تبدأ العدة من وقت صدور الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت أنا وزوجي على الطلاق منذ حوالي سنة ونصف وقد قبل الطرفان هذا الاتفاق وبدأنا الإجراءات، ولكن قبل إنهاء إجراءات الطلاق سجن زوجي مدة سنة وأربعة شهور يعني أننا منفصلان منذ تلك الأيام، وبعد خروجه من السجن اضطررنا أن نعيد الإجراءات مرة أخرى، وقد بدأناها فعلا منذ شهرين وتقدم لي شخص للزواج في هذه الفترة، السؤال هنا: هل تعتبر العدة من أول ااتفاقنا قبل سنة ونصف، أم تبدأ العدة من بداية إجراءاتنا الثانية قبل شهرين، إذا كانت العدة تعتبر انقضت منذ اتفاقنا الأول الذي كان قبل سنة ونصف فهل أستطيع الزواج الآن شرعيا دون أن يكون موثقا إلى أن تنتهي الإجراءات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدة تبدأ من صدور الطلاق من الزوج أو من القاضي لا من يوم الاتفاق على مبدءا قبول الطلاق ولا من الإجراءات، ولا علاقة لها بالتسجيل وعدمه لأن صحة الطلاق لا تتوقف على ذلك، وانظري الفتوى رقم: 29837.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(13/13826)
حكم سكنى الزوج مع مطلقته أثناء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... ... بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله والصلآة والسلآم على رسول الله:
-السؤال الأول: إذا نوى رجل تطليق زوجته مع تأجيل الطلآق إلى أجل لمصلحة دينية للزوجة ودنيوية للرجل من دون إعلام الزوجة بهذه النية.
-السؤال الثاني: هل واجب على الزوج المكوث مع الزوجة مدة عدتهافي نفس البيت (البيت ملك للزوجة) .بارك الله فيكم. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد نية الطلاق في زمن معين لا يلزم منه شيء، لأن الطلاق لا بد فيه من النطق أو الكتابة المقصودة، وانظر الفتوى رقم: 3997.
أما بخصوص سكن المطلق مع مطلقته فذلك محل اختلاف بين أهل العلم، فمنهم من منعه مطلقا، سواء كانت المطلقة رجعية أو بائنا، لأنه يؤدي إلى الخلوة بها، بل إن أصحاب هذا القول منعوا حتى الكلام معها، قال الخرشي وهو مالكي عند قول خليل بن إسحاق: والرجعية كالزوجة إلا في تحريم الاستمتاع والدخول عليها. قال: لأن الطلاق مضاد للنكاح الذي هو سبب للإباحة ولا بقاء للضد مع وجود ضده، ولا يكلمها ولا يدخل عليها ولو كان معها من يحفظها، إلى أن قال: وهذا تشديد عليه لئلا يتذاكر ما كان. اهـ.
وافق الشافعية المالكية في رأيهم هذا، إلا أنهم أجازوا ذلك مع وجود محرم. قال صاحب أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب: يحرم على الزوج مساكنة المعتدة في الدار التي تعتد فيها ومداخلتها لأنه يؤدي إلى الخلوة بها وهي محرمة عليه، إلى أن قال: إلا في دار واسعة فيجوز مع محرم لها من الرجال أو محرم له من النساء.
وفرق الحنابلة بين البائن والرجعية فأجازوا ذلك في الأخيرة ومنعوه في البائن، قال المرداوي في الإنصاف: ويباح لزوجها وطؤها والخلوة والسفر بها، ولها أن تتشوف له. اهـ.
وأجاز الأحناف للمطلق السكنى مع مطلقته، لكن اشترطوا إن كان الطلاق بائنا أن يكون البيت للمطلق، وانظر الفتوى رقم: 36664، والفتوى رقم: 24435.
وعلى كل، فالذي نراه والله أعلم أنه إذا كان طلاق هذا الرجل طلاقا رجعيا فلا مانع من سكناه مع مطلقته الرجعية، أما إن كان الطلاق بائنا فليس له ذلك، لأنه حتى القائلين بجواز سكناه معها اشترطوا أن يكون البيت له هو، وهذا ما لم يوجد هنا.
وننبه السائل إلى أنه يفهم مما تقدم أنه لا أحد من الفقهاء يقول باستحباب سكنى الرجل مع مطلقته فضلا عن القول بوجوب ذلك، بل إن ترك ذلك أولى لمن كان به ورع، مراعاة لمن يقول بالتحريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(13/13827)
المعتدة لا تقضي حوائج غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[انني في خلاف مع زوجي وأريد أن أطلب الطلاق منه فهو لا يعاملني بما أمر الله وأنا لا أستطيع أن أتحمل أكثر.
وسؤالي إذا طلقني بينونة كبرى.هل أستطيع أن أذهب مع أبي وأمي إلي الطبيب خلال شهور العدة (فهم لا يعرفون تحدث اللغة الإنجليزية)
ولابوجد أحد غيري للذهاب معهم, فأخي لا يستطيع أن يترك عمله ويذهب معهم وهو بحاجة للعمل فهو من يصرف عليهم؟
أرجو أن تردوا علي باسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أولا بالصبر وعدم طلب الطلاق، والسعي للإصلاح بينك وبين زوجك، فإن انسدت الطرق الموصلة إلى تسوية الخلاف بينكما فحينها لا حرج عليك في طلب الطلاق، وثانيا: عليك في حالة طلاقك طلاقا بائنا بأن كان بخلع مثلا لزوم بيت العدة وعدم الخروج منه إلا في النهار لقضاء حوائجك، أو في الليل إذا لم يمكنك قضاؤها نهارا، أما حوائج غيرك، فلا يجوز لك الخروج لقضائها ولو كان الخروج لقضاء حوائج الوالدين، إذ يمكنهما الاستعانة بغيرك ولو بأجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(13/13828)
السكنى للمطلقة البائن والمطلقة الرجعية.
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك رجل طلق زوجته طلاقاً رجعياً، وهي في بيت أهلها من قبل الطلاق بشهرين، ويقول السائل أنها تؤذي ولديه بالقول البذيء، وتقول له إن الله لم يوجب علي خدمة والديك وهو يقول أنه لم يطلب منها خدمة والديه، والبلاد التي نقيم فيها يحكم فيها بالحكم الوضعي سواء كان في مسائل الطلاق أو غيره، ويدخله (يعني الحكم الواسطة والرشوة، وغيره من الأمور المحرمة، وعندنا في القانون إذا كانت المرأة ليس لها أبناء لا يكون لها السكنى، وهذه المرأة تقول أنها تريد أن تقضي العدة في بيت زوجها، ولكن المشكلة في الأمر أن الورقة مكتوب فيها (يرجى تمكين المرأة من البيت) ، والرجل يخشى من أن هذا الأمر فيه سوء من الناحية أن والدها يريد أن يمكنها من البيت وليس من قضاء العدة، فهو يخشى منهم هذا لأنهم كتبوا فيه كلاماً لا يجوز قوله ولا كتابته، فأرجو منكم الإجابة المفصلة مشكورين؟ وجزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن مسألة خدمة المرأة لوالدي زوجها وذلك في الفتوى رقم: 46462.
وتقدم الكلام في سكن المعتدة من الطلاق الرجعي وذلك في الفتوى رقم: 2238، والفتوى رقم: 17125.
وتقدم الكلام عن سكن المعتدة من الطلاق البائن وذلك في الفتوى رقم: 36248.
والخلاصة أنه لا يجوز منع المطلقة الرجعية من السكن في بيت زوجها خلال العدة، وإذا خشي من أن ذلك قد يؤدي إلى استيلائها على البيت باسم القانون، وكان منعها من السكن يمنعها من الاستيلاء فليطلقها طلاقاً بائناً لأن البائن لا سكنى لها، كما هو مبين في الفتوى المشار إليها سابقاً.
هذا بناء على أن الطلاق البائن بالثلاث ليس بدعياً وهو مذهب الشافعية ورواية عن الإمام أحمد، وذهب الحنفية والمالكية وهو رواية عن أحمد إلى أنه طلاق بدعي، والمخرج على مذهب هؤلاء هو أن يستأجر السائل لمطلقته الرجعية بيتاً تعتد فيه لأنه يجوز أن يخرج الرجل مطلقته المعتدة من بيته إذا كان عليه منها ضرر، ويستأجر لها مكاناً تعتد به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(13/13829)
حكم من تطلقت من العنين وتزوجت غيره فورا
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة في الثلاثين من عمرها تزوجت من رجل كبير في السن وتقول هذه السيدةهذا الرجل كان عنينا فلم يجامعها ثم مكثت في زواجها هذا إلى ما شاء الله ثم طلقت من هذا الرجل، وفي اليوم الثاني للطلاق تزوجت برجل آخر فهل زواجها الأخير صحيح أم كان عليها أن تقضي عدة الطلاق أولاً، ثم تتزوج، وما حكم زواجها الأخير؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن زوجة العنين يجب عليها أن تعتد منه، قال السرخسي الحنفي في كتابه المبسوط: بلغنا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يؤجل العنين سنة، فإن وصل إلى امرأته فهي امرأته، وإن لم يصل إليها فرق بينهما وجعلها تطليقة بائنة وجعل لها المهر كاملاً وعليها العدة، وبهذا أخذ علماؤنا. انتهى
وجاء في المدونة: قلت: أرأيت إن فرق السلطان بين العنين وامرأته بعد مضي السنة أيكون عليها العدة للطلاق في قول مالك؟ قال: نعم.
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع بعد أن قرر أن الصداق يتكمل بالخلوة ولو كان هناك مانع حسي كجب ورتق: وحكم الخلوة حكم الوطء في تكميل المهر ووجوب العدة.
وبهذا يعلم أن زواج هذه المرأة من هذا الرجل قبل انقضاء عدتها من زوجها الأول يعد باطلاً، ويترتب على هذا الزواج أحكام ذكرناها مفصلة في الفتوى رقم: 26696، وننصح بمراجعة المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(13/13830)
عدة المطلقة أثناء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[وكل عام وحضراتكم بخير بمناسبة العام الهجرى الجديد أعاده الله عليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات....
... سؤالي هو:
حدث وأن طلقني زوجى شفهيآ وقد اعترف بذلك أمام الجميع يوم 5\\12\\2003 ... وبعد اتفاق العائلتين على كل تفاصيل الطلاق وتسوية حقوقي الشرعية..قام بتطليقي عند المأذون بتاريخ 8\\3\\2004 ...
أنا أعلم أن العدة الرسمية هي التي مع الطلاق الذي كان عند المأذون..ولكن الطلاق الأول والعدة الأولى ألا يعتد بها؟؟ وليست لها قيمة بالرغم من إنه اعترف بالطلاق الأول؟؟؟ أرجو التفضل بالرد لأنى أشعر بالذنب لأنه يوجد بعض من يتقدمون لطلبي للزواج من أبى..فهل مجرد إبداء طلب الزواج حرام علي؟؟؟ أرجو الإفادة..
وجزاكم الله عنا خيرا وجعله في ميزان حسناتكم بإذن الله..أختكم (إنجى) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواضح أن زوجك قد طلقك طلقتين، فإن كان هذا أول طلاقه لك فقد بقيت له واحدة، وإن كان قد سبقت ذلك طلقة أو أكثر فقد بنت منه بينونة كبرى لا تحلين له إلا بعد زوج، لقول الله تعالى: فإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ (البقرة: من الآية230) ، سواء كتب ذلك أم لا، ثم إن على زوجك أن يعلم أنه قد خالف السنة في إردافه الطلاق على الطلاق إذا كان ذلك في طهر واحد، قال صاحب بدائع الصنائع: فطلاق البدعة نوعان: نوع يرجع إلى الوقت، ونوع يرجع إلى العدد، ثم ذكر النوع الأول، وأما الثاني فقال فيه: وأما الذي يرجع إلى العدد فهو إيقاع الثلاث أو الثنتين في طهر واحد لا جماع فيه.
أما بخصوص كيفية بدء العدة فإنه يفصل فيه، فإن كان الزوج قد أوقع الطلاق الثاني قبل انقضاء العدة من التطليقة الأولى والحال أنه لم ير تجعك فهنا تبنين على ما سبق من عدتك، فإذا انتهت حللت للغير، أما إذا كان الطلاق الثاني وقع بعد مراجعته لك فإن العدة تستأنف من الطلاق الثاني، قال الخرقي: وإذا طلقها واحدة فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية بنت على ما مضى من العدة. وبشأن الطلاق بعد المراجعة يقول ابن جزي الكلبي في القوانين الفقهية: إن طلقها رجعياً ثم ارتجعها من العدة ثم طلقها استأنفت العدة من الطلاق الثاني سواء كان قد وطئها أم لا، وللحنابلة قولان نص عليهما ابن قدامة في المغني بقوله: فإن طلقها ثم راجعها ثم طلقها قبل دخوله، ففيه روايتان إحداهما تبني على ما مضى من العدة، والثانية تستأنف العدة. اهـ.
وننبه السائلة إلى أنه إذا كان طلاقها رجعياً حرم التعريض لها بالخطبة فأحرى التصريح، وذلك لأن المعتدة الرجعية في حكم الزوجة لعودها إلى النكاح بالرجعة، قال البهوتي في كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع: ويحرم تعريض، وهو ما يفهم من النكاح مع احتمال غيره، أي غير النكاح بخطبة مطلقة رجعية. لأنها في حكم الزوجات. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(13/13831)
الطلاق في النفاس واقع مع الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً، لدينا سؤال هو كالآتي:
رجل طلق زوجته بعد الولادة بخمسة عشر يوما، سؤالنا: هل تدخل المطلقة في العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان نفاسها قد انقطع فإنه لا بأس في هذا الطلاق، وإذا كان لم ينقطع بعد فإن هذا من الطلاق البدعي وهو واقع مع الإثم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 30005، والفتوى رقم: 31275.
ويجب على المطلق حينئذ أن يراجعها ثم يطلق في طهر لم يأتها فيه، وإذا لم يفعل ذلك فإن المرأة تدخل في العدة، ومن طلقت في حال جريان دم النفاس ولم يفعل زوجها ما يجب عليه من مراجعتها، فإن العدة في حقها ستكون أطول لأن ما بقي من النفاس لا يحسب من العدة، بل تبدأ عدتها بعد الطهر منه، كما هو الحال في الطلاق في حال الحيض، وننبه إلى أنه ينبغي الرجوع في مسائل الطلاق إلى المحاكم الشرعية إن وجدت في بلد السائل، لأنها أشد اطلاعاً على ملابسات الأحداث وظروفها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(13/13832)
أحول المواعدة وأحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المواعدة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا مقصودك بالسؤال عن المواعدة، ولكن الفقهاء يذكرون المواعدة في باب خطبة المعتدة مثلاً، حيث يقولون إن التصريح بخطبة معتدة الغير أو المواعدة بالنكاح حرام، سواء كانت العدة من طلاق رجعي أم بائن أم وفاة، أم فسخ، أو معتدة عن وطء شبهة.
ويذكر الفقهاء المواعدة أيضاً في بعض العقود كعقد الاستصناع مثلاً، فذهب بعضهم إلى أنه مواعدة وليس ببيع، وذهب آخرون إلى أنه بيع يثبت للمشتري فيه الخيار.
وقد سبقت لنا فتوى عن حكم الوعد الذي تترتب عليه كلفة هل يجب الوفاء به أولا، راجع الفتوى رقم: 4984، فإن كان المقصود غير ما ذكر فليوضح السؤال حتى تتسنى الإجابة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(13/13833)
حكم مبيت المطلقة خارج بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني أطلب الطلاق بعد مشاكل كثيرة وبعد صبر دام 10 سنوات أنجبت طفلين خلال هذه السنين تعبت معه، لقد كان لا يعمل وليس لنا سكن يؤوينا أنا وأولادي وعندما بدأ يعمل واشترينا منزلاً صغيراً وبدأت تتحسن أمورنا المادية غير معاملته لي وأصبح يضربني ويقول لي كلاماً يجرحني وفي إحدي المرات ضربني وشتمني أمام أبي وعندما كلمه أبي هدده وكاد أن يضربه مع العلم أن هذا الزوج لا يكسني ولا يخرج معي وعندما أسأله لماذا لا تمشي معي عند الأهل أو لقضاء حاجيات يقول لي أنا لست طحاناً أي بمعنى أنا رجل.
وللعلم لقد تركني في بيت الزوجية تقريبا عاماً ونصف فرفعت عليه دعوى قضائية بالإهمال العائلي وكسبت القضية وبعدها طلبت التطليق للضرر.
سؤالي: هل أنا محقة بطلبي للتطليق؟
... ... كم هي عدة الطلاق؟
... ... وهل أستطيع أن أبيت خارج البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الزوج يسيء عشرتك وبذلت ما في وسعك لإصلاحه فلم يستجب، فلا حرج عليك في طلب الطلاق، وراجعي الفتوى رقم: 26915
وأما عدة الطلاق فقد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 10424، وعدة المختلعة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 16813، وأما مبيتك خارج المنزل فلا يجوز إلا بإذن الزوج مادمت زوجة له، وكذلك إذا كنت مطلقة طلاقاً رجعياً، أما إذا كنت مطلقة طلاقاً بائناً بخلع أو بثلاث طلقات، فلك أن تعتدي حيث شئت على الراجح، ولكن لا تخرجي إلا لحاجة، ولا تبيتي إلا في البيت الذي تعتدين فيه.
وراجعي الفتوى رقم: 25969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(13/13834)
هل تخرج المطلقة للدراسة أثناء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[طالبة في الجامعة طلقها زوجها وهي الآن في العدة هل يجوز لها أن تكمل دراستها وهي في العدة أم عليها أن تتوقف عن الدراسة علما ًبأنها كانت تدرس عندما كانت متزوجة والدراسة شرط من شروط زواجها وزوجها لم يعاشرها من حوالي شهر وحاضت خلال هذه الفترة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المطلقة إما أن تكون رجعية وأما أن تكون بائنا، فإن كانت رجعية فلا تخرج إلا في حال الضرورة، أو بإذن الزوج لأن الرجعية في حكم الزوجة وهي مكفية النفقة، وعليه فلا تخرج للدراسة إلا إذا كان ما تدرسه من العلم الواجب العيني كتعلم صلاة وطهارة ونحو ذلك، ولم يكفها زوجها تعلم ذلك، والدراسة الجامعية في الغالب ليست خاصة بذلك العلم الواجب، فلا يجوز الخروج إليها إلا بإذن زوجها المطلق، وبما أنه أذن عند العقد بخروجها للدراسة فلا حرج عليها في الخروج، وإن كانت بائنا فلها الخروج على ما هو مبين في الفتوى رقم: 11576، والفتوى رقم: 28634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(13/13835)
المعتدة من الطلاق البائن تنكح من شاءت بعد العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت عندها مشكلة، طلقها زوجها ثلاث مرات فى آخر طلقة لم يعطها ورقتها لأنه طلقها أمام أولاده، يشرب الخمر ولا يصلى، المهم لم تغادر منزلها لأنه ليس لها مكان تذهب إليه فجلست مع أولادها هي فى جزء ومطلقها فى آخر مرت سنة فنصحتها صديقتها، أن تتزوج أخاها خوفا من الفتنة لأنها صغيرة فتزوجته عند القاضي بتوكيل القاضي عن نفسها، الآن هي تسأل هل هي تأثم لأنها تزوجت دون أن يعلم مطلقها وأولادها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا طلقها زوجها ثلاث طلقات فقد بانت منه بينونة كبرى، فإذا انقضت عدتها جاز لها أن تنكح من شاءت، ولا علاقة لزوجها الأول بها، قال الله تعالى: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة:234] .
هذا ويشترط في عقد النكاح الجديد أن يكون مستوفياً الشروط والأركان ومنها الولي، فإذا لم يكن للمرأة ولي أو كان لها ولي عاضل أو لم يكن الولي مكلفاً كالصبي فالقاضي وليها لحديث: فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه أحمد، وبما أن هذا الزواج تم عند القاضي الشرعي فهو زواج صحيح ويمضي حسبما قضى به القاضي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1424(13/13836)
عدة المعلق طلاقها على أمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ (قال لزوجته أنت طالق اذا ولدت في المستشفى وقد ولدت في المستشفى التي ذكرها الزوج.هل يقع الطلاق في يوم ولادة الطفل وكيف تحسب العدة؟. وجزاكم الله كل خير على ما تقدمون من خدمات جليلة للمسلمين وجعله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من علق طلاق زوجته على أمر فمذهب أكثر أهل العلم هو أنه يقع طلاقه بحصول ذلك الأمر سواء قصد الطلاق أو قصد مجرد منعها وعلق على ذلك الطلاق، وذهب آخرون منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم إلى التفريق فيما إذا قصد الطلاق فيمضي، وما إذا قصد مجرد منعها من ذلك الفعل فتلزمه كفارة يمين، والذي ننصح به هو الرجوع في مثل هذه المسائل إلى المحاكم الشرعية إن وجدت في بلد السائل، وكنا قد أجبنا عن أسئلة سابقة تتعلق بالطلاق المعلق، فراجع منها الفتوى رقم: 3795.
وبناء على القول بأن الطلاق يقع هنا فإن العدة تبتدئ من بعد الولادة مباشرة، وهي ثلاثة أقراء، قال الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ [البقرة:228] ، ولا يتصور أن الحنث يقع عند الأخذ في الولادة ثم تنتهي العدة بتمام الولادة إلا إذا كان الزوج يقصد أنها تكون طالقاً بمجرد الدخول للولادة في ذاك المستشفى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(13/13837)
عدة المطلقة أثناء الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه لخدمة الإسلام..سؤالي هو: هل إذا قال الرجل لامرأته إذا فعلت هذا الشيء فأنت طالق وفعلته.. فهل يقع الطلاق؟؟ وإذا طلقها وهي حائض فكم هي مدة العدة؟؟؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما قاله الرجل المذكور لزوجته يعتبر طلاقاً معلقاً، والطلاق المعلق يقع إذا حصل المعلق عليه، على الراجح من كلام أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 3795
والطلاق في الحيض محرم شرعاً ولكنه يقع كما في الفتوى رقم: 8507
أما عدة المطلقة التي يمكن أن تحيض فهي ثلاث حيضات، ثم تطهر بناء على أن الأقراء هي الحيضات، قال تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [البقرة: 228]
والحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب من الثلاث، قال ابن قدامة في المغني: إن الحيضة التي تطلق فيها لا تحسب من عدتها بغير خلاف بين أهل العلم، لأن الله تعالى أمر بثلاثة قروء فتناول ثلاثة كاملة، والتي طلق فيها لم يبق منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كاملة فلا يعتد بها، ولأن الطلاق إنما حرم في الحيض لما فيه من تطويل العدة عليها، فلو احتسبت بتلك الحيضة قرءاً كان أقصر لعدتها وأنفع لها، فلم يكن محرماً. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 13562 للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(13/13838)
هل على مطلقة العقيم عدة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة طلبت الطلاق بسبب عدم قدرة الزوج على الإنجاب نهائيا كما وضحت التحاليل الطبية بسبب عدم وجود حيوانات منوية.
السؤال هو: هل على المطلقة بهذه الحالة عدة؟ إذا كان عليها عدة ولم تلتزم بها لجهلها بذلك ما الكفارة عن الذنب؟
علما بأن التقارير الطبية تؤكد بأن الزوج عقيم نتيجة لخضوعه لعلاج كيمياوي قبل الزواج بسنوات، علما بأنه لم يخبر الزوجة وأهلها بمرضه وعلاجه.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 32645 حكم طلب المرأة الطلاق بسبب عقم زوجها، وفي حالة الطلاق، تلزم المرأة العدة، لأن للعدة مقاصد كثيرة، وليس براءة الرحم فحسب، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 1598.
وعليه، فتلزم المطلقة العدة، ولو أثبت الطب الحديث عقم زوجها وبراءة رحمها، وفي حالة عدم التزامها بالعدة جهلا، فلا إثم عليها ولا كفارة، إلا أنها لو تزوجت في العدة، فالعقد باطل، يجب تجديده.
ولا يلزم أحد الزوجين إخبار الآخر بالعقم قبل عقد النكاح، كما بيناه في الفتوى المحال عليها سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(13/13839)
الفرق بين البينونة الصغرى والبينونة الكبرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا انتهت المرأة من العدة بعد الطلقة الأولى تعتبر بائنة بينونة كبرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا انتهت العدة بعد الطلقة الأولى أو الثانية، فقد بانت المرأة بينونة صغرى، ويحل لزوجها أن يتزوجها بعقد زواج جديد مستوفٍ للشروط والأركان من الولي والشاهدين، ولا يشترط أن تتزوج قبل هذا العقد بغيره، أما البينونة الكبرى، فلا تحل المرأة لزوجها حتى تنقضي عدتها وتتزوج برجل آخر زواج رغبة ويدخل بها، فإذا طلقها واعتدت، حلت لزوجها الأول، وهذا هو الفرق بين البينونة الصغرى والبينونة الكبرى.
وانظر الفتوى رقم: 31322، 11612.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(13/13840)
حكم من خرجت في أثناء عدتها لغير حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المطلقة ثلاث مرات (بينونة كبرى) التي تخرج من بيتها من أول أسبوع من طلاقها أليس هناك عدة للمطلقه؟.....وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلقة ثلاث طلقات بائن بينونة كبرى كما ذكرت، ويجب عليها أن تعتد بثلاثة قروء كسائر الطلقات، ولا يجوز لها أن تخرج من بيتها إلا لضرورة أو حاجة، ومن خرجت في أثناء عدتها لغير حاجة فيجب عليها أن تتوب وتعود، وقد تقدمت تفاصيل أحكام الصلاة في الفتوى رقم: 6922 والفتوى رقم:
25969
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(13/13841)
حكم خروج المطلقة من بيت زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الزوجة التي تأخذ أثاث منزل الزوجة وتسكن بمفردها دون موافقة الزوج، وذلك عند طلاقها برضاها، هل لها أي حقوق مع خروجها عن طاعة زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمطلقة الرجعية أن تخرج من بيت الزوجية ولو أذن بذلك الزوج لأن العدة حق لله تعالى لا يملك الزوج إسقاطه وليس لها أن تأخذ أثاث المنزل المملوك للزوج.
وننبه إلى أن الرجعية في حكم الزوجة فلو خرجت بلا إذن زوجها فهي ناشز فيسقط حقها في النفقة والسكنى وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم 38974 والفتوى رقم 22123 وإن كانت المطلقة بائناً فلا سكنى لها وهذا ما تم بيانه في الفتوى الأولى التي أحلناك عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(13/13842)
مذاهب العلماء فيما يجوز وما لا يجوز للزوج من مطلقته المعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما هي واجبات المطلقة نحو زوجها في فترة العدة في الحالتين التاليتين:
الأولى: إذا تساكنا: هل تطبخ وتنظف وتنام معه في نفس الغرفة؟
الثانية: إذا كانت له زوجة أخرى: هل يقسم لها في المبيت وهل تقوم بالواجبات الأخرى أيضا؟
أرجو منكم إجابة مفصلة وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلقة يجب عليها أن تلزم سكن الزوجة حتى تنقضي العدة، سواء أكان الطلاق بائنا أم رجعيا، لقوله الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق: 1] .
وإذا كانت العدة عدة طلاق بائن، فالمعتدة أجنبية عن صاحب العدة، فلا تلزمه نفقتها إلا إذا كانت حاملا، ولا يلحقها طلاقه ولا ظهاره، ولا يحل له الاستمتاع بها إلى غير ذلك.
وأما إن كانت العدة عدة طلاق رجعي، فقد اختلف الفقهاء فيما يجوز وما لا يجوز من معاشرة الزوج لها، وخلافهم في هذا مبني على ما تحصل به الرجعة، هل تحصل بالقول فقط أم تحصل بالفعل كالوطء ومتعلقاته؟ وهل لا بد من نية مع هذا الفعل أم تحصل بالوطء بلا نية؟
فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن المرأة في عدة الطلاق الرجعي كالزوجة، تتزين لزوجها وتتشوف له -أي تضع الزينة على وجهها- قال المرداوي في الإنصاف: ويباح لزوجها وطؤها والخلوة والسفر بها، ولها أن تتشوف له، وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب. اهـ.
وقال صاحب مطالب أولي النهى: لكن لا قسم لها، صرح به الموفق وغيره.
وقال صاحب كتاب الهداية من الحنفية: والمطلقة الرجعية تتشوف وتتزين لأنها حلال للزوج، إذ النكاح قائم بينهما، ثم الرجعة مستحبة والتزين حامل له عليها، فيكون مشروعا، ويستحب لزوجها أن لا يدخل عليها حتى يؤذنها أو يسمعها خفق نعليه، إذا لم يكن من مقصده المراجعة، لأنها ربما تكون متجردة فيقع بصره على موضع يصير به مراجعا، ثم يطلقها فتطول العدة عليها. اهـ.
وواضح من كلامه أن مذهبهم جواز معاشرة الزوج زوجته في عدتها الرجعية بالوطء وغيره، ويصير بالوطء أو النظر إلى فرجها بشهوة مراجعا، نوى الرجعة أو لم ينوها.
وأما المالكية، فقد قال العلامة خليل بن إسحاق في مختصره: والرجعية كالزوجة، إلا في تحريم الاستمتاع والدخول عليها والأكل معها.
وأما الشافعية: فقد ذهب بعضهم إلى استحباب تزينها بما يدعو الزوج لمراجعتها إن كانت ترجو رجعته.
قال الجلال المحلي في شرحه للمنهاج: قال بعضهم -أي الأصحاب من الشافعية- والأولى أن تتزين بما يدعو الزوج إلى رجعتها.
قال القليوبي محشياً على هذا: حمل على ما إذا كانت ترجو رجعته ولكن لا تجوز له مباشرتها بوطء أو غيره حتى يراجعها بالقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(13/13843)
الحكمة من العدة ثلاثة قروء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا شرع الإسلام ثلاث أقراء للعدة بدلا من واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
شرعت العدة لمعان وحِكَم اعتبرها الشارع، منها: العلم ببراءة الرحم، وأن لا يجتمع ماء الواطئَيْن فأكثر في رحم واحد فتختلط الأنساب وتفسد، ومنها: تعظيم خطر الزواج ورفع قدره وإظهار شرفه، ومنها: تطويل زمان الرجعة للمطلِّق لعله يندم ويفيء فيصادف زمنا يتمكن فيه من الرجعة، ومنها قضاء حق الزوج وإظهار تأثير فقده في المنع من التزين والتجمل، ولذلك شُرِع الإحداد عليه أكثر من الإحداد على الوالد والولد، ومنها: الاحتياط لحق الزوج، ومصلحة الزوجة، وحق الولد، والقيام بحق الله الذي أوجبَهُ، ففي العدة أربعة حقوق، وقد أقام الشارع الموت مقام الدخول في استيفاء المعقود عليه، فليس المقصود من العدة مجرد براءة الرحم، بل ذلك من بعض مقاصدها وحكمها. اهـ. من الموسوعة الفقهية.
وبهذا يتبين للأخ السائل وغيره الحكمة من جعل العدة ثلاثة أقراء للمطلقة، لا قرءا واحدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1424(13/13844)
أحكام تتعلق بمن تزوجت أثناء عدة الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة طلقت وفي أثناء عدتها تزوجت من رجل آخر جهلا منها ومن زوجها، ثم علما بأن ما أقدما عليه غير مشروع توقفا، وقد حصل دخول.
السؤال هو:
كيف تنتهي العدة الأولى والثانية؟ وهل تتأبد حرمة هذه المرأة على زوجها الأخرى أم لا؟ علما بأن هذه المسألة نازلة وليست مفترضة، فنرجو أن تعطى من الاهتمام ما تستحق وأن لا تحال إلى إجابة سابقة، لأن صاحب السؤال لا يملك جهازا، وإنما أناب من تولى طرح السؤال عليكم على أن يسحب له الإجابة فيما بعد.
والله يعينكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنكاح الرجل امرأة معتدة من غيره محرم إجماعًا؛ لقوله تعالى: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ [البقرة:235] ، ولأن العدة إنما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم؛ لئلا يفضي ذلك إلى اختلاط المياه وامتزاج الأنساب. وإذا حصل هذا النكاح كان نكاحًا باطلاً. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وجملة الأمر أن المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها إجماعًا ... وإن تزوجت فالنكاح باطل؛ لأنها ممنوعة من النكاح لِحقِّ الزوج الأول، فكان نكاحًا باطلاً، كما لو تزوجت وهي في نكاحه، ويجب أن يفرق بينه وبينها، فإن لم يدخل بها فالعدة بحالها، ولا تنقطع بالعقد الثاني؛ لأنه باطل لا تصير به المرأة فراشًا ... وإن وطئها انقطعت العدة سواء علم التحريم أو جهله. وقال أبو حنيفة: لا تنقطع.
ثم قال: إذا ثبت هذا فعليه فراقها، فإن لم يفعل وجب التفريق بينهما، فإن فارقها أو فرق بينهما، وجب عليها أن تعتد من الثاني، ولا تتداخل العدتان؛ لأنهما من رجلين، وهذا مذهب الشافعي. اهـ
ومستند هذا ما روى مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن طليحة كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها، فنكحت في عدتها، فضربها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وضرب زوجها ضربات بمخفقة، وفرق بينهما. ثم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أيما امرأة نكحت في عدتها، فإن كان زوجها الذي تزوج بها لم يدخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من الزوج الأول، ثم كان الآخر خاطبًا من الخطاب؛ وإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، ولا ينكحها أبدًا.
وروى مالك - أيضًا - عن عليّ رضي اللَّهُ عنهُ، أنَّهُ قضى في الَّتي تُزَوَّجُ في عِدَّتِهَا أن يُفُرَّقَ بينهُمَا ولها الصَّدَاقُ بما استحلَّ من فرجِها وتُكَمِّلُ ما أفسدتْ مِن عِدَّةِ الأولِ فتعتدُّ مِنْ الآخرِ.
فتحصل من هذا - فيما يخص مسألتنا - أمور:
الأول: وجوب التفريق بين المرأة ومن تزوجها في عدتها.
الثاني: أنها تكمل عدة الأول من وقت التفريق.
الثالث: أنها تعتد من الثاني بعد انتهاء عدة الأول.
وهل لهذا الثاني أن ينكحها أم تحرم عليه تحريمًا مؤبدًا؟ اختلف الفقهاء في ذلك، فذهب مالك والشافعي في القديم وأحمد في رواية، إلى أنها تحرم عليه على التأبيد. كما سبق في قول عمر رضي الله عنه؛ ولأنه استعجل الحق قبل وقته، فحُرمه في وقته.
وذهب الحنفية والشافعي في الجديد وأحمد في رواية - وهي المذهب - إلى أن للزوج الثاني أن يتزوجها بعد انقضاء العدتين، بل ذهب الشافعي إلى أن له أن ينكحها في عدتها منه، واختار هذا القول بعض الحنابلة أيضًا.
وقد ساق ابن قدامة رحمه الله أدلة المجيزين للنكاح هنا، فقال: ولنا على إباحتها بعد العدتين أنه لا يخلو إما أن يكون تحريمها بالعقد أو بالوطء في النكاح الفاسد أو بهما، وجميع ذلك لا يقتضي التحريم، بدليل ما لو نكحها بلا ولي ووطئها، ولأنه لو زنى بها لم تحرم عليه على التأبيد، فهذا أولى، ولأن آيات الإباحة عامة، كقوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) [النساء:24] ، وقوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ) [المائدة:5] فلا يجوز تخصيصها بغير دليل.
وما روي عن عمر في تحريمها، فقد خالفه عليّ فيه، وروي عن عمر أنه رجع عن قوله في التحريم إلى قول علي، فإن عليًّا قال: إذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب. فقال عمر: ردوا الجهالات إلى السنة، ورجع إلى قول علي. وقياسهم يبطل بما إذا زنى بها، فإنه قد استعجل وطأها، ولا تحرم عليه على التأبيد. اهـ
وهذا القول هو الراجح والله أعلم.
وعليه؛ فيجوز لهذا الزوج الثاني أن يتزوج من المرأة بعد قضائها للعدتين على مذهب الحنابلة، أو بعد قضائها لعدة الزوج الأول على مذهب الشافعي رحمه الله.
وينبغي التنبيه إلى أنه لو أتت المرأة بولد فإنه قد يلحق بالأول، وقد يلحق بالثاني، في تفصيل لا حاجة لذكره هنا، إلا أن يكون الثاني عالمًا بالعدة وبتحريم النكاح فيها فهو زانٍ، مستوجب للحد، ولا يلحقه النسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1424(13/13845)
فتاوى حول عدة الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستطيع المطلقة الطلاق الرجعي الخروج من المنزل
وهل تنتهي العدة عند بدء الحيضة الثالثة أم بعد انتهائها والطهارة منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم خروج المعتدة في الفتوى رقم: 1614، والفتوى رقم: 25969.
والمعتدة بالأقراء تنتهي عدتها بطهرها من الحيضة الثالثة. كما في الفتوى رقم: 10424.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(13/13846)
الحكمة من بقاء المطلقة في منزل الزوج مدة العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمطلقة المعتدة أن تطرد مطلقها المعتد من بيت الزوجية أثناء فترة العدة رغم قيامه بكافة واجباته، وهل يجوز إحضار الشرطة لفرض طرده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بيت الزوجية إذا كان ملكًا للزوج أو مستأجرًا له فلا يحق للمطلقة المعتدة أن تطرده منه، إذ لا سلطة لها عليه، وإنما وجب لها حق السكن على الزوج إن كانت رجعية أو بائنًا حاملاً، فلا يجوز للزوج أن يخرجها من البيت ولا يجوز لها هي أن تخرج حتى تنتهي العدة.
ومن الحكم في إسكانها في بيت الزوجية تسهيل ارتجاع الزوج لها إذا رغب. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً [الطلاق:1] .
قال ابن كثير في تفسير قوله: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً: أي إنما أبقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله تعالى في قلبه رجعتها، فيكون ذلك أيسر وأسهل.
وإن كان بيت الزوجية ملكًا للمرأة فيجوز لها أن تمنعه من السكن معها؛ إلا أن هذا مما يخالف مراعاة العشرة السابقة والعهد القديم، ولكن يمكنها إقناعه بالفكرة من غير استدعاء الشرطة، ويتعين عليها إذا كانت بائنًا أن تمنعه من الخلوة بها والدخول عليها في غرفتها الخاصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(13/13847)
مذاهب الفقهاء في إحداد المعتدة عن طلاق بائن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمعتدة أن تخرج لحديقة المنزل باللباس الشرعي من أجل سقي الزرع وتنظيف الحديقة؟ علما بأنها تشرف على الجيران، وهل يجوز لها أن تنظر إلى التلفاز (قنوات دينية) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمعتدة عدة وفاة أن تخرج لقضاء حوائجها في الليل والنهار غير أنها لا تبيت إلا في بيتها، وإذا جاز خروجها لقضاء حوائجها فمن باب أولى جواز خروجها إلى حديقة المنزل لسقي الزرع ونحوه، وتفصيل ذلك في الفتاوى التالية:
9037، 19633، 5554.
وإن كانت المعتدة عن طلاق بائن فهل عليها إحداد أم لا؟ في المسألة ثلاثة أقوال:
1- وجوب الإحداد قياسًا على المعتدة عدة وفاة، وهذا قول الإمام أبي حنيفة والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه.
2- استحباب الإحداد قياسًا على المعتدة عدة وفاة، وإلى هذا ذهب الشافعية.
3- أنه لا إحداد عليها، وإلى هذا ذهب المالكية والشافعية في قول، وأحمد في الرواية الثانية عنه. قال المرداوي في الإنصاف: وهو المذهب. وقال الكاساني في البدائع: وجه قوله إن الإحداد في المنصوص عليه إنما وجب لحق الزوج تأسفًا على ما فاتها من حسن العشرة وإدامة الصحبة إلى وقت الموت، وهذا المعنى لم يوجد في المطلقة؛ لأن الزوج أوحشها بالفرقة وقطع الوصلة باختيار، ولم يمت عنها، فلا يلزمها التأسف. ولنا - أي الحنفية - أن الإحداد إنما وجب على المتوفى عنها زوجها لفوات النكاح الذي هو نعمة في الدين خاصة في حقها لما فيه من قضاء شهوتها وعفتها عن الحرام وصيانة نفسها عن الهلاك بدرور النفقة، وقد انقطع ذلك كله بالموت فلزمها الإحداد إظهارًا للمصيبة والحزن، وقد وجد هذا المعنى في المطلقة الثلاث والمبانة فيلزمها الإحداد. اهـ
والذي يظهر أن الإحداد لا يجب على غير المعتدة عن وفاة؛ لأن الأدلة به لم ترد إلا فيها.
وأما نظر المعتدة عن وفاة أو البائن أو الرجعية إلى القنوات الدينية التي تبث المحاضرات والدروس فلا مانع منه، بل هو أمر مرغب فيه، شريطة أن تخلو هذه القنوات من الأمور المحرمة كالموسيقى والاختلاط ونحو ذلك، وهذا كله لا فرق فيه بين المعتدة وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(13/13848)
عدة المرأة التي ارتفع حيضها دون علة تعرف
[السُّؤَالُ]
ـ[مدة العدة للمرأة المطلقة 3 حيضات ما هو حكم الشرع لو كان الحيض غير منتظم بمعنى أنه يتأخر أكثر من سنة بين الحيضة والأخرى وما هو حكم الشرع في امرأة أنقطع عنها نزول الحيض ولم يأت لمدة طويلة10سنوات، علماً بأنها لم تبلغ سن اليأس، فهل ليس لها أن تتزوج، أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو اعتداد المرأة المطلقة الت ي تحيض بالحيضات الثلاث، لنص القرآن على ذلك في قول الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ. [الب قرة:228] ، ولذلك أفتى عدد من الصحابة كعثمان وعلي وزيد بن ثابت بأنها لا تنتقل للاعتداد بالأشهر ولو طال زمن الطهر بين الحيضتين، وبهذا قال الحنفية والشافعي في ال جديد، والقول الذي نرجحه هو مذهب المالكية والحنابلة والشافعي في القديم، وهو قول عمر بن الخطا ب وابن عباس والحسن البصري وهو أن المرأة التي ارتفع حيضها دون علة تعرف، فإ نها تعتد عدة المرتابة في الحمل تسعة أشهر، ثم تضيف إليها عدة اليائسة ثلاثة أشهر، فهذه سنة، فإن تمت سنة ولم يأتها الحيض فقد حلت للأزواج، وإن أتاها الدم في أثناء السنة اعتدت بالحيض، وهكذا إلى أن يمر عليها ثلاث حيضات.
قال ابن قدامة في المغني: وإن حاضت حيضة أوحيضتين ثم ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه لم تنقص عنها إلا بعد سنة بعد انقطاع الحي ض، وذلك لما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قا ل في رجل طلق امرأته فحاضت حيضة أو حيضتين، فارتفع حيضها لا تدري ما رفعه: تجلس تسع ة أشهر، فإذا لم يتبين بها حمل، تعتد بثلاثة أشهر فذلك سنة، ولا نعرف له مخالفا.
قال ابن المنذر: قضى به عمر بين المهاجرين والأنصار ولم ينكره منكر. انتهى, وفي ال مسألة أقوال أخرى.
أما زواج من ارتفع حيضها دون سن اليأ س فلا يوجد ما يمنع منه، إذ يجوز الزواج بالصغيرة التي لم تحض، وبالآيسة التي انقطع حيضها، فالتي لم تيأس أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(13/13849)
لا يجوز للزوج أن يخرج مطلقته الرجعية في عدتها من بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[الطلاق البائن كأن يطلق الرجل زوجته طلقة واحدة دون أن تعتد الزوجة في بيته (الطلاق البدعى) وخاصة إذا كان الزوج في بلد آخر ولا يستطيع أن يمكث مع الزوجة الفترة اللازمة للعدة ما حكم هذا الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طلاق الرجل امرأته طلقة واحدة وهو غائب حكمه الجواز إذا كانت في حال طهر لم يمسها فيه، أو كانت حاملاً، وتقع عليه طلقة واحدة، ويمكنه ارتجاعها ما دامت في العدة إذا شاء أن لم يكن طلقها قبل ذلك مرتين، وأرجو أن تراجع الفتاوى التالية: 9444، 2550، 10508 في معرفة الطلاق البائن والطلاق البدعي والطلاق الرجعي.
واعلم أنه يجب على الزوج أن يوفر السكنى لزوجته المطلقة طلاقاً رجعياً أو الحامل، فإن كان طلقها وهي في بيت الزوجية، فعليها أن تمكث فيه حتى تنقضي عدتها، ولا يجوز له أن يخرجها، ولا يجوز لها هي أن تخرج إلا لضرورة ثم ترجع، قال الله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6] ، وقال الله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ [الطلاق:1] .
ولا يجب عليه أن يسكن معها فترة العدة، بل الواجب توفير السكن لها هي فقط، ويمكن له هو أن يسافر إلى أي مكان، ولذلك ذكر القرطبي في تفسير هذه الآية أن أشهب روى عن مالك أنه قال: يخرج عنها إذا طلقها ويتركها في المنزل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(13/13850)
إذا طلق إحدى زوجاته رجعيا فلا ينكح غيرهاإلا بعد انقضاء عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج بأربع نساء فطلق إحداهن الطلقة الثالثة هل له أن يتزوج قبل انتهاء عدة هذه المطلقة؟
أجيبونا مأجورين مع ذكر أوجه الخلاف إن كان موجودا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا طلق الرجل إحدى زوجاته الأربع طلاقاً رجعياً، وأراد أن يتزوج، أو طلق امرأة طلاقاً رجعياً، وأراد أن ينكح أختها، فإن ذلك لا يجوز له حتى تنقضي العدة باتفاق الفقهاء.
قال ابن قدامة في المغني: فإذا طلق زوجته طلاقاً رجعياً فالتحريم باقٍ بحاله في قولهم جميعاً. انتهى.
أما إذا كان الطلاق بائناً، فمذهب الحنفية والحنابلة أنه لا يجوز له التزوج كذلك حتى تنقضي العدة كالحالة السابقة.
قال ابن قدامة في المغني: وإن كان الطلاق بائناً فكذلك عندنا حتى تنقضي عدتها، وروي ذلك عن علي وابن عباس وزيد بن ثابت، وبه قال سعيد بن المسيب ومجاهد والنخعي والثوري وأصحاب الرأي. انتهى.
ودليلهم أنها محبوسة عن النكاح لحق الزوج، فأشبهت بذلك الطلاق الرجعي.
وذهب المالكية والشافعية إلى أن المطلق له أن يتزوج رابعة مكان من طلقها أو أختاً مكان أختها إذا كان الطلاق بائناً، -وهذا هو الراجح- قال خليل وهو مالكي: وحلت الأخت ببينونة السابقة. انتهى.
ودليلهم في ذلك قول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23] .
أي نكاحهن، ثم قال: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ معطوفاً، والبائن ليست في نكاحه، ولأنها بائن فأشبهت المطلقة قبل الدخول، ولا فائدة تعود على الزوج من انتظار انقضاء عدة زوجته البائنة، ففي إلزامه بذلك إضرار به، والقاعدة: أنه لا ضرر ولا ضرار.
وراجع الفتوى رقم: 8096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(13/13851)
عدة المطلقة غير المدخول بها
[السُّؤَالُ]
ـ[كم عدة المطلقة دون دخول بها وهي بالغة سن الحيض وهل تحسب بالأيام أم بالقروء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة التي طلقها زوجها ولم يدخل بها لا عدة عليها، بدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49] .
قال الإمام الشوكاني في فتح القدير: وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ" قال: هذا الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها قبل أن يمسها، فإذا طلقها واحدة بانت منه ولا عدة عليها تتزوج من شاءت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(13/13852)
حكم معاشرة المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت متزوجاً من إنسانة ورزقنا بطفل وللأسف تم الطلاق بناء على طلبها وإصرارها حيث إنها صعبة المعاشرة تكاد تكون غير طبيعية ومادية للغاية وبعد الطلاق ندمت وتريد العودة فكنت ناوياً الرجوع فرفضت بعدما تأكدت من عدم صلاحها واستغفر الله فعلت بها ما يغضب الله والآن ندمت على ما فعلت وتبت إن شاء الله فأخاف أن أراها ويزينها لي الشيطان مرة أخرى فأعينوني وفقكم الله وأسألكم الدعاء بالهداية وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الهداية، ولا ندري ما هو الأمر الذي ارتكبته لنجيبك عنه، وعموماً فإن كان هو الوطء في زمن العدة فقد اختلف فيه العلماء هل يعد ذلك مراجعة أم لا؟ على أقوال مذكورة في الفتوى رقم: 17506، والفتوى رقم: 3795.
والأولى للمسلم أن يبرأ لدينه فيفعل الرجعة المتفق على صحتها بأن يأتي بلفظ صريح كراجعتك أو أمسكتك أو رددتك، وأن يكون ذلك في زمن العدة.
وأما إن كان مقصودك بالفعل الذي ارتكبته أنك وطأتها بعد انقضاء عدتها فذلك زنا تجب عليك التوبة منه، وليكن أمر الله في القرآن هو الموجه والمرشد لتعاملك مع هذه المرأة، حيث قال عز من قائل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(13/13853)
العدة.. معناها.. وكيف تتحقق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي صديقة مطلقة منذ أشهر ولكنها لم تقم بأداء فريضة العدة فما حكم الشرع وهل ينبغي لها أن تبدأ بها من الآن لأنها سألت وقالوا لها إنها لا تسقط عنها أفيدوني؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعدة المطلقة تبدأ من حين وقوع الطلاق، والعدة معناها كما عرفها الدردير: مدة معينة شرعاً لمنع المطلقة المدخول بها والمتوفى عنها زوجها من النكاح.
فالاعتداد في حق المطلقة يحصل بترك الزواج من رجل آخر في مدة العدة، ويضاف لذلك وجوب السكنى في بيت الزوجية مدة العدة على الأصح من قولي العلماء، فإذا امتنعت المطلقة عن الزواج وسكنت في بيت الزوجية -إن كانت طلقتها رجعيةـ فقد اعتدت الاعتداد الشرعي، فإن تزوجت في العدة فالزواج فاسد، وإن كان ترك الاعتداد بعدم السكنى في بيت الزوجية أثمت ووجبت عليها التوبة، ولا يلزم المطلقة شيء غير ترك الزواج والسكنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(13/13854)
يحرم التصريح ويجوز التعريض والتلويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمطلقة أن تُخطب لشخص قبل أن تتم عدتها على العلم أنها مطلقة من قبل المحكمة طلاقاً بضرر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التصريح بالخطبة للمعتدة لا يجوز، ويجوز التلويح بها والتعريض لمن كانت في عدة الوفاة أو عدة طلاق بائن على الراجح.
ونقل القرطبي عن ابن عطية إجماع الأمة على حرمة التصريح للمعتدة بالخطبة وطلب الزواج منها، سواء كانت عدة وفاة أو رجعية أو بينونة.
وإجماعهم على جواز التعريض للمعتدة في الوفاة، ويجوز التعريض للمعتدة البائن على الراجح.
وعلى هذا؛ فإنه لا يجوز التصريح بالخطبة لهذه المرأة المعتدة، ولا يجوز التعريض كذلك بالخطبة إلا إذا كان طلاقها من قبل المحكمة طلاقاً بائناً، بمعنى أنه لم يكن لعسر في النفقة عليها أو للإيلاء منها.
فإذا كانت المحكمة طلقتها منه لعسر بالنفقة أو إيلاء، فلا يجوز التعريض لها بالخطبة وأحرى التصريح.
والحاصل أن هذه المرأة المعتدة لا يجوز التصريح لها بالخطبة، ويجوز التعريض لها بها إذا كان طلاقها بائناً، أي لا سبيل للزوج لارتجاعها إلا برضاها ورضى وليها، وعقد جديد ومهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(13/13855)
من حكم جعل العدة ثلاث حيض
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الحكمة من جعل عدة الطلاق ثلاث حيضات؟ ولماذا لا تكون حيضة واحدة كفاية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المسلم أن يعتقد أن الشارع ما شرع شيئاً إلا لحكمة، علمنا تلك الحكمة أو جهلناها؛ لأن ذلك من تمام التسليم لحكم الله وشرعه وهو شأن المؤمنين، إذ يقول تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36] .
فإن ظهرت الحكمة فذلك خير ورحمة؛ لأنه بظهورها تزداد النفوس اطمئناناً ويقاس عليها نظيراتها من المسائل، ويظهر فيه سمو الشريعة لاقترانها بالحكم والعلل.
وإن من حِكَمِ جعل العدة ثلاث حيض عدة أمور:
أولاً: معرفة براءَة الرحم حتى لا تختلط الأنساب بعضها ببعض.
ثانياً: تهيئة فرصة كافية للزوجين لإعادة الحياة الزوجية إن رأيا أن الخير في ذلك.
ثالثاً: التنويه بفخامة أمر النكاح حيث لم يكن أمرًا ينتظم إلا بجمع الناس ولا ينفك إلا بانتظار طويل، ولولا ذلك لكان بمنزلة لعب الصبيان ينظم ثم يفك في الساعة.
وراجع الفتوى رقم:
1598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(13/13856)
من أحكام عدة المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت متزوجة من شخص ولكنه حصل خلاف بيننا ونطق بالطلاق وخرجت إلى أهلي وأنا لا أريد الرجوع إليه
وبعد فترة عام تقريباً والمحاكم بيننا حكمت المحكمة بالطلاق فمن متى تحسب العدة هل من بعد تركه عند إقسامه بالطلاق؟ أم بعد حكم المحكمة بذلك؟
وكيف تكون العدة؟ هل لا يجوز لي العمل أثناء فترتها علماً بأنني مدرسة ابتدائي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدتك تبدأ من حين أن نطق بالطلاق لا من بعد حكم المحكمة، وتجلس المرأة بعد طلاقها من زوجها في بيتها ولا تخرج منه ولا تخطب لزوج آخر حتى تنقضي عدتها لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1] .
والمطلقة لا تخلو أن تكون حاملاً فلا تنقضي عدتها حتى تضع حملها؛ لقوله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] .
أو تكون غير حامل فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيضات، لقول الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] .
وإن كانت لا تحيض لكونها صغيرة لم تبلغ أو لكونها كبيرة يائسة فعدتها ثلاثة أشهر لقول الله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4] .
ولا تخرج المعتدة الرجعية من بيتها لعمل أو غيره إلا عند الضرورة لأنها مكفية بنفقة زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(13/13857)
ما يترتب على خروج المطلقة من بيتها من أحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلقت المرأة وتركت في منزلها لتقضي عدتها عسى أن يهديها الله إلى الطريق القويم مرة أخرى ويتم الاتفاق على ذلك مع أقاربها وبعد أسبوع تسرق ما بالمنزل وترحل هل يكون لها نفقة أم لا وهل تعتبر في هذه الحالة ناشزاً وهل تستحق المؤخر المكتوب لها علما بأن الشقة كان بها من المأكل والمشرب ما يكفي أكثر من أربعة أشهر أفيدوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا طلقت طلاقاً رجعياً وجب عليها أن تبقى في مسكن الزوجية، ولا يجوز لزوجها أن يخرجها لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً [الطلاق:1] .
وفي حال بقائها يجب على الزوج أن ينفق عليها إلا أن تأتي بفاحشة، والمراد بالفاحشة: الزنا أو النشوز الذي لا تحسن معه عشرة.
وعليه؛ فإن المرأة التي خرجت من بيت زوجها قبل انتهاء عدتها عاصية ناشزة، وبنشوزها تسقط نفقتها وسكناها على الزوج حتى ترجع. وما أخذته من مال زوجها فليس لها حق فيه بل يجب عليها رده، ومن حق الزوج مطالبتها به قضاءً.
وأما مؤخر مهرها فإن كان النشوز منها وأصرت على الفراق فمن حق الزوج أن لا يطلقها حتى ترجع له ما أمهرها وتسقط عنه ما تبقى عليه منه، فإن لم يشأ الرجل ذلك ولم تعد له رغبة في نكاحها فلا ينبغي له أن يبقيها معه بل يسرحها بإحسان، ولعل الله يعوضه خيراً منها قال الله تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة:231] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(13/13858)
تزوجت في العدة وأنجبت من ذلك الزواج!
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة بعد ما طلقها زوجها بيومين تزوجت، أي بدون أن تعتد، وهي الآن لها من زوجها الثاني طفل، فماذا يترتب عليها وعلى زواجها في العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزواج في العدة يعد باطلاً بإجماع الفقهاء، فإن حصل ذلك فيجب التفريق بينهما فوراً، وإن كان ذلك عن جهل منهما بحرمته، فإنه نكاح شبهة لا إثم عليهما فيه، وما أنجباه فيه من أولاد يلحقون بالواطئ.
أما إن حصل ذلك عن علم بحرمته منها، فإنه زنا والعياذ بالله، ولا يلحق الأولاد بأبيهم، بل ينسبون إلى أمهم.
وإذا كان أحدهما عالماً والآخر جاهلاً، فإن الإثم على العالم منهما، فإن كان العالم هو الأب، فإن الأولاد لا يلحقون به، بل يلحقون بأمهم وينسبون إليها، وإذا أراد الزواج بعد التفريق بينهما، فلا بأس في ذلك، لكن بعقد جديد، ويشترط أن تعتد المرأة من زوجها الأول، لأنها لم تكمل عدتها منه حيث تزوجت ذلك الزواج الباطل بعد يومين من العدة إذ لا تحتسب فترة نكاح الشبهة من العدة، هذا في حالة جهلها.
أما في حالة العلم، فإن العدة لا تنقطع، لأنه زنا، فتكون العدة قد انتهت من الزواج الأول، ولكن عليها أن تعتد من الزنا.
وجواز زواجهما بعقد جديد هو مذهب الحنفية والشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أنها تحرم عليه على التأبيد.
وإذا أرادت أن تتزوج غير من تزوجها في العدة، فإنها تعتد بعدتين: عدة من الأول، وعدة من الثاني، ولا تداخل بين العدتين في مذهب الجمهور خلافاً للحنفية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(13/13859)
أقوال الفقهاء في خروج المعتدة من بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة موظفة وأعيش عائلتي المكونة من طفلتين ولقد طلقت من زوجي وهو ليس أبا البنات
ولم أستطع أن أجلس في العدة بسبب أنني سوف أخسر الوظيفة وفي هذه الحالة كيف سأعيش بناتي؟
فما هو الحكم الشرعي لمثل حالتي ملاحظة: أنا مطلقة منذ سبعة أشهر جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المعتدة أن تلزم بيتها حتى تنقضي عدتها؛ لقول الله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن) [الطلاق:1] وقول النبي صلى الله عليه وسلم للفريعة بنت مالك بن سنان في الحديث الطويل: " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله." الموطأ والترمذي والنسائي وأبو داود.
وذكر الحنابلة أن الرجعية تسكن حيث شاء زوجها لحق الزوجية، أما البائن بفسخ أو طلاق فإنها تعتد حيث شاءت، ومنعوا المتوفى عنها من الخروج ليلاً وأجازوا لها الخروج نهاراً.
وفرق الحنفية بين عدة الوفاة والطلاق فأجازوا الخروج للأولى نهاراً لأنها لا نفقة لها عندهم، ومنعوا الثانية للنفقة.
وإذا كان الحال كما ذكرت من حاجتك الماسة فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لخالة جابر: "اخرجي فجدي نخلك لعلك أن تتصدقي وتفعلي خيراً." أبو داود والنسائي.
أما العدة فلا عبرة فيها بعدد الشهور إلا فيماإذا كانت المرأة ممن لا يحضن لصغر أو لكونها من الآيسات.
والحامل عدتها إلى وضع الحمل، ومن تحيض عدتها ثلاث حيضات، واليائسة تعتد ثلاثة أشهر، لقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وقوله:: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر) وننبه السائلة إلى وجوب مراعاة ضوابط عمل المرأة المذكورة في الجواب رقم:
3859 والجواب رقم: 5181
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(13/13860)
حساب عدة المطلقة يبدأ من بداية طلاق زوجها لها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أصبحت بعيدة عن زوجي نحو ثمانية أشهر دون أن نلتقي بسبب مشاكل زوجية بيننا وأصبحت قضية المطالبة بالطلاق في إحدى محاكم (بريطانيا) حيث نعيش معا وسؤالي هو:
هل إذا ما تم الطلاق بيننا وتقدم للزواج مني شخص آخر أن أعتد العدة الشرعية من يوم الطلاق أم أن الفترة التي لم أقضها معه وهي 8 أشهر تعتبر بمثابة العدة الشرعية؟.
أفتوني جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حساب العدة بالنسبة للمطلقة يبدأ من أول طلاق زوجها لها، ولا عبرة بالفترة التي ابتعدا فيها بعضهما عن بعض قبل حصول الطلاق؛ لأن العقد كان باقيًا فيها على أصله، وهذا يعني أنها زوجته وإن لم يجامعها، ودليل ذلك قول الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] .
فعلق الله سبحانه وتعالى بداية العدة على حصول الطلاق، دون نظر إلى التأكد من براءة الرحم أو عدمه.
وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 13248، والفتوى رقم: 1598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(13/13861)
المكان الذي تعتد فيه المطلقة والمختلعة وكم مدة عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[اختصم رجل وزوجته فذهبت إلى منزل أهلها طالبة للطلاق وهو لا يرغب فما حكم ذلك وإن طلقها هل يجب أن ترجع إلى منزل زوجها أثناء العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها بغير إذنه، ولا طلب الطلاق إلا لسبب مشروع، كعدم النفقة عليها، أو سوء معاشرتها، لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة حديث صحيح أخرجه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي.
والطلاق حق للزوج وحده، فإن كان لا يرغب فيه، فلا أحد يجبره عليه إلا القاضي الشرعي، أو من يقوم مقامه في حالات بينها الفقهاء يحصل فيها ضرر على المرأة.
وإذا طلقها بناء على رغبته، فإنه يجب عليها أن تعود إلى بيتها، لتقضي فيه العدة، إن كان الطلاق رجعياً، لقول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1] .
أما إذا كان الطلاق بناء على رغبتها، وتمت الموافقة بينهما، فلها أن تلحق بأهلها، وتعتد عندهم، لأن الخلع طلاق بائن لا رجعة فيه، كما صح ذلك في حديث امرأة ثابت بن قيس لما اختلعت منه.. وفيه: خذ الذي لك عليها، وخلّ سبيلها. قال: نعم، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة واحدة، وتلحق بأهلها رواه النسائي، وأصله في البخاري.
وعدتها بنص هذا الحديث حيضة واحدة، وهو أصح الروايتين عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وذهب الجمهور إلى أن عدة المختلعة ثلاث حيضات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(13/13862)
أقوال العلماء في حكم العقد أو الدخول بالمعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة منفصلة عن زوجها من عامين كل منهما في بلد مختلف حصلت على الطلاق من المحكمة في نهاية العامين ترغب في الزواج من آخر هل لها عدة من تاريخ الحكم أو من تاريخ الانفصال وما الحكم إذا تزوجت بعقد عرفي قبل انتهاء العدة من تاريخ الحكم بأسبوع وتم توثيقة بعد ذلك وما حكم من أفتى بصحة هذا الزواج وما كفارة تلك الفتوى إذا كانت خاطئة؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدة المرأة المذكورة تبدأ من تاريخ الحكم بطلاقها من زوجها السابق.
وعليه، فإنه لا يجوز لها أن تتزوج إلا بعد انقضاء تلك العدة، لقول الله تعالى: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه [البقرة:235] .
بل لا تجوز صريح خطبتها ما دامت في العدة.
وإذا حصل العقد أثناء العدة ولم يقع فيها وطء حتى انقضت، فالراجح من أقوال أهل العلم أنها لا تحرم على زوجها، أما إن حصل وطء استنادا إلى ذلك العقد فقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها تحرم عليه على الأبد، وبهذا قال مالك والليث والأوزاعي وأحمد بن حنبل.
وذهب الشافعية والحنفية إلى أنه يجوز أن يتزوجها بعقد جديد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال القرطبي في تفسيره نقلا عن الباجي قال: لا يخلو الناكح من العدة إذا بنى بها أن يبني بها في العدة أو بعدها.. فإن كان بنى في العدة فإن المشهور من المذهب أن التحريم يتأبد، وبه قال أحمد بن حنبل.
وننبه هنا إلى أن على المرأة أن تتم عدتها من الرجل الأول وتستأنف عدة أخرى من الثاني، وهذا قول الليث والحسن والشافعي وأحمد وإسحاق. ... ... ...
والحاصل أن زواج المرأة المسؤول عنها من الرجل الثاني يعد باطلاً لأنها ما زالت في العدة من الزوج الأول، وإذا كان زوجها الثاني عقد عليها عالماً بذلك فإنهما قد ارتكبا إثما كبيراً؛ إلا أنها لا تحرم عليه إلا إذا وطئها فيه على ما ذهب إليه من ذكرنا من الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(13/13863)
هل تحتسب الحيضة من العدة للمطلقة أثناء الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[تركني زوجي لمدة شهرين عند أهلي لكرهه لي وطلقني وأنا حائض وأنا لم أجلس معه سوى شهر واحد فقط:
- هل تعتبر هذه الحيضة من الحيضات الثلاث للعدة؟
- هل يجوز أن أخطب وأنا في العدة علما بأني لا أريد الرجوع لزوجي ولا يريد هو ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطلاق في الحيض طلاق واقع عند جماهير العلماء، مع كونه محرماً وهو من طلاق البدعة، إذ السنة أن يطلق الرجل امرأته في طهر لم يجامعها فيه.
وعدة المطلقة التي تحيض ثلاثة قروء بالإجماع، لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة:228] .
واختلف العلماء في المراد بالقروء، أهو الحيض أم الطهر؟
فذهب الحنابلة والحنفية إلى أنه الحيض، فتعتد المطلقة عندهم بثلاث حيضات، ولا تحسب الحيضة التي طلقت فيها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: الحيضة التي تطلق فيها لا تحتسب من عدتها بغير خلاف بين أهل العلم.
وإذا كان الطلاق رجعياً، بأن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية لم يجز لأحد أن يخطبك لا تصريحاً ولا تعريفاً حتى تنتهي عدتك، ولو كان الزوج لا ينوي إرجاعك.
قال القرطبي رحمه الله: ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعاً لأنها كالزوجة، وأما من كانت في عدة البينونة، فالصحيح جواز التعريض لخطبتها. والله أعلم. انتهى.
فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، فقد حللت من عدتك، وجازت لك الخطبة.
ويجب على المرأة أن تبقى في بيت زوجها، ولا يجوز لها أن تخرج منه، ولا يجوز لزوجها أن يخرجها، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 3986، والفتوى رقم: 6922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(13/13864)
عدة المختلعة كعدة المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا خلع الرجل زوجته فما هي عدتها علما بانهما منفصلان من مدة طويلة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخلع موجب للفرقة بين الزوجين، وبمجرده تملك المرأة أمرها، ولا يبقى للزوج حق في ارتجاعها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7820.
أما عدة المختلعة، فالذي عليه الجمهور هو أنها كعدة المطلقة، واحتجوا بقول الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة:228] ، وقالوا: إن الخلع فرقة بين الزوجين في الحياة بعد الدخول، فكانت العدة ثلاثة قروء كغير الخلع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(13/13865)
لا تنقضي عدة الحائض إلا باستكمال ثلاث حيض
[السُّؤَالُ]
ـ[1-امرأة عادتها متغيرة تأتيها كل شهرين وفي بعض الأحيان تأتي كل شهر ونصف وطلقت فكيف تكون عدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العدة بالنسبة لمن تحيض لا تنقضي إلا باستكمال ثلاث حيضات، وإن طالت المدة التي تحصل فيها، لأن الله تعالى ربط العدة بحصول الحيضات الثلاث، فقال: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة:228] .
فلا يجوز العدول عنها إلى الاعتداد بالأشهر إلا في حالة اليأس من الحيض، أو عدم بلوغ سن الحيض بالنسبة للصغيرة، ولذلك قال تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْن) [الطلاق:4] .
فالعدة بالحيض لذوات الأقراء، والعدة بالأشهر لليائسة التي انقطع حيضها، والصغيرة التي لم تحض.
وبهذا تعلم السائلة أن عدتها ثلاث حيضات، لا تحل للأزواج إلا بعد استكمالهن ما دامت تحيض.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/13866)
عدة المطلقة طلاقا رجعيا حددها الشارع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عدة المرأة المدخول بها والمطلقة طلقة رجعية على يد مأذون؟ حيث أفتى لي المأذون أنها 62 يوما على اعتبار أقل فترة دورة ممكن تأتتي للمرأة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة المدخول بها إذا طلقت فإما أن تكون من ذوات الحيض، وإما أن تكون من غير ذوات الحيض، فإن كانت من ذوات الحيض فعدتها: ثلاثة قروء؛ لقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) [البقرة: 228] والقروء جمع قرء، وهو لفظ مشترك بين الحيض والطهر. والراجح أن المراد به هنا هو: الحيض. قال ابن القيم: "إن لفظ القرء لم يستعمل في كلام الشارع إلا للحيض، ولم يجئ عنه في موضع واحد استعماله للطهر … إلخ".
وعلى ذلك فعدة المدخول بها إذا طلقت وكانت من ذوات الحيض، ثلاث حيض: (تحيض ثم تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم تحيض ثم تطهر) فالعبرة هنا بمجيئ الحيض، وليس بعدد الأيام.
وإن كانت من غير ذوات الحيض، فعدتها ثلاثة أشهر، ويصدق ذلك على الصغيرة التي لم تبلغ، والكبيرة التي لا تحيض، قال تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) [الطلاق:4] أما الحامل فعدتها وضع حملها، لقوله تعالى: (وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) [الطلاق:4] فإذا وضعت حملها فقد انتهت عدتها، ولا فرق في تحديد العدة بين المطلقة طلاقاً رجعياً والمطلقة طلاقاً بائناً، هذا هو حكم الله في العدة، وقد تولى بيانه بنفسه، فلا تلتفت إلى غيره، وقد سبق جواب عن أحكام تخص المعتدة نحيلك عليه للفائدة وهو برقم:
6922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1422(13/13867)
مجرد الخلوة بين الزوجين يوجب العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة طلقت قبل الدخول بها وبعد أن حدث بينها وبين زوجها كل ما يمكن أن يحدث بين كل زوجين ولكنها ما زالت عذراء فهل تجب عليها العدة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المرأة يلزمها أن تعتد ولو لم يدخل بها زوجها كما تلزم المطلقة المدخول بها بالإجماع، فإنها تجب بمجرد الخلوة بين الزوجين على الراجح أيضاً، قال ابن حزم في مراتب الإجماع:" واتفقوا على أن من طلق امرأته التي نكحها نكاحاً صحيحاً، وقد وطئها في ذلك النكاح في فرجها أن العدة لها لازمة " وفيه أيضاً، "وتجب العدة على الزوجة إن خلا بها ولم يصبها بإجماع الصحابة"
وروى الإمام أحمد والأثرم بإسنادهما عن زرارة بن أبي أوفى قال: "قضى الخلفاء الراشدون أن من أرخى ستراً، أو أغلق باباً، فقد وجب المهر، ووجبت العدة، " قال ابن قدامة: " وهذه قضايا اشتهرت فلم تنكر فصارت إجماعاً"
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(13/13868)
ما يترتب على من تزوجت قبل انتهاء عدة الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
لقد انفصل والدي عن والدتي منذ زمن ما يقارب العشرين عاما وقد تم الطلاق عن طريق المحكمة
ولكن على كلام والدي أنها تزوجت بعد أسبوع من الطلاق أي لم تكمل عدتها مع العلم أنها لم تكن تسكن معه السنة الأخيرة من زواجه لكثرة المشاكل بينهما أي أنه هجر فراشها ما يقارب السنة أو أكثر والآن والدتي متزوجة ولديها أطفال هل هم إخوتي من والدتي أم ماذا أفيدونا جزاكم الله عنا أفضل الجزاء
أرجو من فضيلتكم إن كانت هناك كفارة أفيدوني وهل زواجها شرعي
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمطلقة أن تتزوج حتى تكمل عدتها، ولو كان الزوج لم يقربها منذ زمن طويل قبل الطلاق. وعدة المطلقة مبينة في الفتوى رقم 1614 ولمزيد الفائدةأيضا راجع الجواب رقم 1598.
وإذا تزوجها شخص أثناء العدة فالزواج باطل باتفاق العلماء، والاستمرار فيه يعتبر زناً إن علما بعدم انقضاء العدة، وتحريم النكاح فيها، وما أنجباه من أولاد فهم أبناء زناً.
وبناء على ذلك، فإذا ثبت ثبوتاً شرعياً أن أمك قد تزوجت بذلك الرجل قبل انقضاء عدتها من أبيك فيجب التفريق بينهما على كل حال، ثم إن كان عالمين بالتحريم فما مضى من معاشرتهما زناً، والأولاد غير منسوبين لذلك الرجل.
وإن كانا جاهلين فلا إثم عليهما -فيما مضى- إلى وقت علمهما بالتحريم، والأولاد في تلك المدة منسوبون إلى الرجل.
وإن علم أحد دون الآخر فعلى العالم منهما الإثم. ولا يلحق الأطفال بالرجل إذا كان هو العالم بالتحريم دون المرأة.
وإذا أراد الزواج مرة أخرى بعقد جديد فلا بأس بذلك في مذهب الحنفية والشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وذهب المالكية إلى أنها تحرم على التأبيد.
وعلى كل فهؤلاء الأطفال إخوة لك من الأم، ألحقوا بأبيهم، أولم يلحقوا به إذ نسبتهم إلى الأم ثابتة لا تتغير، وعلاقتك بهم إنما هي من جهة الأم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1422(13/13869)
المطلقة المرضع لا تنتهي عدتها حتى تستكمل ثلاث حيض ولو طالت المدة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلقت المرأة وهي ترضع مع العلم أن بعض النساء لا يحضن في فترة الرضاعة وأيضا عدم الحيض لايمنع الحمل في هذه الفترة فما هي عدة مثل هذه المراة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن مثل الحالة فأجاب (تبقى في العدة حتى تحيض ثلاث حيض وإن تأخر ذلك إلى انقضاء مدة الرضاع) وهذا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم، وبذلك قضى عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب بين المهاجرين والأنصار ولم يخالفهما أحد. فإن أحبت المرأة أن تسترضع لابنها من يرضعه لتحيض، أو تشرب ما تحيض به فلها ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1421(13/13870)
الحكمة من اختلاف عدة الوفاة وعدة الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا تعتد المرأة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام في حين تعتد المرأة المطلقة طلاقا بائنا بينونة كبرى ثلاثة أشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب علينا أولاً أن نعرف أنه ما من أمر شرعه الله تعالى وأمر به، إلا ومن ورائه حكمة بالغة علمها من علمها، وجهلها من جهلها. وإذا لم ندرك نحن حكمة لأمر ما من الأمور التي أمر الله بها، فليس ذلك دليلاً على أنه لا حكمة له، وإنما ذلك دليل على قصورنا نحن، وعجز عقولنا.
ثم إننا نقول للسائل الكريم: إن العدة بكل أنواعها فيها معنى تعبدي يجب الوقوف عنده، والانصياع لأمر الله عز وجل فيه. أما لماذا تعتد المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر، فالجواب ـ والله تعالى أعلم ـ أن الله تعالى أوجب على المرأة بعد فراق زوجها إياها أن تنتظر مدة من الزمن لا تخطب فيها ولا تنكح حقا لزوجها، وتحققيقا لبراءة رحمها، ولما كان سبب الفراق إما موت الزوج أو طلاقه. فقد اقتضت حكمة الله تعالى البالغة، وعدله الشامل أن تكون تلك المدة ـ في حالة الوفاة التي صاحب الحق فيها ليس موجوداً ـ أمراً ظاهراً يستوي في تحقيقه القريب والبعيد، ويحقق الحيض الدال على براءة الرحم، وحدد بأربعة أشهر وعشر لأن الأشهر الأربعة ثلاث أربعينات، وهي المدة التي تنفخ فيها الروح في الجنين، ولا يتأخر تحركه عنها غالباً، وزيد إليها عشرة أيام لظهور تلك الحركة ظهورا بيناً. وأيضا فإن هذه المدة هي نصف مدة الحمل المعتاد تقريبا، وفيها يظهر الحمل ظهوراً بيناً، بحيث يعرفه كل من يرى. أما في الطلاق فلما كان صاحب الحق موجوداً، قائماً بأمره، مناقشا عن حقه، أمرت المرأة أن تعتد بأمر تختص هي بمعرفته، وتؤمن عليه، ولا يعرف إلا من جهتها، وهو الأقراء. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1421(13/13871)
لا يجوز للزوج أن يخرج مطلقته من البيت أثناء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم المطلقة التي تقضي عدتها في بيت أهلها علما بأنها طالبت بأن تكون العدة في بيت مطلقها، إلا أن القاضي والزوج لم يهتما بهذا الأمر. وهل يحق لها أن تلتحق بالدراسة وهي في العدة، وسبق للزوج قبل أن يطلقها قال لها اذهبي أينما شئت عندما كانت بيت أهلها وهي على ذمته وقد خرجت من بيته شبه مطرودة فهو الذي أخرج ملابسها بنفسه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فلا يجوز للزوج أن يخرج مطلقته من بيت الزوجية حتى تنتهي العدة، ولا يجوز لها هي الخروج منه. لقول الله تعالى: (واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن..) [الطلاق:1] . فالسكن في بيت الزوجية حق لله تعالى لا يسقط بالتراضي ولا بإسقاط الزوج له. وإنما يسقط للضرورة أو الحاجة التي لا يمكن تفاديها. وأما الالتحاق بالدراسة فلا حرج فيه إذا لا تعارض بين العدة للمطلقة وبين الدراسة لأن هذا مما يستثنى للحاجة مع التزام الضوابط الشرعية في الخروج من البيت. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/13872)
النفقة وحكمها بالنسبة للمطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تم الطلاق للضرربتاريخ 12 يوليو 1997وأكدته محكمة الأستئناف في تاريخ 21 نوفمبر 1997 ثم اوقف تنفيذ حكم الطلاق بأمر من المحكمة العليا بناءً على طلب الزوج ثم صدر حكم المحكمة العليا بتأكيد الطلاق للضرربتاريخ 4 ابريل 1998 هل تستحق الزوجة نفقة عدة ومتى؟ وهل تستحق نفقة زوجية خلال فترة التقاضى في الاستئناف والمحكمة العليا حيث تعتبر شرعا محتبسة على ذمته؟ هذا ولكم جزيل الشكر وانا بانتظار ردكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا نفقة للزوجة في عدة الطلاق للضرر لأنه طلاق بائن. إلا إذا كانت حاملاً فلها النفقة لذلك. لقوله تعالى: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) [الطلاق:6] وإن كانت مرضعاً فلها أجرة الإرضاع لقوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) [الطلاق: 6] ولهذه الزوجة النفقة خلال فترة التقاضي إن لم تكن ناشزاً، لأنها في تلك الفترة تعتبر زوجة شرعاً، حتى تبت المحكمة في طلاقها من زوجها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/13873)
تعتد المطلقة في بيت زوجها إذا كان الطلاق رجعيا
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا طلق الرجل زوجته هل من حقها البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
إذا طلق الرجل زوجته طلقة رجعية فلها الحق في المسكن في بيته حتى تنتهي عدتها لقول الله تعالى: (أسكنونهن من حيث سكنتم من وُجْدِكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) [] قال ابن العربي أطلق الله تعالى السكنى لكل مطلقة من غير تقييد فكانت حقاً لهن لأنه لو أراد غير ذلك لقيد كما فعل في النفقة إذ قيدها بالحمل في قوله تعالى: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) [ ... ] فإذا انقضت عدة المطلقة فلا حق لها في السكن في البيت لأن حقها في السكن كان مترتباً على الزوجية والزوجية قد انقطعت. لكن إن كان للمطلقة أولاد من المطلق واتفقا على أن تسكن مع الأولاد لحضانتهم أو نحو ذلك، جاز ذلك بشرط أن لا تحصل خلوة بينهما في البيت، بعد خروجها من عدة الرجعية. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/13874)
لا تعتد المرأة المطلقة قبل الدخول ولها نصف المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رجل عقد قرانه على امرأة وشرطت عليه المرأة بالحفاظ على الحجاب ووافق على هذا الشرط عند بداية العقد ولكن بعد أيام بدأ يرفض هذا الشرط. والمرأة مصرة على شرطها.. لم يتم الدخول على المرأة ... فقط كتب عقد النكاح. وتم الطلاق. السؤال هو.. هل على المرأة عدة؟ ما مقدار حقها من المهر أجيبونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإنا أولاً نسأل الله تعالى أن يثبت هذه المرأة وأن يجزيها أحسن الجزاء وأن يعوضها من هذا الرجل رجلاً صالحاً يحسن عشرتها ويعينها على البر والتقوى. ثم إنه ليست عليها عدة لقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنت ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدّونها) [سورة الأحزاب] ولها نصف الصداق المسمى إن كان سمى لها صداقاً وإن لم يكن سمى لها صداقاً فلها نصف صداق مثلها، لقول الله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) [سورة البقرة] .والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/13875)
عدة المرأة صيانة وحماية للحقوق الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى المرأة التى ظلمت فى عدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فلا توجد في الشريعة الغراء امرأة مظلومة في عدتها من خلال النصوص الشرعية من كتاب وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولكن قد يظن بعض الناس أن مدة العدة قد تطول أحياناً كما في حالة المتوفى عنها زوجها فهي تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ولكن هذا كله صيانة وحماية للحقوق الزوجية وعلى كلٍ فنود من السائل أو السائلة توضيح السؤال حتى يجاب عليه ويزال الإشكال بإذن الله. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/13876)
حال المطلقة طلاقا رجعيا مع زوجها وهل تخرج من بيتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... السلام عليكم فضيلة الشيخ.. أود السؤال عن المرأة المطلقة الطلقة الأولى هل تكشف على زوجها أثناء العدة؟ علما بأن الزوج أكد أنه لا يريد مراجعتها. وما هي مدة العدة؟ وماذا يلزمها خلال هذه الفترة من ناحية الخروج للتسوق أو الترفيه أو الزيارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: ... ... إن الله جل وعلا أتاح للزوج الفرصة في مدة العدة ليراجع رأيه في الطلاق، وأباح له الخلوة بالمرأة في هذه المدة، وأباح لها أن تتزين له، وأن تبرز محاسنها لتغريه بالمراجعة. وهذا الحكم لا يتأثر بتصريحه بعدم التفكير في الرجوع في أصح أقوال أهل العلم. ... أما النسبة لمدة العدة فهي تختلف باختلاف حال المرأة، فإن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بمجرد وضع الحمل لقوله تعالى: (وأُلات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) . [الطلاق: 4] . ... وإن كانت غير حامل ومثلها يحيض فعدتها ثلاثة قروء لقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) . [البقرة: 228] . ... وهل المراد بالقروء: الأطهار أي الأزمان التي بين الحيضات أو الحيضات نفسها على خلاف في ذلك بين العلماء. ... وإن كانت لا تحيض لكبر أو صغر فعدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى: (واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن) . [الطلاق: 4] . ... وهذا كله إن كانت قد دخل بها وإلا فلا عدة عليها لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) . [الأحزاب: 49] . ... أما بالنسبة للخروج من منزلها فالصحيح عند العلماء أنها تخرج بالنهار لقضاء حوائجها إذا لزم الأمر وتلزم منزلها بالليل، ومنهم من منعها من الخروج مطلقاً وهو قول وجيه. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/13877)
ثبوت براءة الرحم عن طريق الأجهزة الحديثة لا يسقط العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... المرأة بعد طلاقها تعتد كما هو معروف. لكن هناك تكنولوجيا متطورة لمعرفة رحم المرأة هل هي حامل أم لا. علي ذلك إن كان الحكمة من مشروعية عدة المطلقة معرفة عدم الحمل فهذا ممكن قبل انتهاء العدة أو بعيد الطلاق. فما إيضاح هذه المسالة من منظور إسلامي؟ والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التحقق من براءة رحم المعتدة بواسطة الأجهزة الحديثة والوسائل المتطورة لا يعتبر شرعاً، ولا يستند إليه في ذلك، ولا يصح أن يكتفى به عن العدة التي فرضها الله تعالى على المعتدات، حتى لو افترضنا أن تحقق البراءة هو الحكمة الوحيدة من مشروعية الاعتداد وتأكدنا مائة بالمائة من صدق معلومات الأجهزة تلك، وحتى لو اتفق كل من الزوجين على إسقاط حقه في العدة. وذلك لأن الله تبارك وتعالى قال بعد ذكر الطلاق، والأمر بإحصاء العدة، والنهي عن إخراج المعتدات من بيوتهن:
(وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) [الطلاق: 1] .
على أن العدة لها حكم كثيرة غير معرفة براءة الرحم، فمن تلك الحكم تهيئة فرصة للزوجين لإعادة الحياة الزوجية إن رأيا أن الخير في ذلك، ومنها التنويه بفخامة النكاح، حيث لم يكن أمرا ينتظم إلا بجمع الرجال وإعلانه وإظهاره فلا ينفك إلا بانتظار طويل، ولولا ذلك لكان بمنزلة لعب الصبيان، ينظمونه ثم يفكونه في الساعة، وغير ذلك من الحكم التي لا يعلمها إلا الله، فالاكتفاء بتلك الأجهزة عن العدة التي حددها الله تعالى وبينها في كتابه العزيز أوضح بيان وأتمه مصادم لنصوص القرآن الكريم، ومفوت للحكم الكثيرة التي من أجلها وجبت العدة على المطلقات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/13878)
تجب العدة من لحظة إيقاع الطلاق الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يريد الزوج والزوجة الطلاق يتقدم كلاهما أو أحدهما الى المحكمة السويدية بطلب الطلاق. ثم ينتظرا مدة من الزمن قد تمتد الى 6 أشهر. السؤال: هل تبدأ عدة الزوجة عند صدور القرار أم عند تقديم الطلب؟ السؤال: لو أصدرت المحكمة السويدية قرارا بالطلاق بناءً على طلب الزوجة ورفض الزوج هذا القرار وصار كل منهم يسكن وحده. لا الرجل يريد الطلاق ولا المرأة تريد الزوج، وكلا الطرفين مطلقان حسب القانون السويدي. ماذا تعمل الزوجة لكي تحصل على الطلاق الإسلامي. مع العلم أن الأمر قد يمتد سنوات فلا هي تعيش مع "زوجها" ولا هي مطلقة والدولة تتعامل معهما كمطلقين.... لايستطيعان الذهاب الى بلدهما الأصلي ... ما العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
ما دام الزوج مسلما والزوجة مسلمة فلا يجوز لهما التحاكم إلى القوانين الوضعية لا في مسائل الطلاق ولا في غيرها. وعليهما أن يعرضا الأمر على أقرب عالم أو جهة إسلامية موثوقة للنظر في أسباب الخلاف، وإذا ثبت لهذه الجهة، وجود الأسباب الموجبة للطلاق فإنها تحكم بذلك، وعلى الزوج أن يسلم ويذعن لهذا الحكم. فإن لم يقبل الزوج هذا التحكيم وكان الضرر على المرأة قائماً فعليها أن تعرض الأمور على الجهة المذكورة (العالم أو الجهة الإسلامية) وتعمل بمقتضى مشورتها فإن أشارت عليها برفع الأمر إلى المحاكم المدنية لإزالة الضرر فلها ذلك وقديماً قال أهل العلم: وإذا لم يوجد العدل وضع شبه العدل مكان العدل لئلا تضيع الحقوق. وينبغي للزوج والزوجة أن يتقيا الله تعالى، وأن يعلم الزوج أن الله جعل الطلاق بيده لقوامته ومسئوليته، وليس لأن يتخذه وسيلة لاذلال المرأة وظلمها، ومن رأى قدرته فليتذكر قدرة الله عليه وأخذه وعقابه.
ومع كون الطلاق مشروعا، إلا أنه لا ينبغي إيقاعه إلا عند فساد العشرة واستحالة الحياة الزوجية، فليس للزوج إمساك الزوجة وجعلها كالمعلقة، لا هي زوجة تتمتع بطيب الحياة الزوجية، ولا هي مطلقة قد تتاح لها فرصة زواج آخر. وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1422(13/13879)
حكم تطييب المنزل الذي تعتد فيه المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم استعمال الفوحة بالعطر للمنزل الموجودة فيه أمي أثناء عدتها، التي سببها وفاة والدي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة الحادة أن تستعمل الطيب لا في بخور ولا في غيره إلا إذا طهرت من الحيض خاصة، فلا بأس حينئذ أن تتبخر ببعض البخور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث ... الحديث وفيه.. ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار. رواه الشيخان من حديث أم عطية رضي الله عنها.
وعلة هذا المنع أن الطيب مما يدعو إلى النكاح، فمنعت الحادة منه سداً للذريعة، لأنها ممنوعة من النكاح.
هذا بالنسبة لاستعمال الحادة لذلك، أما أن يُطيب البيت الذي تقيم فيه لمجرد التطييب أو لإزالة رائحة كريهة، فلا حرج في ذلك بشرط ألا يصاحب هذا الفعل اعتقاد فاسد كاعتقاد أن هذا يدفع العين أو يجلب الخير ونحو ذلك فهذا كله من البدعة المحدثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(13/13880)
حكم مخاطبة المعتدة من وفاة أجنبيا بالهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للتي في عدة الوفاة المكالمة في الهاتف لرجال ليسوا محرما لها بغرض التعزية أو لغرض آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إن كانت شابة تخشى منها الفتنة يحرم عليها تعزية رجل أجنبي منها، أو الرد على مكالمته في هذا المجال. كما يكره للرجل ابتداؤها بالتعزية أو الرد على تعزيتها.
قال سليمان الجمل الشافعي في فتوحات الوهاب: أما الأجنبي فيكره له ابتداؤها بالتعزية والرد عليها ويحرمان منها. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: وتكره التعزية لامرأة شابة أجنبية للفتنة. انتهى.
وإن لم تخش منها الفتنة فلا شيء في تعزيتها لغيرها ولا في الرد على من يعزيها، والمعتدة وغيرها في هذا سواء.
والمرأة عموما بما في ذلك المعتدة من وفاة يجوز لها الكلام مع رجل أجنبي منها بواسطة الهاتف أو غيره بالضوابط الشرعية من عدم الخضوع بالقول، وتجنب إثارة المواضيع التي تثير الريبة والشك مع الاقتصار على ما تدعو إليه الحاجة.
وراجع في ذلك الفتويين: 8209، 107091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(13/13881)
كيفية حساب عدة المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي في تاريخ: 18 ربيع الآخر 1430هـ الموافق: 13/04/2009 في تمام الساعة 5 فجراً لنفس اليوم. فمتى تنتهي مدة العدة لوالدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدة والدتك تبدأ من يوم الثامن عشر من شهر ربيع الآخر في نفس الساعة التي توفي فيها والدك -رحمه الله- فتكمل شهر ربيع الآخر، ثم ثلاثة أشهر قمرية بعده -جمادى الأولى- وجمادى الآخرة- ورجب- ثم تكمل من شعبان ما يكمل شهر ربيع الآخر أول شهور العدة ثلاثين يوماً، بذا تكون قد أكملت أربعة أشهر، ثم تزيد على ذلك عشرة أيام تنتهي عند نفس الساعة التي توفي فيها أبوك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 76090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1430(13/13882)
المكان الذي تعتد فيه المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة العجوز المتوفى عنها زوجها أن تذهب إلى بيت أخيها لقضاء مدّة العدّة، مع العلم أنّ لها ابنا يسكن معها لكنّه منشغل وزوجته بالعمل طوال اليوم، وأنّها تضطرّ لقضاء حاجياتها بنفسها خارج البيت، مع العلم بأنّها قضت أسبوعان في منزلها الذّي توفي فيه زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة المذكورة يجب عليها أن تعتد عدة وفاة في البيت الذي توفي عنها زوجها وهي فيه، ويحرم عليها المبيت خارجه لغير ضرورة، ولا يجوز لها أن تنتقل إلى بيت أخيها قبل تمام عدتها لغير ضرورة.
قال ابن قدامة في المغني: والرابع: المبيت في غير منزلها، وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها عمر وعثمان رضي الله عنهما وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق، وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار، بالحجاز، والشام، والعراق، ومصر ... إلى أن قال: إذا ثبت هذا فإنه يجب الاعتداد في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة به، سواء كان مملوكاً لزوجها أو بإجارة أو عارية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفريعة: امكثي في بيتك. ولم تكن في بيت يملكه زوجها، وفي بعض ألفاظه: اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك. وفي لفظ: اعتدي حيث أتاك الخبر. فإن أتاها الخبر في غير مسكنها. رجعت إلى مسكنها فاعتدت فيه. انتهى.
ويجوز لها الخروج لقضاء حوائجها أثناء العدة وليس هذا بعذر مبيح لانتقالها لمنزل أخيها أو غيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 65624. فإن خرجت من بيت زوجها المتوفى لتقيم في بيت أخيها لغير ضرورة فإنه يلزمها الرجوع إلى بيت العدة، فإن لم ترجع فإنها آثمة، لكن تنقضي العدة بمضي أربعة أشهر وعشر، وعليها الإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى.
ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وسئل رحمه الله تعالى عن امرأة معتدة عدة وفاة ولم تعتد في بيتها بل تخرج في ضرورتها الشرعية، فهل يجب عليها إعادة العدة وهل تأثم بذلك؟ فأجاب العدة انقضت بمضي أربعة أشهر وعشرا من حين الموت ولا تقضى العدة، فإن كانت خرجت لأمر يحتاج إليه ولم تبت إلا في منزلها فلا شيء عليها، وإن كانت قد خرجت لغير حاجة وباتت في غير منزلها لغير حاجة أو باتت في غير ضرورة أو تركت الإحداد فلتستغفر الله وتتب إليه من ذلك ولا إعادة عليها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(13/13883)
حساب عدة المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمراة مات زوجها يوم 8جمادى الأول، متى يكون آخر يوم من عدتها؟ أرجو منكم تحديد التاريخ بالهجري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة:234} .
والمعتبر في حساب العدة وفي جميع الآجال الشرعية هوالأشهر القمرية. وعليه، فإن آخر يوم من عدة تلك المرأة هو الثامن عشر من شهر رمضان، ولا فرق بين أن يكون الشهر القمري من هذه الأشهر ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 39394.
مع الإشارة إلى أنها إذا كانت حاملا، فإن عدتها تنتهي بوضع حملها، ولا فرق في ذلك بين المطلقة والمتوفى عنها، لقوله تعالى: وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق:4} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(13/13884)
متى تبدأ العدة من فقد زوجها في حادث تحطم طائرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العدة عند زوجات المنكوبين في الطائرة اليمنية؟ هل عليهن الدخول فى العدة من الآن؟ أم الانتظار حتى معرفة مصير أزواجهن؟ علما أننا في اليوم الرابع من هذا الحادث.
أفيدونا عاجلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفقود في مثل هذه الحوادث يعامل معاملة الميت على الراجح من أقوال أهل العلم، وعلى ذلك فإن عدة زوجته تبدأ من لحظة وقوع الحادث، لأن الغالب على مثل هذه الحوادث الهلاك المحتوم، فإذا انضم إلى ذلك أن سقوط هذه الطائرة كان في البحر لا في البر، ثم إعلان الجهات المختصة عدم العثور على ناجين بعد طول البحث والتحري، ثم عدم إعلان أي من المستشفيات أو المراكز الطبية استقبال ناجين، فهنا يكاد الظن بموته يصل إلى درجة اليقين. جاء في الفواكه الدواني للنفراوي: بخلاف من سافر في البحر فانقطع خبره فسبيله سبيل المفقود، إلا أن يكون فقد في شدة ريح والمراكب في المرسى ولم يتبين له خبر، فيحكم بموته لغلبة الظن بغرقه. انتهى.
وجاء في مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل: ومن هذا ما يوجد اليوم ممن يفقد من مراكب المسلمين فلا يدرى أغرق أو أخذه العدو ولم يظهر له خبر البتة، والصواب أنهم محمولون على الموت بعد الفحص عنهم. انتهى.
وجاء في التاج والإكليل: من فقد ببلده زمن الطاعون حكمه حكم الميت، لقول مالك في ناس أصابهم بطريق حجهم سعال يموت الرجل في سفره ولم يأت لهم خبر موت ولا حياة تتزوج نساؤهم ويقسم مالهم. انتهى بتصرف.
فإن تحققت الزوجة أثناء العدة من وفاته بأن عثر على جثته مثلا، فإنها تحتسب ما مضى من عدتها وتكمل ما بقي، فإن وصلها الخبر بعد انتهاء العدة فقد خرجت منها، ولا تحتاج إلى استئنافها، على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 14163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(13/13885)
لا يجب على المعتدة عبادة معينة بسبب العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[انتهت عدتي من زوجي في 5 رجب ـ رحمه الله ـ 1- ماذا يجب أن أفعل له ولي بعد ذلك؟ وأنا أقوم على تربية أولادي ـ والله المعين ـ 2 ـ هل إذا دعوت له لا أقول زوجي في الدعاء؟ 3 الحمد لله ـ التزمت بالعدة الشرعية فيما عدا أنني أعمل فكنت أذهب لعملي وأنا ـ بعون الله ـ ملتزمة بالحدود الشرعية للعمل، ولأنني كنت العائل لأولادي أخرج معهم لشراء طلباتهم، وهم 5 أولاد، وأزور أمي المسنة والمريضة صباحا ومع أولادي وكنت أطبخ لها وأشترى لها الطلبات المنزلية، ولكن لم أبت خارج منزل الزوج.
فهل عبادتي لقضاء العدة سقطت؟.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لزوجك، ولا يجب عليك بعد انقضاء العدة فعل عبادة معينة لك أو لزوجك وإن تطوعت بالدعاء له أو الصدقة مع إهداء نية الثواب وصله ذلك إجماعا، واختلف أهل العلم في وصول ثواب غيرهما من الطاعات، ولا مانع من استعمال لفظ زوجي في الدعاء أو تركه، وراجعي الفتوى رقم: 69795.
ولا مانع من خروجك لحاجة مع التزامك بالحدود الشرعية كما ذكرت للعمل، أو لقضاء حوائجك، أو لخدمة والدتك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 35808.
وقولك: فهل عبادتي لقضاء العدة سقطت غير واضح، لكننا نقول: إن فترة العدة إذا انقضت فإن آثارالمنع من التزين والمبيت خارج بيت الزوجية وغير ذلك تنتهي، ولو لم تكن المرأة ملتزمة في تلك الفترة بما يجب عليها، والمعتدة مثل غيرها لاتجب عليها عبادة معينة بسبب العدة إلا أنها تحرم عليها أمور محددة كاستعمال الطيب والزينة والمبيت خارج منزلها، إلى آخر ما جاء في الفتوى رقم: 26691
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1430(13/13886)
عيادة المريض ليست من الحاجة التي تبيح للمعتدة الخروج
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي زوجها منذ شهرين، وقررت ألا تخرج من بيتها حتى تنتهي عدتها أي 4 أشهر و10 أيام. لكن دخل أخوها المستشفى ولم تزره، وكان دائما يسأل عنها، وبعد أسبوعين توفي هذا الأخير، مع أن أفراد العائلة كانوا يطلبون منها أن تزور أخاها، مع العلم أنه لم يكن بينهما أي خصام أو اختلاف. السؤال هو.هل ما قامت به هذه الأخت جائز شرعا أم العكس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة إذا توفي عنها زوجها أن تمكث في البيت الذي مات زوجها وهي فيه أربعة أشهر وعشرة أيام لحديث الفريعة بنت مالك قالت: توفي زوجي بالقدوم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن دارنا شاسعة، فأذن لها ثم دعاها فقال: امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشرا حتى يبلغ الكتاب أجله. رواه النسائي وغيره.
ولم يُجز لها جمهور العلماء الذين أوجبوا عليها لزوم بيتها أن تخرج منها إلا للحاجة إذا كان خروجها نهارا، وانظر الفتوى رقم: 35808.
وليس من تلك الحاجات التي تبيح لها الخروج أن تخرج لعيادة مريض، جاء في الروض وحاشيته:
(ولها) أي للمتوفى عنها زمن العدة (الخروج لحاجتها نهارا) لنحو بيع وشراء، ونحوهما، ولو كان لها من يقوم بمصالحها، ولا تخرج لحوائج غيرها، ولا لعيادة وزيارة ونحوهما، وهو المذهب عند الأكثر. انتهى. وانظر الفتوى رقم 56021.
وبه تعلم أن ما فعلته هذه المرأة هو الصواب، والواجب عليها أن تمضي بقية عدتها في بيتها ولا تخرج منه إلا لحاجة على الوجه الذي ذكرنا، وليس لأحد أن يلومها على ما فعلته، فقد فعلت ما أمرها به الشرع، فهي مأجورة إن شاء الله، وهذا هو الواجب على كل مسلم أن يقدم شرع الله على ما عداه، وأن يجعل مرضاة ربه تعالى أهم شيء عنده وآثر شيء لديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(13/13887)
حكم نظر المعتدة إلى شاب يريد الزواج من ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لامرأة في فترة العدة بسبب وفاة زوجها أن تدخل لرؤية شاب تقدم لخطبة ابنتها؛ حتى لو كانت الرؤية من وراء حجاب، أو أنه يجب عليها الانتظار لانتهاء فترة العدة؟ مع العلم أن البنت وافقت على الشاب موافقة مرتبطة بموافقة الأم، وأيضا خال البنت وافق على الشاب من ناحية أخلاقه ودينه، ولكن كل هذه الموافقات مرتبطة بموافقة الأم صاحبة القرار. أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتدة من وفاة مثل غيرها من النساء باستثناء بعض الأحكام التي تختص بها مثل ترك الطيب والزينة وحرمة البيات بغير بيتها إلى آخر الأحكام المتقدمة في الفتوى رقم: 5554، والفتوى رقم: 26691، ولم نقف على دليل يمنعها من رؤية الرجال إذا لم تخش من ذلك فتنة كما هو حال سائر النساء.
وعليه؛ فلها أن تنظر إلى الشاب الذي يريد الزواج من ابنتها، سواء كان ذلك من وراء حجاب أو مقابلته مباشرة، لكن إن قابلته مباشرة، فلتكن مرتدية حجابا كاملا. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(13/13888)
مذاهب الفقهاء في استعمال المرأة للدهن في فترة الإحداد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تتدهن المرأة الحادة على زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في استعمال المرأة للدهن في فترة الإحداد، فذهب الأحناف إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تستعمل الدهن فترة إحدادها إلا لعذر. جاء في الهداية شرح البداية: والحداد ويقال الإحداد وهما لغتان: أن تترك الطيب والزينة، والكحل والدهن والمطيب وغير المطيب إلا من عذر، وفي الجامع الصغير: إلا من وجع. وقد صح أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يأذن للمعتدة في الاكتحال، والدهن لا يعرى عن نوع طيب، وفيه زينة الشعر ولهذا يمنع المحرم عنه قال: إلا من عذر لأن فيه ضرورة والمراد الدواء لا الزينة. انتهى.
أما الشافعية فقد فرقوا بين الدهن الذي يحتوي على شيء من الطيب فلا يجوز استعماله في أي جزء من أجزاء البدن، وبين الدهن الذي لا طيب فيه فيجوز استعماله في البدن دون الرأس. جاء في الأم: الدهن كله في الرأس فلا خير في شيء منه طيب ولا غيره، زيت ولا شيرق ولا غيرهما، وذلك أن كل الأدهان تقوم مقاما واحدا في ترجيل الشعر وإذهاب الشعث وذلك هو الزينة ... فأما بدنها فلا بأس أن تدهنه بالزيت وكل ما لا طيب فيه من الدهن. فأما الدهن الطيب والبخور فلا خير فيه لبدنها، لما وصفت من أنه طيب يدعو إلى شهوتها وينبه بمكانها. انتهى بتصرف.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه لا بأس بالدهن ما لم يكن فيه طيب. جاء في جامع الأمهات لابن الحاجب: ولا تدهن بالأدهان المطيبة بخلاف الشيق والزيت. انتهى.
وجاء في الاستذكار لابن عبد البر: ولا بأس أن تدهن من الإدهان بما ليس بطيب. انتهى.
وجاء فيه أيضا: قال مالك: تدهن المتوفى عنها زوجها بالزيت والشيرق وما أشبه ذلك إذا لم يكن فيه طيب. انتهى.
وجاء في الإنصاف للمرداوي: قال في الفروع: وتترك دهنا مطيبا فقط نص عليه كدهن ورد. انتهى.
والراجح والعلم عند الله هو مذهب المالكية والحنابلة، وعليه؛ فللمرأة الحاد أن تدهن بما ليس فيه طيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(13/13889)
حكم إكمال المعتدة من وفاة العدة في بيت أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا لكم، ولكن وصل الجواب متأخرا، لقد سافرت الى أبها لمدة يومين لأن ابني لا يستطيع ذلك لوحده، هل علي أي شيء وأنا كنت لا أدري.
سؤالي الآن: أنا عربية مقيمة في جدة، المفروض أن تنتهي عدتي في أواخر شهر 8 هل أستطيع أن أسافر إلى بلدي بعد انتهاء المدارس؟ وإكمال العدة هناك ولقضاء شهر رمضان مع أهلي مع العلم أن إقامتي ستنتهي في شهر 8.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك السفر إلى بلدك قبل تمام عدة الوفاة، بل يجب عليك أن تكمليها في بيتك ولا تبيتي خارجه. قال ابن قدامة في المغنى متحدثا عما يلزم المعتدة من وفاة: والرابع المبيت في غير منزلها. وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها، عمر، وعثمان رضي الله عنهما وروي ذلك عن ابن عمر، وابن مسعود، وأم سلمة، وبه يقول مالك، والثوري، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وإسحاق. وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار، بالحجاز، والشام، والعراق، ومصر. إلى أن قال:
إذا ثبت هذا، فإنه يجب الاعتداد في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة به، سواء كان مملوكا لزوجها، أو بإجارة، أو عارية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفريعة: امكثي في بيتك. ولم تكن في بيت يملكه زوجها. وفي بعض ألفاظه: اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك. وفي لفظ: اعتدي حيث أتاك الخبر فإن أتاها الخبر في غير مسكنها، رجعت إلى مسكنها فاعتدت فيه. انتهى.
ولا إثم عليك في السفر المذكور إذا كنت معذورة بالجهل، وضابط العذر به تقدم في الفتوى رقم: 19084.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(13/13890)
قد تصل عدة المرأة ستة أشهر أو أكثر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن تكون عدة المرأة ستة أشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المرأة بستة أشهر قد تحصل في بعض الحالات:
1- المعتدة من طلاق إذا كانت ممن تحيض فعدتها ثلاثة أقراء، وقد لا تحيض ثلاثاً إلا بعد ستة أشهر أو أكثر، ولو حاضت واحدة في السنة انتظرت الثانية، أو تمضي سنة بيضاء، فإن حاضت في السنة انتظرت الحيضة الثالثة، أو تمضي سنة بيضاء أيضاً، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 33143.
2- المطلقة الحامل فعدتها وضع حملها كله، وقد لا يحصل ذلك إلا بعد ستة أشهر أو أكثر.
ولا تصل العدة ستة أشهر فيما بقي من أنواع العدة وهو:
1- المعتدة من وفاة إذا لم تكن حاملاً، فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وأما الحامل فعدتها وضع حملها كما تقدم.
2- من لا تحيض لكبر، أو صغر، أو مرض فعدتها ثلاثة أشهر.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 38511.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(13/13891)
حكم سفر المعتدة من وفاة وخروجها من بيتها للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي زوجي في الرياض وأنا مقيمة في جدة. يجب أن أنهي معاملات الدفن والوصاية في الرياض، ويجب علي أن أذهب إلى أبها لإغلاق منزل له هناك حيث يعمل. هل أستطيع أن أؤجل العدة حتى عودتي إلى جدة. وهل أستطيع أن أسأل أسئلة أخرى عن العدة مثل هل أستطيع الخروج لشراء ملابس لأولادي لأنه لا يوجد عندي أحد مثلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المرأة من الوفاة تبدأ من ثبوت سببها وهو وفاة زوجها، وعليه فالواجب عليك أن تبدئي عدتك بداية من الوقت الذي تحققت فيه من وفاة زوجك، ولا يجوز تأخيرها. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 25697.
كما يجب عليك أن تقيمي في بيتك في جدة حتى تنتهي عدتك فيه، ولا تبيتى خارجه، ولا يجوز لك السفر إلى مدينة أخرى لأي غرض مهما كان هذا الغرض، وبالإمكان توكيل ثقة وكالة شرعية ليتولى عنك الأمور التي ذكرت هذا هو الذي عليه المذاهب الأربعة وكثير من أهل العلم من غيرهم.
قال ابن قدامة فى المغنى: والرابع المبيت في غير منزلها. وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها , عمر , وعثمان رضي الله عنهما وروي ذلك عن ابن عمر , وابن مسعود , وأم سلمة , وبه يقول مالك , والثوري , والأوزاعي , وأبو حنيفة , والشافعي , وإسحاق. وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار , بالحجاز , والشام , والعراق , ومصر وقال جابر بن زيد , والحسن , وعطاء تعتد حيث شاءت. وروي ذلك عن علي , وابن عباس , وجابر , وعائشة رضي الله عنهم. إلى أن قال: إذا ثبت هذا , فإنه يجب الاعتداد في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة به , سواء كان مملوكا لزوجها , أو بإجارة , أو عارية ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم {قال لفريعة: امكثي في بيتك} . ولم تكن في بيت يملكه زوجها. وفي بعض ألفاظه: {اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك} وفي لفظ: {اعتدي حيث أتاك الخبر} فإن أتاها الخبر في غير مسكنها , رجعت إلى مسكنها فاعتدت فيه. انتهى
ولا مانع من الخروج من المنزل للحاجة لشراء الملابس ونحو ذلك من الحاجات بشرط الالتزام بالحجاب الكامل وعدم مزاحمة الرجال أو الخلوة بهم إضافة إلى الأمن فى الطريق. وراجعي المزيد فى الفتوى رقم: 13111، والفتوى رقم: 65241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(13/13892)
المعتدة من وفاة هل لأخي زوجها الذي ربته صغيرا أن يراها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي قبل 20 يوما، ووالدتي لزمت العدة ولكن لي عم أمي ربته منذ كان عمره 7 سنوات لأنه يتيم.
هل يحق له أن يراها أم فقط يسلم عليها بحضور أولادها؟
أرجو الرد وجزاكم الله ألف خير.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك، وبخصوص عمك فإن كان أجنبيا من أمك وصار بالغا فإنه يعامل أمك معاملة المرأة الأجنبية عنه، وأمك إن كانت عجوزا لا يشتهى مثلها فله السلام عليها والنظر إليها من غير خلوة بها.
أما إذا كانت ممن يشتهى مثلها فيتحرز في معاملتها، وله أن يسلم عليها إن لم يخف فتنة بدون مصافحة طبعا.
كما يجب عليها ارتداء الحجاب بحضوره، ولا يجوز له النظر إليها مطلقا على القول الراحج ولو مع عدم الخلوة، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4470، 68268، 99093.
وهذا الحكم شامل للأجنبية مطلقا سواء كانت معتدة من وفاة أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1430(13/13893)
ما يباح للمعتدة عن وفاة وما لا يباح
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا امرأة دخلت العدة بعد وفاة زوجها، فما الذي يحل لها أن تفعله؟ وما الذي لا يحل لها فعله؟ يعني إذا أرادت أن تدعو لزوجها فبماذا تدعو له؟ باسمه أو يجوز أن تقول له يا زوجي، هل تستطيع أن ترى نفسها أمام المرآة، هل يجوز أن تستحم وتستعمل الشامبو والصابون المعطر.... إلخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة التي توفي زوجها إن كانت حاملا فعدتها وضع حملها كله، وإن كانت غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام.
وبخصوص ما يحرم على المعتدة من وفاة، فقد سبق بيانه فى الفتوى رقم: 5554. والفتوى رقم: 26691.
وغير ما ذُكر في الفتويين السابقتين فهو مباح للمعتدة من وفاة؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة فلا تنتقل عنها إلا بدليل، كما يباح لتلك المعتدة النظر في المرآة والاستحمام وتنظيف جسمها، ويحرم عليها استعمال شيء مشتمل على طيب كصابون معطر أو الشامبو ونحو ذلك. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34387.
وليس هناك ما يمنع من الدعاء لزوجها باسمه، أما قولها يا زوجي قاصدة العلاقة الزوجية السابقة بينهما قبل وفاته، فالأولى ترك ذلك لما فيه من مشابهة صيغة الدعاء لغير الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(13/13894)
حكم من لم تعتد عدة الوفاة جاهلة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: والدي توفي منذ عشرين سنة، ونحن كنا صغار لا نفقه أمور الدين، وكان يجب على الوالدة الخروج من أجل إعداد أوراق المعاش، وكانت حاملا في الشهر الأول، فأفتى لها بعض الأقارب الجاهلين بالدين بأن الحامل لا عدة لها، لأن عدتها في حملها والوالدة أمية ولا تعرف أمور الدين، فلم تعتد. فما كفارة ذلك؟ وأرجو الدعاء لها والدعاء لي بأن يرزقني الله زيارة بيته الحرام، وأن يقر عيني برؤية نبيه في المنام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة المتوفى عنها زوجها وهي حامل عليها العدة كغيرها من النساء، وتنتهي عدتها بوضع الحمل. قال ابن قدامة في المغني عند ذكر أقسام المعتدات: معتدة بالحمل وهي كل امرأة حامل من زوج إذا فارقت زوجها بطلاق أو فسخ أو موته عنها حرة كانت أو أمة، مسلمة أو كافرة، فعدتها بوضع الحمل، ولو بعد ساعة، لقوله تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ.
وفي حديث سبيعة الأسلمية - وهو في الصحيحين - أخبرت: أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها: ما لي أراك تجملت للخطاب ترجين النكاح؟ فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي.
والمعتدة من وفاة يلزمها الإحداد، وقد بينا أحكامه في الفتوى رقم: 5554 وإذا كانت أمك قد وضعت حملها فإن عدتها قد انقضت، ولو لم تكن نوت الاعتداد؛ إذ لا تشترط النية لها، وإن كانت ارتكبت محظورا من محظورات الإحداد كالتزين أو خرجت من بيتها أوغيرها فعليها أن تستغفر الله عز وجل وتتوب إليه فحسب، ولا يلزمها قضاء العدة.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في امرأة معتدة عدة وفاة. ولم تعتد في بيتها بل تخرج في ضرورتها الشرعية، فهل يجب عليها إعادة العدة؟ وهل تأثم بذلك؟ الجواب: العدة انقضت بمضي أربعة أشهر وعشر من حين الموت، ولا تقضي العدة، فإن كانت خرجت لأمر يحتاج إليه، ولم تبت إلا في منزلها فلا شيء عليها، وإن كانت قد خرجت لغير حاجة وباتت في غير منزلها لغير حاجة أو باتت في غير ضرورة، أو تركت الإحداد فلتستغفر الله وتتب إليه من ذلك، ولا إعادة عليها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1430(13/13895)
خروج المعتدة من وفاة للعلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي الآن بالعدة وتذهب أحيانا للمشفى للعلاج هل في ذلك حرج! علما بأن المشفى في مدينة مجاورة جدا لنا
نحن بمكة والمشفى بجدة علما بأننا ذهبنا بها ذات مرة للمشفى وتبقى ساعتين على انتظار العلاج ونتائج التحاليل الأمر الذي دعانا للنزول للبحر قليلاً جهلاً منا إذ أن النزهة لم تكن لنا هدفاً وكان مكوثنا دقائق فقط هل يلزمها شيء!
وهل يجوز لها زيارة أقاربنا في نفس العمارة أو إخوتي وهل يجوز أن نشتري لها ثياباً جديدة غير مزركشة وهي ما زالت في العدة؟ أفيدونا مأجورين!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إذا توفي عنها زوجها لزمها أن تحد عليه أربعة أشهر وعشرا، وقد سبق بيان أحكام الإحداد في الفتوى رقم: 5554.
ومن هذه الأحكام أنها لا تبيت خارج بيتها إلا لضرورة، قال ابن قدامة في المغني: وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلا إلا لضرورة.
وأما خروجها نهارا فهو جائز للحاجة، قال ابن قدامة في المغني: وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارا، سواء كانت مطلقة أو متوفي عنها زوجها. .
وعلى ذلك فلا حرج في خروج أمك للعلاج، ما دامت ملتزمة بالآداب الشرعية، وأما ذهابكم إلى البحر فما دام ذلك لم يكن مقصودا، ولم يكن فيه تعرض لفتنة فليس على أمك شيء، لكن ينبغي عند خروجها لحاجة أن تقتصر على قدرها.
كما أن زيارة الأقارب إذا كانت لحاجة فلا حرج فيها. وانظري الفتوى رقم: 21624.
وأما الملابس الجديدة فالغالب أنها تكون زينة فإن كانت كذلك فلا يجوز لها أن تلبسها، وإن لم تكن زينة فلا نرى حرجا عليها في لبسها.
ولمعرفة ضوابط ما تلبسه الحادة راجعي الفتوى رقم: 61809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(13/13896)
مات زوجها يوم الحادي عشر من شوال فمتى تنتهي عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[نص الرسالة: مرحبا أنا توفي زوجي بتاريخ 10-10-2008 الموافق 11-10-1429، أنا الآن في العدة، هل يمكن أن تخبروني بموعد خروجي من العدة، وأريد تاريخ الخروج، أرجوكم ردوا علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم زوجك وجميع موتى المسلمين، وأن يأجرك في مصيبتك ويعوضك خيراً منها، ولتعلمي أن عدة الوفاة لغير الحامل هي أربعة أشهر وعشرة أيام، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة:234} .
وبناء على ما ذكرت فإن عدتك بدأت يوم الحادي عشر من شوال، وتنتهي يوم الحادي والعشرين من صفر، وأما إذا كنت حاملاً فإن عدتك هي وضع الحمل، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 39394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(13/13897)
حكم بيات المعتدة من وفاة بالسكن الجامعي للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي توفي عنها زوجها منذ عشرة أيام وهي الآن في أيام العدة وصادف.الامتحان السنوي الذي أجلته سابقا لمرض زوجها رحمه الله غير أن الإشكال هو بعد المسافة ولاضطرارها للمبيت رفقة ابنها الذي يبلغ18سنة في الحرم الجامعي وهي تريد أن تعرف حكم الشرع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمعتدة من وفاة أن تبيت خارج بيتها ولا تخرج منه نهارا أو ليلا إلا لحاجة.
قال النووي في المنهاج: ولها الخروج في عدة وفاة وكذا بائس في النهار لشراء طعام وغزل ونحوه وكذا ليلا إلى دار جارة لغزل وحديث ونحوهما بشرط أن ترجع وتبيت في بيتها. انتهى
وهنا إذا كانت المرأة هي التي تدرس ولا تستطيع تأجيل الدراسة وتضطر إلى المبيت بالسكن الجامعي لبعده عن مسكنها وخشيتها لحوق المشقة والضرر لها إن لم تبت بالسكن الجامعي فلها ذلك والضرورة والحاجة يقدران بقدرهما ومتى زالتا عاد الأصل وهو حظر بياتها خارج بيتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإن كانت قد خرجت لغير حاجة وباتت في غير منزلها لغير حاجة أو باتت في غير ضرورة أو تركت الإحداد فلتستغفر الله وتتب إليه من ذلك. انتهى.
وأما إن كان الولد هو الذي يدرس ويمكنه الاستغناء عنها بنفسه أو وسيلة أخرى فلا يجوز لها أن تبيت خارج مسكنها إذ لا ضرورة ولا حاجة معتبرة تدعوها إلى ذلك.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية:
93335، 36624، 11576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(13/13898)
الاعتداد في البيت المؤجر الذي توفي الزوج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي توفي زوجها، وعمرها الآن 30 سنة ولديها ثلاثة أطفال ذكور أكبرهم عمره سبع سنوات، هل يجوز شرعاً أن تبقى لوحدها في البيت لتقضي العدة، مع أن دارها بالأجرة، وهي تنام مع أطفالها فقط، ونحن أنا وأخي وأبي لا نستطيع ترك زوجاتنا لوحدهن والنوم عندها، حيث إن أبي متزوج من امرأة ثانية بعد وفاة والدتي، وهل القول بأن العدة يجب أن تقضيها الزوجة في منزل زوجها صحيح - ذكرت سابقاً ان بيتها بالأجرة وليس ملكاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت لا تخشى ضررا ببقائها في البيت الذي توفى عنها زوجها فيه، فيلزمها البقاء حتى تنقضي عدتها إن كان زوجها قد ترك مالا يصح إيجاره منه على الراجح.
قال الشافعي في الأم: وإن كان المنزل بكراء فالكراء على الزوج المطلق أو في مال الزوج الميت. انتهى.
وأما إذا لم يكن قد ترك مالا ولم يتبرع الورثة به، فلها أن تنتقل عنه وتقضي عدتها حيث شاءت.
قال الشافعي في الأم: وإن لم يسكنوها اعتدت حيث شاءت من المصر. انتهى.
وكما يجوز لها أن تنتقل عنه - ولو كان زوجها قد ترك مالا - إذا كان في بقائها فيه ضرر عليها. ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35808، 5554، 33901.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(13/13899)
هل تبطل عدة المتوفى زوجها إذا رآها أجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعيد المرأة التي توفي زوجها العدة عندما يشاهدها شخص غريب في بيتها بدون قصد أو بدون تعمد بطريق الخطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتدة من وفاة لا يلزمها إعادة العدة إذا رآها شخص غريب في بيتها بقصد أو بدون قصد، بل يجوز لها الخروج نهارا بالحجاب الكامل كغيرها من النساء لحاجة كالإتيان ببعض حاجات البيت أو نحو ذلك من الأمور المهمة لكن لا تبيت إلا ببيتها، ولو رآها شخص أثناء خروجها أو في بيتها بدون حجاب لا تبطل عدتها بذلك، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 11576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(13/13900)
إطعام الناس وشراء ثوب جديد لمن أنهت عدتها بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن المرأة المعتدة إذا انتهت فترة عدتها يجب أن تطعم الناس ويجب أن تشتري ثوبا جديدا تلبسه؟
هل هذا من الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون المرأة المعتدة يجب عليها إطعام الناس وشراء ثوب جديد ولبسه لم نقف على من قال به من أهل العلم.
وبناء على ذلك فاعتقاد مشروعية إطعام الناس وشراء ثوب جديد والقيام بذلك بعد انتهاء العدة مطلقا بدعة محدثة يتعين البعد عنها ونصح من تقوم بذلك.
وراجعي الفتوى رقم: 6943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(13/13901)
حساب عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي توفي زوجها يوم 28 رجب وهي الآن معتدة فمتى تنتهي فترة عدتها فإنكم أعلم منا بالأشهر القمرية فأرجوكم ابعثوا لي متى يكون آخر يوم في العدة، وشكرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة:234} . ما لم تكن حاملا لأن الحامل تنتهي عدتها بوضع حملها ولو أقل من ذلك أو أكثر.
وإذا كانت صديقتك ليست حاملا فتنتهي عدتها بانقضاء اليوم السابع من ذي الحجة إن كانت جلست ثلاثة أيام من رجب، وأما إن كانت جلست يومين فقط فإن عدتها تنقضي بانقضاء اليوم الثامن من ذي الحجة، والأولى اعتبار ذلك احتياطا.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 76090، والفتوى رقم: 39394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(13/13902)
مسألة حول عدة الحامل المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن المرأة التي توفي عنها زوجها ولم يدخل بها تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام.وحكمة ذلك إكراما للزوج. إذا كان ذلك فلماذا لم نرجح أن تعتد الحامل المتوفى عنها زوجها أبعد الأجلين. إذا قد تلد بعد يوم أو أقل من وفاة الزوج وبذلك تنتهي عدتها. المقصود: إذا كنا قد أكرمنا الزوج الذي لم يدخل بزوجته بإلزام زوجته بالعدة بعد وفاته فلماذا لا نكرم الزوج الذي دخل بزوجته وحصل بينهما ما حصل من العشرة والألفة بالدخول بأن تعتد زوجته أبعد الأجلين إذا كان حملها ينتهي بعد أيام، أرجو منكم الإجابة على أسئلتي التي أشكلت علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتوفى عنها زوجها عدتها أربعة أشهر وعشرا، بنص الآية الكريمة من سورة البقرة، وهذا حكم عام يدخل فيه المدخول بها وغير المدخول بها والحامل وغير الحامل، ثم بين سبحانه أن الحامل عدتها وضع حملها، وبقيت غير الحامل على العموم. سواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها.
قال في أضواء البيان: قوله تعالى: والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل متوفي عنها تعتد بأربعة أشهر وعشر، ولكنه بين في موضع آخر أن محل ذلك ما لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملاً كانت عدتها وضع حملها، وذلك في قوله: {وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] ويزيده إيضاحاً ما ثبت في الحديث المتفق عليه من إذن النَّبي صلى الله عليه وسلم لسبيعة الأسلمية في الزواج بوضع حملها بعد وفاة زوجها بأيام، وكون عدة الحامل المتوفى عنها بوضع حملها هو الحق، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم خلافاً لمن قال: تعتد بأقصى الأجلين. ويروى عن علي وابن عباس والعلم عند الله تعالى. انتهى.
ويجب أن نعرف أن ما من أمر شرعه الله تعالى وأمر به، إلا ومن ورائه حكمة بالغة، وإذا لم ندرك حكمة أمر من الأمور التي أمر الله بها، فليس ذلك دليلاً على أنه لا حكمة له، وإنما ذلك دليل على قصورنا وعجز عقولنا. وتكفينا الحكمة الظاهرة وهي التعبد وامتثال أمر الله عز وجل فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(13/13903)
عدة الوفاة للزوجتين المقيمتين في بلدين مختلفين
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي توفي في اليمن ومتزوج اثنتين إحداهما تعيش في لندن والثانية تعيش في كينيا السؤال: هل العدة تكتمل في نفس الوقت وكل واحدة في بلد وهناك فرق في الساعة كينيا متقدمة عن لندن. وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لخالك، وبالنسبة لزوجتيه فتعتد كل منهما عدة وفاة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام، وتبدأ من الساعة التي توفي فيها زوجها عند الجمهور، وكلتا الزوجتين تحسب مدة العدة بتوقيت بلدها، ولا يضر وجود فارق توقيت بين البلدين بحيث تنتهي عدة إحداهما قبل الأخرى بساعتين أو ثلاث مثلا، وإن كانتا حاملين أو إحداهما فالعدة بوضع الحمل كله. وراجع الفتوى رقم: 13248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(13/13904)
حكم لبس المعتدة للحرير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمعتدة لبس الجلبيات الحرير التي لا يوجد بها زينة لكنها حرير أم أن الحرير حرام، سمعت أنه لا يجوز للمعتدة لبس الممشق والمصبوغ لكن لم أعرف ما المقصود بالممشق والمصبوغ وأرجو إفادتي في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المعتدة لبس الحرير إذا كان مصبوغا أو لباس زينة، وأما إن كان غير مصبوغ وليس لباس زينة فلها لبسه، نص على ذلك الشافعية وغيرهم.
والممشق والمعصفر المصبوغ كل ذلك من لباس الزينة، فالممشق هو المصبوغ بحمرة، وكذلك المعصفر مصبوغ بالصفرة وهو صبغ أحمر أيضا، والمصبوغ يشمل النوعين وغيرهما مما فيه صباغة، والمقصود أن المعتدة تجتنب لباس الزينة لكن لا يلزمها لبس السواد، وإنما تلبس ما لا زينة فيه ولا فتنة، وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21440، 26691، 5554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(13/13905)
حكم خروج المعتدة للعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستطيع الأرملة العمل وهي في العدة وهي لم تكن تعمل قبل وفاة زوجها، ولكن الحاجة لها من تسديد المسكن لها ولأولادها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتدة عن وفاة زوجها عليها أن تبقى في بيتها حتى تنقضي عدتها، وإن كانت بها ضرورة أو حاجة للخروج جاز لها ذلك على أن ترجع لتبيت في بيتها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 32103، والفتوى رقم: 59051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1429(13/13906)
حول عدة الوفاة وأمور أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أن امرأة أرادت الخلع ولكن زوجها ما رضي وما قال إنه طلقها ولكن المرأة لا تسكن عنده وهي مع رجل آخر مكثت معه سنتين, والآن زوجها توفي رحمه الله.
الآن هل الخلع يعتبر مع أنها ما ردت للرجل شيئا أم أنها تعتد بعدة وفاته؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام زوجها قد رفض إجابتها إلى الخلع ولم يطلقها اختيارا ولا طلقت من طرف القاضي الشرعي حتى مات وهي في عصمته، فعليها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا، ولها حقها في تركته وعليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا مما وقعت فيه من عصيان زوجها ونشوزها عليه وعلاقتها مع ذلك الرجل الأجنبي عنها.
وعليها أن تعتد في بيت زوجها إن كان له بيت أو في أي مكان يجوز لها أن تقيم فيه، وتقطع صلتها بذلك الأجنبي، وتكف على لقائه ليس في العدة فحسب بل مطلقا، إذ لا يجوز للمرأة شرعا أن تقيم علاقة مع رجل أجنبي عنها ولا أن يخلو بها أو يلمسها فضلا عن أن يعاشرها معاشرة الأزواج ما لم يكن هنا رباط شرعي كعقد النكاح الصحيح.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 20609، 76835، 5267، 22833، 1753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(13/13907)
حكم حضور المعتدة عن وفاة زفاف ابنها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كان من المقرر أن يكون يوم 30/6/2008 عرس ابن عمي ولكن شاء الله أن توفي عمي في يوم 22/6/2008، وتم طبعا تأجيل العرس وطبعا هناك عدة على زوجة عمي، فهل يجوز لزوجة عمي أن تزوج ابنها قبل انتهاء فترة العدة لأن العرس يتطلب منها الخروج لحناء العروس وكذلك لحضور الفرح، علما بأن عمي كان به مس وكان مريضا وفي غيبوبة لعدة سنوات وزوجة عمي أيضا مسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن يتزوج هذا الشاب قبل انتهاء فترة عدة أمه، ولا حرج أيضاً في حضور أمه مراسم هذا الزواج إن لم يترتب عليه مبيتها خارج البيت، ويجب عليها تجنب ما يحرم على المعتدة من الزينة والطيب وما في معناهما، وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9037، 53594، 26691، 79651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1429(13/13908)
حكم مبيت المعتدة من الوفاة في بيت جدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[خالتي متزوجة وكانت تسكن عند جدتي منذ أكثر من 10 سنوات وكانت هي مسؤولة عن بيت جدتي ومزرعتها وذلك برضى زوجها غير أن زوجها توفي وهي تسأل إن كان بإمكانها أن تذهب إلى بيت جدتي وتبيت هناك لأن لها أعمالاً تقوم بها، فإن لم تذهب ستموت الحيوانات والمزروعات الموجودة، فهل بإمكانها المبيت في بيت جدتي علما بأن زوجها قبل وفاته سمح لها بالبقاء في بيت جدتي إن توفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المعتدة لا تخرج من بيت زوجها الذي توفي وهي فيه إلا بانقضاء العدة، فإن اضطرت للخروج ليلاً جاز لها ذلك ثم تعود لتبيت في بيتها، وإن أمكنها الخروج نهاراً بدل الليل فلا تخرج ليلاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمعتدة أن تنتقل من البيت الذي توفي عنها فيه زوجها إلا بعد انقضاء عدتها أربعة أشهر وعشراً، وإن كانت حاملاً فبوضع حملها، إلا إذا كان ذلك لضرورة قاهرة كالخوف على النفس أو المال أو العرض أو انقطاع مصدر الرزق، فهذا وما أشبهه من الضرورات التي تبيح المحظورات ... وما ذكر من الخوف على موت الحيوانات وفساد المزروعات ليس ضرورة ولا مبرراً لبياتها خارج بيت زوجها إذ يمكن توكيل أو تأجير أحد لهذا العمل، كما يمكنها أن تفعل ذلك أول النهار وآخره بعد الفجر وقبل المغرب، وإن لم يمكن ذلك واضطرت للخروج ليلاً فالضرورة تقدر بقدرها فيلزمها أن ترعى الزرع والحيوان ثم تعود لتبيت في بيتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المعتدة من وفاة: فإن خرجت لأمر يحتاج إليه ولم تبت إلا في منزلها فلا شيء عليها. انتهى..
كما أن إذن زوجها قبل وفاته ببياتها خارج بيت الزوجية لا يجيز ذلك لأن العدة فيها حق لله وفيها جانب تعبدي ظاهر، وللفائدة في ذلك راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93335، 66826، 29084، 11576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(13/13909)
كيفية حساب عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت جدتي عدة وفاة جدي في تاريخ 11 محرم لهذه السنة في الساعة 1:37 فجراً، فمتى تنهي عدتها حيث إن عدة الوفاة 4 أشهر و10 أيام، وهل للمعتدة أن تنوي دخولها للعدة؟ شكراً لسيادتكم وأتمنى منكم الرد بأقرب فرصة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدة المتوفى عنها إن لم تكن حاملاً تبدأ من يوم وفاة زوجها وتنتهي بعد مضي أربعة أشهر قمرية وعشرة أيام، أي أنها ستنتهي يوم الحادي والعشرين من شهر جمادى الأولى من نفس السنة، ولا تحتاج المعتدة لنية الدخول في العدة فلو لم تعلم بوفاة زوجها إلا بعد أيام، فإنه يحسب لها ما فات من فترة العدة، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13248، 34989، 39394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1429(13/13910)
كيفية حساب عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي يوم الثلاثاء 4/3/2008 متى تنتهي عدة والدتي؟ وكيف يكون الحساب للمعتدة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة أمك إذا كانت غير حامل تنتهي في اليوم الخامس أو السادس من شهر رجب1429، الموافق التاسع أو العاشر من شهر يوليو 2008.
الفتوى:
فإذا كانت أمك حاملا ً فعدتها وضع حملها، وإن كانت غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشرا، وبحسب محول التاريخ الموضوع على موقعنا تبين أن التاريخ الميلادي الذي هو 4/3/2008 يوافق بالهجري 25/صفر /1429، وعليه.. فإن والدتك تقوم بالحساب على النحو التالي:
1- تضبط اليوم والساعة التي توفي فيها والدك، فإذا كان توفي في 25/صفر /1429 حسبت ما بقي من الشهر إلى نهاية الهلال، فإن كان الشهر تاماً فتحفظ (5 أيام) وإن كان الشهر ناقصاً فتحفظ (4 أيام) .
2- تحسب شهر ربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى وجمادى الأخيرة، أربعة أشهر بقطع النظر هل هي شهور تامة أم ناقصة.
3- تحسب من شهر رجب ما يكمل العشرة أيام، فإن كان شهر صفر ناقصاً أكملت من رجب (6 أيام) وإن كان كاملاً أكملت من جمادى الآخر (5 أيام) .
