وعلى كلٍ فليس من حقك أنت أن تتولى الدفع نيابة عنه من ماله ما لم يوكلك على ذلك.
وعليك أن تعلم أنك لو مت قبل البراءة من المبلغ كله كان ديناً عليك في الآخرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله من قبل أن يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإلا أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه. رواه البخاري، وإن كنت تخشى الفضيحة لو صارحت الرجل فإنه يمكنك الحيلة، فيمكنك أن ترسل المبلغ إليه دون أن تُعلمه أنك أنت من فعل ذلك، المهم هو أن يصل إليه حقه كاملاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(16/952)
السرقة من الجيران أعظم وزرا
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني فتاة عمري خمسة وثلاثون من العراق لي زوج أخت يعيش معنا في البيت تعرفون حال العراق أنه لا يوجد إلا القليل من الكهرباء والباقي نأخذه من مولدات في الشارع يكون مسؤولا عنه واحد من الجيران المهم اشتركنا بمقابل دفع ستة وتسعين ألف وهي ثمان امبيرات أي كل امبير يعادل اثني عشر ألف المشكلة أن زوج أختي جلب الجوزة الخاصة للكهرباء ليست التي تسحب ثمانية بل تسحب الكثير من الكهرباء بدون علم المسؤول عن المولدة لكي لا تنقطع الكهرباء علينا نصحته فلم يفد ماذا افعل؟ علما أنني أريد أن أصوم هذه الأيام لأنني مطلوبة للصيام وأحس أنه يبطل صيامي أن أسكت عن هذا الغش وعلما أنني ليس لي أخ وأبي ميت وأهلي موافقون على تصرفاته أرجو إعطائي الحل وهل يبطل صيامي هذا السكوت؟ وكيف لي الحل ونحن قادمون على شهر رمضان الكريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأهلك أو لزوج أختك أن يخالفوا الاتفاق المبرم مع الجيران، وذلك لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني. وما فعله زوج أختك وأقره عليه أهلك إنما هو أكل لأموال الناس بالباطل وغش، ويعظم الذنب ويشتد الوزر بكون المتضرر بذلك هم الجيران الذين لهم ما لهم من الحقوق، حتى قال صلى الله عليه وسلم: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. متفق عليه.
والذي ننصحك به أن توسطي بعض أهل الخير والصلاح ليبينوا لهم الحكم الشرعي وينصحوهم ويخوفوهم بالله، فإن قبلوا وبذلوا قيمة ما استهلكوه من الكهرباء زائدا عن حصتهم فالحمد لله، وإلا، فأوعزي إلى المسؤول عن تلك المولدة بما يحدث ولو بطريقة غير مباشرة، حتى يلزمهم بما وقع عليه الاتفاق ويغرمهم قيمة الزائد عنه.
وأما بالنسبة لصحة صيامك فلا يؤثر عليه ما فعلوا، ولو أنك رضيت بمشاركتهم لأن عموم المعاصي عدا المفطرات لا تبطل الصوم ولكنها تقلل ثوابه، فكيف وقد أنكرت ذلك عليهم؟ وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 51962، 63938، 60381، 25463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(16/953)
لا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في إحدى مقاهي الإنترنت وأتقاضى أجرة قليلة (1000 درهم) ، لا تكفيني مما يجعلني آخذ بعض المال من الخزينة، فهل هذه تسمى سرقة أم لا، وهل هذا حرام، أنا مضطربة نفسياً لقد تعودت على هذا العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأجير إذا اتفق مع من استأجره على أجرة معينة لا يحق له أن يأخذ شيئاً من خزانة المحل، فإن فعل ذلك كان عاصياً خائناً للأمانة التي ائتمن عليها، ويعد عمله من السرقة المحرمة شرعاً، ويجب عليه التوبة مما عمل ولا تتم توبته إلا بالاستحلال ممن أخذ ماله أو برد المال إليه، ففي حديث البخاري: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. وفي حديث الترمذي: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
هذا وننصحك بالالتزام بالتقوى في كل حال فهي أعظم وسيلة لسعة الرزق، فقد قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} ، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} ، وفي الحديث: إ ن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم وصححه الألباني، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40782، 3024، 6075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(16/954)
السرقة من أهل الذمة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[في مدينتي التي أسكن فيها صاحب محل لبيع الجملة وهو مسيحي، ولكن يعمل معه بعض المسلمين ومنهم واحد يسرق بعض السلع من هذا المسيحي بدون علمه، وعلمت أنا بهذا، فماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكفار إذا كانوا ذميين أو معاهدين فلا خلاف بين علماء المسلمين أن سرقة أموالهم حرام، قال الإمام الماوردي: وقد أجمع الفقهاء على أنه إذا دخل مسلم دار الحرب بأمان أو بموادعة حرم تعرضه لشيء من دم ومال وفرج منهم؛ إذ المسلمون على شروطهم.
وقال ابن قدامة في المغني: ويُقطَع المسلم بسرقة مال المسلم والذمي، ويقطع الذمي بسرقة مالهما. وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافاً. المغني 8/368.
وعليه.. فمن علم أن أحداً يسرق من أموال أحد الكفار ممن له عهد أو ذمة، فواجب عليه نهيه عن ذلك، من باب النهي عن المنكر، وإن استطاع تخليص المسروق منه دون فضحه فذلك أولى لما عليه الشرع من الستر على المسلمين، وإن لم يمكن تخليصه منه إلا بفضحه بين الناس وجب عليه ذلك، لوجوب تخليص كل مستهلك قدر المرء على تخليصه، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 48259.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1427(16/955)
الشفاعة في الحدود.. شبهة ودحضها
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرأ حاليا كتابا لابن قتيبة بعنوان "تأويل مختلف الحديث" ووجدت فيه ما يلي:
.... عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة كانت تستعير حليا من أقوام فتبيعه، فأخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) ، بذلك فأمر بقطع يدها.
نحن نقول: إن هذا الحديث صحيح، غير أنه لا يوجب حكما، لأنه لم يقل فيه: إنه قطعها، وإنما قيل: أمر بقطعها.
وقد يجوز أن يأمر ولا يفعل، وهذا قد يكون من الأمة، من وجه التحذير والترهيب، ولا يراد به إيقاع الفعل....
ما صحة هذا الكلام؟
وإن كان صحيحا، فهل يجوز الاستدلال به في عدم إقامة حد من الحدود إذا لم يثبت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقامه على أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أيها السائل الكريم إلى أن الانسياق وراء الشبه وتتبعها مذموم, لأن الشبهة قد تقع موقعها في قلبك فلا تستطيع دفعها لنقص في العلم أو قلة إدراك في الفكر ونحوه؛ ولذا فينبغي الإعراض عن الشبه وعدم الوقوف عندها ولو كانت من عالم لأنه قد يخطئ، فغير المعصوم لا يمتنع عليه الخطأ والزلل. ثم إنه قد يورد الشبهة ويقصد بها معنى خاصا فلا يدرك القارئ ذلك فيحملها على غير محملها ويضعها في غير موضعها.
ومن ذلك ما ورد هنا في هذا الحديث، فالكلام فيه عن حكم الخيانة هل تأخذ حكم السرقة فتقطع يد الخائن أم لا؟ لما ورد في حديث المخزومية ففي رواية أنها كانت تستعير المتاع والحلي فتبيعه فقطعت يدها، وفي روايات أنها سرقت فقطعت يدها. ومن هنا جمع أهل العلم بين الروايات بأن سبب القطع هو السرقة وليس الخيانة, وإنما ذكرت من باب التعريف بها كما قال النووي في شرحه لمسلم: قال العلماء: المراد أنها قطعت بالسرقة؛ وإنما ذكرت العارية تعريفا لها ووصفا لها لا أنها سبب القطع. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ليس على مختلس ولا منتهب ولا خائن قطع. وصححه الألباني.
ولكن على فرض أن الحديث ورد في مسألة الخيانة لا السرقة فجمعاً بينه وبين غيره من الأحاديث التي تنفي قطع الخائن حمل بعضهم الأمر بالقطع على التهديد مستدلا بأن الوعيد قد ينفذ وقد لا ينفذ، وكلامه صحيح لكن ليس هنا لأن القصة واحدة وفيها ذكر السرقة، ولما أمر صلى الله عليه وسلم بقطع يدها وشفعوا فيها أسامة حبه وابن حبه غضب صلى الله عليه وسلم لشفاعته في حد من حدود الله؛ كما ذكر مسلم في الصحيح عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فيها أسامة بن زيد فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أتشفع في حد من حدود الله؟) فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال (أما بعد فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها.
قال يونس قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة: فحسنت توبتها بعد وتزوجت، وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم يكن صلى الله عليه وسلم يباشر إقامة الحدود بنفسه وإنما يأمر بتنفيذها فتنفذ كما هنا، وكما في شأن امرأة العسيف وفي قصتها قوله صلى الله عليه وسلم: واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، قال: فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت. متفق عليه واللفظ لمسلم, وعند البخاري فاعترفت فرجمتها. وما كان صلى الله عليه وسلم ليأمر بأمر لا يريد نفاذه وإيقاعه سيما إذا كان حدا من حدود الله فإنه لا يملك العفو فيه, بخلاف ما كان حقا له هو كأمره بقتل بعض المشركين وعفوه عن بعضهم بعد ذلك كما في قصة عبد الله بن أبي سرح , وفيها أنه لما أهدر دمه وفتح صلى الله عليه وسلم مكة فبايعه الناس جاء به عثمان لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبايعه حتى أعاد عليه ثلاثا فبايعه، ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله, فقالوا: وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك, قال: إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين. والقصة عند النسائي وغيره, فعفا عنه بعدما أمر بقتله حيث وجد لما كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثلاثة آخرون قتل اثنان منهما وبقي الثالث وهو عكرمة بن أبي جهل , فقد أسلم وعفي عنه أيضا. ولم يكن ذلك حدا لله، فأما الحدود فلا عفو فيها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لصفوان يوم عفا عمن سرق رداءه وقد رفعه إليه فهلا كان قبل أن تأتيني به! وهذه قصته كاملة كما عند النسائي وغيره عن عبد الله بن صفوان عن أبيه أنه: نام في المسجد وتوسد رداءه فأخذ من تحت رأسه, فجاء بسارقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع، فقال صفوان: يا رسول الله لم أرد هذا ردائي عليه صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا قبل أن تأتيني به. قال الشيخ الألباني: صحيح. فالعفو في الحدود لا يقبل لأنها حق لله.
وهنالك شبهة أخرى يذكرها بعض الجهال فيقولون: القطع ليس صريحا في إزالة العضو ويمكن حمله على العطاء، وهذا غير صحيح ولا يمكن هنا لأن القطع بالعطاء مجاز، ولابد من وجود مانع من إرادة المعنى الحقيقي مع وجود قرينة صارفة عنه إلى المعنى المجازي وليس ذلك في شيء من الأدلة هنا, بل كلها تقتضي القطع الحقيقي وهو إقامة الحد الشرعي لما اقترن بها من الجزاء والنكال واللعن ولا يكون ذلك في العطاء, ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم لما أمر بالقطع أو الرجم أو الجلد ولم ينفذ الصحابة ذلك, بل المنقول أنهم نفذوه، ولم يقل: إنما قصدت إغناءه عن السرقة بالعطاء أو إغناءه بالتزويج عن الزنى وهكذا, وإنما هي شبه يقذفها الشيطان في قلوب أعوانه ليصدوا بها ضعفة العقول عن الحق، ولا تصلح دليلا ولا حتى احتمالا يتأول لصاحبه فهي باطل صريح وقول قبيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1427(16/956)
موقف الصديق من صديقه السارق
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة رأيتها تسرق وأتت إلى بيتي وأخذت مني خاتما دون أن أعلم انزعجت جدا من تصرفها لأنني كنت أعتقد أنها صديقة مخلصة صالحة صارحتها بالأمر ولكنها أنكرت وألفت لي قصصا تأكدت من أنها كذب وقالت لي بعض أسرارها وكانت كلها كذبا بكذب شرحت هذا الأمر لمدرسة التربية الدينية وسوف تعطينا درسا من أجل هذا الأمر ولا أعلم هل هذا ينفع أم لا؟ أحس نفسي عاجزة لأنني لا أفعل شيئا ما واجبي تجاه هذه الفتاة التي تعاني من الكذب والسرقة وهي تتظاهر دوما بأنها تلبس الأحسن والأجمل علما بأن أباها يشتغل في دكان لبيع الخضار أريد أن تنوروني كي أعرف كيف أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيتها الأخت الكريمة أن تنصحي صديقتك وتصارحيها إن استطعت بما تنكرين عليها وتحذرين من خطورة الكذب والسرقة وغيرهما من أعمال السوء، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62493، 67919، 50372. فقد بينا خلالها خطورة الكذب والسرقة والأسباب المعينة على التخلص منهما وشروط التوبة من ذلك, ولا حرج أن تطلبي من المدرسة تقديم نصيحة حول ذلك أو غيرها ممن لهم نفوذ وقبول, ولكن دون ذكر اسم صديقتك لأن سترها واجب فانصحيها ولا تفضحيها.
