حكم إقامة الفتاة في غير بلد إقامة أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عن المسلمين خيرا لما تقدمونه من خدمات جليلة أعانكم الله وسدد خطاكم في درب الحق أرجو شاكرة لو تكرمتم السرعة في الرد
أود أن أحكي عن ظروفي أولا لو سمحتم لي
أنا فتاه في العشرينات توفيت والدتي وتزوج والدي بأخرى وأبعدتني الأخرى عن المنزل برضاء والدي أنا الآن مقيمة في إحدى الدول العربية مع إخوتي ووالدي في بلدة أخرى لكنه موافق علي سفري وعملي في الخارج أنا أخشى أن أكون أفعل معصية ببعدي عن منزل والدي وأنا أعمل لأساعده وأساعد أسرتي فهل أنا مخطئة ببعدي عن والدي علما بأني لم أتزوج ولم أرتبط والحمد لله أتقي ربي كثيرا في عملي وعلاقاتي فقط أردت التأكد هل أنا علي صواب علما بأن والدي لا يعترض على بقائي مع إخوتي وإخوتي يرون أني يجب أن أعود إلى بلدي أرجو إفادتي من الناحية الدينية هل أنا مخطئة وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع للمرأة أن تقيم في بلد إسلامي غير البلد الذي يقيم فيه أبوها، وأن تعمل إذا احتاجت إلى العمل بشرط السلامة من كل ما يدعو إلى الفتنة، وأن لا تكون عاصية لوالدها في شيء من ذلك، وأن تلتزم بضوابط الشرع، ويمكنك أن تراجعي في ذلك الفتويين رقم: 36657، ورقم: 27721.
وبناء على هذا، فإنك لست مخطئة طالما أنك على الصفة التي ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(13/16540)
تريد أن تسافر إلى مكة بغير محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنسة عمري 44 سنة أحببت الأرض المباركة مكة المكرمة والكعبة الشريفة حبا لا يعلمه إلا الله جل جلاله ومند أن زرت البيت العتيق في شهر رمضان المبارك الماضي وأنا أحلم به ليلا ونهارا إلى درجة البكاء لفراقه. ساداتي مشكلتي هي أن ليس لي محرم يرافقني إلى مكة حبيبتي وأحيطكم علما بأني موظفة بإحدى الشركات ولكي يتسنى لي الزيارة إلى مكة المكرمة علي أن أشتغل سنتين لكي أحصل على المال مصاريف السفر الإجازة الصيفية علما بأنني اخترت مكة لقضاء عطلتي بدل من أي بلد آخر، وسؤالي هو هل سفري إلى مكة لقضاء عمرة أو حج بدون محرم جائز أم لا؟ آنسة تتمنى أن تعيش بقية عمرها في مكة أو طيبة أو على الأقل أموت فيها ولكم الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر لنا ولك كل أمر عسير، وأن يثبتنا وإياك على الإيمان، ولتعلمي أن الخير كل الخير في اتباع شرع الله تعالى، وقد اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر وحدها مسيرة يوم وليلة إلا مع زوج أو ذي محرم من أهلها.
وذلك لما ورد في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها.
هذا في السفر عموماً، وقد رخص أهل العلم ومنهم المالكية للمرأة أن تسافر للفريضة خاصة مع الرفقة المأمونة، قال الشيخ خليل المالكي في المختصر: كرفقة أمنت بفرض.
وعلى هذا فليس لك أن تسافري وحدك إلى مكة أو غيرها، حتى تجدي محرماً أو زوجاً، إلا إذا كان ذلك حج الفريضة، فتكفي الرفقة المأمونة على قول المالكية ومن وافقهم.
ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 5936 / 3665 / 28235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(13/16541)
خلوة المرأة بالسائق سفرا وحضرا
[السُّؤَالُ]
ـ[س1-ما حكم ذهاب المعلمة مع سائق بدون محرم علماً بأن المسافة تبعد تقريباً عن منطقة سكنها حوالي (70-80 كلم) حيث يتواجد معها مجموعة معلمات؟
س2- هل تقدر مسافة السفر من حين خروجها من منزلها أو من حين خروجها من منطقة سكنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية لا تجوز، ويستوي في ذلك السفر والحضر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي، والإمام أحمد في مسنده.
كما لا يجوز للمرأة الإقدام على ما يسمى سفرا بدون محرم، قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: ولم يُرِدْ صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفرا، فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوما أو بريدا أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا. انتهى.
والرفقة من النساء لا تقوم مقام المحرم للمرأة في السفر عند جمهور أهل العلم.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم أيضا: واختلف أصحابنا في خروجها لحج التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار التي ليست واجبة، فقال بعضهم: يجوز لها الخروج فيها مع نسوة ثقات كحجة الإسلام، وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم، وهذا هو الصحيح، للأحاديث الصحيحة. انتهى.
ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 8282.
ومسافة القصر يعتبر قدرها من نهاية بيوت القرية التي هي محل سكن الشخص المسافر، وهو المكان الذي تشرع منه بداية القصر، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته ويجعلها وراء ظهره، وبهذا قال مالك والشافعي والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور، وحكي ذلك عن جماعة من التابعين. انتهى.
وحاصل الأمر أن المرأة لا تجوز لها الخلوة بالسائق المذكور، ولو داخل المدينة.
كما أن مرافقتها المعلمات المذكورات لا تقوم مقام المحرم شرعا، وبالتالي، فلا يجوز لها هذا السفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(13/16542)
تدرس في كلية السياحة والفنادق وتسافر لها بغير محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة فى السنة الثالثة من التعليم الجامعي وأسافر إلى مدينة السادات وهي مقر دراستي بكلية السياحة والفنادق وعندما التحقت بها لم أكن أعرف أنه من اللازم على أن أسافر ويرافقني محرم وأحب أن أوضح أنني كنت أجلس في بيت الطالبات ولكني تركته في الوقت الحالي فما حكم الدين في ذلك الوقت الذي مازلت أدرس فيه بالجامعة.... هل أترك الكلية ولم يتبق لي سوى سنة واحدة أم أستمر فيها أم ماذا
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أصدرنا عدة فتاوى في حرمة سفر المرأة بدون محرم، راجعي منها الفتوى رقم: 3096 والفتوى رقم: 6015 وهذا هو القول الذي دلت عليه الأدلة من السنة.
فالواجب عليك أختي السائلة أن تتقيدي بالأوامر الشرعية، ويحرم عليك مخالفتها، ثم إننا نهمس في أذنك همسة نصح وإرشاد فنقول:
ما حكم الدراسة في كلية السياحة والفنادق لا سيما للمرأة؟
لا يخفى على أحد أن مجال السياحة من المجالات التي تكثر فيها المعاصي، ويكثر فيها الفجور والتبرج والسفور، ولا يكاد المسلم يجد سياحة خالية من المحاذير الشرعية.
وكذلك الفنادق وما فيها من معاص لا سيما الفنادق التي تتعامل مع السائحين الأجانب، فهل يجوز لمسلمة تؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا أن تدرس في كلية هذا هو مجالها، السياحة والفنادق؟! لا، لا يجوز، لا أظن ذلك يخفى على المسلم العاقل.
فالحذر الحذر من ذلك، واعلمي أن الله عز وجل لن يسألك يوم القيامة عند عدم إكمال الدراسة في كلية السياحة والفنادق، وإنما سيسألك عن صلاتك وحجابك، وعن أوامره التي أمرك بها.
فالواجب الاستيقاظ من الغفلة والابتعاد عن هذه الأجواء الموبوءة ولو تطلب ذلك قطع الدراسة فيها والانتقال إلى كلية أخرى لا محذور فيها.
وراجعي الجواب: 33891.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(13/16543)
مناقشة من أجاز للمرأة السفر بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم بأن سفر المرأة دون محرم تم الاختلاف عليه فمنهم من قال إنه لا يجوز أن تسافر إلا بوجود محرم استنادا على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم أجاز أن تسافر وحدها إذا أمنت الطريق كما قال ابن تيمية وغيره بالاستناد إلى عدة أمور لكن سؤالي من أجاز للمرأة السفر وحدها بماذا شرح الأحاديث وما حجته في عدم قبولها (الأحاديث)
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجدر التنبيه إلى أن الغالبية العظمى من الذين أجازوا للمرأة السفر بلا محرم إنما قصروا ذلك على سفر الحج الواجب، والعمرة الواجبة عند من أوجب العمرة، ولم يجيزوا لها السفر مطلقا بلا محرم كما هو حادث اليوم وعمت به البلوى وانتشرت بسببه المخازي والمصائب التي لا ينكرها إلا مكابر، وشذ بعضهم فأجاز للمرأة السفر بلا محرم في كل الأسفار، قال الحافظ في "فتح الباري": قال البغوي: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم، إلا كافرة أسلمت في دار الحرب، أو أسيرة تخلصت، وزاد غيره: أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون، فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة. .. وقد روى الدارقطني وصححه أبو عوانة حديث الباب من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار بلفظ لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم، فنص في نفس الحديث على منع الحج، فكيف يخص من بقية الأسفار، والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات، وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة، وفي قول نقله الكرابيسي وصححه في المهذب: تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنا، وهذا كله في الواجب من حج أو عمرة، وأغرب القفال فطرده في الأسفار كلها واستحسنه الروياني، قال: إلا أنه خلاف النص.
والذين أجازوا للمرأة سفر الحج الواجب والعمرة الواجبة استندوا إلى أدلة رأوا أنها تخصص الأحاديث الدالة على نهيها عن السفر بلا محرم.
فمن هذه الأدلة:
- ... أن الله تعالى قد أوجب الحج على الرجل والمرأة على السواء، ولم يقيد ذلك بوجود محرم، فقال عز من قائل: [وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً] (آل عمران: 97) .
- ... ونوقش هذا الدليل بأن النصوص دلت على تحريم سفر المرأة بلا محرم، ولم يخصص سفرا دون سفر، مع أن سفر الحج من أشهرها وأكثرها، فلا يجوز أن يغفله ويهمله، بل قد جاءت نصوص تفيد منعها من سفر الحج بلا محرم، وقد سبقت الإشارة إلى الحديث الذي رواه الدارقطني وصححه أبو عوانة بلفظ: لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم. وذلك في كلام الحافظ الذي تقدم، ومن الأدلة أيضا: ما رواه البخاري عن عدي بن حاتم قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال يا عدي: هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله.
ونوقش هذا الدليل بأنه يدل على وجود السفر لا على جوازه، ولذا لم يذكر فيه وجود غيرها معها، والذي أجازوا لها السفر إلى الحج الواجب والعمرة الواجبة بلا محرم قد اشترطوا وجود غيرها معها.
ومن الأدلة أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لزيد بن حارثة: ألا تنطلق فتأتي بزينب؟ قال: بلى، فانطلق فأتى بها. رواه الطحاوي في "مشكل الآثار" وزينب كانت بمكة وزيد كان بالمدينة، ونوقش هذا الدليل بما قاله الطحاوي: تأملنا ما كان من رسول الله عليه السلام في هذا الحديث من إطلاقه لزيد السفر بزينب فوجدنا زيدا قد كان حينئذ في تبني رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه حتى كان يقال له بذلك زيد بن محمد، ولم يزل بعد ذلك كذلك إلى أن نسخ الله ذلك، فأخرجه من بنوته ورده إلى أبيه في الحقيقة. . فوقفنا على أن ما كان أمر به عليه السلام زيدا قبل ذلك في زينب وفي إباحته لها وله السفر من كل واحد منهما مع صاحبه كان على الحكم الأول، وفي الحال التي كان زيد فيها أخا لزينب، فكان بذلك محرما لها جائزا له السفر بها، كما يجوز لأخ لو كان لها من النسب من السفر بها فهذا وجه هذا المعنى من هذا الحديث. والله أعلم.
ومن الأدلة أيضا: ما رواه البخاري من أن عمر أذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها فبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف.
ونوقش هذا الدليل بأنه لا يدل على أنهن سافرن بلا محرم، فمثلا حفصة كان محرمها والدها عمر رضي الله عنهما، ولا يعدم أن يكون مع عائشة أخوها عبد الرحمن، ولا مع ميمونة ابن أختها ابن عباس، وهكذا.
كما أن من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من امتنعت من السفر، روى أحمد وأبو داود وصححه الحافظ في "الفتح" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه في حجة الوداع: هذه ثم ظهور الحصر ... فكن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يحججن إلا سودة وزينب، فقالتا: لا تحركا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تم سفر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في غاية الحيطة والتحفظ، ففي بعض طرق الأثر كما في "الفتح" أن عثمان كان ينادي ألا يدنو أحد منهن ولا ينظر إليهن وهن في الهوادج على الإبل، فإذا نزلن أنزلهن بصدر الشعب، فلم يصعد إليهن أحد، ونزل عبد الرحمن وعثمان بذنب الشعب، ومعلوم أن هذه صفة لا تتوفر لأي امرأة الآن.
وهناك أدلة أخرى تركنا ذكرها اختصارا، وجميعها لا تدل على ما ذهبوا إليه، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 3096.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(13/16544)
سفر المرأة بغير محرم حرام بعد السفر أو قرب
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي طبيبة وهي ملتزمة وتلبس ألزى الإسلامي (مغطية الوجه والكفين) ولا تكشف على الرجال، ولكنها تريد إكمال دراستها ألعليا وذلك يستدعي سفرها مسافة 60 كيلومترا وسيكون ذلك دون محرم وكذلك حضور محاضرات قد يكون بها مخالفات (اختلاط وكشف على رجال) ، هل هناك مانع شرعى (بالذات أننى لا آخذ منها أي مال من عملها وهي تعمل بعيادتنا الخاصة وهي بالمنزل ولا تخرج لوحدها منذ أن من ألله عليها بألهداية) لخروجها لمثل هذا السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى عديدة خلاف أهل العلم في سفر المرأة بدون محرم، والذي رجحناه هو التحريم بَعُد السفر أو قرب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 7577.
أما بخصوص الدراسة في أماكن مختلطة فقد سبق حكمها في الفتوى رقم: 2523، والفتوى رقم: 4030.
وعلى هذا فإن سفر هذه المرأة المذكورة لهذه المسافة بدون محرم، ودراستها في هذه الجامعة المختلطة وكشفها حجابها أمام الرجال الأجانب، كل ذلك محرم، لا يجوز ارتكابه لغير ضرورة أو حاجة شديدة تدعو إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(13/16545)
سفر مراهقين ومراهقات لحضور مخيم إسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يسافر مجموعة من الشبان المراهقين من 18-25سنة مع فتيات في سن المراهقة 17-20 سنة لرحلة عدة ساعات علما بأن الهدف من الرحلة حضور مخيم إسلامي بدون مشرف-أي أحد الآباء -
وأن يكون أحد الشباب هو المشرف
وللتوضيح فإنه أثناء الرحلة يجلس الشباب في مقدمة الباص والفتيات في مؤخرته
ونضيف أنه إذا لم يسافروا بدون مشرف -أي أحد الآباء -
ستلغى الرحلة وعليها سيحرم هؤلاء من الاستفادة
أفيدونا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تسافر إلا ومعها ذو محرم منها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.
وأجاز بعض العلماء أن تسافر المرأة إلى الحج الواجب مع رفقة مأمونة، رجالا كانوا فقط أو نساء فقط وأولى إذا اجتمعوا، ولكن سفر هؤلاء النسوة الشابات إلى هذا المخيم ليس حجا ولا واجبا، فكيف يجوز لهن السفر بلا محرم؟! ولو كان معهن واحد من الآباء، فهو محرم لبنته لا لسائر البنات.
أما خروج النساء مع الرجال في غير السفر، فقد بينا شروط جوازه في الفتوى رقم: 13456.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(13/16546)
مذاهب العلماء في سفر المسلمة مع محرم كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في سفر مسلمة إيطالية مع أختها وابن أختها في سيارة خاصة ومدة السفر سبع ساعات ذهابا وإيابا؟ علما بأنهم مازالوا على الكفر وسبب السفر لزيارة أخيها المريض ربما مرض الموت والله أعلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أن المحرم الذي يجوز السفر معه لا فرق فيه بين مسلم وكافر، وخالف في ذلك أحمد رحمه الله تعالى، والراجح -والله أعلم- هو قول الجمهور.
وعليه؛ فابن أخت المرأة إن كان بالغاً فهو محرم لها فلا مانع من السفر معه إن أذن زوجها إن كان لها زوج.
قال السرخسي في المبسوط: ويستوي أن يكون المحرم حراً أو مملوكاً مسلماً أو كافراً لأن كل ذي دين يقوم بحفظ محارمه؛ إلا أن يكون مجوسياً فحينئذ لا تخرج معه لأنه يعتقد إباحتها له فلا ينقطع طمعه عنها، فلهذا لا تسافر معه، ولا يخلو بها.
قال الحافظ في الفتح: وضابط المحرم عند العلماء من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فخرج بالتأبيد أخت الزوجة وعمتها، وبالمباح أم الموطوءة بشبهة وبنتها، وبحرمتها الملاعنة. واستثنى أحمد ممن حرمت على التأبيد مسلمة لها أب كتابي فقال: لا يكون محرماً لها، لأنه لا يؤمن أن يفتنها عن دينها إذا خلا بها. ا. هـ
قال الشوكاني رحمه الله تعالى: ومقتضاه إلحاق سائر القرابة بالأب لوجود العلة.
وقال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: تنبيه: ولا تسافر مسلمة مع أبيها الكافر، لأنه ليس محرماً لها في السفر، نصا، وإن كان محرماً في النظر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(13/16547)
الترقية الوظيفية لا تبيح السفر بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة كبرى منذ 15 عاما ولي مركز جيد جدا بها ويرغب مديري بإرسالي إلى الإمارات لحضور تدريب لمدة 4 أيام لمصلحة العمل.
وهذه أول مرة أسافر بها من أجل التدريب خارج البلد
أديت فريضة الحج والحمدلله لهذا العام وخائفه من المعصية من السفر للتدريب بدون محرم علما أن زوجي رفض مرافقتي لأسباب مادية كذلك يصعب علي رفض طلب مديري من السفر للتدريب خوفا أن يؤثر هذا على ترقيتي وزيادة راتبي مستقبلا
ارجو الافاده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليست الترقية ضرورة تستباح من أجلها المحرمات والسفر بدون محرم حرام لا يجوز، وقد ذكرنا أدلة ذلك في الفتوى رقم: 43943، والفتوى رقم: 6219.
وطاعتك لربك سبب الرزق في الدنيا والخير في الآخرة، فلا تقدمي على السفر إلا بمحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(13/16548)
تريد أن تقيم في بريطانيا مع أرملة لحضور دورة إنجليزية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كمعلمة لغة إنجليزية عرض علي دورة في بريطانيا لمدة شهر مع معلمة أخرى والإقامة مع أرملة بريطانية هل هذا مسموح؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في ذهابك إلى هذه الدورة عدة محذورات: منها الإقامة في بلاد تنتشر فيها أنواع المنكرات بلا عذر شرعي، فإن بالإمكان تحصيل هذا العلم في بلدك، ومنها سفرك بلا محرم، وفي الحديث: لا يحل لامرأة مسلمة أن تسافر مسيرة ليلة إلا معها رجل ذو محرم منها. ومنها: إقامتك مع امرأة بريطانية، ولا يخفى أن خلطة هؤلاء خطر لما اعتادوا عليه من الفساد والتحلل.
فالمقصود أننا لا نجد لك رخصة في هذا السفر لوجود هذه المحاذير، ولأنه لا ضرورة داعية له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(13/16549)
سفر المرأة وحدها بدون محرم للضرورة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش مع زوجتي مؤقتا في أمريكا لدراسة الدكتوراه. وقد رجعنا مع ابننا الرضيع لزيارة أهلنا وكنت قد قررت أن أرجع إلى أمريكا وحدي لكي تتاح الفرصة لزوجتي أن تجلس مع أبيها وأمها وأقاربها مدة أطول حيث إنها لم تكن رأتهم منذ أن تزوجنا ورحلنا من حوالي عامين.
وقد أكملت زيارتي ورجعت إلى أمريكا وحدي على وعد من أبي أنه سيصحب زوجتي وابني لكي يأتوا جميعا إلى أمريكا لعلمي يقينا بحرمة سفر المرأة وحدها دون محرم لها, كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال َ لا يَحِلُّ لامرأة تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِر مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْها ولكن شاء الله ألا تسمح حالة والدي الصحية أن يقدر على السفر.
الشاهد أننا جميعا وقعنا في هذه المشكلة، خاصة وأنني غير قادر على النزول إلى مصر لاصطحاب أهلي في السفر، كما أنه لا يوجد أحد من محارم زوجتي الآخرين قادر على هذا العمل.
بالإضافة، فإن والدي ووالد زوجتي كليهما يحاولان إقناعي بسفرها وحدها خاصة أنهم يقولون أنها مجرد رحلة طائرة
السؤال هنا: هل يعتبر سفر زوجتي وحدها مباحا في هذه الحالة (كونه ضرورة) أم لا؟
أفتونا، جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لا تستطيع الرجوع إلى زوجتك للسفر بها، ولا تستطيع النفقة على محرم لها يسافر بها أو تستطيع لكنك لم تجد ذلك الشخص، وكنت محتاجا لها لتحصين نفسك ورعاية أولادك، فلا حرج عليك أن تأذن لها بالسفر إليك بغير محرم لهذه الاعتبارات.
وينبغي أن تأخذ كامل احتياطاتها في سفرها، وذلك بأن تتحرى السفر مع رفقة مأمونة، وتكون لك معرفة بيوم سفرها ووقت وصولها، بحيث لو قدر الله حصول شيء تمكنك متابعة الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(13/16550)
حكم مبيت المحرم في غير مكان مبيت من سافر معها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت في كلية العلوم لديهم في هذا العام رحلة علمية إلى مدينة الغردقة لجمع عينات من البيئة الصحراوية والتي هي غير متوفرة في القاهرة وذلك ليزدادوا خبرة عملية بالإضافة أن هذا الجزء من المنهج تشرح محاضراته خلال هذه الرحلة ويتم التدريب من خلال لقاءات أخرى على تحنيط بعض الزواحف الذي هو جزء من المنهج والذي ستسأل عنه في امتحان نهاية العام وهذه الرحلة إجبارية وعليها 50 درجة من أعمال السنة مع العلم بأن الرحلة لمدة 4 أيام بدون مرافق وإذا كان هناك مرافق فإنه لن يكون مبيته في نفس المكان حيث إن مبيت الرحلة في بيوت الشباب مبنى للفتيات ومبنى آخر للفتيان والأساتذة المشرفين من قبل الجامعة والمسؤولين عن هذه المادة.. وأختي والحمد لله على قدر من الإيمان ولكن زميلاتها أقل منها قليلا فهل يجوز لأختي أن تسافر في هذه الرحلة خاصة أنها لو لم تسافر سيفوتها 50 درجة ومجموعة المحاضرات الخاصة بهذا الجزء من المنهج بالإضافة إلى التدريب العملي وهل يجيز لها التزامها أن تسافر بدون محرم مع ما نراه الآن من أوضاع مخيفة وهل يجوز أن تسافر إذا اعتبرنا أن الأساتذة المشرفين في سن ومقام آبائها وهل لو سلحناها بكل المفاهيم والفكر الذي يحميها يكون ذلك حافظاً لها وللعلم لم يحدث أي شيء خطأ في السنوات السابقة في هذه الرحلة أو على الأقل ذلك هو المشاع أرجو الإفادة بالتفصيل وبأسرع ما يمكن بأسرع ما يمكن حيث إن السفر سيكون الأحد القادم إن شاء الله وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن يكون مع أختك محرم لها في هذا السفر، ولا يجوز لها السفر بدونه، ولا يضر بعد ذلك أن يكون مبيت المحرم في غير مكان مبيتها وسكنها، وهذا إذا كانت أختك لن تقع في محظورات أخرى من تبرج أو اختلاط محرم أو غير ذلك، واعلم أخي أن دراسة العلوم ليست ضرورة تبيح ارتكاب المحظورات، وليس تعلم هذا العلم واجبا على الأعيان.
وانظر الفتوى رقم: 7384 وقد ذكرنا للرحلات العلمية ضوابط تنبغي مراعاتها في الفتوى رقم: 13456.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(13/16551)
الرحلات المختلطة لاتخلو من الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة فى السنة الأخيرة كلية الآداب بالمنيا وإنى والحمد لله ألبس الخمار لكن بعض زميلاتي يصررن على ذهابي معهن فى رحلات إلى البلاد المجاورة، مع العلم بأنها رحلات مختلطة فيها ذكران وإناث، وحجتهم أنها آخر سنة ولا بد من أن أمتع نفسي، فما رأي الشريعة الإسلامية فى ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على التزامك بالحجاب، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك ذلك وأن يثبتك عليه، ونشكرك على حرصك على الوقوف عند حدود الشرع.
وبخصوص سؤالك فلا يجوز لك السفر والحال ما ذكرت، لأن ذلك قد تضمن عدة أمور مخالفة للشرع، ومنها:
السفر بلا محرم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها ذو محرم.
وهذا الحكم يشمل السفر مطلقاً من غير تحديد مدة لإطلاق الروايات الأخرى، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 6219.
الأمر الثاني: الاختلاط بين الفتيان والفتيات، والذي يغلب في مثل هذه الأحوال أن يكون على وجه تترتب عليه الفتنة، وهو قد حرمه الشرع، وراجعي الفتوى رقم: 11320.
وتنبهي إلى أن الإسلام لا يمنع من الاستمتاع والترويح عن النفس إلا أن ذلك مقيد بما أباحه الشرع، روى أحمد في المسند عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يومئذ لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة.، يعني بذلك حديث الحبشة ولعبهم في المسجد بالسهام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(13/16552)
تسافر للعمل يوميا بغير محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلمة أسافر يوميا مسافة 520 كيلو، هل يجوز لي قصر الصلاة وجمعها (صلاتي الظهر والعصر) ، مع العلم بأني أسافر بدون محرم مع رفقة من المعلمات (8 معلمات) ، ومع العلم بأني أصل إلى المنزل تقريبا مع آذان صلاة العصر أو بعده بساعة، يعني يختلف وقت الوصول من يوم لآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه أما بعد:
فالأصل هو أن من سافر مسافة تبلغ 83 كيلو متراً فأكثر، وكان السفر مباحاً فإنه يشرع له الترخص برخص السفر من القصر والجمع ونحو ذلك، قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: "إذا كان سفره واجباً أو مباحاً": وجملته أن الرخص المختصة بالسفر من القصر والجمع والفطر والمسح ثلاثاً والصلاة على الراحلة تطوعاً، يباح في السفر الواجب والمندوب والمباح كسفر التجارة ونحوه، هذا قول أكثر أهل العلم. انتهى.
ومن المعلوم أن المرأة إذا سافرت مثل هذه المسافة في مثل هذا السفر بغير محرم أنها عاصية بسفرها هذا، لما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم.
وذكر اليومين ليس مقصوداً، بل لو سافرت هذه المسافة في أي جزء من الزمن لحرم عليها ذلك، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 6219.
إذا ثبت ما ذكرنا فلا يجوز للأخت السائلة ولا لغيرها السفر هذه المسافة بلا محرم، والواجب عليها التوبة وترك هذا العمل الذي تترتب عليه معصية، وإن حدث وأن سافرت فلا يجوز لها الترخص، قال ابن قدامة في سياق كلامه المتقدم: ولا تباح هذه الرخص في سفر المعصية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(13/16553)
زوج الأخت ليس محرما
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي أخذت زوج أختها كمحرم لأ داء مناسك الحج 2004م بعد ملء وثيقة إدارية. وقت الذهاب كان مقررا يوم الاثنين12/01/2004 على الساعة الثالثة صباحابعدما هيات كل الاغراض.وفي اخر المطاف (يوم السبت 10/01/2004) فوجئنا بان السفارة السعودية رفضت منح التأشيرة لكون زوج الأخت ليس محرما والغريب في الأمر هو أن الزوج سترافقه زوجته إلى الديار المقدسة. ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسفر المرأة للحج من غير محرم أمر مختلف فيه بين أهل العلم بين الإباحة والحظر، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 4130، ورقم: 14798.
وعلى القول بتحريم سفر المرأة للحج بغير محرم إن كانت زوجتك غير محرمة على هذا الرجل برضاع أو نسب، فليس لها أن تسافر معه، وإن كان زوجاً لأختها، إذ المحرم هو من تحرم عليه على التأبيد، وزوج الأخت ليس كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(13/16554)
المطلقة لا تسافر إلا مع محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم سفر المطلقه للعمل وكسب الرزق والصرف على ابنتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للمطلقة ولا المتزوجة السفر إلا مع محرم، غير أن المطلقة في زمن العدة تجب عليها ملازمة بيتها، ولها الخروج في النهار للعمل وقضاء الحوائج، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتاوى التالية برقم: 25969، ورقم: 11576، فإن لم تجد في موطن إقامتها من ينفق عليها، ولم تجد عملاً فالضرورات تبيح المحظورات، ويجب أن يكون لها في سفرها محرم، وانظري الفتوى رقم: 6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/16555)
سفر الأجنبي مع الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أسافر مع إحدى صديقاتي لزيارة الأهل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم، ولا يجوز الخلوة بها كذلك إلا مع ذي محرم، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحج مع امرأتك."
وبناء على ذلك فإن كنت أجنبيا على التي سميتها صديقة لك فإن سفركما غير مباح، سواء كان لزيارة الأهل أو لغير ذلك.
ثم اعلم أن ما يسمى بالصديقة أو العشيقة لا يجوز في الإسلام.
وقد فصلنا القول في ذلك فراجعه في الفتوى رقم: 11945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(13/16556)
المحرم يشترط للسفر لا للإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الذهاب إلى مكة وأخذ العمرة مع محرم ثم أجلس عشرة أيام عند أختى مع العلم أن المحرم
ذهب إلى مدينة جدة وأنامن مدينة جدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس في ذلك شيء لأنه لا يشترط لإقامة المرأة في بلد أن يكون معها فيه محرم، ولكن إذا أردت السفر إلى جدة فاطلبي من أحد محارمك أن يرافقك، وراجعي الفتاوى التالية:
8281 / 17758 / 20009
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(13/16557)
سفر المرأة بغير محرم ممنوع شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أنه لا يجوز لي السفر بالطائرة وحدي بدون محرم، ولكن أبي يحرمني من رؤية أمي مدة عشر سنوات، فهل يجوز لي في هذه الحالة السفر دون إذنه ودون محرم لكي أصل أمي؟ حيث إنها مريضة، كما أن الحرام يصبح حلالا في حالة الاضطرار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سفر المرأة بدون محرم لا يجوز شرعا، وتفصيل ذلك في الجوابين التاليين: 6015، 22540.
ثم حاولي ما استطعت إقناع أبيك بالسماح لك بزيارة أمك، وخبريه بأنها مريضة إضافة إلى طول مدة البعد عنها، وبإمكانك الاستعانة بمن له تأثير على الأب من المقربين إليه وموضع ثقته.
فإن سمح لك بالسفر، فعليك بالبحث عن محرم تسافرين معه، ولو تطلب الأمر دفع أجرة له مقابل سفره معك.
وعليك بالإكثار من الدعاء والاستقامة على أوامر الله تعالى والبعد عن نواهيه، فإنه من اتقى الله تعالى جعل له من كل ضيق فرجا، ومن كل هم مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(13/16558)
خسارة ثمن التذكرة لا يقارن بسفر الزوجة بغير محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله أنا طالب في فرنسا ومتزوج وزوجتي الآن في البلد تنتظر التأشيرة. سؤالي هو هل يجوز أن تسافر زوجتي لتلحق بي هنا في فرنسا لوحدها وبدون محرم? علما بأني لا أستطيع الغياب عن دراستي لإحضار زوجتي كذلك أرغب في توفير ثمن التذكرة (300دولار تقريبا) وزمن الرحلة 3ساعات تقريبا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها السفر بغير محرم، سواء كانت مسافرة في الطائرة أو غيرها، وتفصيل ذلك في الجوابين التاليين:
6219 / 9017
وبإمكان زوجتك أن تسافر صحبة أحد محارمها من أخ أو غيره، بأجرة على ذلك، أو تسافر أنت لمرافقة زوجتك، ولو خسرت التذكرة، فهذا كله سهل بالمقارنة مع سفر امرأتك بدون محرم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(13/16559)
حكم سفرالزوجة مع أخي زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تسافر زوجة أخي معي مسافة بحدود 150كيلو علماَ بأني رجل كبير بالسن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأخو الزوج ليس من محارم الزوجة، ولذا، فإنه لا يصح للزوجة أن تسافر معه أو مع غيره من غير المحارم، ولا فرق بين كبير السن وصغيره في هذا الحكم، والواجب على الزوج ألا يترك امرأته تفعل ذلك، كما يحرم على المرأة فعله أو الإقدام عليه، وراجع الفتوى رقم: 34048، والفتوى رقم: 1067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(13/16560)
سفر المرأة جوا بغير محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تسافر لوحدها مع أبنائها إلى الدمام جوا ما رأيكم في ذلك؟
رجل يوصل نساء كبيرات في السن لا يكشف عليهم إلى منطقة مقدارها 5كيلومتر بدون محرم ما رأيكم في ذللك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان أحد أبناء المرأة المذكورة قد بلغ سن الاحتلام راشداً، فيجوز لها السفر لأنه يعتبر محرماً لها، أما إذا كان الأولاد لا يزالون صبية صغاراً، فلا يعتبر واحد منهم محرماً لها لعدم توافر الشروط فيه، ولتراجِع الفتويين رقم: 6744 ورقم: 6219
وأما الجواب عن السؤال الثاني، فنقول إذا كان توصيل النساء للمسافة المذكورة فلا مانع منه، بشرط ألا تتحقق الخلوة في أي من الأوقات بين السائق وإحدى النساء، ولتراجِع الفتويين رقم: 17926 ورقم: 10690
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(13/16561)
من شروط خروج المرأة من البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة غير متزوجة وأعيش مع أهلي، وسؤالي هو: هل يجوز لي الخروج من بيتي بعد غروب الشمس لقضاء حاجيات أهلي للضرورة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من خروجك لقضاء حاجات أهلك ما لم تخشي على نفسك من الخروج في هذا الوقت، وهذا يختلف باختلاف البلدان، ويجب عليك عند الخروج الالتزام بآداب الإسلام في الحجاب والمشي والحديث مع من تحتاجين إلى الحديث معه من الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(13/16562)
السفر لبلاد الكفر بدون محرم يزداد تحريما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الثلاثين لست متزوجة، لدي دبلوم في علم المكتبات وأعمل به حاليا في مكتبة جامعية أقترح علي السفر إلى الخارج (فرنسا) للقيام بتكوين في إطار العمل وذلك من أجل تحسين المستوى ولكن لمعرفتي أن السفر إلى بلاد الخارج بغير محرم حرام فقد تماطلت في تحضير جواز سفري وبه وجدت عذرا كي لا أسافر وأنا أسأل سيادتكم رأيكم، مع العلم بأني أشعر بالغيرة وأنا أرى زميلاتي يتحضرن للسفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر السائلة أولاً على اهتمامها بمعرفة الحكم الشرعي والتقيد به، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم كما قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (الأحزاب: من الآية36)
ثانياً: لا يجوز لك السفر بدون محرم إلى فرنسا ولا إلى غيرها، لما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
ولا شك أن السفر بدون محرم يزداد تحريماً إذا كان إلى بلاد الكفر التي نهى الشرع عن الإقامة فيها، إضافة إلى ما هم عليه من الانحلال والتفسخ والفساد الأخلاقي.
فننصح السائلة بالامتناع عن السفر، ولتعلم أن الله سبحانه وتعالى يقول: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً*ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق:2-3] ، ومن ترك شيئاً لله عز وجل عوضه الله خيراً منه.
ولمزيد من الفائدة حول موضوع سفر المرأة بدون محرم نحيل السائلة إلى الفتوى رقم: 9017 والفتوى رقم:
19009
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(13/16563)
هل يشترط للمحرم الإقامة مع المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أنا غير متزوجة وعمري 37 سنة وأعمل حالياً في عمل حكومي بإحدى الدول العربية وبالفعل فانا أحتاج لهذا العمل نظراً للديون التي تعاني منها أسرتي منذ10 سنوات علما بأن والدي متوفى وإخوتي يشتغلون في بلدي ودخلهم والحمد لله يكفي مصاريفنا ولكن بدون أن نسدد ديوننا أو ندخر منه ومن الصعب كذلك أن يأتي أخي ليجد عملاً هنا معي أليست هذه فرصة كي أستغل شبابي قبل هرمي وأسدد ديون أبي براً به (رحمه الله) ؟ وأساعد نفسي وإخوتي؟
أفتوني وشكراً جزيلاً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا نقول للسائلة: لا يجوز لكِ السفر إلا مع ذي محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.
ولا يشترط للمحرم الإقامة معك إذا تحقق لكِ الأمان في محلِّ الإقامة، فإذا تحقق ذلك مع التزامك بالحجاب الشرعي، وعدم الاختلاط، وأَمْن الفتنة، وكان العمل مباحًا جاز لكِ العمل، وإلا فلا.
واعلمي أن برِّك لأبيك وأهلك لا يجوز بمعصية الله، وأن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(13/16564)
السفر بالخادمة الكافرة إلى مكة بدون محرم.
[السُّؤَالُ]
ـ[ننوي الذهاب لأداء العمرة إن شاء الله تعالى، ولدي خادمة نصرانية، مضطرة إلى أخذها معي في السفر، لأن لدي ثلاثة أطفال دون سن الخامسة، وسؤالي: هل يمكن اصطحابها معنا إلى مكة، ولكن لا ندخلها معنا الحرم؟ أم لا يجوز ذلك؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذهابك بالخادمة النصرانية إلى مكة لا يجوز؛ لأن المشركين لا يجوز السماح لهم بدخول مكة، وإذا كان السفر بهذه الخادمة بدون محرم، فهذا منكر آخر يجعل الأمر أشد حرمة. وراجعي الفتوى رقم:
20913.
وأما عن أطفالك فيمكن أن تستغني عن هذه الخادمة وتأتي بأخرى مسلمة مع محرمها، أو تتركيهم عند بعض الأقارب، أو تذهبي بهم وتصبري عليهم، أو تستأجري حاضنة لهم خلال فترة العمرة، والحلول كثيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(13/16565)
حكم الخروج مع الخطيب في السفر وداخل البلد بوجود امرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال خاص: إن كان جائزاً الخروج معه بمحرم، هل يجوز لي أن يكون المحرم صديقتي المقربة (هي في نفس الوقت ابنة عمة خطيبي، وفي نفس الوقت أخت زوجة عمي) وهي سيدة في الأربعين من عمرها ذات خلق ودين، وأحسبها كذلك والله حسيبها ولا أزكي على الله أحدا، وبوجود أخته معنا أيضاً؟
وأخيراً آسف على الإطالة وعلى ضعف التعبير والإملاء، وأرجو من الله العلي القدير أن يسدد خطاكم شيخنا الفاضل ويهدينا إلى سواء السبيل.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اشترط الإسلام لجواز خروج المرأة للسفر وجود رجل محرم معها، ولا يغني عن ذلك وجود امرأة ولا أكثر، لما في الصحيحين، واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا مع ذي محرم.
وانظر الفتوى رقم: 6015 والفتوى رقم: 28672.
هذا فيما يتعلق بخروجها للسفر، أما في داخل المدينة فإن كان معهما ما يمنع حصول الخلوة بينهما وبين الأجنبي جاز، ومن ذلك وجود امرأة -كما أشارت إليه السائلة- على الراجح كما سبق في الفتوى رقم: 9786.
فإن لم يوجد معهما شخص حرم الخروج مع الأجنبي ولو كان خطيبًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(13/16566)
اشتراط المحرم في حق المرأة لا الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط في المحرم أن يكون من كلا الطرفين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجود المحرم في الحال الذي يشترط وجوده فيه من سفر أو غيره، إنما هو في حق المرأة لا الرجل، كما جاءت بذلك نصوص الشرع في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولتراجع في هذا الفتوى رقم: 6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(13/16567)
أحوال سفر المرأة بغير محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا أعيش في أمريكا ومن فترة طويلة ما رأيت أهلي وزوجي ظروف دراسته والظروف التي حدثت بأمريكا ما تسمح له بالرجوع إلى البلاد وأنا أود أن أرجع مع ولدي لرؤية أهلي لأن الوالدة كبيرة في السن وتعبانة فهل يجوز لي أن أرجع أو أرجع مع ناس ثقات؟
وكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل عدم جواز سفر المرأة بغير محرم، لما ثبت في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك، ولما قد يترتب على ذلك من فتن ومخاطر لا تخفى على ذي عقل سليم، وقد سبق أن بينا هذا مفصلاً بالفتوى رقم: 6219، فمهما أمكن تحقيق هذا الشرط - يعني وجود المحرم - فهو واجب. لكن إذا تحققت الضرورة ولم يكن بالإمكان وجود المحرم فلا حرج إن شاء الله حينئذ في السفر من غير محرم، مع اتخاذ الاحتياطات لسلامة هذه المرأة والتي قد سبق ذكرها بالفتوى رقم: 20014.
وننبه هنا إلى وجوب الرجوع إلى ديار الإسلام إذا لم تكن ثمة ضرورة للإقامة في بلاد الكفر. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 31862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(13/16568)
أخو الزوج ليس من المحارم، والمرأة لا تعتبر محرما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أسافر مع أخي زوجي وخالتي وابنتها؟ علما بأن زوجي لا يستطيع السفر معنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة السفر إلا مع محرم لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: انطلق فحج مع امرأتك. متفق عليه.
ومن المعلوم أن أخا الزوج ليس من المحارم، بل جاء التنصيص على حرمة الخلوة به، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله؛ أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
والحمو هو قريب الزوج من أخٍ أو عمٍ ونحوهما، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم دخول قريب الزوج ممن ليس بمحرم بدخول الموت عليها؛ وذلك لأن دخوله وخروجه من عندها لا يثير ريبة، بخلاف الغريب، فكان الوقوع في المعصية أسهل، والإغواء على الشيطان أيسر.
وليست المرأة محرماً لغيرها، سواء خالتك أو ابنة خالتك أو كلاهما، وإنما المحرم هو الرجل الذي تحرمين عليه بنسب كالأب والأخ، أو بسبب مباح كالزوج وأبي الزوج، وكالأب والأخ من الرضاع ونحوهما.
وأما كون زوجك لا يستطيع السفر معك، فيمكنك السفر مع غيره من محارمك، إذ ليس ذلك عذراً لك في السفر مع أخيه، فلا ينبغي التهاون في هذا الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(13/16569)
منع الشرع المرأة من السفر بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً بارك الله فيك يا شيخ وجزاك الله عنا كل خير وأسال الله أن يجعل عملك هذا في ميزان حسناتك يوم القيامة، سؤالي يا شيخ هو: هل يجوز لأخت زوجتي أن تسافر معي إلى مدينة تبعد 120 كيلو متراً عن مكان إقامتي وليس معها محرم سوى أُمها وزوجتي أي أختها؟؟ وبارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لأخت زوجتك أن تسافر معكم السفر المذكور إلا إذا كان معكم محرم لها، لأن الشرع منع المرأة من السفر بدون محرم معها، وذلك تخوفاً من الوقوع في الفتنة المترتبة على ذلك، والدليل على ما قلناه موجود ذلك في الفتوى رقم:
5936.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1424(13/16570)
قد فعل صوابا إذا كان السفر غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في أخ منع أخته من السفر إلى خارج البلد حتى لو أدى ذلك إلى قطيعة بينهما مع العلم بأن الأخت ليست قاصرة وعمرها فوق الأربعين، وقد سبق لها الزواج ولكنها الآن مطلقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الأخ قد فعل صواباً عندما منع اخته من السفر إذا كان هذا السفر غير مشروع، كأن تكون مسافرة بدون محرم أو تخشى عليها فتنة مثلاً، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ألا مع ذي محرم.
لكن ينبغي أن يعاملها بحكمة ويبين لها خطورة هذا السفر، وما قد يترتب عليه من نتائج قد لا تحمد عقباها، وأن ما قد تحصل عليه من هذا السفر المحرّم لن تكون فيه بركة ما دام السفر غير مشروع، وللمزيد من التفصيل يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم:
3096، والفتوى رقم: 9017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(13/16571)
سفر المرأة مظنة الفتنة ولو قصرت مدته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي السفر بالطائرة لمدة ساعتين بدون محرم معي، بسبب أن زوجي في فتن شديدة ولا يستيطع أن يجيء ويسافر معي، ولا يوجد أحد يسافر معي بسبب الظروف المادية ولكن زوجي يواجه فتنا كثيرة وبالتالي لا بد من السفر إليه، وزوجي أحسبه على خير وأنا أعلم أن السفر بدون محرم لا يجوز، فهل لي رخصهةفي السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي أن سفر المرأة بدون محرم لا يجوز لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصريحة في النهي عنه، والذي عليه الجمهور أنه لا فرق بين طول مدة السفر وقصرها، لأن سفر المرأة مظنة الفتنة ول وقصرت مدته، انظري الفتوى رقم:
3096، والفتوى رقم: 6219
ويستثنى ما إذا كانت ثمة ضرورة قصو ى تلجئ إلى السفر، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج. [الحج:78] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(13/16572)
لا تسافر المرأة بدون زوج أو محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا متزوجة ومقيمة في الدنمارك وأريد أن أزور أهلي في لبنان، هل يجوز أن أسافر بدون محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك السفر بدون زوجك أو محرم لك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل للمرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري ومسلم.
وذلك لأن سفرك إلى زيارة أهلك ليس ضرورة تبيح لك السفر بدون محرم، إذ يمكنك أن تصليهم عن طريق المراسلة بالبريد أو الهاتف أو غيرهما من وسائل الاتصال، وإن كان بإمكان زوجك أن يسافر معك لزيارة أهلك فذلك أمر حسن وطيب، ولمزيد من الفائدة نرشدك إلى مراجعة الفتوى رقم: 29263، الفتوى رقم: 6219، 16982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(13/16573)
حكم سفر المرأة مع رفقة مأمونة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة أسافر لزوجي كل عام مع بناتي بالطائرة لقضاء العطلة الدراسية ولكن نظراً لظروفه المادية فقد طلب منا السفر هذا العام بالباص أنا وبناتي واللاتي تبلغ أكبرهن 23 عاماً وذلك لتجديد الإقامة ومدة الرحلة بالباص 24 ساعة فهل يجوز ذلك؟ مع العلم بأن هذا السفر ضروري للحفاظ على الإقامة.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسفر المرأة بدون محرم غير جائز، سواء كان بالطائرة أو بالباص أو بغير ذلك من وسائل السفر، فالنص جاء بالنهي عن سفرها بدون محرم ولم يحدد نوع السفر أو وسيلته، ففي الحديث لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم رواه مسلم.
فكل ما سمي سفراً عرفاً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، وذهب بعض العلماء إلى جواز سفر المرأة بدون محرم إذا كانت في رفقة مأمونة، وخصه بعضهم بالسفر الواجب، والذي نقوله للأخت الكريمة هو أن تطلب من زوجها أن يأتي ليرافقهن إلى البلد المقيم فيه، فإن عجز وكانت الضرورة تقتضي أن تسافر مع بناتها إليه فلا بأس مع رفقة مأمونة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(13/16574)
لا يشترط أن يبقى محرم المرأة معها في البلد الذي ستسافر إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أود أن اسأل سيادتكم عن مدى مشروعية سفرى للعمل بإحدى الدول العربية وحدى بدون محرم حيث إنى أم لثلاثة أطفال أنا العائلة الوحيدة لهم ومنفصلة عن أبيهم ولا ينفق عليهم وموردي هنا لا يسمح بإعاشتهم حياة كريمة ومن الممكن أن يسافر معي أخي ثم يعود بعد أن يطمئن على مسكني وهو سكن مخصص وآمن وسوف أصطحب معي أبنائي؟
الرجاء إفادتي ونصحي ولكم خالص الشكر.
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الواقع ما ذكرت فلا حرج في سفرك بشرط أن تسافري مع محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافرنّ امرأة إلا ومعها محرم ... رواه البخاري.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فإذا كان أخوك بالغاً فهو من محارمك الذين يجوز لك السفر معهم، ولا يشترط أن يبقى معك إذا كان المكان والبيت الذي سوف تسكنينه آمنين، وقد بينا ضوابط سفر المرأة وعملها، فلتراجع للأهمية تحت الفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1424(13/16575)
أداء الامتحان ليس ضرورة تبيح للزوجة السفر بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعمل بالمملكة العربية السعودية وزوجتي مازالت تدرس بجامعة الأزهر بمصر وهي ترغب في النزول لأداء الامتحانات فهل علي إثم إذا نزلت عن طريق البر؟ علماً بأن طريق البر يأخذ حوالي يومين سفراً وعلماً أيضا بأنني ليس لي حاجة في سفرها أو دراستها وإنما إرضاءً لرغبتها وقد كنت ساعدتها في النزول بالطائرة لمدة سنتين بمعدل مرتين في السنة ولكن الآن ظروفي المادية لا تسمح لنزولها بالطائرة.
أرجو افادتي مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر دون محرم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه مسلم.
وفي الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعهما ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: انطلق فحج مع امرأتك".
وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 3859.
ولا ريب أن سفر زوجتك بدون محرم قد يعرضها لكثير من المفاسد، وليس سفرها لأداء الامتحان ضرورة تبيح لها الإقدام على ذلك، ولْتُعْلِمْ زوجتك وفقها الله أن في طاعة الله سعادة الدنيا والآخرة، قال تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِين) [النساء:14] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(13/16576)
الطفل في عمر سبع سنوات لا يصلح محرما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة التنقل بدون محرم مسافة 3 ساعات وليس لها سوى طفل يبلغ 7 سنوات وهي تتنقل للحاجة وكسب العيش وبعض الأحيان لزيارة الأهل والمعارف وكسب العلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، وهذا الطفل الذي عمره سبع سنوات لا يصلح أن يكون محرماً، لا سيما أنه لم يقارب سن المراهقة، لأنه يشترط في المحرم أن يكون بالغاً في أرجح أقوال أهل العلم، وهذا لأن المقصود حفظ المرأة، ولا يحصل إلا من البالغ العاقل، وانظر تتميما للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6744، 17103، 6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(13/16577)
السفر بلا محرم لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تسافر إلى الخارج لغرض التجارة بدون محرم وذلك لغلاء تذكرة سفر المحرم مع ملاحظة أنها تسافر مع مجموعة من النساء لغرض التجارة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم، وقد جاءت بذلك السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق ذكرها في الفتوى رقم: 3859.
وإذا وجب وجود المحرم في سفر المرأة على ما هو الراجح من أقوال أهل العلم لأداء الحج الذي هو أحد أركان الإسلام، فوجوبه في السفر للتجارة أولى، وما ورد في السؤال من ارتفاع قيمة التذكرة لا يعتبر ضرورة تبيح السفر بدون محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(13/16578)
ماهية الضرورة الملجئة لجواز سفر المرأة بغير محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من تسافر من دون محرم لضرورة ملحة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سفر المرأة دون محرم لا يجوز شرعاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.. رواه البخاري ومسلم.
ويستثنى من ذلك حالة الضرورة الملجئة إذا كانت في مكان غير آمن وخافت على نفسها، وكذلك الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وألحق بعضهم بذلك السفر للحج والعمرة إذا كان مع رفقة مأمونة، وهذا من باب الضرورات التي تبيح المحظورات وتقدر بقدرها.
ولمزيد من التفصيل والأدلة عن أحكام سفر المرأة نحيلك إلى الفتوى رقم: 3096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(13/16579)
لا تسافر المرأة من جدة إلى الرياض بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السفر بالطائرة من الرياض إلى جدة بدون محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسافة بين الرياض وجدة تعد مسافة سفر عرفاً وشرعاً، ولانعلم في ذلك خلافاً، وعليه فيحرم على المرأة المسلمة أن تسافر فيها بغير محرم، ولوكان السفر بالطائرة، كما هو مبين في الفتوى رقم:
6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(13/16580)
سفر المرأة للعمل في الخارج
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الشرع في سفر المرأة في الشريعة للعمل في الخارج وذلك نظراً للظروف الصعبة المادية وهل الحكم واحد إذا كانت المرأة متزوجة أوغير متزوجة وإذا كانت قد سافرت فعلا ماذا تفعل لإرضاء رب العالمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تعنين بالخارج بلاد الكفر فإن السفر إليها لا يجوز للمسلم لما يترتب على ذلك من خطر عظيم على الدين والأخلاق بسبب ما يدعونه من الحرية وعدم إنكار المنكر، والمنع هنا آكد في حق المرأة لاسيما غير المتزوجة لما يخشى عليها من الفساد بسبب كثرة المغريات ودواعي الفحش والفجور، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين، لا تراءى نارهما. رواه أبو داود والترمذي
أما إن كنت تعنين سفرك إلى بلد إسلامي فهو جائز إن كان معك محرم، وتوفرت الضوابط الشرعية للعمل الذي ستزاولينه.
فإن لم يكن معك محرم فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم. والحديث في الصحيحين وغيرهما.
ومن فعلت فعليها أن تتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحاً وتعقد العزم على عدم العود لمثل ما فعلت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1423(13/16581)
لا بد من المحرم في عمرة التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة بالغة من العمر 39 سنة ومتزوجة أريد الذهاب إلى العمرة في شهر رمضان مع أختي الكبرى وزوجها فهل يمكن أن تكون أختي وزوجها محرماً لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه العمرة هي العمرة الواجبة عند من يقول بوجوب العمرة وهم الشافعية والحنابلة فيجوز للمرأة السفر لأدائها مع نسوة ثقات إن عدم المحرم، وتفصيل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 22299 -
14798، أما إن كانت عمرة تطوع فلا بد من المحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1423(13/16582)
السر في إباحة سفر المرأة مع رفقة مأمونة لمكة دون المدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعنا في فتوى أن اعتمار مجموعة من النساء مع بعضهن البعض يجوز ولكن ذهابهن إلى المدينة لا يجوز بتاتاً إلا بمحرم فما تعليقكم على ذلك؟ وما الحكمة في التحريم في المدينة والجواز في مكة؟ إن كان هناك تحريم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تسافر مع الرفقة الأمينة للحج أو العمرة الواجبين على الصحيح من أقوال العلماء، وليس لها أن تسافر مع الرفقة الآمنة سفراً مباحاً أو مستحبّاً، وهذا هو سر التفريق بين جواز ذهابها إلى مكة لأداء الحج أو العمرة أو هما معاً، وبين عدم جواز ذهابها إلى المدينة النبوية؛ لأنه غير واجب عليها.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 22299.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(13/16583)
من شروط المحرم أن يكون بالغا عاقلا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزالسفر مع صبي عمره 14سنة وأربعة شهور هل يعتبر محرما؟؟؟ وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الصبي قد بلغ بالاحتلام أو بإنبات الشعر فيصح أن يكون محرمًا للمرأة وإلا فلا، إذ من شروط المحرم أن يكون بالغًا عاقلاً على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم:
6744.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1423(13/16584)
الزوج لا يكون محرما لأخت الزوجة من الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن يكون زوجي (محرماً للذهاب إلى عمرة) لابنة عمي التي هي أختي من الرضاعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجك لا يعتبر محرماً شرعياً لتلك المرأة.
وعليه، فلا يجوز أن تسافر معكم على اعتبار أنه محرم لها يبيح وجودها معها إلى السفر إلى الحج أو العمرة أو غيرها من الأسفار التي يشترط لها وجود محرم، وراجعي الفتوى رقم:
1067
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(13/16585)
النظرة الشرعية من سفر المرأة وحدها فرارا من دار الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الكريم، السلام عليكم
هناك فتاة صالحة، في الثامنة عشر من العمر. تعيش مع والدتها منذ طفولتها بعد أن انفصل والداها..والدتها ألمانية مسلمة، لكنها (الأم) تفضل المكوث مع أهلها، وابنتها هذه تتمنى لواستطاعت السفر إلى مصر لتتعلم الإسلام واللغة العربية. خاصة بعد المضايقات والمعاناة التي تواجهها في بلاد الكفر. وكانت تعرف امرأة صالحة من مصر علمتها الكثير من أمور الدين وأخبرتها أنه بإمكانها العيش معها هناك.
ما حكم الشريعة في سفر هذه الفتاة بمفردها وعيشها في البلاد المسلمة فراراً بدينها ونفسها، مع العلم أن والدتها لا تمانع، ووالدها المسلم لم يعد يصلها. وهل تستطيع العيش مع معلمتها الصالحة والمتزوجة، وهل يجوز لها العيش بمفردها كالسكن في مبنى خاص بالطالبات؟
ارجو الرد سريعا للحاجة، وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما وصفت في السؤال، فإنه لا مانع والحالة هذه من سفر تلك الفتاة وحدها في الطائرة إلى بلدها الإسلامي فراراً بدينها وعرضها، فقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز للمرأة السفر من غير محرم إلا في حالات منها هذه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرحه لحديث ابن عباس المخرج في صحيح البخاري:: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم..... قال: واستدلوا به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهذا إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك.
أما بخصوص سكنها مع المعلمة المذكورة أو مع الطالبات، فهذا ينظر فيه.. فإن كان سكن الطالبات المخصص لهن آمنا، وليس فيه اختلاط، فلها أن تسكن فيه. ولمزيد الفائدة، راجعي الفتوى رقم:
22179.
كما أن لها أن تسكن مع معلمتها إذا لم يترتب على سكناها معها اختلاط بزوجها أوأولادها أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(13/16586)
سفر المرأة مع زوج أختها غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماحكم سفر المرأة مع زوج أختها مع العلم بوجود أختها الزوجة وأختها الأخرى ووالدتهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلاَّ مع محرم -كما صحت بذلك الأحاديث- وزوج الأخت ليس محرمًا للمرأة، فالمحرم: كل رجل بالغ تحرم عليه المرأة حرمة مؤبدة.
وزوج الأخت ليس كذلك، ولكنه محرم لأم زوجته.
وراجعي الفتوى:
6015، والفتوى رقم:
6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(13/16587)
هل تكون المرأة محرما للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ,
لدي قريبة لديها دورة تدريب في بلد عربي مجاور لمدة شهر ونظرًا لانشغال أبيها وإخوتها وعدم قدرتهم على السفر معها هل يجوز شرعا ذهابها هي ووالدتها أم لا؟
أرجومن حضرتكم التكرم بالإسراع بالرد وجزاكم الله كل خير وعون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بدون زوج أو محرم كما هو مبين في الفتوى رقم:
6219
والمرأة لا تكون محرماً للأخرى، ولو كانت إحداهن أم الأخرى، ومن أجاز من العلماء سفر المرأة مع الرفقة، فقد اشترط أن تكون هذه الرفقة مأمونة، وأن يكون ذلك في السفر الواجب دون غيره، والسفر لمثل هذه الدورة ليس واجباً، ولو فرضنا وجوبه، فإن سفر أمها معها لا تتحقق به الرفقة الآمنة، وعلى هذا فلا يجوز لها السفر على قول أحد من أهل العلم، وعليها أن تتقي الله، وتترك ذلك، وإذا كانت لها حاجة في هذه الدورة، ولا تتيسر لها في بلدها، فليسافر معها أبوها أو أخوها أو أحد محارمها، حتى يوصلها إلى المكان الذي هي ذاهبة إليه ثم يعود إن شاء، ولا يجوز لهم تركها تسافر من غير محرم.
وإذا سافرت بمحرم، فعليها أن تتقي الله في نفسها أثناء سفرها وإقامتها، ويلزمها التقيد بالضوابط المبينة في الفتوى رقم: 3859
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(13/16588)
نصيحة لمقيمة تعمل في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في فرنسا مند10 سنين, ذهبت إلى فرنسا لأتم دراستي وفقني الله فحصلت على شهادة عملت في شركة في فرنسا أعمل فيها منذ 4 سنوات
علما أنني قد ذهبت إلى العمرة في رمضان وأعانني الله أن أتحجب وقد علم المديرأنني لن أترك الحجاب في فرنسا وأراد أن يغريني بمنصب راق في الشركة يشترط فيه أن لا أرتدي الحجاب رفضت اقتراحه فأنا أعلم أنهم يحاولون التخلص مني بضغوط حتى أمل وأستقيل وأنا حائرة لأنني كنت قد قررت العمل معهم لأحاول أن اقنع ولوالقليل من زملائي أن الإسلام مختلف عما يسمعون عنه وأود أن أغير بمشيئة لله نظرية ولوشخص واحد وأنا أعرف أن الله اكبر من أي مدير لا أخشى إلا الله ولكن ما يقلقني هو هل يصح لي أن أسكن في بلد وحدي بدون محرم وباستطاعتي أن أجد عملا في بلدي قرب أسرتي المرجو النصيحة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها، وحرصها على تحري الحلال ونسأل الله تعالى أن يثبتها، ونقول لها بأن سفر المرأة دون محرم لا يجوز شرعاً، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما واللفظ للبخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن المرأة إلا ومعها محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة؟ قال: اذهب فحج مع امرأتك"
فإذا كنت تسافرين فلا بد أن يكون معك زوج أو أب أو أخ، وإذا كان السفر أو الإقامة في بلد ما سيؤدي إلى ترك الصلاة أو تضييعها أو خلع الحجاب أو غير ذلك من الواجبات الشرعية، فإنه لا يجوز، وبإمكانك أن تبحثي عن العمل - إذا كنت تحتاجين إليه - في بلد أو غيره من بلاد المسلمين التي تحتاج إلى تخصصك وتمارسي الدعوة إلى الله من خلاله، وبكل وسيلة مشروعة كما هو واجب كل مسلم، ويمكن أن يكون تأثيرك حينئذ أقوى، وعطاؤك أكثر.
ولتعلمي أن المسلم لا يسد عليه باب، فمن اتقى الله تعالى جعل له مخرجاً قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:2- 3)
والذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى، والإقامة ببلدك مع أهلك وذويك، وأداء ما فرض الله عليك من الدعوة إلى هذا الدين العظيم.
وبإمكانك الاطلاع على المزيد من الفائدة والأدلة في الفتوى رقم: 5807 والفتوى رقم 3859
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(13/16589)
هل تسافر لزيارة أهل زوجها بغير محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة من مصرأبلغ من العمر 27 عاما عُقد قراني منذ 3 شهور وزوجى يعمل بالخارج وهو من محافظة أخرى غير محافظتي ومنذ ارتباطنا لم أزر أهل زوجي غير مرة واحدة مع أبي وأمي , وأهل زوجي يريدون مني أن أزورهم لكي يتعرفوا علي أكثر ويحدث بيننا الود حيث أنني لم أكن أعرفهم قبل ارتباطنا وهم عبارة عن أخواته البنات حيث إن أمهم وأباهم متوفيان , فهل يجوز لي السفر إليهن مع أمي بلا محرم حيث إن أبي لا يستطيع السفر معنا وليس لي إخوة , والمسافة بين المحافظتين 3 ساعات بالأتوبيس والطريق يعتبر آمنا وسنعود في نفس اليوم, كما أنهن لا يستطعن السفر إلي بأطفالهن الصغار, وأنا والحمد لله أرتدي الخمار وأمي سيدة كبيرة عمرها 63 عاما.
أفيدوني أفادكم الله
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم 20009 والفتوى رقم 6219
وما ذكرته لا يسوغ ذلك فيمكنك التواصل معهم عبر الهاتف حتى يتيسر لأحد محارمك السفر معك أو يسافر أخوات الزوج إليكم رفقة أحد محارمهن.
وصحبة أمك لك في هذا السفر لا تغير الحكم بل إنها تزيد لأنها هي الأخرى تحتاج إلى محرم، فهي بسفرها آثمة كما أنك أنت آثمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(13/16590)
هل يجوز للصغيرة السفر للحج دون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مازلت قاصر وأود الّذهاب للعمرة والحج وسؤالي هل يصح السفر مع رحلات الحج والعمرة النسائية فقط؟.... والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح -والعلم عند الله تعالى- أنه يجوز للمرأة أن تسافر لأداء الحج والعمرة الواجبين مع الرفقة الصالحة المأمونة من النساء، سواء كانت المرأة بالغة أو غير بالغة لكنها تشتهى، وقد مضى بيان ذلك بضوابطه في الفتوى رقم:
14798، والفتوى رقم:
22299.
فإذا كانت البنت ممن لا تشتهى "وهي صغيرة السن" جاز لها السفر للحج والاعتمار بدون محرم إذا أمن عليها وليها، قال ابن نجيم في البحر الرائق: وأطلق المرأة فشمل الشابة والعجوز لإطلاق النصوص، والمرأة هي البالغة، لأن الكلام فيمن يجب عليه الحج، فلذا قالوا في الصبية التي لم تبلغ حد الشهوة، تسافر بلا محرم، فإن بلغتها فلا تسافر إلا به، والمراد خطاب وليها بأن يمنعها من السفر، فإن لم يكن لها ولي، فلا تستصحب في السفر، لا أن المراد أنها يحرم عليها، لأنها غير مكلفة حتى تبلغ. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(13/16591)
هل تسافر المرأة مع زوج أختها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز السفر مع الأخت وزوجها على أنه محرم مؤقت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج، فقال أخرج معها " متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
والمحرم هو من يحرم على المرأة على التأبيد.
وعليه فلا يصلح زوج أختك أن يكون محرماً لك، وراجعي الفتوى رقم 10542 ورقم 21040 للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/16592)
حكم سفر المرأة دون محرم لزيارة أمها المريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسافر خارج المملكة لخمسة أشهر وتركت زوجتي عند والدتها لمدة شهرين ثم رجعت إلى المنطقة الشرقية بوجود محرم تكفل بتوصيلها إلى منزلي ولا زلت معها في اتصال شبه يومي حتى أتاكد أن كل الأمور ميسرة لهم مع العلم أني موفر لها كل ما ترغب ولكن حدثت وعكة صحية لوالدتها سخونة واتصلت أخواتها بها وقلن إن والدتك مريضة وتريد مشاهدتك فطلبت مني زوجتي الذهاب لمشاهدة والدتها بالخطوط السعودية بدون أي محرم ومدة الطيران ساعتين ولم أوافق على ذلك ولكن قالت إن هذا المنع سوف يكون حاجزاً بيني وبينك كل ماشفتك فماذا علي أن أفعل وهل ما قمت به صحيح؟ أفتوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الزوجة أن تتقي الله تعالى، وتبادر إلى طاعة زوجها في المعروف، وعليها أن تحذر من إسخاطه ففي الترمذي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون ".
ولا ينبغي أن يكون منعه لها من الخروج حاجزاً بينها وبين طاعته والإحسان إليه والتلطف معه، وانظر الفتوى رقم:
6478 والفتوى رقم: 19419 والفتوى رقم: 19940 والفتوى رقم: 4180
ونقول للزوج: إن أصرت الزوجة على زيارة والدتها لكونها مريضة مرضاً يغلب على الظن أنه مرض الموت، فلا بأس أن يأذن لها بالسفر مع أحد محارمها أو مع رفقة مأمونة، أما في المرض المعتاد فلا يأذن لها إلا بالسفر مع محرم، وانظر الفتوى برقم: 20014 والفتوى رقم: 17758 والفتوى رقم: 16051
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(13/16593)
هل تسافر المرأة للعمرة مع رفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السفر بالخادمة معنا في رفقة مأمونة لأداء العمرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسؤال المطروح هنا، يستدعي سؤالاً آخر، وهو: هل يحوز للخادمة أن تسافر من بلدها إلى بلد آخر سفراً طويلاً يبيح قصر الصلاة بدون محرم؟ وقد بينا ذلك في الجواب رقم 1962 وذكرنا فيه الضوابط والمحاذير المتصلة به.
أما بالنسبة لسؤالكم، فالراجح فيه من أقوال أهل العلم أنه يجوز للمرأة أن تسافر لأداء الحج والعمرة إذا كان الحج والعمرة مما يجب عليها (يعني الحج أو العمرة لأول مرة) وذلك بشروط.
1- الرفقة الصالحة المأمونة.
2- أن تكون المرأة مأمونة في نفسها.
3- أن تلتزم الحجاب والحشمة في سفرها.
وذهب الإمام أحمد في رواية إلى جواز ذلك بالشروط السابقة للمرأة العجوز دون الشابة الجميلة.
ولمعرفة هذا الحكم بالتفصيل يراجع الجواب رقم 14798 والجواب رقم 3665
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(13/16594)
سفر المرأة المعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[قريبتي توفي زوجها مؤخرا وهي مضطرة للسفر مع أخي زوجها وأسرته لعلاج ابنتها التي تعاني من وجود ثقب في قلبها علما بأن أي تأخير سوف يؤدي إلى اتتهاء فترة صلاحية التقرير الطبي الممنوح من الدولة وأن العدة لم تنقض بعد فهل من فتوى تجيز لها السفر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر في عدة الوفاة ولو إلى الحج وعدتها تنتهي بمضي أربعة أشهر وعشرة أيام، أو بوضع حملها إن كانت حاملا ولا يجوز لها الخروج من بيتها أثناء العدة إلا لأمر ضروري، وحيث إن عم ابنتها سيسافر معها للعلاج فإن سفرها معها لا يعتبر ضرورة تجيز لها السفر أثناء العدة إلا إذا كانت ابنتها تحتاج إلى خدمة ورعاية ولم تجد من يقوم بذلك غيرها، ولا يمكن تأخير السفر إلى وقت انتهاء العدة، فلا حرج عليها في السفر معها للضرورة.
لكن عليها أن تعلم أن أخا زوجها وإن كان محرماً لبنتها فإنه لا يعتبر محرماً لها هي في السفر ولو كان معه أهله، وفي حالة سفرها فلا يجوز لها السفر إلا أن يسافر معها أحد محارمها، إلا إذا لم يوجد محرم مستعد للسفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(13/16595)
حكم مجرد خروج المرأة أو سفرها بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم خروج المرأة بدون محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.
واختلفوا فيما إذا أمنت الفتنة، فذهب بعضهم إلى الجواز، وذهب آخرون إلى المنع عملاً بعموم الأحاديث الدالة على المنع، وهذا القول هوالراجح، لا سيما وأن العلة في المنع -وهي خوف الفتنة- أكثر وجوداً في هذا الزمان.
هذا فيما إذا كان الخروج للسفر، أما مجرد الخروج فإن الأصل فيه الجواز إلا إذا خافت على نفسها الفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(13/16596)
الخادمة كغيرها في لزوم المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن آخذ الخادمة غير المسلمة معي إلى المدينة المنورة
*علما أنها نصرانية وهي لوالدتي
أجيبوني جزاكم الله خيرا وأحسن اليكم
أبو أنس من الرياض]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لهذه الخادمة وإن كانت نصرانية أن تسافر معك إن لم يكن معها محرم، كما لا يجوز لكم استقدام مثل هذه الخادمة غير المسلمة إلى مثل بلادك، كما أنه يجب على من أراد استقدام أي خادمة أن يتجنب المحاذير الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 1962
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(13/16597)
يشتد تحريم سفر المرأة للدراسة في الجامعات المنحلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في سفر المرأة للدراسة في جامعة بعيدة عن مدينة إقامتها علما أن جامعاتنا يكثر فيها الانحلال وكذا الخوف عليها من أن تفتن في دينها وأخلاقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر إلا مع زوجها أو ذي محرم من أهلها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم. رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس.
وفي رواية: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.
ويزداد الأمر خطورة ويشتد التحريم إذا كانت الجامعة مختلطة ويكثر فيها الانحلال.. والخوف من الفتنة.
فهذا النوع من الجامعات لا تجوز فيه الدراسة ولو لم يكلف ذلك سفرًا؛ لأن هذا من أخطر أسباب الفساد والإسلام يسد منافذ الفساد وما يؤدي إليها.
وننصح الفتاة المذكورة بالتوجه إلى جامعة مأمونة أو الدراسة بالمراسلة والانتساب إلى جامعة من الجامعات التي تقبل المراسلة.
ولمزيد التفاصيل والأدلة والتوجيهات يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
18523 والفتوى رقم: 9017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(13/16598)
لا يجوز سفر المرأة بغير إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
باختصار زوجتي من بيئة غير دينية وأعيش في أمريكا وحالتي المادية صعبة والنفسية لذلك تريد الرجوع إلى أهلها في تونس حيث هناك تخلع حجابها وفي بيت والدها يشرب أخوها وأبوها الخمر فماذا أفعل؟ علما أنني أحاول الذهاب إلى مكة لطلب العلم ولكن الله المستعان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي على المرأة أن تصبر على ما يعتري زوجها من الفقر والفاقة، فذلك من المعروف الذي تقوم عليه الحياة الزوجية، وهو الذي يتناسب مع المودة والرحمة التي هي نتاجٌ حتمي للزواج الصحيح.
فإذا حصل للزوج ضيق في المعيشة، أو قلة لذات اليد، وأثر ذلك على توفير ما يلزم للزوجة من مسكن ونفقة وكسوة، فإنه يجوز للزوجة طلب الفراق منه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 13182.
وإن كان صبرها على ذلك خيراً لها من طلب الفراق، لما ذكرنا في أول الفتوى.
فإذا صبرت الزوجة على ذلك، فيجب عليها طاعة زوجها فيما يأمرها به، لأن طاعة الزوج واجبة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 19419.
وبناءاً على ذلك، فلا يجوز لزوجتك السفر بغير إذنك إلى والديها، لا سيما إذا كان ذلك سيؤثر على دينها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7260، والفتوى رقم: 19940.
واعلم أيها الأخ الكريم أن طلب العلم قد يكون فرض عين، وقد يكون فرض كفاية، فإذا كان العلم الذي ترغب في طلبه فرض عين عليك، فإن سفرك لطلبه واجب ولو ترتب عليه خلع زوجتك للحجاب، لأنك مسؤول عما كلفت به، وهي مسؤولة عما كلفت به،، ولا يجوز للعبد ترك ما فرض عليه إلا في حال العجز عنه، والله تعالى يقول: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [النحل:111] .
أما إذا كان هذا العلم فرض كفاية أو نافلة، فإن معاونتك لزوجتك والحفاظ على دينها أولى منه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6] .
وراجع في شأن الحجاب الفتوى رقم: 1225، والفتوى رقم: 8219.
ونوصيك بالصبر على ما أنت فيه من ضيق العيش، ونذكرك بقول الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3] .
ونوصي الزوجة كذلك بالصبر على زوجها، والتمسك بدينها، فإن ما يعانيه الإنسان من آلام في الدنيا أهون مما يعانيه يوم الحساب من مرارة السؤال والحساب والجزاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(13/16599)
حكم بقاء المسافرة بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي السفر للعمرة مع ابني ويعود ابني إلى البلاد وأبقى في مكة خمسة أيام مع خادمتي (بدون محرم) وبعد خمسة أيام يعود ابني لاصطحابي إلى بلدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من بقاءك في مكة بدون محرم، لأنك لست على سفر، وراجعي الفتوى رقم:
13511
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(13/16600)
سفر المرأة مع زوج أختها لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سفر أختي معي وزوجي للعمرة على اعتبار أن زوجي يحرم عليها حرمة مؤقتة علما بأنها غير متزوجة وليس لها محارم آخرين في حدود الأسرة وترغب في أداء العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس زوجك محرماً لأختك والحرمة المؤقتة لا أثر لها في هذا الباب، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها:
5936
8654
10542.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(13/16601)
حكم سفر المرأة دون محرم للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في امريكا للعلاج ولا أستطيع السفر بسبب حالتي الصحية فهل يجوز لزوجتي السفر لوحدها؟ وشكرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
6219.
ولكن إذا كانت هناك ضرورة معتبرة شرعاً تدعو إلى سفرها بغير محرم فإنه لا بأس في ذلك.
وعليه، فإذا كان لابد من سفر زوجتك، وليس لديها محرم غيرك فإنه لا بأس عليها في ذلك، وحاول اتخاذ كافة الاحتياطات لسلامتها، ومن ذلك الرفقة الآمنة أثناء السفر، واستقبال المحرم في المطار الآخر، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(13/16602)
لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي تريد السفر إلى مكه مع والدتي حيث إن والدتي محرمها ابن أختها وأختي ليس عندها محرم فهل يجوز أن تسافر من غير محرم مع العلم أن والدتي مريضة للغاية وبحاجة لابنتها جداً جداً فما الحكم؟ ونحيطكم علماً أنني أنا أخوها لا أستطيع الذهاب معهم لارتباطي بعملي ودمتم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز سفر أختك معهما بدون محرم، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم.
وابن خالتها ليس محرماً لها، وننبه السائل الكريم إلى أنه لا ينبغي على أولياء المرأة أن يتساهلوا مع أقاربهم -الذين ليسوا بمحارم لنسائهم، في الاختلاط بهم أو الخلوة معهم أو السفر بصحبتهم، لما في ذلك من الخطر العظيم، روى البخاري في صحيحه عن عقبه بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، فرأيت الحمو، قال: الحمو الموت. ورواه مسلم أيضاً في صحيحه.
والحمو هو أخو الزوج وابن أخيه وعمه وابن عمه، وقال بعض العلماء، هو أبو الزوج، قال ابن حجر في الفتح: وقد جزم الترمذي وغيره، وتبعه المازري بأن الحمو أبو الزوج، وأشار المازري إلى أنه ذكر للتنبيه على منع غيره بطريق الأولى، وتبعه ابن الأثير في النهاية. انتهى
ولمعرفة المزيد عن حكم سفر المرأة بدون محرم راجع الفتوى رقم:
6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(13/16603)
مرافقة الزوجة في السفر مقدم على الخروج في سبيل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي منقبة وزوجها يسافر ويخرج في سبيل الله بشكل متواصل وهي مقيمة في بلد لا يوجد به أي محارم لها وأهلها لم يروها لسنوات وهي تريد أن تصل الرحم وتزورهم هل يجوز لها أن تسافر إليهم مع أطفالها وأمها من دون محرم. زوجها سوف يأخذها للمطار وسوف يستقبلها محرم عندما تصل وفي الطائرة سيجلس معها أطفالها وأمها أي أنها لن يجلس بجانبها أي أجنبي وزمن الرحلة ساعة ونصف فقط وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم. فقام رجل، فقال: يا رسول الله، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة. قال: اذهب فاحجج مع امرأتك.
فالجهاد ذروة سنام الإسلام، كما صح الحديث بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحج ركن عظيم من أركان الإسلام، ومع هذا فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للرجل في ترك الجهاد وأمره بمرافقة امرأته في الحج، وهذا يدل على تأكد وجوب المحرم للمرأة في السفر وأهميته.
وقد سبق أن ذكرنا أقوال العلماء في هذه المسألة مفصلة في الجواب رقم:
6219.
وهنا ننبه إلى أن النقطتين اللتين أشار لهما السائل لا تبرران سفر المرأة بدون محرم:
النقطة الأولى: قوله إنها في بلد ليس فيه محرم لها وذلك أن المرأة في بيتها لا تحتاج إلى محرم، وإنما تحتاج للمحرم إذا سافرت أو كانت في خلوة.
النقطة الثانية: قوله إنها لن يجلس بجانبها في الطائرة إلا أولادها وأمها وإن زمن الرحلة قصير فنقول: إن العلة التي من أجلها حرم سفر المرأة بدون محرم لا تزال قائمة مع هذا كله إن صح إذ من المعروف والواقع عملياً أن وقت الرحلة المقرر اتجاهها المعلن عنه قد يتخلف كل منهما فقد تتعطل الطائرة لسبب قاهر، وقد يحدث بها خلل أثناء الرحلة فتضطر إلى الهبوط في مطار آخر، وهذا مشاهد، وهنا تكمن الخطورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(13/16604)
لا بد من المحرم ولو لسفر طاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أستفسر منكم عن هذا الموضوع:
أريد الذهاب إلى العمرة برفقة والدتي وجدتي وخالاتي وأزواجهن وبنات خالاتي حيث أن محرم والدتي هو ابن أختها. هل أحتاج إلى محرم في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا لم يكن من بين المسافرين معكم محرم لك فإنه لا يجوز لك السفر معهم، إذ أن ابن أخت والدتك الذي هو محرم لها لا يعتبر محرماً لك لأنه ابن خالتك، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(13/16605)
شروط جواز مبيت الفتيات في سكن الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أسأل هل يجوز أن أترك أختي تسافر إلى منطقة مجاورة تبعد حوالي 200 كلم للدراسة بالجامعة والسكن بالمبيت الجامعي مدة أسبوع ثم تعود في الإجازة الأسبوعية ثم تعود للمبيت لنفس المدة إلى نهاية السنة الجامعية مع العلم أنّه ليس بالمبيت محرم لها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه.
وأنت محرم لشقيقتك فيجب عليك أنت أو أحد محارمها الآخرين إن وجدوا أن تصحبها في سفرها ذهاباً وإياباً، إما بالنسبة لإقامتها بالجامعة فإذا كانت برفقة زميلاتها فلا بأس بذلك إذا كان السكن تحت حراسة مأمونة، وكان الفتيات فيه يلتزمن فيما بينهن بالآداب الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(13/16606)
مخاطر سفر المرأة للتعلم في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من فضيلتكم أن توضحوا لي الحكم الشرعي في هذه المسألة:
سفر المرأة العازبة إلى بلاد الكفار (بلجيكا) لتحضير شهادة الدكتوراة في مجال الطب (الموضوع داء السكر) ولإنجاز هذا البحث يتطلب على الأكثر ثلاث سنوات. مع العلم أن الوسائل العلمية غير متوفرة في بلادنا.
أنتظر الرد في أقرب وقت ولكم مني جزيل الشكر وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك السفر من غير محرم لأجل الدراسة، وتزداد الحرمة وتشتد الخطورة إذا كان السفر إلى بلاد من بلاد الكفار المنهي عن السفر إليها ولو مع محرم، بالإضافة إلى ما هو شائع في تلك المجتمعات ومؤسساتها التعليمية من الاختلاط والتبرج ومظاهر الفسق والفجور، والذي سيؤثر على مخالطهم في دينه وخلقه.
وانظري الأجوبة التالية أرقامها:
9017 3859 18523
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(13/16607)
شروط جواز سفر المرأة للتعلم في جامعات الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي قبول لدراسة الماجستير في علم المناعة ببريطانيا ودرست لمدة سنة اللغة الإنجليزية ثم واصلت دراسة الماجستير بنفس الجامعة ولكن لأسباب صحية أجلت دراستي إلى السنة القادمة ولكن مشكلتي أنني ليس معي "محرم" علما أنني درست السنة الماضية بدون محرم ولكن بصحبة صديقاتي ولم يكن معي في نفس السكن فهل إذا ذهبت بصحبة صديقتي وعشنا مع بعض في السكن جائز؟ أو إذا ذهبت برفقة أختي جائز؟ أرجو الحصول على الرد سريعا" لأن ردكم ستترتب عليه أمورا كثيرة. وجزاكم الله تعالى خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المسلمة السفر بلا محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها. رواه البخاري ومسلم. وهذا في بلاد الإسلام. أما سفرها إلى بلاد الكفار فلا شك أنه آكد في الحرمة وأعظم في الإثم.
ومن رخصوا من أهل العلم في سفر المرأة مع رفقة آمنه، فقد صرح كثير منهم بأن ذلك مقصور على السفر الواجب كالحج، أما السفر إلى بلاد الكفار لغير ضرورة أو حاجة فهو سفر محرم أصلاً ولو كان مع محرم، فما بالك إذا كان مع غير محرم.
وعلى كلٍ، فلا يجوز لك السفر إلا بمحرم، وبشرط أن يكون العلم الذي تريدين دراسته غير متوفر ومتيسر في بلدك الذي أنت فيه، وأن تكون دراستك في جامعة تأمنين فيها من الفتنة وتلتزمين فيها بأحكام الإسلام بعيدة عن الاختلاط بالرجال والخلوة بهم، وهذا أمر متعذر في جامعات الغرب إن لم يكن مستحيلاً.
وننصحك بالرجوع إلى الفتوى رقم:
9017 والفتوى رقم:
3420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/16608)
المعتبر في حكم سفر المرأة المنهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل تعتبر المسافة من مكة إلى جدة سفراً فنحن مجموعة من الطالبات نسكن في جدة ونذهب يومياً إلى مكة في باص فما الحكم.أفيدونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن سفر المرأة من غير محرم في الصحيحين وغيرهما، وقد اختلفت القيود التي قيد بها النبي صلى الله عليه وسلم هذا السفر، ففي بعض الروايات: لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلاَّ مع ذي محرم. رواها البخاري. وفي أخرى: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم. رواها البخاري. وفي رواية: لا تسافر المرأة إلاَّ مع ذي محرم. رواها مسلم. هكذا بدون قيد.
وعند أبي داود تقييد المسافة بالبريد. وقد اختلف أهل الحديث في تصحيح هذه الرواية.
وقد سبق أن بينا في جواب سابق برقم 6219 أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم وذكرنا فيه أقوال أهل العلم فليرجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(13/16609)
هل للمرأة أن تترك زوجها وتسافر لإضراره بها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يرتدي بعض الأحيان ملابس نساء وهذا يسبب لي ألماً نفسياً شديداً ويحاربني في حجابي والتزامي ويسكر ذهبت عند الطبيب وقال مريض نفسي دعيه يلبس وسايريه ولكن لم ترضني هذه الحاله ما رأيكم أصبر على أذاه أو أسافر حل الطبيب لن أعمله مع العلم عندي 7 أولاد الأصغر5 سنوات أفيدوني الله يرضى عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل لم يحرم الخمر إلاَّ لما فيها من المفاسد والمضار، ولذلك قال سبحانه: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة: من الآية219] .
وقد تذهب الخمر بعقل الإنسان جملة فيتصرف بعد ذلك تصرف المجانين كما هو حال المدمنين عليها نسأل الله العافية.
وأما عن حال هذه المرأة فنقول: قد تقرر عند أهل العلم أن من حقوق المرأة على زوجها معاشرتها بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم وترك أذاها بالكلام الغليظ والإعراض عنها وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، لقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] .
قاله الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن: وعليه فنقول: إذا كان الضرر حاصلاً من هذا الزوج كأن يؤذي زوجته في دينها ويمنعها من القيام بما أوجب الله عليها من الحجاب والتزام ما أمرها الله به ورسوله، فإن لها أن ترفع أمرها إلى المحكمة لتلزمه بكف الأذى عنها أو بطلاقها.
وأما إن كان مع هذا البلاء لا يصلي فهذا شأن آخر قد سبق وأن أجبنا عنه في جواب سابق برقم:
11530 فليراجع.
وإذا تحقق هذا الضرر الديني الذي سبق ذكره ولم تجد من يرفع عنها هذا الأذى من ولاة الأمر فللمرأة أن تسافر، وينبغي أن يكون بصحبتها محرم إن وجد، فإن لم يوجد فبصحبة نسوة ثقات فإن لم تجدهن سافرت على الحال التي تستطيعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(13/16610)
وجود محرم لبعض النساء لا يكفي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سفر المرأة مع جماعة للترفيه أو كرحلة مدرسية والمسافة مقدار ساعتين ما حكم ذلك إذا كنا وحدنا؟ وما حكمه إذا كان معنا محرم لواحدة منا فقط؟ وما الحكم إذا كان هذا السفر للتعلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم طال السفر أم قصر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه مسلم.
ووجود محرم لبعض النساء لا يكفي، بل لا تسافر المرأة إلا ومعها محرم، ولا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم لغرض الدراسة، وإنما اختلف العلماء في سفر المرأة بغير محرم بصحبة رفقة آمنة لأداء فريضة الحج أو لقربة من القربات.
هذا وقد سبق بيان هذه المسألة مفصلة في أجوبة سابقة، فليراجع منها الفتوى رقم: 3096، والفتوى رقم: 6219، والفتوى رقم: 3420، والفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1423(13/16611)
البلوغ شرط في المحرم المرافق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز السفر بالطائرة للرجوع إلى بلدي بدون وجود الزوج؟ مع العلم أن معي خمسة أولاد وخادمة.
وهل يكون أبني وعمره 12 سنة محرما لي؟
جزيت خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
سبقت الإجابة على حكم سفر المرأة في الطائرة بدون محرم في الفتوى رقم: 6219.
كما سبق أيضاً بيان مواصفات المحرم في الفتوى رقم: 6744.
وبناء على ما في الجوابين المحال عليهما، فنقول للسائلة: لا يجوز لك السفر إلا إذا كان ابنك بالغاً أي ظهرت عليه إحدى علامات البلوغ المعروفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(13/16612)
إنقاذ حياة المسلم لا يقل عن حكم الاضطرار المبيح للمحظورات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مغتربة في أمريكا وأتمنى الذهاب إلى بلدي حيث أن والدتي مريضة بعدة أمراض ومتأثرة بابتعادي وهي الآن ولله الحمد مستقرة نوعا ما لكن الطبيب أكد على عدم إزعاجها خاصة خوفا من الجلطة والسكر وغيرها المشكلة أن زوجي لا يستطيع السفر معي فهل أسافر مع أطفالي علما أنه سيسافر معي داخل أمريكا ثم يبقى معي حتى أركب في الطائرة المتجهة إلى بلدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الجواب رقم:
6219 حكم سفر المرأة بدون محرم، وذكرنا هناك حرمة ذلك.
وعليه، فإذا لم يكن في عيالك ذكر بالغ ولم يستطع الزوج السفر معك إلى أن يبلغك بلد أمك ولم تجدي محرماً فلا يجوز لك السفر؛ إلا إذا ترتب على عدم سفرك ضرر محقق أو غالب يلحق والدتك بسبب طول غيبتك فحينئذ يكون في سفرك ارتكاب لأخف الضررين، وإنقاذ حياة المسلم لا يقل عن حكم الاضطرار الذي يبيح المحظورات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(13/16613)
حكم الكبيرة السن كغيرها في السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب أعمل في السعودية وزوجتي أيضا طبيبة وجاءتنا أم زوجتي في زياره من مصر وتتنقل بين بيتنا وبيت أختها في مدينة أخرى وكذلك بيت ابنتها الأخرى في بلدة ثالثه وسؤالي هل يجوز شرعا أن تقيم أم زوجتي عند أختها مع العلم أنها فوق الستين من العمر وأختها تقيم مع زوجها وليس عندها أولاد وعمر أختها وزوجها أيضا فوق الستين مع العلم أن أم زوجتي أرملة من حوالي ثلاثين عاما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا يحل لأم زوجتك السفر بدون محرم - ولو كان عمرها فوق الستين سنة - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري.
وأما المساكنة فينظر لحكمها جواب رقم: 10146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1422(13/16614)
تتصرف المرأة كالمقيم في المكان الذي سافرت إليه من حيث الخروج
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أنا امرأة سافرت إلى مكة مع زوجي وأولادي للعمرة وعندما وصلنا إلى مكة سكنا في فندق قرب الحرم ثم بقي زوجي في الفندق ونزلت للحرم معي ابني البالغ من العمر 13 عاما فهل هو يعد محرماً أم لا وهل عمرتي صحيحة أم لا؟ افتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرمٍ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" متفق عليه من حديث أبي هريرة.
ويشترط في المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً مأموناً، لأن المراد منه الحفظ والصيانة، ولا يتأتى ذلك من صبي ولا مجنون، هذا إذا كانت المرأة مسافرة، أما إذا وصلت إلى المكان الذي تريد، فإنها تتصرف كما يتصرف المقيم، فيجوز لها الخروج وحدها، إلا إذا خشيت على نفسها الضرر، فإنها تستعين عند خروجها بمن معها من ابن أو زوج أو أب، لدفع ما قد تتعرض له من خطر، ولا يشترط فيه ما يشترط في المحرم، لأنها ليست على سفر.
وبناءً على ما سبق، فإنه يجوز لك الخروج بدون محرم ما دمت مقيمة في المكان الذي سافرت إليه، وذكرت أنه قرب الحرم، فإذا خفت على نفسك من الخروج وحدك، وجب عليك أن تصحبي أحد محارمك الذين يستطيعون حمايتك وصيانتك، وهذا يستوي فيه بلدك الأصلي، والبلد الذي سافرت إليه.
واعلمي أن عمرتك صحيحة إذا استوفت أركانها وواجباتها الأخرى، وهي الإحرام والسعي والتقصير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/16615)
الانتظار ليبلغ بنك أو وجود المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ابني في العاشرة من عمره وأصبح لي غائبة عن أهلي 4سنين وأسكن في كندا فهل أنتظر حتى يبلغ أم أستطيع السفر؟ ...
2- طلب زوجي أن أزيل ما بين الحاجبين ولكني أزلت قليلا من الشعر الطائش منه من الأسفل والأعلى فهل يجوز؟ وما حكم إزالته لأول مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصدين أنه هل يصح أن يكون أبنك هذا محرماً لك في السفر، فقد تقدم الجواب عن مثل ذلك في الفتوى رقم: 6744.
وبناء على ذلك، فعليك أن تنتظري حتى يبلغ ابنك وهو عاقل، أو تجدين من يسافر معك: زوجاً أو محرماً معتبراً شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(13/16616)
حكم خروج المرأة إلى الجامعة بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز لامرأتي أن تذهب للجامعة وحدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت مسافة الجامعة التي تذهب زوجتك إليها تسمى سفراً فلا يجوز لها أن تخرج إليها وحدها، كما لا يجوز لك أنت أن تتركها تخرج إليها وحدها، لما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" أما إذا كانت قريبة من مكان سكنى الزوجة، وخروجها إليها لا يسمى سفراً، ولا تخاف فيه من محذور، ولا يلزم عليه خلوها بأجنبي، فلا حرج في خروجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(13/16617)
أدلة من أجاز سفر المرأة بلا محرم.. وجوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة مقيمة في الولايات المتحدة ترغب في العمرة وزوج ابنتها مقيم في جدة وينتظرها هناك. هل سفرها بالطائرة وحدها جائز؟
هل يجوز لها أداء العمرة من جدة وحدها؟ وهل السفر مع صحبة آمنة من النساء جائز؟
ما معنى حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- لعدي عن خروج الظعينة من الحيرة وطوافها بالبيت. وأن أمهات المؤمنين حججن في خلافة عثمان-رضوان الله عليهم أجمعين-. ومن أن السيدة عائشة –رضي الله عنها- خرجت في موقعة الجمل وغير ذلك من خروج النساء في الجهاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت الفتوى بشأن سفر المرأة للحج والعمرة بدون محرم برقم:
4130 ورقم: 5936
وأما حديث عدي بن حاتم في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " فإن طالت بك حياة يا عدي لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله" فهو من باب الإخبار، وليس من باب الإقرار، أو هو عند الأمن على نفسها في سفر الحج الواجب.
وأما خروج أمهات المؤمنين للحج في خلافة عثمان رضي الله عنه، فلا تعدم كل واحدة أن يكون لها محرم، وعائشة رضي الله عنها خرجت مع أخيها عبد الرحمن وابن أختها عبد الله بن الزبير، وأما خروج النساء للجهاد فإنه كان مع محارمهن، ولم يكنَّ يخرجن للقتال، بل لمداواة الجرحى، وسقي الماء، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1422(13/16618)
ابن الأخت محرم لخالته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للخالة أن تصطحب ابن أختها ليكون لها محرما في سفرها لأداء العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فابن الأخت يعتبر محرما لخالته، وعلى ذلك فيجوز أن يصحبها في السفر إذا كان عاقلا مميزا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1422(13/16619)
مخاطر السفر بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة ملتزمة عازمة على السفر لبلاد أجنبية لتكملة الدراسة والحصول على الماجستير وهي ستذهب بدون محرم مع علمها بحكم ذلك في الإسلام ولكنها تقول بأنها ملتزمة بالإسلام وتعاليمه أينما كانت..أرجو التوجة بالنصيحة لها مع العلم أن سفرها قد أصبح أمرا حتميا وهي متوكلة على الله راجية منه أن يوفقها ويحفظ دينها. أرجو أن لا تحال الإجابة إلى فتوى سابقة فقد سبق وأن قرأت كثيرا عن سفر المرأة بدون محرم.. ما أريده هو نصائح في الله لتعين هذه المرأة على دينها هناك ... جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول لهذه الأخت: اتقي الله تعالى وخافي عاقبه، فإن إصرارك على السفر مع علمك بالتحريم أمر عظيم، وكيف يقدم الإنسان على عمل محرم، ثم يقول: إني ملتزم بالإسلام وتعاليمه، وكيف تسمع المسلمة قول نبيها صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة، وليس معها حرمة" أي: رجل محرم.
فمن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر حقاً لزمها أن تقول: سمعنا وأطعنا، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36] .
وياليت الأمر اقتصر على هذا السفر المحرم، لكن البلية أنه سفر إلى بلد أجنبي، وإقامة هناك زمناً وسط الكافرين والكافرات، في أماكن ربما لا يسمع فيها صوت الأذان، تتعرض فيها المرأة لرؤية البلاء والمنكر صباحاً ومساءً، فيا لله كم معصية ستتعرض لها المسكينة في يومها وليلتها، ولا ندري كيف سيكون أمرها في هذه الجامعات المختلطة، هل تستطيع أن تبقي على حجابها وحشمتها؟ وهل يمكنها أن تتحفظ من الاختلاط والحديث مع الرجال؟
وكيف ستعيش وحيدة فريدة تصارع الباطل من حولها في سكنها، ومدخلها ومخرجها؟.
وأما زعمها بأنها متوكلة على الله، فينبغي أن تعلم أن التوكل مبني على سلوك الأسباب المشروعة، وأن التوفيق إنما يكون لأهل الطاعة لا لمن اختار المعصية، وسار في طريقها.
ولا ينبغي لمسلم أن يثق بنفسه، ولا أن يركن إلى التزامه، فإن القلوب ضعيفة، والشبه حظافة، ومن أورد نفسه موارد الهلاك فقل أن ينجو ويسلم، إلا أن يشاء الله.
وإذا كان الرجل يعسر عليه أن يحافظ على دينه في تلك المجتمعات، فكيف بالمرأة التي هي محل أطماع أصحاب الشهوات وأرباب المنكرات.
وحيث قد طلبت نصحنا ورغبت في توجيهنا، فوالله إنا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأمهاتنا وبناتنا وأخواتنا، فاحذري الفتنة، وتجنبي أسبابها، وتضرعي إلى الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يردك إلى صوابك، واعملي أن شهادات الدنيا ومناصبها لا تعدل لحظة واحدة تذل فيها بمعصية، أو ينظر الله إليها فيها نظر غضب ومقت.
وتذكري أن الإقامة بين المشركين لا تجوز إلا بشروط، لا نرى توفرها في مسألتك، وقد برئ النبي صلى الله عليه وسلم ممن يقم بين أظهر المشركين، فقال: "أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" رواه أبو داود والترمذي.
واعلمي أنه لا يجوز للمرأة أن تدرس في جامعة مختلطة إلا إذا احتاجت إلى عمل، لعدم من ينفق عليها، وكان عملها متوفقاً على الحصول على شهادة جامعية، ومن اضطرت إلى ذلك لزمها:
1- ألا تسكن في مساكن مختلطة، ولا في بيت إحدى العوائل، كما هو الحال في الغرب.
2- ألا تكشف عورتها على امرأة كافرة.
3- ألا تكشف شيئاً من بدنها - عدا الوجه والكفين - أمام الرجال، وهذا بالاتفاق، وألا تكشف وجهها وكفيها على الراجح.
4- ألا تخلو بطالب أو أستاذ.
5- ألا تسمع إلى شيء من الحرام في مسكنها، أو قاعة دراستها، أو وسيلة انتقالها، ومن الحرام استماع الموسيقى.
6- أن تبحث عن مسلمات صادقات تصاحبهن، فإن الذئب يأكل من الغنم القاصية.
7- ألا تركب بمفردها مع سائق.
8- ألا تخرج متطيبة بحيث يشم ريحها.
هذا كله لمن اضطرت للدراسة في جامعة مختلطة، ولا نراك مضطرة إلى ذلك، ولا إلى هذا السفر المخوف.
والله نسأل أن يحفظ نساء المسلمين، وأن يجنبهن الفتن والشرور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(13/16620)
حكم انتقال مجموعة من النساء للعمل مسافة السفر بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[مجموعة من المعلمات ينتقلن يومياً مسافة مائة كيلو متر خارج بلدتهن للتعليم في بلدة أخرى وليس معهن محارم، فهل يجوز لهن ذلك وهل يعد هذا من باب الضرورة أوالحاجة؟ وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسافة التي ذكرتها في سؤالك (مائة كيلومتر) هي مسافة سفر عند كل الفقهاء - لا نعلم بينهم في ذلك -خلافاً معتبراً-، ولا يجوز للمرأة، أو النساء أن يسافرن بلا محارم مطلقاً من غير تحديد مدة للسفر، قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: [ولم يُرِدْ صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم….لرواية ابن عباس المطْلَقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً.] وعلى هذا فلا يجوز انتقال هذه المجموعة من المعلمات من بلدتهن إلى بلدة أخرى وحدهن دون أزواجهن أو محارمهن، وعليهن أن يثبتن لجهة العمل أن هذا الأمر يجب أن يوجد له حل، وعلى الجهة المسؤولة إيجاد الحل المنشود، فإن رفضت ذلك فيجب على من لم تكن تحت ضرورة ملجئة التخلي عن هذا العمل المؤدي إلى الوقوع في هذا المحظور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1422(13/16621)
الخلاف حول سفر المرأة بدون محرم لا يعني الجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي حول سفر المرأة فكما ذكر وفي جزء من الفتوى الخاصة بهذا الموضوع على أنه ليس كل المذاهب تحرم سفر المرأة دون محرم تحريماً مطلقاً خاصة إذا كان السفر آمناً وليس فيه خطر، فأنا أذهب عادةً مع وفد رسمي يتضمن وزراء عرب وشخصيات نسائية ذات مركز وزاري كبير لتنظيم اجتماع في إحدى الدول العربية لمدة 3 أو 4 أيام بحد أقصى وهذا الأمر من مهام عملي. كما أن مسئولي المباشر من ذوي الأخلاق العالية جدا ويراعي كوني سيدة ومثل ابنته فيبعدني عن المخاطر ومواقف الإحراج. فهل في سفري هذا تحريم؟ أرجو الإفادة جزاكم الله الخير الكبير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا في أكثر من فتوى في موقعنا خلاف الفقهاء في سفر المرأة دون محرم، ورجحنا المنع مطلقاً، وهو مذهب الأحناف والحنابلة والظاهرية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم".
وذكرنا من قال من المالكية والشافعية بجواز سفر المرأة دون محرم إن أمنت الفتنة، ولكن وجود الخلاف لا يعني أن يأخذ المسلم بأي الآراء دون تمحيص ونظر في الأدلة إن كان أهلاً لذلك، أو بسؤال أهل العلم عن الراجح من تلك الآراء، فإن أفتاك أحد العلماء في هذا الزمن بعدم اشتراط المحرم إن كان الطريق آمنا، وكانت المرأة بصحبة رفقة مأمونة، فلا يعني ذلك جواز ما تقومين به حتى ينظر في عملك، وهل هو منضبط بضوابط الشرع وانظري في ذلك لزاماً فتوانا في ضوابط عمل المرأة برقم "3859" حتى تكوني على بينةٍ من أمرك وفقنا الله وإياك لطاعته ووقانا شر معصيته. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1422(13/16622)
حكم سفر المرأة للعلاج بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز سفر المرأة مع خالتها وابنتها للعلاج من غير محرم لأن الزوج يتولى تربية الأبناء ولأن المرأة ستصل للمستشفى مباشرة بعد المطار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم، لا لعلاج ولا لغيره، ووجود امرأة أخرى - بنتها أو خالتها - معها في السفر لا يغنيها عن المحرم، بل ولا يسوغ لها ولا لهن السفر، وإنما يزيد عليهن الإثم لوقوع المخالفة منهن جميعاً، والخطر المترتب على سفر المرأة بلا محرم حاصل ومتوقع، حتى ولو كان السفر بالطائرة، فهو غير مأمون عند اجتماع الركاب في الصالة ينتظرون، وكذلك عند الهبوط في المطار المقصود وأثناء الرحلة، وفي المستشفى.
إذن فسفر المرأة بدون محرم لا يؤمن غالباً من الفتنة، والوقوع فيما لا تحمد عقباه، ولهذا فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بدون تفصيل ولا تقييد، فقال كما في الصحيحين: "ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" وكان من الواجب في مثل ظروف هذه المرأة التي لها زوج، ولها قريبات أن يسافر معها زوجها ليعالجها، وتبقى ابنتها أو خالتها مع الأطفال، فالرجل هو الأقوى على السفر، والأنسب له، كما أن المرأة هي الأولى بالبقاء مع الأطفال في البيت، بل هذه هي وظيفتها الأولى. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(13/16623)
يشترط في المحرم الذي تسافر معه المرأة أن يكون بالغا
[السُّؤَالُ]
ـ[في أي سن يعتبرالطفل محرما لوالدته، بعبارة أخرى هل ابن 12 سنة يمكن أن يحج أويعتمر مع والدته ويغنيها عن المحرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المحرم المطلوب في السفر لا بد أن يكون بالغاً عاقلاً على الراجح من أقوال أهل العلم، قال ابن قدامة: (ويشترط في المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً، قيل لأحمد: فيكون الصبي محرما؟ قال: لا، حتى يحتلم لأنه لا يقوم بنفسه فكيف يخرج مع امرأة؟!. وذلك لأن المقصود بالمحرم حفظ المرأة، ولا يحصل إلا من البالغ العاقل فاعتبر ذلك) .
وقال الأحناف كما نص عليه صاحب الهداية: (ولا عبرة بالصبي والمجنون لأنه لا تتأتى منهما الصيانة) .
وقال ابن الوردية الشافعي في البهجة: (وينبغي عدم الاكتفاء بالصبي لأنه لا يحصل معه الأمن على نفسها، إلا في مراهق ذي وجاهة، بحيث يصل معه الأمن لاحترامه) فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر لحج أو غيره إلا مع محرم بالغ عاقل، أو زوج بالغ عاقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(13/16624)
أصناف المحارم الذين يصاحبون المرأة في السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم الصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. السؤال هو: توجد امرأة من أسرتي تريد الحج إلى بيت الله الحرام فأود معرفة من هم المحارم من الرجال الذين يمكن لهذه المرأة السفر والحج في صحبة أحدهم؟.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمحرم المرأة الذي يمكنها السفر بصحبته هو زوجها، أو من تحرم عليه المرأة على التأبيد بنسب أو سبب مباح لحرمتها. هكذا عرف الفقهاء المحرم، واحترزوا بقولهم: على التأبيد من أخت الزوجة وعمتها وخالتها، فإن هؤلاء وإن كُنَّ يحرمن على الرجل إلا أن تحريمهن تحريم مؤقت فلا يكون محرماً لهن. واشترطوا كذلك أن يكون التحريم بسبب مباح، وهو احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها، فإنهما تحرمان على التأبيد، وليستا محرمين، لأن وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة.
وأخرجوا كذلك المُلاعِنة بقولهم (لحرمتها) ، فإنها وإن كانت محرمة على التأبيد وبسبب مباح، فليست محرماً لأن تحريمها ليس لحرمتها بل هو عقوبة وتغليظ عليهما..
والمحارم من جهة النسب هم الآباء وإن علو، سواء أكانوا من جهة الأم أو الأب، والأبناء وأبناء الأبناء وأبناء البنات وإن نزلوا.
والأخوة أشقاء أو لأب أو لأم، وأبناء الأخوة والأخوات من الجهات الثلاث السابقة، والأعمام والأخوال سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم.
ومثل هؤلاء المحارم من الرضاع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه.
وأما المحارم من جهة المصاهرة فهم أبناء الزوج وإن نزلوا، سواء أكانوا أبناءه المباشرين، أم كانوا أبناء أولاده الذكور أو الإناث، وآباء الزوج وإن علو من جهة الأب أو الأم.
وأزواج البنات وإن نزلن، وكذلك أزواج الأمهات، ويشترط في أزواج الأمهات أن يكون الزوج قد دخل بالأم، لقوله تعالى: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) [النساء: 22] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(13/16625)
حكم سفر المرأة بالطائرة دون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أود سؤالكم عن الحديث الشريف التالي:
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة" رواه البخاري
فهل المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام "مسيرة يوم وليلة" المسافة المقطوعة في يوم وليلة، أم أن المقصود هو الزمن "يوم وليلة " بغض النظر عن المسافة.
وهل الحديث المذكور هو قطعي الدلالة لفظا أم ظني الدلالة لفظاً؟
وإذا أردت أن أسافر بالطائرة وحدي من دولة مسلمة إلى أخرى مسلمة وكان زوجي في وداعي وسيكون أخي في استقبالي في الدولة الأخرى، فهل أنا من المقصودين في حديثه عليه الصلاة والسلام أم لا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنهي عن سفر المرأة بلا محرم جاء مقيدا بسفرها مسيرة يوم وليلة، كما في الحديث المذكور. وجاء مقيداً في روايات أخر بسفرها ثلاثاً، وفوق ثلاث، ويومين، وليلة، ويوما واحد، وبريداً، وهو مسيرة نصف يوم.
وجاء النهي عن سفرها بلا محرم مطلقاً من غير تحديد مدة السفر. فدل على أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، وقد قرر ذلك الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه على صحيح مسلم في كلام جامع نافع ننقله بلفظه. قال رحمه الله:
(قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم" وفي رواية "فوق ثلاث" وفي رواية "ثلاثة" وفي رواية "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم" وفي رواية "لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها" وفي رواية "نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين" وفي رواية "لا يحل لامرأة مسلمة تسافر ليلة إلا ومعها ذو حرمة منها" وفي رواية "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم".
وفي رواية "مسيرة يوم وليلة" وفي رواية "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم". هذه روايات مسلم.
وفي رواية لأبي داود "ولا تسافر بريدا" والبريد مسيرة نصف يوم. قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين، واختلاف المواطن، وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أوالبريد. قال البيهقي: كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثاً بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يوماً فقال: لا. وكذلك البريد. فأدى كل منهم ما سمعه، وما جاء منها مختلفاً عن رواية واحدة فسمعه في مواطن، فروى تارة هذا، وتارة هذا، وكله صحيح، وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يرد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين، أو يوماً، أو بريداً، أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً. والله أعلم) . انتهى من شرح مسلم للنووي.
وحيث صح النهي عن سفر المرأة بلا محرم، لزم امتثاله، ولايتوقف ذلك على كون الحديث قطعي الدلالة، أو ظني الدلالة.
وقد حكي الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم، إلا السفر للحج والعمرة، والخروج من دار الشرك، أو الفرار من الأسر، قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث: "واستدلوا به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهذا إجماع في غير الحج والعمرة، والخروج من دار الشرك".
ونقل النووي عن القاضي عياض قوله: (واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لم يكن معها محرم ...
قال القاضي عياض: قال الباجي: هذا عندي في الشابة، وأما الكبيرة غير المشتهاة فتسافر في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم.
وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه، لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة، وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس، وسقطهم من لا يترفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها، لغلبة شهوته وقلة دينه ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك. والله أعلم) انتهى من شرح النووي.
وعليه فإنه لا يجوز لك السفر بلا محرم من دولة مسلمة إلى أخرى مسلمة حسبما ورد في سؤالك.
ومن تأمل ما في السفر في هذا الزمن من المخاطر، كجلوس المرأة إلى جانب رجل أجنبي عنها، واضطرار الطائرة للهبوط في دولة أخرى وتأخر موعد رحلتها ونحو ذلك، من تأمل هذا علم حكمة الشرع في تحريم سفر المرأة بلا محرم ولو كان ذلك بآلة تقطع المسافة في ساعة أو أقل فإن هذه الأحكام شرعها من يعلم حال خلقه وما يصيرون إليه من تطور وتقدم (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/16626)
حكم سفر المرأة وحدها للدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة أدرس في الخارج.. فما حكم سفري في الطائرة بدون محرم (خصوصا وأنني في الغالب أرافق طالبة أو طالبتين.. ولكن أحيانا لا أجد أبدا مرافقاً) .. فما حكم السفر لوحدي في مثل تلك الظروف؟!!
الرجاء بيان الأمر من جميع النواحي..
شكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها، لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها" وهذا لفظ مسلم.
والذين رخصو من أهل العلم في سفر المرأة دون محرم إذا كانت مع رفقة آمنة. قصر أكثرهم ذلك على سفر الحج الواجب.
ومن قال منهم: إنه يجوز لها أن تسافر مع رفقة آمنة في كل سفر طاعة. فإن قولهم يكاد يكون قولاً مهجوراً، ومع ذلك فإن الرفقة الآمنة التي اشترطها هؤلاء لا تتحقق في طالبة أو طالبتين.
وذهابك للدراسة بالخارج لا ينبغي إلا إذا كان التخصص الذي تدرسينه مما يتلائم مع المرأة ويوافق فطرتها، مع عدم وجوده أو عدم تيسره لك في البلد الذي أنت فيه.
فإذا كان التخصص مما يتلائم مع المرأة وطبيعتها، ولا يوجد في بلدها أو غير متيسر لها، فينبغي أن يكون معها من محارمها من يقيم معها ليرعى شؤونها، لأنه قد يعرض للمرأة في إقامتها بالخارج ما يستلزم معه وجود هذا المحرم. والله ولي التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/16627)
حكم سفر المرأة للتعلم.
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مهندسة، وجاء لها تدريب على نظام جديد بالعمل في إحدى الدول الاوربية، وإن لم تسافر فاتها العلم فهل يحق لها السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت زوجتك مهندسة في مجال ملائم، وكانت بحاجة إلى هذا السفر، وكنت أنت أو أحد محارمها على استعداد للسفر معها والإقامة معها حتى ترجع، فلا حرج في ذلك، إن شاء الله.
واعلم أن وظيفة المرأة الأساسية التي تتناسب تماماً مع طبيعتها وتتلاءم مع خصوصياتها، والتي هي أحفظ لها وأصون لعرضها ولدينها، هي أن تقر في بيتها كما أمرها ربها، وتدير شؤون بيتها، وتقوم بتربية أولادها ورعايتهم صحياً وخلقياً ودينياً وتربوياً، ما أمكنها ذلك.
ولهذا أوجب الله تعالى على الرجل النفقة على الزوجة والأولاد، وأمره بالتكسب، وطلب المال من حله، ليقوم بما أوجبه الله تعالى عليه، ولم يجعل شيئاً من ذلك على المرأة.
ولكن إذا احتاجت المرأة إلى العمل، أو احتيج لها في عمل كالتدريس في مدارس البنات، أو تطبيب النساء أو نحو ذلك من العلوم أو الحرف التي تختص بالنساء، فعليها أن تدرس ما يؤهلها للقيام بهذا العمل، بشرط أن لا تدرس في مدارس مختلطة، وأن لا تسافر مع غير ذي محرم، ولا تقيم مع غير ذي محرم، أما مهنة الهندسة فهي لا تتناسب مع طبيعة المرأة أصلاً، ولا أظن أنها سيحتاج إليها فيها تلك الحاجة التي لا تدفع إلا بممارستها لها، ولا داعي إلى ترقيها في علم الهندسة، ومع ذلك إن عملت مهندسة في مجال يتلاءم مع طبيعتها وخصوصيتها، كمجال الكمبيوتر مثلاً، وراعت في ذلك الضوابط الشرعية في خروجها وفي زينتها وفي زيها وفي طبيعة عملها، ولم تضيع حق الله تعالى خلال تأديتها لعملها، ولم تضيع حق زوجها، ولا حق بيتها وأولادها، فلا حرج في عملها في ذلك المجال، ولا حرج أن تدرس ما يؤهلها لذلك العمل بالضوابط الشرعية المتقدمة.
وننه إلى أن السفر إلى بلاد غير المسلمين لا يجوز إلا لضرورة أو حاجة لا تدفعان إلا بذلك، لما ينتشر في تلك البلاد من الفساد والخطر على المرء في دينه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(13/16628)
ضوابط سفر المرأة وعملها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في دراسة الفتاة في الخارج بدون وجود محرم أو عملها في أماكن مختلطة مع التزامها بالحجاب الشرعي والأداب الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر وليس معها محرم لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها" والحديث في الصحيحين وغيرهما. وإذا كان العلماء اختلفوا في جواز سفر المرأة مع الرفقة المأمونة لأداء فريضة الحج فلا شك أن سفرها بدون محرم للدراسة ممنوع شرعاً. أما عمل المرأة المتحجبة في الأماكن المختلطة فلا يخلو من حالتين الأولى: أن تكون المرأة مضطرة للعمل لضرورة حقيقية معتبرة شرعاً حيث لا يكون لها من يقوم عليها ويوفر لها ضروريات الحياة. ولم تجد مكاناً غير مختلط تعمل فيه ولم تكن تحسن صنعة تعملها في بيتها كالخياطة والحياكة والنسيج، أو تحسنها ولكن دخلها لا يفي بضرورياتها وضروريات من تعول. ففي هذه الحال يجوز لها أن تعمل في ذلك المكان المختلط مع التزام الحذر التام ومراعاة الضوابط الشرعية لخروج المرأة فلا تخرج إلا وهي محتشمة متحجبة الحجاب الشرعي الكامل ويشترط في ذلك الحجاب أن يكون صفيقا فضفاضاً لا يصف شيئاً من مفاتنها ولا يلفت انتباه الرجال إليها. وكما يجب عليها أن تحذر مس الطيب عند خروجها لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر النساء من الخروج متطيبات إلى المسجد، وغير المسجد مثله في الحكم. من ذلك ما في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة خرجت من بيتها متطيبة تريد المسجد لم يقبل الله لها صلاة حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة". كما يحرم عليها أن تخضع بالقول عند مخاطبة الرجال إذا احتاجت إلى ذلك لقول الله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً) [سورة الأحزاب:32] إذا تحققت هذه الحالة والتزمت المرأة بهذه الضوابط يجوز لها العمل ما دامت بحاجة إليه فإذا زالت حاجتها أو وجدت فرصة عمل لا يوجد فيها اختلاط وجب عليها ترك ذلك العمل. الحالة الثانية: أن لا تكون مضطرة إلى العمل في الأماكن المختلطة إما لعدم حاجتها إلى العمل أصلاً وإما لوجود فرصة عمل غير مختلطة. ففي هذه الحال لا يجوز لها العمل في الأماكن المختلطة لما يترتب على ذلك من مفاسد ولما ينطوي عليه من مخاطر. ويكفي من ذلك أنه إذا اختلطت المرأة بالرجل في مكان واحد باستمرار يصعب عليهما أن يمتثلا أمر الله سبحانه في غض البصر الذي أوجب الله عليهما. ومن المخاطر أيضا أنه ليس كل الرجال الذين تتعامل معهم من الأتقياء الأعِفَّاء غالباً. بل إن الكثيرمنهم لا يؤمَن على الأعراض ولا يتقي الله تعالى في نظراته وكلماته وتصرفاته في بعض الأحيان وقد ينشأ عن ذلك ما لا تحمد عقباه. كما هو مشاهد. وبالجملة فالأسلم للمرأة في دينها وعرضها أن تشتغل في مجالها الخاص بها وأن تبتعد عن مكان الريبة والفساد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(13/16629)
لاتسافر المرأة بغير إذن زوجها ولو كانت مع ذي محرم إلا لضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في سفر المرأة بدون محرم وبدون إذن زوجها؟ وجزاكم الله خيرا والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع محرم لها، لما في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا معها رجل ذو حرمة منها" وهذا لفظ مسلم. وفيهما أيضا: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" ولا يجوز لها أيضاً أن تسافر إلا بإذن زوجها ولو كانت مع محرم إلا إذا كان السفر لأداء فريضة الحج أو لضرورة ملجئة كعلاج مرض مستعص فلها في الحالتين أن تسافر ولو لم يأذن لها الزوج إن وجدت محرماً يرافقها خلال سفرها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/16630)
تقدير الضرورة المبيحة لسفر المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أنهيت دراستي الأكاديمية هذه السنة، وأنا متفوقة في دراستي والحمد لله، اُتيحت لي الفرصة للحصول على درجة الماجيستير خارج البلاد (بلد أجنبية) ، وهي مهمة جداً لحياتي العملية حيث ما سيتحقق لي وما سأستطيع أن أقدمه إن شاء الله في مجال التدريس في الأكاديمية.
المشكله عدم وجود محرم متفرغ للعناية بي في السفر إلا والدتي حيث إن خطيبي (سوف يتم الزواج هذه السنة إن شاء الله) لا يستطيع مرافقتي بعد الزواج فترة الدراسة والسفر لارتباطه بعمله، ولكنه سيقضي فترات متقطعه معي، ولا يوجد لي أخ، وأبي مرتبط بعمل في القطاع الخاص، وسيفقد عمله لو سافر معي، وبالتأكيد هذه مشكلة.
والدتي سترافقني الفترة كاملة ولن تتركني يوماً واحداً إن شاء الله. ما يحيرني هو حديث قرأته عن الرسول صلى الله عليه وسلم: \"إن أرادت امرأة أن تدخل الجنة لا تسافر مسافة يوم بدون محرم\".
فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالذي يظهر أنك على معرفة بوجوب وجود محرم يصحب المرأة أثناء سفرها، وهذا الحكم ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة ألفاظ في الصحيحين وغيرهما. من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة وليس معها حرمة" رواه البخاري أي: رجل محرم لها كما هو مبين في رواية مسلم "لا يحل لامرأة مسلمة أن تسافر مسيرة ليلة إلا معها رجل ذو حرمة منها".
وهذا الحديث واضح الدلالة على عدم جواز سفر المرأة بدون محرم لها. وإذا كان العلماء اختلفوا في جواز سفر المرأة بدون محرم لها مع الرفقة المأمونة لأداء فريضة الحج فإنه من الجلي أن سفرها لغير ذلك غير مأذون فيه، لاسيما في البلاد الأجنبية، ثم إن مايخصك ليس هو السفر فقط، بل السفر والإقامة والدراسة، وفي ذلك من مطالب الحياة وضرورة التصرفات مايفوق أضعافا مضاعفة مخاطر السفر العابر المحدود الوقت.
ومما ينبغي معرفته أن والدتك ليست محرماً لك، لأنها هي بحاجة إلى محرم، فلينتبه لذلك.
وهناك مشكلة أخرى واقعة في الجامعات في البلاد الأجنبية لعلك ما انتبهت لها وهي مشكلة الاختلاط بين الجنسين، وهي مشكلة جد خطيرة تكفي لوحدها أن تمنعك من السفر إلى تلك البلاد والدراسة في جامعاتها حتى لو وجدت محرماً يسافر معك.
فعليك أن تتقي الله تعالى وتقري في بيتك وتواصلي دراستك – إن أحببت – عن طريق المراسلة في إحدى الجامعات التي عندها ذلك النظام أو في بلدك إذا كان بغير إختلاط محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(13/16631)
لا يجوز للمرأة أن تسافر دون محرم لحضور مخيم أو ندوة
[السُّؤَالُ]
ـ[في أوروبا يدخل الكثير من أهل البلاد في الإسلام وأغلبهم من النساء، وأحيانا تقام مخيمات ودورات إسلامية تتطلب من النساء السفر إلى مدن أخرى، ولكن لا يوجد معهن محرم فهل يسافرن أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر من بلدها إلى بلد آخر إلا مع زوج أو محرم مثل الأب والأخ والابن والخال والعم وابن الأخ وابن الأخت، فلا يجوز لها السفر ولو كانت مع جماعة من النساء. لأنها مأمورة بستر نفسها، أما الدعوة إلى الله تعالى فتقوم بها على قدر استطاعتها، يقول تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . [البقرة: 286] . روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة الاّ مع ذي محرم عليها".
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/16632)
تحدث المرأة مع أجنبي للتأكد من عزمه على خطبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[تقبل الله طاعاتكم وبارك فيكم، سؤالي لا أريد نشره بالموقع ـ إن كان يتمّ نشرالأسئلة بعد الإجابة ـ عليها بعد إذنكم، وسؤالي: أنا تقدم لي ابن عمي قبل أشهر قليلة، ولكن لم يُصرح لي والدي باسمه فقط أخبرني بمعلومات عنه مما أوضح لي من هو، ولكن حين أخبرني رفضت، لأنني كنت حائرة ولم أدقق في السؤال عن التفاصيل وبعدها تبين لي أنه ابن عمي بالفعل وأنا موافقة على الزواج منه بعد الاستخارة ـ بفضل الله ـ الكلّ من حولي يتكلمون في رغبته في الزواج مني ولكن بألغاز وبحذر وكأن الموضوع يخص الجميع إلّا أنا والله المستعان، وسؤالي هو: هل لي أن أُكلم ابن عمي في الموضوع بحدود، فقط لأتأكد من كلام النّاس من حولي، مع العلم أنه صاحب خُلق ـ أحسبه والله حسيبه، ولا أزكيه على الله ـ لذلك لست خائفة من محادثته في الموضوع لأتأكد من صحة الخبروليس لأُسهب في التفاصيل معه ولا لأتكلم معه، فقط أريد التأكد منه ـ هو ـ لأنني أثق به ولأنني أعلم أنه لن يأتي بسيرتي أمام أحد وذلك عن تجربة ويقين، وذلك لأنه قبل 4 سنوات خاطبني ليسألني إن كنت أوافق عليه زوجاً فأخبرته أن لّا يكلمني وإن أرادني فليتقدم لوالدي وبعدها حدثت مشاكل مما عطلت الموضوع طيلة هذه الفترة وهو حينها مع طول هذه المدة لم يُسيء إليّ أبداً، ولا أستطيع محادثة إحدى نساء العائلة بالموضوع خوفاً من أن يتكلمنّ عني، فهل شرعاً يجوز هذا؟ والله يعلم أنني لا أريد معصيته ـ لذلك أرسلت أسألكم والله يعلم أنني لا أريد أن أخوض معه في كلام طويل وأفتح عليّ باباً للشيطان، ولكن الحيرة أتعبتني كثيراً ولا أريد أن أنشغل عن ربي بهذا الموضوع ولا أريد أن أعيش وهماً لن يدفع ثمنه إلّا أنا، أمّا والدي فلا أريد مخاطبته في الموضوع خوفاً من أن لا يتقبل منّي ويبدأ بسؤالي: من أين سمعت أنه هو؟ ومن أخبرك؟ وما إلى ذلك، وأنا أريد التأكد من صحة الخبر ولا أريد الخوض فيه، ووالدتي لا أريدها أن تسأل والدي حتى لا يبدأ بطرح الأسئلة فأعود إلى نقطة الصفر من جديد.
ف أفيدوني أفادكم الله، وأتمنى أن لا تتأخروا عليّ، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى أن هناك داعياً لمثل هذه المحادثة مع ابن عمك فما دمت قد غلب على ظنك أنه هو الخاطب الذي ذكره لك أبوك فيمكنك أن تتأكدي من ذلك بيسر وسهولة، وذلك بأن تطلبي من أبيك أن يسمح لهذا الخاطب أن يأتي لزيارتكم حتى تبدي رأيك فيه، إما بالقبول أوالرفض وعندها ستتأكدين ما إذا كان هذا الخاطب هو ابن عمك أو غيره، مع التنبيه على أنه إن كان ابن عمك هذا صاحب خلق ودين وكنت على استعداد للزواج منه فيجوز لك أن تحدثيه وتطلبي منه أن يتقدم لخطبتك، لأنه لا مانع شرعاً من عرض المرأة نفسها للزواج، بشرط أن يكون الحديث منضبطاً بالضوابط الشرعية فلا تكون هناك خلوة ولا خضوع في القول ولا غير ذلك من المحظورات وأن يقتصر الحديث على قدرالحاجة، ولك أن تشترطي عليه أن يكتم عنك هذا الأمر فلا يحدث به أحداً حتى لا يوقعك في حرج، وحينئذ يصير ملزماً بالكتمان، لأن المسلمين على شروطهم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 59468.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(13/16633)
ضابط جواز سماع صوت المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مجال الجرافيك والرسوم المتحركة والإعلانات للأطفال والكبار أيضا، وهو مجال الجرافيك ثلاثي الأبعاد، وفي هذا المجال يتم عمل بعض التحريك للفم يدويا للشخصيات بواسطة برنامج معين على الكمبيوتر، ثم يتم بعد ذلك تركيب أصوات بشريه للرجال أو النساء على حركات الفم حسب الشخصية التي عليها العمل، وأحيانا يكون هناك أصوات للنساء بشيء من النعومة أو الضحك مثلا بجانب النبرة العادية للصوت.
وسؤالي هنا: هل يمنع هنا العمل في هذه الأعمال على أساس أن صوت المرأة عورة وأنه يجب خلو أي عمل من صوت المرأة الذي به ضحك أو نعومة في الحديث مهما كان السبب وراء هذا العمل حتى لو كان فيه استفادة للمشاهد من ورائه، وحتى لو كان للأطفال وممكن أن يشاهده الكبار أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تصوير ذوات الأرواح لما ورد من النهي عن ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن وجدت مصلحة شرعية معتبرة لهذا التصوير فلا حرج في ذلك إن روعيت الضوابط الشرعية ومن ذلك عدم تصوير النساء ولو في أفلام الأطفال فقط، إذ لا يؤمن أن يطلع عليها الكبار، وقد بسطنا القول في حكم الأفلام المشتملة على التصاوير وذلك بالفتوى رقم: 3127 فراجعها.
وصوت المرأة بمجرده إن كان فيه لين وتكسر فإنه لا يجوز لكونه مثارا للفتنة، قال الله تعالى مؤدبا نساء المؤمنين: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً. {الأحزاب: 32} . ولمعرفة أقوال أهل التفسير في معنى هذه الآية راجع الفتوى رقم: 74800.
وبناء على هذا، فلا يجوز للمسلم ممارسة هذا النوع من العمل إلا مع مراعاة ما جاء به الشرع من ضوابط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(13/16634)
حكم قراءة المرأة القرآن أمام الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم قراءة المرأة القرآن أمام الرجال للتعلم وغير التعلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يقوم بتعليم المرأة النساء، لكن إذا لم تجد المرأة من يقوم بتعليمها من النساء، فلا مانع من قيام الرجل بتعليمها عند أمن الفتنة، بشرط عدم الخلوة والالتزام بالحجاب الشرعي وغض البصر وعدم الخضوع بالقول، ولا حرج حينئذٍ في قراءتها القرآن أمامه بهذه الضوابط.
فإن الراجح أنّ صوت المرأة ليس بعورة، قال ابن مفلح: صوت الأجنبية ليس عورة على الأصح، ويحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة. اهـ من المبدع شرح المقنع
وأمّا قراءتها أمام الرجال لغير التعلم فالأولى أن تكون سرّاً، قال البهوتي الحنبلي: وتسرّ بالقراءة إن كان يسمعها أجنبي، وقال في رواية مهنا: ينبغي للمرأة أن تخفض من صوتها في قراءتها إذا قرأت بالليل. اهـ من كشاف القناع
لكن يجوز أن تجهر إذا كانت التلاوة لا تمطيط فيها ولا ليونة في الصوت، وأما إذا كان في الصوت ليونة أو تمطيط يؤدي إلى فتنة فلا يجوز.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 24898، والفتوى رقم: 118478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(13/16635)
حكم التسجيلات لدروس الأساتذة وسجل معها صوت الطالبات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي تسجيلات لأصوات الأساتذة عندنا في الجامعة ويوجد فيها القليل من أصوات الفتيات الناتج في بعض الأحيان عن محاورة مع الأسانذة أو نتيجة التحدث مع الذكور أو الإناث فما حكم التسجيلات التي عندي أرجو الرد سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه التسجيلات سجلت فيها دروس الأساتذة وسجل معها صوت الطالبات يسألن الأساتذة.. فإنه لا حرج في الاحتفاظ بهذه الأشرطة والاستفادة منها، لأن الراجح في صوت المرأة أنه ليس بعورة، إن لم يحصل تلذذ بسماعه، ويدل لهذا ما ثبت في عهد السلف في كلام النساء مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومع كبار الصحابة كالخلفاء، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63034، 9792، 1524.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(13/16636)
حكم استماع الخاطب إلى تلاوة خطيبته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أستمع إلى تسجيل لتلاوة خطيبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخاطب حكمه حكم الأجنبي عن الفتاة التي خطبها ما دام لم يعقد عليها، وقد سبق بيان حدود تعامل الخاطب مع خطيبته في الفتوى رقم: 112295.
أما عن سؤالك، فإن سماع صوت المرأة الأجنبية إذا لم يكن فيه فتنة فهو جائز، قال ابن مفلح:
صوت الأجنبية ليس عورة على الأصح، ويحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة. المبدع شرح المقنع.
فإذا كانت التلاوة لا تمطيط فيها ولا ليونة في الصوت، ولم يترتب على سماعك فتنة فلا حرج فيها، وأما إذا كان في الصوت ليونة أو تمطيط يؤدي إلى فتنة فلا يجوز.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 24898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(13/16637)
حكم تحدث المتزوجة إلى الرجال الأجانب عبر الشات
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على الموقع الرائع.. أنا أم زكريا من المغرب عندي أخت متزوجة وتحب الشات على النت رغم نصحي لها لكنها لا تستجيب لي، تقول بأن هذا ليس بحرام، وإنها لا تتحدت في المحرمات، وإنه مجرد دردشة على النت، تعبت في نصحها لكنها لا تستجيب لي، أتمنى أن تفيدوني في هذه المسألة جزاكم الله خيراً، وهل يعتبر الشات مع الشباب نوعا من أنواع الخيانة الزوجية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمحادثة المرأة للرجال في غرف الدردشة أو غيرها لغرض التسلية والأنس حرام لا يجوز، وقد سبق أن بينا حكم ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 114856، 20415، 21582.
ويعظم الإثم في حق المرأة المتزوجة لما فيه من انتهاك حرمة الزوج وتضييع حقه، فإن الرجل له حق ألا يتحدث أجنبي مع زوجته إلا بإذنه وعلمه، ولذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن. أخرجه الطبراني وصححه الألباني. جاء في فيض القدير: نهى أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن ... لأنه مظنة الوقوع في الفاحشة بتسويل الشيطان، ومفهومه الجواز بإذنه، وحمله الولي العراقي على ما إذا انتفت مع ذلك الخلوة المحرمة، والكلام في رجال غير محارم. انتهى.
فالواجب عليك هو أن تكرري لها الوعظ والنصيحة حتى تترك ما هي عليه من هذه المعصية، وأن تذكريها بنعمة الله عليها في الزواج، وأن هذه النعمة ينبغي أن تقابل بالطاعة والشكر، ثم بالمحافظة عليها، وأن أفعالها هذه لو علم بها الزوج فيوشك أن ينفرط عقد الأسرة ويتصدع بنيانها، وبذا تكون قد فتحت على نفسها أبواب الشرور والحرمان. فإن أصرت على ذلك فعليك أن تخبري بذلك بعض أرحامك كأبيك أو أخيك أو أحد أعمامك مثلاً ممن يملك زجرها وكفها عن هذا، ولك مع هذا أن تتخذي معها من الأفعال ما يشعرها ببغضك لفعلها وإنكارك عليها، وذلك بأن تهجريها حتى تنتهي عن عصيانها إذا غلب على ظنك أن الهجر سيردعها عن فعلها ولن يزيدها عناداً. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 20400.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(13/16638)
تحدث المتزوجة مع ابن خالها الذي كانت تحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أحب ابن خالتي، وهو كان يبادلني نفس الشعور، أما الآن فأنا متزوجة بشخص آخر؛ لأن والدي عارض الزواج، وأنا الآن أحب زوجي كثيراً، واحترمه وأخاف عليه، وأنجبت منه أربعة أطفال، ولكن أحيانا نتكلم أنا وابن خالتي هاتفيا، ولكن في حدود الأدب، ولا نتكلم في الماضي أو الحب أبداً، فقط للسؤال عن أحوال بعض، ولكن أشعر بأنني لن أحب شخصا بقدر ما أحببته، لكن هذا لا ينفي حبي وتقديري لزوجي. ومعلومة أخرى هو أنني متزوجة من 8 سنوات وإلى الآن ابن خالتي لم يتزوج بعد، السؤال هو هل أعتبر زوجة خائنة عند تصرفي هكذا، أي عند الكلام مع ابن خالتي؟ وشكراً جزيلاً لكم ... الرجاء الاستعجال في الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي تصنعين من الحديث مع ابن خالتك غير جائز، وفيه نوع من الخيانة للزوج؛ لأن هذا مما يسوؤه قطعاً لو علم به واطلع عليه، ومن حق الرجل أن لا يتحدث أجنبي مع زوجته إلا بإذنه، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن. أخرجه الطبراني وصححه الألباني.. وجاء في فيض القدير: نهى أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن. لأنه مظنة الوقوع في الفاحشة بتسويل الشيطان، ومفهومه الجواز بإذنه، وحمله الولي العراقي على ما إذا انتفت مع ذلك الخلوة المحرمة، والكلام في رجال غير محارم. انتهى.