4- تنتهي عدتها في اللحظة التي توفي فيها زوجها، فإن كان مثلاً توفي الساعة (11) قبل الظهر، فتنتهي عدتها في نفس الساعة بعد تمام العدة، هذا هو الراجح من كلام أهل العلم في المسألة.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: إذا لم تكن -المعتدة عن وفاة- حاملاً فإن مات نصف النهار وقد مضى من الهلال عشر ليالٍ أحصت ما بقي من الهلال، فإن كان عشرين حفظتها ثم اعتدت ثلاثة أشهر بالأهلة، ثم استقبلت الشهر الرابع فأحصت عدة أيامه، فإذا كمل لها ثلاثون يوماً بلياليها فقد أوفت أربعة أشهر واستقبلت عشراً بلياليها، فإذا أوفت لها عشراً إلى الساعة التي مات فيها فقد انقضت عدتها، وليس عليها أن تأتي فيها بحيض كما ليس عليها أن تأتي في الحيض بشهورٍ ولأن كل عدة حيث جعلها الله إلا أنها إن ارتابت استبرأت نفسها من الريبة، وراجعي الفتوى رقم: 39394. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(13/13911)
حساب عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي اليوم أتمت أربعة أشهر. هل تبدأ الحساب لعشرة أيام من اليوم أم الغد؟ أرجو ألإجابة سريعا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتبدأ حساب العشرة بعد اليوم المكمل للأشهر الأربعة، ولا تعد اليوم المكمل للشهر الرابع من العشرة، وإنما هو من الشهر الرابع، وننبه إلى أن حساب تلك الأشهر إنما يكون بالأشهر القمرية لا الشمسية، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 13248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(13/13912)
حكم خروج المعتدة من وفاة للتعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي رحمه الله وتوفيت عمتي بعده بـ 12 يوما وقضت أمي ليلة العزاء هناك، علما بأنها كانت جاهلة بأحكام العدة، فما كفارة ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعتدة يجب عليها المبيت في منزلها ولا يجوز لها المبيت خارجه إلا لضرورة، ولكن أمك قد خرجت جهلاً منها بالحكم فلتستغفر الله ولا شيء عليها غير ذلك. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 93335.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(13/13913)
حكم من اختفى زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة جامعية وفي صدد كتابة بحث عن الزواج العرفي ولكن لدي استفسار: في حال اختفاء الشاب المتزوج عرفيا لأكثر من سنة هل يجوز للمحكمة أن تطلق الفتاة غيابيا في حال وجود ورقة الزواج العرفي لديها وأيضا في حالة عدم وجودها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج العرفي إذا توفرت فيه شروط صحة النكاح صح وترتبت عليه آثار النكاح الصحيح، فلزوجته أن تطالب بحقوقها التي حالت دونها غيبة زوجها أو فقده. وقد سبق أن ذكرنا ما يتعلق بهذه المسألة في الفتوى رقم: 2671 فنرجو السائلة مراجعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(13/13914)
هل تطوف المعتدة للوداع إذا أرادت الخروج من مكة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيمة بالمملكة العربية السعودية توفي زوجي قبل أيام وأنا في العدة الآن هل على أن أطوف طواف الوداع قبل سفري نهائياً بعد أيام قليلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للمعتدة السفر ولا الانتقال من مسكنها الذي توفي عنها زوجها وهي تسكن فيه حتى تنتهي عدتها؛ إلا إذا لم تجد بدا من ذلك، وحيث أبيح لها السفر والانتقال والسفر إلى بلدها بسبب العذر، فإن كانت مقيمة بمكة فعليها أن تطوف طواف الوداع لأن الراجح أنه واجب على كل خارج من مكة إلا الحائض، ولأن للمعتدة أن تخرج لحوائجها من زيارة وغيرها إذا خرجت نهارا. أما إذا كانت مقيمة في غير مكة فلا يجوز لها إنشاء سفر غير السفر الذي دعت إليه الضرورة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على السائلة أن تعلم أنه لا يجوز لها السفر ولا الانتقال من مسكنها الذي توفي عنها زوجها وهي تسكن فيه حتى تنتهي عدتها إلا إذا لم تجد بدا من السفر والانتقال فيجوز لها ذلك للضرورة؛ كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 65624.
وحيث أبيح لها السفر والانتقال والسفر إلى بلدها بسبب العذر فإن كانت مقيمة بمكة فعليها أن تطوف طواف الوداع، لأن الراجح أنه واجب على كل خارج من مكة إلا الحائض؛ ولأن للمعتدة أن تخرج لحوائجها من زيارة وغيرها إذا خرجت نهارا.
أما إذا كانت مقيمة في غير مكة فلا يجوز لها إنشاء السفر غير السفر الذي دعت إليه الضرورة.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 103398، 5554، 35808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(13/13915)
العاقر وغير العاقر في وجوب العدة سيان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة العاقر الخروج من البيت في فترة العدة على زوجها المتوفى إذ لا خوف أن تكون حاملا فهي لا تلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتدة يلزمها البقاء في البيت الذي فارقها زوجها فيه حتى تنقضي عدتها، لا تخرج منه إلا لضرورة أو حاجة لا تجد من يقوم بها عنها، ولا فرق في ذلك بين العاقر ومن تلد، فإن العدة ليست من أجل الاستبراء فقط، بل لها حكم أخرى عديدة. وتراجع الفتوى رقم: 1598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1429(13/13916)
هل تعتد إذا مات الزوج قبل حكم المحكمة بالطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة توفي زوجي بعد أن حصل شقاق بيني وبينه وتقدمت بدعوى طلاق ضده مند 10/07/2006 ونظراً لطول المسأل القضائية بقيت في بيت أهلي أكثر من 16 شهراً، دون أن يعلم عني أو أعلم عنه أي شيء وكان حكم الطلاق سيتم بعد 20 يوما، وسؤالي هو: هل أعتد بعده، وكيف تكون العدة ومدتها؟ وهل ألتزم بلبس لون معين مثلا، أرجو الرد السريع؟ وشكر الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المراد بما قمت به من دعوى الطلاق ضده هو أنك طلبت من المحكمة التطليق ولم يصدر الحكم بالطلاق حتى الآن وتوفى الزوج قبل تطليق المحكمة لك فإنه يعتبر عند وفاته لا يزال زوجاً لك ويجب عليك أن تعتدي عدة الوفاة، لأنك لا تزالين زوجةً له، والله تعالى يقول: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة:234} .
وأما إذا كان هو طلقك فعلاً في 10/7/2006 ولم يرتجعك ولكنه لم يثبت الطلاق في المحكمة فإن العبرة بما حصل من الطلاق سابقاً، فإن كنت خرجت من عدة الطلاق فلا تلزمك عدة الوفاة، وإن كنت لا تزالين في عدة الطلاق فإنه يلزمك أن تعتدي عدة المتوفي عنها. وننصحك بمراجعة المحاكم الشرعية في بلدك ليسمع القاضي ملابسات الموضوع كلها. وأما لبس المعتدة فلا يلزم فيه لون معين، وإنما يمنع عليها لباس الزينة والتزين. وراجعي في أحكامها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49428، 5554، 26691، 30732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1428(13/13917)
أحكام الإحداد وتعزية ابن بنت العم لقريبته في عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي قبل شهرين وأمي في العدة الآن لها ابنة عم أراد ابنها أن يقابل أمي ويعزيها فهل يمكنه ذلك أم يقابلها من وراء حجاب باعتبار أنها خالته وإذا قابلها من وراء حجاب فهل ذلك حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها الإحداد مدة العدة، وللإحداد أحكام تجب مراعاتها نوجزها في خمسة أمور:
الأول: لزوم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فتقيم فيه حتى تنتهي العدة، وهي أربعة أشهر وعشراً لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة:234} ، إلا أن تكون حبلى فعدتها تنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق:4} ، ولا تخرج من بيتها إلا لحاجة أو ضرورة لم تجد من يقوم بها عنها.
الثاني: ليس لها لبس الجميل من الثياب (فلا تلبس ثياباً تعد ثياب زينة) .
الحكم الثالث: لا تتجمل بالحلي بجميع أنواعه من الذهب والفضة، والماس واللؤلؤ وغيره، سواء كان ذلك قلائد أو أساور أو غيرها حتى تنتهي العدة.
الرابع: لا تتطيب بأي نوع من أنواع الطيب سواء كان بخوراً أو دهناً إلا إذا طهرت من الحيض فلها أن تستعمل الطيب في المحل الذي فيه الرائحة الكريهة.
الحكم الخامس: لا تتزين في وجهها أو عينها بأي نوع من أنواع الزينة أو الكحل. وفيما يخص التعامل مع الرجال فلا فرق بين المعتدة وغيرها، فمن كان منهم محرماً بنسب أو رضاع أو مصاهرة فلا حرج عليه في الدخول عليها والكلام معها، كما لا حرج عليها هي أيضاً في ذلك.
وغير المحارم لا يجوز لهم الاختلاط بها ولا النظر إلى شعرها ونحوه، ولا حرج في أن يكلموها لحاجة بشرط أن يبقى ذلك في حدود الأدب والاحتشام، وإنما النهي عن الخضوع بالقول: قال تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب:32} ، ومما ذكر يتبين لك أن الرجل المذكور إذا كانت المعتدة خالته فلا حرج في الدخول عليها ومحادثتها، وإن كان ابن ابنة عمها -كما جاء في أول السؤال- ولم يكن محرماً لها برضاع أو مصاهرة فله أن يعزيها مقابلة أو من وراء حجاب، بشرط أن يُّقتصر في ذلك على حدود الأدب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(13/13918)
من الضرورات المبيحة للمعتدة الانتقال من بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي حديثاً وأمي كبيرة في السن تحتاج من يرعاها وأنا متزوج وأقيم بعيدا عنها، فهل يجوز لي نقلها لتقيم معي حتى تنتهي عدتها في بيتي؟
وأخيراً أرجو الدعاء لوالدي بالمغفرة والرحمة.
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز إخراج المعتدة من بيتها من غير ضرورة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمعتدة أن تنتقل من البيت الذي توفي عنها فيه زوجها إلا بعد انقضاء عدتها أربعة أشهر وعشرا، وإن كانت حاملا فبوضع حملها؛ إلا إذا كان ذلك لضرورة قاهرة كالخوف على النفس أو المال أو العرض أو انقطاع مصدر الرزق.. فهذا وما أشبهه من الضرورات التي تبيح لها الانتقال إلى مكان يزيل عنها الضرر، فإذا كانت أمك تحتاج إلى الرعاية ولا تجد من يرعاها في بيت الزوجية فيجوز لك نقلها إليك في هذه الحالة، ولمزيد من الفائدة والتفصيل انظر الفتاوى التالية أرقامها: 17736، 29084، 11576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(13/13919)
حكم خروج المعتدة من وفاة إلى الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن لأرملة أن تذهب لتحج عن زوجها المتوفى قبل انتهاء العدة بيومين أو ثلاثة أيام، لأنها ملزمة بجدول الحج في البعثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للمرأة المعتدة الخروج للحج نيابة عن زوجها قبل انتهاء عدتها، ولا يجب عليها الحج عنه، وإن تطوعت بذلك فلا بد لها من محرم يرافقها، وأن تكون قد أدت حج الفريضة عن نفسها، وإن مات زوجها بعد وجوب الحج عليه وجب أن تحج عنه من ماله، إلا إذا تبرع شخص بالحج عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة المذكورة لا يجوز لها الخروج إلى الحج -نيابة عن زوجها- ولا غيره قبل انتهاء عدتها ولو ترتب على ذلك فواته، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن المعتدة من الوفاة ليس لها أن تخرج إلى الحج، ولا إلى غيره، روي ذلك عن عمر وعثمان رضي الله عنهما وبه قال سعيد بن المسيب، والقاسم، ومالك والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي والثوري.. إلى أن قال: ولو كانت عليها حجة الإسلام فمات زوجها، لزمتها العدة في منزلها وإن فاتها الحج، لأن العدة في المنزل تفوت، ولا بدل لها، والحج يمكن الإتيان به في غير هذا العام. انتهى.
ولا يجب على المرأة الحج عن زوجها المتوفى؛ بل يجب الحج عنه من تركته إذا توفرت لديه الاستطاعة قبل وفاته، وإذا تطوعت زوجته بالحج عنه فلا بد لها من وجود محرم يرافقها وأن تكون قد أدت فريضة الحج عن نفسها، وراجعي الفتوى رقم: 58669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1428(13/13920)
المكان الذي تعتد فيه المتوفى عنها زوجها وخروجها أثناءها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي توفي قبل حوالي شهر تقريباً في حادث سيارة وعندما عرفت بالخبر صحت بصوت مرتفع فقط والآن أقوم بقراءة القرآن وأتصدق وأدعو الله أن يكون ثوابها لي وله، وأنا ووالدتي نذهب إلى القبر كل جمعة لنزوره ونقرأ بعض السور وندعو لأن هذا الخبر كان علينا صدمة كبيرة كبيرة حتى إنني لم أصدق حتى الآن أنه مات لأنه كانا طيبا وبارا بأسرته وطيبا مع الناس، وأي واحد يطلب منه أي شيء يخدمه، وفي كل يوم أبكي أنا والوالدة، والله يعلم كم فراق الأخ كيف هو مؤثر فينا، واسئلتي كالتالي:
1ـ هل قراءة القرآن ثوابها لا يصل للمتوفى؟
2ـ عندما أتصدق وثوابها لي ولأخي وعندما أتصدق أعطيها لابنة أخي المتوفى؟
3ـ ماذا يجب على زوجته في أيام العدة وأين تقضي العدة بالرغم أنها عرفت خبر الوفاة وهي في بيت أهلها والجنازة خرجت من بيت أهل زوجها وعندما سألت أين تقضي العدة قال لها بعض العلماء في بيت زوجها بالرغم من أن بيت زوجها إيجار واحتمال في يوم من الأيام لا تقدر أن تدفع الإيجار؟
4ـ هل يمكن وهي في أيام العدة أن تقوم بزيارة إلى بيت أهل زوجها أم لا مع العلم أن بيت أهل زوجها بعيد من بيت زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر للأخ المتوفى ويتقبل حسناته ويتجاوز عن سيئاته، كما نسأله تعالى أن يخلفه في أهله خيرا، ثم إن ما قامت به السائلة من الصياح ورفع الصوت عند علمها بوفاة أخيها يعتبر من أعمال الجاهلية كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 20439، فعليها التوبة إلى الله تعالى من ذلك، كما أن على المسلم أن يسلم الأمر لله تعالى ولا يعترض على قضائه ولا يتسخطه، فإن ما سوى الله تعالى مصيره الموت والفناء، ومن أصيب بمصيبة فليتذكر المصيبة برسول الله صلى الله عليه وسلم ليجد عزاءه في ذلك.
ثم إن زيارة النساء للقبورجائزة بضوابط ذكرناها في الفتوى رقم: 93747، لكن ينبغي تجنب القراءة عند القبور بعد الدفن لأن ذلك غير وارد في السنة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14865، وأما قراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت فإنها جائزة، وقد ذكر العلماء أن ثواب ذلك يصل إليه إن شاء الله كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 2288.
أما الصدقة والدعاء فإن ثوابهما يصل إلى الميت بلا خلاف، وعليه فلا مانع من أن تتصدق السائلة عن نفسها وأخيها المتوفى، سواء تصدقت على ابنة أخيها أم على غيرها من المحتاجين، والصدقة على بنت أخيها أولى إن كانت ممن يحتاج إلى الصدقة، قال في متن الإقناع من كتب الحنابلة: وكل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها أو بعضه كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه. انتهى. هذا عن السؤال الأول والثاني.
أما عن الثالث.. فإن المكان الذي تقضي فيه المتوفى عنها زوجها العدة هو المكان الذي توفي عنها زوجها وهي تسكنه، لكن إذا كان البيت مؤجرا إيجار مشاهرة أي مؤجرا على الشهر -كما هو الغالب- فلا يجب على الزوجة السكنى فيه ولا تستحقه إلا إذا كان الزوج قد قدم الإيجار قبل وفاته، نص على هذا فقهاء المذهب المالكي كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 80788.
وعن السؤال الرابع.. يجوز للمرأة المذكورة أن تزورأهل زوجها لكن لا تبيت إلا في بيتها الذي تسكن فيه، ففي الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي ممزوجا بنص خليل وهو يذكر ما يجوز للمعتدة من الخروج: وجاز لها الخروج في حوائجها طرفي النهار المراد بهما ما قبل الفجر بقليل وبعد المغرب للعشاء. انتهى، قال الدسوقي معلقا عليه: قوله: في حوائجها أي أو لعرس كما في المدونة فلا مفهوم لحوائجها، وإذا خرجت لحوائجها أو لعرس فلا تبيت بغير مسكنها. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 35808، والفتوى رقم: 5554،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(13/13921)
لا حرج في كلام المعتدة مع الأجنبي للحاجة بدون خضوع بالقول
[السُّؤَالُ]
ـ[عاجل جدا: أختي توفي عنها زوجها وهي الآن في العدة وقد كانت شريكة لزوجها في مشروع تجاري. وسؤالي: هل تستطيع التحدث على الهاتف مع الشخص الذي يدير المحل على الهاتف لمتابعة العمل والاطلاع على ما يجري؟ ولا يوجد شخص آخر يتابع أو تثق به؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع شرعا من كلام المعتدة للوفاة أو غيرها مع رجل أو غيره بشرط أن يلتزما بالآداب الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى أباح للمرأة أن تتكلم في حاجتها من غير خضوع بالقول، فصوتها ليس بحرام، وإنما الحرام هو الخضوع بالقول، قال الله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً {الأحزاب: 32} كما أباح لها أن تخرج لحاجتها بالآداب الشرعية وهي في عدة الوفاة، وذلك لما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما عن جابر - رضي الله عنه- قال: طلقت خالتي ثلاثًا فخرجت تجذ نخلها، فلقيها رجل فنهاها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اخرجي فجذي نخلك، لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرًا. صححه الألباني.
كما أباح التعريض لها بالخطبة في عدة الوفاة من دون تصريح فقال تعالى: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ {البقرة: 235} .
والحاصل أنه إذا كان كلام هذه المرأة مع هذا الرجل في حدود المباح كالسؤال عن المحل ومتابعة العمل أو في التعزية والسؤال عن الحال، أو طلب الخدمة، أو المعونة، ونحو ذلك، فليس عليها في ذلك شيء.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتاوى: 35808، 36752، 73126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(13/13922)
على المرأة قضاء عدة وفاة زوجها في بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: امرأة تبلغ من العمر 33 عاما توفي زوجها تاركا لها طفلة تبلغ من العمر 5 سنوات زوجها الذي توفي رحمة الله عليه كان يسكن هو وزوجه في شقة مؤجرة، القضية هنا أن الزوجة تريد أن تستقر في بيت أبيها وأهل المرحوم يصرون أن تبقى الزوجة والطفلة عندهم. فهل يصح بقاؤها عندهم علما أن عائلة زوجها تشمل 2 من الشباب الذين لم يتزوجوا بعد. وهل باستطاعتهم أو هل من حقهم أن يحتضنوا الطفلة وهي في هذا العمر المذكور أعلاه، أفيدوني أفادكم الله.
استفسار: علما أنني أنا المتحدث أكون أخا الزوجة فماذا يترتب علي فعله إزاء أختي وإزاء عائلة زوجها.
إلى أن يصلني ردكم لكم مني جزيل الشكر، وجزاكم الله عني وعن جميع المسلمين خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة التي توفي زوجها يجب عليها أن تمكث زمن العدة في المسكن الذي كانت تسكنه قبل وفاة زوجها إلا إذا تعذر عليها ذلك، وبالتالي فإذا كانت أختك مقيمة مع أهل زوجها قبل وفاته فالواجب عليها أن تمكث معهم حتى تنقضي عدتها ولا يمنعها من ذلك وجود شابين غير متزوجين، وعليها أن تجتنب كشف حجابها أمامهما أو الخلوة بهما.
وإن كانت مقيمة في شقة مستقلة عن أهل زوجها فالواجب عليها إتمام العدة هناك، ولا يجوز لها الانتقال عنها إلا إذا خشيت على نفسها مثلا فلها الخروج إلى أي مكان شاءت بما في ذلك بيت أبيها، أما بعد العدة فليس عليها حرج في السكن حيث شاءت إذا أمنت الفتنة على نفسها، لكن لا يجوز لها البقاء في بيت واحد مع رجال أجانب عنها إلا إذا كانت تستقل بمرافق بيتها كالمدخل والمطبخ والحمام ونحو ذلك، أو كان البيت متسعا متعدد الحجر بحيث لا يطلعون عليها ولا تطلع عليهم، وحضانة الطفلة المذكورة حق لأمها ما لم يقع لها ما يسقط ذلك الحق كالزواج مثلا، وبالتالي فلها أن تأخذها معها لتقيم معها.
وأنت عليك أيها الأخ السائل أن تنصح أختك وتبلغها هذه الأحكام وينبغي أن تعينها على القيام بها وتبين
الحكم الشرعي لعائلة زوجها وتعاملهم برفق وحكمة.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 29084، 11576، 6256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1428(13/13923)
عدة الحامل المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[كم تكون فترة العدة للمرأة الحامل التي توفي زوجها وهي في الشهر الثاني من الحمل، هل تدوم إلى أن تضع الجنين أم هي 4 أشهر و10 أيام وما تفسير انقضاء العدة للمرأة الحامل التي وضعت مولودها بعد 2 مثلا من موت زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها تكون بوضع حملها كله ولو توفي زوجها في الشهر الثاني من الحمل، ولو ضعت حملها بعد يومين أو ساعة من وفاة زوجها فقد انقضت عدتها أيضاً لأن وضع الحمل دليل على براءة الرحم، وذلك من أعظم الحكم التي شرعت العدة لها، إضافة إلى الانصياع لأمر الله تعالى الذي شرع هذا الحكم وأمر به.
وراجع الفتوى رقم: 913، والفتوى رقم: 6541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1428(13/13924)
هل تعتد من توفي زوجها ولم يكن يمسها لفترة طويلة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة غاب عنها زوجها لمدة خمسة أشهر أو أكثر وبعد فترة معينة جاءها خبر وفاة زوجها فهل على هذه المرأة عدة، امرأة أخرى زوجها مريض لا يستطيع الجماع منذ أكثر من ثلاث سنوات ثم بعد ذلك توفي، فهل على هذه المرأة عدة، وما هي الحكمة التي شرعت من أجلها العدة؟ شكراً جزيلا لكم.. وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العدة تبدأ من حين وفاة الزوج علمت بها الزوجة أو لم تعلم، فإذا انتهت دون علم الزوجة، فإنه لا عدة عليها، وإذا علمت قبل نهايتها فإن عليها أن تكمل ما بقي منها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 14163.
وأما من توفي زوجها ولم يكن يمسها قبل ذلك فإن عليها عدة الوفاة ولو لم يكن يتأتى منه الوطء أصلاً ... لأن العدة حق لله تعالى واحترام لعقد النكاح الذي سماه الله تعالى ميثاقاً غليظاً، وليس المقصود منها مجرد براءة الرحم فقط، وإن كان ذلك من حكمها ومقاصدها، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 36398، والفتوى رقم: 25662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1428(13/13925)
حكم من لم تكمل عدتها ناسية أو عامدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التي لم تكمل العدة حين وفاة زوجها تركت يومين من العدة، فما حكم المتعمدة، وما حكم غير المتعمدة؟ وجزاكم الله خيراً ووفقكم لفعل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تركت يومين أو أكثر من عدتها إن كانت ناسية أو جاهلة فلا حرج عليها وليس عليها قضاء ما فاتها لأن العدة لا تقضى، وأما إن كانت متعمدة فهي آثمة، وعليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ولا شيء عليها غير ذلك، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 36089.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(13/13926)
حساب أيام عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي زوجها يوم 9 محرم ظهراً، إلى متى تستمر عدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المرأة حاملاً فعدتها تنقضي بوضع حملها؛ لقول الله تعالى: وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} ، وإن لم تكن حاملاً فتنقضي عدتها بمرور أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة:234} ، وحساب هذه الأيام يبدأ من حين الوفاة، فيوم الوفاة محسوب والشهر الذي وقعت فيه الوفاة تكمله ثلاثين يوماً وما بعده من الأشهر الثلاثة بالهلال سواء تم الشهر أو لم يتم أي بأن كان تسعة وعشرين، وبهذا يتضح أن عليها أن تعد ما بقي من أيام شهر محرم ثم تكملها تمام الثلاثين من أيام جمادى الأولى.
وعليه.. فإن تم شهر محرم ثلاثين يوماً فتنقضي عدتها في 18 جمادى الأولى وإن كان تسعة وعشرين فتنقضي 19 من جمادى الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(13/13927)
لا حرج على المعتدة أن تعود إلى عملها بعد انتهاء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المتوفى عنها زوجها وانتهت عدتها أن ترجع لعملها أو أن تعمل خارج البيت عملا لائقا بها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليها أن تعود لعملها إذا كان مشروعاً أو تبحث عن عمل مشروع يناسبها، وقد بينا ضوابط العمل المشروع للمرأة في الفتوى رقم: 3859، والفتوى رقم: 7550.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1428(13/13928)
تزين الأرملة في زمن العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المتوفى زوجها عنها وتتبرج وتتزين وتفعل كل أفعال المرأة المحصنة؟ مع العلم بحسن أخلاقها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأرملة في زمن العدة يحرم عليها جميع أنواع التزين، ويجوز لها التنظف وقلم الأظفار وإزالة الشعر المشروع إزالته، وأما إذا انتهت العدة فلا حرج عليها في الزينة، وأما التبرج وإظهار الزينة أمام الأجانب فهو محرم على جميع النساء لقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33} وراجع للبسط فيما ذكر الفتاوى التالية أرقامها: 21440، 5554، 22775، 26691، 28461، 31116، 34387، 49428.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(13/13929)
عدة الطلاق للمرأة الحامل وحكم الخروج للدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وحامل في الشهر السابع، زوجي طلقني الطلقة الأولى، فهل لي عدة وما هي مدتها، وهل يجوز لي الذهاب إلى الجامعة بحكم أنني طالبة ملتحقة بها، فهل يجوز لي أن أضع مستحضرات تجميل وأن أتزين، وأن انتهت مدة العدة فهل يجوز لي أن أجلس معه دون حجاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطلقة إذا كانت حاملاً فعليها العدة، وتنتهي العدة بوضع الحمل، كما قال الله تعالى: وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} ، وبما أن طلاق السائلة رجعي كما يبدو فإنا نحيلها على الفتوى رقم: 44547، ففيها حكم خروج المطلقة الرجعية للدراسة أثناء العدة. وإذا انقضت العدة قبل أن يراجعك زوجك فإنه يصير من جملة الرجال الأجانب عنك، فلا يجوز وضع الحجاب أمامه ولا الخلوة به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1428(13/13930)
هل تجب العدة على من توفي عنها زوجها وهو بعيد عنها لسنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف امرأة متزوجة وزوجها بعيد عنها منذ أكثر من خمس سنين.. أحيانا لا ينفق عليها وأحيانا أخرى يرسل إليها شيئا بسيطا.. وهي لديها 5 أبناء أربعة منهم يدرسون في الجامعة والخامس طفل في الخامسة من عمره.. وقد توفي زوجها منذ يومين..... فهي تسأل هل عليها عدة أم لا، وما حكم من لا تعتد أو لا تحد على زوجها المتوفى، وهل صحيح أن من غاب عن زوجته سنة كاملة يطلق منها فوراً ويبطل العقد شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن توفي عنها زوجها وجبت عليها العدة، فالعدة على الأخت السائلة واجبة وهي أربعة أشهر وعشر، كما يجب عليها الإحداد على زوجها مدة العدة، قال ابن قدامة في المغني: مسألة: قال: وتجتنب الزوجة المتوفى عنها زوجها الطيب والزينة، والبيتوتة في غير منزلها، والكحل بالإثمد، والنقاب، هذا يسمى الإحداد، ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في وجوبه على المتوفى عنها زوجها إلا عن الحسن، فإنه قال: لا يجب الإحداد. وهو قول شذ به وخالف به السنة، فلا يعرج عليه، ويستوي في وجوبه الحرة والأمة، والمسلمة والذمية، والكبيرة والصغيرة، وقال أصحاب الرأي: لا إحداد على ذمية ولا صغيرة، لأنهما غير مكلفتين. انتهى.
وعليه؛ فتأثم إذا لم تحد لتركها واجباً، وللإحداد أحكام سبق بيانها في الفتوى رقم: 49428.
أما الشق الثاني من السؤال فقد سبق أن من غاب عن زوجته أكثر من ستة أشهر دون رضاها فإنه يأثم، إذا لم يكن هناك حاجة وضرورة تدعو إلى ذلك، ويأثم كذلك إذا لم لم يقم بواجب النفقة عليها، أما العقد فيظل صحيحاً، لا يؤثر عليه بعد الزوج مهما طالت المدة، لكن للزوجة أن ترفع الأمر إلى القاضي وتطلب منه إلزام الزوج بالعودة أو التطليق، لا سيما عند عدم النفقة، فإذا لم تقم بذلك الحق أو قامت به ولم ينفذ القاضي أو من يقوم مقامه الطلاق فإنها تظل زوجة يجب لها من الحقوق ما يجب للزوجات، ويجب عليها من الحقوق ما يجب عليهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(13/13931)
كيفية حساب عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: لي صديقة توفى زوجها يوم 5/1/2007 متى يكون انتهاء العدة، وهل ممكن الخروج من البيت قبل قضاء العدة أم لا، سؤالي الثاني: هناك من قال بعد قضاء العدة يجب غسل الطهارة إن كان هذا صحيحا فكيف يكون غسل الطهارة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة المذكورة حاملاً فعدتها وضع حملها، وإن كانت غير حامل فبحسب محول التاريخ الموضوع على موقعنا تبين أن التاريخ الميلادي الذي هو (5/1/2007) يوافق بالهجري (15/ ذو الحجة/ 1427) ، وعليه فإن هذه المرأة تقوم بالحساب على النحو التالي:
1- تضبط اليوم والساعة التي توفي فيها زوجها، فإذا كان توفي في (15/من شهر ذي الحجة) وقد مضى من شهر ذي الحجة خمسة عشر يوماً حسبت ما بقي من الشهر إلى نهاية الهلال، فإن كان الشهر تاماً فتحفظ (15 يوماً) وإن كان الشهر ناقصاً فتحفظ (14 يوماً) .
2- تحسب شهر محرم وصفر وربيع الأول، ثلاث أشهر بقطع النظر هل هي شهور تامة أم ناقصة.
3- تحسب من شهر ربيع الثاني ما يكمل ثلاثين يوماً، فإن كان شهر ذي الحجة ناقصاً أكملت من ربيع الثاني (16 يوماً) وإن كان كاملاً أكملت من ربيع الثاني (15 يوماً) .
4- ثم تضيف إلى ذلك عشرة أيام بعد ذلك، إلى اللحظة التي توفي فيها زوجها، فإن كان مثلاً توفي الساعة (11) قبل الظهر، فتنتهي عدتها في نفس الساعة بعد تمام العدة.
وخلاصة القول أنه إن كان شهر ذي الحجة الذي توفي فيه زوجها تاماً فتنتهي عدتها في (25 ربيع الثاني) والذي يوافق (12/5/2007) ، وإن كان الشهر الذي توفي فيه زوجها ناقصاً، فتنتهي عدتها في (24 من ربيع الثاني) والذي يوافق (11/5/2007) إلى مثل الوقت الذي توفي فيه زوجها.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: إذا لم تكن -المعتدة عن وفاة- حاملاً فإن مات نصف النهار وقد مضى من الهلال عشر ليالٍ أحصت ما بقي من الهلال فإن كان عشرين حفظتها ثم اعتدت ثلاثة أشهر بالأهلة ثم استقبلت الشهر الرابع فأحصت عدة أيامه فإذا كمل لها ثلاثون يوماً بلياليها فقد أوفت أربعة أشهر واستقبلت عشراً بلياليها، فإذا أوفت لها عشراً إلى الساعة التي مات فيها فقد انقضت عدتها وليس عليها أن تأتي فيها بحيض كما ليس عليها أن تأتي في الحيض بشهورٍ ولأن كل عدة حيث جعلها الله إلا أنها إن ارتابت استبرأت نفسها من الريبة. انتهى.
ولا يجب عليها أن تغتسل عند انتهاء عدتها إذا كنت طاهرة، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 16203، وأما هل يجوز لها أن تخرج في أثناء عدتها فسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 93033.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(13/13932)
لا حرج على المعتدة في تصرفاتها المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرملة وفي فترة الحداد هل يمكنني أن أشارك أخي في تكاليف علاج أمي، ملحوظة: أنا لا أعمل ولي ابن وحيد وأستطيع مادياً المساهمة وأخي موظف حكومي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون المرأة في فترة الحداد لا أثر له على تصرفاتها المالية، وعليه فلا حرج عليك في المشاركة في مصاريف علاج أمك وهو من البر الذي يرجى ثوابه، بل قد يجب عليك إن كانت أمك محتاجة ولا تجد من يكفيها ذلك، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 93033.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1428(13/13933)
عدة الحامل المتوفى عنها زوجها إذا كان الجنين ميتا
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي زوجها، وفي بطنها جنين ميت قبل وفاة الزوج بثلاثة أشهر، والأطباء يقولون لها إنه سوف ينزل لوحده، دون تدخل الطبيب توفي الزوج، فهل تنتهي عدتها بالإسقاط أم بأربعة أشهر وعشرة أيام؟ وفقكم الله.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحامل لا تنتهي عدتها إلا بوضع حملها هذا هو الذي يقتضيه عموم قوله تعالى: وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى في الأم: وسواء ولدته سقطاً أو تماما أو ضربه إنسان أو هي فألقته ميتاً أو حياً تخلو عدتها بذلك كله؛ لأنها قد وضعت حملها وهي ومن ضربه آثمان بضربه، وهذا هكذا في الطلاق وكل عدة على كل امرأة بوجه من الوجوه وسواء هذا في الاستبراء، وفي كل عدة من نكاح فاسد تحل بوضع الحمل، ولا تحل به حتى يتبين له خلق من خلق بني آدم رأس أو يد أو رجل أو ظفر أو عين أو شعر أو فرج أو ما يعرف به أنه من خلق الآدميين، فأما ما لا يعرف به أنه خلق آدمي فلا تحل به وعدتها فيه ما فرض عليها من العدة غير عدة أولات الأحمال وسواء في الخروج بوضع الحمل من العدة بالوفاة والطلاق والنكاح الفاسد والمفسوخ والاستبراء كل امرأة حرة وأمة وذمية وبأي وجه اعتدت. انتهى.
وقد نص غير واحد من أهل العلم على أن الحمل إذا تحقق من وجوده لا تنتهي العدة إلا بوضعه ولو تجاوزت المدة أكثر مدة الحمل، قال في مواهب الجليل وهو أحد فقهاء المالكية في معرض الكلام على تربص المعتدة المرتابة: وأما إن تحقق وجود الولد فلا تحل أبداً: وعزاه للخمي. وقال الخرشي وهو أيضاً من فقهاء المالكية بعد أن ذكر أن المرتابة تتربص أقصى أمد الحمل ثم تحل بعد ذلك للأزواج، قال: فإن مضت المدة وزادت الريبة مكثت حتى ترتفع الريبة من أصلها، كما لو مات الولد في بطنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1428(13/13934)
مبيت المعتدة في بيت أمها المريضة للقيام بخدمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة التي توفي زوجها المبيت في بيت أبيها لخدمة والدتها نظراً لظروف صحية، وذلك أثناء فترة العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 93033 جواز خروج المعتدة لزيارة أمها المريضة، لكن لا يجوز لها البيات خارج بيتها إلا لضرورة، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: في امرأة معتدة عدة وفاة. ولم تعتد في بيتها بل تخرج في ضرورتها الشرعية، فهل يجب عليها إعادة العدة؟ وهل تأثم بذلك؟ الجواب: العدة انقضت بمضي أربعة أشهر وعشر من حين الموت، ولا تقضي العدة، فإن كانت خرجت لأمر يحتاج إليه، ولم تبت إلا في منزلها فلا شيء عليها، وإن كانت قد خرجت لغير حاجة وباتت في غير منزلها لغير حاجة أو باتت في غير ضرورة، أو تركت الإحداد فلتستغفر الله وتتب إليه من ذلك، ولا إعادة عليها. انتهى.
ومن هذا يعلم أنه لا يجوز للمتوفى عنها أن تبيت خارج بيتها ولو كان عند والدها المريض أو والدتها إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(13/13935)
حكم خروج المعتدة لرعاية أمها المريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرة المستشار المحترم، أرجو الإجابة على سؤالي: توفي خالي وترك زوجة وبنتين وأولادا ولا يوجد بينهم قاصر ودخلت زوجة خالي العدة لكن لديها أم مريضة، والأم يوجد من يرعاها، لكن زوجة خالي كل يوم تذهب إليها من الساعة السادسة إلى الساعة الواحدة ليلاً، فهل يجوز ويعتبر أنها لم تخرج من العدة؟ والله يوفقكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في خروج المعتدة للحاجة ولو كانت يسيرة، فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لها في الخروج ليلاً إلى دار جارة لحديث ومؤانسة، بشرط أن ترجع للمبيت في بيتها، قال السبكي في الفتاوى: والخروج لحاجة يجوز وإن كانت يسيرة، وهي أنواع فما كان منها مظنة حاجة جاز، ولا تنضبط أفراده فيناط بالمظنة. انتهى.
وقال النووي في المنهاج: ولها الخروج في عدة وفاة، وكذا بائن في النهار لشراء طعام وغزل ونحوه، وكذا ليلا إلى دار جارة لغزل وحديث ونحوهما، بشرط أن ترجع وتبيت في بيتها. انتهى.
وينص المالكية على أن لها الخروج نهاراً ولو لغير حاجة، لكن الصواب هو عدم جواز ذلك إلا لحاجة على ما ذهب إليه الجمهور، قال في منح الجليل شرح مختصر خليل: ويجوز خروجها نهاراً ولو لغير حاجة ولو لعرس إن دعيت إن شاءت، ولا تتزين ولا تبيت إلا ببيتها. انتهى.
وعلى هذا؛ فلا حرج إن شاء الله في ذهاب خالتك لزيارة أمها المريضة إذا أمنت على نفسها من الخروج في ذلك الوقت؛ ولا تبيت إلا في بيتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(13/13936)
لا بأس بنكاح المتوفى عنها زوجها بعد انتهاء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أرملة هل يجوز لها الزواج وهي عندها أطفال؟ وهل يجوز لها الاحتفاظ بالأطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا انتهت عدتها من زوجها جاز لها الزواج، وعدة المتوفى عنها زوجها إن كانت حاملاً فبوضع الحمل؛ لقول الله تعالى: وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطَّلاق:4} وإن كانت غير حامل، فبأربعة أشهر وعشرة أيام؛ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة:234} .
وأما حقها في الحضانة فمقدَّم على كل أحدٍ ما لم تنكح، فإن تزوجت ووجد من ينازعها في ذلك ممن له الحق انتقلت الحضانة إليه، ولمعرفة الأحق بالحضانة تراجع الفتوى رقم: 6660، وإذا تنازل من له الحضانة انتقل الحق إلى من يليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1428(13/13937)
شروط استحقاق المتوفى عنها زوجها السكنى مدة العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرملة ومشكلتي تتلخص في شقة ورث لزوجي وإخوته وقام حماي بعمل عقد إيجار لزوجي ويقال إن زوجي ضغط عليه، لأنه لم يكن يملك شقة مثل إخوته وحاول زوجي بعد وفاة والده أن يتفاهم معهم، لكنه فشل وكان ذلك منذ 15 سنة واستمر الوضع كما هو عليه وكنا نتزاور جميعا من غير التقرب للوضع ومنذ حوالي شهرين توفي زوجي رحمه الله وطالبني أخوه ببيع الشقه وقال إن وضعها خطأ وحجب للميراث وأنا معي بنتان قاصرتان، وسؤالي هو: هل يحق لي أن أمتنع عن البيع إلى أن تبلغا ويحق لهم التصرف بعد ذلك، وثانيا: هل ممكن لي أن أتفاوض معهم ومن حقي أن آخذ خلوا عن الإيجار ثم حقنا في الورث بالله عليكم دلوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم زوجك ويلهمك الصبر، ويعينك على نوائب الدهر والاستقامة على الطاعة ... وبخصوص سؤالك فإنه لا يحق لك منع الورثة من بيع الشقة ما دامت ليست ملكاً لك ولا لزوجك؛ إلا إذا كان زوجك قد دفع إيجارها فإن لك الحق في السكنى فيها إلى نهاية عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا، أو بوضع الحمل إذا كنت حاملاً، أو ما تبقى من مدة عقد الإيجار، ولا يحق للورثة في هذه الحالة إخراجك منها، لأن من حق المتوفى عنها المدخول بها السكنى مدة العدة، إذا كانت تسكن في دار الزوج، أو في دار دفع إيجارها على الراجح من أقوال أهل العلم.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر: (و) السكنى (للمتوفى عنها إن دخل بها، والمسكن له أو نقد كراءه) . وهو ما درج عليه ابن عاصم في تحفة الحكام فقال:
(وفي الوفاة تجب السكنى فقد * في داره أو ما كراءه نقد) ومحل اشتراط دفع الإيجار مسبقاً إذا كان الإيجار على المشاهرة.
وأما إن كان الإيجار على الوجيبة وهي المدة المعينة بغير شهر كسنة أو من شهر كذا إلى كذا ... فإن الزوجة تستحق السكنى بالمنزل المؤجر سواء قدم الزوج الإيجار أو لم يقدمه، ففي مواهب الجليل للحطاب المالكي: وأما الوجيبة فإنها أحق بالسكنى سواء قدم الكراء أم لا.
وفي حال سكناك في الشقة أو غيرها لا يجوز لك الخروج إلا لحاجة أو ضرورة؛ لأن المعتدة مطالبة بالاستقرار في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله. وانظري الفتوى رقم: 9037.
وإذا ترتب على مقامك ضرر في الشقة فلا مانع من الخروج منها وأخذ مقابل خلو من الورثة أو من غيرهم مقابل المدة التي تستحقين السكن فيها، وقد سبق بيان حكم أخذ بدل عن الخلو في الفتوى رقم: 9528.
وبإمكانك أن تعرضي على الورثة أخذ الشقة بثمنها مقابل نصيبك من تركة زوجك ونصيب بناتك وتدفعين لهم ما زاد، أو يردون لك ما نقص إن كنت ترين في ذلك مصلحة، ولكن لا يحق لك الامتناع من البيع أو الخروج من الشقة بدون مبرر شرعي. وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 33270، والفتوى رقم: 16289.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1428(13/13938)
مذاهب العلماء في خروج المعتدة إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل يجوز للمعتدة عدة الوفاة الخروج لصلاة الجمعة وهي جارة المسجد وكبيرة في السن.
جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب جمهور أهل العلم أن المعتدة ملزمة بالمكث في بيتها ليلا ونهارا وعدم الخروج إلا لحاجة، وإذا كان كذلك فخروجها إلى المسجد للصلاة ليس بحاجة ولا مرغب فيه، بل صلاتها في بيتها خير لها من الخروج إلى المسجد؛ لما في صحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي، قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله جل وعلا.
ورخص لها العلماء في الخروج نهارا لقضاء حوائجها فقط، والصلاة ليست من الحوائج، قال الرحيباني: (ولا تخرج) معتدة لوفاة (إلا نهارا) لما روى مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتأت كل واحدة إلى بيتها} ولأن الليل مظنة الفساد، ولا تخرج نهارا (إلا لحاجتها) من بيع وشراء ونحوهما (ولو وجدت من يقضيها) فلا تخرج لحاجة غيرها ولا لعيادة وزيارة ونحوهما) اهـ
وقال الخطيب الشربيني: (كل معتدة لا تجب نفقتها ولم يكن لها من يقضيها حاجتها لها الخروج (في النهار لشراء طعام) وقطن وكتان (و) بيع (غزل ونحوه) للحاجة إلى ذلك {ولقول جابر رضي الله تعالى عنه: طلقت خالتي ثلاثا، فخرجت تجد نخلا لها، فنهاها رجل، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: اخرجي فجدي نخلك ولعلك: أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا} رواه مسلم وأبو داود واللفظ له، قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: ونخل الأنصار قريب من منازلهم، والجداد لا يكون إلا نهارا -أي غالبا- أما من وجبت نفقتها من رجعية أو مستبرأة أو بائن أو حامل فلا تخرج إلا بإذن أو ضرورة كالزوجة لأنهن مكفيات بنفقة أزواجهن. اهـ ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 35131.
وظاهر كلام المالكية جواز الخروج للمعتدة إلى المسجد. قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: ولا يمنعن من الخروج والمشي في حوائجهن ولو كن معتدات وإلى المسجد. وقال الباجي في المنتقى: مسألة: والمتوفى عنها زوجها تحضر العرس. رواه ابن القاسم عن مالك. انتهى بتصرف.
والعرس ليس بحاجة، فالظاهر أنهم لا يمنعون خروج المعتدة نهارا إذا التزمت آداب الخروج، وبهذا يظهر أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم، والأولى عدم الخروج للصلاة خروجا من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(13/13939)
حكم انتقال المعتدة عن وفاة من بيت الزوجية للخوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تفتوني في مسألتي هذه عندي زوجة جدي تبلغ من العمر 32 سنة توفي جدي عنها وبقيت وحدها في البيت وترفض كل النساء الأقارب البقاء معها حتى تنهي عدتها ولضعفها في أمور الدين تقول إنها ستغادر إلى بيت أبيها إن لم يبق معها إحدى الأقارب فهل يجوز لها أن تكمل عدتها عند أحد أبناء جدي وبالتحديد عندنا مع العلم أن بيتنا يكاد يكون ملاصقا لبيتها رغم لك تقول إنها تخاف من البيت وجميع الأقارب رفضوا حتى الدخول إلى البيت بحجة الخوف أرجوكم أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 66826، أن المعتدة عن وفاة لا يجوز لها أن تنتقل من البيت الذي توفي عنها فيه زوجها إلا بعد انقضاء عدتها أربعة أشهر وعشرا، وإن كانت حاملا فبوضع حملها، إلا إذا كان ذلك الانتقال لضرورة كالخوف على النفس أو المال أو العرض أو انقطاع مصدر الرزق، فيجوز في هذه الحالات الانتقال إلى مكان يزول فيه ما انتقلت بسببه، وإذا جاز لها الانتقال لسبب من الأسباب السابقة فإنها تنتقل إلى حيث تأمن على نفسها إما بيت والدها أو أحد محارمها كأبناء زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(13/13940)
هل تعتمر المتوفى زوجها قبل انتهاء عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي منذ أسبوع تقريبا وأنا في السعودية مع زوجي وسأبقى إن شاء الله حتى شهر أكتوبر، وأمي الآن في فترة عدتها وهي تبلغ 66 عاما وقد كنت أطلب منها أن تجي للبقاء معي فترة هذين الشهرين ونقوم بعمرة لأبي ولنا أيضا، وليس لى غير أخ واحد متزوج ويعول في مصر وإخوان أمي مسافرون في بلد عربي آخر - فهل في استطاعتها أن تجى للبقاء معي فترة هذين الشهرين ثم باذن الله أرجع معها حتى لا أتركها وحدها، مع العلم أني سأعود إلى عملي في مصر في اكتوبر، أم أترك العمل وأظل معها ثم حين تتم العدة أرجع وأقيم مع زوجي، مع العلم أني أعمل في هذا العمل منذ 14 سنة تقريبا - أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن على المرأة المتوفى عنها زوجها الإحداد مدة العدة، ولك أن تراجعي في أحكام الإحداد فتوانا رقم: 5554.
والمعتدة من وفاة لا يجوز أن تنتقل عن المنزل الذي وصلها نعي زوجها وهي تسكنه، فقد أخرج أصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث الفريعة بنت مالك بن سنان قالت لما قتل زوجها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه، ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بي، فنوديت له فقال كيف قلت؟ قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، قال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به.
فهذا الحديث يدل صراحة على أن المتوفى عنها زوجها لا تنتقل من البيت الذي جاءها فيه نعي زوجها.
وعليه، فلا يجوز لأمك أن تسافر ولا أن تعتمر قبل انقضاء عدتها.
وأما أنت فإن أذن لك زوجك في أن تسافري إليها، وكان معك محرم في السفر فلا مانع من أن تذهبي إليها، بل إن ذلك أولى وأحب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1427(13/13941)
كيفية حساب عدة المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي والدي حسب تاريخ بلادنا في يوم 4 ربيع الآخر الموافق 1/5/2006 بجمهورية مصر العربية حوالي الساعة العاشرة مساءاً
ستفساراتى:-
- متى تنتهي فترة العدة لوالدتي هل يمكن تحديد التاريخ بالضبط؟
- هل الحساب يتم بتاريخ البلد التي توفي بها والدي حيث يوجد فرق يوم بين التاريخ العربي في بلادنا وجمهورية مصر؟
- هل حساب العدة يتم من أول يوم الوفاة أو من اليوم الذي دفن فيه والدي رحمه الله حيث قبر يوم 3/5/2006؟ أرجو أن تلقى أسئلتي اهتمامكم ويصلني ردكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدة المتوفى عنها زوجها تبدأ من تاريخ الوفاة لا من تاريخ الدفن، وهي أربعة أشهر وعشرا لمن لم تكن حاملا، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة: 234} أما الحامل فعدتها تنقضي بوضعها الحمل.
واختلاف التاريخ بين مكان الوفاة ومكان الإقامة لا أثر له لأن المدة محددة بأربعة أشهر وعشرا من الوفاة وهذا بالأشهر القمرية ولا بد من تتميم الشهر الذي وقعت الوفاة أثناءه ثلاثين يوما بعد الأشهر الثلاثة التالية له، فتعتد ما بقي من ربيع الآخر ثم ثلاثة أشهر بعده بالأهلة وهي جمادى الأولى والآخر ورجب ثم تكمل ما نقص من ربيع الآخر وهو أول شهر في العدة تكمله ثلاثين يوما من أيام شعبان ثم تزيد عشرة أيام وبذلك تتم عدتها، وتراجع لهذا الفتوى رقم: 39394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(13/13942)
الحكمة من تشريع العدة على المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا فرض الله العدة على المرأة المطلقة والأرملة، وهل هي سجن للمرأة لا يسمح لها بالخروج إلا عند انتهاء عدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان شيء من حكمة الشرع في تشريع العدة، وتراجع في ذلك الفتاوى بالأرقام التالية: 6541، 36398، 74495.
وأما كون العدة سجنا فلا، بل هي من جهة حفظ وصيانة، ومن جهة أخرى ابتلاء واختبار يعظم به الأجر بالصبر والاحتساب. ثم إن المعتدة لا يحرم عليها الخروج مطلقا, بل يجوز لها الخروج من بيتها إذا وجدت ضرورة أو حاجة معتبرة شرعا. وراجعي في هذا الفتاوى التالية: 9037، 35131، 35808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(13/13943)
خروج المتوفى عنها زوجها من بيتها لضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف حكم الشرع في إيواء أم زوجتي التي تبلغ من العمر 60 عاما ببيتي، لما تتطلبه من عناية بدنية خاصة، علما أنها غير قادرة على القيام بشؤونها بنفسها بسبب عجزها وموت زوجها وأنا أحتسب أجري على الله في إيوائها وقيام ابنتها برعايتها ببيتي بسبب عدم قبول زوجة ابنها التكفل بها وهل يجوز لها الخروج من بيتها إلى بيتي قبل انتهاء عدة زوجها المتوفى، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتاوى التالية أرقامها: 42972، 66826، 53255، 35704، 74249، عدم جواز انتقال المرأة المتوفى عنها زوجها من البيت الذي توفي عنها فيه إلا بعد انقضاء عدتها إلا لضرورة، فإذا كانت هذه المرأة كما ذكرت عاجزة عن القيام بشؤونها بنفسها، ولم يكن لها من يقوم بذلك فلا حرج في انتقالها قبل انقضاء العدة للضروة.
ولا شك في مشروعية إيواء أم الزوجة وكفالتها، وحصول الأجر والثواب بذلك إذا احتسبه الزوج، ففيه إكرام للزوجة وعون لها على بر أمها، وفيه عون لمسلم، وفي الحديث: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
كما أنه من إكرام ذي الشيبة المسلم، وفي الحديث: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم. رواه أبو داود.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(13/13944)
الحكمة من جعل الإحداد للزوجة دون الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يحد الرجل على زوجته 4 أشهر وعشرا مثلما تحد الزوجة على زوجها؟ ما الحكمة؟ ألا يكون ذلك ظلما للمرأة ولحقوقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى هو الحكيم العليم، والحكيم هو الذي يضع الأمور في مواضعها دون خلل، والعليم هو الذي يعلم الأمور كلها دقيقها وكبيرها قبل أن تكون، والأدلة على حكمة الله وعلمه بعدد مخلوقاته، فأنت أيها السائل وجميع بني جنسك، بل والحيوانات والجبال والبحار والأفلاك كلها شاهدة بعلم الله وحكمته، وصدق من قال:
وفي كل شيء له آيةٌ * تدل على أنه الواحد
ولو تأملت في جزء صغير في بدنك وهو القلب وأسراره وكم قضى العلماء والأطباء منذ دهور طويلة وما زالوا وهم يكتشفون أسراره وعجائبه، فمن خلق هذا القلب وركبه وهداه للقيام بعمله إنه الحكيم العليم الخبير جل جلاله.
وهذه الحقيقة لا يرتاب فيها عاقل، ولا يشك فيها منصف.
وقد أقام الله نظام السموات والأرض وما فيها من مخلوقات على الحق والعدل، وحرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده، قال سبحانه وتعالى: إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا] {النساء:40} ، وقال عز وجل: إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {يونس:44} ، وفي الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا.
فلا يجوز لمسلم أن يسمح لخاطره أن يصف الله تعالى بالظلم، وإن عجز عن فهم حكمة أمرٍ من الأمور اتهم رأيه وعقله، وكم من أمور قد تخفى حكمتها على العباد لضعفهم وجهلهم.
ونعود إلى جواب السؤال فنقول: إنَّ من الحكم التي ظهرت لبعض عباد الله تعالى في أمر الله سبحانه وتعالى المرأة أن تَحُد على زوجها، أن المرأة مأمورة بأن تعتد ليبين نقاء الرحم من حمل، ولعظيم حق الزوج عليها بخلاف الرجل في الأمرين، والحداد تبعٌ للعدة، والمرأة في زمن العدة لا يحل نكاحها ولا التصريح بخطبتها، والتجمل والتزين مدعاة للزوجة ولمن قد يطلع عليها إلى ذلك فكان ممنوعاً، لأنه يفضي إلى ممنوع، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين: وأما الإحداد على الزوج فإنه تابع للعدة وهو من مقتضياتها ومكملاتها، فإن المرأة إنما تحتاج إلى التزين والتجمل والتعطر لتتحبب إلى زوجها، وترد لها نفسه، ويحسن بينهما المعاشرة.
فإذا مات واعتدت منه وهي لم تصل إلى زوج آخر، فاقتضى تمام حق الأول، وتأكيد المنع من الثاني قبل بلوغ الكتاب أجله، أن تمنع مما تصنعه النساء لأزواجهن، مع ما في ذلك من سد الذريعة إلى طمعها في الرجال، وطمعهم فيها بالزينة والخضاب والتطيب. فإذا بلغ الكتاب أجله صارت محتاجة إلى ما يرغِّب في نكاحها، فأبيح لها من ذلك ما يباح لذات الزوج، فلاشيء أبلغ في الحسن من هذا المنع والإباحة، ولو اقترحت عقول العالمين لم تقترح شيئا أحسن منه. اهـ
وراجع الفتوى رقم: 10011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1427(13/13945)
سفر المعتدة من البيت الذي وصلها فيه نعي زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذاسافرت المرأة الحادة على زوجها إلى بيت زوجها الآخر في بلد يبعد 4ساعات مع العلم أنها امرأة كبيرة 55سنة ومع أولادها وبكامل حشمتها؟ أرجوكم أجيبوني سريعا لأني محتارة في أمر أمي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتدة من وفاة لا يجوز أن تنتقل عن المنزل الذي وصلها نعي زوجها وهي تسكنه، خصوصا إذا كان السكن حقا لها أو لزوجها ولو بالإيجار، وقد أخرج أصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث الفريعة بنت مالك بن سنان قالت لما قتل زوجها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه، ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بي، فنوديت له فقال كيف قلت؟ قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، قال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به. فهذا الحديث يدل صراحة على أن المتوفى عنها زوجها لا تنتقل من البيت الذي جاءها فيه نعي زوجها. ولا فرق فيه بين أن يكون خروجها إلى بيت آخر لزوجها أم لا، ولا بين من تجاوز عمرها خمسة وخمسين عاما وبين غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(13/13946)
كلام المعتدة عن وفاة مع الرجال الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقتي في العدة توفي زوجها منذ شهر، وفي لحظة ضعف قام شاب بالحديث إليها عبر الهاتف واستمرت معه رغم وجوب عدم التكلم إلى رجل إلا للضرورة، فما رأيكم في ذلك وما هي النصيحة التي أستطيع أن أساعد بها صديقتي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث المعتدة عدة وفاة مع الرجال الأجانب لضرورة أو حاجة ماسة لا حرج فيه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8209.
وأما حديثها لغير ذلك وخاصة إذا كان في ما لا يجوز كغزل وحب وغير ذلك فهو أمر محرم، وليس هذا محرماً على المعتدة فقط، بل على كل امرأة، ويجوز للرجل أن يعرض برغبته في الزواج بالمرأة المعتدة عدة وفاة، ولا يجوز له التصريح، وانظري الفتوى رقم: 3433، والفتوى رقم: 7738، والفتوى رقم: 45986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427(13/13947)
هل تصبغ المعتدة من وفاة شعرها
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو منكم الجواب على سؤالي في أسرع وقت وشكراً، أنا أرملة في أيام عدتها هل يجوز لي صبغ شعري بالصبغة (لا بالحنة) مع العلم بأن عمري يتجاوز 60؟ ولكم جزيل الشكر يا شيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة المعتدة بسبب وفاة زوجها يحرم عليها صبغ شعرها ولو بغير الحناء لأن ذلك من الزينة المحرمة في حقها، قال ابن قدامة في المغني: الثاني: اجتناب الزينة، وذلك واجب في قول عامة أهل العلم، منهم ابن عمر، وابن عباس، وعطاء، وجماعة أهل العلم يكرهون ذلك، وينهون عنه، وهو ثلاثة أقسام: أحدها الزينة في نفسها، فيحرم عليها أن تختضب، وأن تحمر وجهها بالكلكون. انتهى.
وفي منح الجليل ممزوجاً بمختصر خليل وهو مالكي: (و) تركت -يعني المتوفي عنها- (التزين) في بدنها (فلا تمتشط بحناء) بالمد والتنوين (أو كتم) بفتح الكاف والفوقية صبغ يذهب حمرة الشعر ولا يسوده (بخلاف نحو الزيت) الخالي عن الطيب (والسدر) . انتهى.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 34387، والفتوى رقم: 37079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(13/13948)
من توفي زوجها بعد العقد وقبل الدخول
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تمت خطبتها من والدها أمام 3 شهود ووالدها ووالد الخطيب ودفع صداقها ألف دينار وقرؤوا الفاتحة ولم يكتب العقد وبعد 3 شهور توفي الخطيب ولم يدخل بها هل تربط الفتاة وما مدة الرباط علما بأنها طالبة وهل تذهب للدراسة وهل ترث ميه وما قيمة الإرث وهل ترجع الصداق المدفوع؟
جزاكم اللة خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذ كان قصدك بما ذكرت حصول أركان النكاح الشرعي وهي: الولي، والزوجان، والصيغة (وهي ما دل على التزويج) والصداق فإن هذا زواج تام شرعي يحل به استمتاع كلا الزوجين بصاحبه ويحصل به التوارث عند الموت وعدة الوفاة وكمال الصداق. وأما الكتابة فلا يتوقف عليها صحة العقد وإنما هي لمجرد التوثيق. وبناء على ذلك فالظاهر من السؤال أن العقد قد تم وبه تستحق هذه المرأة الصداق كاملاً، كما تستحق به نصيبها من تركة زوجها فإن كان له ولد فلها ثمن ما ترك، وإن لم يكن له فلها ربع ما ترك. وعليها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشر، وفي هذه الحالة لا يجوز لها الخروج من بيتها ولا التطيب.. حتى تنقضي عدة الوفاة.
وليس عليها أن ترجع ما دفع لها من الصداق لأنها استحقته كاملاً بموت زوجها.
ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال أهل العلم نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24992، 19653، 18101. 60397.
أما إذا لم يتم العقد بالأركان التي ذكرنا فإن هذه مجرد خطبة لا يترتب عليها شيء مما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1426(13/13949)
لا يجب على المعتدة التخلص من ثياب العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: والدي متوفى منذ ثلاث سنوات، وقال بعض الناس لوالدتي بأنه يجب عليها أن تتخلص من كل الثياب التي كانت تلبسها قبل انقضاء العدة، ولا يجوز لها أن تلبسها بعد العدة وهي لازالت تحتفظ بهذه الثياب، ولكنها لم تلبسها، أثابكم الله ما مدى صحة هذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب ولا يستحب للمرأة أن تتخلص من ثيابها التي لبستها في زمن عدتها من وفاة زوجها، واعتقاد ذلك بدعة في الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ... وانظر الفتوى رقم: 5554 حول أحكام الإحداد، والفتوى رقم: 20330 حول التسمي بعبد الناصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(13/13950)
شروط جواز انتقال المعتدة من بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم 284391 والذي تم الرد عليه من طرفكم حيث إن الجواب لم يكن كاملا وذلك لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار أن أختي في الموقع الذي تسكن فيه لا يمكنها قضاء حوائجها، وموقع عملها بعيد جدا عن مسكنها مع عدم توفر وسائل النقل حيث إنه إذا أرادت الذهاب إلى عملها عليها التوجه إليه على الساعة 05 (الخامسة صباحا) ولا أحد معها لقضاء حوائجها، ومن جهة عملها فهو ضروري لها لأنه المصدر الوحيد لها ومكان عملها يكون قرب بيت أهلها.
وفي الأخير أعانكم الله وزادكم من فضله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمعتدة أن تنتقل من البيت الذي توفي عنها فيه زوجها إلا بعد انقضاء عدتها أربعة أشهر وعشرا، وإن كانت حاملاً فبوضع حملها، إلا إذا كان ذلك لضرورة قاهرة كالخوف على النفس أو المال أو العرض أو انقطاع مصدر الرزق، فهذا وما أشبهه من الضرورات التي تبيح المحظورات، ولهذا فإذا كانت أختك في بيت الزوجية لا تجد حوائجها الضرورية، أو لا تجد من ينقلها إلى عملها الذي هو مصدر رزقها الوحيد، فيجوز لها الانتقال إلى مكان آخر يؤمن لها حاجاتها الضرورية، ونرجو أن تطلع على الفتاوى: 17736، 29084، 11576، للمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(13/13951)
عدة من أسلمت ثم مات زوجها الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة النصرانية إذا أسلمت ثم مات زوجها النصراني الكافر أن تحد عنه أربعة أشهر وعشرا، نأمل الإجابة بالتفصيل مع ذكر الأدلة لأن الله تعالى خاطب المسلمين فقط بقوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا.؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكافرة إذا أسلمت تحت زوج كافر فإنه يمنع من الاستمتاع بها، ويؤمر بالإسلام، فإن قبل أقر على نكاحه ما دامت في العدة، وإن أبى حتى خرجت من العدة بانت منه، وانظر الفتوى رقم: 56460.
فإذا كان الزوج توفي بعد انقضاء العدة، فلا عدة وفاة على الزوجة لأنها قد بانت منه، وأما إذا توفي في العدة، فقد اختلف الفقهاء في نوع العدة التي تلزم الزوجة، فذهب بعضهم ومنهم المالكية إلى أنها تكمل عدتها ولا تنتقل إلى عدة الوفاة، قال في المدونة: قلت: أرأيت لو أن نصرانية تحت نصراني أسلمت المرأة ثم مات الزوج قبل أن يسلم وهي في عدتها أتنتقل إلى عدة الوفاة في قول مالك؟ قال: لا تنتقل إلى عدة الوفاة وهي على عدتها التي كانت عليها ثلاث حيض.
وقال في شرح مختصر خليل للخرشي: (ص) ولا موت زوج ذمية أسلمت (ش) أي ولا ينقل لعدة الوفاة عن الاستبراء موت زوج ذمية أسلمت وقلنا يكون أحق بها إن أسلم في عدتها فمات قبل أن يسلم قبل تمام عدة إسلامها فتستمر على استبرائها بثلاثة أقراء، فلما كان أحق بها ويقر عليها لو أسلم في عدتها ترغيباً في الإسلام فيتوهم أنه كموت زوج مطلقة رجعية قبل انقضاء عدتها فتنتقل إلى عدة الوفاة فدفع ذلك التوهم، لأنها في حكم البائن ولو أسلم ثم مات استأنفت عدة وفاة.
وقال في حاشية الدسوقي: (ولا) ينقل إلى عدة الوفاة عن الاستبراء (موت زوج) ذمي (ذمية أسلمت) بعد البناء ومكثت تستبرئ منه، وقلنا: يكون أحق بها إن أسلم في عدتها فمات كافراً قبل تمام الاستبراء فتستمر على الاستبراء بثلاثة أقراء ولا تنتقل لعدة الوفاة.
وذهب بعضهم ومنهم الحنابلة إلى أنها تنتقل إلى عدة الوفاة، قال في مطالب أولي النهى: (أو) مات زوج (كافرة أسلمت) بعد دخوله بها في عدتها قبل إسلامه، سقط ما مضى من عدتها، وابتدأت عدة وفاة من موته نصا، لما تقدم.
وقال ابن رجب في القواعد: ومنها: لو أسلمت المرأة وهي تحت كافر ثم مات قبل انقضاء العدة فإنها تنتقل إلى عدة الوفاة في قياس التي قبلها ذكره الشيخ تقي الدين.
وقال في كشاف القناع: (ولو أسلمت امرأة كافر ثم مات قبل انقضاء العدة انتقلت إلى عدة وفاته التي قبلها) . قاله الشيخ تقي الدين واقتصر عليه في الإنصاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(13/13952)
لا حرج في انتقال المعتدة إن خافت على نفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتونا عن الأرملة كبيرة السن تتجاوز الستين من العمر وهي مريضة ولا يوجد من يرعاها بعد وفاة زوجها سوى بناتها فهل يجوز أن تقيم عدتها في بيت إحدى بناتها حيث إن منزل ابنتها جوار منزل والدتها الأرملة ولا يستطيع أحد من بناتها الإقامة معها في منزل أمها بسبب مشاغل الحياة وظروف خاصة وانشغالهن في بيوت أزواجهن أفتونا بأسرع وقت أرجوكم وشكرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت تتضرر من البقاء في المكان الذي هي فيه لعدم وجود من يرعاها فلا مانع من الانتقال، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فإن خافت على نفس أو عضو أو بضع أو دين أو مال (انتقلت) ، لأن الخروج لذلك أشد من الخروج للطعام ونحوه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(13/13953)
هل للكتابية عدة وفاة كالمسلمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة غير مسلمة مات زوجها وبعد أسبوعين من وفاته تقدم إليها رجل مسلم فهل عليها أن تعتد بعدة الوفاة الشرعية 4أشهر و10 أيام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن تعتد الكتابية كالمسلمة ولا يجوز ولا يصح عقد النكاح عليها وهي في زمن العدة عند الجماهير من العلماء.
قال الإمام ال شافعي في الأم: وأحب إلي لو ترك نكاح الكتابية وإن نكحها فلا بأس وهي كالحرة المسلمة في القسم لها والنفقة والطلاق والإيلاء والظهار والعدة وكل أمر غير أنهما لا يتوارثان وتعتد منه عدة الوفاة وعدة الطلاق وتجتنب في عدتها ما تجتنب المعتدة.اهـ
وجاء في كنز الدقائق: العدة لموت الزوج أربعة أشهر وعشر سواء كانت الزوجة مسلمة أو كتابية تحت مسلم صغيرة أو كبيرة قبل الدخول وبعده، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا , ولقوله صلى الله عليه وسلم {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا] متفق عليه , والآية بإطلاقها حجة على مالك في الكتابية حيث أوجب الاستبراء عليها فقط إن كانت مدخولا بها , ولم يوجب شيئا على غير المدخول بها.اهـ
وقال العلامة سليمان بن خلف الباجي في المنتقى: وأما الكتابية فإن كانت غير مدخول بها ففي المدونة أنه لا عدة عليها , وهذا يقتضي أن تتزوج مسلما وغيره إثر وفاته لأنه إذا لم يكن عليها عدة للوفاة ولا استبراء للدخول فقد حلت للأزواج.
وأما المدخول بها فقد قال القاضي أبو محمد عن مالك في ذلك روايتان إحداهما أنها كالمسلمة، قال مالك تجبر على العدة وتمنع من النكاح وعليها الإحداد، والرواية الثانية أنها تستبرئ رحمها بثلاثة أشهر، ومعنى ذلك على ما قاله ابن القاسم في المدونة أن ذلك إذا أراد أن يتزوجها مسلم، قال القاضي أبو محمد والقول في الكتابية التي لم يدخل بها على هاتين الروايتين. فوجه الرواية الأولى قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا , وهذا عام في المسلمة والكتابية ولأن كل من ساوت المسلمة الحرة في عدة الطلاق ساوتها في عدة الوفاة كالمسلمة , ووجه الرواية الثانية أنه يتعلق بعدتها حقان حق للمخلوق وهو حفظ النسب وحق لله تعالى فأما حق المخلوق فذلك يلزمها ولا يبرئها إلا استبراء رحمها , وذلك يحصل بالأشهر الثلاثة وما زاد على ذلك فحق لله تعالى ولا يصح منها أداء حقوقه إلا بعد الإيمان به. اهـ
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(13/13954)
المريضة بفقدان الذاكرة تعتد كسائر النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوا ردا سريعا من فضلكم الأمر عاجل وشكرا.
أبي مريض جدا ربما يحتضر ولا نعلم أمي مريضة بمرض الزهايمر أي تغيب عنها الذاكرة وتعود حتى أنها لم تعد تعرف أبي هل هو زوجها أم أبوها أم عمها فهي تناديه بعمها فهل يجب عليها الإحداد مع العدة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل المولى سبحانه أن يعجل بشفاء أمك، ثم اعلمي بارك الله فيك أن كون أمك مصابة بالخرف بحيث لم تعد تعرف زوجها وغيره من سائر الناس لا يغير ذلك في حكم علاقتها به بما في ذلك وجوب العدة عليها والحداد في حال ما إذا مات.
وذلك لأنها تعتبر شرعاً زوجته يجري عليها ما يجري على من توفي زوجها أو طلقها، وبما أنها فاقدة للعقل فعلى أوليائها أن يلزموها بذلك. قال صاحب روضة الطالب: وتحد الذمية والصبية والمجنونة ويلزمها الولي. هـ
ومن أهل العلم من قال بعدم وجوب الحداد على المجنونة ومن في حكمها، قال ابن نجيم: لا حداد على كافرة ولا صغيرة ولا مجنونة ولا معتدة من عتق ولا معتدة من نكاح فاسد.
ولمعرفة أحكام العدة والحداد يحسن أن تراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28173، 3133، 32669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(13/13955)
ليس للأب إخراج ابنته المعتدة من بيت الزوجية إلى بيته أثناء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت زوجتي توفي عنها زوجها وترك لها ثلاثة أطفال يبلغ عمر أكبرهم 9 سنوات وقد بدأت عدتها في بيت الزوجية يريد أبو الزوجة أن يأخذها إلى بيته وهي لا تريد ولا تريد الزواج من بعد زوجها.. كما رأى إخوان الزوج أن يبقوهم في بيت الزوجية مع العلم أن إخوان الزوج لم يحترموا حرمة البيت حيث يدخلون على زوجة أخيهم المتوفى وهم غير محارم ويبيتون في البيت بادعاء أنهم يبيتون مع أمهم المقيمة معها.. كما يهددونها بأخذ أطفالها منها إذا ذهبت إلى بيت أبيها وسؤالي فهل تغضب والديها في سبيل احتفاظها بأطفالها أو ترضي والديها وتصبح في المحاكم بسبب أطفالها؟
أفتونا وانصحونا أثابكم الله عنا كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها الإحداد أربعة أشهر وعشراً إن كانت غير حامل، فإن كانت حاملاً وجب عليها الإحداد إلى وضع الحمل، وللإحداد أحكام واجبة، ومنها لزوم بيتها الذي توفي زوجها وهي فيه حتى تنتهي العدة، ولا تخرج إلا للحاجة، ولا يجوز إخراجها منه، قال تعالى: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {الطلاق: 1} .
وهذا النهي عام في فترة الإحداد، لحق الله وحق الزوج، وبعد هذه الفترة يجوز لها طاعة والدها في الخروج من بيت الزوج، وليس لإخوة الزوج منعها من ذلك، ولا من حضانة أبنائها أعني من كان منهم في سن الحضانة، ما دامت أهلاً للحضانة ولم يقم بها مانع كزواجها مثلاً، أما دخول إخوة الزوج بيت زوجة أخيهم، فإذا لزم منه خلوة أو نظر محرم فلا يجوز لأنهم أجانب عنها، وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم دخول أقارب الزوج على المرأة فقال: إ ياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. وإن لم يلزم منه ذلك فلا حرج، كأن يكون البيت واسعاً ومتعدد المرافق.
وننصح الجميع بالوقوف عند حدود الله امتثالاً لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا {الطلاق: 1} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(13/13956)
كيف تعتد المرأة إذا مسخ زوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مسخ زوجها بأي عدة تعتد مطلقة أم متوفى عنها زوجها؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مقصود السائل المسخ وهو تصيير جسم الإنسان في صورة جسم من غير نوعه من جماد أو حيوان، فقد ذكر أهل العلم أن الممسوخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام، قال السندي في شرحه على سنن النسائي: والحاصل أن حديث أن الممسوخ لا يبقى أكثر من ثلاثة أيام صحيح.
وذكر القرطبي في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل، قال ابن عطية روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت أن الممسوخ لا ينسل ولا يأكل ولا يشرب ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام وذكره السرخسي في المبسوط والقرافي في الذخيرة.
ولم يتناول الفقهاء مثل هذه النازلة بالبحث لكونها لم تقع من قبل فيما نعلم، وقد كانوا يكرهون البحث فيما لم يقع والسؤال عما لم يحدث.
ولكونها مما يجوز وقوعه عقلاً وشرعاً، كما بينا في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 35551، 64486، 13601. فقد ذكر البجريمي في حاشيته على شرح منهج الطلاب قال: ومثل الموت مسخ أحدهما حجرا كله أو نصفه الأعلى. والمقصود بذلك أنه لو مسخ أحد الزوجين إلى جماد حجر أو نحوه أو مسخ نصفه الأعلى فإنه يكون في حكم الميت فإن كان زوجا فتعتد زوجته عدة الوفاة وترث بخلاف ما لو مسخ إلى حيوان فلا يكون في حكم الميت وإنما يكون فرقة قال: ومثل الفرقة مسخ الزوج حيواناً كله أو نصفه الأعلى.
وأما إذا لم يعش الممسوخ كما هو مقتضى الخبر ومات فلا إشكال وعلى افتراض بقائه فإنه يكون في حكم المعدوم، أما في حكم الميت إن مسخ إلى جماد أو المعدوم معنى إن مسخ إلى حيوان وفي الأول عدة الوفاة وفي الثاني عدة الطلاق البائن، ولكن لا يحكم بذلك إلا بحكم القاضي أو الحاكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(13/13957)
اعتقاد سنية لبس الثوب الأبيض في العدة بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الدكتور عندنا في المغرب حين يموت زوج ترتدي زوجته لباسا أبيض، هل هذا اللباس سنة أم بدعة؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان أن لبس الثوب الأبيض في العدة ليس عليه دليل، وما لم يقم على ذلك دليل فاعتقاد كونه من الشرع بدعة، فراجع الفتوى رقم: 49785.
ولمعرفة أحكام الإحداد راجع الفتوى رقم: 49428.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(13/13958)
عدة الحامل
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: من فتره وجيزه قد توفي زوجي وأنا الآن في العدة، وأريد أن اعلم منكم إذا هناك بعض الأمور التي يجب أن أتجتنبها، فأنا أدخل الإنترنت وخصيصاً الدردشه الكتابيه، فلا اعلم إذا الدردشه من ضمن الممنوعات بسبب العده، وهل لها كفاره وما هي، وما المدة المحددة للعدة وأنا حامل هل تطول العدة أم لا.. وأتمنى أن تكون الإجابه شاملة بحكم العدة ولا تكون وجيزة، وهل يوجد دليل على أن العزاء أو الحزن فقط ثلاثة أيام؟ وشاكره لكم حسن متابعتكم، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا توفي زوجها، فإنها تجب عليها العدة، وعدتها إن كانت حاملاً وضع حملها، قال تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق:4} .
كما يجب عليها الإحداد مدة العدة، وللإحداد أحكام تجب مراعاتها، سبق بيانها في الفتوى رقم: 5554.
أما عن حكم الدردشة عبر الإنترنت فليست العدة مانعاً منها إذا انضبطت بالضوابط المبينة في الفتوى رقم: 10923 ولم تكن مع رجال أجانب، شأن المعتدة في هذا الشأن غير المعتدة.
أما بشأن ما سألت عنه الأخت بقولها: هل يوجد دليل على أن العزاء أو الحزن فقط ثلاث أيام.
فقد تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 27474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1426(13/13959)
مسائل في الإضراب والحداد والتأبين ويوم الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[العلماء الأفاضل: ما الحكم الشرعي في قيام أفراد المقاومة في الانتفاضة بإغلاق المحلات التجارية والمرافق العلمية والعملية أو التعبير بالإضراب حدادا على الشهداء وعمليات الاغتيال؟
وما حكم الحداد العام على أرواح الشهداء؟
وما حكم تحديد أيام في الانتفاضة مثل يوم الأسير ويوم الشهيد ويوم الأرض والوطن ونحو ذلك؟
وما حكم تأبين الشهداء واتخاذ الراية السوداء حدادا عليهم؟
وما حكم إبراز قبور الشهداء والكتابة عليها؟ وما حكم كتابة الشعر فيهم والإنشاد لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسيكون جواب ما سألت عنه عاما، إذ لا خصوصية للانتفاضة فيه.
فإغلاق المحلات والمرافق العلمية والعملية والمحلات التجارية والإضراب ونحو ذلك، إن كان فيه من المصلحة ما يترجح على ما فيه من المفسدة فلا بأس به. وإن رجحت المفسدة فيه أو تساوت مع المصلحة لم يجز. وذلك لأن القاعدة أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، كما هو معلوم، ولكن هذا الغلق والنظر في المصلحة أو المفسدة يرجع فيه إلى ولي الأمر أومن يقوم مقامه وليس إلى آحاد الناس.
وأما الحداد بالمعنى الشرعي فقد خصه الشرع بما يلي:
- المرأة التي توفي عنها زوجها فتحد مدة العدة أربعة أشهر وعشرا وجوبا.
- المرأة التي توفي أحد أقاربها تحد ثلاثة أيام جوازا، بدليل ما ثبت في الصحيحين عن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها وقالت: ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا.
ولا خصوصية للشهداء في الحداد، فيحد عليهم أزواجهم وأقاربهم المدد المذكورة.
ولا يجوز تحديد أيام لم يأذن بها الشارع، سواء كانت مثل يوم الأسير ويوم الشهيد ويوم الأرض والوطن أو كانت غير ذلك. لأن كل إحداث من هذا القبيل يعتبر بدعة، ولم تأت بدعة محدثة من البدع إلا وهجرت أو أميتت سنة من السنن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة رواه أحمد.
وقد ذكر أهل العلم بأنه لا يجوز إحداث يوم يحتفل به المسلمون غير عيدي الأضحى والفطر، لأن الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك، قال تعالى: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ [الحج:67] .
ولا بأس بتأبين الشهداء إذا لم يكن فيه كذب أو شيء من الأمور المنهي عنها.
ولا بأس أيضا باتخاذ الراية السوداء، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد الألوية والرايات السود, فمن ذلك ما رواه أحمد وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص وعنده راية سوداء. وفي مسند الشاميين: كان لرسول صلى الله عليه وسلم لواء أسود ... وأما فعل ذلك حدادا فلم يرد في الشرع.
وليس من الهدي الشريف إبراز القبور والكتابة عليها للشعر أو غيره، ولا الإنشاد لها. قال الإمام ابن القيم: ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تعلية القبور ولا بناؤها بآجر، ولا بحجر ولبن، ولا تشييدها، ولا تطيينها، ولا بناء القباب عليها، فكل هذا بدعة مكروهة، مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم. وقد بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن، ألا يدع تمثالا إلا طمسه، ولا قبرا مشرفا إلا سوا. رواه مسلم.
فسنته صلى الله عليه وسلم تسوية القبور المشرفة كلها، " ونهى أن أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يكتب عليه " وكانت قبور أصحابه لا مشرفة ولا لاطئة، وهكذا كان قبره الكريم وقبر صاحبيه، فقبره صلى الله عليه وسلم مسنم مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء لا مبني ولا مطين، وهكذا كان قبر صاحبيه، وكان يعلم قبر من يريد تعريف قبره بصخرة. ولا فرق في ذلك بين قبر شهيد وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(13/13960)
عدة المتوفى عنها زوجها التي شكت في وجود الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت عن شيء في موريتانيا يسمى الاستلحاق وهو إنجاب المرأة بعد مدة طويلة تصل إلى سنوات من وفاة زوجها أو طلاقها وإلحاق الولد لأبيه المتوفى أو المطلق بحجة أن الجنين يبقى في الرحم سنوات. المقال منشور في القدس العربي اللندنيه بتاريخ 25/5/2005. أفيدونا جزاكم ألله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحديد مدة العدة بأربعة أشهر وعشر أو بثلاثة أقراء ونحو ذلك هو فيمن لم ترتب، أما من ارتابت أي شكت في وجود الحمل في هذه الفترة أو قبلها فإنها تنتظرما تزول به ريبتها وهو أقصى أمد الحمل وهو أربع سنوات أو خمس على خلاف بين أهل العلم أو وضع الحمل، والدليل قوله تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق: 4} وكنا قد ذكرنا هذا في الفتوى رقم: 18395 والفتوى رقم: 56113 فلعل ما نسب إلى هذا البلد هو حالة من هذه الحالات التي يأخذ بها من يقلد مذاهب أهل السنة المتبعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ولا تختص ببلد دون بلد وليست خرافة موريتانية كما يزعم من كتب ذلك، بل كلما وجد الحمل أو شك في وجوده وجب على المرأة التربص حتى تضع حملها، فإذا وضعته كان لزوجها السابق المتوفى أو المطلق لا على طريقة الاستلحاق، ولكنه على الطريقة الشرعية العادية لأن هذا الحمل معلوم النسب، وقد قال تعالى: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ {الأحزاب: 5}
أما الاستلحاق فهو أمر آخر يختلف عن هذه الصورة اختلافا كبيرا مثل كونه لا يصلح إلا لمجهول النسب وكونه لا يتم إلا من الأب مثلا ونحو ذلك.
وفي ما كتبه الأمين العام لرابطة العلماء في هذا الموضوع في المقال المذكور كفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(13/13961)
زيارة المعتدة من وفاة لامرأة ابنها النفساء
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي زوجها وابنها بعيد عنها في المسكن وزوجته أنجبت هل تذهب إلى زوجة ابنها أم لا علما بأنهم قالوا لا تذهب فإنها نفساء.
ما حكم الدعاء بعد الصلاة؟ علما بأن في بلادنا يدعى بعد صلاة المفروضة جماعة ونقول لهؤلاء الذين يدعون إنه بدعة ويقولون لنا هناك حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم فيما معناه الدعاء في كل دبر صلاة؟ أرجو منكم إيضاح في كل دبر صلاة حتى نردّ علي هؤلاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة التي ذكرت أن تخرج لزيارة زوجة ابنها بشرط الالتزام بالتستر الكامل، والبعد عن التبرج، واستعمال ما يحرم عليها من استعمال الزينة وغيرها من كل ما يمنع على المعتدة من وفاة أثناء عدتها، إضافة إلى عدم البيات إلا في المسكن الذي تعتد فيه، وراجع الفتوى رقم: 9037.
وزيارة النفساء لا تؤثر على مولودها ولو زارتها امرأة حائض أو جنب خلافا لما يعتقده بعض الناس من تضرر المولود بتلك الزيارة، فهذا من الخرافات التي لا أصل لها كما سبق في الفتوى رقم: 52170
والمداومة على الدعاء الجماعي بعد الصلاة المفروضة غير مشروع، ولا دليل عليه، وقد تقدم التفصيل في شأنه، وذلك في الفتوى رقم: 54717. والحديث المشتمل على الدعاء دبر كل صلاة وتوضيح المقصود بذلك سبق بيانهما في الفتوى رقم: 13351.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(13/13962)
ضوابط اللباس المباح والممنوع للمعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة غربية تعيش في هولندا ومسلمة وتشتغل هناك وتوفي زوجها مثلاً فهي تسأل هل بإمكانها الحداد على زوجها العدة الشرعية بملابس عادية أم يجب أن تتبع العادات المتعارف عليها من لبس الأسود أو الأبيض، وما هي وصاياكم في العدة عن الوفاة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان ما يجب على المعتدة أثناء فترة عدتها، وذلك في الفتوى رقم: 5554، والفتوى رقم: 3133.
علماً بأنه لا يجب على المرأة المعتدة لبس ثياب معينة، إلا أنه يجب عليها أن تجتنب الملابس التي هي زينة في نفسها، وراجع الفتوى رقم: 35476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(13/13963)
جلوس المعتدة من وفاة مع أجنبي في وجود محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة العجوز في وقت العدة المتوفى عنها زوجها أن تجلس في صالة المنزل مع زائر غريب عنها جاء للتعزية مع وجود ابنها معها أو أحد محارمها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك بشرط أن تكون ساترة لعورتها غير متبرجة بزينة وبحضور محرم لها. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 55535 ولا فرق بين أن تكون معتدة عن وفاة أو لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(13/13964)
خروج المعتدة من الوفاة من بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا امرأة متوفى عنها زوجها قضيت حوالي 3 أشهر من عدة الوفاة في بيت أهل الزوج بحيث إنه لدي بيت مستقل كنت أعيش فيه مع زوجي رحمه الله وأبنائي وبعد مرور هذه الفترة (3 أشهر) تبين لي أنه لا يجوز قضاء عدة الوفاة إلا في بيت الزوج فهل يجب علي الآن قضاء ما هو متبقى من العدة في بيتي المستقل أم أكمله في بيت أهل زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تمكث في البيت الذي كانت تسكن فيه مع زوجها قبل وفاته حتى تكمل عدتها وهي أربعة أشهر وعشر، كما بينت ذلك الآية الكريمة، وهي قوله سبحانه: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة: 234} .
قال صاحب بدائع الصنائع: ومنزلها الذي تؤمر بالسكون فيه للاعتداد هو الموضع الذي كانت تسكن فيه قبل مفارقة زوجها وقبل موته، سواء كان الزوج ساكناً فيه أو لم يكن، لأن الله تعالى أضاف البيت إليها بقوله: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ. والبيت المضاف إليها هو الذي تسكنه. اهـ
وعلى هذا، فالواجب عليك الرجوع إلى بيت زوجك وإتمام بقية العدة فيه، وعليك أن تستغفري الله تعالى من خروجك منه طيلة تلك الفترة السابقة.
وعلى هذا إذا لم يكن لخروجك مسوغ شرعي وإلا فلا حرج عليك في إكمال العدة في بيت أهل زوجك، ومن جملة تلك المسوغات الخوف على نفسك أو مالك من قطاع طرق أو انهدام البيت أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(13/13965)
شروط جواز مقابلة المرأة المعتدة للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في مقابلة المرأة المعتدة لوفاة زوجها للرجال في حضور آخرين وان كانت بعد سن الخمسين.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من مقابلة المرأة المعتدة عن وفاة للرجال إن دعت إلى ذلك حاجة على أن تكون ساترة للعورة، تاركة للزينة، وعلى أن يتم الكلام وفق أدب الإسلام، وهذا الكلام جائز لها سواء كانت في عدة أو في غير عدة، وانظري الفتوى رقم 5554، والفتوى رقم 53594.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(13/13966)
تحريم خروج المعتدة لزيارة القبور وعيادة المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[إنه لمن دواعي الغبطة والسرور أن أتقدم إلى فضيلتكم بطرح سؤالي والمتعلق بوالدتي البالغة من العمر 75 سنة، حيث توفي والدي منذ 28 يوما، وهي تود الاستفسار من فضيلتكم إن كان يمكنها أو يجوز لها الخروج من البيت لقضاء متطلبات البيت، وزيارة قبر زوجها، وكذا عيادتها للمريض والذهاب للتعزية، علما أن لديها أولادا يمكنهم القيام بذلك عوضا عنها، نرجو من فضيلتكم توضيح ذلك ليتسنى لها معرفة واجباتها الشرعية خلال فترة العدة. وفقكم الله وجزآكم ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نسأل الله عز وجل أن يرحم موتى المسلمين، وأن يهدي ويوفق الأحياء منهم إلى صراطه المستقيم. ثم إنه قد سبق أن ذكرنا الأحكام المتعلقة بمن توفي عنها زوجها في الفتوى رقم: 5554، وذكرنا أن من تلك الأحكام منع خروجها من بيتها لغير حاجة. فإذا تقرر ذلك، علم منه أنه لا يجوز للمعتدة الخروج من بيتها لزيارة قبر زوجها ولا لعيادة المريض أو الذهاب للتعزية، بل لا يجوز لها الخروج لقضاء متطلبات البيت ما دامت غير محتاجة للخروج إلى ذلك، إذ الأصل في حقها هو لزوم بيت زوجها الذي توفي عنها وهي فيه، قال الخطيب الشربيني ـ وهو شافعي: في معرض كلامه على حكم خروج المعتدة وأنه يجوز للحاجة، قال: وعلم من كلامه كغيره تحريم خروجها لغير حاجة وهو كذلك كخروجها لزيارة وعيادة واستنماء مال تجارة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(13/13967)
لا تنتقل المطلقة البائن إلى عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: تطلقت امرأة وكانت الطلقة الثالثة واستلمت ورقة الطلاق بعد ثلاثة أيام توفي طليقها هل تدخل في العدة كمطلقة أم تدخل العدة على وفاة الزوج حيث إنها لم تنته من فترة العدة وإذا اعتدت عليه هل لها نصيب في ميراثه؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن من طلق زوجته طلاقاً رجعياً ثم مات في العدة سقطت عنها عدة الطلاق، وانتقلت إلى عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشر من وقت الوفاة إن لم تكن حاملاً، لأن الرجعية في حكم الزوجة. قال ابن إسحاق المالكي: والرجعية كالزوجة إلا في تحريم الاستمتاع. هـ
أما من طلق زوجته في صحته طلاقاً بائناً ثم توفي وهي في العدة، فإنها تكمل عدة الطلاق، ولا تنتقل إلى عدة الوفاة لانقطاع الزوجية بينهما من وقت الطلاق بالإبانة، وبالتالي فلا توارث بينهما لانقطاع سببه الذي هو النكاح.
قال صاحب كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع: وإن طلقها في الصحة بائناً ثم مات في عدتها لم تنتقل عنها. بل تبني على عدة الطلاق مطلقاً ولا تعتد للوفاة للآية، ولأنها أجنبية منه في غير نكاحه وميراثه. هـ
وقال صاحب المنهاج: وإن مات عن رجعية انتقلت إلى وفاة أو بائن فلا. اهـ
وإن كان الطلاق البائن واقعاً في مرض مخوف ومات في العدة اعتدت احتياطاً بأطول الأجلين من عدة الطلاق وعدة الوفاة، وترث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(13/13968)
ما تفعله المتوفى عنها زوجها بعد انتهاء عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام نحن نعلم أنه من السنة أن فترة الحداد أربعة أشهر وعشرة أيام، ولكن سؤالي ماذا يمكن فعله بعد انقضاء هذه المدة، حيث جرت العادة عندنا بعد أن تتطهر المرأة بالماء والسدر عليها أن تلبس الثوب الأبيض كاملة، وكذلك تلبس خاتماً من الفضة في السبابة في يدها اليمنى ثم تخرج في نفس الوقت الذي توفى فيه زوجها سواء فترة الصباح أو المساء وتخرج خارج البيت وتتجه باتجاه القبلة وتنطق بالشهادتين ثم تسلم عن يمينها وعن يسارها ثم تدخل إلى بيتها مرة أخرى وبذلك انتهت فترة الحداد، هذا بالنسبة للعادة المتداولة عندنا، نرجو توضيح ما يجب فعله؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها هو الإحداد أربعة أشهر وعشراً إن كانت غير حامل، فإن كانت حاملاً وجب عليها الإحداد إلى وضع الحمل، وللإحداد أحكام واجبة وهي: لزوم بيتها الذي توفي زوجها وهي فيه حتى تنتهي العدة ولا تخرج إلا للحاجة كالعلاج ونحوه، وترك ما فيه زينة من ثياب وحلي وما شابه ذلك، وكذلك ترك الطيب والاكتحال، فعن أم عطية قالت: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغاً إلا ثوب عصب وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار وكنا ننهى عن اتباع الجنائز. رواه البخاري.
فإذا انقضت عدتها حل لها ما حظر عليها وجازت خطبتها، ولا يجب عليها شيء أكثر من هذا، أما ما ذكرته مما تفعله النسوة عندكم بعد انقضاء العدة من الاغتسال بالماء والسدر ولبس الأبيض وخاتم الفضة ... إلخ، فهو من البدع المنكرات التي ليس لها مستند شرعي لا من كتاب ولا سنة ولا قول صاحب ولو كان خيراً لسبقونا إليه فهم الأسوة وخير القرون رضي الله عنهم، وإحداد المرأة على زوجها عبادة محددة الكيفية وليست من قبيل العوائد التي يتوسع فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(13/13969)
لا حرج على المعتدة في رؤية البرامج المفيدة في التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم مشاهدة الأخبار وليس غير الأخبار في الأيام الثلاثة الأولى من الحداد على الميت، الرجاء أفيدوني وبالله عليكم لا تحيلوني على سؤال قد سبقت الإجابة عنه، وأريد إجابة واضحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن تشاهد المعتدة الأخبار أو غيرها من البرامج المهمة النافعة لها في دينها ودنياها على شاشة التلفاز، أما الأشياء الممنوعة شرعاً، فلا تجوز مشاهدتها لمن هي معتدة ولا غيرها، ولمعرفة ما يباح وما يمنع للمعتدة المتوفى عنها نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 26691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(13/13970)
حكم سفر المعتدة للعلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[خروج المرأة المتوفى عنها زوجها فترة العدة للعلاج خارج بلدها حيث إن هذه المرأة تحتاج إلى عملية قسطرة سريعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المرأة المعتدة أن لا تخرج من بيت الزوجية إلا بعد انقضاء عدتها، وهي أربعة أشهر وعشرا إن كانت غير حامل، ووضع حملها إن كانت حاملاً.
وأما خروجها لحوائجها التي لا تجد من يقوم لها بها كالمعاش أو لضرورة العلاج ومراجعة المستشفى فهذا لا مانع منه لأن الضرورات تبيح المحظورات؛ لقول الله عز وجل: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173} ، ولكن لو أمكن أن تجري العملية في مستشفى قريب بحيث يمكنها أن تعود منه إلى بيتها في وقت قصير فلا يجوز لها أن تسافر إلى غيره بحيث يتطلب منها أن تمكث خارج بيتها طويلاً، وإن لم يمكن ذلك فلا حرج عليها في السفر دفعاً للمشقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(13/13971)
من انتقلت أثناء عدتها من المكان الذي مات فيه زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مات زوجها في موطنه, فانتقلت لتكملة عدتها في بلد المهجر, هل عليها أن تعود ثانية إلى موطنه لتفك العدة أو أنها تسطيع فكها في بلد المهجر. وما هي الشروط المترتبة عليها لتنهي العدة ومرحلة ما بعد العدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان من الواجب على هذه المرأة أن تكمل عدتها في البلد الذي مات زوجها وهي به أو البلد الذي وصلها فيه نعي زوجها، وأن لا تعود إلى المهجر إلا أن لا تجد محلا آمنا تقضي فيه عدتها. أما وقد عادت إلى المهجر حيث كانت تسكن من قبل فإنه يتحتم عليها حينئذ البقاء إلى أن تنقضي العدة. وراجعي في هذا فتوانا رقم: 33901. وما سألت عنه من الشروط المترتبة عليها لتنهي العدة، فإن كنت تقصدين به موانع العدة، فإن المعتدة من الوفاة تحرم عليها أنواع الزينة كلها والتطيب والاكتحال، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21440، وإن كنت تقصدين غير ذلك فبينيه. وأما ما بعد العدة فليس هناك شيء يشترط عليها بالنسبة لتوابع النكاح الذي كانت متلبسة به. وعليها أن تعود إلى بلاد الإسلام إذا كانت تخشى الفتنة في دينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(13/13972)
العدة الشرعية لمن مات عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وعندي ولد وبنت وحدث بيني وبين زوجي بعض الشجار وصل إلى حد الطلاق ولم يطلقني ولكن سافر إلى السودان ولم يراسلنا منذ هذه اللحظة وتوفي قبل عشرة أيام رحمه الله هل علي عدة أم لا. أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أنه لم يحدث طلاق حتى الوفاة فيجب عليك أن تعتدي عدة وفاة وهي أربعة أشهر وعشر إن لم تكوني حاملا كما هو مبين في الفتوى رقم: 51736. وكذا إذا حدث الطلاق وكان رجعيا ولم تنقض عدتك كما هو موضح في الفتوى رقم: 30732. وأما إذا طلقك وانقضت عدتك فلا يلزمك بوفاته أن تعتدي عدة وفاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(13/13973)
عدة الحامل المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[عدة الحامل وضع حملها فماذا إذا التقت هذه العدة مع عدة الوفاة التي هي 4أشهر و10أيام فبأي العدتين نلتزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أن عدة الوفاة لغير الحامل هي أربعة أشهر وعشرة أيام لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً {البقرة: 234} . وأما الحامل فعدتها هي وضع حملها كله، سواء كانت مطلقة أو متوفى زوجها. قال الله عز وجل: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ {الطلاق: 4} . قال في المغني: وأجمعوا أيضا على أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا أجلها وضع حملها؛ إلا ابن عباس. وروي عن علي من وجه منقطع أنها تعتد بأقصى الأجلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(13/13974)
لا أثر لعدة أمك في صنع وليمة عرس لابنك
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى لكم دوام الصحة والعافية، أنا عندي والدي متوفى من حوالي ثلاثة أشهر ... وأمي مقيمة معي في البيت ولم تنته عدتها بعد، وعندي ابن أريد أن أعمل له عرساً ... فهل يجوز أن أعمل العرس وأمي لا زالت في العدة وهي مقيمة معي أم لا يجوز، أتمنى الرد على سؤالي بسرعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في أن تعملي العرس لابنك ولا أثر لعدة والدتك في ذلك؛ إلا أنها يتعين عليها عدم مس الطيب، وراجعي ما يمنع على المعتدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49428، 22418، 11084، 9087، 5554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(13/13975)
مدة العدة، ومن يمكن أن تظهر أمامهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عدة المرأة المتوفى عنها زوجها
* الأشخاص الذين يمكن أن تلتقي بهم في الشرع وبالخصوص زوج الأخت
*مدة العدة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة المتوفى عنها زوجها إما أن تكون حاملاً، وإما أن تكون غير حامل، فإن كانت حاملاً فتنتهي عدتها بوضع حملها؛ لقوله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (الطلاق: من الآية4) .
وإن كانت غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشراً؛ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً (البقرة: من الآية234) .
وأما الأشخاص الذين يمكن أن تظهر أمامهم ولا تحتجب منهم فهم محارمها، أما غير محارمها فلا يجوز لها الظهور أمامهم لا في عدة ولا في غيرها؛ إلا إذا كانت محجبة، وليس هناك خلوة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(13/13976)
الحرة الكتابية مثل المسلمة في عدة الطلاق والوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لا بد من فترة العدة للكتابية المطلقة وهل الولي لازم في الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحرة الكتابية مثل المسلمة في عدة الطلاق والوفاة، ولا فرق بينها وبين المسلمة فيما تحل به أو تحرم به، ولا في شروط النكاح، فكما يشترط الولي في نكاح المسلمة فكذلك الكتابية، قال الشافعي في كتابه الأم في كلامه على الكتابية: وعدتها عدة المسلمة. انتهى.
وقال الشيخ أحمد الدردير في شرح مختصر خليل بن إسحاق المالكي عند قوله: تعتد حرة وإن كتابية طلقها مسلم أو أراد نكاحها من طلاق ذمي، وقال الدسوقي بعبارة أخرى تعتد حرة وإن كتابية طلقها مسلم أو طلقها ذمي وأراد مسلم نكاحها.
وقال الشافعي في كتابه الأم: والكتابية في جميع نكاحها وأحكامها التي تحل بها وتحرم كالمسلمة لا تخالفها في شيء، وفيما يلزم الزوج لها، ولا تنكح الكتابية إلا بشاهدين عدلين مسلمين وبولي من أهل دينها كولي المسلمة جاز في دينهم ذلك أو لم يجز، إلى أن قال: وعليها العدة والإحداد كما يكون على المسلمة. انتهى.
فإن لم يكن لها ولي أو كان وليها مسلما زوجها القاضي لأن السلطان ولي من لا ولي له؛ كما في صحيح ابن حبان، وقد سبق الكلام على هذا الموضوع في الفتوى رقم: 6564، والفتوى رقم: 20230، ولتفصيل أحكام العدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 28634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(13/13977)
لا إعادة للعدة على من خرجت من بيت الزوجية بلا حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة على رسول الله متى تبدأ المتوفى زوجها بالعدة وهل صحيح إذا خرجت من المنزل لغير حاجة عليها أن تعيد العدة من أولها؟ وماهي عقوبتها أو ذنبها إذا خرجت لغير حاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدة المتوفى عنها تبدأ من موت الزوج، وتمكث في حدادها أربعة أشهر وعشرا، لقوله تعالى: [وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا] (البقرة: 234) . إلا أن تكون حاملا فعدتها تنتهي بوضع حملها ولو وضعت بعد موت الزوج بساعة، قال في المغني: وكل من توفي عنها زوجها ولا حمل بها قبل الدخول أو بعده حرة أو أمة فعدتها بالشهور. انتهى.
ومعنى قبل الدخول أو بعده أي سواء توفي عنها قبل الدخول أو بعده.
وقال في المغني أيضا عند ذكر أقسام المعتدات: معتدة بالحمل وهي كل امرأة حامل من زوج إذا فارقت زوجها بطلاق أو فسخ أو موته عنها حرة كانت أو أمة، مسلمة أو كافرة، فعدتها بوضع الحمل، ولو بعد ساعة، لقوله تعالى: [وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ] (الطلاق: 4) .
وأما إعادتها للعدة بسبب خروجها لغير حاجة فلا أصل له ولا يصح، وإنما عليها أن تستغفر الله وتتوب إليه ولا تعود إلى الخروج إلا لحاجة، ولا كفارة عليها إلا التوبة، ولبيان ما يجب على المتوفى عنها فعله أو تركه يرجى مراجعة الفتوى رقم: 5554، 5267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(13/13978)
لا أصل للبس الأبيض في العدة واستبداله بلباس أخضر بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها بعد انقضاء عدتها خلع اللباس الأبيض واستبداله باللون الأخضر إجباريا؟ هل هذا الأمر صحيح أم مجرد بدعة؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها الإحداد مدة العدة، وللإحداد أحكام تجب مراعاتها.
منها: لزوم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه حتى تنتهي العدة، ومنها: ألا تتجمل بالحلي بجميع أنواعه من الذهب والفضة وغيره، ومنها: أن لا تتزين في وجهها أو عينيها بأي نوع من أنواع الزينة أو الكحل، ومنها: عدم لبس الجميل من الثياب، فلا تلبس ثيابا تعد ثياب زينة.
أما لبس الثوب الأبيض في العدة واستبداله بثوب أخضر بعد انتهاء العدة فليس على ذلك دليل، وما لم يقم على ذلك دليل شرعي فاعتقاد كونه من الشرع بدعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(13/13979)
موجز في أحكام الإحداد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها؟ وهل لها أجر وثواب على تربية أبنائها إذا قام الأقارب بكفالتهم ماديا\\\"؟ وهل علي البحث عن عمل لقضاء مصاريف المنزل علما\\\" بأن هناك من يكفل هذا من الأجداد والأعمام؟ هل يجوز لي آكل الفاكهة والحلويات؟ عندما توفي زوجي قلت أن شاء الله سوف أغطي وجهي فهل علي إثم إذا لم أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها الإحداد مدة العدة، وللإحداد أحكام تجب مراعاتها، نوجزها في خمسة أمور:
الأول: لزوم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فتقيم فيه حتى تنتهي العدة، وهي أربعة أشهر وعشراً لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [البقرة: 234] إلا أن تكون حبلى فعدتها تنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: [وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (الطلاق:4) ولا تخرج من بيتها إلا لحاجة كمراجعة المستشفى للعلاج، وشراء حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك.
الثاني: لا تلبس ثياباً تعد ثياب زينة.
الثالث: ألا تتجمل بالحلي بجميع أنواعه من الذهب والفضة، والماس واللؤلؤ وغيره، سواء كان ذلك قلائد أو أساور أو غيرها حتى تنتهي العدة.
الرابع: ألا تتطيب بأي نوع من أنواع الطيب سواء كان بخوراً أو دهناً إلا إذا طهرت من الحيض فلها أن تستعمل الطيب في المحل الذي فيه الرائحة الكريهة.
والحكم الخامس: ألا تتزين في وجهها أو عينيها بأي نوع من أنواع الزينة أو الكحل.
ولا يحرم عليها أي نوع من أنواع الطعام المباح ومن ذلك الحلوى والفواكه قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [الأعراف:36]
وكفالة اليتيم هي الإنفاق عليه، وتربيته والقيام على شؤونه، فمن قام بذلك أو شيئا منه فله نصيب من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى " رواه البخاري عن سهل بن سعد، وروى مسلم عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: " أنا وكافل اليتيم -له أو لغيره- في الجنة، والساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله "
فلك الأجر إن شاء الله على تربية أبنائك والقيام على شؤونهم إذا احتسبت الأجرعلى ذلك من الله عز وجل
وأما في العدة فلا يجوز لك الخروج للبحث عن عمل لما تقدم من عدم جواز خروج المتوفى عنها زوجها في العدة إلا للضرورة أو الحاجة
وأما بعد العدة فإن عمل المرأة في ذاته جائز، بل قد يكون مستحباً أو واجباً إذا احتاجت إليه، مع قدرتها على التكسب الذي يغنيها عن السؤال وينبغي لها أن تبحث عن العمل اللائق بها والأقرب إلى طبيعتها، وتتجنب الأعمال التي تفرض عليها الخلوة بالرجال الأجانب والاختلاط بهم.
ولا يجوز أن يكون عملها سببا في الإخلال بما هو واجب عليها من تربية الأولاد ورعايتهم ... وواجباتها نحو أولادها وبيتها....
وقولك إن شاء الله سوف أغطي وجهي فالظاهر أنك تعنين من الرجال الأجانب: فيجب عليك أن تغطي وجهك عن غير محارمك من الرجال، ولا فرق في هذا بين المعتدة وغيرها وقد بينا أدلة ذلك في فتاوى سابقة فلتراجع الفتويين ذاتي الرقمين التاليين: 5413، 5224، ولا يجوز لك التهاون في هذا الواجب،، وكشف الوجه معصية لله عز وجل، وكلما تكررت المعصية ازداد الإثم، والواجب الإقلاع كلية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(13/13980)
تمنعه أمه من الزواج لحزنها على فراق أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي منذ أكثر من عام، ولكن والدتي ما زالت تلبس الأسود ولا تذهب للاحتفالات أو الأعراس. كما أنها ترفض أن يتم حفل زواجي حتى يمر على الوفاة عامان تقريبا. وعندما أستفسر عن سبب ذلك تجيب تارة بأنها ما تزال حزينة على والدي وتارة تجيب بأنها تخشى كلام الناس. فما حكم ذلك جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت والدتك غير حامل فإن حدادها ينتهي بانقضاء أربعة أشهر وعشراً عدة المتوفى عنها زوجها، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً (البقرة: من الآية234) ، فإن كانت حاملاً فعدتها أن تضع حملها، قال تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُ هُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (الطلاق: من الآية4) ، ولا يجوز لها أن تحد على زوجها أكثر من ذلك، ففي الصحيحين من حديث زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.
وليس لأمك كذلك أن تمنعك من إتمام حفل زواجك للأسباب المذكورة، لكن إن رأيت أن أمك لا تزال في حزن لفراق أبيك وطلبت منك تأخير الزواج، وأنت لا تخشى على نفسك الحرام بسبب التأخير، فينبغي أن تطاوعها في ذلك.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 43989، وراجع حكم لبس الحادة للسواد في الفتوى رقم: 23281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(13/13981)
من أحكام الإحداد على غير الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ماذا على الزوجة التي مات طفلها فكم تحد عليه، وهل أحكام الزينة وعدم الخروج تقتصر على الزوج فقط وهل يلزم من تحد على غير زوجها أن تستأذن زوجها بذلك.. وماذا لو حدت المرأة على غير زوجها كأحد من أقاربها فهل للزوج أن يجامعها وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإحداد على غير الزوج جائز، وليس بواجب، وأكثر ما يمكن أن تحد المرأة على غير الزوج هو ثلاثة أيام، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج. متفق عليه.
وعليه؛ فمن مات ولدها فيجوز لها أن تحد عليه ثلاثة أيام، ولا يجب عليها خلال هذه الفترة ما يجب في الإحداد على الزوج من ترك التزين والتطيب وعدم الخروج ...
وترك المرأة التزين ونحوه لأجل الإحداد على غير الزوج لا بد فيه من إذن الزوج، لأن في ذلك تضييعاً لحقه في الاستمتاع، فلا بد من تنازله عن هذا الحق، ولا مانع من جماع الرجل زوجته أثناء إحدادها، ولا يجوز لها الامتناع عن ذلك لما تقدم من أن هذا الإحداد جائز وليس بواجب، وراجع الفتوى رقم: 23453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(13/13982)
المعتدة لا تصرح لأحد بزواجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لمن توفى عنها زوجها أن تلمح أو تصرح بالقول لأخي الزوج المتوفى بالرغبة في الزواج منه، وأرجو لمن يرد أن يبلغ من أين جاء بالفتوى من كتاب كان أم من أحد المفتين مع ذكر الاسم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمعتدة من وفاة التصريح لشخص ما بالرغبة في نكاحه ويجوز لها التعريض، قال ابن المقرئ في روض الطالب: ويحرم التصريح بها -أي الخطبة- للمعتدة من غيره، وتجوز تعريضاً في عدة غير رجعية ... ولجوابها حكم خطابه. انتهى.
قال الأنصاري في الشرح: حكم خطابه أي تصريحاً وتعريضاً فيما ذكر.... انتهى، وراجع الفتوى رقم: 16318.
وأما عن الفتوى لدينا فراجع الفتوى رقم: 1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(13/13983)
سبب تسمية أهل الرأي بهذا الاسم
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 ـ امرأة حامل في الشهر الثامن، طلّقها زوجها طلاقاً رجعيّا، وبعد شهر من الطّلاق مات الزّوج.
... ماهي العدّة التي تعتدّها الزّوجة؟
2 ـ لماذا اختصّ أهل العراق بما يسمّى بمدرسة الرّأي، وأهل الحجاز بمدرسة الحديث؟
وتفضّلوا سيدي الشيخ بقبول فائق الاحترام والتقدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعتد بوضع حملها لا بعدة الوفاة، وانظر الفتوى رقم: 5267 فقد ذكرنا فيها دليل ذلك، وعلى هذا الحكم الذي ذكرنا اتفق الفقهاء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم.
وذهب علي بن أبي طالب وابن عباس في إحدى الروايتين عنه وابن إبي ليلى وسحنون إلى أن الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بأبعد الأجلين، وهذا القول بعيد عن الصواب، وقد نقل اتفاق الفقهاء بعد ذلك، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وقد كان بين السلف نزاع في المتوفى عنها أنها تتربص أبعد الأجلين، ثم حصل الاتفاق على انقضائها بوضع الحمل.
ونقل الإمام ابن المنذر الإجماع على ذلك.
وأما سؤالك لماذا سمي أهل الرأي بذلك فسبب ذلكهو أنهم اشتهروا بإعمال القياس أكثر من غيرهم، واعلم أن الرأي قد عمل به كل الأئمة، وليس العمل بالرأي عيباً، فهذا أعلم الأمة بالحلال والحرام معاذ بن جبل يقول عند سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم له كيف تقضي إذا عرض لك قضاء، قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله، قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله. رواه أبو داود والترمذي، قال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير: رواه أبو داود والترمذي بإسناد ضعيف، قال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل، وقال البخاري مرسل، وقال ابن حزم لا يصح، وقال عبد الحق لا يسند ولا يوجد من وجه صحيح. ا. هـ
وذهب الخطيب البغدادي وابن القيم إلى تقوية الحديث، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: فهذا حديث وإن كان عن غير مسمين فهم أصحاب معاذ فلا يضره ذلك، لأنه يدل على شهرة الحديث، وأن الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سمي، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى؟ ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم، لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك، كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث؟ وقد قال بعض أئمة الحديث: إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به، قال أبو بكر الخطيب: وقد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ، وهذا إسناد متصل، ورجاله معروفون بالثقة، على أن أهل العلم قد نقلوه واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم، كما وقفنا على صحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث، وقوله في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته، وقوله: إذا اختلف المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحلفا وترادا البيع، وقوله: الدية على العاقلة وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد، ولكن لما تلقتها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها، فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعاً غنوا عن طلب الإسناد له، انتهى كلامه.
والرأي المذموم هو الرأي الصادر عن هوى، وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى رضي الله عنه: الفهم في ما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة، اعرف الأشباه والأمثال ثم قس الأمور عند ذلك، فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق. رواه الدارقطني والبيهقي.
إلا أن الحنفية توسعوا في الرأي والقياس وذلك لأمور:
منها: تشددهم في التثبت حيث اشترطوا شروطاً لقبول الحديث لم يشترطها غيرهم من فقه الراوي عند التعارض وغير ذلك، فقلت الأحاديث بأيديهم فتوجهوا إلى قياس ما نزل بهم من النوازل على ما ثبت عندهم من نصوص وفق الشروط التي وضعوها واشترطوها.
ومنها: أنهم لا يعملون بالحديث إذا خالف الأصول الشرعية التي ثبتت.
ومنها: أنهم لا يعملون بخبر الآحاد في ما تعم به البلوى إلى غير ذلك مما هو معروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/13984)
المعتدة لا تخرج من بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد أريد الاستفسار حول موضوع العدة
امرأة توفي زوجهاوبعد أربعين يوما من وفاته جاءها نبأ وفاة أخيها فخرجت من بيت زوجهاالمتوفى برفقة أبنائها لبيت أخيها حيث مكثت هناك لمدة أسبوع.
فما حكم الدين أوما يتوجب عليها من كفارة علما بأنه قد مرعلى هذه الحادثة 13 عاما.
شكرا لكم على مجهوداتكم ووفقكم الله لمايحبه ويرضاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجب على هذه المرأة البقاء في بيت زوجها إلى نهاية عدة الوفاة، وكان يمكنها الخروج نهارا للتعزية ونحو ذلك والرجوع للمبيت ببيت زوجها، ولذا، فالواجب عليها الآن التوبة والاستغفار، وليس عليها كفارة ولا غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(13/13985)
حكم المتوفى عنها زوجها التي لم تعتد جهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا من فضلكم لم تجيبوا علي السؤال الذي طرحته عليكم في ما يخص جدتي التي لم تقم بالعدة لما مات زوجها لأنها لم تكن تعرف العدة آنذاك، وعمرها الآن 73 سنة، ولما مات زوجها كان عمرها 32 سنة،
من فضلكم أريد الجواب لجدتي لأنها تريد أن تعرف ماذا تفعل..... وأقول لكم عيد مبارك وكل عام وأنتم بخير،
اريد الجواب على البريد الإلكتروني التالي
www.
www.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى أوجب على المسلمة التي يموت عنها زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشراً كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234] .
والعدة إذا فاتت بأي سبب بجهل أو بغيره لا تقضى، فإذا كانت جدتك جاهلة لحكم العدة ووجوبها فليس عليها شيء، أما إن كانت تعلم حكمها فتجب عليها التوبة والاستغفار ولا يجب عليها غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(13/13986)
المعتدة لا تحج إلا بعد انقضاء عدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الشرع في خروج المرأة المعتدة إلى الحج -مع أختها وزوج أختها- نرجو جوابا سريعا نظراً لضيق الوقت؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمعتدة لا يجوز لها الحج حتى تقضي عدتها، وقد سبق وبينا ذلك في الفتوى رقم: 12622، والفتوى رقم: 13111.
ولو انقضت عدتها فلا تسافر للحج إلا مع محرم وليس زوج أختها بمحرم لها، وراجعي الفتوى رقم: 22993.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/13987)
يجوز للمعتدة الانتقال من بيتها لو حصل لها ضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن في عدة وفاة زوجي، هل يجوز لي الانتقال إلى منزل آخر، علما بأنني جلست أبحث عن منزل لمدة سنة كاملة، والآن وجدت المنزل المناسب وأخشى أن يضيع علي، منزلي هذا سبب لي الأمراض بسبب وجودنا فوق مطاعم ومسلخة، فهل يجوز لي الانتقال خشية أن يضيع المنزل فقد تعبت حتى وجدته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن المعتدة من وفاة لا يجوز أن تنتقل عن المنزل الذي وصلها فيه نعي زوجها وهي تسكنه، ولكنها إذا كانت تخشى الضرر بسكناها ذاك المنزل فإنه يباح لها الانتقال، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] .
وقال الخرشي في شرحه للمختصر: يعني أنه لو طلقها أو مات عنها فأخذت في العدة، ثم حصل لها ضرر في المكان الذي هي فيه لا يمكنها المقام معه، فإنها تنتقل إلى غيره. 4/159، والضرر القديم مثل الضرر الحادث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(13/13988)
حكم انتقال المعتدة من الوفاة من بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قضاء المرأة المتوفى عنها زوجها عدتها في بيت زوجها واجب أم يجوز لها الانتقال إلى بيت ابنها أو ابنتها، حتى لا تبقى وحدها في البيت ولو كان عمرها تجاوز الثمانين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أخرج أصحاب السنن ومالك وأحمد من حديث الفريعة بنت مالك بن سنان قالت لما قتل زوجها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه، ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بي، فنوديت له فقال كيف قلت؟ قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، قال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به. فهذا الحديث يدل صراحة على أن المتوفى عنها زوجها لا تنتقل من البيت الذي جاءها فيه نعي زوجها، كما هو مصرح به في بعض الطرق، وفي بعض الروايات أنها: كانت في دار قاصية. ولا فرق فيه بين من تجاوز عمرها الثمانين وبين غيرها.
وأما الخروج لبعض حوائجها والعودة إلى محل إقامتها ليلا فذلك يجوز للحاجة، ويمكنك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 11576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(13/13989)
من أحكام المعتدة من وفاة زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي زوجي، فما الأمور المتعلقة بي التي يلزمني فعلها بعد وفاته من ناحية أهل الزوج وأنا وحيدة في البلد ومعي أولادي لا أهل لي في البلد التي أعيش فيها (أفيدوني أفادكم الله ورعاكم وسدد خطاكم وطاب عيشكم بإذن الله العلي العظيم) ... ولكم جزيل الشكر بفضل الله عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يعظم لك الأجر وأن يخلف عليك بخير، وقد تقدم الكلام عن أحكام عدة الوفاة، وذلك في الفتاوى التالية:
6943 / 5267 / 31116
وتقدم الكلام عن خروج المعتدة من البيت الذي بلغها خبر الوفاة وهي فيه، وما يتعلق بذلك من أحكام، وذلك في الفتاوى التالية: 17736 / 22833 / 33901
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(13/13990)
النظر إلى المرآة زمن الإحداد لا مانع منه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
مشاهدة المرآة وقت الحداد حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنظر إلى المرآة زمن الإحداد لا مانع منه، إذ لم يرد ما يدل على المنع منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(13/13991)
من أحكام الإحداد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا على المرأة في وقت الحداد أن تفعل (الممنوعات) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللإحداد أحكام يجب أن تلتزم بها المرأة حتى تنتهي عدتها، وراجعي هذه الأحكام بتفصيل في الفتوى ر قم 5554
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(13/13992)
حساب العدة بالتاريخ الهجري
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أتمنى أن أجد الإجابة الكافية والوافية على سؤالي ألا هو: أن والدتي في العدة (فلقد توفي والدي في تاريخ 8 رجب1424 ولكن نعلم أن مدة العدة هي 4 أشهر و10 أيام ولكن كيف يمكن حسابها بالتاريخ الهجري الذي ينتهي في بعض الأشهر بعدد أيام 28*29*30؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدة والدتك تبدأ من يوم وفاة زوجها وهو اليوم الثامن من رجب، وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم، وذهب بعضهم إلى أنها تبدأ من اليوم الذي يليه.
وكما أشرت فإن عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام؛ كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] .
وكيفية حسابها أن تبدأ من الثامن من رجب، فإذا كمل عدت ثلاثة أشهر بالأهلة كاملة أو ناقصة وهي شعبان، ورمضان، وشوال، فإذا انتهت هذه الشهور أكملت رجبا -الذي هو بداية العدة- ثلاثين يوماً، من شهر ذي القعدة، وبذلك تكون لها أربعة أشهر تزيد عليها عشرة أيام من ذي القعدة.
وعليه؛ فتكون نهاية عدتها يوم الثامن عشر من ذي القعدة لأنها جلست ثلاثة أشهر قمرية متتالية بغض النظر عن تمامها ثلاثين يوماً أو نقصانها إلى تسعة وعشرين، ثم أكملت الشهر الأول الذي حدثت فيه الوفاة ثلاثين يوماً، ثم زادت من ذي القعدة عشرة أيام، فالجميع أربعة أشهر وعشرة أيام كما في الآية الكريمة.
وهذا هو الذي درج عليه أهل العلم في كتبهم، قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره ممزوجاً بالشرح: وتتم الشهر الأول ثلاثين يوماً من الشهر الرابع، في صورة الكسر للشهر الأول ...
والحاصل أن عدة هذه السيدة تبدأ يوم الثامن من رجب وهو يوم الوفاة وتنتهي يوم الثامن عشر من ذي القعدة، كما ننبه السائلة الكريمة إلى أن الأشهر القمرية لا تنقص عن تسعة وعشرين يوما، ولا تزيد على ثلاثين، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 13248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(13/13993)
هل للمعتدة زيارة ابنها في السجن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حسب المذهب المالكي للزوجة المتوفى عنها زوجها قبل انتهاء العدة الخروج لزيارة ولدها في الحبس وذلك مرة في كل أسبوع؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللمرأة المعتدة من الوفاة أن تزور ابنها في السجن نهاراً، وعلى هذا المذهب المالكي والمذاهب الأربعة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 9037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(13/13994)
العدة الشرعية بالأشهر والأقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شهور العدة بالنسبة للمرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة تعتد بالأشهر في بعض الحالات:
أ- إذا توفي عنها زوجها، فعدتها أربعة أشهر وعشر، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة: 234] .
ب- إذا لم تكن تحيض لصغر أو كبر، فعدتها ثلاثة أشهر، قال تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْن [الطلاق: 4]
ومن سوى ذلك من النساء يعتددن بوضع الحمل إن كن حوامل، قال تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ [الطلاق: 4] .
أو بالأقراء، قال تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة: 228] .
والقرء هو الحيض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(13/13995)
الحاد لا يحرم عليها التزين إلا أثناء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأحكام الشرعية التي تتبعهاالمرأة في يوم خروجها من عدتها في يوم ولادتها هل يجوز استخدام ما حرم عليها وهي في عدتها مثل الكحل وغيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 13248 أن عدة الحامل تنتهي بوضع الحمل، والحاد لا يحرم عليها التزين إلا أثناء العدة.
فإذا انتهت العدة جاز لها ذلك، سواء كانت الزينة بالكحل أو بغيره، ولتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5554 / 9087 / 17329 / 1461
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1424(13/13996)
حكم المرأة الحاد إذا لم تلتزم بأحكام الحداد
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة التي فقدت زوجها ولم تحتجب 4أشهر و10أيام هل عليها قضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات زوجها ولم تلتزم بأحكام الحداد مدة العدة فإنه لا يلزمها القضاء، ولكن عليها التوبة إن كانت عامدة، أما إذا كانت جاهلة أو ناسية أو لم تعلم بخبر الوفاة فإنه ليس عليها شيء، وراجع الفتوى رقم: 14163
ولمزيد من الفائدة عن العدة والإحداد تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13248 21440 26691
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1424(13/13997)
كلام المعتدة مع رجل حكمه كغيره من الأوقات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة زوجها متوفى وهي الآن في العدة، وتحدثت مع رجل غريب في الهاتف وهي تقصد ذلك، أربع مكالمات تقريبا، ثم ندمت على ذلك وهي تحاول الآن التكفير، فبماذا تنصحونها أن تفعل لتكفر عن فعلتها؟
[وجزاكم الله ألف خير]]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكلام بالهاتف لا يختلف حكمه أثناء العدة عن غيره من الأوقات، حيث إن الكلام بالهاتف كالكلام المباشر، فحسنه حسن وقبيحه قبيح، وما كان حرامًا بغير الهاتف فهو به حرام، وما كان حلالاً بغيره فهو به حلال.
وعليه.. فإذا كانت هذه المرأة قد تكلمت مع هذا الرجل بالحرام فإن عليها التوبة من ذلك، والتوبة كافية في التكفير عن هذا الذنب، ولكن من الأحسن أن تتبع السيئة الحسنة؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات.
وإذا كان كلامها مع هذا الرجل في حدود المباح كالتعزية والسؤال عن الحال، أو طلب الخدمة، أو المعونة، ونحو ذلك، فليس عليها في ذلك شيء.
وراجع الفتويين التاليتين: 8209، 34329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1424(13/13998)
لا مانع من خروج المعتدة لتعلم القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمعتدة عن وفاة زوجها حضور دروس تحفيظ القرآن فترة العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تعتد في بيتها، وهي فيه أربعة أشهر وعشرًا، وأن لا تبيت إلا فيه، ولا تخرج نهارًا إلا لضرورة أو حاجة. وقد قال صلى الله عليه وسلم في المتوفى عنها زوجها: امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
وعلى هذا فيجب على المرأة أن تلزم بيتها حتى تنتهي عدتها، ولا تخرج منه نهارًا إلا لقضاء حاجةٍ، ومما هو في حكم الحاجة الخروج للدراسة أو الاستفتاء أفتى بذلك الشيخ ابن باز -رحمه الله - وعليه فإننا نرى أنه لا مانع من خروج المعتدة من وفاة نهارا لدروس القرآن الكريم،
وللفائدة نحيل السائل إلى الفتويين التاليتين: 625، 9037 على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(13/13999)
حالات جواز خروج المعتدة من بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كم عدة المرأة؟ وهل يجوز لها الخروج من المنزل خاصة وأنها كبيرة في السن؟ والخروج يكون في زيارة البنات والذهاب إلى الاستراحات الخاصة للترفيه عن النفس، وجميع الأبناء والبنات متزوجون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة المعتدة يجوز لها الخروج إذا كان لمصلحة، ككونه في حاجة مهمة بشرط الالتزام بالتستر والبعد عن مواطن إثارة الريبة. وإلى تفصيل هذه المسألة يشير ابن قدامة في المغني قائلاً: وللمعتدة الخروج في حوائجها سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها، لما روى جابر قال: طلقت خالتي ثلاثًا فخرجت تجذ نخلها، فلقيها رجل فنهاها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اخرجي فجذي نخلك، لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرًا. رواه النسائي وأبو داود.
إلى أن قال: وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلاً إلا لضرورة؛ لأن الليل مظنة الفساد، بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش وشراء ما يحتاج إليه. اهـ
وإذا كانت هذه المرأة كبيرة السن، بحيث تكون يائسة من نزول الحيض فعدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ [الطلاق:4] . وإذا كانت ربما يأتيها الحيض فعدتها أن تحيض ثم تطهر ثلاث مرات، لقوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] .
وهذا إذا كانت معتدة من طلاق. أما إذا كانت قد توفي عنها زوجها فتمكث أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(13/14000)
المرأة الطاعنة في السن عدتها كغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
الإخوة الأفاضل:
امرأة توفي عنها زوجها، ما هو حكم خروجها من بيتها بعذر أو بغير عذر؟ علما بأن هذه المرأة كبيرة في السن.
أخوكم من فلسطين:
زاهر سمارة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمعتدة الخروج من البيت الذي توفي عنها زوجها فيه، سواء كانت صغيرة أم كبيرة، إلا إذا وُجد عذر يُرخص لها في ذلك، كمراجعة الأطباء، أو إزالة الوحشة الحاصلة لها بطول المكث، أو إجراء البيع الذي لا يتم إلا بحضورها، ونحو ذلك، فتخرج نهارًا وتعود للمبيت في بيتها. وقد بينا ذلك وافيًّا في الفتاوى التالية أرقامها: 15120، 5554، 2460، 11576، 13755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(13/14001)
هل تبيت المعتدة عند ابنتها في المستشفى للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة معتدة من وفاة زوجها، عمرها60عاما، لها بنت مريضة جدا بحاجة لمن يمكث معها في المستشفى وتبيت عندها هل يجوز ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات عنها زوجها وجب عليها أن تلازم بيتها أيام العدة؛ لما رواه مالك في الموطأ عن فريعة بنت مالك بن سنان: أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن زوجها خرج في طلب أَعبْدٍ له فقتلوه بطرف القدوم، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة - أو في المسجد - دعاني - أو أمر بي - فدعيت له. فقال: "كيف قلت؟ " فرددت عليه القصة. فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، فلما كان عثمان بن عفّان أرسل إليَّ، فسألني عن ذلك فأخبرته، فاتبعه وقضى به.
قال ابن قدامة في المغني: رواه مالك في موطئه والأثرم، وهو حديث صحيح. قضى به عثمان في جماعة الصحابة فلم ينكروه.
وقال أيضًا: ومن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها عمر وعثمان رضي الله عنهما، وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة، وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق، وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ومصر. اهـ
فعلى هذه المرأة أن تلزم بيتها كما أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إن احتاجت للخروج للحاجة نهارًا فلا بأس، أما في الليل فإنه لا يجوز لها الخروج ولا المبيت خارج بيتها إلاَّ عند الضرورة. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلاً إلا لضرورة. اهـ
فإن كانت ابنتها مريضة مضطرة إلى من يقوم بأمرها ولا يوجد من يقوم بذلك إلا الأم جاز لها ذلك، وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(13/14002)
أسباب وحكمة تنصيف عدة الأمة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب منهاج المسلم للأستاذ أبو بكر جابر الجزائري أن المرأة الحرة إذا توفي زوجها فإنها تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ولكن الأمة تعتد شهرين وخمس ليال فما الحكمة من ذلك؟
أرجو الإجابة على هذا السؤال في أقرب فرصة ممكنه مع الشكر الجزيل لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حصر بعض أهل العلم الحكمة في جعل عِدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام في العلم بخلو الرحم من الحمل.
قال الشوكاني في "فتح القدير": ووجه الحكمة في جعل العدة للوفاة هذا المقدار، أن الجنين الذكر يتحرك في الغالب لثلاثة أشهر، والأنثى لأربعة، فزاد الله سبحانه على ذلك عشرًا؛ لأن الجنين ربما يضعف عن الحركة فتتأخر حركته قليلاً، ولا تتأخر عن هذا الأجل.
لأجل ذلك مال الشوكاني لقول الظاهرية، وخالف الأئمة الأربعة وجمهور العلماء في جعل عدة الأمة نصف عدة الحرة، فقال: وظاهر الآية عدم الفرق بين الصغيرة والكبيرة والحرة والأمة وذات الحيض والآيسة، وأن عدتهنَّ جميعًا للوفاة أربعة أشهر وعشر، وقيل: إن عِدة الأمة نصف عدة الحرة شهران وخمسة أيام. قال ابن العربي: إجماعًا؛ إلا ما يحكى عن الأصم فإنه سوَّى بين الحرة والأمة. وقال الباجي: ولا نعلم في ذلك خلافًا إلا ما يروى عن ابن سيرين أنه قال: عدتها عدة الحرة، وليس بالثابت منه.. ووجه ما ذهب إليه ما عداهما قياس عدة الوفاة على الحدِّ، فإنه ينصف للأمة بقوله: (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) [النساء:25] ، ولكن هاهنا أمر يمنع من هذا القياس الذي عمل به الجمهور، وهو أن الحكمة في جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا هو ما قدمنا من معرفة خلوها من الحمل.
والصواب ما ذهب إليه الجمهور وأجمع عليه الصحابة من جَعْل عِدة الأمة على النصف من عِدة الحرة، وأن حصر الحكمة في استبراء الرحم من الحمل ليس بصواب، لحصول الاستبراء بحيضة واحدة.
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": ففي شرع العدة عِدَّة حِكَم؛ منها: العلم ببراءة الرحم. ومنها: تعظيم خطر هذا العقد، ورفع قدره، وإظهار شرفه. ومنها: قضاء حق الزوج، وإظهار تأثير فقده في المنع في التزين والتجمل؛ ولذلك شرع الإحداد عليه أكثر من الإحداد على الوالد والولد. ومنها ...
إلى أن قال: وأما عِدة الوفاة فتجب بالموت، سواء دخل بها أو لم يدخل، كما دلَّ عليه عموم القرآن والسنة الصحيحة واتفاق الناس، فإن الموت لما كان انتهاء العقد وانقضاءه استقرت به الأحكام: من التوارث، واستحقاق المهر، وليس المقصود بالعِدة هاهنا مجرد استبراء الرحم كما ظنه بعض الفقهاء؛ لوجوبها قبل الدخول، ولحصول الاستبراء بحيضة واحدة، ولاستواء الصغيرة والآيسة وذوات القروء في مدتها، فلما كان الأمر كذلك قالت طائفة، هي تعبد محض لا يعقل معناه، وهذا باطل لوجوه ... فذكرها، ثم قال: فالصواب أن يقال: هي حريم لانقضاء النكاح لما كمل.
وقال صاحب "البحر الرائق": وعدة الوفاة إنما وجبت لإظهار الحزن على فوات زوج عاشرها إلى الموت.
أما عدة الأمة، فقال ابن القيم: والمقصود أن الصحابة نصفوا ذلك قياسًا على تنصيف الله سبحانه الحدَّ على الأمة.
والحكمة في ذلك أن النعمة بها على الزوج لم تكن كاملة؛ إذ هي مملوكة لغيره، وأقلّ رتبة في نفسه، والرغبة في إتيان الولد منها أقل من الحرة؛ إذ الولد منها يتبع أمه في الرِّق، لذا قال الإمام أحمد: إذا تزوج الحر بالأمة رق نصفه.
كما أنها ليست صافية للزوج؛ إذ لا يجوز له السفر بها بدون إذن سيدها.
وقال منصور البهوتي في "منتهى الإرادات": (فليس له) أي الزوج سفرٌ بها بلا إذن سيدها لما فيه من تفويت منفعتها نهارًا على سيدها.
فلأجل هذا وغيره خفف عنها في العِدة كما خفف عنها في حدِّ الزنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(13/14003)
الحكمة من كون عدة الأمة نصف عدة الحرة.
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب منهاج المسلم لأبي بكر جابر الجزائري أن عدة المتوفى عنها زوجها للحرة أربعة أشهر وعشرة أيام وللأمة شهران وخمس ليالي، فما هي الحكمة من اختلاف العدة بين الحرة والأمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرقيق في باب العِدد والحدود والطلاق ونحوها يعامل على النصف مما يعامل به الحر في الجملة، لقوله تعالى في حد الأمة الزانية: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25] ، وأُلحق بالحد العِدد والطلاق ونحوها بجامع علة الرق، فعدة الأمة المتوفى عنها زوجها هي شهران وخمسة أيام على النصف من عدة الحرة. قال ابن قدامة في المغني: ولو مات عنها وهو حر أو عبد قبل الدخول أو بعده انقضت عدتها لتمام أربعة أشهر وعشرًا إن كانت حرة، ولتمام شهرين وخمسة أيام إن كانت أمة. اهـ
أما عن الحكمة.. فقد ذكر القرطبي في تفسيره أقوالاً في الحكمة من كون حدِّ الأمة على النصف من حد الحرة، ومنه تعلم الحكمة في العِدد والطلاق.