وننصحك بالابتعاد عنها حتى لا تعديك فالقرين بالقرين يقتدي و: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. كما صح في الحديث وهو في سنن أبي داود والترمذي, فلا تصاحبي من الفتيات إلا من علمت حسن خلقها واستقامتها كي تعينك على الطاعة وتدلك على الالتزام. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ الأمثلة وأروعها للصديق الصالح وصديق السوء فقال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك, وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة. متفق عليه. وانظري الفتوى رقم: 23215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(16/957)
لا يجوز تقدير ثمن المسروق بأكثر من قيمته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سرق من بيتي ذهب لأمي ولم أكن أعلم بمكان الذهب والسارق هو أخو زوجتي ولكن لا أعلم ثمن الذهب وقدر تقديرا بـ 10000دينار أردني
هل أحمل الإثم إذا كان المبلغ أكبر من قيمته الحقيقية وطلب المبلغ من أهل السارق وتمت الموافقة على ذلك مقابل الاعتذار وإخراج السارق من السجن وهل هذا المبلغ حرام أم حلال؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لا تعلم قدر الذهب أو قيمته فعليك أن تسأل أمك (مالكة الذهب) عن وزنه وصفته، وتسأل أهل الاختصاص عن القيمة الحقيقية للذهب، ولا تجوز لك الزيادة على ذلك لما في ذلك من منافاة العدل الذي أمر الله عز وجل به في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم حتى مع الأعداء فقال تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {المائدة: 8} وقال تعالى: فَ مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة: 194}
ولذلك فلا يجوز لكم أن تزيدوا على ثمن ما سرق عليكم, والإثم يكون على من فعل لك، وعليكم أن تردوا الزيادة إلى أهلها.
وللمزيد من الفادة نرجو الاطلاع على الفتوى: 53413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(16/958)
لا تختلس ولو اختلس كل الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية شكراً لجهودكم في إنشاء وإدارة هذا الموقع، لدي مشكلة ولا أعرف من أين أبدأ، أنا شاب لدي من العمر 26 عاماً تربيت على حب الله ورسوله ونشأت في الحلقات التعليمية في المساجد منذ صغري ورغم كثرة مشاغل الحياة وتعاستها وصعوبتها إلا أنه لازال بقلبي شيء كبير من الإيمان بالله، أعيش الآن ظروفاً صعبة وأعمل في شركة ولا أبالغ في وصفها إذا قلت إنها تتألف من لصوص من مديرها ولغاية البواب, بدأت فيها حمالاً حتى أصبحت الآن مسؤولاً لقسم الكومبيوتر، بدأت مشكلتي منذ سنتين تقريباً, كان مديرنا يعطينا راتبا لا يتجاوز 15 دولاراً في الشهر ولا أعرف إن كنتم ستصدقونني أم لا، ولكني أقسم بالله على ذلك.. وتصور يا أخي الكريم أنني الآن وبمنصبي الجديد أتقاضى 50 دولاراً، مع العلم بأن أكثر العمال لا تتجاوز مرتباتهم 30 - 35 $، حصة الأسد تذهب للسيد المدير المحترم وحاشيته الكريمة من المتملقين والأقارب وما شابه ذلك اضطررت أن أنجرف مع التيار وبدأت أتقاضى أموالاً أعرف تمام المعرفة أنها غير مشروعة, والله يا أخي الكريم أن ساعات دوامي هي 20 ساعة في اليوم تتضمنها 3 ساعات استراحة وهنالك موظفون لا يداومون أكثر من 3 ساعات ويستلمون نقودا أكثر مني بكثير، وأنا أقسم بالله لو أنني لم أتعرض لظروف أقوى مني ما كنت لآخذ مالا قذراً.. أنا أعرف أن هذا المال غير شرعي, وأعرف كذلك من أنه لا خيار لي بإيجاد فرصة عمل في مكان آخر, صدقني يا أخي لا يوجد عمل مطلقاً (نحن في العراق) أرجوك أريد حلاً منطقياً فأنا لست مرتاحاً للغاية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الثبات على الإيمان، وأن يرزقك الله رزقاً حسناً حلالاً. واعلم يا أخي أنه لا بد مع الإيمان من الابتلاء، قال الله تعالى: ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ {العنكبوت:1-2} ، وتكون الفتنة في النفس والمال وغير ذلك، قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:155} .
فالبشرى كل البشرى لمن صبر وعف عن الحرام حتى يوسع الله عليه من الحلال الطيب، قال الله تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90} ، قالها يوسف عليه الصلاة والسلام عن نفسه وحاله بعد رحلة العذاب والعبودية والحرمان.
فيا أيها الأخ الكريم: أقلع فوراً عن تناول الحرام فإنه لا خير فيه وإن كثر، واقنع بالحلال القليل فإن فيه البركة وإن قلّ، فالعبرة ليست بالقلة والكثرة وإنما بالحلال والحرام، فلا يحل لك أخذ المال الحرام ولو كان كل من حولك يتناوله فإنك تحاسب وحدك، قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38} .
والحل الشرعي المنطقي هو أن تعف عن الحرام وتصبر وتبحث عن الحلال داخل بلدك وخارجها، وإذا علم الله منك صدقاً وعزيمة وفقك وأخذ بيدك: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(16/959)
من سرق ثم طلب المسامحة من المسروق منه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص سرق مني مبلغا من المال وبعد فترة ليست بالقليلة اعترف بذنبه وتوسل إليّ أن أعفو عنه, فقلت له أنا سأكون أحسن منك وسأعفو عنك، لكن بشرط يجب أن تستغفر الله على فعلتك وتلتزم الصلاة, سؤالي هو: بعد اعترافه هل سيكون مذنبا والمال الذي بذمته حرام عليه، في حين وعد بالتسديد..؟ وتقبلوا مني الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة كبيرة من كبائر الذنوب، وقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف:..... ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.... رواه البخاري ومسلم.
وإذا سرق الشخص فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، كما قال الله تعالى في شأن السراق: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39} .
ويجب عليه رد المسروق إلى صاحبه لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
فإن سامح صاحب المال السارق وعفا عنه ولم يطالبه بماله فقد برئت ذمته وطاب له المال.
وعليه.. فهذا السارق الذي تسأل عنه إذا تاب توبة صادقة، ورد إليك المال الذي سرقه منك أو مثله إن كان قد فات، أو سامحته أنت فيه وتركته له، أو قبلت منه أجلاً معيناً في تسديده، فإنه لا يصير بعد ذلك مذنباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(16/960)
السرقة من الجدة أقبح
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتوى عاجله وحاسمة
وأرجو من سماحتكم إفساح صدركم لي لأن الموضوع قد يكون طويلا ولكنه يؤرقني ولا أستطيع النوم قرير العين حتى يقضي الله فيه على أيديكم إن شاء الله.
في البداية: الموضوع مخز ولكن لا مفر من الحقوق والخزي والكسوف لا يجدي مع الله
قام غلام من أبنائنا بمساعدة ابن خاله بسرقة جدتهما. سوف أرمز للأول ب 1 ولابن الخال ب 2 وذلك للسهولة
بدأ الموضوع بأن طلب 1 من 2 مبلغ 5000 جنيه مصري وذلك لاستخدامه في تسهيل عملية بيع قطعة آثار بمبلغ كبير ووعده برد المبلغ بسرعة مع مكسب كبير. بالطبع كان 1 مخدوع من قبل أصحاب السوء الخادعين.
المهم ... لم يقتنع 2 بالموضوع مع حداثة عمره وأبلغ 1 (18 سنة) بذلك ولكنه ألح عليه فأبلغه أنه لا يملك مثل هذا المبلغ بالطبع فطلب إليه 1 أن يبحث له عن المال في بيت جدتهما بحكم إقامته (2) المؤقته معها كزائر مع عائلته لأنهم مقيمون في بلد آخر وقد جاؤوا لزيارة الجدة ويا للأسف. وألح في طلبه.
وفي يوم من الأيام وفي غياب الجدة والعائلة من المنزل وفي محاولة لإثبات الذات وأنه ليس بصغير قام 2 بالبحث في بيت الجدة ووجد ذهبا داخل الدولاب الخاص بالجدة. وعندما اتصل 1 به تليفونيا فأخبره بما وجد. حضر 1 سريعا إلى منزل الجدة وطلب إليه أن يرشده إلى الغنيمة فذهب معه إلى الدولاب وأخرج له الشنطة وفتحها له وأخرج له الذهب ليريه إياه وحاول إقناعه بأن ما يريد فعله شيئا مشينا ولكن كان الشيطان أشطر. فأقنعه 1 بأنه سوف يرد الذهب خلال يومين أو ثلاثة ولا داعي للقلق.
قام 1 بأخذ كمية من الذهب ثم ذهب مسرعا ثم عاد مرة أخرى بعد ساعة مدعيا أن الذهب لم يأت بالمبلغ الكافي لعملية بيع الآثار وأنه يريد أخذ المزيد من الذهب. حذره 2 من عاقبة ذلك ولكن كان 1 أكبر تأثيرا على 2 بحكم العمر. فتكررت السرقة مرة أخرى وبنفس التفاصيل الماضية. وفي هذه المرة كان 2 ينوي الخروج للذهاب الى عمته (أم 1) . نزلا سويا وشهد 2 تسليم الذهب الى صديق 1 (صديق السوء) والذي كان بانتظاره أسفل المنزل. ثم ذهب كل منهم إلى حال سبيله.
عند اكتشافنا للسرقة ومع بعض التحريات التي قمت بها انحصر الشك في 1 وبمواجهته بطريقة سياسية اعترف بعد مجادلة وأقر أن 2 هو الذي قام بمساعدته. المهم اتضح أن 1 قام أيضا بسرقة بعض المال (1600 جنيها) بدون معرفة 2 واتهمه زورا بأنه اعطاه مبلغ 100 جنيه وبمواجهتهما معا أنكر2 معرفته بالمال وأقسم على ذلك ثم تراجع 2 عن كلامه وأقر صحة كلام 1.
بعد المحاولات المضنية لاسترجاع الذهب والتي باءت بالفشل وذلك بعد إنكار صديق السوء أخذه لأي شيء وقيامه بجرأة غريبة بالقسم على المصحف الشريف (يمينا غموسا) على الإنكار..
صلب الموضوع: عزمنا (نحن الآباء) على تحمل المسؤولية وتعويض الجدة عن جميع المفقودات وشراء البديل لها حتى ترضى. ولكن الفتوى هنا والمطلوب من سيادتكم التكرم علينا وإفتاؤنا:
ما النسبة التي تقع على عاتق كل من الوالدين ذهبا ومالا.
نقاط مهمة من أفواه الآباء والإخوان والمتهمين:
\" والد 1 \": قام 1 بسرقة مبلغا من الدولارات منه شخصيا العام الماضي وأنا أعلم أن ابني شيطان الإنس
أخو 1\": حاول معي 1 لأسرق له مفتاح الجدة لعمل نسخة منه للاحتفاظ بها معه
والد 2\": الولد مستقيم والمال ليس بالشيء الهام عنده وأنه كريم وسخي وأمين ولم يصدر منه أي شيء خطأ من قبل تجاه أي إنسان بل على العكس فهو دائما في خدمة الجميع
\"2\": أنا نادم على ما فعلت ولم أكن أنتظر أي مقابل ولكنني أردت المساعدة فقط ولست أدري لماذا.
ملحوظة:
قام 1 بسرقة ال 1600 جنيها على دفعتين: مرة مع الذهب (600 جنيه) بدون علم 2. الباقي كان بعد المرة الأولى بيومين وفي عدم وجود 2 (حيث إنه كان قد سافر الى بلده) . ذهب 1 الى الجدة المسكينة وغافلها وسرق المبلغ الباقي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن السرقة من أقبح الذنوب وأكبرها. فقد قال صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة قتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. رواه البخاري ومسلم. ويعظم جرم السرقة ويشتد قبحها إذا كانت من المأمون أو لذي رحم، والسرقة من الجدة من أعظم ذلك لما تستحقه من بر وإحسان وصلة. ولا يفعل ذلك إلا من حرم التربية الصحيحة وفقد الأخلاق الفاضلة والوازع الديني.
وبالنسبة لما سرق من هذه الجدة فإن على الأبناء أن يردوه إليها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي. وإذا تطوع عنهم آباؤهم بذلك فلا شك أن ذلك أمر محمود.
وكيفية ذلك أن ما اشتركا في سرقته يكون عليهما بالسوية لاشتراكهما في الجريمة. وأما ما انفرد به أحدهما فإنه يكون عليه وحده. كما هي القاعدة في قول الله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الزمر: 7}
ولا تأثير لكون واحد منهم كان أشد تأثيراً على الآخر، أو كانت له سوابق دون الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(16/961)
حكم أخذ من مال والديه بدون علمهما لنفقات الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف شابا عمره 25 عاما تقريبا ولا يمارس عملا يكتسب منه مالاً حتى الآن والسبب هو دراسته، وهو يأخذ من أهله مالاً بدون علمهم وهم يعرفون ذلك، ولكن لا يرضيهم هذا الأمر، فهل يجوز له ذلك ... على اعتبار أن ما يأخذه هو ليسد حاجته ومصروفه الخاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للولد أن يأخذ من مال والديه دون رضاهما إلا ما احتاجه لنفقته الضرورية إذا منعاه إياها، وأخذه من مالهما خفية مع عدم إقرارهما له يُعد سرقة كسرقة مال غيرهما، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30148، 39952، 50673.
