مؤخر الصداق والمساهمة في الأثاث هل تدخل ضمن التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أختي منذ شهر بعد زواجها بخمسة أشهر، وكان عقد القران ينص على أن لا يوجد مهر إلاّ المهر الشرعي 1 (جم) - مع وجود مؤخر الصداق 10.000 (جم) وقد ساهمت أختي في أثاث وتجهيزات بيت الزوجية بـ 12.000 (جم) ، وقد أحضر الزوج لها شبكة زفاف وكان لها بعض حساب في البنك وذهب 5000 (جم) . وليس لها إلا أنا الأخ وأم علما بأني قد طالبت زوجها لإتمام صحة عقد القران بالجنيه ونريد الاَن توزيع المستحقات المالية للمتوفاة رحمها الله حسب الشرع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤخر الصداق يدخل ضمن ميراث المتوفاة، لأنه حق لها في ذمة زوجها، فهو دين كسائر الديون التي لها، وراجع الفتوى رقم:
11182 والفتوى رقم: 6236.
ويدخل ضمن التركة أيضاً ما ساهمت به المتوفاة في تجهيز البيت إذا قامت على ذلك البينة أو اعترف بها الزوج، أما إذا أنكر الزوج ذلك، فإنه يدخل في تركتها ما يصلح للنساء بيمين الورثة، ويأخذ هو ما يصلح للرجال بيمينه وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
18381، ففيها تفصيل آراء العلماء في المسألة.
أما عن الشبكة التي أعطاها الزوج لزوجته، فهي داخله ضمن تركتها أيضاً، لأن الأصل فيما يعطيه الرجل لزوجته أنه على جهة التمليك إلا إذا دل دليل على غير ذلك، ولمعرفة الأمر بالتفصيل راجع الفتوى رقم:
18197.
وليعلم أن الزوج أحد الوارثين بالاتفاق، وبناءً على ذلك فإن تقسيم التركة يكون على النحو التالي: للزوج النصف لعدم وجود الفرع الوارث، وللأم الثلث لعدم وجود عدد من الإخوة، وللأخ ما بقي من المال تعصيباً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(14/2418)
جميع ما يتركه الميت من دين أو غيره يضم للتركة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل لقد كان لي أخ وقد توفي وكان له دين عندي فماذ أفعل بهذا المال هل أحتفظ به أم أتصدق به وهل يقبله الله كصدقة جارية وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المال من حق ورثة الميت، لا يجوز لك التصرف فيه بأي وجه من الوجوه، بل يجب عليك رده إليهم ليقسم عليهم قسمة الميراث، فإن تبرع أحدهم بنصيبه كصدقة جارية على الميت فله ذلك، وبشرط أن يكون المتبرع من أهل التبرع بأن يكون بالغاً رشيداً، إذ ليس في الشرع ما يمنعه، بل ندب الرسول صلى الله عليه وسلم إليه بقوله " إذا مات الإنسان انقطع عمله، إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له ". رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وإذا كنت أنت من الورثة فلك أن تتصدق عنه بحصتك من الإرث بعد قسمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(14/2419)
الميراث كله للأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....
بالنسبة للإرث من الخال (أخو والدتي من الأم والأب) لا يوجد لديه أهل سوى والدتي وأنا وأخي وابنة عم أبيه فكيف يكون توزيع الإرث من مبلغ 3 مليون؟ أريدها بالأرقام جزاكم الله خيرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الحال كما وصف في السؤال بأن هذا الميت ليس له قرابات سوى أخته، وبنت عم أبيه، وأولاد أخته فإن الميراث كله لأخته نصف تأخذه بالفرض، والنصف الآخر بالرد،
هذا ولا بد من الرجوع إلى المحكمة الشرعية -إن وجدت- أو إلى من وجد في البلد من أهل العلم حتى يتيقن بأن القرابات انحصرت في هؤلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(14/2420)
مات عن زوجتين وأربعة ذكور وثلاث إناث
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال / كيف تقسم الميراث من هالك له 4 ذكور و3 إناث وزوجتان وكل الأولاد من زوجتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الميت لم يترك من الورثة إلا ما ذكرت في السؤال فإن لزوجتيه الثمن أي لكل زوجة نصف الثمن، والباقي يقسم بين أولاده جميعاً للذكر مثل حظ الأنثيين، فتقسم التركة إلى مائة وستة وسبعين سهماً.. يكون لكل زوجة أحد عشر سهماً، ولكل ابن ثمانية وعشرون سهماً، ولكل بنت أربعة عشر سهماً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(14/2421)
هل تورث الفوائد الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يتيم وعندما كبر أراد أن يأخذ ميراثه الذي يوجد في البنك وطبعا الأموال التي سيأخذها توجد فيها فوائد ربوية فهل يصلح أن يأخذ تلك الفوئد ويتبرع بها للمسلمين مع العلم انه لم يضعها بنفسه في البنك وإنما وضعها كفيله الذي يتكفله حتى كبر وإذا كان يصلح أن يتبرع بها فهل يتبرع بها لأي شخص من المسلمين حتى لولم يكن فقيرا او يتبرع بها لبناء المراكز الصيفية والمشاركة فيها ونرجو منكم أن تفيدونا وجزاكم الله ألف خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفوائد الربوية لا تدخل ضمن التركة فلا تورث، وإنما يجب التخلص منها، وإنفاقها في المصالح العامة، ويدخل في ذلك المراكز الصيفية والمشاركة فيها، أو إنفاقها للفقراء والمساكين والمحتاجين، وذلك على سبيل التخلص من المال الحرام، لا بنية الصدقة، ولمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم: 9616 والفتوى رقم: 1220
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(14/2422)
تأخذ الأم حقها كأي من من الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأم تأخذ نصيبها في ميراث ابنها قبل الأنصبة المفروضة أم ضمن الأنصبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأم تدخل ضمن أصحاب الفروض الذين لهم الأسبقية في التركة، فلا يأخذ أحد سواهم ممن يرث بالتعصيب شيئاً إلا إذا استوفوا هم أنصباءهم، فإذا استغرقت أنصباؤهم جميع التركة فلا شيء لمن سواهم.
وفرض الأم تارة يكون السدس وذلك فيما إذا ترك الميت فرعاً وارثاً أو عددا من الإخوة.
وتارة تأخذ الثلث وذلك فيما إذا لم يترك الميت فرعاً وارثا ولا عددا من الإخوة ذكورا كانوا أو أناثاً.
وتارة ترث ثلث الباقي بعد نصيب أحد الزوجين، وذلك فيما إذا انحصر إرث المتوفى في الأب والأم وأحد الزوجين.
وعلى كل حال فالأم تأخذ حقها مثل أي واحد من الورثة أهل الفرائض.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(14/2423)
ميراث أبناء الابن من جدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[مات الأب وترك أولادا ثم مات أبو الأب فهل يحق للأولاد الميراث أم وصية واجبة أو لا يستحقون الميراث أو ثلث التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الجد (أبو الأب) ترك أبناءً ذكوراً لصلبه فإن أبناء ابنه المتوفى لا يرثون منه لحجبهم بمن هم أقرب منهم للجد.
أما إذا لم يكن للجد أحد من أبناء الصلب الذكور فإن أبناء ابنه المتوفى يرثون حينئذ بالتعصيب، فلهم ما تبقى بعد أصحاب الفروض إن كان من جملة ورثة الجد أحد من أصحاب الفروض، فإن لم يكونوا فلأبناء الابن حينئذ كل ما تركه جدهم للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
13865، وكذلك الفتاوى المربوطة بها.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(14/2424)
مات عن ذكرين وخمسة إناث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدنا وترك لنا مبلغ 14000 ريال عماني
ونحن ذكران وخمسة إناث ما هي العملية الحسابية لحساب التركة وما هو نصيب كل شخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لم يكن للميت ورثة غير هؤلاء، ولم تكن له وصية، فإن التركة تقسم عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين. فيكون لكل ولد 3111 ريالاً عمانياً، ولكل بنت 1555.5 ريال عماني، مع مراعات الكسور التي تبقى بعد القسمة، وهي نصف ريال عماني.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(14/2425)
توزيع تركة من ماتت عن ثلاث بنات وأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة وتركت ثلاث بنات متزوجات وأختا ولها أملاك فكيف تكون قسمة الميراث
جازاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكن لهذه المرأة ورثة غير من ذكروا في السؤال.. فإن للبنات الثلثين من التركة فرضاً، والثلث الباقي تأخذه الأخت تعصيباً، لأن الأخوات مع البنات عصبة لهن ما فضل.
وعليه، فقسمة التركة على تسعة أسهم، تعطى كل بنت سهمين، وتعطى الأخت ثلاثة أسهم.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1423(14/2426)
متى ترث بنت الأخ من عمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت عمتها هل لها الحق في أن ترث من مالها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبنت الأخ لا ترث من عمتها، لكونها ليست من أصحاب الفروض ولا العصبات.
ولا ترث إلا عند من يورث ذوات الأرحام إذا توفرت الشروط المجيزة لذلك، وهذا يتوقف على معرفة جميع الورثة وحصرهم، وهذا مما ينبغي عرضه على المحاكم الشرعية لتتولى بمعرفتها حصر الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1423(14/2427)
ماتت عن بنتين وأبناء إخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت عن:1) ابنتين ... ... 2) أبناء إخوة..
كيف يتم توزيع التركة؟
أفيدونا أفادكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللبنتين في هذه المسألة الثلثان، لقوله تعالى: وإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك [النساء:11] ولأبناء الإخوة الذكور الباقي تعصيباً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(14/2428)
كتمان ما يملكه المتوفى بين الجواز والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أخبر خالي عن الذهب الذي تملكه والدتي بعد وفاتها فهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان السائل ذكراً فالخال ليس له شيء من هذا الذهب قطعاً، وعليه فلا إثم في عدم إخباره بذلك لأنه ليس له فيه حق، ولكن إن كتم هذا الذهب عن ورثة آخرين فهذا حرام لا يجوز، وعليه أن يظهره لهم ليأخذ كلٌ حظه منه.
وأما إن كان السائل امرأة فقد يكون فقد يكون خالها وارثاً لأمها لأنها أخته، وقد لا يكون، بحسب من بقي من الورثة الآخرين،
ولو بين لنا السائل كل الأقارب الموجودين لقلنا له: هل يرث الخال هنا أو لا يرث؟
ولكننا ننصحه إما ببيان جميع من بقي من الأقارب أو الرجوع إلى أهل العلم في بلده أو المحاكم الشرعية، وهذا أحسن لقدرتهم على معرفة الواقع.
ونحن نقول هنا قولاً مجملاً: وهو أنه إن كان هذا الخال وارثاً أو له حق متعلق بالمال أو بذمة الميت، فلا يجوز أن يكتم عنه هذا الذهب، وإلا فلا إثم في عدم إخباره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(14/2429)
الوديعة تضم للميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي وقد ترك عندي قبل وفاته مبلغا قدره 500دولار على سبيل (وديعة) على أن أتصرف في صرفها واستبدالها بالعملة المحليه ولكن لم يحالفني الحظ في السعر المناسب قبل وفاته والآن بعد وفاته كيف أتصرف في هذا المبلغ مع العلم بأننا نحن 6 ذكور وبنتان وزوجة والدي ليس له منها أبناء أشيروا علي جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المبلغ الذي ترك عندك الوالد المتوفى أصبح تركة يجب أن تجعله ضمن تركة والدكم ليوزع على الورثة كل حسب نصيبه ولا يجوز لك الآن التصرف فيه بدون إذن بقية الورثة لا بصرف ولا بغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(14/2430)
حكم الصدقة عن الميت من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تصدق الابن لأبيه المتوفى من الميراث بعمل ما ينفع الناس بقصد صدقة جارية فهل ينفع ذلك المتوفى وما تفسير ينقطع عمل ابن آدم إلا من ثلاث صدقة جارية ... وما حكمها في هذا الشأن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت السنة الصحيحة على وصول ثواب الصدقات إلى الميت إن تصدق عنه الأحياء، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: " إن أمي افتلتت نفسها وإني أظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم "
ولكن من أراد أن يتصدق فعليه أن يتصدق من مال يملكه، ولا يجوز أن يتصدق بأموال الآخرين إلا بإذنهم. والميراث ملك لجميع الورثة، فإن كان الوارث واحداً وأراد أن يتصدق من الميراث فلا بأس، وإن كان هناك ورثة آخرون فلا يجوز أن يتصدق بشيء من الميراث إلا بإذنهم، أو بعد قسمة الميراث، وتميز الحصص فلكل وارث أن يتصرف في حصته.
وأما معنى الحديث الوارد في السؤال فقد سبق بيان ذلك في جواب سابق برقم:
3960 فليرجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(14/2431)
توفيت عن ثلاثة أبناء وبنت
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة إخوة وبنت توفيت أمنا وتركت لنا منزلاً بيع مؤخرا بثمن 150000 دج فكيف تكون القسمة وما هو المبلغ لكل منا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت أمكم لم تخلف من الورثة إلا أنتم، فتركتها توزع بينكم، للذكر مثل حظ الأنثيين، فتكون المسألة من خمسة أسهم لكل ولد منكم سهمان وللبنت سهم واحد، وبالتحديد فلكل واحد من الولدين من المبلغ المذكور ستون ألفاً، وللبنت ثلاثون ألفاً.
هذا كله إذا لم يوجد لأمكم أبوان أو أحدهما أو زوج أو أولاد ولو من غير أبيكم، أما إذا وجد معكم هؤلاء الورثة أو أحدهم، فإن القسمة ستتغير.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(14/2432)
نصيب البنت المتوفاة من تركة أبيها يدفع لورثتها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وله مال وترك ذكورا وإناثاً من صلبه ثم توفيت إحدى البنات قبل توزيع التركة ولها أربعة أولاد ولدان وبنتان.
هل يرث هؤلاء والدتهم بعد وفاتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء:7]
وهذا الرجل الذي توفي وله مال وترك ورثة بنين وبنات فقد وجب لكل واحد منهم نصيبه من التركة للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا توفي أحدهم قبل قسم التركة فلا يسقط ذلك نصيبه، فإذا قسمت التركة أخرج منها نصيبه ودفع لورثته.
وعلى هذا فإن نصيب البنت من تركة أبيها يجب دفعه لورثتها وهو أولادها وبناتها، فهم ورثتها الشرعيون الذين يستحقون جميع ممتلكاتها إذا لم يكن معهم صاحب فرض مثل زوج أو الأبوين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(14/2433)
مات عن زوجتين وولد وبنت وإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي ولديه زوجتان واحدة لم تنجب والثانية أنجبت بنتا ثم ولدا وهما رضع وله تركة وأبواه متوفيان ولديه إخوة، ماحكم الزوجة التي لم تنجب ومن الأولى بالوصاية على الأولاد وتركتهم والميراث والزوجة الأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالميراث يقسم كالآتي: للزوجتين الثمن يقتسمانه بينهما بالسوية لوجود الفرع الوارث وهو هنا الولد والبنت، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] .
وباقي المال للولد والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين. ولا شيء لأبويه لأنهما متوفيان وكذا لا شيء لإخوته لأنهم محجوبون بالابن.
وأما الأولى بالوصاية على التركة والأولاد فهو الرجل الثقة الأمين.. وتحديد ذلك إلى القاضي. وأما الزوجتان فقد انقطعت علاقة الرجل عليهما بموته، فهما مسؤولتان عن نفسيهما ومن أرادت منهما أن تتزوج فليزوجها وليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(14/2434)
شروط وراثة الأحفاد من جدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات رجل له أولاد هل يستحقون من تركة جدهم لأبيهم حصة أبيهم الميت؟ أم أنهم لا يرثون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا مات الشخص قبل أبيه فقد انقطع إرثه منه لأن من شروط الإرث المتفق عليها حياة الوارث بعد موت مورثه، وما دام الأمر كذلك فإن أبناء الابن لا يرثون من جدهم نصيب أبيهم المتوفى قبل أبيه لأنه لا نصيب له -كما قدمنا- إلا أنه ينظر: فإن كان جدهم مات وخلف أولاداً إناثاً فقط، فإنه يعطى أصحاب الفروض فروضهم وما بقي فهو لهم لأنهم أقرب الذكور للميت، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
1897
والفتوى رقم: 5156.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(14/2435)
توفي عن زوجة وأخت لأب وأبناء وبنات أخ
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وليس له أبناء، وتوفي أخوه من قبله وترك ثلاثة أبناء ذكوراً وبنتاً، وله أخت، ولكن أخته من الأب فقط وليس الأم، وزوجته حية. فما حكم الميراث لكل منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً [النساء:7] .
وهذا الرجل الذي توفي وترك: زوجته، وأخته لأب، وأبناء أخيه الثلاثة وأختهم.
فتركته تقسم على النحو التالي:
الزوجة لها الربع لعدم وجود الفرع الوارث، قال تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ [النساء:12] .، وللأخت لأب النصف لانفرادها وعدم وجود الشقيقة والفرع والأصل الوارث ... لقوله تعالى: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك [النساء:176] .
وما بقي بعد الربع (نصيب الزوجة) والنصف (نصيب الأخت) فهو لأبناء الأخ دون أختهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر. رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(14/2436)
كل من أدلى إلى الميت بأنثى لا يرث إلا بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي في وجود جدي لأمي هل يكون لي ولأخي نصيب في إرث جدي بعد وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن كل من أدلى إلى الميت بأنثى لا يرث، وبما أن علاقتك أنت وأخيك بجدك عن طريق أمكما، فإنه لا نصيب لكما في تركته.
إلا إذا لم يوجد صاحب فرض، ولا صاحب تعصيب، أو كان الوارث له هو الزوجة أو الزوجات فقط، فإنكما ترثان منه حينئذ ميراث ذوي الأرحام، لأن الزوجين لا يرد عليهما ما نقص من سهام الوارثين، لقوله تعالى: (وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) [لأنفال:75] .
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً، وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لابد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(14/2437)
توفي عن زوجة وثلاثة أولاد ذكور وبنت
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وله زوجة وثلاثة أولاد ذكور وبنت واحدة. فما حكم الميراث المتروك لهم؟.وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر السائل فإن التركة تقسم كالآتي:
للزوجة الثمن، لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12] .
والباقي للأبناء والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن [النساء:11] .
فيقسم الباقي إلى سبعة أسهم فيأخذ كل ولد سهمينن وتأخذ البنت سهما واحداً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(14/2438)
زينة المرأة من الذهب هل يدخل ضمن الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفيت والدتي ولها بنتان وولد وزوجها وتركت لنا ذهبها الذي كانت تتزين به وكله كان من مال الزوج وهناك من قال في العائلة إن الذهب يكون للبنتين فقط، فهل يدخل هذا الذهب في الميراث الشرعي، ويكون للأخ والأب نصيب منه؟ أفيدونا أفادكم الله، فنحن نخشى الإثم في أخذه وحدنا نحن البنتين؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العرف إذا جرى بأن هذا الذهب يعطى للزوجة هبة لها، وكانت الزوجة قد قبلت هذه الهبة في حياتها وحازت الذهب، وهذا هو الظاهر، فإنه يصبح ملكاً لها.
وكذا إذا كان قد أعطاه الزوج لها صداقاً، ففي هاتين الحالتين يدخل في الميراث فيقسم بين الورثة على النحو التالي:
للزوج الربع، وللأولاد الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما إذا ادعى الزوج أنه له، وكان العرف جارياً بمثل ذلك أرى بأن الذهب يكون عارية عند الزوجة تتزين به لزوجها، وأنه ملك للزوج -أقول- إذا كان العرف جارياً بذلك، فإنه يكون للزوج، فلا يدخل في الميراث الشرعي.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(14/2439)
يعطى القاصر من الميراث قبل التصرف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الإخوة والأخوات ووالدنا شيخ كبير وتوفيت والدتنا منذ خمس سنوات، وكان يعيش في بيت واحد منا ولا نطلب منه دفع أي مبلغ من المال وكنا نعطيه بعض المال لكي يكون معه رصيد ليشتري منه ما يشاء في طريق ذهابه أو عودته من المسجد وقد توفاه الله منذ أيام –نسأل الله له الرحمة والغفران وأن يرحمه ووالدتنا كما ربيانا منذ الصغر- ونحن نتمنى من الله أن يوفقنا لبره في مماته كما في حياته وقد ترك خلفه مبلغاً من المال الذي كنا نعطيه له وقد اقترح بعضنا أن نستعمل هذا المبلغ في دفع نفقات العزاء والدفن وإذا تبقى شيء نقتسمه حسب الشرع للذكر مثل حظ الأنثيين ولكن أحد الإخوة قال إن هذا التصرف قد نرتكب فيه إثماً لما ما قد ينتج عنه حرمان أخواتنا من المال أو ربما خفض حصصهن بشكل ملحوظ لصغر كمية المال.
أفتونا في هذا الأمر جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المال الذي تركه أبوكم يعتبر ميراثاً فهو حق للورثة، لا يجوز التصرف فيه بشيء قبل قسمته إلا بموافقة جميع الورثة، فإذا لم يوافقوا على ذلك جميعاً، أو كان من بينهم قاصر فلا بد من إعطائه حقه في الميراث كاملاً قبل أن يتصرف فيه بشيء، لما روى أبو داود عن حنيفة الرقاشى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه" إسناده صحيح.
وقولك في السؤال: (نفقات العزاء) إذا كان المقصود بها الاجتماع بعد الدفن، وصنع الطعام، وهو ما يسمى بالمأتم، فقد نهى عنه الصحابة رضي الله عنهم، وعدوه من النياحة.
ففي سنن ابن ماجه عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة.
ونقل صاحب عون المعبود عن ابن الهمام أنه قال في فتح القدير: ويكره اتخاذ الضيافة من أهل الميت، لأنه شُرع في السرور لا في الشرور، وهي بدعة مستقبحة.
وأما بِرُّكم له بعد مماته، فلا شك أنه حسن، ويكون بالدعاء له، وإكرام أصدقائه والاستغفار له، وصلة الرحم التي لا توصل إلا به، وإن تصدقتم عنه فحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(14/2440)
الحكم حسب حالة الوالد: حياة أو موتا
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة إخوة اشترينا أرضاً وكنت عندها صغيراً وشارك والدي بمبلغ من المال والباقي من البنك ومن رواتبهم الشاهد في الأمر حرموني من العمارة بعد أن شيدت وصارت تسام بأكثر من ثمانمائة ألف فهل لي نصيب معهم أم لا؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا مات والدكم وترك نصيباً له في هذا العقار، فإن ما تركه يكون ميراثاً لك فيه نصيبك، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11] .
وإن كان والدكم حياً، فلا حظ لك حينئذ في هذا العقار، لأنك لم تساهم فيه بشيء، إلا إذا وهب لك والدك حصته من العمارة هبة صحيحة، أو رضي هو وإخوانك بأن تكون شريكاً لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(14/2441)
مهر الزوجة المتوفاة تنتقل ملكيته للورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة الزوجة هل يجوز استعمال مهرها (حلي من ذهب) كمهر للزوجة المقبلة؟
ملاحظة: أعلمكم بأن لي أولاد منها.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مهر الزوجة ملك لها، فإذا ماتت انتقل ملكه إلى الورثة والزوج من جملة الورثة، فإذا كانت للزوجة المتوفاة أولاد، فللزوج ربع ما تركته من ميراث والباقي للورثة.
وعليه، فليس له الحق في أن يأخذ جميع المهر إلا إذا أعطاه الورثة حصصهم فيهم، وكانوا بالغين راشداء، أو قسمت التركة، وكان نصيبه منها المهر، فإذا حصل شيء من ذلك جاز له بعد ذلك أن يدفعه مهراً لامرأة أخرى، لأنه أصبح من جملة أملاكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(14/2442)
ماتت أمه قبل أبيها ثم مات جده فهل يرث
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمي قبل أبيها ثم مات أبوها فهل إرث حصتها من ميراث أبيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر بهذه الصورة التي ذكرت في السؤال فلا حق لك في الميراث، لأن أمك ماتت في حياة أبيها فليس لها الحق في ماله، وأنت لا ترث جدك من أمك، وقد كان ينبغي لجدكم أن يوصي بشيء لكم، فإن لم يوص لكم، فيندب للورثة أن يدفعوا لكم شيئاً، وراجعوا الفتوى رقم: 3767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(14/2443)
مذاهب العلماء بشأن تركة من مات ولا وارث له
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بالإفادة عن حكم "ما يؤخذ من مواريث من يموت ولا يخلف وارثا أى إذا لم يوجد ورثة له، ولا موصى له في حدود الثلث وذلك بذكر أقوال الأئمة الفقهاء في هذا الموضوع وهم كالآتي 1- الحنفية 2- الشافعية 3- المالكية 4- الحنابلة 5- الزيدية 6- الإمامية 7- الظاهرية مع ذكر نصوصهم الفقهية التي تدل على الحكم المنسوب إليهم0 مع ذكر المراجع0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في من مات وليس له وارث، فقال بعضهم: يذهب المال إلى ذوي الأرحام.، وهو مذهب الحنابلة كما في المغني لابن قدامة 7/83، والإنصاف للمرداوي 7/323، وهو كذلك مذهب الحنفية كما في حاشية ابن عابدين 5/504، وشرح الكنز للزيلعي 6/242، وهو كذلك مذهب الزيدية كما في البحر الزخَّار 6/352، وهو كذلك مذهب الإمامية كما في شرائع الإسلام 4/26، والروضة البهية 8/ باب ميراث الأعمام والأخوال وباب التعصيب.
وقال آخرون: بل يذهب إلى بيت المال، وليس لذوي الأرحام شيء. وهو مذهب الشافعية كما في نهاية المحتاج 6/11، والمهذب 2/32، وهو كذلك مذهب المالكية كما في الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4/16، وهو كذلك مذهب الظاهرية كما في المحلَّى لابن حزم 8/348.
إلا أن متأخري الشافعية والمالكية قالوا: إذا لم ينتظم بيت المال فإن التركة تعطى لذوي الأرحام. كما في المصادر المشار إليها في المذهبين آنفًا.
والراجح في ذلك -والله أعلم- أن ذوي الأرحام مقدمون على بيت المال، لقوله تعالى: وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [الأنفال:75] . وقوله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ [النساء:7] . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: الخال وارث من لا وارث له. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه
والخلاف إنما هو إذا تعارض بيت المال وذوي الأرحام، أما إذا لم يكن هناك ذوو أرحام فلا خلاف في أن التركة تذهب لبيت المال إن كان منتظمًا، فإن لم ينتظم فتذهب إلى مصالح المسلمين العامة..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(14/2444)
تعطى كل التركة في هذه المسألة لابن الأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي ولم ينجب أطفالاً وزوجته متوفاة وليس عنده إخوة أحياء وله ابن أخ وله ثلاثة أبناء أخت ذكور وبنت أحياء السؤال كيف تقسم التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكره السائل فإن تركة هذا الرجل تعطى كلها لابن الأخ، وليس لأبناء الأخت شيء لأنهم ليسوا من الورثة، ويدل على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: آلحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر.
وليس في مسألتنا أحد من أصحاب الفروض فتعطى كل التركة لابن الأخ لأنه عاصب، والعاصب إذا انفرد فإنه يأخذ جميع المال.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(14/2445)
مات موصيا عن زوجة وبنتين و 3 أخوات وأولاد أخ
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي ولديه زوجة وبنتان وبنت أخيه متبناة كما أن لديه ثلاث أخوات أحياء ولديه عدد من أولاد أخ متوفى قبله أرجو التكرم بإفادتي عن كيفية توزيع تركته؟ علما بأنه أوصى لابنة أخيه المتبناه بثلث ماله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأول ما يفعل هنا هو إخراج ثلث المال الموصى به للبنت، ثم يقسم ما بقي بعد ذلك على الورثة، ونصيب الزوجة منه في هذه المسألة الثمن لوجود الفرع الوارث، لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم) [النساء:12] .
ونصيب البنتين الثلثان قياساً على الأختين في قوله تعالى: (فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَك) . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالثلثين لابنتي سعد بن الربيع رضي الله عنه رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن جابر رضي الله عنه.
والأخوات الثلاث يرثن باقي المال لأنهن عصبة مع الغير بوجود البنتين.
أما أولاد الأخ فلا نصيب لهم في الميراث لوجود الفرع الوارث.
وننبه في نهاية هذا الجواب إلى أن الإسلام قد حرّم التبني بقول الله سبحانه وتعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزاب:40] .
وقال سبحانه: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ) [الأحزاب: 5] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(14/2446)
توفي عن مطلقة وزوجتين وابن وبنت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال في المواريث:
توفي رجل وله ثلاث زوجات: الأولى مطلقة ولها ابن من هذا الرجل. الثانية ليست مطلقة وليس لها أولاد من هذا الرجل. الثالثة ليست مطلقة ولها بنت من هذا الرجل. وترك هذا الرجل ميرات من أراض وعقارات ونقود بالبنوك. فكيف يتم تقسيم الميراث حسب الشريعة الإسلامية؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تركه هذا الرجل يقسم على النحو التالي -بعد إخراج الدين منه إن كان ثمت دين، والوصية إن كان أوصى-
الثمن للزوجتين اللتين مات عنهما وهما في عصمته، والمطلقة المذكورة إن كانت مطلقة رجعياً ولم تخرج من عدتها بعدُ فإنها مع الأخريين في الثمن، لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] .
وأما إن كانت غير رجعية أو رجعية وخرجت من العدة في حياته فإنها لا ترث، والباقي من التركة للابن والبنت، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(14/2447)
مات عن زوجتين و14 ولدا و12 بنتا
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك 95000 كيف تقسم على زوجتين و12بنت و14ولد مع عقارات تساوي 173000؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمبلغ الإجمالي للمال هو مائتان وثمانية وستون ألفاً، وتقسيمه على الورثة المذكورين في السؤال على النحو التالي:
الزوجتان نصيبهما الثمن وقدره ثلاثة وثلاثون ألفا وخمسمائة، تقتسمانه فيما بينهما لكل واحدة ستة عشر ألفاً وسبعمائة وخمسون، لقوله: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12] .
أما الباقي وقدره مائتان وأربعة وثلاثون ألفا وخمسمائة، فيقسم على أبناء وبنات الميت للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] .
ولو قسم النقود على حدة ثم قسمت العقارات بقيمتها على حدة فلا حرج أيضاً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(14/2448)
ماتت عن ثلاث شقيقات وأخت لأم وإخوة وأخوات لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[الفتاة غير المتزوجة ما حصة أخواتها الثلاث الشقيقات والأخت من الأم والإخوة الخمسة والأخوات السبعة من الأب من ميراثها وجازاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود أن المتوفاة لها ثلاث شقيقات وأخت واحدة من أمها وإخوة وأخوات من أبيها فإن تركتها توزع على النحو التالي:
نصيب الأخوات الشقيقات الثلثان لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَك [النساء:176] . والأخت للأم لها السدس لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:12] .
والسدس الباقي للإخوة والأخوات للأب للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: َوَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن [النساء:176] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(14/2449)
توفي عن زوجة وبنت أخ وابن ابن أخ
[السُّؤَالُ]
ـ[هلك هالك وترك زوجة وبنت أخ وابن ابن أخ فما نصيب كل منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نصيب كل واحد من الورثة المذكورين:
- الزوجة لها الربع مما ترك زوجها، لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) [النساء: 12] .
- والباقي يأخذه ابن ابن الأخ تعصيباً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها مما بقي، فهو لأولى رجل ذكر". متفق عليه.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(14/2450)
الراتب ... هل يوزع كميراث..أم كما تحدده الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وكيل لورثة في استلام راتب ومقداره 1500 ريال سعودي والورثة أم المتوفى وزوجة المتوفى وابن المتوفى الصغير فما نصيب كل واحد منهم؟ ولقد كنت أقسمه بينهم بالتساوي في السنوات الماضية فهل علي شيء؟
أرجو الرد وجزاكم الله الف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الراتب إما أن يكون هبة من الدولة لورثة المتوفى، وإما أن يكون جزءاً من راتب المتوفى كأن يخصم منه كل شهر وهو ما يُسمى بالمعاش، وحكم تقسيمه في الحالة الأولى أنه يُرجع فيه إلى ما تحدده الدولة لأنه ليس ميراثاً، فلا تنطبق عليه أحكام الميراث، بل يوزع على من تحددهم الدولة بالأنصبة التي تراها الدولة.
أما في الحالة الثانية، فإنه يقسم على الورثة قسمة الميراث الشرعي، لأن المال كان ملكاً للمتوفى، ويكون نصيب كل واحد من الذكور على النحو التالي:
للأم سدس الراتب لوجود الفرع الوارث وهو الولد، والسدس هنا: مائتان وخمسون ريالاً سعودياً.
وللزوجة ثمن الراتب لوجود الفرع الوارث وهو الولد، والثمن هنا: مائة وسبعة وثمانون ريالاً وخمسون هللة.
وللولد الباقي وهو 1062 ريالا وخمسون هللة.
ويجب عليك الآن أن ترد إلى الابن الأموال التي أعطيتها للأم والزوجة عن طريق الجهل، وترجع عليهم بما أعطيته، لأنك فرطت في سؤال أهل العلم قبل قسمة المال، وهذا التفريط يؤدي إلى تضمينك هذا المال حتى يُرد إلى أصحابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(14/2451)
ميراث الأطفال القصر لا يجوز أخذ شيء منه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بعد التحية أما بعد:
أنا مواطنة من ليبيا وقبل أقل من سنة توفي والدي رحمه الله وقبل مماته كان قد نوى الذهاب إلى السعودية هو ووالدتي لأدء العمرة والآن بعد مماته أصبحت أمي فى حالة غير جيدة وقد قررَنا أنا وأخوتي أن تدهب إلى السعودية، وكان أبي يحتفظ بمبلغ من المال في المصرف فقلنا لها أن تذهب به ولكنها ترفض ذلك لأنناعندنا الأطفال قصر وهي تقول إنها لا تريد الذهاب بمال الأيتام ونحن احترنا في ذلك مع العلم بأن إخوتي ليس لهم القدرة على رفعها إلى السعوية فأريد أن أسأل هل يجوز أن تذهب بمال والدي أولا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما تركه والدك من مال أو متاع، هو تركة يجب تقسيمها على مستحقيها ومنهم إخوتك القصر.
ونصيب الأم من التركة الثمن إذا لم يكن للمتوفى زوجة أخرى، فإن وفى نصيبها بتكاليف العمرة فالحمد لله، وإن تبرع لها أحدكم بشيء من نصيبه فحسن بشرط أن يكون المتبرع بالغاً رشيداً، ولا يجوز أخذ شيء من نصيب الأطفال القصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(14/2452)
توفي عن أخ وأخوات أشقاء ... وآخر مات عن أخت وأبناء عم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تقسم تركة الرجل الذي لا زوج له ولا ولد ولا بنت ولا أب ولا أم وله أخ وأخوات أشقاء وكيف تقسم تركة نفس هذا الرجل لو كانت له أخت واحدة شقيقة وله أبناء عم؟
جازاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتقسم تركة هذا الميت على إخوته الأشقاء للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النساء:176] .
والشاهد من الآية قوله: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وهذه الآية نزلت في الإخوة الأشقاء والإخوة لأب بإجماع أهل العلم.
وأما الإخوة لأم فلهم حكم آخر ذكره الله تعالى بقوله: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) [النساء:12] . وأجمع أهل العلم على أن هذه الآية نزلت في الإخوة لأم.
وأما إذا كان لهذا المتوفى أخت واحدة شقيقة وأبناء عم، فإن لأخته النصف، والباقي لأبناء عمه عصبة، لقول الله تعالى في الآية السابقة: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ) وما زاد على هذا الفرض فللعصبة، وهم أبناء عمه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر" متفق عليه.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1423(14/2453)
معك حقك الذي يخصك
[السُّؤَالُ]
ـ[في فقه المواريث، في قصة المرأة التي سألت الشيخ قائلة: توفي والدي وترك 600 درهما ولي 12 أخا ولم يعطوني إلا درهما واحدا. وافق الشيخ على ذلك وأعطى المرأة بيانا لذلك. فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسألة المشار عليها في السؤال ليست صحيحة بحال من الأحوال إذا كان الورثة هم من ذكر في السؤال فإن أقل ما يمكن أن تعطاه البنت مع إخوتها هو أربعة وعشرون درهماً.
ولعل السائل أراد مسألة أخرى وقعت لعلي بن أبي طالب: فقد جاءته امرأة فقالت: مات أخي وترك ستمائة دينار، فلم أعط منها إلا ديناراً واحداً.
فقال لها: لعل أخاك ترك زوجة وبنتين وأماً واثني عشر أخا وأنت.
فقالت: نعم.
فقال: معك حقك الذي يخصك.
وهذه مسألة صحيحة وقسمتها على ما قضى أمير المؤمنين علي-رضي الله عنه- وبيان ذلك أن للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث وهو البنتان والثمن هنا 75.
ولكل واحدة من البنتين الثلث وهو هنا 200 فالمجموع 400 - وللأم السدس وهو هنا 100.
والباقي 25 توزع على اثني عشر أخا ذكرا وأخت واحدة، وللذكر مثل حظ الأنثيين فيأخذ الإخوة 24 لكل واحد منهم ديناران وللأخت دينار واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(14/2454)
حالات موت متوارثين بحادث وحكم كل حالة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وزوجة وأبناؤه في حادث مروري في وقت واحد وترك كل منهما ورثة شرعيين
الزوج ترك أخوين والزوجة لها أم وأخ وثلاث بنات أخوات لها وقد قام الزوج بتأجير شقة قام هو بتأسيسها بالكامل دون اشتراك الزوجة كما هو معتاد فمن يرث محتويات الشقة بالرغم من تسديد إخوة الزوج لإيجار الشقة بعد وفاة أخيهم ولمدة عامين كاملين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا مات متوارثان فأكثر بهدم أو غرق أو حرق أو طاعون أو حادث سيارة أو طائرة، أو نحو ذلك فلهما خمس حالات:
الأولى: أن يتأخر موت أحد المتوارثين، ولو بلحظة، فيرث المتأخر المتقدم إجماعاً.
الثانية: أن يتحقق موتهما معاً، فلا إرث بينهما إجماعاً.
الثالثة: أن يُجهل الحال، فلا يُعلم أماتا معاً أم سبق أحدهما الآخر؟
الرابعة: أن يُعلم سبق أحدهم الآخر لا بعينه.
الخامسة: أن يُعلم السابق بالموت، ثم يُنسى.
وقد حصل الإجماع -كما ذكرنا- في الحالتين الأوليين، والنزاع حاصل في الحالات الثلاثة الأخيرة:-
فمذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية وهو الراجح أنه لا يرث أحد الأموات من الآخر، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وجده المجد -رحمهما الله- قال النووي في المنهاج: ولو مات متوارثان بغرق أو هدم أو في غربة معاً أو جُهل أسبقهما، لم يتوارثا، ومالُ كل لباقي ورثته. انتهى
وقال صاحب تنوير الأبصار -وهو حنفي-: لا توارث بين الغرقى والحرقى، إلا إذا عُلم ترتيب الموتى، ويُقسم مالُ كل منهم على ورثته الأحياء. انتهى
وبهذا قال جماعة من الصحابة، منهم أبو بكر الصديق وزيد بن ثابت وابن عباس كما نقله ابن قدامة في المغني.
ووجه هذ القول: أن من شروط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، وهذا الشرط ليس بمتحقق هنا، بل هو مشكوك فيه، ولا توريث مع الشك في السبب، ولأن حال الغرقى والحرقى ومن ماتوا في الهدم مجهول بالنسبة لنا، والقاعدة أن "المجهول كالمعدوم ما دام مجهولاً" لأن توريث بعضهم من بعض يلزم منه التناقض، إذ مقتضى كون أحدهما وارثاً، أنه متأخر، ومقتضى كونه موروثاً، أنه متقدم فيكون كل واحدٍ منهم متقدماً متأخراً، وهذا عين التناقض.
وقد لخص الرحبي -رحمه الله- هذا القول في منظومته في الفرائض فقال:
وإن يمت قوم بهدم أو غرق ... أو حادث عم الجميع كالحرق
ولم يكن يُعلم حال السابق ... فلا تورث زاهقاً من زاهق
وعُدَّهم كأنهم أجانب ... ... ... فهكذا القول السديد الصائب
وبناءً على هذا، فإن كل ميت في المسألة المذكورة يُعد أجنبياً عن الأخر، ويكون مال كل واحدٍ منهم لورثته الأحياء دون من مات معه في الحادث.
فيكون للأخوين ما ترك أخوهما (الزوج) بالتساوي كما ورد في آية الكلالة: َوَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 176] . والإخوة هنا ذكور فيكون نصيب كل واحدٍ منهما كالآخر.
وأما الزوجة، فإن ما تركته يوزع على أمها وأخيها وأخواتها الثلاث، للأم السدس لوجود عدد من الإخوة الذكور والإناث، وللأخ وأخواته الثلاث الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين، وقد انتهينا بذلك من بيان أهل الاستحقاق مع ذكر أنصبائهم وبقي أن نبين، أي الورثة أحق بمحتويات هذه الشقة؟ فنقول: إن كلاً من ورثة الزوج والزوجة، يقوم مقام مورثه في ادعاء هذا المتاع. وبهذا قال جمهور العلماء من الحنفية والحنابلة والشافعية وغيرهم.
وحيث قامت البينة على أن الزوج هو الذي قام بتأثيث الشقة دون اشتراك الزوجة معه أو شهد العرف بذلك ولم يعترض ورثة الزوجة، فالأثاث من حق ورثة الزوج. أما إذا اعترض ورثة الزوجة، ولم توجد لورثة الزوج بينة ولم يشهد لهم العرف بذلك، فكل ما يصلح للرجال يكون لورثة الزوج بيمينهم، وكل ما يصلح للنساء يكون لورثة الزوجة بيمينهم، عند الحنفية والمالكية، وبدون يمين عند الشافعية والحنابلة، وما يصلح لهما معاً فهو بين ورثتهما بالسوية. وهذا مذهب الشافعية. قال في تبيين الحقائق للزيلعي: اتفقوا أن ما يصلح لأحدهما فهو لمن يصلح له في الحياة والموت، حتى تقوم ورثته مقامه. انتهى
وقال خليل في مختصره: وفي متاع البيت فللمرأة المعتاد للنساء فقط بيمين، وإلا فله بيمين. انتهى
وقال في كشاف القناع ما نختصره: وإن تنازع زوجان أو ورثتهما أو أحدهما وورثة الآخر، في قماش البيت ونحوه، أوبعضه، فما يصلح للرجال كالعمامة والسيف فللرجل، وما يصلح للنساء كحليهن وثيابهن فللمرأة. انتهى
ولم يذكر السائل أن للبنات اللاتي متن معه في الحادث مالاً فلذلك لم نشر إلى ذلك.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(14/2455)
توفي عن زوجة وأخ شقيق وأولاد ذكور لأخت شقيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل عن زوجة وأخ شقيق وأولاد أخت شقيقة "ذكور"
رجاء الافادة بتوزيع التركة
مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
*الزوجة 41 (الربع) .
*أخ شقيق الباقي تعصيباً.
*أولاد الأخت الشقيقة "ذكور" ليس لهم شيء.
والأفضل للسائل مراجعة المحكمة الشرعية التابع لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(14/2456)
هدايا الزوج لزوجته بعد وفاتها هل تدخل ضمن الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج رجل من امرأة من مدة تقدر بـ 37 سنة وكان قدر المهر 4000 ريال سعودي وأحضرت الزوجة معها بعض الذهب الذي تلبسه للزينة بمبلغ ما يقارب 3000 ريال سعودي وبعد مدة من زواجها حصلت مناسبة لتغيير هذا الذهب وكان لا يكفي لشراء الذهب الجديد وزيد عليه مبلغ من المال وقد استمرت هذه الطريقة حتى وصل ما عند المرأة من الذهب ما يقدر بمبلغ 20000 ريال وزوجها يدفع الفرق وقد توفيت هذه المرأة يرحمها الله وتركت من الأبناء تسعة أفراد (خمسة أولاد وأربع بنات) ووالدها على قيد الحياة فإذا كان هذا الذهب لا يخص زوجها لأنه كان يدفع الزيادة في الاستبدال إلى أن وصل إلى هذا المبلغ فهل يكون من أملاك هذه المرأة وإذا كان كذلك فما نصيب والدها وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى، ولا يطلب من غيره إلا ما استحقه، فقد حذر الله تعالى من أكل أموال الناس بغير حق، فقال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188] وقال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين يستحق بها مالاً وهو فاجرٍ لقي الله وهو عليه غضبان. فأنزل الله تصديق ذلك: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:77] . رواه البخاري.
فعلى الطرفين السائلين عن هذا المال أن يتقيا الله، فإن الصبر على قلة المال في الدنيا أهون من الصبر على عذاب الله في الآخرة.
والظاهر في هذه المسألة -والله أعلم- أن هذا الذهب من حق ورثة الزوجة، وليس لزوجها منه شيء، سواء سمَّاه هدية أم لم يسمه عند إعطائها إياه، لأن الأصل أنه أعطاه لها على سبيل التمليك، إذ ليس بين الرجل وزوجته ثواب على الهدايا والهبات، إلا إذا شهد له العرف أو قامت بينه على أنه أعطاها ذلك نظير مقابل أو ثواب، فإن الذهب في هذه الحالة يكون من حقه إن ثبت أنها لم تثبه عليه، قال ميَّارة -مالكي- في شرحه على تحفة الحكام:-: وفي الوثائق المجموعة: فإن لم يُسم هدية ولا أعلن بها، وادّعى أنه أرسل لها ثياباً ليُكافأ عليها، فإنه يُنظر إلى حال أهل البلد، فإن كان المتعارف عندهم أن الرجال إنما يُهدون إلى نسائهم ليكافئوا على ذلك، كان القول قوله، فإن لم تكن في البلد سيرة بالمكافأة، ولا رُئي من الزوج أنَّ ذلك كان منه على طلب المكافأة، ولا ذكر وجها غير طلب المكافأة ولم يُر في وقت الهدية ما يدل على إرادته التي ذكر لم يكن له فيها قيام إن شاء الله تعالى. انتهى.
هذا إذا كان الزوج حياً، أما إذا كان ميتاً هو الآخر، فإن ورثته يقومون مقامه في الاستحقاق وعدمه.
فإذا ثبت بناءً على ما ذكرناه سابقاً -أن هذاالذهب من حق ورثة الزوجة، وكان الزوج موجوداً، فهو أحد الوارثين فيكون نصيبه الربع لوجود الفرع الوارث، وهو ما يساوي 4999 ريالاً سعودياً، وثمان هللات، وللأب السدس لوجود الفرع الوارث وهو مايساوي 3333 وهللتان، والباقي للأولاد يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. أما إذا كان الزوج غير موجود، فيكون للأب نفس المبلغ السابق، ويُقسم الباقي على الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2457)
نصيب من يورث كلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي صديق توفي هو قطيع أي لم ينجب أطفالاً ويملك شقة وسيارة
من الذي يرثه؟
علما بأن إخوانه من الأب هم الذين ساعدوه بشراء بعض ما يملك وهم الذين قاموا بالواجب عندما توفي جميع التكاليف على حسابهم الخاص.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من السؤال أن هذا الرجل توفي عن إخوته لأبيه وليس فيهم من هو شقيق له وأنه لم يترك والداً ولا ولداً، فهو إذن ممن يورث كلالة.
وبناءً على ذلك، فما تركه يقسم بين إخوته بالتساوي.
وميراث الكلالة قد بينه الله تعالى بقوله: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (النساء:176) .
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(14/2458)
تركة من توفي عن زوجة وخمس بنات وأخ وأخت، ثم توفيت إحدى البنات
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل رزق خمس بنات وله أخ واحد وأخت واحدة وزوجة واحدة أم للبنات الخمسة.
ما نصيب الخمسة بنات والأم وهل الأخت لها شيء مع الأخ؟ بعد سنة من وفاته توفيت بنت من الخمسة بعده بسنة من وفاة والدها فمن يرث البنت بعد وفاتها؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نصيب البنات من تركة أبيهن الثلثان، لقول الله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) [النساء:11] .
ونصيب الزوجة من زوجها هنا الثمن لوجود الفرع الوارث، قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ... ) [النساء:12] .
والأخ عصبة بنفسه ولا يوجد من يحجبه ممن هو أقرب منه.
أما الأخت فإنها عصبة بأخيها لعدم عاصب أقرب منهما، ونصيبهما ما بقي بعد أصحاب الفروض يقتسمانه للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألحِقُوا الفرائض بأهلها فما بقي فِلأوْلى رجل ذكر".
وهذا إذا كان الأخ والأخت شقيقين أو لأب.
أما مَن يرث البنت التي توفيت بعد وفاة أبيها: فأمها وشقيقاتها وعمها.
فللأم السدس، لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) [النساء:11] .
ولشقيقاتها الثلثان، لقول تعالى: (فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ) [النساء:176] .
والباقي لعمها وحده، ولا يعصب أخته هنا لأنها عمة للميت.
والخلاصة: أن نصيب البنات من التركة الأولى (تركة أبيهم) الثلثان، ولأمهم (زوجة المتوفى) الثمن، والأخت تشترك مع الأخ فيما بقي بعدهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما الثانية (التركة الثانية) فللأخوات من تركة أختهم الثلثان أيضاً، ولأمها السدس، والباقي لعمها شقيق أبيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(14/2459)
توفي عن زوجة وابن ابن أخ وبنت أخت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وترك زوجة وبنت أخ وابن ابن أخ فما نصيب كل منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تركة هذا الميت تقسم كالتالي:-
لزوجته الربع فرضاً لعدم وجود الفرع الوارث. قال الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ [النساء:12] .
والباقي لابن ابن أخيه تعصيباً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
وأولى رجل ذكر هنا هو هذا الابن، وأما بنت أخي الميت فلا ترث لأنها ليست من أصحاب الفروض ولا من العصبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(14/2460)
توزيع تركة من توفي عن أخ وأخت وأولاد أخ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رجل توفي وترك أخاً وأختاً وأولاد أخ توفي قبله. ما حكم الميراث في هده الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تركه الميت في هذه الحالة -وعلى حسبما ذكر السائل- تقسم بين الأخ والأخت الموجودين للذكر مثل حظ الأنثيين، أي يقسم المال على ثلاثة أسهم: للأخ ثلثان، وللأخت الثلث الباقي. أما أولاد الأخ فلا يرثون مع الأخ. وهذا بعد الدين والوصية إذا كانا موجودين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(14/2461)
ميراث من توفي عن ثلاث بنات وثلاثة إخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وكان يملك 700 ألف درهم ومنزلين. وكان لدى الرجل ثلاث بنات وثلاثة إخوة. الأخ الأول كان لديه بنتان والأخوان الآخران كان لدى كل واحدٍِمنهما خمسة أولاد. فكم سيكون نصيب كل فرد من المال والبيتين؟
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقسم المال والمنزلان إلى ثلاثة، ثم يعطى للبنات الثلثان فرضاً يقتسمنه بينهن بالسوية لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ [النساء:11] .
والقسم الثالث يعطى للإخوة تعصيباً يقتسمونه بينهم بالسوية لأنهم جميعاً ذكور، ولا شيء لأولادهم، لقول النبي صلىالله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
وأولى الرجال الذكور في هذه المسألة هم إخوة الميت.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(14/2462)
مات عن أب وأم وإخوة وأخوات وأبناء وبنات، ثم مات الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[مات رجل عن أولاد وبنات وزوجة وأب وأم وإخوة ذكور وإناث، ثم مات الأب.. ماالنصيب الشرعي لكافة الورثة خاصة أولاد وبنات المتوفى الأول على حسب مذهب الإمام مالك؟ جزاكم الله خيرا وأرجو أن يرسل الرد بأسرع وقت ممكن للحاجة الماسة إلى هذا الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تركة الميت الأول الذي ترك أولاداً وبنات وزوجة وأبوين تقسم على أربعة وعشرين، للزوجة ثمنها -ثلاثة- لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] ، ولكل واحد من الأب والأم السدس -وهو أربعة- لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11] ، والباقي لأبناء وبنات الميت، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] .
أما الإخوة والأخوات فليس لهم شيء من تركة أخيهم لأنهم محجوبون بالأبناء ولأنهم أيضاً لا يرثون مع وجود الأب.
أما تركة الأب وهو الميت الثاني فإنها تقسم أيضاً على ثمانية، للزوجة ثمنها، والباقي لأولاده وبناته المباشرين، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، وليس لحفدته -أبناء وبنات الميت الأول- شيء لأنهم محجوبون بأعمامهم أولاد الميت الثاني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(14/2463)
توفي عن بنتين، وابنة ابن، وابنة ابن ابن، وابن ابن ابن
[السُّؤَالُ]
ـ[مسألة في الحجب والتعصيب: هلك هالك وترك بنتين، وابنة ابن، وابنة ابن ابن، وابن ابن ابن فما نصيب من يرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه التركة توزع على النحو التالي: ثلثاها للبنتين، لقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) [النساء:11] .
والباقي يأخذه ابن ابن الابن وبنت الابن - عمته - وبنت ابن الابن تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11] .
والولد شامل للأنثى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(14/2464)
حقيقة الميراث قبل الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف كان الميراث قبل الإسلام؟ ومن هم الورثه وكيف يوزع الميراث على كل وارث مع الاستدلال على ذالك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالله جل وعلا يقول: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً) [النساء:7] قال ابن العربي في أحكام القرآن في سبب نزولها: قال قتادة: كان أهل الجاهلية يمنعون النساء من الميراث ويخصون الرجال، حتى كان الرجل منهم إذا مات وترك ذرية ضعافاً وقرابة كباراً استبد بالمال القرابة الكبار. انتهى.
وقال ابن العربي أيضاً: (وكان هذا من الجاهلية تصرفاً بجهل عظيم، فإن الورثة الصغار الضعاف كانوا أحق بالمال من القوي، فعكسوا الحكم وأبطلوا الحكمة، فضلوا بأهوائهم، وأخطأوا في آرائهم) انتهى.
وجاء الإسلام فبين أحكام المواريث بالقسط والعدل، وحدد لكل واحد من الورثة من القرابة والأزواج والموالي مقدار نصيبه، ومتى وكيف يرثه؟
كما هو مبين في كتب الفقه في مظانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(14/2465)
نصيب البنت الوحيدة من ميراث أبيها، والسر في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا ترث البنت الوحيدة تركة والدها كما يرث الصبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبنت إذا انفردت بحيث لا يوجد معها عصبة ولا صاحب فرض فنصيبها النصف فرضاً كما أمر الله تعالى: (فإن كانت واحدة فلها النصف) [النساء:] وأما النصف المتبقي فالفقهاء لهم فيه قولان:
القول الأول للحنفية والحنابلة أنه يرد إليها سواء كان بيت المال منتظماً أم غير منتظم.
والقول الثاني: للمالكية والشافعية أنه يرد إلى بيت المال إذا كان منتظماً، ويرد إلى البنت إذا كان بيت المال غير منتظم.
وقد أفتى علماء المالكية والشافعية المتأخرون بفساد بيت المال وعدم انتظامه، وعليه؛ فإنها تأخذ الباقي رداً، فعلى كلا القولين فإن البنت إذا انفردت فلم يكن معها عاصب ولا صاحب فرض، فإنها ترث جميع مال أبيها المتوفى النصف فرضاً والباقي رداً، هذا بالنسبة لحكم البنت أما الحكمة من كونها ترث النصف ولا ترث المال كله كما يرثه الذكر فقد سبقت الإجابة عنها في الجواب رقم:
13494
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1423(14/2466)
لا يرث أولاد أخي الميت بوجود أخ له
[السُّؤَالُ]
ـ[أمرأة توفيت وتركت ميراثاً ولها زوج وأخ وأولاد أخ أباهم متوفى قبل وفاتها فهل يرث أولاد أخي المتوفى من التركة وإذا كان لهم ميراث فما هو نصيبهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاد أخي الميت لا يرثون مع وجود أخ له، بل يحجبون به، لقوله صلى الله عليه وسلم: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر " رواه مسلم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1423(14/2467)
حكم تقسيم التركة قبل الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أملك عقارا مساحته 92مترا مكونا من محل بمساحة 30مترا ومخزن بدروم مساحته 40مترا ومكتب بالدور الأرضي مساحته 30 مترا وعدد 4 شقق سكنية ولي ثلاثة أولاد وثلاثة بنات وجميعهم متزوجون يسكن منهم ثلاثة ذكور وبنت لعدد أربع شقق السكنية وذلك بعقود إيجار والمكتب والمخزن بعقد إيجار لأحد الأبناء الذكور والمحل بعقد إيجار للابن الثاني وبالتالي فهناك بنتان من بناتي لم يستفيدوا من العقار وذلك بسبب زواجهم وإقامتهم في شقق إيجار خارج العقار وأنا أريد أن أترك وصية شرعية لكيفية تقسيم هذا العقار أو يتم توزيعها في حياتي الآن خوفا من حدوث أي خلافات بين أبنائي.
أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلوب منك هو تثبيت هذه الأموال في ملكك، بحيث لا يمكن أحداً من أبنائك ادعاء ملكية شيء منها مما هو تحت يده بعد وفاتك.
ولا يحتاج منك إلى وصية في كيفية تقسيمها، بل كل وارث يأخذ نصيبه المقدر له شرعاً: إما بالفرض وإما بالتعصيب، لأن أموالك قد تزيد وقد تنقص، وقد ينعدم بعضها، وقد يفقد أحد الورثة قبل وفاتك، فتكون هذه الوصية حينئذ عديمة الفائدة.
وأما تقسيم التركة للورثة قبل وفاتك، فإن كان على سبيل الهبة فلا بأس، وإن كان على سبيل الإرث فلا يصح، لأنك لا تزال حياً والحي لا يورث، ولذا قال ابن حجرالهيتمي رحمه الله تعالى: إذا قسم - الأب - ما بيده بين أولاده، فإن كان بطريق أنه ملك كل واحد منهم شيئاً على جهة الهبة الشرعية المستوفية لشرائطها من الإيجاب والقبول والإقباض أو الإذن في القبض، وقبض كل من الأولاد الموهوب لهم ذلك، وكان ذلك في حال صحة الواهب جاز ذلك، وملك كل منهم ما بيده لا يشاركه فيه أحد من إخوته، ومن مات منهم أعطي ما كان بيده من أرض ومُغّل لورثته ... ، وإن كان ذلك بطريق أنه قسم بينهم من غير تمليك شرعي، فتلك القسمة باطلة، فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثاً لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين. ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2468)
مخالفة قسمة الميراث تعرض للعذاب المهين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-الاخوة في الشبكة الاسلامية السلام عليكم
أرجو سرعة الرد على سؤالي للأهمية فمنذ فترة توفيت جدتي وتركت مبلغا من المال لا ندري كم كان مقداره
وكان لجدتي ثلاث ورثة شرعيين فقط هم أمي وهي ابنتها الوحيدة وزوج جدتي (وهو غير جدي) وأخ شقيق واحد لجدتي
ولكن زوج جدتي قسم التركة بينه وبين أمي فقط ولم يعط شقيق جدتي لمشاكل كانت بينهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الميراث فريضة الله تعالى على عباده، ووصيته إليهم، فلا يجوز مخالفتها بحال من الأحوال، لأن الذي يفعل ذلك يُعرض نفسه لأليم عذاب الله وعقابه، كما قال في آخر آيات المواريث: (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم*ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) [النساء:14]
وبناء على ذلك فإنه يجب على الورثة وهم: الزوج والبنت والأخ الشقيق أن يعيدوا تقسيم التركة على النحو التالي: للزوج الربع لوجود الفرع الوارث، وللبنت النصف، وللأخ الشقيق الباقي عصبة، فتكون المسألة من أربعة أسهم: سهم للزوج، وسهمان للبنت، وسهم للأخ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(14/2469)
ماتت عن زوج وابن وبنت وإخوة وأخوات وأعمام
[السُّؤَالُ]
ـ[1-توفيت زوجتي ولي منها طفل وطفلة، فهل يرث أحد من أقاربها معنا، علماً بان والداها متوفيين ولها إخوة وأخوات وأعمام وعمات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللزوج في هذه الحالة الربع لوجود الفرع الوارث، وللطفل والطفلة الباقي: للذكر مثل حظ الأنثيين، وعلى هذا تقسم التركة إلى أربعة أسهم: للزوج سهم، وللبنت سهم، وللولد سهمان، ولا شيء للأعمام والعمات، والأخوال والخالات، والإخوة والأخوات، لأنهم محجوبون بالأبناء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(14/2470)
حكم وراثة متاع البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[1-توفت سيدة ولها بنتان وولدان وزوج وكان لديهم أثناء حياة الزوجة أشياء خاصة بالمنزل (مفروشات - أدوات مطبخ- ملابس-....) لم تستعمل ومستعملة فهل يجوز لأولادها أخذ هذه الأشياء بدون علم الأب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الأدوات المستعملة وغير المستعملة ملكاً لأمهم فلهم أن يأخذوا ميراثهم منها فقط، وإن كانت ملكاً للأب فلا يجوز أخذ شيء منها إلا بإذن أبيهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(14/2471)
ماتت عن زوج وأب وولدين وبنتين وأخ وأربع أخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لها أربعة من الأولاد ذكران وأنثيان ولها زوج حي وأخ و4 أخوات ووالدها حي وعندها مال عند وفاتها من يرث؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يرث من هؤلاء المذكورين هو: الزوج والوالد والولدان والبنتان، ونصيب الزوج الربع، ونصيب والدها السدس، والباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، وليس للإخوة والأخوات شيءٌ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1422(14/2472)
حكم تنازل أحد الزوجين عن ميراثه من الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أريد الزواج من امرأة من بلد آخر والظروف لا تسمح لكل منا بالإقامه مع الآخر في بلدة فهل يجوز لنا الزواج على أن يقيم كل منا في بلدة وعلى أن نلتقي كل فترة (وفي هذا عصمة لها) وإذا كنت أنا متزوجاً بأخرى فهل من الضروري العدل بينهما إذا كانت الجديدة توافق على عدم العدل (الميراث، الوقت،المصاريف، الحب وخلافه) وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتنازل أحد الزوجين عن ميراثه من الآخر قبل عقد الزواج أو أثناءه أو بعده لا يعتبر، إذ الميراث لا يستحقه أحدهما إلا بموت صاحبه، ومتى ما استحقه فله أن يتنازل عنه.
وأما تنازل المرأة عند زواجها عن بعض حقوقها مثل القسم في المبيت أو النفقة وغيرها، فيراجع في الجواب رقم:
3329
وإذا تم الزواج بشروطه فلا حرج في بقاء الزوج في بلد، وبقاء زوجته في بلد آخر، إذا أمن الفتنة عليها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(14/2473)
توفي عن زوجة وبنتين وثلاثة إخوة وثلاث أخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[1- رجل متزوج وله ابنتان ووالداه متوفيان، توفي وله أموال وضيع وله أيضا إخوة وأخوات متزوجون وعزاب 3 أشقاء و 3 شقيقات.
كيف توزع التركة بدون وصية، وإذا كان له وصية فهل يوصي لزوجته أو بناته؟
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصورة المسألة كما جاءت في سؤال الأخ الكريم هي ما يلي:
توفي رجل عن: زوجة وبنتين وثلاثة إخوة أشقاء وثلاث أخوات شقيقات. فالزوجة: لها الثمن. والبنتان: لهما الثلثان.
والإخوة مع الأخوات: لهم الباقي: للذكر مثل حظ الأنثيين.
قال تعالى: (وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين) [النساء:11] أما الوصية للبنات أو الزوجة فلا تجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فلا وصية لوارث" رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه السيوطي.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(14/2474)
حكم وراثة المكافأة من جهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي ويرث منه (الأم - الزوجة - ابن - ابنتان) واستحق له مكأفاه عبارة عن 50000 جنيه مصري تقريبا تستحق حال وفاته ولكن تم صرفها لصالح أم أبي (الجدة) والزوجة دون باقي الورثة مع العلم أن والدي لم يكن يعلم أنها ستصرف لهما فقط.
فهل يتم تقسيمها كإرث بصفة عامة أم تستحق لمن صرفت بأسمائهم؟
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ما تركه الميت - بعد سداد دينه، وتنفيذ وصيته بما لا يزيد على الثلث - حق لجميع الورثة، يقسم بينهم بحسب الفروض الشرعية.
وهذا المبلغ الذي ذكره السائل إن كان قد خصم من راتب المتوفى أثناء عمله، أو استحقه بموجب هذا العمل، فهو داخل في تركته، ويجب تقسيمه بين جميع الورثة، وليس للدولة أو جهة العمل أن تخص به بعض الورثة دون بعض.
أما إن كانت جهة العمل قد تبرعت به للجدة والزوجة، فهو لهما دون غيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(14/2475)
المرأة ترث خالها حال عدم وجود وارث
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خال عاش في ألمانيا وهو متزوج من ألمانية وليس له أولاد وزوجته غير مسلمة وعندما توفي خالي دفن في ألمانيا وهو غني جدا وحسب القوانين الألمانية فقد ورثت من خالي مبلغاً من المال لأن والدتي متوفاة وأنا أرث نصيبها حسب القوانين الألمانية سؤالي ماهو حكم هذا المال هل هو حلال أو حرام وإذا كان حراما كيف يمكنني التخلص منه حيث أنه مبلغ كبير وأود الإشارة إلى أنني لا أعرف بماذا كان يعمل خالي وما هي ظروفه حيث إن زوجته لم تسلم وهو هاجر إلى ألمانيا منذ 40 سنة تقريبا ولم يأت لزيارة بلده سوى ثلاث مرات أو أربع خلال هذه المدة؟
أرجوكم أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنت تعتبرين من ذوي الأرحام، فترثين من خالك نصيب أمك عند عدم وجود وارث بالفرض، أو التعصيب لخالك.
أما مع وجود وارث له بالفرض أو التعصيب، فلا ترثين منه شيئاً.
وعليه، فإن قدر أنه لا وارث له لا فرضاً ولا تعصيباً، فلا حرج في أن تأخذي هذا المال وتنتفعي به، لأنه حق لك، وكونك لا تدرين هل اكتسبه خالك من حلال أم من حرام؟ لا يضر، ما دام خالك مسلماً.
وأما إذا علمت أن لخالك وارثاً، فيجب عليك رد هذا المال لذلك الوارث، ولا يجوز لك أخذه والانتفاع به في شريعة الإسلام، ولا عبرة بشرائع الكفر.
وكذا لو علمت أن أموال خالك كلها من الحرام، فلا يجوز الانتفاع بهذا المال، ولكن عليك صرفه في وجوه الخير للتخلص منه، كإعطائه للفقراء والمساكين، ونحو ذلك.
وأما زوجة خالك الكافرة، فلا ترث من خالك. ولو فرض أنها مسلمة فإنها ترث منه الربع فرضاً، ولا تمنع ذوي الأرحام من الإرث، كما هو مقرر عند أهل العلم بالفرائض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(14/2476)
ماتت عن زوج وثلاثة أولاد وبنت
[السُّؤَالُ]
ـ[1- نحن 3 إخوة وأخت ووالدنا، توفيت الأم وتركت تركة كم تكون حصة كل واحد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن توفيت والدتكم في وقت لا تزال فيه زوجة لوالدكم، أو في حكم الزوجة له، بأن كانت مطلقة منه طلاقاً رجعياً ولا تزال في العدة، فللزوج: الربع، ويبقى ثلاثة أرباع تقسم بينكم للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(14/2477)
حكم وراثة ما تدفعه الدولة كمصاريف جنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-تقوم الدولة بدفع مبلغ ثلاثة أشهر كمصاريف جنازة تدفع إلى الورثة عن المتوفى، وتصرف إلى من يستحقون المعاش عن المتوفى فهل يجوز تقسيم هذا المبلغ على الورثة الذين يستحقون من هذا المبلغ جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الدولة تدفع مبلغ ثلاثة أشهر للميت مكافأة له يستحقها بسبب عمله عندها قبل موته، فهي ملكه كسائر أمواله، يجهز منها، والباقي يورث عنه، وأما إن كانت مجرد هبة وإحسان من الدولة فإنه يجب على ورثته تجهيزه من هذا المال، وما زاد فإن شرطت الدولة رد الزائد، أو جرى العرف برده فإنه يجب على الورثة رده، وإن جرى العرف بتقسيمه بين الورثة كسائر أمواله فلا حرج في ذلك، وإن أعطي للمحتاجين من ورثة الميت أو غيرهم فلا حرج أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(14/2478)
لا يجوز أخذ مال الأب دون علمه ليحسب من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سحبت من حساب والدي من البنك مبلغا من المال بدون علمه وأريد أن أرجع هذا المال إن عاجلا أو آجلا وهو لا يستطيع السير أو الذهاب إلى أي مكان وكنت في ضائقة مالية وكنت في أمس الحاجة إلى ذلك المال فهل إذ لم أستطع إرجاع ذلك المال يمكن أن أخصمه من الميراث وأعطي إخوتي ميراثهم دون أن آخذ أنا شيئا وأعتبر ما أخذته في حياته من ميراثي أم ماذا؟ أفتوني بالخير أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تسحب شيئاً من مال أبيك دون علمه، لما في ذلك من الاعتداء على حرمة ماله، وخيانته فيما استأمنك عليه.
والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن ترد المال فور استطاعتك، ولا يجوز لك تأخير السداد ليحسب من الميراث، فإنه لا يُدرى هل ترث أباك أم يرثك؟ فإن الأعمار بيد الله تعالى، ورد المظالم واجب على الفور، كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(14/2479)
لا وراثة قبل موت المورث
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يوَّرث الولد أو البنت في حال موته أو موتها قبل الوالد؟ وماهي الوصية الواجبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات قبل مورثه سقط حقه في الإرث لأن من شروط الإرث تحقق بقاء الوارث بعد المورث.
وعليه فإن هذا الولد وهذه البنت لا يرثان من والدهما إذا ماتا قبله.
وفي الجوابين مزيد بيان لهذه المسألة:
1897 3767
وأما الوصية الواجبة فقد بيناها ضمن الفتوى رقم: 12382
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(14/2480)
ماتت عن زوج وابن وثلاث بنات وأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتنا عن ذكر وثلاث بنات وقد آل لها ميراث عن والدتها بعد وفاتها فهل لأخيها (خالنا) نصيب من ميراث والدتنا وكم يبلغ نصيب والدنا الذي تزوج بعد وفاتها؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالزوج له الربع مما تركت أمكم، وباقي المال لكم للذكر مثل حظ الأنثيين، وليس لخالكم شيءٌ من التركة. هذا إذا كانت جدتكم قد ماتت قبل أمكم، كما هو ظاهر السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(14/2481)
يحجب ابن الابن بالابن
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت عن ولدين أحدهما توفي قبلها وترك ابناً وبنتاً وتركت 12 قيراطاً فكيف توزع التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لأبناء ولدها المتوفى من تركتها شيءٌ، لأنهم يحجبون بابنها الآخر، فتكون التركة كلها لولدها الذي لا يزال حياً.
قال صاحب الرحبية عن ذلك:
وهكذا ابن الابن بالابن فلا ... ... ... تبغ عن الحكم الصحيح معدلاً.
يعني: هكذا يحجب ابن الابن بالابن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(14/2482)
التعدي على ميراث الإناث معصية كبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين في من لا يعطي أخواته من الإناث من ميراث أبيهن، وعندما يطالبه لا يعطيهن شيئاً مع أنه متدين وملتح وما هو الموقف الذي يأخذونه ضده من الناحية الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إرث الإناث مفروض في كتاب الله، كما أن إرث الذكور مفروض، قال تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء:7] .
فلا يجوز لأحد أن يتعدى على حق الإناث في الإرث، ومن تعدى فهو على خطر عظيم، وقد قال تعالى بعد آيات المواريث في سورة النساء: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) [النساء:13-14] .
وأكل أموال الناس بالباطل من أعظم الآثام، فكيف إذا كان الذي يأكل ماله هو من أرحامه؟!! فقد زاد فوق ذلك إثم قطيعة الأرحام، نسأل الله العافية.
وهذا الشخص الذي يُظهر أنه ملتزم بالشعائر، وأنه متدين يجب أن يكون قدوة لغيره، وأن يكون أولى الناس بتطبيق شريعة الله على نفسه، نسأل الله له الهداية.
والموقف الذي ننصح باتخاذه معه هو: نصحه وتذكيره بالله تعالى، وذكر الآيات والأحاديث الواردة في شأن ميراث النساء، وفي تحريم أكل أموال الناس بالباطل، وقطيعة الأرحام، فإن لم يستحب فليوسطن من له عليه كلمة من المشايخ، أو من أصدقائه، فإن لم يستجب فلهن رفع أمره إلى القضاء الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2483)
كتابة وصية لمضارة بعض الورثة توجب النار
[السُّؤَالُ]
ـ[-أمتلك ثروة تكفل لأولادي المعيشة بعد وفاتي فهل من حق إخواني أن يرثوني علما بأن لي بنتاً واحدة وزوجة عملت معي في تحقيق هذه الثروة وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
نعم يحق لإخوانك أن يرثوا من تركتك بعد وفاتك -إن لم يكن لك وارث غير من ذكرت- كما أمر الله تعالى في كتابه، ونص بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، فالمال مال الله، والعباد عباد الله، والقسم قسم الله، وما علينا إلا الرضى والإذعان والتسليم لشرع الله، قال الله تعالى في سورة النساء: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) [النساء:65] ونحذر السائل الكريم والمسلمين أجمعين من التلاعب في ذلك، فإن الله تعالى لا تخفى عليه خافية، فكتابة الأموال والعقارات باسم الزوجة -مثلاً- أو شخص آخر بغرض تفويت الحقوق على من أوجب الله لهم الحق في الميراث، هذا من الاعتداء والظلم الفاحش، ودليل على سوء الخاتمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار" رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وأما بالنسبة لمشاركة زوجتك لك في تنمية أموالك، فالمشاركة إما أن تكون مشاركة عملية بدنية فتحتسب لها أجرتها على ما يقضي به العرف، ويكتب ذلك المال باسمها، وإما أن تكون مشاركة مالية عينية أو نقدية فيحسب ذلك المال ونماؤه، وينسب إلى الزوجة، وفي كل ذلك ينبغي مراعاة تقوى الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2484)
توفيت عن زوج وبنت وأب وأم وإخوة وأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: ...
امرأة توفيت أثناء الولادة وأنجبت بنتا هي الآن على قيد الحياة وقع خلاف بين زوج المتوفاة وأهلها حول التركة أقصد ما تركته المتوفاة في بيت زوجها حيث طالبه أهلها بأن يعيد إليهم كل الجهاز الذي تجهزت به ابنتهم عندما زفت إليه بحجة أنهم هم الذين جهزوها به الزوج يسأل ما هو حق كل واحد منهم مع العلم أن الزوجة توفيت عن زوج وبنت ووالدين وإخوة وأخوات أشقاء؟
وجزاكم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما زفت به المرأة وانتقلت به إلى بيت زوجها يعد في حكم الموهوب لها المحاز.
قال صاحب كشاف القناع: فتجهيز البنت أو الأخت ونحوها بجهاز إلى بيت زوجها تمليك لها.
وعليه، فهذا الجهاز يقسم بين الورثة كغيره من ملك الميتة، اللهم إلا إذا أشهد الذي جهز المرأة على أنه إعارة فقط، فهنا يكون الجهاز له.
أما تقسيم تركة المرأة المذكورة فهو كما يلي:
للزوج الربع من التركة، والنصف للبنت، والوالدان لكل واحد منهما السدس، ولا شيء للإخوة والأخوات لوجود الأب، والمسألة أصلها من اثني عشر، توزع كما أسلفنا، إلا أنها لابد أن يًعال لها بسهم حتى تكتمل القسمة، فتقسم على ثلاثة عشر سهما:
للزوج ثلاثة أسهم، وللأم سهمان، وللأب سهمان، وللبنت ستة أسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2485)
حكم وراثة جهاز الزوجة وما زفت به إلى زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: ...
امرأة توفيت أثناء الولادة وأنجبت بنتا هي الآن على قيد الحياة وقع خلاف بين زوج المتوفاة وأهلها حول التركة أقصد ما تركته المتوفاة في بيت زوجها حيث طالبه أهلها بأن يعيد إليهم كل الجهاز الذي تجهزت به ابنتهم عندما زفت إليه بحجة أنهم هم الذين جهزوها به الزوج يسأل ما هو حق كل واحد منهم مع العلم أن الزوجة توفيت عن زوج وبنت ووالدين وإخوة وأخوات أشقاء؟
وجزاكم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما زفت به المرأة وانتقلت به إلى بيت زوجها يعد في حكم الموهوب لها المحاز.
قال صاحب كشاف القناع: فتجهيز البنت أو الأخت ونحوها بجهاز إلى بيت زوجها تمليك لها.
وعليه، فهذا الجهاز يقسم بين الورثة كغيره من ملك الميتة، اللهم إلا إذا أشهد الذي جهز المرأة على أنه إعارة فقط، فهنا يكون الجهاز له.
أما تقسيم تركة المرأة المذكورة فهو كما يلي:
للزوج الربع من التركة، والنصف للبنت، والوالدان لكل واحد منهما السدس، ولا شيء للإخوة والأخوات لوجود الأب، والمسألة أصلها من اثني عشر، توزع كما أسلفنا، إلا أنها لابد أن يًعال لها بسهم حتى تكتمل القسمة، فتقسم على ثلاثة عشر سهما:
للزوج ثلاثة أسهم، وللأم سهمان، وللأب سهمان، وللبنت ستة أسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2486)
الحكمة من جعل الله نصيب الذكر مثل حظ الأنثيين
[السُّؤَالُ]
ـ[1- لماذا يستحق الذكر مثل الأنثيين في الميراث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل لا يشِّرع شيئاً إلا لحكمة ومصلحة وخير في الدنيا والآخرة (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ) [الأنعام:149] (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الأنبياء:23] .
وقد تكفل سبحانه بقسمة المواريث في كتابه ولم يوكلها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وما ذلك إلا لعظيم أمر المواريث.
والحكمة من جعل حظ الذكر مثل حظ الأنثيين هي: أن الأنثى لا تحتاج إلى المال كما يحتاج إليه الرجل، فنفقتها قبل الزواج على أبيها، أو من تلزمه نفقتها، وبعد الزواج على زوجها، وإن عجز عن ذلك وجبت على أولادها، وهذا كله بخلاف الرجل، فتجب عليه نفقة غيره، كالأبناء والآباء والزوجات وغيرهم.
والمسلم يسلِّم لشرع الله، ويقول: سمعنا وأطعنا، سواء علم الحكمة أو لم يعلم، إلا أن العلم بالحكمة يورث الطمأنينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2487)
مات عن زوجة وولدين وبنتين وأم وأخ وأختين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-توفي رجل عن أم وأخ وأختين وزوجة وولدين وبنتين، فكيف يوزع الميراث؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأخ والأختين لا حق لهما في التركة لوجود الفرع الوارث الذكر، وتقسم التركة على الأم والزوجة والولدين والبنيين كما يلي:
الأم لها السدس
والزوجة لها الثمن
والوالدان مع البنتين لهم الباقي، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2488)
توفي عن زوجة وسبعة أولاد (ذكور وإناث)
[السُّؤَالُ]
ـ[1-توفى الله تعالى والدنا رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنَّاته وأموات المسلين وترك لنا إرثا عن والده -جدي- رحمه الله تعالى، وقدره قيراط وربع عشر من القيراط أي "واحدوخمسة من مائة" وورثة والدي رحمه الله تعالى هم: والدتي زوجة واحدة فقط في عصمته حتى وفاته ونحن أربعةأشقاء ذكور وثلاث شقيقات لنا، لا غير، فكم يكون فرض كل واحد منا من القيراط وربع عشر القيراط؟ علما بأنني أعرف كيف أقسم ما نحصل عليه نقدا أوبيعا فبعد طرح الثمن من المجموع كله أقسم الباقي إما على"11" أو على4 ونصف. مع وافر التقدير
... مكة المكرمة-ت جوال055502691]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكره السائل فإن التركة من نقد وعقار وغيرها تقسم كالتالي:
للزوجة الثمن، لقوله تعالى: (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم) والباقي للأولاد: للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11]
فيقسم نصيب الأولاد أحد عشر سهماً، فيعطى كل ولد من الأولاد سهمان وتعطى كل واحدة من البنات سهم.
ويمكن أن يقسم إلى خمسة أسهم ونصف السهم، وليس كما ذكر السائل من أنه يقسم إلى أربعة أسهم ونصف السهم.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2489)
لا علاقة للميت بميراثه إذا لم يقسم
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يعاقب المتوفى إذا لم يتم توزيع الميراث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد الدليل على أن الميت يعذب في قبره بسبب البكاء عليه، فقد روى الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الميت يعذب في قبره بما نيح عليه" وورد كذلك أن نفسه معلقة بدينه.
فقد روى أحمد والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه"
أما توزيع ميراثه بعده فلم نطلع على شيء فيه، وإذا لم يتعلق به دين على الميت أو نحو ذلك فلا علاقة له به، ولا يعاقب على عدم توزيعه، ما لم يكن هو المتسبب لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(14/2490)
ماتت عن خمس بنات وأبناء ابنين متوفيين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-امرأة توفيت وتركت خمسة بنات متزوجات وأبناء ابنين متوفيين يتمثلون من ذكور وإناث، السؤال: هل يرث أبناء الابنين المتوفيين من جدتهم وما هي المسألة الوراثية في ذلك وكم نصيب العمات الخمس ونصيب أبناء الأخوين المتوفيين الذكور والإناث. وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لم يكن للمتوفاة ورثة سوى المذكورين فتقسم التركة إلى خمسة عشر سهماً: نصيب البنات منها الثلثان، أي ما يساوي عشرة أسهم، لكل بنت سهمان فقط.
ويبقى خمسة أسهم تقسم على أولاد ابنيها للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، وننصحكم بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في البلد الذي أنتم فيه لتقوم بحصر الورثة حصراً دقيقاً، وحصر المال وإخراج الحقوق منه، إن كان على الميتة حقوق ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(14/2491)
ماتت عن خمس بنات وأبناء ابنين متوفيين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-امرأة توفيت وتركت خمسة بنات متزوجات وأبناء ابنين متوفيين يتمثلون من ذكور وإناث، السؤال: هل يرث أبناء الابنين المتوفيين من جدتهم وما هي المسألة الوراثية في ذلك وكم نصيب العمات الخمس ونصيب أبناء الأخوين المتوفيين الذكور والإناث. وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لم يكن للمتوفاة ورثة سوى المذكورين فتقسم التركة إلى خمسة عشر سهماً: نصيب البنات منها الثلثان، أي ما يساوي عشرة أسهم، لكل بنت سهمان فقط.
ويبقى خمسة أسهم تقسم على أولاد ابنيها للذكر منهم مثل حظ الأنثيين، وننصحكم بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في البلد الذي أنتم فيه لتقوم بحصر الورثة حصراً دقيقاً، وحصر المال وإخراج الحقوق منه، إن كان على الميتة حقوق ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(14/2492)
من يرث المرأة المتزوجة بعد وفاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة وعندها أربعة أولاد 2 ذكر و2 أنثى
وعندها مال هل يرث أحد من أهلها؟ ومن هم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا توفيت المرأة وخلفت زوجاً وأولاداً فأولادها وزوجها يرثون منها ولا يرثها غيرهم، إلا أبوها وأمها، أو جدها من أبيها عند فقد أبيها، وجدتها عند فقد أمها، فتقسم تركتها كالآتي: للزوج الربع، ولكل من الأبوين السدس، والباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين. وعند فقد الأب يأخذ الجد نصيبه، وكذلك عند فقد الأم تأخذ الجدة نصيبها، وعند فقد الجميع: الأبوين والجد والجدة فإن الباقي بعد فرض الزوج كله يكون للأبناء والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين كما تقدم.
وعلى كل، فإننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1422(14/2493)
الأولاد لهم حق معلوم من ميراث والدتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفت امرأة وزوجها حي وعنده ميراث خاص به أي بالرجل والأب يريد الزواج من أخرى هل للأولاد الحق في المطالبة بحق أمهم في الميراث قبل زواج الوالد؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أن هذا الرجل الذي يريد الزواج من امرأة أخرى هو زوج المرأة التي توفيت، وهؤلاء أولاده منها، وإذا كان الأمر كذلك، فإن لهؤلاء الأولاد نصيبهم من الإرث من أمهم، كما أن والدهم له الحق في إرثه من زوجته، فإذا لم يكن هناك مانع من تقسيم هذه التركة، فالأحسن أن تقسم قبل أن يتصرف أي طرف من الأطراف فيها، حتى تتمايز الحقوق، ويأخذ كل ذي حقه حقه، لأن التركة شأنها عظيم، ولذلك قسمها الله تعالى في محكم كتابه، ولم يَكِل قسمتها إلى نبي مرسل، ولا إلى ملك مقرب.
وإذا لم يتم هذا، وكان هؤلاء الأولاد يخافون من أن يأخذ الأب حقهم من الإرث أو بعضا منه، فلهم أن يطالبوا بحقهم بطريقة لا تؤدي بهم إلى عقوق أبيهم، أو الإساءة إليه، فعليهم أن يطالبوه برفق، ويتلطفوا له حتى يستجيب لهم، ويتم ذلك في جو مليء بالود والاحترام والتقدير للأب، لأن الله جل وعلا أمر بالإحسان إلى الوالدين، وخفض الجناح لهما، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [النساء:36] .
وقال جل من قائل: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:24] .
وإذا كان الأولاد أولاد المرأة التي توفيت من غير هذا الرجل، فلهم الحق في المطالبة بإرثهم من باب أولى، وبنفس الطريقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(14/2494)
حياة الوارث شرط لاستحقاقه الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[1) إذا مات الابن قبل الأب فهل يستحق من الميراث شيئا بعد وفاة الأب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الابن لا يستحق شيئاً من الميراث إذا مات قبل والده، لأن الوارث لا بد أن يكون حياً عند وفاة من يرث منه، إذ من شروط ثبوت الإرث تحقق حياة الوارث بعد المورث،
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(14/2495)
توفي عن زوجة وثلاث بنات وأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاث بنات توفي الوالد وترك منزلاً لنا ليس لدينا إخوة ذكور لكن لدينا عم علما أن أختي الكبيرة كتب البيت باسمها والوالد يرحمه الله كان يريد البيت لنا نحن الثلاث دون دخول شريك لنا ماذا نفعل لإبراء ذمة الوالد ونحن نخاف الله ماذا نفعل هل نبيع البيت ونعطي الوالدة وأخواتي وعمي نصيبهم من الميراث وأيضا لدينا عمة توفيت بعد الوالد هل لأبنائه أيضا نصيب؟
الرجاء مساعدتنا ولكم جزيل الشكر والاجر والثواب إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أن هذه وصية، والوصية للوارث لا تنفذ إلا بإجازة بقية الورثة، وهم هنا: الأم والأخ، فإن أجازا فالبيت بينكن بالسوية، وإن امتنعا فالواجب عليكن والأبرأ لذمة أبيكن أن تقتسمن البيت مع أمكن وعمكن، لكنَّ الثلثان، ولأمكنَّ الثمن، والباقي لعمكن وعمتكن تعصيباً للذكر منها حظ أنثيين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" متفق عليه.
وأما إن كان وهب لكنَّ البيت، فهو لكنّ فقط، لكن لصحة الهبة شروط سبق بيانها في الفتوى رقم: 9084.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(14/2496)
المسألة الدينارية الكبرى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
خلال عملي على برنامج كمبيوتر خاص بالمواريث
استعنت بجدول الميراث الشرعي للشيح ابن الهايم
ولكنني أحسب أني وجدت خللا به
وهو فيما يخص مسألة الدينارية الكبرى
وهي زوجة وأم وبنتان واثنا عشر أخا لأبوين وأخت لأبوين.
ولكن وردت في جدول الميراث الشرعي أختان لأبوين وليس أختا كما هو معروف.
أفيدونا رحمكم الله مما أفاض عليكم الله من هذا العلم الجليل.
وهل يمكن التصحيح على الجدول وإن أمكن فمن الجهة التي يسمح لها بذلك، لأنني أنوي إعادة رسم الجدول بواسطة الكمبيوتر وإعادة طباعته بحلة جديدة وجملية
وشكرا لكم.
والسلام
أخوكم بن عمار سفيان من الجزائر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدينارية الكبرى سميت بذلك لتمييزها عن الدينارية الصغرى، وتسمى بالركابية و"بالشاكية" لأن شريحاً قضى فيها للأخت بدينار واحد، وكانت التركة ستمائة دينار، فلم ترض الأخت، ومضت إلى علي رضي الله عنه تشتكي شريحاً، فوجدته راكباً، فأمسكت بركابه وقالت: إن أخي ترك ستمائة دينار، فأعطاني شريح ديناراً واحداً، فقال علي: لعل أخاك ترك: زوجة، وأما، وابنتين، واثني عشر أخاً، وأنت؟ قالت: نعم، فقال علي: ذلك حقك، ولم يظلمك شريح شيئاً. وتلقب أيضاً "بالداودية" لأن داود الطائي سئل عن مثلها فقسمها هكذا، فجاءت الأخت
-وهي غير الأخت في المسألة السابقة- إلى أبي حنيفة فقالت: إن أخي مات وترك ستمائة دينار فما أعطيت إلا ديناراً واحداً، فقال: من قسم التركة؟ قالت: تلميذك داود الطائي، قال: هو لا يظلم، هل ترك أخوك جدة؟ قالت: نعم، قال: هل ترك بنتين؟ قالت: نعم، قال: هل ترك زوجة؟ قالت: نعم، قال: هل معك اثنا عشر أخاً؟ قالت نعم، قال: إذن حقك دينار.
وتقسم التركة على النحو التالي: للبنتين الثلثان أربعمائة دينار، وللأم أو الجدة السدس مائة دينار، وللزوجة الثمن خمسة وسبعون ديناراً، ولكل أخ ديناران، وللأخت دينار. بتوزيع الباقي بعد الفروض على الإخوة والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.
ويمكن للأخ السائل الاعتماد على كتب الفقه، والإحالة عليها في تصحيح الجدول، وإن أمكنه مراسلة دار النشر؛ إن كان الخلل في كتاب، أو القائم على الموقع؛ إن كان على شبكة الإنترنت، فإن هذا من النصح المطلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(14/2497)
مات عن أم وأختين وأخت لأم
[السُّؤَالُ]
ـ[1-توفي رجل غير متزوج وترك أمه وأختين شقيقتين وأختاً من الأم وعماً وعمة, كيف توزع التركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن خلف من الورثة مثل ما هو مذكور في السؤال، فإن تركته تكون من ستة أسهم، تعطى الأم منها السدس فرضاً، أي سهماً واحداً، وتعطى الأختان الشقيقتان الثلثين فرضاً أي لكل واحدة منهما سهمان، ونصيب الأخت لأم السدس فرضاً أي سهماً واحداً.
وأما العم فهو وإن كان عاصباً إلا أنه لا يرث في الحالة المذكورة، لأن أصحاب الفروض استغرقوا جميع التركة.
وأما العمة فليست من الورثة، لا من أصحاب الفروض، ولا من العصبة، وإنما هي من ذوي الأرحام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(14/2498)
ميراث أبناء الأب من زوجة أبيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يرث أبناء الزوج من زوجة أبيهم التي ليس لها ولد في حال توفيت بعد وفاة الأب وورثت منه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان لأبيه زوجة غير أمه فإنه لا يرث منها بحال، لأن أسباب الميراث من الآخرين ثلاث، وهي: النسب والنكاح والولاء. والشخص لا يرتبط بزوجة أبيه بأحد هذه الأسباب، فثبوت المحرمية لا يلزم منه ثبوت النسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(14/2499)
توفيت عن بنت وأخ غير شقيق وأبناء أخت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أم بعد أن كتبت لوحيدتها نصف التركة ولها (أي للأم) أخ غير شقيق ولها أبناء لأخت شقيقة ما حق الورثة بالنسبة لهؤلاء:
- البنت الوحيدة.
- الأخ الغير شقيق.
- أبناء الأخت الشقيقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الأم في حياتها كتبت نصف مالها لبنتها على وجه الهبة، وأشهدت على ذلك، وحازت البنت ما وهب لها - والحيازة في كل شيء بحسبه، فإن كانت داراً فبسكناها، أو تخليتها، وإن كان مالاً فبقبضه، وهكذا - فإن تم ذلك، فإن هذا النصف ملك للبنت، وليس داخلا في الميراث، لأن الأم وهبت ما تملك، والبنت حازت ما وهب لها، والبينة قائمة على ذلك.
وإن تخلف الإشهاد من الأم أو الحيازة من البنت، فإن شأن هذه الهبة إلى الورثة: إن شاءوا أمضوها، وإن شاءوا أبطلوها.
وعلى كل، فإن ما يورث عن الأم في هذه المسألة على النحو التالي:
- للبنت النصف.
- والأخ إن كان لأب فله النصف الباقي تعصيباً، وإن كان أخاً لأم فله السدس فرضاً، وتأخذ البنت الباقي رداً، ولا شيء لأبناء الأخت.
أما إن كان كتابة الأم لبنتها على وجه الوصية، فلا وصية لوارث، وتقسم التركة على النحو التالي:
- للبنت النصف.
- والأخ إن كان لأب فله النصف تعصيباً، وإن كان لأم فله السدس فرضاً، وتأخذ البنت الباقي رداً، وأما أبناء الأخت فغير وارثين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1422(14/2500)
ما يستحقه الوصي على الورثة من أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما الذي يجوز لي من أموال نسيبي؟؟ مع العلم أنني أصرف أغلب متطلبات حصر الإرث من مالي.. وأقوم بأعمال تطلب عليها مكاتب المحاماة والخدمات مبالغ تصل لأكثر من 100000 ريال وأعملها بنفسي
- خلف ديوناً ومطالبات لبعض البنوك والتي كان يتعامل معها بفوائد!! وكان يرفض التسديد بحجة أنهم ظلموه وتصرفوا من غير علمه.. هل يجب علي تسديد هذه المطالبات والفوائد التي كان يرفض تسديدها؟؟
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما أنفقته من مالك على حصر التركة وغيرها من الأعمال المتعلقة بأموال الورثة، فلك أن تأخذ من التركة مثله، إلا إذا كنت قد صرفته متبرعاً به، فليس لك أخذ مثله بعد ذلك.
وأما ما تستحقه من أجرة من التركة على تفرغك لهذا العمل، فإن كنت وصياً على هؤلاء الورثة، فلك أقل الأمرين من أجرة المثل وكفايتك بالمعروف إن كنت فقيراً، فمثلاً: إذا كانت كفايتك في الشهر ألفا، وأجرة مثلك في مثل هذا العمل ألفان أو العكس، فلا تأخذ إلا الأقل وهو الألف.
أما إذا كنت غنياً، فلا يحق لك أخذ شيء في مقابل عملك، لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء:6] .
وإن لم تكن وصيا، فإن كان عملك تبرعاً فلا شيء لك مقابل تفرغك، وإن فعلت ذلك غير متبرع أي بنية أن تأخذ أجراً، فلك أجرة المثل.
وأما ما بين نسيبك المتوفى وبين البنوك من نزاع، فننصحك بالرجوع في شأنه إلى القضاء الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(14/2501)
هبة الزوج لزوجته بشروطها يصير ملكا لها ويورث عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[العلماء الأفاضل
هل يجوز أن ترث أم الزوج في شيء أعطاه الزوج هدية لزوجته ووهبه لها فمثلا إذا اشترى الزوج منزلاً ثم أعطى هذا المنزل هدية لزوجته فهل يجوز أن ترث أم الزوج شيئاً من هذا المنزل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الزوجة قد حازت ما أهداه ووهبه لها الزوج في حياته حوزاً مصاحبا للإشهاد على ذلك صحت الهبة، لأن الهبة يشترط في استمرارها الحوز، فإن مات الواهب أو فلس قبل أن يحوز من وهب له الموهب بطلت الهبة، فلا يستقر ملك الموهوب له للهبة إلا بالحوز والإشهاد على ذلك، فإن تم ذلك للزوجة في حياة زوجها أصبح الموهوب ملكاً لها، فلا علاقة لورثة الزوج به، ويجب التنبه إلى أن حوز كل شيء بحسبه، والحوز: هو أن يلي الموهوب له التصرف في الموهوب، ويرفع عنه الواهب يده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(14/2502)
الميراث كله لأولاد أخي الميت دون الإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية والسلام
الرجاء الجواب عن السؤال التالي في الفرائض مع جزيل الشكر
توفي العم ولم يترك عقبا ولاخيه ولدان وبنتان ماهو نصيب كل منهم؟ (هل ترث البنتان؟)
ولكم منا جزيل الشكر ودمتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالميراث كله لأولاد أخي الميت المذكور يقتسمونه بينهم بالسوية دون الإناث، لأن الإخوة الذين يعصبون أخواتهم أربعة فقط، وهم الابن، وابن الابن وإن نزل، والأخ من الأبوين، والأخ من الأب، وسائر العصبة لا يعصبون أخواتهم، بل ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث، وهم بنو الإخوة والأعمام وبنوهم، كما هو الحال في سؤال السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(14/2503)
العقار المشترك بين المتوفى وأحد الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفاه الله وترك أما وزوجة وولدا و3 بنات والميراث هو:
- شقة بناها الرجل من ماله وقام الابن بتشطيبها ليتزوج فيها ولكن دعت الحاجة لأن يسكن فيها والده (المتوفى) والأسرة.
- شقة ثانية بناها الرجل بمال ابنه قبل الوفاة - بطلب الابن وإلحاح الأم والبنات ليتمكن الابن من الزواج فيها -
وقام الابن بتشطيبها بماله وهو بالخارج بعد أن سمع تصديق الأم وأخواته بأحقيته للشقة وأن حقه محفوظ وبيد أمه وأخواته.
- شقة ورثها الرجل (المتوفى) من والده.
ما حق كل من الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وترك أماً وزوجة وابناً وثلاث بنات، فإن تركته تقسم كالآتي:
- للأم السدس، لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء:11] .
- وللزوجة الثمن، لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) [النساء:12] .
- والباقي للابن والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11] .
فتقوَّم تركة المتوفى، ويعطى كل واحد نصيبه حسب ما سبق، وهذه القسمة إنما هي في أموال المتوفى.
أما ما كان منها لابنه، أو غيره، فلا يدخل في القسمة، بل يصرف لمستحقيه فقط.
وما كان منها مشتركاً كأن تكون الأرض للمتوفى، والبيت للابن، فلكل حقه ويتفق الورثة على ما يرونه مناسباً، إما بأن يدفع الابن قيمة الأرض دون نصيبه لبقية الورثة، أو يُخصم من إرثه بقدرها، أو يُشترى منه البيت، أو غير ذلك مما يتراضون عليه، وقس على ذلك.
وننبه إلى أنه لابد أن يُثبت الابن ملكيته لما ذُكر، أو يُقر له بقية الورثة بذلك.
وإن لم يثبت الابن ذلك ببينة، ولم يقر له باقي الورثة به، فالأصل أن كل ما كان تحت يد الوالد ملك له، يستوي في ذلك ما وصل إليه عن طريق الابن، وما حصله هو من جهده الخاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(14/2504)
مات عن أم وزوجة وابن وثلاث بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[1- رجل توفاه الله وترك أما وزوجة وولدا و3 بنات والميراث هو:
- شقة بناها الرجل من ماله وقام الابن بتشطيبها ليتزوج فيها ولكن دعت الحاجة لأن يسكن فيها والده (المتوفى) والأسرة.
- شقة ثانية بناها الرجل بمال ابنه قبل الوفاة - بطلب الابن وإلحاح الأم والبنات ليتمكن الابن من الزواج فيها -
وقام الابن بتشطيبها بماله وهو بالخارج بعد أن سمع تصديق الأم وأخواته بأحقيته للشقة وأن حقه محفوظ وبيد أمه وأخواته.
- شقة ورثها الرجل (المتوفى) من والده.
ما حق كل من الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وترك أماً وزوجة وابناً وثلاث بنات، فإن تركته تقسم كالآتي:
- للأم السدس، لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء:11] .
- وللزوجة الثمن، لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) [النساء:12] .
- والباقي للابن والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11] .
فتقوَّم تركة المتوفى، ويعطى كل واحد نصيبه حسب ما سبق، وهذه القسمة إنما هي في أموال المتوفى.
أما ما كان منها لابنه، أو غيره، فلا يدخل في القسمة، بل يصرف لمستحقيه فقط.
وما كان منها مشتركاً كأن تكون الأرض للمتوفى، والبيت للابن، فلكل حقه ويتفق الورثة على ما يرونه مناسباً، إما بأن يدفع الابن قيمة الأرض دون نصيبه لبقية الورثة، أو يُخصم من إرثه بقدرها، أو يُشترى منه البيت، أو غير ذلك مما يتراضون عليه، وقس على ذلك.
وننبه إلى أنه لابد أن يُثبت الابن ملكيته لما ذُكر، أو يُقر له بقية الورثة بذلك.
وإن لم يثبت الابن ذلك ببينة، ولم يقر له باقي الورثة به، فالأصل أن كل ما كان تحت يد الوالد ملك له، يستوي في ذلك ما وصل إليه عن طريق الابن، وما حصله هو من جهده الخاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(14/2505)
حكم الحج بالمال الموروث
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي ورثت إرثاً من أخيها رحمة الله عليه وهي تريد أن تحج بالمال الذي عندها هل يجوز أن تحج لأنها لم تستطع من قبل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على والدتك في أن تحج بالمال الذي ورثته من أخيها، لأنه أصبح ملكها، ولم يرد دليل يمنع الشخص من أن يحج بمال ملكه عن طريق الإرث، فالمال المملوك عن طريق الإرث كغيره لا فرق بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(14/2506)
نصيب الزوجة من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حصة الزوجة من إرث زوجها وعندها أولاد من زوج سابق وزوجهاالثاني له أولاد من زوجة توفيت وتزوجته بعد وفاة زوجته أم أولاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حصة الزوجة من زوجها الذي له ولد وارث -سواء أكان الولد منها أم كان من غيرها- هي الثمن من ماله كاملاً إذا كانت واحدة، فإن كانتا اثنتين أو ثلاثة أو أربعة فهن مشتركات في الثمن، لقوله تعالى: (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية يوصي بها أو دين) [النساء:12]
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(14/2507)
توفى عن زوجة وأم وسبعة أخوة وبنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-توفي والدي رحمه الله عن زوجه وأم وسبعة أخوة وبنتين.
أرجو توضيح نصيب كلاً منهم بالنسبة أذا كان قيمة الأرث تساوي مئة الف ريال ز
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تركة والدك تقسم على النحو التالي:
- للأم السدس، لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء: من الآية11] . ولقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) [النساء: من الآية11] .
- وللزوجة الثمن، لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) [النساء: من الآية12]
- وللبنتين الثلثان، لقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) [النساء:11] . فقد نصت الآية على نصيب من كن فوق اثنتين، وعلى نصيب الواحدة، ونص أهل العلم على أن نصيب الاثنتين مثل نصيب من فوقهن.
- والباقي للإخوة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" رواه البخاري ومسلم.
هذا إذا كان المقصود بالسبعة الإخوة أنهم أخوة الميت.
أما إذا كان المقصود أنهم أبناؤه، فإن التركة على النحو التالي:
- للأم السدس.
- وللزوجة الثمن.
-والباقي للأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11] .
وعليه، ففي الحالة الأولى، فإن التركة تقسم كالتالي:
- للأم (16666) ستة عشر ألفاً وستمائة وستة وستون ريالاً.
- للزوجة (12500) اثنتا عشر ألفاً وخمسمائة ريال.
- للبنتين (66666) ستة وستون ألفاً وستمائة وستون ريالاً.
- للإخوة (4168) أربعة آلاف ومائة وثمانية وستون ريالاً.
تقسم على سبعة فيكون نصيب كل واحد (595) خمسمائة وخمسة وتسعون ريالاً.
وأما الحالة الثانية، فإن التركة تكون كالتالي:
- للأم (16666) .
- للزوجة (12500)
- الباقي للأبناء والبنات وهو 70834 سبعون ألفاً وثمانمائة وأربعة وثلاثون ريالاً، للذكر مثل حظ الأنثيين فيكون نصيب كل ذكر 8854 ثمانية آلاف وثمانمائة وأربعة وخمسون ريالاً، ويكون نصيب كل أنثى 4427 أربعة آلاف وأربعمائة وسبعة وعشرون ريالاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1422(14/2508)
يرد الدين على الورثة كل حسب نصيبه
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أخذت من أخ لي 3 آلاف دولار تقريباً على سبيل السلف لأنني كنت أحتاجها للسفر، وعند عودتي بعد 4 سنوات كان أخي قد توفي وأريد أن أرد المال لأصحابه فما هي طريقة الرد الشرعية مع العلم أن أمه موجودة وأولاده موجودون وكذلك زوجته وأريد أن أرضي الله وأرد الدين على الطريقة الشرعية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدين المذكور في السؤال أصبح من جملة تركة الميت، والواجب رده إلى جميع الورثة ليأخذ كل واحد منهم نصيبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(14/2509)
للوارث المطالبة بالتعويض عن ميراثه المستغل
[السُّؤَالُ]
ـ[1بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعه الى يوم الدين.
أما بعد ,
فإن سؤالي في الميراث وهو أن هنالك بيت ورثة والورثة يتكونون من ثلاثة أولاد وبنت وسكن البيت الأخ الأكبر بعد أن أعطى الأخ الأوسط جزءاً من أرض هي كذلك للورثة والأخت متزوجة ولديها أبناء والأخ الأصغر هاجر لمدة خمسين عاماً ثم رجع
السؤال هو: ما حصة الأخ الأصغر من الناحية الشرعية علماً بأن الأخ الاكبر الذي سكن البيت أقام بنياناً في البيت
فما حصة هذا الأخ الأصغر وهل له أن يطالب بتعويض عن المدة التي سكنها الأخ الأكبر مدة خمسين سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حصة هذا الأخ الأصغر الذي له أخوان وأخت هي: جزءان من سبعة أجزاء من مجموع ما تركه المورث، سواء في ذلك البيت والأرض وغيرهما، واستغلال الأخ الأكبر لحصة شريكه الأصغر الذي لم يأذن فيه نوع من التعدي، ولذلك فله المطالبة بالتعويض عن الانتفاع به، لأن الأرض صارت ملكاً له بذاتها وبمنافعها، من يوم مات المورث، وما أقامه الأخ الأكبر من البنيان على البيت المشترك، فالقول الراجح فيه أن له أن يمنع شريكه الآخر -أعني الأخ الأصغر- من الانتفاع به حتى يدفع له نصف ما أنفق لتحصل المساواة بينهما.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1422(14/2510)
توفي عن زوجة وأم وابن وبنتين وسبعة إخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمه الله عن زوجه وأم وسبعة إخوة وبنتين أرجو توضيح نصيب كل منهم علما بأن قيمة الإرث تساوي مئة ألف ريال؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فهمناه - بعد الإطلاع على بريد السائل- من هذا السؤال هو أن الميت ترك السائل الذي هو ابن للميت وبنتين وزوجة وأماً وسبعة اخوة. وكل هؤلاء وارثون غير الأخوة السبعة لأنهم محجوبون بالابن السائل.
وتقسم التركة على الوارثين على النحو التالي:
للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث ودليل ذلك قوله تعالى مبيناً نصيب الزوجات: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [النساء:12] وللأم السدس لوجود الفرع الوارث أيضاً ودليل ذلك قوله تعالى (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) [النساء:11] والباقي للابن والبنتين تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (النساء:11) وبناء على ذلك فإن للزوجة من المائة ألف ثمنها وهو أثنا عشر ألف ريال وخمسمائة ريال (12500) وللام منها السدس وهو ستة عشر ألفاً وستمائة وستة وستون ريالاً (16666) والباقي هو سبعون ألفاً وثمانمائة وثلاثة وثلاثون ريالاً- للابن منه خمسة وثلاثون ألفاً وأربع مائة وستة عشر ريالاً ونصف ريال
5،35416 ولكل واحدة من البنتين سبعة عشر ألفاً وسبعمائة ريال وثمانية ريالات وربع ريال (25،17708) يبقى بعد هذه القسمة ريال واحد يقسمه الوارثون بينهم على النحو السابق أو يؤثر بعضهم به بعضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1422(14/2511)
ما يتبقى من التركة يأخذه أقرب عصبة الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الدكتور عبد الله الفقيi كل عام وأنتم بخير ومبروك الشهر الكريم،
لقد حدث قبل أكثر من سبعين عاماً جريمة قتل لغرض الإرث ولقدانتهت القضية بصلح القبيلة ولأن المتوفى لايوجد لديه وارث سوى أخت وأولاد عمه المتسببين في القتل،
ماحكم الإرث المتبقي هل ينبغي تسليمه لبيت مال المسلمين والأوقاف أم يتمتع الورثة فيه (ورثة المتسبب في الوفاة) وجزاكم الله خير الجزاء؛؛؛
2-
3-
4-]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تبقى من التركة بعد الأخت يأخذه أقرب عصبة الميت، سواء كانوا أبناء القاتل أم غيرهم. ولا يأخذ القاتل منه شيئاً، ولا يدفع لبيت المال ولا غيره ما دام هناك عاصب، وذلك لما في موطإ مالك من أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ الدية من المدلجي الذي قتل ابنه فدفعها لأخي القتيل، وحرم منها أباه القاتل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1422(14/2512)
ماتت عن أخت وبنتي أخ وأولاد عم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت وتركت أختاً شقيقة وبنتي أخ شقيق وأولاد عم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللأخت الشقيقة النصف، والباقي لأولاد العم تعصيباً، ولا شيء لبنتي الأخ الشقيق، لكونهما ليستا من أصحاب الفروض، ولا من العصبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(14/2513)
مات عن زوجة وبنت وأخت وأولاد أخ
[السُّؤَالُ]
ـ[1-مات وترك زوجة وبنتاً وأختاً شقيقة وأولاد أخ شقيق ذكوراً وإناثاً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا انحصر الورثة في المذكورين:
فللزوجة الثمن، وللبنت النصف، وللأخت الشقيقة الباقي تعصيباً، ولا شيء لأولاد الأخ الشقيق، والمسألة من ثمانية: للزوجة سهم واحد، وللبنت أربعة أسهم، وللأخت الباقي وهو ثلاثة أسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(14/2514)
الإرث يشمل جميع ما تركه المورث
[السُّؤَالُ]
ـ[كعادة أهل الصعيد في الميراث والتي تخالف الشرع لم يورث والدي وأعمامي أخواتهم الإناث في ماكينة مياه وقد آلت هذه الماكينة إلى والدي بتنازل إخوته الذكور له وقد ورثتها الآن من والدي فما هو حكم الشرع
جرت عادة أهل الصعيد على أن الأنثى لا ترث في المنازل وماكينات رفع المياه والبهائم ولكنهم يورثوها فيما عدا ذلك.
وسؤالى هل علي إثم فى أرث كهذا وإذا أردت بيعها ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حق الأنثى في الإرث ثابت بحكم من لا يعقب لحكمه وهو الله تعالى، وهذا الحق لا يبطله جريان عرف ولا عادة بعده، وهو ثابت في كل ما تركه المورث ماكينة أو عقارا أو غير ذلك.
وعليه، فنقول للسائل الكريم: هذه الماكينة فيها حق لعماتك، ولا يجوز لك أن تتصرف فيها ببيع ولا غيره، حتى يإذنَّ فيه.
وإنما الواجب عليك هو إعطاؤهن حقهن منها، وإبراء الذمة منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(14/2515)
هل يختلف ميراث البنت الوحيدة بين السنة والشيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا الاختلاف بين أهل السنة وأهل الشيعة في موضوع الإرث بالنسبة للأنثى في حال كانت وحيدة - أرجو منكم الإجابة.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم خلافاً بين أهل السنة والشيعة فيما يتعلق بإرث الأنثى إن كانت واحدة، بل إن الألوسي ذكر في تفسير قوله تعالى: (وإن كانت واحدة فلها النصف) [النساء:11] أن الإمامية توافق أهل السنة في أن البنت لها النصف حينئذ، وعلى افتراض وجود مثل هذا الخلاف، فإنه لا أثر له مع وجود النص الصريح من كتاب الله، وذلك في الآية المتقدمة (فلها النصف) هذا إذا كان ما فهمناه من سؤالك هو مرادك منه، وإن كنت تريد منه غير ذلك، فتبينه لنا حتى يتسنى لنا الجواب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1422(14/2516)
تقصير الزوج لا يبرر حرمانه من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم المرأة التي تريد أن تبيع بعض أملاكها لأبنائها وفق قسمة الشرع في الميراث (للذكر والأنثى) طبعا بدون استلام مال وبغرض حرمان الزوج من نصيبه من الميراث مع الأخذ بالاعتبار أن هذا الزوج لم يقم بمهامه كلها تجاه هذه الزوجة من فترة تزيد على 25سنة (يعيش بعيدا عنها في بيت آخر ولا يصرف عليها) وكذلك قبل ذلك لم يكن منصفا لهذه لزوجة في مصروفها، علماً أن الأبناء الذين سوف تقوم الزوجة بالبيع لهم هم أبناؤه أيضا. أفيدونا أفادكم الله وجزاكم عنا وعن المسلمين كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالموت أجل لا يعلم وقته إلا الله، فقد تموت الزوجة قبل الزوج، وقد يحدث العكس، وقد يموت الأولاد قبل أبيهم، وقد يحدث العكس، ولا يعلم الإنسان هل سيكون وارثاً أو موروثاً، فلتتق هذه الزوجة ربها، فلا يجوز لها الاحتيال ببيع تركتها لأولادها بيعاً صورياً لتحرم زوجها من الميراث، وإن كان مقصراً في حقها، وتقصيره في حقها لا يسقط نصيبه المفروض من الإرث، قال تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء:7] .
وما كان لها من حق على زوجها وقصر فيه فلها المطالبة به عن طريق القضاء، ولا حرج عليها في ذلك، والأولى لها أن تسامحه، وتدخر أجر ذلك إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1422(14/2517)
ميراث الحفيدة من جدتها مع وجود العمات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي وترك لي حصة واحدة وبعد 20 سنة توفيت جدتي ولي 3عمات فهل أرث من جدتي مع العلم بأني وحيدة وأمي مطلقة ولي عم توفي قبل جدتي وله زوجة وولد و 3 بنات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الجدة المذكورة أم أبيك، وكان عمك الذي ترك ابناً وثلاث بنات شقيقا لأبيك، فإنكِ في هذه الحالة ترثين من الثلث الباقي بعد العمات، تشتركين فيه مع بنات عمك الثلاث وابن عمك، لأن ابن الابن في هذه الحالة يعصب أخواته أوبنات عمه اللاتي هن معه في درجته، ولولا وجوده ما ورثت أنت ولا ورثت بنات عمك، وذلك لحيازة العمات للثلثين وحجبهن لكن منهما. ومن المعروف أن البنات المباشرات إذا تعددن أخذن الثلثين، وأخذ عصبة الميت الثلث الباقي، ولم يبق لبنات الابن شيء، فإذا وجد أخ لهن أو ابن عم يستوي معهن في درجة واحدة فعندئذ يعصبهن في الثلث الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1422(14/2518)
العقار المشترك بين الإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي شخص وترك ثلاثة أولاد وأربع بنات من امرأة وولدا واحدا من امرأة أخرى، الأولاد أعمارهم ما بين 5 - 20 سنة والولد الآخر عمره 30 سنة وهم يعيشون في بيت مع أمهم كان قد بناه الأب، الابن الأكبر من المرأة الأولى متزوج ويعيش في بيت ملك له. الابن الأكبر يريد بيع البيت لأخذ الميراث هل يجوز له ذلك، وهل هناك طريقة أخرى لإعطائه الميراث دون تشتيت العائلة وخصوصاً أن هناك أربعة من الأبناء قصر.
جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا دعا أحد الشركاء فيما لا ينقسم كدار - مثلاً - إلى البيع للتخلص من ضرر الشركة أجبر الممتنع من الشركاء على البيع، فإن باع فذلك المطلوب، وإلا باع الحاكم الدار أو الشيء المشترك، وقسم الثمن بين الشركاء، ولهذا فإنا نرى أن لهذا الابن الأكبر - والذي هو شريك لإخوته في البيت الموروث عن الأب - الحق في المطالبة ببيع هذا البيت المشترك بينه وبين إخوته إذا لم يترك لهم حصته تبرعاً.
ولكن إذا كانوا هم يرغبون في عين البيت ولا يريدون بيعه، فلهم أن يدفعوا لأخيهم قدر حصته من ثمن البيت، ويبقى ملكاً لهم.
وليس له لحق في هذه الحالة في بيعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1422(14/2519)
مؤخر الصداق داخل ضمن التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من سيدة سبق لها الزواج ولديها أبناء من زوجها السابق (ولد وبنت) ولم أنجب منها وتوفيت إلى رحمة الله وورثت عنها وسؤالي هل مؤخر الصداق المستحق لها يدخل ضمن التركة أم لا؟ ، ولكم وافر الشكر والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان مؤخر الصداق مؤجلاً إلى أجل معلوم فإنه يدخل في التركة، لكن لا يلزمك دفعه إلا عند حلول أجله، ولا بأس بتقديمه قبل أجله، بل هو الأحسن. وإن كان مؤجلاً إلى أجل غير معلوم فإنه يجب بالطلاق أو بالوفاة.
وعليه فإن مؤخر صداق زوجتك يدخل ضمن التركة إما - عاجلاً وإما آجلاً- على حسب ما سبق من التفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(14/2520)
الزوجة المتوفاة في حياة زوجها لا ترثه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أبي زوجتين إحداهما توفيت قبله فهل الزوجة المتوفاة قبله لها حق في الإرث مثل زوجته الباقية على قيد الحياة علماً بأن له أولاداً ذكوراً وإناثاً من الزوجتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شروط ثبوت الإرث تحقق بقاء الوارث بعد موت من يرث منه، وعليه، فهذه الزوجة المتوفاة في حياة زوجها ليس لها نصيب من تركته، وسواء كان لها أو لزوجها أولاد، أو لم يكن شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(14/2521)
توفي عن ثلاثة أولاد ثم توفي أحدهم عن بنت واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[عبد الله توفي وله ثلاثة أولاد، توفي أحد الأولاد قبل تقسيم الإرث وله بنت واحدة فقط فما هو نصيبها من الإرث كاملا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الورثة هم من ذكروا فقط فإن للبنت نصف تركة أبيها كاملة، بمعنى أن لها نصف ما كان لأبيها من أملاكه الخاصة، إضافة إلى نصف نصيبه من تركة أبيه، ولعميها (أخوي أبيها) الباقي من تركة أبيها (أخيهما) إضافة إلى نصيبهما من تركة أبيهما. وهذه المسألة فيها تناسخ، وهو أن يموت شخص ثم يموت أحد ورثة ذلك الشخص الميت بعده قبل أن تقسم تركته، وفي هذه الحالة المسؤول عنها يلجأ الفرضيون إلى أن يعملوا مسألة جامعة لمسألتي الميتين. وكيفية ذلك أن نقول: إن الميت الأول ترك ثلاثة أبناء يرثونه بالتساوي تعصيباً، فمسألته إذن من ثلاثة، عدد رؤوسهم
والميت الثاني -وهو أحد الأبناء الثلاثة- ترك بنتاً وأخوين، فمسألته تصح من أربعة، للبنت منها سهمان فرضاً، ولكل واحد من الأخوين سهم تعصيباً. وهذا إذا كان الأخوان في منزلة واحدة للأخ الميت، بأن كانا شقيقين له جميعاً، أو لأب جميعاً.
أما بأن كان أحدهما شقيقاً له والآخر أخاً لأب فقط، فالمسألة من اثنين فقط، سهم للبنت فرضاً. والسهم الآخر يأخذه الأخ الشقيق وحده تعصيباً، ولا شيء للأخ للأب، لأنه محجوب بالشقيق. ثم بعد معرفتنا لكل واحدة من مسألتي الميتين على حدة، ننظر بين مسألة الميت الثاني (أربعة) وبين نصيبه من الميت الأول وهو سهم واحد، فنجد أن بينهما تبايناً، فنضرب كامل مسألة الميت الأول (ثلاثة) في كامل مسألة الميت الثاني (أربعة) ، فتكون النتيجة اثني عشر. وهي الجامعة التي عليها تقسم التركة القسمة النهائية، فمن كان له شيء من مسألة الميت الأول أخذه مضروباً فيما صحت منه مسألة الميت الثاني، وهو أربعة. ومن كان له شيء من مسألة الميت الثاني أخذه مضروباً في سهم الميت الثاني، وهو واحد.
وعلى ذلك، فإن لكل واحد من الابنين الحيين خمسة. وذلك لأن له من مسألة الميت الأول سهماً واحداً مضروباً في أربعة. وله من مسألة الميت الثاني سهم واحد مضروب في واحد، فمجموع النتيجتين خمسة.
وللبنت سهمان فقط، إذ ليس لها في مسألة الميت الأول نصيب، وإنما لها سهمان من مسألة الميت الثاني مضروبان في الواحد الذي هو سهم الميت الثاني من مسألة الميت الأول كما تقدم.
وإذا لم تكن أيها الأخ السائل من أهل الاختصاص في هذا العلم فلا غضاضة عليك في أن لا تستوعب ما ذكرناه لك. ولكن عليك أن تعرضه على أحد المختصين ليشرحه لك بالتفصيل. بل إننا ننصحك أن تعرض مسألتك -إن كانت واقعة عين- على المحاكم الشرعية في البلد الذي أنت فيه، لتقوم بحصر الورثة والإرث، وإخراج الحقوق المترتبة، ونحو ذلك مما قد يخفى على غير أهل الاختصاص. وإذا لم تكن في بلدك محاكم شرعية فاعرض المسألة مشافهة على أحد أهل العلم الموثوق بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1422(14/2522)
وجود الفرع الوارث يمنع بنات الابن من ميراث جدهن
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل لديه 4 ذكور و 3 إناث، توفي أحد الذكور وخلف بنتين، فهل لبنات الذكر المتوفى حق في الإرث من جدهم الحي بعد وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بنتي الابن لا يرثان جدهما في حال وجود الفرع الوارث الذي هو أعلى درجة منهما بالإجماع. وعليه فلا شيء لهاتين البنتين لحجبهما بأعمامهم الأربعة وعماتهن الثلاث، ويستحب لجدهما أن يوصي لهما بشيء من ماله، لقرابتهما وعدم إرثهما، فإن لم يفعل استحب لورثته أن يهبوا لهما شيئاً، امتثالاً لقوله تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (النساء:8)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1422(14/2523)
توفيت عن أخوين وأختين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على استفساراتي بحصوص الميراث وإليكم التفاصيل:
امرأة توفيت ولها من الأخوه يلي:
أخوان من والدها وأختان أيضاً من والدها فقط من أم أخرى وليس لها أبناء لم ترزق بذرية، كما أن والديها توفاهما الله في حياتها وليس لها زوج كما أن لها شقيقا من أبيها وأمها، في هذه الحالة من يكون الوارث أو كيف يكون توزيع الميراث وفي حالة وفاة أخيها قبلها بمعنى أنه توفي الأخ قبل وفاة الأخت وله أبناء هل لهم نصيب في الميراث أرجو من فضيلتكم التفصيل في هذه المسألة؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأخ المتوفى قبلها هو الشقيق، فإن تركتها بين إخوتها وأخواتها لأبيها للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النساء:176] .
وليس لأبناء الأخ الشقيق - والحالة هذه - شيء، لأنهم محجوبون بالإخوة لأب، وإن كان المقصود بالأخ المتوفى قبلها أحد إخوتها لأبيها، فإن تركتها كلها عندئذٍ للأخ الشقيق، لأن الإخوة لأب يحجبون بالأخ الشقيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1422(14/2524)
ماتت عن زوج وأب وأم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفيت زوجة وورثت مبلغا من المال ليس لديها أطفال، زوجها عائش وكذلك أمها وأبوها.
قامت قبل موتها بشراء سيارة باسمها على أن تسدد من رواتبهما ثم باعتها وأخذ زوجها المال ثم سدد بعض الديون التي عليه وشرى بالباقي أثاثا للمنزل. كيف يوزع هذا المال وجزاكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تركته الزوجة من مال، يقسم بين ورثتها في هذه المسألة، وهم: زوجها وأبوها وأمها، فلزوجها النصف، ولأمها ثلث الباقي بعد نصيب الزوج، ولأبيها ما بقي بعد ذلك.
هذا هو الحكم العام في جميع ما تركته من مال.
وأما ثمن السيارة المذكورة ففيه تفصيل:
فإن كانت الزوجة قد وهبته لزوجها في حال صحتها، فهو حق خالص للزوج لا يشركه فيه أحد.
وإن كان الزوج أخذ هذا المال بنية القرض، أو دون رضاها، أو أخذه بعد موتها فهو ملك للزوجة، ينتقل إلى ورثتها ومنهم الزوج، ويقسم حسب ما ذكرنا أول الجواب، لكن يجب سداد دينها قبل قسمة التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1422(14/2525)
توفي عن زوجة وأم وأولاده ثم ماتت الزوجة والأم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدنا وله ولد واحد وبنتان وكانت جدتي على قيد الحياة في ذلك الوقت وكذلك والدتنا وعمتي أخت أبي ثم توفيت والدتنا وبعد فترة توفيت جدتنا وبقي نحن الأبناء: ولد واحد وابنتان وعمتنا أخت أبي من الأم والأب ونرغب في توزيع الإرث فكيف يتم توزيعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تركة الميت الأول تقسم بين الورثة على النحو التالي:
السدس لأم الميت (جدتكم) ، والثمن للزوجة أمكم، والباقي بين الأولاد: للذكر مثل حظ الأنثيين، وليس لأخت الميت شيء.
وأما تركة الميت الثاني، وهو أمكم فإنها تقسم بينكم للذكر مثل حظ الأنثيين، وأما عمتكم وجدتكم، فإنهما غريبتان عن أمكم، فلا ترثان منها.
وأما ميراث جدتكم فنصفه لعمتكم، والنصف الثاني بينكم أنتم أولاد ابنها: للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1422(14/2526)
حكم الميراث الذي لم يقسم، ونما بالتجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال من أخت سائلة في الخليل تقول: ترك والدي تجارة وكان أخي يعمل مع والدي في التجارة وبعد موت والدي استمر أخي في التجارة وكبرت وطلبنا منه القسمة وكان يماطل وبعد 23 سنة نريد القسمة فهل لنا في التجارة؟
أفتونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لكل أحد من ورثة ذلك الوالد الحق فيما تركه من تجارة وعقارات وسيارات، وغير ذلك من الممتلكات -قليلة كانت أو كثيرة- لقول الله تعالى (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (النساء:7) وعلى ذلك فإن لكم الحق في التجارة التي تركها أبوكم، ولأخيك الذي كان يعمل فيها إضافة إلى نصيبه من التركة أجرة مثله لتلك الفترة التي كان يعمل قبل أن يطالبه الورثة بالقسم. ويشترط أن يراعى في ذلك حجم العمل الذي كان يقوم به، وكمية التجارة التي كان يمارسها.
أما بعد ما طالب الورثة بالقسم فليس له شيء في مقابل عمله، لأنه إذ ذلك يعتبر متعدياً.
وعليكم جميعاً أن تتقوا الله تعالى، وتحرصوا جميعاً أن لا يظلم أحد منكم أحداً، وتحلَّوا بالصبر والتسامح، واحذروا مما يورث بينكم العداوة والبغضاء، فإن وشائج الرحم التي بينكم وأواصر القرابة يجب أن تكون فوق كل اعتبار مادي، والمحافظة عليها واجبة وجوب شديداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1422(14/2527)
أحوال الجد في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معلومات شاملة عن علم المواريث وأحص بالذكر أحوال الجد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إعطاء معلومات شاملة عن علم المواريث يحتاج إلى بحث طويل، أو تأليف مستقل، والفتوى إنما تكون في مسألة معينة أشكلت على المستفتي.
أما الجد فهو على قسمين، لأنه إما أن يكون صحيحاً، وإما أن يكون رحمياً.
فالجد الصحيح: هو الذي لا تدخل في نسبته إلى الميت أنثى، كأب الأب وإن علا.
أما الجد الرحمي: فهو الذي تدخل في نسبته إلى الميت أنثى كأب الأم، وأب أم الأب، ويعتبر الجد الرحمي من ذوي الأرحام.
أما الجد الصحيح، فهو من أصحاب الفروض، وله أحوال ثلاثة:
1/ الحال الأول: يأخذ فيه السدس، فهو يرث كالأب السدس فرضاً في حال وجود الفرع الوارث المذكر وإن نزل.
2/ يرث الجد كالأب بالتعصيب إن لم يكن للمتوفى فرع وارث مطلقاً، ذكراً كان أو أنثى.
3/ يرث بالفرض والتعصيب: يرث الجد كالأب أيضاً بالفرض والتعصيب إذا وجد معه فرع وارث مؤنث، فيأخذ السدس فرضاً، والباقي بالتعصيب. ويختلف الجد عن الأب في الأمور التالية:
- الأب لا يحجب بحال، بخلاف الجد فإنه يحجب بالأب.
- إذا اجتمع الأب والأم وأحد الزوجين أخذت الأم ثلث الباقي بعد نصيب أحد الزوجين، أما إن وجد مكان الأب في هذه المسألة الجد، فإنها تأخذ ثلث التركة.
- الأب يحجب الإخوة والأخوات الشقيقات أو لأب أو لأم، أما الجد فإنه لا يحجب إلا الإخوة أو الأخوات لأم، فهذه هي أحوال الجد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1422(14/2528)
توفي عن والد ووالدة وأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو شاب أعزب توفي وله والد ووالدة وله أخوات إناث فقط وترك المتوفي المال أريد أن أعرف كيفية توزيع التركة لوالديه وأخواته علما بأن له ستة أخوات وجزاكم الله عنا كل خير وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فتوزع تركة هذا الشاب المتوفى على أمه ولها سدس التركة، لقوله تعالى: (فإن كان له إخوة فلأمه السدس) [النساء: 11]
والباقي من التركة يرثه الأب بالتعصيب، لعدم وجود الفرع الوارث، ولا شيء لأخواته لحجبهم بالأب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1422(14/2529)
ابن الزوجة لا يرث من زوج أمه إلا بالتعصيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لابن زوجة الأب أن يرث من زوج أمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن ابن الزوجة لا يرث من زوج أمه بمجرد أنه ابن زوجة فقط، لأن أسباب الإرث منحصرة في ثلاثة لا تتجاوزها، وهي: النسب، والزوجية، والولاء.
وابن الزوجة لا يدلي لزوج أمه بواحد من هذه الثلاثة، اللهم إلا أن يكون من عصبته، مثل: ابن أخيه، أو ابن عمه، أو نحو ذلك، فتجري عليه أحكام العصبة من هذا الوجه الأخير فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1422(14/2530)
ما يفعل الورثة بمال مورثهم الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأبنأء شخصٍ ما ومتعارف عنه أن ماله قد اكتسبه بطرق غير مشروعه أن يرثه أبناؤه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جواز ملكية المال الحرام بالإرث، إذا كان الوارث يعلم أن مورثه قد اكتسبه بطريق حرام، وسبب اختلافهم هو هل للوارث أن يحوز هذا المال مع علمه بحرمة كسبه، وعدم إقرار الشارع للوسيلة التي جاء بواسطتها؟
أم أنه يجوز له أن يأخذه، والإثم في ذمة المورث الذي سعى في كسبه بطريق محرم؟ فمنهم من أباح ملكيته بالإرث، ومنهم من حرمها، ومنهم من فرق بين ما علم مالكه وبين ما جهل مالكه، فحرّم الأول وأباح الثاني.
ولكن الراجح عندنا والموافق لمقتضى العدل وقواعد القياس أن وارث المال الحرام لا يحل له أخذه، سواء كان مالكه مجهولا أو معروفا، وأنه لا فرق بين الوارث والمورث في حرمة الانتفاع بالمال الحرام، فكما لا يجوز للمورث الذي سعى لكسب المال الحرام الانتفاع به، فمن باب أولى أن لا يجوز لوارثه الذي لم يسع فيه، ولم تَجُل يده عليه.