قال رحمه الله في تفسير قوله تعالى: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ: والفائدة في نقصان حدّهنَّ أنهنَّ أضعف من الحرائر. وقيل: إنهنَّ لا يصلن إلى مرادهنَّ كما تصل الحرائر. وقيل: لأن العقوبة تجب على قدر النعمة.. وكذلك الإماء لما كانت نعمتهنَّ أقل فعقوبتهنَّ أقل. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(13/14004)
حكم لبس الملابس السوداء في الإحداد، ومدة الحداد
[السُّؤَالُ]
ـ[لبس الملابس السوداء على سبيل الحزن على المتوفى تجوز لمن من الأقارب وما مدة الحداد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحداد قد عرفه محمد البابرتي الحنفي في كتابه "العناية على شرح الهداية" قائلاً: والحداد ويقال الإحداد لغة: أن تترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيَّب وغير المطيَّب إلا من عذر، وفي الجامع الصغير إلا من وجع. اهـ
والاحداد قد خصه الشرع بما يلي:
- المرأة التي توفي عنها زوجها فتحد مدة العدة أربعة أشهر وعشرا.
- المرأة التي توفي أحد أقاربها تحد ثلاثة أيام، بدليل ما ثبت في الصحيحين عن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مستْ بعارضيها وقالت: ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا.
وفي رد المحتار: ويباح الحداد على قرابة ثلاثة أيام فقط، وللزوج منعها لأن الزينة حقه.
أما لَبْس المرأة الثوب الأسود حزنًا على الميت فمنعه الحنفية إلا في حق الزوجة على زوجها ثلاثة أيام. قال ابن عابدين في حاشيته: سئل أبو الفضل عن المرأة يموت زوجها وأبوها أو غيرهما من الأقارب فتصبغ ثوبها أسود فتلبسه شهرين أو ثلاثة أو أربعة تأسفًا على الميت أتعذر في ذلك؟ فقال: لا. وسئل عنها علي بن أحمد فقال: لا تعذر هي آثمة؛ إلا الزوجة في حق زوجها فإنها تعذر ثلاثة أيام. اهـ
وعند المالكية يجوز للزوجة أثناء عدة الوفاة لبس الثوب الأسود إلا إذا كانت ناصعة البياض، أو كان الأسود زينة قومها.
علماً بأن ما انتشر في بعض البلاد من تخصيص لبس السواد للحداد والامتناع عن غيره ولو لم يكن زينة فلا أصل له.
وراجع الفتوى رقم: 23281
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(13/14005)
ليس للمعتدة الخروج في الليل إلا لضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة توفي زوجها وهي في فترة العدة تخرج كل فترة بعد صلاة المغرب مع ابنها الكبير وزوجة ابنها ويكون تحركها بالسيارة لمجرد تغيير الجو وتصلي العشاء بالمسجد وترجع إلى بيتها هل في ذلك إثم؟ وإذا أرادت الخروج إلى العمل علما بأنها تعمل فهل ذلك جائز؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المتوفى عنها زوجها أن تمكث في البيت الذي مات عنها زوجها وهي فيه، وليس لها أن تخرج في الليل إلا لضرورة. قال ابن قدامة في المغني: وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلاً إلا لضرورة؛ لأن الليل مظنة الفساد، بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش وشراء ما يحتاج إليه. (8/131) .
وعليه، فإن خروج المعتدة من وفاة بعد المغرب لما ذكر في السؤال لا يباح؛ لأن تغيير الجو وصلاة العشاء في المسجد ليسا من الضرورات التي تبيح الخروج ليلاً.
وأما خروجها إلى العمل، فإن كانت تباعد الرجال إلا لضرورة، وتتجنب جميل الثياب وسائر أسباب الفتنة فلا حرج فيه. فقد أخرج الإمام مسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجه والدارمي وأحمد من حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجدّ نخلها فزجرها رجل أن تخرج. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، قال: بل فجدِّي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفًا.
ولا فرق هنا بين المطلقة والمتوفى عنها إلا في حرمة الزينة على المعتدة من وفاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(13/14006)
المعتبر شرعا في العدة هو الشهور القمرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم بأنه إذا توفي زوج المرأة.....عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ولكن في بعض الأشهر يكون فيها 31 يوما، هل يجوز لها أن تخرج لأداء العمرة بعد30و30و30و30و 10أيام أم لا بد أن تتقيد بانتهاء الشهر كاملا..حتى إذا كان فيها31 يومأ....أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعملي أن المعتبر شرعًا في حساب العدة وغيرها من الأحكام الشرعية هو الشهور القمرية لا الشمسية، لقوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [التوبة:36] .
والشهر القمري إما تسعة وعشرون يومًا أو ثلاثون.
أما كيفية حساب العدة ومتى تبدأ للمطلقة أو المتوفى عنها زوجها فراجعي الفتوى رقم:
13248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(13/14007)
لا حرج على المحارم في الدخول على المعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل يومين توفي جدي وقيل لجدتي بأنها في (العدة) وأن عليها أن لا تخرج أربعة أشهر، وأنه لا يجوز على الرجال أن يروها إلا القريبين، حتى أبناء خالها الذي هو أخوها في الرضاعة، وايضا أبناء أخ زوجها المتوفى، فما تعليقكم على ذلك؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
5554، ما يجب على المعتدة. ونضيف هنا أنه لا فرق بين المعتدة وغيرها بالنسبة للتعامل مع الرجال. فمن كان منهم محرمًا بنسب أو رضاع أو مصاهرة فلا حرج عليه في الدخول على المعتدة وكلامها، كما لا حرج عليها هي أيضًا في ذلك. أما غير المحارم فلا يجوز لهم الاختلاط بها ولا النظر إلى شعرها ونحوه. المهم أنه لا فرق بين المعتدة وغيرها من النساء في هذا المجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1424(13/14008)
لا حرج على المعتدة في خروجها إلى حديقة المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمعتدة الخروج إلى حديقة المنزل لتنظيفها وسقي الزرع؟ علما أن وقت خروجها في الصباح الباكر قبل استيقاظ الجارات اللواتي يشرفن عليها ولباسها شرعي لا يظهر إلا وجهها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج - إن شاء الله - في خروج المعتدة إلى حديقة المنزل في أي وقت شاءت، مادامت هذه الحديقة جزءًا من المنزل، ولا يترتب على هذا الخروج مفارقة بيتها.
فإن كان يلزم من خروجها مفارقة بيتها، فيجوز خروجها عند الحاجة، إلا أنها يجب عليها المبيت في بيتها، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 11576، والفتوى رقم: 9037.
علمًا بأن النظر إلى المعتدة كالنظر إلى غيرها من النساء، فرؤية جاراتها لها أو محارمها لا حرج فيها مادامت ساترة لما يجب ستره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(13/14009)
تمتشط المعتدة بغير طيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة في العدة استخدام المشط لتمشيط شعرها؟ وما الدليل على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمعتدة من وفاة أن تمتشط بغير طيب ولا حناء ولا غيرهما مما هو زينة، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها وهي معتدة في زوجها. قال لها: ... ولا تمشطي بالطيب ولا بالحناء، فإنه خضاب. فقالت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ فقال: بالسدر تغلفين به رأسك. رواه أبو داود والنسائي.
ففي الحديث دليل على أن للمعتدة أن تمتشط بغير الطيب والحناء، ونحو ذلك مما له رائحة طيبة، لأن المقصود من الإحداد منع المعتدة من الزينة، ومجرد الامتشاط ليس زينة.
وجاء في "أسنى المطالب" فصل: الإحداد في عدة الوفاة. قال: فرع: لها التجمل بالفرش والستور وأثاث المنزل، ولها التنظيف بالحمام إن لم يكن فيه خروج محرم وغسل الرأس ومشطه وتقليم الأظفار والاستحداد وإزالة الأوساخ، لأنها ليست من الزينة، أي الداعية إلى الجماع، فلا يتنافى في إطلاق اسمها على ذلك في صلاة الجمعة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(13/14010)
حكم انتقال المعتدة من مكان وجبت عليها فيه العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله لي سؤال وأرجو أن تردوا علي:
رجل مسلم من أصل مغربي يعيش في هولندا مع زوجته، وذهب إلى المغرب مع زوجته وتوفي الزوج ولبست الزوجة ثوب العدة ورجعت إلى هولندا السؤال: هل عليها أن تكمل عدتها في هولندا أم ترجع إلى المغرب؟ وكذلك تريد في فترة العدة أن تذهب إلى المغرب لتزور أهلها، هل هذا جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن مكان العدة من طلاق أو موت هو بيت الزوجية الذي كانت تسكنه المرأة قبل مفارقة زوجها، وقبل موتها أو عندما بلغها خبر موته، فعن فريعة بنت مالك قالت: خرج زوجي في طلب أعلاج له فأدركهم بطرف القدوم، فقتلوه، فأتاني نعيه وأنا في دار شاسعة من دور أهلي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة من دور أهلي، ولم يدع لي نفقة، ولا مال لورثته، وليس المسكن له، فلو تحولت إلى أهلي وأخوالي لكان أرفق بي في بعض شأني، قال: تحولي، فلما خرجت إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت، فقال: امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً ... أخرجه أحمد وأصحاب السنن.
فالذي كان على هذه المرأة أن تفعله هو البقاء في المغرب حيث توفي زوجها وهي هناك.
أما وقد عادت إلى هولندا محلها الذي كانت تسكنه من قبل، فإنه يتحتم عليها البقاء في المنزل الذي كانت تسكنه، قال في المغني: وإن اختارت البعيدة الرجوع فلها ذلك إن كانت تصل إلى منزلها قبل انقضاء عدتها ... ومتى رجعت وقد بقي عليها شيء من عدتها لزمها أن تأتي به في منزل زوجها بلا خلاف نعلمه بينهم في ذلك، لأنه أمكنها الاعتداد فيه، فلزمها كما لو لم تسافر منه. (8/134) .
وأما انتقالها وسفرها خارج المكان الذي وجب عليها أن تقضي فيه العدة فإنه لا يجوز، وانظر ذلك في الفتوى رقم:
11576
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(13/14011)
حكم كتمان وفاة الزوج عن زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي خادمة مسلمة توفي زوجها في بلادهم إثر مرض، وقد أخبرنا والدها بذلك وطلب منا أن لا نقول لها ذلك خشية أن تسافر لبلدها لعدم وجود من يعولها هي وبناتها، وهو يشتغل في السعودية عندنا ويكلمها باستمرار وقد طلبنا منه أن يخبرها لكنه رفض بحجة الأوضاع المالية الصعبة وصعوبة مجيئها مرة أخرى، ونزولا عند طلبه سكتنا.. الآن زوجها متوفي منذ ستة أشهر هل علينا إثم حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وفاة الزوج تترتبعليه بعض الأحكام على زوجته، ومن ذلك وجوب عدة الوفاة عليها، لذا كان الأجدر إخبارها بوفاة زوجها، وبما أنه قد مضت على وفاة زوجها ستة أشهر فلا تلزمها عدة ما لم تكن حاملاً ولما تضع بعد، كما سبق بيانه ف ي الفتوى رقم:
14163 والفتوى رقم:
25885
ويبقى النظر في أمر إخبارها بذلك في ما يستقبل من الزمان، والذي يظهر أن الأولى عدم إخبارها، لأن هذا هو طلب والدها الذي هو ولي أمرها، ولما قد يتر تب على ذلك من مفاسد قد تكون أعظم من مصلحة إخبارها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1424(13/14012)
تتزين الحاد بانتهاء عدتها بأيامها ولياليها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
اسأل عن عدة المتوفى عنها زوجها وسؤالي هو متى تستطيع المعتدة أن تلبس جديدا أو تلبس ذهبها هل تستطيع ذلك في اليوم العاشر بعد الأربعة أشهر أم في اليوم الذي يليه؟
الرجاء السرعة في الرد.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحرة الحائل المتوفى عنها زوجها تعتد بأربعة أشهر وعشر ليالٍ بأيامها ولا تنقضي عدتها إلا بانقضاء اليوم العاشر، ولم يخالف في هذا إلا نزر يسير من أهل العلم كالأوزاعي حيث قال: تكتفي بأربعة أشهر وعشر ليال وتسعة أيام، وهذا خلاف الدليل.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: عدة حرة حائل لوفاة، وإن لم توطأ أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها.
وعليه، فإذا انتهت تلك المدة وهي أربعة أشهر وعشر ليال بأيامها على القول الصحيح جاز للمرأة أن تلبس الجديد، وأن تتزين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(13/14013)
تصح العمرة وتأثم للمخالفة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي العام الماضي عن أمي التي يبلغ عمرها السبعين عاما وقبل انتهاء العدة طلبت منها السفر لأداء العمرة، هل من إثم في ذلك وإن كان فما كفارته لي ولأمي؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام عن أن المعتدة من وفاة لا يجوز لها الخروج للحج ومثله العمرة، وذلك في الفتوى رقم: 13111، والفتوى رقم: 22833.
فإن خالفت هذا الحكم وحجت أو اعتمرت صح حجها، وعليها الاستغفار مما فعلت، وعليك الاستغفار لأنك حثثتها على ما لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(13/14014)
حكم ظهور المعتدة على شاشات التلفزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على زوجة الشهيد "عدة"؟ هل يمكنها الظهور على شاشات التلفاز أو غير مسموح لها ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا توفي زوجها شهيدا في سبيل الله فإنها تجب عليها العدة كغيرها من النساء اللائي توفي أزواجهن، وعدتها إن كانت حاملا وضع حملها كله، قال تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُن [الطلاق:4]
وإن كانت غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرا [البقرة:234] .
وإن كانت لا تحيض لصغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر، قال تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْن [الطلاق:4] .
أما ظهورها على شاشة التلفاز فلا يجوز داخل العدة ولا خارجها، وذلك نظرا لعدة أمور:
- أن هذا فيه التبرج الذي نهى الله تعالى عنه في قوله: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] .
- أنها تكون سببا لفتنة الرجال وخاصة في هذا الزمان الذي يكثر فيه الفساد والاختلاط، فهي مطالبة بستر جميع جسدها عند مقابلة الرجال الأجانب.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا جازوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. وهو حديث صحيح قال في مشكاة المصابيح، رواه أبو داود ولابن ماجه معناه.
- أن المعتدة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة ضرورية لا بد منها.
-أن ظهورها على شاشة التلفاز يعسر معه أن تكون خالية من الزينة وهي مُحرَّمة عليها أثناء العدة.
وللتعرف على ما يلزم في الإحداد مدة العدة يُرجع إلى الفتوى رقم: 5554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(13/14015)
حدود الله أولى أن تراعى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة توفي عني زوجي منذ قرابة ثلاثة أشهر مما أصابني بحزن شديد عليه ومن جراء ذلك طلبت حماتي أخذي وأولادي إلى بلدي هناك للعيش معها وذلك في أقرب وقت ممكن مع العلم بأن لديها أربعة أبناء يزورونها بين حين وآخر فاستأذنتها في استئجار منزل خاص بي للعيش أنا وأولادي، فكان اقتراحها أن أعيش معها فترة مؤقتة لعدم قدرتها الحالية على تنفيذ رغبتي، فهل يحق لي أن أسافر قبل انقضاء فترة العدة وهل إن بقيت هنا يكون فيه حرمان لها من أحفادها وذلك بعد فقدانها ولدها وأحساسها بأنها الوحيدة المتضررة من جراء هذا الأمر وعدم قدرتها على البقاء معي في نفس البلد علما بأنها كانت تأتي لزياة أولادها كل عام للاطمئنان عليهم؟
لذا أطلب من حضرتكم الإجابه على استفساراتي راجية من الله ومنكم أن تصلكم رسالتي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدة المتوفى عنها زوجها غير الحامل أربعة أشهر وعشرة أيام، لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] .
وعدة الحامل وضع الحمل، لقول الله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] .
وعلى كلا التقديرين إن كان بقي شيء من عدتك فلا يجوز لك الخروج من المنزل الذي كنت تقيمين به حتى تنقضي العدة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ [الطلاق:1] .
ثم إن حرمان السيدة حماتك من أحفادها ليس يلزم في مثل هذه الظروف، إذ يمكن أن تعطيها بعضهم ريثما تنقضي العدة، وإن كنت لا تقبلين ذلك، فلا مناص -إذن- من حرمانها، فحدود الله أولى أن تراعى، روى علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
ثم إذا انقضت العدة وسكنتِ مع حماتك تلك فلتحذري من الخلوة بأي من أبنائها الذين ذكرت، روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. متفق عليه.
وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1424(13/14016)
حكم حلق شعر عانة المعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المتوفى زوجها إزالة شعر عانتها أثناء العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة التي توفي زوجها يجوز لها أثناء العدة أن تحلق شعر عانتها لأنه من مسائل الفطرة التي تطلب، وهذه المسائل اشتمل عليها الحديث الثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط.
قال ابن قدامة في المغني في شأن المتوفى عنها أثناء العدة: ولا تمنع من التنظيف بتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق الشعر المندوب إلى حلقه.
ولأن المتوفى عنها إنما يحرم عليها أثناء العدة كل ما يعتبر فيه زينة لها، وهذا الأمر من الأمور الخفية وليست فيه زينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1424(13/14017)
إذا خرجت المعتدة من وفاة لغير حاجة فكفارة ذلك التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال
امرأة توفي زوجها ولم تجلس في البيت سوى أربعين يوماً ولا تعرف بأنه واجب عليها الجلوس في البيت لمدة أربعة أشهر وعشرا علما بأن خروجها من البيت كان لجلب الغذاء لأغنامها وهي تقول ما الذي يكفر عدم جلوسها أربعة أشهر وعشرا، أرجو كتابة اسم الشيخ الذي يجيب على السؤال، هذا وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس على المعتدة في أن تخرج من بيتها لتجلب الغذاء لأغنامها إذا لم تجد من يقوم لها بذلك، وليس عليها في ذلك كفارة، وإذا تعدت المعتدة فخرجت لغير حاجة فإن كفارة ذلك التوبة والاستغفار، هذا إذا كانت تعلم بالمنع، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9037، 5554، 11576.
أما عن الشيخ الذي يفتي فراجع الفتوى رقم:
1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(13/14018)
المعتدة عن وفاة.. خروجها للعمل.. مبيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي، ودخلت أمي العدة، وقال لها النساء إنها لا تخرج من البيت، ولا تنام عند أحد حتى أولادها في مدينة أخرى، إضافة إلى تغطية شعر الرأس حتى أمام أولادها.
سؤالي: الأمور التي تتردد في عدة المرأة المتوفى عنها زوجها هل هي مأخوذة من سنة الرسول أم من القرآن، مع الإشارة إلى أن الآية التي في القرآن الكريم لا تشير إلى عدم الخروج من البيت، وكيف تعمل المرأة العاملة في الدولة أو القطاع الخاص؟ ترجى الإشارة إلى الأحاديث الواردة وكذلك شرح ما في الآية القرآنية إن أمكن؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تتقيد بأحكام عدة الوفاة التي جاءت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيجب عليها المكوث في بيتها الذي توفي عنها زوجها فيه حتى يبلغ الكتاب أجله، وهو أربعة أشهر وعشرة أيام، إن لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بوضع حملها ولو وضعته بعد موته بلحظة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] ، وقال تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] .
كما يجب عليها اجتناب الزينة من اللباس والحلي والطيب.
وأما الخروج من البيت فإنه لا يجوز إلا لضرورة أو حاجة، وإذا خرجت المرأة لحاجتها فعليها ألا تبيت خارج بيتها.
وأما معاملتها مع أبنائها فهي كما كانت في حالتها العادية، ولكنها لا تخرج من بيتها إلا إذا كان ذلك لحاجة أو ضرورة تقدر بقدرها كما تقدم.
وأما المرأة العاملة أو الطالبة فلها أن تخرج لعملها إذا كانت تحتاج إليه ولم تجد إجازة في تلك الفترة، ولكن لا يجوز لها المبيت خارج بيتها كما قلنا، وذلك لما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لامرأة من الأنصار في الخروج لإصلاح نخلها، ولمزيد من التفصيل والفائدة نحيلك إلى الفتوى رقم: 11576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(13/14019)
عدة زوجة الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الزوجة إذا استشهد زوجها هل لها عدة شرعية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزوجة إذا استشهد زوجها أو مات وجب عليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا إن لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملاً خرجت من العدة بمجرد وضع الحمل ولو كان الوضع بعد الموت بلحظة.
ولا فرق في ذلك بين زوجة الشهيد وغيره.
علماً بأنه لا يجوز أن نقطع لمسلم بالشهادة إلا بنص من الشارع إنما يقال: نرجو له الشهادة أو نحسبه شهيداً، والله حسيبه، ولهذا قال البخاري في صحيحه "باب: لا يقول فلان شهيد"، قال ابن حجر رحمه الله: أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم فلان شهيد ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات في سبيل الله فهو شهيد. وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما، وانظري للأهمية الفتوى رقم: 21440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(13/14020)
الأرملة ما لها وما عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
من فضلكم ما هي أحكام الأرملة ما عليها وما لها؟
جزاكم الله اسمى الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزوجة التي توفي زوجها لها ما يلي:
- الإرث من زوجها المسلم إذا كانت مسلمة فترث ربع المال إذا لم يترك زوجها فرعاً وارثاً ذكراً كان أو إنثى ولو كان ابن ابن أو بنت ابن.
وحقها الثمن إذا ترك الزوج فرعاً وارثاً قال الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12] .
- السكنى في البيت الذي توفى عنها زوجها فيه حتى تنقضي عدتها، فإن لم يمكن ذلك يستأجر لها بيت من تركة زوجها حتى نهاية العدة، وعلى هذا جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: فهي أحق بسكنى المسكن الذي كانت تسكنه من الورثة والغرماء، فإن تعذر المسكن فعلى الوارث أن يكتري لها مسكناً من مال الميت، فإن لم يفعل أجبره الحاكم، وليس لها أن تنتقل من مسكنها إلا لعذر.
أما الأمور التي عليها فهي:
- العدة، وهي وضع الحمل إذا كانت حاملاً، قال الله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] ، أما إذا كانت غير حامل فإن عدتها أربعة أشهر وعشر ليال، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] .
- الإحداد، وهو ترك الزينة أثناء العدة فلا تلبس ثوباً مصبوغاً ولا تستعمل طيباً ولا تكتحل، فعن أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحد المرأة فوق ثلاثة أيام إلا على زوج فإنها تحد أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمس طيباً إلا عند أدنى طهرها إذا طهرت من حيضها بنبذة من قسط أو أظفار. متفق عليه.
وعند أم سلمة قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا مرتين أو ثلاثاً. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(13/14021)
المكان الذي تعتد فيه المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إنها عجوز فاتت السبعين (70) من العمر لا يرجى زواجها، كانت تعيش مع زوجها الذي توفي قبل أيام، وأربعة من أولادها أصغرهم يبلغ من العمر واحد وثلاثون عاما (31) ، في بيت الزوجية الأول، ثم في سنة 1987 رحل الزوج والزوجة العجوز والابن الأصغر إلى بيت بالمستثمرة الفلاحية حيث هناك يعملون ويسترزقون ويتقوتون. في البداية كان شبه استقرار حيث يقيمون (الثلاثة) من فصل الربيع إلى نهاية الخريف ليعودوا إلى البيت الأصلي، حتى سنة 2001 وبعده تم استقرارهم بصفة نهائية بالمستثمرة.
شيخنا الفاضل، بعد أن توفي زوج العجوز، هل مكوثها في البيت الأول ضرورة شرعية أم يجوز لها أن تمكث في بيت المستثمرة حيث تعتمد كل العائلة على منتوجات المستثمرة.
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمعتدة إنما يلزمها البقاء في البيت الذي فارقها زوجها فيه حتى تنقضي عدتها، وهي هنا بالنسبة للمتوفى عنها أربعة أشهر وعشرة أيام، وهو البيت الذي بالمستثمرة لا البيت الأول، وعليه فيكفي هذه العجوز ولو بلغت ما بلغت من الكبر أن تقيم في بيت المستثمرة، ولا تخرج منه إلا لضرورة أو حاجة لا تجد من يقوم بها عنها.
أما إذا كانت عندها ضرورة لعلاج مرض أو حاجة لشراء ما يلزمها ولم تجد من يقوم بذلك فيجوز لها الخروج بقدر الحاجة.
وكذلك إذا كان البيت الذي توفي عنها زوجها فيه لا يصلح للسكن، أو لا تتوفر لها فيه وسائل العيش العادية، أو تخاف على نفسها أو مالها فيه فلها أن تنتقل عنه إلى بيت آخر تتوفر لها فيه وسائل الأمن والاستقرار.
ويجب عليها أن تظل ملتزمة بأحكام الحداد حتى يبلغ الكتاب أجله.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
18200.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(13/14022)
هل تجوز عدة الوفاة في غير بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مات زوجها وبدأت أشهر العدة فهل يجوز أن تكمل عدتها في بيت أبيها علما أنها تعيش مع أهل زوجها.
وماهي الضرورة التي يمكن للمرأة أن تخرج لأجلها أثناء أشهر العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المعتدة أن تخرج من بيت الزوجية إلا بعد انقضاء عدتها، فيجب على هذه المرأة أن تظل في بيتها الذي توفي عنها زوجها وتركها فيه حتى تنقضي عدتها، وهي أربعة أشهر وعشراً إن كانت غير حامل ووضع حملها إن كانت حاملاً.
ولا يجوز لها الانتقال إلى بيت أبيها أو غيره إلا لضرورة كخوف على نفسها، أو كان المكان الذي تسكن فيه لا يصلح للسكن.
وأما خروجها لحوائجها التي لا تجد من يقوم لها بها كالمعاش أو لضرورة العلاج ومراجعة المستشفى فهذا لا مانع منه.
ولمزيد من الفائدة عن أحكام عدة المتوفاة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم 26691
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(13/14023)
من أحكام عدة المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عدة الأرملة التي أجرت عملية إزالة الرحم وهي كبيرة بالسن وهل لها أن تسافر أثناء العدة إلى بلاد أجنبية لزيارة ابنها لشدة شوقها له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فانه يجب على المتوفى عنها زوجها أن تعتد حتى ولو كانت على يقين تام من خلوها من الحمل كالتي أزالت رحمها، أو الكبيرة التي تجاوزت سن الحمل، أو الصغيرة التي لا يعقل حملها، وذلك لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة:234] .
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
5267.
أما السفر في أثناء العدة فقد ذهب عامة أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة إلى أنه لا يجوز، وذلك لقوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْن [الطلاق: 1] .
وكذلك ما رواه النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لفريعة بنت مالك لما جاءها نعي زوجها: امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشرا حتى يبلغ الكتاب أجله.
أما السفر بعدها فلا مانع منه بشرط أن يكون معها محرم، أو تطلب من ولدها أن يأتي إليها.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
5936.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(13/14024)
الحكمة في كون عدة الوفاة أكثر من عدة الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا عدة المرأة المتوفى زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام وعدة المطلقة ثلاثة أشهر وعشرة أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً ما لم تكن حاملاً؛ فإن كانت حاملاً فتنتهي عدتها بوضع الحمل.
وعدة المطلقة ثلاثة قروء -أي حيض- ما لم تكن حاملاً فإن كانت حاملاً فبوضع الحمل، وكل ذلك في أرجح أقوال أهل العلم، وهذا ما لم تكن ممن لا يحضن لكبر أو صغر، فإن كانت منهن فعدتها ثلاثة أشهر فقط، وليس ثلاثة أشهر وعشرة أيام كما قال السائل.
أما عن الحكمة من كون عدة الوفاة أكثر من عدة الطلاق، فإن المسلم، يقول لأمر الله سمعنا وأطعنا، سواء علم الحكمة أو لم يعلمها، ومع هذا فراجع الفتوى رقم:
6541 - والفتوى رقم: 1779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(13/14025)
المتوفى عنها زوجها تعتد في المكان الذي هي فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة جاءت في رمضان إلى مكة لقضاء عمرة وفي نيتها البقاء للحج وتوفي عنها زوجها فهل تخرج للحج وإن كان حجها تطوعا وأين تقضي عدتها وهي في بلد غير بلدها؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة المسؤول عنها الخروج إلى الحج ما دامت قد وصلت إلى مكة المكرمة. قال في المدونة: سئل مالك عن المرأة تخرج من الأندلس تريد الحج فلما بلغت أفريقية توفي زوجها؟ قال: قال مالك: إذا كان مثل هذا فأرى أن تنفذ لحجها لأنها قد تباعدت من بلادها.
أما بخصوص العدة فإنها تقضي بقيتها في مكة المكرمة بعد أن تخرج إلى المناسك منى، عرفة، مزدلفة، هذا إذا تيسر لها البقاء في مكة إلى وقت انتهاء العدة وأمنت الفتنة؛ وإلا رجعت إلى بلادها وأكملت عدتها هناك، وانظر الفتوى رقم:
22833.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(13/14026)
المدة التي تعتدها المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع على السيدة الأرملة التي تجاوزت سن الستين في عدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدة المتوفى عنها زوجها هي أربعة أشهر وعشرة أيام، تستوي في ذلك الصغيرة والكبيرة، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] .
وهذا ما لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملاً فعدتها هي وضع حملها، لقوله تعالى: وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ [الطلاق:4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(13/14027)
هجر الزوج وقطيعته لا يسوغان ترك العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جدتي متوفاة وكانت متزوجة من جدي وله ثلاث بنات وثلاثة أولاد تزوج ثلاث نساء عليها وهجرها لمدة ثلاثين سنه وتكفل أولاده الكبار بتربية بقية أولاده بعد وفاته لم تعتد العدة وهي الأربعه أشهر والعشرة أيام وهي متوفاة منذ 12 سنة هل عليها كفارة حتى يقوم أولادها عنها بالكفارة؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكان الواجب على جدتك أن تعتد بعد وفاة زوجها؛ وإن كان مقصراً في حقها، إذ هجره وقطيعته لها لا يسوغان تركها الواجب الشرعي عليها، وهو العدة، لأنها لا تعتد مراعاة للزوج فقط، بل تعتد عبادة وطاعة لله الذي أمرها بالعدة، قائلاً: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة:234] .
أما الآن فما دامت قد ماتت قبل اثنتي عشرة سنة، فليس على ورثتها أي شيء، ولكن ينبغي لهم أن يكثروا من الدعاء لها، وأن يتصدقوا عنها إن أمكنهم ذلك فقد ثبت في الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له.
وللاطلاع على أمثلة على الصدقة الجارية تنظر الفتوى رقم:
8042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(13/14028)
المحظور على المعتدة عن وفاة والمباح
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي متوفى وأمي في أيام العدة وأختي وضعت بنتا وتريد أن تقيم في بيتنا مع أمي وإخوتي في البيت فماذا تفعل أمي هل يجوز لأمي أن تدخل على أختي وابنتها في نفس الغرفة وما يجب أن تفعل أمي في زمن العدة.
أرجو الإجابة أفادكم الله. والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المسلم أن يعرف ما هو الواجب عليه شرعاً من غير الواجب، وذلك بسؤال أهل العلم، لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7] .
وكثيراً ما نسمع بالخرافات المنتشرة بين النساء في مسألة العدة والإحداد للمرأة المتوفى عنها زوجها.. فلا يجوز أن نحرم شيئاً لم يحرمه الله، ولا أن نحلل شيئاً حرمه الله، ولهذا يجب أن يعرف ما هو الواجب على من توفي عنها زوجها هنا ليتضح الأمر في المسألة، فنقول:
أولاً: يجب على من توفي عنها زوجها أن تعتد عدة الوفاة ومقدارها أربعة أشهر وعشراً من حين موته؛ إن لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بوضع حملها، وذلك لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] .
ولقوله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] .
وذلك بأن تجلس في بيتها ولا تخرج إلا لضرورة ولا تخطب للزواج.
ثانياً: يجب عليها الإحداد، والإحداد هو الامتناع عن الزينة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاث؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً. متفق عليه.
وذلك بأن تجتنب الطيب ولبس المعصفر أي: الذي صُبغ بالعُصفر، ولبس المطيب والمزعفر، والزعفران نوع من الطيب، وتجتنب الدهن والكحل ولا تختضب ولا تلبس حلياً.. روي ذلك عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم: عائشة وأم سلمة وابن عمر وغيرهم.
ولما روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المعتدة أن تختضب بالحناء، وقال: الحناء طيب. وهذا يدل على وجوب اجتناب الطيب، لأن الطيب فوق الحناء، فالنهي عن الحناء نهي عن الطيب من باب أولى، وكذا لبس الثوب المطيب المصبوغ بالعصفر والزعفران، وأما الدهن فلما فيه من زينة الشعر، وفي الكحل زينه العين، ولهذا حرم على المحرم جميع ذلك، وهذا كله في حال الاختيار.
أما في حال الضرورة فلا بأس به بأن اشتكت عينها فلا بأس أن تكتحل، أو اشتكت رأسها فلا بأس أن تضع فيه الدهن، أو لم يكن لها إلا ثوب مصبوغ فلا بأس أن تلبسه، لكن لا تقصد به الزينة، لأن مواضع الضرورة مستثناة.
وما سوى ذلك من الجلوس مع محارمها ومحادثتهم والعمل في بيتها والاعتناء بأولادها -إن وجدوا- جائز ولا حرج فيه، وكون الأخت وبنتها في غرفة لا يمنع من دخول الأم عليها مطلقاً، فلها الدخول والجلوس والنوم وما شابه ذلك -ولله الحمد- ولا تمنع المرأة المتوفى عنها زوجها إلا مما ذكر سابقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(13/14029)
هل تعتد من بلغها وفاة زوجها من زمن طويل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،،،
الموضوع باختصار أنه هناك أمرأة كانت متزوجة من رجل وهذا الرجل ذهب للحرب ومنذ ذلك اليوم لم ترد للزوجة أي معلومات عن زوجها وبعد 8 أشهر أنجبت المرأة طفلاً ... وبعد مرور 16 سنة قامت الجهات المختصة بإعلام الزوجة بأن زوجها صنف ضمن الشهداء أي أنه ليس أسيراً أو ما شابه بل يعتبر متوفى.
والسؤال هنا ماذا يجب على الزوجة ... هل تربط أم أنه ليس عليها رباط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الزوجة التي أخبرت بأن زوجها قد مات أن تعتد عدة الوفاة، وتحسب العدة من وقت موته إن كان ذلك الوقت محدداً، فإن لم تبلغ بذلك حتى انتهت العدة اعتبرت خارجة من العدة، هذا إذا كان وقت الوفاة معلوماً - كما ذكرنا - أما إذا أبلغت أنه مات ولكنها لم تستطع أن تعرف متى مات فإنها تبدأ العدة من وقت بلوغ الخبر إليها، أي خبر موته.
وكان حقها بعد غياب زوجها أن تنتظر لمدة أربع سنوات من ابتداء غيابه على القول الراجح من أقوال أهل العلم فإن لم يتبين أي خبر عنه فلتطلب التفريق، وللاستفادة يرجى الرجوع إلى الفتوى رقم 20094
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(13/14030)
العدة ... سببها وكفارة المفرطة فيها.. وحكم منكرها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرّحمن الرّحيم
أرجو التّكرّم بإجابتي:
هل يجب على المرأة الّتي لم تلتزم بعدّة الوفاة أو الطّلاق في حينها أن تقضيها فيما بعد؟
وما هي كفّارتها بالنّسبة:
1- لمن لم تلتزم بها جهلاً بها.
2- لتاركتها بلا مبالاة.
3- لمن لا تؤمن بها. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعدة مدةٌ مقدرة بحكم الشرع يجب على المرأة مراعاة أحكامها عند وقوع الفرقة بينها وبين زوجها. وتبدأ العدة من وقت وجود سببها، سواء علمت الزوجة بحصول السبب أو لم تعلم، جاء في البدائع: إنها -أي العدة- تجب من وقت وجود سبب الوجوب من الطلاق والوفاة وغير ذلك، حتى لو بلغ المرأة طلاق زوجها أو موته فعليها العدة من يوم طلق أو مات عند عامة العلماء وعامة الصحابة. انتهى
وذهب بعض العلماء إلى أنها تبدأ من وقت علم الزوجة بالسبب، وعلى كل حال إذا انقضت أيام العدة سواء من وجود السبب أو من وقت علم الزوجة، فلم تعتد المرأة فإنها لا تقضي.
والمفرطة في العمل بأحكام العدة إن كانت تعلم بالحكم آثمة؛ لأنها مضيعة لحق الله الذي أمر بذلك ومضيعة لحق زوجها وحق نفسها.
أما من لم تؤمن بها أصلاً فهي مكذبة بالقرآن وبالسنة وخارجة على إجماع المسلمين، ففي القرآن قول الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] .
وفي السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لـ فاطمة بنت قيس: اعتدي في بيت ابن أم مكتوم.
وأجمعت الأمة على وجوب العدة في الجملة.
فمن أنكر العدة جملة فهو مكذب بالقرآن، ومن كذَّب القرآن كفر بالله تعالى كفراً مخرجًا من ملة الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1423(13/14031)
مدة عدة المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أريد معرفة الأحكام المتعلقة بالمرأة المتوفى زوجها من حيث؛
لباسها
عدتها
خروجها من البيت ودخولها
ما يجب عليها وما يباح لها
الأمور المحرمة عليها
وهل بإمكانها تكليف من يقرأ القرآن على زوجها
أفيدونا يرحمكم الله والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم لباس المرأة المعتدة من وفاة وخروجها في الجواب رقم 5554 - والجواب رقم 9037
أما بخصوص عدتها فهي أربعة أشهر وعشرة أيام سواء كانت الوفاة قبل الدخول أو بعده، وسواء كانت ممن تحيض أم لا.
والأصل في هذا قول الله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (البقرة: من الآية234) واستثنى الفقهاء الحامل من هذا وجعلوا عدتها بوضع الحمل، لقول الله تعالى (وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (الطلاق: من الآية4)
وأما بالنسبة لقراءة القرآن وإهداء ثوابها إلى الميت فهذا لا حرج فيه، وراجع الجواب 3406
وننبه هنا إلى حرمة ما يفعله بعض الناس من استئجار قارئ ليقرأ القرآن على القبر.
وراجع الجواب 1376 والجواب 14865
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(13/14032)
الواجبات المترتبة على من توفي زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماالواجب على المرأة التي توفى زوجها وهي في العدة وكيف يمكنها مساعدة الميت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلمعرفة ما يجب على المعتدة عدة وفاة، وهل لها أن تغتسل أو تغسل زوجها، تنظر الفتاوى بالأرقام التالية: 16203 14261 9037 13112 18200
وإذا أرادت المعتدة أن تساعد ميتاً بالدعاء له، أو الصدقة عنه، أو الاستغفار له، فلا حرج في ذلك فلا تختلف عن غيرها في هذا الباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(13/14033)
مات وله أكثر من زوجة ... هل يتقاسمن العدة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توفي وعنده زوجتان كيف تكون العدة بالنصف أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وعنده زوجتان أو أكثر فإنه لا بد من أن تعتد كل واحدة منهنَّ العدة الكاملة، وهي وضع الحمل لمن كانت حاملاً، وأربعة أشهر وعشر ليالٍ لمن كانت غير حامل.
وراجع الفتوى رقم:
6943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(13/14034)
عدة الزوجة من وفاة غير المدخول بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على المرأة المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها عدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشر مدخولاً بها أو غير مدخول بها، سواء كانت كبيرة بالغة أو صغيرة لم تبلغ، وذلك لقوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) [البقرة: 234] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحد على ميت فوق ثلاث؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً " متفق عليه. انتهى من المغني.
وراجع على موقعنا الفتوى رقم:
18909
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1423(13/14035)
الحداد على غير الزوج فوق ثلاث غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يتوفى أحد الوالدين هل من الممكن أن تدخل إحدى بناته عرس ابن حماتها بعدالأربعينية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس على من مات أحد والديها أن تحضر أي عرس بعد ثلاث، وليس لها أن تحد على غير الزوج أكثر من ثلاث ليال، وراجعي الفتوى رقم:
21053.
وهذا طبعاً بشرط أن لا يكون في العرس اختلاط أو منكرات أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(13/14036)
الموت ... واللون الأسود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس الأسود على الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود من السؤال الاستفسار عن حكم تكفين الميت في الثوب الأسود؟ فالجواب: أنه مخالف للسنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم.
وأما إذا كان المقصود الاستفسار عن حكم لبس المعتدة الحاد للسواد؟ فالجواب عنه: أنه يحرم على المعتدة من وفاة كل ما يعتبر زينة شرعاً أو عرفاً، ومن جملة ذلك الملابس التي جرى العرف باعتبارها زينة بغض النظر عن اللون، فقد يكون الثوب الأسود محظوراً إذا كان يزيد المرأة جمالاً، أو جرى العرف عند قومها باعتباره من ملابس الزينة، إلا أنه ورد النهي من الشارع عن لبس الثوب المعصفر والمزعفر لأن الطيب يفوح منهما، ففي الصحيحين عن أم عطية قالت: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، وأن نكتحل وأن نتطيب وأن بلبس ثوباً مصبوغاً.
والحاصل إن المرأة إذا كانت في عدة وفاة يحرم عليها لبس كل مصبوغ أو ثوب جرى عرف بلدها أنه زينة، ويباح لها ما عدا ذلك ولو كان أسود.
أما ما انتشر في بعض البلاد من تخصيص لبس السواد للحداد والامتناع عن غيره ولو لم يكن زينة فلا أصل له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(13/14037)
أين تعتد المسافرة إذا مات زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي زميل عنده شغالة تعمل في المنزل من إحدى البلاد الإسلامية وقد توفي زوجها وهي تعمل في الخليج فأين تقضي العدة هل في بيت أهلها أم في بيت كفيلها؟ جزاكم الله ألف خير أرجو منكم الرد علي بأسرع وقت ممكن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه جمهور العلماء هو أنه يجوز للمرأة المسافرة إذا مات زوجها وهي في السفر أن تقضي عدتها في المكان الذي هي فيه، إذا كان آمناً وكان على مسافة قصر أو أكثر من بيت زوجها، كما يجوز لها الرجوع إلى بيت الزوجية في هذه الحالة، بشرط وجود محرم يسافر معها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها. رواه البخاري ومسلم.
ويجب عليها الرجوع إلى بيت زوجها إذا كانت المسافة أقل من مسافة قصر، وكان الطريق آمناً، لأن الأصل أن عدة المتوفى عنها زوجها تكون في بيت الزوجية إلا لمانع.
قال السرخسي في المبسوط: فأما إذا كانت في مصر أو قرية تقدر على المقام فيه، فليس لها أن تخرج عند أبي حنيفة رحمه الله حتى تنقضي عدتها، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، إن لم يكن معها محرم فكذلك، وإن كان معها محرم فلها أن تخرج إلى أي الجانبين شاءت. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: وإذا أذن لها زوجها للسفر لغير النقلة -أي لغير الانتقال للإقامة في بلد آخر- فخرجت ثم مات زوجها، فالحكم في ذلك كالحكم في سفر الحج. انتهى
وقد ذكر ابن قدامة الحكم في سفر الحج فقال: وإن خرجت، فمات زوجها في الطريق رجعت إن كانت قريبة، لأنها في حكم الإقامة، وإن تباعدت مضت في سفرها. انتهى
وبناءً على ما سبق، فإنه يجوز لهذه الخادمة أن تقضي عدتها في بيت كفيلها ما دام مأموناً، لأنه موضع أذن لها الزوج بالسفر إليه، فإن كان معها محرم يوصلها إلى بلد زوجها جاز لها السفر لقضاء العدة في بيت زوجها، إن تمكنت من الوصول إليه قبل انتهائها، فإن لم تفعل فلا شيء عليها، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
18200، والفتوى رقم:
17736.
ولمعرفة ما يجب على المعتدة الامتناع عنه راجع الفتوى رقم:
21440.
ولمعرفة ضوابط استقدام الخادمات راجع الفتوى رقم:
18210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(13/14038)
هل تمنع المرأة الحاد من المنظفات المطيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تفعل المرأة في الحداد؟ وهل الصابون والفيري من المحظورات على المرأة لمسها لأنها مواد معطرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلمعرفة ماذا تفعل المرأة في الحداد يمكنك مراجعة الفتوى رقم:
5554 وقد بينا فيها بالتفصيل ما يتعلق بأحكام الإحداد، كما سبق أن بينا حكم غسل المرأة رأسها بمنظف معطر في زمن الإحداد وذلك في الفتوى رقم:
11084 فلتراجع.
وكذلك بينا حكم الاغتسال بمنظف مطيب في الفتوى رقم:
16203.
وخلاصة القول في هذه المسألة: أن المرأة الحاد ممنوعة من استعمال الطيب على أي وجه كان خالصاً أو مخلوطاً بغيره، ولن تعدم المرأة الحاد صابونا أو غيره من المنظفات الخالية من العطور، وهي كثيرة والحمد لله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(13/14039)
تنتهي العدة ببلوغ الكتاب أجله في أي وقت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: إذا صادف للمرأة التي في شهور العدة يوم تنتهي فيه عدتها يكون يوم جمعة فهل تؤجل إلى يوم السبت أم في نفس اليوم دون تأخير أو تقديم
الرجاء الرد والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العدة هي المدة التي تنتظر فيها المرأة وتمتنع فيها عن التزويج بعد وفاة الزوج أو طلاقه.
وقد حددها الله تعالى في محكم كتابه، فإذا انتهت في أي وقت عمل بمقتضى ذلك، وحلت المرأة للأزواج، وبانت من زوجها إذا كانت مطلقة طلاقاً رجعياً، ولا فرق بين أن تنتهي في يوم الجمعة أو غيره، قال تعالى: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:234] .
ولا يجوز للمرأة أن تطيل زمن العدة أوتؤخر الإعلان عن انتهائها بقصد الحصول على حق من حقوق المعتدة من نفقة أو نحوها، لأن ذلك من الخيانة وأكل أموال الناس بالباطل، وهو حرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(13/14040)
حكم الطيب في الطعام أو الشراب للمعتدة من وفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة التي في فترة الحداد أن تشرب الزعفران بالشاي أو القهوه أو أن تأكله مع الأكل كنوع من البهارات؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا. والرجاء التعجيل بالرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة المحدة تمنع من التطيب لصحة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولكن من العلماء من قصر المنع على الاستعمال في الثوب والبدن ولم يعمموه في الأكل والشرب، وذهب آخرون إلى أن المرأة المحدة تمنع من الطيب استعمالاً في الثوب والبدن أو أكلاً أو شرباً، وهذا مذهب الشافعية.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وهي أي المحدة -في تحريم الطيب وأكله والدهن كالمحرم في تحريمها عليه، فيحرم عليها ما يحرم عليه.
وهم قد قرروا أن المحرم لا يجوز له تناول الطيب ما دامت بعض أوصافة باقية، كالطعم واللون والرائحة.
قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: إذا حصل الطيب في مطبوخ أو مشروب فإن لم يبق له طعم ولا لون ولا رائحة فلا فدية في أكله، وإن بقيت رائحته وجبت الفدية بأكله عندنا، كما سبق.
وقال أبو حنيفة: لا فدية. ودليلنا أن مقصود الطيب هو الترفة باتفاق. انتهى كلامه.
والخلاصة: أن المرأة المحدة يجوز لها شرب الطيب في المشروب وأكله في المأكول إذا لم يبق شيء من أوصافه، وأما إذا بقي من تلك الأوصاف شيء فينبغي اجتنابه خروجاً من خلاف العلماء في المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(13/14041)
عدة الوفاة تختلف باختلاف حال المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مات زوجها اعتدت عليه 20 يوما قبل 10 سنوات ما الحكم عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على الزوجة المتوفى عنها زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، كما جاء في كتاب الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] .
وإذا حصل أنها لم تعتد إلا عشرين يوماً فقد خالفت أمر الله تعالى، وعليها التوبة، والإكثار من أعمال الخير، والمحافظة على الفرائض، والابتعاد عن النواهي.
وليس عليها أن تعتد مرة أخرى قضاء لما فات.
وهذا كله حيث كانت غير حامل، فإن كان قد توفي عنها وهي حامل، فعدتها تنتهي بوضع الحمل، ولو تم ذلك بعد موته بلحظة، لقوله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ [الطلاق:4] .
وهذا عام يشمل المطلقة والمتوفى عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(13/14042)
هل تخرج المعتدة لزيارة أبنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المتوفى زوجها الخروج نهاراً من دارها لزيارة أبنائها. ثم العودة للمبيت في دارها ليلا.. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل عدم جواز خروج المعتدة من بيتها إلا لحاجة، فإن وجد ما يدعوها للخروج خرجت بشرط ترك الزينة وعدم المبيت إلا في بيتها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن المعتدة من وفاة: فإن خرجت لأمر يحتاج إليه ولم تبت إلا في منزلها فلا شيء عليها.
وعلى هذا.. فلا حرج على السائلة أن تخرج لزيارة أبنائها الصغار إن كانوا في حاجة إليها على أن يكون ذلك نهاراً لا ليلاً، وراجع الفتوى رقم:
6943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1423(13/14043)
ما تمتنع عنه المعتدة عن وفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة في ال 52 من العمر وأنا في العدة توفي زوجي قبل شهر السؤال هو: هل أستطيع أن ألبس خاتم الزواج أم ماذا وهل إذا لبسته حرام أم ماذا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعتدة من الوفاة يلزمها الإحداد في قول عامة أهل العلم. والإحداد معناه: امتناع المرأة من الزينة وما في معناها مدة الاحداد وهي أربعة أشهر وعشرا لمن توفي زوجها إذا لم تكن حاملاً، فإن كانت حاملا فتخرج من العدة بوضع الحمل.
والمرأة المحدة ممنوعة من التطيب والاكتحال والتزين سواء في بدنها أوثيابها، فلا تخضب ولا تحمر وجهها ولا تلبس الثياب المزينة، ولا يجوز لها أن تلبس الحلي -خاتماً أو غيره- وهذا مذهب عامة أهل العلم.
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في المتوفى عنها زوجها: لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1423(13/14044)
مراعاة المشاعر في الحداد ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
تحية واحترام وبعد
توفي زوج خالتي من عشرة أيام، وأنا امرأة متزوجة وأعلم بأن الحداد لغير الزوج غير صحيح ولكن مراعاة لمشاعر خالتي وبناتها لم أقم بعمل الحناء أو الدخان (أنا من السودان) وهما من زينة المرأة المتزوجة وقد تركتهما ليس حدادا ولكن مراعاة لمشاعر خالتي كما قلت فهل أقترف إثما بذلك وهل أستأذن زوجي في ذلك إن جاز ... الرجاء الرد الشافي الكافي وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لامرأة أن تحدَّ على ميت أكثر من ثلاث ليالٍ، فيما عدا الزوج، فإنها تعتدَّ لوفاته أربعة أشهر وعشراً، لحديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحدَّ على ميتٍ فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهرٍ وعشراً. متفق عليه.
فإذا ثبت النهي عن ذلك فليعلم أنه لا يجوز مطلقًا، ولو لمراعاة مشاعر خالتك، إذ الواجب إرضاء الله تعالى ولو بسخط الناس، لا العكس، ففي سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.
وإذا تقرر عدم الجواز مطلقًا، فلا عبرة إذن بالاستئذان من الزوج وعدمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(13/14045)
مدة الحداد المشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحداد شرعا من أقارب الميت ومدته؟ شكراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لأحد من أقارب المتوفى أن يحد عليه فوق ثلاثة أيام، إلا أن تكون زوجة فإنها تحد على الميت أربعة أشهرٍ وعشراً، لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقر:234] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا تحد المرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوجٍ أربعة أشهرٍ وعشرًا. متفق عليه
وإن أردت الزيادة على ما ذكرنا فلتراجع الفتوى رقم:
3133 والفتوى رقم:
10011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(13/14046)
أحكام غير المدخول بها كالمدخول بها: عدة وميراثا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجل عقد على امرأة وتوفي قبل أن يدخل بها ولم يرها مطلقا فهل يجب على المرأة عدة وهل يحق لها أن ترث في ماله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة التي توفي عنها زوجها قبل دخوله بها تعتد كما تعتد المدخول بها، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشرا، مدخولاً بها أو غير مدخول بها.
ودليل ذلك من الكتاب قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] .
ولم تفرق الآية بين المدخول بها وغير المدخول بها، والمرأة بمجرد العقد تصبح زوجة.
ومن السنة حديث أم حبيبة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا. والدلالة منه كالدلالة من الآية.
وأما الميراث فإنه ترثه كالمدخول بها، لعموم قوله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُم [النساء:12] .
وروى أصحاب السنن عن معقل بن يسار رضي الله عنه أنه قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق بأن لها الصداق كاملاً، وعليها العدة، ولها الميراث، وبروع هذه قد مات زوجها قبل أن يدخل بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(13/14047)
حكم وضع الكحل للمرأة المعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع الكحل للمرأة المعتدة؟ علماً بأن الكحل هو كحل حجر وأن المعتدة تعاني أصلا من حساسية في العين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المعتدة من وفاة أن تتجنب الزينة، ومنها: الكحل طيلة عدتها، لما روي البخاري عن أم سلمة قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي زوجها، وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال: "لا، مرتين أو ثلاثاً" رواه البخاري.
إلا أنها إن اضطرت إليه للتداوي، فيجوز لها أن تكتحل ليلاً، وتمسحه نهاراً، لما روى أبو داود والنسائي عن أم سلمة أيضاً أنها قالت لمن تشتكي عينها: لا تَكْتَحِلِي بِهِ إلاّ مِنْ أمْرٍ لا بُدّ مِنْهُ يَشْتَدّ عَلَيْكِ، فَتَكْتَحِلِينَ بالليْلِ وَتَمْسَحِينَهُ بالنّهَار.
وتراجع الفتوى رقم: 5554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(13/14048)
المتوفى عنها زوجها قبل الدخول يلزمها ما يلزم المدخول بها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عقد النكاح على امرأة وتوفي قبل أن يدخل عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول عليها تجب عليها العدة أربعة أشهر وعشراً، قال ابن قدامة في المغني (11/223) : أجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشر، مدخولاً بها أو غير مدخول بها، سواء كانت كبيرة بالغة أو صغيرة لم تبلغ، وذلك لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرا) [البقرة:234] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً" متفق عليه. انتهى.
فالمرأة بمجرد العقد عليها تعتبر زوجة، فتدخل في عموم الآية والحديث، فيلزم لها الصداق كاملاً، والإرث، وتعتد عدة وفاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1423(13/14049)
عدة الوفاة واجبة دخل بها أو لا،بخلاف المطلقة غير المدخول بها
[السُّؤَالُ]
ـ[العدة للمطلقة قبل الدخول بها ولماذا وهل ينطبق على المتوفى عنها زوجها قبل الدخول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلقة قبل الدخول لا عدة عليها بإجماع أهل العلم، كما قال ابن العربي وغيره، وحجتهم في ذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) [الأحزاب:49] .
ولا عدة عليها، لأنها لا تحتاج إلى براءة رحمها من الزوج، فإنه لم يطأها أصلاً.
وأما المتوفى عنها زوجها، فعليها العدة ولو مات زوجها قبل الدخول بها، لعموم قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقرة:234] .
ولما روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود: لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله وسلم في بردع بنت واشق -امرأة منا- مثل الذي قضيت، ففرح ابن مسعود.
ووجوب العدة عليها محل اتفاق بين أهل العلم، قال ابن القيم رحمه الله: وأما عدة الوفاة، فتجب بالموت، سواء دخل بها أو لم يدخل، كما دل عليه عموم القرآن والسنة الصحيحة واتفاق الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1424(13/14050)
حكم جلوس المعتدة مع خادمة نصرانية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المعتده من وفاة زوجها أن تجلس مع الخادمة النصرانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس أن تجلس المرأة المعتدة من وفاة زوجها مع الخادمة النصرانية في البيت، لكن ذلك بشرط ألا تبدي لها محاسنها، لأن الله تعالى أباح إبداء الزينة للمرأة المسلمة في آية سورة النور، فقال تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) [النور:31] .
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يعني تظهر زينتها للنساء المسلمات دون نساء أهل الذمة.
وأورد عن مجاهد -رحمه الله- أنه قال: نساؤهن المسلمات، وليس المشركات من نسائهن، وليس للمرأة المسلمة أن تنكشف بين يدي مشركة.
فهذا شيء لا بد من مراعاته، وإن كان الأصل أنه يجوز أن تبقى معها في البيت، وهذا الحكم -أعني وجوب الستر عن المرأة الكافرة- حكم عام لجميع النساء لا فرق فيه بين المعتدة من وفاة أو طلاق وغير المعتدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(13/14051)
استقبال المعتدة لأخي زوجها جائز بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خروج المرأة من بيتها خلال عدة وفاة الزوج وحكم استقبال أخ الزوج في بيتها خلال العدة بحضور أولادها الشباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خروج المرأة من بيتها خلال أيام عدتها من وفاة زوجها جائز إذا كان لغرض شرعي يدعوها إلى ذلك، ولمعرفة ذلك راجعي الفتوى رقم:
5554 والفتوى رقم:
11576.
ويجوز استقبال أخي الزوج في البيت، إذا خلا ذلك من المخالفات الشرعية، ومن أهمها، الخلوة المحرمة، والخضوع له بالقول، وإظهار الزينة أمامه، وليُعلم أن الكلام معه أو مع غيره من الرجال ينبغي ألا يزيد على قدر الحاجة، مع لزوم الأدب والوقار، ولمعرفة المزيد عن ذلك راجعي الفتوى رقم:
3178.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(13/14052)
الأصل أن تعتد المرأة في بيت الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[الشائع في بلدنا أن المرأة إذا توفي عنها زوجها وكانت صغيرة السن وأطفالها صغار دون سن الرشد فإن أهلها يأخذونها إلى بيت والدها لتعتد فيه سواء كان لها بيت مستقل أو كانت تسكن مع أهل زوجها فما حكم الشرع في الحالتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء -وقولهم هو الحق- إلى أن مكان العدة من طلاقٍ أو فسخ أو موت، هو بيت الزوجية، الذي كانت تسكنه المرأة قبل مفارقة زوجها، وقبل موته، أو عندما بلغها خبر موته، وتستتر فيه عن كل من ليس بمحرم لها، فإن مات الزوج وهي في غير بيته، وجب عليها أن تعود إلى منزلها الذي كانت تسكن للاعتداد فيه، وذلك لأن السكنى في بيت الزوجية وجبت بطريق التعبد، فلا تسقط ولا تتغير إلا بالأعذار، والأصل في ذلك قول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1] .
ووجه الدلالة من هذه الآية: أن الله سبحانه وتعالى أضاف البيت إليها، والبيت المضاف إليها، هو الذي كانت تسكنه قبل مفارقة زوجها أو موته.
قال ابن قدامة في المغني: وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها الاعتداد في منزلها عمر وعثمان رضي الله عنهما، وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة، وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق. وقال ابن عبد البر: وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ومصر. انتهى.
فإن خافت المرأة على نفسها من عدو أو لص أو خافت من انهدام البيت أو غرقه، جاز لها أن تعتد في غير بيت زوجها للعذر.
وبناءً على ذلك فإن المرأة لا يجوز لها أن تعتد في غير بيت الزوجية إلا لعذر، وراجع الفتوى رقم:
2460 والفتوى رقم:
1779 والفتوى رقم:
6943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(13/14053)
يجوز للمعتدة عن وفاة التحول عن بيتها بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سورية متزوجة من رجل سعودي، توفي زوجي مؤخرا، ونحن مقدمون على فترة الصيف التي لا أجد فيها أحدا حولي فالكل مسافر، فهل يجوز لي أن أسافر إلى أهلي في سوريا لأقضي عدة الوفاة هناك؟ جزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعتدة من الوفاة لا يجوز لها السفر خلال العدة لا إلى الحج ولا إلى غيره، وبهذا يقول جماهير العلماء منهم الأئمة الأربعة، فإن خشيت على نفسها أو مالها جاز لها التحول من مسكنها إلى مسكن آخر تأمن فيه على نفسها ومالها بدون سفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(13/14054)
حكم نظر المعتدة عن وفاة في المرآة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم نظر المرأة المعتدة لوفاة زوجها في المرآة بشكل مستمر أثناء وفاة زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
النظر إلى المرآة من المعتدة لوفاة زوجها مباح، وإنما تمنع عن كل ما يُعتبر زينة شرعاً أو عرفاً، سواء اتصل بالبدن أو الثياب، وتمنع عن الخروج من منزلها إلا لحاجة وعن التعرض للخطاب ولفت الأنظار وفي حديث أم عطية المخُّرج في الصحيحين قالت: كنُّا نُنْهى أن نُحد على ميت فوق ثلاث؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، وأن نكتحل وأن نتطيب وأن نلبس ثوباً معصفراً.
وأجمع العلماء على أنه يحرم عليها التحلي بالذهب بكل صوره ويلحق به الجواهر والفضة، وأما النظر في المرآة وإزالة الوسخ من ثوبها وبدنها فكل منهما من المباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1423(13/14055)
المعتدة عن وفاة لا تغتسل بمنظف مطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عند وفاة الزوج يمكن وقف الزوجة على الغسل أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله على آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من اغتسال المعتدة للنظافة بشرط ألا يكون فيما تستعمله في غسلها شيء من الطيب. ويجب الاغتسال عليها عند حصول موجبه الشرعي من احتلام أوانقطاع حيض. وراجعي الفتوى رقم:
11084، ولمعرفة الأشياء الممنوعة على المعتدة راجعي الفتوى رقم: 5554.
هذا إذا كان مرادك من السؤال هو ما تقدم أما إذا كان المراد هل يجوز للمرأة أن تغسل زوجها المتوفى؟ فقد تقدم الجواب عن ذلك برقم:
8512
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(13/14056)
يحق للمرأة الزواج بعد انتهاء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسلم يريد أن يتزوج امرأة مسلمة زواجا عرفيا مع العلم أن هذه المرأة قد فارقها زوجها منذ أكثر من أربع سنوات ولديها منه أربعة أطفال
ما حكم زواجهما العرفي إذا تزوجا وهل هو جائز شرعا أم لا؛ وهل الزواج العرفي جائز شرعا أم لا أفيدونا جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الزواج العرفي في جواب سابق برقم:
5962 فليراجع.
وأما كون المرأة قد فارقت زوجها الأول: فإن كان المقصود أنه طلقها أو مات عنها أو خالعها أو غير ذلك من أشكال انتهاء عقد النكاح، فإن انتهت عدتها جاز لغيره أن يتزوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(13/14057)
حكم خروج المعتدة لتعلم القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
توجد امرأة في الحداد وتريد الخروج إلى المركز الصيفي لتحفظ القرآن حيث يوجد النساءالصالحات فهل يجوز لها أن تخرج من بيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمعتدة من وفاة أن تخرج من البيت المعتدة فيه، إلا لضرورة أو حاجة، وانظر في ذلك الجواب رقم: 5554.
وحفظ القرآن في المخيمات الصيفية أو غيرها ليس من الضرورة أو الحاجة التي تجيز خروجها، بل إن الفقهاء منعوها من أن تخرج إلى حج الفريضة.
قال ابن قدامة في المغني: المعتدة من الوفاة ليس لها أن تخرج إلى الحج ولا إلى غيره، روي ذلك عن عمر وعثمان رضي الله عنهما، وبه قال سعيد بن المسيب والقاسم ومالك والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي والثوري. انتهى.
بل نص الحنابلة وغيرهم على أن من خرجت للحج فتوفي زوجها في الطريق، وكانت قريبة، فإنه يجب عليها الرجوع والاعتداد في بيتها، لما روي عن سعيد بن المسيب قال: توفي أزواج نساؤهن حاجَّات أو معتمرات، فردهن عمر من ذي الحليفة حتى يعتددن في بيوتهن.
فإذا كانت ملزمة بالمكث في البيت وعدم الخروج حتى للحج، فمنع خروجها لحفظ القرآن من باب أولى. وهذا إذا كان الخروج المذكور يسبب المبيت خارج البيت.
أما إذا أمكن الخروج للقراءة أثناء النهار والرجوع إلى البيت في الليل فلا حرج فيه - إن شاء الله - لقول النبي صلى الله عليه وسلم للتي طلقت ونهيت عن الخروج لجذ نخلها: "بلى فجذي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي وتفعلي معروفاً" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1422(13/14058)
متى تحتسب العدة لمن علمت وفاة زوجها متأخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- امرأة سمعت نبأ وفاة زوجها بعد مرور 3 أشهر متى تبدأ عدتها هل عند السماع أو تحسب من أول اليوم الذي مات فيه الزوج؟ أفيدونا وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا مات الزوج فإن عدة الزوجة تبدأ من حين مات، وإن لم تعلم إلا متأخرة، فإن علمت وقد مضى بعض أمد العدة، فلا تعتد إلا ما بقي منها، وإن كان بلغها خبره بعد مضي مدة العدة كاملة، فلا عدة عليها أصلاً، وإن لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، ومنهم الأئمة الأربعة.
وعن وقت بداية العدة ونهايتها ينظر الجواب رقم: 13248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(13/14059)
حكم زيارة المعتدة من وفاة بيت أخيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تخرج من بيتها من توفي زوجها إلى بيت أخيها في فترة العدة مع العلم أن لديها أولادا في سن الشباب؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن المرأة المعتدة لا يجوز لها الخروج من البيت الذي تقضي فيه عدتها، إلا إذا دعت الحاجة إلى خروجها، كالبيع الذي لا يتم إلا بحضورها، أو الوحشة التي تجدها من طول المكث في بيتها، أو التداوي من الأمراض التي تعرض لها، ففي مثل هذه الحالات أجاز لها الفقهاء أن تخرج من بيتها نهاراً، لأن النهار مظنة قضاء مثل هذه الحوائج، وقد أجاز جماعة من الفقهاء خروجها في الليل أيضاً، لكن الأحوط تركه لأن الليل مظنة الفساد، ولئلا تُعرِّض نفسها لسوء الظن بها، ويشترط في خروجها من بيتها اجتناب الزينة، وعدم المبيت خارج بيتها.
وبناءً على ما سبق، فإننا نرى أنه لا يجوز لهذه المرأة الخروج لزيارة بيت أخيها، لأن هذه الزيارة ليست ضرورة ولا حاجة في معناها، وليزرها هو في بيتها، لأن الأصل بالنسبة لها عدم الخروج، فتكون الصلة واجبة عليه هو لا عليها، وراجع الفتوى رقم: 9037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14060)
أقوال العلماء في وقت احتساب العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
توفي زوجي رحمه الله يوم 27/6/1422هـ، الساعة السابعة والربع ... فمتى تكون نهاية حدادي؟؟
وهل صحيح أنه يجب أن أخرج في نفس الساعة التي توفي فيها؟
شاكرين لكم تعاونكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينتهي الإحداد بانتهاء عدة الوفاة، وعدة الوفاة تنتهي بمضي أربعة أشهر وعشرة أيام، أو بوضع الحمل إن كان ثمة حمل، وللمعتدة بعد ذلك أن تمس الطيب، وتلبس الزينة، وأن تفعل غير ذلك مما كانت ممنوعة منه زمن الإحداد. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
9037 ويبدأ حساب أشهر العدة عند الحنفية والشافعية والحنابلة من الساعة التي توفي فيها زوجها أو طلقها، وتعتد من ذلك الوقت إلى مثله، واستدلوا بقوله تعالى في حق المتوفى عنها زوجها: (أربعة أشهر وعشراً) [البقرة:234] وفي حق المطلقة الحائل التي لا تحيض (فعدتهن ثلاثة أشهر) [الطلاق:4] وقالوا إن الله حدد العدة بوقت، فلا يجوز الزيادة عليه بغير دليل، وحساب الساعات ممكن: إما يقيناً، وإما استظهاراً، فلا وجه للزيادة على ما أوجبه الله تعالى.
وقال المالكية: تعتد من اللحظة التي توفي زوجها فيها أو طلقها، ولكن لا يحسب يوم الوفاة ولا يوم الطلاق من العدة.
والذي يظهر هو أن مذهب الجمهور هو الراجح، خصوصاً في هذا الزمن الذي يمكن فيه حساب الساعات بدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(13/14061)
المعتدة عن وفاة ... هل تحج أثناء العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
توفي زوج عن زوجته وأقبل موسم الحج ولم تنقض عدة الزوجة. هل يجوز للزوجة أداء فريضة الحج أرجو إفادتي بالإجابة مدعمة بالدليل من الكتاب والسنة
وفقكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمعتدة عدة وفاة يجب أن تبقى في البيت الذي مات عنها زوجها وهي فيه، فلا تخرج لسفر الحج ولا لغيره من الأسفار إلا لضرورة، وليس الحج من ذلك لأن وجوبه مشروط بالاستطاعة، وهي مأمورة بالمكث في بيتها للعدة فليست بمستطيعة، وهذا قول جمهور أهل العلم، وقد دل الدليل على وجوب لزومها بيتها في العدة من القرآن والسنة، أما من القرآن: فقد قال الله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج) [البقرة:240]
وهذه الآية دلت على حكمين:
الأول: أن مدة العدة للمتوفى عنها زوجها سنة كاملة.
الثاني: الواجب بقاء المعتدة في البيت، لقوله تعالى: (غير إخراج) ثم نسخ الحكم الأول وبقي الحكم الثاني. والناسخ له هو قول الله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) [البقرة:234] وأما من السنة: فقد روى أصحاب السنن والإمام أحمد أن الفريعة بنت مالك أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خُدْرة، فإن زوجها قتله أعبدٌ له، فقال لها صلى الله عليه وسلم: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله"
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(13/14062)
حكم المعتدة لو باتت خارج بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما الحكم في امرأه باتت خارج بيتها في أيام العدة وذلك لسبب وفاة أبيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المرأة المعتدة أن تلزم بيتها، فإذا احتاجت إلى الخروج نهاراً ثم تعود لتبيت في بيتها، وراجع الفتوى رقم: 1614، والفتوى رقم: 6943.
وعليه، فلا بأس أن تخرج المرأة المعتدة لأجل وفاة أبيها، ويكون ذلك نهاراً، فإذا كان الليل رجعت فباتت في بيتها، فإن باتت خارج البيت فقد خالفت، وعليها التوبة والاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1422(13/14063)
متى تخرج المعتدة من بيتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز للمرأة المتوفى عنها زوجها الخروج من المنزل للمدرسة (دراسة مسائية لتعليم الكبار- الثانوية العامة) . جزاكم الله خيرا,,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمعتدة من وفاة أو طلاق الخروج من بيتها إلا لضرورة،أو حاجة، لما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجذَّ نخلها، فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: "بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي، أو تفعلي معروفا" وروى البيهقي بسند حسن عن مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلن: يا رسول الله، نستوحش بالليل فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا بادرنا بيوتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، فإذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة إلى بيتها"
وقال الإمام النووي يرحمه الله: (فيجوز للمعتدة عن وفاة الخروج لهذه الحاجات: شراء طعام، أو بيع، أو غزل، ونحو ذلك) وكذا لها أن تخرج بالليل إلى دار بعض الجيران للغزل والحديث، ولكن لا تبيت عندهم، بل تعود إلى مسكنها للنوم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله عن المعتدة من وفاة: (فإن خرجت لأمر يحتاج إليه ولم تبت إلا في منزلها فلا شيء عليها) فكل ما سبق يدل على جواز الخروج للضرورة أو الحاجة ليلاً أو نهاراً للمعتدة، بشرط ألا تبيت خارج منزلها.
وعليه فإن كنت مدرسة ولم تعطك إدارة المدرسة إجازة، وكنت محتاجة للراتب، فلا حرج في الخروج بقدر الحاجة، ثم الرجوع إلى المنزل للمبيت فيه.
وإن كنت طالبة وبحاجة لتلقي العلوم التي تدرسينها، وغيابك يؤثر على مستواك، وربما أدى بك إلى الرسوب، أو لم تعطك إدارة المدرسة إجازة، فهذه أيضاً حاجة تبيح لك الخروج، ويجب عليك الرجوع للمبيت في المنزل كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(13/14064)
المعتدة من وفاة تمنع من الطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل غسل المرأة لشعر رأسها أثناء عدتها بوسائل التنظيف جائز؟ مع العلم أنها معطرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المعتدة من وفاة أن تتطيب بأي نوع من أنواع الطيب، سواء كان عطراً أو بخوراً أو دهناً، وسواء كان مستقلاً أم كان مخلوطاً بغيره من صابون أو نحوه، إلا إذا طهرت من الحيض فلها أن تطيب المحل، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث…الحديث وفيه… ولا تمس طيباً، إلا إذا طهرت، نبذة من قسط أو أظفار" رواه الشيخان من حديث أم عطية رضي الله عنها. وقال في الإشراف (أجمع كل من أوجب الإحداد أن الحادة ممنوعة من الطيب) فحرمة تعطير رأس الحادة إذاً داخلة في هذا الإجماع المستدل عليه بحديث أم عطية المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(13/14065)
عدة الوفاة لا تحتاج للنية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي زوجها في حادث سير وهي بالمستشفى على وشك أن تضع مولودها الجديد فوضعت في اليوم الثاني بعد وفاة زوجها مباشرة فهل تلزمها عدة الوفاة علما أنها لم تنو العدة قبل الوضع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العدة حق لله تعالى، تجب على المرأة متى تحقق موجبها من طلاق أو وفاة، وتترتب أحكامها على المعتدة بمجرد حصول ما يوجبها من غير افتقار إلى نية لها، لا في الابتداء ولا في الانتهاء، ولبيان انتهاء عدة الحامل بمجرد وضع حملها يراجع الجواب رقم: 5267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1422(13/14066)
حكم أداء المعتدة للعمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[امراة توفي زوجها:
هل يجوز لها أن تذهب للعمرة خلال العدة.
هل يجوز لها أن تذهب لزيارة قبر زوجها خلال العدة.
وإذا خرجت لأحد السببين هل يطولها إثم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليها هو أن لا تسافر لا للعمرة ولا لغيرها، وأن تبقى في بيت زوجها حتى يبلغ الكتاب أجله، أي حتى تنتهي عدة الوفاة، لأن المتوفى عنها يجب عليها أن تمكث في بيت زوجها الذي توفي وهي فيه حتى تنتهي العدة.
وزيارة النساء للقبور مطلقاً محل خلاف بين أهل العلم، قال ابن تيمية: (وأما المسألة المتنازع فيها فالزيارة المأذون فيها، هل فيها إذن للنساء ونسخ للنهي في حقهن، أم لم يأذن فيها، بل هن منهيات عنها؟ وهل النهي نهي تحريم أم تنزيه؟ في ذلك للعلماء ثلاثة أقوال معروفة…) ثم قال: (فمن العلماء من اعتقد أن النساء مأذون لهن في الزيارة، وأنه أذن لهن كما أذن للرجال، واعتقد أن قوله صلى الله عليه وسلم:" فزورها فإنها تذكركم الآخرة) خطاب عام للرجال والنساء، والصحيح أن النساء لم يدخلن في الإذن في زيارة القبور لعدة أوجه…إلى آخر كلامه) في الفتاوى الكبرى كتاب الجنائز، زيارة القبور للنساء.
ومثله في شرح النووي لصحيح مسلم عند حديث ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها…"الحديث.
قال النووي: (وهذا من الأحاديث التي تجمع الناسخ والمنسوخ، وهو صريح في نسخ نهي الرجال عن زيارتها، وأجمعوا على أن زيارتها سنة لهم، وأما النساء ففيهن خلاف لأصحابنا، وقدمنا أن من منعهن قال لا يدخلن في خطاب الرجال، وهو الصحيح عند الأصوليين) .
قال ابن حجر: (واختلف في النساء فقيل: دخلن في عموم الإذن، وهو قول الأكثر، ومحله ما إذا أمنت الفتنة، ويؤيد الجواز حديث الباب) ثم قال ابن حجر أيضاً: (وممن حمل الإذن على عمومه للرجال والنساء عائشة، فروى الحاكم من طريق ابن أبي مليكة أنه رآها زارت قبر أخيها عبد الرحمن فقيل لها: أليس قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ قالت: نعم، كان نهى ثم أمر بزيارتها) وقد تقدم في الموضوع جواب محرر خلاصته جواز زيارة المرأة للقبور إن أمنت الفتنة وخرجت مع محرم، وهو تحت الرقم: 3592 فليراجع، ويؤيده ما نقله ابن حجر في الفتح عن القرطبي قال: (ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج، والتبرج، وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك، فقد يقال: إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن، لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(13/14067)
حكم إقامة وليمة وتزين المرأة بعد انتهاء عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم عمل وليمة بعد انتهاء عدة المتوفى عنها زوجها ودعوة الأهل والاصدقاء وتزين المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإقامة وليمة بعد انتهاء عدة المتوفى عنها زوجها، ودعوة الأهل والأصدقاء، وتزين المرأة عند النساء ومحارمها من الرجال، الأصل فيه الإباحة ما لم يصاحبه اعتقاد باطل، أو حدوث أمور لا تجوز، فيحرم عندئذٍ، لأن الأصل في الأشياء الجواز حتى يرد الدليل الشرعي بالمنع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1422(13/14068)
الحكمة من حداد المرأة على زوجها أكثر من حدادها على أحد أقاربها
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة القائمين على هذا الموقع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو حول حداد الزوجة على زوجها:
ماهي الحكمة من مدة حداد الزوجة على زوجها وهي أربعة أشهر وعشرة أيام.؟ بينما لا يحل لها الحداد على غير الزوج من الأهل كالأب والأخ بأكثر من ثلاثة أيام.
وجزاكم الله خير الجزاء
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فالحكمة من منع المرأة من الإحداد على أمها وأبيها فوق ثلاث وإيجابه عليها على زوجها أربعة أشهر وعشر وهو أجنبي عنها، قد حررها ابن القيم في إعلام الموقعين بقوله: " هذا من تمام محاسن هذه الشريعة وحكمتها، ورعايتها لمصالح العباد على أكمل الوجوه، فإن الإحداد على الميت من تعظيم مصيبة الموت التي كان أهل الجاهلية يبالغون فيها أعظم مبالغة، ويضيفون إلى ذلك شق الجبوب، ولطم الخدود، وحلق الشعور، والدعاء بالويل والثبور، وتمكث المرأة سنة في أضيق بيت وأوحشه، لا تمس طيباً، ولا تدهن، ولا تغتسل إلى غير ذلك.. مما هو تسخط على الرب تعالى وأقداره، فأبطل الله سبحانه برحمته ورأفته سنة الجاهلية، وأبدلنا بها الصبر والحمد والاسترجاع الذي هو أنفع للمصاب في عاجلته وآجلته.
ولما كانت مصيبة الموت لا بد أن تحدث للمصاب من الجزع والألم والحزن ما تتقاضاه الطباع، سمح لها الحكيم الخبير في اليسير من ذلك وهو ثلاثة أيام، تجد بها نوع راحة، وتقضي بها وطراً من الحزن. وما زاد عن الثلاث فمفسدته راجحة، بخلاف مفسدة الثلاث فإنها مرجوحة، مغمورة بمصلحتها، فإن منع النفوس عن مألوفاتها بالكلية من أشق الأمور عليها، فأعطيت بعض الشيء ليسهل عليها ترك الباقي، فإن النفس إذا أخذت بعض مرادها قنعت به، فإذا سُئلت تَرْكَ الباقي كانت إجابتها إليه أقرب من إجابتها لو حرمت بالكلية.
ومن تأمل أسرار الشريعة وتدبر حِكَمَها رأى ذلك ظاهراً على صفحات أوامرها ونواهيها، بادياً لمن نظره نافذ، فإذا حرم عليهم شيئا عوضهم عنه بما هو خير لهم منه وأنفع، وأباح لهم منه ما تدعو حاجتهم إليه ليسهل عليهم تركه … وبالجملة فما حرم عليهم خبيثاً ولا ضاراً إلا أباح لهم طيباً بإزائه أنفع لهم منه، ولا أمرهم بأمر إلا وأعانهم عليه، فوسعتهم رحمة، ووسعهم تكليفه. والمقصود أنه أباح للنساء لضعف عقولهن وقلة صبرهن الإحداد على موتاهن ثلاثة أيام. وأما الإحداد على الزوج فإنه تابع للعدة وهو من مقتضياتها ومكملاتها، فإن المرأة إنما تحتاج إلى التزين والتجمل والتعطر لتتحبب إلى زوجها، وترد لها نفسه، ويحسن بينهما المعاشرة.
فإذا مات واعتدت منه وهي لم تصل إلى زوج آخر، فاقتضى تمام حق الأول، وتأكيد المنع من الثاني قبل بلوغ الكتاب أجله، أن تمنع مما تصنعه النساء لأزواجهن، مع ما في ذلك من سد الذريعة إلى طمعها في الرجال، وطمعهم فيها بالزينة والخضاب والتطيب. فإذا بلغ الكتاب أجله صارت محتاجة إلى ما يرغب في نكاحها، فأبيح لها من ذلك ما يباح لذات الزوج، فلاشيء أبلغ في الحسن من هذا المنع والإباحة، ولو اقترحت عقول العالمين لم تقترح شيئا أحسن منه"
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1422(13/14069)
ضوابط خروج المعتدة عن وفاة من بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة مات زوجي عني ولم أكمل من العدة إلا أياماً فهل يجوز لي الخروج لزواج ابنتي ولو وقتاً قليلاً بدون زينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج في خروج المرأة الحادّة لقضاء حوائجها ومصالحها ما لم تخرج إلى معصية، وحضور زواج البنت من المصالح.
وقد ذهب جمهور العلماء، ومنهم أئمة المذاهب الأربعة إلى أن للحادة الخروج من منزلها في عدة الوفاة نهاراً إذا احتاجت إلى ذلك، كما أنه يجوز في الليل أيضا عند جمهور الفقهاء، إلا أنها لا تبيت إلا في بيتها، لكن لابد أن تلتزم اجتناب الزينة، وغيرها مما تمنع منه الحادة، ودليل جواز خروج الحادة لما تدعو إليه الضرورة أو الحاجة ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجدّ نخلها فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم: "فقال بلى، فجدّي نخلك، فإنك عسى أن تصدّقي، أو تفعلي معروفا".
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1422(13/14070)
الكلام مع المعتدة..ضوابطه ... حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاتصال تلفونيا بالمرأة خلال شهور الحبس بعد وفاة زوجها خصوصا أنه ليس هنالك أمرهام للاتصال فقط للسلام عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللمعتدة من الوفاة أحكام بيناها في فتوانا برقم 5554
وليس منها تحريم محادثتها، سواء كان حديثاً مباشراً أم عن طريق الهاتف، وعليه فلا نرى مانعاً من محادثتها سواء كان الكلام هاماً، أم لمجرد السلام فقط. وإذا كان من يكلمها أجنبياً (غير محرم) فإن عليه أن يقتصر في الكلام على ما تدعو إليه الحاجة، وعليها أن لا تلين له القول، شأنها في هذا شأن غير المعتدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1422(13/14071)
حكم خروج المعتدة للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي عنها زوجها بعد مرض عضال أقعده الفراش وأفقده الوعي لمدة عام كامل لا يعرف فيها أحدا وهي الآن تتعالج من شدة المرض عند أحد أبنائها في أمريكا والسؤال هو هل يجوز لها الذهاب للمستشفى وكشف وجهها أثناء التنقل من وإلى المستشفى علماً بأن خروجها للعلاج فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال العلماء أن وجه المرأة عورة، يحرم كشفه أمام الرجال الأجانب إلا لحاجة،
وخروجها للمستشفى للعلاج ليس بحاجةٍ تبيح كشف الوجه، إذ يمكنها الخروج وهي مغطية وجهها، فالمعتدة من وفاة زوجها، يجوز لها الخروج للعلاج حاجة تبيح لها الخروج، لكن وما في معناه مما تدعو إليه الضرورة أو الحاجة، حيث كان مما لا تمكن النيابة فيه، وتعذر وجود من ينوب عنها فيه.
ودليل ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: طلقت خالتي فأرادت أن تَجُدَّ نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"بلى، فجّدي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي، أو تفعلي معروفاً" والمعتدة من وفاة في هذا مثل المتعدة من طلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1421(13/14072)
أحوال المعتدة وحكم كل حالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة حكم المرأة التي في العدة ما لها وماعليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمعتدة إما أن تكون معتدة من طلاق، وإما أن تكون معتدة من وفاة، فإن كانت معتدة من طلاق، فإما أن يكون الطلاق رجعياً، وإما أن يكون بائناً، فإن كان رجعياً ترتب عليه الأحكام التالية:
1- وجوب السكنى.
2- وجوب النفقة بأنواعها من مؤنة، وملبس، وغير ذلك، سواءً كانت حاملاً، أو حائلاً (غير حامل) ، وذلك لبقاء سلطان الزوج عليها، وانحباسها تحت حكمه، حيث يمكنه أن يراجعها ما دامت في العدة.
3- يحرم عليها التعرض لخطبة الرجال، إذ هي لا تزال حبيسة على زوجها، وهو الأحق بها دون سائر الرجال، قال تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً) [البقرة: 228] ، وقد عرف العلماء الرجعة بأنها: عود المطلقة للعصمة جبراً عليها.
4- وجوب ملازمتها بيتها الذي تعتدُ فيه، فلا تخرج إلا لحاجةٍ، كشراء حاجاتها لعدم من يقوم لها بذلك، لقوله
تعالى: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) [الطلاق: 1] .
أما إن كانت معتدة من طلاق بائن فلها حالتان:
فإما أن تكون حاملاً، وإما أن تكون حائلاً.
فإن كانت حاملاً ترتب على طلاقها الأحكام التالية:
1- وجوب النفقة لها، لقوله تعالى: (وإن كنَّ أولات حملٍ فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) [الطلاق: 6] . وقال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس وكان زوجها قد طلقها تطليقة كانت بقيت لها: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً" رواه أبو داود.
2- يحرم عليها أن تتزوج ما دامت معتدة لقوله تعالى: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) [البقرة: 235] وحكى ابن عطية الإجماع على ذلك.
أما إن كانت المعتدة البائن حائلاً (غير حامل) :
فلا نفقة لها، ولا سكنى، ويحرم عليها أن تنكح حتى تنقضي عدتها، لقوله تعالى: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) .
أما إن كانت المعتدةُ معتدةً من وفاة زوجها فيلزمها أمور:
1- الإحداد وقد تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 5554
2- ملازمة بيتها الذي تعتد فيه، روى الترمذي وأبو داود وغيرهما عن زينب بنت كعب بن عجرة أن الفُريْعَةَ بنت مالك بن سنان ـ وهي أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وعنها- أخبرتها أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خُدْرة، وأن زوجها خرج في طلب أعبدٍ له أبقوا، حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم، فقتلوه. قالت: "فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي. فإن زوجي لم يترك لي مسكناً يملكه، ولا نفقة. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم". قالت: فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أمر بي فنوديت له، فقال: كيف قلت؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي قال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته. فاتبعه وقضى به".
3- يحرم عليها أن تتزوج مادامت في العدة لقوله تعالى: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(13/14073)
الحكمة من اختلاف عدة الوفاة عن عدة الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا تعتد المرأة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام في حين تعتد المرأة المطلقة طلاقا بائنا بينونة كبرى ثلاثة أشهر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب علينا أولاً أن نعرف أنه ما من أمر شرعه الله تعالى وأمر به، إلا ومن ورائه حكمة بالغة علمها من علمها، وجهلها من جهلها. وإذا لم ندرك نحن حكمة لأمر ما من الأمور التي أمر الله بها، فليس ذلك دليلاً على أنه لا حكمة له، وإنما ذلك دليل على قصورنا نحن، وعجز عقولنا.
ثم إننا نقول للسائل الكريم: إن العدة بكل أنواعها فيها حكمة معقولة لنا، وهي التحقق من براءة الرحم، لئلا تختلط الأنساب، وفيها معنى تعبدي يجب الوقوف عنده، والانصياع لأمر الله عز وجل فيه. ثم بعد ذلك نتأمل: لماذا تعتد المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر؟.
الجواب ـ والله تعالى أعلم ـ أن الله تعالى أوجب على المرأة بعد فراق زوجها إياها أن تنتظر مدة من الزمن لا تخطب فيها ولا تنكح إظهاراً لحق لزوجها، وتحققيقا لبراءة رحمها، ولما كان سبب الفراق إما موت الزوج أو طلاقه. فقد اقتضت حكمة الله تعالى البالغة، وعدله الشامل أن تكون تلك المدة ـ في حالة الوفاة التي صاحب الحق فيها ليس موجوداً ـ أمراً ظاهراً يستوي في تحقيقه القريب والبعيد، ويحقق الحيض الدال على براءة الرحم، وحدد بأربعة أشهر وعشر لأن الأشهر الأربعة ثلاث أربعينات، وهي المدة التي تنفخ فيها الروح في الجنين، ولا يتأخر تحركه عنها غالباً، وزيد إليها عشرة أيام لظهور تلك الحركة ظهورا بيناً. وأيضا فإن هذه المدة هي نصف مدة الحمل المعتاد تقريبا، وفيها يظهر الحمل ظهوراً بيناً، بحيث يعرفه كل من يرى. أما في الطلاق فلما كان صاحب الحق موجوداً، قائماً بأمره، مناقشا عن حقه، أمرت المرأة أن تعتد بأمر تختص هي بمعرفته، وتؤتمن عليه، ولا يعرف إلا من جهتها، وهو الأقراء. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1421(13/14074)
من أحكام الإحداد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا الآن في شهور العدة عندي إخواني لكن الصراحة ما يشترونه لأطفالي لايعجبني كحاجات المدارس وغيرها من حاجات كما أنه توجد لي مراجعات للطبيب مما يدعوني أن أحتك بالرجال الرجاء أنا كل ما أسأل إمام مسجد يعطيني جواباً مختلفاً مع العلم أني خرجت بعض المشاوير فإذا كان توجد كفارة أو ماذا أفعل؟ وخروجي كان قبل الغروب، ومراجعة للمستشفى واشريت حاجات الأطفال أرجو الإفادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها الإحداد مدة العدة، وللإحداد أحكام تجب مراعاتها، نوجزها في خمسة أمور:
الأول: لزوم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، فتقيم فيه حتى تنتهي العدة، وهي أربعة أشهر وعشراً لقوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) [البقرة: 234] إلا أن تكون حبلى فعدتها تنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق:4] ولا تخرج من بيتها إلا لحاجة أو ضرورة كمراجعة المستشفى للعلاج، وشراء حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك.
الثاني: ليس لها لبس الجميل من الثياب (فلا تلبس ثياباً تعد ثياب زينة) .
الحكم الثالث: ألا تتجمل بالحلي بجميع أنواعه من الذهب والفضة، والماس واللؤلؤ وغيره، سواء كان ذلك قلائد أو أساور أو غيرها حتى تنتهي العدة.
الرابع: ألا تتطيب بأي نوع من أنواع الطيب سواء كان بخوراً أو دهناً إلا إذا طهرت من الحيض فلها أن تستعمل الطيب في المحل الذي فيه الرائحة الكريهة.
والحكم الخامس: ألا تتزين في وجهها أو عينها بأي نوع من أنواع الزينة أو الكحل، والأمور التي يستطيع غيرك القيام بها مما لو قمت أنت به استلزم ذلك خروجك من البيت لا تقومين بها أنت، بل كلفي من يلبي طلباتك.
ولا حرج في كلامك مع الرجال مادام في حدود الأدب والاحتشام، وإنما النهي عن الخضوع بالقول، قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) [الأحزاب:32] وينبغي أن يعلم أن كلام المرأة للرجل يكون في حدود الحاجة، وليس لذلك الأمر علاقة بالعدة، وإذا حدثت مخالفة من المعتدة وفعلت ما ينبغي لها تجنبه فعليها الاستغفار والتوبة وعدم تكراره، وليس له كفارة غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14075)
تختلف عدة المتوفى عنها زوجها باختلاف حالها.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عدة المرأة المتوفى زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة المتوفى عنها زوجها إما أن تكون حاملاً وإما أن تكون غير حامل، فإن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بوضع حملها لقوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق:4] ولما رواه المسور بن مخزمة أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نفست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فأذن لها فنكحت"والحديث في الصحيحين وفي لفظ "أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة" وفي لفظ لمسلم، قال ابن شهاب: " ولا أرى بأساً أن تتزوج حيث وضعت وإن كانت في دمها غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر".
وأما إن كانت المتوفى زوجها غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام قال تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) [البقرة:234] ويجب على المعتدة بالوفاة ترك الزينة والطيب ولبس الحلي ولبس الملون من الثياب والمزركش، لما فيه من الزينة. وكذا عليها ألا تكتحل.
فعن أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً: المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل، رواه النسائي.
ولا تخرج من بيتها إلا لعذر أو حاجة لقوله صلى الله عليه وسلم: "امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله" رواه الخمسة، فإن كان ثم عذر أو حاجة جاز لها الخروج من بيتها نهاراً لحاجتها تلك، كخروج لعلاج أو سعي على نفس أو أولاد أو نحو ذلك، ولها أن تذهب إلى بيت أهلها إن كانت تستوحش في بيت زوجها إذا لم يكن معها فيه أحد، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم "اخرجي فجذي نخلك" رواه أبو داود وغيره، وروى مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن يا رسول الله: نستوحش بالليل فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا بادرنا بيوتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة إلى بيتها " ولا تخرج من بيتها ليلاً إلا لضرورة ولها أن تقابل وتحادث من الرجال من كانت تقابلهم وتحادثهم حال حياة زوجها من محارمها. ... ... ...
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/14076)
عدة المتوفى عنها زوجها بوضع حملها أو بتربص أربعة أشهر وعشرا
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفي عنها زوجها كم هي فترة الحداد الواجبة عليها وعدم خروجها من البيت والمبيت في مكان غير بيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة المتوفى عنها زوجها إن كانت حاملاً فعدتها بوضع حملها، وإن كانت غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشراً، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة. ... قال تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) . [البقرة: 234] . وهذا من غير الحامل، وأما الحامل فثبت أن سبيعة الأسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حللت فانكحي من شئت ". [رواه النسائي وأصله في الصحيحين] . ... وعن عمر رضي الله عنه قال: " لو وضعت وزوجها على السرير حلت " أي خرجت من عدتها وجاز لها النكاح. ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14077)
المقصود من عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المقصود بالعدة بالنسبة للزوجة المتوفى زوجها؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
المقصود بالعدة بالنسبة للمرأة المتوفى عنها زوجها هو: أنها تنتظر فلا تتزوج ولا تخطب تصريحاً حتى يستبري رحمها بأحد أمرين:
الأول: إن كانت حاملاً فبوضع الحمل لقول الله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق: 4] .
الثاني: إن كانت غير حامل، فبأربعة أشهر وعشرة أيام لقوله تعالى: (والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) [البقرة: 234] . والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14078)
أحكام تتعلق بزوجة الغائب والمفقود
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم تحية طيبة وبعد: رجل تزوج قبل 3 سنوات وبعد شهر من الزواج سافرإلى أمريكا اللاتينية وانقطعت أخباره طول هذه المدة ويئس الأهل من رجوعه ومن المتوقع أنه مات ولكن الشيء الذي حدث أن أخ المفقود قد تزوج امرأة المفقود فهل يصح في الإسلام مثل هذا الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا غاب الرجل من امرأته لم يخل من حالين:
أحدهما: أن تكون غيبته غيبة غير منقطعة، يعرف خبره، ويمكن الاتصال به، فهذا ليس لامرأته أن تتزوج بإجماع أهل العلم، إلا أن يتعذر الإنفاق عليها من ماله فلها أن تطلب من القاضي فسخ النكاح، فيفسخ نكاحه.
الحال الثاني: أن يفقد وينقطع خبره، ولا يعلم له موضع، فهل لزوجته أن تتزوج من غيره؟ اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:
1 - مذهب الحنفية والشافعية وهو القول الجديد للشافعي:
أن امرأة المفقود لا تتزوج حتى يتبين موته أو فراقه لها، وحجتهم من ذلك ما روى المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "امرأة المفقود امرأته حتى يأتي زوجها ".
وروى الحاكم وحماد عن علي: " لا تتزوج امرأة المفقود حتى يأتي موته أو طلاقه ".
2 - مذهب الحنابلة: والمعتمد عندهم التفصيل في غيبته:
أ - فإن كانت غيبته ظاهرها الهلاك كالذي يفقد بين أهله ليلاً أو نهاراً، أو يخرج إلى الصلاة فلا يرجع أو يمضي إلى مكان قريب ليقضي حاجته ويرجع، فلا يظهر له خبر، أو يفقد بين الصفين في القتال، أو ينكسر بهم مركب بحري فيغرق بعض رفقته، أو يفقد في مهلكة كبرية موحشة، فتتربص زوجته أربع سنين، ثم تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وتحل بعدها للأزواج، ولا يتوقف ذلك على حكم حاكم ولا إلى طلاق ولي زوجها، بل متى مضت المدة والعدة حلت للأزواج.
ولهم تفصيل فيما إذا عاد الزوج المفقود.
ومستندهم في ذلك ما روي عن عمر رضي الله عنه، أنه جاءته امرأة فقد زوجها، فقال: تربصي أربع سنين، ففعلت، ثم أتته فقال: تربصي أربعة أشهر وعشراً، ففعلت، ثم أتته فقال: أين ولي هذا الرجل؟ فجاؤوا به، فقال: طلقها، ففعل، فقال عمر: تزوجي من شئت. رواه الأثرم والجوزجاني والدارقطني.
ويروى هذا أيضاً عن عثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير. قال أحمد: خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو القول القديم للشافعي.
ب: وإن كانت غيبته ظاهرها السلامة كسفر التجارة في غير مهلكة، والسفر لطلب العلم أو للسياحة، فالمذهب أنها تتربص تسعين عاماً من يوم ولد، ثم تعتد، ثم تحل للأزواج.
3 - مذهب المالكية: والمفقود عندهم إما أن يكون مفقوداً:
1 - في دار الإسلام
2 - أو في بلاد الكفر
3 - أو بين الصفين في قتال بين المسلمين
4 - أو بين الصفين في قتال بين المسلمين والكفار
فالمفقود في بلاد الإسلام يؤجل له أربع سنين بعد البحث عنه والعجز عن خبره، ثم تعتد زوجته.
والمفقود بأرض الشرك كالأسير، وحكمهما أن تبقى زوجتاهما لانتهاء مدة التعمير وهي سبعون سنة على الراجح.
والمفقود في الفتن بين المسلمين تعتد زوجته بعد انفصال الصفين.
والمفقود في القتال بين المسلمين والكفار يؤجل سنة بعد النظر والكشف عنه ثم تعتد زوجته.
وقالوا:
إن زوجة المفقود في بلاد الكفر تبقى إلى التعمير وهو بلوغ زوجها سبعين سنة بشرط دوام النفقة، فإن لم تجد نفقة فلها طلب الطلاق، وكذا لو خشيت الزنا.
وبعد العرض لأقوال المذاهب المتبعة، فالحاصل أن زواج المرأة قبل مضي أربع سنين - على فرض أن غيبة الزوج ظاهرها الهلاك - لا يصح، ويجب فسخ هذا النكاح عند الحنابلة، وكذلك عند المالكية، فيما إذا كان فقده في بلاد الإسلام.
ولهذا نقول: ما أقدمت عليه المرأة من الزواج بأخي زوجها بعد ثلاث سنوات منكر ظاهر، ويلزمها فسخ هذا النكاح، والرجوع في ذلك إلى المحكمة الشرعية في بلدهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14079)
لا يجوز للمتوفى عنها زوجها الخروج من بيتها أثناء العدة إلا للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والد زوجتي فى مصر ونريد إحضار والدتها للإقامة معنا بالمملكة ولأداء العمرة وأخبرنا البعض بأنها لا يمكن أن تغادر بيتها إلا بعد 3 أشهر كفترة حداد علما بأن لها ابنتين فى مصر. فما هو الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فلا يجوز للزوجة المتوفى عنها زوجها أن تخرج من بيت الزوجية حتى تقضي عدتها إلا لضرورة كعدم الأمن على نفسها فيه أو لحاجة لا تجد من يقوم لها بها. وعدة المتوفى عنها وضع حملها إن كانت حاملا لعموم قول الله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق:4] وتربص أربعة أشهر وعشراً إن كانت غير حامل لقول الله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً…) [البقرة:234] وليست العدة ثلاثة أشهر كما ذكرت، فعلى والدة زوجتك أن تقيم في بيت زوجها حتى تقضي عدتها فإذا انقضت عدتها فلا حرج أن تستقدموها بشرط أن لا تسافر إلا مع ذي محرم كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14080)
من أحكام عدة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أرملة توفى زوجها منذ أسبوعين وتعيش حالياً مع أطفالها: ولدين وبنت في بيت واحد مع أخي زوجها المتوفى وعائلته حيث إن ظروفها لا تسمح لها أن تعيش في بيت منفصل وحيث إنها في فترة العدة حالياً وتعاني من مرض الربو، وإنها ومنذ وفاة زوجها تعيش في غرفتها ولا تخرج ولا تقابل أحداً مما زاد مرض الربو عندها فهل يجوز لها أن تخرج وتجلس وتقابل أخا زوجها في وجود أهله وأولاده وأولادها نظراً للظروف المذكورة سابقاً وماذا يجب عليها أن تفعل؟ أفيدونا أفادكم الله ... للعلم المنزل الذي تجلس فيه منزل صغير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فجلوس المرأة المتوفى عنها زوجها مع الرجال ومقابلتها للرجال لا علاقة له بالعدة فما كان جائزاً من ذلك قبل دخولها في العدة جاز لها وهي في العدة أو بعدها وما لا يجوز من ذلك قبل العدة لا يجوز فيها ولا بعدها. ويجب على المتوفى عنها أن تلزم بيتها ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة ولا يعني ذلك أنه يجب عليها أن تلزم غرفة واحدة وتعتزل الناس بل يجوز لها أن تنتقل داخل البيت وخاصة إذا كانت تتضرر من بقائها داخل هذه الغرفة كما ذكرت من حال هذه المرأة عافاها الله تعالى. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14081)
عدة الوفاة لها مقاصد شرعية، ولا يقع على المرأة ظلم في ذلك.
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول بعض من لا علم عنده إن الإسلام ظلم المرأة، ويقول بزعمه إن الرجل إذا ماتت امرأته لا يعتد عليها بل يمكن أن يتزوج من أول يوم تموت فيه في حين المرأة تقعد الشهور الطوال إذا مات زوجها فما الرد على كلامه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لا يتصور أن يقول مسلم: 1. الإسلام ظلم المرأة، فهذا قدح في عدل الله تعالى وحكمته وتشريعه. وقاعدة الإيمان تقوم على التسليم المطلق لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. ولو جهل الإنسان الحكمة من أمر الشارع لم يكن له الاعتراض لقوله تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) [الأنبياء: 23] . والمرأة على وجه الخصوص لم تحظ بشيء من التكريم والتقدير مثلما حظيت به في ظل الإسلام، كرمها أما وبنتا وأختا وزوجة، وجعل الجنة تحت قدميها، ورغب في تربية البنات والإحسان إليهن. والعدل لا يعني المساواة في كل شيء، بل العدل هو وضع الشيء في موضعه، وإعطاء كل إنسان ما يناسبه وفق علم الله تعالى وحكمته. ولهذا لم يسوى بين الرجال والنساء في الإرث، وأبيح للرجل أن يجمع بين أربع من النسوة، ولم يبح للنساء ذلك، وفي هذا من الحكم البالغة والمصالح العظيمة ما يعرفه أولو الألباب. ومن هذا الباب ما ذكره الأخ السائل فإن كون الرجل لا يعتد لوفاة زوجته والمرأة تلزم بذلك إذا مات زوجها حكم جاءت به الشريعة ونطق به الكتاب العزيز، قد نعلمها وقد لا نعلمها. ومما يدرك في هذا الباب أن المرأة يحتمل أن تكون حاملاً فلو تزوجها رجل فأتت بولد نسب إليه وليس هو بأب له ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد لأنه سيرثه ويطلع على بناته وأخواته، وينقطع إرثه من أبيه فالله جل وعلا خلق الإنسان وهو أعلم بما يصلح له (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [الملك: 14] . والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1421(13/14082)
تنتهي عدة الحامل المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تنتهي عدة التى توفى عنها زوجها بولادتها إن كانت حاملا أم تكمل 4شهور و10 أيام؟ وجزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
المرأة المتوفى عنها زوجها وهي حامل تنتهي عدتها بوضع الحمل ولو بعد وفاة زوجها بلحظة والدليل على ذلك قوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) فهذا عام في كل حامل سواء كانت متوفى عنها أو مطلقة ولحديث سبيعة الأسلمية - وهو في الصحيحين - أخبرت: (أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها ما لي أراك تجملت للخطاب ترجين النكاح فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي) .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(13/14083)
بعض أحكام المرأة المتوفى عنها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[كم مدة العدة للمرأة المتوفى عنها زوجها؟ وما الواجب عليها الالتزام به وما الواجب تجنبه من ملابس ومقابلة أشخاص والخروج من البيت؟ وماهي الضرورات التي تبيح مخالفة ذلك؟ والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالمرأة المتوفى عنها زوجها عدتها أربعة أشهر وعشر إن كانت غير حامل لقول الله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) [البقرة: 234] . وأما إن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بوضع حملها لما ثبت في سنن النسائي أن سبيعة الأسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: " حللت فانكحي من شئيت " وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إذا وضعت ما في بطنها وزوجها على السرير قبل أن يدلى في حفرته فقد انقضت عدتها. والأثر في السنن الكبرى للبيهقي وسنن سعيد بن منصور. وعلى هذا الأئمة الأربعة. ويجب عليها أن تلزم بيتها وأن تجتنب الطيب والزينة ولا تخرج من بيتها إلا لضرورة أو حاجة لا تجد من يقوم لها بها مثل أخذ نفقة أو طلب علاج أو نحو ذلك. والله أعلم.ز
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1422(13/14084)
المطلقة على الإبراء من جميع حقوقها المادية لا تستحق المتعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أحسب نفسي على التزام ـ إن شاء الله تعالى ـ وقد تزوجت منذ تسعة أشهر بأخت ملتزمة ـ إن شاء الله ـ هذه الأخت كانت تعيش في بيت أهلها مع ولدها الذي كانت أنجبته من زواج سابق، وحين اتفقنا على الزواج كان شرطي الوحيد هو أن يظل الولد مع أهلها، وتم الاتفاق على هذا، وتم الزواج والحمد لله.
وبعد تسعة أشهر من الزواج الصالح أصرت على أن يأتي ولدها للعيش معنا، وقد رفضت هذا الأمر، وأدى في النهاية إلى طلاقها.
هذه الأخت أيضا كانت تعلم مواصفاتي الجسدية في الزوجة التي أريدها عن طريق أمي قبل الزواج، وبعد الزواج اكتشفت أنها تفتقد بعض المواصفات، وتلك المواصفات أساسية بالنسبة لي ولكني لم أتركها لأنني متأكد أنها لم تتعمد أن تغشني، ولكنها من الممكن أن تكون قد نسيت، وفي جميع الأحوال كنت غير راض فيما بيني وبين نفسي.
وفي لحظة الطلاق كانت تقول لي: طلقني ولا أريد منك أي مال، وكررتها مرارا وبهدوء وليس بعصبية مفقدة للعقل، وقد طلقتها بناء على ما قالته من أنها لا تريد شيئا، وهذا ما كان في نيتي حيث إنني لم أكن سأطلقها لو لم تقل هذا؛ لأني لا أستطيع الدفع المادي لها، وكان سبب الطلاق ولدها، ولكنها قالت إنها لم تكن تعلم أني حين طلقتها كان بناء على تنازلها عن حقوقها المادية في الجملة التي قالتها، وقد طلبت مني تلك الحقوق بعد الطلاق فذكرتها بتنازلها، ولكنها لم تقتنع فقررت أن أعطيها كل مهرها؛ لأنها كانت زوجة صالحة معي، ولأني كنت صالحا أيضا معها، وأحببت أن يكون ختام حياتنا الزوجية خيرا ومعروفا وإحسانا.
ولكنها الآن تطلب نفقة المتعة وهو مبلغ كبير، وقالت لي قسطه إذا تعذر عليك دفعه، ولكني غير مقتنع أن لها حقا في نفقة المتعة أصلا للأسباب التي سبق ذكرها.
فهل تستحق نفقة المتعة؟ وهل نفقة المتعة واجبة أصلا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الحديث عن المتعة وخلاف العلماء فيها مفصلا في الفتوى رقم: 30160، ونظرا لاختلاف العلماء في وجوبها وعدمه، وكذا اختلافهم فيمن تستحقها، وهل هي حق لكل مطلقة أو تختص ببعض المطلقات دون بعض؟ فإنا نوصي دائما برفع الأمر إلى القضاء، فإنه هو المخول بفض النزاعات وفصل الخصومات.
هذا عن المتعة على وجه العموم. أما بخصوص زوجتك هذه فلا تستحق المتعة إذا كان طلاقها قد وقع على الإبراء من جميع حقوقها المادية، ومن ضمنها المتعة.
وراجع حكم الطلاق على الإبراء في الفتوى رقم: 66068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(13/14085)
حكم المتعة للمطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ تزوج على زوجته من غير علمها. المهم لم يسترح مع زوجته الثانيه فطلقها، كانت مدة زواجه سنه، وكان للزوجة مؤخر 5000 الآف جنيه، وعرض عليها متعه 2000 لم ترض، وقالت له: أريد 70 ألف، فقال لها: ما يريحك.
مرت عدتها من شهور ولم تطالب بأي شيء.
ما الحل، هل يكون قد ظلمها، وللعلم لم يكن هناك أولاد بينهما؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللازم لها والواجب عليه هو أن يدفع إليها مؤخر صداقها وهو 5000 جنيه كما ذكر، ويكون ديناً في ذمته حتى يؤديه ما لم تسقطه المرأة وتتنازل عنه، وأما المتعة فلا تجب عليه، لكنها مستحبة على الراجح حسب الوسع والطاقة، لقوله الله تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ {البقرة:236} ، وقوله تعالى: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ {البقرة:241} .
وللفائدة في انظر الفتوىين رقم: 18915، 30160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(13/14086)
متعة المطلقة.. تعريفها.. تقديرها.. وشروط استحقاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تحسب نفقة المتعة للمطلقة فأنا طلقت بعد زواج 12 عاما واتفقنا أنا وزوجي أن يعطيني مبلغا من المال هو نفقتي مقابل أن أتنازل عن عفشي وأبرئه أمام المأذون وأنا لي أشياء خاصة بي لا يريد إعطائي إياها فهل هذا من حقه.............. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتعة هي: اسم لمال يدفعه الرجل لمطلقته التي فارقها، بسبب إيحاشه إياها بفرقة لا يد لها فيها غالبا.
قال تعالى: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ {البقرة:241} . وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا {الأحزاب:28} .
ويرجع في تقديرها إلى أحوال الزوج المالية مع مراعاة العرف، أما حال الزوج فلقوله سبحانه: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ {البقرة:263} . وأما اعتبار العرف فلأن الله سبحانه يقول: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ {البقرة:241} .
ومن الممكن أن يتم التراضي على المتعة بين الطرفين، فإن حدث خلاف ومشاحة فليرفعا الأمر إلى القاضي ليفصل فيه.
وقد اختلف الفقهاء فيمن يستحقها، والذي يترجح من أقوالهم أنها تجب لكل مطلقة سواء كان الطلاق قبل الدخول أم بعده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتجب المتعة لكل مطلقة، وهو رواية عن الإمام أحمد نقلها حنبل وهو ظاهر دلالة القرآن.
ويشترط لاستحقاق المتعة ألا يكون الطلاق بسبب من المرأة، وألا يكون على الإبراء.
وعليه؛ فما دمت أيتها السائلة قد اتفقت مع زوجك على أن يعطيك مبلغا من المال مقابل نفقتك بمعنى متعتك فقد برئ من حق المتعة المطالب به، أما عفشك وأثاثك الخاص بك فإما أن تهبيه له بطيب نفس منك أو يسلمه لك، وليس من حقه أن يأخذه بعوض أو بغير عوض بغير طيب نفس منك؛ إذ لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه، ومثل ذلك النفقة الواجبة بسبب النكاح إذا كنت رجعية أو حاملا فهي حق لك يجب على الزوج أن يؤديه إلا إذا تنازلت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(13/14087)
حكم متعة الطلاق ومقدارها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم إجابتي على هذين السؤالين اللذين أنا في أمس الحاجة للإجابة عنهما:
ماهو حكم متعة الطلاق في الإسلام؟ ماهو مقدارها؟ خصوصا في حالتي أنا حيث طلقت زوجتي بعد أن استحالت العشرة بيننا ولم تُجد محاولات الإصلاح التي قام بها أشخاص فضلاء حكماء..
وسأكون صريحا مع فضيلتكم.. حيث إنني مررت بوقت عصيب ماديا ولكن زوجتي لم تقف بجانبي بل عمقت عندي هذه الأزمة المادية بطلباتها الكمالية -والتي بالنسبة إليها تعد ضرورية مثل تقويم الأسنان بجهاز متطور وشراء بعض الأجهزة المنزلية..- وقد حاولت أن أجد لها مكانا في قلبي ولكنني لم أستطع.. فقد كرهتها ولم تعد لي بها أي رغبة على الإطلاق.. والسبب أنني أنظر للزوجة على أنها يجب أن تكون سكنا وحضنا لزوجها لا العكس ...
وحتى هي نفسها لم تكن -باعترافها هي- تريد الاستمرار مع إنسان أثقلته الديون ولا يستطيع أن يلبي لزوجته كل طلباتها حتى ولو كانت تعجيزية بالنسبة إليه ... أما الأمور العادية التي تحتاجها كل أسرة عادية فموجودة والحمد لله بشهادة كل من يعرفنا.
وعندما لجأت إلى القضاء كي أطلقها نجحتْ نجاحا باهرا في أن تصور نفسها على أنها هي المظلومة وأنني قد تعسفت في إيقاع الطلاق.. كل ذلك من أجل أن تعوضها المحكمة تعويضا كبيرا.. مما جعلني -تحت الإكراه- أرجعها إلى البيت وأتنازل عن الطلاق.. وقد مر على هذا حوالي شهرين ولا تزيدني الأيام لها إلا كرها وبغضا وهي تستفزني لعلي أرتكب خطأ في حقها لتثبت مظلوميتها إلا أن الله من علي بنعمة الحلم ...
لا أريد أن أخوض في مشكلتي هذه رغم يقيني بسعة صدركم، ولكنني أريد أن تقدروا لي متعة الطلاق حتى أحاول إقناعها بطلاق اتفاقي بيننا لعلها تقتنع.
وأحيطكم علما بأننا قضينا سنتين من الزواج، ولا أولاد بيننا، وهي نفسها ترغب في الطلاق، ولا أستطيع الانتظار طويلا لزواج جديد، وحالتي المادية صعبة للغاية -حيث أعمل مدرسا وتورطت في قرض أنهكني لدرجة كبيرة- ويصل إجمالي الديون التي في ذمتي أكثر من 40.000 درهم (4000 دولار) . والمبلغ الذي تقضي به المحكمة لأمثالي أكثر من نصف الديون التي علي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقوع الطلاق شرعا غير مرتبط بحصوله عند محكمة ولا يمكن إلغاؤه بعد وقوعه، لكن إن كنت قد طلقت زوجتك طلقة واحدة أو اثنتين قبل الحضور إلى المحكمة فلك مراجعتها والاستمرار في البقاء معها مادمت عاجزا عما يترتب على طلاقها من مصاريف.
والمتعة قد اختلف أهل العلم في حكمها فبعضهم قال بوجوبها والبعض باستحبابها، والقول الراجح أنها تكون بقدر طاقة الزوج غنى وفقرا، وبالتالي فينبغي بذل الجهد في سبيل إقناع الزوجة بقدر هذه المتعة مع الاستعانة بمن يمكن أن يكون له تأثير عليها من أهلها أو غيرهم في حالة طلاقها.
نسأل الله تعالى أن يفرج كربتك، وأن يقضي دينك، وييسر أمرك، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 61564، 49805، 38704، 30160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1428(13/14088)
لا يعاقب الأب بذنب ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب من سوريا, أسرتي تعيش في سوريا, ولي أخت كانت متزوجة في المدينة المنورة
من رجل سعودي الجنسية , ولها منه ثلاثة أطفال , وكان من شرط الزواج ولو أنه لم يكتب في المهر, أن تمارس أختي التدريس كونها حاملة لشهادة جامعية , ولسبب آخر تجدد بعد الزواج
وهو الفراغ الذي كانت تعانيه في حياتها, هذا الفراغ أتى من وجهين الأول أن زوجها صاحب أسرة ثانية وبسب الغربة من الوجه الآخر, فطلبت من زوجها أن يعينها على إيجاد عمل تنفيذا لوعده, فماطل كثيرا ولم يستجب وبدأت المشاكل بينهما, ومن جهة ثانية كان والدي وأبو الزوج لهما قطعة أرض مناصفة بهدف التجارة, وبالموافقة تم بيع هذه الأرض وأراد أبي أن يعطيه نصيبه من ثمن الأرض, فأرسل له أخي ليعطيه حقه كاملا, وتم الاتفاق بين أخي وأبي زوج أختي أن يعمل أخي في هذا المال بالتجارة والمربح مناصفة ولا دخل لوالدي بذلك حيث إن أبي كلمه فقال له أبو الزوج هذا بيني وبين ابنك، قام أخي بشراء قطعة أرض جديدة بهذا المال ومن ماله الخاص أيضا بهدف التجارة استغل الزوج هذه القضية في ضوء المشاكل بينه وبين أختي وقام بتحريض والده على أن يطالب في ماله, فعرض أخي الأرض للبيع, ولم يأت أي زبون لشرائها وحاول أهلي أن يعطوهم حقهم, ولكن الأوضاع المادية لا تسمح وبدأ الجور على أختي من هذه الناحية, حيث قال لها زوجها إن أهلك يريدون أكل مال أبي حتى أبوه أيضا قال لها نفس الكلام, وبدأت المقاطعة من أهل الزوج كلهم حتى أخواته البنات اللواتي كانوا يسلونها في غربتها ,حتى إن زوجها قطعها أيضا ولم يعد يأتي للمنزل
قررت أختي أن تسافر في زيارة عندنا في سوريا, وهناك أفهمت أهلي الوضع مع زوجها ومشكلة الأرض, فقام أبي بوضع ملكية الأرض كلها والتي لأخي نصفها في حوزة أختي, وذلك ليثبت لهم أننا لا نريد أكل مالهم, وقررت أختي أن لا ترجع إلى زوجها حتى تباع الأرض وتأتي بحق عمها معها, وذلك بسب سوء معاملتهم لها بهذه المسألة, وبقيت في سوريا ستة أشهر إلى أن أتى زوجها وقال لها خلاص ارجعي وأعدك أن لا أكلمك في أمر الأرض أبدا, وحتى والده وعدها بنفس الشيء, وأيضا جدد لها الوعد في قصة التدريس وشهد أبوه بذلك, ومسألة ثالثة وعدها بها وهي أن تبقى في شقتها التي تعيش فيها منذ زواجها به, والتي هي ملك لوالده, وكل هذه الوعود بشهادة أبيه، وعندما رجعت إلى بيتها, بدأت المشاكل حيث إنه لم يف بأي عهد ولا أبوه كذلك, وتجددت سيرة الأرض وحرض الزوج أباه على أن يخرجها من شقته لكي يسكنها كما قال (تحت قدميه) حيث إنه كان يملك بيتا من طابقين تعيش فيه أسرته الأولى في الطابق العلوي.
وسبب رفض أختي صراحة للسكن في بيته هو أنه في العمارة التي تقع شقتها بها يوجد أهل الزوج وأخواته البنات والتي كانت تتونس معهم وخاصة أنه ليس لها أهل فهي في غربة. وتوالى الظلم عليها من الزوج وأهله كلهم.
قرر أبي وأمي أن يقوما بالعمرة وهما لا يعلمان عن تطور الأحداث شيئا وعندما وصلا لبيت أختي وجدوا المشاكل وحاولوا حلها فلم يستطيعوا فعل شيء وعندما رجعوا, وصل الأمر أنه في عيد الفطر لم يدخل بيت أختي أحد وزوجها قاطعها, ولم يأت لبيته, وأمر أبو الزوج بإخلاء شقته؛ فعندها طلبت أختي الطلاق على أن تبقى كمربية لأطفالها الثلاث ويشرف على متطلباتها ومصاريف الأطفال أبوهم, فلم يرض الزوج بذلك, فطلبت السفر لسوريا بقصد الراحة وسافرت بدون أطفالها الصغار, وأكبرهم بنت عمرها كان ست سنوات وأوسطهم ولد عمره أربع سنوات وهو مريض منذ ولادته وبحاجة إلى عناية خاصة كما قال الأطباء وأصغرهم بنت عمرها سنتان آنذاك, ولم يتوصل إلى حل بينهما, وتم الطلاق بعد عناء ستة أشهر وهو يماطل بنا حتى في الطلاق. وحرمها من التحدث مع أطفالها في الهاتف، ثم إن أختي تزوجت من رجل سعودي من المدينة أيضا, وسافرت معه, وأرادت أن ترى أطفالها فمنعها زوجها السابق, ولأسباب خاصة تم الطلاق من زوجها الثاني وهي الآن في سوريا مع أهلي وقد قام زوجها أبو أطفالها بخطبتها مرة ثانية وبسبب عدم الثقة فيه طلبنا منه مهرا وهو أن يعطيها الأرض لها كاملة وذلك ضمانا منه لها, فرفض ذلك وهو قادر من حيث الأوضاع المادية ثم قال لها اجلسي في بيت أهلك وسددي لي ثمن الأرض ومنعها من التحدث مع أطفالها على الهاتف, ونحن غير قادرين على تسديد مبلغ الأرض
والسؤال من خلال هذه المأساة هل يحق لها أن تأخذ هذه الأرض) التي هي ملكيتها (ردا على هذا الظلم الذي هو حرمانها من فلذات كبدها؟؟؟
وإذا لم يحق لها ذلك؛ هل من الممكن وفاء ثمن هذه الأرض بتقسيط مناسب لأوضاعنا المادية أنا آسف للإطالة صاحب الفضيلة ولكن لكم أن تتخيلوا حجم المأساة الذي ابتليت بها هذه المرأة …..
ولكم جزيل الشكر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوج أختك قد دفع لها حقوقها المترتبة لها عليه عند الطلاق فلا يحق لها بعد ذلك أن تطالبه بشيء آخر، وهذه الحقوق هي المتعة بشيء من المال، قدر وسعه واستطاعته، لقول الله تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ {البقرة: 236} .
ومنها النفقة والسكن زمن العدة إن كانت رجعية.
فهذه هي الحقوق التي لها عليه كما قرر أهل العلم، بناء على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما استيلاؤها على أرض أبيه الذي كان شريكا لأخيها فلا يحق لها بحال، لأن أباه له ذمته الخاصة به وغير مؤاخذ بما فعل ابنه.
قال الله تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام: 164} . وأما حرمانها من الاتصال بأطفالها فإنه لا يجوز له، وعليه أن يمكنها من زيارتهم والاتصال بهم ... وأما حضانتها لهم فقد سقطت عندما تزوجت رجلا آخر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة مطلقة أراد مطلقها أن يأخذ منها ولدها: أنت أحق به ما لم تنكحي. رواه أحمد وأصحاب السنن. والظاهر أنها لا ترجع إليها الحضانة بعد زوالها عنها بالزواج. قال العلامة خليل المالكي في المختصر: ولا تعود بعد الطلاق أو فسخ الفاسد.
ولهذا نرجو أن تعالجوا أموركم بحكمة، ونذكركم بقول الله تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237} .
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 8845، 9746، 47145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(13/14089)
لم يتزوج الزبير أسماء متعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان زواج عبد الله بن الزبير من أسماء بنت أبي بكر بالمتعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعبد الله بن الزبير هو ابن أسماء بنت أبي بكر، وأبوه هو الزبير بن العوام زوج أسماء، ولم يكن زواجه لها متعة، وراجع للأهمية الفتوى رقم:
485
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(13/14090)
أقوال العلماء في حكم متعة المطلقة ومقدارها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مشروعية متعة الطلاق وكل شيء يتعلق بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على مشروعية المتعة للمطلقة وهي ما يبذله المطلِق من مال لمطلقته جبراً لخاطرها، والأصل فيها قول الله تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ [البقرة:236]
وقد اختلف العلماء هل الأمر في الآية على الوجوب أم على الندب؟ وبكل قالت طائفة، قال القرطبي في تفسيره: واختلفوا في الضمير المتصل بقوله ـومتعوهن ـ مَن المراد من النساء؟ فقال ابن عباس وابن عمر وجابر بن زيد والحسن والشافعي وأحمد وعطاء وإسحاق وأصحاب الرأي: المتعة واجبة للمطلقة قبل البناء والفرض، ومندوبة في حق غيرها وقال مالك وأصحابه: المتعة مندوب إليها في كل مطلقة وإن دخل بها إلا في التي لم يدخل بها وقد فرض لها فحسبها ما فرض لها ولا متعة لها. انتهى.
أما إذا فسخ النكاح فلا متعة حينئذ للمرأة عند المالكية أخذاً بقول الله تعالى: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:241] ، وذهب أصحاب الرأي إلى أن لها متعة.
وننبه هنا إلى أمرين:
1ـ أن أهل العلم اختلفوا في تحديد المتعة حيث قال بعضهم: أعلاها خادم ثم كسوة ثم نفقة، وقال آخرون: أدناها الدرع والخمار، وقال آخرون: لا حد معروف في قليلها ولا كثيرها، ولعل هذا الأخير هو الصحيح لموافقته مقتضى الآية عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ [البقرة:236] .
2ـ أن المتعة لا تسقط بالجهل ولو مر على ذلك أعوام بحيث تزوجت المرأة أو ماتت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(13/14091)
تحريم هجر الأم لابنتها بدون سبب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في ابتعاد والدة عن ابنتها ورفضها صلة الرحم والتعامل معها لحوالي: 21 عاما ورفضها التكلم أوالاتصال بها بدون أي سبب وجيه أو مشاكل ـ لا هي ولا أحفادها ـ الذين كبروا ويتساءلون عن سبب رفض جدتهم مقابلتهم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما ذكر في السؤال من أن هجر هذه الأم لابنتها طوال هذه المدة بدون سبب معتبر، فإنها تكون قد ارتكبت كبيرة من أعظم الكبائر وأبشعها ألا وهي قطيعة الرحم وتضييع حق ابنتها، فإن الأبناء لهم حقوق على آبائهم كما أن للآباء عليهم حقوقاً، فمن حق الولد على والده أن يصله وأن يحسن معاملته وأن يبذل له حقه من الرحمة والرأفة والشفقة، وقد بينا جانباً من ذلك في الفتويين رقم: 15008، ورقم: 23307 وراجعي حكم قطيعة الرحم في الفتاوى التالية أرقامها: 116567، 62260، 13912، وقد بينا في الفتوى رقم: 1107 أن هجر الوالد لولده من قطيعة الرحم.
لكننا في النهاية ننبه على أمرهام ـ طالما نبهنا عليه وأكدناه في فتاوانا ـ وهو أن قطيعة الوالد لولده لا تسوغ للابن أن يقابلها بمثلها، بل حق الوالد - سواء الأب أو الأم- باق على ولده لا يسقطه شيء، فالواجب على هذه المرأة أن تسعى لصلة أمها وبرها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولتتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره.
وقوله صلى الله عليه وسلم ـ وقد جاءه رجل فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهيرعليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(13/14092)
لا يجب على الإخوة أن يتقاسموا أموالهم فيما بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت من الأولاد 5 والبنات 8. أولاد وبنات من أم طلقتها والباقي في بيتي، وبقية حياتي لم أكن أملك أشياء من المال وبعد أن كبر الأولاد كلهم كافحوا وناضلوا وفتح الله عليهم باب الرزق، وكنت في الأموال مع جميع أولادي سواء من كان معي أو الذي مع والدته المطلقة، وبالنسبة لي مارست نشاطا خاصا بى بعيدا عن الأولاد
سؤالي: هل الابن وأخته اللذان مع والدتهما بالرغم من وضعهما المادي الممتاز وبالرغم من إن إخوته الآخرين بذلوا جهدا للحصول على ما لديهم من رزق يتقاسمون ما حصلوا عليه من الرزق أم كل يمنح ما لديه وما دوري أنا كأب في هذه القضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام أولادك هم الذين كافحوا للحصول على هذه الأموال ولم يكن منك تفضيل لأحد منهم على الآخر في هبة أو عطية فلا تطالب حينئذ بشيء. بل كل من فتح الله عليه بشيء من الرزق فهو أولى به وأحق، ولا يجب على أحد منهم أن يعطي أخاه ماله ولا أن يتقاسمه معه، إلا أن يفعل ذلك تطوعا وتبرعا، ولا يجب عليك أنت نفقة أحد منهم ما داموا أغنياء كما ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(13/14093)
تضييع الأم حقوق أبنائها لا يسقط برها
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلة تتكون من 10أطفال. يعانون من مشكلة عويصة جدا وهي أن أمهم منذ صغرهم أي قبل10-17 سنة كل ما فعل أحدهم شيئا مهما كان بسيطا فإنها تعاديه أي لا تكلمه، ومهما فعل فهي تصر على موقفها ومضت الأيام وكبر الأولاد فأكبرهم يبلغ 28 سنة وأصغرهم 6سنوات. وهي اليوم لا تكلم سوى الثلاثة الصغار ولا تكلم أولادها ولا يكلمونها إلا عن طريق الوساطة، فقد تخلت عن بناتها منذ الصغر لم تعلمهم كثيرا من أمور البنات كالحيض. والطبخ.نشأوا الأيتام أفضل منهم بكثير. أتدرون ألم شخص أمه معه تحت سقف بيت واحد ولا تكلمه؟ أنا واحدة منهم أحاول الصلاة والصيام لعل الله يجد لنا مخرجا.
أطلب منكم النصح ومساعدتي في حل هذه المعضلة التي تفاقمت وصرنا حديث الأقرب فبدلا من حل المشكلة هم يشوهون صورتنا خاصة أن أمي تزيف الحقائق، وتجعل من نفسها دائما ضحية حتى أمام والدي الذي يعمل على إرضائها وإقفال الموضوع كلما فتحه أحدنا. وهكذا أصبحنا نعاني من الجفاء نحوها ونشأنا فاقدين لحنان أم هي تحيا بيننا وأظنه السبب في عدم تقدم الخطاب لخطبتنا، وأحيطكم علما أيضا أنها هي بذاتها كانت كلما أتى ضيف تدعي بأننا لا نساعدها في أعمال البيت وأنها تقوم بكل شيء لوحدها فيلقون اللوم علينا، حياتنا أشبه بجحيم فعدونا هو أمنا التي أنجبتنا والله يشهد أننا نبذل ما بوسعنا لمساعدتها. فمنذ وعيي لهذه الحياة وأنا أساعدها وأخواتي ونحن لم نبلغ سن 10 كنا نغسل الثياب والأواني ونغير لإخوتنا الصغار وندرس ... فهي كانت تنجب ونحن نربي. وقد قلنا ربما سحرت فالسحر يفرق بين أهل البيت والأرجح أنها جارة لنا كثيرا ما كانت تأخذ منا أشياء لا يتقبلها العقل الدقيق الزيت، وفي المناسبات نشم رائحة كريهة تنبعث من بيتها كالشعر المحروق أو ما شابه وبين ليلة وضحاها أصبحت تعيش في نعيم بعدما كانت في فقر مدقع وتخرج جميع أبنائها.فكلما شممنا تلك الرائحة تقع مصيبة في البيت وانتقلت عدوى والدتي إلينا وصرنا لأتفه الأسباب لا نحدث بعضنا. ولما سأل والدي شيخا عن تلك الرائحة قال له إنها تأخذ الخير من بيتنا وتبعد الأذى عن بيتها، وحقا فهي تزداد غنى وحالنا تزداد تدهورا، في كثير من المرات كنا نود الذهاب إليها وفضحها أمام الجيران ولكن يمنعونني عن ذلك بحجة أنه لا دليل لي. ومؤخرا أصبحت تعمد إلى تشويه صورتنا أمام الجيران وكانت تسرق هي وزوجها وأولادها الأشياء من فوق عليتنا.بالأحرى شيطان في هيئة إنسان وتتظاهر بأنها متدينة هي وأفراد أسرتها. بعد هذه القضة المريرة أو بالأحرى جزء من هذه القصة المريرة بماذا تنصحوننا سادتي المحترمين.كيف نتعامل مع حالنا وأمنا وحالنا مع بعض ومع هذه الجارة اللعينة التي تستحق الحرق حية؟
فمن بعد الله ليس لي غيركم لألجأ إليه جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج كربكم، ويذهب همكم وغمكم، ويصلح ذات بينكم ويصرف عنكم كيد الشيطان الرجيم، ونوصيكم بالرضا بقضاء الله والالتزام بتقواه سبحانه في جميع الأحوال، ثم استعينوا على ما أنتم فيه بالصبر والصلاة, فقد قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ. {البقرة: 45} . وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. {الطلاق: 2-3} . وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. {الطلاق: 4} .
ولا شك أن أمكم -سامحها الله- قد قصرت في حقوقكم وضيعت الكثير منها، ولكن هذا كله لا يسقط شيئا من وجوب برها وصلتها والإحسان إليها، فإن حقها من البر والمصاحبة بالمعروف باق على كل حال، وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية: 96490، 22112، 11550.
وعليكم أن تتعاملوا معها بالصبر تارة والتغافل عن تصرفاتها تارة، والنصح والوعظ بأسلوب رقيق تارة أخرى، ثم يمكنكم أن توسطوا بينكم وبينها من يملك التأثير عليها من أرحامها أو صديقاتها أو جاراتها، ليعلموها بخطأ هذا الأسلوب في التعامل مع أولادها، مع كثرة التضرع والدعاء أن يصلح الله أحوالها ويعطف قلبها عليكم.
وعليكم بمراجعة علاقتكم بالله سبحانه لأن التفريط في حقوق الله سبب كبير في حصول العداوة والبغضاء كما قال الله سبحانه: فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. {المائدة:14} .
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ... أن ترك الواجب سبب لفعل المحرم قال تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. {المائدة: 14} سورة المائدة. فهذا نص في أنهم تركوا بعض ما أمروا به فكان تركه سببا لوقوع العداوة والبغضاء المحرمين وكان هذا دليلا على أن ترك الواجب يكون سببا لفعل المحرم كالعداوة والبغضاء. انتهى.
وأما ما تذكرين عن حال جارتكم هذه فلا يجوز المسارعة باتهامها بالسحر والشعوذة ونحو ذلك إلا ببينة واضحة وحجة ظاهرة, لأنها قد تكون بريئة من ذلك كله، وما ذكره هذا الرجل لأبيكم بشأن هذه الرائحة كذب محض وإفك مبين فإن مفاتح الخير والشر بيد الله وحده، ولا تقدر هذه المرأة ولا غيرها من البشر أن تصنع شيئا تدفع به عن نفسها الشر وتأخذ ما قسمه الله لكم من الخير، ومن اعتقد هذا أو صدقه فإنه زائغ ضال.
فإن ثبت لديكم أنها ممن يتعاطى السحر أو الشعوذة ومثل هذه المنكرات، فعليكم أن تتحصنوا من شرها بالرقية الشرعية المبينة في الفتاوى: 22104، 4310، 2244، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(13/14094)
اتفق العلماء استحباب العدل بين الأولاد في الهبات وكراهة التفضيل بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التفرقة بين الأبناء ـ حتى بعد الوفاة ـ بترك وصية بمبلغ لأحدهما دون الآخر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على استحباب العدل بين الأولاد في العطية وكراهة التفضيل بينهم، قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية وكراهة التفضيل، قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل. اهـ
ولكنهم اختلفوا في وجوبه، فذهب الجمهور إلى استحبابه وكراهة التفضيل بينهم.