فالواجب عليك أيتها السائلة هو أن تنتهي فوراً عن هذه المحادثات طاعة لله وامتثالاً لأمره وشكراً له على نعمة الزواج، وما جعله بينك وبين زوجك من ألفة ومودة، ثم حفاظاً على أسرتك وأولادك، فإن هذا الذي تسلكينه لو اطلع عليه زوجك فإنه قد يكون سبباً في هدم بنيان الأسرة، وضياع الأولاد وذهاب الثقة بينكما. واعلمي أن الشيطان لن يكتفي منكما بمجرد الحديث، ولن يترككما حتى يوقعكما فيما هو فوق ذلك من الزلل والخطيئة، وسيكون هذا عليه يسيراً ما دمتما على هذه العلاقة آخذين بأسباب الفتنة والفساد، فاتقي الله وتوبي إليه مما فات، ولا تتبعي خطوات الشيطان، فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(13/16639)
سلام المرأة على الرجال الأجانب وحديثها معهم عند الشافعية
[السُّؤَالُ]
ـ[1 - هل يجوز للأخت المسلمة إلقاء السلام أو رد السلام على الرجال عند الشافعية؟ وذلك في حالة كان شخصا واحدا أو مجموعة؟
2 - هل يجوز للأخت المسلمة تبادل الحديث مع الرجال من الأقارب _ غير المحارم _ عند الشافعية؟ وذلك مثل الاطمئنان علي الصحة أو الأمور العامة أو الخاصة، وهل هناك فرق في كلا الاستفسارين إن كان الرجل كبيرا في السن أو شابا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء تفصيل هذه المسألة عند الشافعية، قال الرملي في نهاية المحتاج: ويندب للنساء إلا مع الرجال الأجانب فيحرم من الشابة ابتداء وردا ويكرهان عليها، نعم لا يكره سلام جمع كثير من الرجال عليها حيث لم تخف فتنة لا على جمع نسوة أو عجوز فلا يكرهان.
وبناء عليه فمذهب الشافعية هو حرمة إلقاء الشابة للسلام على الأجنبي أو الرد عليه بخلاف العجوز فلا حرج في إلقائها للسلام وردها عليه، ولا فرق بين الأجنبي القريب والبعيد في ذلك.
قال في المنهاج: أما تعزيتها للأجنبي فحرام، وفي مغني المحتاج: الشابة لا يعزيها أجنبي وإنما يعزيها محارمها وزوجها، وكذا من ألحق بهم في جواز النظر.
وإذا منع السلام والتعزية للأجنبي فمن باب أولى منع الحديث معها إلا إذا دعت الحاجة إليه وأمنت الفتنة. ولمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6158، 105354، 2096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(13/16640)
رفع المرأة صوتها بحضرة الرجال وحكم تدريسها في جامعة مختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أنه لا يجوز دينيا أن ترفع المرأة صوتها إلا في الضرورة القصوى. أنا أم لأطفال صغار وأحيانا أحتاج لرفع صوتي عليهم في الطريق.. المطار، وما شابه لجريهم بعيدا عني (عندما أخرج بدون زوجي في بعض الأحيان لكثرة انشغاله) . كما أنني أدرس بالجامعة وأحتاج لرفع صوتي أثناء الشرح لطلبة صفي علما بأن الدراسة مختلطة. ما الدليل من القرآن والسنة؟ وما رأي فضيلتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح الذي عليه جمهور أهل العلم أن صوت المرأة ليس بعورة، وإنما يحرم إذا كان فيه خضوع بالقول، أو يتلذذ به السامع ويؤدي إلى فتنة. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63034، 9792، 1524.
أما بالنسبة لرفع المرأة صوتها، فقد جعل بعض أهل العلم خفض المرأة لصوتها داخلا في القول بالمعروف الذي أمرت به، في قوله تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب: 32} قال ابن كثير: هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الأمة تبع لهن في ذلك اهـ.
وذكر القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) أن المرأة تندب إذا خاطبت الأجانب وكذا المحرمات عليها بالمصاهرة إلى الغلظة في القول من غير رفع صوت، فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام. اهـ.
أما إذا احتاجت المرأة لرفع صوتها لضرورة أو حاجة ملحة كالتي ذكرتها السائلة الكريمة، فلا بأس عليها في ذلك بقدر حاجتها، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: إذا كانت المرأة مثلاً حول الكعبة وقت الطواف، وفَقَدَت الإنسان الذي معها، مثل زوجها، وخافت أنها تضيع عنه، فأخذت تنادي بصوت مرتفع، فهل هذا حرام أو حلال؟ فأجاب رحمه الله: هذا حلال، لا بأس به.. ما عليها إثم؛ لأنها في ضرورة. اهـ.
وقال أيضا: إذا كانت المرأة حولها رجال فإنه من الأفضل أن تسر بقراءة القرآن؛ لأنه لا ينبغي للمرأة أن تجهر بصوتها عند الرجال إلا عند الحاجة اهـ.
وأما بالنسبة للتدريس في الجامعات المختلطة، فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 67685. أن تدريس المرأة للذكور البالغين يرجع الحكم فيه إلى انضباط الأمر بالضوابط الشرعية، فإذا كانت ملتزمة بالحجاب، ولم يحصل خلوة ولا خضوع بالقول، فهو جائز والأولى تركه وإلابتعاد عنه كليا، لما في ذلك من الخطر عليها وعليهم، والسلامة لا يعادلها شيء، لأن طبيعة التدريس تستلزم المخالطة، وفي ذلك من الفتنة لها ولهم ما هو معلوم. ومن المقرر شرعا أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه ممنوع لأن الذريعة إلى الفساد يجب سدها. ويتأكد هذا إذا لم يكن بالمرأة حاجة إلى العمل، أو كان الزمان زمان فتنة وانحلال خلقي للطلاب.
وقد سبقت لنا عدة فتاوى عن حكم عمل المرأة في مكان فيه اختلاط، كالفتويين: 20388، 65401.
كما سبقت فتاوى عن الاختلاط بصفة عامة، كالفتاوى ذات الأرقام التالية: 3539، 36111، 68660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1430(13/16641)
ضوابط المخاطبة بين الرجال والنساء الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عمل المرأة مترجمة من خلال الإنترنت والذي قد يتطلب الكلام مع العملاء عبر الهاتف أو الماسنجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المخاطبة بين الرجال والنساء الأجانب سواء كانت مواجهة أو من خلال وسائل الاتصال تجوز للحاجة بالضوابط الشرعية، بأن يكون الكلام في حدود الاحتشام والجدية والبعد عن كل ما يثير الفتنة من الخلاعة والليونة وإزالة الكلفة فإن ذلك مما نهى الشرع عنه، قال تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}
وعليه؛ فيجوز للمرأة العمل كمترجمة بشرط مراعاة الضوابط السابقة في الكلام مع الاقتصار على قدر الحاجة، والحذر من استدراج الشيطان وتسويل النفس، واعلمي أن السلامة لا يعدلها شيء، وللمزيد يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 62991.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(13/16642)
حكم التحدث إلى أجنبي بحديث محترم على الشات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشات والتحدث إلى شاب ولكن بكلام محترم بالمذهب المالكي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشات وسيلة من الوسائل التي قد تستعمل في الخير فيكون طيبا وقد تستعمل في الشر فيكون خبيثا محرما، فهو بحسب ما يستعمل فيه، وقد غلب على الشباب استخدامه في التعارف وإقامة العلاقات المحرمة، وللوقوف على حكم محادثة المرأة للأجنبي عنها عند المالكية، انظري الفتوى رقم: 111391.
وعلى كل فلا يجوز للفتاة أن تحادث شابا على الشات أو غيره لغير حاجة معتبرة ولو كان الحديث منضبطا محترما لسد الذريعة، فكم من علاقة بدأت بين شاب وشابة بأحاديث محترمة بل ربما بالدعوة إلى الالتزام والحث عليه ثم انتهت بما لا يرضي الله عز وجل، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 111247، 21582، 1932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(13/16643)
حكم محادثة المرأة للأجنبي عنها عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم المحادثات على الشات مع الشباب في المذهب المالكي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجوز المحادثات بين الرجال والنساء الأجانب عبر وسائل الاتصال لغير حاجة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلمة تبادل الحديث مع الشباب الأجانب عنها لغير حاجة.. سواء كان ذلك مباشرة أو عبر أي وسيلة من وسائل الاتصال بما فيها الشات وغيره؛ لما قد يجر إليه من الفساد والمنكر.. وسبق بيان ذلك بشيء من التفصيل في الفتويين: 1932، 8768، فنرجو أن تطلعي عليهما.
وقد نص علماء المالكية على أن الرجل الأجنبي لا يسلم على الشابة ولا تسلم عليه ولا ترد له السلام، كما نصوا على حرمة التلذذ بكلامها ...
جاء في شرح النفراوى على رسالة ابن أبي زيد المالكي.. فِي السَّلَامِ عَلَى الشَّابَّةِ فَلَا تَرُدُّ سَلَامًا وَلَا تَبْتَدِئُ بِسَلَامٍ..
وفي مقدمة الأخضري المالكي:.. ويحرم النظر إلى الأجنبية والتلذذ بكلامها..
فعلى المسلمة أن تسد باب المحادثة مع الأجانب صونا لدينها وكرامتها وعرضها.. فمن القواعد المتفق عليها: أن الْوَسَائِلَ لها حُكْمَ الْمَقَاصِدِ
وعليها أن تعلم أن وسائل الاتصال نعمة من نعم الله تعالى على عباده؛ فلا ينبغي لهم استخدامها إلا فيما ينفعهم في دينهم أو دنياهم.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين: 26661، 34329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(13/16644)
إمتاع الآذان بأصوات المطربات من زنى الأذن
[السُّؤَالُ]
ـ[برجاء الافادة في حكم سماع الاغاني الدينية بصوت مطربات مثل ياسمين الخيام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التلذذ بصوت الأجنبية البالغة محرم عند أهل العلم، فلا يجوز لها أن تغني ولا أن ترخم صوتها إذا كان الرجال يسمعونها، ولا يحل كذلك للرجال سماع غناء المطربات لما يخشى من حصول الفتنة بذلك، ولأن إمتاع الآذان بأصوات المطربات يعتبر من زنى الأذن المحرم بحديث الصحيحين: والأذن تزني وزناها السمع. هذا كله عن سماع صوت المرأة في هذه الحالة، فإن صاحب الغناء أصوات آلات الموسيقى كان هذا محرما آخر.
وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36543، 16159، 95788، 63034، 56650، 36348،
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(13/16645)
ضوابط التخاطب بين المرأة والرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم والحمد لله فى الثامنة عشرة من عمري وأنوي بعد التخرج مباشرة أن أتقدم لخطبة فتاة معي فى الدفعة وهي تعلم هذا ولأن كلانا والحمد لله ملتزم فلا يوجد بيننا أى اتصال من أي نوع وأحيانا تحتم الظروف عليها أن تتعامل مع أولاد فى حدود الضرورة لتسألهم عن شيء أو ما شابه، فهل يجوز لها أن تسألني أنا بدلاً من زملائي الآخرين، مع العلم بأنها حين تسألني أتعامل معها بكل أدب وحياء وهي على أي حال سوف تسأل ولدا.. وأنا أتعامل معها كأي زميلة فى الدفعة.. لكن هي حاسة أن هذا ممكن يكون حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يجوز التخاطب للحاجة بين المرأة والرجل مع مراعاة عدم الخضوع بالقول وترخيم الصوت ومراعاة الستر وعدم الخلوة، مع البعد عن كل ما تخشى منه الريبة أو الفتنة، وإذا حصلت هذه الضوابط فلا فرق بين أن تسألك أو تسأل غيرك، والأولى أن تسأل البنت زميلاتها وتبتعد عن الذكور قدر المستطاع، كما ننصحك بالبدار لخطبة الفتاة والعقد عليها إذا كان ذلك ممكناً ريثما تتمكن من تجهيز نفسك لإكمال الزواج، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22064، 72226، 56083، 54208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(13/16646)
كلام المرأة في الدين مع الرجال الاجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا كنت أعيش حياتي عاديا جداً لكن عندما أكون قريبة من الله وكنت أصلي وأصوم لكن لم يكن بإحساس التقوى.. المهم أنعم الله علي بمرض وهذا كان شيئا مؤلما، وهذا مرض غريب وهو أني أحس بأني يأتيني الموت، وكل دقيقة أشعر أن الموت يأتي يأخذني وهذا المرض يوسم بالهلع ويعرفه أطباء المخ والأعصاب، لكن بقدر ما هو فظيع بقدر ما هو قربني من الله وأشعر أني أحب أن أكون فى طاعة الله، لكن أشعر بأني عندما أصلي أن صلاتي لم تكن صحيحة وأني فكري ومخي يشرد فى أشياء تبعدني عن التركيز فى الصلاة وأتمنى أكون قريبة من الله، فماذا أفعل أنا داخلي يريد القرب من الله لكن في تصرفاتي أشعر أنها تبعدني عن الله، وفيه شيء آخر أريد أن أعرفه هل صحيح أم خطأ، يوجد لنا جيران وفيه اختلاط وهم بنات ورجال وأنا أتكلم معهم كلهم، لكن أتكلم مع الرجال منهم فى أمور الدين أنصحهم بطاعة الله وهم أحيانا يستجيبون لي ومنهم من لا يصلي وأصبح يصلي بالفعل هل هذا حرام، أنا أتكلم معهم فى الدين وأدفعهم لعمل الخير لأنهم رجال وماذا أفعل لكي أكون على طاعة الله ولم يأخذني الشيطان لعنة الله عليه، أنا أريد من يسعدني لكي أكون فى طاعة الله، زوجي يصلي ويعرف الله لكن لم يسعدني وأشعر أنه لم يهتم أو يأمرني بأني أكون امرأة صالحة هو يسألني عن الصلاة فقط لكن كنت أتمنى أنه يكون أفضل من ذلك ويأخذني لطاعة الله ويأمرنى أن أكون من النساء الصالحات، أنا كنت فى بداية حياتي متبرجة ولم أصل والآن أنا الحمد لله أحسن لأنى بدأت أعلم أن الدار الآخرة خير وأبقى، وأتمنى أن أكون من عباد الله المخلصين، أنا عندما أشعر بأني فاتتنى صلاة أشعر بالمرض وأني مذنبة، وهذا كنت لم أشعر به في بداية حياتي كنت أسمع الأذان ولا أجيبه ولا أصلي والآن أتمنى أن أعيش حياتي في طاعة الله لكن لم أجد من يساعدني وأنا أكثر وقتي أكون وحيدة ولم يكن معي أحد ولم يكن مسموحا لي أن أعرف أحدا لأن زوجي يمنعني وكنت أتمنى الصحبة الطيبة من أجل أن نقوي بعضا بالإيمان، أنا أصابني مرض بسبب الوحدة والعزلة فماذا أفعل، أنا فعلاً أريد أن أعرف هل كلامي مع هذا الشخص خطأ حتى لو كان في أمور الدين.. أريد الحل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على الاتصال بنا، ونسأل الله لك العافية والاستقامة على الطاعة وهداية أهل بيتك والبعد عن جميع ما يسخط الله، واعلمي أن الأصل في الكلام في الدين مع الرجال هو الجواز إذا روعيت الضوابط الشرعية في عدم كشف العورات وعدم الخضوع في القول وترخيم الصوت وعدم الخلوة بهم، ويدل لذلك ما ثبت في تعليم أمهات المؤمنين للصحابة رضوان الله عن الجميع، فكتب السنة طافحة بروايات الرجال عنهن، وعلى الزوجين أن يتعاونا على طاعة الله، وعلى الزوج المسؤولية الكبرى في تعليم الخير لأهله وحملهم على الطاعة، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} .
ولقوله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه:132} .
ومن أعظم ما يساعد الزوج على تقوية إيمان زوجته أن يوفر لها صحبة صالحة من النساء الملتزمات، فإن لم يمكن اللقاء بهن فيمكن أن يعوض ذلك بالاستفادة من التقنيات المعاصرة فهناك قنوات ومواقع وأشرطة يوجد بها كثير من الخير فيمكن الاستفادة منها.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33860، 74342، 78372، 70694، 64992، 103905، 100546، 70674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(13/16647)
تحدث المرأة مع ابن عمها عبر النت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للولد أن يتحدث مع أقربائه مثل بنت العم على المسنجر، مع العلم أن الطرفين يلتزمان بالأخلاق ويتعاملان كالإخوة لأنهم أولاد عم يسكنون بالقرب من بعض منذ الصغر، ويكون الحديث بينهما بمواضيع عامة. مثل التنشيط لقراءة القرآن، أو صلاة الفجر، أو طرح مشكلة أحدهم للآخر، ولمعرفة أحواله فقط ولا يكون تعارفا مثل غرف الشات لأننا أولاد عم وكالإخوة.
وفي فتوى رقم 62991 تقول لا مانع شرعا
وأنا بحثت على النت فلم أجد أي فتوى تحدد، لأنه البعض يقول يجوز والبعض يقول لا يجوز، فأنا محتار في الأمر. مع العلم أنني قرأت جميع الفتاوى بالشبكة التي تهتم بالموضوع ولم أجد حلا لسؤالي.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة:
كلام المرأة مع الرجل الأجنبي مباشرة أو عبر وسائل الاتصال ليس محرماً في حد ذاته إذا أمنت الفتنة والتزمت الآداب الشرعية، وإنما يحرم إذا كان في حرام أو يؤدي إلى حرام، ومن ذلك محادثات الشباب من الجنسين على الانترنت ولو كانوا أولاد عم أو نحوهم من الأقارب غير المحارم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام مع المرأة الأجنبية كابنة العم أو العمة، وابنة الخال أو الخالة ونحوهن يجوز لحاجة وبضوابط شرعية مرعية، منها: الالتزام بغض البصر بين الطرفين، وأن لا تكون هناك خلوة، وأن لا يتجاوز الكلام قدر الحاجة، وأن لا تكون هناك ريبة وشهوة في قلبيهما أو أحدهما.
لكن ليعلم أن التساهل في الكلام مع غير المحارم والتوسع في ذلك لغير حاجة قد يجر إلى الوقوع في كبائر الذنوب، وإن زين الشيطان أول الأمر هذه العلاقات وأظهرها على أنها بريئة وأنها من باب التناصح والتحفيز على فعل الخير كقراءة القران أو الصلاة ونحوها مما ذكرت، وكم جرَّت هذه المحادثات والعلاقات بين الجنسين عبر وسائل الاتصال كالإنترنت من مفاسد كثيرة، وأدت إلى تدمير عفة وعفاف كثير من فتيات المسلمين.
ولذا فقد نص الفقهاء رحمهم الله على المنع من التكلم مع المرأة الشابة خشية الفتنة، فقال العلامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.
وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها ـ أي على الشابة ـ لم ترده دفعا للمفسدة.
ونص فقهاء الشافعية على حرمة ابتداء الشابة الرجل الأجنبي بالسلام، وكذا ردها عليه، وكرهوا ابتداء الرجل لها بالسلام، وعللوا التفريق بينها وبينه أن ردها عليه أو ابتداءها له مُطمِع له فيها.
فالحاصل إن من مقاصد الشريعة سد الذرائع التي قد توصل إلى الحرام، وعليه فلا ينبغي لك محادثة الشباب ولو أبناء عمك عبر الإنترنت فيما ذكرت من مواضيع عامة كمعرفة أحواله أو طرح مشاكل بعضكم على بعض لان في هذا- بلا شك - توسعا وتساهلا قد يجر إلى ما لا تحمد عقباه؛ فإن وجدت حاجة فلا بد أن يكون ذلك في حدود الأدب والأخلاق، وإن استخدمت الإنترنت لحاجة فاقتصري على محادثة النساء وفيما ينفع وفق الضوابط الشرعية.
وبهذا تعلمين الحل وأنه لا تعارض بين الفتوى المشار إليها وبين غيرها من فتاوى الموقع والحمد لله؛ إذ إن المنع في حالات والجواز في حالات أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1429(13/16648)
حكم برمجة الرسائل على صوت امرأة واستماع الرجال له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعا ثم هل يجوز أدبا أن أحد الموظفين يجعل جواله يصدر صوت امرأة "عديمة الحياء" تتحدث باللغة الإنجليزية تقول وبصوت يسمعه جميع القسم "لقد جاءتك رسالة" وذلك عند كل رسالة تأتيه "أي أكثر من مرة يوميا"، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما شرعاً فسبق بيان حكم صوت المرأة وحكم إسماعه للرجال أو استماع الرجال إليه، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1524، 96237، 59279، 11293.
وأما أدباً فإن الأدب من الشرع وليس منفصلاً عنه، كما في الحديث: والحياء شعبة من الإيمان. متفق عليه. فما كان من الأدب والخلق الحسن فهو مما يندب له الشرع، وما كان عكس ذلك فهو مما يذمه الشرع، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1429(13/16649)
حكم حديث المرأة مع جارها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حديث المرأة مع جارها والسؤال عن أحوال أهله دون الخضوع في القول أو المبالغة، وإن كانت هي من بادرت بالسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج في كلام المرأة مع جارها أو غيره ما دام منضبطاً بضوابط الشرع وآدابه ما لم تكن شابة، فلا ينبغي لها أن تكلم شاباً أو نحوه ممن يخشى دخول الشيطان في حديثها معه إلا أن تدعها إلى ذلك حاجة أو ضرورة، بل قال بعض أهل العلم بحرمة ابتداء الشابة للأجنبي بالسلام وردها عليه لعدم أمن الفتنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك ما دام في حدود الشرع منضبطاً بضوابطه وآدابه، إلا أن تكون المرأة شابة وجارها شاب، فلا ينبغي لهما ذلك لما يخشى من دخول الشيطان، بل نص فقهاء الشافعية على حرمة ابتداء الشابة الرجل الأجنبي بالسلام وكذا ردها عليه، وكرهوا ابتداء الرجل لها بالسلام وعللوا التفريق بينها وبينه أن ردها عليه وابتداءها له مطمع له فيها، وقال الخادمي الحنفي: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة. وللفائدة انظري الفتوى رقم: 16879، والفتوى رقم: 20614.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(13/16650)
حكم استماع الرجال لصوت المنشدة البالغة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صوت المرأة في الأناشيد الأسلامية جائز؟ لأنه جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة فوجد عندها جاريتين تغنيان بغناء بعاث ... إلى آخر الرواية وهل يجوزأن يستمع الرجال لها إن كان ذلك في يوم عيد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صوت المنشدة البالغة لا يجوز للرجال سماعه لما يخاف به من حصول الفتنة، ويشتد التحريم إذا كان معه آلة موسيقية. وأما الجاريتان المذكورتان في حديث البخاري فكانتا غير بالغتين كما ذكره ابن القيم فهما ليستا ممن تخشى بهما الفتنة لصغرهما، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 19007، 16159، 80766، 74421، 59668، 36348، 64718، 60890، 60890، 60782، 53872، 54316، 54439.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(13/16651)
حكم تسجيل المراة رسالة ترحيب على بدالة الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[زميلة لي فى شركة طلب منها أن تسجل رسالة ترحيب على التليفون (البدالة) ، حيث إنه عندما يتصل أي شخص سيسمع صوتها، فما الحكم في هذا الأمر، مع العلم بأن مديرها أمرها بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صوت المرأة هل هو عورة أم لا، ورجح كثير منهم أنه ليس عورة ما لم يكن فيه ترخيم وخضوع بالقول فيحرم حينئذ لقوله تعالى في النهي عن ذلك: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32} ، قال ابن كثير: يعني ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال. انتهى.
ولما كان معلوماً في هذا العصر أن المؤسسات والشركات تستخدم النساء في الترويج والدعاية، فإنه لا يبعد أن يكون المدير اختار تسجيل رسالة الترحيب من هذه المرأة لميزة يختارها في صوتها وإلا فما المانع أن يسجل الرسالة أحد الرجال العمال في الشركة، وبناء عليه فننصح هذه المرأة بالاعتذار للمدير عن هذا التسجيل بعداً عما يجر إلى الفتنة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3054، 39369، 59279، 56650، 47908، 47566، 31581، 28012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(13/16652)
حكم قراءة المرأة للقرآن جهرا أمام الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن جهرا على الرجال، مثال على ذلك، في يوم من الأيام دخلت على صديق لي فوجدته يسمع الغناء لأم كلثوم فخرجت فإذا به يقول لي اسمعها وهي تقرأ القرآن وسمعت لكنني انفعلت من الأمر لأنه كان أول مرة أسمع امرأة تقرأ القرآن جهرا، وهذا هو سؤالي، وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتكره قراءة المرأة للقرآن والرجال الأجانب يسمعونها، ومن تلذذ بصوتها حرم عليه الاستماع ولو كان لشريط مسجل لأن من أسباب حرمة الغناء دعوته إلى هيجان الشهوة والدعوة إلى الحرام، ومتى علمت هي بذلك حرم عليها الاستمرار لأنها تعينه على المحرم، وأما غناؤها لهم فحرام مطلقا، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 24898، والفتوى رقم: 16159.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1428(13/16653)
ضوابط تفاوض المرأة مع المدير في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[نائب مديري في العمل يسيء المعاملة ينتابني إحساس أنه لا يريد عمل النساء أو أن تكون هي مسألة شخصية فالدين المعاملة، فكيف يكون التصرف معه مع التزام الحدود الشرعية في عتابي له مع عدم الإساءة له من ناحيتين الناحية الشرعية والناحية الأخرى، أنه أكبر مني سناً يعني الأخ الأكبر لي؟ والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهم ما نوصيك مما يساعدك في النجاح في أمرك أن تتأكدي من مشروعية عملك في المؤسسة التي تعملين بها، وأن تلتزمي بالضوابط الشرعية عند التعامل والكلام مع الرجال، وأن تواظبي على سؤال الله أن يعيذك من الضلال والظلم والزلل، فحافظي على دعاء الخروج من المنزل يكرمك الله بالهدى والكفاية والوقاية، ففي الحديث: إذا خرج الرجل من بيته فقال: باسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت ... رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
ونرجو الله أن يحفظك من كل ما تخافين عند الحفاظ على الضوابط الشرعية والأذكار والتعوذات المأثورة، ثم أنه يجوز تفاوضك مع نائب المدير عند الإساءة إليك بأسلوب ليس فيه خضوع بالقول ولا ترخيم للصوت ولا خلوة ولا كشف لما يجب ستره، فالحوار الهادئ مدعاة للتفاهم -إن شاء الله تعالى- ورجوع المخطئ عن أخطائه، واقتصري على مطالبته بالتعامل الحسن معكم دون عتب ولوم له على ما حصل، فإن أصر على الإساءة فلكم رفع أمره إلى الجهات المسؤولة كالمدير أو من فوقه، وراجعي للمزيد في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31768، 43375، 28006، 47566، 94027، 93897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(13/16654)
الزغاريد في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على مجهوداتكم التي تبذلونها وجعلها الله في ميزان حسناتكم، لدي سؤال مهم: ما حكم الزغاريد!، هل هي حرام أم جائزة، هذه مشكلة كبيرة لأن الأفراح لا تخلو من الزغاريد التي تعبر عن الفرحة، والبعض يقول أنها حرام والبعض الآخر يقول إنها جائزة لأن الحرام ما حرمه الله والزغاريد لم تحرم إذاً فهي جائزة، فأرجوكم أريد أدلة واضحة من السنة والكتاب لحرمتها أو لحلتها، أنا سألت هذا السؤال لأنه نعاني منه في بلداننا العربية بكثرة وقد حصل لي هنا في ألمانيا موقف جعل معازيم الفرح ينقسمون لشقين شق مع الزغاريد وشق معارض ... وأدى ذلك لمشاكل وغضب البعض، لذلك سأقوم بإرسال فتواكم إلى المتكلمين بالعربي ولكن أتمني أن تدلوني أين يمكن أن أجد نفس الجواب باللغة الألمانية لأرسله إلي الذين لا يفهمون العربية أو هل بإمكانكم إعطائي الجواب بالعربي ومترجم بالألماني لو أمكن، والله أنا بحاجة ماسة للجواب باللغتين لأنكم لا يمكن أن تتصوروا الفتنة التي حصلت بسبب ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد نص من كتاب ولا سنة بخصوص الزغاريد، ولكنها من صوت المرأة والأصل فيه أنه ليس بعورة، لكن قد تعرض له عوارض تجعله محرماً مثل ترخيمه وترقيقه وكل ما من شأنه أن يجعله مثيراً للتعلق بصاحبته والفتنة بها، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 1524.
وعليه فإنا لا نرى جوازها إذا كانت بحضرة من يتلذذ بها، جاء في حاشية العدوي على شرح الخرشي لمختصر خليل بن إسحاق المالكي في شأن صوت المرأة أو المعتمد كما أفاده الناصر اللقاتي في فتاواه وشيخنا الصغير أنه ليس بعورة، ونص الناصر: رفع صوت المرأة التي يخشى التلذذ بسماعه لا يجوز ... لا في الجنازة ولا في الأعراس سواء كانت زغاريت أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(13/16655)
حكم إلقاء المرأة الموعظة أمام الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[أستاذ فاضل يدرس لنا الدعوة والخطابة لوجه الله عز وجل في إحدى دور القرآن لكن نساء ورجال، الحمد لله كراسينا متفرقة (كل في جنب) ، الآن طلب منا تحضير درس أو محاضرة لإلقائها أمام الحضور يعني نحن (الطالبات والطلاب) كل ورشة تقوم منها أخت تقرأ موعظتها، علما بأني منقبة، فهل يجوز أن أتطوع لقراءة الموضوع أمام الرجال، وما حكم المذاهب الأربعة في هذا الأمر، علما بأن بلدي على المذهب المالكي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صوت المرأة هل هو عورة فيحرم سماعه كما يحرم النظر إليها أم ليس بعورة، فيجوز سماعه؟
قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار وهو حنفي قوله: (وصوتها) معطوف على المستثنى يعني أنه ليس بعورة ... وأقره البرهان الحلبي في شرح المنية الكبير وكذا في الإمداد ثم نقل على خط العلامة المقدسي ذكر الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه في السماع ولا يظن من لا فطنة عنده أنا إذا قلنا صوت المرأة عورة أنا نريد بذلك كلامها لأن ذلك ليس بصحيح فإنا نجيز الكلام مع النساء للأجانب ومحاورتهن عند الحاجة إلى ذلك..
وقال الدسوقي في حاشيته وهو مالكي بعد أن ذكر القول بمنع أذان المرأة لكون صوتها عورة: وقد يقال إن صوت المرأة ليس عورة حقيقة بدليل رواية الحديث عن النساء الصحابيات وإنما هو كالعورة في حرمة التلذذ بكل وحينئذ فحمل الكراهة على ظاهرها وجيه. وفي المذهب أن صوتها ليس بعورة وذكر العدوي في حاشيته أن ذلك هو المعتمد، فقال معلقاً على قول الخرشي: المرأة دون الرجل في الجهر بأن تسمع نفسها فقط فيكون أعلى جهرها وأدناه واحداً وعلى هذا يستوي في حقها السر والجهر ... لأن صوتها عورة وربما كان فتنة. قال العدوي: لأن صوتها عورة. المعتمد كما أفاده الناصر اللقاني في فتاويه وشيخنا الصغير أنه ليس بعورة ونص الناصر: رفع صوت المرأة التي يخشى التلذذ بسماعه لا يجوز من هذه الحيثية. اهـ
وقال النووي في المجموع وهو شافعي: وبالغ القاضي حسين فقال: هل صوت المرأة عورة فيه وجهان الأصح أنه ليس بعورة، وفي البجيرمي. وصوتها ليس بعورة على الأصح لكن يحرم الإصغاء إليه عند خوف الفتنة. وقال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: وصوت المرأة ليس بعورة ويجوز الإصغاء إليه عند أمن الفتنة.
وقال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: صوت الأجنبية ليس بعورة، على الصحيح من المذهب. وقال البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الإرادات: وصوت الأجنبية ليس بعورة ويحرم تلذذ بسماعه ... ولو كان صوتها بقراءة لأنه يدعو إلى الفتنة بها.
هذه هي أقوال المذاهب الأربعة في صوت المرأة وحكم سماع الرجال له، وكلها مجمعة على حرمته إذا خشيت منه الفتنة لتمطيطه وتليينه وخضوعها به، وأما إذا خلا من ذلك كأن يكون لتعليم أو طلب حاجة وسؤال ونحوه فلا حرج فيه، وهذا هو الصحيح الراجح.
قال الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء: وصوت المرأة في غير الغناء ليس بعورة، فلم تزل النساء في زمن الصحابة رضي الله عنهم يكلمن الرجال في السلام والاستفتاء والسؤال والمشاورة وغير ذلك، ولكن للغناء مزيد أثر في تحريك الشهوة.
وللشيخ سيد قطب رحمه الله تعالى كلام جميل جليل ذكره في الظلال عند قوله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ... ينهاهن حين يخاطبن الأغراب من الرجال أن يكون في نبراتهن ذلك الخضوع اللين الذي يثير شهوات الرجال، ويحرك غرائزهم ويطمع مرضى القلوب ويهيج رغائبهم! ومن هن اللواتي يحذرهن الله هذا التحذير إنهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين، اللواتي لا يطمع فيهن طامع، ولا يرف عليهن خاطر مريض، فيما يبدو للعقل أول مرة، وفي أي عهد يكون هذا التحذير؟ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصفوة المختارة من البشرية في جميع الأعصار.. ولكن الله الذي خلق الرجال والنساء يعلم أن في صوت المرأة حين تخضع بالقول، وتترقق في اللفظ، ما يثير الطمع في قلوب، ويهيج الفتنة في قلوب، وأن القلوب المريضة التي تثار وتطمع موجودة في كل عهد، وفي كل بيئة، وتجاه كل امرأة، ولو كانت هي زوج النبي الكريم، وأم المؤمنين. وأنه لا طهارة من الدنس، ولا تخلص من الرجس، حتى تمتنع الأسباب المثيرة من الأساس.
فكيف بهذا المجتمع الذي نعيش اليوم فيه، في عصرنا المريض الدنس الهابط، الذي تهيج فيه الفتن وتثور فيه الشهوات، وترف فيه الأطماع؟ كيف بنا في هذا الجو الذي كل شيء فيه يثير الفتنة، ويهيج الشهوة وينبه الغريزة، ويوقظ السعار الجنسي المحموم؟ كيف بنا في هذا المجتمع في هذا العصر، في هذا الجو، ونساء يتخنثن في نبراتهن، ويتميعن في أصواتهن، ويجمعن كل فتنة الأنثى، وكل هتاف الجنس، وكل سعار الشهوة ثم يطلقنه في نبرات ونغماتّ! وأين هن من الطهارة؟ وكيف يمكن أن يرف الطهر في هذا الجو الملوث، وهن بذواتهن وحركاتهن وأصواتهن ذلك الرجس الذي يريد الله أن يذهبه عن عباده المختارين؟ (وقلن قولاً معروفاً) .. نهاهن من قبل عن النبرة اللينة واللهجة الخاضعة وأمرهن في هذه أن يكون حديثهن في أمور معروفة غير منكرة، فإن موضوع الحديث قد يطمع مثل لهجة الحديث. فلا ينبغي أن يكون بين المرأة والرجل الغريب لحن ولا إيماء، ولا هذر ولا هزل، ولا دعابة ولا مزاح كي لا يكون مدخلا إلى شيء آخر وراءه من قريب ولا بعيد. انتهى.
وخلاصة القول أن صوت المرأة إذا أمنت منه الفتنة وكان قولاً معروفاً لا خضوع فيه ولا فحش وكان لحاجة كتعليم أو سؤال ونحوه لا حرج فيه، فانظري أيتها الأخت السائلة إذا كان هذا ما يتحقق في إلقائك للدرس على الطلاب وبينهم رجال أجانب، فيجوز لك ذلك، أم لا فتكفي وتبتعدي، والأولى والذي ننصحك به ما دمت لست ملزمة بالإلقاء أن تتجنبيه، فإنه أبعد عن الريبة. ولمعرفة حكم الدراسة المختلطة وضوابط جوازها انظري الفتوى رقم: 17191، والفتوى رقم: 5310، والفتوى رقم: 50423.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، ويرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، ويهيئ لنا من أمرنا رشد؛ إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1428(13/16656)
ضوابط الإنشاد الجماعي للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جمعية ثقافية نقوم بتوعية الناس من محو أمية ودروس دينية وأعمال خيرية قدر المستطاع أخواتي في الله عندما تكون مناسبة دينية مثل حلول رمضان, عاشوراء.... يقومون بإحياء أمسية بإلقاء موعظة وبعدها نتمم الأمسية بالأناشيد الدينية بالميكرفون صوتهن يطلع للمارين!! تارة صوت جماعي وتارة واحدة تنشد ويردون عليها، ما رأيكم حين تنشد لوحدها ويردون عليها، وما رأي الشرع في الميكرفون للنساء، والإنشاد الجماعي، كما يصاحب هذه الأناشيد زغاريد جماعية يسمعها المارون، فهل هذا يجوز في مذهبنا المالكي أركز على هذه النقطة لأنني منقبة وأحتاج جوابا كافيا للمذهب المالكي حتى أقنع أخواتي في الله إذا كانت هناك مخالفة شرعية فيما رويته لكم.. وجزاكم الله خيراً، فأنا لا أريد بث التفرقة بيني وبينهن فأنا أحتاج رفقة صالحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في إنشاد المرأة بين النساء الإباحة إن كان ذلك بحيث لا يسمعها الرجال الأجانب، سواء كانت المنشدة واحدة أو كان معها نسوة يرددن معها، ولا حرج كذلك في مكبر الصوت لهن إن أمن سماع الأجانب، ويتعين البعد عن إسماع الرجال لأن النشيد تظهر فيه أصوات النساء الرخيمة الحسنة الصوت التي يخاف بها الافتتان، وراجعي في النشيد الزغاريد للنساء الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9787، 58103، 59668، 76189، 2351، 16159.
هذا، وننبه إلى أن قيام الجمعية بتوعية الناس أمر محمود وهو مطلب ضروري جداً، إلا أنه يتعين تخول الناس بالمواعظ والتعليم في برنامج أسبوعي دائم، عملاً بما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يذكر أصحابه كل خميس، ويذكر لهم أنه يكره أن يملهم.
وأما التذكير عند عاشوراء أو رمضان وتعليم الناس ما ينبغي لهم فعله في ذلك الشهر فهو مشروع، ولكن جعل المناسبات الموسمية تحيى بالأناشيد والزغاريد فهذا منهج لم يكن معروفاً في عهد السلف الأول، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 66797 مع إحالاتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(13/16657)
الموظفة الحامل هل تخبر مديرها بعذرها عند الإجازة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم في أنني أعمل في دائرة حكومية ورئيس قسمي هو رجل وأنا سوف أضطر إلى أخذ الكثير من الإجازات وذلك بسبب أنني أتعالج للحمل ومن المحتمل أن أقوم بإجراء عملية أطفال الأنابيب وكما تعرفون بأن المرأة تحتاج إلى فترة راحة بعد هذه العملية وأريد أن أبرر له كثرة أخذي للإجازات فكما تعلمون يتطلب العلاج مراجعات كثيرة علما بأنني أعمل في مكان بعيد عن مكان علاجي فهل يجوز لي أن أخبره بطبيعة مشكلتي كي أبرر له الإجازات الكثيرة، أرجوكم أفيدوني لأنني الآن سأبدأ العلاج؟
وشكرا جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليك في إبداء سبب إجازاتك المتكررة للمدير مع الالتزام بالضوابط الشرعية في الكلام والحجاب والنظر والبعد عن الخلوة وكل ما فيه ريبة، ويمكن أن تكتبي الأمر وتعطيه له مكتوبا مرفقا بنسخة من إجازات المستشفى ومواعيده، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 58132، 30016، 21582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1427(13/16658)
الحديث بين الفتاة والشباب الأجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل يمكنني أن أتحدث مع شباب معدودين باحترام أسأل عنهم ويسألوا عني وأعيد عليهم قبل أن يعيدوا علي والتحدث معهم عبر النت والرسائل والهاتف، فهل هذا يؤثر على توبتي وهي أنني أعطيت نفسي لشاب وأنا الآن أحاول أن ألتزم وأعتقد أنني في الخط الصحيح ولكن أريد أن أعرف هل ما قلت يؤثر على توبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث بين الفتاة وبين الشباب لا يؤمن أن يدخل فيه الشيطان ويجعله سببا لإثارة الشهوات وتعلق قلب أحد الأجانب بالآخر، وهذا يؤثر على توبة العبد واستقامته وبالتالي يتعين الاحتياط والتورع في أمره والبعد عن مخالطة الأجانب، وأما إعطاء المرأة نفسها لرجل فإن كان المراد هبتها نفسها له فإنه لا يجوز لأن هبة المرأة نفسها لرجل من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إن كان المراد عدتها لرجل بقبوله زوجا لها فهذا مباح ولكنه يتعين أن يعلما أنهما قبل عقد الزواج لا يزالان أجنبيين يحرم أن يقع منهما ما يحرم بين الأجانب،
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على خطورة وحكم العلاقات والحديث مع الشباب: 68352، 8890، 9431، 72264، 72226، 71045، 30792، 37028، 1072، 1932، 21310، 27713، 68750، 67309، 66569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(13/16659)
حديث الرجل مع أخوات زوجته بقصد مساعدتهن ماليا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وأقوم بمحادثة أخوات زوجتي بالهاتف للسؤال عن أحوالهن لتقديم بعض الإعانات المالية , بدون علم زوجتي التي هي أختهم, علما بأنهن أيتام وبعضهن موظفات براتب قليل, وأقوم أنا بإيداع الإعانات في رصيدهن مباشرة..فما حكم تصرفي هذا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك, وتثاب على الصدقة. واعلم أن أخوات زوجتك أجنبيات عنك ولهن حكم الأجنبيات من تحريم الخلوة والنظر, وينبغي أن يكون الكلام معهن على قدر الحاجة, وإذا أحسست من نفسك بميل غير طبيعي نحوهن أو نحو إحداهن أو خشيت على نفسك الفتنة بهن فيجب عليك ترك الحديث معهن, ويمكن إيصال مساعدتك لهن عن طريق وسيط بينك وبينهن كزوجتك مثلا أو أحد محارمهن. وفقك الله لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1427(13/16660)
ضوابط إنشاد المرأة وقراءتها للقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أملك صوتا جميلا وأريد أن أستخدمه في ما يرضي الله كقراءة القرآن والأناشيد، ولكن أخاف أن يكون حراما، فهل يجوز أن أقوم بتسجيلات وأنشرها. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يزيدك حرصا على فعل الخير وتحريه. وننبهك إلى أن الصوت الحسن نعمة من نعم الله إن استخدم فيما يرضيه، ونقمة إن استعمله صاحبه في سخطه سبحانه. فعليك أن تشكري تلك النعمة باستعمالها فيما يرضي الله تعالى، وعدم استخدامها فيما يسخطه، ولا حرج عليك في قراءة القرآن أو الإنشاد بين النساء خاصة، وأما تسجيل ذلك أو فعله في حضور الأجانب فهو مما لا يجوز لما فيه من الميوعة وترقيق الصوت وترخيمه فيؤدي إلى الافتتان بك، وهذا باب شر يجب سده، وقد بينا ذلك في الفتويين: 39369، 11293.
جاء في نهاية المحتاج: فقد صرحوا (يعني علماء الشافعية) بكراهة جهرها في الصلاة بحضرة أجنبي، وعللوه بخوف الافتتان.
وفي كشاف القناع: وتسر بالقراءة إن كان يسمعها أجنبي. وقال في رواية مهنا عن أحمد: ينبغي للمرأة أن تخفض من صوتها في قراءتها إذا قرأت بالليل. اهـ، وكل ذلك خشية الافتتان بصوتها، وما كان فيه تمطيط وترجيع من قراءة أو إنشاد فهو أولى بالمنع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(13/16661)
حديث الفتاة مع سائق الحافلة الأجنبي عنها للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي التحدث مع سائق الباص الذي يأخذنا إلى الجامعة يومياً، علماً بأنني أتحدث فقط عند الضروريات وعند اللزوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الحديث مع سائق الباص أو غيره من الرجال إذا كان لحاجة وكان الكلام منضبطاً بضوابطه الشرعية، فقال الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32} ، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 22064، وللاستزادة انظري الفتوى رقم: 60312، والفتوى رقم: 14400.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(13/16662)
دراسة الشاب التجويد سماعا من أجنبية عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم أحب تعلم كتاب الله فهل يجوز لي تعلم القرآن وقواعد التجويد عبر الإنترنت على يد امرأة بالسماع. خاصة وإنها تكبرني ب14سنة وهي على درجة عالية من الأخلاق ولا يدور بيننا أي كلام آخر يغضب الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تبحث عن رجل يحسن قراءة القرآن ويتقن تجويده ولن تعدمه إن شاء الله تعالى وتقرأ عليه فهذا أبعد من الريبة وآمن من الفتنة؛ لأن قراءة القرآن يطلب فيها تحسين الصوت, وصوت المرأة إذا كان حسنا لا تؤمن الفتنة منه، فينبغي الابتعاد عن هذا النوع ضرورة ولا داعي للقراءة على هذه المرأة, وطلبة العلم والحفاظ المتقنون لكتاب الله موجودون بكثرة ولله الحمد، ولا شك أن فيهم من هو مستعد للتعاون وتعليم من أراد التعليم ومع ذلك فنحن لا نقول بأن صوت المرأة عورة أو حرام وإنما يحرم عند التلذذ به أو خشية الفتنة منه، وقد قال الله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً {الأحزاب: 32} وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع من النساء، وكان التابعون يتعلمون من الصحابيات ولكن ذلك كله كان بصوت عادي ليس فيه تحسين ولا خضوع بالقول كما قال الله تعالى: وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً.
نسأل الله تعالى أن يحفظك ويعينك على حفظ كتابه وتعلم دينه ونرجو أن تطلع على الفتويين: 24898، 50422.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(13/16663)
الزغردة.. معناها.. وحكمها للرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بأن الزغرودة {الصوت الذي يصدر من أفواه النساء عند الفرح} إذا الرجل زغرد لن تزوره الملائكة لمدة أربعين يوما هل هذا الكلام صحيح وهل يحق للرجل أن يزغرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزغردة أصلها صوت للفحل. قال الزبيدي في تاج العروس: الزَّغْرَدةُ أَهمله الجوهريُّ وقال ابن دُرَيْد: هَدِيرٌ للإِبِل يُرَدِّدُه الفَحْلُ في جَوْفِهِ. وفي اللسان: في حَلْقِهِ. قلت: ومنه زَغْرَدَةُ النِّساء عند الأَفراحِ.
فهذه هي الزغردة. وأما اللفظ الذي ذكرته فلم نقف عليه فيما اطلعنا عليه من كتب أهل العلم، وقد بينا حكم الزغردة للنساء في الفتوى رقم: 9787، وأما الرجال فليس ذاك من شأنهم وإذا فعلوه تشبها بالنساء فهو حرام لما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. فلا يجوز للرجال فعل ذلك إن كان على سبيل التشبه؛ وإلا فيكره لاختصاص النساء به وغلبة فعله منهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1427(13/16664)
ضوابط تكليم المرأة لرجل في الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن صلاة الاستخارة تقدم لخطبتي شاب وكالعادة صليت الاستخارة تبين لي من خلال رؤية بالمنام أنه شخص فيه خير فتوكلت على الله أعطيته رقم هاتفي فأصبح يكلمني فكنت أحس بعدم الاطمئنان كان يتبين لي أنه شخص غير متدين بالشكل المطلوب تشجعت للقائه وهناك تأكد لي بأنه ليس فيه خير فأنا كنت أجيب على مكالماته بناء على رؤية الاستخارة والتقيته مرة فراح كل منا إلى حال سبيله لأني لم أكن موافقة، فسؤالي الأول فضيلة الشيخ هو: أنني أريد منكم استفسارا لهذا، مع العلم بأني لا أخطو خطوة إلا بعد عمل الاستخارة،
والثاني هو أني أريد منكم نصيحة كي يستجيب الله سبحانه وتعالى دعائي لأجد الشاب المتدين والمناسب لأنه ليس أمامي إلا الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى؟ بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في فتاوى سابقة أن ما يراه النائم في منامه لا أثر له شرعاً في الأحكام ولا في الحلال والحرام، وننبه السائلة إلى أنه لا يجوز لها أن تختلي برجل أجنبي عنها ولو كان يريد خطبتها، وإنما يجوز للخاطب أن ينظر من المرأة التي يريد خطبتها ما يدعوه إلى نكاحها ثم يقدم أو يحجم، وتكليمها له بالهاتف إن لم يكن له حاجة وينضبط بالضوابط الشرعية من عدم اللين في القول والخضوع فإنه حرام، وعلى الأخت أن تحذر من ذلك.
وأما النصيحة فننصح الأخت وأنفسنا بتقوى الله عز وجل، فإنه سبحانه هو المالك المدبر المتصرف في الأمور، والخير كله بيده سبحانه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ولا ينال ما عنده سبحانه بمثل طاعته، قال تعالى: مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ {النساء:134} ، وأن تصبر وتتعفف حتى يأتيها الرجل المرضي في دينه وخلقه، نسأل الله عز وجل أن يرزق الأخت الزوج الصالح والذرية الصالحة، وأن يجنبها كل سوء ومكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(13/16665)
الكلام بين الأجنبيين ذريعة لما لا يرضي الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش وحدي للدراسة وأحفظ القرآن والحمد لله لكني ذات مرة كنت على الإنترنت في موقع محادثة وتحدثت مع فتاة وأنا معترف بخطئي وحدث التعارف بيننا هاتفيا مع العلم بأني لم أتعد حدود الأدب في الكلام إلا أنها أحبتني وأحببتها وتواعدنا إن شاء الله بالزواج فأخبرتني أن أخاها يحضر دروس علم في مسجد ما وذهبت بالفعل لأحضر الدروس وأتعرف على أخيها ولم أقابلها إلا حينما أعطتني صورة أخيها ومرة أخرى سريعة لكن اتفقنا ألا نتقابل مرة أخرى حتى يتم الزواج إن شاء الله خصوصا وأن بعض أصدقائها يعرفون بقصتنا وإذا لم أتزوجها أو على الأقل أتقدم لخطبتها رسميا ستضيع سمعة البنت ويكون ذنبها في رقبتي ولكن الآن نتكلم هاتفيا كل يوم مرة أو مرتين وطبعا إذا قطعت معها الكلام ستظن أنني كنت أتسلى وألعب بها أو أضحك عليها وستصدم وهي في أيام الثانوية العامة فما حكم هذا الكلام؟ مع العلم بأنه قد يحدث بعض الغزل البسيط وأنا خائف جدا من الله وعذابه فماذا أفعل؟؟ وكيف أصلح خطئي؟؟؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاحمد الله على أنك تحفظ القرآن، وعلى أنك لم تتعد حدود الأدب في الكلام مع تلك الفتاة، وعلى أنك خائف جداً من الله ومن عذابه، وتب إلى الله مما ذكرته من الحديث معها على الإنترنت، وما تفعله من الكلام معها هاتفياَ كل يوم مرة أو مرتين وما ذكرت أنه قد يحدث من الغزل الذي سميته بسيطاً، وهو في الحقيقة غير بسيط.
واعلم أن المحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، وما يتخللها من الغزل، إنما هي ذريعة إلى الوقوع فيما لا يرضي الله كما هو معلوم، وبالتالي، فإنها محرمة.
قال الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب: 32} .
ولا فرق بين أن تكون المحادثة المذكورة عبر الهاتف والإنترنت أو مشافهة، فهي وسيلة إلى المحرم في كلتا الحالتين، ووسيلة الحرام حرام.
ومن أراد أن يسلك الطريق القويم لزواج سليم فليخطب من يريد الزواج بها من ولي أمرها أو منها هي إن كانت رشيدة، وقد أباح الشارع له أن ينظر منها إلى ما يدعوه لنكاحها.
وعليه، فإنا ندعوك أيها الأخ الكريم إلى التقدم لأهل هذه الفتاة لخطبتها، والكف عن هذا النوع من المكالمات وما يترتب عليها مما تسميه بالغزل البسيط.
واعلم أن باب التوبة مفتوح لمن أراد ذلك، وشرطها الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والنية أن لا تعود إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(13/16666)
تسجيل المناهج الدراسية بصوت المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تسجيل المناهج الدراسية الخاصة بالمكفوفين على شرائط كاسيت بصوت المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرجح من أقوال أهل العلم أن صوت المرأة في حد ذاته ليس بعورة، لقول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ {الأحزاب: 53} . وقال تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب: 32} . فلم يرد النهي عن الاستماع إلى كلامهن، وإنما جاء النهي عن خضوعهن بالقول وهو ترخيم الصوت وترقيقه، لأن ذلك يؤدي إلى الفتنة، ونص أهل العلم على أنه يحرم التلذذ بصوت المرأة. قال ابن مفلح في الفروع: وليس صوت المرأة بعورة على الأصح، ويحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة ...
وعليه، فلا مانع من تسجيل أو استماع المناهج الدراسية الخاصة بالمكفوفين على شرائط كاسيت بصوت المرأة، بشرطين: الأول: أن لا يكون هناك تكسر أو خضوع في قولها.
الثاني: أن لا يتلذذ المستمع من الرجال بصوتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(13/16667)
كلام المرأة مع الأجنبي عبر وسائل الاتصال
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن محادثة المرأة للرجل في المسنجر حرام ويعتبر خلوة هل محادثة شخص من الأقرباء ولا يحرم عليّ تجوز لأنه من بلاد أخرى وهو يطمئننا عن نفسه وأهله؟
سؤالي هو: أخذت منصب الإشراف في أحد المنتديات وقد أجبرت على إضافة مراقب للاستفسار عن بعض أمور المنتدى والتشاور في بعض المواضيع المطروحة فهل أذنبت بإثم الخلوة غير الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن تتحدث المرأة مع رجل أجنبي من أقاربها أو من غيرهم لتطمئن على نفسه أو أهله أو غير ذلك، سواء كان ذلك مباشرة أو عبر وسيلة اتصال ما داما ملتزمين بالآداب الشرعية وعدم الخلوة والخضوع بالقول.
فقد كان أبوبكر وعمر يزوران أم أيمن رضي الله عنها ويتحدثان معها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك تحدث عمر رضي الله عنه مع أسماء بنت عميس رضي الله عنها بعد قدومها من الحبشة والآثار عن الصحابة والسلف الصالح في هذا كثيرة في الصحيحين وغيرهما.
ولهذا فلا مانع شرعاً أن تستشيري أهل الخبرة أو تستفسري أهل الاختصاص عما أشكل عليك من الأمور العادية أو الدينية ما دام ذلك في حدود الشرع وآداب الإسلام، وكلام المرأة مع الرجل الأجنبي مباشرة أو عبر وسائل الاتصال ليس محرماً في حد ذاته إذا أمنت الفتنة والتزمت الآداب الشرعية، وإنما يحرم إذا كان في حرام أو يؤدي إلى حرام.
وللمزيد يرجى الاطلاع على الفتاوى: 29688، 58132، 38062.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(13/16668)
المحادثة مع الجنس الآخر للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال يحيرني ويقلقني.
وهو ما حكم الشرع ورأي الإسلام في المحادثة مع الجنس الآخر، على أن تكون في ضوابط، لا يتحدث فيها الطرفان عن أمور مخلة أو محرمة أو سيئة.، يكون غرضها التعارف وتكوين الصداقات من مختلف البلدان والأخوة، وتبادل الآراء وتقديم المساعدة. وإذا تساءلت عن الأخوة ببساطة أقولها أن يكون أخي في الله فقط ولا غير. فأنا يا سيدي فلسطينية مغتربة، ولا أدري أن ذقت مرارة الغربة، كل ما أردته هو التعرف على أشخاص من فلسطين أتحدث معهم وأشجعهم وأقويهم في أرض النضال، وأساعدهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ضبط الإسلام العلاقات بين الأفراد، وحدها بسياج يلائم النفس البشرية، فحرم مخاطبة الرجل المرأة، والمرأة الرجل إلا لحاجة. وإن كانت ثم حاجة داعية إلى الخطاب بينهما فليكن ذلك في حدود الأدب والأخلاق، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب: 53} . وقال تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً {الأحزاب: 32} . والخطاب قد يكون باللسان والإشارة والكتابة، فهو عبارة عن كل ما يبين عن مقصود الإنسان، ولا ريب أن مخاطبتك للرجال فيما ذكرت ليس حاجة معتبرة، لأنه بإمكانك أن تتحدثي إلى نساء بدلاً من الرجال، أما الحديث إلى الرجال فهو ذريعة إلى ما حرم الله كما هو معلوم، وراجعي الفتوى رقم: 28328. لذا فإنا ننصح الأخت السائلة بالاقتصار على محادثة النساء والمحارم، وإن دعت الحاجة إلى التحدث مع الأجانب فلتكن مضبوطة بالضوابط المشار إليها، ولا تسترسل فيها، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر {النور: 21} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(13/16669)
مخاطبة الأجنبي للأجنبية عبر الهاتف وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[من أين لك أن تفتي بمثل هذه الفتوى؟ ومن قال لك إنه يحرم أن تكلم الأجنبية على الهاتف النقال؟ أرجو أن ترسل لي مصدر هذه الفتوى المزعومة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من خطاب الرجل للمرأة والمرأة للرجل مباشرة أو عبر الهاتف ما دام ذلك لتحقيق هدف شرعي؛ كتعليم العلوم الشرعية والعلوم الدنيوية التي يترتب عليها مصلحة تعود على المجتمع بالخير والنفع وما أشبه ذلك من الامور إذا لم يكن هنالك من النساء من هي قادرة على القيام بهذه المهمة وبنفس القدر من الجودة والإتقان، وذلك لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الوارد في البخاري قال: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن. ووجه الدلالة هنا سماعه صلى الله عليه وسلم من النساء وسماعهن منه. وعلى المرأة في تلك الحالة أن تنأى عن الخضوع بالقول وعن كل ما يؤدي الى الفتنة.
وأما إذا لم يتعلق بخطاب الأجنبية للأجنبي أو الأجنبي للأجنبية غرض شرعي أو مصلحة دنيوية فإن ثمت نصوص كثيرة تحث على قطع الصلة بين الجنسين بعدا عن سائر أسباب الفتنة وحبائل الشيطان. قال الله تعالى مخاطبا نساء النبي صلى الله عليه وسلم -وهن أبعد النساء عن الريبة والإثم-: فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض. وفي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة اضر على الرجال من النساء. وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ولا شك أن الخطاب بين الجنسين في الهاتف لغير مصلحة هو من حبائل الشيطان، وسبب كبير في الفتنة وبالتالي فهو حرام.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1426(13/16670)
هل توافق على محادثة زوج صديقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 35 عاما طلبت مني صديقتي وهي في بلاد الغرب معلومات عني وصورتي للزواج من أحد الشباب العربي هناك وقمت بإرسال هذه المعلومات عبر الانترنت من خلال إيميل زوجها ولكن لم يتم الزواج لأنه ليس حاصلا على الجنسية بعد سنة من هذا الموضوع طلب مني زوج صديقتي خدمة تتعلق بالكمبيوتر وأرسلتها عبر البريد العادي إلى المكان المقيم فيه وتفاجأت بعد ذلك أنه يتودد لي بالكلام وطلب مني رقم هاتفي حتى يتحدث لي بموضوع خاص يهمني وامتنع عن الحديث عن هذا الموضوع إلا من خلال الهاتف أنا لم أستجب لخوفي من الله عز وجل واعتبر حديثي مع هذا الإنسان لمعرفة ماذا يريد مني خيانة لصديقتي علماً بأن صديقتي تكبر زوجها سناً ولم تنجب منه بعد نسأل الله لها الذرية الصالحة ولكني سيدي من خلال حديثه معي شعرت أنه يريد الزواج والله أعلم فأنا يا سيدي في حيرة من أمري هل أتحدث معه وإذا طلب مني الزواج هل أوافق أم لا أم تعتبر خيانة لصديقتي رغم أني أصدقك القول أني كما قلت لك سابقاً بلغت من العمر سن العنوسة والفرص أمامي قليلة بالنسبة للزواج ولا حول ولا قوة إلا بالله. أم أنسى الموضوع ومن ترك شيئاً لله عوضه بأحسن منه. أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً عبر إيميلي بأسرع ما يمكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الرجل يريد الزواج وهو صادق في ذلك فلا مانع على أن يتم ذلك وفق الشريعة بأركان عقد النكاح المعروفة من ولي وشهود ونحو ذلك مما هو مذكور في الفتوى رقم: 7704، وليس ذلك من الخيانة لصديقتك، وتكون المحادثة بينك وبينه بقدر ما يتضح لك مراده من الاتصال، واتقي الله تعالى واحذري أن يجرك الشيطان إلى ما لا يرضي الله تعالى، وفقك الله وأخذ بناصيتك إلى البر والتقوى، ودلك على رضاه وجنبك سخطه، ونسأل الله أن ييسر لك الزوج الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(13/16671)
رفع النساء أصواتهن بالأناشيد في الأعراس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رفع أصوات النساء بالأناشيد الدينية والمديح في الأعراس، ما حكم رفع أصوات الرجال بالأناشيد الدينية والمديح في الأعراس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا إذا كان النساء وحدهن أن يغنين ويرفعن أصواتهن بالأناشيد الدينية ومدائح النبي صلى الله عليه وسلم وبالأشعار المباحة.. عند الأعراس والمناسبات، فقد روى أصحاب السنن في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدف.
وقال صلى الله عليه وسلم في شأن عروس:.... فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني. رواه البخاري، وعلى هذا فالضرب بالدف والغناء عند المناسبة مشروع إذا خلا من الاختلاط والمحرمات الأخرى، وكذلك يجوز للرجال أيضاً رفع أصواتهم بالأشعار الهادفة والأناشيد الدينية ما دام ذلك في حدود الآداب الشرعية، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16159، 9787، 20484، 12727، 46392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(13/16672)
تحدث المرأة في مكبر الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تتحدث المرأة مثلاً باستخدام مكبر الصوت في المدرسة؟ مع أن صوت المرأة عورة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح أن صوت المرأة ليس بعورة مالم يكن فيه خضوع بالقول أو ترخيم للصوت أو تلذذ الرجال بسماعه. ويدل لهذا قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ من وراء حجاب {الأحزاب: 53} فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً {الأحزاب: 32} . وراجع الفتوى رقم: 24898، 39369، 4090، 8136، 11293، 22064.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(13/16673)
الكلام مع المخطوبة في الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي شاب متدين خطب ابنة عمه لكن المشكلة أن عمه لم يرض بكتب الكتاب واكتفى بقراءة الفاتحة
وهو الآن يتكلم معها بالهاتف فما رأيكم؟
والخطبة ستدوم سنتين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الأولى إتمام عقد النكاح حتى يتسنى اللقاء والاتصال دون إشكال شرعي، وأما الكلام مع المخطوبة فإن كان بأدب مع أمن الفتنة فلا مانع، وقد أشرنا إلى ذلك في الفتوى رقم: 40626 والفتوى رقم: 24750.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(13/16674)
حكم مخاطبة الزميلات وطلب المذكرات الدراسية منهن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السؤال الأول هل يجوز التكلم مع الطالبات اللاتي يدرسن معنا وطلب منهن مذكرات للدراسة علما بأنه لا يوجد غيرهن لطلب ما ينفعنا في الدراسة وإلا لم نحصل على ما فاتنا من دروس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان التكلم مقتصرا على الحاجة ولم يكن فيه خضوع بالقول وكان كل من الشاب والفتاة ملتزما بالآداب الشرعية في غض البصر والحجاب ولم تحصل خلوة وكانت الفتنة مأمونة فلا مانع شرعا من التكلم مع النساء قدر الحاجة وأخذ ما يحتاج إليه كل منهما من الآخر.
والأفضل للمسلم أن يبتعد عن الحديث مع النساء وخاصة إذا كان يستطيع الحصول على المذكرات من غيرهن.
ولمزيد من التفصيل والأدلة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(13/16675)
حكم سماع الرجال لدروس المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تعطي المواعظ والدروس في المسجد. مع العلم أن صوتها يسمع
في مكبر الصوت والرجال يسمعون ومع العلم أيضا أن هذه المرأة تعطي المواعظ
. في المكان المخصص للنساء
. أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرجح من أقوال أهل العلم أن صوت المرأة في حد ذاته ليس بعورة، لقول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ {الأحزاب: 53} . وقال تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب: 32} . فلم يرد النهي عن الاستماع إلى كلامهن، وإنما جاء النهي عن خضوعهن بالقول وهو ترخيم الصوت وترقيقه، لأن ذلك يؤدي إلى الفتنة، فعلم أن الممنوع هو تلذذ المستمعين بالصوت. قال ابن مفلح في الفروع: وليس صوت المرأة بعورة على الأصح، ويحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة ...
وإذا أذيع الصوت في مكبر الصوت فإنه لا يؤمن أن يتلذذ به من لا يحل له ذلك من الرجال، وعليه، فالصواب أن لا تعطي المرأة الدروس والمواعظ بالكيفية المذكورة، ولتقتصر على إسماع النساء ومحارمها من الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(13/16676)
حكم اتصال بنت العمة بابن عمها
[السُّؤَالُ]
ـ[حياكم الله، صديق لي له بنت عمة متزوجة وتسكن في مدينة أخرى وهي تكلمه في الهاتف لتطمئن على أحواله، لأنه يدرس في مدينة بعيدة عن أسرته، ويسأل هل يجوز ذلك علما بأنها تعتبره كأخ لها وتهاتفه لتطمئن عن أحواله فقط؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك إذا انضبط الحديث بضوابط الشرع من القول المعروف، وعدم الخضوع واللين في الكلام وأمنت الفتنة، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 26838.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(13/16677)
مزاح الشابة مع الأجانب من الأمور المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأبناء شقيقة زوجي شباب في مثل عمري وكنت دائما أمزح معهم أمام الجميع وأعتبر أن هذا أمر طبيعي وقد أدركت أن هذا خطأ بسبب ما حدث من أحدهم ففي آخر زيارة لي لمنزلهم فقد ثار وهاج بمجرد دخولي وألقى ما في يده وغادر المنزل وكان الواضح أنه يريد أن يقول إن زيارتي لأسرته غير مرغوب فيها وبعد ذلك كلمته في هاتفه الجوال دون علم أهله ودون علم زوجي وأوضحت له أن إسلوبه في التعامل لم يعجبني ورد علي بأن هذا هو أسلوب تعامله الدائم وأغلق الخط في وجهي دون أن أكمل كلامي، وفي اليوم التالي أرسلت له عدد 5 رسائل على الجوال كلها تحتوي على شتائم مثل (أنت عيل) أو (أنت تلزم مين؟) وقد رد على (3) رسائل منها بمثل ما أرسلته له وقد أوضح لي أنه لن يعاملني أي معاملة جيدة بعد اليوم حتى أمام الناس وأنه لن يدخل بيتنا ليزور خاله (زوجي) والآن أريد أن أعرف كيف أتعامل مع هذا الشخص بعد الآن، حيث إنني من الطبيعي أن أزور شقيقة زوجى حيث إن علاقتي بها جيدة جدا وتعاملني كأنني ابنتها ولكني أخشى أن يهينني أمام الأسرة وأمام زوجي وقد يؤدي ذلك إلى فضيحتي في الأسرة، أيضا فإنني لا أستطيع الامتناع عن زيارة شقيقة زوجي لأنني لن أجد سببا أقوله لزوجي للاعتذار عن الزيارة حيث إنني لم أخبر زوجي عما فعله هذا الشاب خوفا من أن يؤدي ذلك إلى حدوث قطيعة بين زوجي وأسرة شقيقته وقد تفهم الأمور على نحو خطأ علما بأن أسرته بالكامل تعاملني معاملة جيدة جدا وجميعهم يحترمونني، كما أريد أن أعرف كيف أعرف هذا الشخص أنه لا يهمني في شيء حيث إنه بمجرد دخولي منزلهم قد يهينني بأسلوب لا يفهمه إلا أنا وهو ثم يغادر منزلهم كما أنني لا أستطيع أن أكلمه في التليفون بعد أن أغلق في وجهي الخط، ولكني أريد أن أحافظ على شكلي أمامه وأمام الجميع بدون إهانات، أنا أعلم أن ما حدث كان خطأ مني ولكني أريد أن أصحح ما فات دون أن أغضب الله ودون أن يعلم زوجي خوفا من زوجي وحرصا على أولادي فيما بعد
يرجى سرعة الرد ضروري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مزاح المرأة الشابة مع الرجال الأجانب من الأمور المحرمة لما فيه من إحداث الفتنة والخضوع بالقول، وقد قال الله سبحانه وتعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32} ، قال القرطبي في تفسيره: أي لا تلن القول، أمرهن الله تعالى أن يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال. انتهى.
ولأن المزاح مؤد إلى الضحك وقد نص بعض أهل العلم على أن تضاحك الأجنبية مع الأجنبي حرام يوجب تعزيرا، كما نص عليه صاحب مواهب الجليل بقوله: ومن تغامز مع أجنبية أو تضاحك معها ضربا عشرين. انتهى.
ومن هذا يتضح للأخت أنها قد أتت إثماً يجب عليها التوبة منه وهو ممازحتها لهؤلاء الشباب الأجانب عليها وإن كانوا أقارب لزوجها، ثم إن الاتصال بهذا الشاب فيه من المحاذير الشرعية والمفاسد ما لا يخفى وأهون ذلك أن يقوم هذا الشاب بإفساد علاقتها بزوجها من خلال ادعائه أن بينها وبينه علاقة مما قد يحدث الشكوك لدى زوجها وإفساد سمعتها بين الناس.
وعلى العموم فالذي ننصح به هو ترك المزاح مع أبناء أخت زوجك وغيرهم من الرجال، ثم الحذر من مخالطة الرجال الأجانب والحديث معهم إلا في أمور أقرتها ضوابط الشرع، هذا هو الذي يجب عليك الآن أن تفعلي وهو السبيل الوحيد لتصحيح الخطأ الذي صدر منك وهو المخرج من الموقف الحرج الذي أنت فيه، وما سوى ذلك قد يجرك إلى ما لا تحمد عقباه في الدنيا والآخرة، وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 22064، والفتوى رقم: 14400.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1425(13/16678)
حكم إنشاد المرأة في بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تنشد في بيتها وهي تردد مع المنشد الرجل ما يقول إما عبر المذياع أو عبر التلفاز، وهل في ذلك شبهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن تنشد المرأة في بيتها أو تردد الأناشيد مع المنشد عبر الجهاز، إذا كان النشيد هادفاً ولم يكن بحضرة أجانب أو بصحبة الآلات الموسيقية المحرمة، ولمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 21655، 32274.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(13/16679)
حكم مشاركة المرأة في البرامج والمسابقات الإذاعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مناقشة مواضيع اجتماعية أو دينية في إذاعة إسلامية على الهواء ويكون في بعض الحالات المذيع رجلا مع الالتزام بعدم الخضوع بالقول، وهل يجوز الاشتراك بمسابقة تحت نفس الشروط السابقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المناقشة جائزة إذا انضبطت بالضوابط الشرعية المذكورة في الفتوى رقم: 30792.
وكذلك الاشتراك في المسابقة -عبر الإذاعة- جائز إذا توفرت -إضافة إلى الضوابط السابقة- الضوابط المذكورة في الفتوى رقم: 24509، والفتوى رقم: 26156، والفتوى رقم: 26712.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1425(13/16680)
حديث المرأة هاتفيا مع الرجال الأجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تبلغ من العمر 50 عاما وهي من محارمي وهي دائما تكلم أصحاب ابنها من الشباب الذين يبلغون من العمر 20 عاما فى التليفون بحجة الاطمئنان على أخلاق ابنها وكذلك تكلم بعض الإخوة بصورة مستمرة بحجة الاستفسار عن بعض الأشياء, أنا لا أشك في أخلاقها ولكن هذا محل للفتنة خاصة وأن بعض هؤلاء يسترسل في الكلام، ومع العلم بأن صوتها في التليفون يبدو صوت شابة نصحتها مرارا ولكنها لا ترى حرمة في ذلك، أرجو إفادتنا مع العلم أني سأنقل لها فتواكم وجزاكم الله خيرا، فهي تتحدث بصورة كثيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50422، 22064، 1524، 9792، 26838، 16879.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(13/16681)
ضحك المرأة مع الرجال الأجانب وخضوعها لهم بالقول محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندي زوجة طبيبة تخدير وإنعاش، ولكن وجدت معها مشاكل في عملها أنها تضحك مع العمال وليسوا بمحارم وتخاطبهم وعندما أقول لها لا يجوز لك ذلك فتقوم بالشجار والصراخ والمشاكل، هل يجوز لها أن تلمس المريض بدون قفازات، وتقوم بالمزاح مع أبناء عمتها رجال أحيطك علم أنها تجلس معهم متحجبة، أرجوكم ساعدوني وأنا أنتظركم على أحر من الجمر، لكي أعطي إلى زوجتي فتواكم لعلها تتقي الله؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا احتاجت المرأة إلى العمل كطبيبة فلها أن تفعل، وقد يجب عليها ذلك إذا لم يوجد من يصلح له غيرها، وعمل المرأة كطبيبة تحذير أو إنعاش هو مما يباح، ولكن بشرط أن لا تختلط مع الرجال على الوضع الشائع ولا تختلي بهم.
والواجب أن لا تتولى علاج الرجال ولا تشارك فيه إلا إذا احتاج المريض إلى مساعدتها ولم يوجد من الرجال ما يستغنى به عنها، وإن احتاجت إلى مكالمة الرجال فلا تخضع بالقول، قال الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب:32} .
وأما أن تضحك مع الرجال الأجانب وتخضع لهم في القول فإن ذلك محرم لأنه سبب واضح إلى الفتنة، وقد يقود إلى ما هو أخطر، ولا يجوز للمرأة الطبيبة أن تمس الرجل إلا إذا لم يوجد من يصلح لذلك من الرجال، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 8107.
وإذا قلنا بإباحة لمسها للرجال عند الضرورة فإن كان لبس القفازات يصلح معه أداء العمل المراد فهو متعين عليها تقليلا لضرر اللمس، وإن لم يكن معه ما يراد من العمل فلا حرج في اللمس مباشرة.
وأما مزاح المرأة مع أبناء عمتها الأجانب أو غيرهم ممن لا محرمية بينها وبينهم ولا زوجية فهو منكر ويجب الابتعاد عنه، وراجع فيه الفتوى رقم: 29990.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(13/16682)
حكم المزاح بين الجنسين من خلال المنتديات
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما حكم المشاركة في المنتديات....؟
مع العلم أنه يحدث مزاح عادي بين الشباب والشابات]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسائل لها حكم المقاصد، وما كان يؤدي إلى الحرام فهو حرام، والمشاركة في المنتديات إذا كانت تؤدي إلى الخضوع بالقول أو الخلوة أو الرؤية لما لا تحل رؤيته، أو تثير شيئا من دواعي الفتنة، فإنها تكون بذلك حراماً.
ولا شك أن المزاح بين الشباب والشابات من أكبر دواعي الفتنة، وقد روى الشيخان واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه.
وعليه فلا تجوز المشاركة في مثل هذا المنتدى ولو تسمى بتسمية إسلامية لأن العبرة بالحقائق لا بالأسماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(13/16683)
حكم بيع شريط أناشيد لفتاة مكتوب عليه خاص بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما حكم مشاركة فرقة منشدين من الذكور في عرس نسائي، بحيث يكونون في غرفة منفصلة وفي دور منفصل بحيث لا يرون النساء ولا يختلطون بهن ولا يسمعون أصواتهن؟
2- ما حكم أن يصدر شريط أناشيد أعراس خاص بالنساء لفتاة عمرها 14 عاماً ويتم بيعه في محلات الأناشيد الإسلامية ويكتب عليه (خاص بالنساء) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من إنشاد الرجال في الأعراس والمناسبات.....إذا كان ذلك بغير آلات الموسيقى وكان بكلام مقبول شرعا ليس فيه حرام.
وأما توزيع وبيع أناشيد النساء في الأشرطة فلا ينبغي إذا كن بالغات سدا للذريعة، لأن كلمة خاص بالنساء لا تمنع من نشره بين الرجال والشباب، ولا مانع من استماع النساء للنساء إذا كان خاليا من الموسيقى والكلام الفاحش.
ولمزيد من التفصيل والأدلة نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 19007 و 24145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(13/16684)
حكم إلقاء المرأة محاضرة دينية في الإذاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[2- وهل يجوز للمدرسة أن تلقي محاضرة دينية في الإذاعة؟ (لم يعلن اسمها) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما إلقاء المرأة المحاضرة عبر بعض القنوات مع الستر والاحتشام وعدم ترقيق الصوت والخضوع به فلا حرج في ذلك، فقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تحدث الصحابة وتعلمهم ما يحتاجون إليه من وراء حجاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(13/16685)
حكم تعليم المرأة القرآن للنساء في الإذاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ماحكم تعليم قرآة القرآن للمسلمات في الإذاعة (برنامج النساء) ؟ هل صوت المرأة عورة؟ علما اللاتي يقرأن القرأن من كبيرات السن إلا معلمتهن عمرها 35 سنة /]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصوت المرأة ليس بعورة على الصحيح من كلام أهل العلم رحمهم الله، ففي صحيح البخاري عن أم عطية قالت: بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا أن لا نشرك بالله شيئا......الحديث، وفيه: ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة منا يدها، وقالت: فلانة أسعدتني، وأنا أريد أن أجزيها، فلم يقل شيئا، فذهبت، ثم رجعت.....الحديث. قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: وفي هذا الحديث أن كلام الأجنبية مباح سماعه وأن صوتها ليس بعورة.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلقن، فقد بايعتكن..... الحديث، وفيه: وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: وقد بايعتكن كلاما. وفي شرح هذا الحديث قال النووي: وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة وأن صوتها ليس بعورة. واعتمد أصحاب المذاهب الأربعة هذا القول.
وأما حديث بريدة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت امرأة سوداء فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا، فجعلت تضرب.....الحديث. رواه الترمذي، وقال عنه: حديث حسن غريب صحيح. فهو يدل على جواز سماع غناء الأجنبية الذي هو أخص من مطلق الصوت إذا أمنت الفتنة. قال صاحب تحفة الأحوذي: وفي قولها (وتغني) دليل على أن صوت المرأة مباح إذا خلا عن الفتنة. وقال ابن حجر وهو يشرح حديث البخاري في غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله عنها: وقد استدل بهذا الحديث على جواز سماع صوت الجارية بالغناء ولو لم تكن مملوكة لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أبي بكر سماعه بل أنكر إنكاره، واستمرتا بالغناء إلى أن أشارت إليهما عائشة رضي الله عنها بالخروج، ثم قال: ولا يخفى أن محل الجواز ما إذا أمنت الفتنة بذلك.
وخلاصة ما ذكره العلماء في هذه المسألة: أن سماع صوت المرأة الأجنبية جائز ما لم يكن فيه خضوع بالقول وما لم يؤد سماعه إلى الوقوع في الفتنة.
وأخيرا نقول لا ينبغي للمرأة قراءة القرآن عبر الإذاعة ولو كانت كبيرة في السن لأن كثيرا من الأجانب يسمعون قراءتها، والقراءة غالبا تكون بصوت فيه تلحين وتحسين للصوت مما يجر بعض الرجال إلى التلذذ بصوتها والافتتان به، وهناك وسائل أخرى للتعليم ينبغي الاكتفاء بها.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(13/16686)
حكم قراءة المرأة القرآن على أجنبي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحفظ القرآن هل يجوز أن أسمع إمام ابن خالي يعني هو يسمع لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 24898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(13/16687)
خطاب المرأة للرجال جائز عند أمن الفتنة وعدم الخضوع بالقول
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اتفقنا أنا وزوجتي على اختصار المكالمات الهاتفية واللفظية على الرجال والنساء الأجانب منا برد السلام فقط ومن دون السؤال عن الإخبار والأحوال إلا مع المحارم فقط.
... مثال على ذلك:
اتصل أخي على زوجتي وبدأ بالسلام فترد عليه بالسلام فقط من دون السؤال عن الحال والأحوال وعدم الاسترسال في الكلام الخارج عن موضوع الاتصال.
وقد واجهتنا الكثير من الانتقادات خصوصا من أخوات زوجتي وإخواني وقد اعتبروه من قلة الاحترام. حتى أن البعض قد قال بأن هذا الفعل ليس من الدين.
مع العلم بأننا متفقان على هذا لغلق باب الفتنة ودرء حيل الشيطان علينا.
ونرجو من سماحتكم افادتنا بخصوص هذا الموضوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن البعد عن الأجانب أمر ضروري لسلامة المرء من الفتن التي تحصل بسبب اختلاط الرجال والنساء.
وقد نبه الرسول صلى الله عليه وسلم على عظم وخطورة فتنة النساء فقال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. رواه البخاري ومسلم.
إلا أنه يتعين على المسلم أن ينضبط في أموره كلها بالشرع فيتجنب ما حرمه الشرع ولا يضيق على نفسه فيما أباحه الشرع.
ففي صحيح مسلم أن النعمان بن قوقل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إذا صليت المكتوبة وحرمت الحرام وأحللت الحال أأدخل الجنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم.
وقد سبق أن بينا جواز خطاب النساء مع الرجال عند أمن الفتنة وعدم الخضوع بالقول، لأن الله أباح القول المعروف، ونهى عن الخضوع فقال: لا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (الأحزاب: من الآية32) .
وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 30792 / 3054 / 44272 / 31581.
هذا وعليك أن تحتاط في أمر الهاتف وأن تحذر من معاكسات الفساق فتوصي زوجتك أن لا تجيب من لا تعرفه، وتؤكد عليها أن تلتزم في خطاب إخوتك بالقول المعروف، وأن تقطع عنهم إذا أحست منهم عدم الانضباط بالشرع في خطابهم، وأن تلتزم أنت كذلك بالأدب الشرع في خطاب جاراتك.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(13/16688)
حكم حديث المرأة مع صبي عبر الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الحديث مع صبي عبر الهاتف، علماً بأنه لا يوجد في الحديث ما يثير الشهوة أو ما تستهوي النفس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلام المرأة مع الصبي الذي لا يشتهى لا حرج فيه، وذلك لأن الشرع قد أباح لها الكلام مع الرجل إذا روعيت الآداب الإسلامية، قال الله سبحانه: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا [الأحزاب:32] ، قال القرطبي في تفسيره: والمرأة تندب إذا خاطبت الأجانب وكذا المحرمات عليها بالمصاهرة إلى الغلظة في القول من غير رفع صوت فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام، وعلى الجملة فالقول المعروف هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(13/16689)
ما يجب على المرء إذا احتاج لمحادثة أجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رؤية شعر المرأة مثلا أو ذراعها في التلفاز؟
السؤال الثاني:
أنا رجل سأسافر إلى مصر قريبا وكما تعرف فإن في مصر مسلمين ومسيحيين وأجانب والأجانب لا يلبسون الحجاب كما تعلمون فماذا أفعل إذا اضطررت إلى محادثتهم أو أحدهم أراد محادثتي هل أغض بصري أم أعرض عنهم؟
وتقبلوا مني جزيل الشكر والتقدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز النظر إلى المرأة المتبرجة سواء كان النظر مباشراً أو عبر التلفاز ونحوه، ولمزيد من الفائدة عن هذا الأمر راجع الفتوى رقم: 7999، والفتاوى المحال عليها فيها.
وأما إذا احتجت إلى محادثة امرأة متبرجة فالواجب عليك مراعاة الآتي:
1-عدم الخلوة بها.
2-غض البصر عنها.
3-نصحها وإرشادها بلبس الحجاب، وتستوي في هذا المسلمة والكافرة، فإذا خشيت على نفسك الفتنة فأعرض عنها ولا تتحدث معها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(13/16690)
زوج شقيقتها يكلمها على هاتفها الخاص وزوجها يأبى ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج شقيقتي يقوم بالاتصال بي على تليفوني المحمول، وهذا الفعل محل اعتراض من زوجي ويقول إنه لا يعيب علي خلقاً ولا ديناً، إلا أنه لا يجوز شرعا أن يتصل زوج شقيقتي على تليفوني الخاص، فما رأي الدين فى ذلك؟ علما بأن المكالمة لا تتجاوز الاطمئنان على الصحة والأحوال ولا تتجاوز الدقيقة فى الغالب، وأنا لا أريد أن أقول له ألا يكلمني خوفا من خلق مشاكل ونوع من الحرج والحزازات بينه وبين زوجي وعائلتي، فهل اتصال زوج شقيقتي بي على تليفوني المحمول حرام شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكلامك مع زوج أختك جائز عند الحاجة بضوابط منها:
1- خلوه من لين القول المؤدي إلى الفتنة.
2- عدم التلذذ من أحدكما بصوت الآخر.
فإن خاف أحدكم على نفسه الفتنة حرم الكلام بينكما، ولا يخفى أن من الورع والاحتياط في الدين الكف عن مثل هذا الاتصال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي والنسائي وغيرهما.
وقوله صلى الله عليه وسلم: والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس. رواه مسلم.
وما دام زوجك يعترض على مثل هذه المكالمة فلا شك أن تركها أصبح أمراً لازماً، لأن طاعته واجبة بالمعروف وهذا من المعروف، فالرجل لا يريد لزوجته أن تحادث الأجانب، وللتعرف على الضوابط التي يباح بها الكلام بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، راجعي الفتوى رقم: 30792.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/16691)
المحادثة بين الفتيان والفتيات سبيل إلى الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة تعرفت على أصحاب عبر النت وهم نعم الأصحاب أحبهم في الله وهم كذلك أصبحنا مجموعة تجلس فقط لذكر الله ونحن شباب وبنات أربع بنات وتلاثة شبان وبمختلف الأعمار وانضم إلينا كثير والله إن معرفتنا ببعض لذكر الله وأمضينا سنة لم نمل لفعل شيء حرام كل منا يعتبر نفسه أخا الثاني وهم علموني حفظ القرآن وفهموني ديني الذي كنت أجهله ومنهم من ذهب إلى سبيله ومن بقي ومنهم تزوج ومنهم مات وهكذا وأنا على وشك الخطبة وأحب أن أعرف هل هذه العلاقة التي كانت بيننا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المحادثة بين الفتيان والفتيات سبيل إلى الفتنة في غالب الأحوال مهما زعم أصحابها أنها أفادتهم في سبيل الدين والعبادة، فليحذر المسلم ولتحذر المسلمة من تزيين الشيطان وحبائله، ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقو الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
فأقلعي عن محادثة الرجال عبر الإنترنت وغيره، وصادقي المؤمنات الصالحات، ففي صحبتهن غنية وكفاية لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1424(13/16692)
تبادل الحديث بين الأجنبيين قد يفضي إلى الوقوع في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أدرس في جامعة مختلطة، هل يجوز لي أن أتكلم مع الفتيات؟
لقد قرات معظم الفتاوى في الموقع التي لها صلة بالموضوع والحد الذي تضعونه هو الحاجة للكلام إذن هل الكلام في العموميات ممنوع علما بأن الحديث لا يتعدى حدود الأدب والإسلام؟
هل يجوز تناول الغداء مع زميلة دون أن تكون هناك نية سيئة؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به كل فتى وفتاة هو الحذر والابتعاد عن تبادل الحديث بينهما، سواء كان الحديث عاما أو خاصا، وكذا تناول الطعام ونحوه، لأن هذه الأمور تجر إلى الانبساط وإقامة العلاقات التي تجر إلى الوقوع في الحرام كما هو معروف في الواقع المشاهد، هذا من حيث الأصل، ولكن لو دعت إلى الكلام حاجة وأمنت الفتنة وتم هذا في غير خلوة والتزم كل طرف بالآداب الشرعية، فلا نرى مانعا من ذلك حينئذ.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(13/16693)
حكم حديث الرجل إلى المرأة مع التزام الآداب الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار عن إذا كان هناك حب في الله بين رجل وامرأة، حيث إن الرجل شيخ وأخلاقه عالية جدا تحبب كل إنسان فيه وهو كبير في السن نوعا ما ومتزوج وله 8 أبناء وهي فتاة تشتغل عنده في محل ملتزمة دينيا وهي تشاوره في كثير من الأمور الدينية وممكن أن تكون الأمور خاصة حيث يعطيني رأي الدين فيها وهي تعتبره بمثابة الأخ أو الأب حيث تشعر تجاهه شعور الأخ الكبير ولا شيء آخر فهو يغض بصره أثناء كلامي معه وأنا أرتاح بالحديث معه تماما ولا نختلي أبدا ونراعي الأمور الدينية كثيراً، فهل هذا يجوز في الإسلام وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت في سؤالك من مراعاتكما للآداب الشرعية خلال حديثك الذي تحتاجين إليه مع هذا الرجل، من غض البصر وعدم الخلوة ونحو ذلك، فلا حرج عليكما في ذلك، وفي حالة إحساس أحدكما بميول إلى الآخر أو خشي الفتنة وجب عليه الكف عن الحديث مع الآخر وقطع كل الوسائل المؤدية إلى الوقوع في الحرام، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 32922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(13/16694)
لا ترفع المرأة صوتها بحضرة الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حديث \" لعن الله المرأة إذا رفعت صوتها\" موضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لم نجد حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم باللفظ الذي ذكره السائل، بعد البحث في كتب الحديث المتوافرة لدينا، ولكن هناك حديثاً رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم برىء من الصالقة والحالقة والشاقة.، وقد فسر العلماء الصالقة بأنها التي ترفع صوتها عند المصيبة، أي بالنواح والندب.
أما عن مطلق رفع صوت المرأة، فإن الفقهاء قد ذكروا في مواضع كثيرة أن المرأة لا يشرع لهاأن ترفع صوتها بحضرة الأجانب، ومن ذلك عند الأذان والإقامة والقراءة والتلبية، وذلك لأن صوتها فتنة خصوصاً الشابة الجميلة، قال الجصاص في كتابه "أحكام القرآن": عند قوله تعالى: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] : فيه دلالة عن أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب إذ كان صوتها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(13/16695)
حكم تحدث المرأة بحضور أجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل إن لي أخوات يتحدثن في مواضيع مختلفة في السيارة والسائق أجنبي وأقول لهن إن صوت المرأة عورة وأن هذا لا يجوز فيطالبوني بدليل بأنه لا يجوز تكلم المرأة في حضور الأجانب إلا للضرورة وأنا أخاف بأن أكون قد حرمت ما أحل الله فهل أنا على حق وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا في فتاوى عديدة أن الراجح كون صوت المرأة ليس بعورة، وأنه يجوز تحدث المرأة بحضرة أجنبي، أو سماعه لصوتها إذا توافرت بعض الضوابط، ونحيلك على بعض هذه الفتاوى وهي: 9792 / 22064 / 26838 ولكن مع هذا كله فلا ينبغي لأخواتك رفع أصواتهن في الحديث بحضور هذا الأجنبي، لأن هذا يتنافى مع ما ينبغي أن تكون عليه المرأة من الحشمة والحياء، وربما يكون ذلك ذريعة لافتتانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(13/16696)
الأولى للمرأة أن لا يعلو صوتها أصوات الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
من فضلكم ما حكم الشرع في المرأة التي يعلو صوتها صوت الرجال سواء أثناء تحدثها أو شجارها الدائم، والذي لا يخلو من عنف وإهانة للطرف الثاني.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه جمهور العلماء أن صوت المرأة ليس بعورة، لقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب: 53] .
فلم ينه عن الحديث معهن، والذي جاء النهي عنه صريحا هو ترقيق الصوت وتحسينه استمالة للرجال، قال تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب: 32] .
والأولى للمرأة أن لا يعلو صوتها أصوات الرجال، فذلك أبعد عن الفتنة وأحفظ للحياء، بل إن الأحوط لها أن لا تخاطب الأجانب إلا بقدر الحاجة، ثم إذا كان الشجار والعنف والإهانة مما نهت عنه الشريعة الإسلامية، لمنافاته سماحة الإسلام ووقاره ورحمته، فإن النهي في حق المرأة آكد.
وإذا كنت تقصد بالطرف الثاني زوج المرأة، فإنه لا يحل لها رفع الصوت عليه، ولا العنف معه أو الإهانة لأنها مأمورة بطاعته واحترامه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد والدارمي من حديث أبي هريرة وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(13/16697)
حكم الكلمة الترحيبية للفتاة في محضر الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تقيم لجنة الطالبات في الكتلة الإسلامية نشاطات طلابية عديدة. ومن هذه النشاطات إحضار محاضرين يعطون دروسا دينية في قاعات معينة، وقبل البدء بالدرس تلقي لجنة الطالبات كلمة الترحيب بالشيخ والحضور. فهل يجوز للطالبات إلقاء الكلمة؟ مع العلم بأن هناك حضورا من الشباب. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل أن يرحب بالشيخ أحد الشباب، ولكن لو رحبت به إحدى الفتيات بصوت محتشم ومن وراء حجاب، فلا شيء في ذلك.
ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 2334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(13/16698)
حكم قراءة المرأة القرآن بحضرة رجل أجنبي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل لا يجوز للمرأة أن تتلو القرآن بأحكام التجويد أمام رجل أجنبي؟ ماذا لو كانت نيتها تحبيب هذا الرجل في القرآن وأن تشجعه على حفظه؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت الفتوى رقم: 24898، وفيها تفصيل لحكم قراءة المرأة للقرآن بحضور أجنبي، فلتراجع هناك، وفي الحالة التي تمنع فيها من القرآن أمامه، فإن نيتها الحسنة لن تكون مسوغاً لها في فعل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(13/16699)
حكم رفع المرأة صوتها بالشعر أو القرآن في محفل عام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
ما الحكم في رفع صوت المرأة سواء كانت تقرأ القرآن أو تلقي شعرا أمام مجمع من الناس بهم الصالح والطالح
هل جائز رفع صوت المرأة في قراءة القرآن أم لا خاصة وهي حافظة لكتاب الله....؟ أختكم السائلة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من رفع المرأة صوتها بالقرآن أو بالشعر في وجود الأجانب إن خلا من تمطيط وتكسير وأمن الافتتان بصوتها، كما أنه لا مانع من سماع صوتها إذا لم يخشالفتنة، ولكن يحرم التلذذ به.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح حديث غناء الجاريتين في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العيد: قال القاضي إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة وهذا لا يهيج الجواري على شر ولا إنشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه، وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد ولهذا قالت: وليستا بمغنيتين أي ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبيب بأهل الجمال وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغزل كما قيل الغناء فيه الزنى، وليستا أيضاً ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن، ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسبا، والعرب تسمى الإنشاد غناء، وليس هو من الغناء المختلف فيه بل هو مباح، وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذي هو مجرد الإنشاد والترنم، وأجازوا الحداء وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا كله إباحة مثل هذا وما في معناه وهذا ومثله ليس بحرام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(13/16700)
شروط إباحة إنشاد النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حفلات الزفاف التي تحتوي على نساء ينشدن باستخدام مكبر الصوت؟ مع العلم بأن بعض الأناشيد مأخوذة من الأغاني المعاصرة وتمثيل بعض المشاهد أثناء الغناء وأخذ أجرة على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أباحت الشريعة الإسلامية إنشاد الشعر للنساء وضرب الدف في النكاح، بشرط أن لا يكون الشعر مشتملا على كلام من كلام فاحش أو غيره، وبشرط أن لا يبلغ صوتهن إلى الرجال، لما في ذلك من الفتنة والفساد، كما قال تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب: 32] .
والدليل على جواز ما ذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم: فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح. رواه الخمسة إلا أبا داود، وحسنه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
وأما مكبر الصوت، فلا يجوز استخدامه، لأنه يوصل أصوات النساء إلى الرجال، وفي ذلك ما فيه من الفساد والشر، فينبغي المنعُ منه.
وأما التمثيل: فإن كانت هذه التمثيليات لا تتضمن محرما، فقد قال الشيخ ابن عثيمين: لا بأس بها.
وأما أخذ الأجرة على الغناء أو التمثيل، فطالما أن هذا الإنشاد للشعر وضرب الدف عليه أمر مباح، فيجوز أخذ الأجرة عليه، لأن من شروط صحة الإجارة أن تكون على نفع مباح.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أما دفع المال للدفافات، فلا بأس به، لأنه على عمل مباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(13/16701)
جهر المرأة بالقرآن عبر الإذاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم إلى علمائنا الأفاضل أدام الله مددهم وفضله عليكم 00هل يجوزأن تقرأ المرأة قرآنا مرتلا في المسجد وعلى مسمع وأمام حشد من الرجال بعد خطبة الجمعة أو في أي مكان كمدرج جامعة أو محاضرة في صالة وهل يجوزأن يظهر صوتها فقط عبر الإذاعة أو شريط الفيديو؟
وهل يجوز فتح معرض بيع وشراء مواد تجميل وأغراض صلاة ولوحات في المسجد مع الأدلة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم جهر المرأة بقراءة القرآن أمام الرجال الأجانب، وذلك في الفتوى رقم: 24898. ويستوي في هذا الحكم ما كان من هذه القراءة مباشرة أمام هؤلاء الرجال، وما كان منها عبر وسيط من مذياع وغيره.
وأما بخصوص البيع والشراء في المسجد، فقد سبق بيان حكم ذلك في الفتوى رقم: 23300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(13/16702)
لا يجوز للمرأة الإنشاد أمام الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صوت المرأة عورة إذا أنشدت أمام الرجال أناشيد إسلامية خاصة بالزفاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن صوت المرأة ليس بعورة، ولا يحرم سماعه ما لم يصاحبه تليين وترقيق، فإن صاحبه حرم؛ لقوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] ، ولا شك أن ترقيق الصوت وتنغيمه بالأناشيد وترجيعها أبلغ في إثارة الفتنة وإيقاظ الغرائز من مجرد الخضوع في القول.
لذلك فإنا نرى أنه لا يجوز للمرأة أن تنشد أمام الأجانب، ولا يجوز لهم هم الاستماع إلى إنشادها، لا فرق بين الأناشيد الإسلامية وغيرها؛ لأن علة التحريم موجودة في أصل الإنشاد. قال ابن مفلح في الفروع - وهو حنبلي -: وليس صوت المرأة بعورة على الأصح، ويحرم التلذذ بسماعه ولو بقراءة.. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(13/16703)
دفع المفسدة مقدمة على جلب المصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر 17 عامًا، أحاول أن أقوم بمحاولة دعوية عن طريق وضع مجموعة من الآيات على صور طبيعية متعددة مع قراءة هذه الآيات، بدلاً من الموسيقى، وإرسالها عبر الإنترنت. لكن أخشى أن تقع بين يدي من لا يخشى الله، ويقوم بتبديل الصور مع ثبات الآيات. هل أكمل ما بدأت به أم لا. أعينوني أعانكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تريدنين أن تقومي به يشتمل على أمرين محظورين أو يجران إلى المحظور:
أولهما: اشتماله على الآيات مرتلة بصوتك، وهذا الأمر قد يترتب عليه من المفاسد الشيء الكثير، خاصة في هذا الزمن الذي كثر فيه الفساد وانحلال الأخلاق. وتفاصيل هذه المسألة موجودة في الفتوتيين التاليين: 2334 - 24898.
ثانيهما: أن المسألة قد يترتب عليها امتهان هذه الآيات، بحيث تظهر مع صور غير لائقة بسبب فعل فاعل من أصحاب القلوب المريضة والمعادين للإسلام، ومعلوم عند أهل العلم أن دفع المفسدة مقدمة على جلب المصلحة، فحينئذ يكون ما يترتب على هذا الأمر من مصلحة ملغى، نظرًا لما قد يجر من مفسدة.
لكن مجال الدعوة ولله الحمد واسع والمرأة تشترك في الخطاب الشرعي مع الرجل في شأن تبليغ هذا الدين. قال تعالى حكاية عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108] .
فبإمكانك المساهمة في نشر الدعوة بين زميلاتك بالنصح والموعظة الحسنة، وإهدائك الشريط والكتاب المفيدين، وغير ذلك مما تستطيعين، وستكونين إن شاء الله ممن يجدون ثواب أعمالهم الصالحة ونواياهم الطيبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(13/16704)
السنة أن يكون جهر المرأة دون الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[تلاوتي للقرآن أحياناً بصوت عالٍ، فهل هذا حرام أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمرأة أن ترفع صوتها للجهر بالقراءة في الصلاة، والسنة لها أن يكون جهرها أقل من جهر الرجل. قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وأما الجهر فأن يسمع نفسه ومن يليه إن كان وحده، والمرأة دون الرجل في الجهر. فإذا كانت المرأة تصلي وحدها فلها أن ترفع صوتها بالقرآن، ولكن لا يكون ذلك أكثر من حاجتها لتسمع نفسها.
وبإمكانك الاطلاع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 31389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(13/16705)
لا حرج في الحديث مع أخي الزوج إذا التزمت المرأة الأدب الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أكلم أخا الزوج بدون ظهور شيء من وجهي وأن أسلم عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في الحديث مع أخي الزوج إذا التزمت المرأة الأدب في الحديث معه، قال الله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] .
فأباح لهن الحديث إلى الرجال الأجانب مع عدم الخضوع في القول، وهو التكسر في الحديث وتليينه كما تفعله المريبات، ويجوز للمرأة أن تسلم على الأجنبي كأخي زوجها إذا أمنت الفتنة، ففي البخاري: باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال، قال الحافظ: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة. انتهى.
وأما مصافحته فحرام باتفاق الأئمة الاربعة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1424(13/16706)
ضوابط جواز سماع الأجنبي لصوت المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسكن في شقة صغيرة وبسبب ظروف طرأت سكن معي أخو زوجي وعمره الآن 15 سنة وأنا لا أواجهه (أغطي عليه) وقد نشأ عن ذلك مشاكل كثيرة ومن ضمنها أنه يسمع صوتي دائما رغم علمي أنه حرام ولكن بسبب ابنتي الصغيرة لا بد من الصراخ، وأيضا رؤيته لي بالخطأ وأحيانا أشعر أنه يتعمد ذلك، هل أخبر زوجي؟ وما حكم ذلك؟ وكيف أحل هذه المشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت الحاجة اقتضت أن يسكن أخو زوجك معك وهو أجنبي عنك، فاحرصي جهدك على أن لا يظهر له شيء من عورتك، وأما سماعه لصوتك أو محادثتك له فلا حرج فيه، وليس بحرام كما ذكرت في سؤالك، فالله تعالى يقول: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] .
فأباح لهن الكلام والحديث مع الأجانب بدون خضوع في القول، وهو تليين القول كما تفعل المُرِيبات، وليكن حديثك مع أخي زوجك في حدود الحاجة، وإذا لمست منه أنه يتعمد الاطلاع عليك فكلمي من ينصحه، فإن لم تجد معه النصيحة فأخبري زوجك لكي يجد حلاً لهذا الأمر، وينبغي أن تنتبهوا جميعاً إلى أن جواز سكناه معك في شقة واحدة لا بد أن يقيد بحالة الضرورة أو الحاجة الشديدة التي في معناها أو يكون خاضعاً لضوابط بيناها في الفتوى رقم:
10146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(13/16707)
شروط جواز كلام المرأة مع غير محارمها
[السُّؤَالُ]
ـ[إني شاب ملتزم والحمد لله، وعقدت قراني دون دخول (أي أن العرس لم يتم بعد) منذ فترة وأطلب من الخطيبة عدم الجلوس مع أقربائها الشباب حتى وإن كان الموقع فيه من الجمع الكثير وذلك للبعد عن الفتنة، وأيضا أطلب منها عدم الرد على الهاتف في حال وجود غيرها للرد عليه لأن صوتها جميل قد يسبب الفتنة.
والسؤال: هل ما أفعله يعتبر تعصبا لا حاجة فيه أم أنه ضروري في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن.
أفيدونا وجزاكم الله خيراً.....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هؤلاء الأقارب غير محارم للمرأة كأبناء عمها وعماتها وخالها وخالاتها ونحوهم، فإنهم يعاملون معاملة الأجانب فلا تجوز الخلوة بهم ولا مصافحتهم، وإذا احتاجت إلى الجلوس معهم في مثل الجلسات العائلية التي اعتادها الناس فيجب أن تلتزم بآداب الإسلام في الحديث معهم والتزام الحجاب الساتر وغض البصر، وأن يقتصر الجلوس على قدر الحاجة، فإذا روعيت هذه الآداب فلا بأس، وإن كان الأولى أن ينفرد الرجال بمجلس وحدهم، ويخصص مجلس للنساء، ولا حرج عليك في منعها من مجالستهم، بل هذا هو الأولى والأحوط.
ويجوز للمرأة أن ترد على الهاتف والطارق إذا لم تخضع في القول، كما قال الله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ [الأحزاب:32] .
فأباح لهن الحديث مع الرجال بشرط عدم الخضوع في القول وهو اللين والتكسر مثل كلام المريبات والمومسات.
وإذا كان صوت المرأة جميلاً فاتناً فالأولى لها أن تتجنب الرد على الهاتف لاسيما إذا وجد غيرها ممن يقوم بذلك، ونوصيك بالرفق والإحسان إلى أهلك، ونصحهم وتوجيهم بالتي هي أحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(13/16708)
حكم جهر المرأة بقراءة القرآن بحضور الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن المرأة لا يجوز أن تؤذن حيث أن صوتها فيه نغم ولكن هل يجوز للمرأة أن ترتل القرآن أمام الرجال كحالتي في الإذاعة المدرسية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصوت المرأة بالنسبة للأجنبي عنها لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون طبيعياً لا نغمة فيه ولا تمطيط ولا تليين.
والحالة الثانية: أن يكون فيه نغمة وتمطيط.
ففي الحالة الأولى لا حرج عليها في محادثتها وكلامها معه، ولا حرج عليه من الإصغاء إليها ومحادثتها ومحاورتها إذا لم يتلذذ بسماع صوتها، وإلا حَرُم عليه ذلك.
كما جاء في رواية عن أحمد: ويحرم التلذذ بسماعه (صوت المرأة) ولو بقراءة.
أما الحالة الثانية: فلا يجوز للمرأة تمطيط صوتها وتليينه بحضرة الأجنبي، ولا يجوز له قصد استماعها ولا الإصغاء لها.
ولما كانت القراءة لا تخلو من نغم وتمطيط كُره للمرأة أن ترفع صوتها بالقراءة بحضرة الأجانب خشية الافتتان بصوتها، فإن أَمنت الفتنة لم يكره لها القراءة، وجاز لهم الإصغاء.
جاء في نهاية المحتاج: فقد صرحوا (يعني علماء الشافعية) بكراهة جهرها في الصلاة بحضرة أجنبي، وعللوه بخوف الافتتان.
وفي كشاف القناع: وتسر بالقراءة إن كان يسمعها أجنبي.
وقال في رواية مهناعن أحمد: ينبغي للمرأة أن تخفض من صوتها في قراءتها إذا قرأت بالليل. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(13/16709)
حكم تكلم المرأة مع غير محارمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تتكلم مع إخوان زوجها وفي الصباح تقول لهم صباح الخير وفي المساء مساء الخير؟
أرجو الرد عاجلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:32-33] .
فإذا كان كلام المرأة طبيعياً، وبدون خضوع بالقول، وبدون تبرج وإبداء زينة.... فهذا لا مانع منه شرعاً، لقول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنّ [الأحزاب:53] .
وهذا الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه أن المرأة يمكن أن تتكلم في حاجتها مع الرجال بالضواط التي أشرنا إلى بعضها، ولا مانع أن يسلموا عليها، وتسلم عليهم إذا أمنت الفتنة والخلوة والاختلاط المريب.
فقد كان بعض الصحابة يسلمون على بعض الصحابيات، وكان أبو بكر وعمر يزوران أم أيمن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى المسلم أن يراعي في ذلك كله الضوابط الشرعية، فقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء والخلوة بهن.... فقال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
وقال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري ومسلم.
والحاصل أن صوت المرأة ليس بعورة، وأنه يجوز الكلام مع المرأة لحاجة إذا ضبطت بالضوابط الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(13/16710)
شروط جواز أباحة إجابة المرأة من وراء حجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن ترد من وراء الباب للطارق على الباب مع العلم أنه لا يوجد غيرها في البيت وما الدليل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن ترد من وراء الباب بشرط أن لا تخضع بالقول، لقوله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] .
وسواء كان معها أحد في البيت أو لا. ودليل جواز ذلك قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] .
والسؤال يحتاج إلى جواب، والجواب يكون خاليا من الإخضاع بالقول، كما أمر الله في الآية السابقة فلا يخضعن بالقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(13/16711)
أول حدود الحرام في الكلام مع المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب أعمل في إحدى الشركات ومن طبيعة العمل في بلادنا أن يتواجد في مكان العمل رجال ونساء من الجنسين ومن ظروف العمل أيضا أن يحدث حوار بيننا في العمل ولكن يكون هذا الحوار في نطاق العمل ولكن مع الأيام قد يحدث بعض الكلام في أمور حياتية عادية ولكن في حدود الحياء والأدب فأنا أريد أن أعرف هل هناك نص على تحريم الكلام مع المرأة أو التباسط في الكلام إذا اعتبرنا هذا الكلام من التباسط؟ وماهي أول حدود الحرام التي يجب الوقوف عندها؟
أسألك النصيحة.
وجزاك الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للرجل أن يكلم المرأة وتكلمه للحاجة، لأن صوت المرأة ليس بعورة؛ إلا أنه يحرم عليها تليينه وترقيقه بحيث يفتن السامع، أو يطمع من كان في قلبه ميل إلى الحرام.
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) : أي: لا تلن القول، وأمرهن أن يكون قولهن جزلاً وكلامهن فصلاً، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين.
وأما الكلام لغير حاجة، فإنه يجر بعضه بعضاً، وربما تبعته ضحكات وابتسامات، ونحو ذلك مما هو ذريعة للفتنة والوقوع في الفاحشة، والشارع الحكيم قد سد الذرائع المفضية إلى الحرام ولو كانت في أصلها مباحة، فمنع سفر المرأة بدون محرم، والخلوة بالأجنبي، ونحو ذلك.
وأما أول حدود الحرام في الكلام فهو بداية الحديث الذي لا تحتاج له معها، ولا يقتضيها العمل أو غيره.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2096، والفتوى رقم: 4662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(13/16712)
حكم رفع المرأة صوتها في قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة رفع صوتها في قراءة القرآن إذا أحبت القراءة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تقرأ القرآن بصوت مرتفع إذا كان لا يسمعها رجل أجنبي عنها، فإن كانت بحضرة رجل أجنبي، فلا ترفع صوتها بالقرآن، لأن في قراءتها للقرآن تحسيناً للصوت وترقيقاً، وهي منهية عن أن تخضع بالقول، كما قال سبحانه: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب:32] .
وينظر الجواب رقم: 10518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(13/16713)
حكم قراءة المرأة القرآن الكريم بصوت مرتفع
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم:
ما حكم قراءة المرأة للقرآن بصوت مرتفع فى منزلها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة المرأة للقرآن بصوت مرتفع جائزة، وربما كان رفعها للصوت أفضل لها إذا كان يجلب لها الخشوع والتدبر، ويعينها على الحفظ والمراجعة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(13/16714)
صوت المرأة إذا كان مثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أتمتع بصوت جيد للغاية والحمد لله وقد تحصل بعض المكالمات الهاتفية حتى وإن لم تكن مكالمة لي أن يخبرني المخاطب بأن صوتي جميل ومريح بعضهم تجرأ على القول بأنه مثير فماذ أفعل هل أمتنع عن الرد على المكالمات، أرجو النصح وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك الامتناع عن إجابة الهاتف حسماً لمادة الفتنة وسداً لباب الشر وقطعاً لخطوات الشيطان، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [النور:21] .
ويقول تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [الأحزاب:32] فمن كان في صوتها ما يدعو إلى الفتنة -طبعاً- فالواجب عليها عدم إسماع صوتها للأجانب إلا عند الضرورة الملجئة، لأن كل باب يؤدي غالبا إلى الشر يجب سده، ولا وسيلة لسد هذا الباب إلا بامتناعك عن مخاطبة الرجال الأجانب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(13/16715)
الحد المسموح به لسماع صوت المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد روي عن امرأة نذرت بالتغني بالدف عندما ييعود رسول الله سالماً الى ديار المسلمين وعندما عاد الرسول أخبرته بذلك فأذن لها وذلك لتحقيق نذرها سؤالي هو أن صوت المرأة عورة فكيف سمح رسول الله بهذا افيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما قرره السائل - في نص السؤال - من أن صوت المرأة عورة على الإطلاق خلاف الراجح والمشهور.
ففي صحيح البخاري عن أم عطية قالت: "بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا أن لا نشرك بالله شيئاً ... " الحديث، وفيه، "ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة منا يدها، وقالت: فلانة أسعدتني، وأنا أريد أن أجزيها، فلم يقل شيئاً، فذهبت، ثم رجعت.." الحديث.
قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: وفي هذا الحديث أن كلام الأجنبية مباح سماعه، وأن صوتها ليس بعورة.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلقن، فقد بايعتكن ... الحديث، وفيه: "وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: "وقد بايعتكن كلاماً".
وفي شرح هذا الحديث قال النووي: وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة، وأن صوتها ليس بعورة.
وذهب أصحاب المذاهب الأربعة إلى هذا القول.
وأما حديث بريدة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردَّك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف، وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب ... " الحديث. رواه الترمذي، وقال عنه: حديث حسن غريب صحيح. فهو يدل جواز سماع غناء الأجنبية الذي هو أخص من مطلق الصوت، إذا أمنت الفتنة.
قال صاحب تحفة الأحوذي: وفي قولها (وتغني) دليل على أن صوت المرأة مباح إذا خلا عن الفتنة.
وقال ابن حجر - وهو يشرح حديث البخاري في غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله عنها-: وقد استدل بهذا الحديث على جواز سماع صوت الجارية بالغناء، ولو لم تكن مملوكة، لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أبي بكر سماعه، بل أنكر إنكاره، واستمرتا بالغناء إلى أن أشارت إليهما عائشة رضي الله عنها بالخروج، ثم قال: ولا يخفى أن محل الجواز ما إذا أمنت الفتنة بذلك.
وخلاصة ما ذكره العلماء في هذه المسألة: أن سماع صوت المرأة الأجنبية جائز، ما لم يكن فيه خضوع بالقول، وما لم يؤد سماعه إلى الوقوع في الفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(13/16716)
حكم زغاريد النساء، واستقبال العروس بالشموع
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل تجوز الزغاريد للنساء في الأعراس الاسلامية وهل يجوز كذلك استقبال العروس المسلمة بالشموع المضاءة مع الدليل جزاكم الله خيرا؟
2-هل يجوز للنساء عامة أن يرقصن في الأعراس الاسلامية فيما بينهنّ رقصا فولكلوريا غير خليع دون أيّ اختلاط مع الرجال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإظهار الفرح والسرور مما جبلت عليه الفطرة، وللمسلم أن يفرح ويظهر فرحه في غير معصية لله جل وعلا.
ومما اعتاده كثير من النساء لإظهار فرحهن ما يسمى بالزغاريد، وهي معروفة لدى عامة النساء.
فإذا كانت في محيط النساء فلا حرج فيها، لاسيما إذا كانت بنبرات ليس فيها إثارة ولا فتنة.
وأما إذا كانت بنبرات مثيرة أو فاتنة، ويسمعها الرجال الأجانب -وهو الغالب لأنها تكون بصوت مرتفع- فلا يجوز ذلك، لدخوله في عموم الخضوع بالقول المنهي عنه في قوله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) [الأحزاب: 32]
وإذا كانت بنبرات عادية، ليس فيها تكسر أو إثارة، فلا حرج فيها، وإن وصلت إلى سمع الرجال.
وأما استقبال العروس بالشموع المضاءة فإنها عادة اتخذها بعض النساء، ولا حرج فيها كذلك إذ لم يقصد بها العبادة -كما يفعل النصارى- أو التشبه بالكفار. والله أعلم.
وبالنسبة لرقص النساء في محيطهن فقد تقدم برقم 5659، 1258
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1422(13/16717)
قراءة المرأة في المسابقة أمام الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[لقداشتركت في العديد من مسابقات حفظ القرآن الكريم ولكنني لا أدري هل يجوز أن أقرأ أمام الشيوخ من الرجال علما بأن الله قد تفضل علي ووهبني صوتا جميلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في القراءة أمام المشايخ في المسابقات ونحوها إذا كان ذلك من وراء حجاب وراجعي الجواب رقم: 1524
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1421(13/16718)
لا حرج في مخاطبة المرأة الرجل هاتفيا بشرط عدم الخضوع في القول
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله في جهودكم. كنت أتحدث في شبكتنا المحلية وكنت أكتب مقالات إسلامية فيها نصائح قيمة فالكثير يرسل لي بيجا للتحدث معي ولكن هناك من سألني وقال: هل يجوز الرجل أن يتحدث مع امرأة بالهاتف؟ فقلت:لا. فقال: طيب أنا أكلمكِ الآن عن طريق البيج أليس هذا حراما؟ ففزعت من كلامه حتى نبهني لأمر مهم. فقلت ربما هذا حرام وأنا سوف أغلق البيج نهائيا.. فأنا الآن أغلقت البيج.. ولكن سؤالي هو: هل البيج حرام مع أن الصوت لا يظهر.. وحديثي كله ذكر الله.. فكم من شخص أزعجني وأنا أذكره بالله.. وهناك الكثير الكثير تغيّر مجرى حياتهم حسب ماقالوا يقولون: نعم الأخت أنتِ.. فأنتِ تذكريننا بالله.. فجزاك الله خيرا.. ولكن يا أهل العلم هل البيج حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد كرم الإسلام المرأة أيما تكريم، ورفع من شأنها وأعطاها حقوقها التى سلبتها الأمم قبلُ. ومن تكريم الإسلام للمرأة صيانتها عن الابتذال، ولذلك أمرها الله تعالى بالحجاب وأن تغض من صوتها وألا تخضع بالقول، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) [النور: 31] وقال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) [الأحزاب: 32] . فلكي لا تكون المسلمة جسرا الىً ما يغضب الله فعليها أن تحتاط في كلامها وأن يكون ذلك على قدر الحاجة الداعية إلى ذلك وأن يكون كلامها بغير خضوع فإذا كان ذلك كذلك فلا حرج في مخاطبة المرأة الرجل على الهاتف قال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) [الأحزاب: 53] . وليس عليها حرج في الكتابة أو التحدث عن طريق ما يسمى بـ (البيج) إذا التزمت بالضوابط الشرعية وراعتها جيداً. فإن علمت من نفسها ميلا عن هذه الضوابط التي تصونها فلا ينبغي التساهل في هذا أبداً، لما يترتب عليه من مفاسد عظيمة وشرور كبيرة. ونقول للأخت الكريمة: إن اشتغالها مع بنات جنسها خير لها، وهو مجالها الطبيعي، ولن تستطيع أن توفيه حقه، وهي به أعرف وعليه أقدر، ولم تكلف دعوة الرجال ابتداءً. ودرء المفاسد المفضية إلى الشر مقدم على المنافع التي لايتوقف جلبها عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1421(13/16719)
لايجوز التحدث مع زميلات العمل إلا بما تقتضيه مصلحة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أتعامل مع الزميلات في العمل سواء الملتزمات أوغير الملتزمات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يفهم من سؤالك أنك رجل تعمل في مكان فيه نساء وللجواب على ذلك نقول لك يجب عليك أن تتعامل معهن بامتثال أمر الله بغض البصر عنهن قال تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم…) سورة النور. وأن لا تتحدَّث معهن إلاَّ حديثاً لا بدّ منه تقتضيه مصلحة العمل وعليك أن تكون حذراً غاية الحذر ومحتاطاً غاية الاحتياط في تعاملك معهن فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من فتنة النساء فقال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) كما في الصحيحين وغيرهما.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/16720)
هل صوت المرأة عورة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صوت المرأة عورة أم لا؟ وما الدليل على ذلك وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فصوت المرأة ليس بعورة لقوله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) . [الأحزاب: 53] ، فلم يأت النهي عن الحديث وإنما جاء الأمر بعدم الخضوع بالقول وهو ترخيم الصوت وترقيقه، قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً) . [الأحزاب: 32] .
وإن كان صوت المرأة يتلذذ به السامع أو يخاف على نفسه الفتنة فحرام عليه استماعه، وإن كان غير ذلك فلا يحرم، لأنه ليس بعورة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1422(13/16721)
ابن الزنا لا تجب له النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[صارحني أخ لي تائب وعائد وقال إنه وقع في الفاحشة مع إحدى الفتيات في هذه المدينة وحملت بولد وهو الآن في العام الثاني من عمره وآخر مرة رأى فيها صديقي ابنه (ابن الزنا) كانت قبل عام ونصف، الآن الأم متزوجة وعندها بنت من الزوج الجديد صديقي يريد أن يأخذ ذلك الولد وهي رافضة والولد يربى عندها وعند أمها ولا يستطيع أن يعلم أبويه ولا أن يتزوج منها، وهي تطالبه من حين لأخر أن يساعدها ماديا لابنه، وهو يخشى أن تكون مستغلة للموقف لتأخذ المال لها، وهو الآن يحترق ألما وهو بين مطرقة الوضع الذي وضع نفسه فيه وبين سندان أنه لا يزال طالبا يأخذ مصروفه من أهله، فماذا يجب عليه أن يفعل؟ أرجو التفصيل لأن الموضوع جد خطير. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن صاحبك قد ارتكب منكراً فظيعاً، فنسأل الله أن يتقبل توبته وأن يغفر ذنبه.
أما عن ولده من الزنا، فإنه لا يمت إليه بصلة لأنه ولد غير شرعي، فليس بابن له ولا ينسب إليه ولا تجب عليه تجاهه نفقة ولا سكنى، وإنما ينسب لأمه وتتحمل هي نفقاته، فإن لم تستطع فمن بيت المال، لكن لا بأس عليه في أن يعطيها ما يشاء لهذا الولد من باب الإحسان والهبة، لا من باب الوجوب والالتزام، وليعلم أنه ليس له الحق في أخذ هذا الولد من أمه إذا كانت غير راضية بذلك، ولمزيد من التفاصيل تُراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9093، 6045، 28544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(13/16722)
من أحكام النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[كم تستمر الفترة الشرعية لنفقة الزوجة المطلقة؟ إذا تزوجت المطلقة من رجل آخر وكان لديها أطفال قصر هل تستمر النفقة؟ ما رأي المذهب المالكي فى هذا الشأن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب النفقة للمطلقة طلاقاً رجعياً، كما تجب لها السكنى والكسوة وغير ذلك مما تحتاجه، وذلك لأنها مازالت زوجة ما دامت في فترة العدة، فإذا انقضت العدة ولم يراجعها زوجها فقد بانت منه بينونة صغرى وبذلك لا تلزمه لها نفقة ولا سكنى.
وأما المطلقة طلاقاً بائناً فلها حالتان:
الحالة الأولى: أن تكون حاملاً فتجب لها النفقة والسكنى لقوله سبحانه: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:6] .
الحالة الثانية: ألا تكون حاملاً فلا نفقة لها ولا كسوة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: "لا نفقه لك إلا أن تكوني حاملاً." رواه أبو داود.
وأما الأولاد فتجب لهم النفقة على أبيهم ويختلف هذا باختلاف حال الزوج من اليسار أو الإعسار، كما يختلف من بلد لآخر والعرف المعمول به في كل بلد، وتجب هذه النفقة للأولاد ما داموا فقراء عاجزين عن الكسب، وتتميماً للفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية
20270 295
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(13/16723)
زوجها السابق لا ينفق على أولاده منها بالمعروف مع يسره
[السُّؤَالُ]
ـ[أب له زوجة وخمسةأولاد (3 بنات وابنين) تزوج بأخرى وأنجب منها ولدا وبنتا (12 سنة - 11 سنة) وطلقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى منذ تسع سنين، ووضعه المادي ميسور جداً ويسكن في منزل مكون من ثلاثة طوابق. السؤال هو: عدم سؤاله عن ولده وبنته إطلاقاً لا تلفونياً،لا مشاهدةً إلا ما ندر (في السنة مرة تقريباً) وينفق عليهم مبلغا ضعيفا جداً جداً لا يذكر مرة في السنة حتى أنه لا يعرف في أي مرحلة يدرسون، وأنا أسكن في غرفة في منزل والدي المتوفى ولم أتزوج لكي أربي أبنائي، علما بأنني ملتحقة بوظيفة متواضعة. فماذا علي أن أفعل هل أتركه لله أم ماذا أفعل؟ لا أقدر أن ألجأ إلى القضاء نسبة لأنني يتيمة الأم والأب والقضاء مسيرته طويلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة الأولاد وسكناهم واجبة على أبيهم بالمعروف، ويرجع في تقدير هذه النفقة إلى القاضي الشرعي، فالذي ننصحك به أن توسّطي بعض أهل الدين والمروءة ليناصحوا زوجك في وجوب الإنفاق على أولاده بالمعروف ويبينوا له إثم تضييعهم، فإن لم ينفع معه ذلك فليس أمامك إلا رفع الأمر إلى القضاء أو الصبر على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1430(13/16724)
حكم إنفاق المرأة على نفسها مما خصص لأولادها الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة التي تزوجت بعد وفاة زوجها أن تصرف على نفسها من الراتب التقاعدي لزوجها المتوفى، علما بأن هذا الراتب هو لأولادها الأيتام؟ مع العلم أن مصلحة التقاعد كانت تصرف لها راتبا مع راتب الأولاد ولكن بعد علمهم بزواجها قطعوا عنها راتبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان راتب التقاعد المذكور هبة من جهة معينة لأولاد الميت فهو خاص بهم، ولا يجوز للزوجة الإنفاق منه على نفسها ما لم تكن محتاجة، وإن كان ذلك الراتب ناتجا عما كان يقتطع من راتب الزوج أثناء الخدمة فهو ملك لجميع ورثته ولزوجته نصيبها منه، وهو الثمُن وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 69277 والفتوى رقم: 71147.
ونفقة الزوجة المذكورة واجبة على زوجها إن كان مستطيعا، وإذا كانت مصلحة التقاعد قد اشترطت إعطاء الراتب بعدم زواج تلك الزوجة، فإنها إذا تزوجت لا يجوز لها أخذ ذلك لأنه لم يستحق إلا بالشرط، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
وراجعي فى ذلك الفتوى رقم: 35864.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(13/16725)
إذا تنازلت المطلقة عن نفقة الأولاد فهل لها الرجوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مطلق لدي بنت وولد، أعمارهم من 15 أو 16، وطليقتي تنازلت عن النفقة من 3 سنوات، للعلم أنا متزوج من امرأة ثانية، ولدي 3 أبناء، وطليقتي تسكن في بيت ملك لي باسمي، وهو كبير وهي متقاعدة، ولدي ابن عمره 21 سنة، ويعمل براتب ممتاز، وحالهم أفضل كثير من حالي؛ لأني اسكن في بيت إيجار، ولا أستطيع أن أوفر لقمة لأبنائي وزوجتي، سؤالي هل بإمكانها طلب النفقه مجدداً. للعلم هي تنازلت عنها ووضعي لا يسمح بالنفقة؛ لأنني سوف أغرق بدين إيجار البيت ولا أستطيع أعيل عائلتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود نفقة مطلقتك فنقول ليس لها سوى نفقتها مدة العدة إن كانت رجعية أو حاملاً، وإذا كانت قد خالعتك بها أو أبرأتك منها فلا حق لها في الرجوع فيها، والمطالبة بها للقاعدة الفقهية المشهورة: الساقط لا يعود. ومعناها كما في درر الحكام: أنه إذا أسقط شخص حقاً من الحقوق التي يجوز له إسقاطها سقط ذلك الحق وبعد إسقاطه لا يعود.
وأما إن كان المقصود نفقة الأولاد فليس لها إسقاطها أو التنازل عنها؛ لأنها واجبة لهم لا لها، لكن إذا كانت هي تولت الإنفاق عليهم في الفترة الماضية بنية الرجوع عليك بذلك، ثم أبرأتك منها وتنازلت عن حقها في مطالبتك بما أنفقت على أبنائك، فقد سقط حقها، وليس لها المطالبة به بعد للقاعدة السابقة.
وكذا ما أنفقته على أبنائها بغير نية الرجوع عليك به فإنه يكون هبة وعطية منها لأبنائها، وليس لها مطالبتك به، ولكن لها الحق في مطالبتك بالنفقة على من تلزمك نفقته من أبنائك فيما يستقبل. وقد بينا من تجب نفقته من الأبناء ومتى تسقط في الفتوى رقم: 35544.
وإذا تولى ابنك الكبير النفقة عنك فلا حرج عليك، سيما مع ما ذكرت من ضيق حالك، بل إذا أعسرت يجب عليه أن ينفق عليك. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9746، 61461، 65911.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(13/16726)
مات عن زوجة وبنت فعلى من تجب نفقتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أخي وبعد وفاته وضعت زوجته بنتا، السؤال هو هل أتكفل بمصروف البنت وأمها أم البنت فقط، وما هي الفترة المحددة لذلك، وكم مقدار النفقة، مع العلم بأن والدي رفض أن يعطيهم أي مصاريف لأنه لديه مشاكل قديمة مع زوجة أخي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ المتوفي قد ترك ميراثاً فينفق على البنت من نصيبها من الميراث، فهي تستحق نصف التركة، وكذلك تنفق الزوجة من نصيبها وهو ثمن التركة، أما إذا كان لم يترك لهم ميراثاً أو ترك ما لا يكفي للإنفاق عليهما، فإن البنت تكون نفقتها على جدها ما دام قادراً على ذلك.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب النفقة لسائر الفروع، وإن نزلوا لأن الولد يشمل الولد المباشر وما تفرع منه.
وأما هل يشاركه غيره أم ينفرد بالإنفاق؟ فعند الشافعية ورواية عند الحنابلة ينفرد بالنفقة ولا يشاركه غيره، وعند الحنفية والحنابلة تكون نفقتها على جدها وأمها على الجد الثلثان وعلى الأم الثلث، لقوله تعالى: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ {البقرة:233} .
وأما الزوجة فنفقتها على أبيها خاصة إن كان حياً وقادراً على النفقة، وأما إذا كان أبوها ميتاً أو غير قادر على الإنفاق فينظر في ورثتها القادرين على الإنفاق فتكون النفقة عليهم على قدر مواريثهم عند الحنفية والحنابلة، وتكون على الأقرب من الذكور عند الشافعية، أما عن الفترة المحددة لها فإن النفقة تجب لهم ما داموا فقراء لا مال لهم ولا كسب، إلى أن يصير لهم مال أو كسب يستغنون به. انظر المغني لابن قدامة.
وينبغي أن تخبر والدك بأنه يجب عليه الإنفاق على البنت إذا كانت فقيرة، ولا يصح له أن يمتنع عن ذلك متعللاً بما كان بينه وبين زوجة ابنه من خلاف، أما أنت أيها السائل فلا يلزمك نفقتهما، لكن إذا تبرعت بالنفقة فإن ذلك من الإحسان الذي يحبه الله ويثيب عليه بالأجر العظيم في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار. متفق عليه. قال ابن حجر: فإذا ثبت هذا الفضل لمن ينفق على من ليس له بقريب ممن اتصف بالوصفين، فالمنفق على المتصف أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(13/16727)
على من تجب نفقة المطلقة التي لا مال لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل حضراتكم عمن يعول من طلقت في سن لا تستطيع فيه الكسب وليس لها مال ولا ولد وبعد أن ضاع عمرها في خدمة مطلقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يعولها هو والداها إن كان لهما مال، ثم إخوانها، ثم سائر ورثتها، وهذا ما ذهب إليه بعض أهل العلم، قال ابن قدامة وهو من علماء الحنابلة: وظاهر المذهب - يعني مذهب أحمد- أن النفقة تجب على كل وارث لمورثه. انتهى.
فإن لم يكن لها من ينفق عليها وجبت نفقتها في بيت مال المسلمين إن وجد، وإلا فعلى الأقرب فالأقرب من المسلمين، والقيام على من تلك حاله من أبواب الخير التي تنبغي المسارعة إليها والتنافس فيها.
وتراجع الفتوى رقم: 112279.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(13/16728)
يلزم الشخص نفقة كل من يرثه
[السُّؤَالُ]
ـ[لزوجي 3 إخوة ذكور توفي أبوه منذ صغره، زوجي الآن يكفل أمه وأخته أنا وطفلتين وقريبا سنرزق بمولود جديد، زوجي يعمل بجد والحمد لله ننعم بحياة طيبة، أنا أتساءل إن كان من واجب إخوته الذكور المساعدة في الإنفاق على أمهم مع العلم أنهم لا يخصصون لها أي مبلغ ولو بسيط معتمدين على أخيهم الذي يظنون أنه أفضل حالاً منهم؟ جزاكم الله كل خير وبركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان للأم والأخت مال فإن نفقتهما تكون من مالهما الخاص، وإن لم يكن لهما مال فإن نفقة الأم واجبة على أبنائها باتفاق أهل العلم، وكذلك الأخت على الراجح من أقوالهم.
قال صاحب كشاف القناع وهو حنبلي المذهب: ويلزمه نفقة كل من يرثه بفرض أو تعصيب.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 71690 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(13/16729)
الإنفاق على الزوجة والأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوجت وسافرت إلى بلد عربي وتنتظر زوجتي حتى أرسل لها فتأتي، وأبي متوفى ولدي أخت تعمل وغير متزوجة، في الآونة الأخيرة أختي حصلت لها مشاكل كثيرة في عملها وأرادت أن تتركه وتطالبني بالنفقة عليها إذا تركت العمل، مع العلم بأني لا أقدر على الصرف في هذا البلد العربي، وقد أستطيع النفقة على أختي ولكن بدون أن تأتي زوجتي وقد يضر هذا بزوجتي، وأنا أعد نفسي للزواج، ما حكم الشرع في الإنفاق على الأخت مع العلم أنها تملك بعض المدخرات القليلة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان لأختك مالا تدخره فلا تلزمك نفقتها، وأما إن لم يكن لها مال أو نفد ما تملك، ولم يكن لها مجال للكسب فتلزمك نفقتها لأن الراجح عندنا أن النفقة تلزم لكل قريب وارث كما هو مبين بالفتوى رقم: 44020.
ومحل وجوب إنفاقك عليها إذا بقي لك من المال ما تنفقه عليها بعد استيفاء حاجتك الضرورية في حياتك، ومنها مؤونة النكاح واستقدامك أهلك للإقامة معك.
واحرص على مساعدة أختك على كل حال وقدر إمكانك، فذلك من البر والصلة وهما من أسباب الرزق.
ومن أفضل ما يمكن أن نشير به عليك هنا أن تسعى في تزويج أختك هذه لتكفى مؤونتها، علما بأنه لا حرج على الولي في البحث عن زوج لموليته فقد فعل ذلك من هم من خير الناس كعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وعلى كل حال سدد وقارب، واجتهد في تيسير أمر الزواج وعدم تكلف الإنفاق فيه، فإن يسر النكاح سبب في بركته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(13/16730)
الادخار لأجل الزواج أم الإنفاق على العائلة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني موظف جديد وأريد بناء حياتي لكن جزء من راتبي أصرفه على عائلتي. مثلا كشراء لوازم للبيت أو ترميم أجزاء في البيت. أو إقراض بعض أفراد عائلتي المال لقضاء حوائجهم ... فهل يجوز من الناحية الشرعية أن أتقشف في بعض الأحيان عن الإنفاق من أجل أن أدخر لمستقبلي.
فأنا شاب مقبل على الحياة ولم أتزوج بعد..وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن كان أهلك أغنياء فلا حرج عليك إن ادخرت مالك للزواج، وإن كانوا فقراء وكانت نفقتهم واجبة عليك فقدم النفقة الواجبة على الادخار، وإن أمكنك الجمع بينهما فهو حسن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت عائلتك مكفية ولم يكونوا فقراء فلا حرج عليك إن أمسكت مالك وادخرته لتتزوج، فإن كانوا فقراء ففي المسألة تفصيل.. فإن كان والداك حيين أو أحدهما فنفقتهما واجبة عليك كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 39229، وإن لم يكونا حيين فنفقة أخويك تجب عليك بثلاثة شروط:
الأول: أن يكونوا فقراء لا عال لهم ولا كسب.
والثاني: أن يكون لديك ما يزيد على نفقة نفسك.
والثالث: أن تكون وارثا، وراجع الفتوى رقم: 44020، وعلى أي حال فإن أمكنك الجمع بين الإنفاق على عائلتك والادخار للزواج فإن ذلك حسن.
واعلم أن الزواج في حقك يكون واجبا إذا كنت قادرا عليه وكنت تخشى الوقوع في الزنا؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3011، والفتوى رقم: 57340، فإذا كنت تخشى على نفسك الوقوع في الزنا ولم يمكنك الجمع بين الزواج والإنفاق على والديك إن كانا حيين فقيرين أو إخوتك إذا توفرت فيهم الشروط السابقة فلا يلزمك والحالة هذه الإنفاق عليهم، وراجع لمزيد فائدة الفتوى رقم: 45386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(13/16731)
إنفاق الموظفة من راتبها على والديها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة خاصة وأتقاضى راتبا مناسبا وأنا مازلت في بيت الأهل ولم أتزوج وراتبي أعطيه لأهلي وآخذ فقط المصروف الشهري وأنا بطبعي لا أكذب، ولكن أخذت من الراتب مبلغا لزيادة المصروف حقي ولم أخبر أمي بذلك، فهل هذا يعتبر خيانة، لأني لم أخبرهم براتبي الحقيقي، وكم أنا ضميري يؤلمني جداً؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرتب الذي تأخذه البنت الموظفة من عملها ملك خاص بها، ولها التصرف فيه بما تشاء، إلا أنه يجب عليها الإنفاق على والديها المحتاجين للإجماع على وجوب نفقتهما، ويجوز لوالديها أن يأخذا من مالها بقدر حاجتهما، ويدل لهذا ما في الحديث: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه. وفي الحديث: إ ن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وأن أموال أولادكم من كسبكم. رواه أحمد والترمذي وصححه الأرناؤوط والألباني.