والموت ليس سببا لإباحة أخذ المال الحرام، والقول بأن المورث مات والوزر عليه دون الوارث لا يغير من حقيقة أن هذا المال جاء بطريق محرم لا يقره الشارع وهذا الأمر -أعني حرمة أخذ المال الحرام بالإرث ووجوب رده إلى أهله- واضح فيما إذا كان رب المال الحقيقي معروفا، وأما إذا كان مجهولا كما هو الواقع في أغلب الأموال المحرمة في زماننا هذا، إذ الغالب فيها أن تكون فوائد ربوية أو رشاوى، أو نحو ذلك مما يصعب معه تحديد المالك الحقيقي، فالظاهر أنه لا يجوز تملكه بالإرث أيضا، وذلك أن المال في الأصل ملك لله تعالى، يبين ذلك قوله تعالى: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) [الحديد: 7] وقوله (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) [النور: 33] وقد ملكه الله تعالى لعباده بالطرق المشروعة التي أذن فيها، فإن جهل مالكه الحالي، عاد إلى مالكه الأصلي وهو الله تبارك وتعالى.
ولما كان الله تعالى غنيا عن كل ملك فقد ملكه لعباده الفقراء، فيعاد هذا المال إليهم بالصدقة، وإذا كان الورثة فقراء ساغ لهم أن يأخذوا هذا المال إذا كان مجهول المالك، وليأخذوه على سبيل الصدقة عليهم، لا على سبيل الميراث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1422(14/2531)
هل يقتسم الورثة المال الحرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ماله كله اكتسبه بطرق غير مشروعة فهل يجوز لأبنائه أن يرثوه بعد موته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كسب مالاً بطريق غير مشروع ثم مات فإن المال الحرام لا يطيب لورثته بموته، بل يجب عليهم رده إلى مالكه، إن علم هو أو ورثته، فإن لم يعرف أو لم يكن له مالك فيتصدق به بنية صاحبه، أو ينفق في مصالح المسلمين.
قال ابن رشد الجد المالكي (وأما الميراث فلا يطيب المال الحرام هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر…)
فإن كان المال مختلطاً حلالاً وحراماً فيجب على ورثته رد عين الحرام إن علمت، فإن لم تعلم اجتهدوا في تحديد مقدار الحرام فيرد إلى أصحابه أو يتصدق به، كما سبق.
وقال النووي في المجموع (من ورث مالاً ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراماً وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد…) انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى عن رجل مراب خلف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالاً للولد بالميراث أم لا؟ فأجاب (وأما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه: إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، لكن القدر المشتبه يستحب تركه …وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1422(14/2532)
نفقة اليتامى الأغنياء من ميراثهم، وحكم الاتجار لمصلحتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى أخوان قصر غير أشقاء، أنا الوصي على أموالهما التي ورثاها عن والدي وهي عبارة عن عقارات مؤجرة وغير مؤجرة ونقدية في بنوك تقليدية ومساهمات في شركات ونصيبهما الشرعي من شركات الوالد التجارية وكوني الوصي عليهما والوكيل عن والدتهما وهي زوجة والدي المتوفى فهل يجوز تخصيص مبلغ شهري من ماليهما للإنفاق عليهما، أم أن تنفق والدتهما عليهما مما تحصلت عليه من نصيبها في التركة وهل علي إثم إن أبقيت مال القصر على ماهو عليه أم علي استثمار أموالهما والمتاجرة به وأخاف أن أخسر وأفكر في أن أفضل طريقة إيداع النقدية والفوائد الناتجة من نصيبهم في الشركات في بنك إسلامي في وديعة استثمارية بالعملة الصعبة مخافة أن يقضي التضخم على مالهم أفتوني في ذلك وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تصرف أولياء اليتامى في أموالهم بما هو الأصلح لها: من استثمارها وتنميتها بالطريقة المشروعة، خير وأفضل من تركها دون استثمار، قال تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة:220]
ولاشك أن المتاجرة بالمال أصلح من تركه دون نماء تأكله النفقات والصدقات، وقد أخرج الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة " وهو حديث فيه ضعف؛ لكن الآية تشهد لما دل عليه. فما تفكر فيه أيها السائل من استثمار أموال اليتامى في الشركات والمصارف الإسلامية هو الأصح والأولى.
أما النفقة عليهم فتكون من أموالهم لكونهم أغنياء، وليست عليك أنت ولا على والدتهم وإذا كنت تقصد بالبنوك التقليدية - المودعة فيها أموال اليتامى- البنوك الربوية فيجب عليك أن تسحبها منها فوراً، ولا تدعها في مستنقع الربا، فإنك قد أصبحت أنت المسئول عنها، وكل إنسان سوف يسأل عن رعيته.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(14/2533)
أحوال ميراث البنات من جدهن
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب متزوج وله اثنين من البنات توفي قبل والده وبعد سنة توفي والده هل يصح أن يرث البنات من هذا الرجل (الجد) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تخلو حالة بنتي الابن هنا من واحدة من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن لا ترثا، من الجد شيئاً، وهي حالة وجود الابن المباشر للجدّ، أو البنتين فما فوق، لأن بنتي الابن تحجبان في هذه الحالة.
الحالة الثانية: إن وجد للجدّ بنت واحدة، فإن بنتي الابن ترثان معها السدس تكملة للثلثين.
الحالة الثالثة: عند انفراد بنتي الابن، وعدم وجود من يعصبهن، فإنهما يرثان الثلثين، وعند وجود عصبة من درجتهن، كالأخ، أو ابن العم تقسم التركة بينهن، وبين من ذكروا: للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(14/2534)
مثلثة عثمان، ومربعات ابن مسعود
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد:
سؤال في الفرائض.
نرجو أن تتفضلوا علينا أيها المشايخ الكرام بالجواب عن السؤالين التاليين بحكم اهتمامنا بهذا العلم:
1- ما هي المسائل المسماة - مثلثات عثمان- وما حلولها؟
2- ما هي المسائل الخمس المسماة - مربعات ابن مسعود- وما حلولها؟
شكرا لكم ودمتم في خدمة الاسلام والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما مربعات ابن مسعود فهي ما ورد في أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري، قال:
ومنها أي الملقبات (مربعات ابن مسعود) وهي:
1/ بنت وأخت لغير أم وجد، فإن ابن مسعود قال: للبنت النصف، والباقي بين الجد والأخت نصفين، فتصح من أربعة: وقلنا: أي الجمهور: والباقي بينهما أثلاثاً: للجد سهمان، وللأخت سهم، فتصح من ستة.
2/ زوج وأم وجد، قال ابن مسعود: للزوج النصف، والباقي بين الأم والجد مناصفة، فتصح من أربعة، وقلنا: للأم بعد نصف الزوج الثلث، والباقي وهو السدس للجد فرضاً، فهي من ستة.
3/ زوجة وأم وجد وأخ لغير أم، قال: المال بينهما أرباعاً، فتصح من أربعة، وقلنا: للزوجة الربع، وللأم الثلث، والباقي للجد والأخ مناصفة، وتصح من أربعة وعشرين.
4/ زوجة وأخت لغير أم وجد، قال: للزوجة الربع، وللأخت النصف، والباقي للجد. وقلنا: للزوجة الربع، والباقي بين الجد والأخت أثلاثاً، فتصح على القولين من أربعة، وتسمى هذه الأخيرة: مربعة الجماعة، لصحتها عندهم من أربعة كما تقرر، وفي أسنى المطالب ذكر مسألة خامسة، وذكرها الحنابلة أيضاً، وهي:
5/ أم وأخت وجد، قال ابن مسعود: للأخت النصف، والباقي بين الجد والأم نصفان، فتصح من أربعة.
وقال الحنابلة والشافعية: للأم الثلث، وما بقي فبين الجد والأخت على ثلاثة أسهم، للجد سهمان، وللأخت سهم، وهذه المسألة تسمى الخرقاء، وإنما سميت بذلك لكثرة اختلاف الصحابة فيها، فكأن الأقوال خرقتها، وفيها سبعة أقوال.
ويروى فيها عن ابن مسعود أيضاً أنه قال: للأم السدس، والباقي بين الجد والأم نصفان.
قال ابن قدامة في المغني: (وقال عثمان: المال بينهم أثلاث، لكل واحد منهم ثلث، وهي مثلثة عثمان، وتسمى المسبعة، فيها سبعة أقوال، والمسدسة لأن معنى الأقوال يرجع إلى ستة) .
وفي مطالب أولي النهي، ذكر من أسمائها: العثمانية، والمخمسة لاختلاف خمسة من الصحابة فيها، وهم: عثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد.
وتسمى الشعبية والحجاجية، لأن الحجاج امتحن بها الشعبي، فأصاب فعفا عنه.
ومنه يعلم أن لعثمان رضي الله عنه مثلثة واحدة، وهي أم وأخت وجد على نحو ما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1422(14/2535)
توفي عن بنت وأبناء ابن
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وله بنت وأبناء ابن توفي في حياة أبيه فكيف توزع تركة هذا الرجل وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكن للميت وارث غير من ذكروا، فإن البنت لها نصف التركة فرضاً.
وأبناء الابن المتوفى في حياة أبيه يأخذون الباقي من التركة تعصيباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1422(14/2536)
تكاليف بناء البيت الموروث تدفع حسب نصيب كل وارث
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل وأبناء ابنه المتوفى وزوجة ابنه المتوفى يسكنون جميعا فى نفس البيت ولهذا الرجل بنت متزوجة فإذا أراد أولاد الإبن أن يبنوا البيت من جديد على نفقتهم الخاصة لأن البيت آيل للسقوط فهل عند تقسيم الميراث تأخذ أخت أبيهم من هذا البيت شيئا على العلم بأن الجد لا يملك إلا هذا البيت فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الجد قد توفي فإن بنته المتزوجة تستحق نصف التركة (نصف البيت) فرضاً، وأولاد الابن المتوفى في حياة الجد لهم نصف البيت المتبقي على جهة التعصيب. وأما زوجة الابن المتوفى فلا ترث شيئاً من هذه التركة. وإذا أراد أبناء الابن بناء البيت المشترك بينهم وبين عمتهم لكونه آيلاً للسقوط، فللعمة التي تملك النصف من البيت أن تدفع لهم نصف تكلفة البناء، وتظل شريكة لهم في نصف البيت الجديد، كما كانت شريكة بنصف البيت القديم الذي سقط أو كاد، فإذا أستأذنوها في بناء البيت من جديد فمنعتهم جبرها الحاكم على المشاركة معهم، أو بيعها نصيبها لهم بثمن المثل، للضرر الحاصل من ترك البيت ركاماً مهدماً لا نفع فيه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه الإمام أحمد.
وإذا بنوا البيت- من عندهم -برضاها، ثم حسبوا نصف التكلفة واعتبروه قرضاً يستوفى من نصيبها من إيجار البيت -الذي سيدفعونه هم، أو غيرهم ممن سيسكنه- كان ذلك حلاً لائقاً أيضاً وعلى كل فعلى هؤلاء الأبناء أن يتقوا الله تعالى في عمتهم، وأن يعلموا أن الله هو الذي فرض لها هذا النصيب من الإرث، ولا معقب لحكمه، ومن حاول أن يحول بينها وبين أخذ حقها -كاملاً- كان معترضاً على حكم الله، والمعترض على حكمه على خطير عظيم.
ومما يجدر التنبه له: أن ما أشرنا إليه فيما تقدم هو في ما إذا كان الجد قد توفى -كما مر- أما إذا كان لا يزال حياً فالبيت بيته هو، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذنه هو، إن كان واعياً رشيداً، فإن كان قد بلغ به الكبر أو المرض مبلغاً يجعله غير كامل الأهلية في التصرف، فإن المحاكم الشرعية هي التي تباشر التصرف في ماله بما يتماشى مع أحكام الشرع وقواعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1422(14/2537)
الوارث المستدين يرد ما استدانه ليضم للميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[مات والدي وكان بيني وبين الوالد رحمه الله دين بقي منه مبلغ وقدره 34000ريال لم أسدده،
وقد كتمته عن الورثة لأن والدي قال لي قبل موته عندما سلفني المبلغ أن لا أحد من الأسرة يعلم ذلك، يكون سراً ولكني غير متأكد أن الوالد غير مهتم لهذا الدين وربما لوطلبت من أن يسامحني لفعل وغير ذلك كان هذا المبلغ السابق الذكر مع ماتم تسديه ذكر لي الوالد أنه أراد تزويجي به وأن أسدده وإذا مات هو قال أنت مسامح فما رأيكم جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك الآن أن تخبر الورثة بهذا المبلغ الذي في ذمتك، لأنه صار لهم بموت أبيك، فإن سامحوك ووهبوا لك ذلك المبلغ، وكانت تصرفاتهم نافذة بأن كانوا بالغين رشداء، فهو لك وإلا فسدده، ليضم إلى تركة أبيك، فيقسم معها، وإن شئت فاصطلح معهم على أن يخصم من حصتك من التركة، وليس في إخبارك الآن لهم بذلك مخالفة لأمر أبيك، لأن الحق انتقل منه إليهم، وإن تحرجت من إخبارهم بأنه كان أقرضك إياه، فلا بأس في أن توِّري لهم، وتقول: إنه كان عندك له من غير أن تذكر قرضاً، أو إنه كان الوالد قد أقرض لشخص ما، من غير أن تعينه، ونحو ذلك ...
أما ما ذكرت من أباك كان سيسامحك، فلا ينفعك الآن، وكذلك قوله لك: إذا مت فأنت مسامح لا يجعل ذمتك تبرأ، لأن هذا في معنى الوصية، وأنت وارث، ولا وصية لوارث، فالحاصل أنه لا محيد لك عن سداد ذلك الدين، إلا أن يسقطه عنك الورثة إن كانوا بالغين رشداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(14/2538)
حقوق الورثة في راتب التقاعد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وله زوجة واحدة وثلاثة أبناء ذكور وثلاث بنات وله بعض الممتلكات من مال وأسهم وراتب تقاعدي، مع العلم بأن الراتب التقاعدي يبلغ حوالي (2400 ريال سعودي) ولكن لايستحقه إلا الزوجة وبنتان وولد واحد فقط حسب نظام مصلحة التقاعد. فإنني آمل من فضيلتكم التكرم بالرد علي سؤالي عن كيفية توزيع الإرث بصفة عامة والراتب التقاعدي بصفة خاصة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتوزع تركة والدك على من ذكرت - إذا لم يكن له أب أو أم على قيد الحياة حال وفاته - بعد قضاء ديونه، وإنفاذ وصاياه من الثلث، ويتم التوزيع على النحو التالي:
للزوجة الثمن فرضاً، لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [النساء:12] .
والباقي للأولاد ذكوراً وإناثاً بالتعصيب للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11] .
والمسألة من ثمانية للزوجة سهم واحد، وهو ثمنها، والباقي سبعة أسهم تقسم بين أولاد المتوفى: الذكور والإناث - للذكر مثل حظ الأنثيين- ولتصحيح المسألة يضرب أصلها، وهو ثمانية في تسعة، فيصير أصل المسألة من اثنين وسبعين.
للزوجة تسعة أسهم، ولكل ابن أربعة عشر سهما، ولكل بنت سبعة أسهم، ولمعرفة قدر السهم الواحد تقسم التركة على اثنين وسبعين، فيتخرج مقدار السهم الواحد.
ولبيان نصيب كل وارث يضرب مقدار السهم الواحد في عدد ما حصل عليه كل وارث من أسهم.
وأما بالنسبة لراتب التقاعد، فيختلف حكمه باختلاف طبيعة نظام التقاعد، وملخص ذلك هو: أن راتب التقاعد إما أن يكون مخصوماً من أصل استحقاقات الموظف، فهو بمثابة الدين له، فهو ملك له، فيقسم كما يقسم باقي التركة، لأنه جزء منها.
وإما أن يكون منحة من جهة العمل لعيال العامل بعد وفاته، فيجب حينئذ أن يصرف لمن خصصته الجهة المذكورة له دون غيره.
وإما أن يكون خليطاً بأن يخصم منه شيء من أصل الاستحقاقات، وتتبرع جهة العمل بشيء آخر، فما كان منه مخصوماً من الاستحقاقات، فهو جزء من التركة، يقسم كقسمتها، وما كان منه تبرعاً من جهة العمل، فهو حق لمن صرفته له دون غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1422(14/2539)
توفيت عن أربعة أولاد وأربع بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت عن أربعة أولاد وأربع بنات كيف توزع تركتها عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لم يكن لهذه المرأة وارث غير من ذكروا في السؤال، فإن التركة تقسم عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11] .
وعلى ذلك، فالمسألة من عدد سهام الورثة الاثني عشر، لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1422(14/2540)
مات عن زوجته وثلاثة أبناء وثلاث بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وله ثلاثة أولاد وثلاث بنات وزوجة، فكيف يتم توزيع الإرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن توفي وترك زوجة وثلاثة أبناء وثلاث بنات فإن التركة تقسم بينهم كالآتي:
للزوجة الثمن فرضاً، لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] والباقي للأولاد ذكوراً وإناثاً، لقوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثين ... ) [النساء:11]
والمسألة من ثمانية أسهم: للزوجة سهم واحد وهو ثمنها، والباقي وهو سبعة أسهم للأولاد ذكوراً وإناثاً بالتعصيب.
ولتصحيح المسألة يضرب أصلها وهو ثمانية من تسعة فيكون أصلها من اثنين وسبعين للزوجة تسعة أسهم، ولكل ابن أربعة عشر سهماً، ولكل بنت سبعة أسهم.
ولمعرفة مقدار السهم الواحد: تقسم التركة المراد توزيعها على الورثة على أصل المسألة وهو اثنان وسبعون فيتخرج مقدار السهم الواحد، ثم يضرب مقدار السهم الواحد في مجموع ما حصل عليه كل وارث من الأسهم فيتخرج نصيب كل وارث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(14/2541)
مات عن زوجة، وأم، وبنتين، وأخ شقيق، وأخت شقيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حل هذه المسألة الوراثية:
مات رجل عن زوجة، أم، بنتين، أخ شقيق، أخت شقيقة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فمن مات وترك زوجة وأما وبنتين وأخا شقيقا وأختا شقيقة، فإن التركة توزع عليهم كالتالي:
للزوجة الثمن فرضا، لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) [النساء:12] .
وللأم السدس فرضا أيضا، لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء:11] .
وللبنتين الثلثان فرضا، لقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) [النساء:11] .
والباقي للأخ والأخت الشقيقين تعصيبا، لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:176] .
والمسألة من أربع وعشرين: للزوجة منها ثلاثة أسهم وهو ثمنها، وللأم أربعة أسهم وهو سدسها، وللبنتين ستة عشر سهما أي الثلثان، والباقي وهو سهم واحد للأخ والأخت الشقيقين تعصيبا.
ولتصحيح المسألة يضرب أصلها وهو أربعة وعشرون في ثلاثة، فيكون أصلها من اثنين وسبعين: للزوجة تسعة أسهم، وللأم اثنا عشر سهما، ولكل بنت من البنتين أربعة وعشرون سهما، وللأخ الشقيق سهمان، وللأخت الشقيقة سهم واحد.
ولمعرفة مقدار السهم الواحد تقسم التركة على أصل المسألة، وهو اثنان وسبعون، فيخرج مقدار السهم الواحد.
ثم لبيان نصيب كل وارث يضرب ماله من أسهم في مقدار السهم الواحد، فيخرج نصيبه من التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1422(14/2542)
لا توارث بين أهل ملتين ولو كانا زوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تزوج المسلم من فتاة من أهل الكتاب، هل يجوز لها أن تبقى على دينها، وإذا توفي الزوج فهل ترث، وإذا توفيت أين تدفن، وهل تجوز الصلاة عليها والدعاء لها بالرحمة؟
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحل الله تعالى للمؤمن نكاح المؤمنة المحصنة العفيفة، وبين تعالى أن المؤمنة ولو كانت أمة خير من المشركة ولو أعجبت الناس. قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة:221] .
والعلة في ذلك ذكرها الله تعالى بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) [البقرة:221] .
واستثنى الله تعالى من المشركات الكتابيات (النصرانيات واليهوديات) ، حيث إن الكتابيات يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد، كالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب ونحو ذلك، مما عساه أن يكون مساعداً في هدايتهن إلى الإسلام.
وقيد سبحانه جواز نكاح الكتابية بأن تكون محصنة (عفيفة) ، قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة: 5] .
فإن كانت غير محصنة (غير عفيفة) فلا يحل نكاحها. ولذلك كان عمر رضي الله عنه يمنع من ذلك، ونهى الصحابة عنه.
والأولى للمسلم أن يتزوج بمسلمة لعدة أمور، منها:
- أن المسلمة تربي أولاده على الإسلام، وليس هناك خلاف بينهما لاشتراكهما في دين واحد، فلا يضر بقاء الأولاد معها في حال المفارقة بموت أو طلاق.
- أنه لا يأمن المسلم من أن تؤثر الكتابية على أولاده فينشئوا متأثرين بعقيدتها وسلوكها.
- أن الغالب على هؤلاء ـ لا سيما الأوروبيات ـ ترك الدين الذي ينتسبون إليه إلى مذاهب وملل أخرى، كالوجودية والإلحاد، ولا ارتباط لهن بدينهن. فهن في الحقيقة لا دين لهن. كما أن الغالب عليهن عدم العفة وهو شرط معتبر في جواز نكاحهن. ومع ذلك فإن وثق من الكتابية في عفتها، وأنها باقية على دينها فإن الأصل جواز نكاحها.
لكن ننصح بعدم اللجوء إلى الزواج منهن إلا في أضيق نطاق لما ذكرنا. وليعلم أن التحريم ليس وحده هو الحاجز، بل هناك مفاسد ومشاكل تنشأ من مثل هذه الزيجات، تجعل تركها أحمد في العاقبة، وأهنا للعيش.
ويزداد الأمر خطورة بالنسبة لليهوديات في الوقت الحاضر لأن اليهود قوم بهت ماكرون، وقد يستعملون لصالح حربهم المعلنة على المسلمين بعض نسائهم في جلب الشر إلى المجتمعات الإسلامية والتجسس عليها، وهذا أسلوب معلوم عندهم في حرب من يعاودونهم.
هذا من حيث مبدأ الزواج من الكتابيات، فإذا حصل الزواج، فإنه في حال الوفاة لا يرث أحدهما الآخر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً" متفق عليه.
وإذا توفيت فإنها تدفن في مقابر الكافرين، ولا تدفن في مقابر المسلمين، فإن لم يكن للكافرين مقبرة يدفنون فيها دفنت في موضع منفرد، ولا تجوز الصلاة عليها، ولا الدعاء لها بالمغفرة، لأنها ماتت على الشرك قال تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [التوبة:113] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(14/2543)
مات عن زوجتين وابن وبنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توفي مسلم وترك زوجتين وولدا وبنتين كم يكون نصيب كل زوجة من ميراثه البالغ 8000 ريال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وترك زوجتين وابناً وبنتين، ومبلغاً قدره ثمانية آلاف ريال، توزع تركته على النحو التالي:
للزوجتين معا الثمن فرضاً، لقوله تعالى: (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم) [النساء: 12] .
والباقي للأولاد نصيب الذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) [النساء: 11] .
فالمسألة من ثمانية: للزوجتين سهم واحد، والباقي وهو سبعة أسهم للأولاد، وتصحح المسألة، فيضرب أصلها، وهو ثمانية في أربعة، فتصير من اثنين وثلاثين: للزوجتين أربعة وهو الثمن - لكل واحدة منهما سهمان - وللابن أربعة عشر سهماً، ولكل بنت سبعة أسهم.
ولبيان مقدار السهم الواحد تقسم التركة على أصل المسألة، فيكون مقدار السهم الواحد مائتين وخمسين ريالاً.
فيكون نصيب كل زوجة: 250×2 = 500 ريال.
ونصيب الابن: 250×14 = 3500 ريال.
ونصيب كل بنت من البنتين 250×7 = 1750 ريالاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1422(14/2544)
لغز في مسألة مواريث ببيتين من الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سعادتكم تفسير هذا البيت، حيث إني لم أقتنع بهذه القسمة:
تقول الزوجة بعد وفاة زوجها:
فلي النصف إن أتيت بأنثى
ولي الثمن إن يكن من الرجال
ولي الكل إن أتيت بميت
هذه قصتي ففسر سؤالي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواقع أن ما ذكره السائل بيتان من بحر الخفيف، وهما:
فلي النصف إن أتيت بأنثى ولي الثمن إن يكن من رجال
ولي الكل إن أتيت بميت هذه قصتي ففسر سؤالي
وقد تضمن البيتان لغزاً مشهوراً، وحله أن هذه المرأة كانت تملك عبداً، فأعتقته ثم تزوجته، فإن مات ورثت فرضها بصفتها زوجة، وترث ما بقي بعد أصحاب الفروض بصفتها معتقة، وذلك إذا لم يكن له عصبة نسب.
وقد افترض الناظم أنه مات عنها وهي حامل، وذكر ثلاث حالات لما قد يصير إليه ذلك الحمل.
الأولى: أن تضعه أنثى على قيد الحياة، وفي هذه الحالة تكون التركة كالتالي:
للبنت النصف، وللزوجة الثمن فرضاً لوجود الفرع الوارث، والباقي بعد الفرضين (ثلاثة أثمان) للزوجة تعصيباً، فيصير بذلك مجموع ما نالته من التركة النصف.
الثانية: أن تضعه ذكراً على قيد الحياة أيضاً، وفي هذه الحالة تكون التركة كالتالي:
للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث، والباقي كله للابن تعصيباً، وعصبة النسب مقدمون على عصبة الولاء، أي المعتقين.
الثالثة: أن تضعه ميتاً، وفي هذه الحالة لا يستحق شيئاً من التركة، ويكون مجموعها للزوجة، فلها الربع فرضاً لعدم وجود الفرع الوارث، ولها الباقي تعصيباً.
وهنالك حالات أخرى يمكن أن يلغز بها في هذه المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1422(14/2545)
ماتت عن أب وأم وخمس أخوات شقيقات وأختين لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لها أب وأم وخمس أخوات شقيقات وأختان من الأب. فهل للأختان من الأب حق الإرث منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس للأخوات الشقيقات ولا للأختين للأب شيء من تركة هذه المرأة لأن الجميع محجوب بالأب،
وما تركته هذه المرأة هو لأمها وأبيها على النحو التالي: للأم السدس لوجود جمع من الأخوات والباقي للأب جميعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1422(14/2546)
ماتت عن ست بنات وأختان لأب وثلاثة أخوات لأم
[السُّؤَالُ]
ـ[1-امرأة لها ست بنات وأختان من الأب وثلاثة أخوة من الأم. السؤال هو: هل من حق الأخوة والأخوات أن يرثوا أختهم الغير شقيقة، وكم سيكون نصيبهم في حالة الجواز؟
2- لدي والدة مريضة وقد ورثت من ابنتها المتوفاة ولكن المحكمة منعت من التصرف في هذا المال. في هذه الحالة إذا حال عليه الحول من سيزكي عنه؟ علما بأننا لسنا مستفيدين ولا هي أيضا، أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما تركته هذه المرأة هو لبناتها وأختيها من الأب على النحو التالي: للبنات الثلثان، لقول الله تعالى: (فإن كنَّ نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) [النساء:11] والباقي وهو الثلث للأخت تعصيباً، لأن الأخوات مع البنات يصرن عاصبات، قضى بذلك الصحابة، وعليه أهل العلم. قال بعضهم:
والأخوات قد يصرن عاصبات *إن كان للميت بنت أو بنات
وأما الإخوة للأم فلا شيء لهم لأنهم محجوبون بالبنت، لقول الله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهو شركاء في الثلث) [النساء:12]
فقد شرط الله لإرث الإخوة (والمقصود هنا الإخوة للأم) أن يكون الميت يورث كلالة، وهو من لم يترك أصلاً ولا فرعاً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات والله أعلم.
وأما الفقرة الثانية من سؤالك فنود منك توضيحها حتى يتسنى لنا الجواب عليها خصوصاً ما يتعلق بالسبب الذي جعل المحاكم توقف التصرف في هذا المال. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1422(14/2547)
ماتت عن بنتين وإخوة وأخوات وأبناء أخ وأبناء أخت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة عن ابنتين وإخوة وأخوات وأبناء أخ متوفى وأبناء أخت متوفاة. كيف توزع التركة؟ وكم يكون نصيب الزوج إن تركت زوجاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شيء لأبناء الأخ المتوفى لأنهم محجوبون بأعمامهم (إخوة الميتة) وكذلك لا شيء لأبناء الأخت المتوفاة لأنهم لا يرثون أصلاً.
وأما البنات والإخوة والأخوات والزوج -إن كان- فهم الورثة، فإن كانت قد تركت بنتين وإخوة وأخوات فقط فالتركة توزع كالتالي: فللبنتين الثلثان فرضاً. والباقي للإخوة والأخوات تعصيباً: للذكر منهم مثل حظ الأنثيين ويحجب من الإخوة والأخوات من كان لأب فقط مع وجود من كانوا لأب ولأم.
أما إن كانت تركت من ذكروا مع زوج فإن التركة توزع كالتالي: للبنتين الثلثان -كما تقدم- وللزوج الربع لوجود الفرع الوارث، والباقي للإخوة والأخوات تعصيباً -كما تقدم-.
وهذه المسألة من أربعة وعشرين سهماً تأصيلاً لضرب مقام الثلث (ثلاثة) في كامل مقام الربع (أربعة) لتبيانهما.
فللبنتان ستة عشر سهماً (الثلثان) وللزوج ستة سهام (الربع) والباقي وهو سهمان للإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1422(14/2548)
لا يحق لأحد التصرف بالميراث إلا بإذن جميع الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي والدي بتاريخ 12/4/2001 وكانت أمواله في البنك ماعدا مبلغ 500 دينار أردني.
تريد والدتي أن تتصرف في هذه ال 500 دينار بحيث تتصدق بها جميعها بمختلف أنواع الصدقات الجارية وغيرها ولكن دون أن تدخل في حساب الميراث (التركه) . هل يحق لها شرعا ذلك؟ علما بأننا نحن الوارثين، إذا تعلق الأمر بنا فليس لدينا أي مانع حيال تصرف والدتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يحق لأي إنسان أن يتصرف بتركة الميت، أو بجزء منها قبل القسم، سواء أكان وارثاً أو قاضياً، أو غيرهما، لتعلق حقوقٍٍ بالتركة فرضها الله تعالى، ومنها حقوق الورثة، قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... ) [النساء: 11] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" متفق عليه.
ومن الحقوق: الدين -إن وجد-، والوصية -إن وجدت-.
غير أنه يمكن لوالدتك التصرف بالخمسمائة دينار إذا أذن كل الورثة، وكانوا بالغين رشداء - ولم يتعلق بالإرث حق جنين وارث-، وإذا لم يكن هناك دين أو وصية. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(14/2549)
مات عن أب وزوجة وعن ابن مختل عقليا وبنتين وثلاثة إخوة وأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وترك زوجة وولدا مختلاً عقليا وبنتين وثلاثة إخوة وأختا وأبا وترك مبلغا من المال
فكيف يوزع المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإخوة والأخت في هذه الحالة لا يرثون لأنهم محجوبون بالابن وبالأب. أما البقية فيرثون التركة كالتالي: للأب السدس، وللزوجة الثمن، والباقي يقسم بين الابن والبنتين للذكر مثل حظ الأنثيين. فالمسألة ستكون من ستة وتسعين سهماً: للأب ستة عشر سهما، وللزوجة اثنا عشر سهماً، وللابن أربعة وثلاثون سهماً، ولكل من البنتين سبعة عشر سهماً. وكون الابن مختلاً عقلياً فإن هذا لا يمنعه من الميراث، فالمجنون يرث ويتملك، وإنما لا تصح تصرفاته القوليه ومعاوضاته وهباته.
وننصحكم بالرجوع إلى القضاء للتأكد من عدم وجود ورثة غير من ذكروا في السؤال، وعدم وجود ديون على الميت، أو وصايا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1422(14/2550)
كتب أملاكه لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى عمى والد زوجى وترك قطعة أرض وعقار ملك تسكنه الأسرة وهى الزوجة وبنتان وأربع ذكور وهم جميعا معاقون عدا زوجي أكبرهم وشقيقه الذى يليه ولكنه لم يكمل تعليمه مثل زوجى الذي يشغل مركزاً مرموقاً قامت الزوجة بعد وفاة عمى الذي كان قد كتب لها أملاكه قبل الوفاة لسهولة التصرف فيها كيفما شاءوا بعد وفاته بكتابة جميع الأملاك لشقيق زوجي الذي يلية بحجة أنه يتولى الإنفاق عليها وعلى أشقائه وذلك بعد موافقة زوجي الذى لم يقبل أن يغضبها ونحن فى حاجة لحقنا فى هذا المال فما التصرف الشرعي الذي يمكنا من الحصول على حقنا دون إغضاب الوالدة مع العلم بأنها خالتى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي أولاً: النظر في مكتوب هذا الرجل لزوجته، فإن كانت الصيغة التي كتبها لا تقتضي إلا مجرد التسهيل في التصرف - كما في نص السؤال- فإن هذا المال ما زال تركة، ليس للزوجة منه إلا نصيبها فقط، وهو الثُمن إذا لم تكن معها زوجة أخرى أو زوجات، وإلا فهي شريكة لمن معها من الزوجات في الثُمن، أما الباقي بعد الثمن فهو مقسم على أولاد الميت للذكر مثل حظ الأنثيين، لا فرق في ذلك بين غنيهم وفقيرهم وسالمهم ومعوقهم، وإن كان كتب لها بصيغة التمليك التام، فيفرق فيه حينئذ بين حال الصحة والمرض، لأن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا، فيكون من الثلث إذا تم قبض الهبة.
وإن كان وهبه لها صحيحاً مختاراً بصيغة يحق بها التمليك شرعاً، نظر أيضا في حال هبة الزوجة لابنها، فإن كانت لمجرد تسهيل التصرف، فليست هبة أصلاً، وإن كانت لقصد إيثاره هو وبعض الإخوة دون بعضهم، فإن ذلك محل خلاف بين العلماء: هل هو جائز فتمضي الهبة، أم حرام فتبطل؟ فذهب بعضهم إلى أنه حرام لما فيه من زرع العداوة، وقطع الصلات التي أمر الله بها أن توصل، واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير مخاطباً بشير والد النعمان: "لا تشهدني على جور" رواه مسلم، وعنه أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ "، فقال: لا، فقال: "فأرجعه" رواه البخاري، وقالوا: إن الحديث يدل على وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، وإنها باطلة مع عدم التسوية، وذهب إلى هذا القول الإمام أحمد وبعض العلماء،
وخالف في ذلك الجمهور، فقالوا: بعدم بطلان الهبة، واستحباب التسوية فقط.
واتفقوا على جواز التخصيص بعد إذن البقية ورضاهم.
وإذا تقررت صحة الهبتين بأن كانت من الميت بصيغة الجزم، وفي حال الصحة، ولم تكن من الزوجة على سبيل التسهيل، فالظاهر - والله تعالى أعلم- أن هذا الزوج الذي استؤذن من قبل أمه، ورضي بإعطاء نصيبه لأخيه، واختار بر أمه سقط حقه - ولو افترضنا وجوب التسوية، وبطلان الهبة بالتفضيل- لأن مذهب أحمد الذي خالف في المسألة هو جواز التفضيل إذا كان هناك داع، أو مقتض له كزمانةٍ أو عمى، أو كثرة عائلة، فإذا كان هذا الأخ يتولى الإنفاق على أسرته المعاقة حقاً، كان ذلك معنى يقتضي جواز التخصيص. وينبغي لمن انتقل إليه الحق أن يعدل ويقسط: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) [النحل: 90] ، ويجب أن لا يكون أخذه لهذا المال ذريعة لأخذ حقوق إخوته الضعفاء، فالله يعلم المفسد من المصلح. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1422(14/2551)
تحدد قسمة ميراث بناء البيت حسب النية عند بنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفي أب العام الماضي 2000 وله من الأولاد ثمانية، خمسة ذكور وثلاث إناث.
كان هذا الأب يعيش في بيته الذي بناه في عام 1980 من طابق واحد على قطعة من الأرض اشتراها من ماله الخاص ليعيش بها هو وأولاده الخمسة بعد أن تزوج أكبر اثنين من أبنائه الذكور وابنته الوسطى.
بعد مرور سنتين إلى ثلاث سنوات من بنائه لذلك البيت أي عام 1982 أو 1983، طلب أكبر اثنين من أولاده أن يسمح لهما ببناء طابق آخر فوق الطابق الأول مكون من شقتين لكل واحد منهما شقته الخاصة به من مالهم الخاص دون أي مساعده مالية من الأب، وقد وافق الأب على طلبهما وبالفعل تم البناء وسكنا البيت منذ تلك السنة حتى الآن.
هل الطابق العلوي من هذا البيت يضم إلى تركة الأب فيقسم معه أم أنه خاص للولدين الذين بنياه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الولدان المذكوران بنيا ذلك الطابق من مالهما الخاص ولديهما البينة على ذلك، ولم يبنياه على وجه الهبة للوالد فإنهما يختصان بذلك الطابق دون بقية الورثة، لأنه ليس من مال الأب الميت. ويكون إذن الوالد لهما بالبناء بمثابة هبة الهواء لهما. وقد نص العلماء على جواز التصرف في هواء المنزل بيعاً أو هبة أو غيرهما وفق ضوابط تتعلق بصفة البناءين الأعلى والأسفل لأن الأعلى يرغب في قوة الأسفل، والأسفل يرغب في خفة الأعلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1422(14/2552)
توفى عن أم وزوجة وولد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وله ولد وزوجة وأب وأم فكيف يوزع الميراث الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت المسألة كما ذكرت، ولا يوجد وارث آخر، فيقسم الميراث كالتالي: للزوجة الثمن فرضاً لوجود الابن، وللأب السدس فرضاً، وللأم السدس فرضاً، واللابن الباقي بعد (الزوجة، والأب، والأم) تعصيباً.
أصل المسألة من 24، للزوجة منها 3 أسهم، وللأب أسهم 4، وللأم 4 أسهم، وللابن الباقي 13 سهما.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال. فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(14/2553)
مسألة في الميراث على طريقة التنزيل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مات وليس لديه أبناء ولا زوجة ولا أخ ولا أخت (لا يوجد أحد من العصبة ولا الفروض) . وترك بنت أخت لأب وابن وبنت أخ لأم وابن وبنت أخت لأم. ولقد وصى بكل مايملك لابن أخيه. فكيف يكون تقسيم الميراث. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الموصى له هو ابن الأخ لأم، وعلى هذا فإن جميع الذين خلَّفهم الميت من ذوي الأرحام، وهم يرثون -على الراجح من أقوال أهل العلم- في مثل هذه الحالة. وهو قول جماعة من الصحابة: كعمر وعلي، وهو مذهب الحنابلة والحنفية، والوجه الثاني من مذهب الشافعية إذا لم ينتظم بيت المال، وهو المفتى به عند متأخري المالكية بالشرط المذكور.
وأما كيفية توريثهم فالراجح من أقوال أهل العلم أنها على طريقة التنزيل، وهو مذهب أحمد، وهو الأقيس والأصح عند الشافعية والمالكية إذا ورَّثوا ذوي الأرحام.
وطريقة التنزيل في مثل هذه المسألة أن ننزل كل واحد من ذوي الأرحام منزلة الوارث الذي أدلى به، فنفرد للمدلى بهم نصيبهم من التركة كما لو كانوا هم الورثة، ثم نعطي نصيب كل واحد منهم إلى فروعه من ذوي الأرحام للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا فروع الأخ والأخت لأم فللذكر مثل حظ الأنثى.
وعلى هذا فإن بنت الأخت ترث نصيب أمها، وابن بنت الأخ لأم يرثان نصيب أبيهما بالتساوي بينهما، وابن وبنت الأخت لأم يرثان نصيب أمهما بالتساوي، مع العلم أن في المسألة رداً على الورثة، فيكون ناتج المسألة المسؤول عنها بعد الرد عشرة أسهم: لبنت الأخت لأب ستة أسهم، ولكل من أبناء الأخ لأم والأخت لأم سهم واحد.
ولا تعتبر الوصية إلا بإجازة الورثة، لأن الموصى له وارث، ولأنه أوصى له بجميع المال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا وصية لوارث" رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وقد أجمع العلماء على ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص عندما أراد أن يوصي بماله كله: " لا. قلت: فالشطر؟ قال: لا. قلت: الثلث؟ قال: فالثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس" رواه البخاري ومسلم وقد أجمع أهل العلم على عدم جواز الوصية بأكثر من الثلث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1421(14/2554)
لا تصح الوصية للوارث إلا بإجازة الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بالنسبة للأرض التي أشرت إليها في السؤال الأول (فتوه رقم 8716) فان الأب كان قد كتب ملكيتها بيني (الأخ الأصغر) وبين شقيقتي (الأخ الأكبر) وذلك حتى لا يكون لزوجتيه نصيب فيها بعد وفاته وكان في نيته أن تقسم حسب الشرع آي الثلثين لي والثلث لأختي وذلك بشهادة أمي والآن الموقف القانوني وهو ما تتمسك به أختي أن يكون التقسيم بالتساوي فما هو رأي الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي السائل وفقك الله أن الأرض التي كتب والدك ملكيتها بينك وبين شقيقتك، إما أن تكون تلك الكتابة على وجه الهبة في حياته، أو الوصية بعد مماته، فالهبة تفضيلا لبعض للولد جائزة مع الكراهة عند الجمهور، ومنعها الإمام أحمد تحريماً، وهو الأقرب.
وإن كانت على وجه الوصية، فهي وصية لوارث لا تجوز إلا بإجازة الورثة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
فإن أجاز الورثة هذه الوصية " بمن فيهم زوجتا أبيك" جازت، فإن أجاز البعض جازت في حقهم دون حق من منع، ذلك أن المال بعد موت المورّث ملك للورثة، وليس للمورث إلا ثلث ماله عند وفاته يوصي به لغير الورثة، أو للورثة بشرط إجازتها، وتنفذ الوصية ـ إن أجازها الورثة ـ على ما أوصى به الموصي "والدكم" إن كانت مناصفة أو أقل أو أكثر.
إما إن كانت كتابته الأرض لكما من قبيل قسمة الميراث قبل وفاته، فالتقسيم إن وافق الشرع أنفذ، والتقسيم بمعنى أن الأرض لهؤلاء، والبيوت لهؤلاء لا يجوز إلا بإجازة الورثة. وبهذا التفصيل يتضح جواب مسألتك، ويمكن توجيه الإشكال، وتكييف القسمة بناء على هذا التفصيل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1421(14/2555)
المنع من وصول الميراث لأصحابه ظلم وتعد لحدود الله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم مانع الميراث عن النساء؟
ففي بلادنا يرث الرجال والكثير لا يورثون النساء
ولكم الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الحق سبحانه (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) [النساء: 11] ثم ذكر فروض الورثة وختم بآيتين عظيمتين، بينت إحداهما فضيلة امتثال أمر الله عز وجل، وبينت الأخرى عقوبة من يتعدى حدوده، فقال سبحانه: (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهارخالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) [النساء: 13-14] ولا شك أن من منع امرأة: أختاً كانت، أم أماً، أم جدة أم زوجة ميراثها فقد تعدى حدود الله، وتعرض لعقوبته، والله قد قسم الميراث قسمة عدل لا جور فيها ولا حيف، فالواجب على العباد هو: أن يتقوا الله، ويرعوا حدوده، وواجب الدعاة من طلبة العلم أن يبينوا للناس دينهم، وأن ينهوهم عن الفساد في الأرض، وأن يحثوهم على إعطاء كل ذي حق حقه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1421(14/2556)
نصيب الوارث من الإيجار على قدر نصيبه من أصل التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة وتركت بيتا يؤجر بستمائة ريال شهريا ولها بنت متزوجة أنجبت أربعة أبناء وثلاث بنات كلهم متزوجون ولهم ذرية، ثم إن لهذه المرأة المتوفاة ابنين متوفيين أنجب أحدهما بنتين ولهما ذرية وأنجب الآخر ولدين وثلاث بنات.
كيف يكون توزيع المبلغ الشهري؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يفهم من مسألتك أن الابنين قد توفيا قبل وفاة أمهما، وعلى هذا الأساس نقول: نصف المال للبنت فرضاً، لقوله تعالى (وإن كانت واحدة فلها النصف) [النساء:11] والباقي لأولاد الابنين (البنين والبنات) تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا شيء لأولاد البنت. فأصل المسألة من اثنين، للبنت النصف ومقداره واحد، والباقي لأولاد الابنين ولتصحيح المسألة تضرب أصلها في تسعة، فيكون المجموع ثمانية عشر، للبنت تسعة أسهم، ولكل ابن ابن سهمان، ولكل بنت ابن سهم واحد.
ونصيب كل وراث من أجرة البيت على قدر نصيبه من أصل التركة، وهو البيت الذي تركته المتوفاة.
ولمعرفة مقدار السهم الواحد يقسم الإيجار على ثمانية عشر فيكون مقدار السهم الواحد (33,33) وحصة كل وراث من الإيجار هي حاصل ضرب عدد أسهمه في مقدار السهم الواحد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1421(14/2557)
لا يجوز الاحتيال لحرمان وارث من نصيبه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أربع بنات وزوجة واحدة كذلك والدتي وثمانية إخوه (ثلاثة أشقاء، وخمسة اخواتي من أبي) على قيد الحياة.
السؤال: كيف يكون توزيع الإرث؟
... وحيث إن الحالة المادية لجميع إخوتي جيدة فكيف أضمن أن الإرث لا يذهب إلا لبناتي ووالدتي وزوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شروط الإرث أن يكون المورث قد مات في حياة الوارث حياة حقيقية أو حكمية، وأجل الإنسان لا يعلمه إلا الله، فلا تعلم- أيها السائل - من سيموت قبلك من الورثة - الذين ذكرت - ممن سيموت بعدك.
ولا يسقط الإخوة من الميراث إلا في حالتين، الأولى: وجود الأب أو أب الأب وإن علا، أو وجود ابن أو ابن ابن وإن نزل. الثانية: أن يستغرق أصحاب الفروض جميع التركة فلا يبقى لهم شيء، لأن العصبة لا ترث إلا بعد أخذ أصحاب الفروض نصيبهم، والإخوة عصبة، وليسوا أصحاب فرض.
وفي حالة موت المورث عن الورثة المذكورين فقط، فإن الأخوة لأب لا يرثون لأنهم محجوبون بالإخوة الأشقاء. وتقسم التركة إلى أربعة وعشرين سهماً: ترث البنات الثلثين فرضاً أي ستة عشر سهماً، فيكون نصيب كل بنت أربعة أسهم، وترث الزوجة الثمن فرضا ً أي ثلاثة أسهم، وترث الأم السدس فرضاً أي أربعة أسهم، ويبقى سهم واحد (أي جزء واحد من أربعة وعشرين جزءاً) يرثه الإخوة تعصيباً يقسم بينهم بالسوية إن كانوا ذكوراً، أو للذكر مثل حظ الأنثيين إن وجد معهم إناث. ولا يجوز الاحتيال لمنع أي وارث من الإرث لأن هذا حق له فرضه الله تعالى وإن كان غنياً، يقول تعالى (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً) . [النساء:7]
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(14/2558)
لا يحكم لأحد بأن له حقا في مال الميت إلا ببينة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وبعد:
لدي مسألة حيرتني وأتمنى الرد عليها: في السنة الفارطة توفي والدي رحمه الله، وكان قد شيد مسكنا بتمويل من والدتي، التي مكنته من التصرف في مال لها إثر بيعها لقطعتي أرض لها، وقد منحته ثمن الأولى عن طيب خاطر أما الثانية فقد اعتبرها دينا بشهادتها وشهادة بعض أبنائها.
فهل يمكن اعتبار ثمن القطعتين، أو إحداهما دينا وتسديده واجب قبل النظر في تقسيم الإرث (عديد من الأطراف يحق لها الإرث)
وفي نفس السياق أود استشارتكم في الموضوع التالي: لوالدتي مسكن مسوغ منذ عشرين سنة، وكان والدي رحمه الله يتصرف بمعلومه دون قيد أو شرط من أمي هل يمكن لها المطالبة بتعويض.
شكرا جزيلا مسبقا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول للسائل أولا: إن ما كان من القضايا فيه حقوق مشتركة، مثل التركات، والحكم على الغائب، والميت ونحو ذلك. يجب أن يكون مرجعه ومرده إلى المحاكم الشرعية فهي التي بإمكانها التأكد منه، والاطلاع على حقائقه، والنظر في جميع جوانبه العالقة به. أما الفتوى فلا يصح الاعتماد عليها في مثل تلك الأمور التي لا تخلو غالباً من أبعاد غامضة وخلفيات لا يمكن أن يحاط بها عن طريق سؤال في ورقة.
ثم نقول: إن ما كان بيد الإنسان وفي حوزته يحكم له بملكيته ما دام حياً، فإذا مات انتقلت تلك الملكية إلى ورثته حتى تقوم البينة الشرعية على أن ما كان بيد ذلك الإنسان، أو ما تركه فيه دين لآخر، فعندئذ يحكم بمقتضى تلك البينة، ويؤخذ ذلك الدين من رأس المال قبل قسمه على أهله.
وعليه: فما تركه والدك ـ أيها السائل ـ يعتبر تركة بين الورثة حتى يثبت ثبوتاً شرعياً ما ادعي من أن فيه ديناً، وشهادة الأم لنفسها، أو شهادة ولدها لها لاغية، إلا أن هذا الابن الذي شهد لأمه لا حظ له في الإرث مما شهد على أنه دين؛ لإقراره بأنه ليس ملكا لأبيه. أما سكوت والدتك عن تصرف زوجها في مالها هذه الفترة الطويلة فينظر فيه: هل له من سبب أم لا؟ فإذا كان لخوف أو حياء، أو نحو ذلك، فلها الحق بالمطالبة بما أكله من مالها من تركته بعد إثبات أصل الدين، وأن المانع هو الحياء أو الخوف، والإثبات يكون ببينة. أما إذا لم يكن لها عذر وقد سكتت هذه المدة الطويلة، والرجل يتصرف في مالها بحضرتها، أو علمها فالظاهر أنها لا حق لها في القيام بالمطالبة بشيء بعد هذا السكوت الطويل الذي لا داعي له، ففي (مواهب الجليل لشرح مختصر خليل) تأليف إمام المالكية في عصره أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المغريب المعروف بالحطاب: من ترك غيره يتصرف في ماله ويفعل فيه ما يفعل المالك في ملكه الدهر الطويل، فإن ذلك يسقط حقه. قاله: مالك، وابن وهب، وابن عبد الحكم وأصبغ.. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1421(14/2559)
توفيت وتركت زوجا وأخا لأب وإخوة لأم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توُفيت عمتي ولها تركة وأقاربها كآلاتي:-
1- الزوج: وقد توفاه الله.
2- أخ وحيد من الأب وهو والدي وقد توفاه الله وله ثلاثة أبناء ذكور وبنت واحدة.
3- أخوة عدة من الأم.
السؤال الأول: ما نسبة ميراث الزوج؟
السؤال الثاني: هل يرث الأخوة من الأم مع العلم أن تركة عمتي ورثتها عن أبيها
... ... ... ... ... ... (جدي) ؟؟ وكم تبلغ نسبة ذلك الميراث؟
السؤال الثالث: ما نسبة ميراث أولاد الأخ المتوفى وهل ترث البنت؟؟ وما
... ... ... ... نسبة ذلك؟؟
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أن السائل الكريم لم يوضح هل موت الزوج والأخ كان قبل موت المرأة، أم بعد، فنحن نجيب إن شاء الله على كلا الاحتمالين فنقول:
إذا ماتت المرأة وتركت زوجها وأخاها لأب وإخوة لأم اثنين أو أكثر، فلزوجها نصف ما تركت، لقوله تعالى: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد) [النساء: 12] .
وللإخوة لأم الثلث، لقوله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) [النساء: 12] .
والباقي بعد نصف الزوج وثلث الإخوة للأم يكون للأخ للأب يأخذه بالتعصيب، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأولى رجل ذكر" الحديث. متفق عليه.
أما الاحتمال الثاني: وهو موت الزوج والأخ لأب قبل موت المرأة، فالورثة هنا هم أبناء الأخ لأب الذكور فقط والإخوة للأم. وقسمة المال بينهم على النحو التالي:
للأخوة لأم الثلث، والباقي وهو الثلثان لأبناء الأخ للأب، لكل واحد منهم السدس ولا شيء لبنت الأخ، لمفهوم الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم "فلأولى رجل ذكر".
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1421(14/2560)
التصرف بالميراث لا يمنع أصحاب الحقوق حقوقهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت من أبي، وتوفي الوالد مند 23 سنة وترك مبنى تسكن فيه الأسرة وهي أمي أنا وليست أمها وولدان آخران.
تزوجت أختي وقمت أنا باستثمار هذا المبنى حتى أستطيع توفير سكن لكل من الولدين الاثنين، فقد أجرت المبنى برضى الجميع وبإيجاره اشتريت سكناً آخر سكنت فيه الأسرة وبعدها قمت ببيع البيت الذي أجرته واشتريت أرضا لأبني عليها بيوتاً لنا الأولاد الثلاث وأمنا والآن وأنا في صدد تشطيب هذه المباني.
سؤالي ما هو نصيب أختي من الإرث هل أعطيها حصتها من البيت الذي أجرته ثم بعته أو من ثمن المباني التي بنيتها بما في ذلك حصة الوالدة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللازم للأخت في مثل هذه الحالة هو نصيبها من هذه المباني الموجودة حالياً، مادامت من نماء وربح المبنى الذي تركه الوالد. وتصرفك أنت فيه لا يخرجه عن أصله، ووجه ذلك: أن هذا التصرف إما أن يكون برضى الأخت، أو بغير رضاها. فإن كان برضاها فالأمر واضح، وهو أنها أذنت لك في المتاجرة بحصتها، وتنميتها من أجل مصلحتها، وإن كان بغير رضاها فأنت بين أمرين:
أولهما: أن يكون تصرفك هذا من أجل مصلحة الجميع، والأمر هنا أيضا واضح.
وثانيهما: أن يكون هذا التصرف من أجل مصلحتك أنت، أو مصلحة الورثة الآخرين. وهنا يكون هذا التصرف تعدياً على الأخت التي لم تأذن لك، ولم تقصد أنت لها المصلحة، فأنت في حكم الغاصب، وقد نص العلماء على أن ربح المال المغصوب وكل ما نشأ منه يعود لمالكه، وليس للغاصب، ويدل على هذا ما رواه الإمام أحمد والأربعة إلا النسائي وحسنه الترمذي من قوله صلى الله عليه وسلم: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته". والحديث وإن كان فيه مقال إلا أن له شواهد تقويه.
والشاهد من الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن الزرع الذي أنبت في الأرض المغصوبة لمالك الأرض، وليس للغاصب الذي تولى زرعه وعلاجه. ويشهد له أيضا قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود بإسناد حسن: "ليس لعرق ظالم حق" ينضاف إلى هذا أنك قد حُلْتَ بينها وبين الاستفادة من حقها الذي فرض الله لها في التركة خلال هذه المدة الطويلة (عشرين سنة) وقد سكنت أنت وإخوانك في أحد المساكن الذي هو من جملة الممتلكات المذكورة، بدون أن تشير لنا إلى أنكم كنتم تدفعون لها شيئاً مقابل انفرادكم بالسكن في هذا المكان المشترك فيه، وهو البيت الذي اشتريته من إيجار البيت الأول الذي تركه والدك.
فالحاصل أن عليك أن تتقي الله في أختك، وتدفع إليها حقها كاملاً غير منقوص. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1421(14/2561)
توفي رجل عن زوجة وبنتين وإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف توزع الأنصبة عند وفاة رجل له زوجة وبنتان وإخوة ذكور وإناث وأبواه متوفيان؟ وهل يرث أبناء الإخوة هذا العم أو (الخال) إن كان أبوه أو (أمه) متوفى من قبل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ابناء الأخ محجوبون بوجود الإخوة فلا يرثون، وإن كان أبوهم متوفى، وأبناء الأخت ليسو من الورثة وإنما من ذوي الأرحام فلا يرثون ألبتة، وتوزع التركة أربعة وعشرين سهما للزوجة منها الثمن أي ثلاثة أسهم وللبنتين الثلثان أي ستة عشر سهماً والباقي وهو خمسة أسهم يقسم بين الإخوة ذكوراً وإناثاً، للذكر مثل حظ الانثيين. هذا إذا ما كان الإخوة أشقاء جميعاً أو إخوة لأب جميعاً، فإن كانوا مختلطين -أشقاء ولأب - فلا شيء للإخوة لأب لأنهم محجوبون بالأشقاء، لكن إذا كان هناك أخ أو أخت أو إخوة لأم فإن حكم المسألة سيتغير حسب الحال.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2562)
ابن توفي أبوه ولم يرث شيئا من تركة جده ثم بعد أن توفي عمه طالب بتركة أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ابن توفي أبوه ولم يرث شيئاً من تركة جده ثم بعد أن توفي عمه طالب بتركة أبيه ما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الابن لا يرث من جده شيئاً ما دام ابن مباشر للجد موجوداً.
فإذا مات الابن المباشر الذي ورث المال، وهو هنا: عم ابن الابن المسؤول عنه فليس لابن الابن المطالبة بأي حق في مال العم، إلا في حالة ما إذا لم يكن للعم عاصب أقرب منه. ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رمضان 1421(14/2563)
جميع ما تركه الميت من أموال ملك له
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال في الإرث. ما هي التركة. هل هي رأس مال الأب (مثلا) أم كل أمواله. وإن كانت هي كل أمواله فكيف يقسم المال الذي نمي بأيدي البنات ليس البنين الذين ولدوا بعد البنات. تحت هذه الظروف التي ولد البنون فيها بعد نمو مال الأب بأيدي البنات هل تأخذ البنات نصف حظ البنين. جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رأس مال الشخص ونمائه وربحه وجميع ما نشأ عنه سواء، الكل ملك لصاحب رأس المال مادام حياً، وسواء في ذلك نماؤه تحت يده أو تحت يد غيره، فإذا مات انتقلت الملكية إلى ورثته بعد إخراج الديون والوصايا وغير ذلك من الحقوق الثابتة، وورثة الميت إذا كانوا أولاده - كما في السؤال - فللذكر منهم مثل حظ الأنثيين، لا فرق في ذلك بين كبيرهم وصغيرهم، ومن مات عنه أبوه وهو في بطن أمه، ولاتستحق البنات التي نما المال في أيديهن شيئا منه بعد وفاة الأب، إلا إذا كان قد حدد لهن نسبة أو أجرة مقابل تثميرهن لما تحت أيديهن منه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2564)
توفيت عن زوج وإخوة لأم وأبناءأخ لأب.
[السُّؤَالُ]
ـ[توُفيت عمتي ولها تركة
أقاربها كالآتي:-
o الزوج
o أخ وحيد من الأب وهو والدي وقد توفاه الله وله ثلاثة أبناء ذكور بنت واحدة
o أخوة عديدون من الأم
السؤال الأول: نسبة ميراث الزوج؟
السؤال الثانى: هل يرث الأخوة من الأم مع العلم أن تركة عمتي ورثتها عن أبيها
... ... ... ... ... ... (جدي) ؟؟ وكم تبلغ نسبة ذلك الميراث؟
السؤال الثالث: نسبة ميراث أولاد الأخ المتوفى وهل ترث البنت؟؟ وما
... ... ... ... نسبة ذلك؟؟
... وتفضلوا بقبول وافر الاحترام
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.. وبعد:
اعلم أخي السائل وفقك الله أن توزيع أنصباء تركة عمتك على النحو التالي:
الزوج له نصف التركة لقول الله تعالى: " ولكم نصف ماترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد "
الإخوة لأم لهم الثلث: لقول الله تعالى: " وإن كان رجل يورث كلالة أو إمرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث " وهذه الآية في الإخوة في لأم كما في قراءة ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص - التي هي تفسير للآية - وله أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس.. "
ابناء الأخ لأب الذكور فإن الإناث لا يرثن: وهؤلاء عصبة، فما تبقى من التركة بعد أن يستوفي أصحاب الفروض حقوقهم يعطى للإخوة لأب، كما قال النبي صلى الله علي هوسلم: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما تبقى فلأولى رجل ذكر " متفق عليه.
رسم توضيحي للمسألة (المسألة من 6)
النصف 3 من 6 الزوج
الثلث 2 من 6 للذكر مثل حظ الأنثى الإخوة لأم
الباقي 1 من 6 أبناء الأخ لأب (الذكور فقط) (عصبة)
هذا إذا توفي الأخ لأب قبل أخته (عمة السائل) أما إن توفيت وهو حي فله الباقي، وليس لأبنائه من تركة عمتهم شيء.
رسم توضيحي للمسألة (المسألة من 6)
النصف 3 من 6 الزوج
الثلث 2 من 6 للذكر مثل حظ الأنثى الإخوة لأم
الباقي 1 من 6 الأخ لأب
وعلى الأخ السائل أن يرضى بحكم الله عز وجل وأن يوصي بقية الورثة بذلك، فإن الله لم يجعل تقسيم الميراث لأحد، وإنما أنزله في كتابه قطعاً لمادة النزاع، وليكون هاديا للمسلم أمام نوازع النفس الأمارة بالسوء، فإن كثيرا من الخلافات تنشأ عند قسمة الميراث، وكل ذلك إما ناتج لعدم تقسيم التركة كما قسمها الله، وإما ناتج عن عدم الرضى بحكم الله، ولاشك أن الكل من عظائم الأمور التي أورثت الشقائق والبغضاء وقطيعة الرحم بين الأقارب والإخوان. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2565)
كيفية التصرف بمال المتوفى.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: امرأة توفيت أختها في المهجر وتركت عندها مالا فهي تسأل هل يجوز لها أن تحج عنها؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فيجوز لك أن تحجي عن أختك المتوفاة، تفضلاً منك، ولا حرج في ذلك إذا كنت حججت عن نفسك من قبل. والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال: " من شبرمة؟ " قال: أخ لي أو قريب لي فقال: "حججت عن نفسك؟ " قال: لا. قال:" حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان.
أما هذا المال الذي تركته عندك فإن كانت وهبته لك فهو لك تتصرفين فيه كيفما تشائين. وأما إن تركته عند وديعة أو كانت أقرضته لك فعليك أن ترجعيه للورثة ليقسم بينهم القسمة الشرعية بعد قضاء دينها ـ إن كان عليها دين ـ وتنفيذ وصيتها إن وجدت. وليس لك أن تحجي لها منه قبل القسمة الشرعية لهذا المال. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2566)
الاجتهاد في تحري الحق ورد الحقوق لأصحابها.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي عن رجل دفع مبلغاً من المال النقدي والعيني لآخر لغرض المتاجرة واتفقا على أن يكون الربح بينهما مناصفة وليس للطرف الثاني أى حصة في رأس المال وبعد مدة زمنية توفي الطرف الأول وقام ورثته بالمطالبة بارثهم الشرعي الا ان الطرف الثاني بدء في المماطلة والتسويف ولم يحصل الورثة على بيانات شافية بما يبين نصيبهم ومن البيانات المقدمة قائمة بعقارات وديون مستحقةعلى الشركة وغير واضحة هل هي تخص الشركة أم تخص الطرف الثاني وقد نص العقد على أنه في حالة وفاة أحد الشركاء فللورثة حق الدخول بدله مع محاسبتهم على أساس آخر ميزانية الآن توفي الطرف الثاني وأصبح النزاع بين ورثة الطرف الأول وبين ورثة الطرف الثاني حيث ان جميع الاموال والعقارات تحت يد ورثة الطرف الثاني الاسئلة هي: - 1- كيفية حل مشكلة الديون حيث انها غير محددة هل هي على الشركة أم على الطرف الثاني؟ 2- الدخل الخاص بالعقارات منذ وفاة الطرف الأول؟ 3- هل للطرف الثاني أي حق في ادعاء ورثته في أنه شريك في ما نتج من عقارات خاصة بالشركة؟ وجزاكم اللة خيرًا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي لورثة كل من الرجلين أن ينظروا في الوثائق الموجودة لديهم في الشركة ويحاولوا أن يتوصلوا إلى حل لهذه المشكلة ويستعينوا بقضاة شرعيين.
ثم إن الأموال الموجودة، الأصل فيها أن تكون للشركة، على ما اتفق عليها الطرفان أول مرة، كما أن الديون المستحقة، الأصل فيها أن تكون على الشركة أيضاً، إلا إذا وجد ما يدل على أن أحد الطرفين استدان في ذلك لنفسه خاصة، وهذا لا يعرف إلا من خلال الوثائق الموجودة لدى الشركة. وكذا العقارات، فإن كانت خاصة بالطرف الأول، وعهد إلى الطرف الثاني باستثمارها بتأجير ونحوه فليس للطرف الثاني حق إلا فيما نتج منها حسبما اتفقا عليه، وأما إذا كانت مشتركة بينهما بأن تم تملكها بعد الدخول في عقد الشراكة فإنها تظل كذلك حتى يقسموها، لأن الأصل إبقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ناقل. وننصح الطرفين بأن يتقوا الله، وأن يعتبروا بمصير أصحاب الحقوق الأصليين، كيف مضوا وتركوا كل شيء وراءهم، واعلموا أن من أعظم البر بمن ورثكم الخير أن تحسنوا إليهم بتخليصهم من حقوق الآخرين، فإنه أعظم ما يرتهن به العبد في قبره، وإياكم أن يحول بينكم وبين الإنصاف حب الدرهم والدينار، فإن البر سلف. نسأل الله أن يوفقكم لما فيه الخير.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2567)
مات عن زوجة وثلاث بنات وإخوة (ذكور وإناث)
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص لديه ثلاث بنات وزوجة وإخوة بنين وبنات، كيف يتم توزيع التركة بينهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الورثة هم المذكورون فقط فالواجب أولا أن يخرج مما تركه الحقوق المتعلقة بعين المال كالرهن ونحوه، ثم تقضى ديونه، ثم تخرج وصاياه التي أوصى بها من ثلث المال، ثم الباقي يقسم على الورثة فللزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث.
وللبنات الثلاث الثلثان لتعددهم وعدم المعصب لهنَّ.
والباقي للإخوة بنين وبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانوا جميعاً أشقاء، أو كانوا جميعاً إخوة له من الأب، فإن كان بعضهم أشقاء وبعضهم لأب فالباقي للأشقاء، والإخوة للأب محجوبون.
وعلى ورثة هذا الميت الرجوع إلى المحاكم الشرعية لحصر المستحقات على المال وحصر الورثة، لتكون قسمة التركة نهائية وصحيحة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2568)
كيفية التصرف بمال المتوفى.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: امرأة توفيت أختها في المهجر وتركت عندها مالا فهي تسأل هل يجوز لها أن تحج عنها؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فيجوز لك أن تحجي عن أختك المتوفاة، تفضلاً منك، ولا حرج في ذلك إذا كنت حججت عن نفسك من قبل. والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال: " من شبرمة؟ " قال: أخ لي أو قريب لي فقال: "حججت عن نفسك؟ " قال: لا. قال:" حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان.
أما هذا المال الذي تركته عندك فإن كانت وهبته لك فهو لك تتصرفين فيه كيفما تشائين. وأما إن تركته عند وديعة أو كانت أقرضته لك فعليك أن ترجعيه للورثة ليقسم بينهم القسمة الشرعية بعد قضاء دينها ـ إن كان عليها دين ـ وتنفيذ وصيتها إن وجدت. وليس لك أن تحجي لها منه قبل القسمة الشرعية لهذا المال. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2569)
ميراث الجدة لأولادها.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة فضيلة المفتي الرجاء الإجابة على سؤالي هذا وهو: امرأة توفيت وأمها كانت مازالت حية فهل للأولاد ميراث من جدتهم علما بأن لهم 3 أخوال وخالتان والخال الأكبر كان هو المتصرف فى مال والدته وكان غير أمين على هذة الثروة فما العمل مع أولاد الست المتوفاة أثناء حياة والدتها وجزاكم الله عنا خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أولاد البنت لاحق لهم في الميراث من جدتهم، لأنهم ليسوا من أصحاب الفروض ولا من العصبة، وما تركته الجدة فهو لأولادها الذكور والإناث، وهم المسئولون عنه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2570)
مات عن أخت وأخ لأم وزوجة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شخص توفي وليس له أولاد وله أخ من الأم، وأخت من الأب والأم، وزوجة. المبلغ المطلوب تقسيمه هو 57964 دينارا. سبعة وخمسون ألفا وتسعمائة وأربعة وستون ديناراً. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المبلغ الذي تركه الميت تقضى منه ديونه أولاً، ثم تنفذ وصيته إن كانت له وصية، ثم الباقي يقسم على الورثة على حسب سهامهم من المسألة، وإليك بيان ذلك، للزوجة الربع، وللأخت الشقيقة النصف، وللأخ للأم السدس، أي أن مسألة هؤلاء الورثة من اثني عشر سهماً، فللأخ للأم سهمان من الاثني عشر، وللأخت الشقيقة النصف ستة سهام، وللزوجة الربع ثلاثة أسهم. يبقى سهم واحد يدفع لعصبة الميت إن كان له عصبة من أعمامه أو أبناء أعمامه، يقدم الأقرب منهم فالأقرب، فإن تساووا قدم الشقيق منهم على الذي للأب فقط.
فإن لم يكن للميت عصبة رد ذلك السهم الباقي على أصحاب الفروض المتقدمين، فتصير المسألة من ثلاثة عشر سهماً عدد سهامهم.
ثم بعد هذه العملية تقسم التركة على ما استقر عليه حال المسألة، إما على الاثني عشر إن كان للميت عصبة، وإما على الثلاثة عشر إن لم يكن له عصبة، كما سبق بيانه.
ثم الناتج عن هذه القسمة يعرف به نصيب كل وارث.
وننصحكم بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في البلد الذي أنتم فيه لحصر ورثة الميت وحصر تركته بطريقة موثقة تمنع من حصول خلل قد يترتب عليه نزاعات في المستقبل.
... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1422(14/2571)
لا يرث أبناء الابن من جدهم إذا كان لديه أبناء ذكور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فضيلة الشيخ أود أن أسأل عن موضوع يتعلق بالتركة.
الموضوع: إنه كان لرجل ثلاثة أبناء ومات أحدهم وكان متزوجا وله أبناء أي أن الأسرة أصبحت عبارة عن الجد وأبنائه وأبناء ابنه المتوفى ثم حدث أن توفي الجد وترك إرثا لأبنائه.
السؤال: هل يحق لأبناء الابن المتوفى أن يرثوا من جدهم أي أن يرثوا حصة أبيهم المتوفى أم لا؟
ولكم جزيل الشكر وجازاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أبناء الابن لا يرثون من جدهم إذا كان أبناؤه الذكور لصلبه موجودين كما هو الحال في المسألة المطروحة، ففي حديث ابن عباس المتفق عليه: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" ومعنى أولى رجل ذكر: أقرب رجل. فما دام في الأولاد المباشرين ذكر فلا حق لأي عاصب آخر في الإرث معه، وهذا مجمع عليه عند أهل العلم، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 77244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2572)
توفي عن زوجة وأخت وعم وخال وأولاد أخت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم توفي رجل وله زوجة وأخت وعم وخال وأولاد أخت (ولد وبنت) , فكيف يتم توزيع الميراث وجزاكم الله عنا كل خير?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلزوجة هذا الرجل الربع، لعدم وجود الفرع الوارث قال الله تعالى: (ولهنَّ الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد) [النساء: 13] .
وللأخت النصف، لعدم وجود الفرع والأصل الوارثين، ولعدم المعصب وهو هنا الأخ، قال الله تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) [النساء: 176] .
والباقي بعد هذين الفرضين يأخذه العم تعصيباً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأولى رجل ذكر". ولا شيء للخال ولا لأولاد الأخت، لأنهم من ذوي الأرحام. وهم لا يرثون مع وجود العصبة، على القول بتوريثهم.
ولكن يندب للورثة أن يصلوهم بشيء من التركة، لقول الله تعالى: (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً) [النساء: 8] .
وهذه المسألة من أربعة، للزوجة الربع واحد، وللأخت النصف اثنان، والباقي للعم وهو واحد.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2573)
مات عن إخوة أشقاء وإخوة لأب وإخوة لأم
[السُّؤَالُ]
ـ[فيما يخص الميراث شخص هلك وترك إخوة أشقاء وإخوة من الأب وإخوة من الأم. كيف يتم تقسيم الميراث بينهم وهل جميع الإخوة يستحقون للميراث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللإخوة من الأم الثلث فرضاً يقسمونه بينهم بالتساوي لقول الله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) [النساء:12] والمراد هنا الإخوة للأم بالإجماع.
والباقي للإخوة الأشقاء تعصيباً، للذكر منهم مثل حظ الأنثيين. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر " متفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما. ولا شيء للإخوة من الأب لأنهم يحجبون بالإخوة الأشقاء لأن الجميع عصبة، يحجب الأقرب منهم الأبعد.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2574)
لا يرث أبناء البنت من تركة جدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعنا في بعض الدول العربية ان ابناء الام التي توفيت في حياة والدها يحق لابنائها من تركة الجد ولكن في الاردن قانون يمنع ابناء الام ان يرثوا جدهم بعد وفاته مع العلم ان الولد الذي يموت في حياة ابيه يكون له نصيب من التركة فما حكم التفرقة في ذلك بين الولد والبنت؟ ولكم الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن أبناء البنت لاحق لهم في تركة جدهم من الأم ولا نعلم خلافاً في ذلك، لأن الوارثين إما أهل فروض وإما عصبة، وابن البنت ليس من أهل الفروض، وليس عاصباً كذلك.
والفرق بين أبناء البنت وأبناء الابن واضح لأن أبناء الابن عصبة يتنزلون منزلة أبيهم بعد موته وموت من هم معه من درجة واحدة كإخوانه وأبناء البنت ليسوا عصبة لأخوالهم ولا لجدهم من الأم لأنهم أبناء رجل آخر قال تعالى: (ادعوهم لآبائهم) ويقول الفرزدق الشاعر: بنونا بنو أبنائنا، وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
ولعل ما سمعه السائل في بعض الدول يكون في موضع الوقف لا الإرث فإن الواقف إذا قال: وقف على ذريتي، يتناول ولد البنت، وبهذا قال مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(14/2575)
الاستيلاء على الميراث لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل مع والدي مدة طويلة وأخذت منه مبالغ كبيرة بدون علمه وتسببت زوجة أبي في الوقيعة بيننا وتركت العمل معه وبعد وفاة والدي استولت زوجة أبي على كل التركة وحرمت والدتي وأخواتى الأشقاء من الحصول على حقوقهم وأنا أقوم بالصرف على والدتي المريضة مرضا مزمنا وتحتاج مني مبالغ كبيرة وأنا ضميري تعبان جدا وأريد أن أكفر عن ذنبي فماذا أفعل هل يقبل الله مني التوبة ويقبل مني أداء فريضة الحج؟ أرجو إفادتى وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى وأن تعلم أن من تمام توبتك أن ترد هذا المال الذي أخذته من أبيك دون علمه إلى ورثته ـ وأنت أحدهم ـ فإن تنازل لك الورثة أو بعضهم عن نصيبه سقط عنك رده، وعلى زوجة أبيك أن ترد ما أخذت من التركة، فإن أبت جاز للورثة رفع الأمر إلى القضاء، ليتم قسم الميراث كما أمر الله تعالى.
ولا شك أن لزوجة أبيك نصيبا من المال الواجب عليك رده، لكن إن امتنعت هي من تسليم ما لديها وتعذر استيفاؤه منها، سقط حقها مما عليك بقدر ما اغتصبت من نصيبك في التركة، ووجب عليك أن تقسم ما لديك من مال بين الورثة الباقين بقدر أنصبتهم، تعويضاً لهم عما فاتهم من مال مورثهم فإن تنازلوا أو تنازل بعضهم عن حقه سقط عنك كما سبق. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2576)
نصيب الرجل من ميراث عم له توفي عن زوجة وثلاث أخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[عمي توفى وليس له أولاد وترك زوجة وثلاث أخوات فهل لي نصيب في تركته، علما بأن أبي قد توفي قبل عمي بسنوات أرجو إيضاح كيفية تقسيم التركة في هذه الحالة.
... ... ... ... ... ... ... جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
كيفية تقسيم هذه التركة هي: أن للأخوات الثلثين لقوله تعالى: (فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك) [النساء:176] ، وللزوجة الربع، لقوله تعالى: (ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد) [النساء:12] ولابن العم ما بقي لقوله صلى الله عليه وسلم: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأول رجل ذكر" أخرجه البخاري ومسلم والمسألة من اثني عشر: للأخوات الثلثان: ثمانية، وللزوجة الربع: ثلاثة، وتبقى واحدة يأخذها ابن العم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2577)
إذا أضاف الورثة شيئا إلى التركة، فكيف يتم التقسيم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن خمسة أبناء أخوان وثلاث أخوات، توفي والدنا ونحن صغار، وتزوجنا جميعا، وبعد ذلك اشترينا 200 مترا أضفناها إلى بيت أبينا الذي كان 30 مترا فقط.
فإذا أردنا أن نقسم فماذا يكون نصيب البنات ونصيب الأولاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البيت الذي كان لأبيكم لكل واحد منكم فيه نصيب، فإن اتفقتم وتركتموه لواحد منكم فإن الإسلام لا يمنعكم من ذلك.
وإن تنازعتم فإن البيت شركة بينكم على حسب الميراث: للذكر مثل حظ الأنثيين،
وكيفية تقسيمه أن تجعلوه على سبعة سهام لكل واحد من الذكور سهمان ولكل بنت سهم.
فان أمكن قسمه بحيث صار لكل منكم ما يمكنه الانتفاع به فالأمر واضح.
وإن لم يمكن ذلك فإما أن تبيعوه وتقسموا ثمنه بينكم على حسب السهام التي ذكرنا، وإما أن يتمسك به بعضكم ويرد للباقين عن نصيبهم، على حسب ما تراضيتم في ذلك.
وأما ما أضفتم إليه بالشراء فلكل واحد منكم نصيب فيه بقدر ما دفع من الثمن، فمن دفع ثلثه ملك ثلثاً، ومن دفع ربعه ملكا ربعاً، يستوي في ذلك الذكور والإناث، هذا إذا كان الإناث قد شاركن في دفع ثمن الجزء المضاف، أما إذا لم يكن قد شاركن فيه فإن رضيتم أنتم أن تشاركوهن فيه هبة منكم وتفضلاً فالأمر واضح، وإلا فلا نصيب لهن، ونصيبهن مقتصر على ما ورثنه من البيت الأول، ولا شك أن الأفضل والأقرب إلى بر أبويكم أن تشركوهن في البيت الجديد.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2578)
القسمة تنال مال المورث فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد: أب لديه ولدان وقد بنى لكل واحدا بيتا متواضعالا يتعدى بضع غرف فوق بيته الكبير الذي يسكنه هو وباقي أفراد العائلة.وعند تقسيم الميراث قام الاب بضم هذين البيتين الى الميراث ومن ثم عمد الى تقسيم الميراث. سؤالي هو ما حكم الاسلام بذلك مع العلم أن الأب يعد من الرجال الاتقياء وعند معارضة أبنائه لهذه القسمة (كانت الاجابة بانه معتد بنفسه وهذا هو الشرع. اشير الى ان الابناء يطالبون بان تكون القسمة وفق الشرع وايضا يرفض هذا الأب أن يضم الى ميراثه ميراث زوجته التي ورثته عن أهلها. وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم هذا السائل أولاً أن البيتين الذين بناهما هذا الوالد فوق بيته الكبير من جملة ماله، ولا يخرجهما عن ملكه كونه أسكن فيهما ابنيه إرفاقاً بهما
ثانياً: أن ما ورثته الزوجة من مال من أهلها هو ملك لها، لا يحق للزوج أن يضمه إلى ماله ولا أن يورثه أبناءه، وعلى ذلك فما فعله هذا الوالد صواب، لأنه تصرف مالك في ملكه إن شاء الله، وعلى هذين الابنين أن ينصاعا للحق وينقادا له.
وليحذرا أن يجعلا من هذه القضية منشأ خلاف بينهما وبين أسرتهما، فإن الخلاف تترتب عليه أمور كثيرة لا فائدة فيها، بل إنه قد ينشأ عنه ارتكاب ما لا يحل من قطيعة الرحم وغيرها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2579)
جد توفي عن حفيدة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وله أحفاد من ابنه الذي توفي قبله، فهل يرثون جدهم علماً بأن الورثة بنت واحدة فقط ووالدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
بنت الابن لا ترث إلا إذا كان للجد بنت واحدة فقط، أو لم يكن له أبناء، فإن كان له بنت واحدة فقط فترث بنت الابن السدس تكملة للثلثين، وإن لم يكن له أولاد فإنها ترث النصف. وأما إن كان له أولاد فلا ترث إلا إن أوصى لها بشيء. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2580)
لا إرث للابن المتوفى قبل أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خالان الأكبر منهما توفى قبل ابيه (جدي) وهناك بيت بإسم جدي السؤال هل يحق لابناء خالي الاكبر (المتوفي) بالمطالبة بحق ابيهم من الميراث في البيت مع العلم ان خالي الاصغر توفى ايضا ولكن بعد وفاة جدي بسنة تقريبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحق لأبناء خالك المطالبة بحق أبيهم في ميراث الجد، لكونه مات قبل وفاة الجد، فهم محجوبون بعمهم.
ومن شروط الإرث المتفق عليها: تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، فإذا مات الابن قبل أبيه لم يكن له شيء.
وينبغي للجد - والحالة هذه - أن يوصي لأبناء ابنه بما لا يزيد عن الثلث، فإن لم يفعل استحب للورثة أن يهبوا لهم شيئا امتثالا لقوله تعالى: (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) [النساء:8]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2581)
توزيع العائدات المالية من الإيجارات على الورثة بحسب أنصبتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم تقسيم مال الإيجارات علي ورثة هم والدتي و7 إخوان أشقاء منهم 3 قصر ومنهم 1 متوفي بعد وفاة الوالد و4 أخوات وأخت لأب؟ وكيف يتم احتساب مصروفات القصر ووالدتي؟ هل يحتسب راتب للوكيل القائم علي شؤونهم؟ وجزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن كان قصد السائل بمال الإيجارات المال الخارج من العقارات ونحوها بعد وفاة المورث (والد السائل) فهذا المال تبع لأصله يحوزه من حاز أصله، وأما إن كان يقصد بهذا المال أنه مال تركه المتوفى وكان موجوداً حال حياة المتوفى، وكان نتاج إيجارات، فهذا يوزع على الورثة حسب نصيب كل منهم. والذي يظهر من السؤال أن السائل يقصد بالوالدة زوجة المتوفى وبالإخوة والأخوات ومنهم الأخت لأب أنهم أولاد المتوفى وأن الأخت لأب هي أخت السائل غير شقيقة. والتركة سواء كانت عقارات أو إيجارات توزع كالتالي: للزوجة -والدة السائل- الثمن فرضاً والباقي للأولاد تعصيباً - إخوة السائل بما فيهم أخته لأبيه لأنها بنت للمتوفى للذكر مثل حظ الأنثيين. فالمسألة من ثمانية للأم منها سهم واحد والباقي للأولاد وتصحح المسألة فتكون من مائة واثنين وخمسين للزوجة منها تسعة عشر سهماً ولكل ابن بما فيهم المتوفى بعد أبيه - أربعة عشر سهماً ولكل بنت ومعهن أخت السائل لأبيه - سبعة أسهم. ولمعرفة مقدار السهم الواحد نقسم التركة على أصل المسألة، وهو مائة واثنان وخمسون، فيخرج نصيب السهم والواحد. وبعد ذلك يوزع نصيب الأخ المتوفى على أمه وإخوانه وأخواته الأشقاء دون أخته لأبيه لحجبها بالأشقاء فتكون مسألة أخرى، لأمه السدس والباقي لإخوانه وأخواته للذكر مثل حظ الانثيين، قال تعالى: (فإن كان له إخوة فلأمه السدس) [النساء: 11] قال تعالى: (وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين) [النساء: 176] . فتكون المسألة من ستة - للأم السدس والباقي للإخوة والأخوات تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، وتصحح المسألة فتكون من ستة وتسعين - للأم منها ستة عشر سهماً ولكل أخ عشرة أسهم ولكل أخت من الأخوات الأربعة خمسة أسهم، ولمعرفة مقدار السهم والواحد يتبع فيها الطريقة المذكورة في المسألة السابقة. وأما مصروفات القصر والأم فمن نصيبهم من التركة وعلى القائمين على أمورهم أن يتقوا الله تعالى في حقهم، قال تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً) [النساء: 10] . وقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين المرأة واليتيم"، ولا بأس لمن قام على أمرهما - إن كان فقيراً أن يأكل بالمعروف ومن كان غنياً فليستعفف، قال تعالى: (ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف) [النساء: 6] . وأما إن كان القائم على أمرهم قد فرغ نفسه لهذا العمل فلا بأس بأخذ راتب مثله نظارة على هذا العمل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1422(14/2582)
توفى عن زوجة وثلاث أخوات وابن عم أو بنت عم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي عمي وليس له أبناء وترك زوجة وثلاثة أخوات بنات وقد توفي أبي قبل عمي هذا بثلاث سنوات فهل لي حق في ميراثه وكيف يتم توزيع الميراث في هذه الحالة أرجو الافادة جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسؤال في حاجة إلى إيضاح أكثر فهل السائل ابن عم أو بنت عم وإن كان ابن عم هل له إخوة غيره أم لا؟
فعلى الاحتمال الأول أن السائل (ابن عم) فتكون المسألة كالآتي:
توفي رجل وترك……
زوجة: لها الربع لعدم وجود الفرع الوارث.
ثلاث أخوات بنات: لهن الثلثان.
ابن العم: له الباقي تعصيباً.
وإن كانت السائلة (بنت العم) فتكون المسألة كالآتي:
توفى رجل وترك…
زوجة: لها الربع.
ثلاث أخوات بنات: (لهن الثلثان والباقي رداً) فلهن ¾ يقسم عليهن بالسوية.
بنت عم: محجوبة لأنها من زوات الأرحام.
وهذا فيما إذا لم يكن هذا السائل محجوباً بمن هو أولى منه كعمه هو مثلا الذي هو أخ الميت فإن كان هذا الحاجب موجودا أخذ نصيب السائل ولا شيء للسائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2583)
لا يحل لأب أن يحرم بناته من إرثه.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ما هو حكم الرجل المسلم (الذي يؤدي جميع الفرائض) الذي حرم بناته من دون الاولاد من حقهم الشرعي بالورثه وما حكم هؤلاء البنات او النسوه الاتي لا تطالبن بحقهم الشرعي وهل يجوز للزوج المطالبه بدلا عنها افتونا ماجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلم أن يسوي بين أولاده فيما يعطيهم سواء في ذلك الذكور والإناث. فإن لم يفعل ذلك فقد جار جوراً وأثم لما في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبيه بشير لما جاء ليشهده على موهبة وهبها له:"يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ " قال نعم فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا قال: لا قال: "لا تشهدني فإني لا أشهد على جور".
وفي رواية "أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: "فلا إذن" وفي رواية أنه قال له "فاردده " أي ما وهب له.
والمسألة المذكورة في السؤال أخطر من هذا لأنها ستؤول في النهاية إلى حرمان كامل للبنات في حق أوجبه الله لهن. وهي شبيهة بما كان يفعله أهل الجاهلية ويجب على هذا الأب أن يتوب إلى الله تعالى وأن يعدل بين أولاده وأن يترك أمر التركة لما فرضه الله تعالى فهو الحكيم الخبير ولهؤلاء البنات أن يطالبن أباهن وإخوانهن بحقهن في ذلك وإن تركن المطالبة به مخافة إثارة الخلاف والشقاق فلا حرج عليهن وليس لأزوجهن حينئذ المطالبة به نيابة عنهن لأنهن قد أسقطنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2584)
حكم توريث الإخوة غير الأشقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل وفاة والدي كتب البيت باسم والدتي ولدي أخوة غير أشقاء من الوالد. فهل عند وفاة الوالدة يستحق الإخوة الغير أشقاء ميراثاً في هذا البيت. أرجو إفادني بذلك ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والدكم أعطى والدتكم هذا البيت وهو في حالة يمضي فيها تصرفه شرعاً فهو هبة ماضية إن حازته في حياته بأن رفع هو يده عن النظر في مصالحه وباشرت هي النظر فيها، فإن بقي تحت تصرف والدكم بعد كتابته إلى أن مات فالهبة مردودة لأنها فقدت شرطا من شروطها وهو الحوز، فالحاصل أن الحوز إذا حصل في حياته فإن البيت لوالدتك، فإذا قُدِر أنها ماتت فليس لإخوانكم غير الأشقاء نصيب منه لأنهم لا يرثونها. وهذا كله مقيد بما إذا لم يعلم من قرائن الأحوال أن والدكم كتب البيت باسم أمكم أنتم ليحرم بذلك إخوانكم من أن يشاركوكم في إرث البيت المذكور، فإن علم أنه قصد ذلك فهبته للبيت مردودة على كل حال وعليه فإخوانكم غير الأشقاء شركاؤكم في البيت.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2585)
لا ميراث لولد الولد مع وجود الأعمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يرث الحفيد من أموال الجد إذا كان قد توفي والد الحفيد قبل وفاة الجد؟ وما هو مقدار الميراث إن وجد مع الدليل الشرعي؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فالحفيد (ولد الولد) يرث من جده (أبي أبيه) لأنه من جملة أبنائه. ويكون إرثه منه على وجه التعصيب فله ما للعصبة ويحجب بمن هو أقرب منه إلى الميت من العصبة كأبناء الصلب أي أعمام الحفيد فلا إرث له مع وجود واحد منهم ما دام أبوه قد مات في حياة جده. وفي حالة إرثه فالمقدار الذي له يختلف بحسب من يرث معه وإن أردت أن نحدد ذلك لك فأرسل لنا بعدد من تركهم هذا الجد وصلاتهم به. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2586)
توفي عن أم وأخت وابن عم
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... لقد توفي خالي وترك مبلغا وقدره أربعون ألف درهم ومنزلا وله أم (جدتي) وله أخت (والدتي) وله ابن عم ... نريد أن نعرف كيف يوزع هذا الارث وهل لابن عمه سهم في هذه التركة؟ ... نريد الجواب وجزاكم الله كل الخير0]ـ
[الفَتْوَى]
... الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: قسمة ما تركه هذا الميت جميعا من المال والمنزل على ما ذكرت هي كالتالي: لأمه ثلثه لعدم وجود الفرع الوارث وعدم جمع من الإخوة لقول الله تعالى (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث.) [النساء:11] . ... ولأخته النصف لعدم وجود أصل من أب وجد أو فرع وارث للميت لقول الله تعالى (إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك……) [النساء:176] والباقي لابن عمه تعصيبا لقول النبي صلى الله عليه وسلم >ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2587)
يجوز عدم توزيع الميراث حالا بشرط تمييز نصيب كل وارث إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمتة الله وبركاتة أما بعد: توفي والدي قبل أربع سنوات وأصبحت أنا الوكيل الشرعي وأنا الأخ الاكبر وفي خلال السنة والنصف كنت آخذ من المال بعلم والدتي وبعد فترة من الزمن اتضح لي أن المبلغ كبير وقد تنازل إخوتي عن هذا المبلغ بكامل رضاهم وقد افترضت لي والدتي وإخوتي راتبا شهريا وذلك من أجل قيامي بشؤون إخوتي علما بأنني أقيم خارج المدينة التي يقيمون فيها وذلك حسب طبيعة عملي وقد اجتهدت بقدر استطاعتي أن أرفع من مبلغ الإيجارات إلى أكثر من الضعف وأصبح المبلغ العائد من الايجارات كبيراً وأهلي مكونين من والدتي وسبعة إخوة أشقاء من بينهم أخ متوفى بعد والدي وأربعة أخوات شقيقات وأخت من أب ومن ضمن إخواني ثلاثة أخوة أشقاء قصر وكنت أعطي أمي جميع الإيجارات وكانت الوالدة تاخذ مصروفات المنزل من مجموع الإيجارات وكانت الوالدة تقوم بتغيير الأثاث وإحضار سائق وخادمة ومصروفات كثيرة وتكون بعضها لا حاجة لنا بها علما أن هذه المصروفات تؤخذ من الإيجارات بدون تقسيم ومن الورثة منهم راض ومنهم غير ذلك وأريد من فضيلتكم جزاكم الله خيرا أن توضحوا حكم الشرع في هذا كله لانه قد حدثت مشاكل وتفرقة بين الإخوان والوالدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فعليكم أن تذهبوا للقاضي الشرعي في بلدكم الذي أنتم فيه وتخبروه بعددكم وبما ترك أبوكم لكم ليقسمه بينكم قسمة شرعية تفض النزاع وتقطع المشاكل ثم يسلم للكبار منكم أنصباؤهم ويجعل نصيب الصغار تحت يد رشيدة تنميه لهم وتصرف منه عليهم بالمعروف، وإذا رأيتم أن من مصلحتكم أن لا تقسموا تركة أبيكم الآن فيجب عليكم أن تميزوا نصيب إخوانكم القاصرين من الإيجار عن نصيبكم ويوضع تحت يد رشيدة تنميه لهم وتنفق عليهم منه بالمعروف. واعلموا أن أكل مال اليتيم بغير حق من الكبائر الموبقات، لذلك يجب أن تتحرزوا من ذلك قدر المستطاع، وأن لا تتصرفوا فيه كما تتصرفون في أموالكم الخاصة. وننصحك أنت أن ترد لهم ما أخذته سابقاً مما ترى أنه ليس لك فيه حق. وأوصيكم بتقوى الله تعالى وبر والدتكم ومواساتها قدر استطاعتكم وأن تحرصوا أشد الحرص أن لا يفرق بينكم حثالة من حطام الدنيا الزائل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2588)
يحل الخلاف بين الورثة بتقسيم التركة ويعد الأخ لأب شريكا لهم في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن سبعة أشخاص أربعة ذكور وثلاث إناث لقد توفيت والدتنا منذ سبعة عشر سنة ثم توفي والدي بعدها بعامين وترك لنا بيتا وقد قام أخونا الأكبر بتأجير البيت ومنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا هو الذي يقوم باستلام الإيجار ويصرفه على نفسه وعائلته ونحن ساكتون على ذلك حبا واحتراما له ورغم حاجتنا إلا أننا لا نريد أن يحدث بيننا اختلاف بسبب ذلك فما الحكم في ذلك؟ ملاحظة: واحد من إخواننا أخ لنا من جهة الأب فهل يعتبر شريكا كالبقية؟ ولكم وافر الشكر والتقدير000 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فأولا نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى. ثم ننصحك أنت وإخوتك أن تحرصوا على ما يجمع كلمتكم ويقوي أواصر التواصل ووشائج المحبة بينكم وأن تحذروا كل الحذر مما يسبب خلاف ذلك من التقاطع والتدابر فإن بينكم رحما لا ينبغي أن تقطعوها وتسيئوا إليها جراء عرض من الدنيا زائل. وإن في عملكم بهذه الوصية مرضاة لربكم وبرا لوالديكم وصلاحا لدينكم ودنياكم. واعلم أنه لا حرج – إن كنتم غير راضين بتصرفات أخيكم – أن تنبهوه بحكمة ورفق وتخبروه أن هذا المال لكم الحق فيه جميعا ويتحتم ذلك إن كان فيكم قاصر. فإن أشرككم فيما عنده مما لكم فيه حق فذلك المرجو وتحل مشكلتكم بذلك، وإلا فطالبوه بالقسم وليس عنده محيد عن الموافقة على أحد الأمرين. أما أخوكم من أبيكم فهو شريك لكم فيما ترك أبوكم وليس له حظ فيما تركت أمكم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2589)
توفي عن زوجة وثلاثة أبناء وبنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي منذ فترة وترك لنا مبلغ 70ألف ونريد تقسيم المبلغ بين الأسرة وهي كالتالي: ... الأم و 3 ذكور و 2 من الإناث أفيدونا أفادكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..... وبعد: فيبدو من سؤال السائل أن المراد بالأم في سؤاله، هي زوجة المتوفى وهي أم الأولاد وعلى هذا فالتقسيم كما يلي: 1- للزوجة من ذلك المبلغ (8.750) ثمانية آلاف وسبعمائة وخمسون ريالاً. وهو ثمن المبلغ الكلي. والباقي بعد الثمن، يقسم على الأولاد كالأتي: لكل واحد من الأولاد الذكور الثلاثة من المبلغ خمسة عشر ألفاً وثلاثمائة واثنا عشر ريالاً ونصف. لكل واحد من البنتين سبعة ألف وستمائة وستة وخمسون ريالاً وربع ريال. والله تعالى أعلم. وهذه قسمة الله جل وعلا قال تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين… إلى قوله تعالى: فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين" [النساء:11] هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2590)
نصيب الحفيد من تركة جده
[السُّؤَالُ]
ـ[أب له ثلاثة أبناء توفى أحدهم وله ابنان ثم توفي الأب فما هو نصيب الأحفاد من تركة الجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
لا يستحق أبناء الابن المتوفى في حياة أبيه شيئاً من تركة جدهم ويستحب للجد أن يوصي لأبناء ابنه بشيء. لأنه لو كان أبوهم حياً لورث منه ولا تزيد هذه الوصية عن الثلث. وذهب إلي ذلك جمهور أهل العلم. وأوجب جماعة من السلف الوصية، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2591)
رجل توفى عن زوجة وابن وابنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفى عن زوجة وابن وبنتان وله تركة وترك للأم وإحدى البنتين محلا تجاريا باسمهما، وللبنت الأخرى حصة فى شركة والابن كان يعطيه فى حياته أموالا وسيارات ومصاريف فاقت الحد بالرغم من أنه يعمل وله دخل فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: يجب على الوالد العدل بين أولاده فيما يعطيهم لما ثبت في صحيحي البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني نحلت ابني هذا غلاماً فقال النبي صلى الله عليه وسلم أَكُلَّ ولدِك نحلت مثله قال لا قال فأرجعه" فهذا الحديث يدل دلالة صريحة على وجوب العدل بين الأولاد وعلى رد الوالد ما أعطاه لبعض ولده دون الباقين. لكن يبدو أن والد هذه الأسرة كان يعطي لكل ولده فقد أعطى إحدى البنتين مع أمها محلا تجارياً وأعطى الأخرى حصة من شركة وكان يعطي الابن أشياء أخرى حسب ما ذكرت. وكأنك تستكثر ما كان يعطيه الوالد للابن. ولعل المبرر لذلك أن الابن يقوم بشؤون أسرته والوالد يساعده على ذلك. وعلى هذا فتركة هذا الوالد الباقية تقسم على حسب ما يلي: الزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث والباقي للابن والبنتين تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين. وننصح هذه الأسرة بتقوى الله تعالى وأن لا تكون بينهم مشادة بل عليهم أن يتسامحوا ويصطلحوا. وإذا لم يستطيعوا حل هذه القضية فيما بينهم فعليهم أن يرجعوا إلى المحاكم الشرعية في البلد التي هم فيها إن كانت فيها محاكم شرعية وإلاّ رجعوا إلى أحد أهل العلم عندهم ويشرحوا له القضية وتفاصيلها وملابساتها ليتمكن من حلها لهم. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2592)
إذا أسقط أحد حقه في الميراث فليس لورثته المطالبة به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, ... ... ... فضيلة الشيخ نحن مجموعة من الورثة نشترك جميعا في مال ورثناه من أبينا رحمة الله عليه، ونحن ثلاث أولاد وابنتان وجدتي أم أبي رحمة الله عليها التي توفت بعد أبي بحوالي عشر سنيين. عندما بدأنا في توزيع التركة قالت جدتى إنها لاتريد شيئا من مال أبينا ولكن بعد أن توفت تركت هى أيضا مجموعة من الورثة هم: أخ وأخت لها وابنه ونحن. والسؤال هنا يا فضيلة الشيخ هل قول جدتي بأنها لا تريد شيئا من إرث أبينا يسقط نصيبها منه؟ وبالتالي يسقط نصيب ورثتها هى أيضا من إرث أبينا؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: إذا كانت جدتكم أسقطت حقها في مال أبيكم فليس لورثتها حق في هذا المال إذا كانت وقت إسقاطها للحق رشيدة عاقلة أي ليست مصابة بخرف. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2593)
ميراث رجل توفي عن زوجة وأخت وأولاد أخت وعم وخال.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفي رجل وله زوجة وأخت وعم وخال وأولاد أخت (ولد وبنت) , فكيف يتم توزيع الميراث وجزاكم الله عنا كل خير?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلزوجة هذا الميت الربع لعدم وجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: (ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد) [النساء: 12] ولأخته النصف لعدم وجود الأصل والفرع الوارثين ولعدم المعصب، قال الله تعالى: (قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) [النساء: 176] والباقي يأخذه العم تعصيباً لأنه أولى عصب الميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر " كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولا شيء للخال ولا لابن أخته وابنتها لأنهم من ذوي الأرحام وهم لا يرثون مع وجود العصبة عند من يقول بتوريثهم، فالحاصل أن المسألة من أربعة: للأخت منها سهمان، وللزوجة سهم، وللعم سهم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
6322
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2594)
اختلاف الدين يمنع التوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أختان من الزوجة السابقة لأبي، والتي لم تكن مسلمة، ذهبت من زمن بعيد إلى موطنها الأصلي، وقامت بتغيير الاسم العائلي للبنتين وأيضاً ديانتهما, والآن لا يعرفان عن الاسلام شيئاً. هل لهما نصيب من الإرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
... إذا كانت أختاك قد غيرتا ديانتهما بنفسيهما أو تبعا لأمهما فلا حق لهما في الميراث، لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً".
... ... ... ... ... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(14/2595)
امرأة توفيت عن أخ له أولاد وأخت واولاد أخ متوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته توفيت امراة أرملة لا أولاد لها عن شقيق وأولاده وشقيقه عزباء وأولاد شقيق متوفى كيف تقسم تركتها؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: إذا لم يكن وارث غير هؤلاء 1ـ فالمال الذي تركته الأرملة المتوفاة يكون بين الشقيق والشقيقة للذكر مثل حظ الأنثيين، فيقسم على ثلاث حصص، حصتان للشقيق وحصة للشقيقة الأنثى العزباء. 2ـ ليس لأولاد الشقيق المتوفى شيء لأن الأقرب يحجب الأبعد من الورثة، ويستحب أن يعطى لهم شيء بصفة الهدية. 3ـ أولاد الشقيق الوارث ليس لهم شيء أيضا لأن أباهم هو الوارث دونهم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2596)
لا يرث ابن الزنا من الرجل الذي زنا بأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لابن الزنا الذي اعترف به والده شرعا أن يرث من مال أبيه؟ وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: ... لا يرث ابن الزنا من الرجل الذي زنى بأمه سواء اعترف الرجل بذلك أم لم يعترف. لأن أبوته له غير معتبرة شرعاً فهي معدومة. والله اعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2597)
توفي شخص عن والد وزوجة وأربع بنات وإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توفى شخص وله زوجة وأربع بنات وليس له أولاد ذكور وكان له بيت باسمه فكيف تكون القسمة الشرعية للميراث وهل يحق لإخوانه ووالده التقاسم حسب الشرع في ملكية البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: ما تركه هذا الميت سواء كان بيتا أو غيره يقسم على ورثته الذين ذكرت كالتالي: 1. للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث (أي البنات) لقوله الله تعالى: (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن) [النساء: 12] . 2. للبنات الثلثان لتعددهن لقوله الله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساءً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) [النساء: 11] . 3. للأب السدس فرضا والباقي تعصيبا والإخوة محجوبون بالأب فالمسألة من أربع وعشرين، للزوجة منها ثلاثة أسهم وهو الثمن، وللبنات ستة عشر سهما لكل بنت سهمان، وللأب السدس فرضا وهو أربعة أسهم والباقي تعصيبا وهو سهم واحد فيكون مجموع ما للأب خمسة أسهم، ولا شيء للإخوة لحجبهم بالأب. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2598)
الأخ الشقيق يحجب الإخوة لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: رجل توفاه الله عن زوجة وابنتين وأخ شقيق وأخت شقيقة وإخوة لأب. هل يرث الإخوة لأب أم يحجبهم الأخ الشقيق؟ جزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: نعم الإخوة لأب محجوبون بالأخ الشقيق لأن الجميع عصبة والأخ الشقيق أقرب منهم للميت وأولى ففي الحديث: " الحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فللأولى رجل ذكر". وعلى هذا فما تركه الميت فثمنه للزوجة لوجود الفرع الوارث وثلثاه للبنتين لتعددهما وعدم معصب لهما والباقي للعصبة الذين هم الأخ والأخت الشقيقان. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2599)
يعطى الما ل الذي في ذمتك لورثة الدائن
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص استعار مبلغا من آخر وتوفي صاحب المال قبل السداد فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: بالنسبة للمال المتبقي عليك فإنك تعطيه لورثة الميت ولا يجوز لك أخذه قال تعالي: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) . [النساء: 58] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2600)
امرأة توفيت عن ثلاث بنات وأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة وتركت ثلاث بنات وأخت كما تركت أموال وعقارات , هل ترث الأخت مع بناتها وكم مقدار نصيب كل منهما؟ مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فللبنات الثلثان، والباقي للأخت تعصيباً لأنها عصبة مع البنات فلها الباقي. فجميع ما تركت في الأموال والعقارات يوزع عيهنّ وعليها كما ذكرنا. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2601)
لابد من حصر الورثة لتتم قسمة التركة بصورة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت ولها مبلغ من المال، ولها زوج طاعن في السن، ولها أيضاً أولاد. فكيف يتم توزيع المبلغ.. أم أن الزوج أحق بهذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فليس الزوج أحق بهذا المال، بل يجب أن يقسم مع تركتها كما أمر الله جل وعلا وبين رسوله صلى الله عليه وسلم، وحيث توفيت المرأة وتركت زوجا وأولادا فتوزع التركة بينهم للزوج الربع فرضا والباقي للأولاد تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين، والأولى أن تراجع في ذلك المحكمة الشرعية في بلده إذا وجدت لإعلان الوراثة فربما يكون ثم وارث لم يذكره السائل أو لا يعلم أنه يرث. وبالله التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(14/2602)
من مات بسبب السرعة الزائدة هل يعد منتحرا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الشارع سرعته 120 وقد مشى ثلاثة من أصدقائي على 180 أو 220 وماتوا جميعا، ما حكمهم هل هذا انتحار؟
وماذا أفعل لكي يغفر لهم، هل أعتمر بدلا منهم أو ماذا أفعل
جزاكم الله خير الجزاء، وأسكنكم الفردوس الأعلى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم أصدقاءك وجميع المسلمين، وما فعله هؤلاء من الزيادة في السرعة يعتبر طيشا وتهورا لا يجوز شرعا، فيجب على السائق التقيد بقوانين المرور وتعليمات السلامة التي يضعها ولي الأمر وأهل الاختصاص للمصلحة العامة.
فقد نص أهل العلم على أن من حق ولي الأمر تقييد المباح للمصلحة العامة وحينئذ لا تجوز مخالفته في ذلك،
ولهذا فإن ما فعله أصدقاؤك من مخالفة القانون لا يجوز شرعا، ولكنه لا يعتبر انتحارا ما لم يقصدوا بذلك قتل أنفسهم كمن يتردى من العالي ليقتل نفسه.
وأما الذي يمكنك أن تفعله عنهم فهو أن تكثر من الدعاء لهم والصدقة عنهم وعمل الطاعات وإهداء ثوابها لهم، ومن ذلك الحج والعمرة إذا كنت قد حججت عن نفسك واعتمرت عنها.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى: 1834، 58457، 43876، 2451.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1427(15/1)
تحريم التحريض على القتل بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أتقدم بالشكر والعرفان على هذه الخدمات الراقية التي تقدمونها لجميع الناس، فبارك الله فيكم وفي جهودكم ووفقكم وأيدكم. عندي سؤال وهو في الحقيقة مهم جدا وهو في بعض الأحيان عندما أتكلم مع أصدقائي على شخص ظلمنا أو بيننا وبينه شحناء، والله لو أني مكانك لأقتله وهو قد كان تشاجر معه قبل كذا، وهذا كلام فقط ولم يصدر فعل، فهل تحسب له كأنما قتله، أو مثلا أقول نفسي أقتل هذا العسكري بسبب أنه صادر لي دراجة نارية. هل تحسب لي كأنما قتلته؟ أرجو منكم التفضل بالإجابة، وأرجو أن تكون واضحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على اتصالك وحسن انطباعك وعرفانك للجميل، ونفيدك أن مثل العبارات المذكورة في السؤال لا تساوي القتل، ولا تساوي كذلك ما يتحدث به المرء في نفسه، فكل هذا لا يساوي القتل، ولكن الكلام به مع الناس لا ينبغي، ولا يجوز التحريض على القتل المحرم. ومن كانت بينه وبين إنسان آخر شحناء أو كان قد ظلم لا يجوز له أن يقتله، ولكن يجوز له أن يدفعه ويمنعه من الاعتداء عليه بما يقدر عليه من الدفع وقت الاعتداء؛ كما أن قولك في نفسك سأقتله لا مؤاخذة فيه ما لم تتكلم أو تعمل به، لما في الصحيحين: إ ن الله تجاوز عن أمتى ما وسوست به صدرها ما لم تعمل أو تتكلم.
هذا، وننصحك بمواصلة طلب العلم الشرعي، وبالحفاظ على صلاة الفجر في الجماعة، والمواظبة على الأذكار والتعاويذ المأثورة صباحا ومساء وعند الدخول والخروج، فبهذا يحفظك الله من المكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(15/2)
هل يحبس القاتل حتى يبلغ الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قتل رجلا آخر، وكان للمقتول أطفال رضع، فهل يسجن القاتل 15 سنة مثلا حتى يميز الأطفال ويؤخذ رأيهم أو يؤخذ برأي البالغين من أولياء الدم؟
وإذا افترضنا أننا ننتظر حتى يبلغ الأطفال، فكيف يكون وضع القاتل خلال هذه المدة هل يسجن أو يطلق سراحه ليهرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا عفا أحد أولياء الدم عن حقه في القصاص وكان بالغا راشدا أهلا للتصرفات سقط حقه فيه وبذلك يسقط القصاص كله؛ لأن القصاص لا يتصور تجزؤه فإذا سقط بعضه سقط جميعه ضرورة، ويستوي في ذلك أن يعفو واحد منهم فقط أو يعفو أكثرهم، وسواء كان عفوه في مقابل الدية أو لا، ومن لم يعف منهم فليس له إلا أن يأخذ نصيبه من الدية من مال القاتل أو من بيت مال المسلمين، ولا يأخذه من عصبة القاتل ما لم يتطوعوا، إذ لا يلزمهم دفع الدية إلا في قتل الخطأ، وقد روي هذا عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ولم ينكر عليهما.
والدليل هو أن الله جل وعلا جعل حق القصاص بيد الأولياء فإذا تنازل أحدهم بطل القصاص.
وبناء على هذا لا نكون بحاجة لانتظار بلوغ الصغار حتى يبدوا رأيهم في العفو أو القصاص لأنهم لا خيار لهم بعد بلوغهم سوى الرضا بالدية.
أما إذا تمسك البالغون الراشدون منهم بالقصاص فلا يجب في هذه الحالة أن ينتظر حتى يبلغ الصغار في الراجح من أقوال العلماء، بل يجوز لهم تنفيذ القصاص إذا اتفقوا عليه.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: وإن كان فيهم صغير وكبير فإن كان الكبير هو الأب بأن كان القصاص مشتركا بين الأب وابنه الصغير فللأب أن يستوفي بالإجماع لأنه لو كان لم يقاصص كان للأب أن يستوفيه فههنا أولى، وإن كان الكبير غير الأب بأن كان أخا فللكبير أن يستوفي قبل بلوغ الصغير عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف والشافعي رحمهما الله تعالى ليس له ذلك قبل بلوغ الصغير. انتهى.
وفي منح الجليل للشيخ عليش نقلا عن المدونة وهو مالكي: وإن كان أولاد المقتول صغارا وكبارا فإن كان الكبار اثنين فصاعدا فلهم أن يقسموا ويقتلوا ولا ينتظر بلوغ الصغير، وإن عفا بعضهم فللباقي والأصاغر حظهم من الدية. انتهى.
وقال: وإن كان للمقتول أولياء صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا ولا ينتظروا الصغار، وليس الصغير كالغائب الغائب يكتب له فيصنع في نصيبه ما يحب والصغير يطول انتظاره فيبطل الدم. انتهى.
وفي المغني لابن قدامة: إذا وجب القصاص لصغير لم يجز لوليه العفو إلى غير مال، لأنه لا يملك إسقاط حقه وإن أحب العفو إلى مال وللصبي كفاية من غيره لم يجز لأن فيه تفويت حقه من غير حاجة، فإن كان فقيرا محتاجا ففيه وجهان: أحدهما: له ذلك لحاجته إلى المال لحفظه. قال القاضي: هذا أصح والثاني: لا يجوز لأنه لا يملك إسقاط قصاصه، وأما حاجته فإن نفقته في بيت المال والصحيح الأول، فإن وجوب النفقة في بيت المال لا يغنيه إذا لم يحصل. فأما إن كان مستحق القصاص مجنونا فقيرا فلوليه العفو على المال لأنه ليست حالة معتادة ينتظر فيها إفاقت هـ. انتهى.
وقال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى في جماعة اشتركوا في قتل رجل وله ورثة صغار وكبار فهل لأولاده الكبار أن يقتلوهم أم لا؟ وإذا وافق ولي الصغار الحاكم أو غيره على القتل مع الكبار فهل يقتلون أم لا؟ الجواب: الحمد لله إذا اشتركوا في قتله وجب القود على جميعهم باتفاق الأئمة الاربعة وللورثة أن يقتلوا، ولهم أن يعفوا فإذا اتفق الكبار من الورثة على قتلهم فلهم ذلك عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين وكذا إذا وافق ولي الصغار الحاكم أو غيره على القتل مع الكبار فيقتلون. انتهى.
لكن إذا حصل تأخير الاستيفاء فالراجح من قولي العلماء على أن الجاني يحبس حتى يبلغ الصغير في الصورة التي معنا في السؤال وهو مذهب الشافعية والحنابلة وبذكر نصوصهم تتبين أدلتهم.
قال الشافعي في الأم: ويحبس القاتل إلى اجتماع غائبهم وبلوغ صغيرهم. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وكل موضع وجب تأخير الاستيفاء فإن القاتل يحبس حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون، ويقدم الغائب وقد حبس معاوية هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل في عصر الصحابة فلم ينكر ذلك، وبذل الحسن والحسين وسعيد بن العاص لابن القتيل سبع ديات فلم يقبلها، فإن قيل فلم لا يخلى سبيله كالمعسر بالدين؟ قلنا: لأن في تخليته تضييعا للحق، فإنه لا يؤمن هربه والفرق بينه وبين المعسر من وجوه. انتهى.
وفي أسنى المطالب بشرح روض الطالب وهو شافعي: ويحبس الجاني وجوبا لصبي فيهم أي في الورثة حتى يبلغ ومجنون حتى يفيق وكذا الغائب حتى يحضر أو يأذن، ولا يحتاج الحاكم في حبسه بعد ثبوت القتل عنده إلى إذن الولي والغائب كما قاله الروياني وغيره انتهى.
هذا، وفي المسألة تفاصيل أخرى يضيق المقام عن ذكرها ولذا اكتفينا بما يفيد السائل.
وعليك أن ترجع إلى المحاكم الشرعية التي في بلدك فهي التي ستبت في القضية، فإن لم تكن فيه محاكم شرعية فحكموا بينكم وبين القاتل جماعة من المسلمين الصالحين العالمين بأحكام الشرع حتى يبت في الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(15/3)
حكم تولي الافراد أخذ القصاص من الجناة
[السُّؤَالُ]
ـ[نطلب منكم أن تفتوني في هذه المسألة قد حصلت مضاربة بيننا أنا وإخواني وبعض الأشخاص وقد قام الأشخاص بقطع مسمع أخي الأيسر والآن القضية بيد مشايخ القبيلة بعد سحبها من الشرطة والآن أخي يعيش حالة نفسية ونحن كذلك معه ونحن نشاهد ذلك الشخص يوميا \" الذي قام بقطع مسمع أخي بأسنانه بأنه به أذنين بينما أخي أذنه اليسرى مقطوعة من أعلى لذا نحن وإخواني والقبيلة لن نرتاح حتى يطبق الشرع عليه حسب ما هو معروف في القرآن الكريم في سورة المائدة الآية 45 لذا ما قولكم حول ذلك. إذا لم يحكم مشايخ القبيلتين بشرع الله وكتابه الكريم سوف نقوم بتطبيقه أنا وإخواني من أجل أن نتخلص من الحالة النفسية التي نعيشها.
ووفقكم الله في أعمالكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة الحدود لا تصح إلا لولي الأمر كما نص على ذلك أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتاوى: 50046، 13598، 29819.
ولذلك فلا يحق لكم القصاص بأنفسكم من الجاني لما قد يترتب على ذلك من الفوضى والثأر الذي يسبب عدم الأمن للجميع.
وإذا قام مشايخ القبيلة بما يلزم من الصلح أو القصاص أو أرش الجناية فذلك المطلوب، وإلا، فإن لكم أن ترفعوا القضية إلى القضاء الشرعي ليحكم فيها بشرع الله تعالى الذي ينصف الجميع ويعطي كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(15/4)
الجزاء من جنس العمل، والعفو أقرب للتقوى
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أسأل عن شخص امتحنني في عملي ومنزلي وفي أبنائي لا أعلم ماذا يريد، ما أفعل به
لم يبق لي سواء أن أقتله فقط وأخاف من الذنب والقاتل والمقتول في النار ماذاأفعل به لا أستطيع فعل شيء إن هو واصل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الأقدام على قتل النفس التي حرمها الله عز وجل بسبب أذية صدرت من صاحبها، وعلى الأخ السائل أن يتذكر قول الله عز وجل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء: 93] .
وليقارن الأخ السائل بين هذه العقوبة وبين ماهو فيه من إيذاء، وسيعلم أنه بالقتل لن يتخلص مما هو فيه من عناء، بل سينتقل إلى عناء أكبر وأعظم وأدوم.
وشريعة الله عز وجل قامت على العدل فرخصت للمظلوم أن ينتقم بقدر مظلمته، فقال سبحانه (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) [البقرة:194] ، وقال سبحانه (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه) [الشورى:40] .
وهذا فيما يجوز الانتقام بمثله، وعلى الأخ أن يستعين بأجهزة الدولة التي هو فيها إن تمكن من ذلك لدفع الضرر عن نفسه، فإن لم يستطع فعليه بالصبر، وليعلم أن عاقبة الصبر حميدة، وأن الله مع الصابرين، وأن العاقبة للتقوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(15/5)
هل يعتبر القاتل مريضا نفسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا قتل النفس حرام؟ أليس هذا الذي يقدم على هذا العمل مريضاً نفسياً ويجب الحكم عليه على هذا
الأساس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن إقدام الإنسان على قتل نفسه أو قتل غيره من أعظم الكبائر والذنوب، وذلك لقول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29]
وقال سبحانه في حق دم المسلم من غير وجه شرعي: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93] .
وقال صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم. رواه النسائي والترمذي، وصححه الألباني.
وانظر الفتوى رقم: 5012.
والعلة في التحريم هي إزهاق النفس بشرية، هذا إلى جانب كون ذلك حكما شرعياً يجب التسليم به.
ومحل الإثم في هذا إذا كان القاتل شخصاً عاقلاً مدركاً لما يفعل وإلا كان الإثم والقصاص عنه منتفيين قطعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. رواه النسائي، وصححه الألباني.
وليس كل من أقدم على قتل نفس مريضاً نفسياً حتى يبرر فعله بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(15/6)
معنى القصاص...... والأخذ بالثأر
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: ماهوالقصاص؟ وهل يجوز الأخذ بالثأر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قال النسفي في طلبة الطلبة مادة (ق ص ص) : والقصاص القتل بإزاء القتل وإتلاف الطرف بإزاء إتلاف الطرف. وقد اقتص ولي المقتول من القاتل أي استوفى قصاصه، وأقصة السلطان من القاتل أي أوفاه قصاصه، وهو من قولك: قص الأثر واقتصه أي اتبعه، وقص الحديث واقتصه: أي رواه على جهته وهو كذلك أيضاً أي من الاتباع، والقص من حد دخل، والقصص الاسم من حَدِّ دخل، ويستعمل استعمال المصدر في اقتصاص الحديث والأثر جميعاً. والقصيصة البعير الذي يقص أثر الركاب. والقصاص من ذلك كله اتباع الفعل الفعل. انتهى
هذا عن القصاص، أما بالنسبة للأخذ بالثأر فراجع الفتوى رقم:
13598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(15/7)
شروط ثبوت القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الشروط الواجب توفرها في شخص ما حتى نثبت أنه قاتل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القتل يشترط لثبوته واحد من ثلاثة شروط،: البينة الشرعية وهي الإقرار من القاتل وهو سيد الأدلة، أو شهادة عدلين، أو القسامة مع وجود اللوث.
وانظر الفتويين رقم: 48806، 35053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(15/8)
حكم من قدم لشخص طعاما لا يحبه فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شخص كبير السن مات بعد تناول طعام لا يحبه ويخشاه بعد أن علق له برئته وانقطع عنه التنفس بعد أكثر من ساعة، ولم ينج حتى بعد إسعافه بالمستشفى، فهل من قدم له الأكل يعتبر قاتلا عن طريق الخطأ وعليه كفارة، مع العلم بأنه كان يريد له الفائدة الصحية، وإن الشخص غضب منه لوضع ذلك الأكل مباشرة بعد علق الطعام له، ألمي شديد فأرجو الإفادة وإحساسي بالذنب يلازمني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت وفاة الشخص المذكور هي على النحو المبين في السؤال فإن مقدم الطعام لا شيء عليه إلا أن يكون الطعام يحتوي على سم أو غيره مما فيه ضرر وهو عالم بذلك.
ففي شرح الدردير عند قول خليل: وتقديم مسموم، قال: لغير عالم فتناوله ومات فيقتص من المقدم إن علم أنه مسموم، وإلا فلا شيء عليه، لأن المتناول إذا علم فهو القاتل لنفسه، وإذا لم يعلم المقدم فهو معذور ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(15/9)
من قتلت ابنها بدون وعي منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقدم لحضراتكم لكي تفتوني في أمري وأمر زوجتي والله وحده يعلم كيف أحكي هذا الموضوع الذي لا أستطيع أن أقوله، وهو أنه منذ سنتين ربنا أكرمني بزوجة هادئة وحنونة وعشنا أياما جميلة ويمر شهر بعد الآخر دون أن يكون حمل، وزوجتي كل مرة تقلق فأقول لها كله بأمر الله ولا تتعجلي ولكن صممت أن تذهب إلى الدكتورة وفعلا وجد بعض الالتهابات وأخذنا أنا وهي وقبل أن تكتمل فترة العلاج تم الحمل من عند الله وكنا في غاية السعادة وملهوفين على المولود سواء كان ولدا أو بنتا لأني كنت دائما مصرا على ألا نعرف نوع الجنين والحمد لله رزقنا الله بولد من جمال خلق الله وسميناه فتحي ترضية لأبي ولكني كنت أنوي أن أسميه عبد الرحمن ولكن هذا أمر الله والحمد لله، ولما أتم فتحي الشهرين فوجئنا بالحمل للمرة الثانية بصراحة كانت لنا صدمة وأستغفر الله العظيم، كان تفكير خاطئ وهذا رزق من عند الله ومرت الشهور بشكل عادي جدا، وكانت زوجتي تتابع الحمل عند دكتورة وليس دكتورا وهذا كان غرضي لعل الله يرحمنا وكانت الدكتورة تقول لنا عند كل سنار الحمد لله الجنين واحد وبحالة جيدة والتنفس سليم ومرت الشهور وكل مرة نفس الكلام ومحدد موعد الولادة 7-9-2006 حتى نفاجأ يوم 26-7-2006 بأعراض الولادة فنزلنا المستشفى واستدعينا نفس الدكتورة ولكن والحمد لله إنها لم تأت هي بنفسها ولكن حضر زوجها وهو استشاري وأعلى منها بكثير وتفضلوا أول المهازل نفاجأ جميعا عند كشف الدكتور وعمل السنار نفاجأ جميعا بأنهما ولدين توائم بصراحة كانت حينها صدمة أخرى والكل فوجئ حتى الدكتور بنفسه فوجئ لأنه منذ ثلاثة أيام فقط الدكتورة قالت إنه واحد وعلى نفس الجهاز السونار فتخيلوا مدى الإهمال وتوقعوا بعده كل فساد، ولكن إرادة الله أعلى وفوق كل شيء، الحمد لله ولدان رزق من عند الله عز وجل ولكن كانت كل المشكلة كيف سنربيهم وكيف سنعيش بذلك وفعلا كان لنا اعتراضات على رزق الله والله يسامحنا ويعلم ما في قلوبنا حتى كانت المفاجأة العظمى التى لم ولن أتأثر بشيء ولا دمعت يوما على شيء ولكن جاءني اتصال من البيت قالوا لي عبد الرحمن مات جن جنوني وهرولت إلى البيت حتى أجده جثة هامدة على السرير وزوجتي مغمى عليها والكل يصرخ وينبح ولكن صحت فيهم جميعا اسكتوا وتمالكت نفسي وجريته للمستشفى على أمل أن أنقذ ابني ولكن كل ذلك دون جدوى، فقال لنا الدكتور البقاء لله فكلنا انهرنا وكانت بالنسبة لي مفاجأة لم أكن أتوقعها ولكن رجع الدكتور مرة أخرى وقال لي هناك أمل ومحتاجين جهاز تنفس صناعي قلبنا مصر ومشتشفياتها جميعا ولا حياة لمن تنادي الضمير اتنزع من قلب الناس ولا نجده ولا إسعاف ولا ابن آدم تهمه حياة بني آدم الذين يموتون، الله يسامح من كان السبب وكل من تسبب في ذلك، والحمد لله مرت علينا فترات عصيبه بعدها ولكن دون راحة واتصالي بالله وحده هو الذي كان يريح بالي، ولكن كنت أشعر بشيء يستخفي علي من ناحية زوجتي وأهلها وهى وأن هناك سببا لموت ابني ولكن دون أن أواجه وذات يوم جاءتني زوجتي وقالت لي ما كنت أنا في غنى عنه، يا ليتها لم تكن حكت لي المفاجأة الكبرى أنها استيقظت يوم وفاة عبد الرحمن من النوم وهي كالشيطان لم تدر ما تفعله ووضعت يدها على فم ابني حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وفارقنا وفارق الحياة ونزل علي هذا الكلام كالصاعقة ولم أدرك شيئا ولا أستطيع أن أفعل شيئا ولكن زوجتي والحق لله طيبة وحنونة وكنت لا أتوقع منها أن تفعل ذلك وهي تقول لي (انا ما كنتش دريانه انا بعمل ايه ما فقتش غير لما لقيت الناس حاواليه وبيقوله عبد الرحمن مات) ونحن الآن لا ندري كيف نعيش، وما الحقوق الواجبة اتجاهي كي أفعلها، وما الحقوق التي على زوجتي حتى تكفر عما فعلت، وماذا علي أن أفعله تجاهها، أفيدوني وسامحوني على كل هذا الكلام، ولكن أنا بداخلي أكثر من ذلك بكثير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول زوجتك إنها استيقظت يوم وفاة عبد الرحمن من النوم وهي كالشيطان لم تدر ما تفعله ... وقولها (أنا ما كنتش دريانه أنا بعمل إيه ما فقتش غير لما لقيت الناس حاواليه وبيقوله عبد الرحمن مات) ، إلى آخر كلامها، إن كانت تقصد منه أنها وقعت في غيبوبة بحيث لا تعي ما تفعل، فإنه لا شيء عليها، وتكون ديته على عاقلتها، لأنها حينئذ كالمجنونة.
قال ابن رشد الحفيد: القول في شروط القاتل، فنقول: إنهم اتفقوا على أن القاتل الذي يقاد منه يشترط فيه باتفاق أن يكون عاقلا بالغا.. بداية المجتهد ج2 ص 296.
وروى مالك عن يحيى بن سعيد أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان أنه أتي بمجنون قتل رجلا، فكتب إليه معاوية أن أعقله ولا تقد منه، فإنه ليس على مجنون قود. انظر المنتقى شرح الموطأ ج7 ص71.
وأما إذا كانت تعي ما تفعل وقتلته بالطريقة المذكورة، فإنه لا يقتص منها عند الجمهور، وإنما تلزمها الدية، وانظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 30793.
وهذا الافتراض الأخير مستبعد جدا لما ذكرته عنها من الطيب والحنان، ولما جبل عليه الأمهات من المحبة الشديدة لأبنائهن، خصوصا في مثل السن التي هو فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1427(15/10)
شروط حرمة دم المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[حرمة دم المسلم شروطها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حرمة دم المسلم وماله وعرضه ثابته بنصوص الوحي، وشروطها الإيمان بالله والكفر بما سواه، وإقام الصلاة، والبعد عما يسبب حد القتل كالقتل والزنى بعد إحصان والردة، ويدل لهذا ما في حديث مسلم: من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله. وفي حديث البخا ري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته. وفي حديث مسلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. وفي حديث البخاري ومسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(15/11)
علة كون الوالد لا يقاد بولده
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يقام الحد على القاتل العمد في حالة كان القاتل من الأصول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي جعل أهل العلم يقولون بعدم القود من الأبوين عدة أمور: من أهمها وجود النص فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقتل الوالد بالولد رواه الترمذي وابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يقاد الوالد بالولد رواه أحمد والترمذي.
ومنها: أن الوالدين سبب في وجود الولد فلا يكون الولد سببا في إعدامهما.
ومنها: أن الحدود تدرأ بالشبهات وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه فإذا لم يكن ذلك على حقيقته فلا أقل من أن يكون شبهة تدرأ الحد.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين:
17409 / 30793
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(15/12)
شروط استحقاق القاتل القصاص
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قتل أم الزوجة حلال إذا كانت قاتلة أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ثبت شرعًا أن أم زوجتك قتلت والدك عمدًا عدوانًا، فإنها تستحق القتل قصاصًا، ولكن لا يتم القصاص إلا إذا طلبه كل الورثة، أما إذا عفا بعضهم فقد سقط القصاص. ولمن شاء منهم نصيبه من الدية إذا عفا بعضهم عن القصاص والدية، وفي حالة طلب الجميع للقصاص لا يقيمه إلا الحاكم أو نائبه بعد ثبوت القتل بالبينة أو الإقرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(15/13)
المريضة نفسيا إذا قتلت ولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول الأم لابنها عند الغضب: سأذبحك؟ وماذا يترتب على الأم التي تذبح ابنها بيدها بالسكين كما تذبح النعاج إذا كانت مريضة نفسيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على الأم أن تتجنب الغضب، وأن لا تهدد بالذبح، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإشارة بالحديد، روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه رواه مسلم.
وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يُشِرْ أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار متفق عليه.
وأما إذا ذبحت الأم ابنها بالسكين، وكانت مريضة نفسيا بحيث لا تعي ما تفعل، فإنه لا يقاد منها، وتكون ديته على عاقلتها، لأنها حيئنذ كالمجنون.
قال ابن رشد الحفيد: القول في شروط القاتل، فنقول إنهم اتفقوا على أن القاتل الذي يقاد منه يشترط فيه باتفاق أن يكون عاقلاً بالغاً.. بداية المجتهد ج2 ص 296.
وروى مالك عن يحيى بن سعيد أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان أنه أُتي بمجنون قتل رجلاً، فكتب إليه معاوية أن أعقله ولا تقد منه، فإنه ليس على مجنون قود. انظر المنتقى شرح الموطأ ج7 ص71.