وذهب الحنابلة إلى الوجوب وتحريم التفضيل بينهم ما لم يكن هناك سبب يقتضي التفضيل، وهو الراجح عندنا لقوة أدلته، ولأن التفضيل يؤدي إلى الضغائن بين الأولاد، وانظري لذلك الفتوى رقم: 6242.
وأما الوصية: فهي لا تجوز لوارث إلا أن يجيزها الورثة حال كونهم بالغين رشداء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة. رواه الدارقطني.
فإذا أوصى الوالدان لبعض الأولاد، فالوصية لا تنفذ إلا بإذن سائر الورثة، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الإنسان إذا أوصى لوارثه بوصية فلم يجزها سائر الورثة لم تصح بغير خلاف بين العلماء، قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا.
وننبه إلى أن ظلم الوالدين للأولاد لا يبيح لهم العقوق أو الإساءة إليهما، وإنما لهم أن ينصحوهما بالرفق والأدب اللائق بمخاطبة الوالدين مع مداومة البر والطاعة في المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/14095)
العدل واجب بين الأولاد ذكورا وإناثا
[السُّؤَالُ]
ـ[قام أخي الصيدلي بشراء صيدلية، وساهمت أمي معه بنصف الثمن تقريبا، وقام والدي رحمه الله بكتابة العقد مناصفة بينهما لضمان الحقوق، وبعد وفاة أبي قامت أمي بتمزيق العقد وتبرئة أخي مما يدين لها به. فهل يجوز ذلك؟ علما بأنها ساعدت أخي الأوسط تقريبا بنفس المبلغ أو يزيد في السفر والزواج، وتعزم على أن تفعل نفس الشئ مع أخي الأصغر حتى إنها تنكر امتلاكها أي أموال لتخفيها له لتعدل بينه وبين إخوته الذكور، أما أنا ابنتها الكبري والوحيدة فلست في الحسبان باستثناء ما قل وندر من الفتات الذي ترميه لي على وجه الصدقة على حد قولها. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يجب على الأم أن تعدل بين أولادها في العطية على الراجح من أقوال أهل العلم إذ المسألة محل خلاف. قال ابن قدامة في الكافي: والأم كالأب في التسوية بين الأولاد لأنها أحد الأبوين فأشبهت الأب.
لكن إذا كان التفضيل لغرض صحيح من زيادة حاجة أو عائلة أو اشتغال بعلم أو لفسق الآخر وبدعته كان ذلك سائغا.
قال ابن قدامة: فقد روي عن أحمد رضي الله عنه ما يدل على جوازه لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان على سبيل الحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. ووجه ذلك ما روي أن أبا بكر رضي الله عنه قال لعائشة: كنت قد نحلتك جذاذ عشرين وسقا ووددت أنك حزتيه وإنما هو اليوم إلى الوارث وإنما هما أخواك وأختاك.
وينبغي للأخت السائلة أن تحمل تصرف أمها على ذلك، ولا تجد في نفسها عليها أوعلى إخوانها، فالأم من أحق الناس بحسن الصحبة والبر والإحسان. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فالأم حقها عظيم حتى وإن أساءت فإن حقها لايسقط، ويجب إحسان الظن بها وعدم إظهار الجفاء لها. روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال: أنت أحق به ما لم تنكحي. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
فعلى السائلة وقد كان بطن أمها لها وعاء، وثديها لها سقاء، وحجرها لها حواء، وقلبها لها شغافا أن تراعي ذلك، وإن أرادت أن تبين لأمها وجوب العدل بين الأبناء وتوجيه النصح فليكن ذلك برفق ولين وأدب وتحذر من التأفف ورفع الصوت والجدال والجفاء قال تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء:24/23} .
كما ننبهك على أن القائلين بوجوب العدل قد اختلفوا في كيفية العدل بين الذكر والأنثى في العطية، فمنهم من قال الحكم هنا كالحكم في التركة أن يعطى الذكر ضعفي ما للأنثى، ومنهم من قال لا، بل يسوى بين الذكر والأنثى في العطية لقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
وإذا كان تفضيل الأم هنا لغير مسوغ ولم ترجع عنه فعلى من فضل من الأبناء أن يقاسم إخوانه ذكورا كانوا أوإناثا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولايحل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ
وقال فيمن خص أحد بنيه بهبة وأقبضه إياها: وإن أقبضه إياه لم يجز على الصحيح أن يختص به الموهوب له بل يكون مشتركا بينه وبين أخويه. اهـ
وللمزيد انظري الفتاوى: 6242، 119572، 43958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(13/14096)
مهما كانت صفة هذه المنحة فالعدل بين الأبناء مطلوب على كل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة إخوة. ولدان وبنت، وأمنا- الأم- تحصل على منحة معتبرة لأنها أرملة شهيد، والمصرف على المال ابنه الصغير ولا يوزعه بالعدل وذلك بإرادته. ما حكم هذا؟ هل نطالب بالتوزيع بالعدل أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو حال تلك المنحة التي تحصل عليها الأم من أن تكون من مستحقات الميت على جهة عمله، أو تكون منحة، فإن كانت الأولى فهي تركة ويجب تقسيمها على الورثة بالعدل كل حسب نصيبه المقدر له شرعا.
وإن كانت منحة فهي لمن خصصها المانح، ومن حقه أن يتصرف فيها كيف شاء، لكن إن كانت مخصصة للأم، وأرادت صرفها على أبنائها فالواجب أن تعدل بينهم في الهبة والعطية كما بينا في الفتوى رقم: 6242.
وإن كانت قد وضعت المال تحت يد ابنها ليصرفه على إخوته فعليه أن يعدل فيه ولا يظلمهم، وإن فعل فمن حقهم المطالبة بالعدل فيه.
وكذلك إن كانت المنحة لأبناء الميت فيجب صرفها إليهم كل حسب نصيبه المقدر له من الجهة المانحة، أو تصرف بالتساوي والعدل إن لم تكن الجهة المانحة قدرت الأنصباء فيها.
ومهما يكن من أمر فلا حرج في مطالبة الابن الذي وضع المال تحت يده أن يتصرف فيه بعدل وحكمة.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 61190.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(13/14097)
سفر الأولاد مع أمهم لا يسقط نفقة أبيهم عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل طلق زوجته ومعها ثلاث بنات وثلاثة أولاد، اثنان منهم بالغان، وسافرت بدون رضاه مسافة أكثر من 200 كيلو. هل تجب لهم النفقة من أبيهم والسكن وهم على تلك الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنسبة للأولاد الذكور، فمن كان منهم لم يبلغ فنفقته واجبة على أبيه وكذلك السكني، ومن بلغ منهم فتسقط نفقته والسكني عن أبيه على القول الراجح إذا كان قادرا على الكسب، وبالنسبة للإناث فيستمر وجوب النفقة والسكنى لهن حتى يتزوجن. وراجع في ذلك الفتويين: 66857، 119636.
ومن ثبت له الحق في النفقة والسكنى من الأولاد على والده لا يسقطهما عن الأب سفر الزوجة بهم، فقد تقرر الوجوب في ذمته ولا يسقط إلا بأدائه.
وفيما يتعلق بالزوجة فإن كان طلاقها بائنا فلا نفقة لها ولا سكنى، إلا أن تكون حاملا. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36248
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(13/14098)
طلق زوجته وامتنع عن النفقة عليها وعلى أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي لا يريد إرسال مصاريف لي ولإخوتي-4 أبناء- ولا مصاريف ونقفة لأمي لأنه رمى عليها يمين الطلاق، مع العلم أنه يعمل في الإمارات في شركة للمقاولات، وكل إخوتي في المرحلة التعليمية وليس لنا مصدر رزق غيره، وكل هذا حدث بفعل السحر من جهة إخوته. فما حكم الشرع في هذا؟ وكيف لنا أن نتدبر نفقات المعيشة التي هي الآن في ارتفاع مستمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بخصوص أمكم، فإن كان طلاقها رجعيا فإنها تستحق النفقة فترة العدة، أما إن كان طلاقها بائنا فلا نفقة لها بمجرد طلاقها على الراجح إلا أن تكون حاملا فإنها تستحق النفقة حينئذ، وقد سبق بيان ذلك كله في الفتوى رقم: 12274.
وأما عن نفقتكم أنتم، فمن كان دون البلوغ ولا مال له، فإن نفقته واجبة على أبيه سواء في ذلك نفقة المسكن والمأكل والملبس والتعليم، فإن كان له مال فإن نفقته في ماله دون مال أبيه، وقد بينا تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 113285.
أما من بلغ منكم، فإن كان غنيا فلا تجب نفقته على أبيه سواء كان ذكرا أو أنثى، ومن كان فقيرا فيفرق في حكمه بين الذكر والأنثى فتجب النفقة للأنثى حتى زواجها كما بيناه في الفتوى رقم: 66857.
وأما الذكر فتجب نفقته على أبيه إن كان غير قادر على الكسب لمرض ونحوه, أما إن كان قادرا على الكسب فقد حدث خلاف بين العلماء في استحقاقه النفقة وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 66857.
ولكن الأولى بالأب على كل حال طالما أنه موسر أن يتولى الإنفاق على أولاده البالغين ما داموا في مراحل التعليم، لأن ترك الإنفاق عليهم في هذه الحال يوغر صدورهم ويغريهم ببغضه وعقوقه والنفور منه، فإن لم ينفق عليهم مع قدرته فيمكنهم حينئذ رفع الأمر إلى القضاء لأن أمر النفقة كما سبق من مسائل الخلاف والقضاء هو الجهة المخولة برفع الخلاف وفض النزاع.
فإن غلب على ظنكم أن هذا الذي يحدث منه من تقصير في حق أولاده بسبب السحر فعليكم أن ترشدوه إلى الرقية الشرعية المبينة بالتفصيل في الفتاوى التالية: 22104، 4310، 2244، 80694.
وفي النهاية ننبه على أن إساءة الوالد إلى ولده لا يسوغ للولد أن يقابل هذا بمثله، فإن بر الأب واجب على كل حال، وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية: 20947، 16632، 3459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(13/14099)
حكم مقاطعة الأم لابنتها إن كانت تؤذيها بتصرفاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن والدتي: تزوجت والدتي وهي في سن 15 سنة من رجل قبل أبي، وذاقت أنواع العذاب مع زوجها وحملت منه ببنت، وطلقت منه وأخذ هو الفتاة ورباها، وبعدها تزوجت والدتي بأبي وأنجبتنا، وخلال تلك الفترة لم تزر أختي من أمي والدتي إلى أن كبرت وأصبح عمر أختي 35 سنة. وكان هدف زيارتها الانتقام من والدتي والشماتة فيها، لأن كل أفعالها وكلامها من لوم ومن تجريح لوالدتي يؤكد ذلك، وفي فترات تغضب من والدتي بدون سبب مقنع وتقطع اتصالاتها بالسنة أو بالشهور، ثم تعود وتعتذر وتعيد نفس الكرة، الآن أصبح عمر أختي 42 سنة وهي على نفس المنوال، آخر مرة غضبت من أمي لأن أمي لم تحضر حفل ابنة أختي المدرسي. هل يعقل أن تغضبي أمك لأجل حفل مدرسي الله المستعان؟
وأيضا تحرش زوجها على والدتي فيسمعها كلام تجريح وإهانة ولوم على عدم تربيتها لها.
مع العلم أن والدتي مريضة بضغط الدم المرتفع وأي غضب يتعبها ونخاف أن يؤدي للوفاة.
سؤالي هو: هل هناك ذنب على والدتي إذا تركتها نهائيا ولم ترد عليها حينما ترجع؟ هل عليها إثم إذا لم تكتب اسمها في وصيتها. مع العلم أن أختي لديها أموال ورثتها عن أبيها، ولكنها تستكثرها على والدتي ولا تعطي لها شيئا منها أبدا؟
أرجو من سماحتكم الإفادة لأن أمي متعبة جدا وتريد أن تبرئ ذمتها والله المستعان؟ الرجاء مراعاة حالة الوالدة الصحية وخطورة ما لديها لأن كلام أختي يجرحها ويرفع لها الضغط دوما.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الأم عظيم، وبرّها من أوجب الواجبات، كما أنّ عقوقها من أكبر الكبائر، ولاسيما إذا كان في حال ضعفها ومرضها، قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا. {الإسراء: 23} .
فإذا كانت هذه المرأة تسيء إلى أمّها فهي ترتكب إثماً عظيماً، لكن ننبّه إلى أنّ اتهامها بقصد الانتقام من أمّها لا يجوز بغير بينة، والواجب إحسان الظن بالمسلمة، والتماس الأعذار لها، وينبغي عليكم نصحها في ذلك وتخويفها عاقبة العقوق.
كما أن مقاطعة أمّك لها نهائياً لا يجوز، وأمّا ترك الرد على كلامها المشتمل على اللوم والتجريح فهو جائز.
كما أن عدم كتابة اسمها في الوصية، إن كان بمعنى أنّ الأمّ توصي لأولادها دونها، فليعلم أنّه لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يجيزها جميع الورثة، وانظري الفتوى رقم: 7275.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1430(13/14100)
لا حرج على الوالد في ميله القلبي لبعض أولاده دون غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل فضيلتكم حول نظرة الشرع لتفضيل سيدنا يعقوب عليه السلام لولده يوسف عليه السلام وأخيه عن باقي إخوته، والحكمة من هذا الموضوع للإفادة والعبرة، وهل اطمئنان النفس لأحد الأبناء دون غيره نهى عنه الإسلام رغم عدم قدرة الشخص على دفع ذلك؟.
أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أن نبي الله يعقوب عليه السلام لم يفضِّل ابنه يوسف عليه السلام بعطية أو نحوها مما يجب العدل فيه بين الأبناء، وإنما هو محبة القلب مما لا يؤاخذ به العبد، لأنه لا يملك التحكم فيه، ومع ذلك فقد ظهر منه حرصه على إخماد نار الغيرة والحسد في وصيته ليوسف في قوله: يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ {يوسف:5} .
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن الإنسان لا يؤاخذ إذا مال قلبه إلى إحدى زوجاته وأحبها أكثر من غيرها، وكذا إذا أحب أحد أولاده أكثر من الآخرين، لأن المحبة من الأمور القلبية التي ليس للإنسان فيها خيار ولا قدرة له على التحكم فيها، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لنسائه فيعدل ويقول: اللهم هذه قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. رواه الترمذي، وقال: يعني به الحب والمودة.
وقال الصنعاني: والحديث يدل على أن المحبة، وميل القلب أمر غير مقدور للعبد بل هو من الله تعالى لا يملكه العبد.
وإنما يحرم عليه أن يفضل المحبوب على غيره بالعطايا، أو بغيرها من الأمور التي يملكها الإنسان بغير مسوغ، لقوله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ {النساء: 129} . ولقوله صلى الله عليه وسلم في التسوية بين الأولاد بالعطايا ونحوها لبشير رضي الله عنه: أكل ولدك نحلت مثله؟ قال: لا. قال: فأرجعه وفي رواية: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، وفي ثالثة: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: قال: فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور اهـ.
وبهذا يعلم جواب السؤال: هل اطمئنان النفس لأحد الأبناء دون غيره نهى عنه الإسلام رغم عدم قدرة الشخص على دفع ذلك؟
ومن فوائد قصة يوسف عليه السلام، أنه ينبغي للوالد أن يتحرى العدل بين أولاده في كل شيء ظاهر وإن كان حقيرا، دفعا لعارض الغيرة وما يترتب عليه من الحسد والبغضاء، قال ابن مفلح في الفروع: قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدًا من وَلَدِهِ في طَعَامٍ وَغَيْرِهِ. وكان يُقَالُ: يَعْدِلُ بَيْنَهُمْ في الْقُبَلِ. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 64550، 111384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(13/14101)
لا يجوز للأب أن يأخذ مال ولده ليعطيه لولده الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل، وأبي يأخذ مالي ويعطي أخي، مع العلم بأنهم يعملون ويوجد لديهم دخل. هل إذا منعت أن أعطيهم نقودا. هل على شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب إذا كان غنيا موسرا أن يأخذ مال ولده دون رضاه، فإن فعل فإنه ظالم آثم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فإن كان الأب محتاجا فإنه يجوز له أن يأخذ من مال ولده بقدر حاجته، ويجب على الابن أن يبذل له ذلك لأن نفقته حينئذ واجبة عليه، كما بيناه في الفتوى رقم: 33090.
أما ما يفعله أبوك من أخذ مالك دون إذن منك وطيب نفس وبذله لأخيك، فإنه لا يجوز، فإذا انضاف إلى هذا كون الأخ مستغن عن هذا المال غير محتاج إليه كان الإثم أكبر.
قال ابن قدامة وهو يعدد شروط جواز أخذ الأب من مال ابنه:.... أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر، نص عليه أحمد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى. انتهى.
وعليه، فلا حرج عليك إن منعت أباك من أخذ هذا المال، بشرط أن ترضيه بأسلوب لطيف لا شدة فيه ولا تعنيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1430(13/14102)
لا يجوز التفضيل بين الأبناء في العطية دون مسوغ معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم أفادكم الله.
والد زوجتي لديه ست بنات وولدان، ولديه محل تجارى يريد بيع نصفه، ويريد توزيع بعض المبلغ على بنتين منهن بحجة أن الباقيات لسن في حاجة هن وأزواجهن.
مع العلم أن منهن من تعيش علي قدر حالها، ولا يطلبن شيئا من أحد ولا يتطلعن إلى ما في يد غيرهن.
في حين أن الأخريات يعشن عيشة فيها مبالغة وعدم تركيز على طلب لقمة العيش مما يترتب عليه ديون وخلافه.
فما حكم تخصيص الأب بعضاً من أولاده بهبة دون الباقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد اختلف العلماء في حكم تفضيل بعض الأبناء بالعطية دون البعض، والراجح من أقوال أهل العلم: هو وجوب التسوية بين الأبناء والبنات في العطية، إذا لم يكن هناك مسوغ معتبر للتفضيل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: يا بشير لك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفكلهم وهبت لهم مثل الذي وهبت لابنك هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا، إني لا أشهد على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم.
فتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ نوع من الظلم، وذريعة للتباغض والتناحر بينهم، وإذكاء لنار العداوة والبغضاء في نفوسهم، فالواجب على الوالد أن يحفظ الود في قلوب أبنائه فيما بينهم باجتناب ما يضاد ذلك.
أما إذا وجد سبب للتفضيل، كأن يكون المفضل ذا ديون أو مشتغلا بطلب العلم، أو كان فقيرا كثيرالعيال ونحو ذلك فيجوز للأب أن يخصه بشيء من المال دون إخوته نظرا لظروفه وإلى هذا ذهب الإمام أحمد.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 21597، 6242، 27543، 33348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(13/14103)
النفقة على الأبناء حسب احتياجاتهم لا تجب التسوية فيها بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي 44 سنة، وموظفة على قدر حالي، أعمل جمعيات وأوفر لهم، ولدي ولدان وبنت. صرفت على ابني الكبير في مدارس خاصة إلى الإعدادي، ثم ثانوي حكومي، ثم معهد خاص، وشبكة، وتخرج بتكلفة حوالي 36 ألف جنيه.
ثم صرفت على ابني الأصغر إلى الابتدائي خاص فقط، ثم أدخلته مدارس حكومية رغبة منه، لأن مجموعه في الابتدائية لم يمكنه من الدخول في الخاص يستمر فيه، وتم الصرف عليه وحاولت دخوله خاص ولكنه رفض وأراد أن يكمل مع أصحابه في الحكومة، ثم دخل ثانوي حكومة مثل أخيه، ثم دخل معهد حكومي ورفض مثل أخيه دخول معهد خاص، تم الصرف عليه، يأخذ كل سنة في سنتين بمصاريف دروس، والمعهد سنتان فقط لمدة أربع سنوات مستمرة بمصاريف كأنه في معهد خاص، ولكن لمدة سنتين، مصاريف الأربع سنوات، وكذلك تم إعطاؤه مبالغ لشراء (فسبا- موتوسيكل) ومصاريف المعهد، ومصاريف أخرى إلى أن وصل المبلغ إلى 28 ألف جنيه. فماذا أعمل وعندي طفلة أخرى عندها 9 سنوات، فهل من المفروض أن أحسب أن أعطى الولد الثاني تكملة ال36 ألف جنيه، والبنت أعمل لها حسابها 13 ألف جنيه؟ وبالفعل تم شراء حاجات للبنت لجهازها بحوالي أربعة آلاف جنيه، وتم شراء ذهب لها حوالي 15 ألف جنيه لي ولابنتي، ولا أعرف كيف أرتديه؛ لأني لا أحب الذهب إلا في المناسبات، أو الخروج فقط، ولا ألبسه في العمل أو المنزل. فما الحكم في زكاة المال التي تخص الذهب؟ وفي نفس الوقت لا أملك رأس مال آخر غير أني سوف أعمل جمعيات وأعطيهم لهم تكملة فلوس أخيهم الأكبر، فالذهب الذي أملكه أنا وابنتي لا أستطيع أن ألبسه لابنتي لأنها صغيرة، ومن الممكن أن يأخذه إخوتها لأنهم لا يعملون، وكذلك يمكن أن يسرق منها لو خرجت به الذهب حوالي 110 جرامات ذهب عيار 18. أرجو مساعدتي. والذهب تم شراؤه جزء في ديسمبر 2007 وشهر إبريل 2008 فما هو الحل هل أستمر في إعطاء ابني الأصغر تكمله الـ 36 ألف جنيه؟ وللعلم فإن ابنتي أمامها التعليم وهى الآن في الصف الرابع الابتدائي نموذجي بمصاريف. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصرف على الأولاد حسب احتياجاتهم لا يجب العدل فيه. فلو أنك سعيت في تدريسهم جميعا وكلفت دراسته بعضهم مبلغا أكثر فلا يجب أن يعطى مثل المبلغ الزائد للآخر، وأما الحلي المعد للاستعمال فلا تجب فيه الزكاة عند الجمهور، وهو الراجح كما قدمنا بسطه في الفتوى رقم: 6237.
وراجعي للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 96494، 80813، 121206.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(13/14104)
يزوج ابنته ويطلقها مرارا رغبة في جمع المال
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يزوج ابنته بقصد جمع المال، وكل زواج لا يدوم أكثر من أسابيع أو شهرين على الأكثر، وقد عرضنا عليه أن يزوجها لأحد أولاد بلده فرفض، ولقد حصل ذلك خلال عام واحد. تم نصحه ولا فائدة، همه المال، علما أنه يجبر ابنته على الزواج بشكل متكرر، هل يحق لنا كمجموعة أن ندعي عليه إلى القاضي وتوقيفه تحت أي مخالفة حرصا على مصلحة بنته ومصلحتنا، لأننا نشك بأن الموضوع لم يعد زواجا بل الزواج محاولة لغطاء جمع المال بأي شكل وتلبية شهواته، حيث قام بالزواج من امرأة أخرى ويبدد المال لنزواته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل آثم ظالم معتد على حق ابنته، بل هو خائن للأمانة التي حملها الله له من قيامه بمصلحة أولاده، مفرط فيما استرعاه الله إياه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم.
والراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يجوز جبر البنت على الزواج بمن لا تريد، كما بيناه في الفتوى رقم: 106567، وبينا أيضا أن البالغة العاقلة إذا أجبرت على الزواج بمن لا تريد، فإنه يحق لها أن ترفع أمرها للقاضي لفسخ هذا النكاح. يقول ابن القيم في زاد المعاد: وفي صحيح مسلم: البكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها.
وموجب هذا الحكم أنه لا تجبر البكر على النكاح ولا تزوج إلا برضاها، وهذا قول جمهور السلف، ومذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايات عنه، وهو القول الذي ندين الله به، ولا نعتقد سواه وهو الموافق لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ونهيه، وقواعد شريعته ومصالح أمته. أما موافقته لحكمه، فإنه حكم بتخيير البكر الكارهة، وأما موافقته لأمره فإنه قال: والبكر تستأذن، وهذا أمر مؤكد لأنه ورد بصيغة الخبر الدال على تحقق المخبر به وثبوته ولزومه، والأصل في أوامره صلى الله عليه وسلم أن تكون للوجوب ما لم يقم إجماع على خلافه، وأما موافقته لنهيه فلقوله: لا تنكح البكر حتى تستأذن. فأمر ونهي، وحكم بالتخيير وهذا إثبات للحكم بأبلغ الطرق. انتهى بتصرف.
وكما لا يجوز لهذا الرجل أن يزوج ابنته بمن لا تريد، فكذلك لا يجوز له أن يجبرها على طلب الطلاق حتى يزوجها مرة أخرى، ولا يجوز له أن يطلقها من زوجها، فإن الطلاق حق للزوج وحده، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الطلاق لمن أخذ بالساق. حسنه الألباني، وهذا كناية عن الجماع أي إنما يملك الطلاق من يملك الجماع، ولا شك أن الذي يملك الجماع هو الزوج. وعليه، فإن على هذه البنت أن ترفع أمرها للحاكم ليرفع عنها ظلم أبيها، بل وليوقع به العقوبة الشديدة الرادعة التي تزجره وتزجر أمثاله عن العبث بالأعراض والحرمات، فإن لم تفعل البنت ذلك فإن عليكم أن ترفعوا أمره للقاضي والسلطات المختصة، ويكون هذامن باب تغيير المنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(13/14105)
حكم تفضيل الأب أولاده من إحدى الزوجتين على الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوج والدي على والدتي بامرأة تصغره وهي بعمر ولده الثاني، ولم يكن منصفاْ في النفقة ولا في المبيت، وعذره أن والدتي لا تحب الجماع هداه الله. شيخي الكريم، والدتي توفيت منذ سنوات- رحمها الله وموتى المسلمين- وارتاحت من الضيم الذي كانت تلقاه والحمد لله, إلا أن أبي مازال يفرق في الصرف على بناته من والدتي وأخواتي الأخريات وأمهم, والمؤسف أنه يستخدم الكذب والكتمان في الصرف على أولاده وبناته من الزوجة الثانية حتى تعلَموا ذلك منه، فهو يشتري السيارات، ويزوجهم، ويسكنهم في الشقق التي يملكها، ويحاول كتمان ذلك ما استطاع, ولا يعلم أن ذلك يورث الكراهية بين الأرحام لا سمح الله. شيخي الكريم، لقد علمت بأنه ينوي -وربما فعل- كتابة بعض مايملك من عقار ومنزل لزوجته عن طريق الييع الكاذب وتوثيقه لدى المحكمة، بحجة تأمين المستقبل لها وأبنائها. السؤال: هل يقر الشرع ذلك ويمضيه؟ والخوف من القطيعة والكره الذي سيحدث لا سمح الله بيننا، فنحن أربعة أولاد وأربع بنات من الزوجة الأولى -رحمها الله- إخواني من الزوجه الثانية خمسة أولاد وخمس بنات, أطال الله في عمر أبينا وأحسن خاتمتنا أجمعين.
أرجو الجواب والنصيحة وجزاك الله عنا خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء لا حرج على الرجل أن يتزوج امرأة تصغره ولو كانت في سن أبنائه وبناته، وهذا أمر جائز في الشرع فلا داعي لانتقاد من فعله، كما أن تعدد الزوجات جائز في أصل الشرع ولا يعد ظلما للزوجة الأولى
وأما ما ذكره السائل عن أبيه من أنه غير منصف في النفقة ولا في المبيت، فلا شك في أن العدل بين الزوجات واجب في المبيت، والنفقة الواجبة، على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 49632.
وكذا ما ذكره عنه أنه يفضل أولاده من الزوجة الثانية بالعطية والهبات فيشتري لهم السيارات ونحو ذلك، فلا شك أن هذا جور في العطية ومخالفة للعدل الذي أمر الله به في كتابه، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
والواجب على والدكم التوبة إلى الله تعالى والعدل بين الأولاد، فإما أن يهب لأولاده الذين حرمهم ما يتحقق به العدل، أو يرد ما وهبه لأولاده الذين فضلهم، فإن لم يعدل فالهبة التي وهبها لبعضهم دون بعض تعتبر هبة باطلة كما فصلناه في الفتويين رقم: 110480، 107734.
وأما ما تخشونه من والدكم أن يكتب ممتلكاته باسم زوجته، أو يبيعه لها بيعا صوريا، فقد سبق لنا أن بينا أن مثل هذه الكتابة لا عبرة بها، ولا يصير بها البيت ملكا للزوجة، لأن الزوج بهذه الكتابة إنما يريد تمليك زوجته بعض العقار بعد موته وهذه تعتبروصية لوارث وهي ممنوعة شرعا إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، وانظر التفصيل في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 27738، 62291، 106777، 112584.
والذي نوصيكم به هو أن تبينوا لأبيكم برفق وحكمة وجوب العدل بين الأولاد- ذكورا وإناثا- في العطية، وأنه لا يجوز أن يؤثر بعضهم على بعض من غيرمسوغ شرعي، وأنه إن فعل ذلك فالهبة باطلة شرعا ويجب ردها بعد مماته إلى التركة، فعليه أن يتقي الله تعالى فإن الله سائله عن ذلك فإن استجاب فبها ونعمت، وإن لم يستجب فيجب عليكم بره ويحرم عليكم عقوقه، وظلم الوالد لا يسوغ عقوقه ومقاطعته، وللأهمية نحيلك إلى الفتوى رقم: 118171، حول تزويج الوالد بعض أولاده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(13/14106)
هل يجب على الأب أن يوفر لابنه بيتا للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[في مجمل إجابنكم على الفتوى أوردتم بأن العقارات يجب أن تعود إلى التركة من باب العدل، ثم أوردتم قول ابن عثيمين رحمه الله تعالى: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 114813. فهل هذه العقارات من ضمن حاجات الزواج كوني أنا وأخي لا نملك ما يكفي للزواج ببيت مستقل، علما بأن هذه البيوت هي بيوت عادية بمناطق شعبية وليست بيوتا مرفهة في مناطق متوسطة أو راقية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غامض غير واضح، ولكن الذي فهمناه منه هو أنك تريد الزواج أنت وأخوك وليس لديكما بيوت مستقلة، وتسأل هل من حقكما على والدكما أن يوفر لكما بيوتا للزواج؟ فنقول:
قد سبق في الفتوى رقم: 117243، أن الواجب على الأب الموسر أن يزوج ابنه الفقير على الراجح من أقوال أهل العلم، وما دام قد وجب عليه تزويجه فإنه يجب عليه أن يوفر له المسكن ما دام قادرا على ذلك، لأن المسكن له ولامرأته من ضمن النفقة الواجبة على والده الموسر
.فإن كان الذي فهمناه هو مقصودك فالأمر على ما ذكرنا، وإلا فأرسل إلينا بمقصودك واضحا مفصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(13/14107)
عدل الأم بين أولادها في العطية والأمور المعنوية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في التعامل مع أم ظالمة وكاذبة في التعامل مع ولد من أولادها، أما مع بقيه الأولاد فهي حنونة في غاية الحنان واللطف والكرم.
هل يجوز أن تمنع عن ولد من أولادها الملبس الواقي من البرد، وتنفق على الآخرين بغير حساب؟
هل يجوز أن ترفض شراء نظارة لولدها حيث كان محتاجا لها ولا يستطيع الرؤية بغيرها؟
المشكلة أن الولد الآخر عندما احتاج لنظارة حصل عليها من أفضل الأنواع.
هل يجوز أن تسخر ولدا من أولادها لخدمه الآخرين؟
المشكلة أن الآخرين ميسورو الحال ماديا.
هل يجوز أيضا أن تأخذ نصيب هذا الولد من التركة بعد وفاة أبيه لتعطيه لإخوته الآخرين غير المحتاجين.؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الأم تظل أماً أساءت إلى ولدها أو أحسنت إليه، فيجب أن يعرف لها مكانتها بأن يبرها ويحسن إليها اعترافا بحقها عليه، وطاعة لله تعالى الذي أمره بهذا البر والإحسان، وراجع الفتوى رقم: 43958.
وكما أن الأم تحب أن يكون أولادها لها في البر سواءا فينبغي لها أن تحرص على العدل بينهم بما في ذلك العدل بينهم في الأمور المعنوية كالعطف والشفقة ونحو ذلك، ويجب عليها أن تعدل بينهم في العطية، وأن لا تفرق بينهم في العطية لغير معنى، ولا يجوز لها أيضا أن تلزم ولدها بخدمة إخوانه الآخرين.
وليس من حقها أيضا أن تأخذ نصيب ولدها من الميراث لتعطيه لإخوانه الآخرين ولو كانوا محتاجين، ما لم يكن ذلك عن طيب نفس من ولدها هذا.
فقد روى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.
ونحب أن نختم هذه الفتوى بكلام نهمس به في أذن الولد وهو أنه قد يتخيل أحيانا أن هنالك نوعا من الظلم واقعا عليه من قبل الأم وفي الحقيقة لا يعدو الأمر أن يكون مجرد توهمات ليس لها حقيقة في الواقع، والغالب في الأم الشفقة على ولدها فلا تتهم الأم عادة في ولدها.
وعلى فرض أن هنالك ظلما قد وقع عليه منها فينبغي أن يلتمس السبب الذي يدعو أمه إلى أن تعامله بمثل هذا النوع من المعاملة، فربما أنه كان قد فعل شيئا أساءت فهمه، أو يكون قد أسأ إليها يوما فغضبت عليه فعاملته كذلك.
ونحسب أن كسب ود الأم من الأمور الهينة، فننصحه بأن يستعين بالله ويجتهد في محاولة تحصيل ذلك، روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
والله أعلم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(13/14108)
حكم وضع الأطفال في روضة لانشغال الأم بالدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الإسلام بوضع الأطفال بالحضانة لدراسة الأم، الفترة من الصباح حتى الواحدة والنصف ولمدة 3 أيام بالأسبوع؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المكان الذي تدع فيه أطفالها مأمونا يرعاهم ويعلمهم ما ينفعهم فلا حرج فيه، وإن كان الأولى للأم هو القرار في بيتها وتربيتها أولادها بنفسها، لأن ما أودع الله في قلبها من الشفقة والرحمة بهم لا يمكن تعويضه في دار حضانة ونحوها، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 79228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(13/14109)
نفقة الأولاد إذا حصل فيها تفاضل لاختلاف حاجتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو نحن في البيت خمسة أبناء (3 أولاد وبنتان) كلنا بالغون. أبواي يصرفان علينا بطريقة عشوائية كلما احتاج أحدنا شيئا أعطي له وأحيانا يعطى لأحدنا أكثر من الآخر..وأخي البالغ من العمر 23 عاما ما زال طالبا في الجامعة , يجد في نفسه شيئا خصوصا أنه يقول لي "أنا الفقير بينكم جميعا" وأمي كثيرا ما تصرف على أختي الكبيرة, تحدثت أكثر من مرة في هذا الموضوع ولكني أظنهم يعتقدون بأني أغار ... أفيدوني جزاكم الله خيرا , انصحوني ماذا أستطيع أن أفعل بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأبوان ينفقان على أولادهما بحسب الحاجة ويحصل تفاضل في ذلك حيث يُعطى لكل ما يناسب حاله ويفي بحاجته فلا إثم على الأبوين إذا حصل تفاضل في الإنفاق على هؤلاء الأبناء.
ففي الشرح الممتع لابن عثيمين: وأفادنا المؤلف ـ رحمه الله ـ بقوله: «في عطية» أنه بالنسبة للنفقة لا يكون التعديل بينهم بقدر إرثهم، بل بقدر حاجتهم، فيجب التعديل في الإنفاق على ولده بقدر الحاجة، فإذا قدر أن الأنثى فقيرة، والذكر غني، فهنا ينفق على الأنثى ولا يعطي ما يقابل ذلك للذكر؛ لأن الإنفاق لدفع حاجة، فالتعديل بين الأولاد في النفقة أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج، فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس يحتاج إلى نفقة للمدرسة، من كتب ودفاتر وأقلام وحبر وما أشبه ذلك، والآخر هو أكبر منه لكنه لا يدرس، فإذا أعطى الأول لم يجب عليه أن يعطي الثاني مثله.
ولو احتاج الذكر إلى غترة وطاقية قيمتهما مائة ريال مثلاً، واحتاجت الأنثى إلى خرصان في الآذان قيمتها ألف ريال، فالعدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمائة ريال، ويشتري للأنثى الخرصان بألف ريال، وهي أضعاف الذكر عشر مرات، فهذا هو التعديل. انتهى
أما إذا كان التفاضل في الهبة فجمهور أهل العلم على أن التسوية في العطية بين الأبناء مستحبة وليست بواجبة وبالتالي فإذا حصل تفضيل بين الأبناء في العطية صح مع الكراهة وتستحب المبادرة إلى الرجوع والتسوية بينهم.
وقال بعض أهل العلم بحرمة التفضيل إلا لسبب يقتضى ذلك كمرض الولد أو كثرة عيال أو اشتغال بطلب علم وهذا القول هو الراجح كما ذكرنا في الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 28274.
وبناء عليه فإذا كان أبواك أو أحدهما يفضل بعض أبنائه على بعض في الهبة بدون سبب يقتضى ذلك فهذا حرام وظلم وجور وسبب للعقوق وحصول البغض والكراهية بين الأولاد، وعليك بذل الجهد في نصح من يقوم بذلك من أبويك، وليكن ذلك بحكمة ورفق وعلى انفراد ليس بحضرة أحد، وإن كان التفضيل المذكور لسبب ككون أختك الكبيرة لها عيال أو مريضة أو نحو ذلك أو كان أحد الأبناء له ظروف تقتضى تفضيله في العطية فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(13/14110)
يريد ضرب امرأته لكونها تضرب ابنه غير المميز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وامرأتي تضرب ابني عمره 16شهرا أريد أن أعرف إذا ضربتها حلال أم حرام؟ شكرا إخواني على الجواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطفل المذكور مازال صغيرا غير مميز، ولا فائدة في ضربه، وبالتالي فعقوبته بالضرب في هذه السن المبكرة تعذيب له وليست مشروعة. وعليه فانصح زوجتك بعدم ضربه، فإن لم تمتثل فهددها بالضرب والعقوبة، فإن لم يفد ذلك فلك ضربها ضربا معتادا لا يكسر عضوا ولا يشين جارحة، فتأديب الزوج زوجته مشروع. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59463، 58461.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(13/14111)
هل يجب على الأب إخراج ابنته للتنزه كل مدة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 24 سنة، ولديّ أخت بالـ 29 من عمرها ...
تطلب أختي من والدي وجميع إخوتي أن نخرجها للتنزه، وتقول إنه واجب علينا أن نخرجها من البيت للنزهة كل يومين حتى لو كنا مشغولين، وإننا محاسبون على ذلك، طالما أننا مسؤولون عنها.
فهي تقول إنها تشعر بالاختناق من البقاء في البيت، وتريد الخروج للتنزه. وفي حالة عدم خروجنا للتنزه تعاتبنا جميعا – يشمل والدي ووالدتي- وتسخط على نفسها، وتتمنى لو أنها لم تخلق أو تتمنى لو أنها تموت، وتقول في حالة حدوث أي شيء لها من سكتة قلبية أو شلل فإننا نحن المذنبون ولن تسامحنا على هذا ...
س/ فهل نحن مذنبون؟ وهل نحن محاسبون على ذلك؟ وماذا نفعل لأختنا إن كانت على خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على ولي البنت وهو أبوها أن ينفق عليها، والنفقة قد حصرها جمهور الفقهاء في المطعم والملبس والمسكن، فقد ذكر ابن نجيم الحنفي في الكنز الرائق أن النفقة إذا أطلقت فإنها تنصرف إلى الطعام والكسوة والسكنى ونقل ذلك عن محمد بن الحسن.
فالواجب إذا هو الضروريات، أما الكماليات فليست بواجبة على الولي ولكن يؤجر من قام بتوفيرها، والخروج للنزهة لا شك أنه ليس من الضروريات التي يطالب بها الولي على سبيل الوجوب ولكنه يؤجر على ذلك إذا نوى به الإحسان إليها، وعليه فقول أختكم بأنه يجب عليكم أن تخرجوها من البيت للنزهة كل يومين أو نحو ذلك ليس صحيحا، فلا يجب عليكم ذلك، وكونها تشعر باختناق من البقاء في البيت ليس موجبا لوجوب إخراجها كل مدة معينة إلا أن يشهد طبيب مختص بأن عدم خروجها يسبب لها ضررا فيتأكد إخراجها دفعا لهذا الضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(13/14112)
إساءة الأم إلى بناتها وكتابتها أموالها لولدها دونهن
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 3 بنات 2 ولد وأخ متوفى، أمي طوال حياتها تعامل البنات بقسوة شديدة لا حنان ولا رحمة وتقول أنا هكذا لا أحب البنات، الـ 3 بنات تزوجن ومعظم الوقت لا ترد علي التليفون إلا إذا كانت تريد طلبا أو خدمة من البنات وهي غنية جداً وبخيلة جداً وخاصة على البنات فهي تقول أنت ومالك ملك لأبيك وتطمع فينا على الرغم من توسط حالتنا المادية فنحن الـ 3 بنات موظفات ولدينا أطفال تدعو عليهم أمي ساعة صلاة الجمعة أن يموتوا في حادث مثل خالهم ولا تحبهم، وبنت عمارة تقدر بملايين باسم أخي حتي لا نرث فيها، وجزء مما تملك باسم نفس الأخ وتقول أنا حرة في مالي والله لا أورث في أولاد الرعاع المقصود نحنا وأولادنا، لو واحدة منا احتاجت ولجأت لها ترفض وتدعي الدين والفقر ونحن الـ 3 بنات نراعي الله علي قدر ما نستطيع لأن تصرفاتها معنا تغضبنا جداً ونحن لا نريد طول حياتها معنا غير الحنان والرحمة والعطف، مع العلم بأنها تقوم الليل وعابدة جداً ومع ذلك سليطة اللسان وكثيرة الدعاء على الناس، ودائما تشكو ظلم الناس وقسوتنا معها ولو عرفت أننا زرنا بعضا تغضب جداً وتقول أنتم عاملون علي حزبا، للعلم أننا نحاول إرضاءها ليس حبا فنحن نكرهها ولكن خوفا من الله وهي والله أعلم تحس بذلك، المهم وصى الله بالوالدين إحسانا ومن الكبائر عقوق الوالدين فهل للأبناء حق على آبائهم وهل من حق الوالدين التقصير في حق الأبناء وليس عليهم حساب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الذي تفعله أمك ظلم وتعد وتشبه بأخلاق الجاهلية الأولى؛ لأن من أخلاق أهل الجاهلية بغض البنات, قال سبحانه في وصف حالهم: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ {النحل:58-59} ، وأما العمارة التي بنتها وكتبتها باسم أخيكم فهذا صريح الجور والظلم بشهادة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما، قال: سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثم بدا له فوهبها لي فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا، قال: ألك ولد سواه؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور. وفي رواية: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وفي لفظ لمسلم: ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن.
وقد اختلف العلماء في من فضل بعض أولاده على بعض هل ينفذ تصرفه أو يكون باطلا؟ على قولين:
الأول: أن هذا التصرف باطل، وبه قال جماعة من العلماء كطاووس والقرطبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وروي عن الإمام أحمد وقال به أيضاً أهل الظاهر، وحجتهم ظاهر النصوص المتقدمة.
الثاني: يصح تصرفه، وبه قال الجمهور.
والقول الأول هو الصحيح الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه جوراً، وما كان جوراً فهو باطل لا يجوز، ولأمره صلى الله عليه وسلم بالرد، والرد ظاهر في الفسخ، ثم إنه ينشأ عن ذلك العقوق الذي هو أكبر الكبائر، وذلك محرم، وما يؤدي إلى المحرم فهو ممنوع، وهذا كله ظاهر قوي، وترجيح جلي في المنع، فيجب على الأم أن تسوي بين أولادها وذلك بأحد أمرين: إما برد ما فضل به البعض، وإما بإتمام نصيب الآخرين، إ لا أن أهل العلم ذكروا أنه لا حرج في أن يخص الأب بعض أبنائه دون بعض إذا كان ذلك لمعنى كالزمانة (المرض) أو كثرة العيال.
قال ابن قدامة في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل.... إلى أن قال: فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك.
وأما دعاؤها على أولاد بناتها فهو حرام، فقد أخرج مسلم وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
وأولاد بناتها أولاد لها، ولتعلم هذه الأم أنها بإساءتها إلى بناتها ضيعت بابا عظيما من أبواب طاعة الله ورضوانه, ففي صحيح البخاري أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني، فلم تجد عندي غير تمرة واحدة، فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال: من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له ستراً من النار.
ولكننا نؤكد على أن الأم وإن خالفت أمر الله فظلمت أولادها وفاضلت بينهم فإنه لا يجوز للأولاد أن يعقوها، ولا أن يضيعوا حقها من البر والصلة؛ فقد أمر الله ببر الوالدين وشكرهما، ولم يعلق ذلك على شيء، ولو كان الأبوان كافرين، كما قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا {لقمان:15} ، فأدوا ما عليكن من حقوق تجاه الأم, واحتسبوا حقوقكم عند رب العالمين فإن الله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا ولا يظلم مثقال ذرة.
وللفائدة تراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5348، 19505، 25211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(13/14113)
في أوروبا نقود الأطفال من حق الزوجة.. فمن له الحق في التصرف بها
[السُّؤَالُ]
ـ[في أوروبا نقود الأطفال من حق الزوجة لكن زوجي يضعها في حسابه ما الحكم إن طالبته بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معرفة من له الحق في التصرف في هذه النقود أو من حق من تكون أمر يرجع فيه إلى الجهة المانحة، فإن خصتها بالزوجة فهي من حقها ولا حق للزوج في أخذ شيء منها إلا بطيب نفس منها، ولها أن تمنعه من ذلك وتطالبه بما أخذ، وإن جعلتها الجهة المانحة من حق الطفل -وهذا هو الأصل- فهي له وليست لأمه ولا لأبيه، وعلى والده أن يصرفها في مصلحة الطفل لأنه هو المسؤول عنه وهو وليه الشرعي، وأما تصرف الوالد في مال ولده في مصلحة نفسه فهذا فيه تفصيل تراجع في شأنه الفتوى رقم: 31108، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 110986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(13/14114)
تفريق الأب بين أبنائه من زوجتيه
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله على نعمة الإسلام. أبي شيخ قد زار البيت الحرام معتمرا. لكن ما فتئ يعود للسجائر وللخمر ومعاشرة النساء. ثم تزوج ثالثة من فتاة صغيرة مطلقة وذات خلق سيئ للغاية. وقد هربت من بيت الزوجية حاولت مرارا أن أصلح ذات البين لكن أبي عصبي وعنادي. لقد فرق بين أبنائه ال15 فكل عائلة أصبحت لا تطيق الأخرى. لقد أهملنا ولكنه أبي. لكن هذه المرة اتهم أمي بالسحر والعمل على إخراج زوجته الثالثة مع العلم أنها تزوجت ثلاثا من قبل وطلقت لسوء خلقها. لقد ناقشته بالمنطق لإقناعه وقد نقص شكه لكنه لم يعد لبيتنا وفضل السكن وحده.أصدقاؤه كنافخي الكير. ماذا أفعل معه دعوت الله له بالهداية، لكني في بعض الأحيان أضطر للقسوة عليه، فأمي وإخوتي الأشقاء ال9 في كفة وهو في الكفة الأخرى، ماذا أفعل إنه يقسو علينا وبتمييزه زرع الفرقة بين ال9 وال6 من الثانية لا يسمع نصيحة أحد حتى أن أحد أصدقائه من الدجالين ... سؤالي ماذا يجب علي القيام به إن لم تعد الأمور لنصابها، هل مع أمي وإخوتي أم مع أبي الذي تركنا دون أكل لا ماء ولا..... كل شيء على عاتقي وأنا لا أزال في بداية الطريق في 30 ولم أتزوج ولم أكون نفسي. لقد أهملنا كلية ذهبت إليه أناشده العودة للبيت لكنه أبى، أعلم أن صدمة فرار زوجته كبيرة لشيخ في 64 من عمره. لكنه يصر على معاودة الكرة، ما العمل مع زوج لم يعدل بين زوجاته ويطالبني أحيانا بالنقود. من فضلكم دلوني على طريقة أصلح بها أبي حتى أني اشتريت له شرائط لخطب أئمة وشرائط قرآن لكنه يفضل الغناء عليها ... أرجو توجيهكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وقع أبوك في جملة من الكبائر والمنكرات منها وأعظمها شرب الخمر وعلاقاته بالنساء الأجنبيات، وحرمة هذين الفعلين أظهر وأوضح من أن يستدل عليها فهي من المعلوم من الدين بالضرورة ولا يسع المسلم جهلها بحال.
ومنها التفريق بين الأولاد وهذ الفعل حرام، لأن الشريعة أوجبت على الآباء التسوية بين الأبناء في الهبات والرعاية والتربية، لأن ذلك أدعى إلى بر الأبناء بآبائهم، وأرفع للشحناء والبغضاء بينهم، جاء في حديث النعمان بن بشير قال: تصدق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي: عمرة لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وفي لفظ لمسلم: ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن.
وفي قوله: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ تعليل واضح من النبي صلى الله عليه وسلم لوجوب العدل والمساواة بين الأولاد.
وعليه، فإن ما يقوم به هذا الأب من التمييز بين أبنائه حرام ومنهي عنه شرعاً، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى منه.
وأما اتهامه لأمك بعمل السحر له فحرام أيضا؛ لأنه لا يجوز اتهام الآخرين بعمل السحر إلا بإقرار منهم أو ببينة تشهد بذلك، أما اتهامهم بمجرد الظن فلا يجوز، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} ، ويعظم الإثم إذا تسبب ذلك الاتهام في قطع العلاقات العائلية وقطيعة الرحم.
ومنها مصاحبة الفجار وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، روى أبو داود وأحمد وغيرهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي. حسنه الألباني.
والواجب عليك – أيها السائل - تجاه أبيك أن تذكره بالله وعظيم بطشه وأليم عقابه، وأن تحبب إليه التوبة, ولا ما نع من أن تستعين على ذلك ببعض أهل الخير والعلم في بلدتكم كإمام المسجد وغيره، بحيث يحاولون إصلاحه وكفه عن أفعاله، واحرص في ذلك كله على أن يكون كلامك معه باللطف واللين والرحمة، وأن يرى منك تجاهه كمال الشفقة والرأفة والبر به، فهذا إن شاء الله أدعى لاستجابته.
ونذكرك أنه مهما بدر من أبيك من ظلم في حقك أو حق إخوتك أو أمك أو حتى ظلم لنفسه بالمعاصي والذنوب فإنه لا يحل لك هجره أو مقاطعته بل له عليك المصاحبة بالمعروف ما دام حيا.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38470، 19505، 17002.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(13/14115)
هل للأم حق في مطالبة الأب بمال ابنها البالغ من العمر اثني عشر عاما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للأم حق في المطالبة بمال ابنها الذي يبلغ من العمر 12 عاما؟ علما بأن الأب يرفض إعطاءها أي مبلغ منه, وكذلك يرفض إعطاءه للولد لشراء احتياجاته الخاصة مثل أقرانه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للأم الحق في المطالبة بمال الابن من والده لأن الولاية له، وعليه أن يتصرف فيه بما يصلحه وينفق منه حسب العرف دون إسراف أو تقتير. وللأم مطالبته بالإنفاق عليه حسب المعتاد إن كان لا يفعل ذلك، كما لها الحق في مطالبته بأن يعطيها منه لنفسها ما تحتاج إليه كما له هو ذلك، لأن للوالدين الأخذ من مال ولدهما ما يحتاجان إليه في نفقتهما ونحوها.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 31108، 24720.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(13/14116)
معاناة الأب المغترب بعيدا عن زوجته وأبنائه وهل يوجد حل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من بعد أولادي في الغربة وحاولت استقدامهم ولكن قانون البلاد لا يسمح إلا بشروط لا تتوفر عند العامة, ولي 15سنة مكثت مع الأولاد ما يقارب السنة في مجمل 15سنة غربة، ما حكم المخالف في ذلك؟ ولكم جزيل الشكر ووفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الأولاد على أبيهم أن يجدوا منه الرعاية والعناية بالإنفاق عليهم والاهتمام بتربيتهم التربية الصحيحة القائمة على عقيدة وأخلاق الإسلام، فإذا لم يكن وجودك في الغربة سببا في التفريط في شيء من ذلك فلا يلحقك منه إثم, وإن كان سببا في التفريط في شيء منه فتأثم به، وراجع الفتوى رقم: 21752، لمزيد الفائدة. وهذا من جهة الأولاد.
وأما من جهة الزوجة فإن لها حقا عليك أن لا تغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا برضاها، فإن كانت زوجتك راضية بغيابك عنها هذه المدة فلا إثم عليك وإلا كنت آثما، وراجع الفتوى رقم: 41508.
فالذي ننصحك به وعلى كل حال أن تجتهد في أن تجتمع بأهلك، إما بالاجتهاد في البحث عن سبيل لاستقدامهم من غير الوقوع في المخالفة لقوانين البلد الذي تقيم فيه, أو بالرجوع إلى بلدك والإقامة مع أهلك، ففي وجود الأب بين أبنائه من أسباب السعادة ما لا يقدر بثمن، ثم إن هذا الزمان قد كثرت فيه الفتن وهذا يستوجب أن يكون الأب قريبا من أهله فيعف زوجته ويرعى أولاده، ولعل الله تعالى أن ييسر لك من أسباب الرزق ما لا يخطر لك على بال، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} . ولمزيد الفائدة يمكنك مطالعة الفتوى رقم: 74275.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(13/14117)
حكم أخذ الأب من إعانة عرس ولده بدون رضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعانكم الله يا شيخ ... تزوج أحد إخواني قبل ثلاث سنوات وكان من عادات الزواج عندنا هي أن المعازيم يدفعون ما تجود به أنفسهم لإعانة العريس على متطلبات الزواج وتكون 100 ريال أو 200 أو أقل أو أكثر من ذلك، لكن أبي -أسأل الله أن يهديه- أخذ منها الكثير فأخي يقول إن أبي أخذ ما يقارب 28 ألف ريال ولم يبق لأخي سوى 3 آلاف ريال، فهل ما أخذه أبي من الإعانة التي يعان بها العريس ليلة عرسة جائزة مع أن أخي غير راض كذلك، أنا والحمد لله مقبل على الزواج هذه الأيام وحالتي المادية لا بأس بها لكن أخاف أن يصير لي ما صار لأخي فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الهبات والإعانات يدفعها الناس للعريس فإنها تعتبر من ماله، ويجوز للأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاجه بدون رضى الولد، لحديث: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه. وذكر العلماء لجواز أخذ الوالد من مال ولده شروطاً راجعها في الفتوى رقم: 104517.
وهناك تعلم أنه لا يحق للوالد أخذ ما كان مجحفاً بالابن أو ما تعلقت به حاجته، فإذا كانت هذه الهبات تعلقت بها حاجة الولد أو كانت مجحفة به في مثل هذا الظرف فليس للوالد أخذها، وراجع للمزيد في هذا الموضوع وتفصيلاته بالفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(13/14118)
لا يصرف على أولاده وتزوج من سجينة آداب
[السُّؤَالُ]
ـ[الأب الذي لم يصرف على أولاده ويصرف عليهم عمهم والأب يتزوج ويفكر في نفسه دائما ويتزوج امرأة غير شريفة وسجينة آداب ويفضلها دائما وفي زوجهم وهم في الولادة لا يسأل عنهم ما هذا نحن قرفنا منه لأن امرأته سجينة (آداب) ثانيا وما زال يدافع عنها ما حكم الشريعة مع هذا الديو...... ونحن الحمدلله متدينون ونقيم الصلاة والآن عمي (معة ومعة) وفي بعض الناس يقول عملهم عمل سفلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي سؤالك شيء من عدم الوضوح، والذي فهمنا منه أن والدكم لا يقوم بما هو واجب عليه تجاهكم وأنه متزوج من زوجة أخرى ومن صفتها بأنها (غير شريفة وسجينة آداب) وأنه يفضلها على زوجته الأولى التي لا يسأل عنها. فإذا كان الأمر كذلك فيجب على أبيكم أن يقوم بما يجب عليه من نفقة أولاده وزوجتيه، ويجب عليه أن يعدل بين زوجتيه في المبيت والنفقة، فإن قصر في شيء من ذلك فقد أساء، فينبغي أن ينصح برفق، وأن يذكر بالله تعالى، وأن يقوم بما يجب عليه من ذلك، ولأبنائه وزوجته مقاضاته إن تطلب الأمر ذلك، ولا يعتبر هذا عقوقا له. ولكن ليكن أبناؤه على حذر من الإساءة إليه بأي نوع من الإساءة ولو قلت. وراجعي الفتوى رقم: 23217.
وأما زواجه من المرأة المذكورة فقد يكون قد أقدم عليه بعد علمه ببراءتها مما نسب إليها من تهمة أو لكونها قد تابت مما فعلت من جرم ونحو ذلك، وإن كان المقصود بكونها (غير شريفة) أنها زانية فالواجب الحذر من الإقدام على مثل هذا عن غير بينة لأنه يكون قذفا يستحق صاحبه حد القذف إن لم يأت ببينة.
وإن تبين وجود شيء في تصرفات هذه المرأة بما يدعو إلى الريبة، ولا سيما إن كان في التعامل مع الرجال الأجانب ونحو ذلك فيمكن أن ينصح هذا الرجل بتأديبها وصيانتها، أو تطليقها وفراقها.
وقد سبق أن بينا أن تغير أحوال الإنسان لا يعني بالضرورة أنه مسحور، ومع هذا فإن غلب على الظن وجود شيء من السحر فيمكن أن ينصح برقية نفسه أو يطلب له من يرقيه بالرقية الشرعية. والواجب الحذر من أن يوجه الاتهام لشخص معين بكونه هو الذي فعل السحر إلا عن بينة ظاهرة. وانظري الفتوى رقم 52916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(13/14119)
أخذ الأب مهر ابنته وهل لها أخذه بغيرعلمه إن ظفرت به
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي رحمها الله في حادث سيارة واستلم أبي مبلغا من المال ديتها وأخذه كله ولم يعطنا أنا وإخوتي حتى القصر منهم ولا قليل منه وتصرف فيه جميعه وتقدم لخطبتي ابن خالتي وكان أبي غير راض عن زواجي منه لأنه كان يريد تزويجي من أحد أولاد عمي وكنت رافضة ذلك ولما أصررت على الزواج من ابن خالتي طلب منه مبلغا كبيرا من المال وألزمه بتكاليف الزواج كاملة وكان ابن خالتي متمسكا بي فوافق على شروط أبي التعجيزية جميعها واستدان مبالغ كبيرة من المال للقيام بهذه الشروط المهم في الموضوع أن أبي أخذ مهري كله ولم يعطني ولو مبلغا بسيطا من المال علما بأن العرف في بلدنا أن تعطى يتيمة الأم أو الأب مهرها كله المهم حزنت لذلك حزنا شديداً حيث كنت مقتنعة بأن هذا المهر من حقي وبعد زواجي بسنة تقريباً جاءت فرصة بأن وضع أبي مبلغا كبيرا من المال في المنزل وكان يصرف منه بشكل يومي فقمت بأخذ مبلغ يوازي تقريباً المبلغ الذي أخذه أبي وهو مهري دون علم والدي وقمت بشراء ذهب بهذا المال وعشت في بيت أبي مدة من الزمن كان أبي خلالها يقصر كثيرا في الإنفاق على إخوتي خصوصاً بعد زواجه وكنت أنا وزوجي نقوم بمساعدتهم على طول المدة وحتى الآن بعد خروجنا من المنزل أنا وإخوتي بعد حدوث مشاكل كبيرة مع زوجة الأب المهم أريد معرفة إذا ما كانت هذه الفلوس التي أخذتها من والدي من حقي أم لا؟ وإذا كان يجب علي إعادتها لوالدي فهل يمكن صرفها على إخوتي أو مساعدتهم بها في حياتهم لأن والدي دائماً مقصر معهم أرجو أن تفيدوني لإبراء ذمتي وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليس من حق الوالد حرمان أبنائه من الإرث، ولا الاستيلاء على أموالهم بغير حق. وله أن يأخذ من أموالهم ما هو بحاجة إليه. ومن حق من أخذ منه الأب شيئا من ماله بغير حق أن يسترجعه منه إذا ظفر به. وإذا أخذ الابن أكثر من حقه وجب عليه رد الزائد إلى الأب، وليس له صرفه على الأبناء؛ لأن نفقتهم قد تكون ساقطة عن الأب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن أبيك من حرمانك وإخوتك من الميراث، واستيلائه على مهرك، وتقصيره في الإنفاق على أولاده ... كلها أمور لا تشرع له في الأحوال العادية.
ولكن في المقابل ينبغي التنبيه إلى أن الوالد إن كان محتاجا فله أن يأخذ من مال ولده بقدر حاجته، لما روى الحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم.
كما أن على الولد أن يحسن إلى والده وإن كان الوالد مسيئا؛ لأن رضا الوالد سبب لرضا الله تعالى عنه، وسخطه سبب لسخط الله تعالى عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وفيما يخص ما ذكرته عن الفلوس التي أخذتها من مال أبيك دون علمه، وما إذا كان عليك أن ترديها أم لا، فإن الجواب على ذلك يتوقف على معرفة ما إذا كان من حق أبيك أن يأخذ شيئا من مالك لكونه محتاجا أو لكونه يصرف ذلك عليك وعلى إخوتك، أو لكونه قد جهز لك منه بيت الزوجية أو غير ذلك ... أم أن ذلك ليس من حقه.
فإذا كان أخذ المال بغير حق، أو أخذ منه أكثر مما له الحق فيه، فمن حقك استرجاع ما زاد على حقه منه.
وإذا تقرر حقك في استرجاع المال منه، فلك أن تسترجعيه متى ظفرت به. وقد بينا من قبل مذاهب العلماء فيمن ظفر بحقه ممن ظلمه، ولك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 28871.
وأما إذا قلنا بعدم استحقاقك لهذه الفلوس فإن عليك أن ترجعيها للوالد، أو ترجعي له منها ما ليس لك فيه حق.
والأحوط أن ترجعيها إليه مباشرة، ولكن لا يلزم التصريح له بأنك كنت قد أخذتها من ماله.
وأما صرفها على إخوتك فإن القول به يتوقف على معرفة ما إذا كانت نفقتهم تلزم الوالد أم لا، وما إذا كان الذي تصرف فيه هو مما يلزم الوالد أم لا.
وأخيرا نوصيك بالبر بأبيك والإحسان إليه، وعدم مؤاخذته في أية إساءة؛ فإن حقه عليك عظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1429(13/14120)
كيف يتصرف الأبناء مع أبيهم المتعنت معهم في كل شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما العمل أو ما الذي علي أن أقوم به مع أبي الذي هو مند الصغر إلى عمري الحالي ليس متفاهما معنا أبدا. وناهيك عن ضربه لنا في أبسط الأمور فهو دائما ما يتشبث برأيه وحده ولا يتقبل حتى فكرة شيء اسمه الحوار لأنه يعتبر أن الحوار مع من هو أصغر منه -بالذات نحن ابناه- تنقيصا له، فأبي ناهيك عن ضربه لنا أمام الناس أو حتى شتمه لنا في المناسبات سواء كانت عائلية أو أي مناسبة، وناهيك عن اعتباره لنا وكأننا في عمر السنة أو السنتين أو ربما حتى أقل، فحياتنا تمت بالطريقة التي تحلو له فكانت خلاصتها أن أدخلني في تخصص برغبته هو وإلى الآن أي بعد حوالي 9 سنوات لم آخذ شهادة، كما أن أخي الأصغر تحصل على شهادة من مرحلة التعليم الأساسي ولم يدعه يذهب ويكمل دراسته بالرغم من أنه أخذها منذ حوالي 3 سنوات، بالرغم من إخبارنا لمن هم أكبر منه سنا ومن مشايخ في القرية التي نعيش فيها ولكن مع ذلك كله لم ينفع فالحال بقي كما هو عليه لم يتغير أبدا بل يزداد من سيء إلى أسوأ.
أنا متيقن تماما أن عقوق الولدين هو من أحد الكبائر لكن في المقابل عندما أراه لا يرحمنا يضربنا في أبسط الأمور وحتى إن كانت صغيرة، أب يعاملنا وكأننا أطفال، أب يضرب وحتى من هو في عمر السنتين أو أقل، أب يضرب بأي شي يجده أمامه سواء كان سكينا أو أي شيء حاد لا فرق عنده، أب يعتبر أن التشاور والحوار معنا وكأنه تصغير لنفسه، أب في الحوار دائما ما يمنعنا من الكلام فقط الذي يدور بيننا من الحوار هو علينا أن نستمع إلى آرائه فقط سواء كانت عادلة أم غير عادلة أو حتى إن كانت مرضية أم العكس المهم علينا أن نستمع إلى آرائه فقط.
فالرجاء ممن هم من ذوي الخبرة والاختصاص أن يرشدونا الى ما هو الحل لعلهم يكونوا سببا لإسعادنا أو سببا للتخفيف عن المعيشة التي نعيشها مع أبي.
وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الأصل أن يكون قلب الأب مملوءا رحمة وشفقة على أولاده وحرصا على كل ما فيه مصلحتهم، وتصرف الأب بنحو ما ذكرت عن أبيك إن ثبت عنه ما ذكرت ولم يكن له عذر في ذلك تصرف غريب وابتلاء عظيم، ولكن يظل هو الأب الذي جعل الشرع له منزلة عظيمة وأوجب على ولده بره والإحسان إليه، وستظل أنت الولد الذي يجب عليه بره والإحسان إليه ولو أساء إليك فإن إساءته لا تسقط عنك بره، كما سبق وبينا في الفتوى رقم: 8173.
فمن أهم ما نوصيك به الصبر على أذاه والإكثار من الدعاء له بالهداية والصلاح والحرص على الإحسان إليه عسى أن يكون ذلك كله سببا في لين قلبه، والواجب عليك الحذر من الإساءة إليه بأي نوع من الإساءة وإن قلت لأن ذلك عقوق وأنت على علم بخطورة العقوق.
ولو أنك راجعت قسم الاستشارات بموقعنا هذا بالشبكة الإسلامية فلربما وجدت كثيرا من التوجيهات التي يمكن أن تفيدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1428(13/14121)
لا يجوز تخصيص بعض الأبناء بالعطية دون بعض دون مسوغ شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وتم التنازل للوالدة عن جميع الإرث والآن الوالدة تنازلت لبعض إخواني عن أسطح ليقوموا بالبناء علية وهي تريد الآن أن تتنازل لأخي الأصغر 28سنة عن شقة الوالد ونحن لم نحصل على أي شيء، فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على والدتكم أن تعدل بينكم في العطية ولا يجوز لها على الصحيح من أقوال أهل العلم أن تعطي بعض أولادها دون بعض إلا لمسوغ شرعي، وينبغي نصحها وتذكيرها بالله تعالى، فإن التفرقة بين الأولاد في العطية مع أنها محرمة شرعا فإنها تورث الضغائن بين الإخوة.
وقد سبق أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم تخصيص بعض الأولاد بالعطية دون بعض، انظر منها الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 39797، والفتوى رقم: 73704.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1428(13/14122)
حق الابن في مال أبيه الذي ساهم في تكوينه وتنميته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو النصيحة حول مشكلة حدثت مع عائلة وطلبوا مني المشورة.
العائلة مكونه من رب الأسرة وزوجتيه وأبنائه من كلا الزوجتين. حدث خلاف بين الأب وابنه البكر والوحيد من الزوجة الأولى فقرر إخراجه من المنزل مع أمه وإسكانه في منزل بسيط جدا. وقد حدث خلاف بين الأب (رب الأسرة) وبين ابنه وزوجته الأولى حول حقوقهما من مال الزوج حيث إن الابن الأكبر (29 عاما) ساهم مع أبيه في تكوين وتنمية المال العام ولكن الأب يريد توزيع بعض الممتلكات على أبنائه بالتساوي وحرمان الابن الأكبر من بعض الممتلكات الأخرى علما أن أبناءه من الزوجة الثانية لا يزالون بين الطفل في الدراسة الابتدائية وبين الرضيع!! فهل يجوز للوالد أن يجرد ابنه من الثروة أو احتساب حقه حاله حال الرضيع الذي لم يساهم في شيء؟ وما هي حقوق الزوجة الأولى من حيث الممتلكات؟ أفتونا وفقكم الله.
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نشكر السائل الكريم على اهتمامه بإخوانه وحل مشاكلهم وإصلاح ذات بينهم فقد قال الله عز وجل: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114} .
وفي ما يخص السؤال فإن حق الزوجة على زوجها هو النفقة والكسوة والسكن وما يتبع ذلك بالمعروف.
وأما حق ابنه الأكبر في ماله الذي ساهم في تكوينه وتنميته.. فإن كان فعل ذلك بنية مساعدة أبيه والهبة له فإن ما بذل من جهد يعتبر ملكا للأب ولا حق له في المال، وإن كان فعله بنية المشاركة معه فإن له مقابل عمله.
وأما إذا لم تكن له نية فإن الرجوع في ذلك إلى العرف، فإن كان العرف السائد في البلد أن الابن يعمل مع أبيه بمقابل فإن له الحق في المال مقابل عمله، وإن كان العرف يقتضي أن الابن يعمل مع أبيه دون مقابل فلا حق له في مال الأب. وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتاوى: 46322، 41250، 80826.
ثم إن على هذا الأب أن يتقي الله تعالى ويعدل بين زوجتيه، وبين أبنائه فلا يجوز له أن يفضل بعضهم على بعض إلا لمسوغ مقبول شرعا؛ كما بينا في الفتوى: 6242، وهذا في حياته.
وأما بعد وفاته فإن الله عز وجل قسم التركة بنفسه في محكم كتابه، ولم يجعل ذلك إلى أحد من خلقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(13/14123)
وللأبناء على الآباء حقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أكره أمي كثيراً ... فهي تظلمني.. وتضربني مع أن عمري 25 عاما بل وتسعى في إبطال خطوبتي إذا لم أكن كما تريد، وأن أكون كما تريد.. غير منطقي ولا تسألوني أكثر ... وتفضل ابنها علي ... وغالبا تنتابني حالات تشنج حاد في الأمعاء بسبب التوتر الذي تسببه لي.. فماذا أفعل لأستطيع برها وهي تضربني وتعتبرني عاقة ... وأنا لا أشعر بذلك ... ولا أشعر إلا أني أكرهها، فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هناك حقوقاً متبادلة بين الآباء والأبناء، فكما أن على الأبناء الإحسان إلى الآباء، وطاعتهم وبرهم، والإنفاق عليهم عند القدرة إذا كانوا فقراء، فكذلك للأبناء على الآباء حقوق؛ ومن ذلك حسن تربيتهم وتعليمهم أمور دينهم، والرفق بهم، والعدل بينهم في المعاملة والعطية، وعدم ظلمهم والتعدي عليهم بالضرب، ومع هذا فإن على الأبناء أن يعلموا أن تقصير الآباء في حقوق الأبناء لا يبرر عقوق وتقصير الأبناء، وهذا ما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 27021، والفتوى رقم: 58854.
فإذا كان كفر الوالدين بالله الخالق الرازق المنعم المتفضل لا يُسقط حقهم في البر والإحسان فبالأحرى ألا يسقطه تضييعهما لحق الولد، وعليك أيتها الأخت الكريمة أن تتعاملي مع المسألة بهدوء، وتجتهدي في طاعة أمك وكسب رضاها، والسعي في إشعارها بذلك، فلعلها وجدت منك جفوة في التعامل، أو أخطاء بدرت منك، ولعل الشيطان يعظم لك بعض الأمور اليسيرة، ليغرس في قلبك الكراهية لأمك فتحرمي طاعتها، ونذكرك بأن الجنة تحت أقدام الأمهات، ونوصيك بمطالعة الفتوى رقم: 76174.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(13/14124)
حكم تحايل الابن لأخذ مصروفه من أبيه لكونه يساعده
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أبي كثير السفر ولديه محلات كثيرة وأقوم بمتابعة المحلات وهو يا شيخ لا يعطيني مصروفا ثابتا منذ تخرجي من الثانوية وإذا أردت مبلغا ماليا فأتحايل عليه أقول له عندي دورة كمبيوتر بثلاثة آلاف وفي الأصل هي بألفين ونصف والباقي آخذه لي للحاجة فهل هناك حرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أنه لا يجب على الوالد النفقة على الابن البالغ الذي له مال أو كسب، واختلف أهل العلم في نفقة الابن الفقير الذي لا مال له ولا كسب، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 66857، والجمهور على أنه لا نفقة له بعد البلوغ، وذهب الحنابلة إلى أن له النفقة.
وأما نفقات الدراسة فإنها لا تدخل ضمن النفقة الواجبة، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 59707.
فعلم من هذا أن أباك ليس ملزما بصرف المال على دوراتك في الكمبيوتر أو غيره، وما أعطاك من المال لذلك هو محض تبرع منه، وما تتحايل عليه أنت من الزيادة فهو حرام لما يشتمل عليه من الكذب والسرقة.
وعليه، فالواجب أن تتوب إلى الله من جميع ما ارتكبته من هذا، ومن تمام توبتك أن ترد المال إلى أبيك أو تستحله منه.
ولكنك إذا كنت ترى أن متابعتك لمحلات والدك خلال سفره تعتبر عملا تستحق بموجبه أجرا فلا حرج عليك في أن تطلب ذلك من أبيك. ولكن أخذه دون علمه لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(13/14125)
تحريم المرأة على ابنها العاصي دخول البيت وشهود جنازتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله لكم في كل ما تبذلونه في إنجاح هذا الموقع عندي سؤالان الأول ما حكم امرأة حرمت على ابنها دخول البيت وجنازتها في حالة غيظ لأن هذا الابن ينصب كثيرا على الناس ويأكل أموالهم بدون أن يرجع للناس حقوقهم والآن ليس لديه مكان يذهب إليه إلا بيتهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشرع الذي له أن يحرم أو يبيح هو الله وحده. قال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ {الأنعام: 57} .
ومن حرم شيئا من المباحات، لم يصر محرما بذلك.
وهذه المرأة التي حرمت على ابنها دخول البيت، وأن يحضر جنازتها، قد حرمت أشياء لم يحرمها الله.
فدخول البيت مباح في الأصل، وحضور الجنازة وتجهيزها إما أن يكون واجبا إذا تعين على الابن المذكور، وإما أن يكون مستحبا إذا وجد من يقوم به.
وعليه، فنقول لهذه المرأة إنه من المباح لابنها أن يدخل بيتها ويباح لها هي أن تسمح له بذلك.
وإن حضور جنازتها وتجهيزها إما أن يكون واجبا عليه أو مستحبا له، وليس لها هي أن تغير شيئا من تلك الأحكام.
ولتجتهد في النصح لولدها والدعاء له بالهداية، فلعل الله يستجيب لها فتكون سببا في إنقاذه مما هو فيه وليس في منعه من دخول البيت حل لما هو فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(13/14126)
الآيات القرآنية حول حقوق الطفل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الآيات التي تطرقت لحقوق الطفل في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالآيات التي تتحدث عن حقوق الطفل كثيرة:
فمنها الآيات التي تتحدث عن أن الأولاد هم زينة الحياة الدنيا كما في قوله تعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا {الكهف: 46}
ومنها الآيات التي تتحدث عن أن الجنين ذكرا كان أو أنثى نعمة وهبة من الله تعالى كقوله تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا {الشورى: 49-50}
ومنها الآيات التي تتحدث عن حق الحياة كقوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ {التكوير: 8-9}
وكقوله تعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ {النحل: 58-59} وكقوله سبحانه: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ {الأنعام: 151} . ...
ومنها الآيات التي تتحدث عن حق رضاعة الطفل كقوله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 233}
ومنها الآيات التي تتحدث عن حق تربية الطفل وتشير إليه كالآيات التي في سورة لقمان: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.... {لقمان: 13} وما بعدها من الآيات، ولا يمكن إحصاء الآيات التي تطرقت لحقوق الطفل في فتوى كهذه.
وقد أشارت السنة النبوية إلى جملة من الحقوق كحق النسب وحق اختيار الاسم الحسن، وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(13/14127)
النهي عن الدعاء على الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما صدر قرار تعيني معلمة دعا عليّ والدي بقلة البركة في مالي لأنني قدمت للوظيفة دون علمه فقد كان مسافراً، ويعلم الله أنني ما قدمت للوظيفة إلاّ بسبب الفقر الذي كانت تعاني منه عائلتنا، منذ ذلك الحين وأنا أعاني من كثرة الديون التي أثقلت كاهلي وشيبت رأسي رغم صغر سني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للوالد أن يدعو على ولده إلا بخير، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالدين عن الدعاء على أولادهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ولا تدعوا على أولادكم.. لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم. رواه مسلم وأبو داود.
وروى الترمذي في سننه وأبو داود وأحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن ... ودعوة الوالد على ولده.
والذي ننصح به هذه الأخت أولاً: استرضاء والدها وطلب المسامحة منه والدعاء لها بالبركة، فلعل هذه تمحو تلك، كما ننصحها بالإكثار من دعاء الله تعالى بأن يقضي دينها، لا سيما بدعاء قضاء الدين الوارد في السنة، فقد قال علي رضي الله عنه لرجل اشتكى ديناً: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير ديناً أداه الله عنك؟ قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه الترمذي والحاكم والبزار.
وأخيراً نحيلك للفتوى رقم: 65166، حول خروج الفتاة بدون إذن والدها، والفتوى رقم: 19929، حول عمل المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(13/14128)
تأديب الصغار وتعليمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معلومات عن حقوق الطفل: مثلا حق التعليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كفل الإسلام للطفل حقوقا كثيرة سبق ذكر طرف منها في الفتوى رقم: 47466، ومن الحقوق التي كفلها الإسلام للطفل حق التعليم، فأوجب على الآباء والأمهات وسائر الأولياء تعليم الصغار ما يلزمهم بعد البلوغ، فيعلم الصغير ما تصح به عقيدته من إيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وما تصح به عبادته، ف يعرفه ما يتعلق بصلاته وصيامه وطهارته ونحوها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. ويعرفه تحريم الزنا والسرقة وشرب المسكر والكذب والغيبة وشبهها، كما يعلمه أنه بالبلوغ يدخل في التكليف، ويعرفه ما يبلغ به، وقيل: هذا التعليم مستحب، ونقل الرافعي عن الأئمة وجوبه على الآباء والأمهات، وهذا ما صححه النووي.
ودليل وجوب تعليم الصغير قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومجاهد وقتادة: معناه علموهم ما ينجون به من النار. وهذا ظاهر، وثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كلكم راع ومسؤول عن رعيته. قال القاضي أبو بكر بن العربي: إن الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش، وقابل لكل ما يمال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، يشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم به والولي عليه، ومهما كان الأب يصون ولده من نار الدنيا فينبغي أن يصونه من نار الآخرة وهو أولى، وصيانته بأن يؤدبه ويهديه ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء، ولا يعوده التنعم، ولا يحبب إليه الزينة وأسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبر ويهلك هلاك الأبد، وينبغي أن يعلمه أيضاً من أمور الدنيا ما يحتاج إليه من السباحة والرمي وغير ذلك مما ينفعه في كل زمان بحسبه، قال عمر رضي الله عنه: علموا أولادكم السباحة والرماية، ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً. كما يجب على الولي تأديب الصغار بالآداب الشرعية التي تغرس في نفس الطفل الأخلاق الكريمة والسلوك القويم، كالأمر بأداء الصلاة وغيرها مما هو في طوقه. انتهى من الموسوعة الفقهية بتصرف يسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1426(13/14129)
إعفاف الابن بين الوجوب وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عدم صرف الأب على المنزل وعلى زواج أولاده وهم في سن الزواج واحد 28 عاما والآخر 30 عاما مع ملاحظة أن الوالد ميسور الحال ويملك الأراضي والأولاد لا يقدرون على تحمل نفقات الزواج كلها يدفعون على قدر استطاعتهم، ما حكم بخل الأب معهم وعدم مساعدتهم إلا في أضيق الحدود وأكرر لديه الأراضي الكثيرة والمال الوفير بالإضافة إلى أنه لا يصرف إلا بالقطارة على زوجته وهي لا دخل ولا عائد لها إلا زوجها فقط هو يصرف ولكن بتقتير شديد، ما حكم ذلك أغلب الآباء أجدهم في المجتمع الشرقي الميسورين الحال مثل هذا الوالد يزوجون أبناءهم مباشرة عندما يجد لهم فرصة عمل مناسبة ومنهم أول ما يتخرج ابنه وكل ذلك خوفا عليهم من الفتنة والفحشاء وخلافه، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم الباءة فليتزوج ... إلخ، أريد حكما شرعيا ومفصلا وكاملا لهذا الوالد الذي يفضل أراضيه وأطيانه وأملاكه على سعادة أولاده وزوجته وبيديه وبمنتهى السهولة أن يفرحهم ولا تقلق لديه بعد ذلك المزيد من الأموال تجعله ميسورا ومستورا، في انتظار ردكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما تضييق الزوج على الزوجة فلا يجوز له إذ يجب عليه الإنفاق عليها بمعروف، قال الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا {الطلاق:7} .
فعليه أن ينفق عليها بالمعروف وحسب حاله، وإذا لم يعطها من النفقة ما يكفيها فلها أن تأخذ من ماله دون إذنه ما يكفيها بالمعروف إذا كان شحيحاً معها، ففي الحديث الصحيح: أن هند بنت عتبة شكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها أبا سفيان فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح فهل علي جناح أن آخذ من ماله سرا؟ قال: خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف. متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وعند مسلم: لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. وانظر الفتوى رقم: 8497، قال الكاساني: والحديث يدل على أن نفقة الزوجة مقدرة بالكفاية.
وكذلك تلزمه نفقه أبنائه الصغار، وأما من بلغ منهم فقد اختلف في وجوب نفقته وهل تسقط بالبلوغ أم لا؟ وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 25339.
ومما اختلف فيه أيضاً إعفاف الابن فمن العلماء من قال لا يلزم الأب إعفاف ابنه، قاله النووي، وقال ابن قدامة: وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته وكان محتاجا إلى إعفافه.
وخلاصة القول في ذلك أن الحنابلة يوجبون إعفافه إذا كانت نفقته على الأب، ويرى الجمهور أنه لا يجب إعفافه وهو الراجح، ولكن إذا زوج أحدهم فيجب تزويج الباقين لأن من العدل المأمور به بين الأبناء في العطايا والهبات ومحل ذلك إن كان الباقون ليسوا قادرين؛ وإلا فيندب له ذلك من باب الإحسان، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27231، 23574، 50915.
ولكن بغض النظر عن وجوب ذلك عليه أو عدمه فلا شك أن الأولى له مساعدة أبنائه وإعفافهم عن الحرام فهو مقتضى الإحسان، وإذا قصر في ذلك فإنه لا يسقط وجوب بره والإحسان إليه، كما بينا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19409، 18800، 20168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1426(13/14130)
لا ينبغي للأب إهمال أولاده وإن كانوا في رعاية غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد السلام لقد تزوج الوالد من امرأة عام 47 بعدها أنجبت الزوجة ابنتين توأم بعدها في اليوم الثامن من الإنجاب توفيت الزوجة وفي اليوم التاسع أخذ البنا ت خالهن وكان ذلك عام فقر والوالد لم يقدر على معيشتهن نظراً لظروفه ولصغرهن وطيلة هذه المدة لم يسأل عنهن، ثم قبل أن يتوفى الوالد بأشهر قال لنا هذه القصة ذهبنا نسأل على خالهن قالوا توفي ولم نجد أحدا بعد نسأله عن أخواتي ولم نعرف أين ذهبن والوالد توفي عام 2001 هل هناك ذنب على الوالد وإذا كان ما هي الكفا رة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجب على أبيكم أن يقوم برعاية بناته والإنفاق عليهن، فإن عجز عن الإنفاق عليهن وقام غيره بهذا، فلا ينبغي أن يترك رعايتهن وزيارتهن، فإن ذلك من صلة الرحم وتعمق المحبة بين البنات ووالدهن، وترك ذلك سبب للجفوة والتقاطع.
والعجز عن الإنفاق على البنات أو البنين لا يسوغ التخلي عن باقي المسؤولية، لمن كان قارداً عليها.
وعلى كل حال، فنحن لا ندري ما هي ظروف هذا الوالد التي جعلته يتخلى عن بناته حتى حصل ما حصل من تناسيهن وقطع العلاقة بهن، بحيث يجهلن إخوانهن ولا يدرون عن حالهن، ونسأل الله عز وجل أن يغفر ويتجاوز عن موتى المسلمين وأن يصلح أحوال الأحياء منهم.
وأخيراً ننصح السائل الكريم بمراجعة المحاكم الشرعية في بلده في مسألة التركة إذا كان هذا الوالد ترك مالاً، فلعل هؤلاء البنات ما زلن على قيد الحياة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(13/14131)
نفقة الأب على بناته العاملات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين فيمن يرفض النفقة على ابنتيه بعد وفاة والدتهن وزواجه بأخرى وذلك بحجة أنهن يعملن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين أهل العلم في وجوب نفقة الأبناء الصغار على أبيهم لكن بشرط فقر الأبناء، قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. اهـ. وعلى هذا فإن كان ما يتقاضاه هاتان البنتان من مرتب يكفيهما لحاجتهما فلا يجب على أبيهما أن ينفق عليهما، ولا فرق في ذلك بين حالتي وفاة أمهن أو حياتها، أما إذا لم يكن عند الفتيات من المال الحاصل من عملهن أو من غيره ما يكفيهما فيجب نفقتهما أو ما تبقى منها على أبيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(13/14132)
هل يطلق زوجته لعجزه عن تلبية جميع رغباتها المادية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجة محترمة وأحبها كثيرا لكنها لم تنجب بسبب نواحي طبية معقدة ولا أمل في ذلك، المشكلة هي أن والدها رجل غني جدا جدا يعش حياة مترفة جدا هو رجل محترم لكن ليس هناك عدالة عنده في ابنته وهي لها أخ أصغر منها ومتزوج حديثا وأنا موظف عادي ودخلي متوسط علمأ بان حماي هذا يعيش في فيلا ويمتلك أكثر من 5 سيارات ويقضي الصيف في الدول الأوربيه وهو متزوج حديثا أيضا لأن حماتي متوفاة وهذه الزوجة الخامسة له المشكلة أن زوجتي دائما حزينة لأني لا أستطيع أن ألبي جميع طلباتها مثل السيارة وكان زفاف أخيها قد كلف أكثر من 80 ألف جنيه ويقضي شهر العسل في فرنسا وأنا زوجتي تحبني جدا ولكني أرى في عينها الحزن والضيق ولا أستطيع أن أعوضها وللعلم أنا منعت أي مساعدة من والدها لأني لا أرضى بذلك فماذا أفعل أطلقها لأنى أحس أني أتعستها معي ومع ظروفي ولكني أخشى أن تظن أني أفكر في الأطفال وهذا والله غير صحيح وكان والدها يشتري دائما لزوجته أفخر السيارات وأغلى الثياب وزوجتي تحس بالغيرة وأنا أرى ذلك في عينها ولا أستطيع أن أفعل شيئا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 65000، أن زواج البنت لا يغير الحكم في وجوب التسوية بينها وبين إخوتها في الهبة من طرف أبيهم. ومن هنا تعلم زوجتك أنه يحق لها أن تطالب والدها بالعدل بينها وبين أخيها إذا لم يكن للأخ موجب للإيثار. هذا فيما يخص زوجتك وحقها في مال والدها. أما عن حكم رغبتك في تطليقها فجوابنا أنه لا ينبغي لك أن تطلق زوجتك لمجرد كونها حزينة لعدم قدرتك على تلبية جميع رغباتها فإن بقاءها مع زوجها خير لها. وماذا عساها أن تفعل بالمال وهي مطلقة بل الذي ننصحك به أن تمسك عليك زوجتك ولا تمانعها من قبول الهدايا والهبات من والدها فليس لك ذلك، ولتسعيا إلى طلب الولد بالوسائل المشروعة. فقد يسر الله تعالى في هذا الزمان من العلاجات ما جعل العقم شيئا نادرا، وإن لم يتيسر ذلك فلا حرج في أن تتزوج عليها إذا علمت من نفسك القدرة على القيام بالعدل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(13/14133)
العدل بين الأبناء واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوالد إذا لم يكن عادلا بين أبنائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل بين الأبناء واجب كما رجحه كثير من أهل العلم وتركه حرام، فالوالد غير العادل بين أبنائه مرتكب لذنب وفاعل لمعصية، والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير لما جاءه ليشهده على موهبة وهبها لابنه النعمان، قال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، فقال: فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور.
فسمى عدم العدل بين الأبناء جورا، والجور حرام، وفي رواية قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. فأمر بالعدل والأمر للوجوب، ومن أهل العلم من يرى استحباب العدل لا وجوبه.
فعلى القول بالوجوب فإن على الأب الذي كان غير عادل بين أبنائه أن يتوب إلى الله من هذه المعصية، وأن يحسن فيما بقي، وأن يستسمح من ظلمه من أولاده، والله يتوب على من تاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(13/14134)
ضوابط أخذ الولد من مال أبيه دون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة بالجامعة،الحمد لله ملتزمه سؤالي هو: في فترة تسجيل المواد في الجامعة أحيانا أضطر أن آخذ من والدي أكثر من المطلوب ولكن بالمعقول ولكن دون علمه (أي أحتسبها من مصاريف التسجيل) ، وهذا المال أنفقه بالمعقول (احتياجاتي الخاصه والضروريه فقط) أنا أضطر لفعل ذلك لأنه وبصراحة والدي لا يعطيني مالا للمصاريف الخاصة، وأنا لا أخبره بأنني آخذ أكثر من المطلوب، لأنه إن علم بذلك فلن يوافق ولن يعطيني، مع العلم بأن حالة العائله المادية جيدة والحمد لله، لا أعلم إن كان في ذلك حرام فأفيدوني أرجوكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للأخت السائلة أن تأخذ من مال أبيها إلا بإذنه، إلا إذا كان الأب لا يعطيها النفقة مع قدرته على ذلك وعجزها عن الإنفاق على نفسها، فلا بأس حينئذ أن تأخذ من مال أبيها ما يكفيها بالمعروف، ودليل ذلك حديث هند بنت عتبة عندما جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه، وراجع الفتوى رقم: 31157.
غير أنه يجب عليها أن تتجنب الكذب، ويمكنها أن تستخدم التورية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(13/14135)
كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 28 سنة أعاني من كون أبي قد التفت حوله امرأة سيئة وكانت السبب في تدهور أحوالنا المادية وبعد أبي في هذه الأيام عنا وعن أمي ولي 3 أخوات بنات واحدة 27 و26 و22 وأخ 23ولم يهتم أبي بزواج أخواتي البنات وقد تحدثت معه صراحة بأن هذا لا يصح لا خلقا ولا دينا ولا أدري ماذا أفعل أحس أن البيت ينهار وأمي تتألم ويقول الناس إن هذه السيدة تعمل له سحرا شديدا وأخواتي يستأن ولم أعد قادرا على الكلام معه لأني سافرت خارج مصر لأعمل لأسد رمق العائلة وهو يأخذ الفلوس ويستدين أرجو منكم الإفادة لأني منهار حيث إن أبي كان يصلي الفرض بفرضه وحنون ومعطاء وبار بوالديه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب تضييع من استرعاه الله عليهم من الأبناء والبنات والزوجة، فإنه مسؤول عنهم يوم القيامة، فيجب عليه النفقة على الزوجة وعلى غير القادر على الكسب من الأبناء، والقيام بمصالحهم وتولي نكاح بناته من أكفائهن.
وإذا كانت المرأة المذكورة في السؤال زوجة ثانية فيجب عليه أن يعدل بين زوجاته في المبيت والنفقة، ويحرم عليه الميل إلى إحداهن، فقد ورد الوعيد في حق من يفعل ذلك، وسبق في الفتوى رقم: 59954.
وأما إذا كانت علاقته بهذه المرأة علاقة محرمة فعليه أن يتوب إلى الله من هذه العلاقة، فإن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى شيخ زان؛ كما ورد بذلك الحديث، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 22202.
وبنبغي لك كأخ أكبر أن تشعر بالمسؤولية نحو أمك وأخواتك، وأن تنفق عليهم في حالة تخلي الوالد عن مسؤوليته، وأن تناصح أباك إن أمكنك ذلك، أو ترسل إلى من يناصحه من أهل الدين والصلاح، وأن تكثر الدعاء له في ظهر الغيب، ولا بأس برقيته من السحر إن ترجح لديكم أن به سحرا، وسبق بيان الرقية الشرعية في الفتوى رقم: 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(13/14136)
ما يفعله الابن إذا قاتله أبوه
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي أحد الأصدقاء: إن أبي كان يقهرني ويضربني كثيرا ويمنعني من الصلاة في المسجد ويمنعني من الزواج رغم توفري على الباءة ويمنعني من التجارة في الحلال ودائما يريد أن يجعلني كافرا والآن خرجت من داره ولكنه يفكر الآن أن يلاحقني ويقتلني هل أقاتله إن جاء فعلا ليقتلني أم أخليه بين نفسي ليقتلني ولكن إن قاتلني وقتلته سيغفر لي ربي وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت فما يفعله هذا الأب حرام لا يجوز، والواجب عليه أن يحسن تربية ولده على طاعة الله، ويحرم عليه أن يعتدى على ولده في نفسه بضرب مبرح أو قتل وفي ماله بنهب أو اغتصاب، وللولد أن يدفع عن نفسه إن أراد والده قتله بأن يدفع بالأخف فالأخف، فإن لم يندفع إلا بالقتل فلا يأثم بقتله، قال الزيلعي في تبيين الحقائق: لا يحبس الوالد في دين ولده، لأن الوالد لا يستحق العقوبة بسبب ولده، ألا ترى أنه لا يجب عليه القصاص بقتله, ولا بقتل مورثه, ولا يجب عليه الحد بقذفه, ولا بقذف أمه الميتة بطلبه. قال رحمه الله: (إلا إذا أبى من الإنفاق عليه) يعني لا يحبس بسبب الابن إلا إذا امتنع من الإنفاق عليه فإنه حينئذ يحبس؛ لأن النفقة لحاجة الوقت وهو بالمنع قصد إهلاكه فيحبس لدفع الهلاك عنه، ألا ترى أن له أن يدفعه بقتله إذا شهر عليه السيف ولم يمكنه دفعه إلا بالقتل؛ ولأن دين النفقة يسقط بمضي الزمان , فلو لم يحبس عليها تفوت بخلاف سائر الديون لأنها لا تسقط بمضي الزمان , فلا يخاف فيها الفوات.اهـ
وقال الشربيني في مغني المحتاج: (له) أي المصول عليه (دفع كل صائل) مسلما كان أو كافرا , عاقلا أو مجنونا, بالغا أو صغيرا, قريبا أو أجنبيا, آدميا أو غيره (على) معصوم من (نفس أو طرف) أو منفعة (أو بضع أو مال) لخبر {من قتل دون دمه فهو شهيد, ومن قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون أهله فهو شهيد} رواه أبو داود والترمذي وصححه. وجه الدلالة أنه لما جعله شهيدا دل على أنه له القتل والقتال: كما أن من قتله أهل الحرب لما كان شهيدا كان له القتل والقتال.اهـ
ولا يجب على الولد طاعة والده في ترك الزواج إن خشي على نفسه الفتنة، ولا في ترك الجماعة إن أمره بذلك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(13/14137)
ميل الابن إلى غير ذات الدين والخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لشاب عمره 25 سنة، وهو بدأ العمل منذ شهرين تقريبا، هذا الشاب كان من أفضل الناس خلقا وحبا لوالديه، ونحن عائلة والحمد لله فوق الطبقة المتوسطة الآن ولكن من أصول وبيوت طيبة يشهد لها الجميع بذلك، منذ حوالي سنتين تصادق ابني (كما يفعل معظم الشباب الآن) مع فتاة لها ظروف عائلية خاصة ولا أقول الفقر أو الغنى ولكن البيئة والمستوى الاجتماعي، والذي أرسلنا للبحث عنه فوصلنا تقرير غير مرضي عن المرة، ولست أنا الوحيدة المعترضة على ذلك ولكن جميع أصدقائه، والده، إخوته، أقاربنا، لقد قامت هذه الفتاة بعمل غسيل مخ له بشكل غريب حتى وأنه أصبح ينفر مني ومن والده ومن البيت ومن كل من يبدي له رفضه لهذا الموضوع حتى ساءت علاقته حتى بأخيه التوأم، للعلم البنت تعمل ولديها دخل يشعرها بالقوة والاستقلالية، والجميع يقول إنها تنظر لابني لأنه \"ابن ناس ومحترم وطبعا بسهولة استطاعت أن تعرف مواطن الضعف فيه كشاب فى مثل عمره فتضع يدها على جسمه وتميل عليه (كما أخبرتني والدة صديق له واندهشت لمإذا أنا تاركة ابني فى هذا المستوى) ، ولقد اتصلت بها شقيقتي ونصحتها بالاهتمام بحياتها حيث إنها مرفوضة من الجميع ولكن لا فائدة، فذهبت إليها أنا بمنتهى الهدوء والاحترام، ولكنها بكل جرأة قالت لي إنها ترغب فى الزواج وأنها تنصحني بأن \"أبطل الحركات اللي بأعملها مع ابني وأن أترك له القرار!! \"، وبعد ذلك جعلت زميلتها فى العمل تتصل على ابني لتقول له إن أمه أهانتها وإنها لن ترد عليه في التليفون بسببى! الغريب في الموضوع أنها ترسل له رسائل شديدة الإثارة على الموبايل وتتحدث عن والدتها بشكل غير لائق تماما حيث تقول له إن والدتها ترغب فى أن تخرجها من البيت لولا المبلغ الذي تعطيه لها من عملها، ولقد وجهته أيضا لمقابلة والدها كنوع من الضغط عليه، وقال له والدها إنه يعلم أن أهلي غير موافقين وأيضا أنه لا يملك أي شيء ولكنه سوف يعطي له مهلة سنة ليتدبر أمره ولكن يخرج مع ابنته في مجموعة وليس على انفراد!! لقد قاطعه والده تماما وأنا أقاطعه من وقت لآخر، ولكن المشكلة تكمن في أنه يرى أنها بلا عيوب وأن الكل متجن عليها، لقد تحدثت معه بالحسنى وبالعصبية وذهب هو لشيخ إمام المسجد الذى يصلي فيه ونصحه بأنه لا مصلحة على مفسدة وأن طاعة الوالدين من طاعة الله، ولكن لا فائدة من ذلك حيث إنه معتقد أنها ضحية ولا ذنب لها، لقد مرضت أنا وأهملت عملي بعض الوقت وأشعر بمدى تشتته ومع الأسف فهو يقسم بالله العظيم أنه قطع علاقته بها ولكننا نعرف وبشكل قاطع أنه ما يزال يكلمها ويقابلها، وهو معتقد أن الله سوف يسامحه على اليمين الكاذب حيث إنه لا يقصد إلا الخير وأن هذا الأمر بينه وبين ربنا، للعلم هو مواظب على الصلاة، أنا في حيرة من أمري، هل أتركه تماما وخاصة وأنه بدأ يتطاول علي فى الحديث أحيانا بأنني ظالمة ووإن رائحتي وحشة وأني جبارة ومتسلطة وأنه لا يطيق البيت ويختنق فيه وأنني أصبت بهلع حين استلم العمل حيث إنه سوف يقبض مرتبه وهو يعلم تماما بأننا لا يمكن أن نطلب منه أي شيء.... وأشياء أخرى من هذا القبيل، للعلم هو ليس لديه أي مسكن آخر ونحن ليس فى استطاعتنا الآن أن نساعد في أي تكاليف زواج حيث إن لنا بنتا تزوجت الشهر الماضي، المشكلة أيضا أن هذه الفتاة تقنع ابني بأنني بسبب حبي له لا أريد أن تأخذه واحدة ثانية منها, وأن ما يفعلانه ليس فيه عقوق للولدين لكونهما يمارسان حقهما الطبيعي فى اتخاذ قرارتهما، الآن من سابع المستحيلات أن يكون لهذه الفتاة أي مكان بيننا، إنه ابني الذى لم أتمن أن تصل حالته إلى هذا الحد من التغييب وإلغاء العقل وأنا أم أعيش وأحيى على أمل رؤية أولادي في أحسن حال، أرجو الإفادة؟ وشكرا لكم ولنصحكم الكريم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننصحك بالدعاء لهذا الولد بالصلاح والهداية، وذلك لما ثبت أن دعاء الوالد مستجاب بإذن الله تعالى، أخرج أحمد وأبو داود وحسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم ودعوة الوالد ودعوة المسافر.
أما فيما يتعلق برغبة ابنك بالزواج من تلك الفتاة مع كراهة أبويه لذلك فالحكم أن الزواج إن تم مستوفي الشروط فصحيح، لكن الإقدام عليه على هذه الصورة معصية لأن طاعة الوالدين في المعروف واجبة، والزواج من تلك الفتاة بعينها غير واجبٍ، والواجب مقدم على غيره عند التعارض، وراجعي الفتوى رقم: 36845.
هذا وندعو إلى معالجة هذا الأمر بحكمة، بما يضمن بر هذا الولد لأبويه، ولا يتم ذلك إلا بالنظر إلى الدوافع التي جعلتكم تكرهون زواج هذا الشاب من تلك الفتاة التي رغب فيها، فإن كان ذلك لسبب وجيه ككون الفتاة غير متدينة ولا صاحبة خلق، وغلب على ظنكم أنها سحرته فهنا لا مانع من الإصرار على عدم الموافقة على إتمام هذا الزواج، وفك السحر بالطرق الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 5252.
أما إذا فرض أن هذه الفتاة لا عيب فيها سوى أنها دونكم في المستوى الاجتماعي فالحق أن هذا ليس عذراً وبالتالي منعكم لابنكم من الزواج بهذه الفتاة على هذا الوجه سبب في عدم بره بل هو العامل الذي جرأه على تطاوله على أمه والعياذ بالله تعالى، ومن هنا فإننا ننصح بعدم التعويل على المستوى الاجتماعي كمعيار لقبول أو رفض الفتاة، إنما المعول عليه -كما تقدم- هو الدين والخلق.
ونسأل الله أن يهدي ابنك وأن يوفقكم إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(13/14138)
قسوة الرجل مع أولاده وزوجته مخالفة للشرع والأخلاق الحسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ
سؤالي: إن لي صديقا منذ طفولته وأبوه يقسو عليه جدا وأنا أعرف هذا الأب شخصيا وهو قاس بكل معنى الكلمة فهو لا يعرف غير الضرب والطرد من البيت وسجن أبنائه في غرفة في أعلى البيت، وقد طرد ابنه الجامعي من البيت، وأنا أعرف الابن وهو طيب جدا، وحرم أمه من رؤيته وحين تلقاه دون إذنه يصفها بالخيانة، وسؤال الابن هو كيف يبر والده وهو ممنوع من دخول البيت، وممنوع من رؤية إخوته وأمه، وقد بدأ يشعر بالنفور من أبيه وعدم الرغبة في لقائه وهو يسأل هل هذا من العقوق وكيف يفعل ليبر والده، والأم تسأل كيف ترى ابنها وهل يجوز لها أن تراه دون علم والده، وهل هذا يعتبر خيانة للزوج وعدم طاعة، وكيف توفق بين رضا زوجها والمحافظة على ولدها وهي تراه يضيع من بين يديها
فضيلة الشيخ أكرر إن الأب قاس جدا وأنا أحدثك من واقع معرفة بيننا، وهو يرفض أي وساطة بينه وبين ابنه ويراها تدخلا في شؤونه، وأولاده طيبون واسمح لي أن أخبرك جانبا من قسوته: إن له ابنا من زوجة مطلقة وهذا الابن يعيش معه ومع الزوجة الأخرى وهو يظن أنها أمه، ولا يعرف أما سواها حتى بلغ المرحلة الثانوية فاضطر الأب لإخباره فكانت له كالصدمة، وقد بلغ من قسوته أن ابنه هذا متفوق في تعليمه ورغب في الدخول في كلية الطب فمنعه الأب دون أن يبين السبب وقال له لن أرضى عنك إن دخلت الطب وقد نزل الابن عند رغبة والده وآثر رضاه على طموحه، ومن قسوته أن الشباب ينفرون من الاقتراب منه وله بنات في غاية الأدب والالتزام ولكن قسوته تبعد الناس من حوله، مع العلم أن أبناءه كما قلت في غاية الأدب والالتزام، وأنا أعرف العائلة عن كثب
فأفتوني مأجورين وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. رواه الترمذي وغيره.
وفي سنن ابن ماجه عن عائشة قالت: قدم ناس من الأعراب على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ قالوا: نعم، فقالوا: لكنا والله ما نقبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأملك أن كان الله قد نزع منكم الرحمة.
وفي مصنف عبد الرزاق عن أبي عثمان أن عيينة بن حصن قال لعمر - ورآه يقبل بعض ولده -: أتقبل وأنت أمير المؤمنين؟! لو كنت أمير المؤمنين ما قبلت لي ولدا، فقال عمر: الله، الله حتى استحلفه ثلاثا فقال عمر: فما أصنع إن كان الله نزع الرحمة من قلبك، إن الله إنما يرحم من عباده الرحماء.
فما يفعله هذا الرجل مع أولاده وزوجته أمر يخالف الشرع والأخلاق الحسنة وعليه أن يتقي الله تعالى، ولا يجوز له أن يحول بين المرأة وولدها.
وأما الأولاد فنصيحتنا لهم أن يكونوا أهل عزيمة وهمة ودين وصلاح فلا يؤثر فيهم الواقع الذي يعيشونه في هذه الأسرة تأثيرا سلبيا، وعليهم أن يحفظوا حق أبيهم وإن فرط هو في حقهم، فإن حق الأب على أولاده عظيم؛ فهو أوسط أبواب الجنة كما جاء في الحديث عن الحبيب المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. وانظر الفتاوى بالأرقام التالية 34531، 49195، 56766.
وليس من حق الأب أن يمنع أولاده الدراسة والتعلم في التخصص الذي يريدونه ويرغبون فيه.
وعلى هذا الرجل أن يتقي الله في بناته وييسر لهن أمر زواجهن، ولو استدعى الأمر أن يبحث لهن عن الأزواج الصالحين ويعرض عليهم، فقد عرض عمر رضي الله عنه بنته حفصة على أبي بكر ثم على عثمان ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك، وأصبحت من أمهات المؤمنين. وفق الله هذا الأب لما فيه الخير والصلاح.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(13/14139)
منع الأب ابنته من الزواج لتعلقه بها
[السُّؤَالُ]
ـ[..لن يتسع الكلام لأشرح مشكلتي بعد مرور 20 سنة عليها فبعد أن بلغت أختي الكبرى بدأ والدي بالتحرش بها (مداعبتها ومحاولة التلذذ بها بدون أن يؤذي عذريتها) وحتى أنه حاول التعرض لي أيضا لكنه لم يستهوني لأنني كنت نحيفة جدا وكانت مغرية أكثر مني..بالرغم من أنه رجل قانون وله مكانته في المجتمع ولكن الآن وبعد أن بدأت تطلب للزواج..بدأ يشعر أنها ستذهب من بين يديه وكأنها زوجته فقد خطبت لابن عمتها أول مرة وفسخ لها خطوبتها لسبب تافه جدا لا علاقة له بالعريس..وثم بدأ الخطاب بدق بابها وهو دائما يجد حجة..أو يتسبب في عدم الزواج بأن يوتر الجو قبل أن تتم القصة حتى يتراجع الخاطب عنها أو تتراجع هي عن الموافقة..والآن وبعد عدة مرات من محاولات فاشلة خطبها ابن عمها وهو يتصنع أنه موافق ولكنه يعمل جاهدا على إفشال هذه الخطوبة وأنا الآن متزوجة وبعيدة عن أهلي في الغربة..وتراسلني دائما متوسلة إلي بأن أساعدها وأنا لا أملك إلا أن أقول لها احتسبي أمرك إلى الله وهي الآن في 35 من عمرها..وتخشى أن يبطل زواجها..ويقول لها لن أكف عن ما أقوم به من إزعاج لك وللعائلة جميعا إلا إذا قلت لي أنا ملك يدك ... مع العلم أنها لا توافقه على ما يفعل بها أبدا وربما هذا ما يجعله يتلذذ وأمي تعلم بالموضوع ولكنه جبار ولا أحد يستطيع مواجهته بالقصة لأنه ينكر دائما ... وحتى عمي الأكبر يعلم ولكنه يكرهه ولا يترك له مجالا للتدخل..ويكتب لي دائما يراسلني ويشرح لي محاولا التهرب من أنه يريد أن يحتفظ بها لنفسه..ولا يريد أن يتم زواجها وهو يلف ويدور بالحديث ليعطني مبررات متسترة وراء حجاب الدين ورضى الوالدين أنها لا تطيعه وتسمعه كلاما جارحا..وهو الذي رعاها حتى كبرت..ويحاول إظهار مساوئ هذا العريس حتى نقنعها بأن تبطل الخطبة..أرجوكم ماذا نفعل..ونحن نعلم أنه لا رضا له علينا ... بهذا الموضوع..ونخشى الله ونحن محجبات ونداوم على الصلاة..ومن عائلة محترمة..ولكن ما الحل..الشكوى لغير الله مذلة وما من أحد يستطيع إلا الله ردعه عن هذه القصة..ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحسبنا الله ونعم الوكيل أي درجة من الحيوانية والبهيمية وصل إليها هذا الرجل بل قد وصل إلى درجة أسفل من الحيوانات، ولا يجوز السكوت عن هذا المنكر العظيم والتغاضي عنه، والواجب أن يرفع الأمر إلى من له المقدرة على ردع هذا الطاغي من عالم أو مسؤول أو قاض أو قريب، فهذا الأمر لا يجوز السكوت عليه تحت أي مبرر من المبررات، وعليها أن ترفع أمرها للقضاء وتدعي أنه مانع لها من الزواج عاضل لها، فإذا استدعى الأمر بأن تكشف أوراقه وتفضحه عند القاضي فلا مانع من ذلك، بل هو الواجب عليها فعله إن ظنت عوده لفعله القبيح. والله نسأل أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(13/14140)
معالجة الوالد لولده واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-الحكم في الأم التي تحاول أن توقع بين أبنائها لكي يتعاطف معها كل على حدة
2-هل عدم أخذ الطفل المريض للطبيب لمجرد أن جدته أمرت بذلك وأراد الأب أن يطيع والدته حلال أم حرام؟
3-حكم الدين في مقاطعه أم زوجي بعد طول إهانة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأم أن توقع بين أبنائها، ولا يجوز للأبناء طاعة أمهم في ذلك، وهذا لا يسقط حق الأم بل يجب طاعتها في كل أمر لم يكن محذورا، وقد سبق بيان حق الأم في فتاوى كثيرة منها الفتاوى التالية برقم 36831 ورقم 11649 ورقم 11287 ورقم 27507
وأما بشأن معالجة الوالد لولده فأمر واجب عليه لا يجوز له ترك ذلك لأمر أحد من الناس قرب أم بعد، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، كما وردت بذلك النصوص، وقد نص على ذلك الفقهاء رحمهم الله تعالى.
وأما مقاطعة أم الزوج لما تخشى منها من أذى وسوء خلق فلا إثم فيه، إلا أن الإحسان إليها والصبر على أذاها أفضل، وذلك مما يحببك إلى زوجك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(13/14141)
هل نفقات الجامعة تدخل ضمن النفقة الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف رأْي الشرع في هذه المسألة: لقد توفي والدي ولي أخ الآن يدرس في جامعه خاصة, أريد أن أعرف من المسؤول عن دفع نفقات الجامعة له علما بأْني: أنا الأخ الأكبر له وأنا متزوج وعندي طفل واحد, ولي أخ أوسط وهو يعمل وليس متزوجا , ولي أخت واحدة وهي متزوجة وعندها 3 أطفال, وأمي ميسورة الحال من مالها الخاص وليس من ورث والدي, وعلما أيضا\" أن أخي الذي يدرس في الجامعة يأْتيه دخل من ورث والدي, ولكنها لا تكفي لمصاريف الجامعة , وأريد أن اذكر أن أخي الأوسط قد درس في جامعة خاصة قبل وفاة والدي, وأن والدي ووالدتي قد دفعوا له المصاريف. وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم الأب وأحرى غيره دفع مصاريف الجامعة عن ابنه وذلك لأمرين:
1- أن النفقة تسقط ببلوغ الابن صحيحا قادرا على الكسب ولو كان فقيرا، وراجع الفتوى رقم: 23776.
2- أن نفقات الجامعة لا تدخل ضمن النفقة الواجبة، وعلى هذا، فلا يلزم هذين الأخوين ولا أمهم دفع مصاريف الجامعة عن هذا الشاب، وإن كان فعل ذلك أمرا محمودا لما فيه من طلب الأجر في مساعدة الغير خاصة إن كان أخا أو ابنا، وفي الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي. وهذا إذا لم يكن في المساعدة المذكورة إجحاف بالدافع كأن يحتاج إليها في أموره الضرورية كالنفقة أو نحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(13/14142)
حكم تصرف الوالد في مال ابنه الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفل من امرأة توفيت وتركت للولد أجرة شهرية، هل يجوز لي كأب التصرف في هذا القدر المالي، علماً بأن الولد يعيش معي وأنا متزوج وعندي أطفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك بل يجب عليك التصرف في مال ابنك بما تقتضيه المصلحة له، وذلك بحكم مسؤوليتك عن هذا الولد، كما يجوز لك أن تنفق منه على نفسك إن احتجت إلى ذلك، وراجع الفتوى رقم: 31108، والفتوى رقم: 50927.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(13/14143)
حكم عدم إنفاق الرجل على أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مطلقة منذ سنة ونصف قبل سنة وهب طليقي المنزل الذي نسكنه إلى أطفالي ولقد كان متزوجاً من امرأة أخرى عندما وهب أطفالي المنزل ولقد كانت المرأة الثانية حاملاً وأنا كنت حاملاً عندما كتب المنزل إلى أطفالي وبعد الطلاق رفع دعوى في المحكمة يطلب فيها إعادة البيت له لأنه هبة ولكن عند حضور الجلسات في المحكمة فكان مرة يقول يريد إرجاع المنزل حتى لا يظلم ابنه من الزوجة الثانية، فقال له القاضي يمكن إدخال ابنه من الزوجة الثانية في الوثيقة الخاصة بالبيت حتى تشمل الأبناء جميعاً ولا يتم إرجاع الوثيقة باسم الأب فرفض الأب هذا الحل وطلب إرجاع المنزل له وإبطال الهبة وإرجاع الوثيقة باسمه ولقد لاحظ القاضي أن الأب يغير في أقوله ويكذب ويرجع في كلامه ولقد عرف القاضي أن طليقي عندما كتب المنزل كان متزوجا من المرأة الثانية وكانت حاملا فكيف يقول لا أريد أن أظلم أبنائي وأيضا كان الأب يسبب الضرر إلى الأبناء وهم كلهم قاصر جمع (قصر) فأكبر الأبناء عمره (18) سنة وأصغرهم سنة ونصف فكلهم قصر وأيضاً لا يريد طليقي أن يدفع إلى أطفالي نفقة حتى يعيشوا فكيف يترك لهم المسكن، فهو يريد أن يأخذ المنزل حتى يبيعه ويرمي الأطفال في الشارع فهو لا يعرفهم منذ أن تزوج (فحكمت المحكمة برفض دعوى الأب وترك الوثيقة باسم أطفالي وعدم إرجاع الهبة له) ، وبعد ذلك استأنف طليقي وطالب بإرجاع المنزل له، فهل يوجد في الشرع ما يؤكد عدم جواز إرجاع الهبة لمصلحة الأطفال بسبب ما يسببه الأب من ضرر على الأبناء، فإن طليقي يستند في رفع الدعوى على أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الشرع، يا فضيلة الشيخ أريد فتوى شاملة عن الموضوع حتى أستند عليها في دفاعي عن حق أبنائي الصغار في ملكية المنزل، فلقد كسب أبنائي الدعوى الأولى ولا أريد أن يخسروا الاستئناف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق الكلام عن رجوع الوالد فيما وهبه لولده في الفتوى رقم: 33730، وبينا فيها أقوال أهل العلم، وأن الراجح هو جواز رجوع الوالد في الهبة لولده، هذا من حيث العموم، لكن بما أن المسألة المطروحة قدمت للمحكمة الشرعية وحكمت فيها بما تراه مناسباً شرعاً، فلا داعي للاستفتاء عنها، فالمحكمة صاحبة الكلمة والنفوذ في هذا النوع من القضايا.
وأما عدم إنفاق هذا الرجل على أولاده الذين لم يبلغوا مع القدرة على ذلك، فتفريط فيما أوجب الله عليه من الحقوق، وللأم أن ترفع أمرها للقضاء مطالبة هذا الرجل بالإنفاق على أولاده، ومن النفقة المسكن المناسب لهم. فعلى افتراض أنه باع المسكن وجب عليه أن يوفر لهم مسكناً آخر مملوكاً له أو مستأجراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(13/14144)
هل يكون العقوق من جهة الآباء
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يمكن القول بأن هذا الأب عاقا لابنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود عقوق الأب لابنه فالجواب
الأصل أن العقوق يكون من جهة الأبناء وأما كونه من جهة الآباء فغير معروف.. اللهم إلا إذا قصد به من باب التجوُّز ـ تفريط الآباء في الحقوق التي أوجب الله عليهم تجاه أبنائهم. وقد ذكرنا طرفا في الفتوى رقم: 23307.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(13/14145)
أبوهن يمنعهن من الزواج ومن السفر للخارج للتجنس
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يعاني من مرض نفسي خفي لا يمكن للإنسان أن يعرف ما به فهو لا يريد تزويجنا أنا وأخواتي وأخي بأي طريقة مع أننا تجاوزنا الـ28 من العمر هذا بالنسبة لأصغر فرد ويحول بيينا وبين أن يكون لنا معارف من أي نوع بالإضافة أنه يرفض أن نسافر إلى الخارج للحصول على جنسية تمنحنا حقوق المواطن كاملة حيث إن جنسيتنا الحالية تحول دون ذلك:
ما حكم والدي وكيف السبيل إلى التخلص من مرضه النفسي أو تحقيق ما نريد من غير أن نؤذيه؟
ما حكم السفر إلى البلاد الأجنبية للتجنس فقط من دون إذن الوالد؟
ما هي الطريقة الأمثل لحل مشكلة والدي مع العلم أنه لا ينفع معه الكلام ولا التقرب ولا التملق ويبدأ بالتوعد لنا في حال أن أحدنا أراد أن يتحرك خطوة واحدة للأمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكم اتجاه أبيكم هو البر به والإحسان إليه لقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [سورة الإسراء: 23] .
وأما بالنسبة لمرضه النفسي فننصح أن تعرضوه على أخصائي نفساني لعل الله أن يعجل له بالشفاء.
وأما بالنسبة لمنعه من تزويجكن من الأكفاء من غير عذر شرعي فهذا ما يسمى بالعضل في الفقه الإسلامي. قال ابن قدامة: ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه.
وقد نهى الله الأولياء عن العضل، حيث قال عز وجل: فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ [سورة البقرة: 232] . قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ، أي الخطَاب والنساء.
وإذا ثبت أن أباكن يعضلكن أي يمنعكن من الخطاب الأكفاء فلكن أن ترفعن أمركن إلى القاضي الشرعي ليزوجكن من الأكفاء المرضيين دينا وخلقا، ولا يجوز لكن في حالة العضل أن تزوجن أنفسكن لأن الولاية شرط في صحة النكاح، وراجعن الفتوى رقم: 7759.
أما السفر إلى الخارج من أجل التجنس أو الحصول على كافة الحقوق، فلا يشرع لكن، وذلك لما في السفر إلى البلاد الأجنبية من المحاذير التي لا ينفك عنها، والتي أدناها منع المسلمة من إظهار شعائر دينها وتعريضها للفتن في عقيدتها وأخلاقها ولا سيما في هذه الأيام كما لا يخفى على أحد، مع أنه لا ضرورة تدعو إليه فأنتن في بلد المحاكم الشرعية فيه تضمن لكن حقوقكن وترفع عنكن الضرر من والدكن أو من غيره.
وأما بالطريقة المثلى لحل مشكلة أبيكن فهي البر به والإحسان إليه كما تقدم والتضرع إلى الله بأن يشفيه من مرضه وأن يلهمه رشده ويوفقه لما فيه الخير لكم وله وحاولوا أن تعرضوا مشكلتكم على من يؤثر فيه كأقاربه وأصدقائه، والله نسأل أن يشفيه ويؤلف بينكم وبينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(13/14146)
من حقوق الطفل في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحقوق الشرعية التي يكفلها الإسلام للطفل مع قوله للرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كفل الإسلام للطفل حقوقًا كثيرة؛ أهمها تربية صالحة ينجو بها من النار ويسعد في الدنيا والآخرة، وتبدأ العناية بالطفل قبل أن يدخل إلى رحم أمه؛ ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضى بينهما ولد لم يضره.
ثم يعتني الإسلام بالطفل وهو في الرحم، فتجب النفقة لأمه المطلقة إذا كانت حاملاً؛ قال تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6] ، ويعق عنه في سابع الولادة ويسمَّى؛ ففي السنن من حديث سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل غلام رهين بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه ويسمَّى.
ويكفل له الرضاع حولين كاملين، وهي الفترة التي هو فيها أشد احتياجًا إلى مثل تلك التغذية، قال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [البقرة:233] .
ثم يعتنى بتربيته على الفضائل وإبعاده عن الرذائل، ويعلم علوم الدين، ويدرب على الصلاة وعلى العبادات الأخرى، ويمرن على ممارسة الحِرف النافعة عن طريق اللعب وعن طريق المشاركة في المشاريع البسيطة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(13/14147)
اشتراط إنفاق الأم على الأولاد مقابل تطليقها لا يعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تطلقت أمي من أبي بعد مرور 30 سنة من زواجهما وأبي متزوج من زوجة ثانية.. وللإنفاق على إخوتي يطالبهم بالجلوس معه في بيت زوجته الثانية، والمكوث عندهم من يوم الأربعاء إلى يوم الجمعة.. ولكن إخوتي يرفضون المكوث عنده كل هذه الفترة مما تسبب في رفضه النفقة عليهم.. فهل تستطيع أمي مطالبته في نفقة إخوتي عن طريق القضاء (مع العلم أن أبي طلق أمي بهذا الشرط للنفقة على إخوتي) ... ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك في وجوب النفقة على هذا الوالد لأولاده إن كانوا في سن تلزم فيها النفقة عليهم بأن كانوا صغاراً مثلاً، أو عاجزين عن الكسب، ولا تسقط هذه النفقة عنه باشتراطه على أمهم عند تطليقها الإنفاق عليهم، وأما طلب أبيهم بقاءهم عنده بعض الأيام فلا حرج فيه، إذا لم يترتب على بقائهم عنده ضرر عليهم، لكن لا يجوز له ربط الإنفاق عليهم ببقائهم عنده، لأن النفقة واجبة عليه أصلاً، وبخصوص رفع الأمر إلى القاضي عند رفضه النفقة عليهم، فذلك جائز، لكن ينبغي أن تستنفد أولاً غيره من الوسائل بتسليط بعض الناس عليه لنصحه وتذكيره بالله تعالى، وبواجبه نحو أولاده، وليستعن في ذلك بكل من يرجى تأثيره عليه.
ويبقى النظر في مسألة، وهي أن أم هؤلاء الأولاد إن كانت قد قامت في ما سبق بالإنفاق عليهم بنية الرجوع على والدهم في هذه النفقة، فلها حينئذ المطالبة بها، ويلزمه دفعها إليها.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى التالية: 27139 / 2145 / 25339
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(13/14148)
جرت العادة بالتسامح بالمال اليسير الزائد
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مسافر وأنا في الثانوية العامة وترك لي فلوس الدروس، ولكن يوجد درس من الدروس تبقى معي من الفلوس الذي تركه لي القليل منها، وأمي تقول لي أن لا أخبر أبي بهذه النقود وآخذها في المواصلات وتصوير الأوراق حيث إنه لم يترك لي فلوسا لهذه الأشياء وأنا أخشى أن يكون هذا حراما، فهل أسمع كلام أمي أم أخبر أبي وما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيدك حرصاً على الخير، وأكل الحلال، وبخصوص ما سألت عنه فالذي يظهر أن مثل هذا المال مما جرت العادة أن يتسامح فيه، فلا حرج إن شاء الله في الانتفاع به في وجوه أخرى للانتفاع المباح، لا سيما إن كان فيما ذكرت من المجالات التي تخدم جانب الدراسة، وهذا ما لم تكن تعلم من حال أبيك كراهية أخذ ما زاد من هذا المال، فالواجب حينئذ رده إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(13/14149)
شروط وجوب إنفاق الأب على أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أب له بيتان البيت الأول جميع بناته وأبنائه موظفون والبيت الثاني ليسوا موظفين ومع ذلك البيت الأول يطلبون أباهم بأن يصرف عليهم كما يصرف على البيت الثاني مع العلم بأن الأب طريح فراش ولكن لديه إيجارات بيوت يصرف بها على نفسه وعلى البيتين فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأب يجب عليه الإنفاق على الأولاد بشرطين: أن يكون الولد فقيرًا وعاجزًا عن التكسب، وأن يفضل شيء من نفقة الوالد على نفسه وزوجته.
روى مسلم والنسائي وأبو داود عن جابر رضي الله عنه، واللفظ للنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم فقيرًا فليبدأ بنفسه، فإن كان فضلاً فعلى عياله، فإن كان فضلاً فعلى قرابته ... وفي رواية: ابدأ بنفسك ثم بمن تعول.
وعليه فإن الأب ليس ملزمًا شرعًا بالإنفاق على من كان غنيًا من أبنائه وبناته، سواء كان من ساكني البيت الأول، أو من ساكني البيت الثاني.
وانظر الفتوى رقم: 23776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(13/14150)
مال الكافر تجوز الاستعانة به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
هل يجوز طلب المال من الأب إذا كان كافرا لاستعماله في أغراض دعوية وحاجيات شخصية؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طلبك من أبيك الكافر بعض ماله لتصرفه في الدعوة إلى الخير عمل صالح تجد ثوابه عند الله تعالى؛ لأن مال الكافر تجوز الاستعانة به في شأن تبليغ دين الله تعالى، فقد استعان صلى الله عليه وسلم بالسلاح الذي استعاره من صفوان بن أمية وهو ما يزال على شركه، وكان ذلك أثناء الاستعداد لغزوة بني المصطلق كما ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة.
وكذلك يجوز لك طلب المال من أبيك للاستعانة به على قضاء حوائجك إذا كنت محتاجًا إلى ذلك، خاصة أن هذا قد يؤدي إلى توطيد صلتك بأبيك، ولتبذل جهدك بدعوته إلى الإسلام بما تستطيع من الأخلاق والأفعال والأقوال. نسأل الله تعالى أن يهديه للإسلام والثبات عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(13/14151)
هل يجوز للزوج منع زوجته من زيارة ابنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة يمنعها زوجها من زيارة ابنهما بحلف اليمين عليها لخلاف بين الأب والابن هل يجوز أن تزور ابنها بدون علم الأب، وهل يقع عليها اليمين إن فعلت ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن ليس للزوج منع زوجته من زيارة ابنهما لما في ذلك من قطع الرحم، إلا أن تكون شابة غير مأمونة، قال صاحب التاج والإكليل لمختصر خليل: وفي العتبية: ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ويقضى عليه بذلك، خلافا لابن حبيب، قال ابن رشد: هذا الخلاف إنما هو للشابة المأمونة، وأما المتجالة فلا خلاف أنه يقضى لها بزيارة أبيها وأخيها، وأما الشابة غير المأمونة فلا يقضى لها بالخروج. ج5ص548.
وأما الحنث فإنه واقع متى خرجت بعلمه أو بدون علمه، قال الخرشي: إذا حلف على زوجته أنها لا تخرج إلا بإذنه، فمتى خرجت بغير إذنه حنث، علم بها أو لم يعلم.... انظر شرح مختصر خليل، للخرشي ج3ص88.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(13/14152)
اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا عمري 15 سنه، ما حكم إذا كان أبي يفضل إخواني علي ويحرمني من الخروج من البيت يظلمني كثيراً، وقد رأيت في المنام أن أبي يشنقني ورأيت أيضا أنه يغرقني من كثرة ظلمه لي وتفضيله لإخوتي علي فإنه يحرمني من المال والترفيه حتى إني لا أرى الابتسامة على وجهه ولا على وجه أمي، وإذا كان يعطي لإخوتي شيئا فلا يعطيني إياه، مع العلم بأنني فكرت بالهروب من البيت ونصحني أحد الأئمة، مع العلم بأنني رسبت في سنة دراسية واحدة وأخي رسب في 3 سنوات دراسية وأبي يفضله علي، الرجاء الإجابة على السؤال فأنا لا أستطيع تحمل الحياة ساعة واحدة مع أسرتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الظلم طعمه مر وآثاره كريهة ومرتعه وخيم، ولذا حرمه الله على نفسه وجعله بين عباده محرماً ورهب من الوقوع فيه أعظم الترهيب، فقال الله سبحانه: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً [الفرقان:19] .
وقال تعالى: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40] .
ولا ريب أن ظلم الوالد لأولاده أشدُّ من الظلم لغيرهم، قال الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على النفس من وقع الحسام المهند
فهو مع إثمه قطيعة للرحم، وقد توعد الله تعالى على ذلك بقوله: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:23] .
ومن ظلم الوالد لأولاده عدم العدل بينهم في الهبة أو المعاملة أو الابتسامة ونحو ذلك، ولهذا جاءت أوامر النبي صلى الله عليه وسلم للوالد بأن يعدل بين أولاده، فقال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري، وقال لمن أراد إشهاده على عطية خصَّ بها بعض ولده: فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور. رواه مسلم.
ولكن هذا الظلم من الوالد لا يسوغ مقابلته بالإساءة أو الظلم، لأن حق الوالدين عظيم حتى ولو كانا كافرين، فكيف إذا كان مسلمين! قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:14-15] .
ولهذا نوصيك بالصبر والتحمل والاجتهاد في إرضاء والدك والدعاء له بالهداية، والصلاح والاستقامة، فإنه وإن ظلمك من أعظم الناس حقاً عليك، وقد يكون منعك من بعض الأمور لما يخافه عليك منها، وقد يكون بعض هذه الأمور محرماً لا يجوز لك فعله، وكثيراً ما يخطئ الولد في تفسير أفعال أبيه إذا جاءت على خلاف رغباته وما يريد، ولو كان في تحقيق هذه الرغبات ما يضره.
واعلم أن الطريق إلى كسب قلب والدك وإصلاح ما بينك وبينه سهل ميسور، وما عليك إلا أن تجتهد في الإحسان إليه، فقد قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ [المؤمنون:96] .
وقال جل جلاله: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34] .
فأرشد الله إلى أن نقابل إساءة من أساء إلينا بالإحسان إليه، وأخبر أن ذلك كفيل بأن يرده إلى المودة والمصافاة، قال ابن عباس في تفسير الآية: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم.
فكيف إذا كان هذا الإحسان للوالد الذي هو من أكثر الناس رحمة وشفقة بالإنسان، لا شك أن هذا كفيل بإزالة ما في نفسه من شحناء، قد تكون تسببت فيها دون أن تشعر.
أما هروبك من البيت فلا شك أنه لا يحل المشكلة بل يعرضك لمشاكل كثيرة، وفوق ذلك فهو عقوق لوالديك اللذين سوف يؤذيهم ذلك أعظم الأذى.
ونسأل الله أن يشرح صدرك ويبارك فيك وأن يصلح ما بينك وبين والدك، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وإذا كان والدك رجلاً قارئا فنرجو أن تطلعه على هذه الفتوى لعلها تكون سبباً في عودته إلى الجادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(13/14153)
لا يجب على الزوجة العمل لإعانة زوجها على نفقة البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[يعمل الزوج في السعودية وأنا أقيم مع أولادي في مصر وليس لدى الزوج إمكانيات مادية لإقامتنا معه ولكنني أستطيع أن أعمل وأوفر المسكن ومدرسة الأولاد ومصروف البيت فهل عليّ ذنب أمام الله في رفضي للسفر حتى يقدر عليه الزوج وحده؟ مع العلم أنه لم ينزل إجازة من سنتين ويرحب بعملي لحل المشكلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإنفاق على البيت والأولاد والزوجة من شأن الأب، كما قال الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ [البقرة:233] .
والمولود له: الأب.
وقد اتفق العلماء على وجوبها عليه حال القدرة، وأنه يأثم بتركها.
أما الزوجة، فلا يجب عليها الإنفاق على نفسها ولا ولدها.
وعليه، فلا يجب على الأخت السائلة أن تعمل لكي تعين زوجها على نفقة البيت، ورفضها للعمل وللسفر بشرط العمل جائز، وإن سافرت للإقامة مع زوجها واحتاجت للعمل فلا بأس به إذا لم يكن فيه محظور شرعي، ولمزيد من البيان في حكم سفر المرأة وعملها تنظر الفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(13/14154)
نفقة الأولاد في حال غياب الأب أو طلاق الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تجب نفقة الأبناء على الأم حال غياب الأب أو الطلاق؟ وهل ترجع بها عليه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب نفقة الأولاد الصغار غير البالغين والذين لا مال لهم على أبيهم إذا كانوا فقراء وكان له ما ينفقه عليهم -سواء طلق أمهم أم لا- بإجماع أهل العلم.
فإذا غاب الأب وكان له مال مقدور عليه، وكان الأخذ من ماله لا تترتب عليه مفسدة، أخذ من ماله بالمعروف ما يكفي من تجب نفقتهم عليهم، وإن كان الأخذ من ماله تترتب عليه مفسدة رفع الأمر للقضاء الشرعي، ليفرض لهم القاضي النفقة، وإن لم يكن له مال مقدور عليه وجبت نفقة الأولاد على أمهم، ثم رجعت بما أنفقت على أبيهم، إذا أنفقت وهي تنوي الرجوع على الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(13/14155)
لا تجبر الأم على إرضاع الولد إن وجد غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما واجب الأم تجاه طفلها الرضيع؟ وهل تعاقب إن قصرت معه في شيء كالرضاعة والأكل تهاونا وكسلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام عن حقوق الأبناء على آبائهم في الفتوى رقم: 15008.
وأما الرضاع فلا يجب على الأم إرضاع ولدها إن وجد غيرها، ولها أن تطلب أجرة الرضاعة من مال الصبي أو ممن تلزمه النفقة على الصبي إن لم يكن للصبي مال، قال الله تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [الطلاق:6] .
وهي عامة في حق من هي باقية في حبال الزوجية والمطلقة، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة وهو الراجح، وذهب الحنفية والمالكية إلى أن الأم لا تستحق الأجرة حال الزوجية، قال ابن قدامة في المغني: الرضاع لا يخلو إما أن يكون لحق الولد أو لحق الزوج أولهما لا يجوز أن يكون لحق الزوج، فإنه لا يملك إجبارها على رضاع ولده من غيرها ولا على خدمته فيما يختص به، ولا يجوز أن يكون لحق الولد، فإن ذلك لو كان له، للزمها بعد الفرقة، ولأنه مما يلزم الوالد لولده، فلزم الأب على الخصوص كالنفقة. انتهى.
قال النووي رحمه الله في المنهاج: فإن اتفقا -أي على الرضاع- وطلبت أجرة مثل أجيبت أو فوقها فلا، وكذا إن تبرعت أجنبية أو رضيت بأقل في الأظهر.
فإن وُجدت متبرعة بالإرضاع فلا يلزم ولي الطفل إجابة الأم على أجرة المثل، وكذا الحضانة لا تتعين على الأم إن وجد غيرها، والحضانة هي حفظ من لا يستقل وتربيته بما يصلحه من طعام وشراب، وما قيل في الرضاع من حيث الأجرة، يقال في الحضانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1424(13/14156)
لا حرج في التصرف في مال الابن القاصر بما يصلحه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لي حق التصرف أو أخذ أشياء لابني أعطاه إياها الناس إذا كان لم يبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في التصرف في مال ابنك الخاص به بما يصلحه، لأنك أنت هو المسؤول عنه وعن ماله، بل جعل مال الابن القاصر تحت يد الوالد وحفظه له ورعايته من الواجبات على الأب.