وبناء عليه، فيجوز لك أن تدخري من مالك ما شئت بعد توفير الإنفاق والمصروف الشهري لك ولوالديك، ولا يجب عليك إخبار والديك بما تدخرينه كما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتحذري من الكذب أن كنت تحبين كتم الأمر واستغني عنه بالتعريض والتورية. وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على التفصيل في الموضوع: 57870، 75548، 50146، 47345، 65774، 75026.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(13/16732)
نفقة الأب على ابنه إذا لم تكن كافية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال بسيط.. أنا أكبر إخواني وعمري 19 سنه وقريباً أدخل 20 إن شاء الله.. أدرس في إحدى الجامعات وأسكن فيها وآخر الأسبوع أرجع إلى البيت أدرس على حساب عمي وأبي في الشهر يعطيني 500 درهم، مع أن معاشه أكثر من 10 آلاف ويقدر أن يعطيني 3000 في الشهر لكن الدنيا، هل أسكت عن حقي وأنا أريد مالا و500 درهم لا تعمل معي شيئا..! قال لي أحد أصحابي أنت ومالك لأبيك..! فماذا أعمل هل أسأل أو أتوجه إلى التوجيه الأسري في المحكمة، الحياة غالية و 500 درهم لا تعمل شيئا أبداً، هناك بحوث.. هناك أكل.. أنا شاب وأريد أشياء كثيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على أبيك أن ينفق عليك بالمعروف بقدر الكفاية بشرط أن لا يكون لك مال وأن تكون عاجزاً عن الكسب، سواء كان ذلك العجز بسبب انشغالك بالدراسة الضرورية لكي تستطيع أن تصيب قواماً من العيش فيما بعد أو كان بسبب آخر، فإن لم يفعل فلك أن توسط والدتك أو أحدا من أهل الخير من أقاربك ليكلموه، فإن أجاب وإلا فلك أن تأخذ من ماله بغير علمه ما يكفيك بالمعروف فقط دون زيادة على ذلك، فقد روى البخاري أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال عليه الصلاة والسلام: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. ولا تلجأ إلى التوجيه الأسري أو المحكمة إلا إذا اضطررت لذلك اضطراراً ملجئاً، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71680، 44592، 6630، 56667.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(13/16733)
إنفاق المرأة على أمها مما ملكته كنفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عمري 36 تزوجت من شهر ونصف من موقع زواج من إنسان متزوج ولديه أبناء بإصرار مني ووقوف أخي معي، والدتي لم توافق بحجة أني مريضة ولكن بسبب المال وأخي لا يعلم بذلك ظنا بسبب مرضي ولكن بسبب المال الذي تصرفه الدولة لي والآن تم وقف المال وشرط زواجي أن أظل مع والدي لخدمته وزوجي يقوم بشراء مستلزمات البيت ويعطيني مصروفي الشهري ووالدتي أعطتني مالا فقمت وأعطيتها نصف المبلغ وهي تريد أكثر من ذلك ولم أخبر طبعا زوجي كيف أصرف على حالي أنا أصبحت مستاءة من حياتي وأصيح هو يسألني ما سبب الدموع ولم أخبره طبعاً، فأرجو الحل والدعاء لي بالصبر والثبات فأنا خائفة على نفسي من الانتحار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج عنك، ويرزقك السعادة، ولذة القرب منه جل جلاله، ونوصيك يا أختنا الكريمة بوالدتك وزوجك، أعطي كل واحد منهما ما يستحق من الطاعة واللين والمحبة، فإن الجنة تحت أقدام الأمهات، وإن الزوج حقه عظيم كبير.
وأما بشأن سؤلك فهو واضح في مجمله مع غموض في بعض فقراته، ولكننا نجيب بما فهمناه منه، فنقول: إن المرأة تستحق على زوجها النفقة، فإذا أعطى الزوج الزوجة ما تستحقه من النفقة فإنها تملكه، وإذا ملَكَتْهُ فلها الحق أن تعطيه لأمها أو تتصرف به كيف شاءت بصدقة أو هبة أو غير ذلك، ولا يلزم الزوجة أن تخبر زوجها بما صرفت فيه المال، مع أننا على يقين بأن الزوج المؤمن الشهم يفرح بأن تكون زوجته طائعة لأمها، سخية في البذل من مالها.
وننبه أخيراً على أن كلامنا السابق إنما هو في تصرف المرأة في مالها الذي ملكته كنفقة، أي الذي أعطاه لها زوجها وقال هذا لك تنفقين منه، أما ما يعطيه لها على أنها تنفق منه بالمعروف وما بقي حفظته له فلا يحق لها أن تتصرف فيه بغير ما أذن لها به فهو كبقية أموال الزوج والتي لا يجوز للمرأة أن تتصرف فيها ولا أن تتصدق منها إلا بإذن زوجها. وننصح بمطالعة الفتوى رقم: 42095، وقد سبق في الفتوى رقم: 71560 بيان حكم إنفاق الزوجة على أهلها من مال زوجها بغير إذنه فتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1428(13/16734)
التوسط في الإنفاق والبعد عن الإسراف والتقتير
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن الاقتصاد الأسري وكيفية التعامل مع الجانب المالي داخل الأسرة.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتصاد الأسري والتعامل المالي داخل الأسرة وخارجها، يقوم على التوسط في الإنفاق والبعد عن الإسراف والتقتير. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فمن ذلك قوله تعالى في وصف عباده المؤمنين: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً {الفرقان:67} .
وروى الترمذي عن عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة.
وروى النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة.
وجاء عن غير واحد من السلف: الاقتصاد نصف المعيشة.
وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز حين زوجه ابنته فاطمة: ما نفقتك؟ فقال له عمر: الحسنة بين سيئتين، ثم تلا قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا.
ولأبي حامد الغزالي كلام نفيس في المقارنة بين البخل والجود، إذ يقول: فالإمساك حيث يجب البذل بخل، والبذل حيث يجب الإمساك تبذير، وبينهما وسط وهو المحمود، وينبغي أن يكون السخاء والجود عبارة عنه -أي التوسط -، إذ لم يؤمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالسخاء، وقد قيل له: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(13/16735)
حكم سرقة المال من الأخ لتغطية نفقات الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[في البدايه شكراً لكم على ما تقدمونه من فوائد للجميع ... أما بعد: أنا فتاة جامعية وأحتاج إلى نقود كثيرة للمواصلات والأكل في الجامعة.. فكل ما أحتاجه ويكفيني لليوم الواحد 11 أو 12 شيكل، لكن بعد أن التحقت أختي الصغرى مني بالجامعة أصبحت المصاريف كثيرة ونحتاج أنا وهي إلى الكثير وأبي عندما نطلبه يعطينا فقط نحن الاثنتين 100 شيكل وبالكاد وأنا لوحدي كانت تكفيني فما بالكم باثنتين.... المهم ولب الموضوع لي أخ يملك سوبر ماركت فتحه أبي له كمشروع ... أصبحنا أنا وأختي نأخذ منه نقودا عندما نحتاج ولكن دون علمه (علم أخي) ، وأحيانا كثيرة نطلب منه لكن لا يعطينا ... وحسبت ما أخدناه منه فكان كثيرا، هل يعتبر هذا سرقة، لا أستطيع أن أخبره بأنا كنا نأخذ منه وأنا أنوي إن شاء الله عندما يكون معي نقود سوف أردها له، ولكن على أساس أني أساعده في هذه النقود وليس على أساس أني أخذتها منه في السابق وأخاف أن يحاسبني الله عليها وتكون دينا في رقبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخوك ليس ملزماً بصرف النقود في دراستك ولا في غيرها من الحاجات التي تخصك أو تخص أختك، وما ذكرته عنه من كونه يملك سوبر ماركت قد فتحه أبوك له كمشروع، لا يعطيكما الحق في أخذ شيء من النقود منه دون علمه، ولو افترضنا أن المال مال أبيكما، فإن الأب أيضاً ليس ملزماً بنفقات دراستكما، وعليه فما أخذته من المال يعتبر سرقة بدون شك.
والسرقة من الكبائر العظمى وقد رتب الله عليها قطع اليد، فقال: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} ، وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن السرقة تدل على نقص الإيمان فقال: لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ... رواه البخاري ومسلم.
فالواجب أن تعقدي العزم أن لا تعودي إلى مثل ما كنت تمارسينه من السرقة، وأن تندمي عليه، ومتى ما تيسر لك قضاؤه وجب عليك ذلك، ولا يشترط لصحة توبتك من السرقة أن تخبريه بأنك كنت تسرقين من ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(13/16736)
حقوق المرأة بعد الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب فتوى
زوجتي تعاني من السحر منذ عام حاولت علاجها بطرق شرعية، بعد فترة ثلاثة أشهر بدأت تحاول الانتحار، كان أهلها دائمي سخرية من كل المعالجين ويعلمون أن الساحر عم والد زوجتي، وهم أخبروني بذلك أرجعتها إلى بيت والدها حتى أجد لها علاجا وطلبت منهم المساعدة لم يتحركوا حتى هددتهم بالطلاق، أحضروا معالجا قال بعد فترة إنها شفيت أرجعتها إلى البيت ولكن الحالة بقيت على ما هي عليها طلبت من جدها المساعدة فطلب أن أذهب إلى دجالين فرفضت فطلب أن أطلقها مدة شهرين مع العلم أن السحر من أجل عدم الإنجاب وطلاق قبل شهرين قلت لها تطلب مساعدة أهلها لكنها ذهبت إلى أهلها ولم ترجع إلى البيت توجهت إلى جدها فقال إنه لا وجود لسحر وأني أدعي هذا الموضوع لأغطي على أني امرأة ولا أنفع النساء مع العلم أني لا أعاني من أي ضعف وأن زوجتي ليست بكرا توجهت زوجتي الى المحكمة تطالب بالنفقة ومحاميها يقول إنه في حال الطلاق سيطلب نصف ما أملك فهل لها نفقة وفي حال طلاق هل يعطيها الشرع غير مؤخرها (لا يوجد لدينا أولاد) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الشفاء لزوجتك من كل الأمراض الظاهرة والباطنة، وجزاك الله خير الجزاء على امتناعك عن إتيان الدجالين الذين لا خير في إتيانهم إطلاقا، بل إن إتيانهم يجلب على المرء الشر كله، وقد يوقعه في الشرك والعياذ بالله تعالى، فعليك أن تبتعد عنهم كل البعد وتلتجئ إلى الله سبحانه وتعالى وتعتمد عليه كل الاعتماد فهو الكافي الشافي، وعليك أن تأخذ بالأسباب المشروعة لحل السحر عن زوجتك، وقد بينا ذلك في فتاوى متقدمة، إليك بعض أرقامها: 5433 / 2244.
ثم إن أساس الحياة الزوجية هو المودة والرحمة والاحترام المتبادل، قال الله تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً {الروم:20} ، فإذا فقدت هذه الأمور وصار كل من الزوجين أو أحدهما لا يطيق الآخر أو لا يستطيع القيام بحقوقه فالفراق هنا خير، فقد قال الله تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130} ، وإذا حصل الطلاق فليس للزوجة أن تأخذ نصف ما تملك وإنما لها عليك مؤخر الصداق والمتعة والنفقة والمسكن خلال العدة، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 9746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1427(13/16737)
نفقة الأخ على الأم والأخوات وواجبه نحوهن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن كوني صاحب حق في القوامة على والدتي وأخواتي، حيث إن والدي غير مسؤول عن العائلة منذ أكثر من 20 سنة ولا يزور هذه العائلة منذ زمن، وأخي الأكبر في دولة أخرى، وأنا متزوج ولي أولاد، ولا يوجد رجل غيري حول والدتي وأخواتي، فهل تجب عليهم طاعتي وأنني مسؤول عنهم يوم الحساب، أم أكتفي بالنصح والإرشاد، وهل يجب علي السكن معهم، أم يمكن قيادتهم من منزلي على الرغم من صعوبة ذلك خصوصا وأنني بدأت بإعادة هيكلة حياتي بما يتناسب والشرع الإسلامي بعد أن كنت مسرفا ومقصرا نحو نفسي ونحو الله، وهم لا يعتقدون بضرورة سلك المسلك الذي اتخذته من نبذ لكل المحرمات (وخصوصا الربا) والتمسك بالحلال مهما شقت له الطريق.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجب نفقة الزوجة على الزوج، وتجب نفقة البنات الصغيرات اللاتي لا مال لهن على أبيهن إذا كان له ما ينفقه عليهن، وذهب أكثر العلماء إلى أنه يلزمه أن ينفق عليهن حتى يتزوجن - وهو الأقرب – وتراجع الفتوى رقم: 25339، فإذا غاب الأب أو تخلى عن واجبه، وكان له مال مقدور عليه، أخذ من ماله بالمعروف ما يكفي من تجب نفقته عليه، وإن لم يكن له مال مقدور عليه وجبت نفقة الأولاد على أمهم، ثم رجعت بما أنفقت على أبيهم، وراجع الفتوى رقم: 31691.
فإن لم يكن للوالدة مال فنفقتها ونفقة بناتها الفقيرات على وارثهن من أخ أو أخت أو غيرهما من يرثهم، كل بقدر إرثه، قاله ابن قدامة في الكافي، وتراجع الفتوى رقم: 31315.
هذا بالنسبة للنفقة على الأم والأخوات، أما بالنسبة لحق القوامة وهي القيام عليهن رعاية وحماية وإصلاحا، وما يقتضيه من وجوب طاعتهن، فهذ حق للزوج والأب فقط، أما الأخ فليس عليه إلا النصح والإرشاد والتوجيه، وليس محاسبا على أفعالهن يوم القيامة إذا أدى ما عليه من نصح وإرشاد وأمر بمعروف ونهي عن منكر حسب استطاعته، شأنه في ذلك شأن المسلم مع أخيه المسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1427(13/16738)
النفقة على الزوجة والأم والأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين
جزاكم الله خيرا على ما تقومون به من جهد قي سبيل إنارة الطريق لنا وتوجيهنا إلى الحق
سؤالي هو ماحق الزوجة في مال زوجها وما حق أهله فيه حيث إني متزوج منذ عشر سنوات وأقيم في شقة مخصصة لي في بيت أهلي الذي تعيش فيه والدتي وأخت لي غير متزوجة - وأنا مسافر لكني لا أطيل فترة غيبتي عن أسرتي على أربعة أشهر وبضعة أيام وعندما أعود أحمل بعض الهدايا لأخواتي وأمي مما يغضب زوجتي فتعترض من باب النصح بقولها انتبه لمالك وتغضب لأدني وأتفه الأسباب ونقضي معظم الإجازة في خصام ونصحتها كثيرا أن لا تتدخل في هذا الأمر لكن دون جدوى - ربما تقول لي خصص لها سكنا خارج البيت - لكن يا سيدي أنا اصطحبت زوجتي هذه لفترة معي في سفري ولكن بقى معها جزء كبير من مشاكلها حيث إنها لا تهتم كثيرا بشئون البيت وشكوت لأهلها لكن دون جدوى وأنا لا أقبل أن أمنع ما أقوم به تجاه أخواتي خاصة وأنا أخوهم الوحيد والوالد متوفى وكلما فكرت في أن أتزوج عليها يمنعني خوفي أن لا أعدل بين الزوجتين خاصة أن نفسي بدأت تضيق منها وأصبحت أكره الإجازة بسبب ما يحدث فيها وأكره أن أطلقها حرصا على مصلحة أولادي حيث إن لي منها ثلاثة أطفال وتحمل الرابع فانصحوني جزاكم الله خيرا واذكروا لي ما يجب لها من مالي هي وأولادها لأنها تقول لي عندما آمرها أن لا تتدخل، مال عيالي ويحب أن تحافظ عليه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقة الواجبة على الزوج تجاه زوجته وضحناها في الفتوى رقم 50068، غاية التوضيح.
وأما حق المرأة في المسكن، وما هو المراد بالمسكن المستقل فسبق في الفتوى رقم 51137.
وأما حق أولاده فطعام يسد جوعهم ولباس يسترهم، ومسكن يؤيهم.
وليس للزوجة حق في منع زوجها من الصدقة والإنفاق على أمه وأخواته، بل ينبغي أن تشجعه على ذلك وأن تعينه عليه إن كانت فعلا تحبه وتحب له الخير، فإن في إحسانه إلى أخواته صلاحا له في دينه ودنياه.
أما في دينه فإن صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله تعالى، ففي الحديث عن رجل من خثعم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه فقلت أنت الذي تزعم أنك رسول الله قال نعم. قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله قال الإيمان بالله، قال قلت يا رسول الله: ثم مه قال ثم صلة الرحم، قال قلت يا رسول الله ثم مه قال ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله قال الإشراك بالله، قال قلت يا رسول الله: ثم مه. قال ثم قطيعة الرحم قال قلت يا رسول الله ثم مه قال ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف قال الإمام المنذري: رواه أبو يعلى بإسناد جيد.
وأما في دنياه فسعة الرزق وطول الأجل قال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه متفق عليه.
وأما زواجك بالثانية فمتى رأيت أنك قادر على النفقة والعشرة والعدل فلا حرج عليك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(13/16739)
حقوق الزوجة في حال الفسخ بسبب العيب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حقوق الزوجة إذا تم الطلاق بسبب عيوب في الزوجة:
1ـ عيوب خلقية كالبرص والجنون.
2ـ عيوب أخلاقية كسوء الخلق وكثرة السب والقذف المستمر للزوج وأهله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن العيوب الخلقية التي يفسخ بها النكاح البرص والجنون، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم 19935، فإذا وجد الزوج بامرأته عيبا من هذه العيوب، لم يبين له قبل العقد ولم يرض بذلك العيب ولم يستمتع بها بعد اكتشافه فله فسخ النكاح.
وأما سوء أخلاق الزوجة فلا يفسخ به النكاح وللزوج طلاقها إذا لم يحتمل ذلك.
وأما عن حقوقها؛ ففي حال الفسخ فلا شيء لها من الصداق ولا غيره إذا لم يكن الزوج قد استمتع بها بعد علمه بالعيب، وأما في حال الطلاق فمثل أي مطلقة، وتقدمت حقوق المطلقة في الفتوى رقم 9746، والجدير بالملاحظة أن العيب الذي يوجب الخيار هو العيب السابق للعقد، وأما العيب الحادث بعد العقد ففي الرد به خلاف بين أهل العلم. والذي نرجحه هو أنه لا يعطى الخيار للزوج في الفسخ وإنما له أن يطلق أو يمسك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(13/16740)
نفقة الأب على الأبناء البالغين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الأب أن يكمل الإنفاق على أبنائه الذكور.... إن كان يقوم بتدريسهم في الجامعة لكنهم غير مجتهدين وهو يتحمل إنفاق المال الكثير عليهم لكنهم يتقدمون ببطء شديد، أليس أيضا يتحمل الأبناء إثما في ذلك؟
أرجو الإفادة جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي نفقة الولد على أبيه بعد البلوغ ولا مال له ولا كسب خلاف بين العلماء، قال في سبل السلام: وإيجاب نفقة الولد على أبيه وإن كان كبيراً، قال ابن المنذر اختلف في نفقة من بلغ من الأولاد ولا مال له ولا كسب، فأوجب طائفة النفقة لجميع الأولاد أطفالاً كانوا أو بالغين، إناثاً أو ذكراناً إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن الآباء.
وذهب الجمهور إلى أن الواجب الإنفاق عليهم إلى أن يبلغ الذكر وتتزوج الأنثى، ثم لا نفقة على الأب إلا إذا كانوا زمنى، فإن كانت لهم أموال فلا وجوب على الأب. انتهى
فيجب على الأب أن ينفق على أبنائه ما داموا صغاراً غير قادرين على الكسب، فإذا بلغوا وصاروا قادرين على الكسب فلا تجب عليه نفقتهم عند جمهور العلماء، وذهب الحنابلة إلى أن النفقة تجب لهم كباراً إذا كانوا فقراء، وتراجع الفتوى رقم: 27231.
وعليه، فلا يجب على الأب على قول الجمهور أن ينفق على الأبناء بعد البلوغ وإن كانوا مشتغلين بالدراسة، ولا تدخل نفقات الدراسة ضمن النفقة الواجبة، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 59707.
ويندب للأب أن ينفق على أبنائه في هذه الحال، ويحصل على أجر الصدقة والصلة، وفي الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي.
وينبغي للأبناء بذل الجهد الممكن في دراستهم، لما ورد في الحديث: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه. رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني في الجامع الصغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1426(13/16741)
النفقة على الأخ غير المحتاج
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار أنا مغترب أعيش في دولة خليجية بمستوى معيشة متوسط والحمد لله، والأهل في الوطن بوضع غير جيد ماليا، والمشكلة بوجود أخ لي في نفس الدولة التي أقيم بها يكبرني سنا ولن أقول كل ما في نفسي ألا أنني لا أتكلم معه على الإطلاق لأن الأهل أولى بمال أعطيه، يطلب مني في كل مرة يتم اللقاء فيه لا مقطوعة ولا ممنوعة علما أنه قبلي هنا بسنتين وبنفس مستوى الدخل تقريبا ورأيت بعيني كيف يذهب ماله على كل ما لا حاجة له، في وقت يحتاج الأهل فيه المساعدة فهل أنا مخطئ بعدم الاتصال نهائيا، أحيانا أحس بالذنب إلا أنني أستشيط غضبا وحنقا فلا سند إلا الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك شرعاً النفقة على أخيك إلا في حالة كونه فقيراً محتاجاً، فإذا كان أخوك عنده من الدخل ما يكفيه فلا يلزمك إعطاؤه من مالك، ولا شك أن الأهل الذين هم محتاجون لمساعدتك أولى بالمساعدة منه، غير أنه لا يجوز لك هجره ومقاطعته، بل عليك صلته وزيارته، وينبغي لك نصحه بعدم الإسراف، وبشكر نعمة المال، وتذكيره بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جمسه فيما أبلاه. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(13/16742)
نفقة زوجة وابنة المرتد
[السُّؤَالُ]
ـ[مسلمة تزوجت من إيطالي بعدما اعتنق الإسلام وولدت معه بنتا كتب لها الثلث من ورشته التجارية ثم تحول وتغير بحيث ارتد عن الإسلام وعاد إلى الكفر فاستعملت معه كل المحاولات لعله يهتدي فلما رفض خيرته بين الإسلام وبين الطلاق فطلقها هل تطالبه بنفقة البنت التي أخذتها معها؟
هل تطالبه بقسمة الورشة التي أهداها لها وهو على الإسلام؟ وهل عليه نفقة الطلاق؟
جازاكم الله خيراً.
حاشية: السؤال مستعجل لو تكرمتم بالرد عليه في حدود الإمكان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق هذه المرأة حضانة ابنتها، ومن حقها كذلك المطالبة لأبيها بالنفقة عليها ومستلزماتها، وعلى الأب أن ينفق على ابنته حتى تبلغ وتتزوج ويدخل بها زوجها.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر عاطفاً على ما يجب من النفقة: والأنثى حتى يدخل بها زوجها.
وأما نفقتها هي في العدة، فلا تجب عليه على الراجح وهو القول المشهور عند المالكية أن الردة ينفسخ بها النكاح بطلاق بائن.
قال في المختصر مع شرح الحطاب: لا ردة فبائنة. لأن ردة أحد الزوجين طلقة بائنة.
وأما ما وهبه لها من الورشة وغيرها، فإن كانت قبلته وحازته منه، فقد أصبح ملكاً لها ومن حقها أن تطالب به، لأن الهبة تملك بالقول.
قال خليل في المختصر مع شرحه: وأجبر الواهب على الحوز أي على تمكين الموهوب له حيث طلبه لأن الهبة تملك بالقبول على المشهور، فله طلبها منه حيث امتنع ولو عند حاكم لجبره على تمكين الموهوب له منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(13/16743)
أحكام في ما يطلبه الوالد من مال ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مطلقة أعيش مع أسرتي أعمل وأتقاضى مرتبا لا بأس به وكنت أمنح ثلثيه لأبي لأجل إنفاقه على باقي أسرتي وأحتفظ بالثلث لإنفاقه على احتياجاتي الخاصة واحتياجات ابني مع العلم أن حالتنا ميسورة ولله الحمد والآن زادت حاجتي وابني لمزيد من المال فأبلغت أبي أني سأمنحه مبلغا أقل من السابق فغضب علي وأخذ يسيئ معاملة ابني وينعتني بألفاظ يترفع اللسان عن ذكرها وهددني بتسليم ابني إلى والده وحرمانه مني وحرماني من العودة للعمل بسبب هذا الأمر مما حز في نفسي وأنا التي منذ بدأت العمل لم ابخل عليهم بأي مبلغ بل كنت أحل أزماتهم المالية وأنفق على إخوتي من المبلغ الذي كنت أستقطعه أستغفر الله لا أقول هذا منة عليهم ولكن ما كان من والدي أثار في النفس ما أثار.
سؤالي هل إذا كان لدي دخل يجب علي الإنفاق منه على أسرتي باعتباري أعيش وابني في منزل والدي؟ وكيف لي أن أواجه هذا الموقف مع والدي من دون أن أرتكب في حقه إثما أو ذنبا وأن أكسب رضاه؟
أسأل الله لي ولكم الهداية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن بر الوالد من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه جل وعلا، وذلك لأن رضاه في رضا الوالد وسخطه في سخطه، ففي الترمذي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضا عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
وعلى هذا، فعليك أن تبالغي في بر أبيك والإحسان إليه وكسب خاطره ما استطعت إلى ذلك سبيلا لتحوزي رضا ربك جل شأنه
هذا من حيث العموم.
أما بخصوص ما يطلب منك هذا الوالد من مال فإن كان في حاجة إليه للنفقة أو نحوها من الأمور الضرورية والمال زائد عن حاجتك فهذا يجب عليك إعطاؤه ما يكفيه لسد تلك الحاجة، لأن نفقته تجب عليك في هذه الحالة بالتقاسم مع إخوانك إذا كان عندهم مال.
أما إن كان ما يطلبه ليس زائدا على حاجتك أو كان غنيا عنه أو أراد أن يعطيه لأحد إخوانك أو غيرهم من الناس فلا يجب عليك في هذه الحالات أن تعطيه، وراجعي الفتوى رقم: 46692 والفتوى رقم: 33090.
هذا، وندعو والدك إلى أن يتقي الله تعالى فيك ويحسن معاملتك كما تقتضيه المروءة ويوجبه الدين، وليعلم أنه لا يجوز له التفريق بينك وبين ابنك مادامت الحضانة قائمة، كما لا يجوز له منعك من الخروج للعمل وأنت في حاجة للإنفاق منه على نفسك وولدك سيما إذا كان ذلك المنع لغرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(13/16744)
نفقة الزوجة على أولادها من زوج آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لديها أولاد من زوج سابق وتعمل للإنفاق عليهم، فهل من الحلال أن تشارك فى الإنفاق فى مصاريف المنزل بما يوازي تكاليف أولادها، أيضا هي شريكتي فى ملكية منزل لنا بالنصف، فهل طلبي لها أن تشارك بنصف مصاريف إنشاء المنزل حلال, علما بأني إذا دفعت كل هذه المصاريف دون مساهمة منها فأني أبخس من حق أولادي منها فى ميراثهم عني؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم الزوج بنفقة أبناء زوجته من غيره، ونفقتهم واجبة على أمهم في حال وفاة الأب أو وجود مانع كعدم قدرته، وبالتالي، فلا حرج على الزوج من مشاركة زوجته في مصاريف المنزل بما يعادل نفقة أولادها، ولا حرج عليه كذلك في مطالبتها بالمشاركة في تكاليف بناء المنزل بقدر حصتها، على غير وجه الإلزام، أما على وجه الإلزام فلا يجوز إلا إذا كانت هذه الأرض لا يمكن قسمتها ولا يمكن الانتفاع بها إلا إذا صارت منزلاً، فيجوز حينئذ إلزامها إما بالمشاركة في بناء المنزل أو بيع حصتها لمن يشارك في البناء. ... ... ... قال الخرشي عند قول خليل: وقضى على شريك فيما لا ينقسم أن يعمر أو يبيع. هذا شروع في الكلام على مسائل يقع فيها النزاع بين الشركاء، والمعنى: أن الشريكين إذا كان بينهما على سبيل الشركة عقار لا ينقسم كالحمام والبئر والحانوت ونحوها فاحتاج إلى الإصلاح وأبى أحدهما أن يصلح، فإنه يقضي عليه بأن يعمر أو يبيع ممن يعمر أي يبيع جميع نصيبه لا بقدر ما يعمر به، وإذا وقع البيع فأبى الثاني أن يعمر فإنه يقضي عليه بمثل ما قضى به على الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1426(13/16745)
نفقة الزوج على الزوجة والعيال إذا كان لهم مال
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: أنا مقيمة بالخارج أنا وزوجي وأولادي وهي دولة أوروبية، وهنا يعطون الأطفال مبلغا كل شهر من سنة حتى 18 سنة، وأنا لا أعمل ولا يوجد عندي أي دخل غير مبلغ من الحكومه يعطوه للأم عندما تحمل بالمولود ومبلغ آخر عندما يتم الطفل سنة إلى ثلاث سنوات، وأنا كنت أصرف هذه المبالغ مع زوجي لكي أساعده بكل ما يدخل لي والعجيب أنه عندما يحصل أي خلاف بالنسبه للمصاريف وأقول له إنني لم أقصر وأني أصرف معاك وأشارك بكل مبلغ يدخل لي وبدل ما يشكرني يقول لي أنا ولي نعمتك وأنا أتألم جيدا لأنى أعرف أن الزوج المفروض أن ينفق على الزوجة والأولاد،وللعلم عندما كان يقول هذه الكلمة أنا ولي نعمتك لأنه بعثني إلى هذه البلاد، سؤالي هل ينفق الزوج على الزوجة والأولاد أم لا لأنه فى بلد أوروبية والمصاريف غالية، هل له أن يأخد فلوس الأولاد ويصرفها ضمن المصاريف أم أني أستثمرها لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة الزوجة واجبة على الزوج وهي نفقة مقدرة سبق بيانها في الفتوى رقم: 50068.
فتستحق الزوجة هذه النفقة ولو كانت غنية، وليس للزوج أن ينفق على زوجته من مالها بدون رضاها ويأثم بذلك، ويجب عليه أن يرد إليها ما أخذه منها بدون رضاها ولو كان صرفه في النفقة عليها، إلا أن تكون قد سمحت نفسها بذلك فليس لها أن تطالبه بما مضى.
وأما نفقة الأقارب فهي نفقة إرفاق وليست مقدرة بقدر بل هي على قدر الحاجة، ومن الأقارب الأولاد فيجب على أبيهم إن كانوا صغاراً فقراء أن ينفق عليهم، أما إن كان لهم مال فهو ولي مالهم فينفق عليهم من مالهم بالمعروف، ولا يجب عليه أن ينفق عليهم من ماله، وله أن يتبرع بالنفقة ويكون ذلك منه إحساناً، وكذا تلزم الأب نفقة الابن إن كان عاجزاً عن الكسب، وتراجع الفتوى رقم: 19453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(13/16746)
نفقة الوالدين والأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يأخذ علي كثيرا أنني لا أنفق عليه وعلى العائلة ما ينبغي رغم أنني ذو عائلة كبيرة وأعيش في إحدى دول الخليج لي ثلاثة أولاد وعلي التزامات مالية وديون قاهرة وعلم الله أنني لم أضن عليهم بأي فلس أستطيع إنفاقه عليهم إلا فعلت فهل علي وزر من ذلك وهل أنا مجبر على الإنفاق على العائلة الكبيرة كلها -إخواني وأخواتي– أم على والدي فقط رغم قناعتي أن الإنفاق على إخوتي هو جزء كبير من المسئولية علي لأن الجميع يسكن في بيت واحد وبالتالي صعب التفريق بين الإخوة والوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين الفقهاء في وجوب نفقة الوالدين المعسرين، وأما غيرهم من سائر الأقارب فهو محل اختلاف بينهم والراجح وجوبها في كل قريب وارث، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 44020.
ومحل الوجوب إذا توفرت شروط منها: أن يكون المنفق به، فاضلاً عن قوت الشخص نفسه وزوجته وأولاده الذين تجب نفقتهم لحديث جابر الذي أخرجه مسلم في صحيحه وفيه: إذ أعطى الله أحدكم خيراً فليبدأ بنفسه وأهل بيته. وفي رواية لأحمد وصححها الأرناؤوط:....... إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، وإن كان فضلا فعلى عياله، وإن كان فضلا فعلى ذوي قرابته أو قال على ذي رحمه.
قال صاحب كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع: ويبدأ من لم يفضل عنه ما يكفي جميع من تجب نفقتهم (بالإنفاق على نفسه) فإن فضل عنه نفقة واحد فأكثر، بدأ بامرأته لأنها واجبة على سبيل المعاوضة فقدمت على المواساة، ثم رقيقه، ثم بالأقرب فالأقرب. انتهى.
ومنها: أن يكون المنفق عليه فقيرا لا مال له ولا كسب، وعلى هذا فلست مطالباً شرعاً بالإنفاق على أبويك وإخوتك، إلا إذا كانوا فقراء عاجزين عن الكسب، وكان ما تنفق به عليهم فاضلا عن قوتك وقوت عيالك، فإن عجزت على الإنفاق على الجميع تقدم نفسك، ثم زوجتك وأولادك، ثم أبويك، ثم إخوتك وهكذا الأقرب ثم الأقرب. انظر كشاف القناع عند كلامه على النفقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(13/16747)
نفقة الرجل على زوجته وأولاده على حسب حالته من اليسر او الإعسار
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لديه ثلاثة أولاد بنتان وولد وراتبه خمسة آلاف أريد أن أعرف كم يكون المبلغ أو النفقة لهما علماً أن زوجي عليه ديون كثيرة ولا أريد أن يتهاون في موضوع النفقة على أولاده وأيضاً بنت زوجي عمرها الآن 17سنة وهي الآن عند والدتها تسكن مع زوج أمها الذي هو مربيها فما حكم ذلك علماً أنني اشترطت على زوجي بأن أولاده لا يسكنون عندي لأني أعرف بأنهم يكرهونني ويريدون التفرقة بيني وبين زوجي وهذا ما قالته ابنته أرجوكم أريد الحل ولكم جزيل الشكر.
وجزاكم عند المولى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الرجل أن ينفق على زوجته وأولاده الفقراء، وتقدر النفقة بحسب عرف البلد مع مراعاة حال المنفق من اليسر والتوسط والإعسار، وحال المنفق عليهم وقد مضى الكلام على هذا في الفتوى رقم 49823، والفتوى رقم 51574، أما بخصوص سكنى بنت زوجك مع أمها وبقائها تحت رعاية زوج أمها فهذا لا حرج فيه إذا لم يخش على البنت فساد من ذلك، لكن النفقة في كل الأحوال تبقى واجبة على الأب، أما مسألة اشتراطك على زوجك أن لا يساكنك أحد من أولاده من غيرك فهذا شرط وإن كان مقبولاً شرعاً لأحقيتك في سكن مستقل عن جميع أقارب الزوج كما بينا في الفتوى رقم 34802، إلا أن الذي ننصحك به هوالتخلي عن هذا الشرط ومحاولة التقريب بينك وبين أولاد زوجك، ولا تنسي أن في هذا إرضاء للزوج وتوطيد للعلاقة بينك وبين أفراد أسرة زوجك، ولا يخفى ما في هذا كله من الخصال الحميدة التي تضفي على الأسرة جميعاً جواً من السعادة والألفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(13/16748)
نفقة الوالد الفقير على حسب الحالة المادية للأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزجة وعندي ثلاث أخوات في الإمارات وأخواتي لم يرسلوا لوالدتي أي نقود، كانت أخت متبرعة لها كل شهر 500 جنيه وبعد فترة قطعت هذا المبلغ وتقول إنها عندها ظروف رغم أنها لا يوجد عندها أي ظرف لأنها ليست متزوجة، ما حكم الإسلام فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نفقة الأبناء على الوالدين الفقيرين واجبة بالإجماع، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى، وعليه فيجب عليك أن كنت ذات مال، وعلى أخواتك كذلك المتزوجة منكن وغير المتزوجة الإنفاق على أمك إذا كانت فقيرة لا كسب لها ولا مال.
قال في المدونة قال مالك: تلزم الولد المليء نفقة أبويه الفقيرين ولو كانا كافرين والولد صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، كانت البنت متزوجة أم لا، وإن كره زوج الابنة. انتهى.
ويكون حصة كل واحدة منكن على حسب يسارها وحالتها المادية هذا هو الراجح من ثلاثة أقوال في المسألة لخصها صاحب الكفاف الشنقيطي بقوله:
... ... ... وهل بحسب سيرهم أو العدد * أو إرث الأطفال والأول أسد
وإنما كان هذا القول هو الأصوب لقوله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ {الطلاق:7} ، وعلى كل فلا يجوز لواحدة منكن أن تقطع ما يجب عليها من نفقة أمها مع قدرتها على ذلك، والذي يلزم أختك التي قطعت تبرعها المذكور حصتها بحسب ظروفها وحالتها المادية، ولا يجب عليها أكثر من حصتها ما دام غيرها من الأخوات أو الإخوان موسراً.
ويجب عليكن كذلك الإحسان إلى والدتكن وصلتها بالمعروف وإن لم تكن فقيرة، كما أمر الله تعالى بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، ولتحذرن من التقصير في حقها وبرها، فإن رضي الله سبحانه من رضاها وسخطه في سخطها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(13/16749)
النفقة على الزوجة والعيال هي أعظم النفقات أجرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر النفقة على الزوجة والأولاد من الصدقات التي يثاب عليها إلى سبعمائة ضعف وإن كانت لا فما أجرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإنفاق على الزوجة والأولاد واجب على الرجل، لقول الله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:233} ، وقوله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا {الطلاق:7} ، والنفقة على الأهل أعظم أجرا من جميع الصدقات فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
قال المناوي في فيض القدير: ومقصود الحديث الحث على النفقة على العيال وأنها أعظم أجراً من جميع النفقات كما صرحت به رواية مسلم: أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. انتهى.
قال النووي في شرح مسلم: قال صلى الله عليه وسلم في رواية ابن أبي شيبة: أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. مع أنه ذكر قبله النفقة في سبيل الله وفي العتق والصدقة ورجح النفقة على العيال على هذا كله لما ذكرناه. انتهى.
وعن أبي عبد الله ويقال له أبي عبد الرحمن ثوبان بن بجدد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله. رواه مسلم.
قال في الفتح قال أبو قلابة: بدأ بالعيال وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عياله يعفهم وينفعهم الله به. انتهى.
ولا ينقطع الأجر ما لم تنقطع النفقة، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله هل لي أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا، إنما هم بني فقال: نعم لك أجر ما أنفقت عليهم. متفق عليه، وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في حديثه الطويل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.
قال في المنتقى شرح الموطأ وقوله: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله..... الحديث. يقتضي أن النفقة إذا أريد بها وجه الله والتعفف والتستر وأداء الحق والإحسان إلى الأهل وعونهم بذلك على الخير من أعمال البر التي يؤجر بها المنفق وإن كان ما يطعمه امرأته، وإن كان غالب الحال أن إنفاق الإنسان على أهله لا يهمله ولا يضيعه ولا يسعى إلا له مع كون الكثير منه واجباً عليه، وما ينفقه الإنسان على نفسه أيضاً يؤجر فيه إذا قصد بذلك التقوي على الطاعة والعبادة. انتهى.
فمما تقدم يتبين لنا عظم أجر الإنفاق على الزوجة والأولاد إذا ابتغي به وجه الله، وأما هل يضاعف هذا الأجر إلى سبعمائة ضعف فالأحاديث عامة في مضاعفة الحسنات إلى سبعمائة ضعف، ومنها ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن علمها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. وفي الصحيحين أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به.
قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: وقد قيل إن العمل الذي يضاعف إلى سبعمائة خاص بالنفقة في سبيل الله وتمسك قائله بما في حديث خريم بن فاتك المشار إليه قريبا رفعه من هم بحسنة فلم يعملها فذكر الحديث وفيه ومن عمل حسنة كانت له بعشر أمثالها ومن أنفق نفقة في سبيل الله كانت له بسبعمائة ضعف، وتعقب بأنه صريح في أن النفقة في سبيل الله تضاعف إلى سبعمائة وليس فيه نفي ذلك عن غيرها صريحا ويدل على التعميم حديث أبي هريرة الماضي في الصيام كل عمل بن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. الحديث. انتهى كلامه.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(13/16750)
أبوهم لا ينفق عليهم ويريد الزواج بأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربع بنات وأربعة أولاد ووالدتنا ووالدنا والمشكلة أن والدنا يعمل ولكنه غير ملتزم بالإنفاق علينا وهو لا يعيل بالشكل المفروض عليه كأب، أخي الكبير يبلغ من العمر 18 عاماً وأختي 24 عاماً هم الذين يعيلون البيت أبي لا يهتم لأمر أولاده ولا زوجته، في الدرجة الأولى عنده يأتي والده ووالدته وعماتي والجديد أنه يريد الزواج من أخرى ما حكم الإسلام بذلك هل يجوز له أن يتزوج أخرى هل يجوز أن يتكفل الأخ بإخوته الصغار وأعمارهم (6-16) ووالدهم قادر على الإنفاق عليهم وأنا أعرف أن على الأب والزوج تأمين المسكن والمأكل والمشرب لزوجته وأولاده، أختي منذ أن بلغت 18 عاماً وهي تعمل وتنفق علينا وصلنا إلى حد أننا كرهنا وجوده في البيت لأنه وبالرغم من أنه لا ينفق علينا يطلب النقود من إخوتي وأمي أصبحت لا تطيق له وجوداً بالبيت، أرجو أن أجد عندكم الجواب الشافي؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الله تعالى للرجل القوامة على أهله لما حباه الله تعالى من صفات تؤهله لذلك، ولما يقوم به من الإنفاق عليهم، قال الله سبحانه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34} ، فالواجب على أبيكم أن ينفق بالمعروف على من تلزمه نفقته مثل أمك وإخوانك الصغار، ومن لم تتزوج من بناته، وإن كان الحال كما ذكرت من تفريطه في القيام بذلك من غير عذر فالواجب عليكم نصحه برفق ولين وبأسلوب طيب واستعينوا بالله أولاً ثم بكل من له تأثير عليه وخاصة أهل العلم والصلاح، ونوصيكم بالصبر عليه، فلعل الله تعالى يهديه ويقوم بواجبه، فإن فعل فالحمد لله وإلا جاز رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتلزمه بالواجب عليه نحو زوجته وأهله، وليس في ذلك نوع من العقوق، كما هو مبين في الفتوى رقم: 43086.
وأما أخوك فلا يلزمه الإنفاق عليكم ما دام أبوكم حياً وقادراً على القيام بذلك، ولكن إن فعل ذلك تبرعاً فأمر حسن يثاب عليه، وتراجع الفتوى رقم: 52621، وإن طلب منه أبوه مساعدته لحاجته وجبت عليه طاعته بالمعروف.
وأما زواج أبيكم من امرأة أخرى فجائز إذا أمكنه تحقيق شرطه وهو النفقة والعدل، وتراجع الفتوى رقم: 35756، وننبهكم إلى أن الواجب عليكم الإحسان إلى أبيكم وإن وقع في شيء من التقصير، فلا يحملنكم ذلك على عقوقه، وتراجع الفتوى رقم: 3459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(13/16751)
ما يحل للأخت من مال أخيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة حق الأخت المتزوجة على أخيها وحقها في استخدام أغراض بيته كالتلفون والجوال والأشياء التي هي خاصة بالزوجة على أساس أنها من مال أخيها، كذلك حق الأخت غير المتزوجة وحق الأهل من مال الابن وإن أمكن عنوان بالحقوق.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للأخت متزوجة كانت أو غير متزوجة أن تأخذ شيئا من ممتلكات أخيها إلا بطيب نفس منه، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ".
أخرجه الدارقطني وأحمد والبهيقي وغيرهم، وصححه الألباني.
والتلفون والجوال والأشياء الأخرى إذا كانت للأخ فهي كبقية ماله وإن كانت للزوجة فلا يجوز استعمالها أيضاً إلا برضاها، وإذن الزوج فيها غير معتبر ولو كانت أصلا من ماله، لأن إعطاءها للزوجة يصيرها ملكاً لها
إذا حازتها عنه.
والأخت غير المتزوجة إذا كانت فقيرة وأخوها موسر فحقها عليه أن ينفق عليها عند أكثر أهل العلم، وراجعي فيه الفتوى رقم: 478.
وإذا كان الوالدان معسرين والابن موسرا فنفقتهما واجبة عليه بالإجماع.
وراجعي فيه الفتوى رقم: 39229.
وراجعي فيما يباح للأب من مال ابنه الفتوى رقم: 1889.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(13/16752)
التبذير تبديد للمال وتضييع له
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن نفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة، هل يدخل في هذه الأشياء التي ليس لها ضرورة والتي ربما تدخل في باب التبذير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القرآن والسنة مليئان بالآيات والأحاديث التي تأمر بالإنفاق وتحث عليه وترغب فيه، مثل قول الله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] ، وقوله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق:7] ، وقال الله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دينار انفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
وكذلك الحديث الذي أشار إليه السائل، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة. متفق عليه.
ومعلوم أن الله نهى عن الإسراف والتبذير، وعليه فإن الأشياء الزائدة على الحاجة إذا أنفق الرجل فيها ماله لا يكون متصدقاً بل يكون مبدداً، لأن التبذير إنفاق المال في غير حقه، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا [الإسراء:26] ، قال القرطبي: وقوله تعالى: معنى لا تبذر أي لا تسرف في الإنفاق في غير حق، قال الشافعي رضي الله عنه والتبذير إنفاق المال في غير حقه، ولا تبذير في عمل الخير، وهذا هو قول الجمهور إلى أن قال من أنفق ماله في الشهوات زائدا على قدر الحاجات وعرضه بذلك للنفاد فهو مبذر، ومن أنفق ربح ماله في شهواته وحفظ الأصل ... فليس بمبذر، ومن أنفق درهما في حرام فهو مبذر، ويحجر عليه في نفقته الدرهم في الحرام، ولا يحجر عليه إن بذله في الشهوات إلا إذا خيف عليه النفاد. انتهى كلام القرطبي رحمه الله تعالى مع تصرف قليل.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(13/16753)
العمل لسد حاجة من تجب نفقته واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي مريضة وهي في حاجة دائمة إلى نقود من أجل الفحوص الطبية، فهل يجوز لي أن ألتحق بمدرسة مهنية وأساعدها حسب المستطاع، أم يجب أن اشتغل في أي عمل حلال وأوفر لها كلما تريد، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله سبحانه بالإحسان إلى الوالدين فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة:83] ، وقد قرر أهل العلم أن من الإحسان الواجب: النفقة على الوالدين الفقيرين فإذا كانت أمك فقيرة تعجز عن توفير ما تحتاجه من النفقة أو العلاج والفحوص الطبية ونحو ذلك من الحاجات، وأنت قادر على توفير ذلك من خلال العمل المباح فيجب عليك ذلك العمل، لأن العمل لسد حاجتك أو سد حاجة من تجب عليك نفقته -مثل والدتك- واجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 15710، والفتوى رقم: 21790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(13/16754)
مذاهب الفقهاء في أحكام نفقة الأصول والفروع والأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحالات التي يكون فيها الأخ ملزما بنفقة أخيه أو أخته أو أي شخص آخر ليس من الأصول أو الفروع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على وجوب نفقة الأصول والفروع عند الحاجة إلى ذلك، واختلفوا في سوى ذلك من القرابات كالإخوة والأعمام ونحوهما، حيث ذهب الحنفية إلى وجوب نفقة كل ذي رحم محرم كالعم والأخ وابن الأخ، قال صاحب بدائع الصنائع وهو حنفي: سبب نفقة الأقارب في الولادة وغيرها من الرحم هو القرابة المحرمة للقطع، لأنه إذا حرم قطعها يحرم كل سبب يفضي إلى القطع، إلى أن قال: وحاجة المنفق عليه تفضي إلى قطع الرحم فيحرم الترك، وإذا حرم الترك وجب الفعل ضرورة. انتهى.
وذهب الحنابلة إلى وجوب النفقة لكل قريب وارث بفرض أو تعصيب، قال ابن قدامة في المغني: وظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه، وذكر قبل هذا الموضع أن ذلك بثلاثة شروط: أحدها: أن يكون فقيراً لا مال له ولا كسب، والثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليه فضلاً عن نفقة نفسه، إما من ماله أو من كسبه، والثالث: أن يكون المنفق وارثاً. انتهى.
وذهب الشافعية إلى قصر النفقة على الأصول والفروع فقط، قال زكريا الأنصاري وهو شافعي: وإنما تجب على ذي قرابة بعضية وتجب له، وهم الفروع وإن نزلوا والأصول وإن علوا فقط، أي دون سائر القرابات كالأخ والأخت والعم والعمة، ذكوراً وإناثاً وارثين وغير وارثين.
أما المالكية فقد بين خليل بن إسحاق المالكي مذهبهم وإليك نص كلامه ممزوجاً بكلام شرحه منح الجليل: ولا تجب بالقرابة نفقة جد من جهة أب أو أم، ولا تجب نفقة ولد ابن وأولى ولد بنت.
وعلى العموم فالذي نراه راجحا في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الإمام أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(13/16755)
هل يجب على الزوج أن ينفق على أولاد زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن ينفق على ابنة زوجته من رجل سابق مع العلم بأن الأب موجود ومقتدر ماليا ولكن الابنة تعيش مع والدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن نفقة الولد على أبيه لقوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 233] . وعلى هذا، فلا يلزم الزوج أن ينفق على ابنة زوجته من غيره، لكن إن أنفق متبرعا، أثابه الله على ذلك، وإن أنفق عليها لامتناع أبيها عن النفقة عليها ونوى الرجوع عليه بالنفقة، كان له أن يرجع عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(13/16756)
تجب نفقة الأب الفقير على البنت الموسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا متزوجة وعندي أطفال أعمل وأرسل لوالدي ما ييسره الله لي وكذلك أخي الشقيق لحاجتهم مثل كل الصابرين في العراق فهل هذا يدخل ضمن الواجبات الشرعية أم تعتبر صدقات؟ وهل البنت ملزمة بوالديها مثل الولد أم لا؟ ولدي أخ غير شقيق وهو محتاج هل الله يحاسبني إن لم أكن قد ارسلت له مع تمكني سابقاً وليس الآن وكنت أقول بيتي أولى؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وع لى آله وصحبه أما بعد: فإن كنت من أهل اليسار، وكان أبواك فقيرين أو أحدهم ا، فالواجب عليك في هذه الحالة الإنفاق، لأن ذلك يدخل ضمن حقوقهما في البر المطالب به شرعاً لهما، ولا فرق بين الذكر والأنثى في هذا. قال في نصب الراية: ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد لأن لهما تاويلاً في مال الولد بالنص، وهي على الذكور والإناث بالسوية بينهما. وانظر الفتوى رقم: 689 أما نفقة الأخ أو غيره من الأ قارب، فهي محل اختلاف بين العلماء، فمنهم من جعلها واجبة في حال العسر، وبه قال الح نفية والحنابلة. قال في العناية: ولا تجب نفقة الأخ إلا على الموسر، ولأن هذه قرابة توسطت بين بني الأعمام وقرابة الولاد. وقال في فتح القدير: ونفقة الأخ المعسر على الأخوا ت المتفرقات الموسرات أخماساً على قدر الميراث. بينما ذهب آخرون إلى عدم لزوم نفقة غير الأصول والف روع، وبه قال المالكية والشافعية. قال في المدونة: ولا يلزم نفقة أخ ولا ذي قرابة ول اذي رحم محرم منه. وقال الشافعي في الأم: أجبر الولد على نفقة الو الد، والوالد على نفقة الولد في الحين الذي لا غنى لواحد منهما عن صاحبه، ولم أجد م ن أجبر الأخ على نفقة أخيه. ولاشك أن الأحوط هو الإنفاق على الأخ لكثرة القائلي ن به من أهل العلم، وبه ننصح السائلة، وذلك للخروج من الخلاف، وفي نهاية الجواب ننب هـ السائلة إلى مراجعة حكم عمل المرأة في الفتوى رقم: 9653
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(13/16757)
لا يجوز للشخص أن يمتنع عن النفقة لمن تجب لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي عندي شخص من عائلتنا حالته ممتازة جداً والحمد لله لكنه لا يصرف على نفسه ولا على عائلته مع العلم بأنه لا توجد عنده سيارة إلا من النوع القديم جداً ولا يأكل جيداً ولا يلبس جيداً وهو عقيم لا ينجب ما رأيكم أيها العلماء في هذا وهو تقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفقة واجبة على الشخص لأصوله وفروعه وزوجاته، ولا يجوز له أن يمتنع عن ذلك عند القدرة، ولو أعطى من تجب لهم النفقة المقدار الواجب من السكنى والنفقة كفاهُ، لكن الأفضل أن يوسع عليهم قدر المستطاع فهو مأجور على ذلك، ومثل ذلك التوسعة على النفس، بل هي أفضل، وشرط ذلك كله ألا يصل إلى حد الإسراف.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: 25339، 30466، 27420، 15167.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(13/16758)
لا يجب على الزوج دفع قيمة اتصال الزوجة بأهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق متزوج وله أولاد ومشكلته أنه يعيش في الخارج مع زوجته وأولاده، وكل أسبوع يتصل بوالدته ليطمئن عليها، ويجعل زوجته تتصل بأهلها كل ثُلاث أسابيع وذلك بأنه يحس أن أهلها يريدون أن يجعلوا السيطرة لها وهي كذلك، تحاول ذلك وقد صنعت مشاجرة أخيرة بأنها لا بد أن تتصل بأهلها كل أسبوع كما يتصل هو بوالدته بحجة العدل وبحجة بر الوالدين، وهي عندما تناقش ترفع صوتها على زوجها ويمكن أن تصل إلى درجة الغلط إذا ما نفذ الزوج ما تطلبه، فماذا يفعل مع هذه الزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب على الزوج دفع قيمة اتصال الزوجة بأهلها لأن ذلك ليس من النفقة اللازمة لها عليه، ولكن لو تبرع بذلك فلا بأس وليس لها حق في مطالبته بالاتصال على أهلها من ماله كما يتصل هو على أهله، وإذا عملت له مشاكل فله تأديبها بالتي هي أحسن، فيبدأ بالنصيحة ويبين لها أن ما تطلبه منه ليس لازما له، فإن أصرت على ما هي عليه، فله تهديدها وزجرها، فإن أصرت هجرها في الفراش، فإن أصرت ضربها ضربا غير مبرح بأن لا يكسر لها عظما ولا يشين جارحة، ولا يذهب منفعة كالبصر، فإن أصرت فله إعطاؤها ما تريد، وله طلاقها، وله رفع أمرها للحاكم لينظر في القضية أو يبعث حكمين حكما من أهله وحكما من أهلها فينظرا في القضية ويحكما فيها بالجمع أو التفريق، حسب ما يظهر لهما. ويدل على هذا قول الله تبارك وتعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء:34] .
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء:35] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(13/16759)
وازن بين حق الله وحق الأهل وبين العلم والعبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذهاب إلى المساجد لسماع المحاضرات أو الدعوة وترك الأهل دون امتلاك الأموال حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإنفاق على الأهل بقدر الكفاية واجب مقدم على سماع المحاضرات والدروس المستحبة ونحو ذلك، قال صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت" رواه أحمد وأبو داود وصححه النووي والسيوطي.
وإذا كان عند الأهل كفايتهم من المأكل والمشرب والملبس والمسكن، فإنه يستحب للمرء أن يحضر مجالس العلم والذكر ونحوها، وهي مقدمة على ما زاد عن الكفاية في النفقة على الأهل.
وعلى العموم فينبغي على المسلم أن يكون عنده توازن في حياته وفي الحقوق الواجبة عليه، فيوازن بين الدين والدنيا وبين الجسم والروح وبين حق الله وحق الأهل وحق النفس، وبين العلم والعبادة، وبين العلم والدعوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1423(13/16760)
تصدق المرأة من مال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة ولي دخل خاص بي، وزوجي ميسور الحال والحمد لله وهو يترك لي مصروف البيت ولا يسأل عن مرتبي فيما أنفقه.
وبهذه الصفة أجد محفظتي فيها من مال زوجي ومن مالي الخاص، وعندما أريد إخراج صدقة أو إعطاء عائلتي شيئا من مالي الخاص يختلط علي الأمر، فأنوي أن يكون هذا المال من مالي أنا. فهل هذا جائز أم أنني مخطئة في هذا التصرف. أفيدوني جزاكم الله كل الخير وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحق لك التصرف في المال بقدر ما تملكين منه، وأفضل أنواع الصدقة ما كان منها على الأرحام. وأما الإنفاق من مال الزوج في الصدقة ونحوها فإن كان شيئا يسيرا جرت العادة بالتسامح فيه فلا بأس به بدون إذنه، وغير ذلك لا يجوز لك التصرف فيه إلا بإذن منه. وراجعي الفتوى رقم: 119476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(13/16761)
وجوب الإنفاق على الزوجة في العلاج والحاجيات بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[أولادي متزوجون وكل له ما يشغله أطفال وقلة ما في اليد، وبناتي متزوجات واحدة في السويد وواحدة في أمريكا وأعيش وزوجي في بيت ملك، كل يوم أحتاج أسطوانة أكسجين ب 8 دينار ولا يقدر أن يؤمن لا هو ولا أولاده هذا المبلغ راتبه 280 دينار وأولادي يكفون أنفسهم، قضيت عمري معه أعمل بالخياطة وفتحت مشغل ووفقني الله سبحانه وتعالى واشتريت أرضا وعمرنا منزلا متواضعا، أشرت عليه أن نبيع المنزل لأن موقعه مرغوب ونشتري شقتين نؤجرهم مفروشات ويكون عندنا دخل يغطي احتياجات مرضي عارض كثيرا ثم وافق لأنني قلت له أنت تقتلني بيدك أنا لا يدخل الأكسجين إلا 30 بالمائة هو أخي صرف علي شهرين ثمن أوكسجين فقال لا يحمل الله نفسا إلا وسعها. فقلت له الحل كما أشرت عليك وأصر على رأيه إلى أن فقدت أعصابي لأن الحالة التي أنا بها: مقعدة على كرسي وتصيبني حالات من الاختناق تستدعي ذهابي للمستشفى ويجب أن يكون معي أوكسجين محمول، يأتي الدفاع المدني ويأخذني للإسعاف وتفوهت بكلام هو حقي ولكن لم أتمن يوما أن يخرج مني ولكنه أحوجني إليه وقام الأولاد بإقناعه وبعنا المنزل واشترى شقتين وسجلهم باسمه وباص وأخذ يغدق على الأولاد ولم يتذكرني بدينار، وأتينا بشغالة أندونيسيه مسلمة وجهاز توليد أوكسجين واستأجرنا منزلا وبدأت حياتنا تستقر، وعندما تصيبني أزمة أدخل المستشفى، فاجأني وأنا بالمستشفي وحالتي سئية جدا أنه يريد الزواج من الخادمة وعمره 68 عاما وهي32 عاما وخرج وينتظر مني الجواب ورفضت الخادمة عرضه، ومن شدة غضبي ارتفع عندي السكر وأنا لست مريضة سكر إلى 500 وفقدت أعصابي وهربت من المستشفى وأنا في حالة خطرة وعدت للبيت ويعاملني معاملة سيئة ولا يريد شراء دواء إلا ما ندر ويعيرني ببيع البيت، والشقق تدر عليه 450 دينارا في الشهر أثر علي تقشفه وحرمني من الضروريات وأنا حبيسة 4جدران لا أغادرهم قال لي بالحرف الواحد لن أدخل غرفتك إلا عندما تسوء حالتك للنهاية، وفاجأني أمام أولادي بأنه هجرني فبالله عليك شيخنا ماذا أفعل وأين أذهب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوج مطالب بنفقة علاج زوجته, كما بيناه في الفتويين: 40891، 56114. ولا يجوز له أن يقصر في هذا إذا كان قادرا.
ويجب عليه أيضا الإنفاق على زوجته في سائر الضروريات والحاجيات بالمعروف على قدر حالهما معا يسارا أو إعسارا. وقد بينا ماهية النفقة الواجبة على الزوج في الفتوى رقم: 113285.
والذي فهمناه من السؤال أن هذا البيت الذي باعه زوجك لشراء هاتين الشقتين كان - كله أو بعضه - ملكا لك, وبالتالي فإن لك نصيبا من هذا الريع الذي يأتيكم من إيجار هاتين الشقتين بقدر نصيبك من المال، ولا يجوز لزوجك أن يمنعك منه وإلا كان آثما.
أما هجره لك فهذا محرم لما فيه من الإيذاء والضرر, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النا ر. صححه الألباني.
أما زواجه من أخرى سواء كانت تقاربه في السن أو أصغر منه فهذا لا حرج عليه فيه بشرط أن يلتزم العدل بين زوجتيه، وأن يكون قادرا على القيام بواجبات كل منهما, ولا يجوز لك أن تعترضي عليه في ذلك.
وإنا ننصحك بالصبر عليه في تقصيره وتحري الرفق واللطف في مناصحته ومطالبته بحقوقك، فإن تعاسرتما فيمكنك الاستعانة عليه ببعض من لهم وجاهة عنده من أرحامه أو أصحابه أو بعض أهل العلم والخير في محيطكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(13/16762)
الإحسان للزوجة مقدم على الإحسان للأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة مطلقة ولي ولد، تزوجت من شخص آخر سبق أن تزوج وله ولد وطلقها وتزوج مرة أخرى وله بنتان وولد، تزوجني قبل ثلاث سنوات وحتى يومنا هذا نسكن بالإيجار. أخبرني زوجي بأنه بنى لأخواته الثلاث عمارة لكل واحدة منهن دور من فلوسه طبعا اثنتان من أخواته متزوجات وله عمارة من ثلاث شقق سيكتبها لأولاده الثلاثة ويسكنون فيها الآن، وسوف يشتري لابنه من الأولى شقة ومن ثم سكت. سألته وإنه قال لك بيت للعلم بنيت لابني فوق بيت خالته بيت عظم لأنه على وشك زواج وهو سيكمل تشطيبه عندما يلاقي شغل. لا أخفي عليكم بأني قهرت منه وبكيت لأني شايلاه شيل والله يعلم. يا ترى هل هذا الذي يفعله صحيح ويرضي ربنا أفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن نفقة الزوجة مقدمة على نفقة الأقارب.
جاء في نيل الأوطار -باب نفقة الزوجة وتقديمها على نفقة الأقارب- وفيه: وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء لأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا. قال رجل: عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي دينار آخر، قال: تصدق به على زوجتك، قال: عندي دينار آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي دينار آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي دينار آخر، قال: أنت أبصر به. رواه أحمد والنسائي ورواه أبو داود لكنه قدم الولد على الزوجة. وقال الألباني: حسن صحيح.
قال الشوكاني: وقد انعقد الإجماع على وجوب نفقة الزوجة، ثم إذا فضل عن ذلك شيء فعلى ذوي قرابته، ثم إذا فضل عن ذلك شيء فيستحب له التصدق بالفاضل.
فعلى ذلك يلزم الزوج أن ينفق على زوجه بالمعروف، وقد سبق في الفتوى رقم: 105673 بيان مذاهب العلماء في نفقة الزوجة وهل تقدر باعتبار حال الزوج أم حال الزوجة أم حالهما جميعاً، وكذلك يجب عليه الإنفاق على أولاده وآبائه إذا احتاجوا لذلك، وأما سائر الأقارب فلا تجب نفقتهم إلا بشروط، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 44020.
وإذا أسكن الرجل زوجته في مسكن مناسب، سواء كان ملكاً أو مستأجراً، فقد أدى الواجب عليه المتعلق بالسكنى.
قال النووي في المنهاج عند كلامه على النفقة الواجبة للزوجة:.. ومسكن يليق بها، ولا يشترط كونه ملكه. فإذا أدى الزوج ما يجب عليه من نفقة زوجته، فلا حرج عليه بعد ذلك في الإحسان إلى من شاء من أقاربه وغيرهم.
وننبه إلى أنه كما في الإحسان إلى الأقارب ثواب وفضل فإن في الإحسان إلى الزوجة أيضاً ثواب وفضل، لكن لا تحزني لكون زوجك لم يعطك كما أعطى أخواته، وأحسني إلى زوجك وترفقي به، فهذا فيه الخير في دنياك وآخرتك، ولعل الله عز وجل يرقق قلب زوجك بسبب إحسانك إليه فيمنحك ما تحبين، وإن لم يفعل فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وهو سبحانه قادر على أن يغنيك من فضله. وانظري للمزيد من الفائدة الفتويين: 50068، 73111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(13/16763)
نفقة الزوجة حدودها وأهمية تفاهم الزوجين بشأنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عاملة وتزوجت من رجل غير اجتماعي ومتدين.هل لزوجي أن يمتنع من شراء مكواة وعند ما أطالب كي ملابسي يطالبني بدفع المال لأني عاملة؟ وهل يجوز له أن يمنعني من استخدام الهاتف الأرضي من استقبال أو إرسال مكالمات من والدتي (بالتحديد) بحجة أنه ليس من ضمن نفقة الزوج على الزوجة وأنا امرأة عاملة ولي هاتفي المحمول الخاص بي لأكلفه وأستخدمه. من فضلكم أفيدوني في حدود نفقة الزوج على الزوجة وخصوصا العاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف، ولا يلزم الزوجة ولو كانت غنية أن تنفق على نفسها من مالها الخاص، إلا أن تتبرع بذلك عن طيب نفس.
وما تكسبه المرأة من عملها هو حق خالص لها، إلا أن يكون الزوج قد اشترط للسماح لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدراً منه، فيلزمها الوفاء به، كما سبق في الفتويين: 35014، 19680.
أمّا عن حدود النفقة على الزوجة سواء كانت عاملة أم غير عاملة، فهي قدر الكفاية بالمعروف، اعتبارا بحال الزوجين، وانظري بيانها في الفتوى رقم: 105673.
وينبغي أن يتفاهم الزوجان في مثل هذه الأمور ويراعي كل منهما ظروف الآخر ويتغاضى عن بعض الأمور حفظاً للمودة وحرصاً على ترابط الأسرة، وليعلم الزوج أنّ من حسن العشرة لزوجته أن يحسن إليها في نفقتها ولا يمنعها ما تطلبه من النفقة في الأمور المباحة ولو كان من غير النفقة الواجبة، فقد ورد في الشرع أن أجر النفقة على الأهل من أعظم الأجور فعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. صحيح مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1430(13/16764)
إذا أنفقت الزوجة مال زوجها في كماليات بغير رغبته فهل له تضمينها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قامت زوجته بإنفاق جزء من ماله في بعض الكماليات المنزلية على غير رغبته، فهل له أن يعاقبها بأن يجعلها تدفع ثمنها؟ أم أن ذلك ليس من المروءة؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وولده بالمعروف، وراجع حدود النفقة على الزوجة في الفتوى رقم: 51574.
فإذا كانت هذه الأشياء التي اشترتها الزوجة تدخل في حدود النفقة الواجبة بالمعروف، فلا حق له في تضمينها ما أنفقته، وأما إذا كانت هذه الأشياء خارج حدود النفقة الواجبة، فمن حق الزوج أن يطالب زوجته بما أنفقته فيها، وتصبح هذه الأشياء ملكاً لها وحدها، لكن الأولى التغاضي عن ذلك، وينصح زوجته بالاعتدال في النفقة واجتناب الإسراف، وتذكر بأن المرأة مؤتمنة على مال زوجها ومسؤولة عنه، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(13/16765)
حق الزوجة فيما أنفقه زوجها من مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت موظفة ومتزوجة وبطاقتها البنكية لدى زوجها منذ زواجها منذ تسع سنوات، ويصرف من راتبها ما يشاء على نفسه وعليها وعلى أهله ـ أبويه، وإخوانه، وأخواته ـ على أساس أنه يسكن معهم في نفس البيت وكذلك بسبب التزامه بدفع أقساط لقرض ربوي، وهي راضية بهذا الوضع منذ فترة، ولكن في الفترة الحالية قام بزيادة قرضه الربوي من البنك لبناء منزل ـ وشارف على الانتهاء ـ وهو غير راض عن مناصفة البيت بينه وبينها بالتساوي: أي كتابة ملكية البيت باسم مشترك، مع العلم بأنها لا تعرف أين يذهب راتبها منذ زواجها، ولم تقم بعمل أي مشروع ـ لا سيارة، ولاشراء أرض إلخ ـ منذ بداية عملها إلى الآن، فبماذا تنصحوني أن أعمل حتى تأخذ أختي حقها من المنزل؟ مع العلم أنها غير مرتاحة معه، فهو مدخن، ويترك البيت ليلاً كل يوم للجلوس مع أصحابه للتدخين حتى ساعة متأخرة من الليل تصل إلى الساعة الثانية صباحاً؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، وراتب الزوجة حق خالص لها لا يلزمها أن تنفق منه على البيت، إلا أن تتبرع بذلك عن طيب نفس، وانظر لذلك الفتوى رقم: 19453.
أما عن حق هذه الزوجة فيما أنفقه زوجها من مالها، فإن كانت دفعت إليه مالها ونوت الرجوع عليه بما أنفقه من مالها فلها ذلك، وأما إذا كان زوجها يأخذ من مالها راضية بذلك دون نية الرجوع عليه بما يأخذه، فتلك هبة لا يجوز لها الرجوع فيها، جاء في التاج والإكليل: لم يختلف قول مالك أن الرجل إذا أكل مال زوجته وهي تنظر ولا تغير، أو أنفقت عليه ثم طلبته بذلك، أن ذلك لها، وإن كان عديماً في حال الإنفاق ويقضى لها عليه بعد يمينها أنها لم تنفق ولا تتركه يأكل إلا لترجع عليه بحقها.
وجاء في المدونة: وأما ما أنفقت على زوجها فذلك دين عليه ـ موسراً كان أو معسراً ـ إلا أن يرى أنه كان منها لزوجها على وجه الصلة.
فإذا ثبت لأختك حق على زوجها فله أن يعطيها جزءاً من البيت بما لها عليه، وله أن يوفيها حقها من غير ذلك، ولا يتعين البيت لسداد ما عليه، فالذي لها هو أن تطالبه بما أنفقه من مالها الذي نوت الرجوع به عليه.
والذي ننصح به هو أن تكلم الزوجة زوجها في ذلك، فإن رفض فيمكنها الاستعانة ببعض ذوي المروءة من الأهل، فإن لم ينفع ذلك، فيمكنها رفع أمرها إلى القاضي الشرعي للفصل في الأمر.
وننبه إلى أن اقتراض هذا الزوج من البنك الربوي منكر كبير، فإن الربا من أكبر الكبائر ومما يوجب اللعن ومن أسباب غضب الله ومحق البركة، فينبغي لهذه المرأة نصح زوجها بالتوبة من هذا القرض الربوي، وانظر لذلك الفتوى رقم: 16659، ونصحه بالمعاشرة بالمعروف وترك السهر خارج البيت دون حاجة والتوبة من التدخين فإنه محرم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 20739.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(13/16766)
الزوجة التي لا ينفق عليها زوجها ولا يشتري لها الملابس
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا ينفق علي سوى ما يكفي قوتي ويرفض بشدة شراء الملابس، كما يرفض دفع الكشف أو العلاج إذا مرضت ويقول لي أنا أدفع للأكل فقط، كما أنه أخذ ذهبي غصبا، مع الوعد بإرجاعه ثم رفض إرجاعه، مع العلم بأنه ميسور الحال جداً يتعدى راتبه آلاف الجنيهات ولم أنجب بعد ويرفض المساهمة في علاجي بإدعائه أنني المريضة وليس هو، ويعلم الله أنني من يوم أن تزوجته ما شبعت مرة على مائدة طعام بسبب كلامه السيء وأنني ـ عواله ـ ليست مني فائدة، فلماذا آكل؟ هل الشرع ألزم الزوج بالأكل فقط؟ والملبس والعلاج على الأهل ماذا أفعل؟ ولم يجد معه الكلام؟ آسفة على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف ولا شك أن الكسوة من النفقة بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فإذا كان زوجك لا ينفق عليك بالمعروف فقد رخص النبي للزوجة إذا كان زوجها بخيلاً أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
وأما نفقات العلاج فمحل خلاف بين العلماء، وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن الرجل لا يجب عليه نفقة علاج زوجته، لكن لا شك أن من حسن العشرة ومن تمام المروءة أن ينفق الرجل على علاج زوجته على قدر استطاعته، وأما أخذ زوجك لذهبك وعدم رده لك فهو ظلم بين لا يجوز، والذي ننصحك به أن تصبري على سلوك زوجك ما استطعت وتتلطفي في نصحه وتوجيهه إلى الخلق الطيب والمعاشرة بالمعروف، فإذا لم ينتصح فلك رفع أمره إلى القاضي الشرعي ليجبره على أداء ما امتنع منه من واجب النفقة إن كان مقصراً عن القدر الواجب، هذا ونوصيك بالاستعانة بالله ودعائه في إصلاح زوجك، فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(13/16767)
حالات ثبوت نفقة الزوجة وسقوطها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال: رجل ادعى بتطليق زوجته طلقة بائنة قبل سنة تقريبا، وطلب إثبات هذا الطلاق عندما كانت زوجته تقبض النفقة التي حكمت لها بها المحكمة في السابق. لقد حكمت المحكمة بإثبات الطلاق البائن قبل سنة من صدور قرار المحكمة دون أن تتطرق لنفقه العدة، أو قطع النفقة المحكوم بها في السابق. هل يعتبر قرار النفقة ساري المفعول بعد قرار إثبات الطلاق إذا لم يطلب المطلق قطع النفقة عند صدور القرار أو بعده.
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المراد من السؤال، وعلى أية حال فالنفقة والسكنى تثبت للزوجة بتمكينها زوجها من نفسها، فإذا نشزت سقطت نفقتها إلا إذا كانت حاملا أو مرضعا، فيكون لها حينئذ نفقة الحمل والرضاع. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 722، 76246، 1103.
وتجب كذلك النفقة للزوجة إذا طلقت طلاقا رجعيا ما دامت في العدة إلا إذا كانت ناشزا، كما سبق بيانه في الفتويين: 17125، 75942. أما المطلقة البائنة بثلاث أو خروج من عدة أو طلاق قبل دخول فلا نفقة لها ولا سكنى، إلا أن تكون حاملا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36248.
وعلى ذلك فلا يحل للمرأة إلزام زوجها بالنفقة إذا نشزت أو طلقت طلاقا بائنا، أو طلقت طلاقا رجعيا وانتهت عدتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(13/16768)
رفعت على زوجها دعوى نفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هي الآن رفعت دعوى نفقة ونعتتني بأني لست رجلا، وهي في بيت أهلها ويصرون على الطلاق عن طريق المحكمة وليس بشكل ودي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما نعتتك به امرأتك من أنك غير رجل فهو حرام لأنه إيذاء، وإيذاء المسلم حرام بكل وجه، بل هذا عين السباب الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم من موجبات الفسق، فقال: سباب المسلم فسوق.... متفق عليه.
وأما دعوى النفقة التي رفعتها للقضاء فذلك له أحوال:
1- فإن كنت قد منعتها النفقة وأنت غني موسر، وهي خاضعة مطيعة لك غير ناشزة، فأنت آثم ظالم لها، وحينئذ فلا حرج عليها في رفع الأمر للقضاء، بل لها أن تأخذ من مالك ما يكفيها وولدها بالمعروف دون علمك ولا إذنك.
2- أن تعسر بالنفقة فلا تقدر على الإنفاق عليها، وحينئذ يجوز لها أن ترفع الأمر للقضاء للتطليق منك، ولكن لا إثم عليك في هذه الحالة.
3- أن تكون ناشزاً، وحينئذ يحق لك أن تمتنع عن الإنفاق عليها حتى ترجع إلى الطاعة، ولكن يبقى عليك أن تثبت نشوزها أمام المحكمة.
مع التنبيه أن خروجها من بيتك دون إذن أو سبب معتبر للخروج يعتبر نشوزاً، وقد بينا الأحوال التي يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها دون إذنه وذلك في الفتوى رقم: 65363.
هذا ولا يجوز لأهل المرأة أن يمنعوها عن زوجها ولا أن يهيجوها على طلب الطلاق منه إلا إذا وجد مسوغ شرعي معتبر لذلك، وإلا كانوا مخببين، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 64660.. بيان حكم التخبيب وأنه محرم وفاعله آثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(13/16769)
النفقة والمهر من حقوق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج الزوج على زوجته وإهمال الولي، وتركها معلقة من دون مصروف، ولم يدفع لها مهرها، ولا يصرف على ولده سنة ونصفا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما زواج الرجل من زوجة أخرى فلا حرج عليه فيه إذا التزم العدل بين زوجتيه كما بينا ذلك في الفتويين رقم: 118739 , 3604.
وأما قولك وإهمال الولي فغير واضح، فإن كنت تقصدين أنه تزوج بلا ولي فإن زواجه باطل كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 114764 , وإن كنت تقصدين غير ذلك فأرسلي إلينا بقصدك موضحا.
وأما ترك زوجته الأولى بلا نفقة فهو حرام؛ لأن نفقة المرأة واجبة على زوجها ولو كانت غنية، ما لم تكن ناشزا. كما بيناه في الفتوى رقم: 119274. فإذا لم يوفها حقها من النفقة كان لها طلب الطلاق للضرر الذي يلحقها من ذلك.
وكذا امتناعه عن دفع المهر إليها لا يجوز لأن المهر حق خالص للمرأة، ويجب دفعه إليها كاملا ما لم يكن هناك شرط بتأخير بعضه فإنه يعمل به حينئذ، وقد بينا هذا مفصلا في الفتوى رقم: 61455.
كما أن ترك الإنفاق على ولده إثم عظيم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني، وقد سبق أن بينا أن نفقة الرجل على ولده الصغير الذي لا مال له واجبة، وذلك في الفتوى رقم: 113285.
علما بأن حق الزوجة في النفقة في الفترة التي منعها عنها، وكذا ما أنفقته على ولده إذا كان ذلك بقصد الرجوع عليه ولم تكن متبرعة، كل ذلك ثابت وباق في ذمته، ويحق لها المطالبة به كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 76604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(13/16770)
له زوجتان فما الذي يجب عليه من النفقة لهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من امرأتين؛ إحداهما موظفة، والأخرى في بيتها، كيف أعدل بينهما في مسألة الإنفاق؟ هل أعطي كل واحدة منهن على قدر حاجتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك الإنفاق على كلتا الزوجتين بحيث تنفق على كل منهما ما يفي بقدر حاجتها بالمعروف عادة، فإذا قمت بهذا الواجب فلا يجب عليك العدل بينهما فيما زاد على ذلك.
والزوجة الموظفة راتبها ملك لها، لا يجوز للزوج التصرف فيه، ولا ينقص ذلك من نفقتها الواجبة لها. وراجع الفتوى رقم: 49632، والفتوى رقم: 30451، لتقف على اختلاف العلماء في الواجب على الزوج بالنسبة للنفقة على زوجاته، هل هو التسوية بينهن فيها، أم إعطاء كل واحدة منهن بقدر حاجتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(13/16771)
حكم دفع العيدية للأقارب مع حاجة الزوجة والأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة، وعاملة، راتب زوجي لا يكفي للإنفاق على البيت، وأنا أدفع كل راتبي لإكمال نواقص البيت، ومع ذلك فإن راتبينا الاثنين لا يكفينا تماما للإنفاق حتى أنني لا أشتري اللباس رغم حاجتي الماسة جداً له أنا وأطفالي، بسبب قلة المال، علما بأنني أدفع راتبي للإنفاق على البيت افتراضاً مني أن زوجي قدم راتبه كله أولا ولم يبق منه فأضطر للإنفاق، أي أنني أنفق على اعتبار أن زوجي غير قادر على تأمين حتى الحاجات الأساسية للبيت، وفي الأعياد الماضية خاصة كنت قد أنجبت في شهر رمضان، وبحاجة ماسة للملابس لأنني غير قادرة على ارتداء ملابس الحمل، وأيضا غير قادرة على ارتداء ملابس ما قبل الحمل فكلها لا يمكن أبدا أبداً ارتداؤها، ومع ذلك أسرع زوجي لمعايدة أخواته، أنا لا أقطع الرحم وأحثه دائما على صلتهم بل وأرغمه على معايدتهم، ولكن هل معايدة أخواته في العيد رغم حالتهم المادية الممتازة أهم من حاجاتي الأساسية، علما بأنه لو فعل لا يعايد من راتبه بل من راتبي، فراتبه أصلا للإنفاق على البيت، ولا يكفي لمعايدة أهله، إما أن تكون من راتبي أو حرمانه لنا حتى من الطعام -على اعتبار أن الإنفاق كاملا عليه- لأجل المعايدة، وحتى لو كانت غير عاملة فهل معايدة أهله أولى من تأمين حاجاتي الأساسية؟
هل إذا كان الزوج غير قادر على تأمين الحاجات الأساسية للزوجة والأولاد يجوز له إعطاء المال لأحد كمعايدة أو مساعدة على حساب حاجاتنا للطعام، واللباس، من باب أنه راتبه وهو حر فيه كما يقول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به زوجك من دفع المال لأهله مع حاجتكم إليه واستغنائهم عنه غير جائز، بل هو حرام، حتى ولو كان هذا المال ملكاً خالصاً له، لما فيه من ظلم لك ولولدك. جاء في نيل الأوطار -باب نفقة الزوجة وتقديمها على نفقة الأقارب-، وفيه: وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: أبدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء لأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. قال الشوكاني عليه الرحمة: وقد انعقد الإجماع على وجوب نفقة الزوجة ثم إذا فضل عن ذلك شيء فعلى ذوي قرابته. انتهى.
فعلى هذا الزوج أن يتقي الله، ويعلم أن زوجته وأولاده هم أولى الناس بنفقة، وأنه وحده الذي يلزم بنفقتهم دون الزوجة أوغيرها، وليتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(13/16772)
مسائل في نفقة الزوج على زوجته وأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[في فتوى سابقة بالموقع قرأت لكم: أنه إذا خرج الزوج مع زوجته المبتعثة للدراسة في الخارج فإن نفقته عليها، لأن مصالحه متعطلة وهو محبوس عن الكسب.
ما قولكم:إن كان القانون عندنا في السعودية يجيز للمحرم المصاحب لزوجته أن يكمل دراسته هو الآخر، وقام الزوج بالدراسة تحت نفقة الدولة مثل زوجته، ولكن راتب المبتعث يصرف باسم الزوجة المبتعثة، يؤخذ في الاعتبار أن يكون المبتعث وحده، أو معه محرم، أوعائلة، عند حساب قيمة الراتب.
1. هل تسقط نفقة العيال عن الزوج في هذه الحالة؟
2. إذا عمل الزوج، هل يجوز أن توفر المبتعثة جزءا من الراتب المصروف لها مع من يصحبها من قبل الدولة وتحتفظ به لنفسها، ويتولى الزوج جزءا من مصروف البيت؟
3. هل يصح أن يقوم الزوج بتوفير مال عمله دون صرف أي شيء منه على عياله؟
4. لو زاد شيء من راتب البعثة في نهاية زمن البعثة، هل يجوز أن تحتفظ به المبتعثة كاملا لنفسها، وإن لم يكن كيف يوزع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الحالة التي تسأل عنها والتي قام فيها الزوج بمرافقة زوجته ثم تلقى هو الدراسة أيضاً على نفقة الدولة، لا تسقط فيها نفقة الزوج على أهله، لا على أولاده ولا على زوجته، بل هو مطالب بالنفقة عليهم جميعاً، إلا أن يكون قد اشترط على زوجته شيئاً من الراتب مقابل السماح لها بالسفر ومرافقتها، عند ذلك يجب عليها أداء ما اشترط.
وأما ما سوى ذلك فالنفقة كلها على الزووج، أما راتب الزوجة المبتعثة فهو لها كله، وتستحقه جميعاً ولا عبرة بأن الجهة المانحة قد راعت كونها صاحبة أسرة أو لم تراع ذلك، إلا أن يشترط الزوج جزءاً منه قبل الانتقال، حينئذ يجب عليها الوفاء بالشرط.
ولا يجوز للزوج توفير ماله وترك الإنفاق على زوجته وأولاده فنفقتهم واجبة عليه، وترك الإنفاق ظلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره، وحسنه الألباني.
وما زاد من راتب المرأة الذي أخذته في بعثتها حق خالص لها، ليس لزوجها منه مثقال ذرة إلا ما اشترطه عليها أو أعطته هي له بطيب نفس منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(13/16773)
مسائل في تعنت الزوج عن الإنفاق على زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ كنت قد بعثت لكم سابقا استفسارا بعنوان التوبة من السرقة من الزوج وذلك بتاريخ 19-8-2008 وقد أجبتموني بما هو شاف وواف ولكن المشكلة الآن أن زوجي لم يعد يعطيني أي مبلغ وكنت في بعض الأحيان آخذ منه بالقوة أمام عينيه وبحيل النساء لكي لا يغضب فيصمت على مضض ويحاسبني على كل قرش أين صرفته وأين ما بقي منه ويتهمني بأني مسرفة وأن معيشتي في بيت أهلي كانت سيئة وأنني الوحيدة بين النساء التي تصرف بهذا الشكل وأني لا أحس به والله يعلم أنه لا يعطيني أي مصروف شخصي من ماله وفي الفترة الأخيرة أخذ يراقبني ويحاسبني على كل شيء فهو يفتح حسابه المصرفي كل يوم ويتفقد نقوده كل صباح ومساء ولو كانت نقودا صغيرة كالسنتيمات التي نستخدمها هنا في فرنسا وآخر مرة أخذت منه والله اعلم أني أخذت لأصرف على معالجتي وعلى أولادي مبلغا بسيطا ففتح حسابه المصرفي المساء ووجد فيه نقصا ولم يكن قد خرج من البيت يومها وأنا التي خرجت فوجد النقص في نفس الساعة والتوقيت الذي خرجت فيه فجن جنونه واتهمني بأني سارقة وأنني أسرقه منذ زمن بعيد وكل ما معي من نقود هو سرقة من ماله وقال كلاما بذيئا جدا أفقدني الوعي وأنه كره الحياة معي ولن يسامحني على أي قرش أخذته منه أو سآخذه مهما كان بسيطا وسيحاسبني يوم القيامة والمشكلة أني أنكرت وقلت له ربما أنت نسيت أو هناك خطا في آلة الحساب المصرفي وهو طبعا لم يصدق أي كلمة وأصر على أني سارقة وأنا أصررت على الإنكار وهو الآن قد هجرني في الفراش ويأخذ الأولاد ليناموا معه فقد قرر أن يطلقني حين رجوعنا إلى بلدنا ويمنعني من الكلام مع أهلي ولا يثق بي بأي شكل من الأشكال حتى حين وقعت المشكلة وأردت الخروج من البيت قال لي أنا لا أثق إلى أين ستذهبين ولا أثق بك وهذا الكلام جعلني أكرهه حقا وفجر في كل الأمور التي كنت أتحملها منه فماذا أفعل هل أبقى على إصراري بالإنكار أم أعترف له فيطلقني أو لا يعود ليثق بي أبدا فهو من قبل لا يثق بي طبعا فقط من ناحية النقود وأنا ما عدت أطيقه على ذلك الموقف فمن أجل مبلغ بسيط دمر كل شيء وبكل وقاحة وبذاءة ولا أدري كيف أصف المشهد..
فهل أصر على إنكاري أم أعترف له وأطلب لنفسي الطلاق لأني فعلا كرهت الحياة معه لأجل المال وطريقة حياته فهو حتى يحاسبني على نفاذ مؤونة البيت قبل أوانها ولو بأسبوع أو يومين وعلى الثياب إذا احترقت وإذا كسرت شيئا وأنا أنظف الأطباق فبصرخ في وجهي ويحاسبني كأني فعلت جرما وإذا رافقته لشراء لوازم البيت الأسبوعية واشتريت ما يلزم وكان المبلغ فوق المعتاد ولو بقليل يحرمنا الأسبوع الذي يليه من الشراء بل ويبقى طوال ذلك الأسبوع غاضبا ولا يكلمني ويصرخ في ويقول أنت السبب وقد كنت قبلك مرتاحا، ودائما يجرحني في مواقف كهذه بكلمات حقا لا أدري كبيف يقولها زوج لزوجته وأنا والله يشهد لا أرد بل أحاول تهدئته والاعتذار منه ولكني مللت حقا والآن أنا أريد الانفصال عنه ولكن هل أعترف له أم أبقى مصممة على أني لم آخذ المبلغ.... اعذروني للإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنجمل لك الجواب أيتها السائلة في عدة نقاط:
النقطة الأولى: أنه لا يجوز للزوج سب زوجته ولا شتمها ولا إهانتها فهذا كله حرام لا يجوز، وهذا متفق عليه, بل قد بالغ بعض الفقهاء فجعل سب المرأة والإضرار بها ولو مرة واحدة يجيز لها طلب الطلاق, ويؤدَب الزوج مع ذلك على فعله, وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 112369.
النقطة الثانية: سبق أن بينا في الفتوى رقم: 115673 , أن مقدار النفقة الواجبة على الزوج لزوجته وأولاده يرجع فيها إلى العرف وحال الزوج من الغنى واليسار, فعليك بالنظر إلى من هو مثلكم في الوضع المالي والاجتماعي وتقدير النفقة على مثل حالهم دون إسراف ولا تقتير, فإن كان زوجك يقصر عن هذا الحد فهو ظالم بمنعه هذه النفقة حتى ولو كان العرف قد جرى بقدر معين من التحسينيات والترفيهيات فمنع هذا أبدا أو غالب الأوقات فقد ظلم, وعندها يجوز لك أن تأخذي من ماله دون علمه، لكن إذا غلب على ظنك أنك إن أخذت مالا فإنه سيعلم بفقده, وسيترتب على ذلك مفسدة كبيرة فلا ينبغي الأخذ, وعليك حينئذ برفع أمرك لأوليائك أو لبعض أهل العلم, أو المراكز الإسلامية في بلدكم ليطالبوه بالنفقة, فإن أصر على الامتناع فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق منه للضرر.
النقطة الثالثة: أما ما كان منك وقد أخذت من ماله ما يكفي لعلاجك أنت وابنك فلا حرج عليك في ذلك فهذا خالص حقك, فإن علاج الزوجة والأولاد واجب على الزوج على ما هو مبين في الفتويين: 56114 , 113285.
ولكن أما وقد علم بما حدث وتيقن من أخذك لماله فلن يجدي الإنكار حينئذ, ولذا فيمكنك أن تصارحيه بأنك قد أخذت من ماله وأن هذا محض حقك الشرعي وأنك لم تأخذي هذا من تلقاء نفسك, بل إنك لم تقدمي على هذا إلا بعد استفتاء أهل العلم, ويمكنك أن تقرئيه فتوانا هذه وغيرها من الفتاوى المماثلة, وأعظم فتوى في ذلك هي فتوى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة لما أخبرته أن زوجها رجل شحيح لا يعطيها ما يكفيها هي وولدها , وقد كان زوجها من أجلاء الصحابة وهو أبو سفيان رضي الله عنه , فقد جاء في صحيح البخاري أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
والذي ننصحك به هو أن تجلسي معه جلسة مصارحة وصدق تعلميه فيها بتأذيك من إهانته لك وتضييقه عليك في المعاملة والنفقة, وأنك ما كنت لتأخذي من ماله بهذه الطريقة لو أنه قام بواجبه في النفقة والمعاشرة بالمعروف, فإن رجع عن فعله واعترف بخطئه, فذلك الذي تبغين وتأملين, وإن أصر على حاله هذه فلك أن تطلبي منه الطلاق للضرر. والصبر خير على كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(13/16774)
النفقة الزوجية إذا كانت بشهادة الزور عن طريق المحكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ الزوجة لنفقة شهرية من زوجها عن طريق المحكمة وبشهادة زور حيث أحضرت شهودا يقولون بأن زوجها يعمل كذا وكذا ودخله الشهرى يتعدى 7000مع أن هذا الزوج المسكين لا حول له ولا قوة علما بأنها لم تطلق حتى الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة المذكورة باقية فى عصمة زوجها، وتراضيا على نفقة معينة، فهذا يكفي ولا حاجة إلى تقدير المحكمة لمقدار تلك النفقة، أما إذا اختلف الزوجان في مقدار النفقة فالفصل في ذلك يرجع إلى المحكمة الشرعية لمعرفة القدرة المالية الحقيقية للزوج، والحكم عليه بنفقة تناسب قدرته المادية، فلا يكلف فوق طاقته وتكون النفقة بحسب عرف البلد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وأما تقدير الحاكم النفقة والكسوة، فهذا يكون عند التنازع فيها كما يقدر مهر المثل إذا تنازعا فيه، وكما يقدر مقدار الوطء إذا ادعت المرأة أنه يضر بها، فإن الحقوق التي لا يعلم مقدارها إلا بالمعروف متى تنازع فيها الخصمان قدرها ولي الأمر. وأما الرجل إذا كان ينفق على امرأته بالمعروف كما جرت عادة مثله لمثلها فهذا يكفي، ولا يحتاج إلى تقدير الحاكم. ولو طلبت المرأة أن يفرض لها نفقة يسلمها إليها مع العلم بأنه ينفق عليها بالمعروف، فالصحيح من قولي العلماء في هذه الصورة أنه لا يفرض لها نفقة، ولا يجب تمليكها ذلك كما تقدم فإن هذا هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار المبني على العدل. والصواب المقطوع به عند جمهور العلماء أن نفقة الزوجة مرجعها إلى العرف، وليست مقدرة بالشرع، بل تختلف باختلاف أحوال البلاد والأزمنة وحال الزوجين وعادتهما، فإن الله تعالى قال: وعاشروهن بالمعروف وقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. وقال: لهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف. انتهى
وفي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي: وقدرت نفقة الزوجة على الزوج بحاله أي بحسب حاله التي هو عليها من يوم أي في يوم فتكون مياومة كأرباب الصنائع والأجراء أو جمعة كبعض أرباب الصنائع أو شهر كأرباب المدارس والمساجد وبعض الجند وخدمهم أو سنة كأرباب الرزق والبساتين. انتهى
وأما إقدام الزوجة على ظلم زوجها بتكليفه نفقة شهرية لايستطيعها بناء على شهادة زور وكذب فهذه معصية شنيعة وإثم مبين، ويتحمل شاهدا الزورعقوبة تلك الشهادة التى هي من كبائرالذنوب التى تشتد عقوبتها ويعظم إثمها، وللزوج المظلوم السعي فى رفع الظلم عنه بكل وسيلة مشروعة.
وراجع الفتوى رقم: 1224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1430(13/16775)
نفقة الزوجة والسكن والمعاشرة بالمعروف من أوجب الواجبات على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلقة 24 سنة لزوج في مثل سني تعرف عليّ في الجامعة ولأنه كان ملتزما على دين وخلق وأول دفعته فلم يكلمني مرة واحدة وظل يحبني على حد تعبيره حتى وافق والده على خطبته لي, حين جاء والده لخطبتي ولأن والدي متوفيان ادعى أنه سيقوم على جميع شؤوني وأنه سيجهزني من الألف للياء وخصوصا أنه ميسور جدا, واستمرت الخطبة مدة سنة بسبب سفر والده ولأننا مازلنا في السنة الأخيرة من الدراسة, بدأ خطيبي في هذه الأيام ملاك بريء ورغم أني لم أحبه ورغم دمامة شكله إلا أنني قلت لنفسي يكفيني دينه وخلقه. وجاء موعد عقد القران وعند كتابة المؤخر رفض والده بشدة متعللا بأن المؤخر حرام وصنع من المشاكل ما لا يوصف ولم يسلم أحد من إهانته ولم يرض بكتابة المؤخر إلا بعد أن قلت لهم إني متنازلة عنه لأن عمي لم يكن ليوافق بدون مؤخر. وحتى لا أختار شبكتي ولا نحدد سعرا لها كما هو العرف عندنا اشتراها والده من البلد العربي التي كان بها بسعر زهيد جدا وقدمها لي على أنها هدية ابنه لي والشبكة والمهر, لسذاجتي وعدم خبرتي وحيائي لم أستطع أن أعلق عليها وسكت. جاء موعد تحديد الفرح وصمم والده أن يكون الفرح في فترة إجازته وقبل أن يسافر ويترك ابنه وحيدا كعادته وحتى يجد ابنه من يخدمه. ولكني لم أكمل جهازي بعد_ ولأن كلام والده وعود بلا تنفيذ وهذا ما عرفته عنه بعد ذلك أنه لا يوف بوعد أبدا_ طلبنا منهم أن يمهلونا حتى نكمل الجهاز أو أن يساعدونا فيه كما وعدو فقبل والده على مضض ليأتي بعد الزواج هو وابنه ويعايروني بهذا.
تم الزفاف ومن بعده تغيرت معاملة والده لي فكان يعاملني بقرف وكلما جاء لزيارتنا وبعدها يختلق لي زوجي أي شيء ويقيم عليه مشكلة وبدأ هذا من الأسبوع الأول للزواج وما يكون مني إلا البكاء والاعتذار حتى ولو لم أكن مخطئة وكان هذا يشعر زوجي برجولته فيزيد, كان يقنعني أنني أنا دائما المخطئة وأنني لا أجيد التصرف في شيء أبدا وكنت أصدقه حتى فقدت الثقة في نفسي تماما.
وكان والده يريده أن يكمل دراسات عليا فكان والده يجعله يرفض أي عمل يأتي لزوجي متعللا بأنه سينشغل عن الدراسة وأنه متكفل بمصاريفنا ولكنه كان بخيلا جدا وكان ما يعطيه لنا لا يكفي فكان إخوتي يتكفلون بنا ويظن حمايا أن خيره (مغرقنا) وظل زوجي معي في البيت أول سنة زواج وحملت بابني ولك أن تتخيل زوج كهذا يقيم معي بالمنزل 24 ساعة كانت المشاكل لا تعد ولا تحصى حتى صلاة الجماعة تركها وكان يسهر طوال الليل أمام ألعاب الكمبيوتر وبرامج التليفزيون وعندما أنام أنا يشاهد قنوات العري (رأيته كما أنه اعترف لي) وينام طوال النهار حتى أنه كان يضيع الصلاة وعندما كنت أنصحه يتشاجر معي ويعتبرها إهانة لا تغتفر وبدأت حالتي النفسية تسوء يوما بعد يوم ولا أتوقف عن البكاء أبدا مما ترك أثره على حالتي الصحية وعلى حملي فقضيت ال9شهور في مرض شديد وكنت ممنوعة من الحركة من قبل الأطباء إلى أن يسر الله لي ووضعت حملي في نفس توقيت إجازة والد زوجي ولم تنته المشاكل بل وزادت في وجود حمايا وأنا لا أعرف لها سببا فأنا وربي يشهد علي لم أسئ لأحد من أهل زوجي أبدا. وكان زوجي يمضي اليوم كاملا عند والده وأحيانا يبيت الليل أيضا ويتركني بدون أي شيء في حملي ولا يكفيه هذا بل يأتي ليتشاجر معي على أتفه الأسباب كالعادة. إلى أن جاء زوجي ذات مرة يقول إنه تشاجر مع والده بسببي لأن والده ووالدته دائما العيب فيّ ودائما ما يحرضاه علي وهما يكرهاني وهو لا يعرف السبب ومشاجراته معي بتحريض منهما وكانا يصران عليه أن يطلقني, طلبت من زوجي أن نذهب ونصالحهما وبالفعل شجعت زوجي على ذلك حتى لا يخسر والديه بسببي فابتهج زوجي كثيرا من تصرفي وأشعرني كم هو ممتن لي, ومكثنا فترة ليست بالطويلة في هدوء فقد توقف زوجي عن اختلاق المشاكل وما لبث هذا أن زال بتأثير والده الأقوى والأسرع وكل شيء رجع لحاله القديم بل وأسوء عندما شعر والده بهذا الهدوء أمر ابنه أن نترك منزلنا وننتقل للعيش في نفس الشقة التي يسكنها والديه لخدمة أخيه (في ثانوية عامة ووالداه تركاه وسافرا) حتى يتم بناء شقة خاصة بنا وكان هذا منافيا لما تم الاتفاق عليه مع أهلي عند الخطبة بان يكون لنا سكن منفصل بالإيجار حتى يتم بناء الشقة ولما طرحوا فكرة السكن معهم رفض أهلي بشدة.
رفضت الانتقال إلى هناك وبدأت بيننا المشاكل من جديد (وكان يعايرني ووالده بوفاة والداي) ولكن هذه المرة كنت أرد عليه ولا أخنع للبكاء فاكتشفت فيه خصلة جديدة وهي الكذب فبدأ يحكي للناس أني أنا السيئة وعندما كنت أساله لماذا.. كان يرد (علشان منظري أمام الناس) كان يحافظ على مظهره أمام الناس على حسابي أنا ونجح بالفعل في إقناع الناس بذلك هو ووالده. وانتقلنا للعيش مع أخيه في نفس الشقة يفرق بيننا وبينه قطعة أثاث ولم أشتك أو أتضجر مرة واستحضرت دائما أمام عيني نيتي ولم يتوقف زوجي أيضا عن اختلاق المشاكل وهذه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحياة الزوجية تقوم أساساً على المودة والرحمة، والتغاضي عن الهفوات التي يتوقع صدروها من الطرفين دون إخلال بمقاصد الحياة الزوجية أو قواعد الشريعة الإسلامية، وإن بين الزوجين حقوقاً مترتبة على الميثاق الغليظ الذي هو عقد النكاح، يجب على كل من الزوجين الوفاء بها، والعمل على توفيتها لأن كل واحدٍ منهما مسئول عنها يوم القيامة، وقد أخطأ والد زوجك عندما قام بإهانتك وانتقاصك, وكان على زوجك أن يكف عنك أذى والده ويمنعه بالرفق واللين من إهانتك والإساءة إليك, لا أن يعينه على ذلك ويوافقه, فهذا ينافي العشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها.
أما بالنسبة للنفقة عليك وعلى البيت فهذا من أوجب الواجبات على الزوج, ولا يجوز له أن يقصر في شيء من ذلك, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
وأما بالنسبة لمقدار هذه النفقة فإنها على الراجح تقدر بحال الزوجين, قال ابن قدامة رحمه الله: قال أصحابنا: ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعا؛ فإن كانا موسرين، فعليه لها نفقة الموسرين، وإن كانا معسرين، فعليه نفقة المعسرين، وإن كانا متوسطين، فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرا، والآخر معسرا، فعليه نفقة المتوسطين، أيهما كان الموسر. انتهى.
فلا يجوز للزوج أن يقتر على زوجته، ولا أن يمنعها ما وجب لها من النفقة، فيضطرها إلى أن تلجأ إلى أهلها أو غيرهم في ذلك, فإن فعل فإن لها أن تطالبه بحقها في النفقة, فإن لم يستجب وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها بالمعروف, قال ابن قدامة: مسألة: قال: فإن منعها ما يجب لها، أو بعضه، وقدرت له على مال، أخذت منه مقدار حاجتها بالمعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي. فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. انتهى.
أما بالنسبة لما يفعله زوجك من بعض المعاصي والمخالفات كالتهاون في صلاة الجماعة, ومشاهدة الأفلام الإباحية, وغير ذلك فعليك بنصحه في ذلك باللين والحكمة, وبالتصريح تارة والتلميح تارة أخرى دون أن تظهري وصاية منك عليه ولا مراقبة وترصدا لتصرفاته, لأن ذلك مما يصده عن قبول النصيحة والانتفاع بها.
وأما بالنسبة لما يطالبونك به من خدمة أخيه، فإن هذا لا يجب عليك، بل ولا يجب عليك خدمة أبيه ولا أمه، ولكن إن فعلت ذلك متبرعة وطابت نفسك به فستؤجرين على ذلك بإذن الله.
وكذا لا يجوز لزوجك أن يجبرك على السكن مع أخيه ولا مع غيره كأمه وأبيه، لأن الشريعة المباركة قد كفلت للمرأة على زوجها حق السكن المستقل, قال خليل بن إسحاق: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. قال شارحه عليه: لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم وإن لم يثبت إضرارهم بها.
فإن استقام زوجك على أمر الله ووفاك حقوقك فاحمدي ربك على ذلك، وإن كانت الأخرى وحصل لك من ذلك ضرر فيمكنك حينئذ طلب الطلاق.
وللفائدة تراجع الفتاوى الآتية أرقامها: 31818، 68642، 112460، 112804، 114219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(13/16776)
حكم خروج المرأة من بيت زوجها اذا لم ينفق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش أنا وزوجي بأمريكا, تزوجته منذ 6 أشهر, كان لطيفا معي, لكن بمجرد أن حملت تغير كليا, حيث اتهمني بأني فقط أريد أن ألد، وأجلس في المنزل, فأصبح يطالبني بدفع ثمن الكراء, وقد فعلت, لم يعد يكلمني أو يخرج معي, حتى أني إلى الآن لم أذهب إلى أي طبيب كوني حاملا, وإذا مرضت أو كنت في العمل فإنه يطبخ لنفسه ولا يدع لي شيئا, مع العلم أنه هو من يرغمني على العمل. لقد حاولت مرارا سؤاله عن كل هذا, لكنه لا يبالي , تيقنت أن ما يريده من الزواج فقط أن أشاركه المصاريف, حتى إذا حاولت لمسه نهرني, وهو رجل يصلي ويصوم, فكرت في أن أذهب بعيدا عنه وحدي, فلا عائلة لدي هنا, أم أني آثمة على مغادرة بيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلا من السكن والنفقة حق للزوجة، فلا يجوز لزوجك أن يلزمك بدفع أجرة المنزل أو الإنفاق على نفسك، أو العمل إن كنت لا تريدين ذلك، فإن كان يلزمك بالنفقة ودفع الأجرة فقد أساء بذلك.
فنوصيك بمناصحته وتذكيره بما أمرالله تعالى به من حسن العشرة بين الزوجين، ولا تنسي أن تكثري من دعاء الله تعالى أن يصلحه، وإن رجوت أن يؤثر عليه بعض العقلاء والفضلاء فيمكنك الاستعانة بهم.
وإن استمر أمره معك على نفس الحال فلك الحق في طلب الطلاق، فإن أجابك إليه وإلا فارفعي الأمر إلى إحدى الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين كالمراكز الإسلامية.
ولكن لا ينبغي لك التعجل إلى طلب الطلاق قبل أن توازني بين مصلحة فراقك لزوجك ومصلحة بقائك معه، وخاصة أنك قد ذكرت عدم وجود أحد من أهلك في هذا البلد.
وراجعي الحالات التي يحق للمرأة فيها طلب الطلاق بالفتوى رقم: 37112.
وقد سبق أن ذكرنا أن الفقهاء قد نصوا على أنه يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها بغير إذنه إذا لم يقم بالإنفاق عليها، وراجعي الفتوى رقم: 15896، وعلى هذا فيجوز لك الخروج من البيت بغير إذن زوجك ما دام لا ينفق عليك، ولكننا لا ننصحك بذلك ما دمت ليس لك أهل هنالك تأوين إليهم، إضافة إلى أنك بتركك بيتك قد تتعرضين لشيء من الخطر في تلك البيئة التي تعيشين فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(13/16777)
نفقة المحبوسة والمريضة والغائب عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد نفقة للزوجة المحبوسة والزوجة المريضة والغائب عنها زوجها والمفقودة؟
أريد فتاوى الأئمة الأربعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة محبوسة، فإن كانت ظالمة، فلا نفقة لها في المشهور من أقوال الأئمة الأربعة، وأما إذا كانت مظلومة، فلها النفقة عند المالكية، وليس لها النفقة في المشهور من أقوال الأئمة الثلاثة، جاء في الموسوعة الفقهية:.. ليس لها النفقة ما دامت محبوسة، وإليه ذهب جمهور الحنفية، وبه قال الشافعية والحنابلة.
وقال الدردير (مالكي) :.. (لا إن حبست) أي سجنت في دين فلا تسقط لأن منعه من الاستمتاع ليس من جهتها. اهـ من الشرح الكبير للدردير.
أما الزوجة المريضة فلها النفقة عند الأئمة الأربعة، قال ابن عابدين (حنفي) : اعلم أن المذهب المصحح الذي عليه الفتوى وجوب النفقة للمريضة قبل النقلة أو بعدها. حاشية ابن عابدين.
وقال النفراوي (مالكي) : المدخول بها تجب لها النفقة مطلقا على الزوج البالغ الموسر، سواء كان حرا أو عبدا، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، صحيحة أو مريضة. الفواكه الدواني.
وقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا. انتهى من الحاوي في الفقه الشافعي.
قال البهوتي - وهو حنبلي -: فتجب النفقة حتى ولو تعذر وطؤها لمرض أو حيض أو نفاس.
وأما الغائب عنها زوجها، فلها النفقة عند الأئمة الأربعة، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن امرأة المفقود لها نفقة ما دام لم يحكم الحاكم بموته. اهـ
وأما المفقودة فلم نعثر على نص في كلام الأئمة بخصوصها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(13/16778)
مسائل في سكن ونفقة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أتزوج بامرأة أخرى, ولكن لا أريد أن تعرف زوجتي الأولى ولدي أربعة أطفال، إلا إذا كان بعد مدة من الزمن.. وشروطي تكون للزوجة الثانية.. إما أن تعيش مع أهلها في بيتها أو تعيش بشقة خاصة وعلى نفقتي.. والمصروف لم يحدد بعد ولم تحدد هي وما أريد أن أعطيها تقبله!! وهل هذه الشروط جائزة أن أشترط عليها وإن لم تكن شروط أخرى.. هذا في حالة الموافقة من الطرفين.. فأرجو الرد على سؤالي.. مع العلم أني أتبع مذهب الإمام أبي حنيفة، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الزواج بأخرى إذا كنت قادراً على ما يترتب على التعدد من نفقة وعدل بين الزوجتين وإعفافهما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 58134.
والسكنى في بيت مستقل حق للزوجة، ولكنها إذا رضيت البقاء عند أهلها فلا حرج في ذلك لإسقاطها حقها في السكنى، كما يحق لها الحصول على نفقة مثلها؛ لكن إن رضيت بنفقة معينة فلا مانع من ذلك.
وبما أنك قد ذكرت أنك متبع لمذهب الإمام أبي حنيفة فنذكر لك بعض كلام الأحناف بخصوص المسألتين المذكورتين في سؤالك. ففي تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي: والسكنى في بيت خال عن أهله وأهلها أي تجب لها السكنى في بيت ليس فيه أحد من أهله، ولا من أهلها إلا أن يختارا ذلك لأن السكنى حقها إذ هي من كفايتها فتجب لها كالنفقة، وقد أوجبها الله تعالى مقروناً بالنفقة بقوله: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ. أي وأنفقوا عليهن من وجدكم، وهكذا قرأها ابن مسعود، وإذا كان حقاً لها فليس له أن يشرك غيرها فيها كالنفقة، وهذا لأن السكنى مع الناس يتضرران بها فإنهما لايأمنان على متاعهما ويمنعهما من الاستمتاع والمعاشرة إلا أن يختارا ذلك لأن الحق لهما فلهما أن يتفقا عليه. انتهى.
وفي العناية شرح الهداية لمحمد البابرتي الحنفي: إذا فرض القاضي على رجل نفقة زوجته أو اصطلحا على مقدار ولم ينفق عليها ورفعت إلى الحاكم حبسه لظهور ظلمه بالامتناع. انتهى..
وعليه؛ فالشروط التي ذكرتها جائزة وبخصوص الجملة الأخيرة فالرجاء توضيحها لأنها غير واضحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(13/16779)
القدر الواجب في النفقة على الزوجة والأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي سؤال متعلق بزوجتي وابنتي..أنا شخص متزوج ولله الحمد ولدي طفلة عمرها تقريبا سنة ونصف وحاليا أدرس بالخارج لتكميل تعليمي.
سؤالي: بخصوص زوجتي دائما تقول لي بأني مقصر في صرف البيت وعلى ابنتي وعليها..علما بأنا دايما نتناقش بأن كل شيء متوفر بالبيت من أكل وكسوة لها ولابنتي ومع ذلك دائما تذكر بأني مقصر وأني لا أعطيهم حقوقهم. فدائما النقاش بأني أشتري ماركات غالية الثمن لابنتي أو ملابس بأشكال معينة مثل ميكي ماوس لابنتي أو نسافر لأمكنة مختلفة..علما بأن الراتب محدود ولدي ديون ببلدي وأحاول أن أسددها وأيضا كخطوة لاحقة أحاول أن أبني بيتا لنا ويكون لهم سترا بالدنيا..أنا حاليا نفسيا متضايق لأنها دائما تذكر بأني مقصر وأن ابنتي كيف تعيش وأنت لا تلبي لها رغباتها. مع العلم بأني دائما أشتري لها كل شيء من أكل وكسوة ولكن ليس بمقدوري شراء كل شيء من ماركات وأشياء يريدونها ... فهل أستمر بصرف المبلغ علي بيتنا وما تبقى أحاول أن أجمعه أو أنفذ رغباتهم؟ علما بأن الراتب محدود ولو رغبت بتنفيذ رغباتهم فلا بد أن أستدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمرعلى ما ذكرت من أنك قد وفرت لزوجتك وابنتك ما يلزم من المطعم والملبس والمسكن فقد أديت الذي عليك فلا ينبغي لزوجتك وصفك بالتقصير وينبغي أن تصبر عليها في هذا وتناصحها فيه، ومهما أمكنك التوسعة على عيالك على وجه لا تبذير فيه ولا إسراف ولا تكلف لما لا تقدر عليه فافعل، فإن ذلك مما تحسن به العشرة، وسداد الدين الحال مقدم على النفقة التي من أجل التوسعة، وللمزيد راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 105673، 40303، 22300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(13/16780)
ماهية النفقة الواجبة على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حائرة جدا لقد تزوجت منذ 3 سنوات وأنجبت طفلة زوجي بخيل جداً فقط لي ولبيتي ولابنتي ولكنه ليس مقتنعا أبدا بأنه بخيل بل يتعذر بعدم توفر المادة معه وشحها لديه علماً بأني اكتشفت مرات كثيرة وأنا بحاجة لبعض المال لشراء ضروريات الحياة بأنه يملك الكثير ولكنه يصرفه على أشياء تخصه هو كتجارة أو شراء مستلزمات لسيارته.. تقريبا لي فترة 4 أشهر أو أكثر لم أجلس في بيتي أسبوعا كاملا، نقلنا إلى منزل جديد وتعطلت الثلاجة ومن ثم باعها وإلى اليوم لم يأت بغيرها بحجة أنه لا يستطيع إلا بالتقسيط ويريد التقسيط باسمي علما بأني توظفت منذ مدة قصيرة وقد بدأ بخله يزيد لأنه يعتمد على مالي في صرفه على نفسي وابنتي وأيضا البيت ولكني لم أوافق، أنا الآن في بيت أهلي أنتظر أن يكمل مسؤولياته ولكنه يريد مني حقه الشرعي في العلاقة الزوجية فكيف أعطيه حقه الشرعي وأنا في بيت أهلي هل أذهب إلى بيته وأعطيه إياه وهو لم يعطني حقي وحق بيتي وحق ابنتي وما نص عليه الشرع وعقد النكاح؟ لقد تعبت كثيرا منه وأهلي تعبوا كثيرا لا أعرف ما الحل لأنه يقول لي اذهبي واسألي عن حكم تمنع المرأة عن زوجها ولكن ما حكم إهماله لواجباته ومسؤولياته تجاهنا؟ صحيح أنه يعطيني كل شهر مصروفا ولكن لا يعطيني إذا احتجت أكثر من ذلك بحجة أنه ليس لديه المال وأنا في بيت أهلي كما ذكرت ولذلك لا توجد لديه أي التزامات حتى ال 10 ريال يقول لي أنت ادفعي احترت أرجوكم أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع وجوب نفقه الزوجات على الأزواج، والأولاد على الآباء، يقول الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف {البقرة:233} . وقال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّه {الطلاق:7} .
وروى البخاري أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال عليه الصلاة والسلام: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وقد أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها إذا كانا بالغين، ولم تكن الزوجة ناشزاً، وعلى أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. يقول ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه العلم أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.
ولا خلاف بين العلماء أن النفقة يتحملها الأب وحده دون الأم حتى ولو كانت الأم غنية.
وبناء على ذلك؛ فإن المرأة ولو كانت غنية لا تطالب بشي من النفقة لا على نفسها ولا على أولادها بل هذا كله على الزوج.
وقد قرر الفقهاء أن النفقة الواجبة على الزوج ينبغي أن تحقق ما يلي:
1- المسكن الصالح الذي تصان فيه حرمة الزوجة والأولاد وصحتهم وكرامتهم.
2- اللباس الصالح الذي يصونهم من الابتذال، ويدفع عنهم أذى الحر والبرد، ويعتاده أمثالهم من الأقارب والجيران.
3- الطعام الصالح الذي يغذي الجسم، ويدفع المرض، ويأكله الناس عادة من غير إسراف ولا تقتير.
4- العلاج والدواء الذي تحتاجه المرأة ويحتاجه الأولاد.
5- مصاريف تعليم الأولاد.
وأنت أيتها السائلة قد ذكرت أن الزوج يعطيك مصروفا شهريا، فإذا كان هذا المصروف يكفي ما ذكرنا من وجوه النفقة فقد أدى الزوج ما عليه, وإن لم يكن يكفي فعليك أن تطالبيه بما يحقق هذه الكفاية, فإن لم يستجب فعليك برفع الأمر للقضاء الشرعي ببلدك ليجبره على النفقة الواجبة.
أما ما يريده زوجك من جعل الأقساط باسمك أو الاعتماد عليك في النفقة فهذا ليس حقا له كما قدمنا, فعليه أن يتقي الله وأن يقوم بحقوق بيته وأسرته, ففي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. حسنه الألباني.
وأما خروجك من بيته إلى بيت أبيك وامتناعك من الرجوع إلى بيته وكذا امتناعك عن فراشه بحجة أنه مضيع للحقوق فهذا حرام لا يجوز، بل وفاعله مستحق للعن, فكونه مفرطا في بعض الحقوق لا يسوغ لك مقابلة ذلك بالتفريط أيضا، إذ الكل مسؤول عن عمله أمام الله, ولكن عليك باللجوء للقضاء كما ذكرنا، فإما أن يلتزم بالنفقة المطلوبة، وإما أن تطلبي منه الطلاق إذا أردت.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 108627 , 31699 , 17203.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(13/16781)
الترغيب في الإنفاق على الزوجة والأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من رجل لا أقول بخيلا إنما حريص جدا والنقود متوفرة بين يديه بحمد الله بوفرة وليس من مبدأ عدم الإسراف بل من مبدأ حب جمع المال لكنه ولله الحمد يؤدي الزكاة وقليلا ما يعطي الصدقات حاولت معه مرارا وتكرارا أن يوسع علينا مما رزقه الله وأنا لا أشكو من القلة فالحمد لله الخير موجود ولكني عشت في بيت أهلي بأوسع بكثير من ذلك وقلت له بأن خير صدقة ينفقها على أهله والأولاد دائما يحبون أن نشتري لهم الحلويات والأشياء الأخرى حتى أنا إذا اشتهيت شيئا أو رغبت فيه وخاصة في فترة حملي الذي يكون صعبا للغاية فإني لا أتناول شيئا فترة الحمل وربما مرة أو مرتين اشتهيت شيئا فلم يشتره لي لأنه غالي الثمن كما يقول مع أن ثمنه فوق العادي بقليل وليس ضروريا أن آكله وحتى حين كنت عروسا لأقل من أسبوع وكنا مثلا نتمشى أو نتنزه وطلبت شيئا يقول لي لا إنه غالي الثمن سأشتريه لك فيما بعد من مكان آخر، وابني يعاني من مشكلة حساسية البيض والمكسرات ويجب أن نشتري له حلويات خاصة فهو يرفض شراءها له ويقول ليس من الضروري أن نطعمه إياها، ويختار من كل شيء أرخص الأنواع حتى أني أطلب منه هدية أو أن يتذكر مناسباتنا الخاصة ليجلب لي هدية فيتهرب مع أني دائما أحاول أن أجمع ولو شيئا بسيطا لأقدمه له كهدية في أي مناسبة ويرفض أن يشتري لوازم البيت من أدوات كهربائية وغيرها والآن كلما جاءت الفواتير في آخر الشهر وحسب مصاريف البيت يغضب وينفر مني ويخاصمني ويجادلني ويطلب توفيرا أكثر وبصعوبة أجمع بعض النقود بعلمه ولكن بغضاضة أيضا وحين يعلم ذلك يقول لي أنت لست حرة التصرف بها ولن أسامحك اذا صرفتها على ما تشتهينه أو تريديه من أغراض البيت دون موافقتي وهو لا يوافق على أي شيء ولا هو يريد أن يشتريها لي مع حاجتي لها في أمور البيت وحتى حين يعطيني نقودا بدل الهدايا أو كمصروف لي وهذا نادر جدا يقول لي لا أسامحك ولا تصرفيها إلا بإذني ويجب أن أعرف أين ولماذا وسؤالي هو:
هل يحق لي صرف ما أدخره دون علمه فيما أحتاجه أنا حتى ولم يكن راضيا فأحيانا أشتهي أن أشتري هدايا لأبنائي أو أصدقائي أو أهلي ويرفض وحين أسأله هل هذا المال لي يقول نعم ولكن صرفه يجب أن يكون بعلمي هل يحق لي أن آخذ من نقوده شيئا دون علمه مع العلم أنه طالب موفد والدولة تعطيه دخلا إضافيا على الزوجة والأولاد منفصلا عن راتبه تماما بل إنه يأتي باسمي واسم الأولاد ولا نأخذ منه شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، وقد حث الإسلام الزوج على الإنفاق على بيته ووعده الأجر على ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.
كما أن الزوجة مؤتمنة على مال زوجها ومسؤولة عنه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها. رواه البخاري ومسلم.
ولا يحق للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها بغير إذنه ما دام ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، أما إذا كان الزوج شحيحاً بالنفقة، فإن للمرأة حينئذ أن تأخذ من ماله بغير إذنه بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله؛ إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
وعلى ذلك؛ فإنه يجوز لك أن تأخذي من مال زوجك دون علمه ما تحتاجينه لك أو لولدك بما يعد في العرف في حدود الكفاية لكم، اعتباراً بحالك وحال زوجك.
أما ما تدخرينه بعلمه، فالأصل أن ما يعطيه لك حكمه حكم الهبة، وعليه.. فإذا حزته فلك الحق في التصرف فيه ولو بدون علمه.
وننبه السائلة إلى أن التهادي بين الزوجين أمر مستحب يجلب المودة، لكن لا يجوز أن يكون ذلك في مناسبات لا يقرها الشرع كأعياد الميلاد أو أعياد الزواج، لما في ذلك من تشبه بغير المسلمين وقد أمرنا بمخالفتهم وعدم التشبه بهم.
وننصح السائلة أن تصبر على سلوك زوجها ولا تقابله بتقصير في حقه، فإن حق الزوج عظيم، وعليها أن تتلطف في نصحه وتوجيهه إلى الخلق الطيب، مع الاستعانة بالله ودعائه، فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1429(13/16782)
تقصير الزوج في الإنفاق على زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الكرام، عندي سؤال يؤرقني وهو عن زوجي فأنا امرأة عاملة وزوجي ميسور الحال وهو شحيح, يضطرني للإخراج من مالي في ما يتعلق بواجباته وأنا نفقته علي فلا تتجاوز المأكل البسيط جدا مع أنه قادر, أضطر في أحيان كثيرة إن اشتهيت شيئا أن أشتريه بنفسي، أما الكسوة فأبدا لا تعنيه بل بالعكس يحبس ماله ويحرص عليه ويظل يحسب لي كم بقي وكم لا بد أن يضيف من عنده ليشتري شيئا, مثلا: سيارة أو شيئا آخر، يأخذ كل مالي من أجل كماليات وهو يكنزه لا أدري لماذا خصوصا أننا نملك السكن والسيارة، ولا أستطيع التوقف عن العمل لخوفي من المستقبل مع زوج مثله، وكذا لأني أعين أهلي من دون علمه لأنه لا يحب هذا، ولله اشتهيت إحساسا بالأمان من زوجي وهدية طيبة تشرح صدري....
أرشدوني ماذا أفعل وبالأحرى اكتبوا ردا يكون رسالة له لأريه إياه....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبخل من الصفات الذميمة التي نهى الشرع عنها، قال صلى الله عليه وسلم:.. واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم. . صحيح مسلم، وقد حث الإسلام على الكرم والجود، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفاً. متفق عليه. رواه البخاري ومسلم.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك. متفق عليه.
وقد أمر الله الزوج بحسن عشرة زوجته، قال تعالى:.. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. {النساء: 19}
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:.. اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا. رواه البخاري ومسلم.
وقد وعد الله من ينفق على أهله الأجر على ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في فيّ امرأتك. متفق عليه.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. صحيح مسلم.
فما ذكرته السائلة من تقتير زوجها في الإنفاق على أهله، سلوك ذميم وخلق غير قويم، وهضم لحقها عليه، فإن من حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، فعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:.. ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وقد رخص النبي للزوجة إذا كان زوجها بخيلاً أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها وأولادها بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
ولا يلزم الزوجة شيء من النفقة مهما كان عندها من مال، ولكن إن أنفقت المرأة عن طيب نفس، فهذا أمر طيب وهو من حسن العشرة وكرم الخلق، ومحل ذلك ما لم يكن الزوج قد اشترط عليها شيئا من المال مقابل سماحه لها بالخروج للعمل، وإلا فإنه يلزمها من ذلك ما وافقت عليه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
وما ذكرته السائلة من معونتها أهلها بمالها فهو من البر والإحسان الذي يحبه الله، وأما كون ذلك من غير علم زوجها، فقد اختلف أهل العلم في جواز ذلك ولكن الراجح الجواز.
وننصح السائلة أن تصبر على سلوك زوجها ولا تقابله بتقصير في حقه، فإن حق الزوج عظيم، وعليها أن تتلطف في نصحه وتوجيهه إلى الخلق الطيب، مع الاستعانة بالله ودعائه، فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(13/16783)
هل تدخل تكاليف زينة الزوجة ضمن النفقة الواجبة لها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تكاليف الزينة التي تتزين بها الزوجة لزوجها تعتبر من النفقة الواجبة لها؟ لأنني أريد أن أتزين لزوجي لكنني لا أملك مالا, ولدي بعض مستحضرات التجميل قدمت لي هدية لكنها ليست جيدة وأخاف أن تسبب لي حساسية بكثرة استعمالها، زوجي لا يشتري لي أدوات زينة فكيف سأتزين له وإذا فكرت أن أقول له أن يشتري لي فسيقول لي: أنت لست في حاجة للزينة, كما أن أثمان الجيد منها مكلف ولن يحبذ الفكرة, يعني أنا أريد أن أعمل بقول الرسول عليه أفضل الصلوات والسلام لكنني لا أستطيع وأحيانا أرى زوجي ينظر إلى فتاة متبرجة في التلفاز مثلا, تسيطر علي أفكار كأنه يود لو أني مثلها وأنا أقل منها وأنه لا ينظر إلي لأني لست مثلها.. مثلا أنا لدي كحل لكن 90 في المئة منه رصاص وهو مضر للعين, ولذا أنا أريد كحلا لا يضر ولكنني لا أملك المال , فهل من حقي شراء ما أريد من أدوات التجميل علما أن زوجي لا يكره أن أكون جميلة له لكنه سيصنف هذا ضمن تبذير المال فماذا علي أن أفعل، أترك التبرج له والتزين له حتى وإن جعله هذا ينظر لغيري نظرا ققط لكنه يجرحني, أم أتزين بما أملكه حتى وإن كان يضر بي, أو أن أطلب منه أن يشتري لي حتى وإن لم يحبذ الفكرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ناحية الوجوب فلا يجب على الرجل تكاليف زينة المرأة ولا تجب أيضا عليها هي، لكن إن وفرها لزمها استعمالها، جاء في مطالب أولي النهى مع شرحه - وهو من كتب الحنابلة-: ولا يلزمه يعني الزوج ثمن طيب وحناء وخضاب ونحوه كثمن ما يحمر به وجه أو يسود به شعر لأنه ليس بضروري وإن أراد منها تزيينا أو قطع رائحة وأتى به لزمها استعماله. انتهى بتصرف يسير.
وقد سبق مثله في الفتوى رقم: 49823، عن الشافعية، هذا من الناحية الفقهية.
أما من الناحية الأخلاقية فينبغي أولا أن يحرص الزوجان على ما يقوي المودة والحب بينهما، ومما يبعث على ذلك تزين كل منهما للآخر.
ويمكن للسائلة أن تطلب من زوجها أن يشتري لها ما تتزين به وتبين له أهمية الزينة والحاجة إليها بأسلوب هادئ تشعره به أن ذلك حرصا عليه وعلى مراعاة شعوره ورغبته حتى يراها في أحسن وأبهى ما يحب.
ثانيا: فإننا نقول للسائلة لا تتركي التزين لزوجك، واعلمي أن الزينة لا تتوقف على مستحضرات التجميل فحسب، بل تزينك بملابسك لزوجك التي تثير رغبته نحوك وقربك منه بكلمات وحركات يجعله يتعلق بك، كل ذلك من الزينة التي تملكينها من غير مال، ثم استعملي من الزينة ما تقدرين عليه بحيث لا يسبب أضرارا، وبهذا يمكنك أن تملكي قلبه فلا ينظر لغيرك، ويمكنك مع ذلك من حين لآخر أن تجددي الطلب لشراء مستحضرات التجميل خاصة في أوقات يغلب على ظنك فيها موافقته على ذلك.
وليعلم أن النظر إلى التلفاز لا يجني إلا الشر فحاولي أن تنبهي زوجك على خطورة هذه المناظر المحرمة والتي هي خطوة من خطوات إلى ما هو أعظم منها وأخطر، وذكريه بقول الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} .
وأسأل الله أن يديم بينكما الود والمحبة وأن يجمع بينكما في خير إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(13/16784)
متى يعد الزوج بخيلا ومتى لا يعد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي غير بخيل، ولكن منذ فترة أصبح بخيلا علي، وكلما يحضر شيئا يقول لي تعرفين هذا بكم، مع العلم أنه مستور، والحمد لله.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك ينفق عليك وولدك بالمعروف فهذا هو الواجب عليه، ولا يكون بخيلاً بالاقتصار على ذلك، فلا يحق لك أن تصفيه بالبخل إذا لم يزد على الواجب لما بدر منه من كلمات، فإن الواجب حمل الكلام على المحمل الحسن، وإحسان الظن بالمسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(13/16785)
حكم أخذ الزوجة من مال زوجها بدون علمه لتحج به
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوجة منذ 40 سنة كان لزوجي حرية التصرف في أملاكي ولكنه بخيل بعض الشيء معي.
هو يمتلك محلا تجاريا وكنت من وقت لآخر آخذ بعض المال خلسة وأجمعه بنية القيام بالحج؛ لأنه لن يعطيني المال للقيام بالفريضة، هل ما قمت به حرام؟ وهل يعتبر سرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على الزوج بذل ما تحج به زوجته، وليس ذلك حقا لها حتى تأخذه خفية، وإنما هو تابع للمعروف والإحسان. وتراجع الفتوى رقم: 14046، وإنما الذي يجب عليه نفقتها ولو كانت غنية، فإذا شح عليها في النفقة جاز لها أن تأخذ من ماله دون علمه بقدر كفايتها وكفاية أولادها منه لحديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن هِنْدا أُمُّ مُعَاوِيَةَ قالت لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا، قَالَ: خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ رواه البخاري ومسلم.
وبناء على هذا فما قمت به من أخذ ماله دون علمه لتحجي به حرام؛ لأنه أخذ مال مسلم بغير حق، فتجب عليك التوبة منه، ومن شروطها رد ما أخذته من ماله ظلما.
أما عن سؤالك هل يعتبر سرقة، فإن كان أمانة عندك أو كان بلا حرز فهو خيانة أمانة، وإن كان غير أمانة عندك وفي حرز فهو سرقة لأن السرقة هي: أَخْذُ مُكَلَّفٍ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ نِصَابًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِقَصْدٍ وَاحِدٍ خُفْيَةً لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ.
وإن كنت تقصدين أنه كان يأخذ من مالك بغير رضاك وأنك تريدين أخذ مالك لتحجي به خفية منه لأنه لا تسمح له نفسه بإعطائك إياه فلا حرج عليك في ذلك، وهو ما يعرف عند الفقهاء بمسألة الظفر وهي مأخوذة من حديث عائشة المذكور سابقا.
وللفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقلم التاية: 48166، 66496، 105673، 14973، 6867.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(13/16786)
هل للزوجة التاركة بيت زوجها المقيمة عند بيت أهلها نفقة وهل يلزم الزوج نفقة الأبناء حينئذ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقيم عند أهلي منذ 8 شهور ومعي أولادي, ومنذ ذلك الوقت زوجي لا يعطيني أي مصاريف لي ولا للأولاد, ومنذ كم يوم رمى يمين الطلاق مع العلم أني في فترة الحيض، فأنا أعمل لأوفر مصاريفي، فهل خروجي للعمل ومع أهلي إذا سافروا حرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السائلة قد خرجت بغير إذن زوجها فإنه لا تلزمه نفقتها، قال السرخسي في المبسوط: وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حيث يريد من البلدان000 فلا نفقة لها لأنها ناشز اهـ.
وأما أولاده فعليه نفقتهم، وعليه نفقتها هي أيضا إذا كان خروجها بإذن منه.
وفي خصوص الطلاق في وقت الحيض فإنه يحرم على الرجل أن يطلق زوجته وهي حائض، أو في طهر أصابها فيه، لما روى ابن عُمَرَ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ في عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ التي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. رواه البخاري ومسلم.
لكن جمهور العلماء يرون وقوع هذا الطلاق رغم حرمته، قال ابن قدامة: فإن طلق للبدعة وهو أن يطلقها حائضا أو في طهر أصابها فيه أثم ووقع طلاقه في قول عامة أهل العلم. المغني (ج8/ص238) .
-أما خروجك للعمل لحاجتك للنفقة فهو جائز لما روى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: يَقُولُ طُلِّقَتْ خَالتي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ فَأَتَتِ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا.رواه مسلم.
ولكن يشترط في هذا الخروج مراعاة حدود الشرع، بأن يكون العمل مباحاً مناسباً للمرأة، فلا يشتمل على خلوة برجل ولا مزاحمة للرجال ولا سفر بغير محرم، وأن تحافظ على حجابها الشرعي بشروطه المعلومة من كون اللباس ساتراً للبدن ليس شفافاً ولا ضيقاً وليس زينة في ذاته وليس مشابهاً للباس الكافرات وليس لباس شهرة، وأن تجتنب التعطر عند خروجها وأن يكون تعاملها مع الرجال الأجانب في حدود الحاجة والمصلحة فقط وأن تجتنب التبسط في الكلام وإزالة الكلفة ويكون الحديث بجد واحتشام بعيداً عن الميوعة والليونة، قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا {الأحزاب: 32} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(13/16787)
النفقة في هذه الحالة ثابتة لك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة الاستشارة 282124 وما سبقها في نفس الموضوع وهو خلافي مع زوجي وقد آل بي الحال إلى رفع دعوى طلاق بالمحكمة بما أن الصلح قد تعذر والحمد لله كل قضائه خير، سؤالي هذه المرة عن النفقة, فقد قرأت أن بعض العلماء يسقطون حق النفقة على المحبوسة ولو ظلماً، لأن النفقة لقاء القيام بحقوق الزوجية ولا ينظرون في كونها معذورة أم لا واستشهدوا بقوله تعالى (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) النساء 24, فجعل الحق مقابل الحق، فهل تسقط النفقة علي قياسا على ما سبق, علما بأني أمضيت مع زوجي 10 أيام, بعدها ذهب هو إلى بلاد المهجر وعدت أنا إلى بلدي, وقد مرعلى ذلك 18 شهراً دون أن ينفق علي أو أقوم طبعا بحقوقه للبعد الجغرافي من جهة ووجود الخلاف من جهة أخرى، وأنه هو الذي أوقف الإجراءات للحاق به, وهو الذي يرفض الصلح فماذا لي وما علي وإن كانت لي مستحقات فهل أؤجر في العفو عنها, عله يتأكد أني لم أماطل في طلب الطلاق لرفع النفقة، ولكن طمعا في الصلح، وهل أنا مخطئة أم مصيبة في هذه النية لأن الجميع يخالفني الرأي ويقولون إن هذا حقي الشرعي وليس لي أن أبرهن له عن أي شيء، فأفيدوني بارك الله في علمكم ووسع في رزقكم وتقبل عملكم اللهم آمين يا رب العالمين، وادع لي بالهداية والصبر وحسن العوض فأنتم أهل الصلاح ولكم إن شاء الله دعوة مستجابة عند قدير مقتدر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لست ممتنعة من الذهاب إليه والسفر معه وإنما ذلك منه هو فنفقتك ثابتة عليه يلزمه أداؤها إليك، إذ لا موجب لسقوطها فهي إنما تلزم بالتمكين، وامتناع استيفاء حقه بسبب منه لا منك، فلا يسقط النفقة عنه، ولا يمكن قياس ذلك على حبس الزوجة أو غيبتها عن الزوج وسفرها لحاجتها، فالحقوق الزوجية قائمة رغم سفر الزوج وبعده عن زوجته وإن تعذر بعضها كحق الفراش والاستمتاع فغيره باق، وتعذر ذلك الحق من الزوج لا بامتناع الزوجة.