علماً بأن نفقة الولد الواجبة تسقط عن والديه أو من وجبت عليه نفقته ببلوغه قادراً على الكسب، ومصروفات الدراسة ليست من النفقات الواجبة على الوالدين، وخاصة بعد بلوغ ولدهما السنَّ المذكورة في السؤال، وإن كان الافضل مساعدته في ذلك لإتمام مراحل تعليمه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 59707، والفتوى رقم: 56912.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(16/962)
النصيحة والبر بالوالد العاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي مصاب بداء السرقة برغم عدم احتياجنا والحمد لله وبرغم أنه عاقل ومدرك لكل تصرفاته فكيف أعامله وكيف أرد ما سرقه حيث إننى لا أعرف أصحاب المسروقات ولا أماكنها وهل علي أي وزر إن لم أرد وكيف أهرب من هذه الفضيحة أنا وأختي الآنسات، إنني لا أطيق أن أنظر إليه بعد انتشار الفضيحة حيث ضبط وهو يسرق الأحذية من المسجد. دلني وأرحني من العذاب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن السرقة من أقبح المعاصي ومن كبائر الذنوب.. والابتلاء بها داء عضال تصاب به بعض النفوس الخسيسة.. نسأل الله تعالى السلامة والعافية. ولهذا شدد الإسلام في عقوبة صاحبها، فجعلها قطع اليد التي تتناول ما حرم الله تعالى من ممتلكات الناس. فقال سبحانه وتعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} . فعليك أن تنصح والدك وتعظه دائما برفق ولين وتبين له حرمة السرقة وقبحها وشؤمها.. لعل الله تعالى أن يهدى قلبه ويصلح حاله ويصرف عنه هذا الداء الوبيل، واستمر في نصحه ما لم يغضب. ولا تنس الإكثار له من الدعاء وخاصة في أوقات الإجابة. وعليكم أن تردوا المسروقات إلى أهلها وإذا لم تعرفوهم فابحثوا عنهم بطريقة خاصة.. واستعينوا على معرفتهم وأماكنهم بوالدكم، والمال المسروق إن لم يعرف صاحبه بحيث يمكن إيصاله له يتصدق به عنه، فإذا وجد يوما خير بين أن يقر تلك الصدقة أو يأخذ حقه. وأما وزر سرقته فليس عليكم منه شيء ما دمتم تنكرون عليه ذلك حسب استطاعتكم، فقد قال الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ئ {الأنعام: 164} . وأما معاملته فإن عليكم أن تبروه وتحسنوا إليه وتطيعوه في غير معصية الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(16/963)
حكم ما اشتري من المسروقات
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على إجابتي وكنت قد سألت عن حكم اصطياد وتربية الطيور وبينتم لي بالتفصيل زادكم الله علما وزهدا، ولكن لي سؤال محدد دون تفاصيل جزاكم الله خير الجزاء إذا أمسك أحد طائرا ولكن كما تعلمون ليس كل الناس يتقون ويسألون عن حكم الدين ففور الإمساك به يكون له ويبيعه أو يتصرف فيه كأنه ملكه وأنا اعرف حكم هذا ولكن هل يمكنني أن أشترى من مثل هؤلاء وأنا أعلم أنهم مسكوه وإن اشتريت ما الحكم وبارك الله لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن كثيرا من الناس لا يتقون وخاصة في هذا الزمن، ولكن الأصل براءة الذمة حتى يثبت عكس ذلك.
فالأصل أن من بيده شيء يعتبر ملكا له ما لم يكن متهما بالسرقة أو نحو ذلك، فإذا اصطاد شخص طيرا أو أمسكه فلا مانع شرعا من شرائه استصحابا للأصل ما لم تكن تعلم أو تشك في أمره.
فإذا كنت تعلم أن هذا الشخص غير مأمون- له سوابق أو ما أشبه ذلك....- أو أن هذا الطير بعينه مسروق ففي هذه الحالة لا يجوز لك الشراء، وحكم ما اشتري من المسروقات أن يرد إلى صاحبه إن علم، ويرجع المشتري بالثمن على السارق، ولا يجوز للمشتري الانتفاع به بعد علمه بأنه مسروق، كما لا يجوز القدوم على الشراء أصلا إذا كان يعلم أن هذا الشيء مسروق، ومن حق صاحب الشيء المسروق أن يأخذه من يد المشتري. فقد روى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سرق الرجل متاعا أو ضاع له فوجده بيد رجل بعينه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن.
ونرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 17995، 40401، 29523، 18386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(16/964)
اختلاس الأخ من متجر أخيه يعد سرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر شخص يختلس النقود من متجر أخيه سارقا؟ علما أنه يساعده في هذا المتجر بدون مقابل وما السبيل للتكفير عن خطئه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد أخذت هذه النقود خفية أي دون علم أخيك من حرزها، أي المكان الذي تحفظ فيه، ولا شبهة لك فيها ولم تكن أمانة عندك فإن ذلك يعد سرقة، والعلماء إنما يشترطون شروطا لتحقيق اسم السرقة التي تقطع فيها اليد، ولكن توفرت تلك الشروط أو لم تتوفر فإن أخذك لهذا المال لا يحل، ولهذا يجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من هذا الذنب، وللوقوف على شروط قبول التوبة راجع الفتوى رقم: 5450.
ومن هذه الشروط إرجاع الحقوق إلى أهلها، فيجب عليك أن ترد الأموال التي أخذتها إلى أخيك أو أن تستسمحه منها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه. رواه أحمد والدارقطني والحاكم والبيهقي، وجوَّد إسناده الدارقطني والزيلعي وابن حجر وحسنه البيهقي.
وأما عن عملك معه فما فهمنا من السؤال أنك تبرعت بمساعدته في العمل، فليس لك عليه شيء، ولكن لك أن تتفق معه على أجرة معينة مقابل عملك فيما يستقبل من الأزمان.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50673، 21859، 30148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(16/965)
ترد المسروقات لصاحبها ولو بشكل غير مباشر
[السُّؤَالُ]
ـ[عمر ي 20 وقد أذنبت ذنبا عظيما أرجو من الله أن يقبل توبتي فقد سرقت من قريب لي ولا أحد يعلم، ولم يعلم أحد، لا أستطيع إرجاع الأشياء والمال، أريد إرجاعها قبل معرفة أحد، أخاف من عقاب الله والفضيحة أريد الستر ولا أريد العودة وتبت إلى الله ماذا أفعل؟ لا أستطيع إخبار أحد وأنوي إرجاعها ولا أقدر، الآن لا أملك المبلغ ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأشياء إذا كانت مثلية فيجب عليك أن تؤدي مثلها، وإن كانت قيمية لا مثل لها، فيجب عليك أن تردي قيمتها، ولا يشترط في الرد أن تصرحي لقريبك بالأمر، بل لو قمت بالرد بطريقة غير مباشرة كفى ذلك، فإذا كنت عاجزة عن رد المسروق بقي في ذمتك إلى حين القدرة على الأداء، وراجعي للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21859، 43407، 36270، 6420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(16/966)
التوبة من السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت في سن صغيره بسرقة أقراص مدمجة من الدولة الأجنبية التي أعيش فيها وبعد توبتي إلى الله ومراجعتي لنفسي قمت برمي هذه الأقراص ولم أكن أعرف حينها بأن توبتي تستوجب إرجاعها، فهل من الممكن أن أبعث بثمن الأقراص إلى المحل في ظرف تحت سبب آخر كخطأ في الحسابات، هل يكفي ذلك، مع تأدية شروط التوبة الأخرى من ندم وتوبة والامتناع عن العودة إلى المعصية؟ جزاكم الله عني خيراً، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت فعلت ذلك قبل البلوغ فالإثم مرفوع عنك، لكن يجب عليك إرجاع المسروق إلى صاحبه، وراجعي تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 18158.
أما إن كانت السرقة بعد بلوغك فيجب عليك التوبة إلى الله عز وجل مع رد المسروق كذلك إن وجد أو قيمته، ولا يلزمك أن تخبري المحل بموضوع السرقة؛ بل يكفيك رد القيمة إليه بأي طريقه أمكنتك، وراجعي الفتوى رقم: 29614.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(16/967)
هل تقطع يد من سرق بسبب الجوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن حكم من سرق شيئا لكي يأكل، أي لم يسرق من أجل السرقة، ولكن لأنه جائع، هل هذا يعتبر سارقا ويطبق عليه القصاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لإقامة حد السرقة شروط بيناها في الفتوى رقم: 55277 فراجعها، وهناك تعلم أن من اضطر إلى السرقة بسبب الجوع أنه لا يقطع.
ومما جاء في هذه المسألة ولم يذكر في الفتوى المحال عليها، ما قاله الإمام ابن قدامة في المغني قال: فصل قال أحمد: لا قطع في المجاعة، يعني أن المحتاج إذا سرق ما يأكله فلا قطع عليه لأنه كالمضطر ... وهذا محمول على من لا يجد ما يشتريه أو لا يجد ما يشتري به، فإن له شبهة في أخذ ما يأكله ...
فأما الواجد لما يأكله أو الواجد لما يشتريه وما يشتري به فعليه القطع، وإن كان بالثمن الغالي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(16/968)
القطع والضمان في السرقة الجماعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أسألكم حفظكم الله عن عقاب السرقة الجماعية، وهل يعاقب الجميع أم أن منفذ السرقة بحد ذاته يعاقب فقط، ثم أسألكم عن مراجع يمكن الاستعانة بها؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة الجماعية لها حالتان:
الأولى: أن يباشر الجميع السرقة فيحملون المسروق من حرزه معاً فهؤلاء شركاء في الضمان وشركاء في القطع.
والثانية: أن يباشر البعض ويتسبب البعض بإعانة من غير مباشرة فالضمان على الجميع والقطع على من باشر.
قال الهيتمي في تحفة المحتاج 9/145: (ولو نقب واحد وأخرج غيره) ولو بأمره ما لم يكن غير مميز أو أعجمياً يعتقد وجوب الطاعة بخلاف نحو قرد معلم لأن له اختياراً وإدراكاً وإنما ضمن إنساناً أرسله عليه لأن الضمان يجب بالسبب بخلاف القطع (فلا قطع) على واحد منهما لأن الأول لم يسرق والثاني أخذ من غير حرز نعم إن ساوى ما أخرجه بالنقب من آلات الجدار نصابا قطع الناقب كما نص عليه وإن لم يقصد سرقة الآلة لأن الجدار حرز لآلة البناء، ومعنى قولهم أولاً لم يسرق أي شيئاً من داخل الحرز أو كان بإزاء النقب ملاحظ يقظان فتغفله المخرج قطع أيضاً (ولو تعاونا في النقب) ولو بأن أخرج هذا لبنات وهذا لبنات (وانفرد أحدهما بالإخراج أو وضعه ناقب بقرب النقب وأخرجه آخر) ناقب أيضاً إذ المقسم أنهما تعاونا في النقب فلا اعتراض عليه لا سيما مع قوله قبله وأخرج غيره فلا قطع ثم رأيت البلقيني صرح بنحو ذلك وقال سبب توهم الاعتراض تحويله الكلام من أحدهما إلى الناقب لكن الفاضل لا يخفى عليه ذلك (قطع المخرج) فيهما لأنه السارق. انتهى.
وقال صاحب منح الجليل، نقلاً عن ابن رشد: إذا اجتمع القوم في الغصب أو السرقة أو الحرابة فكل واحد منهم ضامن بجميع ما أخذوه، لأن بعضهم قوى بعضا، كالقوم المجتمعين على قتل رجل فيقتلون به جميعاً، وإن ولي القتل أحدهم وحده. انتهى.
وللاستفادة حول هذا الموضوع والتوسع فيه يراجع ما كتبه الأستاذ عبد القادر عودة في كتابه القيم التشريع الجنائي في الإسلام تحت مباحث (تعدد الجناة) ، و (الإعانة) ، و (الأخذ بالتسبب) من كتاب السرقة، ويراجع أيضاً ما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتيه تحت عنوان (الاشتراك في الأخذ) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(16/969)
حكم الستر على السارق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سرق مني بعض مصوغاتي واكتشفت السارقة ورجتني أن لا أفضح القصة، فهل يجوز أن آخذ منها تعويضا عما سرق، علما بأنها فرطت فيه بالبيع؟ أرجوكم أن تجيبوني في أقرب وقت؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالستر على أهل الذنوب والمعاصي مشروع ما لم يعلنوا بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة. متفق عليه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: فأما المعروف بذلك -أي المعاصي- فيُستحب أن لا يستر عليه، بل تُرفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة، لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد، وانتهاك الحرمات، وجسارة غيره على مثل فعله. انتهى.