أما التصرف في مال الابن في مصالح الأب، ففيه تفصيل، فإن كان في واجبات الأب ومستلزماته كنفقته ونفقة من يعوله فلا شيء فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه الإمام أحمد وابن ماجه وهذا الكلام للإباحة.
أما تبرعه به للآخرين أو تصرفه فيه كأنه ماله الذي يملكه، فهذا لا يجوز في غير الحدود التي ذكرنا، إذ الكلام كما قدمنا كلام إباحة وليس كلام تمليك على الراجح، ولتمام الفائدة تراجع الفتاوى التالية: 7490، 12789، 25879.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(13/14157)
القول بأن الابن غيرالشرعي يمنع أباه من الجنة غير صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة أن الابن غير الشرعي يمنع أباه من دخول الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا القول غير صحيح، فإن الزاني إذا تاب من زناه فتوبته تقبل ويدخل الجنة إن استحق دخولها، ولا يمنعه ولده من الزنا من دخولها وذلك للأدلة المتكاثرة من القرآن والسنة على قبول توبة أهل الكبائر، وأنهم يدخلون الجنة، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة ولو دخلوا النار بسبب كبائرهم فإنهم لا يخلدون فيها إن كانوا من الموحدين.
روى البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إن ناساً من أهل الجاهلية قتلوا فأكثروا، ثم زنوا فأكثروا، ثم أتوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملناه كفارة فنزلت: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً...... (إلى قوله) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ [الفرقان:70] .
ونزلت: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] . أخرجاه من حديث ابن جريج.
ولكن ليعلم أن الزنا من كبائر الذنوب، ولا ينبغي التساهل في أمره، وأن مرتكبه مستحق للوعيد الشديد ولدخول النار إن لم يتب أو يتجاوز الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(13/14158)
حكم رفع الأولاد لولي الأمر منع والدهم إنفاقه عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إلى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي: أنا أبعث لك بسؤالي وأرجو منك أن تفتي لي في هذا الموضوع وهو أن صديقة لي أمها مطلقة منذ أن كانت هي طفلة وهي لا تعرف والدها الذي تخلى عنها وعن إخوتها برضاه ولم يقم بإعطاء أمها أي حق من حقوقها ولأن الأم غير متعلمة لم تستطع حين ذاك الذهاب والمطالبة بحقوقها المهم أن صديقتي كبرت ولكنهم في حاجة للمال فقامت هي وإخوتها برفع قضية في المحكمة على الوالد ليقدم لهم نفقة أو بعض المال ليساعدهم في تدبير أمور حياتهم وعند مثوله للمحكمة رفض مع أنه يملك المال فقامت المحكمة بسجنه عندها قام الأولاد بإسقاط الدعوى وخرج من السجن لأن البعض أخبرهم أن ما قاموا به تجاه والدهم معصية فهل هذا صحيح يافضيلة الشيخ؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبه السائلة إلى أن هذا الموقع ليس تابعاً للشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله، وإنما هو تابع لوزارة الأوقاف بدولة قطر.
وللجواب على السؤال نقول: إن النفقة على الأولاد واجبة على والدهم، وراجعي الفتوى رقم: 7455 - والفتوى رقم: 8534.
فلو قصر الوالد في ذلك الواجب فلهم أن يصلوا إلى حقهم بالمعروف ولو من غير أن يعلم، كما في حديث هند رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. رواه البخاري وغيره.
فإن تعذر ذلك وامتنع عن أداء ما أوجب الله عليه وسَّطوا أهل العلم والفضل ومن له كلمة عليه من قريب أو صديق ليذكروه بالله تعالى وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. رواه أبو داود، وفي مسلم: كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته. فإن امتنع ورفعوا أمره إلى ولي الأمر فرأى تعزيره بحبس أو غيره فلا يأثمون على ذلك، بل هو الآثم المضيع لحق الله تعالى وحق أبنائه.
وبناء على هذا فما فعلتموه برفع أمره للقضاء لا ضير فيه، ولعل ذلك يكون تنبيهاً وإيقاظاً له من غفلته وإهمال أولاده.
ثم إن عفوهم عنه ليخرج من السجن يعد من جميل الإحسان منهم إليه، فجزاهم الله عليه خيراً، فبر الوالدين مطلوب ولو أساءا.
ولعل عدم بركم له فيما مضى من الزمن كان سبباً في حدوث تلك الجفوة، علماً بأن بر الوالدين واجب على الأبناء ولو قصرا في حقوق أبنائهم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
23257 - والفتوى رقم: 22420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14159)
الوصاية على الأولاد لمن تكون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الوصاية على الأولاد بعد موت الأب هل تكون لعم الأولاد أم لأم الأولاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد بالوصاية الولاية على مال الأولاد الصغار الذين لم يبلغوا الرشد فلا حق فيها للأم ولا للعم جميعاً بل هي للأب فإن لم يوجد فالجد أبو الأب وإن علا، فإن لم يوجد فمن أوصاه الأب أو الجد فإن لم يوصيا فالقاضي وهذا هو مذهب الشافعية ومن وافقهم، قال النووي رحمه الله في نص المنهاج: فصل ولي الصبي أبوه ثم جده ثم وصيهما ثم القاضي ولا تلي الأم في الأصح. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 28545.
وإن كنت تقصد بالوصاية الحضانة فقد سبق ترتيب مستحقيها في الفتوى رقم: 6256، والفتوى رقم: 15034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(13/14160)
أقوال العلماء في حكم تزويج الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتوني في أمري هل الزواج واجب علي.. أم على الوالد والأسرة أن تزوج الفتى إذا خاف الفتنة والانزلاق في الشهوات، وما مدى شرعية ما يفعلة الآباء من المغالاة في المهور هل هو حرام؟ وخاصة أنه يؤدي بالشباب إلى الوقوع في الحرام. أفتونا جزاكم الله خيراً ... .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الآباء غير ملزمين شرعاً بتزويج أبنائهم، قال النووي في روضة الطالبين: لا يلزم الأب إعفاف الابن. انتهى
وذهب الحنابلة إلى وجوب ذلك على الآباء إذا كانت نفقة الولد واجبة عليه، قال في الإنصاف: يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم. وهذا الصحيح من المذهب، وهو من مفردات المذهب. انتهى
وعندهم أن نفقة الأولاد الكبار واجبة كالصغار ولو كانوا أقوياء أصحاء، لكن بشرط كونهم فقراء وفضل عن قوته وقوت زوجته ما ينفق به عليهم.
أما بخصوص المغالاة في المهر فلا شك أن المشروع فيه هو تخفيفه وتيسيره وعدم المنافسة فيه وذلك اتباعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك، أخرج أبو داود عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الصداق أيسره. ...
وكان مهور نسائه صلى الله عليه وسلم خمسمائة درهم ومهور بناته أربعمائة درهم، أخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها، كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشاً، قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية. فذلك خمسمائة درهم.
وبناء على الحديث وغيره ذهب بعض أهل العلم إلى القول بكراهة ما زاد على خمسمائة درهم في الصداق، قال النووي في المجموع: والمستحب ألا يزيد على خمسمائة درهم، وهو صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(13/14161)
ليس للابن أن يعق أباه لتقصيره في النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الشرع في سوء تفاهم بين ابن وأبيه حول المساعدة المادية، علما أن الابن هو الذي يطلب المساعدة من والده الذي يتوفر على المال الوفير والابن يتخبط في مشاكل الدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الولد بالغاً قادراً على الكسب غير مغلوب على عقله، وليس مشتغلاً بعلم هو من فروض العين أو الكفاية فليس على أبيه شيء من النفقة، لكن ينبغي أن يحسن الأب إلى ابنه، وأن يصله بماله، فهو أحق الناس بإحسانه وعطائه.
وليس للابن أن يعق أباه أو يسيء إليه لتقصيره في النفقة الواجبة أو المستحبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(13/14162)
النفقة الواجبة على الأب لأولاده تكون حال الحياة فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله إذا توفي شخص وترك عدة أولاد منهم من تعلم وتخرج في الجامعة وتزوج ... إلخ , ومنهم من هو صغير فهل يجب إخراج قيمة تعليم وتزويج الولد الصغير من التركة قبل أو بعد تقسيمها وإعطائها لهذا الولد استنادا لقول الله عزوجل: (من بعد وصية يوصى بها أو دين) على اعتبار أن تعليم الولد الصغير وتزويجه دين في رقبة الوالد , وكذلك استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم: (..لا أشهد على جور , اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) على اعتبار أن هذا من العطية التي يجب العدل فيها بين الأولاد___ أم أن هذا من قبيل الإلزام الأدبي فقط ــ أم لا يلزم من أي وجه؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نفقة الابن تجب على أبيه بشروط مذكورة في كتب الفقهاء، وراجع الفتوى رقم:
295 وتلك النفقة إنما تجب على الأب حال حياته، فإذا مات أصبح المال مال وارث، وليس للابن أن يطالب بنفقة أبيه بعد موته، وإنما هو أسوة الورثة، وليس له إلا ما فرضه الله له من ميراث أبيه، بل إن كان أبوه قد وهب له مالاً في حياته على سبيل الهبة والتبرع ولم يقبضه حتى مات أبوه فليس من حقه أن يطالب به على الصحيح، ولو أوصى له أبوه بوصية لم تنفذ، إلا إذا أجازها الورثة إذا كانوا بالغين رشداء لحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث." رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذي، وحسنه السيوطي، والحاصل أنه لا يجب عليكم أن تخرجوا من التركة قيمة التعليم والزواج لأخيكم الصغير، لكن إن تبرعتم بها له عن طيب نفس منكم فلا يخفى جواز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(13/14163)
نفقات العلاج وتوابعها من النفقات الواجبة على الوالد تجاه أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال أرجو من فضيلتكم الإجابة عليه
لقد قمت بسرقة مبلغ من المال من والدي وكنت مضطرة لذلك لأن في الحقيقة نظري ضعيف جداً واحتاج إلى نظارة ووالدي لا يعطني المال بحجة أن النظارة غير مهمة وغير ضرورية ويتهمني بالكذب فماذا علي فعله الآن هل أرد له المبلغ الذي سرقته وكيف؟ مع العلم بأنني لا أعرف المبلغ بالضبط.
وشكراً لجهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى فيما أخذت من مال أبيك عند الحاجة المذكورة إذ أن نفقات العلاج ونحوها من النفقات الواجبة على الوالد تجاه أولاده، فإذا بخل بها أو منعها من غير حق، فيجوز لك أن تأخذي من ماله ولو بغير إذنه على قدر حاجتك، لما ورد في الصحيحين أن هند بنت عتبة رضي الله عنها اشتكت زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منعها وأبنائها النفقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك".
هذا إذا كان أخذ المال من أبيك قبل البلوغ أو بعده ولا دخل لك ولا زوج، فإن كان لك مال أو زوج دخلت عليه فلا يجوز أخذ هذا المال، ويجب رده إلى أبيك مع التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(13/14164)
النفقة على الابن الفقير واجبة على الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ابن عمره 18 سنة يعيش في بلد آخر وقبل سنتين فقط بدأت أصرف عليه وهو الآن يعمل وقادر على إعالة نفسه هل من داعي أن أبعث له المصروف؟ علما بأنني مطلق من أمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام ابنك الآن بالغاً وقادراً على العمل والكسب، وليس عنده ما يعيقه عن ذلك فلا تجب عليك نفقته، ولكن لو أعنته بشيء من المال لقضاء حوائجه، أو لتكوين رأس مال للتجارة ونحو ذلك، فهو أمر حسن.
وذكرت في سؤالك أنك لم تنفق على ابنك إلا بعد أن بلغ ست عشرة سنة، وهذا تفريط منك، بل الواجب عليك نفقته قبل ذلك إذا كان فقيراً باتفاق العلماء.
ولذا يلزمك قضاء من أنفق عليه في تلك المرحلة إذا طلب المنفق عليه منك ذلك. أما إذا تبرع بالنفقة فقد سقطت عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(13/14165)
متى تسقط نفقة الأب على ولده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى متى تظل مسؤولية المسلم في الإنفاق على أبنائه وسداد الزكاه عنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الولد غنياً فإنه يسقط عن أبيه وجوب النفقة عليه وإن كان الولد لا يزال صغيراً، وينفق عليه في حال الصغر من ماله هو، وكذلك تسقط نفقة الأولاد عن أبيهم إذا بلغوا وأصبحوا قادرين على الكسب.
أما الصغير الذي لا مال له فتجب نفقته على أبيه بالإجماع، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه العلم أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. انتهى
أما الزكاة فإنها لا تجب إلا على صاحب المال، فإن كان للأولاد مال تجب فيه الزكاة أخرجت الزكاة من مالهم، ولا تجب على أبيهم، وإن لم يكن لهم مال فلا زكاة عليهم. وهذا في زكاة المال.
أما زكاة الفطر فإنها تجب على الوالد إن كانت نفقة أبنائه عليه واجبة، ومتى سقطت نفقتهم عنه لغناهم أو قدرتهم على الكسب سقطت عنه زكاة فطرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(13/14166)
التوازن هو: معاشرة الزوجة بالمعروف وتلبية حقوق الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمي السنة الماضية عن عمر 47 وبعد موت أمي بشهرين تزوج أبي وعمره 76 سنة من شابة عمرها 21 واحد وعشرين سنة.. عنده الخير الكثير وأصبح بخيلاً معنا حتى في أبسط شيء الطعام ونجده كريماً مع زوجته كل الكرم يعيشها ملكة ونحن في قحط وحرمان وأخذ إرثنا من أمنا وأعطاها زوجته بعد طيبه معنا على حياة أمنا لا نجد إلا قسوتة كيف نتصرف معه تعبنا هل هذا يرضي ربنا نحن نحبه ولا نريد أن نخسره وكذلك نخاف الله فيه ونبره مع كل ما حصل ساعدونا أرجوكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للأبناء أن يغضبوا على أبيهم إذا تزوج بعد وفاة أمهم أو في حياتها، سواء كانت التي تزوجها صغيرة أو كبيرة، ما دام ذلك برضاً منها وقدرة منه على مؤنة النكاح، بل قد نص كثير من الفقهاء على وجوب تزويج الوالد الذي يحتاج إلى الإعفاف على نفقة أبنائه، قال ابن قدامة في المغني: ويلزم الرجل إعفاف أبيه إذا احتاج إلى النكاح، وهذا ظاهر مذهب الشافعي. . انتهى
وقال الزركشي في المنثور: لو قال الأب: أنا محتاج للنكاح، صُدِّق بلا يمين، ووجب على الولد إعفافه. انتهى
ولا وجه لاعتراض الأبناء على أبيهم بسبب صغر سن زوجته، لأن ذلك من المباحات التي لا يملك أحد منع الناس منها، ونقول للأب: يجب عليك أن ترعى أبناءك وزوجتك بالمعروف، دون أن يطغى حق طرف منهم على حق الطرف الآخر، لأن الجميع رعايا تحت مسؤليتك، وأنت مؤتمن عليهم مسئول عنهم جميعاً يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما إن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.
ولا يجوز للأبناء أن يقابلوا تقصير والدهم في حقهم، بتقصيرهم في حقه، لأن المرء مسئول عن كل أفعاله يوم القيامة، وحق الآباء على الأبناء آكد من حق الأبناء على الآباء، في الطاعة والبر والإنفاق، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية:
20947
22420
21916
1841
3109.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(13/14167)
حقوق الأبناء على آبائهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو حق الابن على والده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن للأبناء حقوقاً على آبائهم من جملتها:
1- اختيار أمهاتهم بحيث يكنَّ من أسر صالحة طيبة، وأن يكنَّ من ذوات الدين والخلق، لقوله صلى الله عليه وسلم: تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم. رواه ابن ماجه من حديث عائشة.
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: تنكح المرأة لأربع وذكر منها: ذات الدين.......
2- اختيار الأسماء الحسنة كعبد الله ومحمد وما شابه ذلك.
3- النفقة عليهم إن كانوا فقراء، قال الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] .
4- حسن التربية وتعليم الضروريات من أمور الدين، لقوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أبو داود.
5- العدل بينهم في الحنان والعطف والعطية، لحديث النعمان بن بشير المتفق عليه، وفيه:...... اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وبالجملة، فإن الله تعالى من عدله أنه لما أوجب على الأبناء حقوقاً تجاه آبائهم أوجب كذلك في المقابل للأبناء حقوقاً على الآباء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(13/14168)
إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تريد الزواج وأمها توافق على ذلك إلا أن الوالد يرفض الزواج ويصر على أن تواصل الدراسة مع أن الذي خطبها مسلم وصاحب دين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لهذا الأب أن يرفض زواج ابنته ممن يُرضى دينه وخلقه بحجة إكمال الدراسة، ويعتبر هذا من العضل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " رواه الترمذي وغيره.
والذي ننصح به الأخت السائلة أن تتلطف في إقناع والدها، وأن توسط له من يقنعه ممن له كلمة عنده، فإن أبى فيمكنها رفع أمرها إلى المحاكم الشرعية أو المراكز الإسلامية في حالة العيش في بلاد الكفر، وهم بدورهم إما أن يلزموا الأب بالقبول أو يحولوا الولاية إلى غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(13/14169)
هل يجوز نوم الفتاة مع أخيها في غرفة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نوم الفتاة مع أخيها في غرفة واحدة وليس في فراش واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام يحث على تربية الأولاد وتعليمهم من الصغر على تطبيق تعاليمه السمحة، لأن التعليم في الصغر أرسخ ولهذا قالوا: التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.
وقال الشاعر:
... ... ... ... وينشأ ناشئ الفتيان منا ... ... ... على ما كان عوّده أبوه
وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع".
وعلى هذا لا ينبغي للأبناء أن يناموا في مضجع واحد على سرير أو حصير أو غير ذلك، ولا يجوز كذلك أن يلتحفوا في لحاف واحد.
أما إذا كانت غرفة واسعة ولكل واحد سرير أو فراش منفصل ولحاف مستقل، فهذا لا مانع فيه، ولا يتوجه إليه النهي لما في تخصيص أفراد الأسرة بغرفة من مشقة وحرج عند أغلب الناس والله تعالى يقول: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) [الحج: من الآية78] .
والحاصل: أنه ينبغي للفتاة أن تنام في غرفة منفصلة عن غرفة أخيها -إذا أمكن ذلك- إذا قاربوا البلوغ، أما أن يكون لكل واحد فراشه ولحافه فهذا متعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(13/14170)
لا يحق للولي أن يمنع موليته من النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم ولي أمر الفتاة الذي لا يريد تزويجها ما لم تكمل دراستها الجامعية بعد ثلاث سنين أفيدونا أفادكم الله بالحلال والحرام في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن منع الفتاة عن الزواج حتى تكمل دراستها الجامعية، مع رغبتها في الزواج وحاجتها إليه وعند وجود الزوج الكفء، نوع من العضل الذي نهى الله عنه أولياء النساء، لقوله تعالى: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوف [البقرة:232] .
والعضل هو: المنع والتضييق، روى الإمام القرطبي عند تفسيره لهذه الآية الكريمة: أن معقل بن يسار كانت أخته تحت أبي البداح فطلقها وتركها حتى انقضت عدتها ثم ندم فخطبها فرضيت، وأبى أخوها أن يزوجها وقال: وجهي من وجهك حرام إن تزوجتيه، فنزلت الآية، قال مقاتل: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم معقلاً فقال: إن كنت مؤمناً فلا تمنع أختك عن أبي البداح، فقال آمنت بالله، وزوجها منه. تفسير القرطبي 3/104
فلا يجوز للآباء والأولياء منع بناتهم ومولياتهم من الزواج إذا احتجن إليه وتقدم لهن الأكفاء بحجة تكميل الدراسة، قال الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32] .
لكن إن كانت الفتاة غير راغبة في الزواج حتى تكمل دراستها ولم يخش فوات الكفء فلا مانع من تأخير الزواج إلى ما بعد الدراسة، وإن كان الأقرب إلى مقصود الشرع تقديم الزواج على إكمال الدراسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(13/14171)
حقوق الأبناء على آبائهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما هي حقوق الوالدة على الأولاد بعد أن يصبحوا رجالاً؟ وما حقوق كل من الابن الأكبر ثم الأوسط ثم الأصغر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام عن حقوق الوالدين في الأجوبة التالية: 2894، 4296، 5925، 8173.
وأما حقوق الأبناء على آبائهم فمنها: تربيتهم وتعليمهم أمور دينهم، ووقايتهم من النار، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6] .
ومنها: تسميتهم بالأسماء الحسنة، والإحسان إليهم في المعاملة، والعدل بينهم في العطية، والإحسان إلى أولادهم وزوجاتهم.
وبالجملة، فالأسرة المسلمة ينبغي أن يسود فيها الحب والمودة والتراحم والتواصل واحترام الكبير والعطف على الصغير وإعطاء كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(13/14172)
لمن ينسب ولد الزنا في الأوراق الرسمية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: ما هو مصير البنت إذا كانت جاءت بطريق حرام, من ناحية الأوراق الرسمية مع العلم بأن البنت لا ترجع لنسب الأب. كيف تذهب إلى المدرسة والمستشفى بدون أوراق رسمية والأم في سن صغير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فولد الزنا ذكراً كان أو أنثى لا ينسب إلى الزاني لأنه لا علاقة بينهما وإنما ينسب إلى أمه، أما من ناحية الأوراق والشهادات الرسمية -حيث يتعذر نسبته فيها إلى أمه- فيمكن حينئذ أن ينسب إلى اسم ما غير حقيقي معبد لله كفلانه أو فلان بن عبد الله أو عبد الرحمن ونحو ذلك، كما هو موضح في الفتوى رقم: 41980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(13/14173)
هل يلزم ابن الزنا أن يسعى لمعرفة من زنا بأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا اكتشف الولد أوالبنت أنه ابن أو بنت غير شرعي، هل يسعى لكشف ذلك ويطالب بحقه في معرفة والده الحقيقي من الأم؟ أم أنه يلتزم الصمت حتى يستر على الأم ويعتبر ساكتا عن حقه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا علم الولد أنه أتى من طريق غير شرعي فليس له من خيار إلا الصبر وتفويض أمره لله سبحانه، وليس له أن يطالب أمه بأن تكشف له عن صاحب هذه الجريمة، لأنه لا علاقة بينه وبين صاحبها، فماء الزنا هدر لا يثبت به نسب، وهذا الولد إنما ينسب لأمه إذا لم يكن هناك فراش أي كانت الأم غير متزوجة، أما إذا كانت متزوجة فإن الولد إنما ينسب لصاحب الفراش وهو زوج المرأة الشرعي، كما بيناه في الفتوى رقم: 13390.
مع التنبيه على أنه يجب على هذا الولد أن يبر أمه ويحسن إليها ولا يحمله ما اقترفته من ذنب وخطيئة على عقوقها أو جفائها، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 123734.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(13/14174)
هل يحل نفي نسب الولد لكونه لا يشبه إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي 3أولاد أشك في نسب الأكبر، وأريد طلاق الزوجة، ونفى نسب الولد الأكبر بعد تربية الصغير وتخرجه من الجامعة. فهل لو مت قبل ذلك أكون ديوثا وأدخل النار أم أسرع بالطلاق ونفى نسب الولد الآن، مع العلم أن الولد ليس شبهي ومختلف عن الولدين الآخرين، وأشك أن الولد ابن أخي حيث إنى أسكن في بيت العائلة. أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تتقي الله سبحانه وتمسك زوجتك، وتصرف عنك هذه الوساوس الشيطانية التي يلقيها الشيطان في قلبك ليفسد عليك بيتك وأسرتك وعلاقتك بأخيك, فإن مثل هذه الأمور العظيمة من قذف الزوجة بالزنا، ونفي نسب الولد لا يعتمد فيها على مثل هذه الشكوك التي تراودك بل لا بد فيها من اليقين أو غلبة الظن التي تقترب من درجة القطع.
قال الشربيني في مغني المحتاج: وله -أي الزوج- قذف زوجته عَلِمَ -أي تحقق- زناها بأن رآها تزني، أو ظنه -أي زناها- ظناً مؤكداً أورثه العلم. انتهى.
هذا بالإضافة إلى أنه لا يجوز لك نفي نسب ولدك هذا بعد أن سكت على انتسابه إليك طوال هذه الفترة، فإن من شروط نفي نسب الولد ألا يتأخر الرجل في ذلك على الراجح من أقوال أهل العلم.
قال البهوتي في كشف القناع: ومن شرطه أي نفي الولد أن لا يوجد منه إقرار ولا دليل على الإقرار، فإن أقرَّ به أو أخر نفيه مع إمكانه لحقه نسبه وامتنع نفيه. انتهى.
بل قد ذكر بعض الفقهاء أن نفي الولد ينبغي أن يكون بمجرد الحمل وأنه لو أخره إلى الولادة بغير عذر فإنه يلحقه نسبه ولا يجوز له نفيه.
قال القرافي في كتابه الفروق: قال الأمير: من رأى حمل زوجته فأخر اللعان بلا عذر، فليس له نفيه ولا يعذر بجهل، وليس من العذر تأخيره خيفة أن يكون انتفاخاً فينفش. انتهى.
ومنهم من رأى جواز التأخر اليسير. جاء في الموسوعة الفقهية ملخصا مذاهب الفقهاء في شرط التعجيل والفور في نفي الولد باللعان: إذا أتت امرأة بولد لزم زوجها نسبه بالفراش، فإذا أراد نفيه باللعان بعد ذلك فقد اشترط المالكية والشافعية في الجديد على الأظهر والحنابلة لصحة النفي أن يكون فور العلم بالولادة مع إمكانه، فلو أخره زمنا لغير عذر لم ينتف عنه بحال بعد ذلك. وذهب الحنفية والشافعية في أحد القولين في القديم إلى جواز تأخير النفي مدة قدرها أبوحنيفة بمدة التهنئة، وهي ثلاثة أيام، وهو قول الشافعية في القديم، وفي قول لأبي حنيفة أنها سبعة أيام، وقدرها الصاحبان بمدة النفاس. انتهى.
واحذر أيها السائل الوعيد الشديد الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الجنة، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. رواه أبو داود والدارمي في سننه وصححه ابن حبان.
وفي عون المعبود شارحاً لهذا الحديث: جحد ولده: أي أنكره ونفاه، وهو ينظر إليه أي الرجل ينظر إلى الولد، وهو كناية عن العلم به بأنه ولده أو الولد ينظر إلى الرجل، ففيه إشعار إلى قلة شفقته ورحمته وقساوة قلبه وغلظته، احتجب الله عنه أي حجبه وأبعده من رحمته، وفضحه أي أخزاه على رؤوس الأولين والآخرين. انتهى.
واعلم أن مجرد عدم الشبه بينك وبين ولدك هذا أو بينه وبين إخوته ليس دليلا على ما تظن من أمر الفاحشة، ولا يجوز الاعتماد على هذا الأمر بمجرده.
ففي صحيح البخاري , عن أبي هريرة: أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود وإني أنكرته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها. قال: حمر. قال: هل فيها من أورق. قال: إن فيها لورقا. قال: فأنى ترى ذلك جاءها؟ قال: يا رسول الله عرق نزعها. قال: ولعل هذا عرق نزعه. ولم يرخص له في الانتفاء منه.
جاء في فتح الباري: وفيه أن الزوج لا يجوز له الانتفاء من ولده بمجرد الظن، وأن الولد يلحق به ولو خالف لونه لون أمه، وقال القرطبي تبعا لابن رشد لا خلاف في أنه لا يحل نفي الولد باختلاف الألوان المتقاربة كالأدمة والسمرة، ولا في البياض والسواد إذا كان قد أقر بالوطء ولم تمض مدة الاستبراء. إلى أن قال: وفيه تقديم حكم الفراش على ما يشعر به من مخالفة الشبه، وفيه الاحتياط للأنساب وإبقائها مع الإمكان، والزجر عن تحقيق ظن السوء. انتهى.
أما بخصوص سكنك في بيت العائلة فينظر فيه، فإن كان لك مكان مستقل تأمن فيه زوجتك على شؤونها وخصوصياتها بعيدا عن الرجال الأجانب، ولم يوجد اختلاط محرم، فهذا لا حرج فيه إذا رضيت به الزوجة.
أما إذا كان الأمر بخلاف ذلك، وكان هناك اختلاط محرم بين زوجتك وأقاربك ممن ليسوا بمحارم لها فهذا حرام لا يجوز، وعليك أن تعمل على تعديل هذا الوضع وعزل زوجتك عن اختلاطها بالأجانب, خصوصا أقاربك وذلك لأن أقارب الزوج تتاح لهم من أسباب الريبة والفساد ما لا يتاح لغيرهم , فقد قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.
قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال: وإنما المراد الأخ، وابن الأخ، والعم، وابن العم، وابن الأخت، ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(13/14175)
كراهية التعمق في علم الأنساب فوق ما تدعو إليه الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد سألت عن كيفية التحقق من نسبي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأعطيتموني عنوان موقع ولم أجد فيه شيئاً عن الأنساب فأرجو النظر في طلبي؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موقعنا مختص بالإجابة على الأسئلة الشرعية، وبإمكانك أن تتحقق من نسبك بسؤال أهل الخبرة والاختصاص في الأنساب وخاصة إذا كانوا من أهل البيت وفي بلدك فقد يكونون أدرى من غيرهم، فقد قال الله تعالى: فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا {الفرقان:59} ، وقال تعالى: وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ {فاطر:14} ، وقال تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {الأنبياء:7} ، كما أن بإمكانك الرجوع إلى كتب الأنساب ومنها ما ذكرنا في الجواب الذي أشرت إليه.
كما ننبه السائل الكريم إلى أن بعض أهل العلم كره التعمق في علم الأنساب فوق ما تدعو إليه الحاجة؛ وما يصل به المسلم رحمه، وذلك لما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في رجل تعلم أنساب الناس: علم لا ينفع وجهالة لا تضر. رواه ابن عبد البر في التمهيد وضعفه الألباني في السلسلة، ولقول عمر رضي الله عنه: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(13/14176)
تزوج باسم مستعار فكيف ينسب طفله
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي، جاء رجل الى أسرة خاطبا لابنتهم, وقال لهم: إنني فلان بن فلان وإن أسرتي هي أسرة فلان بن فلان, فسألوا عن أسرته وعرفوها, فتم الزواج.
اكتشفت الزوجة بعد ذلك أنه شخص آخر وأن اسمه الذي جاء به غير حقيقي، وأن الأسرة التي ذكر أنه ينتمي إليها ليست أسرته.
طلبت منه الطلاق وهددته بأن تشكوه للسلطات فطلقها.
شاء الله أن تنجب منه طفلا وهي محتارة, لمن ينسب الابن؟ وكيف يكتب اسمه؟ بالاسم المزور أم الحقيقي؟ وهل الزواج يعد في الأصل باطلا أم حلالا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدم عليه الزوج من تزوير وكذب معصية شنيعة، وإثم مبين، وعليه المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى.
والنكاح من أصله صحيح، ولا يثبت الخيار للزوجة إذا تبين أن الزوج المذكور من قبيلة عربية والزوجة من قبيلة عربية أخرى، ويثبت لها الخيار إذا كانت عربية وتبين أنه مولى، أو كانت قرشية وتزوجته على أنه قرشي فتبين خلاف ذلك. قال المواق في التاج والإكليل المالكي:
من تزوج على أنه من فخذ من العرب فوجد من غيره إن كان مولى فلها فراقه إن كانت عربية, وإن كان عربيا من غير القبيل الذي سمى فلا خيار لها إلا أن تكون قرشية تتزوجه على أنه قرشي فإذا هو عربي فلها الخيار. انتهى.
كما لا يثبت الخيار للزوجة إذا تبين أن الزوج مثلها أو دونها في النسب كما ذهب إليه بعض الشافعية، ففي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب:
(السبب الثاني الغرور) بالاشتراط (إذا شرط) في العقد (في أحد الزوجين حرية أو نسب أو جمال أو يسار ونحوها من صفات الكمال) كشباب وبكارة (أو ضدها) من صفات النقص أو كان مما لا يتعلق به نقص ولا كمال كما فهم بالأولى وصرح به الأصل (أو السلامة) من العيوب أو (إسلام المنكوحة) أو إسلام الزوج والزوجة كتابية (فبان خلافه صح النكاح) ; إلى أن قال:
(إلا) إذا كان مثله أو دونه, المفهوم بالأولى (في النسب) المشروط فلا يثبت الخيار (لوجود الكفاءة) ولانتفاء العار لكن اختار السبكي ثبوت الخيار في هذا أيضا وهو ما اقتضاه كلام المنهاج وغيره، وقال البلقيني إن الشافعي رجحه في خلف شرط نسب الزوج ومثله خلف شرط نسب الزوجة وجرى في الأنوار على الأول وجعل العفة كالنسب. انتهى.
والطفل المذكور منسوب لهذا الزوج على كل حال وتراجع الفتوى رقم: 50680، كما ينسب الطفل لاسم أبيه الحقيقي فقط لا لغيره.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 112184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1430(13/14177)
حكم تسمية الشخص بالمختار لاختيار الناس له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تسمية شخص بالمختار، أو مختار بسبب اختيار الناس له؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور قد اختاره بعض الناس لأمر ما بسبب وجود صفة معينة فيه، فلا مانع من تسميته أو ندائه بعبارة المختار انطلاقاً من اختيار الناس له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1430(13/14178)
هل تغير أسماء الأجداد إذا كانت محرمة في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[نجد في بعض أسماء أجداد أمهات المؤمنين (زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم) أسماء مثل عبد العزى وعبد شمس وعبد مناف. فهل يجوز النطق بهذه الأسماء؟ أم أن النطق بها شرك بالله جل جلاله؟ وجزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وقع ذلك ليس في نسب أمهات المؤمنين فحسب، بل حتى في نسب النبي صلى الله عليه وسلم، فاسمه الكريم صلوات الله وسلامه عليه: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. واسم عبد المطلب شيبة، واسم عبد مناف المغيرة.
ولم يغير النبي صلى الله عليه وسلم لقب جديه عبد المطلب وعبد مناف، وهذا يدل على أن تغيير أسماء الموتى غير لازم كما هو في الأحياء، لأن ذكر أسماء الموتى هو من قبيل الإخبار، ولا شك أنهم إن أخبر عنهم بغير الاسم الذي كانوا يعرفون به في حياتهم فإنه سيتعذر معرفة المقصود. كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 114643.
ومما يؤكد ذلك ما رواه الشيخان في صحيحيهما عن البراء رضي الله عنه قال: لا والله ما ولى النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني يوم حنين ـ ولكن ولى سرعان الناس، فلقيهم هوازن بالنبل، والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب. وبوب عليه البخاري: باب: من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية.
فلا شك إذن أن النطق بهذه الأسماء لا يعد شركا، بل لا حرج فيه، فقد نطق بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن. رواه مسلم.
هذا بالنسبة للنطق بهذه الأسماء أو تغيير أسماء الآباء والأجداد، أما إن وقع ذلك في اسم الشخص نفسه، فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 20275، أن الكافر إذا أسلم، وكان في اسمه تعبيد لغير الله كعبد المسيح أو عبد الرسول أو عبد العزى، فهذا يجب تغييره.
وقد روى البخاري في (تاريخه) عن أبي هريرة قال: كان اسمي عبد شمس فسميت في الإسلام عبد الرحمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(13/14179)
تزوج بقصد التحليل فولدت بعد رجوعها للأول فهل ينسب إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي متزوج منذ 18 عاما لديه أطفال، ولكن قبل ذلك كان يعرف امرأة يتحدث معها على الهاتف وكانت متزوجة، وحصل بينها وبين زوجها الطلاق النهائي، وأصبحت لا تحل له إلا بعد الزواج من آخر، فتزوجها أخي لمدة أسبوع تقريبا بنية تطليقها لترجع لزوجها، ولكنه عاشرها كما يقول مرة واحدة ويقول غلطة، ثم طلقها وعادت لزوجها، ولم يتصل بها بعد ذلك، وتزوج زوجته الحالية ولم يخبرها، والآن بعد 18 عاما تتصل به الأولى وتخبره أن عنده ولدا منها. سيدي الفاضل هل زواجه من الأولى يجوز؟ وهل هذا الابن شرعي؟ لأني أعرف أن المحلل لا يجوز. مع العلم بأن الولد نسب لزوجها الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم أولاً أنه قد وقع في أوزار عظيمة وذنوب جسيمة بما اقترف مع تلك المرأة من علاقته بها وزواجه بها ليحللها لزوجها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لعن الله المحلل والمحلل له. رواه أبو داود والترمذي. وحسبك بلعن الله للمرء مقتاً، فعليه أن يبادر بالتوبة النصوح، وليقبل على الله عز وجل بالقربات وأنواع الطاعات: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114} ، وإذا لم يكن قد شرط عليه في العقد مجرد تحليلها لزوجها الأول، وإنما نوى هو ذلك فقد وقع في حرام، لكن المرأة تباح لزوجها الأول بذلك، ما دام قد دخل بها ولو مرة، وهو مذهب الحنفية والشافعية.
وإن كان زوجها الأول لم يعقد عليها إلا بعد انقضاء عدتها وولد الولد على فراشه بعد مضي أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر، فالولد ولده، ولا علاقة بينه وبين أخيك، وأما إذا كان زوجها الأول قد عاد إليها قبل انقضاء عدتها من أخيك فنكاحه إياها باطل، وقد بينا حكم من تزوج امرأة في عدتها وأنجب منها، وذلك في الفتوى رقم: 8018.
وبما أن المشكلة شائكة، وفيها ما ينبغي الاستفصال عنه، فينبغي عرضها على المحاكم الشرعية للبت فيها، وحكم القاضي يرفع الخلاف. وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62189، 4093، 50680، 59422، 23882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1430(13/14180)
الاستلحاق وشروطه وهل يحل استلحاق ولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما هو الإلحاق؟ وما هي شروطه؟
2- ما حكم ابن اعترف به والده من امرأة عاشرها معاشرة الأزواج من دون أن يكون بينهما عقد زواج رسمي مع العلم أنها ليست مرتبطة في الظاهر بغيره وهما في أعين الناس أزواجا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستلحاق: هو ادعاء المدعي أنه أب لغيره. بهذا عرفه بعض أهل العلم وله شروط وأحكام مفصلة في مظانها في كتب الفقه.
فمن شروطه أن لا يكون المستلحق معلوم النسب وأن لا يكون ولد زنى محققا، فمعلوم النسب لا يصح استلحاقه، ومن استلحقه استحق عقوبة القذف, وكذلك ولد الزنى الثابت أنه ولد زنا فلا يصح استلحاقه لأن الشرع قطع نسبه من الزنى.
فإذا تقرر هذا, علم أن من أولد امرأة من الزنى ولو تصادقت المرأة والرجل على أنه ابنه من الزنى فإنه لا يحق له استلحاق ولد الزنى ذلك، وهذا مذهب الجمهور.
ويرى بعض أهل العلم أن له أن يستلحقه ما دامت المرآة ليست فراشا لأحد، وراجع الفتوى رقم: 50432 والفتوى رقم: 110658.
وأخيرا ننبه إلى أن الزواج الشرعي هو ما توفرت فيه شروط صحة الزواج، وقد سبق ذكرها في الفتوى رقم: 964 , ولا يشترط تسجيل العقد في الدوائر الرسمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(13/14181)
التسمي بأسماء الملائكة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح تسمية المولود باسم عزرائيل وإسرافيل وميكائيل ومنكر ونكير.... إلخ، علماً بأننا نجد قد سمي باسم جبريل ومالك ورضوان، فهل هناك أي حرج في التسمية بالأسماء سالفة الذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا ضابط الأسماء الممنوعة والمكروهة، وبإمكانك أن تطلع عليها في الفتوى رقم: 12614.
وبخصوص التسمي بأسماء الملائكة فقد كرهه بعض أهل العلم، وخاصة الأسماء الخاصة بهم مثل جبريل وميكائيل.. وذهب كثيرون إلى جواز التسمي بأسماء الملائكة من غير كراهة، وقد بينا ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 111152، والفتوى رقم: 52135.
ولعل تسمي بعض السلف بأسماء بعضهم مثل مالك ورضوان.. هو لأنها أسماء مشتركة لا تختص بالملائكة دون غيرهم، أو لعله نظراً للقول بجواز التسمية من غير كراهة، مع ملاحظة أن عزرائيل لم يثبت اسما لملك الموت، وإنما ورد في القرآن الكريم بملك الموت، قال تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ {السجدة:11} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(13/14182)
مسؤولية الأم عن ولدها من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة الحمل من الزنا والعياذ بالله ما هو أفضل حل يكون أقل ضررا هل مثلا إنزاله قبل نفخ الروح أو في حالة قد نفخ الروح فيه هل ينزل أم ينتظر إلى ما بعد الولادة ثم يوضع مثلا أمام أحد المساجد أو أحد البيوت او إحدى الجمعيات مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب أولا على الزانيين أن يتوبا إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم فإن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب.
ولا يجوز إجهاض هذا الجنين فإن الإجهاض محرم في مختلف مراحل الجنين ولو قبل نفخ الروح على الراجح، وإذا وقع بعد نفخ الروح فيه كان التحريم آكد والإثم أعظم، وإجهاضه قبل ذلك لا شك أنه أخف ضررا ولكن هذا لا يعني أنه مأذون فيه.
وإذا ولدته أمه فهو ابنها وينسب إليها وهي المسؤولة عنه أمام الله تعالى فلا يجوز أن يوضع أمام مسجد أو أمام أحد البيوت أو أمام إحدى الجمعيات الخيرية ونحو ذلك، بل الواجب التوبة كما ذكرنا والقيام بحق هذا الولد فإن تضييع حقه مع إمكان القيام به ذنب آخر لا يبرره مجرد الخوف من عار الذنب السابق، وإن حسنت توبة أمه وصلح حالها محا ذلك عنها التبعة عند الله تعالى وشفع لها عند الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(13/14183)
هل تكفي البصمة في إثبات النسب شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة عن أخوة لأب وأخ لأم، فادعت امرأة أنها أخت لأم المتوفاة أيضا، أي أنها شقيقة الأخ لأم وقد أفادت أنها تربت بعيدا عن هؤلاء الإخوة لذا فهم لا يعرفونها ويعرفون شقيقها فقط وأقر الأخير بأنها شقيقته وأثبت تقرير البصمة الوراثية أنها شقيقته، وشهد لهما قريب بذلك أيضا، فهل يثبت نسب المرأة المدعية للمتوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه إذا ثبت نسب البنت لتلك الأم ثبت لها الحق في ميراثها، ولكن النسب لا يثبت بالبصمة، وإنما يثبت بشهادة عدلين كما قال صاحب الكفاف:
لا بد من عدلين في الرشاد والنكح والردة والأضداد
رجع وتمليك ظهار إيلا واضمم لهن الجرح والتعديلا
قذفا حرابة والاسترعا النسب طرح حضانة وموتا وترب
فإذا كان قريبهم الشاهد عدلا، وكان الأخ الشاهد عدلا، فإنه يؤخذ بقولهما إجماعا كما قال الدسوقي، ولا يكفي إقرار الأخ بل لا بد من شهادته بثبوت النسب، إذ قد يكون إقراره ليس مبنيا على خبر عنده، وإنما صدق تقرير البصمة الوراثية، وإذا لم يكن الأخ عدلا وأدلى بشهادة تفيد أن البنت بنت لأمه فإن هذا يثبت لها حقا في ميراثه هو بقدر ما ينقصه إقراره. قال خليل: وإن أقر أحد الورثة فقط بوارث فله ما نقصه الإقرار.
وراجع الفتوى رقم: 65845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(13/14184)
أولاد الزنا ينسبون إلى أمهم لا الزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[التقيت بامرأة في بلاد الغرب وهي عربية مسلمة كانت ولا زالت تعيش مع رجل غربي غير مسلم تعيش معه حياة الأزواج بدون أي عقد شرعي أو أي أوراق تثبت زواجهما كما يسمى "عشيق" والمصيبة بينهما أكثر من أربعة أطفال أكبرهم عمره عشر سنين، فما حكم عيشها معه، وما حكم أولادها, وهل يلحقون بأبيهم تسمية وإرثاً, وهل تتزوج الرجل بعقد جديد, وما الحكم لو أسلم الرجل وعنده أولاد من هذه المرأة قبل إسلامها فهل يعدون من الزنا، أثابكم الله وبانتظار ردكم؟ وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العلاقة محرمة شرعاً وما نتج عنها من أولاد هم أولاد زنى والعياذ بالله، وولد الزنى للفراش ينسب لأمه ولا علاقة بينه وبين الزاني، ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج كافراً فكيف تزني معه وتقيم معه علاقة محرمة، إن ذلك من البلاء المبين والإثم العظيم.
ولو أسلم الرجل وحسن إسلامه وتابت هي إلى الله عز وجل فلا حرج عليهما أن يتزوجا ويعقدا عقد نكاح شرعي مستوفيا لشروط النكاح وأركانه من الولي والشهود وغيرهما، والواجب على من يستطيع تغيير ذلك المنكر أن يسعى في تغييره بما استطاع، فينصح المرأة ويبين لها حرمة فعلها إن كانت مسلمة.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24929، 9093، 6045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(13/14185)
المرأة هي المسؤولة عن ابنتها من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب فى بداية الثلاثينيات تزوجت سابقا بعد علاقة محرمة كانت نتيجتها طفلة الآن عمرها ثلاث سنين بعد ولادتها طلقت أمها لأنني لم تكن لدي أصلا رغبه فى الزواج منها لولا حملها، والأم مطلقة سابقا حسب قولها وتم زواجنا بدون أهلها لأنها لا تعيش مع أهلها إلى الآن، تكفلت بكل مسؤولياتي تجاه الطفلة وإلى الآن، والتي بعد ولادتها رفضت أمها حضانتها وتركتها عندي وهي عمرها سنة وثلاثة أشهر، وفقني الله وقمت بتربيتها وأدخلتها للروضة وتزوجت من امرأة مطلقة ذات خلق ودين إلا أن الطفلة رفضت التأقلم معها، وعانيت ما عانيت من أمها فى سبيل أخذها مني مرة أخرى، وبعد لأني تركتها لها والآن هي تحاول معاودة علاقتنا مرة أخرى وأنا والحمد لله مسرور فى بيتي وزواجي إلا أن زوجتي السابقة ترفض تركي على حالي بالرغم من أن الطفلة معها إلا أنها أخرجتها من الروضة، وأنا أخاف على الطفلة من التنشئة غير السوية فأفيدوني ماذا أفعل جزاكم الله عني خير الجزاء، مع العلم بأنني ملتزم الآن بأمور ديني وأسأل الله أن يغفر لي ذنوبي ويهديني إلى سواء السبيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بتوبتك إلى الله واستقامتك على طريق الحق، ونسأل الله تعالى أن يحفظ لك دينك.. وبالإضافة إلى خطئك في وقوعك في الزنا فقد أخطأت أيضاً من عدة جهات:
الأولى: زواجك من هذه المرأة قبل استبراء رحمها بوضع الحمل، والراجح أن هذا لا يجوز، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 109660.
الثاني: نسبتك هذه الطفلة إليك، والراجح أن ولد الزنا لا يلحق بمن زنى بأمه ولو استلحقه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 101965.
الثالثة: زواجك من هذه المرأة بغير إذن وليها، وقد ثبت بالدليل بطلان النكاح بغير ولي، وهو قول أكثر العلماء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 2843، وراجع الفتوى رقم: 17568.
وحاصل الأمر الآن أن هذه البنت لا تنسب إليك، وإنما تنسب إلى أمها وهي المسؤولة عنها، وإن كانت قد تابت من الزنا ورغبت في الزواج منها، وكنت قادراً على العدل بينها وبين زوجتك الأخرى فما المانع من أن تتزوجها فتعفها، وتكون ابنتها ربيبة لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(13/14186)
وجوب التحلل من هذا الظلم بإخبار الولد بوالده
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجني أهلي من رجل سرعان ما تبين أنه مريضا ذهنيا. كانت نهاية هذا الزواج الطلاق لكن كنت حاملا ولم يرد أهلي كشف هذا الموضوع أمام طليقي خوفا من عواقب الأمور. أجبرت على كتمان الأمر وعندما رزقت بالمولود وضعته في دار للأيتام. لقد مرت سنين طويلة بعد هذا الحدث الذي لم يفارقني لحظة من عمري وخاصة وأن كل هدا حدث رغما عني.كان لابد لي من الرضوخ إلى ولي أمري. هل يغفر لي الله هذا الذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين الأخت الأمر الذي كتمته أو أجبرت على كتمه فإن كان الذي كتمته أمر الحمل والمولود ثم قامت بوضعه في دار الأيتام زيادة في كتمان أمره حتى لا يعلم به والده فلا شك أن هذا العمل محرم لما فيه من حرمان لهذا الطفل من حقه في العيش في حضانة أبيه ويعد اعتداء على حق من حقوقه وحقوق والده، ويأثم كل من باشر أو تسبب في هذا الاعتداء.
وعلى كل حال فالواجب التوبة من هذا الذنب بشروط التوبة المعروفة، وحيث إن الذنب فيه اعتداء على حق آدمي فيشترط شرط آخر وهو التحلل من هذا الظلم بإخبار الولد بوالده وإخبار وليه به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(13/14187)
الاسم الذي له معنى حسن وآخر قبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الشخص مسمى باسم معين ولهذا الاسم أكثر من معنى ولكن أهله تفاءلوا له بالمعنى الحسن بغض النظر عن بقية المعاني التي لم تعجبهم.. السؤال: يقال لكل امرئ من اسمه نصيب فإذا كانت المعاني للاسم كثيرة كما أسلفنا فأي معنى يؤخذ منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للأسماء تأثيراً على المسميات، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم باختيار الأسماء الحسنة ونهى عن الأسماء القبيحة، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم فيه فنرجو أن تطلع عليه في الفتوى رقم: 106548.
وإذا كان لاسم الشخص أكثر من معنى فينبغي أن يحمل اسمه على الأحسن منها تغليباً للأحسن وتفاؤلاً به وتطييباً لخاطر الشخص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(13/14188)
تسمية المولود باسم عبد الصادق وعبد المغني
[السُّؤَالُ]
ـ[فهل من أسماء الله الحسنى الصادق والمغني، وهل يجوز التسمية بهما كقولي عبد الصادق وعبد المغني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اسم المغني ورد في حديث الترمذي في الأسماء الحسنى، وهو حديث ضعيف ضعفه جماعة من المحققين منهم شيخ الإسلام وتابعه الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ... وأما الصادق فلا نعلم دليلا يدل على أنه من أسماء الله تعالى، وبناء عليه فيتعين ترك التسمية بالتعبيد لهذين الاسمين لأن أسماء الله تعالى توقيفية على الراجح عند أهل العلم، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على البسط في الموضوع: 21851، 93673، 101344، 108449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(13/14189)
خلاف العلماء في تسمية السقط
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أسقطت المرأة جنينا فهل يجب عليها تسميته باسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في مشروعية تسمية السقط ولم نر من أوجبها،
فمذهب المالكية كراهتها على المشهور عندهم، قال مالك في المدونة: لا يصلى على الصبي ... ولا يسمى ولا يغسل ولا يحنط حتى يستهل صارخاً. انتهى.
ومذهب الشافعية والحنابلة استحبابها،
واختلف فيها قول أبي حنيفة وتلميذه محمد بن الحسن، قال النووي في المجموع: مذهب أصحابنا استحباب تسمية السقط وبه قال ابن سيرين وقتادة والأوزاعي وقال مالك لا يسمى ما لم يستهل صارخاً ... انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن يسمى السقط لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سموا أسقاطكم فإنهم أسلافكم، رواه ابن السماك بإسناده، وقيل إنهم يسمون ليدعوا يوم القيامة بأسمائهم ... انتهى بتصرف، والحديث الذي احتج به ابن قدامة ذكر الألباني أنه موضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(13/14190)
حكم انتحال الأخ اسم أخيه والزواج باسمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لم أتجاوز العشرين عاماً ولى أخ يبلغ من العمر 17 عاماً فأخذت أنا اسمه وسنه وعملت بطاقة, وأخذت جميع أوراقه فأصبحت أنا هو وأنشأت له قيدا جديدا واسما جديدا وبطاقة, وهو الآن له اسم في السجلات فسؤالي ... هل يجوز لي أن أتزوج بهذا الاسم والسن أم لا؟ مع العلم التي سوف أتزوجها سأخبرها بكل هذا وأنا فعلت هذا لأني محتاج سنه في عمل. ومع العلم لم آخذ أي حق من حقوقه بل هي محفوظة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الزواج فلا حرج فيه بأي اسم كان لأن العقد ليس على الاسم وإنما هو على الذات، فيمكنك أن تعقد بالكنية كابن فلان أو اللقب كالفاضل وبدر الدين أو الاسم الذي اتخذته، سواء أكان اسما لأخيك أو اسما لغيره مادمت تعرف به وتنادى. لكن ننبهك إلى أن أخذ اسم أخيك والعمل بأوراقه إن كان حيلة على أمر لا يسمح لك به يعتبر غشا وخداعا، وعليك التوبة إلى الله عز وجل منه ما لم يكن هنالك ضرورة إليه.
وننبه إلى أنه إذا كان هذا الأخ أخا لك من أمك ففي أخذ اسمه بحيث تصبح أنت هو انتساب إلى غير أبيك وهو محرم أيضا. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 109184، ورقم: 33572.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(13/14191)
انتسب إلى القبيلة التي ينتسب إليها أجدادك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنتمي لعائلة من حاضرة المدن وأصلنا من قبيلة معروفة, والذي أعرفه أني من القبيلة الفلانية فقط من دون معرفة الفخذ, وهذا الشيء لا يقبله أفراد القبيلة بل عليك أن تفصل في شجرة نسبك لهم.
فتكفلت أنا شخصيا بتتبع النسب الذي مع النزوح المتكرر تواجد في عدة مناطق وعدة ألقاب, ومع بحثي وجدت ناسا آخرين يحملون نفس اللقب ولكن أصولهم مختلفة, وذهبت لشيوخهم وتأكدت أننا لسنا منهم بل هو تشابه ألقاب حتى لم يعد أمامي سوي قبيلتي التي أعرفها ولكن الفخذ موجود في الصعيد المصري.
فتوجهنا للشيخ الموجود في السعودية وأنا على يقين من نسبي, ولكن الجماعة معارضون وبدأت الافتراضات هؤلاء دخلاء هولاء متحالفون وهلم جرا بالرغم أني سألت أكثر من شخص من القبيلة في الصعيد المصري وأفادوني بأن فخذي من كذا والنسبة لرجل من الناس ويعتبر جدا نازحا من السعودية لمصر. وأنا الآن أريد تصحيح نسبي وأريد الانتساب للقب الصحيح, علما أن لقبي الحالي هو لصنعة من الصنعات مثل حداد نجار..إلخ السؤال هنا: ما حكم انتسابي لهذه القبيلة؟ مع وجود شك في النسب بسيط جدا بنسبة 5-10% فقط أي أني أكثر من 90% متأكد منه علما أن الدم بيننا وبينهم ليس بعيد الشبه وهل تنصحني بالانتساب للجد وليس للصنعة؟ آمل منك النصيحة لأني محتار في أمري وأريد الرجعة لربعي وصلة رحمي وأولاد عمومتي وهل أقوم بتحليل البصمة الوراثية مع أن الشك في الموضوع يغلب عليه اليقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع شرعا من الانتساب إلى القبيلة التي أخبرك أجدادك أنهم ينتسبون إليها؛ لأن الناس مصدقون في أنسابهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أجدادك من الفخذ الذي تنتسب إليه أخبروكم أن أصلهم من القبيلة المذكورة فلا مانع بالانتساب إليها؛ لأن الناس مصدقون في أنسابهم- كما هو قرر عند أهل العلم- ولا يؤثر على ذلك كون بعض الناس يقولون ما يقولون مما أشرت إليه.. فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم- " ثلاثة من أعمال الجاهلية لا يتركهن الناس: الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت، وقولهم مطرنا بنوء كذا وكذا.." رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع.
أما إذا كنت لم تسمع ذلك من الكبار أو الثقات.. أو لم تثق بما سمعت فلا يجوز لك أن تنتسب إلى تلك القبيلة؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من انتسب إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني.
ولا ما نع من انتسابك إلى بعض الأجداد الأقرب أو المهنة والحرفة.. دون القبيلة؛ فكل ذلك واسع- شرعا- إن شاء الله تعالى فقد كان كثير من علماء السلف ينسبون لمهنهم.
ومن الناحية الشرعية فإننا لا نرى ضرورة لاستخدام الوسائل الطبية لإثبات الانتساب إلى قبيلة ما أو نفيه؛ لأن ذلك لا يترتب عليه حكم شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(13/14192)
حكم إلحاق القاضي ولد الزنا بأبيه من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اعترف شخص بولد أو بنت ولكن عن طريق الزنا، فما الحكم في الشرع الإسلامي، علما بأن هناك دولا عربية وإسلامية لا تتقيد بالأحكام الشرعية فيحكم القاضي إما بنسب الطفل إلى والده أو نفي هذا الادعاء، فهل حكم القاضي جائز في الحالتين، وكذلك الأولاد عن طريق الزواج بالسر أو ما يعرف بالزواج العرفي وغيرها من الزواجات الباطلة هل ينسبون إلى آبائهم، بالرغم من نكران بعض الأشخاص، فأفيدوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة ذات زوج فإن كل من تلده حال قيام الزوجية ينسب لهذا الزوج، فلو ادعى رجل أنه زنى بهذه المرأة وولدت ولداً منه وأراد أن يلحق هذا الولد به دون زوج المرأة، فإنه لا يلحق به وإنما يلحق بالزوج.. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي في شرح مسلم: ومعنى له الحجر أي له الخيبة ولا حق له في الولد. وهذا لا خلاف فيه.
أما إذا لم يكن للمرأة زوج وأراد الزاني أن يلحق ولده من الزنا بنسبه فإن هذا محل خلاف بين العلماء، والجمهور على أنه لا يلحق به، قال ابن قدامة في المغني: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور وقال الحسن وابن سيرين: يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه، وقال إبراهيم يلحقه إذا جلد الحد أو ملك الموطوءة، وقال إسحاق: يلحقه وذكر عن عروة وسليمان بن يسار نحوه، وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أرى بأساً إذا زنا الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها والولد ولد له. وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش فادعاه آخر أنه لا يلحقه، وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش. انتهى.
وقال السرخسي من أئمة الحنفية في المبسوط: رجل أقر أنه زنا بامرأة حرة وأن هذا الولد ابنه من الزنى وصدقته المرأة فإن النسب لا يثبت من واحد منهما لقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. ولا فراش للزاني. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وأيضاً ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشاً قولان لأهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر. فجعل الولد للفراش، دون العاهر فإذا لم تكن المرأة فراشاً لم يتناوله الحديث، وعمر ألحق أولاداً ولدوا في الجاهلية بآبائهم. وتراجع في هذا الفتوى رقم: 101965.
أما زواج السر أو الزواج العرفي، فإن كان المقصود به الزواج الذي لم يوثق عند القاضي لكنه استكمل أركانه من الولي والشهود والإيجاب والقبول فإن هذا الزواج صحيح، لكن ينبغي التوثيق حفظاً للحقوق، وأما إذا كان المقصود أن الزواج تم دون علم ولي المرأة كأن كانت المرأة هي التي زوجت نفسها، فهذا زواج باطل، لكن نسب الولد يثبت للزوج.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ومن نكح امرأة نكاحاً فاسداً متفقاً على فساده، أو مختلفاً في فساده ... فإن ولده منها يلحقه نسبه، ويتوارثان باتفاق المسلمين..
وأما حكم القاضي بثبوت النسب أو نفيه فإنه لا يغير حقيقة الحكم في الباطن، أما في الظاهر فإن كان حكم القاضي عن دليل معتبر فإن حكمه يرفع الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(13/14193)
حكم التسمي باسم معز الرحمن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في التسمية بـ معز الرحمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تشرع التسمية بهذا الاسم لأن المتبادر من معناها غير لائق في جانب الله تعالى، إلا إذا كان المعنى محب الرحمن فلا بأس لأن لذلك وجهاً في اللغة وإن كان مضعفاً، مع التنبيه على أن في الأسماء الواضحة الجائزة والمستحبة غنى عن التسمية بالأسماء التي يسأل عن إباحة التسمية بها وتلتمس لها الأوجه والتأويلات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن التسمية بهذا الاسم غير مشروعة لأن المتبادر من معناها أن العبد معز لله تعالى، وهذا لا يليق بجلاله سبحانه، فإن العزة لله جميعاً وهو الذي يعز ويذل من يشاء، إلا إذا كان المعنى محب الرحمن فلا بأس بذلك، ففي لسان العرب: وعز علي يعز عزا وعزة وعزازة كرم وأعززته أكرمته وأحببته وقد ضعف شمر هذه الكلمة على أبي زيد. انتهى.
هذا مع أن في الأسماء الواضحة الجائزة والمستحبة غنى عن التسمية بالأسماء التي يسأل عن إباحة التسمية بها وتلتمس لها الأوجه والتأويلات، وانظر لذلك الفتوى رقم: 99705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(13/14194)
حكم انتحال اسم شخص آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: ما حكم الشرع في انتحال شخص اسم شخص آخر بشكل عام، وحكم انتحال شخص مكتوم القيد اسم شخص ميت للحصول على جنسيته وذلك بعد وصية من المتوفى وبموافقة أهله، بغرض تحقيق منافع مباحة كحصول أولاد المنتحِل على بطاقات هوية تمكنهم من التعلّم والزواج والوظيفة وغير ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو تحريم هذا العمل لسببين الأول أنه تزوير لأنه داخل في شهادة الزور وقول الزور، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك قائلاً: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور أو قول الزور. وكان رسول الله متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
والثاني أن فيه انتساب فاعل ذلك لغير أبيه، وقد ورد الوعيد الشديد لمن انتسب لغير أبيه مع علمه بذلك، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إلا كفر.. قال النووي: فيه تأويلان: أحدهما: أنه في حق المستحلِّ -أي من استحل فعل هذا مع علمه فقد كفر-، الثاني: أنه كفر النعمة والإحسان وحق الله تعالى وحق أبيه. انتهى..
والله سبحانه وتعالى يقول: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ {الأحزاب:5} ، هذا هو الأصل ولا يستثنى منه إلا ما دعت إليه ضرورة ملجئة، فإن كان الشخص مضطراً لهذا التزوير، ولا يمكنه أن يتوصل إلى حقه أو حق من يعولهم في العمل أو التعلم أو الزواج أو غير ذلك بالطرق المشروعة دون تزوير فلا حرج -إن شاء الله تعالى- في انتحال اسم غيره، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119} ، والإثم على من ألجأه إلى هذا العمل، وحال بينه وبين حقه وحق أولاده المشروع، على أنه يلزم التنبيه في هذا المقام إلى أمور:
أولها: أن يقتصر على قدر الضرورة دون التوسع إلى ما عداها، قال الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173} ، وليس من الضرورة تحصيل منافع كمالية بإمكان المرء الاستغناء عنها.
وثانيها: أن يحذر مما قد يوقع في الحرج وإذلال النفس.
وثالثها: أن يتخذ من الاحتياطات ما يحول دون وقوع شيء من المحذور بسبب التغيير في نسبه وما يترتب على ذلك من نسبة من هم أقارب الميت له في هويته والحقيقة على خلاف ذلك، ونعني هنا الأمور التي تتعلق بالحقوق كالتركات ونحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(13/14195)
اللقيط هل يعتبر محرما لمن رباه بمجرد تربيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تربية رضيع" وهو ابن زنى" ووالداه غير قادرين على تربيته؟ وهل يعتبر من المحارم للعائلة المتكفلة بالرعاية والتربية عند بلوغه سن التكليف مع العلم أنه لم يرضع من أي ثدي ممن تكفلوا برعايته وأبواه غير معترفين به ويريدان التخلص منه؟
بارك الله فيكم وزادكم علما.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تربية اللقيط فرض كفاية، ولا يكون محرما لمن رباه بمجرد تربيته، بل لا بد للمحرمية من سبب من أسبابها كالرضاع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تربية اللقيط (ابن الزنا وغيره) وإنقاذه من الضياع فيها من الخير الكثير والثواب الجزيل ما الله به عليم. قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا {المائدة:32} .
فهي فرض كفاية على المسلمين يؤجر فاعلها ويأثم الجميع بتركها، ولكن اللقيط لا يعتبر محرما لمن رباه بمجرد تربيته؛ بل لا بد أن يكون للمحرمية سبب آخر من الرضاع أو النسب أو المصاهرة، فإذا لم يوجد سبب للمحرمية فإنه يعتبر أجنبيا، وتجب معاملته على ذلك الأساس، وخاصة إذا بلغ الحلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى: 7818.
وعلى ذلك فمن أراد تربية رضيع ينبغي له أن يرضعه من إحدى نسائه أو ممن يكون ارتضاعه منها سببا في تحريمه على من يعيش معهم، وذلك لرفع الحرج بينه وبينهم.
ولا يجوز له أن يتركه يضيع بسبب عدم المحرمية أو غيرها.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 18404، 6045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(13/14196)
محاولة لحل مشكلة فتاة تريد تعديل جنسيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاه تائهة تريد تعديل نسبها حيث الأب في السجن والأم متوفاة الأب سعودي الأم سورية البنت مضافة باسم زوج خالتها سوري الجنسية البنت موجودة في السعودية تلقت من العناء الكثير تعيش خارج منزل أهلها السعوديين الجد والعم تسكن مع عائلة يمنية الجنسية مع صديقتها الموضوع يحتاج مساعدة أهل الخير علماً أنها تلقت المشاكل من بيت عمها ولها ملف في حقوق الإنسان س1 / أين تعيش الفتاه لو رحلت هذه العائلة اليمنية س2 / لماذا عمها لا يريد تعديل جنسيتها لتعيش حياتها وتكمل دراستها حيث إنها تكمل دراسة الطب وليس لها دخل مادي وتركت بلا مصروف ولا حتى سؤال س3 س4 س5 أنا شخص جاد في حل هذه المشكلة كأخت لي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما سؤالك: لماذا عم هذه الفتاة لا يريد تعديل جنسيتها لتعيش حياتها وتكمل دراستها ... فكان من الصواب أن توجهه إلى عم الفتاة نفسه؛ لأنه هو الذي يعرف جوابه.
كما أنا أيضا لا نملك جوابا عن سؤالك: أين تعيش الفتاه لو رحلت هذه العائلة ... ؟
والذي ننصحك به إذا كنت -حقا- جادا في حل مشكلة الفتاة، هو أن تذهب إلى جد الفتاة وعمها أو غيرهما من قرابتها لتقنعهم بحل مشكلة ابنتهم.
وإن لم تجد في ذلك حلا فلا بأس بأن تطرح أمرها على السلطة في البلد الذي هي فيه، وتستعين بأهل الخير في شرح مشكلتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(13/14197)
رعاية الولد من الزنا وحكم ترقيع غشاء البكارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وحيد ملتزم في الأسرة وقد حصل لي أن تم إعتقالي في عمل دعوي وأثناء هذه الفترة قد حصلت علاقة غير شرعية بين أختي غير ملتزمة وشاب لا أدري من هو إلى الآن، نتج عن هذه العلاقة حمل لم أعرف به حتى فوجئنا بحمل أختي وقد أنجبت ولدا وخوفاً من الفضيحة أخذته أنا وأخ لي في الله لقسم الشرطة وسلمته هناك لأنه لم يوجد أحد في البيت كان يريده وكانوا يريدون رميه في الشارع، فما حكم ما فعلته لأن ضميري يؤنبني حتى الآن وأتذكره في كل صراخ طفل أسمعه، قد جاء إلى أختي شاب يطلبها للزواج ولا أحد يعرف ما حصل إلا الله والأسرة، فهل يجوز عمل إصلاح لغشاء البكارة أم لا، فأرجو الرد سريعاً أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت أختك قد وقعت في الزنا فيجب أن تذكر أولاً بالتوبة إلى الله تعالى، فإن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، وأما هذا الولد فهي أمه وينسب إليها وهي مسؤولة عن رعايته والإنفاق عليه، فلا يجوز لأي أحد الإقدام على رميه في الشارع أو فعل شيء يؤدي إلى ضياعه، ففي ذلك إثم عظيم، فالواجب عليها أن تتقي الله فيه، وأن تحتسب الأجر في العناية به والإحسان إليه، وإذا لم تخشوا من قتلها له فالواجب عليك رده إليها، وينبغي أن تعينوها في أمر تربيته والعناية به فأنتم أخواله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66141، والفتوى رقم: 6045.
وينبغي أن تحسنوا إلى أختكم هذه، وأن تعملوا على ما يصونها، ومن ذلك أمر تزويجها ممن يرتضي دينه وخلقه، سواء هذا الشاب أم غيره، ويجب أن تستروا عليها فلا تخبروا أحداً بما حدث منها، سواء الخاطب أو غيره، وأما ترقيع غشاء البكارة فلا يجوز كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 32177 فراجعها ففيها أيضاً بعض الأحكام الشرعية التي تتعلق بما إذا اشترط الخاطب كونها بكراً وتبين له أنها ثيب ونحو ذلك من أحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1429(13/14198)
التسمي باسم أعجمي معناه حسن
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فتوى رقم 20187 بعنوان هل يجوز اسم (هايدي) ذكر الشيخ جزاه الله خيرا أنه لم يستطيع أن يجد معنى للاسم فمعنى الاسم: (كريمة) أو (جيدة) بالإنجليزية: () أو () والكلمة أصلها أسباني ولكنها اشتهرت كاسم لفتاة يتيمة ترسل البهجة أينما ذهبت في قصة ألمانية أحداثها في سويسرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على الاستفادة من الفتاوى المنشورة بموقعنا، وبخصوص سؤالك فإن ثبت ما ذكرت من أن معنى هذا الاسم معنى حسناً فلا حرج في التسمي به، فالأصل في الأسماء الإباحة ما لم تشتمل على معنى يخالف الشرع، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2738.
ومع هذا فما دام هذا الاسم أعجمياً فالأولى عدم التسمية به، بل لو كان الاسم مما يختص الأعاجم بالتسمية به فلا ينبغي التسمية به، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 69751، ولمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 50340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(13/14199)
التسمية باسم إسرائيل وهل يسمى الحيوان باسم نبي
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في بعض الآثار أن حمارًا على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان يسمى (يعقوب) فما حكم تسمية الحيوانات بأسماء الأنبياء والرسل؟
هل ترون بأسًا في أن يسمي الشخص ابنه "إسرائيل" لأنه اسم لأحد الأنبياء عليهم السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
التسمية بأسماء الأنبياء مرغب فيها، ولا يجوز إطلاق اسم نبي على حيوان، والمعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده حمار يسمى يعفور وليس يعقوب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على هذه الآثار التي ذكرت في اسم الحمار، ولا يمكن بحال أن تكون ثابتة، وإنما الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده حمار اسمه يعفور أو عفير.
فتأكد من الأمر ويمكن أن تراسلنا بنص الآثار مع ذكر مراجعها.
وأما التسمية باسم إسرائيل فلا حرج فيها بل إنها مما يحمد شرعا لأنه اسم يعنى به عبد الله، وهو في السريانية أوالعبرانية كما قال الرازي في مختار الصحاح، وهو من أسماء الأنبياء، فهو مثل إبراهيم وموسى ويعقوب ويوسف، وفي الحديث: تسموا باسماء الأنبياء. رواه أبو داود وأبو يعلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(13/14200)
زنت وتزوجت قبل أربعين يوما فلمن ينسب الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[لو زنى رجل بامرأة، وتزوجت هذه المرأة برجل آخر قبل مرور 40 يوما من معاشرتها للزاني، وخافا أن يوجد طفل في أحشاء هذه المرأة، فما هو التصرف الصحيح في حال شكهم بوجود الطفل؟ وفي حال التأكد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا استبرأت الزانية رحمها قبل الزواج بحيضة واحدة فنكاحها صحيح على الراجح، ولو حصل حمل فإنه لا ينسب إلى الزوج ولا عبرة بالمخاوف والأوهام، وعلى فرض عدم حصول استبراء فالنكاح ماض عند من يقول بذلك من أهل العلم، والحمل لا ينسب للزوج ما لم يثبت يقينا حصوله قبله. وليس ذلك في مسألتنا هنا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الخوف لا محل له ولا اعتبار له، والحمل ينسب للزوج سيما إذا كانت حاضت بعد حصول الزنى وقبل دخول الزوج بها، وهو الظاهر، ولا يشترط مضى أربعين يوما وإنما حصول الحيض لأنه استبراء للرحم، ولو حصل بعد المباشرة بيوم أو أقل، ومن أهل العلم من اشترط ثلاث حيضات استبراء لرحم الزانية لصحة نكاحها، ومنهم من لم يشترط ذلك، والراجح أنها تستبرئ بحيضة واحدة، ومهما يكن من أمر فالحمل منسوب إلى الزوج ما لم يولد قبل ستة أشهر من العقد لأنه لا حمل أقل من ستة أشهر، وللوقوف على تفصيل ذلك انظر الفتوتين: 103618، 11426.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1429(13/14201)
التسمي باسم دانية ولينة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو اسم دانية ولينة هل هما حلال أم حرام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان معنى هذين الاسمين ما يتبادر في اللغة العربية من أن معنى الاسم الأول من الدنو أي القرب، ومعنى الاسم الثاني من الليونة أو اللينة التي هي النخلة أو نوع من النخل، فالظاهر أنه لا مانع من التسمية بهما، إذ ليس فيهما ما يمنع من ذلك شرعاً، وللفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 56223.
وإن كانا مأخوذين من الأسماء الأعجمية فإننا لا ندري معناهما، وبالتالي فلا يمكن القول بجواز التسمية بهما من عدمه، هذا مع أن في الأسماء العربية الواضحة التي لا لبس فيها ما يغني عن التسمي بما ليس معلوماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1428(13/14202)
لا علاقة بين الزاني وولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب اختلط بامرأة أوروبية ولكن عن طريق الاستمناء من الخارج ولم تتم عملية الإيلاج ثم قالت له إنها حامل وإنها سوف تحتفظ بالطفل ولا تريد منه شيئاً غير أنه ليس مصدقا لها، فهل يسأل عن هذا الطفل وماذا عليه أن يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذا الشاب أن يتوب توبة نصوحاً من علاقته مع هذه المرأة فيقطع علاقته معها فوراً، وعليه أن يسدل كل باب قد يقوده إلى مثل هذه العلاقة في المستقبل معها أو مع غيرها، ولا علاقة للزاني بولد الزنا فلا ينسب إليه ولا يلزمه شيء تجاهه من نفقة أو نحوها، وإذا كان هذا فيمن ثبت كونه من هذا الزاني فكيف إذا كان الأمر مشكوكاً فيه، فهو أولى أن لا تلحقه مسؤولية تجاهه، وولد الزنا ينسب إلى أمه وتلزمها نفقته والعناية به، وراجع الفتوى رقم: 50432 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(13/14203)
هل يلحق ولد الزنا بالزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قاض من الجزائر أريد معرفة الحكم الشرعي حول مسألة ابن الزنا إذا أقر به والده وطلب القضاء له بإثبات نسبه إليه هل يجوز ذلك طبقا لقاعدة إحياء الولد خاصة وأن في الجزائر فئة الأبناء غير الشرعيين تعاني من صعوبات كبيرة في استخراج وثائقها الإدارية مما يمنعها من كثير من الحقوق ومنها التعليم أرجو إفادتي بآراء المذاهب الإسلامية؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرجل إذا أقر على نفسه بالزنا فإنه بذلك يكون ساقط العدالة ومستحقا للحد الذي تقرر له في الشرع، وهو الجلد أو الرجم.
وأما نسبة الولد إليه ولحوقه به، فقد وقع خلاف بين أهل العلم في ذلك، فمنهم من قال إن نسب ولد الزنا يثبت إذا استلحقه الزاني ولم ينازعه فيه أحد؛ لأن مورد قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش) ، كان في التنازع حول نسب مولود ولدته أمه وقد كانت فراشا شرعيا لسيدها، وتنازع فيه الزاني وصاحب الفراش فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الولد لصاحب الفراش.
أما إذا لم تكن أمه فراشا شرعيا لأحد فقد ذهب إسحاق بن راهويه إلى أن المولود من الزنى إذا لم يكن مولودا على فراش يدعيه صاحبه، وادعاه الزاني ألحق به، وأوّل قول النبي صلى الله عليه وسلم (الولد للفراش) على أنه حكم بذلك عند تنازع الزاني وصاحب الفراش.
قال ابن القيم –بعد أن ذكر هذا–: وهذا مذهب الحسن البصري، رواه عنه إسحاق بن راهويه بإسناده فى رجل زنا بامرأة، فولدت ولدا فادعى ولدها، فقال يجلد ويلزمه الولد، وهذا مذهب عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، ذكر عنهما أنهما قالا: أيما رجل أتى إلى غلام يزعم أنه ابن له، وأنه زنى بأمه، ولم يدع ذلك الغلام أحد فهو ابنه، واحتج سليمان بن يسار بأن عمر بن الخطاب كان يليط أي يلحق أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام.
وهذا الرأي أيضاً يراه محمد بن سيرين، وشيخ الإسلام ابن تيمية. ورجحه تلميذه ابن القيم، وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال، لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه، أن يتزوجها مع حملها، ويستر عليها، والولد ولد له.
والكثرة الكاثرة منهم على أن ماء الزنا هدر لا يثبت به نسب لحديث: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) .
وذهب جمهور أهل العلم إلى أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه ولا ينسب إليه، لأدلة منها ما ورد في الصحيحين من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: الولد للفراش وللعاهر الحجر. ومنها ما ورد في قضائه صلى الله عليه وسلم في استلحاق ولد الزنا: " أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعى له ادعاه ورثته فقضى أن كل من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن استلحقه وليس له مما قسم قبله من الميراث شيء وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره وإن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه فهو ولد زنية من حرة كان أو أمة ". رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه والدارمي.
ولكل واحد من القولين ما له من أدلة، ولعل مذهب الجمهور أقرب إلى الصواب لأن الحديث الأخير نص في المسألة، وقد حسنه الألباني وغيره وإن نازع بعض العلماء في قوة سنده، ولأن من القواعد الفقهية أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا.
ومعلوم أيضا أن مذهب الجمهور هو الموافق لمذهب بلدك -أيها السائل الكريم-.
ومع هذا فإننا نرى أنه إذا ترجح عندك المذهب الآخر ووجدت في الأخذ به درأ لمفسدة كبرى لا يمكن درؤها إلا بذلك فإن لك أن تأخذ به فقد قال به أئمة كبار، أما موضوع الوثائق فهو تابع للخلاف في المسألة فحيث قلنا بجواز استلحاقه فالأمر واضح وإلا فتخرج له وثائق وينسب منها إلى أب نسبة صورية كأن يقال ابن عبد الرحمن أو ابن عبد الله ونقصد أنه ابن لعبد من عبيد الرحمن ويكون حينئذ في التعصيب والإرث، وغير ذلك من أحكام البنوة، تبعا لأمه وأهلها لأنه ابنها حقيقة ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(13/14204)
المتزوجة إذا زنت فلمن ينسب حملها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وزنيت بسيدة متزوجة زواجا عرفيا مع رجل آخر، وهي تقول إنها حامل ولا تدري من هو الأب، فما حكم هذا كله وهل لي أن أتزوجها لأني أحبها، أفتوني في هذه المصيبة التي كسبتها يدي، وهل من توبة أو أي شيء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا من كبائر الذنوب الجالبة لغضب الله وسخطه، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32} ، وفي الحديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... رواه البخاري.
وإذا كان الزاني متزوجاً كان الذنب أكبر، لأن الله تعالى قد جعل في حده الرجم، ويكون الإثم أعظم من ذلك إذا كانت المزني بها متزوجة والعياذ بالله، فالواجب عليك أن تبادر إلى الله بالتوبة من هذا الإثم الكبير الذي وقعت فيه، وأما ما سألت عنه من أمر الولد الذي ذكرت أنها حامل به، فإنه لاحق بمن تزوجها إن كان نكاحه مما يلحق به الولد، ولا يجوز لك أن تتزوج بها ما دامت زوجة لذلك الشخص، ولك أن تراجع في النكاح العرفي الفتوى رقم: 33883.
وإذا طلقها من هي في عصمته الآن أو فسخ نكاحه لها وأكملت عدتها منه فإنك يمكن أن تتزوجها إذا كنت أنت وهي قد تبتما من الزنا، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 36807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(13/14205)
التسمي باسم بلات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اسمي بلات وهو يعني كما اعتقد قسم باللات فما هو حكمه؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعلوم أن اللات اسم لواحد من أشهر الأصنام التي كانت تعبد في الجاهلية، ومن سمي بهذا الاسم قصد تعظيم المسمى به، كان ذلك شركاً أكبر مخرجاً من الملة والعياذ بالله، ويجب تغييره والتوبة مما مضى.
ومن لم يكن يقصد تعظيمه بل كان على سبيل المصادفة من غير قصد كان من الواجب تغييره، لأنه اسم لمعبود من دون الله، ولك أن تراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 39095.
هذا هو الحكم عموماً، وأما في مسألتك فلا نرى أن الأمر كما توهمته ما لم يكن عندك يقين أو ظن غالب أن الباعث على تسميتك بهذا هو الاستعاذة بالصنم أو القسم به، فإن كان هنالك يقين أو ظن غالب فالحكم هو ما تقدم، وإن لم يكن شيء من ذلك فالأفضل هو تغيير الاسم إلى اسم محمود كعبد الله أو عبد الرحمن مثلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(13/14206)
حكم التسمي بأسماء الله الحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التسمي بمعرف اسمه (أسماء الله الحسنى) في المنتديات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسمية أي مخلوق بأسماء الله تعالى المختصة به غاية في الحرمة، قال ابن القيم في تحفة المودود: فلا يجوز التسمية بالأحد والصمد، ولا بالخالق والرزاق، وكذا سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى.
كما يحرم التسمية بملك الملوك والأسماء الدالة على التعظيم والتزكية، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك. وفي رواية لمسلم: أغيظ رجل عند الله يوم القيامة وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله.
وإذا تقرر تحريم التسمي باسم من أسماء الله تعالى المختصة به، كانت التسمية بـ (أسماء الله الحسنى) أحرى بالتحريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(13/14207)
حكم تغيير اسم القبيلة للحصول على وظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك قبيلتان في الجزيرة العربية وإحداهما تقدمت في مجال التعلم وشغل الوظائف عند حدوث التطور الجديد وبقيت الأخرى على ما عليه أهل البادية لكونها ترى الوظائف ونحوها لا تتناسب مع طبيعتها ولما استمر التطور احتاجت إلى الانخراط في هذا المجال فكانت تجد صعوبة في الحصول على ذلك فكان الفرد منها ينسب نفسه للقبيلة الأخرى ليحصل على الوظيفة ويسجل ذلك في أوراقه الرسمية كالجواز ولم يكن ذلك رغبة عن قبيلته فهي نسيبة مشهورة وبعد فترة قد يعسر التغيير أحيانا بسبب النظام، فهل من أمكنه ذلك لزمه وإذا لم يفعل هل يكون ملعونا أم أن هذا معفو عنه لكونه حصل من الآباء أو نتيجة الجهل وعدم الرغبة عن القبيلة،
فأرجو أن تشرحوا لنا هذا الموضوع وتفصلوه بدقة مدعما بالأدلة وكلام العلماء لأنه قد ترتب على ذلك الآن اتهام بعض المشايخ لكل من يحمل هذا الجواز بهذه النسبة بأنه ملعون؟ ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت نهي الشارع عن ادعاء الإنسان نسباً غير نسبه الأصلي، روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه -وهو يعلم أنه غير أبيه- فالجنة عليه حرام. وروى البخاري ومسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر.
وروى البخاري ومسلم أيضاً من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار. وقد ورد في بعض روايات الحديث: من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه رغبة عنهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.... أي بزيادة عبارة: رغبة عنهم. أخرجه الإمام أحمد والترمذي والدارمي وابن حبان وغيرهم، وصححه الشيخ الألباني.
وهذه الزيادة لم نجد أحداً من أهل العلم تحدث عن مفهومها، مما يدل على أن التعبير بها كان على سبيل الجري على الغالب، أي أن الانتماء إلى غير الأب عادة لا يكون إلا رغبة عن نسب الأب، وقد علمت مما ذكر تحريم هذا الأمر في الشرع، وإذا تقرر ذلك فإن الحرام لا يجوز ارتكابه إلا لضرورة.
وعليه فمن اضطر إلى ما ذكرته من تغيير اسم قبيلته فلا حرج عليه فيه، لأن الضرورات تباح لها المحظورات، ومن لم يضطر فإن ذلك لا يباح له، وإذا فعل أحد في أوراقه مثل هذا التغيير، أو وجده في أوراق آبائه فإنه متى أمكنه إصلاح الخطأ فيه وجب عليه ذلك، ومن ذلك تفهم أن من أمكنه إصلاح مثل هذا الخطأ فإنه إذا لم يفعله يكون داخلاً في الوعيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(13/14208)
حكم إلغاء اسم القبيلة من بطاقة الأحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أسأل عن إلغاء اسم القبيلة من بطاقة الأحوال هل هو جائز، من باب ترك التعصب القبلي، مثل الاكتفاء باسم العائلة، هل هذا يجوز؟ وهل الإسلام يحث على هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن الإسلام قد أقر انتماء المرء إلى القبيلة من باب التعريف، لا من باب الفخر والتميز، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا {الحجرات:13} ، والمذموم من الانتماء للقبيلة هو التعصب لها بالباطل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ادعى دعوى الجاهلية، فإنه من جثي جهنم، فقال رجل يا رسول الله وإن صلى وصام؟ فقال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله. رواه الترمذي.
وقال شيخ الإسلام: المحذور من ذلك إنما هو تعصب الرجل لطائفته مطلقاً فعلى أصل الجاهلية، فأما نصرها بالحق من غير عدوان فحسن واجب أو مستحب. انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم.
وعليه؛ فلا داعي إلى إلغاء اسم القبيلة من بطاقة الأحوال عندك، لأن وجود اسم القبيلة فيها يعتبر من باب التعريف، وليس من باب التعصب القبلي، مع أنك لو ألغيت اسم القبيلة من بطاقتك واكتفيت باسم العائلة لما كان في ذلك حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(13/14209)
هل يلحق الأولاد بمن جمع بين امرأة وعمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجه منذ حوالي 5 سنوات والرجل الذي تزوجني يكون زوج عمتي وهي لا زالت في ذمته إلى يومنا هذا وأنجبت منه 3 أطفال فما الحكم في ذلك؟ فأنا لا أستطيع أن أتركه لأنه أصبح لي أطفال منه وهو أيضآ لا يستطيع أن يتركني لأنني لا زلت صغيرة وعمتي عجوز وأيضآ لا يستطيع ترك عمتي فقد دامت العشرة بينهما طويلا ما يقارب 40 سنة، فما الحل وجزاكم الله خيرا علما بأننا أخبرنا من قبل بعض الأهل بأن زواجنا باطل لأنه لا يجوز له الجمع بيني وبين عمتي! ولكننا تجاهلناهم واستمررنا بالحياة معا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النكاح محرم بالإجماع وهو زنا، فإن كانت هناك شبهة تسقط الحد , بأن كان لا يعلم بالحرمة فتجب العدة ويثبت النسب; لأن الأصل عند الفقهاء: أن كل نكاح يدرأ فيه الحد فالولد لاحق بالواطئ. أما إذا لم تكن هناك شبهة تسقط الحد, بأن كان عالما بالحرمة, فلا يلحق به الولد عند الجمهور, قال في مغني المحتاج من الشافعية: (و) يحد أيضا في وطء (محرم) بنسب أو رضاع أو مصاهرة (وإن كان تزوجها) لأنه وطء صادف محلا ليس فيه شبهة وهو مقطوع بتحريمه. اهـ فيتعلق به الحد. تنبيه: أشار بقوله وإن كان تزوجها إلى خلاف أبي حنيفة فإنه قال: لا حد عليه ; لأن صورة العقد شبهة. وقال أحمد وإسحاق: يقتل ويؤخذ ماله لحديث فيه صححه يحيى بن معين. انتهى
ويرى أبو حنيفة أنه لا حد عليه ويثبت النسب لأن العقد شبهة كما سبق.
وعند المالكية يثبت النسب ويدرأ الحد في نكاح المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، قال ابن العربي: وليس ما حرمته السنة كما حرمه القرآن. وبهذا قال ابن القاسم: من جمع بين المرأة وعمتها عالما بالنهي درئ عنه الحد لأن تحريمه بالسنة بخلاف من جمع بين المرأة وأختها فإنه يحد لأن تحريمه بالقرآن. انتهى
فالحاصل أن الواجب عليكما أن تفترقا فوراً، وتتوبا إلى الله من ما سلف، وينبغي اللجوء إلى المحكمة الشرعية للفصل في القضية من حيث لحوق النسب ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(13/14210)
حكم تغيير اسم العائلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: كان والدي وابني أخيه رحمهم الله، قد اتفقوا على أن يتخذوا جميعا اسما عائليا واحدا: لكن غالب الظن أنهم لم يكتبوه في ورقة، كون بعضهم أميا، ما أدى إلى كتابته بصيغ مختلفة، فكان هذا الاسم العائلي موزعا بينهم كالتالي:1) ميسر M'YESSER، ميسر MAYSSIR، مويسر MOUYASSIR، بعد ذلك وحدا الآخران الاسم وأصبح لهما اسما موحدا، وهو ميسر M'YESSER، وبقيت أنا وإخواني نحمل الاسم العائلي مويسر MOUYASSIR، فهممت بحملة بين إخواني وأخواتي لإقناعهم بتوحيد الاسم مع أبناء عمومتنا، فوافقوا، إلا أخي الصغير وعمره ستة وثلاثون سنة، والوالدة الكريمة، وحجتهما كون الاسم العائلي مويسر MOUYASSIR، في نظرهما مقدس لأن الوالد رحمه الله، كان يتقن اللغة العربية وكان حاملا لكتاب الله، وهو لم يخطئ في كتابته لهذا الاسم، علما أن أحد أبناء أخيه سبقه في اختيار هذا الاسم وكتبه ميسر M'YESSER، وأنا واثق من كون الوالد رحمه الله كان يرغب حقا في اتخاذ اسم موحد بينه وبين ابني أخيه. وقد أخبرت معارضي في تغيير الاسم بأنني قد أقوم بتغييره بل في توحيده من جانبي مع ابني أخي والدي، فما العمل؟ وما الفتوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تغيير الأسماء جائز طلبا لاسم حسن أو أحسن، وذلك لما رواه مسلم عن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم بدل اسم عاصية وقال: أنت جميلة. بل قد يكون تغيير الاسم واجبا، وذلك في حق من تسمى باسم ينافي عقيدة الإسلام كعبد المسيح أو عبد الرسول ونحوه. روى ابن أبي شيبة من حديث هانئ بن يزيد قال: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم، فسمعهم يسمون عبد الحجر، فقال له: ما اسمك؟ فقال: عبد الحجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنت عبد الله.
ولكن ينبغي أن يعلم أن تغيير الاسم إذا أدى إلى أن ينسب المرء إلى غير أبيه كان في ذلك وعيد شديد. فقد روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه.
ولفظة: أبيه في الحديث عام يشمل الأب القريب، والأب البعيد، فإن الله عز وجل قال في كتابه: (ملة أبيكم إبراهيم) فسماه أبا مع بعده، والشواهد على ذلك كثيرة.
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر. وقد روى أيضا من حديث علي رضي الله عنه وفيه: ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
فبان من هذه النصوص أنه لا يجوز أن يظل المرء ينتقل من اسم يختاره لعائلته إلى اسم آخر؛ لأن في الانتقال انتسابا إلى غير الأب الحقيقي. اللهم إلا أن يكون المنتقَل إليه اسم جد آخر للعائلة.
والذي ننصحكم به هو أن تلتزموا بالاسم الذي عرفت به عائلتكم، وأن لا تختلفوا عليه؛ فليس هذا موجبا للاختلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(13/14211)
التكني بالأبناء الذكور والإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى عن اسم الكناية ــ مثلا أبو محمد أو أبو محمود
إذا كان أكبر الأطفال بنتا، فهل يكون اسم الكنايه باسمها أم باسم الولد وإن كان أصغر منها؟
وإن كان باسم الولد، أليس في ذلك تفضيل للذكر على الأنثى؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن يكنى الرجل أو المرأة بأحد أبنائها من الذكور أو الإناث، سواء كان الأكبر أو الأصغر أو يكنى بغير أبنائه.
فقد اكتنى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبنائهم وبناتهم، وممن اكتنوا ببناتهم تميم بن أوس الداري الذي كان يكنى أبا رقية، ومنهم أسعد بن زرارة الذي كان يكنى أبا أمامة، وصدي بن عجلان الباهلي وغيرهم. واكتنى أبو بكر الصديق رضي الله عنه بغير ابنه، وكذلك عائشة رضي الله عنها. وعلى هذا فالأمر واسع.
وانظر لأدلة ما ذكرنا الفتوى رقم: 65192.
والتكني بأحد الأبناء لا يعني تفضيله على غيره سواء كان الأكبر أو الأصغر، وإن كان العرف قد جرى عند بعض الناس أن يكنى بالأكبر، فهذا ليس من التفضيل المنهي عنه شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(13/14212)
حكم اختصار اسم الشخص عند مناداته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم مناداة شخص يسمى عبد الرزاق برزوق وعبد الرحمن برحماني وما إلى ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 76873.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(13/14213)
العلاقة بالولد من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أنا شاب عربي لدي الإقامة الدائمة في إحدى الدول الأوربية ولكن ليس لدي الجواز أو الجنسية لتلك الدولة. استدرجني الشيطان ووقعت في الفاحشة أسأل الله المغفرة وأن يتقبل توبتي. أنجبت المرأة التي واقعتها ولدا. وحسب قوانين البلد الذي أقيم فيه أجبرت على إدراج اسمي في شهادة ميلاد الطفل كأب له خصوصا بعد تأكدهم أنه من صلبي عن طريق البصمة الوراثية DNA. في داخلي وقرارة نفسي لا أعتبره ولدي.
وقد تم تسجيل اسمه الثلاثي بنسب أمه وليس بنسبي.
أولا: هل علي أثم كوني قبلت بإدراج اسمي كأب له في شهادة ميلاده علما أنه أمر غير اختياري حسب قوانين البلد؟
ثانيا: قالوا لي سيمنح لي جواز البلد إن أنا أنفقت عليه لمدة أربعة شهور. فهل حصولي على الجواز بهذه الطريقة جائز مع العلم أنه لم يكن في نيتي بتاتا الحصول عليه عندما ظلمت نفسي بهذا الإثم العظيم؟
ثالثا: ما الواجبات المترتبة علي تجاه هذا الولد؟
أفيدوني أثابكم الله علما بأني تبت إلى ربي عساه بفضله ورحمته يقبل توبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يغفر ذنبك وأن يتجاوز عن خطيئتك، وأما هذا الولد ينسب إلى أمه وليس إليك، ولكن إذا أضيف إليك في بعض الأوراق رغما عنك فلا إثم عليك في ذلك، ولكن عليك أن تكتب وثائق شخصية وتشهد عليها أن هذا الولد ليس ولدا لك حتى لا تحفظ له حقوق البنوة الشرعية، ولا مانع من أن تنفق عليه عمره كله وأن تكفله، وعليه فأخذك للجواز مقابل ذلك لا مانع منه من حيث الأصل ما لم يترتب على أخذك له محظور كتلفظك بالكفر أو تعهدك بأمور باطلة أو نحو ذلك.
وأما علاقتك بولدك من الزنا فهي كعلاقتك مع أي فرد وليس لك به علاقة خاصة، ولا يجب عليك تجاهه ما يجب على الأب تجاه ولده من وجوب النفقة والمسكن ونحو ذلك، وإن قمت بذلك متطوعا فقد قمت بخير كبير، نرجو الله أن يكون سببا في قبول توبتك ورفع درجتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1427(13/14214)
هل تثبت البنوة باتحاد فصيلة دم الابن والأب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فصيلة دم الابن يجب أن تكون نفس فصيلة دم الأب، وهل يمكن عن طريق فصيلة الدم يمكن إثبات الأبوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الإسلام طريق إثبات البنوة النكاح وهو أن تكون الزوجة فراشاً للزوج، وعليه فأي امرأة أنجبت وهي متزوجة فإن هذا الولد ينسب إلى زوجها, ولو اختلفت فصيلة دم الولد عن فصيلة دم الأب، ولو زنا رجل بامرأة ذات زوج فإن هذا الولد لا ينسب إلى الزاني، ولو كانت فصيلة دمهما واحدة، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه، وانظر الفتوى رقم: 65845.
وثبوت نسب الولد لمن هو متزوج بأمه حق للولد، وهذا الحق الذي للولد لا يسقط إلا بأن يلاعن أبوه أمه مستنداً في ذلك إلى سبب يعلمه هو، كما سبق توضيح ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72548، 1147، 40956، 59172.
وأما هل يكون اختلاف فصيلتي الدم بين الولد والوالد قرينة على أنه ليس منه عند شكه في ذلك، وبالتالي فيحل له حينئذ أن يلاعن بناء على هذه القرينة، فإن جواب ذلك عند أهل الاختصاص وهم الأطباء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(13/14215)
إثبات النسب عن طريق فحص الحامض النووي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بالإجابة على سؤالي: هل فصيلة الدم تثبت البنوة، فاذا كانت الإجابة بالنفي فهل توجد وسيلة للتأكد من ثبوت النسب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تقصد إثبات النسب أو نفيه بما يسمى علميا بفحص الحامض النووي ويرمز إليه بـ (dn a) فإن كان هذا هو المقصود فراجع الفتوى رقم: 64322، والفتوى رقم: 65845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1427(13/14216)
الولد ينسب للزوجين ولا عبرة بالتحاليل
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار ولا أريد أن أطيل على حضراتكم لقد عرفت بأمر جلل ومطلوب الفتوى فيه من حضراتكم سريعا هناك رجل متزوج من بنت خالته وقد تم عمل تحاليل له ولزوجته وأثبتت التحاليل أنه لا ينجب ولن ينجب ولكن ما حدث أن امرأته حامل في الشهر الرابع حاليا وبالضغط على المرأة تبين أنها حامل من أخي هذا الرجل الأصغر منه سنا وإنه عاشرها أكثر من 7 مرات وقد تم مواجهة هذا الشاب واعترف وهو في 22 عاما وأخوه 25 عاما وهى الآن عند أبيها ولا أحد يعلم أن زوجها لا ينجب إلا نحن وعم الولد ولكننا لا نعرف ما هو الحكم في الإسلام في هذه الحالة وأيضا كيف يتم الخروج من هذه الكارثة.
شكرا لحضراتكم وأسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه أنتظر الرد سريعا جدا حتى يمكننا مواجهة هذه الكارثة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أن واجب من ابتلي باقتراف شيء من المحرمات أن يستر نفسه ولا يبوح بذلك لأحد. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي.
وعليه، فقد أخطأت تلك المرأة وذلك الرجل بما أقرا به من فعل الفاحشة.
وأما عن الولد الذي تحمله تلك المرأة، فإنه ينسب لزوجها ما لم ينفه بلعان، ولا ينسب للزاني.
فقد حدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن استولد عتبة بن أبي وقاص جارية لزمعة، وعهد بذلك إلى أخيه سعد، وكان الولد شبيها بعتبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم به لزمعة الذي هو صاحب الفراش، وأمر سودة بنت زمعة أن تحتجب منه. أخرج الشيخان والنسائي وأبو داود وابن ماجه والدارمي وأحمد ومالك عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام، فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبيه من وليدته. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بيناً بعتبة. فقال: هو لك يا عبد بن زمعة. الولد للفراش وللعاهر الحجر, واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة، فلم تره سودة قط.
ولا يمكن الاعتماد على التحاليل في مثل هذا الموضوع، لأن نتائج التحليل قد تكون خاطئة، ولأن الشارع الحكيم متشوف إلى لحوق النسب وإلى الستر على الأعراض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(13/14217)
شاب ادعى أن فلانا هو أبوه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عن رجل بعد سنوات عاشها في شبابه في اللهو تاب إلى الله وندم على ما فات تزوج وأنجب أولادا رباهم على هدي الكتاب والسنة وهو مجتهد في مجال الدعوة.
قبل أيام بعد ظهوره على أحد شاشات التلفاز جاء شاب ليخبره أنه ابنه من إحدى العلاقات في سنوات التيه, كانت صاعقة له فهو الآن رجل دين. استقبلت الأسرة هذا الشاب باعتباره لا ذنب له.
هذا الرجل صارت حياته مريرة فهو يتساءل عن مصيره مع الله عز وجل وما يمكنه فعله لتكفير عن ذنبه.
مع العلم أن هذا الشاب لا يدين بدين ونحن نزعم إن شاء الله الاجتهاد معه ليصبح مسلما إن شاء الله.
أرجو الجواب الشافي بسرعة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الرجل قد تاب وعمل صالحا فإن الله سبحانه وتعالى يتوب عليه، لقوله تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الفرقان:68-70} . بل قد يبدل سيئاته حسنات بمنه وكرمه.. هذا إن كان الأخ قد صدق في توبته, وهو المتبادر لما ذكرت عنه, وينبغي أن يعلم أنه غدا بعد توبته حبيبا لله تعالى، ومن المقربين إليه، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222} .
فليصدق في توبته، وليخلص في نيته, وليحذر من كيد الشيطان ووسوسته وتقنيطه وليفرح بنعمة الله عليه، فإنه سبحانه يقول: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ {يونس:58} . والتوبة من أعظم النعم على العبد.وانظر الفتوى رقم: 1882.
وأما الشاب الذي ادعى أبوته فدعواه باطلة, وليست بينه وبينه علاقة, ولا يجوز له أن يتبناه, ولكن إن أراد الإحسان إليه وتربيته وتعليمه ودعوته فلا حرج في ذلك. وقد فصلنا القول في ابن الزنى وحكمه وإلى من ينسب في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9093، 12263، 28544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(13/14218)
تلقيح المرأة بمني غير زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك امرأة تسأل إن كان حراما أو جائزا المسألة التالية: زوجها ينجب البنات فقط وقيل له يجب أن تلقح من عند رجل ينجب الأولاد وهي مترددة، أرجوكم أجيبوني بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على الرجل أن يلقح زوجته بمني غيره لما فيه من خلط الأنساب وهو في معنى الزنا، فإذا حدث حمل بهذه الطريقة المذكورة فإن الولد لا يعد ابنا ً شرعياً ولا يجوز تبنيه، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 60234، والفتوى رقم: 4380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(13/14219)
ولد الزنا لا ينسب إلى الزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من أجنبية مسلمة الحمدلله وأبو زوجتي ليس بمسلم (كافر) ولديه مولودة جديدة بالحرام، وأعلم أنها بحكم الشريعة ليست أختا لزوجتي ولكن سؤالي لا بد في المستقبل ان تحتك هذه الطفلة بزوجتي أوطفلي الصغير مثلا، سؤالي هو: كيف يكون تعاملنا مع هذه الطفلة مستقبلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمولود من الزنى لا ينسب إلى الزاني، وليس بينه وبين أبيه من الزنا نسب ولا توارث، وإنما ينسب إلى أمه ويرث منها وترث منه، وبالتالي فهذه البنت المولودة من الزنا ليس بينها وبين زوجتك قرابة، وليس بينها وبين ابنك محرمية، فتعامل عند بلوغها كما تعامل أي امرأة أجنبية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(13/14220)
حكم الطفل الذي يولد من أم مسلمة وزوج نصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم المرأة المسلمة إذا تزوجت بنضراني وأنجبت منه طفلا فهل يجوز أن يؤذن في أذنه عند ولادته وكيف يعتبر هذا الطفل من وجهة نظر الشرع؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطفل الذي يولد من أم مسلمة وزوج نصراني يختلف حكمه بحسب اعتقاد الزوج في صحة النكاح أو عدمه، فإن كان يعتقد صحته يلحق الولد به، وأما إذا لم يعتقد صحة النكاح فهو ولد زنا. قال شيخ الإسلام: فإن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ... إلى أن يقول: وإن كان ذلك النكاح باطلاً في نفس الأمر باتفاق المسلمين، سواء كان الناكح كافراً أو مسلماً. انتهى
وولد الزنا ينسب إلى أمه، وعلى كل حال فهذا الولد على دين أمه لأنها مسلمة، فيؤذن في أذنه، وتجري عليه كل أحكام المولود في الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1427(13/14221)
تبني رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان التبني حراما في الإسلام, كيف تبنى الرسول عليه الصلاة والسلام زيد بن حارثة وقال عليه الصلاة والسلام \" يرثني وأرثه\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني محرم في الإسلام وسبق بيانه في الفتوى رقم: 58889
وأما كيف تبنى الرسول صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، فإن ذلك كان قبل نزول آيات تحريم التبني، فإن التبني كان معمولا به في أول الإسلام ثم نسخ وحرم، قال القرطبي رحمه الله في التفسير: قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ. أجمع أهل التفسير على أن هذه نزلت في زيد بن حارثة، وروى الأئمة أن ابن عمر قال: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ {الأحزاب: 5}
وقال أيضا: قوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ. نزلت في زيد بن حارثة على ما تقدم بيانه وفي قول ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، دليل على أن التبني كان معمولاً به في الجاهلية والإسلام يتوارث به ويتناصر، إلى أن نسخ الله ذلك بقوله: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ. أي أعدل. فرفع الله حكم التبني ومنع من إطلاق لفظه، وأرشد بقوله إلى أن الأولى والأعدل أن ينسب الرجل إلى أبيه نسباً،.... وقال النحاس: هذه الآية ناسخة لما كانوا عليه من التبني وهو من نسخ السنة بالقرآن، فأمر أن يدعوا من دعوا إلى أبيه المعروف، فإن لم يكن له أب معروف نسبوه إلى ولائه، فإن لم يكن له ولاء معروف قال له يا أخي، يعني في الدين، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات: 10} . انتهى
وكان زيد فيما روي عن أنس بن مالك وغيره من الشام سَبَتْه خيل من تهامة، فابتاعه حكيم بن حزام بن خويلد، فوهبه لعمته خديجة، فوهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وتبناه فأقام عنده مدة، ثم جاء عمه وأبوه يرغبان في فدائه، قال في روح المعاني: " وكان من أمره رضي الله تعالى عنه على ما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال:.. ركب معه أبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة فلقوا رسول الله فقال له حارثة: يا محمد أنتم أهل حرم الله تعالى وجيرانه وعند بيته تفكون العاني وتطعمون الأسير ابني عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه فإنك ابن سيد قومه وإنا سنرفع إليك في الفداء ما أحببت فقال له رسول الله: أعطيكم خيرا من ذلك قالوا: وما هو؟ قال: أخيّره، فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن إختارني فكفوا عنه فقال: جزاك الله تعالى خيرا فقد أحسنت فدعاه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: يا زيد أتعرف هؤلاء قال: نعم هذا أبي وعمي وأخي فقال عليه الصلاة والسلام: فهم من قد عرفتهم، فإن اخترتهم فاذهب معهم، وإن اخترتني فأنا من تعلم قال له زيد: ما أنا بمختار عليك أحدا أبدا أنت معي بمكان الوالد والعم قال أبوه وعمه: أيا زيد أتختار العبودية قال: ما أنا بمفارق هذا الرجل، فلما رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حرصه عليه قال: اشهدوا أنه حر وإنه ابني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه وعمه لما رأوا من كرامته عليه عليه الصلاة والسلام، فلم يزل في الجاهلية يدعى زيد بن محمد حتى نزل القرآن: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ. فدعي زيد بن حارثة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(13/14222)
نسب الولد المولود من زوجة مشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق تزوج بمشركة والعقد لم يكن شرعيا ولكنه يقول بأن النية خالصة للزواج، وقد حملت الزوجة قبل الإسلام ولكن قبل الوضع أسلمت بقناعتها وعقد النكاح على سنة الله ورسوله, والآن رزق بولد مع العلم أن هذا الولد من المؤكد أنه من صلبه, فماذا يفعل لهذا الولد إن كنتم تقولون بأن هذا الولد ابن زنى ولا ينسب لأبيه فهل يرميه، وهذا طبعا لا يرضي الله, رجاء نحن في أشد الحاجة لإجابة واضحة على هذه المسألة بالذات وليس ما شابهها من مواضيع لأنه قد سبق السؤال ولكن الإجابة لم تكن واضحة، ووقع عندنا لبس وسوء فهم للمسألة, ولأن الدين الإسلامي دين رحمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تخلو هذه المشركة من أحد احتمالين:
الأول: أن تكون كتابية يهودية أو نصرانية.
الثانية: أن لا تكون كذلك بأن كانت مجوسية أو بوذية أو لا دينية.
فإن كانت غير كتابية أو كانت كتابية ولم يعقد عليها، أوعقد عليها عقد لا يصح عند أحد من أهل العلم ولم يعتقد الزوج صحته.
فإن الولد في هذه الصور كلها يكون ولد زنى لا يلحق به ولا توارث بينهما ولو استلحقه هو، وهذا على قول جمهور أهل العلم، وهناك قول لبعض أهل العلم تراجع فيه الفتوى رقم: 22196.
أما إن كانت كتابية وعقد عليها عقداً كان يعتقد صحته ثم وطئها بهذا الاعتقاد فإن الولد يلحق به إن كان العقد باطلاً في حقيقة الأمر، هذا عن حكم نسب الولد المذكور، ولا يلزم من عدم لحوق هذا الولد أن يرمى أو يهان أو يعامل معاملة لا يعامل بها غيره من ذوي الآباء، بل إنه هو خلق من خلق الله تعالى له من الحق والرحمة على عامة الناس مثل ما لغيره، ولا سيما أنه الآن يعتبر مسلماً بما أن أمه أسلمت فيعامل معاملة أي مسلم تجب نفقته ورعايته والقيام بما يلزم له على جميع المسلمين إن عجزت عنه أمه أو أهملته.
أما بالنسبة للعقد الثاني بعد إسلام هذه المرأة فهو صحيح إن كان بعد وضعها لحملها باتفاق، إن توفرت فيه شروط صحة النكاح المذكورة في الفتوى رقم: 1393.
وإن كان قبل وضع الحمل فهو صحيح أيضاً كما في الفتوى رقم: 50775، والفتوى رقم: 11427، علما بأن المسلمة لا يصح أن يتولى عقد نكاحها قريبها الكافر بل لا يزوجها إلا وليها المسلم أو الحاكم أو جماعة المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(13/14223)
التسمي باسم عبد الدايم
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة العلماء الأفاضل كل عام وأنتم بألف خير، بمناسبة حلول شهر رمضان أعاده الله عليكم بالخير والبركات، وجزاكم الله خير الجزاء على هذا المجهود المبارك بإذن الله تعالي:
قرأت اليوم في هذا الموقع الطيب عن عدم جواز التسمية بعبد الناصر وعبد المقصود ... إلخ. من الأسماء التي نظن نحن عامة الناس أنها تحمل صفة من صفات الله عز وجل، وأريد أن أسأل سيادتكم عن حكم التسمية بـ عبد الدايم حيث إنني لم أجد هذا الاسم ضمن الأسماء التي قرأتها وحيث إنه اسمي فكلي أمل في أنكم توضحون لي الأمر، علمًا بأن أهلي وغالبية أصحابي ينادونني بـ علي. وهل اسم علي أفضل من عبد الدايم............. جزيتم خيرًا وبارك الله فيكم وفي أعمالكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدائم ليس من أسماء الله تعالى ولا من صفاته التي جاء ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. ولذلك لا ينبغي التسمية بعبد الدائم لأن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية لا تؤخذ إلا من نصوص الوحي.
وما دام اسم الشهرة عندك هو علي وأصحابك ينادونك به فعليك أن تجعله هو اسمك الرسمي وتترك عنك الاسم الآخر.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 51273، 20330، 21851.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1426(13/14224)
تسجيل الولد في السجلات الرسمية بغير اسم أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة تؤرقني جداً وأرجو منكم إرشادي ماذا أفعل، والموضوع هو أن لي صديقاً من الصغر وله أخت تصغره بسنوات تزوجت من شاب سعودي عرفياً علي يد أخيها المحامي وبعد فترة انفصل عنها ونتج عن هذا الزواج طفل ولكن الزوج اختفي بعد أن عادت الى مصر ولم تستطع العثور عليه لاستخراج شهادة ميلاد للولد ولم تنفع المحاولات القضائية في الاعتراف بهذا الطفل فهو لا يريد الاعتراف به ولا يسأل عنه وأصبح الولد في سن المدرسة وتزوجت أخته من الطبيب الذي تعمل لديه وهو إنسان متدين وعلي خلق وتعاطف مع قضيتها وقرر أن يرعاها وابنها وقد طلب مني صديقي أن أوقع على ورقة تفيد بأن الولد هو ابن الطبيب وأقسم لي أن هذا الإجراء فقط لعمل شهادة ميلاد للولد لتقديمها للمدرسة ليس إلا وقد وقعت علي هذه الورقة وأنا مرتاح الضمير لأن الهدف إنساني ولعلمي أن الطبيب رجل فاضل ولن يفعل ما يغضب الله ولكن الآن أفكر في هذا الأمر كثيرا وأخاف أن يعاقبني الله وأقسم بالله أني فعلت هذا من أجل حل مشكلة هذا الطفل فما رأي حضراتكم في هذه القضية وهل أخطات التصرف عندما وقعت على هذه الورقة وإن أخطأت من وجهة نظر الشرع فما العمل لكي أكفر عن خطئي هذا؟
أنا أريد أن أموت وضميري مستريح أرجو الرد سريعا لأن هذا الأمر سبب لي كثيرا من التعب النفسي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الولد يُنسب إلى الشاب الذي تزوج بهذه الفتاة سواء كان عقد نكاحها صحيحاً أم فاسدا؟ لأن النسب يلحقه بالزوج في النكاح الفاسد ما داما يعتقدان حل النكاح وقت الحمل بالولد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش. رواه الجماعة إلا أبا داود. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51691.
ويحرم على الشاب المذكور في هذه الحالة أن يُنكر نسب هذا الولد له لورود النهي الشديد عن ذلك، وقد بيناه في الفتوى رقم: 58272.
فإذا احتاج هذا الطفل إلى أن يُقيد في السجلات الرسمية باسم غير أبيه من أجل تسيير وتيسير معاملاته في المدارس والمستشفيات وغيرها فلا نرى مانعاً من ذلك بشرط ألا يكون هذا التسجيل مؤدياً إلى التبني المحرم، وقد بينا هذا بشروطه في الفتويين: 32352، 45060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(13/14225)
علاقة ابن الزنا بأمه ومن زنى بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منذ سنين علمت أنني ابن زنا وأن والدي اللذين أعيش معهما ليسا بوالدي الحقيقيين وأن والدي الذي أحمل نسبه كان يعاملني بقسوة وأنه ترك المنزل منذ سبع سنوات وأنني قطعت العلاقة معه منذ أربع سنوات بسبب تصرفه معي، هل يعتبر ما فعلته عقوقا أم لا، علما بأنني تعرفت على أمي الحقيقية وهي ابنة خالتي الحالية وسمعت عن أبي الحقيقي بأنه يعيش في مدينة أخرى، إذاً بماذا تفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان والدك الذي سميته (أبي الحقيقي) جاء بك من زنا فليس أبا لك ولا يستحق عليك شيئاً من الحقوق التي يستحقها الأب الشرعي من الطاعة والنفقة عند فقره وغير ذلك من حقوق الآباء، ولا ترث منه ولا يرث منك، ولا تنسب إليه، ولا علاقة لك به.
وأما أمك الحقيقية التي أنجبتك من زنا فهي أمك ولها عليك حق الطاعة والإحسان وإن أساءت إليك بترك رعايتك، وأما من قاموا برعايتك والإنفاق عليك وتربيتك فإن لهم عليك حقاً كبيراً، فقابل الإحسان بالإحسان، علماً بأن المرأة التي عشت عندها إن كانت خالتك حقيقة أو أرضعتك فهي خالتك أو أمك من الرضاع وزوجها الذي رعاك إن كان هو صاحب اللبن أي ثار اللبن من وطئه فهو أبوك من الرضاع، فإن لم تكن خالتك أو لم ترضعك فلا يجوز لك بعد البلوغ الخلوة بها ولا النظر إليها لأنها أجنبية عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(13/14226)
لا ينفى الولد بعد الزواج إلا باللعان
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة أن امرأة تزوجت من شخص واكتشفت بعد زواجها أنها حامل من شخص آخر كانت قد ارتكبت معه الخطيئة قبل زواجها بعشرين يوما وعلم زوجها بالأمر ويريد أن يطلق هذه المرأة وأراد الشخص المخطئ أن يتوب عن خطيئته ويتزوج المرأة ويعترف بالطفل فهل يجوز ذلك علما أن الحمل مضى عليه الآن خمسة أشهر, أسعفونا بالإجابة يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن الولد للفراش، أي للزوج، فالحمل الذي يكتشف بعد الزواج فهو للزوج، ولا ينفى هذا الولد عن الزوج إلا باللعان المعروف، وإن أقرت الزوجة بالزنا، ما لم تضع الحمل قبل أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر، فيحكم عليه حينئذ بأنه ابن زنا، أما عن زواج الزاني بمن زنى بها فلا يجوز حتى يتوبا إلى الله سبحانه من الزنا، وإذا كانت حاملا من الزنى حتى تضع حملها على الراجح من قولي العلماء.
وأما نسبة الولد إلى (أبيه من الزنى) فلا يجوز على قول جمهور أهل العلم وتقدم بيانه في الفتوى رقم 6045 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(13/14227)
الطفل لصاحب الفراش وللزاني الحجر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عاشرت امرأة متزوجة قبل فترة، وقد تبت إلى الله تعالى والحمد لله وابتعدت عنها، ولكن وقبل فترة قصيرة اتصلت معي وقالت لي إنها حامل بطفل مني، فأرجو أن تخبروني بما أفعل بهذا الطفل هل أجعلها تسقطه، فإن لم أستطع إسقاطه منها، فماذا أفعل بهذا الطفل هل أتركه يعيش مع زوجها دون علمه؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا كبيرة من أغلظ وأقبح الذنوب ويزداد قبحا وغلظة مع المتزوجة وتقدم في الفتوى رقم 30425 ما ينبغي فعله لمن وقع فيه.
وأما قول السائل ماذا أفعل بهذا الطفل، فالجواب: أن هذا الطفل شرعا للزوج صاحب الفراش، وليس للزاني إلا الحجر كما ورد بذلك الحديث: الولد للفراش، وللعاهر الحجر. متفق عليه، فليس للزاني حق فيه، ولا ينتفي نسبه عن الزوج إلا باللعان الشرعي، وتقدم بيانه في الفتوى رقم 64624
فما يلزم السائل هو التوبة إلى الله، وقطع العلاقة مع هذه المرأة، وعلى المرأة أن تعلم أنها قد أدخلت على زوجها من ليس منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الجنة. رواه أبو داود، فعليها التوبة إلى الله من هذا الذنب العظيم. ولا يجوز الإجهاض، وتقدم في الفتوى رقم 2016
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(13/14228)
نسب الطفل المولود بعد أكثر من ستة أشهر من الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الدين جزاكم الله كل الجزاء..لقد حصلت على جواب لسؤالي وجزاكم الله خيرا، والآن أريد أن اسأل على مصير ابني؟ هل هو ابني أم لا أو هل أتمكن من العيش معها بدون أي شيء خلافا لشريعة الله وسنة الرسول وسؤالي كان رقمه 279966 لأنني لا أملك أي بيت أو مكان لكي أسكن فيه أفتوني مرة أخرى جزاكم الله خيرا ملاحظة ابني عمره 10 أشهر؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الزوجة قد ولدت قبل مضي ستة أشهر- وهي أقل مدة الحمل- من تاريخ الزواج، فهو ابن زنا لا يثبت نسبه منك، وأما إذا كانت الولادة بعد مضي المدة المذكورة فهو ابنك، ينسب إليك، وله عليك حقوق من النفقة، وأجرة الرضاع، وتربيته وغير ذلك من الحقوق وتقدم طرف منها في الفتوى رقم 23307 والظاهر أن الابن المذكور قد ولد بعد أكثر من سنة من زواجكما فهو إذا ينسب إليك.
أما سؤالك عن إمكانية العيش مع المرأة، فإذا كان سيؤدي إلى الخلوة بها والنظر إليها، فلا يجوز لأنها أجنبية.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(13/14229)
يترتب على معرفة النسب أمور شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[تتمثل المشكلة التي أسألكم عنها فيما يلي.
تزوجت خالتي منذ 30 سنة برجل ثم تبين أنه لا يستطيع الإنجاب فلجأوا منذ 20 عاما إلى تبني بنت مجهولة النسب ونسبوها إليهم والبنت طبعا تجهل الحقيقة وتظن أنهما والداها الحقيقيين لكن بعد زواجها العام الماضي هناك من أخبر أهل زوجها بالحقيقة وطبعا خالتي أنكرت ونسبتها إليها خوفا على مشاعر البنت وحرصا على زواجها فهل علينا التستر على الأمر وكتمانه أم إخبار الفتاة وأهل زوجها بالحقيقة؟ علما أنه لا يتوفر لدينا أي معلومة عن نسبها أو عن أهلها.
أفيدونا جزاكم الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا تحريم التبني والأدلة على ذلك في الفتوى رقم: 58889 فراجعها.
وأما بخصوص الفتاة وزوجها، فيجب إخبارهما بحقيقة الأمر، لأن عدم علمهما بذلك يترتب عليه الوقوع في الكثير من المخالفات الشرعية كالخلوة والمصافحة والرؤية لمن تظنه محرماً لها وهو ليس بمحرم، ويترتب على معرفة النسب أمور أخرى كحرمة زواج الأبناء من محارمهم وجوازه من غيرهم، وكالإرث والولاء وصلة الرحم وغير ذلك.
ولكن يراعى في إخبارهما الأسلوب المناسب الذي لا يجرح مشاعر المرأة، ويبين للزوج أن هذا الأمر لا ذنب لزوجته فيه، وأنها مثله لا علم لها به، وأنه ينبغي أن يكون سنداً لها في تقبل هذه الحقيقة المفاجئة لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(13/14230)
حكم هبة المولود لعائلة ليس عندها أولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق متزوج منذ حوالي 12 سنة ولم ينجب أولادا إلى الآن، وذلك بسبب انعدام وجود حيوانات منوية حية وهو ما زال لديه أمل ولم يتوقف عن البحث عن علاج إلى الآن خصوصاً أن أحد الأطباء المعالجين في إحدى الدول العربية (خريج أمريكا) أجرى له عملية شفط للحيوانات المنوية وأخبره بأنه وجد بعض الحيوانات الحية ولكنها ضعيفة وقد عمد الطبيب إلى إجراء عملية تلقيح مجهري على ما أعتقد ومن ثم تمت زراعة البويضة الملقحة في رحم زوجته ولكن بحسب رأي الطبيب لم يثبت الحمل طويلاً لضعف الحيوانات المنوية. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها حيوانات منوية حية لأن الأطباء في كندا (حيث يقطن صديقي) لم يعثروا على أية حيوانات منوية حية لديه إلى الآن السؤال الآن الذي يحتاج أخينا إلى فتوى فيه هو الآتي:
منذ فترة وجيزة حدث أن أتاه صديق متزوج وله أطفال فعرض عليه أمراً غريباً يصعب تصديقه! ولكنه ينم عن إحساس نبيل وراق يمثل قمة في العطاء والتضحية من زوجين منجبين مستعدان لفعل أي شيء لأجل جلب السرور إلى حياة زوجين حرما من نعمة الإنجاب. وهذا الأمر هو أن الزوج الصديق وزوجته يريدان أن يحاولا الإنجاب مرة أخرى بنية وهب الطفل للزوجين اللذين ليس لديهما أطفال.
1- فهل يجوز للزوجين المنجبين أن يهبا الطفل لغيرهما فور ولادته هذا من ناحية؟
2- أم هل يجوز من الناحية الشرعية -في حال حدوث حمل - أن تجري عملية أخذ الجنين من رحم أمه الطبيعية وزرعه في رحم امرأة أخرى (علماً بأن الجنين يكون مكتملاً إذا صح التعبير!) .
أفتونا مأجورين. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 1458 حكم التقليح الصناعي والصور الجائزة منه، فنرجو مراجعتها ومنها يعلم حكم نقل الجنين من رحم أمه إلى رحم أخرى.
ولا يجوز للأبوين هبة الجنين لأنهم لا يملكونه حتى يهبوه، والنسب حق للولد والنفقة واجبة له على والده إلى غير ذلك من الحقوق التي للولد على أبيه.
وأما وضع الولد عند من حرما الإنجاب زمنا مع احتفاظ الولد بنسبه وحقوقه ورجوعه إلى أبويه فلا مانع منه مع أن الأولى أن لا يفعل ذلك، ونذكر بأن الأولاد نعمة من نعم الله تعالى قد يسلبها الله تعالى لحكمة عظيمة يعلمها سبحانه، وشعار المسلم الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(13/14231)
نسبة الأولاد إلى غير أبيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[مطلقة وعندي ولد وبنت وتزوجت والأولاد الآن منتسبون لي لاسم عائلتي والسبب كره زوجي سماع اسم عائلة طليقي هل هذا حرام وأنا لا أريد أن أخفي ذلك عنهم فلهم الحق في المستقبل بإعادة انتسابهم لوالدهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن ينسب هؤلاء الأبناء إلى غير أبيهم، وذلك لقول الحق سبحانه: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ {الأحزاب: 5} وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام. إلى غير ذلك من الأحاديث في هذا الباب.
وما ذكرته من كراهة زوجك الحالي لاسم أب هؤلاء الأولاد فليس عذرا ولا حجة تبرر عدم نسبة أبنائك إلى أبيهم.
وعليه، فلا يجوز لك ولا لغيرك أن ينسب الأولاد إلى غير أبيهم، وإذا كان زوجك يغضب لذلك أو عند سماع عائلة المطلق أهل الأبناء فلم لا تعطي الأولاد إلى من يحضنهم من والدتك إن كانت حية أو والدهم هم أو تسكتون عن ذكر اسم العائلة بعد أن ينسبوا إلى أبيهم باسمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(13/14232)
الدخول في الإسلام بعد البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[يسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام
لي سؤال حول موضوع النسب وقد حاولت جاهدا أن أجد إجابة عليه في أي فتوى سابقة ولكن للأسف لم أوفق
سؤالي هو: لي قريبة ولدت من أب مسلم وأم مسيحية وقد تم هذا الزواج بعد أن حملت هذه الأم المسيحية سفاحا من الأب , المسلم ثم تزوجا بعد ذلك وقبل ولادة الطفلة بحوالي 4 شهور وبذلك كتبت هذه الطفلة باسم أبيها المسلم وبالتالي كتبت ديانتها مسلمة مع العلم أن هذه الفتاه على قدر كبير من التدين وترتدي الحجاب الشرعي وتعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية إلى حد كبير بحمد الله، وطبقا لما قرأت في فتاوى سابقة أن حمل السفاح لا ينسب إلى الأب ولا يرثه طبقا لرأي جمهور الفقهاء إلا مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله فقد أجاز ذلك على حد فهمي والله أعلم
سؤالي هو إلى من تنسب هذه الفتاة وما هي ديانتها وهل تحتاج إلى تجديد إسلامها إذا لم تنسب لوالدها على الرغم من أنها مسلمة؟
جزاكم الله خيرا عنا إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الفتاة مسلمة ولا حاجة لتجديد إسلامها ولا تأثير لنسبها على ذلك مادامت قد دانت بالإسلام بعد بلوغها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته. رواه البخاري.
أما ما يتعلق بنسبها فهذه الفتاة تنسب إلى أمها وأهل أمها نسبة شرعية صحيحة تثبت بها الحرمة والمحرمية، ولا تنسب إلى أبيها من الزنا، كما هو مذهب جمهور أهل العلم، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 6045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(13/14233)
ماء الزنا مهدر
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب زنى مع فتاة وبعد فترة أعلنت أنها حامل منه في أربعة أشهر وادعت أمام الملأ أنها تزوجت منه زواجا عرفيا وأن الورقة ضاعت منها الشاب أنكر الزواج وظل صامتا إلى أن ولدت الفتاة بنتا فأبى الاعتراف بها وقال أنا لم أتزوج الفتاة وقد زنيت بها وتبت إلى الله ولم أشأ الخوض في عرضها لكنها هي من ألزمتني بالقول أنني زنيت معها وأنا غير ملزم بالاعتراف بالبنت. وقد حكمت المحكمة بوجوب إجراء تحليل DNA رغم عدم ثبوت الزواج.
السؤال:
هل يجب عليه الاعتراف بالبنت؟ وهل لها أن ترث منه؟ وهل يجب عليه الزواج بأمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح لهذا الرجل الزاني أن يستلحق هذه البنت لأن ماء الزنا ماء مهدر لا يترتب عليه نسب ولا ميراث. وانظر الفتوى رقم 50432، ولا عبرة بهذا التحليل الذي سيتم لأن ماء الزنا -كما قلنا- وإن ثبت كونه من فلان فإنه غير معتبر.
ولا يجب على من زنا بامرأة أن يتزوج بها حملت منه أو لم تحمل، والواجب على هذا الرجل المسارعة بالتوبة إلى الله عز وجل بالندم على ما فات والإقلاع عن هذا الذنب والعزم على أن لا يعود، فإن الله يتوب على من تاب، وليحذر أن يفجأه الموت قبل التوبة وحينها لا ينفع الندم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(13/14234)
نسبة الولد في حال زنا الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي أرجو أن يتسع صدركم لسماع هذه الاستفسارات، أنا متزوج من إحدى قريباتي منذ خمس سنوات، لي منها طفل واحد عمره سنتان، تحت تأثير (حسب ما قالت لي) التوبة لله تعالى وخوفها من الله، قررت أن تبوح لي بأنها تشك في نسب الطفل لي حيث إنها ضعفت لمرة واحدة تحت تأثير رجل كانت تعمل لديه, وجامعها لمرة واحدة وبعد ذلك بفترة قصيرة تم اكتشاف الحمل، سؤالي هو: ما هي الطريقة المثلى من وجهة نظر الشرع لتحديد نسب الطفل, وهل يجوز شرعا \"إبقاء النسب لي من ناحية الشرع (في حال ثبت أنني لست والده) حفاظا على سمعة العائلة وحفاظا على مستقبل هذا الطفل الذي لا دخل له بأخطاء الآباء والأمهات (مع العلم بأنني أشعر بكثير من العاطفة والحنان اتجاه هذا الطفل ولم تتغير مشاعري الأبوية اتجاهه بعد سماعي لاعترافات والدته) ، وهل من الأنسب في مثل هذه الحالات إجراء الطلاق أم الأفضل هو هجر الزوجة والالتزام الكامل بنفقاتها المالية حيث إنها فتاة يتيمة وليس أحد من أهلها قادر على إعانتها والإنفاق عليها وليس لها أي عمل في الوقت الحالي وغير قادرة على إعالة نفسها وطفلها، أخيرا \"أنا آسف على الإطالة بسؤالي وأنا بانتظار إجابتكم بفارغ الصبر؟ والخير فيما اختاره الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالولد الذي تحمله المرأة المتزوجة ينسب لزوجها وإن زنت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه.
ولا ينبغي البحث عن صحة نسبه إلى الزوج فهو ينسب شرعا إليه للحديث المتقدم الولد للفراش، ولكن إذا علم الزوج يقينا بأنه ليس ولده -وهذا قد يكون عسيراً في حال هذا الزوج- وجب عليه نفيه باللعان، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 6280، والفتوى رقم: 13390.
وقد كان الواجب على الزوجة أن تستر نفسها بستر الله تعالى، وأن تبادر بالتوبة من هذا الذنب، والتوبة لا تتحقق إلا بالإقلاع عن الذنب والندم على ما فات منه والعزم على عدم العودة إليه أبداً، ولمزيد من الفائدة عن ذلك تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22413، 17992، 20880.
وإذا تحققت من توبة الزوجة فلك إبقاؤها والستر عليها، ولن تعدم الأجر على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(13/14235)
نسبة الطفل وزواج ولد الزنا من بنات أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزأن ينسب الطفل إلى والده مع أنه لم يستوف شروط الزواج الصحيح من والدة الطفل، في حالة الزواج العرفي من وجود ولي (المرأة تزوج نفسها أو تتخذ وليا آخر غير وليها الأصلي بدعوى الكتمان) ؟ ثانيا: هل يجوز لابن الزنا الزواج من البنت الشرعية من زوجة أخرى للرجل الذى زنى بأمه؟ هذه الأمور أريد معرفتها لانتشار الزواج العرفي ودعاوى إثبات النسب هذه الأيام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج العرفي إذا استوفى شروط النكاح ولم ينقصه إلا التسجيل في المحاكم يعتبر نكاحا صحيحا، وراجع الفتوى رقم: 5992. أما إن نقص الولي فالجمهور من العلماء على بطلانه ولم يخالف في ذلك إلا الإمام أبو حنيفة حيث يجوز للمرأة الرشيدة أن تلي نفسها، أما فيما يتعلق بنسبة الولد فمجمل القول فيه أن أي نكاح أقدم الزوج عليه معتقدا حليته فإن الولد فيه ينسب إلي أبيه وإن كان النكاح مجمعا على بطلانه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين إلى أن قا ل فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر بل الولد للفراش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. اهـ. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 60343. أما بخصوص زواج ولد الزنا ببنات أبيه الزاني فلا يجوز وإن كان شرعا لا ينسب إليه وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 10152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(13/14236)
بين التبني والتربية والكفالة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي سؤالي اليوم متشعب والإجابة عليه مهمة لي، شاب وشابة تبنتهم عائلة ليس لها أولاد. الوالد المتبني توفي وكان يوصي في حياته شفهيا بكل الإرث للشاب والشابة. الوضع الحالي الأم المتبنية تقول: لن أسامحكم إذا لم تأخذوا كل الإرث لكم: ممتلكاتي وممتلكات الوالد المتبني المتوفى. أفتوني في أمر الميراث هل يجوز أخذ كل الإرث. علما أن الوالد الحقيقي والوالدة أحياء ومعروفون. والوالد المتبني له إخوة أحياء. ثم أخيرا كل الأطراف راضية وموافقة على كل شيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبني بالمعنى الذي يشير إليه السائل الكريم بحيث يكون المتبنى له حكم ولد الصلب من المعاملة كمحرم أو وارث يحجب الإخوة أو يدعى فلان بن فلان المتبني، فهذا لا يجوز شرعا، وكان من عادة أهل الجاهلية فأبطله الإسلام، فقال سبحانه وتعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ {الأحزاب: 4} . وقال تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب: 5} . أما إذا كان القصد بالتبني الكفالة والتربية والرعاية مع احتفاظ المكفول بنسبه وما يترتب عليه فهذا لا مانع منه شرعا، وهو من أعمال البر والإحسان التي حث عليها الإسلام.