وعلى كل.. فلك الحق في مطالبة الزوج بأداء ذلك، ولك التنازل عنه ومخالعته به إن شئت، وما دامت المسألة لدى المحكمة فستحكم فيها بما يثبت لديها وفق الدعاوى والبينات ...
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 106884، 39315، 93148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(13/16788)
حكم أخذ الزوجة من مال زوجها بدون علمه لشراء ذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك امرأة تأخذ من زوجها مصروفا للبيت ومع أنها لا تصرفه كله تخبره بأنها صرفته كله، وتأخذ الباقي لها. وأيضا تطلب من زوجها فلوسا لتشتري أشياء معينة فتشتريها بسعر معين ثم تزيد في سعرها عند محاسبة زوجها وفي بعض الأحيان قد لا تشتري شيئا وتخبره أنها اشترته وتأخذ قيمته قد يكون هذا الشيء إما لها شخصيا أو لأطفالها أو للمنزل.
معظم ذلك المال الذي أخذته من زوجها اشترت به ذهبا وهي الآن تريد أن تذهب للحج وتريد أن تبيع جزءا من ذلك الذهب وجزء سوف يعطيه زوجها بإرادته ومعرفته فتريد معرفة هل المال الذي ادخرته بهذه الطريقة لا يؤثر على حجها، وهي لا تدري ماذا تعمل ...
ملاحظة: زوج هذه المرأة بخيل مع أنه مرتاح ماديا ولديه دخل ممتاز، فيرفض مطلقا أن يعطيها مالا لتشتري ذهبا فلجأت إلى هذه الطريقة.
وجزاكم الله خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال ما ذكر من أن هذه المرأة كانت تأخذ مال زوجها فإنها تكون قد وقعت في أمرين منكرين، وهما الكذب والظلم فيجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى، وأن ترد إلى زوجها هذا المال الذي أخذته منه بغير إذنه، وأن تستسمحه فيه، وحاجتها إلى شراء الذهب لا تسوغ لها أخذ هذا المال بغير إذن زوجها، ولا يجب على الزوج شرعا أن يشتري لها ذهبا. ولمزيد الفائدة يمكن مطالعة الفتويين: 6169، 22917.
ولا يحل لهذه المرأة أن تحج بهذا المال حتى يسمح لها زوجها بالحج منه، وإن حجت منه صح مع الإثم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7341، 7666، 21142.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(13/16789)
نفقة الزوجة لو تركت الإقامة حيث يقيم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيباً بالمدينة المنورة منذ سنتين وكنت قد استقدمتُ زوجتي وكذا ثلاثة من أولادي من زواج سابق للإقامة معي وبعد خلافات متكررة عادت زوجتى إلى الإسكندرية لتعيش مع أمها الكرواتية الأصل والتي تقيم مع ابنها الوحيد الغير متزوج وطلبت مني ترك السعودية والعودة للإقامة بمصر. ولما كان المقام قد طاب لي بالمدينة واستفاد أولادي كثيراً من ترددنا على الحرم ناهيك عن سهولة العمرة وإمكانية تكرارها بكلفة لا تذكر وأداء الحج والمعيشة الرغدة ومقارنة ذلك كله بضيق العيش في مصر بل وتضييع فرصة الموت بالمدينة بالإضافة إلى أن زوجتي شبه مقيمة طول الوقت عند أمها وأخيها حتى عندما كنا في مصر
والسؤال هل يجب على أن أترك هذه الحياة وأعود إلى مصر استجابة لرغباتها حيث لي منها هي الأخرى ثلاثة أطفال صغار؟
ولما كانت هي التي رغبت عن العيشة معي فهل يحق لها علي نفقة؟
مع العلم أنها منعت أولادي من الاتصال بي أو الرد علىَ إذا إتصلت هاتفياً أو التحدث مع إخوتهم المقيمين معي وكذلك منعتهم من زيارة أولادي الكبار المقيمين في مصر واقتصر الأمر على مبلغ من المال تستلمه كل شهر تنفقه عليهم كما لو كان من مالها هى دون مشاورتي أو الرجوع إلى في أى تصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك ترك مقامك والانتقال إليها حيث تقيم؛ بل يجب عليها هي ذلك. وإن كان سفرها وإقامتها برضاك فتجب عليك نفقتها وإلا فهي ناشز لا حق لها في النفقة إن كنت تطلب إقامتها معك وانتقالها إليك وهي تأبى ذلك.
وأما أبناؤك فتجب عليك نفقتهم سواء أكانوا معك أو معها.
والذي ننصحك به هو محاولة الصلح وإقناعها بالانتقال إليك. ويمكنك توسيط بعض من له وجاهة عندها للتأثير عليها، فإن لم يمكن ذلك فلا فائدة من بقاء الزوجية والطرفان كل واحد منهما بمكان ولا يريد الانتقال إلى الآخر لما قد يترتب على ذلك من الإثم وتضييع الحقوق الواجبة، فالأولى حينئذ هو الفراق.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11797، 71209، 75201، 106083.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1429(13/16790)
موقف الزوجة من زوجها الشديد البخل والممتنع عن الإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ سبعة شهور واكتشفت أنه بخيل جداً وأنا أعمل وأقوم بتحمل كل الأعباء المالية، مع العلم بأنه قادر على الإنفاق والأكثر إضراراً بي هو أنه لا يريد الإنجاب ويمنع كل سبب يؤدي إلى الإنجاب بدون سابق اتفاق بيننا ولقد اكتشفت أني تزوجت رجلا غير الذي عرفته في الخطوبة، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أنه لا يجب عليك تحمل أعباء الأسرة ولو كنت غنية، وإنما يجب ذلك على زوجك فنفقتك واجبة عليه، وكذا نفقة أبنائه إن كان له أبناء، ولك مطالبته بذلك وأخذه منه ولو بدون علمه بقدر المعروف، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي سفيان أن تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف من ماله دون إذنه لكونه شحيحاً عليها.
وأما امتناعه عن الإنجاب فليس له إلا بإذنك، فلا يجوز له أن يعزل عنك دون إذنك لحقك في ابتغاء الولد الذي هو أسمى مقاصد النكاح، وعلى كل فلك مطالبته بحقوقك وتذكيره وتخويفه بحرمة ذلك، وإن شئت طلبت الطلاق منه دفعاً لضرره إن لم يؤد إليك حقوقك الواجبة عليه. وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53500، 41671، 97608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(13/16791)
مدى وجوب علاج الزوجة في ميزان الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في الفتوى 18627 أن تكاليف علاج الزوجة ليست واجبة على الزوج! بل وباتفاق! كيف ذلك وهي قد تركت الكسب والعمل وقعدت في البيت تخدم زوجها وأولادها! يعني من المفروض أن ينفق على علاجها إذا كان الزوج حتى لا يأثم إذا ترك الإنفاق عليها! ما الدليل على ذلك القول! فهل هذا يرضي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم! وهل يكفي أن نقول للزوج أن ينفق على زوجته من باب العشرة بالمعروف دون أن يكون ذلك لزاماً عليه يأثم بتركه، يعني هل تترك الزوجة تموت في مرضها وخاصة عند كبر سنها ولا يأثم الزوج أمام الله -سبحانه وتعالى- بعدم الإنفاق عليها, وخاصة أن كثيرا من النساء لا مال ولا دخل لهن إلا ما ينفق منه الزوج، إذا كان فعلا الزوج غير مطالب بالإنفاق على تكاليف علاج زوجته ... أليس إذن من الأولى لها أن تعمل وتتكسب ويكون لها مالها الخاص الذي تنفق منه على نفسها عند مرضها، بل قد يجب ذلك عليها لئلا تتعرض للهلاك، إخواني.. إذا كان هذا الكلام فعلا صحيحاً ... فبم تنصحون الزوجة وهل تترك نفسها لمزاج زوجها عند مرضها إن شاء أنفق وإن شاء أبى أم تنصحونها بالعمل والكسب، يعني أبسط شيء عند حدوث مشكلة يقول لها زوجها لن أنفق عليك عند مرضك.. بل وبدون حتى أن يأثم، كيف؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدليل على أن الزوج غير مطالب بعلاج زوجته هو الأصل، فالأصل أنه لا يلزمه تجاهها إلا ما ألزمه الشرع بدليل، ولم يثبت هذا الدليل الملزم فيبقى على البراءة الأصلية، لكن ينبغي أن نعلم أن المطلوب من العباد في معاملاتهم إما أن يكون على سبيل الإلزام والفرض وهذا يمثل دائرة العدل المبنية على التشاح، وإما أن يكون على سبيل الفضل والإحسان وهذا يمثل دائرة الفضل المبنية على التسامح، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النحل:90} ، وقال أيضاً: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير ٌ {البقرة:237} ، وبناء على هذا فإن علاج الزوجة ترك لدائرة الفضل والتسامح، وإن كان بعض المالكية يرى وجوبه عليه، فالزوج -وإن كان غير ملزم شرعاً بعلاجها- فإن خلقه وكرامته لن يرضى له تركها تعاني المرض.. ثم إن العلاج من أصله لا يجب إلا إذا كان تركه يؤدي إلى تلف نفس أو عضو أو في حال ما إذا كان المرض معدياً.
وفي حال وجوب العلاج فإنه يجب على الشخص نفسه إن كان له مال، فإن لم يكن له مال فعلاجه على جماعة المسلمين، وقد يتعين ذلك على الزوج إذا لم تكن هنالك جهة تتولى ذلك، ويأثم في هذه الحالة بتركه وليس ذلك لكونه زوجاً وإنما لكونه فرضاً كفائياً تعين عليه.
والأصل في الزوجة أن تفرغ جهدها لتربية الأبناء تربية صالحة فتلك هي مسؤوليتها الأساسية، ويحق لها أن تمارس عملاً في حالة الحاجة إليه، إذا التزمت بضوابط الشرع ولم تخل بمسؤوليتها الأصلية، فقد جاء في قرار المجمع الفقهي بشأن اختلافات الزوج والزوجة الموظفة ما يلي: ويحق لها عند الحاجة أن تمارس خارج البيت الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها واختصاصها بمقتضى الأعراف المقبولة شرعاً مع طبيعتها واختصاصها بشرط الالتزام بالأحكام الدينية، والآداب الشرعية، ومراعاة مسؤوليتها الأساسية. والنصيحة للزوجة أن تقوم بما يلزمها تجاه زوجها وتجاه أبنائها، وأن لا تنشغل بعمل خارج بيتها إلا إذا احتاجت إليه. وللمزيد في ذلك راجعي الفتوى رقم: 33368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(13/16792)
هل النفقة واجبة على الزوج قبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنا شاب كتبت كتابي على فتاة من بيت متدين وهى الحمد لله على خلق وأحمد الله على صفاتها الحسنة وتربيتها ومنشئها ولكن الزواج بعد سنة وأنا أشتغل في دولة عربية وخطيبتي تطالبني بمبلغ شهري دائم لها تقول مصاريفي أو هي قالت في الأول نفقة علشان أنت كاتب وأنا ملزمة منك في كل شيء وهي في بيت أهلها وكنت أبعث لها مبلغا بسيطا كل شهر أو شهرين عبارة عن شحن تليفون أو مجرد مصاريف شخصية لها وليس شهريا أو مبلغا معينا كل شهر كما تريد هي أحدد مبلغا شهريا عبارة عن نفقة لها فهل أنا ملزم بنفقة شهرية لها وكل متطلباتها واحتياجاتها الشخصية في الوقت الحالي أم هي عبارة عن عملية تقديرية مني وليس فرضا علي. فما رأي الدين؟ أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا كان المنع من قبلك لزمت النفقة العرفية؛ لأن المرأة إذا كانت باذلة لزوجها متى شاء الدخول بها فتأخر فعليه نفقتها، فتجب النفقة في زمن غيبته؛ لأنها استحقت النفقة بالتمكين ولم يوجد منها ما يسقطها.
وإن كان التمنع والتأخير من قبلها أو من قبل أهلها في تأخير الدخول فلا شيء عليك.
قال ابن قدامة المقدسي: وإن غاب قبل تمكينها فلا نفقة لها عليه لأنه لم يوجد الموجب لها، فإن بذلت التسليم وهو غائب لم تستحق نفقة لأنها بذلت في حال لا يمكن التسليم فيه. اهـ
وكذلك لو كان التأخير باتفاق بينهما لأجل ظروفهما معا فإنه لا نفقة، وإن كان لظرف أحدهما فكما سبق.
أما إن كان التأخر عرفيا كمدة تجهيز الجهاز فلا نفقة فيه عرفا، أما لو زاد على السنة كما ذكر السائل فهو كما سبق في الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(13/16793)
هل يلزم الزوج الصرف على دراسة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني متزوج منذ أكثر من عام بقليل وقد تم الاتفاق مع أهل الزوجة على أن تكمل تعليمها، وقد وافقت على ذلك بإقناع من الوالد، مع العلم بأن الزوجة تدرس في جامعة خاصة ورسوم الجامعة مرتفعة بعض الشيء، وبعد زواجي بما يزيد عن ستة أشهر مرض والدي واضطررت أن أستدين لدفع تكاليف علاجه وأصبح من الصعب علي تحمل نفقة تعليمها مع ما يحدث من غلاء في الأسعار بالإضافة إلى الدين الملتزم به للغير نتيجة مرض والدي، وللعلم فقد اتفق والدي مع والد زوجتي على تحمل نفقة السنة الأولى ولكن بعد أن تم الزواح رفض والد زوجتي تحمل النفقة وأنكر الاتفاق الشفهي الذي تم بيننا وقامت زوجتي بأخذ مبلغ كدين من إحدى صديقاتها وإخباري به بعد أن أخذته وسددت به مصاريف الجامعة للفصل الأول، وعند مخاطبتي لزوجتي أصرت أنه من حقها شرعاً بموجب ما تم الاتفاق به مع والدها وأنها لن تقبل بتأجيل الدراسة وأنه علي أن أستدين لأجل دراستها إذا اقتضى الأمر أو ستقوم هي بالاستدانة لسداد مصاريف الجامعة وتخبرني لسداد الدين، ولقد تكاثرت علي الديون وأخاف أن أعجز عن سدادها وأحاسب عنها يوم الحساب، فسؤالي: هل يجوز لي منع زوجتي من متابعة تعليمها أو تأجيل دراستها إلى أن يتيسر الحال رغم الاتفاق الذي تم بيننا وبين والد زوجتي أم يعتبر هذا المنع من نقض العهود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مصروف دراسة الزوجة لا يلزم الزوج ما لم يلتزمه في العقد، وبناء عليه فإن كان ما تم بينك وبين ولي أمر زوجتك هو مجرد وعد بالسماح لها بالدراسة ومساعدتها فيها فلا يلزمك الوفاء بذلك سيما إذا أعسرت، وإن كان شرط عليك ذلك في العقد على اعتباره جزءاً من المهر فيلزمك الوفاء به والنفقة عليها حتى تكمل دراستها، فإن أعسرت ولم تستطع ذلك تبقى ديناً في ذمتك لها، ولا يجب عليك أن تستدين لأجله.
وعلى فرض لزوم ذلك لك فلك منعها من الدراسة حتى يتيسر لك ما تنفقه عليها إلا إذا وجدت من يتحمل عنها ذلك كأبيها أو غيره، وأما ما ذكرت من عدم وفاء والدها بما تعهد به فلا يمكن إلزامه به، لكن إن كان الاتفاق بينكما على أنه يصرف عليها سنة ثم تصرف أنت عليها الباقي فالذي يلزمك هو الباقي وهو ثلاث سنوات إن كانت أربع سنوات مثلاً، وهذا على فرض أنك التزمت بذلك في العقد على أنه جزء من المهر.... وينبغي أن تسعى في إقناع زوجتك لقطع الدراسة ولو مؤقتاً حتى يتيسر أمرك، ويمكنك توسيط بعض أهلها وأقاربها في ذلك، وللمزيد انظر في ذلك الفتوى رقم: 8398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(13/16794)
حقوق المرأة غير المدخول بها إذا هجرها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب قد عقدت على فتاة قبل سنة تقريبا وحصل بعدها مشاكل أدت بي إلى تركها قبل الدخول بها منذ قرابة خمسة أشهر واستمر الوضع كذلك إلى إن أقامت دعوى نفقة، سؤالي هو أنه بعد هذا الهجر، فهل يحق لي أن أرجعها لكي أتزوجها, وإن رفضت ذلك ما هي حقوقي عليها وحقها علي غير النفقة وهل يعتبر الحكم بالنفقة تفريق بين الرجل وزوجته التي لم يدخل بها، وهل يجوز لهذه الفتاة الإصرار على النفقة وعدم قبول الرجوع أو الطلاق؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهجر المذكور لا يؤثر على صحة عقد نكاحك بزوجتك، فإذا لم يصدر منك طلاق أو يحكم عليك به قاض شرعي فهي لا تزال في عصمتك، ولك أن تدخل بها وترجعها إليك، ومن حقوقها عليك النفقة في الفترة الماضية إذا كان الهجر من جهتك، وكانت مُمكِّنة من نفسها، ولها الحق في المهر المعجل وكذلك المؤجل عند حلول أجله، وإذا طلقت قبل الدخول فلها نصف ذلك، ومن حقك عليها أن تطيعك في المعروف، ومن ذلك الانتقال إلى بيتك وتمكينك من الدخول بها.
فإذا رفضت الانتقال والتمكين فتكون ناشزاً، ويسقط حقها في النفقة من ذلك الحين، ولك أن تطلقها أو تمتنع حتى تخالعك على مال تدفعه إليك مقابل طلاقها، ولا يعتبر الحكم بالنفقة تفريق بين الرجل وزوجته المدخول بها ولا غير المدخول بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1429(13/16795)
حكم طلب الطلاق من الزوج الذي لا ينفق على زوجته حال غيابه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من غير جنسيتي منذ 4 سنوات خلالها لا يقوم بالصرف إلا فى حالة تواجده معي، السؤال هو: هل حلال أن أطلب منه الطلاق لهذا السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا امتنع زوجك من الإنفاق عليك كان لك الحق في طلب الطلاق، ولكن لا تعجلي إلى ذلك، فقد لا تكون المصلحة في الطلاق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الزوج أن ينفق على زوجته سواء كان مقيماً معها أم لا، ولا يجوز له الامتناع عن الإنفاق عليها إلا لمسوغ شرعي كنشوز الزوجة ونحوه.
وعليه؛ فإن امتنع زوجك من الإنفاق عليك حال غيابه عنك كان لك الحق في طلب الطلاق، ولكن ننصحك بعدم التعجل إلى طلب الطلاق، بل الأولى أن تحاوري زوجك في الأمر فلعله ينفق عليك فيزول الإشكال، هذا بالإضافة إلى أنه قد لا تكون المصلحة دائماً في طلب الطلاق، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 31884.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(13/16796)
مذاهب العلماء في نفقة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال مهم بالنسبة لي لأنه يتعلق بحياتي الزوجية السؤال هو:
ممكن تقول لي يا شيخ هل فاتورة الجوال تعتبر من النفقة الواجب دفعها للزوجة من الزوج؟
أيضاً هل يعتبر من الواجب دفع مصروف شهري للزوجة من راتب الزوج؟
وماذا تشمل النفقة في ظل المستجدات التي حدثت في عصرنا هذا؟
شكرا لك يا شيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
النفقة الواجبة هي المطعم والملبس والمسكن، ولا تجب الكماليات ولا إعطاء نسبة من الراتب للزوجة، ولكن الشارع رغب في الإحسان إليها والتكرم عليها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان النفقة الواجبة قد حصرها جمهور الفقهاء في المطعم والملبس والمسكن، فقد ذكر ابن نجيم الحنفي في الكنز الرائق أن النفقة إذا أطلقت فإنها تنصرف إلى الطعام والكسوة والسكنى ونقل ذلك عن محمد بن الحسن.
وقال خليل في مختصره: يجب لممكنة مطيقة للوطء على البالغ وليس أحدهما مشرفا قوت وإدام وكسوة ومسكن.
وقال البهوتي في الروض المربع: وهي كفاية من يمونه خبزا، وأدما، وكسوة، ومسكنا، وتوابعها.اهـ
وقد ذكر النووي في المنهاج مثل ذلك.
وقد ثبت وجوب هذه الثلاثة بالكتاب والسنة.. فقد قال الله تعالى في شأن المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ..... وإذا وجب إسكان المطلقة فإسكان الزوجة أولى بالوجوب، حيث إن زوجيتها قائمة حقيقة وحكماً، والمطلقة لم يبق لها منها إلا أحكامها أو بعضها فقط.
وفي حديث مسلم عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع: فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
وهذه النفقة يرى بعض الفقهاء أنها تختلف بحسب حال يسار الزوج وعدمه، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن العبرة بحال الزوجة فقط، ومنهم من ذهب إلى أن العبرة بحال الزوجين جميعا.
قال ابن قدامة في المغني: قال أصحابنا: ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعا، فإن كانا موسرين فلها عليه نفقة الموسرين، وإن كانا معسرين فعليه نفقة المعسرين، وإن كانا متوسطين فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا فعليه نفقة المتوسطين أيهما كان الموسر. وقال أبو حنيفة ومالك: يعتبر حال المرأة على قدر كفايتها؛ لقول الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: 233} والمعروف الكفاية، ولأنه سوّى بين النفقة والكسوة، والكسوة على قدر حالها فكذلك النفقة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. فاعتبر كفايتها دون حال زوجها، ولأن نفقتها واجبة لدفع حاجتها فكان الاعتبار بما تندفع به حاجتها دون حال من وجبت عليه كنفقة المماليك، ولأنه واجب للمرأة على زوجها بحكم الزوجية لم يقدر فكان معتبرا بها كمهرها وكسوتها، وقال الشافعي: الاعتبار بحال الزوج وحده؛ لقول الله تعالى: لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها. ولنا أن فيما ذكرناه جمعا بين الدليلين، وعملا بكلا النصين، ورعاية لكلا الجانبين، فيكون أولى.. انتهى.
وإذا ثبت هذا فليعلم انه ليس للزوجة حق في راتب زوجها، ولا يلزمه توفير الكماليات لها، ولكنه يتعين التنبه إلى أنه قد ثبت في الترغيب في الإنفاق على الأهل والإحسان إليهم عدة أحاديث منها: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
وفي الحديث: إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة. رواه البخاري ومسلم.
وعن عمرو بن أمية قال: مر عثمان بن عفان أو عبد الرحمن بن عوف بمرط فاستغلاه، قال: فمر به على عمرو بن أمية فاشتراه فكساه امرأته سخيلة بنت عبيدة بن الحارث بن المطلب، فمر به عثمان أو عبد الرحمن فقال: ما فعل المرط الذي ابتعت؟ قال عمرو: تصدقت به على سخيلة بنت عبيدة، فقال: إن كل ما صنعت إلى أهلك صدقة. فقال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذاك، فذكر ما قال عمرو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدق عمرو، كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم. رواه أبو يعلى والطبراني ورواته ثقات كما قال المنذري.
ويضاف لهذا ما ثبت من الترغيب في الإنفاق عموما، وبهذا يعلم الترغيب في الإحسان إلى الزوجة والتكرم والتفضل عليها بما تطلبه من جوال وغيره إن أمن استخدامها للجوال فيما لا يرضي الله تعالى، ويتأكد الأمر إذا كان اغلب جاراتها وقريباتها يملكن جوالا فقد يكون توفيره لها يدخل في حفظ عرض الزوجين من أن يتناوله الناس بالعتبى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(13/16797)
ضوابط في جواز أخذ الزوجة من مال زوجها بدون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة متزوجة لا يعطيها زوجها أي درهم لقضاء حوائجها. وهو في حالة جد ميسورة. هذه السيدة تضطر لأخذ ما تحتاج إليه من مال زوجها خلسة ولا سيما عندما أرادت أن تؤدي فدية عليها. هل تجوز لها تلك السرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما تأخذينه من مال زوجك هو للصرف منه على ما لا بد منه من مأكل أو ملبس ونحوهما مما يلزم الزوج توفيره لك، فإن هذه ليست من السرقة، وإنما هو حق مأذون بتحصيله بإذن الشارع، فعن عائشة كما في صحيح البخاري: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وإن كان ما تأخذينه في غير ذلك من أوجه لا تلزم الزوج الإنفاق عليك فيها، فإن الأخذ حينئذ من الخيانة ومن عدم حفظ الزوج في ماله وهو حق واجب له عليك.
قال البخاري مبوبا في صحيحه: باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده والنفقة: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير نساء ركبن الإبل نساء قريش؛ أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يد.
ثم إننا للإيضاح ننبهك على أن الأخذ من مال زوجك لإخراج فدية عليك هو من القسم الثاني، وعليه.. فلا يجوز لك الأخذ من أجل ذلك إلا أن تستأذنيه ثم يأذن لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(13/16798)
الإنفاق على الزوجة والأولاد بالمعروف واجب على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وعندي ثلاثة أطفال وعمري 35 سنة، زوجي يعمل مع والدي في التجارة، وهنا تكمن المشكلة وهو لا يشعر أنه يأخذ حقه من حيث إنه لا يستطيع أن يعمل عملا حرا لنفسة خوفاً من المشاكل بين الأسرة كونه ابن عمي ودائما يفاتح والدي بأن يساعده بإيجاد حل لوضعه المادي كونه غير جنسيتي وصعب التملك في البلد الذي نعيش فيه فماذا أفعل -هذا والدي وهذا زوجي-؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تتضح لنا المشكلة التي قلت إنها تكمن في كون زوجك يعمل مع والدك في التجارة ... وأنه يشعر أنه لا يأخذ حقه من حيث إنه لا يستطيع أن يعمل أعمالاً حرة لنفسه خوفاً من المشاكل بين الأسرة ... وعلى أية حال، فإن الإنفاق على الزوجة والأولاد بالمعروف واجب على الزوج، كما قال الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ {الطلاق:7} ، وذلك لأن الإنفاق من جملة أسباب قوامة الرجل على زوجته، كما قال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34} ، ولا يحل للزوج أن يأخذ من مال زوجته شيئاً إلا بطيب نفس منها، كما قال الله تعالى: فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {النساء:4} ، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. رواه أحمد والدارقطني وغيرهما، وهذا يشمل الزوجة وغيرها.
ولكنه ينبغي للزوجة إذا كانت ذات مال أن تعين زوجها، وهي مأجورة إن شاء الله تعالى في ذلك، قال الله تعالى: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(13/16799)
النفقة على الزوجة وكسوتها وإسكانها من آكد حقوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت زواجا شرعيا ولكن زوجي لم ينفق عليّ ولم يكسني ولم يسكني وأسقط حقوقي وقال لي اصبري أو الطلاق فاحترت فقلت له أصبر على أن تتحسن ظروفك ولكنه يزعم أن ظروفه لم تتحسن وعندما يكون لديه مال لا يعطيني ولا يأتي إليّ إلا بعد 5 أو4 شهور بحجة ظروفه المادية وعندما أغضب وأحاول أن أطالب بحقوقي يقول لي ما لك شيء أنت راضية ويعلم الله أني لست راضية ولكنى مجبورة فهل يجوز له إسقاط حقوقي الشرعية؟ وهل يجوز له أن يخيرني في حق من حقوقي بالطلاق؟ أقسم لكم أن زواجي شرعي وغير مسيار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفقة على الزوجة وكسوتها وإسكانها من آكد حقوقها ويجب على الزوج القيام بها، ولو كانت الزوجة غنية والزوج فقير، لكن إذا اسقطت الزوجة حقها في ذلك سقط ولا يأثم الزوج إذا لم يؤده إليها في هذه الحالة. وما لم يؤده الزوج من هذه الحقوق فللزوجة المطالبة بما مضى منه إذا لم تسقطه، ومن حق الزوج إذا كان عاجزا عن الإنفاق أو غيره أن يخير الزوجة بين الرضا بعدم النفقة مستقبلا وبين الطلاق، أما ما استقر في ذمته من حقوقها السابقة فإنه يكون دينا عليه، ويجب عليه أن يؤديه لها ما لم تتنازل عنه بطيب نفس منها. وللمرأة أيضا أن تتراجع عن إسقاطها لحقها فتطالب به مستقبلا من جديد، وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9420، 28395، 36498، 10254، 22429، وأخيرا ننصح السائلة بالتفاهم مع زوجها وعدم التسرع فيما من شأنه أن يؤدي إلى الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(13/16800)
لا يجوز للزوج ترك زوجته وأولاده دون نفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي هجرني منذ ثلاثة شهور وتركني ببيت أهلي ولا ينفق علي ولا على ابني (مدعيا أنه سوف يطلقني) ولم يطلق حتى الآن..ويأخذ ابني بين كل فترة وأخرى، فهل لي الحق في أن أرفع عليه قضية في المحكمة؟ وما هي حقوقي التي سوف تكون؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لزوجك أن يتركك أنت وولدك في بيت أهلك بغير نفقة، ومن حقك أن تطالبيه بها فإن لم يفعل فإن وجدت له مالا فخذي نفقتك بالمعروف وإلا فارفعي أمرك إلى المحكمة لتأخذ لك منه حقك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لزوجك أن يتركك أنت وولدك في بيت أهلك ولا في مكان آخر بغير نفقة، ولا يسوغ ذلك ادعاؤه بأنه سوف يطلقك، وعليك أن تطالبيه بها، فإن امتنع، فإن وجدت له مالا فمن حقك أن تأخذي نفقتك المستحقة لك بالمعروف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند امرأة أبي سفيان حين أخبرته بأن أبا سفيان رجل شحيح: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. والحديث في الصحيحين.
فإن لم تجدي فمن حقك أن ترفعي أمرك إلى المحكمة لتلزمه بالإنفاق عليك وعلى ولدك، ويعطيك حقك في المسكن وغيره، ويرد عليك النفقة السابقة التي منعك منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1428(13/16801)
للزوجة أن تدخر من المال الذي يعطيها زوجها كنفقة خاصة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت الزوجة مبلغا من المال قبل سفر الزوج، وعندما سافر الزوج أرسل أقل من المبلغ المتفق عليه لأنها أبت عن السفر إليه وهي تطالبه بزيادة المال المرسل إليها، ويعتقد الزوج أن والدة الزوجة تقول لها ادخري من أموال زوجك لنفسك، فهل يجوز أن تدخر الزوجة من أموال الزوج دون علمه وحينما يقوم بسؤالها عن أوجه الإنفاق لا تجيبة وتحقره أنه يسألها عن إنفاقها طعامها ماذا أكلت وشربت ولبست؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أنه لا يجوز لامرأتك أن تتصرف في مالك إلا بإذنك، كما يجب عليك أن ترسل النفقة اللازمة لها بالقدر الذي يكفي لمثلها، فإن طابت نفسك بأن تزيد عليها فلا بأس بذلك، وإلا فلا يلزمك ذلك، وننصحك بأن تكف عن سؤالها عن أوجه إنفاقها للمال ما دامت تكره ذلك، ويجب عليها أن تحسن عشرتك ولا تنتقص منك ولا تحتقرك، وعليك أن تحسن قيادة سفينتك وليكن حسن الظن متوفراً بينكما حتى تستقيم الحياة.
وننبه على أنه ما كان من نفقة واجبة لخصوص الزوجة دون أبنائها، وكذلك الأمر إن كانت هناك زيادة على النفقة الواجبة بعثتها إليها بطيب نفس منك، فإذا ادخرت من ذلك شيئاً لنفسها فلا حرج عليها، لأنه في الحقيقة أصبح مالها، فمن حقها أن تدخر منه أو تتصرف فيه على الوجه المأذون فيه شرعاً، هذا وإن امتناعها عن السفر إلى زوجها يعد نشوزاً مسقطاً للنفقة لها ما لم تكن قد اشترطت عليه في عقد النكاح ألا يسافر بها، وراجع الفتوى رقم: 38974، والفتوى رقم: 74485.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1428(13/16802)
لا ينبغي للزوجة أن تكلف زوجها ما لا يطيق
[السُّؤَالُ]
ـ[نشب خلاف بين والدة الزوجة والزوج بخصوص تدخلها الزائد في حياتنا الزوجية فانفعل الزوج وغضب فتدخلت الزوجة فكلمتة بكلام غير لائق وهددتة بالاتصال بأخيها وحينما أتى أخوها إلى منزل الزوج فتح له الزوج فلم يعره اهتماما ودخل إلى والدته وأخته وخرج غاضبا يريد أن يتهجم على الزوج فى بيته فانفعل الزوج وكادت أن تصبح مشاجرة بالأيدى فقال أخو الزوجة هيا بنا وأخذ الزوجة بدون إذن من الزوج وقال الزوج سوف آتي بوالدي وأتى بعمها وكبار العائلة، وحينما جلسنا اتهموني بعدم الإنفاق على الأسرة مع أنني في الفترة الأخيرة كنت انفق مالا لا يستطيع أي شاب في مقتبل عمره إنفاقه بغرض التوسعة على أهل بيتي وأيضا بعدم التحدث بلباقة مع والدة الزوجة وأصرت الزوجة على الانفصال، وحين بدأنا فى التحدث فى إنهاء العلاقة تراجعت الزوجة فقبل الزوج حرصا منه على عدم هدم العشرة وبعد ذلك طالبتة الزوجة بزيادة الإنفاق فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت إذ تراجعت عن طلاق امرأتك حرصاً منك على استمرار عقد الزوجية، وننصحك بالصبر على أم زوجتك والإحسان إليها، وأما بخصوص النفقة فإذا لم تكن كافية فيجب عليك أن تعطي امرأتك كفايتها في غير تبذير ولا تقتير، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 8497، والفتوى رقم: 77942.
هذا، ولتعلم الزوجة أنه لا يجوز لها أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، فإن خرجت بغير إذنه فهي عاصية لربها ناشز ولا نفقة لها على زوجها حتى ترجع إلى بيتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(13/16803)
لا إثم على الزوجة إذا لم تعط من مالها لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو أن تفتوني بجواب سؤالي التالي: أهل زوجي يسكنون بعيدا عنا قرابة ساعة وكلما ينزل يحضر بعض الحاجيات لهم ومصروف الطريق، فزوجي أحيانا إذا لم يتوفر معه لا ينزل حتى يتوفر معه، سؤالي هو: هل أأثم إذا لم أعطيه من مالي أو لم أعرض عليه من مالي الخاص لكي ينزل، مع العلم بأنني أنا متكفلة أيضا بمصروف البيت وأحتفظ كل فترة بمبلغ صغير جداً لي فالله تعالى أعطى الحق للمرأة في حرية التصرف بمالها وحقي أن أحتفظ بقليل مقابل تعبي في العمل، وأحيانا لا أعرض عليه حتى لا يعتمد علي بكل شيء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقة واجبة على الزوج وإن كانت الزوجة غنية، ولا يلزمها أن تنفق من مالها على البيت، فإذا أنفقت من مالها عن طيب خاطر منها فلها الأجر إن شاء الله تعالى، لكن لا يلزمها ذلك، كما لا يلزمها أن تعطي من مالها لزوجها، فإذا سألها من مالها شيئاً فأبت فلا إثم عليها إن شاء الله، ومن حقها أن تنفق مالها فيما أحبت مما أحل الله تعالى، وبهذا تعلمين أنك إذا امتنعت عن دفع المال إلى زوجك فلا إثم عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(13/16804)
لا يلزم المرأة أن تشتري لزوجها من مالها مثل ما تشتري لنفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وليس عندي أطفال، فهل يجب أن أشتري لزوجي مثل ما أشتري لنفسي وخاصة الطعام والشراب مثل البوظة وغير ذلك أم ذلك يعتبر ظلما له إذا لم أشتر له؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزوج هو الذي تجب عليه نفقة زوجته بقدر الاستطاعة، وبالتالي فلا يجب عليك شراء طعام ولا شراب لزوجك مثل ما تشترين لنفسك ولا يعتبر ذلك ظلماً له، وإن قمت بذلك تطوعاً وجبراً لخاطر زوجك فهذا أدعى للوفاق وحسن المعاشرة بين الزوجين، وراجعي الفتوى رقم: 722، والفتوى رقم: 17203.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1428(13/16805)
إهمال نفقة الزوجة من الذنوب العظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الكريم أنا متزوجة منذ بضعة أشهر وزوجي مهندس ميسور الحال يقطن ببلد أوروبي ولحاقي به يتطلب شهوراً، لذا تركني عند أمه التي بعد مدة قصيرة من ذهابه بدأت تدفعني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للذهاب عند أهلي وحتى إذا ما احتاجت إلي تتصل بي هاتفيا فتقول لي تعالي اليوم عندي لتقومي بعمل كذا وكذا ثم ارجعي عند أهلك، زوجي تركني من غير نقود وأنا محرجة من أهلي فحتى بعد زواجي يتكفلون بأكلي وشربي, وقد اضطررت لبيع شيء من مصاغي لسد حاجياتي فأنا لا أريد أن تتغير نظرتهم عنه، لا أخفي عليك أنا لم أطلب من زوجي شيئا حتى الآن، لأني أقول في قرارة نفسي أنا زوجته وعليه أن ينفق علي من غير أن أطالبه بذلك خاصة وأني لا أعمل، أنا أعاني في صمت من أمه ومن تجاهله لي وأخاف من أنفجر فأغلط، فأرجو منكم إفادتي برأيكم ونصيحتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقتك واجبة على زوجك شرعاً وعليه أن يؤديها إليك ولو لم تطلبي منه ذلك، وما دام مقصراً فيما وجب عليه، فينبغي مطالبته به وذكر ذلك له، وعليه ما مضى في ذمته لك ما لم تسامحيه فيه، وليعلم أن التقصير في ذلك وإهماله من الذنوب العظيمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني.
والذي ننصحك به هو إعلامه بذلك وأن أمه هي التي دفعتك إلى الذهاب إلى أهلك وتطلبي منه نفقتك بأسلوب هين لين ما لم يمنعك حقك ويتعنت في أدائه فلك حينئذ رفع أمره إلى من يلزمه بأدائه سواء من الأهل أو غيرهم، ولو اضطررت إلى اللجوء إلى القضاء ليلزمه بما يجب عليه ويؤدي إليك حقك كاملاً غير منقوص فلا حرج في ذلك، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 19453، والفتوى رقم: 61640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(13/16806)
الإنفاق على الزوجة الناشز أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[بينتم _بارك الله فيكم_ لي في فتوى سابقة تحمل الرقم 94217 (أرجو الرجوع إليها) أن أمي تعتبر ناشزا ولا تجب لها على أبي نفقة.
ولكن أمي كانت تأكل وتشرب معنا مما يعطيه أبي لها لمصاريف الأكل والشرب كل أول شهر وكان المبلغ الذي يعطيه أبي لها يكفي المصاريف لمدة لا تتجاوز 20 يوما (حيث يعطيها نصف راتبه ويحتفظ هو بالباقي) وكانت أمي تكمل المصاريف حتى آخر الشهر مما يعطيه لها أقارب لنا ميسورو الحال كما ذكرت.
وكان أبي يرفض إعطاء أمي مصاريف شخصية لها من أجل الكساء أو الدواء (أمي مريضة بأمراض عضال: السرطان والضغط والانزلاق الغضروفي وغيرها) .
وإزاء هذا الموقف تحيز أخي لجانب أمي واستشاط غضبا عندما علم أن أقاربنا هم الذين ينفقون على أمي وليس أبي, فكان يفسر ذلك بأن أبي مريض بالبخل, ثم كان إذا احتاج مبلغا من المال (مثلا 50 جنيه) من أجل مصاريف الجامعة وخلافه, طلب من أبي 100 جنيه (علما بأن أبي كان ينفق على تعليمي وأخي بالمدارس والجامعات من نقود له مودعة بأحد البنوك منذ حصل على مكافأة نهاية الخدمة بعد إحالته للمعاش) فيدفع أخي المصاريف للجامعة ويعطي الباقي لأمي من أجل أن تشتري دواءها أو تكمل مصاريف البيت حتى آخر الشهر وهكذا الحال كل شهر.
والسؤال الآن:
1- هل معنى أن أمي لا تجب لها نفقة على أبي أن أبي مخير بين الإنفاق عليها أو الامتناع حسبما يرى هو؟ أم أنه يحرم عليه أصلا الانفاق عليها؟
2-هل ما كان يفعله أخي وقت أن كان في الجامعة تصرف سليم؟ أم أنه يعد سرقة؟
3-عندما أصيبت أمي بمرض السرطان أجريت لها عملية جراحية لاستئصال الثدي فكتمنا هذا الموضوع عن من حولنا من جيران نظرا لحساسية الموضوع وحتى نحافظ علي حالة أمي النفسية قدر الإمكان خاصة وأن من حولنا أناس ذوو أخلاق سيئة جدا (يشربون المنكر والمخدرات علنا) واذا علمت نساؤهم بما أصاب أمي ربما عيروها بذلك عند حدوث أي خلاف معهم. فما كان من أبي الا أن أفشى السر وأخبر الناس من حولنا نكاية في أمي زاعما أن هذا الذي حدث لأمي جزاء ما اقترفته في حقه. فما تعليقكم؟
وأعتذر للإطالة عليكم وما كنت لأفعل ذلك إلا لعلمي بمدى رحابة صدركم.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 21457، أهمية حرص الأبناء على إصلاح العلاقة بين الوالدين والسعي في تقريب وجهات النظر حتى يصلح ما بينهما، وعليهم أن يحرصوا على هدايتهما والسعي في منع الظالم منهما من ظلم الآخر فإن ذلك من البر بالظالم والبر بالمظلوم، وليكن علاج الأمر بحكمة وتلطف مع إكثار الدعاء والاستعانة بمن يمكنه أن يكلمهما ويؤثر عليهما.
وقد ذهب الجهمور إلى أن الناشز لا نفقة لها، ومعنى ذلك أنه لا تجب النفقة لها على الزوج، وليس معناه أنه يحرم عليه الإنفاق عليها؛ بل إن إنفاقه عليها أفضل خروجا من خلاف من أوجب نفقتها من الظاهرية.
وأما تصرف أخيك بالكذب واتهامه الوالد بالبخل فإنه لا يسوغ له، ولا مانع أن يطلبه بعض الأمور ثم ينفقها على أمه، ولو أخذ منه شيئا لحاجته ثم قتر على نفسه حتى يفضل شيء لأمه فلا حرج في هذا.
وأما إفشاء أبيكم السر فهو مما لا ينبغي فعله.
وننصحكم بالسعي في إقناع كل من الوالدين بالتنازل للآخر، وأن يحرصا على التفاهم فيما بينهما حتى تزول المشاكل، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 96947، 9647، 49611، 73144، 63266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1428(13/16807)
حكم امتناع الزوج عن النفقة لعسره
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا عجز الزوج عن الإنفاق على زوجته فى المأكل والسكن وأصبحت زوجته هي التي تدبر المعيشة والسكن من أهلها لأنهالا تعمل، علماً بأن الزوج بصحة جيدة، ولكنه يتقاضى دخلا بسيطا ولا يسعى لزيادة دخله ما حكم الشرع فى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم عسر الزوج وعجزه عن القيام بواجباته نحو زوجته في الفتوى رقم: 8299 فنرجو من السائلة مراجعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1428(13/16808)
إنفاق الزوج على زوجته وعلى أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة موظفة ومتزوجة أراعي زوجي كثيراً لدرجة أني لم أرغب أن أثقل عليه بمسؤولية الإنفاق علي خاصة أن لديه أبناء من زوجته الأولى فتحملت مسؤوليتي بنفسي وأصبحت الآن أتحمل معظم النفقة على ابنتي أيضا ولم أعترض على ذلك. مشكلتي أن والد زوجي يطلب منه المال باستمرار وزوجي بسبب بره بوالديه يوافق أغلب الوقت حتى وإن لم يكن لديه المال. وهناك ترجيح بأن يكون والد زوجي لديه زوجة ثانية ومن المحتمل أن يكون المال الذي يطلبه من زوجي للصرف عليها. لقد شعرت بالإهانة والرخص ألست أنا أحق بأن ينفق زوجي هذا المال علي؟ أشعر بأني مخدوعة ومعدومة الحقوق فهل أنا على صواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على زوجك أن ينفق عليك وعلى ابنتك منه، لكن إن كنت موسرة وتحملت عنه ذلك كله أوبعضه فلا حرج. وأما إن كنت غير راضية بذلك فلك الحق في مطالبته بنفقتك ونفقة ابنتك. ويجب عليه أن يجيبك لذلك، وإذا استطعت الوصول إلى ماله فلك اخذ ما يكفيك وابنتك بالمعروف دون علمه، فإن لم تستطيعي ولم يفعل هو فلك رفعه للقضاء ليلزمه بذلك.
وأما يدفعه لوالده فلا حرج فيه وهو من البر به، سواء أكان لنفقته الخاصة أم لنفقة بعض عياله، ولا ينبغي أن تكوني سببا في منعه من ذلك إلا إن كان يمنعك مايجب لك، فلك الحق في الوصول إليه بما ذكرنا. وليس في بره بأبيه أو أمه ونفقته عليهما إهانة لك أو احتقار بل شرف لك لإعانتك إياه بذلك على المعروف وتحملك عنه بعض الأعباء والتكاليف. وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69148، 34460، 15857، 32381.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(13/16809)
من أحكام تصرف الزوجة في مال زوجها بدون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تزوجت منذ سنوات ,زوجها كان يعمل ببلاد أجنبية يرجع إلى وطنه الأصلي نادرا ولأيام معدودات نظرا لارتباطته المهنية فهي استطاعت وبواسطة المال الذي كان يرسل لها وبواسطة ما كانت توفره من شغلها شراء بيت ببلد الزوج الأصلي لم تعلم زوجها بما فعلت لخوفها من عدم رضائه ولأنها كانت تخاف أن يبيع هذا البيت وبثمنه يستطيع بناء بيت آخر في موطن مسقط رأسه واستطاعت أن تخفي الحقيقة رغم شكوك زوجها في البيت وخاصة وأنها أصبحت تقطنه صحبة أبنائها الصغار شاء الله أن يتوفى زوجها ويرحل إلى الرفيق الأعلى سنة الله في خلقه هي الآن تشعر بخيبة ما فعلت ندمت على عدم إخبار الفقيد بالحقيقة تشعر وكأنها لم تكن وفية مع شريك حياتها الندم يلازمها حين تتذكر كيف تصرفت مع العلم وأن البيت إرادته لإيواء أسرتها فقط ولا غير وهي الآن تسأل هل من سبيل لتكفير الذنب؟ أفيدوها رحمكم الله ... وجزاكم الله خير الجزاء لما تقدمونه للإسلام وللمسلمين..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للزوجة أخذ شيء من مال زوجها دون علمه، إلا في حالة ما إذا قتَّر عليها وعلى أولادها، فلم يعطهم ما يكفيهم من النفقة، فلها حينئذ أن تأخذ من ماله بدون علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، ولا تزيد على ذلك، ولو كان غرضها ادخار هذا المال، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 8534.
وعليه، فما قامت به تلك الزوجة من التصرف في مال زوجها دون إذن منه يعتبر تصرفا غير جائز، ولا يبرره ما أرادت به من المصلحة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني.
ولكن بما أنها قد ندمت على هذا الفعل ندما شديدا، فنرجو أن يكون ذلك توبة من عملها هذا، ويبقى عليها أن ترد المال إلى الورثة الشرعيين، وهي أحدهم، وتعقد العزم على أن لا تعود إلى مثل هذا الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(13/16810)
إنفاق المرأة على بيتها من المال الحلال الذي تكسبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة عاملة (مدرسة) لزوج يعمل في بنك ربوي ونعلم أن العمل به حرام فبالتالي المال حرام لذلك:
هل يجوز لي أن اصرف على بيتي ونفسي وأولادي من طعام وشراب ولباس من مالي الخاص من غير الحاجة إلى زوجي.
السؤال الثاني: زوجي الآن هل يعتبر عملي دخلا له ولبيته فبالتالي تزداد الحرمة أم لا مع العلم أني مستعدة لإعطائه جميع الراتب إذا ترك عمله.
السؤال الثالث: الأرباح المحصول عليها من بنك إسلامي نتيجة وضع مال لي في حساب (استثمار) والأرباح غير محددة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تقومي أنت بالإنفاق على نفسك وبيتك وأولادك، بل إن ذلك من الإحسان والخير.
وإذا أنفقتِ أنتِ من المال الحلال الذي تكسبينه فقد طهَّرْتُم أبدانكم من الحرام. ولا يعتبر ما تكسبينه من المال مالا لزوجك، بل هو مالٌ لك أنت، ليس له عليه سلطان، ولكن إذا كنت قادرة على أن تنفقي على نفسك وعليه وعلى الأولاد والبيت، وبذلت ذلك له فالظاهر والله أعلم أنه لا يجوز له الاستمرار في هذا العمل المحرم، لأن الضرورة غير متحققة، فيلزمه ترك العمل فوراً، والبحث الجاد عن عمل حلال.
وأما عن الأرباح التي تجنى من حساب الاستثمار في البنوك الإسلامية، ولا تحدد فيها نسبة الربح، بل هي خاضعة للربح والخسارة، فحلال إن شاء الله، ما دامت هذه البنوك ملتزمة التزاما تاما بأحكام الشريعة في ما تقوم به من معاملات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(13/16811)
النفقة على الزوجة المسافرة والمحبوسة والعاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أحكام النفقة على المسافرة والمحبوسة والعاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الزوج نفقة زوجته المدخول بها وكسوتها -ما لم تكن ناشزاً خارجة عن طاعته- فتجب نفقتها على كل حال في السفر والحضر والغيبة والحضور وفي الحبس، ولو كانت عاملة أو غنية قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام:
ويجب الإنفاق للزوجات * في كل حال من الحالات
والحكم في الكسوة حكم النفقة *......
والمعتبر في ذلك حال الزوجين والبلد والسعر. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 71209، والفتوى رقم: 60510.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1428(13/16812)
على الزوج شكر الزوجة على إنفاقها وعلى الزوجة عدم المن
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت لكم سؤالا برقم (2140240) هذا سؤال آخر. كما أسلفت لكم أن راتبي وراتبه واحد وبتصرف كامل معا وعلى اطلاع واتفاق بكل شيء وعندما نتجادل أحيانا وأقول له بأنني ساعدتك في بناء البيت وشراء السيارة يحلف بأنه لا يأخذ من راتي شيئا وأن راتبي أصرفه على نفسي وأولادي مع العلم أن البطاقة البنكية الخاصة بي معه ولا أعرف رقمها السري وهو المتصرف براتبي كله وآخذ مصروفي منه يوميا مثل الأولاد لماذا ينكر علي تعبي معه في البيت والسيارة والأثاث أما المصروف البيتي لا وهو الذي يذهب إلى السوق ويشتري كل شيء ... أرجو المساعدة في حل هذا الخلاف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مال الزوجة راتبا كان أو غيره يعتبر ملكا خالصا لها وخاصا بها، لا يحل للزوج تناوله إلا بطيب نفس منها لحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. فإن أخذ شيئا منه بدون إذن فهو اعتداء محرم، ويلزمه رده إليها. قال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188}
وأما الزوجة فلا يجب عليها نفقة بيتها ولا نفقة أولادها مع وجوده وقدرته على الإنفاق عليهم. وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 19453.
كما لا يلزمها أن تعينه على شراء البيت أو السيارة ونحو ذلك؛ إلا أن تتطوع بطيب نفس منها.
وينبغي على الزوج أن يقابل ذلك بالشكر والاعتراف، فإن من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
وننصح الزوجة إن كانت نفسها تطيب بالإنفاق على البيت أو إعانة الزوج على بعض الأشياء أن لا تتبع ذلك بمنٍّ أو حديث يوحي بالفضل والاستعلاء على زوجها؛ لأن هذا يثير حفيظة الزوج ويدفعه إلى ما لا يليق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(13/16813)
حكم طلب الزوجة الطلاق لأجل النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ 11 سنه أخذت البنت وهي في المتوسط وكانت مطلقة بسبب عدم الإنجاب وتم زواجي وتم العلاج في الأردن وتم إنجاب بنتي الأولى ومن ثم الثانية الحمد لله، وتم تخرج زوجتي من الكلية وبعد تخرجها تطالبني بالطلاق وذهبت إلى أهلها، ما هو الحل جزاكم الله خيرا، وما هو رأي الشرع تقول إني لا أعطيها مصروفا بعد كل هذه المدة، أفيدوني ماذا يقول الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده مما أعطاه الله غير مبذر ولا مقتّر، قال الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا {الطلاق: 7} .
فإذا كنت تقصر مع زوجتك في النفقة ولا تعطيها ما يكفيها فلها أن تسألك حقها في ذلك، وإن منعتها من ذلك فلها أن تسألك الطلاق، بل لها رفع أمرها إلى القاضي ليلزمك بذلك أو يسرحها منك. هذا إذا كانت صادقة فيما تدعي وكنت مقصرا معها حقا في النفقة لا تعطيها ما يكفيها وولدها بالمعروف. وأما إن كنت غير مقصر معها بل تعطيها حقها الواجب في ذلك؛ لكن ظروفك لا تسمح لك بتنفيذ جميع متطلباتها من الكماليات ونحوها فلا يجوز لها أن تسألك الطلاق فإنه من أسوأ الأمور عاقبة، وإنما يلجأ إليه إذا ساءت العشرة بين الزوج والزوجة وانعدمت إمكانية الاستمرار بينهما لسبب من الأسباب.
والمرأة التي تطلب من زوجها الطلاق من غير مسوغ تكون آثمة بذلك متعرضة لسخط الله ومقته، فقد روى أبو داود والترمذي وابن حبان عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. وروى ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسأل المرأة زوجها طلاقها من غير كنهه فتجد ريح الجنة.
وننصحكما بالصبر وتجاوز الخلافات البسيطة لطول العشرة بينكما ولمصلحة الأولاد، ويبنبغي لك أن تجيبها إلى ما تسألك فتوسع عليها إن كان ذلك في مقدورك وطاقتك من غير إسراف ولا تقتير، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8622، 37998، 48166، 49823.
وننصحك بكثرة الدعاء أن ترزقا المودة والرحمة والألفة، وأن يصلحها الله لك كما أصلح لزكرياء زوجه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(13/16814)
خروج المرأة من بيت أهلها لا يسقط نفقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا عن أمة الإسلام وما تقدمون من نفع لها، أما بعد: فأنا في مسألة غريبة بعض الشيء حيث سافرت إلى العمل خارج بلادي وتركت زوجتي الثانية في بيتها بمنزل أبيها وبعد سفري مباشرة حدث بين زوجتي وأهلها خلاف وعليه اشترت لنفسها مسكنا خاصا بعيدا عن أهلها ولم تخبرني به بدعوى أنها غاضبة مني لعدم رعايتي لها والوقوف إلى جانبها في هذا الوقت، وأنا بعيد في عمل ثم قطعت الاتصال بي لأكثر من عام ثم عادت واتصلت لتطلب الطلاق، ولما أقدمت عليه عارضا المؤخر ونفقة المتعة بما تيسر من فضل الله، رفضت وأصرت أن تبقى زوجتي وأنا لا أستطيع أن أطلقها وأنا لا زلت على رأس عملي بالخارج كما أنني لا أعرف عنها شيئا ولا أنفق عليها ولا يتصل بي أحد من أهلها وهي لاتتصل بأهلي ولكن هي تتصل بي على فترات لمحاولة إصلاح ما في النفوس ولكنني لا أستطيع أن أنسى لها ما سببته من إساءة بالغة بما فعلت وخاصة أمام أهلي وأهلها وهي الزوجة الثانية ولا أولاد لديها فهل على حرج إن تركتها هكذا حتى أنهي عملي وأعود لأواجه الموقف ومشكلاته القانونية وهل لها من نفقة علي، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها سكنا مستقلا لائقا بها وبه؛ كما بينا في الفتوى رقم: 34802، فإن أسقطت حقها في ذلك ورضيت بالمقام مع أهلها أو أهل زوجها أو بيت تملكه هي فلا حرج، ولا يجوز لها أن تخرج دون إذن زوجها إن كان يوفر لها ما يجب عليه من نفقة، وهنا قد ذكرت أنك أهملت تلك المرأة ولم تنفق عليها ولا تتصل عليها، وحينئذ فلها أن تخرج دون إذنك سعيا في معيشتها وسد حاجتها، وإن كانت قد أخطأت في خروجها من بيت أهلها إن كانت مختارة دون إذنك، لكن ذلك لا يسقط نفقتها لأنه ليس بيت الزوجية ولأنها ممكنة من نفسها، فعليك أن تنفق عليها ولها في ذمتك نفقتها الماضية ما لم تسقط عنك ذلك، ولها عليك أن توفر لها مسكنا مستقلا لائقا بها على قدر طاقتك، لكنها قد ساعدتك بقيامها هي بذلك وشرائها منزلا مستقلا، ولكن إذا كان في بقائها منفردة ضرر أو فساد عليها فينبغي منعها من ذلك، وننصحك بالنظر في ذلك كله وحل تلك المشكلة سريعا، ولا ينبغي أن تغيب كثيرا عنها ما لم تأذن لك في ذلك، ولمعرفة المدة التي يجوز للزوج أن يغيب فيها عن زوجته انظر الفتوى رقم: 10254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(13/16815)
إنفاق الزوجة على أولاد زوجها وقضاؤها لدينه
[السُّؤَالُ]
ـ[نص الرسالة: أنا امرأة عاملة مهندسة راتبي جيد تزوجت أول مرة من مهندس وبعد 6 شهور انفصلت وبقيت في المحكمة أكثر من 5 سنوات وكنت حاملا وأنجبت عند أهلي وأخذت طفلي معي حيث إنني أرعاه بالكامل رعاية فائقة ... تزوجت قبل سنة من رجل آخر مهندس أيضا ... أرمل وله أولاد مع أنني خطبت لرجال غير متزوجين، فأنا والحمد لله لدي مواصفات مرغوبة، ولكني أردت أن أتزوج أرمل.. حتى أعوض أولاده عن أمهم ... وحتى بالمقابل هو يعوض ولدي عن أبيه في التربية..... الرجل حسن المعاشرة ولكن وضعه المادي صعب أكثر مما كنت أعلم قبل الزواج ... وراتبه بالكاد يلبي طلبات أولاده الثلاثة ... مما يشعرني بعدم الراحة بشكل كامل.. خاصة أن السبب في طلاقي المرة الأولى هو أن طليقي كان يريد راتبي ولا يريد أن ينفق علي ... حتى أن الخبز لم يشتره لي إلا من نقودي أنا، والآن أنا لا أكاد أطلب من زوجي أية مطالب أو مصاريف بل على العكس.. فأنا أساهم في بعض مصاريف أولاده وطبعا ولدي أنا، مع أنني أحس أنه يجب عليه أن ينفق على ولدي لأنني أبذل الكثير معنويا على أولاده وكأنني أمهم وأحيانا أساهم في مصاريفهم ماديا، أصبحت أشعر أن كل زوج يريد الراتب أهم شيء، الآن زوجي عليه دين وأصحاب الدين يطالبوه بشكل كبير، وهو يعلم أنني بإستطاعتي أن أساعده، ولكني لا أعرف ما هو الصحيح وما هو الخطأ، ولا أريد أن يرتكن علي أكثر خاصة أنني متزوجة منذ سنة فقط وظهرت لدي مشكلة كبيرة بالنسبة للإنجاب بعد زواجي منه مباشرة رغم أنني أنجبت ولدي من طليقى دون أي مشاكل، مما يعني أنه في حالة وفاته لا سمح الله، لن أجد حتى منزلا أسكنه، فأنا أشعر أن لا شيء لي منه وأنني مجرد خادمة بدون مقابل للأولاد (أنا جميلة ومهندسة متفوقة وأصغره بـ 15 سنة) ، أشعر أن عدم مساعدتي له في قضاء دينه يجعله يبتعد عني ويعاتبني دون كلام، ولكن أنا لا أستطيع أن أعيش وأنا دائما أعطي كثيراً دون أن آخذ، ماذا أفعل، أرجوكم ساعدوني إن كانت لديكم اقتراحات، أنا خائفة من الزمن ومن طليقي حيث إنه قد يأخذ طفلي الغالي مني حتى لو بعد حين وأخشى من حصول شرخ بيني وبين زوجي، إلا أنني أريد أن أكون كغيري، أي أن زوجي هو المسؤول عني لا أستطيع أن أشعر أنني مستغلة من قبله، كما في المرة الأولى وأنني أعطي دائما وأنا أحتاج لأن يعطيني أحد الأمان؟ أنتظر الرد بلهفة.. شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياك من الآمنين، فالأمان بيده سبحانه، فمن أمنه الله فهو الآمن، ومن أخافه فهو الخائف، وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ، عز جاره وجل ثناؤه، ولا إله غيره، فننصحك بالفرار منه سبحانه إليه، قال تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {الذاريات:50} ، وذلك باللجوء إليه سبحانه بأن يصلح حالك، وأن يمنحك الأمان والاطمئنان، ونوصيك بالاقتراب من زوجك، وإحسان الظن به، واحتساب الأجر فيما تقدمينه لزوجك ولأبنائه عند المولى سبحانه، قال تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ {البقرة:270} ، وقال: وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:272} ، وهذا لا يمنعك من المطالبة بحقك، حيث إن لك الحق في النفقة على زوجك بما يكفيك بالمعروف، ولا بأس كذلك أن تعتبري ما تقدمينه لزوجك قرضاً يمكنك أن تطالبيه به في وقت حاجتك إليه ويساره به.
وللعلم فإن المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من عملها ومن أي شيء آخر، وخروجها إلى العمل مرهون بإذنه لها بالخروج، إلا إذا اشترطت ذلك في عقد الزواج، وعليه فينبغي لك أن تقدري للزوج إذنه لك بالخروج للعمل، على حساب حقه في بقائك في البيت، واعلمي أنه لا يلزم الزوج النفقة على ولدك من غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(13/16816)
حقيقة التمكين الذي يوجب النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لو سمحت أنا امرأة تم العقد علي وجاء مرة زوجي إلي بيت أبي وكنت وحدي بالمنزل فدخل وقبلني وحاول أن يطأني وكنت خائفة وأمتنع بطريقة قوية لدرجة أنه قال لي إنه يشعر أنه يغتصبني من شدة امتناعي، لكنه مع ذلك تم إدخال وإيلاج وكنت ممتنعة بشدة، لكنه مع ذلك لم ير جسمي وكان يريد أن أخلع ملابسي لكي يري صدري لكني لم أوافق أبداً، لكنه كان يقبلني بشدة وتم الدخول وأنا كارهة حتى وصل هو لقمة لذته، فهل هذا يعتبر دخولا تلزم به النفقة والمهر والعدة لأني قرأت فتوي رقم 41127 بأنه مجرد لحس ولعق فرج المرأة يعتبر خلوة شرعية، كما كان كلامكم في الفتوى فإن الصورة المذكورة في السؤال خلوة صحيحة يجب بها كل المهر وتعتد المرأة بها عدة المطلقة، ولا يؤثر عدم رضا المرأة بالدخول بها من عدمه، وفي نفس الوقت قرأت رقم 722، فإذا عقد الزوج على الزوجة ومكنته من نفسها تمكيناً تاماً يستمتع بها حيث شاء ومتى شاء وبكل أنواع الاستمتاع الجائزة وجبت عليه نفقتها، سواء استمتع بها بالفعل أو لم يستمتع بها ما دامت قد مكنته من نفسها، أما إذا عقد عليها وامتنعت منه ولم تمكنه من نفسها أو مكنته من نفسها تمكيناً غير تام كأن مكنته من نفسها في وقت دون وقت أو في مكان دون مكان أو بنوع من أنواع الاستمتاع دون نوع، لم تجب لها نفقة على الزوج وأما الاختلاء فقط فليس دليلاً كافياً على أنها قد مكنته من نفسها تمكيناً تاماً، فهل أنا بهذا أعتبر لم أمكن زوجي من نفسي أم ماذا، لأني كنت أمتنع بشدة وجعلته لا ينظر لجسمي ولا لصدري، هل بذلك أعتبر مكنته تمكينا غير تام أو استمتع بمكان غير مكان أم أعتبر هذا كما تقولون في الفتوى رقم 722، أو مكنته من نفسها تمكيناً غير تام كأن مكنته من نفسها في وقت دون وقت أو في مكان دون مكان أو بنوع من أنواع الاستمتاع دون نوع، لم تجب لها نفقة على الزوج، فكيف كان رد حضرتك في الفتوى رقم 41127 ولا يؤثر عدم رضا المرأة بالدخول بها من عدمه، لأنه بصراحة يا شيخ حصل مني أشياء تعتبر ردة وحصل مني هذا عدة مرات أكثر من 4 مرات وكان هذا بعد الدخول الذي ذكرته لحضرتك هذا، فهل طالما تبت الآن إذاً هو زوجي أم عقدي عليه فسخ ولا بد أن أجدد عقدي عليه أم طالما حدث دخول إذاً أنا في عدة وطالما تبت أثناء فترة العدة إذاً أظل كما أنا مع زوجي، أم طالما حصلت ردة أكثر من ثلاث مرات إذا هذا طلاق بائن بينونه كبري ولا أحل له إلا أن أتزوج بغيره أم ماذا؟ أرجو الرد بأسرع وقت جداً، وبالله عليك لا تحيلني لأسئلة مشابهة وأن ترد علي بنفسك يا شيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلوة الصحيحة بالمعقود عليها يترتب عليها تقرر المهر كله ووجوب العدة وغير ذلك، وما حدث بين الأخت وزوجها دخول، وليس مجرد خلوة، فيترتب عليه الآثار السابقة من باب أولى.
أما النفقة فلا تترتب على هذا الدخول، لأن النفقة إنما تجب بالتمكين التام، والتمكين التام لم يحصل، وبهذا يتبين عدم التعارض بين الفتوتين المذكورتين.
وإذا ارتدت المرأة ثم تابت قبل أن تنتهي عدتها -إذا كانت عليها عدة- ردت إلى زوجها بالعقد الأول واستمر النكاح بينهما ولا داعي لتجديد العقد كما يرى بعض أهل العلم، أما إذا انتهت عدتها قبل التوبة فإنها تخرج من عصمته، ولكن له أن يجدد العقد عليها ولو لأكثر من ثلاث مرات بناء على القول بأن الردة فسخ وليست طلاقاً، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23647، 25611، 35322، 53645، 57365، 67722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(13/16817)
ميزان الإنفاق تابع لحالة الزوج سعة وضيقا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو مفهوم التوكل على الله مثلا أنا متزوج ولدي مشكلة عائلية وأنا عامل في إحدى الشركات ومن المعلوم أن المجتمع اليوم أصبح مجتمعا ماديا وأنا قررت أن أتوكل على الله لأن الله يقول لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وأن أذهب إليها بما حصلت عليه وأتوكل على الله لكي يعينني علي إصلاحها ومن المعلوم أن المجتمع عندما يأتي الرجل ولا تكون لديه كمية من المال ينظر إليه بنظرة دونية إذا هل موقفي صائب أم خاطئ؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنا نسأل الله تعالى لك ولأهلك حسن العشرة وسعادة الدنيا والآخرة. ونفيدك أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده مما أعطاه الله غير مبذر ولا مقتر، وذلك بتوفير ما يحتاجون إليه من طعام ومسكن ولا يكلف بما عجز عنه، ولا يعذر فيما أطاق، لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق: 7} فجعل ميزان الإنفاق تابعا لحالة الزوج سعة وضيقا، وقد رغب الشارع في الإنفاق على الأهل وجعل النفقة على الأهل أعظم أجرا من جميع الصدقات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
وبناء عليه فيتعين عليك التواصل مع أهلك، وتوكل على الله واستعن به، واضرع إليه أن يبارك لك في قليل مالك، وأن يسلم عرضك من ألسنة الناس، ولمعرفة معنى التوكل وحقيقته وللاطلاع على عدم منافاة الأخذ بالأسباب للإيمان بالقدر والتوكل على الله والثقة فيه، راجع الفتوى رقم: 18784، والفتوى رقم: 20441، والفتوى رقم: 15012، والفتوى رقم: 17513، والفتوى رقم: 6074، والفتوى رقم: 11808، والفتوى رقم: 65589، والفتوى رقم: 53203، والفتوى رقم: 75882، والفتوى رقم: 20101، وننصح الأخ الكريم بقراءة مختصر منهاج القاصدين، وتهذيب مدارج السالكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(13/16818)
حكم الرجوع على من ترك الإنفاق الواجب لامرأته وأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت استشارتكم عن دعوى رفعها زوجي للمحكمة الشرعية بخصوص (بناته القصر) وأريد منكم تنبيهي فيما عليَّ فعله، وهذا الموضوع أمامكم باختصار. ولا خاب من استشاركم:
أولاً: تزوج علي زوجي بثانية في العام 1420 هـ أي قبل 7 سنوات ومنذ تلك الفتره حتى يومنا هذا لم ينفق علي ولا على بناته القاصرتين (24 _ 14) ريالاً واحدا، وفي العام 1423هـ طلقني طلاقا نهائيا ولم آخذ منه أيضاَ نفقة لثلاث سنوات اتقاء للمشاكل علماً بأنه يزور بناته عندي في منزله الذي أقطن فيه طيلة تلك الفترة بدون امتناع مني، علماً بأنه رجل مقتدر مادياً ويسكن في منزل آخر مع زوجته الثانية. وبرغم زيارته لبناته لا يعطيهم ريالا واحدا فقط يأكل ويشرب عندى ويخرج وهكذا دواليك، ولا يعلم عنهن شيئاً هل هن يحتجن من متطلبات الحياة شيئاَ وبناته لا يطلبن منه شيئاً. وأنا منذ 1420 هـ أصرف عليهن بكل ما أملك بعت جميع ما أملك من ذهب وأموال بهدف توفير حياة سعيدة لهن. برغم من أن ابنتي الصغيرة 14 عاماً , كنت أراجع بها المستشفيات خارج المحافظة وتحديداً في الطائف (من مرض السهو) ومنذ أن كانت في عمر 4 سنوات وهي تعاني منه وهو لا يعلم عنها شيئاً وهو حقيقة يعلم بمرضها لكن لا يهمه، حتى شفيت ولله الحمد من هذا المرض الذي أرهقني كثيراَ. وهي منذ دخولها المدرسة وهي تأخذ الأول على زميلاتها وأنا الوحيدة من يعتني بها وهي الآن في الصف (الثالث متوسط) بدخول العام الجديد. أما البنت الثانية والكبيرة 24 عاماً فتدرس الآن في ثاني كلية ولو نسأل أباها في أي صف هي - لا يدري عنها شيئاَ.
وضعي الحالي: مطلقة ويتيمة الأب والأم وأقطن في هذه المحافظة التى فيها زوجي منذ 35 عاماَ - وإخواني وأخواتي يقطنون في محافظة بعيدة عني ولا أزورهم إلا في الأعياد. وقبل شهر أخرجني زوجي من منزله الذي كنت أسكن فيه مع أولادي وبناتي بقوة السلاح، وإتقاء للمشاكل خرجت واستأجرت منزلا يدفع إيجاره ابني الكبير. لكن طليقي هذا ما زال يطاردني حتى بعد خروجي من منزله فتقدم بشكوى يريد بناته مني.
استفساراتي كما يلي:
- هل أطلب من طليقي دفع نفقتي لثلاث سنوات وأنا على ذمته؟ من عام 20 - 23 , وكذلك أطلب منه دفع مصروف بناته منذ 1420 هـ حتى يومنا هذا؟
- وأسأل هل من حقي بعد تلك المطالبات المادية أن أحتفظ ببناتي لهذه الأسباب:
1 ـ كوني مطلقة وغير متزوجة.
2 ـ كوني مستقيمة ولله الحمد يشهد بهذا الجميع.
3 ـ كوني أقطن في هذه المحافظة منذ 35 عاماً. وليس عندي رغبة بالرجوع لإخواني وأخواتي بعد هذا العمر كي لا أكون عالة عليهم.
4 ـ لكوني الوحيدة في المنزل مع البنتين وابن واحد والبقية من يدرس بالجامعة بعيداً عني ومنهم من هو موظف خارج المحافظة، أما ابني البكر والمتزوج والذي يدفع إيجار المنزل الذي استأجرته يسكن مع والده ولا يزورني مطلقاً.
5 ـ كوني كبيرة في السن وأعاني من مشاكل صحية مثل الرومتيزم والصداع والالتهابات الجلدية (حساسية) واعتمد على بناتي في نظافة المنزل والطبخ لعدم وجود خادمة تساعدني.
6 ـ عندي تقارير للبنت الصغرى - تثبت مراجعتي بها للمستشفيات بالطائف طيلة تلك الفترة حتى شفائها من مرض السهو.
7 ـ أنا مشتركة في الضمان الاجتماعي منذ سنه ويدفع لي 800 ريال شهرياً.
أخيراً أريد منكم أن تعطوني نصائح فيما علي فعله؟
ولكم جزيل الشكر ولا خاب من استشاركم.
الجلسة في يوم السبت 16/8/1427 هـ. محكمة رنية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع وجوب نفقه الزوجات على الأزواج، والأولاد على آبائهم.
يقول الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:233} . وقال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ {الطلاق:7} . وروى البخاري أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال عليه الصلاة والسلام: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. وقد أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها إذا كان بالغا، ولم تكن هي ناشزا، وعلى أولاده الذين لا مال لهم. يقول ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه العلم أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. وهذا كله فيما إذا كانت النفقة حاضرة، وأما ما مضى زمنه ولم يكن الزوج قد أنفق فيه وهو موسر بها، فالذي عليه جمهور أهل العلم أن نفقة الزوجة لا تسقط عنه.
قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدة لم يسقط بذلك، وكانت دينا في ذمته، سواء تركها لعذر أو غير عذر في أظهر الروايتين. وهذا قول الحسن ومالك والشافعي وإسحاق وابن المنذر. والرواية الأخرى: تسقط نفقتها ما لم يكن الحاكم قد فرضها لها، وهذا مذهب أبي حنيفة ... ولنا أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم يأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى. ولأنها حق يجب مع اليسار والإعسار فلم يسقط بمضي الزمان كأجرة العقار والديون. قال ابن المنذر: هذه نفقة وجبت بالكتاب والسنة والإجماع، ولا يزول ما وجب بهذه الحجج إلا بمثلها. ولأنها عوض واجب فأشبهت الأجرة. وفارق نفقة الأقارب فإنها صلة يعتبر فيها اليسار من المنفق والإعسار ممن تجب له، وجبت لتزجية الحال، فإذا مضى زمنها استغنى عنها، فأشبه ما لو استغنى عنها بيساره.
وعليه، فمن حقك أن تطالبي مطلقك بنفقتك للسنوات الثلاث التي لم ينفق فيها وأنت في عصمته.
هذا بالنسبة لنفقتك أنت، أما نفقة الأولاد إذا مضى زمنها، فإنها محل نزاع بين أهل العلم، والذي مال إليه بعضهم هو أنها تسقط بمضي زمنها ما لم يكن قد حُكم بها، أو يكون المنفِق عليهم غيرَ متبرع.
قال الشيخ خليل بن إسحاق -رحمه الله تعالى-: وتسقط [يعني نفقة الأولاد] عن الموسر بمضي الزمن إلا لقضية أو ينفق غير متبرع.
وقال الدسوقي: فإذا ادعى المنفَق عليه أن الإنفاق صلة، وادعى المنفق أنه لم يقصد صلة، بل قصد الرجوع أو لم يقصد شيئا، فالقول قول المنفق بيمين ... فيحلف أنه أنفق ليرجع.. ومحل حلفه ما لم يكن أشهد أنه حين الإنفاق أنفق ليرجع، وإلا فلا يمين. (2/518) .
فإذا لم يكن قد حُكم لأولادك بالنفقة، ولم تكوني قد أنفقت عليهم بنية الرجوع على أبيهم فليس لك رجوع عليه بما أنفقتِه عليهم. وإن كان قد حُكم لهم بها، أو أنفقت عليهم بنية الرجوع، فلك أن ترجعي على أبيهم بما صرفتِه في النفقة عليهم إذا حلفت على ذلك أو شهدت لك به بينة.
وأخيرا ننصحك بمراجعة المحاكم الشرعية في بلدك حتى تأخذ لك حقك من هذا الرجل، ولكي تقرر حكم حضانة البنات.
وعلى العموم فالمسائل التي فيها طرف منازع لا يفيد فيها إلا حكم القاضي. نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(13/16819)
يأثم الأب في تقصيره في النفقة الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الأب الذي يستطيع الإنفاق على زوجته وأولاده سواء في العلاج أو غيره من مستلزمات المعيشة ولا ينفق ويمنع أحد الأبناء من الصرف على المنزل إلا من خلاله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقات على الزوجة والأولاد على قسمين:
القسم الأول: نفقة واجبة على الأب تجاه أبنائه وزوجته.
القسم الثاني: نفقة غير واجبة.
فإذا كان الأب يقصر في النفقة الواجبة مع قدرته على ذلك، فإنه آثم ويجب عليه التوبة، وأداء الحقوق تجاه زوجته وأولاده، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي.
ولهم حق المطالبة بالنفقة، ولكن ينبغي التنبيه إلى أمور:
أولاً: الفروق بين نفقة الزوجة والأولاد، وقد سبق بيان الفروق في الفتوى رقم: 67101.
ثانياً: إذا تمكن الأبناء من الصبر والتحمل فهو الأفضل والأحسن، وإن لم يتمكنوا فلهم المطالبة بذلك قضاء.
ثالثاً: حفظ حق الأب، فإن له حقاً عظيماً لا يسقط بقسوته وترك إنفاقه، كما سبق في الفتوى رقم: 73279، والفتوى رقم: 73417.
رابعاً: على الزوجة أيضاً رعاية حق زوجها وطاعته وإن قصر في بعض حقوقها، إلا أن يكون قد منعها النفقة الواجبة، فلها أن تخرج لتحصيلها، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 70323، وما فيها من إحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(13/16820)
الإنفاق مما وهب للزوجة الأولى على الزوجة الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج ولي أولاد وكنا نعيش في بلد غربي وكان ذلك البلد يعطينا معونة اجتماعية (أموال) أي راتب لي ولزوجتي ولأولادي ثم ذهبنا إلى بلد عربي وهناك تزوجت من امرأة أخرى علما بأن هذه المرأة الثانية لا تشملها المعونة بل أصرف عليها من هذا الراتب الذي يأتينا من ذلك البلد وهذه الأموال التي نأخذها من تلك الدولة مقسمة علي وعلى زوجتي بالتساوي والباقي للأولاد الذين هم من زوجتي الأولى أي إذا سافرت أو غبت عن البلد أنا فهم لا يقطعون الراتب كله , فقط الراتب الخاص بي والمختلط بالراتب الكامل.
فالسؤال الآن: هل يجوز لي أن اشتري بيتا وأسجله باسم زوجتي الأولى وأولادها أو باسمها هي فقط علما بأن هؤلاء أولادها حفظا لحقوقهم وعدم شراء بيت آخر للزوجة الثانية لأنها لا تأخذ من تلك المعونة (المال) وعلي أن اصرف على الزوجة الثانية فقط من مالي.
علما بأنا ذهابنا إلى الدولة الغربية كان بسببي أنا، فلو لم أذهب إلى هناك لم تذهب الزوجة والأولاد إلى تلك البلاد وما كانوا قد أخذوا المعونة.
وهل يجوز لي أن أصرف على الزوجة الثانية من ذلك المال كله بالعدل وذلك للعدل بين الزوجات أو يسمح للزوجة الأولى أن تصرف أكثر من الثانية بسبب أن لها ولأولادها حق أكبر في ذلك الراتب. وجازاكم الله خيرا
الرجاء الرد على هذا السؤال للضرورة الملحة وبأسرع وقت ممكن على البريد الالكتروني
والرجاء كتابه اسم الشيخ المفتي بهذا الأمر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يجب على الزوج أن يساوي بين نسائه في النفقة والكسوة وغيرهما، مع اتفاقهم على وجوب التسوية في المبيت. والذي يدل عليه عموم الأدلة: أنه يجب عليه أن يساوي بين نسائه في كل شيء، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى، جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وإسناده صحيح.
وعليه، فإذا كانت المعونة تعطى كلها لك أنت باعتبارك عائل الأسرة والمنفق عليها، فليس من حقك أن تخص زوجتك الأولى بشيء منها.
وأما إن كانت تعطى موزعةً، نصيب منها لك أنت، وآخر لزوجتك الأولى، وثالث لأولادك، فليس لك أن تنفق شيئا مما وهب لزوجتك إلا برضاها.
ولا مانع حينئذ من أن تشتري بما هو موهوب لها هي وأولادها بيتا وتسجله باسمها وأولادها لأن المال مالها هي وأولادها، ولا يحق لك التصرف فيه إلا برضى من يعتبر رضاه منهم، وهو البالغ الرشيد، وأما غير الرشيد فلا يتصرف في ماله إلا بما يعود عليه بالمصلحة، ولا شك أن شراء البيت فيه مصلحة واضحة. ولمعرفة من يتولى الإجابة على الفتاوى بالشبكة الإسلامية يمكنك مراجعة الفتوى التالية: 1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1427(13/16821)
الزوج ملزم بالنفقة على زوجته ولو كانت موظفة ولها مال
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي دكتور في الشريعة الإسلامية لكنه لا يطبق لا الشريعة ولا الإسلام حيث لا يعاملني معاملة طيبة وهو الآن لا يكلمي لمدة شهرين ولا يقوم بواجبه من سكن ونفقة فأنا التي اشتريت المنزل الذي نسكن فيه مع ابني وابنتي وهو يتكلف فقط بالمصروف اليومي من الأكل ويطالبني بدفع قسطي من ثمن هذا المصروف أما لباسي أو التطبيب بل وحتى مصاريف الحمل والوضع في المصحة لا يدفعها مع العلم أنني دائما أضع بعملية قيصرية ويبرر ذلك بأنني موظفة وأتقاضى أجري، فلا أدري ماذا أفعل حيث لا أجد مع من أتكلم فأبي متوفى وأمي وإخوتي كلهم بفرنسا مع العلم أن امرأة بالحجاب في بلدي تعاني ضغوطات كثيرة فلا أجد من يواسيني في وحدتي ولمن أشكو فأنا صابرة لكي لا أشرد أبنائي بالطلاق بالإضافة إلى الكذب حيث اكتشفت أنه كان متزوجا قبلي بثلاث نساء ولم ينجح في الزواج فالحقيقة أعاني كثيرا ولا أعرف ماذا أفعل معه بالإضافة إلى الخيانة الزوجية حيث كان يخونني مع طليقته وأخريات وذلك بعد شهر من زواجنا، فأرجو منكم النصيحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح لك زوجك، ونوصيك أيتها الأخت الكريمة بالصبر، وثقي بالله تعالى، أنه سيجازيك على صبرك الفرج والظفر، وننصحك بما يلي:
أولاً: مطالعة الفتوى رقم 8601.
ثانياً: أكثري من دعاء الله تعالى أن يفرج عنك، وأن يصلح لك زوجك.
ثالثاً: وسطي من أقاربك أو أقارب زوجك من لهم كلمة مسموعة عند زوجك.
رابعاً: ذكري زوجك بما يجب عليه من رعاية أسرته، والإنفاق عليك.
وننبه إلى أن الزوج يلزمه أن ينفق على زوجته ولو كانت موظفة ولها مال كثير، فإن رأيت أنه يتمادى في التفريط في حقوقك فلك أن ترفعي أمرك للقضاء، وهذا أمر خاضع للمصلحة والمفسدة، ولذا نرى أن تشاوري من لهم خبرة ورأي سديد في ما هو التصرف الصحيح تجاه ما يقوم به زوجك. وفقك الله وأعانك ويسر أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(13/16822)
مسائل في نفقة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد 4 سنوات من الحياة الصعبة ورغم جهود ومحاولات متعددة للإصلاح باءت كلها بالفشل أخبرت زوجتي أن الحل الوحيد لمشكلتنا هو الانفصال، فاقترحت عليها الطلاق في بلادنا الأصلية المغرب التي تم فيها زواجنا طبقا للكتاب والسنة وعندما تحصل هي على الإقامة المستمرة في البلاد التي نعيش بها سويسرا، حينئد نوثق الطلاق عند القضاء السويسري، من الناحية المادية تعهدت أن أنفق على ابنتنا البالغة من العمر 3 سنوات حتى تنهي دراستها وأن أساعدها هي قدر المستطاع حتى يمكنها الاعتماد على نفسها، لكن زوجتي ضربت كل هذا عرض الحائط وذهبت مباشرة إلى القضاء السويسري، علما منها بأن هذا القانون سيمنحها على الأقل نصف راتبي شهريا، بعد بضعة أشهر أصدرت المحكمة السويسرية الحكم الآتي: أن أدفع لزوجتي شهريا نفقة لها شخصيا بمقدار 40 في المئة من راتبي الشهري، علما بأن زوجتي لا تشتغل، أن أدفع لها زيادة على هذا شهريا 15 في المئة من راتبي الشهري كنفقة حضانة ابنتنا التي تعيش معها، هذا الحكم يمتد أثناء سنتي الانفصال و10 سنين بعد إصدار الطلاق، ما هو حكم الإسلام في هذا التصرف الذي قامت به زوجتي باللجوء إلى القضاء السويسري وتجاهل التحاكم في بلادنا الإسلامية، هل للمرأة المطلقة طلاقا بائنا حق في النفقة والسكنى بعد انتهاء مدة العدة زيادة على نفقة الأطفال، إذا كان هذا الحكم الصادر عن هذه المحكمة السويسرية يخالف الشريعة الإسلامية، فما هو حكم زوجتي التي قبلته بذريعة أنه يجب الخضوع لقوانين البلد الذي نعيش فيه إذا كانت هذه النفقة التي حصلت عليها غير مشروعة في الإسلام، هل أنا ما زلت مطالبا بأن أدفع لها مؤخر صداقها تقريبا 23 في المئة من راتبي الشهري، مع العلم بأنني استأجرت بيتا أسكن فيه وحدي وحالتي المادية تدهورت بسبب هذا، أرجوكم أن تفيدونا وأن تقدموا نصيحة لزوجتي لعل الله يهديها على أيديكم ويستفيد منها المسلمون القاطنون في الغرب؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقامة في بلاد الكفر يغلب أن تكون سبباً في مثل هذه البلايا التي تتعلق بالتحاكم إلى القوانين الوضعية وغيرها من بلايا، فواجب المسلم الحذر من الإقامة بتلك البلاد إلا لضرورة أو حاجة معتبرة شرعاً، كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 2007.
وما أوردت من أسئلة نجيب عليها في النقاط التالية:
النقطة الأولى: أنك لم تذكر صراحة إن كنت قد طلقت هذه المرأة أم لا.. والذي فهمناه أنك لم تطلق، وعليه نقول: إن المرأة إذا كانت في عصمة زوجها تجب عليه نفقتها ما لم تكن ناشزاً، وكذا تجب عليه نفقتها إن كانت في عدة من طلاق رجعي، أما في الطلاق البائن فيجب إن كانت حاملاً، وأما إذا لم تكن حاملاً فقد اختلف الفقهاء في وجوب نفقتها، والراجح عدم الوجوب، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 7455.
النقطة الثانية: أنه يجب على الأب نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم حسب استطاعته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19453.
النقطة الثالثة: أن المرجع في تحديد نفقة الزوجة هو الوسع والعرف، كما بينا بالفتوى رقم: 7455 فلا يرجع في ذلك إلى أهواء الناس ولا اعتبار بما تقضي به المحاكم الوضعية.
النقطة الرابعة: أن التحاكم إلى القوانين الوضعية لا يجوز، فإن فعلت زوجتك ذلك لغير ضرورة فهي آثمة، والواجب التحاكم إلى شرع الله فيمكنكم مراجعة أحد المراكز الإسلامية هناك أو أي محكمة شرعية في بلد مسلم، وتراجع الفتوى رقم: 7561، والفتوى رقم: 11820.
النقطة الخامسة: أن مؤخر الصداق حق للمرأة تستحقه عند حلول أجله إن كان له أجل، أو عند حصول الفرقة بموت أو طلاق إن لم يكن له أجل، وتراجع الفتوى رقم: 17243.
ولكن ههنا أمر ينبغي التنبه له وهو أن من كان في مثل حالك وأخذت منه المرأة شيئاً من المال بغير وجه حق -كما هو الحال في حكم هذه المحكمة- فله أن يأخذ بقدره من مالها أو مما في ذمته لزوجته من مؤخر الصداق ونحوه، وهذا ما يسمى بمسألة الظفر بالحق.
وفي ختام هذا الجواب نوصي هذه الزوجة بأن تتقي الله تعالى وتتوب إليه، وأن ترجع إلى حكم الشرع فلا تلزم زوجها بما لا يلزمه شرعاً، ونؤكد على الرجوع إلى الجهة المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية أو إلى محكمة شرعية في بلد مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(13/16823)
نفقة الزوجة إذا سافرت بغير إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء سرعة الرد وعدم إحالتي إلى سؤال سابق وجزاكم المولى كل خير إن شاء الله
أمي سافرت إلى أخي حيث يقيم في الولايات المتحدة ودون إخبار والدي حيث إنهما كانا علي خلاف.. أمي احتاجت إلي مساعدات مالية كي تدفع الإيجار وخلافه.. فهل على والدي حرج إن لم يقم بتحويل المال المطلوب لها ... علما أن والدي لا يملك قيمة المبلغ نقدا..فهل يجوز لأمي أن تطالبه بأن يتداين كي يدفع لها ... وهل يعتبر المال المطلوب من النفقة الملزم بها أبي؟ وجزاكم الله عنا كل خير إن شاء الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقة حق للزوجة على الزوج، وهذا الحق للزوجة في مقابل تمكينه من نفسها، فإذا خرجت من البيت بغير إذنه فقد أسقطت حقها في النفقة.
قال البهوتي في كشاف القناع: وإذا نشزت المرأة فلا نفقة لها لأنها في مقابلة التمكين أو سافرت أو انتقلت من منزلته، وإن كانت في غيبته بغير إذنه. انتهى.
فليس للمرأة الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن زوجها، وخروجها بغير إذنه معصية ونشوز يترتب عليه سقوط النفقة لها والسكنى حتى تعود إليه؛ لأنها بالخروج قد فوتت حق الزوج، وتراجع الفتوى رقم: 11797، وعليها التوبة من هذه المعصية والعودة إلى بيت زوجها أو طلب إذنه وتطييب خاطره ولا يجب على الزوج إرسال المبلغ الذي طلبته الزوجة لكن له فعل ذلك من باب الإحسان إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(13/16824)
إسقاط الزوج حقه في المعاشرة لا يسقط نفقة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة نتيجة التباعد الفكري والعاطفي بينها وبين زوجها أصبحت تنفر من العلاقة الزوجية إلى درجة البكاء أحيانا، لذلك طلبت من زوجها الانفصال فعرض عليها الاستمرار بدون هذه العلاقة واستمر الحال هكذا سنوات، ولكنها كانت تشعر أن هذه الحياة لا ترضي الله سبحانه وتعالى، لذلك خلال هذه السنوات حاولت كثيراً أن ترجع العلاقة (زوجات كثيرات يقمن علاقات مع أزواجهن بدون أية مشاعر) ، ولكنها للأسف ليست من هذا النوع فكانت تتألم منها كثيرا والسنوات زادت التباعد، الآن هي تحاول طلب الانفصال مرة أخرى، فهل لو عرض عليها الزوج نفس الحياة السابقة هل هي بذلك تغضب الله مع أنه عرض الزوج أي يوافق عليه، وأيضا ما هي حقوقها من الناحية المادية من حيث الملبس وخلافه، حيث إن الزوجة التي ترفض زوجها لا تستحق أن ينفق عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقة الزوجية علاقة بين روحين قبل أن تكون علاقة بين جسدين، تقوم على حب ومودة، ورحمة، واحترام، وتضحية، وغير ذلك من المعاني الجميلة والمشاعر النبيلة، ولذا قال الله سبحانه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21} .
غير أن هذه المشاعر وهذه المعاني قد لا توجد في بعض الحالات، وعدم وجودها لا يؤثر على استمرار الحياة الزوجية ونجاحها، وقد قال عمر رضي الله عنه: إذا كرهت إحداكن زوجها فلا تخبره، ولتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام.
وحتى إذا لم توجد هذه المشاعر فإن الحقوق لا بد من أدائها، وحدود الله لا بد من مراعاتها، وإن من الحقوق الواجبة ومن الحدود المرعية حق الزوج في الفراش والاستمتاع، فإذا لم تستطع الزوجة القيام بهذا الواجب وخشيت أن لا تقيم حدود الله، فقد قال الله سبحانه: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة:229} ، فللزوجة أن تخالع الزوج وتفتدي منه مقابل طلاقها.
أما من حيث الإثم فلا إثم على الزوجة في ترك الفراش، في حال رضى الزوج بذلك، فحق الفراش للزوجين، ولهما الحق في الاتفاق على إسقاطه من الطرفين أو من أحدهما إذا كان الآخر لا يريده، ولا تكون الزوجة ناشزاً حالئذ، ولها النفقة لأن النفقة إنما تسقط بالنشوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(13/16825)
للزوجة أن تخرج في طلب الرزق إن منعها زوجها حقها في النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو منكم رجاء الرد في أسرع وقت ممكن:
رجل عربي مقيم في لندن منزوج من كندية مسلمة إثر تفجيرات لندن الأخيرة عادت هذه الأخت إلى كندا على أن يلحق بها زوجها بعد أن يتحصّل على أوراقه للانتقال لكندا عالما أنها قد فقدت توأمين بسبب الحادثة (كانت في إحدى عربات القطار الذي انفجر) إضاقة إلى معاناتها من مشاكل بالغدّة الدّرقية وإلى الحالة غير الصحية التي كانت تعيش فيها في لندن (غرقة واحدة لا ننوقر فيها الشروط الصحيّة) . عند عودة الأخت أخذ الزوح يماطل ولم يقم بأي استعدادات للذهاب لكندا متعلّلا بدخله المحدود فأوقف اتصالاته الهاتفية وأعلمها أنه لن يستطيع دفع نفقتها (لها ولدان مراهقان (11 و 14 سنة) تحت رعايتها من زوجها الأوّل الذي لم يكن مسلما وهي تتسلم نفقة الطّلاق عليهم لكنها لا تفي بحاجتهم بسبب برودة الطقس وغلاء المعيشة خاصة بعد زواج طليقها ومماطلته في دفع النفقة) وقد أعلمها زوجها العربي مؤخّرا أنه على الأغلب سيطلّقها خلال اليومين القادمين مع إمكانية إرجاعها في فترة العدّة إن أستطاع حلّ مشاكله الأخت الآن تعاني من قلّة ذات اليد ولا تملك لحد يوم أمس إلاّ بعض البيضات والخبز عرضت عليها إحدى الأخوات رعاية ابنها الرّضيع بمقابل جيد جدّا قصد إعانتها وذلك خلال النهار حتى تستطيع هي التركيز على مراجعة دروسها (أي أن والدة الطفل ستكون بالبيت حين تواجد الأخت لأنّها ترضعه) ولكن حين أعلمت الأخت الكندية زوجها بالعرض رفض قائلا: ماذا سيفعل أبناؤك حين يعودون للبيت ومن سيعطيهم أكلهم وألم تقولي أن الطقس بارد وماذا لو رجع زوج المرأة لبيته (الزوحة أصلا ستكون بالبيت! ّ) ,إلخ) . الأخت تعاني الآن حقيقة من قلّة ذات اليد ولا تستطيع توفير مال حتى لأكل أبنائها دون ذكر حاجتها لحذاء بسبب البرد القارس) وهي تسأل هل لها أن تطيعه في رفضه هذا وتبقى تتلمس إحسان بعض المحسنين أم تقبل عرض الأخت علما أنها قد رفضت العديد من عروض العمل وذلك لعدم توفر الشروط الشرعية فيها (اختلاط, طُلب منها لبس البنطال , الخ) ؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لهذه الأخت الثبات على الهداية والحق، وأن يرزقها الله من فضله العظيم، وأما بشأن ما ورد في السؤال، فنقول: لا يجب على المرأة طاعة زوجها إن أمرها بعدم الخروج من البيت إن كان قد منعها النفقة الواجبة، بل لها أن تخرج في طلب الرزق حتى تقوت نفسها وأولادها، فإن وفر لها النفقة الواجبة والمسكن وأمرها بعدم الخروج وجب عليها حينئذ طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(13/16826)
حكم رجوع الزوجة بما أنفقت على البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي عاملة وتضع كل راتبها في المنزل مع راتبي ونأخذ ما نحتاجه من المال حصل خلاف فقال لها أخوها فليحضر رواتبك القديمة كلها مع العلم أنها تضع المال باختيارها فهل يجب علي إرجاع الرواتب وكنت قد وعدتها أن نشتري شقة ونكتبها لكلينا ولكن هناك من ينصحني بعدم فعل ذلك وأنه يجب أن تكون هناك استقلالية بشقة لمفردي خاصة وأنني غير متفاهم مع زوجتي وأنا في حيرة من أمري أرجو المساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة قد صرحت لك بالتبرع بهذا المال، أو جرى العرف بذلك فلا يحق لها المطالبة بما تبرعت به نصاً أو جرى العرف بالتبرع به، عملاً بقاعدة (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً)
أما إذا لم تكن الزوجة قد صرحت بشيء عند خلط مالها بمالك، ولم يكن العرف جارياً بأن ذلك من باب التبرع منها، فالمعول حينئذ يكون على نيتها، فإن كانت نوت الرجوع عليك بما أنفقت جاز لها مطالبتك بمالها، وإن كانت نوت التبرع به فلا يحق لها المطالبة بشيء تبرعت لك به، وراجع في هذا الفتوى رقم: 16694، 34771، ولمعرفة حكم النفقة عموماً راجع الفتاوى التالية أرقامها: 105، 14993، 17203، 19453.
أما بالنسبة لشراء شقة تكون ملكيتها مشتركة بينك وبين زوجتك فهذا أمر يعود إلى طبيعة العلاقة بينكما ودراسة الآثار المترتبة عليه، ولا يمكننا الجزم فيه بشيء بل الأمر يعود فيه إليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1426(13/16827)
نفقة الزوجة تجب مع استغنائها بمالها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل بإيطاليا وأنا مع أمي، لكنه لا ينفق علي بدعوى أنه يوفر للمستقبل وأنه لا حاجة لي بالنقود، فكيف أتصرف مع زوجي، وما حكم الشرع في ذلك؟ مشكورين على الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة الزوجة واجبة لها على زوجها بالمعروف وحسب حاله، قال الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ {الطلاق:7} ، وقال صلى الله عليه وسلم:.... ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. رواه مسلم، ولا تسقط نفقتها عنه إذا كانت غنية إلا إذا أبرأته منها، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ونفقة الزوجة تجب مع استغنائها بمالها. وانظري الفتوى رقم: 34324.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: والنفقة قد وجبت عليه، والأصل أن ما وجب لا يسقط إلا بالإيصال أو الإبراء كسائر الواجبات.
فيجب على زوجك أن ينفق عليك واعتذاره بعدم حاجتك إلى الإنفاق غير مقبول لما بيناه، فعليه أن يتقي الله تعالى فيما وجب عليه، وإذا لم يفعل فلك أن تأخذي من ماله ما يكفيك بالمعروف إذا استطعت الوصول إليه، كما قال صلى الله عليه وسلم لهند لما شكت إليه شح أبي سفيان وأنه لا يعطيها ما يكفيها وولدها، فقال صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
وإذا لم تستطيعي الوصول إلى ماله ولم ينفق عليك فتبقى نفقتك دينا في ذمته حتى يؤديها إليك أو تبرئيه منها وذلك لأنها لا تسقط بمضي الزمان كما هو المشهور من مذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى، كما ذكر ابن القيم، فينبغي أن تبيني له ذلك أو تكلمي من يبينه له فذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(13/16828)
امتناع الزوج عن النفقة وقوله لامرأته أنت في حكم المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل حدثت بينه وبين زوجته مشادة بسبب أبنائه من زوجته المتوفاة وقام بإخراجها من المنزل ثم امتنع عن الإنفاق عليها محاولا أن يرغمها على العودة لمنزلة وحين طالبته بالإنفاق قال لها أنت في حكم المطلقة فهل تعتبر مطلقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقة ثابتة في ذمة الزوج، ولا تسقط إلا بنشوز الزوجة، وإذا كان الزوج هو الذي أخرج الزوجة، ولم تخرج بغير إذنه، فالنفقة تلزمه، وعلى الزوجة العودة إلى منزل الزوج، فإن أبت لغير عذر فتسقط نفقتها، وأما قول الزوج (أنت في حكم المطلقة) فهو كناية عن الطلاق، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا إذا نواه كما في الفتوى رقم: 38479.
فإذا نوى الطلاق فيقع الطلاق، وإن لم ينوه فلا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(13/16829)
حكم شراء الزوجة سيارة بما وفرته من مصروف البيت.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة أن تدخر من مال زوجها (المصروف الشهري) دون علمه وذلك بغرض رفع مستوى المعيشة للأسرة ككل مثل مساهمة المبلغ المدخر في شراء سيارة علما بأن هذا الزوج غير بخيل بل بالعكس هي تفعل ذلك لعدم اهتمامه بالادخار لهذا الغرض؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها الخاص إلا بإذنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنفق المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه. رواه الترمذي.
وإذا ادخرت شيئاً منه بغير علمه سواء كان من المصروف الشهري أو غيره، فإن عليها أن تخبره بذلك، فإعطاء المصروف لها أو وضعه تحت يدها لا يبيح لها التصرف فيه إلا بالمعروف، أو فيما أذن لها به تصريحاًً أوعرفاً.
وإذا فضل شيء من المصروف وصرفته في مصالح البيت دون إذنه فالظاهر أنه لا حرج في ذلك ما دام المبلغ الموضوع تحت يدها مخصصاً للاستهلاك وحاجة البيت، وبخصوص الادخار لشراء السيارة فإنه ليس من مستهلكات البيت ومصروفاته العادية؛ وإن كانت السيارة ضرورية للبيت في بعض الأحيان، ولهذا فإن على الزوجة أن تخبر زوجها إذا أرادت شراء سيارة بما وفرته من المصروف الشهري للبيت.
أما إذا كان ذلك من مصروف خاص يعطيه لها شخصياً فهذا ملك لها تتصرف فيه كيف شاءت ما دام ذلك في دائرة المباح دون إسراف ولا تبذير، والمرجع في ذلك كله هو العرف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند رضي الله عنها: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. متفق عليه.
ونرجو أن تطلعي على الفتاوى: 22917، 42095.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(13/16830)
حكم ما أخذته الزوجة من مال زوجها بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر توبتي صادقه إذا أخرجت ما كنت قد أخذته من زوجي الذي توفي -بدون علمه رغم أنه كان يصرف على كل مستلزمات البيت- عن طريق صدقة جارية له أو صدقة ودعاء له بأن يثيبه بكل فلس صرف رغم أنني كنت آخذ منه للكماليات بعض الأحيان عنادا لا حاجة لأنه رحمه الله لا يعطيني من أول مرة وأتخانق معه ثم في الآخر دوما آخذ ما أريده ونحن ليس عندنا أطفال وهو لله الحمد مستور الحال وكنت أقول له أنت الذي جعلتني هكذا لأنني متعودة أن آخذ ما أريد قبل الزواج منه بالحق وبصراحة معظم الذي كنت آخذه منه كنت أدعو له ولأهله المتوفين وهو على قيد الحياة واكتشفت أن الذي كان يجعله يرفض إعطائى من أول مرة هو صديق سوء عرفت من بعض الناس أنه كان يحاول أن يفسد الزوج على زوجته وقد عطل مصالح لي على أساس أني من جنسيه أخرى وأقوم الليل وأدعو على هذا الشخص رغم أنني أمتلك مالا ولله الحمد أكثر من زوجي المتوفى ودائما كنا نعيش في بحبوحة من العيش مع والدينا الله يرحمهما قبل الزواج.
لا أريد أن أشعر كثيرا بالذنب لأنه جدا علي كثير وإن زوجي رحمه الله كان متدينا خلوقا وأحبه من كل قلبي ولم ولن أجد رجلا مثله وحبي له نابع من حبه للقرآن وقيام الليل كل يوم وصلاته كلها في المساجد لذلك أريد أن يسامحني وأسامح نفسي والورثة لا أستطيع الوصول إليهم الآن وإن هناك خلاف معهم ومرة قلت له إنني أخذت منك وهذا في بداية الزواج وانقضى الموضوع ولكني عدت مرة ثانية وأفسر ذلك أنه فقط عناد من ناحيتي لأنه عاندني ولا مبرر لعدم إعطائي وأنا لا أنفق في شيء زائد أو حرام ولكن معظمه يذهب مساعدات وأنوي له الأجر دوما.
الرجاء الرد السريع لأنني فعلا أخرجت له يمكن أكثر مما أخذته في حياته وقد أخرجتها صدقه له ولوالديه وأهله المتوفين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أخذته من مال زوجك دون علمه مع عدم حاجتك إليه في النفقات الضرورية يعد مالا محرما يجب عليك رده إليه في حياته، أو رد ما زاد على إرثك لورثته بعد موته ولو كان بينك وبينهم خلاف، فإن لم يمكنك رده إليهم بأي صورة ترينها مناسبة وجب عليك التصدق به عنهم، وثواب الصدقة يكون لهم، فإن أمكنك الوصول إليهم بعد ذلك عرضت عليهم أمر الصدقة عليهم، فإن أقروا الصدقة فاحمدي الله، وإن لم يقروها وجب عليك رد المال إليهم ويكون ثواب الصدقة لك، وقد بينا هذا بأدلته في الفتاوى التالية أرقامها: 17365، 14207، 66608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(13/16831)
أخذ الزوجة من مال زوجها بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأشتغل وأضم مالي إلى مال زوجي ونصرف منه، وزوجي له دكان بيع وأنا آخذ منه يوميا دينارا واحدا بدون علمه لأصرفها على أهلي وعلى الفقراء فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية لتعلم السائلة أن نفقة الزوجة على الزوج ولو كانت الزوجة غنية، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 51104.
ومشاركتها الزوج وتعاونها معه في المصروف تثاب عليه بالنية الصالحة، ولا يجب عليها، ولها الأخذ من مال الزوج بقدر نفقتها الواجبة إن بخل بها ولو بغير علمه، كما في الفتوى رقم: 49843.
وعليه، فإذا كان المبلغ الذي تأخذه الزوجة دون علم الزوج يساوي القدر المصروف من مالها في ما يجب لها من نفقة أو أقل فلا بأس بذلك.
وأما إذا كان زائداً على نفقتها وكان الدكان من مال الزوج وليس لها فيه نصيب، فلا يجوز لها الأخذ منه إلا بإذنه، وإن كان لها نصيب في الدكان فلها الأخد منه بقدر حصتها فيه، ولكن بعلم الزوج حتى يحسب من حصتها ولا تطالب به أو ورثتها بعد ذلك، وقد أخذته هي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1426(13/16832)
حكم أخذ الزوجة من مال زوجها بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان أطلب من زوجي مبلغا محددا ويعطيني نصفه وأكون محتاجة وبعض الأوقات أضطر إلى الأخذ بدون إذنه ليس من باب السرقة أو الاحتيال إنما من باب الحاجة وأنا لا أعرف إذا أخذت بدون إذنه هل هو حرام أم لا، وعند الأخذ والله إني آخذ وأنا خائفة ولكن الظروف تحكم علي، فأرجوكم إفادتي عن حل يرضيني ويرضي زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما يجب لك على زوجك أن ينفق عليك بالمعروف فإذا ضيق عليك في النفقة عن المعروف فلك أن تأخذي من ماله دون علمه ما يكفيك وولدك بالمعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند لما شكت إليه أبا سفيان وبخله فقال لها: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.. متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وأما ما زاد عن الحاجة وكان أخذه لا يسمح به الزوج مما يعتبره العرف كثيراً فإنك تأثمين بأخذه، كما بينا في الفتوى رقم: 6169، والفتوى رقم: 9457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(13/16833)
لا تلزم الزوج نفقة زوجته التي سافرت عنه للدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في مدينة تبعد عن مدينة زوجي بحوالي 500 كم , وأسكن لوحدي. عندما تزوجنا اشترطت على زوجي أن أكمل دراستي وقبل ذلك. سؤالي هو هل يجب على زوجي النفقة علي في كراء المسكن وفي النقل في مدينتي أم أن ذلك يجب عليه فقط عندما أكون معه في مدينته, مع العلم أنني أتقاضى منحة دراسية كبيرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللزوجة حق النفقة والكسوة والسكن على الزوج مقابل تمكينه من الاستمتاع بها، فإذا سافرت المرأة في حاجتها كالدراسة مثلا ولو بإذن الزوج سقط حقها لعدم تمكن الزوج منها، قال ابن قدامة في المغني: وجملة الأمر أنها إذا سافرت في حاجتها , بإذن زوجها , لتجارة لها , أو زيارة , أو حج تطوع , أو عمرة , لم يبق لها حق في نفقة ولا قسم. هكذا ذكر الخرقي والقاضي. وقال أبو الخطاب في ذلك وجهان. وللشافعي فيه قولان: أحدهما , لا يسقط حقها لأنها سافرت بإذنه , أشبه ما لو سافرت معه. ولنا أن القسم للأنس , والنفقة للتمكين من الاستمتاع , وقد تعذر ذلك بسبب من جهتها , فسقط , كما لو تعذر ذلك قبل دخول بها. وفارق ما إذا سافرت معه لأنه لم يتعذر ذلك. " انتهى
وعليه فما ذكرت السائلة من من نفقة في كراء سكن وأجرة مواصلات لدراستها لا تلزم الزوج، ولا تجب عليه إلا أن يتطوع بها فله ذلك
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(13/16834)
لا يحل للرجل أخذ مال زوجته إلا بطيب نفس منها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تم الاتفاق بين الزوج والزوجة قبل الزواج على أن يكون مال الزوجة لها من عملها ولكن بعد الزواج يأخذ جزءا من مالها بالإكراه ثم لا ينفق عليها نهائيا بحجة أنها موظفة، علما بأنها تقوم بجميع واجباتها المنزلية والزوجية، فما هو حكم الشرع في هذا المال الذي يأخذه الزوج، وما هو حكم الإنفاق عليها من مال الزوج، وهل ينصحها الفقهاء بالتغاضي عن حق الإنفاق أم ماذا أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حق للزوج في مال الزوجة، ويحرم عليه أخذ جزء من مالها دون طيب نفس منها، وهو نوع من أكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188} ، وقد نهى الله سبحانه عن أخذ الزوج مما آتى زوجته من المهر إلا في حال أن تطيب نفسها بشيء منه، فكيف بما هو من عملها وجهدها، قال الله تعالى: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً {النساء:20} ، وقال في الآية الأخرى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {النساء:4} ، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 48487.
وأما حكم الإنفاق على الزوجة فهو واجب على الزوج وإن كانت غنية أو موظفة، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 51104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(13/16835)
لا يجوز للزوج أخذ مال زوجته دون رضاها ولا أن يمنعها من التصرف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة وزوجي أخذ بطاقة الصرا ف الآلي الخاصة بحسابي في البنك ولا يعطيني إلا مصروفا لا يتعدى 100 ريال علماً بأن راتبي أكثر من 4000ريال وهناك تحويلات باسم أبنائي أضطر أن أسحب من حسابات أبنائي لأستطيع أن أفي بمتطلباتي وأضطر أن أكذب عليه بشأن المبالغ الموجودة في حسابات الأبناء وكذلك يسحب المبالغ بدون علمي اكتشف بعد مراجعة البنك / تصدقت بمبالغ بدون علمه لأنني طلبت ذلك منه فرفض بمبرر حاجتنا للمبلغ وعندما أطلب مبلغا لإهدائه لوالدي كذلك يرفض علماً بأن الله يبارك في راتبي وفي أبنائي أريد أن أسأل هل ما أفعله يجوز شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من التصرف في مالها، ما دامت بالغة رشيدة غير سفيهة ولا معتوهة ولا مجنونة، فقد جعل الله تعالى للمرأة الحق في تملك المال كالرجل، فأمر الوصي أن يدفع المال إلى اليتامى إذا بلغوا راشدين دون تفريق بين ذكر وأنثى قال تعالى: فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء: 6} .
فالواجب على الزوج هنا أن يدع لزوجته مالها تتصرف فيه كيف تشاء، فإن أصر على موقفه بعد، جاز لك أن تأخذي من ماله ما استطعت بشرط أن لا يزيد ذلك عن مقدار المال الذي أخذه منك، سواء كنت تحتاجين إلى المال أم لا، وهو المعروف في الشرع بالظفر بالحق.
علماً بانه لا يحق لك أن تأخذي من مال أبنائك شيئاً إلا لسد حاجاتك الضرورية كالطعام والمسكن والملبس ونحو ذلك مما لا تستقيم الحياة بدونه إذا لم يكن لديك مال وامتنع هو عن دفع الواجب عليه من نفقتك وكسوتك بالمعروف، وعجزت عن إلزامه بذلك ولو عن طريق المحاكم الشرعية، فمال الأبناء معصوم كسائر أموال الناس فلا يجوز لأحد الأبوين أن يأخذه إلا بوجه مشروع، ونفقة الآباء الفقراء واجبة على الأبناء الأغنياء ولو كانوا صغاراً، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4556، 16108، 17365، 62473.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(13/16836)
الإنفاق على الزوجة مقدم على نفقة الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي لابن يعطي والدته مصروفا شهريا، بحيث إنه يقصر على زوجته، ولكن منذ فترة بسيطة قطعه عنها مع العلم أن زوجها على قيد الحياة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلهذا الرجل أن يحسن إلى أمه ويعطيها من ماله ما يشاء، وله في ذلك أجر عظيم عند الله تعالى، لأن ذلك يدخل في جملة الإحسان إلى الوالدين الذي أمر الله تعالى به في قوله: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36}
هذا إن استطاع هذا الرجل الجمع بين العطاء لأمه والنفقة الواجبة عليه لزوجته، فإن لم يستطع فحق الزوجة مقدم على الأم وإن احتاجت إلى ذلك، لحديث جابر الذي أخرجه مسلم في صحيحه وفيه: إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهل بيته. قال صاحب كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: ويبدأ من لم يفضل عنه ما يكفي جميع من تجب نفقتهم بالإنفاق على نفسه، فإن فضل عنه نفقة واحد فأكثر بدأ بامرأته لأنها واجبة على سبيل المعاوضة فقدمت على المواساة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(13/16837)
للزوجة طلب الطلاق من زوجها الذي لا ينفق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم الإفادة حول متى تسقط قوامة الزوج؟
زوجى متعطل عن العمل منذ 3 سنوات بحجة عدم وجود عمل يرضيه ولا يبحث أساسا.. وأتحمل أنا من خلال عملى الشاق جميع مصروفات المنزل والأولاد ومصروفاته الشخصية أيضا وكذلك أقوم بعمل جميع المصالح الخارجية من توصيل الأولاد وعلاجهم عند الأطباء وشراء حاجات المنزل تماما كأنني أعيش بمفردى بالإضافة لتأدية جميع طلباته وأحسن إليه ولا أعايره بأي شيء وأنصحه بالحسنى، ولكنه لا يرتدع بل ويضربنى ويسب أهلي كلما وجد شيئا بسيطا غير مرتب مثلا رغم أنني لا أنام فى اليوم أكثر من 4 ساعات لأوفي عملي فى البيت وخارجه، وبشهادة أمه نفسها أنني أبذل مجهودا فوق الخيال وبيتي أنظف البيوت وسمعتي في عملي وبين الناس مثل الذهب وأخفي عن أهلي حقيقة ما يفعله معي من ضرب وإهانة حرصا عليه من بطشهم به، فهل تسقط قوامة هذا الزوج عني، وهل لو انفصلت عنه بعد هذه السنين المليئة بالعمل الشاق أكون مقصرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نسبت إلى زوجك من التقصير في الإنفاق وسوء العشرة أمور كلها لا تجوز، فالواجب عليه أن يسعى للبحث عن العمل حيث يحصل المال للإنفاق عليك وعلى أولاده إن كانوا فقراء، وذلك لقول الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ {الطلاق:7} ، وقوله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:233} ، وأجمعت الأمة على هذا، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.
ولا ريب أن إهمال المرء للإنفاق على من يعول يأثم به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. رواه مسلم، هذا فيما يخص زوجك.
أما أنت فانصحيه وحاولي إقناعه بضرورة العمل وتحمل المسؤولية التي جعلها الشرع عليه، فإن قبل نصحك وسعى للكسب وحسن أخلاقه في التعامل معك فهذا أمر طيب ينبغي أن تحمدي ربك عليه، وإن أبى إلا الكسل والتقصير في الواجبات وسوء العشرة فلك أن تطلبي الطلاق منه ولا يلحقك في ذلك إثم إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(13/16838)
الاحتيال لأخذ النفقة الواجبة من الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف أنكم ستقولون لي إن هذا حرام ولا يجوز ورغم ذلك فأنا سوف لا أقتنع لأنني استفتيت قلبي مئات المرات وأنا أصلي وأحفظ القرآن وأؤدي الأمانات والحمد لله وأعمل ما يرضي الله عز وجل وأراعيه في كل شيء قدر استطاعتي..... ولكن المشكلة في زوجي الذي رزقني الله منه بأربعة بنات أكبرهن في بداية سن المراهقة والصغرى 3 سنوات وهو يعمل بالخارج هروبا من مسؤولية تحمل البنات ولا يريد أي شيء يعكر عليه حياته سوي نفسه يعيش لنفسه فقط، كما يقول فوضت أمري لله فيه بالإضافة إلي عشقه للنساء سواء معاشرة الأزواج أو عبر النت والحمد لله أنه رحمني من وجوده بجانبي وإلا لكنت إما قاتلة أو مقتولة، لا يربطه بي وببناته سوي المال يرسله لنا كل شهر يكفي المأكل والمشرب فقط، وإذا طلبت منه أسرة لكي أفرق بين البنات في المضاجع بدل نومهم على المرتبة في الأرض أجاب ضميهم مع بعض علي سرير للتوفير في السراير والغطاء، خذنا معك يرحمك الله أنا مازلت في الثلاثينات من عمري ولا أستطيع أن أعيش وحدي ببناتي يرد اطلعي من دماغي وإذا جاء وجدت معه فواتير الموبايل للنساء الساقطات بأضعاف ما ينفقه على بناته في الشهر فيجن جنوني وأمه غنية ومبسوطة ومع ذلك يعطيها من المال بكثرة ويلبي لها كل طلباتها وطلبات ابنها الكبير ذي الثلاثين عاما والذي عرفت أنه ساعده في شراء سيارة كنوع من أنواع الترفيه وغيره، وهذا قليل من كثير لا يعلم به إلا الله ولا يتعظ ولا ينفع معه نصائح وإذا قلت له صل يقول لي صل أنت فقط ولا يهمك أمري ... الله الله فيه مرضت واحتجت للعلاج وعرفت أنه لا أحد لأبنائي سوى الله سبحانه وتعالى ثم أنا وأرسل إلي القليل لذلك فأنا الآن أقوم بابتزازه بشكل غير مباشر، وهذا هو الحرام، ولكني أفعله أدعي بأنني أتعالج عند أطباء كبار بكشف كبير ليرسل لي وأذهب لطبيب بسيط وأوفر الباقي لشراء احتياجات بناتي وأدعي أن الدواء غال وأقوم بشراء البديل الرخيص لأنفق على بناتي وأنا علي هذا الحال منذ شهر وسأستمر وأحيانا أقوم بأخذ وصفات من العطار وغيره ولا أذهب للطبيب رغم شدة مرضي كل ذلك من أجل بناتي لأحضر لهم الضروريات ... أهذا عدل وهل ما أفعله حرام، وهل سيحاسبني الله عليه، وهل أترك بناتي هكذا لا أب لا مال لا قدوة أهذا رجل، وهل أهله هؤلاء أهل، حسبي الله ونعم الوكيل فيه وفيهم وفي الساقطات الذين معه والمصيبة الكبري أنه رغم ما يتقاضاه من ألوفات مؤلفة ألا أنه مديون لتراب الأرض ما بين فيز وقروض كل هذا لأن الزاني مبشر بالفقر وعندما أقول له اتق الله ليبارك لك الله ومن سيسدد هذه الديون يجيبني بسخرية الورثة يهيننا في حياته ويذلنا حتى بعد موته، هل ما أفعله حرام، لا تقل لي اطلبي الطلاق فلقد طلقت ولم يفعل لي الطلاق شيئا أنا أعتبره في عداد الموتى ولكن ما يهمني هم بناتي ونفسي كيف أظل على ما أنا فيه وكيف أعيش ببناتي، وهل ما آخذه منه بهذه الطريقة حرام، هذا ما يؤرقني ليل نهار ورجل كهذا وصل من الفجور حد عدم الحياء كيف أتعامل معه، علما بأننا أدينا فريضة الحج سويا هذا العام وكأنه لم يحج!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الزوج واجب الإنفاق على زوجته وعياله بما يكفيهم بحسب قدرته ويشمل ذلك غذاءهم ولباسهم وعلاجهم وسكنهم وكل ما يحتاجون إليه بالمعروف، فإذا امتنع الزوج من ذلك مع قدرته فللزوجة أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف ولو بغير علمه ودليله ما ثبت في الصحيحين أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وبني، فقال: خذي ما يكفيك، وولدك بالمعروف.
فإن كان حقا ما قالته السائلة من كون النفقة التي يرسلها لها زوجها لا تكفيها وبناتها فلها الأخذ من مال زوجها إن كان له مال أو الاستدانة والاستقراض عليه في ذمته، والأفضل أخذ إذن القاضي الشرعي في ذلك.
وأما أخذ المال بالطريقة المذكورة في السؤال فلا يجوز لما في ذلك من كذب وغش وخداع، وكل هذه الأمور منهي عنها، إلا إذا تعين كوسيلة لأخذ الحق الواجب في مال هذا الرجل، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث هند السابق: يتفرع منه وهو أن الأب إذا غاب أو امتنع من الإنفاق على ولده الصغير أذن القاضي للأم إذا كانت فيها أهلية ذلك في الأخذ من مال الأب إن أمكن أو في الاستقراض عليه والإنفاق على الصغير، وهل لها الاستقلال بذلك بغير إذن القاضي وجهان يبنيان على الخلاف في قصة هند فإن كانت إفتاء جاز لها الأخذ بغير إذن وأن كانت قضاء فلا يجوز إلا بإذن القاضي. انتهى.
ونوصي الأخت بالصبر والاحتساب ونبشرها بما ورد في فضل من يقوم على تربية البنات والإحسان إليهن، ومن ذلك ما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار.
وما أخرجه مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(13/16839)
بيع المرأة ذهبها لسداد رسوم الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[تمت خطبتي لزوجي الحالي وأنا في الجامعة. وتعهد زوجي حينها بأنه سيدفع رسومي الجامعية. الآن زوجي ينكر أنه قام بوعدي. ويكرر بأن ذلك من واجب والدي وليس من واجبه. المشكلة الآن أن الجامعة تطالبني بدفع ما تبقى من الرسوم وإلا ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة؟ ماذا أفعل. أعلم تماما أن والدي لا يستطيع الدفع. وزوجي رافض رغم علمه بما سيحدث. وهو ميسور الحال. هل يحل لي أن أبيع ذهبي لأسدد المبلغ دون علم زوجي؟ ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الزوج دفع هذه الرسوم لأنها ليست من النفقة الواجبة عليه، ويستحب له أن يدفعها وفاء بوعده إذا كان وعد، ولأن في ذلك إحسانا إلى زوجته، وقد أمره الله بحسن معاشرتها: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19} . ويجوز للزوجة بيع ذهبها أو غيره مما تملك لسداد هذه الرسوم ولو بغير إذن الزوج، ويستحب لها إخباره للعلة نفسها وهي حسن العشرة، هذا إذا كان الذهب ملكا لها، أما إذا كان ملكا للزوج فلا يجوز لها بيعه لقضاء دينها إلا بإذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(13/16840)
نفقة الزوجة الكبيرة وتمريض الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي (76 سنة) متزوج بأخرى (80 سنة) بعد وفاة أمنا ولها ابن وأنا وأختي سيدتان متزوجتان ولنا أبناء – وقد تدهورت حالة أبى الصحية ودخل المستشفى في غيبوبة واقترح الأطباء خروجه مع الاستعانة بمن يمَرضه ورفضت زوجته أن يتم تمريضه في بيته فاتفقت أنا وأختي أن تأخذه عندها شهرا وعندي شهر على أن لا نحمل زوجينا نفقاته الباهظة – أبي له معاش من الحكومة تعود أن يعطيه لزوجته بالكامل – السؤال هو كيف نقسم المعاش بين نفقاته الباهظة وزوجته الممتنعة عن بقائه في بيته – وكيف نحدد المقدار الواجب نفقته عليها وهي لها ابن – أفتونا مأجورين نحن لا نريد أن نأخذ حق أحد ولا نفرط في حقنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان البيت هو بيت أبيك فليس من حق زوجته أن تمنعه منه، وهي بهذا الفعل تعد ناشزا لا تستحق من النفقة قليلا ولا كثيرا، وإن كانت لم تمنعه من البيت وإنما لم تقم بتمريضه، فالتمريض من خدمته، وهل يجب على الزوجة أن تخدم زوجها إن كانت قادرة أم لا؟ سبق جواب ذلك في الفتوى رقم: 14896، فعلى القول بوجوب خدمته تكون بتركها ذلك ناشزا فلا تستحق النفقة، وعلى القول بعدم وجوب خدمته فلا تكون ناشزا ويجب أن ينفق عليها النفقة المقدرة المذكورة في الفتوى رقم: 50068. وعلى القول بوجوب خدمة المرأة لزوجها فإن تركت ذلك لعذر كمرضها أو عجزها عن ذلك لكبر سن مثلا فلا تعد ناشزا ولها النفقة، فإن كان المال يفي بحاجة الجميع أعطيت المرأة النفقة المذكورة في السؤال والباقي ينفق على أبيك وولده إن كان صغيرا لا مال له أو كبيرا عاجزا عن العمل، فإن كان المال لا يفي بنفقة الجميع فيقدم أبوكم صاحب المال في النفقة عليه من ماله ثم إذا فضل شيء أنفق على زوجته وولده منه على اختلاف بين أهل العلم في أيهما يقدم عند ضيق النفقة، هل الزوجة أو الولد، والدليل على تقديم الإنسان في نفقته من ماله على غيره من زوجته وولد قوله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن كان فضلا فعلى عياله فإن كان فضلا فعلى قرابته. إلى آخر الحديث، رواه النسائي وأبو داود والإمام أحمد واللفظ الذي ذكرنا للنسائي، وقوله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك..... إلى آخره، وهو في صحيح مسلم. وقال صاحب الفواكه هو مالكي: وأما نفقة نفسه فتقدم ولو على نفقة الزوجة لسقوط الوجوب عنه لغيره حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(13/16841)
حكم اشتراط الزوج على زوجته تحمل نفقتها مقابل سماحه لها بالعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعمل مساء وتترك لي طفلتنا الصغيرة لكي أعتني بها، علما بأن عملها بمركز طبي ونحن لسنا في حاجة إلى عملها إلا أنها تعمل بسبب رغبتها في شراء الهدايا لأقاربها عند عودتنا لبلدنا في الإجازة السنوية، علما بأن أهلها ميسورو الحال ولكنها تهديهم على سبيل المجاملة فقط، ولكي يكون لها مال مستقل فهل يحق لي أن أشترط عليها أن تحمل هي نفقتها الشخصية في سبيل موافقتي على عملها أم أن نفقتها هي واجبة علي؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نفقة المرأة وكسوتها واجب على الزوج ولو كانت غنية، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 14993.
لكن إن رضيت الزوجة بالتنازل عن بعض حقوقها في النفقة مقابل أن يسمح لها زوجها بالعمل المنضبط بالضوابط الشرعية، فليس في ذلك حرج، وانظر الفتوى رقم: 4554، والفتوى رقم: 36890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(13/16842)
لا حق للزوجة فيما زاد على النفقة المعتادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تدخر مبلغاً لجهازي من غير علم أبي، مع العلم بأن أبي مسرف جداً وممكن يأخذ هذه الأموال ويبددها، فهل لو وصل المبلغ حد الزكاة يجب على أمي إخراج زكاة عن هذا المبلغ بالنيابة عن أبي دون علمه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأمك الإدخار من مال زوجها إلا بإذنه، إذ لا حق لها فيما زاد على النفقة المعتادة. وبالتالي، فالواجب على أمك أن ترد المال إلى الزوج أو تطلب منه أن يهبه لها، وراجعي الفتوى رقم: 22917، والفتوى رقم: 42095.
ولا يجزئ إخراج زكاة المال المذكور بغير علم مالكه؛ لأن النية شرط في صحة الزكاة؛ كما سبق في الفتوى رقم: 28168.
وللتعرف على تفصيل كلام أهل العلم حول من يطالَب بتجهيز بيت الزوجية، راجعي الفتوى رقم: 31057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(13/16843)
المن بالنفقة على الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي أى مصروف يصرفه علي يبدأ يمن ويقول أنا صرفت عليك كذا وكذا وأحيانا يسجل كل المصاريف في مذكرة وأنا متضايقة من هذا الفعل علما بأنه إذا صرف على أحد غيرى مثل أهله أو أي أحد آخر فلا يذكر المصاريف، فأرجو أن تقولوا لي هل من الواجب أن يصرف علي زوجي أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الله سبحانه عن المن بالصدقة، وجعل المن مبطلا لها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى {البقرة:264} . هذا في صدقة التطوع التي لا تجب على الإنسان فكيف بما هو واجب عليه، فالنهي عن المن بالواجب يكون أعظم، لأنه ليس له أن يمن به أصلا؛ ومن المعلوم أن النفقة على الزوجة واجبة على الزوج، فليس لهذا الزوج أن يمن على زوجته بما ينفقه عليها لسببين:
الأول: أن هذه النفقة واجبة عليه فلا منة له عليها بها.
الثاني: أن المن حرام ومبطل للعمل.
فعلى هذا الزوج التوبة إلى الله من هذه المعصية وليحذر من هذه الصفة التي هي من صفات المرائين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ {البقرة:264} . وعليه أن يعاشر زوجته بالمعروف وليس من المعروف أن يمن بما ينفقه عليها من نفقة هي واجبة عليه في الأساس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(13/16844)
ما يحل للزوجة أخذه من مال زوجها دون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مسرف جدا في الأكل والشرب فقط وأمي تضطر إلى أن تأخذ جزءا من مصروف البيت لأي طارئ مع العلم أنها تصرف كل الأموال في أي شيء يحتاجه البيت غير الأكل والشرب وأبي لو علم سيأخذ الأموال ويصرفها في أشياء غير هامة هل موقف أمي حرام وهل يجب أن تقول لأبي. أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل عدم أخذ الزوجة من مال زوجها إلا بعلمه وإذنه، سوى ما يكفيها وولدها بالمعروف إذا شح الزوج به.
لحديث هند بنت عتبة: خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف رواه البخاري ومسلم.
فإذا كان الزوج مسرفا الإسراف المنهي عنه، فينصح في ذلك ولا يؤخذ من ماله إلا بعلمه، وإن كان هذا الإسراف في المأكل والمشرب يؤدي إلى تقصير في أمور أخرى واجبة في البيت ككسوة ونحوها، فللزوجة الأخذ بدون علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف كما في الحديث السابق.
وعليه، فليس لأمك الأخذ من مال والدك إلا بإذنه فيما عدا ما سبق ذكره.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم 9457
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(13/16845)
حكم تصرف الزوجة في ما يعطيها زوجها من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى وصحبه أجمعين.
هل يجوز لي أن أتصدق أو أقرض من مالي الذي يعطينيه زوجي كمصروف لي وذلك بدون علم زوجي وماذا لو كان من أقرضهم أو أتصدق عليهم ممن لا يرضى زوجي أن أقرضهم أو أتصدق عليهم، أجيبونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو هذا المال المعطى للزوجة من أن يكون واجباً على الزوج كالنفقة الواجبة، أو غير واجب عليه، فإن كان نفقتها الواجبة عليه، فلها التصرف فيه بما شاءت من التصرفات المالية المباحة من تصدق وإقراض كسائر أملاكها بعلم الزوج وبدون علمه، ما لم تكن سفيهة لا تحسن التصرف في المال.
وأما إن كان يعطيها المال لتنفق منه على نفسها وأولادها وبيتها، فإنها تكون وكيلة حينئذ ليس لها التصرف في المال، إلا بعلم وإذن الموكل وهو الزوج، وفي هذه الحالة ليس لها أن تتصدق منه أو تقرض إلا بعلم زوجها وإذنه.
وهذا كله إذا كان المقصود بالمصروف ما يصرف للنفقة والملبس. أما إذا كان المقصود هبة مال للزوجة فإن لها التصرف فيه على كل حال ما لم تكن سفيهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(13/16846)
مصاريف علاج الزوجة هل هي على الزوج أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[في حقيقة الأمر أنا فتاة مطلقة من حوالي ست سنوات وشهر تقريباً، قبل طلاقي بحوالي الأربعين يوم عولجت في مستشفى خاص ولم أسدد المبلغ وهو حوالي المائة درهم تقريباً ولم أسدد المبلغ بسبب العجلة الزائدة، وعلى أساس أني أراجع المستشفى مرة أخرى، ولكني انفصلت عن زوجي بعدها ولم أراجع المستشفى، فسؤالي هو: هل المبلغ المتبقي دين علي أنا أم طليقي، علماً بأني لست من نفس الدولة وأصدقكم القول إني أذهب إلى البلد نفسها دائماً، ولكني لا أذهب إلى المستشفى، أفيدونا؟ وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب الأئمة الأربعة أن مصاريف علاج الزوجة وثمن دوائها غير واجب على الزوج، ويرى بعض المالكية وجوب ذلك عليه، فنقل صاحب منح الجليل عن ابن عبد الحكم من فقهاء المالكية أن على الزوج (أجر الطبيب والمداواة) وهو رأي وجيه نرى الأخذ به للاعتبارات التالية:
1- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهند بنت عتبة: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري، وهنا أمر بأخذ الكفاية بلفظ عام، ومن كفايتها: القيام بعلاجها.
2- قوله صلى الله عليه وسلم: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. رواه الإمام مسلم في صحيحه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برزق الزوجات، وهو لفظ عام، ومن الرزق: القيام بعلاجها.
3- لأن علاج الزوجة مراد لحفظ الروح، فكان شبيها بالنفقة.
4- لأن الحاجة إلى الدواء والعلاج قد تكون أشد من الحاجة إلى المأكل والمشرب، فإذا وجبت النفقة وجب العلاج والدواء بطريق الأولى، وقد ذهب إلى هذا عدد من المحققين مثل الشوكاني وصديق حسن خان وأخذت به دار الإفتاء بالأزهر.
وبناء عليه فلا يلزمك تحمل مصاريف علاجك التي كانت قبل وقوع الطلاق، إنما يلزم ذلك زوجك، وإن قمت بسدادها خروجا من الخلاف فهو أفضل، وننبه إلى أمر مهم وهو أنك إذا كنت أنت التي باشرت العلاج عند هذه المصحات وبقي المبلغ مسجلا باسمك فإن عليك دفعه على كل حال لأنك أنت صاحبة العقد معهم ثم إن لك الرجوع بهذا المبلغ على الزوج إن أردت ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(13/16847)
لا حرج في تصدق المرأة واعتمارها عن أحد والديها من مال زوجها إذا أذن بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تقوم بنت المتوفى بعمل صدقة جارية لوالدها من مال زوجها وهي لا تعمل علماً بأن لها إخوانا رجالا ولديهم المقدرة وعملوا صدقة جارية من مال والدهم (المتوفى) فقامت بنت المتوفى بالطلب من زوجها بعمل صدقة على روح والدها هل يجوز كذلك هل تجوز العمرة لأم هذه البنت من مال زوجها علماً بأن ابنها قادر على ذلك ولكن يخشى زعل (غضب) الأخت
نرجو الإفادة أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن تتصدق المرأة عن أبيها بصدقة جارية أو نحوها من مالها، أما مال زوجها فهو كمال غيره لا يجوز الاعتداء عليه ولا التصرف فيه بغير طيب نفس منه كما سبق في الفتوى رقم 28821.
وكذا الحكم في أداء العمرة عن الأم أو غيرها من سائر الأقارب من مال الزوج تكون مباحة إذا أذن بذلك.