وأما إذا كانت تعي ما تفعل وقتلته بالطريقة المذكورة، فإنه لا يقتص منها عند الجمهور، وإنما تلزمها الدية، انظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 20793.
وخالف المالكية في ذلك، فذهبوا إلى أن الأب إذا قتل ابنه قتل به إذا كان قصد إزهاق روحه، كأن يرمي عنقه بالسيف، أو يضجعه فيذبحه ونحو ذلك، فعليه القصاص. انظر الموسوعة الفقهيةج 33 ص 267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(15/14)
ما يترتب على قتل الأب لابنه من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما هو الحكم الشرعي في قاتل ابنه أو أبنائه؟ مع توضيح الدليل إن أمكن.
بارك الله فيكم ووفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على الأب قتل ابنه ولو لقصد التأديب، لقول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الأنعام:151] .
ولقول الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93] .
ولحديث البخاري: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً.
وإذا قتل الأب الابن فإنه تترتب على ذلك أحكام من أهمها:
أنه لا يقتل الأب بابنه؛ لما في الحديث: لا يقتل الوالد بالولد. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
وفي رواية: لا يقاد الوالد بالولد. رواه أحمد والترمذي، وصححه ابن الجارود والبيهقي والألباني.
ومنها: أنه تلزمه الدية؛ لما في الموطأ وابن ماجه: أن أبا قتادة رجل من بني مدلج قتل ابنه، فأخذ منه عمر مائة من الإبل. صححه الألباني.
ومنها: أنه لا يرث من مال ابنه القتيل ولا من ديته كما قال عمر وعلي، قال ابن عبد البر في التمهيد: وأجمع العلماء على أن القاتل عمداً لا يرث شيئاً من مال المقتول ولا من ديته، روي عن عمر وعلي ولا مخالف لهما من الصحابة، ويدل له قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس للقاتل من الميراث شيء. رواه الدارقطني والبيهقي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(15/15)
الاعتداء المحرم هل يصح الاقتصاص فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يستطيع المسلم أن ينكح الكافرة وبالأخص (اليهود) عمداً انطلاقاً من مبدأ (العين بالعين) و (كما تدين تدان) للكافر وردا على ما يفعله الكفار بأمة الإسلام من اغتصاب للنساء المسلمات؟ وما معنى (وما ملكت أيمانكم) هل هي من حيث الجواري المأسورة في الحرب؟ وهل تحل له أن ينكحها وعلى أي أساس استند الدين في ذلك؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن ما كان محرماً، كالزنى واللواط والخمر لا يحلُ الاقتصاص فيه، فلا يجوز لمن اعتدي عليه بالزنى أو اللواط أن يزني أو يلوط بالمعتدي أو يجرعه الخمر كما جرعه.
والأصل أن من اعتدى علينا جاز لنا أن نعتدي عليه بمثل ما اعتدى علينا، كما قال الله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) [البقرة:194] .
وقال: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) [النحل:126] .
إلا أن ما كان محرماً، فهو خارجٌ عن عموم هذه الآيات، ولا يحلَّ استيفاؤه بحال، والزنى والاغتصاب لا يسمى نكاحاً.
وأما سؤالك عن معنى قوله تعالى: (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) فراجع الفتوى رقم: 8720، والفتوى رقم: 4341.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(15/16)
عدم الكفاءة في الدين والحرية تمنع القصاص
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
قال تعالى: [الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى] سورة البقرة الآية 178.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يقتل مؤمن بكافر» فلم الاختلاف في القصاص؟
أليست الكرامة الإنسانية واحدة؟ جزاكم الله خيرا.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مذهب جمهور العلماء أن لا قصاص في قتل المسلم للكافر، أو قتل الحر للعبد، لمقتضى هذه الآية من سورة البقرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى [البقرة:178] .
ولمنطوق الحديث الذي رواه البخاري عن أبي جحيفة عن علي رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقتل مسلم بكافر. وذهب الحنفية إلى وقوع القصاص في الحالات السابقة، فيما عدا الكافر الحربي، فلا يقتل به المسلم عندهم، وهو محل إجماع.
واعتبار الإسلام لهذه الفوارق، ليس لكون الكرامة الإنسانية ليست واحدة، ولكن لعدم الكفاءة بين المسلم والكافر في الدين لذلك منع التوارث بينهما، ولعدم الكفاءة بين الحر والعبد لذا كان الرق مانعاً من الميراث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(15/17)
هل يقتص الولد من أبيه إذا قتل أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-قتل الزوج زوجته متعمداً هل يحق للابن أن يقتص لأمه من أبيه
الرجاء الإجابة على جميع المذاهب.
جزاكم الله كل خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تعمد الرجل قتل زوجته وكان له منها ولد فإنه يسقط عنه القصاص، بسبب إرث ولده للقصاص، وهذا حكم مسلم في المذاهب الأربعة.
وذلك لأنه إذا كان الوالد لا يقتل بولده الذي باشر قتله، فعدم قتله له بسبب جنايته على شخص آخر أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1422(15/18)
مسؤولية الطفل الجنائية تختلف حسب نوع الجناية
[السُّؤَالُ]
ـ[مامدى المسؤولية الجنائية للأطفال قبل سن البلوغ وقبل سن التمييز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأن العقوبات التي يتحملها الصبي لقاء ما يرتكبه من جنايات من حين انفصاله عن أمه إلى قبيل بلوغه، والتي يعبر عنها بالمسؤولية الجنائية، تختلف باختلاف حال العقوبة، فإن كانت حقاً لله تعالى كحدِّ السرقة، والزنا، وشرب الخمر، واللواط، فإنها لا تقام عليه، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء.
وإن كانت حقوقاً للعباد، فما كان منها حقاً مالياً كضمان المتلفات، وأجرة الأجير، ونفقة الزوجة والأقارب، ونحو ذلك فإنها تجب في ماله، لأن المقصود منه هو المال، وأداؤه يحتمل النيابة، فيصح للصبي المميز أداؤه، فإن لم يؤده أداه وليه.
وأما عقوبة القصاص، فإنها لا تطبق عليه عند الحنفية والمالكية والحنابلة، لأن فعل الصبي لا يوصف بالتقصير، فلا يصلح سببا للعقوبة لقصور معنى الجناية في فعله، ولكن تجب في فعله الدية، لأنها وجبت لعصمة المحل، والصبا لا ينفي عصمة المحل، ولأن المقصود من وجوبها المال، وأداؤها قابل للنيابة. وتجب الدية في ماله عند الحنفية، وعلى عاقلته عند المالكية والحنابلة، وخالف الشافعية في ذلك على الأصح عندهم، حيث قالوا: إن عمد الصبي في الجنايات عمد، فتغلظ عليه الدية، ويحرم من إرث قاتله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1422(15/19)
المماثلة في القصاص
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك نص شرعي يلزم أن يكون القصاص بالسيف وماهو الدليل ثم لو أن إنسانا قتل انساناً بمسدس في رأسه فمفهوم النصوص أن نطلق رصاصة في رأسه ما الحكم؟ وجهونا ولعلكم تتذكرون معي اليهودي الذي رض الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه كما فعل بالجارية فلماذا لاتطبق المحاكم هذا الأمر وتكتفي بالسيف فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... فهذه المسألة مما اختلف فيها الفقهاء رحمهم الله فمنهم من يرى تقييد القصاص بالسيف ومنهم يرى المماثلة وإليك التفصيل. ذهب المالكية والشافعية وهو رواية عند الحنابلة إلى أن القصاص يستوفى بالطريقة التي تم بها القتل لقوله تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) [النحل: 126] . إلا أن تكون الطريقة محرمة كأن يثبت القتل بسحر أو خمر، فيلزم القصاص بالسيف. وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن القصاص لا يكون إلا بالسيف لحديث: "لا قود إلا بالسيف" [رواه ابن ماجة] . ومما يؤيد الرأي الأول حديث رض الرسول صلى الله رأس اليهودي الذي "رض رأس الجارية بين حجرين فماتت" [رواه البخاري ومسلم] . وما رواه البيهقي من حديث البراء عنه صلى الله عليه وسلم: "من غرض غرضنا له، ومن حرق حرقناه ومن غرق غرقناه" أي من اتخذه غرضاً للسهام. وأما حديث: "لا قود إلا بالسيف" فقال عنه ابن عدي: طرقه كلها ضعيفة. فتحصل أن الراجح - والله أعلم - أن القود يكون بما تم به القتل ما لم يكن هنالك مانع.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(15/20)
هل يسقط القصاص إذا عفت زوجة القتيل وهل تستأثر بما صولحت عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله الخير من أوسع أبوابه على هذا الموقع الطيب وجعله في ميزان حسناتكم، وأدخلكم أنتم وذريتكم ومن تحبون الجنة بإذن الله تعالى.
أما بعد/ راجيا من الله ثم من حضرتكم الإجابة على سؤالي في أسرع وقت ممكن نظرا
للضرورة، وأرجو من حضرتكم في حالة عدم التمكن من الإجابة بأن تبلغوني على البريد الالكتروني بذلك. وأحسن الله خاتمتكم.
المقدمة: لقد قام أحد الأشخاص بقتل أخي عمدا من الخلف غدرا أمام المنزل بعد صلاة المغرب منذ حوالي ثلاث سنوات، وتم الحكم على القاتل بالقصاص منذ حوالي ثلاثة أشهر، وقد تم إبلاغ والدي لأجل حضور موعد القصاص وكان ذلك يوم الجمعة الساعة التاسعة 10|7|1430صباحا، وعند ما حضر فوجئ بأنه لا يوجد قصاص، وأبلغه رجال الشرطة بأن القصاص قد أجل لمدة شهر بناءا على برقية أتتهم من خادم الحرمين الشريفين وذلك لإعطاء فترة عسى أن يحدث فيها صلح وليس على ذلك أي اعتراض ووكلنا أمرنا لله لأنه حين الأجل لايستقدمون ساعة ولايستأخرون. ولكن في أثناء هذه الفترة قام أهل القاتل بانتهاز هذه الفرصة والذهاب بالخفية إلى أرملة أخي المقتول ودفعوا لها خمسة ملايين ريال مقابل التنازل عن حقها بالقصاص وكان ذلك بالخفية والتلاعب دون علم أي أحد من أهل المقتول، وتنازلت عن القصاص بورقة خطية تنص على: أتنازل عن حقي بالقصاص مقابل خمسة ملايين ريال سعودي ويعد هذا المبلغ خاص بي فقط ولا يحق لأحد التصرف به غيري. وأنا أتساءل هل أعطوا هذه الفترة لأجل الصلح بما يحبه الله ويرضاه أم التلاعب في حقوق الآخرين؟ وهل نسوا قول الله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما.؟
السؤال: هل يحق للزوجة التنازل في هذه الحالة عن القصاص بالخفية والتلاعب مع أهل القاتل مقابل الإغراء بالمال ودون إبلاغ أحد من أهل المقتول، علما بأننا جميعا مصرون على القصاص: والدي وأمي وإخوتي جميعهم مصرون أيضا على القصاص؟
علما بأن أرملة أخي المقتول- رحمه الله ورحم الله موتى المسلمون جميعا- ليس لديها أولاد، وكذلك لدى والدي وكالة خاصة من أرملة أخي بتوكيله بمطالبة القصاص وتنفيذه بعد الحكم، ومن أمي ومن كافة إخوتي. هل الزوجة في هذه الحالة (أرملة المقتول) وريثة بالدم؟ وهل يحق لها التلاعب مع أهل القاتل في هذه المصيبة والتنازل عن القصاص؟ وإن سقط القصاص ماذا يحق لأهل المقتول؟ أفيدونا بعلمكم جزاكم الله كل خير وأحسن ختامكم وأدخلكم الجنة بإذن الله؟ وأنا أريد شرع الله لإقناع أهلي وإخوتي لتجنب الفتن والمصائب نظرا لخطورة الموضوع؟
ملاحظة: لقد قمت بمراجعة عدة شيوخ لأكون مصدر خير فالبعض أخبرني بأنه لايحق للزوجة في هذه الحالة بالتلاعب بالخفية وهي تعد وريثة بالمال وليس بالدم.
وقام البعض الآخر بإخباري بأنه يسقط القصاص وأجركم على الله ويعد هذا نصيبها وهو الربع ويتم إعطاء أهل المقتول المتبقي.
أفيدونا بعلمكم وإشارتكم علينا جزاكم الله خيرا؟ وقد قمت بإرسال هذا الموضوع منذ حوالي أسبوع ولم يأتني أي رد.
والله ولي التوقيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين الفقهاء في أن القود حق أولياء الدم، ولكنهم اختلفوا في ذلك الحق هل يثبت لهم ابتداء أم بطريق الإرث عن المجني عليه؟ ومن هم الذين يستحقونه منهم؟ وذلك على ثلاثة أقوال:
أحدها: للحنابلة والشافعية في الأصح وأبي يوسف ومحمد، وهو أن حق القصاص يثبت للمجني عليه أولا بسبب الجناية عليه، ثم ينتقل إلى ورثته جميعهم، الرجال والنساء والكبار والصغار، من ذوي الأنساب والأسباب كسائر أمواله وأملاكه.
والثاني: للمالكية والشافعية في قول وأحمد في رواية عنه اختارها ابن تيمية، وهو أن القصاص حق للمجني عليه ابتداء ثم ينتقل إلى العصبات الذكور من ورثته خاصة، لأنه ثبت لدفع العار فاختص به العصبات كولاية النكاح.
والثالث: لأبي حنيفة، وهو أن القصاص ليس موروثا عن المجني عليه، بل هو ثابت ابتداء للورثة، لأن الغرض منه التشفي ودرك الثأر. انتهى من الموسوعة الفقهية.
وبذلك يعلم السائل الكريم أن هذه المسألة فيها خلاف قديم بين أهل العلم، فلا غرابة أن يختلف فيها المفتون في هذا العصر، ولعل الراجح هو القول الأول.
قَال ابن قدامة: القصاص حق لجميع الورثة من ذوي الأنساب والأسباب والرجال والنساء والصغار والكبار، فمن عفا منهم صح عفوه وسقط القصاص ولم يبق لأحد إليه سبيل، هذا قول أكثر أهل العلم، منهم عطاء والنخعي والحكم وحماد والثوري وأبو حنيفة والشافعي، وروي معنى ذلك عن عمر وطاووس والشعبي ... ولنا عموم قوله عليه السلام: فأهله بين خيرتين. وهذا عام في جميع أهله، والمرأة من أهله ... وروى زيد بن وهب أن عمر أتى برجل قتل قتيلا فجاء ورثة المقتول ليقتلوه فقالت امرأة المقتول وهي أخت القاتل: قد عفوت عن حقي. فقال عمر: الله أكبر، عتق القتيل. رواه أبو داود. والدليل على أن القصاص لجميع الورثة ما ذكرناه في مسألة القصاص بين الصغير والكبير، ولأن من ورث الدية ورث القصاص كالعصبة، فإذا عفا بعضهم صح عفوه كعفوه عن سائر حقوقه، وزوال الزوجية لا يمنع استحقاق القصاص كما لم يمنع استحقاق الدية وسائر حقوقه الموروثة، ومتى ثبت أنه حق مشترك بين جميعهم سقط بإسقاط من كان من أهل الإسقاط منهم لأن حقه منه له فينفذ تصرفه فيه، فإذا سقط سقط جميعه لأنه مما لا يتبعض ... ومتى عفا أحدهم فللباقين حقهم من الدية سواء عفا مطلقا أو إلى الدية، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، ولا أعلم لهما مخالفا ممن قال بسقوط القصاص. انتهى.
وعلى ذلك فللزوجة الحق في أن ترجع فتعفو عن حقها في القصاص، حتى ولو كانت وكلت والد زوجها قبل ذلك في استيفاء ذلك الحق، وعندئذ يسقط حق بقية أولياء الدم في القصاص، على الراجح في قول أكثر أهل العلم، وينتقل حقهم إلى المال بقبول نصيبهم من الدية، فعن وائل بن حجر قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جيء برجل قاتل في عنقه النسعة. قال: فدعا ولي المقتول فقال: أتعفو؟ قال: لا. قال: أفتأخذ الدية؟ قال: لا. قال: أفتقتل؟ قال: نعم. قال: اذهب به. فلما ولى قال: أتعفو؟ قال: لا. قال: أفتأخذ الدية؟ قال: لا. قال: أفتقتل؟ قال: نعم. قال: اذهب به. فلما كان في الرابعة قال: أما إنك إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه. قال: فعفا عنه. رواه مسلم وأبو داود واللفظ له.
وجاء في الموسوعة الفقهية: إذا عفا بعض الأولياء عن القود دون البعض سقط القصاص عن القاتل؛ لأنه سقط نصيب العافي بالعفو، فيسقط نصيب الآخر في القود ضرورة؛ لأنه لا يتجزأ فلا يتصور استيفاء بعضه دون بعض. وفي هذه الحالة يبقى للآخرين نصيبهم من الدية؛ وذلك باتفاق الفقهاء لإجماع الصحابة رضي الله عنهم ... ويستوي في هذه الحالة عفو أحد الأولياء مجانا أو إلى الدية. اهـ.
ثم نذكر السائل الكريم وعائلته بأن العفو أقرب للتقوى، وأنه كفارة لصاحبه، كما قال تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ. {المائدة:45} ، وقال أنس بن مالك: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو. رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني.
أما بالنسبة لما أخذته الزوجة نظير عفوها عن حقها في القصاص فلا علاقة له بنصيبها من تركة زوجها ـ وهو هنا الربع ـ فيجب أن تأخذ نصيبها من تركة زوجها كاملا بغض النظر عن ما أخذته نظير عفوها عن حقها في القصاص. وهذا الذي أخذته الزوجة هل تختص به، أم يشاركها فيه بقية أولياء الدم بحسب نصيبهم من الدية، أم يخيرون بين هذين؟ خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يجعل ذلك خاصا بمن صالح على حقه من دم العمد، وهذا مذهب الحنفية.
قال السرخسي في المبسوط: رجل قتل عمدا وله ابنان فصالح أحدهما من حصته على مائة درهم فهو جائز, ولا شركة لأخيه فيها. انتهى.
وعلى ذلك فالخمسة ملايين ريال من حق المرأة وحدها لا يشاركها فيها أحد.
وفي مختصر خليل المالكي: إن صالح أحد وليين فللآخر الدخول معه وسقط القتل.
قال الحطاب في مواهب الجليل: يعني أن من قتل عمدا وله وليان فصالح أحدهما عن حصته بالدية كلها أو أكثر منها، فللولي الآخر أن يدخل معه فيما صالح به، بأن يأخذ نصيبه من القاتل على حساب دية العمد ويضمه إلى ما صالح به صاحبه ويقتسمون الجميع. انتهى.
وهذا هو الذي نراه راجحا ومحققا للعدل بين أولياء الدم، وموافقا لما سبق أن رجحناه من أن حق القصاص يثبت للمجني عليه أولا بسبب الجناية عليه ثم ينتقل إلى ورثته جميعهم، فكما يجتمع الجميع في تركة المتوفى وفي ديته، كذلك ينبغي أن يجتمعوا في الصلح عن القصاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(15/21)
الأسباب التي أدت إلى قطع أيدي وأرجل وسمل أعين العرنيين
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص عرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد سمل أعين العرنيين بالحديد المحمى. فوجد في صدره حرجا من هذا الأمر وأحس في نفسه كرها لهذا الفعل فلجأ إلى تكذيب الرواية، وقال بأنه لا يصدق أن يقدم الرسول على هذا الفعل. فهل يكفر بذلك؟ وهل لنا أيضا أن نعلم لماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بهؤلاء؟ ومن هم العرنيون أصلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعرنيون أناس من قبيلة عرينة، وخلاصة قصتهم ـ وهي ثابتة في الصحيحين ـ أنهم أتوا المدينة فأسلموا وآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطعمهم، فأصابهم داء في بطونهم -داء الاستسقاء- واستوخموا المدينة، فأنزلهم صلى الله عليه وسلم الحرة في طائفة من إبل الصدقة وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، فلما صحوا وسمنوا، ارتدوا عن الإسلام وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا الإبل، فبعث في آثارهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم.
وبهذا يتبين أن هؤلاء جمعوا بين أنواع من الجرائم فأعظمها أنهم ارتدوا، ثم القتل والحرابة والسرقة، ولذلك قال أبو قلابة راوي الحديث عن أنس: هؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله. رواه البخاري.
ومع هذا فلم يكتفوا بقتل الراعي بل سملوا عينه، ولذلك اقتص منهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس قال: إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاء. وراجع الفتوى رقم: 8358.
ومن المعلوم أن القصاص هو عين العدل. وقد قال الله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ. {البقرة:194} . وقال عز وجل: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا. {الشورى: 40} . وقال سبحانه: وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ. {المائدة: 45} وقد سبق معنى القصاص في الفتوى رقم: 23034.
فما فعله النبي صلى الله عليه وسلم هو عين العدل، وأضف إلى ذلك أن مثل هذا الفعل القبيح من هؤلاء المجرمين لو تعامل النبي صلى الله عليه وسلم معه باللين والرفق والعفو لتجرأ أناس غيرهم على ذلك، في وقت كان المسلمون فيه محارَبين من عدة جهات.
فمن وجد في صدره حرجا من هذا الأمر، فالغالب أنه قد سمع فقط بالعقوبة دون أن يدرك حجم الجريمة، وليس هذا بإنصاف.
وعلى أية حال فمن أنكر وقوع هذه القصة وكذب هذه الرواية وقال: إنه لا يصدق أن يقدم الرسول على هذا الفعل. فلا يكفر بذلك؛ لأنه إنما ردها وكذبها متأولا، بل مدافعا ونافيا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ظنه ظلما وقبحا. وإنما الذي يكفر هو من أنكر السنة النبوية كمصدر للتشريع، وأما إنكار ما سوى ذلك بغير تأويل معتبر فضلال وليس بكفر، كما سبق بيانه في الفتويين: 39084، 25570.
وعلى أية حال فالواجب على كل من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم التصديق والانقياد لما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي، فمتى صحت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز ردها أو الاعتراض عليها، كما أنه لا يجوز إخضاع السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأهواء، والعقول السقيمة التي ترد ما تجهله، أو تجهل الحكمة منه، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 12472.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(15/22)
أحكام من قتل أباه عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم قتل الابن أباه عمدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن جريمة قتل النفس من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، ولكن أمرها يكون أعظم وعقوبتها أشد إذا كانت من الابن لأبيه لمنافاة ذلك مع الطبع السليم، ومخالفة أوامر الله عز وجل التي جاءت بالحث على بره، والرفق به، والإحسان إليه، وخفض الجناح له.
ومما يترتب على ذلك العقوبة في الدنيا بقتله قصاصا إذا لم يعف أولياء الدم، والوعيد بالعذاب الشديد في الآخرة. كما في قول الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا. {النساء:93} .
ومما يترتب عليه أيضا حرمانه من التركة فلا يرث من المال ولا من الدية.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 63363، 120744.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(15/23)
حكم قتل الزوجة لزوجها وهو متلبس بالزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي من قتل الزوجة لزوجها وهو متلبس في حالة زنا وفي فراشها هل تعاقب؟ أرجو أن تكون الإجابة مدعمة بكثير من الأدلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن جريمة الزنا من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، ويكون أمرها أشد وعقوبتها أعظم إذا كانت من متزوج، ولذلك جعل الإسلام عقوبتها الرجم حتى الموت، وبما أن الإسلام يسعى إلى أمن المجتمع واستقراره فقد منع إقامة الحد من غير ولي الأمر، فلا يجوز للزوجة قتل زوجها إذا ارتكب جريمة الزنا أو غيرها. وعليها أن ترفع أمره إلى ولي الأمر ليقيم عليه الحد، وإذا قتلته فإنها تقتل به قصاصا، إلا إذا كان له ولد منها، فإن القصاص يسقط سواء أكان الولد ذكرا أم كان أنثى.
قال ابن قدامة في الشرح الكبير وهو حنبلي المذهب: فلو قتل أحد الزوجين صاحبه ولهما ولد لم يجب القصاص لأنه لو وجب لوجب لولده، ولا يجب للولد قصاص على أبيه، لأنه إذا لم يجب بالجناية عليه فلأن لا يجب له بالجناية على غيره أولى، وسواء كان الولد ذكرا أو أنثى.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 34005، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(15/24)
أمر رجلا أن يقتل أخا قاتل أخيه فقتله فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص قتل أخوه ظلما، والقاتل لم يحكم عليه بالإعدام، وبدافع من جاهلية الثأر قام هذا الشخص بدفع المال إلى قريبه الذي قام بقتل أخي القاتل، والذي لديه أولاد تيتموا، وقد تاب هذا الشخص إلى الله. ماذا عليه من حقوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في حرمة ما فعله ذلك الشخص؛ لما فيه من الأخذ بالثأر الجاهلي، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. قال تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى {الأنعام:164}
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه حتى لو حكم القاضي بالقصاص من القاتل، فليس من حق آحاد الناس تنفيذه، وإنما المخول بذلك أولو الأمر، كما بيناه في الفتوى رقم: 67760. فما بالك بقتل غيره؟
فعلى ذلك الشخص أن يستغفر الله عز وجل مما فعل، ويتوب إليه توبة نصوحا، ويستكثر من فعل الحسنات، ويحسن إلى أولاد من تسبب في قتله، ويدخل السرور على قلوبهم كما أدخل الحزن عليها من قبل.
أما بالنسبة لتبعة القتل من قصاص أو دية وكفارة، فهي على من باشر القتل دون ذلك الشخص الآمر له بذلك على الراجح من أقوال العلماء؛ وذلك للقاعدة الفقهية المشهورة: إذا اجتمع المباشر والمتسبب كان الضمان على المباشر.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل واعد آخر على قتل مسلم بمال معين ثم قتله فما يجب عليه في الشرع؟ فأجاب: نعم إذا قتله الموعود والحالة هذه وجب القود وأولياء المقتول بالخيار إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية، وإن أحبوا عفوا. وأما الواعد فيجب أن يعاقب عقوبة تردعه وأمثاله عن مثل هذا، وعند بعضهم يجب عليه القود. اهـ من مجموع الفتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(15/25)
مسائل حول عقوبة القتل في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا قال القرآن عن عقوبة القتل؟ وماهي شروط تنفيذ حكم القتل؟ وماهي العقوبات التي تؤدي إلى عقوبة القتل؟ ما هي طرق تنفيذ حكم القتل؟ هل الاسلام يفضل العقوبة أم الرحمه ولماذا؟ ماهي فؤائد ومساؤى عقوبة القتل؟ ما هي الحالات التي سوف يواجهها القاتل؟ ما هو رأى الديانة اليهودية والمسيحية في عقوبة القتل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقوبة القتل في الإسلام تختلف باختلاف نوع القتل، وبالجملة؛ فقتل العمد عقوبته القصاص إذا لم يعف ولي المقتول، وقتل الخطإ فيه الدية والكفارة، وقد بينا أنواع القتل وما يترتب على كل واحد منها في الفتوى رقم: 11470.
وفي قتل العمد يقول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى. الآية.
ويقول تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون.
وفي قتل الخطإ يقول تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله.. الآية.
وأما عقوبة القتل في الإسلام فتكون أساسا لثلاثة: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة، ولذلك تفصيل انظره في الفتوى: 17567. وفي القوانين الفقهية لابن جزي المالكي وغيره من كتب الفقه.
وأما تنفيذ القتل فيكون بأسرع وسيلة ممكنة إلا في بعض الحالات كالقصاص؛ فإن القاتل يقتل بما قتل به والثيب الزاني؛ فإنه يقتل بالرجم.
وأما قول السائل: هل الإسلام يفضل القتل أو الرحمة؟ فسؤال غير وارد ولا معنى له؛ فالإسلام ما جاء إلا للرحمة، وما شرع القصاص وغيره من العقوبات على المجرمين إلا رحمة بهم وبمن اعتدوا عليه، قال الله تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
قال أهل التفسير: يعني في استنقاذهم من الجهالة, وإرشادهم من الضلالة، وكفهم عن المعاصي وبعثهم على الطاعة.
ومن أقوال العلماء المشهورة: الإسلام جاء لجلب المصالح للعباد وتكميلها، ودرء المفاسد عنهم وتقليلها.
فالعقوبات رحمة للناس جميعا؛ فبالنسبة للمجرمين تكفير لذنوبهم وزجر لهم عن الجرائم، وهي أمان لغيرهم، وكان حكماء العرب قديما يقولون: القتل أنفى للقتل، فنزل القرآن الكريم تأييدا لهذا المعنى فقال تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أؤلي الألباب لعلكم تتقون. وهذا من أعظم فوائد قتل القاتل وردع المجرم، لأنه إذا علم أنه لو قام بالقتل عمدا قتل قصاصا كف عن القتل فكان في ذلك حياة له ولمن أراد قتله.
وأما عن الديانة اليهودية؛ فإن القصاص ثابت في شريعتها وكذلك رجم المحصن، أما النصرانية- المسيحية- التي جاء بها عيسى عليه السلام فهي تابعة لشريعة موسى عليه السلام وفيها-شريعة موسى التوراة- يقول الله تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص.. . الآية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(15/26)
الواجب في القتل العمد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا قتل رجل امرأة عمداً، أو قتلت امرأة رجلا عمداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق عمداً -رجلاً كان أو امرأة- يعتبر جريمة من أعظم الجرائم، وكبيرة من أكبر الكبائر، وانظر لذلك الفتوى رقم: 10808.
قال الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا. {النساء:93} ، وقوله تعالى: ... مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا. {المائدة:32} .
والواجب في القتل العمد هو القصاص سواء كان القاتل أو المقتول ذكراً أو أنثى؛ لقول الله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... {المائدة:45} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: والنفس بالنفس ... الحديث متفق عليه.
هذا إذا لم يعف أولياء الدم مجانا، أو على الدية، فإن عفوا على الدية جاز لهم أخذها من القاتل عمداً مقابل ترك المطالبة بالقصاص، لقول الله تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ. {البقرة:178} ، وفي الصحيحين مرفوعاً: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدي وإما أن يقاد.
وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38184، 47399 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(15/27)
ضوابط جواز المعاقبة بالمثل
[السُّؤَالُ]
ـ[مبدأ معروف في الإسلام وهو المعاملة بالمثل أي مثلا التمثيل بالكفار حرام لكن إذا مثلوا بجثث المسلمين نمثل نحن أيضا على أساس مبدأ المعاملة بالمثل وينظر في ذلك إلى المصلحة لكن إذا اغتصبوا نساءنا لا نستطيع فعل فعلهم على أساس مبدأ المعاملة بالمثل، فما هو الضابط في مبدأ المعاملة بالمثل ولماذا فرقنا بين التمثيل والاغتصاب، أريد قاعدة عامة يمكن تطبيقها على مختلف الحالات بحيث يمكن التمييز بين ما يمكن استخدام هذا المبدأ فيه وما لا يمكن لأنه يمكن لبعضهم التوسع في هذه القاعدة ويغتصب نساءهم مثلا على هذا الأساس ومحتجا بهذا المبدأ فما هو الرد؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل الصواب أن يقال: إن مبدأ الإسلام الصحيح هو جواز المعاقبة بالمثل ما لم تكن حراما في ديننا، فقد قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {البقرة:194} . وقال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {النحل:126} ، وقال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} .
قال أهل التفسير: هذه الآيات فيمن أصيب بظلامة لا ينال من ظالمه إذا تمكن منه إلا مثل ظلامته لا يتعداها إلى غيرها.
ولهذا فيقتل القاتل قصاصا بما قتل به، ولذلك جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رض رأس يهودي بين حجرين كما فعل بجارية قتلها، وقال العلامة خليل المالكي في المختصر: وقتل بما قتل، ولو نارا؛ إلا بخمر، أو لواط وسحر ...
أما إذا كان المعتدي قتل بالمحرم شرعا فلا يجوز قتله بما حرم الله، وهو ما تشير إليه الآيات المذكورة بعد التعقيب على جواز المعاقبة بالمثل؛ كما في قوله تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ. وفي قوله تعالى: إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. فالاغتصاب مما نهى عنه الشرع ويتنافى مع التقوى.
ومن هذا يتضح أن المعاملة بالمثل جائزة ما لم تكن حراما في ديننا، فإذا كانت حراما كالاغتصاب واللواط والسحر ... فإنها لا تجوز شرعا.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 16709، 1936.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(15/28)
هل يؤجر القتيل إذا عفا أولياء الدم عن قاتله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأجر الذي يجنيه المقتول عند إعفاء قاتله (عمداً أو خطأ) ، ما الفضل لأهل الدم عند العفو عن قاتل ابنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقاتل عليه ثلاثة حقوق حق لله وحق لأولياء الدم وحق للقتيل، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى نقلاً عن ابن القيم: والتحقيق في هذه المسألة أن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق، حق لله، وحق للمقتول وحق لوليه، فإذا سلم القاتل نفسه طوعاً واختياراً إلى الولي ندما على ما فعل وخوفاً من الله وتوبة نصوحاً فحق الله يسقط بتوبته وتسليم نفسه للولي وحق الولي يسقط بالاستيفاء أو الصلح أو العفو ويبقى حق المقتول يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب المحسن.. انتهى.
وبناء عليه فإن حق القتيل عند ربه ولا أجر له في عفو أولياء الدم عن حقهم في القصاص أو الدية وإنما أجر ذلك لهم وثوابه إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(15/29)
هل يجوز لمن اغتصبت أرضه أن يقتل الغاصب
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أرضنا مأخوذة، مطرودين من بين القبائل في اليمن، ولنا حوالي 20 سنة يقتلون فينا، وسؤالي هو: هل يجوز لنا قتل من أخذ أرضنا ووقف أمامنا وقتل إخواننا؟ أرجو أن تفيدونا أفادكم الله.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر وأعظم المحرمات، والقاتل متوعد بغضب الله ولعنته والخلود في النار، كما قال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقا -أي خفيف الظهر سريع السير- صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلح. أي أعيا وانقطع. رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني. وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء.
ولتعلم أخي الكريم أن إقامة الحدود واستيفاء القصاص لا تصلح إلا من الحاكم، كما نص عليه أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتويين: 13598، 29819.
ولا يخفى عليك أنك إن فتحت هذا الباب من الفتن عليك وعلى أفراد قبيلتك وغيرهم فسوف يترتب على ذلك فساد عريض من الفوضى وكثرة القتل والأخذ بالثأر، فتزول بذلك نعمة الأمن.
فلا تعجل أخي الكريم بسبب فقدان شيء من متاع الدنيا، قد تخسر بسببه دنياك وآخرتك التي هي خير وأبقى. وإليك هذه الوصية النبوية على قائلها الصلاة والسلام: إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل يعني على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد. وفي وصية أخرى: فإن أدركت ذاك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل. رواه أحمد وصححهما الألباني.
وراجع لتمام الفائدة الفتويين: 33642، 36610.
وبإمكانكم أن تصلوا إلى حقكم بإذن الله تعالى برفعه إلى الجهات المسؤولة، وتوسيط أهل الفضل والصلاح في بلادكم بلاد الحكمة والإيمان، ولن تعدموا فيها من ينصفكم ممن ظلمكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(15/30)
قتل رجلين فطلب أولياء أحدهما القصاص وطلب الآخرون الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في رجل قتل رجلين فطلب أولياء أحد الرجلين القصاص وطلب أولياء الآخر الدية. فهل يصح الجمع بين العقوبتين في حق هذا الرجل أم ماذا يكون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل الذي قتل الرجلين عاقلا وقتلهما متعمدا، وطلب أولياء أحدهما القصاص وطلب أولياء الآخر الدية، فإن على القاتل القصاص عن الأول لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى، وعليه الديه عن الثاني لقوله تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ {البقرة:178}
قال ابن كثير في التفسير: فالعفو أن يقبل الدية في العمد.
هذا باختصار ما رجحه المحققون من أقوال أهل العلم في هذه المسألة وهو مذهب الحنابلة ووافقهم الشافعية في هذا الفرع.
قال ابن قدامة الحنبلي: وإن قتل واحد جماعة أو قطع عضوا من جماعة لم تتداخل حقوقهم لأنها حقوق مقصودة لآدميين فلم تتداخل كالديون، وإن طلب واحد القصاص والباقون الدية فلهم ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فمن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية، فظاهر هذا الحديث أن أهل كل قتيل يستحقون ما اختاروه من القتل أو الدية.
والحديث المذكور رواه أبو دواد والترمذي وأحمد، وصححه الألباني.
وللمزيد من الفائدة عن أنواع القتل وما يترتب على كل واحد منها انظر الفتوى رقم: 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1430(15/31)
حكم القتل في حالة السكر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ارتكب جريمة قتل وهو في حالة سكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفس والعقل من الكليات التي جاء الإسلام بحفظها وحمايتها، وجعل الاعتداء عليها من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، كما هو معلوم بالضرورة عند كل مسلم، ولذلك فإن من ارتكب جريمة القتل وهو في حالة سكر بمحرم عمداً فقد ارتكب أكثر من جريمة باعتدائه على النفس والعقل، وعقوبة قتله هي القصاص منه بالقتل ما لم يعف عنه ولي الدم، جاء في كتاب تبيين المسالك وهو مالكي المذهب: إذا قتل مكلف عاقل غير حربي -ولو سكر بحرام عمداً معصوم الدم بإيمان أو أمان غير حربي ولا مرتد فالقصاص ثابت لولي المقتول بإذن الحاكم. وهذا هو ما عليه جمهور أهل العلم، ولكن الذي يقيم القصاص هو ولي الأمر أو نائبه وليس ذلك لسائر الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1430(15/32)
حالات وأحكام القتل بالسم
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً لكم على الجواب الشافي الذي أرسلمتوه لي في استشارة رقم 287343 ولكني أريد المزيد من البينة على شيء، وهو أن القاتل كان في وقت القتل متخبطا في الدنيا، وأن القتيل من أقرباء الدرجة الأولى لذلك لم يعلم أحد بأنه هو القاتل الذي قام بقتل القتيل.... حيث إن القتيل توفى عن طريق السم ... لذلك لا يعرف ماذا يقول لإخوانه عن الدية وكيف يدفعها.. وأنه نادم الندم الشديد والدية كم مقدارها؟ وشكر جزيلاً لمساعدتي وأرجو أن يثبتني ربي على ديني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما تعني بكونه متخبطاً في الدنيا، ولكن إن كان المقصود بذلك السفه وعدم المبالاة فهذا لا يرفع عنه ما يترتب على القتل من قصاص أو دية، بل لو كان مجنوناً لزمت الدية عاقلته، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 75217.
وقد ذكرت بهذا السؤال أمراً لم يذكر في الاستشارة التي أرسلتها سابقاً لقسم الاستشارات وهو أن القتل كان بالسم، ولذا فإننا سنذكر هنا بعض الحالات التي ذكرها الفقهاء في القتل بالسم، لما قد يترتب على ذلك من أمر آخر غير الدية، وهو القصاص والحالات هي على النحو الآتي:
الحالة الأولى: أن يكون المقتول صبياً غير مميز أو مجنوناً، فإذا قدم له القاتل طعاماً مسموماً فمات منه وجب القصاص على مقدم الطعام، إن كان يعلم أن ذلك السم يقتل غالباً، سواء أخبره أن الطعام مسموم أم لا.
الحالة الثانية: هي إن أكره بالغاً عاقلاً على أكل طعام مسموم ولم يعلم المكره أنه مسموم فعليه القصاص، أما إن كان المكره يعلم أنه مسموم فلا قصاص كما إذا أكرهه على قتل نفسه.
الحالة الثالثة: إن أوجره السم في حلقه فعليه القصاص وإن كان بالغاً، لأنه ألجأه إليه ولا اختيار له حتى يقال عنه، إنه تناول السم باختياره، فحد العمد صادق عليه.
الحالة الرابعة: إن قدم طعاماً مسموماً لبالغ عاقل فأكله من غير إكراه فمات منه، فإن كان الآكل يعلم أنه مسموم فلا قصاص ولا دية باتفاق الفقهاء، لأنه هو الذي قتل نفسه.. وإن كان غير عالم بالحال فقد اختلف الفقهاء في وجوب القصاص فيه، فقال الشافعية: لا يجب القصاص بل تجب دية لشبه العمد لتناوله له باختياره فلم يؤثر تغريره، وفي قول عندهم: يجب القصاص لتغريره كالإكراه. وقال المالكية والحنابلة: يجب القصاص. عليه، لأنه يقتل غالباً، ويتخذ طريقاً إلى القتل كثيراً فأوجب القصاص، وقال الحنفية: لا قصاص في القتل بالسم مطلقاً، فإن قدم إلى إنسان طعاماً مسموماً فأكل منه -وهو لا يعلم أنه مسموم- فمات منه فلا قصاص ولا دية، فيعزر بحبس ونحوه. انتهى بتصرف من الموسوعة الفقهية الكويتية.
وسبب الخلاف في هذه المسألة هل قتل النبي صلى الله عليه وسلم المرأة اليهودية التي وضعت له السم في الطعام أم لا؟ وبكلا الأمرين وردت بعض الأخبار، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: قال القاضي عياض: واختلف الآثار والعلماء: هل قتلها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لا؟
فوقع في (صحيح مسلم) أنَّهم قالوا: ألا نقتلها؟
قال: لا، ومثله عن أبي هريرة، وجابر.
وعن جابر من رواية: أبي سلمة، أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتلها.
وفي رواية ابن عبَّاس: أنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دفعها إلى أولياء بشر بن البراء بن معرور، وكان أكل منها فمات بها، فقتلوها.
وقال ابن سحنون: أجمع أهل الحديث: أنَّ رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتلها.
قال القاضي: وجه الجمع بين هذه الرِّوايات والأقاويل: أنَّه لم يقتلها أوَّلاً حين اطَّلع على سمِّها، وقيل له: اقتلها، فقال: لا، فلمَّا مات بشر بن البراء من ذلك، سلَّمها لأوليائه فقتلوها قصاصاً، فيصحُّ قولهم: لم يقتلها، أي: في الحال، ويصحُّ قولهم: قتلها أي: بعد ذلك. انتهى.
فالأقرب إلى الصواب القول بوجوب القصاص، وعلى هذا فالواجب على هذا القاتل أن يخبر أولياء الدم، فإن شاءوا طالبوا بالقصاص، وإن شاءوا ارتضوا الدية أو عفوا عن القاتل. وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 11470، وهي في أنواع القتل وما يترتب على كل نوع منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(15/33)
أحوال القصاص والتعزير بالسجن
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أبحث عن صحة الحديث العين بالعين والسن بالسن....، وما معناه؟ وهل يجب علينا أن نحتكم لهذا الحديث، وكيف عوضنا هذا المفهوم بما يسمى عقوبة السجن. أكرمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكر جزء من آية كريمة من كتاب الله تعالى، وهي قول الله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {المائدة: 45} .
وأما معناها فقد سبق أن بيناه بالتفصيل وبإمكانك أن تقرأه في الفتوى: 38184.
وبخصوص الحكم بها فإنه واجب كوجوب الحكم بغيرها من نصوص الوحي المحكمة من كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم.؛ فقد قال الله تعالى تعقيبا على هذا الحكم في ختام الآية: ومن لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " وفي الآية التي قبلها: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ. وفي الآية التي بعدها: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. وقال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65} .
وأما كيف عوض المسلمون عن هذا الحكم الرادع واستبدلوه بغيره فجوابه أن القصاص قد يتعذر أحيانا لسبب ما، ولعدم توفر الجاني على العضو المقابل للعضو المعتدى عليه أو كخشية التلف في القصاص أو لنحو ذلك.. وفي هذه الحالة فالحكم الشرعي هو أن تلزم الدية مع التعزير بالسجن أو بغيره مما يراه الحاكم رادعا، وقد يؤدي القصاص إلى قيام فتنة أو فساد في الأرض فيؤجله الحاكم.. وقد يوجد لتأجيله بسبب غير ذلك أما إذا لم يوجد عذر لمنع القصاص فإنه لا يجوز استبداله بغيره، وفعل ذلك يعتبر إعراضا عن شرع الله الحكيم وهو حينئذ مثل إعراض الكثير من الناس عن أحكام الشريعة الإسلامية الحكيمة كلها- أو جلها- واستبدالها بالقوانين الوضعية
وسبب ذلك هو ضعف المسلمين وبعدهم عن دينهم حتى تحكم فيهم الاستعمار وحكم فيهم قوانينه ونظمه وتشريعاته.. في كل مجالات الحياة.
والواجب على المسلمين في كل مكان العودة إلى دينهم وتحكيم شريعة ربهم في كل شأن من شؤون حياتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(15/34)
هل القصاص يشرع في السرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال سألتني إحدى الأخوات وطلبت مني الجواب وهذا نص السؤال:
والعين بالعين ... والسن بالسن ... والجروح قصاص. جزء من آية من سورة المائدة.
هل معنى هذا إذا أصبت بضرر من شخص ما يجب أن تقتص لنفسك منه بنفس الطريقة؟
فمثلا أنا سرق مني شيء ثمين وعرفت السارق إذا علي أن أسرقه؟
أرجوكم أريد تفسيرا دقيقا لهذه الآية, جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القصاص من الظالم لا يجب بل يجوز العفو والمسامحة، كما نقل ابن قدامة الإجماع عليه في المغني، ويدل لهذا قوله تعالى في آخر الآية: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ {المائدة: 45}
وهناك كثير من الأمور لا يجوز القصاص فيها، مثل الاعتداء على الأعراض والسرقة والكذب ونحو ذلك، وبهذا يعلم أنه لا يجب عليك، بل ولا يجوز أن تأخذ شيئا من مال من سرق منك، ولكنك إذا أمكنك أخذ قدر مالك المسروق دون أن تنسبي إلى السرقة، فقد اختلف هل يجوز ذلك أم لا يجوز، أو يفرق بين الحق الظاهر وبين ما يحتاج إلى بينة تثبته.
وقد بسطنا أقوال أهل العلم في المسألة، وذكرنا تفسيرالآية في فتاوى سابقة. فراجعي منها الفتاوى التالية أرقامها: 38184، 49905، 28871، 19061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(15/35)
ما يجب على من أراد قتل أحد من الناس فأصاب غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[نلتمس من فضيلتكم الفتوى الشرعية للحادثة التالي سردها وهي كالآتي: ذهب أخي إلى زيارة أحد أصدقائه وأثناء حديث بعض أقارب صديقه تبين له أنهم في مشكلة مع عائلة أخرى فدار بينهم الحديث وقاموا وركبوا سيارتهم جميعا بما فيهم صديق أخي وذهبوا يبحثون عن أحد أفراد العائلة الأخرى ليقتصوا منه وبعد ذهابهم قام أخي بالذهاب إلى الطريق العام لكي يركب ويذهب إلى بيته (أو أي مكان يريد) وأثناء سيره, وإذ بسيارة مارة -سيارة تقوم بجمع الركاب- فقام بالإشارة لها فوقفت السيارة وركب فيها وشاء القدر أن صاحب هذه السيارة هو من يبحث عنه أقارب صديقه، ثم تحركت السيارة مسافة معينة ووقف صاحب السيارة ليقوم بعمل اتصال تليفوني، وأثناء ذلك وإذ بأقارب صديقه يمرون من نفس الطريق ورأوا السيارة ورجعوا لها وقاموا بسد الطريق عليه ثم قام صاحب السيارة التي يركب فيها أخي بالهروب منهم فأطلقوا عليه النار فأصيب أخي بطلق ناري فقتل في ساعته ثم وقفت السيارة ونزل أحد أقارب صديق أخي فنظر في الجثة وعاد إلي سيارتهم ومشوا عنه.
حيث إن السيارة التي يركب فيها أخي سيارة نصف نقل وهناك ركاب آخرون يركبون بالسيارة ولكن في الكرسي الأمامي بجوار السائق وأخي كان يركب بالصندوق الخلفي للسيارة، وبعدها بعثوا عواقل العائلة التي قتلت أخي يقولون إننا لم نقصد قتله وإنما قتل عن طريق الخطأ باللفظ (نحن زلينا زلة في الرجل) ، علما بأن تقرير الطبيب الشرعي يقول مصدر الطلق الناري أعلى من الرجل بما يقارب إلى 120 سم وبعد المسافة بينه وبين القاتل أقل من مترين، وعلى هذا نلتمس منكم الفتوى الشرعية في هذه الحادثة، وهل هذا القتل قتل خطأ أم قتل عمد، وهل يجوز في هذه القضية القصاص أم الدية؟ وجزاكم الله خيراً وثبتكم على الحق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى تعالى أن يحسن عزاءكم في أخيكم وأن يغفر له ويرحمه، وقد نص الفقهاء على أن من أراد قتل أحد من الناس فأصاب غيره أن ذلك من نوع القتل الخطأ، قال الشافعي في كتابه (الأم) وهو يبين أنواع القتل: والخطأ كلما ضرب الرجل أو رمى يريد شيئاً وأصاب غيره فسواء كان ذلك بحديد أو غيره. انتهى. فيجب على القاتل الدية، ويتحملها أولياؤه، وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 11470.
وإن حصل شيء من النزاع في أصل أمر القتل أو الدية ونحو ذلك فالأولى مراجعة المحكمة الشرعية فهي أجدر بالنظر في مثل هذه المسائل، ولأن حكم القاضي ملزم؛ بخلاف المفتي.
وننبه إلى خطورة ما يسمى بأخذ الثأر والتساهل في أمر الدماء فإن هذا من الأمر الخطير ومدعاة للفوضى وانتشار القتل، ومن هنا جعل الشرع إقامة الحدود إلى الحاكم المسلم أو من ينوب عنه لا لعامة الناس، وانظر لذلك الفتوى رقم: 105468، والفتوى رقم: 80736.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1429(15/36)
هل يشترط في القتل العمد أن تكون الآلة محددة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط في القتل العمد أن تكون الآلة محددة في المذاهب الأربعة والراجح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في تعريف القتل العمد، فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف ومحمّد من الحنفيّة كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني، إلى أنّ القتل العمد هو: الضّرب بمحدّد أو غير محدّد، والمحدّد، هو ما يقطع ويدخل في البدن كالسّيف والسّكّين وأمثالهما ممّا يحدّد ويجرح، وغير المحدّد هو ما يغلب على الظّنّ حصول الزّهوق به عند استعماله كحجر كبير، أو خشبة كبيرة وبه قال النّخعيّ، والزّهريّ، وابن سيرين وحمّاد، وعمرو بن دينار، وابن أبي ليلى، وإسحاق. ويدخل في العمد أيضاً: إطلاق الرصاص على المجني عليه فيموت منه، وغرز إبرة في مقتل فيموت منه ...
وذهب أبو حنيفة إلى أنّ القتل العمد هو أن يتعمّد ضرب المقتول في أيّ موضع من جسده بآلة تفرّق الأجزاء، كالسّيف واللّيطة، والمروة والنّار، لأنّ العمد فعل القلب، لأنّه القصد، ولا يوقف عليه إلاّ بدليله، وهو مباشرة الآلة الموجبة للقتل عادة.
قال في اللباب شرح الكتاب ما ملخصه: فالعمد: تعمد ضربه بسلاح أو ما أجرى مجرى السلاح في تفريق الأجزاء وذلك كالمحدد أي الذي له حد يفرق الأجزاء من الخشب والحجر والنار لأن العمد هو القصد ولا يوقف عليه إلا بدليله - وهو استعمال الآلة القاتلة - فأقيم الاستعمال مقام القصد. انتهى.
وهذا بخلاف المثقل فليس القتل به عمداً عنده.
والصحيح هو القول الأول ودليله ما رواه أنس رضي الله عنه أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها من صنع بك هذا؟ فلان فلان؟ حتى ذكروا يهودياً، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقرّ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين. رواه البخاري. ومعنى رض رأسها: أي: دق. ولأنه يقتل غالبا فأشبه المحدد.
وراجع الفتوى رقم: 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(15/37)
الواجب في جناية العمد
[السُّؤَالُ]
ـ[رحت للمحكمه وجلست عند القاضي قال لي القاضي ماذا تريد من المتهم وقلت أريد تعامل زي ماعملني تضربه في مفك عجل اتنازل عنه بيه مايحرك رجله ومابيه يحرك يده وابيه زي ذاكرتي ينسى الناس وقلت للقاضي ما اعرف أقرأ قرآن قال اذا صليت قل سبحان الله والله اكبر.
وقال القاضي تبون اربع مائه الف قالت لا
وقال القاضي نرسل الي هيئه التمييز في خمسه قضاه وش يردون علينا وقال جب التقرير النهائي
وفيه واحد من الاهايون ولد خاله قاضي
الدكتور اللي سوا عمليه في راسي قالي الحمدلله الله كتب لك عمر وقال الفتحه في الراس كبير مره اشرفي يده مسك اصبعين السبابه والوسطه]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا جدوى من الفتوى في أمر بين يدي القضاة، والواجب في جناية العمد هو القصاص ما لم يخش فيه تلف النفس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنه قد جنى عليك جان جنايات شديدة بعضها في الرأس ... وأنك أردت من القاضي أن يقتص لك من الجاني، ولا تقبل غير ذلك.
وعرض عليك القاضي الصلح مع الجاني على أربعمائة ألف ولم تقبل ...
وللجواب على هذا نقول لك: إن هذه الأمور هي من اختصاص المحاكم الشرعية، ولا جدوى في الإفتاء فيها ما دامت قد وصلت إلى المحكمة.
ويمكن -فقط- أن نقول لك: إن الواجب في جناية العمد هو القصاص ما لم يخش فيه تلف النفس، فحينئذ يكون الواجب فيه هو الدية. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 104747.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(15/38)
هل يقتص من الساب بأخذ ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل إداريا في إحدى الشركات وفي يوم عمل قمت بأمر أحد الموظفين بحمل البضائع من الشاحنة إلى المستودع فرفض وعند تحذيري له من العقوبة انفعل وقام بمهاجمتي وأدى ذلك إلى تمزق القميص الذي كنت أرتديه والأكبر من ذلك أنه قام بإهانتي ولكني لم أقم بالرد عليه بنفس الأسلوب، دخلت إلى الإدارة وقلت لهم يجب أن يعاقب ويخصم من راتبه 500 ريال سعودي 200 ريال قيمة القميص و300 ريال عقوبة على اعتدائه علي وإهانتي أمام زملائي وعدم تنفيذ الأوامر أتمنى منكم أن تقولوا لي ما حكم الشرع في هذا الطلب الذي قمت بطلبه من الإدارة ضد هدا العامل لتكون العقوبة داخل حدود الشركة وليس في أقسام الشرطة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
يجوز القصاص في السب والشتم بما لا يكون كذبا ولا قذفا ولا تكفيرا ولا مجاوزة الساب إلى أبيه أو نحوه، ولا يقتص من الساب بأخذ ماله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع في حق الأخ السائل أن يرفع ظلامته من إلى من ينصفه بحق وعدل ليغرم المعتدي ثمن قميصه الذي مزقه، وله أيضا أن يرد السب بمثله بدون اعتداء.
جاء في التجريد من كتب الشافعية: خاتمة: إذا سب شخص آخر فللآخر أن يسبه بقدر ما سبه به ولا يجوز سب أبيه ولا أمه وإنما يسبه بما ليس كذبا ولا قذفا نحو يا أحمق يا ظالم، إذ لا يكاد أحد ينفك عن ذلك، وإذا انتصر بسبه فقد استوفى ظلامته وبرئ الأول من حقه وبقي عليه إثم الابتداء والإثم لحق الله تعالى.
وجاء في فتاوى ابن تيمية: 681- 35 سئل عن الرجل يلطم الرجل أو يكلمه أو يسبه هل يجوز أن يفعل به كما فعل؟ الجواب: وأما القصاص في اللطمة والضربة ونحو ذلك فمذهب الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين أن القصاص ثابت في ذلك كله، وهو المنصوص عن أحمد.. وذهب كثير من الفقهاء إلى أنه لا يشرع من ذلك قصاص، لأن المساواة فيه متعذرة في الغالب، وهذا قول كثير من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي واحمد، والأول أصح فإن سنة النبي صلى الله عليه وسلم مضت بالقصاص في ذلك، وكذلك سنة الخلفاء الراشدين، وقد قال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، وقال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ. ونحو ذلك، وأما قول القائل إن المماثلة في هذه الجناية متعذرة فيقال لا بد لهذه الجناية من عقوبة، إما قصاص وإما تعزير، فإذا جوز أن يعزر تعزيرا غير مضبوط الجنس والقدر فلأن يعاقب إلى ما هو أقرب إلى الضبط من ذلك أولى وأحرى، والعدل في القصاص معتبر بحسب الإمكان، ومن المعلوم أن الضارب إذا ضرب ضربة مثل ضربته أو قريبا منها كان هذا أقرب إلى العدل من أن يعزر بالضرب بالسوط، فالذي يمنع القصاص في ذلك خوفا من الظلم يبيح ما هو أعظم ظلما مما فر منه، فعلم أن ما جاءت به السنة أعدل وأمثل وكذلك له أن يسبه كما يسبه مثل أن يلعنه كما يلعنه، أو يقول قبحك الله فيقول قبحك الله، أو أخزاك الله فيقول أخزاك الله، أو يقول يا كلب، يا خنزير، فيقول: يا كلب يا خنزير، فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره ولا يكذب عليه، وإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه لأن أباه لم يظلمه. اهـ
وإذا تقرر هذا فإنه لا يجوز للأخ السائل المطالبة بخصم المبلغ المذكور عقوبة على قيام الموظف بإهانته.
ويجوز أن يخصم منه من جهة ثانية وهي ما إذا كان رفض بعض العمل المستأجر عليه فيخصم منه بقدر ذلك، وهذا لا تعلق له بمسألة إهانتك فقد تقدم كيف يقتص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(15/39)
حكم القصاص في المأمومة والجائفة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أفيدوني جزاكم الله خيراً كنا في الليل مع ابن عمي نمشي راجعين من البقالة فكان شباب عددهم أربعة يتجولون أول مرة وليس فيه أي إنسان بالشارع، والمرة الثانية وقفوا علينا وسائق السيارة رئيس العصابة كان معه مفك عجل ضربني ضربة قاسية بالرأس وقعت في غيبوبة فجاء ابن عمي وحضنني يبكي علي والثلاثة اعتدو اعليه سحبوه فمزقوا ملابسه وسرقوا جواله وإثباته وبوكه بقيت في الغيبوبة، ابن عمي حفظ رقم اللوحة وبلغ الشرطة (وبعد ثلاثه أيام قبضوا بعد البحث والتحري على السارق وبعده الثاني والثالث ورابع هارب) وبعد أسبوعين قبضوا على صاحب السيارة الذي كان متسلحا في مفك عجل مكتوب في التقرير الطبي الجنسية: سعودي العمر:24 هذا المريض دخل المستشفى إثر إصابه بآلة حادة أدت إلى كسر منخسف بالجهة الجداريه الأماميه اليسرى مع تهتك شديد بالمخ بنفس الجهة وتم إجراء جراحة لإزالة النزيف ورفع الكسر المنخسف ورتق الأم الجافيه ووقف النزيف والمريض يعاني من شلل بالجهة اليمنى بالجسم وفقدان القدرة على الكلام تحسن تدريجيا مع العلاج الطبيعي والدوائي والمريض بحاجة لمركز متخصص للعلاج الطبيعي والتأهيلي، والأن رأسي فاتح فيه 4 بوصه زال عضو من الجمجمة فقط جلد ومخ (العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم) أريد حقي من الذي ضربني لم ولن أتنازل عن الإرهابي (العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم) فما هو الحكم الشرعي؟ والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب القصاص في جناية العمد إلا إذا خشي في ذلك موت الجاني فإنه يعدل إلى الدية، ويجب معاقبة العصابة على فعلتهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنك كنت مع ابن عمك تمشيان، وأن عصابة قد اعتدت عليكما حيث ضربك أحدهم في الرأس، مما جعلك في غيبوبة ثم اعتدوا على ابن عمك وسرقوا بعض أمتعته ... وبعد أيام تم القبض على العصابة، واطلعتم على التقرير الطبي الذي بينت محتواه.. وأنت الآن تطلب القصاص ممن اعتدوا عليك.
وللجواب على هذا نقول لك بما أن الجرح الذي حصل قد فعله الفاعل عمداً، فإن أمكن القصاص من صاحبه، وأمن من الحيف ولم يخش في ذلك هلاك، فالواجب فيه هو القصاص، لقول الله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة:45} ، وأما إذا خشي هلاك الجاني، بأن كان الجرح قد وصل إلى جلدة الدماغ، فإن تلك الجناية هي المسماة بالمأمومة ولا قصاص فيها، لأنها من المتالف، وكذا الحال إذا احتيج في علاجها إلى إزالة بعض العظام للدواء، وتسمى حينئذ بالمنقلة، جاء في المغني: وليس في المأمومة ولا في الجائفة قصاص) المأمومة: شجاج الرأس، وهي التي تصل إلى جلدة الدماغ، وتسمى تلك الجلدة أم الدماغ، لأنها تجمعه، فالشجة الواصلة إليها تسمى مأمومة وآمة لوصولها إلى أم الدماغ، والجائفة في البدن وهي التي تصل إلى الجوف، وليس فيهما قصاص عند أحد من أهل العلم نعلمه، إلا ما روي عن ابن الزبير أنه قص من المأمومة فأنكر الناس عليه، وقالوا: ما سمعنا أحداً قص منها قبل ابن الزبير ... وروى ابن ماجه في سننه عن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا قود في المأمومة ولا في الجائفة، ولا في المنقلة. ولأنهما جرحان لا تؤمن الزيادة فيهما فلم يجب فيهما قصاص ككسر العظام. انتهى.
وفي هذه الحال يكون لك دية الجرح فقط، وهو ثلث الدية إذا كان مأمومة أو عشر الدية ونصف عشرها إذا كانت منقلة، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 69982، والفتوى رقم: 72302.
كما أن لكما الحق في استرجاع أمتعتكما المأخوذة منكما.
وإذا قلنا بعدم القصاص فإنه من الواجب على السلطة أن تعاقب تلك العصابة على هذا العمل الإجرامي، بما تستحق فإن هذه الفعلة تدخل في قطع الطريق وهو ما يعرف بالحرابة، والله جل وعلا يقول في هؤلاء: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {المائدة:33} .
وعلى كل فلا ينبغي أن يبقى هؤلاء طلقاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(15/40)
قتل رجلا مسلما لاعتقاده أنه تسبب في قطع رزقه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: كان هناك رجل وتسبب بل وقف في قطع رزقي أنا وأولادي ومع أنني حاولت بكل السبل لكي يبعد عن طريقي ولكن لم يفعل، وأخيراً قتلته.. فهل أنا ينطبق علي قتل النفس إلا بالحق ... وأنا إن شاء الله قتلته بحق لكي أبعده عني ولا تتدمر عائلتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنك قتلت هذا الرجل بغير حق شرعي، وقتل النفس عمداً من أعظم الذنوب وأشنعها عند الله تعالى، كما جاء في نصوص الكتاب والسنة، قال الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ، وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70} ، وقال تعالى: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا {المائدة:32} ، وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: يا رسول الله، وما هن.؟ قال: الإشراك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. وأخرجا أيضاً عن أنس رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس.
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار، فقيل: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه. رواه البخاري ومسلم. وفي مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. وفي البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً. وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. وروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك ماله ودمه. وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق. رواه ابن ماجه. وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً، والرجل يقتل مؤمناً متعمدا.
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار. رواه الترمذي وصححه الألباني. وروى الطبراني في الصغير من حديث أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أهل السماوات والأرض اجتمعوا على قتل مسلم لكبهم الله جميعاً على وجوههم في النار. وعن معاوية رفعه: كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً. أخرجه النسائي والحاكم وصححه الألباني.
وينبغي أن يعلم أنه على العبد أن يكون عنده يقين لا يخالجه شك أن رزقه بيد خالقه، فلا يستطيع أحد أن يعطيه شيئاً أو يمنعه شيئاً إلا بإذن الله، وأن الظن أن فلاناً يقطع أو يؤخر رزق فلان يعتبر من الظن الفاسد فعلى صاحبه أن يصحح هذا الخلل الواقع في صميم عقيدته، نسأل الله تعالى العافية وأنه لا يكفي مجرد النطق باللسان أن الله هو الرزاق بل لا بد أن يعلم تمام العلم ويتيقن كل اليقين أن رزقه ورزق غيره بيد من خلقه، قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا {هود:6} ، وقال سبحانه: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُون َ {فاطر:2-3} ، وقال تعالى: وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس:107} ، وقد ثبت في الحديث: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت. رواه البخاري ومسلم.
وصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه أبو نعيم وصححه الألباني. هذا ومع قولنا إنه لا أحد يمنع ما أعطاه الله للعبد فإن تصرف هذا الرجل سبب من الأسباب قد يحصل بسببه إنهاء عقد عمل في وظيفة ما ويعتبر عمله ظلماً يستحق به العتب والتعزير، ولكنه لا يشرع أن تقدم أنت على قتله بسبب ذلك، ومن قتل نفساً معصومة الدم عمداً وجبت عليه التوبة وتسليم نفسه لأولياء الدم، فإما أن يعفو الأولياء وإما أن يقتصوا وإما أن يأخذوا الدية، على تفصيل في عقوبة القتل وأنواعه، والتخلص من تبعات هذا الذنب الآن أسهل منها في عرصات يوم القيامة، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على التفصيل في الأمر: 22713، 23376، 36858، 10808، 71326، 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1429(15/41)
العفوعن القصاص هل يفتقر إلى رضا الجاني
[السُّؤَالُ]
ـ[لو طالب أولياء الدم الدية والجاني طالب بالقصاص فهل نجبره على الدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا طالب أولياء الدم بالدية ولم يقبل الجاني إلا القصاص، فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كانت الدية تلزم لهم جبراً على الجاني أم أن ذلك لا يكون إلا بتراضي الطرفين.
جاء في الموسوعة الفقهية: واختلف الفقهاء في توقف تخيير ولي الدم في أخذ الدية على رضا الجاني. فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه لا يجوز أن يعفو ولي الدم إلى الدية إلا برضا الجاني، وأنه ليس لولي الدم جبر الجاني على دفع الدية إذا سلم نفسه للقصاص. وذهب الشافعية في الأظهر، والحنابلة في المعتمد إلى أن موجب القتل العمد هو القود، وأن الدية بدل عنه عند سقوطه، فإذا عفا عن القصاص واختار الدية وجبت دون توقف على رضا الجاني، وهو قول أشهب من المالكية. انتهى.
والذي نميل إلى رجحانه -والله أعلم- هو القول الأخير، لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يعطي يعني الدية وإما أن يقاد أهل القتيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(15/42)
تسليم الفتاة لأهل القتيل لإنجاب ذكر عوضا عن المقتول منكر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك بعض العشائر البدوية في بئر السبع يقضون دفع الدية في حالات القتل بفتاة تسلم لأهل القتيل لكي تنجب ذكراً عوضاً عن المقتول، وبعد ذلك ترجع إلى بيت أهلها، فما هو الحل الشرعي؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدية حق جعلها الله تعالى لورثة المقتول، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} ، وتسقط الدية بعفو الورثة، كما هو مبين في الآية، فإن عفا البعض وطالب البعض بها، سقط حق من عفا بشرط أن يكون بالغاً رشيداً، وكنا قد بينا من قبلُ مقدار الدية في كل صنف، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 14696.
هذا كله إذا كان القتل خطأ أو شبه عمد، وأما إذا كان القتل متعمداً فالواجب فيه القصاص ما لم يرض الورثة بالعفو بالدية أو بدونه، قال تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة:45} ، وما ذكرته من أن بعض العشائر يقضون في دية القتل بفتاة تسلم إلى أهل القتيل لكي تنجب ذكراً عوضاً عن المقتول، ثم ترجع إلى بيت أهلها، فإنه منكر ولا يجوز لسببين هما:
1- أنه تغيير لأحكام الله وشرعه.
2- أن الفتاة إما أن يكون إعطاؤها لورثة القتيل يقع دون عقد، وهذا محض زنا والعياذ بالله، وإما أن يكون بعقد محدد أجله بإنجاب ولد، فيكون حينئذ نكاح متعة وهو باطل بإجماع المسلمين.
وأما الحل الشرعي فهو العمل بما شرعه الله من عفو أو دفع الدية (وهي في الخطأ وشبه العمد تكون على عاقلة القاتل) ، وفي العمد عليه هو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(15/43)
استيفاء القصاص ممن قتل نفسا ظلما وعدوانا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل بالقاتل عندما يحكم عليه بحد التعزير، فهل كما نسمع أنه يضرب عنقه أكثر من مرة لتعزيره أو يغرس السيف في مكان الرقبة بعد قطعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل شخص نفساً عدواناً وظلماً وأبى أولياء الدم إلا القصاص فإنه يقتص من القاتل فيقتل به، وقد اختلف العلماء في كيفية استيفاء القصاص، وسبق أن ذكرنا أقوالهم وأدلتهم في الفتوى رقم: 1936 فراجعها.
وإذا وجد مانع من القصاص بأن عفا أولياء المقتول مثلاً فهل يعاقب القاتل أو لا، في ذلك خلاف بين العلماء، فالجمهور على أنه لا يلزمه شيء، وذهب المالكية إلى أنه يجلد مائة ويحبس سنة، ففي الموطأ: قال مالك في القاتل عمداً إذا عفي عنه أنه يجلد مائة جلدة ويسجن سنة. قال الباجي في المنتقى تعليقاً عليه: هذا على ما قال أن القاتل عمداً يجلد مائة ويسجن سنة، وقال ابن الماجشون روي ذلك عن أبي بكر وعن علي رضي الله عنهما، قال القاضي أبو محمد: وقد كان يلزمه القتل فلما لم يقتل وجب تأديبه وألحق بالزاني يقتل مع الإحصان فإذا لم يقتل لعدم الإحصان ضرب مائة وحبس سنة. وأما التعزير الذي ذكرته بالسؤال فلم نجد أحداً من أهل العلم قال به، وفي السؤال نوع من الغموض، ونرجو أن يكون ما ذكرنا كافياً في الإجابة على مقصود السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(15/44)
تنفيذ الأحكام منوط بولي الأمر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
قتل أبي من طرف أخوين ظلما وعدوانا فبرأ أحدهما الآخر حيث لم يلج باب السجن وترك حراً طليقا, أما الآخر فحكم عليه بثلاث سنوات سجنا فقط لنزاهة القضاء لدينا في هذه البلاد الغراء، سؤالي هو: فهل يجوز لي الثأر من هؤلاء الجهلة، علما بأنهم لم يندموا على فعلتهم وما زالوا يتفاخرون بما قاموا به أم أسلم أمري إلى الجبار المتكبر عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم القاتل عمداً وظلماً هو القصاص إذا لم يعف عنه أولياء الدم، وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية -عموماً وفي القتل خصوصاً- هو الضمان لاستقرار المجتمعات وحفظ أمنها وممتلكاتها وحقوقها ... ولذلك قال الله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {البقرة:179} ، فالقصاص يوفر الحياة للناس جميعاً لما فيه من ردع الجاني عن الإقدام على تنفيذ جريمته إذا علم أنه سيقتص منه ويصير إلى ما صار إليه المقتول، ولكن تنفيذ الأحكام منوط بولي الأمر كما نص عليه أهل العلم، فلا يجوز للعامة أن ينفذوا الحدود لما قد يجر إليه ذلك من الفوضى والفساد والأخذ بالثأرات الجاهلية ... ولذلك ننصحك بتقوى الله تعالى والصبر وعدم الإقدام على الثأر لما يترتب عليه من الفساد ... ولتعلم أن الله تعالى سينتقم من الظالم إن عاجلاً أو آجلاً، قال الله تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ {إبراهيم:42} ، هذا ونسأل الله تعالى لأبيك الرحمة والمغفرة والرضوان ... وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 13598، والفتوى رقم: 45248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(15/45)
حكم من قتل جميع المتمالئين على القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[القضاء في القتل، نحن قبليون نعيش باليمن, قامت فئة مكونة من سبعة أشخاص بقتل شخص عمدا وغدرا وهم يفتخرون علنا بهذا لأن ذلك الشخص كان شجاعا, حيث كانوا يختلقون أوهاما وأسبابا غير صحيحة أمام الناس لتمهد لهم الطريق لقتله، وبحسب رواية الشهود المشهود لهم بالأمانه أنه قام بقتله واحد منهم وكان الستة الآخرون شاهرين أسلحتهم منتظرين أن يخطئ صاحبهم القاتل فإن أخطأ ينفذ القتل أي واحد منهم، فسؤالي الأول: هل الستة الآخرون يقتلون كونهم دخلوا في حكم القتل بالتمالؤ, (وكذلك القاتل طبعا يقتل) ؟
أما السؤال الآخر: فقد قام أحد ورثة المقتول بقتل السبعة واحدا تلو الآخر, فهل حكمه أنه قام بالقصاص (حيث كانت نيته ليست الثأر بل القصاص) ، علما بأن القضاء اليمني وهيبة الدولة في القرى وبين القبائل لا تؤثر ولا يعتد بها, أي أن القضاء إذا أوكل إليه الأمر فلن يستطيع الفصل فيه لضعفه خارج المدن الرئيسية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن نصرة الأقارب ليس معناها الوقوع في الظلم عندما يقع فيه فرد من أفراد القبيلة، بل معناه كف الظالمين عن ظلمهم، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره. رواه البخاري وغيره.
واعلم أن روح المؤمن عظيمة عند الله، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ، وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقا ما لم يصب دما حراماً، فإذا أصاب دما حراماً بلح. وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن المتمالئين على القتل يقتلون جميعاً إذا لم يعف عنهم أولياء الدم أو يرضوا بالدية منهم، فقد روى مالك في الموطأ أن عمر رضي الله عنه قال في رجل تمالأ عليه جماعة من أهل اليمن: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً. وهذا ما درج عليه الشيخ خليل في المختصر حيث قال: ويقتل الجميع بواحد والمتمالئون ... قال الشيخ الدردير: (و) يقتل ((المتمالئون) على القتل أو الضرب بأن قصد الجميع الضرب وحضروا، وإن لم يتوله إلا واحد منهم إذا كان غير الضارب لو لم يضرب غيره لضرب. انتهى.
وهذا هو عين ما ذكرته أنت في السؤال، حيث قلت: إنه قام بقتله واحد منهم وكان الستة الآخرون شاهرين أسلحتهم منتظرين أن يخطئ صاحبهم القاتل، فإن أخطأ ينفذ القتل أي واحد منهم، ولكن شريعة الإسلام السمحة الغراء لم تجعل للإنسان أن يقتص لنفسه، وإنما جعلت القصاص والحدود والتعازير للسلطة الحاكمة، لما يترتب على استيفاء الشخص لها بنفسه من المفاسد.
ففي الخرشي عند قول خليل: كالقاتل من غير المستحق، وأدب، قال: التشبيه في قوله معصوماً، والمعنى أن القاتل دمه معصوم بالنسبة إلى غير مستحق دمه، وأما بالنسبة إلى مستحق دمه فلا عصمة، لكن إذا قتله من غير إذن الإمام فإنه يؤدب لافتياته على الإمام أي الإمام العدل، وإلا فلا أدب كما قاله أبو عمران.
والحاصل أن الشخص الذي قام بقتل جميع القتلة، إن لم يكن هو المستحق الوحيد للدم، فعليه القصاص، لأن دماء القتلة معصومة إلا بالنسبة لولي الدم، وإن كان هو المستحق للدم فقد استوفى ما له من الحقوق، وعلى السلطة أن تؤدبه لئلا يعم أخذ الناس للثأر بأنفسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1428(15/46)
المطالبة بالقصاص وعدم الافتيات على السلطان
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت بيننا وبين أقاربنا مشكلة وقاموا بالاعتداء على أبناء عمنا بالضرب والتكسير وقاموا بضرب زوجة عمي بحديدة في رأسها فأصيبت إصابة بالغة ودخلت المستشفى ليومين ومن ثم توفاها الله........ نحن الآن لا نريد أن ننتقم بعشوائية أومن هذا القبيل لكننا نريد تحكيم الشرع في القاتل، لذلك ما هو حكم الشرع في القاتل؟
علما بأن القاتل عندما قتل كان يهاجم بيت القتيل، الرجاء الإجابة علينا بأسرع وقت ممكن قبل أن يتهور أي شاب من العائلة، إجابتكم يتوقف عليها حياة بشر إن لم تجيبوا بحكم الشرع بسرعة.
بارك الله فيكم
الرد سريعا على الاميل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأرحام والأقارب يتعين عليهم السعي في تفادي تفاقم المشاكل التي تقع بينهم، والحرص على الصلح وعفو بعضهم عن بعض.
وقد صرح الفقهاء بأن القاضي يندب له حث الخصوم على الصلح، ويجب إذا خاف تفاقم المشكلة.
قال صاحب الكشاف في باب القضاء:
بالصلح مر الأرحام والأكارما * ندبا وحتما إن تخف تفاقما.
فعليكم بالسعي في الإصلاح بين هؤلاء الأقارب عملا بقول الله تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ {النساء: 114}
وليعلم أن القاتل قد اكتسب إثما عظيما قد توعد الله فاعله المتعمد بالنار، فقال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}
وقد شرع الله لولي الدم أن يطلب من السلطان أو نائبه أن يقتص له منه ولا يجوز قتل غيره إلا إذا ثبت أن جمعا تمالؤوا على قتل شخص فيقتلون به.
قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا {الإسراء:33}
وقال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى {البقرة: 178}
وثبت عن عمر أنه قال فيمن قتله قوم: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم. رواه مالك في الموطأ. ولا يسوغ الافتيات على السلطان بأن يقوم ولي الدم بقتل القاتل دون الرجوع إلى السلطان فإن ذلك قد يعرضكم لتفاقم المشكلة وملاحقة بعضكم أو سجنهم.
وينبغي أن تراجعوا المحاكم الشرعية للنظر في ملابسات الموضوع ووسائل الإثبات.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 13598، 72397، 10808، 11470، 36858، 29819، 72198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(15/47)
المريض النفسي القاتل
[السُّؤَالُ]
ـ[قتلت شابا بمستشفى الأمراض النفسية كنت أتعالج هناك وحققوا معي وسجلوا لي شهادة أني مجنون ولم أحاكم عليه أريد أن أكفر عنه بعمل صالح يستفيد منه المتوفى برغم من أنة ضعيف ومريض نفسيا ولا يستطيع القيام بعمل صالح قبل أن أقتله، أريد أن أعتمر عنه إن قدر الله ذلك فماذا أقول لتصبح العمرة له، والقتل عمد والمقتول ضعيف البنية ولا يستطيع التحرك الكامل للأعصاب ليدافع عن نفسه خنقته وكسرت عنقه وحقق معي ثلاثه استشاريين بالأمراض النفسية، وسبب إدخالي هناك قضية سياسية ومنها شتم أحد الوزراء الأردنيين، أرجوا إفادتي جزاكم الله خيرا، لقد قمت بخنق المقتول فلم أفلح فخنقته أخرى حتى الثالثة التي تمكنت بها من إنهاء حياتة وكان دافعي للقتل الانتقام من أعداء لي بالحكومة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت الآيات والأحاديث الكثيرة على عظم جرم مثل هذا الفعل، ومنها قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ونحوها مما بيناه في الفتوى رقم: 1940، ولعظمة وفظاعة هذا الجرم ذهب بعض أهل العلم كابن عباس وزيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي سلمة بن عبد الرحمن وقتادة والضحاك والحسن إلى أنه لا توبة منه، ولكن الصحيح أن له توبة وهو قول الجمهور لعموم قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ {النساء: 48} ، وقد انعقد الإجماع على أن هذا النوع من حقوق الآدميين لا يسقط بالتوبة فلأولياء المقتول أن يطالبوا بحقهم، وهم مخيرون بين القصاص أو العفو أو أخذ الدية كما هو مقرر في كتب الأحكام، فإن كنت قد قتلت الرجل عمدا كما ذكرت سواء أكان مريضا أم صحيحا فلا تكفي التوبة؛ بل لا بد أن تسلم نفسك لأوليائه للقصاص أو العفوأو المطالبة بالدية، وإن عفوا أو طالبوا بالدية فعليك الكفارة مع ذلك وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، وانظرالفتويين: 11470، 68580.
واعلم أن شهادة الأطباء لك بالجنون لاتنفعك عند الله إن لم تصادف الواقع، ولو قدر أنك كنت مجنونا حقا فعليك دية الرجل تدفعها عنك العاقلةإلى أوليائه، والعاقلة هم عصبتك، قال ابن قدامة في المغني: عمد الصبي والمجنون خطأ تحمله العاقلة. وقال أيضا ابن قدامة في المغني: ولا حدَّ على الصبي والمجنون وإن باشرا القتل وأخذا المال لأنهما ليسا من أهل الحدود، وعليهما ضمان ما أخذا من المال في أموالهما، ودية قتيلهما على عاقلتهما. ولا إثم عليك. لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ. رواه أحمد وأبو داود. ولكن أوجب بعض أهل العلم الكفارة مع ذلك، فعليك أداء الكفارة ولو كنت مجنونا وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، وهو الراجح إن شاء الله. قال في الفواكه الدواني وهو مالكي: قال خليل: وتؤخذ كفارة القتل من مال الصبي والمجنون، لأنها من باب خطاب الوضع كالزكاة. انتهى.
وقال في أسنى المطالب مع روض الطالب: وتجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قتلا كما علم مما مر، ويعتق الولي عنهما من مالهما كما يخرج الزكاة عنهما منه. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وإذا قتل الصبي والمجنون، وجبت الكفارة في أموالهما. انتهى.
فإن لم يكن لك مال تكفر به أو انعدمت الرقبة التي تعتق في الكفارة فعليك صيام شهرين متتابعين، وكل هذا بناء على احتمال اتصافك بالجنون حقا وقت الحادثة، فانظر في حالك يوم الحادثة هل كنت مجنونا حقا أم كان معك عقلك ووعيك؟ وقد ذكرنا الحكم على كلا الاحتمالين.
وعليك أن تتحلل من هذه المظلمة قبل ألا يكون درهم ولا دينار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري
وليس عليك أن تصوم أو تتصدق عنه أونحو ذلك، وإنما الواجب عليك هو ما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(15/48)
من جنى على شخص ظلما فأوقع عليه أذى في بدنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وما جزاء من اعتدى عليك في صحتك وبدنك حيث قام بتعييب خلقتك وبشكلك كلياً وإعاقتك وقام بتعذيبك، وماذا على الضحية أن يفعل إذا لم يستطع أن يشتكي إلى أحد، وبماذا يمكن أن تنصح الجاني؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته بحجة الوداع:.... إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم.. متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم وغيره:.... المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
وقد بينا حرمة الاعتداء في البدن أو غيره وجزاء المعتدي في الفتوى رقم: 33698.
وإن كان المظلوم لا يستطيع رفع أمره وإبلاغ شكواه والتظلم ممن ظلمه فعلام الغيوب لا تخفى عليه من أمره خافية، وسينتصف له ممن ظلمه يوم يضع الموازين للقسط، قال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ {الأنبياء:47} .
في ذلك اليوم يكون المرء أحوج ما يكون إلى حسنة فلا يجدها؛ إذ لا درهم ولا دينار ولا أنساب ولا أحساب، ولذلك دعانا النبي صلى الله عليه وسلم رحمة بنا وشفقة علينا إلى التحلل من المظالم قبل ذلك اليوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. متفق عليه واللفظ للبخاري.
وهنا ننصح الجاني أن يتوب إلى الله تعالى ويتحلل من مظلمته ولو بتمكين المجني عليه من القصاص أو بتعويضه تعويضاً مادياً مجزئاً، وذلك قبل اليوم العظيم، الذي قال الله عنه: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ {آل عمران:30} ، وقال: وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {البقرة:281} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1427(15/49)
مذاهب العلماء في الأعور يفقأ عين الصحيح عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من بعض الناس أنه لو فقأ شخص أعور عين إنسان ظلما وعدوانا، فإنه القصاص يلغى في هذه الحالة، وعلة ذلك أنه يترتب على القصاص أخذ حق فوق الذي لك لأن المعتدي في هذه الحالة سيصبح أعمى فما مدى صحة هذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمرء أن يأخذ دينه عن كل من هب ودب، فليست أمور الشرع كحكايات الناس تؤخذ عن فلان وعلان، وإنما تستفاد من أهل العلم كما قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
وأما ما سألت عنه من حكم الأعور إذا فقأ عين الصحيح عمدا؟ فالجواب: أن أهل العلم اختلفوا في ذلك؛ فالجمهور من الحنفية والشافعية والمالكية على أن عليه القود، إلا أن المالكية قيدوا ذلك بشرط المماثلة في العين, كأن يفقأ يمنى ويمناه سليمة وهكذا. وذهب الحنابلة إلى أنه لا قود وللمجني عليه دية كاملة.
وفي الموسوعة الفقهية تلخيص أقوال أهل العلم ومذاهبهم في المسألة ففيها: إذا قلع الأعور العين اليمنى لصحيح العينين، ويسرى الفاقئ ذاهبة، فذهب الحنفية والشافعية إلى أنه يقتص منه، ويترك أعمى، وإليه ذهب مسروق، والشعبي، وابن سيرين، وابن مغفل، والثوري، وابن المنذر. وفصل المالكية فقالوا: إن فقأ أعور من سالم مماثلته فالمجني عليه بالخيار: إن شاء اقتص، وإن شاء أخذ دية كاملة، وإن فقأ غير مماثلته فنصف دية فقط في مال الجاني، وليس للمجني عليه القصاص لانعدام محله، وإن فقأ الأعور عيني السالم عمدا فالقصاص في المماثلة لعينه، ونصف الدية في العين التي ليس له مثلها. وعند الحنابلة: إن قلع الأعور عين صحيح فلا قود، وعليه دية كاملة، لأنه روي ذلك عن عمر وعثمان رضي الله عنهما ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما، فصار إجماعا. ولأنه لم يذهب بجميع بصره، فلم يجز له الاقتصاص منه بجميع بصره، كما لو كان ذا عينين. وصرح بعض العلماء كالحسن والنخعي بأنه إن شاء المجني عليه أخذ دية كاملة، وإن شاء اقتص، وأعطاه نصف دية. وإن قلع الأعور عيني صحيح فقد صرح القاضي من الحنابلة بأن المجني عليه بالخيار إن شاء اقتص ولا شيء له سوى ذلك لأنه أخذ جميع بصره, وإن شاء أخذ دية واحدة وهو الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وفي العينين الدية. انتهى من الموسوعة الفقهية
قال ابن القاسم في المدونة في الفقه المالكي: سألنا مالكا عن الأعور يفقأ عين الصحيح. فقال: إن أحب الصحيح أن يقتص اقتص، وإن أحب فله دية عينه ... قلت: أرأيت أعور العين اليمنى فقأ عين رجل اليمنى..عمدا؟ قال ابن القاسم: سألت مالكا عنها ; فقال لي: إنما هي عندي بمنزلة اليد والرجل، مثل لو أن رجلا أقطع اليمنى قطع يمين رجل،.. إنه لا قصاص فيه لكن فيه الدية. قال: فقلت لمالك: فالعين مثل ذلك؟ قال: نعم، واليد والرجل مما لا اختلاف فيه من قوله إنه لا يقتص لليسرى باليمنى ولا لليمنى باليسرى، ففي الذي قال لي مالك دليل على أن العين كذلك أيضا، لا يقتص عين يمنى بيسرى ولا يسرى بيمنى، والأسنان أيضا كذلك. اهـ
وقال الشافعي في الأم: الأعور يفقأ عين الصحيح والصحيح يفقأ عين الأعور كلاهما سواء إن كان الفقء عمدا فالمفقوءة عينه بالخيار إن شاء فله القود، وإن كان خطأ فله العقل خمسون من الإبل على العاقلة.. اهـ
وذكر ابن أبي شيبة في مصنفه بعض الآثار عن السلف في ذلك فقال باب (الأعور يفقأ عين إنسان (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حفص عن داود عن عامر في أعور فقأ عين رجل فقال: العين بالعين. (2) حدثنا أبو بكر قال حدثنا غندر عن شعبة عن مغيرة عن إبراهيم في الأعور إذا فقأ عين إنسان فقئت عينه. (3) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن أبي عدي عن أشعث عن محمد قال: العين بالعين. اهـ
ونقل ابن مفلح الحنبلي عن مهنا في فروعه قال: ولا يقتص منه "أي الأعور" إذا فقأ عين صحيح, ولا أعلم أحدا قال بخلافه إلا إبراهيم وقيل: تقلع عينه. انتهى
فهذه هي أقوال أهل العلم في المسألة وآراؤهم نقلناها مختصرة, وللاستزادة انظر كتبهم وآراءهم وتعليلاتهم لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1427(15/50)
جناية من له خمس أصابع على من له ست أصابع.. رؤية فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من بعض الناس أنه لو قطع شخص يد آخر ظلما وعدوانا وكان للشخص المعتدي ست أصابع في يده، فإن حكم القطع قصاصا يلغى، وعلة ذلك أنك تأخذ حقا فوق الذي لك فما مدى صحة هذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي المسألة خلاف بين الفقهاء فمنهم من يرى أنه لا قصاص إذا كان للجاني ست أصابع كالشافعية ومن وافقهم، قال الشافعي في الأم: وإذا كانت لرجل خمس أصابع في يده فقطع تلك اليد رجل له ست أصابع فسأل المقطوعة يده القود، لم يكن ذلك له لزيادة أصبع القاطع على أصبع المقطوع، ولو كان الذي له ستة أصابع هو المقطوع، والذي له الخمس هو القاطع اقتص له منه، وأخذت له في الأصبع الزائدة حكومة لا أبلغ بها دية أصبع، لأنها زيادة في الخلق. وتعليل عدم القود في ذلك هو ما ذكره الأنصاري في أسنى المطالب بقوله: فإن قطع من له يد بها أصبع زائدة يد معتدل فلا تقطع بها، لأنها فوق حقه، بل يلتقط الخمس الأصليات وله حكومة الكف. انتهى
وقال المالكية ومن وافقهم للمجني عليه القود من الجاني ولو كانت يده أقل بأصبع أو يد الجاني زائدة بأصبع، قال خليل في مختصره على المذهب المالكي: وإن نقصت يد المجني عليه فالقود ولو إبهاما. قال الخرشي في حاشيته: فلو جنى صاحب خمس أصابع على كف فيه ست أصابع عمدا فالظاهر القصاص وكذا عكسه لأن نقص الأصبع من الكف لا نظر إليه في الكف الجانية أو المجني عليها.
إذن ففي المسألة خلاف، فمن الفقهاء من قال بالقود إلغاء للنادر، ومنهم من منع القود اعتبارا للنادر وانعدام المماثلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(15/51)
حكم المتمالئين على القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الحل في هذه المشكلة حسب الشرع الإسلامي: لقد قامت عشيرة كاملة بالتآمر لقتل رجل مسلم وقتلوه بدم بارد غدرا بعد أدائه لصلاه الظهر في المسجد وبعد وفاته لم يكتفوا بذلك وأكمنوا في بيوتهم وعند سماع أهل القتيل للخبر هاجوا وماجوا فقام المكمنون القتلة بقتل رجل آخر من عائلة القتيل بطلق واحد قاتل في الصدر قنصا، القتلة الآن أحرار والسلطة الفلسطينية لم تقم باعتقالهم ومحاكمتهم والآن الوضع خطير جدا أفتوني برأي الشرع بكيفية التصرف؟
وجزاكم الله خيرا، للضرورة إرسال الإجابة بالسرعة القصوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن روح المؤمن عظيمة عند الله، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء: 93} وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقا ـ ومعنى معنقا: خفيف الظهر سريع السير ـ صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلح- أي أعيا وانقطع. وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق. فعلى من ارتكبوا ما ذكرته من البغي أن يتوبوا إلى الله قبل أن تفوت الفرصة.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإن المتمالئين على القتل يقتلون جميعا إذا لم يعف عنهم أولياء الدم أو يرضوا بالدية منهم، فقد روى مالك في الموطأ أن عمر رضي الله عنه قال في رجل تمالأ عليه جماعة من أهل اليمن: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا.
وهذا ما درج عليه الشيخ خليل في المختصر حيث قال: ويقتل الجمع بواحد والمتمالئون؛ وإن بسوط سوط، والمتسبب مع المباشر.
ولكن شريعة الإسلام السمحة الغراء لم تجعل للإنسان أن يقتص لنفسه، لما يترتب على ذلك من الفساد، وإنما جعلت القصاص والحدود والتعازير للسلطة الحاكمة، وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 13598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(15/52)
الاقتصاص يكون بالمثل والعفو أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نصب علي شخص كان عندي له مال وكان معه إيصال أمانة فرددت له ماله وأعطاني إيصالا غير إيصالي وأنا لا أعرف، ومر عام ولا أعلم أنه يدبر لي سوءا وقدم الإيصال إلى المحكمة وأخذ حكما علي ب5 سنوات سجن و0 1آلاف جنيه وأنا مظلوم وأريد أن انتقم منه بأي وسيلة، وأفكر أن أوذيه حتى تهدأ النار داخلي فقد دمر هذا الإنسان حياتي وعمري سوف يضيع إذا سجنت فهل أنتقم منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرفع عنك هذا الظلم بمنه وكرمه، ويشرع لك في هذه الحالة أن تقدم البراهين والأدلة التي تثبت كذب صاحبك في دعواه، فإن وفقك الله لذلك فالحمد لله، وإن عجزت عن إقامة البينة على كونك مظلوما فيما ادعاه عليك، فاعلم أن الله تعالى سيأخذ لك حقك من هؤلاء يوم القيامة وأنت أحوج ما تكون إليه، فقد روى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هل تدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع، قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصيام وصلاة وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا، فيقعد فيقتص هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
وإذا أردت أن تقتص في هذه الحالة فلا يجوز لك أن تقتص منه بما يتجاوز الحق الثابت لك عنده أو الظلم الذي وقع عليك منه، وذلك لعموم الأدلة على تحريم الاعتداء أو المجاوزة للحد في العقاب، وأنه يكون بالمثل، ويشمل حقك في القصاص هنا مدة السجن والمال الذي حكم عليك به بشرط أن لا يلحق به قصاصك ضررا زائدا على السجن أو أخذ شيء من ماله يزيد على ما أخذه منك، ومع ثبوت حقك في القصاص فإن العفو أولى وأعلى، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46876، 51375، 19212، 23483، 16158، 39037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(15/53)
هل يوكل المضروب شخصا ليقتص له من الجاني
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تعرض لي شخص بالضرب وأنا لا أستطيع أن أرد له الضربة فهل يجوز أن أرسل له شخصا يضربه بدلا مني ولقد قال تعالى {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وقع عليه ظلم وأراد أن يقتص من ظالمه فليرفع أمره إلى المحكمة الشرعية، فإن لم تكن محكمة شرعية أو من ينوب عنها في تنفيذ الأحكام الشرعية فليصبر، فإن ثمّ يوماً يقتص فيه من الظالم للمظلوم ألا، وأما أن يرسل شخصاً ليضرب من ضربه فهذا لا نرى جوازه لأمرين:
الأول: أنه لا يستوفى قصاص إلا بحضرة سلطان أو نائبه، قال ابن قدامة في المغني: قال القاضي: ولا يجوز استيفاء القصاص إلا بحضرة السلطان، وحكاه عن أبي بكر وهو مذهب الشافعي لأنه أمر يفتقر إلى الاجتهاد ويحرم الحيف فيه فلا يؤمن الحيف مع قصد التشفي. اهـ
الثاني: أنه لو قيل بذلك لانتشر الشر وعمت الفوضى بين الناس فكل من ضُرب ولم يتمكن من القصاص أرسل من يضرب الظالم فيرد الظالم بالمثل أو أكثر، وإن لم يتمكن من الرد أرسل من يقتص له وهكذا دواليك فتعم الفتن وتكثر الفوضى. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 19212، والفتوى رقم: 54580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1426(15/54)
حبس ابنه فانتحر..هل يعتبر قاتلا له
[السُّؤَالُ]
ـ[أحدهم حبس ابنه نتيجة لسلوكياته المنحرفة فهرب من الشباك فسقط ومات فهل يعتبر وليه قاتلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يعتبر وليه قاتلاً لأنه لا يد له في ذلك، فالولد لم يمت بسبب الحبس وإنما قتل نفسه بنفسه. إلا إذا كان الأب يعلم ذلك وأخبره الولد بنيته في التردي أو الانتحار إذا حبسه أو عاقبه فحينئذ يكون سبباً في قتله، ولا يعتبر حينئذ عمداً ولكنه يعتبر خطأ. قال ابن قدامة: والخطأ نوعان: أحدهما: أن يفعل ما لا يريد به المقتول فيفضي إلى قتله، أو يتسبب إلى قتله بحفر بئر أو نحوه..الخ. وفي تحفة الأحوذي: وقال مالك والليث:..الخطأ ما وقع بسبب من الأسباب، أو من غير مكلف أو غير قاصد للمقتول أو للقتل. انتهى
وقد بينا أنواع القتل وما يترتب على كل نوع وذلك في الفتوى رقم: 11470. فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(15/55)
حكم تولي الافراد أخذ القصاص من الجناة
[السُّؤَالُ]
ـ[نطلب منكم أن تفتوني في هذه المسألة قد حصلت مضاربة بيننا أنا وإخواني وبعض الأشخاص وقد قام الأشخاص بقطع مسمع أخي الأيسر والآن القضية بيد مشايخ القبيلة بعد سحبها من الشرطة والآن أخي يعيش حالة نفسية ونحن كذلك معه ونحن نشاهد ذلك الشخص يوميا \" الذي قام بقطع مسمع أخي بأسنانه بأنه به أذنين بينما أخي أذنه اليسرى مقطوعة من أعلى لذا نحن وإخواني والقبيلة لن نرتاح حتى يطبق الشرع عليه حسب ما هو معروف في القرآن الكريم في سورة المائدة الآية 45 لذا ما قولكم حول ذلك. إذا لم يحكم مشايخ القبيلتين بشرع الله وكتابه الكريم سوف نقوم بتطبيقه أنا وإخواني من أجل أن نتخلص من الحالة النفسية التي نعيشها.
ووفقكم الله في أعمالكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة الحدود لا تصح إلا لولي الأمر كما نص على ذلك أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتاوى: 50046، 13598، 29819.
ولذلك فلا يحق لكم القصاص بأنفسكم من الجاني لما قد يترتب على ذلك من الفوضى والثأر الذي يسبب عدم الأمن للجميع.
وإذا قام مشايخ القبيلة بما يلزم من الصلح أو القصاص أو أرش الجناية فذلك المطلوب، وإلا، فإن لكم أن ترفعوا القضية إلى القضاء الشرعي ليحكم فيها بشرع الله تعالى الذي ينصف الجميع ويعطي كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(15/56)
عدم عفو القتيل قبل موته عمن قتله
[السُّؤَالُ]
ـ[لو قدر أن شخصا قام بحقن شخص آخر بفيروس الإيدز إثر عداوة بينهما عامدا متعمدا بقصد القتل واعترف بجريمته وشهد عليه الناس، السؤال: لو أن الشخص المجني عليه بعد ما أصيب بالإيدز عاش لمدة أسبوع مثلا، وقرر خلالها أن لا يعفو عن القاتل، السؤال: هل لأولياء الدم التنازل عن حقهم وقبول الدية بعد وفاة المريض، أو أن القرار بيد القتيل قبل موته، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار وصية علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عندما طعنه ابن ملجم فقد قدر له أن يعيش فترة من الوقت قرر خلالها عدم العفو عن قاتله، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل النفس التي حرم الله عمداً عدواناً يعد من أكبر الكبائر، يبين ذلك قول الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ، وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
فالذي أقدم عليه ذلك الشخص من حقن الشخص الآخر بفيروس الإيدز متعمداً بقصد القتل جريمة نكراء، وكبيرة من أكبر الكبائر، والعياذ بالله ويجب عليه القصاص.
ولكن الذي له الحق في القصاص أو العفو هو ولي الدم لا غيره، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله: والاستيفاء للعاصب.... وذلك لأن الحق في القصاص إنما يثبت بعد الموت، والمطالبة به قبل ذلك أو العفو هما من باب المطالبة أو العفو عن حق قبل وجوبه.
ويشهد لهذا ما ذكره أهل السير والتاريخ من وصية الإمام علي -رضي الله عنه- ابنه الحسن قبل موته، خلافاً لما ذكرته، ففيها قد ورد ما يلي: وفي ليلة وفاته ليلة الواحد والعشرين من رمضان أول وصية أوصى بها الإمام علي ابنه الحسن فقال: يا بني أنت ولي الأمر من بعدي وولي الدم فإن عفوت فلك، وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم.
فقد أوصاه بأن لا يزيد على القدر الذي فعله الجاني، وليس معنى ذلك أنه ينهاه عن العفو عن القاتل، بل ورد تصريحه -رضي الله عنه- بأن له العفو إن أحب، كما في الوصية، وعليه فإن لأولياء الدم التنازل عن حقهم في القصاص مجاناً، أو على الدية بعد موت المجني عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(15/57)
القصاص بالمثل لا يكون فيما هو محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 16 سنة كنت في السنة الماضية طالبا في مدرسة وفي أحد الأيام كنت في حمامات المدرسة أقضي حاجتي فجاء أحد الأصدقاء إلى جانبي ونظر إلى عورتي دون أن أعلم وبعدها انتبهت فأردت أن اقتص منه ففي اليوم التالي جئت وهو يقضي حاجته فنظرت إلى عورته كما نظر إلى عورتي فأصبحت فينا عادة، وفي يوم من الأيام عمى على قلوبنا الشيطان أكثر مما كنا عليه فأخذنا نمسك عورة بعضنا أستغفر الله مما فعلنا لكنني منذ تلك السنة حتى الآن أفكر في هذا الأمر وأستغفر الله على ذلك فاحكم بيننا يا شيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صديقك قد أخطأ خطأ كبيراً بما فعله من النظر إلى عورتك، وأنت أيضاً قد أخطأت بانتقامك منه بمثل ما فعل بك، فإن المعاقبة بالمثل قد أذن الله فيها حيث قال جل وعلا: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم ْ {البقرة: 194} .
وقال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل: 126} .
ولكن ذلك مقيد بضابط، وهي أن ما كان محرماً كالزنا واللواط والخمر والنظر إلى العورة لا يحل الاقتصاص فيه بالمثل، فلا يجوز لمن اعتدي عليه بالزنا أو اللواط أو نظر العورة أن يزني أو يلوط بالمعتدي أو ينظر إلى عورته.
ثم إن مس الشخص لعورة غيره محرم، إلا أن يكون الممسوس عورته صغيراً لم يبلغ سبع سنين، فلا حرج في ذلك حيئنذ، لأنه لا عورة له، ما لم يكن في ذلك فتنة فيمنع.
قال البهوتي في كشاف القناع: ولا يحرم النظر إلى عورة الطفل قبل السبع ولا لمسها نصا ولا يجب سترها، أي عورة الطفل والطفلة (مع أمن الشهوة) ، لأن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم غسلته النساء (ولا يجب الاستتار منه) أي من دون سبع (في شيء) من الأمور.
والحمد لله الذي هداك بعد هذه الأفعال إلى التوبة والاستغفار، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما روى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(15/58)
التستر على القاتل لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك في بلدي مشكلة كبيرة بين عائلتين من بلدي على خلفية سياسية مما أدى إلى إصابة أحد الشبان من أحد الأطراف بشلل، بالتالي هذا أدى إلى مواجهات عنيفة استمرت 8 أشهر الكل في البلدة يعاني من ذلك،
الطرف المتهم بإصابة الشاب المشلول ينكر أنه هو الذي أطلق عليه النار وبعد تدخل الشيوخ ورجال الشرطة ووجهاء في البلد رضي الطرف الأول بأن الطرف الثاني عليه قسم يمين ليبرئ نفسه.
السؤال هنا هل يجوز افي هذه الحالة الحلف بيمين كاذبة من أجل إيقاف سفك الدماء لأنه إن لم يقسم الطرف الثاني سيؤدي ذلك بالتالي إلى قتلي واستمرار إطلاق النار واستمرار المعاناة للبلد جميعا، والله أعلم
وشكرا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا علمتم بمن قام بضرب هذا الشاب برصاص أو غيره حتى أصيب بالشلل فلا بد من تسليمه للقضاء الشرعي للقصاص منه إن كان متعمدا، ولا تبرأ ذمته إلا بذلك، ولا يجوز لعشيرته التستر عليه ونصره في الباطل مما يسبب إراقة الدماء وتفاقم المشكلة بسببه.
وأما إذا كان ما حصل خطأ فاللازم الدية حسب ما يقضي به القضاء الشرعي.
وأما إذا كان لا علم لكم بمن أصابه فلكم أن تحلفوا على عدم علمكم بمن أصابه وبذلك تحل المشكلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(15/59)
بين أخذ المال واستيفاء القصاص
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشاجرة بيني وبين ثلاثة أشخاص وكانوا هم المخطئين وقام أحدهم أثناء المشاجرة بضربي بسلاح أبيض في وجهي وجرحني جرحا كبيرا في وجهي مما سبب لي عاهة مستديمة وانتهى الأمر إلى قعده عرفية وحكمت بالقصاص أو الديه فقالو ندفع إليه الدية أربعة الآف جنيه فما حكم المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن الجرح الذي حصل في وجهك قد فعله الفاعل عمدا، فإن أمكن القصاص من صاحبه، وأمن من الحيف ولم يخش في ذلك هلاك، فالواجب فيه هو القصاص، لقول الله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة: 45} . وليس في الجناية حينئذ أرش ـ تعويض ـ إلا أن يصطلح الجاني والمجني عليه على شيء فلهما ذلك، ولا يشترط مساواة المصطلح عليه لما يلزم في الجرح لو كان خطأ. قال خليل: وجاز صلحه في عمد بأقل أو أكثر. وأما لو كان القصاص غير ممكن لاحتمال هلاك الجاني إذا اقتص منه فإن الأرش يكون هو المتعين. ثم إن الحكم في القصاص ونحوه مما هو متعلق بالجراحات هو من اختصاص القضاة الشرعيين لا غيرهم. قال الشيخ خليل بن إسحاق: وإنما يحكم في الرشد وضده والوصية والحبس المعقب وأمر الغائب والنسب والولاء وحد وقصاص ومال يتيم القضاة. وعليه، فليس من حق من سميتهم بالقعدة العرفية أن يحكموا في موضوع جرحك بقصاص مالم يكونوا قضاة مختصين بذلك. ولا أن يحكموا بتخيير الجناة بين القصاص ودفع الدية، وإنما الواجب هو الحكم بالقصاص فقط من له ذلك وهو القاضي-إن أمكن القصاص- إلا أن ترضى أنت بأخذ الأرش منهم، أو الحكم بالأرش عند عدم إمكان القصاص، أو تتراضوا جميعا على ما ذكرت من الدية، فحينئذ يصح ذلك ويلزم. وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان المجني عليه مخيرا بين أخذ المال واستيفاء القصاص أم أنه ليس له إلا القصاص ولا يجوز له أن يأخذ المال إلا برضا الجاني، ففي الموسوعة الفقهية: واختلف الفقهاء في توقف تخيير ولي الدم في أخذ الدية على رضا الجاني. فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه لا يجوز أن يعفو ولي الدم إلى الدية إلا برضا الجاني، وأنه ليس لولي الدم جبر الجاني على دفع الدية إذا سلم نفسه للقصاص. وذهب الشافعية في الأظهر، والحنابلة في المعتمد إلى أن موجب القتل العمد هو القود، وأن الدية بدل عنه عند سقوطه، فإذا عفا عن القصاص واختار الدية وجبت دون توقف على رضا الجاني. وهو قول أشهب من المالكية. وفي قول آخر للشافعية، وهو رواية عند الحنابلة أن موجب القتل العمد هو القصاص أو الدية أحدهما لا بعينه، ويتخير ولي الدم في تعيين أحدهما. وعلى كل حال فإنك إذا أخذت المال عن جرحك فلك أن تفعل به ما تفعله بسائر أموالك لأنه من جملة مالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1426(15/60)
الاعتداء والمكافأة بالمثل.. المشروع والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل: أثابكم الله وبعد، هنالك آية كريمة في سورة البقرة يقول الله تعالى فيها: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ (194) سورة البقرة، يا أخي الفاضل هذه الآية تحيرني فأقول في نفسي لا يمكن أن يكون تفسيرها أن نقوم مثلا بعمل سحر مماثل لشخص ما قد قام به لنا من أجل أذيتنا، خاصة أن السحر من الكبائر ومن الشرك بالله، لذلك ولثقتي بأنه لا يمكن أن تعني لنا هذه الآية الكريمة هذا المعنى، لذلك أريد توضيحاً مفصلاً وواضحاً بالكيفية التي قصد بها الله جل شأنه بهذا الاعتداء على الآخرين بمثل ما اعتدوا علينا به، وشيء آخر ومهم أنه كيف توضحون لنا التوافق بين بعض الآيات الكريمة التي يذكر فيها الله تعالى بأن نعفو عن من ظلمنا أو بالعفو وثوابه وأن الله عز وجل يحب العافين عن الناس، وبين تلك الآية الكريمة التي تتكلم عن الاعتداء بالمثل، نرجو من الله عز وجل لنا ولكم السداد والتوفيق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاعتداء والمكافأة بالمثل في قول الله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194} ، وقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {النحل:126} ، لهما ضابط، وهو أن ما كان محرما في ذاته كالسحر والزنا واللواط والخمر والجور في الحكم، والخيانة في الأهل ونحوها لا يحل الاقتصاص فيه بالمثل، فلا يجوز لمن سحره شخص أن يعمل هو سحراً لذلك الشخص، ولا لمن زنى بامرأة أو لاط برجل أن يفعل به المثل، ولا لمن أكره غيره على شرب الخمر أن يكرهه هو على الشرب، ولا لمن خان شخصا في أهله أو جار عليه في الحكم أن يخون هو ذلك الشخص أو يجور عليه في الحكم، وهكذا ... وذلك لأن المكافأة بالمثل في هذه الحالات تعتبر اعتداء على حقوق الله وحدوده، وإنما يكتفى فيها بإقامة الحد بالنسبة للمسائل التي فيها حد، وبالتعزير ونحوه فيما لا حد فيه، وذلك يقوم مقابل المكافأة بالمثل.
ثم إنه لا تعارض بين إباحة القصاص وبين استحباب العفو عن الناس والصفح، فالله تعالى قد أباح للمظلوم أن ينتصر ممن ظلمه، ولكنه إذا عفا كان ذلك أفضل له وأكثر أجراً، قال الله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:40-41-42-43} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(15/61)
موقف الشرع من قتل البنت وعشيقها لصون الشرف
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بخصوص قضية خطيرة تتعلق بالموت أو الحياة أحد المسلمين هنا في فرنسا وعد بقتل ابنته وعشيقها، لأنهما على علاقة غير شرعية، حتى وإن كلفه هذا حياته، فمن مات دون عرضه فهو شهيد كما يقول، ويقول إني أريد أن أبرئ ذمتي أمام الله وأصون شرفي وإن مت فذلك في سبيل الشرف، نصحته بأن ينصح ابنته بالتوبة إلى الله وإلا فليتبرأ منها ولا يقتل النفس التي حرم الله، لكنه غير مقتنع، فأرجو أن توضحوا المسألة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شأن القتل عظيم وجرمه كبير، قال الله عز وجل: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ، وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما.
ومع هذا الوعيد الشديد فإن هذا الرجل إذا قتل عشيق ابنته وكان غير محصن، فإنه يقتص منه ولو ثبت أنه زنى بها، إلا إذا عفا عنه أولياء دمه، وإن كان محصنا وقد زنى بالبنت فإن قاتله يطالب قضاء بالبينة وهي أربعة عدول يشاهدون الفرج في الفرج، فإن لم يأت بها اقتص منه، وأما بنته فلا يقتص لها منه في قتله لها على القول المعتمد.
ولا يخفى ما في هذا من الحرج الشديد والإثم البالغ، فعلى هذا الرجل أن يعود إلى رشده وليحذر من أن يحمله نزغ الشيطان على ارتكاب أمر سيسبب له خسران الدنيا والآخرة، وليعالج ابنته بالطرق التربوية وبالحكمة، وليستعن عليها بأهل نصحه وقرابته، وليخرج بها عن تلك البيئة بيئة الكفر والفجور وانتهاك حرمات الله، وإذا لم يفد شيء من ذلك ولم يجدها ترعوي عما هي عليه، فليتق الله هو فيها وفي نفسه، وليعلم أن الذي يفكر فيه أعظم مما هي فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(15/62)
يقتل القاتل عمدا بما قتل به القتيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي قتل سيدة بالسيارة هل سيموت مقتولا، من قتل يقتل ولو بعد حين، مع أننا دفعنا الدية لأهلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما ارتكب أخوك من قتل السيدة المذكورة عمدا فإن عليه الإثم والقصاص إذا لم يعف عنه أولياء الدم، وفي حالة تنفيذ القصاص عليه يقتل بما قتل به تلك السيدة فيدهس بسيارة.... كما قال الله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ {النحل:126} ، وفي صحيح البخاري وغيره: أن رجلا يهوديا قتل جارية فرض رأسها بين حجرين فأخذ فأقر بما فعل فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين. والرض معناه الدق، وعلى هذا درج أهل العلم، قال الشيخ خليل المالكي في المختصر: وقتل بما قتل ولو ناراً.
وأما إن كان ما جرى من القتل جرى خطأ فإنه لا إثم عليه لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5} ، وتجب دية المقتول خطأ على عاقلة القاتل، كما يجب على هذا الأخير عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعين، كما قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ {النساء:92} ، وما دمتم قد دفعتم الدية فإن الذي بقي عليه، أن يعتق أو يصوم، ولا يلزم أن من قتل شخصاً خطأ أنه سيموت بنفس السبب الذي قتل به، بل إن المشاهد خلاف ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(15/63)
ضربت خادمتها فأذهبت بصرها فماذا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أني قبل سنوات استخدمت خادمة مسلمة، وكانت كثيرا ما تسبب لي المشاكل والخسائر في البيت، كما أنها لم تكن تؤدي واجبها كما يجب وكانت كثيرة الخداع والكذب، لم أستطع أن أنهي كفالتها والسبب أني قد كفلت قبلها الكثيرات ولكنني لم أبقهن لسوء أخلاقهن،،، المشكله هنا هي أني كنت من شدة غيظي منها أضربها، ولم يكن الضرب هو الوسيلة الوحيدة التي أستخدمها معها فالضرب كان آخر شيء ألجأ إليه بعد أن أنصحها في الأمر وأنهاها عنه،،، وفي مرة من المرات ومن شدة غيظي ضربتها بشيء حاد وأصاب المنطقة التي بين أنفها وعينها، اجتهدت في شراء الأدوية لها حتى يخف الورم وضمدت جرحها وعينها،، كما أني طلبت منها أن ترتاح من عمل البيت علما أنني امرأة ولي طفلان فقط في البيت،،،، وبعد أن أزلنا عنها الضماد اكتشفت أنها لا تستطيع أن ترى،،، حزنت كثيرا وندمت وقمت بفحصها في عدة عيادات وشراء العديد من الأدوية لها،،، ولكن بدون فائدة،،، لذلك قمت بتخيرها بين أن تعمل معي وأعطيها أجرا زيادة على أجرها أو أن أعطيها مالا وترحل إلى ديار أهلها،،، ولكنها فضلت أن ترحل إلى ديار أهلها،،، أنا أحس بالندم الشديد لم أكن أتعمد أن أتسبب لها بعاهة كما أني قبل سفرها جعلتها ترتاح كثيرا وأعطيتها مبلغا من المال الذي يعتبر أضعاف أجرها الذي تستحقه،،،، وسؤالي هل يبقى علي إثم تجاهها مع العلم أني أملك الآن عنوانها وأحاول أن أرسل لها مبلغا من المال كل ما أستطيع ذلك،،،، أخبروني أرجوكم فأنا شديدة الخوف مما اقترفت يداي وهل سيغفر لي ربي وكيف ممكن أن أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك أخطأت خطأ كبيرا لما ارتكبته من كثرة ضرب هذه المسكينة، ولتعمدك وجهها بالضرب، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في قوله: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه. متفق عليه. وهذه الجناية التي جنيتها عليها يلزمك فيها القصاص، لأنها جرح عمد لمن هي مكافئة لك في الحرية وفي الإسلام، قال تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة: 45} . فالواجب لها عليك هو أن يقتص لها منك بمثل ما فعلت لها وبكيفية تذهب بصرك. قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وإن أذهبه بموضحة وكذا بلطمة تذهب الضوء غالبا اقتص بمثل فعله، فإن لم يذهب أذهبه بكافور أو نحوه، فإن لم يمكن إذهابه إلا بإذهاب الحدقة سقط القصاص ووجبت الدية. وقال خليل: وإن ذهب كبصر بجرح اقتص منه فإن حصل أو زاد وإلا فدية مالم يذهب. وهذا متفق عليه عند أهل المذاهب كلها، وعليه فإن أمكن إذهاب بصرك مع بقاء العينين فالواجب فعله، وإن لم يمكن ذلك وجب لها عليك دية البصر، وهي قدر دية النفس، قال خليل: والدية في العقل أو السمع أو البصر أو النطق أو الصوت أو الذوق ... أي أن الدية تلزم كاملة في إذهاب أي واحد من هذه الأمور من شخص. ومن حق هذه الخادمة أن تعفو عنك مقابل شيء أو دون مقابل. ولك أن تصطلحي معها على الدية أو أقل أو أكثر. قال خليل: وجاز صلحه في عمد بأقل أو أكثر. ... والحاصل أن هذه الخادمة قد استحقت عليك ما ذكرناه، من قصاص أو دية عند تعذر القصاص، فإن رضيت منك بغيره فلك أن تفعلي معها ما يرضيها، وإن لم ترض إلا بحقها، فإن ذمتك لا تبرأ إلا بذلك. فواجبك الآن هو التوبة وأن تبذلي كل ما في وسعك حتى تنالي عفو هذه الخادمة، ونسأل الله أن يتقبل توبتك ويغفر ذنبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(15/64)
أراد قتل مسلم فقتل مسلما آخر فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تمت مشاجره بين رجل من عائلتي وابن عمي وبعد ذلك تصالح الطرفان وأقر كل منهما عدم التعرض للآخر ومنذ حولي 3 أسابيع قام هذا الرجل بالتجهيز مع أبنائه وأقاربه بضرب أولاد عمي وقتل ابن هذا الرجل ابن عم لي آخر واعترف القاتل بأنه كان يريد قتل ابن عمي الآخر وليس ذلك وأنه سوف يقتله, أرجو من حضراتكم أن تفيدوني هل ينطبق على القاتل النفس بالنفس؟ مع العلم أنه قال إنه كان لا يريد قتل هذا ولكن كان يقصد ابن عمي الآخر وأنه اشتري هذا المسدس لقتل ابن عمي الآخر وأنه مصمم علي قتله, مع العلم أننا فلاحون وأن ابن عمي الذي قتل لم يكن له علاقة بهذا الموضوع وقال القاتل فيه بعد قتله أه قتل حبيبه ابن حبيبه, أرجو من حضراتكم أن تفيدوني لما يرضي الله عز وجل والدعاء لي ولابن عمي رحمه الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القاتل قصد قتل غير المقتول، وكان الذي يقصد قتله لا يقتص منه لو قتله لكونه لا يكافؤه في الدين أو الحرية، فإن مثل هذا لا قصاص فيه، وإنما تلزم فيه الدية.
قال الباجي في المنتقى: ومن قتل رجلاً عمداً فظنه غيره ممن لو قتله لم يكن فيه قصاص، قال ابن المواز: لا قصاص فيه، وقد مضى مثل ذلك في مسلم قتله المسلمون بعهد النبي صلى الله عليه وسلم يظنونه من المشركين، فوداه صلى الله عليه وسلم ولم يفد به.
وأما إن كان القاتل يقصد قتل شخص لو قتله لوجب في قتله القصاص، ولكنه قتل غيره يظنه هو، فالواجب حينئذ القصاص إذا طلبه أولياء الدم.
قال الدسوقي: أو قصد زيداً ... إلخ، أي قصد قتل شخص معتقداً أنه زيد فتبين أنه عمرو، أو معتقداً أنه زيد بن عمرو فتبين أنه زيد بن بكر، ولزوم القود فيهما هو الصحيح ...
وعليه، فإذا كان المقتول حراً مسلماً، والمقصود قتله كذلك، فإن القاتل ينطبق عليه قول الله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ..... {المائدة: 45} .
والواجب عليكم أن تصلحوا بين إخوانكم هؤلاء عملاً بقول الله تعالى: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ {الحجرات: 10} .
وإن عرفتم أن القاتل عازم على تنفيذ ما كان يريده من قتل الشخص الآخر، فأبلغوا السلطات فوراً لعلها تتدارك الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1425(15/65)
القصاص في الجراحات يكون بعد البرء
[السُّؤَالُ]
ـ[جرح إنسان على أضلاعه، واحتيج إجراء عملية جراحية، لعلاج الجوف، فهل على الجاني أرش الجائفة التي حصلت لأجل العلاج؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الجرح الذي حصل في الأعضاء قد فعله الفاعل عمدا. وأمكن القصاص من صاحبه، ولم يخش في ذلك هلاك، فالواجب هو القصاص، لقول الله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة: 45} . وعليهم أن ينتظروا بالقصاص برء المجني عليه حتى يعلم قدر الجناية ويقتص من الجاني بقدرها، ويدل لذلك ما في الحديث: أن رجلا طعن بقرن في ركبته فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقدني، فقال: حتى تبرأ ثم جاء إليه، فقال: أقدني، فأقاده ثم جاء إليه فقال: يارسول الله عرجت، فقال: قد نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه. رواه أحمد والدارقطني وصححه الألباني في الإرواء. وليس في الجناية حينئذ أرش إلا أن يصطلح الجاني والمجني عليه على شيء، فلهما ذلك، ولا يشترط مساواة المصطلح عليه لما يلزم في الجرح لو كان خطأ ـ قال خليل: وجاز صلحه في عمد بأ قل أو أكثر. وإن كان الجرح خطأ ولم يبلغ درجة الجائفة فإنما تلزم فيه حكومة، أي اجتهاد أهل المعرفة بحسب مساحته ودرجته من الخطورة، قال في الأم: وكل جرح عدا الوجه والرأس فإنما فيه حكومة إلا الجائفة فقط. وهذه الحكومة يمكن أن تزيد على أرش الجائفة أو تنقص، ولكن لا يحسب باعتبار أنه جائفة لأن ذلك ليس من فعل الجاني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1425(15/66)
ما يجوز من رد الاعتداء وما لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو بخصوص صديق حكى لي قصته وأردت أن أساعده، فأفيدوني أفادكم الله وزادكم من فضله. وكنت قد سألتكم من قبل عن موضوعه ولكنني أريد شيئا من التفصيل جزاكم الله وعفا عنكم
قال لي إنه قد تعرض إلى محنة ومصيبة كبيرتين، أصابتا عرضه وشرفه وذلك كان بالخوض فيهما
من طرف مجموعة من الأشخاص بالقول الكاذب والافتراء عليه والغيبة، حتى عم ذلك الأمر وأصبح
حديث كل الناس فتشوهت سمعته، وصدقوني هو بريء من كل هذه الأقاويل والأكاذيب. لقد انزوى وانطوى على نفسه وأصبحت حياته كأنها جحيم مقيم والآن هو لا يتكلم إلا على شيء واحد فقط وهو الانتقام من أولئك الأوغاد والتنكيل بهم شر التنكيل. فهل انتقامه حلال أم حرام وماهو الانتقام المناسب في مثل هذه الحالة. وهل هناك حكم في الشريعة يساند هذه المسألة؟ وهل الرد بالمثل جائز في مثل هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا لك في الرد على سؤالك السابق أن من اعتدي عليه فله أن ينتقم ممن اعتدى عليه بمثل الاعتداء الذي حصل له منه، وقلنا لك إن ذلك مقيد بما إذا كان الاعتداء متعلقا بحقوق العباد كالجنايات والأموال ونحو ذلك. وأما إذا أدى الانتقام إلى اعتداء على حقوق الله وارتكاب المحرمات التي نهى الله عنها فإنه حينئذ لا يجوز، وراجع فيه الفتوى رقم: 46876 وقد بينتَ في سؤالك الجديد أن الذين ظلموا صديقك إنما وقعوا في شرفه وعرضه بالقول الكاذب والغيبة، وهذه كلها أمور محرمة لا يجوز للمسلم أن يقع فيها لأي سبب، لأن القذف إحدى الموبقات السبع، والكذب والغيبة من كبائر الذنوب.
وعليه، فلا يجوز أن ينتقم صديقك من الذين ظلموه بمثل ظلمهم له، وبذلك تعلم أن وصفك لهم أنت بالأوغاد لا يجوز.
والذي نراه مباحا لصديقك للانتقام من هؤلاء إن كان لا يريد أن يعفو عنهم هو الدعاء عليهم، فقد أباح أهل العلم أن يدعو المظلوم على من ظلمه، وراجع فيما يشرع من الدعاء وما لا يشرع فتوانا رقم: 20322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(15/67)
الأدلة على القتل بالسيف للمستحق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما دليل قطع الرأس بالسيف في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت أدلة من السنة وفعل الصحابة ونصوص أهل العلم على القتل بالسيف لمن استحق ذلك في حد من حدود الله تعالى، فقد قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط يوم بدر لأنه من عتاة الكفار والمستهزئين بالله ورسوله، وكان من أشدهم أذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه بضرب عنقه بالسيف، جاء ذلك في سيرة ابن هشام وغيرها من كتب السيرة؛ كما جاء في مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم.
وقد نص أهل العلم على أن من استحق القتل بقصاص يقتل بما قتل به؛ إلا أن يكون في ذلك تعذيب وطول فإنه يقتل بالسيف، قال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار نقلاً عن أصحاب مالك: وقتل بمثله ... وإن زاد على فعل القاتل الأول؛ إلا أن يكون في ذلك تعذيب وطول فيقتل بالسيف.
وذلك لأن ضربة السيف القاضية أريح للمقتول وأقل تعذيباً له، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقليل العذاب على المقتول، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(15/68)
الأغلب في حوادث السير كون القتل بها خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو ما حكم الإسلام في القتل الخطأ عندما يكون القاتل (قبطيا) والمتوفى مسلمة
حيث توفت بنت أخي الطالبة بالصف الثالث الثانوي العام والبالغة من العمر 17 عاما وهي ذاهبة لتلقي
أحد دروسها نتيجة حادث سيارة وللعلم سائق السيارة وصاحبها (أقباط) ولم يقف لإنقاذها.
فما حكم الإسلام في هذا
وهل هي من الشهداء حقا
ولكم جزيل الشكر والاحترام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكتابي إذا ثبت أنه قتل المسلم ظلما فإنه يقتل به، ويدل لذلك ما في الصحيحين أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها من صنع هذا بك؟ فلان وفلان حتى ذكرو يهوديا فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بالحجارة.
ولكن الأغلب في حوادث السير أن يكون القتل بها خطأ، وبناء عليه، فإنه يلزم القاتل إعطاء ورثة القتيل الدية، لقوله تعالى: [وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا] (النساء: 92) .
وهذه الدية تدفعها عاقلة القاتل.
وأما اعتبار قتيل حادث السير شهيدا فهو أمر محتمل قياسا على الميت بالهدم، ولكنه يعامل معاملة الميت الطبيعي فيغسل ويصلى عليه، لأن غير شهيد المعركة والمقتول ظلما يصلى عليه ويغسل اتفاقا عند أهل العلم.
وراجع الفتوى رقم: 15027، والفتوى رقم: 42767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(15/69)
حكم من وجد مع زوجته رجلا يزني بها فقتلهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من وجد مع زوجته رجلا يزني بها في غرفة نومهما , فثار وقتلهما؟ فما هو حكمه , هل يقتل قصاصا أم يقتل حدا أم يترك؟ وما هو الدليل في ذلك؟ وهل تتباين أقوال العلماء؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ومن وجد مع زوجته رجلا فلينتظر حتى يأتي بأربعة شهود على حصول الزنى.
ففي صحيح مسلم أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله: إن وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال: نعم.
فإذا أقدم على قتله بدون شهود فعليه القصاص.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا قتل رجلا وادعى أنه وجده مع امرأته أو أنه قتله دفعا عن نفسه أو أنه دخل منزله يكابره على ماله فلم يقدر على دفعه إلا بقتله لم يُقبل قوله إلا ببينة، ولزمه القصاص. وروي نحو ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر، ولا أعلم فيه مخالفا، وسواء وجد في دار القاتل أو في غيرها، أو وجد معه سلاح أو لم يوجد، لما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن من وجد مع امرأته رجلا فقتله؟ فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته، ولأن الأصل عدم ما يدعيه، فلا يثبت بمجرد الدعوى، وإن اعترف الولي بذلك فلا قصاص عليه ولا دية، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يوما يتغذى إذ جاءه رجل يعدو وفي يده سيف ملطخ بالدم ووراءه قوم يعدون خلفه، فجاء حتى جلس مع عمر، فجاء الآخرون فقالوا: يا أمير المؤمنين إن هذا قتل صاحبنا، فقال له عمر: ما يقولون؟ فقال: يا أمير المؤمنين إني ضربت فخذي امرأتي فإن كان بينهما أحد فقد قتلته، فقال عمر: ما يقول؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين: إنه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة، فأخذ عمر سيفه فهزه ثم دفعه إليه، وقال: إن عادوا فعد. رواه سعيد في سننه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(15/70)
مرجع القصاص للشرع لا لهوى الحاكم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في إعدام النفس من قبل الحكام والقضاه في بعض الدول هل هذا مسموح في الإسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للحكام ولا للقضاة ولا لغيرهم قتل نفس إلا بالحق الذي شرعه الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حيث يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. رواه البخاري ومسلم.
وقتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم.
قال الله عز وجل: [وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ] (الأنعام: 151)
وقال تعالى: [وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً] (النساء:93) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات ... وعدَّ منها: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.
وبهذا يتبين لك أن الإسلام لا يسمح بقتل النفس لأي شخص مهما كانت منزلته، إلا أن يكون ولي أمر المسلمين فيقوم بتطبيق حدود الله تعالى على عباد الله، فيقتل القاتل، ويقتص من الجاني، كما يجوز للحاكم المسلم أن يعزر بالقتل في المواطن التي مكنته الشريعة من التعزير بالقتل فيها، وهي محدودة معروفة، وبعضها محل خلاف بين العلماء، وليس مرد ذلك إلى هوى الحاكم ليقتل من يشاء، ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 19156، 43107، 36858.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(15/71)
بين القتل العمد وشبه العمد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الشيوخ الأفاضل: أفيدونا بحكم المسألة التالية، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، المسألة: قام شخص منذ عشرات السنين بوضع مادة التبغ وما يسمى عندنا الشمة في الأكل وذلك من أجل الانتقام منه، وبعد مدة توفي ذلك الشخص، ولا ندري هل سبب الموت كان بسبب وضع التبغ في الأكل أم لشيء آخر، وبعد مرور وقت طويل جداً صحى ضمير ذلك الإنسان وأراد أن يكفر عن ذنبه فلجأ إلينا كأئمة لنجد له حلاً لمشكلته فاختلفنا في المسألة، فمنا من كيف المسألة قتل خطأ لأننا لسنا متأكدين مائة بالمائة إن كان الموت بسبب تلك المادة أم لسبب آخر، فألزم المعني بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً لأن المعني طاعن في السن ولا يمكنه الصيام إضافة إلى تقديم الدية المتعارف عليها عندنا، ومنا من كيف المسألة قتلاً عمداً، السؤال: هل نعتبر المسألة قتلا ًخطأ وبالتالي نلزم المعني بإطعام ستين مسكيناً لأنه لا يمكنه الصيام، إضافة إلى تقديم الدية المتعارف عليها عندنا، على أساس أننا لا ندري إن كان وضع مادة التبغ هو سبب الموت، أم أن هناك تكييفاً آخر للمسألة، أفيدونا في أقرب الآجال برأي سديد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حقيقة قتل العمد أن يقصد القتل بما يقتل غالبًا، وحقيقة شبه العمد أن يقصد جناية بما لا يقتل غالبًا. فالتفريق بينهم يتوقف على أمرين:
1- القصد
2- نوع الآلة المستخدمة في القتل
وعليه فإن كان الرجل قصد القتل وكانت المادة والكمية التي وضعها في الطعام أو الشراب تقتل غالبًا، ومات على إثر ذلك كان هذا قتل عمدٍ ويترتب عليه:
1- الإثم؛ لأنه قتل نفسًا معصومة حرم الله قتلها
2- الحرمان من الميراث إن كان القاتل وارثًا للمقتول
3- القودُ؛ أي القصاص. إن كان القاتل مكلفًا زمن القتل
4- الكفارة فيما إذا عفى أولياء المقتول. وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتباعين. وليس في كفارة القتل إطعام ستين مسكينًا على خلافٍ في ذلك
5- الدية: إذا عفى أولياء المقتول عن القصاص وطالبو بالدية، والدية هنا في مال الجاني لأن القتل قتل عمد.