وعلى ذلك.. فإن هذين الشابين لا يرثان ممن تبناهما إرثا شرعيا لأن أسباب الإرث محصورة في النسب، والنكاح، والولاء، ولا شيء منها يتوفر فيهما. وبإمكان الأسرة التي كفلتهما أن توصي لهما بالثلث فما دونه، وما بقي بعد الثلث يرجع للورثة الشرعيين. وإذا تنازل لهما الورثة الشرعيون عن نصيبهم من التركة وكان ذلك برضاهم وطيب نفسهم وكانوا بالغين رشداء فلا مانع. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 35581، 9619.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(13/14237)
تلقيح الزوجة بمني الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل استخدم سائلا منويا لرجل آخر في تلقيح زوجته صناعياً دون علم الزوجة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على الرجل أن يلقح زوجته بمني غيره لما فيه من خلط الأنساب وضياع الحقوق ومفاسد أخرى كثيرة، والواجب عليه الآن أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك، وإذا حدث من هذا التلقيح ولد فهل يلحق الولد صاحب المني أم لا؟
فنقول إن كانت المرأة متزوجة وأمكن كون الولد من زوجها فيلحق الولد به لأنه صاحب الفراش وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه الولد للفراش وللعاهر الحجر وإن لم يمكن كون الولد منه فإنه يلحق بصاحب المني إن كان المني خرج بوجه غير محظور وهو الذي يسميه الفقهاء المني المحترم
أما إن كان المني غير محترم فلا يلحق الولد بصاحب المني وعلى الزوج أن ينفي الولد عنه كما سيأتي.
قال عبد الرحمن الشربيني في حاشيته على أسنى المطالب: فرع سأل الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي الفقيه محمد بن علي بن أبي الخل عن رجل وطئ امرأته وأنزل معها فقامت الزوجة ساحقت ابنة الزوج وأنزلت معها المني الذي أنزله الزوج معها فحملت فهل يلحقه الولد ويلزمه المهر أم لا فأجاب الذي يظهر لي - والله أعلم - أنه لا يتعلق بهذا حكم من الأحكام فإن الشبهة تعتبر في الرجل , وأجاب بمثله الفقيه محمد بن عيسى مطير قال الناشري: الذي يظهر أنه يلحق الولد الرجل الواطئ ولا يلزمه المهر ; لأن النسب يعتبر في وطء الشبهة بالرجل , وفي المهر بالمرأة , وفي هذه المسألة ماؤه محترم من جهته. وسئل والدي رحمه الله عن رجل وطئ زوجته , وأنزل معها ثم نزع منها فمسح ذكره بحجر فأخذت الحجر امرأة أجنبية فامتسحت به فحملت فهل يلحقه الولد أم لا؟ . فأجاب بأن الولد يلحق الواطئ لكون مائه حال الإنزال محترما , وذلك أولى من وطء أجنبية يظنها زوجته , وهي تعلم أنه أجنبي , وقد حكموا بلحوق الولد به , وإن كانت المرأة زانية فبطريق الأولى أن يحكم بلحوق الولد في مسألة السحاق. قال شيخنا هو كما قال.اهـ
وقد سئل الرملي كما في الفتاوي له: عما لو استدخلت مني سيدها المحترم بعد موته فحبلت منه فهل يلحق به ويرث منه أم لا وهل تصير أم ولد بذلك أم لا لكونها بموته انتقلت لوارثه وهل فيها نقل أم لا؟
فأجاب بأنه يثبت نسب الولد منه ويرث منه لكون منيه محترما حال خروجه ولا يعتبر كونه محترما أيضا حال استدخاله خلافا لبعضهم فقد صرح بعضهم بأنه لو أنزل في زوجته فساحقت بنته فحبلت منه لحقه الولد وكذا لو مسح ذكره بحجر بعد إنزاله فيها فاستنجت به امرأة أجنبية فحبلت منه. اهـ. ولا تصير أم ولد له لانتفاء ملكه لها حال علوقها به.انتهى
ويعلم الزوج أن الولد ليس منه بالوسائل التالية:
1- ... ... إذا لم يطأ ولا استدخلت ماءه المحترم أصلا.
2- أو وطئ أو استدخلت ماءه المحترم ولكن ولدته لدون ستة أشهر من الوطء ولو لأكثر منها من العقد.
أو فوق أربع سنين من الوطء للعلم حينئذ بأنه من ماء غيره.
وسنورد كلام العلامة الرملي مع بعض الاختصار لما فيه من إجابة على احتمالات قد تحتف بالسؤال.
قال رحمه الله تعالى في نهاية المحتاج شرح المنهاج: ولو أتت أو حملت بولد علم أنه ليس منه أو ظنه ظنا مؤكدا وأمكن كونه منه ظاهرا ... لزمه نفيه – بأن يقول هذا الولد ليس مني - وإلا لكان بسكوته مستلحقا لمن ليس منه وهو ممتنع كما يحرم نفي من هو منه لما يأتي ... ثم إن علم زناها أو ظنه ظنا مؤكدا قذفها ولاعن لنفيه وجوبا فيهما , وإلا اقتصر على النفي باللعان لجواز كونه من شبهة أو زوج سابق ... ولو وطئ وعزل حرم النفي على الصحيح لأن الماء قد يسبقه ولا يشعر به , ومقابل الصحيح احتمال للغزالي أنه يجوز- أي نفي الولد عنه - لأنه إذا احتاط فيه كان كمن لم يطأ ولأنه يغلب على الظن بذلك أنه ليس منه ولو كان يطأ فيما دون الفرج بحيث لا يمكن وصول الماء إليه لم يلحقه أو في الدبر فالأرجح من تناقض لهما عدم اللحوق أيضا، وليس من الظن علمه من نفسه أنه عقيم فيما يظهر وإن ذهب الروياني إلى لزوم نفيه باللعان بعد قذفها وذلك لأنا نجد كثيرين يكاد أن يجزم بعقمهم ثم يحبلون ولو علم زناها واحتمل كون الولد منه ومن الزنا على السواء بأن ولدته لستة أشهر فأكثر من وطئه ومن الزنا ولا استبراء حرم النفي لتقاوم الاحتمالين والولد للفراش , وما نص عليه من الحل يحمل على ما إذا كان احتماله أغلب لوجود قرينة تؤكد ظن وقوعه.انتهى كلام الرملي.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(13/14238)
الولد ينسب إلى صاحب الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في أنثى تعرضت للاغتصاب وأخفت الحادثة عن زوجها وتصادف أن حملت بطفلة عمرها الآن تسع سنوات وتخشى هذه السيدة أن تكون ابنتها ليست من زوجها الذي يعشق الطفلة وهي بدورها مرتبطة بأبيها جدا فماذا تفعل هذه الأم والزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليها أن تستر نفسها ولا تخبر بما يدور في نفسها أحدا والظنون لا عبرة بها، وهذه البنت تنسب لزوج أمها لأنه صاحب الفراش وفي الحديث: الولد للفراش. متفق عليه. وانظر الفتوى رقم: 1117، والفتوى رقم: 29434.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(13/14239)
حليف القوم منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
رداً على موضوع الانتماء إلي قيبلة أخرى.
الفتوى رقم 46945 بتاريخ 23 صفر 1425.
فهل تطلبون منا وفقاً للفتوى الصادرة منكم والتي يوزعها ابن عمنا على كل من هب ودب وكأننا كفرنا بالله وبالرسول هل تطلبون منا نحن الآمنون في أوطاننا المندمجون كبوتقة واحدة مع قبيلة وفية ارتضاها لنا أجدادنا منذ ثلاثة قرون مقرة لنا بأصلنا الذي لم ننكره يوماً ولم ينكره علينا أحد أن نفك انصهاراً قوياً وارتباطاً وثيقاً ونوقظ فتناً نائمة مراضاة لسائل لا يفقه شيئاً كان حرياً به أن يسأل أهل المشايخ والعلم في بلده وللأعراف السائدة كما هو موضوع ردكم الأول عليه والذي لم يشف صدره المملوء حتى عاود الكرة عليكم ووضع لكم مقدماته الخاطئة لتعطونه الإجابات الخاطئة، وهذا هو الرد على ما يقوله ابن عمنا.
المجتمع الليبي مجتمع قبلي تحكمه الأعراف الاجتماعية يتكون من مجموعة من القبائل العربية التي قدمت من شبه الجزيرة العربية في الألف الميلادي الأول وفي العصر الفاطمي تحديداً ولقد تداخلت بعض بطون هذه القبائل في بعضها البعض نتيجة للصراعات والتدافع ونتيجة لذلك للتحالفات والمصاهرة والبحث عن المواطن الآمنة............. نحن عائلة اسمها (القريد وإسعيد) نسكن منطقة الواحات جالو ننتمي بالأصالة إلي قبيلة عريقة إسمها (الجوازي) تعود في أصلها إلي بطن من بطون قبائل بن سليم نزح معظمها من ليبيا إلي مصر في عصر يوسف باشا القرمنلي (العصر التركي) منذ حوالي ثلاثمائة سنة بسبب صراع هذه القبيلة مع إخواتهم من القبائل الأخرى على المراعي وبسبب صراعهم مع يوسف باشا على النفوذ فيما بقي من هذه القبيلة عائلات نشأت لم ترحل إلي مصر رغم ضغط مطرقة يوسف باشا والقبائل المتحالفة عليهم من هؤلاء الكثر رجلان هما (القريد وإسعيد) أصل عائلتنا التي تتكون من ثلاثمائة رجل حالياً فضلا عدم النزوح إلي مصر وانضموا تحت جناح قبيلة شقيقة وحليفة لقبيلة الجوازي واسمها المجابرة تلتقي هاتان القبيلتان في جد مشترك اسمه جبريل يعود إلي بطون قبائل بني سليم ... ولقد عاملت تلك القبيلة أجدادنا منذ ذلك الزمن البعيد عاملتنا وأولادنا وأحفادنا بكل ود واحترام ولأجدادنا من الأملاك والأراضي ما يفوقون به الكثيرين ولنا من الوجاهة والإكبار ما لا يخفى ولم نشعر يوماً بأية مضايقة أو إهانة إطلاقاً بل انصهرنا معاً مع تلك القبيلة وصرنا لحمة واحدة وتعاضدنا في كل أوقات الشدة والرخاء ولم يعاملنا أحد يوماً كأغراب كما يدعي السائل السابق زوراً وبهتاناً علماً بأن قبيلة المجابرة التي انضوى أجدادنا تحت جناحها تحتوي بطونها على عائلات مثلنا من قبائل شتى انتمت إليها في فترات تدافع القبائل وبحث الإنسان عن الوطن الآمن آنذاك ولما يتحلى به أهلها من تدين ومن خلق وكرم وشهامة هي حديث لسان كل الليبيين والزائرين والوافدين ... ... علماً أننا نحن عائلة (القريد وإسعيد) مازلنا نحتفظ ونعتز بإسم قبيلة الجوازي التي ننتمي لها بالأصالة رغم انضوائنا تحت جناح قبيلة المجابرة ولم ينكر علينا طوال هذه العقود أحد ذلك ... ... فهل تطلبون منا وفقاً للفتوى الصادرة منكم والتي يوزعها ابن عمنا على كل من هب ودب وكأننا كفرنا بالله وبالرسول هل تطلبون منا نحن الآمنون في أوطاننا المندمجون كبوتقة واحدة مع قبيلة وفية ارتضاها لنا أجدادنا منذ ثلاثة قرون مقرة لنا بأصلنا الذي لم ننكره يوماً ولم ينكره علينا أحد أن نفك انصهاراً قوياً وارتباطاً وثيقاً ونوقظ فتناً نائمة مراضاة لسائل لا يفقه كان حرياً به أن يسأل أهل المشايخ والعلم في بلده وللأعراف السائدة كما هو موضوع ردكم الأول عليه والذي لم يشف صدره المملوء حتى عاود الكره عليكم ووضع لكم مقدماته الخاطئة لتعطوه الإجابات الخاطئة كما يقول أهل المنطق وهو ما تحقق له وللأسف عبر فتواكم الأخيرة والتي ها نحن أيها الأستاذة الأجلاء نرد عليها راجين تصحيحها بعد أن سببت من الحرج والمشاكل ما لم تتوقعوا علماً أننا لم ولن نذهب نحن الثلاثمائة رجل رشيد خلف عقل ابن عمنا مادام لنا عقل يفهم ويعي الحياة ولو أشعل بكل حطب الدنيا فتنا.
\" فتبينوا \"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت نهي الشارع عن ادعاء الإنسان نسباً غير نسبه الأصلي فقد روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه -وهو يعلم أنه غير أبيه- فالجنة عليه حرام. وقد روى البخاري ومسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر.
وقد روى مسلم أيضاً من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
وروى البخاري ومسلم أيضاً من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار.
قال ابن دقيق العيد في كتابه إحكام الأحكام في شرح حديث أبي ذر رضي الله عنه: ليس من رجل ادعى لغير أبيه.... الحديث: يدل على تحريم الانتفاء من النسب المعروف، والاعتزاء إلى نسب غيره، ولا شك أن ذلك كبيرة لما يتعلق به من المفاسد العظيمة.
وقد وضح أهل العلم معنى الكفر المذكور في الحديث فقد قال النووي: فيه تأويلان: أحدهما: أنه في حق المستحل -أي من استحل فعل هذا مع علمه فقد كفر-، الثاني: أنه كفر النعمة والإحسان وحق الله تعالى وحق أبيه. انتهى.
وقد رجح ابن حجر في الفتح أن المراد كفر النعمة وأن ظاهر اللفظ غير مراد وإنما ورد على سبيل التغليظ والزجر لفاعل ذلك، أو المراد بإطلاق الكفر أن فاعله فعل فعلا شبيها بفعل أهل الكفر، وقال رحمه الله: وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادعاء إلى غيره وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين إثباتاً ونفياً لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له.
وعلى هذه الأدلة بنينا فتوانا السابقة في تحريم الانتساب لغير الأب، ولم نبن فتوانا على ما قلت إنها مقدمات خاطئة في سؤال ابن عمكم، فالانتساب إلى غير النسب الأصلي لا يجوز سواء كانت القبيلة التي تنتسبون إليها تحترمكم أو تهينكم، وأما من كانت بينه مع قبيلة علاقة خؤولة أو حلف مع احتفاظه بنسبه الأصلي فلا حرج عليه في هذا الحلف ولا في الاحتفاظ باتصاله وعلاقته مع تلك القبيلة مع احتفاظه بنسبه الأصلي، ويدل لهذا ما في حديث الصحيحين: إن بنت أخت القوم منهم.
وفي صحيح البخاري: أن حاطباً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم. قال ابن حجر في شرحه: قوله كنت امرأ من قريش أي بالحلف لقوله بعد ذلك ولم أكن من أنفسهم قوله كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم ليس هذا تناقضاً بل أراد أنه منهم بمعنى أنه حليفهم وقد ثبت حديث حليف القوم منهم. انتهى كلام ابن حجر.
ولا يعارض هذا حديث مسلم لا حلف في الإس لا م فالمراد به حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه، وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم والمؤاخاة في الله تعالى فهو أمر مرغب فيه، كما قال النووي وابن حجر.
فالحاصل أنا بينا في الفتوى السابقة تحريم ترك الإنسان نسبه الأصلي وادعاءه نسبا غيره ولم ندع لفك علاقات الحلف والصداقة مع قبيلة أخرى ما لم تكن فيما لا يرضي الله تعالى، هذا وننصحكم بالحرص على حل مشاكلكم بالتي هي أحسن والحرص على البعد عن الوقوع فيما يجر للوقوع في تباغض الأرحام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(13/14240)
حكم تغيير الاسم الأجنبي إلى عربي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو
أنا عربية الأصل مسلمة طبعا متحجبة لكن اسمي ليس عربيا بل أجنبي, فهل أنا مجبرة بتغييره لأن ذلك حرام وأحاسب على ذلك, أم هذا ليس فيه شيء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاسم لا يشترط كونه عربيا ولا يلزم تغييره من العجمية إلى العربية، فإن المسلمين الذين أسلموا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم لم يكلفوا بتغيير أسمائهم التي لم يكن فيها محظور شرعي كالتعبيد لغير الله، والتسمي بما هو مختص بالله، أو كان فيه معنى مذموم.
وراجعي الفتوى رقم: 22873 والفتوى رقم: 12614.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(13/14241)
خطورة إنكار الولد وجحده أو الانتساب إلى غير الأب.
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله
أنا امرأة عمري 40 سنة متزوجة ولدي طفلين مشكلتي هي أن أبي لم يسأل عني مند ولادتي بسبب مشاكل عائلية ومنذ ذلك الحين أنكر بأنني ابنته أنا بدوري لم أسال عنه ولو لمرة واحدة
فهل علي من إثم وهل واجبي السؤال عنه بالرغم من إنكاره لي أم لا؟
وجزاكم الله عنا خيرا والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبوت مسألة البنوة أو نفيها مسألة شائكة، وهي من الأمور التي تحتاج إلى القضاء الشرعي، وعليه، فكل ما في وسعنا في هذا الموضوع هو أن ننبه كلاً من الوالد المدعي والبنت المدعية على خطورة إنكار الولد وجحده أو الانتساب إلى غير الأب.
فعلى هذا الرجل إن كان يعلم أنه أبوك أن يتقي الله تعالى فيك وأن يستلحقك به، وأن يتوب إلى الله تعالى من إنكاره لك، وأن يستسمحك عما مضى قبل أن يفاجئه الموت وهو متلبس بهذه المعصية. فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. الحديث في سنن النسائي وأبي داود والدارمي، وضعفه الشيخ الألباني وصححه بعض أهل العلم.
وعلى كل حالٍ، فإنكار الولد وجحوده محرم، لما يترتب عليه من قطع نسب محقق، وتفويت حقوق وغير ذلك مما هو معلوم، وفي هذه الحالة -أعني حالة كون النسب ثابتا إلا أن الوالد ينكره- فيجب على الولد أن يبر أباه حسب حاله وما هو لائق به. هذا بالنسبة للوالد.
أما الولد المذكور فننصحه بتقوى الله عز وجل، وأن لا يدعي أو ينسب لمن تحقق من كونه غير أبيه. فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(13/14242)
علاقة ابن الزنا بالزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سئلت عن فتوى ولم أحصل على جواب شاف أريد أن أعلم لي ابن زنا وهو ينادني بابا وأنا أراه دائما. سؤالي هو: هل نداؤه لي بابا جائز أم لا؟ وهل يجب علي زيارته أم أقطع ذلك ولا أريه وجهي؟
أريد جوابا شافيا على أسئلتي.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا الولد ولدك، ولا يجوز أن ينسب إليك، ولا يجب عليك مواصلته، ولا أي شيء مما يجب على الوالد لولده.
أما نداؤه لك بما يدل على أنه يحسبك والده فلا يقر عليه، وليوضح له عندما يكبر ويعي ما يقال له أنك لست أباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(13/14243)
حكم تسمي الزوجة باسم عائلة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من رجل مسلم يحمل جواز سفر أمريكي وفي النظام الأمريكي يتم تغيير اسم عائلة الزوجة فقط لعائلة الزوج، سؤالي هل هنالك إي إثم علي أو على زوجي إذا قمت بتغيير اسم العائلة وما الحكم الشرعي في ذلك وهل هو حرام أفيدوني يرحمكم ويرحمنا الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في عدم جواز نسبة الزوجة إلى عائلة زوجها وهي برقم: 17398.
لكن إن ألجأتكم السلطات إلى ذلك ولم يكن بد من فعله فنرجو أنه لا حرج عليكم وقد قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} . على أن يبقى ذلك في الأوراق ولا يتعداه إلى استعماله عند المحادثة وقد قال تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ {الأحزاب: 5} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(13/14244)
الولد فهو منسوب إلى من كنت زوجة له
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتواكم في مسألة جزاكم الله خيراً، أنا كنت متزوجة وأثناء زواجي لم أكن على وفاق مع زوجي تعرفت على رجل أثناء زواجي وكانت لي معه علاقة غير شرعية كان نتيجتها ولد، لم يدم زواجي طويلاً طلقت وتزوجت من الرجل الذي كانت لي معه علاقة وتبنا والحمد لله، هل يجوز للولد أن يعيش معنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وقعت أنت وهذا الرجل في ذنب عظيم وفي كبيرة من كبائر الذنوب، فالواجب عليكما التوبة النصوح مما فعلتما قبل أن ينزل بكما هادم اللذات ومفرق الجماعات، وقبل أن تندما حيث لا ينفع الندم، وللتوبة شروط من أعظمها الندم على الوقوع في الذنب، ولمعرفة شروط التوبة انظري الفتوى رقم: 5450.
وأما هذا الولد فهو منسوب إلى من كنت زوجة له، وانظري الفتوى رقم: 51691.
ولا مانع من بقاء هذا الولد عندكم ولكن مع الحذر من التبني وهو أن ينسب الولد إلى غير أبيه، ولكم رعايته والاعتناء به وتربيته التربية الصالحة، نسأل الله أن يتجاوز عنكم وأن يغفر ذنوبكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(13/14245)
ولد الزنا ينسب لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الثالث: إذا زنت امرأة مع مجموعة من الرجال وحدث الحمل لديها بسبب هذا الزنا فما هو نسب هذا الطفل عندما يكبر (ابن الزنا) هل هو عربي أم فارسي أم تركي على فرض أن هؤلاء الرجال الزناة بينهم من هو عربي ومن هو فارسي ومن هو تركي وآخرون وكما يحدث الآن في الدولة الغربية أو الأوروبية حيث الزنا يكون في مجاميع، يرجى الإجابة على هذه الأسئلة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وإذا زنت المرأة برجل واحد أو أكثر فإن ولدها من الزنا ينسب لها هي لا لأبيه من الزنا، وراجع في هذا فتوانا رقم: 6045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(13/14246)
ينسب الابن لأبيه لا لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الثاني: إذا تزوج رجل عربي مسلم امرأة تركية وامرأة ثانية فارسية مسلمة ماذا يكون نسب الأبناء من هذا الزواج، هل هم عرب أم أترك أو فرس، أو إذا تزوج رجل من قبيلة الجبور امرأة من قبيلة الشمر فماذا يكون نسب الأبناء أو الأولاد، هل هم جبور أم شمر؟ يرجى الإجابة على السؤال، وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وإذا تزوج العربي التركية أو امرأة من أي شعب آخر أو آية قبيلة فإن الابن ينسب لأبيه لا لأمه، قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ {الأحزاب:5} ، وراجع في هذا الفتوى رقم: 13857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(13/14247)
مسألة حول الانتقال من قبيلة إلى أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[وبعد:-
أكتب اليكم رسالتى هذه عارضاً لكم من خلاله المشكلة التى ظلت تؤرقنا وتستثير مضجعنا وهى.:-
اننا من عائلة تعرف باسم (القريد واسعيد) وهذه العائلة تنحدر من جذور قبيلة عريقة لها أصلها وفصلها ومكانتها بين المجتمع
ونحن نقطن فى منطقة بالجماهيرية الليبية تعرف بمدينة جالو وأُجلا قبائل هذه المنطقة ترجع لأصول قبائل أخرى اجتمعت
وكونت مع بعضها بتحالف أو اتحاد قبائل مشتركة بات يعرف بقبيلة (المجابرة) فجأة وجدنا أنفسنا منضوين تحت لواء هذا الحلف الذى جاء من كلمة (تجابرو) اى اتحدو وتآلفوأ واجتمعوا على مواثيق محددة تكفل لهم العيش بمبدأ القبيلة الواحدة
ورغم ذلك بتنا نعانى من مشكلة قائمة بذاتها إلى الآن وهى عدم اندماجنا بالمعنى الحقيقى داخل بنية هذه القبيلة أى أصبحنا وللأسف نشعر بوجودنا كجسم غريب وضع وسط جسم آخر فلا هم يعترفون بانتمائنا لهم ولا نحن نشعر بحقيقة الانتماء الحقيقى لهذه القبيلة الأمر الذي جعل بيننا وبينهم حاجزا، وهو الود المفقود والتراحم والتعاون الحقيقى مثل الذى يحدث بين القبائل الأخرى، وهو ماشكل لنا عقبة فى الاندماج الكلى فى داخل أحضان المجتمع الذى نحن فيه،فسبب لنا العديد من المشاكل والمعوقات حيث إننا نجد أنفسنا أمامهم (مجابرة) وخلفهم ينكروننا ويعاملوننا على اننا ننتمى الى قبيلتنا الاخرى والامر اصبح لدينا فى موقف حرج جدا لايقبل فيه الانتظار او التهاون ولقد قررنا نحن الشباب العائلة بالعودة الى القبيلة الام والتى يرجع انتمائنا اليها، ولكن للاسف وجدت دعوتنا بالصد وعدم القبول بل بالرفض الكامل من قبل كبار الاسرة لدينا مما سبب لنا ضيقاً وحرجاً كبيرين، إذ هم يملكون حق رفع الفيتو (وهى قلة السماح وعدم الرضى) فى وجهنا كلما تطرقنا إلى الخوض فى غمار هذا الموضوع نجدهم اكثر اصراراً بتمسكهم بهذا الجانب اى بانتمائهم الى هذه القبيلة وانهم لا يريدون الرجوع الى القبيلة الاصلية برغم كل مانعانيه ونلاقيه من معاملتهم، وللاسف ان معظم شيوخ العائلة تسيطر عليهام افكار بعض الشيوخ الذين ينظرون الى مصلحتهم الخاصة بنظرة تعادل 1 الى 100 من مصلحة الاخرين وهم يملكون المال ويسيطرون على عقول الشباب،فى الرضوخ لامرهم،بالرغم من اننا علمنا بان راى الدين فى هذه النقطة بالذات تؤيد رأينا وتعاضد موقفنا فى هذه القضية، لما قرأناه عن عدة أحاديث للرسول عليه الصلاة والسلام وأن الله ينكر مثل الالتحاق الى قبيلة اخرى لها وجود فى المجتمع،ورغم ذلك ننحن نرضخ لراى ابائنا حتى لا نجعلهم يغضبون علينا.
علماً باننا وصلنا الى طريق مسدود فى الحصول على موافقتهم وهم مصرون على البقاء فى هذه القبيلة ونحن مما نلاقيه من ذل وهوان وعدم احترام لوضعيتنا وجدنا اخذين القرار بالعودة الى القبيلة الام التى ننتمى اليها، ولو كان على حسب رفض الاباء وعدم قبولهم.
علماً، بانهم يدركون جيدا باننا ننتمى الى قبيلة اخرى تعرف باسم (الجوازى) وحتى اجدادنا الى وقت قريب اى فى الفترات الماضية لم يذكرو انتمائهم لقبيلة المجابرة بل كان انتماؤهم الفعلى لقبيلة الجوازى وهناك وثائق تؤكد ذلك وهى من فترة لاتزيد عن خمسين سنة والى الان لايعرفون فى المنطقة الا بانتمائهم الى هذه القبيلة.
وما اريد ان اساله لكم هو:
هل علينا اثم اذا رجعنا الى قبيلتنا الاصيلة وكان هناك رفض من الوالدين والاسرة باكملها
وراى الشرع صراحة فى مثل هذا الموضوع؟
هل يعتبر خروجنا قلة طاعة او عصيان للوالدين اللذين يرفضون هذا المبدا؟
ما راى الدين فى حقيقة ما يعرف بالحلف المجرد ونتماء الفرد اليه؟ وماهى شروطه
نرجوا ان تعطونا اجابة كافية وشافية لما نعانينه من اضطهاد وعدم انتماء فى هذه المشكلة
وارجو ان تبعثوه لى بجواب خاص عبر الايميل لان هذه المشكلة لاتعنينى لوحدى بل عائلة باكملها
ولكم منى جزيل الشكر والتقدير
وجزاء الله خيراً من اعان على فعل الخير
وادعوا الله ان يجزيكم خير الجزاء والثواب على كل ماتقدمونه من خير وعملاً صالح لهذه الامة
اخوكم فى الله/ احمد اسعيد عامر
الجماهيرية الليبية
جالو-ص. ب 20899]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الجواب على هذا السؤال في الفتوى رقم: 46945
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(13/14248)
لا يلحق ولد الزنا بالزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من استلحق ابنا له من الزنا فهل يلحقه بهذا الاستلحاق؟ وما موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من ذلك؟
وهل للشيخ ناصرالدين الألباني في هذا كلام أوموقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ولد الزنا لا يصح إلحاقه بالرجل الذي زنى بأمه ولا نسبته إليه وإنما ينسب إلى أمه ولو كان معترفا به لأن المعدوم شرعا وهو هنا الأبوة الشرعية كالمعدوم حسا، هذا؛ مذهب جمهور العلماء.
قال الحافظ ابن عبد البر في كتابه الاستذكار ج7، ص162، عند كلامه على حديث الموطأ في قصة ادعاء سعد بن أبي وقاص ولد أمة لزمعة والد سودة بنت زمعة، وكان في دعوى سعد أن أخاه عتبة أوصاه عند موته أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك فعارضه عبد بن زمعة وتخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى به لعبد بن زمعة وقال صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. والحديث بنصه في الموطأ. قال ابن عبد البر: فكانت دعوى سعد سببا لبيان من الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في أن العاهر (أي الزاني) لا يلحق به في الإسلام ولد يدعيه من الزنا وأن الولد للفراش على كل حال، والفراش النكاح أو ملك اليمين لا غير، فإن لم يكن فراش وادعى أحد ولدا من الزنا فكان عمر يليط أولاد الجاهلية بمن استلاطهم ويلحقهم بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش لأن أكثر أهل الجاهلية كانوا كذلك، وأما اليوم في الإسلام بعد أن أحكم الله شريعته وأكمل دينه فلا يلحق ولد من زنا بمدعيه أبدا عند أحد من العلماء كان هناك فراش أم لا. ثم قال بعد هذا: أوملك يمين. انتهى. ومعنى الفراش: عقد النكاح على الحرة مع إمكان الوطء عند أكثر العلماء.
وقال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل: إنما يستلحق الأب مجهول النسب. قال: ولو كذبته أمه لتشوف الشارع للحوق النسب لا مقطوعه كولد الزنا المعلوم أنه من الزنا. انتهى. أي لا مقطوع النسب فلا يصح استلحاقه.
وقال ابن قدامة في المغني: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور.انتهى.
وأما الشيخ ناصر الدين الألباني فلم نجد له كلاما في هذا الموضوع إلا أنه حسن حديث أبي داود وأحمد الوارد في الفتوى رقم: 22196. وهو صريح في أن ولد الحرة المزنى بها لا ينسب إلى الزاني ولا يرثه وإن ادعاه وكذلك ولد أمة الغير.
وأما شيخ الإسلام فقد ذكر في فتاويه وفي اختياراته ما نصه: وإن استلحق ولده من الزنا ولا فراش لحقه، وهو مذهب الحسن وابن سيرين والنخعي وإسحاق.انتهى.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(13/14249)
حكم تغيير الجنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في تغيير الجنسية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله- في تغيير الجنسية بانتماء الشخص إلى بلد آخر غير بلده، إذا لم يترتب على ذلك محذور شرعي، كتضييع لحقوق الآدميين مثلاً، والأصل أن الله عز وجل قد جعل الناس شعوباً وقبائل للتمييز والتعارف لا من أجل الفخر والعصبية، قال تعالى: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13] ، وتراجع الفتوى: 22944 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(13/14250)
نسب أولاد من اكتشفا أنهما أخوان من الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج امرأة وأنجبا أطفالا وبعد مدة اكتشفا أنهما أخوان من الرضاعة فما العمل وماذا عن النفقة والنسب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حصل رضاع بين الزوجين المذكورين، فإنه يجب الفراق بينهما، بشرط أن يكون الرضاع خمس رضعات مشبعات معلومات.
وتفصيل هاتين المسألتين في الجوابين التاليين: 18149، 19499.
وبالنسبة لنسب الأولاد، فهم لاحقون بأبيهم لأن النكاح نكاح شبهة، وكل ولد نشأ عن نكاح شبهة فإنه يلحق بأبيه وتثبت له جميع أحكام البنوة.
ونفقة الأولاد واجبة على أبيهم ما لم يصلوا مرحلة البلوغ وهم قادرون على الكسب.
وراجعي أيضا الفتوى رقم: 27139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(13/14251)
لا نسب ولا توارث بين ولد الزنا وأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنجبت بنتا من الزنا وهي الآن حية فما حكم الشرع اتجاهها هل هي لي أم ليست لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص ابنتك من الزنا فالحكم فيها شرعاً أنه لا تربطك بها أي رابطة، لأن من قواعد الفقهاء المشهورة أن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً وبالتالي فلا نسب بينك وبينها، ولا توارث، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 19816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(13/14252)
تسمية ولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[بما أن ابن الزنا لا ينتسب إلى أبيه فكيف يعامل في المجتمع وهو لا يحمل أوراق ثبوتية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فولد الزنا لا ينسب إلى أبيه من الزنا لأنه ليس بأبيه شرعاً، ولكن يمكن أن ينسب إلى اسم معبد لله تعالى، كعبد الله بن عبد الرحمن، ويسجل به في الأوراق الرسمية، كشهادة الميلاد أو شهادة الدراسة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(13/14253)
يحرم على المرء أن ينسب إليه طفلا ليس ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ينسب طفلا غير طفله إلى نسبه ويربيه حيث إن الطفل ليس له أحد والطفل عمره لا يقل عن أسبوع هل يجوز لزوجتي أن ترضعه وأن أعطيه اسمي وأجعله ابني، حيث إني ليس لدي أطفال منذ أن تزوجت في عام 1413هـ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على الإنسان أن ينسب طفلاً ليس ابنه، إليه لما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه.، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً.
وعليه فيحرم عليك أخي الكريم أن تنسب هذا الطفل إليك ما دام أنه ليس ابنك.
أما أن تقوم بكفالته ورعايته مع عدم تبنيه، فهذا بلا شك من أفضل القربات وأجل الطاعات، ولزوجتك أن ترضعه ما دام في سن الرضاع، فإن أرضعته خمس رضعات مشبعات أصبحت أماً له من الرضاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1424(13/14254)
الولد للفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[على افتراض قبول الشخص بأمر الله وحكم رسوله في الفتوى 33617 و34679هل عليه أن يخبر إخوته وأخواته وأمه بكل شيء؟ ومن سوف يزوجهم أو يتزوجهم مستقبلا ألايعتبر غشا السكوت؟ وتزويجهم مستقبلا الرجاء الإيضاح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمر كما ذكرت الفتوى المشار إليها من أن الأولاد هم أولادُكَ أنت، لأنهم وُلِدُوا على فراشك ولم تنفهم بلعان.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه.
فماذا تريد أن تقول لمن يتزوجهم؟! إنهم ليسوا أولادك! هذا ليس بصحيح، بل هم أولادك شرعا.
وماذا تريد أن تقول لأمك وإخوتك وإخوانك؟ هل تريد أن تخبرهم بأن زوجتك زنت؟! هذا يحتاج إلى أربعة شهود، وليس لك الحق في الملاعنة الآن بعد مُضِيِّ سنوات، كما صدر في الفتوى المشار إليها.
فالذي ننصحك به هو: أن تستر عليها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.
وإن كنت لا تطيق العيش معها، فقد أباح الله الطلاق.
وأما الأولاد، فهم أولادك شرعا، كم سبق في الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(13/14255)
يشك في نسبته لأبيه فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص عرف أن الذي يحمل اسمه ليس أباه، وأن هناك أشخاصا أيضا أشاعوا هذا الخبر، وأن أباه الحقيقي فلان وشبة طبعا من الزنا واضح للكل ماذا يفعل؟ وكذلك هناك حديث "لا ترغبوهم عن آبائهم" أرجوتوضيح الوضع، وكيف يبرر هذا لإخوته وللمجتمع؟ وماذا يفعل بهذا العار وبنفسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الشخص منسوب إلى الرجل الذي ولد على فراشه، لقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
وهؤلاء الأشخاص الذين أشاعوا نسبته إلى غير من ولد على فراشه، يعتبر ما قاموا به قذفا، ويحق له ولأمه وللرجل الذي نسبوه له أن يثبتوا هذا القذف حتى يقام الحد على هؤلاء القاذفين، وحد القذف هو ثمانون جلدة.
قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] .
وعلى هذا الشخص أن لا يلتفت إلى ما يتداوله الناس بينهم من الأحاديث، فإنه لا سبيل إلى السلامة من ألسنتهم، إضافة إلى أن الطعن في الأنساب من المسائل الباقية في هذه الأمة من أمور الجاهلية.
ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونها: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة.
كما لا ينبغي أن يستسلم للأوهام وما يوسوسه الشيطان، بل ليكن على ثقة من نسبته إلى أبيه كباقي إخوته.
وهناك وسيلة مهمة لحفظ كرامته في المجتمع، وهي: أن كل من أراد النيل من عِرض أمه أو ينسبه إلى غير أبيه، يحق له أن يرفع دعوى ضده بالقذف، حتى ينال جزاءه.
ومن الأهمية بمكان: تنبيه هذا الشخص على أن كل من أراد التخلص من همومه وغمومه، فليتق الله تعالى، فإن من اتقاه كفاه ما أهمه من أمور دنياه وآخرته.
أما قولك: لا ترغبوهم عن آبائهم، فلم نعثر على كونه حديثا، ولعلك تقصد الآية الكريمة: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب: 5] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(13/14256)
يثبت النسب فتثبت أحكامه.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
إنكم تقولون في رد على السؤال رقم: 79080 إن الأولاد أولاده طبقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم فهل يعتبرون أولاده فعلا ويرثونه، ويعتبرون محارم لعماتهم على الرغم من أن هناك حديث: أي امرأة نسبت طفلا لغير أبيه حرمت عليها الجنة، وبالمثل الأب إذا علم، وهل علي أن أبلغها أني علمت أن الأولاد ليسوا أولادي، وإنني سوف أسترك لله فقط، وإن تابت كيف ستكون الحياة بيننا بعد هذا الغدر والخيانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمر على ما ذكر في الفتوى المشار إليها من كون الأولاد له، للحديث المذكور، وقد دلَّ هذا الحديث على ثبوت النسب، فيترتب على ذلك كل ما يتعلق بالنسب من أحكام، كثبوت الحرمة والمحرمية والميراث ونحو ذلك. وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين أنزلت آية الملاعنة: أيما امرأة أدخلت على قوم نسبًا ليس منهم فليست من الله في شيء. فقد رواه الدارمي في سننه بإسناد صحيح. وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد ضعيفة. وهو من حيث الفقه متعلق بالحكم الأخروي في حق المرأة، فلا يعارض ما ذكرناه من إلحاق الولد بصاحب الفراش ما دام لم ينفه عن نفسه باللعان. قال الباجي تعليقًا على حديث: الولد للفراش: فإذا كان الفراش له مع غيبته، فما ولد فيه لاحق به ولازم له، ولا ينتفي من ولد فيه إلا بلعان. اهـ
وعلى هذا الزوج إن تابت هذه المرأة ورأى إبقاءها في عصمته أن يستأنف حياته معها كأن لم يكن شيء، وليحذر من التلفظ بنفي الأولاد عن نفسه؛ لأن وقوع هذا منه يترتب عليه حد القذف كما سبق أن أشرنا إليه في الفتوى السابقة. ثم إننا ننصحه بالحرص على تعليم زوجته أمور دينها، وشحذ همتها لتزكية نفسها، وربطها بالنساء الخيرات الصالحات الطاهرات العفيفات، ليكنَّ عونًا لها على طاعة ربها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(13/14257)
ما دام عقد الزوجية قائما فأولادالزوجة ينسبون إلى أبيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فتاة مسلمة عاشرت نصرانيا دون زواج مدة من الزمن لتتركه وتتزوج من مسلم دون إخبار هذا الأخير بماضيها
1- ما حكم الدين في هذه الفتاة؟
2- هل تصبح حلالاً لزوجها المسلم بعد أن علم بالقصة؟
3- ما حكم الأولاد مع زوجها المسلم؟
جزاكم الله عني كل خير وأدامكم الله لنا.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما اقترفته هذه الفتاة معصية عظيمة، وكبيرة من كبائر الذنوب، فإن الله تعالى يقول: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
والواجب عليها أن تتوب إلى الله وتستغفره مما ارتكبت، فإذا تابت وأنابت غفر الله لها وقبلها، قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً [الفرقان:71] .
وأما حكم زواج المسلم منها فجائز إذا تابت وأصلحت، ولا يلزمها أن تخبر من يتقدم لها بتاريخها الماضي، فإن الشخص مطالب بأن يستر على نفسه وغيره.
وبهذا تعلم أن هذه الفتاة إذا تابت وأصلحت جاز نكاحها.
وأما سؤالك عن حكم أولادها مع زوجها المسلم فلم نعرف المقصود منه، لكن إن كان هؤلاء الأولاد ولدوا في فراش الزوج المسلم فهم أولاده، وفي الحديث: الولد للفراش، وللعاهر الحجر متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
والمقصود بالفراش فراش الزوجية، فما دام عقد الزوجية قائماً فأولاد المرأة ينسبون إلى أبيهم، وإن قصدتَ أولادها من الزنا فهم ينسبون إلى أمهم، ويجوز لمن يتزوجها أن ينفق عليهم ويربيهم، أما تبنيهم فحرام بالإجماع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(13/14258)
لا يجوز للمسلم أن ينفي نسب قريبه صراحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
إذا كان لديك من أقربائك إنسان شاذ يصر على فعل الخطيئة فهل يمكن لك أو لي أن أنكره أعني إذا سألني الناس هل يقرب لك فأقول لا؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان النكران بصريح الكذب فهذا لا يجوز، وإن كان ذلك يؤدي إلى نفي نسبه فلا يجوز أيضاً، وأما إذا كان النكران بطريق التعريض والتورية فلا مانع منه إن شاء الله تعالى.
والتعريض كلام له وجهان، أو عدة أوجه يفهم منه السامع غير ما يقصد المتكلم، وهو التورية، وثبت استعماله في السنة وعن السلف الصالح رضي الله عنهم، فمن ذلك ما جاء في البخاري: باب المعاريض مندوحة عن الكذب.
وقال إسحاق سمعت أنسا يقول: مات ابن لأبي طلحة فقال: كيف الغلام؟ قالت أم سليم: هدأ نَفَسه وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أنها صادقة. ومثال هذا كثير.
والحاصل أنه لا يجوز للمسلم أن ينفي نسب أخيه المسلم أو يتعمد الكذب المحض بحجة أن أخاه أو قريبه يرتكب بعض الأخطاء..
ومن كان يسوؤه حال قريبه الفاسق وسئل عن علاقته به فله أن يوري بعبارة تُفْهِمُ خلاف الواقع، ولا يكون فيها نفي نسب ولا كذب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(13/14259)
ولد الزنا لا تنطبق عليه أحكام النسب والميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أحد الأشخاص زنا بامرأة ثم حملت وتزوجها وأنجبت ولداً ثم طلقها، ولا يدري هل هذا الولد هو من صلبه أم من صلب غيره، ثم تزوج هذا الزاني من غير هذه المرأة وجاء له أولاد من المرأة التالية هل يجوز لهم الكشف على ذلك الابن أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من زنا بامرأة فحملت منه فإن الولد لا يلحق بأبيه من الزنا وإن تزوج أمه أثناء حملها به، قال صاحب المنهاج: ويمتنع استلحاق ولد الزنا مطلقاً.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه إن تزوج الزانى بالمرأة لحق به الولد، قال ابن قدامة في المغني: روى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال لا أرى بأسا إذا زنا الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها والولد له. انتهى.
وعلى مذهب الجمهور فإن ولد هذا الرجل من الزنا لا يعد شرعاً أخا لأخواته وإخوته من أبيه فلا تنطبق عليه أحكام النسب والميراث، وانظر الفتوى رقم: 21630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(13/14260)
الولد للفراش وللعاهر الحجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك صديق لي قد تورط بعلاقة حرام قبل الزواج وقد حملت المرأة لكن لا يعرف إذا كان الولد له أم لا؟ مع العلم أن المرأة متزوجة من رجل آخر الآن وقد انجبت الطفل وهو أيضا متزوج وقد أكرمه الله بولد وبنت.
أرجو منكم النصيحة والإرشاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على صديقك أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، وأن يستر على نفسه، وعلى من ارتكب معها هذه الفاحشة الكبيرة، وبهذا الخصوص نحيلك إلى الفتوى رقم: 1095.
وأما بخصوص الولد، فلا علاقة له به من أي ناحية، فالولد ينسب إلى زوج المرأة كبقية أبنائه، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر".
والعاهر هو: الزاني، فليس له إلا الخزي والعار، أو الرجم بالحجارة حتى الموت إن كان محصناً، وهو الذي سبق له أن تزوج ووطئ زوجته، وهذا إذا رفع أمره إلى الحاكم وكان مقراً أو قامت عليه البينة، ولا شك أن الأولى به هو أن يستر نفسه، كما تقدم.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نحيلك إلى الفتوى رقم: 13390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1424(13/14261)
ليس لولد الزنا من نسب سوى أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المولود الذي يولد من علاقة غير شرعية، علماً أنه متأكد أن الطفل ابنه، وهل يجوز إعطاء الطفل اسمه ويعترف به كابن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الرجل إذا زنا بامرأة وأتت منه بولد فإنه ليس بينه وبين أبيه من الزنا نسب ولا توارث، وإنما ينسب إلى أمه وأهلها نسبة شرعية تثبت بها المحرمية ويترتب عليها الولاية الشرعية والتعصيب والإرث وغير ذلك من أحكام البنوة.
ومن هذا يتبين للسائل عدم جواز نسبة ولد الزنا إلى غير أمه ولو كان أبوه من الزنا معروفاً معترفاً به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/14262)
الأولاد من النكاح الفاسد ينسبون لمن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من تعدد الزوجات التي أحلها الله للرجل فقط؟ وما حكم الزواج الذي يقوم على غير الكتاب والسنة؟ وهل الأبناء أبناء زنى؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكمة تعدد الزوجات في الإسلام في الفتوى رقم: 2286، والفتوى رقم: 15556 فراجعهما.
وأما حكم الزواج الذي يقوم على غير الكتاب والسنة، فإنه باطل، وقد سبق بيان الشروط التي يجب توفرها في الزواج الشرعي في الفتوى رقم: 25024، والفتوى رقم: 964 فراجعهما.
وإذا خلا عقد الزواج من شرط واحد منها فسد العقد ووجب التفريق بين الزوجين.
وأما عن الأولاد الذين نشأوا من ذلك النكاح الفاسد وحكمهم فراجع الفتوى رقم: 17568، والفتوى رقم: 25327.
وقد بينا فيهما أن الأولاد في الزواج الفاسد ينسبون إلى أبيهم، ولا يعتبرون أولاد زنا، لأن الزوج أقدم على الزواج معتقداً حله.
وهذا في نكاح الشبهة، والنكاح المختلف في صحته بين العلماء.
أما إن أقدم الزوج على نكاح محرم متفق على تحريمه بين الفقهاء، وهو لا يعتقد حليته فلا ينسب الولد إلى أبيه لحرمة الزواج، وما وقع بين الرجل والمرأة زنا يوجب الحد، ومثاله: أن يتزوج رجل من امرأة متزوجة ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1423(13/14263)
ولد الزنا ينسب لأمه لا لأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[معذرةً لقد زنيت ثم حملت التي ارتكبت معها الغلط وأنجبت بنتاً وهي الآن في بلد آخر وأريد أن أنسى الماضي سؤالي: ماذا يترتب علي؟ وهل هي في ذمتي فأنا الآن لا استطيع فعل شيء؟ علماً بأني أرسل لهما بين الحين والآخر مبلغاً يسيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك الآن هو أن تتوب إلى الله تعالى من هذه الذنب العظيم، فإن العبد إذا أذنب ثم تاب تاب الله عليه، والله تعالى يقول: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:39] .
ويقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [التحريم:8] .
والتوبة النصوح هي التي تجتمع فيها ثلاثة شروط: الندم على الذنب، والعزم على ألاَّ يعود إليه، والإقلاع عن الذنب.
أما البنت التي جاءت عن طريق الزنا فإنها مقطوعة النسب إليك، وإنما تنسب إلى أمها نسبة شرعية صحيحة، يترتب عليها جميع أحكام البنوة.
وإذا قصدت بهذا المال الذي تدفعه لهما وجه الله تعالى كان لك الأجر عند الله تعالى.
وراجع لذلك الفتوى رقم: 6045، والفتوى رقم: 12263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(13/14264)
إهدار نسب الولد لتفادي المشاكل غير معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تزوجت من امرأة أجنبية زواجا مؤقتا وبعدها انفصلنا عن بعض ورجعت إلى بلدي ,وبعد فترة اتصلت لتخبرني أنها حامل وقتها لم أصدق قلت لها بعد الولادة بعدة أشهر أرسلي صورة للطفل لكي اتأكد من الموضوع وأرسلت الصورة بالفعل وإذا بالطفل فيه ملامح مني كثيرة مع إحساسي بشوق الأبوة مع أني لا أقدر أن أخذهم في بلدي بسبب المشاكل الأسرية والعادات والتقاليد التي لا تسمح أرشدوني إلى ما ترونه مناسبا وهل علي إثم إذا تركته ولم أسأل فيه لتجنب المشاكل التي قد تحدث فيما بعد؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لسؤالك احتمالين:
الأول أن يكون النكاح قد تم بشروطه وأركانه المطلوبة شرعاً إلا أن مدته لم تطل بسبب الطلاق الذي أوقعته، فإن كان هذا ما تقصد فالنكاح صحيح والولد لاحق بك بلا خلاف.
الثاني: أن تكون قصدت به نكاح المتعة فإن كان كذلك فالنكاح باطل بإجماع العلماء لما روى البخاري ومسلم من حديث الحسن وعبد الله بن محمد بن الحنفية عن أبيهما أنه: سمع عليٍّ بن أبي طالب يقول لابن عباس: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمرالأهلية.
ولما أخرج مسلم في صحيحه عن سبرة الجهني أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس: إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة.
وبهذا يعلم بطلان النكاح المشار إليه، لكن إذا أقدمت عليه معتقداً حله فإن هذا يعد شبهة يلحق بها الولد بك، لما قرر الفقهاء من أن من تزوج زواجاً باطلاً وهو يعتقد حله فإن ولده يلحق به.
وعلى كل حال فهذا الولد ولدك يجب له عليك ما يجب لأي واحد من ولدك، ولا يجوز لك أن تتبرأ منه أو تقصر في حقه، بأي حجة، ولو خشيت ما خشيت من المشاكل، وكيف يكون تفادي المشاكل مسوغاً لإهدار نسب هذا الولد وسائر حقوقه المترتبة عليك، وأنت السبب في ظهوره إلى الوجود أتنسحب عنه في مثل هذه وتتركه للمصير المجهول؟! هذا لا يكون بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(13/14265)
موقف الإسلام من الجنسيات
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة يوجد بعض الناس يغيرون أسماءهم وأسماء آبائهم لأجل السفر للكسب فهل هذا داخل في الوعيد كما في الحديث: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام" مع إلقاء الضوء على حكم الجنسيات من المنظور الشرعي والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن تغيير الأسماء جائز طلباً لاسم حسنٍ أو أحسن، وذلك لما رواه مسلم عن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم بدل اسم عاصية وقال: أنت جميلة.، بل قد يكون تغيير الاسم واجباً، وذلك في حق من تسمى باسم ينافي عقيدة الإسلام كعبد المسيح أو عبد الرسول ونحوه، روى ابن أبي شيبة من حديث هانئ بن يزيد قال: وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم، فسمعهم يسمون عبد الحجر، فقال له: ما اسمك؟ فقال: عبد الحجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنت عبد الله.
وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
21152، والفتوى رقم:
20275.
وهذا الإذن من الشرع بتغيير الأسماء، لم يكن لسد الضروريات ولا الحاجيات، وإنما هو من باب التحسينيات، فإذا اضطر المرء لتغيير اسمه، أو عرضت له حاجة تستدعي ذلك، فهو جائز من باب أولى، ما لم يؤد ذلك إلى محظور شرعي، كالسفر إلى بلاد الكفر بقصد الإقامة فيها سواء كان ذلك للعمل أو النزهة، أو الانتساب إلى أب آخر، فيدخل في الوعيد المذكور في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم، فالجنة عليه حرام. رواه البخاري، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
13400.
ولمعرفة حكم السفر إلى بلاد الكفار والإقامة فيها راجع الفتوى رقم:
1818، والفتوى رقم:
2007.
والحاصل أنه لا مانع من تغيير الاسم بالصورة المذكورة في السؤال، مع الالتزام بالضوابط التي أشرنا إليها، ما دام في ذلك مصلحة راجحة، وتم بدون مخالفات شرعية.
أما عن موقف الإسلام من الجنسيات، فجماعه قول الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] .
فلا نسب ولا عز ولا جاه ولا سلطان ولا جنسية أرفع من التقوى. روى أحمد في مسنده، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، والناس بنو آدم، وآدم من تراب، لينتهين أقوام عن فخرهم برجال، أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وقد تداعى بعض الأنصار والمهاجرين ذات يوم بدعوى الجاهلية، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة. وفي رواية: دعوها فإنها خبيثة. رواهما البخاري.
وإن مما يندى له الجبين، ما حصل بين المسلمين من فرقة بسبب انقسامهم إلى دويلات، مما أضعف رابطة الإسلام، وأحل مكانها القومية والوطنية، وهذا لا يعني أن الإسلام يرفض الانتماء إلى بلد معين أو أسرة معينة أو قبيلة أو عشيرة من باب التعريف والتمييز، لا من باب الفخر والتميز، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13] .
والله تعالى يوفق المسلمين لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14266)
لا يجوز التسمية بعبد النبي وما شابهه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الأسماء مثل: عبد النبي، وعبد الرسول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز التسمي بمثل عبد الرسول وعبد النبي وما شابههما من الأسماء التي تتضمن التعبيد لغير الله عز وجل، لما فيها من غلو في الرسول صلى الله عليهه وسلم وإعطائه حقاً من حقوق الله عز وجل، وهو العبودية.
ومن كان اسمه معبداً لغير الله فالواجب عليه تغييره إلى اسم مشروع ما أمكنه ذلك، وقد حكى الإمام ابن حزم رحمه الله في مراتب الإجماع تحريم كل اسم معبد لغير الله.... إلخ.
وانظر أيضاً: معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد ص:380 وراجع الجوابين: 12614 9253
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1423(13/14267)
تضاف المرأة لزوجها إضافة زوجية لا نسبية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، هل تسمى المرأة بلقب زوجها أم يضاف بعد اسمها ولقب والدها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإضافة اسم المرأة لاسم زوجها أو عائلته والاستغناء بذلك عن اسم أبيها لا يجوز، وهو من عادات الكفار، قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5] ...
وقال تعالى: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا [التحريم:12]
ولم تنسب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه مع عظم منزلته عند الله وعند الناس، فكان يقال: عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر وزينب بنت جحش وهكذا.
وإذا أضيفت المرأة لزوجها فتضاف إليه إضافة زوجية لا نسبية، كما في الآية: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ [التحريم:10]
فيقال فلانة امرأة فلان أو زوجة فلان، وفي النسب والأوراق الثبوتية لايقال: إلا فلانه بنت فلان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1423(13/14268)
هل ينسب الطفل الناشيء قبل الزفاف لوالده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو وضع الطفل الناتج عن جماع قبل الزواج بشهر , ثم تم الزواج واكتشفت الأم بأنها حامل هل يعد ابن زنا (ابن حرام) وما هو الحكم؟
وهل يجوز إسقاطه وهو عمره شهر أم لا.
الرجاء الإفادة بصورة عاجلة جدا جدا لأن الأمر يخص شخصاً عزيزاً علي وهو سألني وأنا لا أعرف بماذا أرد عليه وأخاف أن يتصرف تصرفاً يزيد الأمر سوءا. بارك الله فيكم الرد عاجل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الجماع قد تم من الزوج بعد عقد الزواج، وقبل إشهار الدخول فهذا الابن منسوب لأبيه، لكونه نتج من وطء مباح بعد العقد.
وإن كان الجماع قد حصل قبل عقد النكاح، فهو زنا، والمولود الناشئ عنه ابن زنا ينسب إلى أمه ويرثها وترثه، ولا يحل لها إجهاضه، فإن فعلت فقد جمعت بين ذنبين عظيمين هما: الزنا وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.
وهل ينسب الابن إلى أبيه هنا لكونه تزوج بمن زنى بها؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، وقد سبق بيان في الفتوى رقم:
6045
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(13/14269)
لمن ينسب الولد إذا حملت المتزوجة بعد أن اغتصبت
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة تعرضت للاغتصاب ولم تخبر زوجها، وهي حامل وزوجها لا ينجب بسبب موت بعض الحيوانات المنوية لديه، وقال الأطباء إنه من الممكن حدوث حمل ولكن هذا مربوط بمشيئة الله. فما هو حكمها؟ وكيف تعلم إذا كان حملها من زوجها أم لا؟ مع العلم أنه في اليوم الذي اغتصبت فيه جامعها زوجها. أرجو الرد فورا ماذا تفعل لأنها ستطلق إذا علم زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحمل ينسب للزوج، ولا حاجة للتحقّق من ذلك، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ. متفق عليه.
وعلى هذه المرأة أن تستر نفسها، ولا تخبر أحداً بما جرى لها، ولا حاجة لإخبار الزوج، فقد ذهب بعض العلماء إلى عدم وجوب الاستبراء وجواز وطء الزوج لزوجته التي وقعت في الزنا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع على زاد المستقنع: ... بل إن القول المروي عن أبي بكر وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أن المزني بها لا عدة عليها إطلاقاً ولا تستبرأ، لا سيما إذا كانت ذات زوج؛ لقول الرسول عليه الصلاة السلام: الولد للفراش. بل ينبغي للإنسان إذا علم أن زوجته زنت والعياذ بالله وتابت أن يجامعها في الحال، حتى لا يبقى في قلبه شك في المستقبل هل حملت من جماع الزنا أو لم تحمل؟ فإذا جامعها في الحال حمل الولد على أنه للزوج وليس للزاني، أما إذا كانت المرأة الزانية ليس لها زوج فلا بد أن تستبرأ بحيضة على القول الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(13/14270)
حكم النظرة الدونية لبعض القبائل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى صديقي مشكلة: أنه يعيش في مجتمع عربي قبلي، وهو من قبيلة ينظر لها بالدونية وأنها أحط شأنا، فيحاول صاحبنا أن ينفي انتماءه لهذه القبيلة، وحيث يساعده في ذلك شكله الذي لا يشبه أفراد هذه القبيلة. ومشكلته اسم العائلة الذي يشير إلى انتمائه لهذه القبيلة باسم عام مثل محمد. وسألني النصح؛ هل ترون أنه يجوز له شرعا تغيير اسم العائلة من أجل أبنائه وليستريح من هذا التصرف المتخلف في مجتمعه؟ أم ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعيار الذي جعله الله سبحانه لولايته ومحبته وإكرامه للعباد هو معيار الإيمان والتقوى كما قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {يونس:62-63} . وأكرم الناس هم أتقاهم من أي قبيلة كانوا كما قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات: 13} .
والتفاخر بالأحساب من أمور الجاهلية كما قال صلى الله عليه وسلم: أَرْبَعٌ فِى أُمَّتِى مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِى الأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِى الأَنْسَابِ ... الحديث. رواه مسلم.
قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح: ومعنى الفخر في الأحساب هو التكبر والتعظم بعَدّ مناقبه ومآثر آبائه، وهذا يستلزم تفضيل الرجل نفسه على غيره ليحقره، وهو لا يجوز، وفي الحديث: كرم الرجل دينه وحسبه وخلقه، وفي ذلك نفي ما كان عليه أهل الجاهلية، وفيه تنبيه على أن الحسب الذي يحمد به الإنسان ما تحلى به من خصال الخير في نفسه لا ما يعده من مفاخره ومآثر آبائه. والطعن في الأنساب أي إدخال العيب في أنساب الناس، وذلك يستلزم تحقير الرجل آباء غيره، وتفضيل آبائه على آباء غيره، وهو ممنوع. انتهى.
والأصل أن تكون المحبة والموالاة للمؤمنين بغض النظر عن أصولهم، لأن الميزان الشرعي هو التقوى، وقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ في حجة الوداع: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى. رواه أحمد وصححه شي خ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والمشروع في الانتساب للقبيلة هو التعريف لا الفخر والبغي على الغير بنسبه وقبيلته، فهذه كلها من أعمال الجاهلية، ولقد صدق من قال:
لَعَمْرُكَ ما الإنسانُ إلا بدِينهِ * فلا تَتْرُكِ التقوى اتِّكالاً على النسب
فقد رَفَعَ الإسلام سلمانَ فارسٍ * وقد وَضَعَ الشركُ الشريف أبا لهب
فما ذكره السائل في سؤاله من احتقار قبيلة صاحبه والحط من شأن من انتسب إليها كل ذلك من أمور الجاهلية التي لا تجوز في الإسلام، كما بينا في الفتوى رقم: 28057.
ومع هذا كله فلا يجوز أن يقابل هذا المنكر بمنكر آخر وهو التبرؤ من نسب الإنسان وتغيير اسم عائلته، والانتساب إلى غيرها، فإن ذلك من كبائر الذنوب ففي الحديث الصحيح عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ. رواه البخاري ومسلم.
قال المناوي في فيض القدير: أي من رغب عن أبيه والتحق بغيره تركاً للأدنى ورغبة في الأعلى أو خوفاً من الإقرار بنسبه أو تقرباً لغيره بالانتماء أو غير ذلك من الأغراض. انتهى.
وقال ابن دقيق العيد في كتابه إحكام الأحكام في شرح حديث أبي ذر رضي الله عنه: ليس من رجل ادعى لغير أبيه ... الحديث، يدل على تحريم الانتفاء من النسب المعروف، والاعتزاء إلى نسب غيره، ولا شك أن ذلك كبيرة لما يتعلق به من المفاسد العظيمة. انتهى. ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 58829، 32867.
وعلى صاحبك أن يصبر ويتقي الله عز وجل، وليبحث عن حلول أخرى تكون مباحة، كالانتقال لمكان آخر إن لم يصبر على إقامته في مكانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(13/14271)
ماء الزنا هدر لا يثبت به نسب
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على إحدى الفتيات وأحببتها وأحبتني، تقدمت لخطبتها فرفضتني أمها بحجة أنها مخطوبة وهذا غير صحيح، علما أن جميع أهلها يعلمون أننا نريد بعضنا، وبعد فترة تواعدنا ووقعنا بالزنا، وبعد عدة أشهر أخبرتني أنها حامل وعلم أهلها بذلك، ووضعت حملها في الشهر التاسع، ووضعت طفلة وهي بصحة جيدة فحاولت مرارا وتكرار الزواج منها، هذا بعد توبتي إلى الله، إلا أن الرفض كان موجودا من أمها، علما أن أباها حي ويعيش معهم ولكن لا سلطة له في البيت، ومازلت أحاول الزواج منها لسترها وحفظها، وتربية ابنتها التي لم يتجاوز عمرها عشرون يوما، الآن أمها تقول أنها تريد أن تعطيني المولودة، وهذا يرجع كلها إلى كراهية أخيها الأصغر لي منذ أن تقدمت لخطبتها.
أمها تتبع كلام الصغير عن كلام الكل في بيتهم بمن فيهم أبواها، وكل يوم هي في رأي وتسب الطفلة يوميا منذ ولادتها وتلعنها، وهي لاذنب لها. أفتوني جزاكم الله خيرا أنا في حيرة ومازلت أريدها هي وابنتها وهي كذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيها السائل هو ملازمة الثبات على طريق التوبة إلى الله جل وعلا، وأن تجتهد في فعل الأعمال الصالحة المكفرة حتى يغفر الله لك ما كان منك من هذه الخطيئة العظيمة. فقد قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ. {هود:114} .
وفي صحيح الترمذي أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني.
ثم اعلم أنه لا يجوز لك الزواج من هذه المرأة إلا بعد أن تتوب إلى ربها مما كان منها من فاحشة، فإن تابت وظهرت توبتها, فلك أن تتزوجها حينئذ, وليس لأهلها أن يمنعوها من الزواج منك ولا من غيرك من الخطاب ما دام الخاطب ذا خلق ودين، فإن فعلوا فهم عاضلون آثمون, ويمكنها أن ترفع أمرها للقضاء ليجبر وليها على تزويجها بمن تريد أو يزوجها القاضي رغما عنهم.
مع التنبيه أن هذه البنت هي ابنتها دونك ونسبها إنما يثبت لأمها, لأن ماء الزنا هدر لا يثبت به نسب, ولا يجوز لأهل هذه المرأة أن يفرقوا بينها وبين ابنتها فإن التفريق بين الوالدة وولدها حرام, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فرق بين الوالدة وولدها فرق بينه وبين أحبته يوم القيامة. رواه الترمذي وقال حديث حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(13/14272)
هل يلحق الولد بأبيه إذا كان النكاح متفقا على بطلانه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي أنا شاب في 26من العمر, تعرفت على امرأة فرنسية عبر النت وهي كانت متزوجة ولها 3 أطفال. زارتني في بلدي فأذنبت وارتكبت فاحشة معها ثم عادت لبلدها وطلقت من زوجها السابق ثم عادت إلى بلدي مرة ثانية ثم أخطأت معها فأردت الإصلاح فكتبت عقدا بيني وبينها بدون شهود وكانت نيتي الزواج بها لكن كان يجب توفر بعض الأوراق الإدارية ليتم الزواج عند العدول وعند القنصلية الفرنسية، وفي ذاك الوقت أسلمت تلك المرأة وعادت إلى فرنسا ثم بعد 3 أشهر عادت بعدها كنا نعيش كزوج وزوجة لأني كنت أظن أن العقد الذي كتبناه حلال.
ذهبنا الى القنصلية والعدول فتبين أن هناك عدة صعوبات وعدة تعقيدات ليتم الزواج، فقررنا القيام بذلك بفرنسا لأنها أسهل هناك. حينها ذهبت هي إلى فرنسا واتفقنا على أني سوف أذهب إلى هناك خلال شهر نوفمبر. أكملنا اللقاء عبر النت فأخبرتني أنها حامل، فرحت ونذرت أن أسمي الطفل باسم محمد إن كان ولدا.
لكن بعدها وحين اقترب الوقت كي أذهب إلى فرنسا بدأت المشاكل تقع بيننا وعلمت أنها خانتني مع فرنسي افترقنا ولم أذهب إلى فرنسا. أعلم أنني اقترفت مصيبة وكبيرة من الكبائر والعياذ بالله. تبت إلى الله عز وجل.ماذا أفعل كي يتقبل الله سبحانه توبتي؟
وهل العقد الذي كان بيني وبين تلك المرأة حلال هل ذلك الطفل حلال أم لا، إن كان غير حلال فكيف أحلله وهل اسميه باسم محمد هل سيكون ذلك تشويها لاسم محمد أم لا؟
أريد أيضا أن يقام الحد علي فكيف أفعل كي أتطهر من ذنوبي أرجو ان تجيبني يا سعادة الشيخ الكريم فأنا أتعذب كثيرا ولا أدري كيف سألاقي الله تعالى غدا يوم القيامة.
جزاكم الله خيرا وأبعد عنكم وعن جميع المسلمين المصائب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يثبت أقدامك على سبيل التوبة وأن يصرف عنك كيد الشيطان ووساوسه.
أما بخصوص زواجك هذا فهو زواج باطل لا يختلف في بطلانه, فإنه قد جمع أكثر من علة للبطلان
ومن ذلك:
1- أنك تزوجت بهذه المرأة وهي كتابية غير عفيفة لما ذكرت من أنك قارفت معها الفاحشة, والله سبحانه إنما أباح الزواج بالعفيفات من نساء أهل الكتاب قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5} .
ومعنى المحصنات أي العفيفات عن الزنا, فالزواج بامرأة زانية من أهل الكتاب زواج باطل.
2- أن هذا الزواج تم بلا ولي ولا شهود, فهو باطل بلا شك لأن الولي والشهود من شروط صحة النكاح على ما هو مبين في الفتوى رقم: 4632 , والفتوى رقم: 46575.
هذا بخصوص النكاح أما بخصوص هذا الولد فهو ولدك ويلحق نسبه بك إن كانت العدة قد انتهت من نكاح الزوج الأول, ولا يضر ذلك كون النكاح باطلا.
جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين سواء كان الناكح كافرا أو مسلما...... فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر بل الولد للفراش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. انتهى.
وقال أيضا في الفتاوى الكبرى: ومن نكح امرأة نكاحاً فاسداً متفقاً على فساده، أو مختلفاً في فساده ... فإن ولده منها يلحقه نسبه، ويتوارثان باتفاق المسلمين. انتهى.
وبخصوص التسمية فلا حرج عليك في تسميته باسم محمد. أما بخصوص ما تذكره من بغيتك أن يقام عليك الحد فهذا قصد جميل وإرادة طيبة, وهي دالة – إن شاء الله – على حسن توبتك وصدق أوبتك, ومع ذلك فالأفضل أن تستر على نفسك وأن تكتفي بالتوبة الصادقة النصوح, فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله، فإنه من يبد لنا صفحته، نقم عليه كتاب الله. صححه الألباني.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23819، 34454، 113269، 115205.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(13/14273)
زنا بكتابية وتزوجها وأنجبت له ولدا من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قد سبق وأن عصيت الله وزنيت في بلاد أوروبية شيوعية سابقة مع كتابية مع العلم أنه لها علاقات سابقة من قبلي وكنت أعاشرها وأخفت عني حملها ولم تعلمني إلا عند دخولها في الشهر الخامس عندها قطعت بها صلتي وقد نفيت عني ما في بطنها، لكن بعد الولادة أعطيت اسمي للمولود رغم شكي المتواصل إلى حد هذه الساعة في أنه من صلبي وكان ذلك في نفس البلد، وبعد مرور سنة على ولادته تزوجتها سترا لها وللمولود ورجعت بها إلى بلدي ولم تدم عشرتنا إلا سنة واحدة وبدأت المشاكل، فقمت بتطليقها للضرر في بلدي ولم تحكم المحكمة بالنفقة لا لها ولا للابن، وقطعت صلتي بهما قطعيا، لكن عند مراجعتي لنفسي وتبت إلى الله عزّ وعلا وندمت شديد الندم على كل ما فعلت من زنى وما ترتب عنه، والآن أنا خائف من الله وأقوم بواجباتي الدينية عسى أن يكفر عن ذنوبي، فرجعت الاتصال بهما بعد سنوات وكانت الردود بجفاء ويطلبان مني النفقة وفعلا بدأت بإرسال ما تيسّر لي بفضل الله وأنا مازلت في حيرة من أمري الشيء الذي أدخل لي اضطرابا شديدا على حياتي وخاصة خوفي من ربّ العالمين.
إخوتي الأعزاء جزاكم الله خيرا، ما حكم الشرع في علاقتي بالابن وحمله لاسمي هل ما فعلته يصح شرعا.
إخوتي الأفاضل عظمت ذنوبي وأوزاري فإني أستغفر الله على ما فعلت، فادعوا لي جازاكم الله عني كلّ الخير وأفتوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر الله سبحانه الذي من عليك بالتوبة وأنقذك من براثن الشيطان وشباكه، ونسأل الله أن يثبت أقدامك على طريق التوبة والإنابة، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحات فإنها مكفرات لما يقترفه الإنسان من السوء.
ثم اعلم أخي أن زواجك من هذه الكتابية باطل لأن الله تعالى لما أباح للمسلم الزواج من الكتابية اشترط أن تكون محصنة، أي عفيفة، فقال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ {المائدة:5} .
والمراد بالمحصنات هنا: العفيفات، يقول الشعبي: إحصان الذمية ألا تزني، وأن تغتسل من الجنابة. انتهى من تفسير ابن عطية.
وقال الطبري في تفسيره: وبلغ عمر أن حذيفة تزوج يهودية فكتب إليه عمر: خلّ سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأُخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهنَّ. انتهى.
وقد ذكرت أن هذه المرأة المذكورة تمارس البغاء فعلى هذا يحرم الزواج بها ويقع العقد باطلا من أساسه.
وأما بالنسبة للولد فليس ابنا لك لأنه ولد زنا، ومن المعلوم أن ماء الزنا هدر لا حرمة له، فلا يثبت أحكام الزواج الصحيح من نسب وميراث وغير ذلك، وهذا هو رأي الجمهور لما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في استلحاق ولد الزنا أنه لا يلحق الولد فقال: إن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث؛ وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه، فهو ولد زنية من حرة كان أو أمة. والحديث حسنه الألباني، وهو صريح في أن ولد الحرة المزني بها لا ينسب إلى الزاني ولا يرثه وإن ادعاه الزاني.
قال ابن عبد البر في كتاب الاستذكار: ... أن العاهر (أي الزاني) لا يلحق به في الإسلام ولد يدعيه من الزنا وأن الولد للفراش على كل حال، والفراش النكاح أو ملك اليمين لا غير، فإن لم يكن فراش وادعى أحد ولدا من الزنا فكان عمر يليط أولاد الجاهلية بمن استلاطهم ويلحقهم بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش لأن أكثر أهل الجاهلية كانوا كذلك، وأما اليوم في الإسلام بعد أن أحكم الله شريعته وأكمل دينه فلا يلحق ولد من زنا بمدعيه أبدا عند أحد من العلماء كان هناك فراش أم لا. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور. انتهى.
وعلى هذا فهذا الولد ليس ابنا لك ولا تلزمك نفقته خصوصا وأنت تشك شكا قويا أنه من مائك، فقد نص بعض الفقهاء على أن الاستلحاق إنما يكون في مجهول النسب، أما المقطوع بكونه من الزنا فلا ينفع معه الاستلحاق.
وقال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل: إنما يستلحق الأب مجهول النسب. قال: ولو كذبته أمه لتشوف الشارع للحوق النسب لا مقطوعه كولد الزنا المعلوم أنه من الزنا. انتهى. أي لا مقطوع النسب فلا يصح استلحاقه.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1106، 6054، 23819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(13/14274)
موقف الشرع من إلحاق ابن الزنى بمن يدعيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي لدي بعض المداخلات والاستفسارات حول الفتوى رقم 6045 والمعنونة (ولد الزنى ولمن ينسب) ؛ بداية الموضوع أكثر من 4000 حرف لذلك بعد إذن سعادتكم سوف أضع جزءا منه في هذه النافذة والتكملة في نافذة ثانية بعنوان "استكمال للمداخلة حول الفتوى رقم 6045" راجيا أن تجدوها وتسامحوني على الإطالة.
سيدي؛ كما تعلمون أن من أهم الأهداف التي يرمي إليها الإسلام من التناسل هو حفظ الأنساب وعدم اختلاطها. لذلك فإن هذا الهدف يعتبر القاعدة الأساسية في التعامل مع مثل هذه الحالات، وبناء عليه اسمح لي ببعض المداخلات:
1- فحوى فتواكم (وأما نسبة الطفل، فإنه ينسب إلى أمه وأهلها) تؤدي إلى اختلاط الأنساب. بمعنى عندما ننسب هذا المولود إلى أمه، ماذا سيصبح اسمه؟ فلان بن فلانة. ماذا يحصل لو أراد فلان هذا الزواج من ابنة الزاني (أبوه الأصلي) أي أنه سيتزوج أخته ... ؟ من يمنعه ... ؟ وهل يجوز ذلك شرعا؟
2- فحوى فتواكم مدعاة إلى التشهير ومزيد من الممارسات المنحرفة (الزنا) . بمعنى؛ طالما أن فلان / فلانة منسوب إلى أمه، خلاف ما اعتاد الناس، فهذا تشهير به بأنه ابن زنا. فنظرة الناس له لها نظرة دونية. وكذلك نظرته لنفسه. لذلك من السهل على الشيطان أن يتملكه ويقنعه، طالما أنك ابن خطيئة وأن الناس يرمونك بخطأ أمك فلماذا لا تكمل مشوار الخطأ والرذيلة. فهو بذلك أسهل وأقصر طريق ممهد له ليكون فردا ساقطا وليمارس كل طقوس السقوط والرذيلة، والملامة حاصلة ومبررة أصلا فمن ينتظر أو يتوقع الفضيلة من ابن الرذيلة.
3- فحوى الفتوى مدعاة إلى عقوق الوالدين وكفرهما. فإن افترضنا أن هذا الشخص قد صلح أمره وهداه الله إلى التقى، فسوف يكون حاقدا كل الحقد على أمه وعلى أبيه المجهول. وهما يستحقان مثل هذا الحقد واللعن من المجتمع ولكن ليس من فلذة كبدهما ...
4- فحوى الفتوى مدعاة إلى نبذ هذا الشخص من المجتمع. فمن بالله عليك يرضى أن يتعامل مع فلان بن فلانة، ومن يرضى على نفسه أن يزوج هذا الشخص حتى ولو أصبح إمام مسجد أو أصبح من أهل التقى والورع. لن يزوجه احد لسبب بسيط هو أن اسمه فلان بن فلانة – أي ابن الزانية-.
5- فحوى الفتوى مدعاة إلى الحرمان والعنصرية والانحراف، فهذا الشخص قد حرم من أبسط حق له في الحياة ألا وهو الاسم، فهو غير كل الناس _فلان بن فلانة_ وكما تعلم سيدي نحن نجيد صنع الألقاب والتنابز بها فلك أن تتخيل ماذا سيكون لقب هذا الشخص _ لن يكون مشرفا أبدا_ سيكون بكل بساطة (ابن الشرموطة أو ما شابه ذلك) _ أرجو أن تسامحني على هذا اللفظ الدنيّ_ وكل ذلك طبعا يعود بالضرر على الشخص وعلى المجتمع بأسره. فعندما لا يجد هذا الشخص من يتعامل معه باحترام أو من يزوجه، لا يجد ملاذا غير الاختلاط مع أمثاله من الساقطين وبذلك ينشأ عندنا مجموعة ساقطة منحرفة ناقمة على المجتمع النظيف، فتكون ردة الفعل التلقائية لتلك الفئة هي تدنيس هذا المجتمع النظيف ونشر الرذيلة فيه بسبب التعامل العنصري الذي فرضه هذا المجتمع على هذه الفئة من الناس.
6- لذلك سيدي قد يكون من الأنسب الأخذ برأي العلماء الذين أجازوا نسبة هذا الولد إلى أبيه– الزاني– فهذا أحفظ للأنساب وأستر لهذا المسكين الذي ليس له أي ذنب بفعل الزنا الذي استلذ بصنيعه من استلذ وعليه هو أن يدفع ثمن تلك اللذة.
سيدي؛ أكتفي بهذا القدر في هذه النافذة راجيا الله أن يتسع صدركم لما كتبت وراجيا السماح على أي خطأ أو لفظ صدر عني.
كما أرجو أن تجدوا الجزء الثاني من الموضوع في النافذة الأخرى بعنوان "استكمال للمداخلة حول الفتوى رقم 6045" وسوف تكون مبدوءة برقم 7.
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا جواب مجمل على ما أوردته من مشكلات على نسبة ابن الزنى إلى أمه وعدم نسبته إلى من يزعم كونه أباه.
فأما زواجه بأخته من أبيه فغير وارد لأنه لا أب له ولا يمكن الجزم شرعا بكونه أباه، ولذلك فإن الصلة بينه وبين أولاد أبيه من الزنى معدومة شرعا، مع أنه ينبغي الاحتياط في ذلك وعدم نكاحه لها كما لو أشيع الرضاع بما لا يثبت به.
وأما التشهير بنسبة الولد إلى أمه فسببها جناية الأم والزاني فهما من يتحملان وزر ما يلحق ذلك المولود، ولا يمكن نسبته إلى أبيه من الزنى لعدم الجزم بأبوته له، ولأن الزنى ليس طريقا صحيحا للحوق الولد بأبيه فإلحاقه به ظلم لأهله وأقربائه وإدخال شخص غريب عليهم.
ويمكن نسبة ابن الزنى إلى عبد الله أو عبد الرحمن ونحو ذلك من الأسماء التي ليس فيها تعيين، فيقال مثلا محمد بن عبد الله أو خالد بن عبد الرحمن ونحوه، وبهذا يزول عنه ما قد يعاجله من حرج في المجتمع.
واحتمال وقوعه في الرذيلة كاحتمال وقوع غيره، وقد يكون خطأ أمه عبرة له ليصحح حياته وينأى عن الخطيئة والرذيلة، وإن اختار ذلك المسار السيئ وسبيل الغواية كما اختارها أبواه فوزر ذلك عليه كأي إنسان مكلف، كما أن حقده على أمه والجزم به بسبب خطئها غير صحيح إذا هي ربته وأحسنت إليه، فإن حقد عليها بعد ذلك فوزره عليه.
وأما عدم تعامل الناس معه فلا ينبغي نبذه بسبب خطأ أمه كما لا ينبغي التشهير به، وإنما يسمى بابن عبد الله ونحوه كما بينا.
وبناء عليه؛ فلا حرج في الأخذ بقول الجمهور الذين منعوا نسبة ابن الزنى إلى من يدعي كونه أباه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وإن كان من أمة لم يملكها أو حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث. رواه أحمد. ولأن نسبة ابن الزنى إلى من يزعم كونه أباه فيه دعوة إلى هذه الجريمة وتيسير على مرتكبها بستره.
ولذلك فإن جملة ما ذكرت من المفاسد يدل على بشاعة جريمة الزنى واستحقاق مرتكبها لما شرعه الله عز وجل من عقوبة ليرتدع المجتمع عنها، فلا يوجد أبناء زنى.
هذا مع التنبيه إلى أنه لو أخذ حاكم أو عالم برأي من يرى جواز إلحاق ابن الزنى بمن يدعيه وهو قول عروة وسليمان بن يسار وإسحاق ابن راهويه وأبي حنيفة رحمهم الله، فلا حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(13/14275)
حكم قول الأب لابنه لست بابني إذا فعلت كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول لابنه أنا متبرئ منك ولست ولدي إن فعلت كذا وهذا إن أراد أن يضغط عليه أو يمنعه من فعل أمر ما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتبرأ الوالد ونفيه نسب ابنه اللاحق به شرعاً معصية شنيعة ثبت الوعيد الشديد في شأنها، إذ لا يجوز نفي نسبه إلا بيقين محقق أو ظن مؤكد، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 31446.
وبناء على ذلك فلا يجوز قول الأب لابنه لست بابني إذا فعلت كذا أو إن لم تفعله، إلا إذا كان قاصداً لست بابني البار أو المطيع مثلاً، ولا يجوز له إطلاق هذا اللفظ من غير تقييد لاشتمال ذلك على ما يوهم نفي نسب ولده من غير سبب مبيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(13/14276)
الولد ينسب إلى من ولد على فراشه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج ولي أولاد يتيم الأبوين، أخبرتني خالتي مؤخرا أن أبي رحمه الله بسبب تأخر أمي في الإنجاب تزوج بأخرى دون علمها وأنجب أولادا, وشاء الله أن تحمل أمي بي في نفس الفترة وحين سماعها بزواج أبي قامت بإخفاء أمر حملها بي انتقاما بأبي وطلبت الطلاق من أبي وتزوجت برجل ثان شريطة أن يدعي أن هذا الحمل منه، وكان لها ذلك وولدت ونسبت إلى غير أبي الأصلي.
بعد مرور 40 سنة على الحدث وموت المعنيين بالواقعة (أبي وأمي) وغياب أدلة مادية على هذا الادعاء إلا شهادة خالتي: ماذا يمكنني فعله؟ هل أأثم بترك اسمي على غير اسم أبي مع العلم أنه ليس من السهولة بمكان تغيير اسمي لأنني أحتاج معلومات عن أبي الأصلي وأحتاج إثبات ادعائي وتغيير ملفات الحالة المدنية والشهادات و..الخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الثابت بالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الولد ينسب إلى من ولد على فراشه.
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش.
وعلى هذا؛ فإنك تنسب إلى من ولدت على فراشه وهو أبوك شرعا، وليس أبوك من كان متزوجا من أمك أولا، فلا عبرة بما ادعت خالتك ولا تلتفت إليه أو تشغل بالك به، ولا تشملك الأحاديث التي وردت في ذم من انتسب لغير أبيه، والواجب على خالتك أن تتوب إلى الله تعالى وتكف عن نشر مثل هذا الكلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(13/14277)
الولد ينسب لكما ولا التفات للوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقدّم إليكم باستفسار لأختٍ لي في الله، وحالتها كالتالي: هذه الأخت تزوّجت، وسكنت في بلاد المهجر حيث والدها وإخوانها الشباب معها في هذا البلد، وكانت بعض الأيام تعيش عندهم مما يضّطرها أحياناً إلى لبس سروال أحد إخوانها أو أبيها وذلك عندما تتّسخ ملابسها والبرد يكون قارصا فلا تجد في هذه الحالة غير أن تلبس هذه السراويل (ملاحظة الأخت محجّبة وتعي شبهة البنطال أو السروال أمام الأجانب) وقدّر الله لها أن تُرزق بحمل أوّل زواجها والحمد لله أنجبت طفلا شبيها بأبيه لكن المشكلة أنّها في إحدى المرّات كانت تقرأ إحدى المجلاّت ووقع نظرها وفكرها على نظريّة غريبة وهي أنّه من الممكن أن يتمّ الحمل عن طريق ارتداء سروال رجل يحمل الحيوانات المنويّة يعني ليس الجماع هو الطريقة الوحيدة لحدوث الحمل بل في ارتداء سروال عليه مني يوجد فيه الإمكانية لحدوث حمل أيضاً، ومن هذه اللحظة بدأت الوساوس تعصف بالأخت ودامت معها لسنوات وما زالت، وللأسف تمكّن الشيطان خزاه الله منها من هذا الباب، ولعلمكم أن الأخت عندما سألتها عن ذِكر الله قالت أنها لا تغفل عنه وتُحافظ على صلواتها وتحاول اتقّاء الله ولا نزكّيها عليه سبحانه وتعالى.. أسئلتي لهذه الحالة بارك الله فيكم، هل يتمّ الحمل عن طريق ارتداء المرأة لسروال يحمل الحيوانات المنويّة!، لو شككنا في أنّه يُحتمل حدوث الحمل عن هذه الطريقة فما موقف الأخت شرعيّاً وكيف تُريح بالها بأن هذا الولد منتسب لأبيه بل كيف تتعامل مع الولد (من الصعب أن تبقى مدى حياتها تشكّ في نسبه) !، كيف تفيدونها على التخلّص من هذا الوسواس!، المعذرة على الإطالة وكلّنا أمل بسرعة استجابتكم لأن حالة الأخت تقلقني ووضعها قد أتعبها والله المُستعان على ذلك.. يسّر الله أمركم وسدّد خُطاكم ودُمتم بحفظه ورعايته وتوفيقه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلم الفقهاء قديماً في مسألة ما لو وطئ رجل زوجته وأنزل معها ثم نزع منها فمسح ذكره بحجر فأخذت الحجر امرأة أجنبية فامتسحت به فحملت، وتكلموا حول ما يترتب على ذلك من لحوق الولد ونحوه، وهذا في غير من هي ذات زوج، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 60234.
وأما ذات الزوج فلو ولدت لمدة الإمكان منه فإن هذا الولد ينسب إلى الزوج، ولا ينفى نسبه عنه ولو زنت المرأة زنى حقيقياً، إلا إذا أنكره الزوج ولاعن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه، وتراجع الفتوى رقم: 35758، والفتوى رقم: 29434.
فعلى هذه الأخت أن تدفع هذه الوساوس ولا تلقي لها بالاً، وأن تحذر من الشيطان ووسوسته، وتراجع الفتوى رقم: 79891، ففيها كلام مفيد حول ما يدفع به الوساوس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(13/14278)
إثم الانتساب لغير الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في نسب الولد إلى غير أبيه تعذيب له فى القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود هل يعذب الأب بذلك؟ فالجواب: أنه لا يعذب بذلك ما لم يكن أمر ولده به أو أعانه عليه لأنه حينئذ يكون شريكا له في الإثم.
وأما إن فعله الولد دون علم الأب أو إذنه فلا إثم على الأب، إذ لا تزر وازرة وزر أخرى، وإنما الإثم على الابن. ومن فعل ذلك فهو عرضة لعذاب القبر إن لم يتب إلى الله، ويتداركه ربه بمغفرة منه ورحمة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1130، 35878، 58889، 59558.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(13/14279)
من تزوج امرأة واستولدها ثم ظهر أنها أخته من أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج وولد له من امرأته، وتبين بعد ذلك أنها أخته من الأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تزوج امرأة واستولدها، ثم ظهر أنها أخته من الأب فإن نكاحها يفسخ. وأما البنت التي كانت ثمرة لذلك الزواج فإنها لاحقة بأبيها، لأن جهلهم بالمحرمية يعتبر شبهة تدرأ الحد، وكل شبهة تدرأ الحد يثبت معها النسب.
قال ابن عاصم الأندلسي:
وحيث درء الحد يلحق الولد * في كلما من النكاح قد فسد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(13/14280)
الإجهاض بعد الزنا معصية على معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مقيمة بألمانيا متزوجة منذ أكثر من سبع سنين لم أرزق بطفل رغم أني امرأة ليست لي مشاكل صحية ولكن في الأيام الأخيرة أصبت بإهمال من طرف زوجي مما اضطرني في عدة حالات لطلب الطلاق ولكن كان يرفض بشدة وكثرت مشاكلي من ناحية الأولاد ومن ناحية أخرى أنه جنسيا غير كاف لإشباعي فالنوم هو هوايته بعد قدومه من العمل فمللت هذه الحياة معه، وفي يوم سافرت خارج ألمانيا، بالصدفة تعرفت على شاب مسلم أبدى لي شيئا من الاهتمام حتى أدى بي الأمر إلى التفكير به وراودني الشيطان حتى أصبحت في قصة حب أصلا لم تكن على البال، وهنا بدأت المحرمات حتى صدمت أني حامل منه، المشكلة أنه لا أحد يعرف عن هذا الموضوع، والآن أفكر في الإجهاض لأن الطرف الجديد ليس له الرغبة في الزواج، هو الآخر لا يعرف شيئا،
أرجوكم ساعدوني والله لم تكن في نيتي خيانته فهو الذي تجاهلني، ماذا أفعل سامحوني أعرف أنها مشكلة تشمئز لها القلوب.
أعتذر لغتي العربية ليست بالجيدة أريد ردا سريعا قبل فوات الأوان، وادع لي الله أن يغفر لي ويتوب عني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك التوبة النصوح، وأن يغفر لك ذنبك، وأن يوفقك إلى الصلاح والاستقامة بمنه وكرمه.
ولا ريب أن ما أقدمت عليه من فعل الفاحشة جرم عظيم فهو تفريط في جنب الله وجناية على حق الزوج، فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح، والإكثار من الأعمال الصالحة، واجتناب كل ما قد يدعو إلى الوقوع في الفاحشة مرة أخرى، وراجعي شروط التوبة بالفتوى رقم: 5450.
واعلمي أن تقصير زوجك إن حدث منه فعلا لا يسوغ لك الإقدام على مثل هذا المنكر، والمرأة إذا كانت متضررة من زوجها ولم يستجب إلى طلبها الطلاق فلها الحق في رفع الأمر إلى من يستطيع أن يزيل عنها هذا الضرر كالمحاكم الشرعية وما يقوم مقامها من الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين في البلاد غير الإسلامية كالمراكز الإسلامية ونحوها.
فالحاصل أنك أخطأت خطئا بينا بفعلك الفاحشة، وإذا أقدمت على إجهاض هذا الجنين تفاقم الأمر وازداد الإثم، فلا يجوز لك الإقدام على إجهاضه، وراجعي الفتوى رقم: 2016.
والواجب عليك الستر على نفسك فلا تخبري بهذه المعصية أحدا زوجا أو غيره، وانظر الفتويين: 47191، 1095، وأما هذا الولد فإنه يلحق نسبه بزوجك لأنه صاحب الفراش، وراجعي تفصيل ذلك بالفتوى رقم: 29434.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1428(13/14281)
ولد الزنا يأخذ حكم الإخوة لأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال على ابن الزنا هل أخته وعمته وخالته تتحجب عنه في كبره أي وكأنه محرم عليهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ولد الزنا ينسب إلى أمه، فهو بالتالي يأخذ حكم الإخوة لأم، فأخته لأمه وخالته كل منهما من محارمه فلا يلزمهما الاحتجاب منه، ولا ينسب ولد الزنا إلى من زنى بأمه، فيلزم بنات هذا الزاني وأخواته الاحتجاب من هذا الولد لأنه أجنبي عنهن، ونرجو أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 22415، والفتوى رقم: 34672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(13/14282)
ولد الزنا لا ينسب للزاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف صديقة ابنها أخطأ مع بنت ليست مسلمة، وهي الآن حامل، فهل المولود يكتب باسم الأب أم لا، مع العلم بأننا نعيش في بلد غربي وممكن أن يكتب الطفل باسم الأم، وإذا أصرت الأم أن يكتب الطفل باسم الأب، فهل هذا جائز شرعاً وهل يجوز أن يتزوجها ويكتب الطفل باسمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله ابن صديقتك خطيئة ومعصية يجب عليه التوبة منها، وأما الولد فلا ينسب إليه، ولا يجوز إلحاقه به شرعاً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 24532، والفتوى رقم: 25641، وتسجيل ذلك لا يترتب عليه أثر شرعي من نحو إرث أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(13/14283)
لا حرج في انتساب الموالي إلى قبائلهم
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد فئة من الناس وهم في الأصل (عبيد) لقبيلة ما ينسبون أنفسهم إلى هذه القبيلة التي عاشوا معهم منذ أجدادهم.
فهل هم من الذين لا يدخلون الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن انتساب الشخص إلى غير أبيه أو توليه لغير مواليه من الكابائر، وقد بينا ذلك في الفتاوى: 35878، 32867، 58829، 46945.
وأما موالي القوم فإنهم يعتبرون منهم شرعا، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مولى القوم من أنفسهم. أو كما قال. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مولى القوم منهم، وابن أختهم منهم، وحليفهم منهم. رواه أحمد وغيره.
وعن ابن أبي رافع عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال: ألا تصحبني تصيب. قال: قلت: حتى أذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك فقال: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، وإن مولى القوم من أنفسهم. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
ورافع هذا كان عبدا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأعتقه وأصبح من جملة مواليه كما هو معروف.
وقد بحث أهل العلم أحكام الولاء وخصصوا لها أبوابا في كتب الفقه. ولم يزل السلف الصالح ينسبون إلى القبائل بالولاء.
فهذا سيد التابعين الحسن بن أبي الحسن البصري الأنصاري مولاهم، والإمام البخاري الجعفي مولاهم....
وعلى هذا فإن انتساب هؤلاء الموالي إلى تلك القبائل بالولاء لا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(13/14284)
تظن أنها بنت أخيها الذي زنى بأمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتوني أرجوكم في هذه المسألة عاجلا. أبي متزوج ثلاث نساء أنجب من الزوجة الأولى بنتا وهذه البنت منجبة أبناء صالحين (هذه الملحوظة لها دور كبير في حياتي) وأنجب من الزوجة الثانية ابنا واحدا وأنجب من الزوجه الثالثة ثلاث بنات أنا منهم وابنا واحدا. وأنا صغيرة رأيت أخي الذي هو من الزوجة الثانية يزني مع أمي (التي هي الزوجة الثالثة) لدرجة أنني بكيت من شدة هذا المنظر وكنت صغيرة 7 سنوات وأنا قلقة الآن لأني قد أكون ناتجة من زنا أخي مع أمي يعني أخي ليس بأخي إنما هو أبي. ماذا أفعل؟ هل يعترف الإسلام بثبوت النسب طبيا أم لا؟ كما أنني معجبة بابن أختي التي هي من الزوجة الأولى وأريد أن يكون زوجا لي لأنه رجل صالح ولو كنت بنت أخي سوف يكون ابن أختي ليس بابن أختي إنما ابن عمتي ويجوز لي (ملحوظه علمت أن الله تعالى من فضله على العباد أنه لم يضع الشهوة مع المحرمات ولا المحرمين وأنا ليس بي شهوة مع المحرمين عندي مطلقا إلا أبناء أختي لاحظت ذلك وأنا أهزر معهم واستنتجت من ذلك أنهم قد يكونون أبناء عمتي وإني ناتجة من زنا أخي مع أمي هل استنتاجي صحيح أم لا لكن أنا ابتعدت عنهم لما أحسست هذا الإحساس هل هذا الفعل صحيح أم غير صحيح؟ افتوني في هذه الفتاى أرجوكم أنا أتعذب لأني قلقة من هذا الزنا ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا من أخطر الفواحش وأشدها إثما وأكثرها جرما، وهو مع المحارم أشنع وأبشع، وقد بينا عقوبة مرتكب تلك الفاحشة في الفتويين: 3970، 16574، ولعظمة هذه الفاحشة يحرم تحريما غليظا أن تنسب ويرمى بها أحد ما لم تقم بينة قطعية على فعله لها.
وعليه، فاحذري من ذلك أشد الحذر، ولو كنت على يقين تام مما ذكرت فيجب عليك أن تستريه لما ذكرنا في الفتوى رقم: 33617، ولك في هذه الحالة نصح أمك بحكمة وموعظة حسنة، ومنعها من الوقوع في مثل تلك المعاصي، وذلك من البر بها كما بينا في الفتوى رقم: 46294، وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
وأما الأوهام التي تراودك وهي كونك ابنة أخيك الذي يزني مع أمك ولست ابنة أبيك، فهذه من الشيطان، وعليك صرف النظر عنها وعدم الخوض فيها، والولد إنما هو للفراش، ولا يمكن نفي النسب إلا من قبل الزوج بملاعنة الزوجة إن تبين له زناها وكونها حملت من زنا؛ كما بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 65845، وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
وبناء عليه فالمرأة أمك والرجل أبوك وأبناؤه إخوتك وأبناء أخواتك من محارمك لأنك خالتهن فلا يجوز لهم نكاحك، وقد بينا المحرمات من النساء في الفتوى رقم: 9441، ومن شعرت بالشهوة نحوه من محارمك يجب عليك الكف عنه وعدم الخلوة به وعدم ملامسته. وانظري الفتويين رقم: 24117، 24441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(13/14285)
حكم البنت المولودة عن علاقة غير شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بحقوق والدي علي. فهولا يعترف بي شرعيا ويقول إنه فعل ذلك لكون أمي لم ترض بالبقاء معه مع العلم أني ولدت عن طريق علاقة غير شرعية. أنا سني 23 الآن ولم يكن يسأل عني وكنت أراه مع أبنائه ولا أستطيع التحدث إليه لكوني كنت صغيرة وهو أيضا لم يفكر حتى في رؤيتي وقدر الله أن أتحدث إليه في شهر 6 من هذا العام. وطلب المسامحة وسامحته لكنه حتى الان لم يتصل بي ولا مرة ولم يعترف بي. حتى إنه لا يسأل عني وكأني غير موجودة وأنا اسأل ما هو دوري تجاهه. الحمد لله أنا مؤمنة بالقضاء وقد عوضني الله بجدي وجدتي فقد كانا نعم الأبوين فحتى أمي تزوجت وعلاقتي بزوجها غير جيدة فهو دائما يسمعني كلاما جارحا رغم أني لا أذهب عندها إلا مرة في السنة أو مرتين. أرجو الإجابة وجزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البنت المولودة من رجل عن طريق علاقة غير شرعية لا يحق للرجل أن يعترف بها ولا تنسب إليه شرعا؛ لما في حديث الصحيحين: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
وللقاعدة الفقهية: المعدوم شرعا كالمعدوم حسا.
وهذا هو مذهب الجمهور، وليس لهذا الرجل حقوق على تلك البنت، ويتعين عليها أن تستره ولا تذكر للناس أن لها علاقة به، ومن بلغت هذه السن ينبغي لها أن تستعين بالله تعالى في تحصيل زوج تسعد معه بالحياة الزوجية الطاهرة، ولا بأس أن تغير سكنها وتسكن في مكان لا يعرفها أهله حتى تضمن ستر نفسها وتبتعد عمن يؤذيها بإسماعها ما يجرح مشاعرها؛ إذ أنها لا وزر عليها فيما حصل قبل ميلادها، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 22415، 22196، 12263، 6045، 54266، 46306، 71549، 30197، 50432، 32981، 56892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1427(13/14286)
حكم انتساب البنت إلى زوج أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت من الزنا وأحمل اسم زوج أمي، وزوجي لا يعلم بهذا الأمرهل يجب إخباره وهل علي أن أغير اسمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزمك إخبار زوجك ولا غيره بما ذكرت، والأفضل أن تستري نفسك وأمك، وليس عليك ذنب فيما ارتكبه أبواك، ولكن لا يجوز لك الانتساب إلى زوج أمك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا. رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: من ادعى إلى رجل وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام. رواه البخاري
ولذلك فإن عليك أن تغيري نسبتك إلى زوج أمك الذي تنتسبين إليه باسم آخر تختارينه ويكون مناسبا لك فتقولين مثلا (فلانة بنت عبد الله أو بنت عبد الرحمن) ، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتاوى التالية أرقامها: 6045، 12263، 37061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(13/14287)
من شروط نفي الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[أتاني رجل وأخبرني أنه متزوج من امرأة منذ سبع سنين، وأن الفحوصات أظهرت أنه عقيم لا يولد له البتة، وأن المرأة حملت بولد، وأنها أنجبت ابنا، وأنه قام بتحليل للدم، فأظهرت النتائج أن الولد ليس من هذا الرجل. وسؤاله هو: ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الولد الذي جاءت به زوجة الرجل المذكور ولده وينسب إليه، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا إذا ثبت ثبوتا قطعيا لا يقبل الشك من خلال التحاليل الطبية الصادرة من الأطباء الموثوق بهم أنه ليس منه، فإذا ثبت ذلك وجب عليه اللعان، ويجب أيضا أن يكون فور العلم بالولادة إن أمكنه ذلك كما هو مذهب جمهور العلماء، فلو أخر الزوج زمنا لغير عذر لم ينتف عنه الولد بحال بعد ذلك. وقد سبق توضيح ذلك كله، وتوضيح كيفية اللعان، في الفتاوى التالية أرقامها: 72548 / 1147 / 40956 / 59172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(13/14288)
من أتت بولد تام لأقل من ستة أشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت تزوجت وبعد الزواج بأربعة شهور ولدت واتهمتها العائلة بالزنا- وهي وأمها وأبوها ينكرون ويقولون إنها ارتدت بنطلون أخيها فانتقل السائل إليها، كلام غير معقول ولا يقبله صحيح العقل، والآن العائلة بأكملها تقاطع البنت والأب والأم وأخ الأم يسأل هل يجوز مقاطعتها أم من باب صلة الرحم عليه صلتها أرجو توضيح موقف الأخ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن هذا الحمل سابق على هذا الزوج، لأنه جاء دون أقل مدة الحمل، وقد نص أهل العلم على أن الحمل إذا جاء بهذه الصورة لا ينسب إلى الزوج.
قال ابن قدامة في المغني: إذا وطئ الرجل أمته فأتت بولد بعد وطئه بستة أشهر فصاعدا لحقه نسبه، وإن أتت بولد تام لأقل من ستة أشهر لم يلحقه نسبه لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر.
وبما أن هذه المرأة لا تقر بحصول الزنا فلا حد عليها عند جمهور أهل العلم لاحتمال أن يكون الحمل قد يكون نتيجة لوطء في النوم وهي لا تدري، أو أنه كما تدعي بواسطة بنطلون أخيها إذا أثبت الأطباء المتخصصون حدوث ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 54129، والفتوى رقم: 28539.
وعلى كلٍ فلا يجوز هجر هذه المرأة ولا أهلها وخاصة فيمن تربطهم بهم رابطة رحم لمجرد ظهور حمل بها من غير إشهار المعصية أو إصرار عليها، بل لو ثبت أن هذا الحمل من الزنا ولم تتب منه فإنها لا تهجر إلا إذا كان في هجرها مصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(13/14289)
حكم مناداة الصغير لغير والده بالأبوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أترك بنت أختي تناديني يا أبي علما بأن والدها توفي وهي عمرها سنة وأربعة أشهر أريد حكم الإسلام في هذا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 9971 حكم نداء غير الأب بيا أبي ونحوها، وذكرنا هنا لك أنه لا يحرم إلا إذا قصد به التبرؤ من الأب، وعليه، فلا حرج عليك في ترك هذه البنت الصغيرة تناديك، ولكن إذا عقلت تبين لها الحقيقة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(13/14290)
أحكام تتعلق في نفي نسب الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص متزوج اكتشف بعد مرور عدة سنوات أن أحد أبنائه ليس منه بمعنى أن زوجته قد زنت وأنجبت طفلا ليس من صلبه ثم أبلغ عنها وسجنت الزوجة وطلقها وحصل على قرار من المحكمة بضم الأبناء، السؤال ما مصير هذا الطفل ... وهل يجوز لهذا الرجل تربية الطفل بعد أن طلق زوجته وعجز عن معرفة الأب الحقيقي للطفل
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن الولد ينسب إلى صاحب الفراش وهو الزوج لما رواه الشيخان وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر. فلا يجوز للزوج نفي نسب الولد إلا إذا تحقق كونه ليس منه أو غلب على ظنه ذلك بالقرائن، وكيف يسهل أن يدعي أن الولد ليس منه والمرأة تحته وهو يأتيها، وليعلم الأخ السائل أن لنفي الولد عن الزوج شروطاً منها الفور والتعجيل في نفيه، فإذا مر زمن بعد علم الزوج بالولادة أو الحمل ولم يكن له عذر في تأخير النفي سقط حقه في نفي الولد. قال في الموسوعة الفقهية ملخصا مذاهب الفقهاء في شرط التعجيل والفور في نفي الولد باللعان: إذا أتت امرأة بولد لزم زوجها نسبه بالفراش، فإذا أراد نفيه باللعان بعد ذلك فقد اشترط المالكية والشافعية في الجديد على الأظهر والحنابلة لصحة النفي أن يكون فور العلم بالولادة مع إمكانه، فلو أخره زمنا لغير عذر لم ينتف عنه بحال بعد ذلك. وذهب الحنفية والشافعية في أحد القولين في القديم إلى جواز تأخير النفي مدة قدرها أبوحنيفة بمدة التهنئة، وهي ثلاثة أيام، وهو قول الشافعية في القديم، وفي قول لأبي حنيفة أنها سبعة أيام، وقدرها الصاحبان بمدة النفاس. والقول الثاني في القديم عند الشافعية أن له النفي متى شاء ولا يسقط بإسقاطه. انتهى.
ولا يفيده في نفي النسب اعتراف الزوجة بالزنا وحكم المحكمة عليها بالسجن، قال خليل: ولو تصادقا على نفيه. قال الدردير: أي الولد قبل البناء أو بعده فلا بد من لعان من الزوج لنفي الولد، فإن لم يلاعن لحق به. 2/460، وتراجع الفتوى رقم: 33617، والفتوى رقم: 40956، للفائدة.
وعليه؛ فإن كان للزوج عذر في تأخير النفي ـ ويرجع تقدير العذر إلى القاضي ـ فعليه أن ينفي نسب هذا الولد باللعان المعروف، وينسب إلى أمه، فإن لم يكن له عذر في تأخير النفي فهذا الولد ينسب إليه شرعا ويلحق به وليس له نفيه عنه وله أحكام الابن من التحريم والميراث والمحرمية والنفقة، وغير ذلك من أحكام النسب الأخرى، ولا يجوز التفريق بينه وبين بقية إخوته، وأما من سميته أبا حقيقيا وهو الزاني فإنه ليس أبا شرعيا للولد ولا ينسب الولد إليه فليس للعاهر إلا الحجر كما تقدم في الحديث. ويجوز للزوج ويستحب له تربية الولد الذي ليس له أب أو كافل وضمه إلى أبنائه، ويكون ربيبا وله أحكام الربيب، ويؤجر على ذلك، ويكون في ميزان حسناته يوم القيامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(13/14291)
حكم المدخول بها إذا أتت بولد لمدة الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم فيما لو أنكر الزوج نسب ابنه إليه، سواء كان قد دخل بزوجته أم لم يدخل وبوجود الخلوة الصحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد الوعيد الشديد في جحد وإنكار الأب ابنه، فقد ثبت في النسائي وأبي داود والدارمي واللفظ له وصححه حسين أسد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.... أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين.
وما أتت به المرأة لمدة ستة أشهر فأكثر بعد عقد النكاح عليها وإمكان حصول الوطء بعده فهو لاحق بالزوج، والأصل في هذا ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش. قال النووي في شرحه: معناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد وصار ولدا له يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة، سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفاً، ومدة إمكانه منه كونه ستة أشهر من حين اجتماعهما. انتهى.
هذا وقد اتفق الفقهاء على أن الخلوة بمثابة الوطء في لحوق نسب الولد بها، وهذه نصوص بعض أصحاب المذاهب في ذلك، قال السرخسي الحنفي: وإن كان الطلاق بعد الخلوة لزمه الولد إلى سنتين لأن النكاح بالطلاق قد ارتفع إلى عدة، ولما جعلنا الخلوة بمنزلة الدخول في إيجاب العدة؛ كذلك فيما يبنى عليه وهو ثبوت نسب الولد.
وقال صاحب التاج والإكليل المالكي نقلا عن المدونة: وإذا تصادق الزوجان بعد النكاح الفاسد أو الصحيح على نفي المسبب لم تسقط العدة بذلك لأنه لو كان ولد لثبت نسبه؛ إلا أن ينفيه بلعان. انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني:.... لو خلا بها فأتت بولد لمدة الحمل لحقه نسبه وإن لم يطأ.
وأما إذا وقع الطلاق قبل الدخول وأتت المرأة بولد فإذا أنكره الزوج وصدقته لم يحتج إلى ملاعنتها، وإن كذبته فلا بد من لعان، قال صاحب منح الجليل المالكي:..... ولو كانت الزوجة غير مدخول بها وظهر بها حمل فأنكره الزوج وصدقته صدق بغير لعان عند مالك وأبي القاسم، وقال ابن الماجشون: لا ينتفي إلا بلعان ولو ادعت أنه منه لم ينفه إلا بلعان؛ إلا أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من يوم عقده فتحد. انتهى.
وعلى هذا فولد المرأة التي أتت به بعد العقد عليها وحصول الخلوة بها لمدة ستة أشهر فأكثر لاحق بزوجها ولا يفيده إنكاره ما لم ينفه بلعان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(13/14292)
حكم ما نتج عن النكاح الباطل من أولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في هولندا، وأنا إمام وخطيب متطوع لبعض المساجد فيها، وبعض الأحيان نقوم بكتابة عقود الزواج عندنا في المسجد، ولكن تواجهنا دائما مشكلة عظيمة لقلة العلم الشرعي وغياب العلماء هنا،
وسؤالي لكم مشايخي الفضلاء والإخوة النبلاء هو:
ما حكم من تزوج من نصرانية من غير شروط شرعية أي تزوجها في مجلس البلدية دون وجود أي علاقة للإسلام بزواجهما؟
وإذا كانت الإجابة بأنه لا يجوز ذلك، فما حكم من تزوج على هذا النحو في الماضي وأنجب له من زوجته أطفالا، فهل هؤلاء الأطفال شرعيون؟ وينسبون إليه أم أنهم أبناء زنى؟ وهل يجدد عقد الزواج بعقد زواج شرعي جديد أو تكفيه التوبة إلى الله، ويقران على ما هم عليه قياسا بالكافرين، وهذا يحدث كثيرا عندنا، وآخر ما سئلت عنه قبل أيام من أخ يعيش هنا منذ فترة طويلة والآن تاب إلى الله وأراد أن يسأل عن حكم زوجته، هل يجدد العقد بينها وبينه؟ مع العلم أنها لم تكن آنذاك على الإسلام، أما اليوم فقد أسلمت، وهل ابنهما ينسب إليه شرعا أم لا؟ وفي حالة أنه لا ينسب إليه، هل من باب الضروريات أن يسجله باسمه حتى يحسن تربيته على الإسلام، والأمر كما تقرؤون فيه تعقيد كبير، والله من وراء القصد.
أفتونا مشكورين مأجورين إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أباح الله تعالى للمسلم نكاح الكتابيات (اليهوديات والنصرانيات) وقيد جواز ذلك بأن تكون الكتابية محصنة (عفيفة) ، قال سبحانه: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ [سورة المائدة: 5] . أما إن كانت غير عفيفة فلا يحل نكاحها.
والأولى بالمسلم ألا يتزوج إلا بمسلمة، وذلك لأنها المأمونة على نفسها وتربية أولادها تربية صالحةعندما يحصل انفصال بموت أو طلاق، أما الكتابية فالغالب فيها عدم العفة وارتباطها بالدين الذي تنتسب إليه؛ بل ربما دعته إلى مذاهب وملل أخرى كالوجودية والإلحاد، وعلى كل حالٍ فمن أصر على الزواج بالكتابية العفيفة فله ذلك إذا توافرت شروط النكاح الصحيح من إيجاب وقبول وولي وصداق وشاهدي عدل، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1766.
وعلى هذا؛ فإن كان نكاح البلدية المذكور مستوفيا لشروط النكاح فالنكاح صحيح وإلا فهو باطل؛ إلا أنه إن كان أصحابه أقدموا عليه معتقدين حله، فإن ما نتج عن ذلك من أولاد يلحقون بآبائهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر. إلى أن قال: فثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر بل الولد للفراش؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
ثم إنه في حال اعتبار النكاح باطلا فلا بد للزوجين من تجديد عقد النكاح بشروطه الصحيحة بعد الاستبراء على الراجح إذا رغبا في الاستمرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(13/14293)
الجري وراء الأوهام حول صحة نسبة البنت إليكم مما لا ينبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم إخوتي الأعزاء أبعث لكم رسالتي هذه أملا من الله عز وجل أن تصادفكم وأنتم في تمام الصحة والعافية
أنا تزوجت من خمس سنوات ولي ثلاثة أطفال إناث لكن عندنا مشكلة وهي في البنت الثانية حيث يوجد لدينا أنا وأمها نفور أي لا نشعر بأنها ابنتنا ولا توجد عاطفة تجاهها من تاريخ ولادتها عندما تبكي كنت أقول لزوجتي أسكتيها لا أستطيع سماع صوتها والعياذ بالله كأن شيطانا ذو صوت قبيح يصرخ في أذني وزوجتي لا تشعر بالعاطفة نحوها وتشعر بالحزن لعدم محبتها لها وها نحن الآن بعد أربع سنوات أنا وأمها نعاني من هذه المشكلة وفي الوقت نفسه هذه الطفلة رائعة الجمال وكل من يراها من الأهل والأصدقاء يتسارعون لحملها وتقبيلها أما نحن نحاول ولعدة مرات أن نقبلها ونكون أبوين ولكن لا نشعر بوجود الرابط بيننا نحن نعتقد أن هذه الطفلة قد استبدلت في المستشفى
ملاحظة
إذا قمنا بفحص للدم وكانت النتيجة أنها ليست ابنتنا فالحكومة سوف تأخذها وإن كانت النتيجة أنها ابنتنا فهنالك نتائج سلبية من الحكومة
لقد سألت رجل دين وقال إنها ملموسة ولكن لم يرها
الرجاء الرد على هذه المشكلة ولكم جزيل الشكر
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن هذه البنت بنتكما، ولا يبنغي لكما الاسترسال مع الأوهام والشكوك، ولذا ننصحكما بقطع هذه الأوهام والاهتمام بهذه البنت وتربيتها، وسؤال الله عز وجل أن يشرح صدوركما لحبها والشفقة عليها، ولو استرسل الإنسان مع الشكوك التي يلقيها إليه الشيطان لما سلم له شيء، وأما الحكم عليها بأنها ممسوسة، فيحتاج إلى أن ينظر إليها صاحب خبرة في هذا الأمر ويشخصها ثم يحكم عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(13/14294)
لا يدعى المرء باسم أمه حيا ولا ميتا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن دعاء الإنسان لأخيه المسلم الذي على قيد الحياة يكون باسم الأب أي أن نذكر اسمه واسم الأب وليس باسم الأم كأن نقول (يا رب وفق محمد بن سعيد) والمتوفى ندعو له باسم أمه كأن نقول (يا رب ارحم محمد بن فاطمة) أوأي دعاء آخر..أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي صح في الكتاب والسنة هو أن الإنسان يدعى باسم أبيه لا باسم أمه، سواء كان على قيد الحياة أو كان متوفى، قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِم ْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ (الأحزاب: من الآية5) ، وهذا عام في الحياة وبعد الموت، وروى أبو داوود وأحمد والدارمي من حديث أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم. وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة، يقال هذه غدرة فلان بن فلان. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في تعليقه على الحديث الأول: وفي هذا الحديث رد على من قال: إن الناس يوم القيامة إنما يدعون بأمهاتم لا آبائهم.... واحتج من قال بالأول بما روه الطبراني في معجمه من حديث سعيد بن عبد الله الأودي قال: شهدت أبا أمامة -وهو في النزع- قال: إذا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل يا فلان بن فلان فإنه يسمعه ولا يجيبه، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله، فذكر الحديث، وفيه فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه، قال فلينسبه إلى أمه حواء، ولكن هذا الحديث متفق على ضعفه، فلا تقوم به حجة فضلاً عن أن يعارض ما هو أصح منه ...
وبهذا التعليق تعلم أن المرء لا يدعى باسم أمه حياً ولا ميتاً، وإذا لم يكن له نسب معروف، فإنه يدعى بعد الموت بما كان يدعى به حياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(13/14295)
حكم الانتماء إلى غير الموالي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم الإجلاء.
أما بعد:
أعرض عليكم من خلال رسالتي هذا الموضوع الذي نأمل من جنابكم إعطائنا الحكم الشرعي حوله وهو على النحو الآتي:
شرح الموضوع: المجتمع الليبي مجتمع قبلي يتكون من مجموعة عشائر وقبائل حسب جذورهم العرقية، 1- كل من يلتحق في مجتمعنا إلى عشيرة لا ينتمي إليها نسباً يحتقرونه ويقللون من شأنه ومن قيمته، وخصوصاً إذا كانت له أسرة وعائلة معروفة، وكل عائلة عندنا لها شيخ أو شيخان مقدمان عليها، ونحن ننحدر من عائلة اسمها اسعيد (والقريد) تنحدر بدورها من قبيلة عربية، مشهورة اسمها الجوازي، موفرة لأفرادها كل التكافل الاجتماعي مع الأسف شيوخ عائلتنا تجار وربطتهم مصالح تجارية مع قبيلة أخرى غريبة عنا ولا ننتمي لها نسباً ولا تربطنا بها سوى رابطة مصاهرة فقط، وليسوا من موالينا، فألحقنا كبارنا بهم بالإكراه ونحن غير راضين بما يجري لأن في اعتقادنا أن النسب مقدس والاحتفاظ به واجب بعد أن ألحقونا بقبيلة الأغراب لم يحترمنا أحد منهم ومارست علينا كل أنواع الاحتقار والإذلال والإحراج فتخاصمنا اختلفنا على هذا الأمر فطلبوا الجميع عرض هذا الأمر على الشرع الحكيم، ليقول الشرع كلمته، والأسئلة: هل ذكر الدين شيئاً عن الانتماء إلى غير الموالي، وهل أجازه الشرع، هل يجوز الانتماء إلى صاحب المصلحة المادية دون الانتماء إلى الدم والنسب، هل الحالة التي وضعنا فيها كبارنا جائز شرعاً، وما حكم مخالفتهم في ذلك الحكم، إذا خالفناهم وتمسكنا بنسبنا الحقيقي؟ وفي الختام نسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء، ويوفقكم لخدمة هذه الأمة الإسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 46945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(13/14296)
اقترف معها الفاحشة وحملت ثم تزوجها بدون ولي وشهود
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت على علاقة بفتاة أجنبية مسيحية وأنا مسلم كنت أنوي الزواج بها قبل العلاقة يعني أني زنيت قبل الزواج وحملت مني قبل الزواج ثم تزوجتها ولم أعلم أحدا على سنة الله ورسوله تزوجنا
بعد ذلك أنجبنا الطفلة وعشنا سوية لفترة ثم أعلمت أهلي والناس وانتقلت للعيش معهم وأسلمت زوجتي (دخلت الدين الإسلامي طواعية وليس بسبب أحد) وتعلمت الدين والصلاة والأركان الإسلامية لكن لم يتم دخولها بالاسلام عن طريق مفتي أو محكمة لكن علمتها الشهادة والوضوء وكيفية إقامة والصلاة وباقي الأركان
هل الزواج سليم وما حكم الطفلة ابنتي شرعية أم ماذا
لا أعلم ما أفعل أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أولاً وقبل كل شيء أن تتوب إلى الله من الفاحشة التي ارتكبتها مع هذه المرأة.
وإذا كنت قد تزوجت بها بعد ذلك بولي وشهود فإنها زوجتك الآن أما البنت فإنها من الزنا فلا تنسب إليك في مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الزاني إذا تزوج زواجاً صحيحاً ممن زنا بها وحملت من زناه، فإن الحمل يجوز أن ينسب إليه.
وما دام الزواج المذكور قد تم بغير ولي وشاهدين -كما فهمناه من السؤال- فهو غير معتبر، وبالتالي فإن هذه المرأة لا تعد زوجة لك الآن، ويجب عليكما الفراق فوراً، وإذا أردتما الزواج فلا بد من عقد تتوفر فيه الشروط، ومن ذلك الولي والشهود، وإذا لم يكن لهذه المرأة ولي مسلم فإن الذي يزوجها هو القاضي.
أما عن إسلام هذه المرأة فنسأل الله أن يثبتنا وإياها على الهدى حتى نلقاه، ولا يشترط في إسلام الشخص أن يكون عن طريق مفتي أو محكمة، بل من شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقد دخل في الإسلام، ثم عليه بعد ذلك أن يقوم بالواجبات ويجتنب المحرمات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(13/14297)
حكم مناداة أم الزوجة بـ (ماما)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أنادي والدة زوجتي (ماما) لأرضيها وأرضي زوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من ذلك، لأن المقصود به إظهار الاحترام لا تحقيق النسب، وهذا الباب واسع، والذي ورد الشرع بالنهي عنه إنما هو انتساب الرجل إلى غير أبيه، وقد سبق الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 9971، وكره أهل العلم نداء الزوجة بـ (يا أمي) و (يا أختي) لما في سنن أبي داود عن أبي تميمة الهجيمي "أَنّ رَجُلاً قالَ لامْرَأَتِهِ يَا أُخَيّةُ، فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أُخْتُكَ هِيَ؟ فكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ"
. قال ابن قدامة في "المغني": يكره أن يسمي الرجل امرأته بمن تحرم عليه، وليست أم الزوجة كالزوجة في الحكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(13/14298)
الأبوة الحقيقية لا تثبت لولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل لكم مشكلتي هذه راجياَ منكم إفادتي وإرشادي إلى الطريق الصحيح جزاكم الله عنا وعن باقي المسلمين خيراً
انا شاب في الثلاثين من العمر، ذهبت منذ ثلاث سنين إلى بلد أوروبي لاستكمال دراستي وكان لي عدد من الزملاء والزميلات في مقاعد الدراسة وكانت لي علاقة وطيدة مع إحداهن من الجنسية الفرنسية وقبل عودتي إلى أرض الوطن وقعت معها في المعصية وعند عودتي ندمت على ما اقترفت وتبت الى الله وقد تزوجت من امرأة فضيلة، وفي إحدى اليالي استقبلت اتصال من الخارج حيث بلغني من هذه المرأة أنها تحمل طفلاً مني مما أصابني بالجنون والحيرة وجعلني لا أعلم ماذا باستطاعتي أن أفعل، حيث إنني مؤمن وأخاف الله كثيراً وهذه المرأة تعتنق الديانة المسيحية وأنا لا أرغب في الارتباط بها وأنا لا أعلم ما هو الحل الديني السليم لهذا الأمر (مع العلم بأنني غير متأكد من أبوتي لهذا الطفل) كما أن زوجتي على علم بذلك لأنني لا أستطيع إخفاء الأمر عليها، لذلك أرجو منكم إفادتي في أمري هذا وما الواجب علي فعله نحو هذه المرأة ونحو هذا الطفل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة ونسأله سبحانه أن يثبتنا وإياك على دينه، وأما هذا الطفل فلا يعتبر ابناً لك شرعاً، لأن الأبوة الحقيقية لا تثبت لولد الزنا، ولو كنت متأكداً من أنه ناشئ عن وطئك أحرى إذا كنت غير متأكد.
وبالتالي فإنه لا يترتب عليها أي من الأحكام الشرعية من النفقة والإرث وحرمة المصاهرة.
وننبهك إلى أن الواجب على المسلم إذا وقع في معصية أن يستر على نفسه، وأن لا يخبر بذلك أحداً من الناس، ولو كان زوجته، وذلك لأن المجاهرة بالمعصية معصية أخرى، وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى: 501 / 1158 / 29331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(13/14299)
من ألم فليستتر بستر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت سؤالاً عن حكم ابن الزنا وهل يحق للشخص التحقق أنه منه أو لا؟ وهل يتحمل الشخص مسؤولية الابن مدى الحياة؟ وما هي الكفارة؟ علماً بأن لي سؤالاً آخر برقم 1252 لم يرد عليه.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مذهب الجمهور -وهو الراجح- أن ابن الزنا لا ينسب لغير أمه ولو كان شبهه بالزاني ظاهراً، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد يارسول الله ابن أخي عتبة عهد إلي أنه انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة هذا أخي يارسول الله ولد على فراش أبي من وليدته، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة، فقال هو لك يا عبد بن زمعة. الولد للفراش وللعاهر الحجر.
محل الشاهد أنه لم يلحقه بعتبة مع شبهه به، ولم يقبل دعواه فيه، وأما هل يلزم الزاني التحقق من كون هذا الولد ناشئاً عن مائه من الزنا؟ وهل يتحمل مسؤوليته مدى الحياة؟ فالجواب أنه ليس عليه التحقق منه، ولا تحمل مسؤوليته مدى الحياة.
وإنما يجب عليه أن يستر نفسه، وأن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، وإن يبتعد عن الزنا، ويتخذ الوسائل اللازمة لتحصين نفسه، لما في الحديث: من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله رواه مالك وأحمد وصححه الألباني.
وفي رواية: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى اله عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ولقول الله تعالى في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70] .
وراجع للزيادة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12263، 22196، 6045، 1732، 34932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1424(13/14300)
لمن ينسب ولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من تستر على جريمة زنا؟ مع العلم بأنه كان مضطراً إلى هذا التستر وكذا التستر على المولود الحرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يستر أخاه المسلم إذا وجده على معصية، لعموم النصوص الواردة في وجوب الستر على المسلم، وترك فضحه بين الناس، وقد بينا هذا مع ضوابطه في الفتوى رقم: 26164، والفتوى رقم: 33660، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 1117، والفتوى رقم: 30731.
أما عن الولد الذي أنجبته المرأة المذكورة، فإنه ينسب إلى زوجها إن كان لها زوج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وللعاهر الحجر. رواه البخاري وغيره، ومعناه أن الولد لصاحب الفراش وهو الزوج.
فإذا لم يكن لها زوج نسب الولد إليها هي، وعلى كل فلا سبيل إلى نسبته إلى أبيه من الزنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(13/14301)
تغيير الاسم ومدى أثره على الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح زواجي من رجل باسم غير اسمه الحقيقي لأنه قام بتغيير اسمه ونسبه لكي يحصل على جنسية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فانتساب الإنسان لغير أبيه محرم تحريما شديدا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر. متفق عليه.
قال النووي رحمه الله: فيه تأويلان، أحدهما: أنه في حق المستحل -أي من استحل فعل هذا مع علمه فقد كفر.
الثاني: أنه كفر النعمة والإحسان وحق الله تعالى وحق أبيه. انتهى.
إلا أن يضطر إلى ذلك اضطرارا كمن لم يجد بلدا يَقِرُّ به وتمكنه فيه الإقامة، وليس يجد وسيلة إلى التجنس إلا بتغيير اسمه.
وبكل حال، فلا أثر لذلك على صحة الزواج، فيصح الزواج من الرجل المعين المعروف، ولو كان قد غير اسمه الحقيقي إلى اسم آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(13/14302)
يجوز لمن لا ولد له أن يتكنى
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك العديد من الشباب من يلقب نفسه باسم غير اسمه الحقيقي، فمثلا إن كان اسمه يوسف يلقب نفسه بأبي عبد الرحمن وهو ليس له أبناء أو تكون فتاة تدعى لطيفة وتلقب نفسها بأم ياسر هل هذا شرعي أم بدعة وهل هناك دليل شرعي على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كنىَّ من لا ولد له من الرجال، كما كنى من لا ولد لها من النساء، ففي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، كل صواحبي لهن كنى، قال: فاكتني بابنك عبد الله، يعني ابن اختها، قال مسدَّد: عبد الله بن الزبير، وصححه الألباني.
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم يخالطنا، حنى يقول لأخٍ لي صغير: يا أبا عمير، مافعل النُّغَيْر. والنغير نوع من الطيور كان يلعب به، وقد كان هذا المُكَنَّى فطيما (أي قريب الفطام من الرضاع) ، ومع هذا كناه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أورد الإمام البخاري هذا الحديث في باب: الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل. ا. هـ
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 30852، 22873، 2850.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1424(13/14303)
أهمية الانتساب إلى الأب الحقيقي
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرًا، هل يجوز تأخير تغيير الاسم نسبة إلى الوالد الحقيقي في بعض الوثائق أم جميعها؟ اذكروا أهمية الانتساب إلى الآباء كما أمر الله ورسوله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز تأخير تغيير نسبة الاسم إلى الوالد الحقيقي، بل يجب على الشخص أن يبادر إلى تغيير ذلك إلى النسب الحقيقي. ويحرم عليه أن ينتسب إلى غير أبيه، سواء في بعض الوثائق أو في جميعها. قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:5] . وعند أبي ذرٍّ رضي الله عنه، مرفوعًا: لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاّ كَفَرَ. رواه الشيخان، والأحاديث في هذا كثيرة.
فالواجب تصحيح النسب. وتكمن أهمية النسب الصحيح في أن الانتساب إلى غير الأب الصحيح كذب. وقد قال تعالى: فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران:61] . كما أن في الانتساب إلى غير الأب فيه ضياع الحقوق، كالإرث ونحوه. واختلاط الأنساب، فقد يتزوج الرجل ممن لا تحل له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(13/14304)
ولد الزنا يأخذ حكم الإخوة من الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتوى رقم 12263 أنه لا يجوز للرجل الزاني الزواج من المرأة التي زنى بها وهي حامل حتى تضع وتطهر، وأنه ينسب إلى أمه.
السؤال: عند ما يتزوج هذا الرجل هذه المرأة التي زنا بها وهي أم حقيقية لابنها (ابن الزنا) هل يعتبر هذا الابن (ابن الزنا) إخاً للأبناء الذين سيأتون لهذا الرجل من أمهم أو من الرضاعة لأن أمه هي أمهم وهي التي أرضعته وأرضعتهم، مع العلم باختلاف النسب بينه وبين إخوته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا زنت وأتت بولد، فإنه لا ينسب إلا إليها، كما ذكرنا ذلك في الفتوى التي أشرت إليها، غير أنه لا يعني هذا أن هذه المرأة إذا تزوجت وانجبت أولاداً تنقطع الرابطة بينهم وبين أخيهم لأمهم، وذلك لأن رابطة الأم ثابتة دائماً، سواء كان الولد من زنا كما هو الحال هنا، أم كان من نكاح صحيح.
وعلى هذا، فإن ولد الزنا يأخذ حكم الإخوة من الأم بما في ذلك صلة الرحم والتوارث بالرحم وغيرهما.
أما علاقته بأبيه من الزنا فهي منقطعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(13/14305)
حكم الانتساب لغير القبيلة الأصلية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم رجل انتسب إلى قبيلة غير قبيلته الأصلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للإنسان تغيير نسبه بالانتماء إلى نسب آخر، لما قد يترتب على ذلك من مفاسد، أو فوات لبعض المصالح.
روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام.
قال ابن دقيق العيد في كتابه إحكام الأحكام في شرح حديث أبي ذر رضي الله عنه: ليس من رجل ادعى لغير أبيه ... " الحديث، يدل على تحريم الانتفاء من النسب المعروف، والاعتزاء إلى نسب غيره، ولا شك أن ذلك كبيرة لما يتعلق به من المفاسد العظيمة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(13/14306)
التغليظ في الانتفاء من الولد.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أعرف ما هو حكم الشرع في أب يشك في أن ابنه ليس ابنا شرعيا له؟ وكيف عليه أن يتعامل مع الموضوع؟ مع العلم بأنه طلق الزوجة والابن ما يزال معه.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع الكريم من مقاصده صيانة أعراض المسلمين بحيث لا تنتهك ولا ترمى بما يدنسها، ولذلك رتب العقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة على كل من قذف مسلماً أو مسلمة بفاحشة هو بريء منها، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:23] .
وعليه، فنقول لهذا الأب إنه يجب عليه أن يتقي الله تعالى ويتوب إليه من قذف زوجته ونفي ابنه اعتماداً على الشك، فإن الشك لا يجوز الاعتماد عليه في القذف ولا في نفي النسب، بل لا بد أن يكون معتمدا على يقين محقق أو ظن مؤكد يؤدي إلى العلم حتى تحق له ملاعنة زوجته.
قال الشربيني في مغني المحتاج: وله -أي الزوج- قذف زوجته عَلِمَ -أي تحقق- زناها بأن رآها تزني، أو ظنه -أي زناها- ظناً مؤكداً أورثه العلم.
كذلك أيضاً احتفاظك بالولد وعدم إعلان نفيه دليل على أنك راض بلحوقه بك في النسب فلا يجوز لك نفيه بعد ذلك، قال البهوتي في كشف القناع: ومن شرطه أي نفي الولد أن لا يوجد منه إقرار ولا دليل على الإقرار، فإن أقرَّ به أو أخر نفيه مع إمكانه لحقه نسبه وامتنع نفيه.
كما يجب عليك أن تعرض عن هذا الشك الذي لا يقوم عليه دليل، ولتحذر من الوعيد الشديد الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الجنة، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. رواه أبو داود والدارمي في سننه وصححه ابن حبان. وفي عون المعبود شارحاً لهذا الحديث: جحد ولده: أي أنكره ونفاه، وهو ينظر إليه أي الرجل ينظر إلى الولد، وهو كناية عن العلم به بأنه ولده أو الولد ينظر إلى الرجل، ففيه إشعار إلى قلة شفقته ورحمته وقساوة قلبه وغلظته، احتجب الله عنه أي حجبه وأبعده من رحمته، وفضحه أي أخزاه على رؤوس الأولين والآخرين.
ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 12315، والفتوى رقم: 7105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(13/14307)
المحصنة إذا زنت نسب الولد إلى زوجها إلا إذا نفاه باللعان.
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل زنى بمحصنة فولدت منه وظن زوجها طبعا أنه ولده فما هو العمل من الزاني؟ وهل ينسب إلى زوج أمه؟ وهل يرثه ويكون محرما لإخوته منها؟ ولو علم الزوج ذلك كان شراً عظيما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من ابتلي بشيء من الذنوب والمعاصي ثم ستره الله، أن يستر نفسه بستر الله تعالى، وأن يبادر بالتوبة من هذا الذنب وغيره من الذنوب قبل أن يفجأه الموت وهو كذلك، والتوبة لا تتحقق إلا بالإقلاع عن الذنب والندم على ما فات منه والعزم على عدم العودة إليه أبداً، ولمعرفة المزيد من الفائدة عن ذلك راجع الفتاوى التالية أرقامها:
22413، 17992، 20880.
ولمعرفة كيفية التوبة من الزنا تراجع الفتوى رقم:
1095، والفتوى رقم: 1117.
أما عن الولد الذي تحمله المرأة المتزوجة من الزنا، فإنه ينسب لزوجها لا للزاني، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه.
وللولد في هذه الحالة جميع الحقوق من نسب وميراث وعطية، ونحو ذلك، كما أنه يصير محرماً لأخواته وعماته وخالاته، وغيرهم من المحارم.