وننبه إلى أن مال الميت المذكور يعتبر تركة لجميع الورثة فإن تراضوا جميعاً على أن يعملوا منه صدقة جارية للميت فلا حرج وأما إن أبوا جميعاً أو بعضهم فلا يجوز ذلك إلا من نصيب من رضي منهم بذلك وكان رضاه معتبراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(13/16848)
للزوج أن ينفق ويهب لزوجته ما لا ينفق على أخواته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تزوجت السنة الماضية من بلدي اليمن، وأنا أعيش مع أسرتي في السعودية، تزوجت امرأة اختارها لي أهلي بسبب أنه لا ينفع أن أراها إلا في وقت الخطوبة، وقد تم كل شيء، المهم تزوجت منها وأحببتها، وهي أحبتني ودام الوفاق بيننا، لكن بدأت المشاكل الأسرية تأخذ دورها في بيتنا، وبدأ أخواتي يتهمونني بأني لا أهتم فيهن، وأمي كذلك، حاولت أن أرى ماذا ينقصهم لكنهم كانوا لا يعطونني إجابة مقنعة، وكنت عندما أشتري شيئاً لزوجتي أرى فيهم نظرات غريبة كأنهم يقولون لماذا لا تشتري لنا مثلها ألسنا أخواتك، أم أنك نسيتنا، بل قد قالوها لي مرة بصراحة أنا لا أدري ماذا أفعل، هل أنا مخطئ إن أحببت زوجتي إنهم عندما يرونني ألاطفها يغضبون، هل أتركهم وأسكن أنا وزوجتي في بيت لوحدنا بالرغم من أن الذي يصرف على البيت هو أنا، وأنا لا أبخل والله يعلم ذلك على أهلي بأي شيء ما دمت أستطيع توفيره أنا متشتت الفكر ولا أدري هل أنا على صواب أم خطأ. أرجو منكم توجيهي لما هو خير لي ولكم. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك أخي الكريم أن تسوي بين زوجتك وأخواتك في العطاء، بل لك أن تهب لزوجتك ما لا تهبه لأخواتك، وتهب لأخواتك ما لا تهبه لزوجتك، لأن الواجب عليك لزوجتك هي النفقة الواجبة المبينة في الفتوى رقم: 50068 والفتوى رقم: 49823 وما زاد على ذلك فهو إحسان منك لها. وأما أخواتك فعليك الإنفاق عليهن بقدر حاجتهن، ولا يلزمك الزيادة على ذلك وانظر الفتوى رقم: 52621، وأما سكنك في بيت منفرد فإن كنت قادرا على ذلك ولم يترتب على خروجك مفسدة كضياع أخواتك وعدم الإشراف عليهن ورعايتهن دينا وخلقا فلا مانع منه، وإن ترتب على انفصالك عنهن مفسدة فالأفضل بقاؤك معهن؛ إلا إذا كانت زوجتك تطالب ببيت مستقل بمرافقه ولو في نفس الشقة فلها ذلك. وانظر الفتوى رقم: 51137. وعليك أن تتعامل مع هذه المسألة بشيء من الحكمة وسعة الصدر وملاطفة الجميع، وبين لأمك ولأخواتك أن هذه المرأة صارت أمانة في يدك أسلمها لك أهلها ثقة بك. وأنه يجب عليك أن تراعي تلك الأمانة وتكون على قدر الثقة بك، وأن الشرع أوصاك وحثك على الاحسان إليها وإكرامها. وأكد لهن أن ذلك لن يكون على حساب حبك لهن والقيام بما يجب عليك تجاههن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1425(13/16849)
مقدار النفقة الواجبة على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[يفوق دخل زوجي ثمانمائة ألف ريال شهرياً، يعطيني مبلغ اثني عشر ألف ريال شهرياً للبيت وصيانة بعض الأشياء فيه، وخدم عددهم ثلاثة عشر موظفاً من داخل البيت وخارجه يعني مجموعنا معهم عشرون شخصا باضبط، والسيارات (8 سيارات) وبترولهم وصيانتهم واستماراتهم السنوية (تصل الواحدة إلى سبعمئة ريال) ، أي أن هذا المبلغ يقتطع مرة في الشهر لمدة 8 شهور سنوياً، كل هذا من الاثني عشر ألف ريال!!! الآن السؤال: ماذا أفعل معه، لا يعطيني مصروفاً شخصياً لي من ملابس إلخ، علما بأني لا أستطيع أن آخذ من الاثني عشر ألفا شيئاً لأنها بالكاد تكفي، إذ أن المبلغ ينتهي أحياناً قبل أن ينتهي الشهر، هل تحق لي نفقة كزوجة وكم قيمتها بالنسبة إلى دخله الشهري، أفيدوني بكل ما لديكم أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتبادر من السؤال أنك المسؤولة عن تصريف جميع أمور بيتك.. فإن كان كذلك فينبغي التقليل من بعض هذه الكماليات والاقتصار منها على ما يفي بالحاجة وليكن ذلك بالتشاور مع زوجك.
واعلمي أن الاعتدال والتوسط في النفقة هو منهج الإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم فلا إسراف ولا تقتير، والمرء أدرى بحال نفسه، فإن وجدت في هذا حلا لضائقتك المالية فبها ونعمت، وإن ظل الحال على ما هو عليه فراجعي زوجك في هذا الأمر بشكل هادئ بعيداً عن الغضب، وذكريه بأن الشرع أوجب لك عليه حق النفقة والكسوة وتوابعهما بالمعروف بحسب حاله وحالك من الغنى والفقر، قال الخرقي: وعلى الزوج نفقة زوجته ما لا غناء بها عنه وكسوتها. قال شارحه ابن قدامة: ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعاً، فإن كانا موسرين فعليه لها نفقة الموسرين، وإن كان معسرين فعليه نفقة المعسرين، وإن كان متوسطين فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسراً فعليه نفقة المتوسطين أيهما كان الموسر. انتهى.
ومن أهل العلم من ذهب إلى أن العبرة بحال الزوج فقط، وحجته قول الله سبحانه: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ [الطلاق:7] ، المهم أنه يجب لك على زوجك نفقة وكسوة تناسب حالكما، وإن امتنع منها فلك أن تأخذيها من ماله إن استطعت ولو لم يأذن، وإن تعذر التراضي على قدر النفقة وتوابعها رجع في ذلك إلى القاضي الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(13/16850)
هل تجب نفقة من خرجت من بيت زوجها خوفا من اعتدائه عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقة لي قام والدها بضرب أمها ولحل المشكلة قام الولد بإخراج أمه من المنزل خوفا من تفاقم المشاكل ولأنه متأكد أن والده سيعاود ضربها حتى الموت.
هل للزوجه الحق بالمطالبة بمصروف لها شخصي من الزوج علما أن لها أثاثا بمنزله فهل تستطيع أخذه؟ هي على الحال هذا منذ عام من المسئوول عن الإنفاق عليها وكيف يطبق هذا في قانون الأحوال الشخصية الأردني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر في السؤال فإن خروج المرأة من بيت زوجها لخوف ضرر ومن ذلك ضربه لها ضربا مبرحا أي شديدا لا يعد نشوزا، وعليه؛ فيلزم الزوج دفع النفقة، فإن ادعى نشوزها وادعت عدم النشوز فيصدق هو في جواز الضرب ولا يصدق في إسقاط النفقة والكسوة عنه، بل تلزمه النفقة والكسوة حتى يثبت نشوزها.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في فتح الوهاب: ولو ضربها وادعى أنه بسبب نشوزها وادعت عدمه ففيه احتمالان، في المطلب قال: والذي يقوى في ظني أن القول قوله، لأن الشرع جعله وليا في ذلك.
قال البجيرمي معلقا على قوله: (إن القول قوله) فقوله مقبول في نشوزها بيمينه بالنسبة لجواز الضرب لا لسقوط النفقة والكسوة.
وتصديقه أن ضربه لها كان بسبب النشوز فيجوز إنما يكون إذا لم يعلم جرأة الزوج في الضرب وتعديه عليها؛ وإلا لم يصدق في الضرب أيضا فيعزره القاضي لضربه لها. قال صاحب تحفة الحبيب: قال ابن حجر: ومحله فيما لم تعلم جراءته واشتهاره وإلا لم يصدق إلا ببينة، فإن لم يقمها صدقت في أنه تعدى بضربها فيعزره القاضي.اهـ
وأما حقها من الأثاث وغيره إن كان ملكا لها فلها أن تتصرف فيه كما تشاء، ولا يحق لزوجها منعها وإن كانت ناشزا؛ لأن النشوز إنما يسقط النفقة والكسوة، لا حقوقها الأخرى التي بيده، ويفضل أن تعرض هذه القضية على قاض شرعي لمعرفة تفاصيل الأمر والاستبانة من بقية أطراف القضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(13/16851)
هل يجب على الزوج أن يوفر خادمة لزوجه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج من اثنتين هل يجوز لرجل أن يستقدم خادمة لزوجته الثانية وهي ضحت ورضيت أن تسافر معه من أجل أن يسدد ما عليه وفى سبيل الدعوة لأن زوجته الأولى لم ترض أن تذهب معه وهي ليست محتاجة منه أن يستقدم لها أهلها تكفلوا بذلك أما الثانية ليس عندها من يساعدها فى استقدام خادمة وظروفها تتطلب خادمة وهو يحتج بأنه لا يستطيع أن يستقدم لواحدة ويترك الثانية والزوجة الثانية تطالب بحجة أنه مستأجر للاولاد بيتاً وهى تريد مقابل البيت أن يأتى لها بخادمة وخاصة أنها ضحت معه وحتى لو طلبت أن ترجع لن يرضى بذلك محتجا بأنه لا يستغني عنها أبدا والثانية لها بنات وأولاد ودراستهم لم تعد منتظمة بسبب الغربة وفرق الدراسة من بلدهم أرجوكم أريد جواباً كافياً وشافياً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الزوج أن يوفر خادمة لزوجته عند جماهير الفقهاء إلا إذا كانت من ذوات الأقدار جمالا أو حسبا أو دينا أو كان هو ممن لا يليق بزوجاتهم مباشرة الخدمة، ويشترط للإيجاب حيث قيل به قدرته هو المادية على إيجاد الخادم.
ولا يجب على الزوج التسوية بين نسائه في النفقة غير الواجبة عند جمهور الفقهاء خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
فإذا قام الزوج بما وجب عليه من النفقة فلا يلزمه التسوية بعد ذلك، بل له أن يهب من ماله ما شاء لمن شاء، وهذا ما سبق أن بيناه في الفتوى رقم: 49632.
وعليه؛ فلا يلزم زوجك توفير خادمة لك، فإن فعل فلا مانع من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(13/16852)
النفقة واجبة على الزوج ولو كانت الزوجة غنية
[السُّؤَالُ]
ـ[إجبار الزوج على مشاركة زوجته بكامل راتبها رغم مقدرته على تحمل مسؤولية البيت والأولاد ومع ذلك فهو لا ينظر إلى طلباتها أو ما تحتاجه إلا بالقليل بداعي أنه ينفقه كله على البيت وقد تقبلت هذا الوضع بسبب أولادي رغماً عني مع علمي بأنه لا يجوز شرعا لكني أحيانا أثور لهذا وأؤنبه وأشعره بصغره في نظري لهذا التصرف ولكن هو لا يهتم ولا مشكلة عنده من أي كلام ما دمت أؤدى ما يطلبه السؤال المهم هو أني المفترض أني أحتسب صبري وأجرى عند الله ولكن أخاف بكلامي وقت عصبيتي أو إحساسي بالمهانة لهذا التصرف بأنه لا يحتسب لي أجر عند الله أو يأخذ على ذلك في حقه مع العلم أنه لا يصلي أبدا وبعيد جدا عن أي تعاليم أو فروض قررها ديننا الإسلامي مع نصائحي الهادئة له باستمرار وجلب شرائط ولكن لا فائدة بل لا يطيق ومنشغل بالأغاني والمغريات بالرغم من أنه يشاهد ابنته الصغيرة تواظب على الصلاة وقراءة القرآن.
أتمنى الرد سريعا
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الرجل الإنفاق على أولاده وزوجته، ولو كانت غنية، كما هو مبين في الفتوى رقم: 19453، والفتوى رقم: 33898، وليس له إجبارها على دفع أي شيء من مالها.
إلا أنه من باب الفضل والخلق مساعدة المرأة زوجها في مصاريف البيت، ولها في ذلك الأجر الجزيل من الخالق سبحانه، إضافة إلى كسب رضا الزوج عندما يراها يداً واحدة معه في تحمل أعباء الحياة التي أصبحت متشعبة المطالب والأغراض، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: تهادوا تحابوا. رواه البخاري في الأدب المفرد، ويقول صلى الله عليه وسلم: تصدقن يا معشر النساء. رواه البخاري.
ولا شك أن أولى الناس بالعطية والصدقة هو الزوج إذا كان في حاجة إلى ذلك، ولمزيد الفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 38210.
ومن باب الإرشاد والنصح، فإننا ندعو الأخوات الراغبات في الخير وفي التودد إلى أزواجهن وحسن التبعل لهن أن يساعدن أزواجهن الصالحين بكل ما يستطعن، ولهن في ذلك إن شاء الله أجر الصدقة والصلة، ونحذرهن من أن يتخذن ذلك ذريعة إلى احتقار أزواجهن والحط من كرامتهم وليحذرن من المن بما يقدمنه حتى لا تبطل صدقاتهن وتذهب أجورهن هباء منثوراً.
هذا عن حكم واجب المرأة على زوجها وأحقيتها في مالها دون تدخل من زوجها، وما ينبغي أن تفعله مع زوجها في حال طلبه أو حاجته إلى مالها.
أما حكم تعامل المرأة مع زوجها التارك للصلاة فهو مبين في الفتوى رقم: 5629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(13/16853)
حكم كفالة المرأة اليتيم بغير علم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في أن تكفل الزوجة يتيماً دون علم زوجها، مع العلم بأن المال الذي تتكفل به من مصروفها الذي يعطيها زوجها؟ وبارك الله فيكم، ووفقكم في الدارين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة التصدق من مال زوجها على الفقير ونحوه من كفالة اليتيم بما أذن الزوج فيه صريحاً، سواء قلت الصدقة أو كثرت، وكذا الحال إن كان المال يسيراً مما جرت العادة بالموافقة فيه.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: الإذن ضربان أحدهما: الإذن الصريح في النفقة والصدقة. والثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف والعادة كإعطاء السائل كتمرة ونحوها مما جرت العادة به واطرد العرف فيه وعلم بالعرف رضا الزوج والمالك به فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: الإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي فصار كأنه قال لها أفعلي هذا. انتهى.
يشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا تصدقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها ولزوجها بما كسب. رواه البخاري.
أما إذا منع الزوج زوجته من التصدق من ماله أو لم يكن العرف جارياً بذلك أو شكت في رضاه لم يجز لها التصدق من مال زوجها إلا بإذنه. وأما لو تصدقت من مالها أو بما ادخرته من نفقتها فلها ذلك، ولو لم يأذن لها الزوج بذلك، كما نص عليه العراقي في طرح التثريب بعد أن ساق حديث البخاري المتقدم، فقال: ويمكن أن يحمل ذلك على ما إذا أنفقت من مالها الذي اكتسبته وأعطاه لها من نفقتها فلها الأجر وإن لم يإذن لها في إنفاقه لأنه خالص ملكها. انتهى.
وعلى هذا، فإن كانت هذه المرأة تقوم بكفالة اليتيم من غير علم زوجها بذلك فإن كان ذلك من مالها أو من نفقتها الخاصة بها وكانت رشيدة جاز لها ذلك، بل إن في ذلك خيراً عظيماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وخرج بينهما شيئاً. رواه البخاري.
أما إن كان المال للزوج فلا يجوز لها ذلك إلا بعلمه، أو برضاه القولي أو العرفي كما بينا، وانظري الفتوى رقم: 9457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(13/16854)
نفقة الزوجة الواجبة وغير الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزيتم خيرا على هذا الموقع الرائع.. وأتمنى أن تجيبوني على سؤالي لأني أخشى أن أكون مذنبة على ما أفعل.. السؤال هو:
أني متزوجة من رجل لا يعطيني المصروف في يدي وإنما إذا أردت حاجة يذهب معي لشرائها ويدفع من جيبه.. وكما تعلمون أن للمرأة حاجاتها الخاصة وحين أقول له ذلك تحدث مشادات بيننا وبعدها يعطيني (أي بين فترة وأخرى) .. وعندما يعطيني تظل عينه على ما عندي.. ويرجع يطلب ما أعطاني إياه كسلف وسيرجعه.. ولكنه يتأخر في إرجاعه إلي وأنا في حاجة إليه.. وحين أطلبه منه يحدث نزاع بيننا ومشاكل.. لهذا اليوم حين يعطيني بعض المال - وكما قلت سابقا بين فترة وأخرى - ويطلبه مني لا أعطيه إياه وأدعي أني صرفته ولا أملك شيئا وهو موجود.. فأكذب عليه حتى لا تحدث مشادات بيننا بسبب المال.. ويصدق ذلك فهل يقع علي ذنب في ما أفعل أرجوكم أفيدوني في ذلك.. علما بأن هذا المال خرج بعد مشاحنات من جيب زوجي وأعطاني إياه برضاه.. والمشكلة أنه يملك هذا الطبع السيء فماذا أفعل وأنا أحتاج إلى المال.. أفيدوني جزيتم خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيلزم الزوج أن يملك الزوجة النفقة الواجبة عليه عند صباح كل يوم، فإن لم يملكها ورضيت هي بما مكنها من النفقة التي يحضرها إلى المنزل من طعام وشراب وكساء فتكون قد أسقطت حقها، فليس لها المطالبة بالنفقة فيما مضى من الزمن لأنها قد رضيت بالتمكين بدلا من التمليك.
وهذا الكلام كله في النفقة الواجبة التي بينها النووي رحمه الله بقوله: في المنهاج حيث قال مع بعض الاختصار في كلامه:
على موسر لزوجته كل يوم مدا طعام , ومعسر مد , ومتوسط مد ونصف , ... والواجب غالب قوت البلد قلت: فإن اختلف وجب لائق به , ويعتبر اليسار وغيره طلوع الفجر - أي من فجر كل يوم فينظر فيما عنده من المال ويوزع على مؤنة - , وعليه تمليكها حبا , وكذا طحنه وخبزه في الأصح.
... ولو أكلت معه على العادة سقطت نفقتها في الأصح. قلت: إلا أن تكون غير رشيدة ولم يأذن وليها.
ويجب أدم غالب البلد كزيت وسمن وجبن وتمر , ويختلف بالفصول -أي بفصول السنة- , ويقدره قاض باجتهاده , ويفاوت بين موسر وغيره , ولحم يليق بيساره وإعساره كعادة البلد , ولو كانت تأكل الخبز وحده وجب الأدم.
وكسوة تكفيها , فيجب قميص , وسراويل وخمار ومكعب , ويزيد في الشتاء جبة , وجنسها قطن , فإن جرت عادة البلد لمثله بكتان أو حرير وجب في الأصح، ويجب ما تقعد عليه كزلية أو لبد أو حصير , وكذا فراش للنوم في الأصح , ومخدة ولحاف في الشتاء، وآلة تنظيف كمشط , ودهن , وما تغسل به الرأس ... , لا كحل وخضاب وما تزين به , ودواء مرض , وأجرة طبيب وحاجم - أي لا يجب عليه الستة الماضية -.
ولها طعام أيام المرض وأدمها والأصح وجوب أجرة حمام بحسب العادة , وثمن ماء غسل جماع ونفاس , في الأصح، لا حيض واحتلام في الأصح.
ولها آلات أكل وشرب وطبخ كقدر وقصعة وكوز وجرة ونحوها.
ومسكن يليق بها , ولا يشترط كونه ملكه. ... وتعطى الكسوة أول شتاء وصيف , فإن تلفت فيه بلا تقصير لم تبدل ... ولو لم يكس مدة فدين –أي دين على الزوج يجب عليه دفعه -.اهـ
أما غيرها من النفقات فلا يلزم الزوج بل هو تبرع، ولا يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها بغير رضاه في غير النفقة الواجبة، فإن أخذت وجب عليها رده بأي طريقة مناسبة، وهذه بعض نصوص أهل العلم الدالة على ما ذكرنا.
قال شيخ الإسلام زكرياء الأنصاري في شرح منهج الطلاب: (وتسقط نفقتها بأكلها عنده) برضاها (كالعادة وهي رشيدة أو) غير رشيدة , وقد (أذن وليها) عنده لاكتفاء الزوجات به في الأعصار وجريان الناس عليه فيها فإن كانت غير رشيدة , وأكلت بغير إذن وليها لم تسقط بذلك نفقتها اهـ
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وعليه دفع النفقة إليها في صدر نهار كل يوم. إلا أن يتفقا على تأخيرها , أو تعجيلها مدة قليلة , أو كثيرة: فيجوز) . وهذا المذهب. وعليه الأصحاب. اهـ
وأما ما يعطيك من المال الزائد على النفقة الواجبة على وجه التمليك فقد أصبح المال حقا لك وليس له الرجوع فيه، ولك أن تكذبي عليه لدفع الخصام، وإن كان إنما أعطاك لشراء ما يلزم البيت وإرجاع الباقي، فليس لك أن تأخذي إلا بقدر حاجة البيت، ويجب عليك رد الباقي، ويحرم عليك أخذه ويحرم عليك الكذب في هذه الحالة أيضا لأنه أصبح طريقا لأخذ حق الغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(13/16855)
مقدار النفقة الواجبة على الزوج لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من شخص له زوجة وثلاثة أولاد وهو شخص ميسور الحال جداً وقد تزوجته من أجل الستر والله أعلم بالنيات، ليس إلا، مع أني أصغره بحوالي اثنا عشر سنة، سؤالي هو: أنه ينعم على زوجته الأولى بكل شيء من ملبس ومأكل ولباس وهدايا ونزه إلى أماكن الاصطياف أما أنا فعندما أطلب منه شيئاً لا يعطيني إلا الشيء اليسير الذي لا يكفي لشيء وكلما طلبت منه يتذمر ويغضب ويدعي أني أصرف كثيراً وأبذر والله يعلم أنني أعيش بالكاد وإن اشتهيت أي شيء أحرم نفسي منه مخافة أن أطلب ويغضب أو يسمعني كلام جارحاً، فهل يجوز هذا الأمر وما قول الدين فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الزوج العدل بين نسائه في النفقة الواجبة عليه، والنفقة الواجبة عليه قد بينها العلماء رحمهم الله على اختلاف يسير بينهم في ذلك، وأما النفقة الزائدة على القدر الواجب فهل يجب على الزوج التسوية فيها أم يندب له ذلك دون وجوب، سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 11389، وبناء على ما تقدم فإنه إذا كان التقصير الحاصل من الزوج هو في النفقة الواجبة فإن ذلك لا يجوز بالاتفاق، ولك -إن شئت- أن تلزميه بالعدل في ذلك عن طريق القضاء الشرعي.
وأما إن كان التقصير فيما هو مختلف في وجوبه عليه فالذي نراه هو صرف النظر عن المطالبة بذلك تحاشياً لحدوث مشاكل بينك وبينه، ومحافظة على استقرار حياتكما الزوجية.
وعلى كل حال فلا ينبغي للزوج أن يتذمر ولا أن يغضب ومن باب أولى أن يقول لك كلاماً جارحاً إذا طلبت منه طلباً من هذا القبيل، وإنما الواجب أن يحسن عشرتك، وإن استطاع أن يلبي طلبك فبها ونعمت، وإلا اعتذر اعتذاراً جميلاً.
ولمعرفة ما هي النفقة الواجبة على الزوج لزوجته نورد كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى في المنهاج حيث قال: على موسر لزوجته كل يوم مدا طعام، ومعسر مد، ومتوسط مد ونصف، ... والواجب غالب قوت البلد. قلت: فإن اختلف وجب لائق به، ويعتبر اليسار وغيره طلوع الفجر -أي من فجر كل يوم فينظر فيما عنده من المال ويوزع على مؤنة-، وعليه تمليكها حبا، وكذا طحنه وخبزه في الأصح.
ولو أكلت معه على العادة سقطت نفقتها في الأصح، قلت: إلا أن تكون غير رشيدة ولم يأذن وليها. والله أعلم. ويجب أدم غالب البلد كزيت وسمن وجبن وتمر، ويختلف بالفصول -أي ويختلف قدر الأدم والفاكهة باختلاف فصول السنة- ويقدره قاض باجتهاده، ويفاوت بين موسر وغيره، ولحم يليق بيساره وإعساره كعادة البلد، ولو كانت تأكل الخبز وحده وجب الأدم.
وكسوة تكفيها، فيجب قميص، وسراويل وخمار ومكعب، ويزيد في الشتاء جبة، وجنسها قطن، فإن جرت عادة البلد لمثله بكتان أو حرير وجب في الأصح، ويجب ما تقعد عليه كزلية أو لبد أو حصير، وكذا فراش للنوم في الأصح، ومخدة ولحاف في الشتاء وآلة تنظيف كمشط، ودهن، وما تغسل به الرأس ... ، لا كحل وخضاب وما تزين به، ودواء مرض، وأجرة طبيب وحاجم، أي لا يجب عليه الستة الماضية.
ولها طعام أيام المرض وأدمها، والأصح وجوب أجرة حمام بحسب العادة، وثمن ماء غسل جماع ونفاس، في الأصح؛ لا حيض واحتلام في الأصح، ولها آلات أكل وشرب وطبخ كقدر وقصعة وكوز وجرة ونحوها.
ومسكن يليق بها، ولا يشترط كونه ملكه ... وتعطى الكسوة أول شتاء وصيف، فإن تلفت فيه بلا تقصير لم تبدل، ولو لم يكس مدة فدين -أي دين على الزوج يجب عليه دفعه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(13/16856)
مذاهب الأئمة في نفقة العلاج والدواء للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب على الزوج إذا مرضت زوجته هل يجب عليه تركها لأهلها حتى تصح أو هو ملزم بعلاجها بمعنى آخر إذا أصيبت مثلاً بمرض مثل الجنون على سبيل المثال أو مرض مقعد هل علاجها واجب عليه أم على أهلها، أرجو الله أن يوفقني وإياكم لما في الخير؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الزوج علاج امرأته سواء كان مرضها بجنون أوغيره ولا يدخل ثمن علاجها ضمن النفقة الواجبة عليه باتفاق المذاهب الأربعة، قال الحصكفي الحنفي: لا يلزمه مداواتها.
قال ابن عابدين في حاشيته شارحا لكلامه: أي إتيانه لها بدواء المرض ولا أجرة الطبيب ولا الفصد ولا الحجامة.
قال العدوي في حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني: لا يلزمه الدواء لمرضها، ولا أجرة نحو الحجامة، ولا المعالجة في المرض.
قال الخطيب الشربيني الشافعي في شرحه لمتن أبي شجاع: ولا يجب لها عليه دواء مرض ولا أجرة طبيب وحاجم ونحو ذلك كفاصد وخاتن لأن ذلك لحفظ الأصل ويجب لها طعام أيام المرض وأدمها لأنها محبوسة عليه ولها صرفه في الدواء ونحوه.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ولا يجب عليه -أي الزوج- الأدوية وأجرة الطبيب والحجام والفاصد -أي الزوجة-.
فهذه هي مذاهب أهل العلم وهم كما ترى يتكلمون على عدم الوجوب، أما من حيث التبرع فينبغي للزوج أن يعالج زوجته إن كان قادراً على ذلك ولا مال للزوجة، لأن ذلك من الإحسان وحسن العشرة والمعروف الذي يثاب ويؤجر عليه، وأولى الناس بمعروفه زوجته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. أخرجه الترمذي وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(13/16857)
نفقة الزوجة بما يصلح لمثلها بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أن زوجي لا يعطيني مالاً يكفيني في شراء ما ينقصني في البيت أو لي شخصيا، وخصوصا أنني كنت عند أهلي لي ما يكفيني من المال، مع العلم بأن زوجي مقتدر وهو لا يسألني ما ينقصني وأولادي وبيتي حتى إنني ضقت منه، فما وصيتك لي وله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف؛ كما قال الله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لزوجة أبي سفيان وكان رجلاً شحيحاً: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه مسلم.
والنفقة بالمعروف مقدرة بالكفاية لحديث زوجة أبي سفيان المتقدم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، جاء في كشاف القناع: النفقات وهي جمع نفقة، وهي كفاية من يمونه خبزاً وأُدما وكسوة ومسكناً وتوابعها، ويلزم ذلك الزوج لزوجته ولو ذميه بما يصلح لمثلها بالمعروف، وتختلف باختلاف حال الزوجين يساراً وإعساراً، لقول الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق:7] .
فيفرض الحاكم للموسرة تحت الموسر من أرفع خبز البلد ودهنه وأُدمه الذي جرت عادة أمثالها بأكله من الأرز واللبن وغيرهما مما لا تُكْرَه عرفاً لأنه صلى الله عليه وسلم جعل ذلك بالمعروف، وليس من المعروف إطعام الموسرة خبز المعسرة.... ويفرض لها الحاكم من الكسوة ما يلبس مثلها من حرير وخز ... وتزاد من عدد الثياب ما جرت العادة بلبسه مما لا غنى عنه. انتهى.
ونرجو مراجعة الفتوى رقم: 8497، والفتوى رقم: 26810 ففيهما نصائح ومواعظ لكل من الزوجين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(13/16858)
مال الزوج الخاص به لا يحق للزوجة التصرف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هل يجوز أن أكتنز مبلغا من المال كان يستخدمه زوجي ثم تركه لفترة فنسيه وأخذته أنا واكتنزته لأشتري لي بعض الأشياء ولأهلي، طبعا زوجي لا يعلم أنني أكتنز المال، هل يجوز هذا؟ مع العلم بأنني لا آخذ المال من جيبه، وإنما الباقي عن الحاجه فقط, وجاءت فترة كان يحتاج فيها المال فخفت أن أخبره أن لدي مال فيسألني من أين لي هذا المال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مال الزوج الخاص به لا يجوز للزوجة أن تنفق منه على نفسها شيئا خارجا عن النفقة المعتادة، ولا أن تعطي منه شيئا لأهلها أو غيرهم إلا بإذنه.
روى الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي في خطبة الوداع: لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. واستثنى العلماء من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح في مثله، لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا.
وبناء على ذلك، فإن من لازمك أن تردي إلى زوجك ما كنت تكتنزينه من المال بالطريقة التي ترينها مناسبة، وليس يلزم لوفاء ذلك أن تخبريه بما كنت تفعلين، ولا بد من ذلك حتى تصح توبتك، أو أن تستحليه منه، مع الندم على هذا الفعل والعزم على أن لا تعودي إليه في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1424(13/16859)
نفقة المرأة بعد العقد وقبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مخطوبة وعقدت عقد الزواج، هل نفقتي تجب على أبي أم خطيبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن نفقة المرأة هل تجب على زوجها بعد العقد وقبل الدخول، وذلك في الفتويين التاليتين: 722، 20999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1424(13/16860)
لا تأخذ من مال زوجها بدون إذنه بغير مبرر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
بخصوص زوجة تعيش مع أسرة زوجها وأطفالها، زوجها ميسور ويقوم بشراء كل الحاجيات (من أكل وشرب) ولكنه لا يخصص قدراً مالياً لاحتياجات زوجته، فهناك أشياء خاصة تحتاجها زوجته مثل الملابس بجميع أنواعها.. وعندما تطلب منه المال.. يعطيها القليل الذي لا يكفي.. وهو مقتنع أنه كاف.
فأحياناً تضطر إلى أخذ المال من جيبه من غير أن يعلم، هذه الزوجة تحس أن هذا حرام ولكنها تكون مضطرة لذلك لكن المستوى الاجتماعي يحتم عليها أن تلبس جيداً وأن تظهر بمظهر جيد وأنها ميسورة أو أنها ليست فقيرة جداً ولكن في المستوى (المطلوب) ، وأيضاً فإن زوجها لا يهتم لهذا كله، فالرجل بطبعه يقلل من أهمية كثير من الأشياء بعكس الزوجة.
وهذه الأخت لا تستطيع الآن مصارحة زوجها بما فعلته مراراً، وتريد أن تعترف كيف تكفر عن هذا؟
فهي لا تعرف كم أخذت من المال منذ سنين كثيرة.. وكل ما أخذته صرفته على نفسها أو على البيت والأولاد أو على المحتاجين من الأقارب، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها إلا بإذنه، إلا إذا كان مقصراً في الإنفاق الواجب عليها وعلى أولادها، فلها حينئذ أن تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف، فإذا اكتفت فلا يجوز لها أخذ الزائد، وليس من الحاجة الإسراف في الملبس وما شابهه مجاراة للمجتمع، ومن أخذت من مال زوجها بدون إذنه بدون مبرر شرعي، فإنه تلزمها التوبة ورد المال المأخوذ لزوجها، أو طلب السماح منه، ولا عذر لها في الخوف من الإحراج ونحو ذلك، ولكن لها أن ترد ذلك أو تطلب السماح بطريقة غير مباشرة، والذكي لا يعدم حيلة، وراجعي للتفاصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22917، 8534، 24487، 14207، 14973.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(13/16861)
زوجة الأسير والمفقود نفقتها واجبة على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم نفقة الزوج الأسير على زوجته؟ حكم نفقة الزوج الغائب على زوجته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود هو السؤال عن حكم وجوب نفقة الزوجة على زوجها الأسير أو الغائب، فالجواب: أن زوجة الأسير والمفقود والغائب المنقطعة أخباره نفقتها في فترة التربص على زوجها، كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم كمالك في المدونة، والصحيح في فترة التربص أنها أربع سنين، وقد نصر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى، وقال إنه مذهب عمر والصحابة رضي الله عنهم.
فإن كان للزوج الأسير أو المفقود مال أنفق على زوجته وأولاده منه طوال هذه المدة، فإن تبين أنه مات أثناءها كان ما أنفقته بعد وفاته من الميراث ووجب رده، وتأخذ نصيبها الذي فرضه الله لها، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 20094، والفتوى رقم: 2671.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(13/16862)
هل تأخذ من مال زوجها الذي يشرب الخمر بغير إذنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أخذ نقود من زوجها دون إعلامه بسبب أن زوجها يصرف النقود على الخمر وهي بحاجة إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها إلا بإذنه، إلا إذا كان مقصراً في النفقة عليها فلها أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالمعروف، ولا يجوز لها أخذ الزائد على ذلك، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30536، 24386، 24179.
وكون الزوج يشرب الخمر لا يبيح لها أن تأخذ من ماله بغير إذنه إلا ما سبق ذكره، ولكن يجب عليها أن تنصح هذا الزوج وتنهاه عن المنكر وتذكره بالله واليوم الآخر، وراجع الفتوى رقم: 9107، والفتوى رقم: 1079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(13/16863)
للزوجة أن تطالب زوجها بالنفقة وإن كانت تعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل للزوجة الحق في المطالبة بالإنفاق عليها حتى ولو كانت تعمل براتب كبير؟ وهل من حق الزوج أن يعد ذلك من وقته ووقت بيته بالرغم من أنه لا يضيره في شيء فضلا عن أنه كان يعلم أن الزوجة تعمل قبل الزواج ولم يشترط عليها ترك العمل قبل الزواج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللزوجة أن تطالب زوجها بالنفقة عليها ولو كانت تعمل، ما لم يشترط عليها أن سماحه لها بالعمل مقابل إسقاط حقها في النفقة، لما في سنن الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 19680، وللزوج أن يعد عمل زوجته من وقته ووقت بيته، إذا كانت تخرج من البيت لأداء هذا العمل، وكون ذلك لا يضيره شيئا، فليس صحيحا، كما هو معلوم ومشاهد من أحوال الأسر التي تكون فيها الزوجة عاملة، ولعل من المناسب أن ننقل هنا ما كتبه الشيخ سيد قطب رحمه الله في كتابه "في ظلال القرآن" حول هذا الموضوع، قال رحمه الله: ولكي يهيئ الإسلام للبيت جوه ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها، أوجب على الرجل النفقة، وجعلها فريضة، كي يتاح للأم من الجهد، ومن الوقت، ومن هدوء البال، ما تشرف به على هذه الفراخ الزغب، وما تهيئ به للبيت نظامه وعطره وبشاشته، فالأم المكدودة بالعمل للكسب، المرهقة بمقتضيات العمل، المقيدة بمواعيده المستغرقة الطاقة فيه.. لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره، ولا يمكن أن تمنح الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها. وبيوت الموظفات والعاملات ما تزيد على جو الفنادق والخانات، وما يشيع فيها ذلك الأرج الذي يشيع في البيت. فحقيقة البيت لا توجد إلا أن تخلقها امرأة، وأرج البيت لا يفوح إلا أن تطلقه زوجة، وحنان البيت لا يشيع إلا أن تتولاه أم. والمرأة أو الزوجة أو الأم التي تقضي وقتها وجهدها وطاقتها الروحية في العمل لن تطلق في جو البيت إلا الإرهاق والكلال والملال. انتهى بتصرف يسير.
وللزوج أن يمنع زوجته من الخروج للعمل، ولو لم يشترط عليها ترك العمل عند عقد النكاح، وراجعي الفتوى رقم: 1059، والفتوى رقم: 35014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(13/16864)
هل للزوجة الرجوع بإنفاقها على زوجها المعسر إذا أيسر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل سكوت المرأة عن حقها في النفقة الزوجية نتيجة لحالة زوجها المادية يسقط حقها فيها؟ وهل يحق لها أن تطالبه بها إذا أرادت بمعنى أن تسترد ما سبق من نفقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في نفقة الزوجة المعسر زوجها، فذهب المالكية إلى أنه ليس للزوجة أن ترجع على زوجها المعسر بما أنفقته على نفسها حال إعساره.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل عند قوله: "وسقطت للعسر": يعني أن واجبات الزوجة من نفقة وما معها تسقط عن الزوج بإعساره، أي في زمنه فقط، وسواء دخل بها أم لا، لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق: 7] .
وهذا معسر لم يؤته شيئا، فلا يكلف بشيء. إذا سقطت فأنفقت على نفسها شيئا في زمن إعساره، فإنها لا ترجع عليه بشيء من ذلك، لأنها ساقطة عنه في هذه الحالة، وتحمل على التبرع، وسواء كان في حال الإنفاق حاضرا أو غائبا، والمراد بالسقوط: عدم اللزوم لانتفاء تكليفه حين العسر. اهـ.
وذهب الشافعية والحنابلة والحنفية إلى أنها يجوز لها أن ترجع عليه بما أنفقت.
قال ابن قدامة في كتابه "المغني": وتكون النفقة دينا في ذمته. اهـ.
إلا أن الشافعية يرون أنها ترجع عليه بما أنفقت سوى المسكن.
قال زكريا الأنصاري في "منهج الطلاب": فإن صبرت زوجته بها كأن أنفقت على نفسها من مالها، فغير السكن دين عليه، فلا يسقط بمضي الزمن، بخلاف السكن، لما مر أنه إمتاع. اهـ.
قال الشلبي في حاشيته على "تبيين الحقائق": نفقة الزوجة جارية مجرى الديون، ولهذا تجب مع الإعسار. اهـ.
والذي نراه أوفق لقواعد الشريعة العامة، وأكثر حفظا للحقوق، وأفضل لسير الحياة الزوجية على منهاج قويم، هو القول بأن للزوجة الرجوع على زوجها المعسر بنفقتها حال إعساره إذا أيسر فيما بعد، وهو قول الأئمة الثلاثة كما ذكرنا، علما بأن تنازل الزوجة عن ذلك فيه إيناس للزوج واستمالة لقلبه، كما أنه أرجى لدوام الحياة الزوجية.
قال تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة: 237] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(13/16865)
يجب على الرجل التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج بأخرى، وتطالب أن أساويها في مصروف الجيب بالزوجة الأولى الذي تحصل المصروف هذا من قبل المكتب الذي أشتغل فيه، علما بأن المكتب ما يسمح أن أسجل أكثر من زوجة لكونهم أجانب، وأنا سجلت الأولى قبل أن أتزوج بالثانية، ما هو الحل؟ هل حق الزوجة الثانية أن تطالب هذا المبلغ مع كون المصروف يخرج باسمها؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الزوج أن يعدل بين نسائه في القسم، أي المبيت، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم.
ولكن هل يجب عليه أن يساوي بينهن في النفقة والكسوة؟ قولان لأهل العلم.
والذي يدل عليه عموم الأدلة: أنه يجب عليه أن يساوي بين نسائه في النفقة والكسوة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى، جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وإسناده صحيح.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعدل بين نسائه في النفقة والكسوة، كما كان يعدل بينهن في المبيت.
فالواجب عليك أن تعدل بين زوجتيك في النفقة.
وعليك أن تجعل لزوجتك الثانية من راتبك قدرا يساوي ما تأخذه زوجتك الأولى من المكتب الذي تعمل أنت فيه، أو أن تشركهما معا فيما يعطيه لك المكتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(13/16866)
ليس للزوج إجبار زوجته على الإنفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تعمل ووالدي أيضا يعمل، ودخله كبير ولكنه لا ينفق على البيت، فهو يدفع ثمن الملابس ويجبر أمي على تحمل نفقات البيت الأخرى، ويريد أن يأخذ مرتبها ويلومها على هذا الصرف، وحجته أنه يريد أن يفعل شيئا للزمن وللأولاد، فما حكم الدين؟ وهل يجوز لأمي أخذ أموال منه دون أن يعلم أو أخذ بعض من أموال الزكاة التي يعطيها لكي تخرجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن الرجل يجب عليه أن ينفق على زوجته وولده، فإن بخل بذلك جاز لزوجته أن تأخذ من ماله ما تنفق به على نفسها وولدها بالمعروف، ولا عبرة بكون الزوجة فقيرة أو غنية.
لكن إن كانت الزوجة موسرة وقامت باختيارها فساعدت زوجها في مصاريف البيت رغبة منها في الأجر وكسبا لود زوجها، فلا شك أن ذلك أمر محمود.
أما أن يكون الزوج هو الذي يجبرها على ذلك، فهذا ليس من حقه، لأن الزوجة لا يجب ذلك عليها شرعا، ولينظر في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 31615، 19453، 32196.
وما تذرع به هذا الرجل من أنه يريد ادخار المال لمصاعب الزمن في المستقبل، حجة في غاية الوهن، إذ كيف يدخر شيئا وأسرته بحاجة إليه في الحال؟!
وبخصوص ما أشير إليه في السؤال بشأن الزكاة، فغير واضح، وعلى كل، فإن كان المقصود هو أن الزوجة تأخذ من زكاة زوجها للإنفاق على نفسها وولدها، فهذا لا يجوز، لأن الزكاة حق للفقراء وباقي في المصاريف، وليست ذات الزوج الغني وأولادها منهم، وكذلك إذا كان المراد أن تتولى إخراج الزكاة عنه من ماله إلى مستحقيها من غير أن يأذن لها الزوج بذلك، فلا يجوز أيضا ولا يجزئ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1424(13/16867)
ديون على الزوجة قبل الزواج هل يلزم الزوج سدادها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن تزوجت بعدة شهور علمت أن زوجتي عليها التزام بتسديد قرض كانت تأخذه من الجامعة أثناء دراستها وحان موعد سداده ولم أكن أعلم به عند الخطوبة فهل علي أنا تسديد القرض أم أن أهلها عليهم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزمك شرعاً سداد هذا الدين، لكن قيامك بذلك على سبيل البر والإحسان أولى وأفضل، إذ أن ذلك نوع من المعروف، وجالب للمحبة، ومقتض لحسن العشرة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 18627.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(13/16868)
هل يحق للزوجة أن تطلب مصروفا خاصا بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للزوجة أن تطلب مصروفا خاصا بها من زوجها إذا كان ينفق عليها جيدا؟ وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، ولها أن تطلب من زوجها شيئاً زائداً على ذلك على سبيل الإحسان، وينبغي أن يجيبها إلى ذلك في حدود قدرته، لأن ذلك من حسن العشرة، ودواعي المودة ودوام الزوجية على أحسن حال، وإذا لم يجبها إلى ذلك فلا شيء عليه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 15167.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1424(13/16869)
حكم تصدق وادخار المرأة من مصروف البيت.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من رجل متزوج بزوجة أخرى، ويعطي كل واحدة منا مصروف البيت الشهري لها ولأبنائها، وأنا أوفر من المصروف شهريا مائة ريال، وأشترك به في جمعية مع أخواتي، ثم إذا أخذت المبلغ أصرف منه في بعض شؤون المنزل أو أمور تخصني أو أتصدق منه. هل يجوز هذا العمل يا شيخ جزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان زوجك قد ملكك وأولادك ما يجب لكم عليه من النفقة، فأنفقت من هذه النفقة على نفسك وأولادك بالمعروف وبقيت منها بقية، فهذه البقية ملك لك ولأولادك، تستعمل فيما يعود عليكم جميعًا بالنفع، ولا يجوز أن تختصي بشيء منها لعدم تميز حقك فيها عن حق الأولاد، وتجوز لك الصدقة منها بالشيء اليسير الذي جرى العرف بالمسامحة فيه.
أما إذا كان زوجك لم يملكك وأولادك هذه النفقة، وإنما دفعها لك على أنك وكيل عنه في الإنفاق منها على ما تحتاجونه، فلا يجوز أن تأخذي من هذه النفقة شيئًا لنفسك إلا إن رضي الزوج بذلك، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه، وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم. رواه أحمد.
هذا فيما يتعلق بأخذ شيء لنفسك مما بقي من هذه النفقة، أما تصدقك بشيء منها، فيجوز إذا كان بالشيء اليسير ولو لم يأذن الزوج، أما الشيء الكثير فلا بد من إذنه.
وراجعي الفتوى رقم: 21063، والفتوى رقم: 22917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(13/16870)
هل تنفق الزوجة من راتبها على بيتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم, أنا الآن خاطب، وأنا وخطيبي سنفتتح شركة معا، فهناك نقطة خلاف بيننا، هي تقول: إنها يجب أن تدخر نصيبها وأنا أصرف على منزلنا من نصيبي فقط، وتقول أيضا: إنه غير مهم أن أدخر في بداية حياتنا. أنا أرى أنه ما دام سمحت لها بالشغل، يجب أن تساهم معي في مصاريف البيت حتى أدخر لأكون قادر على تأمين مستقبلنا فيجب أن تساعدني، قلت لها لن أمس: المال الذي تركه لها أهلها فما الحكم في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنفقة الزوجة والأولاد واجبة على الزوج، ولا يلزم الزوجة منها شيء إلا أن تطيب نفسها بذلك. وإذا كانت الزوجة تعمل فراتبها لها ولا يجوز لزوجها أخذ شيء منه أو مطالبتها بالنفقة منه إلا بطيب نفس منها. نعم له منعها من العمل إن شاء، وله أن يشترط عليها إعطاءه جزءًا من الراتب مقابل السماح لها بالعمل، هذا ما لم تكن قد اشترطت عليه في العقد الإذن لها بالعمل، فإن اشترطت فيلزمه الوفاء.
فالخلاصة أن عليكم أن تتفقوا قبل العقد على ما سيكون عليه الأمر بعد الزواج، وتجعلوا ذلك في شروط العقد حتى لا يحصل النزاع في المستقبل.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 32280، 1357، 4554، 19680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(13/16871)
زوجها يصر على التعامل بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً جزيلاً لكم على إجابتكم عن الربا.
والآن وبعد أن عرفنا أن قرضنا من البنك ربا فما هو وضعي بما أن زوجي مصر على الاستمرار في هذا القرض فهل أكون عند الله عاصية وأتحمل معه الوزر رغم أنني أعارضه؟ وهل لي أن أطلب الطلاق لإصراره على القرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجك إذا كان مصرًا على مواصلة الأعمال الربوية، ولم يكن لك مال تنفقين منه، ولم يكن له هو مال حلال ينفق عليك منه، فلك أن تنفقي من ماله الحرام، ووزر ذلك عليه، وليس عليك منه شيء؛ لأنك مضطرة.
وإن كان يوجد من المال الحلال ما تستطيعين الإنفاق منه على نفسك، فلا يحل لك أن تنفقي من ماله الحرام، وانظري الفتوى رقم:
29639
وأنت في هذه الحالة بالخيار، أن أحببت بقيت على هذا الوضع: تنفقين على نفسك من مالك على أن ذلك دين في ذمته هو، وإن أحببت طلبت الطلاق، فإن حرمة طلب الطلاق مقيدة بما إذا لم تكن ثمت ضرورة تحمل عليه.
روى ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأسٍ، فحرام عليها رائحة الجنة.
ولا شك أن الإنفاق بالمال الحرام أو البقاء بدون إنفاق ضرر يبيح لك طلب الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(13/16872)
ينفق على أسرته من مال ربوي معتقدا حله
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أبرئ ذمتي وأولادي من شبهة حرمة فوائد البنك الذي يعمل به زوجي مع إعلان مفتين بمشروعية ذلك في الوقت الحالي؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان لزوجك مال حلال وحرام فلا حرج عليك في قبول النفقة منه وإنفاقها على نفسك وأولادك مع النصيحة له بترك الحرام. وإن كان كل ماله حرامًا وجبت عليك مطالبته بمال حلال ينفقه عليك، فإن لم يفعل فلك رفع أمره للمحكمة الشرعية لتنظر في الأمر وتتخذ الحكم المناسب. وإذا اعتمد الشخص على فتوى من يوثق بعلمه ودينه وكان أهلاً للفتوى في جواز العمل الذي هو فيه في البنك الربوي واعتقد حِلّ ذلك، فالمال الذي يتحصل عليه نتيجة هذا العمل حلال له وله أن ينفق منه على أهله وأولاده، ولا شيء عليهم في قبول ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(13/16873)
من أحكام الإنفاق على الزوجة والأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن لا ينفق على زوجته بحجة أنها تعمل ويتجه بالإنفاق على أهله مع وجود من يعيلهم وهو الوالد حيث ينتقلون بالطلبات من الضروريات إلى الثانويات للرفاهية ويطلبون المال من زوجي دون علمي ترفعا منهم، وهذا يسبب لي مشاكل كبيرة أرجوكم أريد حكم الشرع في حالتي مع أنني أعمل خارج البيت برضاه ويهددني أنه لن يتوقف عن إعطاء أهله المال حتى يكون أحسن حالا منا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الزوج أن ينفق على زوجته ولو كانت ثرية أو لها راتب أو غير ذلك؛ إلا إذا أسقطت حقها في النفقة واكتفت بما لديها فلها ذلك، وللزوج أن ينفق على أقاربه من ماله سواء علمت زوجته بذلك أو لم تعلم، وينفق عليهم حسب ما يرى هو لا زوجته، ولكن إذا تعارض الإنفاق عليهم مع الإنفاق على الزوجة لزمه تقديم النفقة على الزوجة.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
21173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(13/16874)
حكم أخذ الزوجة من مال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أخذ نقود من الزوج بدون علمه حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها إلا بإذنه ورضاه وإلا كانت متعدية.
إلا أنه في حال ثبوت بخل الزوج بالنفقة عليها وعلى أولادها يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 22917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1424(13/16875)
الإنفاق على الأهل يدخل في باب البر والصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
زوجي ميسور الحال ويصرف على أهله الميسوري الحال جداً ومنهم أخ متعلم ومتزوج ويرفض العمل وكل احتياجاته نتكفل بها وذلك بموافقة أمه ولدينا أبناء وهو لا يعمل حساب الغد ويقصر في بعض الاحتياجات ليكفي أهله كما أنه يصرف على امرأة يحبها دون زواج فهل يحق لي أن أدخر لأبنائي جزءاً من مصروف البيت دون علمه لأنه لو علم أن معي مالاً يأخذه وينفقه عليه وعلى السابق ذكرهم وهل هذا عدل وهو معتقد أن هذا واجبه نحو أهله الميسورين وأن ما ينفقه على العشيقة من ماله ليس لي حق فيه فما رأي الدين وحسبي الله ونعم الوكيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تضمن سؤالك عدة أمور:
أولها: أن زوجك ينفق على أهله مع كونهم ميسوري الحال، ولا يلام على ذلك لكونه يدخل في باب البر والصلة، وهو أمر محمود ولا يستوجب ذماً، ومن حسن التبعُّل أن تشجعيه على ذلك لا أن تحاولي منعه منه.
الثاني: أن أخاه يرفض العمل مع كونه متزوجاً معتمداً على ما يقدمه له زوجك من مال، وهو أمر ليس محموداً بالنسبة لأخي زوجك، وهنا يأتي دورك كزوجة ناصحة تريدين الإصلاح، وننصحك بأن تشيري على زوجك بأن يمسك قليلاً من الإنفاق عليه حتى يهم بالعمل الذي يكفل له بإذن الله أن يضطلع بمسؤولياته، وألا يتكفف أحداً ولو كان أخاه شريطة أن يحرص على إبقاء الصلة والود والحب، فإن غلب على الظن أن ذلك سيؤدي إلى قطع الرحم فليبحث عن حل آخر يدفع عن أخيه هذا التقاعس والتواكل.
الثالث: كونه لا يدخر من ماله لغده، فاعلمي أن ذلك ليس واجباً عليه؛ لكن إن فعل فهو أمر حسن لا ينافي التوكل على الله تعالى.
الرابع: كونه يقصر في بعض الاحتياجات ليكفي أهله، فإن كانت احتياجات واجبة فلا يجوز له ذلك؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح لغيره.
الخامس: كونه على علاقة آثمة بامرأة أجنبية ينفق عليها فهذا لا يجوز، وعليه أن يتوب إلى الله مما يفعل، وعليك أن تذكريه بالله، ولك أن تستعيني بمن لهم تأثير عليه من أهله عسى أن يرتدع عن غيه، وننصحك باللجوء إلى الله والتضرع إليه عسى أن يهديه ويصلحه لك.
السادس: لا يجوز لك أن تدخري من مال زوجك بغير علمه إلا إذا كان مقصراً في النفقة الواجبة، فلك أن تأخذي فقط في حدود ما يكفيك وولدك بالمعروف، وراجعي الفتوى رقم: 8534، والفتوى رقم: 22917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(13/16876)
الزوجة التي لا تجب لها النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تزوجت عام 1417هـ واستمرت الحياة الزوجية إلى وسط عام 1418هـ وحصلت مشاكل زوجية ومكثت زوجتي عند أهلها 5 سنوات لم أرها ولم ترني ورزقنا بمولود عام1419هـ وطيلة تلك الخمس سنوات لم أعطها مصاريفها وفي هذا العام حصل الطلاق في 4/6/1423هـ وإلى هذا اليوم لم أذهب إلى المحكمة للفتوى وأنا عازم على الطلاق أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنفقة واجبة عليك طيلة هذه السنوات ما لم يكن النشوز من قبل الزوجة. قال ابن المنذر: اتفق أهل العلم على وجوب نفقة الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشز.
وكونها ناشزاً أو غير ناشز أمر تفصل فيه المحكمة الشرعية، وكذلك تجب عليك نفقة ولدك منها.
وننصح الأخ السائل بالسعي في حل مشاكله مع زوجته وألاَّ يبادر إلى طلاقها لما في الطلاق من ضرر واضح لا يخفى، لا سيما وقد ولد لهما مولود، نسأل الله أن يصلح شأنك وييسر أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(13/16877)
ماهية العدل الواجب على الزوج تجاه زوجاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من اثنتين وسؤالي هو: هل يلزم العدل بين الزوجتين أن تكون بالمثل أو يكفي فيها سد الحاجات الضرورية مثال ذلك: هل يلزمني في الأعياد إعطاءُ كل زوجة مبلغاً من المال أم يكفي في ذلك شراءُ ما تريده كل منهما من حاجيات وفي حدود المعقول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعدل الواجب على الزوج تجاه زوجاته هو التسوية بينهنَّ في القَسم والنفقة والكسوة والمؤنة، فإذا قام الزوج بما يجب لكل واحدة منهنَّ من النفقة ... فهل له بعد ذلك أن يفضل إحداهنَّ على الأخرى بما شاء؟
فالأكثر من أهل العلم على جواز ذلك.
قال الحافظ ابن حجر: والمراد بالعدل التسوية بينهنَّ بما يليق بكل منهنَّ، فإذا وفَّى لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها والإيواء إليها لم يضره ما زاد على ذلك من ميل القلب أو تبرع بتحفة. انتهى الفتح.
وراجع الجواب 11389
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(13/16878)
التوسط في الإنفاق ليس بخلا
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت واتفقت أنا وزوجتي أنه لا يوجد فروق في الراتب بيننا وأصرف على المنزل ولكن توجد أمور إضافية لزوجتي وتريدني أن أتحملها وتريد تخزين راتبها بأكملة فما رأي الدين في ذلك بالرغم أنني لا أقصر في جميع الطلبات والحمد لله على مستوى الشخص الفوق متوسط من حيث المصروفات، وهل أنا رجل بخيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أوجب الله على الزوج أن ينفق على زوجته من ماله بالمعروف، وذلك بتوفير ما تحتاج إليه من طعام ومسكن وخدمة ودواء وإن كانت غنية؛ لقول الله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ [الطلاق:6] .
وقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
وأما ما زاد على هذا فليس الزوج مطالباً به شرعاً لزوجته إلا إذا اشترطته عليه في العقد وتحمله فإنه حينئذ يجب عليه الوفاء بما تحمل، وذلك لما في الصحيحين عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج.
اللهم إلا إذا كان في هذه الأمور المشترطة ما يخالف الشرع فلا يلزم الوفاء بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالا أو أحل حراماً. رواه الترمذي.
وبهذا يعلم السائل أن عليه الوفاء بما التزم لزوجته من الحاجيات ما لم يكن فيه مخالفة للشرع.
أما بالنسبة لما سألت عنه من التقصير في هذه المطالب هل يعد بخلاً أو لا؟ فالجواب: أنه إذا اتبعت في الإنفاق على أهلك التوسط وما هو معتاد عندكم فلا تعد بخيلاً بحال من الأحوال.
وأما مال زوجتك فلها الحق في أن تحتفظ به، ولا يجب عليها إخراج شيء منه في نفقات البيت الواجبة عليك إلا إن أحبت، وذلك من باب الإحسان منها، وانظر الفتوى رقم:
16694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(13/16879)
لايجوز أن تأخذ الزوجة من مال زوجها زيادة على الكفاية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي غني ومع ذلك يسكن في غرفة وصالة ونحن خمسة أفراد ويأخذ من الحكومة مالاً لشراء الغذاء لنا وهو يخفي ماله ولا أعرف أين هو وهو يشتري لنا الأشياء رخيصة الثمن وهو يقول إنه ليس معه مال مع العلم أن معه مالاً كثيراً فهل يجوز لي آخذ من ماله وأشتري للأولاد الأشياء التي يريدونها وأنا أضع جزءا من هذا المال في البنك خوفاً من الزمان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على الزوجة أخذ شيء من مال زوجها دون علمه، إلا في حالة ما إذا قتر عليها وعلى أولادها، فلم يعطهم ما يكفيهم من النفقة، فلها حينئذٍ أن تأخذ من ماله بدون علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، ولا تزيد على ذلك، ولو كان غرضها ادخار هذا المال، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 8534
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(13/16880)
وازن بين إعطاء أبيك والإنفاق على بيتك
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالد غير محتاج وإمكانياتي جيدة هل يجوز إعطاؤه من مالي ما يشاء ليصرف بسخاء وأحرم أولادي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والدك غير محتاج فلا يجب عليك أن تعطيه من مالك، لكن حقه عليك عظيم، وينبغي لك بره والإحسان ببذل المال له بطيب نفس إذا كان ذلك يرضيه عنك، بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى حرمان زوجتك وأبنائك ما يجب لهم من النفقة عليك، وانظر الفتوى رقم: 7490، والفتوى رقم: 15504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(13/16881)
مدى جواز تصرف الزوجة بمال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي عند الزوجة في مال زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أن تتصرف في مال زوجها بقليل أو كثير إلا بإذنه، إلا أن يكون مقصراً عما يجب عليه من النفقة، فلها أن تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف، وانظر الفتاوى بالأرقام التالية: 12968، 14207، 19287، 19589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(13/16882)
فتاوى حول أخذ الزوجة من مال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي للزوجة في مال زوجها؟
هل تستطيع أن تتصرف فيه كما يتصرف زوجها فيه وهل يكون لها الحق بأن تأخذ منه بدون إذنه شرعا إذا كانت تستحقه في الضرورة المحققة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن تصرف المرأة في مال زوجها بغير إذنه، وذلك في الفتاوى التالية: 9457 22917 14973 21063
وقد تقدم الكلام عن أخذ المرأة من زوجها بغير إذنه إذا لم يعطها كفايتها هي وأولادها منه، وذلك في الفتويين التاليتين: 19453 8534
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(13/16883)
هل يشرع الأخذ مال الأب بغير إذنه إذا سافر ولم يترك نفقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الأخذ من مال الوالد في سفره دون إخباره بالموضوع علماً أنه لا يترك لنا نفقة حتى حين عودته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الأب أن ينفق على أولاده، وذلك موضح في الفتوى رقم:
18329، والفتوى رقم:
19453.
فإن منعهم حقهم، فلهم أن يأخذوا من ماله ما يكفيهم بالمعروف دون أن يزيدوا على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(13/16884)
التقصير في حق من وجبت نفقته من سوء العشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل لا يعامل زوجته وابنته معاملة حسنة ويبخل عليهما بالمال ويتذمر من الصرف عليهما مع أنه يملك أموالاً وتجارة أيضا. وشكراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم وجوب نفقة الأولاد والزوجة في الفتوى رقم:
8497، والفتوى رقم:
19453.
والتقصير في حق من وجبت نفقته، والبخل عليه بما يجب له هو من سوء العشرة، كما أنه مناف للخيرية المأمور بها ضمنا في قوله صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه الترمذي.
وبالجملة، فعلى هذا الرجل أن يتقي الله ويعامل أهله معاملة طيبة ويؤدي حقوق الله تعالى التي أوجبها عليه تجاه أهله من النفقة وحسن المعاشرة، وإلا فليعلم أنه في معصية ما دام مصراً على عدم أداء هذه الحقوق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(13/16885)
حكم تصرف الزوجة في مال زوجها دون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الدين الإسلامي في تصرف الزوجة المسلمة في أموال زوجها المسلم من دون أن يعلم وماذا يفعل معها إذا علم بعد فترة من التصرف؟ وشكرا لكم وجزاكم الله على ما تقدمونه خيراً........
والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تتصرف في مال زوجها إلا بإذنه، فإن كان الزوج يمنعها حقها من النفقة جاز لها أن تأخذ من ماله بقدر نفقتها بالمعروف، ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
فإن أخذت المرأة من مال الزوج أكثر من نفقتها، ولم يأذن لها الزوج في ذلك، فزوجها بالخيار بين أن يسقط هذا الحق وبين مطالبتها به، وينبغي للزوج أن يسلك مع زوجته مسالك أهل مكارم الأخلاق فيعفو ويصفح بقدر الاستطاعة، فإن الله عز وجل يقول: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(13/16886)
حكم الرجوع على الزوج التارك لزوجته بالنفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي مشكلة وهي أن زوجي تركني في بيت أهلي مع ابنتي الرضيعة منذ تسع سنوات وخلالها لم يسأل عنا ولم ينفق علينا وأنا في ذمته حتى الآن، وكلمه والدي في هذا الأمر فقال له فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فقال الزوج سأسرحها بالإحسان وأسألكم هل يحق لي أن أطالبه بحق النفقة أو التنازل لي عن البنت؟ وهل من الأفضل أن يكون بالتفاهم بيننا أم نلجأ إلى المحكمة؟ خاصة أن الزوج أبدى استعداده للتنازل عن البنت على أن يزورها وهل في هذه الحالة أطالبه بنفقة السنوات السابقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللزوجة الحق في أن تطالب الزوج بنفقتها عن الفترة الماضية إن لم تكن ناشزاً، أما الناشز فلا نفقة لها اتفاقاً.
وأما ما أنفقته الزوجة على ابنتها.. فإن لم تقصد بها التبرع فلها الحق أيضاً في أن ترجع بها على الزوج بها وإن قصدت بها التبرع فلا حق لها، والقول قولها عند النزاع، ولا حرج على الزوجة أن تخير زوجها بين تسليم النفقة التي وجبت عليه، وبين التنازل عن حقه في حضانة البنت إذا آلت حضانتها إليه شرعاً بسبب زواج الزوجة من زوج آخر مثلاً، ومن الأفضل أن يكون ذلك بالتفاهم لا التحاكم، فإن دعت الحاجة إلى التحاكم فلا مانع منه، وانظري الفتوى رقم:
6256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(13/16887)
الزوج هو المكلف بالإنفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لأربعة أولاد، وأعيش مع زوج لا يعمل منذ6 سنوات،يعتمد علي وعلى راتبي في تدبير أمور البيت والأولاد، وكثيراً ما يثقل كاهلي بطلباته التي لا تنتهي، ويدفعني إلى تحمل الدين، مع أنه ليس لديه مانع صحي أو جسدي يمنعه عن العمل، وعذره أنه لا يجد العمل المناسب وهو مديرعام، انصحوني ماذا أفعل؟ فلقد سئمت هذه العيشة، وأنا أخاف الله، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جعل الإسلام القوامة للرجال على النساء لسببين:
أحدهما: هو أنه ألزم الرجال بالإنفاق، وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة: قال الحق سبحانه: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) [النساء:34]
وقد أجمع العلماء على أنه يجب على الرجل أن ينفق على زوجته وأولاده القُصَّر، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فَاتّقُوا اللهِ فِي النّسَاءِ. فَإِنّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنّ بِكَلِمَةِ اللهِ. وَلَكُمْ عَلَيْهِنّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَداً تَكْرَهُونَهُ. فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرّحٍ. وَلَهُنّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنّ وَكِسْوَتُهُنّ بِالْمَعْرُوفِ." رواه مسلم
ويقول سبحانه في حق نفقة الأولاد: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف)
وبناء على ما تقدم من أدلة فإنه يجب على هذا الرجل أن يتقي الله، وأن يقوم بالمسئولية التي حمله الله تعالى، وليعلم أنه إذا كان وهبه الله امرأة خيرة تساعده في شؤون البيت والعيال فعليه ألا يقابل هذه النعمة بالكفران، ويجعل ذلك ذريعة لترك العمل، وإهمال الواجب الذي أوجبه الله عليه، فنصيحتنا لهذه السيدة الفاضلة هي أنها تصبر وتحتسب، ولتعلم أن ما تنفقه من مال على زوجها وعيالها هو صدقة تؤجر عليها إن شاء الله تعالى.
وأما فيما يخص زوجها فعليها أن تلجأ إلى الله بالدعاء بإصلاح حاله، ثم مداومة النصح له، وتذكيره بضرورة العمل، وتحمل الأمانة التي كلف بها، ثم عليك بالاستعانة بمن ترينه من أصحاب التأثير عليه حتى يرجع زوجك عما هو فيه من البطالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(13/16888)
كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يقتطع جزءأ من دخلنا الشهري المحدود ليعطيه لأقاربه على أنها صدقة مع العلم أنهم يصرفون ما هو أكثر منه على شرب السجائر أما نحن فنقضي بقية الشهر في ضائقة مادية تمنعني حتى الخروج من المنزل لعدم تواجد مصروفات للتنقل مع التسول من أمي والتي دخلها أقل مما يصرفه زوجي على أقاربه شهريا مع العلم أن زوجي يعمل في قطاع خاص ومعرض للفصل في أي وقت ولا ندخر شيئاً للغد فماذا تقول له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في النفقة أن تقدم فيها الزوجة والعيال على غيرهم من الأقارب، قال ابن قدامة: ومن لم يفضل عن قوته إلا نفقة شخص وله امرأة، فالنفقة لها دون الأقارب. واستدل بحديث رواه أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، وإن كان له فضل فعلى عياله، وإن كان فضل فعلى ذوي قرابته، أو قال ذوي رحمه، وإن كان فضل فهاهنا وهاهنا ". فإذا أنفق الرجل على أهله ما لا غناء لهم عنه، من مأكول أو مشروب أو ملبوس أو مسكن، جاز له أن يتصدق بما زاد عن ذلك على أقاربه.
هذا فيما إذا زاد عن النفقة، أما إن قصر ماله عن نفقة عياله، فإنه لا يجوز التصدق وتضييع عياله، ففي مسند أحمد عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه يقول: " كفى بالمرء إثما أن يضيِّع من يقوت ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(13/16889)
نفقة الرجل على زوجته وأولاده واجبة بالشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يهمل في أهل بيته وعدم الصرف عليهم ويترك كل شيء على زوجته في أمور البيت ومع ذلك أنه يدخل أمواله لنفسه من غير علم أحد ويدعي بالديون والإفلاس؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع وجوب نفقه الزوجات على الأزواج، والأولاد على الآباء.
يقول الله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف) [البقرة:233] .
وقال تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّه) [الطلاق:7] .
وروى البخاري أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال عليه الصلاة والسلام: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".
وقد أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها إذا كانا بالغين، ولم تكن الزوجة ناشزاً، وعلى أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. يقول ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه العلم أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.
ولا خلاف بين العلماء أن النفقة يتحملها الأب وحده دون الأم، فإذا فقد الأب أمكن أن تنتقل نفقة الأولاد إلى أمهم على خلاف عند أهل العلم.
لكن ما دام الأب موجوداً وقادراً على الإنفاق، فإنه لا يشاركه أحد في وجوب النفقة على أولاده، لذا فيجب على من له زوجة أن يقوم بحقها الذي أوجبه الله عليه وألزمه به، ولا يجوز له أن يماطل في ذلك، ويتحايل، فالله عز وجل لا تخفى عليه خافية يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(13/16890)
حكم طلب الزوجة الطلاق حيث لم ينفق الزوج عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا متزوجة منذ عشر سنوات وليس لي أبناء لدي مال وطلبت من زوجي أن لا يعمل حتى يرعاني وأنا أتكفل بالإنفاق ففعل فظللت أنفق على البيت لمدة ست سنوات وعندما طلبت منه أن يعمل قال إنه لا يجد عملا لأن ظروف البلد متدهورة.
ولقد أخذت الأجهزة الكهربائية والأشياء التي يملكها في شقتي التي أملكها والتي نسكنها منذ تسع سنوات والآن أطلب منه الطلاق ولكني لا أنوي رد أشيائه إليه وذلك مقابل ما أنفقت عليه وعلى البيت فهل يجوز لي ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نفقة الزوجة واجبة على الزوج القادر على الإنفاق، ووجوبها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، ودليل الكتاب قوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7] .
ودليل السنة قوله صلى الله عليه وسلم: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
والذي يظهر من سؤالك أنك قد تنازلت عن النفقة لمدة ست سنوات، أو بمعنى آخر: وهبت له نفقة ست سنوات مضت من زواجكما أو أبرأتيه منها.. فكيف تطالبينه بحق أنت قد تنازلت عنه وقمت بإسقاطه؟
والحاصل أنه لا يجوز لك أن تطالبيه بالنفقة التي أبرأتيه منها.
أما منذ مطالبتك بالنفقة مرة أخرى أي بعد السنوات الستة، فقد أصبح واجباً على الزوج أن ينفق عليك بحسب حاله من يسار وإعسار، ومنذ ذلك الوقت إذا لم يقم بالإنفاق المطلوب فكان لك أن تأخذي من ماله الذي يصل إلى يدك بقدر ما يكفيك، لما رواه البخاري عن عائشة: أن هنداً امرأة أبي سفيان، قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
فإن لم يكن والحالة هذه ذا طعام يمكن الوصول إليه ولا ذا مال يمكن لك أن تأخذي منه كفايتك لطعامك وكسوتك، فلك الحق في رفع أمرك إلى المحكمة الشرعية، وتطلبين فرض النفقة لك على زوجك، فقد جاء في رد المحتار لابن عابدين: الزوج هو الذي يلي الإنفاق إلا إذا ظهر عند القاضي مطله فحينئذ يفرض النفقة لها عليه، ويأمره ليعطيها لتنفق على نفسها. أما إذا كان زوجك عاجزاً تماماً عن النفقة لعجزه عن الحصول على العمل، وعن الكسب على وجه العموم ولم يكن له مال لينفق منه، فلك الحق والحالة هذه أن ترفعي الأمر إلى المحكمة الشرعية لتحكم في أمركما، علماً بأن الفقهاء لهم في هذه المسألة قولان:
الأول: التفريق بين الزوجين إذا اختارت الزوجة الفراق وهو مذهب الحنابلة ومذهب الشافعي ومالك وغيرهم.
والقول الثاني: أن عجز الزوج عن النفقة على زوجته ليس بسبب لوقوع الفرقة بين الزوجين حتى ولو طلبتها الزوجة وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبيه.
ونصيحتنا لك أن تتريثي ولا تستعجلي في طلب الطلاق لاسيما وأنك موسرة كما ذكرت، ولعل الله أن يرزق زوجك بعمل أو يوفقه إلى تجارة مثلاً، فينفق عليك.
أما بخصوص الأجهزة الكهربائية والأشياء الأخرى التي يملكها فليس من حقك أخذها لاسيما وأنك مقرة بملكيته لها، وقد تقدم أن تنازلك عن النفقة مسقط لها، فليس هناك ما يسوغ أخذك لهذه الأشياء، فعليك أن تتقي الله وتعيدي لزوجك ما يملكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(13/16891)
مقدار حق الزوجة في مال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة على رسول الله
هل يجوز للزوجة أن تحاسب زوجها فيما أنفق وهل هل يجوز لي إخفاء الحقيقة عليها مادامت تصبح إنسانة غير طبيعية تكسر وتهدد وتهجر (دون أن يردعها أهلها رغم علمهم بهذا الأمر) وإن كانت لها حقوق في مال زوجها فما هي حدود هذه الحقوق أكرمكم الله أن توضحوا هذا الأمر بالتفصيل وقدر المستطاع لأني أصبحت أشك أن زوجتي مسحورة أو أصابتنا عين لما نحن فيه من خير وتناقض ما نحن فيه مع أحوال المسلمين بسبب العراك والهجران والذي أخاف أن يؤثر على أطفالي الصغار؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحياة الزوجية مبناها على حقوق مشتركة بين الزوجين، فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف ويعاشرها بالمعروف، وفي المقابل تقوم الزوجة بواجبها نحو زوجها من طاعته في المعروف، والحفاظ على بيته وماله وولده.
وإلى هذا أشارت الآية الكريمة: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة:228] . فيؤدي كل واحد منهما ما عليه من حق لصاحبه بالمعروف، ولا يمطله به، ولا يظهر الكراهة، بل ببشر وطلاقة ولا يتبعه أذى ولا مناً.
وعلى كل واحد منهما أن يحسن أخلاقه مع الآخر، وأن يرفق به، وإن يتحمل أذاه، لا سيما الزوجة تجاه زوجها، لأن حقه عليها آكد، وأجرها في ذلك أعظم، ففي الحديث: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" رواه الترمذي وهو حديث حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأطاعت زوجها، وحفظت فرجها دخلت الجنة" رواه أحمد.
وعلى المرأة أن تحذر من إيذائها لزوجها، حتى لا تصيبها دعوة الحوريات في الجنة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا" رواه ابن ماجه وأحمد، وهو في السلسلة الصحيحة للألباني.
فيكف إذا كان الإيذاء للزوج من أجل إنفاقه وتصدقه.. كما ذكر السائل.
أما سؤالك عن حقها في مالك، فما دمت تنفق عليها وعلى أولادها بالمعروف، فلا يجوز لها أن تأخذ من مالك شيئاً إلا بأمرك أو بإذنك.
وأما هل يجوز لك إخفاء الحقيقة عنها دفعاً لأذيتها، فجوابه: أن لك من المعاريض مندوحة عن الكذب، والمعاريض أن تأتي بكلمات محتملة تفهم منها زوجتك ما يطيب قلبها ويهدئ خاطرها، وليست في الواقع مناقضة لحقيقة ما يجري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(13/16892)
هل يجب علىزوجة المعسر طاعته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فى حالة عدم إنفاق الزوج على الزوجة لعدم قدرته تجب عليها طاعته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته بقدر استطاعته. وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
8497 والفتوى رقم:
17203.
أما بالنسبة للزوج المعسر الذي لا يستطيع الإنفاق على زوجته، فإن المرأة مخيرة بين أن تصبر على الإعسار وبين أن تطلب الطلاق، والأفضل لها الصبر إن استطاعت. وتقدم في الفتاوى المشار إليها تفصيل ذلك.
فإذا اختارت المرأة الصبر فإنه يجب عليها أن تطيع زوجها، ويجب عليها أن تؤدي كل الحقوق الواجبة عليها لزوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(13/16893)
ما قاله أهل العلم في حكم إنفاق الزوج لعلاج زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إلزام الزوج بالنفقة على علاج زوجته المريضة؟ قانونا وشرعا (باختلاف المذاهب) , نرجو إفادتنا ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسلم يجب عليه أن يلزم أحكام الله المبينة في شرعه ولا يلتفت إلى ما خالفها من قوانين وضعية، وهذه القوانين المباينة للشرع يحرم على المسلم الرجوع إليها في تنازعه والتحاكم إليها في قضاياه.
وأما ثمن الدواء وأجرة الطبيب فلا تجب على الزوج لزوجته ولا تدخل من ضمن النفقة الواجبة عليه باتفاق المذاهب الأربعة؛ إلا أجرة القابلة فاختلفوا فيها. فقال الحنفية: واجبة على من استأجرها إن كان الزوج أو الزوجة، ولا يجبر الزوج على استئجارها، فإن جاءت بغير استئجار قالوا: فلقائل أن يقول أجرتها عليه لأنها مؤنة جماع، ولقائل أن يقول عليها كأجرة الطبيب.
والمشهور عند المالكية أن أجرة القابلة على الزوج، وأما الشافعية والحنابلة فلم نعثر على نص لهم في المسألة هذه، لكن الأشبه عند الشافعية هو وجوب أجرتها على الزوج لأنهم يوجبون عليه كل ما ترتب على سبب تسبب هو فيه، كثمن ماء غسل الجماع والنفاس ونحوهما من مؤنه الجماع فيجب على الزوج توفيره لها.
لكن ينبغي للزوج أن يعالج زوجته إن كان قادراً على ذلك ولا مال للزوجة، لأن ذلك من الإحسان وحسن العشرة والمعروف الذي يثاب ويؤجر عليه، وأولى الناس بمعروفه زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(13/16894)
أمهات المؤمنين أسوة لكل زوجة سواء في المعيشة أو سواها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لا ينفق علي علماً بأني موظفة وأعيش على مستوى معين عند أهلي وعندما تزوجت لم أقدر على العيش على مستوى زوجي فأنفقت مالي وذهبي كله لكي أعيش على هذا المستوى ولكن مالي انتهى وزوجي يقول لا يحق أن أصرف عليك بسبب أني أعمل أريد النصوص الدينية والأحاديث والقصص الذي يثبت غير ذلك؟ وإن أنا مخطئة فقل لي الصحيح في حين أن زوجي لا يتكفل بالبيت كاملا فأنا أساعده كثيراً فيقول إني لا أصرف شيئا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفقة على الزوجة واجبة شرعاً على زوجها إذا كان موسراً وهي غير ناشز، والنفقة الواجبة يحدد قدرها العرف وحال الزوج، كما هو مبين في الفتوى رقم:
8497 والفتوى رقم: 17203
وعلى ذلك فيجب على زوجك أن ينفق عليك بالمعروف حسب حاله وطاقته، فإن فعل ذلك فليس لك الحق في أن تطالبيه بما زاد على ذلك على سبيل الالتزام والوجوب.
ثم إننا ننصحك أن ترضي بما قسم الله لك ليطيب لك عيشك وتسعدي في حياتك الزوجية، ولا تعلقي قلبك بغير المقدور عليه في متاع الحياة الدنيا فيكدر ذلك عليك صفو حياتك، وينغص عليك هناءة عيشك مع زوجك، واجعلي نصب عينيك الحديثين المذكورين في الفتوى التي أحلناك إليها آنفاً.
وعلقي قلبك وهمتك بمرضاة الله تعالى والدار الآخرة، واجعلي أسوتك زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات الشريفات خير نساء العالمين، فقد اخترن الله ورسوله على متاع الحياة الدنيا لما خيرهن رسول الله صلى الله عيه وسلم بأمر من ربه حيث قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً*وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:28-29] .
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه فبدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك، وقد علم أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: إن الله قال: (يا أيها النبي قل لأزواجك) إلى تمام الآيتين، فقلت: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. زاد مسلم في روايته قالت: ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت.
فهؤلاء هن الأسوة الحسنة والقدوة المثلى لكل مؤمنة حيث كانت همتهن هي مرضاة الله تعالى، ونيل أعلى درجات الجنان، لا بالعيش الدنيوي الرخي، والمستوى المعيشي الذي كن يألفنه في بيوت آبائهن.
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال نسائنا وذرياتنا جميعاً.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(13/16895)
محل وجوب نفقة الزوجة على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على المعسر واجب النفقة على زوجته إن كان لديها راتب وسكن خاص بها وساعدته في ذلك برغبتها أو سكنت عند أهلها لحين يتمكن من فتح بيت لها وهل هذا دين عليه أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن نفقة الزوجات واجبة على أزوجهن ولو كنَّ غنيات، لقوله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) [الطلاق:7] ، ولما في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود من حديث حكيم بن معاوية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال -حين سأله رجل ما حق المرأة على الزوج-: "تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت".
ولكن محل وجوب نفقة الزوجة هو ما إذا كان الزوج موسرا بها قادراً عليها. أما إذا كان معسراً ورضيت الزوجة بالبقاء معه، فلا تجب عليه النفقة لعجزه عنها، ولا يطالب بها في ذمته إذا أيسر، لأن ذمته لم تعمر بها أصلاً فسقطت المطالبة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1423(13/16896)
المتوفى عنها زوجها ... نفقتها وسكناها
[السُّؤَالُ]
ـ[على من نفقة المرأة التي توفي زوجها خلال العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمتوفى عنها زوجها لا نفقة لها على الزوج المتوفى، فلا تخرج نفقتها من تركته سواء كانت حاملاً أو غير حامل، لأنها وارثة من جملة الورثة، وقد حدد لها نصيبها من الإرث، وهو: الربع أو الثمن، فلو فرض لها شيءٌ من النفقة لأدى إلى زيادة نصيبها على المقدر شرعاً، وهذا لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم، وإنما اختلفوا في السكن هل لها السكنى أم لا؟.
فمنهم من أوجب السكنى مطلقاً، ومنهم من أسقط ذلك مطلقاً، ومنهم من فرق بين الحامل وغير الحامل.
والذي يترجح من ذلك عدم وجوب السكنى لها، لأن إيجاب السكنى لها مؤدٍ إلى زيادة حصتها في التركة على ما قدره الله لها من الثمن أو الربع، وهذا أحد قولي الشافعي وهو موافق لإحدى الروايتين عن أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(13/16897)
الناشز الحامل لا تسقط نفقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي جالسة في بيت أهلها بدون رضاي مع العلم أنها حامل فهل تجوز لها النفقة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسوله الأمين وآله أجمعين
أما بعد:
فإن المرأة التي تمتنع من الإقامة في بيت زوجها تعد ناشزاً، ولا نفقة لها؛ إلا أن تكون حاملاً لأن النفقة للحمل وهو ولده، فلا تسقط نفقته بنشوز أمه. وانظر الجواب رقم 7455. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(13/16898)
مطالبة الزوجة بزيادة النفقة أو كتابة شيء من ماله على سبيل الإلزام لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[كما أعرف فإن حقوق الزوجة تتلخص في المعاملة الطيبة وتأكل وتلبس مثل ما أفعل لنفسي هل هذا صحيح؟ وإذا كنت أصرف على بيتي بدون أي بخل فهل المصروف الشهري للزوجة يعتبر من ضمن حقوقها؟ وهل يحق لها أن تطلب جزءا من مالي أو أن أكتب لها أي جزء من ممتلكاتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حقوق الزوجة حسن العشرة، بالإضافة إلى النفقة والكسوة والسكنى، ولا يجب أن تُعطى زيادة على النفقة مصروفاً شهرياً، ولا يجب أن يكتب لها الزوج جزءاً من ماله، وليس لها أن تطالب زوجها بذلك، على سبيل الإلزام أو تهدده بالنشوز إذا لم يفعل.
وراجع الفتوى رقم: 11800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(13/16899)
ما يلزم الزوجة لو أخذت من مال زوجها دون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر أخذ الزوجة لمال زوجها بدون علمه وإنفاقها على بيته سرقة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأخذ المرأة من مال زوجها له حالتان: الحالة الأولى: أن يكون مأذوناً لها فيه شرعاً أو عرفاً، والحالة الثانية: أن لا يكون لها الحق في ذلك. وتفصيل هذا مبين في الفتوى رقم:
6169 ورقم: 9457 وعلى كل حال، فإذا أخذت الزوجة شيئاً من مال زوجها في حالة عدم الإذن فيه شرعاً أو عرفاً فإن ذلك يعتبر تعد وسرقة، تأثم به وتضمنه، ولكن ليس عليها الحد، نظراً لشبهة الاختلاط وغير ذلك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(13/16900)
حكم ما أخذته الزوجة من مال زوجها لقاء كبر سنه
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة زوجها أهلها رجلاً غنياً عمره أكثر من 60 سنة وهي لا تتجاوز عمرها 16 عاماً ـ كانت تأخذ من مال زوجها دون علمه مع العلم بأنه لم يبخل عليها بشيء لكن كانت تبرر لنفسها بأن هذا العمل تعويض عن أيام شبابها التي تقضيها مع ذلك الشايب.
وهي تحس بالندم الكثير على ما أخذته من أموال ـ السؤال: هل يعتبر ما أخذته سرقة ـ إن كان كذلك كيف السبيل للتوبة والمغفرة مع العلم بأنه تطلقت منه بعد أربع سنوات من زواجها ـ وتوفي الزوج بعد ذلك ـ وإذا كان لا بد من إرجاع الأموال ـ كيف العمل هي أنفقت معظم ما أخذته؟
نسأل الله المغفرة للجميع ـ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أذن الشارع للمرأة أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف إذا لم يوفها وإياهم حقوقهم، فإذا وفاهم حقوقهم فيحرم عليها أخذ شيء من ماله، لأنها راعية في مال زوجها ومسؤولة عما استرعيت.
وبهذا تعلمين أن كل ما قمت بأخذه من مال زوجك يعد سرقة عظمى، وخيانة للأمانة تلزمك التوبة منه والاستغفار، ورده إلى ورثته، فإن عجزت عن إرجاعه كله في الحال أو بعضه، وجب عليك رده متى ما قدرت عليه، أو طلب المسامحة به من الورثة.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" رواه أحمد والترمذي وأبو داود.
ولأن أصحاب الحق إن لم يأخذوه في الدنيا أخذوه يوم القيامة حسنات، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذت من سيئات صاحبه فحمل عليه".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(13/16901)
مسائل في نفقة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يلزم للزوج أن يمنح لزوجته مصاريف شخصية كل شهر؟ وهل يلزم الزوج أن يطلع زوجته عن مصاريفه وحساب راتبه شهرياً؟ علماً بأن الزوج يعتني بنفقة زوجته وأولاده بصورة جيدة ومن نفقته طبعاً إيجار بيت مناسب والطعام واللباس ويوفر لهم كل ما يطلبون منه ذلك وكل ما يحتاجونه إلى ذلك، ولا يعطي الزوجة مالا شهرياً بل يعطيها عند المناسبات مثل العيد أو عندما يذهبون في إجازة لأنها في حاجة أن تشتري الملابس لها ولبناتها لمدة سنتين لأنها رخيصة في الهند والزوج يرسل جزءاً كثيراً من راتبه إلى والديه وإخوانه، والزوجة تستحي بأن تطلب من زوجها بأن يشتري للبيت ولها مع أنهما يتسوقان مع بعض في كثير من الأوقات.
والزوج يجبر من قبل زوجته وأقرباء الزوجة على أن يعطى زوجته كل شهر مبلغاً من المال لمصاريفها الشخصية ويقولون إن هذا ما تقرره الشريعة؟
علماً بأن الزوجة أيضا تشتغل وتتقاضى راتباً جيداً والزوج لم يسأل شيئاً عن راتبها إلى الآن ولم يستفسر أبداً أين تصرف مالها، ولما ذكر حصل بينهما صراع شديد، آمل الإجابة أن تكون مدعماً من الأدلة من الكتاب والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته، وعلى أولاده على قدر استطاعته نفقة لا إسراف فيها ولا تقتير لقول الله عز وجل: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة:233] .
ولحديث معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" رواه أبو داود.
ويجب عليه المسكن حسب طاقته أيضاً، لقول الله عز وجل: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) [الطلاق:6] .
ولا يلزمه أن يعطيها مالا لمصاريفها الشخصية ما دام أنفق عليها، وعلى أولادها وكساهم بالمعروف، إذ لا يلزمه أكثر من ذلك، غير أنه إن زادها على الواجبات شيئاً لا إسراف فيه تقوية لأواصر المودة بينهما فهو أمر حسن، ومندوب إليه.
ولا يلزمه أن يطلعها على دخله وحساباته الخاصة، ويحرم عليه أن يطيعها في قطع النفقة عن والديه، أو قطع صلة أرحامه، بل عليه أن يمتثل أمر الله، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ) [النساء: من الآية36] .
ثم إننا نقول لك: إن الأولى والأجدر بالزوجين أن يسود بينهما جو المودة والتراحم، يقول الله سبحانه وتعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: من الآية21] .
وأن يحلا مشاكلهما من وراء الستار بحيث لا يطلع عليها قرابات كل منهما ما أمكنهما ذلك، فإن تدخل القرابات يجعل من الأمر البسيط مشكلة ضخمة، ولابد في ذلك كله من تنازل كل من الطرفين عن بعض من الأمور التي يراها حقوقاً له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1422(13/16902)
سبب وجوب نفقة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[1ماحكم المرأة الناشز؟ هل تجب لها نفقة؟
علما بأن هذة المرأة مريضة (سكر - ضغط - جلطة خفيفة في الرأس) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا نحيل السائل أولا إلى معرفة النشوز، ومتى يطلق على المرأة أنها ناشز؟ وذلك من خلال الجواب رقم:
1103
ثم نقول له: إن الناشز لا نفقة لها، لأن من أهم أسباب وجوب النفقة هو حبسها لحق زوجها، فإذا خرجت عن ذلك سقطت نفقتها، إذ لم يتحقق الاحتباس، إلا أننا نوصي هذا الزوج بالرفق بزوجته ما دامت حالتها على الوضع المذكور في السؤال، فإن من اجتمعت فيه الأمراض المذكورة في السؤال احتاج إلى نوع خاص من التعامل، وأن يتنازل من حوله عن كثير من حقوقهم التي كانت لهم عليه، تخفيفاً عنه، وتقديراً لوضعه، والزوج هو أولى من يقوم بذلك تجاه زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(13/16903)
لا اعتبار لعدم مسامحة الزوج فيما أخذته الزوجة لنفقتها الضرورية
[السُّؤَالُ]
ـ[علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أباح للمرأة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه للنفقة ولكن مالحكم إذا أخذت الزوجة من مال زوجها وحين أعلمته بذلك رفض أن يسامحها لعدم إبلاغها له بأخذ المال منه دون علمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفقة التي هي حق الزوجة على زوجها تكون في المأكل والمشرب والملبس والمسكن، وحسب حال الزوج المالية، وأي إنفاق غير ذلك فهو من باب التطوع.
فإن قصر الزوج في النفقة الواجبة عليه لزوجته، فلها الحق في أن تأخذ من ماله - دون إذنه - بما يكفيها - بالمعروف - ولا تزيد على الكفاية.
فإن فعلت ذلك، أي: أخذت في حدود الكفاية، ثم علم الزوج، ولم يرض، وادعى عدم مسامحتها، فلا يعتبر ذلك شرعاً، وهي ليست آثمة ابتداء في حقه، كي يتوقف ذلك على مسامحته لها، بل عليه هو أن يتوب من تقصيره في الإنفاق، ويستغفر ربه، ويصحح الوضع بالإنفاق الواجب عليه.
وحق الزوجة في أخذها من مال زوجها - للإنفاق الواجب - اكتسبته بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك". وفي رواية لها: "إن أبا سفيان رجل شحيح، فهل عليَّ جناح أن آخذ من ماله سراً؟ ".
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع من أمر الزوج - إن تعارض الأمران. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(13/16904)
الإنفاق واجب على الزوج بالمعروف وحسب حاله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الزوج المتوسط الحال في عدم الإنفاق على الزوجة والأبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده مما أعطاه الله غير مبذر ولا مقتّر، ولا يكلف بما عجز عنه، ولا يعذر فيما أطاق، ولكن كما قال الله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلى ما آتاها) [الطلاق: 7] .
وبناءً على ذلك فعلى زوجك أن يشعر بالمسؤولية عليه تجاهك، وتجاه أبنائه، ولينفق عليكم مما آتاه الله تعالى.
وليعلم أن تحمل الإنفاق هو من جملة ثمن القوامة التي جعلها الله تعالى له عليكم، كما قال الله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) [النساء: 34] .
كما أن الإنفاق على العيال فيه أجر كثير، لمن أحسن النية، وابتغى وجه الله تعالى، كما في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاصٍ، وفيه: "إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك".
كما أن التفريط في الإنفاق على من تجب النفقة له فيه إثم كبير، لما في المسند وصحيح مسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت" ولفظ مسلم "كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته".
هذا بالإضافة إلى أن الرجل يعمل ويكد ويرتكب المخاطر ليكسب مالاً طيباً يهيأ به ظروفاً طيبة لنفسه وأسرته، وطبيعة الرجل الكريم ومروءته تدفعانه إلى ذلك، كما يعد خلاف ذلك من الشح المذموم شرعاً وعادةً.
ثم على الزوجة والأولاد أن يراعوا حال معيلهم - إذا لم يقصر - ولا يكلفوه ما لا يطيق، وليقنعوا بما آتاهم الله تعالى، ولا ينظروا إلى من هم فوقهم في المستوى المعيشي، فإن ذلك كفيل لهم - بإذن الله تعالى- أن يجلب لهم السعادة والطمأنينة والاستقرار.
وفي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه".
وفي المسند والصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله" وهذا لفظ مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1422(13/16905)
الزيادة الحاصلة في الراتب لأجل الزواج ملك للزوج فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متقاعد، في تفاصيل راتبه مكتوب كذا مبلغ شهري زيادة الزوجية (لأن الرجل المتقاعد متزوج) . فهل هذه الزيادة الزوجية هي ملك للزوجة ويجب أن يعطيها الزوج المتقاعد للزوجة في حالة طلب الزوجة؟ علما أن هذه الزيادة تحسب لسد مصاريف الزيادة بسبب الزوجة على الرجل المتقاعد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بعض الرواتب التي يتقاضاها الناس تحتوي على زيادات مالية معينة لأسباب معينة، كأن تكون الزيادة لأنه متزوج، أو تكون بحسب عدد أولاده، أو أفراد أسرته.
وهذا كله ملك خالص لصاحب الراتب، ولا حق فيه للزوجة، أو الأولاد لأن الزوج أعطيه عوناً له على زواجه، أو على كثرة أفراد أسرته، ولم يعطه هبة لأعيان هؤلاء الأفراد.
وعليه فليس للزوجة حق في هذه الزيادة، بل هي حق خالص لزوجها، ولها عليه النفقة والسكنى بالمعروف، كما هو مقرر في الشريعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1422(13/16906)
كيفية تحديد نفقة الزوجة والأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل عمري 32 سنة
لي زوجة وطفلان: بنت عمرها خمس سنوات ونصف وولد عمره سنتان
وهم الآن يعيشون في منزل جدهم والد أمهم وذلك بسبب بعض الخلافات
أود معرفة النفقة الواجبة علي بالريال السعودي حيث إن صافي دخلي 4000 ريال سعودي
أريد أن أنفق الواجب وليس دون ذلك
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهنا مسألتان:
الأولى: تجب نفقة زوجتك عليك، ما دامت في عصمتك ولم تطلقها، ما لم تكن ناشزاً.
فإذا تحقق نشوزها، وعصيانها لك، لا تجب عليك نفقتها إلا إذا كانت حاملاً أو مرضعاً. وهذه النفقة يرجع فيها إلى الوسع والعرف، لقوله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً) [الطلاق: 7] .
فجعل ميزان الإنفاق تابعاً لحالة الزوج سعة وضيقاً.
الثانية: تجب نفقة ابنك وبنتك عليك، بقدر ما يكفيهما ويسد حاجتهما من طعام، وكسوة، وتعليم، وعلاج، وسكنى، ونحو ذلك بقدر استطاعتك.
أما تقدير ذلك بالريال، فإنه يختلف باختلاف أحوال الناس، فالنفقة في الريف غيرها في الحضر، كما تختلف بحسب الوسط الاجتماعي، فإذا أردت تحديد ذلك بدقة، فانظر إلى أسرة تماثل أسرتك في المعيشة والدخل، وأنفق مثل ما ينفقون، أو انظر حكم القاضي في بلدك لو حكم بالنفقة لأسرة في مستوى أسرتك كم تكون؟ وأنفق مثل ذلك. وفقك الله لما يحبه ويرضاه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1422(13/16907)
عدم إنفاق الزوج على زوجته يسقط حقه في القوامة
[السُّؤَالُ]
ـ[مامعني قوامة الرجل علي المرأة وماهي أسبابها وهل إذا لم ينفق الرجل على المرأة يسقط حقه عليها في القوامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
لما منح الله الرجل ما منحه من قوى وإمكانات عقلية وبدنية، وما يستتبع ذلك من بُعد نظر في مبادئ الأمور ونهاياتها. كان من المناسب والحكمة أن يكون هو صاحب القوامة عليها. والقوامة معناها: القيام على الشيء رعاية وحماية وإصلاحاً. قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) [النساء: 34] .
وقد ذكر المولى عز وجل لهذه القوامة سببين اثنين أولهما: وهبي. وثانيهما: كسبي.
أما الأول منهما: فهو ما أشار إليه قوله تعالى: (بما فضل الله بعضهم على بعض) أي بتفضيل الله الرجال على النساء، بأن جعل منهم الأنبياء والخلفاء والسلاطين والحكام والغزاة، وزيادة التعصيب والنصيب في الميراث، وجعل الطلاق بأيديهم، والانتساب إليهم، وغير ذلك مما فضل الله به جنس الرجال على جنس النساء في الجملة.
والسبب الثاني في جعل القوامة للرجل على المرأة هو: ما أنفقه عليها، وما دفعه إليها من مهر، وما يتكلفه من نفقة في الجهاد، وما يلزمه في العقل والدية، وغير ذلك مما لم تكن المرأة ملزمة به، وقد أشار إليه في الآية بقوله (وبما أنفقوا من أموالهم) .
وإذا تخلى الرجل عن ميزته التي ميزه الله تعالى بها فلم ينفق على امرأته، ولم يكسها، فإن ذلك يسلبه حق القوامة عليها، ويعطيها هي الحق في القيام بفسخ النكاح بالوسائل المشروعة، هذا هو ما يقتضيه تعليل القوامة في الآية الكريمة بالإنفاق، وهو ما فهمه منها المالكية والشافعية.
ومما يجب التنبه له أن تفضيل الرجال على النساء المذكور في الآية الكريمة المراد منه تفضيل جنس الرجال على جنس النساء، وليس المراد منه تفضيل جميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، وإلا فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم والدين والعمل والرأي وغير ذلك.
وقال الشاعر: فلو كان النساء كمن ذكرنا ... لفضلت النساء على الرجال
وهذه النكتة التي نبهنا عليها هي واحدة من بين نكتٍ ذكر علماء البلاغة أن الإشارة إليها هي السر في عدول النظم القرآني إلى التعبير بقوله: (بعضهم على بعض) ولم يقل: بتفضيلهم عليهن، أو بتفضيله إياهم عليهن، مع أن ما عدل عنه أخصر وأوجز، ولكن عدل عنه لحكم جليلة، ونكت بلاغية يرى المطلعون عليها أن الآية في نهاية الإيجاز والإعجاز، ومن أراد الاطلاع على المزيد فعليه بكتب التفاسير عند الآية الكريمة: (الرجال قوامون على النساء..) [النساء: 34] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(13/16908)
حكم ما تأخذه الزوجة زيادة على حاجتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المرأة الموظفة والتي يقوم زوجها بإعطائها مصروفها الشخصي وينفق في البيت بما يكفي البيت مع العلم أنه غير موسر (محدود الدخل) والزوجة تقوم بأخذ مبالغ من مصروف البيت من أجل سداد دين لبيت تملكه دون موافقة الزوج وهي تقوم بالالتفاف حول الموضوع بإنفاق ما تتقاضاه من عملها لسداد الدين وتأخذ من مصروف البيت من أجل أن تصرف على عملها (من مواصلات ,لباس , وغيره) بحجة أن الإسلام ألزمني كزوج بالإنفاق عليها, أفتوني جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تحتاجه المرأة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن واجب على الزوج توفيره بقدر كفاية المرأة بالمعروف، والنفقة معتبرة بحال الزوج التي هو عليها معسراً كان أو موسراً، ويرجع في تقديرها -إن لم يتراض الزوجان على شيء- إلى قاض شرعي.
وأما ما تأخذه زوجتك من مالك وتنفقه على مستلزمات عملها من مواصلات ونحوها، أو تدفعه سدادا لدين ترتب عليها جراء شراء بيت تملكه هي، فلا يجوز لها شيء من ذلك إلا برضاك، لأن هذا لا يلزمك شرعاً إلا من باب الإحسان والمعروف.
وأما شراؤها لملابس عملها الخاص من مالك، فإن كانت هذه الملابس زائدة على ما هو مقدر لها عليك فلا يجوز لها ذلك، إذ ليس لها شرعاً من الكسوة إلا ما يكفيها بالمعروف وحسب حال الزوج، وعرف البلد.
وليعلم أن للرجل القوامة على زوجته، ويلزمها طاعته، وليس لها الخروج من بيته إلا بإذنه. وإذا خرجت المرأة إلى عملها الخاص فيجب عليها أن تجتنب الطيب وملابس الزينة والتبرج، لأن ذلك محرم عليها، ويجب عليها أن تخرج محجبة محتشمة، تفلة (غير متطيبة) ويجب عليها أن تتجنب كل محظور شرعي أثناء عملها من اختلاط بالرجال الأجانب، أو الخلوة بهم ونحو ذلك، وعلى زوجها إلزامها بذلك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1421(13/16909)
؟
[السُّؤَالُ]
ـ[؟]ـ
[الفَتْوَى]
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(13/16910)
تجب النفقة للزوجة من وقت تمكينها زوجها من نفسها ليتمتع بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة العلماء الأجلاء تحية وبعد سؤالي محدد وأريد التكرم بالإجابة عليه بالدليل من القرآن والسنة جزاكم الله خيراً والسؤال هو متى تستحق الزوجة النفقة الزوجية هل من تاريخ عقد النكاح أم من تاريخ الدخول بالزوجة؟ وإذا تطلب الأمر اللجوء إلى القضاء وحصل اختلاف وطلبت الزوجة النفقة من الزوج قبل الدخول بها، ولكن اختلى بها الخلوة الصحيحة دون الدخول بها، ففي مثل هذه الحالة هل تستحق الزوجة النفقة أم لا، فهناك من يقول من العلماء أن الزوجة تستحق النفقة من تاريخ عقد النكاح والآخر يقول من تاريخ الدخول بالزوجة والكل له دليل من القرآن والسنة فأريد أن أعرف على من نستند جزاكم الله خيرا، علماً بأن الزوجة لم تمنع نفسها عن الزوج بدليل حصول الخلوة الصحيحة دون الدخول بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: نفقة الزوجة على زوجها واجبة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين وهي في مقابل الاستمتاع بها، فإذا أمكنت الزوجة زوجها من الاستمتاع بها استمتاعا كاملا وجب عليه أن يبذل لها النفقة الكافية بالنسبة لها. وبهذا تعلم ما يلي: 1- أن النفقة لا تجب على الزوج بمجرد العقد وإنما تجب من وقت تمكين الزوجة زوجها من نفسها ليتمتع بها. 2- أن التمكين لا بد أن يكون بالاستمتاع الكامل فلو مكنته من بعض الاستمتاع دون بعض من غير عذر معتبر شرعا فلا تجب لها النفقة عليه. 3- أن حصول الخلوة لا يعني بالضرورة عدم منعها نفسها من الزوج لأنها قد تمكنه من الخلوة بها من غير أن تمكنه من الدخول بها، وفي هذه الحالة لا تجب لها النفقة لأنها لم تمكنه من الاستمتاع الكامل. 4- لو مكنت الزوجة زوجها من نفسها تمكينا كاملا وامتنع هو عن الاستمتاع بها وجب عليه أن يبذل لها نفقتها لأنها بذلت ما عليها فوجب عليه أن يبذل ما عليه. ... ... ... ... والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/16911)
تثبت النفقة بتمكين الزوجة الزوج من نفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ عاجل جداً ... متى تستوجب الزوجة النفقة هل من تاريخ عقد النكاح ام عند الدخول بها، واذا حصل اختلاف وتفريق للضرر بينهما ولم يدخل عليها وانما اختلى الزوج بالزوجة فهل تحسب لها النفقة على اعتبارا انها لم تمنع نفسها عنه بدليل الاختلاء. ننتظر الرد في اسرع وقت وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم..... وبعد: يجب على الزوج نفقة زوجته بالمعروف مقابل الاستمتاع بها. لما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث جابر الطويل في حجة الوداع وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه. فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرِّح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) . فإذا عقد الزوج على الزوجة ومكنته من نفسها تمكيناً تاماً يستمتع بها حيث شاء ومتى شاء وبكل أنواع الاستمتاع الجائزة وجبت عليه نفقتها. سواء استمتع بها بالفعل أو لم يستمتع بها ما دامت قد مكنته من نفسها. أما إذا عقد عليها وامتنعت منه ولم تمكنه من نفسها أو مكنته من نفسها تمكيناً غير تام كأن مكنته من نفسها في وقت دون وقت أو في مكان دون مكان أو بنوع من أنواع الاستمتاع دون نوع. لم تجب لها نفقة على الزوج وأما الاختلاء فقط فليس دليلاً كافياً على أنها قد مكنته من نفسها تمكيناً تاماً لأنها قد تمكنه من الاختلاء بشرط أن لا يستمتع بها أو أن لا يذهب بها إلى بيته أو نحو ذلك مما هو شائع في عادات كثير من الناس. وعلى ذلك فإذا طلق الزوج زوجته قبل الدخول فإنه ينظر في أمرهما. فإن كان تأخير الدخول بها منه هو فقط مع أنها قد مكنت من نفسها تمكيناً تاماً وجبت عليه نفقتها من فترة التمكين وإن كان تأخير الدخول بها بسبب منها فلا نفقة لها عليه. وفي هذا الأمر تفصيل لابد فيه من الرجوع إلى المحاكم الشرعية في البلد الذي أنتم فيه. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/16912)
إنفاق الزوجة على زوجها صدقة منها وليس بواجب عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تشتغل براتب لابأس به ولا أسألها مساعدتي ولكن مررت من أزمة مالية خانقة عندما قمت بتجديد البيت الذي نسكن فيه، ولما طلبت منها مساعدتي رفضت بدعوى أن البيت ليس في ملكها وأنه بيتي أنا لوحدي مما أثار غضبي فتسبب في خصام بيني وبينها خرجت بعده من البيت وراحت غاضبة إلى بيت أهلها بعد أن أخذت معها كل ممتلكاتها في غيابي بالعمل. هل أخطأت معها في هدا التصرف؟ وهل أعيدها أم لا؟ وهل لديكم كلمة ترشدونها بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فليس على زوجتك نفقة واجبة منها عليك أو على أحد من أبنائك، إنما النفقة عليك أنت، حيث إنك لم تذكر اشتراطك شيئا من راتبها نظير سماحك لها بالعمل. وعليك أن تعيدها إليك وتتجاوز هذه المحنة بالحسنى. وننصح زوجتك بأن توسع صدرها وتعلم أن ما تنفقه من مالها الخاص على زوجها وأولادها وعلى بيته يكون منها صدقة تثاب عليها وإن لم يكن ذلك واجباً عليها. كما حدث مع زينب زوجة عبد الله بن مسعود عندما أنفقت من مالها على زوجها حيث كانت غنية وزوجها فقيرا. والله نسأل أن يديم بينكما حسن العشرة ويذهب عنكم السوء والحزن.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1421(13/16913)
لا تنفق المطلقة على نفسها من نفقة الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[طليقي يرسل نفقة أولاده بانتظام. فهل يجوز لي أن أنفق منها على نفسي مع العلم أن لي أربعة إخوة يعملون بأوروبا وواحد ببلدي ويمكنهم النفقة علي، ومع العلم أن طليقي قال لي بأنه لا يجوز لي النفقة من ذلك المال لأنه انتهت عدتي من الطلقة الأولى وأصبحت بائنة أجنبية عنه لا تلزمه نفقتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال الذي يبعثه والد أولادك إليك إنما هو مال الوالد وقبضك له لا يصيره ملكا لك، وإنما عليك أن تنفقيه على أولادك وليس لك أخذ شيء منه لا سيما وأن الوالد قد صرح بعدم السماح بذلك، ولا يجوز أخذ مال المسلم إلا برضاه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وقوله أيضا: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
وقال الدردير المالكي في الشرح الصغير متحدثا عن الحاضنة: وليس لها أن تنفق على نفسها من نفقة الولد لأجل حضانتها. انتهى.
وإذا كنت محتاجة للنفقة فهي واجبة على مَن كان قادرا عليها من إخوتك عند بعض أهل العلم كالحنابلة والحنفية، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 44020.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(13/16914)
مسائل في نفقة المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل يجوز امتداد نفقة المطلقة على عدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة المطلقة أثناء عدتها فيها تفصيل: فإن كان طلاقها رجعياً استحقت النفقة حتى تنقضي عدتها، وإن كان طلاقها بائناً فلا نفقة لها إلا إذا كانت حاملاً فلها النفقة حتى تضع حملها كله.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: والمعنى أن الرجعية حكمها حكم الزوجة في وجوب النفقة والكسوة والموارثة بينهما. انتهى.
وقال الباجي في المنتقى: أما ما يسقط النفقة عن الزوج فالطلاق البائن، لأنه يمنع الاستمتاع بأي وجه وقع من عوض أو غير عوض، وإن كانت حاملاً فلها النفقة من أجل الحمل لا من أجل الزوجية، لقول الله تعالى: وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ.. انتهى، والطلاق البائن يحصل بأمور كالطلاق قبل الدخول، أو تمام العدة من الطلاق الرجعي، أو الخلع، أو الطلاق الثلاث، أو حكم القاضي بالطلاق لغير الإيلاء أو العسر بالنفقة، أو ردة أحد الزوجين والعياذ بالله تعالى وهذه الأمور نظمها بعض فقهاء المالكية بقوله:
تبين زوجة بخلع ردة * وبثلاث وتمام العدة
وبطلاق إن يكن قبل البنا * أو بطلاق حاكم تعينا
وقال خليل في مختصره متحدثاً عن الطلاق البائن: وطلاق حُكم به إلا لإيلاء أو عسر بنفقة.
وإذا علمت أن المطلقة الرجعية تستحق النفقة خلال العدة، وأن المطلقة البائن لا نفقة لها كان في ذلك جواب عن سؤالك الآتي: هل يجوز امتداد نفقة المطلقة على عدتها.
- فأما عن نفقة المطلقة المرضعة لولدها. .. فإذا كانت رجعية فلا تستحق نفقة بمجرد رضاع ولدها، لكن لها أجرة الرضاع إذا كان طلاقها بائناً أو رجعياً وانقضت عدتها، أو كان مثلها لا يرضع لشرفها مثلاً.
قال المواق في التاج والإكليل: من المدونة قال مالك: تجبر ذات الزوج على رضاع ولدها بلا أجر إلا أن تكون ممن لا ترضع لشرفها فذلك على الزوج، قال: والرضاع عليها إن كانت طلقت فيه طلاقاً رجعياً إذا كانت ممن يرضع مثلها ما لم تنقض العدة، فإذا انقضت أو كان الطلاق بائناً وإن لم تنقض العدة فعلى الأب أجر الرضاع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1430(13/16915)
هل للمطلقة قبل الدخول نفقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ: حفظك الله، ما الحكم الشرعي أنا قد كتبت كتابي على امرأة، وقد كنت إنسانا طيبا معها، وقد كنت أقول لها عن الحجاب، فقالت لي إنها لا تقتنع بالحجاب، وقد طلبت هي الطلاق وطلبت مني نفقة، وأنا لم أدخل عليها بعد، وقام أحد أقاربي وقال لي إنها تستحق نفقة، هل تستحق نفقة؟ وما الحكم الشرعي في كلام أقاربي؟ هل عليه وزر من كلامه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول زوجتك إنها غير مقتنعة بالحجاب قول خطير على دينها وإسلامها لله، لما تقرر من أن ردّ أحكام الله سبحانه أو عدم الرضا بها مروق من الدين وخروج عن جماعة المسلمين، فالواجب عليك أن تقف مع زوجتك وقفة جادة حازمة تذكرها فيها بحقيقة الإسلام، وأنه استسلام مطلق لأحكام الله سبحانه، وأن الحجاب من أحكامه الثابتة المحكمة، فمن أنكر وجوبه وفرضيته فإنه كافر بربه، فإن أصرت على كلامها ورفضت الالتزام بالحجاب فطلقها فورا، ومن رفض الأخذ به مع الإقرار بوجوبه فإنه عاص لله ولكن ليس كافرا.
أما بخصوص النفقة فإنه لا نفقة للمرأة إلا بعد الدخول وتمكين الزوج من الاستمتاع بها، إلا إذا كانت الزوجة باذلة لنفسها مستعدة للدخول، وكان الامتناع من جانب الزوج فتلزمه حينئذ نفقتها ولو لم يدخل بها.
هذا على وجه العموم، أما بخصوص زوجتك هذه فإنها لا تستحق النفقة أصلا، لأنها بامتناعها عن الحجاب تعتبر ناشزا والناشز لا نفقة لها، وراجع أحكام الطلاق قبل الدخول في الفتاوى التالية: 124812، 124502، 25607.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1430(13/16916)
حقوق المطلقة غير مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عاملة ومتزوجة منذ أربع سنوات، وعندي ولد وبنت، زوجي دائم المشاكل والنكد بدون سبب والله، قرر أن يطلقني بدون سبب. فأريد أن أعرف ما هي الحقوق التي لي غير مؤخر الصداق، علما بأني كنت أصرف على البيت وأولادي من راتبي الشخصي أكثر منه؟ أرجو إرسال الرد على إيميلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا طلقك زوجك فيحق لك النفقة والسكن أثناء العدة إن كان الطلاق رجعيا، فإن كان بائنا فلا نفقة لك ولا سكنى إلا إذا كنت حاملا، فلك النفقة والسكنى حتى وضع الحمل، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 9746.
كما تستحقين المتعة وهي مال يدفع للمطلقة بحسب طاقة زوجها، وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كانت واجبة أم مستحبة، كما تقدم في الفتوى رقم: 30160
وبالنسبة لما أنفقته على نفسك وزوجك وأولادك، فإن كان على وجه التبرع فلا رجوع لك، وإن قصدت الرجوع بالنفقة على زوجك فيحق لك أن تطالبيه بها، وراجعي التفصيل في الفتويين: 39315، 37998.
كما يحق لك المطالبة بالنفقة والمسكن للبنت والولد حتى يبلغ الولد عاقلا قادرا على الكسب، وحتى تتزوج البنت. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 25339
مع التنبيه على كراهة الإقدام على الطلاق بدون سبب شرعي، كما سبق في الفتوى رقم: 123322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(13/16917)
الحقوق المالية للمطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أن تجيبوني عن سؤالي:
كنت نفساء عند أهلي بموافقته، وقد أرسل لي زوجي السابق طلب الحضور للمحكمة بنية الطلاق، وكان قد ادعى في أقواله أنه لا يستطيع أن يوفر لي منزلا مستقلا بالرغم أننا كنا قد اتفقنا على ذلك قبل الزواج. وبعدها حكمت المحكمة بالطلاق التعسفي، وبدون سبب، خاصة أن الزواج حديث جدا، وحكمت كذلك بالآتي:
- مصاريف التعويض عن الطلاق التعسفي.
- مصاريف النفاس.
- مصاريف العدة.
- مصاريف الإهمال.
- مصاريف شهرية للطفلة (ولو أنها قليلة جدا) .
- أن يوفر لي سكنا بالكراء.
س1: ما حكم الشرع في هذه المصاريف وهل يجوز لي أخذها؟
س2: ما حكم الشرع في السكن، هل آخذه أم لا؟
س3: ما حكم الشرع في هذا الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق التعسفي يقصد به الطلاق لغير سبب معقول حسبما وقفنا عليه، وبناء على ذلك فإذا كان زوجك قد أقدم على الطلاق لعجزه عن توفير مسكن لك فلا يعتبر هذا طلاقا تعسفيا، وإن كان قادرا عليه ولم يوجد سبب شرعي لهذا الطلاق فهو مكروه كما تقدم في الفتوى رقم: 12963. ولا تترتب عليه عقوبة مالية، ولا يجوز لك أخذها لأجل كونها عقوبة على طلاق تعسفي.
والحقوق المالية للمطلقة محددة في الشريعة من متعة ونفقة وغير ذلك.
وبخصوص مصاريف النفاس فهي تابعة للنفقة وبالتالي فهي واجبة على الزوج، ويحل لك أخذها إن لم تزد على ما يلزم الزوج عادة في مثل هذه الحالة، فإن زادت على ذلك جاز لك أخذ القدر المعتاد فقط ورد ما زاد على ذلك.
ومصاريف الإهمال إن كان المقصود بها ما يقابل نفقة مستحقة على الزوج قد قام بالتفريط فيها سابقا، فهي حق لك، وإن زادت على النفقة المستحقة حرم أخذ ما زاد على القدر المستحق، وإن كانت عقوبة له على الطلاق فلا يجوز لك قبولها إذ لا يستحق عقوبة مالية على هذا الطلاق.
والطلاق الصادر عن المحكمة الشرعية يعتبر طلاقا بائنا، وبناء على ذلك فلا حق لك في النفقة والسكنى زمن العدة على القول الراجح كما تقدم في الفتوى رقم: 24185.
إلا أن المسكن يباح لك استغلاله سواء كان بكراء أو غيره بوصفك حاضنة للبنت التي يجب على الأب توفير مسكن لائق بها، إضافة إلى نفقتها نفقة تكفيها حتى تتزوج، وكون المصاريف قليلة جدا لا تسقط الوجوب عن الأب.
وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 24435، 66857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(13/16918)
مسائل في سكنى المطلقة والحاضنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ 12 سنة تقريبا من رجل مطلق لزوجته 3طلقات وهي التي طلبت الطلاق وتنازلت عن النفقة ولديها 5 أبناء 3 ذكور وبنتان،2 من أبنائها الخمسة متزوجان والآن لديها 3 واحد يعمل وتعدى العشرين من عمره والاثنين الآخرين بنت وصبي أعمارهما 14 و16 سنة، وزوجي يمتلك بيتا كبيرا ومطلقته تسكن فيه لحد الآن مع أبنائها الثلاثة وأنا لدي 3 أبناء ذكران أعمارهما 4 و7 سنوات وبنت 9 سنوات وأسكن في ملحق صغير فيه غرفتان ومطبخ وحمام وأنا عمري 28 سنة وزوجي 57 سنة ويعمل وإيجار البيت 6500 ريال وأسكن مع عزاب في بيت واحد مشترك وأنا لا أعمل وليس لي دخل وزوجي راتبه 16000 ريال وقسط بنك 10000 ريال وتبقى 6000 ريال وإيجار الملحق 6500 ونستدين من أمي 500 ولا يوجد لدي أي شيء لآكل وأطعم أبنائي منذ فتره طويلة ويوجد لدى زوجي ديون ومشاكل هل يحق لي أن أطلب من القانون إنصافي في أن اسكن بيت زوجي أنا وأبنائي بدل أن نعاني بدل أن ندفع الإيجار هل يحق لي للعلم وضعي مزري جدا وأصبحت أبيع ما تبقى من أثاث بيتي وليس لي جواز أو بطاقة سارية المفعول وزوجي لم يدفع مهري ولم يسكني في بيت مستقر وتنقلت كثيرا من الفنادق والشقق المفروشة وتراكمت علينا الديون وضغوط الحياة واحتياجات الأبناء وأصبحت ابنتي تنام مع إخوانها في غرفة واحدة من شدة صغر البيت والله إني أبكي ليلا نهارا لسوء حالنا من شده الجوع والحاجة والقهر، أنا لا أريد أن أظلم أبنائي لشدة طيبتي مع زوجي لم أعد أستحمل أن أرى أبنائي يتعبون معي، يكفي تحملي الظلم والتعب طوال12 سنة وزوجي بدأ يكبر في العمر وخوفي بدأ يزداد من التقاعد في عمله ويصبح الوضع أسوأ مما هو عليه الآن هل لي حق في طلب السكن في بيت زوجي للعلم أن مطلقته متقاعدة وترفض فكرة أن أقيم أو مجرد التفكير وزوجي يخاف المشاكل معها للعلم البيت كبير ويوجد ملحق فيه هل يمكن أن نطلب أنا وزوجي أن تسكن في الملحق وليس لدي مانع أن يسكن أبناؤها 3 معنا إذا أردوا، للعلم هي مطلقه منذ 9سنوات وزوجي من النوع المسالم وهي من النوع القوي والمتسلط لأني أعرف المشاكل معها ومع زوجي هل لي حق أم لا هل المحكمة تستدعيها هل لها الحق في رفض السكن، هل لها الحق في أن ترفض سكن الملحق وأسكن أنا في البيت.
البيت يتكون من 4 غرف و3حمامات ومطبخ وصالة ومجلس والملحق يتكون من غرفتين وحمامين ومطبخ في حاله موافقتها أو موافقة المحكمة سنبني غرفه وحماما لها لأجل أن لا تفتعل المشاكل لقد قمت برفع دعوى على زوجي وعنده علم بذلك وليس لديه مانع ويؤيدني لكن لا أعرف ما هي حقوقي وبماذا أجيب القاضي أو أقنعه بحجتي هل القاضي سيحكم بتقسيم البيت كإرث أم ماذا هل لي الحق أن أسكن البيت بالكامل وهي بملحق هل يجب أن نبني لها غرفا إضافية أو غرفة معيشة أخاف أن القاضي يقسم البيت كإرث، أنا أريد أن أسكن بالكامل لأرتاح وأحس أني زوجه وهذا حقي بعد تحمل الصبر والمعاناة من صبري وتقدير زوجي وتحسبا لإنجابي أبناء في المستقبل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق المرأة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً مناسباً لها، على قدر استطاعته، لا تتعرض فيه لضرر أو حرج، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6} .
فيحق لك رفض الإقامة في بيت يلحقك ضرر بالسكن فيه، بل لا يجوز لك أن تقيمي في بيت مشترك المرافق مع عزاب؛ لأن سكن المرأة مع الأجنبي لا يجوز -ولو كان معها محرم- إذا لم يكن السكن واسعاً بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر، فإذا كان سكنها مستقلاً عن سكن الأجنبي وإن لاصقه فلا حرج في ذلك بشرط عدم اتحاد المرافق بينهما، كالممر والمطبخ أو الخلاء ونحو ذلك.
أما بالنسبة لمطلقة زوجك وأولادها من زوجك فإن النفقة والسكن للمحضون واجبة على من تجب عليه نفقة الطفل في الجملة، عند جمهور العلماء، وإنما اختلفوا في سكنى الحاضنة نفسها، فذهب بعض أهل العلم إلى لزوم أجرة المسكن - إذا لم يكن للحاضنة مسكن - على من لزمته نفقة المحضون، فإن السكن من النفقة، ويجب أن يكون مسكن الحاضنة مستقلاً عن مسكن والد الطفل، لأنه أجنبي عنها، لكن إن اضطر الوالد أن يُسكن الحاضنة معه لضيق ذات يده، أو لأسباب أخرى مقبولة فله ذلك بشرط ألا يختلطا معاً في المرافق كالمطبخ والحمام مثلاً، لأن ذلك مظنة الاطلاع على العورات.
فيمكن لما هو مذكور من ضيق حال زوجك أن تسكنوا جميعاً في البيت بحيث يتم تقسيمه ولا يكون هناك اختلاط بين زوجك ومطلقته، وما دام البيت ملكاً لزوجك فمن حقه أن يتصرف فيه بما يراه مناسباً له.
والذي ننصحك به هو محاولة إقناع زوجك بحل هذه المشكلة حلاً ملائماً، والاستعانة بأهل الصلاح في محاولة التأثير على مطلقته.
أما ما يحكم به القاضي فلا علم لنا به، ولكن إن كان القاضي شرعياً فلا يتصور أن يحكم بتقسيم البيت كإرث لأن من شروط الميراث تحقق موت الموروث، ويمكنك الاستعانة في التقاضي بمن تثقين في دينه وأمانته.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 10146، 24435، 65103، 116681.
نسأل الله تعالى أن يفرج كربكم ويصلح أحوالكم وأن يرزقكم رزقاً واسعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(13/16919)
مقدار النفقة على حسب العرف ووسع الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تحسب النفقة للزوجة بعد الطلاق وهل يشترط المدة التي قضيتها في الزواج مع العلم بأن زوجي لم يصرف علي أي شيء في شهور العدة ولم آخذ مؤخر الصداق حتى الآن وأنا عدتي قضيتها في بيت أهلي لأن زوجي قام بتغيير كالون باب الشقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطلقة التي تلزم الزوج نفقتها هي الرجعية أو الحامل فإن كنت رجعية فلك نفقتك على زوجك حتى تنقضي عدتك، وأما إن كنت بائناً منه بأن كان قد طلقك آخر ثلاث تطليقات فلا نفقه لك عليه إلا أن تكوني حاملاً.
وأما تقدير النفقة فلا حد له ويرجع فيه إلى العرف ووسع الزوج، وينبغي الرجوع إلى المحاكم الشرعية وعرض المسألة عليها سيما إذا كان فيها خصومة لإلزام كل طرف بما يجب عليه.
وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8845، 9746، 47983.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(13/16920)
القانون يجعل للمطلقة نصف أملاك الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي تزوجت في سوريا وهي تسكن في بلد أجنبي مع زوجها وعندهم ثلاثة أولاد أعمارهم 19 و 17 و 11 سنة وكل العائلة تحمل الجنسية الأجنبية والآن زوجها يريد الطلاق وكانوا قد اشتروا بيتا من مال الزوج وهي كان عندها بعض المال، ولكن لم تشارك في الثمن وقد ترك البيت لها وللأولاد ويعطيها بعض المال كمصروف للأولاد فقط والقانون يعطيها نصف أملاك العائلة كحق شخصي، فهل يجوز لها أن تأخذ نصف البيت؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حق للزوجة في أملاك الزوج غير نفقتها، فإذا طلقها وانتهت عدتها فليس لها الحق في نفقة ولا سكنى ولا شيء من أملاك الزوج، فما ذكرته السائلة عن القانون الذي يجعل للمطلقة نصف أملاك الزوج، مخالف لشريعة الإسلام، والمسلم مطالب بالتحاكم إلى الشرع وليس إلى غيره من القوانين، قال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65} ، فليس من حق السائلة نصف بيت الزوج، إلا أن يتبرع به لها عن طيب نفس.
وننبه السائلة إلى أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على الإقامة في بلاد المسلمين ويترك الإقامة في بلاد الكفار، ولمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(13/16921)
ما يلزم المطلق من نفقات بعد الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق لي طلّق زوجته وحكمت عليه المحكمة، إضافة إلى نفقتها ونفقة ابنته، حكمت عليه بمبلغ مالي بعنوان الضرر المعنوي. سؤاله هو هل أنّه شرعا مطالب بدفع هذه الغرامة إلى طليقته؟ هل أنّ حكمها هو نفس حكم الدين، أم أنّه شرعا غير مطالب بدفع تلك الغرامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما نفقة ابنته فتلزمه، وأما نفقتها هي فلا تلزمه إلا مدة العدة إن كانت رجعية، فإذا انقضت العدة سقطت عنه شرعا، وأما الضرر المعنوي فلا يلزمه أن يدفع عوضا عنه، وله الاحتيال على ذلك الحكم الجائر ومحاولة رده إن استطاع أو الانفلات منه حسب جهده وطاقته بما لا يعرضه لضرر أشد منه.
وللوقوف على تفصيل ذلك انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35535، 8845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(13/16922)
حقوق المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حقوق الزوجة الشرعية حال الطلاق من مؤخر ونفقه وقائمه للمنقولات؟ وما هو مدى صحة الخلط الذي تشهده الأحكام العرفية في مصر مع ما يفرضه الشرع في الزواج والطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطلقة إن كانت غير مدخول بها فلها نصف مهرها من المعجل والمؤخر؛ وإن كانت مدخولا بها فلها إضافة إلى كامل المهر النفقة والسكن مدة العدة إن كان الطلاق رجعياًً لأنها في هذه الحالة لها حكم الزوجة لإمكان ارتجاعها مدة العدة.
وأما إن كان الطلاق بائناًً فليس لها نفقة العدة ولا سكن لها إلا أن تكون حاملاًًُ فلينفق عليها حتى تضع حملها لقوله تعالى: أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ. وتراجع الفتوى رقم: 36248.
ومن الحقوق أيضاًً " المتعة " والراجح أن ذلك لجميع المطلقات سواء كان مدخولاًً بها أو غير مدخول بها، وسواء كان الطلاق رجعياًً أو بائناًً.
قال ابن تيمية رحمه الله: وتجب المتعة لكل مطلقة، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو ظاهر دلالة القرآن.
وليس للمتعة تقدير معين، بل بما يتراضون به حسب يسار الزواج والعسار لقوله تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ {البقرة236} فإن اختلفوا في ذلك رفع الأمر للقاضي ليحسم النزاع.
وقائمة المنقولات ما كان منها من قبل الزوج فهو له، ما لم يهبه للزوجة أو يكون جزء من المهر فيكون حكمه كحكمه وتراجع الفتوى رقم: 9494، والفتوى رقم: 76734. وما كان منها من قبل المرأة فهو حق لها على كل حال.
علماًً بأنه إذا كان الطلاق بطلب من الزوجة، بدون إضرار لحقها من الزوج، ففي هذه الحالة للزوج أن يطالبها بإبرائه من حقوقها أو من بعض هذه الحقوق.
وانظر الفتاوى: 110530، 9746، 30662، 8845، 57577. ونعتذر عن السؤال الأخير إذ لم يتضح لنا المراد من الخلط المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(13/16923)
المطلقة التي تستحق النفقة والسكنى
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقني زوجي ولدي 3 أطفال أكبرهم في العاشرة وأصغرهم سنة وثلاثة أشهر فما هي حقوقي أنا وأولادي من حيث السكن والنفقة، وكيف يتم احتساب ذلك علماً بأن أبا أولادي دخله المادي ميسور؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الطلاق رجعياً فلك عليه النفقة والسكنى حتى تنقضي عدتك، وأما إن كان بائناً فالراجح أنه ليس لك عليه نفقة ولا سكنى، وأما الأولاد فلهم عليه نفقتهم وسكناهم، وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17125، 12274، 25339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(13/16924)
اتفقت مع من طلقها على أخذ الأثاث مقابل إسقاط النفقة ثم طالبها بالأثاث
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع الطلاق بيني وبين زوجي وقد أنجبت منه طفلة، عند الطلاق اتفقنا على أن آخذ أثاث المنزل (مع العلم بأنه من ممتلكاته هو) ، لكنه جاء بعد مدة ليطالبني بهذا الأثاث متعللا بأنه قد ندم على التخلي عن أثاثه ويريد استرجاعه، فهل من حقه المطالبة بهذا الأثاث وعليٌ بالتالي القيام بإرجاعه له، أم ليس له الحق في ذلك ويمكنني رفض طلبه، علما بأني أنا التي أتولى حضانة الطفلة والإنفاق عليها (فهو لا يعطيني نفقة وذلك باتفاقنا) ، كما أني احتفظت بكراء المنزل الذي كان فيه الأثاث قبل أن أقوم بنقل الأثاث (فقد كلفني هذا الأثاث بالتالي بعض النفقات) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الواقع هو أنه تم بينك وبينه اتفاق على إسقاط نفقة البنت ونفقتك أثناء العدة مقابل تركه للأثاث فهذا اتفاق باطل وعقد فاسد لجهالة مقدار النفقة، وجهالة مقدار الثمن تمنع صحة العقد، كما قال أهل العلم، وبناء عليه فالأثاث أثاثه، ولك مطالبته بنفقتك أثناء العدة وما أنفقت على البنت، وإذا كنت مرضعة للبنت فلك أجرة المثل.
قال مالك: من اشترى داراً على أن ينفق على البائع حياته لم يجز. قال ابن يونس: لأن أجل حياته مجهول فهو غرر. قال مالك: فإن نزل وقبضها المبتاع واستغلها كانت الغلة له بضمانه، وترد الدار إلى البائع، ويرجع عليه بقيمة ما أنفق.
وأما ما أنفقت على الأثاث في حفظه أو نقله فليس لك المطالبة به إذا كان يساوي انتفاعك بالأثاث أو أقل، فإن كان أكثر أو لا منفعة لك فيه فلك المطالبة بما أنفقت عليه مما هو لازم له، قال النفراوي في شرحه للرسالة: واعلم أن المشتري كما يفوز بالغلة لا يرجع على البائع بكلفة الحيوان إذا كانت الغلة قدر الكلفة أو أكثر، وأما لو زادت الكلفة على الغلة أو كان لا غلة فإنه يرجع على البائع بالكلفة لأنه قام البائع بما لا بد له منه.
وعليه؛ فالأثاث أثاث الرجل لا يحق لك منعه منه، ولك عليه نفقة البنت وأجرة رضاعها إن كانت مرضعة، وذلك لأن الاتفاق الحاصل بينكما لا عبرة به ولا يترتب عليه أثر لما بينا، وهذا كله على فرض أن الإبراء كان في مقابل تركه للأثاث، وأما إذا لم يكن هناك اتفاق على ترك الأثاث مقابل الإسقاط المذكور فيكون في المسألة تفصيل.. وهو إن كان تركه للأثاث على سبيل المتعة أو العطية دون مقابل فليس له حق المطالبة به، لأنه إما متعة متعك بها وهي حق من حقوق المطلقة أو هبة وقد حزتها، وعلى كلا الاحتمالين لا حق له في المطالبة بها، وأما إن كان على سبيل هبة الثواب فله المطالبة به إن لم يرض الثواب أو لم يدفع له ثواب أصلاً في قول بعض أهل العلم، وإن أطلق فلم يقيد بثواب ولا غيره ففي ذلك تفصيل أيضاً بينه أهل العلم، قال العدوي في حاشيته: والقسم الثالث من أقسام الهبة لم يذكره الشيخ وهو ما لم يقيد بثواب ولا عدمه، ونص عليه في الجلاب بقوله: ومن وهب هبة مطلقاً وادعى أنه وهبها للثواب نظر في ذلك وحمل على العرف، وإن كان مثله يطلب الثواب على الهبة صدق مع يمينه، وإن كان مثله لا يطلب الثواب على هبته فالقول قول الموهوب له مع يمينه، وإن أشكل ذلك واحتمل الوجهين فالقول قول الواهب مع يمينه. انتهى.
وبما أننا نجهل ما جرى بين السائلة وزوجها ونجهل أيضاً حالة الرجل هل هو ممن يطلب الثواب على هبته أو لا كما نجهل العرف السائد في بلد السائلة على افتراض أن ما وقع كان هبة وليس عقد معاوضة، فإننا لا نستطيع أن نفتيها بحقها في رفض طلب الرجل للأثاث المذكور وعدم تمكينه منه، وننصحها بمراجعة أهل العلم في بلدها ومشافهتهم بالسؤال عنها، فالمسائل التي تخضع للعوائد والأعراف والحالات الفردية أدرى بها أهل بلدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(13/16925)
شروط سكن المطلقة البائنة في بيت مطلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطنة مغربية مطلقة طلاقا بائنا المشكلة تكمن في زوجي لأنه لا يريد أن يتخذ معي أي حل فأنا أم لسبعة أطفال لا يريد أن يترك البيت ويريدني أن أذهب معه إلى القاضي لأطلق نفسي حتى أبرئه من نفقة الطلاق مع العلم أنه جد ميسور ويعامل أطفاله معاملة سيئة ويريد إخراجي من البيت مع أطفاله مع العلم أنه ليس لي مكان آوي إليه لا زال معي في نفس البيت إلا أنه لا يراني كما أنه يخيرني بين أن أطلق نفسي عند القاضي لأنه بذهابي عنده أكون أنا من يطلب الطلاق وبذلك لن أحصل على حقوقي أو أذهب معه عند علماء الدين حتى يعطيني ما يريد أفيدوني جزاكم الله عن فتاواكم كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا من السؤال هل الطلاق البائن أوقعه الزوج أو لم يوقعه بعد، ويريد من الزوجة أن تخالعه، ولم يتضح لنا إذا كان الطلاق قد وقع، هل انتهت مدة العدة أو لم تنته بعد.
وعلى كل حال، فإن المطلقة طلاقاً بائناً لا يجوز لها أن تسكن مع مطلقها في بيت واحد، لأنها أجنبية عنه، ولما يترتب على ذلك من الاختلاط والنظر وغير ذلك من المحرمات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحاً أو ذا محرم. رواه مسلم في صحيحه.
فعلى المطلقة طلاقا بائنا أن تسكن في بيت منفصل عن سكن مطلقها، فإذا لم يمكن ذلك وأمكنها أن تسكن في غرفة منفردة، فإنه يجوز لها ذلك بشرط ألا تكون المرافق مشتركة كالمطبخ والحمام ونحوها، قال في الموسوعة الفقهية: لو كانت دار المطلق متسعة لهما، وأمكنها السكنى في غرفة منفردة وبينهما باب مغلق أي بمرافقها، وسكن الزوج في الباقي جاز، فإن لم يكن بينهما باب مغلق ووجد معها محرم تتحفظ به جاز، وإلا لم يجز.