ولا مانع من أخذ قيمة المصوغات المسروقة منها ما دامت قد تصرفت فيها بالبيع ولا يمكن استرجاعها، فإنه يجب رد المغصوب إلى صاحبه إن وُجد، فإن لم يوجد وكان مثلياً رُدَّ مثله، وإن لم يكن مثلياً رُدَّت قيمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(16/970)
سرقة ما هو محرم شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من سرق من السارق، أوالشيء المسروق أصله حرام وهي المخدرات، هل أرجع ما سرقت لمن سرقته منه أم لصاحبه الأصلي وإن سامحني الذي سرقته منه، أنا حائر أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن السرقة من كبائر الذنوب كما في الفتويين: 28499، 47390. فليرجع إليها. أما من سرق ما هو محرم شرعا كالمخدرات وآلات اللهو والخمر فلا يجب عليه رده ولكن يجب عليه إتلافه إن كان باقيا. فإن كنت سرقت هذه المخدرات بقصد إنكار المنكر بإتلافها فأنت محسن إن شاء الله ولا شيء عليك، قال الله تعالى: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ {التوبة: 91} . وإن كنت سرقتها للانتفاع بها فتأثم بذلك ولكن لا يجب عليك ردها ولا دفع عوض عنها لأنها لا تقوم أصلاً ولكن يجب عليك التوبة إلى الله والاستغفار لإقدامك على سرقتها للانتفاع بها. وللفائدة راجع الفتويين: 52859، 56148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1426(16/971)
من لوازم من تاب من السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان قد ارتكبت ذنبا وأريد أن تشاركوني بالرأي السليم وماذا أفعل لأن ضميري يؤنبني كل لحظة فأنا قد أخذت مبلغا كبيرا من أخي (سرقته) ولن أقدر على تسديده ولن أستطيع أن أعترف له وكذلك أخذت مجوهرات زوجتي وبعتها وأنفقت فلوسها وقد اتهمت ناسا آخرين وبالفعل دفعوا لها ثمن المجوهرات خوفا من الفضائح. بالله عليكم أفيدوني ماذا أفعل حتى أصحح هذا الذنب الكبير وهل يقبل الله توبتي. فأنا لن أقدر على الاعتراف أمام أخي ولا زوجتي وفي نفس الوقت لن أستطيع أن أرد هذه المبالغ الكبيرة وأنا أعرف أن هناك آخرين دفعوا لزوجتي ثمن المجوهرات بدون أي ذنب لهم. أرجوكم ماذا أفعل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاشك في أن ما فعلته هو خيانة وذنب عظيم ولكن باب التوبة مفتوح مهما بلغ الذنب ومهما عظم. قال الله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} . وعليه؛ فيلزم أن تتوب إلى الله توبة نصوحا مما عملت، ومن لوازم توبتك أن ترد الحق إلى أهله أو تتحلل منهم وتطلب العفو. وإذا كان رده بطريقة مباشرة سيسبب لك حرجا فرده بطريقة غير مباشرة، والذكي لا يعدم حيلة، فإن لم تستطع رد الحق إلى أهله فإنه يبقى في ذمتك إلى أن تستطيع، فإن مت وأنت تبذل وسعك في الرد فنرجو ألا يكون عليك شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(16/972)
دفع غرامة عما سرقه فهل ينتفع به
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب قام بسرقة ثياب في دولة كافرة وقبض عليه ودفع غرامة فعلته فهل يجوز له لبس هذه الملابس التي كان قد سرقها مسبقا؟؟؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة حرام، ويجب على صاحبها التوبة إلى الله تعالى ورد الحقوق إلى أصحابها. قال الله تعالى في شأن السارق: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة: 39} . وقال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وبناء عليه، فإن كانت الغرامة التي دفعها الشاب يعوض بها أصحاب الحقوق عن ثيابهم فإنه لا حرج عليه أن يلبس الملابس التي أخذها، وإن لم يعوض بها أصحاب الحقوق فإنه يجب عليه رد الثياب إليهم ولو بالاحتيال إن خاف افتضاح أمره. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 6022، 10710، 20311، 19198، 51348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1425(16/973)
شروط السارق والمسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن لقطع يد السارق 13 شرطاً، ما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يمكن أن تبلغ شروط قطع يد السارق بضعة عشر شرطا باعتبار شروط السارق والمسروق، فيمكن أن يعد منها:
1- بلوغ المسروق النصاب وهو ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو ما يعادلهما.
2- أن يؤخذ المسروق من حرز.
3- أن يؤخذ بخفية لا بانتهاب أو غصب.
4- أن يكون محترما فلا قطع في سرقة خمر أو صنم أو آلة لهو محرمة.
5- أن لا يكون المسروق ملكا لولد السارق أو أحد فروعه.
6- أن لا يكون المسروق ملكاً لوالد السارق أو أحد أجداده.
7- أن لا يكون المسروق ملكاً لعبد السارق أو مكاتبه.
8- أن يكون السارق بالغاً.
9- أن يكون السارق عاقلاً.
10- أن يكون قاصداً.
11- أن يكون مختاراً.
12- أن يكون غير مضطر بسبب الجوع ولابد من ثبات ذلك ببينة.
13- أن يكون غير مؤتمن على المسروق.
14- أن يكون غير شريك للسارق.
15- أن تثبت السرقة بشهادة عدلين أو بإقرار السارق إقراراً مفصلاً بعد الاتهام وهو مكلف.
16- أن يبلغ الخبر السلطان أو نائبه.
17- أن يقوم المسروق منه بالدعوى على السارق.
وزاد بعضهم أن يكون حراً وزاد بعضهم ألا يكون المسروق مصحفاً.
نسأل الله تعالى أن يمكن للإسلام في الأرض فتقام الحدود وتطبق الشريعة في أرض الله على عباد الله ابتغاء مرضاة الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(16/974)
مبالغة المسروق منه في قيمة ما سرق يعد مكرا وخديعة
[السُّؤَالُ]
ـ[تم سرقة منزلي وأنا مسافر بالخارج، وتم إمساك اللصوص بمعرفة الشرطة، وطلبوا مني إبلاغهم بمحتويات ما تم سرقته بعد إجراء جرد بمعرفة الأهل، فأبلغت بما تم سرقته وأضفت شيئاً غالي الثمن لم يكن موجوداً بالشقة وذلك حتى يكون جزاؤهم رادعاً لكل من يحاول السرقة، وقد تم إعادة بعض المسروقات والكثير لم يعد فما رأي الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حدد الله سبحانه وتعالى عقوبة السارق في محكم كتابه فإذا توافرت شروط العقوبة وانتفت موانعها فإن عقوبة السارق قطع يده كما قال الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} ، كما أن تعزيره يكون باجتهاد الحاكم إذا لم تتوفر شروط القطع، وذلك كله إلى ولي الأمر وليس إلى الأفراد.
وعلى ذلك فلا تجوز الزيادة منك على المسروقات وإضافة شيء لا وجود له أصلاً فهذا من الكذب والمكر والخديعة وعدم العدل، ومن المعلوم أن ذلك كله محرم شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(16/975)
الحصول على الكهرباء من وراء العداد لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يأخد التيار الكهربائي من وراء الساعة الكهربائية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ التيار الكهربائي من وراء العداد أمر لا يجوز شرعا، وراجع فيه فتوانا رقم: 33750.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1425(16/976)
سرق وهرب ثم تاب، كيف يصنع الآن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد الصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين
أنا شاب مصري حاصل على بكالوريوس تجارة 31 عاما لي والدان وأخت واحدة فقط وليس لي ذكور أخطأت خطأ في حياتي لا أعلم ماذا أفعل فيه مع أني تبت وأنبت إلى الله عز وجل وقد غادرت بلدي وتركت أهلي بسبب هذا الخطأ إلا أنه يؤرقني حكم الشرع في هذا الأمر حتى لا أطيل عليكم فسوف أختصر وأبدأ سرد قصتي ... في يوم من الأيام استسلمت للشيطان أنا وصديق لي وقررنا أن ننصب على إخي صديقي الذي يعيش في اليونان للعمل بحجة أن هذا الأخ لا يصرف على أخيه ولا يبعث أموالا لأهله. على كل حال فقد استطعت أخذ بطاقة هذا الأخ من صديقي ووضعت صورتي عليها وأتقنت توقيعاته وسحبت رصيده من البنوك مع شهادات الاستثمار وكان مجموع هذه المبالغ منذ أربع سنوات تقريا 4750 دولارا وحوالي 10000 جنيه مصري ولم أعط صديقي سوى 1500 جنيه وأخذت أنا الباقي وأنفقته مع العلم أنني لست بمقامر أو من يشرب الخمر أو من يدفع للنساء من أجل الزنا فقد انفقت هذه الأموال على ملذات زائلة مثل عمل حفل خطوبة وكذا ملايس أنيقة وبعدها انكشف الأمر واعترف علي صديقي وخرج من السجن ثم هربت أنا إلى بلد مجاور لليبيا وبعدها حكمت علي المحكمة بسبع سنوات مع الشغل غيابيا وأنا الآن وبعد أربع سنوات تبت إلى الله عز وجل ودائم على الصلاة والذكر وربنا مجزل عليه نعمتي في البلد الذي أعيش فيها مع توفير عمل مناسب ولا يعرف عني أحد أي شيء لدرجة أن أحد الصالحين عرض علي أخته للزواج لذا فأنا أريد أن أعرف حكم الشرع في عدة مسائل تتعلق بمصيبتي هذه وهي كالآتي:
1- كيف أرد لهذا الأخ أمواله التي استوليت عليها وأطلب مسامحته مع العلم أنني لم تربطني به أي صلة وأنا لا أعيش في البلد التي يعيش فيها وإني أخشى على والدي من اقحام نفسهم في هذه القضية؟
2- هل للدولة المصرية حق علي بحيث أنها حكمت علي بالسجن لمدة سبع سنوات؟
3- هل يجوز شرعا الدخول إلى بلدي عبر الطرق الغير قانونية كالتسلل أو تغيير الاسم في الجواز أو قبيل ذلك؟
4- هل أصارح هذا الرجل الصالح الذي عرض علي أخته بالزواج مني بحقيقة أمري مع أنه طلب عنواني في مصر لكي يزور أهلي لأنه على سفر إلى مصر للعلاج مع العلم أنني أخشى أن ينفضح أمري أمامه؟
5- هل التوبة والإنابة إلى الله كافية لمغفرة هذا الذنب؟
أنا أريد أن أطهر نفسي مما حدث لها في الماضي أفتوني جزاكم الله عني كل خير
والله من وراء القصد وهو على كل شيء قدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة من أقبح الجرائم التي حرمها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والإسلام احتراما لكرامة الإنسان احترم المال الذي هو عصب الحياة واحترم ملكية الأفراد، فحرم السرقة والغصب والاختلاس والخيانة والربا والرشوة.. واعتبر كل ما أخذ بغير حق شرعي أكلا لأموال الناس بالباطل، والإسلام شدد في السرقة فقضى بقطع يد السارق التي من شأنها أن تباشر هذه الجريمة، لأن اليد الخائنة بمنزلة العضو المريض، فيجب بتره ليسلم بقية الجسم، والتضحية بالبعض من أجل الكل أمر مُسلَّم به شرعا وطبعا.
وهي كذلك عبرة وردع لضعاف النفوس ومرضى القلوب، حتى لا تسول لهم أنفسهم السطو على أموال الناس. وبهذا تحفظ الأموال وتصان الكرامة. قال الله تبارك وتعالى: [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] (المائدة: 38) . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. متفق عليه.
فيجب عليك أن تتوب إلى الله من هذا العمل وأن ترد ما أخذته لصاحبه بأي وسيلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، وإن كنت تخشى الفضيحة فعليك أن تحتال بطريقة ما لإيصال المال إلى من يملكه، كأن ترسله بحوالة باسمه، وتذكر بأنك في فترة ماضية أخذت هذا المال دون أن تذكر له اسمك، أو نحو ذلك من الحيل التي تتوصل بها إلى رد الحق لأهله، والذكي لا يعدم حيلة، وإذا كنت لا تعرف مكان صاحب الحق فيجب عليك السؤال حتى تعرفه وتؤدي إليه حقه ولا تتم توبتك إلا بذلك، هذا، والذي نظنه هو أن علمه بأنك أنت الذي أخذت المال وقد تبت ورددته تائبا قد يخفف عنك شدة الطلب ويجعل أمرك أيسر.
أما عن حكم المحكمة المصرية عليك بالسجن سبع سنين فإنه مخالف لحكم الله تعالى، لأن حكم الله تعالى في ذلك هو قطع اليد إذا ثبت ذلك للقاضي بالبينة، لكن إن كان ذلك مع الحكم بقطع اليد فقد نجد لهم مخرجا بكون ذلك من التعزير.
مع التنبيه إلى أنه لا يصح الحكم عليك غيابيا حتى يتم التعرف على أقوالك والتعرف على إجابتك عن هذا العمل. ومع التنبيه أيضا إلى أنه لا يلزمك أن تسلم نفسك للمحكمة إذا تبت وأعدت الحق لأهله.
وأما عن دخول بلدك عن طريق التسلل فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وأما عن طريق تغيير الاسم فإذا كنت ستغير اسمك حقيقة فلا حرج، أما إذا كان كذبا فلا يجوز، إلا أن يكون اسما محتملا كعبد الله وعبد الرحمن ونحو ذلك، أو تكون هنالك ضرورة ملجئة لذلك.