لكن إذا علم الزوج يقيناً بأنه ليس ولده ولا من صلبه، وجب عليه نفيه باللعان، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 6280، والفتوى رقم: 13390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1423(13/14308)
ولد الزنا لا يلحق بأبيه من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
رجل عاشر امرأة فترة من الزمن بدون زواج. ثم ثاب إلى رشده وأراد أن يعقد عليها، وقد أنجبت منه ولدا، فماذا يجب عليه في هذه الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على من زنا بامرأة أن يتزوجها لكن بشرط أن يسبق ذلك توبة صادقة منهما، وإلا فلا يجوز، وانظر الفتوى رقم 9625
أما فيما يتعلق بالولد الذي نتج عن تلك العلاقة الآثمة فهذا لا يلحق بأبيه من الزنا، وذلك لأن الفقهاء يقولون في قواعدهم المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً. فما دام هذا الولد قد جاء بطريقة مخالفة للشرع فإنه لا ينسب إلا إلى أمه، ولا علاقة البتة بينه وبين الرجل الذي هو أبوه من الزنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(13/14309)
متزوج أنجب سفاحا من متزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الرجل المتزوج الذي أنجب طفلة من امرأة متزوجة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن هذا الرجل، وهذه المرأة قد وقعا في أمر عظيم، فالواجب عليهما الآن هو التوبة الصادقة، والندم والاستغفار مما بدر منهما.
أما بالنسبة للولد فإنه ينسب إلى زوج هذه المرأة، ولا ينسب إلى الزاني ولا إلى أمه، إلا أن ينفيه الزوج بلعان فينسب حينئذ إلى أمه، لقوله صلى الله عليه وسلم " الولد للفراش وللعاهر الحجر " متفق عليه
ويجب على أمه تربيته والإحسان إليه.
وراجع التفاصيل لزاماً في الفتاوى التالية: 1117 3320 4822 22704 9093 6280 13390 6045
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(13/14310)
توضيح حول الفتوى (1880)
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت ردكم الكريم على الفتوى رقم 1880
وأريد أن أعرف بعد تمام الزواج بين الرجل والمرأة التي زنى بها لا يعد المولود ولداً له كيف وهو تزوج بها لنسب المولود له.....؟
ثانيا كيف يتزوجها ثانيا بعد وضع الحمل وهو زوج لها بعقد صحيح مشهر حضره الجميع.....؟
أفدني جزاك الله خيراً الزواج الصحيح ينتج أثره فور العقد الصحيح الذي توفرت جميع أركانة فكيف يكون هذا الزواج باطلا وإنما تم لتصحيح خطأ.... فليست من عادة كل منهما الزنى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... ... ... ... ... ... ... ... ... زهرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما رجحناه في الفتوى رقم: 1880، هو مذهب المالكية والحنابلة القائلين بمنع زواج الزاني بالمرأة التي زنى بها قبل وضع الحمل سواء كان الحمل من الزاني نفسه أو كان من غيره، أما الحنفية والشافعية فقد جوزوا نكاح الحامل من الزنى كما هو مبين في الفتوى رقم:
6045.
أما بخصوص نسبة الطفل إلى أبيه من الزنا ولحوقه به في هذه الحالة، فقد أجاز ذلك إسحاق بن راهويه، وعروة، وسليمان بن يسار واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
أما قولك: كيف تتزوجها ثانياً بعد وضع الحمل.... إلخ. فهذا لم نقل به في الفتوى المذكورة برقم: 1880، وإنما قلنا بأنه لا يجوز لهما الزواج حتى تضع الحمل ويتوبا إلى الله...... إلخ
لكن لو تزوجها قبل الاستبراء أو وضع الحمل فإن الزواج يمضي ولا يلزم أن يعقد عليها من جديد، كما هو مبين في الفتوى رقم:
11426.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(13/14311)
أقوال العلماء في حكم نسبة ولد الزنا للزاني لو تزوج من الزانية
[السُّؤَالُ]
ـ[السيد الدكتورعبد الله أحيط فضيلتكم بأني أرسلت سؤالا برقم 43661 ولم تأت الإجابة شافية ولم تتم الإجابة وهو هل ولد الزنى يلحق بالأب أم لا ومن قال هذا الرأي أو غيره من العلماء وكذلك الحديث المروي عن أبي داود صحيح أم لا لأن الحاكم لا يعتمد عليه العلماء مع العلم أن الألباني حقق سنن أبي داود وكذلك سألت سؤالا برقم 40539وأحلتني إلى سؤال 1007 و17718 ولم أجدهما في الشبكة وكذلك سألت سؤالا رقم 40680 وأحلتني إلى سؤال رقم 254 ولم أجده وبالتالي لم أجد فيما سبق من اسئلة رداً شافيا علي أي سؤال بذكر الدليل الواضح ولم أجد الأسئلة التي أحلتني إليها برجاء التكرم بإعادة الرد المفيد وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر لك ثقتك وتواصلك مع مركز الفتوى، وفيما يخص السؤال رقم: 43661 فقد أحلناك على جوابين سابقين لاشتمالهما على مضمون ما سألت عنه.
وقد تضمن الجوابان ذكر اختلاف العلماء في نكاح الحامل من الزنى، وذكرنا ما نرجحه من أن حمل الزنى لا ينسب إلى هذا الزاني ولو تزوج من الزانية.
وهذا هو مذهب الجمهور، وقد بينا في فتوى أخرى تفصيل هذا الخلاف، انظر الفتوى رقم: 6045 وحاصله أن الجمهور على أن ولد الزنا لا ينسب إلى الزاني بحال، وخالف في ذلك عروة وإسحاق بن راهويه وسليمان بن يسار وأبو حنيفة فأجازوا إلحاق الولد بالزاني في حال زواجه بالزانية. قال أبو حنيفة رحمه الله: لا أرى بأساً إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها ويستر عليها، والولد ولد له.
وإنما رجحنا مذهب الجمهور واكتفينا بذكره في بعض الفتاوى، لما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أنه لا يلحق الولد "إذا كان أبوه الذي يُدْعى له أنكره، وإن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث؛ وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه، فهو ولد زنية من حرة كان أو أمة." والحديث حسنه الألباني، وهو صريح في أن ولد الحرة المزني بها لا ينسب إلى الزاني ولا يرثه وإن ادعاه الزاني.
ولا شك أن إثبات أبوة الزاني لهذا الحمل يترتب عليه أحكام عظيمة كإرثه منه، وكون الولد محرماً لأم الزاني وأخته وبناته من غير المزني بها.
وأما حديث أبي داود: لا توطأ حامل حتى تضع. فقد صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ونحن لا نلتزم ذكر من نص على صحة الحديث اكتفاء بوقوفنا على صحته.
والحاصل أن الولد من الزنى لا ينسب إلى الزاني في جميع الأحوال، سواء ولد قبل زواج الزاني بأمه، أو كان حملاً حين حصل هذا الزواج.
والله أعلم.
وأما سؤالك رقم 40539 فقد أحلناك ضمن الجواب على الفتوى رقم: 1007 والفتوى رقم: 17718
وما عليك إلا أن تضغط على هذين الرقمين يظهر لك الجوابان، أو أن تأخذ الرقمين وتبحث عنها من خلال مركز الفتوى بحث برقم الفتوى، وليس في خانة بحث برقم السؤال.
وأما سؤالك رقم 40680 فقد أحلناك على جوابين برقم: 9974 ورقم: 254 وهذا ما يظهر لنا عند البحث برقم سؤالك المذكور.
لكن سبب الاشتباه أن الجواب رقم: 9974 تضمن الإحالة على رقم: 254 ولم تعمل معه خاصية الدخول المباشر بالضغط على الرقم، لكن من حسن الحظ أن الفتوى 254 مرفقة مع الفتوى 9974.
وسنعالج الخلل الحاصل في خاصية الإحالة السابقة.
وجزاك الله خيراً على تنبيهك وإرشادك، ولعلك تنبهت إلى أن لدينا بحثاً برقم السؤال وآخر برقم الفتوى، وأن الإحالة إنما تكون على رقم الفتوى فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(13/14312)
إذا اعتقد الزوج صحة النكاح فيلحقه ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق وهو قد تزوج عرفياً بحضور شاهدين والقبول من الطرفين ولكن بدون ولي أمر للزوجة وقد وثقوا هذا بورقة ممضاة من الشهود الآن الزوجة قد أنجبت طفلة فهل الزواج صحيح أصلاً وكيف هي حالة الطفلة بهذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزواج هذه المرأة بدون ولي زواج باطل غير صحيح، كما هو مبين في الجوابين رقم: 3395، والجواب رقم: 4832.
ويجب عليهما أن يفترقا، ثم تلزم هذه المرأة العدة، لأنها وطئت بسبب النكاح.
فإذا أراد الزواج منها، فيكون بعد انقضاء عدتها، وبشرط أن يعقد لها وليها مستوفياً الأركان والشروط.
أما الطفلة، فإنها تنسب إليه ولو فرق بينهما، ولا تعتبر ابنة زنا ما دام الزوجان كانا قد ظنا أن نكاحهما نكاح سائغ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه، فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(13/14313)
حكم من مات عنها زوجها وأتت بمولود بعد سنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات عن المرأة زوجها وبعد سنتين ولدت مولود هذا المولود يلحق بزوجها المتوفى علماً بأنها لم تتزوج بعده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلو طلقت المرأة أو مات عنها زوجها، فلم تنكح حتى أتت بولد بعد طلاقها أو موت زوجها بأربع سنين، فإن الولد يلحقه وتنقضي عدتها بوضعها الحمل، وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة.
وقال الحنفية: أقصى مدة الحمل سنتان.
وحجة الجمهور أن ما لا نص فيه يرجع فيه إلى الوجود، وقد وجد من تحمل أربع سنين، فروى الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك بن أنس عن حديث عائشة قالت: لا تزيد المرأة في حملها على سنتين، فقال: سبحان الله، من يقول هذا؟ هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق، وزوجها رجل صدق، حملت ثلاثة أبطن في اثني عشر سنة، وقال الشافعي: بقي محمد بن عجلان في بطن أمه أربع سنين، وقال أحمد: نساء ابن عجلان تحمل أربع سنين.
وعليه، فمن ولدت على رأس سنتين، فإن الولد يلحق زوجها الذي طلقها أو مات عنها إن لم تكن تزوجت بغيره، وهذا محل اتفاق بين أهل المذاهب المتبوعة.
وقال شيخ الإسلام زكرياء الأنصاري رحمه الله في (أسنى المطالب) : فإن طلقها بائنًا وكذا رجعيًا أو فسخ نكاحها ولو بلعان ولم ينف الحمل فولدت لأربع سنين فأقل من وقت إمكان العلوق قبيل الطلاق أو الفسخ لحقه، وبان أن العدة لم تنقض إن لم تنكح المرأة آخر أو نكحت ولم يمكن كون الولد من الثاني لقيام الإمكان، سواء أقرت بانقضاء عدتها قبل ولادتها أم لا، لأن النسب حق الولد فلا ينقطع بإقرارها.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(13/14314)
الزاني بالمتزوجة لا حق له في الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين برجل زنى بامرأة متزوجة وأنجب منها طفلاً وهل له من توبة؟ وكيف يكفر عن ذلك؟ وما مصير ذلك الطفل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم الزنى، وتوبة الزاني في جواب سبق برقم:
1095
وأما عن الطفل الذي زعم السائل بأنه ابنه من الزنى، فنقول:
ليس الأمر كما ظن السائل، فإن المرأة إذا كانت ذات زوج، فإن الولد ينسب لهذا الزوج، ولا يربطه بالزاني رابط، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" البخاري ومسلم.
فالمرأة إذا كانت زوجة لرجل، فإنها تصبح فراشاً له، فإذا أتت بولد، فإنه يلحق ذلك الزوج في النسب، والميراث وسائر الأحكام، ما لم ينفه الزوج عن نفسه بلعان.
أما الزاني، وهو الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم "العاهر"، فليس له إلا الخيبة والخسران، ولا حق له في الولد، وهذا ما عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "وللعاهر الحجر" فإن العرب تقول:
لفلان الحجر أي له الخيبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(13/14315)
تزوج بمن زنى بها وولدت له
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
رجل أقام مع امرأة علاقة زوجيّة غير شرعيّة، وبعد معاشرته لها لمدّة عامين أراد الزّواج بها.
فهل عليها أن تعتدّ لمعرفة براءة رحمها، وإن لم تعتدّ ثمّ رزقهما الله بولد فهل يعتبر الابن شرعيّا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من زنى بامرأة ثم أراد أن يتزوجها فلا يجوز له حتى تتوب إلى الله تعالى، وتعتد من ذلك الزنى، على الراجح من قولي أهل العلم.
وعدتها هي وضع حملها إن حملت، أو استبراؤها بحيضة إن لم تحمل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة" رواه أبو داود، ومثله عند أحمد، والدرامي.
فإن تزوجها قبل الاستبراء مضى ذلك الزواج نظراً لمن يقول من العلماء بجوازه، ثم إن ولد لهما ولد، فإن كان أقلَّ من ستة أشهر من تاريخ الزواج فإنه لا يلحق بالزوج شرعاً، ولا ينسب إليه، لنقصه عن أقل أمد الحمل الذي هو ستة أشهر.
وأما إن ولد لستة أشهر فأكثر، فإنه يلحق به، ويعتبر ابناً له، ولو اشتبه في أنه من مائه الحرام، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1422(13/14316)
الإنتساب إلى غير الأب الشرعي كبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة غير شرعية أخذني والدي بعد فعلته إلى أخيه من أمه -عمي -الذي تبناني وسجلني على
اسمه -علما أننا في الجزائر نحمل لقبا عائليا- ومشكلتي هو أن كل من يريد خطبتي يتردد حتى يرى
حكم الشرع في ذلك. فهل يجوز أن أحتفظ باللقب العائلي لعمي -أبي وعمي يحملان لقبين مختلفين
لأنهما أخوان من الأم فقط -
وكيف أفعل تجاه اسم عمي فهل أستغني عنه بعد 27 عاما خاصة أن أبي لا زال ينكرني رغم علمه وعلم
عمي الذي تبناني ورغم أنني صورته في الخلقة وورثت عنه حتى نفس المرض-السكري- كما أننا عائلة واحدة
نعرف بعضنا.
أنيرونا جزاكم الله خيرا فأنا في حيرة وعذاب شديد.
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الشخص ليس أباً لك شرعاً، وبالتالي فلا يجوز لك أن تنتسبي إليه، كما لا يجوز لك أن تتنسبي إلى أخيه، لأن الله يقول في كتابه الكريم: (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) [الأحزاب:4]
وولد الزنا يلحق بأمه وينسب إليها ويرثها وترثه، ولا يتعلق بالزاني حكم من هذه الأحكام، فلا ينسب ولد الزنى إلى أبيه ولا يرثه، والانتساب إلى غير الأب الشرعي من كبائر الذنوب، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم1 1130
أما قضية زواجك فسيجعل الله لك فيها فرجاً ومخرجاً، وييسر لك من يتقدم لك بإذنه سبحانه، فعليك بالصبر والاحتساب، ولا تنتسبي إلى هذا الشخص. وهنا ننبه الشباب إلى أن المقياس الشرعي الذي تنبغي مراعاته والتركيز عليه في الخطبة هو الدين فقط، وليس النسب العريض ولا الجاه الرفيع بدون دين ولا خلق، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح بعد استعراضه للمواصفات التي ترغب الرجال في النساء من الحسن والجمال والحسب " عليك بذات الدين تربت يداك" كما أننا ننبه أيضاً إلى أنك أنت لا يلحقك شيء مما اقترفته أمك مع هذا الرجل، لأن الله تعالى يقول: (كل امرئ بما كسب رهين) ويقول (ولا تزروا وازرة وزر أخرى)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1422(13/14317)
حكم المعاشرة أثناء الخطبة، وهل ينسب الولد للخاطب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم:
السلام عليكم.
يشرفني ويسعدني أن أعرض عليكم سؤالا يتعلق بفتى أحب فتاة وبعد ذلك تقدم لخطبتها برفقة عائلته فقبل كلا الطرفين بما في ذلك الفتاة، وبعد ذلك بقي الخطيب يتصل بخطيبته يوميا بالهاتف إلى أن التقى معها في يوم من الأيام فحدث بينهما الجماع وبعد ذلك بشهر أخبرته الخطيبة بأنها حامل، فبادر الخطيب إلى العقد عليها والزواج بها كي لا يفتضح أمرهما عند عائلتهما. إذن من خلال ماسبق هل يعتبر هذا الزواج جائزا شرعا؟ وماذا يترتب عن ذلك؟ وماحكم ذلك الولد في الشرع؟ وهل يعتبر ابن الزنى؟ وفي الختام لكم مني أسمى مشاعر الأخوة والتقدير، كما أتمنى منكم الجواب في الحين وجزاكم الله خير الجزاء. والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى هذين الشخصين أن يتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحاً من هذه الفاحشة التي ارتكباها نتيجة لتعديهما لحدود الله تعالى، حيث حرم على الرجل أن يختلي بامرأة لا تحل له الخلوة بها، فالمخطوبة قبل أن يعقد عليها تعتبر أجنبية على الخاطب، فهي كغيرها من النساء الأجنبيات.
أما الزواج الذي حصل بعد ذلك فهو فاسد على الراجح من أقوال أهل العلم لا يترتب عليه أي أثر من الآثار التي تترتب على الزواج الصحيح، والولد الذي حملت به تلك المرأة هو ابن زنا لا ينسب إلى ذلك الرجل.
وراجع الجواب رقم 4115
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1422(13/14318)
حكم خطاب الشخص لغير أبيه (يا أبي)
[السُّؤَالُ]
ـ[طلق والدي والدتي عندما كنت في السنتين من عمري ومن ذلك الوقت لم أر والدي، وهو يعرف أين مكاني ولكنه لم يأت يتفقد أحوالي من ذلك الحين، عندما كان عمري ثلاث سنوات تزوجت أمي بشخص آخر ومن ذلك الوقت أناديه بـ" والدي" وإلى الآن بنفس الخطاب ولكن من قريب قرأت حديثا متق عليه ينص على أن من ادعى شخصا أنه والده وليس هو كذلك لا يدخل الجنة. فهل تساعدني في هذا الموضوع الذي أنا مرتبك فيه. علما أني أسلمت قبل سنتين فهل هناك مانع أن أخبر الناس بأنه ليس أبا حقيقيا ولكن أناديه بالأب فقط. جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خطاب الشخص لغير والده بقوله: يا أبي أو يا والدي إذا كان على وجه التكريم والتحبيب، وليس على وجه التبري من النسب الحقيقي لا حرج فيه، وليس مما نهي عنه. فقد روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أُغيْلمة بني عبد المطلب من جمع بليل على حمرات لنا، فجعل يلطح أفخاذنا ويقول: " أَبَيْنِيّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس." صححه الألباني. (يلطح: اللطح: الضرب اللين)
وفي صحيح مسلم من حديث أبي عوانة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا بني"
فاتضح من هذا أن التهديد والوعيد الوارد في من ادعى إلى غير أبيه خاص بمن ادعى ذلك بقصد الرغبة عن أبيه الحقيقي والتبري منه.
وبالنسبة للفقرة الأخيرة من السؤال فأقول: لا مانع من أن تخبر الناس بأن هذا الرجل إنما هو زوج أمك فقط وليس أباك، بل عليك أن تخبرهم بذلك حتى لا يظل الأمر ملتبسا غير واضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1422(13/14319)
الحالات التي يحق للزوج أن ينفي نسبة الولد إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حالات استحالة الحمل شرعا بين الزوج وزوجته (أي في أي الحالات يمكن أن نقول بأن هذه الزوجة من المستحيل أن تحمل من زوجها، رغم أنها حملت) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حماية أعراض المسلمين، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، مطلب من مطالب الإسلام، وغاية من غاياته، ولهذا فالشرع يسد الباب أمام الذين يلتمسون العيب والنقيصة للبشر، فيمنعهم من أن يجرحوا مشاعرهم، ويلغوا في أعراضهم، ويحظر أشد الحظر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ويحرم القذف تحريماً قاطعاً، ويجعله كبيرة من كبائر الذنوب، ويوجب على القاذف ثمانين جلدة، ويمنع شهادته، ويحكم عليه بالفسق واللعن واستحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ما لم يأت بما لا يتطرق إليه الشك من إقرار، أو ظهور حمل، ممن لم يكن لها زوج، أو شهادة أربعة شهود على حالة قلما تتحقق.
ثم نقول للسائل الكريم: إن كل ما جاءت به ذات الزوج من ولد، وكل ما ظهر من حمل، فهو شرعاً منسوب لزوجها. ومن نفاه عنه كان قاذفاً لها، إلا في حالة استحالة أن يكون ذلك الحمل أو الولد منه. ومثلوا لذلك بأمثلة، منها: أن يكون الزوج صغيراً لم يبلغ عشر سنين، ومنها أن يكون تزوجها في حالة لا يمكن اتصاله بها، كأن يكون بعيداً لا يمكن أن يصل إليها أو تصل إليه، أو جاءت بولد -يعيش مثله عادة- لأقل من ستة أشهر من اتصاله بها. ومثل ذلك ما إذا ولدت لستة أشهر بعد التحقق من انتهاء العدة. ففي هذه الحالات وأشباهها يكون حمل المرأة فيها من زوجها مستحيلاً عادة ومرفوضاً شرعاً. وهناك حالة أخرى خاصة بالزوج وهي ما إذا تحقق من زنى امرأته، فله أن ينفي ما ولدته بطريقة اللعان المعروف والمذكور في سورة النور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1421(13/14320)
إذا زنت المرأة المتزوجة فأنجبت أولادا نسبوا إلى زوجها ثم علم بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة خدعت زوجها بعد ما أنجبت منه ولدين ثم تابت إلى الله بعدما أنجبت ولدين من الزنى ثم أنجبت ولدين آخرين بعد توبتها فما حكم الولدين من الزنا حيث يحملان اسم الزوج المغرر به، أحدهما 25سنة والآخر 20سنة وما حكم زوجي إذا لم يفضحهما خوفاً على سمعة أولاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع الإسلامي يغلب جانب الاحتياط في باب لحوق النسب، بحيث أنه لو وجد احتمال ولو ضعيفاً لإلحاق الولد بمن تزوج من أمة أو تسرى بها حيث كانت مملوكة ألحقه به ونسبه إليه. وعليه فإن إقرار المتزوجة على نفسها بإنجاب أولاد من الزنى لا ينفي نسبتهم من أبيهم صاحب الفراش ما لم ينفهم هو بلعان، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، رواه الجماعة إلا أبا داود.
وأما بالنسبة للزوج: فإذا تحقق من زنا هذه المرأة وأن أولادها من زنى فإنه تجب عليه المبادرة بنفيهم باللعان المعروف، والمذكور في سورة النور. لما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم: " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء" إلى آخره، والحديث وإن كان نصاً في المرأة إلا أن الرجل في هذا مثلها لا فرق بينهما، فإنه إذا تحقق من فجور هذه المرأة، وأنها ألحقت بنسبه ما ليس منه، ولم ينفه عنه فقد ألحق هو بنسبه ما ليس منه، فاستحق بذلك الوعيد الوارد في الحديث. مع ما يترتب على عدم نفيه من مزاحمته لأولاده الحقيقيين في حقوقهم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1421(13/14321)
ولد الزنا ولمن ينسب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
عندي بعض الأسئلة الشائكة، وهي أسئلة تنشأ كثيرا عن العلاقة غير الشرعية مع النساء، وهي:
أولا: إذا زنى الرجل وحملت المرأة هل يجوز في هذه الحالة أن تعمل عملية الإجهاض.
والسؤال الثاني: إذا أراد الرجل الزواج من المرأة التي زنى بها وهي حامل منه هل يجوز له ذلك، وهل يستحسن أن يعملا عملية
الإجهاض أو يحتفظا بالطفل. وماذا عن الطفل نفسه، هل سيعد من أبناء الحرام أم ماذا، وإلى من ينسب؟؟ أرجو إفادتي بالجواب السريع الوافي الكافي وجزاكم الله ألف خير.
وأستغفر الله العلي العظيم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً: لا يجوز شرعاً الإجهاض في هذه الحالة المسؤول عنها إذا كان الحمل قد زاد عن أربعين يوماً، ولا يعتبر الحمل من الزنا مبرراً للإجهاض أبداً مهما كانت العوائق النفسية والاجتماعية الناشئة عن ذلك، وسواء تزوج بها أم لا، لأن الإقدام على هذا إهلاك للنسل، وإفساد في الأرض، والله لا يحب الفساد. وفي ذلك اعتداء على نفس مخلقة ظلماً وعدواناً. وهذا الولد الذي سيولد لا ذنب له ولا إثم عليه، وهو مولود على الفطرة. وهذا الإجهاض لا يزيل جريمة الزنا، بل يضيف إليها جريمة أخرى، ولهذا تعامل الزانية والزاني بنقيض قصدهما، وهو ترك مانشأ عن جريمة الزنا من الحمل والولد شاهدا على قبح تلك الفعلة، رادعا غيرهما عن الإقدام على مثلها، وهذا من مقاصد الشرع في العقوبات وإغلاق أبواب الحيل، ولهذا قال سبحانه في تذييل الآية التي فيها ذكر عقوبة الزانيين غير المحصنين ( ... وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) النور:2.
وأما من زنا بامرأة فحملت ثم أراد أن يتزوج بها فقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في حكم ذلك. فقال المالكية والحنابلة لا يجوز النكاح قبل وضع الحمل سواء من الزاني نفسه أو من غيره لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا توطأ حامل حتى تضع" رواه أبو داود والحاكم وصححه، ولما روي عن سعيد بن المسيب: أن رجلا تزوج امرأة فلما أصابها وجدها حبلى، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما. وذهب الشافعية والحنفية إلى أنه يجوز نكاح الحامل من الزنى، لأنه لا حرمة لماء الزاني، بدليل أنه لا يثبت به النسب، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أخرجه البخاري ومسلم.
وأما نسبة الطفل، فإنه ينسب إلى أمه وأهلها نسبة شرعية صحيحة تثبت بها الحرمة والمحرمية، ويترتب عليها الولاية الشرعية والتعصيب والإرث، وغير ذلك من أحكام البنوة لأنه ابنها حقيقة ولا خلاف في ذلك.
أما نسبة الولد إلى أبيه من الزنا ولحوقه به، فقد أجاز ذلك إسحاق بن راهويه، وعروة، وسليمان بن يسار، وأبو حنيفة. قال أبو حنيفة: لا أرى بأساً إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها ويستر عليها، والولد ولد له.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه ولا ينسب إليه، لأدلة منها: ما ورد في قضائه صلى الله عليه وسلم في استحقاق ولد الزنا: " أَنّ كلّ مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أبِيهِ الّذِي يُدْعَى لَهُ ادّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَقَضَى أَنّ كلّ مَنْ كَانَ مِنْ أُمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِمّا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنَ المِيرَاثٍ شَيْءٌ وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثِ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ وَلاَ يَلْحَقُ إذَا كَانَ أبُوهُ الّذِي يُدْعَى لَهُ أنْكَرَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أوْ حُرّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنّهُ لاَ يَلْحَقُ بِهِ وَلاَ يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادّعَاهُ فَهُوَ وَلَدٌ زِنْيَةٌ مِنْ حُرّةٍ كَانَ أوْ أَمَةٍ". رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه والدارمي.
ومذهب الجمهور هو الراجح -إن شاء الله - وعليه فإذا تزوج الرجل بمن حملت منه سفاحاً فإن ولدها هذا ينسب إلى أمه وأهلها، أما زوجها فيكون هذا الولد له ربيباً، وتثبت له أحكام الربيب فقط. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1421(13/14322)
حرمة ادعاء الإنسان إلى غير أبيه.
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: الإجابة 4487 لا تكفي للإجابة عن سؤالي، اللهم إلا ما يتعلق منها بالحديث: " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم، فالجنة عليه حرام ".
أنا لا أفهم معنى هذا الحديث، فهل يمكنكم شرحه وكتابة الجواب باللغة العربية ونشره في اللغة العربية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمعنى الحديث أن من ادعى انتساباً إلى شخص هو يعلم أن ذلك الشخص ليس أباه الحقيقي، فالجنة عليه حرام، وفي كون الجنة عليه حراماً، تأويلان لأهل العلم:
1 - أن ذلك محمول على من ادعى تلك الدعوى المحرمة، عالماً بالتحريم مستحلاً له.
2 - أن هذا الفعل يستحق صاحبه أن تكون الجنة محرمة عليه، ثم إنه قد يجازى على فعله ذلك، فيمنع من دخولها أولاََ، ثم يدخلها بعد ذلك، وقد لا يجازى بل يعفو الله عنه ويدخله الجنة بدون أن يدخل النار أصلاً.
وهذا الوعيد في حق من مات من المسلمين قبل أن يتوب من تلك الدعوى المحرمة، أما من تاب منها، فإن الله سيتوب عليه.
وأما الكافر فذنبه أعظم من ذلك، فلا ذنب بعد الكفر بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(13/14323)
الانتساب إلى غير الأب إثم عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ينتسب لغير أبيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ... من انتسب إلى غير ابيه فقد ارتكب إثماً عظيماً، فقد ثبت في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ادعى إلى غير أبيه ـ وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام". وقد روى الشيخان أيضا ـ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر". وقد روى أيضا من حديث علي رضي الله عنه وفيه:" ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا" وهذا يشمل الأب القريب والأب البعيد فالكل في الحكم سواء. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(13/14324)
لا يعتمد على تحليل الحمض النووي في نفي الأنساب الثابتة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ: نحن قبيلة كبيرة متوزعة في كثير من دول العالم الإسلامي، وجميع أفراد هذه القبيلة يعلمون بأنهم من آل البيت، ولدينا نسب متواتر وشجرات محفوظة من مئات السنين، وفي السنين الأخيرة ظهر في المنتديات طعن في قبيلتنا بأنها لا تنتسب إلى آل البيت، وفي الشهور الأخيرة ظهر منتدى يهتم بتحاليل الأحماض النووية وقام القائمون عليه ـ وهم من الأشخاص الموثوق فيهم ـ بتحليل عدد كبير من القبائل العدنانية ومن الذين ينتسبون إلى آل البيت وظهر أن أغلبهم ينتسبون إلى سلالة واحدة، وعندها قمت بمراسلة إداري في هذا المنتدى أنا واثنين من أفراد قبيلتنا وتم أخذ عينات منا وخرجت النتائج تفيد بأننا لا ننتمي إلى هذه السلالة التي خرجت لأغلب المنتسبين إلى آل البيت، وأننا من سلالة أخرى تلتقي معهم بعد أكثر من عشرة آلاف سنة.
السؤال هو: ما هو موقفنا شرعا بعد خروج هذه النتائج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان نسبه ينتهي إلى بني هاشم أو بني المطلب، فإنه من أهل البيت، ومعرفة ذلك تكون بانتساب الأسرة أو القبيلة إلى هذا النسب من قديم الزمان ومعرفة النسابين لذلك، سواء كان ذلك بوجود الشجرة أي الوثائق الخطية باتصال النسب أو بالحيازة القديمة الموروثة عن الأجداد خلفاً عن سلف، كما هو موجود لدى الكثير من الأشراف، وقد تقرر عند أهل العلم أن الناس مصدقون في أنسابهم، وللفائدة تراجع الفتويان رقم: 50074، ورقم: 75498.
فإذا توفر عندكم ما يثبت به نسبكم إلى آل البيت فلا دخل للحمض النووي أو ما يعرف بـ ـ DNAـ في إثبات النسب أو عدمه، وهذا التحليل الذي أجريتموه لا اعتبار له، ولا يصح نفي نسبكم اعتمادا عليه.
وقد صدرت فتوى المجمع الفقهي الإسلامي بمكة مؤكدة هذا العنى، فجاء فيها ما يلي:
أولاً: لا مانع شرعًا من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي، واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص، لخبر: ادْرَؤوا الحُدُودَ بالشُّبُهاتِ.
وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة.
ثانيًا: إن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لابد أن يحاط بمنتهى الحذر والحيطة والسرية، ولذلك لابد أن تقدم النصوص والقواعد الشرعية على البصمة الوراثية.
ثالثًا: لا يجوز شرعًا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان.
رابعًا: لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعًا، ويجب على الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة، لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصونًا لأنسابهم.
خامسًا: يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات التالية:
أ- حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء، سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها؟ أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه؟.
ب - حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات، ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
ج - حالات ضياع الأطفال واختلاطهم، بسبب الحوادث أو الكوارث أوالحروب، وتعذر معرفة أهلهم أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين. انتهى.
إلى آخر ما جاء في كتاب قرارات المجمع الفقهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(13/14325)
حكم الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل الزواج قمت بتحليل السائل المنوي وكانت النتيجة ضعف كبير، وبعد الزواج ب3 أشهر أنجبت ولدا عمره الآن 5 سنوات، أنا أشك كثيرا فهل أحلل دى أن أى -DNA -وأواجه العواقب أم أترك الأمر لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن أمر الأنساب له خطورته، ولذلك فقد وضع الشرع قواعد وحدودا تحفظ الأنساب وتصونها من العبث، ومن ذلك أن الأصل أن كل من تلده الزوجة حال قيام الزوجية ينسب لزوجها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه.
إلا إذا لم يكن ممكنا كون هذا الولد منه، كما لو ولدته بعد الزواج بمدة أقل من ستة أشهر فهذا لا ينسب لزوجها، قال ابن قدامة: وإن ولدت زوجته لدون ستة أشهر من حين تزوجها لم يلحقه ولدها لأنها علقت به قبل النكاح. الكافي في فقه ابن حنبل.
فإذا كان ما ذكرته من إنجاب زوجتك بعد زواجك بثلاثة أشهر بمعنى أنها ولدته بعد ثلاثة أشهر من عقدك عليها فهذا الولد لا ينسب لك بلا شك.
أما إذا كنت تقصد أنها حملت به بعد ثلاثة أشهر من عقدك عليها فهذا الولد يلحقك نسبه بلا شك، ولا تملك نفيه عنك إلا إذا لاعنت زوجتك عند القاضي، قال ابن قدامة: ولا ينتفي ولد المرأة إلا باللعان.
ولمعرفة اللعان وكيفيته راجع الفتوى رقم: 1147.
لكن يشترط لنفي الولد باللعان أن لا يكون الزوج قد أقر به، أو صدر منه ما يدل على إقراره بنسبه. قال ابن قدامة: وإذا ولدت امرأته ولدا فسكت عن نفيه مع إمكانه لزمه نسبه ولم يكن له نفيه بعد ذلك. المغني.
أما الاعتماد في النفي على تحليل الجينات الوراثية فلا يصح، فقد جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشر بشأن البصمة الوراثية:
لا يجوز شرعا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 7424.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(13/14326)
أرجعها بعد العدة بلا عقد جديد وجامعها فهل يلحق الولد به
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل رد زوجته بعد انقضاء العدة في طلاق رجعي دون أن يعلم أنه لابد من عقد جديد، وجامعها خلال هذه الفترة، ثم تبين له الحكم الشرعي وصحح وضعه، لكن اتضح أن الزوجة حامل من الجماع الذي حدث بعد انقضاء العدة وقبل العقد الجديد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمل منسوب إلى ذلك الرجل على كل حال، سواء كان نشأ من الوطء قبل تجديد العقد أم بعده؛ لأنه وطئها يظن صحة مراجعتها دون عقد، وذلك وطء بشبهة يلحق به النسب. قال شيخ الإسلام: لكن إذا اعتقد هذا نكاحا جائزا كان الوطء فيه وطء شبهة يلحق الولد فيه ويرث أباه. اهـ
وقال أيضا: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين. اهـ
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 74761.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(13/14327)
التبرؤ من الولد وقد حمل على فراش الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة تريد الطلاق، وهي حامل في الشهر الثاني، وزوجها لا يريد الاعتراف بالولد، وقال لها أسقطيه مع العلم أنها كانت متزوجة من قبل ولديها ولدان، وهي تريد تربية أطفالها. فهل يجوز لها أن تسقط الطفل بناء على رغبة زوجها ولتربية أطفالها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أنه لا يجوز للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق لغير ضرر أو مسوغ شرعي معتبر، لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد وأصحاب السنن.
ولا يجوز للرجل أن يتبرأ من ولده، وقد حمل على فراش الزوجية إلا أن تكون له بينة أو ظن غالب فينفيه بلعان، وإن سكت عليه فهو ولده، وأما الإجهاض فلا يجوز سواء أكان بإذن الزواج ورغبته أم لا. فلتتقي الله عز وجل ولا تطيع زوجها فيما دعاها إليه، ولتترك مطالبته بالطلاق ولتحاول الإصلاح والتفاهم فهو خير. والطلاق لا يكون إلا آخر العلاج، كالكي لا يكون إلا آخر الدواء. وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 2016، 73954، 39211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(13/14328)
حكم تغيير الاسم الشخصي أو القبلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في تبديل أو تغيير اسم القبيلة؟ وهل يمكن أن يسمى الشخص إذا كانت له فخيذة باسم قبيلته؟ أرجو التوضيح..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من تغيير الاسم الشخصي أو القبلي.. إذا كان ذلك لغرض مشروع وذلك لما ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم- غير بعض الأسماء لعدم حسنها أو لمنافاتها للعقيدة كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 79415.
ويقاس عليه تغييراسم القبيلة إذا كان لغرض شرعي ولم يكن فيه ما يمنع من ذلك شرعا كالانتساب لغيرآبائهم أو التولي لغير مواليهم.
أما إذا كان التغيير بالانتساب لغيرالآباء ... فإنه لا يجوز لما جاء في الصحيحين وغيرهما، واللفظ لمسلم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
ولا مانع أيضا من انتساب المسلم إلى قبيلته -أصوله وأجداده الأعلون- أو انتسابه إلى فخيذته أو فرعه الأقرب؛ فكل ذلك واسع ما لم ينتسب لغير أصوله، فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- ينسب لقريش القبيلة الكبرى وينتسب لفخذه: بنو هاشم، وهكذا كان الصحابة الكرام والسلف الصالح رضوان الله عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(13/14329)
مسائل في كون الولد للفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن موضوع الابن للفراش ولقد بحثت فى شبكتكم الموقرة ولكني لم أستطع إيجاد ما أحتاجه، سؤالي هو: كيف يتم إنساب الولد من الزنا لزوج المرأة التي زنت مع آخر وهو ليس ابنه ويكمل حياته على أنه ابنه وله ما لأبنائه الحقيقيين من حقوق عليه، والذي عرفته أنه يمكن أن لا يكون ابنه فى حالتين الأولى اللعان إن لاعن الرجل الزوجة، أو يكون الولد مولودا لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد، فأريد أن أعرف ما الحكمة وراء إنساب الولد للزوج؟ وجعل الله ما تقدمونه فى ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالابن إنما يكون للفراش إذا ولد على فراش الزوج ولم يمكن القطع بكونه ليس منه ولم ينفه الزوج عنه فإنه يلحقه لاحتمال كونه منه فجانب الفراش أقوى، وكون المرأة قد زنت وهي فراش لزوج لا يعني القطع بحصول الولد من الزاني، ولذلك إذا تيقن الزوج أن الولد ليس منه أو غلب على ظنه ذلك لوجود قرائن بذلك وجب عليه نفي الولد لئلا يلحق به، وذلك حق شرعي له بل يجب عليه إن تيقن كون الولد ليس منه، ومن الحالات التي يقطع فيها بذلك مجيء الولد لأقل من ستة أشهر حياً مكتملاً من يوم دخول الزوج بزوجته ونحو ذلك.
وأما إذ لم يكن لدى الزوج بينة ولا قرينة قوية على أن الولد ليس منه فلا يجوز له التبرؤ منه بل هو ملحق به لكونه ولد على فراشه، والأصل أنه منه، وتقوية جانب الفراش فيها ستر وحفظ للحقوق من الضياع، وهذه الأحكام ليست باجتهاد بل هي ثابتة في السنة المطهرة وقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65} ، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34308، 24605، 67656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(13/14330)
الولد ينسب لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مسلمة متزوجة بزواج شرعي من مسلم تولد لها طفل وتدعي هي أن هذا الطفل ليس من زوجها بل من مسلم آخر وتقدمت بدعوى نفقه وحقوق في محكمه مدنية ضد الشخص الآخر الذي هو ليس زوجها وهي ما زالت على ذمة زوجها هل يحق لها وما هو الحل الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل لها ذلك، وابنها ينسب إلى زوجها صاحب الفراش، ولا يلحق بغيره، وعليها أن تتقي الله تعالى وتستر نفسها مما وقعت فيه، فالتبجح بالمعصية والمجاهرة بها من الموبقات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.
وهي بعملها تسيء إلى نفسها وإلى ابنها وزوجها وأهلها فعليها أن تكف عنه، وتعلم أنه لا يجوز لها شرعا.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 104182، 80109، 66695.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(13/14331)
حملت بعد طلاقها ثم تزوجت فلمن ينسب الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم - لدي سؤال:
زوجتي طبيبة أخصائيه نساء وولادة جاءت إليها إحدى بنات الجيران تشكو من شيء في بطنها وعند الكشف عليها تبين أنها حامل (مع العلم أنها مطلقة - وأختها طبيبة تعمل في نفس المستشفى التي تعمل فيه زوجتي) عند ذلك طلبت بنت الجيران من زوجي الستر - فسترت عليها ولكن تبين بعد ذلك أنها خطبت وتزوجت وتم نسب الطفل وهو ذكر إلى غير أبيه - مع العلم أن عمرها حوالي 63 عاما - أفتوني جزاك الله خيرا لأن زوجتي تتألم من هذا الموضوع جدا وتخاف أنها مشاركة في هذا الموضوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم على زوجتك فيما فعلت، فإن الستر على المسلم مطلوب شرعا، والواجب عليها الإعراض بالكلية عن الكلام في أمر هذه الفتاة، وأن لا تشغل نفسها بها.
وبخصوص نسب هذا الولد فإنه يلحق بالزوج الأول، وقد يلحق بالثاني، وقد لا يلحق بأي منهما. قال ابن قدامة في المغني: فصل وإن أتت بولد فادعى أنه من زوج قبله نظرنا.. فإن كانت تزوجت بعد انقضاء العدة لم يلحق بالأول بحال، وإن كان بعد أربع سنين منذ بانت من الأول لم يلحق به أيضا، وإن وضعته لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني لم يلحق به، وينتفي عنهما، وإن كان لأكثر من ستة أشهر فهو ولده، وإن كان لأكثر من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني، ولأقل من أربع سنين من طلاق الأول ولم يعلم انقضاء العدة عرض على القافة ولحق بمن ألحقته به منهما، فإن ألحقته بالأول انتفى عن الزوج بغير لعان، وإن ألحقته بالزوج انتفى عن الأول ولحق الزوج، وهل له نفيه باللعان؟ على روايتين. اهـ
ولكن الكلام في موضوع لحوق نسب هذا الولد أو عدم لحوقه لا يعني زوجتك كما ذكرنا، فلتجتنب الحديث فيه، ولتلتزم بالستر على تلك المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(13/14332)
أنجبت مولودا بعد خمسة شهور من الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أخي امرأة بكرا بتاريخ 24/12/2007 وبعد خمسة شهور من الزواج أنجبت مولودا كاملا بتاريخ 20/05/2008. ما حكم هذا المولود؟ ما حكم هذا الزواج؟ قبل الولادة وبعده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألتك تحتمل أحد أمرين: الأول: إن كان حساب الخمسة الشهور المذكورة من بعد عقد الزواج فهذا المولود لا يعد ابنا لأخيك إذا لم يدَّعه، ولا ينسب له وإنما ينسب لأمه ويرثها وترثه وتثبت بينهما الحرمة والمحرمية، والولاية الشرعية، وغير ذلك من أحكام البنوة لأنه ابنها حقيقة ولا خلاف في ذلك. وراجع الفتوى رقم: 6045 لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر باتفاق الأئمة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ {الأحقاف:15} . ثُمَّ قَالَ: وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ {لقمان:14} . فَبَقِيَ لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ.
ولا يمنع من هذا الحكم كون المرأة كانت بكرا لأن الحمل قد يكون مع وجود البكارة، وراجع الفتوى رقم: 72062.
وإذا ادعى أخوك الولد وأنه منه والحال ما ذكرنا فكذلك الحكم عند جمهور الفقهاء؛ لأن ذلك إنما يدل على أنه وطئها قبل الزواج فهو زنا فلا يثبت به نسب، خلافا لأبي حنيفة الذي يرى أنه يلحقه بادعائه. وراجع الفتوى رقم: 6045.
والاحتمال الثاني: إن كان حساب الخمسة شهور من بعد البناء -الدخول بالزوجة- أو الخلوة بها مع إمكان الوطء، وكان العقد قد تم قبل ذلك بما لا يقل عن شهر فإن الولد ينسب لأخيك ولو اشتبه في أنه من الحرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه. وراجع الفتوى رقم: 11426. ولا ينفى هذا الولد عن أخيك إلا باللعان المعروف، وراجع الفتوى رقم: 66849. والفتوى رقم: 67409.
قال ابن قدامة في المغني: إذا وطئ الرجل أمته فأتت بولد بعد وطئه بستة أشهر فصاعدا لحقه نسبه، وإن أتت بولد تام لأقل من ستة أشهر لم يلحقه نسبه لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر. اهـ.
وقال أيضا: لو خلا بها فأتت بولد لمدة الحمل لحقه نسبه وإن لم يطأ. اهـ.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ أَنْ تَأْتِيَ الْمَرْأَةُ بِهِ بَعْدَ مُضِيِّ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْوَطْءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَوْ الْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَعْرِفَةِ الْوَطْءِ الْمُحَقَّقِ عِنْدَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، فَلَوْ وُجِدَتْ قَبْلَ مُضِيِّهَا حَصَلَ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْ قَبْلُ فَلَا يُلْحَقُ. اهـ. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 23882، 73265، 66386، 7105.
هذا، ونشير إلى أنه لا يجوز اتهام هذه المرأة بالزنا إذا لم تقر به، وأنه لا حد عليها عند جمهور أهل العلم لاحتمال أن يكون الحمل قد يكون نتيجة لوطء في النوم وهي لا تدري، أو أنه انتقل لها مني رجل بغير مباشرة وبغير علم أو نحو ذلك، وراجع الفتوى رقم: 54129، والفتوى رقم: 28539. والفتوى رقم: 32178 والفتوى رقم: 29732.
وأما حكم الزواج قبل أو بعد الولادة؟ فعلى الاحتمال الأول هو صحيح قبل الولادة وبعدها، ولا إشكال فيه؛ لانتفاء التهمة وثبوت نسبة الولد له.
وعلى الاحتمال الثاني فقد اختلف الفقهاء في نكاح الحامل من الزنى، فقال المالكية والحنابلة: لا يجوز نكاحها قبل وضع الحمل، سواء من الزاني نفسه، أو من غيره، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع. رواه أبو داود والحاكم وصححه، ويكون العقد باطلا. وراجع الفتوى رقم: 38866.
وذهب الشافعية والحنفية إلى أنه يجوز نكاح الحامل من الزنى لأنه لا حرمة لماء السفاح بدليل أنه لا يثبت به النسب، وإذا تزوجها غير من زنى بها، فلا يحل له وطؤها حتى تضع لحديث: لا توطأ حامل حتى تضع. ولقوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه زرع غيره. رواه الترمذي وحسنه.
وإذا تزوجها من زنى بها فله وطؤها؛ وراجع الفتوى رقم: 103061 والفتوى رقم: 4115 والفتوى رقم: 11426، والفتوى رقم: 2294، والفتوى رقم: 50225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(13/14333)
زنى بأمرأة وأنجبت ثم تزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا السائل صاحب السؤال رقم 2183880 أريد أن أتثبت نظراً للمعلومات الآتية التي لم أطرحها لحضراتكم في السؤال السابق هو أني عند زواجي لم أكن أصلي وتم عقدي بها بعد شهرين من حملها مني وكان هذا على عقد زواج أجنبي وهذا كما تعلمون تم بدون حضور شهود ونسبة البنت المولودة لي وعدت إلى بلادي وتبت إلى الله وهذا من فضله علي وعلمت أن هذا العقد عقد ٌفاسدٌ فرجعت إلى زوجتي وقمت بإصلاح البنود الفاسدة مع العلم بأن ابنتي قد بلغت من العمر 08 أشهر عندها وكما سبق وبينت لكم أن زوجتي رفضت مرافقتي إلى بلدي المسلم، فأعتذر عن الإزعاج بعدم الإيضاح في السؤال الأول.. جوزيتم عنا كل خير وجعله الله في ميزان حسناتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففعلك صحيح بتجديد العقد لفساد الأول، والبنت لا تنسب إليك لكونها من زنى، وإنما تنسب إلى أمها، فلا علاقة بينك وبينها، وعليك أن تتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحاً وتعلم أنك وقعت في موبقات عظيمة فاحمده سبحانه أن تداركك بلطفه ورحمته وهداك للتوبة، فأكثر من عمل الصالحات وفعل الحسنات لأن ذلك مما يذهب السيئات، وللمزيد في ذلك انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1095، 1106، 4115، 6045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(13/14334)
الأولاد الذين ولدوا عبر نكاح صحيح ينسبون لأبويهم
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من قريب لي وبعد العقد علي وقبل الدخول رأيته في حالة مريبة مع امرأة أخرى محرمة عليه على التأبيد لسبب زواجي منه لكنني أرغمت على الدخول به وأصبح لي منه أولاد فهل هؤلاء الأولاد شرعيون أم لا، وهل إذا كنت انحرفت بعد ما رأيت بعيني انحراف زوجي ثم تبت إلى الله ورجعت إليه فهل تقبل توبتي فأرجو أن يكون الرد على أسئلتي هذه واضحاً مستفيضاً لأني في عذاب أليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما ذكرته عن زوجك لا يليق بالمسلم، ولكنه لا يقطع نسب أولاده عنه، وتوبة العبد مقبولة عند الله إذا أخلص فيها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تبيني لنا الحالة التي قلت إنها مريبة وأنك رأيت زوجك فيها، ولا شك في أن أي شيء من ذلك يعتبر أمراً غير لائق بالمسلم، وعلى أية حال فإن الأولاد الذين كانوا ثمرة نكاحكما ينسبون إلى زوجك نسبة شرعية صحيحة، وذلك لأن أقصى ما يكون الحال الذي رأيت زوجك عليه هو أن يكون قد مارس الزنا مع تلك المرأة، وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان الزنا بأم الزوجة أو بنتها يحرم الزوجة أم لا، وسواء أخذنا بقول هذه الطائفة أو تلك فإن الخلاف يعتبر شبهة تدرأ الحد ويلحق معها النسب.
وليس من شك في أنك إذا كنت قد انحرفت بانحراف زوجك تكونين قد ارتكبت إثماً عظيماً، ولكنك إذا تبت من ذلك توبة صادقة فإن ذلك يقبل عند الله، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} ، وروى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. حسنه ابن حجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1429(13/14335)
الولد ينسب إلى الزوج صاحب الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على زميلة لي في العمل منذ خمس سنوات وهي متزوجة وتطورت بيننا العلاقة إلى أن وصلت للزنا وحصل حمل من هذا الزنا في شهره الخامس الآن، مع العلم أن زوجها فرصة الإنجاب لديه ضعيفة جدا وفرح هو وأهله بهذا الحمل ولا أجد أي باب لأكفرعن هذا الذنب وقد عرضت عليها إجهاض هذا الحمل ولكنها تريد أن تكمله لأنه مني أنا بالتحديد وعرضت عليها الطلاق من زوجها حتى أتزوجها وأكفر عن ذنبي ولكن لم تفعل.
مع العلم أنني لم أفعل بهذه الأعمال المحرمة من قبل وهي التي شجعتنى كثيرا حتى وصلنا لهذا الحد وأنا لاأعفي نفسي من الذنب، ولكن كلما فكرت في الموضوع يجن جنونى لهذا الرجل الذى فرح بولد ليس بولده وسيربيه وهو مخدوع ولايعلم الحقيقة، هذا هو الذى يؤرقني لأني لن أتعرض لأي مسؤولية ولن يسألني أحد عنه إلا الله طبعا ولكن وجدت منها عدم مبالاة ولم تندم ولو للحظة على هذه الفعلة.
الوقت يمر ولا أجد أي مخرج من هذا الذنب الذي عزمت على عدم العودة له مرة أخرى.
أرجو الإفادة حتى يستريح ضميرى وأعلم جيدا أني أخطأت خطأ فادحا جدا جدا جدا ولكن رجائي الوحيد أن يغفر الله لي ولا يرزق غيري بما لا أتمناه أنا لي ولا يرضاه هو لخلقه إنه ولي ذلك والقادر عليه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنك قد أتيت ذنبا عظيما، فإن الزنا محرم، وكونه مع امرأة ذات زوج يجعله أشد حرمة، فالواجب عليك أن تتوب توبة نصوحا، وأن تجتنب كل ما قد يقودك إليه مرة أخرى من خلوة أو اختلاط محرم، ولا يكفر هذا النوع من الذنوب إلا التوبة، أما الزواج الشرعي من المزني بها فليست بتوبة ولا كفارة.
ويجب عليك التوبة أيضا من خطأين وقعت فيهما:
الأول: ما قمت به من أمرها بإجهاض هذا الجنين فإن الإجهاض محرم.
والثاني: أمرك لها بطلب الطلاق من زوجها وهذا تخبيب وهو محرم.
وراجع الفتويين: 2016، 7895.
والولد لا ينسب إلى الزاني؛ وإنما ينسب إلى الزوج الذي هو صاحب الفراش؛ كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 24605.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(13/14336)
كون الشخص ابن زنا لا يمنع من انتفاع الناس بعلمه وصلاحه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب عرف عنه الاستقامة والصلاح وكان أحد خطباء المساجد في إحدى المدن، وفجأة سافر إلى إحدى الدول الغربية واعتزلنا جميعا، وبعد مرور السنين والأعوام استطعت أن أحصل على عنوان إقامته وبعد تواصلي معه ومع بعض الإخوة هناك عرفت أن حاله قد تغير كليا فلم يعد مستقيما أو محافظا أو ملتزما، وأصبح كارها للعيش والناس أجمع، وبعد الإلحاح الشديد مني على معرفة أسباب تغيره، أوضح لي بعد أن استحلفني أن لا أطلع أحداً على سره، لكن حرصي على مساعدته جعلتني أكتب لكم بهذا وقد أكون آثما لفعلي هذا، فهو يقول إنه كان يعير بأنه ابن زنى ذلك كان في صغره وكان يتجاهل ذلك ولما كبر وشارفت أمه على الموت استحلفها بالله فاعترفت له بأنه ابن غير شرعي، فأثر ذلك عليه أثراً بالغاً وقلب موازين الأمور لديه، وفقد الثقه بالناس، حتى قال لا يمكنني أن أكون مستقيما وأن أدعو الناس وأنا أعرف حقيقتي، فهل يمكن أن يكون الابن غير الشرعي مستقيما وصالحا أم لا خصوصا أنه لا ذنب له بذلك، وبم تنصحونني أوجه قريبي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر على ما ذكرت من كون ولد الزنا لا دخل له فيما حصل من زنى أمه، ولا يمنعه ذلك من أن يكون رجلاً صالحاً تنتفع به أمته، فهو داخل في عموم الإنسان الذي قال الله تعالى عنه: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا {الإنسان:3} ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 63153.
ومن أهم ما ينبغي أن تذكر به هذا الشخص هو أنه في ابتلاء وأنه كغيره من البلايا التي قد تصيبه في الدنيا ويحتاج منه إلى الصبر، وراجع في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103.
ثم إنه على فرض أن أمه قد زنت فإن كانت ذات زوج فإنه ينسب إلى زوجها لأنه صاحب الفراش، ولا يجوز نسبته إلى غيره أو نفي نسبته إليه إن لم ينفه الزوج بلعانٍ؛ كما هو معروف، فلا ينبغي له أن يلتفت أو يشغل نفسه بما يقول الناس، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 32365.
وعلى فرض كونه ابن زنى وأن أمه ليست ذات زوج فليس هنالك علاقة بين كونه ابن زنى وكونه مكلفاً محاسباً على أعماله، فلماذا إذاً الانحراف عن النهج المستقيم؟! وليسأل نفسه هل في انحرافه حل لمشكلته أم أن هذا يزيده بلاء على بلائه، وبذلك قد يخسر دنياه وأخراه، فينبغي أن تذكره بهذه المعاني بأسلوب لطيف عسى الله أن يجعل له الصلاح على يديك فتؤجر على ذلك.
والذي يظهر أنك لا تأثم بسؤالك عن أمره، فلا يبدو أن في السؤال عن هذا الأمر إفشاء لما استكتمك من سر، ولا يترتب على السؤال عن أمره بالصيغة التي ذكرتها شيء مما يخشاه، وفي ختام هذا الجواب ننبه إلى أمر وهو أن إقامته في بلاد الكفر قد تكون سبباً أساسياً في انحرافه من حيث لا يشعر، وقد نص العلماء على أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفر لمن يخشى الفتنة في دينه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1429(13/14337)
نفي الولد لمجرد العزل.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: سؤالي ربما يكون غريبا ولكنه هام جدا بالنسبة لي وسوف أختصره بقدر الإمكان، تزوجت زواج (مسيار) وبعد زواجي بستة شهور حملت ثم وضعت ... ولكن الأمر أني غير مصدق بهذا الحمل من أساسه.... وذلك لعدة أسباب وهي: عند الجماع أستخدم (عازل) في كل مرة، وقليلا ما يكون الجماع بدون (عازل) وفي هذه الحالة كنت أحرص بأن أجعل (الإنزال) خارج الرحم، وخلال فترة زواجي بهذه المرأة لم أنزل داخل الرحم أبداً حتى لو كنت أستخدم (عازل) ليس لدي (ود) نحو المولودة أبداً، سلوك المرأة غير مضبوط منها عدم الصلاة كثرة خروجها من المنزل وكثرة شرائح الجوال، حيث أفاد ابنها بأن أمه تعرف أو لها علاقات مشبوهة، ولكني غير متأكد هل هذه العلاقات فيها خلوة أم لا، السؤال هو: هل يحق لي بأن أطلب من القاضي إثبات نسب المولود عن طريق التحليل بالإثباتات السابقة، علما بأن المرأة لديها 4 أبناء من زوج سابق، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الولد منسوب إليك شرعاً لكونك صاحب الفراش، ولكن إذا حصل لديك يقين أو ظن غالب بأنه ليس ابنك ولا من مائك فلا حرج عليك أن تنفيه عنك فلا يلحق بنسبك وذلك بملاعنة المرأة، وليكن الفحص وعمل التحليل قبل الملاعنة، فربما تدفع نتيجته ما في نفسك وتتأكد من كونه ابنك، هذا من حيث الإجمال.
وإليك تفصيل ذلك وهو أن جملة ما اتخذته من الأسباب لا يمنع الحمل يقيناً، ولذا قال صلى الله عليه وسلم للصحابة رضوان الله عليهم لما أخبروه أنهم يعزلون عن السبي: ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة. والحديث في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد. وفي سنن أبي داود عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي جارية وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجل، وأن اليهود تحدث أن العزل موءودة صغرى، قال: كذبت يهود، لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه. فلا يجوز نفي الولد لمجرد العزل أو عدم الشبه، قال خليل في مختصره: ولا يعتمد فيه على عزل ولا مشابهة لغيره وإن بسواد. وكذا في تحفة المحتاج للهيتمي وغيرها، وقيل: يجوز مع العزل إن تيقن عدم حصول شيء من المني داخل الرحم؛ كما ذكر ابن نجيم في البحر الرائق وغيره.
وأما عدم شعورك بالمودة نحوه فليس دليلاً كافياً لنفيه؛ بل لا يجوز نفيه لمجرد ذلك، لكن إن جزمت بعدم بنوته لمجموع تلك القرائن من عزل وعدم عفة المرأة ونتيجة الفحص فيمكنك ملاعنتها ونفيه عنك فلا ينسب إليك، فقد نص أهل العلم على أن للزوج نفي الولد إذا علم أو ظن ظناً مؤكداً أنه ليس ابنه. كما هو مقتصى كلام الشربيني في مغني المحتاج.
وأما مجرد الشك والظن الضعيف فلا يجيز ذلك، ويجب الحذر كل الحذر من الوعيد الشديد الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الجنة، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. رواه أبو داود والدارمي في سننه وصححه ابن حبان. وفي عون المعبود شارحاً لهذا الحديث: جحد ولده: أي أنكره ونفاه، وهو ينظر إليه أي الرجل ينظر إلى الولد، وهو كناية عن العلم به بأنه ولده أو الولد ينظر إلى الرجل، ففيه إشعار إلى قلة شفقته ورحمته وقساوة قلبه وغلظته، احتجب الله عنه: أي حجبه وأبعده من رحمته، وفضحه أي أخزاه على رؤوس الأولين والآخرين. وانظر لذلك الفتوى رقم: 33660، والفتوى رقم: 7424.
ولمعرفة حكم تارك الصلاة والمتهاون بها وكيفية تعامل الزوج مع زوجته حينئذ تراجع الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 10370.
وعليك أن تعلم أن المرأة التي تخرج بدون إذن الزوج ويظن بها أنها غير عفيفة على النحو الوارد -في السؤال- لا تصلح زوجة لك ما لم تتب مما تفعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(13/14338)
حكم الزواج إذا تبين أن الزوج السابق لم يتم إجراءات الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بإفادتي في المشكلة الآتية بأسرع ما يمكن لإعلام أطرافها
تزوج رجل بامرأة زواجا بدون أوراق رسمية، وبعد ستة أشهر دبت بينهما الخلافات التي أدت لأن يتركها، وعلى مدار سنة طالبته بالطلاق وكان يعدها أنه سيفعل ولكن بعد أن يستوفي حقوقه المادية منها، ثم تعرفت على رجل آخر وتزوجته دون أن تخبره بالزواج السابق باعتباره كان نصبا واحتيالا عليها، وهي الآن حامل من الزوج الثاني، الزوج الأول يؤكد أنه لم يطلقها، والثاني يؤكد أنه لم يعلم بهذا الزواج السابق، وكل من الثلاثة يسأل عن ما يلزمه شرعا؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة من المسائل الشائكة والأمور الخطيرة لتداخل الحقوق، وتشاكس الخصوم، وإلحاق النسب فيها؛ ولذا ينبغي رفعها إلى المحاكم أو الهيئات التي تمثلها وتعنى بالنظر في قضايا المسلمين في البلاد الغربية، لتستفصل عما ينبغي الاستفصال عنه وتحكم فيها بما تراه. ولا يعتمد فيها على السؤال والجواب عن بُعد لكثرة الاحتمالات، واختلاف الأحكام المترتبة على كل احتمال، واستقصاؤها غير ممكن في مثل هذا المقام. ولكن للفائدة نقول: إذا كان نكاحها بزوجها الأول قد تم بشروطه وأركانه المعتبرة شرعا فهو صحيح باق ولا عبرة بعدم توثيقه في الدوائر الرسمية، وقد سبق بيان الشروط التي يجب توفرها في الزواج الشرعي في الفتوى رقم: 25024، والفتوى رقم: 964 فراجعهما.
وبناء عليه؛ فالمرأة لا تزال في عصمة زوجها الأول ونكاحها الثاني باطل، لكن إن كان الزوج الثاني لا يعلم كونها متزوجة وهي تجهل حكم بقائها في عصمة زوجها فنكاحهما -أي نكاح الثاني- نكاح شبهة يدرأ به الحد ويلحق به الولد إن كان قد دخل بها في طهر لم يمسها فيه زوجها الأول وولدت لستة أشهر فأكثر من حين دخوله بها لا أقل، لأنها إن ولدت لأقل من ستة أشهر فهو للأول قولا واحدا. وإن كان مسها في طهر مسها فيه زوجها الأول وولدت لستة أشهر فأكثر فهنا يحتمل أن يكون الولد للأول ويحتمل أن يكون للثاني، والحل هنا أن ينظر القائف في الولد ويلحقه بأحدهما. وتقوم التحاليل المخبرية اليوم مقام القائف لانضباطها قال الرحيباني في مطالب أولي النهى:
(وَكَذَا لَوْ وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ) بِشُبْهَةٍ.. فَاعْتَزَلَهَا حَتَّى أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْوَاطِئِ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مِنْهُ، وَيَنْتَفِي عَنْ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ. (وَ) إنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ (فَـ) الْوَلَدُ (لِ) لِوَاطِئِ الْأَوَّلِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ.. (وَإِنْ اشْتَرَكَا) أَيْ: الزَّوْجُ وَالْوَاطِئُ بِالشُّبْهَةِ (فِي وَطْئِهَا فِي طُهْرٍ) وَاحِدٍ (فَأَتَتْ بِمَا) أَيْ: وَلَدٍ (يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا، أُرِيَ الْقَافَةَ) فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ مِنْهُمَا لَحِقَ بِهِ. انتهى منه باختصار
وعليها أن تعتد من الثاني، وما دامت الآن حاملا فتنتهي عدتها بوضع حملها إذا كان منه على التفصيل السابق، وترجع إلى زوجها الأول دون عقد جديد.
ونعيد التوكيد هنا بالرجوع إلى المحاكم الشرعية أو الهيئات التي تعنى بذلك في البلاد الغربية، كما ذكرنا سابقا.
وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25327، 52635، 35517.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1428(13/14339)
الشرع يغلب جانب الاحتياط في أمر لحوق النسب
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت علاقة بين سيدة ورجل في أواخر شهور العدة وذلك من خلال عقد عرفي واثنين من الشهود وكان أصدقاء هذا الرجل كلهم على دراية بهذه الزيجة لهذه السيدة وكان ذلك لخطأ في الحسابات والتواريخ والأيام وغير مقصود بالمرة نتج عن هذه العلاقة حمل.. فطلبت من الشخص الذي فعل ذلك أن يثبت النسب وأن يتمم الزواج الرسمي وأن يعترف بالطفل فسبها في أشخاص مختلفة ولم يعترف بالطفل ... طلب منها أن تجهض نفسها فرفضت فهي لم تفعل منكرا ... بدأت شهور الحمل وهي تحاول معه جاهدة بكل الطرق ... وفي محاولات من أهلها والأشخاص المحيطين بها أن تعود، والكل يقول ارجعي من أجل الحمل وأصبح الكل ينظر لها على أساس أن الطفل الذي في بطنها من زوجها الأول.. إلى يوم الولادة وهي تحاول معه لإثبات النسب للزوج الجديد.. وكانت تسعى لذلك ... سألت أحد الشيوخ فأجابها الطفل ينسب لزوج الفراش يأخذ الاسم ولا يورث منه.... ونُسب الطفل للزوج الأول دون علمه بأن الطفل ليس طفله في إدارة المستشفى أثناء غيابها عن الوعي بعد العملية.. وكان أمرا واقعا ... وبعد ذلك ب 3 شهور من المحاولات لأخذ الحقوق منه.. حق الطفل وحقها فقد نصب عليها في مبلغ كبير جدا أيضا لم تصل لشيء ولكن في أثناء ذلك الوقت اتهمها هو وإخوانه بأن هذا الطفل ليس طفله فقاموا بعمل تحليل DNA البصمة الوراثية الذي أثبت أن هذا الطفل ابنه ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل مجموعة من اللصوص.... ومع كل هذه المنازعات والمشاكل رجعت تحت الضغط من أهلها إلى زوجها الأول أي بعد الوضع ب 5 شهور فهي لم تكن تنوى ذلك ولكن هذا ما حدث....
أرجوكم.. أنا أمر بحالة نفسية سيئة للغاية لأني الإنسان الوحيد في هذا الكون الذي يعرف أن هذه الإنسانة تعامل الله بحب شديد وكنت الوحيد الذي يعرف الكل ... يعرف الزوج الأول ويعرف الزوج الثاني ... فقد تعرفت عليها وعلى عائلتها عن طريق الزوج الثاني (كان الزوج الثاني يتعامل مع أهلها على أساس أنه زي خالها حتى تمكن منها ومن مالها) وكنت السند لها والأخ وعلمت كل هذا بعد الوضع ب 3 أشهر وحضرت كل شيء وكنت الشاهد الوحيد على طهارتها ومحاولاتها لعدم حدوث أي خطأ ديني ... إنها الآن في مشكلة كبيرة، هل تعترف أم لا،هل تسعى لإثبات النسب أم لا، هل الصمت أفضل أم الإعلان.... لقد ابتزها هذا الرجل ابتزازا لا يمكن أن يتحمله بشر على وجه الأرض ... لا أعلم ماذا أفعل ... أرجوكم الإفادة السريعة حيث إنني أشعر بالذنب ... مع التأكيد على أني علمت بكل هذه الأشياء بعد الوضع ب 3 شهور.....
أرجوكم أرشدوني
1-ماذا أفعل حتى لا أكون أمام الله مخطئا فأنا أعلم الحقيقة؟
2- ماذا تفعل هذه الأنثى ... أعتذر على الإطالة، هذه القصة كبيرة ولها دخليات كثيرة جدا، أرجوكم أرسلوا لي الحل والحكم الديني ماذا يكون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل هذا السؤال على أربع نقاط هي:
1. الزواج العرفي
2. وقوع العقد في العدة
3. لحوق نسب الولد
4. موقفك أنت –أيها السائل- من هذا الموضوع.
وحول النقطة الأولى فقد بينا حكم الزواج العرفي في فتاوى كثيرة، وذكرنا أنه إن كان قد استكمل شروطه وأركانه، ولم ينقصه إلا أنه لم يسجل في السجلات الرسمية أو أنه لم يعلن للناس، فإنه يعتبر زواجا صحيحا تترتب عليه آثار الزواج الصحيح. وإن اختل شيء مما ذكر كان زواجا باطلا. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 5962.
ثم إن الزواج في العدة يعتبر باطلا باتفاق أهل العلم، ويجب التفريق بين الزوجين فيه فورا. وإن كان ذلك عن جهل منهما بحرمته، فإنه يكون نكاح شبهة لا إثم عليهما فيه، وما أنجباه فيه من أولاد يلحقون بالواطئ. وإن حصل ذلك عن علم بحرمته منها، فإنه يعتبر زنا والعياذ بالله. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 26696.
وحول النقطة الثالثة، فإن الشرع الإسلامي يغلب جانب السلامة والبراءة من الزنى وأنها الأصل، ولهذا صان عرض المؤمن والمؤمنة، وحرم القذف، وجعله فسوقا، ورتب عليه الحد إذا كان بغير بينة.
كما أنه يغلب جانب الاحتياط في باب لحوق النسب، بحيث إنه لو وجد احتمال ولو ضعيفا لإلحاق الولد بمن كان زوجا لمن أنجبته ألحقه به ونسبه إليه. حتى ولو أقرت المتزوجة على نفسها بإنجابه من الزنى فإن ذلك -وحده- لا ينفي نسبته لأبيه صاحب الفراش، ما لم ينفه هو بلعان معجل، لقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر، رواه الجماعة إلا أبا داود.
وعليه، فهذا الولد صحيح النسبة إلى الرجل الذي كان زوجا لأمه ما لم يكن نفاه بلعان معجل.
ولو جدد هذا الرجل عقدا على المرأة مراعاة للقول بتداخل العدد، كان ذلك أحوط لدينه.
وأما أنت –أيها السائل- فواجبك في هذا الموضوع هو ستر المسألة وعدم ذكرها لأي أحد؛ وذلك لأن لحوق الولد وعدم لحوقه لا يُرجع إليك فيه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(13/14340)
ليس لأحد نفي نسب أحد عن أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: حكم فحص DNA شرعا لإثبات الأبوة، تزوج أخي عام 1990 واكتشف أنه يعاني من ضعف في الإنجاب وحاول العلاج عدة مرات وحاول أيضا عمل زراعة (أي حمل اصطناعي) ولم يوفق وفي عام 2001 رزق بنتان سمى إحداهما (فرح) والأخرى عام 2003 سماها (شهد) وكان يثق بزوجته وبصديق له ثقة عمياء حيث إن جميع أمواله كان يديرها القاتل وقد أحدثت زوجة القاتل مشكلة لأخي وزوجته باتهام زوجها أنه على علاقة مع زوجة أخي ولكن أخي أخذ الأمر أنه امرأة تغار على زوجها ولم يكترث لما حدث، ولكن حديث الناس كثر بالتشكيك في نسب البنتين فحدث زوجته بأنه سوف يذهب غدا إلى جامعة أبوديس حيث إنه أنهى فيها الماجستير في العلوم وأنه سوف يحضر لها شهادتين الأولى شهادة الماجستير والثانية شهادة شرف لها بعمل فحص عامل الجينات الوراثية الـ DNA ليعلقه على الجامع، ولكن هنا كانت نقطة الصفر للخائنين ففي تلك الليلة ليلة السبت يوم الجمعة 30/4/2005 قتلوه في بيته وهو نائم وقد ألقت الشرطة القبض عليهم واعترفا بارتكاب الجريمة وأثناء التحقيق اعترف القاتل بان البنتين تنتسبان له وعليه فأنا أريد عمل فحص DNA لإثبات أو نفي أبوة البنتين عن أخي، علما بأني ناقشت وكيل النيابة المسؤول عن القضية بضرورة عمل فحص الـ DNA فقال لي بأنه لا يوجد إمكانيات لديه لعمله وقلت له بأني أملك هذه الإمكانيات فقط عليه أن يصدر قرار بعمل هذا الفحص وأنه سوف يكون مهما في القضية لأنه حسب ما قد ورد أنه الدافع الرئيسي عند القتلة، وبصفتي أخ المغدور ولي حجة الوصاية على البنات أرجو من سعادتكم معرفة حكم الشرع بهذا الفحص، وهل هذا الفحص بينة لإثبات أو نفي الأبوة؟ وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من القواعد المقررة في الشريعة أن الولد للفراش، وأنه ليس لأحد نفي نسب أحد عن أبيه غير الأب عن طريق الملاعنة المعروفة، فلا ينفي الولد إلا بلعان، وإذا مات الأب فليس لأحد نفي نسبه إليه للقاعدة السابقة وهي نص حديث " الولد للفراش " رواه الجماعة إلا أبا داود.
ومن نفى نسب أحد عن أبيه فهو قاذف يقام عليه حد القذف، ما لم يأت بأربعة شهداء يشهدون شهادة لا تحتمل أبداً غير المشهود به وهو الزنا، وعليه فلا داعي لإجراء هذا الفحص، والبنتان شرعاً بنتا أخيك ولو أقرت أمهما والزاني بالزنا؛ للحديث السابق، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه، وتراجع الفتوى رقم: 29732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(13/14341)
من كان له زوجة أو مملوكة فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج أربع زوجات وأنجب منهن ثم أنجب من ثلاث جاريات أخريات ثلاثة أولاد.... ما حكم الشرع في أولاد الجواري مع العلم بأن هذا الشيء كان سنة 1925؟ مع العلم بأن إحدى الزوجات الأربع متهمة من طرف أولاده في أولادها بأنهم أولاد زنا وليسوا من صلبه ... فهل يجوز لنا في الشرع أن نلجأ إلى الأمور الطبية \\\" تحليل الدم \\\" لإثبات هذا الكلام من عدمه؟ وهل هناك ذنب إذا فعلنا ذلك أم لا؟ بارك الله فيكم وجعلكم ذخرا للمسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقاعدة أن كل ولد جاءت به زوجة أو أمة يستمتع بها سيدها فهو لاحق به إذا كان مضى على الدخول أقل مدة الحمل وهو ستة أشهر، ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه.
قال النووي في شرحه للحديث: معناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد، وصار ولدا يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة، سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفا، ومدة إمكان كونه منه ستة أشهر من حين اجتماعهما. اهـ.
وعلى هذ، افإن أولاد هذا الرجل من زوجاته وجواريه لاحقون به شرعا لا يجوز لأحد أن ينفي نسبهم عنه ما دام هو مقرا بذلك، وما ذكر من تحليل الدم لإثبات ذلك أو نفيه غير شرعي ولا يثبت به حكم.
هذا، ونشير إلى أن اتهام المرأة العفيفة بالزنا يعد كبيرة من أكبر الكبائر، وكذا نفي نسب الغير، وراجع الفتوى رقم: 32178 والفتوى رقم: 29732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(13/14342)
لحوق نسب الولد بمجرد ولادته على فراش أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بفضل من الله عندي من الأولاد 9 إلا أن أحدهم كلما رآه أحد يسأل إن كان هذا ولدي مما أثار الشك في نفسي، قررت عمل فحص DNA وجاءت النتيجة سلبية أي أنه ليس من صلبي كتمت الأمر عن الجميع ولكني منذ ذلك الحين وأنا اعيش في صراع مع نفسي لا أدري كيف أتصرف علما بأنني شديد التعلق بالصبي وهو كذلك، أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير، منذ أن عرفت الحقيقة المرة وأنا هاجر لزوجتي ولا أقربها وفكرت أكثر من مرة في تطليقها ومصارحتها بجرمها ولكني خشيت على بناتي وهن صبايا في مقتبل العمر أن يفجعن بخيانة أمهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع الحكيم شدد في أمر الأنساب والأعراض حيث قضى بلحوق نسب الولد بمجرد ولادته على فراش أبيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. وهو في الصحيحين.
وجاء الوعيد في إنكار الرجل ولده وهو يعلم أنه منه، فقد أخرج أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:..... أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين يوم القيامة.
فلا يجوز للإنسان أن يقدم على نفي نسب ابنه لمجرد كونه لا يشبهه، فمن يدري قد يكون فيه شبه بأجداده ويدل لهذا ما رواه البخاري عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ولد لي غلام أسود، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: فأنى ذلك؟ قال: لعله نزعه عرق، قال: فلعل ابنك هذا نزعه. قال الحافظ في الفتح عند شرحه للحديث: فيه أن الزوج لا يجوز له الانتفاء من ولده بمجرد الظن وأن الولد يلحق به ولو خالف لونه لون أمه. انتهى.
ومن هنا نقول للسائل: إذا لم يكن دليل على نفي نسب هذا الولد إلا هذا الفحص المذكور فلا تلتفت إليه وخصوصاً إذا علمت من زوجتك العفة والاستقامة، وراجع الفتوى رقم: 29732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(13/14343)
هل ينسب الأولاد في النكاح الباطل لمن اعتقد صحته
[السُّؤَالُ]
ـ[الحادثة الأولى بعد سنة من زواجنا وإثر مشادة كلامية ومناقشات حادة كما هي العادة. ولم أعد أذكر الموضوع الذي كنا نتناقش فيه، اشتد الغضب بي فقمت بضربها على وجهها فصرخت في وجهي وهي في حالة من الذهول بأنها أصبحت تكرهني وتحتقرني أكثر من أي زمن مضى وأصبحت ترفع صوتها أكثر وأكثر وأنا أقول لها اسكتي اسكتي وإلا. لم تسكت ومرت لحظات لم أعد أستوعب ما ينطلق منها ومني أي كلمة فما كان مني إلا أن قلت لها أنت طالق طالق طالق, عند سماعها تلك الكلمات سكتت على الفور. وأنا أصابتني الدهشة والذهول مما حدث. فما كان مني إلا أن تصفحت كتب السنة والفقه الموجودين عندي. فوجدت الآتي: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أعتبر أن تكرار كلمات الطلاق يعتبر طلقة واحدة وطلاق الغضبان لايقع بدليل الحديث الشريف (لاطلاق ولاعتاق في إغلاق) ولكن على سبيل الحيطة قمت وبعد أن تصافت القلوب بوضع يدي على رأسها وقمت بمراجعتها على سنة الله والرسول. ولم نخبر أحدا بتلك الواقعة.
الحادثة الثانية بعد ثلاث سنوات تقريبا. عندما كانت تقوم بتنظيف إحدى الخزائن وجدت شيئا خاصا بي كان لي بمثابة الذكرى من أيام الجامعة. فقامت بالصراخ والتوبيخ وأوشكت على تمزيق الأوراق. فقلت لها أعطني إياهم. لم ترد وجن جنونها. فتملكني حالة من الغضب وصرخت اسكتي لم تسكت وقالت بأعلى صوتها سوف أفضحك سوف..؟ سوف..؟ سوف ... ؟ وبلهجة التهديد اشتد الغضب بي فقلت لها أعطني الأوراق أو سوف ترين ما لا تحمد عقباه فقالت لن أعطيك إياها وكررت طلبي مرة ثانية وتهديدها ولم تعطني إياها. فقلت لها أنت طالق إذاً. دون وجود نية الطلاق لدي وعند سماعها كلمة الطلاق أعطتني ما أريد من الأوراق. خرجت من المنزل على الفور. لأعود بعد هدوئي.. وعلى سبيل الحيطة قمت وبعد أن تصافت القلوب بوضع يدي على رأسها وقمت بمراجعتها على سنة الله والرسول. ولم نخبر أحدا بتلك الواقعة.
الحادثة الثالثة زادت الخلافات بعد الطفل الأول. واحتدمت المناقشات. وأصبح البيت كالجحيم بالنسبة إلي. لم أعد أطيقها فقررت أن أتزوج من أخرى ولكن الضائقة المالية أحالت دون أن أقوم بفتح منزلين معا. وزاد الطين بلة ظروفي في العمل. يومها عدت إلى المنزل لا أطيق نفسي لأرى أمامي الكابوس الآخر الذي ينتظرني. فمن كرهي لها (وقد كنت قد شربت بعض الأدوية المهدئة 3 أقراص من حبوب وجع الرأس) ومن شدة الانزعاج منها ومن دون سبب رميت عليها يمين الطلاق عليها بقولي أنت طالق. وكانت النية في تلك اللحظة الخلاص منها ولكن بعد دقائق معدودة شعرت بأني أخطأت وتسرعت بعض الشيء. اعتبرت زوجتي أن هذا الطلاق هو الطلاق الثالث فقامت بلبس الحجاب وطلبت أهلها الذين قاموا بدورهم بأخذها. مرت أيام شعرت بتلك المصيبة التي رميت نفسي فيها راجعت أوراقي فوجدت أن من عصبيتي وعدم اتزاني خربت بيتي. قمت بزيارة الشيخ العلامة مفتي حلب محمد بلال. وقلت له وبالحرف الواحد مايلي: (طلقت زوجتي أول مرة ثلاث طلقات في جلسة واحدة وراجعتها بيني وبينها وفي المرة الثانية طلقة واحدة وراجعتها أيضا بيني وبينها والآن المرة الثالثة طلقة واحدة) . فلم يسألني عن التفاصيل بل طلب مني أن أوكل أحد الشيوخ الحاضرين وكيلا عن زوجتي مع العلم أن زوجتي لم تكن موجودة معي وقام بردها على سنة الله ورسوله على مقدم مبلغ مائة ليرة والمؤخر ماهو مسجل في المحكمة. عادت حياتنا الزوجية إلى نصابها ورزقت في هذه الفترة طفلا آخر. ما عدا المناقشات ولكن خوفنا في تلفظ اليمين كان يدفعني للخروج من المنزل لحظة الغضب. لم تصلح نفسها ولم أصلح نفسي أيضا ولكن كان في نهاية الأمر كنا نعيش حتى نربي أطفالنا. كانت زوجتي في بعض الأحيان تسألني إن كانت تعيش معي بالحلال وأن فتوى الشيخ بلال صحيحة. وأن طفلنا الثاني هل جاء بالحلال أم بالحرام وأنا لا أريد أن أفكر بالأمر. حتى في مثل هذه الأيام من السنة الماضية أصبحت تكرر هذا السؤال كثيرا. ولم أكن أعرف السبب في إحدى السهرات مع أحد الرفقة زارنا إمام من أئمة مساجد حلب. فما كان مني ومن دون أن أخطط ذكرت له ما ذكرته للشيخ بلال حرفياً دون ذكر التفاصيل وعن فتواه في ذلك وأجابني بأن فتوى الشيخ بلال غير صحيحة وأن زوجتي محرمة علي ويجب عليها مغادرة البيت الزوجية على اعتبار وجود ثلالث طلقات وزوجتي محرمة علي ويجب عليها الزواج من آخر ويطلقها إن شاء (من دون محلل) ولها أن تتزوجني بعدها. هذا الجواب جعلني أعيش في كابوس مخيف. لم أقل لزوجتي عليه حتى أتأكد. زرت إفتاء حلب فأفتى بما أفتى به الإمام. بعدم صحة فتوى الشيخ العلامة بلال. زرت عددا كبيرا من شيوخ وأئمة مدينة حلب. البعض أفتى بما أفتى به الشيخ بلال والآخر بما أفتت به دار إفتاء حلب حلال , حرام , حلال , حرام. عشت في جحيم الفتوى. حتى أدى بي في لحظة ضعف ومن تشوش التفكير وعدم الاتزان من أؤكد لزوجتي أني قد طلقتها ثلاثا وأنا أعيش الآن بكابوس لا أستطيع الاحتمال أريد العيش مع زوجتي ولكن بالحلال وأسئلتي هي: ماهي الحالة الشرعية. وماهو الدليل الشرعي ما هو حكم الطفل الذي رزقنا به بعد الطلاق الثالث في حال كونها محرمة علي، ماهو حكم سنوات العيش على أساس فتوى الشيخ العلامة محمد بلال رحمه الله، سؤال آخير: هل يجوز الاعتماد على فتوى أحد العلماء مع مخالفة فتاوى علماء آخرين وهل يجوز الأخذ بفتوى غير أهل السنة في هذا الموضوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أن من طلق زوجته ثلاث مرات متفرقات، فقد بانت منه بينونة كبرى (حرمت عليه) ، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ويدخل بها، ويطأها في نكاح صحيح، قال تعالى عن المطلقة عند المرة الثالثة: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ {البقرة: 230} .
وإنما اختلف أهل العلم فيمن أوقع الطلقات الثلاث دفعة واحدة: هل تلزمه الطلقات الثلاث، فلا تحل له زوجته إلا بعد أن تنكح زوجا غيره وتعتد منه، أم أنها تكون مطلقة واحدة له إرجاعها ما دامت في عدتها، وبعد انتهاء العدة يجوز أن يعقد عليها برضاها ولو لم تنكح زوجا غيره؟.
أما عن سؤالك فنقول: أما الطلقتان الثانية والثالثة فلا إشكال في وقوعهما، وأما عن طلاق الثلاث في الحادثة الأولى ففيه أمران، الأمر الأول: هو كونه في حالة الغضب، الثاني: كون الطلقات الثلاث جمعت في لفظ واحد، وقد سبق في الفتوى رقم: 11566، حكم الطلاق حالة الغضب، وحكم الطلاق في لفظ واحد، وبما أن المسألة تحتاج إلى تحقق الحالة التي وقع فيها الطلاق وفيها أيضا خلاف بين أهل العلم فإنا نوصي السائل بمراجعة المحكمة الشرعية في بلده ـ إن وجدت ـ لأن هذه المسائل مما تختص بها المحكمة.
أما الولد فينسب إليك حتى على فرض كون العلاقة كانت غير شرعية ما دمت تعتقد صحة النكاح أو اعتمدت فيه على قول لأهل العلم، قال شيخ الإسلام: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين. انتهى.
أما مسألة الأخذ بفتوى أحد العلماء أو المذاهب وإن كانت مخالفة لفتاوى علماء أو مذاهب أخرى.. فسبق ما يلزم المقلد فعله حيال الخلاف بين العلماء والمذاهب في الفتوى رقم: 17519، فننصح بالرجوع إليها، وأما عن حكم سنوات العيش مع الزوجة على أساس فتوى الشيخ المذكور وهل تأثم عليها أم لا؟ فذلك يرجع إلى أمور وهي: هل كنت مقصرا في السؤال والبحث عن الحق؟ هل كنت تبحث عن رخصة ومخرج لك دون تحري الحق والصواب؟ هل كنت تعلم أن هذا المفتي من أهل العلم الموثوق بهم ومن أهل السنة أم لا؟ فإذا كنت مقصرا في هذه الأمور فتأثم، وإلا فلا إثم عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1426(13/14344)
الولد ينسب لصاحب الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أحبائي في الله لدي مشكله وأعرف السبيل لحلها سوى الرجوع إليكم لأخذ النصح والمشورة بما يتعلق بالشرعية وهي كالآتي:
إنني شاب متزوج ولدي أولاد وفي مرحلة من مراحل زواجي تعرفت بأخرى متزوجة وليست على وفاق مع زوجها وقد كنت أعاشرها معاشرة الأزواج وبذلك حملت وأنجبت طفلا غير شرعي وهي على ذمة رجل أخر. وبعد ما يقارب السنتين من إنجابها للطفل تطلقت من زوجها وبعدها تزوجتها وبقي الطفل معها ولا أدري إن كان وضع الطفل بيننا شرعيا أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم كل خير.
إنني في غاية الأسى والندم على ما حصل وما أريده هو أن لا أقع في الخطأ إن كان بقاء الطفل معنا حراما من الناحية الشرعية.
أشكر لكم اهتمامكم بقضايا أمتكم ودمتم،،
عزيز قاسم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وقعت أنت وهذه المرأة في ذنب عظيم وفي كبيرة من كبائر الذنوب، فالواجب عليكم التوبة النصوح مما فعلتم قبل أن ينزل بكم هادم اللذات ومفرق الجماعات، وقبل أن تندموا حيث لا ينفع الندم، وللتوبة شروط من أعظمها الندم على الوقوع في الذنب، ولمعرفة شروط التوبة انظر الفتوى رقم 5450.
وبفعلك هذا أفسدت هذه المرأة على زوجها، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده، وأما هذا الولد فليس لك وهو منسوب إلى من كانت المرأة زوجة له وانظر الفتوى رقم 51691.
فإن بقي عندكم فلا مانع، مع الحذر من التبني وهو أن ينسب الولد إلى غير أبيه، ولكم رعايته والاعتناء به وتربيته التربية الصالحة نسأل الله أن يتجاوز عنكم وأن يغفر ذنوبكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(13/14345)
حكم الانتماء إلى آباء آخرين أو قبائل أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[يرجى الاهتمام بهذا السؤال والإجابة عليه للأهمية، جاء في خطبة الوداع للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، أنه قال من ادعي لغير أبيه أو تولى غير مولاه عليه لعنة الله والملائكة والرسل والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلاً، والغريب أنه يا سيدي الفاضل كثر عندنا هذه الأيام في بلادنا أدعاء الناس بانتمائهم لأناس آخرين وقبائل أخرى وبدون وجود الدليل على ذلك وهذا مما يسبب خلطا في الأنساب وكذلك الأحساب ونحن نعلم غاية، العلم بأنه لا فرق بين مسلم وآخر إلا بالتفوى والعمل الصالح، ولكننا نرى بأن هذا الأمر من الخطورة بمكان خاصة إذا أمعنا النظر وفكرنا في تدبر كلام سيد البشر أجمعين هل علينا إحقاقا للحق أن نوقف هذا التلاعب ونذكر الآخرين بحديث خطبة الوداع لأنهم، إما يكونون لا يعلمونه أو يكونون غافلين يجب إيقاظهم ما قولكم في ذلك، وهل فهمنا للحديث يعتبر صحيحاً أم أنه يدل على أمر آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلاً.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: هذا صريح في غلظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه أو انتماء العتيق إلى ولاء غير مواليه، لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وغير ذلك، مع ما فيه من قطيعة الرحم والعقوق. وراجع لزيادة الفائدة الفتوى رقم: 32867.
وعليه فما يفعله أولئك الذين ذكرت أنهم ينمون أنفسهم إلى أناس آخرين وقبائل أخرى، إن كنت تعني بكلمتي آخرين وأخرى أنهم ينتمون إلى غير قبائلهم ففعلهم ذلك لا يجوز، وواجب المسلم إزاءه أن يصحح لهم المسألة ويبين لهم ما فيها من الإثم، عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
ولكن اعلم أنه يكفي من الدليل على ثبوت النسب حيازة المرء له زمنا طويلاً، ففي المدونة: قال مالك: إذا طرأ رجل على قوم من بلد لا يعرفونه، فقال: أنا رجل من العرب: فأقام بينهم أمرا قريباً، فقال له رجل: لست من العرب، قال: قال مالك: لا يضرب هذا الذي قال له لست من العرب الحد، إلا أن يتطاول زمانه مقيما بين أظهرهم الزمان الطويل، يزعم أنه من العرب فيولد له أولاد ويكتب شهادته ويحوز نسبه ثم يقول بعد ذلك له رجل: لست من العرب، قال فهذا الذي يضرب من قال له لست من العرب الحد لأنه قد حاز نسبه هذا الزمان كله ولا يعرف إلا به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(13/14346)
مذاهب الأئمة في استلحاق غير الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال رجل كان مقيما في بلد أهله كفار ثم توفي فأتت امراة فادعت أنها كانت زوجة له وأنها أنجبت منه ثلاثة
أبناء ولم تقم أية بينة على ذلك سوى أن هناك رجلا واحدا يشهد أنه كان يترددعلى هذا الرجل في بيته ويرى معه هذه المرأة باعتبارها زوجة له ولكنه لا يعرف هل كانت العلاقة بينهما شرعية أم لم تكن فهل يمكن الآن لأهل هذا الرجل الميت أن يستلحقواهؤلاء الأبناء.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعوى هذه المرأة وما عضدتها به من شهادة الرجل المذكور على نحو ما ذكر في السؤال لا يثبت زواجها بذلك الرجل الميت المدعى عليه، ولا لحوق أبنائها به، إذ من المعروف أن الزوجية لا تثبت إلا بشاهدي عدل أو بفشو وسماع منتشر أو إقرار الزوجين الطارئين، وكذلك ثبوت النسب يحتاج إلى شاهدي عدل أو استلحاق من أب مع شروط معروفة، وهذا كله لم يتوفر منه شيء في هذه الحالة.
لكن إذا رأى أهل ذلك الرجل المدعى عليه أن المرأة صادقة في دعواها وأرادوا استلحاق الأولاد فلهم ذلك على ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة في قول عندهم بشروط مفصلة في كتبهم من أهمها: أن يكون الملحَق به ذلك النسب ميتاً، ومنها: أن تكون نسبة الأولاد له ممكنة يقرها الشرع ولا يكذبها الحس أو العادة، ومنها: أن يكون المقر بإلحاق النسب بغيره وارثا حائزاً لتركة الميت الملحق به، فلو أنكر أحد الورثة الحائزين نسب المستلحق بطل الاستلحاق: فإذا توافرت هذه الشروط صح الاستلحاق وثبت النسب وترتبت عليه الآثار التي تترتب على النسب الصحيح من توارث وغيره. قال زكريا الأنصاري وهو شافعي: (وإن ألحقه) أي: النسب بغيره ممن يتعدى النسب إليه (كهذا أخي أو عمي شرط) فيه (مع ما مر كون الملحق به رجلاً) من زيادتي كالأب والجد بخلاف المرأة، لأن استلحاقها لا يقبل كما سيأتي. فبالأولى استلحاق وارثها وكونه (ميتا) بخلاف الحي ولو مجنوناً لاستحالة ثبوت نسب الأصل مع وجوده بإقرار غيره (وإن نفاه) الميت، فيجوز إلحاقه به بعد نفيه له، كما لو استلحقه هو بعد أن نفاه بلعان أو غيره (وكون المقر لا ولاء عليه) هذا من زيادتي، فلو أقر من عليه ولاء بأب أو أخ لم يقبل لتضرر من له الولاء بذلك، بخلاف ما لو ألحق النسب بنفسه كأن أقر بابن، لأنه لا يمكن ثبوت نسبه منه لو لم يقر إلا ببينة، ونحو الأب والأخ يمكن ثبوت نسبه من جهة أبيه (وكونه وارثا) ولو عاماً، بخلاف غيره كقاتل ورقيق (حائزا) لتركة الملحق به واحدا كان أو أكثر، كابنين أقرا بثالث فيثبت نسبه ويرث منهما ويرثان منه.
وقال البهوتي في كشاف القناع وهو حنبلي ما معناه: وإن أقر بنسب الأخ أو العم بعد موت والد الأخ أو العم المقر به صح إقراره وثبت النسب إن كان هو حائز مال الميت. قال البهوتي: لحديث سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة، ولأن الوارث يقوم مقام مورثه في حقوقه وهذا منها....
أما عند الأحناف والمالكية فلا أثر لاستلحاق غير الأب من ناحية ثبوت النسب، وإنما يؤخذ المقر المستلحق لغيره في خاصة نفسه فيرثه المستلحق بالفتح بشرط أن لا يكون لهذا الأخير وارث، قال في بدائع الصنائع وهو حنفي: فإن الإقرار بنسب يحمله المقر على غيره لا يصح في حق ثبوت النسب أصلاً، ويصح في حق الميراث لكن بشرط أن لا يكون له وارث أصلاً ويكون ميراثه له لأن تصرف العاقل واجب التصحيح، فإن لم يمكن في حق ثبوت النسب لفقد شرط الصحة أمكن في حق الميراث، وإن كان ثمت وارث قريباً أو بعيداً لا يصح إقراره أصلاً ولا شيء له من الميراث انتهى.
وقال في مختصر الشيخ خليل وهو مالكي: وإن استلحق غير ولد لم يرثه إن كان وارث وإلا فخلاف، معناه أن المستلحق بكسر الحاء إذا استلحق غير ولد من أخ أو عم أو نحوهما فإن المستلحق بفتح الحاء لا يرث المقر، والحال أن للمقر وارثاً ثابت النسب حائز للمال من الأقارب والموالي ...
هذا هو ملخص مذاهب الأئمة في استلحاق غير الأب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(13/14347)
لا علاقة بين الزاني وبين الولد المولود على فراش الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا الموقع ... إني أعاني من مشكلة أنني قمت بممارسة الزنا مع فتاة متزوجة وحملت مني وهي الآن تربي ابني الذي يحمل اسما غير اسمي وعمره 6 سنوات وبعد فترة من الزمن انفصلت من زوجها وهي الآن مطلقة فماذا أفعل جزاكم الله خيرا هل أتزوجها أوأربي ابني أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيها الأخ التوبة إلى الله تعالى مما فعلت والندم على ذلك، فالزنا من كبائر الذنوب وقبائح المعاصي، وأما الولد فهو لمن كانت المرأة زوجة له، لقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: الولد للفراش فمعناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد وصار ولدا يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفا، ومدة إمكان كونه منه ستة أشهر من حين اجتماعهما، أما ما تصير به المرأة فراشا فإن كانت زوجة صارت فراشا بمجرد عقد النكاح ونقلوا في هذا الاجماع وشرطوا إمكان الوطء بعد ثبوت الفراش، فإن لم يمكن بأن ينكح المغربي مشرقية ولم يفارق واحد منهما وطنه ثم أتت بولد لستة أشهر أو أكثر لم يلحقه لعدم إمكان كونه منه، هذا قول مالك والشافعي، والعلماء كافة إلا أبا حنيفة، فلم يشترط الإمكان، بل اكتفى بمجرد العقد، قال: حتى لو طلق عقب العقد من غير إمكان وطء فولدت لستة أشهر من العقد لحقه الولد، وهذا ضعيف ظاهر الفساد ولا حجة له في إطلاق الحديث، لأنه خرج على الغالب وهو حصول الإمكان عند العقد، هذا حكم الزوجة. اهـ
وبهذا تعلم أخي السائل أن هذا الولد لا علاقة بينك وبينه.
وأما زواجك بهذه المرأة فإن كانت تائبة مما وقعت فيه فلا مانع من نكاحها باتفاق المذاهب الأربعة، وإن كانت غير تائبة فذهب الجمهور إلى جواز نكاحها، وذهب الحنابلة إلى منع الزواج منها، وانظر الفتوى رقم: 35509، والفتوى رقم: 17247
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(13/14348)
كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لفضيلة الشيخ: تعرفت على امرأة كانت نصرانية ولم تقتنع بالنصرانية، مطلقة ولها ثلاثة أولاد من زوجها النصراني سابقا. مرت بظروف صعبة طردت من البيت بسبب طلاقها، تعرفت على شاب مسلم وتزوجها بطريقة الخداع لم يذكر لها في البداية اسمه الحقيقي ومكان سكنه وتبين لها بعد ذلك بأنه من نابلس وهي من عرب إسرائيل وأنه نصفه نصراني ونصفه مسلم وتزوجها شفهيا وأحضر شاهدين دون ولي الأمر وهي جاهلة بالدين الإسلامي وصدقته ولم يكن يعاملها معاملة حسنة يضربها ويهجرها ويكذب عليها وعاشت معه سنتين وعندما كانت حاملا سجن في بلده وسعت لمساعدته لإخراجه من السجن ولكنها صدمت عندما علمت بأنه مسجون بتهمة امن الدولة ولجأت إلى أمه لتخبرها بحملها لتقف معها وتساندها ولكنها رفضتها ورفضت حملها وبعد مضي ثمانية أشهر فاجأها بعودته وكانت قد رزقت ببنت والبنت لم تحمل اسم أبيها لأنه لا يملك الهوية الإسرائيلية وسجلت البنت في وزارة الداخلية باسم أمها فقط وعندما عاد وعدها أن يعوضها على ما مر بها من أسى وحرمان وقبلت لأجل البنت البريئة ولا تريد أن تحرمها من رعاية أبيها لها ومع إحساسها بأنه لن يتغير ولكن لم يكن لها مفر بعد أن أخذ طليقها اثنين من أبنائها وبقيت معها طفلة كان عمرها خمس سنوات وبعد ذلك تركها زوجها تحت ضغط من أهله بحجة أنها نصرانية ولا تستطيع أن تساعده لكي يملك هوية إسرائيلية وهي كانت بحاجة إلى من يقف معها ليساندها بدفع إيجار الشقة وإطعام الطفلة وليس لها معيل ولا أهل ليقفوا معها بهذه الظروف الصعبة ولا حتى إطعام طفلتها وبعد أن تركها سألت لأنها لم تكن مقتنعة بالطريقة التي تزوجها بها فعلمت بأنها خدعة فلجأت إلى شخص مسلم قد ساعدها في الماضي وكان متزوجا حينها وكان له صلة بلجنة إسلامية فحاول مساعدتها وبعد فترة زمنية عرض عليها الزواج فوافقت وتزوجته بعد أن شرح لها الطريقة الصحيحة للزواج ولكنه ليس موثقا في المحكمة الشرعية لأن القانون الإسرائيلي لا يجيز تعدد الزوجات وعلمت زوجته السابقة بأنه تزوج فلم تتقبل ذلك وبدأت المشاكل وأخذت تحرض أهله عليه ولكي يرضوا بهذا الزواج ادعى بأن الطفلة الصغيرة ابنته ولم يصدقوه فاضطر أن يسجلها بهويته وأعطاها اسمه واسم العائلة وسجلها رسميا في شهادة الميلاد حتى اقتنعوا والآن يفكرون جديا بإثبات الزواج وإعلان إسلامها وإلحاق نسب للبنت في المحكمة الشرعية بعد أن زال المانع وهو طلاقه من زوجته السابقة تحت رغبة الزوجة الأولى
سؤالي هو: هل يجوز لزوجها الحالي أن يلحق نسب البنت له بعد أن تخلى عنها أبوها وعائلته ولا يريدون الاعتراف بها وهو فعل ذلك ليستر الأم والبنت؟
الكل يعلم بأنها ابنته من صلبه فكيف يكون الموقف مع أبنائه حين تكبر وهي ستضطر إن تخلع حجابها إمامهم لأنهم يعلمون بأنها أختهم؟
هل واجب عليهم إخبارها بالحقيقة عندما تكبر؟
ملاحظة: في حالة تسجيلها بالهوية (الأب غير معروف) سيسبب لها مستقبلا خزيا وعارا ومن سيتزوجها؟
وهي تعلم بأنه أبوها وتناديه بـ بابا فستكون لها صدمة في المستقبل إن علمت الحقيقة فما هو الحل بهذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الإسلام التبني بشكل قاطع لا لبس فيه ولا ريب بنص كتاب الله عز وجل، حيث يقول: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [سورة الأحزاب: 5] . وانظري الفتوى رقم: 9544، والفتوى رقم: 9619.
وعلى هذا؛ فالواجب على هذا الرجل الذي تبنى هذه الفتاة أن يسارع إلى إعلان التبرؤ منها أمام الناس بمن فيهم أبناؤه حتى لا يقعوا في محاذير شرعية في علاقتهم بهذه الفتاة من حيث المصافحة والخلوة بها أو ما شابه ذلك.
ثم إنه لا مانع من مواجهة هذه الفتاة بالحقيقة؛ لكن ينبغي أن يكون ذلك بشكل حكيم متدرج حتى تعلم أن أباها حقيقة هو ذلك الشاب الذي تزوج من أمها قبل من تعتقد أنه أبوها، ولا يؤثر في نسبتها إليه كون النكاح الذي جاءت نتيجة له نكاحا باطلا لتخلف شرط من شروط الصحة فيه وهو الولي ما دام الزوج يظن صحة النكاح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين. إلى أن قال: فثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر، بل الولد للفراش، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1425(13/14349)
الناس مصدقون في أنسابهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على الرد الجميل بخصوص موضوع الأشراف وزواج فتياتهم وأود أن أسأل سؤالا آخر هل يوجد
حقا الأشراف؟ وهل هم من سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل يوجد حديث
عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن العرب للعرب والعجم للجميع أما أمتى فبطن ببطن؟ أرجو سرعة الإجابة افادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأشراف موجودون اليوم في كثير من أقطار العالم وكثير منهم عنده سلسلة بنسبه مكتوبة توضح نسبته إلى الحسن أو الحسين، وقد قرر أهل العلم أن الناس مصدقون في أنسابهم.
وأما الحديث المذكور فلم نطلع عليه بهذا اللفظ
إلا أنه قد أخرج البيهقي في سننه حديثا بلفظ
العرب للعرب أكفاء والموالي أكفاء للموالي إلا حائكا أو حجاما. وقد ضعفه البيهقي وذكر أنه منقطع،
وقال ابن عبد البر أنه منكرا وموضوع.
وقال الألباني في ضعيف الجامع إنه حديث موضوع ويدل لعدم اعتبار الكفاءة بالنسب حديث الترمذي والحاكم:
إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. حسنه الألباني
وقد زوج عبد الرحمن بن عوف أخته من بلال
وزوج الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس بأسامة بن زيد.
وراجع الفتوى رقم: 998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(13/14350)
أولاد المسلم من الزوجة الكتابية شرعيون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الولد من أم نصرانية وأب مسلم ابن حرام لأن عقد الزواج باطل لأن الأم تعتبر مشركة أعلمونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تم النكاح مكتمل الشروط والأركان بين المسلم والكتابية فهو نكاح صحيح تترتب عليه آثاره، ومن ذلك صحة نسب الولد فلا يكون ابن زنا، ولمعرفة حكم نكاح الكتابيات انظر الفتوى رقم: 25840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(13/14351)
حكم انتماء قبيلة لقبيلة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرض عليكم من خلال رسالتي هذه الموضوع والذي نأمل من جنابكم إعطاءنا الحكم الشرعي حوله.
وهو على النحو الآتي:- (شرح الموضوع)
1. المجتمع الليبي مجتمع قبلي يتكون من مجموعة عشائر وقبائل حسب جذورهم العرقية.
2. كل من يلتحق في مجتمعنا إلى عشيرة لا ينتمي إليها نسباً يحتقرونه ويقللون من شانه ومن قيمته, وخصوصاً إذا كانت له أسرة وعائلة معروفة.
3. وكل عائلة عندنا لها شيخ أو شيخان مقدمان عليها.
4. ونحن ننحدر من عائلة اسمها (اسعيد والقريد) تنحدر بدورها من قبيلة عربية مشهورة اسمها (الجوازى) موفرة لأفرادها كل التكافل الاجتماعي.
5. مع الأسف شيوخ عائلتنا تجار وربطتهم مصالح تجارية مع قبيلة أخرى غريبة عنا ولا ننتمي لها نسباً ولا تربطنا بها سوى رابطة مصاهرة فقط وليسوا من موالينا, فألحقنا كبارنا بهم بالإكراه ونحن غير راضين بما يجري لأن في اعتقادنا أن النسب مقدس والاحتفاظ به واجب.
6. بعد أن ألحقونا بقبيلة الأغراب لم يحترمنا أحد منهم ومارست علينا كل أنواع الاحتقار والإذلال والإحراج.
7. فتخاصمنا واختلفنا على هذا الأمر فطلب الجميع عرض هذا الأمر على الشرع الحكيم , ليقول الشرع كلمته.
والأسئلة:-
1. هل ذكر الدين شيئاً عن الانتماء إلى غير الموالي؟ وهل أجازه الشرع
2. هل يجوز الانتماء إلى صاحب المصلحة المادية دون الانتماء إلى الدم والنسب
3. هل الحالة التي وضعنا فيها كبارنا جائزة شرعا وما حكم مخالفتهم في ذلك؟
4. الحكم؟ إذا خالفناهم وتمسكنا بنسبنا الحقيقي؟
وفى الختام نسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء ويوفقكم لخدمة هذه الأمة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما فعله كِبَارُكُم من إلحاق نسبكم بتلك القبيلة التي لستم منها حقيقة أمر محرم شرعاً، ولا تجوز موافقتهم عليه، بل الواجب عليكم تصحيح النسب إلى أبيكم الحقيقي القريب والبعيد، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان تحريم الانتساب إلى غير الأب، وأن ذلك من كبائر الذنوب، فانظر الفتاوى رقم: 35878، ورقم: 1130، ورقم: 32867، وفيها بيان الأدلة على حرمة الانتساب إلى غير الأب.
وننصح أيضاً بمعالجة الأمر بالحكمة وبالحسنى حتى لا يتسبب ذلك في قطع أواصر الرحم بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(13/14352)
تشك أن لها أشقاء غير شرعيين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا علمت أن لي أشقاء غير شرعيين وكتمت السر لئلا أفضح والدتي، فهل هذا حرام علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: الولد للفراش. متفق عليه، فإذا كانت المرأة فراشا فأتت بولد لمدة الإمكان منه فإن هذا الولد ينسب إلى الزوج، ولا يجوز لأحد أن ينسبه إلى غير الزوج إلا إذا أنكره الزوج ولاعن. وعليه؛ فلا يجوز لك أن تنسبي هؤلاء الأولاد لغير أبيك، ولكن إن رأيت أمك تفعل الفاحشة فينبغي أن تستري عليها، فإن الله تعالى ستير يحب الستر، لكن الواجب عليك أن تنصحي أمك بأن تتوب إلى الله تعالى، وأن تعينها على ذلك، هذا إذا تأكد لديك أن الأمر واقع وله حقيقة، أما إذا كان الأمر مجرد ظن وتخمين واتهام بلا دليل، فالواجب عليك أنت أن تتوبي إلى الله من سوء الظن، واتهام الناس بغير حق.
وعلى كل حال فالأولاد ينسبون إلى الزوج (وهو أبوك) لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه، وراجعي الفتوى رقم: 35758، والفتوى رقم: 29434.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(13/14353)
الولد للفراش؛ ومن يشكك يطبق عليه حد القذف
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق عمره الآن 25 سنة بدأ يحس أنه ليس ابن أبيه فعلاً، ويسمع من السوق أنه ابن فلان وفيه شبه واضح بالشخص الثاني، هل عليه ذنب أن يسأل أمه عن الحقيقة، وهل على أمه ذنب إذا أخبرته الحقيقة، وكيف يدافع عن كرامته في المجتمع إذا افترضنا أن أباه لم يلاعن عنه، وماذا يفعل بهذا الشخص الثاني الذي يحرج به في كل مكان أمام المجتمع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الولد ابن للرجل الذي ولد على فراشه، ولا عبرة بما يسمع من أي شخص بأنه ابن فلان أو علان، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
وأما سؤال الأم عن هذا النوع فإنه لا يجوز لأنه سوء أدب معها واتهام لها بالفاحشة، وهذا من أشد أنواع العقوق، فقد أمر الله تعالى ببر الوالدين وخص الأم بمزيد من البر والاحترام والعناية، وما هي الفائدة التي تعود عليه من سؤال أمه بغض النظر عن جوابها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101] .
وأما أولئك الذين يقولون عنه إنه ابن فلان أو علان، فهذا قذف يستحق صاحبه حد القذف إذا لم يأت بأربعة شهداء يشهدون أنهم رأوا الرجل المذكور وهو يرتكب فاحشة الزنا بهذه المرأة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] .
وهذا هو السبيل لحفظ كرامته ممن أراد النيل من عرض أمه أو نسبته إلى غير أبيه، أن يرفع عليه قضية بالقذف لينال جزاءه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1424(13/14354)
لا ينبغي للرجل أن يسأل أمه هذا السؤال
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقصد بالحديث أنت ابن أبيك وأمك إن صدقت أمك؟ وهل يجوز سؤال الابن لأمه هذا السؤال وليس عليه إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم أن هذا الكلام حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإن كان معناه صحيحاً، وهو أن الإنسان لا يكون حقيقة ابن أبيه الذي ينسب إليه إلا إذا صدقت أمه في عدم تمكينها لغير أبيه، وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الناس سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، فخرج ذات يوم فصعد المنبر، فقال: سلوني لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم، فلما سمع ذلك القوم أرموا -أي سكتوا- ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر. قال أنس فجعلت التفت يميناً وشمالاً، فإذا كل رجل لاف رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجل من المسجد كان يلاحي -يخاصم- فيدعى لغير أبيه، فقال يا نبي الله من أبي؟ قال أبوك حذافة ...
ولا ينبغي للرجل أن يسأل أمه هذا السؤال فإن ذلك يؤذيها، ولذلك فقد ورد في رواية للإمام أحمد: فقال عبد الله بن حذافة من أبي يا رسول الله؟ قال: حذافة بن قيس، فرجع إلى أمه، فقالت له: ما حملك على الذي صنعت؟ فقد كنا في جاهلية، فقال إني كنت لأحب أن أعلم من هو أبي من كان من الناس، ونزل قول الله تبارك وتعالى بالنهي عن هذه الأسئلة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ... [المائدة:101] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(13/14355)
المعقود عليها إذا أتت بولد بعد الزفاف بخمسة أشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة تم عقد زواجها وبعد عام ظهرت عليها أعراض الحمل فتم زفافها للتستر عليها ووضعت بعد 5 أشهر واعترفت بأن هذه العلاقة مع عريسها منذ عام تقريبا ولم يتم الحمل إلا بعد عقد القران فما مصير هذه المولودة وما هو الذنب الذي ارتكبته الأم؟
أتمنى الإجابة منفردة ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام قد تم عقد الزواج على هذه الفتاة منذ سنة وأمكن الزوج وطؤها، وحملت وادعت أنه من الزوج وصدقها، فالحمل شرعي، سواء ظهر الحمل قبل الزفاف أو بعده، ويكون المولود ولدهما شرعًا. أما إذا نفى الزوج أن يكون هذا المولود منه ولا عن أمّه، فليس بولده ولا ينسب إليه، بل ينسب إلى أمه، ويفرق بينهما فرقة أبدية.
وننبه هنا إلى أنه لا ينبغي للزوج والزوجة التواطؤ على الوطء قبل الزفاف، مادامت العادة قد جرت على عدم الوطء إلا بعد الزفاف، لما قد يترتب على ذلك من محاذير سبق بيانها في الفتويين التاليتين: 3561، 14360..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(13/14356)
يحرم انتساب الإنسان لغير أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب تغيير الاسم نسبة إلى اسم الوالد الحقيقي في الأوراق الرسمية عند عقد الزواج فقط أم أن الواجب الشرعي يقتضي تغييره في جميع المعاملات الوظيفية والدراسية وغيرها؟
ويرجى بيان أهمية الانتساب إلى الآباء الحقيقيين على ضوء الوحيين وفتاوى أهل السنة والجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد الوعيد الشديد لمن انتسب لغير أبيه مع علمه بذلك، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي ذرٍ رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من رجلٍ ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلاَّ كفر.، وقوله صلى الله عليه وسلم: إلاَّ كفر قال النووي: فيه تأويلان: أحدهما: أنه في حق المستحلِّ - أي من استحل فعل هذا مع علمه فقد كفر -، الثاني: أنه كفر النعمة والإحسان وحق الله تعالى وحق أبيه. اهـ
والله سبحانه وتعالى يقول: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:5] .
ومن كان قد انتسب إلى غير أبيه وجب عليه أن يصحح نسبه بالانتساب إلى أبيه في كل المعاملات الوظيفية والدراسية وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(13/14357)
الحمل لصاحب الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. أنا شاب.. من الجزائر، تعرفت على امرأة جزائرية مقيمة في فرنسا, وأنا أعيش معها من حوالي خمسة أشهر، وهي حامل مني من غير زواج شرعي. أردت من سماحتكم توجيهي بما يوافق شرع الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، علما بأن المرأة التي أعيش معها كانت متزوجة مع شخص آخر لمدة سنة وفارقته من مدة خمس سنوات، ولم يتم طلاقها شرعيا ولا قانونيا، وهو لا يبحث عنها الآن والأخبار منقطعة تماما بينهما، فما الحكم الشرعي؟ لكي تصبح زوجتي زوجة شرعية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم الزوجية لا ينقطع بين الزوجين إلا إذا حصل طلاق من الزوج أو حكمت به محكمة شرعية. وعليه فإن هذه المرأة التي تذكر مازالت زوجة لمن كانت في عصمته. وعليك أن تبتعد عنها، وأن تتوبا إلى الله مما اقترفتما من الآثام، فالزنا من أقبح الكبائر. قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وليس الحمل الذي ذكرته لاحقًا بك، بل هو لزوجها صاحب الفراش، لما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر. أخرجه الجماعة.
إلا أن ينفيه هذا الأخير بلعان، فينسب حينئذ لأمه.
ثم إذا كانت هذه المرأة متضررة من حال زوجها معها، فلتذهب إلى المحاكم الشرعية وتعرض قضيتها عليها، فإذا حصلت على الطلاق من زوجها وانقضت عدتها، وأخلصتما توبتكما إلى الله مما كان منكما، فلا مانع من أن تقترنا بنكاح شرعي. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(13/14358)
على المسلم أن يسلم لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال 79080 أيضاً وحيث إن الزاني نقل ما حصل لأصحابه ووصلني الخبر وما زال يثرثر وأنا أعرفه تماماً في العمل لا أحد سوف يشهد معي والموضوع فيه عيب وعار؟
الرجاء المساعدة في ما العمل بحق الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرد على هذا السؤال هو ما سبق في الفتوى رقم: 33617.
ونحن لا نملك من تغيير أحكام الله شيئًا، فالحكم لله وحده، وواجب المسلم أن يذعن ويسلم لما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم، قال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأَوَلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور:51] .
وقال: فَلْيَحْذَرِ الْذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(13/14359)
الأولاد أولادك ما لم تنفهم بلعان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم 79080 فقلتم إن الأولاد يعتبرون أولادي، ولكن هناك حديث يقول: أي امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء وبمثل على الرجل، الرجاء التوضيح والرد بأسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن لا تناقض بين الحديث الذي ذكرت وبين لحوق الأولاد بك، فإذا كانت زوجتك قد أنجبت أولادًا من غيرك وألحقتهم بك، فقد احتملت بهتانًا وإثماً مبينًا. روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة أدخلت على قوم رجلاً ليس منهم فليست من الله في شيء، ولا يدخلها الله الجنة. أخرجه النسائي وأبو داود والدارمي.
وأما الأولاد فلا يمكن نفيهم عنك إلا بلعان معجل منك، ولو أقرت أمهم أنهم من غيرك. فقد حدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن استولد عتبة بن أبي وقاص جارية لـ زمعة وعهد بذلك إلى أخيه سعد، وكان الولد شبيهاً بعتبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم به لـ زمعة الذي هو صاحب الفراش، وأمر سودة بنت زمعة أن تحتجب منه.
أخرج الشيخان والنسائي وأبو داود وابن ماجه والدارمي وأحمد ومالك عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام، فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إليَّ أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبيه من وليدته. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة. فقال: هو لك يا عبد بن زمعة. الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة، فلم تره سودة قط.
وعليه فالأولاد أولادك ما لم تنفهم بلعان. والمسلم لا يملك أن يحيد عما قال وحكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(13/14360)
الولد للفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت على علاقة مع زوجة لأحد جيراني ـ وأنا والحمد لله تبت الآن ـ الموضوع أنها قالت لي بعد فترة قليلة إنها حامل مني ـ ولا أدري صادقة أم لا وكانت دائمة الخلاف مع زوجها ـ أعلم أن زوجها سامحها وتعيش معه الآن.ولا أدري هل تركي لها حلال أم حرام وهل صادقة أم لا. وأنا الآن كاتب كتابي على إحدى قريباتي.أرجو أن تدعو لي بالهداية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن يجب عليك، وعلى هذه المرأة أن تتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فقد ارتكبتما جريمة عظيمة وخيانة جسيمة، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
ففي الصحيحين أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك".
قال ابن مسعود: ونزلت هذه الآية (والذين لا يدعون مع الله إلهاً....) وتتمة الآيات: (ومن يفعل ذلك ... )
تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: واعلم أنه من لوازم توبتك قطع العلاقة فوراً مع هذه المرأة، وعدم السماح لها بالاتصال بك، وأما دعواها الحمل منك فغير مسلمة، ولا فائدة منها، لأن المرأة إذا زنت نسب الولد إليها إن كانت بلا زوج، وإن كان لها زوج نسب الولد إليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر". متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(13/14361)
هل يعتمد اختبارDNA لتحديد نسبة المولود
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محامي في سنغافورة أمارس قانون الشريعة حالياً عندي قضية، زوجة عميلي تقدمت بطلب الطلاق، وعميلي يوافق على ذلك، لهما ولد عمره سنة، وعميلي يشك بأن زوجته كانت لها علاقات مع شخص آخر وأن الطفل أنجب منه، ويريد إجراء اختبار DNA ليتأكد، اعترض محامي الزوجة مستندا إلى قاعدة أن الولد للفراش، وهذا الأصل غير خاضع للجدل، ويصيف أيضا بأن فقهاء أهل السنة متفقون على أن مدة حمل الطفل إذا كان فوق ستة أشهر من تاريخ الزواج فلا شك بأن الطفل للزوج فزرت موقعاً ... قرأت فتوى بأن من علم بتحليل الدم أوبطريقة أخرى أن الطفل ليس له فعليه أن يعمل حسب علمه ويترك القاعدة المذكورة، عميلي وزوجته من أهل السنة، أجلت المحكمة القضية إلى 1/4/2001، هل هنالك فتوى أو أدلة تكون مساعدة لأنها نقطة مهمة، آمل الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع الإسلامي يغلب جانب السلامة والبراءة من الزنى وأنها الأصل، ولهذا صان عرض المؤمن والمؤمنة، وحرم القذف، وجعله فسوقاً ورتب عليه الحد إذا كان بغير بينة، كما أنه يغلب جانب الاحتياط في باب لحوق النسب، بحيث إنه لو وجد احتمال ولو ضعيفاً لإلحاق الولد بمن تزوج من أمة أو تسرى بها حيث كانت مملوكة ألحقه به ونسبه إليه. حتى ولو أقرت المتزوجة على نفسها بإنجاب أولاد من الزنى فإن ذلك -وحده- لا ينفي نسبتهم من أبيهم صاحب الفراش، ما لم ينفهم هو بلعان، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، رواه الجماعة إلا أبا داود.
وأما بالنسبة للزوج: فإذا تحقق من زنا هذه المرأة أو غلب على ظنه فجورها وزناها بقرائن قوية، وأن الولد المنسوب إليه ليس منه، فإن له أن يستند إلى التحليل الطبي، باعتباره أحد القرائن، وننبه في هذا إلى أمور:
أولاً: يعتبر طلب اختبار d.n.a قرينة على القذف بالزنا إذا لم يكن في الأحوال العادية فلا يقدم عليه المرء إلا عند تأكده، أو وجود قرائن قوية تقارب اليقين في ذلك. ولا يكون الاختبار هو أول الأدلة.
ثانياً: أن يكون هذا الاختبار من الناحية العلمية دليلاً صادقاً معتبراً. وهذا يحدده أهل الاختصاص بالطب.
ثالثاً: ألا يكون هذا الاختبار عرضة للتلاعب بنتائجه من أي طرف.
رابعاً: أن يجري هذا الاختبار قبل الملاعنة، لاحتمال أن تخرج النتائج مؤكدة أن هذا الولد من الزوج وليس من شخص آخر، لأن الملاعنة توجب الفرقة ونفي الولد.
ويجب عليه في حال توافر الأدلة نفي الولد عنه باللعان المعروف، والمذكور في سورة النور في قوله تعالى: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين* والخامسة أن غضب الله عليه إن كان من الكاذبين* ويدرء عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين* والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) [النور: 6،7،8،9] والولد لا ينتفي منه إلا بالملاعنة، وهي واجبة عليه إذا تحقق زنا المرأة أو غلب على ظنه بقرائن قوية، لما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم: " أيما امرأة أدخلت على قوم مَنْ ليس منهم فليست من الله في شيء" إلى آخره، والحديث وإن كان نصاً في المرأة إلا أن الرجل في هذا مثلها لا فرق بينهما، فإنه إذا تحقق من فجور هذه المرأة، وأنها ألحقت بنسبه ما ليس منه، ولم ينفه عنه فقد ألحق هو بنسبه ما ليس منه، فاستحق بذلك الوعيد الوارد في الحديث. مع ما يترتب على عدم نفيه من مزاحمته لأولاده الحقيقيين في حقوقهم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(13/14362)
تسمية الطفل اللقيط
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من الإخوة الكرام القائمين على هذا الموقع أن يفيدوني عن تسمية الطفل اللقيط والحقيقة أنني كافل طفلا وأريد أن أسميه باسمي وأعرف ما جاء فى القرآن الكريم، ولكن لا زال التفسير فى هذا الشأن غامضا وما سمعته من الشيخ القبيسي طمئنني كثيراً وهو السماح لي بالتسمية باسمي طبعا الأسباب معروفة لديكم وهي المجتمع والعامل النفسي ومستقبله إلى آخره المهم أتمنى إفادتي بفتوى لا أريد أن أسأل بعدها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تسمية اللقيط بأي اسم مشروع، لكن لا يجوز لكافله أن ينسبه إليه، وإنما يسميه بأي اسم حسن سواء أكان نفس اسمه أو غيره، وينسبه إلى عبد الله أو عبد الرحمن ونحو ذلك مما لا كذب فيه ولا يترتب عليه اختلاط أنساب وضياع حقوق فنقول مثلاً، محمد بن عبد الله.
وقد حرم الإسلام التبني، فقال تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:5} ، فهذا هو حكم اللقيط، وما ذكر في السؤال من الأسباب لا اعتبار له ولا ينقض به حكم الشرع الثابت، وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24944، 7818، 9544، 17151.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(13/14363)
تعريف اللقيط شرعا وحكم تربيته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو لي أخت تربت معنا وهي ليست أختي جاء بها أهلي من إحدى معارفهم وهي لقيطة وأخذتها عمتي لتتربى معنا في البيت وهي الآن كبيرة ولم نشعرها أبدا أنها ليست أختنا وهي دائما تثير المشاكل فيما بيننا ومع أمها التي ربتها دائما تصيح وإلى أن تصل أن أمها تقوم بضربها لتأديبها ولكن بدون فائدة وهي خلت البيت مكتئبا وأقول لأمي ياليتك ما أخذتيها من أهلها وهي أصلا عملت ذلك لكسب الثواب والأجر، والآن هي تحصلت على وظيفة وتعطي لأمها الراتب لمساعدتها لمصاريف البيت وعلى العلم هي تعلم أنها لقيطة وهي عندما كانت طفلة تأخذها أمي لرؤية أمها الحقيقية وبعد سنوات توفيت أمها الحقيقية وهي تعلم بهذا كله، وسؤالي هنا هل نحن عندما تربت معنا وهي لقيطة أي جاءت بالحرام ونحن جئنا بالحلال فهل هذا الاختلاط يسبب حراما وكذلك أخذ راتبها يعتبر حراما لأنها لقيطة وأنها جاءت من حرام وهل المشاكل التي في البيت ونحن لم نتزوج ولم نحصل على أي شيء إلا بتعب شديد هل يعود بسببها ولي أخ تزوج عندنا وأثارت المشاكل بين زوجة أخي وهي ووصلت إلى حد الفتن بين أمي وزوجة أخي بسببها، وأخي خرج من البيت وقاطعنا وقال بسببها لأنها هي التي فتنت بيننا وهي دائما تسبب المشاكل في البيت إلى حد أن أمي كرهتها وقالت ياليت ماربيتها أنها لقيطة وما منها الفايدة إنها شيطانة ومن طريق شيطان، والذي عملته ظهر أنه خطأ وأنا ندمانة جدا عملت خيرا فجاء لي الشر.
شيوخنا الأفاضل فسروا لي هذا وماهي اللقيطة بالشرع الإسلامي وكيف نتعامل معهم وهل الجلوس معهم حرام أفيدوني جزاكم الله خيراً وبأسرع وقت ممكن جزاكم الله خيرا,,,,,,,,,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللقيط هو الطفل الذي يوجد في الشارع أو ضالا ولا يعرف نسبه، وقد يكون ابن زنا وقد لا يكون كذلك.
والله سبحانه وتعالى شرع كفالة اللقطاء، ورتب عليها الخير الكثير والثواب الجزيل.
وكفالة اللقيط ليست دون كفالة اليتيم في الأجر إن لم تكن أعظم، وذلك لأنه أسوأ وضعا منه.
وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء ما يلي: إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب، لعدم معرفة قريب يلجؤون إليه عند الضرورة، وعلى ذلك فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا. رواه البخاري.
وسواء كانت الطفلة المذكورة لقيطة أو لم تكن فإنها إذا لم يكن لها من يربيها ويكفلها كأن امتنعت أمها من تربيتها والإنفاق عليها فإنه يكون في تربيتها وكفالتها أجر كثير، فلا ينبغي -إذا- أن تفسدوا أو تفسد أمكم ما أرادته من الأجر.
واعلمي أن اللقيط لا يلزم أن يكون ابن زنا –كما بينا-، ولو كان ابن زنا فإنه ليس له ذنب في ذلك، ولا مؤاخذة له بأمر ليس له فيه من يد.
ثم إن راتب تلك البنت ليس حراما في حد ذاته إذا كان من عمل مباح، ولكن الحرام هو أن يؤخذ منه أكثر من تكلفة نفقتها دون رضاها، ولا يعتبر رضاها إلا إذا كانت بالغة ورشيدة.
وعلى أية حال، فعليكم أن تعلموا أن ما أصابكم من المشاكل ليس بسبب شؤم تربيتكم لتلك البنت، بل على العكس من ذلك فإن مثل ذلك الفعل لا يجلب إلا الخير. ولكن المرء قد يبتليه الله ببعض الأمور اختبارا لصبره وقوة تمسكه بدينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1429(13/14364)
الوفاء لمن ربت اللقيط والإحسان لها في حدود الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص مجهول الأبوين تكفلت بي سيدة مند ولادتي والآن ساءت علاقتي بها فهل هذا يعتبر عقوقا.
جزاكم الله بألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من الواجب عليك أن تحسن إلى هذه السيدة وترد الجميل لها ويتأكد الأمر إذا كانت قد أرضعتك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي لك أن تسيء العلاقة مع من أحسنت إليك في الطفولة وكفلتك من الولادة فهذا يتنافى مع أخلاق الإسلام الفاضلة، وكان ينبغي أن تحسن إليها وترد الجميل عليها، فهي من هذه الناحية بمنزلة الأم بالنسبة لك؛ إلا أنه لا يجوز لك الانتساب إليها ولا الخلوة بها إذا لم تكن محرما لك من الرضاع.
وقد سبق لنا بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتاوى: 39532، 31483، 12848. ...
وبذلك تعلم أن من حق هذه السيدة عليك والوفاء لها أن تحسن إليها وتحسن العلاقة بها في حدود الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(13/14365)
عدم علم اللقيط بحال ملتقطيه يترتب عليه أمور كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى صديق عمره 28 سنة وهو متبنى منذ أن كان رضيعا, يعني لقيط في اللغة العامية, وهو الآن متزوج وحتى هذه اللحظة لا يعرف هذا الأمر، ملحوظة: هو تزوج من أجنبية والحمد لله وهي ليست أخته إن شاء الله، أنا عرفت منذ سنتين ولا أدري ماذا أفعل هل أخبره أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك أن تخبره بحقيقته سيما إذا كان لا يزال يقيم مع ملتقطيه أو ينتسب إليهم، بل يجب عليك ذلك من باب إحقاق الحق وتغيير المنكر لتحريم الإسلام للتبني، ولما يترتب على عدم علمه بذلك من لمسه ورؤيته لمن لا يحل له ذلك منه كالمرأة التي يرى أنها أمه وبناتها أو أخواتها إن كان لها بنات أو أخوات أو نحو ذلك مما يعتبر محرما له على اعتباره ابنا لها أو ابنا لزوجها، ولو فرضنا أنها أرضعته فصارت أمه بالرضاعة وبناتها ونحوهن أخواته كذلك، فانتسابه للرجل الذي يرى أنه أبوه حرام، وربما يتوارثان إذا مات أحدهما قبل الآخر؛ بل ويتوارث مع من يرى أنه يتوارث معه من إفراد الأسرة أو العصبة، وهذه أمور كلها محرمة ومنكرة يجب تغييرها.