وأما بخصوص النفقة بما فيها نفقة السكن، فإنها واجبة للأولاد على أبيهم. وهل يجب السكنى للحاضنة المطلقة؟ فقد قال ابن عابدين في حاشيته: القول بوجوب أجرة المسكن ليس مبنيا على وجوب الأجر على الحضانة بل على وجوب نفقة الولد، فقد تكون الحاضنة لا مسكن لها أصلاً، بل تسكن عند غيرها، فكيف يلزمها أجرة مسكن لتحضن فيه الولد، بل الوجه لزومه على من تلزمه نفقته، فإن المسكن من النفقة. وراجعي الفتوى رقم: 24435.
وقد سبق لنا أن بينا تحريم الإضرار بالزوجة وإيذائها لتفتدي نفسها، وذلك لقوله تعالى: وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ {النساء: 19} . وراجعي الفتوى رقم: 6655.
وإذا كان زوجك قد طلقك طلاقاً بائناً، ويريد أن يمنعك وأبناءك حقوقكم، فلك أن ترفعي الأمر إلى المحاكم الشرعية القريبة منكم، حتى تبت فيه وتعطي كل ذي حق حقه.
واعلمي أن ذهابك للمحكمة الشرعية ليس فيه ضياع لحقوقك، بل في ذلك حفاظ عليها من الضياع، ولا تذهبي مطالبة بالطلاق كما يريد مطلقك، بل طالبي المحكمة بحقك وحق أبنائك، وبإنصافك من مطلقك، واحرصي على أن يكون معك بينة -كشهود مثلا- على طلاقه لك.
نسأل الله تعالى أن يفرج كربك وأن ييسر أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(13/16926)
تنازل المطلقة عن النفقة والمتعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى هو: امرأة مطلقة حكمت لها المحكمة بنفقة ومتعة لكنها لا تريد أخذ هذه النقود، فهل يجوز لها ذلك أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللمطلقة حق النفقة والسكنى في العدة وخلال فترة الحمل إن كانت حاملاً، وبعد انقضاء العدة ووضع الحمل ليس لها سكنى ولا نفقة، وتقدم بيانه في فتاوى منها الفتوى رقم: 45034.
فإن كان ما قضت به المحكمة من النفقة والمتعة من حق الزوجة بأن تكون في العدة أو كانت حاملاً فهذا حقها، ولها أخذه أو التنازل عنه، ولا يلزمها أخذه، وأما إن لم يكن من حق الزوجة، فلا يجوز لها أخذه، وكون القاضي قضى به فهذا لا يجعله حلالاً، فإن حكم القاضي لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً ديانة بين العبد وربه، ففي صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار.
وعليه، فيجوز تنازلها عن ما قضت لها به المحكمة إن كان لها حق فيه، ويجب التنازل إن لم يكن لها حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(13/16927)
حقوق المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت من تلقاء نفسي بالتوسط بين زوجين لإصلاح ما بينهما من شقاق دون العلم بطبيعة المشكلة وعند محادثة الزوج فاجأني بأن زوجته اعترفت بأنها تقيم علاقة مع رجل عن طريق التليفون ولذا عزم على طلاقها وسألني إذا كان من حقها أن تأخذ من ماله (حقوقها الشرعية) فأجبت بأنني لا أوافقه على إعطائها من ماله لأنها خائنة فهل تصرفي صائب أم أنه جانبني الصواب، وماذا أفعل لدرء ما قد أكون قد سببته من خطأ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الأجدر بك أن تأمر هذا الرجل بإصلاح شأن زوجته، وذلك عن طريق الموعظة الحسنة، ولو استدعى ذلك تأديبها فلا حرج ما دام ذلك في حدود الشرع. فإن تابت واستقامت فالأولى عدم فراقها، وذلك لأن التوبة تجب ما قبلها. أما إن علم إصرارها على فعلها فلا مانع حينئذ من أن يطلقها لأنه يخشى أن يتطور أمرها إلى ارتكاب الفاحشة.
وعلى كلٍ فإن وقع الطلاق فيجب لهذه المرأة من الحقوق ما يجب للمطلقة الرجعية من النفقة والكسوة وتوابعها إن كان الطلاقا رجعيا، أما إن كان بائنا فليس لها نفقة ولاسكنى ما لم تكن حاملا. أما الصداق فلازم على كل حال إن حصل الطلاق بعد الدخول؛ وإلا فنصفه.
أما أنت أيها السائل: فاعلم أن الإفتاء في أمور الشرع من غير بصيرة صاحبه على خطر عظيم، لقول الحق سبحانه: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ٌ {الاسراء: 36} . وقوله: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ {النحل: 116} . فلتبادر إلى من أفتيته فإن كان لم يطلق فأرشده إلى ما قلنا، وإن وقع الطلاق فأخبره بحقوق المرأة عليه، وانظر الفتوى رقم: 14585.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(13/16928)
نفقة المطلقة حال إعسار الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أفتونا مأجورين فيما يلي: طالب علم كان يتقاضى مبلغ مائة دولار (كفالة طالب علم) وله راتب آخر، وكان قد التزم لمطلقته بمبلغ من المال منها ولعياله منها، غير أن هذه الكفالة قطعت، فأشعر المطلقة ووليها والمحكم بعجزه عن دفع قرش واحد كونه طالب علم، ولكن لم يجبه أحد، حتى مضت أشهر ثم جاؤوا يطالبونه بنفقة الأشهر مجتمعة، مع أنه عاجز عن نفقة شهر واحد فضلا عنها مجتمعة، أفتونا مأجورين، وفي أقرب وقت؟ والله يرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن نفقة الزوجة والأولاد واجبة على الزوج، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19453.
وإذا كان الرجل فارق زوجته فلا يخلو حالها من أن يكون طلاقه لها رجعيا أو يكون بائنا، فإن كان رجعيا فهذه تجب لها النفقة وتوابعها من سكن وملبس ما دامت في العدة لأنها في حكم الزوجة، قال خليل بن إسحاق: والرجعية كالزوجة إلا في تحريم الاستمتاع. انتهى.
وعليه؛ فلو ترك الزوج الإنفاق مدة كان ذلك دينا في ذمته لها، هذا إذا كان تركه مع عدم القدرة عليه، واختلف إن تركه عن إعسار، والظاهر أنه باق في ذمته يجب عليه قضاؤه متى ما قدر، قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدة لم يسقط بذلك وكان دينا في ذمته سواء تركها لعذر أوغير عذر في أظهر الروايتين ... إلى أن قال: لأنها حق يجب مع اليسار والإعسار فلم يسقط بمضي الزمان، كأجرة العقار والديون. ويرى المالكية أن النفقة تسقط بعسر الزوج، وبالتالي لو أنفقت الزوجة على نفسها فترة إعساره فلا تستحق شيئاً، قال خليل بن إسحاق: وسقطت بالعسر. قال شارحه الخرشي: إذا سقطت فأنفقت على نفسها شيئا زمن إعساره فإنها لا ترجع عليه بشيء من ذلك لأنها ساقطة عنه في هذه الحالة، وسواء كان في حال الإنفاق حاضرا أو غائباً.
وإن كانت المطلقة بائناً فلا تستحق شيئاً من النفقة إلا إذا كانت حاملا، وانظر الفتوى رقم: 18329.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(13/16929)
ما يلزم من طلق ثلاثا من غير سبب شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سماحتكم إفتائي: لي أخت تزوجت من مواطني الدولة ومدة زواجهم 01 أشهر فقد طلقها من دون سبب شرعي وعلما من أنه متزوج من امرأة أخرى
والسؤال: هل تحق لأختي المطالبة بمؤخر صداقها والنفقة عليها علما بأنها لا يوجد لها ولد منه وقد طلبت منه عدم الطلاق ولكنه لم يأبه لها ورمى في وجهها 3 طلقات وكما أنه لم يضفها بجوازها أو الجنسيه وزواجها على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أفيدونا. جزاكم الله خيرا
+ طلقها في منزلها الزوجية في دبي وعقد الزواج تم في الشارقه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الإسلام علاقة الزواج من أوثق العلائق وأمتنها، ولا أدل على ذلك من تسميته لها بالميثاق الغليظ، كما في قوله جل وعلا: [وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا] (النساء: 21) . ومن هنا كان التسبب في إنهاء هذه الرابطة لغير سبب يقتضيه أمرا غير مرغوب شرعا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أبغض الحلال عند الله تعالى الطلاق. رواه أبو داود. وقد ضعفه بعض أهل العلم.
وقد اختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في حكم إقدام الزوج على الطلاق من غير موجب شرعي يستدعي ذلك، فمنهم من قال بالكراهة وهو ما نص عليه ابن قدامة في المغني حين تعرضه لأقسام الطلاق وذكر منها: ومكروه وهو الطلاق من غير حاجة. وذهب آخرون إلى القول بالحرمة، لما فيه من الإضرار بالزوجة، وحجتهم في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
وعلى كلٍ.. فإذا أوقع الزوج الطلاق ترتبت عليه حقوق لزوجته من جملتها دفع مؤخر الصداق في الحال إذا كان لا يزال دينا في ذمته، ومنها كذلك المتعة، لقول الحق سبحانه: [وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ] (البقرة: 237) .
قال القرطبي: معناه أعطوهن شيئا يكون متاعا لهن، وحمله ابن عمر وعلي بن أبي طالب ومزاحم على الوجوب، وحمله أبو عبيد ومالك بن أنس وأصحابه على الندب، إلى أن قال: والقول الأول أولى. اهـ.
وعلى هذا؛ فإنه يجب لأختك على هذا الرجل المذكور مؤخر الصداق والمتعة على الصحيح من أقوال العلماء، أما النفقة فليس لها فيها حق، لأن طلاقها بائن، والبائن لا نفقة لها عند جمهور أهل العلم إلا إذا كانت حاملا، قال صاحب مطالب أولي النهى: ولا نفقة لبائن غير حامل. اهـ.
وقال الخرشي: إن المطلقة بائنا بثلاث أو بخلع أو بفسخ أو إيقاع حاكم ونحوه لا نفقة لها إن لم تحمل. اهـ. والأصل في هذا حديث فاطمة بنت قيس: أن زوجها طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال: والله مالك علينا منه شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: ليس لك عليه نفقة، فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. رواه مسلم.
وننبه إلى أنه في مثل هذه الأمور يفضل الرجوع إلى المحاكم الشرعية لأنها هي جهة الاختصاص في الفصل فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(13/16930)
نفقة المطلقة الرجعية والبائن
[السُّؤَالُ]
ـ[أوجه لحضرتكم سؤالاً حول موضوع الإصلاحات في قانون النفقة بعد الطلاق، وهل يجوز للمرأة أن ترضع، (قانون الأردن، وقانون مصر، وقانون المعمول به في إسرائيل) ، كما أريد أن ترشدوني إلى مصادر حول هذا الموضوع، كذلك مع ذكر رأي المذاهب الأربعة في هذا الموضوع؟ وبارك الله في جهودكم، وجزاكم الله عن الأمة الأسلامية خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على وجوب النفقة وتوابعها من كسوة وسكنى للمطلقة الرجعية لأنها في حكم الزوجة، واختلفوا في المعتدة من طلاق بائن فمنهم من أوجب لها كل الحقوق كالرجعية والحامل، ومنهم من لم يوجب لها شيئاً وتوسطت طائفة فأوجبوا لها السكنى فقط لقول الحق سبحانه: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [الطلاق:6] ، وهذه نصوص المذاهب فيما قلنا بدءاً بمذهب الحنفية حيث يقول صاحب فتح القدير: وإذا طلق الرجل امرأته فلها النفقة والسكنى في عدتها رجعياً كان أو بائناً.
وقال المرداوي الحنبلي في كتابه الإنصاف: وعليه -يعني المطلق- نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها وسكناها كالزوجة سواء، وأما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملاً فلها النفقة والسكنى وإلا فلا شيء لها.
وقال النووي الشافعي في روضة الطالبين: المعتدة الرجعية تستحق النفقة والكسوة وسائر المؤن إلا آلة التنظيف سواء كانت أمة أو حرة حاملاً أو حائلاً. إلى أن قال: والبائن بخلع أو طلاق الثلاث لا نفقة لها ولا كسوة إن كانت حائلاً وإن كانت حاملا فعلى الزوج نفقتها وكسوتها.
وقال خليل بن إسحاق المالكي: والرجعية كالزوجة. وقال شارحه الخرشي: المعنى أن الرجعية حكمها حكم الزوجة في وجوب النفقة والكسوة.
وفي شأن البائن يقول الخرشي: المطلقة بائنا بثلاث أو بخلع أو بفسخ أو إيقاع حاكم ونحوه لا نفقة لها إن لم تحمل، أما المعتدة من وفاة فليس لها شيء إذا كانت غير حامل.
وذهب بعض أهل العلم ومنهم الشافعية والمالكية إلى أن لها السكنى مدة العدة إلا أن المالكية خصوا ذلك بما إذا كان المسكن مملوكاً للزوج أو مستأجرا ودفع أجرته قبل الوفاة، قال في المدونة: قلت أرأيت المتوفى عنها زوجها أيكون لها النفقة والسكنى في العدة في قول مالك في مال الميت أم لا؟ قال مالك: لا نفقة لها في مال الميت ولها السكنى أن كانت الدار للميت، قلت: أرأيت أن كان الزوج قد نقد الكراء فمات وعليه دين من أولى بالسكنى المرأة أو الغرماء؟ قال: إذا نقد الكراء فالمرأة أولى بالسكنى من الغرماء، قال: هذا قول مالك. انتهى.
أما بخصوص رضاع الولد فأكثر أهل العلم على أنه لا يجب على الأم بل على الأب أن يسترضع لولده، قال ابن قدامة في المغني: رضاع الولد على الأب وحده وليس له إجبار أمه على رضاعه دنيئة كانت أو شريفة في حبال الزوج أو مطلقة.
وذهب المالكية إلى أنها إن كانت شريفة لم تجر عادة مثلها بالرضاع لولدها لم تجبر عليه، وإن كانت ممن ترضع في العادة أجبرت عليه، وإن أرادت السائلة التعمق في هذه المسائل وغيرها عليها أن تراجع الكتب التالية (المغني لابن قدامة الحنبلي- حاشية الدسوقي في الفقه المالكي- فتح القدير في الفقه الحنفي- شروح المنهاج في فقه الشافعية) ، هذا عن الحكم الشرعي في نفقة المطلقة وكسوتها وحكم الرضاعة، أما حكم ذلك في القوانين الخاصة فيسأل عنه أهل الاختصاص في تلك البلاد.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(13/16931)
مسائل في حقوق المطلقة والحضانة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحقوق المقررة للمطلقة؟ وما هو مقدار نفقة العدة؟ وهل حقا أن نفقة المتعة هي ما يكفي لمعاشها مدة 12 شهرا بما يتفق مع المستوى المعيشي الذي اعتادته؟ وهل تجب نفقتها خلال فترة الحضانة لطفل تجاوز الرضاع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حقوق المطلقة في الفتوى رقم: 9746، والفتوى رقم: 20270.
وأما عن مقدار نفقة العدة فإنه راجع إلى العرف وحال الزوج إيساراً وإعساراً، وليس لذلك تحديد في الشرع.
وما ذكره السائل من أن المتعة هي ما يكفي للنفقة لمدة 12 شهراً.... إلخ. كلام غير صحيح، وليس عليه أثارة من علم، وقد تقدم الكلام عن مقدار المتعة في الفتوى رقم: 30160.
وأما النفقة خلال فترة الحضانة فإنها غير واجبة سواء كان الطفل قد تجاوز الرضاع أو لم يتجاوز، نعم يجب على الرجل أن ينفق على ابنه خلال فترة الحضانة، ويجب عليه أجرة الرضاع والحضانة ومقدار ذلك راجع إلى العرف وحال الزوج، وراجع الفتوى رقم: 20672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(13/16932)
نفقة الزوجة والأولاد في حال الفراق على عوض
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي رفعت علي دعوى قانونية بغرض تطليقها بسبب الضرر النفسي لها من زواجي بزوجة أخرى، مع العلم بأنى تعهدت لها بأن لن أحيد عن تقوى الله في معاملتها، ولكن أهلها أفسدوها علي، فهى تريد الطلاق ونفقة للأولد ونفقة متعة، أنا لا أريد أن أطلقها ولكن الأحكام الوضعية في بلدنا ستمكنها من ذالك، فما تنصحوني أن أعمل وهل لها الحق في طلب نفقة المتعة لأنها هي التي تريد الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل إذا تزوج بثانية، فقد فعل ما هو مأذون له فيه شرعاً ولا يلام عليه، وأما زوجته الأولى فإن قدرت على المقام معه بعد زواجه فهو المتعين، وإن لم تقدر وخافت أن لا تقوم بحقوقه، فلها أن تطلب الطلاق منه، فإن لم يستجب لطلبها وأصرت على الطلاق خالعته بعوض منها مال أو غيره، كما قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229] .
هذا؛ وعندما يكون الفراق على عوض فإنه لا نفقة ولا متعة ولا سكن للمرأة، وأما نفقة أولاد الزوج فتلزمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(13/16933)
مطلقة تريد الزواج لنقص النفقة وتخشى على أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مطلقة وليس لي دخل والنفقة لا تكفي أأتزوج وأترك أولادي لأبيهم ولا إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك أن تتزوجي وتتركي الأولاد عند أبيهم ولو لم تكن هناك حاجة للزواج، فكيف وأنت تحتاجين للزواج من أجل النفقة على نفسك.
ولكن نرى أن الأولى إذا لم تكن بك حاجة للزواج إلا الحاجة إلى النفقة، وكان الأولاد صغاراً وخشيت من تركهم عند أبيهم أن تضيع حالهم، أن توسطي أحداً من أهل الخير يتفاهم مع أبيهم، فإن كان يمكن أن يزيد في النفقة بحيث تكفيك بالمعروف وتكفي أولادك فالحمد لله، وهذا خير من زواج لا تحتاجين إليه يترتب عليه تضييع الأولاد، وقد روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة، وجمع بين أصبعيه السبابة والوسطى، امرأة ذات منصب وجمال آمت من زوجها حبست نفسها على أيتامها حتى بانوا أو ماتوا.
وروى الطبراني في الكبير، والخرائطي واللفظ له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا وامرأة ذات منصب وجمال حبست نفسها على بناتها حتى بانوا أو ماتوا في الجنة كهاتين.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لما أبدت له أم هانئ عذرها بوجود عيال، وكان قد خطبها: خير نساء ركبن الإبل نساء قريش. أحناه على طفل وأرعاه على زوج.
وإن كان لا يمكن أن يزيد في النفقة، فليس أمامك إلا أن تتركي له الأولاد، ومحل هذا إذا لم يمكن الجمع بين حضانة الأولاد والزواج، بحيث إذا تزوجت طالب الأب بأولاده، فإذا كان يمكن أن تتزوجي وتحتفظي بحضانتهم، بمعنى أن أبا الأولاد لا يطالب بهم ويرضى زوجك ببقائهم معك ورعايتك لهم، فهذا أفضل وأولى، لما في زواجك حينئذ من مصالح كثيرة خالية عما يعارضها من مفاسد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(13/16934)
للولد حق النفقة ولو اختار السكن مع أمه المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للولد الذي اختار العيش مع أمه المطلقة حق النفقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا اختار الولد أن يعيش مع أمه فإنه يجب على والده أن ينفق عليه بالمعروف، وراجع الفتوى رقم: 20672 - والفتوى رقم: 20270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(13/16935)
من طلب من مطلقته إعفاءه من نفقة الطلاق فتبين أنه يملكها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
تحياتي لكم.. وهذا هو سؤالي:
طلق رجل امرأته واستاذنها في إعفائه من النفقتين: العدة والمتعة فسألته الزوجة إن كان فعلا لا يستطيع فقال لا فأعفته.. وبعد انقضاء عدتها راجع نفسه ووجد أنه كان يستطيع إعطائها نفقة العدة على الأقل فأراد ردها لها فهل يجوز ذلك؟ وهل يجوز لها قبولها؟؟ جزاكم الله كل خير وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تسامح بحقها كله أو بعضه، ولكن ما دامت المسامحة كانت بدعوى أن المطلق لا يملك فصدقته الزوجة ثم تبين له الحال فعليه أن يبين ذلك لوليها أو لها بالطريق المشروع الحقيقة، فإن سامحت فلا بأس، وإن أخذت فهو حقها، قال الله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:237] .
وإن كانت الآية في غير المدخول بها إلا إنها عامة، فللمرأة البالغة غير السفيهة أن تتنازل عن حقها، وأن تهب من مالها ما تشاء لمن تشاء، وقال الله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً [النساء:4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(13/16936)
ما يلزم الزوج تجاه مطلقته قبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[أتتمت عقد القران قبل سنة ونصف ثم أردت أن أطلق زوجتي التي لم أدخل عليها، فهل يجب علي نفقة ومصاريف أخرى؟؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن طلق زوجته قبل الدخول بها وجب عليه أن يسلم لها نصف المهر المسمى إن كان قد سمى مهراً في العقد، وإلا فلها المتعة بحسب حال الزوج.
قال ابن قدامة في المغني: فاختلفت الرواية عن أحمد فيها فروي عنه مثل قول الخرقي: أعلاها خادم.. هذا إذا كان موسراً وإن كان فقيراً متعها كسوتها درعاً وخماراً وثوباً تصلي فيه. انتهى.
وليس لها نفقة ولا سكنى بعد الطلاق.
وأما قبل الطلاق فإن النفقة لا تجب على الزوجة إلا إن مكنت الزوجة من نفسها، فإن كانت ممكنة من نفسها وكان الامتناع عن الدخول من قبلك فالواجب نفقة ما مر من الأيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(13/16937)
المطلقة البائن ... والنفقة والسكنى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألقيت يمين الطلاق على زوجتي بقولي فلانة طالق ثلاثا ولكن في قمة غضبي منها وأخرجتها من البيت (إلى بيت أهلها) .فهل تنطبق آيه الطلاق (لاتخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن ياتين بفاحشة مبينة) ..جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن الغضب الذي يمنع وقوع الطلاق هو الذي يبلغ بصاحبه درجة لا يعي ما يقول، ولمزيد من الفائدة حول هذه المسألة راجع الفتوى رقم 12287 والفتوى رقم 15597
وعلى هذا.. فإذا لم يصل بك الأمر عند طلاقك لامرأتك إلى الحالة التي ذكرنا فإن امرأتك تكون قد طلقت ثلاثاً على قول الجمهور، ومن ثم فقد بانت منك بينونة كبرى، فإذا كانت حاملاً فلها النفقة والسكنى بالإجماع، ويجب عليك والحالة هذه أن تأذن لها بالعودة إلى منزلها، وتنفق عليها حتى تضع حملها.
وأما إذا كانت حائلاً - أي غير ذات حمل - فقد اختلف أهل العلم في حكمها على أقوال: أرجحها ما ذهب إليه أحمد -رحمه الله- وهو أنها لا نفقة لها ولا سكنى، وإنما رجحنا قول أحمد لموافقته للدليل قال ابن عبد البر: من طريق الحجة وما يلزم منها قول أحمد بن حنبل ومن تابعه أصح وأحج لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نصاً صريحاً. انتهى نقله عنه ابن قدامة في المغني، وراجع الفتوى رقم 12274 ولمزيد فائدة حول عدة الطلاق راجع الفتوى رقم 6922
وإذا تقرر ما سبق.. فإذا كانت امرأتك حائلاً فليس لها نفقة ولا سكنى ولست ملزماً بإعادتها إلى مسكنها السابق، وأما قوله تعالى: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فهو مخصوص بالمطلقة الرجعية دون البائن. قال ابن سعدي في تفسيره: وهذا في المعتدة الرجعية، وأما البائن فليس لها سكنى واجبة لأن السكن تبع للنفقة، والنفقة تجب للرجعية دون البائن انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(13/16938)
حقوق المطلقة على زوجها..من نقفة وسكنى وأثاث
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل طلق زوجته طلقة واحدة، ترك لها كل أثاث البيت من غرفة نوم وجلوس ومكيفات وثلاجة وغسالة والعفش الذي كان قد اشتراه هو، ماذا يلزمه من نفقة علما بأن راتبه 1500 ريال سعودي، وهو يعمل في السعودية وهي الآن في بيت أهلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت المرأة المذكورة مطلقة طلاقاً رجعياً فتلزم لها على زوجها النفقة والسكنى ما دامت في عدتها، وكذلك إن كانت مطلقة طلاقا بائناً وهي حامل، أما من سوى ذلك فلا يلزم لها نفقة ولا سكنى، لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (الطلاق: من الآية6) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس -وكان زوجها قد طلقها تطليقة كانت قد بقيت لها-: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً" رواه أبو داود.
أما بخصوص ما ذكر من الأمتعة فلا يخلو حاله من واحد من أمرين:
أحدهما: أن يكون قد ملك للمطلقة وحازته، فهذا لا سبيل للزوج عليه.
ثانيهما: أن تكون الأمتعة مازالت في ملكه، فهذه لا مانع من أن يقومها على مطلقته إذا كانت راضية، ثم يحسبها عليها في مقابل تكاليف النفقة وأجرة السكن، وإن كانت المروءة تقضي بأن الإنسان يتخلى عن هذه الأمور لمطلقته.
وقد قال جل وعلا (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة: من الآية237) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(13/16939)
والد الرضيع ينفق عليه وجوبا بواسطة أمه المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مطلقه عندي بنت عمرها عشر شهور هل يجوز أن أمنعها من الرضاعة الطبيعية قبل السنتين؟ ووالدها لا يصرف عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [البقرة:233] .
"ويرضعن أولادهن" خبر معناه الأمر، قيل: هو على الوجوب، وقيل: على الندب وهو الصحيح إذا لم يلحق الرضيع من ذلك ضرر، وإذا لحقه بذلك ضرر فلا تقطع عنه الرضاعة قبل الحولين، يدل عليه قوله تعالى:"لمن أراد أن يتم الرضاعة"
وعلى والد الرضيع الإنفاق عليه بواسطة أمه المطلقة التي ترضعه وتحضنه، قال تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.
قال القرطبي: وعلى الأب وجوباً نفقة الولد وأجرة المرضع والحاضنة إن كان له مال، وهي أحق بالحضانة ما دامت لم تتزوج.
والحاصل: أن الأفضل والأكمل أن ترضع الأخت السائلة ابنتها مدة سنتين كاملتين إذا لم يشق عليها ذلك أو يضر بها، ويجوز لها أن تفطمها قبل ذلك إذا لم يلحق ذلك ضررا بالبنت، ولها الحق الكامل في المطالبة بالنفقة من أبي البنت، وإذا لم يستجب فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي لينصفها ويأخذ لها حقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(13/16940)
حقوق المرأة المطلقة وأولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حقوق المرأة عند الطلاق ولها طفل.. من نفقة وخلافه الرجاء التوضيح بالتفصيل وعلى سبيل المثال رجل راتبه 1000 جنيه مصري؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت المرأة المدخول بها مطلقة طلاقاً رجعياً فيجب لها على زوجها خلال فترة العدة السكنى والنفقة من مؤنة وملبس وغير ذلك بحسب حال الزوج كما لو لم تكن مطلقة، وذلك لبقاء سلطان الزوج عليها وانحباسها تحت حكمه، حيث يمكنه أن يراجعها ما دامت العدة لم تنقض، فإن انقضت العدة ولم يراجعها فقد بانت منه بينونة صغرى، وبذلك لا يلزمه لها لا نفقة ولا سكنى.
وإن كانت مطلقة بائناً فلها حالتان لأنها إما أن تكون حاملاً وإما إن تكون حائلاً:
فالحامل يجب لها النفقة والسكنى، لقوله سبحانه: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6] .
وروى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس وكان زوجها قد طلقها تطليقة كانت بقيت لها: لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً.
أما إن كانت حائلاً فلا نفقة لها ولا سكنى، كما أن حقوق المطلقة المدخول بها مالياً تمام المهر المعجل والمؤجل، إن لم يكن دفعه إليها من قبل.
وأما ابنه فتجب له عليه النفقة وتوابعها، ومقدار النفقة يختلف باختلاف حال الزوج، وكذلك باختلاف البلدان، أو بحال المنفق عليها. فالضابط في ذلك حال الزوج والعرف، وإن وقع نزاع في ذلك فمرد الفصل فيه إلى القاضي الشرعي في بلدكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/16941)
حكم المتعة والنفقة للمطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[تم طلاقي من زوجي السابق قبل عامين ولم يقدم لي أي نفقة متعة أو نفقة عدة ولم أطالبه بها رغم علمي أنها من حقي ورغم عدم تنازلي عنها.. والآن أنا متزوجة منذ عام هل لي أن أطالبه بحقوقي أم ماذا أفعل؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال العلماء أن المطلقة طلاقاً بائناً لا تستحق النفقة والسكنى، وراجعي لذلك الفتوى رقم:
12274 والفتوى رقم: 8845.
وفي حالة ما إذا كنت رجعية أو كنت حاملاً فلك النفقة على الزوج الموسر، وإذا لم يؤدها فلك المطالبة بها لأنها حق من حقوقك لم تسقطيه.
أما بالنسبة لمتعة المطلقة المدخول بها فإن أكثر أهل العلم على أن ذلك مستحب وليس بواجب. وراجعي الفتوى رقم:
9746.
والذي ننصحك به هو ألا تطالبي بشيء، فإن الله قد أغناك بزوج آخر، ونذكرك بقول الله: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] .
واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(13/16942)
النفقة والسكن للمطلقة رجعيا فرض على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة وأم لطفلين عمري 27 عاماً زوجي رجل ثري حدث خلاف بيني وبينه والسبب أهل زوجي ويعلم الله أني مظلومة وطردوني من البيت رغماً عني بعد أن حلف زوجي بالطلاق علماً بأنها المرة الثانية ورفض بقائي في المنزل شهور العدة ما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما قام به الزوج من طرد زوجته من البيت بعد طلاقها للمرة الثانية لا يحل له، وهو بهذا التصرف ارتكب ما حرمه الله ونهى عنه بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) [الطلاق:1] .
فجعل الله للمطلقة المعتدة السكنى فرضاً واجباً لازماً لا يجوز للزوج أن يمسكه عنها، ولا يجوز لها أن تسقطه عن الزوج. ابن العربي
وفي كلمة: (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) إضافة البيوت إليهن إضافة سكن وقرار فيها مدة العدة، فلا يجوز في الشرع ولا في الأخلاق وحسن العشرة أن تطرد المطلقة الرجعية وتخرج من بيتها، إلا إذا ارتكبت ما يستوجب إخراجها من فحش وبذاءة على من في البيت من زوج وأهله، أو إلا أن تخرج لحاجتها الضرورية ثم ترجع إليه، وفي بقائها في البيت مع زوجها فرصة للمراجعة وإصلاح ذات البين، ولهذا يقول الله: (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) . أي: يحدث رغبة للزوج بإرجاع زوجته، فإخراجها يقطع هذا الأمل ويضعفه، ويوسع فجوة الخلاف بحيث يصعب العلاج.
وعلى الزوج أن يعلم أن الله فرض عليه في زوجته المطلقة طلاقاً رجعياً النفقة والسكن، وأنه لا يجوز له إخراجها من بيتها، فليتق الله ولا يتعد حدود الله؛ وإلا فهو الظالم ولا يلومن إلا نفسه، فالظلم ظلمات يوم القيامة.
ويجب عليه -إن لم تكن العدة قد انقضت- أن يرجعها إلى بيتها وينفق عليها، عسى الله أن يؤلف بينهما ويصلح شأنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(13/16943)
المطلقة التي تجب لها النفقة والسكنى
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج امرأة وعاش معها عشر سنين ثم طلقها لأنها لم تنجب له فهل لها الحق في النفقة والسكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الطلاق طلاقاً رجعياً لكونه الأول أو الثاني، ولم يكن مقابل عوض، فإن نفقة الزوجة وسكنها مدة عدتها على المطلق، لقوله تعالى في الرجعيات: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) [الطلاق:6] . وهذا محل اتفاق بين الفقهاء.
أما إذا كان هذا الطلاق بائنا، فقد اختلف العلماء فيما يجب للزوجة فيه من السكنى والنفقة، فمنهم من أوجب لها النفقة والسكنى، ومنهم من أوجب لها السكنى دون النفقة.
ومنهم من لم يوجب لها شيئاً، وهذا القول الأخير هو أظهر الأقوال، بدليل ما في الصحيحين عن فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي ثلاثاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لي نفقة ولا سكنى، وفي بعض الروايات: "إنما السكنى والنفقة لمن لزوجها عليها الرجعة".
وفي مسند الإمام أحمد وأبي داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(13/16944)
حقوق المطلقة المادية
[السُّؤَالُ]
ـ[في حال طلبت الزوجة الطلاق ما هي حقوقها المادية في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن حقوق الزوجة المادية على زوجها إذا طلقها تتلخص في أمور:
الأول: المتعة وهي مبلغ من المال يدفعه الزوج لها على قدر وُسْعِه وطاقته، لقول الله سبحانه وتعالى (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقا على المحسنين) [البقرة: 226] وقوله تعالى: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) [البقرة: 241] .
الثاني: مؤخر الصداق إن كان لها مؤخر صداق عنده لأنه دين لها في ذمته فعليه أن يؤديه لها عند الفرقة.
الثالث: النفقة والمسكن في العدة إن كانت رجعية لأنها في تلك الفترة لها حكم الزوجة لإمكان ارتجاعه لها في أي حين ما دامت في عدتها الرجعية.
وكذلك إذا طلقت وهي حامل، سواء كانت رجعية أو بائنا، حتى تضع حملها، لقول الله تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) [الطلاق:6]
كما أن للمطلقة مدة الإرضاع أجرة الإرضاع، كما قال الله تعالى (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) [الطلاق:6]
ثم إن كان الطلاق بطلب من الزوجة اختيارا منها وليس بسبب ضرر يلحقها من الزوج، ففي هذه الحالة للزوج أن يشترط لطلاقها أن تسقط عنه هذه الحقوق كلا أو بعضا على سبيل المخالعة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1422(13/16945)
حقوق المطلقة وأولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لم يعط مطلقته حقها هي وابنتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة المطلقة رجعياً تستحق على مطلقها أن ينفق عليها: مؤنة وملبساً وغيرهما، سواء أكانت حاملاً أم كانت غير حامل، وذلك لأن الزوج يمكنه مراجعتها في العدة ولو كانت غير راضية، فهي بمثابة الزوجة.
والمطلقة طلاقاً بائناً لا تستحق النفقة إلا إذا كانت حاملاً، لقوله تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) (الطلاق:6)
وقال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وكان زوجها قد طلقها تطليقة كانت بقيت لها: " لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً" رواه أبو داود، وفي رواية مسلم: " لا نفقة لك ولا سكنى" وكذلك لا نفقة للمطلقة طلاقاً رجعياً إذا انتهت عدتها: حملاً، أو قروءاً، أوأشهراً.
ومن حقوق المطلقة تمام المهر (المعجل والمؤجل) إن كانت قد دخل بها، ونصف المهر لغير المدخول بها.
أما إذا انقضت العدة، وبانت المرأة من الزوج فلا حقوق لها عليه بعد ذلك، بل هي أجنبية عنه كأي امرأة أجنبية أخرى.
وأما البنت التي هي ابنته فواجب عليه نفقتها وسكناها حتى تموت أو تتزوج إذا كان موسراً، ومن وجبت عليه نفقة لزوجة أو ابن أو بنت أو غيرهما أجبره القاضي على دفعها.
ومما يجدر التنبه له أن على الأب أن يدفع لأم ولده المطلقة منه أجرة إرضاعها للولد بالمعروف، فإن لم تقبل منه أجرة الإرضاع بالمعروف فله أن يؤجر له مرضعاً أخرى أو يصرف له ثمن اللبن الصناعي لقوله تعالى: (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) . [الطلاق:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/16946)
متعة المطلقة بحسب حال المطلق إعسارا ويسارا
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب طال سجنه ولايعرف متى يخرج وأراد أن يطلق زوجته فهل عليه المتعة ومؤخر الصداق وهو لايملك شيئا- أرجو الافادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤخر الصداق الذي قد تقرر في ذمة الزوج يعتبر دينا كسائر الديون لا يسقطه الإعسار، ولكن يجب على الزوجة إنظاره به لقوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) [البقرة: 280] .
أما من كانت حالته على نحو ما ذكر السائل فليس مطالباً بالمتعة، لأن الله تبارك وتعالى قال: (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) [البقرة: 237] .
أي على كل من الغني والفقير أن يمتع مطلقته بقدر وسعه وطاقته، ومعلوم من حال من كان سجيناً ولا يملك شيئاً أنه ليس في وسعه دفع أي شيء لا قليل ولا كثير، وقد قال الله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286] .
وقال عز وجل: (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها) [الطلاق: 7] . لكن ننصح أخانا السجين أن لا يتعجل أمر الطلاق إن كانت زوجته صابرة محتسبة، فلعل الله عز وجل أن يجعل له فرجاً قريباً ومخرجاً، فإنه لا يدري لعله يطلق اليوم ويخرج من السجن غداً، فيندم على ما فعل ويكون قد هدم بيتاً، ونسأل الله أن يفك أسر المظلومين.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1422(13/16947)
إنفاق الولد على والده بين الوجوب والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص موظف ومتزوج ولدي طفلة، ولي أربعة إخوة؛ الأكبر متزوج وله ولدان، ونعيش في بيت والدي في نفس الشقة مع الأخ الثالث أعزب يدرس في الجامعة، وأدفع مصروفا شهريا (20000) ريال يمني، وتحدث مشاكل عائلية بين الحين والآخر، وأرغب بالخروج من بيت والدي والاستئجار للقرب من مقر علمي وتلافياً لأي مشاكل، ولكن أبي قال لي إذا خرجت فيجب عليك دفع المصروف الشهري، وألا تسلم علي، والله يفتح عليك. فما أعمل أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الانفراد عن أبيك بالسكن، قال ابن قدامة في المغني: فأما البالغ الرشيد، فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلاً، فله الانفراد بنفسه، لاستغنائه عنهما ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. ومن حق زوجتك عليك أن تسكنها في مسكن مستقل، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 28860.
واعلم أن الوالد إذا كان فقيراً فنفقته واجبة على أولاده، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. اهـ من المغني لابن قدامة. ولكن يشترط لوجوب الإنفاق أن يجد الابن ما ينفقه زائداً عما يحتاج إليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك. رواه مسلم في صحيحه.
والزوجة مقدمة في النفقة على سائر الأقارب، قال ابن قدامة في المغني: ومن لم يفضل عن قوته إلا نفقة شخص وله امرأة فالنفقة لها دون الأقارب لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر: إذا كان أحدكم فقيراً فيبدأ بنفسه فإن كان له فضل فعلى عياله فإن كان له فضل فعلى قرابته.
فإذا كان والدك محتاجاً لهذا المال الذي يطلبه منك وكنت قادراً على إعطائه دون أن يضرك ذلك فالواجب عليك أن تعطيه، فقد أباح الشرع للوالد أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه، إذا كان الولد يملك ما يزيد عن حاجاته الأصلية، بل ذهب الحنابلة إلى أنه يجوز للوالد أن يأخذ ولو لم يكن محتاجاً، ولكن على كل الأقوال لا يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده ما يجحف به أو يضره، قال ابن قدامة في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها صغيراً كان الولد أو كبيراً بشرطين أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر..
وأما إذا كان والدك غير محتاج إلى هذا المال، فلا يجب عليك إعطاؤه لكن من الإحسان إليه وبره أن تعطيه ما لا يلحقك ضرر بإعطائه، فإن لم تفعل فلتعتذر له برفق وتداوم على بره والإحسان إليه، ولا يضرك غضبه ولا تكون بذلك عاقاً له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(13/16948)
حكم رجوع الأخ على أخيه بما أنفقه عليه للدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يعمل بإحدى الدول الخليجية، وتوسط له أخي الأكبر منه مع والدي عند أحد أقاربنا الذي يعمل بدولة عربية ليسافر ويساعد الأسرة ويسدد ما أثقل كاهلها من ديون وقروض، وخاصة أن ما حصل عليه من مؤهل كان مطلوبا لديهم وسافر بالفعل ـ والحمد لله ـ ووفق لسداد ديون العائلة ومساعدة إخوته وسدد عنهم ديونهم، ويحتفظ حاليا بجميع المبالغ التي ساعد بها أسرته، والسؤال هو: بعد مرور أكثر من خمس سنوات أرسل لأخي الأكبر دعوة ليأتي ويعمل بإحدى الدول العربية، وكان قد ساعده أيضا في سداد ديونه واستكمال مسيرته التعليمية حتى حصل على أعلى الشهادات، وقد بلغ إجمالي ما ساعده به في حدود أربعة آلاف دولار على مدار الخمس سنوات، والآن ـ بعد أن أكرمه الله وأصبح يعمل مع أخيه بإحدى الدول العربية ـ طالبه بأن يسدد له المبلغ الذي ساعده به على مدار السنوات الخمس، إلا أن أخي الأكبر أبدى استغرابه من هذه المطالبة إلا أنه وافق وقال له سأقوم بتقسيطها لك بالتدريج، مع العلم أنه يستطيع دفعها مرة واحدة، فهل هذا المبلغ من حق أخي الأصغر أن يطالبه به ويسترده منه؟ خاصة وأنه لا يطالب سوى أخي هذا فقط على أساس أنه يعمل بدولة عربية، أما باقي الأسرة فلم يطالب بها أحدا منهم في الوقت الحالي، ووصل الأمر إلى سوء العلاقة من جانب الأخ الأصغر وقطع صلته بأخيه الأكبر ومخاصمته، على الرغم من محاولة أخيه مصالحته وملاطفة الأجواء معه، ويقول له ليس لدي مانع من سداد هذا المبلغ، لكن أقسطه لك على دفعات، خاصة أنني لم أحصل عليه مرة واحدة كما تريده مرة واحدة، وتدخل الأب بينهما إلا أن الأخ الأصغر لم يسمع له وشغله الشاغل هو المبلغ المذكور، فقام الأخ الأكبر بإعطائه أول مبلغ من القسط وهو أربعمائة دولار على جدية السداد إلا أن الأخ الأصغر لم يقبلها وقام بإلقائها على الأرض، مطالبا بالمبلغ دفعة واحدة، وعلى الرغم مما حدث من الأخ الأصغر من جفاء ومقاطعة لأخيه الأكبر إلا أن الأخ الأكبر فى كل مرة يحاول أن لا يكون بينهما خصام ويعمل على وصال أخيه الذي يقاطعه. وفي كل مرة يصله فيها يعود الأخ الأصغر للمقاطعة مرة أخرى، وعندما بدأ شهر رمضان حاول أخوه الأكبر أن يتحدث إليه ويهنئه بالشهر الكريم إلا أنه لم يجبه.
فنرجو الإفادة، وهل يعتبر أخي الأكبر مماطلا في سداده للمبلغ الذي يطلبه أخوه الأصغر والذي لم يكن من البداية على هيئة قرض، وإنما على صورة مساعدات على مدار أكثر من خمس سنوات ولفترات متباعدة؟ وهل الأخ الأصغر يستحق هذا المبلغ؟ وأيهما يأثم على فعلته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ الأصغر أنفق على أخيه ما أنفق على سبيل القرض فله أن يطالب به، أما إن كان أنفق على سبيل الهبة والتبرع فليس له الرجوع، إلا أن يكون فعل ذلك ناويا الرجوع على أخيه بما أنفقه، ففي هذه الحالة يجب على الأخ الأكبر دفع المبلغ جملة واحدة ـ إن كان قادرا على ذلك ـ وأما إن كان عاجزا عن رد المبلغ دفعة واحدة، فيجب إمهاله فيما عجز عنه، قال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280} .
وعلى ذلك، فلا يأثم الأخ الأكبر بتقسيط ما عجز عن سداده دفعة واحدة، ولا يعد بذلك مماطلا، بل يأثم أخوه الأصغر إن طالبه بدفع ما يعجز عنه.
وننبه إلى مراعاة الأدب الشرعي في المطالبة بالحقوق، قال عليه الصلاة والسلام: رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى. رواه البخاري. اقتضى: طلب حقه.
وعموما فإننا نصح الأخ الصغير بحسن معاملة أخيه الكبير وتوقيره والتأدب معه وتذكر سبق فضله عليه عندما توسط له ليعمل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 124857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(13/16949)
الإنفقاق على الأهل هل يعتبر من الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عزباء موظفة وأحصل على راتب جيد ـ والحمد لله ـ وأعيل أسرتي بنصف راتبي وقيل لي: إنه يحسب في ميزان حسناتي صدقة جارية، فهل هذا صحيح؟ وإن كان غير صحيح، فما هي الصدقة الجارية؟.
ولكم مني جزيل الشكر والعرفان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة الجارية هي الوقف، والوقف: ما حبس أصله وسبلت منفعته كبناء المساجد والمدارس والمستشفيات، وهو من أفضل القربات، لأنه مما يستمر ثوابه ويلحق أجره لصاحبه بعد موته وانقطاع عمله في هذه الحياة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، إلا من صدقة جارية، وعلم يتفع به، وولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
وانظري الفتويين رقم: 43607، ورقم: 55463.
وأما النفقة على الأهل فلا شك في فضلها وعظم أجرها ـ إذا ابتغي بها وجه الله تعالى ـ وخاصة إذا كانت من النفقة الواجبة، فإنها تكون من أعظم القربات، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. رواه البخاري.
والنفقة على الأقارب فيها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها. الحديث.
ومع فضل هذا النوع من الصدقة، فإنه لا يعتبر من الصدقة الجارية لذهاب أصله، لأن الصدقة الجارية هي ما تصدق بمنفعته مع بقاء أصله كما أشرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(13/16950)
نفقة الوالدين الفقيرين واجبة على أولادهم ولا يجزئ احتسابها من زكاة المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل كبير في السن ولا يعمل. هل يجوز إعطاؤه مالا واعتباره صدقة، خصوصا وأن حالته المادية أقل من متوسطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك لا يجد ما يسد به حاجاته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ونحو ذلك فنفقته واجبة عليك وعلى إخوتك.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
وإذا وجبت نفقته عليك فإن إعطاءك المال له يكون من الصدقة بمعناها الأعم، لحديث جابر عند النسائي: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا.
وأما إذا لم تكن نفقته واجبة عليك وأردت إعطاءه من المال توسعة عليه فنعم ما تفعل، وهذا من أعظم ما تثاب عليه، وبخاصة إذا كانت به نوع حاجة إلى هذا المال، فإن أباك من أولى من بذلت له مالك، وحقه من آكد الحقوق عليك، وحسبك قول النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب في رضا الوالد. رواه الترمذي وحسنه الألباني. والآيات والأحاديث في الوصية بالوالدين والأمر بالإحسان إليهما في غاية من الكثرة.
وبهذا يتبين لك أن إنفاقك على والدك من أفضل الصدقات التي تتصدق بها، أما إن كنت تقصد بالصدقة الزكاة، فالجواب: أنه لا يجزئك دفع زكاتك إلى أبيك لفقره؛ لأن نفقته واجبة عليك كما أسلفنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(13/16951)
لا يلزم الابن إعطاء كل ماله لأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سامحني يا شيخ على الإطالة، لأن موضوعي يستوجب الإطالة: أنا شاب أعيش في أسرة مكونة من 13 فرداً وأبي لا يعمل منذ ست سنوات على الأقل، ومنذ نعومة أظفارنا ـ أنا وإخوتي وأمي ـ ونحن نعمل، فقبل ست سنوات تقريبا كان أبي يعمل، وفي الفترة التي تعطل فيها عن العمل استمررنا في العمل الشاق حتى نعيش، نعمل ثلاثة مواسم على الأقل أي في الفترة الممتدة بين شهري 5 و 11 وهناك انقطاع بسيط في هذه الفترة، وفي فترة عملنا يدخل علينا يوميا حوالي ستة أضعاف عمل أي عامل يعيل أسرة ـ90 دولاراـ ولكن كل ما نحصل عليه يصرفه أبي، مع العلم أنه لا يطعمنا إلا الطعام الرخيص والذي لا يشتريه الناس في قريتنا وفي بعض الأوقات نأكل طعاما حسنا، وباقي المبلغ لا نعرف كيف يصرفه؟ مع العلم أنه يستهلك حوالي5 دولار يوميا رصيد هاتف بلا فائدة، و3 دولار تقريبا للتدخين، و7 دولار يوميا بنزين سيارة، وأيضا هذا بنصف فائدة، وأخي مرعليه وهو يعمل كعامل سنتان وهو في أول عمره، والآن لا يملك قرشا واحداً فكله يأخذه أبي أيضا، وهناك ديون مترتبة علينا حوالي: 20000 دولار حاليا، مع العلم أنها تتزايد كل فترة أي لا نسدد هذه الديون بعملنا إلا القليل منها، وأبي يحرم أمي من الملبس الحسن ويسبها ويشتمها وكثيراً ما يضربها، فأريد رأيك يا شيخ في كل الأمور التي سبقت، كما أريد رأيك فيما لو اشتغلت ـ والآن تخرجت من الجامعة وعمي هو الذي درسني ـ هل يجوز أن أرفض إعطاء أبي كل المال الذي أجنيه؟ مع العلم أنني أوافق على إعالته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك فقيراً ولا يقدر على الكسب فالواجب عليكم -أنت وأخوتك - أن تنفقوا عليه بالمعروف، إذا كنتم تجدون ما يزيد عن حاجتكم الأصلية، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. المغني لابن قدامة.
والذي يلزمكم في هذه الحال أن تنفقوا عليه ما يحتاجه بالمعروف، ولا يلزمكم أن تدفعوا إليه كل ما تحصلون عليه لينفق هو على البيت، وإنما له عليكم من النفقة ما يحتاجه بالمعروف، أما ما يزيد على حاجته فلا يلزمكم ومن باب أولى ما ينفقه على التدخين فلا يجوز لكم إعانته عليه، ويجب عليكم نصحه بالتوبة منه، وانظر في شروط جواز أخذ الأب من مال ولده الفتوى رقم: 112088.
أما أمك فلا يلزمها أن تنفق على والدكم شيئاً، وما تكسبه من عملها فهو حق خالص لها، وقد أحسنت بصبرها على عسرة والدكم وعدم إنفاقه عليها، وما يفعله الوالد من سبها وضربها دون مسوغ فهو ظلم وسوء عشرة ينبغي عليكم أن تناصحوه برفق وتخوفوه من الله، مع عدم التقصير في بره وطاعته في المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(13/16952)
هل تجب نفقة الأخ الفقير على أخته الموسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المرأة مسؤولة عن أخيها الذي لا يستطيع كسب قوته إذا كانت غنية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل مريضاً أو عاجزاً عن الكسب ولا مال له، فإن نفقته تجب على أصوله وفروعه، فيطالب بها آباؤه وأبناؤه، فإن لم يكن له أصول ولا فروع أو كانوا موجودين ولكنهم معسرون لا يقدرون على النفقة، فإن النفقة تجب على من يرثه، وقد اختلف أهل العلم، هل يشترط في وجوب النفقة على الوارث أن لا يكون هناك من يحجبه أو لا يشترط؟ والراجح أنه لا يشترط ذلك ما دام من يحجبه معسراً لا يقدر على النفقة، جاء في المغني: ويتخرج في كل وارث لولا الحجب إذا كان من يحجبه معسراً وجهان:
أحدهما: لا نفقة عليه، لأنه ليس بوارث أشبه الأجنبي.
والثاني: عليه النفقة لوجود القرابة المقتضية للإرث والإنفاق والمانع من الإرث لا يمنع من الإنفاق، لأنه معسر لا يمكنه الإنفاق فوجوده بالنسبة إلى الإنفاق كعدمه. انتهى.
فإن لم يكن لهذا الرجل إلا هذه الأخت فينظر، فإن لم يكن هناك من يحجبها عن ميراثه -في حال موته - من أصل أو فروع، فإن نفقته تجب عليها على الراجح، وأيضاً تجب نفقته عليها إذا وجد من يحجبها عن الميراث وكان معسراً على ما ذكرنا من كلام أهل العلم، وراجع تفاصيل ذلك وكلام أهل العلم عليه، وذلك في الفتويين رقم: 64958، ورقم: 44020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(13/16953)
الزكاة للقريب المستحق أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف وأتقاضى راتبا شهريا ـ والحمد لله ـ لكنه غير كاف، كما يجب بالنسبة لغلاء المعيشة وكذلك لإكمال بناء بيتي وتوسعته وإقتناء بعض الأمور الضرورية، هل يمكنني أن أخذ الزكاة من أخي؟ مع العلم طبعا أن هناك من هو أحوج مني، لكن أخي يفضل منحها لي على أساس القرابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان راتبك لا يكفيك لحاجاتك الأساسية وحاجة من تلزمك نفقته من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ودواء فحد المسكنة في هذه الحال يصدق عليك، ويجوز لأخيك أن يدفع إليك مال الزكاة، لأنك داخل في عموم قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60} . وأخذك مال الزكاة ـ والحال ـ هذه جائز وإن كان هناك من هو أحوج منك إذا كنت داخلا في الأصناف الذين تدفع إليهم الزكاة، ورغبة أخيك في دفع الزكاة إليك أمر حسن، فإن الأولى والأفضل سد خلة الأقارب وهذا أعظم أجرا، لقوله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي.
قال النووي ـ رحمه الله: وأما قوله إن كان في الأصناف أقارب له لا يلزمه نفقتهم استحب أن يخص الأقرب فمتفق عليه أيضا، لما ذكرنا من الأحاديث، قال أصحابنا: يستحب في صدقة التطوع وفي الزكاة والكفارة صرفها إلى الأقارب إذا كانوا بصفة الاستحقاق وهم أفضل من الأجانب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(13/16954)
لا يجوز الرجوع فيما صرف بنية التبرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي عند زواجه أخلي والدي له شقتنا جميعا في الدور الثاني التي كان يعيش فيها هو وأمي وأخواتي، ونزلنا جميعا للدور الأرضي، وكان الدور محتاجا لبعض الصيانة كي يكون مؤهلا للمعيشة، ففعل أخي بعض الصيانات وبعد زمن تقريبا 10 سنوات حدث موقف بينه وبين أحد الإخوة وقال للجميع: أنا أريد ما صرفته وهو معترف أنه لما فعل لم يكن يريد أن يأخذ شيئا من أحد، ولا الجميع يعلم أنه سيطالب بشيء، بمعنى أنه ليس دينا. فهل يحق له المطالبة بذلك وهو معترف أنه لما فعل لم يفعل علي سبيل أنه دين ويرد، ولا أهل بيته جميعا يعلمون أنه سيطالب بما فعل لهم كدين. فهل يحق له أن يطالب بمصاريف صيانة فعلها في البيت بعد 10 سنوات تقريبا، وكل واحد من إخوته أخذ شقة في دور ثالث على الطوب الأحمر وقام بإنشائها بماله الخاص دون المساعدة من أحد إلى آخر شيء فيها عندما فرج الله عن كل واحد فيهم بعمل، وبدأ العمل كي يتزوج، وما فعله الأخ الآخر هو أنه تسلم شقتنا الأساسية لأنه أول فرحة البيت عند زواجه، ونزلنا كلنا الدور الأرضي وقام ببعض التعديلات فيه كي يناسب المعيشة ليس بنية أن يطالب بأي شيء فعله لهم، ولا حتى هم يعلمون أنه سيطالب كمعاملة الدين، وقال بنفسه والله لما فعلت لم يكن في نيتي أن أطلب أي شيء فهي مني هكذا، ولما حدث موقف ما مع أحد الأخوة قال لهم جميعا أنا أريد ما صرفته في البيت بعد 10 سنوات تقريبا فجأة. فهل يحق له المطالبة بذلك؟ آسف للإطالة وأتمنى إرسال الرد في أسرع وقت حيث إن الأمر هام جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك قد أنفق هذه النفقات، ولم ينو أن يرجع بها فلا يحق له أن يطالب بما أنفقه من مال، فمن أنفق مالاً على إصلاح ملك غيره بنية التبرع فلا يحق له الرجوع بما أنفقه.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: القيام بعمل نافع للغير بدون إذنه ... أن يأتي بعمل يلزم الغير أو يحتاجه بدون إذنه، كمن أنفق عن غيره نفقة واجبة عليه، أو قضى عنه دينا ثابتا في ذمته، ولم ينو المنفق بذلك التبرع، فإن ما دفعه يكون دينا في ذمة المنفق عنه. وعلى ذلك نص المالكية والحنابلة خلافا للشافعية والحنفية. اهـ.
وجاء في درر الحكام: لو أنشأ أحد دارا أو عمرها لصاحبها بدون أمره كان البناء أو العمارة لصاحب العرصة أو الدار ويكون المنشئ متبرعا فيما أنفقه على عمارته إياها. اهـ.
فالحنابلة والمالكية يجيزون الرجوع في مثل هذه النفقة إذا لم ينو صاحبها التبرع خلافاً للشافعية، والحنفية الذين يشترطون إذن المالك، أما إذا نوى المنفق على ملك غيره التبرع فلا حق له في الرجوع فيما أنفقه.
وننبهك إلى أنه يجب على الوالدين التسوية بين أولادهم في العطية، وراجع في تفصيل ذلك في الف تاوى الآتية أرقامها: 63465، 104914، 110017.
وننصحكم بمحاولة حل هذا الأمر بالرفق واللين والحرص على صلة الرحم فيما بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1430(13/16955)
انتفاع الأم بمال نقوط عرس ابنتها يرجع للعرف فيمن يمتلك هذا المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي قد جمعت مبلغا من المال منذ زمن بعيد حتى جاء عرس أختي، حيث إن أمي قد أنفقت المال لمحتويات العرس، بعد ذلك أي بعد العرس حصلت أمي على نفس المبلغ الذي أنفقته على العرس من النقوط. أي أن المدعوين عندما يحضرون للعرس يضعون مبلغا من المال لأهل الفرح. السؤال: هل يجوز لأمي أن تذهب لأداء فريضة الحج والإنفاق من المبلغ الذي حصلت عليه من (النقوط) الذي حصلت عليه من العرس؟ الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت العادة أن ما يجمع من تلك الفلوس التي يهديها الزوار في ذلك الفرح تكون للأم فهي لها، ولها التصرف فيها بما تشاء، ومن أفضل ما تصرف فيه أن تحج منها أو تعتمر، وأما إن كانت العادة أن ما يجتمع في تلك الأفراح يكون للبنت فليس للأم أن تأخذه إلا إذا كانت نوت الرجوع بما أنفقت على حاجة البنت، وأخذت قدر ما أنفقت، أو تبرعت لها البنت به وأذنت لها فيه، فلا حرج عليها في أن تحج منه أو تعتمر. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 120985
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1430(13/16956)
لا يجوز للأخ دفع زكاة ماله لأخته المستغنية بنفقة أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 62 عاما، وأعمل أستاذا مساعدا متفرغا بجامعة ا?سكندرية، لي ابنة تعاني من مرض نفسي وأقوم بتكاليف علاجها كلية. نجلى الأكبر يريد أن يشاركني فى تكاليف علاجها بجزء من الزكاة المفروضة عليه 2.5%. لعلمه بأن تكاليف العلاج باهظة الثمن مع أنني حتى الآن قادر والحمد لله على القيام بمفردي بتكاليف العلاج. فقلت له إني سوف أستشير أحدا من علماء المسلمين هل يجوز لك ذلك وتحسب لك من الزكاة أم لا؟ أرجو إفادتنا هل تحسب له من الزكاة-المفروضة عليه سنويا- أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قادرا على النفقة على ابنتك فلا يجوز لولدك أن يدفع إليك من زكاة ماله لتنفق عليها، فإن الصدقة لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز لولدك أن يملك أخته هذا المال على جهة الزكاة لأنها غنية بنفقتها الواجبة عليك.
ولكن باب الصدقة والبر واسع، فإذا أراد ولدك أن يخفف عنك بعض أعباء علاج أخته فيتبرع بشيء من النفقة لأجل علاجها كان متقربا بقربة عظيمة يرجى له ثوابها وذخرها عند الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(13/16957)
أحوال وجوب واستحباب النفقة على الوالدين والإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج وعندي أبناء، وأخصص جزءا من راتبي الشهري لوالدي ووالدتي ومساعدة الإخوة، وأبذل جميع طاقتي في مساعدة أهلي، وأخي يقول لي بعد ما تزوجت تغيرت، ما هو حق إخوتي علي؟ هل إذا أعطيتهم مالا آخذه أو يكون على سبيل القرض أو آخذ مقابله؟ أو هذا حق لهم في مالي مثل حق والدي ووالدتي وزوجتي وأبنائي؟ حيث إن والدي يمتلك الأرض ـ والحمد لله ـ.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت أيها السائل الكريم فيما تقوم به من مساعدة أهلك، واعلم أن الواجب عليك أن تبدأ في النفقة بنفسك وبمن تعول، فيجب عليك أن تنفق على نفسك وزوجتك وأبنائك بما يكفي بالمعروف، وقد روى مسلم من طريق أبي قِلَابَةَ عن أبي أَسْمَاءَ عن ثَوْبَانَ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ على عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ على دَابَّتِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ على أَصْحَابِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ. قال أبو قِلَابَةَ وهو عبد الله بن زيد أبو قلابة الجرمي من أئمة التابعين: وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ ثُمَّ قال أبو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا من رَجُلٍ يُنْفِقُ على عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمْ أو يَنْفَعُهُمْ الله بِهِ وَيُغْنِيهِمْ.
أما النفقة على الأب فهي واجبة على الابن إذا لم يكن للأب ما يكفيه، أما إذا كان الأب غنيا فلا يجب على الولد أن ينفق عليه شيئا، وإن كان ذلك مندوبا قياما بحق البر والصلة.
فإن كان والداك بحاجة إلى الإنفاق، فإن نفقتهما تكون واجبة عليك وعلى إخوتك، وإذا كان إخوتك غير قادرين على الإنفاق، أو يقدرون ولا ينفقون، فيجب عليك أن تنفق على قدر طاقتك، لكن يشترط لوجوب الإنفاق أن يجد الابن ما ينفقه على والده زائداً عما يحتاج إليه، لما رواه مسلم عن جَابِرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك.
أما النفقة على إخوتك فالراجح أنها لا تجب عليك إلا إذا كانوا فقراء، وكنت وارثا لهم، وأنت لست كذلك، لأن أباك يحجبك عن ميراثهم، ولكن النفقة عليهم من العمل الصالح الذي يؤجر عليها المنفق ـ إن شاءـ الله إذا نوى بها وجه الله تعالى، والنفقة على القريب تعتبر صدقة وصلة.
وما تصرفه من النفقة على إخوتك له أحوال إن صرحت لهم بأنه قرض فحكمه حكم القرض، فيلزمهم رد القرض بمثله أو قيمته إن لم يكن له مثل، وإن لم تصرح بأنه قرض وكانوا محتاجين للنفقة، فيمكنك أن تنفق عليهم وتنوي الرجوع بما أنفقته على والدك؛ لأن النفقة واجبة عليه، وتشهد على ذلك، ويكون من حقك الرجوع على والدك بالنفقة، وإن لم تنو الرجوع بما أنفقته فتكون هذه النفقة تطوعاً منك، وهذا أعلى المراتب في الفضل.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 44020، 64958، 77370، 107574، 105673، 115678، 121231، 121134.
نسأل الله تعالى أن يبارك لك في أموالك، وأن يغنيك من فضله العظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1430(13/16958)
حكم استرداد نفقة الأخ على أخيه إذا كانت تبرعا أو بنية الرجوع عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أنهيت دراستي الجامعية، ولقد تكفل أخي بتدريسي، علما بأن والدي غير مقيم معنا ولم يتول الإنفاق علينا، وكانت والدتي منذ صغرنا مسؤولة عنا حيث إنها كانت تعمل، الآن بعد إنهاء دراستي وعملي ما هو واجبي تجاه إخوتي ماديا؟ وما هو حقهم شرعا خصوصا بعد مطالبتهم لي بالقيمة المادية؟ مشكورين للإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخوك أنفق عليك غير متبرع بما أنفق، وإنما ينوي أن ترده له بعد تخرجك، فإنه يتعين عليك رده له إن كان عندك مال وقت نفقته عليك. وأما إن كان أنفق عليك تبرعا، فلا تجوز له مطالبتك بشيء على الراجح لما في الحديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه. متفق عليه.
وأما أنت فيحسن أن تكافئه وتحسن إليه جزاء على صنيعه الحسن الذي عمل لك. ففي الحديث: من صنع إليكم معروفا فكافئوه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وفي الحديث: تهادوا تحابوا. رواه مالك وحسنه الألباني.
ويحسن بك كذلك أن تنفق على المحتاجين من إخوانك، ويتعين عليك البر بأبيك مهما كان تعامله معك.
وراجع الفتوى رقم: 72850.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1430(13/16959)
شروط وجوب النفقة على الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج وعندي أولاد، وأعمل بالإمارات منذ ست سنوات، وأخصص جزءا من راتبي شهريا لوالدي ووالدتي ومساعدة الإخوة جميعا، دفعت كل ما أملك في سبيل بناء منزل لنا جميعا نعيش فيه ولم أبخل بشيء مما رزقني الله، فأنا أعتبر هذا رزقهم معي، ووالدي والحمد لله يمتلك أرضا تقدر بالكثير من المال، وحتى الآن لا أدخر أي جزء من المال، فكل ما أملك أعطيه لأهلي. هل للإخوة حق علي في مساعدتهم وإعطائهم من مالي الذي أترك أولادي وزوجتي من أجله، أو يكون ذلك المال على سبيل القرض حيث إنهم يريدون أن يتزوجوا وأن يكون لديهم منزل وهكذا؟ هل يعطيني والدي أرضا مقابل هذا المال؟ هل هذا حلال لي أم لا؟ فحق والدي ووالدتي في مالي هذا شرعا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. أعرف ذلك ولكن ما حق الإخوة في مالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقة على الوالدين الموسرين لا تجب على ولدهما، إلا على سبيل الاستحباب تطييبا لخاطرهما، خصوصا إذا علم تعلق قلوبهما بشيء من هذا، بخلاف ما إذا كانا فقيرين فإن النفقة عليهما عندئذ واجبة بإجماع أهل العلم.
وكون الابن وماله لأبيه لا يبيح للأب التصرف في مال ابنه دون حدود، فأخذ الأب من مال ابنه مقيد بالاحتياج وعدم الإسراف، كما بيناها في الفتوى رقم: 1569.
وأما النفقة على الإخوة، فقد اختلف الفقهاء فيمن يستحق النفقة بسبب القرابة، والراجح عندنا ـ كما سبق في الفتوى رقم: 44020 ـ وجوب النفقة لكل قريب وارث بفرض أو تعصيب، بشرط أن يكون فقيرا لا مال له ولا كسب، وأن يكون لمن وجبت عليه النفقة قدر زائد عن نفقة نفسه وعياله الخاصة.
قال ابن قدامة في المغني: ظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه.
وذكر قبل هذا الموضع أن ذلك بثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون فقيرا لا مال له ولا كسب.
والثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليه فضلا عن نفقة نفسه، إما من ماله أو من كسبه.
والثالث: أن يكون المنفق وارثا. اهـ.
وعلى ذلك فينظر في حال أبيك وإخوتك، فإن كانوا فقراء محتاجين فنفقتهم واجبة عليك، وإلا لم تجب. وظاهر السؤال أن الوالد غير محتاج، فإنه يملك أرضا ذات قيمة. وأما تزوج إخوتك فليس من شرطه أن يمتلكوا بيوتا، بل الحاجة تندفع باستئجار بيت أو شقة.
فإن كنت بنيت هذا المنزل المذكور على نفقتك ولم تقصد التبرع لإخوتك بنفقته، فلك أن تجعل ذلك على سبيل القرض كما ذكرت. فإن ما أنفق المرء من نفقة لا تلزمه شرعاً بنية الرجوع فيه، فإن له أن يطالب به، بخلاف ما إذا قصد بها التطوع أو التبرع، فليس له حق الرجوع فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. رواه البخاري ومسلم.
ولا حرج على والدك إذا خصَّك بعطية من أرض أو غيرها مقابل ما أنفقته، فإن التفضيل لحاجة سائغة أو لمصلحة متحققة لا بأس به، وتفضيل من سعى وعمل مع والده وبذل المال في البناء أمر سائغ شرعا لأن صاحبه يستحق المكافأة، وليس هذا من الإيثار المحرم، وراجع في ما سبق الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 122934، 114540، 103854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(13/16960)
نفقة البنت التي لا مال لها واجبة على أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب شراء أشياء أرتديها وأبي لا يشتريها لي، أو أذهب إلى طبيب ولا يعطيني. فمن يعطيني؟ هل ألجأ إلى الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن ينفق على أولاده بالمعروف، فإن منعهم حقهم مع قدرته على ذلك، فلهم أن يأخذوا من ماله دون إذنه ما يكفيهم بالمعروف دون أن يزيدوا على ذلك، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 23512، 31157، 56667.
وعلى ذلك، فنفقة العلاج، وشراء الكسوة الشرعية، يجوز للسائلة أخذها من مال أبيها ولو دون علمه طالما أنها لا مال لها.
وأما قول السائلة: هل ألجأ إلى الحرام. فإن كان قصدها أن تأخذ من مال أبيها دون علمه فقد سبق بيان حكم ذلك، وإن كان قصدها أن تأخذ من مال غيرها دون وجه حق كالسرقة مثلا فهذا لا شك في حرمته، وأما إن كان قصدها الانحراف والفساد، فهذا أشد وأكبر وهو مما يعاب ويستنكر حتى إن العرب قبل الإسلام كانوا يقولون: تجوع المرأة ولا تأكل بثدييها. وقد سبق لنا بيان أن الفقر مع العفة خير من الغنى مع التهتك والتبرج في الفتوى رقم: 66410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(13/16961)
المرأة المتزوجة هل لها حق واجب في مال أبيها حال حياته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وحالي ميسور والحمد لله، سؤالي هل للمرأة المتزوجة حق في مال والدها الغني، وهو لا يزال على قيد الحياة، أم أن الحق فقط للبنين حيث يزوجهم ويصرف عليهم. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة متزوجة وحالها ميسور فليس لها حق واجب في مال أبيها حال حياته، فنفقتها قد سقطت عن أبيها بزواجها كما تقدم في الفتوى رقم: 25339.
ويجوز لهذا الأب أن يخص أبناءه الذكور بعطية لسبب شرعي يقتضي ذلك، كفقر أو مرض أو يعين العاجز منهم على الزواج، أما إذا لم يحصل سبب يقتضي التفضيل في العطية بين الذكور والإناث، فلا يجوز للأب الإقدام على ذلك على القول الراجح؛ لما فيه من قطع الرحم وجلب البغضاء، وأن يعدل بين الجميع، ويكون بإعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين، وقيل: بل يسوي بينهما، وهذا القول الراجح. وراجعي فى ذلك الفتوى رقم: 64550. والفتوى رقم: 72946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(13/16962)
هل يجب على الزوج الإنفاق على أهله مثل ما ينفق على زوجته وأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة، وأعيش في بيت فوق بيت أهل زوجي وهم ولله الحمد يملكون مالا ينفقون منه على أنفسهم. سؤالي: هل يجب على زوجي أن يشتري لهم ما يشتريه لنا من ماله من طعام وغيره؟ وإذا ذهبنا للتنزه فهل يجب عليه أن يأخذهم معنا كل مرة؟ وهل يحق لي أن أعترض على ذلك إذا كان خروجهم معي يسبب الضيق لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام أهل زوجك على ما ذكرت من استغنائهم وعدم حاجتهم للنفقة، فلا يجب على زوجك الإنفاق عليهم بلا خلاف بين أهل العلم، ولا يجب عليه أن يعطيهم مثل ما يعطيكم، ولا أن يطعمهم مما يطعمكم، ولكن إن فعل ذلك على سبيل الاستحباب والندب فله بذلك عظيم الأجر والمثوبة إن شاء الله، خصوصاً إذا كان والداه من بين المنفق عليهم.
وكذا لا يجب عليه أن يأخذهم معكم كلما خرجتم للنزهة، بل ينبغي أن يخصكم بالخروج معه في بعض الأحيان دونهم لما في العلاقة الزوجية من خصوصية لا تحتمل المشاركة في جميع الأحيان، ولكن ينبغي ألا يغفل عن اصطحابهم المرة بعد المرة تطييباً لخاطرهم وحرصاً على صلتهم، خصوصاً إذا كان من بينهم والداه.
وننبهك إلى أن إخوان زوجك أجانب بالنسبة لك فيجب التزام الحجاب بحضرتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(13/16963)
وجوب نفقة المرء على أولاده الصغار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تسقط نفقة الأبناء عن الأب المطلق بانتهاء عدة الأم المطلقة إذا لم تذكر النفقة في صك الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة الأولاد الصغار على أبيهم باتفاق أهل العلم سواء طلق أمهم أو كانت في عصمته، قال ابن المنذر:
وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.
وعليه، فنفقة الأولاد لا تسقط عن الأب بانتهاء عدة أمهم المطلقة ولو لم تذكر في وثيقة الطلاق، بل تستمر بالنسبة للأنثى حتى تتزوج، وبالنسبة للذكر حتى يبلغ عاقلا قادرا على الكسب، هذا مذهب جمهور أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 66857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(13/16964)
أجر الإنفاق على الأهل المحتاجين وحكم التوسل إلى الله بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر مساعدتي لأهلي بشراء أشياء أساسية وثانوية صدقة مع أنهم محتاجون جداً وخاصة أمي وهل تعتبر عملا صالحا للدعاء به لغرض الزواج لأن عمري 30 سنة ولم يخطبني أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن النفقة على الأقارب المحتاجين في الضروريات أو الحاجيات تعتبر عملا صالحا يؤجر عليها المنفق إن شاء الله إذا نوى بها وجه الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك. متفق عليه.
بل إن النفقة على القريب تعتبر صدقة وصلة أيضا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه الترمذي.
علما أن الأم المحتاجة تجب نفقتها على الغني من أولادها الذكور والإثاث، ولا حرج على السائلة أن تتوسل إلى الله تعالى بتلك الصدقة أو العمل الصالح في تحقيق ما تريده من الزواج برجل صالح أو غير ذلك لما دلت عليه الأدلة من الكتاب والسنة على جواز التوسل إلى الله بالعمل الصالح كما في قوله تعالى: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {آل عمران:16} .
ونحن نسأل الله أن يزرقها زوجا صالحا يعينها في دينها ودنياها وانظري الفتوى رقم: 20338 حول الإنفاق على الوالدين، والفتوى رقم: 44020، حول مذاهب الفقهاء في أحكام نفقة الأصول والفروع والأقارب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(13/16965)
شروط النفقة على الأقارب، والأولى بالنفقة الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة، وكان زوجي يعول أمه وإخوته التسعة من بينهم أرملة، ولديها ولد وبنت، قام بتزويج بنتين وولدين، وما زال أيضا يساعدهم ويعمل دائما على إرضاء والدته على حساب بيته، فهم يسكنون في محافظة أخرى، لكن شهريا يرسل لهم مبلغا كبيرا من الراتب، وإن كان عندهم طوارئ يزيد، وأنا أحب مساعدته لهم، لكنهم متواكلون عليه، وعندما نسافر إليهم ينفق تقريبا راتبه كله، وعندما نعود لبيتنا نكيف أنفسنا علي ما تبقى من راتبه، ويستعمل راتبي وإن قلت له إن راتبي انتهي يحاسبني ويسألني كيف؟ ويقول لي كيفوا أنفسكم على هذا، وأنا عندي بنتان ولهما احتياجات كثيرة ولا يفي راتبي لكل هذا.
وسؤالي هو: من أولى بالنفقة نحن أم إخوته وأمه؟ وهل زوجي يكون آثما باعتماده على راتبي الذي يحاسبني عليه، وأحيانا أكتب له كشف حساب بالمصاريف حتى صلة رحمي مطالبة أن أقول له أعطيت عمتي وخالتي وهو لا يقول لي كل شيء لأنه طبعا الرجل، وأحيانا أعرف من والدته أشياء دفعها لهم زيادة علي راتبهم الذي يأخذونه منه، وإن لمت عليه زجرني وغضب مني، وأنا أخاف الله، ولا احب أن يغضب مني بغضب زوجي مني. فماذا أفعل هل أوفر شيئا من راتبي بدون علمه؛ كي أفعل الصدقات بدون علمه، وما هو واجبه نحونا بيته وبيت والدته.
أفيدوني يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أم زوجك محتاجة إلى النفقة، فنفقتها واجبة عليه. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
وأما الإخوة والأخوات، فمذهب الحنفية والحنابلة وجوب النفقة عليهم عند الحاجة. قال ابن قدامة الحنبلي: ظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه إذا اجتمعت الشروط التي تقدم ذكرها.
وقال البهوتي الحنبلي: وتجب النفقة أو كمالها لكل من يرثه المنفق بفرض كولد لأم أو تعصيب كأخ وعم لغير أم. انتهى.
وقال الكاساني الحنفي: واختلف في وجوبه في القرابة المحرمة للنكاح سوى قرابة الولادة، قال أصحابنا: تجب. وقال مالك والشافعي: لا تجب. اهـ
ولكن يشترط للذكور أن يكونوا غير قادرين على الكسب، فإن كانوا قادرين على الكسب فلا نفقة لهم.
قال ابن قدامة: ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط أحدها: أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به فلا نفقة لهم. اهـ
واشترط الحنفية لوجوب الإنفاق عليهم أن يكون بهم عجز وليس مجرد عدم الكسب، قال الكاساني عند كلامه على شروط الإنفاق على الأقارب: والثاني: عجزه عن الكسب بأن كان به زمانة أو قعد أو فلج أو عمى أو جنون أو كان مقطوع اليدين أو أشلهما أو مقطوع الرجلين أو مفقوء العينين أو غير ذلك من العوارض التي تمنع الإنسان من الاكتساب حتى لو كان صحيحاً مكتسباً لا يقضى له بالنفقة على غيره. اهـ
وتراجع في وجوب نفقة الأخ الفقير وشروطه الفتوى رقم: 44020، والفتوى رقم: 64789.
ويشترط لوجوب الإنفاق أن يجد الابن ما ينفقه زائداً عما يحتاج إليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك. رواه مسلم في صحيحه.
ولا شك أن الزوج يجب عليه الإنفاق على زوجته ولو كانت غنية، ولا يلزم الزوجة أن تنفق على البيت من مالها الخاص، إلا أن تتبرع بذلك، وما تكسبه المرأة من عملها هو حق خالص لها، إلا أن يكون الزوج قد اشترط للسماح لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدراً منه، فيلزمها الوفاء به، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 35014، والفتوى رقم: 19680.
وعلى ذلك فإن زوجك إذا أجبرك على الإنفاق على بيته من مالك الخاص فهو آثم.
أما عن الأولى بالنفقة الواجبة؟ فالزوجة أولى من سائر أقارب الزوج. قال ابن قدامة: ومن لم يفضل عن قوته إلا نفقة شخص وله امرأة فالنفقة لها دون الأقارب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر: إذا كان أحدكم فقيرا فيبدأ بنفسه، فإن كان له فضل فعلى عياله، فإن كان له فضل فعلى قرابته.
وجاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته: إذا تعدد مستحقو النفقة ولم يكن لهم إلا قريب واحد، فإن استطاع أن ينفق عليهم جميعاً وجب عليه الإنفاق، وإن لم يستطع بدأ بنفسه ثم بولده الصغير أو الأنثى أو العاجز، ثم بزوجته. وقال الحنابلة: تقدم الزوجة على الولد، ويقدَّم الأب على الأم لفضيلته، وانفراده بالولاية، واستحقاق الأخذ من ماله. وقال ابن قدامة. الأولى التسوية بينهما. وقيل عند الشافعية: يقدم الأب، وقيل: الأم والأب سواء. انتهى.
أما فيما يزيد على النفقة الواجبة، فلا شك أن إنفاقه على أمه وإخوته من أفضل الأعمال، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ. متفق عليه.
قال ابن حجر: فإذا ثبت هذا الفضل لمن ينفق على من ليس له بقريب ممن اتصف بالوصفين، فالمنفق على المتصف أولى. اهـ من فتح الباري.
وأما عن تصرفك في مالك الخاص بالتصدق أو الهدية للأقارب، فذلك حق لك، ولا يشترط إذن الزوج أو علمه على القول الراجح كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 94840.
لكن من حسن العشرة وكرم الخلق، أن يتم الأمر بالتفاهم بينكما، وأن تعاونيه في الإنفاق على قدر استطاعتك، وتشجعيه على الإنفاق على أهله، بما لا يضر بحقكم، واعلمي أن في ذلك خيراً عظيماً في الدنيا والآخرة، فإن صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(13/16966)
حكم الأخذ من مال الأم لتوفير الخدمات لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعول أمي منذ أكثر من عشر سنين. فهل يجوز لي أن آخذ شيئا من مرتبها مقابل توفير الخدمات لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن أخذ الأجرة عن أمر مستحَق على الشخص لا يجوز. ولا شك في أن خدمة الوالدين مما يجب على الأبناء، وبالتالي فلا يجوز أخذ الأجرة عنها.
فقد جاء في الموسوعة الفقهية: أما خدمة الولد لوالده، أو استخدام الأب لولده فجائز بلا خلاف، بل إن ذلك من البر المأمور به شرعا، ويكون واجبا على الولد خدمة أو إخدام والده عند الحاجة، ولهذا فلا يجوز له أن يأخذ أجرة عليها، لأنها مستحقة عليه، ومن قضى حقا مستحقا عليه لغيره لا يجوز له أخذ الأجرة عليه. انتهى.
وأما إن كان المقصود أخذ شيء لتوفير ما تحتاجه من طعام وشراب أو ملابس أو نحو ذلك، فلا بأس بهذا؛ لأنه لا يجب على الابن الإنفاق من ماله على أمه التي تجد من النفقة ما يكفيها، وقد حكى ابن المنذر الإجماع في هذا فقال: وأجمعوا على أن نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى
وعليه، فلا بأس بالأخذ من مال الأم لتوفير حاجاتها وشراء ما تحتاجه هذا فيما ستستقبل من أمرك، أو أخذ مقابل لما أنفقته عليها سابقا إذا كنت أنفقته عليها بقصد الرجوع في مالها، وأما ما فات وفعلته تبرعا منك لها فلا يجوز أخذ مقابل له من راتبها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ. رواه البخاري ومسلم.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 111258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(13/16967)
مطالبة الوالد بالنفقة بالمعروف، ليس من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا أبلغ من العمر 33 سنة، ولم أتزوج، وعندي التزامات عائلية كثيرة، راتبي بحدود 6000 ولدي قرض سوف تعلم لماذا أخذته في سياق الموضوع:
إن أبي طلق أمي منذ سبع سنوات، وسكنت أمي وإخوتي معي في البيت، أبي يدفع الجزء الأعظم من الإيجار، ويدفع مصروفا شهريا يقدر بـ 5000 ريال بعد أن تدخل أناس بيننا، وجعلوه يدفع هذا المبلغ.
هذا مبلغ ممتاز ولله الحمد، ولكنه منهم بمستواه المادي يدفعون أكثر من ذلك.
أبي يملك الخير الكثير، لديه عقارات في المدينة المنورة ومنطقة مكة المكرمة ومنطقة الرياض وخارج المملكة.
أبي مزواج يتزوج كثيرا، ولا تستمر زيجاته كثيرا. مع أنه يدعي أنه ملتزم، وله لحيه كثيفة، ويساعد بعمل الخير، ولكن هذا الشيء لا نراه مع أبنائه.
أنا أصرف على البيت بشكل كبير حيث إن راتبي يذهب جله في مصروف البيت والتزامات والدتي وإخوتي.
والدتي مصابة بمرض السكر والضغط، وعانت الكثير عندما عاشت معه، خدمت أباه وأمه وهي ساكتة ولم تقل شيئا، مع أنه يستطيع أن يأتي بعشرات الخدم، ولكن لم يكن جزاء الإحسان إلا الإساءة، حيث كان سليط اللسان عليها، وبخيل إلى أبعد الحدود معها، وأذلها كثيرا، وتكلم عنها عند ناس كثيرين، ووصفها بالجنوب لكي لا يلومه الناس بطلاقها.
أنا دفعت الكثير ولله الحمد، وتحملت الكثير من الضغط النفسي والمالي، ولكن الحمد لله مع أنه يستطيع أن يوفر الكثير، وأستغل رواتبي في تطوير ذاتي. مصاريف الأعياد والمناسبات والمستشفيات والطلبات الأخرى أنا الذي أدفعها، وعشنا السنتين الماضيتين ضغطا ماليا كبيرا- أثر علي نفسيا وعصبيا بسبب الغلاء وطلبات الإخوة مع أنه ليست لهم طلبات كثيرة - سبب لي مشاكل مع إخوتي كثيرة، ويصفني أنني لست سويا، ودائما يصفني بالنقصان أمامهم. وهذا الشيء سبب لي مشاكل كثيرة مع إخواني الشباب وعدم الثقة. وفعلا نفس الشيء مع البنات ولكنهن كن أعقل بكثير.
أنا قبل شهر أخذت قرضا من البنك، واشتريت سيارة لكي آتي بسائق لهم لكي يستطعن (البنات) بالذهاب إلى الجامعات، لأن واحدة من البنات تحضر الماجستير، والثانية في الجامعة، والثالثة مدرسة بمدرسة أهلي. أما الرابعة أنا من أوصلها لثانوي وأرجعها للبيت. لأن الشباب إذا أوصلوا البنات تأخروا عن جامعاتهم.
لكن عندنا علم أني سوف آتي بسائق رفض، وقال سوف آخذ البنات مع العلم (أنه كان يوجد لديهم سائق قبل أن يسكن عندي، وكانوا يذهبون ويأتون معه لوحده وهو عالم بذلك ولكنه أنكر)
أنا يا شيخ تعبت كثيرا، ولا أريد أن تصل القضية للمحكمة، ولا أريد أن يأخذ أخواتي البنات عنده، لأنهن سوف يتعبن نفسيا، ولا يستطعن إكمال الدراسة، ولأنني معيشهم عيشة أفضل من يوم كانوا عنده، لأنه بفترة من الفترات يغسلون رؤوسهن بصابون التايد.
والأهم من ذاك والدتي التي عانت كثيرا منه، لا أريدها أن تحرم من بناتها آخر عمرها، ولا أستطيع أن أستغني عن السائق؛ لأن هذا سوف يؤثر على حضوري وانصرافي في العمل. ولو لم يكن لدهم سابقا سائق لم أكن آتي به.
أخبرني أحد الأصدقاء أنه تستطيع والدتي أن ترفع دعوى عليه بالمحاكم، وأخذ حقها المادي منه، وعندما أخبرتها بذلك قالت أريد حقي من الله لا أريده منه.
سؤالي:
هل يستطع أبي أن يأخذ أخواتي مع العلم أن أصغر واحدة منهن عمرها 16 سنة، وهي في ثاني ثانوي، والبقية 20 و 24 و 28 أما الإخوة فهم 24 و 18. مع أنهن سوف يتعبن نفسيا كثيرا لبعدهن عن أمهن وللحياة التي سوف يعشنها معه؛ لأنه قاس ولا يكسهم بالوجه الحسن؛ لأنه أتت أيام يعطيهم في السنة كسوة كل واحده مائة ريال.
وهل إذا طالبته بالمحكمة أن يشتري لنا بيتا، وأن يزيد المصروف، ويعطهم عيدية وكسوة سنوية أكون بذلك عاقا له؟
سيدي أنا في حيرة كبيرة من أمري بين تهديده وبين خوفي أن تذهب أخواتي إلى أبي وهو ساكن خارج الرياض، وهو كثير السفر بحجة فعل الخير.
أتمنى أن أجد إجابة شافيه لديكم، وإذا أحببتم أن نتواصل وأطرح عليكم الموضوع وجها لوجه أكون من الشاكرين؟ وتقبلوا خالص شكري واحترامي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأبناء الذكور البالغون لا حضانة لهم، أما البنات البالغات فالجمهور على تخييرهم في من يقيمون عنده، والحنابلة يرون أن الأب أولى بهم، وعلى كل حال فإن الأمر إذا عرض على القاضي فإن رأيه يرفع الخلاف، وانظر الفتوى رقم: 101820.
والبنات إذا لم يكن لهن مال فنفقتهن على أبيهن، وكذلك الأبناء إذا كانوا غير قادرين على الكسب، وانظر الفتوى رقم: 25339.
والنفقة الواجبة هي النفقة بالمعروف، وكذلك المسكن، فيجب على الأب قدر الكفاية بالمعروف اعتباراً بحاله، وانظر الفتوى رقم: 46090.
وإذا طالبت والدك بقدر الكفاية بالمعروف، فليس ذلك من العقوق، مع التنبيه على وجوب بره والإحسان إليه، والحذر من التقصير في حقه أو الإساءة إليه مهما كان الحال.
وننبه السائل إلى أن القرض الذي اقترضه إذا كان يرد بزيادة مشروطة في العقد، فهو ربا وهو من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات، ويجب عليك التوبة من ذلك، وانظر الفتوى رقم: 16659.
كما ننبه إلى أن ركوب البنت مع السائق بمفردها لا يجوز، وهو يعد خلوة، كما سبق في الفتوى رقم: 1079.
والخلاصة أن نفقة من يحتاج إلى النفقة من أخواته وإخوانه لصغره مع فقره أو لعجزه عن التكسب واجبة على الوالد الغني بالمعروف، وإذا امتنع من أدائها فلهم أن يرفعوا القضية هذه لدى المحكمة، وتراجع الفتوى رقم: 43086.
أما حضانة البنات فيحتاج إلى الرفع إلى القاضي إذا طلبها الأب، وامتنعت أمهن من ذلك لأنها من مسائل الخلاف التي لا يرفع النزاع فيها إلا القاضي.
ونوصي السائل بالمبادرة إلى الزواج امتثالاً لوصية النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(13/16968)
البنت التي مات أبواها هل تجب نفقتها على إخوتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة لست متزوجة، والدي ووالدتي توفيا. لدي 4 إخوة متزوجون. وأخت متزوجة.
سؤالي هو
1-من المسؤول عني, وعن مصاريفي؟
فانا أقيم لوحدي في بيت والدي. مع من المفروض أن أكون مقيمة؟
2-الحمد لله لدي شغل أحيانا يجلب لي الدخل وأحيانا لا يجلب (ليس ثابتا) .فهل هذا يكفي أن أصرف على نفسي، ولا يجب على أحد من إخوتي تحمل مسؤوليتي؟ مع العلم أن جميعهم يعملون ووضعهم المادي ولله الحمد جيد.
3-في حالة أن إخوتي قرروا بيع المنزل ما سأحصل منه في الورث لا يكفي لشراء منزل. فهل واجب على إخوتي مساعدتي؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا، وكثر من أمثالكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الرحمة والمغفرة لوالديك، وقد اختلف أهل العلم في وجوب نفقتك على إخوتك وأختك فهي ساقطة عند الشافعية والمالكية، واجبة عند الحنابلة والحنفية كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 44020.
وقد اشترط الحنابلة لوجوب النفقة هنا أن تكوني فقيرة لا تملكين ما يكفي لسد حاجاتك الضرورية، وأن يكون إخوتك كلهم أو بعضهم لديهم ما يزيد عن قوتهم وقوت وكسوة ومسكن من تجب عليهم نفقته.
وبناء على هذا القول فنفقتك ساقطة عنهم في حال وجود دخل يفي بحاجاتك الضرورية من مأكل ومشرب ونحوهما.
وإذا لم تجدي ما يكفي لذلك فتجب نفقتك على من قدر عليها من إخوتك ذكورا وإناثا كل منهم بقدر نصيبه من الميراث والكسوة والمسكن مثل النفقة. ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع للبهوتي الحنبلي:
ويتلخص لوجوب الإنفاق على القريب ثلاثة شروط: أحدها أن يكون المنفق عليهم فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم. والكسوة والسكن كالنفقة. انتهى.
وفي حال بيعهم للمنزل المشترك بين الجميع، وكان نصيبك لا يكفي لشراء منزل خاص بك، وإن كان ذلك مستحبا صلة للرحم، فلا يجب عليهم مساعدتك لشراء منزل، ويكون الواجب [على القول بالوجوب] على كل منهم دفع نصيبه من أجرة مسكن يكفي عادة فقط إذا لم يسكنوك معهم.
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يجعلك لك من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(13/16969)
حدود نفقة الأب على أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأب الذي لا يعطي أولاده حقهم من النفقة، ويبخل عليهم في كل شيء، حتى سكنهم، مع العلم أن السكن مكون من غرفتين وعددهم سبعة، وكلهم مابين سن 18 إلى 24، والأب مرتاح ماديا، وقادر على أن يوفر لهم عيشة كريمة؟ أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في لزوم نفقة الوالد على ابنه البالغ الفقير القادر على الكسب، فأكثر العلماء يرون أنه لا تلزمه نفقته لقدرته على الكسب. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن والد غني وله ولد معسر. فهل يلزم الوالد الغني أن ينفق على ابنه المعسر؟ فأجاب رحمه الله: نعم، عليه نفقةُ ولدِهِ بالمعروف إذا كان الولدُ فقيراً عاجزاً عن الكسب والوالدُ مُوسراً. اهـ مختصراً من الفتاوى. ومفهوم كلام شيخ الإسلام أن غير العاجز عن الكسب - وهو القادر لا تجب نفقته.
واختلفوا أيضاً في البنت التي بلغت الحلم، هل يلزم والدها النفقة عليها أم لا؟ فذهب أكثر العلماء إلى أنه يلزمه أن ينفق عليها حتى تتزوج. وهذا هو الراجح لعجزها عن التكسب، ولأن إلزامها بالتكسب يفضي إلى مفاسد عظيمة.
وعليه؛ فإنه لا يلزم الأب بالإنفاق على الذكور منكم إلا من كان منهم فقيرا غير قادر على الكسب. وأما القادر فلا تجب نفقته على أبيه إلا إذا كان مشغولا بالتعليم فإنه تجب حينئذ نفقته على أبيه لأن الأب تلزمه نفقة تعليم أولاده على ما سبق ذكره في الفتوى رقم: 97754.
أما البنات فيلزم الأب بالإنفاق عليهن حتى الزواج. ومن وجبت له النفقة فيجب على الأب أن يبذلها له ويحرم عليه منعها أو التقتير عليه فيها، لأن هذا حق محتم عليه، ويدخل في أمر النفقة أن يُطعِمهم ويكسوهم ويسكنهم مسكنا مناسبا حسب القدرة وجريان العرف. بل وعليه أن يزوج الذكور منهم إذا كان لهم الرغبة في الزواج، وكان الأب قادرا على ذلك.
قال المرداوي في كِتاب الإنصاف: يَجِب علَى الرجلِ إعفاف من وجبت نفقتهُ عليْهِ منْ الآبَاءِ والأجداد والأَبْنَاءِ وَأَبْنَائِهِمْ وَغَيْرِهِمْ، ممن تجب عليه نفقتهم. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. انتهى
وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: (مسألة) ومن لزمته نفقة رجل فهل يلزمه نفقة امرأته؟ على روايتين، كل من لزمه إعفاف رجل لزمته نفقة امرأته؛ لانه لا يتمكن من الاعفاف إلا بذلك، وقد روي عن أحمد أنه لا يلزم الاب نفقة زوجة الابن، وهذا محمول على أن الابن كان يجد نفقتها.انتهى
ومتى امتنع الأب عن النفقة الواجبة عليه لأولاده أو شيء منها وأمكنهم أخذه دون علمه فلهم ذلك، وقد أذِن النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي سفيان أن تأخذ من مالِه بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، فقال عليه الصلاة والسلام: خُذِي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
فعلى الأب أن يتقي الله سبحانه في أولاده، وأن يتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(13/16970)
الإنفاق على بنات الأخ من منحة الدولة وهل يلزم إخبارهن بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي كفل بنات عمي 6 المتوفى والدهم، فأصبحت الدولة تمنحه منحة على كل بنت حتى تنهي مدة دراستها. لكن أبي لم يخبرهن بهذا الأمر، وأصبح يصرف عليهن وعلى أمهن من هذه المنحة يدفع مستحقات الكهرباء والغاز ويشتري لهن الأضحية الخ، والآن كلهن أنهين دراستهن إلا الصغرى.
والسؤال: هل كان يجب عليه إخبارهن، وهل يكمل في الإنفاق عليهن من الجزء المتبقي من المنح، علما أن حالته ميسورة، ولو استطاع لأنفق عليهن من ماله. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على العم المذكور أن يتصرف في هذه الأموال التي تدفعها الدولة إليه حسب شروط المنحة المنصوص عليها، أو حسب العرف المطرد إن لم يكن هناك نص في كيفية الإنفاق، فإن خالف كان ضامنا للمال. أما هل يجب عليه إخبارهن أم لا؟ فنقول الواجب عليه الإنفاق عليهن حسب ما هو معروف في مثل هذه المنح، وإن يحفظ عليهن أموالهن حتى إذا بلغن راشدات دفع إليهن أموالهن أو ما بقي من تلك الأموال، وبهذا تعلمين أنه ليس للعم أن يتصرف في أموال اليتيمات بعد بلوغهن راشدات إلا بإذنهن ما لم تكن الجهة المانحة حددت له وجوه الصرف وأوكلته في التصرف بعد بلوغهن.
وأما قبل بلوغهن فإنه يصرف عليهن بالمعروف، ولا يلزمه إخبارهن بتفاصيل المنحة، وإنما الواجب عليه هو أن يصرفها لهن حسب المصلحة وحسب شرط المانح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1430(13/16971)
لا ينفق على زوجته وأبنائه بحجة لكونهم لا ينزلون عند رغباته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم فيمن لا ينفق على زوجته وأبنائه بحجة أنهم لا ينزلون عند رغباته (مثال قال لي ادرس الرياضيات وأنا أحب الميكانيك) ، قال لي لا تفعل ما أريد!! , إذن لن تأخذ ولو سنتا واحدا مني, وأصبح لا ينفق لا على أمي ولا على إخوتي ودخله الشهري يكفي 3 أسر في بلادنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغير خاف على مسلم وجوب بر الوالدين وطاعتهما في المعروف، وأن هذا من أعظم القربات وأجل الأعمال الصالحات التي يتقرب بها المتقربون لربهم، وعليه فلو استطاع الابن أن يوافق أباه في كل ما يأمره به دون أن يتضرر، فينبغي له أن يفعل ذلك، ولكن في الوقت نفسه لا يجوز لأحد الوالدين أن يتعسف في استعمال هذا الحق فيعنت ولده.. وعليه فلا يجوز لهذا الأب أن يجبر ابنه على دراسة علم معين لا يريده الابن، ولو خالف الابن في ذلك لا يكون عاقاً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فلا يكون عاقاً كأكل ما لا يريد، أي أكله. انتهى.
ورحم الله ابن القيم إذ قال كلاماً جيداً بهذا الخصوص، قال: ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها فيعلم أنه مخلوق له فلا يحمله على غيره ما كان مأذوناً فيه شرعاً، فإنه إن حمل على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيأ له، فإذا رآه حسن الفهم صحيح الإدراك جيد الحفظ واعياً فهذه علامات قبوله وتهيئه للعلم ... وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه وهو مستعد للفروسية وأسبابها.. وأن لا نفاذ له في العلم ولم يخلق له مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين، وإن رآه بخلاف ذلك وأنه لم يخلق لذلك ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع مستعداً لها وهي صناعة مباحة، نافعة للبشر فليمكنه منها هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج له من دينه.. انتهى.
وعليه؛ فما قام به هذا الأب من إعنات ولده لا يجوز، وما قام به من قطع النفقة عن زوجته لا يجوز وهو ظلم مبين، فإن نفقة الرجل على زوجته وأبنائه الصغار وبناته اللاتي لم يتزوجن واجبة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني.
أما أبناؤه البالغون الذين لا مال لهم ولا كسب، فقد اختلف فيهم العلماء، قال في سبل السلام: وإيجاب نفقة الولد على أبيه وإن كان كبيراً، قال ابن المنذر: اختلف في نفقة من بلغ من الأولاد ولا مال له ولا كسب، فأوجب طائفة النفقة لجميع الأولاد أطفالاً كانوا أو بالغين، إناثاً أو ذكراناً إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن الآباء، وذهب الجمهور إلى أن الواجب الإنفاق عليهم إلى أن يبلغ الذكر وتتزوج الأنثى، ثم لا نفقة على الأب إلا إذا كانوا زمنى، فإن كانت لهم أموال فلا وجوب على الأب. انتهى.
فيجب على الأب أن ينفق على أبنائه ما داموا صغاراً غير قادرين على الكسب، فإذا بلغوا وصاروا قادرين على الكسب فلا تجب عليه نفقتهم عند جمهور العلماء، وذهب الحنابلة إلى أن النفقة تجب لهم كباراً إذا كانوا فقراء، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 27231.
وعليه، فلا يجب على الأب على قول الجمهور أن ينفق على الأبناء بعد البلوغ وإن كانوا مشتغلين بالدراسة، ولا تدخل نفقات الدراسة ضمن النفقة الواجبة، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 59707.
ويندب للأب أن ينفق على أبنائه في هذه الحال، ويحصل على أجر الصدقة والصلة، وفي الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(13/16972)
عدم صرف الولد المقتدر على والدته المحتاجة عقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[تبلغ والدة زوجتى الخامسة والسبعين من العمر وتحتاج إلى المصاريف الإضافية التي تزداد عن طاقة
معاشها. زوجتي وهي التى لا تعمل تساهم من مصروفها على قدر استطاعتها في مصروفات أمها, أما
أخوها فيعمل فى إحدى الشركات الأجنبية ويتقاضى مرتبا طيبا, وأختها تعمل دكتورة صيدلانية في مركز مرموق وعندها القدر اليسير من المال, ولكن لا يريدان المساهمة في مصاريف أمهما ولا بالرعاية إلا بالقدر القليل, وفي نفس الوقت يتطلع الإثنان إلي بأن أقوم وجوبا وأنا زوج أختهما بالصرف على والدتهما. ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... فهل أنا ملزم شرعا يا سيدى بالإنفاق على والدتهم وهم المقتدرون خاصة وأن لهم إرثا عقاريا تبلغ قيمته ما يقرب من المليون من الجنيهات, لا يريدون بيعه الآن ولا حتى تأجيره للصرف على أمهم؟ وما رأي الشرع في أولاد لا يبرون أمهم لا بالرعاية أو السؤال أو بالمعونة المادية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك شرعا أن تنفق على أم زوجتك، لكن إن فعلت ذلك فهو من الإحسان إلى زوجتك وإكرامها ولك فيه الأجر والمثوبة، ويجب على أبنائها أن ينفقوا عليها ويختص بذلك من كان منهم قادرا.
ومن أشد الإثم وأسوأ الوزر تضييع المرء لمن تلزمه نفقته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد.
أي حسبه ذلك من الإثم سيما إذ كان الفقير والدا ووالدة لما لهما من حق عظيم على أبنائهما، وقد وصى بهما رب العزة والجلال وثنى بهما بعده في وقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} . وقوله: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} .
فانصح أبناء تلك المرأة أم زوجتك بالإحسان إليها والإنفاق عليها وصلتها بالمال، ويلزم ذلك من كان منهم غنيا، وأما من لم يكن كذلك فيلزمه على قدر وسعه وطاقته.
وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20845، 15710، 18099، 20338، 66882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(13/16973)
متى يجب إنفاق الابن على والده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 23عاما لقد خرجت منذ أن كنت بالمدرسة لكي أصرف على أهلي لأنه كانت حالتنا المادية معدمة وأبي لا يعمل.. إلى هذا الوقت وأنا أعمل وأصرف على أهلي مع أن أبي قادر على العمل لكنه لا يعمل دائما وأنا كل مالي لهم ولا أحد يساعدني أنا أكبر إخوتي ولي أخوان آخران أصغر مني وأخ يعمل لكنه يصرف على نفسه ويحضر أشياء له مع أنني عندما أحضر راتبي أعطيه كاملا لأبي....لكنني أريد أن أكون نفسي لأنني أريد أن أتزوج لأنني معجب بفتاة وأريد أن أتقدم لها ولكن لا أملك المال..
سؤالي هو هل المفروض علي أن أضحي بنفسي وصحتي ومالي في سبيل أهلي وإخوتي فأنا لا أشتري شيئا لي وأحرم نفسي من كل شيء وإذا أردت أن أشتري شيئا أذهب وأشتري لإخوتي فهل تصرفي هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد أمرنا الله بالإحسان إلى الوالدين، وجعل ذلك من أعظم الفرائض بعد الإيمان بالله، ومن الإحسان إلى الوالدين، الإنفاق عليهما عند حاجتهما، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد.
ولكن يشترط لوجوب الإنفاق أن يجد الابن ما ينفقه على والده زائداً عما يحتاج إليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك. رواه مسلم.
أما عن سؤالك، فإن كان والداك بحاجة إلى الإنفاق، فإن نفقته تكون واجبة عليك وعلى إخوتك، وإذا كان إخوتك غير قادرين على الإنفاق، أو يقدرون ولا ينفقون، فيجب عليك أن تنفق على قدر طاقتك، وإذا كنت محتاجاً للزواج، فإن بإمكانك أن توفر من راتبك شيئاً تستطيع به الزواج، بعد أن تعطي لوالديك ما يكفي للحاجات الأساسية.
أما كون أبيك قادرا على العمل ولا يعمل فهو مخطئ، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود، وقوله صلى الله عليه وسلم: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ. رواه مسلم.
ولكن ذلك لا يمنع بره والنفقة عليه، وننبه السائل إلى أنه ينبغي أن يقصد وجه الله بما ينفقه على أهله، وليعلم أنه ما دام قاصداً وجه الله، فإن سعيه وجهده الذي بذله في الإنفاق عليهم لن يضيع، بل هو سبب للبركة في الرزق والعمر، ووسيلة لدفع المصائب وتفريج الكروب، وسبيل للسعادة في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(13/16974)
الاقتراض لأجل الأبوين.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حق أهلي علي بأخذ قرض من البنك من أجل ادخاره لكبرهم وأخذ جزء كبير من راتبي وإذا لم أفعل ذلك في نظرهم عقوق هل بلغت أنا درجة العقوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوالدان إذا لم يكونا فقيرين فلا تجب نفقتهما، لكن ينبغي صلتهما بالمال وإن لم يكونا محتاجين إليه، لما في ذلك من برهما، ولا إثم عليك في عدم أخذ قرض لادخاره لهما، بل لا تلزمك نفقتهما واقتطاع جزء من راتبك لهما ما لم يكونا معسرين كما بينا، وإن كان الأولى هو صلة الوالدين بالمال وتلبية رغبتهما في ذلك إكراما لهما وإمعانا في برهما. أما أخذ قرض فلا يلزمك ولا ننصحك به لما قد يترتب عليه من ضرر عليك أو تضييق، لكن صليهما بما تستطيعين من مالك مما لا يشق عليك، وإذا كان القرض المذكور ربويا فلا يجوز أخذه إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20117، 69945، 98344.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(13/16975)
هل يطالب الولد بما دفعه لأبيه في حياته وبعد موته إذا كان غير متبرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أكبر أخوتي التسعة عملت منذ سن 19 سنة وكل راتبي أعطيه لوالدي لمساعدته على نفقات إخوتي معيشيا ودراسيا وتكاليف زواجهم أثناء الدراسة لمدة 10 سنوات وعندما تخرج إخوتي من الجامعات واشتغلوا لم يدفعوا للوالد شيئاً وكل واحد فيهم يشتغل لنفسه وزوجته وأولاده مع الأخذ بالاعتبار أن الوالد ميسور الحال إلا أنه بعد ما رأى أن إخوتي لا يدفعون رواتبهم له قال لي يجب أن تشتغل لنفسك ولعيالك لأنك هكذا سوف تكون مظلوما إخوتك يكنزون لأنفسم وما تعطيني أنت إياه يصبح مالي أنا وسيكون تركة بالنهاية (بعد عمر طويل) ، فقلت له أنا الآن مظلوم بعد 10 سنوات تقول لي هذا الكلام أنا الآن لدي أولاد والتزمات كثيرة وكلهم أقل مني مسؤوليات وأكثر مني مالا، فقمنا بحساب قيمه عملي خلال العشر سنوات وأعطاني قيمة شقة علماً بأن قيمة الشقه هي ثلث المبلغ الذي عملت به وطلب مني المسامحه فقلت له بعد تردد وألم يعتصر قلبي على عمري الذي راح ومعروفي مع إخوتي الذي لم يثمر وحالتي المادية الضعيفة قياسا عليهم دون أدنى شعور منهم قلت له (أنت مسامح) و (أمي مسامحة) والدي سكت لأنه لم يفهم قصدي وأنا قصدت أن مالي الذي لديه إذا استهلكه في حياته فهو مسامح ولكن إذا تركه وراءه لأولاده فأنا لا أسامح إخوتي لأنهم يرثون أباهم ولا يرثون أخاهم الذي هو أنا (إذا أعطانا الله عمراً بعد والدنا) ، سؤالي هو ما حكم مطالبتي بتعبي عن تلك السنين، وهل يجوز مطالبة إخوتي بحقي في حال تقاسم التركه ومن ضمنها أموالي المخلوطة مع مال والدي، علما بأنني لا أريد فتح الموضوع مع والدي لأنه يغضب كثيراً ويقول كلنا ضحينا لإخواننا وروح اشتغل وكون نفسك وأنت ومالك لأبيك، علما بأن هذه القاعدة لم تطبق على باقي إخوتي بل طبقت علي أنا فقط أنت ومالك لأبيك وأذكر أن الوالد ميسور الحال، فأفيدوني جزاكم الله خيراً حيث إن هذا الموضوع غير مقبول عندي كلما رأيت من إخوتي جحودا تجاهي وأمورهم جيدة وأنا وضعي ضعيف وشكراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت -أحسن الله إليك- فيما كنت تقوم به من إعطاء مالك لأبيك ومساعدته على الإنفاق على إخوتك، ومساعدتهم على الدراسة والزواج، وأنت مأجور إن شاء الله إذا كنت قصدت وجه الله ببرك لأبيك وبمساعدة إخوانك.
أما بخصوص ما سألت عنه فإن ما أنفق الإنسان من نفقة لا تلزمه شرعاً إذا أنفقه بقصد التطوع فليس له حق الرجوع فيه، بل إنه يحرم عليه ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. رواه البخاري ومسلم. وأما إذا أنفقه بنية الرجوع فإنه له أن يرجع به إذا أثبت ذلك ببينة من إشهاد أو إقرار المدعى عليهم.
وننبه إلى أن بر الأب لا يشترط لوجوبه أن يكون عادلاً بين أولاده، فإذا لم يقم بما يلزمه من العدل بينهم لم يخول ذلك من لم يعدل معه من الأولاد أن يتهاون في بره، كما ننبه أن كون الابن وماله لأبيه لا يبيح للأب التصرف في مال ابنه دون حدود، فأخذ الأب من مال ابنه مقيد بالاحتياج وعدم الإسراف، كما في الفتوى رقم: 1569.
وبناء على ما تقدم فإن للسائل أن يطالب بماله الذي كان يدفعه لأبيه في حياة أبيه وبعد موته إذا أثبت أنه يعطيه إياه غير متبرع به.. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35570، 7892، 96917، 46692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(13/16976)
طلبت من زوجها العمل لمساعدة أمها فرفض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيمة في الخارج تزوجت من رجل من جنسية أخرى منذ شهرين، المشكلة أن أمي تعاني الآن من ظروف صعبة، فأنا لا أستطيع أن أرى والدتي تعاني دون أن أساعدها، طلبت من زوجي أن أعمل لكنه رفض، وأنا أريد أن أساعد أمي، فهل أطلب منه أن يعطيني مبلغا شهريا أرسله لها، أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا مما يحمد لك أن تسعي في مساعدة أمك وتسألي زوجك أن يأذن لك بالعمل، فإن رفض سمعت وأطعت إذ لا يلزمه أن يأذن لك، وتجب عليك طاعته إن منعك من العمل والخروج دون إذنه، وأما سؤاله بعض المال كي تبعثيه لأمك فلا حرج فيه، وإن كان لا يلزمه دفعه إليك، لكن ينبغي له ذلك من باب الإكرام والإحسان.
فاسعي في مساعدة أمك وبرها وصلتها بما استطعت، وإن كان لك إخوة أو أخوات فعليك حثهم على ذلك أيضاً وبيني لهم أن نفقة الوالدين الفقيرين تجب على أبنائهما الذكور والإناث من كان منهم غنياً.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد.
وفي المدونة قال مالك رحمه الله: تلزم الولد المليء نفقة أبويه الفقيرين ولو كان كافرين، والولد صغير أو كبير ذكر أوأنثى كانت البنت متزوجة أم لا وإن كره زوج الابنة.
وللوقوف على تفصيل ذلك انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20670، 9457، 20338، 21080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(13/16977)
ما يشترط لوجوب إنفاق الولد على أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن يتسع صدركم لقراءة الموضوع بالكامل: أنا ابن لأب عنده أربعة ذكور وثلاث إناث وترتيبي الثالث بين الذكور وعمري 44 عاما حيث إنني موظف وأتقاضى حاليا راتب 350 دينارا أردنيا وهو أقل راتب بين إخوتي حيث إن وضعهم المادي أفضل مني بكثير ووالدي لا يعمل منذ عشرين عاما ويعتمد في مصروفه علي وعلى إخوتي حيث قسم علينا مصروفه بالتساوي فكلنا يدفع نفس المبلغ، المشكلة بدأت تتسع وتكبر خلال الخمسة أعوام الماضية والدي يفرق في المعاملة معي منذ أن كنت طفلا ولكن لم أكن أتأثر بذلك ولكن مع مرور السنوات بدأت التفرقة بالوضوح أكثر وخاصة عندما أصبح لدينا أنا وإخوتي أطفالا حيث إن والدي يعامل أولاد إخواني أفضل من أولادي بكثير حتى أن أولادي الذين يبلغ أكبرهم الحادية عشر عاما يسألون باستمرار لماذا يعاملنا جدنا بهذه الطريقة لا أريد أن أطيل في الموضوع.. أبدأ بسرد المشكلة التي حصلت حيث إن والدي يملك بيتا وحيث إن إخوتي وضعهم المادي أفضل مني سمح لهم بالبناء فوق البيت وعندما عرض علي أنسبائي مساعدتي لكي أبني عند والدي تفاجأت به يرفض ويقول لا يمكن أن أسمح لك بالبناء حيث كانت هذه رغبة إخواني وقلت له إن لم أبن سوف أخرج وأستأجر خارج البيت ولكنه لم يكترث بي المهم خرجت واستأجرت بـ 120 دينارا وأصبح وضعي المادي حرج جدا حيث إن عدد أفراد عائلتي خمسة والحياة تحتاج إلى مصاريف كما تعلمون والآن والدي يصر على أن أدفع له فلوس مساعدة كما يفعل إخوتي الذين سمح لهم بالبناء عنده واستملاك جزء من الأرض وعندما قلت له لا أستطيع غضب مني ومنعني أن أدخل البيت عنده طبعا هذا مختصر عن سوء المعاملة التي يعاملني بها من دون إخوتي ونسيت أن أقول لكم أن والدي مقعد وقد كنت أقوم على خدمته أنا وإخوتي باستمرار ولكنه لم يكن يرضى عني كإخوتي ناهيك عن حديثه عني لكل الأقارب يشكوني لهم. سوف تستغربون لأني والله لا أدري ما سبب تلك المعاملة القاسية من قبل والدي أسأل الله الهداية لي وله فلا أدري ماذا أفعل وهل فعلا يغضب الله مني وحيث إنني ملتزم بالدين وأصلي وتراجعت أكثر من مرة لكي لا يغضب مني فأنا ملتزم ماديا وعلي ديون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد أمرنا الله بالإحسان إلى الوالدين، وجعل ذلك من أعظم الفرائض بعد الإيمان بالله، لا سيما في حال ضعفهما وعجزهما، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23}
ومن الإحسان إلى الوالدين، الإنفاق عليهما عند حاجتهما، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد.
ولكن يشترط لوجوب الإنفاق أن يجد الابن ما ينفقه على والده زائداً عما يحتاج إليه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك. رواه مسلم
فإذا كنت لا تجد مالاً فاضلاً عما تحتاجه لحاجاتك الأصلية، فلا يلزمك الإنفاق على والدك، وتجب نفقته على إخوتك الموسرين.
أما عن تفضيل والدك لإخوتك عليك وسماحه لهم بالبناء في بيته دونك، فإن هذا إذا كان بغير سبب يقتضي التفضيل، فإنه ظلم قد نهى الشرع عنه، فعن النعمان بن بشير قال: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله. قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. قال: فرجع، فرد عطيته. متفق عليه.
لكن هذا الظلم لا يبيح لك مقاطعة والدك أو التقصير في بره، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14}
وإنما لك أن تنصحه في ذلك بالرفق، أو تستعين بمن ينصحه ممن يقبل نصحه. وعليك أن تجتهد في الإحسان إليه بكل ما تستطيعه، وتعتذر له عن دفع النفقة لعجزك عن ذلك، وبمجرد أن يتيسر لك دفع شيء من النفقة فلا تتوانى في دفعه، واعلم أن حرصك على بر والدك والإحسان إليه، من أقرب الطرق إلى الجنة، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أواحفظه.
رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(13/16978)
من يتولى الإنفاق على المطلقة والأرملة
[السُّؤَالُ]
ـ[وددت أن أسأل عن المطلّقة أو الأرملة (والتي لا أطفال لها أو أطفالها صغار ولا يطيقون العمل) ، كفايتها في الشرع تكون على من؟ على أهلها وإخوانها؟ أم على بيت المال في دولة المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطلقة إما أن تكون رجعية وإما أن تكون بائنة، فالرجعية حكمها حكم الزوجة يجب على مطلقها نفقتها ولو كانت غنية، أما المطلقة طلاقا بائنا أو الأرملة فإذا كانت لا مال لها فإن نفقتها تجب على أولادها إن كان لها أولاد يستطيعون الإنفاق عليها، فإن لم يكن لها أولاد ينفقون عليها فينفق عليها أبوها إن كان يستطيع ذلك، ثم إن لم يستطع فإخوانها، ثم من يرثها، وهذا ما ذهب إليه بعض أهل العلم.
فإن لم يكن عندها من ينفق عليها وجبت نفقتها في بيت مال المسلمين، وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31315، 52621، 70347، لمزيد من التفصيل في هذا الموضوع وفي نفقة الفقير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1429(13/16979)
حكم الرجوع بما أنفقه على أبيه وأمه وإخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك زوجة وابنا وبنتين إحداهما متزوجة وترك منزلاً صغيراً في قرية نقيم فيها أنا ووالدتي وأختي قبل زواجها ولي أخت متزوجة، علما بأن أرض البيت ملك لوالدي وقد قمت ببناء الطابق الثاني وبناء نصف الدور الأول تقريبا وقبل وفاة والدي قد قام ببيع المنزل بالكامل لي مقابل سعر الأرض وهي 15000 جنيه غير مقبوضة منذ 5 سنوات دون علم والدتي وأخواتي حيث إنني متزوج ولي 3 بنات وقد قمت بتزويج شقيقتي الصغيرة بعد وفاة والدي وكلفتني تقريباً أكثر من 20000 جنيه، مع العلم بأن والدي لم يأخذ مني قيمة الأرض وبعد وفاة والدي صارحت والدتي وأخواتي فغضبت والدتي جداً لأنني أخفيت عليهم ثم طالبتني بأن أدفع لأخواتي حقوقهم بالكامل بسعر اليوم الذي تضاعف أكثر من 10 مرات، وكأن والدي لم يكتب المنزل باسمي رغم أنني أنا الذي بنيت البيت وكان والدي مريضا ولم يعمل منذ أن سافرت للعمل بالخارج وتحملت أنا نفقات البيت بالكامل من مصاريف معيشية على الأسرة وعلاج وخلافه حتى هذه اللحظة ولقد توفي والدي منذ 4 سنوات وأنا أصرف على المنزل والجميع وأصرف على علاج والدتي حتى هذه اللحظة ثم قالت أمي إنها سوف تعطي حقها إلى إحدى شقيقاتي وخاصة التي قد تزوجت حديثاً وقلت لها إن حق أو نصيب أختي قد أخذت أكثر منه فى زواجها وقد أنفقت على هذا الزواج من مالي أو بمعنى أصح من حق المنزل الذي اشتريته من أبي وأكثر منه وأنا لا أحب أن أغضب والدتي، ولكنها متحيزة لشقيقاتي وأنا لا أعرف ماذا أفعل، وهي تريد تقييم المنزل بسعر اليوم، فهل هذا يصح وقد نويت أن أعطيهم حقهم فى حق البيت وهو 15000 جنيه، وأعتبر زواجي لأختي صدقة، أما إذا تمسكوا بما يسموه حقهم فسوف أقوم بخصم كل ما أنفق في زواج أختي والله أعلم وأفيدكم بأنني أعمل في السعودية منذ 13عاماً لا أستطيع توفير شيء من جملة الأعباء حيث أنفق على منزلنا فى مصر حيث تقيم أمي وأيضا منزلي فى السعودية حيث أنا أقيم وعائلتي ومنذ شهر تقريبا أرسلت زيارة لوالدتي وهي الآن تقيم معي فى السعودية، فأفيدوني بالله عليكم ماذا أفعل، وهل لو ما أعطيت أيا من أخواتي شيئا، فهل علي وزر ولو أعطهم هل أخصم ما أنفق في زواج شقيقتي، وهل أقيم بنفس السعر الذي اشتريت به من أبي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أثبت ببينة أنك اشتريت بيت الوالد دون محاباة لك في ثمنه بحيث يعد ذلك تفضيلاً لك على باقي إخوتك لم يلزمك إلا سداد الثمن المتفق عليه بينكما وهو 15000 جنيه، ولا يحق للورثة مطالبتك بدفع قيمته التي تضاعفت لأن الديون الثابتة بعملة يجب سدادها بمثلها لا بقيمتها، ارتفعت قيمتها أو انخفضت..
جاء في قرار للمجمع الفقهي: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أياً كان مصدرها بمستوى الأسعار. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 31724.
وما تحملته من نفقة على أبيك وأمك وإخوانك إن كان الأب غنياً أو تحملته بشأن زواج أختك إن كنت أنفقته بنية التبرع فلا حق لك في الرجوع به، وإن كنت أنفقته بنية الرجوع فلك الرجوع حينئذ إذا حلفت على ذلك أو شهدت لك به بينة، كما هو موضح في الفتوى رقم: 76604، والفتوى رقم: 36826.
وما أنفقت على أبيك إذا كان الأب فقيراً أو على أمك وأخيك وأخواتك بعد موته -إذا كانوا فقراء- لا حق لك في الرجوع به لأن الإنفاق في هذه الحال واجب عليك، وللفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 41791، والفتوى رقم: 69179.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1429(13/16980)
لا تأخذي من مال زوجك إلا بإذنه ويعفى عما جرت العادة بالتسامح فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة ولا أعمل وليس لى دخل خاص أو مال خاص, ولكنني متعلمة تعليما جامعيا, ولو كنت أعمل لحصلت على راتب متميز في تخصصي, ولكن زوجي رفض العمل ووالدي رجل مسن ويعمل بيده وحالته المادية ضعيفة جدا, وكنت أتمنى أن أعمل لأساعده وأرد ولو القليل من فضله علي فقد رباني وعلمني ولم يحرمني من شيء وفي نهاية المطاف أدرت له ظهري؛ لأنه حدثت مشاكل بين أمي وزوجي في أول الزواج, وكان يرفض أن أذهب إليهم لزيارتهم وكان وعدني أن يساعد والدي من حين لآخر ولكنه لم يوف بوعده, ومرت السنون وحال والدى يزداد سوءا وتأنيب الضمير يسمم حياتي مع زوجي, فأنا أريد أن أساعد من رباني وعلمني وهو لا يريد, بالرغم من أنه يبر أهله كلهم حتى أخواته المتزوجات ويغرقهم بالهدايا وأنا لا أستطيع حتى أن أشتري هدية لأختي الصغيرة, هل هذا عدل؟ هو يبر أهله وأنا إنسانة عاقة وبعيدة عن أهلي في السراء والضراء وفي المناسبات, وهو في وسط عائلته يرعاهم ويصرف عليهم وأنا حتى القليل لا أستطيع أن أعطيه لوالدي عند زيارته وهو مريض أو حتى أشتري له القليل من الفاكهة, أليس لي حق في القليل من مال زوجي أستطيع أن اتصرف فيه بحرية ومنه أساعد والدي؟ مع العلم أنني أستطيع أن أساعده من غير علم زوجي ولكني أخاف الله, وهل أستطيع أن أعطي أختي ملابسي القديمة لتلبسها؟ مع العلم أنني كنت أعطيها لبنات أخته ولكن أختي كبرت الآن وأصبحت تلبس مقاسي. أرجو مساعدتي بفتوى تريح قلبي ونفسي. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لايجوز للزوجة التصرف في مال زوجها إلابإذنه، ويستثنى من ذلك ما جرت العادة بالتسامح فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان على زوجك أن يفي بوعده بمساعدة والدك؛ فإن ذلك من المروءة وحسن الخلق ... ومن حق أهل الزوجة الاحترام وحسن المعاملة لهم والتسامح معهم والإحسان إليهم ومساعدتهم حسب الوسع والاستطاعة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يكرم أصهاره وصدائق زوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، كما في صحيح البخاري وغيره.
ولكن لا يجوز للزوجة التصرف في مال زوجها بصدقة على قريب أو بعيد إلا بإذنه، كما يفيده الحديث: لا تنفق المرأة في بيت زوجها إلا بإذنه. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57075، 19978، 9457.
ويستنثنى من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، فهذا إن تصدقت المرأة به دون إذن من زوجها، كان لها نصف الأجر، ولزوجها النصف الآخر وذلك لما رواه مسلم عن عائشة من قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً.
وأما ما يخصك من المال.. فيجوز لك التصرف فيه بالهدية وغيرها لأبيك أو أختك..
وإذا كان أهلك محتاجين للنفقة.. فيجب عليك الإنفاق عليهم بشرط أن يكون لديك مال، وإلا فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا ما آتاها، ولا يجب ذلك على زوجك إلا على وجه التبرع والإحسان.
وقد أحسنت عند ما تركت أخذ مال زوجك لمساعدة أبيك وأنت تستطيعين ذلك خشية من الله تعالى؛ فنسأل الله تعالى أن ييسر لك كل خير، ويجعل لك من كل هم فرجا.
واعلمي أنك لا تعتبرين عاقة ولا قاطعة للرحم مادام المانع من مساعدة الأهل والإهداء إليهم هو العجز. فجلوسك في بيتك وطاعتك لزوجك أمر واجب عليك تؤجرين عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(13/16981)
هل يجب على الابن الإنفاق على أبيه الموسر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في السعودية ووالدي في اليمن وعايش في بيته وله إرث من جدي، كل اليوم وهو يخزن القات، أنا المسؤول عن أهلي وعن كل شيء وكل ما أتصل عليه أسأله هل هو محتاج لشيء يقول لا، ولما يقابل الناس يقول لهم: ولدي لا يرسل لي فلوسا ولا شيئا، فهل علي ذنب في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عما سألت عنه نريد أولا أن نبين لك حقيقة القات والحكم الشرعي فيه، ويمكن أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 13241.
ثم إنه لا يلزم الإبن الإنفاق على والده إن كان عند والده من المال ما يكفيه، وعلى هذا فإن كان أبوك على الحال المذكور من اليسار فلا يلحقك إثم بعدم إنفاقك عليه، مع أن بذل المال له يجلب رضاه، وفي ذلك بره، ولعل ما بلغك عن أبيك من كونه يقول ذلك ليس صحيحا في أصله، ولو ثبت أنه صحيح فينبغي أن تلتمس الأسباب التي تدعوه لقول ذلك، وينبغي أن تحرص على بره وكسب رضاه على كل حال.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 32112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(13/16982)
حكم أخذ الأم مالا من أحد أبنائها لتعطيه لابنها الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم أن تأخذ أموالأ من أولادها وتعطيها للآخرين بالرغم من أن لديه عائلة كبيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته أيها السائل من أخذ الأم مالا من أحد أبنائها لتعطيه لابنها الآخر لا يجوز إلا إذا كان بموافقة صاحب المال, وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. صححه الألباني في صحيح الجامع.
وقد يتعلق بعض الآباء في مثل هذا التصرف - بما رواه ابن ماجه وصححه الألباني من قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: أنت ومالُك لأبيك.
والجواب أنه لا متعلق لهم بهذا الحديث وذلك لأن اللام في الحديث: ليست للملك بل للإباحة.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: واللام في الحديث ليست للملك قطعاً، ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث، وإلا تعطلت فائدته ودلالته.
ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده لم يأخذ المال غير الأب.
وليست الإباحة أيضا على إطلاقها , بل هي بشروط بيناها في الفتوى رقم: 25339، فلترجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(13/16983)
والد زوجها يمنعها من الإهداء لأهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لوالد زوجي أن يمنعني من أخذ هدية إلى أمي وأبي، علما بأن زوجي لا مانع لديه من أخذ هدية، وعلما بأن زوجي يأخذ هدية لأهله أربعة أضعاف الهدية التي آخذها إلى أهلي وأنا إنسانه أحترم أهل زوجي لدرجة كبيرة جداً، لكن والد زوجي يعارض الهدية ويقول إنه سيغضب على زوجي إن أخذ هدية وحجته أننا يجب أن نوفر، علما بأني آخذ هدية واحدة لأني أسكن في الخارج والهدية التي آخذ لا تتجاوز 500 ريال ووضع زوجي والحمد لله ممتاز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر لنا من السؤال أن مرادك الإهداء من مال زوجك لا من مالك، فنقول لك: اعلمي أن الواجب عليك استئذان زوجك قبل الإنفاق من ماله بأي وجه كان -ولو كان غنياً ميسور الحال كما تذكرين- إلا إذا كان قد أذن لك بمثل هذا الإنفاق بالإهداء وغيره إذناً مطلقاً، أو كنت تعلمين أن ذلك يرضيه ولا يسوءه، فإن كان كذلك أو أذن لك فبها ونعمت؛ وإلا فلا يجوز لك الإنفاق من ماله، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 96148، 42095، 71560.
وأما منع والد زوجك من الإهداء لأمك أو أبيك أو غيرهما ممن تشائين وقوله إنه سيغضب على ابنه إن فعلت، فهو غير محق في ذلك إلا إذا كان يترتب على هذا الإنفاق ضرر بمال ابنه فعلى زوجك حينئذ أن يطيعه إذا أمره، وأن يتجنب ما يغضبه إذا نمى إلى علمه، وعليك أنت أن لا تكوني سبباً في ذلك وأن تعيني زوجك على بر أبيه وطاعته، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3109، 3846، 3651، 7164، 6536.
فإن لم يكن ضرر فلا وجه لتصرف أبي زوجك، وعلى زوجك إقناعه بما يرى بالحسنى مقدماً ما يراه هو من فعل المعروف -والمتعارف عليه من التهادي للأهل والأقارب في المناسبات من هذا المعروف- ولو بإخفاء ذلك عن والده مراعاة لشعور أبيه وإن كان مخطئاً في رأيه.
وأما إن كان المراد المنع من إنفاقك من مالك الخاص فاعلمي أن جمهور أهل العلم على استحباب أن تستأذن الزوجة زوجها فيما تنفقه من مالها ولا يجب عليها ذلك، أي أن عدم استئذانها ليس حراماً، وهذا هو الراجح لعموم قول الله تعالى: حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء:6} ، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2221، والفتوى رقم: 9116.
وذهب الإمام مالك إلى أن لها التبرع بالثلث فما دونه، وأما ما زاد عليه فلا بد فيه من إذن الزوج.
وعلى أية حال فإننا ننصحك بأن لا تطلعي والد زوجك على خصوصياتك وما تنوين القيام به من أعمال وما يكون بينك وبين زوجك وغير ذلك من أمور لا تعنيه فذلك غالباً ما يجنبك مشاكل كثيرة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(13/16984)
الأحوال المبيحة للابن الأخذ من مال أبيه دون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مع والدي وأساعده وهو تاجر وعند عملية البيع أحتفظ بمبلغ من المال وذلك دون علم والدي نظراً لأنه لا يعطيني ما يكفيني من المال بالرغم من قدرته على ذلك وعملي معه يرضيه إلى أبعد الحدود ويحثني على العمل معه ويقول بأنني إذا عملت معه حلت البركة ويزيد المال على غير العادة، علما بأن المال الذي آخذه لا أبذره في المحرمات وإنما لبعض الحاجيات أو أكل أو حلاقة أو لباس أو أتصدق به في بعض الأحيان، فما حكم هذا المال، وهل يجوز أخذه أم لا؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للابن أن يأخذ من مال أبيه إلا بإذنه، فإن فعل ذلك من السرقة، إلا إذا كان الأب لا يعطي الابن النفقة الواجبة مع قدرته على ذلك وعجز الابن عن الإنفاق على نفسه، فللابن حينئذ أن يأخذ من مال أبيه ما يكفيه بالمعروف، ودليل ذلك حديث هند بنت عتبة عندما جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 31157.
فيجوز لك الأخذ من مال أبيك وتنفقه في ما تحتاجه من أكل ولبس وعلاج وحلاقة رأس ونحو ذلك، ولكن لا يجوز لك التصدق من ماله إلا إذا أذن لك بذلك ولو إجمالاً، والأولى لك إذا كنت تعمل مع أبيك أن تتفق معه بلطف وأدب مع مراعاة بره على أن يكون لك راتب مقابل عملك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1429(13/16985)
حكم أخذ الولد قيمة العلاج من أبيه بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبت بمرض وطلبت من أبي أن أذهب إلى الطبيبة وبعد إجراء بعض الفحوصات عند الطبيبة طلبت مني مبلغا معينا من المال وامتنع أبي عن دفع بعض المبلغ وقال لن أدفع إلا (كذا) ، فهل يجوز لي أن آخذ من ماله بدون علمه لأدفعه للطبيبة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن نفقة العلاج على الوالد لولده الصغير أو الكبير غير المكتسب الفقير لأنها داخلة في عموم النفقة وكل هذا بقدر طاقته وجهده، إذ لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.
قال زكريا الأنصاري وهو يتكلم عن نفقة الفروع والأصول: ويجب أيضاً الأدم والكسوة والسكن ومؤونة الخادم إن احتاج إليه وأجرة الطبيب وثمن الأدوية، فالمعتبر الكفاية وهي غير مقدرة لأنها تجب عليه سبيل المواساة.
أما أخذ ذلك بلا إذن منه فإن الأصل فيه المنع، وعليك إخبار أمك بذلك لتكلم في هذا الأمر الوالد، فإن امتنع فلا بأس حينئذ من أخذ مقدار القيمة المذكورة في فاتورة المعالجة دون علمه، وراجعي الفتوى رقم: 31157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1429(13/16986)
تطوع الجد بالإنفاق على حفيدته غير المحتاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للجد أن ينفق على ابنة ولده المتوفى، علما بأن أباها المتوفى ترك لها الدخل الشهري وأمها تعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحفيدة المذكورة لا تجب نفقتها طالما أنها ليست محتاجة إلى من ينفق عليها، وإن تطوع الجد بالإنفاق عليها ابتغاء وجه الله تعالى فإنه مأجور إن شاء الله تعالى لما في ذلك من صلة الرحم، ولأن المسلم مثاب على كل نفقة أنفقها خالصة لوجه الله تعالى كما ثبت في الحديث المتفق عليه، وراجع الفتوى رقم: 54907.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(13/16987)
امتناع الأب عن الإنفاق على ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت توفيت أمي منذ 7 سنوات وأعاد أبي الزواج وأنجب أولادا آخرين وأهملني أنا ولم يعد ينفق علي، ما حكم الشرع في هذا ويريد بعد هبته لنا للبيت يريد منا أن نتنازل عن البيت ما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن لك مال تنفقين منه على نفسك ولم يكن لك زوج ينفق عليك فيجب على أبيك أن ينفق عليك.
وأما رجوع أبيك عن هبته لكم هذا البيت فجائز لأن للأب الرجوع فيما وهب لأبنائه بقيود بيناها في الفتوى رقم: 6797.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى أمرين:
الأول: أنه لا يجوز للأب أن يهب بعض أولاده شيئا دون الآخرين إلا لمسوغ شرعي، وانظري الفتوى رقم: 5348.
الثاني: أن تحرصي على الإحسان إلى أبيك ومعاملته بالحسنى، والحذر من الإساءة إليه وإن أساء هو إليك.