وأما إذا كانت المادة التي وضعها في طعام الميت أو شرابه لا تقتل غالبًا أو كانت الكمية قليلة بحيث لا تقتل عادة فإن هذا ليس من قبيل قتل العمد ولو كان قاصدًا للقتل.
وهل هو شبه عمد؟ إن كانت المادة سببت الوفاة كان شبه عمدٍ ويترتب عليه:
1- الأثم
2- الدية المغلظة على العاقلة
3- الكفارة
وإن لم تكن المادة سببت الوفاة لم يكن شبه عمدٍ. ويعرف ذلك بالرجوع إلى الأطباء، لا سيما في هذا الزمن الذي تطور فيه الطب، ويمكن فيه معرفة سبب الوفاة بيسر وسهولة.
وقول بعضكم إنه قتل خطأ لا وجه له هنا؛ لأنه إن كانت المادة سبب الوفاة تردد بين كونه قتل عمدٍ أو شبه عمدٍ، وإن لم تكن سبب الوفاة لم يكن قتل خطأ لأنه لم يقتله أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(15/72)
شرب الخمر وضرب الأم لا يوجبان القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل مات وهو يشرب الخمر ويضرب أمه، قتله أهله لأنه مشي في بيت أهله عارياً أمام أمه وزوجة أخيه يسب ويفحش في القول حتى انهال أهله عليه بالضرب إلى أن توفي، هل يصلي عليه ويغسل، أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرب الخمر وضرب الأم والسباب من كبائر الذنوب، وأما كشف العورة أمام غير الزوجة وملك اليمين فحرام، وكان على أهل المسؤول عنه أن ينصحوه تارة بالرفق وتارة بالشدة حسب الأنفع له، فإن كف عن غيه وإلا رفعوا أمره إلى القاضي ليقيم عليه حد الخمر ويؤدبه في اعتدائه على أمه وإساءته لأهل بيته، وليس لهم قتله لأنه لم يأت بما يوجب قتله، ولو أتى بما يوجب قتله فليس لهم قتله لأن مرد ذلك إلى الحاكم لئلا ينتشر القتل وتعم الفوضى، وعليه فما داموا قد قتلوه فإنهم مخطئون في ذلك وعليهم القصاص أو الدية، حسب التفصيل الذي ذكرناه في الفتوى رقم: 41748.
وأما غسله وتكفينه والصلاة عليه فلازمة لأنه مسلم، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 24695.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(15/73)
ما يجوز من القصاص وما لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الانتقام والثأر في الإسلام؟
أفيدوني أفادكم الله فأنا عبد من عباد الله قد تعرضت لظلم وجور كبيرين عكرا علي صفو حياتي كلها، من طرف يعض الأشخاص أنا أعرفهم جيدا، حاولت تناسيهم لكنني لم أستطع، ولديَّ رغبة كبيرة في الانتقام منهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى قد أذن لمن اعتُدي عليه أن يرد بالمثل على من اعتدى عليه، قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ (البقرة: من الآية194) ، وقال: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا (الشورى: من الآية40) ، ومع هذا فقد بين سبحانه وتعالى أن العفو عن المعتدي والتغاضي عن خطئه أفضل من الانتقام منه، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (الشورى: من الآية40) ، وهذا فيما يتعلق بحقوق العباد كأن يكون المعتدي قد ضربك أو جنى عليك -مثلاً- أو على أحد أولادك ونحو ذلك. فلك حينئذ أن تقتص منه، لكن بشرط أن يكون ذلك عند قاض شرعي:
وأما إن كان اعتداؤه عليك حاصلاً في شيء من حقوق الله كأن يجور في الحكم بينك وبين خصمك أو يخونك في أهلك ونحو ذلك، فإن الاعتداء بالمثل حينئذ لا يجوز.
فليس لك أن تجور في الحكم بينه وبين غيره، ولا أن تخونه في أهله، لأن ذلك اعتداء على حقوق الله وحدوده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(15/74)
هل يلزم القصاص من كسر عظم الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كسر عظم الميت فيه قصاص استنادا لقوله عليه السلام \"كسر عظم الميت ككسره حيا\" أو كما قال عليه السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في كسر عظم الميت قصاص ولا أرش، قال ابن قدامة رحمه الله في شرح الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كسر عظم الميت ككسره حياً.
قال: المراد بالحديث التشبيه في أصل الحرمة، لا في مقدارها، بدليل اختلافهما في الضمان والقصاص ووجوب صيانة الحي بما لا يجب به صيانة الميت. انتهى.
وقال الطحاوي رحمه الله في مشكل الآثار رداً على ابن حزم الظاهري: فقال قائل ممن لا علم عنده بتاويل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: يلزمكم بهذا الحديث أن تجعلوا في كسر عظام الموتى مثل الذي تجعلونه في كسر الأحياء، فكان جوابنا له في ذلك أن الذي ألزمناه لا يلزمنا، لأنا وجدنا عظم الحي له حرمة وفيه حياة يجب على من كان سبباً لإخراجها منه وإعادته من الحياة إلى الموت ما يجب عليه في ذلك من القصاص ومن أرش، وكان عظم الميت لا حياة فيه وله حرمة، فكان كاسره في انتهاك حرمته ككاسر عظم الحي في انتهاك حرمته، ولم يكن ذلك الكسر إخراج الحياة منه حتى عاد بها مواتاً كما يكون في كسر عظم الحي كذلك، فانتفى السبب الذي يوجب في كسر عظم الحي ما يوجب من قصاص ومن ديه فلم يجب عليه قصاص ولا دية، وكانت حرمته بعد أن صار مواتاً لما كانت باقية كان منتهكها بعد أن صار مواتاً كهو في انتهاكها لما كان حياًً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(15/75)
المحرم لا يحل الاقتصاص فيه بالمثل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال، قال تعالى: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم. فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) هل العدوان بالمثل يوجد له ضوابط في الشريعة؟ فهل المثلة أو العدوان بالمثل جائز في كل الحالات أم هناك تفصيل؟
فهل إذا قتل المشركون الحربيون الغير المعاهدين والمستأمنين نساءنا وأطفالنا هل يجوز قتل أطفالهم ونسائهم؟
وهل إذا فعل المشركون المحاربون الغير المعاهدين والغير المستأمنين اللواط مع قومنا يجوز الرد بالمثل (هنا أعتذر شديد الاعتذار لهذه التساؤل ولكنه وارد)
وهل إذا قتل المشركون المحاربون الغير المستأمنين الرضع من المسلمين وعذبوا أطفالنا، هل يجوز في الشريعة قتل الرضع من أهل المشركين الحربيين وتعذيب أطفالهم؟
أتمنى الإجابة بالتفصيل وبيان حال وضوابط الاعتداء بالمثل مع الحربيين الغير المعاهدين والغير المستأمنين
طبعا حسب الشريعة فقط]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاعتداء والمعاقبة بالمثل في قول الله جل وعلا: [فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ] (البقرة: 194) . وقوله تعالى: [وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ] (النحل: 126) . لهما ضابط وهو أن ما كان محرما كالزنا واللواط والخمر لا يحل الاقتصاص فيه بالمثل، فلا يجوز لمن اعتدي عليه بالزنا أو اللواط أن يزني أو يلوط بالمعتدي أو يجرعه الخمر كما جرعه، ومن ذلك حرمة قتل أو تعذيب نساء وأطفال الكفار الذين قتلوا نساء المسلمين وصبيانهم، لأن الشرع نهى عن ذلك، ففي صحيح مسلم عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تقتلوا وليدا ... وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء، والصبيان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(15/76)
حكم الإعدام شنقا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم الإعدام شنقا لأن الدارج عندنا الإعدام حدا بالسيف
لماذا لا يتم الإعدام شنقاً، هل لأنه لا يجوز.. وما الأدلة على ذلك؟
الرجاء الإسراع في الإجابة للضرورة القصوى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعدام الشخص إما أن يكون من أجل القصاص وفي هذه الحالة فالذي رجحه أهل العلم أنه يقتل بالكيفية التي قَتَل بها ولو كانت شنقاً، مع استثناء ما كان كاللواط والسحر ونحو ذلك، قال خليل: وقُتل بما قَتل ولو ناراً إلا بخمر ولواط وسحر وما يطول.. فيغرق ويخنق ويحجر ... وراجع الفتوى رقم: 1936.
وإما أن يكون استيفاء لحد من حدود الله كالمرتد والمحارب وتارك الصلاة، فهذا إنما يقتل بالسيف لا غيره، كما قال أهل العلم، وفي الخرشي عند قول خليل: وقتل بالسيف حداً، قال: ... وإلا قتل بالسيف في الحال يضرب عنقه. وقال الدردير: قتل بالسيف لا غيره. وقال بعض المتأخرين إنه يجوز القتل في الحدود رمياً بالرصاص لأن المقصود هو تعجيل الموت.
وإن كان صاحب الحد زانياً محصناً فإنه يقتل رجماً أي رمياً بالحجارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(15/77)
حكم قتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم من قتل قتلاً غير عمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القتل ينقسم إلى ثلاثة أقسام وهي: القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ، ولكل قسم من هذه الأقسام حده، وما يترتب عليه من أحكام، وقد سبق بيان ذلك كله في الفتوى رقم: 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(15/78)
حكم قتل الديوث ومن لا غيرة له
[السُّؤَالُ]
ـ[-هل العبارة 'اقتلوا من لاغيرة له 'حديث صحيح، وما معناه؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عبارة "اقتلوا من لا غيرة له" فليست حديثاً، كما أن معناها لا يصح شرعاً، فالغيرة المحمودة مطلوبة، وقد جاءت النصوص الشرعية الصحيحة بطلبها، كما في الحديث: أتعجبون من غيرة سعد! فوالله إني لأغير منه. رواه مسلم.
وفي الحديث: ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث. رواه أحمد.
ولكن لم يأت شيء في قتل من لا غيرة له أو الديوث، والإقدام على قتله لمجرد كونه ديوثاً إقدام على قتل نفس معصومة، وهو أمر محرم تحريماً غليظاً في الكتاب والسنة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(15/79)
هل يملك الولي العفو لو كان مستحق الدم هو الصغير وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أقدم لكم كامل شكري على الجهد الكبير الذي تقومون به من أجل تفقيه أبناء هذه الأمة في دينها.
وأرجو منكم أن تردوا على سؤالي في أقرب وقت ممكن، لأن الأمر لا يقبل التأخير بسبب أنه يتعلق بالدماء،
والسؤال هو:
هل يجوز للولي الذي قدمه القاضي ليرعى حقوق القاصر (صبي لم يبلغ الحلم) هل يمكن له أن يعفو]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص بعض الفقهاء على أنه إذا استقل الصغير باستحقاق الدم، جاز لوليه النظر في ما هو أصلح له من القصاص أو الدية، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل عند قول خليل: ولوليه النظر في القتل أو الدية كاملة. (يعني لو كان مستحق الدم هو الصغير وحده، فإن وليه من أب أو وصي أو غيرهما ينظر في أمر محجوره، فإن رأى القصاص هو الأصلح في حق محجوره اقتص له من الجاني، وإن رأى أخذ الدية الكاملة هو الأصلح في حق محجوره أخذها، ولا يجوز للولي أن يصالح على أقل من الدية حيث كان القاتل مليئا) . انتهى المقصود.
ويعني بقوله: مليئاً أي غنياً، وهذا يعني أن الجاني إن كان معسراً جاز للولي أن يصالحه بأقل من الدية، كما ذكر ذلك في ما بعد عند قول خليل: إلا لعسر.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أنه يشترط في العافي أن يكون بالغاً عاقلاً، فلا يصح العفو من الصبي والمجنون، وإن كان الحق ثابتاً لهما، لأنه من التصرفات المضرة فلا يملكانه، وينظر للصغار وليهم في القود والعفو على مال. انتهى المقصود.
وعلى هذا.. فيجوز لهذا الولي أن يصالح على الدية كاملة إن كان الجاني مليئاً، أو على أقل من الدية إن كان الجاني معسراً، ولا يجوز له العفو لأنه إبطال لحق الصغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(15/80)
حكم المشاركة في قتل إنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ساعد في قتل أخيه العاق والفاسد لأنه رآه يسب والديه ويتطاول على أبيه وأمه الصالحين، ما الإثم الذي عليه وهل له من توبة، علما بأنه رجل صالح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يذكر لنا الأخ السائل نوع المساعدة التي قام بها هذا الشخص لمن قتلوا أخاه ولذا نقول: إما أن تكون هذه المساعدة بمباشرة أو بتسبب، فإن كانت بمباشرة فعليهم القصاص جميعاً، إذا كان ما ضربوه به جارحاً أو ألقوه من شاهق أو غرّقوه في بحر ونحو ذلك.
وكذا لو ضربوه بما لا يجرح ولكن كان ضرب كل واحد منهم لو انفرد لقتل، أو كان لا يقتل ولكن له تأثير في الزهوق مع التواطؤ على قتله، لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن غلاماً قتل غيلة، فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم، وقال مغيرة بن حكيم عن أبيه: إن أربعة قتلوا صبياً فقال عمر مثله. انتهى.
ونقل ابن قدامة في المغني عن علي بن أبي طالب أنه قتل ثلاثة قتلوا رجلاً، وعن ابن عباس أنه قتل جماعة بواحد ثم قال: ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف فكان إجماعاً، ولأنها عقوبة تجب للواحد على الواحد فوجبت للواحد على الجماعة.، إلا أن القصاص يسقط عنهم إذا عفا عنهم أولياء المقتول، وتلزمهم الدية إذا طلبها الأولياء وتسقط بالعفو أيضاً.
وأما إذا قتلوه بالضرب بما لا يقتل ضرب كل واحد منهم لو انفرد ولم يتواطئوا على قتله، فعليهم الدية مقسمة على عدد الضربات من كل، فإن جهلت الضربات وزعت على عدد رؤوسهم كالجراحات ما لم يعف عنها أولياء المقتول.
وأما إذا كانت مساعدة هذا الشخص للقتلة بتسبب، كدلالة على المقتول أو إمساكه لمن يقتله دون مشاركة منه في الضرب، فالقصاص على المباشر للقتل دون المتسبب، وهذا إذا كان المباشر مكلفاً، أما إذا كان المباشر غير مكلف، كمجنون أو سبع ضار، فالقصاص على المتسبب قطعاً إذا كان مكلفاً وعرضه للمجنون أو للسبع.
وعلى القتلة التوبة إلى الله عز وجل وتسليم أنفسهم لأولياء المقتول ليختاروا فيهم ما شاءوا مما سبق بيانه، وقد تم تحرير هذا الجواب على المذهب الشافعي، لأنه الأقرب للصواب في نظرنا في هذه المسألة.
وأخيراً ننبه إلى أن ما قام به هذا الشخص من سب والديه والتطاول عليهما من كبائر الذنوب، ويستحق على ذلك التعزير من قبل ولاة الأمور، ولا يجوز قتله لأنه لم يأت بما يستحق عليه القتل، ولو فرض أنه أتى بما يستحق عليه القتل فإنه لا يجوز قتله من قبل عامة المسلمين، بل المرجع في ذلك إلى ولاة الأمور دفعاً للفوضى وانتشار القتل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(15/81)
حكم القتل غيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم (ومصير) من قُتل مغدوراً من قبل صديق سابق وذلك بعد أن يقوم بتخديره.. وللعلم بأن هذا الشاب الذي قُتل مغدوراً به لم يكن يصلي ولا يصوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق جريمة من أعظم الجرائم، وكبيرة من أكبر الكبائر، فقد قال الله عز وجل في محكم كتابه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (النساء:93) .
ويعظم الجرم ويشتد التحريم إذا كان الشخص يأمن صاحبه ويثق به فيخدعه ويقتله غيلة.
فإذا كان الشخص المذكور غدر بصاحبه وقام بتخديره ليقتله بعد ذلك طمعاً في ماله فإن هذا النوع من القتل يسميه العلماء الغيلة، وقد اختلفوا فيه، فالجمهور على أنه كغيره من القتل العمد، والمالكية على أنه لا عفو فيه لا لأولياء المقتول ولا للسلطان لما فيه من الإفساد، وقتل النفس وزعزعة الأمن والاستقرار فهو نوع من أنواع الحرابة، قال ابن أبي زيد في الرسالة: وقتل الغيلة لا عفو فيه ولو كان المقتول كافراً والقاتل مسلماً، وقد استدل المالكية لذلك بآثار كثيرة منها ما رواه البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم رفض قبول عذر الحارث بن سويد الذي قتل المجذر بن زياد غيلة.
وعليه؛ فإن على ولي أمر المسلمين أن يقتل القاتل ولا يجوز له العفو عنه، لأنه حد من حدود الله تعالى.
أما إذا لم يكن القتل غيلة لأجل المال فإن الحق لأولياء دم المقتول، وعلى ولي أمر المسلمين أن يمكنهم من القود والقصاص من القاتل إن شاءوا عفوا عنه وأخذوا الدية أو عفوا عنهما.
ولا يعفيه من ذلك أن المقتول تارك الصلاة، لأن جمهور أهل العلم يقولون إن كفر تارك الصلاة كفر غير مخرج من الملة.
وأما مصير المقتول فإلى الله تعالى وتحت مشيئته إن شاء غفر له وإن شاء أخذه بذنبه..
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
15039
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(15/82)
قاتل النفس بغير حق عليه "حقان"
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الله تعالى: (إن الله لا يغفرأن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) لله تعالى أن يغفر لمن شاء لا راد لمشيئته ولكن ما السبب لمغفرته ذنوب عباد من عباده دون غيرهم؟ وهل يدخل في المشيئه من أرتكب ذنوباً كبيرة وتاب ولم يحد؟ وهل القاتل التائب يكون من ضمنهم؟
ولكم خالص الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء [النساء:48] ، واتفق أهل السنة والجماعة على أن الذنوب التي دون الشرك يغفرها الله، وأن صاحبها تحت مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، ومرجع ذلك إلى الله تعالى، فهو أعلم وأخبر بمن يستحق العفو ومن لا يستحقه؛ لأن بعض من ارتكب بعض كبائر الذنوب له رصيد آخر من الحسنات وأعمال بها يعفو الله تعالى عن كبيرته التي لم يتب منها. والله تعالى لا يظلم أحدًا؛ لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [النساء:40] . ويتفضل سبحانه وتعالى على بعض عباده تكرمًا منه بما شاء، وليس لنا أن نعترض على ذلك؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] .
والكبائر على قسمين:
الأول: ما كانت بين العبد وبين ربه فقط.
الثاني: ما تعلق بها حق لآدمي.
فالأول كالزنا وشرب الخمر، فهذه تكفي فيها التوبة، ويندب أن يستر الإنسان على نفسه فيها ولا يرفع أمره للحاكم لإقامة الحد عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أصاب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله تعالى. رواه مالك مرسلاً والحاكم والبيهقي بسند جيد.
وأما الثانية، فكالقتل بغير حق والسرقة ونحو ذلك، فمن تاب تاب الله عليه، ولكن يبقى عليه التحلل من ظلم الآخرين، فيجب عليه رد المسروق وتسليم نفسه لأولياء المقتول للقصاص أو العفو إلى الدية، أو إلى غير دية، وبذلك تبرأ ذمته، فإن لم يفعل فإنهم يوم القيامة يأخذون بقدر مظلمتهم من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم ألقي في النار.
وهل يبقى عليه حق المقتول أم لا؟ فيه خلاف بين أهل العلم، وقد فصل هذا شيخ الإسلام في الفتاوى، فقال: قَاتِلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ عَلَيْهِ " حَقَّانِ ": حَقٌّ لِلَّهِ بِكَوْنِهِ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ وَانْتَهَكَ حُرُمَاتِهِ. فَهَذَا الذَّنْبُ يَغْفِرُهُ اللَّهُ بِالتَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) [الزمر:53] . أَيْ لِمَنْ تَابَ. وَقَالَ: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان:68-70] ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَجُلًا ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ: هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: أَبَعْدَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ تَكُونُ لَك تَوْبَةٌ، فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَك وَبَيْنَ التَّوْبَةِ، وَلَكِنْ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا فَإِنَّ فِيهَا قَوْمًا صَالِحِينَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فِي الطَّرِيقِ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ; فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَأَمَرَ أَنْ يُقَاسَ فَإِلَى أَيِّ الْقَرْيَتَيْنِ كَانَ أَقْرَبَ أُلْحِقَ بِهِ، فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ إلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ) .
وَالْحَقُّ الثَّانِي: حَقُّ الْآدَمِيِّينَ. فَعَلَى الْقَاتِلِ أَنْ يُعْطِيَ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ فَيُمَكِّنَهُمْ مِنْ الْقِصَاصِ، أَوْ يُصَالِحَهُمْ بِمَالِ، أَوْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ الْعَفْوَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهِمْ وَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ التَّوْبَةِ. وَهَلْ يَبْقَى لِلْمَقْتُولِ عَلَيْهِ حَقٌّ يُطَالِبُهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ، وَمَنْ قَالَ يَبْقَى لَهُ، فَإِنَّهُ يَسْتَكْثِرُ الْقَاتِلُ مِنْ الْحَسَنَاتِ حَتَّى يُعْطِيَ الْمَقْتُولَ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَيَبْقَى لَهُ مَا يَبْقَى، فَإِذَا اسْتَكْثَرَ الْقَاتِلُ التَّائِبُ مِنْ الْحَسَنَاتِ رُجِيَتْ لَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ ; وَأَنْجَاهُ مِنْ النَّارِ وَلَا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ.
وراجع الفتاوى التالية: 31416، 31318، 34852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(15/83)
الحالات التي يجب فيها قتل الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في القصاص من الظالم الذي يظلم الناس هل يحل قتله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فظلم الناس ليس سواء، حيث إن له أقسامًا:
الأول: الظلم الذي لا يوجب القتل، كالغيبة والنميمة والقذف ونحوها، فهذا لا يجوز قتل فاعله قطعًا، لكن يجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وتذكيره بالله واليوم الآخر.
الثاني: الظلم الذي يوجب القتل، كالقتل العمد بغير حق، وهذا إنما يقتل فاعله بحكم الحاكم إذا توافرت شروط القصاص، وانتفت موانعه المذكورة في كتب الفروع، ولا يجوز قتله بغير حكم الحاكم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 13598.
والثالث: الظلم بالصولة على نفس أو مال أو عرض، فهذا يدفع بالأخف فما فوقه، ولو أدى إلى القتل. قال ابن المقرئ في روض الطالب: يجوز دفع كل صائل من آدمي وبهيمة عن كل معصوم من نفس وطرف وبضع ومقدماته، ومال وإن قلّ، وله دفع مسلم عن ذمي، ووالد عن ولده، وسيد عن عبده، ومالك عن إتلاف ملكه، ويجب الدفع للصائل بالأخف إن أمكن، كالزجر ثم الاستغاثة، ثم الضرب باليد ثم بالسوط، ثم بالعصا، ثم بقطع عضو، ثم بالقتل.. ومتى أمكنه الهرب أو التخلص لزمه ... انتهى المراد.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على الروض المسمى بأسنى المطالب، عند قول صاحب الروض يجوز دفع الصائل قال: للمصول عليه وغيره. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(15/84)
حكم من قتل من عذبه سنين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قتل شخصاً عذبه طوال سنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقتول حلال الدم كحربي ومرتد ثبتت ردته وأهدر دمه الحاكم فلا شيء على قاتله، وإن كان غير ذلك فقاتله قارف ذنباً عظيماً وجرماً كبيراً، وتجب عليه التوبة منه كما يجب عليه تسليم نفسه لأولياء المقتول ليختاروا القصاص أو الدية، هذا إن كان قتله عمداً عدوانا، وعموماً فالسؤال فيه إجمال ولذا كان جوابناً مجملاً، فنرجو من الأخ توضيح مراده لنتمكن من تفصيل الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(15/85)
حكم الأم إذا أقدمت على قتل ابنتها الزانية
[السُّؤَالُ]
ـ[زنى إخوان بأختهما والعياذ بالله وحملت منهما ووضعت وعلم أمرهما فسجنا ثم قتلت الأم ابنتها فسجنت فماذا يترتب على تلك التي زنت؟ وماهو حكم الإسلام في أمهما؟ وما هو حكمه في الزانيين؟ وماذا يترتب على المولود وإلى من ينسب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنى جريمة عظيمة وإثم كبير وهو أعظم جرماً وأشد إثماً إذا كان بالمحارم، نسأل الله العافية والسلامة.
وحكم الزاني إذا ثبت زناه هو الجلد للبكر والرجم للثيب بالنسبة الزنى بالأجنبي، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1602، أما الزنى بالمحارم فقد سبق أن بينا حكمه في الفتوى رقم:
3970 فتراجع.
وهذه الأم التي أقدمت على قتل ابنتها الزانية ارتكبت خطأً عظيماً بفعلها هذا، ولكنها لا تقتل بها قوداً، فالوالد لا يقاد بولده كما في الحديث: لا يقاد والد بولده. رواه أحمد والترمذي ولفظ الترمذي: لا يقتل الوالد بالولد.
قال الشافعي: حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم أن لا يقتل الوالد بالولد، وبذلك أقول. انتهى.
والأم أحد الوالدين فأشبهت الأب، ولأنها أولى بالبر فكانت أولى بنفي القصاص عنها، وأما حكم الولد من الزنا وإلى من ينسب، فانظر في ذلك الفتوى رقم: 6012، وراجع الفتوى رقم: 2376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(15/86)
لا يجوز القدوم على قتل النفس التي حرم الله بحجة الإكراه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..... ما حكم الجندي المسلم الذي يقتل أخاه المسلم وهو مكره على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93] .
وفي الصحيحين وغيرهما واللفظ لـ مسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار! قال: قلت - أو قيل -: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه قد أراد قتل صاحبه.
وعلى هذا؛ فحكم ما يفعله المسلم وهو أنه يواجه أخاه المسلم بالسلاح فيقتله هو الحرمة المحققة بالكتاب والسنة، ومن فعل ذلك فهو معرض لدخول النار والعياذ بالله تعالى.
ولا يجوز القدوم على قتل النفس التي حرم الله بحجة الإكراه من الإمام أو غيره. قال ابن العربي: ولا خلاف بين الأمة أنه إذا أكره على القتل أنه لا يحل له أن يفدي نفسه بقتل غيره، ويلزمه الصبر على البلاء الذي نزل به. انتهى
ومن فعل ذلك كان عليه إثم قتل النفس والقود (القصاص) ، قال الإمام الشافعي في الأم: ولو أن المأمور بالقتل كان يعلم أنه - أي الإمام - الذي أمره بالقتل قتله ظلماً كان عليه - القاتل المباشر - وعلى الإمام القود، وكانا قاتلين معاً. انتهى
هذا إذا كان يعلم أن القتل ظلماً، أما إذا كان لا يعلمه فإن الإثم والقود على الإمام أو القائد ما لم يكن متأولاً.
قال النووي في شرح مسلم: وأما كون القاتل والمقتول في النار فمحمول على من لا تأويل له. انتهى، والمتأول هو الذي يرى أن القتل شرعي.
وعلى هذا درج الميابي في نظمه لنوازل العلوي الشنقيطي المالكي فقال:
وكلُّ ذي تأوِّلٍ لا يضمنُ ... في حَرْبه ما أتْلَفَتْه الفتن
ويعني بذلك أن المتأول في حربه فقتل أو في تنفيذ الإمام للحدود لا شيء عليه، ولا ضمان فيما تلف من الأموال والأنفس من حرب البغاة المتأولين، ودليل ذلك ما وقع بين الصحابة رضي الله عنهم فقد أهدروا تلك الدماء والأموال التي تلفت في تلك الحرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(15/87)
أولياء الدم مخيرون بين أمور ثلاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القصاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم القصاص في حق أولياء القتيل هو الجواز، لأنهم مخيرون بينه وبين العفو أو أخذ الدية، وإنما الواجب الوقوف عند الحد وعدم تجاوزه، قال الطبري في تفسيره عند قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [البقرة:178] .
قال رحمه الله: يعني تعالى ذكره بقوله: كتب عليكم القصاص في القتلى، فرض عليكم، فإن قال قائل: أفرض على ولي القتيل القصاص من قاتل وليه؟ قيل: لا، ولكنه مباح له ذلك، والعفو وأخذ الدية. فإن قال قائل: وكيف قال: كتب عليكم القصاص؟ قيل: إن معنى ذلك على خلاف ما ذهبت إليه، وإنما معناه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى، أي أن الحر إذا قتل الحر، فدم القاتل كفء لدم القتيل والقصاص منه دون غيره من الناس، فلا تجاوزوا بالقتل إلى غيره ممن لم يقتل، فإنه حرام عليكم أن تقتلوا بقتيلكم غير قاتله.... إلى آخر ما ذكره رحمه الله، وهو كلام نفيس، من أراد المزيد فليرجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1423(15/88)
أقوال العلماء في القصاص من ضرب الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
زوج ضرب زوجته عدة مرات وبعد ذلك طلبت الطلاق ثم طلقها وقد كانت حاملا فولدت
السؤال: هل يمكن للمرأة طلب القصاص من زوجها، بعد ضربها إذا كان الضرب لم يحدث كسراً أو نزفاً؟
هل يمكن للمرأة منع والد الطفل من رؤيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لضرب الزوج زوجته حالتين:
الأولى: أن يكون لخوف نشوزها.
الثانية: أن يكون بلا سبب شرعي.
فإن كان لخوف النشوز فله حالتان:
الأولى: أن يكتفي بالقدر المسموح به شرعاً - بعد أن يأتي قبله بالوعظ والهجر في المضجع - وهو الضرب غير المبرح، كما جاء ذلك في حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وغيره، والضرب غير المبرح لا يكسر عظماً ولا يشوه وجهاً، ولا يتلف عضواً، كما يجب أن يُجتنب الوجه.
فإذا اكتفى بالقدر المسموح به مع وجود السبب فإنه لا يجوز للمرأة المطالبة بالقصاص ولا رفع أمرها إلى الحاكم.
والثاني: أن يزيد عن القدر المسموح به مع وجود السبب فلها أن ترفع أمرها إلى الحاكم، أما بالنسبة للقصاص فينظر: فإذا كان مجرد اللطم والضرب، فإن مذهب جمهور العلماء أنه لا قصاص في ذلك، وإنما فيها التعزير، وهو مذهب الحنفية والمالكية، وذكر ابن القيم في إعلام الموقعين عن الإمام أحمد أن فيها القصاص، ثم قال: وبه قال أبو داود وأبو حنيفة وابن أبي شيبة والجوزجاني. ورجحه هو رحمه الله وذكر أدلة ذلك من الأحاديث النبوية والآثار عن الخلفاء الراشدين وغيرهم، ولعل هذا القول هو الأقرب إلى الصواب، وإن كان القائلون به أقل من القائلين بالقول الأول.
أما إذا كان الضرب لغير سبب شرعي فإن للزوجة رفع أمرها إلى الحاكم، فإذا كان الأمر مجرد الضرب واللطم ففيه الخلاف السابق هل عليه القصاص أم التعزير؟
أما بالنسبة لمنع الأم مطلقها من رؤية ولده فإنه لا يجوز لها ذلك، لما فيه من تنشئة الولد على عقوق الوالد، وقطيعة الرحم، وذلك يعد من كبائر الذنوب، ولأن للوالد الحق في أن يرى ابنه ويتفقد أحواله.
ونذكِّر الأخت السائلة أخيراً بقول الله سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(15/89)
حكم الشرع في من قتل منتهك عرض زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي رجل انتهك عرض زوجته فقتل الذي انتهك عرضه فهل له دية مع العلم بأن الزاني الذي انتهك العرض متزوج؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الحال كما ذكرت، فإن الزوج القاتل لا شيء عليه فيما بينه وبين الله تعالى، إذا كان قد قتل الرجل وهو متلبس بارتكاب الفاحشة.
أما فيما بينه وبين أولياء المقتول فإن لهم أن يطلبوا القصاص منه، إلا أن يأتي بأربعة شهداء فإن أتى بهم أو لم يطالب أولياء الدم بالقصاص، سقط عنه القصاص، وذكرنا هذا الحكم مفصلاً في الفتوى رقم: 12315 والفتوى رقم: 18606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(15/90)
العزم على القتل يكفي لدخوله تحت الوعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من يقتل إنساناً فيكتشف أنه قد توفي قبل إقدام هذا الشخص على قتله وهو لا يعرف فهل يعاقب هذا الشخص في الشريعة الإسلامية وما هي الأدله على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إثبات العقوبة الدنيوية على القتل أمر مرده إلى القضاء، فإن القضاء الشرعي هو صاحب الكلمة في مثل هذا الموطن، فهو الذي يقضي بأن هذا الشخص هو القاتل أم لا؟ وهو الذي يفصل هل يقتص منه أم لا؟
وأما العقوبة الأخروية التي توعد الله عز وجل بها من قتل نفساً بغير حق، فإن الوعيد يشمل من عزم على هذا الفعل وإن لم يفعل، بل وإن بلوغه مرحلة العزم وخاصة مع تلبسه بمقدمات الفعل كاف في دخوله تحت الوعيد، والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار! " قلت: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟! قال: "إنه كان حريصاً على قتل صاحبه " رواه البخاري ومسلم وغيرهما واللفظ للبخاري.
وراجع الجواب رقم: 20234
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(15/91)
لا يقتل الوالد بولده
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الترمذي في باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه أيقاد أم لا؟ يذكر متن الحديث: "حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيد الأب من ابنه ولا يقيد الابن من أبيه". ويضعف إسناده ثم يقول: "والعمل على هذا عند أهل العلم: أن الأب إذا قتل ابنه لا يقاد". فهل يعني بقوله: "العمل على هذا" أي مثل نص الحديث فكلامه يقتضي خلافه حينئذ أم يعني العمل على خلاف الحديث؟ حتى ظننت أنه خطأ مطبعي وليس عندي نسخ خطية لاتأكد من ذلك، إلا أن النووي في شرحه عليه لا يشير إلى هذا والله أعلم. بينوا لنا الصواب فيما ترون مأجورين؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأحاديث لا يقتل الوالد أو لا يقاد الوالد بولده، أحاديث قد حكم أهل العلم بالحديث بإعلالها وبأن طرقها منقطعة، لكن أهل العلم على العمل بما دلت عليه.
يقول الإمام الشافعي: حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم أن لا يقتل الوالد بالولد، وبذا أقول.
ويقول ابن العربي: وعمر قضى بالدية في قاتل ابنه، ولم ينكر أحد من الصحابة عليه، فأخذ سائر الفقهاء المسألة مسجلة، وقالوا: لا يقتل الولد بولده.
وفي هذا السياق تفهم قول الإمام الترمذي: وهذا الحديث فيه اضطراب، والعمل على هذا عند أهل العلم أن الأب إذا قتل ابنه لا يقتل به، وإذا قذفه لا يحد، فهذا تصريح منه -رحمه الله- بمراده.
وجماهير الفقهاء الذين يرون أن الوالد لا يقتل بولده، يستدلون بهذه الأحاديث وغيرها كحديث: "أنت ومالك لأبيك"، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية بهذه الإضافة بقيت الإضافة شبهة في درء القصاص لأنه يدرأ بالشبهات، ولأن الأب سبب إيجاد الولد فلا ينبغي أن يتسبب بإعدامه. انظر المفصل لزيدان 5/348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(15/92)
الفرق بين الاغتيال والقتل، وقول أهل العلم في حكم النيابة في صوم الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الاغتيال والقتل؟ وما حكم من قتل إنساناً خطأ؟ وإذا علمنا أنه سيصوم 60 يوماً متتالية فما حكم من لا يستطيع الصيام؟ هل يمكن أن ينوب عنه أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاغتيال نوع من القتل، ويسمى عند الفقهاء قتل الغيلة، وهو القتل على غرة، كالذي يخدع إنساناً فيدخله بيتاً أو نحوه فيقتله، ومن الفقهاء من عرفه بأنه قتل الرجل خفية لأخذ ماله، وعدَّ هذا النوع من الحرابة.
والحاصل أن من ترصد لإنسان فقتله أو خدعه وغره حتى قتله بما يقتل غالباً، لزمه حكم القتل العمد، ولأولياء المقتول القصاص أو الدية أو العفو.
أما من قتل إنساناً خطأ فإنه يلزمه الدية والكفارة، لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء:92] .
ومن لم يجد الرقبة، ولم يستطع الصوم لم ينتقل إلى الإطعام لعدم وروده هنا، ويبقى الصوم ديناً عليه متى استطاعه لزمه، ولا يجزئه أن ينيب غيره في ذلك.
قال النووي - رحمه الله - في المجموع: قال أصحابنا وغيرهم: ولا يصام عن أحد في حياته بلا خلاف، سواء كان عاجزاً أو قادراً.
وأما بعد الموت فيستحب لوليه أن يصوم عنه ما وجب عليه من صوم رمضان أو صوم نذر أو كفارة على الصحيح من مذهب الشافعية.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" متفق عليه من حديث عائشة.
قال النووي في شرح مسلم: وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققو أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث، لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة ...
وممن قال به من السلف: طاووس والحسن البصري، والزهري، وقتادة، وأبو ثور.
وبه قال: الليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيد في صوم النذر دون رمضان وغيره، وذهب الجمهور إلى أنه لا يصام عن ميت لا نذر ولا غيره، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وعائشة، ورواية عن الحسن والزهري وبه قال: مالك وأبو حنيفة قال القاضي عياض وغيره: هو قول جمهور العلماء. انتهى كلام النووي.
والمراد بالولي في الحديث: كل قريب على ما رجح الحافظ في الفتح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(15/93)
أسباب عدم السماح لولي المقتول باستيفاء القصاص دون الرجوع إلى الحاكم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمتة الله وبركاته
قام أحد الأشخاص بإطلاق النار على شاب فقتله فورا إثر خلافات قديمة بين العائلات، فهل يحق لإخوة القتيل قتل القاتل، علما بأنهم يعيشون في بلد لا تطبق فيه أحكام الشريعة وتخضع المحاكمات للقانون الفرنسي وتلاعب المحامين وفي أغلب الظن سيحكم على القاتل بسبع سنوات سجن على الأرجح.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:179] .
فتحكيم الشرعية الإسلامية من أعظم أسباب الأمن والاستقرار في المجتمعات، وقد اهتمت الشريعة بحفظ النفوس وحمايتها من الجناية والعدوان، وشرعت لذلك عقوبة رادعة وهي القصاص.
والقصاص حياة لما فيه من ردع الجاني عن التفكير في القتل، لعلمه أنه سيقتص منه بذلك.
وحين يُحرم الناس من نعمة تطبيق الحدود الشرعية، ينتشر الثأر الجاهلي، ويكثر القتل، ويفشو الظلم، ويصبح ولي المقتول يرى القاتل حياً آمناً لم يصبه إلا سجن أو غرامة لا تكفي بحالٍ للردع ولا للزجر، فسبحان من خلق النفوس، وشرع لها ما يصلحها: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك:14] .
ومن ابتلي من المسلمين بالعيش في بلد لا يطبق أحكام الشريعة، ثم اعتدي عليه، لم يكن له أن يستوفي القصاص بنفسه لما يلي:
1/ أن من أجاز للولي أن يستوفي القصاص بنفسه، اشترط أن يكون ذلك بحضرة السلطان أو نائبه، لأن رغبة التشفي قد تدعو للحيف والجور.
ولهذا قرر كثير من الفقهاء أن من استوفى القصاص بنفسه دون رجوع إلى الحاكم، فللحاكم أن يعزره لافتياته عليه وتعديه.
2/ أن تنفيذ القصاص عن طريق السلطان أو نائبه يحقق مقصود القصاص الذي هو حفظ النفوس، بخلاف ما لو جرى استيفاء القصاص بعيداً عن سلطة القضاء، فإنه يدعو غالباً إلى استمرار القتل، وطلب الثأر.
3/ أن إناطة هذا الأمر بالقضاء تحقق العدل، وترفع الظلم، فإن القصاص لا يثبت إلا بعد تحقق القتل العمد الواقع عدواناً، وثبوت ذلك بالإقرار أو البينة المعتمدة.
ولو ترك هذا لأولياء المقتول بعيداً عن القضاء لأمكن إيقاع القصاص على من لا يستحقه، كأن يكون القتل وقع خطأ، أو بشبهة، وكأن تكون البينة مما لا يعتمد على مثلها في هذا الأمر الخطير.
4/ أنه يشترط لتنفيذ القصاص اتفاق الأولياء عليه، وقد يكون فيهم الصغير الذي يجب انتظار معرفة رأيه بعد بلوغه، وقد يكون في الأولياء من لو عرضت عليه الدية عن طريق القضاء لقبل بها، وتنازل عن حقه في القصاص، وهذه الأمور تفوت كلها أو يفوت شيء منها حين يوكل الأمر إلى أولياء المقتول بعيداً عن السلطان.
5/ أن إقدام أولياء المقتول على تنفيذ القصاص في بلدة لا تحكم بالشريعة يعرضهم للسجن، وربما للقتل، وفي هذا إضرار بالنفس، وتعريض لها للعقوبة الجائرة، والأصل أنه لا ضرر ولا ضرار.
ولهذا ينبغي نصح أولياء المقتول بالصبر والاحتساب، وعسى أن يأتي الله بفرج من عنده، فهو القادر على كل شيء سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(15/94)
أنواع القتل وما يترتب على كل نوع من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهوحكم القتل بغير قصد كالضرب الذي يفضي إلى الموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن القتل ينقسم إلى ثلاثة أنواع:
1-العمد.
2-شبه العمد.
3-الخطأ.
والتفريق بينها يتوقف على أمرين:
1-القصد.
2-نوع الآلة المستخدمة في القتل.
وحقيقة القتل العمد: هو أن يقصد قتل شخص بما يقتل غالباً، كالسيف والسكين وغيرهما، مما هو محدد أي: (الآلات الحادة) ، وكذلك ضربه بمثقل كبير يقتل مثله غالباً. سواء كان من حديد، كمطرقة وشبهها، أم كان من غير الحديد كالحجر الكبير، ويدل لذلك ما رواه أنس رضي الله عنه أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها من صنع بك هذا؟ فلان فلان؟ حتى ذكروا يهودياً، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقرّ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين. رواه البخاري. ومعنى رض رأسها: أي: دق. ويدخل في العمد أيضاً: إطلاق الرصاص على المجني عليه فيموت منه، وغرز إبرة في مقتل فيموت منه ... إلخ.
وحقيقة شبه العمد: أن يقصد المكلف الجناية على إنسان معصوم الدم بما لا يقتل عادة، كأن يضربه بعصاً خفيفة، أو حجر صغير، أو يلكزه بيده، أو بسوط، أو نحو ذلك فيصيب منه مقتلاً فيموت من ذلك. قال البهوتي في كشاف القناع: (وشبه العمد أن يقصد الجناية: إما لقصد العدوان عليه، أو قصد التأديب له، فيسرف فيه بما لا يقتل غالباً، ولم يجرحه بها فيقتل، قصد قتله، أو لم يقصده، سمي بذلك لأنه قصد الفعل، وأخطأ في القتل..) إلخ. كشاف القناع (5/603)
وحقيقة القتل الخطأ: أن يفعل المكلف ما يباح له فعله، كأن يرمي صيداً، أو يقصد غرضاً، فيصيب إنساناً معصوم الدم فيقتله، أو كان يحفر بئراً، فيتردى فيها إنسان،.. إلخ. فقه السنة للسيد سابق (2/438) .
وعرفه ابن قدامة بقوله: (والخطأ: وهو أن لا يقصد إصابته فيصيبه فيقتله) . الكافي (4/3)
والقتل العمد يوجب أموراً أربعة:
1-الإثم.
2-الحرمان من الميراث.
3-الكفارة فيما إذا عفا ولي الدم أو رضي بالدية. أما إذا اقتص من القاتل فلا تجب عليه الكفارة.
4-القود: أي (القصاص) أو العفو.
ويوجب شبه العمد أمرين:
1-الإثم، لأنه قتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق.
2-الدية المغلظة على العاقلة.
كما يوجب القتل الخطأ أمرين:
1-الدية المخففة على العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين.
2-الكفارة: وهي عتق رقبة مؤمنة، سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين. وأصل ذلك قول الله تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً) [النساء:92] ولا يأثم القاتل هاهنا لأنه لم يتعمد القتل ولم يقصده.
وبناءً على ما تقدم، فإن كان القصد من الضرب الاعتداء بغير حق وإلحاق الأذى بما لا يقتل غالباً فهو شبه عمد، وليس من قبيل الخطأ. وإن انتفى قصد الاعتداء مثل أن يرمي صيداً فيصيب إنساناً فهو خطأ. ولمزيد من التفصيل يمكنك مراجعة المغني لابن قدامة، وكشاف القناع للبهوتي، وفقه السنة للسيد سابق، والفقه المنهجي على مذهب الشافعي لمصطفى الخن، والبغا، والشوربجي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1422(15/95)
قتل العمد ... حكمه ... وكفارته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ماحكم قتل النفس عمداً علماً أن القاتل تاب توبة نصوحة كما أنه يجهل أهل الميت؟
علماً أن القصة طويلة حيث استفتيت أهل الذكر فأجابوني أنه قتل عمد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قتل النفس التي حرم الله عمداً عدواناً يعد من أكبر الكبائر، يبين ذلك قول الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء:93] .
وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا".
وإذا تاب القاتل تاب الله عليه، وغفر له، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:68-69-70] .
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً، فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة".
فدلت الآية والحديث على قبول توبة من قتل نفساً بغير حق، وعليه مع التوبة كفارة، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
وهذا في حالة عدم القصاص، وإذا طلب أولياء القتيل القصاص سقطت الكفارة على القول الراجح، وكان قتله كفارة له، لما في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... فمن أصاب من ذلك شيئاً - ما يوجب حداً كالسرقة والقتل - فعوقب به في الدنيا، فهو كفارة له".
ودليل وجوب الكفارة في قتل العمد هو: ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب (استحق دخول النار لقتله عمداً) فقال: أعتقوا عنه، يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار".
قال الشافعي رحمه الله: "إذا وجبت الكفارة في الخطأ فلأن تجب في العمد أولى"، وتجب الدية في قتل العمد على القاتل معجلة في ماله إذا لم يعف أولياء القتيل، وفي حالة موت الأولياء، أو عدم معرفتهم، أو كونهم كفاراً حربيين، تؤدى الدية لبيت مال المسلمين، فعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه" رواه ابن ماجه، وحسنه أبو زرعة كما في التلخيص الجبير.
وقال ابن العربي: لا خلاف بين المسلمين أن على قاتله (المسلم) الدية لبيت المال، وأن كون أقربائه كفاراً لا يوجب سقوط ديته، لأنهم بمنزلة الأموات حيث لا يرثونه".
فإن لم يوجد بيت المال، أو وجد، وكان يصرف في غير وجهه الشرعي، فينبغي للقاتل التصدق بالدية على الفقراء والمساكين، أو إنفاقها في المصالح العامة بنية الصدقة على القتيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1422(15/96)
الإثم على القاتل ومن أمر بالقتل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب ووالدي مدمن لشرب الخمر وكان يشربها هو وأصحابه، وكان يقوم بإدخال والدتي عليهم ليفعلوا بها الفاحشة وبعد مدة طلق أبي والدتي فعشت مع والدتي أنا وإخوتي الصغار وكانت والدتي تبيت خارج البيت وتفعل الفاحشة وكنت أنصحها وأقول لها هذا حرام ولكنها لم تجبني فقد أخبرت خالي بما تفعله والدتي لكي يمنعها من هذا الفعل فذهب خالي إليها فقتلها!!!
السؤال هل علي وزر أو أثم بأنني كنت السبب في مقتل والدتي؟
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت إنما أخبرت خالك ليمنعها دون أن تشير عليه بقتلها فنرجو ألا يكون عليك شيء في ذلك. وأكثر من الدعاء لوالديك، واحرص على تربية إخوانك الصغار، ووقايتهم من الانحرافات. واعلم أن ماكان يقوم به أبواك ليس عليك منه إثم، مادمت قد بذلت لهما النصح اللازم. قال تعالى:
(وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) (فاطر:18) .
وقال: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (المدثر:38) .
كما أن ما يقومان به لا يسقط حقهما في البر والإحسان حيين أو ميتين، ويكون بر الميت منهما بصلة الرحم التي تربط به، وإكرام صديقه الذي تربطه به صداقة مشروعة.
واجتهد في نصح والدك وصرفه عن رفقاء السوء، وعلاجه مما أصابه من الإدمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1422(15/97)
لمذا حاصر الرسول صلى الله عليه وسلم يهود خيبر، وسمل أعين العرنيين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم..
بعد الدعاء لكم بالتوفيق لجهودكم فسؤالي عن عدة نقاط وأرجو الإجابة عليها بشكل واضح جزاكم الله خيرا:1 -قبل أيام دخلت في نقاش مع أحد النصارى والذي كان يتهم الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الرحمة وادعى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بعد حصار اليهود في موقعة خيبر قام بتعذيب الأسرى وقتلهم واستدل بحديث ادعى أنه من صحيح البخاري وقال إنه مذكور في الحديث أنه (أقامهم في الحرة وسمرت أعينهم)
وقد سمعت بهذا الحديث من قبل ولكن سؤالي هو هل هذا الحديث ورد في يهود خيبر وإذا كان كذلك فهل عذبهم الرسول فعلا وإن فعل فلماذا؟
وهل هو حديث صحيح أصلا أم لا وكيف نرد على من ادعى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس برحيم وأنه اتهم المرأة بأنها نجس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حاصر النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر في السنة السابعة من الهجرة، وذلك لدورهم السيئ في تحريض الأحزاب ضد المسلمين، وإثارة بني قريظة على الغدر والخيانة، واتصالهم بالمنافقين المتآمرين. وما ذكر محاورك النصراني من أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بتعذيب الأسرى وقتلهم كذب، وإنما قتل النبي صلى الله عليه وسلم كنانة بن الربيع، حين خالف بنود الصلح وأخفى كنزاً عنده لبني النضير، فقال صلى الله عليه وسلم: " أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك؟ " قال: نعم. فلما وجد المسلمون الكنز أمر النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم بقتله. وأما حادثة سمل الأعين فليست في هذه الغزوة قطعاً، وإنما هي في العرنيين الذين قتلوا رعاة الإبل واستاقوها.
وحديثها صحيح أخرجه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم نفر من عكل فأسلموا، فاجتووا المدينة، فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحوا، فارتدوا وقتلوا رعاتها، واستاقوا الإبل، فبعث في آثارهم فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، ثم لم يحسمهم حتى ماتوا" وقد فعل بهم صلى الله عليه وسلم هذا الفعل لأنهم كانوا قد فعلوا ذلك بالراعي، فكان قصاصا: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) .
وأما القول بنجاسة المرأة ونسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو من الكذب البين.
فقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فمي. فهذا الحديث صريح في إباحة أكل الحائض وشربها مع زوجها، وأن لعابها طاهر، وأن الحيض لا يجعل الحائض ولا شيئاً منها نجساً. واليهود هم الذين يقولون بنجاسة المرأة في الحيض. روى مسلم عن أنس أنه قال: إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت (أي لم يخالطوهن ولم يساكنوهن في بيت واحد) فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) فقال صلى الله عليه وسلم "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" فبين هذا الحديث الصحيح أن معنى الآية أي:اعتزلوا وطأهن ولا تقربوه. وما سوى ذلك من المؤاكلة والمجالسة والسكن في بيت واحد فكل ذلك مباح.
وأما القول بأنه صلى الله عليه وسلم ليس برحيم فهو من الافتراء والكذب للطعن فيه صلى الله عليه وسلم، وليست هذه القضية جديدة في ساحة العلاقات بين المسلمين وغيرهم، بل هي قضية متلازمة مع الحركة الإسلامية في كل زمان ومكان، فقد قام أعداء الدعوة الإسلامية في مهدها الأول -وهم مشركو قريش - بوسم الرسول صلى الله عليه وسلم بكل الصفات السلبية، وبعد انتقال الدعوة إلى المهد الثاني وهو: المدينة المنورة حمل لواء العداء لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وتوجيه الشبهات والمطاعن لها أعداء الدعوة الجدد وهم: اليهود والمنافقون.
وقد دافع الله تعالى عن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال آيات القرآن الكريم ورد كل الشبهات والافتراءات بأبلغ الردود، وفندها بأوضح البراهين والحجج.
وللرد على أنه صلى الله عليه وسلم ليس برحيم، يقول تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) [الأنبياء:107] وسيرته صلى الله عليه وسلم مع أهله والمسلمين من حوله، بل ومع خصومه من كفار قريش والمنافقين في المدينة دالة على اتصافه بالرحمة والرأفة والإحسان. وحسبه صلى الله عليه وسلم موقفه يوم الفتح، وقوله لصناديد قريش: " اذهبوا فأنتم الطلقاء".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1422(15/98)
السن التي توقع فيها عقوبة القصاص
[السُّؤَالُ]
ـ[قتل ذكرعمره خمس عشرة سنة رجلاً متعمداً، فهل يقتص منه، أم يعتبر غير بالغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبلوغ هو احتلام الصبي أو الفتاة وإدراكهما وقت التكليف، وانتهاء حدّ صغرهما.
ومعنى الاحتلام في الأصل: رؤية النائم أنه يجامع.
ثم استعمل في: خروج المني من الرجل أو المرأة في يقظة أو منام لوقت إمكانه، قال تعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا) [النور: 59] .
وللبلوغ علامات يعرف بها، ففي الذكور علاماته: الاحتلام، والإنبات، أي: ظهور شعر العانة (حول فرجه) الذي يحتاج في إزالته إلى الحلق وشبهه.
وعند عدم ظهور علامة من علامتي بلوغ الصبي الذكر يحكم بالبلوغ بالسن، وهو عند الشافعية والحنابلة والصاحبين من الحنفية بلوغ تمام خمس عشرة سنة قمرية، لخبر ابن عمر: "عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني، ورآني بلغت" رواه البخاري.
وسن بلوغ الذكر عند المالكية والأحناف ثماني عشرة سنة، مستدلين بقوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده) [الإسراء: 34] .
فقد فسر ابن عباس بلوغ الأشد بالوصول إلى ثماني عشرة سنة، وهي أقل ما قيل فيه، فأخذ به احتياطاً.
ونحن نرى أن سن البلوغ لمن لم تظهر عليه علاماته هو: خمس عشرة سنة كما عند الشافعية والحنابلة ومن وافقهم، لخبر ابن عمر -السابق ذكره- الصريح في تحديد سن البلوغ.
فالقاتل الذي ذكر في السؤال إن كان قد أتم خمس عشرة سنة قمرية (هجرية) فهو بالغ مكلف توقع عليه عقوبة القصاص لقتله عمداً، إلاّ أن يعفو ورثة القتيل.
وإن كان لم يتم خمس عشرة سنة قمرية، فهو صغير غير مكلف، قال صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ" رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم.
فقتله قتل خطأ، قال مالك: الأمر المجمع عليه عندنا: أن لا قود بين الصبيان، وأن قتلهم خطأ ما لم تجب الحدود، ويبلغوا الحلم، وإن قتل الصبي لا يكون إلا خطأ. ومعنى القود: القصاص.
والذي يجب على الصغير في القتل الخطأ: الدية المخففة على العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين.
ومعنى الدية: المال الذي يجب بسبب الجناية، ويؤدى إلى المجني عليه أو وليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1422(15/99)
حكم الملاكمة والكراتية وما يترتب على من قتل شخصا فيهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قتل شخصاً في مباريات رياضية مثل الملاكمة والكراتيه في الإسلام؟
فهل هذا يعتبر قتل خطأ أم قتل عمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل أن نجيب على سؤالك بالتحديد لا بد من ذكر بعض التوضيحات.
1- الإسلام أباح كل نافع مفيد، وحرم كل ضار عقيم.
2- الألعاب الرياضية والترفيهية يختلف حكمها الشرعي حسب نوعها وفائدتها، وما يترتب عليها، والغرض منها. فما كان منها نافعاً مفيداً، لا يترتب عليها انشغال عن واجب، ولا ضرر ديني أو دنيوي ولا يشتمل على أمر محرم جاز تعلمه وممارسته في حدود المعتاد. وما خرج عن هذا الإطار الشرعي العام فلا يجوز تعلمه ولا ممارسته.
3- المثالان اللذان ذكرتهما يختلف حكمهما بناء على ما تقدم. فالملاكمة -كما يقول العارفون بها- لا فائدة فيها أصلاً، وتترتب عليها أضرار صحية عاجلاً أو آجلاً لا محالة، وقد تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان. ويستوي في هذا نوعاها: الملاكمة الحرة والملاكمة الأولمبية.
أما الكراتيه فهي في الأصل للدفاع الذاتي عن النفس، ولا خطر في ممارستها، لأنه يمنع على المتبارين فيها أن يلمس أحدهم الآخر أثناء المباريات. وعلى هذا فيمكن أن يتعلمها المرء لهذا الغرض، ويمارسها في المناسبات ليزداد مهارة فيها وتفوقاً، ومن أحسن النية فيها وقصد إعداد النفس للجهاد في سبيل الله، والذب عن الإسلام والمسلمين أثيب على ذلك إن شاء الله تعالى.
4- أن القوانين المنظمة للألعاب في هذا العصر لم يراع واضعوها أحكام شرع الله تعالى، ولم يأخذوها في الاعتبار، فلذلك كانت لا غية في نظر الشرع، ولا عبرة بما تبيحه للاعبين مما لا يوافق حكم الشرع ومقاصده التي جماعها جلب المنافع ودرء المفاسد.
إذا علمت هذا فالجواب على سؤالك: أن المشاركة في مباريات الملاكمة لا تجوز، وأما مباريات الكراتيه بالضوابط الشرعية فهي جائزة، قياساً على المصارعة.
والمشارك في الملاكمة آثم على كل حال، بخلاف المشارك في الكراتية فقد لا يأثم.
ثم إن من قتل شخصاً فيهما فلا يخلو أن يكون قاصداً للقتل مصراً عليه مسبقاً أم لا.
فإن كان قاصداً للقتل مصراً عليه وضرب في المكان القاتل عادة، سواء قصد الضرب في ذلك المكان أم لا، فإن قتله هذا يعتبر قتل عمد، وذلك لقصده الفعل ومباشرته للسبب المؤدي إليه غالباً وعليه القصاص، إلا أن يعفوا أولياء الدم. وهو آثم على كل حال إثماً كبيراً.
وإن قصد القتل ولم يضرب في المكان القاتل عادة فهو شبه عمد. وقد نص أهل العلم على أن قصد الفعل مع عدم اتخاذ الوسيلة المؤدية إليه غالباً كالضرب بعصاً أو حجر صغيرين، أو لكزة أو نحوها، يجعل القتل شبه عمد، وتلزم فيه الدية المغلظة- تقدرها المحاكم الشرعية- والكفارة.
أما إن لم يقصد القتل فهو شبه عمد أيضاً إن كان فعله مما يقتل غالباً، وإما إن كان مما لا يقتل عادة فهو قتل خطأ تلزم فيه الدية والكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1422(15/100)
حكم من قتل رجلا أو امرأة متلبسين بالزنا وأحوال ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشخص الذي يقتل رجل وامرأة وهما في حالة زنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
الواجب على هذا الشخص إن كانت المرأة ليست زوجة له أن يعظهم يزجرهم عن هذا الفعل وألا يتكلم عن هذا الأمر. لأن ذلك يعد قذفا قال تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون) [النور: 3] . إلا أن يكون هذا الرجل رابع أربعة فيشهدوا عليهما ليقام عليهما حد الله تعالى، وإن قتلهما والحالة هذه فعليه القصاص، لأنه لا يحل له قتلهما. وأما إن كان هذا الرجل زوجاً لتلك المرأة فعليه أن يلاعن وهي أن يشهد بالله أربع شهادات إنه لمن الصادقين ويشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. وإن تشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين وتشهد الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. فإن فعلت ذلك فرق بينهما للأبد وحسابها على الله فإن نكلت عن الشهادة أقيم عليها الحد، وإن ادعى عليها الزنا ولم يلاعن يحد هذا الرجل حد القذف، ولا يكون ذلك إلا عند حاكم مسلم قاضٍ أو غيره.
وأما إن قتلهما فقال جمهور الفقهاء لا يقبل قوله ـ بإدعاء زناها ـ بل يجب القصاص إلا أن تقوم بذلك بينة أو يعترف به ورثة القتيل، والبينة أربعة من الرجال العدول يشهدون على نفس الزنا، وأن يكون القتيل محصنا فإن لم يكن ثَمَّ بينة فعليه القصاص، ولا شيء عليه فيما بينه وبين الله إن كان صادقاً، وقال بعض السلف لا يقتل أصلا ويعذر فيما فعله إذا ظهرت أمارات صدقه. والأمر في ذلك يرجع للمحكمة الشرعية في بلده.. هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(15/101)
يقتص من الرجل الذي قتل زوجته ظلما وعدوانا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قتل زوجته وأولاده فقتل بهم. لماذا اقتص منه بالقتل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فلا يقتل الأب بولده، ولا الجد بولد ولده، وإن نزلت درجته وهو مذهب أحمد والشافعي لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقتل والد بولده". [رواه النسائي] . ولقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" قال ابن عبد البر: (وتقتضي هذه الإضافة تمليكه إياه، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية بقيت الإضافة شبهة في درء القصاص، لأنه يدرأ بالشبهات ولأنه (الوالد) سبب إيجاده فلا ينبغي أن يتسلط بسببه على إعدامه) . وفصل بعض الفقهاء وفرقوا بين من قتل ولده تأديباً ومن قتله بالسيف عن عمد والراجح ما ذهب إليه أحمد والشافعي من أنه لا يقتل به مطلقاً. وأما إن قتل زوجته فإنه يقتص منه إذا قتلها عمداً، إلا في حالة واحدة اختلف فيها أهل العلم وهي إذا ما وجدها على فاحشة الزنا فقتلها لذلك. فالرجل المشار إليه في السؤال يقتص منه بالقتل من أجل الزوجة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(15/102)
خلاف العلماء في توبة القاتل عمدا والراجح أن له توبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما جزاء من قتل عمدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) [النساء:93] وفي هذه الآية تهديد شديد ووعيد أكيد لمن اقترف هذا الذنب العظيم الذي قرن بالشرك في غير ما آية من كتاب الله كما قال سبحانه: (والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) [الفرقان: 68] وقال سبحانه: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) [الأنعام:151] وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء " وروى أبو داود عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال المؤمن معنقاً ... -ومعنى معنقاً: خفيف الظهر سريع السير-. صالحاً ما لم يصب دماً حراماً فإذا أصاب دماً حراماً بلّح" أي أعيا وأنقطع، وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق" فدلت هذه الآيات والأحاديث على عظم جرم مثل هذا الفعل وقد ذهب ابن عباس وزيد بن ثابت وأبو هريرة وأبو سلمة بن عبد الرحمن وقتادة والضحاك والحسن إلى أنه لا توبة لقاتل العمد ولكن الصحيح أن له توبة وهو قول الجمهور لعموم قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] وقد انعقد الإجماع على أن حقوق الآدميين لا تسقط بالتوبة فلأولياء المقتول أن يطالبوا بحقهم وهم مخيرون بين القصاص أو العفو أو أخذ الدية كما هو مقرر في كتب الأحكام والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(15/103)
حكم من قتل أكثر من واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم من قتل جماعة هل يقتل بهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: إن قتل واحد اثنين فأكثر، دفعة واحدة، أو قتل واحدا بعد واحد، فاتفق أولياء القتلى على القصاص منه قتل ولا شيء لهم سوى ذلك. وإن طلب أحدهم القصاص والباقون الدية قتل لمن اختار القود، وأعطي الباقون دية قتلاهم من مال القاتل. وللمسألة تفاصيل يرجع فيها إلى المحكمة الشرعية المختصة بذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(15/104)
غلبه النوم فانقلبت السيارة ومات اثنان من أولاده فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[سافر هو وأولاده بالسيارة، وغالبه النوم، فانقلبت السيارة وتوفي اثنان من أولاده (عبد الرحمن 8 سنوات - هيا 4 أشهر) هل عليه شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان حصل من هذا السائق أي تفريط في الأخذ بأسباب السلامة والاحتياط فيها، أو الاستمرار في السير بعد الإحساس بالنعاس والتعب وكان يغالبه.. فإنه يكون بذلك آثماً وضامناً لما ترتب على الحادث، وهو لزوم الكفارة عن كل نفس، والدية عن كل نفس، وهي على عاقلته ولا يرث هو منها.
أما إذا لم يكن هناك أي تفريط ولم يكن يشعر بالنعاس أو أي شيء يمكن أن يؤثر على انتباهه وتركيزه إلا في الوقت الذي انقلبت فيه السيارة، وكان قبل ذلك في ظروف طبيعية فإنه لا يكون عليه شيء فيما حصل.
وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتاوى التالية أرقامها: 106215، 3120، 22750، 47966، فنرجو أن تتطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(15/105)
جدته داوت أخاه بدواء سام جهلا فمات فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إجابتي على السؤال التالي: إن أمي توفيت ـ رحمها الله ـ وكان لها ابن مريض بمرض جلدي فجاءت جدتي لأبي ـ رحمها الله ـ بنبات دلتها عليه امرأة أخرى، فتم علاجه بهذا النبات، وبعد مدة توفي هذا الابن ـ رحمه الله ـ وقد تبين لنا بعد ذلك أن هذا النبات سام، وأن أمي وجدتي لا تعلمان ذلك، فما هوالحكم الشرعي في ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الدالة التي دلت جدتك على الدواء معروفة بالطب، فإنه لا حرج في استعمال العلاج ولا إثم على الجدة ولا على الطبيبة.
وأما إذا كانت الدالة جاهلة بالطب وقد صدقتها الجدة جهلا منها بالأمر، فإنه لا إثم ولا ضمان على الجدة، ولكن الدالة تجب عليها الكفارة والدية، لما في الحديث: من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن.
رواه أبو داود والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقد سئل الهيثمي عن رجل مرض فأرسل إلى حكيم فجاء إليه وأمره بشربة فشربها فتعب حتى قارب الموت ثم من الله عليه بشيء من العافية ثم اشتد به المرض: فقال لورثته سبب ذلك الشربة التي أسقانيها، فأجاب الهيثمي ـ رحمه الله ـ بأنه لا قصاص ولا دية على الطبيب بمجرد أمره للمريض بشرب الدواء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(15/106)
هل تجب الدية والكفارة إذا مرت أمامه امرأة فجاة فصدمها فماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقود سيارة بسرعة قانونية إذ مررت بجانب حافلة واقفة فجأة خرجت لي امرأة تجري من أمامها فصدمتها ثم توفيت فما الكفارة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لم يحصل منك خطأ أو مخالفة لقواعد السير وقوانين المرور، وإنما حصل الحادث بسبب خروج المرأة فجأة، مع عدم تمكنك من تلافي الحادث، أو تخفيفه، لوجود عنصر المفاجأة.. فإنه لا حرج عليك ولا كفارة إن شاء الله تعالى، للقاعدة الفقهية: ما لا يمكن التحرز عنه فلا ضمان فيه.
أما إذا كان قد حصل منك خطأ أو تقصير.. أو أمكنك تفادي الحادث ولم تفعل فإن عليك الدية والكفارة، ولتعلم أن الحكم النهائي في مثل هذه المسألة هو إلى المحاكم الشرعية -إن وجدت- للتحقيق في ملابساتها وجميع جوانبها، وسماع حجة كل واحدٍ من الطرفين، إن كان هناك منازع وسماع شهادة الشهود إن وجدوا وغير ذلك، مما يؤدي إلى إصدار حكم عادل بناء على معطيات الحادث كاملة، وقد سبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26547، 7757، 70015 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1430(15/107)
مسائل في دية قتل الخطأ والكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعمل مراقبا عاما لدى شركة (برهان الكويتية) فى مشروع الجسر المقام على الدائرى الرابع وشارع الفححاحيل، هذا وقد كلفت من قبل المهندس المسؤول عن الموقع بأن أقوم بعمل إغلاق نصف الشارع المؤدي من الفححاحيل باتجاة الكويت وكان العمل يحتاج إلى مراقب مسؤول عن أعمال الأمن والسلامة والتى تتطلب وضع إشارات الأمن والسلامة قبل البدء بعمل إغلاق الطريق، وبدوري أنا كان العمل يحتاج مني أن أحضر فقط العمالة والمعدات المطلوبة دون أعمال الأمن والسلامة والتي كان من المفروض القيام بها أولاً وهي ليست من تخصص عملي ومن بعد ذلك أقوم بباقي الأعمال، وبالفعل قمت بتحضير أربع عمال وكان العامل عبد الرزاق لم يكن من ضمن العمال وذلك لكبر سنه والعمل كان يحتاج إلى عمال نشطاء وسريعي الحركة، هذا وجاءني عبد الرزاق قبل انتهاء الدوام الرسمي اليومى وأنا أمام مجموعة من الإشراف الذين يقومون باستلام الأعمال وقال أبو مصطفى لماذا لم أكن من ضمن العمال فاعتذرت له وأخذ يلح فى الطلب وبعد إحراجى أمام الإشراف وافقت على حضوره، ذهبت بعد ذلك إلى المهندس المسؤول وقلت له نحن جاهزون للعمل ولكن يحتاج العمل إلى أعمال الأمن والسلامة وكان مراقب الأمن والسلامة موجود فى أثناء هذا الكلام وما كان من المراقب إلا أن قال: أنا لا أذهب إلى العمل ليلاً لأنني لا أقبض بدل أعمال إضافية سابقة، وقلت للمهندس المسؤول أنا لا أذهب إلا مع وجود الأمن والسلامة وما كان من المهندس إلا أن قام بالضغط علي وإلزامى بالذهاب إلى العمل وذلك بدون مرافقه عمال الأمن والسلامة لأن أعمال الأمن والسلامة كانت تحتاج إلى عمال زيادة وسيارة ولم يقم المهندس بإرسال عمال الأمن والسلامة المطلوبين، وفعلا وبعد الساعة الثانية عشر ليلاً أنا والعمال الخاصين بي وحيث العمال كانوا يعرفون طريقه العمل مسبقا جاء العامل عبد الرزاق مسرعا وأخذ عدد اثنين من الأقماع للبدء فى العمل ووضع أول قمع إلى أن جاءت سيارة مسرعة جداً وكانت سرعتها أكثر من مائه وستين كيلو وصدمته وعلى الفور فارق الحياة وما كان مني إلا أن أنتظر المحقق وأقول له إننا نريد البدء بالتحضير للإغلاق وعلى هذا تم ما يلى: التهمه هي (التسبب فى القتل الخطأ- الحبس خمس عشر يوما مع التنفيذ- براءة الداعم سائق السيارة) ولكن المحامى لم يخبرني بذلك وبقيت حراً طليقا إلى موعد الاستئناف وكان الحكم ما يلي: دفع غرامة خمسين دينار ولكم جزيل الشكر. ما هي الفتوى الشرعية فى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في عدة فتاوى أن السائق إذا كان قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها وعمل بمقتضى قوانين المرور وقواعد السير فإنه لا دية عليه ولا كفارة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 70015.
كما سبق أن بينا أن تجاوز السرعة المقررة لسير المركبات من التفريط الذي يوجب على فاعله الدية والكفارة إذا تسبب في القتل، وانظر لذلك الفتوى رقم: 124538.
كما بينا أن الضمان يكون بالمباشرة أو التسبب إذا كان المتسبب متعدياً، وانظر في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 115308، 118674، 15089.
وبخصوص هذه المسألة بعينها فلا يمكننا الفتوى فيها بحكم قاطع نظراً لعدم الإحاطة بحيثياتها، ولذلك نحيلك للمحكمة الشرعية في البلد فهي الأجدر والأقدر على القول فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(15/108)
ما يلزم من عجز عن صوم كفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت لحضراتكم سؤالا برقم 2223415 وكان جواب حضراتكم برقم فتوى 120386 فأخافني الجواب وشعرت أنه ليس هناك توبة، وما معنى عتق رقبه في وقتنا وكيف ولا أستطيع أن أصل لأهل الموتى؛ لأنهم لا أعرفهم ومنذ سنين، ولا حتى إن وصلت بالفرض وهذا مستحيل كيف لي الجرأة بالتكلم معهم، ولا أستطيع صيام شهرين متتابعين. وهل أستطيع أن أعطي مالا لأي فقير بالتعويض وكم؟ والله إني خائفة أن أموت وأنا لا أعرف ماذا افعل؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يبدل سيئاتك حسنات، ثم اعلمي أنه لا يحول بينك وبين التوبة شيء، والله عز وجل واسع المغفرة، ورحمته وسعت كل شيء، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا يكلف سبحانه نفسا إلا وسعها، وما جعل علينا في الدين من حرج، قال تعالى: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} وقال سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} فالواجب أن يبذل المسلم ما يستطيعه فحسب، كما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. رواه البخاري ومسلم.
وجاء في الموسوعة الفقهية: يشترط قدرة المكفر على التكفير، لأن إيجاب الفعل على غير القادر ممتنع. فإذا كانت الكفارة مرتبة فلا يجزئه الانتقال من خصلة إلى ما بعدها حتى يعجز عن الأولى.. اهـ.
فإن كان عجزك عن صيام الشهرين عجزا مؤقتا فأخريه لوقت تستطيعين فيه الصوم، وإن كان عجزا مؤبدا فلا شيء عليك عند جمهور العلماء. وقيل: عليك إطعام ستين مسكيناً، كما سبق بيانه في الفتويين: 99805، 5914.
وأما الدية فإنها ليست عليك، وإنما على العاقلة، وهي من الحقوق المالية الخالصة للعباد ولا تسقط بالتقادم. فإن كان الوصول لأهل المتوفى مستحيلا ـ كما ذكرت ـ فيعامل هذا المال معاملة الدَّين في الذمة، ويمكن أن تتصدقوا بقيمتها باسم أصحابها بحيث إن طالب أصحاب الحقوق بحقوقهم يوم القيامة، كان ثواب تلك الصدقة كافيا لقضاء حقوقهم؛ فإن الله حكم عدل.
وعلى أية حال فلو بذلت ما في وسعك وفعلت ما تقدرين عليه فلا بأس عليك، فإن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(15/109)
دخل السائق الثاني على الأول دخولا مفاجئا فحدث قتل خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل لي حادث مروري، وتوفي والدي والسائق الثاني رحمهم الله، وقرر المرور نسبة الخطأ علي، وأنا متأكد أنه لم يكن مني خطأ؛ لأن السائق الثاني تفاجأنا به في مساري، وحاولت تفاديه بخروجي في المسار الثاني فخرج معي، وحصل الحادث فهل عليه كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت متأكدا من الأمر الذي ذكر، وكان السائق الثاني دخل عليك دخولا مفاجئا، ولم تتمكن من تفادي الصدام معه، وكنت غير متجاوز للسرعة المحددة فإنه لا كفارة عليك للقاعدة: ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 26657، 118674، 30811.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(15/110)
اصطدمت بسيارته سيارة فمات من فيها فهل تلزمه الدية والكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك سائق يقود سيارته بطريقة سليمة، وجميع إجراءاته سليمة، وفجأة تنحرف عليه سيارة من الجهة المقابلة وفيها ثلاثة ركاب، وصدمته، وتوفي الثلاثة في تلك السيارة المقابلة. فما كان من أهل أولئك الرجال الثلاثة إلا إجبار المسكين الذي يقود سيارته حسب الأصول بدفع دية الثلاثة المتوفين وهذا طبعا في العرف. ما حكم الشرع في مثل هذه الحالة؟ هل المسكين مطالب بدفع الدية والصيام أيضا على الرغم أن الخطأ مثبت على السيارة الأخرى التي قتل رجالها الثلاثة من قبل رجال المرور. أريد تفصيلا بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائق المذكور قد التزم بأسباب السلامة في نفسه وسيارته، واتبع قوانين السير، ثم حدث الحادث بعد ذلك بسبب أو بغيره فإنه لا دية عليه، ولا كفارة، ولا إثم، ولا يحق لأحد مطالبته بالدية أو الكفارة. وسبق بيان ذلك بالتفصيل في عدة فتاوى، انظر مثلا الفتويين رقم: 116468، 117298. وما أحيل عليه فيهما.
أما إذا كان حصل منه تقصير، أو كان هو سبب الحادث بمخالفته لقوانين المرور، فإن عليه الدية مع عاقلته كفرد منهم، وعليه الكفارة كما سبق بيانه في الفتاوى المشار إليها. والذي يحدد صاحب الخطأ هو الجهات المختصة من المرور والمحاكم.
وانظر الفتوى رقم: 34175.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(15/111)
دخلت طفلة تحت الإطار فدهسها فماتت فما حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء توقفي بسيارتي لكي تمر سيارة من أمامي دخلت طفلة تحت إطار العجل الخلفي ولم أشاهدها، حيث دعستها وماتت، ما هي كفارتي وهل علي صيام شهرين، علماً بأن التأمين دفع الدية الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهرُ أنه لا ضمان عليك، ولا تلزمك الدية ولا الكفارة؛ لأنه لم يكن في إمكانك تلافي الحادث، ولست مفرطاً فيما يظهرُ بوجه من الوجوه، قال الشيخ العثيمين:
يجب التحقق من سبب الحادث، فإن كان بتفريط أو تعد من السائق فعليه الضمان-الدية- والكفارة. وإن لم يكن بتعد منه ولا تفريط فليس عليه شيء. اهـ
وانظر الفتوى رقم: 120455.
وقد بينا حكم الدخول في عقود التأمين، وحكم قبض العوض الذي تدفعه شركات التأمين، وانظر لذلك الفتوى رقم: 7899، والفتوى رقم: 2593، ورقم: 119809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(15/112)
ما يلزم الطبيبة إذا مات المريض لتقصيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رب العالمين أن يتوب علي، كيف وأنا أتذكر أنني كنت طبيبة مقيمة دورية منذ سنين، مشكلتي أنني أخلاقي جيدة، وأحب مساعدة المرضى، وحريصة عليهم، وسهرت الليالي لمتابعتهم، غير أنني جاهلة في علمي وأستحي أن أسأل، وأن بعض المرضى ماتوا أمامي، ولم أعرف ماذا أفعل لهم، كيف لي أن أتوب يا شيخنا؟ والله نيتي خالصة لرب العالمين، وأريد توبة كاملة يا شيخنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن المرضى الذين ماتوا أمام السائلة، إنما ماتوا بسبب تقصيرها، لأنها وصفت نفسها بأنها جاهل ة في علم ها، وأنها تستحي أن ت سأل، وبالتالي فإن عليها ضمان خطئها؛ فإن من مارس الطب ولم يكن طبيبا، أو كان جاهلا بالطب أو بما مارس منه، أو تكلف اختصاصا ليس له دراية به، أو له به دراية لا تؤهله للقيام بمعالجة مثل هذه الحالة، فهؤلاء يضمنون خطأهم وعمدهم؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وحسنه الألباني. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 5852، 50129. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 96230.
والواجب على السائلة مع التوبة: كفارة قتل الخطأ، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين، وعلى عاقلتها الدية لورثة المتوفى، إلا أن يعفو الورثة عن الدية. وذلك لكل مريض توفي بسببها. وقد سبق بيان الدية والكفارة في القتل الخطأ، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1872، 5914، 34021، 74086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(15/113)
ماتت طفلتها من أعراض الحساسية فهل عليها إثم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفلة عندها حساسية منذ ولدت، حاولنا كذا علاج وعدة تحاليل، وبعد سنتين حصل فشل كلوي، وبعدها توفيت، ويقولون من أعراض الحساسية، فهل هنالك تقصير في حقها من تجاهنا، وهل علينا فعل أي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر من معطيات السؤال أنه لا شيء عليكم في وفاة هذه الطفلة، لأنكم لم تباشروا ولم تتسببوا في الوفاة، وخصوصاً أنك ذكرت أنكم قمتم بالكثير من التحاليل والعلاج من أجل إنقاذ حياتها ... وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 112944، والفتوى رقم: 51378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(15/114)
ضرب عمه فتورم ذراعه ثم مات بعد أيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ضربت عمي بكرسي على ذراعه، مما جعل الذراع تتورم، وخشيت أمي نقله للمستشفى -لأنه عاجز عن الحركة من قبل ذلك- حتى لا يقوم بالإبلاغ عني بأني ضربته، وهوفى نفس الوقت زوج أمي، ومعروف عنة إيذاؤنا كثيراً ونحن صغار وذلك كضربه أختي التي تكبرنى، وبعدها بحوالي عشرة أيام مات عمي هذا، فهل أتحمل أنا ذنب قتله؟
أرجو سرعة الرد لأني أتألم، ويشعرني باقى أعمامي بالذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون عمك يسيء إليكم لا يسوغ مثل هذا الاعتداء، وقد أسأتم جميعاً بتركه دون علاج.
وأما عن موته وهل تتحمل ذنبه، فالجواب: أنه إن كان ضربك له لدفعه عن أختك، أوعن نفسك أثناء ضربه لكم ولم تستطيعوا دفعه عنكم إلا بذلك، فهذا من باب دفع الصائل، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: إن قتل المصول عليه الصائل دفاعاً عن نفسه ونحوها فلا ضمان عليه -عند الجمهور- بقصاص، ولا دية، ولا كفارة، ولا قيمة، ولا إثم عليه، لأنه مأمور بذلك. انتهى.
وأما إن كان ضربك له لإساءة عليكم سابقة، ولم يكن الضرب للدفاع عن أنفسكم حينها، ففي هذه الحالة إن كان الموت بسبب ضربك له وتورم ذراعه -وهذا إنما يحكم به أهل الاختصاص وهم الأطباء الشرعيون -ففعلك هذا من باب القتل شبه العمد- وهو: ما وجد فيه عمد في الفعل وخطأ في القصد، لأن سبب الموت هو سراية جنايتك على ذراعه في سائر جسده.
وننبه السائل إلى أن موضوع هذا السؤال من اختصاص القضاء، وإنما هذه الفتوى على نحو ما علمنا من السؤال وليست حكماً في الموضوع.
وقد فصلنا الكلام على ما يترتب على دفع الصائل وأنواع ذلك وحكمه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43310، 71326، 73066.
وكذا فصلنا الكلام على ما يترتب على أنواع القتل، ومنها القتل شبه العمد في فتاوى كثيرة، منها الفتاوى التالية أرقامها: 11470، 43371، 47073 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(15/115)
اصطدم به سائق دراجة نارية فمات فهل عليه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[اصطدم بي سائق دراجة نارية، وحدث اختلال بالدراجة وهو على سرعة فاصطدم بعمود وأدت الإصابة إلى وفاته فهل علي دم، وهل سأحاسب عليه يوم القيامة، مع العلم بأن تقرير المرور وضع الخطأ عليه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال على ما ذكرت، فالظاهر من السؤال أن صاحب الدراجة هو المتسبب في الحادث، وما دمت متأكداً أنك لم تتسبب في الحادث كما أثبته تحقيق الجهة المختصة (المرور) فإنه لا دية عليك ولا كفارة ولا إثم إن شاء الله تعالى، لأن الضمان كما قال أهل العلم لا يكون إلا بالمباشرة أو التسبب.. وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62221، 15533، 7757، 26657، 15014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(15/116)
دفع رجلا فسقط ثم دفعه غيره بعد ذلك فسقط فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري وأثناء عملي في العراق في عهد صدام طلبت من أحد العراقيين مبلغا من المال كان قد استدانه مني فاعتدى علي فدفعته عني فوقع على الأرض ثم قام وحاول الاعتداء مرة أخرى فطرقت باب أهله وأخبرتهم فسبوه وطردوه لأنه كان مدمن خمر واعتذروا لي، وبعد يومين فوجئت بالشرطة توجه لي تهمة قتله وعندما قدمت للمحاكمة تقدم أهل المنطقة من العراقيين وقالوا إن أخا القتيل كان قد دفعه من على السلم غير المسور من الطابق الثالث فسقط بالطابق الأول وذهب عم القتيل لمحل مجاور لمنزلهم يطلب منه الاتصال بالإسعاف ولم يأت فلما مات بعدها بثلاثة أيام إتهمني أهله، وجاء تقرير الطبيب الشرعي وحدد اليوم الذي أسقطه فيه أخوه أنه أحدث به نزيفا داخليا بالرأس وتم تبرئتي بفضل الله، فهل علي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال على ما ذكرت من أن الوفاة كانت بسبب سقوط الميت ودفع أخيه له من الأعلى فإنك بريء من القتل، ولا شيء عليك إن شاء الله تعالى.
والأفضل أن تكثر من الاستغفار وأعمال الخير والنوافل، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 18873..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(15/117)
القول للأطباء قبل الحكم بالدية أو الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة جزائرية عمرها الآن 75 سنة تقول إنها وضعت الحمل خلال أيام الثورة التحريرية في منطقة نائية لم تتمكن من إحضار قابلة فقامت أم الزوج بالعملية وبعد الولادة قامت بربط السرة وبعد قليل ماتت المولودة بسبب حل السرة أي لم تكن مربوطة جيدا لأن عجوزتي ليس لها تجربة ماذا يجب علينا فعله وعجوزتي متوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أم الزوج قد فرطت أو تعدت بحيث يعد ما قامت به سببا في موت المولودة، فإنه يلزمها الكفارة، وعلى عاقلتها دية المولودة، لأن حكمه حكم قاتل الخطأ، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ {النساء: 92} . والدية تكون مخففة على العاقلة، والعاقلة هم عصبة القاتلة، وتسقط الدية بعفو ورثة المولودة.
وننبه إلى أنه لا يمكننا الجزم بأن فعل أم الزوج هو السبب في موت المولودة؛ لأنه لا بد من استشارة الأطباء في مثل هذه الأمور. ويمكنك أن تراجع في بيان ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 10717، 40416، 52577، 93437.
وإذا ثبت أن على أم الزوج الكفارة فهي صيام شهرين متتابعين، والراجح أنه يشرع صوم أحد أوليائها شهرين متتابعين عنها بعد وفاتها، لما رواه البخاري ومسلم عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: من مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عنه وَلِيُّهُ.
وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 6821، 18276، 43940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(15/118)
ما يلزم المسلم إذا قتل كافرا غير حربي بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيد طرح سؤالي وأرجو الجواب ... شاب مسلم من بلد عربي ذهب إلى بلد أوروبي وكان يعمل مع رجل غير مسلم من بلد أوروبي، الشاب المسلم طلب المال من الكافر فرفض الكافر فتشاجر معه المسلم ليجبره أن يريه مكان المال فرفض الكافر فقتل المسلم الكافر وشوهه، السؤال ما حكم هذا المسلم الذي قتل الكافر هل هو آثم وماذا يتوجب عليه في الحالتين: إذا كان المال من حقه- إذا لم يكن المال من حقه؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعل هذا الشاب يعتبر كبيرة من أكبر الكبائر وجريمة من أعظم الجرائم، فقد عظم الإسلام قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فقال تعالى: ... مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.. {المائدة:32} ، وقال صلى الله عليه وسلم: من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً. رواه البخاري وغيره.
ونصوص الوحي من القرآن والسنة في هذا المعنى كثيرة، فما كان يجوز لهذا الشاب قتل الرجل المذكور لمجرد أنه أخفى عنه مالاً سواء كان المال ملكاً له أو لغيره، وكون القتيل غير مسلم لا يرفع عنه هذا الوعيد الشديد والإثم العظيم، لأن الكافر غير الحربي -المسالم والمعاهد والذمي- محترم الدم والعرض والمال فلا يجوز الاعتداء عليه بغير حق شرعي، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 67113.
ولا شك أن إثمه يكون أعظم وجريمته أكبر إذا كان المال للمقتول، وقد اختلف أهل العلم هل يقتل به قصاصاً أم لا، فذهب أكثرهم إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر - المعاهد الذمي..- وذهب بعضهم إلى أنه يقتل به ... وعلى القول أنه لا يقتل به فعليه التعزير -جلد مائة سوط وسجن سنة-، وهذا إذا كان القتل وقع عن مشاجرة وعداوة ... أما إذا كان وقع غيلة غدراً لأجل المال.. فإنه يقتل به قولاً واحداً عند المالكية ومن وافقهم ولا عفو فيه لأولياء الدم ولا للسلطان بل ولا للمقتول نفسه.
قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة مع شرحه: وقتل الغيلة لا عفو فيه لا للأولياء ولا للسلطان ولا للمقتول أيضاً ولو بعد إنفاذ مقاتله، ولو كان المقتول كافراً والقاتل حراً مسلماً، لأن قتله على هذا الوجه في معنى الحرابة، والمحارب بالقتل يجب قتله ولو بعبد وكافر، فالقتل دفع الفساد في الأرض وهو حق لله لا للآدمي، وعلى هذا فيقتل حداً.
وقد استدل المالكية لمذهبهم هذا بآثار كثيرة منها ما رواه البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم رفض قبول عذر الحارث بن سويد الذي قتل المجذر بن زياد غيلة..
وعلى كل حال فما كان يجوز لهذا الشاب الإقدام على قتل الرجل المذكور ولو كان المال من حقه وأحرى أن يكون من حق القتيل لأن إخفاء المال أو منع العامل من حقه ليس مما يبيح القدوم على قتل النفس التي حرم الله بغير حق، والحاصل أن على هذا الشاب دية المقتول، وإذا كان المال الذي أخفاه القتيل ملكاً له فللورثة الحق في المطالبة به، كما أن عليه أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى ويكثر من أعمال الخير والنوافل لعل الله تعالى يتجاوز عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(15/119)
المريض النفسي إذا قتل أبناءه ثم انتحر
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتوني في من قتل أبناءه ثم انتحر وهو مريض نفسي، وسبب المرض أنه قد أفلس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا النوع من المرض النفسي يجعل صاحبه غير مدرك لتصرفاته أو غير قادر على التحكم فيها أو غير واع لما يفعل، فإن صاحبه يرفع عنه القلم، ويكون له حكم المجنون. وبالتالي لا يؤاخذ بأفعاله.
أما إن كان صاحبه لا يزال عاقلا مدركا لتصرفاته فحكمه حكم بقية المكلفين، فتجري عليه أحكامهم ويؤاخذ بالإثم كما يؤاخذون، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74301، 75217، 32229.
وهذا التفصيل إنما ينفع في وجود الإثم وعدمه، وأما حقوق الآدميين كالدية فهي لازمة على أية حال. فإن كان قتلهم عن طريق الخطأ فالدية على عصبته من أموالهم، وإن كان قتلهم عمدا ـ كما هو ظاهر السؤال ـ فالدية على القاتل من ماله، هذا إن كان عاقلا، أما إن كان مجنونا فقد وقع الخلاف بين أهل العلم في من تلزمه الدية هل هي في مال المجنون وهو ما قاله الشافعي وأصحابه، أم هي في مال العاقلة كما قاله كثير من أهل العلم منهم الحنابلة. وقد سبق بيان ما يترتب على قتل الأب لابنه من أحكام، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30793، 55684، 56056.
كما سبق بيان حكم القاتل عمدا، وكذا حكم المنتحر في الفتويين: 1940، 23031.
وننبه على أن الإفلاس مصيبة من مصائب الدنيا، وما كانت لتصل إلى هذه الدرجة، مع الإيمان بقدر الله والرضا بقضائه والتسليم لحكمه، وقد سبق بيان أن الإيمان بالقدر يبعث في النفس الطمأنينة، في الفتوى رقم: 19686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1430(15/120)
الدية والكفارة تلزم المباشر وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أمي أنجبت ولدا عمره يوم، وكان نائما مع عمتي وبناتها، وتقول أمي لما جاء أبي يوقظها لقي واحدة من بنات عمتي نائمة عليه، وكانوا من قبل يا شيخ ينامون مع بعض، مع أن أمي وضعته وراءها بسبب لا أحد يأتيه. هل على أمي شيء مع العلم أن أمي حرمة كبيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قرر العلماء أنه إذا اجتمع المتسبب والمباشر كان الضمان على المباشر. قال ابن قدامة في المغني: ومتى اجتمع المباشر مع المتسبب كان الضمان على المباشر دون المتسبب. انتهى
وبناء على ذلك فحتى ولو افترضنا كون أمك متسببة فإنها لا تضمن شيئا خصوصا مع ما ذكرت من كونها أخذت احتياطها ووضعت الطفل خلفها؛ ولذا فإن الدية حينئذ تلزم المباشر وحده وهو ابنة عمتك، وكذا تلزمها الكفارة ولو كانت صغيرة دون البلوغ، وهو الراجح من أقوال العلماء، كما هو مبين في الفتوى رقم: 31410.
مع ملاحظة أن الدية إنما تتحملها العاقلة؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 17085. وراجع في نفس الفتوى بيان كفارة القتل الخطأ.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10717 , 27209 , 46262.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(15/121)
ضوابط إيجاب الدية والكفارة في حوادث السير
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع لي حادث انقلاب في سيارتي الخاصة ومعي ابن عمي فدخل المستشفى لإصابته ومكث فيها واحدا وعشرين يوما ثم توفي لم أكن مسرعا عندما أردت تجاوز سيارة أمامي فقدت السيطرة على سيارتي فانقلبت، ما حكم الكفارة في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لم تفرط في الأخذ بأسباب السلامة في نفسك وسيارتك وتفقدت السيارة قبل الانطلاق وحافظت على قوانين السير ولم تتعد السرعة المحددة.. فإنه لا دية عليك ولا كفارة ولا إثم إن شاء الله تعالى.
أما إذا كان قد حصل منك تفريط أو تعد لقوانين المرور.. فإن عليك الدية وهي على عاقلتك وأنت كفرد منهم، كما أن عليك الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم تجدها فإن عليك صيام شهرين قمريين متتابعين، وللمزيد من التفصيل والأدلة انظر الفتوى رقم: 5914، والفتوى رقم: 2152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1430(15/122)
الدية والكفارة إذا كان المقتول خطأ نصرانيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم مقيم في اسبانيا وقعت معي حادثة سير مات من جرائها شخصان نصرانيان مع العلم أن الخطأ لم يكن مني فهل يجب علي صيام شهرين عن كل منهما أم شهرين عن كليهما أم الدية أو لايجب علي شيء باعتبار أنهما نصرانيان. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخطأ ليس منك بمعنى أنك تقيدت بقوانين السير واتخذت إجراءات السلامة فلم تزد على السرعة المحددة وسرت في الاتجاه الذي يحق لك وحافظت على صيانة السيارة ونحو ذلك فلا دية عليك ولا كفارة.
وإن كنت أنت المخطئ فعليك ديتان عن الشخصين المذكورين، وإذا كانا نصرانيين فدية كل منهما نصف دية الحر المسلم وهي خمسون من الإبل أو قيمتها عند المالكية والحنابلة، وعند الحنفية فيه دية كاملة، وقال الشافعي فيه ثلث دية المسلم.
ففي الموسوعة الفقهية: دية الكتابي نصف دية المسلم عند مالك وأحمد، والمرأة منهم على النصف من ذلك، وعند الشافعية دية الكتابي ثلث دية المسلم، ودية المرأة نصف ذلك، وعند الحنفية ديته كدية المسلم. انتهى.
وفي دقائق أولي النهى ممزوجا بمنتهى الإرادات: ودية كتابي أي: يهودي أو نصراني ومن تدين بالتوراة والإنجيل حر ذمي أو معاهد أي: مهادن أو مستأمن نصف دية حر مسلم لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا دية المعاهد نصف دية المسلم. وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين رواه أحمد قال الخطابي: ليس في دية أهل الكتاب شيء أبين من هذا ولا بأس بإسناده. انتهى.
وأما الكفارة فتلزم عن كل منهما عند أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة في المغنى متحدثا عن كفارة القتل: وتجب بقتل الكافر المضمون، سواء كان ذميا أو مستأمنا. وبهذا قال أكثر أهل العلم. وقال الحسن، ومالك: لا كفارة فيه ; لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. فمفهومه أن لا كفارة في غير المؤمن. ولنا قوله تعالى: وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. والذمي له ميثاق، وهذا منطوق يقدم على دليل الخطاب، ولأنه آدمي مقتول ظلما، فوجبت الكفارة بقتله، كالمسلم. انتهى
وأنواع كفارة القتل الخطأ قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 5914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(15/123)
زادت جرعة الأنسولين لأبيها حسب طلبه فمات بعد عدة أسابيع
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت إحدى الأخوات أثناء رعايتها لأبيها المسن (66) عاما والذي كان يعاني من آثار جلطة للمرة الثالثة، قامت بزيادة جرعة الأنسولين التي كانت تعطيه إياها من 10 إلى 12 ثم 14 حسب طلبه ولم تسء حالته، ولكن بعد ثلاثة أسابيع من زيادة الجرعة وجد ميتا في فراشه، وتعاني الأخت حاليا من ألم الضمير وتتساءل هل كانت سببا في الوفاة وهل عليها كفارة؟ بارك الله فيكم أفيدونا لأهمية الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا تسببت في قتل أبيها بإعطائه جرعة زائدة من الدواء فهو قتل خطأ وعليها الدية والكفارة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب أولا في هذه الحالة أن يرجع في تحديد سبب الوفاة إلى الطبيب المختص الثقة؛ فإذا اخبر أنه ليس من المحتمل أن تكون زيادة الجرعة المذكورة هي سبب وفاة هذا الأب فلا شيء عليها، وإن أخبر أن سبب الوفاة هو تناول الجرعة الزائدة من الدواء فينظر؛ فإن كانت قد زادت الجرعة بناء على تعليمات الطبيب وبعد الرجوع إليه فلا شيء عليها أيضا، وإن كانت فعلت ذلك من تلقاء نفسها فإنها مقصرة ومفرطة ولو مع أمر أبيها لها بزيادة الجرعة، لأنها تعلم أن ذلك ليس موكولا بها ولا بأبيها وإنما يختص بالطبيب، وبذلك يترتب عليها الضمان وهو هنا الدية وكفارة القتل الخطأ المذكورة في قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا {النساء: 92}
وإن احتمل أن يكون سبب الوفاة الوالد هو هذا السبب مع احتمال سبب آخر للوفاة فنرجو أن لا يكون عليها ضمان فيما حدث، لأن الأصل براءة الذمة، ولا ينتقل عن هذا الأصل دون وجود المرجح، وعليها على أية حال أن تتوب إلى الله وتكثر من الاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1429(15/124)
الأحكام المترتبة على قتل العمد للمسلم وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القاتل عمدا للمسلم أو غير المسلم بالنسبة للقانون السماوي في الشريعة الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قتل المسلم عمداً وعدواناً فهو من أكبر الكبائر، يبين ذلك قول الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً {النساء:93} .
وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقاً (أي خفيف الظهر سريع السير) صالحاً ما لم يصب دماً حراماً فإذا أصاب دماً حراماً بلّح أي أعيا وانقطع.
وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق. وراجع الفتوى رقم: 10808 والفتوى رقم: 1940.
ويترتب على القتل حقوق ثلاثة: حق لله وحق للقتيل وحق لأولياء المقتول؛ فحق الله يسقط بالتوبة إليه فإذا تاب القاتل تاب الله عليه، وغفر له.
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الفرقان:68-69-70} .
وحق أولياء المقتول يسقط بالاقتصاص من القاتل أو بقبول الدية أو بالعفو والمسامحة عن القاتل.
وأما حق المقتول فمما اختلف فيه؛ جاء في تكملة حاشية رد المحتار: والظاهر أن الظلم المتقدم لا يسقط بالتوبة لتعلق حق المقتول به، وأما ظلمه على نفسه بإقدامه على المعصية فيسقط بها.
وفي الحامدية عن فتاوى الإمام النووي مسألة فيمن قتل مظلوما فاقتص وارثه أو عفا عن الدية أو مجانا هل على القاتل بعد ذلك مطالبة في الآخرة؟ الجواب: ظواهر الشرع تقتضي سقوط المطالبة في الآخرة.
وكذا قال في تبيين المحارم: ظاهر بعض الأحاديث يدل على أنه لا يطالب.
وقال في مختار الفتاوى: القصاص مخلص من حق الأولياء، وأما المقتول فيخاصمه يوم القيامة، فإن بالقصاص ما حصل فائدة للمقتول وحقه باق عليه. اهـ. وهو مؤيد لما استظهرته. اهـ
وأما قتل غير المسلم؛ فالكافر ينقسم إلى قسمين: محارب، وغير محارب.
والمحارب يجوز قتله، وقد يستحب، وقد يجب قتله بحسب المصلحة التي تترتب على قتله، وقد يترك قتله إذا لم تترتب على قتله مصلحة راجحة، أو كان في قتله مفسدة أعظم.
وقد أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دم عدد من المحاربين له وأمر بقتلهم، وعفا عن بعضهم. كما نهى الرسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ممن ليس لهم حيلة في القتال.
أما غير المحارب فلا يجوز قتله، ومثال ذلك: الذمي من اليهود أو النصارى، ممن هو مرتبط مع المسلمين بعقد ذمة فلا يجوز قتل هؤلاء إلا إذا أتى بما يستوجب القتل شرعاً، أما بدون سبب فلا، لقوله صلى الله عليه وسلم: ألا من قتل نفساً معاهدة، له ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
وقد اتفق الفقهاء على أنه لا يقتل المسلم بقتله الكافر المحارب، واختلفوا فيما إذا كان المقتول ذمياً، هل يقاد به المسلم؟ على قولين.
قال الإمام ابن قدامة في المغني: أكثر أهل العلم لا يوجبون على مسلم قصاصاً بقتل كافر، أي كافر كان، روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز وعطاء، والحسن، وعكرمة، والزهري، وابن شبرمة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن المنذر. وقال النخعي والشعبي وأصحاب الرأي: يقتل المسلم بالذمي خاصة. اهـ.
والراجح قول الجمهور؛ فلا يقتل المسلم بكافر للحديث الصحيح في ذلك؛ لكن يجب عليه مع ذلك دية بشرط أن يكون هذا الكافر من أهل الذمة أو العهد، ولم يعف أولياؤه عن الدية، وأما إذا كانوا محاربين فلا دية لهم مطلقاً.
ودية الذمي من أهل الكتاب نصف دية المسلم، ودية المجوسي وسائر أهل الأوثان ثلثا عشر دية المسلم. هذا بالنسبة للذكور، وأما بالنسبة للنساء، فعلى النصف من دياتهم.
ومقدار دية المسلم مائة من الإبل أو ما يعادل قيمتها، وتلزم القاتل الكفارة في قتل الذمي، كما تلزمه في قتل المسلم لا فرق بينهما في هذا، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، كما قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. {النساء:92} .
وإلى لزوم الكفارة في قتل الذمي ذهب ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي وابن جرير الطبري وغيرهم، لأن الذمي معصوم الدم فيحرم قتله عمداً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً. رواه البخاري.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 9270 والفتوى رقم: 10900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(15/125)
صيام الأم شهرين متتابعين إذا تسببت في قتل ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من الجزائر وعندي أخت توفيت ابنتها ذات العام ونصف مند أيام بسبب سقوطها في الماء الساخن أثناء تنظيف البيت وبعدها قيل لأمها يجب أن تصومي شهرين متتاليين لأنها ماتت محترقة الرجاء منكم إفتاؤنا في هذا الموضوع هل لابد من ذلك أم أنها بدعة متوارثة أم ماذا؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت والدة الطفلة قد تسببت في قتل ابنتها، كتركها قرب الماء مع الغفلة عنها وترك حفظها، فالدية واجبة على عاقلة والدة الطفلة، وعلى تلك الوالدة كفارة القتل وهي على الترتيب المذكور في الفتوى رقم: 1162.
أما إذا كانت والدة الطفلة لم يكن لها سبب فى سقوط ابنتها في الماء الحار كوضعها بعيدا عنه مثلا فلا دية عليها، ولاكفارة بصيام شهرين متتابعين أو بغير ذلك من أنواع كفارة القتل الخطأ.
وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 10717، والفتوى رقم: 65129.
وبه يتبين أنه من قتل مسلما خطأ فإن عليه الكفارة، ومنها صيام شهرين متتابعين، فإن كان مَنْ أَمَرَ هذه المرأة بهذا الصيام لأنه كفارة قتل الخطأ فهذا صحيح إذا ثبت تسببها في القتل ولم تجد رقبة تعتقها، أما إذا كان المقصود أن كل من مات محترقا يصام عنه شهران متتابعان فهذا لا دليل عليه بل هو بدعة محدثة يتعين إنكارها وتحذيرالناس من جعلها عادة ثابتة متوارثة، ويكون ذلك بحكمة ورفق.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 58826.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1429(15/126)
قام بتشغيل التيار الكهربي فحدث ماس فمات عدة أشخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[يعمل أخي بإحدى الدول العربية في مجال صيانة المعدات الكهربية. وفي غير وقت دوامه -عمله- ناداه أحد عاملي الصيانة ليساعدهم وبعد إصلاح الجهاز نادوا لأحدهم أن يشغله وهم داخل أحد أجزائه -لأنه أقسام- فلم يسمعهم فقام أخي ليشغله فحدث مس كهربي للجهاز كله فدار وهم بالداخل فانهار محاولا فصل التيار بيده فقذفته الكهرباء في الحائط فاقدا الوعي ومات أربعة أشخاص منهم واحد غير مسلم ماذا يجب على أخي وأرجو تقديم كلمة له ولأمي نحن في حال يرثى لها أفيدوني أفادكم الله.ملاحظة: قامت الشركة بدفع تعويضات لأهل الموتى فهل هذه هي الدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك لم يرتكب خطأ في تشغيل التيار الكهربائي فإنه لا يؤاخذ وليس عليه كفارة ولا دية.
والذي يحدد ما إذا كان قد أخطأ أم لا هم أهل الخبرة في هذا الشأن.
أما ظاهر السؤال فإنه يبدو منه أن لا كفارة عليه ولاضمان لعدم تسببه أو خطئه المؤديين إلى موت هؤلاء.
وعلى فرض أن حكم أهل الخبرة بخطأ أخيك أو تسببه في القتل عن طريق الخطأ، فإن القتل خطأ يوجب الدية على عاقلة القاتل وهم عصبته وعشيرته ويوجب الكفارة.
وإذا أقامت الشركة بدفع تعويضات بقدر الدية الشرعية أو دونها برضى أولياء المقتول فقد سقطت مطالبة عصبة القاتل بالدية.
وأما عن الكلمة التي نوجهها لأخي السائل وأمه فهي الرضا بالقدر والصبر عليه، وليتذكر قول الله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة:286} وفي صحيح مسلم: قال الله: قد فعلت.
وفي صحيح مسلم أيضا: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(15/127)
هل يضمن إذا فرط في إعطاء الدواء لأمه فماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من فرط فى علاج أمه بأن لم يعطها كل الدواء وترتب على ذلك موتها بعد شهر من الزمن.هو لم ينو أبدا الإضرار بها لكنه تهاون ونسيان. وله إحساس شديد بالذنب هل يجب عليه الصيام كفارة مثل فى القتل الخطأ. وما هو عقاب الله له. ألا يكون أصلا عقابا من الله بأن نسي علاج والدته فيلازمه الإحساس بالذنب ما بقى من حياته البائسة دون أمه. وهل الإنسان مخير أم مسير في هذه الأعمال ذات النتيجة السلبية للطرفين؟ على حافة الانتحار من شدة الألم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما وقع من التفريط في علاج الأم يعتبر خطأ كبيرا، والقول بلزوم كفارة القتل فيه أو عدم لزومها يرتب على ثبوت الضمان أو عدم ثبوته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن التفريط في علاج المريض بعدم إعطائه الدواء حتى يموت يعتبر خطأ كبيرا، ولا سيما إذا كان المفرَّط فيه أم المفرِّط.
فأما ما ذكرته من النسيان فلا لوم عليه فيه ولا حرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
وأما تهاونه في إعطائها الدواء فإنه مناف للبر ولا يجوز.
وفيما يخص ما سألت عنه من لزوم الكفارة فإن ذلك يُرتب على تضمينه لما حدث، وفي ذلك تفصيل، فإن كان في مقدور الأم أن تتناول الدواء بنفسها فإنه لا يكون عليه ضمان. وكذا إذا لم يغلب على الظن أن سبب الموت هو عدم أخذ الدواء.
وأما إذا جُزم بأن سبب الموت هو عدم تناول الدواء أو غلب ذلك على الظن، ولم يكن في استطاعتها تناوله بنفسها، وكان هو المتولي لإعطائها الدواء فإننا في هذه الحالة نرى أن عليه الضمان، وبالتالي تكون عليه الكفارة، وتكون ديتها على عاقلته، ولا يرث منها هو شيئا.
وأما عقاب الله له فإنه من أمور الغيب التي لا يمكن أن يعرف عنها شيء قبل حلولها، لكن المجزوم به أنه في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، والتوبة الصادقة ومداومة الدعاء للأم والتصدق عنها وبر رحمها وأهل مودتها كلما أمور نافعة إن شاء الله.
وأما السؤال عما إذا كان الإنسان مخيرا أم مسيرا فإنا قد أجبنا عنه من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 4054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(15/128)
أغمي عليه فانقلبت السيارة ومات أحد ركابها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديقي كان يقود سيارة ويركب معه أخي وبعض أصدقائهم وحسب روايته أنه كان يقود السيارة بسرعة عادية فانقلبت السيارة هو يقول إن وقت الحادث كأنه قد أصيب بإغمائة ولا يدري كيف انقلبت السيارة، السيارة حالتها جيدة حسب كلامه وهي تابعة للشركة التي يعملون بها توفي أخي بعد أيام من هذا الحادث وكان قد أصيب بكسر فى الحوض يسأل هذا الصديق عن الكفارة فهل تجب عليه، وما هي الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان السائق المذكور شعر بما سميته بالإغماءة واستمر في السياقة فإنه يكون بذلك آثماً وضامناً لما ترتب على الحادث، وإن لم يكن شعر بها إلا في الوقت الذي انقلبت فيه السيارة فلا شيء عليه فيما حصل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائق إذا كان قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها، بأن كان قريب عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها ... وكان لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكان ملتزماً بقواعد السير وقوانين المرور، وفي مقدمة ذلك السرعة المحددة، وكان كامل الصحة تام الوعي لم يشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك مما قد يؤثر على تمام وعيه وتحكمه في السيارة.
فإذا أخذ بكل هذه الاحتياطات فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فإنه غير مؤاخذ به، لأنه خارج عن إرادته، فلا كفارة عليه ولا دية، وإن اختل شيء مما ذكر كان ضامناً لما حدث، وبالتالي تلزمه هو كفارة القتل وتلزم عاقلته الدية، وبناء على ما تقدم نقول: إن هذه الإغماءة التي قلت إنها حصلت لصديقك أثناء القيادة إن كان قد شعر بها واستمر في السياقة فإنه يكون بذلك آثماً وضامناً لما ترتب على الحادث، وإن لم يكن شعر بها إلا في الوقت الذي انقلبت فيه السيارة وكان قبل ذلك في ظروف طبيعية فإنه لا يكون عليه شيء فيما حصل، لأنه في وقت قد رفع فيه القلم، وإذا قلنا بلزوم الكفارة فهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وأما الدية فهي على عاقلة المتسبب في القتل، ولك أن تراجع في الكفارة والدية الفتوى رقم: 6629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(15/129)
صدم صبيا سقط من سيارة أخرى فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال ... صديقي كان راجعا من المدرسة الساعة 1 وكان يمشي في سيارته بسرعه 80-100
وهو ماش في الطريق تجاوزه شخص ما بعد ما تجاوزه الرجل سقط عليه واحد ونزل عن الخط وصدم بلوحه على جنب الطريق الصدمة جاءت في الباب الأمامي بعدها الرجل لف الدركسون ليرجع إلى الطريق انفتح الباب وكان اثنان راكبان قدام واحد منهما سقط في الطريق صديقي ما رآه فصدمه بعدها وقف وحمل الولد وذهب به إلى المستشفى جلس حوالي 3 ساعات وتوفي فهل يجب على صديقي عتق رقبه أم صيام شهرين؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن صديقك صدم شخصاً سقط من سيارة الشخص الذي تجاوزه، فإذا كان الأمر كذلك وقرر أهل الاختصاص بأن صدم هذا الشخص وقع نتيجة شيء من إهمال صديقك وتفريطه كأن تكون سرعته وقت الحادث زائدة أو لم يكن منتبهاً للطريق، فإنه تلزمه الدية والكفارة.
أما إذا كان الأمر بعكس ذلك وقرروا أن الحادث لم يقع بسبب تفريط صديقك وأن الشخص المصدوم لم يكن في الإمكان تفاديه، فلا يلزم في ذلك دية ولا كفارة. وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 3120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(15/130)
حكم الأب الذي يقتل ولده الصغير تحت تأثير الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحد الشرعي لأب تحت تأثير الخمر يقتل ابنه الصغير؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن كان متعمداً فعليه الدية في ماله، ولا يرث منها ولا من غيرها، وعليه مائة جلدة وسجن سنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق من أعظم الكبائر وأبشعها.. فقد قال الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ، وقال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {الأنعام:151} ، ويكون الأمر أبشع إذا كان القاتل أبا والمقتول ابنا وصبيا، فإن كان القتل خطأ ففيه الدية على العاقلة والكفارة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 5914.
وإن كان القتل عمداً فقد اختلف أهل العلم في حكم الأب يقتل ابنه عمداً فذهب المالكية ومن وافقهم إلى أن الأب يقتل بالابن قصاصاً إذا تعمد قتله وقصد إزهاق روحه، والراجح ما ذهب إليه الجمهور وهو أن الأب لا يقتل بالابن ولو تعمد قتله، وذلك لما رواه الترمذي وغيره مرفوعاً: لا يقاد الوالد بولده. صححه الألباني. وفي رواية الدارقطني: وإن قتله عمداً. وفي رواية أحمد: قال حذف رجل ابنا له بسيف فقتله فرفع إلى عمر فقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقاد الوالد من ولده لقتلتك قبل أن تبرح.
فإذا كان القتل متعمداً لتناول المسكر الذي تأثر به -كما هو الظاهر- فمن أهل العلم من ألحقه بالمتعمد، وعلى هذا فإن عليه الدية المغلظة في ماله ولا يرث منها ولا من مال المقتول شيئاً، فقاتل العمد لا يرث مطلقاً لا من المال ولا من الدية باتفاق أهل العلم، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا يرث قاتل العمد من مال ولا دية. والأصل في ذلك ما رواه مالك وأحمد وغيرهما مرفوعاً: لا يرث القاتل شيئاً. وفي رواية: ليس لقاتل ميراث. وفي رواية: ليس لقاتل شيء. ويجلد مائة ويحبس عاماً قال مالك في المدونة (الذي يقتل عمداً فيعفى عنه يضرب مائة ويحبس عاماً) . وعليه عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. واختلف هل إذا عجز عن الصيام عجزاً لا يرجى زواله يلزمه إطعام ستين مسكيناً أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(15/131)
مر بالسيارة على ابنته بالخطأ فماتت فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال فيما يخص بكفارة القتل الخطأ:
في 17 من شهر رمضان المعظم من عام 1428 هـ وعلى الساعة 10.15د صباحا وقعت لي
حادثة أليمة والحمد الله على ما أصابنا من الله. وهي كانت سيارتي متوقفة أمام الدار ثم ركبت السيارة من نوع تجاري سيارة كبيرة، ثم شغلت المحرك وقمت بتسخينه، لمدة 3 دقائق ثم أقلعت بالسيارة فأحسست أنني مرت فوق حجر فلما نزلت من السيارة لأتفقد الشيء الذي أعاق السيارة فوجدت ابنتي ذات العامين ونصف ملطخة بالدماء فحملتها على جناح السرعة إلى المستشفى فأخبروني بوفاتها فلم أعلم ولم أشاهدها كيف خرجت من المنزل تجري قصد الذهاب معي لأنها متعودة على ذلك بما أن حجمها صغير والسيارة عالية لم ألحظها ووقعت الحادثة.
هل يجب علي كفارة القتل الخطأ بصيام 60 يوما تباعا الذي أجد فيه نوعا من المشقة وعدم تحمل هذه المدة ليس من من مرض أو عائق آخر ولكن من أجل المشقة وصعوبة الصوم، أو إطعام 60 فقيرا الذي أجد فيه نوعا من الاستطاعة، وهل تجب علي الدية ولمن تعطى (لي زوجة و 3 أولاد) ملاحظة هذا الموضوع وجدته في موقع بالأنترنيت
تنبيه: -
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى: في الملخص الفقهي " أداء كفارة القتل ممّا يتساهل فيه بعض الناس اليوم خصوصاً في حوادث السيارات التي تذهب فيها نفوس كثيرة فقد يستثقل من تحمل المسؤولية في ذلك الصيام ولا سيّما إذا تعددت عليه الكفارات فلا يصوم وتبقى ذمته مشغولة.
القاعدة في القتل الخطأ: -
1. إذا لم يحصل من الإنسان تفريط ولا تعد فلا شيء عليه لا كفارة ولا دية
2. وإذا حصل من الإنسان تفريط وتعد فإن عليه الكفارة والدية يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى والأصل براءة الذمة وعدم اللزوم.
أرجو إفادتي.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر من معطيات السؤال لزوم الدية والكفارة، وعدم إجزاء الإطعام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشخص إذا أخذ بأسباب السلامة والاحتياط ولم يحصل منه تقصير ولا تفريط فلا كفارة عليه كما هو مبين في الفتويين: 2152، 68060.
أما إذا حصل منه تقصير أو تفريط فإن عليه الكفارة والدية وهي على عاقلته، وتكون لورثة الميت دون المتسب في القتل، والدليل على ذلك قول الله تعالى ".. فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" {النساء92}
وإذا لم توجد الرقبة، فالواجب صيام شهرين متتابعين، فإن عجزعن الصوم بالكلية فقد اختُلف في ذلك على قولين:
الأول: مذهب الجمهور وهو أنه لا إطعام، لأن الله جل وعلا لم يذكر في كفارة القتل إلا العتق والصيام، ولو كان ثمة إطعام لذكره.
الثاني: وهو قول عند الشافعية وهو أن عليه إطعام ستين مسكيناً، قياساً على كفارة الظهار والصوم.
والظاهر من معطيات السؤال أن عليك كفارة قتل الخطإ وذلك لتقصيرك بعدم غلق الباب.. أو تنبيه أم الطفلة أو غيرها على إمساكها ما دامت متعودة على الذهاب معك،
ولا يجزئ عنك الإطعام ما دمت غير عاجزعن الصوم بالكلية؛لأن الصوم تلازمه المشقة بطبيعته، والذي يلزمك هو صيام شهرين قمريين متتابعين بغض النظر عن عدد أيامهما إذا بدأت من أول الشهر، أوستين يوما كاملة إذا لم تبدأ من أوله. وأما الدية فهي للورثة من دونك.
وما ذكرت عن الشيخين الكريمين صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(15/132)
القيادة بتهور إذا ترتب عليها قتل بعض الأشخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[القيادة المتهورة للسيارة. سائق متهور كانت نتيجة تهورة وفاة أحد الأشخاص بجانبه داخل السيارة
هل يكون قاتلا متعمدا لمخالفته للقواعد المرورية؟
هل القيادة بتهور واستهتار حرام؟ وهل يعتبر المتهور بالقيادة قاتلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قيادة السيارات بتهور محرمة، وإذا ترتب عليها قتل اعتبر السائق قاتلا قتل خطأ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مخالفة نظام المرور لا تجوز شرعا؛ لما يترتب عليها من تعريض النفوس والممتلكات للخطر. وقد قرر العلماء أنه يجب على الشخص الالتزام بالقوانين والنظم التي يعمل بها في كل بلد، (والتي من بينها قوانين السير، ما لم تتعارض مع الشريعة الإسلامية) ، وذلك للقاعدة: "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة".
والتهور –كما في المعاجم اللغوية- هو: الوقوع في الشيء بقلة مبالاة، ولا شك أن هذا التعريف للتهور يفيد أنه داخل في مخالفة نظام المرور.
وعليه، فالقيادة بتهور تعتبر أمرا محرما، وإذا ترتب عليها قتل كان السائق قاتلا.
لكن هذا النوع من القتل قد صنفه العلماء في قتل الخطأ، ولم يجعلوه من قتل العمد؛ لأن السائق فيه لم يتعمد إزهاق الأرواح.
فالقاتل –في هذه الحالة- تجب عليه الكفارة، وهي عتق رقبة مسلمة فإن لم يجد صيام شهرين متتابعين عن كل قتيل، وتجب على عاقلته دية من قتل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1429(15/133)
إذا قتل السائق شخصا خطأ فهل على مرافقه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يقود شاحنته ورافقه في رحلته أحد أقربائه واصطدمت الشاحنة بسيارة، وتوفي في الحادث رجل وامرأة. السؤال: هل على مرافق السائق كفارة. وكذلك إذا كان المرافق مساعدا للسائق....بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكفارات في حوادث السير إنما تلزم الشخص الذي يقود السيارة أثناء الحادث، لا من كان مرافقا أو مساعدا له. والسائق إذا أخذ بكافة الأسباب للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها، بأن كان قريب عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها....وكان لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكان ملتزما بقواعد السير وقوانين المرور، وكان كامل الصحة تام الوعي، لم يشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك مما قد يؤثر على تمام وعيه وتحكمه في السيارة. فإذا أخذ بكل هذه الاحتياطات فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فهو غير مؤاخذ به؛ لأنه خارج عن إرادته، فأشبه الكوارث التي تبتلى بها الناس. وعلى هذا فلا كفارة عليه ولا دية لأنه غير متسبب. وإن اختل شيء من هذه الشروط كان ضامنا لما يترتب على ذلك، وبالتالي تكون عليه الكفارة وعلى عاقلته الدية، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 15533. وبناء على ما ذكر، فهذا الرجل الذي كان يقود الشاحنة عليه كفارتان إذا كان قد حصل منه شيء من التفريط، وعلى عاقلته ديتان، ولا شيء على مرافقه إلا أن يكون من عاقلته فيكون عليه نصيبه من الدية سبب كونه من العاقلة لا سبب كونه مرافقا للسائق أو مساعدا له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(15/134)
ما يلزم من دهس طفلة فتنازل أولياؤها عن ديتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من دهس بسيارة طفلة عند عودته إلى الخلف دون أن يشاهدها وتم التنازل عن الدية من ولي أمرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دهس بسيارته طفلة دون أن يكون يشاهدها، فإنه يعتبر قاتلاً لها قتل خطأ، وقتل الخطأ يلزم فيه أمران هما:
- دية المقتول، وتكون على عاقلة القاتل.
- والكفارة.
وإذا عفا أولياء المقتول عن الدية سقطت وبقيت الكفارة، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} ، ومن هذا يتبين لك أن الشخص المذكور إن كان أولياء البنت قد تنازلوا عن حقهم في الدية، فإنه يبقى عليه أن يصوم شهرين متتابعين إذا كانت الرقاب غير موجودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(15/135)
لا دية ولا كفارة إذا لم يتسبب الشخص في قتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[سائق قطار اقترب من قرية فخفض من السرعة للحد المطلوب -فإذا برجل يرمي نفسه عند اقتراب القطار منه فدهسه القطار ومات الرجل.
وبعد التحري والأبحاث والمحاكم -اتضح بالأدلة أن الرجل منتحر، فهل عليه كفارة صيام قتل الخطأ.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا دية ولا كفارة إذا لم يتسبب الشخص في قتل الخطأ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت ما ذكر من أن الشخص رمى نفسه أمام القطار فجأة بحيث لم يتسن للسائق إيقاف القطار قبل أن يصطدم به فإن السائق هنا غير مسؤول عما حدث ولا كفارة عليه ولا دية على عاقلته، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 15533، والفتوى رقم: 15089، والفتوى رقم: 70015.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(15/136)
تلزم الدية والكفارة لكل قتيل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة / بمركز الفتوى الشبكة الإسلامية.
تتلخص مشكلتي في الآتي:
- منذ أن كنت في سن الشباب حوالي 27 سنة تسببت في حادث سيارة (هذا ما أعتقده للآن هذا الحادث وقع في منطقة صناعية تبعد عن مقر إقامتي بحوالي 800 كيلومتر حيث كنت أشتغل وهذه المنطقة الصناعية السرعة فيها محددة 20 كيلومتر/ ساعة، وأثناء قيادتي للسيارة كان هناك مفترق طرق ويتوجب الوقوف إلا أنني لم أتوقف لأن الرؤية واضحة جدا حيث كانت سيارة قادمة ونظرا لأن المسافة بيني وبين السيارة تمكنني من الاستمرار في القيادة إلا أنه وللأسف الشديد كانت تلك السيارة تسير بسرعة عالية جدا، وعندها لم يتم الاصطدام ولكن فقدت السيارة الاتزان ومن ثم انقلبت فقمت بإسعاف المصابين وبعد فترة علمت بأنهما قد توفيا كل هذا حدث منذ حوالي 30 سنة مضت.
وبعد تلك الفترة وبعد 30 سنة فجأة مر بخاطري تلك الحادثة وشعرت بالضيق الشديد وتأنيب الضمير ولوم نفسي على ذلك أين كان ذلك في تلك الفترة لم أكن واعيا ولا مدركا لذلك الأمر، ولقد صمت شهرين متتالين وتصدقت بمبلغ من المال كصدقة جارية لهما مع العلم بأنني لا أعرف أسماءهما ولا مقر سكناهما ولا أملك حتى مقدار الدية إن كان يستوجب ذلك، إنني في حيرة من أمري، أفيدوني أفادكم الله حتى أرتاح من عذاب الضمير والشعور بالذنب، جزاكم الله خيرا على ما تقدموه لنا من مواضيع جيده ومفيدة.
ملاحظة رقم السؤال هو نفس الرقم الذي أرسلتموه لي بالبريد وهو 2149018.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من معطيات السؤال أن الخطأ كان منك؛ ولذلك فإن عليك ديتين وكفارتين.
أما الديتان فهما على العاقلة (وهي أقارب الجاني كإخوته وأعمامه) ، ويجب أن تسلما إلى أهل القتيلين إلا أن يعفوا عنهما.
والكفارة الواحدة هي المذكورة في قول الله تعالى.. وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:92}
ونظرا لتعذر وجود الرقبة فإن عليك الصيام المذكور في الآية الكريمة.
وما دمت قد صمت شهرين متتا بعين فقد بقي عليك صوم شهرين متتابعين أيضا عن الميت الثاني.
وأما ما تصدقت به عن القتيلين فإنه لا يجزئ عن الدية ولا تسقط بقدم الزمن ولا عدم معرفة أهلهما، فوسائل البحث والاتصال أصبحت متوفرة وسهلة وسجلات الحوادث وغيرها تكون محفوظة غالباً وفيها جميع البيانات.. فعليك أن تبحث عن أهلهما فإذا وجدتهم ولم يصدر منهم عفو عن الدية فإن عليك أن تجمعها على أهل عاقلتك وتدفعها إليهم.
وأما إذا لم تجدهم فتصدق بها عنهم..
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 6821.
هذا، ونسأل الله تعالى أن يعفو عنك ويتوب عليك، ويعينك ويجزيك خيرا على حرصك على براءة ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1428(15/137)
القتل الخطأ يوجب الدية والكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد دهست شخصا بسيارتي خطأ وتوفي إلى رحمة الله وصدر حكم علي بالدية، ولكن لم ينص الحكم على صيام شهرين بتاتاً، فهل الصيام غير واجب علي، ولمَ لم يذكر ذلك الحكم في الحكم القضائي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك بعد الدية القيام بالكفارة وهي على الترتيب عتق رقبة مؤمنة ثم صيام شهرين متتابعين ثم إطعام ستين مسكيناً، ولا ينتقل عن الخصلة إلى التي تليها إلا عند العجز عنها، ولا يسقط هذا الصيام بعدم ذكره مصحوباً بالحكم عليك بلزوم الدية، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 5914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(15/138)
هل يضمن السائق غير المفرط إذا صدم ذميا فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[لو تكرمتم ولكم جزيل الشكر إذا كان في الإمكان أن تفيدونا بالفتوى الشرعية في هذا الأمر، أنا فتاة مقيمة في الكويت، في شهر رمضان المبارك حصل معي حادث بالسيارة، حيث كنت أمشي في الخط المخصص للسيارات وممنوع عبور المشاة (يوجد تنبيه في بداية الشارع بذلك) ولكني فوجئت بشخص يعبر الشارع مسرعا (كان يركض) حاولت تنبيهه باستخدام آلة التنبيه وتفاديه ولكنه لم يستجب ولم أستطع السيطرة على السيارة (والحمد الله لم أتجاوز حدود السرعة المحددة أو لم أمش في مكان خطأ، وقد تم معاينة الموقع والسيارة وقد أثبت أنني لم أتجاوز حدود السرعة المخصصة وأن الطريق ممنوع فيه عبور المشاة) ، لكن بكل أسف الرجل أصيب بغيبوبة ثم توفي بعد 20 يوم تقربيا -كان سودانيا غير مسلم- لديه ابنة وابن (لا أعرف أعمارهما) ، وقد أثبت أنه هو المخطأ، بسبب عبوره من مكان غير مخصص له، فأرجو إفادتي بالفتوى الشرعية إذا كان من جهة الشرع علي أي خطأ ويجب أن أقوم بأي شيء، فأرجو المعذرة لكن البعض قال لي (حسب ما ذكر في القرآن) أنه يجب أن أصوم شهرين متتاليين (ولكن أنا فتاة ويجب أن أفطر بسبب الظروف الطبيعية للفتاة) أو أن أدفع دية (والله شهيد على ما أقول إن وضعي المادي لا يسمح لي بأن أدفع) والله شهيد على ما أقول، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن قتل الذمي تلزم فيه الكفارة والدية كما تلزمان في قتل المسلم، والكفارة عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} ، وإلى لزوم الكفارة في قتل الذمي ذهب ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي وابن جرير الطبري وغيرهم، لأن الذمي معصوم الدم فيحرم قتله عمداً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين يوماً. رواه البخاري.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن من قتل ذمياً لا تلزمه الكفارة، والقول الأول أصح، والأخذ به أبرأ للذمة، ودية الذمي نصف دية المسلم فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دية عقل الكافر نصف عقل المؤمن. رواه النسائي والترمذي والبيهقي وصححه الألباني.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإذا كنت -كما قلت- قد حاولت تفادي الحادث ولكنك لم تستطيعي السيطرة على السيارة، ولم تكوني قد تجاوزت حدود السرعة المسموح بها في مثل ذلك الشارع، ولم يحصل منك أي تفريط أو إخلال بقواعد المرور، فإنه لا يكون عليك ضمان فيما حدث، للقاعدة الفقهية التي تقول: إن ما لا يمكن التحرز عنه فلا ضمان فيه. وإن اختل شيء مما ذكر كان عليك الدية والكفارة على النحو الذي بيناه في مقدمة الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(15/139)
إذا تسببت القابلة في موت الجنين والأم لاتفعل شيئا فهل تأثم
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل 40 سنة أنجبت أمي الذكر الأول وتوفي نتيجة الحمى في سن خمسة أشهر ثم أنجبت الذكر الثاني وتوفي في سن ثلاثة أشهر فأشيع على أمي أنها لا يعيش عندها الأولاد وخصوصا الذكور وعند ولادة الذكر الثالث في سبعة شهور من الحمل قالت القابلة وحماتها أنه لن يعيش فوضعوه جانبا ولم يقطعوا سرته ويربطوها وبقي مكانه حتى توفي بعد ساعتين وأمي تنظر إليه وتعتقد أنه بخير وسيعيش لو ربطت سرته، ولكنها لم تتحدث بسبب الضغط الذي كان مفروضا على النساء في ذلك الوقت حيث كان عمرها16 سنة وجبانة ولا تستطيع ان تبدي رأيها ولو كان صوابا، الآن أمي تشعر بالذنب وتسأل عن مسؤوليتها في موت الطفل، هل فعلا يمكن أن يكون إحساسها بحالة الطفل أنها جيدة أصح من معرفة القابلة وخبرتها في هذا المجال وإن فرضنا أنه كان فعلا بصحة جيدة، فما هو موقفها، وإن كانت مذنبة فما هي كفارتها؟ وشكراً مسبقا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرتِه من أنه عند ولادة الذكر الثالث لأمك، وكان ذلك في الشهر السابع من الحمل قالت القابلة إنه لن يعيش، وبالتالي وضعوه جانباً ولم يقطعوا سرته، وبقي مكانه حتى توفي بعد ساعتين ... يعد خطأ كبيراً من القابلة وممن ساعدها في ذلك، فالأعمار عند الله، ولا أحد يستطيع أن يجزم بما سيكون عليه الحال في المستقبل، فكم من ميؤوس من حياته عاش عمراً طويلاً! وكم من جنين ولد في أقل من الأجل المعتاد للحمل وعاش عيشة طبيعية، وكم من امرأة توفي لها أولاد كثيرون في ولاداتها الأول ثم عاش لها بعد ذلك أولاد كثيرون!.