وأما عن مصارحتك للرجل الصالح الذي عرض عليك أخته بما حصل منك فإنه أمر غير مشروع، بل المشروع هو أن تستر على نفسك ولا تفضحها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه السيوطي وحسنه العراقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(16/977)
كيف يعامل أخاه الكبير الذي يسرق من المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ يكبرني حوالي 4 سنوات. يقوم بسرقة أشياء من المنزل ليبيعها ويقوم بالتمتع بها ونصحته عدة مرات فلم يستح فقد كنت أريد أن أعامله بالعصا. فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة ذنب عظيم وخسة قبيحة للغاية. قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [سورة المائدة: 38] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن...... الحديث. متفق عليه.
ولكن ضرب الأخ بالعصا ـ وخاصة أنه يكبرك بتلك المدة ـ لا يصح، لأنه ليس من حقك أولا إذ الحدود والتعازير إنما يقيمها السلطان أو نائبه، ولأنه قد يترتب عليه من الشجار والمفسدة ما تعجزان عن إصلاحه.
فالصواب أن تعظه وتذكره بحرمة ما يفعله وبقبحه، ولا بأس بأن تهدده بإبلاغ أمره إلى الوالد أو إلى السلطات إن هو لم ينته عن السرقة ما لم تخش أن يترتب على هذا التهديد منكر أعظم، كأن تخشى أن يؤذيك أو يسعى لك في شر.
وعليك بالدعاء له في أوقات الإجابة. فقد قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [سورة غافر: 60] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1425(16/978)
خيانة بعض المسؤولين لا تسوغ أن يخون غيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عداد كهرباء تقوم الشركة بتحصيل المستهلك من العداد، قال لي أحد الإخوة العاملين وهو رئيس قسم بالشركة المحصلة بأن تلك الأموال التي يجبونها من الناس تنفق في غير الصالح العام حيث قال إن أكثر من 60% من الأموال المحصلة تذهب في ترف وتبذير بمعنى أن مسؤولي الشركة يسرقون بعض هذه الأموال، فإذا أوقفت العداد هل علي إثم، أو أوقفته على فترات ما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التهرب من دفع فواتير الكهرباء بإيقاف العداد أو غير ذلك من الحيل؛ لما في ذلك من أكل المال العام والإخلال بالعقد والشرط الذي وافق عليه من يطلب إمداده بخدمة الكهرباء، وسواء كان بعض المسؤولين يسرق هذا المال أو يبدده أو يفعل غير هذا من صور الخيانة، أو لم يكن هناك شيء من ذلك، لأن خيانة بعض المسؤولين لا تسوغ أن يخون غيرهم، قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38] ، أي مأخوذة بعملها قاله ابن عباس وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(16/979)
يعطيها أبوها أموالا للدروس الخصوصية فتأخذها لنفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في الثانوية العامة وأتلقى الدروس ولكن لا أذهب إلى الدروس وآخذ الفلوس لنفسي من وراء أبي، فهل هذه الفلوس حرام أم حلال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن السائلة تدرس في الثانوية، ثم إنها تأخذ دروساً خصوصية، ويعطيها أبوها أموالاً مقابل هذه الدروس، وهي لا تذهب لهذه الدروس وتصرف الأموال في غير ذلك.
فإذا كان الأمر كذلك، فإن أكل السائلة لهذا المال يعد حراماً، لأن أباها إنما أعطاها هذا المال لتدفعه مقابل هذه الدروس لمن يدرسها، فبمخالفتها لذلك تكون قد أخذت المال بغير حقه.
وعليه؛ فالواجب عليك الآن هو أمران:
الأول: هو التوبة من ذلك والندم والاستغفار.
الثاني: هو رد المال إلى والدك أو طلب السماح منه، وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 39952، والفتوى رقم: 30148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(16/980)
من الشروط الواجب توفرها لقطع يد السارق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أخذت \"منشفة\" مثلا من عند دار حماتي إلى بيتي مع العلم أني لست بحاجة إليها من دون علمهم تعتبر سرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى حرم السرقة، وكتب الحد على فاعلها، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمبايعة النساء على جملة أمور منها: ترك السرقة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الممتحنة:12) ، وقال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (المائدة:38) ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم السارق كما في حديث الصحيحين: لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده.
وقد أمر الله بالإحسان إلى الجيران، ونهى عن إيذائهم كما في الحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث الآخر: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره. رواه البخاري ومسلم.
وقد جعل حرمة مال المسلم كحرمة البلد الحرام والشهر الحرام، فقال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. رواه البخاري ومسلم.
ولهذا فإنه يتعين عليك مراعاة حرمة جارتك، ولو لم تكن بينكما علاقة غير الجوار، ويتأكد الأمر إذا كانت حماتك.
والواجب عليك الآن التوبة إلى الله، فقد وعد الله السارق التائب بالمغفرة والتوبة عليه، فقال بعد حد السرقة: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المائدة:39) .
وعليك أن تردي إلى جارتك ما أخذت منها، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
ثم اعلمي أن السارق يعتبر سارقاً حقيقة ولو أخذ شيئاً خفيف الثمن، ويدل لذلك حديث الصحيحين: لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده، ويسرق البيضة فتقطع يده.
وهذا بناء على تفسير الحبل بحبل المتاع والبيضة ببيضة الدجاج، وهو الذي رجحه النووي في شرح مسلم.
وقد عرف ابن عرفة السارق بأنه: من جاء مستترا إلى حرز فأخذ منه ما ليس له.
وأما السارق الذي تقطع يده فإنه تشترط فيه عدة شروط من أهمها أن يبلغ المسروق ثمن ربع دينار فصاعداً، ويدل لذلك: تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً. رواه البخاري.
وأن يكون المسروق في حرز ويدل لذلك الحديث: لا قطع في تمر معلق ولا في حريسة الجبل فإذا آواه المراح والجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن. رواه مالك في الموطأ، وبمعناه عند النسائي وحسنه الألباني، وأن يأخذ السارق المسروق خفية، ويدل لذلك الحديث: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع. رواه النسائي والترمذي، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(16/981)
أم زوجته سرقت بعض ماله فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أم سرقت نقودا لابنتها وزوجها، والبنت مع أن الزوج يعلم بذلك، فما الحكم الشرعي في هذه الأم؟ وماذا يجب على الزوج فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما نسب إلى هذه المرأة من سرقة مال زوج ابنتها حقاً فإنها بذلك خالفت الشرع والطبع، والواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى وترد المال إلى صاحبه لأنه تعد على أموال الغير بغير حق شرعي، وقد قال الحق سبحانه: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. متفق عليه.
وعلى ابنتها أن تقوم بنصحها في ذلك وليكن ذلك بأدب واحترام، ولتحذر من إفشاء ذلك إلى الغير لأن فيه هتكاً لعرض أمها، فإن استجابت وردت الحق إلى صاحبه فالأمر واضح، وإلا فإننا ننصح هذا الرجل بالتكرم على أم زوجته بالعفو خصوصاً إذا كان هذا المال زهيدا، لأن في ذلك فوائد عظيمة منها الستر على المسلم والمحافظة على عرضه، ومنها كذلك أن فيه تطييباً لخاطر زوجته وأولاده إن كان له منها أولاد، هذا فضلاً عن أن حسم الموضوع على هذا النحو يؤدي إلى غلق باب من الخلاف داخل الأسرة وهذا مقصد عظيم، أما بخصوص أخذ أحد الوالدين من مال ابنه فقد سبقت الإجابة عليه في الفتوى رقم: 7490.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(16/982)
تبقى السرقة دينا في الذمة حتى ترد إلى صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في بلد أجنبي أثناء دراستي منذ سنوات طويلة، وقد كنا هناك مجموعة من الشباب نقوم بعمليات نصب على بعض البنوك الربوية بمبالغ كثيرة، ورجعت إلى بلدي، والحمد هدانا الله، ولكن ما زلت أفكر في هذه المبالغ التي لا طاقة لي على ردها وظروفي الحالية لا تساعد على ذلك أرجو إفادتي كيف أتصرف وماذا يمكن أن أفعل حتى أكفر عن ذنبي هذا؟ واعذروني على هذه الإطالة وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة من أعظم المنكرات، ومن كبائر الذنوب، ومن هنا فقد رتب الله تعالى عليها في الدنيا عقوبة عظيمة في قوله سبحانه: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم. وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده.
وقد أحسنت في التوبة من هذا الذنب، ومن تمام التوبة من السرقة رد الحقوق إلى أصحابها متى ما تيسر لك ذلك، فإن عجزت عن ردها الآن فاعزم على ردها متى ما حصلت عليها وتبقى ديناً في ذمتك، ويمكنك التحايل في ردها دون أن تذكر اسمك إذا خشيت أن يترتب على الذكر ضرر.
وهذا كله إذا كانت الجهة التي قد سرقت منها المال معلومة، ويمكن إيصاله إليها، فإن تعذرت معرفتها أو إيصال المال إليها فالواجب عليك إنفاقه بنية التخلص من حق الغير.
وراجع الفتوى رقم: 6022 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1424(16/983)
من طرق رد المال المسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[فإني كنت في فترة من حياتي أستجبت للشيطان وما حولي وأخذت مالا سرقة من الهيئة التي أعمل بها ولا أستطيع تذكر قدره لكي أرده فماذا افعل؟ وأيضا كيف أرده دون حرج؟ هل يمكن أن أرسله بالبريد؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك الآن التوبة النصوح من السرقة إذ هي من كبائر الذنوب، ومن توبتك أن ترد الحق إلى أهله بأي وسيلة تراها مناسبة، فإن جهلت قدر المال الذي أخذته، فاجتهد في أن ترد ما يغلب على ظنك أنك أخذته، وانظر الفتوى رقم: 6022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(16/984)
الفرق بين الاختلاس والسرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أعراض الاختلاس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يتضح لنا المسؤول عنه، فإن كان السؤال عن تعريف الاختلاس فإن الاختلاس عرفه أهل العلم بأنه اختطاف الشيء بسرعة على غفلة، وذكروا أنه لا حد فيه، ذكر ذلك ابن قدامة في المغني والباجي في المنتقى وغيره.
وفرقوا بينه وبين السرقة، فعرفوا السرقة بالأخذ من الحرز في الخفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(16/985)
لا بأس برد المال المسروق في شكل هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أريد استفساراً عن الفتوى رقم 593772 حيث أن جدي وجدتي توفيا من زمن، فكيف تكفر أمي عن هذا المال، هل تعطي أعمامي هذا المال، حيث إنهم 4 بمن فيهم والدي وعمي الذي كانت تأخذ زوجته المال، ولي عمة واحدة هي الأكثر حاجة للمال، وهل يمكن أن ترده في شكل هديا، وهل يمكن إخراجه صدقة على روح جدي وجدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما أخذته أمك وزوجة عمك من مال جدك يرثه أبوك وأعمامك وعمتك، فيجب عليهن أداء ذلك إليهم.
وإن عرفن قدر ما أخذن وميز نصيب كل واحد من الورثة ودفعنه إليه في شكل هدية، فلا بأس بها بل قد يكون هذا أحسن لأنه يترتب عليه حماية العرض من كلام الناس وحسم لما قد يترتب على الأمر من شحناء وجفوة، ولا يجوز إخراج المال المذكور صدقة عن الجد لأن الحق فيه قد انتقل لورثته، وإن كان المقصود إمكان إخراج الصدقة مطلقاً عن الجد والجدة فذاك مطلوب، ويصل ثوابها للميت إن شاء الله تعالى، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 3406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(16/986)
أخذ المال بدون علم صاحبه سرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم عندي مشكلة كبيرة منذ زمن زوجة عمي صنعت نسخة مفتاح على دولاب جدي، وبدأت كل فترة تأخذ مالاً من الدولاب دون أن يعرف أحد وبدأت تعطي أمي منه حتى تسكت ولا تقول لأحد فأخذت أمي مبلغاً لأن جدي كان يحرمهم من كل شيء واشترت به غويشة، فهل هذا المال حرام وكيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تقوم به زوجة عمك وأمك من أخذ مال جدك بدون علمه يعد سرقة وإثماً مبيناً، قال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (البقرة: 188) .
وقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. متفق عليه.
فالواجب عليهما التوبة إلى الله عز وجل من هذا الذنب الشنيع والاستغفار، كما أن الواجب عليهما إرجاع جميع المال الذي تم أخذه بغير حق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. أخرجه أحمد في مسنده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(16/987)
على اليد ما أخذت حتى تؤديه
[السُّؤَالُ]
ـ[في الماضي سرقت من جدتي مبلغاً من المال وأريد أن أرده إليها هل إذا أعطيتها إياه على دفعات من عندي من غير إخبارها بأنه لها وتكون نيتي أنا بأنه مالها الذي أخذته تبرأ ذمتي أمام الله؟ وإذا شخص سرق مال من ناس وأراد إرجاع مالهم أو أي شيء غيرالمال ولكن لا يعرف مكانهم وتصدق بذلك عنهم فهل يعذب في القبر بعد ذلك وماذا عليه أن يعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فإنه يحرم اعتداء الشخص على مال غيره ولو كان أمه أو جدته. ويجب على من فعل ذلك أن يرد ما أخذ، لما في الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والحاكم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
ولا يلزم من رده أن يصرح لها بالأمر، وعليه أن يطلبها السماح ويكثر من برها والإحسان إليها. وراجع للزيادة في الموضوع الفتويين التاليتين: 3051، 6022..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(16/988)
حكم سرقة الآثار التي ترعاها الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحد الوجب إقامته على سارق الآثار القديمة للدولة حسب الشريعة الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الآثار القديمة التي ترعاها الدولة وتحافظ عليها تعتبر ملكاً عاماً لشعب تلك الدولة، وبالتالي يعتبر كل فرد من أفراد الشعب له شبهة ملك فيها، فالذي عليه أكثر أهل العلم أن من سرقها من أفراد شعب الدولة المالكة لها لا قطع عليه، لأنه أخذ مالاً له فيه شبهة.