وراجعي الفتوى رقم: 3459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(13/16988)
ترك الوالد النفقة على من تلزمه نفقته إثم مبين
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي ظالم جداً ظلم أمي وإخوتي لا يصرف على أمي ولا على إخوتي منذ الطفولة وهو يستطيع لأنه ميسور الحال جداً جداً، أبي متزوج من امرأة أخرى قبل أمي (ويظن ظالمه وأخوتي من أبي كانت تبيع حلويات لأهل الحي لتستطيع العيش وعندها أبناء 9 كان وطبعا وكان يأخذ المهر زواج ويطلب مهر مرتفع يصل إلى مائة ألف درهم وبعد أمي أيضا عندها 9) ، ولكن الله رحمها بوالد حنون كان جدي يرسل إلى أمي نقودا شهريا وهكذا عشنا ولكن أبي تزوج مرة ثالثة من غير عربية وأنجبت 3 وكلنا في بيت واحد، وبعدها طلق أبي زوجته الأولى وقسمت المحكمة البيت ومات أخي من أبي زوجة أبي المطلقة وكان يعمل والمحكمة حكمت براتب أخي لأمه وكان أبي يأخذه ويقول المحكمة حكمت لها وهكذا -وطبعاً أبي كان يأخذ راتب أخي رحمه الله قبل موته أيضا ويطلب من أخي أن يأخذ قرضا من البنك من راتب أخي ومات وهو لا يتجاوز 19سنة، كان لا يستطيع أن يأخذ من راتبه سوى مصروفه كان يرسله إلى العاصمة بباص حيث يعمل، وبعدها تزوج من امرأة رابعة من دولة غير عربية أيضا كان لا يدفع سوى للمرأة الثالثة حيث كان يصرف عليها ولكن ببخل أيضا، والرابعة أنجبت 5 وطلق الثالثة مرة أخرى ولكن لم تسكت مثل أمي، الزوجه الأولي ذهبت إلى المحكمة وحكمت لها المحكمة بجزء من البيت ومصروف للأطفال، كان إخوتي من المرأة الثالثة أحسن حالا، وتزوج امرأة خامسة من دولة خليجية وهي حامل وزوجته 3 بعمر بنته هكذا أبي -ومات أخي الثاني وراتب الامة -من زوجة مطلقة رقم 1--وأبي أخذ المال من راتب الابن الأول وأمه لاتعلم بهذا، وبعدها طالبت الدولة بمبلغ كبير لترده الأم مسكينة وهي لم تأخذ شيئا من المال -وبعد كل هذا لايدفع مصروف أبناء غير العربية بل يعطف الناس على إخوتي ونحن نجمع ما نستطيع لهم وهكذا، وطلبت زوجته غير العربية المطلقة أن تتزوج برجل آخر وهي صغيرة ولم يوافق بل لم تزوجت وأخبرتة سحب جواز السفر -وجعلها من دون طعام يكفي إخوتي الأطفال الذين هم في المرحلة الابتدائية ويذهبون بدون مال، وأيضا نجمع أنا وإخوتي المال لهم، هكذا أبي ما الحل أبي غني وعنده مال كثير ويملك بيوتا ومزرعة مكتوبة باسمه وأمي التي لا تأخذ شيئا ابدا -أرجوك ما الحل هل نذهب المحكمة ونشتكي وهل هذا الأمر يغضب الله، أرجوك أخبرنا نحن تعذبنا ولانريد لإخواننا نفس المصير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من الخطأ الكبير أن يمتنع الوالد من الإنفاق على من تلزمه نفقته، والواجب نصحه بالعدول عن ذلك، فإن بقي مصراً على الامتناع فلا مانع من رفع أمره إلى القضاء، مع بذل البر والاحترام له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أبيكم أن ينفق بالمعروف على من تلزمه نفقته مثل الزوجات اللاتي لم يزلن في عصمته، ومثل أبنائه الصغار الذين لا مال لهم، ومن لم يتزوج من بناته، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 66857.
وإذا ترك الوالد النفقة على من تلزمه نفقته فإنه يأثم، ففي الحديث الشريف: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. رواه أبو داود. وفي مسلم: كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته.
وفيما يخص ما سألت عنه من رفع أمر الوالد إلى المحكمة، فجوابه أن ذلك لا يجوز طالما أن ثمت طرقاً يمكن التوصل بها إلى الحل، كما سبق في الفتوى رقم: 29356..
. فالواجب نصحه بالقيام بواجبه، وتحذيره من عاقبه ما هو فيه، وتوسيط من له تأثير عليه وغير ذلك من الطرق.. وإذا لم يجد شيء من ذلك فلا حرج حينئذ في رفع أمره إلى القضاء، مع بذل البر والاحترام له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(13/16989)
نفقة الوالد على أولاده بين الوجوب والإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجني رجل مستقيم والحمد لله، أثقله والدي بالمهر وتكاليف الزواج استدان من بنك ربوي بعدها تحولت حياتنا إلى هم وحزن، قرر بعدها زوجي أن يتخلص من الدين ويتوب إلى الله.. ساعدته في ذلك حيث إنني أعمل، وأهلي يطالبونني بمبلغ شهري قيمة 1000 درهم والآن لدي أولاد وليس لدينا مسكن ملك بالإضافة إلى الدين الذي لم ينته، السؤال: هل أنا مجبرة على أن أعطي والدي هذا المبلغ شهريا وهل يكون علي إثم إذا لم أعطه مع أنني حاولت أن أوضح لهم ظروفي ولم تكن تعني لهم شيئا المهم هو أن أعطيهم المبلغ فقط، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
نفقة الوالد الفقير الذي لا مال له ولا كسب تجب على ولده الغني ذكراً كان أو أنثى، وتقدر النفقة بالكفاية وسد الحاجة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والد السائلة فقيراً محتاجاً فنفقته واجبة عليها، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال سواء أكان الوالدان مسلمين أو كافرين وسواء كان الفرع ذكراً أو أنثى. انتهى.
والعبرة في النفقة بالكفاية وسد الحاجة ولا تقيد بمبلغ محدد، وأما ما زاد على ذلك فهو من البر والإحسان إلى من هو من أحق الناس بالإحسان إليه الوالد الذي هو سبب وجود الولد، وتجب نفقة الوالد على ولده بعد أن يزيد مال الولد على نفقة نفسه وولده، وهذا متوفر في شأن السائلة فإنها مستغنية بنفقة زوجها عليها وعلى أولادها، فإذا كان والد السائلة محتاجاً فقيراً لا مال له ولا كسب يستغني به فيجب على الأخت السائلة الاستجابة لطلب والدها والإنفاق عليه بالمعروف، وإذا لم يكن كذلك فالإحسان إليه أفضل من صرف المال إلى شراء بيت أو سداد دين زوجها، فوالدها أحق بالإحسان والبر.
وأما عن الإنفاق على البيت فالمطالب به الزوج ولا مانع أن تعاون الزوجة زوجها في سبيل تملك بيت أو تعينه في قضاء دينه فهذا أيضاً من البر والإحسان لكن الوالدين أولى.
وننبه السائله إلى أن اقتراض الزوج بالربا حرام وسبيله التوبة إلى الله عز وجل والندم، وأما المبادرة إلى سداد الدين للبنك الربوي فإذا لم يترتب عليها إسقاط الفائدة فلا حاجة إلى التعجيل في رده لأن البنك هو المستفيد إذا تعجل له رأس ماله مع فائدته الربوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(13/16990)
إنقاق الزوج على أهله المحتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج حديثا وقد سافرت للخارج سعيا وراء الرزق كما أنني أكبر إخوتي في البيت ووضعي المادي الآن صعب قليلا وأنا أمر بأزمه مادية من متطلبات الحياة هناك خلاف بيني وبين زوجتي حول موضوع مساعدة أهلي ماديا علما أنها متدينة ومطلعة غير أن أهلي وضعهم المادي صعب مثلي وقد فرجها الله علي من فترة وساعدتهم بمبلغ كبير لم أحظى بنصفه لنفسي وأنا أقول لزوجتي إنه لولا دعاؤهم لنا ما حظينا بهذا الرزق إلا أنهم لا يزالون بحاجة لمساعدتي بالمصروف وأنا دائما أحاول التوفير وإرسال أي مبلغ لهم مما ينقص علي وعلى بيتي الكثير من الأمور ولكنها ليست الأساسية ولكن لا يوجد معنا أي احتياطي من المال علما بأنهم لم يستطيعوا مساعدتي مادياً بأعباء الزواج وأنا أشعر بأنني مقصر تجاههم مهما عملت علما بأنهم لا يطلبون مني أي نقود وقد قرأت كثيراً من الفتاوى المشابهة إلا أنها تتضمن بعض المواربة فأرجو إيضاح هذا الموضوع بشكل مباشر لزوجتي، وهل يجب أن أبقى أرسل لهم النقود حتى بعد تحسن وضعهم المادي ما دام ذلك يسعدهم؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على سعيك المشكور في إسعاد أهلك وصلتهم، وينبغي لزوجتك أن تعينك على ذلك وتحمده لك، لا أن تعارضك ما دمت تعطيها حقوقها الزوجية الواجبة لها شرعاً، ونصيحتنا لك أن تستمر على ما أنت عليه من صلتهم بما تستطيع مما آتاك الله، ولكن مع ذلك لا تنسى نفسك وعيالك فتدخر لذلك، ولما قد يطرأ عليك أو على أولادك وزوجك أو أهلك مما يحتاج إلى إنفاق وبذل، فالموازنة بين تلك الأمور كلها أولى وأحمد عاقبة، وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 107982، 69945، 19027، 20117، 22370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(13/16991)
وجوب نفقة الأب على بناته وتوفير سكن لإقامتهن
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسألكم عن حالة بنات عمتي حيث إن والديهم مطلقان وأبوهم متزوج من امرأة غير أمهم وهذا ما أدى إلى حدوث الطلاق بين الأم والأب لأن الأم لم تحتمل المعيشة مع الأب فقد كانت حياته صعبة معه جدا منذ البداية فقد كان يشتمها ويشتم دينها عند كل مشكلة صغيرة أو كبيرة وبعد عشر سنوات من الزواج أصيب الأب بالشلل نتيجة محاولته ورفاقه رمي أنفسهم من أماكن عالية في البحر فسقط في إحداها على رأسه وأصيب بالشلل ورغم ذلك ظلت الأم بجانبه هي والأولاد (بنات خالتي) وظلوا يقومون برعايته من إطعامه إلى غسيله إلى إدخاله للخلاء حتى ومساعدته في قضاء حاجته ورغم ذلك إلا أن الأب تابع شتائمه المستمرة والكثيرة للأم والأولاد لتفكيره أن بعد شلله فإن الشتائم هي ما يظهر قوته وهيبته وأتبع ذلك آخر بأن تزوج على الأم التي في النهاية لم تحتمل أن تطيق العيش تحت نفس السقف مع الأب وزوجته الجديدة فحصل الطلاق بعد زواج دام 24 سنة نتج عنه ثلاث بنات، علما أن الأب كان قد طلق الأم خلال زواجهم ما يفوق ال 11 مرة ومن ثم يعود إليها, كما أنه وقبل شلله كان يسكر ويسهر مع بنات أخريات وكانت الأم تتحمل وتحاول أن تعيده إلى الصراط المستقيم، وعند حصول الطلاق أجبر الأب الأم عن التنازل عن كل حقوقها من أجل أن يطلقها لا وبل سرق مالها الذي كان مخبأ عنده رغم أن بحوزته الملايين وهنا أخطأت الأم بخروجها من المنزل وتنازلها عن حقوقها من أجل أن تأخذ الطلاق وتترك هذا الجحيم رغم تحذيرات أهلها المتكررة لها بألا تترك المنزل قبل أن تأخذ حقوقها.
وهنا بدأت المشكلة الحقيقية بأن البنات قد خرجن مع أمهن من المنزل وسكن معها في بيت أختها أي خالتهم المهاجرة رغم أن الأب يملك ثلاثة منازل غير مسكونة، وبعد ذلك والأم لا تملك أي مصدر للعيش بعد ذهاب أموالها وصيغتها بالكامل وجنون الأب الذي أراد عودة أولاده ليسكنوا معه وزوجته الجديدة وإلا سيقطع المصروف عن بناته وتركهن بدون أية مساعدة فتوصلوا لاتفاق بأن تذهب كل بنت إلى بيت أبيها يومين في الأسبوع مقابل أن يعطيهم مبلغا زهيدا كل شهر مع العلم أنه يملك الأموال الطائلة
ولكن والآن وبعد حدوث الطلاق بأربع سنوات فقد طلب البنات من أبيهن بأن يكن في أحد بيوته الفارغة مع أمهن لأن خالتهم ستعود وبالتالي سيصبحون بلا مسكن وأن يزيد لهم المصروف قليلا بسبب الغلاء مع العلم بأن الأب كان يدعي دائما بأنه يصرف على بناته كما يصرف على بيته وزوجته وهو كاذب لأنه كان يصرف على بيت بناته حوالي 300 $ شهريا بينما يضع هذا المبلغ على عزائمه اليومية التي يجريها في منزله.
وهنا السؤال هل على الأب شرعا أن يعطي بناته وأمهن مسكنا وأن يزيد في مصروفهن أم لا؟
وإذا كان الجواب بالنفي فما هي حقوقهن الشرعية عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن واجب الأب النفقة على بناته نفقة كافية تفي بحاجاتهن، ويجب عليه أن يوفر لهن سكنا أو أجرة سكن، إذ المسكن من النفقة، وانظر الفتوى رقم: 24435.
وتراجع الفتوى رقم: 94633، لمعرفة ما يترتب على سب أو شتم الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(13/16992)
الإنفاق على الأخوات واحتساب النفقة عليهن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقوم بالإنفاق على أهلي وأنا متزوج منذ فترة قليلة ولي أخوات أقوم بالصرف عليهن وقد اشتريت لهن تأشيرات عمل ولي أخ موجود معي فى السفر ولا يكترث كثيراً فى مساعدتهم إلا بالقليل وظروفه تكاد تكون متوسطة مثلي ولكنى اجتهدت وأعمل جمعيات وآخذ سلفا وهو لا يفعل ذلك، وفي بعض الأحيان أغضب من شدة الضغط علي من المصاريف ومتطلبات أخواتي فالضغط كثير والظروف صعبة، فهل ينقص هذا من أجري شيئا حتى إن أخذت من إخواني مبالغ التأشيرات بعد عملهم واستقرارهم فأفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فجزاك الله خيراً على ما تقوم به من إحسان إلى أخواتك، وعليك أن تحرص ألا يخرجك ما ذكرت من ظروفك إلى المن أو الأذى، فيبطل ذلك عملك، ولا مانع أن تأخذ منهن ما بذلت في تأشيرات العمل، لكن ننبهك إلى أنه يجب أن يكون هذا العمل والسفر إليه منضبطاً بالضوابط الشرعية، كما ننبهك أيضاً إلى أنه لا يجوز شراء التأشيرات مع عدم وجود حاجة وضرورة لذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاكم الله خيراً على ما تقوم به من إحسان إلى أخواتك، وإنا لنرجو أن يشملك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتي قرابة يحتسب النفقة عليهما حتى يغنيهما الله من فضله عز وجل أو يكفيهما كانتا له ستراً من النار. رواه أحمد من حديث أم سلمة رضي الله عنه.
ولكن ذلك يستلزم ترك المن والأذى بعد الإحسان إليهن، ولذا جاء في رواية عند الترمذي من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قيده في حديث أبي سعيد بالتقوى، فإن من لا يتقي الله لا يأمن أن يتضجر بمن وكله الله إليه، أو يقصر عما أمر بفعله، أو لا يقصد بفعله امتثال أمر الله وتحصيل ثوابه والله أعلم.
وبناء على ذلك فعليك أن تحرص ألا يخرجك ما ذكرت من ظروفك إلى المن أو الأذى فيبطل ذلك عملك كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ {البقرة: 264} ، وينبغي أن تناصح أخاك بالحكمة واللين ليشاركك في النفقة على أخواته فإنها كما تجب عليك واجبة عليه أيضاً فينبغي له أن يحرص عليها وعلى أن يشاركك في الأجر، ولا مانع أن تأخذ منهن ما بذلت في تأشيرات العمل، لكن ننبهك إلى أنه يجب أن يكون هذا العمل والسفر إليه منضبطاً بالضوابط الشرعية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3859..
كما ننبهك أيضاً إلى أنه لا يجوز شراء التأشيرات مع عدم وجود حاجة وضرورة لذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66698.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(13/16993)
حكم الكذب على الأب للتوصل إلى نفقات تكميلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعى أشكو بخل أبى حيث إنه فى تعاملاته المادية صعب جدا ولكن به ميزة أنني حينما أطلب منه أموالا خاصه بالدراسة يعطيني بدون منافشة، ولكن عندما أطلب منه أموال لشخصي يرفض وبدون أسباب، مع العلم أنني لا أنفق أموالي في طرق محرمة حيث إننى لا أدخن ولا غير ذلك، وهو يعلم هذا، ولكن مشكلة بخله هذه تسبب لي متاعب كثيرة في حياتي، وأنتم تعلمون أن المال هو العمود الفقري في الحياة حيث إنني لاا أقدر على شراء أي شيء لنفسي ولا أستطيع أن اخرج مع أصدقائي ولا أستطيع أن أعمل بجانب الدراسة، وفي الإجازة الصيفية أعمل معه في طوال الإجازة، فهل من الحلال أن أطلب منه بعض الأموال الزائدة التي تكفيني عندما أطلب منه مالا للدراسة باعتبار أني ملزم منه ولي حق عليه وهو مقصر، وهذه الطريقة هي الطريقة الوحيدة، حيث إنني تكلمت معه أكثر من مرة ولكن بدون جدوى، وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب محرم بالكتاب والسنة تحريما قطعيا، فلا يجوز لك الكذب على أبيك ولا غيره، وما ذكره السائل لا يبيح له الكذب؛ خاصة أن الوالد قد أدى ما عليه من واجب كمطعم ومشرب وملبس ومسكن وتعليم على قول من يوجب ذلك للولد ولو كبيرا إن لم يكن عنده تكسب وهم الشافعية، أما ما فوق ذلك من الترفهات فلا يجب، وعليه فلا يجوز الكذب في الزيادة على مصروف الدراسة ليتوصل به إلى ذلك المال.
واعلم أخي أن الأب أعقل وأفهم، ولو كان بخيلا لما بادر بلا نقاش إلى دفع ما يلزم للدرسة.
ومن باب النصح يمكن للأخ السائل أن يخبر أمه بذلك حتى تكلم الأب في أمره ويتلطف مع أبيه في أموره بالتودد وخفض الجناح والكلام الحسن فإن الوالد مع ذلك يلين. وراجع الفتوى رقم: 1824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(13/16994)
حكم ترك إعطاء المال للقادر على الكسب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة ولدي طفلان وحالة زوجي المادية متوسطة والحمد لله، ولدت من أسرة فقيرة لأن والدي لا يريد أن يعمل متزهد من الدنيا ومتدين شديد، وقبل 5 سنوات طلبت من زوجي أن يصرف على أهلي وكان يعطيهم شهريا 150 دولار الآن إخواني كبروا أكبرهم 24 عاما وكمل الجامعة ومتزوج والأصغر 19 سنة وأنا الآن قررت أن أقطع المصروف لأنني أريد أن يعتمدوا على أنفسهم لأنني أخاف أن يطلعوا مثل والدي لا يعملون متزهدين عن الدنيا بحجة الدنيا مؤقتة والآخرة هي الباقية والنجاح، وهل هذا حرام وعلماً بأنهم ليس لديهم الآن عمل دائم إخواني يوم يعملون ويوم لا؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز ترك إعطاء المال لمن يظن أنه يترك العمل بسبب ذلك وهو قادر على الكسب، وليس من الدين المرضي عند الله التواكل على الغير وترك العمل، وادعاء الزهد في الدنيا، وحقيقة الزهد: عدم امتلاك حب الدنيا للقلب امتلاكاً يشغل الإنسان عن واجباته، ومن أكبر الإثم تضييع المرء لمن هو مسؤول عنهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس تصرفك هذا حرام بل هو من الإصلاح، وتؤجرين عليه إن شاء الله تعالى، وهذا ما دام إخوانك يجدون فرصة للعمل ويقدرون على التكسب، وأما ما وصفت به والدك من تركه الكسب.. إذا أدى إلى تفريطه في الإنفاق على من تلزمه نفقته فليس ذلك من الدين الذي يرضاه الله عز وجل، وليس هذا من الزهد، وقد قال سبحانه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15} ، وقال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {الأعراف:32} ، وفي مسند أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. جاء في شرح النووي على مسلم: (باب فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم عنهم) : مقصود الباب: الحث على النفقة على العيال، وبيان عظم الثواب فيه، لأن منهم من تجب نفقته بالقرابة، ومنهم من تكون مندوبة وتكون صدقة وصلة، ومنهم من تكون واجبة بملك النكاح أو ملك اليمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(13/16995)
الولد أحق بماله من الوالد بما تعلقت به حاجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة ولي راتب شهري، شرط علي أبي أن أعطيه كل شهر أكثر من 3/4 الراتب، أنا الآن أستعد للزواج وبقية المبلغ لا تكفي لتحضير "الجهاز"، فهل له الحق في ذلك، علما أن لي ديونا جراء عدم كفاية المبلغ المتبقي لي.
هل يجوز لي أن أرفض شرط أبي خاصة أنني في حاجة إلى ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز للأب الأخذ من مال ولده بقدر حاجته وبدون إجحاف أو ضرر بالولد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ الوالد وتصرفه في مال ولده ليس على إطلاقه؛ وإنما هناك شروط لهذا الأخذ أو لهذا التصرف.
جاء في المغني: ولأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
والثاني: ألا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر.
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته. ثم ذكر أدلة القولين، ثم قال: والولد أحق من الوالد بما تعلقت به حاجته. انتهى.
وعليه؛ فمن حق السائلة أن ترفض شرط والدها بأن يأخذ ثلاثة أرباع راتبها حتى تسديد ديونها وتقوم بحاجتها من جهاز أوغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(13/16996)
الإنفاق على الزوجة والأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوجت وسافرت إلى بلد عربي وتنتظر زوجتي حتى أرسل لها فتأتي، وأبي متوفى ولدي أخت تعمل وغير متزوجة، في الآونة الأخيرة أختي حصلت لها مشاكل كثيرة في عملها وأرادت أن تتركه وتطالبني بالنفقة عليها إذا تركت العمل، مع العلم بأني لا أقدر على الصرف في هذا البلد العربي، وقد أستطيع النفقة على أختي ولكن بدون أن تأتي زوجتي وقد يضر هذا بزوجتي، وأنا أعد نفسي للزواج، ما حكم الشرع في الإنفاق على الأخت مع العلم أنها تملك بعض المدخرات القليلة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان لأختك مالا تدخره فلا تلزمك نفقتها، وأما إن لم يكن لها مال أو نفد ما تملك، ولم يكن لها مجال للكسب فتلزمك نفقتها لأن الراجح عندنا أن النفقة تلزم لكل قريب وارث كما هو مبين بالفتوى رقم: 44020.
ومحل وجوب إنفاقك عليها إذا بقي لك من المال ما تنفقه عليها بعد استيفاء حاجتك الضرورية في حياتك، ومنها مؤونة النكاح واستقدامك أهلك للإقامة معك.
واحرص على مساعدة أختك على كل حال وقدر إمكانك، فذلك من البر والصلة وهما من أسباب الرزق.
ومن أفضل ما يمكن أن نشير به عليك هنا أن تسعى في تزويج أختك هذه لتكفى مؤونتها، علما بأنه لا حرج على الولي في البحث عن زوج لموليته فقد فعل ذلك من هم من خير الناس كعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وعلى كل حال سدد وقارب، واجتهد في تيسير أمر الزواج وعدم تكلف الإنفاق فيه، فإن يسر النكاح سبب في بركته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(13/16997)
تهرب الأب من مسؤوليته تجاه زوجته وأفراد أسرته
[السُّؤَالُ]
ـ[الأب الذي لا يصرف على أبنائه بسبب خلاف بينه وبين زوجته وخروجه من المنزل دون تحمل أي مسؤولية اتجاههم وتحميل الأبناء ذنب بقائهم مع والدتهم واتهامهم بالتحيز معها ضده وعدم رغبتهم ببقائه معهم في البيت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة وأجمعت الأمة على وجوب نفقه الأبناء الصغار الذين لا مال لهم على أبيهم القادر، وسبق بيان جانب منها في الفتوى رقم: 19453.
فلا يجوز له التخلي عن هذا الواجب، ويأثم بتركه مع قدرته عليه، ويجب عليه التوبة وأداء هذا الحق في المستقبل، وقد قال لنبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود، كموقف الشرع من تهلي الأب عن القيام بواجباته وصححه السيوطي والنووي.
وكذلك الحال بالنسبة للزوجة فإن لها حققوقا يأثم بتركها والتخلي عنها، وإذا كان هناك خلاف بينه وبينها فإنه يعالج بطرق أخرى، دون التخلي عن المسؤولية والهروب من الواجب، وانظري الفتوى رقم: 96453.
وننبه إلى أمور منها:
أن على الزوجة طاعة زوجها ومراقبة الله عز وجل فيه، فإن له حقا عليها، ولا يجوز لها إيذاؤه بالقول أو الفعل والتسبب في خروجه من البيت.
الثاني: يجب على الأبناء البالغين معرفة حق والدهم في البر به والإحسان إليه، ولو كان مقصرا في حقهم.
وينبغي للزوجة والأبناء السعي في إرضاء والدهم ومعيلهم وتطييب خاطره وإقناعه بالعودة إلى البيت ولو بتوسيط من له قدر ومنزلة عند الوالد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(13/16998)
على من تجب نفقة الفقيرة التي توفي عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي زوجها ولم تتزوج (أي أنها جلست في بيت زوجها) ، فعلى من تعود نفقتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن توفي عنها زوجها ولم تتزوج ولم يكن لها مال تنفق منه على نفسها فإن نفقتها على من تلزمه نفقتها قبل الزواج من أهلها بحسب ترتيبهم في القرب، وانظر لذلك الفتوى رقم: 16026.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(13/16999)
هل يجب على العم الموسر الإنفاق على ابن أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفل والده توفي وليس هناك من ينفق عليه فهل لي الحق في أن أرفع على عمه قضية في المحكمة وأطالبه بنفقة ابن أخيه، مع العلم أن عمه ميسور الحال جداً ولكنه لا يبالي بابن أخيه مطلقاً, أرجو إفتائي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن لك مال لتنفقي عليه ولم يكن من قرابته أحد موسر إلا عمه فلك أن تطالبيه بالنفقة لأن ذلك داخل في صلة الرحم الواجبة عليه لابن أخيه، وهذا على مذهب الحنفية الذين يوجبون النفقة على كل ذي رحم محرم وهو أرجح أقوال أهل العلم في هذه المسألة؛ لعموم قوله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ {الإسراء:26} ، وما روي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال: قلت: يا رسول الله، من أبرُّ؟ قال: أمك، قال: قلت: ثم من؟ قال: أمك، قال: قلت: يا رسول الله، ثم من؟ قال: أمك، قال: قلت: ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فقوله صلى الله عليه وسلم (ثم الأقرب فالأقرب) دليل على وجوب نفقة الأقارب على الأقارب، سواء أكانوا وارثين أم لا، وقيد الحنفية القرابة بالمحرمية في قوله تعالى: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ {البقرة:233} ، عملاً بما جاء في قراءة ابن مسعود: وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك. ولأن صلة القرابة القريبة واجبة دون البعيدة، فالنفقة واجبة للأصول والفروع والحواشي ذوي الأرحام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(13/17000)
لا يشرع تغيير المنكر إذا أدى إلى منكر أكبر منه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أبي رحمه الله من أخرى، وأنجب منها ولدا وبنتا؛ وبعد زواحه منها حدثت مشاكل كثيرة بيننا – نحن أبناؤه وبناته – وبين زوجة أبينا، انتهت بطلاقه منها. وبعد ذلك مرض أبي مرضاً عضالاً وتوفي على إثره بعد عشر سنوات من مصارعته لهذا المرض. الله وحده يعلم كم حاولت التّقرب من إخوتي خلال تلك السنوات لدرجة أنّ أمّهم تقدّمت ضدي ببلاغ عند الشرطة تتهمني بمحاولة خطف أخي! والله يعلم أنني لم أفكر بهذا مجرد تفكير!
قبل وفاة أبي بعامين، تقربت مرة أخرى من إخوتي-لاسيما وأنهما قد شبّا وأصبحا في عمر يستطيعان فيه تميز الأشياء، ويعلم الله أنني كنت ولا زلت أعتبرهما كأبنائي – مع أنني أصغر إخوتي وأخواتي من أمّنا! والله الذي لا إله إلا هو؛ إنني كنت قد خصصت مبلغاً متواضعاً لهما كمصروف، هذا بالإضافة إلى ما تتقاضاه أمهما من نفقة تقتطع من راتب أبي التقاعدي، ولما أحسست بأنهما لا يستفيدان من هذا الراتب الذي كنت قد خصصته لهما، قمت بشراء ثياب خاصة لكليهما على سبيل المثال بدلاً من إعطائهما النقود باليد خوفاً عليهما من أن تقوم أمهما بالاستيلاء عليها! ...
مشكلتي سيدي تتلخص في طمع زوجة أبي السابقة، فهي تحرص كل الحرص على الإضفاء على كلٍ من أخواي مسحة الفقر والبؤس، حتى يتسنى لها أخذ المساعدات من مصادر مختلفة؛ وبعد وفاة أبي، وعندما صارحتها برغبتي في أن أكون الوصي الشرعي على أختي القاصرة، أخذت في مماطلتي واختلاق الأعذار! رغبتي في أن أكون وصياً شرعياً على أختي القاصرة تنبع من حرصي عليها وعلى مصلحتها، حيث كنت قد علمت برغبة أمها بتزويجها من ابن خالها – شقيق زوجة أبي السابقة، وكذلك رغبتها في التقدّم للجهات الحكومية لبيان أن هذه القاصرة بحاجة إلى رعاية، وأنها هي وكيلتها الشرعية، وليس لهما من مُعيل سوى الله!
أمّا أخي، فقد رسب في الثانوية العامة، مع أنني كنت قد تكفلت بشراء الكتب الخاصة له، وبمتابعته في المدرسة وبمساعدته بتكاليف الدروس الخصوصية، وبالإنفاق عليه، وعندما تناقشت معه ووعدته إن هو أعاد المحاولة مرة أخرى ونجح، فإنني سوف أتكفل بكل تكاليف دراسته الجامعية، في المقابل: رفضت والدته، وأصرت على انخراطه في سلك العسكرية، وذلك لرغبتها السريعة في الحصول على راتبه واستغلاله وإبعاده عنها!
أنا لا أستطيع التدخل في حياة أخي، لاسيما وأنه قد وصل سن الرشد، ولا أستطيع مناقشة أمّه كذلك؛ لأنها أمّه في نهاية الوقت، لكن قلبي ينفطر على أختي، وحتى أضمن عدم استغلال أختي، فالوصاية الشرعية مهمة لي، ويعلم الله كم تكلّفت حتى تقتنع أمها بذلك! ولكني للآن أنا في حيرة، فإن تنازلت للأم عن مطلبي في وصاية أختي، لاسيما وأن زوجة أبي السابقة تعلم كم أنا أحبهم، ومن غير المعقول أن أتوقف عن الإنفاق عليهما بسبب هذه الوصاية، في المقابل، والله يعلم مدى صدقي بأن كل الذي أريده منهما هو ما فيه خير لهما، حتى وإن كان ضد مصلحتي!
في النهاية أرجو إبداء المشورة والنصح والإرشاد لي في هذه القضية، بمعنى هل أستمر بالإنفاق عليهما حتى وإن لم أكن وكيل أختي الشرعي؟ وما موقفي إن استغلت زوجة أبي السابقة كونها وكيلة أختي وقامت بمخاطبة الهيئات الخيرية والحكومية للمساعدة مع أن والدي له راتب تقاعدي كانت نفقتها ونفقة أولادها تقتطع منه قبل وفاته، وبعد وفاته أصبح الراتب كله لأختي القاصرة! هل شرعاً أنا مطالب بكشف ممارسات زوجة أبي للهيئات حتى وإن اكتسبت عداوة إخواني من زوجة أبي السابقة؟ أنا محتار ولا أعلم ماذا أفعل لاسيما وأننا في وقت لم يعد فيه الناس كما كانوا، فحتى والد زوجة أبى السابقة يرفض التدخل، وهي لا تستمع لأقاربنا ولنصحهم! أنا في حيرة شديدة وأدعو لها ولإخوتي بالهداية – يا رب وفّق الجميع لما تحب وترضى.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
نفقة الأخت الفقيرة واجبة على أخيها الوارث إن كان ميسورا، وهو وليها في النكاح، وتغيير المنكر لا يشرع إذا كان سيؤدي إلى منكر أكبر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص أخيك فقد ذكرت أنه قد بلغ سن الرشد، وأنه انخرط في العسكرية، وعليه فقد استغنى بنفسه فيما يظهر، وبالتالي فنفقته غير واجبة عليك، فإن وصلته بمال على سبيل الهبة فلك الأجر إن شاء الله، وأما أختك الصغيرة فإن كانت أمها وأخوها لا يكفيانها وكانت مع ذلك فقيرة محتاجة فيستحب أن تنفق عليهما أنت وسائر إخوتك إذا كان عندكم ما تنفقون به عليهما زائدا على نفقاتكم، فإن تبرعت أنت بكفايتها دون سائر إخوتك فلك الأجر إن شاء الله، ولا تجب نفقتهما على واحد منكم لكونكم غير وارثين لأن شقيقها يحجبكم جميعا عن الإرث، وراجع الفتوى رقم: 56842.
وإذا علمت أن زوجة أبيك تخاطب الجمعيات والهيئات الخيرية لتحصل على مال زائد عن حاجتها وحاجة أولادها فقم بنصيحتها ولو بطريقة غير مباشرة عن طريق من له تأثير عليها وعن طريق شريط أو كتاب تضعه بين يديها، ولا نرى أن تقوم بإبلاغ الهيئات الخيرية عنها ما دمت ترى أنك بذلك ستكتسب عداوة إخوتك لأن قطع الرحم أعظم منكر عند الله، فقد قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} وتغيير المنكر لا يشرع إذا كان سيؤدي إلى منكر أكبر، ومعلوم أن هذه الهيئات تقوم بالتحقق من حاجة السائل قبل إعطائه، وراجع الفتوى رقم: 26058، والفتوى رقم: 78716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(13/17001)
لا حرج على الزوجة إن دفعت مالها لزوجها لبناء بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وموظفة وأسكن أنا وزوجي بالإيجار والحمد لله، مشكلتي هي أن والدي اشترى بيتاً قبل أن أتزوج وعاونته بشراء البيت بما استطعت ثم تزوجت وبعدها أصبح أبي يطلب مني بين الحين والآخر مبلغاً، علماً بأن مصاريف الفرح قمت بها وحدي ولم يعطوني حتى هدية لا من أمي ولا من أبي، علماً بأن أمي موظفة ويسكنون في بيت كبير جداً، ولا ينقصهم سوى أشياء بسيطة، ومع هذا دائماً يطلبون مني، وأنا ظروفي صعبة أسكن بالإيجار وزوجي رافض أن يأخذ قرضاً ربوياً لنشتري به بيتاً، وأنا أريد أن أعاونه لنشتري بيتاً أو قطعة أرض نبني عليها بيتاً حتى ولو كان صغيرا، علماً بأن أبي يقول لي أنت لست ملزمة زوجك هو المسؤول عن شراء البيت ولست أنت، وزوجي مرتبه مقسوم على الإيجار والباقي مصروف ويكاد لا يكفي، فماذا أفعل هل أمتنع عن إعطاء أبي النقود، أم أعاون زوجي في شراء بيت أو قطعة أرض ... فأنا حائرة، علماً بأن زوجي لا يطالبني بمرتبي ولا يتحدث عنه أبداً ويقول لي أنت حرة فيه افعلي به ما تريدين، فأرجوكم أن تفيدوني؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
بذل المال للوالدين الفقيرين المحتاجين واجب، وإن كانا مكفيين فهو مستحب، فإن دفعت والحالة هذه قسطاً لوالديها وأبقت الباقي لعيالها فهو أولى، وإن كانت بأمس الحاجة إلى بيت خاص بها وزوجها وأولادها فدفعت المال كله في ذلك فلا تأثم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبواك فقيرين فنفقتهما إذاً واجبة عليك، وعليه فإذا احتاجا إلى المال فالواجب عليك أن تبذليه لهما ما دمت قادرة، أما إذا كانا غير فقيرين وكانت نفقتهما كافية لهما فالأولى لك أن تبذلي لهما المال والحالة هذه لما في ذلك من الإحسان إليهما وإدخال السرور عليهما.
فإذا أمكنك أن تعطي والدك قسطاً يرضيه عنك وتدخري لحاجتك وعيالك الباقي فهذا أولى وأفضل، وإذا لم يكن ورأيت أنك بأمس الحاجة إلى شراء الأرض لبناء بيت خاص يضمك أنت وزوجك وعيالك فلا حرج عليك إذا أنفقت ما لديك من مال في ذلك ولا تأثمين إن شاء الله تعالى، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 28372.
وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 1249، والفتوى رقم: 79380، والفتوى رقم: 9116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(13/17002)
وجوب نفقة البنت على أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجى يعمل بالخارج كان متزوجا سابقا ولديه ابنه 11 سنة ورفضت طليقته أن تأخذ حقوقها من مؤخر وبالغت في طلباتها وكان يرسل إليها نفقه لها ولابنتها بدون حكم محكمة، والآن رفعت عليه قضية تبدبد قائمة على الرغم من أنها أخذت كل أثاثها وأثناء زواجهما اشترى سكنا آخر واضطر أن يكتبه باسمها لعمله بالخارج وأسس هذا المنزل بمبالغ باهظة واشترى سيارة اضطر أيضا لكتابتها باسمها وأخذت كل هذه الأشياء بدون وجه حق، كل ما عمل به خلال 15 سنة أخذته هي وابنته الآن تعيش مع أمها وتعامله بأسلوب غير لائق عندما يتصل بها هاتفيا للاطمئنان عليها وينصحه المحامون الآن أن يتوقف عن إرسال الأموال لها ولابنتها وألا يحدث ابنته هاتفيا لعل هذا يجعلهم أن يرتدعوا عن هذه القضايا وهو يريد أن يعطيها حقوقها الشرعية ومؤخرها، مع العلم بأن ابنته لديها وديعة بالبنك كان قد وضعها لها سابقا ولها مصدر رزق وهو سوف يحفظ لها أموالها التي كان يرسلها لها كل شهر ليعطيها لها بعد القضية، فهل امتناعه عن محادثتها الآن وعدم نفقته عليها لحين الانتهاء من هذه القضايا يكون آثما بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لما جرى بين زوجك وطليقته فالذي ينظر في ملابسات هذه القضية ويفصل فيها هو القضاء الشرعي.
وأما النفقة على البنت فهي واجبة على أبيها ويصرفها لها من مالها ما دامت تملك ما ينفق عليها منه، ويمكنه أن يوكل بها من يوصلها إليها.
وأما القيام على البنت وتنمية مالها في الطرق المشروعة وليس في الطرق المحرمة كالبنوك الربوية وغيرها فهو واجب على الوالد لأنها من رعيته التي سيسأل عنها يوم القيامة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته ... الحديث متفق عليه.
وأما تواصله معها عبر الهاتف أو غيره إن أمكن فلا مبرر لقطعه لأن قطع الأرحام محرم؛ لقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} .
فإن تعذر بسبب المشكلة القائمة فلا حرج في ذلك لأنه خارج عن المقدور ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1428(13/17003)
لا بأس بدفع الأم صدقة التطوع لأبنائها ذكورا وإناثا محتاجين أو غير محتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم تصدق أم على ابنها وبنتها وهم كبار ولكن حالتهم المادية صعبة ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا بأس بدفع الأم صدقة التطوع لأولادها ذكورا أو إناثا محتاجين أو غير محتاجين، أما الزكاة فلا إلا لقضاء دين مستحق عليهما أو على أحدهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بالصدقة صدقة التطوع فلا مانع من دفعها للأولاد ذكورا كانوا أو إناثا، بل إن الصدقة عليهم أولى من الصدقة على غيرهم لأن في ذلك صدقة وصلة، وإن كان المراد زكاة المال فقد سبق بيان حكم دفع الأم زكاتها لأولادها في الفتوى رقم: 97819، والفتويين المحال عليهما فيها.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 8499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(13/17004)
نفقة الابن على والديه بين الوجوب والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجي يعمل بدولة خليجية هو وإخوته، لكن زوجي عنده التزامات كثيرة وديون وضغوط مادية وأولاد أعني الراتب الذي يبقى منه لنا يكفي فقط للأكل والشرب وبدون تبذير، وأما إخوانه فلم يتزوجوا الأصغر منهم عمره 39 ويرسل كل شهر لأهله، وإذا قصر شهر هو أو أخوه الثاني تتغير لهجة الأهل معهم رغم أنهم مبذرون جدا فهل واجب على الابن أن يرسل لأهله وهم ما عندهم يغطي احتياجاتهم وما يرسله للتبذير وهذا الرجل لم يستطع الزواج بسبب التزامه بأهله لأنه لاتوجد امرأة توافق على أن يقطع من راتبه لكي يسرف أهله منه للبطر وهم ليسوا بحاجة له فقط لأنهم ماديون ومتسلطون، هل تصرف الأهل صحيح؟ وسؤال آخر عندما يبيع الأهل كل ما لديهم من أراض ورثوها ولم يساعدوا ابنهم الذي ما عنده بيت هو وزوجته وابنه وهو يقيم عند بيت حماه هل هذا يرضي الله أم كان من الواجب عليهم أن يقسموا الأموال بين أولادهم حسب الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الابن الإنفاق على والديه إلا إذا كانا معسرين، وكان للابن فضل على نفقته ونفقة أهله وعياله، وأما إذا كانا موسرين فلا يجب عليه الإنفاق عليهما، ولتنظري الفتوى رقم: 70923، وإذا كان هذا في الوالدين فغيرهما من القرابات أولى بعدم وجوب الإنفاق عليه إذا كان موسرا، وللعلماء تفصيل وخلاف في أمر الإنفاق على القرابات يمكن أن تراجع فيه الفتوى رقم: 44020، وأما الإحسان فهو مطلوب وقربة إلى الله، وينبغي للزوجة أن تكون عونا لزوجها في الإحسان إلى أهله وماله، وأما وقوعهم في شيء من الإسراف فينبغي مناصحتهم فيه، وليعلم أن الإسراف يختلف باختلاف حال الناس غنى وفقرا كما هو مبين بالفتوى رقم: 17775، فإذا كان عند هؤلاء الناس توسع في الإنفاق مع ضيق ذات اليد وإثقال كاهل أبنائهم فهذا من الإسراف المذموم.
ولا ندري فيما ذكر من أمر الميراث إن كان لهؤلاء الأبناء نصيب فيه أم لا، فإن كان لهم نصيب فالواجب أن يعطى كل ذي حق حقه، ولا يجوز حرمان أحد من الورثة من نصيبه فيها إلا بطيب نفس منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(13/17005)
حكم نفقة الوالد على ولده المعسر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف ذو دخل محدود ووالد لثلاثة أولاد أكبرهم يتابع دروسه الجامعية وأصغرهم يعاني من مرض نادر وهو تأخر قوي جداً في النطق مع زيادة في النشاط ونقص في الانتباه وهو يحتاج إلى علاج طويل المدى ومكلف جدا وقد رزحت الآن تحت ديون كبيرة جداً تتجاوز قدرتي على إيفائها أو القيام بأعباء العائلة وتعليم الأولاد ومتابعة علاج ولدي الصغير وهو الآن في التاسعة من عمره ومن المقدر استمرار العلاج لغاية بلوغه سن السادسة عشر مع مدرسة خاصة لحالته, ونظراً لما تقدم طلبت من والدي أن يبيع قطعة من الأرض لأتمكن من خلالها أن أفي بديوني الكبيرة وأن أتابع علاج وتعليم ابني ولكنه رفض متحججا بحجج بسيطة غير ذي بال، ولكي أبين له حسن نيتي قلت له إنني مستعد أن أتعهد وبصورة قانونية أن هذه القطعة من الأرض هي جزء من حصتي التي أستحق من إرثي منه، مع علمي أن للأبوين الحرية المطلقة أن يهبا ما يشاءان من الكم والنوع لهذا أو ذاك من الأبناء إذا كان هذا الولد محتاجا فعلا، علما بأن إخوتي جميعم أحوالهم ممتازة جداً من وظائفهم الهامة أو قدرتهم المادية في جميع المجالات بما فيه امتلاكهم لمنزل في حين أن المنزل الذي أقطن فيه مستأجر, وأن والدي يعلم جيدا أنني رجل أخاف الله سبحانه وتعالى ولا أبذر الأموال بل إن المصاريف هي فوق طاقتي، علما بأنه مهما حصل لن أغضب والدي ولن أقطع صلة الرحم، والسؤال هو: هل لوالدي شرعا أن يمتنع عن مساعدتي وأنا أكاد أغرق من الديون، أو ليس ملزما شرعا بمساعدة أي من أولاده إذا كان محتاجا فعلا لهذه المساعدة، ألا يستطيع والدي شرعا أن يهب مالا أو أرضا لأي من أولاده بكل حرية إذا رأى هذا ضروريا؟ والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من وصفت يستحق المساعدة من الأب وغيره وخاصة إذا كان الأب ميسور الحال، وإذا كان سبب امتناع الأب من المساعدة هو الخوف من الجور وعدم العدل بين أبنائه الممنوع شرعاً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 6242. فإن أهل العلم نصوا على جواز المفاضلة بينهم إذا كان أحدهم أكثر حاجة وأشد فقراً أو ذا دين لا يقدر على سداده ونحو ذلك، فيجوز حينئذ أن يخص ويفضل في العطية لحاجته أو كثرة عياله. وبإمكانك أن تطلع على أقوال العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 64550.
ولذلك فلا مانع شرعاً أن يهب لك والدك أرضاً أو غيرها من أمواله دون أن يهب شيئاً لبقية أبنائه نظراً لحالتك الخاصة، وليس ذلك على سبيل الوجوب؛ لأن الولد إذا بلغ وكان قادراً على الكسب سقطت نفقته عن أبيه عند الجمهور، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 79609، والفتوى رقم: 25339 وما أحيل عليه فيهما.
وفي حالة عجز الأب عن نفقة أولاده فقد اختلف أهل العلم في وجوبها على جدهم، فذهب المالكية ومن وافقهم إلى عدم الوجوب، وذهب الحنابلة ومن وافقهم إلى وجوب النفقة على الجد.. فقد جاء في كتاب الإقناع مع شرحه كشاف القناع للبهوتي الحنبلي قوله: ويجب عليه أيضاً نفقة ولده وإن سفل ... ولو حجبه معسر كجد موسر مع أب معسر، وكابن معسر مع ابن ابن موسر فتجب النفقة في المثالين ولا أثر لكونه محجوباً لأن بينهما قرابة قوية ... انتهى منه بتصرف يسير.
وأما أخذك لقطعة من أرض والدك مقابل نصيبك في تركته فإنه لا يصح فقد تموت قبله فلا يكون لك نصيب من تركته، وقد لا يكون لأبنائك نصيب من تركته إذا كان معهم من يحجبهم من الأولاد المباشرين، وعلى كل حال فما دام الأمر كما وصفت فإن على أبيك أن يساعدك إما على الوجوب أو الاستحباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1428(13/17006)
كيفية الاستفادة من محنة الظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي دخل السجن ظلما والله شاهد على ذلك، وأنا الأكبر في إخوتي وأمي على قيد الحياة فأصبحت العائل الأول في الأسرة، فهل لي أجر الصبر والاحتساب والنفقة ومراعاة الوالدة نفسياً ومادياً، وكيف يمكننا أن نستفيد من هذا المحنة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج كربتكم، وأن يرفع الظلم عن أبيك، ولا شك أن إنفاق المرء على والدته وإخوته وسد حاجتهم واحتساب ذلك فيه أجر عظيم عند الله تعالى، بل هذا عمل صالح جليل يدخل فيه عدة أعمال صالحة منها بر الوالدين ومنها صلة الأرحام ومنها الصبر والاحتساب، والقيام بالنفقة الواجبة، وكل واحدة من هذه عبادة عظيمة وعمل صالح فكيف إذا اجتمعت؟!
ويمكنكم أن تستفيدوا من هذه المحنة بالصبر على أقدار الله، فإن ثواب الصبر عظيم، قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10} ، كما يمكنكم أن تستفيدوا منها أيضاً بالرجوع إلى الله تعالى والتوبة إليه، فإن البلاء كثيراً ما يقع بسبب الذنوب وكثيراً ما يرفع بالتوبة، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30} ، وأيضاً هذه المحنة تجعلكم تستشعرون حال أمثالكم من الأسر التي لا تجد عائلاً يعولهم فتعتبروا وتحمدوا الله تعالى وتشكروا نعمة الله عليكم وتشدوا العزم مستقبلاً بعد تفريج كربتكم إن شاء الله على إعانة تلك الأسر والوقوف بجانبها، كما يمكنكم أيضاً أن تستفيدوا من هذه المحنة بمعرفة مقام الوالد فيكم ومدى حاجتكم له فتعرفوا حقه عليكم، ونسأل الله تعالى أن يفرج كربتكم وكرب المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1428(13/17007)
حكم النفقة على الأقارب بنية الرجوع بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك قطعه أرض كان يمتلكها والد جدي (جد والدي) وعندما توفي تم عمل إعلام وراثة لزوجته ولأبنائه البالغ عددهم 2 ذكر و 6 بنات وأخرى متوفاة لم يتم ذكر اسمها في إعلام الوراثة ونظراً لأن الابن الأكبر (جدي) هو الذي تولى شؤون أخواته البنات من تربية وزواج لم يطالب أحد منهن بميراثهن من والدهن وتركن هذه الأرض له ولأخيه (دون ورق رسمي) وقام كل من الأخوين الذكور ببناء منزل خاص لكل منهما في قطعه الأرض هذه وما تبقى من هذه الأرض قال جدي أن ما تبقى سيعطيه لابن أخته التي توفيت قبل وفاة أبيها ولم يتم ذكرها في أعلام الوراثة، لكن هذا الابن كان قد قام بالبناء في مكان آخر وقال إن هذه الأرض لا تلزمه ولا يريدها، والسؤال الآن: ما حكم قطعة الأرض هذه التي لم يتم البناء عليها هل يتم إعطاؤها لورثة ابن الأخت أم يتم إعادة تقسيم قطعة الأرض بأكملها على الورثة الأصليين (2 ذكر و6 بنات) ، مع العلم بأنهم توفوا هم وأبناؤهم وبعض من أبناء أبنائهم أي أن عدد الورثة أصبح لا حصر له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأخوات قد تنازلن عن إرثهن في قطعة الأرض المذكورة لأخيهن مقابل ما قام به من تربيتهن ورعايتهن وتزويجهن فلا حرج عليه في أخذ حقهم جميعاً وكذا أخوه ما دمن قد رضين بذلك، ولا حرج عليه في هذه الحالة أن يعطي قطعة الأرض الباقية لولد أخته المتوفاه قبل أبيها وهو تبرع منه وليس بإرث لأن أم هذا الولد لم ترث لموتها قبل أبيها، فإن أبى هذا الولد قبول الهبة فإنها لا تزال في ملك مالكها فله أن يتصرف فيها كما يشاء ويأخذها ورثته من بعده.
أما إذا علم أنهن لم يتنازلن عن ذلك فليس له ولا لأخيه أخذها؛ بل لا بد أن تقسم على الورثة الأولين ثم ورثتهم يرثونها من بعدهم، إلا إذا علم أن هذا الأخ أنفق عليهن وجهزهن للنكاح بنية الرجوع فله أخذ قدر ما أنفق فقط ورد الباقي لورثتهن. وليس لأخيه الآخر أن يأخذ شيئاً إلا إذا كان ذلك مما أخذه أخوه مقابل إنفاقه ورضي له بذلك، وقد نص جماعة من أهل العلم على أن للمنفق أن يأخذ بقدر ما أنفق إذا نوى الرجوع، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل ماتت زوجته، وخلفت له ثلاث بنات: فأعطاهم لحميه وحماته وقال: روحوا بهم إلى بلدكم، حتى أجيء إليهم، فغاب عنهم، فأجاب بقوله: ما أنفقوه عليهم بالمعروف بنية الرجوع به على والدهم فلهم الرجوع به عليه، إذا كان ممن تلزمه نفقتهم.
وقال ابن رجب رحمه الله: نفقة الرقيق والزوجات والأقارب والبهائم إذا امتنع من يجب عليه النفقة فأنفق عليهما غيره بنية الرجوع فله الرجوع كقضاء الديون، ذكره القاضي في خلافه وابن عقيل في مفرداته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(13/17008)
حرمان الولد المقصر من مصروفه.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في ابن يهتم بواجباته المدرسية وهل يحق للوالدين حرمانه من مصروفه عقابا له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفقة التي أوجبها الله على الوالد لأولاده تقدر بقدر الحاجة والكفاية بالمعروف، لحديث هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري. قال في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.. إلى أن قال: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية لأنها وجبت للحاجة فتقدر بما تندفع به الحاجة. اهـ وتشمل النفقة الواجبة الأكل والشرب والكسوة ومصاريف التعليم ونحو ذلك.
وعليه، فإذا كان المصروف من ضمن النفقة الواجبة على الوالد فلا يجوز له حرمان ولده منه، وإن ارتكب تقصيرا أو خطأ في دراسته؛ لأن هذا شيء أوجبه الشرع ولم يسقطه بمثل هذا. أما إن كان المصروف زائدا عن النفقة الواجبة -وهو الظاهر- فللوالد أن يمنعه عن ولده إن كان ذلك يصلحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(13/17009)
أخذ الولد من مال أبيه بدون علمه بين الجواز والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأب أن يأخذ من مال الابن ما يشاء رغم عدم الحاجة بحجة أنهم من طلقوا أمهم في قصة طويلة، وهل يجوز للابن أخذ المال من دون علم أبيه بقدر الحاجة فقط، لأنه لا يعطيه أي شيء إلا نادراً، رغم حاجة الابن ووجود المال لدى الأب ليس قليلا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه وأحمد، واللام في لفظة (لأبيك) لام إباحة لا تمليك، بمعنى أنه يجوز للأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاجه؛ لا أنه يجتاجه ويضر بالولد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا يدل على أن للأب أن يأخذ من مال الابن ما لا يضر به. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 38993.
وأما حكم أخذ الولد من مال نفسه الذي عند والده فلا مانع منه، لأن المال ماله سواء كان ذلك بعلم والده أم لا، وإن كان المقصود هو أخذ الولد من مال أبيه بدون علمه فذلك غير جائز؛ إلا أن يكون الوالد بخيلاً على ولده في نفقته الضرورية، كالمأكل والملبس، فله أن يأخذ ما يفي بحاجته إذا لم يك له مال يستغني به عنه. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 31157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(13/17010)
النفقة الواجبة للأم
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل أشكركم على اهتمامكم وبارك الله فيكم
لقد سألت الأسبوع الماضي سؤالا حمل رقم 2136130 حول النفقة الواجبة للأم وقد أحلتموني إلى فتاوى سابقة وكما تعلمون حضراتكم فلكل حالة خصوصية ولكل سؤال بتفاصيله مجموعة حيثيات تحدد الإجابة ومع تقديري وتفهمي لجهودكم وسعيكم نحو الإفادة فاسمحوا لي أن أعيد طلب إجابة السؤال 2136130 بخصوصيته وتفاصيله ليتضح لي بشكل جلي حكم الشرع ومراعاته؟
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على وجوب نفقة الأبوين على أبنائهم الموسرين إذا كان الأبوان معسرين، كما تجب نفقة غيرهما من القرابة الوارثة إذا كانوا معسرين على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 44020، وعلى ذلك فيجب على هذا الرجل وعلى إخوانه أن ينفقوا على والدتهم وأخواتهم ما فضل عن قوتهم العادي دون إسراف ولا تقتير إذا كن معسرات، أو يكملوا لهن ما نقص من النفقة إذا كان عندهن شيء لا يكفي، وإذا امتنع إخوانه القادرون فله الرجوع عليهم بما يجب عليهم ما لم يكن متبرعا به.
والنفقة تكون على القادرين كل حسب يسره واستطاعته، والقاعدة الشرعية في هذا هي قول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق: 7} وينبغي لهم أن يتنافسوا ويتسابقوا في ذلك، لأن هذا من أعمال الخير التي ينبغي التنافس فيها والتسابق إليها، وقد قال الله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {المائدة: 48} وأما كيفية أدائها فيمكن أن تؤدى إليهن طعاما أو نقودا وبأي وسيلة أو كيفية أخرى.
وأما رد إحسان هذا الرجل إلى أمه أو إهداؤه لها فهذا مما رغب فيه الشرع وحث عليه الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه مالك في الموطأ، وقال صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود وغيره.
وعلى زوجة هذا الرجل وغيرها أن يكونوا أعوانا على الطاعة وفعل الخير وصلة الرحم، ويتأكد ذلك بالنسبة للزوجة وخاصة إذا كان الرجل يريد أداء ما فرض الله عليه من بر والدته والنفقة عليها إذا كانت محتاجة، وهذا من التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله الله تعالى به في محكم كتابه، فقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى: 21080، 54669، 54811، 56749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(13/17011)
هل ينفق على أبيه إذا تزوج من امرأة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم حفظك الله
قرر والدي الذي يقارب سن السبعين الزواج بعد وفاة والدتي رحمها الله بثلاثة شهور فقط من بكر فى العشرينيات، وطلب مني مساعدته ماليا "وقد قمت بالرغم من حزني الشديد بإعطائه المبلغ المطلوب لإعادة تجهيز مسكن الزوجية ونفقات الزواج، كما تنازلنا له جميعا" عن مصوغات أمي رحمها الله بناء على طلبه بإلحاح، وقد قام بتقديمها كشبكة للعروس، وكنت قد تعودت فى حياة أمي إرسال مبلغ شهري لوالدي لمقابلة مصروفات الحياة وخاصة لعلاج أمي بالرغم من وجود معاش كبير لوالدي، هل يجوز بعد إتمام الزواج إيقاف إرسال ذلك المبلغ أو على الأقل عدم دوريته، علما بأن والدي كما علمت قد أقنع أهل العروس بالموافقة على أساس أنه يمتلك مالاً كثيراً وأراضي وخلافه، وهذا غير صحيح أنا فى حيرة شديدة لحبي لوالدتي أشد الحب وكذلك لوالدي، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالد عظيم، خاصة عند الكبر، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} ، فنوصيك ببر والدك، والحرص على طاعته، وعدم نسيان فضله عليك، فقد صرف عليك وضحى من أجلك بالشيء الكثير، فلا تستكثرن عليه ما أعطيته: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} .
وما أنفقته في زواجه عمل صالح تؤجر عليه إن شاء الله، وقد يكون واجباً عليك إذا كان محتاجاً للزواج وغير قادر على مؤنه المادية، وانظر الفتوى رقم: 53116.
ويلزمك أن تنفق على والدك إذا كان فقيراً محتاجاً بما يكفيه بالمعروف، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
وإن لم يكن محتاجاً فلا يلزمك النفقة عليه، وإنما عليك صلته والإحسان إليه بما تستطيع، واعلم أن مساعدتك لوالدك في أمر الزواج والتوسعة عليه في الإنفاق على زوجته الجديدة لا تتعارض مع حبك لوالدتك رحمها الله تعالى فلا داعي للحيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(13/17012)
حكم إنفاق الأب على أولاده من ميراثهم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زوجتي رحمها الله وبحكم أنها كانت عاملة فإن صندوق المعاشات يصرف لورثتها الذين هم: أنا (زوجها) ولدينا (ولد وبنت قصر) ، فهل يجوز لي أن أصرف عليهما وعلى نفسي من مالهما، علما بأني أعمل لكن في بعض الأحيان راتبي الشهري لا يكفيني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك أن تصرف على أولادك من مالهم الخاص إذا كان لهم مال خاص بهم، وسواء كان ذلك من تركة أمهم أو من غيرها، لأن نفقتهم لا تجب عليك إن كان لهم مال، فقد اتفق أهل العلم على أن الوالد لا تلزمه نفقة أولاده إذا كان لهم مال يستغنون به ولو كانوا صغاراً، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 23776، والفتوى رقم: 25339 نرجو أن تطلع عليهما.
ولذلك فنفقتك على أبنائك من مالك الخاص تعتبر من باب البر والخير والإحسان المرغب فيه شرعاً ما دام لهم مال، وتؤجر على ذلك إن شاء الله تعالى، وإنما يكون وجوب نفقتهم عليك إذا لم يكن لهم مال ولا قدرة على الكسب، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 19453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(13/17013)
حكم النفقة على الأب الغني
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاث بنات وولد، لأبي زوجة ثانية يعيلها وأختها وابنة أختها أما نحن فأمنا من قامت بتربيتنا وتلبية جميع احتياجاتنا، بدون ذكر للظروف من وسط وأناس ... مع ذلك نتصل بأبينا رغبة في الحصول على رضا الله لكنه يطالبنا بالمال ليس مباشرة لكن عن طريق أناس آخرين ونحن نصرف على أمنا وأخينا الصغير وإحدى أختي متزوجة فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة الأب واجبة على الابن إذا لم يكن للأب ما يكفيه، أما إذا كان الأب غنيا فلا يجب على الولد أن ينفق عليه شيئا، وإن كان ذلك مندوبا قياما بحق البر والصلة، وطمعا في الثواب والأجر وجلبا لمحبة الوالدين ورضاهما فقد قال صلى الله عليه وسلم: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب في سخطه. رواه الترمذي والحاكم وصححه.
وبناء عليه، فإن كان أبوكم فقيرا ولديكم ما تنفقونه عليه فيجب عليكم ذلك ولا يسقطه تقصيره معكم، وإن كان غنيا فينبغي بره وتلبية طلبه وحاجته ما أمكن، فمن بر الوالدين دفع المال لهما ولو كانا بغير حاجة له، وراجعي الفتوى رقم: 54694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(13/17014)
حكم رفض المطلقة نفقة مطلقها لها ولولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[في الطلاق هل يحق لي رفض النفقة التي تجب لي ولابني علما بأن عمره عام وثمانية أشهر أم يحق لي رفض النفقه الخاصة بي فقط ولا يحق لي رفض نفقة ابني؟
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أنه لا يحق لك رفض النفقة التي يجريها والد ابنك عليه؛ وذلك لأن الولد كغيره من البالغين له حق التملك، والهبة له نافذه إذا استكلمت شروط نفوذها.
وقد نص أهل العلم على أنه ليس للوالد رد هبة وهبت لولده الصغير إذا كانت لها قيمة، وإذا كان هذا في حق الولي فأولى أن لا يكون لغيره الحق في رد ما وهب له، ولا سيما إذا كان الأمر يتعلق بحق واجب له على والده ولا تلحقه به منة. أما نفقتك أنت فلا حرج عليك في رفضها؛ لأنها حق لك والمصلحة في قبولها أو ردها راجعة إليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(13/17015)
إنفاق المرأة من مال زوجها أو مما يعطيها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بإرسال مبلغ صغير من المال لأمي لتعالج به نفسها دون علم زوجي، لأنني متأكدة من رفضه وقد وعدت نفسي أن أخبره يوما، مع العلم بأن والدي لا يعطي المال لأمي فهو لا يلتزم إلا بإطعامها دون كسوتها، وعليه فهي تأخذ منه المال دون علمه لتشتري ما يخصها فقط دون إسراف، وعليه ما حكم ما قمت به خاصة وأنني كلما أزورها أقدم لها القليل من المال، لأنها أمي وأريد أن أمنحها كل شيء وأنا ابنتها الوحيدة وأخي لا يعطيها شيئا وكل ما أعطيها إياه هو من مال زوجي الذي يقدمه لي كمصروف أو أن آخذ منه من دون أن يعلم، فما هو الحكم في هذه الحالة، وبالنسبة لأمي ما حكم أخذها المال من أبي بدون علمه وأحيانا تخبره وأحيانا لا تخبره، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذي شيئاً من مال زوجك دون علمه لتعطيه لأمك، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه. رواه الدارقطني وأحمد، وصححه الألباني.
أما ما يعطيه لك زوجك كمصروف فإن كان مصروفاً للنفقة في البيت والأولاد فأنت وكيلة عنه في ذلك، وهذا المال أمانة عندك، فلا يجوز لك التصرف فيه إلا فيما خصصه الزوج، اللهم إلا في الصدقة بالشيء اليسير الذي تقدم منه إذن عام فيه أو جرت العادة بالمسامحة فيه.
أما إذا كان مصروفاً شخصياً لك فهو ملك لك، ولك أن تتصرفي فيه كما شئت، فلك أن تعطي منه لأمك، كما لك أن تنفقي منه في حاجاتك، ولا يشترط إذن من زوجك في ذلك، ولأمك أن تأخذ من مال أبيك دون علمه ما يكفيها للكسوة والعلاج بالمعروف، ولا يجوز أن تأخذ شيئاً زائداً على ذلك، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. والمراد بالمعروف القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية، وراجعي للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9457، 31100، 56667، 56114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(13/17016)
هل يلزم الأب الإنفاق على ولده البالغ المعسر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الأب الموسر أن ينفق على الابن المعسر، إذا كان إعساره بسبب إسراف زوجته الشديد وسوء تقديره للأمور حيث إنه يبلغ من العمر 40 عاماً وله طفلان صغيران ويعمل مهندسا منذ 15 عاماً، ولكنه بسبب إسراف زوجته ليس عنده أي مدخرات، فهل يجب على أبيه الموسر الإنفاق عليه وعلى زوجته وعلى أبنائه من مأكل وملبس ومشرب ومدارس خاصة ... إلخ، وذلك في الأيام العادية وكذلك في حالة مرض الأب بمرض خطير حكم عليه الأطباء بأنه مرض الموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الأب أن ينفق على ولده البالغ، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 66857.
وعلى الولد أن يُرشِّد إنفاقه، ويُحْسِن التصرف بالمال، ويحذر من التبذير والإسراف، فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا {الإسراء:27} ، ويقول: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف:31} ، وإذا كان الأب لا يلزمه الإنفاق على ولده البالغ في حال صحته، فلا يلزمه في حال مرضه من باب أولى.
لكن إذا بذل الولد طاقته في البحث عن الرزق وعجز عن الوفاء بالنفقة الواجبة عليه تجاه أبنائه وزوجته فيلزم الأب الموسر أن يكمل له ما نقص من النفقة الواجبة، لأن النفقة على قسمين: نفقة واجبة، ونفقة زائدة على قدر الواجب، وأكثر أهل العلم على أن نفقة الدراسة لغير الواجبات الشرعية التي يلزم الأب أن يعلم ولده إياها لا تجب على الأب، وانظر الفتوى رقم: 66857، والفتوى رقم: 26426.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(13/17017)
نفقة الأبناء على الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الموضوع في غاية الأهمية، فأرجو منكم الرد، فما هو حكم الشرع في والد لا يتحمل مسؤولية أبنائه، وعندما يكبروا يتصرف تصرفات لا أعرف كيف أصفها، منها على سبيل المثال: أن يأخذ مهر ابنته ويسافر إلى زوجته الأخرى بعيداً عن أبنائه من زوجته الأولى وعندما تناقشه لا يرد عليها إلا بأني غير راض عنكم إلا في حالة أن تدخروا لي مبلغا شهرياً ويرسل له لينفق منه، ونحن يا أخي ثلاث بنات نعيش مع أمي ونرعى إخوتي من أمي وهم أيتام، فبالله عليكم كيف نتصرف معه، مع أننا كنا نرسل فيما سبق له ما نستطيع، فما العمل أفيدونا أفادكم الله، ونرجو الرد عاجلاً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبمقتضى المسؤولية التي حملها الله سبحانه الوالد تجاه أبنائه، بقوله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته ... الحديث متفق عليه، فإنه لا يجوز لوالدكم التخلي عنكم، في حال صغركم وحاجتكم إليه، ويجب عليه النفقة عليكم في هذه الحالة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني.
فيجب على هذا الوالد التوبة إلى الله من هذا الذنب الكبير، والإثم العظيم، وينبغي نصحه وبيان حكم الشرع في ما فعل، كل ذلك يكون بلطف وحكمة وموعظة حسنة، وعليه أن لا يجمع بين التخلي عن المسؤولية وبين ظلم بناته، بأخذه حقهن في المهر، فإنه لا حق للوالد في مهر ابنته، إلا ما طابت به نفسها، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 54622.
ومع ذلك كله، فإن الوالد يبقى له حق كبير على بناته وأبنائه في البر والصلة، وفي النفقة عليه إذا كان فقيراً محتاجاً، وأما إذا كان لديه ما يكفيه، فلا يجب عليهن النفقة عليه، ولا إعطاؤه ما يريد ما داموا بحاجة إليه، وللمزيد من الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 7490.
سائلين المولى عز وجل أن يصلح الوالد ويعين الأخوات على بره وكسب رضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(13/17018)
نفقة الابن على أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الواحدة والثلاثين عاماً وأنا إلى الآن عازب وفي طور التجهيز لباءة الزواج، الباءةالمادية فهل يجب علىَّ الإنفاق على والدي مع العلم أن حالته المادية (مستورة) وقد زوج أخواتي الأربع ولم يفكر حتى مجرد تفكير في أن يزوجني أو يعينني بملبغ من المال لكي أكمل مشروع الزواج،أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم أن نفقة الوالد إنما تجب إذا كان محتاجا، أما إذا كان عنده ما يكفيه فلا يجب على الولد النفقة عليه، وانظر الفتوى رقم: 56541، والفتوى رقم: 69945.
فإذا كان لوالدك مال ينفق منه على نفسه فلا يجب عليك النفقة عليه. وإن طلب منك شيئاً فلتعطه له براً به، ورداً لبعض جميل إحسانه إليك. وراجع الفتوى رقم: 1249.
ولا يجب على والدك أن يزوجك على الراجح، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 23574.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(13/17019)
هل يجب على الأب دفع المصروفات الدراسية لابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي طالبة بإحدى الجامعات الخاصة وهي مخطوبة وتريد أن تتزوج وهي مازال أمامها عام دراسي، طلبت منها التريث لحين انتهاء دراستها غضبت غضباً شديداً لذلك، فقلت لها لعلمك إذا تزوجت الآن فأن مصروفاتك الجامعية ستكون مسؤولية زوجك، قالت: لا أنت المسؤول عن جميع مصروفاتي الدراسية، هل مصروفاتها الدراسية بعد زواجها مسؤوليتي أم مسؤولية زوجها، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصروفات الدراسية الجامعية لا تدخل ضمن النفقة الواجبة، لا في حق الأب قبل زواج البنت ولا في حق الزوج بعد زواجه من البنت، إلا أن يدفعها من يدفعها على سبيل التبرع فله في ذلك الأجر العظيم، فلذلك فهي ليست من مسؤولية الأب الواجبة لا قبل الزواج ولا بعده، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 50068، والفتوى رقم: 59707.
وبقي أمر وهو ما إذا اشترطت المرأة على زوجها قبل العقد أو أثناءه دفع تكاليف هذه الدراسة، وقبل الزوج بهذا الشرط، فيلزمه الوفاء به، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 15475.
وننبه إلى أنه ينبغي المبادرة إلى الزواج ما أمكن وعدم تأخيره، لما في ذلك من المصالح الراجحة، ولا يجوز للولي أن يأمر موليته بتأخير الزواج بحجة إكمال الدراسة، ولا سيما إن رغبت في الزواج وخشيت على نفسها الضرر بتأخيره، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 18626.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(13/17020)
النفقة الواجبة للزوجة والأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة من عائلة تتكون من 9 أشخاص أبي ظالم نوعا ما صرف على أربع إخوة فقط، وبعدها لم يصرف علينا لا يعطينا الملابس ولا الطعام ولا حتى الدراسة فقام أخي الذي درس الطب بالسفر إلى السعودية كي يصرف علينا لأننا نحن ندرس كلنا بالجامعات لقد كان أبي بخيلا علينا في كل شيء وهو يعامل أمي بكامل القسوة حوالي 35 سنة، ولكن أمي لم يبق لديها الصبر فقررت تركه بعدما كبرتنا وأصبحنا نعتمد على أنفسنا، وبعد ذلك راح أبي وتزوج من امرأة أخرى، وترك إخوتي من غير زواج فقد أصبح عمر أخي الطبيب 36 سنة، ونحن لا نملك النقود لكي نزوجه، ولكن أبي يملك الكثير من النقود فلديه بيتان و3 مليون في البنك وكل بيت يساوي حوالي 6 مليون ونحن الآن نكرهه إلى حد لا نستطيع أن ننظر إليه ولا نستطيع حتى أن نسلم عليه لقد دمر حياة إخوتي، فقد ذهب أخي الآخر إلى اليونان لكي يساعد أخي الطبيب في المصاريف ولكي يزوجه، قولوا لي ماذا نفعل هل معنا الحق أم معه، وقد نسيت أن أقول لكم بأنه فاضحنا في البلد في تصرفاته وكلامه، وكلما تكلمنا معه يزيد في أفعاله هذه ونحن يزيد كرهنا له في بعض الأحيان نتمنى له الموت، قولوا لي ماذا نفعل أرجوكم ردوا على رسالتي هذه، لأننا واقعون في حيرة من أمرنا وأمي ليس لها حول ولا قوة والحمد لله فقد ربتنا أحسن تربية كل العالم تمدح بأخلاقنا وبدراستنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أبيكم أن ينفق بالمعروف على من تلزمه نفقته مثل أمك إن كانت لا تزال في عصمته غير ناشز، وإخوانك الصغار الذين لا مال لهم، ومن لم يتزوج من بناته، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 66857.
وإذا ترك الوالد النفقة على من تلزمه نفقته فإنه يأثم، وفي الحديث: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. رواه أبو داود، وفي مسلم: كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته.
وأما تزويج الأبناء فلا يلزم الوالد شرعاً، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 27231.
وقيل يلزمه زواج من تلزمه نفقته منهم، ويؤجر على ذلك، ويكون من رفقه برعيته، وفي الحديث: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به. رواه مسلم.
ويجب عليكم أن تصاحبوه بالمعروف، وأن تصلوه ولو قاطعكم، امتثالاً لأمر الله تعالى، حيث قال: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15} .
ولعل صلتكم له مع دعوتكم له إلى الله تعالى تؤثر فيه فيؤوب إلى رشده، فإن فعل وإلا جاز رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتلزمه بالواجب عليه نحو زوجته وأهله، وليس في ذلك نوع من العقوق، كما هو مبين في الفتوى رقم: 43086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(13/17021)
النفقة على الوالدين المحتاجين واجبة على جميع الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عقدت قراني بشابة متحجبة، مند عام ونصف أنفق على والدي مع العلم أنه لدي 3 إخوة متزوجين يعملون ولا يساهمون في النفقة لدرجة أنني أجلت حفل الزفاف لهذا السبب مع العلم أنني لا أنفق على زوجتي ولم أعطها الصداق بعد، وقد جامعتها، فماذا أفعل مع إخوتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرى أن تجتمع بإخوتك وتبين لهم وجوب النفقة على الوالدين المحتاجين، وأن هذا الوجوب مخاطب به جميع الأبناء بدون استثناء، بحسب يسار كل منهم ومقدرته، وتنصحهم بعدم التخلي عن واجبهم، وتبين لهم أن هذا ليس واجبك وحدك، وأن عليك واجبات أخرى نحو زوجتك التي يجب عليك نفقتها، ويلزمك الوفاء لها بصداقها كاملا لما ذكرت من أنك جامعتها، فإذا تخلى الإخوة عن واجبهم، فلا يجوز لك أن تتخلى عن واجبك نحو والديك، كما لا يجوز لك التخلي عن نفقة زوجتك، فعليك أن تؤدي الحقين وتقوم بالواجبين بما تستطيع، وبما آتاك الله من فضله، ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها، ونسأله سبحانه أن يوسع عليك ويضاعف لك الأجر والمثوبة ويصلح إخوتك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى التالية: 21173 / 20338.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1427(13/17022)
الجمع بين الاستعداد للزواج والإنفاق على الأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[انا فتاه مكتوب كتابى وخطيبى بيعمل فى دوله عربية ومنذ سنتين وشهرين مخطوبة وهو سافر لكي يكون نفسه ولا أحد من اهله يساعده فى أى شىء بالعكس هو بيرسل لأهله كل شهر مبلغا كبيرا وهذا يتسبب فى تاخير زواجنا مع العلم أن والده يعمل وعنده رصيد فى البنك أنا لا أعرف ماذا أفعل كل ما تناقشت معه فى الموضوع ده انا بطلب منه انه يساعد نفسه علشان يخلص الالتزامات اللى عليه ونتجوز وبعد كده يساعدهم على قد امكانياته هو بيقولى انت ومالك لابيك ده كلام الرسول عليه الصلاه والسلام وبيقولى انا لو ماعنديش غير الفلوس دى هديها لاهلى ومش لازم اتجوز انا زنبى ايه انا لو حاسه ان اهله محتاجين انا عمرى ما هعترض بس للاسف انا بحس انهم طماعين بالرغم من انى اتنازلت عن شبكتى فى سبيل انه يخلص الشقه علشان نسرع بالزواج ومش بعترض على اى شئ ومش بطلب منه اى حاجه وبحاول ما اكلفهوش الحمد لله انى على قدر من التدين وبراعى ربنا فى تصرفاتى بس انا حاسه بالظلم وحاسه انه مظلوم بس مش عارفه اعمل ايه هل هو كده بيتصرف صح بالرغم من اننا محتاجين كل قرش لان علينا التزامات كتير جدا وكل شويه هو ياجل فى الفرح لانه لسه عليه التزامات كتير ماخلصهاش ارجو افادتى برايكم فى اقرب وقت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 73425.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(13/17023)
التصرف في مال الغير لا يجوز إلا بإذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي حلف اليمين على أم أمي (ستي) على أن لا تدخل البيت ونحن نعطيها طعاما بدون علمه فهل هذا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تنصحوا والدكم بعدم منع أم زوجته من الدخول إلى بيته وأن يكفر عن يمينه؛ لأن في ذلك إيغارا للصدور بينه وبينها وربما بينه وبين بنتها وأحفادها ما لم يكن هناك مبرر لمنعها، ولا بد في الحالتين من التزامكم بعدم إدخالها بيته إلا بإذنه.
وأما إعطاؤها للطعام فإن كان من مالكم فلا مانع منه، وأما إن كان من ماله فلا بد من إذنه لأن التصرف في مال الغير لا يجوز إلا بإذنه, ولو كان المتصرف ولدا أو زوجة, وإنما رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تأخذ من ماله ما يكفيها لنفقتها وولدها بالمعروف، أما أن تأخذ لغيره فلا يجوز إلا بإذن لفظي أو عرفي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(13/17024)
من أنفق على أخيه نفقة غير واجبة هل له أن يرجع بها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية والتقدير لشخصكم الكريم، أود أن أطرح مشكلتي وكلي رجاء أن أجد الإجابة الكافية عن تساؤلاتي، في البداية نحن عائلة مكونة من ستة أفراد، أبي وأمي وأنا أكبر الذكور وأخي الذي يصغرني ببضع سنوات وأختين بنات، تكمن مشكلتي في أخي الذي يصغرني ببضع سنين حيث إن أبي رجل كبير في السن معتل الصحة ولا يستطيع أن يعمل بل هو بحاجة للعناية والانتباه وكذلك أمي وبالتالي يفترض أن نكون أنا وأخي المعيلان للأسرة، وكنت قد اتفقت مع أخي أن أقوم بتحمل جميع الالتزامات خصوصاً المادية حتى يحصل على عمل ويستقر على أن يقوم بردًها لي لاحقاً حيث إني تكبدت المشقات وعانيت أشد العناء في توفيرها لأسرتي حيث إني أعمل في التجارة الحرة ودخلي ليس ثابتأ وليس فقط لأسرتي بل له هو شخصياً حيث ساهمت في تعديل وضعه وسرعته للاستقرار وتأهيله للحصول على وظيفة جيدة، وبعد أن وجد عملا جيدا واستقر ومرت فترة طويلة كفيلة باستقراره وأيضاً لم أبخل في هذه الفترة في مساعدته بكل الطرق، قمت بالطلب منه باسترداد ما تكلفته طول هذه الفترة العصيبة التي مرت علي حيث إن التزاماتي كثيرة وفوجئت بالرفض من قبله، الأمر الذي فجعني، حتى إني لم أطلب منه كامل ما تكلفته بل أي مبلغ يقرره هو حسب استطاعته ومقدرته ولكن رفض مما أذاني نفسياً، والأمر الثاني الذي زاد جراحي وجراح أسرتي وبالتحديد أبي وأمي الذي أتعبهم نفسياً وآذاهم أشد إيذاء هو تجاهله لمتطلباتهم ليست المادية البسيطة التي لا أستطيع أنا القيام بها جميعاً وأنا أقضي معظم وقتي في عملي لإيفاء احتياجاتهم حيث كما ذكرت سابقاً هم في أمس الحاجة إلى الرعاية وتلبية متطلباتهم وهي بسيطة ويستطيع أن يقوم بها مثل مراجعات الطبيب وإحضار بعض الأدوية وإحضار مؤن البيت وبعض الطلبات البسيطة، حتى أني فكرت باسترداد بعض المبالغ منه لأستطيع توظيف شخص للقيام برعاية أمي وأبي. أعتذر عن الإطالة واستفساري هو: هل رده لي يمكن أن يكون صحيحا بأي منظور كان؟
وهل يوجد خطأ بتسجيل وإقرار دينه لي، حيث إنه أخبرني أنه سأل بعض الشيوخ وأجابوا بالنفي، ـ وأخيراً ما رأي الشرع في إعالة الوالدين والأسرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك هذا يتلخص في نقطتين هما:
· ... ما إذا كان من حقك أن تسترد من أخيك المبالغ التي كنت قد صرفتها عليه.
· ... وما إذا كان هو مطالبا بمساعدتك في رعاية أبويكما في مراجعات الطبيب وإحضار بعض الأدوية وإحضار مؤن البيت ونحو ذلك من الطلبات البسيطة.
وقبل أن نبدأ بالإجابة عما سألت عنه، نوصيك بأن تحرص على الإحسان إلى أبويك، عملا بقول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {البقرة: 83} والإحسان إليهما يكون بالحرص على ما يسرهما، والبعد عما يسوؤهما قولا وفعلا، ويتأكد هذا إذا كبرا. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} .
وفي الحديث: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وأحمد.
وذكر أخاك بما تحملته والدته من المشاق والمتاعب بسببه أيام الحمل والوضع والرضاعة والحضانة حتى كبر، وما تحمله أبوه من ذلك، أفما يحسن بمن تحمل منه أبواه هذه المعاناة كلها مع كمال الحب والعطف والرحمة والرفق والحرص على مصالحه أن يحرص بعد ضعفهما وكبرهما على الرفق بهما والإحسان إليهما والتلطف بهما والعناية والرحمة بهما والقيام بمصالحهما.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك الأول، فإن من أنفق على شخص نفقة غير واجبة عليه شرعا، له أن يرجع بما أنفق إذا كان للمنفَق عليه مال يعلم به المنفِق، قال خليل في مختصره: وعلى الصغير إن كان له مال علمه المنفق وحلف أنه أنفق ليرجع عليه ... ومعناه أنه لو أنفق أجنبي على صغير له مال حين الإنفاق عليه، فله الرجوع في ماله ويحلف أنه أنفق ليرجع إلا أن يشهد على ذلك حين الإنفاق فلا يمين عليه حينئذ.
والذي يظهر من السؤال هو أن أخاك لم يكن له مال حين إنفاقك، وعليه فلا نرى أن لك الرجوع عليه بما أنفقت، إلا أنه كان ينبغي له أن يعترف بما كان لك عليه من الفضل، ويسعى في مكافأتك.
وأما القيام بشؤون أبويكما، فإن عليه منه مثل الذي عليك. وراجع في هذا فتوانا رقم: 43328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(13/17025)
هل يرجع الأخ على أخيه بما أنفقه على تعليمه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عائلة كبيرة وفقيرة، تعلم أخي الأكبر في الجامعة بنفقة من والدي، وبعد ذلك قام أخي الأكبر بالإنفاق على تعليم إخوتي الذين يصغرونه، فتخرج منهم من تخرج، ثم أصبح هؤلاء ينفقون على الذين يصغرونهم، فقام أحدهم بالإنفاق على تعليمي في الجامعة، ولم يسجل وقتها أي سند دين أو لم يكن بيننا أي اتفاقية ولو شفهية مثل أن أقوم بتسديد ما أنفقه على تعليمي الجامعي. وإنني الآن وبعد أن تخرجت من الجامعة وتزوجت وصرت أعمل أشعر أحيانا أن في نظرات أخي وكأنه يريد استرداد فلوسه، مع أنه بخير من الله. وكذلك لم يصارحني في طلب تلك الفلوس، فهل له الحق في طلب فلوسه. وإذا ما طلبها ولم أعطه إياها فهل يلحقني إثم.
أرجو النصيحة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن لك مال حين إنفاق أخيك على تعليمك، فليس له أن يرجع عليك بما أنفق عليك. وإن كان لك مال حين إنفاقه، وهو عالم به، وادعى أنه إنما أنفق عليك ليرجع عليك بتلك النفقات، فله ذلك بشرط أن يحلف أنه لم ينفق عليك متبرعا، قال خليل في مختصره: وعلى الصغير إن كان له مال علمه المنفق، وحلف أنه أنفق ليرجع عليه.
وقال الشيخ المواق في التاج والإكليل: ابن رشد: الولد إذا لم يكن له ولا لأبيه مال فهو كاليتيم, النفقة عليه احتسابا. وإن كان لليتيم أو له مال فللمنفق عليهما الرجوع عليهما في أموالهما بعد يمينه أنه إنما أنفق عليهما ليرجع في أموالهما لا على وجه الحسبة. وهذا إذا أنفق وهو يعلم مال اليتيم أو يسر الأب. ابن يونس: فيرجع في ماله ذلك, فإن تلف ذلك المال وكبر الصبي وأفاد مالا لم يرجع عليه بشيء.
والذي يتبادر من السؤال هو أنك لم يكن لك مال حين إنفاق أخيك عليك، وبالتالي فليس له الرجوع عليك بشيء، ولكن عليك أن تعلم أن عليك صلته، وتقدير إحسانه عليك.
وينبغي أن تلغي عنك الشعور بأن في نظراته أنه يريد استرداد فلوسه، فلا نرى إلا أنها وسوسة من الشيطان، يريد أن يغرس البغضاء بينك وبين أخيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(13/17026)
هل تسقط النفقة بمضي الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي وعندي ولد منها أخذته معها عندما كنت في العمل وعمره كان 3 سنوات وقد قدمت مصروفا له 300 ريال فرفضوها والآن هم يطالبون بها. وقد ربوه تربية غير صحيحة ولا يريدونه الآن. السؤال / هل تسقط مصاريف النفقة علما بأنهم رفضوها والآن عمره تقريبا 17 سنة وإذا لم تسقط فكم تكون النفقة؟ وهل آخذه عندي؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق في الفتوى رقم: 37998، أن نفقة الولد تسقط بمضي الوقت إلا أن يفرضها القاضي، وعلى هذا فليس لمن أنفق على الولد المطالبة بنفقته في الفترة السابقة, إلا إذا نوى حال إنفاقه أن يرجع فيما بعد على الأب بما أنفق، ففي هذه الحالة يمكنه أن يطالبه بالنفقة، قال النووي رحمه الله في روضة الطالبين: ولو أنفقت عليه - يعني على طفلها - من مالها بقصد الرجوع وأشهدت رجعت، وإلا فوجهان. انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه المسألة كما في الفتاوى الكبرى: مسألة: في رجل ماتت زوجته, وخلفت له ثلاث بنات: فأعطاهم لحميه وحماته وقال: روحوا بهم إلى بلدكم, حتى أجيء إليهم ; فغاب عنهم ثلاث سنين فهل على والدهم نفقتهم وكسوتهم في هذه المدة أم لا؟ . الجواب: ما أنفقوه عليهم بالمعروف بنية الرجوع به على والدهم فلهم الرجوع به عليه, إذا كان ممن تلزمه نفقتهم. والله أعلم. انتهى
وأما تقدير النفقة فتقدر بقدر الحاجة والكفاية بالمعروف، قال في المغني: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية لأنها وجبت للحاجة، فتقدر بما تندفع به الحاجة. ا. هـ
وإذا اختلف في تقديرها فمرجع ذلك إلى القاضي الشرعي,
وعلى الأب أن يضم الولد إليه وتجب عليه نفقته وسكناه ما دام فقيرا غير قادر على الكسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1427(13/17027)
هل تجب نفقة الخال على أبناء أخته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أولاد خالة توفي عنهم والدهم فمن يتولى الإنفاق عليهم وإعانتهم في معيشتهم، مع العلم بأنهم صغار أي لم يصلوا لمرحلة البلوغ.... هل يقوم بذلك العم أم الخال وإن كان غير قادر.... أرجو إفادتنا والدعاء لهم بالصبر والثبات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهؤلاء الأبناء المتوفى عنهم والدهم وهم دون سن البلوغ أيتام، ونفقة اليتيم إذا لم يكن له مال على الأم، فإن لم يكن لها مال فنفقتهم على من يرثهم، كل بقدر إرثه، على خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 31315.
فتجب النفقة على العم إذا لم يكن لهم وارث غيره، أما الخال فلا تجب عليه النفقة لأنه غير وارث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1427(13/17028)
الإنفاق على الوالدين أم على الزوجة والأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[القصة هي أن هناك إنسانا ببلاد الغربة والحالة المادية ليست جيدة، يقوم أحيانا باستقراض المال من أجل أن يتم بناء بيته في وطنه الأم، فهو يرسل هذا المال للأهل للقيام بإتمام البناء، وكلما توفر معه يقوم بالسداد - القصة لهذا الحد مقبولة - كلما بعث هذا الشخص للأهل بالمال الخاص بالبناء (المال الذي قام باستقراضه) ، فإنه يخص جزءا منه لأهله، وأخر مرةٍ خصص جزءا منه لتقوم أمه بشراء أضحية للعيد، وجزءا هدية لأخته، والآخر لأبيه، مع العلم أن هذا الشخص لا ينام الليل من الدين الذي عليه.
سؤالي: هل هذا عدل أن يقوم الابن بالاستدانة من أجل أضحية، أوهدية من أجل إرضاء الغير، وحتى لا يشعر أنه مقصر بأهله؟ مع العلم أنه متزوج، وعنده 3 من الأطفال، ويسكن بالإيجار، وتكاليف الحياه في بلاد الغربة غالية جدا، وأهله عندهم أراضي ويشتغلون بالزراعة. ما هي نصيحتكم لهذا الإنسان؟ وما رأي الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع العلماء على وجوب نفقة الوالدين المعسرين على ولدهما بما فضل عن قوته وقوت زوجته أو زوجاته. قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال، سواء أكان الوالدان مسلمين أو كافرين، وسواء كان الفرع ذكرا أو أنثى، لقوله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} .
والذي يظهر من السؤال -إن كان الواقع كما ذُكر-: أن هذين الوالدين غير معسرين، وأن لهما من المال ما ينفقانه على نفسيهما، فلذا لا تجب نفقتهما على ولدهما، إلا أن النفقة عليهما من تمام الإحسان إليهما ولو كانا غير محتاجين؛ لأن النفقة على الوالدين من أفضل النفقات وأعظمها أجراً عند الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم، فكلوا هنيئاً. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
وقد وصى الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين فقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} وما ذكر في السؤال من الإحسان إليهما.
فالذي نوصي به الابن هو الحرص على رضا الوالدين بكل ما أمكنه، ولو أدى ذلك إلى أن يستدين بعض المال لهذا الغرض؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما. رواه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو، وصححه الألباني.
وليس لزوجته حق في منعه من الصدقة والإنفاق على والديه وأخته، بل ينبغي أن تشجعه على ذلك، وأن تعينه عليه إن كانت فعلاً تحبه وتحب له الخير، فإن في إحسانه لهم صلاحاً له في دينه ودنياه؛
أما في دينه: فإن صلة الرحم من أحب الأعمال إلى الله تعالى، ففي الحديث عن رجل من خثعم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في نفر من أصحابه، فقلت: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟ قال: نعم، قال: قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله، قال: قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: ثم صلة الرحم، قال: قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: الإشراك بالله، قال: قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قال: قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف. قال الإمام المنذري: رواه أبو يعلى بإسناد جيد.
وأما في دنياه: فسعة الرزق وطول الأجل؛ قال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه
هذا إن استطاع هذا الرجل الجمع بين العطاء لوالديه والنفقة الواجبة عليه لزوجته وأبنائه، فإن لم يستطع فإن المقدم حينئذ هو نفقة الزوجة والأبناء، لأن الفقهاء قد نصوا على ذلك، فقد قال صاحب كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع: ويبدأ من لم يفضل عنه ما يكفي جميع من تجب نفقتهم بالإنفاق على نفسه، فإن فضل عنه نفقة واحد فأكثر بدأ بامرأته؛ لأنها واجبة على سبيل المعاوضة؛ فقدمت على المواساة.
واستدلوا على ذلك بحديث جابر الذي أخرجه مسلم في صحيحه وفيه: إذا أعطى الله أحدكم خيراً فليبدأ بنفسه وأهل بيته. وبحديث ثوبان بن بجدد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال صلى الله عليه وسلم: أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله. رواه مسلم
قال المناوي في فيض القدير: ومقصود الحديث الحث على النفقة على العيال وأنها أعظم أجراً من جميع النفقات كما صرحت به رواية مسلم: أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. والنفقة الواجبة على الزوج تجاه زوجته وضحناها في الفتوى رقم: 50068، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 51137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(13/17029)
نفقة الأم المطلقة على من تجب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي تساؤل: في حالة وفاتي سأترك ولدا له نصف تركتي وابنتين يتقاسمان النصف الآخر بعد استبعاد الثمن الذي يخص زوجتي التي هي ليست أمهم من يكون كفيلا بنفقة والدة أولادي المطلقة التي لا ترث شيئا مني أهو ابنها الذكر فقط؟ أم أن البنتين يشتركان معه بنسبة ميراث كل منهم؟
أرجو إفادتي لتوضيح هذه النقطة لهم وشكرا جزاكم الله خيرا وأبقاكم ذخرا للمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة الأم إذا كانت فقيرة تجب على جميع أبنائها الذكور والإناث إن كانوا قادرين موسرين بإجماع العلماء، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ويجبر الرجل على نفقة والديه وولده الذكور والإناث إذا كانوا فقراء وكان له ما ينفق عليهم. والأصل في وجوب نفقة الوالدين الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه. رواه أبو داود، وأما الإجماع فحكاه ابن المنذر قال: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة في مال الولد. انتهى من المغني.
فإذا احتاجت تلك الأم إلى المال وجب على أبنائها جميعاً أن ينفقوا عليها، ويسدوا حاجتها، ولكن العلماء اختلفوا في كيفية توزيع ذلك عليهم. هل يكون بحسب الإرث أو اليسار أو غيره، وقد بينا الخلاف في ذلك والراجح منه في الفتوى رقم: 20338، فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(13/17030)
نفقة اليتيم الذي لا مال له.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[مات زوج أختي وعنده بنتان منها ولم يترك لها أي مال بل ظهر أنه مدين من فلان وفلان ولم يترك أي قطعة من المال، فهل يجوز أن نطالب والد المتوفى بنفقة للبنات ودفع مؤخر أختي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في من تجب عليه نفقة اليتيم الذي لا مال له، فعند الإمام الشافعي أن نفقته على أمه الموسرة، وعند الإمام أحمد أن نفقته على من يرثه، كلُ بقدر إرثه، قال ابن قدامة في الكافي: فإذا كان له أم وجد فعلى الأم ثلث النفقة وعلى الجد ثلثاها ... إلى آخر كلامه.
وقد ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى (وعلى الوارث مثل ذلك) أن الجمهور فسروها بأنه يجب على الوارث مثل ما يجب على الأب من إنفاق على أم الرضيع وعدم الإضرار بها. وذكر أنه استدل بهذه الآية فقهاء الحنفية والحنابلة على وجوب نفقة الأقارب، وذكر أنه مذهب جمهور السلف.
وعليه؛ فيحق للأم مطالبة والد الزوج بنصيبه من نفقة البنات.
وأما مؤخر الصداق فهو دين على الزوج يحل بموته ويجب في تركته، فإن لم يكن له تركة، فيبقى في ذمته، ويندب لأقاربه أن يقضوا عنه الدين، ويندب للزوجة أن تسامحه وتعفو عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1426(13/17031)
حكم صرف المال الحرام على الأم الفقيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحتفظ ببعض النقود في البنك وآخذ بعض الفوائد من البنك وعلمت أنه لا يجوز شرعا ولكني قرأت هنا في بعض الفتاوي أنك من المستحب لك أن تتبرع بهذا المال لفقراء المسلمين ولكن أمي ولله الحمد فقيرة جدا ومريضة بالسكر وبعض الأمراض الأخرى وأبي على قيد الحياة ولكنه يحب المال حبا شديداً ولا ينفق على أمي إنها تريد علاجا وطعاما وأشياء أخرى أمي لا تملك أي شيء غير حب الله والرسول فقيرة جداً وأنا الآن خارج بلدي في غربة وأنا قلق على أمي وإني أكبر الأبناء فهل يجوز لي إعطاء أمي فوائد البنك والله هي محتاجة إليه جداً والأقربون أولى بالمعروف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يجوز لك الاحتفاظ بنقودك في البنك الربوي ويجب عليك سحبها، وما حصلت عليه من فوائد يجب أن تتخلص منه، وقولنا يجب يعني أنه إذا لم تفعل ذلك فأنت آثم ومتعرض للعقوبة الإلهية في ترك الواجب، ولا ندري من أين لك أننا قلنا إنه يستحب ذلك ولا يجب؟! .
وأما صرف هذا المال إلى والدتك المحتاجة فلا، لأن نفقتها واجبة عليك إن أعسر والدك أو امتنع عن الإنفاق عليها وكنت موسراً فنفقتها واجبة عليك، فهي إذاً غنية بك وليست فقيرة يدفع إليها ذلك المال.
جاء في المدونة: فقلت لمالك: فالمرأة يكون لها الزوج وهو معسر ولها ابن موسر أيلزم الابن النفقة على أمه وهو يقول: لا أنفق عليها لأن لها زوجاً؟ قال مالك: لا. ينفق عليها ولا حجة له في أن يقول: إنها تحت زوج، ولا حجة له في أن قال فليفارقها هذا الزوج حتى أنفق عليها. فلها أن تقيم مع زوجها ويلزم ولدها نفقتها. اهـ
هذا.. وإذا كنت فقيراً جاز لك في هذه الحالة دفع هذا المال إلى أمك، وراجع الفتوى رقم: 18727.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(13/17032)
هل يجب على الأولاد الإنفاق على زوجة أبيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[اطلعت على الفتوى من جانبكم ونسال الله أن يوفقنا للعمل بها إن شاء الله، ورقم الفتوى: 67263، فقط أريد التوضيح في كيفيه معاملتنا لزوجة أبي بوضعها في مأساتنا كلها هل يجب علينا النفقة عليها أم هو فضل سعة إن تمت لا بأس بها أقصد ليس بواجب إن قمنا بها جزينا وإن لم نقم لا تثريب علينا؟
الأمر الثاني في اتهامها في التعامل مع السحرة والشعوذة بدون دليل حصل لأخي شيء في تصرفاته أشبه بالجنون وبعد اتباع الرقية الشرعية والعلاج بالقرآن كان يتحدث عنها وعن مساعدة أهلها وطريقة عمل السحر وفعلا وصف أمورا غريبة وأماكن لأوراق شعوذة وهو نائم تحت تأثير الرقية مع استمرار قراءة القرآن، عندما أفاق من النوم سئل عن أسماء ذكرها أكد أنه لا يعرف منها ولا أي أحد،وفعلا الأسماء ظهرت صحيحة بعد التحري من وجودها لأننا فعلا لا نعرفهم والأوراق بمكانها وجدها من وجدها من الثقات وسلمناها لحفظة القرآن لإبطال سحرها هل هذا يعتبر دليلا أم لا؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعاملوا زوجة أبيكم بالتي هي أحسن امتثالا لأمر الله تعالى بحسن المعاملة مع المسلم، وبرا وإحسانا بأبيكم، فالله سبحانه وتعالى يقول: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34-35} ونرجو أن تطلع على الفتويين: 50453، 54560.
وأما النفقة عليها فهي تابعة للنفقة على أبيكم، فإن كان فقيرا يحتاج إلى النفقة فيجب عليكم نفقتها وما يتعلق بها. قال العلامة خليل المالكي في المختصر: وإعفافه (الأب) بزوجة واحدة. قال شراحه: ويجب على الولد نفقة الوالد لفقره، وعليه نفقة زوجته وخادمها.
واما اتهامها بالتعامل مع السحرة ... فإنه لا يجوز أن يتهم المسلم بهذا النوع من الأعمال، وما ذكرت لا يمكن أن يأخذ به كدليل شرعي يحكم به على شخص بريء، والذي ننصحكم به بعد تقوى الله تعالى هو المحافظة على الأذكار والأدعية المأثورة في الصباح والمساء وخاصة فاتحة الكتاب وآية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين، وإذا كان في الابتعاد عن زوجة أبيكم قطع لهذه المشاكل وتقليل لأسباب الكراهية والبغضاء فلا شك أن ذلك أفضل. ونرجو أن تطلع على الفتويين: 26485، 51514. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(13/17033)
حكم رفع الابن قضية نفقة ضد أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي منفصل عن أمي منذ 15 عاماً ولا ينفق علي وحاولت أن أتقرب له ولكنه كان يبعد عني كثيرا فهل يجوز أن أرفع عليه قضية نفقة؟
مع العلم أني أقدم على مرحلة جامعية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة القريب على قريبه نفقة إرفاق وليست نفقة مقدرة في مقابل حق، ولذا يفرق العلماء بين نفقة الأقارب ومن ذلك نفقة الأب على أولاده ذكوراً وإناثاً، ونفقة الزوجة من وجوه:
أولاً: نفقة الزوجة مقدرة ونفقة القريب بقدر الحاجة.
ثانياً: نفقة الزوجة في مقابل التمكين من نفسها والحبس على زوجها، ونفقة القريب لا في مقابل حق.
ثالثاً: نفقة الزوجة لا تسقط بالتقادم بخلاف نفقة القريب.
وقد أشار الإمام السيوطي رحمه الله تعالى إلى ذلك في الأشباه والنظائر فقال: نفقة الزوجة والقريب افترقا في أمور:
أحدهما: نفقة الزوجة مقدرة ونفقة القريب الكفاية.
الثاني: نفقتها لا تسقط بمضي الزمان بخلاف نفقة القريب.
الثالث: شرط نفقة القريب إعساره ويسار المنفق، ولا يشترط في نفقة الزوجة.
الرابع: يباع في نفقة الزوجة المسكن والخادم دون نفقة القريب على ما اختاره طائفة، وقد تقدم في مبحثهما. اهـ
وعليه، فلا يصح لك أن ترفع ضد أبيك قضية نفقة عن الزمن الماضي إلا أن يكون قد حكم بها في حينها حاكم، ولك أن تطالبه بالنفقة عن ما يستقبل إن كنت عاجزاً عن الكسب ولا مال لك، أما في غير هذه الحالات ففي مقاضاته جفاء، والواجب عليك أن تحسن إليه ولو أساء إليك.
أما أمك، فإن كانت مطلقة من أبيك وهذا هو الذي فهمناه من قولك: منفصل عن أمي، فليس لها أن تطالب إلا بنفقتها حين كانت زوجة أو معتدة غير ناشز.
أما إن كان انفصال أبيك عن أمك بغير طلاق ولم تكن أمك ناشزاً، فلها الحق أن تطالب بنفقة ما مضى من السنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1426(13/17034)
النفقة على الأخ بين الوجوب والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ وحيد و7 أخوات وكلهم متزوجون ظلمت من أخي لقيامه بأخذ حقي وعدم الاعتراف به وسيطرته على الوالد بأن لا يعطيني حقوقي أي الاموال المستثمرة لدى الوالد وبعد سنوات تغيرت الأحوال وأصبح أخي والوالد لايملكون الأموال وأخي الآن كلما تتأزم عنده الأمور يحضر لي وأقدم له مما أتاني من الله والآن أنا مسافر اتصل بي أهل بيتي بأن أخي محتاج لمال والموجود لدى أهل بيتي قليل فطلبت من أهل بيتي بتقسيم المبلغ إلى ثلاثة والدي وأخي وأهل بيتي وعملت بذلك كي يقوم الوالد بمنح المبلغ لأخي خوفاً من أهل بيتي يغضبوا ويدعوا بأنني أقوم بحرمانهم من هذه النعمة لأخي وأن تبقى في نفوسهم فهل عملت الخير بذلك. أفيدوني جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك أولا على هذا التعامل الطيب والخلق الحسن مع أهلك. واعلم أخي أن المسلم يبلغ بالخلق الحسن درجة رفيعة عالية يوم القيامة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني. وقال صلى الله عيله وسلم: إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات لله بحسن خلقه وكرم ضريبته. -طبيعته الحسنة- رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني.
وأما بخصوص النفقة على الأهل، فإنها واجبة على الولد لوالديه إذا كانا محتاجين، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد.
وأما النفقة على إخوتك، فإن وجوبها محل خلاف بين أهل العلم، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 44020. وبناءً على ما رجحناه في هذه الفتوى فلا تجب عليك إلا إذا كانوا فقراء، وكنت وارثا لهم، وأنت لست كذلك، لأن أباك يحجبك عن ميراثهم، فلا تجب عليك نفقتهم إذاً، قال ابن قدامة في " المغني": ولو كان الأخوان لأحدهما ابن، والآخر لا ولد له، فعلى أبي الابن نفقة أخيه، وليس له دفع زكاته إليه، والذي لا ولد له، له دفع زكاته إلى أخيه، ولا يلزمه نفقته، لأنه محجوب عن ميراثه. وقال ابن حزم في " المحلى" فإن حجب عن ميراثه الوارث، فلا شيء عليه من نفقاتهم. إلا أن صدقتك على أخيك المحتاج من أفضل الصدقات، فهي صدقة وصلة رحم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة. رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني. ولهذا فإننا نوصيك أخي الكريم بمواصلة هذا الخلق الكريم، ولا يضرك إن كان أخوك قد ظلمك من قبل، فإن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن لي قرابة أصهلم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولايزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم. أضف إلى ذلك أن ظلم أخيك لك كان منذ مدة، فربما يكون قد ندم على صنيعه، لاسيما بعد إحسانك إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(13/17035)
ثلاثة شروط لوجوب النفقة على الأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ لا يريد العمل وهو في الأربعينات من عمره تلح علي أمي دائما بأن أصرف عليه بعلم زوجي أو دون علمه إلى أن تعبت من كثرة مصاريفه وكراء منزله مع العلم فهو يعيش في علاقة غير شرعية مع فتاة ولا يشرب الخمر ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن للمرأة الحرة الرشيدة حرية التصرف في مالها فيما أباحه الشرع، ولو من غير إذن زوجها، فراجعي لذلك الفتاوى التالية: 1618، 31928، 9116.
وسبق لنا بيان وجوب النفقة على الأخ بثلاثة شروط: الأول: أن يكون الأخ فقيراً لا مال له ولا كسب، والثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليه فاضلاً عن نفقة نفسه، والثالث: أن يكون المنفق وارثاً، ولمزيد من التفصيل راجعي الفتوى رقم: 44020.
فإذا كان أخوك لا مال له ولا كسب أي لا يقدر على الكسب، وكنت وارثة له، أي أنه لا وارث له يحجبك كأبيه أو أبنائه، وكنت قادرة على النفقة عليه، فإن نفقته واجبة عليك، وأما إن تخلف أحد هذه الشروط الثلاثة فلا تجب عليك نفقته.
أما إذا كان يصرف نفقتك في المحرمات، فيجب عليك أن تمنعي عنه من النفقة ما يصرفه في المحرمات، ومن ذلك إنفاقه على الزنا والعياذ بالله تعالى، فإن الزنا من أكبر الكبائر، ومن أعظم الفواحش، فقد قال الله تعالى عنه: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(13/17036)
هل يجب الإنفاق على الأبوين الموسرين
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أنا شاب أبلغ من العمر 29عاماً وأعمل موظفا, وأريد الزواج، ولكن لا أستطيع لأن مالي يذهب لأبي وأمي المشكلة هي أنه لدى أبي من العقارات ما يكفي من المال ولا يريد أن يبيع من هذه العقارات ما ييسر زواجي، السؤال هو: هل يجوز أن لا أعطي والدي من مال وظيفتي وأن أتزوج به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى لك تيسير الأمور، ثم اعلم أخي أنه إذا أمكنك الجمع بين تحصيل المال للزواج والإنفاق على أبويك أو دفع ما يرضيهما من المال إليهما، فهذا أمر طيب، فرضا الوالدين طاعة من أجلِّ الطاعات وقربة يتقرب بها إلى الله عز وجل، فهما اللذان كانا السبب في وجودك في هذه الدنيا وتعبا في تربيتك، فليكن جزاؤهما منك الإحسان.
فإن لم تستطع الجمع بين الأمرين فلا حرج عليك في ترك الإنفاق عليهما لأنهما في غير حاجة إلى إنفاق منك لأن نفقتهما ساقطة عنك لوجود أملاك لهما يستطيعان بيعها والإنفاق من ثمنها على نفسيهما، وراجع الفتوى رقم: 39229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(13/17037)
التبذير وتضييع نفقة الأهل الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب عديم المسؤولية وكان يملك المال الوفير ولكن تجارته خسرت الآن، ومازال يعيش بالأحلام ويتصرف بطريقة غيرمعقولة ويقول لا أستطيع أن أعيش من دون الملايين وأصرف بالآلاف وياليت علينا بل على الناس لكي لا يظنوا أنه لا يملك المال كالسابق ونحن نشعر بأن المال لا بركة فيه والدليل أصبح يبيع ما تبقى من بيوت ليصرف ويتباهى ونحن الضحية، ولكن أمي ذكرت لي حكاية من قبل عن أبي وهي أنه في بداية عمل أبي كان متفقا مع الكفيل على أنه يعطيه الشيكات مقابل أن يأخذ أبي البضاعة من التاجر كبداية لعمل وأخبره أنه سوف يعطيه نصف الأرباح سنويا، ولكن رغم ذلك كله لم يعمل الكفيل أي شيء ولا يتحمل الخسارة أيضا من هذه البضاعة، ولكنه بعد أن كبرت تجارة أبي وأصبح يملك المال قال لأمي أنه سوف يعطي فقط 1000 أو 2000 درهم كل سنة رغم أن الربح يكون أكثر من ذلك، ولكن أبي كان يخشى أن يطمع الكفيل بالمؤسسة ويطرد أبي لأنه لا توجد حقوق تحفظ لأبي حقه، ولكنه قال إذا بقيت معاملته جيدة للنهاية ولا أدري أية نهاية سيعطيه الأرباح وحقه كاملا، ولكن منذ سنوات حدثت مشاكل بينهما وأدت لخسارة أبي وتركه للدولة ولم يعطه ما وعده هل هذا حرام ويحاسب عليه وأن ما يحدث لنا بسبب هذا المال وأن أمي تتحمل هذا الذنب لصمتها على ذلك أم أنها غير مسؤولة عن تصرفاته، وأنه هو المسؤول عن العائلة والصرف عليها وهو يتحمل الذنب فقط أرجو الإجابة فورا فالأمر طارىء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في السؤال إجمالا لا يمكن معه أن نجيب عليه جواباً وافياً، وعلى كل فإنه لا تخلو هذه المعاملة فيما يظهر من احتمالين:
الاحتمال الأول: أنهما اتفقا على أن يضارب (يستثمر) والدك بمال كفيله، مقابل نصف الأرباح، وأن لا يتحمل الخسارة وعلى هذا الاحتمال فالمضاربة فاسدة وهذه الصورة وحقيقتها قرض بفائدة وعليه فليس للكفيل إلا رأس ماله مع الأرباح ولوالدك أجرة مثله أي نظيره، وراجعي الفتوى رقم: 53270.
الاحتمال الثاني: أن لا يكون في حقيقة الأمر مضاربة وإنما كفالة فيشترط الكفيل على والدك نصف الأرباح مقابل كفالته وتكون تلك الشيكات التي أصدرها الكفيل كضمان لعمل والدك في السوق، وفي هذه الحالة لا يستحق الضمين شيئاً لأن أخذ المال على الضمان غير جائز، وراجعي الفتوى رقم: 54292
هذا وليعلم أن المرء يأثم إثماً عظيماً بتبذيره لأمواله وإضاعة أهله في نفقتهم الواجبة عليه، وفي الحديث: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد.
وأما بشأن أمك وهل هي آثمة بسكوتها على امتناع والدك عن دفع حق الكفيل، فنعم إن كانت المسألة مضاربة أو شراكة كما تقدم ذلك وعلمت بأن لكفيله حقاً إذ أن الواجب على من رأى منكراً أن يغيره حسب استطاعته، لحديث: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1426(13/17038)
عدم إنفاق الأب على بنته لا يسقط حقه عليها في الإنفاق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إنفاق المرأة على والدها، علما بأن الوالد تخلى عن الإنفاق عليها منذ ولادتها وتركها تتربى في منزل من ليس من محارمها، بل واستولى على إرثها من والدتها وأنفقه على إخوتها من زوجة أخرى مع سوء المعاملة والظلم لها، علما بأنها الآن متزوجة ولها وظيفة تدخل عليها راتبا شهريا، فهل تجبر على الإنفاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على الولد ذكراً كان أو أنثى الإنفاق على والده إذا كان الوالد فقيراً وكان الولد موسراً؛ لما بيناه في الفتوى رقم: 33090.
وأما ما ذكرته السائلة من سوء معاملة الوالد لابنته وعدم إنفاقه عليها وإهماله لتربيتها فذلك كله تقصير منه في حقها وسيسأل عنه يوم القيامة إذا لم تسامحه، ولكنه لا يسقط حقه عليها في حسن الصحبة والإحسان والصلة والإنفاق عليه إن احتاج، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
وننصح هذه البنت بتناسي ما سلف والعفو عما كان، فما يزيد الله عبداً بعفو إلا عزا، مع ما في رضى الوالدين من الأجر والمثوبة، فرضاهما سبب في رضى الله، كما أن سخطهما سبب في سخطه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف! قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم، هذا ونسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يسلك بنا سبيل الرشاد إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(13/17039)
لا يجوز للأب أن يأخذ من مال ولده ليعطيه لولده الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يأخذ من أموالي ويعطيها لأخي ليعمل بها مشاريع مع العلم بأن أخي يفعل الفاحشة فهل يجوز لي أن أرفض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب فعل ذلك، وإنما يجوز له أن يأخذ من مال ولده عند الحاجة لنفسه وانظر الفتوى رقم: 25339، ومن حقك أن ترفض طلب والدك، ولكن عليك بالرفق واللين وبيان الأمر لوالدك ويفضل أن تعرض عليه الفتوى المحال عليها أعلاه. وفقك لله لمرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1426(13/17040)
نفقة الأب أولى أم قضاء الدين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدين مقدم على نفقة الأب المحتاج أم العكس؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الولد المليء تجب عليه نفقة والده المحتاج بالإجماع، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. وذكر ذلك أيضاً ابن نجيم وابن المنير وغيرهما.
ومستند هذا الإجماع هو ما رواه البيهقي في سننه وابن ماجه وصححه الألباني من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله؟ إن لي مالاً وولدا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، قال: أنت ومالك لأبيك. وفي رواية: إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم. قال السيوطي معقباً: وهذا يدل على أن النفقة واجبة على الموسر ولو صغيراً.
وقال الشوكاني: فيدل ذلك على أن الرجل مشارك لولده في ماله....
هذا في حالة ما إذا كان الولد موسراً، وأما إن كان معسراً وكسبه لا يفضل عن نفقته، وأبوه زَمِن فعليه أن يضمه إلى نفسه، ويطعمه مما يطعم، ويلبسه مما يلبس.
وكذا إذا كان له مال وعليه دين، فإن نفقة الأب المحتاج مقدمة على قضاء الدين، لأن الإنفاق لا يحتمل التأخير والتأجيل كالدين، قاله أبو يوسف، ولأنه حينئذ يكون في حكم المعسر فيجب إنظاره لميسرة، كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280} .
إلا أنه يجب أن تكون نفقته حينئذ منضبطة في حدود الضروري والحاجي، وأما الكماليات والتحسينيات فلا، إذ هي نافلة (ولا يتنفل من عليه القضاء) كما يقول أهل العلم.
وإذا أنفق الولد على والده وترضاه فلعله أن يدعو له، ودعوة الوالد لولده لا ترد؛ لما أخرجه ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. حسنه الألباني.
فيفتح الله بسبب تلك الدعوة من رحماته وبركاته وألطافه ما يتيسر به الحال، ويذهب به الضيق والكلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(13/17041)
أخذ الأب مال ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأب أخذ كل مرتب ابنته وإعطائها مبلغا بسيطا، وفي هذه الحال هل يجوز للبنت أن تقوم باستخدام أشياء ملكا لوالدها دون إذنه وتبرر لنفسها ذلك بأخذه لأموالها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب أخذ مال بنته إلا إذا كان فقيراً فله أن يأخذ من مالها كفايته، فإن كانت غنية بمرتبها مثلا فلا يجب على الأب أن ينفق عليها من ماله، ولكن تنفق على نفسها أو ينفق عليها أبوها من مالها، وجواب سؤلك سبق في الفتوى رقم: 51310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(13/17042)
نفقة الأب الفقير واجبة على الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ستة إخوة ثلاثة منهم عاجزون تماما والدي درس ثلاث سنوات في كلية الإمام الأوزاعي ببيروت ورث عن والده أرضا لكنه لا يعمل فيها فوالدتي هي التي تؤمن العمال للأرض وتدير كل شؤون الأرض وهي تختلط بالرجال بناء على ذلك والدي يقضي كل وقته أمام التلفاز وهو شديد الإسراف على الطعام والحلويات ويعلل إسرافه بالآيات التي تحض على الإنفاق وهو لا يطبق من الدين إلا ما يوافق رغباته فهو لا يصلي الصبح إلا عند شروق الشمس وكذلك بقية الأوقات لقد باع القسم الأكبر من الأرض بسبب الإسراف وأصبح علينا دين حوالي مليون ليرة سورية وهو يكره الدخول إلى المنزل بسبب وجود إخوتي العاجزين فيه وهو لم يعط زوجته حقها كزوجة كما أمر الشرع وهو دائما يفكر بالزواج عليها وبفضل الله تم وفاء الديون من قبل أخي الذي يعمل في التجارة ومن ريع الأرض التي تعمل بها والدتي حيث يقومون بالإنفاق على والدي أصبحنا على أبواب الزواج وبحاجة إلى مساكن لكن الأمر لا يعنيه ولا يكترث له أخبروني ماذا سأفعل وكيف نتصرف معه بحيث لا نغضب ربنا هل نترك له المنزل ونسكن بمنزل بالإيجار بعيدا عنه وهل نحن ملزمون بالنفقة عليه أرجو منكم البيان لأنني في حيرة من أمري وبأسرع وقت ممكن؟ وإذا تكرمتم علي وأرجو من فضيلتكم إرسال الجواب على بريدي لأنني لا أعرف كيف أجده بين الفتاوى وسدد الله خطاكم لما فيه نفع الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالدين عظيم لا يتقدمه إلا حق الله عز وجل، كما قال سبحانه وتعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} وقال تعالىِ: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وقد أكد القرآن الكريم على وجوب برهما والإحسان إليهما ولو كانا كافرين، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا {العنكبوت: 7}
فالواجب على الولد طاعة أبويه إلا إذا أمرا بمعصية فلا طاعة للمخلوق في معصية الخالق، فالوالدان جعلهما الله تبارك وتعالى سببا في وجود الأبناء، ولهذا فرض عليهم برهما والإحسان إليهما، وليس ذلك من باب النوافل أو التطوع وإنما هو فرض من الله تعالى، والمؤمن يفعل ذلك امتثالا لأمر الله تعالى، وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ فالواجب عليكم المحافظة على بر أبيكم والإحسان إليه، كما يجب عليكم نصيحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وخاصة فيما يتعلق بالصلاة وأدائها في وقتها مع الجماعة في المسجد، وليكن ذلك بطريقة ودية محترمة. ولا مانع من السكن في بيت آخر بالإيجار أو غيره خارجا عن محل سكنى الأبوين، ولكن ذلك لا يسقط حقهما في البر والإحسان ووجوب النفقة عليهما إذا كانا محتاجين
ولهذا، فإن نفقة أبيكم واجبة عليكم إذا كان فقيرا وأنتم مأجورون على ذلك وعلى نفقة إخوانكم العاجزين، وللمزيد من الفائدة فنرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 49048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(13/17043)
إنفاق الأخت على أمها وأخواتها أجره عند الله عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسم بالله أني أحبكم في الله حبا كبيرا احتراما لما وهبكم الله من العلم والفقه والأصول. أسأل الله أن يزيدكم من أفضاله الواسعة وينير دربكم بالمزيد من العلم لتعطونا من المواعظ والأحكام ما يفيدنا ويخرجنا من ظلمات أنفسنا ويثبتنا وإياكم على المحجة البيضاء -آمين، أخي في الله، أستسمحكم في الإطالة هذه: أنا سيدة متزوجة وأم لطفلة تبلغ من العمر سنة و3 أشهر. توفي والدي قبل زواجي وكنت ولازلت أعمل لكسب لقمة العيش لتأكل أخواتي الثلاث وأخي الصغير ووالدتي. عملت بكد وجهد في شركة خاصة وكان راتبي مخصصا كليا لعائلتي هذه، ولم أبخل عليهم بقرش واحد إذ إن مدخولي الشهري كله أعطيه لأمي التي تتصرف فيه دون تدخل مني. ثم تزوجت وكان شرطي الوحيد هو أن أستمر في وظيفتي وأعيل أسرتي وأن لا أنفق ولو قرشا واحدا في بيت الزوجية. وبما أن زوجي يشتغل في مدينة بعيدة عن القرية التي تعيش فيها أسرتي والتي أشتغل فيها (يجب علي أن أقطع مسافة 90 كلم لمدة ساعة كاملة للالتحاق بزوجي ناهيك عن المصاريف) ، فإنني استمررت كما في فترة قبل زواجي: أعمل (مكتبي يوجد على بعد أقل من 1 كلم) وأعيش مع أمي وإخوتي، ثم إنهم هم الذين اقترحوا بل اشترطوا على زوجي أن أستمر في العيش معهم نظرا لما سبق ذكره ولأنهم حسب قولهم لا يطيقون العيش بعيدا عني بدليل أني في مقام الوالد والأخ الأكبر بالنسبة لهم ... استمررنا على هذا الحال ماشاء الله من الزمن، ثم خرجت ابنتي إلى النور وأصبحت ألاحظ مع توالي الأيام أني غير مرغوب في داخل الأسرة، وتوالت بيني وبين إخوتي المشادات الكلامية حول موضوع ضرورة رحيلي من البيت - مع أن لي فيه النصيب الأكبر من التشييد ولي الحق في نصيبي من الإرث بعد وفاة والدنا رحمه الله، ورغم هذا كله كنت أصبر دائما ولا أملك غير الدموع أذرفها والناس نيام ولا أنسى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. إلى أن جاء يوم اجتمعت علي أخواتي بدون مبرر ليقلن لي وبالإجماع اخرجي من بيتنا لا نريدك بيننا وإلا رميناك وابنتك خارجا وبالتحديد في المزبلة كما حاولت إحداهن قتل ابنتي خنقا. منذ تلك اللحظة أصبحت هذه التصرفات تتكرر بصفة تعمدية وعادية كأن عليهن لزاما طعني بالكلام الجارح وعلي أنا الرضوخ لهن أو الرحيل. أنا حائرة فزوجي محدود الدخل ولا يملك بيتا بل هو مضطر لكراء مسكن قريب من مكان عمله، وصابر على بعده عني وعن ابنته التي يحبها بجنون إكراما لأمي وإخوتي الأيتام. لكن باستطاعتي الإنفاق على نفسي وببدخ لو شئت إلا أنني أخاف على عائلتي التي لا تقدم لي غير الكره والبغض من الجوع والتشرد. عقلي تائه وحياتي ملخبطة لا أعرف ما الذي علي فعله بالتحديد. أنا لحد الساعة صابرة جدا وأقول إن هذا من همزات الشيطان، وأتذكر باستمرار وصية والدي لي بالاعتناء بهم وعدم التخلي عنهم. أنا لا أريد منهم جزاء ولا شكورا إنما أجري على الله. لكني أريد أن يطمئن قلبي بسماع نصيحتكم التي هي بالتأكيد ستكون مستوحاة من ديننا الحنيف
للإشارة فقط: كل أخواتي متدينات جدا وتواظبن على تتبع كل البرامج الدينية. وفوق هذا كله تكرهنني أشد من كرههن لشارون، صدقوني أنا أقصد تماما ما قلته مع أنني أقسم بالله العلي القدير لم أتصرف معهن بما يستحق كل هذا ولست من النوع الشرير بل أتفقد دائما مواضع احتياجهن وأحرص على مأكلهن ومشربهن ولم أقصر يوما في واجبي تجاههن بل لأجلهن أعمل ولأجلهن ابتعدت عن زوجي. وبالمقابل سمعت من إحداهن قذف زوجي بالزاني وقالت عني المتشردة العديمة المأوى. وآخر المستجدات اتفقن على ألا يغسلن الأواني التي تأكل فيها ابنتي، وعند عودتي من العمل أجد المطبخ مليء بأطباقها وقنينة الرضاعة والملاعق وغيرها استخدموها لتأكل بها ابنتي التي فوضت أمري فيها لله سبحانه، ففي كل مرة أتوقع أن أدخل إلى البيت لأجدها ميتة أو أجدها مرمية بالخارج. اللهم ثبتني على الطريق المستقيم وألهمني الصبر والطاعة لك ولوالدتي التي تكاد تموت من المشاكل واهد أخواتي لما يرضيك ونور قلوبهن بالرحمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت على خير إن شاء الله، ونسأله سبحانه أن يجعل عملك هذا في ميزان حسناتك. ومن باب التذكير وليطمئن قلبك كما أردت وطلبت نقول: إن في إعالتك لأمك وأخواتك فضلا كبيرا وأجرا عظيما، ويمكنك أن تطلعي على بعض ما ورد في فضله وأجره في الفتوى رقم: 54907، ويتضاعف الأجر والثواب إن شاء الله بما ذكرت من أمور منها: 1-أنك برعايتك وإنفاقك على أمك وأخواتك تكونين ساعية على الأرملة وكافلة لليتيم وسبق في الفتوى رقم: 3152، ما في ذلك من الأجر والثواب 2ـ في رعايتك لهم تنفيذ لوصية والدك، وهذا من البر بالوالد بعد موته، ويرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 7893، 3ـ طلبك في كل ذلك الأجر من الله وعدم انتظار الجزاء منهم أو الشكر. 4ـ مقابلتهم ما قدمت لهم وما تقدمين بالجحد ونكران الجميل وصبرك على ذلك. 5ـ عدم مقابلة إساءتهم بالمثل وما فيه من عمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. رواه مسلم. ثم نقول لهؤلاء الأخوات فإن الأولى بكن والأحرى أن تعرفن لأختكن حقها وتقدرن لها قدرها، وتضحيتها فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان. وأخيرا نقول للأخت فإن المؤمن كيس فطن، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، فاحرصي على ما ينفعك، وخذي بالأسباب ومنها: البحث عن سبب كرههن لك لا سيما وأنهن متدينات وأنت لم تسيئي إليهن، ونرى أن تجلسي معهن جلسة مصارحة وتسأليهن ماذا ينقمن منك؟ وتذكريهن بما تقدمينه من أجلهن أو توسطي بينك وبينهن أمك أو أحد أقاربك ليحل الخلاف بينكن، ثم لماذا لا يسعى زوجك في بناء مسكن يضمكما بحيث لا يكون لأحد عليكما منة، وتساعدينه في ذلك مع بقائك على رعاية أخواتك وأمك. ونسأل الله عز وجل أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1426(13/17044)
الاستدانة للإنفاق على الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنني أم لأربعة أطفال وأعيش في غربة، وحاليا أنا وزوجي لا عمل لنا حيث إننا نعيش من إعانات الدولة وهي غير كافية لنا، والدي يصر ويلح علي كثيراً أن أرسل إليه مصروفا رغم علمه بظروفنا الصعبة، مع العلم بأن له الكثير من الأبناء والبنات غيري، كنت أضطر للاستدانة حتى لا أغضبه وفي الفترة الأخيرة توقفت نهائيا عن الإرسال لأنني أخاف أن أقابل ربي وعلي ديون مما أغضب والدي مني، فما رأيكم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنفاق على الوالدين الفقيرين واجب على الأبناء كل على حسب وسعه ويساره، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 20338.
قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق:7} ، فإن لم يكن لديك ما تنفقينه على والدك فلا يجب عليك الإنفاق عليه حينئذ، لقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا.
ويجب على إخوتك الموسرين النفقة عليه، هذا إذا لم يكن لدى والدك كسب ولا مال، فإن كان له مال وكسب وليس بفقير فلا تجب النفقة عليه، ولكن ينبغي إرضاؤه بشيء من المال من باب البر عند الاستطاعة، ولا يجب عليك الاستدانة لأجل ذلك وإن غضب منك، لأنك لم تمنعيه حقا، وليس له أن يغضب لذلك واجتهدي في استرضائه بالاعتذار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(13/17045)
هل يتبرأ الأب من أولاده التاركين للصلاة ولا ينفق عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص ملتزم وأصلي جميع الفرائض ولله الحمد إلا أن أبنائي الكبار مع الأسف لا يصلون بالرغم من أنني أدعوهم بالرفق والنصيحة والموعظة الحسنة إلا أن جميع محاولاتي لم تأت بشيء! وأنا متضايق جدا من تصرفهم وأفكر بترك المنزل والعيش لوحدي! سؤالي::هل يجوز لي أن أتبرأ من أولادي؟ أو أطردهم من المسكن؟ أو أوقف المصروف عنهم؟ س: هل علي ذنب بفعلهم طبقا للحديث الشريف \" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيتة \"
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الأب أن يأمر أبناءه بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين، وأن يضربهم عليها وهم أبناء عشر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أولا دكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم وهم أبناء عشر. رواه أبو داود وغيره. فإذا أدى الوالد هذا الواجب فقد برأ من الاثم سواء صلى الأبناء أم لم يصلوا، وعلى الوالد أن يُديم النصح والتوجيه والإرشاد، وأن يستخدم من الوسائل المشروعة ما يكون حاملاً لأبنائه على أداء الصلوات في أوقاتها، وهذه الوسائل تختلف في حصول ثمرتها باختلاف الأحوال، فمن الأبناء من يجدي معه منع المال عنه، ومنهم من لا يصلحه إلا الهجر ... وهكذا.
أما التبرؤ من أبنائك أو طردهم من البيت فلا يعد هذا حلاً للمشكلة مع مخالفته لمقصود إصلاحهم فضلا عن معارضته للشرع، فأبناؤك تجب نفقتهم عليك، ومن النفقة توفير المسكن الملائم لهم.
وإننا لنوصيك بأن تداوم على نصحهم والدعاء لهم، وأن تستعين على ذلك بأهل الخير والصلاح من علماء بلدك وأئمتها. وعليك أن تسلط عليهم الرفقاء الصالحين، وأن تحول بينهم وبين وسائل الفساد من قنوات فضائية وإنترنت..وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(13/17046)
مدى وجوب إنفاق الولد على أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي صرف المال ويطلب مني مالا ليصرفه ما العمل علما أنه يصرفه ولا يقول في أي جهة ويرفض الحديث في ذلك وعندما يعترف أجده غير صادق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يجب أن تعلم أن بر الوالدين والإحسان إليهما واجب شرعي، وسبيل عظيم لرضا الرب سبحانه، وفي الحديث: رضا الرب في رضا الوالد، وسخطه في سخط الوالد. رواه الترمذي.
وعليه، فالواجب عليك أن تبذل جهدا في إرضاء أبيك والإحسان إليه وطاعته في المعروف، هذا من حيث العموم.
أما بخصوص ما يأخذه منك والدك من مال فهذا يفصل فيه، فإن كان لحاجة إليه في النفقة وتوابعها ولا قدرة له على الكسب فهذا حق مشروع له، لأن الشرع أوجب له ذلك عليك، وإن كان لغير حاجة وليس في ما يأخذه مضرة مجحفة، فالأولى أن لا تحرمه من ذلك لأن فيه مبالغة في الإحسان إليه، وراجع الفتوى رقم: 22356 والفتوى رقم: 28965.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(13/17047)
الوالد أحق بالإنفاق عليه وإن فرط في تربية ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الوالد الذي قام بالتربية أحق من الوالد الحقيقي الذي لم يقم بالتربية وترك الأطفال طوال 40 عاما وأيهم أحق بالصرف عليه من جانب الأبناء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الأب في البر والإحسان والنفقة إن احتاج إليها ثابت لا يسقط بحال من الأحوال سواء قام بالحق الواجب عليه اتجاه أبنائه أو ضيعه لسبب أو غيره.
وذلك لأن بر الوالد والقيام بحقه واجب لكونه أبا، لا في مقابلة إحسانه أو تربيته أو غير ذلك مما هو واجب عليه، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} ، ومن الإحسان إليهما الإنفاق عليهما عند حاجتهما، قال ابن قدامة نقلا عن ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
ومن هذا يتبين للسائلة أن الواجب تقديم حق الوالد في النفقة وغيرها على غيره ولو كان ذلك الغير قام بالإنفاق والتربية، ولا يعني هذا أن ذلك المربي ليس له حق، بل إنه من باب المعروف والمجازاة بالإحسان ألا يترك وخاصة إذا كان في حاجة إلى ذلك، ويقدر من رباه على مساعدته أخذاً بقول الحق سبحانه: هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {الرحمن:60} ، وقوله صلى الله عليه وسلم:..... من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
هذا، وننبه إلى أن هذا المنفق يمكنه الرجوع بالنفقة على أبي هؤلاء الأبناء لكن بشروط منها ألا يقصد بنفقته التبرع، وأن يكون الأب غنياً وقت الإنفاق وإلا فلا يمكنه المطالبة باسترداد ما أنفق، قال الدردير ممزوجاً بنص خليل بن إسحاق: (أو ينفق) على الولد خاصة شخص (غير متبرع) على الصغير فيرجع على أبيه لأن وجود الأب موسرا كالمال لا إن أنفق متبرع أو كان الأب معسرا فلا يرجع. انتهى.
وله أيضاً أن يرجع على الولد الذي أنفق عليه إذا كان للولد مال تعسر الإنفاق منه عليه علم به المنفق واستمر المال إلى حين رجوع المنفق، قال خليل في مختصره: وعلى الصغير إن كان له مال علمه المنفق وحلف أنه أنفق ليرجع عليه ... معناه لو أنفق أجنبي على صغير له مال حين الإنفاق عليه ... فله الرجوع في ماله ويحلف أنه أنفق ليرجع إلا أن يشهد على ذلك حين الإنفاق فلا يمين عليه حينئذ، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7167.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(13/17048)
هل للوالد حق في مال ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الولد الذي يعمل أن يصرف على أهل بيته (أبيه وأمه) مع العلم أن والده مقتدر وميسور ماليا هل يجب على الولد أن يصرف عليهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع العلماء على وجوب نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
فإن كانا غير محتاجين فالجمهور على أنه ليس لهم من مال ولدهم إلا بقدر حاجتهم، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل أحد أحق بكسبه من والده وولده والناس أجمعين. رواه سعيد في "سننه". وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه. رواه الدارقطني.
ومذهب الحنابلة أن للأب والأم كذلك حقا في مال ولدهم مع حاجتهم ومع عدمها صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرط أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، واستدلوا بأدلة منها ما روت عائشة رضي الله عنها, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم, وإن أولادكم من كسبكم. أخرجه سعيد, والترمذي , وقال: حديث حسن. وروى عمرو بن شعيب , عن أبيه, عن جده, قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي اجتاح مالي. فقال: أنت ومالك لأبيك. رواه الطبراني , في معجمه مطولا, ورواه غيره, وزاد: إن أولادكم من أطيب كسبكم, فكلوا من أموالهم. وروى محمد بن المنكدر , والمطلب بن حنطب , قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي مالا وعيالا, ولأبي مال وعيال, وأبي يريد أن يأخذ مالي, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك
والراجح ما ذهب إليه الجمهور، ولكن يستحب له أن يعطيهم من ماله -لاسيما إذا طلبوا منه ذلك- ما تطيب به خواطرهم ويرضيهم به، فإن ر ضاهم سبب لرضا الله تعالى عنه وسخطهم سبب لسخط الله تعالى عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ولمزيد من الفائدة يرجى الإطلاع على الفتويين التاليتين: 689، 33090.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(13/17049)
هل يجب على الابن أن ينفق على أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً، وجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم، أبي رجل كبير في السن له مخبز صغير يعمل فيه أخي بالأجرة وهو من يقوم بالمسؤولية الكاملة عنه وأبي ليس لديه رأس مال ولكن بجهد أخي الذي يعمل وأبي من يمسك بالأمور المالية كلها وينفق علينا الذين لا نعمل وندرس بالجامعة ولي أخ كبير يعمل ويأخذ راتباً ممتازاً ولكنه يستغل طيبة أبي وحياءه ولا يدفع ما عليه من مستحقات مالية كالكهرباء والماء ولا يساعد في تعليمنا، مع العلم بأن أبي أنفق عليه آلاف الدولارات وزوجه ولم نستفد منه بمليم واحد، فهل ما يفعله من عدم تسديد ما عليه حرام أم حلال، هو يبرر لنفسه لأن أخي الذي يعمل مع أبي لا يلزمه أبي بشيء لأن أجره لا يتلائم مع ما يبذله من جهد؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفقة الأب واجبة على الابن إذا لم يكن للأب ما يكفيه، أما إذا كان الأب غنياً فلا يجب على الولد أن ينفق عليه شيئاً، وإن كان ذلك مندوباً قياماً بحق البر والصلة، وطمعاً في الثواب والأجر، وجلباً لمحبة الوالدين ورضاهما، فقد قال صلى الله عليه وسلم: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب في سخطه. رواه الترمذي والحاكم وصححه.