وعلى أية حال، فإن أمك لا تعتبر بريئة تماماً من هذا الذنب الذي ارتكب بجانبها، ولم تسع في الحيلولة دون وقوعه، إلا أن ذنبها يعتبر أخف من ذنب القابلة التي هي صاحبة الاختصاص، والتي هي المباشرة لكل الإجراءات، وبناء على ما ذكر، فإننا نرى أن القاتلة هي القابلة ومن شاركها في فعلها إن كان ثَم مشارك لها، وبالتالي على عاقلتها دية ذلك المولود، وعليها هي كفارة القتل، ولك أن تراجعي في هذا الفتوى رقم: 40416، وأما أمك فإنما عليها التوبة فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1428(15/140)
مدى تحمل السائق للمسؤولية إذا غاب وعيه فأدى لحادث قتل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعيش في أسبانيا الصيف الماضي زرت أهلي في المغرب فعند العودة كلفني صديقي كي أسوق له سيارتة إلى أسبانيا فركب معي شاب مقيم في أسبانيا لكي أوصله معي لوجه الله فأثناء السير غبت عن وعيي فانتهى الأمر بحادث أودى بحياة الشاب الذي معي فماذا يترتب على ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل حكم قتلى حوادث السير من حيث تحمل السائق للمسؤولية، وملخصه أن السائق إذا كان قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها بأن كان قريب عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها… وكانت لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكان ملتزما بقواعد السير وقوانين المرور، وكان كامل الصحة تام الوعي لم يشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك مما قد يؤثر على تمام وعيه وتحكمه في السيارة، فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فهو غير مؤاخذ به، لأنه خارج عن إرادته، فأشبه الكوارث التي تبتلى بها الناس.
وإن اختل شيء من هذه الشروط كان ضامنا لما يترتب على ذلك. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 15533.
وبما أنك ذكرت أنك أثناء السير قد غاب وعيك، فانتهى الأمر بحادث أودى بحياة الشاب الذي كان معك، فإذا كنت قد شعرت بشيء من النعاس -ولو قليلا- قبل أن يغيب وعيك فهذا القتل يعتبر قتل خطأ، والواجب فيه صيام شهرين متتا بعين والدية، ولكنها تكون على العاقلة. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 5914.
وإن كنت لم تشعر بشيء، وإنما حصل غياب عقلك بصورة مفاجئة، فلا نرى أن عليك شيئا فيما حدث؛ لأنه أمر لا يمكن تفاديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1427(15/141)
ما يلزم من قتل أخته خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقود جرارا وأختي كانت خلفي فرجعت دون أن أنتبه إليها فدهستها فماتت كان ذلك في 2/9/1992 علما أني من مواليد 5/7/ 1979 فهل تجب علي الكفارة أم ماذا؟
جزاك الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صدر منك من قتل هو من باب القتل الخطأ فتجب الدية على عصبتك وتجب عليك كفارة القتل التي سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 5914، هذا إذا كان القتل قد صدر منك وأنت بالغ، وعلامات البلوغ تقدمت في الفتوى رقم: 10024، وإن كان القتل حصل منك قبل البلوغ فتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 31410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(15/142)
ما يلزم الطبيب الذي تكلف ما لا دراية له به
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أستفسر منكم عن أمر أقلقني دوما والآن بدأ يخطر على بالي أكثر، وأخاف أن يوافيني الأجل قبل أن أتخلص من هذا الحمل الثقيل.
أنا أعمل طبيبة, وقد مر بي حادث منذ أن كنت في فترة الإقامة الدورية حيث تنقصنا الخبرة في أمور عدة, في أحد الأيام كنت في خفارة في مستشفى الأطفال وأعطيت طفلا كان في حالة صحية سيئة يبلغ من العمر بضعة أشهر يعاني من تشوهات خلقية متعددة: منها في الجمجمة والقلب وأعتقد الدماغ على ما أذكر، وكان مصابا بعجز في القلب وقد كتب له الأخصائي علاجا لعجز القلب بشكل حقنة وريدية، وكتب في طلبيته: تعطى من قبل الطبيب لأنه يجب أن تعطى بشكل بطيء، وأنا بسبب عدم الخبرة وخطأ وعن غير عمد أعطيته الحقنة بشكل عادي كأي حقنة أخرى، فإذا به بعد فترة قصيرة قد توفي. أعتقد أني أنا الذي قتلته عن غير قصد، مع أن حالته كانت تعبانة، وكتب في تقرير الوفاة عجز الرئة والقلب وهو صحيح، ولكن أحدا لم يحاسبني ولم ينبهني إلى أن هذا ربما كان خطئي، ولكن بقي ضميري يؤنبني فقد قتلت روحا بريئة، وكلما ذكرت ذنبي استغفرت ربي وتألمت لما فعلت.
علما بأني لا أذكر اسم الطفل ولا أعرف أهله ولن أستطيع بأي حال أن أصل إليهم، فلمن سأدفع الدية، وما مقدارها من المال بالدينار العراقي إن أمكن أو بالدولار؟ وهل يجوز إعطاؤها لمرضى محتاجين أو إلى مستشفى؟ وأعلم أنه علي أن أصوم شهرين متتابعين كفارة، وأعتقد أني لن أحتمل ذلك الآن فأنا ضعيفة البنية والجو حار جدا الآن والنهار طويل, فهل هناك ما يعوض عن تحرير رقبة أو عن الصيام أو هل يمكنني تأجيله، أخاف أن أؤجله فتوافيني المنية قبل أن أؤدي ما علي؟
أجبني في أسرع وقت بارك الله فيك، خوفا أن يدركني الأجل وأحمل وزري معي إلى قبري وعندئذ لا أتحمل عقاب ربي لي. ادع الله لي أن يغفر لي ويعفو عني وعن جميع المسلمين، وأن يهدي أبي للصلاة، وأن يجمعنا في جنات النعيم مع الحبيب المصطفى محمد عليه وعلى آله وأصحابه أفضل الصلاة وأتم التسليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يغفر لك وأن يتجاوز عنك، ولا شك أن ما أقدمت عليه يعد من عظائم الذنوب نسأل الله العافية.
ومن أوهم الناس أنه طبيب- وليس هو كذلك- ويدخل فيه من عالج حالة في غير اختصاصه، فإنه يضمن ما يترتب على علاجه، لقوله صلى الله عليه وسلم: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن. رواه أبو داود، وفي رواية: ولم يكن بالطب معروفا فأصاب نفسا فما دونها فهو ضامن. فقوله: تطبب، أي: تكلف الطب ولم يكن طبيبا، أو تكلف اختصاصا ليس له دراية به، أو له به دراية لا تؤهله إلى القيام بمعالجة مثل تلك الحالة، فهؤلاء يضمنون خطأهم وعمدهم.
قال ابن القيم في زاد المعاد عن الطبيب الجاهل: فإذا تعاطى الطب وعمله ولم يتقدم له به معرفة فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه فيكون قد غرر بالعليل فيلزمه الضمان لذلك، وهذا إجماع من أهل العلم.
فيلزم فيما أقدمت عليه الدية وهي على عاقلتك شرعا. قال العلامة خليل في المختصر، ممزوجا بالشرح: كطبيب جهل أو قصر فيضمن إذا فعل طبه على جهل منه أو قصر في أدائه أو ما أمر به.. فأدى إلى التلف أو الهلاك.. والضمان على عاقلته، لأنه خطأ.
ولا بد من البحث عن أهل الحق وتوصيله إليهم، فإن تعذر ولم تجدي إليه وسيلة أمكنك أن تتصدقي بها عنهم على المرضى أو غيرهم من المحتاجين. ومتى عرف أصحاب الحق يوما من الدهر خيروا بين إمضاء الصدقة، وبين أن تدفعي لهم الدية ولك ثواب ما تصدقت به، وأما مقدار دية المسلم وتقديرها بالدولار فلك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 34509.
والواجب في كفارة القتل هوعتق رقبة فإن عجز عنها لعدم وجودها، أو عدم وجود ثمنها فالواجب صيام شهرين متتابعين فإن عجز عن الصيام فقيل: يطعم ستين مسكينا وقبل لا يطعم، ولم يرد في آية كفارة القتل ذكر للإطعام كما لم يرد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نعلم.
وهذه الكفارة مطلوبة على الفور لمن قدر عليها فلا ينبغي تأخيرها خشية أن يداهمك الموت وهي في ذمتك فإن كنت لا تقدرين على الصيام الآن فلك تأخيره إلى زمن القدرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(15/143)
ما يلزم السائق المخمور المتسبب في قتل اثنين
[السُّؤَالُ]
ـ[الحادث الذي سأقوم بإذن الله بوصفه حدث ببلدية شلغوم العيد ولاية ميلة، الجزائر.
سؤالي هذا هو عن الحكم الشرعي المتعلق برجل صدم بسيارته 3 أشخاص قتل منهما اثنان، وأصيب الثالث بجروح بليغة.
وتفاصيل الحادث كالتالي:
كان الضحايا الثلاثة (مع صديقين آخرين) يرافقون أحدهم إلى منزله، وكان الخمسة يمشون على الرصيف (علوه حوالي 30 سم) ، بعيدا عن طريق السيارات، وإذا بهم يلمحون صاحب السيارة يقود سيارته بشكل جنوني (على بعد حوالي 100 متر أو تزيد) وبسرعة تفوق بكثير السرعة المشروعة قانونيا داخل المدينة (فيخالف بذلك قانون المرور، وقد كان في حالة سكر بشهادة شخص كان يركب معه) ، وهو يسابق إحدى السيارات وكأنه في حلبة سباق، فيلعب بسيارته ذات اليمين وذات الشمال. لم يظن أحد منهم أن صاحب السيارة سيصل إليهم، خاصة وأنهم على الرصيف. ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان، فجراء تهوره فقد صاحب السيارة السيطرة على سيارته (التي كانت من طراز رفيع ورباعية الدفع) ، فصعد على الرصيف، وحاول الضحايا الهرب منه ولكن لشدة سرعة السيارة وقوتها لحقت بهم وصدمتهم، ولاذ صاحب السيارة بالفرار بعد الحادث.
سؤالي هو عن الحكم الشرعي الذي يترتب على سائق السيارة، وعن نوع القتل في الشريعة الإسلامية، هل هو قتل عمد أو خطأ، مع العلم أن السائق كان في حالة سكر، وتعدى قانون المرور بسياقته المتهورة والفائقة السرعة وسط منطقة تعج بالسكان والمارة، ومع العلم أن كل الضحايا كانوا على الرصيف بل حاولوا الهروب أبعد من ذلك لتفادي السيارة.
وأخيرا، بالإضافة إلى عرض الإجابة على موقع الأنترنت، أتمنى أن تكون الإجابة - إن أمكن – رسالة خطية من طرف أحد شيوخنا الكبار، لأننا نريد بذلك استعماله لتحسيس الرأي العام، والضغط على الإدارة لممارسة عقوبات صارمة على فاعلي مثل هذه التصرفات، وسن قوانين صارمة لمعاقبة شاربي الخمر ومخالفي قوانين المرور، محاولين منا بذلك حفظ أرواح المسلمين.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قائد السيارة المذكورة فعل أفعالا منكرة ومخالفات شرعية تستوجب عقوبته وإقامة حد الشرع عليه حتى يرتدع هو وأمثاله عن هذه المنكرات والجرائم، فتناول المسكر جريمة نكراء وكبيرة عظمى من أعظم الكبائر، فقد قال الله عزوجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ {المائدة:90-91} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الخمر أم الخبائث. وفي رواية: أم الفواحش، فمن شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية. رواه الطبراني، وإقدام الرجل على القيادة في حالة السكر جريمة أخرى تستوجب العقاب وكذلك مخالفته لقوانين المرور وغير ذلك من الأمور التي تعرض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر، فكل ذلك يستحق بموجبه العقوبة الصارمة، فقد قرر أهل العلم وجوب الالتزام بالقوانين والنظم المعمول بها والتي تنظم شؤون الناس وأمور حياتهم ما لم تخالف الشرع، والظاهر أن الحكم الذي يترتب على هذا السائق هو ما يترتب على القتل الخطأ من الكفارة عن كل قتيل ولزوم الدية على عاقلته لكل قتيل أيضا لأن الظاهر من الحادث أنه لم يكن يقصد القتل، ولذلك فهو قتل خطأ، وقد عرف أهل العلم القتل العمد بقولهم: هو قصد الفعل والشخص بما يقتل قطعا أو غالبا. كما في الموسوعة الفقهية وغيرها، والكفارة هي المذكورة في قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} فهذا ما يترتب على القتل الخطأ، وللمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم حول هذا الموضوع نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 21604 / 11470 / 47073 وما أحيل عليه فيها.
الله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1427(15/144)
جنون السرعة إذا تسبب في الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو:
إذا أسرع شخص بالسيارة بجنون وانفجرت عليه (عجلة) أو صدمته سيارة أو صار له أي شيء آخر لا دخل له فيه فهل يعتبر ما حصل انتحارا؟؟؟؟؟
وجزاكم الله خيرالجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فعل ذلك لا يكون منتحرا لكنه يأثم، وإن مات بسببه أحد فعليه كفارة القتل، ودية الخطأ على عاقلته، وللفائدة انظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 70015 / 70441 / 72599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(15/145)
طالب الطب إذا حقن المريض بالخطأ فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
طالبة في كلية الطب السنة الثانية طلبوا منها يوما أن تعطي دواء لشخص ولم يقولوا لها كيفية الاستعمال , فقبل أن تعطيه الدواء شكت في طريقة استعماله ولكنها لم تسأل فعوض أن تعطيه مع الأكسجين كي يتنفسه أعطته حقنة فمات الرجل هل أثمت وهل عليها كفارة مع العلم أنه متزوج وله أبناء؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطبيب إذا عالج حالة في غير اختصاصه فإنه يأثم ويضمن ما يترتب على علاجه من موت أو تلف عضو أو عاهة أو أي ضرر يلحقه بالمريض لقوله صلى الله عليه وسلم: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن. رواه أبو داود، وفي رواية: ولم يكن بالطب معروفا فأصاب نفسا فما دونها فهو ضامن. وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل فراجعي فيه فتوانا رقم: 5852.
وعليه فهذه الطالبة التي ذكرت أنها في كلية الطب، السنة الثانية، وأنها شكت في طريقة استعمال الدواء فلم تسأل عما ينبغي فعله، وإنما أعطت المريض حقنة فمات منها، تعتبر آثمة وعليها الكفارة، وأما الدية فهي على عاقلتها، لأن هذا القتل يعتبر شبه عمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(15/146)
الدية والكفارة هل تلزمان من لم يفرط في أسباب السلامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي مباشرة وعدم تحويلي إلى أسئلة مشابهة قبل 3 سنوات كنت أقود سيارة وكان معي أختي وبنت خالي في طريق ضيق جدا ومرتفع بسرعة 100 كلم، وفجأة انحرفت السيارة وسارت على جانب الطريق حاولت السيطرة عليها لكن فجأة وقعت السيارة في حفرة كبيرة مما أدى إلى انقلابها عدة قلبات نتج عن الحادث وفاة بنت خالي وإصابة أختي إصابة بالغة وأنا إصابة متوسطة، نقلنا للمستشفى وحققت الشرطة معي وأنا في حالة هستيرية ولا أدري ماذا قلت لهم وحملتني الشرطة المسؤولية 100%، وذلك لعدم وجود طرف ثان والسرعة الجنونية على حد تعبيرها وعدم عمل المناسب لتجنب الحادث متناسين سوء الطريق والحفرة التي كانت السبب الرئيسي للانقلاب والوفاة وليس عليها أي حاجز أو يسبقها إنذار بوجودها علما بأني أعتقد اعتقادا كبيرا أن الإطار انفجر وخالي يقول إني غفوت، فما الحكم في هذا، وهل هو قتل وماذا علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد تفقدت السيارة قبل استخدامها وتأكدت من صلاحها للاستعمال ولم يصدر منك ما يخالف قانون المرور أثناء القيادة من تجاوز حد السرعة أو السياقة وأنت في وضع تكون فيه معرضاً للنوم بسبب الإرهاق وقلة النوم وما شابه ذلك، نقول: إذا سلمت من كل ذلك ثم وقع الحادث بعد ذلك، فإنه لا شيء عليك شرعاً فيما حدث من الإصابات أو غيرها.
أما إن كنت تعلم أنك قد فرطت في شيء من أسباب السلامة فإن عليك كفارة قتل الخطأ وهي تحرير رقبة مؤمنة إن وجدت، وإلا فصيام شهرين متتابعين مع التوبة إلى الله تعالى، ودفع دية المقتول وهي على العاقلة إلا أن يعفو عنها أولياء الدم فهي حقهم، وذلك لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} .
وأما قول خالك إني عفوت، فإن كان قصد أنه عفا عن الدية فإنها تسقط عنك -في حال ثبوتها عليك- إن كان هو الوارث وحده، وإن كان معه غيره فإن نصيبه منها يسقط دون نصيب غيره ممن لم يعف من الورثة.
وإن كان قصدك بقوله (إني غفوت) بالغين المعجمة أي أنك نمت أثناء القيادة فإن كنت لم تشعر بنعاس أو إعياء أو تعب قبل ذلك ثم فاجأك النعاس فإنه لا شيء عليك لأنك أخذت بالأسباب اللازمة كما مر، أما إذا كنت تشعر بالنعاس قبل القيادة فإن عليك الدية والكفارة كما سبق. وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 27271، والفتوى رقم: 2152 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(15/147)
مسائل هامة حول الدية وكفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو الآتي: - ثلاثة أطباء اشتركوا في إجراء عملية جراحية لأحد الأشخاص في مدينتي، بيد أن هذا الأخير قد قضى بعد إجرائها له بنحو ثلاثة أيام. مع العلم أن طبيباً منهم ليس مسلماً، وهو يمارس عمله منذ سنوات هنا.
? ثَبَتَ الخطأ في حقهم - ثلاثتهم -.
? جوهر سؤالي: ما حدود سريان أحكام القتل الخطأ في حق الطبيب غير المسلم؟
? وإذا افترضنا أن المتوفى في قتلٍ خطأٍِ كان أكثرَ من واحدٍ، فهل تتعدد الدية، والحال أن من ثبتت مسؤوليته عن القتل أكثر من شخص، كما في الصورة الآنفة مثلاً.؟
? وأخيراً – هب أن المجني عليه لم تعرف له من هوية قطعاً، فلمن تدفع الدية، وإذا كان هذا المتوفى (المجهولَ) غيرَ مسلمٍ، فما الحكم في المسألة؟
أستسمحكمُ العذرَ إن أكثرت من مسائلي، لكنها – والحقَ أقول – في غاية الأهمية؛ لتعلق بعضها بقضايا مستعجلة هي من صميم عملي في الجهاز القضائي، كما أن الإسراع في الإجابة عنها طلب ملحٌ، له مسوّغه. فالرجاء الخالص من مقامكم الكريم التفضّل بالإجابة عليها بشكل عاجل، وإنني - إزاء ذلك – لأقدِّر كبير جهدكم، في سبيل الإجابة عن الكم المذهل من الفتاوى التي تعرض عليكم باستمرار.
... وعذراً مجدداً عن طلبي.
أسأل الله تعالى التوفيق والسداد لكم لما تقدمونه من خدمة وجهد كبيرين للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الخطأ الذي كان سبباً في وفاة الشخص المذكور قد ثبت على هؤلاء الأطباء جميعاً فإن الدية تكون عليهم جميعاً، وقد سبق بيان خطأ الطبيب وما يترتب عليه في الفتويين: 5852، 50129. نرجو الاطلاع عليهما. وأما الطبيب غير المسلم فهو واحد منهم يجري عليه ما جرى عليهم. والدية هنا دية واحدة ولا تتعدد بتعدد من تسبب في الموت لأن المقتول شخص واحد.
وأما الكفارة فإن على كل واحد من المسلمين كفارة لأن الكفارة لا تتجزأ، وأما الكافر فلا تصح منه لأنه ليس من أهل التعبد، والكفارة هنا هي عتق رقبة مؤمنة فإذا لم يجد فصيام شهرين متتابعين كما قال الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا إلى قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء: 92} وإذا لم تعرف هوية المقتول فإن ديته ترجع لبيت مال المسلمين سواء كان مسلماً أو غير مسلم، وعلى اعتبار أنه غير مسلم فقد اختلف أهل العلم في مقدار ديته فذهب أكثرهم إلى أنها نصف دية المسلم، وذهب بعضهم إلى أنها متساوية مع دية المسلم، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 21224.
والله أعلم.
... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(15/148)
القتل الخطأ تلزم فيه الكفارة ودية القتيل
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً علي تعاونكم معنا
سؤالي: أعرف شخصا يعمل كهربائي سيارات في شركة كبيرة، وأثناء عمله في إحدي السيارات دهسه كلارك كان يقوده شخص غير مؤهل لقيادته وليس من حقه قيادته فقتله غير قاصد، ولكن الشركة عتمت على الحدث وادعت أن الكلارك انزلق من على مرتفع لعيب في الفرامل وذلك حفاظا علي العامل المهمل لأنه صاحب عيال واعتبروا الأمر إصابة عمل وأعطوا أهل القتيل جميع الحقوق المادية الخاصة بإصابة العمل، فهل يجب على من عرف القصة أن يبلغ المسؤولين أو أهله أم يكتم على ما حدث لأن ضميره يؤنبه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أغلب حوادث السير أن يكون القتل بها خطأ، والقتل الخطأ تلزم فيه الكفارة ودية القتيل حيث تدفعها العصبة، فإن لم يدفعوها لزمت القاتل، وإن دفعها عنه غيره أجزأ، وبناء عليه فالأحسن أن تكلم مدير الشركة في الموضوع فإن كانت سيارتهم عندها تأمين إسلامي فليتحركوا في أخذ الدية من التأمين ويعطوها لذوي المقتول، وإلا فكلم السائق في الموضوع ليتحرك فيه ويعطي الدية لذوي المقتول، وليستعن فيها بعاقلته أو بمن تمكنه الإعانة كالشركة التي يعمل بها أو غيرها، وعليه كذلك كفارة قتل على كل الأحوال، وراجع الفتوى رقم: 17085.
فإن لم يفعلوا شيئاً فيجوز أن تخبر أولياء المقتول بالحقيقة وتشهد لهم إذا استشهدوك، وراجع الفتوى رقم: 21038، ويشرع أن تشهد لهم ولو لم يستشهدوك، وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1834، 6629، 29709، 49025، 18006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(15/149)
من عجز عن الصيام في كفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة في فصل الشتاء طبعا ظروفها لا تسمح بشراء أداة للتدفئة ففي ليبيا يعملون (الفحم) فعملت الفحم في الغرفة وأغلقت الغرفة ويوجد بداخلها ابنها الذي يبلغ من العمر 15 وعندما قامت الصبح وجدت الطفل متوفى فسألت الناس وقالوا لها أنت المذنبة في ولدك وعليك الصيام وهي في حالة لا تسمح لها بالصيام لأنها مريضة؟
فأريد الإجابة وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته هذه المرأة من ترك النار في البيت والنوم عنها وإغلاق البيت عليها منهي عنه شرعا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها. رواه البخاري ومسلم
وما ترتب على فعلها ذلك من الفساد أو تسبب فيه من موت فإنه يعتبر خطأ تجب دية من مات فيه على عاقلتها وعليها الكفارة، ولا إثم عليها لأنه لا إثم في الخطأ
وإذا كان مرضها مزمنا لا يرجى زواله فعليها إطعام ستين مسكينا عند بعض أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 65129 وما أحيل إليه فيها، نرجو الاطلاع عليه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(15/150)
السكران الذي قتل خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قتل نفسين في حادث مروري وهو سكران ومتعاطي الحبوب المنشطة الحشيش المخدر ومخالف لقوانين المرور؟ ولكم خالص التقدير والشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال، نود أولاً أن ننصح هذا الشخص بالمبادرة إلى التوبة من السكر قبل أن يفوت عليه الأوان، فقد روى الشيخان من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة. وفي رواية لمسلم: ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة.
ثم إن حوادث السير تعتبر من باب القتل خطأ، وفق ضوابط ذكرت في الفتوى رقم: 2152، والفتوى رقم: 22750.
والواجب على من قتل مؤمناً خطأ أمران: أن يعطي ديته وأن يكفر عن القتل، والدية في قتل الخطأ على عاقلة القاتل. والكفارة هي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} .
وبما أن الشخص المذكور قد قتل شخصين، فعليه ديتان وكفارتان، ولا يسقط شيء من ذلك بسبب أن القاتل كان في حالة سكر، لأن السكران أحرى بالمؤاخذة من النائم والمجنون والصبي، وهم جميعاً مؤاخذون بالدية، قال الباجي في المنتقى: وأما النائم فما أصاب في نومه من جرح يبلغ الثلث فعلى عاقلته قاله ابن القاسم وأشهب زاد أشهب: وما كان دون الثلث ففي ماله كالمجنون والصبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(15/151)
التفريط في القيادة والدية والكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني يرحمه الله كان يقود سيارة وكان معه ابن عم لي وحصل لهما حادث بالسيارة وتوفيا جميعا إلى رحمة الله (وابني توفي قبل ابن عمي بما يقارب الساعة) هل على ابني يرحمه الله عتق رقبه أم لا؟ أرجو إفتائي بهذا. وإذا كان عليه عتق رقبة ماهو المبلغ الذي أدفعه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت أن ولدك قد فرط في قيادته للسيارة بتجاوزه للسرعة العادية، أو عدم تفقد الإطارات، أو السوق أثناء التعب والنعاس مما أدى إلى وقوع الحادث، فالواجب عليه في شأن ابن عمك أمران. الأول: الدية وهي واجبة على عاقلته، وليس عليه منها شيء على الراجح. الثاني: الكفارة: وهي واجبة في تركته إن كان له مال، والواجب هو عتق رقبة فإن لم يجد رقبة يعتقها ورثته من ماله، وجب إطعام ستين مسكيناً، فإن لم يكن له مال، فلا يجب على ورثته إخراج الكفارة عنه، وإنما يستحب لهم ذلك، فإن لم يخرجوا عنه الكفارة من أموالهم فلا شيء عليهم، وراجع في هذا الفتوى رقم: 17085، والفتوى رقم: 26547، والفتوى رقم: 30980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(15/152)
انقلبت السارة لما نام فماتت امرأته فهل يأثم
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي عند رجوعها من المصيف بصحبة زوجها وأولادها بالسيارة الخاصة بهم نام زوجها وهو يقود السيارة مما أدى لانقلاب السيارة ووفاة ابنتي ونجا من الحادث كل من زوجها وأولادها وهي الوحيدة التي توفيت بالحال بالصحراء، فهل يحاسب زوجها على إهماله وعدم تحمله لمسؤوليته اتجاه أسرته فما هو عقابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الرجل لا إثم عليه، فيما نرى والله أعلم، وذلك لأن ما حصل منه يعتبر خطأ سببه نومه أثناء السفر، ولا يمكن اتهامه بالعمد، لأنه تعرض للخطر كما تعرضت الزوجة، ومن المعلوم أن النائم معفو عنه، وكذلك المخطئ، ويدل لهذا ما في الحديث: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ ... رواه أصحاب السنن وصححه الألباني.
وفي الحديث: إ ن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وتلزم الزوج الكفارة بعتق رقبة، فإن لم يجدها وجب عليه صوم شهرين، كما تلزم الدية المخففة عاقلته، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 11470، والفتوى رقم: 5914.
هذا وننصحكم بإحسان عشرة صهركم، وعدم اتهامه بالتقصير في شأن البنت المتوفاة فهو مصاب مثل إصابتكم، فعليكم أن تعزوه فيها، وأن تتعاونوا معه على تربية الأبناء، وأن تحافظوا على قيام العلاقة الطيبة بينكم وبينه، فهو أبو أبنائكم وصهركم.
والله نسأل أن يحسن عزاءكم جميعاً، ويجزل لكم المثوبة، ويرزقكم عوضاً خيراً منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(15/153)
عدم الأمر بربط الحزام هل يعد تفريطا من السائق
[السُّؤَالُ]
ـ[نفيدكم بأنه قد غفل أثناء القيادة ولم ينبه عليها بربط حزام الأمان هل يحاسب علي ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائق فرط في أسباب السلامة بالزيادة على السرعة المعتادة أو استخدم السيارة وهي لا تصلح أو ما أشبه ذلك مما تسبب في الحادث حتى توفي فيه من توفي، فإن عليه الدية والكفارة.
أما إذا لم يكن فرط فلا إثم عليه ولا كفارة ولا دية.
وليس من التفريط فيما يظهر عدم الأمر بربط الحزام، فإن عدم ربط الحزام لا يسبب الحوادث، ولكن فائدة الحزام هي التقليل من الإصابة في حال وقوع الحادث.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 25390، 2152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(15/154)
حكم الإفطار في صيام النذر وكفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أفطر متعمداً في صيام النذر، أي أنني نذرت أن أصوم يوما وفي نصف النهار أفطرت؟
السؤال الثاني: لدي صديق عمل حادث بسيارة فماتت في السيارة أختان له، وهو الآن يريد أن يعرف ماذا يعمل في الصيام أو يتصدق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه، قال ابن قدامة في المغني: ولا يستحب لأن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال: إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه، وهذا نهي كراهة لا نهي تحريم، لأنه لو كان حراماً لما مدح الموفين لأن ذنبهم في ارتكاب المحرم أشد من طاعتهم في وفائه، ولأن النذر لو كان مستحبا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأفاضل أصحابه. انتهى.
وقال النووي في المجموع: يكره ابتداء النذر، فإن نذر وجب الوفاء به ودليل الكراهة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً إنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذا اللفظ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل. رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح، قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كرهوا النذر، قال ابن المبارك: الكراهة في النذر في الطاعة والمعصية، قال: فإن نذر طاعة ووفى به فله أجر الوفاء ويكره له النذر. انتهى.
وعند المالكية يستحب النذر المطلق الذي ليس بمعلق على شيء، واختلفوا هل يكره النذر المعلق أم لا، قال خليل في مختصره: وندب المطلق وكره المكرر وفي كره المعلق تردد. انتهى.
ومن نذر طاعة وجب عليه الوفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
وعليه فما دمت قد نذرت صوم يوم ثم أفطرت فقد وجب عليك صيام يوم بدله لوجوب الوفاء بالنذر، وهذا إذا كان ذلك اليوم غير معين، أما إن كان ذلك اليوم معينا ففي وجوب قضائه خلاف، وانظر الفتوى رقم: 41168.
لكن لا يجوز لك الإقدام على إفساد صومك لما يترتب على ذلك من إبطال العمل، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ومن قطع نية صوم نذر أو كفارة أو قضاء ثم نوى صوما نفلا صح نفله جزم به في الفروع والتنقيح، وحرم القطع لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. والمقصود هنا التنبيه على حرمة قطع صوم النذر.
وما يحصل من وفيات للأشخاص بسبب حوادث السير إن كان سبب الحادث عائداً إلى السائق بسبب سرعة السير أو التقصير في صيانة السيارة مثلا، فإن القتل يعتبر خطأ، وبالتالي فالواجب على عاقلته دية كل من مات في ذلك الحادث من أشخاص، وتجب عليه هو كفارة القتل عن كل شخص، وكفارة القتل هي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجدها فليصم شهرين متتابعين، وراجع الفتوى رقم: 1834.
أما إذا كان السائق ملتزما بقواعد السير ولم يكن مفرطا في إجراءات السلامة، فلا دية على عاقلته ولاكفارة عليه، كما في الفتوى رقم: 26657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(15/155)
رمى نفسه تحت السيارة فمات فهل على السائق دية أو كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أسير بسيارتي الشحن المحملة في وسط الشوارع المكتظة بالسيارات وبالتالي سرعتي بسيطة جدا ومحدودة لا تتجاوز (30-40) فقط وبينما أنا كذلك جاء رجل بسرعة ورمى بنفسه تحت سيارتي فضرب رأسه بأسفل السيارة وبعد عدة أيام مات الرجل في المستشفى وعلمنا أن الرجل مختل عقليا. سؤالي هل علي دية قتل الخطأ وما هي هذه الدية أفيدوني مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت متأكدا من أنك لم تتسبب فيما أدى إلى إصابة الرجل المذكور ولم تقصر في فعل ما يدفع عنه الأذى، وأنه هو الذي رمى بنفسه تحت سيارتك. فإنه لا إثم عليك ولا كفارة لأنه هو الذي فعل ذلك بنفسه وأنت لا تستطيع إنقاذه. وقد قال أهل العلم: ما لا يمكن التحرر عنه لا ضمان فيه. فهذا هدر، ولو فعلت شيئا من أعمال الخير وتصدقت لكان ذلك أفضل، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع الفتوى رقم: 23912.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(15/156)
حكم المحكمة لا يسقط الدية والكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ارتكبت حادثا بسيارتي واصطدمت برجل كان ممتطيا دراجة.
قدر الله سبحانه موت ذلك الرجل رحمه الله. ولكنه توفي بعد 30 يوما من الحادث، وإني أنتظر إلى اليوم الإجراءات اللازمة للمحكمة ...
السؤال: هل لي أن أصوم شهرين متتاليين أو يجب لي أن أنتظر الحكم؟
هل يسقط حكم المحكمة إذا قمت بحدود الله؟
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تبادر بتسليم الدية لأهل القتيل وأداء الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة فإن عجزت عنها فصيام شهرين متتابعين، والدية تكون على عاقلتك لأنه قتل خطأ، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (النساء:92) ، وهذا من المبادرة إلى الخير لأن الإنسان لا يضمن لنفسه السلامة طرفة عين..
وهو حكم الله تعالى -كما علمت- لا يتوقف على حكم المحكمة فيجب أن تنفذه في أقرب وقت ممكن.
وأما حكم المحكمة فلا تعلق له بهذا ولا يسقط عنك الدية ولا الكفارة.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى التالية أرقامها: 19279 / 1162 / 1872 / 2824 / 45922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(15/157)
لا تقتل المرأة بولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت زنت لفترة من الزمن قبل الزواج مع شخص واحد، وترتب على ذلك أولاد من سفاح مرتين كان مصيرهم القتل بعد الولادة مباشرة، الآن وبعد فترة من الزمن والتوبة من قبل الرجل والمرأة ماذا عليهما، علما بأن القتل كان من البنت مع علم الرجل وكان دوره بعد القتل أن يدفن الطفل فقط، ماذا على كل منهما على حده، وعلى من تجب الكفارة، ما هي مقدار الكفارة، وهل تدفعه مرة أم مرتين، هذا السؤال ونرجوالإجابة، ومعذرة على تفريع السؤال لسبب الحاجة إلى الإجابة، نرجو تفصيل المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذه المرأة التوبة والإنابة والاستغفار فقد اقترفت ذنوباً من أعظم الذنوب وأقبحها، أما القتل فيقول الله تعالى فيه: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93] ، وانظر الفتوى رقم: 10808.
ولا تقتل هذه المرأة بولديها، ولكن عليها الدية عن كل واحد منهما إن خرجا وفيهما أمارة من أمارات الحياة، وتعطى الدية لورثة الولد من جهة أمه ما لم يعفوا، فإن لم يكن له ورثة فإلى بيت مال المسلمين، فإن لم يكن هناك بيت مال للمسلمين أو كان ولم يكن منتظماً فإلى ذوي الأرحام، فإن لم يكن ذوو أرحام فتصرف في مصالح المسلمين والدية على من باشر القتل، وعليها الكفارة أيضاً عن كل ولد، وقد بينا ما هي الكفارة في الفتوى رقم: 1872، والفتوى رقم: 8737، والفتوى رقم: 41425.
وأما زواج الزاني بمن زنى بها بعد توبتها فصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(15/158)
لا دية ولا كفارة على السائق غير المخطئ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أما بعد:
شيخنا الفاضل الشيخ د. عبد الله الفقيه ـ حفظه الله تعالى وبارك فيه وفي علمه ونفع به الإسلام والمسلمين: نامل منكم الإجابة الاسئلة التالية بما يفتح الله عليكم من الكتاب والسنة لعل الله أن ينفع بها:
السؤال الأول:
سائق شاحنة في طريق فردي واثناء قيادته للسيارته خرجت عليه سيارة ركوب عام في حالة اجتياز في الاتجاه المقابل له وحاول سائق الشاحنة الهروب علي اليمين ولكن دون جدوى مما اسفر عن وفأة اربع منهم واحد مسلم والثلاثة الباقون غير مسلمين.
مع العلم ان هيئة المرور اثبتت بأن سائق الشاحنة غير مخطئ.
سائق الشاحنة يسأل ماهو الحكم الشرعي المترتب عن هذا الحادث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الجهات المختصة قد أثبتت عدم خطأ سائق الشاحنة، فلا دية عليه ولا كفارة، لقاعدة: "ما لا يمكن التحرز منه لا ضمان فيه"، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15533، 7757، 26657، 15014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(15/159)
حول القتل في حوادث السيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شخص كنت أقود سيارة نقل وكانت السرعة معتدلة عندما ظهرت فجأة سيارة وكان يوجد فيها أربعة ركاب وحدث صدام أدى إلى وفاة شخصين ممن كانو في السيارة الأخرى وأصبت أنا بإصابات ولكن من الناحية القانونية فقد كان الخطأ من صاحب السيارة الأخرى سؤالي ماذا يجب عليّ أن أفعل هل أصوم أم ماذا أفعل؟
أفيدونا يرحمكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حصل هذا الحادث دون تفريط منك، بحيث أنك كنت تسير بالسرعة المطلوبة، مع أخذ الاحتياطات اللازمة لصيانة السيارة، ولم تفرط في استخدام آلة التنبيه، وثبت أن الخطأ على الطرف الآخر فلا ضمان عليك ولا كفارة.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 26657، والفتوى رقم: 26657 مع مراجعة الفتاوى المحال عليها فيهما.
والواجب في مثل هذه الحوادث الرجوع إلى الجهات المختصة للنظر في ملابسات الحادث من كل جوانبه وسؤال الطرفين، وذلك لتصور القضية تصوراً متكاملاً وصحيحاً، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(15/160)
الكفارة والدية في حوادث السيارات تختلف باختلاف الأحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[شخصان صار بينهما حادث سيارة كل شخص في سيارة.. كان في كل سيارة شخصان بدون السائق توفي الشخصان في كل سيارة بدون السائق فما حكم الصيام للسائقين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السائق إذا بذل جهده في تفادي الصدام، ولم يكن هو السبب في حصوله ابتداء، كالذي يسير في اتجاه يعاكس اتجاهه ونحوه، وقد بذل وسعه في تأمين السيارة بتفقد إطاراتها والالتزام بقواعد السير، فلا كفارة عليه ولا دية، وذلك لعدم تفريطه، والقاعدة تقول: ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه. أما إذا فرط في شيء مما سبق، فعليه الكفارة والدية، لأن ذلك قتل خطأ باشره السائق بنفسه، وهذا يختلف باختلاف الأحوال. والأفضل في هذه الحالة الرجوع إلى المحاكم المختصة التي تصدر حكمها بناءً على ملابسات الحادث التفصيلية، وراجع الجواب رقم: 7757 والفتوى رقم: 15533
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(15/161)
لا ضمان على غير المفرط.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
لدي صديق كان يسير بسيارته على الطريق الساحلي وكانت هناك سيارة مركونة على الطريق ثم خرج الرجل منها مسرعا قاطعاً الطريق بدون أن يتلفت للسيارات فصدمه صديقي وكان يوم جمعة توفي الرجل يوم الأحد فهل على صديقي كفارة صيام أم لا علماً بأن الطريق معروف بأن السيارات تسرع فيه وليس للمارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان موت الشخص المذكور بسبب ما حصل له في الحادث من جروح وكسور ونحوها، فهذا قتل خطأ حصل من سائق السيارة، ولو كان بعد الحادث بوقت، والأصل أن من قتل شخصاً خطأ فعليه الدية والكفارة، والدية تتحملها العاقلة.
لكن إذا كان للمتضرر فعل مؤثر في حصول النتيجة، فلا ضمان على الفاعل، إذا كان الفاعل لا يستطيع دفعها أو تلافيها، بناءً على قاعدة "ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه" وهذا ينطبق على سائقي السيارات وغيرها، فحيث أمكنهم تلافي الحادث بأداة التنبيه أو تخفيف السرعة أو غير ذلك، ولم يفعلوا، فعليهم الضمان لتقصيرهم، وحيث لم يمكنهم ذلك فلا ضمان عليهم للقاعدة السابقة، وحيث وجب الضمان وجبت الكفارة، وحيث انتفى الضمان انتفت الكفارة، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتاوى التالية:
15394
15843
15533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(15/162)
قتلى حوادث القطار..من حيث تحمل السائق أو المتضرر المسؤولية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي يعمل في شركة السكة الحديدية حيث يعمل سائق قطار ووقعت له حوادث كثيرة أدت غالبيتها إلى وفاة الأشخاص (من بين الأشخاص منهم من انتحر ومنهم من صدمه القطار نتيجة لعدم انتباه الشخص مع العلم أن إيقاف القطار قبل لحظة الاصطدام أمر صعب جداً) ويتراوح عدد الأشخاص ما بين 15 و20 شخصا السؤال:
ما حكم الدين في ذلك؟ مع العلم أنه موظف بسيط وأن هذه الحوادث سوف تتكرر غالبا (لا يستطيع دفع الدية ولا الصيام لأنه قبل أن يكمل الصيام يحدث له حادث آخر وإذا بقي هكذا فسوف يصوم الدهر كله) .
يرجى الرد سريعاً من فضلكم لأن زوج أختي في حالة يرثى لها لأن ضميره يؤنبه كثيرا.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لا نستطيع أن نحكم لك حكماً واحدا على جميع هذه الحوادث، لأن كل واحدة منها لها أحوالها الخاصة التي أحاطت بها، ولذلك فإننا سنضع لك بعض القواعد التي من خلالها تستطيع الحكم عليها، ولقد كان هذا هو منهج أئمة الأمة رحمة الله عليهم أجمعين، لأن الحوادث تتجدد وتختلف صورتها وكيفياتها من عصر إلى عصر، بسبب التطور الذي يحدث في وسائل المواصلات وغيرها، ومن القواعد التي وضعها العلماء في عصرنا الحديث ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره الثامن المنعقد في (بروناي دار السلام) سنة 1414هـ الموافق 1993م وفيه ما يلي:
البند الثاني: الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ، والسائق مسؤول عما يُحدثه بالغير من أضرار، سواء في البدن أم المال، إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر، ولا يعفى من المسؤولية إلا في الحالات التالية:
1- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان.
2- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيراً قوياً في إحداث النتيجة.
3- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه، فيتحمل الغير المسؤولية.
البند الرابع: إذا اشترك السائق والمتضرر في إحداث الضرر، كان على كل واحدٍ منهما تبعة ما تلف من الآخر من نفس أو مال.
ويتبين لنا من هذين البندين أن الأصل ضمان القائد، تعدى أم لم يتعد، لكن إذا كان فعل المتضرر (الذي مات في الحادث) فعلاً مؤثراً قوياً في موته، كالمنتحر الذي يُلقي بنفسه أمام القطار، فالقائد معفوٌ عنه في هذه الحالة، كما جاء ذلك في رقم (2) من البند الثاني.
وكذلك إذا كان القائد لا يستطيع أن يتلافى الحادث مهما فعل، فيكون المتضرر (الذي أصابه الحادث) قد مات بقوة قاهرة لا يستطيع القائد دفعها، فلا شيء على القائد بناء على قاعدة (ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه) ، وهذا ينطبق في غالب الأحوال على قائد القطار، لأنه ملتزم بسرعة وطريق معينين، وقد تؤدي محاولة وقوفه إلى هلاك القطار بأكمله، بخلاف ما لو أمكنه الوقوف كأن يكون بطيء السرعة، فيتساهل في الأمر مع أنه يمكنه إيقاف القطار، وهذا يحصل كثيراً عندما يكون القطار قد اقترب من محطة الوقوف، ففي هذه الحالة يتحمل المسؤولية، وقد نوه المجمع على هذا في رقم (1) من البند الثاني: وقد يكون الحادث بسبب فعل واحدٍ غير القائد، كالمسؤول عن الأماكن المخصصة لعبور السيارات والمشاة، والتي تُسمى (المزلقان) حيث توجد عليها بوابات إذا فتحها المسؤول جاز المرور وإلا فلا، فإذا فتحها المسؤول أثناء قدوم القطار فمر أحدٌ بسيارته أو على قدميه، فالضامن هنا ليس القائد، وإنما يضمن المسؤول لأنه هو المتسبب، وهذا ما ذكره المجمع في رقم (3) من البند الثاني.
وقد يشترك القائد مع المتضرر في الحادث، كأن يمر المتضرر أمام القطار، ويراه القائد ثم يفرط في تنبيهه بأداة التنبيه الصوتية عند مناسبة المسافة بينه وبينه، ففي هذه الحالة يتحمل كل واحدٍ منهما الضرر الذي أصاب الآخر، وهذا ما صرَّح به البند الرابع.
وليعلم أن هذه البنود جاءت نتيجة للبحوث المقدمة للمجمع من عدد من العلماء، ومناقشات دارت بينهم وبين أعضاء المجمع خلصوا من خلالها للقرار الذي تضمن ما ذكرته.
وفي الحال التي يتقرر فيها أن المسؤولية على السائق، فإنه يلزمه الدية والكفارة، أما الدية فعلى عاقلته، فإن لم توجد فعلى بيت المال، فتؤخذ من الخزينة العامة.
وأما الكفارة: فهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطيع الصوم لمرض أو كبر سقطت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1423(15/163)
من ألقى بنفسه أمام سيارة فدمه هدر
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسان قتل إنساناً بحادث سيارة وهو غير قاصد وهو الذي ألقى بنفسه أمام السيارة متعمداً كما قالوا إنه قال قبل خروجه من البيت إنه يريد الانتحار وسوف يلقي بنفسه من مكان مرتفع أو أمام سيارة في الطريق السريع فهل يكون عليه أن يصوم شهرين على قتله أم لا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
فالأصل أن من تسبب في قتل شخص فحكمه حكم القاتل: إن كان خطأ فخطأ، وإن كان عمداً فعمد.
ولكن إذا تسبب شخص في قتل شخص آخر، وكان بإمكان المقتول أن يتخلص من هذا السبب ولم يفعل بل باشر ذلك السبب حتى هلك، فإنه هدر لا دية على المتسبب ولا كفارة، لأنه أهلك نفسه بإعراضه عما ينجيه. ويمثل أهل العلم لذلك بما لو رمى شخص شخصاً آخر في ماء مغرق وهو يتمكن من السباحة لكنه تركها حتى مات، فإنه هدر، لا دية ولا كفارة. والحالة الواردة في السؤال أولى بالإهدار من هذا، فلا كفارة على المتسبب. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1423(15/164)
حكم الدية والكفارة في قتل الحوادث المرورية
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث معي حادث مروري قبل ما يقارب 8 سنوات، ونتج عنه وفاة شخصين نتيجة هذا الحادث، وكان أحدهما مسلم من الجنسية البنغلاديشية، والآخر غير مسلم. وقد قمت بالحج عن المسلم. أما المتوفى الآخر فلا أعلم ماذا أفعل له. وإن لم أستطع من الاستدلال على أهاليهم فماذا أفعل؟ علما بأنه لدي رغبة في بناء مسجد في بلد المتوفى غير المسلم أو المسلم ليكون باسميهما حين توافر السيولة الكافية إن شاء الله، علما بأن قيمة بناء المسجد تبلغ تقريبا 15000 دولار أمريكي، ولا أملك هذا المبلغ حاليا؟ وهل أستطيع دفع مبلغ وقف لكل شخص بما يعادل 5000 دولار أمريكي لترميم المساجد أو أي من جهات الوقف الأخرى؟ وماذا عن مبلغ الدية إن لم أملك هذا المبلغ، والبلد الذي أعيش فيه لا يطبق أحكام الشريعة الإسلامية؟ وما دور العاقلة في هذه الحالة؟
أفيدوني أفادكم الله. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد أخذت بأسباب السلامة، واتبعت قوانين المرور كما بينا في الفتوى: 3120، ولم تتسبب في الحادث فلا إثم عليك ولا كفارة ولا دية، وما حدث يعتبر أمرا سماويا وكارثة طبيعية كغيرها من المصائب والكوارث اليومية التي تقع للناس.
أما إذا كان حصل منك تفريط أو تقصير أو مخالفة، فإن عليك دية الشخصين إلا إذا عفا عنك ورثتهما، والدية على العاقلة (قبيلتك) وأنت كفرد منهم، إلا إذا امتنعوا فتكون عليك، وعليك الكفارة عن المسلم منهما دون غيره، على الراجح من خلاف أهل العلم في المسألة، وهي تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين مع التوبة. وانظر الفتويين: 14436، 41120، وما أحيل عليه فيهما للمزيد من الفائدة والتفصيل عن مقدار الدية واختلاف أهل العلم في تفاوتها.
وأما ما فعلته من الحج، وما تفعله من الخير فلست ملزما به شرعا، ولا يكفي عن الدية والكفارة، إذا قلنا بلزومهما، ولكننا نرجو أن يتقبلها الله منك، فهي من أفعال الخير التي ينبغي للمسلم أن يعمل ما استطاع منها.
وكونك لا تعرف أهلهما لا يسقط عنك هذه الأحكام إذا لزمتك، فلا بد من البحث عن أهل الحق وتوصيله إليهم، ولن تعدم وسيلة لذلك، وخاصة في هذا العصر الذي توفرت فيه وسائل الاتصال والأوراق الشخصية. ولا تسقط كذلك بوجودك في بلد لا يطبق أحكام الشريعة، وأما دور العاقلة فهو كما ذكرنا أداء الواجب من التعاون على البر والتقوى ودفع الدية لأهل القتيلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(15/165)
المقصود بعشر دية أم الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقدم بجزيل الشكر لكم لإجابتكم على استفساري بخصوص كفارة الإجهاض عمدا بعد الأربعين
غير أني لم أفهم ما يترتب على فعلي فأرجو مساعدتي لفهم معنى عشر دية أم الجنين ولمن تدفع هدة الدية؟
شكرا لتفهمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى (عُشْر دية أم الجنين) هو أن نعلم أولاً أصل دية المرأة في الشرع وهو خمسون من الإبل، وعُشْرها خمس فهذه هي دية إسقاط الحمل.
وبإمكان أي شخص في أي بلد أن يعرف دية المرأة في بلده من النقود، فإذا علم أصل الدية أخذ عُشْره فهو دية إسقاط الجنين. وهذه الدية تكون لورثة الجنين ولا يرث فيها من كان متسبباً في الإسقاط سواء كان أباً أو أمّا.
وعلى ذلك فمن تسببت في إسقاط جنينها فإن عليها عُشْر الدية ولا ترث منها أو عليها الكفارة. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى: 14173 // 9332 // 60036. نرجو الاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(15/166)
رد شبهات حول الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بالدية الشرعية للقتل وما ظهر من أفكار خاطئة حولها بين الناس. قتل شاب من بلدتنا عمره حوالي 17 سنة في مكان عمله وحتى الآن التحقيق ما زال مستمراً مع أنه تم اتهام شاب آخر بنفس عمره تقريباً بقتله , ولكن حتى الآن لم يثبت عليه الاتهام. المهم أن جد القتيل سأل أحد المشايخ عن موضوع الدية فكان جوابه غريباً جداً (لم أعرف من هو الشيخ وما درجة فقهه) وهو أنه في حال أخذ أهل القتيل الدية فإن المقتول سيكون عبداً لأهل القاتل يوم القيامة وبذلك فإن أخذها حرام. وهناك أمر آخر يدور في أذهان كثير من الناس حول الدية وهو أن الدية ثمن القتيل ويقول الناس فلان قبض ثمن ابنه ويقول والد القتيل معقول أنا آخذ ثمن ابني, هذا ما سمعته من كثير من الناس بالرغم من معرفتهم بفرضية الدية في القرآن ولكن لا نعلم من أين تسربت هذه الأفكار إلى أذهان الناس. لذا يرجى من فضيلتكم أن توضحوا لنا فقه الدية ومقدارها والحكمة منها لنعرضها على آل الشاب القتيل ليكون معهم الدليل من الكتاب والسنة بمشروعية الدية.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدية حق جعلها الله تعالى لورثة المقتول، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:92} . وتسقط الدية بعفو الورثة، كما هو مبين في الآية، فإن عفا البعض وطالب البعض بها، سقط حق من عفا بشرط أن يكون بالغا رشيدا. والدية تتحملها العاقلة، ومقدارها حدده النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمرو بن حزم الطويل وهو في مستدرك الحاكم وغيره، فجعل الدية مائة من الإبل، وقضى فيها بألف دينار ذهبي في حديث عمرو بن حزم، وقضى فيها باثني عشر ألفا من الفضة كما في حديث ابن عباس في السنن. ولك أن تراجع في تفصيلها فتوانا رقم: 14696. وما قاله هذا الذي عرَّفته بأنه شيخ من أنه في حال أخذ أهل القتيل الدية فإن المقتول سيكون عبداً لأهل القاتل يوم القيامة، وبذلك فإن أخذها حرام، هو من الخرافات التي لا يقول مثلها عاقل. وغير صحيح أيضا أن الدية ثمن القتيل، لأن الحر لا يملك ولا يباع، وقد جاء في ذلك من الوعيد ما يدل على نكارته الشديدة وحرمته الغليظة. ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: وذكر منهم.. رجلا باع حرا فأكل ثمنه. والحكمة من الدية لا تحتاج إلى توضيح، فهي تعويض عن المصيبة التي لحقت بأهل القتيل، وليس في أخذها أي ضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(15/167)
لا يؤاخذ المرء إلا بما جنته يداه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نتنزه بالقرب من شاطئ البحر ومعنا طفلتنا البالغة من العمر12 عاما فذهبت لتسبح وغرقت وماتت. هل علينا كفارة وهل نحن متسببون في موتها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا علاقة لكم بما حدث لهذه البنت لأنكم لم تتسببوا في وفاتها، وكلما فعلتموه أنكم خرجتم للنزهة إلى شاطئ البحر ... وهذا شيء مباح في حد ذاته مالم تكن هناك موانع خارجة عنه فهو كمن فعل فعلا مباحا لينتفع به فجاء أحد فمات بذلك الفعل كمن حفر بئرا أوبنى بناء فسقط منه شخص فإنه لا يضمنه. وعلى ذلك فليس عليكم إثم ولا كفارة ما دمتم لم تتسببوا في فعل ما يؤدي إلى وفاة هذه البنت، فالانسان لا يؤاخذ إلا بما كسبت يداه، والذي ننصحكم به أن تقولوا ما أرشدنا الله تعالى إلى قوله: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون َ {البقرة:155ـ157} . والمسلم عليه أن يحذر ويحتاط للأولاد إذا كان في مكان فيه ما يخشى عليهم منه كالغرق والحرق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(15/168)
ماالكفارة إذا صدم الأب ابنه بالسيارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على من دهس ابنه بالسيارة كفارة، وما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان دهس الوالد لابنه بالسيارة قد ترتب عليه وفاة الابن فإنه يترتب على ذلك أمران هما:
1- الدية وتتحملها عاقلة القاتل، وتدفع لورثة الابن ولا يرث منها الأب القاتل شيئاً.
2- والأمر الثاني: هو عتق رقبة مؤمنة يعتقها الأب، فإن لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعين، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} .
وإن كان دهس الوالد لابنه لم يترتب عليه موت وإنما جناية فقط، فإن كان الواجب فيها يبلغ ثلث الدية فتتحمله العاقلة، وهو للمجني عليه (الولد) وإن كان أقل من الثلث فمثل ذلك عند أبي حنيفة والصحيح في مذهب الشافعية، والمعتمد أنه يكون على الجاني نفسه لما روي عن عمر رضي الله عنه: أنه قضى في الدية أن لا يحمل منها شيء حتى تبلغ عقل المأمومة. انظر المغني 8/301، وعقل المأمومة هو ثلث الدية، قال خليل: إلا الجائفة والآمة فثلث. وعلى كلا القولين لا كفارة عليه فيما دون النفس.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(15/169)
اصطدم طفل بسيارته فتضرر الطفل
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء سيري بالطريق صدمت طفلا وسط الطريق أثناء محاولة هروب الطفل مسرعا من أمام سيارة تمشي في الاتجاه المقابل فاصطدم الطفل بباب سيارتي الأيسر وسقط ولخوفي الشديد من العامة على الطريق لم أنتظر لتبين الأمر ولم أعرف هل مات أم لا بل لم أعرف هل هو ولد أم بنت ثم سافرت خارج البلاد ولما عدت فشلت في استبيان الأمر وأنا أحس بذنبي ويكاد يقتلني ماذا أفعل يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائق في حادث السير يعتبر مسؤولا عما يحدثه بالغير من أضرار في البدن أو المال، إلا في حالات منها:
1- ... ... إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه، فيتحمل الغير المسؤولية.
2- ... ... إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان.
3- ... ... إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيرا قويا في إحداث النتيجة، وعليه، فنقول للأخ السائل إن الظاهر من الصورة المذكورة أنه لا يتحمل مسؤولية الضرر الذي لحق بالطفل، لأنه لم يتعد، فقد كان يمشي في طريقه واصطدم به الطفل، فالضرر نتج بفعل المتضرر (الطفل) لا بفعل السائق، ولا بخطأ منه، فلا يلزمه شيء.
وراجع الفتوى رقم: 15533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(15/170)
حكم الشرع في قتل النفس بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في قاتل مواطن مدني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قتل النفس بغير وجه حق، من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وقد نهى الله تعالى عنه في كتابه فقال: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الإسراء:33] .
وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات ... - وعدَّ منها- ... قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.
فمن قتل مسلماً متعمداً قَتْلَه، فإنه ينتظره من الوعيد ما ذكره الرب عز وجل في قوله: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء: 93] .
والواجب على من قتل المسلم هو القصاص إلا أن يعفو أولياء القتيل، أو يقبلوا بالدية، وإن كان القتل خطأ أو شبه عمد فإن الواجب الدية، والكفارة، وهي: تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، قال تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [النساء:92] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(15/171)
حكم الدية والكفارة عن الإجهاض في الشهر الثالث
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تم الإجهاض في الشهر الثالث مجبرة. فما هي الكفارة؟ وكم تبلغ دية الجنين بالريال السعودي؟ ومن أعطي هذه الكفارة؟ هل أدفعها لمكاتب الصدقات المنتشرة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نستطع الجزم بمعنى قول السائلة: مجبرة. ومعنى هذه الكلمة هو الذي يحدد الواجب عليها، وعلى أية حال فقد أجمع أهل العلم على حرمة الإجهاض إذا أتم الجنين مائة وعشرين يوما، إلا إذا كان في استمرار الحمل خطر محقق على حياة الأم، ولم يكن هناك سبيل آخر لإنقاذ حياتها إلا الإجهاض أو إذا مات الجنين في بطنها.
وأما قبل أن ينفخ فيه الروح فيحرم أيضا لأنه إفساد للنسل، إلا إذا كان ثم مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8781. وقد سبق في الفتوى رقم: 65114. ذكر أقوال أهل العلم في ذلك.
أما بالنسبة للدية والكفارة فإن للإجهاض حالات ولكل حالة حكمها.
فأولا: كونه قبل أو بعد التخليق، أي بعد الأربعين يوما الأولى. وثانيا: باعتبار كونه قبل أو بعد نفخ الروح، أي إتمامه مائة وعشرين يوما.
وفي حالة السائلة حصل الإجهاض في الشهر الثالث، أي قبل نفخ الروح وبعد التخليق، وفي هذه الحالة إذا كان الإجهاض بتسبب فتلزم الدية، واختلف في الكفارة والأحوط فعلها، وهي عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 19113، 9332، 18825، 2016.
ودية الجنين إن سقط ميتا مقدارها عشر دية المرأة، وقدّرها بعضهم بمائتين وثلاثة عشر جراما من الذهب تقريبا، ويمكنك معرفة مقابل ذلك من الريال السعودي أو غيره من العملات، ويوزع هذا المبلغ على ورثة الجنين حسب أنصبتهم المقدرة في كتاب الله، باستثناء من تسبب في إسقاط الجنين فإنه لا يرث. فالدية لا علاقة لها بالفقراء، وإنما هي حق للورثة، صغارا كانوا أو كبارا، ذكورا كانوا أو إناثا، والصغير الذي لا يستطيع القيام بأمور المال، فإن وليه يأخذ نصيبه وينفق عليه منه، ويستثمره له حتى يبلغ سن الرشد، كما سبق بيانه في الفتويين: 96743، 97286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(15/172)
انحرفت سيارته فقتل شخص كان فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي لمن كان يقود سيارته وهو في كامل قواه العقلية والجسدية وكانت سرعة السياره طبيعية تقريبا 120 كلم وكنت أسير على الطريق السريع وكانت السيارة في حالة ممتازة وأثناء سيري انحرفت السيارة وارتطمت بشجرة وانقلبت السيارة دون معرفة السبب الرئيسي لانحرافها، هل هو النوم أم عطل مفاجئ، ونتيجة لذلك توفي الشخص المرافق لي بالسيارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر -والله أعلم- أن السائق عليه كفارة الخطأ لأن انحراف السيارة ناتج عن غفلة أو تقصير أو نعاس ... منه؛ كما يبدو من معطيات السؤال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان انحراف السيارة عن الطريق الذي كان سبباً في الحادث ناتجاً عن غفلة أو نعاس من السائق ... فإن عليه كفارة الخطأ، وإن كان بسبب أمر لا دخل له فيه كانفجار العجلة التي هي بحالة جيدة وليست في حاجة إلى استبدال أو ما أشبه ذلك، فإنه لا شيء عليه، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 27043، والفتوى رقم: 27271 فنرجو الاطلاع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(15/173)
مقدار الدية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في ليبيا تعارفت القبائل على أن الدية تكون ثلاثة عشر ألف دينار، علماً بأن هذا المبلغ لا يساوي إلا سدس الدية الشرعية تقريباً، فهل هذا جائز، وهل يدفع هذا للقصر، وهل يقبل ولي القصر هذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مقدار الدية الشرعية مائة من الإبل، وهذا هو الأصل، وهي على أهل البقر مائتا بقرة، وعلى أهل الشاء ألفا شاة، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم، وقيمة الإبل والذهب ... تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة وتغير الأسواق ... وعلى المسلمين أن يقوموا الدية تقويماً شرعياً حقيقياً بعملة البلد ولا يجوز لهم أن ينقصوا من حقوق الناس، كما لا يجوز لولي الأيتام والقصر أن يتنازل عن شيء من حقوقهم لغير مصلحة عائدة إليهم هم، ومن فعل ذلك فقد فرط وتعدى، وعليه أن يطالب لهم بحقوقهم كاملة غير منقوصة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 51560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(15/174)
الجنين الميت إذا سقط في مياه الصرف ولم يمكن إخراجه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي كانت حاملا 15 أسبوعا حسب الأخصائية، وفجأة مات الجنين في بطنها نتيجة القصوف أو الخوف المشكلة أن الجنين بعد التشخيص مكث في بطنها أسبوعين آخرين ثم نزل فجأة فسقط في دورة المياه التواليت ولم تتمكن زوجتي من إخراجه وذهب مع المجاري، فما الحكم، زوجتي في حالة نفسية سيئة وتخشى أنها ارتكبت اثما أو عليها كفارة، أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يفهم من السؤال هو أن موت الجنين لم يكن لزوجتك فيه من سبب، كما أن نزوله بعد ذلك فجأة في دورة المياه لم يكن لها فيه يد.
فكل ذلك قد حدث بأفعال طبيعية لا دخل لزوجتك فيها ولا تسبب.
ولا حرج عليها كذلك في عدم تمكنها من إخراج الجنين من دورة المياه؛ لأن ذلك لم يكن في وسعها، والله تعالى يقول: لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهاَ. [البقرة: 286] .
وعليه، فننصحها بأن تهون على نفسها، ولتعلم أن ليس عليها شيء في جميع ما حدث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1427(15/175)
لا حرج في أخذ تعويض عن الأضرار المادية
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد اكتشفنا مؤخرا أن شقيقي الأصغر به مس من الجن بعد معاناة استمرت لمدة خمس سنوات أُصيب خلالها في حادث فقد على إثره أسنانه الأمامية ومكث في غيبوبة لمدة ثلاث ساعات بعد سقوط ألواح خشبية عليه من عقار تحت الإنشاء. قمنا بعد ذلك برفع دعوى قضائية ضد صاحب العقار بغية التعويض المادي لما أصاب أخي لأن صاحب العقار لم يتخذ إجراءات السلامة الكافية (من وضع لافتات تحذيرية وغيرها) لتنبيه المارة بأن المكان مكان عمل. إلا أن العمال يقولون إنه كانت هناك بضع طوبات مرصوصة قد تُشير إلى أن المبنى قيد الإنشاء، ويرى المحامي أنه لو كانت تلك الطوبات موجودة فإنها لا تعتبر لافتة تحذيرية كافية لتنبيه جميع فئات المارة. أما عن أخي فقد كان عائدا من صالة تدريب تتطلب منه توافقا ذهنيا وبدنيا. وقضت المحكمة بمبلغ من المال كتعويض. والسؤال: إن الجن قد تسبب في هذا الحادث فهل هذا المال حلال أم حرام.
وجزاكم الله عنا خيراً،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أخذ المال الذي حكمت به المحكمة كأرش لجناية الخطإ التي تسبب فيها صاحب المنشأة بعدم الأخذ بأسباب سلامة المارة بوضع حواجز أو علامات تحذير كما هو معروف عرفا في مثل هذا النوع من المنشآت. وأخذ العوض وأرش الجناية والجراحات والنقص.. تعويضا عن ما حصل من ذلك مشروع ومعروف عند أهل العلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولكل خطإ أرش. رواه أحمد وغيره والحديث ضعفه بعضهم. وأما كون أخيك مصاب بمس الجن فهذا لا يسقط حقه في التعويض ولا يعفي صاحب المنشأة من المسؤولية إذا لم يكن أخذ بأسباب السلامة. وللمزيد من التفصيل عن مشروعية التعويض عن الأضرار نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 9215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(15/176)
يلزم إعلام المجني عليه بحقه في الدية حتى يكون عفوه شاملا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ارتكبت جناية أصابت خطأ عين مسلم أو يده ثم ذهبت إليه واعترفت له بالخطأ مني وطلبت منه أن يسامحني على الضرر الذي أصابه وبالفعل سامحني، ولكني لم أذكر له أنه حسب الشرع يستحق مني دية أطراف، احتمال جهله بحقه الشرعي كما هو الغالب علينا الآن حتى أني لم أكن أعلم هذا الحكم إلا بعد البحث فى كتب الفقه، فهل يكفي عفوه عني مع جهله أنه يستحق الدية التي ربما طالب بجزء منها إن علم أنها حقه أم يجب علي أن أوضح له هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن السؤال نود أولاً أن ننبهك إلى أن جنايات الخطأ إن كان الواجب فيها يبلغ ثلث الدية فأكثر فإنما تتحملها عاقلة الجاني، وإن كانت أقل من الثلث كانت على الجاني نفسه.
والجناية على العين واليد إن كانت قد أزالتهما أو عطلت منفعتهما ففي كل منهما نصف الدية، وإن لم تتعطل منفعتهما ولكن حصل فيها نقص، فإن في ذلك حكومة، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن في العينين، إذا أصيبتا خطأ، الدية، وفي العين الواحدة نصفها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وفي العينين الدية.
وقال: أجمع أهل العلم على وجوب الدية في اليدين، ووجوب نصفها في إحداهما.
وقال: وإن جني عليه فنقص ضوء عينيه، ففي ذلك حكومة.
وسواء كنت أنت المتحمل لأرش الجناية أو كانت العاقلة، فإن للمجني عليه الحق في أن يعفو ويترك ما وجب له، قال الله تعالى: وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ ... {النساء:92} .
وأما الذي سألت عنه فالظاهر أن صاحب الحق يلزم إعلامه بحقه ليكون على بينة مما يطلب منه المسامحة فيه، ولتطيب نفسه به، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
ولا شك أن من عفا عن الجناية ولم يكن يعلم أن له حقا مالياً، لا يمكن وصفه بأنه قد طابت نفسه بترك ذلك الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(15/177)
ضرب شخصا بقضيب حديد فقتله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً وبعد:
أيها الأفاضل: الرجاء إفادتنا بحكم المسألة الآتية وجزاكم الله خيرا.
المسألة: ذهب شاب جزائري (مصطفى) في القدم إلى بلد أجنبي للعمل والتقى هناك بشخص آخر (سليم) من نفس البلد تعارفا بينهما وتصادقا وفي ليلة من الليالي خرجا معا واستقر بهما المقام في بيت بعيد فخرج (سليم) من البيت بعد أن رفض (مصطفى) الخروج معه وبعد مدة سمع (مصطفى) صرخات زميله (سليم) يستنجد به فخرج بدافع الحمية حاملا قضيبا حديديا في يده فوجد زميله (سليم) مضرجا بالدماء وشخص آخر يحمل في يديه خنجرا وحاول التوجه إليه أي إلى (مصطفى) فما كان منه إلا أن ضربه بالقضيب الحديدي على رأسه وأخذ معه زميله (سليم) في حالة خطيرة وما كان يدري أبدا أن سبب ضرب (سليم) هو سرقته وما كان يدري أنه قد قتل الرجل وبعد مدة سأل عن الرجل فأخبر بأنه قد مات وبعد سنوات طويلة توفي (سليم) وبقي (مصطفى) شيخا كبيرا هرما صحى ضميره فأراد أن يكفر عن ذنبه والسؤال المطروح: ماذا يترتب على (مصطفى) الذي خرج لنصرة صاحبه وما كان يدري أن صاحبه لص فتسبب في قتل شخص؟ هل يعتبر ما فعله قتل خطأ باعتبار أنه لم يكن ينوي قتله وكذلك لتوجه الشخص الحامل للخنجر تجاهه فهو بمثابة المدافع عن النفس؟ أم يعتبر قتلا عمدا؟.
الرجاء إفادتنا في أقرب وقت برأي فصل في الموضوع وماذا يترتب على (مصطفى) الذي أصبح اليوم شخصاً مقعداً لا يقوى على الخروج من بيته وأراد أولاده تبرئة ذمة والدهم قبل وفاته؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الشخص المذكور التوبة النصوح إلى الله تعالى، لأنه قتل نفساً بغير حق، وعليه الدية المغلظة على عاقلته، لأن قتله شبه عمد لتعمده ضرب القتيل بقضيب الحديد ولم يكن ينوي قتله.
فقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن دية الخطإ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا..
وعليه الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعين، قال الله تعالى: وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء: 92} .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا لم يستطع الصيام، فإن عليه إطعام ستين مسكيناً. هذا وننبهك إلى أن قولك "وحاول التوجه إلبه" إن كان المراد منه أن الشخص المذكور -وهو القتيل- حاول الدفاع عن نفسه لما رأى من مصطفى ما رأى من محاولة نجدة سليم فظن ان مصطفى معتد ثان فتوجه إليه إذا كان الأمر كذلك فالجواب على ما ذكرنا، أما إذا كان المراد هو أن الشخص الذي طعن "سليما" توجه إلى مصطفى معتديا عليه فلم يجد مصطفى بدا من ضربه دفاعا عن نفسه فالظاهر أن دمه هدر.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 47073.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(15/178)
القتل بالصعق الكهربائي يحتمل أنواع القتل الثلاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه ثالث مرة أسأل ولا مجيب؟ أرجوعدم تجاهل أسئلتي لأنني باحث أود جمع آراء المعاصرين فيما أسأل عنه وأتمنى أن تجيبوا على سؤالي هذه المرة وهو: س \\ ماحكم القتل بالصعق الكهربائي هل هو قتل عمد أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقتل ثلاثة أنواع هي: العمد وشبه العمد والخطأ. فأما قتل الخطأ فهو أن يفعل الإنسان أمرا مباحا له أن يفعله، فيترتب على فعله ذاك موت إنسان آخر. قال ابن قدامة في تعريفه: والخطأ: وهو أن لا يقصد إصابته فيصيبه فيقتله. وأما التفريق بين العمد وشبه العمد فهو في كون القاتل يقصد القتل أولا يقصده، ثم في نوع الآلة التي استخدمها. وراجع في هذه الأنواع كلها فتوانا رقم: 11470. والقتل بالصعق الكهربائى يحتمل أنواع القتل الثلاثة، فإذا كان القاتل أراد فعل أمر مباح كإصلاح الأسلاك الكهربائية في بيته ونحو ذلك فأصاب بشيء منها شخصا لم يكن يقصد إصابته، فمات المصاب، كان هذا القتل خطأ. ولو أنه قصد قتله، واستعمل له شحنة من الكهرباء من العادة أن تقتل من أصابته، فمات منها، فهذا يعتبر قتلا عمدا محضا. وأما إن قصد مجرد تأديبه، أو أراد العدوان عليه ولكنه استعمل شحنة من الكهرباء ضعيفة ليس من العادة أن تقتل، فمات منها، كان هذا القتل شبه عمد، لأنه تعمد الفعل ولكنه لم يقصد إزهاق الروح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(15/179)
الطبيب الحاذق لا يضمن إلا بالتعدي والتفريط
[السُّؤَالُ]
ـ[كم هي قيمة التعويض لمريضة أصابها الطبيب بشلل في العصب السابع في ناحية واحدة من الوجه بعد عملية بالأذن، واعترف الطبيب بخطئه ويريد أن يريح ضميره أمام الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطبيب إذا كان حاذقاً لمهنته، متقناً لها، فإنه لا يضمن إلا بالتعدي والتفريط، وإذا لم يكن الطبيب من أهل المعرفة والإتقان، أو مدعياً لما لا يتقنه من الطب فإنه يضمن، وقد سبق لنا تفصيل في هذا الأمر في الفتوى رقم: 5852 نرجو مراجعته.
وعلى هذا فلا يجب الضمان على هذا الطبيب إن كان ذا خبرة في هذا المجال الذي أجرى فيه العملية، واتخذ الاحتياطات اللازمة، التي يغلب على الظن أنها ستحول دون وقوع مثل هذا الضرر، وإن لم تكن له خبرة كافية، أو تعدى وفرط فإنه يجب عليه الضمان، ويقدر هذا الضمان بالرجوع إلى أهل الاختصاص، لتلحق الحالة بنظيراتها مما ذكره الفقهاء في الاعتداء على ما دون النفس، والأولى في ذلك مراجعة المحكمة الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(15/180)
تحديد عمر الجنين الموجب للغرة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بإسقاط جنين من زوجي عمره ستة أسابيع عمداً وقد كنت وقتها غافلة عن الله، وبعد أن تبت إلى الله سألت أحد الدعاة وأخبرني أنه علي التصدق وتصدقت لأخي المحتاج بما يعادل إطعام خمسين مسكينا، ثم علمت من موقعكم بأنه وجبت علي الدية، فهل الصدقة تعفيني من الإيفاء بالدية؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، ويقبل توبتك، ويهديك صراطه المستقيم، ولتعملي أنه لا يجوز إسقاط الجنين إذا استبان بعض خلقه، إلا إذا ثبت بالتقارير الطبية الموثوقة أنه يشكل خطراً على حياة الأم إذا بقي في رحمها، لأن حياة الأم في هذه الحالة متيقنة، وحياة الطفل موهومة، والمتيقن يقدم على الموهوم.
وقد ذهب جمهور كبير من العلماء إلى أن الخلق يبين في الجنين بعد أربعين يوماً من حمله، وأكد ذلك الأطباء المعاصرون عن طريق الكشف بالأشعة ونحوها، وبناء على ذلك فالواجب عليك هنا أمران:
الأول: تجديد التوبة إلى الله تعالى من هذا الأمر دائماً، وذلك بالندم عليه والعزم على عدم العودة إليه.
الثاني: تجب عليك غرة [عبد أو وليدة] ، وهذا متعسر الآن لعدم وجوده، فيجب عليك بدلاً منه عشر دية المرأة كما هو مقرر عند الفقهاء، وتمكن معرفة عشر هذه الدية بسؤال المحاكم التي ببلدك عن دية المرأة كاملة، ويوزع هذا العشر على ورثة الجنين كما ورد في الشرع، وليس لك أنت منها شيء، لأن القاتل [ولو كان خطاًْ] لا يرث من دية المقتول على الراجح من قولي العلماء.
وبهذا تعلمي أن الصدقة التي أخرجتها لا تجزئ عن الغرة، ولمزيد من التفاصيل راجعي الجواب رقم: 9332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(15/181)
ماذا يجب على من ساعد في إجهاض جنين
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بمساعدة فتاة غير متزوجة على الإجهاض في الشهر الخامس بإذن من والدتها تفاديا للمشاكل المترتبة على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإجهاض بعد نفخ الروح -كما هو الحال في مسألتنا- محرم بالإجماع؛ لأنه قتل للنفس التي حرم الله بغير حق، ويزداد الإثم ويعظم الجرم إذا كان ذلك لدفع معرة الزنا.
وأما ما يترتب على الإجهاض فقد اتفق الفقهاء على أن الجنين إذا انفصل ميتاً فإن في ذلك الغرة، وهي عبد أو أمة يبلغ مقدار قيمتها نصف عُشْر دية أمه. أما إذا انفصل حيّاً فمات ففيه الدية والكفارة، ولا يرث الجاني من الدية والغرة في الحالتين؛ لأنه قاتل، وإنما تكون لبقية الورثة.
واختلفوا هل في انفصاله ميتاً كفارة أم لا؟ فذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوب الكفارة وهو الأقرب، وذهب الحنفية والمالكية إلى عدم الوجوب.
وعليه؛ فإذا كانت المساعدة التي قمت بها هي مباشرة الإسقاط فأنت شريك في الغرة، وتجب عليك الكفارة، فقد نص الشافعية والحنابلة على أنه إذا اشترك اثنان فأكثر في الإسقاط فإن الغرة بينهم وعلى كل واحد منهم كفارة.
وهناك قول للحنفية والشافعية أنه لو أمرت الحامل امرأة أخرى أن تسقط جنينها فلا تضمن المأمورة. أما إذا كانت المساعدة مقتصرة على مجرد إعطائها الدواء أو دلالتها على ذلك فإن الواجب عليك في ذلك هو التوبة فقط.
والغرة في كل ما سبق تكون على عاقلة الجاني، وراجع الفتوى رقم:
11681 - والفتوى رقم: 9332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(15/182)
ماذا يجب على من قتلت ولدها من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل زنا وترتب على زناه ابن سفاح وقتل الابن من قبل المرأة الزانية مع حضور الرجل فتابا من تلك العمل والحمد لله فماذا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعله هذا الرجل وهذه المرأة يستوجب التوبة الصادقة، فإن كانا قد تابا وأخلصا في توبتهما واستغفرا الله من ذلك وعزما على ألاَّ يعودا إلى مثل ذلك وندما على ما فعلا فإن الله يقبل التوبة ويفرح بها، قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68: 70] .
ولكن يبقى على المرأة التي قتلت ولدها الضمان، فإن كانت قتلت ولدها بعد ولادته فتجب الدية كاملة، وإن أجهضته فأخرجته ميتًا وجب عليها عشْرُ دية المرأة القاتلة، ويجدر التنبيه إلى أن المرأة هنا لا ترث من دية هذا القتيل شيئًا.
ولمعرفة الدية وقدرها ومتى تجب وعلى من تجب تراجع الفتوى رقم: 9332 - والفتوى رقم: 28671 - والفتوى رقم: 11681.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(15/183)
دية إجهاض الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إن كان الجنين تجاوز مدة أربعة أشهر وعشرين يوما وأسقط عمدا هل هناك دية على من أمر بالإسقاط؟ وهل تشارك المرأة في الإثم إن كانت رضيت بذلك أي إسقاط الجنين؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه محرم باتفاق العلماء، والمباشر للإجهاض والمتسبب فيه في هذه الحالة يعد قاتلاً للنفس التي حرم الله، والعياذ بالله، وإذا نتج عن الإجهاض خروج الجنين حياً بعد ستة أشهر منذ حمله ثم مات وجبت فيه الدية كاملة، أما إذا تم الاجهاض قبل ففيه غرة: عبد أو أمة، ولو خرج ميتاً، ولا شك أن موافقة الأم على الإجهاض في هذه الحالة محرمة، ويلحقها بذلك إثم، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 5168.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(15/184)
حكم من أفزع حاملا فأسقطت
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ ما كفارة رجل بسبب غضبه الشديد تسبب في أن حاملاً في بداية شهرها أنزلت ما في بطنها مع العلم بأن الحامل ليست زوجته وكان عن غير عمد ودون قصد الرجل أجبني أستأجر البيت وبسبب تأخر المستأجر دفع الإيجار طرق الباب بقوة دون معرفة أن هناك امرأة وبسبب هذا التصرف أنزلت الحامل ما في بطنها على حسب كلام المستأجر مع العلم بأن المؤجر لم يكن يعلم بأن هناك في المنزل الذي يقطنه المستأجر امرأة بسبب أن المستأجر كان أعزبا
افتونا وجزاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على أن من أفزع امرأة حاملاً فأسقطت نتيجة لفزعها منه، فإن عليه دية جنينها. فقد استشار عمر الصحابة رضوان الله عليهم في امرأة أسقطت بسبب الفزع لما أرسل إليها عمر، فكانت النتيجة النهائية أن أفتاه علي رضي الله عنه بوجوب دية الجنين عليه. لكن العلماء اختلفوا فيما إذا حصل الإسقاط قبل أن يستبين بعض خلقة الجنين.
والذي نرى ترجيحه أن الإسقاط متى ما كان قبل خروج الحمل من طور النطفة أنه لا تلزم فيه غرة. والجنين لا يخرج عن طور النطفة إلا بعد الأربعين. لذا فنقول للسائل متى ما كانت المرأة المذكورة في الشهر الأول من حملها فلا تلزمك غرة.
وإنما عليك أن تطلب السماح من جيرانك الذين أفزعتهم وأزعجتهم بسبب طرقك للباب غير المعتاد.
وأخيراً ننبهك إلى عظم حق الجار وأهمية الرفق به، والإحسان إليه، وعلى خطورة الإساءة إليه وأذيته بأي نوع من أنواع الأذى.
والله يوفقنا جميعاً.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(15/185)
متى تجب الدية في إسقاط الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[1-امرأة عملت أشعة على بطنها، وكانت حاملا، ونصحها الطبيب بالإجهاض معللا ذلك بأن الجنين قد تضرر بالأشعة وأنه سيولد مشوهاً، فأجهضت وكانت في شهرها الثاني، فهل عليها دية؟ أرجو التفصيل أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجرد تشوه الجنين وهو في بطن أمه بأشعة أو غيرها، لا يبيح إسقاطه، ولو لم يمض عليه أربعون يوماً، لأن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة، ومع ذلك فليس في إسقاطه دية، إلا إذا تبين فيه خلق إنسان، وذلك بعدما يمر عليه أربعون يوماً
ولمزيد الفائدة تراجع الفتويان رقم:
2222 و 9332
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(15/186)
الغرة ... على العاقلة أم من مال الجاني
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هل الغرة على العاقلة أم على الجاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتطلق الغرة على ما يجب في الجناية على الجنين، وهو أمة أو عبد مميز سليم من عيب ينقصه عند البيع.
واختلف الفقهاء في الغرة على من تجب؟
فذهب الحنفية والشافعية في الأصح عندهم إلى أن الغرة تلزم العاقلة في سنة، ولا يرث الجاني من الغرة شيئاً.
وللحنفية تفصيل: فلو ضرب الرجل بطن امرأته، فألقت جنيناً ميتاً، فعلى عاقلة الأب الغرة، ولا يرث فيها، والمرأة إن أجهضت نفسها متعمدة، دون إذن من الزوج فإن عاقلتها تضمن الغرة، ولا ترث منها، وأما إن أذن الزوج، أو لم تتعمد، فقيل: لا غرة لعدم التعدي، لأنه هو الوارث، والغرة حقه، وقد أذن بإتلاف حقه، والصحيح أن الغرة واجبة على عاقلتها أيضاً.
-ويرى المالكية وجوب الغرة في مال الجاني في العمد مطلقاً، وكذا في الخطأ، إلا أن يبلغ ثلث ديته فأكثر فعلى عاقلته.
-أما الحنابلة فقد جعلوا الغرة على العاقلة إذا مات الجنين مع أمه، وكانت الجناية عليها خطأً أو شبه عمد.
أما إذا كان القتل عمداً، أو مات الجنين وحده، فتكون في مال الجاني، وما تحمله العاقلة يجب مؤجلاً ثلاث سنين، وقيل: من لزمته الكفارة ففي ماله مطلقاً على الصحيح من المذهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1422(15/187)
متى تجب الغرة في إسقاط الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم، سيدة قامت بعملية إجهاض وهي حامل في شهر ونصف، وحيث أنها قد علمت بأنها قد ارتكبت معصية كبرى وأنها قد قتلت نفسا عمدا لأنها كانت مدركة تماما لما كانت تفعله، ولقد أقدمت على ذلك الفعل لأنها لاتملك المال لإجراء عملية قيصرية فهي تلد دائما بالعملية القيصرية علاوة على أنها تشكل خطرا على حياتها، فهذه كانت سوف تكون هي المرة الرابعة التي تلد فيها بواسطة هذه العملية. والآن هي تسأل عن مقدار الدية الواجب عليها أداؤها بالدرهم المغربي،وشكرا جزيلا لكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ما كان لهذه المرأة أن تقدم على هذه العملية إلا بعدما يقرر أطباء ثقات مؤتمنون ذوو خبرة أن الإبقاء على ذلك الحمل يشكل خطراً محققاً على حياتها، ففي هذه الحالة يرتكب أخف الضررين، أما قبل ذلك فلا يجوز الإقدام على هذه العملية، لما فيها من الاعتداء على خلق الله تعالى بغير حق شرعي، وإهلاك النسل والإفساد في الأرض، وقد نص العلماء على أن الإجهاض بغير حق شرعي يعتبر من جنس الوأد الذي كان أهل الجاهلية يفعلون لبناتهم وأبنائهم.
أما الآن وقد حصل ما حصل، فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليها، ويكفر عنها خطيئتها، ويغفر لها ذنبها.
ثم إن الفقهاء اتفقوا على أنه تجب في إجهاض الجنين غرة، وهي عبد صغير، أو أمة، لما في الصحيحين أن أبا هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دية جنينها غرة: عبد، أو وليدة.
وقالوا: إن قيمة هذه الغرة - إن لم توجد - عشر دية الأم، واتفقوا على أن هذه الغرة تلزم في الجنين الذي استبان بعض خلقه، لأنه في تلك الحالة يعلم أنه صائر إلى إنسان.
واختلفوا فيما إذا حصل الإجهاض قبل ذلك، هل تلزم فيه الغرة أم لا تلزم؟.
والذي نرى ترجيحه هو أنه متى خرج الحمل عن طور النطفة (وذلك بعدما يمر عليه أربعون يوماً، ويدخل في الأربعين الثانية) ، فإنه تلزم فيه غرة، سواء كان علقة، أو مضغة، أو غير ذلك، لأن التخلق الذي اشترطه أولئك الذين لا يرون الغرة إلا في الجنين الذي استبان فيه، تبدأ بواكره في أول الأربعين الثانية، كما دل على ذلك الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ... " إلى آخر الحديث. وبما أن هذا التخلق خفي لم يكن مُدْرَكاً عند الأقدمين لم يعتبره من اشترط التخلق منهم ليتأكد أن هذا بداية خلق إنسانٍ.
أما الآن وقد أثبتت وسائل الكشف الحديثة أن التخلق يبدأ في هذه المرحلة، ثم يحصل العلم أن هذا بداية خلق إنسانٍ، فإنه ينبغي اعتباره، وبناء الحكم عليه، وترجيح قول الفريق الآخذين بذلك.
وبناءً على ذلك، فإن ما قامت به هذه المرأة تلزم فيه غرة، أو قيمتها، لأنه حصل في الأربعين الثانية قطعاً.
ومعرفة تلك القيمة بالدرهم المغربي سهلة، وذلك بأن تسأل عن دية المرأة بالدرهم المغربي، وعشر تلك الدية هو قيمة الغرة.
ولله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1422(15/188)
ما يجب على من أسقطت جنينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قبل 30 عاما كنت حاملا ببنت في الشهر السابع وحملت حنفية كي أسقي الأغنام وأسقطت البنت وبقيت حية لمدة 7 أيام ثم ماتت. مع العلم أنني لم أجد أحدا يسقيها بدلا مني وأنا من ذلك الوقت أتألم لهذا ولم أجد أحدا أستفتيه. فأرجو من الله ثم منكم الرد علي بالفتوى وهل علي إثم؟ أو كفارة؟ أرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا. أنا في انتظار الرد على أحر من الجمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على أن الحامل إذا عملت عملاً يسبب عادة إسقاط جنينها ثم سقط نتيجة لذلك العمل، كأن تشرب دواء فتسقط منه فإنها تضمنه. قال في المغني عند قول صاحب المتن - وإذا شربت دواء فألقت جنينها ميتاً فعليها غرة، ولا ترث منه شيئاً، وتعتق رقبة… (ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه، إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة) . والغرة عند أهل العلم تقدر قيمتها بعشر دية أم الجنين.
أما إذا أسقط الجنين حياً لمدة يعيش لمثلها وهي ستة أشهر فأكثر، فإن اللازم فيه حينئذ الدية كاملة مع الكفارة. ولهذا فإنا نقول للسائلة: إن كان العمل الذي ذكرت لا يسبب الإسقاط -عادة- فلا شيء عليك، أما إذا كان هذا العمل -عادة- يسبب الإسقاط فتجب عليك دية البنت كاملة لأنها سقطت حية ولمدة يعيش الولد في مثلها، وإنما وجبت عليك الدية لإقدامك على ما يسبب الإسقاط، وتفريطك وتقصيرك في المحافظة على حياتها، إذ هي تحت مسئوليتك، كما يجب عليك أيضاً الكفارة وهي: عتق رقبة، فإن لم تستطيعي فصيام شهرين متتابعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(15/189)
حكم من أسقط جنينا بالضرب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد. السؤال هو: إذا ضرب رجل مريض نفسياً زوجته الحامل ضرباً مبرحاً وكانت حاملا في شهرها الثامن ثم أسقطت الولد فهل يتحمل دية الحمل؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من فعل بالمرأة الحامل ما يؤدي إلى إسقاط جنينها من نحو: ضرب أو ترويع أوغير ذلك حتى ألقته ميتاً وهي حية فعليه دية ذلك الجنين وهي: غرة عبد أو وليدة، لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال" اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحدامها الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها عبد أو وليدة ... إلىآخره، وهذه الغرة قيمتها عشر قيمة دية أم الجنين، إلا إذا كانت كافرة والجنين من مسلم فإنه يلزم فيه عشر دية الحرة المسلمة. وعشر ديتها خمس من الإبل، أو خمسون ديناراً من الذهب، أو خمسمائة درهم وقد اختلف العلماء على من تجب هذه الدية: فمنهم من أوجبها على العاقلة، ومنهم من أوجبها على الجاني وحده. لذا فإن من تسبب في إسقاط جنين امرأته بضرب أوغيره فعليه دية الجنين على نحو ماتقدم وليس له نصيب منها، وعليه أيضا كفارة القتل في قول أكثر أهل العلم، وهي تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، لقوله تعالى (ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ... إلى قوله فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) [النساء:92] . والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1421(15/190)
مالا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: كنت أعمل مراقبا عاما لدى شركة مقاولات، وقد كلفت من قبل المهندس المسؤول عن الموقع بأن أقوم بإغلاق نصف الشارع المؤدي من الفحاحيل باتجاه الكويت، وذلك بعد عمل تصريح مرور من قبل الإدارة العامة للمرور، وكان العمل يحتاج إلى مراقب مسؤول عن أعمال الأمن والسلامة، والتي تتطلب وضع إشارات الأمن والسلامة قبل البدء بعمل إغلاق للطريق، وبدوري كان العمل يحتاج مني أن أحضّر فقط العمالة والمعدات المطلوبة دون أعمال الأمن والسلامة، والتي كان من المفروض القيام بها أولا، وهي ليست من ضمن عملي، وبعد ذلك أقوم بالأعمال، وبالفعل قمت بتحضير أربعة من العمال نشطاء وسريعي الحركة، وجاءني قبل انتهاء الدوام الرسمي اليومي وأمام مجموعة من رجال الاشراف الذين يقومون باستلام الأعمال منا، وبعد الإلحاح بالطلب للعمل ليلا وبعد الإحراج تمت الموافقة مني، وذهبت إلى المهندس المسؤول وقلت له أنا والعمال والمعدات جاهزون للعمل، ولكن يحتاج العمل إلى عمل الأمن وسلامة، وكان مراقب الأمن والسلامة موجود في أثناء هذا الكلام، فما كان من المراقب إلا أن قال أنا لا أريد العمل الليلي، لأنني لا أتقاضى عليه أجرا إضافيا، فما كان مني إلا أن قلت للمهندس المسؤول أنا لن أعمل إلا بوجود عمال للأمن والسلامة، فأصرّ المهندس المسؤول علي حتى وافقت على العمل دون مرافقة عمال الأمن والسلامة، وذلك لأن أعمال الأمن والسلامة كانت تحتاج إلى زيادةعمال وسيارة ولم يقم المهندس بإرسال عمال الأمن والسلامة المطلوبين، وفعلا بعد الساعة الثانية عشر ليلا حضرت أنا والعمال الخاصون بي، ولأن العمال كانوا يعرفون طريقة العمل جاء العامل عبد الرزاق مسرعا، وأخذ اثنان من أقماع الأمن والسلامة للبدء في العمل، ووضع أول قمع إلى أن جاءت سيارة مسرعة جدا وكانت تسير بسرعة مائة وستين كليو مترا تقريبا، فصدمت العامل عبد الرزاق ففارق الحياة على الفور، فما كان مني إلا أن أنتظر المحقق وأقول له إننا نريد البدء بالتحضير للإغلاق، وعلى هذا تم ما يلي:
1- التهمة هي التسبب في قتل الخطإ.
2- الحبس خمسة عشر يوما مع التنفيذ.
3-براءة الداعم ـ سائق السيارة ـ ولكن المحامي لم يخبرني بذلك وبقيت حرا طليقا إلى موعد الاستئناف وكان الحكم بدفع غرامة خمسين دينارا كويتيا.
أفتونا، جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن المهندس المسؤول قد فرط بأمره لك بالعمل دون توفيرالمختصين بالأمن والسلامة، ولولي الأمر أن يعزره بما يراه مناسبا، لمخالفته أصول العمل، إلا أنه كان عليك أن تثبت على رفضك العمل حينئذ، وموافقتك على بدء العمل ـ والحالة هذه ـ لا تخلو من تفريط، ولذا يحق لولي الأمر أن يعزرك بما يراه مناسبا، إلا أنه لا دية عليك ولا كفارة، إذا كان العامل المتوفى بالغا عاقلا، لأنه كان بإمكانه أن يرفض، قال في الروض المربع شرح زاد المستقنع: ومن أمر شخصا مكلفا أن ينزل بئرا، أوأمره أن يصعد شجرة ففعل فهلك به أي: بنزوله أوصعوده لم يضمنه الآمر.
وأما بخصوص السائق فالحكم في حقه مبني على قاعدة ـ ما لا يمكن التحرزعنه لا ضمان فيه ـ فإذا كان هذا الحادث قد حصل دون تفريط منه، بحيث أنه كان يسير بالسرعة المطلوبة في ذلك المكان، مع أخذه للاحتياطات اللازمة لصيانة السيارة، ولم يفرط في استخدام آلة التنبيه، وثبت أن الخطأ على العامل، فلا ضمان على السائق ولا كفارة.
أما إذا كان يمكنه تلافي الحادث بأداة التنبيه، أوتخفيف السرعة أوغير ذلك ولم يفعل، فهذا قتل خطإ حصل منه وحينئذ يلزمه أمران:
الأول: الكفارة وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجدها فصيام شهرين قمريين متتابعين.
والثاني: الدية تدفع لورثة المقتول وتتحملها العاقلة وهم: أقرباء المتسبب من جهة الأب.
ومثل هذا الحادث يرجع فيه إلى الجهات المختصة للنظر في ملابساته من كل جوانبه، فالقاضي الشرعي يستطيع أن يتبين هل فرط السائق أم لا؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(15/191)
دية القتل على المتسبب المباشر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن امرأة كان لديها طفل عمره حوالي ثلاث سنوات، وكان هذا الطفل يلعب أمام بيتهم فصادف أن دهسه عمه بسيارته دون أن يراه، فتوفي الطفل، ومن المعلوم بأن القتل غيرالعمد كفارته: أن يصوم عمه شهرين متتاليين، ولكن بعض من الناس قالوا لأم الطفل: صومي أنت أيضا شهرين متتاليين بسبب إهمالك لطفلك، مع العلم بأن الطفل يلعب أمام بيتهم، فهل في هذه الحالة الأم يكون عليها إثم بسبب الإهمال وتجب عليها كفارة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكفارة في الحالة المذكورة هي على من باشر القتل خطأ وهو العم، والدية على عاقلة العم ولا شيء على الأم، لأن قتل الطفل حصل بمباشرة غيرها له، والقاعدة المعروفة عند الفقهاء تقول: إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر، كما سبق بيان ذلك بتفصيل أكثر، وذلك في الفتوى رقم: 25760.
والظاهر ـ والله أعلم ـ أنه لا إثم عليها ما دام الولد عمره ثلاث سنين وأمام بيت أهله، إذا كان ذلك عادياً بالنسبة لهم في تلك البيئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(15/192)
لا يصح عفو القصر في الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى أبي في حادث مروري وكان الخطأ على سائق السيارة الأخرى، وقد عفونا عنهم في المحكمة، وبالرغم من ذلك قاموا بدفع مبلغ معين لجميع إخوتي وكذلك أمي كونها عادات وتقاليد لديهم، منهم أختين صغيرتين لم يبلغو سن الرشد حينها أي إنهم (قصر) ، وقد احتجزنا أموالهم لحين البلوغ، والآن إحدى إخواتي قد بلغت سن الرشد منذ 3 شهور. فهل يجوز التصرف في مال القصر بعد بلوغهم سن الرشد؟ وهل يشترط فيه الإذن؟ أفتوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن بلغ من القصر وآنستم منه رشداً فيدفع إليه ماله، ولو أذن لكم في التصرف فيه فلا حرج عليكم، قال الله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ. {النساء:6} .
وما تبرع به أهل الجاني من مال بعد أن عفوتم عنهم لا حرج عليكم في أخذه، لكن ننبه إلى أنه لا يصح العفو في حق القصر في الدية بل حقهم باق فيها حتى يدفع إليهم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أنه يشترط في العافي أن يكون بالغاً عاقلاً، فلا يصح العفو من الصبي والمجنون، وإن كان الحق ثابتاً لهما، لأنه من التصرفات المضرة فلا يملكانه.
وفي منح الجليل يقول عليش رحمه الله: وإن عفا بعضهم فللباقي والأصاغر حظهم من الدية. انتهى.
وللفائدة في ذلك انظر الفتويين: 111289، 122984.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(15/193)
قطع الطريق السريع الذي لا يحق له الدخول إليه فصدمه السائق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من دهس صبيا يبلغ من العمر 13عاما بسيارته فمات من غيرعمد ومن غير أي خطإ؟ ركض أمام السيارة في طريق سريع لا يحق له العبور منه.
أرجوكم: أريد ردا سريعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الصبي قد دخل أو قطع الطريق السريع الذي لا يحق له الدخول إليه وكان السائق لم يره أو لا يستطيع تفادي الحادث بأي وسيلة من الوسائل ولم يكن قد تجاوز السرعة المحددة، فإنه لا ضمان عليه ولا كفارة، لقول أهل العلم: ما لا يمكن التحرز عنه، فلا ضمان فيه.
أما إذا كان بإمكان السائق تجنب الحادث ولكنه قصر، أو لم يفعل لعدم انتباهه، أو كان قد تجاوز السرعة المحددة، فإن هذا يعتبر قتل خطإ وتلزم فيه الدية والكفارة، كما سبق بيانه بتفصيل أكثر مع مزيد من أقوال أهل العلم في عدة فتاوى، فنرجو أن تطلع على بعضها تحت الأرقام التالية: 19279، 15394، 55897.
وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(15/194)
تجاوز السرعة المقررة يوجب الدية والكفارة إذا تسبب في القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل معي حادث مروري قبل فترة من الزمن، وكنت أقود السيارة بسرعة تتراوح ما بين 60-80 كم/ساعة. لا أتذكر ما هي بالضبط، علما بأن الطريق ليس طريقا لعبور المشاة والسرعة المحددة فيه 45 كم/ساعة. وفجأة ظهر لي رجل يجري بسرعة يحاول قطع عبور الشارع، حاولت أن أتفاداه ولكنني لم أستطع بسبب تفاجئي به، ولأن الباص الذي ينتظر الرجل كان على جانب الطريق العام، ولم يكن هناك مكان مخصص لانتظار السيارات فاصطدمت بهذا الرجل، ومن ثم بالباص الواقف على جانب الطريق بسبب محاولتي تفادي الاصطدام بالرجل، ونتيجة لذلك اصطدم الباص بدوره برأس رجل آخر الذي توفاه الله لاحقا، فضيلة الشيخ ما هو الحكم الشرعي إذا لم أستطع صيام شهرين متتابعين بسبب عذر طبي، ولا أملك المال الكافي حاليا لأدفع الدية الشرعية لهما، وعاقلتي في بلد آخر تحت الاحتلال والحصار حاليا، علما بأنه لم أتعرف على أهالي المتوفيين ولم أبحث عنهم لعدم امتلاكي المال الكافي كما سبق أن ذكرت لك؟ وفي حال توافر المال الكافي ما هو مقدار الدية الشرعية هل يمكن أن أذهب إلى دولة المتوفى وأدفع مقدار الدية الشرعية المحددة في تلك الدولة؟ أم أدفع مقدارها وفقا للدولة التي أعيش فيها رغم التفاوت الكبير وصعوبة تجميع مبلغ الدية في هذه الدولة؟ وفي حال لم أستطع تجميع المالي الكافي ماذا يمكن أن أفعل؟
أثابكم الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجاوز السرعة المقررة لسير السيارة من التفريط الذي يوجب الدية والكفارة إذا تسبب في قتل مسلم. والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم توجد فصيام شهرين قمريين متتابعين إن بدأهما من بداية الشهر فالأمر واضح، وإن بدأهما من بعد الإهلال صام ستين يوما. فإن عجز عن الصوم فالجمهور على أنه لا إطعام عليه. وفي قول للشافعية وللحنابلة أن عليه الإطعام قياسا على غيره ككفارة الظهار والصوم. ولعل الصواب في المسألة هو التفصيل بين من عجز عن الصيام عجزا أبديا ومن كان عاجزا عجزا مؤقتا، فالعاجز عجزا أبديا يطعم، والعاجز عجزا مؤقتا ينتظر القدرة على الصيام.
وعلى ذلك فينظر السائل الكريم في العذر الطبي الذي عنده هل هو دائم فيطعم، أم مؤقت فينتظر القدرة على الصيام.
وأما الدية فهي على العاقلة إلزاما، فإن عُدموا فإنها تكون في بيت المال، فإن لم يوجد فتكون في مال القاتل نفسه إن لم يعف عنه ولي الدم. فعلى السائل أن يبحث عن أولياء الدم ويحاول الاتصال بهم ويشرح لهم حاله ويستعفيهم، فإن عفوا فالحمد لله، وإلا دفع لهم ما يستطيع دفعه ويستعفيهم في الباقي، فإن عفوا وإلا كان دينا على عاقلته ثم عليه، يوفونه حين يتيسر.
جاء في الموسوعة الفقهية: إذا لم يكن للجاني عاقلة، وتعذر حصول الدية من بيت المال لعدم وجوده أو عدم ضبطه، فهل يسقط الدم أو تجب الدية كاملة على الجاني نفسه؟ اختلف الفقهاء، فقال الحنفية والمالكية وهو الأظهر عند الشافعية واختاره ابن قدامة من الحنابلة: إنها تجب في مال الجاني. وذهب الحنابلة إلى أنها تسقط بتعذر أخذها من بيت المال حيث وجبت فيه، ولا شيء على القاتل، وهذا هو المذهب عندهم، ولا على العاقلة أيضا لعجزها عن أداء ما وجب عليها من الدية. ولو أيسرت العاقلة بعد ذلك أخذت الدية منها كاملة لئلا يضيع دم المسلم هدرا. وفي وجه عند الشافعية: لا تؤخذ من الجاني بل تجب على جماعة المسلمين كنفقة الفقراء كما ذكره النووي في الروضة. اهـ.
وأما مقدار الدية بعملة كل بلد فهذا يختلف بحسب اختلاف سعر العملة، وقيمة الإبل أو الذهب والفضة في كل بلد، على تفصيل سبق أن ذكرناه في الخلاف بين أهل العلم في ما هو الأصل في الدية، راجع له الفتويين: 14696، 59987.
فإذا ذهب السائل إلى دولة المتوفى ودفع مقدار الدية الشرعية المحددة في تلك الدولة، فهذا يجزئه. وعلى أية حال فينبغي إحالة النظر في مثل هذه القضايا للمحاكم الشرعية والجهات المختصة بالنظر في تلك القضايا. وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 30811، 5914، 61552، 71463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(15/195)
ذهبت ابنتها الصغيرة للدكان وماتت نتيجة حادث سير ... هل تتحمل مسؤوليتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ياشيخ كانت لي بنت عمرها أربع سنوات ونصف، ذهبت إلى الدكان لتشتري، والدكان قريب من البيت، وحدث لها حادث سير وتوفيت، وأنا أحمل نفسي المسؤولية عن ذلك، ومخنوقة عليها لأني تركتها تذهب لوحدها. ماذا علي ياشيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسأل الله تعالى أن يعظم أجرك ويحسن عزاءك.
وبخصوص سؤالك، فإنه إذا كان ترك الطفلة للذهاب إلى الدكان عاديا، ولم يصدر منك تفريط أو إهمال لها -كما يظهر- فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى لأن مجرد تركها في الأحوال العادية يعتبر جائزا ولا يعد تفريطا، وقد نص أهل العلم على أن من فعل ما يجوز له من غير تعد ولا تفريط ونشأ عن ذلك ضرر فلا ضمان عليه. قال ميارة في التكميل:
وكل من فعل ما يجوز له * فنشأ الهلاك عن ما فعله
أو تلف المال فلا يضمن ما *آل له الأمر وفاقا علما
وعلى المتسبب المباشر -صاحب السيارة- ديتها، وعلى عاقلته كفارة القتل الخطإ كما جاء في قول الله تعالى: فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى: 8680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(15/196)
أحوال سقوط دية النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي واثتين من إخواني في حادث مروري، ومات الشخص المتسبب في الحادث؛ علما أنه كان عاكسا للطريق السريع، وكانت سرعته حسب إفادة المرور 160 كم/ س، وأيضا بعد تحليل دمه وجد فيه مواد مسكرة ولم يذكرها لي الطبيب بسبب الستر على الميت. فسؤالي جزاكم الله خيرا: هل آخذ الدية أم أعفو؟ علما أن والدي عليه ديون، وأنا كذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لجميع موتاك، وأن يلهمك الصبر والسلوان.
وأما ما سألت عنه أيها الأخ الكريم فجوابه أن ما نتج عن ذلك الحادث من وفيات فإنه يعتبر قتلا خطأ. قال ابن قدامة في الكافي: والخطأ: وهو أن لا يقصد إصابته فيصيبه فيقتله. اهـ من الكافي.
وتتحمل عاقلة القاتل دية جميع الوفيات إلا أن يعفو أهل القتيل عن الدية، وتكون الكفارة في ماله هو عن كل قتيل. قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَل َمُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا {النساء: 92} .
وكونه قد فعل الفعلة وهو في حالة سكر لايسقط الدية والكفارة. وراجع الفتاوى رقم: 62905، 10132، 11470.
وإذا أخذ أهل القتيل وورثته الدية فلا حرج عليهم، ولا ينقص ذلك من أجر المتوفين شيئا، وإن عفوا وأصلحوا فلهم الأجر والمثوبة عند الله.
وينبغي لمن أراد منهم أن يعفو أو يأخذ بحقه في الدية أن يستشير ذوي الرأي والصلاح من قومه. ويستخير الله عز وجل فيما يذهب إليه من ذلك، وما خاب من استخار ولا ندم من استشار. وقد قال الشيخ تقي الدين: العدل نوعان، أحدهما: هو الغاية وهو العدل بين الناس، والثاني: ما يكون الإحسان أفضل منه وهو عدل الإنسان بينه وبين خصمه في الدم والمال والعرض، فإن استيفاء حقه عدل والعفو إحسان، والإحسان هنا أفضل، لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانا إلا بعد العدل وهو أن لا يحصل بالعفو ضرر. فإذا حصل منه ضرر كان ظلما من العافي لنفسه، وأما لغيره فلا يشرع، ومحله ما لم يكن لمجنون أو صغير فلا يصح العفو إلى غير مال لأنه لا يملك إسقاط حقه. انتهى
وهنا ننبه السائل الكريم إلى أن حق العفو أو المطالبة هو لجميع ورثة المتوفين ولا يستقل به أحد منهم دون غيره من ورثتهم.
قال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى: إلا أن يصدقوا: إلا أن يبرئ الأولياء ورثة المقتول القاتلين مما أوجب الله لهم من الدية. اهـ
وجاء في الموسوعة الفقهية: اتفقوا على أن دية النفس تسقط بعفو أو إبراء جميع الورثة المستحقين لها. وإذا عفا أو أبرأ بعضهم دون البعض يسقط حق من عفا وتبقى حصة الآخرين في مال الجاني إن كانت الجناية عمدا، وعلى العاقلة إن كانت خطأ.اهـ
وفي منح الجليل: وإن عفا بعضهم فللباقي والأصاغر حظهم من الدية. انتهى.
وللفائدة انظر الفتويين: 3797، 118418.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(15/197)
لا دية ولا تعويض
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يعمل كأجير لدى شخص, في أثناء عودته من العمل انقلبت الجرارة على النهر، سارعت زوجته تاركة طفلته على جانب النهر إليه لتنقذه، فغرقت الطفلة، ومات الرجل الأجير. والسؤال هنا: هل يجوز لزوجة المتوفى أن تطلب تعويضا ممن كان زوجها يعمل لديه؟ وكم مقدار التعويض؟ فهل التعويض للزوج مع طفلته أوله وحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لها ولا أولياء دم زوجها مطالبة صاحب السيارة بالتعويض، أو دفع الدية لا عن الميت ولا عن ابنته بالأولى؛ إذ لا علاقة له بما كان.
جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي: إن أمر عاقلاً ينزل بئراً، أو يصعد شجرة فهلك بذلك لم يضمنه كما لو استأجره لذلك ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(15/198)
ما يجب في الجناية إذا بقي لها أثر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة سعودية مطلقة أعيش لوحدي لعدم وجود أهل في المملكة، عندما كنت متزوجة ضربني زوجي على عيني اليمين حيث صار لون مكان الضرب أزرق وبنفسجي والحمد لله تعافيت منها بعد شهر، أما الآن فقد ظهر فيها أثر الضربة حيث الحاجب والعين يميلان للأسفل باختلاف ظاهر عن العين اليسار، فهل لي أن أطلب من زوجي السابق بدلا عن هذا الضرر وكيف، والسؤال الثاني هو: هل لي أن أطلب من طليقي نفقة مع أن أولادي معه وكان زواجنا قد استمر لمدة 16 سنة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للزوج أن يضرب زوجته على وجهها، إذ الضرب على الوجه حرام، فقد ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: إذا ضرب أحدكم، فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبح الله وجهك. رواه أحمد. وهو في الصحيحين بألفاظ أخرى، وفي سنن أبي داود عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إن اكتسبت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت.
وإذا ثبت أن الأثر الباقي في وجهك من أثر الضربة ففيها حكومة أي يجتهد أهل الخبرة في تقدير ما يلزم فيها، قال الشافعي رحمه الله في كتابه الأم: الجنايات التي فيها الحكومة كل جناية كان لها أثر باق: جرح أو خدش أو كسر عظم أو ورم باق أو لون باق. انتهى.. والعبرة في الجروح ونحوها بمآلاتها. والضربة المذكورة مآلها ما صارت إليه من ذلك الأثر المذكور، ففيها ما بينا، ويرجع في ذلك إلى المحاكم الشرعية لتقديره ومعرفة ما يترتب عليه، والمحاكم بدورها سترجع إلى الأطباء لينظر هل هذا من أثر الضربة أم لا.
وأما النفقة فلا حق لك فيها بعد انقضاء عدتك، لأنك صرت أجنبية عنه ولا علاقة بينك وبينه، وإن كنت تسألين عن حكم النفقة في العدة فانظري الفتوى رقم: 47983.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(15/199)
الشك في الأسباب لا اعتبار له
[السُّؤَالُ]
ـ[كان والدي مريضا طريح الفراش, قصرت في رعايته في تلك الليلة -كان من المفروض أن أضع له بخارا- وعندما ذهبت إليه في الفجر -بنية أن أضع له البخار- وجدته قد توفي، ولا أعلم هل تقصيري سبب في الوفاة أم لا؟ هل يلزمني شيء وكيف أكفر عن ذنبي؟
أتمنى الدعاء لوالدي بالرحمة, ولي بأن يغفر الله لي ذنبي ويهيئ لي سبل التكفير عنه.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يرحم الوالد، وأن يغفر ذنوبنا جميعا، ثم إنا لا ندري مدى الحاجة لهذا البخار وهل يسبب فقده الموت؟ ونفيدك أنه إن لم تكن موقنا أو يغلب على ظنك أنه مات بسبب عدم قيامك بهذه المهمة فعليك أن تستر نفسك ولا تتكلم مع أحد بهذا الأمر حتى لا يساء الظن بك، فإن الشك في الأسباب قد ذكر القرافي أنه لا اعتبار له كما قال صاحب الكفاف:
والشك في شرط ومانع سبب * لغو كما الحبر القرافي جلب
فإذا كان الأمر لا يتجاوز الشك فلا يلزمك شيء، وأي عمل عملته للوالد من الخير فهو مشروع لك على كل حال، فيحسن أن تكثر من الدعاء له، والاستغفار والتصدق عنه، والحج والاعتمار. فهذا كله مما يرجى أن يصل إليه ثوابه، وراجع الفتويين التاليتين: 112944، 107889.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(15/200)
أخذ التعويض عن القتل هل ينافي الصبر على المصيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من ليبيا، قتل في السجون الليببة أكثر من 1200 شخص في يوم واحد، وفي ساعة واحدة، بضرب متواصل بالأسلحة من قبل رجال الأمن داخل السجن، والآن وبعد 15 عاماً تم تبليغ أهاليهم عن الوفاة، ومنهم أبي الذي كان حافظا كتاب الله بعشر روايات، وهو مهندس أيضا وقامت جهات الأمن بتعويضنا بقيمة 130 ألف دينار، علما بأننا تعرضنا للفقر والتعب الشديد أيضا ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله فقط يعلم بحالتنا وحال باقي العائلات الليبية،،، أرجوكم أفتوني في هذا هل هذا التعويض من الدولة حلال أم حرام؟
وأريد إجابة واضحة جدا ... لأننا فكرنا بأننا لا نريد أخذ هذا المال اعتقاداً منا أنه لا ينفعنا مع أننا بأمس الحاجة إليه،،، ولكن الله الغني ... يا أهل العلم لا أريد أبي يحاسبني يوم لقاء الله ويقول لي لماذا أخذت هذا التعويض هذا ما في اعتقادي ونفسي، ولا أريد أن أفعل أي شيء أنا لا أعلم به ... أفتوني الله يبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم أباكم وجميع موتى المسلمين، وأن يحفظ بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولا حرج عليكم في أخذ الدية أو التعويض من الدولة أو من يعنيه ذلك من جهات التأمين أو غيرها، ولا يتنافى ذلك مع الصبر واحتساب أجر المصيبة عند الله تعالى، ولا ينقص من أجرها إن شاء الله تعالى.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 24030، 31148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(15/201)
مقدار الدية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[في دولة قطر تحتسب إصابة العمل وفقاً لنسبة العجز من العجز الكلي، والعجز الكلي يساوي دية الوفاة الشرعية، فما هي الدية في تلك الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدية الشرعية هي مائة من الإبل أو ما يعادلها عند أهل كل بلد، كما قرره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث جعلها على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق (الفضة) اثني عشر ألف درهم، رواه مالك في الموطأ. وتركها على أهل الإبل كما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل، وسبق بيان ذلك بالتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 72392، والفتوى رقم: 14696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(15/202)
القتل في حوادث السيارات.. أحوال وجوب الكفارة والدية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتمثل في أن لي صديقا قام منذ 10 سنوات بحادث مرور برفقة 3 من أصدقائه، وكانوا آنذاك في حالة سكر، فانجر عن هذا الحادث وفاة أحد أصدقائه، مع العلم أن صديقي كان هو يقود السيارة، والذي توفي كان جالسا في المقعد الذي بجانبه، وكان الحادث عبارة عن اصطدام السيارة بحائط لما فقد السيطرة على المقود ناجم عن حالة اللاوعي التي كان عليها.
هل يعتبر صديقي قتل نفسا متعمدا أو خطا؟ أو هو قضاء وقدر؟ وماذا يستوجبه فعله؟ مع العلم أنه منذ الحادث أعلن توبته إلى الله، ولقد قام بزيارة أهل صديقه المتوفى الذين اعتبروا الوفاة مسألة قضاء وقدر، وهم حتى الآن يكنون له الاحترام والمحبة. ولكنه حتى الآن الموضوع يقلقه بغاية طاعة الله فهو لا يعلم ما الحكم المترتب عليه؟ هل دفع دية لأهل الميت أو صوم شهرين متتابعين أو لا شيء عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما وقع فيه صديقك يحتمل أكثر من احتمال، فإذا كان قد أخذ بأسباب الأمان ولم يتجاوز السرعة المحددة، ولم يسق وهو في حال تعب زائد يمنع التركيز والسيطرة، أو نعاس يجعله عرضه للتوقف عن الوعي في أي لحظة فلا شيء عليه إذا وقع الحادث ولم يستطع تلافيه، وإن كان يسوق وهو غير آخذ بالأسباب الآنفة الذكر أو ساق وهو متلبس بتعب أو نعاس ... فإنه يعتبر قتل خطإ يترتب عليه أمران: الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين إذا لم يجد رقبة يحررها. الأمر الثاني: الدية وهي على عاقلته.
وعليه أن يحمد الله تعالى الذي وفقه وهداه للتوبة والالتزام..
هذا وبإمكانك أن تطلع على تفاصيل ما ذكرنا وأدلته في الفتاوى التالية أرقامها: 1872، 5914، 10651.
نسأل الله لنا ولكم الثبات والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(15/203)
المرجع في تحديد قيمة الدية وكيفية تقسيمها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي زوجي- رحمه الله- في حادث سيارة مع صاحبه، فطلبنا الدية من صاحبه بمبلغ فكم مبلغ الدية؟ وعلى من تقسم؟ على إخوانه وأخواته أوعلى أمه وزوجته؟ مع العلم أنه ليس له أبناء- رحمه الله- وإخوته 2وأخواته 2 فكم المبلغ لكل واحد فينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أصل دية المسلم في الشريعة مائة من الإبل أو ما يعادلها، ويختلف ذلك باختلاف البلاد، وقد جعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورِق -الفضة- اثني عشر ألف درهم. رواه مالك في الموطأ.
والمرجع في تحديد القيمة إلى أولياء الأمر من العلماء والقضاة.
أما تقسيمها فيكون مثل تقسيم التركة على جميع الورثة كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى
وإذا كان ورثة زوجك محصورين فيمن ذكر؛ فإن ديته تقسم على النحو التالي:
لزوجته الربع فرضا، لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ. {النساء:12} .
ولأمه السدس فرضا، لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ. {النساء:11}
وما بقي بعد فرض الزوجة والأم يقسم على إخوته تعصيبا للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى، لقوله تعالى: وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(15/204)
الواجب لو خرج الجنين ميتا بسبب التأخر في إخراجه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة كانت حاملا ولم يكن هناك أطباء، أى أنها لم تكن تعلم أن لها توأما، فعندما جاءها المخاض أتت امرأة-قابلة-لتولدها وهي تظن أنه مولود واحد، وعندما ولد الأول انتظرت القابلة نزول المشيمة لكي تقص السرة، فوجدت يدا أخرى فحاولت أن تخرج المولود الثاني لكن الأم خافت ورفضت أن تلمسها فاستعانت القابلة بامرأة أخرى، وعندما تم إخراج الطفل كان قد تثاءب مرتين ومات، فالأم تسأل إن كانت هي المذنبة في موته لأنها لم تسمح لهم بلمسها، وهل تجب عليها الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون المرأة المشار إليها تسببت في موت المولود أم لا؟ هذا يرجع فيه إلى أهل الخبرة في التوليد كالأطباء والقوابل. وهاهنا حالتان:
الأولى: إن أخبروا أن المولود خرج حيا ومات بسبب التأخر في إخراجه، وكانت المرأة هي التي منعتها من إخراجه فهي المتسببة، ومن تسبب في موت شخص لزمته ديته، والكفارة، والدية على عاقلة المتسبب، والكفارة عليه هو؛ كما فصلناه في الفتوى رقم: 24372.
والتثاؤب دليل على الحياة في قول بعض الفقهاء. جاء في مغني المحتاج من كتب الشافعية: وتعلم الحياة مستقرة باستهلاله صارخا، أو بعطاسه، أو التثاؤب، أو التقام الثدي، أو نحو ذلك. انتهى.
فإذا ثبت أنها متسببة وكان المولود نزل حيا ثم مات، فإن عليها كفارة القتل الخطأ وهي المذكورة في قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ. {النساء:92} .
والكفارة تحرير رقبة مؤمنة، فإذا لم توجد فصيام شهرين متتابعين، والدية تدفع لورثة المذكور إذا لم يعفوا، فإن عفوا عنها سقطت، ولا تسقط الكفارة. وفي حالة عدم العفو تكون الدية على العاقلة ولا ترث الأم المتسببة في القتل منها شيئا.
الثانية: إن أخبرو أنه خرج ميتا وأن سبب موته التأخر في إخراجه وكانت الأم هي السبب في التأخر لمنعها القابلة من إخراجه فالذي يظهر أن الضمان هنا يكون غرة كدية الجنين إذا اعتدى عليه فسقط ميتا.
جاء في الموسوسة الفقهية: اتّفق الفقهاء على وجوب الغرّة في الجناية على الجنين إذا سقط وانفصل عن أمّه ميّتاً 000 ويشترط في الجناية لوجوب الغرّة: أن يترتّب عليها انفصال الجنين عن أمّه ميّتاً، سواء أكانت الجناية نتيجة فعل أم قول، وسواء أكانت عمداً أم خطأً، ولا يختلف هذا الحكم فيما إذا كانت الجناية من الحامل نفسها أو زوجها أو غيرهما، ففي كلّ هذه الحالات تجب الغرّة، والغرّة تكون عبداً أو وليدةً يبلغ مقدارها نصف عشر الدّية.
فالحاصل أنه إن خرج ميتا بسبب التأخر كانت على الأم الغرة، وحيث إنها غير موجودة الآن فالذي عليها هو عشر دية الأم، وهذا العشر عليها هي وليس على عاقلتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(15/205)
مبنى الحكم في حوادث السيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كان أخي عائدا من المدرسة، وهو يقود سيارته تفاجأ بشخص رمى بنفسه أمام سيارته، وقد حاول أن يتحاشاه دون جدوى، علما بأنه كان يقود بسرعة 60 كم في الساعة، وقد حاول بشتى السبل تحاشي الاصطدام به، وكان هذا الشخص الذي رمى بنفسه أمام السيارة يركض هاربا من رجال الجوازات، تسبب الحادث في وفاة الشخص بعد أن ظل في المستشفى قرابة أسبوع، وقد تم الحكم على أخي بدفع الدية، ف هل كانت الدية واجبة عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم بالدية في حوادث السيارات مبني على قاعدة (ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه) ، فإذا كان هذا الحادث قد حصل دون تفريط من أخيك، بحيث أنه كان يسير بالسرعة المطلوبة في ذلك المكان الذي وقع فيه الحادث، مع أخذه للاحتياطات اللازمة لصيانة السيارة ولم يفرط في استخدام آلة التنبيه، وثبت أن الخطأ على ذلك الشخص الهارب فلا ضمان على أخيك ولا كفارة.
أما إذا كان يمكنه تلافي الحادث بأداة التنبيه أو تخفيف السرعة أو غير ذلك ولم يفعل فهذا قتل خطأ حصل منه، ولو كان بعد الحادث بوقت، وحينئذ يلزمه أمران:
الأول: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجدها فصيام شهرين قمريين متتابعين.
والثاني: الدية تدفع لورثة المقتول، وتتحملها العاقلة، وهم أقرباء المتسبب من جهة الأب..
والواجب في مثل هذه الحوادث الرجوع إلى الجهات المختصة للنظر في ملابسات الحادث من كل جوانبه وسؤال الطرفين، وذلك لتصور القضية تصوراً متكاملاً وصحيحاً، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، وقد سبقت فتاوى في مسائل مشابهة، وذلك تحت الأرقام التالية: 23912، 30811، 116468.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(15/206)
الكفارة والدية في حوادث قتل الخطأ بين الوجوب وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[صدمت شخصا كبيرا في السن ومات، مع العلم أني كنت أسير بسرعة 60 تقريبا، وأن الشخص الذي صدمته نظره ضعيف، وليست المرة الأولى التي يصدم فيها على نفس ذلك الطريق. فهل علي صيام شهرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد تعديتَ بفعل ما لا يجوز، أو فرطت بترك ما يجب مراعاته، وكان يمكنك الاحتراز من وقوع الحادث، فتلزمكَ الدية والكفارة، وأما إذا لم يكن منك تعد ولا تفريط، ولم يكن في إمكانك تفادي الحادث بوجة من الوجوه، فلا شيء عليك.
قال الشيخ العثيمين: يجب التحقق من سبب الحادث، فإن كان بتفريط أو تعد من السائق فعليه الضمان-الدية- والكفارة. وإن لم يكن بتعد منه ولا تفريط فليس عليه شيء. اهـ
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إن كان السائق مفرطا في سيره، أو له سبب في حصول الحادث كمخالفة للسير، أو سرعة، أو نعاس، ونحو ذلك، أو إهمال للسيارة، وضرورة تفقد أسباب سلامتها، فعليه كفارة القتل عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله، أما إذا لم يكن له تسبب بوجهٍ ما في وقوع الحادث فلا شيء عليه. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(15/207)
صدم رجلا فوقع فصدمته شاحنة فمات فمن يتحمل ديته
[السُّؤَالُ]
ـ[سائق سيارة صدم رجلا على الطريق العام الدولي السريع لوجوده في منتصف الطريق، والسرعة ضمن المسموح، فوقع الرجل على الأرض بعد أن أصيب، ثم جاءت شاحنة كبيرة مسرعة وصدمت الرجل فتوفي، ولم تعرف هوية الشاحنة، لأن الوقت كان ليلاً، وشهد على ذلك ابن شقيق المتوفى الذي كان موجوداً مع عمه، فهل على السائق الأول شيء من دية أو كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن السائق الأول وصاحب الشاحنة إن ثبتت الدعوى عليه متسببان في موت الرجل، فإن علمت نسبة تأثير كل منهما عمل بمقتضاها، وكان على عاقلته من الدية ما يناسب تأثيره، وإن جهلت حكم بالتساوي فتدفع عاقلة كل واحد منهما نصف الدية، وعلى كل منهما كفارة قتل الخطأ ... جاء في قرار صادر عن المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: إذا اجتمع سببان مختلفان كل واحد منهما مؤثر في الضرر فعلى كل واحد من المتسببين المسؤولية بحسب نسبة تأثيره في الضرر، وإذا استويا أو لم تعرف نسبة أثر كل واحد منهما فالتبعة عليهما على السواء. اهـ
وننبه إلى أن محل ضمان السائق ما إذا وقع منه تفريط بأن قصر فيما يلزمه من صيانة أو خالف نظم السير، وأما ما وقع بأمر قاهر دون تفريط منه فلا يضمنه، جاء في قرار المجمع السابق: ثانياً: الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ، والسائق مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار، سواء في البدن أم المال، إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر، ولا يعفي من هذه المسؤولية إلا في الحالات الآتية:
1- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان.
2- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيراً قوياً في إحداث النتيجة.
3- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه فيتحمل ذلك الغير المسؤولية..
وعلى هذا فإذا كان كل من السائق الأول والسائق الثاني غير مفرطين ولا متعديين فيما يباح لهما من السرعة فلا ضمان عليهما، وإن كان أحدهما مفرطاً أو متعدياً ضمن بقدر خطئه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2152، وللأهمية راجع في ذلك الفتوى رقم: 55897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(15/208)
أوقف السيارة خارج الطريق فاصطدم به شخص فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أوقف سيارته خارج الطريق العام بعدة أمتار, وجاء سائق سيارة أخرى وخرج عن الطريق العام سواء كان بسبب سكره أو سرعته الفائقة أو لكونه في حالة نوم أو بأي سبب آخر واصطدم بالسيارة الواقفة وتوفي، فهل على صاحب السيارة الواقفة خارج الطريق دية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صاحب السيارة إذا أوقف سيارته في مكان لا يمنع فيه إيقاف السيارات لا يضمن إذا اصطدمت سيارة بسيارته لعدم تعديه، كما في الفتوى رقم: 68320، وأما إذا أوقفها في مكان لا يسمح بإيقافها فيه فإنه يضمن.
وبناء على هذا فالذي يظهر لنا من هذه الحالة المسؤول عنها أن صاحب السيارة الواقفة غير ضامن لكونه أوقفها -كما ذكرت- خارج الطريق العام بعدة أمتار، إلا أننا نقول إن مثل هذه الأمور لا يعتمد في حلها على الفتوى، وإنما يعتمد فيها على الحكم الذي تصدره المحاكم الشرعية التي تقوم بالتحقيق الكافي الذي لا يتسنى للمفتي القيام به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1430(15/209)
هل تجب على السائق دية إذا قفز الراكب من السيارة فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على سائق السيارة دية في حال أن أحد الركاب قفز من صندوق السيارة أو فتح باب السيارة وهي تسير بدون علم السائق ووقع على الأرض وحصلت له الوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فالأصل أن قائد المركبة ضامن لما تلف بسببها، إلا إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها، أو كان بسبب فعل المتضرر، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 15533، والفتوى رقم: 98502 وما أحيل عليه فيهما.