قال ابن قدامة في المغني: ولا قطع على من سرق من بيت المال إذا كان مسلماً، ويروى عن عمر وعلي وبه قال الشعبي والنخعي والحكم والشافعي وأصحاب الرأي، وقال حماد ومالك وابن المنذر يقطع لظاهر الكتاب، ولنا ما روى ابن ماجه بإسناده عن ابن عباس أن عبداً من رقيق الخمس سرق من الخمس فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه، وقال: مال الله سرق بعضه بعضاً ويروى ذلك عن عمر رضي الله عنه، وسأل ابن مسعود عمر عمن سرق من بيت المال، فقال: أرسله فما من أحد إلا وله في هذا المال حق.
وعن علي رضي الله عنه أنه كان يقول: ليس على من سرق من بيت المال قطع، ولأن له في المال حقاً، فيكون شبهة تمنع وجوب القطع، كما لو سرق من مال له فيه شركة. انتهى
وقد رجح عدم القطع أيضاً ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج إلى شرح المنهاج.
ولكن عدم القطع لا يعني أنه لم يرتكب إثما عظيما ولم يتعد على مال غيره فيستحق على ذلك التعزير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(16/989)
التحلل من المظلمة كاف في سقوط الحق والإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت مالا من شخص كنت أعمل معه بدون علمه، ثم تبت من هذا الذنب واستغفرت الله وأعلمت هذا الشخص بفعلتي هذه فسامحني، ثم قمت من نفسي بتسديد جزء كبير مما أخذت، فهل يلزمني تسديد الباقي علي بالرغم من سماح صاحب الدين وعدم مطالبته لي بذلك الدين حتى ما سددته له كان رافضا أن يأخذه مني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا نهنئك على توبتك مما وقعت فيه، ونسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق. ثم إن هذا الشخص الذي قد أخذت بعض ماله مادام قد سامحك وعفا عن حقه بطيب نفس منه، فإن ذلك يكفي ولا يلزمك تسديد ما أخذت؛ لأنه قد جعلك في حل ممَّا حصل منك، والتحلل من المظلمة كافٍ في سقوط الإثم عن مرتكبها، لما في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثَمَّ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه.
وعليه.. فإنك غير ملزم بدفع المبلغ المذكور، وإن دفعته تطوعًا منك تطييبًا لخاطر صاحبه، وإزالةً لما قد يكون في نفسه من عدم الرضا، فهذا يكون من باب الاحتياط والورع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(16/990)
الحقوق تبقى دينا في الذمة حتى تؤدى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم وبعد:
سألتني أخت عن سيدة كانت تعمل في البيوت كخادمة، وكانت تأخذ أشياء من هذه البيوت بدون علم أهلها، وهي الآن تابت إلى الله عز وجل وتريد أن ترد الأمانات ولكنها كثيرة، ومن بيوت كثيرة، منها الذي تعرف، ومنها الذي لا تعرف، منها أشياء لأناس قريبين، ولكنها تستحي منهم، ومنها أشياء لأناس بعيدين في بلاد أخرى، ولا تعرف كيف تصل إليهم، فماذا تفعل؟
وهي فقيرة لا تستطيع أن تخرج أموالا مقابل هذه الأشياء.
أرجوا أن ترشدوني ماذا أقول لها؟ وفي أسرع وقت وجزاكم الله خيرا كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخذ أموال الناس بغير حق يعتبر إثمًا عظيمًا وذنبًا جسيمًا، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا، ومن شرط التوبة: رد الحقوق إلى أهلها.
وعليه.. فمن كان من أصحاب الحقوق معروفًا وجب رد ماله إليه ولو بطريقة خفية، ومن كان منهم مجهولاً فإنه يُتصدق بماله على أنه متى عُرف أو وُجد هو أو وارثه خُيِّر بين إمضاء الصدقة وبين أخذ حقه.
ولا يجوز اللجوء إلى الصدقة عن صاحب الحق إلا بعد بذل الوسع في الوصول إليه وتعذر ذلك.
وكون هذه الأخت فقيرة لا يعفيها من أداء ما عليها من الحق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرْضٍ أو شيء فليتحلله من قبل أن يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإلا أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه. رواه البخاري.
وهذه الحقوق تظل دينًا في ذمة هذه المرأة حتى تؤديها. ولا حرج في مساعدتها والتصدق عليها لتتمكن من إبراء ذمتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(16/991)
ما اشتري من سارق مال الدولة يصرف للصالح العام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا مواطن عراقي مسلم ملتزم والحمد لله قد حدثت في بلدنا الجريح سرقة أموال الدولة بشكل كبير بسبب تشجيع المخربين من الكويتيين والإيرانيين بالاضافة للمحتلين الأميركان فما حكم من سرق من أموال الدولة؟
وما حكم من اشترى من سارق حاجة تابعة لدائرة قد تم إلغاؤها وجعلها للصالح العام مثل جهاز كومبيوتر أو طابعة ونصبها لخدمة المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم السرقة من مال الدولة في فتاوى متعددة منها الفتوى رقم: 16747، والفتوى رقم: 23007.
وإذا كانت السرقة من مال الدولة أو من المال الخاص حرامًا، فإن المشتري من السارق مع علمه بأنه سارق آثم ومتعدٍ، فالسارق لا يملك ما بيده من المال المسروق حتى يتصرف فيه تصرفًا شرعًا ببيع أو هبة أو غيرهما.
والواجب على من تمكن من تخليص أموال المسلمين من يد السارق أو أي معتدٍ آخر بأي وسيلة أن يرد ما خلصه إلى مالكه أو المسؤول عنه. فإن لم يعلم صاحبه أو الجهة الحكومية المسؤولة عنه -كما إذا تم إلغاؤها- صرفه في مصلحة عامة من مصالح المسلمين. وعليه فما قام به الأخ السائل من جعل ما اشتراه من السارق للصالح العام هو الحكم الشرعي إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(16/992)
الفرق بين النهب والسرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حكم النهب كحكم السرقة؟ هل هو محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل من السرقة والنهب حرام. أما السارق فهو شرعًا: آخذ المال خفية من حرز مثله بلا شبهة. وأما المنتهب فهو شرعًا: من يأخذ عيانًا معتمدًا على القوة والغلبة.
قال في "كشاف القناع": إذا علمت أن السرقة الأخذ على وجه الاختفاء فلا قطع على منتهب، وهو الذي أخذ المال على وجه الغنيمة لما روى جابر مرفوعًا قال: ليس على المنتهب قطع رواه أبو داود.
وقد جاء في التحذير من الانتهاب ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: لا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن. قال الحافظ في الفتح: ولا ينتهب نهبة: بضم النون هو المال المنهوب. والمراد به المأخوذ جهرًا قهرًا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(16/993)
حكم السرقة من السارق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السرقة من السارق حرام؟
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمال المسروق ملك لصاحبه والواجب على السارق رده له، ولا يحل لأحد سرقته من السارق، بل الواجب نصح السارق ووعظه في أن يرد المال لصاحبه وأما صاحب المال فلا حرج عليه في أخذ ماله من السارق، ولا يعد سرقة بل هو ظفر، وهو جائز كما في الفتوى رقم:
28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(16/994)
المرأة المخزومية قطعت يدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أقيم الحد على المرأة المخزومية فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان لم يقم فما السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة المخزومية التي كانت تسرق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أُقيم عليها الحد وقطعت يدها، وقد ورد ذلك صريحاً في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن امرأة من بني مخزوم سرقت، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاذت بأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله لو كانت فاطمة لقطعت يدها فقطعت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(16/995)
العقوبة الدنيوية والأخروية لآكل الأموال بالباطل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عقوبة أكل أموال الناس بالباطل في الدنيا والآخرة؟ جدتي كانت مريضة وليست واعية لتصرفاتها فأخذت من أحد الناس مالا كدين فأتت عندنا امرأة تطالبنا بالمال ولا يوجد إثبات على ذلك وجدتي متوفية الآن فماذا نفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأخذ أموال الناس بالباطل من كبائر الذنوب وأقبحها، وفاعل ذلك مستحق للعقاب في الدنيا من قبل ولاة الأمور بقطع يده إن ثبتت سرقته، أو حبسه وتعزيره وتغريمه إذا ثبت عليه أخذ المال بالكذب والخداع ونحو ذلك، ولعامة المسلمين زجره وهجره إذا كانت المصلحة في ذلك.
وهو متوعد في الآخرة بدخول النار وبئس القرار، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6856.
وأما ما يتعلق بسؤالك عن جدتك.. فالأصل براءة ذمتها حتى يثبت ما يشغلها، وعليه فإذا لم تأت هذه المرأة ببينة فلا يلزم الورثة دفع شيء لها، ومع ذلك فإن من برِّهم بمورثتهم وإحسانهم إليها أن يعطوا هذه المرأة ما سألت احتياطاً لإبراء ذمتها، فقد تكون فعلاً أخذت مالاً من هذه المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(16/996)
على السارق أن يتوب ويرد المال إلى أصحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السارق إذا كان بغير كره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم السرقة في الفتوى رقم: 17344، وعلى من سرق التوبة إلى الله تعالى ورد المال المسروق لصاحبه إن وجد، فإن لم يوجد هو ولا ورثته تصدق به عنه كما في الفتوى رقم:28499.
وإذا توفرت شروط السرقة على شخص ما ورفع أمره للقاضي، قطعت يده اليمنى من مفصل الكوع، لقوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَس َبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. [المائدة:38] .
وأما إذا ستر أمره وتاب إلى الله عز وجل، فإن الله يتوب عليه ويقبل توبته إذا توفرت شروطها وانتفت موانعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(16/997)
ظلم صاحب العمل للعامل هل يبرر له سرقته
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل بالله عليكم؟ ابتليت بداء السرقة مع كفيلي فقط الآن وأحاول الالتزام قدر الإمكان من عبادة وصلاة وحج وقيام وذكر.... ولكن نفسي تبرر لي سرقة هذا الكفيل لأنه ظالم ونصب علي من قبل واستغل حاجتي للمال ويستحل حقوقنا كموظفين لديه فهل هذا جائز، على سبيل المثال يفرض علينا العمل أيام الجمع بدون أجر ويمنعنا من صلاة الجمعة ودوامنا 10 ساعات، واتفق معي على أشياء كثيرة لم يلتزم بـ 30% منها أفيدوني؟ جزاكم الله خير الجزاء، اعتذر عن إطالتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسرقة حرام، وهي من الكبائر التي استوجب صاحبها قطع يده في الدنيا، والعذاب في الآخرة، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38] ، وقال تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:39]
والحمد لله أنك وفقت للتوبة من هذا الذنب، ويلزمك مع التوبة رد المال المسروق إلى صاحبه، ففي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي.
وأما ما ذكرت من حكم صاحب العمل لك وأكله لحقوقك ومنعك من الصلاة، فكلها آثام عظام يبوء بها هو، ولكنها لسيت مسوغا، لكن إن كان لك حق مالي متفق عليه سابقا ولم تستطع استيفاءه بالتطاوع والاتفاق معه، جاز أن تأخذ مثله فقط، أو قيمته من غير جنسه إن لم يكن مثليا.
وهذا ما يعرف في الفقه بمسألة الظفر، وتفصيلها في الفتوى رقم: 8780، والفتوى رقم: 18260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(16/998)
هل تسقط الحدود عن الكافر لو أسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد: فهل على الكافر إذا أسلم قضاء ما كان يسرق قبل إسلامه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى بمنّه وكرمه يتوب على الكافر ويتجاوز له عن كل ما اقترف من ذنوب حتى الشرك، وذلك ترغيباً للكافر في دخول الإسلام إذ لو أنه علم أنه سيؤاخذ فقد لا يسلم، قال الله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ [الأنفال:38] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الإسلام يجب ما قبله. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط.
وهذا الغفران يشمل جميع الذنوب لا فرق في ذلك بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد، قال ابن العربي في أحكام القرآن: روى أشهب عن مالك: إنما يعني عز وجل ما قد مضى قبل الإسلام من مال أو دم أو شيء، قال ابن العربي: وهذا هو الصواب؛ لعموم قوله تعالى: إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ.