وبناء على ذلك، فلا يجب على أخيك المذكور أن ينفق على أبيك شيئاً، فالظاهر من حاله الاستغناء عن ذلك، أما ما يدفعه أبوك من مستحقات مالية عن الكهرباء والماء، فالظاهر أنه على سبيل التبرع لأخيك المذكور، لأن نفقته غير واجبة على الأب لاستغنائه، فإذا أراد الأب الحصول على هذه المستحقات من ولده جاز له ذلك بقدر ما عليه من استهلاك للماء والكهرباء، وراجع الفتوى رقم: 54694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(13/17050)
الأخذ من مال الأب دون علمه بين الإباحة والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت من أبي مبلغ 200 جنيه كمصاريف كورس بالكلية ... ثم وجدت أن هذا الكورس غير ضروري وعدد كبير من زميلاتي استرجعن نقودهن قبل أن يبدأ.... وبعد ذلك طلبت من أبي بعض المال كي أشتري ملابس للشتاء فكل مرة أطلب منه يقول لي سأعطيك ولم يعطني.... فهل يجوز لي أخذ مبلغ ال200 جنيه وأشتري به ما يلزمني؟؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك قائما بما يجب عليه من النفقة عليك وكسوتك الكسوة الشرعية ونحو ذلك ولكنك تطلبين شيئا زائدا على هذا، فلا يجوز لك أن تأخذي من هذا المبلغ شيئا إلا بإذنه، لأنه لم يعطه لك إلا لغرض معين، فإذا لم ترغبي في صرف المبلغ في هذا الغرض تعين رد المبلغ إليه، أما إذا لم يكن قائما بما يجب عليه نحوك من النفقة أو الكسوة الشرعية، فلا حرج عليك في أن تأخذي من هذا المبلغ أو من غيره من ماله، بقدر ما يكفيك لذلك بالمعروف، ولا يجوز أن تأخذي شيئا زائدا على ذلك، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. قال الإمام ابن حجر في فتح الباري: قال القرطبي: قوله: خذي أمر إباحة بدليل قوله: لا حرج، والمراد بالمعروف القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية. وراجعي الفتوى رقم: 31157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(13/17051)
من حق الزوجة التصرف في مالها ولو بغير إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مقيمة في هولندا متزوجة، والدي ووالدتي مقيمان في مصر وهم في حاجة للمال وأنا أريد أن أبعث لهم مع أن زوجي لا يريد، وأنا والحمد لله كان دون علمه يدخل لي من البلد مبلغ من المال وعمري ما طالبته وكان يدخل في مصروف البيت وأنا لا أستجيز أن أبعث لهم دون علمه، أعلمكم أن المبلغ الذي ذكرته غير موجود في هذا الوقت، أرجو الإجابة علي في أقرب وقت؟ أختكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المال الذي تريدين إرساله إلى والديك ملكاً لك، فليس لزوجك الحق أن يعترض، وذلك أن للمرأة الحرة الرشيدة حرية التصرف في مالها فيما أباحه الله وأحله، ولو من غير إذن الزوج في قول جمهور أهل العلم، وانظري الفتوى: 9961.
وإذا كان والداك فقيرين، فإن نفقة الوالد الفقير واجبة على الولد الموسر، فتجب عليك النفقة عليهما إن كنت موسرة.
وأما إن لم يكن لك مال وأردت أن ترسلي لهما من مال زوجك، فلابد من إذنه ورضاه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، ويجمل بالزوج إن كان موسراً أن يبادر بالصدقة على أهل زوجته المعسرين، لأن ذلك من حسن العشرة لاسيما إذا كانت الزوجة تعينه أحياناً في النفقة وتكاليف الحياة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(13/17052)
هل يجب على الابن تسليم راتبه لأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من فتاة باختياري وبرضى والدي (الوالدة متوفاة والأب أعاد الزواج) ذات خلق اسلامي. ولم يمض شهر واحد حتى استأذنت الواد بعمل زوجتي بعدما نجحت في مسابقة أجرتها قبل العرس بأيام، لكنه رفض رفضا مطلقا، رغم توسط بعض الأقارب حتى زوجته. وذلك بدعاوى مختلفة منها؛ أن زوجتي تبقى بالبيت (بيته حيث إنني لا أملك سكنا خاصا) وهوالذي يتكفل بمصاريفها، رغم أنني عامل وهو لا يعمل على الدوام. تريثت فترة حوالي عشرين يوما، ثم ذهبت إليه وزوجتي لمناقشته في الأمر، لكنه رفض دون نقاش، وفي حالة عملها لا يمكن لكم البقاء بالبيت مطلقا. قررنا الذهاب لأنه لا أمل لنا في تحسين ظروفنا المزرية سوى ذلك، مع عدم قطع الاتصال به. لكنه قاطعنا ومنع أخواتي الاتصال بي أو حتى قبول هديتي. وكلما مر الوقت إلا وازداد حنقا علينا، وزدات تبريراته لأفعاله اتجاهنا. ويحدث أصحابي بما خلاصته أنه تعب علي ولما اشتد ساعدي تركته يتخبط في مشاكله ولا أعينه ماديا. وأنا لا أملك بيتا ولا مالا ولا ... سوى مواصلة دراستي والعمل لسد رمق ولداي وزوجتي، وإعانة أخواتي خفية ضد نوائب الدهر. وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير يوم زواج شقيقتي التي تليني مباشرة حيث عاثت زوجة أبي فسادا واختتمتها بالذهاب دون إتمام العرس إلى بيت أهلها، وكما ذهب جل من حضر قبل مغادرة أختي العروس إلى بيتها الجديد مما شكل لنا حرجا، لكن الله ألهمنا حسن التصرف.
وقد اتخذ قرارات فورية بأن آخذ حاجياتي من بيته فيمهله ثلاثة أيام وإلا أحرقها. فأخذتها درءا لأي مشكل قد يحدث. وأعاد الكرة بأن منعني من حضور زفاف شقيقتي الثانية، وتوعد إن حضرت أنا وزوجتي فسوف يفعل الأفاعيل، وفي النهاية يكون على حساب عرس أختي، فأحجمت عن الذهاب.حاولت مرارا وتكرارا إصلاح ما بيننا، كما تدخل جدي (أبوه المتوفى مؤخرا رحمه الله) ، وبعض معارفنا الذين يكبرونه سنا، لكنه يرفض في كل مرة، وقد قلت له مرة تعالى نتحاور مع أنني أنا المخطئ لنصل إلى نتيجة وننهي الموضوع، لكنه رفض ويشيح بوجهه عني في كل مرة. فوالدي، سامحه الله يتهم زوجتي بتغييري، لكن أقولها شهادة لله، أنه رماها بكلام بذيء رغم ذلك دائما تقول لي تحمل أفعاله لأنه والدك وسيأتي اليوم الذي يتغير فيه. والأمر المحير أنني كنت أفضل أبنائه وأحسنهم، وبشهادته رغم هذا الخصام أنني لم أتعبه في صغري أبدا. كما أنه يتحدث إلى الناس أنه إذا كان وحيدا تحدثه نفسه بمسامحتي وأنه ظلمني وزوجتي، لكنه إذا رآني رأى سوادا بيني وبينه. أجيبوني يرحمكم الله، فإن الأمر ملأ علي حياتي بالتفكير وضميري يؤنبني دائما للبحث عن الحل وتهتز روحي في حالة وفاة أحدنا مخاصما للآخر بغض النظر عن من الظالم والمظلوم. ملاحظة: المشكلة الأساسية في الموضوع والدي يود أن أعمل وأعطيه ماهية الشهر وهو يتصرف فيها كما يحلو له. مع العلم أن الفارق بينه وبين زوجته الثانية 20سنة ويبلغ هو من العمر 57 سنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك للخير وأن يؤلف بينك وبين والدك. والذي ننصحك به أخي الكريم أن تواصل السعي لإصلاح ما بينك وبينه، ولا تيأس فيقودك اليأس إلى الإعراض عن أبيك فتهلك، وراجع الفتوى رقم: 7490. وأما طلبه أن تسلم له المال فليس ذلك واجبا عليك، ولكن إن فاض لك مال بعد الإنفاق على نفسك والنفقة الواجبة عليك لزوجتك وأولادك وكان هو محتاجا فيجب عليك أن تنفق عليه في هذه الحالة.
وليس من حق أبيك أن يمنع زوجتك من العمل لأنه لا ولاية له عليها والأمر في ذلك راجع إليك. وأما عمل المرأة فلا مانع منه شرعا إن انتفت المحاذير الشرعية كالفتنة والاختلاط المحرم وأذن به الزوج. ونرشدك أخي الكريم إلى أن تكثر لوالدك الدعاء بأن يوفقه الله للرضا عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(13/17053)
متى يجوز للوالد الأخذ من مال ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي توظفت بعد أن تخرجت من الدراسة، فهل يجوز لي أن آخذ راتبها كله أو جزءا منه مع العلم أنها غير متزوجة وتقيم معي، وإلى أي حد يمكنني ذلك، وهل هناك فرق بين رضاها وعدم رضاها؟
أجيبوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 40383 أن الوالد إن كان فقيرا أو مسكينا وجبت نفقته على ولده الموسر، أما إن كان الوالد -أبا أو أما- غير فقير فلا تجب نفقته على ولده، ولا يجوز أن يأخذ الوالد شيئا من مال ولده إلا برضاه وبالضوابط المشار إليها في خاتمة الفتوى رقم: 51310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(13/17054)
هل يجب على الأخ الإنفاق على إخوته عند عجز الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنه توجد عائلة مكونة من خمس بنات وأخ واحد والأب الآن لا يعمل والذي يعمل هو الأخ وقد أنعم الله عليه بعمل ممتاز وماديته ممتازة، ولكن المشكلة أن الوالد يقول بأن الابن غير مجبور أن يصرف على أخواته وإذا أعطاهم يعطيهم الزكاة وأنه يجب على البنات أن ينفقوا هم على أنفسهن وكذلك الأب يشح على بناته والابن كذلك لا يتذكر إلا بعد حين، وإذا أرسل يرسل كل 4 أشهر أو أكثر والأب لديه الآن قطعة أرض ويريد أن يكتبها لابنه دون البنات لأن الولد على رأي الوالد لا يجوز أن يصرف علينا ولا ريال وهذا بدل الذي أنفقه، مع العلم بأن البنات كلهن في سن التعليم وكذلك غير متزوجات، السؤال: على من تجب نفقة البنات وخصوصاً أن الأب أصيب بالجلطة في دماغه ولا يعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن النفقة على العيال واجبة على الأب، فإذا كانت له أرض أو ممتلكات فعليه أن يبيعها وينفق منها على عياله، فإذا لم يكن له شيء وكان عاجزاً عن العمل وجب على ابنه النفقة عليه وعلى عياله، وما دام هذا الأب فقيراً وعاجزاً ومصاباً بالمرض فعلى الأخ المذكور النفقة على أبيه وأخواته ما دام موسراً قادراً على النفقة، هذا هوالراجح من أقوال أهل العلم، قال ابن قدامة وهو من علماء الحنابلة: وظاهر المذهب -يعني مذهب أحمد- أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه.
فإذا ترك النفقه عليهم في هذه الحالة فهو آثم، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. وللمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 44020.
وأما كون الأب يريد كتابة أرضه للابن دون البنات فهذا لا يجوز لأنه من تأثير بعض الأبناء على بعض إذا كان ذلك تبرعاً من الأب على ابنه، أما إذا كان ذلك عن طريق البيع فلا مانع منه لأننا قلنا إن الأب إذا كانت له ممتلكات فإن الابن لا تجب عليه النفقة، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 44034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(13/17055)
مسائل تتعلق بنفقة الأولاد على والديهم وإخوانهم
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرة الأخ العزيز: أرجو أن آخذ من وقتكم في قراءة هذه الرسالة عارضا إياها على أهل العلم الثقات إن شاء الله وبارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم..... وبعد ,
إن كان يغني الاختصار فالسؤال هو: ما هي الحدود التي تستطيع يدي أن تصلها من مال كل واحد من أولادي دون أن أظلم منهم أحدا ذكرا أو أنثى.
وإن كان لا بد من التفصيل فيها فهو:
أنا رجل قاربت على الستين من العمر , عملت ثلاثين عاما في حقل التدريس ,أعطيت خلالها لزوجتي وأولادي ما يعطيه الآباء والأزواج وكنت حريصا أن لا أغل يدي إلى عنقي , وأن لا أبسطها أكثر مما أمر الله ,رزقني الله أربعة من الذكور وأربعة من الإناث كمايلي:
•بنت مواليد 1972 أكملت دراستها سنتين بعد الثانوية العامة وتزوجت وأنجبت.
•ولد مواليد 1974 أكمل دراسته الجامعية مهندس مكانيك عام 96 والماجستير عام 98 (الجامعة الأردنية)
•ولد مواليد 1975 أكمل بكالوريوس محاسبة عام 96 والماجستير عام 98 (الجامعة الأردنية)
•ولد مواليد 1977 أكمل بكالوريوس محاسبة عام 2001 (التطبيقية) ,وبدأ بدراسة الماجستير عام 2004
•بنت مواليد عام 1979 أكملت سنتين بعد الثانوية العامة ,وتزوجت برجل متوسط الحال
•بنت مواليد 1982 تدرس في السنة الأخيرة بكالوريوس لغة إنجليزية (الزرقاء الأهلية) وعلى حسابي
•بنت مواليد 1986 طالبة في الثانوية العامة لهذا العام 2004
•ولد مواليد 1994 طالب في الرابع الابتدائي في مدرسة خاصة
بدأ عمل الولد الأول \"مهندس مكانيك\" عام 96 ولا يزال.. وكان وضع الصرف أن يضع راتبه بتصرفي وأصرف منه على أمور البيت وتعليم الإخوة والأخوات وما امتاز به عن إخوته أنه حين سافر إلى السعودية حول لنا حوالي عشرين ألف دينار خلال ثلاث سنوات هناك. أما وهو معنا في عمان فكان كل ماله معي أنفق منه ,راتبه اليوم في السعودية 6000 ريال بالإضافة إلى سكن.
الولد الذي يليه وهو ماجستير المحاسبة ويعمل مدرسا في جامعة حكومية في الأردن, بدأ منذ عمله وحتى اليوم يضع راتبه أيضا تحت تصرفي وأنفق منه على تعليم إخوته وأخواته.
الولد الثالث بكالوريوس محاسبة أنفقت عليه خلال دراسته حوالي 12000 دينار أردني وبعد تخرجه من جامعة خاصة عمل حوالي سنتين كان يضع راتبه تحت تصرفي حتى انتسابه للماجستير فتركته له لتعليمه.
البنت التي تدرس إنجليزي أنفقت عليها حتى الآن ما يقارب 6000 دينار غير المصاريف , وبنت الثانوية العامة (التوجيهي) لا أدري إلى أين يكتب لها طريقا في حياتها وكذلك الطفل الصغير مع العلم أن تدريسه يكلف أقساطا بسيطة حوالي 30 دينارا شهريا.
ثمن الأرض ثلاثون ألفا من نقودي الخاصة أضيف لها نقود من ولديّّّ الذين يعملون في الأردن (الأستاذ والمحاسب) ما نسبته 4/30 أربعة إلى ثلاثين من ثمنها والتي اشتريتها حديثا كما أضيف إلى النقود ما نسبته 7/30 سبعة إلى ثلاثين من المهندس وكتبت الأرض باسمي لوحدي. حول بعدها المهندس حوالي 5000 خمسة آلاف دينار اشتريت بها أرضا للاستثمار البعيد واضطررت لكتابتها باسمي لعدم وجود ولدي في البلد.
تزوج المهندس أكبر أولادي حديثا ورزق بطفلة عمرها أشهر قليلة.
الالتزامات الحالية: فصل واحد للبنت التي تدرس إنجليزي بكلفة تقدر ب 800 (ثمانماية دينار) ومصروف البيت الشهري وأقساط مدرسة الطفل الصغير.
الالتزامات المتوقعة: تدريس البنت الأخيرة بعد الثانوية العامة لهذا العام وأقساط الصغير وما يفكر له الكبار من دراسة الدكتوراه في الوقت الذي يرونه مناسبا وزواج اثنين من الذكور بلغوا أكبر من سن الزواج فأعمارهم 29,27 سنة.
هناك أيضا تفكير في التصرف بشقتين نعيش فيهما ببيعهما وبناء مسكن حديث في الأرض أو بيع أرض قديمة غير التي اشتريناها حديثا يمكن بثمنها بناء بيت حديث علما أن ثمن الأرض القديمة كله مني حيث كان أطفالي حينها صغارا جدا.
أصدقاء العمر بعضهم يشير عليّ أن أكون أنا صندوق الجميع وأنا الذي ارسم لهم وأعطي وأنفق حسب تصوري لأن أمامهم الكثير لإنجازه ولا يستطيعون بدوني عمل ذلك, بمعنى أن لا يتصرفوا بأكثر من مصروفهم حتى تجهز لهم مسكنا وتعليما كاملا ويبنون حياتهم معا لا أن أعلمهم الانفصال عن العائلة والتخطيط المنفرد كل لنفسه فقط بعدها لن تستطيع جمعهم.
البعض الآخر يقول إنه لا يجوز أن ينفق من يعمل بالسعودية كل راتبه أسوة بمن هو جالس في الأردن مستريحا بقربك في جو العائلة , وعلى من يذوق ثمن غربته عن أهله أن يكون لذلك ثمن هو فرق الراتب وأن تشجعه على التوفير في الغربة فليس صحيحا أن يحول لك عمل ثلاث سنوات تنفق على البيت ويشترى بها أرضا من فلوسه وتسجل باسم الجميع ليكون له في الميراث ما لسواه من ذكر أو أنثى.
آخرون يقولون إن من عندك يعطونك كل ما معهم ولا يوفرون من رواتبهم شيئا لأنفسهم. وبعضهم يحثني على الاهتمام بالصغير والبنت أو البنات في التعليم المطلوب لينالوا من التعليم والرعاية ما ناله سواهم من مالك الخاص.
أحاول أن أرضي الله أولا في تصرفاتي وأن تكون ضمن ما أمر الله حتى لا أتجاوز حق ذكر أو أنثى ممن هم في حضني أو في أحضان أزواجهم.
فهل لي أن أعرف حكم الله في ذلك حتى أضع صاحب كل حق عند حقه علما أنني لا أطلب لنفسي منهم شيئا إذ أني أتقاضى راتبا تقاعديا يكفي فقط لمصروف البيت.
وجزاكم الله كل خير ومتأسف للإطالة.
حامد عبد الهادي محمد رمضان
00962795451424]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك لك في أهلك ومالك وأن يصلح حالنا وحالك.
أما عن سؤالك فقد اشتمل على عدة مسائل:
المسألة الأولى: هي ما أنفقته على أولادك من أموال وهو قسمان:
الأول: ما هو واجب عليك من النفقة كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن ونحو ذلك، فهذا لا يجوز الرجوع فيه ولا المطالبة بمقابله.
والثاني: ما ليس بواجب كالتعليم عند بعض أهل العلم، وبعض أهل العلم يوجب على الأب أن يعلم ابنه، فهذا يجوز لك الرجوع فيه والمطالبة بمقابله إذا كان على سبيل القرض وليس على سبيل الهبة والعطية.
والمسألة الثانية: هي ما أنفقه أبناؤك عليك وعلى إخوتهم من أموال وهي أيضا قسمان:
الأول: ما هو واجب عليهم كالنفقة عليك وعلى أمهم عند الحاجة، فهذا لا يجوز لهم الرجوع فيه ولا المطالبة بمقابله.
والثاني: ما ليس بواجب عليهم البناء الزائد عن الحاجة وتعليم إخوانهم وشراء الأراضي والأعمال التجارية ونحو ذلك، فهذا يجوز لهم الرجوع فيه والمطالبة به إذا كان على سبيل القرض، أما إذا كان على سبيل التبرع والهبة والعطية فلا يجوز لهم الرجوع.
والمسألة الثالثة: ما يتعلق بالنظام الاجتماعي في هذه المسألة، والحاصل في كثير من البلدان وهو أن الولد الكبير يعمل ويضع كل ما يكسبه بيد أبيه لينفقه على نفسه وإخوانه الصغار، ثم إذا حصلت القسمة كان نصيب الكبير الذي تعب السنين الطوال كنصيب الرضيع الذي لم يعمل قط.
ولا يخفى ما في هذا من الحيف، والذي ينبغي في ذلك هو أنه إذا كبر الولد وصار معتمدا على نفسه فإنه ينفصل ويبني نفسه وحياته، وعليه أن ينفق على والديه وإخوانه إذا احتاجوا لذلك وأن يساعد إخوانه بالمعروف عند كل مناسبة تقتضي المساعدة، سواء كانت تكاليف زواج أو رسوم دراسة أو علاجا من مرض أو غير ذلك.
والمسألة الرابعة: هي ما يجوز للوالد أن يأخذه من مال ولده:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه أحمد وغيره. ومعناه: أن للأب أن يأخذ من مال ابنه عند الحاجة ولو بدون إذنه. قال ابن قدامة في المغني بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه لآخر بدون إذن منه وطيب نفس، نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعد.
وذلك أنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال الآخر أولى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1425(13/17056)
هل يجب على الأب الإنفاق على ابنته التي لها مال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة مطلقة لدى ابنتان وأنا أسكن مع ابنتي في شقة صغيرة هي ملك لأبي بجانب بيت أبي، وأنا أعمل مدرسة وأنفق على ابنتي، وبالنسبة لنفقة البنات فقد تنازلت عنها مع تنازلي عن المهر المعجل والمؤجل لأحصل على الطلاق، وأنا أنفق على ابنتي وعلى منزلي من راتبي ولكن تمديدات الماء والغاز لدي ليست منفصلة فهي مشتركة مع منزل أخي ووالدي هو الذي يدفع فاتورة الكهرباء وثمن الغاز، وهو لم يطالبني بثمن شيء، ولكنني لا أدري إن كان يريدني أن أدفع أم لا، وقد طلبت منه مرة أن يركب لي عداد الكهرباء ولم يرفض ولكنه لم يفعل، وكنت قد سألت أمي إن كان أبي راضياً عن عدم دفعي لثمن الكهرباء وطلبت منها أن تسأله ولكنها قالت لي ما دام لم يتكلم فلا داعي لذلك، ولا أدري إن كان علي أن أدفع له أم لا من ناحية شرعية فأنا لا أريد أن يكون لأحد في ذمتي حق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فما دمت قادرة على دفع تكاليف الكهرباء والغاز، فإنه ينبغي لك أن تدفعي هذه التكاليف، إلا أن يسامح والدك فيها، لأن نفقتك لا تجب عليه، لأنك تعملين ولك مال، وكذلك لا تجب عليه نفقة ابنتيك لأن نفقتهما في الأصل إنما تجب على أبيهما، ولكن بما أنك تنازلت عنها مقابل حصولك على الطلاق، فقد لزمتك، وراجعي الفتوى رقم: 3118.
وعليه، فعليك أن تفاتحي والدك، وتطلبي منه أن تعرفي اإذا كان راضياً بدفع تلك التكاليف أم لا؟ وفي حال عدم رضاه فعليك أن تركبي عداداً للكهرباء وعداداً للغاز خاصاً بك.
ونسأل الله أن يرزقك ويغنيك من فضله، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(13/17057)
لا يلزم الأب الإنفاق على ولده الكبير القادر على الكسب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مسألة وهي أب لديه ابن وهذا الابن متزوج وله أولاد فترك العمل نتيجة ظروف فهل الأب ملزم بالنفقة عليه وزوجته وأولاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم الأب الإنفاق على ولده الكبير القادر على الكسب ولا على أولاد ولده لأن نفقتهم لازمة على أبيهم القريب، فلا يلزم الجد أن ينفق عليهم إلا إذا عجز والدهم لمرض ونحوه فيلزم الجد أن ينفق على ولده وولد ولده لا على زوجة الولد فنفقتها على زوجها، فإن عجز فلها أن تنفق على نفسها ولها أن تفسخ بسبب الإعسار بالنفقة وتعود نفقتها على أبيها إن كانت فقيرة غير قادرة على الكسب.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في أسنى المطالب: تجب النفقة , والكسوة لزوجة أصل – أي أب - تجب نفقته) ; لأنهما من تمام الإعفاف (لا) لزوجة (فرع) – أي ولد - إذ لا يلزم الأصل إعفافه اهـ
وقد سبقت فتاوى ذكرنا فيها متى يلزم الأب الإنفاق على ولده ومتى لا يلزم ومن ذلك الفتاوى بالأرقام التالية 24713، و 25339، و 35641.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(13/17058)
ما عدا الزوجة والوالدين والأولاد لا تجب نفقتهم على الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خاطب واحدة ملتزمة ولله الحمد وهي عندها ما شاء الله 6 أخوات
والدها توفاه الله ونحسبه في الجنة إن شاء الله هل الواجب علي أن أصرف على منزله بعد وفاته وللعلم إن والدة خطيبتي تكون عمتي أخت أبي فهل من الواجب علي أن أنفق على هذا المنزل أم أكتفي بمصاريف خطيبتي التي سوف تكون زوجتي في القريب إن شاء الله توفي والد خطيبتي من حوالي شهر تقريباً وفي خلال هذا الشهر أرسلت مصاريف لمنزلهم ومصاريف إلى والدي أيضا للعلم أنا أكبر إخوتي وعندي مصاريف لبيت الوالد فهل من الواجب أن أنفق على منزل عمتي التي هي أم خطيبتي وجزاكم الله كل الخير وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب عليك الانفاق على أهل المنزل المذكور، كما لا يجب عليك القيام بمصاريف خطيبتك، وإنما يجب على الرجل نفقة زوجته التي دخل بها أو سلمت له نفسها، ونفقة والديه الفقيرين وأولاده الفقراء الذين لا مال لهم.
قال في المغني عند قول الخرقي: وعلى الزوج نفقة الزوجة ما لا غنى لها عنه، وكسوتها. قال: وجملة ذلك أن المرأة إذا سلمت نفسها إلى الزوج على الوجه الواجب عليها فلها جميع حاجتها من مأكول ومشروب وملبوس، إلى أن قال: ويجبر الرجل على نفقة والديه وولده الذكور والإناث إذا كانوا فقراء وكان له ما ينفق عليهم منه. اهـ.
أما ما عدا الزوجة والوالدين والأولاد فلا تجب نفقتهم على الرجل، لكن الإنفاق والإحسان مطلوبان شرعا وأولى الناس بذلك القرابة، خصوصا إذا كان المنفق ذا مال، وهؤلاء أولاد عمتك ورحمك، فإن استطعت أن تنفق عليهم من مالك بما لا يؤثر على واجبك اتجاه والديك فلك عظيم الأجر في ذلك، وستجده عند الله إن شاء الله تعالى إذا أحسنت نيتك وقصدت الأجر والصلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(13/17059)
الواجب في نفقة الأبناء قدر الكفاية
[السُّؤَالُ]
ـ[عند النفقة على الأبناءهل للذكرمثل حظ الأنثيين أم في الميراث فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفقة التي أوجبها الله على الوالد لأولاده الفقراء تقدر بقدر الحاجة والكفاية بالمعروف، فلا علاقة لها بموضوع أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فقد تكون نفقة البنت أكثر من نفقة الولد حسب الحاجة، فلا بد من الإنفاق عليها، قال في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم، إلى أن قال: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية لأنها وجبت للحاجة، فتقدر بما تندفع به الحاجة. ا. هـ هذا عن النفقة الواجبة من أكل وشرب، وكسوة ومصاريف التعليم، أما النحل والعطايا فقد اختلف العلماء في جواز التفضيل فيها بين الأولاد، فلتراجع لها الفتوى رقم: 27543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(13/17060)
نفقة القريب الواجبة مقدمة على الوفاء بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[في ذمتي الآن دين من قرض ربوي ورهن حلي (ذهب) ، وقد استطعت توفير مبلغ مالي لتسديد قسط مما في ذمتي من ديون للتخلص من التعامل بالربا بعد ما علمت بأن ما أقوم به محرم شرعا, ولكن حال دون تحقيق ذلك احتياجات كل من والدتي لترميم منزلها وديون عاجلة مستحقة على أخي, فالرجاء نصحي وإرشادي إلى ما فيه الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقة على النفس وعلى من تلزم نفقتهم كالوالدين مقدمة على وفاء الدين ومن نفقتهم الواجبة توفير المسكن لهم، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ويباع فيها أي نفقة القريب ما يباع في الدين من عقار وغيره لأن نفقة القريب مقدمة على وفاء الدين. انتهى، ومن النفقة على القريب توفير مسكن ملائم له كما قال الخطيب أيضاً: تنبيه: في معنى القوت سائر الواجبات من مسكن وملبس....
وعليه فإذا كان بيت والدتك لا يصلح للسكن إلا بالترميم فترميمه مقدم على قضاء الدين، أما إذا كان يصلح للسكن وكان ترميمه للكمال والزينة، فقضاء الدين مقدم على ترميمه في هذه الحالة، وأما قضاء دين أخيك فلست ملزماً به وإنما أنت ملزم بقضاء دينك، فالواجب عليك قضاء دينك لا قضاء دين أخيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(13/17061)
المراد بالقريب الذي تجب له النفقة عند الشافعية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب للفقه الشافعي عبارة (ويمنع الفقرَ والمسكنة كفايةُ الشخص بنفقة قريب أو زوج لانتفاء الحاجة عندئذ) ، السؤال: هل عبارة بنفقة قريب تعني مطلق القريب أم أن هذا القريب هو من الأصول أو الفروع، أم العبارة تشمل فيما إذا كان مكفيٌا بنفقة أخ أو أخت أو عم أو مطلق القريب؟ ولكم الشكر، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمراد بالقريب هنا الفرع والأصل دون غيرهما من الأقارب. قال العجيلي في حاشية الجمل وهو شافعي عند شرحه لهذه الجملة: قوله بنفقة قريب -أي واجبة- وهي نفقة الأصل والفرع فخرج بها النفقة المتبرع بها على غير الأصل والفرع فلا تمنع الفقر والمسكنة.
وذلك أن الشافعية لا يوجبون إلا نفقة الأصول والفروع، وأما عداهم من سائر القرابات فلا نفقة واجبة لهم، قال صاحب روض الطالب: وإنما تجب -يعني النفقة- على ذي قرابة بَعْضِيَة وتجب له وهم الفروع وإن نزلوا والأصول وإن علوا فقط دون سائر القرابات كالأخ والأخت والعم والعمة ذكوراً كانوا أو إناثاً وارثين وغير وارثين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(13/17062)
نفقة الأب تجب إذا كان فقيرا محتاجا
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي اشتغلت لمدة 10 أشهر قبل أن تتزوج ولم ينزل الراتب في تلك الفترة، وبعد أن تزوجت بسنة نزل الراتب (راتب 10 أشهر) ، ولقد صرفت الراتب كله على نفسها وزوجها وابنها ولم تعط لوالدي منه، ولقد غضب والدي من ذلك وقال إني غير راضٍ عنها لأنني عندي نصيب في ذلك الراتب، هل صحيح أن للوالد نصيب من راتب ابنته، وماهو الحل، علما بأن أبي حالته المادية ميسورة والحمد لله ولكنه يحب المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوالد المذكور إذا كان عنده ما يكفيه من المال لنفقته، فلا تجب نفقته على البنت المذكورة، وبالتالي فلا نصيب له من راتبها، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
لكن الواجب على تلك البنت المذكورة الإحسان إلى أبيها، كما أمر الله تعالى بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
كما يجب عليها البحث عن وسيلة لاسترضاء أبيها واستمالة قلبه، لأن رضاه سبب لرضا الله تعالى عنها وسخطه سبب لسخط الله تعالى عليها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ويمكن الرجوع إلى الفتويين التاليتين: 689، 33090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(13/17063)
لا يجوز للابن الأخذ من مال الأب إلا بإذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأخذ من مال الأب دون علمه، علما بأن الأب بخيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للابن أن يأخذ من مال أبيه إلا بإذنه، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الأب لا ينفق على الابن، وكان الابن صغيراً أو عاجزاً لا يستطيع الإنفاق على نفسه، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31157، 13868، 27073.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1424(13/17064)
النفقة على الوالدين واجبة في مال الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[أناشاب أعمل منذ أربع سنوات، ولم أوفر من راتبي بسبب مصاريف البيت لإخواني ووالدتي، وأنا عازم على الزواج لأصون نفسي وأكمل نصف ديني.
علما بأن الظروف العائلية صعبة.
هل أقطع عليهم المصروف لأجل أن أجمع المال للزواج؟ أم ماذا أعمل؟ علما بأن الوالد عاطل عن العمل، والإخوة كذلك. أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفقة على الوالدين الفقيرين واجبة بالإجماع.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال، واجبة في مال الولد. اهـ.
وعليه، فيحرم عليك قطع المصروف عن والديك، وعليك بالصبر، فإن مع العسر يسرا.
وحاول أن تسعى في تحسين ظروف عملك وزيادة راتبك، لعل الله تعالى أن يجعل بعد هذا الضيق فرجا ومخرجا.
ومن أراد الزواج ولم يستطع، فعليه بالصوم، كما قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(13/17065)
لا تهدي المرأة من مال زوجها إلا بإذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أهدت إليها جارتها هدية من محل زوجها وهو لا يعلم، هل تقبل جارتها الهدية أم لا؟ وماذا تصنع إن كانت قد قبلت الهدية؟ علما بأن الزوج قد توفي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تتصرف في مال زوجها بغير إذنه، وأجاز بعض أهل العلم الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 9457، 31100، 33271، 17365، 22917.
وعليه، فمن أعطته امرأة هدية من مال زوجها وهو يعلم أن ذلك بغير إذنه، فلا يجوز له أخذ هذه الهدية، فإن كان قد أخذها فيجب عليه ردها، فإن كان الزوج قد توفي، فليرجعها للورثة، وعلى هذه المرأة ومن قبل منها الهدية التوبة إلى الله مما صنعوا، ومن التوبة رد الحقوق إلى أهلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(13/17066)
فليراع حق أولاده وليحسن لإخوانه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيدة ولدي تسعه أولاد وليس لدينا بيت ملك ولزوجي أخوان زوج أحد الأخوين بماله والآخر
ساعده في شراء البيت والسيارة مع أن لديه بيتا ويبعث لهم الفلوس وكلما أكلمه يقول لي لا شأن لك
إنها أموالي. وشكرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن إحسان الزوج إلى أقاربه المحتاجين أمر مرغب فيه شرعاً، وكذا إنفاقه على زوجه وأولاده وتوفير المسكن لهم، وليجتهد في مراعاة الأمرين ما أمكنه ذلك، فإن لم يمكن الجمع بينهما، فإن حق أولاده أولى بالتقديم، ثم إننا ننبه هنا إلى أمرين:
الأول: أن تكون الزوجة عوناً لزوجها في بره بأهله وصلته لهم وإحسانه إليهم، لأن ذلك أدعى لحسن العشرة، واستمرار الحياة الزوجية على أحسن حال.
الثاني: الحرص على حل مثل هذه المشاكل بالتفاهم، واحترام كل من الزوجين للآخر، لا سيما وأن الهدف هو تحقيق مصلحة يستفيد منها الطرفان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1424(13/17067)
لا تجب نفقة الولد القادر على الكسب على والده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
عمري 18 عاما ومازلت في المدرسة، وأنا جيد في دراستي، يريد مني أن أعمل وهو لا يعطيني أية نقود لأسجل في دورات مختلفة، وحالته جيدة وحالتي سيئة،
ماذا أفعل؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أن الذي يريدك أن تعمل هو أبوك، فإن كان كذلك فعليك طاعته وبرّه مادمت قادرًا على الكسب. فإن الولد إذا كان بالغًا قادرًا على الكسب، فلا تجب نفقته على والده ولو كان موسرًا، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 25339.
وننصحك بالبحث عن عمل تستطيع معه إكمال دراستك ليلاً أو عن طريق الانتساب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(13/17068)
لا يجوز للوالد من مال ابنه إلا ما يحتاج إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمرأة متزوجة من رجل موظف وعندي ولدان موظفان متزوجان وساكنان معنا في البيت وزوجي ما زال يصرف عليهما من جهة المأكل وهما لا يساعدان أباهما حتى ولو طلب منهما ذلك ثم طلب مني أنا أن أكلمهما في مساعدته في المصروف ثم بعد ذلك أقنعتهما بأن يدفع لي كل واحد منهما ألف ريال في الشهر وقبلا بأن يدفعا لي كل شهر وأصبحت الآن أصرف جزءا منها في المأكل وجزءا أحتفظ به أو أساعد الفقراء وأولادي لا يعرفون ذلك مع العلم أن زوجي سمح لي إذا أقنعت الولدين بأن يدفعا كل شهر بأخذ نصف المبلغ لي فهل يجوز لي التصرف في نصف المال الذي أخذته من الولدين في أعمال خيرية؟
أفيدوني وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر - والله أعلم - أن الذي يجوز من مال الولد لأبيه هو ما كان الأب محتاجًا إليه، ولم يكن فيه إضرار بالابن، ولا تعلقت به حاجته، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 25339 فراجعها.
وبناء على ذلك، فإن النصف التي تدخرينه من مال ولديك لا يباح لك التصرف فيه إلا برضاهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(13/17069)
نفقة الابن المتفرغ للعلم هل تجب على أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما هي الحالات التي تكون فيها نفقة الأب على أولاده لازمة؟ وهل تلزم الأب وجوبا النفقة على ابنه طالب العلم المتفرغ للطلب والتعليم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب على الأب نفقة أبنائه في حالة الصغر، أو عدم القدرة على الكسب إذا لم يكن لهم مال.
وأما التفرغ لطلب العلم، فليس من أسباب وجوب النفقة إذا كان الولد قادراً على الكسب أو له مال، أما إذا كان عاجزاً عن الكسب، فتجب على أبيه النفقة عليه إذا كان يستطيع.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة نحيلك إلى الفتوى رقم:
295.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(13/17070)
خذ ما يكفيك بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أبي يعطيني مصروفاً قليلاً جداً لدرجة انه لا يكفيني خلال أسبوع وأنا ناقشته في هذا الموضوع مراراً ولكنه مصمم على أنه يكفيني خلال الشهر فبدأت بأخذ شيء من أمواله في حدود ما يكفيني فهل هذا حرام؟ وإذا كان حرام فما يجب علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان أبوك موسرًا وقادرًا على أن يعطيك بقدر الواجب عليه من النفقة عليك، فلم يعطك ما يكفيك، جاز لك أن تأخذ من ماله بدون علمه بقدر ما يكفي بلا زيادة، إذ أن الأصل حرمة الأخذ من ماله إلا بطيب نفس منه.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 23512، والفتوى رقم: 27073.
وننبهك إلى أن محل الجواز هو في ما إذا كان إنفاقك في الحلال، وفي ما جرى عليه العرف دون إسراف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(13/17071)
نفقة الأولاد على أبيهم واجبة وإن كان كافرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع وبعد:
فهل يجوز طلب المال من الأب إذا كان كافرا لاستعماله في التعليم والدعوة وأمور شخصية؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أوجب الإسلام نفقة الأولاد على أبيهم وإن كان كافرًا، قال في بدائع الصنائع: فلا تجري النفقة بين المسلم والكافر في هذه القرابة. فأما في قرابة الولادة فاتحاد الدين فيهما ليس بشرط، فيجب على المسلم نفقة آبائه وأمهاته من أهل الذمة، ويجب على الذمي نفقة أولاده الصغار الذين أعطي لهم حكم الإسلام بإسلام أمهم، ونفقة أولاده الكبار من المسلمين الذين هم من أهل استحقاق النفقة. اهـ
وإذا صح هذا في النفقة الواجبة، فلا شك أن جوازه في التبرعات من باب أولى كما أنه لا يوجد حرج في الشرع في قبول الهدية من الكافر أيًّا كان. وانظر الفتوى رقم: 18995.
وبهذا تبين للسائل جواز طلب المال من أبيه وأخذه منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(13/17072)
المهم أن ترجع إليه أمواله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
امرأة كانت تساعد أهلها بإعطائهم المال دون علم زوجها، ثم بعد معرفتها بأن هذا لا يجوز أحبت أن تعرف هل هناك من كفارة لذلك أم تخبر فقط زوجها وربما ستقع في مشكلة معه بسبب ذلك أم تكتفي بالتوبة وعدم الرجوع إلى هذا الأمر؟
أفيدونا جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المال الذي تعطيه هذه المرأة لأهلها من مالها الخاص، فإن لها الحرية في التصرف فيه كيف تشاء، ولا يلزمها أن تخبر زوجها.
أما إن كان من مال زوجها، فلا يجوز لها ذلك إلا بإذنه إلا في القدر اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، كما بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم:
9457،.
وعليه، فإن على هذه المرأة أن ترد هذه الأموال التي أخذتها من مال زوجها إليه متى أمكنها ذلك، ولا يلزم أن تخبره بقصتها، المهم أن ترجع له الأموال بطريقة أو بأخرى، بحيث لا تترتب عليها مفاسد، وفي نفس الوقت تبرئ ذمتها بإرجاع المال لصاحبه مع وجوب التوبة عليها في كل الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(13/17073)
أقوال الفقهاء في من تجب عليه نفقة اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نفقة الأبناء المتوفى أبوهم، على من تجب (الأم أم الأعمام أم الوارث) مع عدم وجود مال لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي لأقارب اليتيم وأمه أن يتنافسوا ويتسابقوا على إكرام اليتيم والإحسان إليه وإنفاقه ورعايته، فقد أمر الله تعالى بالإحسان إليه، وجعل إيتاءه المال من أعمال البر، فقال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً [النساء:36] .
وقال الله تعالى: وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى [البقرة:177] .
وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم الأم والأقارب وغيرهم على ذلك فقال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة ... رواه مسلم.
وقد فسر الحديث الدمياطي في المتجر الرابح: بالأم أو الجد أو الأخ يكفلون يتيمهم، أو الأجنبي يكفل من ليس من أقاربه.
وفي الحديث: من ضم يتيماً من بين أبوين مسلمين إلى طعامه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني.
وفي الصحيحين أن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله، هل لي من أجر في بني سلمة أن أنفق عليهم ولست بتاركتهم إنما هم بني؟ قال: نعم لك أجر ما أنفقت عليهم.
إذا علمت هذا فاعلم أن الفقهاء اختلفوا في من تجب عليه نفقة اليتيم الذي لا مال له، فعند الإمام الشافعي أن نفقته على أمه الموسرة، وعند الإمام أحمد أن نفقته على من يرثه، كل بقدر إرثه، قاله ابن قدامة في الكافي، فإذا كان له أم وجدّ فعلى الأم ثلث النفقة وعلى الجد ثلثاها.. إلى آخر كلامه.
وقد ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وعلى الوارث مثل ذلك: أن الجمهور فسروها بأنه يجب على الوارث مثل ما يجب على الأب من إنفاق على أم الرضيع وعدم الإضرار بها.
وذكر أنه استدل بهذه الآية فقهاء الحنفية والحنابلة على وجوب نفقة الأقارب، وذكر أنه مذهب جمهور السلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(13/17074)
المرأة المتزوجة.. والإنفاق على أبويها
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في أوربا والدولة تدفع مساعدة للأطفال وطلبت من زوجي أن يعطيني هذا المال حتى أساعد به والدي لأنه شيخ لا يستطيع العمل، وأعرف أن زوجي يرسل المال إلى أمه شهرياً كيف أستطيع المكث معه وأنا على علم أن عائلتي لا تجد شيئاً للأكل وراتب زوجي ستة آلاف شهرياً ويملك أربعة بيوت، وكنت أدخر من المال الذي يعطيني زوجي لنفقات أولادي وكنت أرسله إلى عائلتي فقد كنت أعمل في السابق وكان يأخذ مالي فلم أكن أقل له شيئاً أريد أن أعرف هل محرم علي أن أعمل الآن أم لا؟ إذا كان محرماً فكيف يمكن لشيخ كبير أن يجد طعاماً ليسد به جوعه، وكيف أقبل أن يرسل زوجي المال إلى أمه ولا يرسل إلى عائلتي لأني امرأة؟ آمل الإجابة بالعربية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنفقة واجبة على الزوج لزوجته غير الناشز، وأما أهلها فلا يلزمه النفقة عليهم، لكن ينبغي له أن يعاملهم بالبرِّ والإحسان والمعروف، وأن يقدمهم في صدقته ومعونته لمكان زوجته.
وأما المرأة فيجب عليها أن تبرَّ أبويها قبل زواجها وبعده، وأن تحسن إليهما، وإن احتاجا إلى نفقة وكانت ذات مال وجب عليها الإنفاق عليهما.
وأما عمل المرأة إن احتاجت إليه ولم يكن عملاً محرماً أو اشتمل على محرم كاختلاط محرم وخلوة وتبرج ونحو ذلك، فلا بأس به إن كان بإذن الزوج؛ لأن الشرع جعل من حق الزوج على زوجته ألاَّ تخرج من بيته إلا بإذنه.
وما تحصلت عليه الزوجة من مال فهو لها تتصرف فيه كيف شاءت، ولا يحق للزوج الاستيلاء عليه، وإن أخذه بغير رضاها لزمه رده إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(13/17075)
هل تقاضي البنت أباها إذا قصر في الإنفاق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للابنة شرعا أن ترفع قضية على والدها بسبب النفقة التي لم يدفعها للأبناء أو الأم طوال فترة الطلاق علما أنه لا يتعرف عليهم بشيء طوال الفترة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأب ملزم شرعاً بالنفقة على أولاده، لقول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7] .
ولقول الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] .
وهو آثم بترك الإنفاق عليهم إذا كان موسرا وهم فقراء لقول، النبي صلى الله عليه وسلم: كفى للمرء من الإثم أن يضيع من يقوت. أخرجه أحمد وصححه الأرناؤوط.
فإذا لم يؤد الوالد ما عليه بالمعروف فلا بأس أن يرفعه أبناؤه إلى القضاء ليلزمه بما عليه شرعاً، ويكون ذلك بعد نصحه وعرض الأمر على من لهم تأثير عليه من أهل الخير والصلاح أو من أقربائه وأصدقائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1423(13/17076)
مدى وجوب إنفاق الأب على أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الأب (وهو ميسور الحال) أن يلزم ابنته بأن تتحمل نفقات الأسرة بحجة أنه ينفق على أبنائه من زوجته الثانية وعلى أسرة أخيه؟ مع العلم أن أولاد أخيه ذكور وأحدهم يعمل بوظيفة ميسورة وأخبركم بأن أبي منفصل عن أمي ولي أخ شقيق وما زال في مراحل الدراسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إنفاق الرجل على أولاده المحتاجين واجب بالإجماع، قال ابن المنذر رحمه الله: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم؛ ولأن ولد الإنسان بعضُه، ُ وهو بعضً والدهِ، فكما يجب عليه أن يُنفق على نفسه وأهله كذلك على بعضه وأصلِه. اهـ المغني 8/171.
والأصل في وجوب النفقة على الولد الكتابُ والسنة والإجماع، أما الإجماع فقد تقدم، وأما الكتاب فقول الله تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [الطلاق:6] . فأوجب أجر رضاع الولد على أبيه، وقال سبحانه: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] .
ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لـ هند بنت عتبة: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
وعن وهب قال: إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له: إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس، فقال له: تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر؟ قال: لا، قال: فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود.
فهذه النصوص الشرعية وغيرها تدل على وجوب أن ينفق الرجل على أهل بيته والقيام بمصالحهم، فلا يجوز للوالد التقصير في النفقة على الأولاد ولا تضييعها، بل يلزمه القيام بها على الوجه الأكمل.
وقد اتفق العلماء على أن الوالد لا تلزمه نفقة ولده الذي له مال يستغني به ولو كان هذا الولد صغيراً، واختلفوا في لزوم النفقة على الوالد لابنه البالغ الفقير القادر على الكسب، فأكثر العلماء يرون أنه لا تلزمه نفقته لقدرته على الكسب.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن والد غني وله ولد معسر فهل يلزم الوالد الغني أن ينفق على ابنه المعسر؟
فأجاب رحمه الله: نعم، عليه نفقةُ ولدِهِ بالمعروف إذا كان الولدُ فقيراً عاجزاً عن الكسب والوالدُ مُوسراً. اهـ مختصر من الفتاوى الكبرى 3/363، ومجموع الفتاوى 34/105.
ومفهوم قول شيخ الإسلام: إذا كان الولد فقيراً عاجزاً عن الكسب أن غير العاجز عن الكسب - وهو القادر لا تجب نفقته.
واختلفوا أيضاً في البنت التي بلغت الحلم هل يلزم والدها النفقة عليها أم لا؟
فذهب أكثر العلماء إلى أنه يلزمه أن ينفق عليها حتى تتزوج -وهو الأقرب والله أعلم- لعجزها عن التكسب، ولأن إلزامها بالتكسب يفضي إلى مفاسد عظيمة.
هذا مجمل ما يفهم من كلام العلماء من الحنفية في المبسوط 5/223، والمالكية في المدونة 2/263، والشافعية في الأم 8/340، والحنابلة في المغني 8/171.
ولا يجوز للمسلم أن يضيّع النفقة على أولاده بحجة أنه ينفق على أولاد أخيه، قال صلى الله عليه وسلم: وابدأ بمن تعول. رواه مسلم.
ومن حقوق الأولاد التي ينبغي رعايتها حق العدل بين الأولاد، وهذا الحق أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم فلا يجوز تفضيل أولاده من الزوجة الثانية بالإنفاق عليهم وحرمان أولاد الزوجة الأولى.
ومما قد يتعلق به البعض - في موضوع السؤال من قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم: أنت ومالُك لأبيك. رواه ابن ماجه، قال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري وله طرق وشواهد يصح بها. انظر فتح الباري 5/211، ونصب الراية 3/337.
فالجواب أن اللام في الحديث: ليست للملك بل للإباحة.
قال ابن القيم: واللام في الحديث ليست للملك قطعاً، ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث وإلا تعطلت فائدته ودلالته. إعلام الموقعين 1/116.
ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده لم يأخذ المال غير الأب.
وليست الإباحة على إطلاقها، بل هي بشروط أربعة:
الشرط الأول: ألا يكون في أخذه ضرر على الابن، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه، فإن ذلك لا يجوز للأب، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
الشرط الثاني: أن لا تتعلق به حاجة الابن، فلو كان عند الابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها، فليس له أن يأخذها بأي حال.
الشرط الثالث: أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء، ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيراً كان الولدُ أو كبيراً، بشرطين: أحدهما: أن لا يُجحف بالابن، ولا يضر به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجتُهُ. الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيُعطيه الآخر، نص عليه أحمد، وذلك لأنه ممنوعٌ من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يُمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى.
الشرط الرابع: أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49] . فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. رواه الحاكم والبيهقي.
والحديث صححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم: 2564 وقال: وفي الحديث فائدة فقهية هامة وهي أنه يبيِّن أن الحديث المشهور أنت ومالُك لأبيك. ليس على إطلاقه، بحيث إن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلا، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه. والله أعلم.
وعلى ذلك لا يجوز للوالد - وهو ميسور الحال - أن يلزم بنته بالإنفاق على نفسها وأخيها، ولا أن يقدم على ذلك النفقة على أولاده من زوجته الثانية أو أولاد أخيه لما بينّاً.
وقد ثبتت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد الحث على النفقة على الأهل، وأنها من الأعمال الصالحة عند الله تعالى، كما جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت صدقة له. رواه البخاري.
وعن ابن عمر قال: إنما سماهم الله أبراراً لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالدك عليك حقّاً كذلك لولدك عليك حقّاً. انظر الأدب المفرد: 94.
فينبغي لهذا الأب أن يتقي الله تعالى وأن يعدل بين أبنائه، وأن ينفق عليهم مما أعطاه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(13/17077)
السفر من أجل الكد على أمه وأختيه قربة وبر وجهاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في الخارج وأعزب، ولي أم وأختان، وأنا في بلد وهم في بلد آخر، وسبب سفري هوالرزق، هل أنا مذنب بالخروج عن أهلي للعمل على العلم أن أمي تشجعني على البقاء في الخارج لصعوبة الحياة.
ماذا أفعل هل أنا آثم ببقائي بعيدا عن أمي والأختين، على العلم أن أبي متوفى وليس لي أخ. وأن لي عماً وخالاً هناك. وأخواتي كبيرات ولسن متزوجات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السعي في الأرض طلباً للرزق أمر مشروع بل إنه مطلوب؛ لقول الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك:15] .
وقال سبحانه: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [المزمل:20] .
قال النسفي سوَّى سبحانه وتعالى في هذه الآية بين درجة المجاهد والمكتسب لأن كسب الحلال جهاد.
قال صاحب فتح البيان في تفسيره: قال ابن مسعود: أيما رجل جلب شيئاً إلى مدينة من مدائن المسلمين صابراً محتسباً فباعه بسعر يومه كان عند الله من الشهداء.
وقال طاووس: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله.
وبهذا يعلم السائل أنه في جهاد ما دام الغرض من سفره هو الكد على أمه وأختيه، كما أن في ذلك قربة أخرى وهي بره بأمه وتلبيته لرغبتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(13/17078)
الإنفاق على الأبوين الفقيرين واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة ومرتبي عال بالنسبة للوضع الحالي الذي يعيش به شعبي ووالدي ووالدتي فقيران ويحتاجان لمساعدتي لأن لي أخاً وحيداً وعنده 10 أفراد ولكن زوجي لا يريدني أن أساعدهم وذلك لوجود مستلزمات وديون فماذا أفعل هل أعطي أهلي من شهريتي من وراء زوجي وهل هذا جائز في الإسلام أو أواجه زوجي وبذلك تبدأ المشاكل بيني وبينه؟ ماذا عساي أن أفعل رجاءً أريد نصيحتكم ورأي الشريعة والحديث النبوي في ذلك وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفقات في بيت الزوجية هي من واجب الزوج وحده، وليس على الزوجة نفقة إلا أن تشاء.
ولها كامل الحق في التصرف في مالها، وتجب عليها النفقة على أبويها إن كانا فقيرين.
وعلى السائلة الكريمة أن تقنع زوجها بأن من حق والديها عليها الإحسان إليهما والنفقة عليهما.
وعليها ألا تنسى المودة والمساعدة لزوجها. قال تعالى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237] .
ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم:
12162
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(13/17079)
حكم ما تصرفه الزوجة من مال على أخيها وزوجها لا يعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أصرف ماليا على أخي دون علم زوجي وهو عاطل عن العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المال الذي تعطينه لأخيك من مال زوجك فإنه لا يجوز لك ذلك إلا بإذنه. وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 9457.
وإذا كان من مالك الخاص فإن لك الحرية في التصرف فيه كيف شئت ولا يشترط في ذلك علم الزوج ولا إذنه ولكن يستحب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(13/17080)
إنفاق المرأة على زوجها وأولادها من الخير والمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المساعدة بأموالها في البيت بعد أن علمت أن الزوج على علاقة بامرأة أخرى أفيدوني الله ينور عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب على المرأة المتزوجة أن تنفق من مالها على زوجها، أو على بيته، وإن كانت غنية، وإن كان زوجها محسناً إليها لأن نفقتها ونفقة أولادها منه حق لهم واجب على الزوج.
وإذا انفقت المرأة على نفسها، وأولادها، وزوجها بطيب نفس منها، فلا شك أن ذلك من الخير والمعروف، خصوصاً إذا كان الزوج قليل ذات اليد، فعلى الأخت السائلة ألا تحرم نفسها من هذا الخير بسبب تقصير زوجها أو وجود علاقة له بامرأة أخرى.
لكن إن كانت هذه العلاقة المذكورة محرمة، فإنه لا يجوز لك السكوت عن هذا الأمر إن تأكدت منه فيجب عليك عمل كل ما بوسعك مما يردعه ويزجره عن ذلك. على وفق ما هو مبين في الفتوى رقم:
11505.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(13/17081)
الذكور والإناث سواء في وجوب الإنفاق على والديهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تخرج زكاة المال لأبيها أو أخيها لأنها غير مكلفة بالنفقة عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز دفع الزكاة لأحد من الوالدين الفقيرين باتفاق الفقهاء، سواء كان ذلك الدافع رجلاً أو امرأة، وذلك لأن الوالد إذا كان فقيراً وجب على أولاده وبناته نفقته، فإذا أعطوه الزكاة فقد أغنوه عن نفقتهم عليه فيصير من فعل ذلك كأنه دفعها لنفسه، وهذا لا يجوز، وإن كان غنياً فليس أهلا للزكاة لأنها لا تعطى للأغنياء.
أما الأخ الفقير فالظاهر جواز دفع الزكاة له إذا كان يعول أسرة تخصه، أو لم يكن يعولها ولكنك غير قادرة على الإنفاق عليه من مالك الخاص، وراجعي الفتوى رقم:
478 والفتوى رقم:
829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(13/17082)
ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب يحتاج لمساعدة مالية ويعيش في السعوديه وهو سوري قلت له أستطيع مساعدتك إن عدت إلى سوريا المساعدة هنا مكلفة لأن الحياة غالية هناك عندك بيتك فرفض لذلك امتنعت عن مساعدته ولا يوجد مانع من عودته ما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا ينبغي لك الامتناع من مساعدة قريبك سواء امتثل ما عرضته عليه من الذهاب إلى بلده الأصلي أم لا، لأنك في الحقيقة إن ساعدته فإنما تقدر الخير لنفسك، ولكن إذا كانت مساعدتك له في السعودية مكلفة -كما قلت- فساعده على حسب طاقتك وقدرتك وظروفك، قال تعالى: وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:22] ، وقال: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ [فصلت:46] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(13/17083)
نفقة الزوجة على أهلها ... حكمها ... وفضلها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعمل طبيبة في إحدى مستشفيات الدولة وراتبها بالكاد يكفي لمصروف البيت ومساعدة أهلها وتريد أن تتصدق فهل يجب عليها الصدقة أو الأولى الاكتفاء بمساعدة أهلها وهل تعتبر النفقة على أهلها واجبة أو إحدى أنواع الصدقة وتجزئ عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فيجب أولا أن تعلم أن للمرأة الحرة الرشيدة حرية التصرف في مالها فيما أباحه الله وأحله، ولو من غير إذن زوجها، في قول جمهور أهل العلم.
وأما قولك هل يجب عليها الصدقة وراتبها بالكاد يفي بمصروف البيت ومساعدة أهلها؟ فالجواب عليه هو: أنه إذا كان المراد بالصدقة الزكاة فإنها لا تجب إلا بشرطين:
الأول: أن يبلغ المال نصاباً، وهو ما يعادل قيمة 85جراماً من الذهب.
الثاني: أن يحول عليه الحول " سنة كاملة"
فإن توفر هذان الشرطان وجبت زكاته، وإلا فلا.
أما سؤالك هل تعتبر النفقة على أهلها واجبة؟ فنقول وبالله التوفيق: إن كان والداها من ذوي اليسار والغنى فلا يجب عليها النفقة عليهما، وإن كان والداها فقيرين فالنفقة عليهما واجبة، وانظر فتوانا في ذلك برقم:
689 مع تنبيهنا إياك على أن النفقة في بيت الزوجية هي من شأن الزوج لا الزوجة -ولو كانت ذات راتب- إلا أن تشاء ذلك.
وانظر فتوانا برقم 105
فإن رضيت بالإنفاق على زوجها وبنيه المحتاجين فلها في ذلك الثواب الجزيل والأجر العظيم، وقد روى البخاري في صحيحه أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت يا نبي الله: إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم "
وقال صلى الله عليه وسلم: " الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة" رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح.
هذا هو الأفضل والأحسن، فإن رغبت بعد في الصدقة على غيرهم فلا مانع، إن كانت الصدقة بمال فائض عن نفقتهم هم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1422(13/17084)
إنفاق المرأة من مال زوجها ... ما يجوز وما يحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تنفق من مصروف البيت على الأهل والأقارب كمساعدات مالية بسخاء ولكن أبي يغضب من إسرافها في المساعدات ما رأي الدين؟ وهل تؤجر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأموال الخاصة بالزوج لا يجوز للزوجة أن تتصرف في شيء منها إلا بإذنه، ولو كان التصرف صدقة.
فقد روى أبو داود والنسائي عن عبد لله بن عمرو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها". وروى الترمذي من حديث أبي امامة الباهلي في خطبة الوداع: "لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها".
ويستنثنى من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، فهذا إن تصدقت المرأة به دون إذن من زوجها، كان لها نصف الأجر، ولزوجها النصف الآخر.
روى مسلم عن عائشة قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً".
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له"
قال النووي رحمه الله: (وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له) فمعناه: من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين , ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن الذي قد أولناه سابقا إما بالصريح وإما بالعرف، ولا بد من هذا التأويل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الأجر مناصفة، وفي رواية أبي داود (فلها نصف أجره) ، ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها، بل عليها وزر، فتعين تأويله. واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة، فإن زاد على المتعارف لم يجز، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة) فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة، ونبه بالطعام أيضا على ذلك؛ لأنه يسمح به في العادة بخلاف الدراهم والدنانير في حق أكثر الناس، وفي كثير من الأحوال. واعلم أن المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال وغلمانه ومصالحه وقاصديه من ضيف وابن سبيل ونحوهما، وكذلك صدقتهم المأذون فيها بالصريح أو العرف. والله أعلم) انتهى كلام النووي.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1422(13/17085)
تزويج الأم ابنها من مالها مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الأب تزويج ابنه أم يمكن أن تزوج الأم ابنها رغم وجود أموال لدى الأب وكيف إن كان عند الأب أموال ولكن يرغب بشراء بيت له لأنه لا يملك بيتا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع شرعاً من أن تزوج الأم ولدها من مالها خصوصاً عند عجز الأب عن ذلك، أو انشغاله بضروريات أخرى، كبناء مسكن له، أو غير ذلك، بل رغب الشارع في ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن من حق الولد على والده أن يعلمه الكتابة، وأن يحسن اسمه، وأن يزوجه إذا بلغ" رواه ابن النجار في التاريخ عن أبي هريرة بإسناد ضعيف، لكن له شاهد.
قال المناوي: فإنه بالتزويج يحفظ عليه شطر دينه، وقال عند قوله: "إن من حق الولد على والده"، ومثله: الجد، فإن فقد، فالأم وإن علت. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1422(13/17086)
اسلك الطرق الشرعية لإيصال النفقة لابنك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم لقد قمت بتطليق زوجتي قبل سنة لظروف تخص الزوجة وهي عدم صلاحيتها أن تكون زوجة ولي منها ابن في الرابعة من عمره، وحسب الشرع والقانون والذي يفرض علي نفقة الطفل بالإضافة إلى أجرة المسكن والحضانة والتي تعادل 200 كل شهر، ولكن مع بالغ الأسف والد الزوجة المطلقة يعلم عن النفقة ولا يعلم ابنته عن النفقة ولا يعطيها أي شيء من المبلغ ويقول لها إنني لا أدفع لها ويقوم بمعاملة ابني معاملة سيئة، ولا أدري ما رأي الدين في مثل هذا الأمر مع ملاحظة أن القانون في بلادنا مثل الشريعة الإسلامية وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تحاول علاج هذا الأمر بحكمة، كأن توسط رجلاً من أهل الخير والصلاح ممن له قبول عند والد مطلقتك ينصحه بالمعروف، ويبين له فساد ما يفعله. فإن استجاب فبها ونعمت والحمد لله، وإن امتنع فحاول الاتصال بمطلقتك في حدود الشرع والعرف المسموح به، بأن تبين لها جلية الحال لعلك أن تجد عندها سبيلاً ومخرجاً، ولئلا تظن بك تقصيراً في نفقة ولدك فتخبره بذلك، فينشأ مبغضاً لك ساخطاً عليك، ولعل هذا هو الحل الأمثل في مثل حالتك. وننصحك أن لا تلجأ إلى المحاكم طالما أنها محاكم غير شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1422(13/17087)
الأخ الموسر ملزم بالنفقة على أخيه الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الزكاة للأخ الشقيق إذا كان ممن يستحق الزكاة وهل يلزم الأخ بالنفقة على أخيه؟ بينوا لنا ذلك مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
لا حرج في دفع الزكاة للأخ الفقير، وكل ذي قرابة فقير ـ غير الوالدين وإن علوا والأولاد وإن نزلوا لأن نفقتهم تلزم المنفق. ودفعها إلى القرابة أولى إن كانوا فقراء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة" [رواه الترمذي وحسنه] .
هذا إن كان الأخ لا يعول أخاه، وأما إن كان يعول أخاه فلا يصح دفعها إليه لأن النفقة عليه واجبة.
ويكون الأخ ملزما بالنفقة على أخيه إن كان موسرا، وكان الأخ فقيرا، ولا فرق بين أن يكون الأخ وارثاً أو غير وارث. وهو قول أكثر أهل العلم. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/17088)
متى يجوز لبعض الورثة المطالبة بإعادة تقسيم التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك من ورائه والدتي وخمسة إخوة وثلاث أخوات وترك والدي سبعة بيوت وكان ثلاثة من إخوتي وأحد أخواتي يسكنون في البيوت التي تركها والدنا، وعند تقسم التركة قام أحدهم بتقييم قيمة البيوت المسكونة بسعر غير منطقي وبدون أن يطلب منه أحد أن يقوم بذلك ووافق كل الذين كانوا يسكنون البيوت على هذا التقييم؛ لأن هناك مكسبا كبيرا لهم، أما الباقون فمنهم من لم يكن موجوداً وقت القسمة ومنهم من حضر ولكن منعه الحياء أن يخاصم إخوته من أجل المال، والآن بقي بيت واحد فقط من البيوت السبعة, فهل يجوز أن يقوم المتضررون من القسمة الأولى وبعد الاتفاق مع وكيل الورثة أن يطالبوا بتصحيح القسمة لتكون أكثر عدلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا أنكم أنتم ورثة الميت أبناؤه وبناته وزوجته قمتم بقسمة التركة عن طريق المراضاة،
والمراضاة هي أن يتراضى الورثة على طريقة للتقسيم، بأن يأخذ كل وارث شيئا معينا من التركة، ولا يشترط أن يكون الشيء المأخوذ يساوي حصة الآخذ إذا كان المغبون بالغا رشيدا وفعل ذلك مختارا.
ويشترط لصحة ولزوم القسمة حضور المتقاسمين أو من ينوب عنهم، جاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام ما ملخصه: يشترط في لزوم ونفاذ قسمة الرضاء رضاء كل واحد من المتقاسمين, بناء عليه إذا غاب أحد المتقاسمين ولم يكن له نائب وقسم الحاضرون وأفرزوا حصة الغائب فلا تصح قسمة الرضاء أي لا تكون لازمة, ومن حق الغائبين أن لا يجيزوا القسمة وأن ينقضوها. أما إذا حضروا بعد ذلك وأجازوا القسمة فتلزم. انتهى.
وبناء عليه فمن حق إخوتك الغائبين إن لم يكن قد حضر من ينوب عنهم أو لم يأذنوا في القسمة المطالبة بنقض القسمة وإعادتها.
أما سؤالك عن جواز أن يقوم المتضررون من القسمة بالمطالبة بتصحيح القسمة لتكون أكثر عدلاً، فالقسمة بعد تمامها عقد لازم، لكن إذا وقع غبن فاحش في القسمة وثبت ذلك بالبينة أو بالإقرار فقد ذهب بعض الفقهاء أن للمغبون طلب نقض القسمة وإعادتها على تفصيلات لهم في ذلك.
جاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام ما ملخصه: يلزم أن تكون القسمة عادلة سواء كانت القسمة رضاء أو قضاء أي أن تعدل الحصص بحسب الاستحقاق وأن لا يكون بإحداها نقصان فاحش فلذلك تسمع في القسمة دعوى الغبن الفاحش، فإذا تبين وجود الغبن الفاحش في القسمة بالحجة فتفسخ القسمة وتقسم ثانية قسمة عادلة أي أنه يجب أن يثبت وجود الغبن الفاحش في القسمة بالبينة، وإذا كانت القسمة التي وقع فيها الغبن الفاحش رضائية فقد قال بعض العلماء بعدم جواز فسخها، لأنه قد وقع التراضي بين المتقاسمين، وقد قال بعض العلماء وأصحاب المتون بأنه تسمع دعوى الغلط والغبن الفاحش الرضائية أيضا وأنه يجوز إبطالها عند الثبوت لأن جواز شرط القسمة وجود المعادلة فيها وقد عد هذا القول هو القول الصحيح. اهـ.
وعلى هذا فعلى قول بعض الفقهاء فمن حق من غبن في القسمة الرضائية أن يرفع الأمر إلى القاضي الشرعي ويقيم البينة على هذا الغبن ويطالب بإعادة القسمة، لأن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية.
وننصحكم بمعالجة الأمر بالرفق واللين والتذكير بالله وبحقارة الدنيا وأنها لا تستحق الخصام والنزاع. والله يرعاكم ويصلح ذات بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(14/1)
ممتلكات الزوجة الأولى حق لها فلا تأخذ الزوجة الثانية منه على أنه من ميراث الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ومتشارك مع زوجتي في بعض أملاكي. أريد أن أتزوج للمرة الثانية، ولا أريد أن أسبب مشاكل إرثية لزوجتي في حال وفاتي. فهل أستطيع أن أمنع الزوجة الثانية من أي إرث لزوجتي الأولى نصفه كشريكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يعني بقوله هل أستطيع أي هل يجوز أن يمنع زوجته أن تأخذ شيئا ممن ممتلكات زوجته الأولى في حالة وفاته؟ فالجواب يجوز بل يجب عليه ذلك؛ لأن حفظ الحقوق واجب والتعدي عليها محرم، ولا يجوز للزوجة الثانية أن تأخذ شيئا من ممتلكات الزوجة الأولى على أنه إرث لزوجها بعد وفاته، وهو ليس إرثا فحفظ حق الزوجة الأولى في ممتلكاتها أمر واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فعليك أن توثق ملكية زوجتك ومشاركتها لك عند الجهات الرسمية حتى ولو لم تتزوج الثانية، لأنه ربما نازع زوجتك في نصيبها بقية ورثتك ظنا منهم أن كل ما خلفته هو ملك لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(14/2)
نظام المواريث في الإسلام له حكم عظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[سألت سؤالاً قبل أيام نصه: إذا مات أب وله أولاد ثم بعد فترة مات أبو الأب، فهل للأولاد حق بعد موت جدهم أن يأخذوا نصيب أبيهم الذي له من جدهم فقلتم إذا كان لهم أعمام ليس لهم أن يأخذوا حق أبيهم، وإما أن كان لهم عمات، فيجوز فما الحكمة من ذلك، وهل يضيع نصيب أبيهم لأنه لهم أعمام، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الابن الذي مات قبل أبيه لا حظ له من تركته، فإن شرط الإرث تحقق حياة الوارث بعد المورث، وأبناء الميت المباشرين أحق بإرث أبيهم من أبنائه غير المباشرين لأنهم أقرب إليه.
ولأن أبناء أخيهم ورثوا أباهم المتوفى قبل أبيه دون إخوته، فإذا كان الأبناء أحق بتركة أبيهم دون إخوته فأبناء الجد المباشرين أيضاً أحق بتركته دون أبناء أبنائه.
وأما وجود عمات الأحفاد (بنات البنت) فلهن فرض معين إذا لم يكن معهن إخوة في درجتهن فإنهن يأخذن فرضهن وهو الثلثان، وما بقي يأخذه أقرب عاصب وهو الأحفاد أو غيرهم إذا لم يكونوا موجودين.
فالحكمة إذاً هي أن كل قريب أحق بإرث من هو أقرب إليه، وحتى لو لم تفهم الحكمة من ذلك فلنعلم أن نظام المواريث في الإسلام له حكم جليلة ومقاصد دقيقة علمها من علمها وجهلها من جهلها، وعلى المسلم أن يسلم بها، كما قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب:36} .
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(14/3)
من علم أن ماورثه فيه حرام يخرج منه قدر هذا الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[لم نستطع أن نعارض أبي في تسجيل أي شيء من أمواله بأسمائنا (مع أننا لم نوافقه) في أي من البنوك التجارية أو الشركات (قد تكون ربوية) .
والآن وبعد وفاته هل يحق لنا أخذ هذا الإرث المسجل بأسمائنا (مع العلم بأنه عبارة عن أسهم وضعت في بنوك ربوية أو تجاريه والآن تضاعف سعرها إلى حد كبير لأنها وضعت منذ زمن طويل) أو نأخذ رأس المال فقط بدون الفوائد أو نستخرج من هذا الميراث نسبة معينة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن والدكم قد قام بتسجيل أمواله باسمكم، ولم يقبضكم إياها بحيث يحق لكم التصرف فيها تصرف المالكين، فإذا كان الأمر كذلك فهذه الأموال تعتبر تركة كسائر متروكات المتوفى، ولا يختص بها الذين كتب بأسمائهم، ويجب أن يخرج من هذه التركة مقدار ما فيها من الربا ويصرف في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المستشفيات والمدارس ودور الأيتام ونحو ذلك.
قال الإمام النووي في المجموع: من ورث مالا ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد. انتهى.
وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 1695، والفتوى رقم: 35958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(14/4)
الوعيد الشديد لمن يتحاكم إلى غير شرع الله
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جدي لأبي في فلسطين وله أراض زراعية هناك ولديه من الذكور أربع ومن الأناث سبعة، وعند تقسيم الإرث رفض الإناث (بناته) القسمة الشرعية الإسلامية وطالبوا بالقسمة حسب المتبع في القانون المدني لدى إسرائيل والتي هي للأنثى مثل حظ الذكر ... ما رأي الشرع في ذلك، وأرجو إفادتنا بالقسمة الشرعية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا يجب عليه أن يرضى بحكم الله ورسوله في جميع شؤونه، كما قال سبحانه وتعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36} ، وقال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ {النور:51-52} .
وقد قسم الله تعالى في محكم كتابه التركة على الورثة فلم يكل قسمتها إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل، بل تولى قسمتها سبحانه وبينها في آيات من كتابه تتلى آناء الليل وأطراف النهار، فقال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا {النساء:11} ، وعقب ذلك بقوله سبحانه وتعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء:13-14} .
ولهذا يجب عليكم أن تنصحوا أخواتكم باتباع شرع الله تعالى في أمورهن كلها ومن ذلك ما يتعلق بتقسيم التركة، فالمال زائل والحياة منتهية، ولا يجوز للمسلم أن يتعلق بقوانين أعداء الله تعالى الكفار لأجل عرض من الدنيا الزائلة، فالزيادة في نصيب الأبناء على البنات إنما شرعت لحكم عظيمة يعرفها كل متأمل عاقل، وقد حذر الله عز وجل من اتباع حكم الكفار والتحاكم إلى قوانينهم الجاهلية التي لا تمت للعدل بصلة، فقال جل وعلا: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ {المائدة:50} ، وقال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65} ، نسأل الله تعالى الهداية والصلاح والتوفيق للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(14/5)
تنفذ الوصية قبل تقسيم التركة في حدود الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت امرأة هي زهرة خضر وتركت 1-زوج 2-أخت متوفاة ولها ابن 3-ابن ابن عم شقيق وأولاد أعمام غير أشقاء ولا يوجد غير هؤلاء، المتوفاة تركت عشرين قيراط أرض فمن يرثها من هؤلاء كما أنها أوصت زوجها وابن أختها وهم شهود على الوصية دون أن تكتب الوصية أوصت بأربعة قراريط لأولاد ابن عم شقيق والوصية وهي في صحة جيدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت المرأة المتوفاة تركت كما هو ظاهر السؤال ـ زوجا وابن أخت وابن ابن عم شقيق وأولاد أعمام غير أشقاء ولم تترك غيرهم من الورثة. فإن زوجها يرث النصف لقول الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ ولد {النساء: 12} . ويرث أبناء العم غير الأشقاء ما بقي بعد الزوج لأنهم أقرب من ابن ابن العم الشقيق، ويدل لهذا ما في حديث الصحيحين: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر. وهذا الجواب على افتراض أن أخت زهرة توفيت قبلها، أما إذا كانت زهرة قد توفيت أولا فإن التركة حينئذ تورغ كالتالي: للزوج النصف كما تقدم وللأخت النصف الباقي لعدم وجود الأصل أو الفرع الذين يحجبانها، وأما الوصية فإنه يجب تنفيذها قبل تقسيم التركة في حدود الثلث، لقول الله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(14/6)
المال المسروق في حياة الأب يصبح حقا للورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي سؤال هو: منذ 50 سنة كان لوالدي كمية من الذهب استعملته بدون علمه، ثم توفي وكان لدي إخوة ولم أبُح لهم منعا للإحراج، الآن حاسبت نفسي وندمت، السؤال: هل أنا كنت مطالباً لإخوتي في حينها أم أنا مطالب لأبي؟ فهل أتصدق عنه أقوم له بعمرة لكي أبرئ ذمتي أمام ربي، أم ماذا أفعل؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك الأخذ من مال أبيك إلا بإذنه، والواجب عليك الآن هو التوبة مما بدر منك، ورد الذهب الذي أخذته أو قيمته إلى الورثة، ولك أنت قدر نصيبك، ولا يجزئ عنك أن تتصدق عن والدك أو تعتمر عنه، نعم إذا فعلت ذلك فهو أمر حسن، وننصحك به وبالدعاء والاستغفار لوالدك، لكن لا بد من رد المال للورثة، وراجع الفتوى رقم: 39952، والفتوى رقم: 30148، والفتوى رقم: 39999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(14/7)
التنرجيح في ميراث العصبة بقرب الدرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة عن:
ابن ابن ابن عم شقيق (لأبوين) ذي قرابتين، ابن ابن عم غير شقيق (لأب) ذي قرابة واحدة، فمن يرث حسب المذاهب الأربعة في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يرث المال كله في هذه المسألة هو ابن العم غير الشقيق لأنه أقرب إلى الميت من ابن ابن ابن العم الشقيق، والقاعدة في ميراث العصبة بالنفس أنهم إذا اتحدوا في الجهة كان الترجيح بينهم بالدرجة فيقدم أقربهم درجة إلى الميت، وهنا اتحدت الجهة وهي العمومة واختلفت الدرجة فابن ابن العم غير الشقيق أقرب درجة من ابن ابن ابن العم الشقيق.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(14/8)
توفي عن زوجتين وأم وولد وثلاث بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
جزى الله القائمين على هذا الموقع خير الجزاء.
السؤال هو:
أنا ولي على عدة ورثة وأريد تقسيم بعض المبالغ لهم إلا أني لا أعرف كيف الطريق إلى ذلك مثال:
هلك هالك عن أم وزوجتين وولد ذكر وثلاث بنات وترك مبلغا وقدرة 5134 ريال وأرض مساحتها 1000 متر مربع ما هي أسهم كل من هؤلاء بالتفصيل لكي يتسنى لي معرفة التقسيم والقياس على أموال وحقوق أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تولى الله سبحانه وتعالى قسمة المواريث بين أصحابها في محكم كتابه، فلم يكلها إلى أحد، وقد ختم آيات المواريث بقوله: (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النساء:176] .
وفي هذه المسألة المذكورة في السؤال يتم التقسيم على النحو التالي:
- نصيب الأم السدس، لأنها حجبت من الثلث لوجود الأولاد، كما قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء:11] . أي للأم: 855.66 ريالاً. و 166.66متراً.
- ونصيب الزوجتين معاً الثمن تشتركان فيه، وقد حجبتا من الربع بسبب وجود الأولاد، لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) [النساء:12] . فنصيبهما إذن: 641.75ريالاً. و 125متراً.
- الأولاد يأخذون الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء:11] . أي للابن: 1454.62ريالاً، و 283.32 متراً. ولكل بنت: 727.31 ريالاً. و 141.66متراً.
هذا مع التنبيه على أن التقسيم السابق يكون بعد الوفاء بالدين، وإنفاذ الوصية في الثلث، إذا كان هنالك دين أو وصية.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(14/9)
عدم التسجيل في السجلات الرسمية ليس من موانع الإرث
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا واحد من إخوة خمسة وأخوات ست توفي والدي ولم يشمل اسمي مع إخوتي الأشقاء في الميراث حيث نحن كلنا من أم واحدة معا اثنتان من البنات والباقيات من أم أخرى مع أخ لهن ماذا أفعل في ذلك؟ هل لي المطالبة بالميراث كحق شرعي في هذا؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله كل خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم لم يكن مسجلاً مع إخوانه في الوثائق الرسمية، ولهذا حرم من نصيبه من تركة أبيه، وإذا كان هذا هو السبب فلماذا لم يسجل؟ هل هناك إنكار من أبيه أو إخوانه؟
وعلى كل حال، فإن للسائل كامل الحق في المطالبة بحقه من تركة أبيه، وما عليه إلا أن يثبت بنوته لأبيه، فإذا أثبتها بالأدلة الشرعية وجب على القاضي إعطاؤه نصيبه كأحد الأبناء.
وإذا كان الذي منعه من حقه إنما هو عدم التسجيل معهم في الأوراق الرسمية، فالتسجيل في الأوراق الرسمية ليس من أسباب الإرث، وعدمه ليس من موانع الإرث ما دام النسب ثابتاً شرعاً، قال تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء:7] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(14/10)
الدليل على منع الوصية بأكثر من الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الوصية بأكثر من الثلث أرجو إعطائي حديثاً بهذا المعنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجوز الوصية بأكثر من الثلث، إلا أن يجيزها الورثة البالغون الرشداء أي يقبلوا بذلك، واستدل العلماء على منع الوصية بأكثر من الثلث بالحديث الصحيح الذي رواه مالك وغيره عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا سول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا"، فقلت: فالشطر؟ قال: "لا"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثلث، والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ... إلى آخر الحديث".
فبهذا الحديث استدل العلماء على منع الوصية بأكثر من الثلث؛ إلا أن يجيزها الورثة البالغون الرشداء فتصح، لأن الحق لهم وقد أسقطوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(14/11)
تقسيم تركة من توفي عن زوجة ووالدين وثلاث إخوة وأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وترك ثروة تقدر بعشرة ألاف ريال وترك زوجة ووالداً وأماً وثلاث إخوة أشقاء وأخت شقيقة فقط فكم ميراث كل واحد من الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه في هذه الحالة -التي ذكر السائل- يقسم المال على النحو التالي:
تأخذ الزوجة منه الربع، لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) [النساء:12] .
وباقي المال بين الأب والأم، للأب ثلثاه، وللأم الثلث الباقي، لقوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثًُ) [النساء:11] أي: ثلث الباقي، ولا شيء للإخوة ولا للأخت في هذه الحالة مع وجود الأب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1423(14/12)
الورثة من الإخوة والأخوات لا يجوز منعهم حقهم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ترك إرثاً، له خمس بنات وله أخ وأخت، هل يجوز منع الأخ والأخت من الميراث ولماذا؟ ولكم الأجر والعافية ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز منع الأخ والأخت من الميراث ويجب أن تقسم التركة على النحو التالي:
للبنات ثلثا الميراث، والباقي للأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(14/13)
توزيع تركة من مات عن أربع شقيقات وابني أخ من أب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل هلك وترك 4 شقيقات و2 أبناء أخيه من أبيه
وترك مائة ألف دولار. فكيف سيتم توزيعها من فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأخوات الشقيقات في هذه الحالة لهن ثلثا التركة، وهو من المال المذكور= 66666,66 = توزع بين الشقيقات الأربع على التساوي لأنهن من أهل الفروض المقدرة، وباقي التركة يأخذه أبناء أخ الميت من أبيه وهو = 33333,33= ويقسم بينهم بالسوية، لأنهم من العصبة بالنفس الذين ليس لهم فروض مقدرة فيأخذون باقي التركة بعد أصحاب الفروض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" متفق عليه.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(14/14)
ماتت عن ثلاث أخوات وابن أخ وبنت أخ
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت سيدة وتركت ورثه هم:
- ثلاث أخوات إناث شققيقات.
- وابن أخ شقيق.
- وبنت أخ (أخت لابن الأخ) .
فما هو نصيب كل وارث وأيهم يحجب من الميراث؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر السائل، فإن تركة هذه المرأة تقسم كالتالي:
- للأخوات الثلثان، لقوله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النساء:176] .
- والثلث الباقي لابن الأخ الشقيق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" رواه البخاري ومسلم.
وليس لبنت الأخ الشقيق شيء، فهي غير وارثة أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(14/15)
المعاق هل له نصيب من الإرث كغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفي والدي وترك 6 أولاد و 3 بنات (أصغرهم 38 سنة) ووالدتي
عندي إحدى أخواتي معاقة في عقلها (عمرها44 سنة) حيث أصيبت بحادث سيارة منذ صغرها وفقدت عقلها وهي معاقة تعيش مع أمي في المنزل.
السؤال كيف نسوي القسمة على أخواتي وأمي وهل أختي المعاقة لها نصيب من الإرث؟
هل لأولادي نصيب من نصيبي في الإرث وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تركة والدك بناء على ما ذكرت تقسم كالآتي:
-الثمن للزوجة، لقوله تعالى: (فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم)
-والباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)
والأخت المعاقة لها نصيب مثل نصيب بقية أخواتها، أما أولادك فليس لهم نصيب من تركة أبيك؛ ولكن لهم نصيب من تركتك أنت وذلك بعد الوفاة، نسأل الله لنا ولك طول العمر وحسن العمل.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(14/16)
مات عن زوجتين وغلامين وبنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وعنده 8000 ريال وعنده زوجتان وولدان وبنتان فما نصيب كل واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللزوجتين الثمن وهو ألف ريال لكل واحدة خمسمائة ريال لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... ) [النساء:12] .
وباقي المال وهو سبعة آلاف ريال يقسم بين الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... ) [النساء:11] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(14/17)
إذا عدمت موانع الإرث لا يجوز حرمان أحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت ولي أخوان وأمي قالت لي عند موتها يقسم ذهبها بيني وبين أخي الأصغر لأن الأكبر متزوج أجنبية ولايوجد له بنت علما بأن نصف الذهب بفلوس أخي الأصغر، والأكبر لا يعطيها شيئا ويعيش بالخارج من20سنه وهو ميسور الحال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتركة تقسم بين الورثة جميعاً، ولا يجوز حرمان أحد منهم لغير مانع شرعي، وموانع الإرث محدودة وهي:
1- اختلاف الدين: فلا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر
2- القتل: فمن قتل مورثه لا يرث منه شيئاً
3- الرق: فالعبد لايرث من مورثه الحر شيئاً.
وإذا عدمت هذه الموانع فلا يجوز حرمان أحد من ميراثه.
وإن كان مسيئاً إلى من ورثه فإن حسابه على الله عز وجل، وأما ما ذكرته السائلة من أن نصف الذهب اشتري بمال الأخ الأصغر، فإن كان قد أعطاه لأمه حال حياتها فقد أصبح ملكاً للأم حال حياتها ومن جملة التركة بعد موتها، وإن كان قد أعطاه لأمه ديناً عليها وله على ذلك بينة تشهد له فالواجب سداد الدين أولاً، ثم قسمة الباقي بعد الدين بين جميع الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(14/18)
مسأله السائل هي إحدى المسألتين العمريتن
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيتت امرأة عن زوج وأم وأب وأخ. هل تعتبر هذه المسألة عمرية حيث سيحجب الأخ وتؤول المسألة إلى أب وأم وزوج فقط هم الوارثون؟
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فالعمريتان (وتسمى الغراوين والغريبتين والغريمتين) وهي: زوج وأم وأب، أو زوجة وأم وأب، فيعطى الزوج حقه أو الزوجة، وثلث الباقي للأم، وما بقي فهو للأب. هذا هو مذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة. وذهب ابن عباس والظاهرية وآخرون إلى أن الأم تأخذ ثلث جميع المال، والصحيح الأول والمسألة مبسوطة في كتب الفرائض.
والمسألة التي ذكرها السائل هي من العمريتين لأن الأخ ساقط بالأب فآلت المسألة إلى زوج وأم وأب، كما قال السائل.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1423(14/19)
تقسيم تركة من ماتت عن ابن أخ وأولاد عم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت عن ابن أخ متوفى وأولاد عم، فكيف توزع التركة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذكورون ليسوا من أهل الفروض، بل هم من العصبات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر" رواه ابن ماجه.
وفي الترمذي: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر".
والأولى في المسألة هم أبناء الأخ - كما هو واضح - لأنهم يدلون بالأخ، وليس لأبناء العم شيء، لأنهم يدلون بالعم، والأخ أولى من العم.
وننبه هنا إلى أن الإناث من أولاد الأخ لا يرثن، لأنهن لسن من أهل الفروض، ولا من العصبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(14/20)
شروط وراثة ابن الأخ لعمته
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى جدي في عين حياته لعمتي منزلا بكامل ماله باسمها، خوفاً من بيع البيت بعد وفاته؛ حيث إنها لم تتزوج، وليس لديها ذرية، وقد بلغت الخمسين من عمرها، ولا يرجى زواجها وحصولها على أبناء، وقد توفي والدي بعد وفاة جدي، وقبل وفاة عمتي، وله إخوة ذكور ما يزالون على قيد الحياة..
السؤال: بعد وفاة عمتي المذكورة أعلاه، هل يحق لي ولأخي الميراث في مبلغ المنزل عند بيعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت تعتبر ابن أخ لعمتك، وابن الأخ وإن كان من جملة الورثة لكنه لا يرث إلا بشروط ذكرناها في الفتوى رقم: 117095، فإذا توفرت تلك الشروط فإنك ترث عمتك، وإذا لم تتوفر لم ترثها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(14/21)
الميراث.. والقاتل
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يعني القاتل بحقه يرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يرث قاتل العمد مطلقاً، ويرث قاتل الخطأ من التركة دون الدية على الراجح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح، ولعل السائل الكريم يسأل هل يحق الإرث للقاتل؟ فإن كان الأمر كذلك فإن القتل من موانع الإرث، وفيه تفصيل.. فقاتل العمد لا يرث مطلقاً لا من المال ولا من الدية باتفاق أهل العلم، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا يرث قاتل العمد من مال ولا دية. والأصل في ذلك ما رواه مالك وأحمد وغيرهما مرفوعاً: لا يرث القاتل شيئاً. وفي رواية: ليس لقاتل ميراث. وفي رواية: ليس لقاتل شيء.
وأما قاتل الخطأ فإنه يرث من المال دون الدية على ما رجحه المالكية ومن وافقهم؛ لأن الميراث هو الأصل لثوبته بالكتاب والسنة، وخص منه قاتل العمد فوجب البقاء على الأصل فيما سواه، قال ابن أبي زيد: ولا يرث قاتل الخطأ من الدية ويرث من المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(14/22)
يجب سداد ديون الميت قبل القسمة والوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. رجل تراكمت عليه ديون لا يحصيها, بعضها لله وبعضها للناس تتمثل في: زكوات متأخرة وكفارات متروكة وديون للناس لم يدفعها أوأجل دفعها ولا يعرف أصحابها ونحو ذلك, وله أملاك تغطي ذلك وقد لا توفيه فالله وحده يعلم كل ذلك ويحصيه، هذا الرجل أوصي بكل ماله عند موته لله أملا في أن تسد تركته ديونه هذه كلها , قبل أن يأخذ ورثته منها شيئا, فهل له ذلك أم يقولون له: إن الوصية تنفذ في الثلث فقط؟ أليس سداد ديونه من ميراثه أولى من ورثته؟ خاصة وأنه أوصى بكل ماله لله في صحته وقبل موته بمدة.
أليس سداد الدين أولى من أولاده؟ خاصة إذا كان ورثته أغنياء مستورين لا يتكففون الناس, ومتى تقع الوصية في الثلث فقط ومتى لا تقع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن ديون الميت سواء كانت لله زكاة وكفارات ونحو ذلك, أو كانت للناس تقضى قبل قسمة التركة بين الورثة وقبل الوصية، فإذا سددت الديون وبقي من التركة شيء مضت الوصية في ثلث ما بقي واقتسم الورثة البقية إن كان بقي شيء، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 36020، وراجع ترتيب الحقوق في تركة الميت في الفتوى رقم: 21998.
هذا، ويجب على الشخص المسؤول عنه أن يبادر إلى سداد ديونه الحالة ولا ينتظر حتى إذا وافاه الأجل قال قد كان لفلان كذا ولفلان كذا أو كتب بسداد دينه إلى ما بعد وفاته، فإن ذلك حرام لا يجوز وهو من المطل المحرم ما دام الشخص يجد من ماله ما يقضي به ديونه الحالة، وفي الحديث: مطل الغني ظلم.رواه البخاري ومسلم.
ويجب عليه الاجتهاد في معرفة أصحاب الديون وإيصال حقوقهم إليهم فإن عجز عن الوصول إليهم أو يئس من معرفتهم تصدق بها عنهم. وراجع الفتوى رقم: 13535.
وأما السؤال عن متى تصح الوصية في الثلث ومتى لا تصح فراجع الفتوى رقم: 2609.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو الحجة 1426(14/23)
الميراث اصطلاحا وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معلومات كاملة عن الميراث اصطلاحا وشرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالميراث هو الإرث الذي يورثه الشخص أو الجماعة ... لمن بعدهم، وقال بعضهم الإرث في الحسب، والورث في المال.
ومعناه شرعاً: ما يتركه الشخص لورثته من أموال وحقوق.
وقد امتاز نظام الإرث في الإسلام عن غيره من أنظمة التوريث الوضعية القاصرة، فلم يجعل الشارع الحكيم قسمة الميراث إلى مالك المال ليورث من يشاء ويحرم من يشاء، بل لم يجعل ذلك إلى نبي مرسل ولا إلى ملك مقرب، وإن الله سبحانه وتعالى هو الذي قسم التركة في آيات قرآنية تتلى إلى يوم القيامة.
وقد أعطى الإنسان حرية التصرف في ثلث ماله بعد موته يضعه حيث يشاء من الأصدقاء والأقرباء الذين لا يرثون أو إلى جهات الخير، وليس له أن يجعله فيما يخالف الشرع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه ابن ماجه والدارقطني.
وأما الثلثان الباقيان فهما حق شرعي للأقربين والموالي، وبذلك حمى الإسلام المستضعفين من النساء والأطفال والحمل في بطن أمه الذين كان أهل الجاهلية يحرمونهم من حقهم في الإرث.
كما جعل الإسلام التفاصيل في الميراث بحسب الحاجة فجعل نصيب الابن ضعف نصيب البنت، فقال تعالى: فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء: 176} .
لأن حاجة الرجل إلى المال أكثر من حاجة المرأة إليه، فهو مكلف بتحمل الأعباء الزوجية والنفقة على البيت إلى غير ذلك من أمور الحياة العامة، والمرأة ليست مكلفة بذلك.
وقد وضع الإسلام للميراث شروطاً وموانع، فإذا توفرت الشروط وانتفت الموانع حصل الإرث وإلا فلا، وأحكام الميراث مفصلة في كتب الفقه فمن أراد التوسع فليرجع إليها في مظانها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(14/24)
يرث الأخ أشقاؤه دون الإخوة لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أسرة مكونة من 3 أشقاء رجال و3 شقيقات. هل يرث الإخوة من الأب فقط نساء الجميع من أب وأم واحدة. الأب والأم توفيا رحمهما الله منذ سنوات ويوجد للأشقاء الرجال والنساء عدد 3 إخوة رجال (من الأب فقط) وقد توفي أحد الأشقاء هل يرث الإخوة (من الأب) في المستحقات المالية للأخ الشقيق المتوفى أم أن وجود إخوة أشقاء يحجب ميراث الإخوة الذين من الأب فقط]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لشخص ما عدد من الأبناء والبنات بعضهم أشقاء وبعضهم من أمهات متعددة، فإذا توفي هذا الأب فإنهم يرثونه جميعاً، لا فرق بين الشقيق وبين غيره، لأنه أبوهم جميعا، وأما إذا كان المتوفى هو أحد الإخوة وله أشقاء ذكور وإناث فإن الذي يرثه في الحالة التي ذكرت هم الإخوة الأشقاء دون الذين هم من جهة الأب فقط.
فالأشقاء أولى ممن هم إخوة لأب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر. أخرجه الشيخان من حديث ابن عابس رضي الله عنهما. ويكون للشقيقة نصف ما للشقيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(14/25)
يرث الميت من كان حيا وقت وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى أبي قبل جدي وله إخوة وأخوات من أم ثانية ولكن جدي مريض مرضاً شديداً ولا يستطيع الكلام ولا يستطيع التمييز وبالأصح معه فالج وحاله ميؤوس منها، والآن أعمامي يطالبون بالإرث، فكيف القسمة في هذه الحالة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان جدك قد توفي بالفعل، فإنما يرثه من هو حي من ورثته، وقت وفاته لا من مات منهم قبله، لأن شرط قسمة التركة أن يكون صاحبها قد مات بالفعل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35440.
وبناء عليه فإن أباك لا يرث من جدك شيئاً، بل يقسم ماله بين الأحياء من الورثة، فإن كان له زوجة فلها الثمن لوجود الفرع الوارث أو كان أبواه أو أحدهما حيا فللحي منهما السدس، قال الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11] ، ثم باقي المال أو كل المال إن لم يكن ثم زوجة ولا أحد الأبوين يقسم بين أعمامك وعماتك للذكر مثل حظ الانثيين.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(14/26)
لا أثر لتزويج البنات أو الأولاد في تقسيم التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وله زوجتان وخمس بنات, ثلاث منهن متزوجات وثلاثة أولاد متزوجون, فما نصيب كل واحد منهم من الميراث الشرعي؟
أفيدونا يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا أثر لتزويج البنات أو الأولاد في تقسيم التركة، فإن كان الورثة هم المذكورن في السؤال، فإن للزوجتين ثمن المال تتقاسمانه عملاً بقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ (النساء: من الآية12) ، والباقي يشتركه الأولاد والبنات للذكر منه سهمان وللأنثى سهم، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (النساء: من الآية11) .
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(14/27)
حكم استفادة الورثة بالتكافل الاجتماعي الخاص بمورثهم
[السُّؤَالُ]
ـ[-هل مبلغ التكافل الأجتماعى حلال ام حرام؟
2- توفى زوج (موظف حكومى) وترك زوجة ورثت عنة مبلغ 2250جنيها من التكافل فى حين سدد الزوج مبلغ 1600جنيها فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم التكافل الاجتماعي واستفادة الورثة منه، في الفتوى رقم: 25244، والفتوى رقم: 9532.
وخلاصة ما فيهما أن التكافل الاجتماعي يجوز إذا كان من قبل الدولة وانضبط بالضوابط الشرعية، وكذا يجوز إذا كان تعاونيا وليس تجاريا، وإذا كان من قبل الدولة وكان غير منضبط ولكن الدولة تجبر الموظف على ذلك، فلا شيء عليه لأنه مجبر، ولا بأس في أن يستفيد الورثة من هذا الضمان ولو كان زائدا على القدر المأخوذ من مورثهم إذا كان من الدولة أو من جهة أخرى وكان منضبطا بالضوابط التي مر الكلام عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(14/28)
مال المورث باق في ملكه مادام على قيد الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جدة كبيرة عمرها 92 سنة وهي لا تعقل شيئا مما حولها حتى إنها لا تتعرف على أبنائها إلا بصعوبة بالغة ولا تدرك ما يدور حولها ولديها منزل ويريد أحد أخوالى (أحد أبنائها) أن يشتريه منها ويجعلها توقع له على عقد البيع وهي في هذه الحالة ولكن أمي وباقي أخوالي (نساء ورجال) يرفضون هذا التصرف وهو يريد أن يدفع لإخوته الثمن ويوزعونه بينهم كما لو كانت أمه متوفاه فقال البعض إنه طالما الأم على قيد الحياة فيجب أن يعطي الذكر مثل الأنثى والبعض يقول بل للذكر مثل حظ الأنثيين فقلت لهم لا هذا ولا ذاك يصح طالما جدتي على قيد الحياة وهي لا تملك أن تهب أو تمنع. فهل يجوز أن يتصرف أحد أبنائها بهذا التصرف في البيت وهل تؤثر موافقة كل الأخوة أم أن هذا من العقوق وتعجل الوفاة لها؟ نرجو الإفادة مع سوق الأدلة كلما أمكن.وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحسن التنبيه في جواب هذا السؤال إلى عدة أمور:
أولا: أن جدتك ما دامت قد أدركها الخرف وصارت لا تعقل بسبب كبر السن، فلا يصح منها البيع، لأن من شروطه وجود التمييز في كل من البائع والمشتري.
قال خليل في مختصره: وشرط عاقده (يعني البيع) تمييز. فمن فقد عقله فقد ارتفع عنه الخطاب الشرعي التكليفي وأصبحت تصرفاته باطلة لا تمضي، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيفظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. رواه النسائي وابن ماجه وغيرهما.
ثانيا: ما تملكه تلك الجدة من منزل أو غيره باق في ملكها ما دامت على قيد الحياة، ولا ينتقل الحق فيه لورثتها إلا بعد موتها، وبالتالي، فلا يحق لأولادها الذكور أو الإناث توزيع مالها بينهم في حياتها، إذ لا ملك للجميع فيه إلا بعد موتها.
ثالثا: فإن التسرع في هذا الأمر وتوزيع المال المذكور في حياة الجدة أمر مناف لمكارم الأخلاق، فلا ينبغي للمسلم أو المسلمة الاتصاف بالجشع والطمع، بل الأولى الاتصاف بالقناعة واعتقاد أن المال ظل زائل، وما كتب للإنسان من رزق سيصل إليه لا محالة، مع التأمل فيما يؤول إليه الإنسان من كبر بعد قوة ومرض بعد صحة وكون الإنسان سيورث عنه ماله من طرف غيره كما ورث هو مال من سبقه من أقاربه.
وحاصل الأمر أن بيع البيت المذكور من طرف هؤلاء الأبناء لا يجوز لعدم ملكهم له، فضلا عن كون الإقدام عليه عقوقا لأمهم ومنافيا لمكارم الأخلاق.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1424(14/29)
شروط الإرث الثلاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل لديه ولد وبنت الولد عنده أبناء ذكور وإناث والبنت عندها أبناء ذكور وإناث، ماتت البنت فى حياة الأب ثم مات الأب هل يرث أبناء البنت شيء من التركة، أفيدونا أفادكم الله؟ ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشروط الإرث ثلاثة:
1- تحقق موت الموروث أو إلحاقه بالموتى حكماً.
2- تحقق حياة الوارث بعده أو إلحاقه بالأحياء حكماً.
3- العلم بجهة الإرث من قرابة أو نكاح أو ولاء، ونوع إدلائه.
وعليه؛ فهذه البنت يرثها أبوها لا العكس، وأما أولادها من ذكور وإناث فليس لهم حق في ميراث جدهم لأنهم مدلون بأنثى، ولذا فلا حق لأولاد البنت في التركة إلا إذا أوصى لهم جدهم بما لا يزيد على الثلث فتنفذ الوصية، أو بأكثر من الثلث وأجازها الورثة، وانظر الفتوى رقم: 16812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(14/30)
شرط صحة قسمة التركة أن يكون صاحبها مات بالفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد مات والدي وله أخ وجدي لا يزال على قيد الحياة وقد اقتسما كل ما يملكان مما اكتسباه أو ورثاه عن أسلافهما النصف بالنصف عن رضا واختيار وقد أشهدا على ذلك شهودا وكتبا جميع الأوراق التي تثبت ذلك وقد قسم والدي بدوره أغلب ما يملك على ورثته وقد كان كل ذلك بنية منع الخلاف بين جميع الأطراف عند حدوث وفاة فهل كل ما وقع من اتفاقات لاتزال سارية المفعول أم أن هناك ما لا نعلم؟ هذا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كان والدك وعمك قدورثا أمهما واقتسما ما ورثاه بينهما بالسوية، ولم يكن معهما وارث غيرهما- بأن يكون الجدالذي ذكرت منفصلاعنها- إذا كان الأمر كذلك فلا مانع من ذلك؛ لأنهما أخوان، والإخوة الذكور نصيبهم واحد من مورثهم. وأما ما فعله أبوك من تقسيم تركته في حياته فباطل لا يجوز، فشرط صحة قسمة التركة أن يكون صاحبها مات بالفعل، فالحي لا يورث. إلا إذا كان فعل ذلك بقصد الهبة وعلى سبيل التمليك المنجز لعياله، فيجوز إذا استوفت الهبة شروطها من الإيجاب والقبول، وتم الحوز بالفعل، وكان الواهب في غير مرض مخوف، وفي عقل تام. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 14893، والفتوى رقم: 23513. وما قيل من منع الإرث من الحي ينسحب على الجد إذا كان هو الموروث منه في السؤل ولله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(14/31)
ليس عمر أول من طبق توريث العصبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
في الميراث وفى حالة عدم وجود ابن يرث. أين ذكر فى القرآن أو الحديث إرث العصبة؟ وهل حقا أن عمربن الخطاب رضي الله عنه هو من بدأ بتطبيقه؟
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر الله تعالى إرث الإخوة العاصبين في آية الكلالة (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين) .
كما ذكر في حديث الصحيحين " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ".
وليس عمر أول من طبق توريث العصبة، بل ثبت توريثهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي المستدرك عن جابر قال جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت يا رسول الله " هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما ولم يدع لهما مالاً، فقال يقضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك "
والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1424(14/32)
المتوفى قبل أمه هل يرث منها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
ادام الله علينا وعليكم نعمة الإسلام وبعد
لقد توفيت والدتي عام 1995 ميلادي وعند قيامنا بعمل حصر للإرث لم يتم إدخال أخ معنا بكتاب حصر الإرث حيث توفي قبل وفاة الوالدة لعام 1988 ميلادي حيث أن لديه عدد ثلاث بنات وولدين وقد طلبنا من مسؤول المحكمة بإدخالهم فافاد بأن المتوفى قبل الوالد أو الوالدة لا يدخل هو أو أبناؤه بالمواريث.
يرجى إفادتنا بالرأي الشرعي عن الأبناء هل يرثون من جدتهم أم لا.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما أفادكم به مسؤول المحكمة صحيح، فإن أخاكم المتوفى قبل والدته لا يرث منها، لأن من شروط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، وأخوكم توفي قبل والدته فلم يكن له شيء من الإرث.
وبالنسبة لأبنائه فإنهم لا يرثون من جدتهم فهم محجوبون بأعمامهم وعماتهم لأنهن اقرب إلى الميت منهم. والمستحب في هذه الحالة إن لم تكن الجدة أوصت بشيء لهم أن يهب الورثة لأبناء أخيهم شيئاً، لقوله تعالى (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (النساء:8)
وهؤلاء جمعوا يتماً وقرابة فهم أولى الناس بهذه الهبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(14/33)
علم الفرائض: تعريفه..موضوعه..وغايته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو علم الفرائض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن علم الفرائض ويسمى علم المواريث: علم يعرف به من يرث ومن لا يرث ومقدار ما لكل وارث.
وموضوعه: التركات.
وغايته: إعطاء كل ذي حق حقه من تركة الميت.
وهو مستمد من كتاب الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(14/34)
خمسة حقوق متعلقة بتركة الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحقوق المتعلقة بالتركة مع التفصيل والدليل من الكتاب والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن الحقوق المتعلقة بتركة الميت خمسة هي على الترتيب الآتي حيث ضاق المال عنها أو عن بعضها:
1- مؤونة التجهيز. ونعني بها: ما يحتاجه الميت من ثمن الكفن ومؤن الغسل والدفن ونحو ذلك، فيقدم هذا على جميع الحقوق، كما يقدم المفلس بنفقته ولباسه على غرمائه.
2- الديون المتعلقة بعين التركة، كالمال المرهون في دين أو دابة أو نحو ذلك، فيقدم على الديون المرسلة لتعلق الحق بعينه.
3- الديون المرسلة في الذمة، كقرض، أو مهر زوجته، ونحو هذا من حقوق الآدميين، أو كفارة، أو زكاة، أو حج، أو عمرة، من حقوق الله تعالى. وتقدم حقوق الله على حقوق الآدميين، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى.
4- وصية الميت. وهي لازمة إن كانت لغير وارث وتخرج من ثلث المال، ودليل تقديم الوصية والدين على حقوق الورثة قوله تعالى في غير ما موضع: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] .
ويقدم الدين على الوصية -كما قدمنا- وإنما أخر في النظم القرآني لنكت أخرى.
5- حقوق ورثة الميت، ودليل هذا قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن....... الآيات [النساء:11] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(14/35)
زوج أخت المتوفى لا حظ له في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للمرء أن يأخذ من تركتة أخي زوجته؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال غير واضح، ولكن إذا كان المقصود منه هو حكم إرث زوج الأخت من أخي زوجته المتوفى فالجواب: زوج أخت المتوفى لا حظ له في الميراث، لأن أسباب الإرث هي: القرابة النسبية، والولاء، والزوجية. وليس من أسبابه المصهارة، ففي الحديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فالأولى رجل ذكر. متفق عليه.
وفي الحديث: الولاء لحمة كلحمة النسب. رواه الحاكم، وصححه الألباني.
وقال صاحب الرحبية:
أسباب ميراث الورى ثلاثة كل يفيد ربه الوراثة
وهي نكاح وولاء ونسب ما بعدهن للمورايث سبب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(14/36)
إدراج الزوج اسم زوجته في حسابه لتسهيل صرفها منه لا يعد هبة ولا إشراكا لها في ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت زوجتي ربة بيت، ولم تكن تشتغل، ولم تحصل على مال أو إرث من أبويها، فأنا من كان يعمل ويكد كأب لتحصيل المال والقوت للبيت، ففتحت حسابا بنكيا باسمي ولتسهيل الحياة اليومية لزوجتي لكي تستطيع سحب الأموال بطريقة سهلة أضفت اسمها في هذا الحساب البنكي، فالآن توفيت زوجتي رحمها الله وأبنائي يطالبون بحقهم، وبتقسيم هذا الحساب على الورثة حسب الشرع؛ لأنه حساب مشترك بيني وبينها. فما قول الشرع في هذا؟ وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت، فلا يحق للأولاد أن يطالبوك بشيء لأنه مجرد إذن منك لها في سحب حاجتها، وهذا لا يفيد تمليكها المال، بل لا بد من إثبات ما يفيد أنك وهبتها جزءاً من ذلك المال، أو أنها شريكة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(14/37)
أقوال الفقهاء في ميراث القاتل المجنون
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة قتلت زوجها وهى فى حالة جنون، ولقد حكمت المحاكم الشرعية فى السعودية بعدم مسؤوليتها، وقبل أهل الزوج الدية ولكنهم اشترطوا على أبيها أن يتنازل عن كل حقوقها من ناحية زوجها مثل:
1- ميراثها من زوجها
2- معاشها من زوجها
3- حضانة أولادها
4- حتى عفش الزوجية وذهبها ومؤخرها وأموالها الخاصة أخذوها
المرأة ماتت ولها تركة ولها أم، وولد، و3 بنات.
الأسئلة:
1- هل ترث من زوجها الذى ثبت قتلها له وهى فى حالة جنون حيث إنه أخرجها من المستشفى فى السعودية بعد أن أنهت السعودية التعاقد معها لمرضها، وقبل السفر ضربته على رأسه ومات، وقرر الأطباء والقاضى الشرعى أنها كانت فى حالة جنون ولا قصاص عليها وعليها الدية والصيام؟
2- هل حقوقها من زوجها التى تنازل عنها أبوها ليقبل أهل الزوج الدية كى تعود المرأة من السجن فى السعودية، هل هذا التنازل المرغم عليه الأب أسقط هذه الحقوق؟
3- بعد موت المرأة، تركة المرأة عند إخوتها، هل من حقهم اقتطاع مقابل السدس-نصيب الأم الحية- من الأموال التى أخذها أهل الزوج بدون وجه حق مع أنهم ينوون إخراج هذا المال صدقة جارية لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن ميراث المرأة المشار إليها من زوجها فينبني على الراجح من أقوال الفقهاء في ميراث القاتل المجنون، ومذهب الشافعية والحنابلة أنه لا يرث، فالشافعية منعوا من ميراث القاتل مطلقا، والحنابلة منعوا من ميراث القتل المضمون بقود أو كفارة كالعمد، وشبه العمد، والخطأ، وما جرى مجرى الخطأ، كقتل المجنون. وأما الحنفية فلا يرون قتل المجنون مانعا من الميراث، وكذا المالكية يورثون القاتل المجنون من المال ولا يورثونه من الدية.
والذي نراه راجحا هو ما ذهب إليه الحنابلة والشافعية في منع القاتل المجنون من الميراث مطلقا من المال ومن الدية، لأنه أقرب إلى قوله صلى الله عليه وسلم: لا يرث القاتل شيئا. رواه أبو داوود وصححه الألباني.
وأما مطالبة أهل الزوج بأن يسقط مؤخر صداقها، فجوابه: أنه لا يحل لأهل الزوج أن يمنعوها من أخذ مؤخر الصداق، لأنه دين ثابت في ذمة الزوج بما استحل من فرجها، ولا نعلم أحدا من أهل العلم قال بإسقاط الدين بالقتل، فلا يجوز لهم إسقاط مؤخر الصداق، ولا يجوز لهم أخذ مالها الخاص وأغراضها الشخصية، ولا يجوز لهم أخذ المعاش الذي تدفعه جهة عمل زوجها لها، وكل هذا من الاعتداء وأكل أموال الناس بالباطل.
وفيما إذا كان يجوز لأبيها أن يتنازل عن شيء من حقها، فنقول ابتداء: إذا حكمت المحكمة الشرعية أنها مجنونة، وأن قتلها لزوجها من قبيل قتل الخطأ، فإن المحكمة الشرعية يجب أن تطلق سراحها، ولا مجال حينئذ لأهل الزوج في أن يساوموها بين إطلاق سرحها وبين التنازل عن حقوقها، ولكن لو فرض أن الأمر وقع ولم يستطع والدها إخراجها من السجن إلا بالتنازل عن بعض حقوقها، فلا نرى مانعا من ذلك، وينفذ تصرف الأب، وبيان ذلك أنه لا يجوز في الأصل لولي السفيه والمجنون واليتيم أن يتنازل عن شيء من ماله، لأن الولي له حق التصرف وليس له حق التبرع والهبة، وحتى في الصلح ذكر الفقهاء أنه لا يصح الصلح على شيء من المال ممن لا يملك التبرع منه كولي اليتيم، ولكن أجاز الفقهاء لولي المحجور عليه أن يتنازل عن شيء من ماله إذا لم يستطع أن يتحصل على حقه إلا بذلك، كأن يأخذ شخص من مال المحجور عليه ثم ينكر ولا بينة، فيجوز لولي المحجور عليه أن يصطلح مع المنكر فيسقط عنه جزءا ليؤدي الباقي، وهذا خير من ضياع المال بأكمله.
قال في منار السبيل في باب الصلح: ولا يصح من ولي يتيم ومجنون، وناظر وقف، لأنه تبرع ولا يملكونه إلا في حال الإنكار وعدم البينة، لأن استيفاء البعض عن العجز أولى من تركه. انتهى.
ولا شك أن إخراجها من السجن إن تعذر بغير ذلك أولى من حفظ بعض المال، ولا يجوز لأهل الزوج أن يتكئوا على القانون إن كان يمكنهم من إبقائها في السجن إذا لم تتنازل عن حقوقها على زوجها، والقانون المخالف للشرع لا يحل حراما، ولا يحرم حلالا، فعليهم أن يتقوا الله تعالى.
وأما مطالبتهم بإسقاط حقها في الحضانة، فإن الأم المجنونة لا حق لها في حضانة أولادها الصغار، والجنون مانع من موانع الحضانة. قال خليل في مختصره: وشرط الحضانة العقل والكفاية.
ولم يتبين لنا المقصود بوضوح من قول السائل: هل من حقهم اقتطاع مقابل السدس..الخ. والمهم أن يعلم أن التركة حق لجميع الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي، ولا يجوز أخذ حق أمها أوغيرها من الورثة بدون رضاه وإذنه بحجة التبرع به عن المرأة الميتة.
وتجدر ملاحظة أن هذه القضية هي من اختصاص المحاكم الشرعية، وطالما أنها قد أحيلت منذ البداية إلى محكمة شرعية فكان من الواجب أن يحسم النزاع عند تلك المحكمة ولا يترك المجال لأي طرف بأن يشترط شروطا لم ينزل الله بها من سلطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(14/38)
المتقدم موتا لا يرث من المتأخرين موتا
[السُّؤَالُ]
ـ[- توفيت زوجه قبل زوجها ولها منه أبناء فهل لها إرث منه علماً بأنه تزوج من ثانية وله منها أبناء؟
جزكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزوجة إذا ماتت قبل زوجها ثم توفي هو بعدها فإنه يرثها وهي لا ترث من تركته فالمتقدم موتا لا يرث من المتأخرين موتا بالإجماع وانظر الفتوى رقم: 11078.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(14/39)
اختلاف الدار ليس مانعا من الإرث بين المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ من فضلكم.. أفيدوني قرأت في كتب الفقه: اختلاف الدار يمنع الإرث، وعلى هذا لا توارث بين الأخوين المسلمين إن كان أحدهما في الدولة الإسلامية (السعودية) والآخر في الدولة الكافرة (السوفيتية) ، فأفيدوني أفادكم الله وبارك في علمكم وأعظم أجركم آمين!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فموانع الإرث المتفق عليها بين الفقهاء هي الرق والقتل واختلاف الدين، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 29852.
وأما اختلاف الدار فهو من الموانع المختلف فيها، فالجمهور لا يرون اختلاف الدار مانعاً من موانع الإرث، وذهب الحنفية إلى أنه من موانع الإرث ولكنه عندهم مانع من الإرث بين الكفار وليس بين المسلمين.
جاء في الفتاوى الهندية: واختلاف الدارين يمنع الإرث، كذا في التبيين ولكن هذا الحكم في حق أهل الكفر لا في حق المسلمين حتى لو مات مسلم في دار الحرب يرثه ابنه الذي في دار الإسلام ... انتهى.
وجاء في فقه السنة للسيد سابق رحمه الله: اختلاف الدارين (أي الوطن) المراد باختلاف الدارين اختلاف الجنسية، واختلاف الدارين لا يكون مانعاً من التوارث بين المسلمين، فالمسلم يرث المسلم مهما نأت الديار وتعددت الأقطار، وأما اختلاف الدارين بين غير المسلمين فقد اختلف فيه، هل هو مانع من التوارث بينهم أم لا؟ فالجمهور من العلماء على أنه لا يمنع من التوارث بين غير المسلمين.. انتهى.
وبهذا يعلم الأخ السائل أن من مات من المسلمين في بلاد الكفر، وله ورثه في بلاد الإسلام فإنهم يرثونه، ولم نجد أحداً من الفقهاء قال إن اختلاف الدار مانع من الإرث بين المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(14/40)
الأخ الشقيق أو لأب يحجب ابن الأخ حجب حرمان
[السُّؤَالُ]
ـ[سبعة إخوة كلهم ذكور مات والدهم فتقاسموا التركة لكل منهم نصيبه بالتساوي، وبعد فترة من الزمن مات أربعة منهم واحداً تلوا الآخر، فتقاسم الأبناء التركة أي أبناء الأربعة فبقي ثلاثة منهم أي من الإخوان السبعة على قيد الحياة وبعد فتره من الزمن مات اثنان وبقي واحد منهم0
السؤال هو: هل الأخ الباقي على قيد الحياة يرث إخوانه الاثنين لحاله فقط أم أن لأبناء الإخوة الأربعة المتوفين من قبل نصيب في تركه أعمامهم الاثنين مع العلم أن الاثنين المتوفيين أخيرا لم يخلفا ذرية أبدا، فلمن تكون تركتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن توفي عن أخ شقيق أو من الأب وأبناء إخوة، ولم يترك وارثا غيرهم فإن تركته لأخيه، ولا شيء لأبناء إخوته لأن الأخ الشقيق أو من الأب يحجب ابن الأخ حجب حرمان، فالرجل المشار إليه الباقي على قيد الحياة يرث تركة أخويه إذا لم يتركا وارثا غيره دون أبناء إخوته الآخرين.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(14/41)
أمور لا بد منها قبل تقسيم التركة على الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى رجل في حادث سيارة وترك زوجتين لكل منهما مؤخر صداق وترك وراءه تركة لا تغطي ديونه, ورفع أهله قضية على التأمين على السيارة التي عملت الحادث, وتطالب إحدى زوجتيه بنصيب في التأمين ومؤخر الصداق، فهل يجوز لها ذلك؟ بالرغم أن أهله لا يستطيعون تسديد جميع ديونه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحقوق المتعلقة بالتركة بيناها مفصلة مرتبة في الفتوى رقم: 21998 فراجعها..
إذا مات الميت وله مال فإن أول شيء يخرج من ماله تجهيزه حتى لو أنفق جميع ما تركه على ذلك، وأول شيء يقضي عنه الديون، سواء كانت هذه الديون حقاً لله كإخراج الزكاة، أو الكفارات، أو النذور إذا كان عليه من ذلك شيء أو كانت الديون حقاً للعباد كالقرض، وثمن مشتريات ويدخل في ذلك مهر الزوجة، فإن بقى بعد ذلك شيء, نفذت وصيته إن كانت له وصية بشرط ألا تزيد عن الثلث، فإن زادت عن الثلث لم تنفذ إلا بإذن الورثة.. ثم يوزع الباقي على الورثة حسب ما شرعه الله عز وجل من تقسيم التركة.
وما تطلبه الزوجة من مؤخر صداقها داخل في الديون فتقدم على الوصية، وعلى تقسيم التركة، وما سيدفعه التأمين إلى الورثة هو من جملة التركة التي تجري فيها ترتيب الحقوق على ما أسلفنا، فإن بقي منها شيء بعد الديون والوصايا فتقسم على الورثة، ويأخذ كل منهم نصيبه الشرعي ومنهم الزوجتان فتشتركان في الثمن إن كان للميت فرع وارث, أو الربع إن لم يكن له فرع وارث.
أما ما يؤخذ من التأمين فينظر فيه، فإن كان المتوفى هو الذي تسبب في الحادث ومات نتيجة ذلك فلا يحق لهم أن يأخذوا من مال التأمين إلا ما كان دفعه المتوفى إن كان قد دفع شيئاً للتأمين، وأما إن كان الخطأ من غيره فإن الدية على عاقلة القاتل، وفي هذه الحالة لا بأس أن تدفعه شركة التأمين من باب الحمالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(14/42)
كيف يحرم الأب المسلم أولاده المرتدين في اوربا من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش من زمن طويل بأوروبا، وفي البداية لم أكن مهتما بأمور ديني وتزوجت من أوربية ورزقني الله منها 3 أطفال والآن الله عز وجل هداني وردني إلى ديني (الإسلام) والحمد لله.
سؤالي هو أن الأولاد كبروا وهم للأسف لا يمتون للإسلام بصلة فماذا عن أملاكي هنا حيث إنهم سيرثوني وتذهب هذه كلها لغير المسلمين!!! أفتوني بما علمكم الله وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أولادك لا يدينون بدين الإسلام فإنهم لا حق لهم في ميراثك بعد مماتك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يرث الكافر المسلم. رواه البخاري، فالأولاد المرتدون لا يرثون أباهم المسلم، ويمكنك منعهم من الإرث بكتابة وصية تحرمهم من الإرث، ومن المعلوم أن قوانين تلك البلاد يعملون بوصية الميت.
وننبهك إلى أمرين:
الأول: أن الأولاد يتبعون دين أبيهم المسلم لا دين أمهم الكافرة، فمجرد تقصير الكبار منهم في بعض الواجبات أو جهلهم ببعض أحكام الدين لا يصيرهم كفارا ما لم يرتكبوا ما يوجب الردة، أما الصغار فيحكم بإسلامهم على كل حال فيرثون من مورثهم المسلم.
ثانيا: ينبغي لك أن تسعى جاهدا في نصحهم ودعوتهم إلى الله تعالى ولو كانوا كافرين حتى تصلح ما أفسدته في سابق عمرك وتبرئ ذمتك أمام الله تعالى عما ارتكبته من ذنوب في ما حصل منك من تفريط في اختيار أمهم ثم في تربيتهم.
وأخيرا ننبه السائل إلى وجوب الهجرة من تلك البلاد على من لم يستطع إقامة شعائر دينه فيها أو من خاف فساد أهله وأولاده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1429(14/43)
ميراث من يسب الله ولا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يصلي ويسب الله عندما يكون غاضباً كعادة الناس هنا في المغرب، ولا يزكي فهل يورث بعد موته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكم نصح أبيكم، وأن تبينوا له أن سب الله تعالى كفر أكبر مخرج من الملة، وليس الغضب عذراً يمنع إلحاق الكفر به، وكذا ترك الصلاة كفر أكبر مخرج من الملة على الصحيح من أقوال الفقهاء، فإن تاب فالحمد لله، وإن لم يتب ومات على ذلك فهو كافر مرتد ولا تورث تركته، ويكون ماله فيئاً لصالح عامة المسلمين، وانظر لذلك الفتوى رقم: 55166 حول مال المرتد، والفتوى رقم: 9880 حول سب الرب تعالى، والفتوى رقم: 94633 حول بينونة الزوجة من الزوج الساب للدين والرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1429(14/44)
الابن يحجب ابن الابن حجب حرمان
[السُّؤَالُ]
ـ[لي إخوة خمسة ذكور وثلاث إناث توفي أخوان شقيقان في حياة والدتي ولهما ذرية ثم توفيت والدتي رحمها الله وتركت لنا عقاراً، ثم توفي شقيق وأخت لي بعد وفاة الوالدة رحمهم الله جميعا، رجاء إفادتنا كيف توزع التركة والنصيب الشرعي؟ جزاكم الله خيراً.. ويهديكم إلى الصواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخواك الشقيقان اللذان توفيا قبل والدتهما ليس لهما نصيب من تركة الوالدة لأن المتقدم موتاً لا يرث المتأخر، وأولادهما أيضاً ليس لهم نصيب من تركة جدتهم لأنهم محجوبون حجب حرمان بأعمامهم، فإن الابن يحجب ابن الابن حجب حرمان، والأخ والأخت اللذان توفيا بعد أمهما لهما نصيب من الميراث ونصيبهما ينتقل إلى ورثتهما بعد وفاتهما.
وإذا كان واقع الحال ما ذكر من أن والدتكم رحمها الله توفيت عن ثلاثة أبناء وثلاث بنات -كما فهمنا من السؤال- ولم تترك وارثاً غيرهم كزوج أو أب أو أم فإن تركتها تقسم على تسعة أسهم لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم واحد، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11} ، والابن والبنت اللذان توفيا بعد والدتهما يأخذ ورثة كل واحد منهما نصيبه.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(14/45)
الحكم ينبني على معرفة حصول جدك على المال
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أريد أن أستفتيك في مسألة لطالما أوقعت في نفسي شكوكا وأودٌ تفصيلا دقيقا لها نظرا لأهمٌيتها في حياتي.
أوٌلا أنا شابٌ هداني الله في السٌنوات الأخيرة, قرأت بعض مؤلٌفات الشٌيخ محمٌد بن عبد الوهٌاب فيما يخصٌ الشٌرك وما يتعلق به ممٌا جعلني أقف وقفة الحيران الٌذي لا يدري ما يفعل.
قصٌتي تبدأ هكذا: أنا أقطن في منطقة ريفيٌة فيها جهل كبير بالدٌين وانتشار كبير للشركيٌات والقضيٌة تكمن في أنٌ لي جدٌا قد ُتوفٌي منذ 30 سنة بعد أن كان كما يقولون من "الأولياء الصٌالحين" ولقد كانت تأتيه الهدايا والقرابين من ماعٍز وغيرها فكان يقبلها كما يُكلٌف الزوٌار بها كلٌ سنة ولقد كان يستعين بالجنٌ في علاج بعض الأمراض والعياذ بالله.
وبالنٌسبة لمشكلتي فتتمثٌل في أنٌ المسكن الٌذي تقطن فيه عائلتنا هوٌ المكان الذي يتردٌد عليه الزوٌار حيث يُذبح فيه لغير الله رغم عدم وجود قبر فيه ولكن وللٌه الحمد لم تعد هذه العادة جارية بعد أن وفٌقني الله بالدعوة إليه إلى إقناع الزوٌار الوافدين بعدم شرعيٌة أعمالهم. وهذا المكان قُدٌم هديٌة لجدٌي بنيٌة التقرٌب إليه وقد ورثه والدي عنه إضافة إلى ذلك فقد ورث أبي بعض المال وقد كان يقول لي إنٌ هذا المال من حلال أُمٌه وأنا لا أعلم حقيقة هذا الكلام ولا أُصدٌقه وهذا المال هوٌ مورد رزقه الآن.
السؤال: ما مشروعيٌة الإقامة في المكان الٌذي حدٌدته آنفاً وهل المال الٌذي ذكرته حلال عليٌ استعماله أم لا مع العلم أنٌ والداي كبيران في السنٌ ويسكنان بمفردهما وأنا بعيد عنهما لشكٌي في مشروعيٌة مالهم وسكنهم؟ وأخيرا هل يجوز لي أخذ الميراث مع العلم أنٌي بصراحة لا أُحبٌذه؟ ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يعظم أجرك ويتقبل منك ما تقوم من دعوة الناس إلى الله تعالى والسعي في تصحيح عقائدهم، ونسأله أن يهدي بك وينفع بك، ونبشرك بما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا حيث يقول: لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم. رواه البخاري.
فواصل في تعليم الناس واحرص قدر المستطاع أن يكونوا على ثقة بك، وكن حكيما في أسلوبك لطيفا في عباراتك.
وأما المال الذي تسأل عنه فإن كان مجرد هدايا من هؤلاء لجدك فهي ملك له ولا حرج في السكن بالأرض المذكورة كما أنها تورث عنه.
وأما إن كانت قرابين يتقرب بها إلى المخلوق ابتغاء الزلفى عنده فإن هذا لا يجوز، ولا يملكها به ولا تورث عنه، بل تصرف في وجوه الخير، فإن شك في قدرها أخرج قدر الحرام بالاجتهاد كما قال النووي وابن تيمية، وبناء عليه فتورعك عن هذا المال أمر طيب؛ إلا أنه لا ينبغي أن تضيق على الوالد في شأنه حتى تجزم بكون المهدي كان قربانا يتقرب به لجدك.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 45418، 44411، 9616، 9712.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(14/46)
حكم مقاطعة من تسبب في قتل أخيه وهجر والده
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ أحضر صهره للقتال مع إخوته والنتيجة موت الأخ الصغير، ما جزاء هذا الأخ الذى كان السبب في قتل أخيه، فهل يحرم من الميراث أم لا، مع العلم بأنه لا يذهب إلى والده ونحن حاليا على خلاف معه وأيضاً أحضر زوجته أخت القاتل معه إلى البيت وهي دائماً سبب المشاكل معنا وهي دائماً تهدد بإحضار إخوتها للقتال معنا وأخي أيضا حتى بعد وفاة أخي الأصغر وكان عمرة 29 سنة رحمة الله عليه، فماذا نعمل معهم هل نطردهم من البيت أو نحرمه من الميراث فماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخوك هذا ليس له حق في الإرث، لا لأنه قاتلا فقط، ولكن لأن أبا المقتول حي، كما يبدو في السؤال، والأخ لا يرث مع وجود الأب، ولو كان هو القاتل لكان ذلك مانعاً له من الإرث أيضاً، فقد جاء في الحديث الشريف: ليس للقاتل من الميراث شيء. أخرجه البيهقي وغيره عن ابن عمر، وصححه الألباني.
ولكن أخاك إذا لم يكن شارك في الفعل فليس هو القاتل بل القاتل صهره، ولا يجعله قاتلاً مجرد كونه هو الذي أحضر صهره، ولا شك في أن ما ذكرته عن أخيك من قطيعة لوالده، وتسبب في موت أخيه، وغير ذلك مما بينته ... يعتبر كله قطيعة للرحم لا يجوز مثلها لمسلم، ومع ذلك فلا يجوز أن تقاطعوه، وإنما الواجب أن تصلوه بالقدر الممكن؛ لأن قطع الرحم ذنب كبير. ولك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 2352.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1428(14/47)
متى يرث ذوو الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق في مشكلة وهي أنه تزوج من فتاة سورية ولقد أنجب منها ولدا ثم ماتت هذه السيدة بعد فترة ثم مات والدها بعدها بفترة قريبة، أيضا المشكلة الآن أن القانون السوري يقول إن الفتاة اذا ماتت قبل أبيها لا يرث أولادها من أبيها الذي هو جدهم، هل هذا الكلام مطابق للشرع أم هو مخالف.
أرجو توضيح الصورة لي، وإذا كان للحفيد إرث فكم نصيبه منه، أرجو إفادتي في أسرع وقت لأن هناك الكثير من المشاكل متعلقة بهذا الأمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحفيد لا يرث من جده لأمه – أي من جده أبي أمه – لأن ابن البنت ليس من الورثة أصلا؛ وإنما هو من ذوي الأرحام، وذوو الأرحام أحد عشر صنفا، وهي كما يلي:
1 - أولاد البنات وأولاد بنات الابن.
2 - أولاد الأخوات مطلقا.
3 - بنات الإخوة لغير أم وبنات بنيهم.
4 - أولاد الإخوة لأم.
5 - بنات الأعمام لغير أم وبنات بنيهم.
6 - الأعمام لأم مطلقا، سواء أكانوا أعمام الميت، أو أعمام أبيه، أو أعمام جده.
7 - العمات مطلقا.
8 - الأخوال والخالات مطلقا.
9 - الأجداد الساقطون، والجدات السواقط من قبل الأب.
10 - الأجداد لأم، والجدات السواقط من قبل الأم.
وهؤلاء جميعا ليسوا من الورثة، ولا يرثون إلا عند عدم وجود وارث بفرض أو تعصيب على قول من يورث ذوي الأرحام، وهم الحنابلة والحنفية ومتأخروا الشافعية والمالكية.
والخلاصة أن أولاد البنت لا يرثون جدهم، أبا أمهم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(14/48)
القاتل لا يرث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مغربية تزوجت من أمريكي في شهر مارس الماضي وهذا الزوج متزوج من امرأة أمريكية مسلمة. المهم الاثنان جاءا معا للمغرب من اجل الإجراءات المعروفة عندنا وهى موافقة الزوجة الأولى في المحكمة أوإعلامها حسب قانون الأحوال الشخصية بالمغرب. هذه الأخيرة أعطت موافقتها للزوج وفعلا تم الزواج الثانى برضاها. وكنت أرى فيها الأخت والصديقة لم أكن اعلم ماذا تخفيه لي ولزوجها من غل. بعد شهر من الزواج أرسلت هذه الأخيرة رسالة للخارجية الأمريكية توشى بزوجها على أنها ضحية تعدد وعلى أنه تزوج عليها من غير رضاها وأرغمها على السفر للمغرب وإعطاءه الموافقة أمام محكمة مغربية ولم تكتف بهذا فحسب بل اتهمتني بأن لي صلات مع إرهابيين وأنني أعرف الكثير عن القاعدة وعن انفجارات الدار البيضاء. بعد هذا جاءت للمغرب وعاملتها أحسن معاملة وجلست معي مدة شهر كانت في هذه المدة نعم الأخت والصديقة لم أكن أعرف أنها تكن لي ما تكنه وبعد شهرين قرر الزوج المجيء للمغرب من أجل محاولة الإنجاب معي علما أن الزوجة الأولى مستأصلة للرحم من سنوات وغير قادرة على الإنجاب. في اليوم الذي كان مفترضا فيه سفر زوجي. قتلته برصاصتين في الرأس وهو نائم نصف ساعة قبل أذان صلاة الفجر. هي الآن متهمة بالقتل العمد من الدرجة الأولى والدرجة الثالثة. أسئلتي أيها الشيخ الفاضل هي. ما حكم الشرع في ما فعلته هذه السيدة الأمريكية؟ وماذا يجب على فعله بعد ما حصل؟ وهل لي بالدعاء عليها؟ أم لها؟ هل ارتكبت ذنبا ما عندما قبلت دخول تجربة تعدد أدت لقتل الزوج؟ زوجي له منزل بالمغرب وما هي قسمة إرثي من هذا المنزل ومعي وريثة أخرى وهي ابنته؟ وهل القاتل يحرم من الميراث؟ اقصد هنا الزوجة الأولى؟ وشكرا سيدي الفاضل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته هذه المرأة أكبر كبيرة بعد الشرك بالله عز وجل وهي قتل النفس التي حرم الله. قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {الفرقان:68}
وننصحك بالصبر واحتساب الأجر من الله تعالى، ولا حرج عليك في الدعاء على هذه المرأة الظالمة، وليس عليك ذنب ولست محاسبة على ما فعلته الزوجة الأولى بزوجها قال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ] {الأنعام:164} .
أما نصيبك من المنزل وغيره مما ترك الزوج فهو الثمن لوجود الفرع وهي البنت،
وأما الزوجة القاتلة فليس لها حق في الميراث لقوله صلى الله عليه وسلم:. ليس للقاتل شيء. رواه أبو داود وإسناده حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(14/49)