ولذلك فإن كان الأمر كما جاء في السؤال فإن السائق لا دية عليه ولا كفارة ولا إثم ... لأن الشخص هو الذي قتل نفسه أو هو المتسبب في قتل نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(15/210)
لا وجه لأخذ الدية ممن لم يباشر القتل ولم يتسبب فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ الدية من الشخص البريء وغير المتسبب في الحادث أو بنسبة قليلة حسب تقرير المرور ... على سبيل المثال سائق آلة ثقيلة يسير في الطريق العام حسب التعليمات وجاء سائق آخر واصطدم بالآلة من الخلف وحصلت الوفاة بالمصطدم فهل على سائق الآلة الثقيلة دفع الدية للمتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائق إذا كان يسير بطريقة عادية، ولم يكن له تسبب في الحادث، فإنه لا شيء عليه إذا صدمه سائق آخر من الخلف، لأنه ليس مباشراً لما حصل ولا تسبب فيه، ومن لم يباشر القتل ولم يتسبب فيه فلا وجه لأخذ الدية منه.
هذا، وننصح بالرجوع للمحاكم الشرعية للنظر في ملابسات مثل هذا الموضوع. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26547، 55897، 73297، 15533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(15/211)
حكم الديات المقدرة عرفا بقيمة أقل من الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الديات المعمول بها في وقتنا الحاضر وهي مقدرة حسب العرف السائد بثلاثة عشر ألف دينار ليبي. بحيث ثلاثة آلاف تقدم للعزاء وبعد أن يتم الصلح تدفع العشرة آلاف دينار.. ما هو حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدية محددة شرعا، سواء كان المقتول مسلما أو غير مسلم، وقد سبق لنا أن بينا مقدار دية الحر المسلم بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 14696، والمبلغ المشار إليه في السؤال أقل من ذلك بكثير فلا يعتبر دية كاملة، فإذا لم يرض أولياء المقتول به وطالبوا بدفع الدية كاملة فلهم الحق في ذلك، ولا يجوز الاتكاء على العرف أو القانون المخالف لشرع الله تعالى، وكل ما خالف الشرع من القوانين أو الأعراف فإنه لا عبرة به ولا يجوز التحاكم إليه. انظر الفتوى رقم: 37558. حول العرف معناه أقسامه وشروط اعتباره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(15/212)
القتل في حوادث السير بين وجوب الدية والكفارة وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الواجب عمله في حال تسبب أي شخص بمقتل شخص آخر في حادث سير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الحادث حصل دون تفريط من الشخص، لا في السرعة إن كان سائقا، ولا في أخذ الاحتياطات اللازمة لصيانة السيارة، ولا في استخدام أسباب السلامة، فلا ضمان عليه ولا كفارة.
وإن كان الأمر بسبب شيء من الإهمال والتفريط من غير تعمد للقتل فحينئذ يلزمه أمران:
الأول: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجدها فصيام شهرين قمريين متتابعين.
والثاني: الدية تدفع لورثة المقتول، وتتحملها العاقلة، وهم أقرباء المتسبب من جهة الأب.
وينبغي إحالة النظر في مثل هذه القضايا للمحاكم الشرعية والجهات المختصة بالنظر في تلك القضايا، لتتحقق من ملابسات الحادث من كل جوانبه.
وقد سبق بيان هذه الأحكام في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30811، 49025، 2152، 22750.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(15/213)
ما يلزم الأم إذا تسببت في موت طفلها الرضيع
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً.. وسؤالي هو سيدة كانت نائمة وأمامها ابنها البالغ عمره 40 يوما أحست بابنتها الصغيرة تبكي فهبت إليها وعندما عادت لوليدها وجدته ميتاً وهناك سائل خارج من أنفه، هي لا تعلم فيما إذا كان مات نتيجة شرقة أو اختناق أو أنه مات ميتة طبيعية ولا تدري هل كانت مسؤولة عن ذلك وهل عليها شيء، علماً بأنها كانت في سن صغيرة وتجهل الكثير من طرق رعاية الأطفال، فأرجو إفادتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 72806.
ومنها يتبين أنه إذا كانت هذه الأم متسببة في قتل هذا الطفل ولو بالتفريط في رعايته فإنه يلزم عاقلتها دفع الدية، وتلزمها هي الكفارة، ولا يعفيها عن هذه الكفارة كونها صغيرة السن، لأنها امرأة بالغة.. اللهم إلا إذا لم تجد ما تعتقه ولم تستطع صيام شهرين متتابعين فإنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(15/214)
هل يدخل الزوج في دفع الدية في القتل الشبه العمد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يدخل الزوج في دفع الدية المغلظة في القتل الشبه العمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدية المغلظة تكون على العاقلة جميعا وهم العصبة، وذلك لما رواه ابن ماجه وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة.
فإذا كان الزوج من العاقلة فإنه يكون من ضمنهم، ويجب عليه شرعا أن يدفع ما يلزمه منها، أما إذا لم يكن من العاقلة فلا يلزمه الدفع معهم.
وسبق بيان من يتحمل الدية وأنواع القتل، وما يترتب على كل نوع منها في الفتوى: 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(15/215)
طفلة غرقت في لحظة غفلة بوجود إخوتها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت طفلة في السادسة من عمرها غرقا في مسبح مع وجود سبل الوقاية بعد الله سبحانه، ومع وجود بقية إخوانها ولكن بلحظة غفلة غرقت فهل على والديها شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم في هذه المسألة متوقف على معرفة أسباب الغرق والظروف المحيطة به، فإن كان أحد من والدي الطفلة أو غيرهما تسبب في الغرق ولو عن طريق التقصير أو التفريط فيما يجب عليه من حفظ مثل هذه الطفلة، فعليه الكفارة، وعلى عاقلته الدية لورثة الطفلة، إلا أن يعفو من له الحق في العفو عن الدية.
وإن لم يكن هناك من فرط أو قصر فتسبب في غرقها، فلا تجب الكفارة ولا الدية. وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 113444، 16493، 10717.
ومثال التفريط أن يسمح لمن لا يحسن السباحة أن يسبح في موضع خطر، أو يغفل عن مراقبة من ينبغي مراقبته لصغر سنه أو حاجته للمساعدة.
وقد سبق ذكر نحو ذلك في فتوى عن منقذ السباحة ومدى مسؤوليته وضمانه، وهي برقم: 59107.
فإن كانت الغفلة التي عناها السائل بقوله: ولكن بلحظة غفلة غرقت من هذا النوع المشار إليه سابقا، فهو تقصير ظاهر؛ فإن حمام السباحة مظنة للغرق. وعليه فمن كان موكلا بحفظها سواء كان الوالد أو غيره، فعليه الكفارة بصيام شهرين متتابعين، وعليه الدية لبقية ورثة الطفلة إلا أن يعفوا.
وأما إن كانت هذه الغفلة المذكورة في السؤال هي الغفلة العادية التي تعتري كل إنسان ولا تتفاحش في النفس ولا تعاب في العرف، فهذا مما يغتفر، ولا يعتبر تعديا، ولا يترتب عليه ضمان.
ويمكن لمزيد الفائدة مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1162، 13258، 14696، 59987.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(15/216)
من يتحمل دية من ماتوا بسبب انفجار محطة وقود
[السُّؤَالُ]
ـ[انفجرت محطة للمحروقات وقتل فيها ثلاثة، فمن يدفع ديات هؤلاء، أم أن دماءهم تذهب هدرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما لايمكن التحرز منه لا ضمان فيه، فالضمان يكون بالمباشرة أو التسبب إذا كان المتسبب متعديا. وعلى ذلك فإذا كان الانفجارحصل بدون تسبب، أو حصل بفعل ما جرت العادة بفعله من غير تفريط، فهذا أمر سماوي لا ضمان فيه ولا دية.
وللمزيد من التفصيل وقول أهل العلم انظر الفتوى: 80156
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(15/217)
وجبت عليه كفارة قتل الخطأ ثم مات قبل أن يكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[الله يعطيك العافية ويجزيك عنا ألف خير أخي عندي سؤال ضروري ومحتاج لشيخ أثق فيه يفتي لي في هذه المسألة وخصوصا أني ضعت بين رأيين اثنين ولا أدري أيهما صح أنا لي ولد توفي بحادث سيارة وكان وحده فيها ومن السيارة الأخرى توفي ثلاثة إخوان ظروف الحادث كانت غامضة ونحن كنا مصدومين وقتها وما عاد همنا شيء ودققنا في تفاصيل الحادث الشرطة قررت أن الخطأ على ولدي مع أن الذي كان يسوق السيارة الأخرى طالب ما معه رخصة وولدي مدرس رايح لدوامه وكان أغلب عناصر الشرطة من قبيلة أهل الولد وما دققنا كثيرا في الموضوع أعطيناهم دية تعاطفا منا وصدقة لولدي لكن بعد فترة سمعت أنه لازم نصوم عنه شهريين لكل متوفى يعني المجموع ستة شهور ناس قالوا ما عليه صيام وناس قالوا لي لازم تصومين عنه هذا مثل الدين وما أدري االفتوى الصحيحة يا شيخ الله يجزيك ألف خير ويجعل مثواك الجنة يا ليت تخلصني من حيرتي والتعب النفسي الذي أعانيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشرطة قد قررت أن الخطأ كان على ولدك رحمه الله فالأصلُ صحة ما قرروه وأنهم غيرُ متهمين، وعلى هذا، ففديةُ الثلاثة الذين تسبب ولدكِ رحمهم الله جميعاً في قتلهم واجبةٌ على عاقلته، وإذ قد دفعتموها وطابت أنفسُ أهل المقتولين فلا شيء عليكم، وأما ولدكم رحمه الله فقد كان يلزمه لو قدرت حياته عتقُ رقبة، فإن عجز فصيامُ شهرين متتابعين، وإذ قد توفاه الله قبل التمكن من الصوم فلا يلزمكم تدارك ذلك بصوم ولا إطعام. قال العلامة زكريا الأنصاري الشافعي رحمه الله في شرح نهج الطلاب: من فاته صوم واجب ولو نذرا أو كفارة فمات قبل تمكنه من قضائه فلا تدارك للفائت ولا إثم. انتهى.
ولكن يستحبُ لكم أن تصوموا عنه مراعاة لقول من قال بمشروعية ذلك، ففي فتاوى اللجنة الدائمة فيمن وجبت عليه كفارة قتل الخطأ لكونه صدم امرأة وماتت، ثم مات هو قبل أن يكفّر: صيام الشهرين الذي كان واجبا على أخيك كفارة عن قتل الخطأ لكنه مات قبل أن يتمكن من أدائه يكون باقيا في ذمته، ولا يلزم أحدا أن يصوم عنه، لا أولاده ولا غيرهم، ولكن من تبرع بذلك وصام عنه فله الأجر، وتبرأ به ذمة الميت إن شاء الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه صوم صام عنه وليه. متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، والولي هو القريب. انتهى.
ويرى بعض العلماء أنه لا يُصام عن الميت، وإنما يُطعم عنه وليه ستين مسكيناً عن كل قتيل. وانظري للفائدة الفتوى رقم 17085.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(15/218)
ما يلزم طبيبة النساء إذا مات الجنين بتقصير منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيبة نساء يحدث وأن يتوفى جنين في بطن أمه بتقصير منا دون أن نتعمد ذلك خاصة من نقص الإمكانيات وكثرة المرضى علينا أو من شدة التعب من كثرة العمل ونحن مجبرون على العمل في ظروف قاسية فماذا علينا في حق هؤلاء الأطفال الذين يتوفون في هذه الظروف؟
شكرا على الإيضاح بدقة وتفصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطأ هو ما ليس للإنسان فيه قصد، ومثاله: أن تزل يد الطبيب، وينشأ عن ذلك ضرر بجسم المريض، فهذا النوع لا يترتب عليه تأثيم فاعله، لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب:5}
ومن ثم لا تتعلق به مسؤولية في الآخرة، لكن يجب على صاحبه ضمان ما نشأ عن خطئه من جنايات. بخلاف ما إذا أتقن الطبيب عمله وأعطى المهنة حقها، ثم حصل ضرر لا يد له فيه فإنه عندئذ لا يضمن. وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتويين: 5178، 5852.
وفي الحالة الواردة في السؤال وهي وفاة جنين، إن كان ذلك بسبب تقصير الطبيبة فتلزمها الدية إذا كان هذا الجنين قد تبينت فيه خلقة الإنسان، وذلك بعدما يمر عليه أربعون يوما في بطن أمه، ولا تسقط هذه الدية بقدم الزمن. كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18906، 50129، 11789.
ومقدار هذه الدية غرة عبد أو أمة، لما في الصحيحين أن أبا هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة.
وقيمة هذه الغرة – حيث لا توجد الآن – خمس من الإبل: عُشر دية الأم، فإن ديتها خمسون من الإبل، كما سبق في الفتويين: 9332، 68559.
والأصل في وجوب الدية قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} .
وهذه الغرة، هل تجب على العاقلة أم من مال الجاني؟ محل خلاف بين أهل العلم، والأكثر على أنها على العاقلة، وقد سبق سرد أقوال أهل العلم في ذلك، في الفتوى رقم: 11681.
وأما الكفارة ـ وهي صيام شهرين متتابعين فقد اختُلف في وجوبها أيضا، والأحوط فعلها، ولا تكفي كفارة واحدة عن جميع الحالات، بل لكل جنين كفارة مستقلة. كما سبق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13171، 76990، 45029.
ثم ننبه السائلة الكريمة إلى أن هذه الوفاة إن حصلت بسبب نقص الإمكانيات أو كثرة المرضى وانشغال الطبيب بأحدهم عن الآخرين، وما إلى ذلك من ظروف العمل، فهذا ليس للطبيب فيه دخل، وليس عليه فيه ضمان، فالطبيب لا يُلزم إلا بتعديه وما جنت يداه، وحصل بسبب تقصيره وتفريطه هو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(15/219)
التقدير الصحيح للدية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التقدير الصحيح للدية في فلسطين، وما هي الأصول التي اعتمدها العلماء في تقدير الدية في بلادهم؟ الرجاء الرد السريع.. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن دية الحر الذكر المسلم على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتا بقرة، وعلى أهل الشاء ألفا شاة، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم أو عشرة آلاف على خلاف وعلى أهل الحلل مائتا حلة.. والأصل في الديات هو الإبل، واختلفوا فيما عداها هل هو أصل عند فقد الإبل، أو هو من باب القيمة؟ فقال الشافعي وهو رواية عن أحمد وظاهر كلام الخرقي من الحنابلة وقول طاووس وابن المنذر: إن الأصل في الدية الإبل لا غير.
وذهب المالكية وأبو حنيفة إلى أن أصول الدية من الأموال ثلاثة أجناس: الإبل والذهب والفضة. والمذهب عند الحنابلة وهو قول الصاحبين من الحنفية، أن أصول الدية خمسة: الإبل والذهب والورق والبقر والغنم، وهذا قول عمر وعطاء وطاووس وفقهاء المدينة السبعة وابن أبي ليلى. وزاد عليها أبو يوسف ومحمد من الحنفية -وهو رواية عن أحمد - الحلل، فتكون أصول الدية ستة أجناس، كما جاء في الموسوعة الفقهية.
وقدر الدية لا يزيد ولا ينقص بسبب الموجب من عمد أو شبهه أو خطأ، ولكنه في حالة العمد تغلظ الدية من الإبل خاصة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 14696، والفتوى رقم: 59987، ودية المرأة على النصف من دية الرجل باتفاق الفقهاء، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 56074.
وبناء على ما سبق فمقدار الدية بالعملة المحلية في فلسطين أو غيرها من الدول يختلف بحسب اختلاف سعر العملة، وقيمة الإبل أو الذهب والفضة، على التفصيل السابق في الخلاف بين أهل العلم في ما هو الأصل في الدية، وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 34509.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(15/220)
هل يجزئ دفع دية قتل الخطأ إذا دفعتها شركة التأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الكريم حدث لي حادث سير ونتيجة الحادث توفي طفل خطأ وحسب تخطيط الشرطة كنت أنا الجاني بالحادثة وعليه قامت شركة التأمين بدفع الدية لوالدي الطفل المتوفى, المهم في هذا الأمر أن الدولة تفرض علينا تأمين السيارات إجبارا كقانون لسير المركبات وترخيص استخدامها, فهل علي ذنب في ذلك وما كفارته مع العلم أني قد قضيت شهرين صوم كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما دامت شركة التأمين قد دفعت عنك الدية وصمت شهرين متتابعين فقد برئت ذمتك إن شاء الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن التأمين محرم بكل أنواعه إلا التأمين التعاوني، ولذا فلا يجوز للمسلم أن يشترك باختياره في غير التأمين التعاوني، فإن ألزم بالاشتراك فإن الإثم يكون على من ألزمه به، وانظر الفتوى رقم: 25959 وما أحيل عليه فيها.
وما دمت مكرها على التأمين ومخطئا في القتل فإنه لا إثم عليك إن شاء الله تعالى في ذلك، وذلك لما رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
والأصل في دية قتل الخطأ أنها على عاقلة الجاني، وإذا دفعتها أية جهة أخرى فإن مستحقيها يسقط حقهم في المطالبة بها.
وعليه؛ فإذا قامت شركة التأمين بدفع الدية كاملة إلى أولياء المقتول فقد سقطت عنك، وإن كان ما دفعت لهم أقل من الدية لزم العاقلة تكميله ما لم يعف عن البقية أولياء المقتول.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل انظر الفتوى رقم: 29709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(15/221)
دية الجنين الذي مات مع أمه بسبب جناية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفيت زوجتي عليها رحمة الله في حادث سيارة وكانت حاملا في الشهر السادس بذكر وذلك بشهادة المستشفى وكان سائق السيارة الأخرى هو المذنب، وحكمة المحكمة بدية للورثة عن زوجتي ومبلغ عن الجنين، استخدمت المحكمة كلمة "تعويض عن الجنين" وليس دية، فعند القسمة، استلم الموضوع قاض آخر وحكم بتقسيم الدية عن زوجتي كالتالي: سدس لأبيها، سدس لأمها، والربع لي، والباقي لأولادي الاثنين وهم ذكور.. أما قسمة التعويض عن الجنين فقرر بحكم الخمس لكل فرد لأن الورثة خمسة أشخاص، هنا عندي سؤالان: هل للجنين دية، وهل قسمة القاضي عن مبلغ التعويض هذه صحيحة، وإن لم تكن صحيحة فما هو الصحيح؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء بما أننا لا نعلم ملابسات القضية التي حكم فيها القاضي المشار إليه، فإننا لا نستطيع أن نحكم بصحة القسمة التي قسمها القاضي أو بخطئها، وبإمكان السائل مراجعة القضاء في ذلك والاستئناف إذا شك في صحة القسمة، ولم يظهر لنا وجه تخميس المبلغ المذكور لأنه إما أن يكون من تمام دية الأم، وإما أن يكون عن دية الجنين، وفي كلا الحالين لا تكون قسمته على ما ذكر في السؤال.. فيما يبدو لنا والله أعلم.
وإذا ماتت الحامل بسبب جناية ومات معها جنينها ولم يخرج فإن الجنين لا تجب عنه غرة ولا دية، قال ابن قدامة في المغني: إن الغرة إنما تجب إذا سقط من الضربة ويعلم ذلك بأن يسقط عقيب الضرب أو ببقائها متألمة إلى أن يسقط، ولو قتل حاملاً لم يسقط جنينها ... لم يضمن الجنين وبهذا قال مالك وقتادة والأوزاعي والشافعي وإسحاق وابن المنذر، وحكى عن الزهري أن عليه الغرة لأن الظاهر أنه قتل الجنين فلزمته الغرة كما لو أسقطت، ولنا أنه لا يثبت حكم الولد إلا بخروجه ولذلك لا تصح له وصية ولا ميراث ... انتهى.
وعلى القول بالضمان فإن دية الجنين غرة وهي عبد أو أمة وعند تعذرهما تكون دية الجنين عشر دية أمه، ولا تختلف ديته بكونه ذكراً أو أنثى كما جاء في الموسوعة الفقهية:.... ويستوي في ذلك أن يكون الجنين الملقى ميتاً ذكراً أو أنثى لإطلاق الخبر، ولئلا يكثر التنازع في الذكورة والأنوثة لعدم الانضباط.. انتهى. وانظر لذلك الفتوى رقم: 29849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(15/222)
حكم قتل الوالد ولده لكثرة مشاكله ومعاصيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وبارك الله فيكم وفي ذريتكم على ما تقدمونه من خير وإن شاء الله يزرقكم الجنة ويجعلكم مع السفرة الكرام البررة آمين.. أما بعد:
شخص له ابن كثير الفساد كثير الشجار وكثير المعاصي, كره من أعمال ومشاكل ابنه اليومية فاضطر لقتله
فما حكمه هنا، فلا ننسى أنه حاول معه بكل الوسائل أن يرجعه للطريق الصواب، وثانياً: هو ابنه وهو من أنجبه ألا يحق له أن يقتله إن كان فيه مضرة وما نوع القتل هنا وما عقابه؟ وشكراً وربنا معكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله هذا الوالد بولده من أكبر الكبائر، قال الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً.
قال ابن العربي: الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت لأنها لا تفي بوزره. انتهى.
وكون الولد كثير الشجار والمعاصي لا يسوغ بحال من الأحوال قتله وكيف يجرؤ والد على قتل ولده ثمرة فؤاده والبهائم العجم ترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه؟! ثم إن المطلوب من الوالد أو غيره هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما العقوبة فيرجع فيها للجهات المختصة بذلك كالمحاكم الشرعية ومن بيده الأمر، ثم أي منطق هذا الذي يسوغ لوالد قتل ولده لكونه هو الذي أنجبه؟!
وأما عن حكم الوالد وما يترتب على هذه الجريمة البشعة فقد فصلناه في الفتوى رقم: 30793، والفتوى رقم: 56056، وقد بينا فيهما أن الأب إذا قتل ابنه متعمداً فإنه لا يقاد منه على الراجح من أقوال أهل العلم، وإنما تلزمه الدية مغلظة، واختلف في الكفارة فقيل بوجوبها وقيل باستحبابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(15/223)
دية المقتول تقسم على ورثته
[السُّؤَالُ]
ـ[قتل أحد أبناء عمومتي خطأ ولما كان القتل خطأ فإن أهله وأقاربه أخذوا الدية من القاتل ووزعت الدية بالشكل التالي ثلث الدية لعائلة المقتول والثلثان الباقية وزعت على أقارب المقتول الذين يشكلون عصبته القريبة والتي تدفع الدية عنه لو كان هو القاتل مع إعطاء حصة لعائلة المقتول من الثلثين كما بقية العصبة فضلا عن الثلث الأول، وهذا التقسيم متبع عشائريا في مناطقنا فهل يحق لنا أخذ هذا المال أم يجب أن نعيده إلى عائلة المقتول؟ أجيبونا..]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
دية القتيل تقسم على ورثته دون غيرهم كبقية ممتلكاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دية المقتول تقسم على ورثته المحددين في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كل حسب نصيبه المعروف له كبقية ممتلكاته، إلا من تسبب منهم في القتل فإنه لا يرث من الدية ويرث من غيرها عند المالكية، وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يرث من الدية ولا غيرها كما بينا في الفتوى رقم: 22750.
ولا حظ فيها لمن لم يكن من الورثة، والعصبة منهم من يرث بكل حال كالابن، ومنهم من يحجب بآخرين كالإخوة فإنهم يحجبون بالابن أو الأب، والخلاصة أنه لا بد من قسمة الدية بين الورثة كسائر التركة.
ولذلك فإن هذه القسمة التي ذكرت تعتبر باطلة - ولا اعتبار لكونها متبعة عشائريا- وعلى الجميع أن يردوا ما أخذوا إلى ورثة الميت حتى يقسم على مستحقيه، فقد تكفل الله عز وجل بتقسيم ما تعلق بالميت ولم يكله إلى رأي أي مجتهد من المجتهدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1429(15/224)
الأم المتسببة في موت ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ مدّة قصيرة وقعت لنا حادثة كما يلي:
امرأة بالبيت وهي أم لأربعة أبناء صغار قامت صباحا كعادتها ككل يوم لتنظيف البيت, وعندما دخلت المطبخ وأبناؤها من حولها وضعت أصغرهم وهي بنت لم تتجاوز السنة على طاولة الأكل بجانبها بالمطبخ حتى لا تعطلها هذه الأخيرة عن مسح أرضية المطبخ المبلولة بالماء فإذا لحظة زمنيّة سقطت البنت الصغيرة بالأرض وأغمي عليها, وبسرعة نقلناها إلى المستشفى لتلقّي العلاج ولكن مع قدر الله توفيت بعد أسبوع واحد متأثرة بذلك السقوط من الطاولة بنزيف في المخ, ومكثت الأم تتحسّر على فعلتها وتبكي وتصرخ متهمة نفسها بالتقصير في حقها وهي الأم الحنون التي يشهد لها كل أفراد العائلة بالانضباط وحبها لزوجها وأولادها خاصة.
سيدي السؤال المطروح شرعا هو: هل الأم فعلا مقصرة شرعا في حق ابنتها الصغيرة التي توفيت إثر سقوطها من أعلى الطاولة وهل عليها كفارة. أفيدونا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الإثم فنرجو ألا يلحقها لما يظن بها من الحنان والشفقة، لكن عليها كفارة الخطأ لتسببها في موت ابنتها بوضعها في مكان لا ينبغي وضعها فيه لكونها عرضة لما وقع من سقوط، والكفارة الممكنة الآن هي صيام شهرين متتابعين ولا يؤثر في التتابع قطع الصيام بسبب العذر الشرعي كالحيض أو النفاس أو المرض ونحوه، ويجب عليها مع الصيام الدية لورثة البنت إذا لم يعف عنها ورثتها، فإن عفوا عنها سقطت، مع التنبيه إلى أن الدية في حال دفعها تتحملها العاقلة، ولا ترث الأم منها شيئا.
وللمزيد راجع الفتويين: 74099، 10717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(15/225)
الحادث المشترك المؤدي للوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أقود السيارة وصدمت ولدا عمره 14 وتوفي ولم يتنازل أهله، والغلط علي 50 بالمائة فما الحكم، وإن تنازلوا فما الحكم أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عليك من الغلط النصف ولم يتنازل أولياء الدم فإن عليك الكفارة وعلى عاقلتك نصف الدية، أما إذا تنازلوا فإن نصفها يسقط عن العاقلة وتبقى أنت مطالبا بالكفارة.
جاء في قرار صادر عن المجمع الفقهي: إذا اشترك السائق والمتضرر في إحداث الضرر كان على كل واحد منهما تبعة ما تلف من الآخر من نفس أو مال.
وجاء فيه أيضا: إذا اجتمع سببان مختلفان كل واحد منهما مؤثر في الضرر فعلى كل واحد من المتسببين المسؤولية بحسبب نسبة تأثيره في الضرر، وإذا استويا أو لم تعرف نسبة أثر كل واحد منهما فالتبعة عليهما على السواء.
ويستثنى من تحميل السائق المسؤولية ما إذا كان الحاديث بسبب قوة قاهرة لا يستطاع التحرز منها أو كان بسبب فعل المتضرر أو بسب فعل الغير.
جاء في نفس القرار: ولا يعفى من هذه المسؤولية إلا في الحالات الآتية:
أ- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها وتعذر عليه الاحتراز منها وهي أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان.
ب- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيرا قويا في إحداث النتيجة.
ج- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه فيتحمل ذلك الغير المسؤولية.
وللأهمية تراجع الفتوى رقم: 101753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(15/226)
حول القتل الخطأ والدية ومجازاة الجاني
[السُّؤَالُ]
ـ[كان أخي رحمه الله مرافقا لزميله وزميله كان يقود بسرعة عالية في طريق ضيق بدون مراعاة وتسبب في حادث توفي على إثره أخي مصاباً بنزيف داخلي في موقع الحادث, والسائق لم يصب بأي أذى, وبعد مرور 3سنوات لم يتم أخذ أي إجراء على المتسبب في الحادث لا دفع ديه أو سجن, وأنا أريد معرفه الحق العام والحق الخاص الذي يقام على ذاك المتسبب في الحادث, حيث إنه الآن ما زال مستمرا بالسرعة وإزعاج الآخرين بالتفحيط بالسيارة، وهل يصلح أن يتنازل أهلي عن الدية بدون محكمة؟ أرجو الرد بسرعة.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الحق العام وهو حق الدولة فالأصل أن الدولة ليس لها حق في القتل الخطأ، ولكن إذا كان هذا القتل ناتجا من استهتار كما هو حال القاتل المسؤول عنه فإن للدولة في هذه الحالة تعزيره بما تراه رادعا له ولأمثاله، وأما الحق الخاص فهو الحق في الدية، قال الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا. {النساء، 92} .
والدية في القتل الخطأ تكون في مال العاقلة ولا تكون في مال القاتل، وتجب الدّية في القتل الخطأ على العاقلة مؤجّلةً منجّمةً على ثلاث سنوات في كلّ سنة ثلث الدّية. وقد نقل الترمذي وابن المنذر الإجماع على أن الدية في القتل الخطأ تكون مؤجلة على ثلاث سنوات، ونقل الإمام الجويني الإجماع على أن الدية تكون على العاقلة في القتل الخطأ وشبه العمد كما ذكر ذلك الحسيني الحصني في كتابه كفاية الأخيار، وإن كان في المسألة خلاف ولكن هذا هو الراجح، فإن لم يكن له عاقلة ففي بيت المال، فإن لم يكن بيت المال، ففي مال الجاني كما هو أحد قولي الشافعي ورجحه ابن قدامة في المغني وهو الصحيح حتى لا تضيع الدماء ويفوت حكم إيجاب الدية.
وأما العفو عن الدية فلا يفتقر إلى حكم محكمة وهو مندوب ورغب وحث عليه الشارع، ومن النّصوص الدّالّة على النّدب في العفو عن الدية قوله تعالى: يا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم القِصَاصُ في القَتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ والعَبْدُ بالعَبْدِ والأُنْثَى بالأُنْثَى فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وأَدَاءٌ إليه بِإِحْسَانٍ ذلك تَخْفِيْفٌ منْ رَبِّكُم وَرَحْمَة {البقرة: 178} الآية، وقوله تعالى: وكَتَبْنَا عليهم فيها أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ إلى قوله والجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ به فهو كَفَّارَةٌ له الآية: {المائدة: 45} أي كفّارة للعافي بصدقته على الجاني، وإذا كان هذا في حال العمد ففي حال الخطأ أولى.
ولكن العفو ينبغي أن يلاحظ فيه الإصلاح، فإن كانت بوادر التوبة قد ظهرت على هذا المتسبب في هذا القتل وكانت به حاجة فالأفضل العفو عن الدية، وإلاَّ فالأفضل أخذ الدية منه لكي ينزجر ثم لكم بعد ذلك أن تتصدقوا بها إن أحببتم ذلك.
وتراجع الفتوىرقم: 22983، والفتوى رقم: 18249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(15/227)
إذا كانت العاقلة عاجزة عن أداء الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في دية القتل الخطأ إذا لم تستطع عاقلة القاتل دفع الدية بحكم فقرها أو قلة عددها، وهل يمكن لأهل القتيل السماح في هذه الدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت العاقلة عاجزة عن أداء الدية لفقر أو قلة عدد.. دفعها بيت المال، جاء في روض الطالب: فإن فقدت العاقلة أو أعسروا وكذا لم يفوا بواجب الحول عقل بيت المال. وكذلك نص في تحفة المحتاج: أنه إن لم يف بالواجب عقل بيت المال عن المسلم، ومعنى ذلك لم يفوا بواجب الحول لفقر أو قلة عدد..
وفي المغني لابن قدامة: وإن كان له عاقلة لا تحمل الجميع أخذ الباقي من بيت المال.
أما هل يمكن لأهل القتيل العفو وإسقاط الدية فنعم لهم ذلك لأنه حق متمحض لهم، وما كان كذلك فهو يجري مجرى سائر الحقوق في الإسقاط، قال تعالى: فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ {المائدة:45} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(15/228)
حكم من أخرج ابنتيه حديثتي الولادة من المحضن فماتتا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أب أخرج ابنتيه حديثتي الولادة من المحضن (الحضانة) أحياء لعدم اكتمال نموهم ولتكلفة المحضن الباهظة عليه. علماً بأنهما ولدتا عن 26 أسبوع نصف الشهر السابع.
علماً بأنه لم يخرج الثانية إلا بعد موت الأولى، وجزاكم الله خيراً.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الوالد أخرج البنتين من المحضن بنية سيئة تجاههما يريد ألا تعيشا بسبب عدم اكتمال نموهما فهو آثم بما فعل، وإن كان أخرجهما تفاديا للتكلفة الباهظة وهو يريد أن يربيهما بطريقة أخرى غير المحضن كما كان يتربى من سبق في القرون الماضية من المواليد التي تولد قبل اكتمال النمو فنرى أنه غير مؤاخذ بما حصل من الخطأ في حقهما؛ إلا إذا تعين كون بقائهما سببا لحياتهما فيجب عليه السعي وبذل طاقته في حياتهما وإلا ضمن، وكان على هذا الوالد بعد موت الأولى أن يتعظ ويتحرى ويستشير الأطباء في أمر الثانية.
ثم إنه إذا كان تصرفه هوالسبب لموتهما فإنه تلزمه الدية عن كل واحدة منهما إن لم يعف عنه الورثة، والكفارة بعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين عن كل منهما.
فقد ذكر الحطاب في شرح خليل أن من وجب عليه مواساة غيره بطعام أو شراب فلم يفعل حتى مات الآخر جوعا أو عطشا فإنه يضمنه بديته، وكذلك من أجيف ولم يستطع على خيط وإبرة لخياطة جرحه إلا من عند رجل فمنعه حتى مات فإنه يضمن ديته.
وإذا وجب عليه المساعدة في إنقاذ أجنبي عنه فإن بناته من باب أولى يجب عليه السعي في إنقاذهن من الهلاك.
وننبه إلى أنه إذا لم يكن عند الأب وسيلة لإنقاذ طفلتيه وألزمه المستشفى بإخراجهما فلا إثم عليه ولا كفارة ولا دية، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 99225، 56056، 109092، 5914، 10717، 20549، 46262، 57180، 40416.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(15/229)
صدمت سيارته سيارة فصدم شخصا فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سائق وفي مرة من المرات كنت واقفا في سيارتي وجاءت سيارة من الخلف ضربت سيارتي فضربت رجلا حتى توفي -فما هو الحكم --أفيدونا جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت سيارتك قد صدمت صدمة لم تستطع معها السيطرة عليها لقوة الصدمة أو مفاجأتها أو غير ذلك فإنه لا يجب عليك شيء في ما نتج عن هذا الحادث، وذلك لأن الخطأ لم يحصل منك وإنما حصل من الآخر مع عدم تمكنك من تلافي الحادث فهو الضامن لما حصل لتسببه فيه.
ومع ذلك فلا بد من العودة إلى المحاكم الشرعية - إن وجدت - للتحقيق في الأمر بالوجه المطلوب وسماع شهادة الشهود- إن وجدوا- وغير ذلك مما يؤدي إلى إصدار حكم عادل بناء على معطيات الحادث كاملة
وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 73297، 19279، 23912.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(15/230)
القتل العمد من المجنون أوالمسحور وهل يرث من دية القتيل
[السُّؤَالُ]
ـ[عن صلة الرحم والوراثة، لقد مات أبي مقتولا من طرف أحد أفراد العائلة، وقد أكدت أجهزة الدولة أن هذا الفرد مريض وهو محتجز الآن في مستشفى المجانين وقالوا لنا إنه يجب علينا أن نعينه على الشفاء وأن يعود للعيش معنا. لكني لست مقتنعا بذلك لأنه لم يعد بإمكاننا أن نثق به وأن الحياة معه أصبحت مستحيلة لأنه قد يرتكب جريمة أخرى. كما أننا لا نثق في ما يقوله الأطباء لأننا نشك أنه مسحور والأطباء لا يؤمنون بالسحر.
فهل نأثم إذا لم نذهب لزيارته؟ وهل يحق له أن يرث شيئا معنا؟ علما أن رؤيته وحدها تسبب لنا ألما كبيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل قد وقع منه القتل حال فقده لعقله بجنون أو سحر أو نحو ذلك فلا إثم عليه في ذلك لكونه غير مكلف، وراجع الفتوى رقم: 15041.
ولا يلزمكم الموافقة على عيشه معكم ولو شفي من جنونه، ولكن لا يجوز لكم قطعه بالكلية لما في ذلك من قطيعة الرحم هذا إن كان يدخل ضمن الرحم التي تجب صلتها، وأما زيارته فإن كنتم تخشون منها ضررا عليكم أو أن يلحقه منكم ضرر فلا حرج عليكم في تركها.
ويجب على عاقلة هذا القاتل دفع الدية كما هو الحال في قتل الخطأ، وانظر الفتوى رقم: 50687.
وأما إرثه فإن كان المقصود إرثه من دية المقتول أو من ماله ففي هذا خلاف بين العلماء، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: أو كان القاتل صبيا أو مجنونا فلا حرمان عند الحنفية بالقتل في الصور المذكورة. وذهب الحنابلة والمالكية في الأرجح إلى أن القاتل عمدا مباشرا أو متسببا يمنع من الميراث من المال والدية ولو كان صبيا أو مجنونا, وإن أتى بشبهة تدفع القصاص كرمي الوالد ولده بحجر فمات. وعند المالكية رأي آخر هو أن عمد الصبي والمجنون كالخطأ, فيرث من المال دون الدية, وهذا هو الظاهر عندهم. وأما إذا قتل مورثه قصاصا أو حدا أو دفعا عن نفسه فلا يحرم من الميراث عند الحنفية والمالكية والحنابلة. وذهب الشافعية إلى أن كل من له مدخل في القتل يمنع من الميراث, ولو كان القتل بحق كمقتص, وإمام , وقاض , وجلاد بأمر الإمام والقاضي وشاهد ومزك. ويحرم القاتل ولو قتل بغير قصد كنائم ومجنون وطفل ولو قصد به مصلحة كضرب الأب ابنه للتأديب. اهـ.
والأولى في مثل هذه المسائل مراجعة المحكمة الشرعية فإن حكم القاضي رافع للخلاف في المسائل الاجتهادية، وإن غلب على الظن إصابته بالسحر فينبغي أن يرقى بالرقية الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1429(15/231)
مقدار دية المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضكلم ما هو مقدار دية المرأة في الدول العربية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بمقدار دية المرأة في الدول العربية، ولكن الذي نعلمه أن دية المرأة في الشرع على النصف من دية الرجل، وللمزيد بهذا الخصوص يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 47399. وقد تضمنت هذه الفتوى الحكمة من كون دية المرأة على النصف من دية الرجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(15/232)
حكم العفو عن قاتل العمد وقبول الدية منه
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة القتل المتعمد هل يجوز لأهل ولي الدم أن يقبلوا الدية مقابل العفو عن المجني عليه.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أخذ الدية من القاتل عمدا مقابل ترك المطالبة بالقصاص لقول الله تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ {البقرة:178} .
قال ابن عباس: كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فأنزل الله هذه الآية. فالعفو أن تقبل في العمد الدية فاتباع بالمعروف يتبع الطالب بالمعروف ويؤدي إليه المطلوب بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة مما كتب على من قبلكم. أخرجه البخاري.
وفي الصحيحين: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدى وإما أن يقاد.
وهذه نصوص صريحة تدل على التخيير بين القصاص والعفو على أخذ الدية. وانظر للفائدة فتوانا رقم: 35053، والفتوى رقم: 10808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1429(15/233)
أعطت القيادة لابنتها فانقلبت السيارة وماتت بنتان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن عربي مقيم في ايرلندا منذ فترة، وقد توفيت ابنتي في حادث سيارة خلال رحلة نظمتها إحدى الهيئات الإسلامية بالمنطقة وكانت المرأة المسؤولة على الرحلة تقود السيارة وتستقل معها ستة فتيات أخريات منهن ابنتي وكذلك ابنتها. وأثناء السير شعرت المرأة بالتعب فأعطت عجلة القيادة إلى ابنتها التي تبلغ من العمر 19 سنة, وهذه الأخيرة ليست لها خبرة كافية لكي تسوق هذا النوع من السيارات كما أنه كان غير مصرح لها بأن تقود هذه السيارة, ثم إنها كانت تقود السيارة بسرعة مفرطة ولما كانت الفتيات تصرخن بأن تقلل من السرعة إلا أنها كانت تضحك وتقول لا، أما أمها فكانت تقول يكفي من الصراخ إنها تعرف كيف تسوق. وفجأة فقدت التحكم في السيارة فانقلبت بهن مما أدى إلى وفات اثنتين من الفتيات إحداهن ابنتي وإصابة ثلاث أخريات بإصابات بليغة.
السؤال فضيلة الشيخ: هل إن مرتكب الحادث يعتبر تسبب في قتل البنتين شبه العمدا أم الخطأ؟ في حالة الخطأ, من يجب عليه دفع الدية, السائقة؟ الأم؟ أم الهيئة المنظمة للرحلة والتي لم تحرص على توفير سائق محترف؟ وأخيرا ما هو مقدار الدية وكيف تصرف؟ مع العلم أن إحدى الفتيات أصيبت بتشوهات في الوجه. فهل لها دية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لقد أخطأت تلك المرأة بما سمحت به لبنتها من تولي السياقة، ولكن الضمان لما حدث يكون على المباشرة للجناية، وهي هنا البنت وهذا من القتل الخطأ فتلزمها كفارة عن كل نفس، وتلزم عاقلتها دية عن كل نفس، فإن لم تكن لها عاقلة فعلى بيت مال المسلمين، فإن لم يوجد فالدية عليها هي، وأما ما حصل من إصابات دون النفس فإن كان ما سيعوض للمتضررة دون قيمة ثلث ديتها فهو على البنت أيضا، وإن كان أكثر من ذلك فهو على التفصيل السابق في الدية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن تلك المرأة قد أخطأت خطأ كبيرا فيما ذكرته عنها من السماح لابنتها بالسياقة، وهي ليست مؤهلة لقيادة هذا النوع من السيارات.
ومع ذلك فضمان ما حدث لا ينسب إليها، وإنما ينسب إلى البنت المباشرة للقيادة؛ للقاعدة المعروفة عند الفقهاء التي تقول: إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر. ذكرها صاحب الأشباه والنظائر من الحنفية وغيره.
وهذا النوع من القتل يعتبر قتل خطأ. وعليه فتلك البنت يلزمها أن تصوم شهرين متتابعين عن كل نفس لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمً ا {النساء:92} .
وتلزم الدية عن كل نفس، ولكنها تكون على عاقلة البنت إن وجدت العاقلة وهي عصبة القاتل، فإن لم تكن له عاقلة فالدية في بيت مال المسلمين، فإن لم يوجد ففي مال الجاني، وراجع في هذا الفتوى رقم: 22983.
ويمكنك أن تراجع في مقدار الدية فتوانا رقم: 14696.
وأما البنت التي قلت إنها قد أصيبت بتشويهات في الوجه فإن كان قد حصل لها جرح ورد فيه شيء من الشارع فلها ما ورد في ذلك من عقل.
وقد جاء في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه: إ ن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول إن في النفس مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعى جدعا مائة من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة مثلها وفي العين خمسون وفي اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل وفي السن خمس وفي الموضحة خمس.
وإن لم يكن قد ورد في إصابتها شيء محدد فإنه يكون فيما حصل لها حكومة يقدرها أهل الاختصاص (أي أهل الطب) .
وهذا الذي يلزم لها إذا كان يبلغ ثلث الدية فإنه يدفعه عصبة البنت الجانية، وإن كان أقل من ذلك دفعته الجانية نفسها.
وإذا تطوعت بدفع هذه الديات جهة معينة كالتأمين أو الهيئة المنظمة للرحلة أو غيرهما فلا مانع من أخذ ذلك منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(15/234)
الدية في القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحكام الدية في القرآن الكريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حكم الدية الوجوب في القتل الخطأ وشبه العمد إذا لم يعف عنها ورثة المقتول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فإن الدية تجب في القتل الخطأ وشبه العمد، ومقدارها على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتان من البقر، وعلى أهل الغنم ألفان من الغنم، وعلى أهل الذهب ألف دينار من الذهب، وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم من الفضة، على تفصيل في ذلك تجده في الفتوى رقم: 14696.
وهي حق لورثة الميت تقسم بينهم على الفريضة الشرعية ولا حق فيها للقاتل، كما يجب مع الدية الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، فإن لم يجدها صام شهرين متتابعين.. وفي ذلك يقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا* وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:92-93} ، وقد اختلف أهل العلم في وجوب الدية في قتل العمد، إذا عفا الولي عن القصاص واختار الدية، وقد سبق بسط ذلك في الفتوى رقم: 61823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1429(15/235)
مات أبوه معتقدا أنه صدم شخصا فقتله فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتقد أبي أنه قتل أحداً بالسيارة ولكنه لم يتأكد من أنه صدم إنسانا لأن المكان الذي حدث فيه الصدام لا يمر منه أشخاص لأنه يوضع على الجانبين أسلاك، لكن يوجد قبل المكان فتحة لمرور الناس لركوب سيارت الأجرة، ولكنه سأل عما إذا كان أحد قد توفي في مكان الحادث بعد ذلك بساعات لكن لم يذكر له وجود أحد متوفى، لكن أبي اعتقد أنه صدم شيئا وتوفي أبي الآن ولم يف بدية القتل الخطأ لأنه وأنا أريد أن أسدد عن أبي دين الله لكي يرتاح ويقابل الله ولا يكون عليه ديون بالدنيا، فماذا أفعل بالله عليكم ساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان أبوك قد أخذ بجميع الاحتياطات فإنه ليس ضامناً لما حصل، وإن لم يأخذ بالاحتياط وكان متيقناً لموت الشخص بسببه أو ظاناً لذلك كان عليه كفارة القتل وعلى عاقلته الدية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم لم يوضح حقيقة الأمر تمام الوضوح، فقرينة: اعتقد أبي أنه قتل أحداً بالسيارة ... يفيد أن الأب حصل له علم بذلك، ثم قوله بعد ذلك (ولكنه لم يتأكد من أنه صدم إنساناً ... ) وقوله (لكن أبي اعتقد أنه صدم شيئاً وتوفي ... ) يفيد عدولاً عن هذا اليقين، وعلى أية حال فالسائق إذا كان قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها، وكان لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكان ملتزماً بقواعد السير وقوانين المرور، وكان كامل التركيز تام الوعي لم يشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك، مما قد يؤثر على تمام وعيه وتحكمه في السيارة، فإذا أخذ بكل هذه الاحتياطات فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فإنه غير مؤاخذ به، لأنه خارج عن إرادته فلا كفارة عليه ولا دية.
وإن اختل شيء مما ذكر كان ضامناً لما حدث، وبالتالي تلزم الكفارة والدية، ومن هذا تعلم أن أباك إذا كان قد أخذ بما ذكرناه من الاحتياط فإنه لا يلزمه شيء ولو تيقن موت شخص بسببه، وإن كان قد اختل شيء مما ذكر فإنه يكون ضامناً إذا تيقن أو غلب على ظنه حصول موت شخص، وبالتالي تلزمه الكفارة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وتلزم عاقلته الدية.
وأما إذا كان الذي حصل لأبيك هو مجرد شك أو وهم، ولم يجد قرينة تثبته فإنه لا يكون عليه شيء لأن الأصل في الأشياء العدم ... وفي حال وجوب الدية فإنها تكون لورثة المقتول إن وجدوا، وإلا وضعت في مصاريف بيت المال، وهي مصالح المسلمين العامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1429(15/236)
المقدار الشرعي للدية
[السُّؤَالُ]
ـ[كم تبلغ دية المسلم في السعودية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان المقدار الشرعي للدية في مختلف الأصناف من الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة فراجع الفتويين 14696، 96326، ولا شك أن قيمة كل صنف من هذه الأصناف تختلف باختلاف الأحوال؛ ولذا فلا يمكن أن يحدد بمبلغ معين من العملة الورقية على أنه الدية الثابتة سواء في السعودية أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(15/237)
مسائل حول دية قتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[يشرفني أن أضع بين أيديكم هذه المسألة راجيا من سيادتكم أن تشرحوا لنا حكم الشرع فيها:
المسألة: في حادث مرور تسبب صاحب شاحنة في قتل امرأتين متزوجتين إحداهما حامل في شهرها الأخير، توفي جنينها كذلك.
الأسئلة:
1 ـ ماذا تعني الدية شرعا؟
2 ـ ما مقدار الدية في الوقت الحالي وبالعملة المستعملة الآن؟
3 ـ هل تدفع الدية حسب الحادث أو لكل نفس على حدة، وما حكم الجنين؟
4 ـ هل الدية إلزامية وهل يمكن التدخل لتخفيض مقدارها أو التنازل عنها من طرف أصحابها خاصة إذا كان المتسبب فقيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قد اختلف أهل العلم في تعريف الدية، وهي إلزامية إذا وجبت ولا يجوز تخفيضها إلا برضا مستحقيها، وهي في الخطأ على عاقلة الجاني وتدفع عن كل نفس. ومقدارها مائة من الإبل على أهل البوادي واثنا عشر ألف درهم من الفضة أو ألف دينار من الذهب على أهل المدن، ويمكن التوصل إلى مقدارها بعملة البلد بالسؤال عن قيمة الإبل أو الذهب أو الفضة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن حوادث السير إذا لم يخالف السائق فيها قوانين المرور فإن ما يحصل منها يكون هدرا ولا تعويض فيه. وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 2152.
وللرد على ما طرحته من أسئلة نقول: إن الدية قد اختلف العلماء في تعريفها، فعرفها بعض الحنفية بأنها اسم للمال الذي هو بدل النفس. ومثله ما ذكر في كتب المالكية، حيث قالوا في تعريفها: هي مال يجب بقتل آدمي حر عوضا عن دمه ... وقال الشافعية: هي المال الواجب بالجناية على الحر في نفس أو فيما دونها. وقال الحنابلة: إنها المال المؤدى إلى مجني عليه أو وليه أو وارثه بسبب جناية. (انظر الموسوعة الفقهية: 21/44) .
ويمكن أن تراجع في مقدار الدية فتوانا رقم: 14696.
وعلى أن الأصل في الدية هو الإبل فيمكنك أن تعرف قدرها بعملة البلد الذي أنت فيه بالسؤال عن قيمة الإبل.
والدية إذا وجبت فإنها تدفع عن كل نفس، وهي إلزامية ولا يجوز تخفيضها إلا برضا من يرثها بشرط أن يكون بالغا رشيدا، وتتحملها في الخطأ عاقلة الجاني، ويكون عليه هو أن يعتق رقبة فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين والكفارة واجبة عن كل نفس.
والواجب في الجناية على الجنين إذا تبين فيه خلق إنسان غرة عبد أو أمة؛ لما في الصحيحين أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها عبد أو وليدة.
وهذه الغرة قيمتها عشر دية أم الجنين, وعشر ديتها خمس من الإبل، أو خمسون دينارا من الذهب, أو أو ألف ومائتا درهم من الفضة.
وقد اختلف العلماء فيما إذا كان على الجاني في الجنين كفارة بصيام شهرين متتابعين أم لا. والراجح عدم وجوب الكفارة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر كفارة في الحديث المتقدم. ومحل وجوب الغرة فيه هو ما إذا مات في بطن الأم، أما إذا ألقته حيا ومات بعد ذلك أو أخرج من بطنها وهو حي ثم مات وتبين أن الموت الحاصل كان بسبب الحادث فإن الواجب فيه هو دية كاملة وكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(15/238)
الالتزام بتعويض المحكمة مقابل إصابة الغير بكسور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم والحمد لله فعلمت في يوم بان هناك شابا وهو جارنا يرسل لأختي رسائل وبالهاتف ويتقابل معها في الخفاء وأنا أعرفه جيدا من أخلاقه السيئة ونيته الأسوأ لا يصلي ولا يعلم من الدين شيئا وهو لا زال طالبا يدرس. فضربت أختي ثم بعد دلك تحدثت معها بلطف وقلت لها ليس يريد منك الزواج ويريد النصب عليك وأرسلتها إليه وقالت له إن كنت تريدني فكلم أخي أو أبي فسخر منها. ثم بعد أيام أراد مقابلتها فعلمت قبل أن يقابلها فذهبت إليه وأنا غاضب ونبهته بأن لا يكلمها أو يرسل إليها واتفقنا وأخذت منه عهدا على ذلك. مرت أشهر كلمها بالهاتف قال لها كلمات جميلة واستدرجها والمرأة ضعيفة أمام هده المواقف وقابلها في مكان خال. وصدفة علمت في دلك الوقت غضبت كثيرا وتوجهت إليهم فوجدتهم في حالة ميوعة وبادر هو بدفعي فوجدت بجانبي عصا فانهلت عليه ضربا حتى تسببت له في كسور ليست بالكبيرة لكن نظرا لان أخاه طبيب جاء بشهادة طبية فيها أنه مصاب بكسور كبيرة ودلسوا الأحداث والبحث أمام التحقيق جعلت المحكمة التونسية الغير إسلامية تحكم بالظلم حكم بالسجن سنة بتأجيل التنفيد وغرامة مالية6000 دينار تعويض للمتضرر حرمني هذا الحكم من الشغل إلى حد الآن مدة 4سنوات. هل هذه الغرامة تعتبر أمام الله دينا يجب عليه قضاؤه مع العلم أنه لم يطالبني به هذا الشاب أم أنتظر أن يطالبني به.أم لست مطالبا بدفعه لأني مظلوم في هده القضية والمحكمة هي التي لم تعدل في الحكم فما ذنبي أنا؟
أرجوكم أجيبوني في أقرب وقت فإني في حيرة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حكم المحكمة الوضعية ليس على حالة واحدة من جهة الالتزام به وعدمه، فمنه ما يجب الالتزام به ولا تجوز مخالفته وهو ما تتحقق به مصلحة، ولا يناقض شرع الله تعالى، وأما ما خالف الشرع فلا يجوز امتثاله إلا للمضطر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم مطالب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العموم، وأن يكون أمره بالمعروف معروفا لا يؤدي إلى منكر أكبر منه، ويتأكد الأمر بتغيير المنكر على المستطيع أو من له ولاية ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان "
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "
وقد حرم الشرع أي علاقة بين الرجل والمرأة الأجنبين لا تقوم على أساس الزواج الشرعي، والذي لا يغار على محارمه أو يرضى لهن علاقة الحرام بالرجال الأجانب يعتبر ديوثا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث. رواه أحمد والنسائي.
وإذا قلنا بوجوب تغيير المنكر فينبغي ألا يؤدي إلى منكر أكبر منه، ولذلك فما كان يحق لك ضرب الشاب المذكور..
وحكم الشرع هنا هو القصاص أو أرش الجناية إذا لم يعف المجني عليه أو يحصل الصلح على شيء معين.
فإذا ثبتت الجناية وحددت نوعيتها وحكمت المحكمة الوضعية بشيء مما ذكر أصبح ملزما للطرفين شرعا لا لأجل حكم المحكمة، ولكن لأنه موافق للشرع أو لا يخالفه.
وانظر تفاصيل حكم المحكمة الوضعية وما يترتب عليه في الفتوى: 79060 وما أحيل عليه فيها.
نسأل الله تعالى أن يحفظك ويفقهك في دينه، وأن يجعل لك من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(15/239)
هل يضمن صاحب البيت إذا سقط جداره على شخص فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص واقف يشتغل وسقط عليه جزء كبير من سور بلكونة.فذهب الى المستشفى ثم توفي بعد ذلك. السؤال ما حكم الإسلام الشخص الذي هو صاحب البيت الذي أهمل في بناء هذا الجزء من السور البلكونة، وهل يجوز أخد دية منه أو غير ذلك من القصاص أو غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجب دية المتوفى بشرط أن يكون الحائط مائلا وينذَر صاحبه ويمكن تداركه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صاحب البيت يضمن دية الشخص المذكور بشروط ذكرها أهل العلم هي:
1. أن يظهر ميل في السور قبل سقوطه.
2. أن ينذر صاحب البيت، إلا إذا كان السور قد بني مائلا فإن الإنذار في هذه الحال ليس شرطا في الضمان.
3. أن يكون تدارك إصلاح السور ممكنا.
فإذا اجتمعت هذه الشروط كان صاحب البيت ضامنا وإلا فلا.
قال الشيخ الدردير: (وكسقوط جدار) على شيء فأتلفه فيضمن صاحبه بشروط ثلاثة أشار لها بقوله (مال) بعد أن كان مستقيما (وأنذر صاحبه) بأن قيل له: أصلح جدارك ويشهد عليه بذلك عند حاكم أو جماعة المسلمين ولو مع إمكان حاكم كما للجيزي (وأمكن تداركه) بأن يتسع الزمان الذي يمكن الإصلاح فيه ولم يصلح فيضمن المال والدية في ماله. ومفهوم مال أنه لو بناه مائلا ابتداء فسقط على شيء أتلفه لضمن بلا تفصيل. ومفهوم أنذر أنه إذا لم ينذر أي مع الإشهاد فلا ضمان عليه إلا أن يعترف بذلك مع تفريطه فيضمن. وخرج بقوله صاحبه المرتهن والمستعير والمستأجر فلا يعتبر فيهم الإنذار إذ ليس لهم هدم ومفهوم أمكن تداركه أنه إذا لم يمكن بأن سقط قبل زمن يمكن فيه التدارك لم يضمن. اهـ
وإذا قلنا بالضمان فالواجب هو الدية وليس القصاص. والدية قيل إنها تكون على عاقلة صاحب البيت، وقيل عليه هو. قال في مواهب الجليل: الضمان في مال صاحبه، وقيل على عاقلته ما بلغ الثلث. اهـ
والذي نميل إلى رجحانه هو أن الدية تكون على العاقلة؛ لأن هذا من قتل الخطأ.
وعلى صاحب البيت في الحال التي يضمن فيها أن يعتق رقبة مسلمة فإن لم يجدها فإن عليه أن يصوم شهرين متتابعين كفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(15/240)
تحمل الدية في القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لفضيلتكم هو كالتالي: نحن من الجنوب الغربي من الجزائر أين تعيش مجموعة من القبائل اتفقت فيما بينها في موضوع القتل الخطأ على أن يحددوا مبلغ الدية للرجل بـ 120000 دينار جزائري وللمرأة بـ 80000 دينار جزائري ولعلمكم أن مبلغ 120000 د. ج لا يساوي حتى قيمة بقرة واحدة وهو بالتقريب يكفي لشراء10 من الشياه، كما أن هذا المبلغ يشترك فيه كل أفراد قبيلة القاتل ولا يدفعه القاتل وحده بل يدفع نصيبه كباقي أفراد القبيلة, ثم يدفع المبلغ لأهل الميت وتتسامح القبيلتان دون أخذ رأي أهل الميت، بل يفرض عليهم المبلغ والتسامح فرضا، فما هو حكم الشرع في هذا العرف الذي اتفقت عليه القبائل، وما حكم الشرع جمع أموال الدية بهذا الشكل علما أننا نعرف أنها ناقصة! وهل الذي يشترك في جمعها بهذا الشكل آثم؟ وجزاكم الله كل الخير على الجهد الذي تبذلونه.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
دية الخطأ محددة في الشريعة الإسلامية ولا يجوز تغييرها، وهي على عصبة القاتل، وحكم المشاركة في جمعها يتبع لحكمها هي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد اشتمل السؤال على ما يلي:
1- تحديد الدية على النحو الذي بينته.
2- الطريقة التي تجبى بها الدية.
3- السؤال عما إذا كان الذي يشارك في جمع الدية بهذا الشكل آثماً أم لا.
ورداً على النقطة الأولى نقول: إن دية القتل الخطأ قد حددت في الشريعة الإسلامية، وقد بينا ذلك من قبل، ولك أن تراجع في مقدارها الفتوى رقم: 14696، وليس لأحد أن يغير هذا التحديد إلا برضا ورثة المقتول، وبشرط أن يكون رضاهم معتبراً، بأن يكونوا بالغين رشداء.
وحول النقطة الثانية.. فإن الدية في القتل الخطأ تتحملها شرعاً عاقلة القاتل، ولا يتحمل القاتل نتيجة خطئه أكثر مما يتحمله أحد أفراد عاقتله، والعاقلة هي العصبة والأقارب من قبل الأب ولو كانوا بعيدين في النسب، ومن هذا يتبين لك أن الطريقة التي تجبى بها الدية في البلد المذكور هي الطريقة الصحيحة لجمعها.
أما الجواب عن النقطة الأخيرة.. فهو تابع لجواب النقطتين قبلها، أي أن القدر المأخوذ في الدية إذا كان هو القدر الصحيح، وكانت الجباية تتم بالطريقة الشرعية كانت المشاركة في جمع الدية مباحة ولم يكن المشارك في جمعها آثماً، بل قد يكون مأجوراً، وإن اختل شيء من ذلك لم تجز المشاركة في الجمع، وكان المشارك فيه آثماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(15/241)
قلع الضرس عند الطبيب هل فيه الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال أود الاجابة عليه وهو كما يلي: من قلع ضرسا أو سنا كانت تؤلمه عند طبيب أسنان فهل عليه ديتها؟ لأنني قرأت في كتب الفقه أن كل عضو أتلف من الجسم ففيه الدية.
أرجو توضيح هذه المسألة وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الدية لا تلزم المرء في إتلافه عضو نفسه، ولا في ما أذن فيه لنحو علاج.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الحديث الشريف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: في الأسنان خمس من الإبل، وفي رواية: في الأسنان خمس خمس. رواهما النسائي وأ ب وداود.
وورد في خبر أن: في الأنف الدية إذا استوفى جدعه مائة من الإبل، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي العين خمسون، وفي الآمة ثلث النفس، وفي الجائفة ثلث النفس، وفي المنقلة خمس عشرة، وفي الموضحة خمس، وفي السن خمس، وفي كل إصبع من هنالك عشر. رواه البزار وغيره، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
ولكن هذا كله إنما يعني إتلاف عضو شخص ليس هو المتلف، وبشرط أن لا يأذن صاحب العضو في الإتلاف من أجل علاج ومثله.
ومنه يتبين لك أن من قلع ضرسا أو سنا كانت تؤلمه عند طبيب أنه لا دية عليه ولا على الطبيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(15/242)
البت في قضية القتل هذه من اختصاص الجهة المخولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي طالب جامعي أردني يدرس في مصر هندسة اتصالات توفي أثر تصادم السيارة التي كان بها مع شاحنة نقل سبب الحادث سرعة سائق السيارة التي يوجد بها أخي، وعندما ذهبت لأخذ اخي المتوفى من مصر كان محضر المخفر يضع الحق على سائق السيارة، وأتيت ألى الأردن ونحن ننتظر السائق وأهله بأن يعزونا ويعتذروا عن خطئهم (وهم من الأردن أيضا) ، ولكننا تفاجأنا بأن القضاء المصري وضع الحق على سائق الشاحنة لأنه كان بدون أنوار، علما أن سائق السيارة صدمه من الخلف وبسبب سرعته الجنونية وعدم انتباهه لم يستطع تفادي الشاحنة التي أمامه واصطدم بخلفية الشاحنة وتوفي أخي فقط، وأهل السائق لم يعزونا ولم يعتذرواعن طيش ابنهم ونسوا بانهم سبب في موت أخي واعتمدوا على القضاء المصري، علما بأن أصدقاء أخي الذين كانوا بسيارة أخرى وكانو يسيرون خلفهم يقولون إن سبب الحادث هو سرعة سائق السيارة الجنونية وتهوره واستهتاره في القيادة.
* فهل يجوز شرعا أن نطالب سائق السيارة بدية؟
* وإذا كان يجوز, فما مقدارها في وقتنا الحالي؟
// ملاحظة//
نحن والحمدلله نؤمن بالقضاء والقدر ونعلم بأن سائق السيارة لم يكن يقصد القتل وهذا يعتبر (قتلا غير عمد) ولكنهم استهانوا بنا ولم يعيروا موت أخي أي اهتمام (ولم يعزونا ايضا) ولقد مضى أكثر من شهر على موت أخي وهم إلى الآن لم يعتذروا عن خطأ ابنهم!!!!!!!!!!!]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الجهة الموكول إليها أحوال السير هي المختصة بتحديد المسؤولية في الحوادث.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد كان من المناسب أن يعزيكم أهل السائق، ويعتذروا لكم، ولا يستهينوا بكم؛ وهذا أقل ما ينبغي أن يقوم به أي واحد من مجتمعكم، وأحرى الأسرة التي ينتسب إليها مرتكب الحادث.
وفيما يخص موضوع السؤال، فمن المعلوم أن سرعة السيارة إذا زادت عن القدر المحدد قانونا فإن صاحبها يكون ضامنا لما يترتب على ذلك.
كما أن المعروف في قوانين المرور أن السيارة إذا صُدمت من الخلف فإن الضمان في الغالب يكون على الذي صدمها.
ولكن هذا الأمر-في الحقيقة- إنما يختص بالبت فيه الجهة الموكل إليها ذلك، وهي القضاء الجنائي أو شرطة المرور أو الشرطة الجنائية، ونحو ذلك ...
وقد يكون فقدان الأنوار عند صاحب الشاحنة أكثر خطرا من زيادة السرعة.
وعلى أية حال، فنحن لسنا أصحاب اختصاص في هذا المجال ...
وأما مقدار الدية فقد بيناه من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 14696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(15/243)
هل تلزم السائق الدية إذا مات الراكب معه في حادث
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً على المجهودات الجبارة التي تبذلونها في سبيل نشر الرسالة المحمدية والتعريف بالدين الإسلامي وجزاكم الله جنات الفردوس إن شاء الله..
وقع حادث مرور فتوفي الشخص الراكب مع السائق ونجى السائق، فهل تجب على السائق دية، وهل يعتبر القتل خطأ أو قتلا غير خطأ، أتمنى الشرح بكل الاحتمالات، شخص لم يراع لوحات السرعة فكان متجاوزا السرعة المطلوبة فتسبب في حادث مرور مميت، القتل هنا هل يعتبر خطأ أم عمدا؟.
ودمت في حفظ الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجبنا على الشق الأول من السؤال من قبل ويمكنك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 101753، ومنها يتبين لك أن القتل في الحالة التي سألت عنها إما أن يكون من قتل الخطأ أو يكون مما لا ضمان فيه أصلاً.
وأما الشق الثاني من السؤال فإن الشخص إذا لم يراع لوحات السرعة، وتسبب في حادث مرور مميت، فإنه يعتبر آثماً في ذلك، ولكن القتل يصنف قتل خطأ، لأن السائق لم يتعمد الجناية على شخص، وقتل العمد هو أن يقصد الشخص قتل شخص بما يقتل غالباً، كالسيف والسكين والبندقية، أو يتعمد دهسه بالسيارة ونحو ذلك ... مما لا يمكن أن يدعي معه أنه قصد شيئاً غير القتل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(15/244)
حكم من أجهض جنينا في الشهر الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تزوجت حملت من أول شهر ورغم فرحتي الكبيرة فإن زوجي أصر على الإجهاض تلبية لرغبة أخواته اللاتي كن يرفضن زواجي منه، حاولت الامتناع لكنه حول حياتي إلى جحيم وهجرني وكان يتعمد إهانتي أمام أخواته والتجريح في، فرضخت للإجهاض حتى أرضيه، ورغم إنجابي لصغيرين بعد هذا الإجهاض وأنا الآن حامل إلا أنني لم أستطع أن أنسى ذلك الجنين الذي أجهض رغما عني، واعتبرته أول فرحتي، فما حكم الشرع فيما حدث علما وأنني لا أسامح زوجي على فعلته وهل علي ذنب علما وأن الإجهاض حدث في الشهر الثاني من الحمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن إصرار زوجك على الإجهاض وسعي أخواته في ذلك يعتبر خطأ كبيرا، ولكن أي شيء من ذلك لم يكن ليبيح لك أنت أن تقبلي به.
فالإجهاض محرم شرعاً؛ لأنه اعتداء على نسمة قد تخرج إلى الدنيا تسبح الله تعالى وتؤمن به وتعبده. وتشتد الحرمة وتعظم الجريمة إن كان ذلك بعد تخلق الجنين أو نفخ الروح فيه؛ لأنه قتل لنفس حرم الله قتلها بغير حق. والجنين يتخلق بعد مرور اثنين وأربعين يوماً بنص الحديث، ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 73231.
وذهب كثير من أهل العلم إلى عدم جواز إسقاط الجنين مطلقاً، قال الدردير في شرحه على خليل: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً. انتهى.
فمن هذا يتبين لك أن ما قمت به من الإجهاض في الشهر الثاني من الحمل يعتبر ذنبا كبيرا.
ومن أسقط جنينا بعد تخلقه، فعليه غرة: عبد أو أمة، أو عشر دية أم الجنين، ومن أهل العلم من أوجب كفارة وهي صيام شهرين متتابعين، وراجعي الفتوى رقم: 13171.
وتخلق الجنين يتم بعد اثنين وأربعين يوما من الحمل؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ... الحديث رواه مسلم.
وما ذكرناه إنما في من باشر الإجهاض، لا من حرّض عليه.
والدية المذكورة هنا تقسم بين ورثة الجنين، ولا يرث منها المباشر للإجهاض.
وعليكم جميعا التوبة من هذا الذنب الكبير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1428(15/245)
دية الصغير كدية الكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقود سيارتي ومعي أولادي وزوجتي على طريق سفر سريع وكانت سرعتي لم تتجاوز السرعة المقررة وفجأة ظهر طفل أربع سنوات يعبر الطريق وحيداً حاولت تفاديه، ولكن لم أستطع، وتوفي الطفل ذهب أبي لأهل الطفل للصلح وعرض المال، ولكنهم رفضوا المال وقبلوا الصلح ولكنهم في نفس الوقت أقاموا دعوى قضائية، أنا بدأت صيام الكفارة يوم 4 شوال فمتى تنتهى بعد 60 يوما أم بعد شهرين قمريين أجيبوني بالميعاد بدقة، هل التأمين الخاص بالسيارة يقوم مقام الدية، ما الدية المطلوبة مني وهل مع اعتبار أنه طفل، تحت أي نوع يكون هذا النوع من القتل، فأ رجو معرفة ما علي بسبب هذا الحادث لأنني أتعذب وأخاف الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فليس هذا في حقك من قبيل القتل الخطأ ولا تجب عليك دية ولا كفارة، وما حدث إنما هو تفريط ممن هو مسؤول عن رعاية هذا الطفل، وراجع الفتوى رقم: 43501، والفتوى رقم: 62221، والفتوى رقم: 98502.
وعلى فرض أنك قد ارتكبت قتل هذا الطفل خطأ، فيلزمك صيام ستين يوماً من بداية يوم 4 شوال كما هو موضح في الفتوى رقم: 7005، ودية الطفل هي نفس دية الكبير، وراجع في مقدارها الفتوى رقم: 1872، وراجع في مدى قيام التأمين مقام الدية في الفتوى رقم: 96577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(15/246)
حكم من ألقى على امرأة كلاما مروعا فأجهضت
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفتوني في المسألة التالية والتي قلبت حياتي رأسا على عقب ولم أجد طعم الراحة مند حدوثها ... اتصلت امرأة عندي في البيت ولما رفعت السماعة فإذا بها تسأل عن رجل وقد ذكرته باسمه، ظننت بأنها امرأة ساقطة وما أكثرهن هذه الأيام في الجزائر، فأجبت بغضب وبسرعة وبكلمة واحدة بأن هذا الشخص قد مات وقطعت الخط مباشرة، في الغد اتصل بي شخص وأساء الأدب معي في كلامه وقال بأن تلك المرأة التي اتصلت بك قد أجهضت البارحة على الواحدة ليلا، قطعت الهاتف من المفاجأة، لكن بعد ذلك بدأت أفكر في هذا الأمر ملياً وقلت ربما قد أكون قتلت نفسا بالخطأ وأنا لا أدري، ومما زاد الأمر تعقيداً هو أنني لا أدري إن كان الذي اتصل يقول الحقيقة أم هو كاذب، وإن كان ما قال صحيحا هل كان الإجهاض قبل أن تنفخ الروح أم بعد أن نفخت الروح ... والأهم هو أنه ليست لدي أية وسيلة للاتصال بهؤلاء الناس لمعرفة الإجابة الصحيحة ولا أعرف إن كانوا سيعفون عني أم لا في حالة ما إذا كان الإجهاض بعد أربعة أشهر أي بعد نفخ الروح في الولد، فأنا والله لا أملك مالا لأدفع به دية القتل الخطأ، ف أفتوني في أمري جزاكم الله عني كل خير وتقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير.. إن استطعتم أن تجيبوني كتابيا فسأكون ممتنا لكم وشاكراً لكم جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن المسلم يجب أن يحفظ لسانه، ولا يطلق له العنان بلا مبالاة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم. وهذه الكلمة التي ترتب عليها ما ذكرت أيضاً من الكذب، لأن الكذب -كما عرفه أهل العلم- هو الإخبار بالشيء بخلاف ما هو عليه على وجه العلم والتعمد، فالواجب -إذاً- أن تتوب إلى الله مما صدر منك، وأن لا تعود إلى مثله.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن أهل العلم قد أكدوا إمكان حصول الوفاة بسبب التخويف ونحوه، ففي الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في إمكان حصول القتل بالتخويف، كمن شهر سيفاً في وجه الإنسان، أو دلاه من مكان شاهق فمات من روعته، وكمن صاح في وجه إنسان فجأة فمات منها، وكمن رمى على شخص حية فمات رعباً، وما إلى ذلك.
وقال ابن قدامة في المغني: ولو شهر سيفاً في وجه إنسان، أو دلاه من شاهق، فمات من روعته، أو ذهب عقله، فعليه ديته. وإن صاح بصبي أو مجنون صيحة شديدة، فخر من سطح أو نحوه فمات أو ذهب عقله، أو تغفل عاقلاً فصاح به فأصابه ذلك فعليه ديته تحملها العاقلة، فإن فعل ذلك عمداً، فهو شبه عمد، وإلا فهو خطأ. انتهى.
وإذا تقرر هذا عُلم أن الخبر الذي أخبرت به تلك المرأة ـ إذا ثبت بتقرير طبي أنه هو السبب فيما حصل لها من الإجهاض- فإنك به تكون قد وجب عليك ضمان ما ترتب على ذلك، وإن كان الإجهاض قد حصل قبل تخلق النطفة، فلا شيء عليك غير التوبة، وإن كان حصل بعد التخلق -كما إذا حصل بعد أربعين فما فوق- فعليك غرة (عبد أو وليدة) ، فإن لم تجد فعليك عشر دية أم الجنين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في إسقاط الجنين بغرة (عبد أو أمة) كما في البخاري. واختلف العلماء في وجوب صيام شهرين متتابعين عليك، فمنهم من قال بالوجوب قياساً على قتل النفس، ومنهم من لم يقل بالوجوب مستدلاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر عنه ذلك في قضائه المتقدم.
وفيما يخص التساؤلات التي ذكرتها، والتي من بينها أنك لا تدري إن كان الذي اتصل بك يقول الحقيقة أم لا، وما إذا كان الإجهاض قبل أن تنفخ الروح أم بعد أن نفخت الروح ... فجواب ذلك أن عليك أن تسعى بكل ما تستطيعه من الوسائل لمعرفة حقيقة الأمر، فإن لم تجد وسيلة لذلك، فإننا لا نرى إلزامك بالغرة أو الكفارة، لأن المسألة قد تكون بخلاف ما ذكر، وخصوصاً أنه لو كان الحال على هذا لما تأخر أصحاب الحق في التعريف بأنفسهم والمطالبة بحقوقهم، ونسأل الله أن يتجاوز عنا وعنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(15/247)
الحادث المشترك المؤدي للوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقود سيارة وحصل لي حادث نتج عنه وفاة والدي وكان الخطأ في الحادث مشتركا بيني وبين سائق آخر، فهل يجب أن أصوم شهرين متتابعين؟ تقبل الله منكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائق إذا كان قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها، بأن كان قريب عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها.. وكان لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكان ملتزماً بقواعد السير وقوانين المرور، وكان كامل الصحة تام الوعي، لم يشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك مما قد يؤثر على تمام وعيه وتحكمه في السيارة.
فإذا أخذ بكل هذه الاحتياطات فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فهو غير مؤاخذ به، لأنه خارج عن إرادته، فأشبه الكوارث التي تبتلى بها الناس، وعلى هذا فلا كفارة عليه ولا دية، لأنه غير متسبب، وإن اختل شيء من هذه الشروط كان ضامناً لما يترتب على ذلك، وبالتالي تكون عليه الكفارة وعلى عاقلته الدية، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 15533.
وبناء على ما ذكر فإن كان قد حصل تفريط منك ومن السائق الآخر، أو من أحدكما فإن الكفارة تلزمكما أو المفرط منكما، ويكون نصف الدية على عاقلة كل منكما أو عاقلة المفرط منكما، وإن لم يكن حصل من أي منكما تفريط فلا كفارة ولا دية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(15/248)
ما يلزم من صدم امرأة ثم صدمتها سيارة أخرى فماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت في مأمورية عمل في مدينة الخرج وبعد انتهاء عملي وأثناء عودتي إلى الرياض وفي طريق الرياض الخرج السريع والشارع مظلم وأنا أقود السيارة في المسار الوسط فجأة ظهرت لي امرأة كبيرة في السن في نفس مساري وهي تعبر الطريق السريع دون أن تلقي بالاً للسيارات القادمة حيث لم أتمكن من تفاديها رغم محاولتي التوقف وتوقفت السيارة بقربها بعد صدمها وقبل نزولي من السيارة لأنظر حالتها أتت سيارة مسرعة أخرى من خلفها وصدمتها مرة أخرى وهرب صاحب السيارة وهذا ما أفاد به الشهود. وعندما جاء أهلها الذين كانوا متوقفين في المحطة للتزود بالوقود أفادوا بأنها كانت معهم ولا يدرون لماذا قطعت الشارع من غير علمهم. وكان تقرير شرطة المرور أن المرأة مخطئة 100% وخرجت من الحجز في نفس اليوم بعد تقرير المرور وإفادات أهلها حيث إن السيارة مؤمن عليها تأمينا شاملا وأنا مؤمن على الرخصة لمواجهة مثل هذه الحوادث. وسؤالي هو ماذا علي من الناحية الشرعية؟ علما بأني عملت عمرة بعد الحادث مباشرة في رمضان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت فيما قمت به من عمرة فى رمضان، سواء كنت أنت المخطئ أم لا، فقد روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عمرة في رمضان تعدل حجة معي.
وقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن التأمين التجاري بجميع أنواعه هو من الميسر الذي حرمه الله عز وجل.
والمسلم إذا أجبر على نوع من أنواع التأمين المحرم فيسعه ما يسع المكره وإثمه على من أكرهه، فإذا أجبر على التأمين على السيارة أو رخصة القيادة أو غيرها، ولم يستطع التخلص منه ولو بالحيلة، فإن له أن يؤمن على الحد الأدنى المقبول قانونا كالتأمين ضد الغير دون التأمين الشامل، عملا بقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] . وقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:173] .
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإذا كان الأمر على ما وصفته فإنه ليس عليك إثم فيما حصل من الحادث.
وإذا لم يكن قد حصل منك أي تفريط فإنه لا يكون عليك ضمان ولا كفارة كما بينا من قبل. ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 98502.
لكن قولك: إن "الشارع مظلم"، إذا كنت تقصد منه أنه كان في الإمكان تفادي الحادث لولا وجود الظلمة، فإنك بذلك تكون ضامنا؛ لأن ذلك يعتبر جناية خطإ.
ففي منح الجليل عند قول خليل المالكي: لا لكخوف غرق أو ظلمة، قال الشيخ عليش: (أو) اصطدمتا بسبب (ظلمة) فلم يشعروا حتى اصطدمتا، فيضمنون كمصطدمين في البر لظلمة؛ لأن اصطدامهما بفعلهم وعدم شعورهم للظلمة لا يخرجهم عن الضمان كالخطأ. اهـ
وقال ابن حزم في المحلى بالآثار: قال أبو محمد: والقول في ذلك -وبالله تعالى التوفيق- أن السفينتين إذا اصطدمتا بغلبة ريح أو غفلة, فلا شيء في ذلك؛ لأنه لم يكن من الركبان في ذلك عمل أصلا ولم يكسبوا على أنفسهم شيئا, وأموالهم وأموال عواقلهم محرمة إلا بنص أو إجماع. فإن كانوا تصادموا وحملوا -وكل أهل سفينة غير عارفة بمكان الأخرى لكن في ظلمة لم يروا شيئا- فهذه جناية, والأموال مضمونة؛ لأنهم تولوا إفسادها ... اهـ
وبناء على الافتراض الأخير، فإذا كانت المرأة قد ماتت بسبب فعلك، كانت ديتها على عاقلتك، وكان عليك أنت عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين إن لم تجد رقبة.
وكذا الحال إذا كان موتها بسببكما معا (أنت وصاحب السيارة التي قلت إنها أتت مسرعة) ، إلا أن الذي يكون على عاقلتك في ذلك هو نصف الدية فقط.
وإذا كان موتها بسبب الشخص الآخر لم يكن عليك كفارة، وكان على عاقلتك دية ما ترتب على فعلك أنت إذا كان يبلغ ثلث الدية وإلا كان عليك أنت وحدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(15/249)
حكم وقوع إصابة في حادث سير جراء غيبوبة للسائق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تجيبوني للضرورة، ماذا يترتب على المسلم الذي تنقلب به سيارته فتصيب شخصا وهذا الشخص يصاب بشلل، علما بأن السائق لم يكن مسرعا ولا مخالفا لقوانين السير، ولكن ربما لغيبوبة أصابته أثناء القيادة، فهل يأثم، وماذا يترتب عليه من دية، وهل يقبل بقانون الدولة بالحكم عليه بسنة في السجن بالإضافه إلى دفع كافة الأضرار؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائق إذا كان قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها، بأن كان قريب عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها ... وكان لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكان ملتزماً بقواعد السير وقوانين المرور، وكان كامل الصحة تام الوعي لم يشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك، مما قد يؤثر على تمام وعيه وتحكمه في السيارة.
فإذا أخذ بكل هذه الاحتياطات فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فهو غير مؤاخذ به، لأنه خارج عن إرادته، فأشبه الكوارث التي تبتلى بها الناس، وعلى هذا فلا كفارة عليه ولا دية لأنه غير متسبب.
وبناء على ما تقدم نقول: إن هذه الغيبوبة التي قلت إنها حصلت للسائق أثناء القيادة، إن كان قد شعر بها واستمر في السياقة فإنه يكون بذلك آثماً وضامناً لما ترتب على الحادث، وإن لم يكن شعر بها إلا في الوقت الذي انقلبت فيه السيارة، وكان قبل ذلك في ظروف طبيعية فإنه لا يكون آثماً بما حصل، لأنه حصل في وقت قد رفع عنه فيه القلم.
وأما الحكم عليه بسنة في السجن بالإضافة إلى دفع كافة الأضرار، فإنه يعتبر أمراً صحيحاً إذا كان قد حصل منه تفريط -كما بينا- لأنه يعتبر تعزيراً على فعل يستحق التعزير، وإن لم يكن مفرطاً فمن الظلم أن يحكم عليه بمثل هذا الحكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1428(15/250)
حكم أخذ زيادة على الأرش
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيل الشكر على إجاباتكم عن كل الأسئلة التي توجه إليكم.
فيما يخص الفتوى رقم 100303فقلتم بجواز أخد التعويض الذي تحكم به الحكومة لكنكم قلتم في الآخر أن آخذ المبالغ الأولية وأتصدق بما يغلب على ظني أنه ليس من حقي وقلتم في البداية أن حقي هو الأرش المقدر شرعا وقد علمت بعد بحوث قمت بها في الإنترنت أن الأرش هو نسبة من الدية لكن تكاليف العلاج لوحدها قد تفوق الدية لخطورة الكسور والجروح فهل علي أتحمل تكليف العلاج التي تفوق مبلغ الأرش وهل يحرم علي الاستفادة من المبالغ التي تعطى لي الآن وهل التعويض عن الضررالجسدي لايثبت في الشريعة الإسلامية إلا بقدر الأرش والدية وما زاد عن ذلك من ضرر مادي يتحمله الشخص ولا يتحمله الجاني؟
لا أريد أن أستفيد من أي أمول حرام أو مشبوهة فأكون شاكرة إذا استطعتم أن تفيدوني حسب آراء العلماء الأفاضل وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما كان من الجراحات وليس لها أرش مقدر من الشارع فأجرة الطبيب فيه وثمن الدواء كل ذلك على الجاني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جراح الجسد نوعان: منها ما يكون في الرأس أو الوجه، ومنها ما يكون في سائر البدن، والأرش في هذه الجراحات يختلف، فقد يبلغ في بعضها أن يكون مساويا للدية كما في دية اللسان أو الأنف، أو نصف الدية كما في اليد الواحدة أو الأذن الواحدة، وقد يبلغ أحيانا إلزام الجاني بديتين كما لو قطع أنف المجني عليه فذهب شمه. ومن الجراحات ما لا يكون له أرش مقدر فهنا تفصل فيه حكومةعدل، والمراد بها الاجتهاد وإعمال الفكر فيما يستحقه المجني، وفي كل ذلك تفصيل مذكور في مظانه، ويعتمد على إتلاف العضو أو ذهاب منفعته أو بعضها. ولا حاجة للسائلة الكريمة من تفاصيل ذلك.
وبالنسبة لمسألتها فلها أن تأخذ زيادة على الأرش تكاليف العلاج وأجرة الطبيب ولو تعافت تماما من الكسور والجراح ولم يبق فيها شيء؛ كما جاء في حاشية الصاوي ... الذي استحسنه ابن عرفة إذا لم يكن في الجرح شيء مقدر القول بأن على الجاني أجرة الطبيب وثمن الدواء سواء برئ على شيء أم لا، مع الحكومة في الأول.. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1428(15/251)
كيف توزع الدية على الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي بحادث وحكمت المحكمة بدفع دية لأهله، فكيف تقسم هذه الدية على زوجته وأولاده، مع العلم بأن والديه أحياء فهل لهما نصيب من هذه الدية، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
للأبوين نصيبهما من دية ولدهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دية الرجل المذكور وجميع ممتلكاته يقسم على النحو التالي:
لزوجته الثمن فرضاً؛ لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12} ، ولكل واحد من والديه السدس فرضاً؛ لقول الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11} ، وما بقي بعد فرض الزوجة والأبوين يقسم بين الأبناء تعصيباً للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} ، هذا إذا كان الأبناء ذكوراً أو ذكوراً وإناثاً.
أما إذا كن إناثاً فقط فلهن الثلثان فرضاً، وتعول التركة من أربعة وعشرين إلى سبعة وعشرين،
وإذا كان أحد الورثة متسبباً في القتل فإنه لا يرث من الدية ويرث من غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(15/252)
الدية حق لورثة من يودي
[السُّؤَالُ]
ـ[راسلتكم بالفتوى رقم:2149936
ذكرتم أن دية الجنين بمائتين وثلاثة عشر جراما من الذهب.
سؤال1: هناك أنواع متعددة من الذهب ,الغالي والأرخص ... وذلك حسب الرقم18.... فأي نوع ذهب تقصدون??
وقلتم: وزع هذا المبلغ على ورثة الجنين كلُ حسب إرثه المقدر ... باستثناء من تسبب في إسقاط الجنين.
سؤال2: اعتقدت أن الدية تعطى للفقراء ,أم تجب للورثة فقط?
سؤال3:من هم الورثة في الحالة التي ذكرتها? ,قلت إن قريبتي أجبرها زوجها على الإجهاض, هي رفضت ثم وافقت وأجهضت، ولها الآن 3أولاد أعمارهم:16,13,11. وبنت عمرها:10.هل أبناؤها الأربعة هم الورثة الذين يجب أن تقسم بينهم مائتان وثلاثة عشر جراما من الذهب???إن كان نعم, فبما أنهم صغار في السن, فهل تصرف القيمة في حاجياتهم من مأكل وملبس, أم ماذا???
سؤال4: وهل للأم نصيب في الإرث كونها رفضت الإجهاض أولا, ثم اقتنعت ووافقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدية ينبغي أن تقدر بالوسط من الذهب فلا تقدر بالأغلى ولا بالأدنى، وهي حق لورثة من يودي وليست للفقراء، ويستوي في الاستفادة الذكور والإناث والكبار والصغار من الورثة، وتعطى الأخت نصف ما لأخيها، ولا يراعى فيها مستوى احتياجاتهم، ولكنه إذا كان بعضهم صغيرا لا يستطيع القيام بأمور المال فإن وليه يأخذ نصيبه وينفق عليه منه ويستثمره له حتى يبلغ سن الرشد، وأما الأم فلا حق لها في الدية لأنها تعتبر متسببة في القتل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(15/253)
لا يلزم شيء من موت الجنين بسبب القلق والتوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وحملت وذهبت إلى الطبيبة لأكشف على الحمل وأخبرتني الطبيبة أني حامل بتوأمين اثنين وبعدها أصابتني حالة نفسية وقلق شديد وتوترت من هذا الحمل وأصابني خوف شديد وبعد ستة أشهر ولدت بهما وتوفيا بعد الولادة بساعة ولم يكملا مدة الحمل بالرغم أني كنت مريضة فترة الحمل، ولم يكن هذا الحمل الأول بل لدي ولله الحمد ثلاثة أولاد وبنت، هل علي شيء في ذلك كفارة أم صيام فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجعل هذين الطفلين حجاباً لك من النار، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما منكن من امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كان لها حجاباً من النار، فقالت: امرأة منهن يا رسول الله أو اثنين؟ قال: فأعادتها مرتين، ثم قال: واثنين واثنين.
ولا يلزمك شيء لمجرد القلق الذي انتابك عند معرفتك بأنك حامل باثنين وإن كان الإسقاط قد نتج بتقدير الله تعالى عن ذلك الخوف لكنك لم تتسببي في الإسقاط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(15/254)
الدية حكمها كحكم الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمي وتركت لنا منزلاً اشترته رحمها الله من مبلغ تعويض حادثة سير تعرضت لها أختي، فهل هذا المنزل إرث أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأخت توفيت وأعطي لكم ذلك المبلغ تعويضاً عنها أو دية لها، فإن المبلغ يعامل معاملة التركة، ويقسم بين ورثة البنت؛ لحديث المسند: قضى أن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم. وبما أن الأم تعتبر من الوارثين لبنتها فإن نصيبها يقسم لها ثم يقسم على وارثيها، كما يفعل بالمناسخات، أما إذا كانت البنت لا تزال حية فما عوض ملك لها هي ولا يدخل في تركة الأم، ونرجو أن تراجعوا القاضي للنظر في ملابسات الموضوع، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 64579، والفتوى رقم: 24030، والفتوى رقم: 43727.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(15/255)
العجز عن دفع دية القتيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني صدم رجلاً مسنا بدون قصد ولقد توفي هذا الرجل وبعد سؤال دار الإفتاء علمنا أن الدية المقررة ما قيمته 35 ك و 700 ج من الفضه عيار 1000 ونحن لا نستطيع دفع مثل هذا المبلغ، فما الحل أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على ابنك دية المقتول خطأ وتوزع على عاقلته، فقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة رواه مسلم وغيره، وإذا عجزوا عنها ولم يعف عنهم أولياء الدم فلهم أن يستعينوا بغيرهم ويعطوا من الزكاة ... وعلى ابنك أيضاً الكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة فإن لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعين والتوبة إلى الله تعالى، وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 6629، والفتوى رقم: 22428.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1428(15/256)
ما يلزم من تسبب في قتل غيره بالخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو منذ زمن وأنا وأصدقائي راجعون إلى البيت في سيارتي وأنا كنت السائق وأوقفت السيارة قرب الرصيف لكي أنزلهم وإذا بواحد منهم يفتح باب السيارة المقابل للشارع العام وأراد أن ينزل وإذا بصاحب دراجة هوائية ماش في الشارع ولما رأى الباب مفتوحا حاول أن يتفاداه ولف سكان دراجتة إلى اليمين وانصدم بخلفية السيارة الأخرى التي كانت موازية له في الخط ومن ثم فارق الحياة وأخذونا إلى الشرطة وحقق في الموضوع وتم استجوابنا وقلنا نحن كنا واقفين قرب الرصيف وأنه انصدم بتلك السيارة وأيضا صاحب السيارة قال إن سيارتي كانت واقفة ولكن يحتمل أن أحدهم قام بفتح الباب فحاول الهروب منه فاصطدم بموخرة سيارتي فنحن أنكرنا أن أحدنا قام بفتح الباب وفي النهاية حكم على صاحب السيارة الأخرى بدفع الدية لكونه هو المتسبب في الوفاة، سؤالي هو هل أنا المتسبب في وفاته علما أني لم أقل إن زميلي هو الذي قام بفتح الباب واحتمال تلك الدراجة لمست باب سيارتي ولكن لم نجد آثار لمسها بسيارتي علماأن تلك السارة كانت تابعة لشركة وسائقها مؤمن عليها وعلى حياته والشركة دفعت الدية..لو سمحتم أفتوني في قضيتي وأنا كل ما أتذكرها أقول إني السبب الرئيسي فيها، لكوني لم أقل إن صاحبي فتح الباب الموازي للشارع، وجزاكم ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن ما ذكرته من كون السيارة المباشرة للحادث كانت تابعة لشركة، وأن سائقها مؤمن عليها وعلى حياتة والشركة دفعت الدية ... لا ينبني عليه حكم في الموضوع الذي سألت عنه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فقولك: إنك كنت السائق، وقد أوقفت السيارة قرب الرصيف لكي تنزل من كان فيها، فقام أحدهم بفتح الباب المقابل للشارع العام، ثم أراد أن ينزل، فإذا بصاحب دراجة هوائية ماش في الشارع، ولما رأى الباب مفتوحا حاول أن يتفاداه، فلف بسكان دراجته فاصطدم بخلفية سيارة أخرى كانت موازية له في الخط ...
نقول: إن ما ذكرته يفيد عدة أمور هي:
1. أن إيقافك للسيارة قرب الرصيف يعتبر خطأ إذا كان المحل الذي أوقفتها فيه ليس معدا للوقوف أصلا.
2. أن قيام أحد أصدقائك بفتح الباب المقابل للشارع العام، ومحاولة النزول منه يعتبر خطأ آخر.
3. أن إنكارك لكون صديقك قد فتح الباب الذي كان سببا في انحراف صاحب الدراحة عنه، يعتبر كذبا وكتمانا للحق. ومعلوم أن ذلك لا يجوز إلا إذا كنت متيقنا أن السلطات ستحمِّلكم المسؤولية ظلما.
4. أن قولك: إن صاحب الدراجة لما لف سكان دراجته انصدم بخلفية السيارة الأخرى التي كانت موازية له، يفيد أنه لم يكن في الممكن لصاحب السيارة أن يتفادى ما وقع، وإذا كان الأمر كذلك فالقاعدة الفقهية تقول: إن ما لا يمكن التحرز عنه فلا ضمان فيه، وبالتالي فالحكم عليه بدفع الدية ليس صحيحا.
5. أنكم أنتم أيضا لستم ملزمين بالدية على جميع التقديرات؛ لأنكم متسببين ولستم مباشرين، والقاعدة الفقهية تقول: إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر، ذكرها ابن نجيم في الأشباه والنظائر. والمباشر في هذه الحادثة هو صاحب الدراجة نفسه.
ونعتقد أن هذا القدر كاف للرد على ما أورته من أمر الحادث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(15/257)
ما يلزم من قتل ابنيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أب قتل ابنيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن الأب لا يقتل بولده، ولا الجد بولد ولده، وإن نزلت درجته، لما روى أحمد وغيره من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قتل رجل ابنه عمداً فرفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجعل عليه مائة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين ثنية، وقال: لا يرث القاتل ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقتل والد بولده لقتلتك. قال شعيب الأرناوؤط: حسن.
ولما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. قال ابن عبد البر: وتقتضي هذه الإضافة تمليكه إياه، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية بقيت الإضافة شبهة في درء القصاص، لأنه يدرأ بالشبهات، ولأنه (الوالد) سبب إيجاده فلا ينبغي أن يتسلط بسببه على إعدامه.
وذهب المالكية إلى أن الأب إذا قتل ابنه قتل به إذا كان قصد إزهاق روحه واضحاً، فإذا لم يكن واضحاً لم يقتل به، قال الدردير: وضابطه أن لا يقصد إزهاق روحه، فإن قصده كأن يرمي عنقه بالسيف، أو يضجعه فيذبحه ونحو ذلك فالقصاص.
وبناء على ما للجمهور فإن الأب إذا قتل ابنيه، فإنه لا يقتل بهما، وإنما تلزمه عن كل منهما دية هي كما ورد في الخبر السابق: مائة من الإبل (ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون ثنية) ولا يرث هو من ذلك شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(15/258)
حكم من قتل عدة أنفس خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلنا في نقاش أنا وبعض الناس في حكم الشرع وما يستحقه فاعل حادثة مريعة كالتي سوف أقولها الآن:
شاب في السادسة عشر من عمره قام بسرقة سيارة أبيه دون علم أبيه وقادها بسرعة تقارب من الـ 160 كيلومترا في الساعة وقتل خمسة أشخاص منهم الطفل ومنهم الكبير.
فما حكم ذلك شرعا وإذا كان ذلك في إحدى الدول التي تحكم بقوانين أخرى هل يستحق هذا الشاب إسقاط العقوبة أم تنفيذها وبشدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أن ذلك الشاب قام به من سرقة سيارة أبيه دون علم من أبيه، وأنه قادها بسرعة تقارب من الـ 160 كيلومترا في الساعة، ومن ثم قتل خمسة أشخاص منهم الصغير ومنهم الكبير، هو -في الحقيقة- خطأ كبير جدا.
فأخذ السيارة دون علم مالكها تعد على حق الغير بغير حق، وقيادتها بتلك الطريقة أشنع من تعديها.
والسن التي كان فيها الشاب تعتبر سن تكليف على الراجح من أقوال أهل العلم. ومع هذا فإن القتل المذكور يعد من قبيل قتل الخطأ فيما هو ظاهر.
ومن قتل أنفسا خطأ فعليه كفارة عن كل نفس، وعلى عاقلته ديات جميع القتلى. ودليل ذلك قول الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:92} ، ولأن لكل نفس حرمتها المختصة بها، فلا تغني عن كفارتها كفارة عن نفس أخرى غيرها. وهذا كما قلنا في الظاهر الذي يجب أن تدفع الديات وتؤدي الكفارات على أساسه. أما في الباطن فالشاب قد لا يسلم عند الله من تبعات القتل العمد الذي تسبب فعله فيه.
ولا يغير مما ذكرناه كون الدولة التي وقع فيها هذا الحادث تحكم بقوانين وضعية؛ لأن الشاب ليس عليه قصاص طالما أن القتل لم يكن متعمدا، وأما التعزير فهو مستحق له، ويقوم مقامه أية عقوبة تفعل به من السلطات التي هو تحت إمرتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(15/259)
أحكام تتعلق فيمن مات بتأثير البنج بعد حادث سيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لدي صديق صدم رجلا كبيرا في السن بسيارته ونتج عن ذلك كسر في جسم الرجل الكبير مما اضطر نقله إلى المستشفى لإجراء عملية وقبل العملية كان الرجل بحالة جيدة (أي أنه واع ويميز من يزوره في المستشفى) ، وبعد يوم من الحادث تم نقله إلى مستشفى آخر لإجراء العملية وفي اليوم الثالث توفي الرجل بسبب تأثير البنج عليه لأنه يعاني من (ضيق في التنفس) مرض في الجهاز التنفسي من قبل الحادث نسأل الله أن يغفر له, في مثل هذه الحالة هل يجب على صديقي الذي صدم الرجل أن يصوم شهرين متتاليين، علماً بأن الوفاة تمت بعد ثلاثة أيام للحادث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أنا قد بينا من قبل أن تضمين السائق منوط بتفريطه وتقصيره، ويمكنك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 3120، والفتوى رقم: 15533.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فالذي عليه أهل العلم أن المجني عليه إذا بقي متأثراً بآلامه وأوجاعه حتى مات كان على الجاني خطأ الكفارة وعلى عاقلته الدية، قال ابن قدامة في المغني: وسراية الجناية مضمونة بلا خلاف، لأنها أثر الجناية، والجناية مضمونة فكذلك أثرها ...
ونقل ابن أبي شيبة في المصنف عن الحارث في الرجل يضرب الرجل، قال: إذا شهدت الشهود أنه ضُرب فلم يزل مريضاً من ضربه حتى مات لزمته الدية، فإن كان عامداً فالقود، وإن كان خطأ فالدية على العاقلة.
ومع هذا فإن تقرير الأطباء الثقات له اعتبار في هذه المسألة، فإذا أثبتوا أن موت المجني عليه كانت -قطعاً- بسبب تأثير البنج عليه، وأن الجناية خفيفة، ولا يمكن أن يسري أثرها إلى النفس، لم يكن على صديقك كفارة ولا دية؛ إلا دية جناية الصدمة التي حصلت منه، وإذا قرر الأطباء الثقات أن سبب موت الرجل هو ذاك الحادث فإن سرايته تتبعه، فيلزمه أن يكفر بعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، كما يلزم عاقلة القاتل دفع الدية لورثة الميت إن طلبوها، فإن عفوا عنه فتلزمه الكفارة فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(15/260)
حكم من قتل طفله لكون مخه خارج رأسه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي أنجب طفلاً به عيب خلقي عدم اكتمال عظام الجمجمة وبالتالي المخ خارج الرأس، فقام بقتله بحقنة، فما حكم الشرع وما يجب عليه فعله حيث إنه تاب إلى الله وندم على ما فعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدم عليه زوج أختك يعتبر ذنباً كبيراً وجرماً عظيماً والعياذ بالله، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} .
وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقاً -ومعنى معنقاً: خفيف الظهر سريع السير- صالحاً ما لم يصب دما حراماً، فإذا أصاب دما حراماً بلح (أي أعيا وانقطع) .
وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق.
ومع هذا، فإذا تاب وأحسن توبته فلا أحد يحول بينه وبين الله، ولك أن تراجع في توبة القاتل عمداً وما يلزمه من الكفارة الفتوى رقم: 11470. وفتوانا رقم: 71326.
ولا يقتل هذا الأب بولده في رأي جمهور أهل العلم، ولكن عليه الدية، وتعطى لورثة الولد، ولا يرث هو منها شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1427(15/261)
المستحقون للدية في قتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله ما الحكم في رجل متزوج ويعمل في جهاز شرطة ويملك مسدسا شخصيا له، وبين الحين والآخر يقوم بتنظيف المسدس للحفاظ عليه من التلف، وبينما هو يقوم بذلك إذ خرجت رصاصة من المسدس لتستقر في جسد امرأته فتموت الزوجة، ما الحكم في ذلك، وهل يكون هناك دية لأهل زوجته أم تعطي لأبنائه الصغار إن كانوا موجودين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أمر هذا الشخص، وأنه كان ينظف مسدسه للحفاظ عليه من التلف، وبينما هو يقوم بذلك إذ خرجت رصاصة من المسدس واستقرت في جسد امرأته فماتت، يعتبر قتلا خطأ.
والقتل الخطأ لا إثم على مرتكبه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
ولكن هذا القتل يوجب أمرين: أحدهما: الدية المخففة على العاقلة.
وثانيهما: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. ودليل ذلك قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا. {النساء:92} .
وهذه الدية تكون لورثة الزوجة جميعا سوى الزوج.
فالقاتل خطأ لا يرث من الدية عند جميع أهل العلم، بل ولا يرث مما سوى الدية عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، ويرث من المال دون الدية الواجبة بالقتل عند المالكية. والراجح عندنا في هذا هو قول المالكية؛ لأنه لا يتهم على أنه قتلها ليرثها ويأخذ مالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(15/262)
الدية والكفارة تلزم المباشر للإجهاض
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم بارك الله فيكم ونفع بكم أرجو الإفادة عن التالي: قلتم فى الفتوى رقم 76990 أن من باشر الإجهاض يتحمل تبعاته من دية وكفارة، ولكن هل إذا باشر الطبيب الإجهاض بأمر من الأم أو الأب يتحمل وحده الدية، ولماذا لا يعتبر أمر الأم والأب كالمباشرة، وهل إن دية الجنين عشر دية الأم أم نصف العشر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أمر الأب والأم معاً أو أحدهما الطبيب بإجهاض الجنين فأجهضه فالجميع آثم، أما الدية والكفارة فعلى المباشر للقتل لأنه أقرب من المتسبب لإضافة الحكم إليه، والقاعدة المعروفة عند الفقهاء تقول: إذا اجتمع المتسبب والمباشر أضيف الحكم إلى المباشر. ودية الجنين هي عشر دية أمه، وقد بيناها في الفتوى رقم: 28629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(15/263)
إنشاء صندوق بهدف المساعدة في دفع دية القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل
لقد أقرت قبيلتي أو عشيرتي إنشاء صندوق للقبيلة يضم كل من بلغ عمره 18 سنة وذلك بأن يدفع كل مشترك نصف دينار شهريا مع إعداد لائحة لهذا الصندوق تحدد شروط الاشتراك وبنود الدفع عن المشترك في الحالات التالية
يدفع الصندوق مبلغ الدية عن كل مشترك قام بقتل شخص من قبيلة أخرى غير قبيلتي وذلك عند قبول أهل الدم بالدية مهما كان نوع القتل سواء خطأ أو عمدا شرط قبول أهل المقتول بالدية حيث إن مبالغ الدية عندنا كبيرة وليس في الإمكان أن تسدد من قبل فرد أو عائلة مع ملاحظة أن بعض حكماء القبيلة طالب بان يؤخذ ثلث مبلغ الدية عندما يكون المقتول من قبيلتنا من أسرته ورفض البعض بحجة أن الدية حق لأهل الميت ولا يجوز أخذه (نرجو إعطاء فتوى بذلك بشأن أخذ جزء من الدية ووضعها بالصندوق) علما أن هذا الصندوق لديه لائحة مقروءة وفي يسر كل مشترك الاطلاع عليها ولبس لزاما على المشترك الاشتراك بها وللصندوق إدارة ولجان محاسبة ومجلس للقبيلة يحدد مسار الصندوق وإضافة أو حذف أو تعديل بنود اللائحة، وهل في الإمكان أن يعمم نموذج يوصي به كل مشترك بأخذ ثلث مبلغ الدية منه عند وفاته بسبب قتل من جهة أو قبيلة أخرى وطلب منها الدية ثم إن هذا الصندوق لديه الآن مبالغ كبيرة بالمصارف فهل يجب أن تخرج الزكاة عنها وكيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن دية الخطأ وشبه العمد تكون على العاقلة. ففي سنن النسائي وغيره عن المغيرة بن شعبة: أن امرأتين كانتا تحت رجل من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بعمود فسطاط فأسقطت فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: كيف ندي من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أسجع كسجع الأعراب فقضى بالغرة على عاقلة المرأة. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وترجم الإمام مسلم قال: باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني.
وأما دية العمد فقد أجمع أهل العلم على أنها تجب في مال القاتل، ولا تتحملها العاقلة. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني بعد حكاية هذا الإجماع: وهذا قضية الأصل، وهو أن بدل المتلف، يجب على المتلف، وأرش الجناية على الجاني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجني جان إلا على نفسه. وقال لبعض أصحابه: حين رأى معه ولده: ابنك هذا؟ قال: نعم، قال: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه. ولأن موجب الجناية أثر فعل الجاني، فيجب أن يختص بضررها، كما يختص بنفعها، فإنه لو كسب كان كسبه له دون غيره. وقد ثبت حكم ذلك في سائر الجنايات والأكساب، وإنما خولف هذا الأصل في القتل المعذور فيه، لكثرة الواجب، وعجز الجاني في الغالب عن تحمله، مع وجوب الكفارة عليه، وقيام عذره، تخفيفا عنه، ورفقا به، والعامد لا عذر له، فلا يستحق التخفيف، ولا يوجد فيه المعنى المقتضي للمواساة في الخط أ. انتهى.
هذا من حيث أصل وجوب الدية، ولكن القبيلة إذا تطوعت بمساعدة القاتل عمدا في الدية التي لزمته فلا حرج في ذلك، بل هو من المواساة والمعروف الذي يؤجر الإنسان عليه، إذا قصد به وجه الله، فقد قال الله تعالى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} ، وقال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة:7} .
ولكن هذا التطوع ينبغي أن لا يكون في بند ملزم للقبيلة بذلك حتى لا يكون فيه تشجيع على قتل العمد، والحاصل أنه لا مانع من إنشاء الصندوق المذكور، إلا أن أخذ أي شيء من الدية من المجني عليهم لا يجوز أن يكون جبرا عليهم. لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه، كما في الحديث الشريف.
وفيما يخص زكاة أموال هذا الصندوق فلك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 35382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(15/264)
ما يجب على الأم إذا مات ولدها بسبب خطئها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت ابنة أختي وعمرها 4 سنوات واليكم القصة: كانت الأم تضع سخان ماء يوجد فيه ماء ساخن جدا وذلك لاستخدامه في حمام طفلها الثاني, وجاءت الابنة تريد من والدتها الماء للشرب فطرقت الباب وبدأت بفتحه وصرخت تنادي أمها، لكن الأم قالت لها فيما بعد وأغلقت الباب بسرعة فانزلقت قدم الطفلة وسقطت في الماء الساخن وتوفيت جراء ذلك بعد شهر من رقودها في المستشفى وتسأل أختي هل يتوجب عليها كفارة وما هي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان سبب سقوط البنت في الماء الساخن الذي كان سبب وفاتها بعد ذلك هو ما فعلت أمها بالباب -كما هو ظاهر السؤال- فإن عليها كفارة القتل الخطأ وهي المذكورة في قوله: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا {النساء: من الآية92}
ولا إثم عليها لأن ما حدث كان بطريق الخطأ المعفو عنه شرعا, والكفارة إذاً هي تحرير رقبة مؤمنة، فإذا لم توجد فصيام شهرين متتابعين مع دفع الدية لورثتها إذا لم يعفو عنها, فإن عفوا عنها سقطت, ولا تسقط الكفارة. وفي حالة عدم العفو تكون الدية على العاقلة, ولا ترث الأم المتسببة في القتل منها شيئا.
أما إذا لم تكن الأم هي السبب فإنه لا شيء عليها.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتويين: 10717، 40416.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(15/265)
حكم وقوع القتل على شخص بالصراخ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم قتل عجوز بمجرد رفع الصوت عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل النفس بغير حق شرعي من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، قال الله عز وجل: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ، وبأي وسيلة كان القتل فإنه يعتبر جريمة كبرى سواء كانت بمجرد التهديد أو رفع الصوت.. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أشار إلى أخيه بحديده فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع أخاه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فإن وقع القتل بالصراخ في وجه المقتول وما أشبه ذلك فإن كان عمداً فإن القتل يعتبر شبه عمد وفيه الدية المغلظة، وإن كان خطأ فإنه يعتبر قتل خطأ كما نص عليه أهل العلم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 72849.
ولذلك فإن على من قتل عجوزاً أو غيره بمجرد رفع الصوت أو الصراخ عليه الدية والتوبة إلى الله تعالى. وقد سبق بيان الدية وأنواع القتل وما يترتب على كل واحد منها في الفتوى رقم: 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(15/266)
يتحمل تبعات الحادث والقتل من جاء في الاتجاه المعاكس
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لدينا سائق شاحنة كان يمشي في اتجاهه السليم فجاءت سيارة من الاتجاه المعاكس فاصطدمت به فمات الأفراد الذين هم فيها.أي في هذه الحالة صاحب الشاحنة مظلوم ومع ذلك مات من ظلمه ولم يسر في اتجاهه السليم.
هنا هل على صاحب الشاحنة دية؟
وإذا كانت عليه دية مثلا هل يخرج عن الأشخاص جميعا دية واحدة. أم يخرج عن كل فرد دية وهم الذين ماتوا جميعا في السيارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر –والله أعلم- أن صاحب هذه الشاحنة، لم يكن في إمكانه تفادي وقوع الحادث لما ذكرته من سيره في الاتجاه الصحيح وأن السيارة الأخرى هي التي اصطدمت به.
وعلى هذا، فلا دية عليه ولا كفارة.
قال الدسوقي: وإن تصادما خطأ, فالدية على العاقلة ولو بسفينتين بمعنى أن دية كل منهما على عاقلة الآخر إن ماتا معا, وإن مات أحدهما فديته على عاقلة من بقي منهما, وإن كان عجزا فيحمل في غير السفينتين على الخطإ، وفي السفينتين يكون هدرا. هذا هو الراجح، وقيل يكون هدرا مطلقا حتى في غير السفينتين, وإن جهل الحال حمل في غير السفينتين على العمد وفيهما على العجز ...
وأما صاحب السيارة الثانية، فهو الذي يتحمل تبعات ما وقع لما ذكرت من مخالفته قانون المرور. فهو بذلك يعتبر المتسبب في الحادث.
وما انجر عن الحادث من وفيات يعتبر قتلا شبه عمد، لأنه فعل فعلا لا يحل له، ولم يكن يقصد به ما حدث. فتتحمل عاقلته دية جميع الوفيات مغلظة، وتكون الكفارة في ماله هو عن كل قتيل. ولك أن تراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 19156.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(15/267)
دية من مات خوفا من القنابل اليدوية والصوتية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في مدينة تغلب العادات والتقاليد على كل شىء وأسرتي 4 شباب (محمد شخص منهم) وأمي وزوجة أخي، وقصتي هي أني كنت أعيش في بيت في شارع وذات يوم سمعنا خبرا سيئا وهو أن شخصا من عائلتنا (قبيلتنا) قتل شخصا من عائلة أخرى وهم جيران، وفي اليوم ذاته وحرصا على عدم تتابع الموضوع قمنا بفعل الآتي:1 - سلمنا للشرطة القاتل وأباه وإخوانه
2 - هاجرنا من البيت نحن وأكثر من عشرة أسر على أساس أننا سوف نعود قريبا بعد هدوء المشكلة
3 - تم إحراق بيت القاتل من قبل أهل المقتول.
وبعد 17 يوما من الحادث تم حل جزئي بعودة جميع الأسرة إلى الشارع وبيوتهم ما عدى نحن وأسرة بيت عمي.
والقصة الآن سوف تتحول إلي أخي محمد وهي أن أخي كان من الملتزمين بالصلاة وجميع العبادات وكان متدينا جيدا وعندما سمع قرار الرجوع إلا نحن وبيت عمي ذهب يقول هل هذا من الدين والشرع وكلمات أخرى كل هذا ونحن نعيش في بيت آخر في ضواحي المدينة وبعد 30 يوما قرر أن نذهب ونعيش في بيت مهجر قريب من بيتنا الأساسي وبحمد الله ذهبنا إلى ذلك البيت وتم تنظيفه وإحضار لوازم الحياة. وبعد خمسة أيام من ذلك ذهب أخي محمد إلي البيت الأساسي بدون وعي لأنه كان في حالة نفسية طفيفة لأنه سمع أن البيت سرق وعندما دخل البيت لم يره أحد وعندما سمع آذن الظهر خرج أخي من البيت للصلاة في المسجد (المسجد يقع خلفنا مباشرة الحايط بالحايط ولكن بابه من الشارع الآخر) رآه شخصان من عائلة المقتول، الشخص الأول كان متدينا وسكت وقال للشخص الثاني لا تقل لأحد لأن محمدا في حالة نفسية ولكن الشخص الثاني تبع الشياطين وترك محمدا يذهب إلى المسجد وذهب إلى أهله وقال لهم إن محمدا جاء إلى البيت وهو ممنوع من الدخول إلى الشارع وتجمع شباب عائلة المقتول أمام البيت الأساسي ومحمد أخي مازال في المسجد فذهب إلى باب المسجد ودون جدوى ورجع الشباب إلى البيت وتم إلقاء القنابل اليدوية والقنابل الصوتية على البيت والمسجد ومحمد مازال في المسجد ونتج عن ذلك صدمة نفسية عنيفة لمحمد حسب ما قال الدكتور وتم إخراج محمد إلى مكان آمن من قبل الناس ولكن بعد يومين بدأت تظهر عليه الصدمة وبدأ بعدم المشي سريعا ومن ثم عدم المشي تماما. عشرون يوم محمد لايتحرك لا يحكي إلا طفيفا ولا يمكنه تحريك اليدين والرجلين ومن ثم مات رحمة الله عليه؟ ملخصا أريد أن أعرف ماذا يقول الدين في ذلك، قتل غير مباشر هل له دية نحن بحوزتنا أوراق طبية تقول إنه صدمة نفسية شديدة وكذلك عندنا شهود
والقصة باختصار هي أنه أصدم بصوت القنابل وارتعش خوفا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن روح المؤمن عظيمة عند الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء: 93} . وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقا ـ ومعنى معنقا: خفيف الظهر سريع السيرـ صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلح، أي أعيا وانقطع. وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن أهل العلم صرحوا بأن القتل قد يحصل بالأفعال المؤدية إلى الإصابات النفسية كالتخويف والصياح على الشخص حالة غفلته ونحو ذلك، وأحرى إذا استخدم في ذلك القنابل اليدوية والقنابل الصوتية. ففي الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في إمكان حصول القتل بالتخويف، كمن شهر سيفا في وجه إنسان, أو دلاه من مكان شاهق فمات من روعته, وكمن صاح في وجه إنسان فجأة فمات منها, وكمن رمى على شخص حية فمات رعبا وما إلى ذلك. وقال ابن قدامة في المغني: ولو شهر سيفا في وجه إنسان, أو دلاه من شاهق, فمات من روعته, أو ذهب عقله, فعليه ديته. وإن صاح بصبي أو مجنون صيحة شديدة, فخر من سطح أو نحوه فمات أو ذهب عقله, أو تغفل عاقلا فصاح به, فأصابه ذلك فعليه ديته تحملها العاقلة. فإن فعل ذلك عمدا, فهو شبه عمد, وإلا فهو خطأ.
وبناء على هذه النصوص، فإن الشخص المذكور يعتبر مقتولا قتلا شبه عمد، وتلزم لورثته الدية المغلظة على عاقلة قاتليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1427(15/268)
مقدار دية القتل الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كم الدية المحمدية في القتل الشبه العمد؟ وماهي الكفاره؟ ومن ومتى تكون واجبة وهل هي أو الصيام أولى؟ وكم مقدارها (دينار أردني) ؟ وإن أخذو الدية ماذا أفعل الصوم أو الكفاره؟
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مقدار الدية الشرعية هو مائة من الإبل وهي أصلها كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما من حديث القسامة المشهور عن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه قال: فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم مائة ناقة. ثم بعد ذلك قوَّم عمر رضي الله عنه الدية فجعلها على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورِق (الفضة) اثني عشر ألف درهم، رواه مالك في الموطأ.
وأما مقدارها أو قيمتها بالدينار الأردني فيرجع فيه إلى المحاكم الشرعية هناك.
وأما الكفارة فهي تحرير رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، فإن لم يجدها أو عجز عن ثمنها صام شهرين متتابعين مع التوبة النصوح إلى الله تعالى.
وتكون واجبة في القتل الخطأ، وشبه العمد، وفي العمد إذا عفا ولي الدم ورضي بالدية، وإذا أخذ أولياء الدم الدية فإن على القاتل الكفارة، وهي -كما ذكرناـ العتق إن وجد وإلا فصيام شهرين متتابعين، فالدية حق لأولياء الدم، والكفارة حق لله تعالى.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم في الفتاوى التالية أرقامها: 11470، 47073، 1162.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1427(15/269)
دية المنقلة وهل فيها خلاف بين العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مقدار دية المنقلة والخلاف حول مقدارها مع بيان آراء الفقهاء في مقدارها حتى الأراء المختلفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقدار دية المنقلة هو عشر الدية ونصف عشرها، ولم نقف على خلاف بين أهل العلم في ذلك، فمنهم من نقل هذا الحكم دون تعليق عليه، ومنهم من ذكر الإجماع عليه، وإليك النصوص من كل مذهب.
قال صاحب رد المحتار وهو حنفي: وفي الهاشمة عشرها (يعني الدية) وفي المنقلة عشر ونصف عشر....
وقال المواق وهو مالكي: أما المنقلة فقال في الكافي: في المنقلة عشر الدية ونصف عشرها خمس عشرة فريضة أو مائة وخمسون ديناراً.
وقال الشافعي في الأم: لست أعلم خلافا في أن في المنقلة خمس عشرة من الإبل وبهذا أقول وهذا قول من حفظت عنه ممن لقيت لا أعلم فيها بينهم اختلافاً....
وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: المنقلة: زائدة على الهاشمة، وهي التي تكسر العظام وتزيلها عن مواضعها، فيحتاج إلى نقل العظم ليلتئم. وفيها خمس عشرة من الإبل، بإجماع من أهل العلم. حكاه ابن المنذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(15/270)
مدى مسؤولية السائق عما ينجم عن الحادث من أضرار
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد ردا على مسألة فقهية وهي: سيارة سقط منها دولاب تسبب بوفاة رجل ماذا يترتب على صاحب السيارة التي سقط منها الدولاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسؤولية مثل هذا الحادث قد لا يؤخذ بها أي أحد إذا حدثت بشكل طبيعي من غير أن يقع تفريط، ويمكن أن يؤخذ بها سائق السيارة إذا كانت ناتجة عن تفريط حصل منه في سياقته أو في استعدادته قبل الانطلاق، فلو أنه كان قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة، وبكافة الاحتياطات فيها، بأن كان قريب عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها، وكانت حمولة السيارة طبيعية، وكانت لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكان ملتزما بقواعد السير وقوانين المرور، وكان كامل الصحة تام الوعي لم يشعر قبل سقوط الدولاب بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك، مما قد يؤثر على تمام وعيه، وتحكمه في السيارة، فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فهو غير مؤاخذ به لأنه خارج عن إرادته فأشبه الكوارث التي تبتلى بها الناس.
والذي يمكن أن يحدد المسؤولية في مثل هذا الموضوع إذا لم يعترف السائق بالتفريط، هو المحكمة الشرعية لأنها هي المؤهلة للكشف عن الحقائق والاستماع إلى البينات وتزكيتها وإلزام الأطراف المتخاصمة بما يتوجه على كل طرف من الإجراءات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1427(15/271)
شرب الدواء الذي يؤدي إلى الإجهاض
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ سنوات كنت حاملا 45 يوماً وكنت أعرف أني حامل وفي هذه الفترة مرضت ومن شدة المرض تناولت دواء كنت أتناوله من قبل الحمل وقد نبهوني عليه بحيث إنه يسبب الإجهاض وصممت على أخذه فأدى ذلك إلى إجهاض الجنين، فما الحكم في ذلك، هل أدفع المال، وكم أعطي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 5920 أن إسقاط الجنين بعد مضي مائة وعشرين يوماً يعد قتلا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بحق، وأما إسقاطه قبل هذه المدة فهو محرم أيضاً وإن كان لا يرتقي إلى درجة قتل النفس.
وبناء على ذلك فشرب الأخت للدواء الذي تعلم أنه يؤدي لى إسقاط الجنين عمل محرم يجب عليها التوبة منه، وعليها دية الجنين، وتقدم بيانها في الفتوى رقم: 12878.
ولا ترث هي من هذه الدية شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(15/272)
إذا لم تدفع العاقلة الدية أو لم يكن للقاتل عصبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مقدار الدية الشرعية للقتل الخطأ (الغير العمد) وإذا لم يدفع هذه الدية هل يجوز قتل القاتل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا مقدار الدية الشرعية للقتل الخطأ للذكر والأنثى في الفتويين رقم: 14696، 47399، ودية الخطأ على العاقلة وهم عصبة القاتل، فقد أجمع على ذلك العلماء كما بينا في الفتوى رقم: 17085، وإذا لم تدفع العاقلة الدية فليس على القاتل دفعها ولايجوز حبسه فيها ولا قتله بالأولى، ولكن تلزم العاقلة بذلك قضاء. قال الطبري: وهذه الدية إنما تجب على عاقلة القاتل لا في ماله، قال الشافعي: لم أعلم مخالفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة. انتهى
وأما إذا لم يكن له عصبة فإنها تكون في بيت المال، فإن لم يوجد فتكون في ماله هو إن لم يعف عنه ولي الدم. قال الألوسي: والدية تتحملها عنه العاقلة، فإن لم تكن فهي في بيت المال، فإن لم يكن ففي ماله (إلا أن يصدقوا) أي يتصدق أهله عليه، وسمى العفو عنها صدقة حثا عليه. انتهى
" والعاقلة هي العصبة والأقارب من قبل الأب الذين يعطون دية قتيل الخطأ " انتهى من تحفة الأحوذي. وللاستزادة انظر الفتوى رقم: 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(15/273)
حصول القتل بالتخويف.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[المسألة: يعاني شخص من مرض القلب، ونتيجة لقلق من ابنته توفي في الحال، فهل على ابنته صيام الكفارة؟
بسط المسألة: أرادت البنت الزواج من رجل متزوج وله أولاد علما بأن أهل الزوج يرفضون زواج ابنهم من هذه الفتاة، إضافة إلى أهل الفتاة فهم يرفضون كذلك زواج ابنتهم منه، وكان والد الفتاة مريضا كما سبق ذكره من القلب، فأرادت البنت أن تتحدى الكل وتتزوج بالرجل، فثار النقاش بينها وبين والدها في الموضوع فأصرت هي على الزواج وأصر الأب على عدم الزواج وحاول في تلك اللحظة أن يضربها بالعصى التي في يده فسقط ميتا لكون الأطباء منعوه من بذل أي جهد.
فهل تعتبر البنت متسببة في قتل والدها عن طريق الخطأ وبالتالي عليها صيام كفارة الخطأ؟ أفيدونا في أقرب الأوقات بجواب شاف وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الله تعالى أوجب طاعة الوالدين والإحسان إليهما، وجعل رضاه في رضاهما فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} .
وفي الحديث الشريف: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وعليه، فسواء قلنا بأن هذه البنت قد قتلت والدها أو لم نقل بذلك، فإنها قد أخطأت خطأ بالغا فيما ذكرت عنها، وعليها أن تبادر إلى التوبة، لعل الله يتجاوز لها عن خطئها.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن أهل العلم صرحوا بأن القتل قد يحصل بالأفعال المؤدية إلى الإصابات النفسية كالتخويف والصياح على الشخص حالة غفلته ونحو ذلك. ففي الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في إمكان حصول القتل بالتخويف، كمن شهر سيفا في وجه إنسان, أو دلاه من مكان شاهق فمات من روعته, وكمن صاح في وجه إنسان فجأة فمات منها, وكمن رمى على شخص حية فمات رعبا وما إلى ذلك. وقال ابن قدامة في المغني: ولو شهر سيفا في وجه إنسان, أو دلاه من شاهق, فمات من روعته, أو ذهب عقله, فعليه ديته. وإن صاح بصبي أو مجنون صيحة شديدة, فخر من سطح أو نحوه فمات أو ذهب عقله, أو تغفل عاقلا فصاح به, فأصابه ذلك فعليه ديته تحملها العاقلة. فإن فعل ذلك عمدا, فهو شبه عمد, وإلا فهو خطأ.
فإذا كان النقاش الذي ذكرت أنه ثار بين البنت وبين والدها كانت فيه صيحات مفزعة أو أفعال يمكن أن تؤدي إلى ما حدث، فإن القتل حينئذ يكون شبه عمد وليس قتل خطأ. وإن كان الأمر بخلاف ذلك، فلا نرى أنها هي القاتلة لأبيها، وبالتالي فلا كفارة عليها ولا دية.
ولمعرفة أنواع القتل وما يترتب من الأحكام على كل نوع، فلك أن تراجع فتوانا رقم: 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1427(15/274)
توبة القاتل وإثم ترك الظالم يتمادى في ظلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أشكركم على عملكم هذا من أجل الدين.
الموضوع: كانت مشكلة معنا (أبناء عمي) طرف أول وأفراد آخرون طرف ثان من العائلة حيث الشخص الذى سبب المشكلة كان في الخارج يعمل في الجيش العراقي وله إخوة 2 حيث قام العراقي (قريبنا) بإغلاق الطريق المؤدي إلى منزل مما اضطر إلى سلوك طريق بعيد وقام كبار العائلة بالتوجه إليه من أجل فتح الطريق وحل الخلاف إن وجد خلاف ولكن العراقى ادعى لا وجود للطريق وأنه خاص مع العلم أنه طريق عمره أكثر من 110سنة وذهب الوجهاء ولكن دون فائدة وبعد عدة أيام قام العراقي بإطلاق النار الكثيف على المنزل ومحاصرته من كل الاتجاهات ومعه آخرون وقام بدخول المنزل وأخذ أحد أفراد واعتدى عليه بالضرب والإهانة وقاده إلى منزلهم الجتور ولم تقدرالشرطه تعمل شيئا حيث عاد من الخارج ويعمل ضابطا وبعد ذلك توجهنا إلى كل الجهات الأمنية والقضاء ولم يفعلوا شيئا بسبب ضعف الحكومة وبعد ذلك قمنا بتحريك ناس من أهل الخير ولكن دون نتيجة ورغم ذلك كان يتهدد ويتوعد بالمزيد ولكن نحن عائله نخاف الله وصبرنا وقلنا لعل وعسى الله يهديه ولكن لم يستجب للناس وقد حسب أن هذا ضعف منا وكان الشباب لا يطيقون من شدة القهر ولكن آباءهم منعوهم من التصرف في أي شيء وكان عمي يطرق أبواب الدوائر الحكوميه لعل وعسى من أحد يردعه ويوقفه عند حده وبعد عناء ووعود كاذبة من الحكومة وبعض المتواطئين من أجل المال الذى يأخدونه منه ولايفعلون شيئا، وبعد حوالي شهر أو أكثر دون حل قام العراقي بإطلاق النار على عمي وإصابته بأربع طلقات ناريه في أقدامه مما أدى إلى كسور وتلف في أرجله ونقل إلى المستشفى وأخذت الشرطة أقواله وسجلت ولم تفعل شيئا وقام بعد ذلك بمطاردة أبناء عمي مما أجبرهم على الرحيل من بيتهم مما حول حياتهم إلى جحيم (إغلاق الطريق+ الهجوم على المنزل وحرمة البيت وخطف أحد أفراده + إطلاق النار على صاحب المنزل وسبب عجزا وما زال يتعالج) !!!
مما أجبرهم إلى حل وحيد وهو أخد القصاص منه بأيدينا لكونه إطلق النار على عمي ولوقفه من أن يتعرض لنا حيث أصبح مثل المهووس في الشر والقتل وقاموا بمراقبته من أجل ضربه وعندما تلاقوا قاموا بإطلاق النار عليه في قدميه من أجل ردعه عن أعماله والاعتداءات التى قام بها وقدر الله وما شاء فعل حيث حصل نزيف وتوفي
س/ ماحكم الشرع في هذا القتل غير المقصود؟
س/ ماذا يعمل الذى أطلق النار أي من استغفار وتوبة حيث اشترك أكثر من واحد؟
س/ وفي حاله أخذ الدية المحمدية ماحكم الفاعلين؟
س/ ماحكم الحكومة عامه والأفراد خاصه الذين علموا ولم يوقفوه؟
وجزاكم الله كل خير
ملاحظة: أنه لم يكونوا يقصدون قتله وأن الأفراد الذين قاموا بالعمل يخافون الله ويصلون ويتعبدون دائما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أن ذلك الشخص قام به من إغلاق الطريق المؤدي إلى المنزل المذكور، وإطلاق النار الكثيف عليه، ومحاصرته من كل الاتجاهات، ثم دخوله وأخذ أحد الأفراد والاعتداء عليه بالضرب والإهانة، وإطلاق النار بعد ذلك على عمك وإصابته بتلك الطلقات النارية في أقدامه التي ذكرت أنها أدت إلى كسور وتلف في أرجله ونقله إلى المستشفى، ثم قيامه بعد ذلك بمطاردة أبناء عمك مما ألجأهم إلى الرحيل من بيتهم، كلها اعتداءات بالغة وجرائم نكراء.