وذهبت طائفة من العلماء إلى أن الكافر إذا أسلم غفر له جميع الذنوب كلها ما عدا ما كان منها متعلقاً بحقوق العباد، فإنه يؤاخذ عليه ويحاسب، قال صاحب رد المحتار: وإذا كان وقت الشرب غير موجب للحد لا يحد بعد الإسلام بخلاف ما إذا زنا أو سرق ثم أسلم فإنه يحد لوجوبه قبل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(16/999)
هل يقام الحد على من سرق المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإمام أبو حنيفة حلل سرقة المصحف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإمام أبو حنيفة رحمه الله لم يحلل سرقة المصحف، ومن قال هذا فقد أخطأ فهمه لمذهب الإمام، إنما دخلت الشبهة عليه من كون الإمام يرحمه الله، لا يقطع بسرقة المصحف، وحجة الإمام في ذلك أن السارق قد يتأول أن الناس لا يضنون بالمصاحف، ولعله أخذه ليقرأ فيه ثم يرده، وأن القرآن المكتوب في المصاحف كلام الله وهو ليس بمال متقوم، والورق والجلد والكتابة وإن كانت أموالاً متقومة فهي أمور تابعة، والأصل أنه متى اجتمع ما يجب فيه القطع مع ما لا يجب القطع فيه، لا يقطع، لأن ذلك يورث شبهة، والشبهة مسقطة للحد، وعدم القطع في سرقة المصحف هو أحد الوجهين في مذهب أحمد رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(16/1000)
حكم سرقة الولد من مال أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سرقة الابن من مال أبيه هل تستوجب قطع اليد؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسرقة أمر محرم وهي من كبائر الذنوب، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 8610، والفتوى رقم: 21859.
فإذا كانت هذه السرقة وقعت والابن دون البلوغ فلا إثم عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث، فذكر منهم "وعن الصبي حتى يشب." أخرجه أبو داود وابن ماجه.
ويجب رد المال الذي أخذه، ولا حدَّ عليه؛ ولكن ينبغي أن يعاقب بما يكفه عن ذلك إن كان يعقل، مع اختيار الأسلوب المناسب لإشعاره بفداحة ما فعل، ويراعى في ذلك المرحلة العمرية للولد، حتى ينشأ نشأة إسلامية صحيحة، وإذا كان الولد –الذي سرق- بالغاً فالجمهور على أنه لا قطع في سرقة الولد من مال أبيه لوجوب نفقة الولد في مال أبيه ولأنه يرث ماله، وله حق في دخول بيته، وهذه كلها شبهات تدرأ عنه الحد.
أما المالكية فإنهم يوجبون في سرقة الولد من أبيه الحد، قال العدوي في الحاشية: (أما الابن إذا سرق من مال أبيه أو جده فإنه يقطع لضعف الشبهة.) انتهى.
ولكن إذا كان الولد قد أخذ من مال أبيه ما يحتاجه لأن أباه لا يقوم بما أوجب الله عليه من النفقة على الأولاد، فمثل هذا ليس بسرقة بالاتفاق، لأن الولد إنما أخذ حقه.
قال صلى الله عليه وسلم لهند امرأة أبي سفيان عندما قالت له إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف." رواه البخاري وأحمد.
وفي رواية للبخاري: "لا حرج عليك."، قال القرطبي فيما نقله عن الحافظ ابن حجر في الفتح: (قوله: خذي أمر إباحة بدليل قوله لا حرج.) انتهى.
فإذا كان أخذ الولد من مال أبيه على هذا النحو، فليتق الله الوالُد وليقم بما أوجب الله عليه من النفقة، علماً بأن إقامة الحدود ليست لآحاد الناس، ومعرفة من يستحق أن يقام عليه الحد ومن لا يستحق من المسائل التي تختص بها المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(16/1001)
حكم رد المال المسروق في االصغر.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
فهل على من كان يسرق فى صغره قبل أن يبلغ قضاء ما سرق وإن كان كذلك فهل يجوز أن يقضيه بصفة غير مباشرة وهولا يذكره كله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه مما لا شك فيه أن الله تعالى حرم أخذ مال المسلم إلا عن طيب نفس منه لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
وقد رتب سبحانه العقوبة على من يفعل ذلك بقطع يده إذا توافرت الشروط الموجبة لذلك فإن الله تعالى يقول: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] .
وهذا الذي ذكرناه في حق البالغ.
أما الصبي فإنه وإن كان لا يترتب على فعله ذلك ذنب يؤاخذ عليه ولا عقوبة بحكم عدم تكليفه الا أنه مع ذلك يضمن ما سرقه فإن كان ذلك لا يزال موجوداً رده إلى صاحبه وعينه وأما إن تلف فإنه يضمن قيمة الشيء المسروق يوم سرقته له.
والحاصل أن الواجب على هذا الإنسان الذي سرق في حال طفولته إرجاع ذلك الشيء المسروق إلى صاحبه إن كان يعلمه وإلا احتاط، ولا حرج في رده إليه بطريقة غير مباشرة إن كان يرى ذلك أستر لحاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(16/1002)
السرقة لمساعدة المحتاجين!
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي صديقه حالة أسرتها المادية صعبة وعمرها 17 سنة مؤمنة تصلي لكنها تسرق بعض الأحيان لكن الغريب أنها لا تسرق لنفسها بل تسرق لتعطي شخصا محتاجا إلى المال، فهي لا تحب أن تقول لا أو لا يوجد عندي ما تريدون أو لا أستطيع أن أعطيكم الشيء مثلا، فهي تسرق لتعطي غيرها، وقد نصحتها وبينت لها أن ما تفعله حرام لكنها تبكي عندما أقول لها هذا الكلام، فلا أدري ماذا أفعل لها أو بماذا أنصحها أيضا إنها لا تحب أن ترى شخصاً محتاجاً أو ترد شخصاً طلب منها؟ وشكراً واتمنى أن تردو علي وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي أن تُذكِّري هذه الفتاة بأن ما تفعله من سرقة مال الناس كبيرة من الكبائر، وأنها لا تؤجر أبداً على فعلها ذلك لأن هذا المال المسروق كسب خبيث، والله تعالى لا يقبل إلا طيباً لقوله صلى الله عليه وسلم ": إن الله طيباً لا يقبل إلا طيبا. رواه مسلم.، ولا يشفع لها أنها تتصدق بما تسرقه.
وينبغي أن تُذكِّريها أيضاً بأنه يجب عليها أن تتوب وتُرْجِع ما سرقته لأصحابه أو تتحلل منهم من قبل أن يأتي يوم لا درهم فيه ولا دينار، وكونها لا تحب أن ترد محتاجاً أمر حسن، ولكن ينبغي ألا يكون ذلك ذريعة توقعها في الحرام ثم إنها إن تمنت الصدقة وليس عندها مال فإن الله يكتب لها أجر نيتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:": مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالاً وعلماً فهو يعمل به في ماله فينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول: لو كان لي مثل ما لهذا عملت فيه مثل الذي يعمل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الأجر سواء، ورجل أتاه الله مالاً ولم يؤته علمًا فهو يخبط فيه ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو كان لي مال مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الوزر سواء. رواه أحمد وابن ماجه بسند صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(16/1003)
كيفية التوبة من السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
سؤالي هوأنني من أربع أو خمس سنوات قمت بسرقة أشرطة وكتب دينية لغرض الاستفادة فقط، وكان هذا العمل في صغري، والآن أنا أبلغ من العمر العشرين سنة، علما بأن المسروقات تقدر ب 15 أو 20 دينار ليبي..
والآن أنا نادم على ما فعلت، فماذا أفعل؟ بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السرقة محرمة على كل حال وإن كان المسروق أشرطة دينية، لقوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وما دمت نادماً على ما فعلت فالتوبة تجبُّ ما قبلها من الذنوب، لكن لا بد من التوبة النصوح حتى تكون صادقة ومقبولة، وهي التي تحققت فيها الشروط الشرعية التاليه:
الأول: أن تقلع عن الذنب إقلاعاً كاملاً.
والثاني: أن تندم على ما فعلت.
والثالث: أن تعزم على أن لا تعود.
والرابع: أن ترد الحقوق المسروقة إلى أهلها.
فإذا توفرت هذه الشروط صحت التوبة وقبلت إن شاء الله تعالى. والذي يجب عليك فعله الآن حتى تكون توبة تامة هو أن ترد المسروقات، وتطلب منهم العفو والمسامحة على ما فعلت. فإن لم تجدهم بعد بذل الوسع في البحث عنهم فتصدق بها عنهم، وراجع الفتوى رقم:
10486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(16/1004)
أرجع المال لحساب والدك ولا تخبر أحدا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي باختصار لقد سرقت من والدي قبل حوالي عشر سنوات مبلغاً من المال وقد شك أهلي في تلك الأيام بشخص آخر لكن لم يقولوا له والدي الآن مصاب بجلطة بالدماغ وفاقد الذاكرة والتفكير أي أنه أي طلب نطلبه منه الآن سوف لا يعلم ما نعني بالضبط وإذا قلت لأبي إنني سرقت منك مبلغا وأريدك أن تسامحني سوف يوافق إن شاء الله حيث إنه لا يميز كل شيء بالضبط وهل يجوز لي أن أضع المال في حسابه البنكي أو أتصدق به أو أخبر والدتي لأنها هي المسوؤلة الآن بسبب ظروف والدي أو أخبر إخواني وأطلب منهم السماح أو أعطيهم المبلغ مباشرة لكن بدون أن أقول إنني سرقت من والدي أي أنه شخص سلفه والدي وأعطاني المال لوالدي حيث إنه إحراج كبير علي إن قلت إنني سرقت المال وأنا نادم أرجو الرد علي سريعاً سريعاً سريعاً.
ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الفعل الذي فعلته جرم عظيم من جهتين: من جهة سرقتك للمال، والسرقة كبيرة من كبائر الذنوب، ومن جهة تسببك في اتهام بريء وإساءة الظن به.
والذي يجب عليك هو أن ترد المال إلى والدك، وذلك بوضعه في حسابه، ولا يجب عليك إخبار إخوانك بذلك، حماية لسمعتك، وحفاظاً على الألفة والمودة بينكم.
وينبغي أن تجتهد في إزالة التهمة عن ذلك الشخص، وبالثناء عليه، وبيان أنه ليس ممن يقدم على السرقة، ونحو ذلك.
ويجب أن تتوب إلى الله تعالى مما فعلت، وانظر الفتوى رقم: 3051، والفتوى رقم: 6022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(16/1005)
التوبة من السرقة كيف تتحقق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أعيش في بلاد الكفر وعندما كنت في العاشرة من عمري تقريبًا ذهبت مع أهلي لنزور أصدقاء مسلمين لنا، وكان لديهم بنات، وكانت إحداهن أصغر مني بقليل، وكان عندها مرطب شفاه صغير يساوي تقريبًا 5 جنيهات إسترليني (تقريبا 35 ريال سعودي) ، وطلبت منها أن تعطيني إياه وأعطيها مالا يساوي إلا قليل فرفضت ذلك، ففي خفية أخذت هذا المرطب ووضعت ما لا يساوي إلا قليلا، وقد استخدمت هذا المرطب، والآن أنا في بلاد الإسلام علمت ما فعلت وتبت، واشتريت لتلك الفتاة حقيبة بقيمة 35 ريال، فهل يجوز لي أن أعطي هذه الفتاة الحقيبة وإن تم ذلك أأرمي المرطب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان ما قمت به من السرقة في مرحلة الطفولة فالإثم منتفٍ قطعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. أخرجه أصحاب السنن.
لكن يبقى الواجب عليك الآن هو رد ذلك المسروق بعينه إلى صاحبته إذا أمكن ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي.
أما إذا لم يعد ذلك ممكنا بحيث لم تجدي من يوصله إليها، فعليك إرسال تكملة المبلغ الذي دفعت حتى يساوي قيمته يوم السرقة، فإن تعذر حصول هذا أيضاً، فعليك أن تتصدقي بالمبلغ عن صاحبته.
لكن إذا حصل لقاء منك لها بعد التصدق فخيريها بين قبول الصدقة عنها وأخذ المتبقي من المبلغ فإن اختارت الصدقة فالأمر واضح، وإلا لزمك تكملة قيمة المسروقة، وراجعي الفتوى رقم:
6022 - والفتوى رقم: 3051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1423(16/1006)
منع السارق حقه ظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
في بلادنا عرف سائد في استخدام الأجير وهو منعه من أجرته مطلقا إذا ثبت عنه أنه سرق ولو شيئا يسيرا لاحتمال أن تكون السرقة صفة قديمة ثابتة فيه من أول العمل
فهل الأصل طرح ما سرق من أجرته على حسب إقراره أو شهادة الشهود عليه أم الأصل هو العرف]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ثبت على أجير أنه سرق من مال مستأجره بإقراره أو بشهادة الشهود عليه، فإن الأولى الستر عليه وعدم رفع أمره للحاكم، لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة " إلا إذا تكررت منه السرقة ولم تزجره الموعظة، فينبغي رفع أمره للحاكم ليقيم عليه حكم الله، ويكف شره عن الناس، وأما العرف المذكور فعرف فاسد لما فيه من الظلم، لأن السارق وإن كان ظالماً، فلا يجوز ظلمه بمصادرة حقه بمجرد كونه سرق، ولذا فلا عبرة بهذا العرف الجاري بل يجب إعطاء الأجير أجرته تامة، واسترداد ما سرقه فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1423(16/1007)
السرقة وادعاء الشراكة إثم مضاعف
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل سرق من دكاني ومن ثم ادعى أنه شريكي في هذا الدكان ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما ارتكبه هذا الرجل من السرقة، ودعوى أموال الغير أمر محرم لا يجوز شرعاً، وهذا معروف عند المسلمين بالضرورة، فالسرقة من كبائر الذنوب والآثام.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ... ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن" رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة واللفظ للبخاري.