والشارع الحكيم قد أبطل حكم التبني وقد كان معروفاً في الجاهلية، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:4-5} ، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4360، 7167، 9544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(13/14366)
مسائل حول التبني ونكاح اللقيط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 35 سنة ولدت لقيطة في الشارع وقام الناس بوضعي في دار الأيتام وأنا عمري يومان ثم جاء والدي الآن وقاما بكفالتي وتربيتي منذ أن كان عمري أسبوعا وربياني أفضل تربية ولم ينقصا علي شيئا وتعلمت وتخرجت من الجامعة وأنا أعمل الآن ولبست الحجاب منذ أن كان عمري 15 عاما وهما حنونان وطيبان ويخافان الله ولم أحس معهما للحظة أنهما ليسا والدي، مع العلم بأنهما عقيمان ولم ينجبا أطفالا وهما كبيران في السن وبعد أن كفلاني بـ 8 سنوات خافا علي من البقاء وحيدة في هذه الدنيا فقاما بكفالة طفل آخر من دار الأيتام وعمره سنتان وكان عمري وقتها 10 سنوات وتربى معنا وأصبح أخا لي بمعنى الكلمة وكونا أسرة سعيدة بإذن الله وتخاف الله ونتمتع بالأخلاق الحميدة والسمعة الطيبة بشهادة الأهل والجيران وأقارب الدرجة الثانية وأقارب الدرجة الأولى (أخوالي وعماتي) لا يحبوننا ويجاملوننا فقط منذ سنين طويلة ولا أعلم لماذا ربما لأننا استأثرنا بحب والدينا أو طمع فيهما ولدي الآن عدة مشاكل بدأت تؤرق حياتي في السنوات الأخيرة: الأولى: يعجب بي الكثير من الناس لديني وأخلاقي وعنايتي بوالدي وخاصة عند مرضهما، مع العلم أن عمرهما (أمي 73 سنة وأبي 82 سنه) ربنا يحفظهما لي ولأخي وكذلك القيام بكافة اهتمامات البيت ولوازمه أنا وأخي دون الاحتياج للغير وكذلك السفر بهما للخارج عدة مرات للعلاج المهم أنه كل ما تقدم لي شاب لخطبتي لا يتم الموضوع وذلك لسبب واحد وهو أني لقيطة ولا يعرف أصلي ونسبي وأهلي وأنا لا أعرف ما هو ذنبي في الموضوع وخاصة أني ملتزمة وأخلاقي حميدة ومتعلمة إلى أن كبرت الآن وأصبح عمري 35 سنة وأصبح لا يتقدم لي أحد لكبر سني كذلك وأنا أريد أن أعرف حكم الدين في حالتي وهل لي ذنب في كوني لقيطة، وكما يقولون بنت حرام مع أني اجتهدت منذ أن كان عمري 8 سنوات وعلمت بأني يتيمة على الحصول على شهادة من الكل بالسيرة الحسنة والأغلب يشكرون في وبأني أفضل من بناتهم ولكن في موضوع الزواج فلا لأنهم يريدون لأولادهم الحسب والنسب وبنت الحلال وأنا أعلم من القرآن الآية التي تقول (ولا تز وازرة وزر أخرى) ، الثانية: منذ أن تمت كفالة أخي ونحن نعيش معا كإخوة والحمد لله منذ حوالي 26 سنة ولم يشعر أحد في عائلتنا الصغيرة أنه غريب عن الآخر وتعاملنا بما يرضي الله، ولكن كلام الناس وتعليقاتهم الدائم لنا بأننا لقطاء وليس لنا أصل بدأت تتعبنا نفسيا وأصبحنا عصبيين ومتوترين وكانت أكثر التعليقات تأتي لي أنا باعتبار أني من يقوم بالواجبات العائلية وزيارة الأقارب والجيران وأخي أغلب الوقت خارج البيت ولا يحب الزيارات ولا أرد عليهم وأعمل نفسي أني لم أفهم ما يقولون وعندما أعود للبيت لا أملك إلا البكاء وقول حسبي الله ونعم الوكيل وأنا أريد أن أعرف الحكم في ذلك وكيف أتعامل معهم، الثالثة: أني ملتزمة والحمد لله ولكن إحدى الجارات علقت على عدم حجابي أمام أخي وأبي وأنا لم أفكر في ذلك مطلقا لأني لم أشعر للحظة أنهم ليسوا أهلي فأرجو إفتائي في الحجاب أمام أبي وأخي، الرابعة: أن عائلتنا حالتها المادية متوسطة أو أقل بقليل ولا تملك أملاكا إلا بيتا واحدا فقط والذي نعيش فيه الآن أخذناه من الدولة ثم دفعنا الأقساط الشهرية إلى أن أكملنا ثمنه وأنا دفعت أكثر من ثلثي المبلغ من مالي ولدي ما يثبت ذلك وكتبنا البيت باسمي أنا وأخي بالمناصفة فأريد أن أعلم عند وفاة والدي لا قدر الله وربنا يطيل في عمرهما ما حكم الدين في البيت ومحتوياته مع العلم بأن محتوياته كله من مالي بشهادة الناس والأقارب والجيران، مع العلم بأن أمي لها أخوان وأبي له أختان وليس لهما ورثة أخرون وهم طامعون في البيت والميراث وينتظرون وفاتهما، الخامسة: الدولة تعطي لليتيم مرتبا شهريا ليعيش به وتساعد الكفيل على تربيته وأبي منذ أن كفلنا لم يأخذ من مالنا شيئا وعندما أصبح عمري 20 سنة سلم لي مالي ومال أخي لخوفه من الوفاة ونحن لا نعلم بالمال وأصبحت أنا المسؤولة عليه وهو في المصرف باسمي ولكن أخي لا يعلم شيئا عنه لخوفنا من تبذيره ونحن نريده أن يستفيد من ماله في المستقبل عند الزواج وقد كتبت وكالة لأخي للتصرف في ما أملك عند وفاتي وأنا كنت أخرج الزكاة على مالي، ولكن مال أخي فلا لاعتبار أنه أمانة وهو ليس كثيرا فأخاف أن يكمل، فهل أخرج عليه الزكاة، وهل أُعلم أخي بالمال وما الرأي في أن أسلم المال لأحد ثقة بإذن الله ليتاجر به ليزداد المال أو أسلم المال لأخي، مع العلم بأنه يريد شراء سيارة وثمنها أكثر من المال الذي عندي ويزيد على المبلغ ببيع سيارته القديمة لأن عمله يعتمد عليها، السادسة: أن أخي تغير وأصبح أكثر عصبية ويتلفظ ببعض الألفاظ السيئة، مع العلم بأنه يصلي ويصوم ولكن تصرفاته تغيرت في البيت ولا أعلم لماذا ربما لحساسيته من أنه لقيط والناس يعلقون على اسمه ليس مثل اسم أبيه ولا أمه أو الأصحاب سيئون وأنا لا أستطيع مراقبته خارج البيت ووالدي كبير فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب على هذه الرسالة الطويلة والأسئلة الكثيرة نريد أولاً أن ننبهك إلى أن التبني قد أبطله الله بقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:5} ، وراجعي في حكم التبني الفتوى رقم: 32352.
وبناء عليه فإنك تعتبرين أجنبية عن الرجل الذي كفلك والولد الذي تربى معك في نفس البيت، وليس لك معهما أية علاقة سوى أنك أختهما في الدين، فلا يجوز أن يختلي بك أي منهما، ولا أن يصافحك أو يرى من عورتك ما لا تحل رؤيته من الأجنبية، ومثل هذا أيضاً ينطبق على من تبنتك مع الولد الذي تربى معك، ثم كفي عن الانتساب إلى هؤلاء، فإنه قد ورد وعيد شديد في انتساب المرء إلى غير أبيه، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام. ونهيك عن الانتساب إلى هذا الرجل ليس معناه أن لا تبريه وتحسني إليه، بل إنك قد أحسنت جداً بما يبدو من محبتك لهذه الأسرة التي كفلتك زمن احتياجك إلى الكفالة.
وفيما يتعلق بموضوع أسئلتك نقول: إذا كنت على الحال التي ذكرتها من حسن الخلق والدين فكان مما ينبغي أن لا يمتنع الرجال من الزواج بك لسبب كونك لقيطة، فالذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم فيما يدعو إلى الزواج بالمرأة هو ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. وكونك لا يعرف أصلك أو نسبك وأهلك ليس ذنبا عليك، فكما قلت فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} ، وعسى الله أن يجعل هذه المحنة خيراً لك وذخراً عند الله في الآخرة، ولا تقنطي من رحمة الله، فقد يكون مدخراً لك من هو أفضل من جميع من خطبوك، ثم اصبري على ما تتلقينه من أذى الناس، فإن جزاء الصبر عظيم عند الله، قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10} ،.
أما النقطة الثالثة فقد تقدم جوابها في مقدمة الفتوى، وحول النقطة الرابعة فإذا كنت قد دفعت أكثر من ثلثي ثمن البيت من مالك الخاص -كما قلت- ولك ما يثبت ذلك من الأدلة، ورضيتم جميعاً بأن يكتب البيت باسمك واسم الولد الذي تربى معك مناصفة، فإن أقارب متبنيك -إذا توفى- لن يكون لهم حق في البيت، ولكن عليكم أن توثقوا كل هذا، وتشهدوا عليه العدول من الناس.
وأما عن النقطة الخامسة فإنه لا يجوز أن تخرجي الزكاة عن مال الولد المتبنى معك، وذلك لا يفيد شيئاً لأن الزكاة عبادة مالية، وتحتاج إلى نية المالك، وعليه فالواجب أن يخبر هو بهذا المال حتى يخرج زكاته، ولكنكم إذا كنتم تخافون عليه من تبذيره فعليكم أن ترفعوا أمره إلى القضاء الشرعي إن كنتم في دولة مسلمة، أو ترفعوه إلى مركز إسلامي في البلد الذي أنتم فيه إذا كان بلداً غير مسلم، ليجعل رقابة على تصرفه في المال، لأن المراكز الإسلامية في بلاد الكفر تقوم مقام جماعة المسلمين، وجماعة المسلمين تقوم مقام القاضي إذا لم يوجد، ثم إذا كان المال بالغاً نصاباً، فعليه أن يخرج زكاته عن كل السنين الماضية منذ بلوغه النصاب، لأن الزكاة لا تسقط بمضي زمنها، ثم ما ذكرته عن المتبنى معك من التغير والعصبية والألفاظ السيئة لا يمكنك أن تصلحيه بنفسك، لأنه -كما قدمنا- أجنبي عليك، وعليك إذاً أن تقتصري على الدعاء له، أو توجيهه بواسطة رسالة ونحو ذلك، ولا يجوز أن تعتبريه أخاً وتكلميه في خلوة وانفراد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(13/14367)
اللقيط.. ومسألة إعلامه بحقيقة الأمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن شاب يعيش مع امرأة يعتقد أنها أمه بعد موت زوجها الذي كان يعتقد أنه أبوه، والشاب يبلغ الآن سبعا وعشرين سنة سؤالي هو: هل أخبره بحقيقة أمره؟ مع العلم أنني سألت أحد المشايخ من السعودية عبر الهاتف منذ سنوات فأفتاني بوجوب إخبار هدا الشاب بحقيقة الأمر والآن أنا في حيرة من أمري، بين التأثم لفتوى الشيخ وبين الصدمة التي من الممكن أن يتلقاها المعني بالأمر، ومع ذلك فقد كتبت رسالة قصد إرسالها إليه عبر البريد وأنتظر الآن فتواكم كي أحسم في الأمر بصورة نهائية.
ملحوظة: هذا الشاب يعمل الآن أستاذا في سنته الأولى.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى شرع كفالة الأيتام والنقاط اللقطاء، ورتب على ذلك الخير الكثير والثواب الجزيل لمن فعله، كما حرم سبحانه وتعالى التبني الذي كان معمولاً به في الجاهلية فأبطله، فقال سبحانه: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب: 4-5} .
ولهذا فإن عليك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح للمسلمين أن تخبر هذا الرجل بحقيقة أمره، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بطريقة لا تسبب له صدمة أو حرجاً، فتمهد لذلك بذكر بعض الأمور التي تسهل عليه تلقي هذا النبأ، وتبين له أن هذا هو شرع الله الذي يجب على المسلم أن ينقاد له، ولاغضاضة عليه فيما قد حصل سابقاً.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 39532.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(13/14368)
مسألة حول اللقيط
[السُّؤَالُ]
ـ[وجد صديق لي طفلة صغيرة حديثة الولادة وقد تغير لون جسدها بسبب عدم الرضاعة، وأخذها ومن حسن الحظ أن زوجته كانت قد وضعت منذ فترة قليلة، ولذلك قامت بإرضاع الطفلة، وتم علاجها والاعتناء بها وذهبت إلى بعض الناس لكي يسجل الطفلة باسمه ولكن قالوا له إن ذلك حرام، ويجب أن يضعها في دار حضانة لكي يعطوها اسماً، ثم يذهب بعد ذلك ليأخذها، وبالفعل قام بعمل ذلك وعندما ذهب لإحضار الطفلة من دار الأيتام وجد بعض الناس قد أخذوها لتربيتها فهل قصر في ذلك مع العلم بأنه منذ ذلك وهو تعبان نفسياً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسن صديقك في التقاطه لهذه الطفلة، وفي عنايته بها وإحسانه إليها، ولا شك أنه لا يجوز له أن يلحقها بنفسه من حيث النسب، فقد ورد الشرع بالنهي عن ذلك، وراجع الفتوى رقم: 2813.
وبخصوص ما وقع من الرضاع، فإن كانت زوجته قد أرضعت هذه الطفلة خمس رضعات مشبعات، فتكون الطفلة ابنة لهما من الرضاعة، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 9790.
وأما إلحاق هذا اللقيط بدار الرعاية، فإن كانت هذه الجهة غير معروفة بالفسق، فلا حرج عليه في ذلك ولا يلحقه به إثم، وإلا فيأثم بإلحاقه بها، والواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، لأن الفاسق لا يمكن من الالتقاط على الصحيح من أقوال أهل العلم ولا يقر الملتقط بيده فضلاً عن أن يدفع إليه.
ثم إن لصديقك الحق في المطالبة بهذا اللقيط، ما دام مؤتمناً عليه، وقادراً على القيام بما يصلحه، جاء في حاشية الدسوقي ما نصه: ولو تسابق جماعة أو اثنان على لقيط، أو على لقطة وكل أمين، وأهل لكفايته، قدم الأسبق، وهو من وضع يده عليه ابتداء، ولو زاحمه عنه الآخر وأخذه. انتهى، والحال أنه هنا لم يزاحمه عليه أحد، ويقوي جانبه كونه أباً لهذا اللقيط من الرضاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(13/14369)
حكم شرب لبن الفرس
[السُّؤَالُ]
ـ[السوال الأول ... عندي قريبي مريض بالجلطة وقالو له أن يشرب حليب الفرس ما حكمه في الإسلام؟
السوال الثاني.... ما حكم الزواج من شاب أو شابة لقيطة (من الزنا) وهو لا يعرف من أبوه أو أمه علما بأنه من الشباب الملتزمين؟
س3.... سجود السهو صيغته وكيفيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من شرب لبن الفرس، قال في أسنى المطالب: أما لبن ما يؤكل لحمه كلبن الفرس وإن ولدت بغلا فطاهر، قال تعالى: لبنا خالصاً سائغاً للشاربين. ا. هـ
وقال في تحفة المحتاج: ويجوز لبن فرس ولدت بغلاً وشاة كلباً لأنه منها لا من الفحل. ا. هـ
وأما عن الزواج بلقيط فلا حرج في الزواج منه إذا كان صاحب دين وخلق، وراجع الجواب رقم: 29855، والفتوى رقم: 19582.
وقول السائل: لقيط "من الزنا"، نقول تفسير اللقيط بأنه من الزنا غير صحيح، فإن اللقيط قد يكون من زنا، وقد يكون من غير زنا، فهو طفل نُبِذَ أو ضَلَّ لا يعرف نسبه ولا أصله.
وأما عن سجود السهو، فقد سبق لنا بيان صفته وموضعه في الفتوى رقم: 36.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(13/14370)
اللقيط أجنبي عن المرأة وإن ربته صغيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة وجدت ولدا فقامت بتربيته، الآن هو في سن 15
مع العلم بأنها لم ترضعه منها، فما الذي يترتب
على هذه العلاقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يجزي هذه المرأة خيرا على تربية هذا الولد والإحسان إليه، ولكن ننبهها إلى أنه لا يجوز لها ولا لغيرها تبني هذا الولد، لأن التبني محرم، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 32554، كما ننبهها إلى أن هذا الولد أجنبي عنها، فلا يجوز لها أن تختلي به، أو تبدي زينتها له، وعليها أن تلتزم أمامه بالحجاب الشرعي، وتعامله كما تعامل غيره من الأجانب وكونها ربته صغيرا لا يؤثر في الحكم، ولتراجع للأهمية الفتوى رقم: 27077، والفتوى رقم: 17630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(13/14371)
ثواب كافل اللقيط.. من أحكام اللقيط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي قريبة تريد أن تحتضن طفلا رضيعا من إحدى الجمعيات في جدة، وهي في حيرة من أمرها في المسألة الآتية: 1_الرضاعة 2_ما الحقوق التي عليها تجاه الطفل وما الحقوق التي لها في ضوء الكتاب والسنة؟ إذا كانت هناك كتب أو أحاديث تفيد في هذا الموضوع فالرجاء ذكر أسمائها ومؤلفيها. نرجو من المولى العلي القدير أن يعينكم في الإسراع في إرسال الجواب. نفع الله بكم الإسلام والمسلمين وجزاكم عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا شك أن لكافل اللقيط الأجر العظيم عند الله إذا أحسن معاملته وتربيته؛ إذ كفالته ليست دون كفالة اليتيم في الأجر إن لم تكن أعظم، وذلك لأنه أسوأ وضعًا منه، وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء ما يلي: إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب، لعدم معرفة قريب يلجأون إليه عند الضرورة، وعلى ذلك فإن من يكفل طفلاً من مجهولي النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا رواه البخاري. لكن هناك من الأحكام ما ينبغي للمحتضن له معرفتها، منها: 1- أنه يعتبر أجنبيًّا عن الأسرة التي كفلته وربته، فلا يعدُّ ابنًا ينسب إليها، ولا أخًا لبناتها إلا إذا أرضعته أم الأسرة أو المحتضنة له أو من في حكمها خمس رضعات قبل اتمامه حولين، فإنه يصير ابنًا لها بالرضاعة لا بالنسب، كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 9544. 2- أن للملتقط له ولاية الحضانة كالتعليم والتأديب والتطبيب. أما ولاية التزويج فهي للسلطان أو من ينوب عنه كالقاضي، لقوله صلى الله عليه وسلم: السلطان ولي من لا ولي له. رواه الترمذي وحسنه وصححه ابن حبان قال علاء الدين السمرقندي في تحفة الفقهاء: وليس للملتقط ولاية التزويج. 3- إذا مات اللقيط وله مال فلا يرثه آخذه ومربيه، بل يكون لبيت مال المسلمين. قال الحسن البصري: اللقيط للمسلمين ميراثه، وعليهم جريرته، وليس لصاحبه منه شيء إلا الأجر. رواه البيهقي. ومن أراد التوسع في معرفة أحكام اللقيط فيمكنه الرجوع إلى كتب الفقه كالمغني لابن قدامة والمجموع للنووي وغيرها تحت عنوان: باب اللقيط. وهناك رسالة مفردة بعنوان: أحكام اللقيط في الشريعة الإسلامية للدكتور عبد الكريم زيدان. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(13/14372)
الواجب على من أراد كفالة لقيط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من وجد لقيطا فكتبه باسمه واسم زوجته واتخذه ولدا لكون الزوجة لا تنجب، هل في ذلك حرمة؟ وكيف يكون تصحيح ذلك رغم أن عائلتي الزوجين لا يعلمون شيئا عن هذا الموضوع ويعتقدون أن هذا الولد هو ابن الزوجين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتبني محرم لا يجوز، وذلك لأنه تترتب عليه أحكام لا يجوز أن تكون إلا للابن النَّسَبي؛ كالتوارث وحل النظر إلى زوجة وبنات من تبناه وحرمة الزواج ببنات من تبناه، وأحكام أخرى كثيرة. والواجب على من أراد كفالة لقيط أو يتيم ونحوهما أن لا ينسبه إليه، بل يقال: فلان ابن عبد الله، أو عبد الرحمن. ونحو ذلك من الأسماء.
وكتم حقيقة هذا التبني قد يؤدي في المستقبل إلى أن يختلط الحلال بالحرام، فالواجب أن يعلم الأقارب بأن هذا الولد ليس لكما.
وأما الإحسان إلى اليتيم واللقيط وكفالتهما، فإن كل ذلك من البر والخير. وانظر الفتوى رقم: 31933 والفتوى رقم: 26542.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(13/14373)
وفاء اللقيط لمربيه لا يكون بما حرم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إذا كبر اللقيط ونسب نفسه إلى مربيه أي ملتقطه وفاء له وتقديرا واحتراماً لمربيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أن ينسب لقيط أو غيره نفسه إلى غير أبيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار. متفق عليه واللفظ للبخاري.
والوفاء والتقدير لملتقطه يحصل ببره والمداومة على إحسانه لا بما حرم الله، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 24944.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(13/14374)
محل جواز مناداة اللقيط من ربته (يا أمي)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة ولدي خمسة أولاد وتقابلت مع فتاة كانت حاملاً وصرحت لي أنها ستتخلص من الجنين الذي في بطنها لظروف خاصة وأخذت الطفل بدل أن تقتله وكتبته باسمي وعاش معنا وعمره الآن6سنوات هل هذا حرام أم حلال؟ وهل حرام أن يقول لي يا ماما وهل أنا مذنبة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما قمت به من إنقاذ حياة الطفل ليس حلالاً فحسب، بل هو من أعظم القربات، وأوجب الواجبات، قال تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً (المائدة: من الآية32) .
ولا حرج في أن يناديك بيا أمي من باب الاحترام والتوقير، لا من باب الحقيقة، ولا يجوز أن ينسب إلى زوجك، بل ينسب إلى أبيه إذا كان أباً شرعياً.
ولا بد أن تعلمي أن هذا الولد ليس من محارمك، فإذا بلغ فلا بد أن تعامليه أنت وبناتك كما تعاملين غير المحارم، إن لم يكن قد رضع منك أو من إحدى بناتك -مثلاً- خمس رضعات مشبعات.
كما أنه يجب عليك أن تأمري أم هذا الطفل بالتوبة النصوح مما همت به، وأخبريها أنه لا يجوز لها أن تقطع ولدها، وأنه لا بد لها من مراجعته والإحسان إليه، وإذا كان هذا الابن غير شرعي فإنه يجب عليها أن تتوب من هذه الفعلة الشنيعة أيضاً، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 7818 24944 6045
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(13/14375)
نسب المولود من الزنا للمتزوجة وغير المتزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم امرأة حملت من الزنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من وقع في هذه الفاحشة الكبيرة أن يتوب إلى الله تعالى، بالإقلاع عن الذنب أولاً ثم الندم على ما مضى منه، مع العزم على عدم العودة إليه أبداً، ولا تتحقق توبته إلا بذلك، وقد ذم الله تعالى الزنا وحرم الاقتراب منه فقال: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
والمقصود بقربه التمادي في دواعيه، والبحث عنها، وتحري مواطنها، فيكون فاعل ذلك، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ومن أهم المقاصد التي لأجلها حرم الله الزنا، اختلاط الأنساب وكذلك الحمل الذي يحصل للمرأة التي لا زوج لها، فيكون مصيره الضياع لأنه سينسب إلى أمه.
والأخت السائلة لا تخرج عن كونها إما متزوجة وإما خلية (غير متزوجة) ، فإن كانت متزوجة، فالولد ينسب إلى زوجها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. رواه البخاري.
وعليها أن تتوب إلىالله تعالى، وتصدق في توبتها معه، ولا يجب عليها إخبار زوجها بذلك إذ سترها الله تعالى.
أما إن كانت خلية (بدون زوج) فالولد ينسب إليها، ولا ينسب إلى الزاني، لأن النسب نعمة والزنا نقمة، ولا تثبت النعمة بالنقمة، ويحرم على المرأة إسقاط هذا الجنين، ويجب عليها المحافظة عليه، مع التوبة الصادقة مما حصل منها ودوام الاستغفار والإكثار من الصالحات، ونسأل الله تعالى أن يهدي قلبك ويشرح صدرك وييسر أمرك ويتوب عليك، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6012، 6940، 9093.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(13/14376)
كافل اللقيط له من الأجر ما لكافل اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهوالفرق في الأجر بين كفالة يتيم عادي وكفالة يتيم (لقيط) جزاكم الله كل خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اللقيط (وهو مجهول الأبوين) له حكم اليتيم، لأنه فاقد الأبوين كاليتيم، وراجع في هذا الجواب رقم: 15187
وبناء على هذا فكفالة اللقيط فرض كفاية ككفالة اليتيم، ولصاحبها من الأجر ما لكافل اليتيم، علماً بأن أجر كفالة اليتيم تتفاوت بحسب الإحسان في الكفالة، ولمعرفة فضائل الكفالة راجع الجواب رقم: 3152 ورقم: 3699 ولمزيد من الفائدة راجع الجواب رقم: 24944 ورقم: 7818
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(13/14377)
لا عقوبة على ولد الزنا بفعل أبويه لا في الدنيا ولا في الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الطفل المولود من أب وأم متزوجين والأب والأم غير متزوجين ما عقوبات الطفل في الدنيا والآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطفل المولود من أب وأم متزوجين زواجاً شرعياً صحيحاً طفل شرعي، وتجري عليه جميع الأحكام الشرعية من توارث ونسب ونفقة.. وغير ذلك.
وأما الطفل المولود من رجل وامرأة غير متزوجين فيسمى ولد زنا لا ينسب إلى أبيه، ولا يحصل بذلك توارث بينه وبينه، ولا يوجب ذلك نفقة.
والرجل والمرأة اللذان ارتكبا فاحشة الزنا مرتكبان لكبيرة من كبائر الذنوب، وهما مستحقان لعقوبة الله إن لم يتوبا توبة نصوحاً، وأما الولد فلا عقوبة عليه بفعل أبويه لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأنه لا ذنب له ولا اختيار، والله تعالى يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] .
غير أنه من حيث النسب لا يلحق بذلك الزاني، وراجع الفتوى رقم:
9093 - والفتوى رقم: 10152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(13/14378)
نسبة اللقيط مجهول الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لا يجوز تبني اللقيط مجهول الأب ونسبته إلى من كفله فلمن ينسب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان اللقيط مجهول الأب ولم يدَّع نسبه أحد، فإنه لا ينسب لأحد وإنما يدعى أخاً في الدين، كما جاء في قوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الأحزاب:5]
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتساب لغير الأب في عدة أحاديث منها قوله: " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام " رواه الشيخان من حديث سعد بن أبي وقاص، وأبي بكرة، ولا حرج في أن يختار له اسم عام، كفلان ابن عبد الله
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(13/14379)
ولد السفاح ينسب لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عمري 20 سنة أجبرتني فتاة على الزنى معها لأنها كانت تريد الحمل مني وستر العار الذي لحقها مع رجل آخر. الآن هي في باريس ولها ولد تقول إنه ابني. وهي امرأة خبيثة وتريد الآن أن أكتب الولد على اسمي. أنا الآن متزوج من امرأة ولدي طفلان.أريد رأيكم جزاكم الله.القصة طويلة اختصرتها في هذه الأسطر المهم أنها خدعتني بحيلتها أرشدوني جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الولد المولود من السفاح لا ينسب إليك، وإنما ينسب إلى أمه ولو صدقتها في دعواها، ولا يجوز لك شرعاً أن تكتبه باسمك، وراجع الفتوى رقم 9093
والفتوى رقم: 6012 ونصيحتنا لك ما دمت قد تبت وتزوجت ورزقت بأولاد من نكاح صحيح، أن لا تلتفت إلى هذه المرأة، وامضِ في حياتك، واحرص على بناء أسرتك على أساس من الدين، فخذ بناصية امرأتك إلى البر والتقوى، وأحسن عشرتها، وعليك أن تربي أولادك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونسأل الله أن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(13/14380)
حكم اشتراط عدم معرفة الأم لتربية لقيط
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عن هذا
لدي مشكلة: أنا امرأة متزوجة ولي أطفال ,اتصلت بي مؤخرا إحدىالأخوات كانت تسيرفي الطريق الحرام ولها طفل من الحرام, ترجوني أنأجد له عائلة تؤويه لأنه لا يقبل أحد الزواج منها ومعها الطفل ... خصوصا أنها لاتستطيع تحمل مصاريف تربيته. ولاتعمل. كما أنها تابتإلى الله وتريد تحصين نفسها. لكن كلما وجدت لها عائلة, تشترط هذه الأخيرة ان لايتعرفوا على أمه الحقيقية وألا تتعرف عليهم وأن يمنحوه اسم العائلة لكي لا تنزعه بعدها منهم. وأن يصبح له حقوق كأنه الابن الفعلي لهذه العائلة..أفيدوني أفادكم الله هل أتدخل في مثل
هذا؟ مع العلم أن هذا الطفل المسكين سيتشرد ويبقى بدون اسم أب له....وما حكم الشرع في هذا التبني؟ وما شروط التبني
وجزاكم الله عنا كل خير والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما أقدمت عليه هذه المرأة يعد فجوراً وعاراً وشناراً
فالواجب عليها الآن هو التوبة الصادقة والندم والاستغفار، وإذا احتاجت لأن تضع ابنها عند من يربيه ويقوم على شؤونه فإنه لا يجوز أن ينسب إليهم، ولكن ينسب إلى أمه، أو يقال: ابن عبد الله بن عبد الرحمن.. ونحو ذلك من الأسماء.
وننبه إلى أنه لا يصلح أن يعطى الولد لقوم يشترطون ألا يعرفوا أمه، لما يترتب على ذلك من قطيعة الرحم والعقوق.
والحل إن كان لابد من وضع الولد عند غير أمه، أن تبحثوا عن عائلة لا تشترط نسبته إليهم ولا القطيعة بينه وبين أمه، ولا عدم إرجاعه إليها إذا طلبته، وستجدونهم بإذن الله (ومن يتق الله يجعله مخرجاً)
ولمزيد فائدة راجعي الفتوى رقم 16663
والفتوى رقم 16816
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(13/14381)
أحكام تتعلق بولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأفاضل ,السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..... أما بعد ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... عندي سؤال يتعلق بأحد معارفي المتزوجين, والذي لديه من الذكوراثنان ومن الإناث ثلاثة, ولكن أزله الشيطان ووقع في الخطأ وأنجب ذكرا. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
السؤال: هل يعتبر هذا الولد أخا للأولاد الباقين؟ هل يجب على البنات أن يتحجبن أمامه؟
هل للولد حق في ميراث أبيه؟ الولد يبلغ من العمر الاّن 14 سنة, في حال تزوج الأب تلك المرأة التي
أزله الشيطان معها, فهل يتغير أي حكم بعدها؟ أفيدونا وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وهذا الولد من الزنى لا ينسب إلى الزاني ولو تزوج بالزانية عند جمهور العلماء، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6012.
ولا يكون محرماً لبنات الرجل، بل هو أجنبي عنهن فيلزمهن الاحتجاب منه، ومع كونه غير محرم لهن، إلا أنه لا يجوز له ان يتزوج بواحدة منهن، وليس لهذا الولد حق في الميراث من الزاني، وإنما يرث من أمه.
وانظر مزيداً من التفصيل حول أحكام ولد الزنا في الفتاوى التالية أرقامها:
7501
9093
10152
19104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(13/14382)
الفرق بين اللقيط وابن الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف الفرق بين اللقيط والطفل ابن الحرام وما قيل فيهم وهل ابن الحرام ملعون في الدنيا؟ أتمنى أن ألقى الجواب الكافي.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللقيط هو الطفل الذي يوجد في الشارع أو ضالا ولا يعرف نسبه، فالفرق إذًا بينه وبين ابن الزنا هو: أن اللقيط قد يكون ابن زنا، وقد لا يكون كذلك، كمن سرق من أبويه أو فقد أو غير ذلك.
وما ذكر من أن ابن الزنا ملعون في الدنيا باطل لا يصح، بل هو مخالف لقول الله تعالى: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الزمر:7] .
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 9093، 6012، 15187، 17151.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(13/14383)
أحكام الملتقط في دار الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زواج اللقيط وهل يشترط أن تكون الفتاة لقيطة أيضا أفتونا جزاكم الله خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
اللقيط وهو الولد المتروك في الشوارع مجهول الأب أو الأولياء، إذا وجد في دار الإسلام أو في بلد يغلب عليه المسلمون فهو حرٌّ مسلم في جميع أحكامه، فهو مسلم تبعاً للدار، وحرٌّ لأن الأصل في الآدميين الحرية. فالله تعالى خلق آدم وذريته أحراراً.
وعلى هذا، فإن جميع تصرفاته وعقوده لها حكم تصرفات غيره من أحرار المسلمين، بما فيها زواجه وطلاقه.. فما ذكره السائل من اشتراط زواجه من لقيطة مثله، غير صحيح ولم يقُل به أحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1423(13/14384)
تربية امرأة لطفل ما لا يصيره محرما لها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزكم الله ألف خير على هذا الموقع المميز.
امرأة تبلغ من العمر 55 سنة والديها متوفون ولا يوجد لها أخ ولا أخت وكانت متزوجة وانفصلت عن زوجها وليس لها ابناً فقامت بأخذ طفل من دار الأيتام وعمره 4 سنوات ورعته أحسن رعاية. علماً أنه لا يزال اسمه على اسم والده كما هو لم يتغير.
سوالي هو: عندما يبلغ الطفل سن البلوغ هل يصح أن تنكشف أمامه وإذا أرادت أن تحج هل يكون محرم لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الطفل أجنبّي عن هذه المرأة.
فإذا بلغ، فإنه لا يجوز له أن يخلو بها، أو ينظر إليها، أو يلمسها، أو يسافر معها كمحرم ... إلى غير ذلك من الأشياء التي لا تكون إلا للمحارم، بل يعامل معاملة غيره من الأجانب فيما يتعلق بذلك.
وكونها ربته من صغره لا يؤثر في الحكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(13/14385)
هل يعتبر اللقيط يتيما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كفالة القيط >مجهول النسب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الآمين أما بعد:
فإن كفالة اللقيط فرض كفاية، وراجع الفتوى رقم 7818 والفتوى رقم 7168
أما سؤالك عن اللقيط هل هو يتيم؟ فجوابه: أن اللقيط مجهول الأبوين حكمه حكم فاقد الأبوين من جهة اليتم، فكافله يعد كافلاً لليتيم -إن شاء الله- إلى غير ذلك من أحكام اليتيم، فهو إن لم يكن يتيماً في الحقيقة، إلا أنه يتيم حكماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1423(13/14386)
اللقيط ليس من أفراد الأسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تبنى أهل زوجي بنتا مجهولة الأبوين قبل 11 سنة بسبب الغزو العراقي كان عمرها آنذاك عاما ونصفا واستمروا في تربيتها حتى هذا اليوم وقد بلغت المحيض وأرادت أن تتحجب فهل يجوز لها خلع الحجاب من رأسها أمام عمي أبو زوجي حيث أنه رباها وكأنها بنته؟ وهل يجوز كذلك أن تخلعه أمام زوجي وإخوانه البالغين بحكم أنها تربت بينهم وكأنها أختا لهم؟ وما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه البنت أجنبية بالنسبة لكل رجال هذه الأسرة التي تربت فيها، إلاّ إذا كانت قد أرضعتها أم تلك الأسرة، أو إحدى بناتها، فإنها تكون محرما لهم من الرضاعة، وكذا تكون محرما لكل من رضعت من أمه أو أخته- ولو من الرضاعة - إذا كان الإرضاع، قد تم قبل تمام الحولين.
أما مجرد التبني والتربية، فلا يجعلان تلك الفتاة بنتا لتلك الأسرة، ولا محرما لرجالها، فلا يجوز لها أن تخلع الحجاب أمامهم، ولا أن يروا منها ما لا يحل لهم، ولا أن يخلو أحد منهم بها، ثم يجب التنبه إلى أنه إن كان القصد بالتبني أن تنتسب البنت إلى تلك الأسرة، بحيث تصير كأي فرد من أفرادها في الإرث وغيره، فإن ذلك كان عادة أهل الجاهلية، وأبطله الإسلام، ومع ذلك، فقد رغب الإسلام في احتضان وتربية اللقطاء، ولا شك أن الأجر في ذلك عظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1422(13/14387)
تربية أولاد الزنا مسئولية عامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل بابن زنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن المولود من الزنا نفس كسائر الأنفس لها حرمتها، ولا ذنب له في كونه ولد زنا، ومن هنا يحرم قتله، أو تعريضه للهلاك. ومن وجد طفلاً هكذا إما أن يضعه في ملجأ الأيتام، أو يتكفل بتربيته ورعايته ابتغاء الثواب والأجر من الله سبحانه وتعالى، أو يعطيه لمن يستطيع تربيته ورعايته حفاظاً على حرمة هذه النفس، علماً بأنه لا يجوز شرعاً أن ينسب هذا الولد لمن يربيه، أو لأبيه من الزنا، وإنما ينسب لأمه، أو يختار له اسم يناسب حاله، كأن يدعى: عبد الله بن عبد الرحمن، وهكذا.
كما أنه لا يستحق الإرث من أبيه من الزنا، ولا ممن يربيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(13/14388)
تربية اللقيط مستحب، لكن مع مراعاة الشروط الشرعية.
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زميلة متزوجة منذ ثلاثة عشر عاما ولم تنجب فقامت هى وزوجها بكفالة طفلة وهذه الطلفة تعيش معهم فى منزلهم منذ أن كان عمرها شهرين وهى الآن عمرها سنتين وهما يحبانها جدا كما لو كانت ابنتهما ولكن علم الزوج أن هذه الطلفة عندما تكبر سوف تكون محرمة عليه. فماذا يفعلان؟ هل يعيدا هذه الطفلةإلى الملجأ مرة أخرى أم تظل معهما وما حكم الدين فى هذا؟ مع العلم أن فكرة الاستغناء عنها غير واردة تماما وذلك لأنها عوضتهما عن حرمانهما من الأطفال. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشارع يضع مسؤولية رعاية اللقطاء وتربيتهم والعناية بهم في أعلى درجات الخطورة والأهمية، فالمسلمون كلهم آثمون إن ضيع بينهم لقيط واحد، وإن التقطه أحدهم واهتم بتربيته والنظر في شأنه ارتفع الإثم عن الجميع، ولكن هذا الترغيب في تربيته والاهتمام به لا يسوغ تبنيه واختلاق نسب بين اللقيط وبين رجل أو امرأة من الناس - مربياً كان أو غير مرب- وقد وضع الفقهاء شروطاً لإبقاء اللقيط عند ملتقطه وهي: العدالة والإسلام والرشد والإقامة. فإذا كانت هذه الشروط متوفرة في هذا الرجل وزوجته اللذين أخذا الصبية من دار اللقطاء مع شدة حبهما لها، وعدم استغنائهما عنها، وتعويضها إياهما عن حرمانهما من الأطفال فالظاهر -والله تعالى أعلم- أن لا مسوغ يبيح لهما إعادتها للملجإ مرة أخرى.
أما كونها أجنبية بالنسبة لملتقطها: فإن ذلك لا يحرم عليه العناية والرعاية والتربية، فكل ذلك مشروع، ومصدره الأخوة الإسلامية والرحم الإنساني. وإنما يحرم عليه مخالطتها، والعيش معها كابنة له أو إحدى محارمه إذا بلغت القدر الذي يحرم مخالطتها. أما الآن وهي لم تتجاوز السنتين من عمرها فيجوز لملتقطها مخالطتها والعيش معها. لأنه ليس لبدنها حكم العورة، ولا في نظره لها ولمسها معنى خوف الفتنة، هكذا قال جمهور الفقهاء، وحكى بعضهم الإجماع عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1422(13/14389)
حقوق ولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحق الطفل المولود من سفاح؟ وهل يجوز التمييز في المعاملة بينه وبين الشرعيين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فولد الزنى: هو الذي تأتي به أمه نتيجة ارتكابها الفاحشة.
والحكم فيه: ثبوت نسبه من أمه، ويرث من جهتها فقط، لأن صلته بها حقيقة مادية لا شك فيها، أما نسبه إلى الزاني فلا يثبت عند جمهور الفقهاء، ولو أقرَّ ببنوته له من الزنى، لأن النسب نعمة، فلا يترتب على الزنى الذي هو جريمة.
وهو مسلم إن ولد من أم مسلمة، له ما للمسلمين من حقوق، وعليه ما على المسلمين من واجبات، ولا يحل أن يؤاخذ بجريرة لم يقترفها، فلا يفرق بينه وبين غيره من الأولاد الشرعيين، فإن ذلك من الظلم الذي حرمه الله، والتفريق بينه وبين غيره جدير بأن يجعل من أولاد الزنا أعداءً لمجتمعاتهم، التي حملتهم ذنب غيرهم وعاقبتهم عليه، وهذا لا يقره دين ولا عقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1422(13/14390)
حكم تسجيل أبناء الأخ في الهوية الشخصية لضرورة الحصول على عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب فلسطيني متزوج منذ 8سنين ولم أرزق بطفل وأنا أريد أن أحقن مجهري، وهذه العملية تكلف مالا السؤال هو: إنني كنت أعمل داخل الخط الأخضر ومنعت من العمل بدون تصريح، وللتصريح يشترط: أن يكون عندي أولاد، هل يجوز لي أن أسجل أحد أبناء أخي في هويتي، لكي أحصل على التصريح؟ وجعلنا الله جميعا في الفردوس الأعلى مع النبي عليه الصلاة وسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العم والد، كما في الحديث الذي رواه الطبراني وحسن الهيتمي والألباني سنده، ويدل لذلك قوله تعالى في شأن أبوة إسماعيل ليعقوب: أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {البقرة:133} .
ومن المعلوم أن إسماعيل عم يعقوب وليس أبا له، وقد روى ابن أبي حاتم عن أبي العالية ومحمد بن كعب في تفسير هذه الآية أنه سمى العم أبا.
وبناء عليه فلا حرج عليك في الأمر إن أمكنك التحفظ من مخاطر التبني كضياع الأنساب أو اختلاطها ومخالطة الولد لغير محارمه وعدم تضييع الحقوق في الميراث وكان الأمر مجرد تسجيل في الأوراق يخول لك الدخول لمكان عمل منعك منه الظلمة بغير حق، ونسأل الله أن يرزقك ذرية طيبة مباركة وأن يفرج كروب المسلمين، وراجع الفتويين رقم: 45060، ورقم: 96578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(13/14391)
فرق بين التبني والإقرار بنسب مجهول النسب
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي وأبى ـ رحمة الله عليهما ـ قبل وفاتهما بـ 12عاما قاما بتبني طفلة ـ جاءت من علاقة غير شرعية ـ معروفة لنا أمها فقط، وهى متزوجة الآن من آخر ـ ليس والد الطفلة ـ وقد توفي أبي منذ 3 أشهر، علما بأنه ترك 8 ذكور والابنة المذكورة، ويعيش الآن في المنزل الأم و3 ذكور باليغين والبنت المذكورة، والسؤال الآن هو: ما حكم الدين في توريث هذه البنت؟ مع العلم بأنها الآن ابنة قانونية لأبي المتوفى، وفى حالة عدم قيد البنت في إعلام الوراثة قد يتعرض الشخص مقدم إعلام الوراثة للسجن، حسب ما نص عليه القانون المصري، أما في حالة رفع دعوى قضائية ببطلان نسب تلك البنت لأبي فقد تتعرض الأم أيضا للسجن بتهمة تزوير أوراق رسمية لاشتراكها مع أبي ـ رحمه الله ـ في عمل شهادة ميلاد للبنت المذكورة، وهل في حالة سكوتنا وقيد هذه البنت في إعلام الوراثة نكون قد اشتركنا في فعل محرم؟ وهل هناك أي شيء نستطيع أن نفعله لأبينا للتكفير عن ذنبه في التبني؟ وأخيرا أرجو إخبارنا بالحل الأمثل لهذه المشكلة.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنّ أمر الأنساب له خطورته، ولذلك فقد وضع الشرع قواعد وحدوداً تحفظ الأنساب وتصونها من العبث وحرّم الخوض في أعراض المسلمين ورميهم بالفاحشة من غير بينة وجعله من أكبر الكبائر.
أمّا عن سؤالك، فننبهك إلى أنّه لابدّ من التفريق بين التبنّي وبين الإقرار بنسب مجهول النسب، فلكلّ منهما حكمه، فالتبني قد أبطله الشرع، أمّا الإقرار بالنسب فهو صحيح ويثبت به النسب بشروط معينة.
فإذا كان أبوك قد أقرّ بنسب هذه البنت إليه، وكانت صغيرة حال الإقرار، ولم يكن لها نسب معروف قبل ذلك، فقد ثبت نسبها له، فإنّ النسب يثبت في مثل ذلك بالإقرار، قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: فإن أقرّ على نفسه مثل أن يقرّ بولد، اعتبر في ثبوت نسبه أربعة شروط، أحدها: أن يكون المُقَرُّ به مجهول النسب، فإن كان معروف النسب لم يصحّ، الثاني: أن لا ينازعه فيه منازع، الثالث: أن يمكن صدقه بأن يكون المقر به يحتمل أن يولد لمثله الرابع: أن لا يكون ممن لا قول له كالصغير والمجنون أو يصدق المُقَرُّ إن كان ذا قول وهو المكلف. اهـ
فإذا كان الأمر كذلك فلا يملك أحد إبطال نسب هذه البنت، فإنّ الأب نفسه لو كان حياً وأنكر نسبها لم يقبل قوله، فأولى ألّا يقبل قول الورثة في نفي نسبها، قال ابن قدامة: لأن الأب لو عاد فجحد النسب لم يقبل منه.
ففي هذه الحالة هذه البنت أخت لكم ترث معكم وتحرم عليكم، ويجب عليكم قيد اسمها في إعلان الوراثة، لكن مع ذلك من كان منكم يعلم أو يغلب على ظنه بطلان نسبها من أبيكم، فعليه أن يحتاط ويعاملها كالأجنبية.
أمّا إذا كان أبوك قد تبنّى هذه البنت، ولم يقرّ بنسبها إليه، أو كان لها نسب ثابت من غيره قبل ذلك، فقد ارتكب الأب محرمّا كبيراً، وانظر في بيان حرّمة التبنّي وعدم ثبوت الإرث به الفتوى رقم: 119119.
لكن إبطال حقها الآن في النسب وكذا حظها من التركة يحتاج إلى نظر القاضي الشرعي، ولذا يتعين رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية للنظر فيه، فمسائل النزاع قول القاضي الشرعي رافع للخلاف فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(13/14392)
أب يريد دفع ابنه لغيره ليتبناه مقابل مال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعطي ابني ليتبنى- أنا فقير- مقابل مال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني محرم شرعا بنص كتاب الله تعالى كما سبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 32554. وعلى هذا فلا يجوز لك السماح لأحد بتبني ابنك سواء مقابل عائد مادي أم لا، مع أن قبول ذلك مقابل عائد مادي أعظم إثما وأقبح وأشنع، وفيه شبه شديد ببيع الحر وأخذ ثمنه، ولا يخفى أن من باع حرا وأخذ ثمنه فهو معرض لعذاب الله ومقته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره. رواه البخاري وغيره.
وإن كان هنالك من يريد أن يرعى ابنك ويحسن إليه، وكان ممن يؤتمن عليه من قريب أو نحوه، فلا حرج في دفعه إليه – من غير أن يتبناه - إن كان هذا الابن لا يتضرر من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1430(13/14393)
كفالة مجهولي النسب جائزة أما تبنيهم فحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي سيدة لا تنجب، وقامت بكفالة طفل مجهول النسب، وقامت بتسميته وإعطائه لقب أسرة زوجها، وقد بلغ عمر الطفل الآن 7سنوات، علما بأن زوج أختي لا يقيم معها إلا يوما أو يومين على الأكثر نظرا لظروف عمله كل أسبوع، ونظرا لأن أختي سيدة عاملة ومشغولة جدا طوال اليوم تترك هذا الطفل عادة في الشارع لفترات طويلة مما أدى إلي سوء حالة الطفل جدا وسوء أخلاقه، وفشله في التعليم، وظروف عائلتنا لا تسمح لنا برعايته بدلا من أختي، فنصحناها أن تعيده إلي الدار التي أحضرته منها وتكفله هناك إلا أنها ترفض بشدة.
فما موقف أختي شرعا وهل تأثم بذلك؟ وهل يجوز أن نناديها بأم فلان اسم الطفل؟ وهل إقامته معها بمفردها جائز شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفالة الأيتام ومجهولي النسب- ممن فقدوا الراعي والأسرة- من أعمال البر التي يتقرب بها إلى الله جل وعلا، وهذا مما يدخل تحت قوله سبحانه: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. {الحج:77} . وقد بينا هذا في الفتويين: 3152، 7818.
ولكن هذا شيء والتبني شيء آخر، فإن تبني الطفل بحيث يدعى إلى غير أبيه حرام لا خلاف في حرمته؛ لأن الله سبحانه قد أبطل ذلك وحرمه، فقال سبحانه: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ. {الأحزاب: 5} . وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتويين: 27090، 32352.
أما ما تفعله أختك من إهمال هذا الطفل وإضاعته حتى ساءت أخلاقه وفشل في تعليمه ودراسته، فهذا غير جائز، لأن المقصود من الكفالة هو الحفظ والرعاية، فإذا آل الأمر إلى عكس هذا المقصود من إضاعة الطفل وإهدار حقوقه، فهنا يدخل الأمر في نطاق المنع، والواجب على أختكم حينئذ أن ترده إلى الدار المسؤولة عن كفالة مثل هؤلاء الأطفال، وإلا وقعت في الإثم أمام الله سبحانه.
ولا يجوز لكم أن تنادوها بأم فلان لهذا الولد؛ لأن في ذلك إقرارًا لها على معصيتها ومعاونة لها على مخالفتها لأمر الله سبحانه في نسب هذا الطفل إلى غير أبيه، وقد نهى الله سبحانه عن التعاون على المعصية بقوله سبحانه: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة: 2} .
أما إقامة هذا الطفل معها وخلوته بها فلا حرج في ذلك، لأنه في -هذه السن- لم يبلغ الحلم ولم يقاربه، فإذا قارب البلوغ ووصل إلى سن المراهقة فهنا يمنع من الخلوة بها، وتمنع من الظهور أمامه بلا حجاب شأنه شأن البالغ الأجنبي عنها.
قال النووي رحمه الله في المنهاج: المراهق كالبالغ. انتهى. جاء في شرح البهجة الوردية: (لا مراهق) لظهوره على عوراتهن فيلزم الولي منعه من النظر إليهن كما يلزمه أن يمنعه الزنا وسائر المحرمات، ويلزمهن الاحتجاب منه كما يلزمهن الاحتجاب من المجنون. انتهى.
ولكن يستثنى من ذلك ما إذا كانت أرضعته من يصير بإرضاعها محرما لأختكم كأختها، أو زوجة أخيها، فإنه يجوز له حينئذ الإقامة معها لأنه صارت من محارمه بسبب الرضاع بشرط أن يكون الإرضاع قد تم في الحولين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(13/14394)
حكم تبني المرأة طفلا ونسبته إلى زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تبنيت طفلا عند زيدته، المشكل هو أن زوجي كتبه في الحالة المدنية لأننا لم نأخذه عن طرق الدولة؛ لأن أبا الطفل هو الذي سلمه لي، وصعب علي أن أنجز له أوراقا قانونية؛ لأنني خفت من أبيه أن يفعل به أبوه شيئا مثل قتله أو يرمونه في أي مكان؛ لأنه غير شرعي، لهذا صعب علي أن أرتب له أوراقه القانونية، تبنيت هذا الطفل لأني كنت بحاجة لهذا لأني فقدت ابنتي في حادثة سير، إن هذا الطفل دلي أمل في حياتي وهو الآن عمره سبع سنين بعد الحادثة السير كنت أنزف مدة ثمانية أشهر، وذهبت عند أشهر الأطباء قالوا لي بأنها صدمة من جراء الحادث، ولما أتى به جوجي من بعد أسبوع ذهب النزيف، إنه روحي التي أتنفس بها، مع العلم بأني لي اطفل. أرجوكم ساعدوني في فتواكم لأني لا أريد أن أكون مذنبة مع الله. ليس هناك حل إلا أن نعمل له أوراقا قانونية وإن لم أعمل له هذه الأوراق كيف أثبت له هويته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح ولكنا نقول في ضوء فهمنا منه:
إن الإسلام حرم التبني الذي كان شائعاً في الجاهلية، وأمر بنسبة الولد إلى أبيه، قال الله تعالى: مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:4-5} .
وتحريم التبني يشترك فيه الرجال والنساء، فإن التبني من المرأة يلزم منه توريث أو إرث من ليس وارثاً ولا مورثاً شرعاً، وتترتب عليه المحرمية لغير المحارم بالإضافة إلى الكذب المترتب على ذلك، ويزداد الإثم ويفظع إن نسبته المرأة المذكورة لزوجها أو ألحقته بعائلتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الجنة. رواه النسائي وأبو داود.
وعليه فإنا نقول: لا بأس أن يظل هذا الطفل معك وفي رعايتك، ما دام هذا برضا وليه بشرط أن تراعي الأحكام السابقة، فلا ينسب لغير أبيه، ولا يحجب عنه إذا أراده، فإذا بلغ أو قارب البلوغ فلا بد من الاحتجاب منه ما لم يكن قد رضع منك الرضاعة المحرمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(13/14395)
حكم الانتساب لغير الأب ووراثة مال الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم مغترب أعيش في ألمانيا، عندما أتيت إلى ألمانيا قبل 15عاما كنت بحاجة للمال والإقامة فوافقت أن تتبناني عائلة ألمانية نصرانية فحملت اسمها وأخذت الإقامة، وأعانونى ماديا، الآن هداني الله سبحانه وتعالى وعلمت أن عملي كله من الأول كان لا يجوز، الآن الرجل الذي تبناني مات ولم تبق إلا زوجته وهي ما زالت تعتبرني ابنها وهي تريد أن تورثني جميع أموالها، فهل يجوز لي هذا؟ ثم إن كان ذلك لا يجوز هل يجوز أخذه كهدية؟ وهل إن كان ذلك يجوز هل أستخدمها أم أتصدق بها؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا؟ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للإنسان أن ينتسب إلى غير أبيه لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ. {الأحزاب:5} .
ولما ثبت في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام.
وقد روى الشيخان- أيضا ـ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر.
وقد روى أيضا من حديث علي رضي الله عنه وفيه: ومن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى مما وقعت فيه من انتسابك إلى غير أبيك، وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم: 1130.
وأما إرثك لمال تلك المرأة فلا يصح إذ لاعلاقة بينك وبينها، لكن لوأهدته إليك كله فلاحرج عليك في قبوله، وتموله، والانتفاع به، كما تصح وصيتها لك.
قال ابن قدامة: وأما وصية الكافر إلى المسلم فتصح إلا أن تكون تركته خمرا أو خنزيرا.
وقال المرداوي في الإنصاف: وكذا تصح وصية الكافر مطلقا.
وإن أوصت لك بأكثر من الثلث نفذت في الثلث ووقف الباقي على إجازة ورثتها إن كان لها ورثة، فإن أمضوا وصيتها ولو بجميع مالها مضت.
قال ابن قدامة في المغني: ولو أوصى -أي الكافر-لوارثه، أولأجنبي بأكثر من ثلثه وقف على إجازة الورثة كالمسلم سواء. انتهى.
وإذا تم لك ذلك فينبغي أن تتصدق منه وتنفق في أبواب الخير وسبل البر، وللفائدة انظر الفتوي رقم: 56357.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(13/14396)
نسب أبوهم ابن زوجته لنفسه فأخرجوه من نسب أبيهم بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالد يرحمه الله تزوج من امرأة من جنسية لبنانية، والمرأة كانت متزوجة من شخص آخر من جنسيتها ومعها طفل منه، وعندما تزوجها الوالد كان عمر الطفل حوالي الأربع سنوات، فأضافه الوالد باسمه وأخذ الجنسية السعودية وصار رجلا في الخمسين من عمره، وعندما توفي الوالد قمنا بإخراجه من اسم العائلة واسم الوالد، والوالد كان كتب وصية بمراعاته ومراعاة شعوره ولم يرث من الوالد فصارت لنا مشاكل مع إخوانه من الأم هم إخواننا من الأب، وبعض العائلة تعاطفوا معه لكونه صارت عليه مشاكل من هذا التغيير الجديد، فهل الذي فعلناه بإخراجه من اسم الوالد صحيح أم غير صحيح؟ ولو لم يخرج فهل على الوالد ذنب، وهل الآن الذنب قد أزيل عن الوالد؟ أرجو منكم إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإخراجكم إياه من اسم العائلة ونسبته إلى أبيه الحقيقي صحيح، بل يجب عليكم ذلك شرعا لقول الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ {الأحزاب:5} .
وقوله صلى الله عليه وسلم: من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. رواه البخاري.
وليس له حق في الميراث لكن إن كان الأب أوصى له بشيء فيجب دفعه إليه من الثلث، وإن لم يكن أوصى له فينبغي تطييب خاطره بالرضخ له. لقول تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا {النساء:8} .
قال القرطبي: والصحيح أن هذا على الندب لأنه لو كان فرضا لكان استحقاقا في التركة ومشاركة في الميراث.
واستغفروا لأبيكم من ذلك الفعل ونرجو أن يكون في تغييركم لهذا الخطأ وتصحيحكم له بر لوالدكم بعد موته إذ لو بقي الحال على ما هو عليه وترتب على ذلك حصول منكر للحق الوالد بعض الإثم، لكن ننصحكم بالحكمة واللين والقول الجميل معه، ومع إخوانكم من أبيكم الذين هم إخوة له وبيان الحق لهم..
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49144، 58889، 105408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(13/14397)
مجرد الكفالة والتبني لا تثبت بها محرمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أقول أنا لست عربيا سؤال: إذا شخص كفل بنتا عمرها 12 سنة، وله أيضا ابن، هل تكون له محرما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علاقة بين من تبنى بنتا وكفلها بالنفقة والرعاية، وهي أجنبية عنه وعن أبنائه إلا أن يكون بينهم محرمية من رضاع، أو نسب. وأما مجرد الكفالة والتبني فلا تثبت بها محرمية.
وعلى فرض عدم وجود نسب أو رضاع يثبت المحرمية لمن كفلها، فينبغي أن يزوجها لابنه ليكون محرما لها؛ وإلا فهي أجنبية عنه وعن ابنه.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 9544، 9441.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(13/14398)
عم أبيه تبناه وهو صغير ونسبه إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود عرض مشكلتي وأتمنى أن تفتوني في حلّّها. توفيت والدتي وعمري 3 أيام، سبب ذلك صدمة لوالدي فأهملني ولم يعتن بي أحد عمتي أو خالتي، فأخذني عم أبي وزوجته وربياني حتى بلغت 3 سنوات اضطروا للسفر خارج البلد، ولتعلقهم بي اتفقوا مع أبي على تسجيلي في النفوس باسم عم أبي ليتمكنوا من أخذي معهم. علمت بهذا كله وعمري 11سنه فكانت صدمة لي. أنا الآن خريج جامعة وموظف ومازلت باسم أبي بالتبني. حاولت ومنذ بلغت 17 سنة أن أقنع أبي بالتبني أن أغير شهادة ميلادي لكن لم أستطع لخوفي عليه لعلمي أن هذا الموضوع يؤثر عليه جدا وعلى صحته بسبب تعلقه الشديد بي إذ إنه وزوجته اعتنوا بي وربوني وصرفوا علي أكثر حتى من أبنائهم، ولا أذكر في يوم رفض لي طلبا، وأنا متعلق به جدا، ولهذا هو يخاف جدا أن أتركه أو أخرج من حياته. في نفس الوقت فإني لم ألحظ من أبي أي عطف أو حنان أو أي اهتمام منذ ولادتي إلى الآن. محاولتي لتغيير شهادة الميلاد سببها مخافة الله فقط وليس بسبب الإرث أو غيره (علما أن أبي الحقيقي غني جدا وليس لي إلا أخت واحدة، وحتى أنا على استعداد للتنازل عن الإرث وخاصة أن أبي الحقيقي تخلى عني ولم يبد لي أي اهتمام وأنا طفل حديث الولادة وإلى الآن. إ ن حياتي كانت سلسلة من التعب النفسي. إذا لم أغير شهادة ميلادي فهل هذا إثم؟ وأنا لا أريد ذلك لي ولا لمن رباني، وتعب علي سنين حياتي كلها ولا أريده أن يعتقد أو حتى يتخيل أني ناكر للجميل..والله إني أتمنى من كل قلبي لو أن أبي بالتبني هو أبي الحقيقي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قام به عم والدك من إضافة نسبك له، وتبنيه لك يعد من الكذب، والكذب لا يجوز إلا في حالات خاصة، وليست هذه الحالة منها، هذا مع ما فيه من انتسابك لغير أبيك، وكل ذلك حرام، ما لم يصل الأمر إلى حد الضرورة. أما لو وصل الأمر إلى حد الضرورة بحيث إنه اضطر لذلك لأخذك معه في السفر ولو لم يفعل لحقك الضياع والتلف، فإنه لا حرج عليه حينئذ فيما فعل، بل هو مأجور عليه إن شاء الله، وله ثواب إنقاذ النفس. والله سبحانه وتعالى يقول: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا {المائدة: 32} .
وحيث أبيح هذا التبني والكذب المترتب عليه من أجل الضرورة فبمجرد زوالها - أي: الضرورة - يجب إرجاع الأمور إلى حقائقها بردك إلى أبيك الحقيقي وانتسابك إليه، ومحوك من أوراق المتبني، ولو أدى ذلك إلى خروجك من بلد الإقامة، لأن من القواعد المسلمة أن ما جاز لعذر بطل لزواله.
وينبغي المبادرة لذلك فورا، فقد ورد في الشرع النهي عن انتساب الولد لغير أبيه، وتقرر في علم الأصول أن النهي يدل على الفور. وأيضا فإنه قد تموت هذه الطبقة الموجودة حالياً، ويبقى الأولاد والحفدة، فلا يعرفون إلا ما هو مرسوم في الأوراق، فتختلط بذلك الأنساب وتضيع. وكل أمر يؤدي إلى ضياع الأنساب فهو محرم، للإجماع على وجوب حفظها، فالحاصل أنه يجب عليك فورا تغيير أوراقك الرسمية من اسم هذا الرجل إلى أبيك، وعليك أن تعلم عم والدك أن هذا هو الحكم الشرعي، وأنك لم تفعل هذا نكرانا لجميله، ولا استخفافا بإحسانه بل فعلته امتثالا لأمر الله سبحانه وحقه، وحقوق الله وأوامره لا تقبل المجاملة والمداهنة، وننبهك على أن زوجة هذا الرجل ليست من محارمك. وبالتالي فلا يجوز لك الخلوة بها ولا رؤيتها إلا وهي في حجابها الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(13/14399)
حكم الزواج من امرأة حامل ونسبة ولدها إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من امرأة وهي ثيب وكانت حاملا في 3 أشهر وسجل الولد باسمي بعد مرور 6 أشهر وذلك لوجود إكراه مادي لي بعمل محضر اغتصاب والآن تطالبني بنفقة للولد ولها. هل يجوز أن أعطيهم نفقة وهل يجوز لي فسخ العقد ونفي نسب الولد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الحمل قد سبق زواجك منها فلا علاقة بينك وبينه، ولا تلزمك نفقته، ويجب عليك التبرؤ منه وعدم إدخاله إلى نسبك، وأما أمه فتلزمك نفقتها لكونها زوجة لك مراعاة لمن يقول من أهل العلم بصحة نكاح الحامل من الزنى، وهم الشافعية والحنفية، وقد بينا كلام أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 73265.
ولك أن تطلق هذه المرأة إذا كنت لا ترغب فيها، وإن كان الأولى أن تمسكها إن أمكن استمرار الحياة معها وإصلاحها.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50045، 22478، 60666، 4115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(13/14400)
يبطل التبني، حتى لا يستمر إثمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى شيوخنا الكرام، أنا عندي سؤال لزوجتي تبناها جدها أعطاها اسمه العائلي وهي تقول جاءها في المنام كأنه مغضب لأجلها لأنه كان يريد أن يقول لها من هو أبوها ولكن لم يستطع حتى مات، وهي تقول إني غفرت له بإذن الله فماذا أفعل لكي يغفر له الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الجد جدا من الأب فالانتساب إليه صحيح، وإن كان الجد جدا من جهة الأم كما هو الأظهر، فإن كان كذلك فما كان يجوز له أن ينسب زوجتك لنفسه، وهذا من التبني المحرم شرعا، وقد سبق بيان حكم التبني في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7167، 27090، 48593.
ولا يجوز لزوجتك أن تنتسب له، ولا وزر عليها فيما فعله جدها قبل علمها بالحكم الشرعي للتبني، فإذا علمت فإنه يجب عليها قطع انتسابها إليه. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 2423، 18041.
وهذا الذي رأته زوجتك في المنام يحتمل أن يكون تفسيره تأسف هذا الجد على مخالفته للشرع بهذا التبني، فأول ما يمكن فعله تجاه هذا الجد أن يُبطَل هذا التبني، حتى لا يستمر إثمه، وبعد ذلك فينبغي لكم الاجتهاد في الاستغفار والدعاء له، والصدقة والحج والعمرة عنه، إن تيسر ذلك.
ثم ننبه على أن اسم الأب الذي كان الجد يريد أن يخبر به قبل وفاته إن كان أبا شرعيا وعلمتموه فلا بد من الانتساب إليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار. متفق عليهما.
وأما إن كان أبا غير شرعي فلا تجوز نسبة الولد إليه، فإن المولود من علاقة غير شرعية إنما ينسب لأمه فقط، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 21630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1430(13/14401)
حكم تبني المرأة طفلا وإعطائها لقبها له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تبني امرأة غنية لابن أو لإنسان وتعطي له لقبها أو ما يسمى بسفيرة النوايا الحسنة لحماية الإنسان؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الإسلام التبني الذي كان شائعاً في الجاهلية، وأمر بنسبة الولد إلى أبيه، قال الله تعالى: مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:4-5} ، وكما حرم الإسلام التبني على الرجال فالظاهر أن مثلهم النساء لما يستلزمه ذلك من توريث أو إرث من ليس وارثاً ولا مورثاً شرعاً، والمحرمية حسب هذا التبني لغير المحارم بالإضافة إلى الكذب المترتب على ذلك، ويزادد الإثم ويفظع إن نسبته المرأة المذكورة لزوجها أو ألحقته بعائلتها فقد قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الجنة. رواه النسائي وأبو داود.
وليس معنى ذلك أن يترك اللقطاء واليتامى بلا رعاية، وإنما الممنوع نسبتهم لغير آبائهم وأمهاتهم، أما رعايتهم فقد حض الشرع عليها ورغب فيها ووعد عليها بالأجر الكبير والفضل العظيم، فعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. رواه البخاري والترمذي.
وليس من شك في أن اللقيط أحوج إلى الكفالة من اليتيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(13/14402)
حكم التبني لغرض الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت مسلمة بريطانية تريد تبني ابن أختها جزائرية مسلمة بغرض الدراسة في بريطانيا، ما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأخت المقيمة في بريطانيا تبني ابن أختها لما في ذلك من الكذب من غير ضرورة ملجئة إليه إضافة إلى ما يترتب على هذا الأمر من مفاسد كاختلاط الأنساب وضياع الحقوق، فقد تموت السيدة التي تبنت ابن أختها ويبقى هذا الابن ملحقا بها، وهي في دولة كافرة لا تعترف إلا بما هو موجود في الأوراق الرسمية لديها فيترتب على ذلك بعض المفاسد كالإرث وخلوة ذلك الابن ببنات خالته إن وجدن وكن بالغات أجنبيات منه واعتباره من أبناء خالته التي تبنته.
والدراسة في بلاد الكفر ليست مباحة في كل الظروف وأحرى أن تكون ضرورة شرعية مبيحة للتبني، فهي تشتمل على محاذير ومفاسد كثيرة، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9619، 109722، 20969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(13/14403)
التنبي بمعنى الكفالة والرعاية والتربية مرغب فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكلة أرجو أن تنصحني في حلها، لي ابن منسوب لغير أبيه، أبوه الحقيقي موجود لكنه لا يريده وزوجي سجله باسمه فهل هذا حلال أم حرام.
أخي في الله هذا الرسالة أتتني من خارج المملكة عن طريق أحد مواقعي يطلب المساعدة أتمني تقديم النصح لهذه الأخت وإرسال النصيحة، أنا أعلم أنه لا يجوز لكن أريد إرسال شيء مثبت لها، جزك الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني الذي معناه نسبة المولود إلى غير أبيه محرم في الإسلام؛ لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ {الأحزاب:5} ، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 60528.
أما التنبي بمعنى الكفالة والرعاية والتربية فهذا مطلوب بل ومرغب فيه، ولذلك على هذا الأخت أن تسجل الولد باسم أبيه الحقيقي ولو كان لا يريده، ولزوجها الأجر في تربيته وكفالته، ولا يجوز أن يدعى إلى غير أبيه بحال.
وتراجع الفتوى رقم: 62765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(13/14404)
ولد الزنا هل يمكن نسبته لزوج الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[طفلة 12 سنة دنمركية لأم دنمركية قد أسلمت منذ 10 سنوات، الطفلة تحمل اسم الأم وليس لدى الطفلة هوية تثبت ديانتها. الأم ترغب في أن تحمل ابنتها اسم الزوج الحالي، هل يجوز عند اعتناق الإسلام حمل اسم إسلامي كامل بما في ذلك تغيير اسم العائلة مع وضع الضمانات التي لا تجيز الإرث من العائلة التي تمنح الاسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطفل الذي له والد شرعي معروف لا يجوز أن ينسب إلى غير أبيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم فليتبؤا مقعده من النار.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام. متفق عليهما.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه. رواه البخاري.
وإن كان ولد زنا فلا يجوز أن ينسب إلى عائلة معينة أو لرجل معين حتى وإن كان زوج أمه، لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب: 5} .
قال السعدي: فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ أي إخوتكم في دين الله ومواليكم في ذلك فادعوهم بالأخوة الإيمانية الصادقة والموالاة على ذلك فترك الدعوة إلى من تبناهم حتم، لا يجوز فعلها. انتهى.
وأيضا فالراجح الذي عليه جمهور أهل العلم أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه ولا ينسب إليه وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 101965، فلا بد في نسبة ولد الزنا أن تكون لاسم عام مجهول لا يلحقه بعائلة معينة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5036، وفي خصوص تغيير الاسم الخاص بالنسبة لمن اعتنق الاسلام فيمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 26514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1429(13/14405)
حكم نسبة الزوج ابن زوجته إلى نفسه في جواز السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من امرأة أمريكية الجنسية مسلمة ولديها طفل يبلغ من العمر 9 سنوات وأنا الآن أقيم في المملكة العربية السعودية وأحمل الجنسية الهندية، والآن أنا أريد أن أستدعي زوجتي إلى السعودية وطفلها حتى يتم تعليم الأم والطفل أمور الإسلام وتعلم اللغة العربية، لكن أنا أريد أن أستدعي الطفل مع أمه، لكن اسم أب الطفل مختلف، حتى يسهل استدعاء الطفل يجب تغيير اسم والده إلى اسمي، فهل يجوز أن أعطيه اسمي بدلا من اسم أبيه الأول، وأتبنى الطفل كأنه ولدي حتى لا يتم التفرقة في المستقبل بين أطفالي معه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني محرم في الشريعة، قال تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:5} ، فلا يجوز لك تبنيه لما يؤدي له ذلك من ضياع الأنساب واختلاطها، ولكن إذا خيف على هذا الولد من الضياع ولم توجد وسيلة يدفع بها ذلك إلا أن ينسب إليك في جواز السفر فقط لتيسير دخوله إلى بلد الإسلام ولحفظه ولتعليمه الدين، وكنتم مع ذلك تأمنون من وقوع ما يترتب على التبني من المحاذير الشرعية كاختلاط الأنساب وضياع الحقوق، فنقول إذا كان الحال على هذا النحو وبهذه الشروط والضوابط فلا حرج في أن ينسب إليك في الأوراق فقط، ويجب عليك حينئذ أن تتخذ من الأسباب ما تبقى به الحقيقة معروفة مثبتة لدى أهلك وجيرانك، كأن تشهد عدولاً على ذلك شهادة مكتوبة أو نحو ذلك، فإذا دخل بلاد الإسلام ينسب إلى أبيه لزوال الضرورة، ومخاطبته أسرياً واجتماعياً فتكون على وفق الحقيقة، وراجع الفتوى رقم: 9619، والفتوى رقم: 45060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(13/14406)
حكم تبني الأب ولد ابنته من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في معرفة ما هو حكم من ستر علي ابنته وقد أتت بفاحشة وزنت ونتيجة لفعلتها أنجبت مولودا وقد دبر هو أمرا حتى أظهر بأن المولود ولده هو من زوجته وليس ابن ابنته. مع العلم بأنها تابت إلى ربها وندمت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئ هذه الفتاة أولا على التوبة، وننصحها وننصح وليها بالحذر من التهاون في كل أمر قد يؤدي بها إلى الوقوع في الفاحشة مرة أخرى، كالتبرج والاختلاط المحرم والخلوة ونحو ذلك.
وقد أحسن أبوها بالستر عليها، فإن الستر عليها واجب، ولكنه أخطأ من جهة تبنيه لهذا المولود، فإن هذا المولود ابن زنا ينسب إلى أمه، وهو يرثها وترثه. وأما هذا التبني فبالإضافة إلى كونه محرما فإنه يترتب عليه بعض المفاسد كاختلاط الحقوق من الميراث ونحوه.
وعلى هذا فيجب رد الأمر إلى حقيقته متى ما أمكن ذلك وإن تعذر فعل ذلك من غير مفاسد أكبر، فيمكن إبقاء الأمر على حاله وكتابة وثيقة يؤمن معها ضياع الحقوق وحصول الالتباس كما بينا بالفتوى رقم: 51111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(13/14407)
مسائل حول التبني
[السُّؤَالُ]
ـ[طفل تبنته عائلة وأحسنوا تربيته وعندما كبر قليلاً عرف أنه متبنى من الآخرين، ما حكم من عرف وكتم ذلك، وهل عقوق الوالدين الذين تبنوه يعتبر من عقوق الوالدين الحقيقي، وما حكم تبنيهم له، وما حكم الأم الحقيقية في الشرع بما أنها كانت مريضة بمرض معدي وسوء حالتها الصحية والمادية فلم تستطع تربيته وليس لها أهل في تلك المدينة وأعطت الطفل لأعز أصدقائها وهو يبلغ من العمر شهرين وصار ابنهم من الرضاعة وربوه، والآن تزوج وهو يحمل اسم الوالد المتبني ووالده الحقيقي لم يستطع تربيته بسبب معارضة الجد معارضة جد الطفل الذي يكون والده وأنه إذا ضم الطفل باسمه ورباه فإنه سيتبرأ منه ولم يستطع تربية ولده بحكم أن أمه الحقيقية أجنبية وهو سعودي من عائلة وزواجهم كان صحيحا والآن توفي الجد والوالد له وهو صغير الحقيقية والأم رجعت منذ زمن للعلاج في بلدها ولأن قد شفيت من مرضها بعد 22 سنة فما حكمها، وهل عقوقها محرم وما هي الأمور الواجب أن يفعلها الطفل بعدما كبر وبلغ سن الرشد وتزوج، مع أنه يعرف شخصا من العائلة الحقيقية وهو يكون له ابن ابن عمه وهو لا يعلم صلة القرابة التي بينهما فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذا الرجل أن يغير المنكر وينتسب لأبيه الحقيقي، والأسرة الذين تبنوه قد أحسنوا من حيث إنهم ربوه ورعوه حيث كان في أمس الحاجة إلى ذلك، ولكنهم أخطؤوا في تبنيه ونسبته إليهم فعليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وينسبوه إلى أهله.
وأما هل بر الأسرة المتبنية كبر الوالدين، فالجواب أنه لا يجب لهم من البر مثل ما للوالدين الحقيقيين ولكن لهم حق كبير عليه فليكافئهم بالإحسان إليهم ومودتهم وصلتهم، ولا يعتبر عقوقهم أو الإساءة إليهم كعقوق الوالدين، لكن ذلك ينافي رد الجميل ومجازاة الإحسان بالإحسان وهو من كفران العشير.
وعليه أن يصل أمه وينتسب لأبيه ويعلن ذلك ليعلم قرابته ورحمه ويستغفر لأبيه مما فعل به ويترحم عليه لعل الله يغفر له ذنبه وتقبل شفاعته فيه.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58889، 70286، 108387.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(13/14408)
حرمة التبني ووجوب نسبة المتبنى إلى أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم التبني لأن زوجي لما طلق امرأته الأولى أخذ بنتها وسجلها باسمه والآن البنت عمرها 13 سنة وما تعرف أي شي عن أبيها لأن زوجي هو الذي رباها منذ كان عمرها 3 شهور وإخوانها يعاملونها على أنها بنت أخيهم يعني يسلمون عليها وما تتحجب قدامهم وأريد أن أعرف ما الحكم وما الذي ينبغي ان يعمله زوجي؟ (مع العلم أنانعيش في أميركا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا بعض ملابسات هذه المسألة من حيث حقيقة علاقة الرجل بتلك المرأة السابقة، وهل ولدت تلك البنت وهي زوجة له أم لا؟ كل ذلك تترتب عليه بعض الأحكام، وعلى العموم فإننا نقول إن التبني قد أبطله الله بقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ. {الأحزاب: 5} .
وراجعي في حكم التبني الفتوى رقم: 32352.
وعلى زوجك أن يتوب إلى الله إن كان أقدم على هذا الأمر عالما بحرمته، فإن لم يكن يعلم بالحرمة فليس عليه إثم.
وعلى كل حال يجب عليه أن يلغي هذا التبني، وأن تنسب الفتاة إلى أبيها إن كان معروفا اسمه، وإن لم يكن اسمه معروفا فتنسب إلى اسم عام كفلانة بنت عبد الله أو عبد الرحمن ونحو ذلك.
وعليها بعد البلوغ أن تعامل إخوة زوجك على أنهم أجانب، وأما زوجك فهو محرم لها بزواجه بأمها، إذا كان قد دخل بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(13/14409)
التبني وحكم توريث المتبنى
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة لم تنجب أولادا، وبعد بحث طويل تبنت طفلا من المستشفى غ ير شرعي وتبنته وأعطته اسم زوجها رغم معرفتها بأن هذا حرام ورغم رفض أهلها لهذا العمل لكن.. وهي الأن نادمة على هذا العمل وتريد الرجوع عنه، وبعد وفاة زوجها تحاول أن تورث هذا الطفل المتبنى الذي أصبح شابا اليوم الشقة التي تمتلكها بحجة أن ليس لها من يرثها، الوالدان توفيا منذ زمن ولها أخوات يرفضن هذا العمل بحجة أن الابن ليس له الحق في الشقة وهم أولى والجميع مع هذا الرأي لكن هي مصممة بحجة أن هذا الشاب ليس له في الدنيا غيرها مع أننا بدأنا نسمع عن ظهور الوالدين الشرعيين لهذا الشاب..الرجاء يا شيخنا أن تبين لنا رأي الشرع في هذه المسألة وكيفية إقناع هذه المرأة حتى لاترتكب خطأ آخر في حياتها..ولكم جزيل الشكر والاحترام..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن التبني بمعناه القانوني اليوم محرم في الشريعة الإسلامية ومخالف لصريح القرآن القائل: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ {الأحزاب:4} .
وقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5} .
وأما مجرد الكفالة والتربية مع احتفاظ المكفول بنسبه وما يترتب على ذلك فهذا لا مانع منه وقد يثاب فاعله ثوابا كثيرا.
وبناء على هذا فما فعلته قريبة السائلة ينظر إن كان تبنيا بالمعنى الأول فإنها قد ارتكبت إثما عظيما والواجب عليها التوبة إلى الله عز وجل وإصلاح ما ترتب على فعلها ذلك.
وبالنسبة لقولها أنه لا وارث لها فهذا لو صح فإنه لا يعتبر حجة لتوريث شخص غير وارث ومع ذلك غير صحيح لأن الأخوات يرثن بنص الكتاب والسنة.
وأما هذا الشاب الذي تبنته فليس وارثا لها قطعا ولا بأس أن توصي له بشيء في حدود الثلث من تركتها وما فوق ذلك فلا ينفذ إلا برضى الورثة الشرعيين لها.
وننبه إلى وجوب معاملة هذه المرأة لذلك الشاب كأجنبي عنها في النظر والخلوة وغير ذلك ما لم تكن أرضعته رضعات محرمة أو أرضعه من يجلب لها لبنه التحريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(13/14410)
تبنى أبوهم طفلة ويريد أن يزوجها على أنها ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والدي منذ 22 سنة لقي بنتا على باب الجامع وفضل هذه البنت علينا، المهم أبي متزوج من اثنتين وأخواتي من أبي كبار يعني بعمر أمي وأخي الكبير عمره 45 سنة ويرفضون أن يقول لها أحد إنها لقيطة، اوقد جاء لهذه البنت عريس وستتزوج ولا أحد راض أن يقول لها إنها لقيطة، ف على أي أساس سيتزوجها، علما أن البنت لا تعرف أنها لقيطة، تعرف أنها هي من أبي ومن زوجة أبي.. ف هي على اسمنا وقد تبناها أبي، أنا بصراحة أخاف من الحرمة، وفي نفس الوقت مغتاظة من أن أبي وإخوتي يفضلونها علي وعلى أخواتي وعلى أمي، فأ رجو الإفادة بسرعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني محرم شرعاً بحكم الله الحق لما يترتب عليه من أحكام لا يجوز أن تكون إلا للابن بالنسب كالتوارث والمحرمية وغيرها من أحكام البنوة والنسب، وبناء عليه فالواجب على أبيك إخبار تلك البنت بحالها وأنها ليست من صلبه وإنما أراد الإحسان إليها، ويعلم الجميع بذلك لئلا تنسب إليه ويختلط بها أبناؤه وهي أجنبية عليهم ما لم تكن محرماً لهم من الرضاعة، كما أن تزويجها على أنها ابنة الرجل غش وخداع للزوج.
فعليك بيان كل ذلك لأبيك وإخوتك لأنه من تغيير المنكر، وإن لم تستطيعي ذلك فيمكنك تسليط بعض أهل الصلاح والفضل على والدك وإخوتك لبينوا لهم حرمة التبني وما يترتب عليه من أحكام مخالفة للشرع، وليكن ذلك بأسلوب لا يفهم منه كونك من دلهم عليهم لئلا يعرضك ذلك لعقوبة أوضرر.
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34980، 7818، 9544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(13/14411)
حكم إقامة البنت في بيت عمها معتقدة أنه أبوها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد منكم استيضاحا حول عدة مسائل عندي أخت من مواليد 17. 12.1994 إلي حد اليوم لا زالت تعيش مع عمي وخمسة من أولاده 2 منهم مسافران، وإلى حد هذه اللحظة لا تعرف من هو والدها أو تتجاهل بسبب حبها لزوجة عمي وأبنائها، مع العلم بأن عمي الآخر قال لعمي الأصغر يجب أن تقول لها الحقيقية، وزوجة عمي لا تريد أن تتركها فهي متعلقة بها وكذلك البنت، فأرجو الرد سريعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الله عز وجل التبني وهو أن يدعى المرء إلى غير أبيه، قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ {الأحزاب:5} ، فإذا كانت أختك تدعى إلى غير أبيها فهذا لا يجوز، لأنه من التبني المحرم، فيجب عليكم أن تدعو هذه الأخت إلى أبيها، وتخبروها بحقيقة نسبها، كما أن عليها أن تعرف ذلك، خاصة وهي قد بلغت أو قاربت سن البلوغ، لكي تتعامل مع أبناء عمها البالغين باعتبارهم أجانب عنها، وليسوا محارم لها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(13/14412)
سمح لعائلة كافرة أن تتبناه وتسمى بأسمائهم ثم تاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في ألمانيا منذ 16 سنة، قمت قبل 11 سنة بالسماح لعائلة ألمانية أن تتبناني وأصبحت في نظر القانون الألماني ألمانيا كان عمري آنذاك 27 سنة، قامت هذه العائلة بتغيير اسمي إلى اسم ألماني فأصبح اسمي توماس فالكون وأخذت الجنسية الألمانية، لم أكن آنذاك ملتزما بالدين، قبل سنة ونصف أصبحت ولله الحمد ملتزما وعندما أردت أن أرجع اسمي للمغربي رفضت الدائرة المسؤولة ذلك.
السؤال هو: هل يجوز أن أبقى باسمي الألماني هذا حتى أتمكن من العمل، مع العلم بأنني مع أصحابي اسمي علي خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما قمت به من السماح للعائلة المذكورة من تبنيها لك، ومن تغيير اسمك إلى اسم من أسماء الكفار، يعتبر خطأ كبيراً منك، لما في التبني من مفاسد كاختلاط الأنساب، وتضييع الحقوق، وتغيير الحقائق.. وغير ذلك مما هو معلوم، وقد أبطل الإسلام التبني بقول الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:5} ، وراجع في حكم التبني الفتوى رقم: 32352.
ولما في تغيير الاسم الإسلامي إلى اسم من أسماء الكفار من التشبه بغير المسلمين والميل إليهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو داود وصححه الألباني رحمه الله، والحمد لله أنك عدت إلى الالتزام، والواجب عليك الآن هو إلغاء جميع مظاهر هذا التبني كيفما كان ذلك ممكنا، كما أنه من الواجب إصلاح الاسم، وإذا لم يتيسر ذلك في الأوراق الرسمية، فنرجو أن لا يكون عليك من حرج إذا غيرته في مجال العلاقات مع الناس، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(13/14413)
ليس للمتبنى أي حق في ميراث متبنيه
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلة عويصة جداً جداً مسألة تتعلق بالجنة أو النار، أشكركم جزيل الشكر على هذا البرنامج, ويشرفني الاتصال بك فضيلة الشيخ جزاك الله كل خير ... أما بعد: أنا رجل متزوج ولي ولد, توفي أبي ورثت منه البيت بنسبة 7/8 وأمي ورثت 1/8 لأني الابن الوحيد لهذه الأسرة, قبل عام من هذا التاريخ عرفت الحقيقة بأني يتيم تبنتني هذه الأسرة, أخرجوني من ملجأ الأيتام نسبوني إليهم مع أن نسبي معروف، فضيلة الشيخ: هل يجوز لي شرعا أن أرث هذا البيت من هذا الأب الذي منحني لقبه (منتسب إليه) رغم أني لست من صلبه, إن كنت ليس لي الحق في الميراث ماذا أفعل، إن فقدت البيت أين أذهب أنا وعائلتي، فضيلة الشيخ هذا الأب لديه إخوة وأخوات، مع العلم بأنه كان في حياته دائما يقول لي هذا بيتك، أعرف أن التبني حرام لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ. ورُوِيَ فِي الصَّحِيح عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَأَبِي بَكْرَة كِلَاهُمَا قَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: مَنْ اِدَّعَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ غَيْر أَبِيهِ فَالْجَنَّة عَلَيْهِ حَرَام. وَفِي حَدِيث أَبِي ذَرّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: لَيْسَ مِنْ رَجُل ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمهُ إِلَّا كَفَرَ. بعد قراءتي لهذين الحديثين أنا جد خائف لا أعرف ماذا أفعل، فهل أكمل على هذا اللقب غير أصلي، مع العلم بأن كل المستندات والأوراق (عقد الزواج, بطاقة إثبات الهوية, شهادات الدراسة, شهادات العمل......) كلها تحت هذا اللقب (النسب غير أصلي) وأصبح كافرا وأدخل النار، كما ورد عن رسول الله في هذين الحديثين، أم أغير وأعود لنسبي الصحيح وأغير كل ما يتعلق بالمستندات والأوراق (عقد الزواج, بطاقة إثبات الهوية, شهادات الدراسة, شهادات العمل......) ، أهل الزوجة يقولون بأننا (أنا وأمي غير الحقيقية) خدعناهم؟! مع العلم بأنني والله لم أعلم بالحقيقة إلا بعد الزواج لكن الأم تعلم وتعرف أنها أخذتني من ملجأ الأيتام وهي التي دفعتني لإرث البيت، فهل زواجي صحيح، ما حكم الشريعة الإسلامية في هذان الأبوين اللذين عوضوني عن الآباء الحقيقيين، فهل من كفارة إن أخطئا، أريد الأجوبة بالتفصيل جزأكم الله كل خير.. لأنها مسألة تتعلق بالجنة أو النار، بارك الله فيك فضيلة الشيخ وجزأكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبني بالمعنى المذكور لا يجوز شرعاً -كما أشرت- ولا تترتب عليه الأحكام الشرعية للأبناء، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 9619، والفتوى رقم: 16663.
ولذلك لا يجوز لك إرث البيت المذكور ولا شيء من ممتلكات الرجل، وعليك أن تسلمها جميعاً إلى ورثته بما في ذلك البيت وذلك لما علمت، وبإمكانك أن تفاوض الورثة وتشرح لهم حالك لأن الحق حقهم والكلمة الأخيرة فيه لهم وحدهم، وإذا ثبت أن الرجل قد أوصى بشيء فإنه يكون في الثلث، وفيما يخص زواجك فإنه صحيح ولا حرج عليك فيما جرى فيه، ولكن عليك أن تدع الانتساب إلى هذا الرجل وتنتسب إلى أبيك الحقيقي ما دام معروفاً لما أشرت إليه من الأدلة الشرعية، وبخصوص المستندات فإذا استطعت تغييرها إلى الحقيقة فلا شك أن ذلك واجب سداً لذريعة الانتساب إلى غير أبيك، وإن لم تستطع فلا حرج عليك بالتعامل بها كما هي، وراجع لذلك الفتوى رقم: 7854، والفتوى رقم: 27155.
وأما الأسرة التي تبنتك فقد أحسنت من وجه تؤجر عليه وتشكر حيث آوتك وكفلتك، وأساءت من وجه حيث تبنتك، ونرجو الله تعالى أن يجعلهم من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فتاب الله عليهم وعفا عنهم، وليس عليهم كفارة محددة، وإنما عليهم التوبة والاستغفار والإكثار من أعمال الخير والطاعات، ونسأل الله تعالى التوفيق والصلاح للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1428(13/14414)
حكم إضافة بعض الأقارب في الأوراق الرسمية للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الأشخاص يسافر بعائلتة إلى الغربة ويضيف مع أبنائه إخوة أو قريبة باسم ابنة وذلك لطلب المعيشة ويكون بالوثائق الرسمية بالنسبة للقريب أو الأخ منسوب إلى صاحب العائلة بأنه أبوه مثلاً اسم الشخص الأصلي محمد حسين محمد علي يتغير اسم الأب فيصبح الأب صاحب العائلة مثلاً محمد خالد محمود أحمد فما رأي الشرع في هذا وهل هو نفس التبني، علماً بأن الشخص لا يرث من مال من أدخلة باسم ولده شيئا وإنما لطلب المعيشة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم التبني، وأنه لا يجوز شرعاً لقول الله تعالى: مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ... {الأحزاب:4-5} ، وذلك لما يترتب على التبني من مخالفات شرعية، كخلوة المتبنى الأجنبي ببنات الأسرة على أنه أخ لهن ... أو ضياع النسب واختلاطه، وتوريث من ليس بوارث شرعاً.
وأما إضافة بعض الأقارب في الأوراق الرسمية للضرورة كالخوف عليه من الضياع، أو لمقصد شرعي معتبر لا يمكن الحصول عليه بغير ذلك فلا نرى مانعاً منه شرعاً من باب أن الضرورات تبيح المحظورات، وهذا بشرط أن تؤمَن المفاسد التي أشرنا إلى بعضها لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وينبغي لمن اضطر لذلك أن يكتب أو يُشهد على أن هذا الشخص ليس ابنه، أو يُعلم بذلك جميع أفراد عائلته ويبين السبب الذي دعاه لذلك، وبذلك يكون هذا غير التبني الذي كان في الجاهلية وأبطله الإسلام، والعبرة في الإسلام بالحقائق والمضامين لا بالأسماء والعناوين.
أما إذا كان قصد السائل ما يمكن أن يفعله بعض الموظفين أو غيرهم من إضافة بعض أقاربه في أوراقه الرسمية لمجرد العيش معه أو ليحصل بذلك على بعض المكاسب والمنافع المادية والمعنوية من جهة العمل أو غيرها، فهذا لا يجوز لما فيه من الغش والكذب والتحايل والخداع ... وقد قال رسول الله صلى عليه وسلم: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار. رواه ابن حبان وغيره وصححه الألباني وله أصل في صحيح مسلم، وانظر لتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 45060، والفتوى رقم: 52118 وفيما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(13/14415)
لا يجوز لمن كفلت ولدا أن تمنع أمها من رؤيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسنة -70 سنة- أعيش في المهجر وحيدة, تبنيت طفلة غير شرعية, تكفلت بها بعد الولادة مباشرة, ونيتي إخفاؤها عن أمها إلى الأبد حتى لا تتعرف إحداهما على الأخرى, وبما أنني لا أستطيع تربيتها والعناية بها, تركتها عند قريبة لي في البلد الأصلي, التي بدورها تتركها بين الفينة والأخرى عند قريبة لنا حسب الظروف, على أني أزورها مرة كل سنة. هذا العمل لم يرض أخي الذي أخبرني بأنه عمل آثم لأسباب هي: عدم كفاءتي في التربية، ومريضة، وغير مقيمة في البلد، والنية المبيتة في إخفاء البنت عن أمها والأم عن بنتها مع أن الأم حية ترزق ولا يفصل بينهما سوى 5 أو 6 كيلو مترات. واليوم بلغت البنت 7 سنوات ولا زال الأخ يلح علي لتمكين الأم من بنتها أو على الأقل إجراء مقابلات بينهما , وهذا ما لا أفكر فيه على الإطلاق إن عاجلا أو آجلا, لأنني أريدها أن تكون لي ولي وحدي. هل أعتبر في نظر الشرع آثمة؟ وهل أخي محق في ما يدعيه؟ وماذا علي أن أفعل؟ أرشدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفالتك لهذه البنت وإحسانك إليها أمر طيب. إلا أنه يتعين أن تعلمي أن التبني حرام شرعا.
ثم إن الله تعالى أوجب رعاية الأولاد وحضانتهم، فعلى الأم أن تتحمل مسؤوليتها في ذلك، وإن كان الولد غير شرعي ووجدت الأم من يسترها بتحمل تربيته فلا يسوغ ذلك منعها من رؤية الولد أو البنت، ولا يحق لك أن تعقدي عزمك عليه للأبد، بل يتعين أن تلبي رغبتها في رؤية بنتها، ويتعين عليها بأن تراقب حالة البنت، فإن رأتها ضائعة رجعت عليها الحضانة، فالبنت تحتاج لتعليم وتربية على الأخلاق والأعمال الصالحة وحفظ عرضها.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها للمزيد من التفصيل فيما ذكرنا: 9619، 57417، 12263، 7167، 7818، 34980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(13/14416)
المتبنى لا يرث ممن تبناه ولا ينسب إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت عمي توفيت وتركت تركة وكانت متبنية ولداً وهي ليس لها إخوة من البنين، والآن هؤلاء الأخوات الإناث يردن توزيع التركة، ولكن هم في حيرة بسبب هذا الابن، مع العلم بأن أمها على قيد الحياة ويوجد لهذه المتوفاة مال على سبيل الأمانة معي فكيف أتصرف في هذا المال، وما وضع ذلك الولد في توزيع التركة، فأرجو إرسال الفتوى في أقرب وقت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبني لا يجوز في الإسلام، لقول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:4-5} .
ولذلك فإن هذا الابن لا يرث ابنت عمك، ولا حق له في تركتها أو الانتساب إليها ... إلا إذا كانت أوصت له بوصية من باب الإحسان، ويشترط للوصية ألا تكون أكثر من الثلث إذا وقعت، وعليك أن تدفع ما عندك من مال هذه المرأة إلى ورثتها الشرعيين وهم أخواتها وأمها، ولا علاقة لهذا الولد المتبنى بالتركة، ونرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31933، 66082، 10374.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(13/14417)
الإشكالات الشرعية في الانتساب عن طريق التبني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة تبنتني عائلة أبي الذي رباني توفي فكيف أكفر عنه ذنب التبني رغم أنه رباني على خلق وأحسن معاملتي هو وأولاده الذين أعتبرهم إخواني وهم نفس الشيء أنا الآن متزوجة ولدي أولاد وأعلم من هما الأبوين الحقيقيين وهما يعرفاني وكل واحد له حياته الخاصة ولايريدان المواجهة لأنني عار عليهما وجزاكم الله في إعطائي النصيحة المثلى؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن لا تنتسبي إلى تلك العائلة التي تبنتك، وضعي لنفسك اسماً وهمياً تنتسبين إليه، لأن في بقائك على الاسم السابق إشكالات شرعية من ذلك: دخول الأجنبي في ميراث من تبناه، وخلوته بأولاد من تبناه، وغير ذلك، وأما من تبناك فأكثري من الدعاء له بالمغفرة والرحمة فإن ذلك كاف إن شاء الله، وأما من قلت بأنهما أبواك، فإن كان الإنجاب تم عن طريق الزنا فهذا الرجل ليس أبا لك، فإن الزنا لا يبنى عليه النسب، وأما المرأة فهي أمك فإن تمكنت من صلتها والإحسان إليها فأمر حسن تؤجرين عليه، نسأل الله تعالى أن يوفقك لفعل الخيرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(13/14418)
نسب الطفل المتبنى
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تبني ولدين ذكرين لا يعرف نسبهما ونسبهما لنفسه دون علم أحد إلا هو وامرأته بعد الله تزوج الكبير والصغير خطب ولكن الصغير هذا سلوكه منحرف يسرق ويزني فعندما ضاق به الرجل أراد أن يكشف السر فهل يلزمه ذلك؟ مع العلم أنه قد يترتب علي ذلك طلاق الولد الكبير فهل يلزمه إخبارهما وإخبار أهل زوجتيهما مع العلم بأنه لا تؤمن العواقب لعراقة العائلتين وقد يتحطم الولدين تماما. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5} .
فالتبني بنسبة الشخص إلى غير أبيه لا يجوز، ولكن من فعله جهلا فلا حرج عليه، ومن فعله مع علمه أثم، ومن تاب تاب الله عليه، كما بينا في الفتوى رقم: 58889.
وهنا لا يجوز لكم البقاء على ذلك، فيجب عليك أن تخبرهما بذلك مهما كلف، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمره ربه أن يتزوج زوجة ابنه بالتبني ليبطل عادات الجاهلية ولم يكن شيء أشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، كما بين القرآن قال تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا {الأحزاب: 37} .
فهذا حكم الله في أولئك أن يدعوا لآبائهم ولا ينبغي خشية الناس في ذلك، فالله أولى بالخشية والطاعة، ولا يجوز البقاء على ذلك لما فيه من اختلاط الأنساب المحرم شرعاً وتضييع الحقوق كالإرث ونحوه، وكذلك دخولهما على زوجتك وليست محرماً لهما إن لم تكن أرضعتهما وغير ذلك من الأمور المحرمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(13/14419)
الحكمة من تحريم التبني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهاجرساكن ببرلين المانيا ولقد سألني أحد الألمان عن التبني في الإسلام ولماذا حرام؟ وبحكم أنني لا أفقه كثيرا في الدين لم أستطع إجابته فأرجو أن تفيدوني بالرد وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني سبق حكمه في الفتوى رقم: 5036، وأما السؤال عن العلة والحكمة من تحريمه، فالتبني هو نسبة الإنسان إلى غير أبيه، بحيث يأخذ أحكام الابن من الصلب، في المحرمية، والإرث والصلة، وغير ذلك من أحكام البنوة، كما يترتب عليه الوقوع في الكثير من المخالفات الشرعية كالخلوة والمصافحة والرؤية لمن لا يحل له، ولهذا حرم التبني في الإسلام، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 58889. مع أنه محرم ولو قدر تجنب تلك المحاذير كلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(13/14420)
إثبات البنوة ونفيها عن طريق فحص الحامض النووي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع فيمن يقوم بمنح اسمه لمن ليس من صلبه؟ وكذلك لمن كان ابن زنا قبل الزواج؟ وهل تطبق أي قوانين مدنية لمثل هذه الحالات؟ وما حكم الشرع في مسألة إثبات البنوة عن طريق اختبارات الحامض النووي؟
وفقنا الله وإياكم وجزاكم عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني محرم في الإسلام، وهو إلحاق الرجل به طفلاً مجهول النسب أو معلومه، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 58889.
وأما من كان من صلبه ولكن بطريق الزنا، فالجمهور على عدم جواز تبنيه واستلحاقه، وذهب أبو حنيفة إلى لحوقه به إذا تزوج بالمرأة التي زنى بها، وسبق في الفتوى رقم: 6045.
ولاشك أن القوانين الوضعية لم تترك هذه الحالات دون حكم، فيسأل أهل الاختصاص في هذه القوانين.
وأما السؤال بشأن إثبات البنوة بفحص الحمض النووي DNA نقول:
البنوة من عقد شرعي، لا تحتاج إلى دليل على ثبوتها، لأن الأصل فيها الثبوت، على وفق القاعدة التي تقول: الولد للفراش. أي لصاحب الفراش وهو الزوج، وإن أظهر فحص الحامض النووي خلاف ذلك، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 64322.
ولا يمكن نفي هذه البنوة إلا بطريق الملاعنة من الزوج، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 64624.
وهل للزوج التأكد قبل الملاعنة بقرائن كهذا الفحص المسمى فحص الحامض النووي DNA الجواب: لا بأس بذلك، ولكن بضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم: 7424.
وأما إذا كان الولد بطريق الزنا، فلا ينسب للأب شرعاً، وإن أثبت الفحص الطبي نسبته إليه كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(13/14421)
لا يجوز تسجيل الطفل بغير اسم والديه لغير ضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن في لبنان لمدة قصيرة جدا وزوج عمتي متزوج زوجة أخرى على عمتي وهم يعيشون مع بعضهم البعض وهذه المرأة يوجد عندها طفل يبلغ من العمر تقريبا عشر سنوات أوأكثر لكنهم لم يطهروا الطفل، ويوجد أيضا عندهم طفل من امرأة زوجهم وهو يبلغ من العمر سنة وأمه تركته منذ كان صغيرا جدا وعمتي احتضنته منذ كان صغيرا وهي تريد أن تسجله معها وباسمها وليس باسم أمه التي ولدته, هل يجوز هذا الشيء وما هي النصيحة لأطفالهم؟
جزاكم ألله خيرا ,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فختان الطفل وحكمه والسن المناسبة له كل ذلك بيناه في الفتوى رقم: 1960، وإذا لم يفعل للولد في صغره فينبغي فعله ولو بعد الكبر لأنه من خصال الفطرة، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس أو خمس من الفطرة الختان والاستحداد وتقليم الأظفار ونتف الابط وقص الشارب. وأما حضانة الطفل وتربيته تربية حسنة ورعايته فكل ذلك من العمل الصالح الذي يؤجر فاعله إن قصد به وجه الله تعالى والدار الآخرة، وانظري الفتوى رقم: 22136، وأما تسجيل الطفل بغير اسم أبيه وأمه، ونسبته إلى غيرهما دون ضرورة إلى ذلك فلا يجوز شرعا لما ذكرناه في الفتوى رقم: 27090، والفتوى رقم: 31933. ولكن إذا كان التسجيل لمصلحة الطفل ودعت إليه ضرورة ولم يكن المقصود به تغيير حقيقة نسب الطفل وإنما هو أمر صوري يتوصل به إلى كسب حق به إن كانت أمه غير موجودة أو ترفض تسجليه باسمها. وإن حدث ذلك وتم تسجيله بغير اسم أبويه، فليكن صوريا لا حقيقة له في الواقع، وإذا دعي فلا يدعى إلا بنسبه الحقيقي. لأن تلك ضرورة فتقدر بقدرها ولا يتجاوز فيها إلى غير محلها. وأما الأطفال فنصيحتنا لهم ولذويهم هي أن يربوهم تربية حسنة ويعلموهم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يرجى لهم بركته، وتسبق إلى قلوبهم فائدته وثمرته، لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر سيما وهم في تلك البلاد بين أصدقاء السوء. فينبغي تحصينهم بالعلم النافع وترويضهم بالعمل الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1426(13/14422)
لا يشترط في المكنى أن يكون ذا ولد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في رجل أعطى ابنه لأخيه الذي ليس له ولد وأصبح يكنى باسم ابن أخيه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود هو أن هذا الرجل أعطى ابنه لأخيه على وجه أن يتبناه وينسب إليه، فهذا لا يجوز إجماعاً، لمخالفته صريح القرآن، وراجع الفتوى رقم: 27090، والفتوى رقم: 32554.
أما إن بقي هذا الولد منسوباً إلى والده حقيقة فلا حرج أن يكنى به عمه، إذ لا يشترط في المكنى أن يكون ذا ولد، فقد كنيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بابن أختها عبد الله بن الزبير.
قال في فيض القدير عند حديث: أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار. وفيه وما قبله جواز التكني بأبي فلان، وإن لم يكن اسم ابنه؛ إذ لم يكن لأبي بكر ابن اسمه بكر، ولا يشترط للجواز كونه ذا ولد فقد كنيت عائشة بأم عبد الله ولم تلد، وكنى المصطفى صلى الله عليه وسلم الصغير فقال: يا أبا عمير ما فعل النغير. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(13/14423)
ولد الزنا لا ينسب إلى أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: أود أن أطرح عليكم السؤال التالي لمعرفة حكم الشارع فيه وهو كالتالي: أنا شاب جزائري من الله علي حاليا بالاستقامة وسلوك الطريق المستقيم لكن قبل ذلك –أي قبل الاستقامة- جمعتني بفتاة علاقة غير شرعية أسفرت عن ميلاد صبي مضى من عمره حاليا 5 سنوات والآن بعد أن من الله علي بمعرفة الحق علمت أني ارتكبت جرما كبيرا في حق نفسي وولدي وفكرت في إصلاح ما عملته وذلك بالاعتراف بالصبي الذي نسب إلى أمه فيافضيلة الشيخ:
- هل يوافقني الشرع في أن أنسب الطفل إلي؟
- وهل يترتب على الاعتراف به أن أتزوج بأمه التي مازالت حاليا تمارس الدعارة وتتعاطى المخدرات؟
أضف على ذلك أن الطفل مقبل على الدراسة ويشترط عندنا لقبوله استيفاءه لجميع الوثاق المطلوبة والتي على رأسها شهادة النسب.
أفتونا مأجورين وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى أن منَّ عليك بالتوبة من هذه المعصية، وهذا من عظيم فضل الله على عباده أنه من عمل منهم سوءا ثم تاب إليه قبل توبته وغفر ذنبه، حيث قال جل شأنه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} . وقال سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82} .
فعليك أخي بالإكثار من الطاعات ومرافقة الصالحين والبعد عن المعاصي وأهلها، هذا فيما يتعلق بتوبتك.
أما بخصوص ذلك الولد الذي جاء من تلك العلاقة الآثمة، فالجمهور من أهل العلم وهو الراجح أنه ليس ولداً لك، فلا يجوز أن ينسب إليك، ولا أن تتوارث معه، وإنما ينسب إلى أمه، وراجع الفتوى رقم: 6012.
وقد تقدم حكم زواج الزانية في الفتوى رقم: 27033 فليرجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1426(13/14424)
استلحاق معاوية لزياد ابن أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب الكامل لابن الأثير أن معاوية رضي الله عنه هو أول من رد أحكام الإسلام علانية عندما استلحق زياداً المعروف بزياد ابن أبيه، فهل ذلك صحيح، وهل لمعاوية رضي الله عنه عذر في ذلك، وما هو حاصل كلام الفقهاء في استلحاق ولد الزنا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق ذكر أقوال أهل العلم في حكم استلحاق ولد الزنا في الفتوى رقم: 12263.
وذكر استلحاق معاوية رضي الله عنه في الفتوى رقم: 43645.
وأما استلحاق معاوية رضي الله عنه لزياد بن أبيه بأبي سفيان فقد ذكره غير واحد من المفسرين، ولعل عذر معاوية رضي الله عنه أنه لم يبلغه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(13/14425)
تبني الطفل لإنقاذه من الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن بأمريكا ومتزوج من فتاة أمريكية مسلمة لديها طفلة صغيرة، أنا وزوجتي اتفقنا علي أن ننشئ الطفلة على الإسلام، لأن أبا الطفلة لا يهتم بها إطلاقا ولا يعترف بها، أنجبت زوجتي لي طفلا آخر وهو 5 أشهر الآن، ولكن المشكلة هي أن أهل زوجتي يضغطون بافتعال المشاكل لكي لا نربي الفتاة علي الإسلام، وعندما يريدون أن يقضوا معها وقتا وتكلمهم عن الإسلام يزدادون غيظا، وأصبحوا يفتعلون المشاكل ونحن نحاول أن نبتعد عنهم ونبعد الفتاة عنهم، وهم يهددون الآن بالذهاب إلي المحاكم للإبلاغ عنا وأشياء من هذا القبيل، وعندما أتكلم معهم يقولون لي هذه الطفلة ليست طفلتك وأنت لست أباها فلا تتكلم عنها ولا تجعلها على مثل دينك، اتركوها من غير دين وعندما تكبر تختار، أصبحت في مشاكل معهم لدرجة أن والد زوجتي وأخاها قد أتيا ليضرباني لأني لا أريد أن تشارك الطفلة في أعيادهم (الكريسماس, ايستر, هالويين) اقترحت على زوجتي بأن تكتب الطفلة باسمي لكي يكون لي الحق بأن أتكلم أمام أهلها بأني أبوها بالتبني.. وفي هذه الحالة لا يستطيعون أن يفعلوا ما يفعلون معها ومع الطفلة، ووالد الطفلة الأساسي ليس لديه أي تدخل بل هو قد يكون موافقا على أن تنسب البنت لأحد غيره، سوالي الآن هل يصح لي أن أنسب الطفلة لي وعلى اسمي لكي يكون لي الحق في أن أقف أمام أسرتها وأنشئها على الإسلام، وهل أستطيع أن أفعل ذلك لفترة مؤقتة حتى تكبر الطفلة على الإسلام وبعد ذلك نرجع اسمها لأبيها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا حكم الإسلام في التبني، وحكم ما إذا دعت ضرورة إلى التبني في فتاوى كثيرة منها الفتوى رقم: 9619، ولا شك أن المحافظة على دين هذه البنت من الضروريات، فيمكن تبني هذه البنت بالطريقة التي تتمكن فيها من إنقاذها من الكفر، ولكن مع أخذ الاحتياطات التي تدفع أضرار التبني المترتبة عليه، ومن أضرار التبني اختلاط الأنساب فقد يرث الاب من ولده بالتبني والعكس فيكون كل منهما أخذ حق غيره، إضافة إلى مفاسد أخرى، وعلى أن يعاد الأمر إلى نصابه متى زالت الضرورة الداعية إلى التبني، وفقكم الله لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(13/14426)
العمل في لجنة تعنى بتبني الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة أعمل بمؤسسة حكومية وبالتحديد في قسم يعنى بالطفولة كما أنني أشارك بحكم عملي في لجنة تنظر في ملفات عائلات ترغب في التبني. حيث إنه مسموح به في بلدنا. وسؤالي هو هل مشاركتي في الموافقة على مطالب التبني حرام حيث إنه لا يمكنني الاعتراض على هذا العمل؟ أرجو إفادتي مع الشكر وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم حكم التبني في الإسلام في فتاوى عديدة منها الفتوى رقم 5036
وأن المقصود به إلحاق الرجل طفلاً مجهول النسب أو معلومه ونسبته إليه،
وأما رعاية هذا الطفل والقيام بتربيته والإحسان إليه فلا حرج فيه، بل هو قربة من القربات، إذا روعي في ذلك كونه أجنبياً ليس ابنا ولا محرماً لزوجة الكافل وبناته.
وإليك نص فتوى الشيخ القرضاوي حول موضوع التبني باختصار وتفريقه بين التبني المحرم والتبني العرفي الجائز
قال " إذا كان الإسلام يُحرِّم التبني بمعنى: ضَمِّه إلى نَسَبِ الإنسان، وإعطائه النسب، وإعطائه حقوق البنوة؛ فإنه لا يُحرِّم التَّبَنِّي بالمعنى العُرْفِي، بمعنى الرعاية والاحتضان والكفالة والتربية والإنفاق، بل يَحُث على ذلك، ويَعتبِره من أعظم القربات إلى الله تبارك وتعالى.
ثم قال: فاستلحاق مَنْ ليس ولدًا له بأي طريقٍِ مِنَ الطُّرق فهذا حرام كالتبني، بل هو التبني بعَينِه.
فقد قال ربنا: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ. {الأحزاب: 5} فهم يُصبحون إخواننا وموالينا، أما أن نَنْسِبهم إلينا فهذا لا يَجوز.
أما عن حكم معاملة هذا الطفل، فإذا لم تكن هناك بُنُوَّةٌ من رضاعة فهو أجنبي، ليس مَحْرمًا، فلا بد أن تطبق عليه أحكام الاستئذان والدخول والخروج والنظر لا يَجوز أن يَرى من زوجته إلا ما يراه الأجنبي منها، ولا يَجوز أن يَختلِيَ بها إلا إذا كان هناك مَحرمية من رضاع. هذه كلها أمور يجب أن تكون معروفة.
وأنا أنصح الذين يَكفُلون أولادًا لا تُعرَف أنسابُهم في سِنِّ الرِّضاع: أن يُنشِئُوا لهم مَحرميَّة عن طريق الرضاعة، فالمرأة تُرضع الولد، أو أختها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها، بحيث تكون له محرمًا من الرضاع، فيجوز له أن يراها في ثيابها المعتادة في البيت، وأن يَختلي بها.
وإذا كان المكفول من هؤلاء بنتًا، فيمكن أن تُرضِعه أخت الرجل، أو ابنة أخته، أو ابنة أخيه، حتى تَنْشأ محرمية رضاعية بينَه وبين الطفلة، حتى تتيسر العشرة ويَسهُل التعامل بين الأسرة والمكفول. والله أعلم.انتهى كلامه
فإن كان التبني المقصود في السؤال هو التبني المحرم الذي سبق معناه وهو الظاهر من كلامك فلا يجوز الموافقة عليه وإقراره، ويعد العمل فيه من التعاون على الإثم والعدوان
أما إن كان بالمعنى العرفي الذي سبق معناه فيجوز بل هو من القربات، وإن استطعتم أن ترشدوا من يأتي لطلب التبني إلى التبني بالمعنى العرفي وإلى إيجاد محرمية بينه وبين المكفول عن طريق الرضاع، وتنهوه عن التبني المحرم فنرجو أن تبرأ به ذمتكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(13/14427)
التبني محرم في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يغفر الله لمن تبنى طفلا ولم يقل له الحقيقة إلا بعد بلوغه العشرين من عمره؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني محرم في الإسلام، وهو إلحاق الرجل به طفلا مجهول النسب أو معلومه، لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب: 5} . وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 7167.
وقد ثبت في البخاري ومسند أحمد وغيرهما من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وفي البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي الله عنهما: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر.
وهذان الحديثان يدلان على أن الانتساب إلى غير الأب من كبائر الذنوب، ومن تبنى طفلا ما بطريقة محرمة جهلا منه بتحريم التبني وعدم علمه بالحكم في هذه المسألة فلا حرج عليه، ومن فعل ذلك مع علمه ثم تاب منه فإن التوبة تجب ما قبلها، فبادر إلى التوبة فمن تاب تاب الله عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(13/14428)
الحصول على الجنسية ليس مبررا لانتساب الشخص إلى غير أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من انتسب لغير أبيه لطلب المعيشة؟ بمعنى آخر أنا شخص انتسبت لعمي الذي يعيش في دولة أجنبية من أجل اكتساب جنسية الدولةالتي يقطن فيها عمي وكل هذا طبعاً بالتنسيق بين أبي وعمي. فهل أنا وهم من المحرومين من ريح الجنة؟ أفتونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني محرم لا يجوز، لأن فيه خلطاً للأنساب وتضييعاً للحقوق من الميراث وغيره، وهذا ما بيناه في فتاوى سابقة منها الفتوى رقم: 17630، وما فيها من الإحالات. ونحن لا نرى أن الحصول على الجنسية مبرر للانتساب لغير الأب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(13/14429)
لا يجوز نسبة الطفل المتبنى لاسم من يتبناه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة مصرية متحابة جدا، ذات يوم وفي حدود الساعة الواحدة والنصف ليلا كان أبي خارج المنزل هو وأخي ووجد تجمهراً من الناس فنزل من السيارة فوجد طفلاً حديث الولادة حيث مضت على ولادته 3 ساعات تقريباً ملقى على الأرض وفي البرد القارس فقرر أخذه إلى بيتنا وبالفعل قمنا بأخذه وتربيته معنها وهو الآن عنده 5 أشهر تقريباً ونحبه حباً شديداً جدا قد يفوق حب الأخ منا لأخيه الآخر، المهم أن الحكومة في مصر قد قامت باختيار اسم له وبالتالي فهو غير منسوب إلينا، والسؤال هو: أننا نعيش في قرية ريفية بها عادات وتقاليد سيئة وإن هذا الأخ الصغير سوف ينشأ بها ونخاف عليه من الصدمات النفسية التي سوف يتعرض لها وخاصة أن اسمه مختلف عنا فقررنا أن نسميه باسمنا حتى نستطيع حمايته من المجتمع، فما حكم الإسلام في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبني وهو أن ينسب المرء إلى غير أبيه لا يجوز، وقد أبطله الإسلام بعد أن كان معروفاً في الجاهلية، قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب:5} ، والتبني له محاذير كثيرة، منها: أنه قد يؤدي إلى الخلوة أو المصافحة ونحوها بين المتبنى وبين أخواته بالتبني، مع أنهن أجنبيات عليه شرعاً.
ومنها أنه قد يحصل توارث بالتبني، ومنها غير ذلك مما تضيع فيه الحقوق وتختلط الأنساب، وعليه فلا يجوز أن تسموا الولد المذكور باسمكم، وعليكم أن تحموه من العادات السيئة الموجودة في قريتكم بما تستطيعونه من الحماية، ولكم الأجر الكثير من الله في ذلك، ولا يلزم للحفظ المذكور أن يتسمى الولد باسم أسرتكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(13/14430)
حكم إلحاق الطقل مجهول النسب بنسب من يكفله
[السُّؤَالُ]
ـ[ليس لي أطفال وأريد أخذ طفل من المستشفي لتربيته أنا وزوجتي.ولكن المشكلة في تسمية الطفل؟ في المستشفى الطفل مجهول وجد في الشارع هل يمكنني إعطاؤه اسمي؟ ولو أخذ اسما آخر فإن المشكلة أخاف أنه عندما يكبر يقول أنا ابن من؟ هل أنا ابن زنا؟ ولتفادي كل هذه الأسئلة وضياع مستقبل هذا الطفل هل الإسلام يسمح لي إعطاءه لقبي العائلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الطفل مجهول الأب ولم يدع نسبه أحد، فإنه لا ينسب لأحد، وإنما يدعى أخاً في الدين، كما جاء في قوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ {الأحزاب: 5} .
أما إلحاقه بنسب من يكفله، فهو محرم تحريماً غليظاً، وتترتب عليه مفاسد كبيرة.
وإليك نص فتوى الشيخ القرضاوي حول موضوع التبني باختصار قال: إذا كان الإسلام يحرم التبني بمعنى: ضمه إلى نسب الإنسان، وإعطائه النسب، وإعطائه حقوق البنوة، فإنه لا يحرم التبني بالمعنى العرفي، بمعنى الرعاية والاحتضان والكفالة والتربية والإنفاق، بل يحث على ذلك، ويعتبره من أعظم القربات إلى الله تبارك وتعالى.
ثم قال فاستلحاق من ليس ولداً له بأي طريق من الطرق فهذا حرام كالتبني، بل هو التبني بعينه.
فقد قال ربنا: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ. فهم يصبحون إخواننا وموالينا، أما أن ننسبهم إلينا فهذا لا يجوز. أما عن حكم معاملة هذا الطفل، فإذا لم تكن هناك بنوة من رضاعة فهو أجنبي، ليس محرماً، فلابد أن تطبق عليه أحكام الاستئذان والدخول والخروج والنظر لا يجوز أن يرى من زوجته إلا ما يراه الأجنبي منها، ولا يجوز أن يختلي بها إلا إذا كان هناك محرمية من رضاع. هذه كلها أمور يجب أن تكون معروفة.
وأنا أنصح الذين يكفلون أولاداً لا تعرف أنسابهم في سن الرضاع أن ينشئوا لهم محرمية عن طريق الرضاعة، فالمرأة ترضع الولد، أو أختها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها، بحيث تكون له محرماً من الرضاع، فيجوز له أن يراها في ثيابها المعتادة في البيت، وأن يختلي بها.
وإذا كان المكفول من هؤلاء بنتاً، فيمكن أن ترضعه أخت الرجل، أو ابنة أخته، أو ابنة أخيه، حتى تنشأ محرمية رضاعية بينه وبين الطفلة، حتى تتيسر العشرة ويسهل التعامل بين الأسرة والمكفول. والله أعلم. انتهى كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(13/14431)
الأب الذي يجوز الانتساب إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 27 عندي مشكلة التبني..عرفت الحقيقة العام الماضي وحاولت أغير لكوني عرفت والدي الحقيقي لكن المشكلة أمي تهددني أني لو غيرت اسمي ستموت نفسها..... وأنا لا أريد أن أتسبب في شيء يحصل لها لكونها هي لتي تعبت على تربيتي ونفس الوقت لا أريد أن أتخلى عن نسبي الحقيقي.
أرجو منكم العون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني حرام ويترتب عليه مفاسد كثيرة، ويغلب على ظننا أنك لو بينت لوالدتك ذلك فلن تصر على مخالفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واتفاق علماء المسلمين، ويمكنك أن تعرض عليها هذه الفتوى وكذا الفتاوى التالية برقم: 49144 ورقم: 48593 ورقم: 32352 ورقم: 38324 ورقم: 45060. وننبه إلى أن الأب الحقيقي الذي يجوز الانتساب إليه هو من كان عن طريق نكاح صحيح، أما من كان عن طريق الزنا فليس أبا يجوز الانتساب إليه كما وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 21630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(13/14432)
يواجه عقبات في إبطال التبني الذي قام به جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم أعيش بديار الغربة، تزوجت بامرأة فرنسية وكان لها طفل لا يتراوح عمره سنتين ومن علاقة غير شرعية، تبنيت هذا الطفل، مع العلم أنني كنت لا أعلم أن التبني حرام، وقمت بجميع الواجبات من ختان وتسمية مسلمة إلى غير ذلك، الآن هذا الطفل يحمل اسمي العائلي ويبلغ من العمر 22 سنة، فماذا أفعل والمسطرة المعمول بها لإلغاء هذا التبني جداً معقدة، وربما قد تcدي إلى الطلاق من زوجتي التي اعتنقت الإسلام منذ زواجنا، الرجاء أفتوني في أمري هذا إني حائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الإسلام التبني لمقاصد عظيمة، ومنها عدم اختلاط الأنساب، أو تضييع الحقوق، أو تغيير الحقائق، فكان تحريمه صيانة لهذه الأمور وغيرها.
وقد أحسنت في رعاية هذا الولد والاعتناء به، وأخطأت بتبنيك إياه، فاحرص في مستقبل الأيام على السؤال عن الحكم الشرعي فيما تقدم إليها من تصرفات، قال الله تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [النحل:43] .
والواجب عليكم الآن إلغاء هذا التبني متى ما كان ذلك ممكناً، بحيث لا تترتب على هذا التغيير بعض المفاسد، وحيث ترتبت على ذلك بعض المفاسد فلا حرج إن شاء الله في إبقاء الأمر على حاله، وكتابة وثيقة معتبرة بهذا التبني حتى تؤمن المحاذير المذكورة سابقاً، وراجع الفتوى رقم: 45060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(13/14433)
حكم تسجيل الرجل ابنه من زوجته المتوفاة باسم زوجته الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج بامرأة وليس لها وثائق ولا عقد زواج رسمي. وأنجب منها ابنا وبعد ذلك توفيت وتزوج بعد وفاتها بامرأة أخرى وأنجب منها أولادا وأراد برضاها أن يسجل ابنه باسمها بسبب احتياجه للأوراق المدنية.
السؤال: ما حكم الشرع في ذلك
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الزواج الذي تم بين هذا الرجل المذكور وامرأته المتوفاة قد استوفى شروط النكاح الصحيح المبينة في الفتوى رقم: 1766، فالنكاح صحيح، ولا يؤثر فيه كون المرأة ليس لها أوراق أو أن النكاح لم يسجل في المحاكم الشرعية؛ وإن كان ذلك أصبح من الأمور المتبعة قانونيا خوفا من ضياع حقوق الطرفين.
أما بالنسبة لتسجيل ولد المرأة المتوفاة باسم زوجة أبيه الثانية فالأصل عدم جواز ذلك لما فيه من الكذب، ولما قد يترتب عليه من آثار غير شرعية وإن كانت أقل مما يترتب على انتساب الرجل إلى غير أبيه.
وبإمكان والد هذا الابن أن يبين لمن يصدرون تلك الوثائق الرسمية حقيقة الأمر ويأتيهم بما لديه من بينات أن هذا ابنه من تلك المرأة عسى أن يقبلوا بذلك، ولكن إذا تعين تسجيل هذا الابن باسم زوجة أبيه الثانية وكان عدم تسجيله قد يلحق به ضررا فلا مانع منه.
لأنها تعتبر بمعنى من المعاني هي أمه حيث يجوز له مصافحتها والخلوة بها لأنها زوجة أبيه وأولادها من أبيه إخوة له، ولكن ليُشْهِد على أنه غير ولدها حتى لا تلتبس الأمور فيرث منها إن ماتت ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(13/14434)
هل يخبر المتبنيان بأنهما ليسا ابنين لمن تبنوهما
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلة يتكون أفرادها من أب وأم 13 ابنا وابنة قام الأبوان بتبني بنت وتوأمين من عائلتين مختلفتين ونسبوا جميعا إلى اسم العائلة التي تبنتهم كتب الوالدان لهم وصية الثلث في الميراث السؤال هل يجب إخبارهم بأنهم ليسوا من هذه العائلة مع العلم بأن الأبوين بالتبني لا يزالان أحياء هل ما فعلاه حلال أم حرام وشكرا جزيلا؟ الوالدان يعرفان نسبهم الحقيقي وما هو حكم الشرع في الوصية بالثلث أوغيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب أن يخبر هؤلاء بأنهم ليسوا من العائلة، وذلك لعدة أمور:
1-أن الله تعالى أمر بأن يدعى المرء إلى أبيه لا إلى غيره، قال تعالى: [ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ] (الأحزاب: 5) . وهذا إبطال منه تعالى للتبني.
2- أن البنت المتبناة إذا لم تكن أرضعتها الأم المتبنية فإنها أجنبية على سائر الذكور الموجودين في الأسرة، فلا تجوز الخلوة بينها وبين أحد منهم، ولا المصافحة ولا النظر إلى ما لا تحل رؤيته للأجنبي من الأجنبية، ومثل هذا لا يمكن التحرز منه ممن لا تعلم أنها أجنبية على الأسرة، وقل مثل ذلك في الذكر المتبنيَّ مع الإناث الموجودات في العائلة.
3- أن البنوة ترتبط بها أحكام كثيرة من إرث وولاء وعقل وغيرها، ولا يجوز أن يبقى ذلك مجهولا، ولكن ينبغي أن يخبروا بطريقة لا تجرح شعورهم.
- ثم ما فعله الوالدان –عفا الله عنهما- لا يجوز، لأن التبني قد أبطله الإسلام، وقصة زيد بن حارثة معروفة، وراجع في حكم التبني الفتوى رقم: 5036.
- وأما الوصية فإذا لم يُرجع فيها قبل موت الموصى فإنها نافذة لأن المرء له أن يوصي بثلث ماله فأقل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 16812
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(13/14435)
هبة الأب ابنه لمن يتبناه باطلة شرعا وغير نافذة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا وأخي متزوجان من أختين، وأخي تزوج قبلي بخمسة عشر عاماً، ولم يرزق بأطفال وتزوجت أنا من أخت زوجة أخي ورزقت بولدين وبنت، وعندما حملت زوجتي بالمولود الرابع طلب مني أخي أن أعطيه هذا المولود ليربيه ويكتبه باسمه وينسبه له، فوافقت وحدث هذا منذ أربع سنوات وكان هذا المولود ولدا فأخبرني كثير من الناس أن هذا لا يجوز وأنه حرام، فماذا أفعل، علما بأن أخي وزوجته متعلقان بذلك الطفل وأخاف عليهم من الصدمة، أرجو إفادتي بسرعة، وكان الله في عونكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هبة الأب ابنه لمن يربيه ويتبناه باطلة شرعاً وغير نافذة، فالأب لا يملك حق التصرف بولده بهبة أو نحوها، فالحر لا يملك ولا يباع، هذا من جهة.. ومن جهة أخرى الإسلام أبطل التبني وحرم الانتساب إلى غير الأب، قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ [الأحزاب:5] ، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي الله عنهما: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر.
فهذا الحديث يدل على أن الإنتساب إلى غير الأب من كبائر الذنوب، وإذا كان الأمر كذلك فالأب الحقيقي والمتبني إذا اتفقا على نسبة المولود لغير والده الحقيقي -كما في السؤال- فهم المتحملون لذلك الوزر العظيم، لذلك فإنا نقول للسائل: لا يصح ولا يجوز لك أن تسجل ابنك باسم أخيك ولا أن تدعوه له، لأن هذا هو حقيقة التبني، لكن إذا شئت أن تضع ابنك تحت يد أخيك يكفله ويربيه ويستأنس به من دون تبن له ولا انتساب إليه فلا حرج، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(13/14436)
صديقتها تبنت ذكرا وأنثى وسمتهما باسم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة تبنت ذكراً وأنثى وهم يعيشون مع بعض، وكتبت الطفلين باسمها واسم زوجها أي تبنتهما وهما لا يعرفان حتى الآن وقد توفي الأب وتزوجت البنت ورزقت بطفلين، ماذا أفعل تجاه ربي حتى لا أحاسب، وهل هناك ما أفعله حيث إني أعلم الحقيقة وحدث ذلك منذ 30 عاماً؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي فعلته هذه المرأة ذنب عظيم وخطأ جسيم، حيث ألحقت هذين الولدين بزوجها ونسبتهما إليه افتراء، والتبني حرام أبطله الإسلام حفظاً للأنساب المجمع على وجوب حفظها، لقول الله تعالى في سورة الأحزاب: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب:5] ، وإذا علم الرجل أن المرأة ألحقت بنسبه ما ليس منه وجب عليه نفيه لما في عدم نفيه من دس أجنبي بين أولاده، فإن لم ينفه فقد أقر باطلاً ورضى بالتبني في الإسلام وهو باطل بالإجماع، ولا يعني هذا عدم جواز رعاية الأيتام أو التخلي عنهم بل إن ذلك قربة من القربات إذا روعي في ذلك كون المكفول أجنبياً وليس ابنا ولا محرماً لزوجة الكافل ولابناته إلا برضاع إن حصل بشروطه، وكذلك الحال في البنت في حال كونها تحت رعاية كافل أجنبي عليها فيجب عليه أن يعتبرها أجنبية، أما بالنسبة لك فإنك لست مسؤولة عن تصرفات غيرك لأن الله تعالى يقول: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، ففي هذه الآية الكريمة بين الله سبحانه وتعالى أن المرء لا يؤاخذ بجريرة غيره ولا بذنب لم تقترفه يداه، إلا أنه كان عليك أن تنصحي هذه المرأة وزوجها وتذكريهما بحرمة ذلك، فالدين النصيحة، كما في حديث مسلم الصحيح، هذا إذا كان الأمر الذي ذكرتيه صحيحاً مقطوعاً به، وإلا فلا يجوز لك الخوض في أعراض المسلمين، وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 27155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(13/14437)
المتبناة أجنبية عن المتبني وأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[تولى ابن عمى تربية ابنة لقيطة وسجلها باسمه هو وزوجته مع أنه معه من الأولاد سبعة حتى كبرت ووصلت إلى الصف الثالث الإعدادي فتوفي ابن عمى من حوالي شهر ويسأل أبناؤه الآن ما موقف هذه الابنة منذ كل شيء وهل أذنب ابن عمى عندما سجلها باسمه وما الحل بعد وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني قد أبطله الله بقوله تعالى: [ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ] (الأحزاب: 5) .
وراجع في حكم التبني الفتوى رقم: 32352.
وبناء عليه، فهذه البنت تعتبر أجنبية على أبناء ذلك الرجل، وليس لهم معها أي علاقة خاصة، إلا أنها أختهم في الدين، فلا يجوز أن يختلي بها أي منهم، ولا أن يصافحها أو يرى من عورتها ما لا تحل رؤيته من الأجنبية، ما لم تكن بينها وبينهم رضاع معتبر شرعا، بكونه خمس رضعات مشبعات في زمن الرضاع، ومن أمهم أو من في حكمها.
وليس لها حظ من مال متبنيها إلا إذا كان ملكها شيئا في حياته، فهو لها بشروط التمليك الشرعية، من حيازة وكونه غير وصية بأكثر من الثلث ونحو ذلك.
وأما عن هذا الوالد رحمه الله فإنه قد يكون معذورا بالجهل، إذا لم يكن على علم بحرمة التبني، لكن على أبنائه أن يواظبوا على الاستغفار له والدعاء بالرحمة، لعل الله يغفر له، فعله ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(13/14438)
حكم التبني في الأوراق الرسمية فقط للمصلحة الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من أجنبي مسلم والحمد لله، وقد تكفلنا بابنتي أختي واحدة عمرها 16 والأخرى 14. موضوع التكفل بها كان نتيجة مشاكل بين الأب والأم. حتى أكون صادقة معكم، أمهما تحب شخصا آخر غير زوجها هو صديق زوجها. المهم أنها كانت تأخذهما معها خلال الزيارات وما شابه. تكفلنا بهما جاء خوفا عليهما خصوصا أن الأبوين طلقا والأم تخطط للزواج من عشيقها.
الآن بدأت تواجهنا مشاكل عديدة لاصطحابهما معنا في الأسفار وخصوصا أنا لانسكن بلدنا بل طبيعة عمل زوجي تقتضي التنقل باستمرار.
فهل التبني لتجنب مثل هذه المشاكل حرام مع العلم أن الجميع عرف أنهما بنتا أختي فقط تبني إداري لحفظهما من الرجوع إلى الشارع.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبني محرم لا يجوز، لأن فيه خلطاً للأنساب وتضييعاً للحقوق من الميراث وغيره، ولأن البنت التي تم تبنيها قد تخلو بمن تبناها أو بأولاده، وقل مثل ذلك في الذكر الذي تم تبنيه، وهذا ما بيناه في فتاوى سابقة منها الفتوى رقم: 17630 وما فيها من الإحالات.
ولكن إن أمنتم من هذه المحذورات المترتبة على قضية التبني، وكان الأمر مجرد وثائق رسمية تعين على كفالة البنتين، ولم يترتب على ذلك محظور من محظورات التبني، وكان في ترك إلحاق البنتين بالأسرة ضرر محقق أو غالب على الظن يعود على البنتين فلا بأس، خاصة أن في بقاء البنتين مع أمهما إفساداً لهما في ما يظهر من السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(13/14439)
تبنيك لهذه البنت إثم
[السُّؤَالُ]
ـ[لم يشأ الله أن أرزق بأطفال، فتبنيت بنتا وكتبتها باسمى وكتبت كل ما أملك باسمها ضمانا لها، حيث إن لي إخوة لم يزرني أحد منهم إلا لمصلحته ولم أر منهم أي صلة رحم أو حنان مهما أعمل لهم، الجفاء موجود حتى من قبل أن أتبنى ابنتي، ولهذا السبب كتبت كل ثروتي لابنتي، فما رأي الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي المسلم أن الإسلام قد حرم التبني وأبطله بقول الله سبحانه: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ [الأحزاب:4] .
إذا ثبت هذا فإن ما قمت به من تبنٍّ لهذه البنت إثم تجب عليك التوبة منه، ولا يترتب على هذا التبني أي من أحكام الشرع من الإرث ووجوب النفقة وحرمة المصاهرة، فيجب تغيير هذه النسبة، لكن في مقابل ذلك رغب الإسلام في رعاية أمثال هؤلاء اللقطاء، إذ أن في الإحسان إليهم براً وقربة لله تعالى، وأما هبة هذا المال لها فهبة صحيحة إذا توافرت شروطها، من رفع يدك عن هذا الشيء الموهوب، وتصرف هذه البنت فيه تصرف الملاك.
لكن ننصحك بأن تحسن إلى إخوانك هؤلاء، وأن لا تحرمهم من برك، بل الإحسان إليهم أولى من الإحسان للغريب، إذ أنه صدقة وصلة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافىء ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ولمزيد من الفائدة نحيلك على الفتوى رقم: 35581، والفتوى رقم: 9544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(13/14440)
البديل المشروع عن التبني
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكله بالنسبه للإنجاب فمنذ صغري لا توجد لدي حيوانات منوية، وعلى الرغم من ذلك فقد أحببت فتاة وصارحتها بذلك وتزوجنا وبالفعل لم ننجب ومضت الأيام، لكني أحس بالحزن في قلب زوجتي لذلك قررت فكرة التبني ولكن بعض الأشخاص قالوا لي إن التبني في المنزل حرام نظراً لأنه عندما يكبر يصبح بالغاً مع زوجتي وهذا حرام ولكن ليس أمامي إلا هذا الحل وإلا الطلاق لأنها تريد أطفالاً، أريد أن أعرف هل هذا فعلاً حرام أم حلال باعتبار أنه كفالة يتيم بالمنزل، هذا وأسأل الله أن يمن علي بالرد سريعاً لأني أعيش وزوجتي في عذاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لك العافية والعون والتوفيق، واعلم أخي الكريم أن التبني قد أبطله الإسلام وأن انتساب الشخص إلى غير أبيه حرام، وراجع الفتوى رقم: 9619.
لكن لكما أن تربيا ولداً أو أكثر -ويحبذ أن يكون يتيماً- من غير تبنٍّ، وإذا أردت أن يكون مَحْرَماً لزوجتك فلترضعه أختها أو أمها، وراجع الفتوى رقم: 4360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(13/14441)
التبني عادة جاهلية محرمة قد أبطلها الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في المسلم الذي ينوي تبني طفل مسيحي ليدخله الدين الإسلامي مع علمه بأن التبني حرام؟ والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التبني عادة جاهلية محرمة وقد أبطلها الإسلام، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:4-5] .
وأما تبنيك لهذا الولد بنية دخوله في الإسلام فهي نية طيبة ولكن العمل لا بد أن يوافق الشرع، ولذا فيمكن قيامك بكفالته ورعايته في بيتك حتى ينشأ على الإسلام، وحافظ على اسمه ونسبه إن علمته، وإلا فهو أخوك في الدين ومولاك، قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5] .
وراجع الفتوى رقم: 5036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(13/14442)