ولكن لتعلم أيها الأخ الكريم أن روح المؤمن عظيمة عند الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء: 93} وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. وروى أبو دواد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقا ـ ومعنى معنقا: خفيف الظهر سريع السير ـ صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلح، أي أعيا وانقطع. وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق. وشريعة الإسلام السمحة الغراء لم تجعل للإنسان أن يقتص لنفسه، لما يترتب على ذلك من الفساد، وإنما جعلت القصاص والحدود والتعازير للسلطة الحاكمة، مع أنها أعطت للمصول على نفسه أو ماله أو عرضه أن يدافع الصائل، لكن بالأخف أولا ثم ما فوقه إلى أن يندفع ولو أدى إلى القتل، قال ابن المقرئ في روض الطالب: يجوز دفع كل صائل من آدمي وبهيمة عن كل معصوم من نفس وطرف وبضع ومقدماته ومال وإن قل، وله دفع مسلم عن ذمي ووالد عن ولد وسيد عن عبده ومالك عن إتلاف ملكه، ويجب الدفع للصائل بالأخف إن أمكن كالزجر ثم الاستغاثة، ثم الضرب باليد ثم بالسوط، ثم بالعصا، ثم بقطع عضو، ثم بالقتل ... ومتى أمكنه الهرب أو التخلص لزمه.. انتهى المراد
والدفع المذكور إنما يسمح به وقت الصولة لا بعد استقرار الحال.
وفيما يتعلق بأسئلتك فإن الواجب على أولئك القتلة أن يتوبوا إلى الله، ويكثروا من أعمال البر والخير، لعل الله يغفر لهم بذلك ما أقدموا عليه.
وإذا لم يكونوا قد قصدوا قتل الشخص المذكور، فإنه يمكن تصنيف ما قاموا به على أنه من باب القتل شبه العمد، ولكن أولياء الدم قد لا يقبلون ذلك؛ لأن الآلة التي استخدمت لا تستخدم عادة إلا للقتل، وبالتالي يكون هذا من نوع القتل العمد، وأيا كان الأمر من ذلك، فإنا قد عرفنا كل واحد من أنواع القتل وبينا حكمه، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 11470، وفيها الرد على أكثر أسئلتك.
وأما سؤالك الآخير فجوابه أن أيا من الحكومة والأفراد إذا رأوا الظالم يتمادى في ظلمه ولم يوقفوه، حيث كانوا يستطيعون ذلك فإنهم يكونون جميعا في معصية، ويوشكون أن يعمهم الله بعقابه، ففي سنن أبي داود والترمذي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: بعد أن حمد الله وأثنى عليه: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير موضعها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105} قال: وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأو الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(15/275)
تقسم الدية على الورثة كما تقسم التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الرد على رسالتى لأنني في حيرة تامة:
توفيت أمي بعد أبي بخمسة عشر عاما وتركتني وأختي وأخي وأمها ورثة شرعيين ولأنها توفيت في حادث سيارة تم رفع قضية وطلب تعويض من شركة التأمين ولكن مع احتيال المحامي فإن المحكمة لم تقسم المبلغ حسب الشرع وهو السدس لجدتي والباقي للذكر مثل الأنثتين ولكنها قسمته بالأكثر تضررا من الوفاة وكانت جدتي وأخي لأنني وأختي متزوجان ولكن يا سيدى السؤال هو: أن أخي يحتاج إلى مصاريف زواج كثيرة مع العلم بأن جدتي لديها أبناء خمسة وكلهم في مراكز مرموقة ماديا جدا أي أنها لا تحتاج إلى هذه المبالغ كلها ولكن يكون نصيبها السدس فقط فهل لي أن أعطيها السدس فقط وهو حق الله في ابنتها أم أنفذ حكم المحكمة؟
جزاكم الله خيرا عنى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن تقسم التركة كما أمر الله سبحانه وتعالى، والدية من التركة لا ينقض ذلك ولا يبطله حكم حاكم، ولا محاماة محام، ومن عدل عنه فقد تعدى حد الله، وقد قال تعالى في مقام آية المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء: 13 ـ 14}
ولكن إذا تراضى الورثة فيما بينهم على قسمة ما، وتنازل بعضهم لبعض عن حقه كاملاً أو عن بعضه وكان ذا أهلية كاملة فلا حرج في ذلك، فالواجب إذاً أن يقسم ذلك المبلغ الذي هو دية الأم على ورثتها قسمة شرعية كما ذكرت لأمها السدس، والباقي بين الأبناء للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم إذا شاء أحدكم أن يتنازل عن حقه لغيره من باب الإيثار والمساعدة ونحوه فلا حرج.
وننصح الأخت السائلة بالرجوع إلى أهل العلم في المراكز والهيئات الاسلامية وعرض المسألة عليهم لأن مسائل الميراث من المسائل الشائكة فقد يكون هناك وارث لا يُطلع عليه إلا بعد البحث والتقصي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(15/276)
مدى مسئولية السائق عما ينتج عن الحادث من وفيات وإصابات
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقود سيارتي الخاصة وأختي تجلس بالكرسي الأمامي وتضع على أرجلها ابنتي الصغيرة وحصل حادث لنا وتوفيت أختي وأصيبت ابنتي والله وحده نجاني لا أتذكر سرعتي لحظة الحادث وأنا كنت أظن أنها فوق المعدل المقرر من المرور بهذه المنطقة لم أنبه على أختي بربط حزام الأمان تقرير المرور أفاد بأن الحادث نتيجة انفجار في إطار السيارة الأمامي هل هذا قتل خطأ وهل عليَّ فدية أو صوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائق إذا فرط في شيء من أسباب السلامة بالزيادة على السرعة المعتادة، أو استخدام السيارة وهي لا تصلح، أو كان بعض عجلاتها أو فراملها في حالة سيئة، أو ما أشبه ذلك مما تسبب في الحادث حتى توفي فيه من توفي، فإن ذلك يعتبر قتل خطأ، وعليه فيه الدية والكفارة عن كل نفس، والدية تدفعها عائلة القاتل لورثة المقتول، والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء: 92}
والبنت التي أصيبت ولم تمت إذا كانت إصابتها تبلغ ثلث الدية أو أكثر، فإن ذلك يكون على عائلة الجاني أيضاً، وإن كانت إصابتها أقل من ثلث الدية، فإنها تكون في مال الجاني.
وعليه؛ فيلزم عائلتك دية أختك وإصابة بنتك إذا كانت تبلغ ثلث الدية، وإلا فعليك أنت، إلا أن يعفو الورثة، وتلزمك أنت الكفارة، وراجع للفائدة فتوانا رقم: 22750.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(15/277)
هل تلزم دية قتل الخطأ إذا مات القتيل بعد فترة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أني تسببت في حادث مروري حيث تصادمت مع سيارة أخرى وكان الخطأ حسب تقرير المرور أنه علي 100% توفي في الحادث الأب والابن أدخلت الأم المستشفى حيث إنها تعرضت لبتر لإحدى قدميها في الحادث وحروق متفرقه، لتمكث شهرين كانت حالتها مستقرة خلاف الأيام الأولى بعد الحادث كانت إنسانة مؤمنة راضية بما كتب الله لها معنويتها عليه تحمد الله وتشكره، سؤالي هو: هل علي صيام كفاره عن الأم؟ هذا والله يجزيكم خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله المولى جلا وعلا أن يعظم أجرك في مصابك، وأما ما سألت عنه فقد بينا أن تضمين السائق منوط بتفريطه وتقصيره، وذلك في الفتوى رقم: 3120، والفتوى رقم: 15533.
فإذا كانت الأم لازالت على قيد الحياة ولكنها تعاني من أثر الحادث فلا كفارة عليك إلا في من مات في السيارة أو أصيب في الحادث فمات، ولكن إذا ماتت الأم بسبب الحادث بأن بقيت متأثرة بآلامه وأوجاعه حتى ماتت فعليك الكفارة، لما نقله ابن أبي شيبة في المصنف عن الحارث في الرجل يضرب الرجل قال: إذا شهدت الشهود أنه ضرب فلم يزل مريضاً من ضربه حتى مات لزمته الدية، فإن كان عامداً فالقود وإن كان خطأ فالدية على العاقلة.
فمن مات بسبب جناية الخطأ مباشرة أو بعد فترة بنفس السبب فعلى عاقلة الجاني الدية، لما في سنن ابن ماجه عن المغيرة بن شعبة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة. رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وعلى الجاني الكفارة، وانظر الفتوى رقم: 6821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(15/278)
هل تتوزع المسؤولية في حادث السير بين القاتل والمقتول
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص عمل حادث سير توفي فيه رجل وأثبت أهل الاختصاص أن السائق يتحمل نصف المسؤولية والميت يتحمل نصفها هل يدفع السائق نصف الدية إلى أهل الميت وهل عليه كفارة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحادث السير لا يمكن أن تتوزع فيه المسؤولية بين القاتل والمقتول، وذلك لأن السائق إما أن يكون قد أخذ بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها، بأن كان قريب عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها ... وكان لديه الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكان ملتزماً بقواعد السير وقوانين المرور، وكان كامل الصحة تام الوعي، لم يشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك مما قد يؤثر على تمام وعيه وتحكمه في السيارة، فإذا أخذ بكل هذه الاحتياطات فما حدث بعد ذلك مما لم يستطع أن يتفاداه فهو غير مؤاخذ به، لأنه خارج عن إرادته، فأشبه الكوارث الطبيعية التي تبتلى بها الناس، وعلى هذا فلا كفارة عليه ولا دية، لأنه غير متسبب.
وإما أن يكون قد حصل منه أي تفريط في الأخذ بأسباب السلامة والاحتياط فيها، فهو حينئذ يكون مسؤولاً عما تسبب فيه ذلك الحادث، ومؤاخذ بما ترتب على ذلك من أحكام ومنها الكفارة والدية.
وهذا الذي ذكرناه من التفصيل إنما هو فيما بينه وبين ربه، فهو لا يبرئه عند الله أن يتقاسم المسؤولية مع غيره إذا كان يعلم أنها عليه كاملة في نفس الأمر، كما أنه غير ملزم في باطن الأمر بدفع أي شيء في الحال التي هو فيها غير مسؤول عما حدث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(15/279)
دية العين وهل تلزم الصبي وهل للولي التنازل عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[صبي يبلغ من العمر 10 سنوات ضرب صديقه الذي في مثل سنه وهما يلعبان بخشبة في طرفها مسمار ففقد المضروب بصره في تلك العين مطلقا هل للمضروب دية؟ وما مقدارها بالريالات؟ وهل يجوز لولي الصبي المضروب أن يتنازل عن الدية؟ الرجاء التعجيل بالإجابة حيث إن حل المشكلة من قبل أهل الخير بين الطرفين متعلق بها؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدية العين ودية ذهاب بصرها نصف دية النفس، لما في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول أن في النفس مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعى جدعاً مائة من الإبل، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة مثلها، وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل وفي السن خمس وفي الموضحة خمس. ورواه النسائي والبيهقي وهو صحيح بشواهده، كما قال الألباني في الصحيحة.
قال ابن رشد في البداية: وكل هذا مجمع عليه إلا في السن والإبهام. اهـ
وهذه الدية تلزم العاقلة قال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار: مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما والأوزاعي والليث بن سعد في قتل الصبي عمداً أو خطأ أنه كله خطاً، تحمل منه العاقلة ما تحمل من خطأ الكبير. وقد نص العلماء على أن دية الحر الذكر المسلم على أهل الإبل مائة من الإبل، وهذا هو الأصل، وعلى أهل البقر مائتا بقرة، وعلى أهل الشاء ألفا شاة، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم أو عشرة آلاف على خلاف، وعلى أهل الحلل مائتا حلة، وقيمة الذهب تختلف باختلاف الأسعار وتغير الأسواق، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 59987 // 51560 // 54445، ثم إنه لا يحق لولد الصبي العفو عن المستحق هنا لأنه حق للصبي نفسه، ولأنه قد تعرض لضرر قد ينعكس على حياته فيما بعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(15/280)
حكم ما يحصل من دماء في شجار عائلي
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخل رجل أمن إلى شجار نشب بين عائلتن مما أدى إلى مقتل أحد الطرفين، ما حكم رجل الأمن إذا قتل أحدا، وما حكم الطرف الآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقتل إما أن يكون عمدا أو شبه عمدا أو خطأ، وقد عرفنا كل واحد من الأنواع الثلاثة وبينا حكمه، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 11470.
ورجل الأمن لا يختلف عن غيره إذا قتل شخصا عمدا أو شبه عمد أو خطأ، وأما العائلتان المتشاجرتان، فإن كانت كل واحدة منهما متأولة في قتالها للأخرى، فما يحصل بينهما من الدماء فهدر.
وإن كانت إحداهما ظالمة للثانية، فدم الظالمة هدر ودم المظلومة قصاص، وقيل إن المظلومين إذا كان في وسعهم أن يتفادوا القتال برفع الأمر إلى السلطات ولم يفعلوا، فعليهم الدية فيما أصابوا من الدماء.
ففي الشرح الكبير للشيخ الدردير عند قول خليل: وإن تأولوا فهدر، قال: فالمقتول من كل طائفة هدر، ولو تأولت إحدى الطائفتين فدم المتأولة قصاص والأخرى هدر. وأولى ظالمة زحفت على غيرها فدفعوا عن أنفسهم فدم الزاحفة هدر ودم الدافعة قصاص؛ كما أشار له بقوله (كزاحفة) ظلما (على دافعة) عن نفسها.
وفي التاج والإكليل عند قول خليل: (كزاحفة على دافعة) قال: الذي للباجي ما نصه: لو مشت إحدى الطائفتين إلى الأخرى بالسلاح إلى منازلهم فقاتلوهم ضمنت كل فرقة ما أصابت من الأخرى، ورواه محمد وابن عبدوس، قال: ولا يبطل دم الزاحفة لأن المزحوف إليهم لو شاءوا لم يقاتلوهم واستردوا إلى السلطان، قال غيره: هذا إن أمكن السلطان أن يحجز بينهم، فإن عاجلوهم ناشدوهم الله، فإن أبوا فالسيف، ونحوه في المدونة، ومعنى ذلك أنه لا دية عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(15/281)
دية القتل العمد في مال القاتل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى سؤال عن شخص قتل شخصا آخر واعترف بالجريمة وأهل المقتول طلبوا الدية مع أنه اعترف بجريمته وقامت المنطقه التي نحن فيها بجمع نصف المبلغ رغم أنهم قادرون على دفع المبلغ كاملا، فهل حرام المشاركة في الدفع أم لا، مع العلم بأنه اعترف بقتله عمداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن دية القتل العمد تجب في مال القاتل، ولا تحملها العاقلة، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني بعد حكاية هذا الإجماع: وهذا قضية الأصل، وهو أن بدل المتلف، يجب على المتلف، وأرش الجناية على الجاني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجني جان إلا على نفسه. وقال لبعض أصحابه: حين رأى معه ولده: ابنك هذا؟ قال: نعم، قال: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه. ولأن موجب الجناية أثر فعل الجاني، فيجب أن يختص بضررها، كما يختص بنفعها، فإنه لو كسب كان كسبه له دون غيره. وقد ثبت حكم ذلك في سائر الجنايات والأكساب، وإنما خولف هذا الأصل في القتل المعذور فيه، لكثرة الواجب، وعجز الجاني في الغالب عن تحمله، مع وجوب الكفارة عليه، وقيام عذره، تخفيفاً عنه، ورفقاً به، والعامد لا عذر له، فلا يستحق التخفيف، ولا يوجد فيه المعنى المقتضي للمواساة في الخطأ. انتهى.
هذا من حيث أصل وجوب الدية، ولكن إذا تطوع الجيران أو غيرهم بمساعدة القاتل في الدية التي لزمته فلا حرج في ذلك، بل هو من المواساة والمعروف الذي يؤجر الإنسان عليه، إذا قصد به وجه الله، فقد قال الله تعالى: وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} ، وقال تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة:7} ، وفي الحديث: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(15/282)
الوفاة نتيجة صدمة كهربائية.. هل من دية أوكفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص توفي والده وأراد وضع ثلاجة سبيل فى الشارع كصدقة جارية للمتوفى وبالفعل تم تجهيزها وإحضارها وطلبها أحد بوابي العمارات المجاورة لتوضع أمام العمارة التي يعمل بها ليرعاها وبالفعل قام هذا البواب بإحضار الفنيين لتركيبها على حساب المتبرع وتم تشغيلها وأصبح المتبرع يسأل البواب عما إذا كانت الماكينة تحتاج إلى صيانة أو أي شىء وكان يفيد بأنها تعمل بحالة جيدة وذات يوم قدر المولى عز وجل أن يلقى ابن البواب (19 سنة) ربه إثر صدمة كهربائية من هذه الثلاجة
والسؤال هو ما هو حكم الشرع في موقف صاحب الثلاجة وما الواجب عليه تجاه البواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن صاحب الثلاجة لا شيء عليه إلا إذا كان حصل منه تقصير في جلب الفنيين الخبراء، لأنه لم يحصل منه تسبب ولا مباشرة. وإذا كان الفنيون الذين أحضرهم البواب لا يحسنون هذا النوع من الأعمال أو أخطأوا في التركيب مما سبب الوفاة فإن عليهم الدية والكفارة.
أما إذا كان سبب الوفاة غير ذلك من تصرف الولد في الكهرباء بعد إتقان الفنيين لعملهم فإنه لا شيء على الفنيين.
والقاعدة هنا أنه إذا لم يحصل تفريط أو تسبب أو مباشرة فإن هذا يعتبر أمراً سماوياً ومصيبة لا يتحمل أحد مسؤوليتها ممن لم يتسبب أو يفرط أو يباشر، وإذا ثبت أن صاحب الثلاجة لم يفرط أو يقصر في تركيبها فينبغي أن يواسي الحارس بما استطاع من خير.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتاوى: 11399، 24372، 25760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(15/283)
عدم التسبب في القتل لا يلزم منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء رجلان مهنتهم الغطس الحر وجدا صديقا لهما على شاطئ البحر وقالوا له ادخل معنا إلى البحر هذا الصديق لا يفهم في البحر كثيرا ولكنهم أصروا أن يدخل معهم دخلوا إلى البحر وجاء أقارب هذا الصديق وهم من الصيادين الذين يعرفون البحر جيدا وقال لهم الصديق خذوا مكاني في القارب وأنا أريد أن أرجع إلى الشاطئ ولكن الرجلان أصرا على أن يبقى هذا الصديق نزل الرجلان إلى البحر وبقي الصديق في القارب تحرك البحر قال أحد الرجلين إلى الصديق ارم المرساة يوجد هنا سمك انفصل الرجلان عن بعضهم والصديق أصابه بعض من دوار البحر وتوضأ ليصلي الظهر وأكل بعض البسكويت وقال له أحد الرجلين إذا جاء قارب آخر اخرج معه إذا أردت حاول الصديق إخراج المرساة من البحر ولكنها علقت في الصخر قطع الحبل بالسكين وربط أمارة تبقى فوق الماء حتى لتطيع المرساة توجه إلى أحد الرجلين وركب معه في القارب وذهبا إلى المرساة ليخرجوها من الماء وعندما ذهبا إلى الرجل الآخر لم يعترا عليه وبحثا عنه لمدة 8 ساعات علما أنه لا يوجد معه أمارة نراه بها كما عند الرجل الأول في اليوم التالي تم الإبلاغ عنه وجدته فرقة الإنقاذ ميتا في عمق 17 مترا تحت الماء وقد ضرب سمكة والحبل الذي يصل بين بندقية الصيد وقطعة الحديد المغروسة في السمكة قد التفت على قدم الرجل وقالت الشرطة إنه سبب الوفاة أفرجت عنا الشرطة وقال أهله إنه القضاء والقدر والعزاء واحد أريد ما حكم الصديق في الصيام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال حسبما فهمنا أن وفاة الرجل المذكور كانت بحادث عادي، ولذلك لا يلزم أصدقاءه كفارة ولا دية، لأن القتل الخطأ الذي تلزم منه الدية والكفارة هو ما تسبب فيه القاتل من فعل لا يقصد به القتل كأن يضربه بسيارة أو ما أشبه ذلك، والحالة المذكورة في السؤال لم يتسبب فيها الصديقان في القتل.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 1872، 62993
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(15/284)
من يتحمل دية قطع النسل المباشر أم المتسبب
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكر القائمين على هذا المركز ونكن له جل التقدير والاحترام، ومسألتي هي:
أنا امرأة تزوج علي زوجي ثلاث مرات خلال عيشة لي معه لمدة أربعين سنة مرت علي بمشاكل وسلوك زوجي غير السليم وإرغام أهلي لي بالبقاء معه على أمل أن أستقر بوجود أولاد, وتبين مع مرور الزمن
أنه عقيم.. مما سبب لي أمراضا أدى إلى سعيه بقصد لإجراء عملية جراحية, واستئصال المبايض لضمان
عدم الإنجاب إذا انفصلت عنه, وأنا أمية لا أعرف نتيجة هذه العملية، وبعد أن تم ذلك فوجئت بتعامل قاس
ويتهكم علي وعلى أهلي ويسب ويلعن، وبعد استدرجني لأخذ ما لدي من حلي ومال نقدي, وفي الأخير أقدم
على الزواج من امرأة أخرى، وساءني بل وتخوفت على مستقبلي فتركته إلى بيت أهلي وأنا الآن في بيت أهلي، معلقة منذ سبع سنوات، وزوجي هذا على عصمته حاليا اثنتان في مسكنين منفصلين كنت أنا السبب في بذل كل جهدي في المشاركة ببنائهما.. وحيلة منه على حق النفقة يقوم بإرسال بعض أقاربه وغيرهم على رأس السنة والسنتين بقصد استعمالهم كشهود علي، إذا رفعت عليه دعوى، وهو حاليا مستغنِ عني حيث عمره سبعون سنة ولديه ما يعوض عني، ومعاندة منه يستمر في معاقبته لي بأن يتركني معلقة بتعمد الإضرار بي, ورفضه تطليقي، وتسريحي، حيث أنا حالياَ مهدّدة في حياتي فلا أني مع صبري الطويل معه حصلت على أولاد ولا مكنني الحظ بانفصال عنه, والله يجازي من كان السبب..
لقد ضيعت زهرة شبابي دونما فائدة، مع تهديده لي بأن يجعلني مقطوعة من شجرة بقية عمري!!!!! وما يمنعني في مقاضاته خوفي من العيب من جهة وكوني امرأة ضعيفة عديم الحيلة من جهة أخرى، وسؤالي:
1- ما هو الحق الشرعي والقانوني وإنصافي وما يمكن اتخاذه ليتم الانفصال عنه في أقرب وقت؟
2- ما هو الحق الشرعي والقانوني في طلبي التعويض بما تسبب لي في خداعي وتضليلي معظم عمري وبما تسبب أخيرا بإجراء عملية جراحية لاستئصال المبايض وسعيه وتوقيعه على العملية, وعدم معرفتي بعواقبها؟
3- ما هو الحق الشرعي والقانوني في أن يتركني معلقة سبع سنوات أخيرة؟
4- ما هو الحق الشرعي والقانوني مع إصراري على الانفصال واستحالة رجوعي إليه –في تعويضي عن ضياع زهرة شبابي؟
5- ما هو الحق الشرعي والقانوني في ما أُخذ من حليّ ومال وينكرني حيث لا يوجد لدي من مستندات وربما
يحلف اليمين لأنه لا يرعوي عن ذلك؟ أرجو الاطلاع بشكل دقيق وإفتائي عن مأساتي هذه بشكل مقنعِ وصريح, وما الخطوات, والإجراءات الأولية التي ممكن اتخاذها؟ والله يحفظكم شاكرين جهودكم في إعانتي فيما ذكرت، وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت أن زوجك قد قام بالترتيب لإجراء عملية تسببت لك في العقم الدائم وجب عليه في ذلك دية كاملة لأن تفويت جنس المنفعة هو متعلق وجوب الدية، قال في درر الحكام وهو حنفي: وفي عضو زال نفعه بضرب ديته كيد شلت وعين عميت وصلب انقطع نسله، لأن وجوب الدية يتعلق بتفويت جنس المنفعة، ولا عبرة للصورة بلا منفعة. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: وإن قطع أنثييه فذهب نسله لم يجب أكثر من دية لأن ذلك نفعهما، فلم تزد الدية بذهابه معهما. انتهى.
وقال في حاشية الدسوقي وهو مالكي: فالثلاثة التي تجب فيها الدية قطعه جملة (يعني الذكر) أو قطع الحشفة وحدها، أو أبطل النسل معه بطعام أو شراب وإن لم يبطل الإنعاظ. انتهى.
وإنما قلنا بأن الزوج يضمن دية قطع النسل مع أنه لم يباشر ذلك بنفسه لتعذر إلزام المباشر بالضمان، حيث تم استئصال المبايض بناء على إذن كتابي تسمح القوانين عندهم به، وبهذا لا يمكن للمرأة المعتدَى عليها أن تحصل على حقها عن طريق قضاء يُقر ما حصل من الاعتداء، وقد نص العلماء على أن الأصل عند اجتماع المباشر والمتسبب فإن الضمان يكون على المباشر دون المتسبب.
فإن تعذر أخذ الضمان من المباشر أو نحو ذلك كان الضمان على المتسبب إذا ثبت تعديه، قال ابن قدامة في المغني: ومتى اجتمع المباشر مع المتسبب كان الضمان على المباشر دون المتسبب، كالحافر مع الدافع، وإن علم الحاكم دون الولي فالضمان على الحاكم وحده، لأن المباشر معذور فكان الضمان على المتسبب، كالسيد إذا أمر عبده بالقتل والعبد أعجمي لا يعرف تحريم القتل. انتهى.
وقال السرخسي في المبسوط: والمسبب إذا كان متعدياً في تسببه يكون ضامناً، وإن لم يكن متعدياً لا يضمن. انتهى.
أما عن حقك في هجره لك دون معاشرة بمعروف أو تسريح بإحسان فإنه يأثم على فعله، والواجب عليه أن يتوب إلى الله منه، ولا نعلم لك في ذلك حقاً مادياً يمكن مطالبته به، إلا أنه يجوز لك طلب الفراق عن طريق الجهات المختصة بالفصل في مثل هذا للضرر، وكذا للعقم الذي يتصف به الزوج، كما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32645، 55008، 9633، 26992، 31884.
كما يمكنك اللجوء إلى المحاكم أيضاً في الحصول على النفقة التي وجبت لك في ذمته طوال الفترة الماضية، وما أخذه الزوج من مالك مما لا يحل له أخذه فيجوز لك المطالبة به، فإن استطعت الحصول عليه فالحمد لله، وإن أنكره وراوغ في الوفاء به، فأجرك على الله تعالى، وقد وقع هو في منكر كبير، علماً بأنه يجوز لك طلب الخلع عن طريق القضاء، وإن لم يكن هناك ضرر، كما بيناه في الفتوى رقم: 64903، والفتوى رقم: 3875.
وإن كانت ثمة أضرار فلك الحق في الطلاق من غير خلع، قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره.
غير أن الذي نخشاه هو أن تكوني قد وقعت في النشوز المحرم دون قصد منك، وذلك بتركك اليبت لمجرد أن الزوج تزوج عليك أخرى دون أي ضرر يعود عليك منه، وفي هذه الحالة لا يكون لك حق فيما ذكرنا، بل الواجب عليك التوبة إلى الله تعالى والعودة إلى بيت زوجك ما دام الضرر منتفياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(15/285)
من تمام التوبة التحلل من حق الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب تاب ورجع إلى الله ولكنه قبل توبته كان قد ضرب رجلا حتى كسر له دماغه..وهو يعرف ذلك الرجل هل يرجع ليسامحه أم أنه لو رجع ليسامحه قد يرجع له الذكرى فيؤلم هذا الرجل..ماذا يفعل هذا الشاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إراقة الدماء عظيم عند الله، فقد ورد في الصحيحين وغيرهما قول النبي صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس في الدماء. وفي صحيح البخاري عن اب ن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما. وتوبة العبد من الذنب مقبولة إذا توفرت شروطها، ومن شرطها إذا كان فيه حق للعباد أن يستحل أصحاب الحقوق من حقوقهم، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 5450. والمتبادر من السؤال هو أن الجناية كانت عمدا، وإلا لكان الواجب فيها الدية، ولما كان على الجاني فيها ذنب، لأن الله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب: 5} . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عيله. رواه ابن ماجه. وجناية العمد إن أمكن القصاص فيها بأن أمن من الحيف ولم يخش فيه هلاك الجاني تعين القصاص، إلا أن يصطلح الجاني والمجني عليه على شىء. وإذا كان القصاص غير ممكن لا حتمال هلاك الجاني إذا اقتص منه فإن الأرش يكون هو المتعين. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 61822. وعليه، فإذا كان في إمكان هذا الشباب أن يرضي الشخص الذي جنى عليه ويحصل على عفوه بأية وسيلة دون أن يقابله فله ذلك، وإن لم يجد إلى ذلك وسيلة إلا بالذهاب إليه فلا بد أن يذهب إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(15/286)
لا تلزم الدية والكفارة بمجرد الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ/ د. عبد الله الفقيه حفظه الله
بالإشارة إلى فتاويكم المتكررة، بشأن الدية عن قتلى حوادث السيارات، ومنها الفتوى رقم 43501 والمتضمنة أنه إذا كانت الجهات المختصة قد أثبتت عدم خطأ سائق الشاحنة، فلا دية عليه ولا كفارة، لقاعدة: \\\"ما لا يمكن التحرز منه لا ضمان فيه\\\"
أوضح لكم بأنه في أحايين كثيرة يتم تقديم سائق المركبة الذي اصطدم بشخص فتوفي أو أصيب للمحاكمة أمام المحاكم الجنائية أو محاكم المرور بتهمة (التسبب في وفاة أو إصابة شخص بسبب رعونته أو إهماله في القيادة) ، فتقوم المحكمة بتبرئته من الدعوى الجنائية إذا لم يقم الدليل الكافي على هذه الرعونة أو الإهمال، إذ لا يتأتى في القانون إدانته جنائيا إلا إذا توافر الدليل على ثبوت هذه الرعونة في حقه إما بشهادة أو اعتراف أو قرائن كآثار الفرامل والسرعة.....، وفي كثير من الأحيان ينكر قائد المركبة أي تقصير في جنبه، وأن المجني عليه هو الذي قطع الطريق عليه فجأة.... ولا يقوم أي دليل ضده، فيتم تبرئته من الدعوى الجنائية لعدم ثبوت عنصر الرعونة أو الإهمال بالرغم من ثبوت نسبة الفعل (الاصطدام إليه) ، وللتوضيح أيضا فإن عبارة (مع العلم أن هيئة المرور أثبتت بأن سائق الشاحنة غير مخطئ) الواردة بالسؤال ليست دقيقة، وكان الأحرى بالسائل أن يقول بأنه لم يثبت خطؤه أمام تلك الهيئة لا أنها أثبتت أنه غير مخطئ.
وهنا سؤال ألا تتوجب الدية والكفارة شرعا على مثل هذا الشخص وإن كان قد تمت تبرئته في الدعوى الجنائية، استنادا إلى أن المباشر ضامن وإن لم يثبت تعديه أو تفريطه؟
بانتظار جوابكم وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أفتينا به في الفتوى التي أشرت إلى رقمها، والمتضمنة أنه إذا كانت الجهات المختصة قد أثبتت عدم خطإ سائق الشاحنة، فلا دية عليه ولا كفارة، لقاعدة: "ما لا يمكن التحرز منه لا ضمان فيه" هو الصواب إن شاء الله.
والمحكمة إذا لم يقم لديها الدليل الكافي على رعونة السائق أو إهماله فليس أمامها إلا تبرئته، ولو كان في حقيقة الأمر قد ارتكب الخطأ. إذ لا يتأتى في القانون إدانته جنائيا إلا إذا توافر الدليل على ثبوت هذه الرعونة في حقه إما بشهادة أو اعتراف أو قرائن كآثار الفرامل والسرعة ونحوها ...
وذلك لأن الأصل أن يحمل المسلمون على البراءة من المخالفات حتى يتبين خلاف هذا الأصل.
وإذا برئ الشخص لعدم توفر ما يثبت تخطئته، فإنه لا يبرأ عند الله مما هو مطالب به في نفس الأمر، وبالتالي فإن الدية والكفارة تلزمانه فيما بينه وبين الله إذا كان فعلا قد ارتكب الخطأ.
ولكن وظيفة المحاكم الشرعية هي رفع الخلاف، ومن الأصول التي تعمل بها إذا لم تتوفر الأدلة براءة الذمة، فلا تقرر دية أو كفارة قتل بمجرد الشك.
ثم ما ذكرته من أن المباشر ضامن وإن لم يثبت تعديه صحيح، فقد صرح علماء الأصول والفقه أن حدوث الضرر نتيجة المباشرة يوجب التعويض.
فمن ذلك قولهم مثلا: "يضمن المباشر وإن لم يكن متعديا"، وقولهم " المباشر ضامن وإن لم يتعمد".
ولكن كل ذلك في الجناية التي ارتكبها المرء خطأ، وموضوع السؤال ليس من هذا القبيل، وإنما هو من قبيل ما لا يمكن التحرز منه، وقد أقر أهل العلم أنه لا ضمان فيه.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(15/287)
الدية ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مبلغا من المال من والدتي وهذا المبلغ جزء من دية والدي الذي توفي في حادث سير فقالت لي والدتي عن المبلغ تقاسمه أنت وأخوك الأكبر وأختاك الاثنتان والجزء الأكبر من المبلغ شيدنا به غرفا لإخواني الذكور وعددهم 3
سؤالي هل آخذ بكلام والدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دية والدكم حكمها حكم ما ترك من الميراث تقسم بين جميع الورثة كل حسب نصيبه المقدر في كتاب الله تعالى.
فقد روى الإمام أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم. حسنه الألباني وغيره.
ولذلك، فإن على والدتكم أن تقسم دية والدكم على ورثته جميعا على ما جاء في كتاب الله تعالى، ويدخل في ذلك الغرف التي شيدت منها لإخوانكم. إلا إذا تنازل الورثة عن حقهم وكانوا رشداء بالغين فلهم ذلك، وإذا انحصر ورثة والدكم فيمن ذكروا فإن لأمك الثمن إذا كان قد مات عنها وهي لا تزال زوجة له، وما بقي يقسم بينكم أنتم أبناؤه وبناته للذكر مثل حظ الأنثيين.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى: 47968، 51253، 53844، 61163.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(15/288)
قتل شخصا بسيارته وهرب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل صدم بسيارته شخصا منذ حوالي عشر سنوات وتوفي المصدوم وهرب الصادم خوفا من أهل المتوفى ولم يعرف أهل المتوفى القاتل والآن وقد هدى الله الصادم ضميره يؤنبه وفي نفس الوقت خائف من أهل المتوفى فماذا يفعل؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على هذا الرجل أن يعلن لأولياء الميت عن حقيقة الأمر، فلا تتم توبته والتزامه إلا إذا أدى الحقوق إلى أهلها أو سامحوه بها.
فإذا كان ما وقع عن طريق الخطأ، فإن عليه الدية تتحملها عاقلته معه، وهو كأحد أفراد العاقلة، وإذا تولته شركة التأمين أو غيرها فلا مانع شرعاً، وإذا عفا أولياء القتيل عن الدية فلهم ذلك، بشرط أن يكون أصحاب الحق بالغين رشداء.
وعليه كذلك الكفارة وهي تحريم رقبة مؤمنة، فإذا لم يجدها فعليه صوم شهرين متتابعين مع التوبة وما استطاع من عمل الخير، كما قال الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا {النساء: 92} .
أما إذا كان صدمه متعمداً قتله، فإن عليه القصاص النفس بالنفس إذا لم يعف أولياء الدم أو يرضوا بالدية، فتكون عليه من ماله الخاص أو يعفو عنها أولياء الدم.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى رقم: 39607، 6850، 10808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(15/289)
دية من فقد إحدى عينيه وجزءا من جمجمته وأصيب بالشلل
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ/ د. عبد الفقيه
آمل إفادتكم العاجلة في شأن شخص أصيب في حادث سيارة ونتج عن ذلك إصابات خطرة في رأسه، حيث لم تتوقف الإصابة على مجرد الشجاج المعروفة وإنما فقد جزءا كبيرا من عظام الجمجمة حتى صار لا يستر الدماغ في بجانب كبير إلا جلد الرأس دون العظم باستخدام بعض الوسائل التقنية الطبية، كما أصابه بسبب ضربة الرأس شلل في جزء كبير من الجسد، وعدم تماسك البول والغائط، وصعوبة في قدرات الحواس كلها، كما فقد بصر إحدى عينيه ... والسؤال بشأن كيفية التعامل مع ما أصاب عظام الجمجمة هل تدخل ضمن الشجاج المعروفة أم ماذا؟ وما حكم المنافع التي فقدها على أثر ضربة الرأس هل يستحق عن كل منفعة دية مقدرة أم دية واحدة لوحدة السبب؟
آمل الإفادة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الشخص الذي ذكرت أنه قد أصيب في حادث سيارة ونتج عن ذلك إصابات خطرة في رأسه، حيث فقد جزءاً كبيراً من عظام الجمجمة حتى صار لا يستر الدماغ إلا جلد الرأس، وأنه أصيب بسبب ضربة الرأس بشلل في جزء كبير من الجسد، وأنه أصيب بعدم تماسك البول والغائط، وصار له صعوبة في قدرات الحواس كلها، وأنه فقد بصر إحدى عينيه إلى آخر ما ذكرته ... فإنه يستحق بكل منفعة فقدها أرشاً.
إلا أن بعض تلك المنافع له قدر محدد، والبعض الآخر ليس فيه شيء محدد، وإنما فيه حكومة يقدرها أهل الاختصاص، فالبصر الذي فقده من إحدى عينيه يلزم فيه نصف الدية، قال خليل: ... بخلاف كل زوج، فإن في أحدهما نصفه ...
والجناية التي أظهرت دماغه فيها ثلث الدية، وما سوى ذلك ففيه حكومة تقدر بحسب النقص الذي طرأ عليه، قال خليل: ففي الجراح حكومة بنسبة نقصان الجناية، إذا برئ.. إلا الجائفة والآمة فثلث ...
وبهذا تعلم أن ما أصاب عظام الجمجمة مما زاد على الآمه فيه حكومة، وكذا جميع المنافع التي فقدها على إثر ضربة الرأس.
وهذا كله إنما تحمله عاقلة الجاني لأنها جنايات خطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(15/290)
الدية والكفارة على المتسبب في الحادث
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل شهر تقريبا وقع لي حادث سيارة في أحد الطرق، وتوفي معي اثنان من أصدقائي رحمة الله عليهم، ولم أكن المتسبب في الحادث لأنني لا أعلم من الذي اصطدم بي من الخلف وحينما اصطدم بي فقدت الوعي وفقدت السيطرة على السيارة ولا أعلم بالضبط ماذا حدث لي ولكن بعدها بفترة قالت لي الشرطة إن أحدا ما اصطدم بك من الخلف وهرب وإلى الآن ونحن نبحث عنه، وفقدت السيطرة على السيارة، فسؤالي هل علي الصوم أو إطعام مساكين عن الذين توفوا معي؟ وكم يوما أصوم أو كم مسكينا اطعم؟ وهل علي دية المتوفين؟
وشكرا لكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت متأكدا من أنك لم تتسبب فيما أدى إلى وفاة صديقيك، ولم تقصر في فعل ما يدفع عنهما الأذى، وأن الحادث قد سببه ذلك الشخص الذي هرب. فإنه لا دية عليك ولا كفارة. فقد قال أهل العلم: ما لا يمكن التحرر عنه لا ضمان فيه. وإنما كل ذلك على ذلك الشخص المتسبب إذا وجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1426(15/291)
مطالبة أهل القتيل بالدية بعد التنازل
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع من والدي قتل خطأ لأحد أصدقائه, وقد عرض والدي على أولاده دفع الدية, وأصروا على محاكمته أمام القضاء, وحكم على والدي وقتها بأربع سنين سجنا، وبعد أن أمضى والدي السنوات الأربع مسجونا خرج من السجن وبدأ ورثة المقتول يطالبونه بالدية، هل يحق لهم أخذ الدية بعد هذا الحكم, وهل إذا تنازل ورثة المقتول عن الدية هل يحق لهم المطالبة بها بعد أن أسقطوها عن القاتل مختارين، حتى ولو لم يقدم إلى القضاء، هل يجب على والدي دفع الدية وهل يأثم إذا لم يدفعها لهم، هل على والدي صيام شهرين متتابعين أم لا، وإذا كان لا يستطيع الصوم فهل يوجد ما هو بديل عن الصوم، أفتونا مأجورين؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القتل الخطأ يوجب أمرين: أحدهما: الدية المخففة على العاقلة.
وثانيهما: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ودليل ذلك قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} ، فهذا هو الواجب في حق القاتل خطأ، ولا يتغير هذا الحكم بما تعرض له أبوكم من المحاكمة والسجن.
وإذا عجز عن أداء الكفارة على الوجه الذي بينته الآية الكريمة فإن جمهور أهل العلم على أنه لا يجب عليه غير ذلك، وقال البعض بوجوب الإطعام، وراجع في هذا فتوانا رقم: 5914.
وإذا تنازل أصحاب الحق عن الدية بعد موت مورثهم فإنهم لا يمكنون من المطالبة بها بعد ذلك، لأنهم أسقطوا حقهم في الدية فلا يعود كما هو مقتضى القاعدة المشهورة (الساقط لا يعود) وسواء في ذلك أرفعوا الأمر إلى القضاء أم لا، إلا أن يكون من بينهم من لا تمضي تصرفاته للصغر أو السفه ونحوه، فإن نصيب أولئك من الدية لا يسقط عن عاقلة القاتل، وراجع في هذا فتوانا رقم: 51560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(15/292)
تنازل الأهل عن دية القتيل
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ حوالي أسبوع ماتت ابنة عمتي التي يبلغ عمرها حوالي الست سنوات بحادث سيارة فهل من الضروري أخذ فدية أو يمكن التنازل عنها أو التبرع بها من قبل أهلها؟
أرجو الرد بأقرب فرصة لأننا يجب أن نمشي في تلك الإجراءات وفقا للإجابة، وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقتول خطأ يستحق وليه الدية وهي حق له، فإن تكرم بالعفو عنه جاز له ذلك إذا كان بالغا رشيدا، فقد تنازل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن دية والده الذي استشهد على أيدي بعض المسلمين خطأ منهم، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك التنازل، فقد روى الحاكم في المستدرك أن والد حذيفة شهد أحدا فقتله بعض المسلمين يومئذ وهو يحسبه من المشركين، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين. وقد حسن حديث الحاكم الحافظ ابن حجر في الدراية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(15/293)
جهل الطبيب يستوجب الضمان والإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيبا مقيما في أحد المشافي وقد اشتركت في إجراء عمل جراحي لإنسان ما واحتاج هذا الإنسان إلى العناية المشددة بعد الانتهاء من إجراء العملية لسوء حالته العامة وعدم صحوة من التخدير وقد بقيت معه في غرفة العناية لمساعدة الأطباء هناك ولتزويدهم بما يحتاجون إليه من معلومات حول المريض وسوابقه وقد ارتكبت خطأ عن جهل في تدبير المريض ربما كان من أسباب وفاته بعد قضاء الله بذلك ما الذي يتوجب علي القيام به في هذه الحالة أأخبر أهله بالذي فعلت وهل علي دية وكيف يمكنني دفعها دون إعلام أهله بالأمر أفيدونا بأقصى سرعة؟ والله المستعان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت فعلت ما يرجح كونه سببا في وفاة المريض، وكان ذلك ناتجاً عن جهل منك، فإن عليك التوبة إلى الله تعالى والتقرب إليه بما استطعت من النوافل والطاعات ... فإن جهل الطبيب يستوجب الضمان والإثم إذا أتلف عضوا أو نفسا بفعله أو وصف دوائه إذ لا يجوز له الإقدام على العلاج مع الجهل.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن. وفي رواية: من تطبب ولم يكن بالطب معروفاً فهو ضامن. رواه أبو داود والحاكم.
ولهذا فإن عليك دية الميت المذكور تدفعها مع عاقلتك لأهل الميت، وإذا لم تستطع دفع الدية لأهله مباشرة أو خشيت أن يترتب على ذلك أضرار فبإمكانك أن توصلها إليهم بوضعها في حساب أحدهم وتحتال على إخبارهم عبر وسائل الاتصال المختلفة بأن ما في حساب فلان دية فلان الذي مات في المستشفى، أو ما أشبه ذلك حتى توصل الحق إلى أهله، وللمزيد من التفصيل حول ضمان الطبيب وعدمه وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5178، 24372، 55184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(15/294)
أصل الدية ووقت اعتبار القيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[الملاحظ أن كثيرا من الدول الإسلامية تعدل مقادير الدية من وقت لآخر بحسب ارتفاع الأسعار والمعيشة ... إلخ، وبعض الأحيان يُنص بأن هذا التعديل يعمل به قضاء في الوقائع اللاحقة عليه، فهل هذا سليم وسائغ، أفيدونا جزاكم الله خيرا، وسبب الاستشكال هو أن الأصل في الدية الإبل وما قدر من النقود فهو قيمة لها، وبالتالي فالمفترض اعتبار مقدار الدية في وقت صدور الحكم لا تاريخ الوفاة.. وبالتالي: إن زيد في التقدير بعد الوفاة وقبل الحكم أفليس الأولى أن يكون الحكم وفق التقدير الجديد لا السابق؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مقدار الدية قد حدده النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمرو بن حزم الطويل وهو في مستدرك الحاكم وغيره، فجعل الدية مائة من الإبل، وقضى فيها بألف دينار ذهبي في حديث عمرو بن حزم، وقضى فيها باثنى عشر ألف من الفضة كما في حديث ابن عباس في السنن.
وقد اختلف أهل العلم في الذهب والفضة، هل هما من أصول الدية أم أنهما عوض عن الإبل، فذهب الجمهور ومنهم المالكية والحنابلة والحنفية والفقهاء السبعة والشافعي في القديم إلى أنهما أصل لا يتغير بتغير أسواق الإبل.
قال ابن قدامة في المغني: أي شيء أحضره من عليه الدية من هذه الأصول لزم الولي أخذه ولم يكن له المطالبة بغيره سواء كان من أهل ذلك النوع أو لم يكن لأنها أصول في قضاء الواجب يجزئ واحد منها فكانت فبها الخيرة كخصال الكفارة. وذهب الشافعي في الجديد وهو رواية عن أحمد وهو الراجح عند ابن حزم، إلى أن الأصل هو الإبل فقط وأن ما عداها من الذهب أو الفضة أو غيرهما تعوض به الإبل بالغة ما بلغت.
وبناء على ما ذكرنا من خلاف الفقهاء في الموضوع يتبين أن القول بأن الأصل هو الإبل وأن ما عداها قيمة لها مخالف لمذهب الجمهور كما سبق.
وأما إذا اعتبرنا قول الشافعي في الجديد فإنه قد نص على أن الإبل تعوض مهما بلغ ثمنها، وإذا اعتبرنا أن النقدين أصل في الدية فإنه إذا عوضا بالعملات الحالية فإن مقادير الدية من العملات تتغير بغلاء الذهب والفضة ورخصهما.
وأما مسألة اعتبار القيمة وقت صدور الحكم أو وقت الجناية فإنها ينظر فيها بحسب الأقوال السابقة، فإن كانت الإبل هي الأصل كما ذهب إليه الشافعي في الجديد فإن الجاني مطالب بمائة من الإبل وهي دين في ذمته فإن أراد دفع الدية بعوضها دفع قيمتها وقت الدفع.
وإن اعتبرنا أن كلا من الذهب والفضة أصل فإنه يطالب الجاني بالمبلغ المطلوب منهما وقت الدفع أو بما يعادله من العملات الحالية، وإن استدعته المحكمة لتحكم عليه فالمعتبر هو القيمة وقت الحكم، ومثال هذه المسألة ما ذكره الفقهاء فيمن كان عليه دين من ذهب ثم أراد قضاءه بالفضة فإنه يقوم ثمن الذهب وقت الدفع، وراجع للتوسع في الموضوع المغني لابن قدامة والمجموع للنووي والمحلى لابن حزم، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34509، 14696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(15/295)
هل توجد دية في حالة وفاة السائق
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة وجود أشخاص بحافلة تجاوز السائق السرعة المحددة قانوناً مما أدى إلى وقوع حادث مميت أدى إلى وفاة العديد من الركاب، في حالة عيش السائق ماذا يترتب عليه شرعاً (الدية) ، في حالة وفاته، ماذا يترتب على أهله (بخصوص الدية طبعاً) ، مع العلم بأنه لم يكن يقود العربة في حالة سكر أو خضوع لمخدر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تجاوز السرعة المحددة وترتب على ذلك موت أشخاص فإنه يعتبر قاتلاً خطأ، والقتل الخطأ يوجب أمرين:
الأمر الأول: الدية، تدفعها عاقلة القاتل إلى أهل القتيل إن لم يعفوا.
الأمر الثاني: الكفارة، وهي: عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن عجز عن الصيام عجزاً دائماً أطعم ستين مسكيناً، وهذا على الراجح لدينا، كما في الفتوى رقم: 5914.
قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} . وبناء على هذا، فإن على عاقلة هذا السائق دية عن كل فرد ممن ماتوا في تلك الحافلة، سواء كان هو من بين الأموات أو كان قد نجا من الحادث، وعليه هو خاصة كفارة عن كل فرد يؤديها إن كان حيا، وتؤخذ من تركته إذا مات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(15/296)
من كسر جزء من سنه وجرح جراء تصادمه مع زميله
[السُّؤَالُ]
ـ[اصطدم ابني بزميل له في المدرسة أثناء الجري وأصابه بجرح تحت الذقن احتاج إلى خياطة ثلاث غرز, وكسر جزء من سنه, فهل علينا أرش أو نحوه؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أفعال الصبيان وتصادمهم تأخذ حكم الخطأ ولو كانت عمدا، وما حدث لهذا الولد عليك نصف أرشه لأنه وقع منهما. ودية السن نصف العشر (خمس من الإبل) ، وأما الجرح فيقدر أرشه حسب تصنيفه في أنواع الجراح فيكون نصف الجميع عليكم والنصف الآخر على من أصيب؛ لأنهما تسببا في الحادث، فإن وصل الجميع ثلث الدية فإن ذلك يكون على العاقلة، وإن كان أقل من ذلك فمن مالك الخاص. ولعل هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة؛ لأن الفعل وقع منهما بدون قصد فيتحملان ما نتج عن فعلهما. جاء في الموسوعة الفقهية: إذا اصطدم شخصان بلا قصد فعلى عاقلة كل منهما نصف دية مخففة لأن كلا منهما هلك بفعله وفعل صاحبه ... ولأنه خطأ محض ... . ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 10651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(15/297)
حادث بين سائقين ترتب عليه موت ولا يعرف المتسبب منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق يسأل هل عليه صيام كفارة شهرين نتيجة لحادث سير توفي على إثره شخص، عندما كان يقود سيارته نوع (شاحنة) صدمت سيارة كانت تسير بالجنب منه شخصاً وحذفته تحت سيارته وهو لا يدري ولا يعلم بذلك، ولم يكن السبب المباشر في الاصطدام، إلا أن الأمر أدى إلى وفاة المتضرر ودون علمه، هل الوفاة كانت من السيارة التي صدمته أول مرة أو من سيارته الشاحنة، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائق المذكور لم يتعد السرعة المعتادة ولم يفرط في شيء من أسباب السلامة، وكان على علم من أن فرامل سيارته وعجلاتها توجد في حالة تسمح له بالتحكم في المركبة، فإنه لا دية عليه ولا كفارة فيما حدث مما لم يكن يستطيع تفاديه.
وأما لو كان حصل منه أي تفريط في الأخذ بأسباب السلامة، فإنه يؤاخذ بما سببته سياقته. وراجع في هذا فتوانا رقم: 3120.
وما قلناه عن صديقك الذي تسأل له يقال مثله لسائق السيارة الثانية، فإذا لم يعرف أيهما كان هو الذي ترتب على فعله موت الشخص المذكور، وكان التفريط قد حصل منهما معاً؛ فإن الدية تكون لازمة لزوماً مشتركا بين عاقلتيهما، ويكون على كل من السائقين عتق رقبة مؤمنة، أو صيام شهرين متتابعين إذا لم يجد رقبة يعتقها، وإن كان التفريط حصل من واحد منهما فقط، فإنه يكون المسؤول عن ذلك وحده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(15/298)
لا يثبت الحق على المرء إلا بمحقق
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت لي بنت عن 14 عاما في 7 رمضان الماضي وكانت مصابة بمرض سبب لها إعاقة كاملة وفي آخر فترة من حياتها كانت مصابة بالتهاب في الصدر نتج عنه وجود كمية كبيرة من البلغم في الصدر والبلعوم والفم، وكنت أقوم أحيانا بإعطائها شراب بعض الزهورات المغلية كالبابونج للمساعدة في إخراج البلغم.
وفي آخر لحظات حياتها كنت أحملها وأنا جالس وأقوم بإعطائها مغلي الزهورات عن طريق السرنجه الطبية بكميات قليلة وأقلبها على بطنها لإخراج البلغم من الفم، إلا أنني في أخر مرحلة أفرغت السرنجه دفعة واحدة وتوفيت بعدها بدقائق، وقد قمت بسؤال طبيبتها إن كان أفراغ السرنجه مرة واحدة تسبب في وفاتها فأفادت بوجود احتمال أن يكون أفراغ السرنجه دفعة واحدة قد تسبب باختناقها ووفاتها، أرجو التكرم بإفادتي برأي الشرع حول الموضوع، وماذا يترتب علي لأكفر عما حدث وحتى يغفر الله لي وتسامحني ابنتي، وهل لو قمت ببعض أعمال البر عنها يصلها الأجر (علما بأنها لم تكن مكلفة بسبب إعاقتها) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل براءة الذمة ولا يكلف شخص أو يثبت عليه حق إلا بمحقق فإن كان يغلب على ظنك أو ظن أهل الاختصاص أن السبب في وفاة البنت هو إفراغ الحقنة كاملة مما سبب لها الاختناق فإن عليك الكفارة والدية إذا لم يعف عنها الورثة، ومن ذلك ما إذا أخبرتك الطبيبة المختصة أن إفراغ الحقنة كاملة قد يؤدي إلى الوفاة.
والكفارة مبينة في كتاب الله، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} .
والدية تكون على العاقلة، فإذا لم تكن فعلى بيت مال المسلمين، فإن لم يكن فمن مالك الخاص، وتوزع على ورثة الميتة ولا ترث أنت منها شيئاً، بخلاف بقية أموال الميتة فإنك ترث منها لأنك قاتل بالخطأ فترث من غير الدية، كما ينبغي أن تكثر من أعمال الخير والنوافل.... ولا مانع من أن تهدي لها من ثواب ذلك فإنه يصلها على الراجح من أقوال أهل العلم، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 56056، والفتوى رقم: 10717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(15/299)
من أزال بكارة امرأة بأصبعه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعرف فتاة منذ 3 سنوات، وأحببتها، وفي إحدى الأيام وفي ساعة من ساعات الغفلة وبتسويل من الشيطان تمت بيننا خلوة، وفي هذه الخلوة وبأحد أصابعي ومن دون قصد هتكت غشاء بكارتها، وأنا الآن في حيرة لأن أهلي لن يوافقوا على الزواج منها لأنها دميمة ونحيفة جدا، ولأنه يوجد بيننا فارق اجتماعي كبير، فأنا الآن أود أن أعمل لها عملية لترجع بنتا مرة أخرى، وأتخلص من هذا الكابوس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل النظر إلى المرأة الأجنبية عنه، واستثنى الشارع من ذلك نظر الرجل إلى المرأة التي يريد خطبتها، فينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، ويحرم على الرجل الخلوة بالأجنبية فضلا عما وصل إليه الأخ السائل، وما حدث إنما هو استدراج الشيطان حتى أوصل السائل إلى ما أوصله إليه، فالواجب المسارعة بالتوبة إلى الله تعالى قبل أن لا ينفع الندم.
وأما حكم عملية الترقيع فلا تجوز، لما يترتب عليها من محاذير شرعية سبق ذكرها في الفتوى رقم: 5047 فنحيلك عليها.
والواجب عليك هو أن تتوب إلى الله تعالى فورا بالإقلاع عن هذا الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه أبدا.
أما بالنسبة لإزالة البكارة فعليك أرش جناية فض البكارة إذا تم ذلك بغير رضا الفتاة، أو كان برضاها ولم تكن رشيدة، وتقدير الأرش يرجع فيه إلى أهل الخبرة العدول، وراجع في هذا الفتوى رقم: 20931.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(15/300)
إعادة النظر في دية المرأة هو من قبيل الترف الفكري ليس إلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة بقسم الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، وفي خلال بحثي تطرقت لموضوع \"دية المرأة في النفس وما دونها\"، وما للمرأة المسلمة من حقوق مالية مرتبطة بأحكامها، فوجدت أن معظم الفقهاء اعتمدوا على حديث وحيد في الباب هو لمعاذ بن جبل، والذي جاء فيه أن: \"دية المرأة على النصف من دية الرجل\"، فاتفقوا على تنصيف دية المرأة في النفس، ثم اختلفوا في دية جراحات المرأة:
فذهب بعضهم إلى أنها تساوي دية جراحات الرجل ما لم تبلغ الثلث، فإذا بلغته رجعت إلى النصف، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجماعة من الصحابة وبه أخذ الجمهور.
وذهب آخرون إلى أن دية جراحات المرأة هي على النصف من دية جراحات الرجل في ما قل وكثر، وبهذا قال الإمام علي كرم الله وجهه، وبه أخذ الشافعية والحنفية والهادوية.
لكنني لم أقف على هذا الحديث في كتب الحديث الصحيحة، ويشير الإمام الشوكاني (نيل الأوطار7/225) إلى أن البيهقي قال فيه: \"إسناده لا يثبت مثله\"، كما أخرج البيهقي عن علي كرم الله وجهه مثله موقوفا، وهو من رواية إبراهيم النخغي عنه، وفيه انقطاع.
وأشار بعضهم إلى أن هذا الحكم مستفاد من كتاب عمرو بن حزم الذي بعث به الرسول عليه الصلاة والسلام إلى اليمن، وفيه الفرائض والسنن والديات، لكن ما جاء فيه حسب كتب الحديث هو أن الرجل يقتل بالمرأة، وليس فيه ذكر لتنصيف دية المرأة. كما تكلم المحدثون في سند الحديث فمنهم من ضعفه كأبي داود، ومنهم من صححه كابن حبان.
هذا من حيث السنة، أما من حيث القرآن، فلم أجد دليلا يفيد هذا الحكم أو يشير إليه أو يزكيه، والآية الكريمة التي وردت في هذا الشأن هي عامة تنطبق على كل نفس مؤمنة، حيث يقول تبارك وتعالى: \"ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله\" (النساء 4/92) ، فلم يميز سبحانه وتعالى بين دية نفس ذكر ودية نفس أنثى، مع أنه سبحانه وتعالى حرص على تأكيد ما يختلفان فيه من أحكام عندما تترتب عليها آثار واختلافات أخرى، كما هو الشأن في أحكام بعض العبادات، وأحكام الزواج والميراث.
وإذا اعتبرنا الآية مجملة، ومن وظائف السنة تفصيل مجمل القرآن، وتخصيص عامه وتقييد مطلقه، فإن هذه السنة ينبغي أولا أن تكون صحيحة ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وينبغي ثانيا أن لا يكون حكمها معارضا لروح التشريع وحكمته، أو مصادما لأسسه ومقوماته، ذلك أن الخطاب القرآني عام موجه للرجال والنساء على السواء، والتكليف منوط بالمرأة كما هو منوط بالرجل، كما أنهما مرتبطان بوحدة المآل من جزاء أو عقاب، ولا تمييز بين حكم الرجل والمرأة في العبادات والمعاملات إلا في القليل النادر، مما له علاقة بطبيعة كل منهما، وتكوينه الفزيولوجي والنفسي، وحينها يأتي الخطاب القرآني موضحا هذا الاختلاف مبينا حكمه. أما ما ورد عاما فيبقى على عمومه حتى يثبت دليل التخصيص، كما يؤكد ذلك الأصوليون.
فهل الحكم بتنصيف دية المرأة سواء في النفس أو فيما دونها هو حكم شرعي ثابت بنص القرآن والسنة بحيث لا يقبل نقاشا أو اجتهادا؟ أم هو مجرد رأي فقهي أو اجتهاد متأخر اعتمد قولة أو حديثا غير قوي، لكن اتفق عليه الصحابة – إن ثبت فعلا اتفاقهم على هذا الأمر- مشهور بين الناس وتداولته الألسن، ثم استنبطوا منه أحكاما أخرى كتنصيف دية جراحات المرأة قياسا على تنصيف دية نفسها.
فأي فرق بين تكريم الله سبحانه وتعالى لنفس الرجل وتكريمه لنفس المرأة؟ وأي فرق بين ألم جراحات الرجل وألم جراحات المرأة؟
أوليس العقاب الأخروي للمرأة والرجل لا يتنصف؟ فكيف ينصف العقاب الدنيوي؟
وهل يقبل عقل اليوم اعتبار نفس المرأة، التي خلقت هي ونفس الرجل من أصل واحد لقوله تعالى: \"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها\"، هل يقبل العقل أن التعويض عن نفس أو جراحات المرأة لا يكون إلا نصف ما يقدم تعويضا عن نفس وجراحات الرجل؟
أرجو أن يتسع صدركم لسؤالي، وأن تعتبروني كما قال عن نفسه ربيعة بن أبي عبد الرحمن لسعيد بن المسيب، حين استنكره سؤاله في شأن تنصيف دية جراحات المرأة إذا بلغت ثلث دية الرجل، حيث اعتبر نفسه: جاهلا متعلما أو عالما متثبتا، ولعلي أكون بالصفة الأولى ألحق وأقرب مني من الصفة الثانية. علما أنني لا يسعني إذا ثبت النص إلا التسليم له والانقياد لحكمه طاعة ويقينا، أما إذا لم يثبت النص فكيف أسد منافذ صوت العقل الذي يلح علي في عدم قبول أي أمر إلا إذا اقتنعت بصحة دليله وثبوت حكمة مشروعيته.
كما ألتمس منكم أن يكون جوابكم غير مقتصر على ما ورد في كتب المحدثين والفقهاء من أقوال، فقد استطعت الاطلاع على بعض منها مما يوضح لي تصورهم للموضوع، ولكن الذي أصبو إليه عبر منبركم هذا هو جواب مطعم بآراء مختلف العلماء المعاصرين، مبنيا على اجتهاداتهم التي تأخذ بعين الاعتبار متغيرات الواقع، فلم تعد العاقلة اليوم هي من تدفع دية القتيل، وإنما شركات التأمين وغيرها من المؤسسات التي تختص بمثل هذه الملفات، فهل تعطي هذه المؤسسات في دية نفس المرأة نصف ما تعطيه في دية نفس الرجل؟
أرجو أن تأخذوا بيد طلبة العلم إلى بر الحقيقة وشاطئ الإيمان، ولكم جزيل الأجر وعظيم الثواب. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على هذا الحرص على تمحيص الأحكام والتدقيق فيها بغية الخروج بالصواب، وفيما سألت عنه نقول لك: إن كون دية المرأة على النصف من دية الرجل أمر مجمع عليه، وقد نقل هذا الإجماع جم كبير من أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل.
وقال الشافعي في الأم: لم أعلم مخالفاً من أهل العلم قديماً ولا حديثاً في أن دية المرأة نصف دية الرجل وذلك خمسون من الإبل ...
وفي الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن دية الأنثى الحرة المسلمة هي نصف دية الذكر الحر المسلم، هكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل.
وإذ ثبت هذا الإجماع فهو كاف لإثبات الحكم، لأن الإجماع هو الأصل الثالث للتشريع، وقد ثبتت حجية الإجماع بأدلة كثيرة منها قوله تعالى: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا {النساء:115} .
وروى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أجاركم من ثلاث خلال أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعاً، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة.
وفي حديث رواه الترمذي وغيره، قال صلى الله عليه وسلم: لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة.
وروى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم. وورد في هذا الموضوع آثار كثيرة.
ورغم أن طائفة من أهل العلم تكلموا في سند بعض هذه الأدلة أو مدى دلالتها على حجية الإجماع، فإن دية المرأة وكونها على النصف من دية الرجل له من الأدلة النقلية والعقلية ما يجعل إعادة النظر فيه أقرب إلى الترف الفكري منها إلى البحث عن الصواب، وعلى المسلم أن يسعه ما وسع صدر الأمة والقرون المزكاة وإجماع أهل العلم، وإن لم يكن الصواب في ذلك فلا صواب يُرجى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(15/301)
من مسائل الدية والكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمرة 18سنة حدث معي حادثة وإن في سؤالي نوعا من التعقيد فأرجو قراءته وفهمه، أفيدوني أفادكم الله في أحد الأيام كنت مع سائق شاحنة وكان في هذه الشاحنة عطل فني فبدأنا بالكشف عنه فأصبح السائق يكشف عنه وأنا بجانبه وبدأ يأمرني بتحريك ذراع تغيير السرعة يمينا وشمالاً علما بأن الذراع كان راكباً في أحد التروس أوله ثانية ثالثة.... والله أعلم وبدأ السائق بتشغيل الشاحنة من الأسفل علما بأنه هو يمين الشاحنة بجانب الإطار وأنا شماله فوق المحرك وعند تشغيل الشاحنة كان يأمرني بتحريك الذراع يميناً وشمالاً على أساس أن يكون الذراع في حالة تشغيل الشاحنة وعند تشغيل الشاحنة اندفعت إلى الإمام وهو تحت الإطار وأصبحت فوقه فقمت بترجيع الشاحنة إلى الخلف حتى تتنحى عنه فتوفي رحمه الله، علما بأنه هو الذي قام بتشغيل الشاحنة وأنا بأمر منه أحرك الذراع ولا أدري هل أنا مساهم في هذه الوفاة أم لا، وهل علي كفارة صيام أرجو أن تفيدوني أفادكم الله قبل نهاية رمضان؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائق قد أمرك بتفريغ الذراع من درجات السرعة تماماً قبل أن يشغل هو السيارة، فخالفت أنت ذلك وقمت بتحريك الذراع، بطريقة تؤدي إلى سير السيارة عند تشغيلها دون علم السائق، فالمسؤولية في وفاة هذا السائق ملقاة على عاتقك، والواجب عليك هو دفع الدية لورثته مع الكفارة، ولبيان ذلك راجع الفتوى رقم: 1872، والفتوى رقم: 6629.
أما إذا كان السائق هو الذي أمرك بتحريك الذراع بالصورة التي تؤدي إلى سير السيارة عند تشغيلها ثم قام هو بتشغيلها فلا شيء عليك في ذلك ناسياً كان السائق أم عامداً، لأنه لا دخل لك بتحريك السيارة في هذه الصورة، هذا إذا كانت وفاته بسبب تحرك السيارة عليه أولاً، أما إذا كانت وفاته بسبب تنحيتك للسيارة عنه، فعليك الدية والكفارة كما ذكرنا، وراجع الفتوى رقم: 10132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(15/302)
هل يضمن الطبيب إذا هلك المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب واختصاصي الجراحة, وعندما كنت في السنة الأخيرة من التمرين حصلت معي حادثة وهي أن مريضة تأخر تشخيص غصص فتق بطني لديها وتوفيت بالتهاب بريتوان معمم, لم يحصل تحقيق رسمي بالحادثة وبوقتها سألت وقيل لي إنه لا يستحق علي شيء حيث إن الخطأ نسبيا مقبول وضمن حدود الممارسة. غير أن الحادثة استمرت بتأريقي والآن وقد فتح الله علي عاهدت الله على دفع مبلغ من المال لأهل هذه المريضة, إن كان حقا قضيته وإن لم يكن احتسبته عند الله. كوني مغتربا وكلت والدي بذلك غير أنه معارض لذلك ويتخوف من أن يستغل أهل المريضة ذلك لابتزازي أو إدخالي السجن أو غير ذلك. أريد حلا أريح به ضميري ولا أسبب لوالدي هذا القلق علما بأنني لا زلت ابحث عن ذوي المتوفية وهم لا يعلمون بالأمر كله هل يجزئ عن ذلك توزيع المال في وجوه الخير كرعاية الأيتام مثلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطبيب الجاهل الذي لا يحسن المهنة إذا عالج مريضا فأتلف عضوا أونفسا بفعله أو وصف دوائه فإنه يأثم ويضمن ما ترتب على جنايته، لما رواه أبو داود والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تطبب ولم يعلم منه طب قبل ذلك فهو ضامن. وفي رواية: ولم يكن بالطب معروفا فهو ضامن.
وأما الطبيب العارف فإن خطأه يرفع عنه الإثم، ولكنه لا يرفع عنه الضمان. قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5} .
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع عل الفتويين التالية أرقامهما: 5178، 5852.
وما تعهدت به من تعويض أهل المريضة هو الصواب والأحوط والأورع..
والدية هنا على عاقلتك شرعا، وأنت واحد منهم، إلا إذا امتنعوا فتكون عليك. قال العلامة خليل في المختصر وهو مالكي المذهب، ممزوجا بالشرح: كطبيب جهل أو قصر فيضمن إذا فعل طبه على جهل منه أو قصر في أدائه أو ما أمر به.. فأدى إلى التلف أو الهلاك.. والضمان على عاقلته، لأنه خطأ.. إلا إذا كان ذلك دون ثلث الدية، ففي ماله الخاص، ومفهومه أنه إذا لم يخطئ أو يقصر فلا ضمان، بل هدر.
ولا بد من البحث عن أهل الحق وتوصيله إليهم، ولن تعدم وسيلة لذلك لا تسبب لك ضررا ولا حرجا مع أبيك، ولو كان ذلك بطريق الهبة أو وضعها في حساب لهم وإخبارهم بذلك بطريق غير مباشر أو نحو ذلك من الوسائل.
وليس لهم الحق في مقاضاتك أو غير ذلك، لأن هذا خطأ والخطأ وارد في مثل هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(15/303)
إسقاط الجنين بتناول نبتة كمون الحوت
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله فسؤالي هو هل عن كفارة القتل الخطأ أم لا وما هو الحكم الشرعي في ذلك بإذن الله؟ وسأروي لك مشكلتي بالتفصيل:
بدأت مشكلتي مع الحمل الأول فقد كان الحمل طبيعيا حتى بداية الشهر الثالث نزل قليل من الدم وأثبتت الفحوصات وجود كيس في جدار الرحم حجمه أقل من (5 سم) ولم يزداد في الحجم وبقي كما هو واستمر الحمل حتى نهاية الشهر الرابع علما بأنني كنت مسافرة وعدت إلى بلدي وركبت ثلاثة طائرات حتى وصلت وبقيت عشرة أيام ولم يحدث شيء وذات ليلة أكلت طعاما به نبتة تسمى (كمّون الحوت) وقد كنت ناسية مع علمي بما تسببه تلك العشبة لبعض الحوامل فهي تسبب الإجهاض بالرغم من أن بعض الحوامل يأكلنها وبكثرة ولا تسبب لهن شيئا ولست انا من حضرت ذلك الطعام ولم يكن في بيتي وفي صباح تلك الليلة نزفت كثيرا وأجهضت.
أما في الحمل الثاني أجريت العديد من الفحوصات وأثبتت وجود اتساع في عنق الرحم وأجريت عملية ربط لعنق الرحم أثناء الحمل واستمر حتى نهاية الشهر الخامس وفي ذلك اليوم بذلت مجهودا كبيرا وبعده مباشرة شعرت بنزول الرحم وقد لمسته بيدي وكذلك شريط الرباط ثم عاد إلى مكانه وبدأت الألام ونزفت وأجهضت للمرة الثانية.
ومن ثم حملت وأنجبت طفلين ولله الحمد والمنة وذلك مع عملية الربط والراحة التامة.
بعد ذلك أجهضت جنينا أقل من شهرين ولكن الذي حدث هنا أن أبني جلس على بطني وقفز وفي ذلك الوقت لم أكن أعلم بالحمل ولم يحدث معي أي شيء سوى ألم بسيط في نفس الوقت وبعد أيام أكثر من أسبوع اكتشفت الحمل ونزفت وأجهضت علما بأنني في تلك الفترة كنت أستعد للسفر لبلد أجنبي لعدة سنوات وكنت متعبة.
المهم الأن وبعد تلك القصة الطويلة أنني حملت وأنجبت طفلا طبيعيا أكمل حمله أربعين أسبوعا بدون عملية الربط لأن الفحوصات في البلد الأجنبي أثبتت أن عنق الرحم طبيعي ولا يحتاج لربط.
وأفيدكم علما بانني كنت أعالج بالقرآن (أي الرقية الشرعية) قبل الزواج لأنني كنت أرى أحلاما مزعجة وحيوانات وأتخذر في نومي وتعبت كثيرا في دراستي بسببه وعولجت كذلك بعد الإجهاض الثاني واستمرت معي هذه الحالة أكثر من (12 سنة) والحمد لله على كل حال ونعوذ بالله من حال أهل النار مع أنني درست الطب وتخرجت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن المرأة إذا عملت عملاً يمكن أن يتسبب عنه إسقاط الجنين ثم سقط بسبب فعلها، كأن تشرب دواء أو تأكل طعاماً أو ترفع شيئاً ثقيلاً ونحو ذلك فيسقط جنينها، فإنها تضمنه.
ففي المغني عند قول صاحب المتن: وإذا شربت دواء فألقت جنينها ميتاً فعليها غرة، ولا ترث منه شيئاً، وتعتق رقبة ...
قال: ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة.
والغرة تقدر قيمتها بعشر دية أم الجنين، وهي على العاقلة في الخطأ كما هو الحال هنا، وتسقط الغرة إذا سامح فيها ورثة الجنين، وأما الكفارة فواجبة عند أحمد والشافعي ومستحبة عند مالك وأبي حنيفة، والراجح الوجوب.
وبما أن الإجهاض الأول حصل بسبب أكلك كمون الحوت، فإن الكفارة قد لزمتك، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، وأما الإجهاض الثاني، فإن كان المجهود الذي بذلته يسبب مثله عادة الإجهاض، فإن فيه كفارة أخرى، وإلا فلا.
وأما الإجهاض الثالث، فليس فيه كفارة لأنه حصل من فعل الصبي وهو غير مكلف، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 9133، ورقم: 12878.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1425(15/304)
الدية بالعملة الحالية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو ما مقدار دية المرأة، بالعملة الحالية (النقود) وبالتحديد بعملة جمهورية مصر العربية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع جواب هذا السؤال في الفتوى رقم: 54445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(15/305)
مقدار الدية بالعملة الحالية
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أطرح على سيادتكم سؤالي، وهو ما مقدار دية الإنسان في وقتنا الحالي أقصد بالمادة التي نتعامل بها الآن وهي النقود وبالتحديد بعملة جمهورية مصر العربية. وشكرا. ً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا مقدار الدية في الشرع بالنسبة لكل من الرجل والمرأة في الفتاوى التالية أرقامها: 14696، 34509، 47399. وأما عن تقديرها بالجنيه المصري أو غيره فنرجو منك أن تراجع فيه القضاة الشرعيين بمصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(15/306)
مقدار دية الجنبن
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى قريباتي أسقطت جنيناً في ثلاثة شهور تقريبا بأدوية خاصة وكان الأمر بعلم زوجها ثم تابت إلى الله وتريد أن تعرف الدية للسقط لمن تصرف وقد قدرتها بستمائة ريال سعودي، هل التقدير صحيح، أرجو أن تقدروا ذلك بالريالات السعودية، ولمن تصرفها بالضبط، أرجو تحديد ذلك بشكل واضح لأنها قد سألت في ذلك ولم يحدد لها بدقة؟ مع الشكر الجزيل، والله المستعان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا حكم الإجهاض في الفتوى رقم: 44731. وبينا القول الراجح عندنا في عمر الجنين الذي تجب دية جراء إسقاطه، وذلك في الفتوى رقم: 9332.
ومقدار الدية بالذهب في الفتوى رقم: 36440 ويمكنك أخي من خلال معرفة مقدار الغرة بالذهب أن تعرف مقدارها بالريالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(15/307)
مجرد المضايقة لا يحل بها الاعتداء على المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أقاربي يضايقني باستمرار وأتتنى فرصة لكي أتسبب له في ألم وكانت النتيجة أن حدث له ثقب في الأذن بدون قصد نتيجة تعاطيه أحد الأدوية المضرة التي تعاطاها عن طريقي هل ربنا سيسامحنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للمسلم أن يؤذي أخاه المسلم، أو يتسبب في إضراره بأي وسيلة بغير حق شرعي، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً {الأحزاب:58} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم. ومجرد المضايقة لا يحل بها الاعتداء على المسلم وإتلاف عضو محترم من جسمه، بل كان يكفيك أن تضايقه وترد عليه بالمثل أو تعفو عنه وهو الأفضل، كما قال الله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} ، وما دمت قد تسببت بهذا الضرر لأخيك، فإن عليك أن تتوب إلى الله تعالى التوبة الصادقة، وتطلب المسامحة والعفو من هذا الأخ، فإن سامحك وعفا عنك فذلك المطلوب، والله سبحانه وتعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. وإذا لم يعف عنك فإن عليك أن تدفع له أرش، الجناية وهو في هذه الحالة شيء تتفقان عليه أو تحكم به محكمة شرعية أو جماعة أو شخص من أهل الرأي والحكمة، هذا إذا كان ما حصل هو مجرد ثقب. أما إذا كان ذلك يؤدي إلى إتلاف الأذن بالكلية، فإن العوض في هذه الحالة يكون نصف الدية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(15/308)
هل تسقط الدية بتنازل أقارب القصر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم الجواب على هذا السؤال: صغيران مات أبوهما في حادث سيارة، فقام عمهما وبعض الأقارب والوجهاء بالتنازل عن الدية والعفو عن القاتل جريا على عادة البلد، التي يستهجن عرفها أخذ الدية، وإن كان ذلك شرعا غير مستهجن، وبعد مضي 30عاما من وفاة والدهما أخذا يطالبان بالدية، بحجة أنهما محتاجان، وأنهما كانا قاصرين، فهل يجيز لهما الشارع المطالبة بالدية بعد مرور هذه المدة؟ وهل على من تنازل نيابة عنهما حرج وإثم في ذلك؟ أفتوني مأجورين ... وأعانكم الله وأثابكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ هذا العم ومن معه من الأقارب بتفويتهم على هذين اليتيمين ما استحقوه من دية أبيهم، وقد نهى الله عن أكل مال اليتيم. قال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا] (النساء: 10) .
وعدَّه النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات، قال: اجتنبوا السبع الموبقات.. وذكر منها: وأكل مال اليتيم. متفق عليه. وقد أقر العلماء أن لا فرق بين أكل مال اليتيم وحرقه أو تفويته بأية صورة أخرى، لأن العلة في النهي هي تفويت الانتفاع به على اليتيم.
فعلى هذا العم وأولئك الأقارب أن يتوبوا مما ارتكبوه، ومن تمام توبتهم أن يسعوا مع المطالبين في استرجاع حقهما.
وأما عن استحقاقهما المطالبة بالدية بعد هذه المدة فجوابه أن لهم ذلك، لأن الحقوق لا تسقط بالتقادم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي. رواه أبو داود وأحمد.
ولأن من تنازلوا عن الحق المذكور قد فعلوا ما ليس من حقهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(15/309)
قلع سنا غير المريضة فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[رغم أنني أحرص على عملى الا أني أخطأت (عن غير قصد) فقمت باقتلاع سن غير مريض عوض السن المريض. ... ...
كيف أقوم بتعويض المريضة وكيف أدفع لهاالدية وهل علي كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطبيب إذا جنت يده على المريض من غير قصد منه وكان عارفا بمهنة الطب معرفة جيدة فإنه لا يكون عليه الإثم في جنايته، لما في سنن ابن ماجه من حديث أبي ذر مرفوعا: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. وأما ضمان ما سرت عليه يده فهو ثابت، وقد كنا بينا ذلك في فتاوى سابقة فراجعي فيه الفتوى رقم: 5178.
وبناء عليه، فإن الطبيب إذا قلع سنا غير المراد قلعها يلزمه ديتها وهي خمس من الإبل أي نصف عشر الدية. روى النسائي وأبو داود والدارمي وأحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الأسنان خمس من الإبل، وفي رواية: في الأسنان خمس خمس.
وهذا إذا لم ترجع السن كما كانت، فإن رجعت كما كانت فقد اختلف أهل العلم في لزوم الدية فيها وعدم لزومها، قال ابن قدامة في "المغني": فإن قلع سنه فردها صاحبها فنبتت في موضعها لم تجب ديتها، نص عليه أحمد في رواية جعفر بن محمد، وهذا قول أبي بكر، وعلى قول القاضي تجب ديتها وهو مذهب الشافعي، وعند المالكية مثل الشافعي. قال خليل: وإن قلعت سن فنبتت فالقود، وفي الخطأ كالخطأ يعني أن نباتها لا يسقط حق المجني عليه في أخذ عقلها، ومذهب الأحناف في هذا مثل مذهب المالكية والشافعية، لذا نرى الأخذ به أولى، وليس عليك كفارة غير ما ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(15/310)
ضوابط اعتبار حوادث السير من باب قتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ، لقد كنت أتجول بالسيارة في يوم ما وكانت أمامي سيارة أخرى وفجأة أثناء السير ظهر رجل كبير السن أمام السيارة التي أمامي مباشرة
فهذه السيارة ذهبت بعيدا عن الرجل وصدمته أنا ولكني لم أره إلا عندما صدمته
وجلس الرجل بالمستشفى3 شهور ثم توفي وحكمت المحكمة عليّ بدية أي فلوس ودفعتها
فهل علي أن أصوم شهرين كفارة أم لا؟
وما الحكم في هذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على من قتل مؤمنا خطأ أن يعطي ديته، والدية في قتل الخطأ على عاقلة القاتل، وحوادث السير تعتبر من باب القتل خطأ، وفق ضوابط ذكرت في الجواب رقم: 2152، والجواب رقم: 22750، وحيث قلنا بوجوب الدية فإن عليه كذلك أن يبحث عن رقبة مؤمنة ويعتقها، فإن لم يجدها فإن عليه صيام شهرين متتابعين، قال الله تعالى: [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيما] (النساء:92)
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(15/311)
الأغلب في حوادث السير كون القتل بها خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو ما حكم الإسلام في القتل الخطأ عندما يكون القاتل (قبطيا) والمتوفى مسلمة
حيث توفت بنت أخي الطالبة بالصف الثالث الثانوي العام والبالغة من العمر 17 عاما وهي ذاهبة لتلقي
أحد دروسها نتيجة حادث سيارة وللعلم سائق السيارة وصاحبها (أقباط) ولم يقف لإنقاذها.
فما حكم الإسلام في هذا
وهل هي من الشهداء حقا
ولكم جزيل الشكر والاحترام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكتابي إذا ثبت أنه قتل المسلم ظلما فإنه يقتل به، ويدل لذلك ما في الصحيحين أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها من صنع هذا بك؟ فلان وفلان حتى ذكرو يهوديا فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بالحجارة.
ولكن الأغلب في حوادث السير أن يكون القتل بها خطأ، وبناء عليه، فإنه يلزم القاتل إعطاء ورثة القتيل الدية، لقوله تعالى: [وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا] (النساء: 92) .
وهذه الدية تدفعها عاقلة القاتل.
وأما اعتبار قتيل حادث السير شهيدا فهو أمر محتمل قياسا على الميت بالهدم، ولكنه يعامل معاملة الميت الطبيعي فيغسل ويصلى عليه، لأن غير شهيد المعركة والمقتول ظلما يصلى عليه ويغسل اتفاقا عند أهل العلم.
وراجع الفتوى رقم: 15027، والفتوى رقم: 42767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(15/312)
دية قتل الخطأ تجري مجرى سائر متروكات الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، عليه نتوكل وبه نستعين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن أما بعد:
أشكركم إخواني في الإسلام على هذا الإنجاز الرائع وهذا المجهود الفعال وأرجو لكم التوفيق: توجد عندي مسألة أريد استفتاءكم فيها وهي: يوجد لدي صديق متزوج مرضت زوجته فعالجها لمدة سنين وصرف عليها الكثير من الأموال من ماله الشخصي، ولكن توفيت بعد ذلك نتيجة لخطأ في عملية كان يجريها الدكتور، فرفع هذا الرجل قضية ضد المصحة والدكتور بعد وفاة زوجته وربح بعد تلك القضية وتحصل على مبلغ مالي كتعويض من المصحة، السؤال هو: هل يدخل هذا المبلغ المالي في الإرث أم لا، أرجو التوضيح في الإجابة، أرجو منكم الإجابة على سؤالي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن هذا المال الذي أعطته المصحة إنما هو دية الزوجة المتوفاة، لأن الطبيب فيما يبدو من السؤال هو المتسبب في موتها خطأ منه، ودية الخطأ تجري مجرى سائر متروكات الميت، فتورث كبقية الأموال، ولا تفارق الأموال الأخرى إلا في كون القاتل خطأ لا يرث منها لو كان من أهل التركة.
وكون هذا الزوج هو الذي رفع الدعوى ضد المصحة والطبيب لا يعطيه حقاً على بقية الورثة؛ إلا أن يكون أنفق في تحقيق الدعوى نفقات غير متبرع بها، فله أن يأخذ قدرها من التركة قبل قسمها.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى عازيا لمالك وأحمد: فإن أصلهما أن من أدى عن غيره واجباً رجع عليه وإن فعله بغير إذن، مثل: أن يقضي دينه أو ينفق على عبده.... 4/134، وراجع في ما يضمن فيه الطبيب الفتوى رقم: 5852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(15/313)
تقسيم الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[كون زوج شقيقتي هو المتسبب بوفاتها.. هل يتوجب عليه دفع دية؟ وما هي قيمتها في حال توجبها. وما هي مصارفها؟ هل نتصدق بها جميعها أم توزع على الورثة؟!
أفيدونا بما فتح الله عليكم، ولكم جزيل الشكر،
وجزاكم الله عنا كل خير،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قلنا بلزوم الدية فإن الزوج لا يرث منها، وإنما تقسم بين باقي الورثة، فيكون للبنات ثلثاها، ولكل واحد من الأبوين سدسها، وليس في الدية عول، ولا يرث الأشقاء ولا الشقيقات شيئاً من المال لكونهم محجوبين بالأب.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(15/314)
ما يلزم من وفاة الزوجة بحادث سيارة يقودها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[كون زوج شقيقتي هو المتسبب بوفاتها.. هل يتوجب عليه دفع دية؟ وما هي قيمتها في حال توجبها. وما هي مصارفها؟ هل نتصدق بها جميعها أم توزع على الورثة؟!
أفيدونا بما فتح الله عليكم، ولكم جزيل الشكر،
وجزاكم الله عنا كل خير،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزوج هو المتسبب في وفاة زوجته بأن لم يكن أخذ أسباب السلامة والاحتياط فإن عليه الكفارة، وراجع فيها الفتوى رقم: 7757، وفي هذه الحالة تكون الدية على عاقلته، ومقدارها وعلى من تجب مبينان في الفتوى رقم: 28915 فراجعها هناك، واعلم أن الزوج لا يرث من الدية كما أنها لا تلزمه إذا كان أخذ بأسباب السلامة والاحتياط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(15/315)
من وطئ زوجته الحامل فأثر على الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجة كانت حاملاً في الشهر (السابع) وكانت مريضة دائماً أذهب بها إلى المستشفى، كان لديها فقر دم ذات يوم قمت بمجامعتها بعد ذلك أصبح معها نزيف استمر النزيف معها يومين متتالين بعد ذلك اشتد النزيف ثم ذهبت بها إلى المستشفى وقال لي الطبيب لا بد من إخراج الطفلة من الأم لأن في ذلك خطراً على الجنين، والأم ثم بعد ذلك عمل لها عملية قيصرية وتم إخراج الطفلة ثم وضعت في العناية المركزة للأطفال، لأنها كانت ناقصة استمر مكوث الطفلة في العناية أسبوعا وحالتها تشتد سوءاً في يوم الخميس تم عمل وليمة على سلامة الزوجة تسمى عندنا (إسفاره) على أن نوجل عيد المولودة إلى حين أن تخرج من المستشفى في نفس اليوم جاءني اتصال من المستشفى أن البنت توفيت، تم استلامها من المستشفى ثم تم تغسيلها ثم تكفينها ثم الصلاة عليها ثم دفنها، الآن لي سؤالان أرجو أن ألقى الجواب الشافي لديكم:
1- هل علي شيء في ذلك لكوني جامعت زوجتي وهي مريضة ثم حصل النزيف؟
2- هل كان يجب أن أقيم عيد المولودة وهي في المستشفى، وهل يلزمني شيء؟
3- هل ممكن أن أقيم عيد المولودة الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يشفي امرأتك ويهبها الصحة والعافية إنه خير مسؤول، وأما الوطء الذي حصل بينكما فإنه يأتي على صورتين، الصورة الأولى: أن تقدما عليه وأنتما تعلمان أنه يؤثر على الجنين كأن يكون الطبيب -مثلاً- حذركما منه ومع ذلك أقدمتما عليه، فإنكما والحالة هذه تعتبران متعديين وعلى كل واحد منكما كفارة القتل الخطأ، وعلى عصبتكما من الأقارب دية واحدة تصرف لورثة الطفل الميت ما لم يعفوا عنها، وليس لكما منها شيء، وللمزيد من الفائدة حول هذه النقطة، تراجع الفتوى رقم: 6629.
الصورة الثانية: أن تقدما على الوطء ظانين أنه لا يؤثر على الجنين ففي هذه الحالة لا شيء عليكما لأن الوطء مأذون فيه، والقاعدة الشرعية تقول "المتولد من مأذون فيه لا أثر له"
وأما العقيقة عن المولود فالسنة أن تكون يوم السابع أو الرابع عشر أو الحادي والعشرين أو في أي وقت، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 2287.
وعليه فلا حرج عليك في ذبح العقيقة الآن أو متى تيسر لك ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(15/316)
الحكمة من كون دية المرأة نصف دية الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا الدية للرجل المقتول هي ضعفها بالنسبة للمرأة. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت النصوص الشرعية الصحيحة تثبت بأن دية المرأة المسلمة الحرة على النصف من دية الرجل المسلم الحر، ووقع على ذلك إجماع أهل العلم إلا خلافاً شاذاً. قال العلامة ابن قدامة رحمه الله: ودية الحرة المسلمة نصف دية الحر المسلم، قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل، وحكى غيرهما عن ابن علية والأصم أنهما قالا: ديتها كدية الرجل لقوله عليه الصلاة والسلام: وفي نفس المؤمنة مائة من الإبل، وهذا قول شاذ يخالف إجماع الصحابة وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن في كتاب عمر بن حزم ودية المرأة على النصف من دية الرجل.
وهي أخص مما ذكروه، وهما في كتاب واحد فيكون ما ذكر مفسراً لما ذكروه مخصصاً له. ا. هـ
والواجب على المسلم التسليم والقبول لحكم الله عز وجل سواء عرف حكمته أو لم يعرفها، لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (الأحزاب:36) ، وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (النساء:65) .
ولا بأس أن يبحث المؤمن عن الحكمة لأن معرفتها تزيده يقيناً واطمئناناً، ولكن إذا لم يعرفها فليعلم أن الله تعالى يبتلي عباده بعدم معرفة ذلك ليختبرهم ويمحصهم هل يسلمون لحكمه ويذعنون له لمجرد أمره؟ أم لا يستسلمون إلا لما أدركوا حكمته، وقد ذكر بعض العلماء الحكمة من جعل دية المرأة على النصف من دية الرجل، قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين: وأما الدية فلما كانت المرأة أنقص من الرجل، والرجل أنفع منها، ويسد ما لا تسده المرأة من المناصب الدينية والولايات وحفظ الثغور والجهاد وعمارة الأرض وعمل الصنائع التي لا تتم مصالح العالم إلا بها، والذب عن الدنيا والدين لم تكن قيمتهما مع ذلك متساوية وهي الدية، فإن دية الحر جارية مجرى قيمة العبد وغيره من الأموال، فاقتضت حكمة الشارع أن يجعل قيمتها على النصف من قيمته لتفاوت ما بينهما. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(15/317)
المتسبب في الحادث ضامن للدية
[السُّؤَالُ]
ـ[في الفترة الماضية عملت حادث مرور، وكان معي شخص في السيارة وقد وافته المنية، والسيارة الأخرى المشتركة في الحادث قد توفي فيها شخصان..علما بأن الحادث حدث مع سيارة ثالثة وهي شاحنة وهي السبب الرئيسي في الحادث.
حيث أني اصطدمت بالشاحنة وفقدت التوازن أي أن السيارة تدور حول نفسها وصدمت السيارة الثانية التي يوجد فيها الشخصان اللذان قد توفيا.
مع العلم بأني قد صمت عن الشخص الذي كان معي
السؤال ... هل أصوم عن الشخصين الموجدين في السيارة الثانية؟ ...
... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 19279 أن قائد السيارة مسؤول عن حوادث السير في حال تسببه فيها.
وعليه؛ فإذا كنت المتسبب في هذا الحادث ابتداء، فإنك ضامن لدية هذين الشخصين، وتتحمل العاقلة عنك، لأنه قتل خطأ، كما يجب عليك كفارتان لهذين القتيلين، وأما قولك: إنك فقدت السيطرة على سيارتك فإنه على فرض ذلك لا يعفيك من المسؤولية لأن اصطدامك بالسيارة الثانية ناتج عن الاصطدام الأول، والذي حصل بتقصيرك.
ولهذا قال علماؤنا الأقدمون إن الرجل إذا جمحت به فرسه فإنه ضامن لما أتلفت إن كان الجموح بسببه، أما إن نخسها آخر أو بسبب شيء في الطريق أو نحو ذلك فإنه لا يضمن.
جاء في المدونة: قال مالك في رجل جمح فرسه بسببه أنه ضامن لما أتلف قال.... فجمح (الفرس) من قبل فارسه فهو ضامن لما أصاب إلا أن يكون الفرس إنما نفر من شيء مر به في الطريق لم يكن ذلك من سبب فارسه فلا يكون عليه الضمان، وإن كان غيره فعل ذلك بالدابة فجمحت، فإن الذي فعل ذلك بالدابة ضامن لما أصابت الدابة. ا. هـ
وراجع في هذا الموضوع الفتوى رقم: 10651، والفتوى رقم: 5914، والفتوى رقم: 23714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(15/318)
اليد اليمنى واليسرى في كل واحدة منهما نصف الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدية عن اليد اليمنى في الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدية اليد اليمنى أو اليسرى نصف دية النفس، لحديث عمرو بن حزام عن أبيه أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم له في العقول: إن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا استوعب جدعاً مائة من الإبل ... وفي اليد خمسون. رواه النسائي، وهو صحيح بشواهده، قال ابن رشد في البداية: وكل هذا مجمع عليه إلا في السن والإبهام. ا. هـ
وجاء في الفروع لابن مفلح الحنبلي، ومن أتلف ما في الإنسان من شيء واحد فعليه دية نفسه ...
وما فيه منه شيئان ففيهما الدية وفي أحدهما نصفها.
وفي المغني: وفي اليدين الدية، أجمع أهل العلم على وجوب الدية في اليدين، ووجوب نصفها في إحداهما. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(15/319)
اصطدم بجمل ليلا فماتت زوجته وولدان فمن يتحمل الدية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قدم من سوريا إلى السعودية بالسيارة وأصطدم بجمل ليلا وتوفيت زوجته واثنان من أبنائه: هل عليه الكفارة والدية، إذا عرف صاحب الجمل فهل عليه شيء، كم مقدار الدية لكل شخص، نرجو الإجابة مفصلة مع ذكر الأدلة والخلاف ما إمكن، والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فانظر الفتوى رقم: 43501، وما فيها من الإحالات ففيها بيان متى تلزم الدية والكفارة ومتى لا تلزم وكم مقدار الدية عن كل واحد، مع تفاصيل مهمة ونقل لقرار المجمع فلتراجع.
وأما صاحب الجمل فمتعد بإرساله وعدم حفظه، فلو ثبت أن صاحب السيارة لم يكن متعدياً ولا مفرطاً فالدية لمن مات في الحادث على صاحب الجمل، وليس على صاحب السيارة لصاحب الجمل شيء، وانظر الفتوى رقم: 27209.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(15/320)
إذا مات الرضيع من تقلب إحدى أخواته الصغيرات عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاةوالسلام على رسول الله أما بعد إخوتي في الله، لقد طلبت مني أمي أن أستفسرلهاعن مشكلة باتت تؤرقها ألا وهي: لقد كانت تعيش في بداية زواجها من والدي مع عائلته الكبيرة وكان لهما بعد زواجهما ولد ذكر، وعند بلوغه الشهر الرابع وجدته والدتي ميتا ذات صباح مع العلم أن كل البنات من هاته العائلةالكبيرة العدد كن يرقدن في فراش واحد
نظرا لضيق المسكن. كما أحيطكم علما بأن والدتي تعتبر نفسها مذنبة كونها تشعر أنها لم تقم بواجبها إزاء ولدها الرضيع، ولذا فإنها تريد تنويرها حتى تستريح من عذاب الضمير، وجزاكم الله عنا خير جزاء. نرجو ألا تطيلوا علينا في الرد وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم توجد قرينة تدل على أن هذا الطفل مات بسبب ممن كن حوله فإنه لا شيء على الجميع لأنه قد يكون مات ميتة طبيعية.
أما إن وجد ما يثبت أنه مات نتيجة تقلب واحدة ممن كن حوله عليه، فمن تبين أنها السبب فلا إثم عليها، لأنها غير متعمدة لكن تلزمها الدية وتدفع من قبل عاقلتها، هذا إضافة إلى لزوم الكفارة إن كانت بالغة، والكفارة هي عتق رقبة فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين، لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (النساء:92) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(15/321)
تركت الفيتامينات فمات جنينها فما حكمها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت حاملا بتوأم بنت وولد والحمد لله وكنت مواظبة على زياراتي للمستشفى من أجل متابعة الحمل وكنت مهتمة بصحة الأجنة إلا أني كنت أنسى أخذ بعض الفيتامينات وفي إحدى مراجعاتي في نهاية الشهر الثامن لعمل الفحص بالموجات فوق الصوتية تبين أن الولد متوفى وأن نبض البنت ضعيف وأجريت لي عملية وشاء الله أن يكون التشخيص صحيحا ودفن الطفل ولم يتم التعرف إلى سبب الوفاة وابنتي الآن في الإنعاش وقد شعرت بتعب شديد قبل المراجعة بأيام ولكنني ظننته مجرد تعب الأشهر الأخيرة لأنني طوال فترة حملي كنت تعبة جدا فهل علي إثم حيال ذلك وهل علي كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت يقينا أن تركك استعمال هذه الحبوب هو السبب المباشر في وفاة الجنين، فإنه يلزم عاقلتك (وهم العصبة) الدية، تدفع لورثة الجنين باستثنائك، لأنك السبب في موته.
جاء في "فتوحات الوهاب": فلو تسببت الأم في إجهاض نفسها كأن صامت أو شربت دواء لم ترث منه شيئا، لأنها قاتلة.
ودية الجنين هي عُشُر دية أمة، وأما وجوب الكفارة، فقد اختلف فيه أهل العلم، والأحوط فعلها، وهي صيام شهرين متتابعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(15/322)
دية النفس حسب الفرائض المقدرة شرعا في تركته
[السُّؤَالُ]
ـ[الدية من أخ مقتول: قتل أخ في إسبانيا بسيارة إسبانبة: وعنده أخ شقيق وأخوان من أمه وأخت من أمه: قدأعطى لهم الذي قتل أخاهم (الدية)
سؤالي هو: ماهي الدية التي يأخذ كل واحد منهم؟ وجزاكم الله أحسن الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن دية النفس موروثة كسائر أموال الميت حسب الفرائض المقدرة شرعاً في تركته، فيأخذ منها كل من الورثة الرجال والنساء نصيبه المقدر له، ودليل ما تقدم قول الله تعالى: وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ (النساء: من الآية92) ، وما رواه أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم. والمقصود بالعقل الدية.
وعليه؛ فإن ما ذكرت من إخوان وأخوات القتيل يأخذون من الدية بقدر نصيبهم الشرعي، ولمعرفة نصيبهم يحتاج إلى ذكر الورثة حصراً.
وعلى كلٍ؛ فإذا لم يكن للميت من الورثة سوى ما ذكر فإن للإخوة والأخوات لأم ثلث التركة، يشاركون فيها للذكر مثل حظ الأنثى بلا فرق، لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ (النساء: من الآية12) .
وأما الأخ الشقيق فيأخذ ما بقي من المال تعصيباً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(15/323)
المدافع عن المظلوم مأمور بالتدرج بفعل الأخف فالأخف
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتدى شخص على آخر بينما كان جالساً فى سيارة ولم يستطع الخروج منها، وأثناء ذلك جاء شخص ثالث وحاول إيقاف الذي يضرب حيث ضربه بسكين فى رجله، وبعد الإسعاف بشهر تبين ضرورة بتر الرجل وتم بتر الرجل، والسؤال: هل الدية واجبة فى حقه (دية الرجل) حتى ولو ثبت أنه ظالم ومتعد، وما قيمتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المضروب مظلوماً والضارب معتدياً ظالما، ً وكان المدافع عن المظلوم قد تدرج في دفع الظالم ففعل الأخف فالأخف، فلا يضمن ما حدث من جرح أو سراية، وإن خالف ذلك ضمن.
قال الإمام الشافعي في الأم: إن الله عز وجل منع دماء المسلمين إلا بحقها، وإن المسلمين لم يختلفوا فيما علمت أو من علمت قوله منهم في أن مسلماً لو أرادني في الموضع الذي لا يمنعني منه باب أغلقه، ولا قوة لي بمنعه ولا مهرب أمتنع به منه، وكانت منعتي منه التي أدفع عني إرادته لي إنما بضربه بسلاح، فحضرني سيف أو غيره كان لي ضربه بالسيف لأمنع حرمتي التي حرم الله تعالى عليه انتهاكها، فإن أتى الضرب على نفسه فلا عقل علي ولا قود ولا كفارة، لأني فعلت فعلاً مباحاً لي.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ويجب الدفع للصائل (بالأخف) فالأخف (إن أمكن كالزجر) بالكلام أو الصياح، (ثم الاستغاثة) بالناس (ثم الضرب باليد ثم بالسوط ثم بالعصا ثم بقطع عضو ثم بالقتل) ، لأن ذلك جوز للضرورة، ولا ضرورة في الأثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالأخف، نعم لو التحم القتال بينهما وانسد الأمر عن الضبط سقط مراعاة الترتيب، كما ذكره الإمام في قتال البغاة، ولو اندفع شره كأن وقع في ماء أو نار أو انكسرت رجله، أو حال بينهما جدار أو خندق لم يضر به كما صرح به الأصل، وفائدة الترتيب المذكور أنه متى خالف وعدل إلى رتبة مع إمكان الاكتفاء بما دونها ضمن.... ومحله أيضاً في المعصوم وأما غيره كالحربي، والمرتد، فله العدول إلى قتله لعدم حرمته.... (فإن أمكن) دفعه به (بلا جرح) له (فجرح ضمن) بخلاف ما إذا لم يمكن (ومتى أمكنه الهرب أو التخلص) بنحو تحصن بمكان حصين أو التجأ إلى فئة (لزمه) ذلك، لأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون.
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في تحفة المحتاج: والدفع عن غيره مما مر بأنواعه (كهو عن نفسه) جوازاً ووجوباً، ما لم يخش على نفسه.
وفي الموسوعة الفقهية: إن قتل المصول عليه الصائل دفاعاً عن نفسه ونحوها، فلا ضمان عليه –عند الجمهور- بقصاص ولا دية ولا كفارة ولا قيمة، ولا إثم عليه، لأنه مأمور بذلك. وهذه فتوى منا بحكم المسألة ولكن معرفة واقعة الحال تحتاج إلى نوع استفصال وذلك إلى القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(15/324)
حكم زيادة الطبيب في تقدير الإصابة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بحادث بسيارة ونتجت عن ذلك خسائر مادية ووقع كسر في العمود الفقري. وقد عرضت على الطبيب الشرعي ليقدر النسبة المئوية للتعويض وبعد الكشف قال لي بأنه زادني في النسبة المئوية. فحكمت المحكمة بتعويض مالي حسب التقرير الطبي فهل هذا المال حلال أم حرام؟
من فضلك أفتني في أمري جزاك لله كل الخير والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
فلا يجوز للطبيب أن يحكم لك بأكثر مما تستحق، ولا يجوز لك القبول بذلك إن فعله، بل الواجب عليك أن ترد الزائد عن حقك إلى صاحبه، وفعل الطبيب خيانة للأمانة التي أنيطت به، فلا يجوز أن تقبل بهذه الخيانة.
ونلفت النظر إلى أن الصلب إن كسر فذهب بكسره القدرة على المشي أو الجماع، ففيه الدية كاملة، فإن تعطل المشي والجماع معا، فديتان، وذلك لحديث عمرو بن حزم عن أبيه عن جده وفيه: وفي الصلب الدية. رواه النسائي والدارمي والبيهقي.
وانظر الفتوى رقم: 34175.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(15/325)
قتل الكافر خطأ فيه الدية دون الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في قتل نفس غير مسلم دون قصد (حادث سير) وما هو المطلوب من المتسبب للتكفير عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قتل الكافر في بلاد المسلمين على سبيل الخطأ يوجب دية لأنه معصوم الدم لدخوله البلاد بأمان، وكذا إن كان مقتولاً في بلاد الكفر ما دام القاتل في تلك البلاد على عهود أهلها.
أما قدر هذه الدية فهو محل اختلاف بين أهل العلم، قد بينا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 21224.
وبهذا يتبين حكم قتل الكافر خطأ، وننبه إلى أنه لا كفارة في قتل الكافر، كما صرح بذلك القرطبي في تفسيره نقلا عن الحسن البصري أنه قال: إذا قتل المسلم الذمي فلا كفارة عليه.، وانظر الفتوى رقم: 6629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(15/326)
أخوهم قتل أثناء حادث سير ومات معهم فماذا يلزمهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي توفي أثناء حادث سير، وكان يسوق سيارة كبيرة فانفجر الإطار الأمامي معه فانحرفت السيارة منه على الطريق الآخر، مما أدى إلى اصطدامه بسيارة أخرى، وقد توفى أخي ومن معه وتوفى في السيارة الأخرى ثلاثة أشخاص، السؤال: هل علينا أي أمور دينية نعملها له بصفتنا الورثة عنه، مثل (صيام 60 يوم، أو عتق رقبه، أو إطعام 60 فقيراً.... إلخ) أرجو منكم تزويدي هل عليه حق شرعي أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 27693، والفتوى رقم: 22750، والفتوى رقم: 33295.
أن السائق إذا لم يحصل منه أي تفريط في الحادث فليس عليه شيء، أما إذا كان منه تفريط فإنه يلزمه أمران:
الأول: الدية، وهي على العاقلة.
والثاني: الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين.
وإذا كان من فعل الحادث قد توفي، فقد تقدم ما على الورثة في الفتوى رقم: 17085، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 23714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1424(15/327)
تجاوز السرعة المقررة فصدم طفلا فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[السرعة المقررة في الطريق 50 وأنا أقود على 80 وفجأة ظهر ولد في الطريق فصدمته فمات ماذا يجب علي أن أفعل لكي يسامحني الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أنك كنت تقود السيارة بسرعة 80 في مكان يلزمك أن تقود فيه بسرعة 50، فصدمت طفلاً فمات، فإذا كان الأمر كذلك، فهذا قتل خطأ تلزمك فيه الدية لأولياء الطفل إلا إذا عفوا عنها، وتلزمك الكفارة، وهي عتق رقبة، مؤمنة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(15/328)
دية من سقط على سيارة فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص وقع من أعلى البناية على سيارة واقفة ومات في الحال؟ هل يلزم صاحب السيارة دفع الدية؟ ولماذا؟ (حتى إذا وقع على الارض سوف تكون الأضرار أشد) للمعلومية. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تلزم صاحب السيارة دية في هذه الحالة لعدم تسببه في قتل هذا الشخص، فهذا الشخص قد مات بسبب سقوطه من هذه البناية، فموته بفعله هو لا بفعل غيره.
قال في كشاف القناع: وإن مات الثاني بسقوطه على الأول فدمه هدر. لأنه مات بفعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(15/329)
إذا اشترك في الإجهاض أكثر من واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك فتاة زنت من رجل متزوج وحملت منه وهي في الشهر السادس والرجل ليس من المدينة بل هو عجمي والبنت عربية وخوفاً من الفضيحة ذهبت للطبيب وأسقطت الحمل هل عليها من كفارة أو إثم؟ وإن كان هناك أشخاص ساعدوها على الإسقاط عن طريق الطبيب ماذا عليهم؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قامت هذه الفتاة بفعل كبيرتين من كبائر الذنوب، الأولى: هي الفاحشة، والثانية: هي قتل النفس التي حرم الله بغير الحق، فالواجب عليها الآن التوبة النصوح من هذين الذنبين العظيمين، وكذا على كل من أعانها عليهما، وتجب عليها أيضاً الغرة والكفارة، والغرة تساوي عشُرَ دية أمه، وإذا اشترك في الإجهاض أكثر من واحد فالغرة بينهم، والكفارة على كل واحد منهم، هذا إذا كان المشتركون باشروا الإسقاط، أما إذا كان بمجرد الدلالة وما شابه ذلك من المساعدات، فالواجب في ذلك التوبة، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن الجماعة إذا قتلوا واحداً فعلى كل واحد منهم القصاص، إذا كان كل واحد منهم لو انفرد بفعله وجب عليه القصاص. انتهى.
ولتراجع التفاصيل لزاماً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34277، 28671، 33297، 2208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(15/330)
أعطته قاتل الحشرات بالخطأ فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب زوجي مني أن أعطيه دواء الكحة فأعطيته الزجاجة التي بها الدواء، وبعد أن تناولها إذا بالزجاجة بها دواء قاتل للحشرات فتوفي زوجي بعد 3 ساعات إثر تناوله الدواء بعد محاولات مستميتة من الأطباء لعلاجه، فهل هذا قتل خطأ؟ وماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الحال على ما وصفت، فإن أهل العلم اختلفوا فيمن سقى شخصا سما من غير عمد على قولين:
أحدهما: اعتبار هذا قتل خطأ يستوجب الدية والكفارة، وبه قال الشافعي في الأم، حيث قال ما نصه: ولو سقاه سما وقال لم أعلم فشهد بعد أنه سم ضمن الدية لأنه مات بفعله ... إلى أن قال: وعليه اليمين.
الثاني: أن هذا لا يلزم منه شيء غير التعزير، وإلى هذا ذهب الأحناف، قال في تبيين الحقائق وهو حنفي: فرع مسألة السم: ولو سقاه حيث مات فهذا على وجهين إن دفع إليه السم حتى أكل ولم يعلم به فمات لا يجب القصاص ولا الدية، ويحبس ويعزر، ولو أَوْجَره إيجارا تجب الدية على عاقلته، وإن دفع إليه في شربه فشرب فمات لا تجب الدية، لأنه شرب باختياره، إلا أن الدفع خدعة، فلا يجب إلا التعزير والاستغفار.
والذي نراه هو: أنه لا يجب عليك شيء فيما فعلت، إلا أن الأحوط هو التكفير ودفع الدية إلى أولياء المقتول إلا أن يعفوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(15/331)
ليس عليك كفارة ولا دية في هذه الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدث لي حادث وكان الهندي مجوسي الديانة هو المتسبب في الحادث، كان مسرعا وانحرفت سيارته وارتطمت بسيارتي وانقلب فمات.
هل علي شيء من الكفارة؟ وهلا وضحتموها لي جزاكم الله خيرا؟
هلا أرسلتم لي كيف أبحث في الموقع عن السؤال؟
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت في السؤال، أن هذا الشخص كان مسرعًا وانحرف بسيارته على سيارتك فانقلب فمات، فلا شيء عليك، لا كفارة ولا دية.
وأما البحث في موقعنا عن سؤالك فهو كالتالي: تدخل على الصفحة الرئيسية، ثم تختار محور "مركز الفتوى"، وستجد فيه عنوانا اسمه "بحث برقم السؤال"، فتدخل رقم سؤالك الذي يظهر لك بعد كتابة سؤالك، وإرساله إلينا، ولذلك ينبغي لك الاحتفاظ بهذا الرقم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(15/332)
تقدير قيمة الغرة من الذهب ومصارفها
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
السلام عليكم ورحمة الله وبعد
لقد اطلعنا على الفنوى رقم 585264 الخاصة بإسقاط الجنين فنرجو التوضيح أكثر فيما يلي:
1) قيمة الغرة بالأورو أو الدولار أو الذهب؟
2) لمن تعطى الدية مع العلم أن الأم والأب كلاهما تسببا في إسقاط الجنين؟
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغرة تساوي مائتان وثلاثة عشر جراما من الذهب تقريبا، وتصرف قيمتها إلى ورثة الجنين كل حسب إرثه، باستثناء أبيه وأمه اللذين تسببا في قتله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(15/333)
كيفية نحديد الدية بالدولار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي دية المرأة، وما قيمتها بالدولار الأمربكي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 14696 مقدار الديات، وأن دية المرأة على النصف من دية الرجل. وأما تحديد قيمة الدية بالدولار فيختلف باختلاف هبوط قيمة الدولار وصعودها، فمن لزمته دية واتفق مع مستحقيها على تقويمها بالدولار فليدفعه بقيمته الحالية عند التقويم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(15/334)
0
[السُّؤَالُ]
ـ[ارجو من يستلم هذا الموضوع ان يرد عليه وخصوصا من المشاركين من مملكة البحرين وارحب بردود الاخوان من الدول العربية.. الرد على الهاتف 00973945082 للتحدث مع الشخص المعني او وسيلة الرد المعتادة للمناقشة عبر هذه الشبكة ان المتتبع لحال موظفي وزارة التربية بمملكة البحرين خصوصا ان كان من موظفيها فانه سيرى الكثير من التجاوزات المالية والادارية خصوصا تلك التي تحدث في العل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنعتذر عن إجابة سؤالك، حيث إن هذا الموقع تابع لوزارة الأوقاف بدولة قطر وليس تابعاً لمملكة البحرين، ويمكنك سؤال أهل الاختصاص عندك، وشكراً لك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(15/335)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ضرب الأخ لأخته ضربا مبرحا أدى لارتجاج بالمخ والسبب ليس لشيء يغضب الله ورسوله ولكن كونه رجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاعتداء على الغير سواء كان هذ الغير قريباً أو بعيداً رجلاً كان أو امرأة ظلم، والظلم محرم في الشرع، وفي الحديث القدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا. رواه مسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية شارحاً الحديث: ولهذا كان العدل أمراً واجباً في كل شيء وعلى كل أحد، والظلم محرماً في كل شيء ولكل أحد، فلا يحل ظلم أحد -أصلاً- سواء كان مسلماً أو كافراً أو كان ظالماً. وقوله: وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا. فهذا خطاب لجميع العباد أن لا يظلم أحدُ أحداً. انتهى.
فما فعله هذا الأخ بأخته ظلم عظيم وجريمة يستحق عليها العقوبة المناسبة لحجم الجريمة مما تحدده المحاكم الشرعية، ليكون ذلك زاجراً له عن العود لمثلها ولغيره ممن تسول له نفسه الاعتداء على الغير، لاسيما الضعفاء كالمرأة التي جاءت الوصايا النبوية بالرفق بها وحرمة الاعتداء عليها، ففي الحديث: اللهم إني احرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه ابن ماجه.
وقال: استوصوا بالنساء خيراً. فليس من الدين ولا من المروءة ولا من الرجولة الاعتداء على النساء بَلْهَ القريبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(15/336)
هل يقترض بالربا لسداد الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم أخذ سلفة من مصرف ربوي لمن وقع له حادث وطالبه أهل الميت بالدية؟ علما بأنه لا يملك المبلغ ولا يمتلك إلا شقته التي يعيش فيها وما حكم الضامن له عند المصرف ويتعذر عليه الحصول على الزكاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاقتراض بفائدة يعد من الربا الذي هو من عظائم الذنوب ولا يجوز أبداً إلا في حالة الضرورة الملجئة، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 17130، والفتاوى المحال عليها فيها.
وتقدم حكم كفالة من يقترض بالربا وذلك في الفتوى رقم: 6919.
واعلم أن حالتك لا تظهر لنا فيها ضرورة حيث بإمكانك الاستلاف من عدة أشخاص، أو عرض أمرك على الجمعيات الخيرية وأئمة المساجد ومشائخ القبائل ونحوهم، مع التنبيه على أن الدية التي تطالب بها إذا كانت عن خطأ فإنها تتحملها العاقلة، ولست أنت الذي تتحملها.
وعلى كل حال، فإذا كنت معسراً فإنه يجب على أولياء الدم إنظارك حتى ييسر الله لك ما تسدد به الدية، لقول الله عز وجل تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280] ، ولا يلزمك الاستدانة بالربا من أجل التسديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(15/337)
إذا قتل الصبي أخته خطأ فماذا عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي أطلق النار على أختي وتوفيت بدون قصد وعمره حين ذاك 13 سنة هل عليه شيء؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان أخوك قد أطلق النار على أختك في السن المذكورة، ولم تظهر عليه علامة من علامات البلوغ الأخرى، فإنه لا يجب عليه القصاص في حالة العمد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ. رواه أبو داود وأحمد.
ولكن تجب الدية في مال العاقلة لأنه قتل خطأ، وتجب الكفارة في مال الصبي في قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وهو الراجح إن شاء الله.
قال في الفواكه الدواني -وهو مالكي-: قال خليل: وتؤخذ كفارة القتل من مال الصبي والمجنون، لأنها من باب خطاب الوضع كالزكاة. انتهى.
وقال في أسنى المطالب مع روض الطالب: وتجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قتلا كما علم مما مر، ويعتق الولي عنهما من مالهما كما يخرج الزكاة عنهما منه. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وإذا قتل الصبي والمجنون، وجبت الكفارة في أموالهما. انتهى.
فإن لم يكن للصبي مال وجب عليه صيام شهرين متتابعين، فإن صام في صباه بعد سن التمييز أجزأه عند الشافعية.
قال في أسنى المطالب: فلو عدم مالهما فصام الصبي المميز عن كفارته أجزأه بناء على إجزاء قضائه الحج الذي أفسده. انتهى.
وذهب المالكية إلى أنه يؤجل الصيام إلى البلوغ، قال في الفواكه الدواني نقلاً عن خليل: ولو أعسر كل فالظاهر انتظار البلوغ والإقامة حتى يصوما. انتهى.
والراجح -والله أعلم- مذهب الشافعية القائل بإجزاء صيام الصبي المميز، لأن العبادة تصح منه، ولمعرفة سن البلوغ والحكم به راجع الفتوى رقم: 18947، والفتوى رقم: 10024.
هذا هو الحكم إذا كان الفعل قد تم قبل البلوغ، أما إذا كان ذلك تم بعد البلوغ فلتراجع الفتوى رقم: 22866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1424(15/338)
أخذ الدية لا ينافي الصبر على موت القتيل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من مات في حادث سيارة من شهداء الآخرة؟ وهل الحصول على تعويض من شركة التأمين على السيارات يقلل من ثواب الصبر على فقده؟ حيث إنه شاب لم يتزوج بعد وكان في زيارة لابنة أخته المتوفاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم من مات في حادث سير في الفتوى رقم: 15027 فليرجع إليه.
كما سبق حكم أخذ الدية من شركات التأمين في الفتوى رقم: 7899.
ومن قتل خطأ، فإن أخذ ديته ممن لزمته لا ينقص من ثواب الصبر إن شاء الله، على أن التصدق بالدية على القاتل وإعفاءه من تبعاتها أكثر أجراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1424(15/339)
من يتحمل دية حادث السير
[السُّؤَالُ]
ـ[الدية: وقع حادث على أحد شباب الجماعة هداه الله في إحدى الدول العربية المجاورة وقتل بالحادث رجلين من تلك الدولة فقرر الجماعة دفع الدية له رغم أنه رفض أن يكون معنا فيما سبق وخاصة في دفع المعونة للمتزوجين فرفضت أن أدفع له الدية بحكم أنه خرج عن الجماعة فيما سبق. وأود نصحكم جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دية حادث السير الناشئ عن الخطأ تحملها العصبة مثل سائر الديات، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة؛ كما في سنن ابن ماجه عن المغيرة بن شعبة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وعليه.. فإذا كنت من عصبة هذا الشاب ولم توجد الكفاية، ممن هم أقرب للجاني وأولى منك، فيجب عليك أن تساهم مع جماعتك في الدية، وكونه لم يساهم في معونة المتزوجين، أو نحو ذلك مما لا يجب بأصل الشرع، لا يبرر رفضك الدفع لحصتك من دية الخطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(15/340)
تؤدى دية قتل الخطأ حسب التقدير الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي تعرض لحادثة سير قتل على إثرها بسيارته رجلاً مسناً كان يقطع الطريق فما هو حكم الإسلام، مع العلم بأن المحكمة حكمت على زوجي بقدر صغير من المال، هل على زوجي أن يصدق لا نعرف ماذا علينا أن نفعل؟
ولكم جزيل الشكر..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما حصل من زوجك -وهو صدمه لهذا الشخص خطأ مما تسبب في موته- يعتبر قتل خطأ يوجب عليه الكفارة وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين كما نص الله على ذلك في كتابه الكريم.
وعلى عاقلته - وهم أقرباؤه - الدية الشرعية لأولياء المقتول إن لم يعفوا عنها، فإن امتنعت عاقلته عن دفعها لزمته هو، إلا أن يعفو عنها أولياء المقتول كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم:
10132.
وعليه؛ فإن كانت المحكمة لم تحكم عليه بما يجب عليه شرعاً فالواجب عليه أن يؤدي ذلك بنفسه، وقد سبق بيان مقدار الدية الشرعية في الفتوى رقم:
1872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(15/341)
هل تجب الدية بموت القاتل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي في حادث سيارة ومات معه قبيلة صاحب السيارة الأخرى ودفعنا الدية هل علينا صوم شهرين متتابعين أم الدية كافية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي حوادث السير يتحمل المخطئ الدية والكفارة باعتباره قتل خطأ من قبله، والدية على العاقلة وهم عصبة الميت الذكور، أما الكفارة ففي مال القاتل ولا تسقط عنه بموته، هذا بالنسبة للكفارة المالية، وهي هنا: عتق رقبة مؤمنة إن وجدت وقدر عليها، فيجب على الورثة إخراجها من التركة إن كان له تركة، وأما الصوم عنه فلا يلزم الورثة؛ لأنه لم يلزم الميت أصلاً لعدم تمكنه منه بالموت، ذلك أن من وجب عليه صوم ولم يتمكن منه لعذر اتصل بموت لم يجب عليه ولا على ورثته شيء؛ كما هو مقرر عند الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(15/342)
توزع الدية حسب أنصبة الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي توفي في حادث في الدوحة وحكم لنا بفديه من المال فهل نحن الإخوه لنا حق في المال في وجود الأب والأم أم هذا يعتبر ميراثا؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم ـ وفقك الله ـ أن دية النفس موروثة كسائر أموال الميت حسب الفرائض المقدرة شرعا في تركته, عند عامة العلماء, فيأخذ منها كل من الورثة الرجال والنساء نصيبه المقدر له باستثناء القاتل، سواء كان من العصبات أو أصحاب الفروض, لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال القاتل لا يرث. رواه ابن ماجه وهو صحيح.
والأصل في اعتبار أن الدية ميراث قوله تعالى: وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ [النساء:92] .
وما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم. رواه أحمد وحسن سنده الأناؤوط والألباني.
ولما ثبت أن عمر رضي الله كان يقول: الدية للعاقلة، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى قال له الضحاك بن سفيان: كتب إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع عمر. رواه أبو داود وهو حديث صحيح.
قال الشافعي: ولا اختلاف بين أحد في أن يرث الدية في العمد والخطأ من ورث ما سواها من مال الميت, لأنها تملك عن الميت.
وبهذا نأخذ فنورث الدية في العمد والخطأ من ورث ما سواها من مال الميت، إذا عرفت هذا فليس لك ولا لإخوتك حق في هذه الدية, لأنها ميراث, وأنتم محجبوبون بوالدكم, باتفاق العلماء فهي توزع مع بقية ما تركه الميت كالتالي: للأم سدس المال فرضاً لوجود جمع من الإخوة، وللأب بقية المال تعصيبا، يقول الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء: 11] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(15/343)
ما يلزم على من وقع على بطن حامل فأسقطت
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي وقعت على بطني وأنا حامل في الخامس وفي الغد سقط الجنين فهل علي صيام شهرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ثبت إن السبب من إسقاط الجنين المذكور هو بنتك فإنها تعتبر من الناحية الشرعية هي المسؤولة ولست أنت.
وعلى هذا؛ فإن تم الإسقاط في الأربعين يوماً الأولى فهذا لا شيء فيه، أما إن كان قد تجاوزها كما هو الحال هنا فإنه يلزم تلك البنت غرة، فإن لم تجد فعليها عشر دية أم الجنين. قال الخرقي: ودية الجنين إذا سقط من الضربة ميتاً وكان من حرة مسلمة غرة عبد أو أمة.
وسواء أكانت البنت كبيرة أو صغيرة؛ لأن أهل العلم نصوا على أن الأطفال غير محاسبين على فعل الواجبات، وترك المحرمات، لكن إذا تعلق الأمر بالاعتداء على الغير في نفسه أو ماله فإنهم ضامنون لذلك، إلا أن العمد والخطأ منهم في ذلك سواء، قال ابن قدامة في المغني: وعمد الصبي والمجنون خطأ تحمله العاقلة.
أما بخصوص وجوب الصيام، فإن كانت البنت بالغة فتجب عليها الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن عجزت عن الرقبة -لعدم وجودها أو عدم وجود ثمنها- فيجب عليها صوم شهرين متتابعين، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وإن لم تكن بالغة فلا كفارة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(15/344)
أرش الأعضاء يختلف حسب منفعته وحسب قدر الجناية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اعتدى على رجل بالضرب فسبب له الإعاقة الدائمة، ما هو الحكم الشرعي في مسألة دفع المبالغ؟ وكم يقدر لأجل الصلح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نهى الله عن العدوان والبغي بغير الحق، فقال تعالى: (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة: من الآية190) وقرن سبحانه بين البغي بغير الحق وبين الشرك، فقال: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:33)
وقد أجمع العلماء على أن كل من أتلف إنساناً أو جزءاً منه عمداً فعليه: إما القصاص وإما الأرش أو الدية، لما تواتر في ذلك من أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولمن وجب له ذلك العفو عن حقه أو بعضه، قال تعالى (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة: من الآية178) ولم تبين أخي الكريم، في سؤالك محل الإعاقة الدائمة هل هي كاملة أو ناقصة؟ وهل هي في عضو أو أكثر؟
فأرش الأعضاء يختلف من عضو لآخر على حسب منفعة هذا العضو، وبحسب قدر الجناية، ويمكنكم الرجوع في ذلك إلى حاكم أو قاض أو عالم شرعي ببلدكم، وإذا أراد المجني عليه الصلح مع الجاني بأقل أو أكثر من قيمة الأرش، فلا حرج إذا رضي الطرفان واصطلحا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1423(15/345)
ترك الصغير وحده على السطح فوقع فمات.. ماذا يلزم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
كنت فوق سقف الطابق الأول أوجه الهوائية المقعرة، وكان معي ابني الصغير عمره 3 سنوات فتركته وحده وأنا اشتغلت بتوجيه الهوائية وفجأة سقط من الأعلى على الأرض فمات.
أعلم سيادتكم بأنني لست صاحب المسكن وإنما اكتريته ولذا لم يجعل جداراً حول الطابق الأعلى ليحمي كل من صعد.
السؤال: ماذا يجب علي أن أفعل كي أريح ضميري؟ وهل يجب علي كفارة؟
وأخيراً لكم مني كل التقدير راجيا من الله أن هذا العمل في ميزان حسناتكم وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان صعود الطفل إلى السطح بمحض إرادته ولم يحصل لك علم به حتى سقط ميتاً فهذا لا شيء فيه.
أما إن كنت السبب في صعوده أو علمت به بعد ذلك، ولم تحافظ عليه حتى وقع فهذا يترتب عليه لزوم الدية وتدفعها عاقلتك، ثم وجوب الكفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [النساء:92] .
ولعل ما حصل فيه عبرة وعظة لك ولمن فتنوا بهذا التلفاز وبقنواته والتي لا تسلم من عرض المحرمات الواضحات، ولهذا نوصيك بأمرين:
الأول: الصبر على ما أصابك، واحتساب الأجر عند الله تعالى.
الثاني: التخلص من هذا التلفاز ومقاطعته والإعراض عنه، والتحذير من شره، وانظر لمعرفة حكم مشاهدة التلفاز الفتوى رقم:
19633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(15/346)
تضمين السائق منوط بتفريطه وتقصيره.
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل لي حادث على الطريق السريع وكان هناك رمال متحركه ولم أستطع السيطرة على السياره فانقلبت وتوفيت امرأة أرملة كبيرة السن في الحادث ماهي الكفاره....... جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
سبق بيان الحكم في ما ينتج عن حوادث السيارات وغيرها في الفتوى رقم: 3120 - والفتوى رقم: 15533، وبينا هناك أن تضمين السائق منوط بتفريطه وتقصيره.
وعليه؛ فإذا لم تكن مفرطاً بمجاوزة السرعة المحددة أو عدم تهدئة السرعة في مكان تعلم أن فيه رمالاً قد تعلو الخط نتيجة الرياح.. ونحو ذلك، ولم يمكنك دفع الحادث بل خرج الأمر عن حد طاقتك فلا دية على عاقلتك ولا كفارة عليك.
وإن كان حصل منك نوع تفريط فتلزمك الكفارة وتلزم عاقلتك الدية، وقد سبق تفصيل الدية والكفارة في الفتوى رقم:
6629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(15/347)
شأن الدية شأن الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت توفيت قبل سنة إثر حادث سير وذلك في الباصات الخاصة بشركات النقل بين المدن ولديها ثلاث بنات، وفي هذه الأيام والدي يطالب شركة النقل بالدية وهو يقول إذا تحصلت على الدية سوف أقوم بعمل خير لابنتي.
هل يجوز طلب الدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على والدك في طلب الدية إذا كان سائق الشركة قد تسبب في الحادث بتقصير منه أو تفريط، وشأن الدية شأن الميراث، فتقسم بين الورثة على حسب أنصبائهم من الميراث، وإذا عفا بعضهم دون البعض يسقط حق من عفا إذا كان بالغًا رشيدًا، وتبقى حصة الآخرين.
وقيام والدك بعمل خير عن ابنته جائز لما في الصحيحين: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. متفق عليه.
على أن يكون ذلك من ماله أو من نصيبه من الدية، ولا يصح أن يكون من نصيب بناتها، إذا كنَّ قاصرات، ولو وافق وليهنَّ لأن ولي اليتيم ليس له أن يتصرف في مال اليتيم إلا بما كان على وجه المصلحة الدنيوية لليتيم، ولهذا لا تصح الصدقة والهبة من مال اليتيم ولا تنفذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1423(15/348)
صدم امرأة فقتلها وبرأته المحكمة فماذا عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[صدمت سيدة عجوز فقتلتها خطأ ثم عرضت على ابنها مبلغاً مالياً على سبيل الدية ولكنه رفض وأحال الأمر إلى القضاء ليأخذ المبلغ المالي من تأمين السيارة ثم برأني القضاء فإنني أسأل هل في عنقي ذنب حيال هذه السيدة أم علي شيء حيال الشرع يجب أن أقضيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تعلم بأنه لم يصدر منك تفريط أدى إلى وقوع الحادث بأن تكون قد أخذت بأسباب السلامة، والتأكد من سلامة السيارة قبل قيادتها، والتزمت قانون السير، ولم تجاوز السرعة المعتادة، ونحو ذلك من التدابير الواقية من وقوع الحادث، إن كنت قد فعلت هذا ثم وقع الحادث فإنك غير ضامن والقضاء مصيب في تبرئتك، وأما إن كنت تعلم بأنك قد فرطت في شيء مما ذكر مما نتج عنه الحادث، ولم يطلع عليه القضاء، فإن ذلك لا يبرئ ذمتك من الدية والكفارة.