ومن حقك أن تطالب بحقك المسروق، وتنفي ما ادعاه هذا السارق، وتذكر بطلان دعواه، وترفعه إلى المحاكم حتى تنصفك منه.
هذا إذا لم تسامحه وتعفو عنه، ولا شك أن العفو أولى، قال تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [البقرة:237] .
وقال: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى:40] . والله أعلم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(16/1008)
ما يلزم من السرقة قبل البلوغ وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم بخصوص الفتوى 8610 وهي سرقة الفتى الذي دون سن الرشد وهي ثمانية عشر عاما فهل يأثم إذا حصلت السرقة منه دون هذا السن؟ ؟ وهل يتوجب عليه الرد لأبيه وكيف؟ ؟ ؟ ثم إذا تذكر وهو في الأربعين أو الخمسين من عمره أنه قد فعل ذلك قبل بلوغه الرشد وهو نادم وأبوه متوفى فهل عليه الرد وكيف يرد لو فرضنا ليس معه مال وذلك في حال وجوب رد ذلك؟ ؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير ونرجو قراءة سؤالنا بتأن وبكل تفاصيله والرد على كل فقراته وليس قراءته والرد على جزء منه فقط؟ ؟ جزيتم خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال العلماء أن البلوغ يحصل بأحد الأمور التالية:
1-الاحتلام: وهو خروج المني.
2- إنبات شعر العانة.
3- بلوغ خمس عشرة سنة على الراجح.
فإذا كانت السرقة حصلت بعد البلوغ فيترتب على ذلك أمران:
الأول: الإثم لأنه أصبح مكلفاً.
والثاني: ضمان المال ووجوب رده إلى صاحبه، إن كان حياً، فإن كان قد مات رده إلى ورثته، ولو تذكره في الأربعين أو ما بعدها.
أما إذا كانت السرقة حصلت قبل البلوغ فإن الإثم مرتفع عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل " رواه أحمد وأصحاب السنن عن علي وعائشة رضي الله عنهما.
ويجب عليه رد المال لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء.
وإن كان صاحب الحق متوفى دفعه إلى ورثته كما تقدم، وإن كان معسراً في الحال بقي الحق في ذمته ويجب عليه أداؤه عندما يتيسر له ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1423(16/1009)
وقوع الزوجة في السرقة هل يبرر طلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أدخر جهدا في إعمال كافة القواعدالشرعية في اختيار الزوجة، أصررت على أن أنتقيها من معتادي المساجد، تحفظ القرآن وتتلوه كحقه، الأسرة ملتزمة، الحياء والطاعة والزي وما إلى ذلك، والآن مر علينا عامان ولنا ولد تعدى أول أعوامه ثم فاجأني أبواي بكارثة.. أنها تسرق منهم.. مرات عديدة ومبالغ ذات قيمة. شككت في ذلك لعلمي أن أبواي كثيرا سوء الظن ولكن المصيبة أنها اعترفت أنها تسرق منذ الصغر وأنها فعلتها أيضا مع إحدى زميلاتها بالجامعة أثناء خطبتنا. وأرجعت ذلك لمشاكل سببها حرمان أبيها لها ولأخوتها رغم قدرته على الإنفاق.
الآن هي تقسم على التوبة والامتناع عن ذلك نهائياً ومراقبة ربها في بيتها. ولا أدري أأطلقها لما أطعمتني وابني من الحرام أم أحسن الظن بتوبتها وأحتفظ بها لحاجة الطفل الشديدة إليها في سنه هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأحسنت باختيارك لذات الدين والخلق، وكونها وقعت في السرقة، ثم تابت من ذلك ليس سبباً كافياً لفراقها، وينبغي أن تكون عوناً لها على التوبة والاستقامة، والله تعالى يقبل التائب من عباده، ويبدل سيئاته حسنات! فكيف لا نقبل نحن من قبله الله تعالى؟! وانظر الفتوى رقم: 13559.
واعلم أنه لا يوجد إنسان يسلم من بعض النقائص والهفوات، وأحسن الناس من كانت عيوبه تعد، ولله در القائل:
فمن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(16/1010)
رد الحقوق لأصحابها أو استسماحهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في الخارج وأنا أحب الملابس كثير ونظراً للظروف الماديه اضطررت للسرقة والآن أنا نادم ماذا أفعل لا أستطيع إرجاع شيء لأن النظام هنا شديد ومن الممكن أن يسجنوني. هل أقدر المال وأخرجه لمن يحتاج أ
م ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السرقة جرم عظيم وإثم كبير، لذا فقد رتب الله عليها من الجزاء ماهو من أشد أنواعه وهو قطع اليد فقال سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38] .
ولا شك أن من اقترف هذا الإثم يجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً مستوفيه شروطها، ومن هذه الشروط رد الحقوق إلى أصحابها أو استحلالهم منها، والواجب حينئذ اتخاذ الأساليب التي يتحقق بها رد الحقوق إلى أصحابها، والتي لا يترتب عليها ضرر يلحق بمن تاب من السرقة، ولا يشترط أن يصرح بأنه سرقها بل له أن يرده دون أن يعلمهم أنه هو الذي أخذها، وراجع الفتوى رقم:
21859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(16/1011)
التوبة من السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الموضوع بإيجاز هو أنني منذ 15 عاما سافرت في عطلة الصيف وكنت طالبا بالجامعة إلى أحد البلاد العربية وعملت لفترة قصيرة لدى أحد التجار وتحت ضغط مشقة العيش وصعوبة الغربة كنت أحيانا أنتهز فرصة عدم وجوده بالمحل وأبيع بعض البضاعة من مخزن المحل لحسابي.. وأحمد الله الذى لم يطل علي الحياة في هذا المكان إلا شهراً ونصفاً.. وأنا الآن أسترجع شريط حياتي وأنا على أعتاب زيارة بيت الله الحرام وأريد أن أطهر نفسي من هذا العمل المشين مع العلم باستحالة اتصالي بهذا الشخص لأنني لا أعرف هاتفه وقد كان رجلا كبيرا في السن منذ 15 سنة والله أعلم إن كان حيا أو ميتا.. ساعدوني بحق الله.
وجزاكم الله خيرا على ما تقدمونه لأمة الإسلام....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نعم الله على العبد أن يلهمه التوبة ويهيئ له أسبابها..... والعاقل من يراجع نفسه ويتذكر ما مضى من عمره ليصحح ما مر به من أخطاء، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ [البقرة:222] .
والسرقة من كبائر الذنوب التي لا بد فيها من التوبة النصوح فهي ذنب مركب من ذنبين: حق الله تعالى وحق العباد، ولهذا يصعب التخلص منها.
ولتفاصيل التوبة منها، والتخلص من آثارها، وحقوق أهلها، والأدلة على ذلك نحيل السائل الكريم إلى الفتوى رقم: 6022 والفتوى رقم: 3051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(16/1012)
حكم أخذ مال الكافر والفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[سرقت من رجل مبلغاً وأنا صغير والرجل كان يسكر ويرتكب المعاصي بأنواعها وأنا كنت محتاجا فأخذت الفلوس بدون استئذان وقلت أنا أولى منه لأنه يصرفها في الحرام وأنا أعرف أنه غلط وكل ما أريد أن أصارح الرجل ألقاه يشرب الخمر......... الخ فماذا أفعل؟ أريد أن أرجع له المال لكني أقول والله أنه خسارة فيه.
الرجاء مساعدتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أخذ مال غيرك بغير إذنه ولو كان فاسقاً، بل ولو كان كافراً ما لم يكن حربياً.
وعليك الآن أن تتوب إلى الله، وترد له ما أخذته منه ولو بطريقة غير مباشرة.
أما بالنسبة للذنوب والآثام التي يرتكبها، فعليك أن تأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر بقدر استطاعتك، وراجع الفتوى رقم: 6022، والفتوى رقم: 3051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(16/1013)
كيف يتوب السارق وخائن الأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكبير سرق فلوساً من جد لي ولم يكن يعلم المبلغ كم قدره لأنه كان على فترات متقطعة. والآن قد من الله عليه بالإيمان والتزم بفضل من لله.أما الآن فهو لا يستطيع السداد ولا يعلم المبلغ كم قدره. أفيدوني ماذ يفعل مع العلم أنه لا يستطيع السداد ولا المصارحه مع صاحب الفلوس. وجزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما أقدم عليه أخوك يعد خيانة وإثماً، والواجب عليه أن يتوب إلى الله ويستغفر من ذلك، ومن توبته أن يرد المسروق إلى أهله، فليرد ما أخذه من جدك له إن كان حياً أو لورثته إن كان قد مات، وإذا كان لا يعلم قدره فليرد ما غلب على ظنه أنه أخذه، ولو زاد عليه احتياطاً كان أولى، وإذا كان غير قادر على السداد الآن فإنها تبقى في ذمته حتى يستطيع، ولمزيد فائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
8610
6022
18779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(16/1014)
ملكية المالك الأول على المسروق باقية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي خادمة سرقت من إحدى صديقاتها ذهباً مسروقا وباعته وتصرفت بالمال الذي جنته وتود التوبة والاستغفار الرجاء الرد باسرع حال لأنها مريضة وقد اعترفت لي بالموضوع ... ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يجب فعله في هذه الحالة هو رد المال المسروق إلى مالكه الأصلي، فإن ملكية المالك الأول باقية عليه ولم تنقطع عنه بسرقته، ويد السارق الأول على هذا المال كلا يد.
وبما أن هذا المال المسروق أُتلف فيجب على من أتلفه رد مثله أو قيمته إلى صاحبه، ولا عبرة بكون السارق المتُلف للمال موسراً أو معسراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي. رواه أحمد، أي يجب على اليد رد ما أخذته، وقوله "حتى تؤدي" أي حتى تؤديه إلى مالكه.
وفي شرح السندي لابن ماجه، قوله "على اليد ما أخذت" أي على صاحبها، يشمل العارية والغصب والسرقة، ويلزم منه أن السارق يضمن المسروق وإن قطعت يده. انتهى
فأما إذا لم يعرف المسروق منه الأول، فيتصرف في المال المسروق على وفق ما هو مبين في الفتوى رقم: 3051
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(16/1015)
تحصيل الحق لا يأخذ حكم الاختلاس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمختلس من مال صاحب العمل في حال ظلم صاحب العمل له في الأجرة من توبة وما هي شروط التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للعامل أن يأخذ حقه بدون زيادة ممن استأجره ولم يوفه حقه، ولا يكون بهذا مختلسًا آثماً.
وأما إذا أخذ أكثر من حقه، فإنه آثم تجب عليه التوبة، وإرجاع المال لصاحبه بالطريقة المناسبة، وبهذا تبرأ ذمته، ويغفر ذنبه إن شاء الله.
وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 8780، والفتوى رقم: 5646.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(16/1016)
اليد الخائنة بمنزلة العضو المريض ... يجب بتره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أدرس في الخارج تدفعني ظروفي إلى السرقة، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السرقة من أقبح الجرائم التي حرم الله تعالى، والإسلام -احتراماً لكرامة الإنسان- احترم المال الذي هو عصب الحياة واحترم ملكية الأفراد، فلا يحل لأحد أن يعتدي بأي حال من الأحوال على ممتلكات الآخرين، ولهذا حرم السرقة والغصب والاختلاس والخيانة والربا والرشوة ... واعتبر كل ما أخذ بغير حق شرعي أكلا لأموال الناس بالباطل.
ولكنه شدد في السرقة فقضى بقطع يد السارق التي من شأنها أن تباشرهذه الجريمة، لأن اليد الخائنة بمنزلة العضو المريض فيجب بتره ليسلم بقية الجسم، والتضحية بالبعض من أجل الكل أمر مسلم به شرعاً وطبعاً.
وهي كذلك عبرة وردع لضعاف النفوس ومرضى القلوب، حتى لا تسول لهم أنفسهم السطو على أموال الناس.
وبهذا تحفظ الأموال وتصان الكرامة. يقول الله تبارك وتعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38] .
ويقول صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. متفق عليه.
فعلى السائل أن يعلم أن هذا هو حكم الإسلام في السرقة، وهذا هو جزاء السارق في الإسلام، فكيف تدعي أن ظروفك تدفعك للسرقة؟ فما هي هذه الظروف؟ فإذا كنت عاجزا عن المصاريف ودفع رسوم الدراسة فليس هذا هو الحل، فلا ينبغي لك أن تذهب أصلاً إلى بلاد الغربة لترتكب هذه الجريمة التي تشوه سمعة دينك وبلدك، وتعرضك لأن تنزل بك أشد العقوبات.
ونقول لك: إذا كانت الظروف التي تدفعك للسرقة هي: قلة ذات اليد فبإمكانك أن تكتب إلى أهل الخير أفرادا وجماعات، وليس هذا تشجيعاً على السؤال المذموم، فأنت والحالة هذه من حقك أن تنال من زكوات المسلمين وأموالهم العامة،: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ [التوبة:60]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(16/1017)