ومثل ذلك إذا كان القضاء قضاءً وضعياً، أي لم تكن المحكمة محكمة شرعية فإن حكمها باطل غير معتبر.
أو كنت قد توصلت إلى هذا الحكم برشوة أو محاباة ففي كل هذه الحالات لا تزال ذمتك مشغولة بالكفارة.
والدية واجبة على العاقلة، فإن لم تكن عاقلة ففي بيت المال، فإن لم يكن بيت مال منتظم مستعد لدفع الدية ففي مالك أنت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(15/349)
ما يلزم من جامع زوجته فأفضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
قرأت في كتاب فقه السنة لسيد سابق يرحمه الله في باب الدية بعنوان الرجل يفضي إلى زوجته: أنه إذا أفضى إليها وهي أكبر من 18 عاماً يدفع دية وإذا كانت أصغر يحكم فما معنى ذلك وهل إذا أفضى الزوج إلى زوجته يدفع دية وهي حلال له؟ بارك الله بكم ووفقكم لما فيه الخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسيد سابق رحمه الله في الديات والضمان:
عنون قائلاً: الرجل يفضي زوجته.. ولم يقل يفضي إلى زوجته. ثم قال تحت العنوان: وإذا وطئ الرجل زوجته فأفضاها، فإن كانت كبيرة بحيث يوطأ مثلها، فإنه لا يضمن، وإن كانت صغيرة لا يوطأ مثلها فعليه الدية. والإفضاء مأخوذ من الفضاء وهو المكان الواسع، ويكون بمعنى الجماع، ومنه قول الله سبحانه: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [النساء:21] .
ويكون بمعنى اللمس، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ.
والمراد به هنا: إزالة الحاجز الذي بين الفرج والدبر. انتهى
فكلامه واضح، وليس معناه أن من وطأ زوجته دفع لها الدية لا، وإنما من جامع زوجته ومثلها لا يجامَع كأن تكون صغيرة أو نحيفة جداً، وهذا يختلف باختلاف النساء ولا يحدد بسن ثمانية عشر سنة في الشرع، ولم يحدده بذلك سيد سابق ولا غيره، بل العبرة بأن تكون ممن يطيق الجماع وقد تكون ابنة تسع سنين، فإن كانت ممن لا يطيق الجماع لصغر ونحوه وجامعها زوجها فأفضاها، أي ففتقها، أي خرق مسلك البول والمني، ومثل معناه خرق ما بين القبل والدبر.
فإذا فعل ذلك فتعتبر جناية منه عليها؛ وإن كانت زوجته، لأن مثلها لا يوطأ ولا يطيق الوطء، فإذا أدىالوطء إلى إفضائها بالمعنى الذي ذكرته، لزمه الضمان على اختلاف بين الفقهاء في قدر الضمان إذا لم تمت، هل هو دية كاملة أو ثلث دية أو حكومة؟ على تفصيل في كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(15/350)
ماذا يلزم من كان عليه نسبة من الخطأ في القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صار حادث مروري على والدي وقد توفي شخص في السيارة الأخرى وكان الخطأ على والدي بنسبة25% فما هو وضع والدي الشرعي نحو المتوفى من ناحية الكفارة بالعلم أن والدي كبير في السن إذ يبلغ75 سنة وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت نسبة الخطأ الذي ارتكبه أبوك في قتل الشخص المتوفى في الحادث كما ذكرت فلا يلزمه من الدية إلا مقدار تلك النسبة من الخطأ وتتحمل العاقلة ذلك عنه، كما أن عليه كفارة وهي: عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فلا شيء عليه.
قال الخرقي: وإذا رمى ثلاثة بالمنجنيق فرجع الحجر فقتل رجلا فعلى عاقلة كل واحد منهم ثلث الدية، وعلى كل واحد منهم عتق رقبة مؤمنة في ماله. وقال ابن قدامة شارحا كلام الخرقي -: أما عتق رقبة على كل واحد منهم فلا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم لأن كل واحد منهم مشارك في إتلاف دم معصوم، والكفارة لا تتجزأ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(15/351)
المتسبب بالقتل ... تحديده وما يلزمه ... ومدى مسئوليته
[السُّؤَالُ]
ـ[قدم مريض لإجراء عملية جراحية استعجالية وتم ذلك بنجاح غير أنه بعد خروجه من المستشفى وبعد4 أشهر عاد ليكتشف أن بداخله كمادات قد نسيت خلال العملية المذكورة مما أدى إلى وفاته بعد نزعها والقيام بكل المجهودات لإنقاذه ما حكم الشرع في هذا وما كفارته؟.
وأكون لكم شاكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مثل هذه الحالة تُسمى في الشرع: القتل بالتسبب.
والمتسبب في القتل يجب عليه دفع الدية، وكفارة القتل الخطأ. وتحديد المتسبب هنا يتم عن طريق أهل الخبرة بالطب، لأنهم أعرف الناس بأسباب الوفاة الطبية، وأخبرهم بقوانينها.
فإذا كان التفريط من الطبيب فهو الضامن، وإذا ثبت أنه من مساعديه فهم ضامنون، وإذا ثبت أنه من الممرضين والممرضات كان الضمان عليهم أيضاً، وإذا ثبت أنه لم يكن منهم جميعاً، وإنما كان بسبب العملية الثانية، فالضمان على من قام بالعملية الثانية، وهكذا ...
وقد جاء في الموسوعة الطبية الحديثة 3/543 أن: وهي -أي رئيسة الممرضات- مسؤولة عن عد الفوط وقطع القماش التي تستعمل في العملية، ولا يخيط الجراح الجرح إلا بعد أن تتحقق الممرضة من عد هذه القطع المستعملة.
فعلى هذا يكون المتسبب هو رئيسة الممرضات، ويكون الضمان عليها، هذا إذا كان المستشفى لديكم يعمل بهذا القانون.
أما إذا كان للمستشفى قانون آخر، فالعمل يكون عليه، فإذا كان المتسبب جاهلاً بمهماته، ونتج القتل عن هذا الجهل، فهو الضامن كذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من تطبب بغير علم فهو ضامن".
هذه هي القواعد العامة في المسألة.
أما التطبيق، فيحتاج إلى النظر في الحادثة، وما لابسها من أحوال، ولمعرفة أحكام قتل الخطأ راجع الفتوى رقم: 17085، والفتوى رقم: 6821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1423(15/352)
أخذ الدية من جهات التأمين ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز المطالبة بدية أخي المتوفى في حادث سيارة وأنتم تعلمون أن الذي يقوم بدفع الدية هو التأمينات الإجتماعية بمصر وهل الدية تكون من حق إخوة المتوفى أم أبنائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أخذ دية المقتول خطأً من أي جهة أحيل عليها مستحقوها، سواء كانت شركة تأمين أو هيئة خيرية أو فرداً بعينه، لأن مستحقي الدية غير مسؤولين عن طريقة كسب المحال عليه للمال الذي سيدفعه دية للمقتول، ويدل على هذا أن أهل الكتاب وغيرهم من الكفار إذا قتلوا مسلماً خطأ جاز أخذ الدية منهم باتفاق، وأكثر أموالهم قد تم اكتسابها بطرق محرمة، كالتعامل بالربا وبيع الخمور والدخان وغير ذلك.
وينبغي هنا التفريق بين حرمة المال على مكتسبه بطريق محرم، وعدم حرمته على آخذه منه بوجه مشروع، ويستثنى من ذلك المال الذي تعلق به حق الغير، إذ لا يجوز لأحد أن يستوفي حقه من مال علم أنه مملوك لغيره بعينه، كالمال المسروق أو المغصوب، ولمزيد من الفوائد راجع الفتاوى التالية أرقامها:
6566
7899
ولمعرفة حكم التأمين بأنواعه راجع الفتوى رقم:
7394.
أما عن تقسيم الدية على مستحقيها، فإنها تقسم على الورثة كما يقسم بقية مال المتوفى، وليس لإخوة المتوفى منها شيء، إذا كان أبناء المتوفى ذكوراً، لأن الإخوة يحجبون بهم، أما إذا كان أبناء المتوفى إناثاً فقط، فللإخوة ما بقي بعد فرض البنات تعصيباً.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(15/353)
وجوب الكفارة والدية حسب نوعية الواقعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
سؤالي باختصار شديد,,
إن جدتي وضعت ابنتها الرضيعة عند أمي وكان عمرها (أمي) 12 سنة وكان ذلك في فصل الشتاء وأثناء نوم أمي استيقظت الطفلة بدون أن تشعر بها أمي وخرجت خارج البيت وتوفيت من شدة البرد، وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت أمك قد وضعت الطفلة في مكان مناسب، وعملت ما ينبغي لها فعله كغلق الباب، ونحو ذلك، فلا شيء عليها لأنها غير مفرطة، وأما إذا فرطت كأن تكون تركت الباب مفتوحاً، فإنه يلزمها الدية، وتدفعها عنها عاقلتها، وهم عصبتها إلا أن يعفو ورثة المقتول.
وإذا كانت أمك قد بلغت وهي في تلك السن بإحدى علامات البلوغ المسبق بيانها في الفتوى رقم:
7762.
فإنها تلزم منها الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، وإن لم تكن قد بلغت فلا كفارة عليها، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
11399، والفتوى رقم:
10717.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(15/354)
القتل الخطأ من الصغير هل يلزم منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: سؤالي الأول بارك الله فيكم لمن هذا الموقع ثم إنني قبل عشر سنوات حدث لي حادث وصدمت عدة سيارات ولم أصب بأذى ولكن السيارة الأخرى مات سائقها وصاحبه حدث له شلل نصفي فما كفارتي جزاكم الله خيرا علما بأنني لم أصم وقد كنت صغيرا في السن حين ذاك وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الحادث صدر منك وأنت ما زلت لم تصل إلى سن البلوغ وهي خمس عشرة سنة قمرية، ولم تظهر عليك علامة من علامات البلوغ الأخرى المذكورة في الجواب المحال عليه في آخر الفتوى فإنه لا يلزم بسبب القتل غير الدية، وتكون على عاقلتك، لقوله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ " رواه أحمد وغيره.
وانظر الفتوى رقم 7762
أما بخصوص الموقع فهو يتبع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر وراجع الجواب رقم 2152 والجواب رقم 22750
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(15/355)
هل يلزم المرضعة شيء إن مات رضيعها أثناء الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخت جدتي (متوفاة) رحمها الله أرضعت ابنها (أربعة شهور) وتوفي ابنها أثناء الرضاعة (سبب موت الطفل هو الرضاعة) فهل على جدتي شيء (لأن جدتي هي أختها الوحيدة وليس لها أبناء أو إخوة غيرها)
وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن الرضاع لا يسبب موت الرضيع. ولكن لو تيقن أنه سبب موت الرضيع لوجود تفريط من المرضعة كأن تكون أرضعته إرضاعاً زائداً عن حاجته وتلبد اللبن في بطنه حتى مات فهو قتل خطأ يوجب على عاقلة المرضعة -وهم عصبتها من الرجال- الدية كل على حسب قدرته، فإن لم يكن لها عصبة فالدية تكون في بيت المال؛ إلا أن يعفوا الورثة عن الدية فتسقط.
كما يجب على المرضعة كفارة وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فيصام شهرين متتابعين، لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا....... [النساء:92] .
أي يعفوا فتسقط.
وما دامت هذه المرضعة قد توفيت فالواجب عتق الرقبة من مالها، فإن لم توجد الرقبة صام عنها وليها القريب استحباباً، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه.
وفي الصحيحين أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل -وفي رواية امرأة- إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفاقضيه عنها؟ قال: نعم، فدين الله أحق أن يقضى.
قال النووي رحمه الله: والمراد بالولي القريب سواء كان عصبة أو وارثاً أو غيرهما.
وقيل: المراد الوارث. وقيل: العصبة. والصحيح الأول. ولو صام عنه أجنبي إن كان بإذن الولي صح وإلا فلا في الأصح. ولا يجب علي الولي الصوم عنه لكن يستحب. هذا تلخيص مذهبنا في المسألة.
وممن قال به من السلف: طاووس والحسن البصري والزهري وقتادة وأبو ثور، وبه قال الليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيد في صوم النذر دون رمضان وغيره.
وذهب الجمهور إلى أنه لا يصام عن ميت لا نذر ولا غيره. حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وعائشة ورواية عن الحسن والزهري، وبه قال: مالك وأبو حنيفة. قال القاضي وغيره -وهو قول جمهور العلماء- وتأولوا الحديث على أنه يطعم عنه وليه، وهذا تأويل ضعيف بل باطل. وأي ضرورة إليه وأي مانع يمنع من العمل بظاهره مع تظاهر الأحاديث مع عدم المعارض لها.
قال القاضي وأصحابنا: وأجمعوا على أنه لا يصلى عنه صلاة فائتة، وعلى أنه لا يصام عن أحد في حياته، وإنما الخلاف في الميت. والله أعلم.
ونقلنا كلام النووي بطوله لما فيه من الفوائد.
وبين النووي في موضع آخر كيفية الجمع بين الأحاديث الآمرة بالصوم عن الميت والأحاديث الناهية عن ذلك فقال: اختلف العلماء فيمن مات وعليه صوم واجب من رمضان أو قضاء أو نذر أو غيره.. هل يقضى عنه؟ وللشافعي في هذه المسألة قولان مشهوران: أشهرهما أنه لا يصام عنه ولا يصح عن ميت صوم أصلاً، والثاني: يستحب لوليه أن يصوم عنه ويصح صومه عنه ويبرأ به الميت ولا يحتاج إلى إطعام عنه. وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققو أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة. وأما الحديث الوارد: من مات وعليه صوم أطعم عنه. فليس بثابت ولو ثبت أمكن الجمع بينه وبين هذه الأحاديث بأن يحمل على جواز الأمرين، فإن من يقول بالصيام يجوز عنده الإطعام، فثبت أن الصواب المتعين تجويز الصيام وتجويز الإطعام. انتهى
والخلاصة أن جدتك إذا لم تجد رقبة مؤمنة تعتقها عن أختها كفارة لما ارتكبته من القتل الخطأ -إن ثبت تفريطها في إرضاعها لطفلها- فيندب لها أن تصوم عنها شهرين متتابعين، وإذا لم يثبت تفريط أختها في إرضاعها لطفلها فلا شيء عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(15/356)
من يتولى دفع دية الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام
لقد كنت أرسلت إليكم بسؤال عن طعام الساحر يؤكل أم لا وأجبتم عليه بعد أن قلتم لي إذا كنتم تأكدتم من ذلك فكيف إذا قاموا بالاعتراف لك أنهم عملوا لنا الكثير من السحر للانتقام كوننا لا نريدها زوجة لاخي حتى انها تعمل لنا فضيحه اذا قام اخي بمساعدة ابي حتى لوقام باعطائه عشرة دنانير وكلامها سيء جدا لا نها تستعمل اسوء الالفاظ والتي يعجز اللسان عن قولها
اما سؤالي الجديد فيتعلق بالدية ما هو مقدارها بالنسبة للمراة والرجل واذا لم يستطع اهل القاتل ان يدفعوا هذه الدية والبعض يطلب مبالغ طائلة يعجز الانسان عن دفعها ويصبح يستدين من الناس أو يضطر للتسول من الناس في سبيل دفع الدية وهل يلقى الميت ضرراً جراء ما يفعله أهله بهذا الإنسان وما حكم الشرع بذلك
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما بالنسبة للسؤال الأول فلم يتضح لنا مقصود السائل منه فيرجى إعادة صياغته بطريقة واضحة حتى يتسنى لنا الإجابة عليه،
وأما بالنسبة للسؤال الثاني، فمقدار الدين مبين في الفتوى رقم 14696 والفتوى رقم 16032 ورقم
وليس على الورثة حرج في أن يطالبوا بالدية ولا على الميت إثم إن فعل أولياؤه ذلك. 3661
مع أن العفو والمسامحة والتجاوز ابتغاء وجه الله أفضل، وقد وردت النصوص الكثيرة التي تحث على العفو قال تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (الشورى:40) وقال تعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:133، 134)
واعلم أيها السائل أن الدية في القتل الخطأ على العاقلة، فإن لم يكن له عاقلة ففي بيت المال، فإن لم يكن بيت المال، ففي مال الجاني.
ونعود فنذكر بأن الله رغب في العفو والصفح والتجاوز، ومن تجاوز عن مسلم تجاوز الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(15/357)
أجوبة حول الدية والكفارة في قتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي كما يلي
سائق حافلة تعرض لحادث أدى إلى مقتل 29 شخصا
* هل تجب الدية أم الكفارة؟
* هل الكفارة عامة أم عن كل قتيل على حدة
* هل يمكن مساعدة زوجة السائق على الصيام؟
أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هو المتسبب في هذا الحادث فإنه تلزمه الدية والكفارة عن كل نفس على حدة، وتكون الدية على العاقلة. وراجع التفاصيل في الفتوى التالية:
14436 1834 5914 15533 2152 22750
أما عن مساعدة زوجته له في الصيام فلا يجزئ عنه صوم غيره في حال حياته، ويستحب إذا توفي وعليه صيام أن تصوم عنه زوجته أو غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(15/358)
مذهب العلماء في قتل الصبي عمدا أو خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأما بعد
أقدمت على قتل طفل لأني كنت في حالة غضب شديد ولم أدر ماأ فعل لأنه أغضبني وكنت أبلغ من العمر 13 سنة فأفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قتلت الطفل المذكور وأنت في السن المذكورة ولم تظهر عليك أمارة البلوغ المذكورة في الجواب رقم:
7762 فإنه لا يجب عليك في ذلك قصاص، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ " رواه أحمد وأبو داود.
والقتل الذي صدر منك يعتبر قتل خطأ تجب فيه الدية على عاقلتك.
قال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما والأوزاعي والليث بن سعد في قتل الصبي عمداً أو خطأً أنه كله خطأ، تحمل منه العاقلة ما تحمل من خطأ الكبير.
أما إن كنت بالغاً بأن ظهرت عليك علامة من علامات البلوغ المذكورة في الجواب المحال عليه فإنك تجري عليك جميع أحكام القاتل عمداً من القصاص إن لم يعف أولياء دم المقتول، وتحمل الدية في مالك والكفارة إن عفا أولياء الدم، كما تقدم في الجواب رقم 17648 كما تجب عليك التوبة إلى الله عز وجل قبل كل شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(15/359)
حكم القاضي لا يحل حراما، ولا يحرم حلالا
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث لأحد الشبان حادث سيارة وتوفيت فيه فتاة ولم يكن هو المتسبب في الحادث وبرأه القضاء. ولكن صورة الفتاة لا تفارق ذهنه خاصة عند النوم ويراها تواسيه وتقول له إنها تعلم أنه لم يكن هو المتسبب في وفاتها. ماذا يفعل ليزول عنه هذا الخاطر؟ أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الشاب متيقناً براءته وأنه غير متسبب، فعليه أن يجتهد في دفع هذه الوساوس، والإكثار من ذكر الله تعالى خاصة عند النوم.
وإن كان غير متيقن من براءته ويرى أنه السبب، فلا تبرأ ذمته بحكم القاضي، لأن حكم القاضي لا يحل حراماً، ولا يحرم حلالاً على الراجح من أقوال أهل العلم، لما ثبت في مسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قطعت له من حق أخيه قطعة، فإنما أقطع له قطعة من النار.
فعلى هذا فيلزم هذا الشاب الاعتراف، وتجب الدية على عاقلته لأهل الفتاة وعليه الكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(15/360)
نوع القتل في السيارة، وما يلزم منه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي صديق صدم طفلا بالسيارة فقتله مع العلم أنه صغير في السن وليس عنده رخصة قيادة والسيارة التي كان يقودها غير صالحة فنيا ... فهل هذا القتل يكون قتلاً عمداً أو قتلاً خطأً؟ نرجو منكم الرد سريعا حفظكم الله وبارك فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعله قائد السيارة من القيادة دون الحصول على رخصة، أمر لا يجوز شرعاً لما يترتب عليه من تعريض النفوس والممتلكات للخطر.
وقد قرر العلماء أنه يجب على الشخص الالتزام بالقوانين والنظم التي يعمل بها في كل بلد، والتي تنظم شؤون الناس وأمور حياتهم ما لم تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وذلك للقاعدة "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة".
والخطأ الثاني: هو قيادة السيارة، وهي غير صالحة فنياً، فهذا أيضاً خطأ فادح وغلط بين ... فقد قرر العلماء أن القائد يتحمل المسؤولية إذا قاد السيارة وهي غير صالحة، أو لم يلتزم بقوانين السير.
وعلى هذا فالواجب على صديقك أن يتوب إلى الله تعالى، ويكثر من أعمال الخير، وعليه الكفارة والدية لأهل المقتول وهي على عاقلته.
وأما الكفارة فهي: تحرير رقبة مؤمنة، فإذا لم يجدها فعليه صيام شهرين متتابعين.
قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ [النساء:92] .
والظاهر أن هذا القتل يصنف في قتل الخطأ فهو لم يتعمد قتل هذا الطفل، وإن كان قد فرط في أخذ الاحتياطات اللازمة فإنه يأثم على تقصيره وتفريطه في ذلك.
ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
3120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(15/361)
أقوال العلماء في دية غير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته وبعد.
أرجو إفادتي حتى يطمئن قلب والدي.
السؤال: قبل 17 عاماً تعرض والدي لحادث مروري نتج عنه وفاة أحد ركاب السيارة المقابلة وهوهندي الجنسية هندوسي الديانة وبعد تخطيط الحادث تبين أن على والدي 80% جاءت وفاة الهندي بعد عام من الحادث. وكتب والدي معروضاً لشيخ المحكمة في منطقتنا وبين لهم كل التفاصيل ورفعوها من قبلهم إلى هيئة القضاء وجاء بها صوم شهرين متتالين وقد صامهما ولله الحمد. والسؤال الذي شاغله أليس عليه دية مال؟
هو ينتظر ردكم بفارغ الصبر فجزاكم الله عنا كل خير.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه لا دية للحربي كتابياً كان أو غيره، أما غير الحربي من أهل الكتاب وغيرهم ففيه خلاف بين الفقهاء، فمذهب المالكية والحنابلة أن دية الكتابي الذمي والمعاهد من غيرهم نصف دية المسلم، ودليلهم على ذلك ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " عقل الكافر نصف عقل المؤمن " رواه النسائي والترمذي والبيهقي وصححه الألباني.
وذهب الحنفية إلى أن دية الذمي والكافر المستأمن والمسلم سواء، لقوله تعالى (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء: الآية92) أطلق سبحانه وتعالى القول بالدية في جميع أنواع القتل من غير فصل، فدل على أن الواجب في الكل واحد.
وذهب الشافعية إلى أن دية اليهودي والنصراني (الذمي) ثلث دية المسلم، ودية الوثني والمجوسي ونحوهما ثلثا عشر دية المسلم، ودليلهم في ذلك ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عمر بن الخطاب، قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف ودية المجوسي ثمانمائة. وذكره الترمذي في سننه.
والراجح -والله أعلم- هو ما ذهب إليه المالكية والحنابلة من أن دية غير المسلم الذمي والمعاهد من غيرهم على النصف من دية المسلم، ودية المسلم مائة من الإبل أو ما يعادل قيمتها، لموافقته للحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الحكم عند المذاهب الأربعة مع بيان الراجح.
وبما أن الأمر رفع إلى الجهات المختصة وقضت فيه بما ذكرت، فالقول قولها فيما يلزم من الكفارة والدية، لأنها هي التي تحدد النسبة الخطأ بناء على ملابسات الحادث، وحالة المتوفى هل تنطبق عليه أحكام المعاهدين؟ وكذلك حال أهله الذين هم أهل الاستحقاق، ويتقرر بناء عليه تحمل الدية أو عدم تحملها، ولزوم الكفارة وعدم لزومها، وعليه فننصحكم بالرجوع إليها مرة أخرى في مسألة الدية أيضاً، ولمعرفة بعض الأحوال التي يتحمل فيها السائق دية من مات بسبب اصطدامه به راجع الجواب رقم 15533 والجواب رقم 19279
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(15/362)
ما يلزم في جناية إزالة البكارة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أزال غشاء البكارة لامرأة أجنبية عليه بإصبعه وهو لا يعلم أن هناك غشاء للبكارة للمرأة ولا يعلم أن في إزالته شيئاً ولكنه علم بعد فترة من الزمن أن هناك غشاء للبكارة عند المرأة فهل يجب عليه شيء كالدية مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد ملامستك لهذه المرأة الأجنبية حرام واعتداء على حدود الله، فكيف إذا وصل بك الأمر إلى العبث بعورتها المغلظة؟! مما أدى إلى وقوع جناية، وهي فض بكارتها، وهو أمر شنيع لا ترضاه أنت لأختك ولا بنتك ولا لواحدة من محارمك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. رواه البخاري عن أنس، وراجع في هذا الفتوى رقم:
16154.
والواجب عليك الآن هو أن تتوب إلى الله تعالى فوراً، بالإقلاع عن هذا الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه أبداً.
أما بالنسبة لإزالة البكارة، فلها حالتان:
الأولى: أن تكون أزلتها بغير رضاها سواء كانت البنت رشيدة أو غير رشيدة، فعليك أرش بكارتها، وهو حكومة عدل، وهي تختلف باختلاف الأحوال والمجتمعات لأنه إتلاف جزء لم يرد الشرع بتقدير عوضه، فرجع في ديته إلى الحكومة، كسائر ما لم يقدر، والمقصود بالحكومة هنا، اجتماع مجموعة من أهل الخبرة العدول لتقدير هذا الأرش.
الثانية: أن تكون أزلتها برضاها وهي رشيدة، فلا أرش عليك، لأنها رضيت بذلك؛ لكن عليك إثم الاعتداء، أما إذا كانت غير رشيدة، فلا اعتبار لرضاها، ويلزمك الأرش، كما لو لم ترض، وراجع الفتوى رقم:
19128 والفتوى رقم: 14777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(15/363)
العفو عن الدية، أم أخذها والتصدق بها ... نظرة أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ابن أخت توفي بحادث مروري وقد تسبب في الحادث شاب متهور وكان في حالة سكر والخطأ عليه100% هل من الأفضل أخذ الدية وصرفها في صدقة جارية كبناء مسجد أو حفر بئر أوالسماح عن هذا الشاب. مع العلم أن أصحاب الديه لا يريدون منها لخاصتهم أي مبلغ بل سوف يضعونها بأكملها في صدقة جارية لابنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل سمى العفو عن الدية صدقة حثاً على ذلك، فقال جل شأنه: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92] .
ولكن العفو ينبغي أن يلاحظ فيه الإصلاح، فإن العفو لا يمدح إلاَّ إذا صاحبه الإصلاح، كما قال سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى: 40]
فإن كانت بوادر التوبة قد ظهرت على هذا المتسبب في هذا القتل وكانت به حاجة فالأفضل العفو عن الدية، وإلاَّ فالأفضل أخذها ووضعها في صدقة من الصدقات الجارية، كما ذكر في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(15/364)
ماذا يلزم في قتل الكافر خطأ (ذميا أو محاربا) .
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كنت أقود السيارة تعرض لي شخص فصدمته مما نتج ذلك عن وفاته وهذا الشخص غير مسلم فما حكم الشرع في مثل هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن قتل كافراً ذمياً خطأ، فعلى عاقلته - وهم العصبة من أقاربه، كإخوانه وأعمامه وأبنائهم - الدية لأولياء المقتول، بشرط أن يكونوا أهل ذمة أو عهد ولم يعفوا عن الدية، وأما إذا كانوا محاربين فلا دية لهم مطلقاً.
ودية الذمي من أهل الكتاب ثلث دية المسلم، ودية المجوسي وسائر أهل الأوثان ثلثا عشر دية المسلم. هذا بالنسبة للذكور، وأما بالنسبة للنساء، فعلى النصف من دياتهم.
ومقدار دية المسلم مائة من الإبل أو ما يعادل قيمتها، وتلزم القاتل الكفارة في قتل الذمي، كما تلزمه في قتل المسلم لا فرق بينهما في هذا، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، كما قال الله تعالى: (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [النساء:92] .
وإلى لزوم الكفارة في قتل الذمي ذهب ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي وابن جرير الطبري وغيرهم، لأن الذمي معصوم الدم فيحرم قتله عمداً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً" رواه البخاري.
ومن قتله خطأ لزمته الكفارة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن من قتل ذمياً لا تلزمه الكفارة، والقول الأول أصح، والأخذ به أبرأ للذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(15/365)
مقدار الدية في مختلف الأموال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مقدار الدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الجمهور على أن دية الحر الذكر المسلم على أهل الإبل مائة من الإبل، وهذا هو الأصل، وعلى أهل البقر مائتا بقرة، وعلى أهل الشاء ألفا شاة، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم أو عشرة آلاف على خلاف، وعلى أهل الحلل مائتا حلة وقيمة الذهب تختلف باختلاف الأسعار وتغير الأسواق.
وقد اتفق الجمهور على أن الأصل في الديات هو الإبل، واختلفوا في غيرها من البقر إلى آخره، هل هو أصل عند فقد الإبل، أو هو من باب القيمة؟ وهذا القدر لا يزيد ولا ينقص بسبب الموجب من عمد أو شبهه أو خطأ، ولكنه في حالة العمد تغلظ الدية من الإبل خاصة فتدفع مثلثة في بطون أربعين منها أولادها فتدفع كالتالي:
30 حقة و 30 جذعة، و40 خلفة في بطونها أولادها، أو مربعة (25 بنت مخاض 25 بنت لبون 25حقة 25جذعة) بعد أن كانت مخمسة، (20 بنت مخاض، و20 بنت لبون، و 20 ابن لبون و20 حقة، ومثلها جذعة) .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن القتل إذا كان في الأشهر الحرم أو في الحرم أو لذي قرابة أن الدية تزاد بثلثها على القاتل.
ودية المرأة على النصف من دية الرجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(15/366)
لا يجوز أخذ سوى الدية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد:
توفي رجل في حادث سير عندما صدمت سيارته شاحنة فحكمت المحكمة الشرعية بإلزام شركة تأمين الشاحنة بدفع الدية الشرعية للورثة الشرعيين وهم الأب والأم والزوجة وطفلان.
فقام محامي الورثة برفع دعوى في المحكمة المدنية يطالب الشركة بدفع تعويضات للورثة عن الآثار المعنوية والمادية وذلك عن فقد معيلهم فحكمت المحكمة المدنية لصالح الورثة بمبلغ من المال للأم والطفلين فقط.
السؤال:
هل المبلغ الذي حكمت به المحكمة المدنية حلال أم حرام؟
هل يجوز إعطاء بعض الأقارب الفقراء والمرضى من هذا المبلغ في حال الحكم بالتخلص منه؟
هل يجوز إعطاء المحامي أتعابه من هذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ليس للورثة إلا الدية، فإذا حُكم لهم بها، فلا تجوز لهم المطالبة بغيرها.
وعليه، فإن المال الذي حكمت به المحكمة المدنية لا يجوز أخذه، ولا إعطاؤه للفقراء ولا للمرضى، ولكن يُرد إلى صاحبه.
أما المحامي، فإنه إن كان عالماً بالتحريم، فلا أجرة له، وإن لم يكن عالماً فله أجرة المثل يدفعه له من وكله، وراجع الفتوى رقم: 6566، والفتوى رقم: 11066، والفتوى رقم: 7899، والفتوى رقم: 472 في حكم التأمين، وحكم أخذ التعويضات المترتبة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1423(15/367)
القتل في الأشهر الحرم أعظم إثما
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماهي دية القتل الخطأ في الشهور الحرم؟ خصوصا أن الخطأ بنسبة 50% وكم مدة الصيام وهل الصيام متتابعة؟ ... وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم القتل بجميع أنواعه الثلاثة وتفصيلها، وما يترتب على كل واحد منها برقم:
11470
وإذا كان القتل فيه نوع من العمد وكان في الأشهر الحرم فإن الإثم فيه يعظم، وذلك لأن المعصية في الأشهر الحرم أعظم من المعصية في غيرها، لقوله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) [التوبة:36] والنهي عن الظلم فيهن خاصة يدل على أنه فيها أعظم، لأن الظلم منهي عنه في كل وقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(15/368)
ما يلزم المتسبب غير المباشر بقتل غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرض شقيقي الأصغر لحادث أودى بحياته بسبب إهمال الفندق حيث سقط في البيارة الخاصة بالفندق والسؤال هل يجوز لنا أن نقاضي الفندق لدفع التعويض اللازم؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد اشترط الفقهاء في إلزام المتسبب غير المباشر بالتعويض وجودَ التعدّي - وهو تجاوز الحق، أو ما يسمح به الشرع - فكلما توجهت إرادة الشخص إلى فعل ضارّ بالغير من غير حسبان لنتائجه، أو عَمِلَ من غير تبصّر واهتمام للسلوك الشرعي العادي فهو متعدٍّ.
ومثلوا للتعدّي: بحفر الآبار في الطريق العامّ من غير إذن الحاكم، أما إذا كان الحفر في ما هو في ملك الحافر، فلا يعد الحافر متعديا، إلا إذا قصد الإضرار بالغير، ومما تقدم يعلم أن "حافر البيارة في الفندق" إذا كان حفرها في موضع جرت العادة بالحفر في مثله لم يضمن.
وعليه، فليس لكم مطالبته بالدية.
وإن تعدّى في الحفر، فحفر في مكان يرتاده عامة رواد الفندق ضمن، ولكم مطالبته حينئذ بالدية، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1422(15/369)
من يتحمل دية قتل الخطأ؟
[السُّؤَالُ]
ـ[صدمت شخصا بسيارتي نتيجة لظهورة أمامي فجأة ووجود أمطار مما أدى لانزلاق السيارة وعدم توقفها مع عبوره بشكل مفاجئ لم يكن بإمكاني بأي حال من الأحوال تفادي الحادث إلا بتعريض حياتي للخطر الحاد نتيجة لانزلاق السيارة هل يجب علي الدية والكفارة ولكني لو دفعت قيمة الدية لن تكفي أموالي ولا أستطيع الطلب من العاقلة لتيقني من رفضهم هل أدفع ما معي وفي هذة الحالة سوف يتضرر أولادي لعدم استطاعتي مساعدتهم في الزواج أم أكتفي بدفع مبلغ من المال مع التأمين....مع وافر الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدية في القتل الخطأ ـ الذي يدخل في ضمنه الحادث المسئول عنه ـ تحملها شرعاً عاقلة القاتل. ولا يتحمل القاتل نتيجة خطئه أكثر مما يتحمله أحد أفراد عاقتله، فإن امتنعوا من أدائها، فقد امتنعوا من حق أوجبه الله عليهم.
وإذا تولت جهة أخرى كشركة التأمين، أو النقل أو غيرهما ـ دفع الدية جاز لولي القتيل أخذها وسقطت المطالبة بها. وعلى القاتل خاصة الكفارة، وهي تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
مع التذكير بأنه لا يجوز للإنسان أن يدفع عن نفسه خطر الموت على حساب حياة شخص آخر. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1421(15/370)
تلزم كفارة قتل الخطأ عن كل نفس
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل لي حادث مروري وتوفي في الحادث زوجتي وأربعة من بناتي والخادمة وحسب التقرير المروري أنا المخطئ فهل علي كفارة عتق رقبه عن كل شخص؟ فان لم توجد فصيام شهرين متتابعين عن كل شخص أيضاً حتى لو كانو أبنائي؟ علماً بأنني أعمل في محافظة جدة ومن سكان مكة المكرمة وأداوم من مكة يومياً! أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله جلا وعلا أن يعظم أجرك في مصابك، ويخلف عليك خيراً منهم.
وأما كفارة قتل الخطأ فهي: حق الله تعالى، لا تسقط لصلة المتوفى بمن تسبب في قتله، ولو كان ابنا له.
والواجب عليك كفارة لكل واحد من المتوفين، وهي عتق رقبة، فإن لم تجد الرقبة، فصيام شهرين متتابعين. وهذا ثابت بالنص، قال تعالى: (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيما) [النساء: 92] .
ولك صيام أشهر الكفارات متفرقة، بمعنى أن تصوم شهرين متتابعين، ثم تفطر بينهما وبين الشهرين التاليين، وهكذا.
وليس عملك في جدة وسكنك في مكة بعذر لك في ترك الصيام، ما دمت تقدر على ذلك، إلا إن كنت تجد مشقة بالغة، وكانت تلك المشقة متصلة بك، أو كنت مريضاً مرضاً مزمناً لا تستطيع معه الصيام.
ففي هذه الحالة اختلف أهل العلم: هل يلزمك مكان الصيام بدل منه أم لا؟ فيه قولان لأهل العلم:
الأول: أنه يثبت في ذمتك الصيام، ولا يجب عليك شيء آخر، لأن الله تعالى لم يذكر غيره، ولو وجب لذكره.
الثاني: يجب إطعام ستين مسكينا عن كل كفارة، لأن هذه كفارة فيها عتق، وصيام شهرين متتابعين، فكان فيها إطعام ستين مسكيناً عند عدمها.
وإلى الأول ذهب الجمهور، ويؤيده النص، والقول الثاني يؤيده القياس، وهو مذهب الشافعي ورواية عن أحمد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1421(15/371)
الدية والكفارة واجبتان على القاتل خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قام بدهس طفل بالخطأ فما الواجب فعله؟ أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقتل الخطأ هو: ما وقع دون قصد الفعل والشخص، أو دون قصد أحدهما، مثل أن يرمي صيداً أو هدفاً فيصيب إنساناً، أو يدهسه بسيارته غير قاصدٍ دهسه، والواجب فيه أمران:
الأول: الدية تدفع لورثة المقتول إلا أن يعفو، فإن عفا البعض وطالب البعض سقط حق من عفا، بشرط أن يكون بالغاً رشيداً. ومقدارها بالذهب ألف دينار ذهبي، أو ما يعادلها من النقود الورقية، تتحملها عاقلته وهم أقرباؤه من جهة الأب، فتقسم الدية على الأقرب فالأقرب، فتقسم على الإخوة وبنيهم، والأعمام وبنيهم، ثم أعمام الأب وبنيهم، ثم أعمام الجد وبنيهم، وذلك أن العاقله هم العصبة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قضى بالدية على العاقلة" رواه مسلم.
الثاني: الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين، كما قال تعالى: (ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ، ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يَصَّدقَّوا) [النساء: 92] . وهذا إن كان المقتول خطأً مؤمناً، ومن قوم مؤمنين. فإن كان مؤمنا من قوم كافرين، فإما أن يكونوا أهل عهد ففيه الدية والكفارة أيضا. وإن كانوا أهل حرب، وكان المقتول خطأً مؤمناً، فالواجب على القاتل خطأً حينئذ الكفارة فقط، كما قال تعالى: (فإن كان من قومٍ عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله، وكان عليماً حكيماً) [النساء: 92] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(15/372)
أخذ دية قتيل الخطأ من الشركة الضامنة جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي أخي رحمة الله عليه قبل أشهر في حادثة سير أثناء ركوبه في حافلة لنقل المسافرين كان مسافرا على متنها إلى مدينة أخرى (وتعرضت للحادثة) ، وبعد مدة حكمت إحدى المحاكم بتعويض لأهل المتوفى، والمؤدي هنا سيكون حسب الحكم إما شركة التأمين أو صاحب شركة النقل أو بالتضامن. فما حكم هدا التعويض من الناحية الشرعية؟ وهل هذا التعويض يقوم مقام الدية؟ أرجو من سيادتكم إفادتي بالفتوى في أقرب الآجال وإذا أمكن إرفاقها بنصوص أو بآراء فقهية مدعمة فسيكون ذلك كرماً منكم. جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر ـ والعلم عند الله ـ أن أخاك قد وجبت ديته على عاقلة السائق أصالةً، ما لم يكن حادث سيره قد حصل لسبب لا يمكن الاحتراز عنه، بأن كان عطلاً مفاجئاً، وكان قد تأكد من صلاحية السيارة للسفر، لكن فاجأه هذا العطل، فلا ضمان عليه حينئذ، فإن كان لسبب كان بالإمكان الاحتراز عنه فهو قتل خطأ يوجب الدية والكفارة، وإذا كانت الشركة الناقلة أو شركة التأمين ستدفع فهو من باب الحمالة، أو بموجب اتفاق تم بشأن هذا، وعليه فالتوصيف الفقهي لهذا التعويض أنه بمثابة الدية بل هو هي، فلك أخذه ولاحرج عليك وإن جاء من شركة التأمين، إذ لست محاسباً عن مصدر هذا التعويض، وثمة أمر آخر ننبهك عليه وهو أن هذا التعويض يأخذ حكم الدية، والدية مقدرة شرعاً بألف دينار ذهبي، أو ما يعادلها من النقود، فإن كنت في بلد تحكم بالشرع فلك المطالبة بما نقص عن هذا المقدار، وإن رضيت والورثة بما نقص عن ذلك فالأمر إليكم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1421(15/373)
حكم من كان سببا في موت أشخاص أثناء قيادة السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة كانت تقود سيارة وكان معها بناتها الخمس وأختها وبناتها الأربع وابنة أختها الأخرى وخادمة مسلمة من أندونيسيا، وكما تقول نعست فجأة واصطدمت السيارة في الرصيف ثم عمود الإنارة وانقلبت السيارة ونتج عن الحادث وفاة إثنتين من بناتها (4 و7سنوات) ووفاة اثنتين من بنات أختها (5 و13 سنة) ووفاة ابنة أختها الثالثة (4 سنوات) ووفاة الخادمة (24 سنة) السؤال:
هل على السائقة كفارة (مثل: صيام شهرين متتابعين عن كل نفس) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة قد أخذت بكافة الأسباب اللازمة للسلامة وبكافة الاحتياطات فيها بأن كانت قريبة عهد بتفقد عجلات السيارة وفراملها ومقودها … وكانت لديها الخبرة الكافية المعتبرة في القيادة، وكانت ملتزمة بقواعد السير وقوانين المرور، وكانت كاملة الصحة تامة الوعي لم تشعر قبل الحادث بملل زائد أو فتور أو نعاس أو نحو ذلك مما قد يؤثر على تمام وعيها، وتحكمها في السيارة، فما حدث بعد ذلك مما لم تستطع أن تتفاداه فهي غير مؤاخذة به، لأنه خارج عن إرادتها، فأشبه الكوارث التي تبتلى بها الناس. وعلى هذا فلا كفارة عليها أصلاً لأنها اعتبرت غير متسببة، أما إن كان هنالك أي تفريط في الأخذ بأسباب السلامة والاحتياط فيها، فهذه المرأة مسؤولة عما تسبب فيه ذلك الحادث ومؤاخذة بما يترتب على ذلك من أحكام ومنها الكفارة، وهي عن كل نفس لقول الله تعالى: (ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة …الخ) [النساء: 92] .
ولأن لكل نفس حرمتها المختصة بها، فلا تغني عن كفارتها كفارة عن نفس أخرى غيرها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1421(15/374)
العجماء جرحها جبار
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله عن سؤال حاصله أن ثوراً نطح شخصاً فقتله هل يجوز لأهل الميت أن يطالبوا بدية الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإذا كان نطح الثور هذا الشخص لم يتسبب فيه أحد فليس لأهل هذا الميت أن يطالبوه لأن فعل البهيمة المختص بها والذي لم يتسبب فيه أحد يعد هدراً كما في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العجماء جرحها جبار". والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(15/375)
علق بالجبن شيء فأكله الطفل فمات فهل على أمه كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[تكفون: أريد أحدا يفتيني في أمي، أخي توفي بين يديها، والحادثة قبل أيام أزمة الخليج، وهي ليس لها ذنب، لكنه كان يأكل جبنة مثلث وسقطت على الأرض والتهمها، والظاهر أنها لزقت فيها حصاة أو قصديرة الجبن وغص منها وغاب عن الوعي وكان عمره سنتين، ولما ذهبت به إلى المستشفى وجدوا أنها سدت القصبة الهوائية وبالتالي: سحبوها وأنسد الأوكسجين عن المخ فقعد بالمستشفى سنتين وتوفي أيام الأزمة الخليجية، وهي الآن مريضة بالسكر وكبيرة في السن وفيها الرعاش، لكن يشغل بالها الموضوع، تقول أخاف أن يكون علي ذنب وأنا لا أدري، فياليت تفتونا، هل يجب عليها صيام أو شيء من هذا القبيل؟ وهل يدخل في ناحية الإهمال، بالرغم أنها لم تكن غافلة عنه؟ ولكم فائق الإحترام وجزيل الشكر أحبتنا في الاسلام وشيوخنا الكرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لأمك الشفاء من كل داء وأن يجعل هذا الابن فرطاً لها وشفيعاً يوم القيامة يأخذ بيديها حتى يدخلها الجنة، وأما الحكم في مسالة موت هذا الطفل، وما إذا كان على أمك شيء في ذلك أم لا؟ فنقول فيه، إن الأصل في أكل هذه الجبنة بمجرده لا يكون سبباً في الموت، وواضح من تقرير الأطباء أن سبب الموت هو ذلك الشيء الذي تعلق بهذه الجبنة، فإذا لم تكن أمك على علم بوجود هذا الشيء فإنها حينئذ لم يكن منها تفريط ولم تتسبب في قتله، وهذا هو الظاهر.
وبالتالي فلا يلحقها إثم -إن شاء الله تعالى- وليس عليها دية أو كفارة، فالحاصل هو أن الأصل براءة الذمة ولا يتقرر شيء من دية أو كفارة قتل الخطإ إلا عن بينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(15/376)
مدى مسؤولية الأب عن خطإ ابنه غير المرخص له بقيادة السيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[انتقل ابني إلى جوار ربه في بداية ربيعه السابع عشر في حادث عارض عندما كان يقوم بالكشف عنها فشنقته عن طريق ربطة عنقه، هل علي كفارة؟ لأنه لم يبلغ السن القانونية للقيادة 18 سنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمراد السائل غير واضح، فإن كان يعني أنه مكَّن ابنه من قيادة سيارته دون أن يبلغ السن القانونية لذلك، وبالتالي فليس معه رخصة للقيادة، فتوفي الابن في حادث أثناء ذلك، فهل على الوالد كفارة بسبب تمكينه لابنه من القيادة في هذه الحال؟.
فالجواب: أن الحكم في ذلك يختلف باعتبار كون الابن متقنا للقيادة أولا، فإن كان متقنا فلا كفارة على الوالد الذي مكنه، حتى ولو لم يكن مع الابن رخصة، وأما إن كان لا يحسن القيادة فهذا تفريط ظاهر من الوالد يوجب عليه الكفارة، بصيام شهرين متتابعين إن لم يجد الرقبة، لقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:92} .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في اللقاء الشهري عن نحو ذلك فقال: إن كان هذا الابن يحسن القيادة فلا شيء على الأب، لأن الأب لم يأمره بل لم يجبره على ذلك، وإن كان لا يحسن القيادة فالأب مفرط، فعليه أن يكفر، لأنه السبب في قتل هذا الشاب، كذلك أيضاً: لا بد أن نعلم هل السبب في انقلاب السيارة تصرف الشاب أم أنه قضاء وقدر؟ أحياناً يكون السبب أن الإطار ينفجر بدون فعل الإنسان، ثم تنقلب السيارة ويحصل حادث فليس في هذا شيء، أما مسألة الرخصة فليست لازمة، الكلام على إحسان القيادة، لكن حمل الرخصة وعدمها هذا تجاه المسئولين، أما باعتبار ما يقتضيه الشرع فمتى كان يحسن القيادة فسواء كان يحمل رخصة أو لا فلا يختلف الحكم. اهـ.
وراجع في قتل الخطأ وأقوال العلماء في كفارته الفتويين رقم: 5914، 1872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(15/377)
صيام رمضان لا يقطع تتابع صيام الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقود سيارة ووقع حادث سير ونتج عنه وفاة شخص، وأريد أن أصوم الشهرين المتتاليين، ولكن المدة لن تتم نتيجة لدخول رمضان، أريد أن أعرف هل أصوم بعد رمضان أم الآن؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به أن تصوم هذه الكفارة بعد انقضاء رمضان وفطر يوم العيد خروجا من خلاف من جعل تخلل رمضان والعيد قاطعا للتتابع، وبخاصة إذا علم أن صيام كفارة قتل الخطإ تجب على التراخي لا على الفور، كما بيّنّا ذلك في الفتوى رقم: 94653، وإن كان الراجح ـ إن شاء الله ـ أن تخلل رمضان والعيد لصيام الكفارة لا ينقطع به التتابع وهو مذهب الحنابلة.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: فالضابط أنه إذا تخلل صومَه صومٌ يجب، أو فطر يجب، أو فطر مباح، فإنه لا ينقطع التتابع، فإن تخلله صوم مستحب أو صوم مباح ينقطع التتابع.
إذاً ثلاث حالات لا ينقطع فيها التتابع، إذا تخلله صوم يجب مثل رمضان، أو فطر يجب كأيام الأعياد، وأيام التشريق، والمرأة في الحيض، ومن كان مريضاً يخشى في صومه التلف أو الضرر أيضاً على القول الراجح، أو فطر لسبب يبيح الفطر، كالسفر والمرض الذي يشق عليه الصيام فيه، ولكنه لا يضره. انتهى.
وأشار ابن قدامة إلى الخلاف في المسألة ورجح المذهب وهو: أن التتابع لا ينقطع بتخلل رمضان أو العيد إذا كان الصيام ممّا يشترط فيه التتابع.
قال رحمه الله: وجملة ذلك أنه إذا تخلل صوم الظهار زمان لا يصح صومه عن الكفارة مثل أن يبتدىء الصوم من أول شعبان فيتخلله رمضان ويوم الفطر، أو يبتدىء من ذي الحجة فيتخلله يوم النحر وأيام التشريق فإن التتابع لا ينقطع بهذا ويبني على ما مضى من صيامه، وقال الشافعي: ينقطع التتابع ويلزمه الاستئناف لأنه أفطر في أثناء الشهرين بما كان يمكنه التحرز منه فأشبه إذا أفطر بغير ذلك أو صام عن نذر أو كفارة أخرى، ولنا أنه منعه الشرع عن صومه في الكفارة فلم يقطع التتابع كالحيض والنفاس. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 24191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1430(15/378)
لا تسقط كفارة قتل الخطإ بسقوط الدية
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ قرابة 19 عاما مضت صدمت رجلاً طاعناً في السن في حادث مروري، وقد أسفر الحادث عن موته وبكرم أهلنا في وطني عفا أهله عن حقهم وأقصد هنا الدية، وقد سألت أكثر من شيخ عن فرضية صيام الشهرين المتتابعين بحقي ولكن لم أحصل على رد نهائي، فهنالك من يذكر لي بأنه لا علي الصوم طالما أهله قد عفوا عني، وهنالك من يذكر لي غير ذلك، وطيلة هذه الفترة وأنا في حيرة من أمري، بل أصارحك القول كنت أميل إلى الرأي الأول حيث إن صيام شهرين متتابعين لا يخفى عليكم الأمر مرهق للبعض، ولكن مؤخراً أصبح يراودني حلم في منامي أكثر من مرة حيث يظهر لي كأنني لم أكمل دراستي الجامعية بعد، علماً بأنني خريج منذ 18سنة مضت، ففسرت هذا الحلم بأن هنالك أمرا بذمتي وهو الصوم حقاً لله تعالى.
إذا كان صيام الشهرين المتتابعين حقاً لله وجوباً في حالتي. فهل يجوز أن أصومهم من تاريخ 10/7/1430هـ وما أعنيه هنا أن الشهرين لن يكتملا بحلول شهر رمضان المبارك. فماذا أفعل في هذه الحالة.؟
كيف لي أن أعتق رقبة في هذا الزمن؟
أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل الخطأ يلزم فيه أمران:
الأول: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم توجد فصيام شهرين قمريين متتابعين.
والثاني: الدية تدفع لورثة المقتول، وتتحملها العاقلة، وهم أقرباء المتسبب من جهة الأب.
فإذا كان ورثة الميت قد عفوا عن حقهم في الدية، وكانوا رشداء بالغين فقد سقطت عنك، وبقيت عليك الكفارة وهي حق الله تعالى فلا يسقط بسقوط الدية، والكفارة متعينة بصيام شهرين متتابعين لعدم وجود الرقبة.
وانظر للمزيد من الفائدة والتفصيل الفتاوى التالية أرقامها: 5914، 116468، 94653.
وأما تتابع الصيام فواجب- كما نص عليه القرآن الكريم- ولكن الأمور القاهرة لا تقطعه، وكذلك صوم شهر رمضان لا يقطعه عند الحنابلة وهو ما نرجحه كما بينا في الفتوى رقم: 94653. ولذلك فإن بإمكانك أن تبدأ الصوم قبل رمضان وتكمل ما بقي عليك بعد يوم الفطر مباشرة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 54658. كما أن بإمكانك أن تؤخر صيام الكفارة إلى ما بعد رمضان خروجا من الخلاف؛ لأن كفارة قتل الخطأ وجوبها على التراخي كما سبق بيانه في الفتاوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(15/379)
أكرهت على الجماع في صيام الكفارة فأكلت عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تصوم كفارة قتل خطأ شهرين متتابعين، جامعها زوجها جماع إكراه وهي صائمة فظنت أن صيامها قد فسد فأكلت عمدا في ذلك اليوم، هل فسد صيام التتابع وعليها إعادة واستئناف الصيام مره ثانية؟ أم عليها قضاء صيام ذلك اليوم فقط ومتابعة ما بقي عليها من صيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة قد أكرهت على الجماع، إكراهاً معتبراً شرعاً، فلا إثم عليها في ذلك، ولم ينقطع تتابع صومها لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه أحمد وابن ماجه. قال النووي في شرح المهذب:
لو أكره الصائم على أن يأكل بنفسه أو يشرب فأكل أو شرب، أو أكرهت على التمكين من الوطء فمكنت، ففي بطلان الصوم به قولان مشهوران، قل من بين الأصح منهما، والأصح لا يبطل. ممن صححه المصنف في التنبيه والغزالي في الوجيز والعبدري في الكفاية والرافعي في (الشرح) وآخرون وهو الصواب. انتهى.
وإن لم يكن الإكراه معتبراً، فقد انقطع تتابع الصوم ولزمها الاستئناف، وقد كان الواجب عليها إذا جومعت مُكرهة أن تتريث وتسأل أهل العلم.
والظاهرُ أنها فرطت وتساهلت بإقدامها على تناول الطعام والشراب، مما أدى إلى انقطاع تتابع الصوم، وكان عليها أن تسأل أهل العلم قبل أن تُقدم على ما أقدمت عليه، وقد نص الشيخ العثيمين على عدم العذر في نظير هذه المسألة، وهي مسألة الناسي الذي أكل متأولاً بعدما ذكر، قال رحمه الله: ذكر لي أن شخصاً في قديم الزمان اشترى عنباً لأهله، وحمله في منديل وهو صائم، فنسي وجعل يأكل من هذا العنب وكان الناس فيما سبق ليسوا أغنياء يسهل عليهم الحصول على العنب، وكان هذا الشخص قد اشتهى العنب كثيراً، فلما وصل إلى أهله لم يبق في العنب إلا حبة واحدة، وهو يأكل وهو ناسٍ، فقال لما ذكره أهله أنه صائم: إن كان ما أكلت من العناقيد لا يفطر فهذه لا تفطر، وأكلها، فهل يفطر الآن؟ نعم، يفطر بالحبة، والعناقيد التي أكل من قبل؟ لا تفطره، لماذا؟ لأنه ناسٍ أطعمه الله عز وجل، لكن هذه الحبة هي التي أفسدت صومه، لكن قال لي بعض الطلبة: لا يفسد صومه على قاعدة أن الجاهل معذور، وهذا جاهل يحسب أن الأول يفسد الصوم فأكل هذه الباقية بناءً على فساد صومه، أظن أن هذا لا ينطبق عليه العذر بالجهل؛ لأن هذا رجل مفرط، كان الواجب عليه أن يسأل وليس كل من قلنا إنه يعذر بالجهل يعذر في كل حال، إذا كان مفرطاً وقام سبب طلب العلم يجب عليه أن يطلب العلم حتى يتبين. انتهى.
وعلى هذا فالواجبُ على هذه المرأة استئنافُ صيام الكفارة، فتبتدئ صيام شهرين متتابعين لفوات شرط التتابع في صيامها السابق، وما مضى من الأيام التي صامتها فإنه يُحسبُ لها ثوابه، ويكون في حقها نفلاً تؤجرُ عليه، ولا تعتد به من الكفارة. هذا، وننبه إلى أنه إن كان هذا السؤال مرتبطا بالفتوى رقم: 119749، ففيها ما يغني عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(15/380)
مات رضيعها بغير تسبب منها فهل يلزمها صيام الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة التي تعتني بابنها أفضل عناية وعند إكمال عمر الشهر الرابع وعدة أيام ترضعه ليلا قبل نومها، وتقوم صباحا مع زوجها فتجد ابنها قد توفي وليس عليه آثار اختناق، أو إشارات لبيان سبب الوفاة، إلا أن الأطباء أشاروا إلى أن هذه الوفاة هي الموت المفاجئ للأطفال. والأم هنا تأخذ نفسها بالحيطة وتضع على نفسها اللوم بأنها ربما تركت قنينة الحليب في فم الطفل ليلا، أو أنه توفي ربما تقصيرا في واجباتها، علما بأنها ربت 6 أطفال بما يرضي الله عز وجل- وقد توفي الطفل- وتضع نفسها في موقف قاتلة بالخطأ ولا تقتنع بغير ذلك، وتجبر نفسها على الصيام شهرين متتابعين، وزوجها قطع تتابعها مرتين لعدم موافقته على التتابع.
فهل عليها صيام شهرين متابعين أصلا على أساس أنها تظن أنها ربما قتلته بالخطأ؟
وهل على زوجها إثم لقطع صيامها بالجماع؟
وسؤالنا يتعلق بالسؤال 2223161 حيث لم نفهم إجابتكم.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من معطيات السؤال أن هذه المرأة لا شيء عليها من الكفارة ولا غيرها، طالما أنها لم تتسبب له بشيء، إضافة إلى أن الأطباء قد قرروا أن موت الطفل كان فجأة ولم يكن بتسبب أحد. فالأصل البراءة، ولا يتقرر شيء من الكفارة ولا غيرها بمجرد الشك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10717.
وعلى ذلك، فإن صوم هذه المرأة غير واجب عليها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه. الحديث رواه البخاري وغيره.
وعليه فلا إثم على زوجها إذا قطع صيامها بالجماع، كما سبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم فانظره في الفتوى رقم: 10124.
وينبغي التلطلف بهذه المرأة، وبيان الحكم الشرعي لها برفق وحكمة، فقد يكون سبب إصرارها على الصيام هو تأثير المصيبة عليها، فمن الحكمة مراعاة ذلك ومعالجته بما يناسب حالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(15/381)
لا كفارة ولا دية على غير المتسبب في القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[صدمت رجلا على طريق سريع بسيارة الشركة المؤمن عليها أثناء ذهابي للعمل في مكان ليس به مكان لعبور المشاة وكان الرجل يعبر الطريق من هذا المكان وتفأجات به وصدمته ولم أهرب وساعدت في نقله لمستشفى قريب ولكن توفي.
أهل المتوفى عفوا وسامحوا في حقهم لدي ولم يطلبوا أي شيء منى ولكن ساعدتهم بالمال وأعطيتهم ثلث ما أملك على الرغم أني كنت في حاجة للمال للزواج وأخذوا حقهم من شركة التأمين بعد رفع قضية للتعويض هل هناك أي شيء من ناحيتي تجاه الله أو المتوفى على الرغم من العفو والمصافحة وإعطاء المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل الذي صدمته بسيارتك هو الذي قد غرر بنفسه لتعريضها للتلف بسيره في طريق ليس للمشاة السير فيه ولم تفرط أنت بتفادي صدمه وإنما كان التفريط من جهتة، فلا تلزمك الدية ولا الكفارة، والمرد في ذلك إلى قواعد المرور..
وإن كان حصل منك تفريط فحينئذ عليك الدية والكفارة.. وإذا كانوا قد عفوا عن الدية فقد سقطت، وبقيت عليك الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين، إذ عتق الرقبة معجوز عنه في هذا الزمان..
والخلاصة أنه لا دية عليك بكل حال لعفو أهل الميت عنها.
كما أنهم إذا طالبوا بها ودفعتها لهم شركة التأمين فقد أخذوا حقهم، وأما الكفارة فإذا كنت منسوباً إلى الخطأ والتفريط فهي لازمة لك، وإن كان الخطأ من جهة هذا القتيل ولم يكن منك أي تفريط بوجه ما فلا شيء عليك، وانظر الفتوى رقم: 115270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1430(15/382)
استعملت مواد تنظيف أدت إلى موت الجنيين
[السُّؤَالُ]
ـ[استعملت مواد تنظيف مختلة أدت إلى اختناقي ومات الجنيين في بطني وهو تجاوز 5 أشهر. هل أصوم؟ وبماذا أكفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت عند استعمالك لهذه المواد تعلمين حالها وأنها قد تضر بالجنين فأنت مفرطة باستعمالك لها وعليك دية الطفل لغيرك من ورثته، وهي خمس من الإبل، وعليك الكفارة عند كثير من أهل العلم وهي صيام شهرين متتابعين لتعذر عتق الرقبة في زماننا. وقال البعض بأن الكفارة ربما تستحب لها ولا تجب. قال ابن قدامة في المغني: وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها غرة لا ترث منها شيئا وتعتق رقبة ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة على ما قدمنا، وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها فلزمها ضمانه بالغرة كما لو جنى عليه غيره.
وأما إذا كنت غير مفرطة باستعمال هذه المواد بأن كنت لا تعلمين حالها، ولا تخشين منها الضرر فليس عليك شيء. قال في مواهب الجليل: وأما إن شربت دواء مما لا يعلم أنه لا يسقط به الجنين فكان ذلك سبب سقوطه فلا غرة عليها، وكذلك الطبيب إذا سقاها وكانت الأدوية مما يعلم أنه يسقط الجنين فعليه الغرة، وإن كان مما يعلم أنه لا يسقط به فلا غرة عليه. انتهى.
وقال في رسم العقود من سماع أشهب من كتاب الديات: وسئل مالك عن المرأة تشرب الدواء وهي حامل فيسقط ولدها أترى عليها شيئا؟ قال: ما أرى به بأسا، إذا كان دواء يشبه السلامة فليس به بأس إن شاء الله، قد يركب الإنسان الدابة فتصرعه.
وإنما تستقر المطالبة بالدية على من غش في صنع هذه المنظفات إن كان ثم غش، وأمكنت مطالبته. قال في مطالب أولي النهى: ولو ماتت حامل أو مات حملها من ريح طعام أو مات من ريح نحو كبريت كعظم ضمن ربه إن علم ذلك أي أنها حامل وكان ريح الطعام يقتل الحامل أو حملها عادة لما فيه من الأضرار، وإن لم يعلم بها رب الطعام فلا إثم ولا ضمان كريح الدخان يتضرر به صاحب السعال وضيق النفس. ويتجه باحتمال قوي أن محل ضمانه مع علمه أن العادة مستمرة بأن الرائحة تقتل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(15/383)
مسائل في كفارة قتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: قريبي (في مقتبل العمر 20 سنة تقريباً) - صدم بسيارتة طفلين (كلاهما في عمر 12 سنة تقريباً) فتوفيا على أثرها (رحمهما الله) , وهو يسأل عن صيام الشهرين المتتاليين لكل منهما متى يكون، وهل هناك توقيت محدد أو مفضل لبدء الصيام, وهل هناك فترة راحة بين كلا الشهرين لكل من المتوفين على حدة، وأخيراً نأمل الإشارة أو التنويه إلى أي نقطة ربما كانت من الواجبات أو شروط الصحة التي قد تغيب في مثل هذه المسائل المفاجأة, كما نأمل الإشارة إلى أي نقطة قد تيسر الأمر للأخ المعني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتجاوز عن قريبك، وأن يعفو عنه، وقد بين الله ما يجب في قتل الخطأ، فقال عز وجل: وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ {النساء:92} ، فهذه هي الدية، وهي واجبة لحق أولياء الميت وتجب في مال العاقلة، وهم عصبات القاتل، فالواجب أولاً على عاقلة قريبك أن يدفعوا الدية لأولياء الطفلين، فإن أسقطوها أو رضوا ببعضها جاز وكان لهم الأجر.
والواجب على قريبك الكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة عن كل نفس، فإن عجز -كما هو الواقع- فصيام شهرين متتابعين عن كل نفس، لقوله تعالى: فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} ، ويجب التتابع في صيام كل شهرين على حدة، فإذا صام الكفارة الأولى جاز له أن يفصل بينها وبين الثانية بوقت يستريح فيه، ثم إنه ليس للكفارة وقت معين، بل هي في ذمته حتى يصومها فمتى صامها برئت ذمته، قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: وأما الكفارة فإن كانت بغير عدوان ككفارة القتل خطأ وكفارة اليمين في بعض الصور فهي على التراخي بلا خلاف لأنه معذور، وإن كان متعدياً فهل هي على الفور أم على التراخي؟ فيه وجهان حكاها القفال والأصحاب: أصحهما على الفور. انتهى.
ولكن المبادرة بها أحسن لما فيها من التعجيل بإبراء الذمة، وقد قال الله تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ {الحديد:21} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(15/384)
هل على من مات ولدها غرقا كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي ابني بعمر الخمس سنوات غرقا فهل علي صيام شهرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان غرق ولدك بسبب منك كأن قصرت في حفظه حتى وقع في الماء فعلى عاقلتك الدية لورثته، فإن كان والده حيا فهو المستحق للدية إلا أن يعفو الوارث عن الدية، والعاقلة هم عصباتك، وعليك مع ذلك كفارة قتل الخطأ وهي صيام شهرين متتابعين، وإن لم تكوني أنت المتسببة في غرقه فلا شيء عليك، لا الدية ولا الكفارة.
وانظر الفتوى رقم: 7911، والفتوى رقم: 15237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(15/385)
الكفارة تعد بالأشهر القمرية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تسببت في موت طفل عن طريق الخطأ، وعن غير عمد، غفر الله لي، وقد دفعت الدية لأهله. أريد أن أسأل بخصوص كفارة القتل غير العمد، أعلم أنها صيام شهرين متتاليين، ولكن أريد أن أسأل عن الكيفية، هل هما شهران هجريان أم شهران افرنجيان؟ هل يكفي أن أصوم ستين يوما متتالية، بغض النظر عن بداية الشهر الهجري أو الافرنجي؟ أم لا بد أن أبدأ الصيام مع بداية شهر هجري وأنهي الصيام مع نهاية الشهر الذي يليه؟ هل يجوز لي الانتظار حتى تدخل علينا شهور الشتاء؟ حيث يصبح النهار قصيرا والصيام أيسر، حيث إنني أعاني أحيانا من المغص الكلوي والأملاح، والذي يتطلب مني شرب الماء باستمرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكفارة بأنواعها تعدُ بالأشهر القمرية إذا بدأت من بدايتها وتنتهي بنهايتها بغض النظر عن تطويلها أو تقصيرها (تمامها أو نقصانها) ولا علاقة لها بالأشهر الشمسية.
ولا مانع من البداية بها من أي جزء من أجزاء الشهر، وفي حالة عدم ابتدائها من أول الشهر القمري فإنه يكمل من الشهر الثالث قدر ما فاته من الأول، وإذا كان صاحب الكفارة يشق عليه الصوم أيام الصيف.. فلا مانع من تأخيره إلى شهور الشتاء حيث يقصر النهار ويبرد الجو، وللمزيد انظر الفتوى: 7005.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(15/386)
تشك في أن طفلها مات بسبب إهمالها في إعطائه الدواء
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة توفي ابنها الذي لم يتجاوز السنتين والمصاب بمرض نادر منذ مدة وهي تظن أن إهمالها في إعطائه الدواء بدون قصد منها كان سببا وراء موته، قبيل موته حملته إلى المشفى، بقيت معه هناك طول النهار وطمأنها الأطباء ولم تمر سوى دقائق حتى انتقل إلى رحمة الله، وبعدها قال الأطباء نهايته كانت معروفة منذ ولادته، رغم أن المصابين بنفس هذا المرض يعيشون كل على حسب حالته. سؤالي هل عليها الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن القواعد المقررة أن الحادث يضاف إلى أقرب أسبابه، وأن العبد مكلف باليقين أو بغلبة الظن، فإذا تيقنت هذه الأم أو غلب على ظنها أن هذا الطفل توفي بسبب عدم إعطائه الدواء لزمتها الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين، كما أن عليها الدية دية القتل تدفعها عنها عاقتلها وتعطى لورثة الصبي ولا ترث منها شيئا، وانظر فتوانا رقم: 106549، أما إذا كانت الحالة مجرد شك فإنه لا يلزمها شيء إذ الشكوك لا يلزم بها تكليف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(15/387)
البديل الشرعي للعاجز عن عتق رقبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ أبحث عن سبيل لإعتاق رقبة، وقد قرأت في فقرة: قراءة واستماع (فرق بين عتق رقبة وبين افتداء أسير مسلم) ، وذكرتم جزاكم الله خيراً أن العتق موجود عن طريق الشيخ عبد العزيز رحمه الله، ولكن الآن كيف أستطيع أن أوصل المبلغ أو أحوله بعد وفاة الشيخ، فأرجوكم لا تبخلوا علي بالمساعدة فأنا مهتم جداً ومهموم لهذا الأمر وشاغل لكل تفكيري ووقتي وأريد بأسرع وقت أن أحلل ذمتي من هذه الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم كيفية أو سبيلاً لعتق الرقاب في هذا الزمن، ولم نجد في موقعنا ما ذكره السائل من أننا ذكرنا أن هذا ممكن عن طريق الشيخ عبد العزيز، وعلى كل فمن رحمة الله بعباده أنه جعل لهم في الكفارات بدلاً عن عتق الرقبة، إما صيام، وإما إطعام على حسب نوع الكفارة، فانظر نوع الكفارة التي تلزمك واعدل عن عتق الرقبة إلى بدلها ما دمت عاجزاً عن العتق، فإن عجزت عن بدلها سقطت عنك، وانظر لذلك الفتوى رقم: 99805.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(15/388)
لا كفارة على زوجك إن لم يكن تسبب في قتل أخويه خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي منذ أكثر من 15 سنة حدث له حادث وكان معه إخوته الاثنان وتوفيا الاثنان معاً ولم يصم عنهما كفارة قتل الخطأ, وكان في اعتقاده أنه ليس المذنب وليس هو السبب في الحادث ولا يلزمه الصوم، علماً بأن زوجي قد مات منذ سنتين فسؤالي هل كان يجب عليه الصيام؟ وهل أستطيع الصوم بدلاً عنه الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن زوجك قد تسبب في قتل أخويه فلا كفارة تلزمه؛ لأن الكفارة إنما تلزم القاتل، وإذا لم تقم لديك بينة على أنه تسبب في قتلهما فالأصل براءة الذمة، وأما إذا تحققت من أنه تسبب في قتلهما بتعد أو تفريط فقد اختلف أهل العلم هل يجوز الصوم عنه أو لا؟ والراجح الجواز، بل الندب لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه صوم صام عنه وليه. متفق عليه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: فيمن وجبت عليه كفارة قتل الخطأ لكونه صدم امرأة وماتت ثم مات هو قبل أن يكفر: صيام الشهرين الذي كان واجبا على أخيك كفارة عن قتل الخطأ لكنه مات قبل أن يتمكن من أدائه يكون باقيا في ذمته، ولا يلزم أحدا أن يصوم عنه لا أولاده ولا غيرهم، ولكن من تبرع بذلك وصام عنه فله الأجر وتبرأ به ذمة الميت إن شاء الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه صوم صام عنه وليه. متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها والولي هو القريب. انتهى
وانظري الفتوى رقم: 43728، والفتوى رقم: 27271.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(15/389)
الواجب في قتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تسببت في حادث سيارة أدى إلى وفاة صديقي وامرأة حامل بالسيارة المقابل فما حكم الشرع في مع العلم أن قد صمت شهرين متتاليين؟ فهل]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يلزم في قتل الخطأ الكفارة على الجاني والدية على عاقلته، وكل منهما تلزم عن كل نفس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السؤال لم يكمل، وعلى أية حال فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن حوادث السير إذا لم يخالف السائق فيها قوانين المرور فإن ما يحصل منها يكون هدرا ولا تعويض فيه. وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 2152.
وإذا حصلت مخالفة من السائق فإنه يكون ضامنا لما حصل.
والواجب في قتل الخطأ الدية والكفارة عن كل نفس، والكفارة هي أن يصوم القاتل شهرين متتابعين إن لم يجد الرقبة؛ لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ إلى قوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء: 92} .
وأما الدية فهي على عاقلة الجاني، وقد بينا من قبل مقدارها، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 14696.
وفي الجنين غرة عبد أو أمة. ويمكنك أن تراجع في الجناية على الجنين فتوانا رقم: 28629.
وإذا تقرر أنك ضامن لما حصل، وكنت قد صمت شهرين متتابعين فإنه يبقى عليك أن تصوم مثل ذلك عن النفس الأخرى. وتكون الديات على عاقلتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(15/390)
المتسبب بالقتل يطالب بالكفارة والدية على عاقلته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اصطدام سيارتين الأولى حافلة ركاب والأخرى شاحنة نقل الحافلة توفي فيها أربعة أشخاص علما بأن صاحب الشاحنة معترف بالغلط السؤال هل يصوم صاحب الشاحنة الخاطئ أم صاحب الحافلة المصدوم به
المخطئ وهو المطالب بالكفارة وعلى عاقلته الدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المخطئ هو المطالب بالكفارة وعلى عاقلته الدية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحب الشاحنة هو المخطئ كما ذكرت فإن عليه ضمان ما حصل، وبالتالي فعليه صيام شهرين متتابعين عن كل واحد ممن توفوا، وعلى عاقلته دياتهم.
ولك أن تراجع في هذا فتونا رقم: 10132، والفتوى رقم: 6821.
وأما صاحب الحافلة فإذا لم يكن مخطئا فلا دية على عاقلته ولا كفارة عليه لقاعدة: ما لا يمكن التحرز منه لا ضمان عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(15/391)
شكت في أن رضيعتها ماتت بسببها
[السُّؤَالُ]
ـ[تسأل امرأة لديها ابنتها الرضيعة مريضة بمرض يقضي على الأطفال في ذلك الزمن، وغطتها بغطاء قبل نومها، وعندما استيقظت في الصباح وجدت ابنتها ميتة ولا تدري إذا ماتت ابنتها نتيجة المرض أم نتيجة الغطاء فهل عليها من شيء في ذلك من كفارة أو غيرها.
بسم الله الرحمن الرحيم
ما الحكم الشرعي في المرأة التي نام طفلها الرضيع إلى جانبها وبعد الاستيقاظ من النوم وجدته ميتا ولا تدري كيف مات لكنها تشك أنها سبب الوفاة. أجيبونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله لهذه الأم أن يرزقها حسن العزاء ويعوضها خيرا مما فقدت، ولا نرى أن عليها شيئا مما حصل لا كفارة ولا دية ولا غيرهما إلا إذا ثبت أن لها تسببا في القتل، وأما الشك فلا يترتب عليه شيء لأن الشك في السبب لغو كما نص عليه القرافي. وراجع الفتوى رقم: 59259، والفتوى رقم: 74099، والفتوى رقم: 65129، والفتوى رقم: 10717، والفتوى رقم: 72806.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(15/392)
صوم التطوع لمن عليه صوم كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عليً كفارة قتل خطأ قد يكون (صوم أو عتق رقبة) لم يتيسر لي الأمر حتى الآن للقيام بهذا الواجب، فهل يجوز لي الصوم التطوعي؛ مثل صوم الاثنين والخميس أو ثلاثة أيام من كل شهر، أو ما تيسر من شهر الله المحرم، وهل يلحقني إثم بتأخيري لهذه الكفارة، مع العلم بأن سبب التأخير هو عدم الاستطاعة حالياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفارة القتل الخطأ هي عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد وجب عليه أن يصوم شهرين متتابعين، فإن عجز عن الصيام عجزاً مؤقتاً أخر لوقت يستطيع فيه الصوم، وإن عجز عجزاً مؤبداً فقيل: لا شيء عليه، وقيل: عليه إطعام ستين مسكيناً ...
وعليه؛ فإذا عجز الأخ السائل عن العتق -كما هو الظن- لأن الرقاب غير متوفرة في هذا الزمان فعليه أن يكفر بصيام شهرين متتابعين، وله أن يؤخر إلى وقت يستطيع فيه الصيام بلا مشقة كبيرة، ولا يأثم بذلك لأن كفارة القتل ليست على الفور، ولا يجزئه الإطعام ما دام يقدر على الصيام، مع التنبيه على أن الصوم حيثما كان لا يخلو من مشقة، والمشقة المحتملة ليست عذراً لترك الصيام الواجب، ثم إنه لا مانع من صيام الاثنين والخميس ونحوها من صوم النفل قبل القيام بالصيام في كفارة الخطأ، لأنها واجبة على التراخي وليس على الفور -كما تقدم- وعلى هذا؛ فلا إثم في تأخير الصيام هنا، وانظر لذلك الفتوى رقم: 99805، والفتوى رقم: 41356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(15/393)
نسي توصيلة كهربية فأمسكها ابن أخته فصعق فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[نسيت توصيلة كهربائية على الأرض فأخذها ولد أختي ليلعب بها فصعقته الكهرباء مما سبب وفاته فهل عليّ شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن موت ابن أختك إذا كان بالسبب المذكور، فإنه ليس عليك فيه شيء، لأنك لست مفرطاً، فالتوصيلة الكهربائية ليس لها مكان محدد يلزم أن توضع فيه، وابن أختك قد أخذها بنفسه دون أن يكون لك تدخل في ذلك، فموته -إذاً- يعتبر حادثاً معتاداً، وأنت لم تباشره ولم تتسبب فيه، وبالتالي فلا ضمان عليك فيما حدث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(15/394)
هل يطعم من عجز عن الصيام في كفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[جاءني رد منكم على الفتوى رقم: 101758 وأشكركم جزيل الشكر على الرد، ولكن لي استيضاحان:
أولا: ماذا لو كانت ظروفي الصحية لا تطيق شهرين متتابعين.
ثانيا: ما المقصود تحديداً بعبارة (على عاقلتك دية هذا الطفل) ، وإذا كان المقصود بها أنني ملتزمة بالتعويض فما هي كيفيته وقدره؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن سؤالك الأول، فإن الله تعالى قد أوجب في قتل النفس عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين لمن لم يجد رقبة، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} ، وإذا لم توجد الرقبة، فالواجب صيام شهرين متتابعين، فإن عجزت عن الصوم فقد اختُلف في ذلك على قولين:
الأول: مذهب الجمهور وهو أنه لا إطعام، لأن الله جل وعلا لم يذكر في كفارة القتل إلا العتق والصيام، ولو كان ثمة إطعام لذكره.
الثاني: وهو قول عند الشافعية وهو أن عليك إطعام ستين مسكيناً، قياساً على كفارة الظهار والصوم، ولعل الصواب في المسألة هو التفصيل بين أن يكون عجزك عن الصيام عجزاً أبدياً أو عجزاً مؤقتاً، فإن كان عجزاً أبديا فإنك تطعمين، وإن كان عجزاً مؤقتاً فإنك تنتظرين القدرة على الصيام.
وأما عن سؤال الثاني فإن العاقلة هي الجهة التي تتحمل دفع الدية عن الجاني في غير القتل العمد دون أن يكون لها حق الرجوع على الجاني بما أدته وهي العصبة، جاء في الموسوعة الفقهية: عاقلة الإنسان عصبته، وهم الأقرباء من جهة الأب كالأعمام وبنيهم، والإخوة وبنيهم وتقسم الدية على الأقرب فالأقرب، فتقسم على الإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم، ثم أعمام الأب وبنيهم ثم أعمام الجد وبنيهم. انتهى.
ولك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 34021.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(15/395)
حكم من صام الكفارة حسب الشهر الميلادي
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرض والدي لحادث سير صدم فيه شخصا وقد توفي هذا الشخص وصام ستين يوما (أي بالحساب الميلادي) ، أي أنه لم يصم شهرين قمريين، فهل صومه صحيح؟
ولكم جزيل الشكر والتقدير وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعتبر شرعاً في حساب الصوم وغيره من الأحكام الشرعية هو الشهور القمرية وليست الشمسية، ولكن من كانت عليه كفارة صيام شهرين متتابعين فصامهما على حساب الشهور الشمسية أجزأه لأن الشهرين على حساب الشهور الشمسية لا يقل عدد أيامهما عن الشهرين القمريين بل ربما تزيد كما هو معلوم.
وانظر الفتوى رقم: 26657، حول الكفارة والدية في حوادث السيارات وكونها تختلف باختلاف الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(15/396)
ما يلزم من وجد مشقة في صيام كفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني قتل شخصا خطأ بالسيارة وعلمت أنه عليه دية وصيام شهرين متتابعين سؤالي يخص الصيام حيث إنه طالب بكلية عسكرية ولم يتمكن من الصيام لصعوبة وظروف الحياة داخل الكلية فما الحل؟ أفادكم الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
كفارة القتل عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد وجب عليه أن يصوم شهرين متتابعين، فإن عجز عن الصيام عجزا مؤقتا أخر لوقت يستطيع فيه الصوم، وإن عجز عجزا مؤبدا فقيل: لا شيء عليه، وقيل: عليه إطعام ستين مسكيناً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفارة القتل الخطإ هي عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن عجز عن الصيام فقيل: لا شيء عليه، وقيل: عليه إطعام ستين مسكينا، ثم إن كون الشخص يدرس في مكان يشق عليه فيه الصيام في حال دون حال فإن ذلك ليس عذرا يبيح ترك الصيام الواجب والعدول إلى بدله مادام يستطيع الصيام في وقت آخر عندما يكون في حالة يستطيع معها الصيام. وعليه، فإن على هذا الرجل أن يصوم كفارة الصيام إذا كان لا يجد في الصوم مشقة فوق مشقة الصيام العادية، وله أن يؤخر إلى وقت يستطيع فيه الصيام بلا مشقة كبيرة، لأن كفارة القتل ليست على الفور، ولا يجزئه الإطعام ما دام يقدر على الصيام، مع التنبيه على أن الصوم حيثما كان لا يخلو من مشقة، والمشقة المحتملة ليست عذرا لترك الصيام، قال ابن قدامة في المغني: فصيام شهرين متتابعين توبة من الله، وهذا ثابت بالنص أيضاً، فإن لم يستطع ففيه روايتان، إحداهما: يثبت الصيام في ذمته، ولا يجب شيء آخر، لأن الله تعالى لم يذكره، ولو وجب لذكره. والثاني: يجب إطعام ستين مسكيناً، لأنها كفارة فيها عتق وصيام شهرين متتابعين، فكان فيها إطعام ستين مسكيناً عند عدمها، ككفارة الظهار والفطر في رمضان، وإن لم يكن مذكوراً في نص القرآن، فقد ذكر ذلك في نظيره، فيقاس عليه، فعلى هذه الرواية إن عجز عن الإطعام ثبت في ذمته حتى يقدر عليه، وللشافعي قولان في هذا، كالروايتين. والله أعلم. انتهى. وفي الدر المنثور في القواعد لبدر الدين الزركشي الشافعي: الثاني ما لا يتعلق بوقت ويفوت بفواته ولا يتصور تأخيره ككفارة القتل واليمين والجماع في الصوم، فلا يجوز له الانتقال منها إلى البدل إذا كان يرجو القدرة عليه عند وجود المال الغائب بل يصبر حتى يجد الرقبة لأن الكفارة على التراخي وبتقدير أن يموت فتؤدى من تركته بخلاف العاجز عن الماء يتيمم لأنه لا يمكن قضاء الصلاة لو مات. انتهى. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 94653، 61552، 45922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(15/397)
حكم إخراج الطفل من المحضن لاحتمال عدم حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت طفلتين وتمت الولادة فى الشهر السابع توفيت واحدة عقب الولادة والأخرى يقول الأطباء أنها توضع فى حضانة اليوم الواحد يتكلف ألف جنيه ومن المحتمل أن تموت فأخرجتها من المستشفى وماتت فى البيت، فهل هذا قتل نفس وإن كان قتلا فما هي الكفارة علما بأن دخلي محدود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك إخراج الطفلة المذكورة من المحضن بعد إخبار الأطباء باحتمال عدم إمكان عيشها خارجه، فإن كنت السبب في إخراجها أو حصل منك تفريط بأي وجه، وكنت تستطيع إنقاذ حياتها بتركها في ذلك المحضن أو غيره ولم تفعل فإن عليك كفارة القتل الخطأ؛ لأن تركك لمساعدتها يعتبر بمنزلة الفعل، قال صاحب المراقي:
فكفنا بالنهي مطلوب النبي * والترك فعل في صحيح المذهب
قال شراحه: فمن منع مضطراً فضل طعام أو شراب ... حتى مات، فإنه يضمن ديته. وسبق بيان الدية في الفتوى رقم: 10717 نرجو أن تطلع عليها.
أما إذا لم يكن حصل منك تفريط، وكان المستشفى قد أخرجها، ولا تستطيع دفع تكاليفه، ولم تجد من يتبرع لك بها أو يعينك عليها فإنه لا إثم عليك ولا كفارة، فإن الله تعالى يقول: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، ويقول تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا {الطلاق:7} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(15/398)
لا يصح التلفيق في صيام كفارة قتل الخطإ
[السُّؤَالُ]
ـ[عليه دية قتل غير عمد بحادث سيارة، صام شهراً وبقي شهر، فهل يجوز قطعه ويعطي عما تبقى من الصيام إطعام المساكين، أو أن يكمل الصيام بعد رمضان، وهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من لزمته كفارة قتل وجب عليه إذا لم يجد العتق أن يصوم شهرين متتابعين، ولا يصح التلفيق في الكفارة مثل أن يصوم المكفر شهراً ويطعم عن الباقي، ومن قطع تتابع الصوم لهذا الغرض استأنف صيام شهرين وجوباً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من لزمته كفارة القتل فقد وجب عليه عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن عجز عن الصيام لمرض مزمن أو لكبر سن فلأهل العلم فيه قولان: الأول: أن الصيام يثبت في ذمته ولا يجب عليه شيء آخر لأن الله تعالى لم يذكره ولو وجب لذكره.
الثاني: يجب إطعام ستين مسكيناً، وعلى كل حال فما دام الشخص قادراً على الصيام فلا يجوز له قطعه، فإن فعل ذلك من غير عذر استأنف صيام شهرين، كما لا يصح التلفيق بين الصيام والإطعام لأن الصيام لا يتجزأ في الكفارة مثل العتق، فمن كان قادراً على الصوم وجب عليه تتابعه، ومن عجز فعليه الإطعام على القول بذلك، قال ابن قدامة في المغني: فصيام شهرين متتابعين توبة من الله، وهذا ثابت بالنص أيضاً، فإن لم يستطع ففيه روايتان، إحداهما: يثبت الصيام في ذمته، ولا يجب شيء آخر، لأن الله تعالى لم يذكره، ولو وجب لذكره. والثاني: يجب إطعام ستين مسكيناً، لأنها كفارة فيها عتق وصيام شهرين متتابعين، فكان فيها إطعام ستين مسكيناً عند عدمها، ككفارة الظهار والفطر في رمضان، وإن لم يكن مذكوراً في نص القرآن، فقد ذكر ذلك في نظيره، فيقاس عليه، فعلى هذه الرواية، إن عجز عن الإطعام ثبت في ذمته حتى يقدر عليه، وللشافعي قولان في هذا، كالروايتين. والله أعلم. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54658، 13108، 14184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1428(15/399)
البديل الشرعي عن كفارة الرقبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أين أجد عتق رقبة وذلك تكفيراً عن وفاة شخص كان يركب معي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نعرف مكاناً يمكن الحصول فيه على رقيق لعتقه في الكفارة، وإذا لم تجد الرقبة فإن عليك صيام شهرين متتابعين بدلها، كما قال الله تعالى: فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} ، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن عتق الرقبة في الكفارة في الفتوى رقم: 11035.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(15/400)
إخراج المني بدون عذر هل يقطع التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرضت لحادث وتوفي الراكب معي رحمه الله وقد صمت شهرين متتابعين كفارة لذلك ولكن حصل معي أثناء صيامي أحد الأيام شهوة شديدة وأنا شاب أعزب وقد خرج مني شيء لا أذكر، ولكن أعتقد أنه مني وذلك نتيجة مداعبتي لذكري (لم أمارس العادة السرية) وقد أكملت صيامي وزدت على صيامي يوما، فما الحكم أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفارة القتل ثلاثة أنواع على الترتيب كما تقدم في الفتوى رقم: 1162، فإذا كنت قد عجزت عن عتق رقبة وقمت بصيام شهرين متتابعين ثم أقدمت على ما فعلته حتى تحققت من خروج المني فقد بطل صيامك وانقطع تتابعه لتعمدك إبطاله بلا عذر، ففي نهاية المحتاج ممزوجاً بالمنهاج وهو شافعي متحدثاً عن كفارة الظهار والتي لا بد أن يكون صوم الشهرين فيها متتابعاً أيضاً: (ويزول التتابع بفوات يوم) من الشهرين ولو أخرهما (بلا عذر) كأن نسي النية لنسبته إلى نوع تقصير، وينقلب ما مضى نفلا وإن أفسده بغير عذر. انتهى.
وفي المنتقى للباجي المالكي وهو يتكلم عن انقطاع التتابع في الصيام: وإنما يقطعه الفصل بين العبادة على وجه الاختيار.
وعليه؛ فالواجب في حال التحقق من خروج المني استئناف صيام الشهرين المذكورين، وإن كان الخارج مذياً ففي بطلان الصوم به خلاف بين أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 41032، والفتوى رقم: 56051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(15/401)
كفارة القتل الخطأعلى الفور أم على التراخي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كنت أسوق سيارتي إلى الوراء لم أر شخصا كان يجتاز الطريق فصدمته فمات، فما الحكم في ذلك، وهل هي كفارة قتل خطأ أو شبه خطأ. وهل تجب فيها الدية والصوم معا أم يسقط الصوم بدفع الدية. وهل يجب إعطاء الدية كما جاءت في الشرع أم يكفي أن تعطى حسب تراضي الأطراف. وهل الكفارة على الفور أم على التراخي. وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا القتل قتل خطأ وفيه الدية كما نص الله على ذلك في كتابه فقال: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا {النساء: من الآية92} فإن عجزت عن الرقبة أو لم تجدها -كما هو الغالب اليوم- فإن عليك صيام شهرين متتابعين؛ لقوله تعالى عن كفارة القتل: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء: 92} والكفارة تجب حقا لله ولا تسقط سواء عفا أولياء المقتول عن الدية أو طلبوها.
والدية الواجبة يجب أن تكون كما وردت في الشرع، وليس لأولياء الميت طلب الزيادة عليها، ولهم التخفيف منها أو إسقاط بعضهم نصيبه؛ كما في الفتوى رقم: 6629.
وكفارة القتل الخطأ على التراخي. قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: وأما الكفارة فإن كانت بغير عدوان ككفارة القتل خطأ وكفارة اليمين في بعض الصور فهي على التراخي بلا خلاف لأنه معذور. وإن كان متعديا فهل هي على الفور أم على التراخي؟ فيه وجهان حكاهما القفال والأصحاب: أصحهما على الفور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(15/402)
الكفارة عن القتل الخطأ لمن يسافر أغلب أيامه
[السُّؤَالُ]
ـ[في حادث مروري قتلت شخصا مسلما بالخطأ فما علي فعله وبالنسبة للصوم أنا أسافر شبه يومي من إمارة الشارقة إلى إمارة أبو ظبي أي أكثر من 120 كيلو متر بسبب عملي وفي هذه الحال لا أستطيع صيام شهرين متتاليين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفارة القتل ثلاثة أنواع على الترتيب كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 1162، والفتوى رقم: 5914.
فإذا عجزت عن عتق رقبة فيجب عليك صيام شهرين متتابعين، وقد وضحنا في الفتوى السابقة أن من عجز عن الصيام عجزاً دائماً يجزئه التكفير بالإطعام مراعاة لمن يقول بذلك، وكونك مسافراً دائماً ليس هذا بعجز دائم عن الصيام، بل عجز مؤقت، وبالتالي فليس بمبرر للانتقال للإطعام، كما سبق في الفتوى رقم: 71156.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(15/403)
حكم من شارك في قتل يوجب الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقود السيارة وصار حادث عن غير عمد وكان المتوفى من جنسية عربية (مسيحي) ، وهناك شخص آخر صدمه من بعدي وهرب وهناك شهود على ذلك. ما الذي يترتب علي من صيام أو دية أو فدية؟ أرجو الرد حتى أستطيع الصيام منذ الآن إذا كان علي قبل موعد المحاكمة لظروفي الخاصة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قتل الشخص المذكور حصل بسبب عائد إليك كسرعة السير -مثلا- أو التقصير في الأسباب اللازمة للسلامة عادة فهو قتل خطإ، وبالتالي فالدية على العاقلة، والكفارة عليك. وراجع الفتوى رقم: 30980، والفتوى رقم: 63783.
وإن كنت ملتزما بقواعد السير ولم تكن مفرطا في إجراءات السلامة، فلا دية ولا كفارة. وراجع الفتوى رقم: 26657.
وفي حال التفريط، وقد كان الشخص قد مات قبل صدمة الشخص الثاني فالدية عليك وحدك، وإن اشتركتما في قتله وكان الثاني مفرطا أيضا فهي بينكما، وعلى كل منكما كفارة بمفرده عند أكثر أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: ومن شارك في قتل يوجب الكفارة، لزمته كفارة، ويلزم كل واحد من شركائه كفارة. هذا قول أكثر أهل العلم، منهم: الحسن، وعكرمة، والنخعي، والحارث العكلي، والثوري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وحكى أبو الخطاب، عن أحمد، رواية أخرى، أن على الجميع كفارة واحدة. وهو قول أبي ثور. وحكي عن الأوزاعي، وحكاه أبو علي الطبري عن الشافعي، وأنكره سائر أصحابه. واحتج لمن أوجب كفارة واحدة بقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ {النساء: 92} . و {من} يتناول الواحد والجماعة، ولم يوجب إلا كفارة واحدة، ودية، والدية لا تتعدد، فكذلك الكفارة؛ ولأنها كفارة قتل، فلم تتعدد بتعدد القاتلين مع اتحاد المقتول، ككفارة الصيد الحرمي. ولنا أنها لا تتبعض، وهي من موجب قتل الآدمي، فكملت في حق كل واحد من المشتركين، كالقصاص. وتخالف كفارة الصيد، فإنها تجب بدلا، ولهذا تجب في أبعاضه، وكذلك الدية. انتهى
ولزوم الكفارة في قتل الكافر هو مذهب جمهور أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 49424.
وأنواع كفارة القتل سبق بيانها في الفتوى رقم: 1162.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(15/404)
هل يضمن من حذر غيره من خطر فلم يلتفت له فوقع فمات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كمهندس ومنذ عام وفي أحد مواقع الحفر التي كنت أشرف عليها، ومع اتخاذي لكل الاحتياطات الهندسية جاء مهندس آخر من شركة لها عمل في نفس الموقع وحذرته بكل صراحة من الابتعاد عن موقع الحفر لخطورته إلا أنه لم يستمع للتحذير وحدث أن انهار الموقع فوقه وتوفاه الله. ودفعت شركتي لأسرته التأمين والتعويض القانوني اللازم. سؤالي هو هل أنا مطالب بصوم شهرين متتابعين كفارة عما حدث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلو أنك لم تحذر هذا المهندس من الحفر في الوضع المذكور الذي ذكرت عنه ما ذكرت من الخطورة لكنت ضامنا عند أكثر أهل العلم لما يحدث له؛ لأن ترك التحذير يعتبر فعلا يتعلق به التكليف. جاء في الموسوعة الفقهية: يتعلق التكليف بالترك بناء على أنه فعل، إذ المكلف به في النهي المقتضي للترك هو الكف, أي كف النفس عن الفعل إذا أقبلت عليه, وذلك فعل, ومن ثم كانت القاعدة الأصولية (لا تكليف إلا بفعل) وذلك متحقق في الأمر, وفي النهي على اعتبار أن مقتضاه وهو الترك فعلٌ, وهذا ما ذهب إليه أكثر الأصوليين ...
وقال العلامة الشيخ سيد عبد الله الشنقيطي في المراقي:
:::::::::::::::::::::::: * والترك فعل في صحيح المذهب.
ولكن بما أنك ذكرت أنك حذرته بكل صراحة وأمرته بالابتعاد عن موقع الحفر لخطورته، فلا شيء عليك فيما حدث له إلا إذا كان في استطاعتك أن تنقذه بعد انهيار الموقع فوقه ولم تفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(15/405)
لزوم الدية والكفارة في الحوادث ينبني على حسب الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها العلماء الأفاضل أرجو أن تفيدوني أفادكم الله في رجل يعمل سائق صهريج يحمل مازوت بكميات هائلة وكان مسافرا ليلا والجو ماطر وفي لحظة وجد أمامه شاحنة مقلوبة تسد الطريق وسيارة صغيرة فيها 7أشخاص فلم يستطع السيطرة على الصهريج وانقلب عليه وعلى السيارة الصغيرة مما أدى إلى وفاة ال7أشخاص على الفور ولكن السائق نجا من الحادث بأعجوبة، علما بأنة قد سجن لفترة وقد دفع الدية لأهالي القتلى وأسقطو حقهم الشخصي عنه، فما الحكم الشرعي الصحيح في هذه الحالة وهل بقي علية من كفارة كتحرير رقبة أو صيام؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان الحكم في ما ينتج عن حوادث السيارات وغيرها في الفتوى رقم: 15533، والفتوى رقم: 3120 وبينا هناك أن تضمين السائق منوط بتفريطه وتقصيره.
وعليه؛ فإذا لم تكن مفرطا بمجاوزة السرعة المحددة أو عدم تهدئة السرعة في مكان تعلم أن فيه احتمال وجود مثل الحادث الذي وصفته، ونحو ذلك، ولم يمكنك دفع الحادث بل خرج الأمر عن حد طاقتك فلا دية على عاقلتك ولا كفارة عليك.
وإن كان حصل منك نوع تفريط فتلزمك الكفارة عن كل واحد من الأشخاص السبعة، وتلزم عاقلتك دياتهم. وقد سبق تفصيل الدية والكفارة في الفتوى رقم: 6629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(15/406)
هل يقطع التتابع المرض والردة والأكل جهلا بعد الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصوم كفارة القتل الخطأ (شهرين متتابعين) وحدث مني ثلاثة أشياء أريد أن أتأكد هل هي من الأمور المبطلة للصيام وتخلف التعاقب في الصيام ويتطلب معها إعادة صيام الشهرين من جديد؟
1- حدث أن أصبت بحمي شديدة وقعدت في المستشفي لمدة يومين وأكملت العلاج في المنزل لمدة 3 أيام ثم أكملت الصيام.
2-أثناء مشادة بيني وبين أحد المسلمين غضبت وخرجت عن شعوري وقمت بسب الدين له (النية لم تكن سب للدين) في نهار اليوم أثناء الصيام وأكملت صيامي.
3- قمت في أحد الأيام لأتسحر ولكن حدث أن المنبه حدث به خلل وتأخر ساعة عن الموعد الصحيح أي أنه أيقظني الساعة الرابعه والنصف صباحا بينما هي في الحقيقة الساعة 5 والنصف فقمت بالسحور وأثناء ذلك سمعت الأذان فظننت أنه الأذان الأول الممهد لإقامة الأذان الثاني فأكملت السحور وبعد ذلك حدث أن اكتشفت أن هناك خللا في المنبه وأني قد أكلت بعد الفجر وأنا لا أعلم. فهل هذا يبطل الصيام وهل يجب علي أن أعيد الصيام من الأول مرة أخرى. وإذا كان أي من السابق يبطل الصيام أرجو تحديد السبب المبطل للصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرض لا يقطع وجوب تتابع صيام الكفارة على الصحيح من أقوال العلماء كما بيناه في الفتوى رقم: 39181.
وأما الردة أثناء الصوم فمبطلة له وللتتابع فيه، وعليه فإن كنت تلفظت بسب الدين وأنت تدرك ما تقول فقد وقعت في المحظور، وعليك أن تجدد إيمانك وتعيد صيام الشهرين من جديد لأن شرطه التتابع، وقد اتفق العلماء على أن من أفطر متعمدا بطل تتابعه كما في المغني لابن قدامة الحنبلي، وعليك أن تتوب وتندم على ما فات وتعزم على عدم العودة إلى ما صنعت مرة أخرى، وأما إن كانت الكلمة خرجت منك بدون قصد فلا شيء عليك؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وليس في وسعك منع التلفظ بالكلمة وأنت لا تدرك ما تقول.
وأما الأكل بعد طلوع الفجر جهلا بأنه قد طلع فقد اختلف فيه الفقهاء هل يصح الصوم أم لا فعلى القول بصحة صومه وهو الراجح عندنا فلا ينقطع التتابع ويحسب اليوم من الشهرين، وأما على القول بأنه لا يصح فصرح بعضهم ومنهم الإمام مالك بأنه لا يقطع التتابع أيضا ولكنه لا يحسب من الشهرين وعليه قضاء يوم عند نهاية الشهرين متصلا بهما، قال القرافي في الفروق: فإن مالكا رحمه الله تعالى قال في المدونة: إذا أكل في صوم الظهار أو القتل أو النذر المتتابع ناسيا أو مجتهدا أو مكرها أو وطئ نهارا غير المظاهر منها ناسيا قضى يوما متصلا بصومه فإن لم يفعل ابتدأ الصوم من أوله. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(15/407)
ما يلزم من انقلبت سيارته فقتلت مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في خارج مصر وبالتحديد في ساحل العاج وقد كنت أسير بالسيارة في طريق سريع يربط بين مدينتين والطريق ليس له سرعة محددة وقد كنت مسرعا. وفجاة ظهر أمامي حيوان (ماعز) حاولت أن أتفاداه فذهبت إلى أقصى شمال الطريق وبعد أن اجتزت هذ الحيوان حاولت الرجوع مرة أخرى إلى أقصى اليمين ولكن السيارة فقدت توازنها وفقدت التحكم فيها فانقلبت عدة مرات واتجهت أثناء تقلبها المتكرر من شمال الطريق إلى اليمين وكانت هناك امراة في الجانب الأيمن وليست في نهر الطريق فقتلتها السيارة أثناء انقلابها المتعدد. أنا لم أر هذه المرأة إلا أسفل السيارة بعد استقرارها أسفل الجانب الأيمن من الطريق. فهل يجب علي الكفارة بالصيام أم أن هذا حادث ولا تجب علي الكفارة. مع العلم أن المرأه مسلمة وقد سألت ما هو العرف هنا في هذه الحالات فقالوا لي ينبغي أن تدفع مبلغا من المال لأسرة المتوفاة مساهمة في مصاريف الدفن والعزاء وقد قمت بهذا فعلا ولكن طبعا هذا المبلغ ليس بقيمة الدية إن كان هناك دية. وأهل المتوفاة قالوا إنهم يسامحونني وأن ما حدث كان حادثا وأنها إرادة الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان الحكم في ما ينتج عن حوادث السيارات وغيرها في الفتوى رقم: 15533، وبينا هناك أن تضمين السائق منوط بتفريطه وتقصيره. والذي يظهر مما ذكرته أن السرعة التي كنت تسير بها قد وصلت حدا لا يستطاع التحكم معه في السيارة.
وعليه، فما حدث لتلك المرأة يعتبر قتلا خطأ، لأنه كان في الإمكان تفاديه لو مشيت بسرعة عادية. ولا حجة في أن السرعة في ذلك الطريق غير محددة، لأن من واجب السائق أن لا يتجاوز الحد الذي يبقى معه متحكما في مركبته.
والقتل الخطأ يلزم فيه أمران هما:
_ الكفارة وهي: عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين لمن لم يجد رقبة.
_ والأمر الثاني: هو دية المرأة وهي على عاقلتك، إلا أن يتنازل عنها أولياء الدم. قال الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(15/408)
الطبيبة إذا قصرت ثم مات الجنين بسبب آخر محتمل
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا عما تبذلونه من جهد لدي سؤال يؤرقني جدا: أنا طبيبة نساء وولادة أعمل منذ سنة مضت حدثت حادثة في أحد المناوبات أرجو أن تفتوني فيها ذلك بأن طفلا توفي بعد ساعات من ولادته نتيجة لنقص الأكسجين عند الولادة وعندما ولد لم يبد أى علامة من علامات الحياة وثم إنعاشه بقي لساعات ثم توفي أريد أن أوضح أن الولادة مؤلفة من مرحلتين الأولى منذ بداية الآلام المخاض وحتى اتساع عنق الرحم كلية والثانية هي نزول الطفل عبر قناة الولادة للخارج عند دخول المريضة لصالة الولادة أنا كنت من فحصها ولاحظت أن نبض الجنين أقل من الطبيعى فأردت أن أخبر الطبيبة الأخصائية ولكن بينما أنا أفحص عنق الرحم لأحدد اتساعه استمعت طبيبة زميلة لي إلى نبضه وقالت إنه جيد فعاودت الاستماع فوجدته فعلا ممتازا وقلت حسنا سوف أتابعه وفعلا تابعته أنا والطبيبات في الصالة على فترات وكان طبيعيا إلى أن دخلت المريضة في المرحلة الثانية للولادة ولم أكن أنا المسؤولة عنها في هذه المرحلة المهم بدأ نبض الجنين بالهبوط وتم استدعاء الإخصائية وفي هذه الأثناء حدث سقوط للحبل السرى قبل ولادة الطفل وهذه تعتبر حالة طارئة يجب معها إنقاذه بعملية قيصرية وفعلا عملت في أسرع وقت ممكن واكتشفت خلال العملية أن الحبل السرى أيضا كان معقودا وهي حالة قد تحدث ويصعب تشخيصها خلال الحمل وقد تؤدى لنقص الأكسجين على الطفل فى المرحلة الثانية للولادة نتيجة للشد عليه المهم أن الطفل توفي وليس معروفا بالضبط هل كان ذلك نتيجة للسقوط المفاجىء للحبل السرى أم للعقدة فيه أو كليهما مشكلتي أننى أشعر بالذنب لأني لم أعمل تخطيطا لنبض الجنين في المرحلة الأولى للولادة وهو يتم بجهاز (نستخدمه للحالات التى نشك فى نبض الطفل) لأنه ربما يكون هناك انخفاض في النبض على فترات لم نستطع أن نلحظها في الاستماع على فترات متقطعة وربما أمكن نتيجة لذلك إجراء عملية مستعجلة مبكرة لإنقاذه أشعر بتأنيب ضمير فظيع ولا أدري ما أعمل هل أنا أعتبر مشتركة في قتله؟ وهل على كفارة؟
أرجوكم ساعدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أنك اكتشفت ضعفا في نبض الجنين، وكان عليك أن تقومي بعمل تخطيط لنبض الجنين ولم تفعلي؛ لأنك رأيت نبضه بعد ذلك طبيعيا مع أن المطلوب منك أيضا في هذه الحالة عمل تخطيط لأن ضعف النبض قد يعود ولا تمكن ملاحظته عبر جهاز الاستماع لنبضه، وما دام الأمر كذلك فإنك قد قصرت في العمل المناط بك، وعليك أن تستغفري الله وتتوبي إليه وتعزمي على عدم العود إلى مثله، لأن توقفك عن القيام بما يلزمك محرم، إلا أن تقصيرك هذا لا يعد قتلا للجنين ولا يستوجب منك كفارة؛ لأن موته قد يكون بسبب تقصيرك وقد يكون بالسبب الآخر الذي ذكرته وهو عقد الحبل السري، وما دام السبب مظنونا فلا يلزمك ما يلزم القاتل أو المشارك له لأن الأصل براءة الذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(15/409)
الجنين الميت إذا سقط في مياه الصرف ولم يمكن إخراجه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي كانت حاملا 15 أسبوعا حسب الأخصائية، وفجأة مات الجنين في بطنها نتيجة القصوف أو الخوف المشكلة أن الجنين بعد التشخيص مكث في بطنها أسبوعين آخرين ثم نزل فجأة فسقط في دورة المياه التواليت ولم تتمكن زوجتي من إخراجه وذهب مع المجاري، فما الحكم، زوجتي في حالة نفسية سيئة وتخشى أنها ارتكبت اثما أو عليها كفارة، أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يفهم من السؤال هو أن موت الجنين لم يكن لزوجتك فيه من سبب، كما أن نزوله بعد ذلك فجأة في دورة المياه لم يكن لها فيه يد.
فكل ذلك قد حدث بأفعال طبيعية لا دخل لزوجتك فيها ولا تسبب.
ولا حرج عليها كذلك في عدم تمكنها من إخراج الجنين من دورة المياه؛ لأن ذلك لم يكن في وسعها، والله تعالى يقول: لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهاَ. [البقرة: 286] .
وعليه، فننصحها بأن تهون على نفسها، ولتعلم أن ليس عليها شيء في جميع ما حدث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1427(15/410)
كفارة القتل الخطأ إذا قتل أشخاصا عدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بحث حول كفارة قتل الخطأ هل عن كل نفس، وقد وجدت هذا العنوان في فتواكم رقم 6821 وتاريخ 5/11/1421هـ لمركز الفتوى بالشبكة باشراف فضيلة الدكتور عبد الله الفقيه، فهل لكم أن تدلوني على المصادر التي تبين آراء العلماء في هذا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أن من قتل أشخاصا، أن عليه الكفارة عن كل نفس، ودليل ذلك قول الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا إلى قوله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} ، ولأن لكل نفس حرمتها المختصة بها، فلا تغني عن كفارتها كفارة عن نفس أخرى غيرها، وفي المدونة قال ابن القاسم: ... ولو منعوا المسافرين حتى ماتوا عطشا فدياتهم على عواقل المانعين وعلى كل رجل كفارة عن كل نفس مع وجيع الأدب. ونعتقد أن ما ذكر كاف للدليل على أن كفارة القتل تكون عن كل نفس، وعلى الباحث أن يعود إلى المصادر الفقهية ليعمق بحثه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(15/411)
كفارة القتل إذا صدم سيارة واصطدم سائقها بأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلتكم،أخي عمل حادثا في يوم ماطر ودعم السيارة التي كانت أمامه وكانت السيارة التي دعمها كانت أصلا دعمت السيارات التي أمامها وكانت مجموع السيارات التي دعمت كانت خمسة وأخي كان آخرهم المهم أخذ الرجل إلى المستشفى وكانت جراحه بليغة وتوفي بعد أسبوع لكنه استجوب قبل أن يموت وبرأ أخي أن يكون هو سبب جراحه وأنه قبل أن يدعمه أخي كانت حالته سيئة وبناء على أقواله تركت الشرطة أخي ولكنها أخبرته أنه احتمال أن ينادوه في المحكمة حتى يشهد بما حدث. أخبروني جزاكم الله كل خير. هل على أخي دية أو شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك هو أول من ضرب ونشأ عن ضربه ما نشأ فالظاهر أن عليه كفارة قتل الخطأ لأنه المتسبب الأول في الحادث الذي كان سببا في وفاة الرجل المذكور، ولذلك فإن على أخيك صيام شهرين متتابعين مع التوبة وعليه دية المقتول وهي على العاقلة وهو القاتل كفرد منهم يدفع ما يدفعه الآخرون.
وقد بينا ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتويين: 1872، 46228، نرجو الاطلاع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما للمزيد من الفائدة.
وأما قولك.. وبرأ أخي أن يكون هو سبب جراحه..
فإن كان قصدك أن سبب جراحه كان من سيارة غير سيارة أخيك من السيارات الأخرى التي دعمتها سيارة أخيك, فإن هذا لا يعفي أخاك من المسؤولية ما دام هو المتسبب الأول في الحادث. وقد بينا ذلك وأقوال أهل العلم في الفتاوى المحال إليها.
وأما قولك إن حالته كانت سيئة قبل أن يدعمه أخوك, وأنه برأه فإن كان قصدك أنه كان مصابا قبل الحادث بمرض مخوف ثم أصيب في الحادث بتلك الجروح البليغة وأنه عفا عن أخيك, فإن الامر في هذه الحالة يرجع إلى أولياء القتيل إن شاءوا أمضوا عفوه, وإن شاءوا طالبوا أخاك بالدية في الخطإ.
قال العلامة الخرشي المالكي في شرحه للمختصر عند قوله: وإن عفا عن جرحه أو صالح فمات.. قال: يعني أن للمجنى عليه إذا عفا عن جرحه عمدا أو خطأ أو صالحه الجاني على شيء أخذه منه في ذلك ثم نزا فمات المجنى عليه بعد ذلك, فاولياؤه مخيرون بين أن يجيزوا عفوه أو صلحه أو يردوه..
ولذلك فإذا أمضى أولياء الدم عفو قتيلهم فإنه لا شيء على أخيك غير الكفارة المبينة سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1427(15/412)
حكم تسبب الطبيب في موت المريض بخطئه في جرعة الدواء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم طبيب أخطا في علاج طفل عمره شهران بإ عطائه خطأ جرعة زائدة من الدواء وهو مريض أثناء العلاج وتسبب في موته، وكيف يكفر عن ذلك، وكان راقدا في المستشفى ولا يستجيب للعلاجات وجرى الأمر بقصد شفاء المريض، جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الطبيب الذي أخطأ في إعطاء المريض جرعة زائدة من أهل الاختصاص ولكنه أخطأ في هذه المسألة فترتب على خطئه موت المريض فإن كفارة ذلك هي كفارة القتل الخطأ المذكورة في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا {النساء: 92}
فلذلك فإن على هذاالطبيب أن يكفر عن فعله بما ذكر في الآية الكريمة، والدية في هذه الحالة تكون على عاقلته أو على بيت المال، وتسقط إذا عفا عنها الورثة، وأما الكفارة فلا تسقط، وليس عليه إثم لأنه متخصص في هذا العمل ولم يقصد بفعله إلا العلاج والإصلاح. قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}
وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 5852
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(15/413)
قتل الخطأ بين وجوب الكفارة والدية وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفل عمره ستة عشر يوماً وفي هذه الليلة حدث وأني كنت متعبة فنمت في تمام الساعة العاشرة ليلاً وفي تمام الساعة الثانية صباحاً قمت للاطمئنان علي الطفل حيث إنه لم ينهض للرضاعة كالمعتاد فوجدت أنفه ينزف بشدة وفاقد للحراك وبعد نقلة للمشتشفي تبين أن نبضه توقف ولكن تم إرجاع النبض إليه وبقاؤه تحث التنفس الصناعي ولكن توفي المولود بعدها ورأي الأطباء أن هذه الحالة ترجع لسقوط الطفل أوسقوط شيء عليه وأحياناً تحدث للمولود مابين عمر ثلاثة أيام إلي خمسة عشر يوماً ولكني أشك في نفسي لأني كنت نائمة ولم أشعر بأي شيء وكذلك أشك في طفلي الذي كان نائماً معي في نفس الغرفة ويبلغ من العمر ثلاث سنوات وكان نائما في مكان بعيد إلا أني وجدته متحركا من مكانه فهل هذا الشك يستوجب كفارة قتل الرضيع أو كفارة أخرى أرجو منكم المساعدة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت أن سبب وفاة الولد كان بتفريط منك في وضعه بجانب أخيه حيث سقط عليه, أو كان السبب منك حيث جعلت جزءا من جسمك في النوم فوقه، فإن عليك دية قتل الخطأ وهي على العاقلة ولا ترثين منها شيئا، وعليك مع ذلك الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة إن وجدت، وإلا فصيام شهرين متتابعين.
وأما عن الإثم فإنه لا إثم عليك لأن الله تعالى رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، والمرجع في معرفة سبب الوفاة إلى الأطباء فهم الذين يحددون سببها، وإذا لم يثبت تسبب منك أو تفريط فلا شيء عليك.
وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو أن تطلعي على الفتويين رقم: 25760، ورقم: 65129، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(15/414)
انقطاع تتابع صيام الكفارة بما يحصل للمرء من غير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق عزيز وقد قتل مسلما عن طريق الخطأ بالسيارة وهو يصوم الكفارة وفي أحد الأيام تحدث مع فتاة معه في الجامعة وأثناء الحديث سال منه بعض المني وحسب قوله إن الحديث كان عاديا ولم تكن له أي نية جنسية تجاه الفتاة فما حكم ذلك هل يكمل الصيام أم يعيد الصوم من جديد أرجوا الإجابة في أسرع وقت وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه لا يجوز أن يخاطب الرجل المرأة الأجنبية أوتخاطبه إلا عند الحاجة لذلك وأمن الفتنة، مع عدم الخضوع بالقول، قال سبحانه وتعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا. [الأحزاب:32] .
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فقد بينا من قبل أن خروج المني بشهوة مبطل للصيام، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 56344.
وأما انقطاع تتابع الكفارة بما يحصل للمرء من غير قصد، فإنه محل خلاف بين أهل العلم. فقال أبو حنيفة –رحمه الله- إن تتابع الصوم شرط في صحة الكفارة، وفوات الشرط يبطل به المشروط، فلا تصح الكفارة إذا انقطع التتابع ولو بمرض أو حيض.
وقال جمهور العلماء إن الذي يقطع التتابع هو ما فعله المرء باختياره، لا ما حصل له من غير قصد.
قال في المغني: وإن أفطرت المرأة لمرض، أو حيض أو الرجل لمرض لم ينقطع التتابع، وبهذا قال أبو ثور وإسحاق. وقال أبو حنيفة ينقطع فيهما لأن التتابع لم يوجد، وفوات الشرط يبطل به المشروط، وقال الشافعي ينقطع في المرض في أحد القولين ولا ينقطع في الحيض. ولنا أنه عذر يبيح الفطر أشبه الحيض في كفارة القتل ...
والذي نرى رجحانه هو ما ذهب إليه الجمهور، لأن ما لا طاقة للمرء في دفعه لا ينبني عليه تكليف.
وعليه، فإذا لم يكن صديقك هذا قد تعمد التلذذ بتكليم تلك الفتاة، ولم يكن من عادته أن ينزل بمجرد الكلام مع النساء، فلا نرى أن تتابع صيامه قد انقطع، وإنما يبني على ما كان صامه من قبل، إذا لم يكن قد حصل له موجب يقطع التتابع غير هذا، هذا مع أن الغالب على ظننا أن الذي خرج منه مذي وليس منيا، ومذهب الجمهور ان المذي لا يفسد الصوم أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1427(15/415)
الفطر سهوا أو لعذر هل يقطع التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أفطر سهوا أو لعذر من مرض أو في ما أبيح الإفطار فيه لقاتل الخطأ؟ هل المكفر يلزمه صيام الشهرين متتابعين ولا يحق له الإفطار في حالة المرض؟ وما يلزمه إذا أفطر سهوا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيمن أفطر لعذر هل يقطع التتابع في الصوم الذي يجب تتابعه ككفارة القتل أم لا؟
فذهب بعض العلماء إلى أنه لو أفطر لعذر كمرض أو سفر لم ينقطع التتابع, وإذا زال العذر لزمه مواصلة الصوم فورا وهو مذهب الحنابلة.
قال المرداوي: لو أفطر مكرها أو ناسيا كمن وطئ كذلك أو أخطأ كمن أكل يظنه ليلا فبان نهارا لم يقطع التتابع على الصحيح من المذهب كالجاهل به جزم به في المحرر وغيره، وقدمه في الفروع وغيره، وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر والمرض غير المخوف فعلى وجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والمغني والبلغة والمحرر والشرح والنظر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم، أحدهما لا ينقطع التتابع به وهو المذهب. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(15/416)
العجز المؤقت عن صيام الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إطعام ستين مسكين ككفارة القتل الخطأ إذا لم أستطع الصيام لأنني أعمل سائق شاحنة وأنا كل يوم في سفر؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 5914، والفتوى رقم: 23714، ما يترتب على القتل الخطأ بالتفصيل، وقد بينا أن الكفارة تكون بعتق رقبة، فإن لم توجد ينتقل إلي الصيام، فإن عجز القاتل عن الصيام عجزا مؤبدا فبعض أهل العلم يقول يلزمه إطعام ستين مسكينا والبعض يقول لاشيء عليه.
وبناء عليه فكونك سائق سيارة لايجعلك عاجزا عن الصوم عجزا مؤبدا، وبالتالي فليس هذا بمسوغ لانتقالك من الصيام إلي الإطعام ما دام بالإمكان أن تقدر على الصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(15/417)
الأعذار الشرعية لا تقطع التتابع في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أجريت العام الماضي عملية إجهاض بموافقة زوجي والآن أريد أن أكفر عن ذنبي بأن أصوم شهرين متتاليين، ولكني صمت الآن ثلاثة أيام وجاءتني الدورة الشهرية وبعد أن أتطهر سأصوم ثلاثة أيام ويأتي رمضان وبعد رمضان إن شاء الله سأكمل الصيام ولكن الدورة تأتي ثمانية أيام في الشهر فهل الصيام بهذه الطريقه يصح أم لا، مع العلم أني وزوجي ننوي الحج هذا العام وربما أكون قد أكملت صيام الكفارة، وهل يجب على زوجي الصيام أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 34195. ما يلزم الأم إذا قامت بإجهاض جنينها، وأن الزوج إذا وافقها في ذلك فإنه آثم وتجب عليه التوبة إلى الله والندم والاستغفار من ذلك، وليس عليه دية ولا كفارة، إلا إذا باشر أو تسبب في الإجهاض، وتقدم في الفتوى رقم: 13108. أن المرأة إذا لزمها صيام شهرين متتابعين ثم حاضت بنت على ما قدمته من الصيام قبل الحيض، وأن الحيض لا يقطع التتابع، وكذلك الفطر أيام العيد، وصيام رمضان لا يقطع تتابع صيام الكفارة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14184، والفتوى رقم: 54658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(15/418)
أغلقت على ولدها الباب بوجود موقد فوجدته ميتا
[السُّؤَالُ]
ـ[.هناك امرأة لديها ابن يبلغ من العمر (15) سنة أي (كان هو موجودا في حجرة ومعه موقد فحم (كانون) وأقفلت عليه الحجرة ثم أتت فوجدته ميتا فقالوا لها إنك أنت كنت سبب وفاته أي قتلته وهي منذ ذلك الوقت تعيش معذبة وحيرانة هل عليها إثم أم ماذا..صحيح أن الأعمار بيد الله ولكن الناس فالوا لها إنك قتلته؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك هذه المرأة للنار في البيت خطأ بين لتنافيه مع الأخذ بأسباب السلامة، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترك النار في البيت أو النوم عنها، ففي الصحيحين وغيرهما أن بيتا بالمدينة احترق على أهله من الليل، فحدث النبي صلى الله عليه وسلم بشأنهم، فقال: إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها.
وروى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت فأرة تجر الفتيلة (فتيلة المصباح التي في النار) فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم.
ثم إن ثبت أن هذا الولد مات بسبب غلق الباب عليه مع الموقد فاختنق لعدم وجود الأكسوجين أو غير ذلك فإن هذا يعتبر قتل خطأ تترتب عليه الدية لورثته، وهي على عاقلتها، ولا ترث هي منها شيئا، كما أن عليها الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة إن وجدت وإلا، فإن عليها صيام شهرين متتابعين، فإذا لم تستطع لعذر لا يزول فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن عليها إطعام ستين مسكينا، وقد سبق بيان أدلة ذلك في الفتويين رقم: 49685، 56056.
وأما عن الإثم فإنه لا إثم عليها ما دامت غير متعمدة لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب: 6} ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(15/419)
الكفارة ووفاة الصغير بسبب حمل قاطعة كهربائية
[السُّؤَالُ]
ـ[وفاة ابني وهو يبلغ سنتين بسبب حمله لقاطعة كهربائية كانت ملقاة على الأرض، فهل لي سبب في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يحسن عزاءك في ابنك ويجعله لك سلفاً وذخراً وفرطاً وأجراً ويثقل به ميزانك ويعظم به أجرك وأن يلحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم، ويبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله.
والذي يظهر من السؤال هو أن هذا الابن قد توفي بسبب حمله لقطعة من الكهرباء كانت ملقاة، ولم يكن لك أي يد فيما حصل له، فإن كان الأمر كذلك، فلا دية ولا كفارة عليك، لأنه موت يشبه الموت الطبيعي، ولا يمكن التحرز منه، والقاعدة الفقهية تقول: ما لا يمكن التحرز عنه لا ضمان فيه.
وإن كان الأمر بخلاف ما تصورنا، فأنت أدرى بما إذا كان لك في الموضوع تسبب أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(15/420)
السائق النعسان لا يعفى من كفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على الجهد المبذول في الموقع، أنا حصل لي حادث مروري قبل حوالي ثلاث سنوات سببه بعد قضاء الله تعالى أني نعست ونتج عنه وفاة والدتي رحمها الله وقد قرأت هنا في الموقع عن الكفارة ولكن قبل خروجنا بالسيارة كنت قد تعذرت للوالدة رحمها الله بأني لم أنم مطلقا تلك الليلة ولا أستطيع الخروج معها ولكنها ألحت بشدة وأمام الإلحاح - وبحضور جميع أفراد العائلة بما فيهم والدي - وافقت أنا وحصل ما حصل والحمد لله على كل حال سؤالي هو هل تنطبق علي الكفارة وهل يجوز لي إطعام ستين مسكينا في حال وجبت علي الكفارة.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من تحرك بالسيارة وهو نعسان يعتبر مفرطا في أسباب السلامة.
وبناء عليه، فإنه يكون مؤاخذاً بما يحصل لمن كان معه وتلزمه الكفارة، كما قدمنا في عدة فتاوى ربما تكون اطلعت على بعضها، ويمكن العثور عليها عند البحث في موضوع الديات والكفارات الموجود بفهارس فتاوى الشبكة.
واعلم أن الكفارة يجب فيها العتق، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن عجز فاختلف هل يطعم أم لا، وراجع في مسألة عجزه عن الصوم وقيامه بالإطعام بدلاً منه الفتوى رقم: 2824، والفتوى رقم: 1162.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(15/421)
القاتل الخطأ إذا عجز عن العتق والصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا، لكن أنا أعني بسؤالي المسكين الذي تجوز عليه الصدقة في حالة القتل غير العمد ما هي مواصفات الستين مسكينا الذين يجب أن تطعمهم (144022) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 5914، أقوال الفقهاء في كفارة قتل الخطأ، وعلى القول بأن من عجز عن الصيام عجزا أبديا عليه أن يطعم ستين مسكينا قياسا على كفارة الظهار والصيام، فإن المسكين في باب الزكاة والكفارة هو من لا مال له، أو له مال لا يكفيه هو ومن يعول، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 40617.
وأما عن كيفية إعطاء الكفارة للمساكين فراجع الفتوى رقم: 39450. ولزيادة التوضيح فإن من قتل خطأ فإن عليه بعد دفع الدية تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، هذا هو الذي في القرآن الكريم، ولم يذكر سبحانه الإطعام، فإن عجز عن العتق والصيام فلا شيء عليه، وهذا هو مذهب مالك وأبي حنيفة وقول عند الشافعية والحنابلة. وفي الرواية الأخرى عند الشافعية والحنابلة: إن عجز عن العتق وعن الصيام أيضا عجزا كليا وجب عليه أن يطعم ستين مسكينا، ومعنى إطعامهم أن يدفع لكل من هؤلاء المساكين الستين نصف صاع من قمح أو شعير أو أرز أو غيرها من قوت البلدـ ولا يدفع صاعا لمسكين واحد، ولو جمع ستين مسكينا وأطعمهم أجزأه ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1426(15/422)
الانتحار من أعظم الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[قام شجار بين أم وابنها ضد ابنتها التي تبلغ 17 سنة فقالت لها غدا أشرب من دمك فقامت وشربت السم، نقلت إلى المستشفى كانت طوال الطريق تبكي ثم توفيت. هل على الأم والابن كفارة. هل هي مخلدة مع أنها كانت تصلي وتصوم. ما هو العمل الذي يشفع لها.
وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاشك أن الانتحار من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، وقد جاء الوعيد الشديد لمن قتل نفسه إلا أن يعفو الله تعالى عنه لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ {النساء: 48} . وعلى أهل هذه البنت أن يكثروا لها من الدعاء بالمغفرة والرحمة.. والصدقة عنها وأعمال الخير وإهداء الثواب لها، فقد دلت الأدلة على مشروعية ذلك، وسبقت في الفتوى رقم: 5671، والفتوى رقم: 20912. وأما الأم والابن فالظاهر أنه ليس عليهما كفارة ولأن البنت هي التي فعلت ذلك بنفسها ومجرد الشجار بينهما وبين البنت لا يجعلهما قاتلين، وينبغي لهما أن يكثرا من أعمال الخير والنوافل مع المحافظة على ما فرض الله تعالى والبعد عما حرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1426(15/423)
الإطعام وتتابع الصيام في كفارة القتل الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[إني في يوم العيد ضربت فتاة ولأنها عمرها 6 شهور ولقد ماتا الاثنان ولا أعرف ماذا أعمل فلقد قال لي شيخ صم 60 يوماً وأطعم 60 مسكيناً هل هذا صحيح؟ وإذا بدأت من يومي هذا وهو الأحد أتوقف عند عيد الأضحى يعني أكمل 60 يوماً قبل الموسم وهل أستطيع أن أتصدق بالمبلغ على دار الأيتام؟
وأرجو الرد على السؤال في أسرع وقت وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال يحتمل أن المتوفاة فتاة واحدة، كما يحتمل أنهما اثنتان ... وعلى كل حال، فإن قتل الإنسان خطأ يترتب فيه على القاتل أمران هما الدية على العاقلة وثانيهما الكفارة.
قال تعالى: وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ.... فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء: 92} .
وعليه، فإذا كانت المتوفاة فتاة واحدة، فعليك ما ذكر، وإن كانتا اثنتين فعليك كفارتان وعلى عاقلتك ديتان.
والكفارة هي كما ورد في الآية تحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين بالنسبة لمن لم يجد رقبة، وليس فيها إطعام ستين مسكينا طالما أنك قادر على الصيام.
ثم إن الراجح هو أنه يجب أن لا يتخلل الصوم أيام لا يصح صومها كالعيد وأيام التشريق، فإن كانت المدة التي تفصلك مع عيد الأضحى تكفي لإحدى الكفارتين صمتها، ثم صمت الكفارة الثانية بعد العيد وأيام التشريق، على تقدير أنك قتلت نفسين، وإن كانت المدة لا تكفي فلتنتظر ما بعد العيد، ولا يضر انقطاع الصوم بمرض أو حيض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(15/424)
ما يلزم قاتل ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة الأب الذي قتل ابنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأب إذا قتل ابنه خطأ لزمه أمران هما الدية والكفارة، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 55684.
وإذا كان قتله عمداً، فالمعتمد من أقوال أهل العلم أنه لا يقاد به، وإنما تلزمه الدية في ماله، واختلف في لزوم الكفارة فأوجبها الشافعية والأحناف، وهي مستحبة عند المالكية والحنابلة، ففي حاشية قليوبي وعميرة: فصل تجب بالقتل عمداً أو شبه عمد أو خطأ كفارة ...
وقال صاحب رد المحتار على الدر المختار: وكفارتهما أي الخطأ وشبه العمد عتق رقبة مؤمن، فإن عجز عنه صام شهرين ولاء....
وقال ابن قدامة في المغني: ومن قتل نفساً محرمة أو شارك فيها أو ضرب بطن امرأة فألقت جنيناً ميتاً وكان الفعل خطأ فعلى القاتل عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ... وقال خليل بن إسحاق: وندبت (يعني الكفارة) في جنين ورقيق وعمد.
والحاصل أن الكفارة المذكورة في الفتوى المبينة أعلاه لازمة في قتل الخطأ بلا خلاف، وهي في العمد مطلوبة إما على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(15/425)